www.araa.sa
مقال
العــدد 163 يــوليـــــــــو 2021
95
ملف العدد
األمـــن هـــو التنميـــة ولذلـــك تســـاهم االســـتثمارات الخليجيـــة يف القضـــاء عـــى التهديـــدات المجتمعيـــة يف المنطقـــة المغاربيـــة اإلحصائيــات الرســمية التــي قدمتهــا مصالــح اجلمــارك اجلزائريــة. ويف نفــس املنحــى تبقــى املغــرب يف تبعيــة لالحتــاد األوروبــي حيــث تبــن التقديــرات الرســمية املغربيــة لســنة 2019م ،بــأن أوروبــا تعــد الشــريك التجــاري األول للمغــرب بنســبة 53باملائــة مــن نســبة إجمالــي الــواردات و 66.7باملائــة مــن نســبة إجمالــي الصــادرات، وهــي نفــس النســب التــي بقيــت مســتقرة طيلــة العشــرة ســنوات املاضيــة .أمــا املرتبــة الثانيــة مــن حيــث حجــم التبــادالت التجاريــة فتبقــى مثــل اجلزائــر يف تبعيــة للــدول اآلســيوية الصاعــدة ،الصــن والهنــد ،بينمــا لــم تتعــد نســبة التبــادالت التجاريــة املغربيــة مــع دول املغــرب العربــي نســبة 1.6باملائــة .وامللفــت لالنتبــاه أنــه رغــم محاولة املغــرب تنويــع صادراتهــا مــع دول مجلــس التعــاون اخلليجــي ال ســيما فيمــا يخــص تصديــر الســيارات إال أن حجــم تبادالتهــا التجاريــة لــم يتعــد نصــف مليــار دوالر ،حيــث انتقلــت مــن 228مليــون دوالر ســنة 2017إلــى 341مليــون دوالر ســنة 2018م ،ويبقــى مــن أهــم عوائــق تفعيــل التبــادالت التجاريــة ،غيــاب خــط بحــري لنقــل الســلع بــن منطقــة املغــرب العربــي ودول اخلليــج ،وميكــن يف هــذا اإلطــار التفكيــر بجديــة يف اســتغالل مبــادرة احلريــر والطريــق الصينيــة لربــط املوانــئ اخلليجيــة باملوانــئ اجلزائرية-املغربيــة ،حيــث ســيتم إجنــاز مينــاء احلمدانيــة علــى بعــد 50كلــم غــرب العاصمــة اجلزائــر، الــذي يعــد أكبــر مينــاء يف إفريقيــا والبحــر املتوســط ،بتكلفــة 3.3 مليــار دوالر تضمــن تســييره شــركة موانــئ شــنغهاي سيســمح بتســهيل نقــل الســلع والتبــادالت التجاريــة بــن آســيا ،إفريقيــا وأوروبــا .كمــا ميكــن االســتفادة مــن مينــاء طنجــة املغربــي حيــث تتواجــد أكثــر مــن 200مقاولــة صينيــة يف إطــار مبــادرة احلــزام والطريــق. وميكــن تفســير بقــاء التبعيــة املغاربيــة لالحتــاد األوروبــي رغــم املنافســة الصينيــة الشرســة القادمــة ،بعــدة أســباب متضافــرة، أهمهــا ،ارتبــاط الــدول املغاربيــة بالســوق األوروبيــة االســتعمارية التــي قيدتهــا يف إطــار التبعيــة االقتصاديــة القائمــة علــى تقســيم األســواق ،بحيــث يقتصــر النشــاط االقتصــادي للــدول التابعــة علــى تصديــر املــوارد األوليــة اخلــام ،وهــو مــا تعيشــه اجلزائــر مــن التبعيــة الشــبه التامــة لعائــدات احملروقــات التــي تشــكل 97باملائــة مــن مــوارد الدولــة ،ونفــس األمــر بالنســبة لليبيــا التــي تعتمــد علــى أكثــر مــن 94 باملئــة مــن مواردهــا املاليــة علــى عائــدات احملروقــات ،وإلــى وقــت قريــب شــكل الفوســفات املصــدر األول للعملــة الصعبــة للمغــرب، بينمــا تبقــى موريتانيــا تعتمــد يف مداخيلهــا بالعملــة الصعبــة علــى احلديــد والذهــب.
وحتــى جتربــة الشــراكة املغاربية-األوروبيــة يف إطــار مشــاريع الشــراكة األوروبيــة املتوســطية أو االحتــاد مــن أجــل املتوســط كرســت املزيــد مــن التبعيــة املغاربيــة ألوروبــا ،مــع حصيلــة ســلبية علــى كل املســتويات فيمــا يخــص مؤشــرات التنميــة ،فاجلزائــر خســرت أكثــر مــن 30مليــار دوالر بســبب عمليــات التفكيــك اجلمركــي منــذ دخــول االتفاقيــة حيــز التنفيــذ مــع تزايــد الــواردات مــن أوروبــا إذ بلغــت قيمــة الصــادرات اجلزائريــة خــارج قطــاع احملروقــات إلــى االحتــاد األوروبــي يف الفتــرة مــا بــن 2014-2005مــا يقــارب 12.5مليــار دوالر يف حــن اســتوردت يف نفــس الفتــرة مــا قيمتــه 195مليــار دوالر. أمــا فيمــا يخــص التنافــس الصينــي علــى الســوق املغاربيــة فقــد قــام علــى مجموعــة مــن اإلغــراءات التحفيزيــة مــن خــال مقاربــة "الســام التنمــوي" يف مواجهــة "الســام الدميقراطــي" الــذي كانــت تطرحــه مؤسســات برتــن وودز كخيــار إلعــادة الهيكلــة االقتصاديــة لــدول املغــرب العربــي مقابــل املشــروطية السياســية القائمــة علــى بنــاء أســس الدميقراطيــة الغربيــة وسياســة االنفتــاح االقتصــادي، التــي أثبــت فشــلها التنمــوي وزادت مــن عمــق وحــدة األزمــات االجتماعيــة ،االقتصاديــة كمــا تظهــره مؤشــرات البطالــة املتزايــدة، الهجــرة غيــر الشــرعية ،تصاعــد االحتجاجــات االجتماعيــة، االنخــراط يف اجلماعــات اإلرهابيــة العابــرة للحــدود .وهــي حتديــات ال تــزال قائمــة حتتــاج إلــى تكثيــف التعــاون اخلليجي-املغاربــي لالســتثمار أكثــر يف مــوارد الشــباب الالمتناهيــة يف مجــاالت دعــم مشــاريع املقاوالتيــة واملؤسســات الصغيــرة والناشــئة باعتبارهــا النــواة األساســية الســتيعاب التكيــف مــع الثــورات التكنولوجيــة واملعرفيــة يف مياديــن الطاقــات املتجــددة ،والرقمنــة والــذكاء االصطناعــي التــي تقــدم معــارف ملختلــف األنشــطة االقتصاديــة. ثان ًيــا ،يرجــع ضعــف حجــم التبــادالت التجاريــة اخلليجية-املغاربيــة إلــى ضعــف البنيــة االقتصاديــة التكامليــة املغاربية ذاتهــا ،بحيث تبقى املنطقــة مــن أضعــف املناطــق يف العالــم مــن حيــث التجــارة البينيــة، وتبــن نســبة التبــادالت التجاريــة يف ســنة 2019م ،بــن البلــدان املغاربيــة اخلمســة ،ليبيــا ،تونــس ،اجلزائــر ،املغــرب وموريتانيــا أنهــا لــم تتعــد 3باملائــة مــن إجمالــي تبادالتهــا التجاريــة العامليــة ،وهــو مــا يجعلهــا أقــل جاذبيــة لالســتثمارات العربيــة واخلليجيــة بســبب حالــة الالســتقرار يف املنظومــة القانونيــة للتعامــات املاليــة وضمــان أمــن االســتثمارات بســبب التحــوالت السياســية التــي تعرفهــا املنطقــة،