د� .إبراهيم نجم م�ست�شار مفتي م�صر� ،أمين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم
جتديد اخلطاب الديني والإفتائي
30
ال يوجد حديث يشغل عقل مفكري األمة اإلسالمية وعلمائها وقادتها مثل حديث تجديد الخطاب الديني بشكل عام وتجديده في مجال اإلفتاء بشكل خاص، حيث استفاق العالم خالل السنوات األخيرة بعد عدة ضربات غادرة من اإلرهاب على كارثة تكلس وجمود الخطاب الديني واإلفتائي وتوقف حركة التجديد عند عصر اإلمام محمد عبده ومدرسته العريقة من أمثال الشيخ المراغي والمرصفي وشلتوت وأبو زهرة وعبد الوهاب خالف وأحمد بك إبراهيم هؤالء العلماء األعالم في مصر وأيضا الكثير من العلماء األفذاذ في المملكة العربية السعودية والمغرب والشام واليمن الذين أثروا الفكر اإلسالمي بالعديد من الجهود التي تعد باكورة التجديد في العصر الحديث ،ثم انتشر بعد ذلك خطاب الجماعات المتشددة المهتم بالظواهر والشكل والقشور على حساب المعنى والجوهر واألصول فانعكس توقف حركات البعث والتجديد مع نمو حركة اإلسالم السياسي وشيوع خطاب ظاهري متشدد يتباعد بشكل ملحوظ عن جوهر اإلسالم وروحه السمحة ويعلي من قيمة المظهر على حساب الجوهر. هذا التيار لقي بحكم استغالله لوسائل اإلعالم ومواقع التواصل االجتماعي وربما أيضا بما أغدق عليه من دعم مالي من جهات مشبوهة لقي رواجا بين فئة كبيرة وقطاعات واسعة غيبت عن حقيقة خطاب اإلسالم السمح وروحانيته التي تدعو إلى التسامح والتعايش واحترام الخالف مهما كان نوعه ،ومع تصاعد هذه الفئات إلى سدة الحكم السياسي في فترة ما أدركنا جميعا وفي مقدمتنا المؤسسات الدينية خطر الحالة الدينية التي صرنا إليها وأدركنا أزمة الخطاب الديني التي تردت بشكل واضح على أيدي هذه الجماعات المتشددة حيث سيطر خطاب همجي عنيف باسم اإلسالم صاحب ذلك الخطاب العنيف انتشار سيل من الفتاوى الشاذة التي تدعو للحرق والقتل واستباحة دماء المخالف وإشاعة الفتن.