رحلتي إلى الكنيسة األم
14
الفصل الرابع عشر: نهاية وبداية
ُ نويت لكم من خير ال من شرّ ،فيكون لكم الغد ا ّلذي "أنا أعرف ما (إرم)11/92 ترجون"
تغييرات والد جنيفر -القسّ ال َمعمدانيّ منذ عشرين سنة -لم ينفع ْل بشكل عنيف لقرارنا بال ُّدخول إلى األرثوذكسيّة .رغم أ ّنه وباقي عائلة جنيفر كانوا ْ وكانت أيامنا األولى القليلة في بيتهم فترة سعداء الستقبالنا في بيتهم راحة واسترخاء مُمتازة .إال أ ّنه كان عليَّ أن أبدأ العمل بأقصى سرعة. وفي عشيّة بلوغ أدوري عيد ميالدها العاشر ،استقلّ ُ يت الحافلة إلى بيت أهلي الواقع في شمال هيوستن .وكان سبب ذهابي ثالثي األبعاد: ألشتري سيارة (لم أملك سيارة منذ خمس سنوات) ،الحصول على المُوافقة في برنامج شهادة مُعلّم بديل في مدرسة مُقاطعتي ال َّسابقة، ُ قضيت في بيت أهلي قُرابة والحصول على وظيفة تعليم في المُقاطعة.
2
ّ ُ الحظ لم أتو َّفق نجحت خالله في تحقيق الهد َفين األولَين ،ولسوء األسبوع ْ ّ ُ في الحصول على عرض عمل ثابت ،مع أنني طرقت ع ّدة أبواب. كنت في هيوستن قرّرْ ُ ُ ت زيارة رعيّة أنطاكيّة أرثوذكسيّة وجد ُتها فيما على اإلنترنت – كنيسة القديس يوسف في القسم الغربيّ من المدينة. كان موقعهم اإللكترونيّ مُمتازاً ،وبدا كاهنهم رجالً ذو تأثير روحيّ . فلحية األب م ّتى ماك إي طويلة ،تماما ً كما يتو ّقع المرء أن يرى الخوري األرثوذكسيّ ،وبدا في بدلته الكهنوتيّة مُتألِّقا ً .احتجْ ُ ت إلى ساعة ْ كانت من القيادة للوصول إلى كنيسة القديس يوسف من بيت أهلي لك ّنها ُّ تستحق تلك السّياقة .كانت الموسيقى جميلة واللّيتورجيا جليلة بح ّد ذاتها، وال ّناس ودودين .عندما تق َّدم ال َّناس إلى الكاهن في نهاية الخدمة ،لكي افحني األب م ّتى بحرارة وسألني عن يقبّلوا الصَّليب ،تبعتهم ،و ص َ ت قليالً ْ ْ وقل ُ ارتبك ُ ت" أنا مُب ِّشر َمعمدانيّ ..أو على األق ّل اسمي وعملي. عد ُ عد ُ ك ْن ُ ت إلى البيت منذ أربعة أيامْ . ت ،واآلن ْ أصير ت لكي َ ِّ أرثوذكس ّيا ً" .بدا مُتأثراً ومُندهِشاً ،ودعاني للمجيء ثانية .لم أ ُكنْ أعلم أنّ هذا الرَّ جُل اإللهيّ سوف يصير أبي الرُّ وحيّ ،ومُرشدي ،وصديق عزيز .وبال ّتأكيد لم أتخ ّي ْل أ ّنني سأخدم فيما بعد في هذه الرَّ عيّة كشمّاس، ومن ث ّم أصير كاهنا ً مُساعداً. ْ عد ُ ْ كانت جنيفر ت بعد أيام قليلة إلى تكساركانا ألنض َّم إلى عائلتي. َّ َّ أكون بعيداً عنهاُ .ك ّنا أنا حامالً في شهرها الثامن ومن الطبيعيّ أال َ وإيّاها مُتشوِّ قين في األحد األوّ ل من وجودنا في تكساركانا لحضور اس إلهيّ (جميع العائلة) .ولم تتو ّفر لألسف رعيّة أرثوذكسيّة قريبة ق ّد ٍ إلى تكساركانا (حمداً هلل أنّ األمر سيتغيّر قريبا ً) .وضعْ نا األوالد في ال ّسيّارة ،في األحد األوّ ل من أيّارْ ، وقدنا ساعة وثالثة أرباع السّاعة إلى كنيسة القديس نيقوالوس األنطاكيّة األرثوذكسيّة في شيفربورت في لويزيانا .أحببْنا الخدمة ،وكان ال ّناس ودودين على غرار رعيّة القديس يوسف .أمّا كاهنهم في ذلك الوقت (األب جون موريس) فكان لطيفا ً
3
وصبوراً ،بقي يجيب على أسئلتنا الكثيرة ألكثر من نصف ساعة. وأحببْنا ج ّداً أن نعود في األحد المُقبل. بعد أسبوع من زيارتنا ّ الثانية لكنيسة القديس نيقوالوس تلقي ُ ْت هاتفا ً غيّر ليخبرني بأنّ أمّي قد أُصي َب ْ حياتي .فقد هات َفني عمّي ت بجلطة قويّة ،لكنّ َ ً ْ ً ُ حالتها مُستقرّ ةُ .ك ّنا في نهاية شهر أيّار تقريبا ،وكن ُ ت مُتر ِّددا في ترك زوجتي وهي على وشك الوالدة .وقال عمّي أ ّنني لسْ ُ ت مُضطراً لل َمجيء ْ ليست خطرة ،وبدا أ ّنها تتحسَّن .ولكن إلى هيوستن فوراً .فحالة والدتي بعد يو َمين هات َفني أخي كليالند ليقول أنّ الوالدة لم تع ُْد تتحسَّن أبداً .لقد غادرت فوراً أ ُصي َب ْ ُ تستطيع ال ُّنطق بشكل َمفهوم. بشلل نصفيّ ،ولن ت َ ٍ بعد المُكالمة وذهب ُ ألكون معها .وكان وصف أخي لها مُصيبا ً لألسف. ْت َ ً ْ ْ ُ وكانت ُتحِبّ أن كانت دوما نشطة ومليئة بالحيويّة، بكيت لمرآها .لقد تتح َّدث .أمّا اآلن فإ ّنها ال تستطيع أن تمشي وال أن تتح َّدث .وما جعل أصيب باأللزهايمر ُ منذ خمس األمر أكثر سوءاً ،هو أنّ أبي كان قد َ ْ َ وافق عمّي على كانت من يعتني به .من سيعتني به اآلن؟ سنوات وأمّي ْ أنجدنا مؤقتا ً .لك ّننا أنا وأخي وأختي ُك ّنا أمام رعايته مُؤقتاً ،وهذا ما قرارات صعبة ج ّداً. عد ُ بعد قضاء أسبوع مع والديْ ، ألكون مع جنيفر مرّ ة ثانية .كان ت َ موعد برنامج دروسي كمُعلِّم بديل سيبدأ في الرَّ ابع من حزيران ،قبل ْ وكانت هيئة موعد والدة جنيفر بثالثة أيام .وبال ّتأكيد ُك ّنا مُتوترين. شهرين إضاف َيين من اإلرساليّة بفضل مُديرها السّابق تيد قد منح ْتنا َ الضَّمان ّ شهرين مُثقلَين بالمصروف (بسبب الوالدة). الطبيّ ،وكانا َ وماأزال بدون عمل .واتفقنا على أن تقضي جنيفر واألوالد الصّيف مع أهلها في تكساركانا .وأقضي أنا أيام األسبوع في مُتابعة دروسي في هيوستن والبحث عن عمل وأعود في عطلة نهاية ك ّل أسبوع ألكون ولدت ابنتنا ّ سعدنا كثيراً ْ الثالثة أليزابيتْ . معهم .وأخيراً في 2حزيران،
4
بها ،لكنّ فرحنا امتزج بالحزن لوضع وال َديّ .والضطراري ألكون بعيداً عن جنيفر واألوالد. في صيف 9001وفيما كنت أتابع دورة ال ّ شهادة وأقضي الصّيف مع عائلتيْ ، بدأ ُ ت العمل على مشروع جديد :هدي أصدقائي وزمالئي إلى ُ كنت مُتحمِّسا ً ج ّداً لإليمان القويم .ولم أستطِ عْ االنتظار األرثوذكسيّة! ّ ألقنع أصدقائي العاملين وغير العاملين في حقل التبشير ليصيروا َ أرثوذكسيّين .كانت الحاجة ألن يصير المرء أرثوذكس ّيا ً واضحة جداً ُ وظننت أن أصدقائي إن قرؤوا الكتب الّتي قرأ ُتها بال ّنسبة لجنيفر ولي. ُ شرحت لهم أسباب اهتدائي ،سوف يقبلون االهتداء وزوجتي ،وإذا ما أيضا ً. كان تفكيري ساذجا ً ج ّداً .فقد اعتقد بعض أصدقائنا المُب ِّشرين أ ّننا ْ فقدنا عقلنا ،وكان رد فعلهم على اهتدائنا لألرثوذكسيّة غاضبا ً ومُحزناً ،مع أنّ أكثر األصدقاء القريبين م ّنا الّذين تكلّمت معهم أبدَوا احتراما ً لقرارنا. وقبل اثنان منهم أن يفكرا بأسباب قرارنا ،ولك ّنهم ما كانا مُهتمَّين كثيراً للقيام بقفزة كبيرة كهذه .كانوا ببساطة مُرتب َطين ج ّداً بالفكر اإلنجيليّ وغير مُتق ّبلَين لبعض االعتقادات والمُمارسات األرثوذكسيّة .وعندما أعرتهم كتاب becoming orthodoxوبعض مواد للقراءة ،قبلوها ُ أعرت أحد أصدقائنا بتهذيب .لك ّنهم لم يقتنعوا مثلنا عند قراءتها .وبعدما ْ انتقلت من روسيا المُقرَّ بين كتاب ( the wayوهو زوج العائلة الّتي إلى بانجالوكا عندما ُك ّنا في توزال) أعاده إليَّ بعد أيام قائالً " لن أقرأه! فالكاتب يعتبرني هرطوقي في الفصل األوّ ل من الكتاب!". ُ تابعت الحديث عن األرثوذكسيّة مع أصدقائي لسن َتين ،ولكن ولخيبتي َّب الكبيرة لم يجعل ما قلته أ ّيا ً منه يقبل ال ّت ُّ حول إلى األرثوذكسيّة .وما سب َ حزنا ً أكثر ،أنَّ اعتقاداتنا الجديدة سب ْ ّبت تغييراً في العالقات مع جميع أصدقائنا تقريبا ً وح ّتى أنّ العالقة مع بعضهم تو ّقفت.
5
بعد والدة ابنتا إليزابيت تو ّفر لي عمل لتعليم الرّ ياضيّات للمستوى السّابع ّ والثامن .ومع أ ّنني ك ْن ُ ت راغبا ً في ال ّتعليم في مدرسة ثانوية ،إال وجد ُ أ ّنني ك ْن ُ ْ ت ش ّقة قرب المدرسة في ت شاكراً لعثوري على عمل، ْ ُ وبدأت ال ّتعليم في وانتقلنا جميعا ً إليها في تموز هيوستن بعد ع ّدة أسابيع، شهر آب. تجمد ُ ْ ت أنا وجنيفر في ، ...وقوب ْلنا بخشونة وغضب في توزال، لقد ْ وأثلج ْ ت علينا في ساراييفو ،واختبرْ نا أزمة إيمان ورحلنا عن بانجالوكا، َ ّ ْ فادتنا إلى إنهاء عملنا .وبعد ك ّل هذا ظنن ُ ت أنّ تعليم الطالب سيكون ت ولداً مُخطئاً. سهالً في الواليات ال ُم َّتحِدة .كم ك ْن ُ
حزن وفرح
ْ كانت سنتنا األولى يعد عودتنا إلى الواليات ال ُم َّتحِدة مليئة بكثير من ّ ْ ْ عملنا السَّابق وافتقدنا األحزان .لقد آلم ْتنا الصَّدمة الثقافيّة المُعاكِسة، كثيراً ،وكذلك المدينة وال َّناس الّذين أحببْناهم .وكم ُت ْقنا لكي نعود إلى ّ حياتنا السَّابقة ،ولكنْ بالطبع لم ي ُكنْ األمر مُمكِنا ً على اإلطالق ألسباب كثيرة. وتحوّ ل تعليم الرّ ياضيّات لطالب المرحلة الوسطى من أحد أصعب ْ ْ جرت كانت خبرتي ال ّتعليميّة الوحيدة قد األشياء ،لم أجرّ بْه من قبل .فقد ُ حيث كان جميع سابقا ً في مدرسة مسيحيّة غير مُح ّددة بمذهب مُعيّن، ّ الطالب يأتون من عائالت مسيحيّة تق ّية ومُستقرّ ة .لم ي ُكنْ جميعهم يملكون دوافع عظيمة ،لك ّنهم كانوا حسني السُّلوك على األقل .أمّا في ّ المدارس العامّة حيث علّمْ ُ مؤخراً ،فقد كان الكثير من تالميذي يقولون ت
6
ُ حلمت ال أنا وال تالميذي في المدرسة ويفعلون بانتظام أشياء ما ّ ُ ُ ْ وجدت كميّة الال احترام التي تلقيتها ال المسيحيّة ح ّتى بشيء منها. ُتصدَق ،ومُعظم تالميذي ما امتلكوا هيئة (مظهر) أيّ عمل أخالقيّ أ ّيا ً يكن .لقد تحس ْ ُ بنيت ّنت األمور تدريج ّيا ً خالل منهاج السّنة المدرسيّة كما عالقات مع تالميذي وبعض منهم بدا أ ّنهم أحبّوني فعل ّيا ً مع نهاية الفصل األوّ ل .ولكن لم يمنعْ ني هذا ال ّتجاوب عن ال ّتو ُّقف عن طلب االنتقال إلى مدرسة ثانية في شهر كانون الثاني. ثان ذق ْناه بخصوص ابنتنا ّ الثانية أودري .عندما ُك ّنا في بانجالوكا أل ٌم ٍ ْ ً ً ْ وعزونا األمر أوّ ال إلى تشوشها من الحظنا عندها بطئا في ال ّنطق. سماعها لغ َتين ،وأنّ نط َقها سوف يتحسّن حاالً عندما تكون في الواليات ال ُم َّتحِدة .لكنّ شيئا ً من هذا لم يحدث ممّا جعلَنا نبحث عن حلول مُمكِنة. وكم َّ تمزقنا عندما عر ْفنا أنّ ابن َتنا الصَّغيرة الجميلة ال َمحبوبة ُتعاني من ال ّتوحُّ د (االنطواء على ال ّنفس) .فألح ْقناها سريعا ً ببرنامج خاصّ باألطفال ْ وحصلنا على أنواع الّذين يعانون من هذا المرض في مدرسة المُقاطعة، مُختلفة من المُساعدة لها .ومع أ ّنها تعلّمت الكثير وتطوّ ْ رت نوعا ً ما، وتح ّد كبير قائم أمامها ،ومليئة باإلحباط ،لك ّنها أيضا ً ْ اختبرت مُناسبات فرح .إنّ كورتني ذات السّنوات ال ّتسع ال تزال غير قادرة على الكالم إال ببضعة كلمات بسيطة ،مع أ ّننا صلينا من أجل شفائها ومن أجل أن تحيا حياة طبيعيّة ،إال أ ّننا تعلّمنا أنا وجنيفر الكثير منها أيضا ً .وربّما ال ّدرس األعظم الّذي تعلّمْ ناه هو أن نحبّ ونقبل كورتني كما هي – هدية جميلة من هللا –ال كما نريدها أنْ تكون. ْ وفي تلك األثناء كانت صحّ ة والديّ تتدهور .وبعد أنْ خرجت أمّي من أخوي كليالند وليزا أن نضعها وأبي في المُستشفى كان عليّ وعلى َ ّ ْ وجدنا مكانا ً قريبا ً من محل الحظ مركز خاصّ َمعيشي مُساعد .ولحسن إقامة أخي وأختي في ذلك الوقت .احتوى ذلك المركز على جناح َمعيشة مُساعدة نظامي حيث تستطيع أمّي أن تعيش ،وكذلك على جناح مُنفصل
7
خاصّ بمرض األلزهايمر .وجودهما تحت سقف واحد سهّل عليّ زيارتهما .كذلك كانا قادرين على تناول مُعظم وجباتهما سويّة .لكنّ َ ً ً ْ عانت إحباطا ويأسا عظي َمين ،وأستطيع القول أنّ إرادتها في والدتي الحياة كانت تضعف وتنطفئ. في يوم قريب من نهاية السّنة ال ّدراسيّة 9001-9000وفيما كنت أراقب إجراء االمتحانات ،قرع أحدهم باب الصّفّ .وكان أحد فريق الم ّ ُوظفين ليقول لي "سيد ايدلي ،هناك مُكالمة تلفونيّة لك .واألمر يحتاج ّ الخط اآلخر أن تجيب عليها في المكتب" .كان أخي كليالند على وأخبرني أنّ والدتنا قد رقد ْ أدر ما أقول وأعملُ ، ص ِدمْ ُ َتُ ، قلت ت ،ولم ِ لعاملة المكتب ما حدث ،ووافقت على تأمين االمتحانات وتغطيتي. ركضْ ُ ت إلى سيّارتي ْ وقد ُتها إلى المُستشفى مُباشرة حيث توفيت والدتي. ْ لقد أصي َب ْ ُ عاشت حياة طويلة كنت مُتحيّراً ح ّتى لو أ ّنها ت بنوبة قلبيّة، وجيدة لثمانين سنة ،إال أ ّنني ك ْن ُ ت أريد أن أخبرها وأعمل معها أشياء ْ وكانت منحنا الميرون المُق َّدس في األحد ال ّتالي كثيرة بعد .وكان موعد َ ّ ْ تخطط لكي تحضر المُناسبة مع أ ّنها لم ت ُكنْ أرثوذكسيّة ،فهي كانت تحبّ ْ وأظهرت اهتماما ً حسنا ً باألرثوذكسيّة .أؤمن الرّ بّ في سنواتها األخيرة أ ّنها اآلن مع الرّ بّ يسوع تنتظرني .وإلى ذلك اليوم سوف أفتقدها كثيراً. بالرَّ غم من ك ّل األحزان الّتي ذ ْقناها في سنتِنا األولى بعد العودة من البوسنة ،إال أ ّننا اختبرْ نا أيضا ً بعض األفراح .فقد كان لي امتياز االلتقاء باألب بيتر غيليكويست ،الرّ جل الّذي بدأنا رحلتنا إلى األرثوذكسيّة بكتابه ،وسمعْ ُته يتكلّم .سمعْ ُته أوالً يتكلّم في رياضة روحيّة قبل عيد ْت ْ وقل ُ الميالد في هيوستن في كانون األول .حالما أنهى حديثه ذهب ُ ت له: ّ "أو ُّد أن أشكرك أل ّنك أصلحْ َ بالطبع كان كالمي لغزاً بال ّنسبة ت مهنتي". له ،لك ّنه سألني بأدب" :أصلحْ َ ت مهنتك؟ ماذا تعني؟" فأخبرْ ُته بقصتِنا أرد ُ وكم أ ّنني مُمتن له لكتابة ْ .becoming orthodox ت أن يعرف أنّ هللا ما يزال يستخدم كتابه لكي يجلب ال ّناس إلى كنيسته ،وذلك بعد خمسة عشرة سنة من طباعته.
8
اختبرْ نا بركة أخرى وهي لقاء األب جوردن مالكر وقضاء بضعة أيام معه ومع زوجته صوفي بيتهما السّالميّ الجميل قرب فرانكلين ،والية تينيسي .وكما كان بوساطة البريد اإللكتروني هكذا كان أيضا ً صبوراً في اإلجابة على أسئلتي الكثيرة بخصوص األرثوذكسيّة والكهنوت وأمور أخرى كثيرة. ْ ت في خدمات صالت ّية كثيرة بقدر ما استطعْ ُ وشارك ُ ت في كنيسة القديس أغناطيوس األرثوذكسيّة الّتي كان األب جوردن قد أسَّسها قبل ع ّدة سنوات ،لقد كان بركة عظيمة للجميع .كانت ّ الطبيعة في فرانكلين جميلة جداً وسالميّة وهادئة ،ح ّتى أ ّنني ف ّكرت باستدعاء جنيفر واألوالد لينضموا إليّ ! إنّ الوقت الّذي قض ْي ُته مع األب جوردن ورعيّة القديس أغناطيوس -رغم قصره -كان بمثابة حضور رياضة روحيّة. منحنا أخيراً انتهت السّنة ال ّدراسيّة 9001-9000بأجمل خبرات حياتناَ : الميرون وإتمام معموديّة أوالدنا ،ومُناولتنا المُق َّدسة األولى .لقد أصبحْ نا ْ ووصلت المسيرة الّتي أخيراً مسيحيّين أرثوذكسيّين كاملي العضويّة! ت اآلن مُستعداً ْ بدأت منذ سنة ونصف إلى نهايتها الكاملة .وصرْ ُ لالنغماس الكامل في حياة الرّ عيّة والبدء بال ّتحضيرات من أجل تحقيق دعوتي إلى الكهنوت المُق َّدس.
نهاية البداية
ُ بدأت في خريف ،9009دراساتي في سان ستيفن في معهد ال ّدراسات الالهوتيّة األرثوذكسيّة .وهو معهد أسّس من أجل المُه ّتمين في تعميق معرفتهم باألرثوذكسيّة وتت ّم ال ّدراسة فيه بالمُراسلة .ويشكل في األبرشيّة
9
األنطاكيّة ،الح ّد األدنى المطلوب من ّ الثقافة األرثوذكسيّة الالزمة لرسامة أحدهم شمّاسا ً .أمّا بال ّنسبة للمُهتدي إلى األرثوذكسيّة من تقليد مسيحيّ آخر يحمل شهادة دبلوم في الالهوت من كليّة كنيسته السّابقة فيستطيع إذا ما حصل على مُوافقة أسقفه ،مُتابعة دروس سان ستيف فقط ليؤهّل للكهنوت المُق َّدس. أل ّنني أحمل شهادة دبلوم في الالهوت من الكليّة ال َمعمدانيّة الجنوبيّة، شجّ عني األب م ّتى كي أطلب من أسقفي (األسقف باسيل) بركة كي ُ ورميت نفسي في أندرج في معهد سان ستيفن .وافق األسقف باسيل ّ ال ّدراسة بشراهة .كانت تصلني ك ّل فصل الئحة بأسماء الكتب التي يجب أن أقرأها ومجموعة من أسئلة ال ّدراسة الّتي ترشد قراءتي .وفي نهاية الفصل عليّ أن أكتب من سبع إلى تسع مقاالت في قراءاتي .والقسم األفضل من هذا المنهاج كان ثالثة أسابيع ،أسبوع لك ّل سنة ،يجب أن أقضيه في القرية األنطاكيّة في ليغونيير ،بنسلفانيا. في القرية األنطاكيّة تو ّفرت الفرصة لي كي أصغي إلى مُحاضرات يُلقيها أساتذة كبار ومُعلِّمون َموهوبون ،وأبني صداقات مع طالب آخرين من ك ّل أنحاء الواليات ال ُم َّتحِدة (وعددهم بازدياد ويأتون من البالد األخرى أيضا ً)ُ .ك ّنا نصلّي مرّ تين على األق ّل في اليوم ،ولنن ّكه الحديث كان ّ الطعام رائعا ً! بالرّ غم من اإلرهاق الجسديّ الّذي يصنعه كانت هذه األسابيع ّ ْ هذا األسبوع، الثالثة مليئة بالرّ وحانيّة ،وسوف أحنّ إليها دائما ً. ما خال فترة دراستي من أجل رسامتي كان عملي أيضا ً يتحسَّن .ففي حزيران ُ 9009 طلب مني تعليم الجبر والهندسة في المدرسة ّ الثانويّة ت اآلن قادراً أن أعمل مع طالب أكبر س ّنا ً الّتي بقرب بيتنا .وصرْ ُ ْ سنحت الفرصة لي ألن أعلّم برنامج إحصائي ونضجا ً .وفي السّنة ال ّتالية ُمتق ِّدم ،وهو علم جديد يدخل إلى المدرسة .وكان تعليمي يحيطني بطالب
01
أكثر نضجا ً من طالب الجبر .تحس ْ َّنت أيضا ً حالتنا المعيشيّة عندما ُ اشتريت بيتا ً للمرّ ة األولى .عندنا اآلن مزيداً من الغرف لبناتنا وبعض الغرف اإلضافيّة ،وكانت المدرسة تبعد ميالً واحداً عن مدرستي. بوركت بإمكانيّة القيام بعمل إضافيّ وصارت جنيفر قادرة على ال ّتفرُّ غ للبيت واحتياجاته. في السّنوات الّتي تلَ ْ ت قبولنا الميرون المُق َّدس تابعْ ُ ت وجنيفر مُمارستنا ُ بدأت وفهمْ نا لإليمان األرثوذكسيّ وبعد أن قُ ِب ْلنا في الكنيسة بوقت قصير ُ بدأت أعلّم المُراهقين أخدم كمُر ّتل في كنيسة القديس يوسف .وفيما بعد في مدارس األحد ،وأساعد الكاهن في الهيكل ،وأر ّتل في الجوقة .وعند نهاية العام 9002رأى األب م ّتى أنّ الوقت قد صار مُناسِ با ً كي أطلب ُ قبلت الفكرة بتواضع ولكن بفرح عظيم ،بهذه الفرصة رسامتي شمّاسا ً. العظيمة. تتابع ْ ت صحّ ة أبي بال ّتدهور في الوقت الّذي ك ْن ُ ت أنمو فيه روح ّيا ً .وفي ّ نيسان 9002أصابته جلطة قلبيّة ،اعتبرها الطبيب قاتلة .لكنّ ضابط في ولك ّنه لم يع ُْد يستطيع أن يبلع ّ البحريّة الصّنديد ُ ْ وصارت الطعام ش َ ُ تلقيت مُكالمة تغذيته تت ّم بوساطة األنبوب .في حزيران من السّنة ال ّتالية فقدنا الكولونيل" .ومع أ ّنني ك ْن ُ هاتفيّة من صهري جيس يخبرني" :أ ّننا ْ ت حزينا ً عليه إلصابته باأللزهايمر لسنين عديدة إال أنّ الموت له وقع يكون آخر ،مثله لقد خدم خاصّ ،فما من إنسان ّأثر على حياتي ،ولن َ أبي وطنه بلباس البحريّة ستا ً وعشرين سنة ،ودرّ ب ال ّ شباب وال ّشابات ليكونوا كما كان لم ّدة اثن َتي عشرة سنة .لقد علّمني الصّواب من الخطأ، مع أهميّة قيمة الحياة ال ّنظيفة وأن أعمل ك ّل شيء بشكل مُمتاز .ليرحم هللا نفسه. ُ تلقيت وجنيفر يوم رقاد والدي بركة تحوّ ل الحزن إلى فرح سريعاً ،فقد ْ استقبلنا غير متوقعةُ ،ك ّنا على موعد مع ولد جديد على غير توقع!
00
طفلتنا الرّ ابعة بعد تسعة أشهر في كانون الثاني 9002وأسميْناها كريستين ،إ ّنها جميلة وحلوة ،ساعد ْتني وجنيفر لنبقى شبابا ً! ْ تبارك ُ ت مرّ ة ثانية في شهر آب 9002بخبر رسامتي شمّاسا ً على يد األسقف باسيل وعرفت أ ّنني سأخدم تحت رعاية األب م ّتى رجل هللا وكانت خبرة مُذهلة .كان األب م ّتى مُمت ّنا ً لمُساعدتي له في خدمة ال َمذبح ،فهو يخدم وحده دون مُساعدة شمّاس منذ عشر سنوات .بالمُقابل ك ْن ُ ت مُمت ّنا ً ج ّداً ألن أكون مُساعداً له! في تشرين ّ الثاني ال ّتالي ،وفيما كان األسقف باسيل يزور رعيّتنا أعطاني البركة لل ّتق ُّدم للكهنوت المُق َّدس .وقبلَ ْ ت هيئة األبرشيّة طلبي ،وبفرح ال ّ أستطيع وصفه تح ّقق في 19شباط 9002الهدف الذي سعي ُ ْت إليه منذ خمس سنوات .ها أنا كاهن أرثوذكسيّ أخيراً. منذ ذلك الوقت وسعادتي تكمُن في الخدمة مع األب م ّتى في كنيسة القديس يوسف .بمعنى واحد ..أشعر وكأ ّنني ح ّقا ً قد " ْ وصل ُ ت" أخيراً. لك ّنني أعرف بالحقيقة أنّ هذه هي البداية فقط .إ ّنني مُتأ ّكد من أنّ هللا ّ يخطط المزيد لي ولجنيفر في المُستقبل. ح ّتى ذلك الوقت ،أخطط لكي أخدم الرّ بّ بخوف ورعدة ،ولكن بفرح أيضا ً. لقد عاني ُ ْت الكثير في حياتي ولك ّنني لن أبيعها بأيّ شيء .هلل المجد إلى األبد .آمين.