نزهة فلسفية في غابة األدب A philosophical trip In The Forest Of Literature بقلم د .طـارق رضـوان كان من الطبيعي أن تقوم عالقة بين األدب وعلم النفس ودراسة النفس البشرية ،من دوافع وغرازعز وسلوكيات .لكن األدباء حملوا إثما كبيرا إلهمالهم هذا الجانب الهادئ ،الذي قد ينفجر فعي لحةعة معا ، وربما فعلوا ذلك خشية أن يتورط الالوعي المخفي عندهم وينزل على صفحات كتبهم ،وكلنا يعرف أن القسم األكبر من الكتاب واألدباء يسعى إلخفاء ماضيه أو تغيير بعض حقازقه حتى أخر لحةة في حياته الفلسععفة علععم دقيع يععرتبط بكععل أنععواا العلععوم الحياتيععة واإلنسععانية ،وتعتمععد فععي أسععلوبها علععى التحليععل والتأمل في الةواهر والمشكالت التي قد تق أمامها .فهى أسلوب يحاول جاهدا ً اإلجابعة علعى تسعا ت الحياة بحثا ً عن الحقيقة. يعتبر علم النفس مجموعة من الدراسات العلمية التي تهعدف إلعى تفسعير السعلوك البشعري وشخصعيات األفراد للتوصل إلى فهم دواف السلوك ،وتفسيرها والتنب بها ،والتحكم فيها .تشترك الفلسفة مع علعم العنفس بكونهمععا يحععاو ن الغععوم فععي أعمععاق اإلنسععان وأسععرارت ،ويةهععر هععذا التشععارك جليعا ً بمحاولععة كالهما اإلجابة على تسا ل معن أنعاو وربعط اإلنسعان بمحيطعه ،فبالنسعبة للفلسعفة وعلعم العنفس يمكعن فصل اإلنسان عن بيزته. ومهمة األدب في الواقعية الروحية هي توسي حقل ر يتنا والتجربة ضد كل األفكار المسعبقة ،وإذ كنعا قعد قلنعا إن الحقيقعة فعي إدراك وحعدة األضعداد ،فالعمعل األدبعي بعد أن يشعمل التجربعة اإلنسعانية بكعل متناقضاتها ،فيصور اإلنسان في بعدت الواقعي الطبيعي ،وكذلك في بعدت الرومانسي المثالي ،وكذلك في بعدت الواقعي الروحي .فالواقعية الروحية تنطل من المبدأ الذي قال به الفيلسوف العربي الكندي “أن كعل معا يقع فعي الكعون يعرتبط بعضعه مع بععض ارتبعاط علعة بمعلعول ،ثعم إننعا متعى عرفنعا موجعودا معن الموجودات معرفة تامة كان لنا منه مرآة تعكس فيها سازر الموجودات في العالم”. ارتبطت الفلسعفة ومازالعت تعرتبط بمجعا ت فكريعة متععددة معن ضعمنها مجعال األدب .وهنعاك سعمات مشتركة تجم بين هذين العالمين أهمها البحث ععن الوجعود وماهيتعه ،والعذات وسعبر أغوارهعا ،وفعي مدى ارتباطها بالكون وبأحداث عصرها المتغير. الفلسفة باعتبارها بحثا ععن الحقيقعة تتوسعل باللغعة واألدب يبنعي عالمعه علعى اللغعة أيضعا .فاللغعة هعي القاسم المشترك بعين المجعالين ولكعن ليسعت اللغعة فقعط وإنمعا هنعاك عالقعة أخعرى تجمع بينهمعا وهعي عالقععة معرفيععة فمععا تتوصععل إليععه الفلسععفة يجسعدت األدب بأجناسععه المختلفععة مععن شعععر وقصععة وروايععة ومسرح. 1
ففى عهد اإلغري رفعض الفيلسعوف أفالطعون وجعود الفعن والشععر والشععراء فعي مدينتعه بحجعة أن الفن عموما والشعر خصوصا يقومان على مفهوم المحاكاة واتخذ مفهوم المحاكاة مفهوما دونيا ألنه يحعاكي الععالم الحسعي والشععر عنعدت إيهعام بالحقيقعة ،بينمعا الفلسعفة تعرتبط بعالعلم أي بالحقيقعة .فأخعذ مفهوم األدب مفهوما دونيا قياسا على هذا المفهوم الذي بقعي تعأثيرت فعي الفكعر اإلنسعاني لفتعرة زمنيعة طويلة. مععن جهععة أخععرى رأى الفالسععفة المسععلمون الشعععر وسععيلة مععن وسععازل توصععيل ر اهععم الفلسععفية عبععر القوالعب الشععرية فأخعذ المنةعور إلعى الشععر وجهعة مختلفعة حيعث وةفعوا األفكعار والعر ى الفلسعفية، فالجاحة مثال كان يعرض أفكار المعتزلة في قالب شعري ولقعب أبعو حيعان التوحيعدي بأديعب الفالسعفة وفيلسوف األدباء واشتهر أبو العتاهية في شعرت بإثارة قضايا فلسفية عميقة كما استعمل الفالسفة بعض األجناس األدبية للتعبيعر ععن نةريعاتهم الفلسعفية كمعا تمثعل فعي محعاورات سقراط م تالميذت .وقدم كثير من المفكرين الفالسفة مفاهيمهم الفلسعفية فعي أسعلوب ممعزو بعين أسلوب السرد واللغة الشاعرية خاصة في فلسفة ما بعد الحداثة التي اعتنت باألدب بصورة خاصة. ومثال على ذلك فردريعك نيتشعه العذي قعدم فلسعفته بصعورة سعرد روازعي فعي عملعه العةعيم “هكعذا تكلعم زرادشت” وجان بول سارترفي رواية “الغثيعان ” التعي ترجمهعا إلعى العربيعة سعهيل إدريعس .وذهعب الروازععي التشععيكي “مععيالن كونععديرا” إلععى أبعععد مععن ذلععك فععي دراسععته حععول أهميععة الروايععة فععي قيامهععا بمعالجة الجوانب الفلسفية لوجود اإلنسان فعي كتابعه المعنعون ب “ثالثيعة حعول الروايعةن فعن الروايعة” فقد درس بعم العالقة بين الرواية والفلسفة من حيث األسلوب بل من حيث الوةيفة. وتععأثر كتععاب المسععرح كمجععال مععن أهععم مجععا ت األدب بالفلسععفة والنةريععات الفلسععفية مثععل الفلسععفة الوجو دية وفلسفة العبث وانتقل هذا التأثير معن المسعرح الغربعي إلعى المسعرح العربعي .منعذ القعدم كعان المسرح مجا واس الغنى فمسرح سقراط يضمن حواراتعه ر يتعه الفلسعفية داخعل فضعاء مععين ومعن داخل النتا المسرحي يتجسد التفكير الفلسعفي بلغعة وجماليعات تكسعبه وضعوحا جماليعا ويحعول األفكعار التجريدية إلى أفكار أسهل استيعابا .كان المسرح العربي و يزال متأثرا بالمسرح الغربي وينهل من الفلسفات التي أثرت فيه وأثرته بر يات متعددة ،وقد تجاوز النقل والتقليد إلى ا بتكار وخل التجارب الجديدة ،ودف بالمسرحيين إلى تكثيف الجهد من أجعل إنجعاح عمليعة ا نتقعاء التعي تتناسعب مع عمليعة التواصل م الجمهور العربي الذي يختلف وعيه الجمالي وذازقته عن الجمهور الغربي الذي فيه نشأت هذت النةريات الفلسفية وتشربها وتوافقت معه. وعلى الرغم من صعوبة انتقعال النةريعات واألفكعار الفلسعفية فقعد غعامر كتعاب المسعرح بالتفاععل مع اإلبعداعات الفلسعفية الغربيعة ،وحععاولوا تقعديمها فعي بيزعة غريبعة عنهعا ،وأهععم تلعك النةريعات الفلسععفة الوجوديععة والفلسععفة ا شععتراكية ،فالمسععرح لععيس مجععرد فرجععة وترفيععه وإنمععا هععو باألسععاس فلسععفة، فلسفة لتفسير العالم ،ومحاولة تجميله وتغييرت .ويعل عبد الكريم برشيد على فلسفة برشت بالتأكيعد علعى أن”المسعرح لعيس فرجعة فقعط ،وإنمعا هعو باألسعاس فلسعفة ،فلسعفة لتفسعير الععالم أو ،ولتغييعرت ثانيا” .وتفسير العالم وتغييرت ،مهمتان صعبتان بعال شعك ،الشعيء العذي يكشعف ععن خطعورة هعذا الفعن الذي يسمى المسرح.
2
و شك أن هذت التحو ت الكبيرة في األساليب األدبية التي نهلت من المنةور الفلسفي قعد سعاعد علعى رف القيم الجمالية للمسرح الحديث معن جانعب ،وإثعراء الثقافعة المعرفيعة علعى المسعتوى اإلنسعاني معن جانب آخر يقول الدكتور أحمد طولة في كتابه المسرح والفلسعفة :إن اإلخعرا كتابعة صعورية داخعل الفضعاء فهعو حوار حسي ،حوار م النم األدبي وحوار ينتهي في األخير بإعطاء تركيبات إبداعية فيها شيء آخعر من الصياغة والصناعة وهو حوار م الممثل وحوار م المتلقي وكتععاب «نزهععة فلسععفية فععي غابععة األدب» هععو حواريععة بععين الروازيععة والفيلسععوفة آيععريس مععردو ، والفيلسعوف البريطعاني بريعان معاغي ،تفصع ععن أسعباب التمعايز بعين الفلسعفة واألدب والفعن ،باتخعاذ الرواية أنموذجا ً .في هذا الكتاب ،تحعذرر معردو معن غوايعة القعول ،وتسعتبعدت معن مجالهعا ،فعـ«الكتابعة الفاتنة» تجعل من الفيلسوف فيلسوفا ً أفضل؛ حيث «قدرة المجالدة الصبورة على استكشاف معضعلة ما ،هي ما يميعز الفيلسعوف» .وفعي الفلسعفة ،كمعا تضعيف معردو ن « سعبيل للتسعام لكتابعة فلسعفية سيزة وغيعر منضعبطة؛ ألن شعأنها شعأن آخعر؛ ذلعك أن الفلسعفة تبعدأ معن نقعد ا عتقعاد ،إربعاك الععادات، معاكسة الغريزة ،البحث في المعضالت ومساءلتها ،تحديد اإلشكاليات ،نبش المفاهيم ،السعي كما العلم لفهم العالم ،ومن دون تفضيل ذاتي ومعايشة وجدانية .لذا تبقى الفلسفة ،غالباً ،ممهعورة بععدم الرضعى عنها ومن قبل أناس كثيرين ،جراء معا تقعوم بعه ،بوصعفها تلعك الممارسعة ،الغريبعة ،التعي تتطفعل علعى النشاط الطبيعي لإلنسان وميوله الخدرة ويبين الدكتور إبراهيم فضل هللا ،أهمية ودور العامل والمضمون النفسعي فعي المنعتال ا دبعي ،مبينعا ان عالم النفس فرويد لجأ إلى األدب ليبرهن على صعحة نةرياتعه فعي التحليعل النفسعي ،فقعام بتحليعل عقعدة "أوديب "من خالل األدب اليوناني القديم .كما كان فرويد يعقد مقارنة بين عمل الروازي وعمل الطبيب النفسي ،ويقعول فعي هعذا الصعدد ،إن ا ثنعين مجالهمعا الحيعاة النفسعية ،ومعا يصعل إليعه الطبيعب النفسعي بالعلم يبلغه األديب بالحدس ،وغير مطلوب من الطبيب النفسي أن يأخذ بالمنهال األدبي. كما أن األديب غير ملزم بأخذ اممذج ا امملمذل ملب يذب امج وذلل ابام ذامل يوذ بي األديذب أن ي جذااي أيذ قضذي مذا اماضذايا امج وذي ايت ذب هي ذا مذا مجظذره األدبذل أا ام جذل مذا دان أن يتذرن هذل جاامذ اامذذنيا ملاضذذايا امملمي ذ أ ان اذذام مذذا امجااي ذ ام.مامي ذ لايمتا ب يذذه ا ذ ا هذذل ام ذذا ااألخ ذ اامميثرمرجيذذا اامويا ذ اام ذذاهي .هذذل امبذذرو ه ذذر أن أاذذأ اا ذذن ذذأاير مل عليذذل امج وذذل ل ذ امعرك ذ األدبي بنا ااضذعا أاجذاق قيذام امعركذ اموذريامي Surrealist Movementلذ يذن أننهيذ بري ذرن André Bretonامم تذذر امذ ا ذ باؤ أن يال ذذب مم قذ بذذيا امراقذ اامعلذذأ نذ ا جذ امراقذ اممبله أا اممت مل ل أما السرد الروازي فقد اعتمد على سيل الوعي Stream of Consciousnessالموجود عنعد الكعازن البشري وطرد السارد العارف بكل األحداث لصال قارئ مستنبط للحركات والدواف في النم السردي أبرز م سسي الرواية النفسية فهو جعيمس جعويس ،الروازعي ا يرلنعدي ،ومعن أبعرز هعذت الروايعات ) " . )1922Ulyssesوكذلك عمله األخير " )1939Wake" ( Finnegansالتي بنيت علعى فكعرة الالوعي الجمعي Collective Unconsciousوالتعي تحعدثت ععن دور األسعطورة والرمعز كةعاهرة مستمرة في حياة البشعر .وتعدور أحعداث الروايعة معن البدايعة للنهايعة حعول حلعم ألبعوين وولعديهما فعي إشارة إلى أدم وحواء م قابيل وهابيل . وكان لعلم النفس والتحليل النفسي األثر البالغ على النقد األدبي ومختلف فروا األدب وأنماطه .رواية توليستوي " Tolstoyآنا كيرنن" أو "" Anna Kereninتصور مجرد الحياة الرومانسية بعين
3
شاب وفتاة بل الدخول أيضا إلى أعماق كعل شخصعية مثعل "آنعا" النعي تععيش حياتهعا إلعى النهايعة رغعم اليأس والشقاء ،وشخصية "ليفن" البازس الذي يتمكن من الوصول إلى حل معقول يتناسب م واقعه .تعكس الشخصيتان حقاز أساسية من السلوك الذي يعالجه علم النفس . وبطبيععة الحعال فععإن المبعدا تلععدت أمعه ليعععيش فعي مكتبععة ،وإنمعا يرتععاد المكتبعة لينمععي خلفيعة معينععة يجمعها م الالوعي اإلبداعي ليعطي ويخل عمال أدبيا وفنا جديدا .وأي عمل أدبي يمكن أن يتض رمن سيرة ذاتية مستمدة من الالوعي فعي مرحلعة طفولعة الم لعف -ولعيس فقعط مرحلعة الطفولعة كمعا يعتقعد طعورت إريعك إريكسعون فرويد - Freudبل من مراحعل أخعرى أيضعا فعي حيعاة هعذا الم لعف .هعذا معا ر Erik Eriksonفي دراساته عن أزمة الهوية
4