اوروك العدد 2

Page 28

‫العدد الثاين ‪ -‬السنة األوىل أذار ‪2017‬‬

‫الجيش الروماين نحو فلسطني بقيادة «سيباستيان» ودمروا «أورشليم»‬ ‫عام ‪70‬م وبذلك تم ترشيدهم والقضاء عىل وجودهم كحركة منظمة‬ ‫دون القضاء عىل فكرهم وإيديولوجيتهم التي توارثتها األجيال جيال بعد‬ ‫جيل‪ ،‬مام خلق نوعاً جديدا ً من الرصاع والتطرف الديني الذي تشهده‬ ‫األرايض الفلسطينية وإرسائيل نفسها يف الوقت الحارض‪ ،‬وما حادثة‬ ‫اغتيال رئيس الوزراء اإلرسائييل «إسحاق رابني» عام ‪ ،1995‬عىل يد شاب‬ ‫متطرف‪ ،‬إالَّ تذكري بنفس طرق القتل التي مارسها أجداده السيكاريون‪،‬‬ ‫حني اغتال «ايجال عامري» رابني أثناء احتفال عام ويف وضح النهار‪)19(،‬‬ ‫وبدال من استخدامه للسيف القصري (السيكا) أطلق عليه عيارات نارية‬ ‫‪ .‬ومن هذا املنطلق وغريه كان مبتغانا يف دراسة تاريخ العنف البرشي ‪.‬‬

‫ثالثا – العنف اإلرهايب يف التاريخ اإلسالمي‪:‬‬

‫عرف التاريخ اإلسالمي أثر وفاة الرسول (ص) يف عدد من البلدان‬ ‫واألمصار اإلسالمية عددا ً من حوادث العنف اإلرهايب التي تندرج ضمن‬ ‫أحداث التاريخ التي تستهدف الرموز والشخصيات الدينية‪.‬‬ ‫ومن املفيد أن نذكر أن العنف اإلرهايب يف بداية ظهور اإلسالم مل يأخذ‬ ‫طابع التكتل الجامعي املنظم‪ ،‬بل اقترص عىل بعض األعامل الفردية‬ ‫التي كان هدفها سيايس يف اغلب األحيان‪ ،‬ومنها قتل الخلفاء الراشدين‬ ‫الثالثة (ريض الله عنهم) بعد خالفة أيب بكر الصديق (ريض الله عنه)‪،‬‬ ‫إال أن اإلرهاب القائم عىل أساس التطرف اإلسالمي‪ ،‬يرجع يف أصوله إىل‬ ‫حركة واحدة انبثقت منها العديد من الطوائف والحركات وهي حركة‬ ‫الخوارج التي شهدها العامل اإلسالمي إبان التحكيم بني أمري املؤمنني‬ ‫عيل (رض) والخليفة معاوية بن أيب سفيان‪ ،‬اثر معركة صفني عام ‪37‬هـ‪،‬‬ ‫حيث كفر أصحاب حركة الخوارج عيل بن أيب طالب ألنه قبل مبدأ‬ ‫التحكيم‪ ،‬كام كفّروا من قام بعملية التحكيم تلك‪ ،‬واعتربوا كل من‬ ‫يخالف نهجهم من املسلمني كفارا‪ ،‬ثم تحول العنف اإلرهايب املتمثل‬ ‫بالقتل والتكفري ملن خالفهم إىل عنف سيايس فيام بينهم إذ انقسموا إىل‬ ‫عرشين فرقة تعادي كل واحدة األخرى ألسباب معظمها سياسية ترمي‬ ‫إىل كسب املناصب وتستأثر بالغلبة لنفسها ومحاولة إقصاء اآلخرين‬ ‫باستعامل العنف والقتل للرموز السياسية‪ )20(،‬ووصفوا أنفسهم‬

‫‪28‬‬

‫بـ»الفدائيني» أو «املوفون بالعهد» إال أن االسم الشائع ألكرث الحركات التي‬ ‫استخدمت العنف أسلوبا لتحقيق أهدافها هو اسم «فرقة الحشاشني»‬ ‫وهي فرع من الفروع الشيعية املنسوبة إىل الطائفة اإلسامعيلية‪ ،‬التي‬ ‫كان مركزها إيران‪ ،‬وهي أول من ابتكر أسلوب اإلرهاب بديال عن الحرب‬ ‫املعلنة وذلك لضعف قوتها وعدتها وقلة عددها (‪ , )21‬اليهم يرجع ابتكار‬ ‫أسلوب االغتيال بالقتل ألول مرة يف التاريخ حتى أصبح االسم املشتق من‬ ‫اسم فرقتهم «حشاشني» (‪ )Ashashin‬هو املصطلح الذي عرفته معاجم‬ ‫اللغة االنجليزية لكلمة االغتيال «‪ )Assassin».(22‬وهذا العمل املميز يف‬ ‫إرهابهم واملتمثل يف اغتيال الحكام يعترب اليوم أكرث األعامل التي تالقي‬ ‫شجباً واستنكارا ً من قبل املجالس الدولية واملنظامت الحكومية العاملية‬ ‫التي تشكل محاكم خاصة ملعرفة مرتكبي جرائم االغتياالت السياسية‬ ‫ورموز الحكم يف العامل‪ ،‬وما يشفع لهذه الفرقة من كونها تقترص يف إرهابها‬ ‫عىل اغتيال الحكام دون املدنيني‪ ،‬أنها متيز عن الفرق اإلرهابية السالفة‬ ‫الذكر يف التاريخ ومنها فرقة السيكاري‪ .‬ومن هنا يظهر الفارق الجوهري‬ ‫بني عنف الطوائف اإلسالمية قدميا وسابقاتها الطوائف اليهودية من حيث‬ ‫كون األخرية متثل أعاملها إرهابا ملعناه الحقيقي ملا تسببه أعاملها املتمثلة‬ ‫بالحرق والهدم والتدمري وتسميم املياه‪ ،‬ليعم الرضر عىل العامة من أبناء‬ ‫الشعب وليس ملن هم يف السلطة الحاكمة‪ ،‬بينام كان عمل الحركة األخرى‬ ‫من حيث املدى واألسلوب‪ ،‬منصبا نحو تحقيق أهداف سياسية‪ .‬لكن يبقى‬ ‫العنف والقتل هو السمة الغالبة يف إيديولوجية أفكار كل الطوائف‪ ،‬وهو‬ ‫عمل يصدق عليه وصف اإلرهاب مبعناه الحقيقي يف وقتنا الحارض‪.‬‬ ‫أما معرفة العامل العريب اإلسالمي لإلرهاب والقتل الجامعي وتدمري املصالح‬ ‫العامة‪ ،‬فانه مل يظهر إال يف السنوات األوىل من القرن العرشين عندما‬ ‫بدأ الضابط االنجليزي «توماس لورانس» واملعروف «بلورانس العرب» يف‬ ‫الجزيرة العربية‪ ،‬يف تدريب ثلة من أبناء الجزيرة عىل أساليب اإلرهاب‪،‬‬ ‫مثل تفجري سكك الحديد واملقاهي‪ ،‬ومن ذلك العهد عرف عاملنا العريب‬ ‫اإلسالمي العنف اإلرهايب بالتخريب والقتل‪ ،‬ثم انترش يف فلسطني عن‬ ‫طريق الفرق اليهودية مثل «الهاجانه» و»عصابات االراجون» وغريها‪،‬‬ ‫التي أزهقت أرواح األبرياء من النساء واألطفال‪ ،‬مام أجرب ذلك العديد من‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.