مجلة آراء حول الخليج العدد رقم 167

Page 125

‫‪26‬‬

‫العــدد ‪167‬‬ ‫نوفمبـــــر ‪2021‬‬

‫قضية العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫"الغواصات" لديها القدرة عى المناورة وإلحاق الضرر بالقوات‬ ‫العسكرية الصينية وتمثل رد ًع ا ألي محاولة تصعيد صينية بالمنطقة‬ ‫املتحــدة وبريطانيــا خــالل القــرن األخيــر‪ ،‬وكانــت جــز ًءا مــن بريطانيــا‬ ‫حتــى نالــت اســتقاللها عــام ‪1901‬م‪ ،‬ومازالــت تتمتــع بعالقــات طيبــة‬ ‫مــع بريطانيــا حتــى وقتنــا هــذا‪ ،‬ناهيــك عــن التقــارب اللغــوي والثقايف‬ ‫والدينــي بــن ٍّ‬ ‫كل منهــم‪.‬‬ ‫معظــم األنشــطة االقتصاديــة ألســتراليا تعتمــد علــى ســالمة املجــاري‬ ‫املالحيــة بحكــم موقعهــا اجلغــرايف؛ لــذا فــإن تأمــن املجــاري املالحية‬ ‫يتطلــب بالضــرورة وجــود أســطول قــوي حلمايــة صادراتهــا ووارداتها‪،‬‬ ‫وبالتالــي البــد مــن االســتعانة بحليــف جديــد يزودهــا بهــذه القــوة‪.‬‬ ‫تشــكل العالقــة بــن أســتراليا والصــن أحــد أهــم أســباب التقــارب‪،‬‬ ‫فقــد عمــدت أســتراليا لالســتفادة مــن التقــدم االقتصــادي الصينــي‬ ‫بدايــة عــام ‪1997‬م؛ حيــث تزايــد حجــم التبــادل والعالقــات‬ ‫االقتصاديــة بينهمــا لتوقيــع اتفاقيــة التجــارة احلــرة بــن البلديــن‬ ‫عــام ‪2015‬م‪ ،‬كمــا ســعت لتكــون جــز ًءا مــن مبــادرة احلــزام والطريــق‪،‬‬ ‫ولكــن تدهــورت العالقــات بينهمــا إللغــاء احلكومــة الصينيــة بعــض‬ ‫بنــود واتفاقيــات التبــادل التجــاري‪ ،‬واتهــام أســتراليا الصــن بانتهــاك‬ ‫حقــوق اإلنســان لـ"مســلمو اإليغــور"‪ ،‬و املطالبــة بفتــح حتقيــق دولــي‬ ‫لبحــث منشــأ فيــروس كورونــا؛ مــا أدى لتوتــر العالقات بــن الطرفن‪،‬‬ ‫وجعــل أســتراليا فرصــة البــد مــن اقتناصهــا‪.‬‬ ‫تدهــور األوضــاع بــن الصــن وأســتراليا مؤخــ ًرا واعتبــار الصــن‬ ‫أســتراليا إدارة أمريكيــة لتقويــض قوتهــا وتشــويه ســمعتها عامل ًّيــا‪،‬‬ ‫ورؤيــة أســتراليا للصــن علــى أنهــا تريــد ابتالعهــا والســيطرة عليهــا‬ ‫بالقــوة العســكرية‪ ،‬كجــزء مــن حربهــا مــع الواليات املتحــدة األمريكية‪،‬‬ ‫وقــد أدت األوضــاع املتوتــرة بينهــم إلــى القــول‪ :‬بــأن احلــرب وشــيكة‬ ‫بــن الطرفــن ال محالــة‪ ،‬هــذا كلــه يجعــل أســتراليا حلي ًفــا مه ًمــا‬ ‫للواليــات املتحــدة ولــكل دولــة تريــد مواجهــ ًة غيــر مباشــرة مــع‬ ‫الصــن‪.‬‬

‫ما الذي يجعل شراكة "أوكوس" تحظى باهتمام عالمي؟‬ ‫يعتبــر االتفــاق خطــو ًة كبيــر ًة؛ لرفــض الواليــات املتحــدة والقــوى‬ ‫الكبــرى نقــل التقنيــات العســكرية إلــى غيرهــا ألســباب تتعلــق بالقــوة‬ ‫واملكانــة‪ ،‬كمــا أن هــذا النــوع مــن الغواصــات ال متتلكــه ســوى ‪ 6‬دول‬ ‫حــول العالــم‪ ،‬هــم (الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ -‬بريطانيــا‪ -‬فرنســا‪-‬‬ ‫الصــن‪ -‬روســيا‪ -‬الهنــد) ولــم يســبق نقلــه ألي دولــة أُخــرى ســوى‬ ‫(بريطانيــا)‪ ،‬عندمــا نقلــت الواليــات املتحــدة تكنولوجيــا تصنيــع‬ ‫الغواصــات إليهــا يف عــام ‪1958‬م‪ ،‬وبالتالــي ســتنضم أســتراليا‬ ‫كســابع دولــة متتلــك الغواصــات‪ ،‬والدولــة األولــى عامل ًّيــا التــي تُنقــل‬

‫لهــا تكنولوجيــا متطــورة لتصنيعهــا؛ حيــث إن الــدول الســت متتلــك‬ ‫التكنولوجيــات احملليــة للتصنيــع فقــط‪.‬‬ ‫لهــذا النــوع مــن الغواصــات أهميــ ٌة اســتراتيجي ٌة تتمثــل يف أنهــا‬ ‫مــزودة مبحــرك نــووي‪ ،‬وهــي تقــوم بأنشــطة جتسســية أو عســكرية‪،‬‬ ‫تتطلــب وجودهــا حتــت امليــاه ألطــول فتــرة ممكنــة‪ ،‬وملســافات‬ ‫بعيــدة‪ ،‬وتعمــل الكثيــر مــن جيــوش العالــم باســتخدام الغواصــات‪،‬‬ ‫ولكنهــا تعمــل بالطاقــة التقليديــة وبإمكانيــات محــدودة؛ مــا يضــع‬ ‫قيــو ًدا علــى حركتهــا وأنشــطتها‪ ،‬ولكــن هــذا النــوع مــزود بالطاقــة‬ ‫النوويــة وبتكنولوجيــات متطــورة؛ مــا يجعلهــا دقيقــة وســريعة بحصــد‬ ‫األهــداف‪ ،‬قــادرة علــى املنــاورة والتخفــي‪ ،‬ويص ُعــب تعقبهــا‪.‬‬ ‫تأتــي أهميــة هــذا التحالــف ً‬ ‫أيضــا مــن فكــرة رئيســية تقــوم علــى أن‬ ‫التكنولوجيــات أنــواع ومســتويات كذلــك احللفــاء مســتويات‪ ،‬فهنــاك‬ ‫تقنيــات تعتبرهــا الواليــات املتحــدة شــديدة احلساســية للغايــة ومتنــع‬ ‫مشــاركتها مــع الغيــر‪ ،‬حتــى حللفائهــا‪ ،‬وكذلــك تكنولوجيــا تصنيــع‬ ‫الغواصــات التــي لــم تشــارك معهــا ســوى بريطانيــا‪ ،‬ومؤخـ ًرا تعهــدت‬ ‫بنقلهــا ألســتراليا؛ مــا يعنــي أن األمــر يســتحق مشــاركة تكنولوجيــا‬ ‫بهــذا املســتوى مــن احلساســية‪.‬‬ ‫كمــا ميكننــا القــول‪ :‬بــأن أهميــة "أوكــوس" احلقيقيــة تأتــي مــن بنــود‬ ‫االتفــاق غيــر املعلنــة واملتمثلــة فيمــا يلــي‪:‬‬ ‫أ‪ .‬حتجيــم النفــوذ الصينــي مبنطقــة (الهنــدي الهــادئ)‪ ،‬أو "بحــر‬ ‫الصــن اجلنوبــي"‪ ،‬باعتبــاره منطقــ ًة اســتراتيجي ًة ال تنتهــي فيهــا‬ ‫املنــاورات بــن القــوات األمريكيــة املوجــودة مبنطقــة (احمليــط‬ ‫الهنــدي الهــادئ) وبــن القــوات الصينيــة‪ ،‬وذلــك لألهميــة الكبــرى‬ ‫لهــذه املنطقــة التــي اكتســبتها بعــد احلــرب العامليــة الثانيــة ومطلــع‬ ‫الســبعينيات بعــد اكتشــاف البتــرول والغــاز الطبيعــي‪ ،‬إضاف ـ ًة ملئــات‬ ‫اجلــزر التــي ميكــن اســتخدامها كقواعــد عســكرية؛ حيــث يحتــوي‬ ‫بحــر الصــن اجلنوبــي وف ًقــا للوكالــة األمريكيــة ملعلومــات الطاقــة‬ ‫علــى حوالــي ‪ 11‬مليــار برميــل مــن البتــرول‪ ،‬و ‪ 190‬تريليــون قــدم‬ ‫مــن الغــاز الطبيعــي‪ ،‬ويضــم مــا يزيــد عــن ‪ 10:12%‬مــن إجمالــي‬ ‫الثــروة الســمكية بالعالــم‪ ،‬ويقــدر حجــم التجــارة املــارة بــه ســنو ًّيا ‪-‬‬ ‫وف ًقــا لنفــس املصــدر عــام ‪2017‬م ‪ -‬ألكثــر مــن ‪ 5‬تريليــون دوالر‪،‬‬ ‫كمــا متــر منــه –عــن طريــق مضيــق ملقــا‪ -‬التبــادالت التجاريــة بــن‬ ‫حليفيهــا كوريــا اجلنوبيــة واليابــان‪ ،‬ونظــ ًرا ألهميتــه الكبــرى فقــد‬ ‫دارت مواجهــات بــن الواليــات املتحــدة والصــن خــالل الفتــرة مــن‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.