رحلتي إلى الكنيسة الأم - الفصل الرابع عشر: نهاية وبداية

Page 1

‫رحلتي إلى الكنيسة األم‬

‫‪14‬‬

‫الفصل الرابع عشر‪:‬‬ ‫نهاية وبداية‬

‫ُ‬ ‫نويت لكم من خير ال من شرّ‪ ،‬فيكون لكم الغد ا ّلذي‬ ‫"أنا أعرف ما‬ ‫(إرم‪)11/92‬‬ ‫ترجون"‬

‫تغييرات‬ ‫والد جنيفر ‪ -‬القسّ ال َمعمدانيّ منذ عشرين سنة ‪ -‬لم ينفع ْل بشكل عنيف‬ ‫لقرارنا بال ُّدخول إلى األرثوذكسيّة‪ .‬رغم أ ّنه وباقي عائلة جنيفر كانوا‬ ‫ْ‬ ‫وكانت أيامنا األولى القليلة في بيتهم فترة‬ ‫سعداء الستقبالنا في بيتهم‬ ‫راحة واسترخاء مُمتازة‪ .‬إال أ ّنه كان عليَّ أن أبدأ العمل بأقصى سرعة‪.‬‬ ‫وفي عشيّة بلوغ أدوري عيد ميالدها العاشر‪ ،‬استقلّ ُ‬ ‫يت الحافلة إلى بيت‬ ‫أهلي الواقع في شمال هيوستن‪ .‬وكان سبب ذهابي ثالثي األبعاد‪:‬‬ ‫ألشتري سيارة (لم أملك سيارة منذ خمس سنوات)‪ ،‬الحصول على‬ ‫المُوافقة في برنامج شهادة مُعلّم بديل في مدرسة مُقاطعتي ال َّسابقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قضيت في بيت أهلي قُرابة‬ ‫والحصول على وظيفة تعليم في المُقاطعة‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الحظ لم أتو َّفق‬ ‫نجحت خالله في تحقيق الهد َفين األولَين‪ ،‬ولسوء‬ ‫األسبوع‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫في الحصول على عرض عمل ثابت‪ ،‬مع أنني طرقت ع ّدة أبواب‪.‬‬ ‫كنت في هيوستن قرّرْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت زيارة رعيّة أنطاكيّة أرثوذكسيّة وجد ُتها‬ ‫فيما‬ ‫على اإلنترنت – كنيسة القديس يوسف في القسم الغربيّ من المدينة‪.‬‬ ‫كان موقعهم اإللكترونيّ مُمتازاً‪ ،‬وبدا كاهنهم رجالً ذو تأثير روحيّ ‪.‬‬ ‫فلحية األب م ّتى ماك إي طويلة‪ ،‬تماما ً كما يتو ّقع المرء أن يرى‬ ‫الخوري األرثوذكسيّ ‪ ،‬وبدا في بدلته الكهنوتيّة مُتألِّقا ً‪ .‬احتجْ ُ‬ ‫ت إلى ساعة‬ ‫ْ‬ ‫كانت‬ ‫من القيادة للوصول إلى كنيسة القديس يوسف من بيت أهلي لك ّنها‬ ‫ُّ‬ ‫تستحق تلك السّياقة‪ .‬كانت الموسيقى جميلة واللّيتورجيا جليلة بح ّد ذاتها‪،‬‬ ‫وال ّناس ودودين‪ .‬عندما تق َّدم ال َّناس إلى الكاهن في نهاية الخدمة‪ ،‬لكي‬ ‫افحني األب م ّتى بحرارة وسألني عن‬ ‫يقبّلوا الصَّليب‪ ،‬تبعتهم‪ ،‬و ص َ‬ ‫ت قليالً ْ‬ ‫ْ‬ ‫وقل ُ‬ ‫ارتبك ُ‬ ‫ت" أنا مُب ِّشر َمعمدانيّ ‪ ..‬أو على األق ّل‬ ‫اسمي وعملي‪.‬‬ ‫عد ُ‬ ‫عد ُ‬ ‫ك ْن ُ‬ ‫ت إلى البيت منذ أربعة أيام‪ْ .‬‬ ‫ت‪ ،‬واآلن ْ‬ ‫أصير‬ ‫ت لكي‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫أرثوذكس ّيا ً"‪ .‬بدا مُتأثراً ومُندهِشاً‪ ،‬ودعاني للمجيء ثانية‪ .‬لم أ ُكنْ أعلم أنّ‬ ‫هذا الرَّ جُل اإللهيّ سوف يصير أبي الرُّ وحيّ ‪ ،‬ومُرشدي‪ ،‬وصديق‬ ‫عزيز‪ .‬وبال ّتأكيد لم أتخ ّي ْل أ ّنني سأخدم فيما بعد في هذه الرَّ عيّة كشمّاس‪،‬‬ ‫ومن ث ّم أصير كاهنا ً مُساعداً‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫عد ُ‬ ‫ْ‬ ‫كانت جنيفر‬ ‫ت بعد أيام قليلة إلى تكساركانا ألنض َّم إلى عائلتي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أكون بعيداً عنها‪ُ .‬ك ّنا أنا‬ ‫حامالً في شهرها الثامن ومن الطبيعيّ أال‬ ‫َ‬ ‫وإيّاها مُتشوِّ قين في األحد األوّ ل من وجودنا في تكساركانا لحضور‬ ‫اس إلهيّ (جميع العائلة)‪ .‬ولم تتو ّفر لألسف رعيّة أرثوذكسيّة قريبة‬ ‫ق ّد ٍ‬ ‫إلى تكساركانا (حمداً هلل أنّ األمر سيتغيّر قريبا ً)‪ .‬وضعْ نا األوالد في‬ ‫ال ّسيّارة‪ ،‬في األحد األوّ ل من أيّار‪ْ ،‬‬ ‫وقدنا ساعة وثالثة أرباع السّاعة إلى‬ ‫كنيسة القديس نيقوالوس األنطاكيّة األرثوذكسيّة في شيفربورت في‬ ‫لويزيانا‪ .‬أحببْنا الخدمة‪ ،‬وكان ال ّناس ودودين على غرار رعيّة القديس‬ ‫يوسف ‪.‬أمّا كاهنهم في ذلك الوقت (األب جون موريس) فكان لطيفا ً‬


‫‪3‬‬

‫وصبوراً‪ ،‬بقي يجيب على أسئلتنا الكثيرة ألكثر من نصف ساعة‪.‬‬ ‫وأحببْنا ج ّداً أن نعود في األحد المُقبل‪.‬‬ ‫بعد أسبوع من زيارتنا ّ‬ ‫الثانية لكنيسة القديس نيقوالوس تلقي ُ‬ ‫ْت هاتفا ً غيّر‬ ‫ليخبرني بأنّ أمّي قد أُصي َب ْ‬ ‫حياتي‪ .‬فقد هات َفني عمّي‬ ‫ت بجلطة قويّة‪ ،‬لكنّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حالتها مُستقرّ ة‪ُ .‬ك ّنا في نهاية شهر أيّار تقريبا‪ ،‬وكن ُ‬ ‫ت مُتر ِّددا في ترك‬ ‫زوجتي وهي على وشك الوالدة‪ .‬وقال عمّي أ ّنني لسْ ُ‬ ‫ت مُضطراً لل َمجيء‬ ‫ْ‬ ‫ليست خطرة‪ ،‬وبدا أ ّنها تتحسَّن‪ .‬ولكن‬ ‫إلى هيوستن فوراً‪ .‬فحالة والدتي‬ ‫بعد يو َمين هات َفني أخي كليالند ليقول أنّ الوالدة لم تع ُْد تتحسَّن أبداً‪ .‬لقد‬ ‫غادرت فوراً‬ ‫أ ُصي َب ْ‬ ‫ُ‬ ‫تستطيع ال ُّنطق بشكل َمفهوم‪.‬‬ ‫بشلل نصفيّ ‪ ،‬ولن‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫بعد المُكالمة وذهب ُ‬ ‫ألكون معها‪ .‬وكان وصف أخي لها مُصيبا ً لألسف‪.‬‬ ‫ْت‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وكانت ُتحِبّ أن‬ ‫كانت دوما نشطة ومليئة بالحيويّة‪،‬‬ ‫بكيت لمرآها‪ .‬لقد‬ ‫تتح َّدث‪ .‬أمّا اآلن فإ ّنها ال تستطيع أن تمشي وال أن تتح َّدث‪ .‬وما جعل‬ ‫أصيب باأللزهايمر ُ‬ ‫منذ خمس‬ ‫األمر أكثر سوءاً‪ ،‬هو أنّ أبي كان قد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وافق عمّي على‬ ‫كانت من يعتني به‪ .‬من سيعتني به اآلن؟‬ ‫سنوات وأمّي‬ ‫ْ‬ ‫أنجدنا مؤقتا ً‪ .‬لك ّننا أنا وأخي وأختي ُك ّنا أمام‬ ‫رعايته مُؤقتاً‪ ،‬وهذا ما‬ ‫قرارات صعبة ج ّداً‪.‬‬ ‫عد ُ‬ ‫بعد قضاء أسبوع مع والدي‪ْ ،‬‬ ‫ألكون مع جنيفر مرّ ة ثانية‪ .‬كان‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫موعد برنامج دروسي كمُعلِّم بديل سيبدأ في الرَّ ابع من حزيران‪ ،‬قبل‬ ‫ْ‬ ‫وكانت هيئة‬ ‫موعد والدة جنيفر بثالثة أيام‪ .‬وبال ّتأكيد ُك ّنا مُتوترين‪.‬‬ ‫شهرين إضاف َيين من‬ ‫اإلرساليّة بفضل مُديرها السّابق تيد قد منح ْتنا‬ ‫َ‬ ‫الضَّمان ّ‬ ‫شهرين مُثقلَين بالمصروف (بسبب الوالدة)‪.‬‬ ‫الطبيّ ‪ ،‬وكانا‬ ‫َ‬ ‫وماأزال بدون عمل‪ .‬واتفقنا على أن تقضي جنيفر واألوالد الصّيف مع‬ ‫أهلها في تكساركانا‪ .‬وأقضي أنا أيام األسبوع في مُتابعة دروسي في‬ ‫هيوستن والبحث عن عمل وأعود في عطلة نهاية ك ّل أسبوع ألكون‬ ‫ولدت ابنتنا ّ‬ ‫سعدنا كثيراً‬ ‫ْ‬ ‫الثالثة أليزابيت‪ْ .‬‬ ‫معهم‪ .‬وأخيراً في ‪ 2‬حزيران‪،‬‬


‫‪4‬‬

‫بها‪ ،‬لكنّ فرحنا امتزج بالحزن لوضع وال َديّ ‪ .‬والضطراري ألكون‬ ‫بعيداً عن جنيفر واألوالد‪.‬‬ ‫في صيف ‪ 9001‬وفيما كنت أتابع دورة ال ّ‬ ‫شهادة وأقضي الصّيف مع‬ ‫عائلتي‪ْ ،‬‬ ‫بدأ ُ‬ ‫ت العمل على مشروع جديد‪ :‬هدي أصدقائي وزمالئي إلى‬ ‫ُ‬ ‫كنت مُتحمِّسا ً ج ّداً لإليمان القويم‪ .‬ولم أستطِ عْ االنتظار‬ ‫األرثوذكسيّة!‬ ‫ّ‬ ‫ألقنع أصدقائي العاملين وغير العاملين في حقل التبشير ليصيروا‬ ‫َ‬ ‫أرثوذكسيّين‪ .‬كانت الحاجة ألن يصير المرء أرثوذكس ّيا ً واضحة جداً‬ ‫ُ‬ ‫وظننت أن أصدقائي إن قرؤوا الكتب الّتي قرأ ُتها‬ ‫بال ّنسبة لجنيفر ولي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شرحت لهم أسباب اهتدائي‪ ،‬سوف يقبلون االهتداء‬ ‫وزوجتي‪ ،‬وإذا ما‬ ‫أيضا ً‪.‬‬ ‫كان تفكيري ساذجا ً ج ّداً‪ .‬فقد اعتقد بعض أصدقائنا المُب ِّشرين أ ّننا ْ‬ ‫فقدنا‬ ‫عقلنا‪ ،‬وكان رد فعلهم على اهتدائنا لألرثوذكسيّة غاضبا ً ومُحزناً‪ ،‬مع أنّ‬ ‫أكثر األصدقاء القريبين م ّنا الّذين تكلّمت معهم أبدَوا احتراما ً لقرارنا‪.‬‬ ‫وقبل اثنان منهم أن يفكرا بأسباب قرارنا‪ ،‬ولك ّنهم ما كانا مُهتمَّين كثيراً‬ ‫للقيام بقفزة كبيرة كهذه‪ .‬كانوا ببساطة مُرتب َطين ج ّداً بالفكر اإلنجيليّ‬ ‫وغير مُتق ّبلَين لبعض االعتقادات والمُمارسات األرثوذكسيّة‪ .‬وعندما‬ ‫أعرتهم كتاب ‪ becoming orthodox‬وبعض مواد للقراءة‪ ،‬قبلوها‬ ‫ُ‬ ‫أعرت أحد أصدقائنا‬ ‫بتهذيب‪ .‬لك ّنهم لم يقتنعوا مثلنا عند قراءتها‪ .‬وبعدما‬ ‫ْ‬ ‫انتقلت من روسيا‬ ‫المُقرَّ بين كتاب ‪( the way‬وهو زوج العائلة الّتي‬ ‫إلى بانجالوكا عندما ُك ّنا في توزال) أعاده إليَّ بعد أيام قائالً " لن أقرأه!‬ ‫فالكاتب يعتبرني هرطوقي في الفصل األوّ ل من الكتاب!"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تابعت الحديث عن األرثوذكسيّة مع أصدقائي لسن َتين‪ ،‬ولكن ولخيبتي‬ ‫َّب‬ ‫الكبيرة لم يجعل ما قلته أ ّيا ً منه يقبل ال ّت ُّ‬ ‫حول إلى األرثوذكسيّة‪ .‬وما سب َ‬ ‫حزنا ً أكثر‪ ،‬أنَّ اعتقاداتنا الجديدة سب ْ‬ ‫ّبت تغييراً في العالقات مع جميع‬ ‫أصدقائنا تقريبا ً وح ّتى أنّ العالقة مع بعضهم تو ّقفت‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫بعد والدة ابنتا إليزابيت تو ّفر لي عمل لتعليم الرّ ياضيّات للمستوى‬ ‫السّابع ّ‬ ‫والثامن‪ .‬ومع أ ّنني ك ْن ُ‬ ‫ت راغبا ً في ال ّتعليم في مدرسة ثانوية‪ ،‬إال‬ ‫وجد ُ‬ ‫أ ّنني ك ْن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت ش ّقة قرب المدرسة في‬ ‫ت شاكراً لعثوري على عمل‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وبدأت ال ّتعليم في‬ ‫وانتقلنا جميعا ً إليها في تموز‬ ‫هيوستن بعد ع ّدة أسابيع‪،‬‬ ‫شهر آب‪.‬‬ ‫تجمد ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت أنا وجنيفر في‪ ، ...‬وقوب ْلنا بخشونة وغضب في توزال‪،‬‬ ‫لقد‬ ‫ْ‬ ‫وأثلج ْ‬ ‫ت علينا في ساراييفو‪ ،‬واختبرْ نا أزمة إيمان‬ ‫ورحلنا عن بانجالوكا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فادتنا إلى إنهاء عملنا‪ .‬وبعد ك ّل هذا ظنن ُ‬ ‫ت أنّ تعليم الطالب سيكون‬ ‫ت ولداً مُخطئا‪ً.‬‬ ‫سهالً في الواليات ال ُم َّتحِدة‪ .‬كم ك ْن ُ‬

‫حزن وفرح‬

‫ْ‬ ‫كانت سنتنا األولى يعد عودتنا إلى الواليات ال ُم َّتحِدة مليئة بكثير من‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عملنا السَّابق‬ ‫وافتقدنا‬ ‫األحزان‪ .‬لقد آلم ْتنا الصَّدمة الثقافيّة المُعاكِسة‪،‬‬ ‫كثيراً‪ ،‬وكذلك المدينة وال َّناس الّذين أحببْناهم‪ .‬وكم ُت ْقنا لكي نعود إلى‬ ‫ّ‬ ‫حياتنا السَّابقة‪ ،‬ولكنْ‬ ‫بالطبع لم ي ُكنْ األمر مُمكِنا ً على اإلطالق ألسباب‬ ‫كثيرة‪.‬‬ ‫وتحوّ ل تعليم الرّ ياضيّات لطالب المرحلة الوسطى من أحد أصعب‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫جرت‬ ‫كانت خبرتي ال ّتعليميّة الوحيدة قد‬ ‫األشياء‪ ،‬لم أجرّ بْه من قبل‪ .‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫حيث كان جميع‬ ‫سابقا ً في مدرسة مسيحيّة غير مُح ّددة بمذهب مُعيّن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الطالب يأتون من عائالت مسيحيّة تق ّية ومُستقرّ ة‪ .‬لم ي ُكنْ جميعهم‬ ‫يملكون دوافع عظيمة‪ ،‬لك ّنهم كانوا حسني السُّلوك على األقل‪ .‬أمّا في‬ ‫ّ‬ ‫المدارس العامّة حيث علّمْ ُ‬ ‫مؤخراً‪ ،‬فقد كان الكثير من تالميذي يقولون‬ ‫ت‬


‫‪6‬‬

‫ُ‬ ‫حلمت ال أنا وال تالميذي في المدرسة‬ ‫ويفعلون بانتظام أشياء ما‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وجدت كميّة الال احترام التي تلقيتها ال‬ ‫المسيحيّة ح ّتى بشيء منها‪.‬‬ ‫ُتصدَق‪ ،‬ومُعظم تالميذي ما امتلكوا هيئة (مظهر) أيّ عمل أخالقيّ أ ّيا ً‬ ‫يكن‪ .‬لقد تحس ْ‬ ‫ُ‬ ‫بنيت‬ ‫ّنت األمور تدريج ّيا ً خالل منهاج السّنة المدرسيّة كما‬ ‫عالقات مع تالميذي وبعض منهم بدا أ ّنهم أحبّوني فعل ّيا ً مع نهاية الفصل‬ ‫األوّ ل‪ .‬ولكن لم يمنعْ ني هذا ال ّتجاوب عن ال ّتو ُّقف عن طلب االنتقال إلى‬ ‫مدرسة ثانية في شهر كانون الثاني‪.‬‬ ‫ثان ذق ْناه بخصوص ابنتنا ّ‬ ‫الثانية أودري‪ .‬عندما ُك ّنا في بانجالوكا‬ ‫أل ٌم ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫وعزونا األمر أوّ ال إلى تشوشها من‬ ‫الحظنا عندها بطئا في ال ّنطق‪.‬‬ ‫سماعها لغ َتين‪ ،‬وأنّ نط َقها سوف يتحسّن حاالً عندما تكون في الواليات‬ ‫ال ُم َّتحِدة‪ .‬لكنّ شيئا ً من هذا لم يحدث ممّا جعلَنا نبحث عن حلول مُمكِنة‪.‬‬ ‫وكم َّ‬ ‫تمزقنا عندما عر ْفنا أنّ ابن َتنا الصَّغيرة الجميلة ال َمحبوبة ُتعاني من‬ ‫ال ّتوحُّ د (االنطواء على ال ّنفس)‪ .‬فألح ْقناها سريعا ً ببرنامج خاصّ باألطفال‬ ‫ْ‬ ‫وحصلنا على أنواع‬ ‫الّذين يعانون من هذا المرض في مدرسة المُقاطعة‪،‬‬ ‫مُختلفة من المُساعدة لها‪ .‬ومع أ ّنها تعلّمت الكثير وتطوّ ْ‬ ‫رت نوعا ً ما‪،‬‬ ‫وتح ّد كبير قائم أمامها‪ ،‬ومليئة باإلحباط‪ ،‬لك ّنها أيضا ً‬ ‫ْ‬ ‫اختبرت مُناسبات‬ ‫فرح‪ .‬إنّ كورتني ذات السّنوات ال ّتسع ال تزال غير قادرة على الكالم إال‬ ‫ببضعة كلمات بسيطة‪ ،‬مع أ ّننا صلينا من أجل شفائها ومن أجل أن تحيا‬ ‫حياة طبيعيّة‪ ،‬إال أ ّننا تعلّمنا أنا وجنيفر الكثير منها أيضا ً‪ .‬وربّما ال ّدرس‬ ‫األعظم الّذي تعلّمْ ناه هو أن نحبّ ونقبل كورتني كما هي – هدية جميلة‬ ‫من هللا –ال كما نريدها أنْ تكون‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وفي تلك األثناء كانت صحّ ة والديّ تتدهور‪ .‬وبعد أنْ‬ ‫خرجت أمّي من‬ ‫أخوي كليالند وليزا أن نضعها وأبي في‬ ‫المُستشفى كان عليّ وعلى َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫وجدنا مكانا ً قريبا ً من محل‬ ‫الحظ‬ ‫مركز خاصّ َمعيشي مُساعد‪ .‬ولحسن‬ ‫إقامة أخي وأختي في ذلك الوقت‪ .‬احتوى ذلك المركز على جناح َمعيشة‬ ‫مُساعدة نظامي حيث تستطيع أمّي أن تعيش‪ ،‬وكذلك على جناح مُنفصل‬


‫‪7‬‬

‫خاصّ بمرض األلزهايمر‪ .‬وجودهما تحت سقف واحد سهّل عليّ‬ ‫زيارتهما‪ .‬كذلك كانا‬ ‫قادرين على تناول مُعظم وجباتهما سويّة‪ .‬لكنّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫عانت إحباطا ويأسا عظي َمين‪ ،‬وأستطيع القول أنّ إرادتها في‬ ‫والدتي‬ ‫الحياة كانت تضعف وتنطفئ‪.‬‬ ‫في يوم قريب من نهاية السّنة ال ّدراسيّة ‪ 9001-9000‬وفيما كنت‬ ‫أراقب إجراء االمتحانات‪ ،‬قرع أحدهم باب الصّفّ ‪ .‬وكان أحد فريق‬ ‫الم ّ‬ ‫ُوظفين ليقول لي "سيد ايدلي‪ ،‬هناك مُكالمة تلفونيّة لك‪ .‬واألمر يحتاج‬ ‫ّ‬ ‫الخط اآلخر‬ ‫أن تجيب عليها في المكتب"‪ .‬كان أخي كليالند على‬ ‫وأخبرني أنّ والدتنا قد رقد ْ‬ ‫أدر ما أقول وأعمل‪ُ ،‬‬ ‫ص ِدمْ ُ‬ ‫َت‪ُ ،‬‬ ‫قلت‬ ‫ت‪ ،‬ولم ِ‬ ‫لعاملة المكتب ما حدث‪ ،‬ووافقت على تأمين االمتحانات وتغطيتي‪.‬‬ ‫ركضْ ُ‬ ‫ت إلى سيّارتي ْ‬ ‫وقد ُتها إلى المُستشفى مُباشرة حيث توفيت والدتي‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫لقد أصي َب ْ‬ ‫ُ‬ ‫عاشت حياة طويلة‬ ‫كنت مُتحيّراً ح ّتى لو أ ّنها‬ ‫ت بنوبة قلبيّة‪،‬‬ ‫وجيدة لثمانين سنة‪ ،‬إال أ ّنني ك ْن ُ‬ ‫ت أريد أن أخبرها وأعمل معها أشياء‬ ‫ْ‬ ‫وكانت‬ ‫منحنا الميرون المُق َّدس في األحد ال ّتالي‬ ‫كثيرة بعد‪ .‬وكان موعد َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫تخطط لكي تحضر المُناسبة مع أ ّنها لم ت ُكنْ أرثوذكسيّة‪ ،‬فهي‬ ‫كانت تحبّ‬ ‫ْ‬ ‫وأظهرت اهتماما ً حسنا ً باألرثوذكسيّة‪ .‬أؤمن‬ ‫الرّ بّ في سنواتها األخيرة‬ ‫أ ّنها اآلن مع الرّ بّ يسوع تنتظرني‪ .‬وإلى ذلك اليوم سوف أفتقدها كثيراً‪.‬‬ ‫بالرَّ غم من ك ّل األحزان الّتي ذ ْقناها في سنتِنا األولى بعد العودة من‬ ‫البوسنة‪ ،‬إال أ ّننا اختبرْ نا أيضا ً بعض األفراح‪ .‬فقد كان لي امتياز االلتقاء‬ ‫باألب بيتر غيليكويست‪ ،‬الرّ جل الّذي بدأنا رحلتنا إلى األرثوذكسيّة‬ ‫بكتابه‪ ،‬وسمعْ ُته يتكلّم‪ .‬سمعْ ُته أوالً يتكلّم في رياضة روحيّة قبل عيد‬ ‫ْت ْ‬ ‫وقل ُ‬ ‫الميالد في هيوستن في كانون األول‪ .‬حالما أنهى حديثه ذهب ُ‬ ‫ت له‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫"أو ُّد أن أشكرك أل ّنك أصلحْ َ‬ ‫بالطبع كان كالمي لغزاً بال ّنسبة‬ ‫ت مهنتي"‪.‬‬ ‫له‪ ،‬لك ّنه سألني بأدب‪" :‬أصلحْ َ‬ ‫ت مهنتك؟ ماذا تعني؟" فأخبرْ ُته بقصتِنا‬ ‫أرد ُ‬ ‫وكم أ ّنني مُمتن له لكتابة ‪ْ .becoming orthodox‬‬ ‫ت أن يعرف‬ ‫أنّ هللا ما يزال يستخدم كتابه لكي يجلب ال ّناس إلى كنيسته‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫خمسة عشرة سنة من طباعته‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫اختبرْ نا بركة أخرى وهي لقاء األب جوردن مالكر وقضاء بضعة أيام‬ ‫معه ومع زوجته صوفي بيتهما السّالميّ الجميل قرب فرانكلين‪ ،‬والية‬ ‫تينيسي‪ .‬وكما كان بوساطة البريد اإللكتروني هكذا كان أيضا ً صبوراً‬ ‫في اإلجابة على أسئلتي الكثيرة بخصوص األرثوذكسيّة والكهنوت‬ ‫وأمور أخرى كثيرة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ت في خدمات صالت ّية كثيرة بقدر ما استطعْ ُ‬ ‫وشارك ُ‬ ‫ت في كنيسة القديس‬ ‫أغناطيوس األرثوذكسيّة الّتي كان األب جوردن قد أسَّسها قبل ع ّدة‬ ‫سنوات‪ ،‬لقد كان بركة عظيمة للجميع‪ .‬كانت ّ‬ ‫الطبيعة في فرانكلين جميلة‬ ‫جداً وسالميّة وهادئة‪ ،‬ح ّتى أ ّنني ف ّكرت باستدعاء جنيفر واألوالد‬ ‫لينضموا إليّ ! إنّ الوقت الّذي قض ْي ُته مع األب جوردن ورعيّة القديس‬ ‫أغناطيوس ‪ -‬رغم قصره ‪ -‬كان بمثابة حضور رياضة روحيّة‪.‬‬ ‫منحنا‬ ‫أخيراً انتهت السّنة ال ّدراسيّة ‪ 9001-9000‬بأجمل خبرات حياتنا‪َ :‬‬ ‫الميرون وإتمام معموديّة أوالدنا‪ ،‬ومُناولتنا المُق َّدسة األولى‪ .‬لقد أصبحْ نا‬ ‫ْ‬ ‫ووصلت المسيرة الّتي‬ ‫أخيراً مسيحيّين أرثوذكسيّين كاملي العضويّة!‬ ‫ت اآلن مُستعداً‬ ‫ْ‬ ‫بدأت منذ سنة ونصف إلى نهايتها الكاملة‪ .‬وصرْ ُ‬ ‫لالنغماس الكامل في حياة الرّ عيّة والبدء بال ّتحضيرات من أجل تحقيق‬ ‫دعوتي إلى الكهنوت المُق َّدس‪.‬‬

‫نهاية البداية‬

‫ُ‬ ‫بدأت في خريف ‪ ،9009‬دراساتي في سان ستيفن في معهد ال ّدراسات‬ ‫الالهوتيّة األرثوذكسيّة ‪.‬وهو معهد أسّس من أجل المُه ّتمين في تعميق‬ ‫معرفتهم باألرثوذكسيّة وتت ّم ال ّدراسة فيه بالمُراسلة‪ .‬ويشكل في األبرشيّة‬


‫‪9‬‬

‫األنطاكيّة‪ ،‬الح ّد األدنى المطلوب من ّ‬ ‫الثقافة األرثوذكسيّة الالزمة‬ ‫لرسامة أحدهم شمّاسا ً‪ .‬أمّا بال ّنسبة للمُهتدي إلى األرثوذكسيّة من تقليد‬ ‫مسيحيّ آخر يحمل شهادة دبلوم في الالهوت من كليّة كنيسته السّابقة‬ ‫فيستطيع إذا ما حصل على مُوافقة أسقفه‪ ،‬مُتابعة دروس سان ستيف‬ ‫فقط ليؤهّل للكهنوت المُق َّدس‪.‬‬ ‫أل ّنني أحمل شهادة دبلوم في الالهوت من الكليّة ال َمعمدانيّة الجنوبيّة‪،‬‬ ‫شجّ عني األب م ّتى كي أطلب من أسقفي (األسقف باسيل) بركة كي‬ ‫ُ‬ ‫ورميت نفسي في‬ ‫أندرج في معهد سان ستيفن‪ .‬وافق األسقف باسيل‬ ‫ّ‬ ‫ال ّدراسة بشراهة‪ .‬كانت تصلني ك ّل فصل الئحة بأسماء الكتب التي يجب‬ ‫أن أقرأها ومجموعة من أسئلة ال ّدراسة الّتي ترشد قراءتي‪ .‬وفي نهاية‬ ‫الفصل عليّ أن أكتب من سبع إلى تسع مقاالت في قراءاتي‪ .‬والقسم‬ ‫األفضل من هذا المنهاج كان ثالثة أسابيع‪ ،‬أسبوع لك ّل سنة‪ ،‬يجب أن‬ ‫أقضيه في القرية األنطاكيّة في ليغونيير‪ ،‬بنسلفانيا‪.‬‬ ‫في القرية األنطاكيّة تو ّفرت الفرصة لي كي أصغي إلى مُحاضرات‬ ‫يُلقيها أساتذة كبار ومُعلِّمون َموهوبون‪ ،‬وأبني صداقات مع طالب‬ ‫آخرين من ك ّل أنحاء الواليات ال ُم َّتحِدة (وعددهم بازدياد ويأتون من‬ ‫البالد األخرى أيضا ً)‪ُ .‬ك ّنا نصلّي مرّ تين على األق ّل في اليوم‪ ،‬ولنن ّكه‬ ‫الحديث كان ّ‬ ‫الطعام رائعا ً! بالرّ غم من اإلرهاق الجسديّ الّذي يصنعه‬ ‫كانت هذه األسابيع ّ‬ ‫ْ‬ ‫هذا األسبوع‪،‬‬ ‫الثالثة مليئة بالرّ وحانيّة‪ ،‬وسوف أحنّ‬ ‫إليها دائما ً‪.‬‬ ‫ما خال فترة دراستي من أجل رسامتي كان عملي أيضا ً يتحسَّن‪ .‬ففي‬ ‫حزيران ‪ُ 9009‬‬ ‫طلب مني تعليم الجبر والهندسة في المدرسة ّ‬ ‫الثانويّة‬ ‫ت اآلن قادراً أن أعمل مع طالب أكبر س ّنا ً‬ ‫الّتي بقرب بيتنا‪ .‬وصرْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سنحت الفرصة لي ألن أعلّم برنامج إحصائي‬ ‫ونضجا ً‪ .‬وفي السّنة ال ّتالية‬ ‫ُمتق ِّدم‪ ،‬وهو علم جديد يدخل إلى المدرسة‪ .‬وكان تعليمي يحيطني بطالب‬


‫‪01‬‬

‫أكثر نضجا ً من طالب الجبر‪ .‬تحس ْ‬ ‫َّنت أيضا ً حالتنا المعيشيّة عندما‬ ‫ُ‬ ‫اشتريت بيتا ً للمرّ ة األولى‪ .‬عندنا اآلن مزيداً من الغرف لبناتنا وبعض‬ ‫الغرف اإلضافيّة‪ ،‬وكانت المدرسة تبعد ميالً واحداً عن مدرستي‪.‬‬ ‫بوركت بإمكانيّة القيام بعمل إضافيّ وصارت جنيفر قادرة على ال ّتفرُّ غ‬ ‫للبيت واحتياجاته‪.‬‬ ‫في السّنوات الّتي تلَ ْ‬ ‫ت قبولنا الميرون المُق َّدس تابعْ ُ‬ ‫ت وجنيفر مُمارستنا‬ ‫ُ‬ ‫بدأت‬ ‫وفهمْ نا لإليمان األرثوذكسيّ وبعد أن قُ ِب ْلنا في الكنيسة بوقت قصير‬ ‫ُ‬ ‫بدأت أعلّم المُراهقين‬ ‫أخدم كمُر ّتل في كنيسة القديس يوسف‪ .‬وفيما بعد‬ ‫في مدارس األحد‪ ،‬وأساعد الكاهن في الهيكل‪ ،‬وأر ّتل في الجوقة‪ .‬وعند‬ ‫نهاية العام ‪ 9002‬رأى األب م ّتى أنّ الوقت قد صار مُناسِ با ً كي أطلب‬ ‫ُ‬ ‫قبلت الفكرة بتواضع ولكن بفرح عظيم‪ ،‬بهذه الفرصة‬ ‫رسامتي شمّاسا ً‪.‬‬ ‫العظيمة‪.‬‬ ‫تتابع ْ‬ ‫ت صحّ ة أبي بال ّتدهور في الوقت الّذي ك ْن ُ‬ ‫ت أنمو فيه روح ّيا ً‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫نيسان ‪ 9002‬أصابته جلطة قلبيّة‪ ،‬اعتبرها الطبيب قاتلة‪ .‬لكنّ ضابط‬ ‫في ولك ّنه لم يع ُْد يستطيع أن يبلع ّ‬ ‫البحريّة الصّنديد ُ‬ ‫ْ‬ ‫وصارت‬ ‫الطعام‬ ‫ش َ‬ ‫ُ‬ ‫تلقيت مُكالمة‬ ‫تغذيته تت ّم بوساطة األنبوب‪ .‬في حزيران من السّنة ال ّتالية‬ ‫فقدنا الكولونيل"‪ .‬ومع أ ّنني ك ْن ُ‬ ‫هاتفيّة من صهري جيس يخبرني‪" :‬أ ّننا ْ‬ ‫ت‬ ‫حزينا ً عليه إلصابته باأللزهايمر لسنين عديدة إال أنّ الموت له وقع‬ ‫يكون آخر‪ ،‬مثله لقد خدم‬ ‫خاصّ ‪ ،‬فما من إنسان ّأثر على حياتي‪ ،‬ولن‬ ‫َ‬ ‫أبي وطنه بلباس البحريّة ستا ً وعشرين سنة‪ ،‬ودرّ ب ال ّ‬ ‫شباب وال ّشابات‬ ‫ليكونوا كما كان لم ّدة اثن َتي عشرة سنة‪ .‬لقد علّمني الصّواب من الخطأ‪،‬‬ ‫مع أهميّة قيمة الحياة ال ّنظيفة وأن أعمل ك ّل شيء بشكل مُمتاز‪ .‬ليرحم‬ ‫هللا نفسه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تلقيت وجنيفر يوم رقاد والدي بركة‬ ‫تحوّ ل الحزن إلى فرح سريعاً‪ ،‬فقد‬ ‫ْ‬ ‫استقبلنا‬ ‫غير متوقعة‪ُ ،‬ك ّنا على موعد مع ولد جديد على غير توقع!‬


‫‪00‬‬

‫طفلتنا الرّ ابعة بعد تسعة أشهر في كانون الثاني ‪ 9002‬وأسميْناها‬ ‫كريستين‪ ،‬إ ّنها جميلة وحلوة‪ ،‬ساعد ْتني وجنيفر لنبقى شبابا ً!‬ ‫ْ‬ ‫تبارك ُ‬ ‫ت مرّ ة ثانية في شهر آب ‪ 9002‬بخبر رسامتي شمّاسا ً على يد‬ ‫األسقف باسيل وعرفت أ ّنني سأخدم تحت رعاية األب م ّتى رجل هللا‬ ‫وكانت خبرة مُذهلة‪ .‬كان األب م ّتى مُمت ّنا ً لمُساعدتي له في خدمة‬ ‫ال َمذبح‪ ،‬فهو يخدم وحده دون مُساعدة شمّاس منذ عشر سنوات‪ .‬بالمُقابل‬ ‫ك ْن ُ‬ ‫ت مُمت ّنا ً ج ّداً ألن أكون مُساعداً له!‬ ‫في تشرين ّ‬ ‫الثاني ال ّتالي‪ ،‬وفيما كان األسقف باسيل يزور رعيّتنا أعطاني‬ ‫البركة لل ّتق ُّدم للكهنوت المُق َّدس‪ .‬وقبلَ ْ‬ ‫ت هيئة األبرشيّة طلبي‪ ،‬وبفرح ال‬ ‫ّ‬ ‫أستطيع وصفه تح ّقق في ‪ 19‬شباط ‪ 9002‬الهدف الذي سعي ُ‬ ‫ْت إليه منذ‬ ‫خمس سنوات‪ .‬ها أنا كاهن أرثوذكسيّ أخيراً‪.‬‬ ‫منذ ذلك الوقت وسعادتي تكمُن في الخدمة مع األب م ّتى في كنيسة‬ ‫القديس يوسف‪ .‬بمعنى واحد‪ ..‬أشعر وكأ ّنني ح ّقا ً قد " ْ‬ ‫وصل ُ‬ ‫ت" أخيراً‪.‬‬ ‫لك ّنني أعرف بالحقيقة أنّ هذه هي البداية فقط‪ .‬إ ّنني مُتأ ّكد من أنّ هللا‬ ‫ّ‬ ‫يخطط المزيد لي ولجنيفر في المُستقبل‪.‬‬ ‫ح ّتى ذلك الوقت‪ ،‬أخطط لكي أخدم الرّ بّ بخوف ورعدة‪ ،‬ولكن بفرح‬ ‫أيضا ً‪.‬‬ ‫لقد عاني ُ‬ ‫ْت الكثير في حياتي ولك ّنني لن أبيعها بأيّ شيء‪ .‬هلل المجد إلى‬ ‫األبد‪ .‬آمين‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.