العدد الثاني لمجلة العلوم الإنسانية للمركز الجامعي تندوف

Page 1


‫‪ISSN : 2571-9807‬‬

‫جملة العلوم‬ ‫اإلنسانية‬ ‫دورية دولية أكادميية حمكمة تصدر عن‬ ‫املركز اجلامعي تندوف‬

‫العدد الثاني‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬



‫المدير الشرفـي للمجلة‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الحميد تهامي‬ ‫مدير االمركز الجامعي‬

‫الرئيس الشرفـي للمجلة‬ ‫د ‪ /‬حماد فردي‬ ‫نائب المدير المكلف بالبحث العلمي‬

‫مدير المجلة‬

‫د ‪ /‬مراد بن حرزهللا‬ ‫مدير معهد العلوم اإلقتصادية التسيير‪ ،‬والعلوم التجارية‬

‫رئيس التحرير‬ ‫أ ‪ /‬منير قتال‬

‫هيئة التحرير‬ ‫د‪ .‬عبد هللا حمدينة‬ ‫د‪ .‬محمد بودالــي‬

‫د‪.‬فاطمة يحيــاوي‬ ‫د‪.‬مليكة جـــامع‬

‫أ‪.‬نوردين مانوني أ‪ .‬بلحاج بلخـــير أ‪ .‬محمود كريفار‬


‫اهليئة العلمية‬ ‫أ‪.‬د سالطنية بلقاسم‬

‫جامعة بسكرة‬

‫اجلزائر‬

‫أ‪.‬د برقوق عبد الرمحان‬

‫جامعة بسكرة‬

‫اجلزائر‬

‫أ‪.‬د سعيد فكرة‬

‫جامعة تبسة‬

‫أ‪.‬د إبراهيم أمحد خمفي‬ ‫أ‪.‬د اتجر كمال‬

‫أ‪,‬د يسعد حورية‬

‫أ‪.‬د ارزيل الكاهنة‬

‫أ‪.‬د عبد الباسط سعيد عطااي‬

‫جامعة مستغامن‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة تيزي وزو‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة تيزي وزو‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة تيزي وزو‬

‫اجلزائر‬ ‫اجلزائر‬

‫أ‪.‬د هشام يسري حممد العريب‬

‫جامعة األزهر الشريف‬

‫جامعة جنران‬

‫مصر‬

‫أ‪.‬د انيف عبد العزيز املطوع‬

‫جامعة شقراء‬

‫السعودية‬

‫السعودية‬

‫أ‪.‬د عبدهللا بن عيسى األمحدي‬

‫جامعة امللك عبد العزيز‬

‫السعودية‬

‫أ‪.‬د هالة ابراهيم حسن امحد‬

‫جامعة اخلرطوم‬

‫السودان‬

‫جامعة قسنطينة ‪2‬‬

‫اجلزائر‬

‫أ‪.‬د طالل انظم الزهريي‬

‫اجلامعة املستنصرية‬

‫العراق‬

‫د اابهر السقا‬

‫جامعة بريزيت‬

‫فلسطني‬

‫أ‪.‬د ماهر فؤاد إبـراهيم اجلباىل‬

‫جامعة اجلوف‬

‫أ‪.‬د عبد املنعم يوسف عبد احلفيظ‬

‫جامعة النيلني‬

‫أ‪.‬د زواقري الطاهر‬

‫جامعة خنشلة‬

‫أ‪.‬د عزالدين بودرابن‬

‫أ‪.‬د أمحد حيىي علي‬

‫جامعة عني مشس‬

‫السعودية‬ ‫السودان‬ ‫اجلزائر‬ ‫مصر‬

‫د‪ .‬شهاب اليحياوي‬

‫جامعة قفصة‬

‫د‪ .‬إبراهيم أمحد خمفي‬

‫جامعة مستغامن‬

‫اجلزائر‬

‫د‪.‬حليمة قادري‬

‫جامعة وهران ‪2‬‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬املنجي حامد‬

‫د‪ .‬الذوادي قوميدي‬ ‫د‪.‬أبو بكر بوسامل‬

‫د‪ .‬شرفاوي حاج عبو‬ ‫د‪ .‬حممد بن عمارة‬

‫جامعة قفصة‬

‫جامعة ابتنة ‪1‬‬

‫تونس‬ ‫تونس‬

‫اجلزائر‬

‫املركز اجلامعي ميلة‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة بشار‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة بشار‬

‫اجلزائر‬


‫د‪.‬شايب دراع اتين بنت النيب‬

‫د‪ .‬مشحن زيد حممد التميمي‬

‫جامعة وهران‬

‫اجلزائر‬

‫اجلامعة املستنصرية‬

‫العراق‬

‫جامعة مستغامن‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬حممد امساعيل فرجاين احلشاش‬

‫جامعة طنطا‬

‫مصر‬

‫د‪.‬بوقرة إمساعيل‬

‫جامعة خنشلة‬

‫اجلزائر‬

‫جامعة اجلزائر‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬خالد كاظم محيدي احلميداوي‬

‫جامعة النجف‬

‫د خالد كاظم محيدي وزير‬

‫جامعة جنف‬

‫د‪ .‬حسينة بوعدة‬

‫د ‪ .‬محداوي عمر‬ ‫د‪.‬زايد عادل‬

‫د ادريسي مجال‬

‫جامعة ورقلة‬

‫جامعة خنشلة‬

‫العراق‬ ‫العراق‬

‫اجلزائر‬ ‫اجلزائر‬

‫د‪.‬حممد بوكماش‬

‫جامعة خنشلة‬

‫جامعة معسكر‬

‫اجلزائر‬

‫د‪.‬دليلة براس‬

‫جامعة وهران ‪2‬‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬نعيم مخار‬

‫جامعة تبسة‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬فاطمة معمري‬

‫جامعة أم البواقي‬

‫اجلزائر‬

‫د‪ .‬رمي بالل‬

‫اجلزائر‬

‫إن الخبراء ال يتحملون أي مسؤولية تتعلق بأصالة‬ ‫البحث التي تقع بالكامل على عاتق الباحث‪ ،‬فهم يقيمون‬ ‫مادة األبحاث المقدمة لهم كما هي‬

‫المركز الجامعي تندوف ص ب ‪ 73‬حي المستقبل تندوف ‪ – 37000‬الجزائر‬ ‫رقم الهاتف‪ /213772462471 /213696525435 :‬الفاكس ‪21349384028‬‬ ‫الموقع اإللكتروني‪ www.univ-cut.dz/johs/ :‬البريد اإللكتروني‪journalof.humansciences@gmail.com‬‬


‫كلمة العدد ‪:‬‬ ‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على املبعوث رمحة للناس أمجعني‪ ،‬رسولنا الكرمي‬ ‫وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إبحسان إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:...‬‬ ‫أييت صدور العدد الثاين جمللة العلوم اإلنسانية للمركز اجلامعي تندوف حافال مبقاالت‬ ‫متنوعة يف عدة جماالت‪ ،‬ومن العديد من اجلامعات الوطنية والدولية‪ ،‬خاصة من مغربنا العريب‪ ،‬إذ‬ ‫إنطوى العدد الثاين على مقاالت من كل من اململكة املغربية‪ ،‬ومن اجلمهورية التونسية‪ ،‬ومن ليبيا‪.‬‬ ‫ولقد استهلينا العدد الثاين مبقاالت سياسية ذات طابع أمين فاملقال األول الوارد من‬ ‫العاصمة اجلزائرية يتحدث على األزمة الليبية عنوانه مآالت الصراع اللييب املفتوح وأتجيل انضاج‬ ‫املرحلة اإلنتقالية‪ ،‬وأتبع مبقال اإلرهاب االلكرتوين الوافد لنا من مدينة فاس املغربية مهد جامعة‬ ‫القرويني اليت حسب اليونسكو أول جامعة عرفتها البشرية‪ ،‬وختمنا هذا اجملال مبقال اجلماعات‬ ‫اإلسالميّة املتطرفة قراءة يف اجلذور التارخيية واملصادر الفكرية الوارد إلينا من عروس البحر األبيض‬ ‫املتوسط املدينة التونسية سوسة احملروسة‪ ،‬وعند انتقالنا للجانب األديب استهلينا هذا اجلانب مبقال‬ ‫الدكتورة الفلسطينية صبحية عودة زعرب املرسل لنا من ليبيا اجلرحية املوسوم بتجليات التناص يف‬ ‫اخلطاب الشعري الفلسطيين (نصوص حنظلة للشاعر املتوكل طه منوذجا )‪ ،‬وأتبعناه مبقال قصيدة‬ ‫النثر وإشكال احلداثة حوارية األجناس األدبية وانتهاك املعايري يف رواية ما بعد احلداثة دراسة يف‬ ‫رواية "من اعرتافات ذاكرة البيدق" لعباس خلف‪.‬‬ ‫ولقد استهلينا اجلانب االجتماعي مبقال أتثري الفيسبوك يف تشكيل هوية األبناء بني اهلوية‬ ‫الواقعية واهلوية االفرتاضية‪ ،‬وأتبعناه مبقال ظاهرة اهلجرة غري الشرعية لدى الشباب يف اجملتمع‬ ‫اجلزائري‪-‬دراسة حالة ببعض أحياء مدينة عنابة‪ ،-‬لنختم اجملال االجتماعي مبقال قراءة‬ ‫سوسيولوجية لظاهرة الطالق يف اجملتمع اجلزائري‪.‬‬ ‫وإذا كان اجلانب السيكولوجي جتسد من خالل مقال اإلهناك املهين لدى املعاجلني فإن‬ ‫اجملال اإلداري االقتصادي مت تسليط الضوء عليه من خالل دراسة ميدانية موسومة بتبين مقاربة‬


‫الرايدية اإلسرتاتيجية كإدارة جديدة لتعزيز القدرة التنافسية‪ ،‬عالوة دراسة ميدانية أخرى معنونة‬ ‫بواقع إدارة اجلودة الشاملة ابملؤسسة العمومية االقتصادية اجلزائرية‪ ،‬أما اجملال القانوين فقد كان‬ ‫حاضرا من خالل مقال أمهية دور القاضي اإلداري يف الكشف عن عيب خمالفة القانون يف‬ ‫القرارات اليت يصدرها الوايل‪.‬‬ ‫ولقد إخرتان أن خنتم هذا العدد مبقال نرى أنه جد مهم يتعلق ابلسرقات العلمية وسبل‬ ‫مكافحتها‪ ،‬فنظرا لالنتشار الواسع لتكنولوجيات اإلعالم االتصال فإن هذه الظاهرة أصبحت‬ ‫جد مستفحلة‪ ،‬وهلذا نرى أن أمهية هذا املقال تكمن يف لفت اإلنتباه هلا‪ ،‬وللعقوابت املنجرة‬ ‫عنها واليت تصل للفصل النهائي‪ ،‬عالوة على املتابعة القضائية‪ .‬إضافة جلملة من التوصيات اليت‬ ‫تقدمها كاتبة املقال للحد من إنتشار هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫ورغم أن جملة العلوم اإلنسانية للمركز اجلامعي تندوف جملة فتية إال أهنا متكنت أن حتوز‬ ‫ثقة الباحثني من داخل الوطن وخارجه وهذا ما يعكسه الكم اهلائل من األحباث اليت ترد إىل‬ ‫اجمللة‪ ،‬والباقة املختارة من األحباث يف هذا العدد هي اليت حازت على قبول احملكمني‪ ،‬واملقاالت‬ ‫اليت حازت القبول ومل يتم نشرها أرسل ألصحاهبا وعد ابلنشر‪ ،‬وإن أعضاء هيئة التحرير جد‬ ‫حريصني على أن يكونون يف مستوى تطلعات الباحثني يف خمتلف جماالت العلوم اإلنسانية‪ .‬ويف‬ ‫األخري نؤكد أن أراء الباحثني الواردة يف خمتلف املقاالت املنشورة ابجمللة ال تلزم سوى أصحاهبا‪.‬‬

‫مدير اجمللة‬ ‫الدكتور مراد بن حرزهللا‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية مجلة علمية أكاديمية دولية محكمة تعنى بنشر الدراسات‬ ‫والبحوث في ميدان العلوم اإلنسانية باللغات العربية واالنجليزية والفرنسية و اإلسبانية‬ ‫على أن يلتزم أصحابها بالقواعد التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن تكون المادة المرسلة للنشر أصيلة ولم ترسل للنشر في أي جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن يكون المقال في حدود ‪ 20‬صفحة بما في ذلك قائمة المراجع والجداول واألشكال‬ ‫والصور‪.‬‬ ‫‪ -3‬يكتب المقال ببرنامج « ‪ » Microsoft Word‬بالنسق ‪ ،RTF‬وأن يتبع المؤلف‬ ‫األصول العلمية المتعارف عليها في إعداد وكتابة البحوث وخاصة فيما يتعلق بإثبات‬ ‫مصادر المعلومات وتوثيق االقتباس‪.‬‬ ‫‪ -5‬تتضمن الورقة األولى العنوان الكامل للمقال بلغة المقال‪ ،‬وترجمة لعنوان المقال باللغة‬ ‫األنجليزية‪ ،‬كما تتضمن اسم الباحث ورتبته العلمية‪ ،‬والمؤسسة التابع لها‪ ،‬الهاتف‪ ،‬والفاكس‬ ‫والبريد االلكتروني وملخصين‪ ،‬في حدود مائتي كلمة للملخصين مجتمعين‪( ،‬حيث ال يزيد‬

‫عدد أسطر الملخص الواحد عن ‪ 10‬أسطر بخط ‪ simplified Arabic 12‬للملخص‬ ‫العربي و ‪Times New Roman 12‬للملخص باللغة االنجليزية)‪،‬‬ ‫‪ -6‬تكتب المادّة العلمية العربية بخ ّ‬ ‫ط من نوع ‪ Simplified Arabic‬مقاسة ‪ 12‬بمسافة‬ ‫‪ 21‬نقطة بين األسطر‪ ،‬العنوان الرئيسي‪ ، Simplified Arabic 14 Gras‬العناوين‬ ‫الفرعية‪ ، Simplified Arabic 12 Gras‬أ ّما الفرنسية أو اإلنجليزية أو اإلسبانية فتقدّم‬ ‫بخ ّ‬ ‫ط من نوع ‪ Times New Roman‬مقاسة ‪.12‬‬ ‫‪-7‬هوامش الصفحة ‪ 02‬سم لكل الجهات رأس الورقة ‪ 1.5‬سم أسفل الورقة ‪ 1.25‬سم ‪،‬‬ ‫حجم الورقة مخصص (‪ ،)16 x 23.5‬أحدهما بلغة المقال والثاني باللغة االنجليزية على‬ ‫أن يكون أحد الملخصين باللغة العربية‪.‬‬ ‫‪ -8‬يرقم التهميش واإلحاالت بطريقة آلية ‪ Not de fin‬على أن تعرض في نهاية‬ ‫المقال‪.‬‬ ‫‪ -9‬المقاالت المرسلة ال تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أو لم تنشر‪.‬‬ ‫‪ -10‬كل مقال ال تتوفر فيه الشروط ال يؤخذ بعين االعتبار وال ينشر مهما كانت قيمته‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫‪ -11‬يحق لهيئة التحرير إجراء بعض التعديالت الشكلية على المادة المقدمة متى لزم‬ ‫األمر دون المساس بالموضوع‪.‬‬ ‫‪ -12‬المقاالت المنشورة في المجلة ال تعبر إال على رأي أصحابها‪.‬‬ ‫مالحظة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ترسل المقاالت على عنوان البريد اإللكتروني التالي‪:‬‬ ‫‪journalof.humansciences@gmail.co m‬‬ ‫رابط المجلة على الموقع االلكتروني للمركز الجامعي تندوف‪www.univ-cut.dz :‬‬ ‫ألي معلومات إضافية يمكنكم اإلتصال على رقمي الهاتف‪:‬‬ ‫‪213772462471/213696525435‬‬


‫الفهرس‬ ‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة اإلنتقالية‬ ‫د ‪ /‬فاطمة بقدي‬ ‫جامعة الجزائر ‪03‬‬ ‫اإلرهاب اإللكتروني‬ ‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬

‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ -‬فاس‪ -‬المغرب‬

‫اإلسالمية المتطرفة‬ ‫الجماعات‬ ‫ّ‬

‫قراءة في الجذور التاريخية والمصادر الفكرية‬

‫أ ‪ /‬محمد عالقي‬ ‫جامعة سوسة ‪ -‬تونس‬ ‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني‬ ‫(نصوص حنظلة للشاعر المتوكل طه نموذجا )‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬ ‫جامعة صبراتة ‪ -‬ليبيا‬ ‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬ ‫أ ‪ /‬ماما طيفور‬

‫جامعة الجياللي اليابس – سيدي بلعباس‪ -‬الجزائر‬


‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير في رواية ما بعد الحداثة‬ ‫دراسة في رواية "من اعترافات ذاكرة البيدق" لعباس خلف‬ ‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫جامعة محمد الشريف مساعدية ‪ -‬سوق أهراس‪ -‬الجزائر‬ ‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء بين الهوية الواقعية‬

‫والهوية االفتراضية‬ ‫أ‪ /‬ساحي علي‬

‫جامعة عمار ثليجي االغواط ‪ -‬الجزائر‬ ‫أ‪ /‬أمال كزيز‬ ‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪ -‬الجزائر‬ ‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب في المجتمع الجزائري‬ ‫دراسة حالة ببعض أحياء مدينة عنابة‪-‬‬‫د‪ /‬زيتوني عائشة بية‬ ‫جامعة باجي مختار‪ -‬عنابة‪ -‬الجزائر‬ ‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫جامعة الشاذلي بن جديد الطارف‬


‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬ ‫أ‪ /‬حلي مصطفى‬ ‫جامعة مولود معمري تيزي وزو ‪-‬الجزائر‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬خلفان رشيد‬ ‫جامعة مولود معمري تيزي وزو – الجزائر‬ ‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‬ ‫لتعزيز القدرة التنافسية‬ ‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬ ‫جامعة برج بوعريريج ‪ -‬الجزائر‪-‬‬ ‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‬ ‫دراسة ميدانية بمؤسسة ‪- ALFAPIPE /‬عنابه‪-‬الجزائر‬ ‫أ‪.‬غزال حياة‬ ‫جامعة قسنطينة‪-2‬الجزائر‬ ‫أهمية دور القاضي اإلداري في الكشف عن عيب مخالفة القانون‬ ‫في الق اررات التي يصدرها الوالي‬ ‫د‪ /‬إسماعيل بوقرة‬ ‫الباحث‪ /‬عالء الدين قليل‬ ‫جامعة عباس لغرور خنشلة ‪ -‬الجزائر‬ ‫السرقات العلمية وسبل مكافحتها‬

‫‪-‬الحالة الجزائرية أنموذجا‪-‬‬

‫أ‪.‬سايح فاطمة‬

‫جامعة تلمسان‪-‬الجزائر‪-‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة اإلنتقالية‬ ‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬ ‫الملخص‪:‬‬

‫جامعة الجزائر ‪03‬‬

‫تمر أكثر من سنة ونصف على اتفاق الصخيرات في ‪ 17‬ديسمبر ‪ 2015‬بين الفرقاء‬

‫الليبيون وبعد أكثر من ست سنوات لم يتم الوصول إلى الحلول التوافقية التي تخرجهم إلى وضع‬ ‫سياسي واجتماعي جديد ومناخ االنسجام الداخلي بالنظر لعدم تطور ونضج الشروط المطلوبة‬ ‫لزحزحة القناعات‪ ،‬المصالح‪ ،‬الفواعل والتفاعالت على مختلف األصعدة المجتمعية‪ ،‬الدوالتية‪،‬‬ ‫اإلقليمية والدولية‪ .‬لم تصل األوضاع في ليبيا إلى نقطة التوافقات بعد‪ ،‬ما يدفع الدارس البحث في‬ ‫أسباب عدم نضوج شروط الحوار البيني‪ ،‬الذي يتم خارج اإلقليم الليبي أو عبر األقاليم الفرعية‬ ‫المختلفة على مستوى المنطقة المغاربية أو الخليج‪ ،‬أو برعاية اممية ومن الدول الكبرى‪.‬‬ ‫الكلمات االمفتاحية‪ :‬االنقسامات الداخلية‪-‬تعدد المبادرات السياسية‪ -‬تناقض أدوار الفواعل‪ -‬التنافس‬ ‫اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬ ‫‪After more than a year and a half, the political agreement of the‬‬ ‫‪Skhirat on December 17, 2015 between the Libyan parties and after more‬‬ ‫‪than six years did not reach the compromise solutions that lead them to a‬‬ ‫‪new socio-political internal harmony. Due of the lack the required conditions‬‬ ‫‪to move the convictions, interests, actions and interactions at various levels‬‬ ‫‪of society, State, regional and international. The situation in Libya continues‬‬ ‫‪to escalate without reaching the point of agreement. The observer must study‬‬ ‫‪the causes of non-maturation of the conditions of the inter-dialogue, which is‬‬ ‫‪found outside the Libya across the various sub-regions of the Maghreb, the‬‬ ‫‪Gulf or the UN and the great powers.‬‬ ‫‪Key words: internal divisions-multiple political initiatives‬‬‫‪Actors‬‬ ‫‪contradictory roles- regional and international competition.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪8‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لدراسة وتحليل الموضوع الليبي‪ ،‬هناك ضرورة للتطرق ألهم خمس متغيرات مفصلية‬

‫متداخلة ومتقاطعة على كل المستويات الداخلية‪ ،‬اإلقليمية والدولية وهي‪ :‬القبيلة‪ ،‬النفط‪،‬‬ ‫المناطقية‪ ،‬العامل الديني‪ ،‬المليشيا والمصالح السلطوية المرتبطة بها‪ ،‬وتُساهم ُمجتمعة في‬ ‫تغذية الصراع الليبي البيني وتُدخله في حلقة التطورات المتالحقة في إطار الصراع المسلح‬ ‫المفتوح على السلطة ليتراوح بين األيديولوجي –اسالمي‪ ،‬علماني‪ ،-‬بين القبلي والجهوي‬

‫وبروز عدد كبير من مجالس الثوار والكتائب والميليشيات المسلحة‪ ،‬والتي اضحت العبا‬ ‫فاعال في المعادلة السياسية الليبية الجديدة وتمكنت من التأثير في المشهد السياسي واألمني‪،‬‬ ‫على حساب بناء مؤسسات مستقرة‪ .‬انعكس هذا المشهد على واقع ثنائي في المؤسسات‬ ‫الرئيسية السياسية واالقتصادية واألمنية‪ ،‬أدى النتشار العصابات المسلحة والجماعات‬ ‫المتطرفة وسيطرة تنظيم الدولة في عدة مدن مثل درنة وسرت‪ ،‬والهجوم على مناطق انتاج‬ ‫النفط وتصديره في ظل بيئة أمنية فوضوية‪ ،‬وكذا‪ ،‬زيادة وتيرة الهجرة غير الشرعية إلى‬ ‫أوروبا‪ ،‬وعدم وصول القوى السياسية إلى توافقات للخروج من األزمة‪ ،‬وعدم نضج أولويات‬ ‫المرحلة االنتقالية هذا ما يزيد من تعميق األزمة السياسية بين مختلف األطياف والنخب‪.‬‬ ‫لقد اتخذت التطورات داخل ليبيا مسارين مهمين‪ ،‬مسار السالح والعنف الممتد بدءا من‬ ‫الشرعية الثورية ومختلف المسارات المعقدة التي اتخذتها على األرض‪ ،‬والمسار الثاني هو‬ ‫المسار السياسي السلمي‪ ،‬وهو المسار األهم الذي ُيعول الجميع على إنضاجه إلخراج ليبيا‬ ‫من االقتتال‪ ،‬لكنه يتميز بالتعثر وعدم التوازن مع المسار األول‪ .‬وينتظر جميع المراقبون‬ ‫والفواعل المرتبطة بالشأن الليبي حلحلة وانفراج األزمة ونضج المسار السلمي بالرغم من‬ ‫المتأزم منذ االستقالل وليس فقط‬ ‫صعوبة تحقيق ذلك على األرض لطبيعة النظام السياسي ُ‬ ‫بعد سقوط نظام القذافي‪ ،‬هنا تكمن اهم خصوصية لالزمة الليبية هي التوازي والمزاوجة بين‬ ‫المسارين السياسي والعسكري في نفس الوقت‪ ،‬وتركز هذه الدراسة على أهم المعوقات‬ ‫المواجهة النضاج المسار السياسي الليبي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪9‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫المدخل النظري‪ُ :‬يعد المدخل االنتقالي‪ ،‬مدخل التحول الديمقراطي أحد أهم المدخلين لتحقيق‬ ‫تطورات مع مالحظة أن مختلف المداخل النظرية تصلح لتحليل الوضع الليبي كمدخل‬ ‫العنف‪ ،‬العالقة بين الدولة والمجتمع‪ ،‬مدخل بناء الدولة وغيرها بالنظر إلى السيولة التي‬ ‫يتميز بها الوضع وعدم نضوج مرحلة بناء السلم بالرغم من الخطوات المهمة التي تم قطعها‬ ‫في المسار السياسي لكن صفة السلمية تتذبذب كثير بالنظر إلى تنامي وسيطرة مسار العنف‬ ‫واالقتتال على األرض‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬مدخل االنتقال الديمقراطي‪ُ :‬يعد مدخل التغيير والتحول السياسي أحد العناصر األولى‬ ‫للتحول الديمقراطي المرتبط بدراسة النظام السياسي ومؤسسات الدولة‪ ،‬حتى ‪ 2014‬لم تتضح‬ ‫في ليبيا الشروط الالزمة لبناء اتفاق مبدئي حول مستقبل البالد بين مختلف األطراف بالنظر‬ ‫لالستم اررية والقطيعة في الوضع وعدم نضوج شروط الخروج من العنف السياسي‪ .‬ويمكن‬ ‫ارجاع ذلك إلى العديد من المؤشرات منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬الموروث السياسي‪ :‬بين االستمرارية والقطيعة‪ :‬تعاني ليبيا فراغا بالجمع (جغرافي‪،‬‬ ‫سكاني‪ ،‬سياسي‪ ،‬مؤسساتي‪ ،‬السلطة واألمن)‪ ،‬خاصة فراغ الدولة إذ تُصنف كدولة افتراضية‬ ‫فاقدة للشرعية‪ ،‬بالنظر لمحاولة وضع ُبنى سياسية دون أن يفرض سلطة على كل البالد‪،‬‬ ‫أحد الشروط األولية لتكوين الدولة‪-‬األمة‪ .‬منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين‪،‬‬ ‫سعت ليبيا لبناء دولة مدنية ذات مؤسسات ديمقراطية ولكن بعد سبعين عاما تدنت للدولة‬ ‫الفاشلة أو الالدولة‪ ،‬وبين مصطفى التير عالم االجتماع الليبي كيف ساهم العسكر والجيش‬ ‫في عرقلة تطور األجهزة الوسيطة التي البد من تبنيها في المجتمع لكي تنجز عملية التحول‬ ‫السياسي‪ ،‬إن الحكومة الحديثة في ليبيا اتخذت ق ار ار بعرقلة مسيرة الحراك السياسي‬ ‫واالجتماعي المهم غداة انسحاب إيطاليا من البالد وانعدم التطور الديمقراطي(‪.)1‬‬ ‫كما مثلت ثورة ‪ 17‬فيفري ‪ 2011‬قطيعة جذرية مع النظام السابق على كل االصعدة‪ ،‬مع‬ ‫البنى والفواعل واالدوار المرتبطة بديناميكيات نظام القذافي‪ ،‬إذ عوضت الميليشيات‬ ‫استمرار ُ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪10‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الثورية بعد ‪ 2011‬اللجان الثورية للنظام السابق‪ .‬وهنا تكمن االستم اررية‪ ،‬فلم يحمل الثُوار‬ ‫السالح من أجل الوصول إلى الديمق ارطية‪ ،‬إذ ال يملكون فكرة واضحة عن النظام السياسي‬ ‫وأدواره ومعنى المؤسسات الديمقراطية وإنما يتلخص منظورهم في تحقيق مطالب آنية‬ ‫اجتماعية واقتصادية‪ ،‬فتعددت األطراف‪ ،‬األهداف وانعدمت الرؤية الواضحة التوافقية منذ‬ ‫البداية‪ ،‬هذا ما يوحي بعدم تحول ''الوعي السياسي الليبي''‪ .‬لكن التحليل المتأني الطويل‬ ‫األمد‪ ،‬حسب لويس مارتيناز ‪ Luis Martinez‬المتخصص في الشأن الليبي أن دروس التاريخ‬ ‫تعلمنا أن الحروب األهلية ال تؤدي إلى الديمقراطية‪ ،‬إال في حالة وجود آليات للتفاوض‪-‬‬ ‫التسويات الداخلية‪ ،‬أو يتم فرضه من الخارج وكال السيناريوين غير واردين في ليبيا حسبه‪،‬‬ ‫خصوصية التجربة االنتقالية الليبية باستمرار ممارسات النظام السابق(‪ ،)2‬وهو ما يستمر في‬ ‫تعقيد الوضع في ليبيا‪.‬‬ ‫يمكن إرجاع االستم اررية في الوضع الليبي إلى طبيعة النظام السياسي ما قبل وما‬ ‫بعد االستقالل‪ ،‬أي الملكية السنوسية ونظام القذافي إذ لم تتطور الدولة األمة وعانت أزمة‬ ‫انفصام حقيقي بين متطلبات الداخل الذي يرفض ويخاف المنظومة الدوالتية‬ ‫‪statelessness‬والمتطلبات الخارجية المرتبطة ببيروقراطية اإلدارة وتمثيل مصالح الشركات‬ ‫النفطية األجنبية والتمثيل في إطار العالقات الدولية‪ ،‬وشكلت الدولة والجيش أهم عوائق‬ ‫الثورة الليبية‪ ،‬واستمر ذلك في الوعي السياسي الموروث عن الفلسفة الثورية للقذافي‪.‬‬ ‫مثلت انتخابات ‪ 2012‬الدخول في المراحل األولى للمرحلة االنتقالية مما كان يعني‬ ‫تفكيك الميليشيات وإنشاء قوى وطنية كأهم تحدي للمرحلة االنتقالية الليبية‪ ،‬لكن التطورات لم‬ ‫تؤد بأطراف للتفاوض والتسويات والتوافقات في العملية السياسية إلنضاجها وإنما المواجهة‬ ‫البينية‪ .‬مثال تم سن واستعمال "قانون العزل السياسي" بشكل اعتباطي للتذكير بليبيا الثورية‬ ‫ذلك أن نجاح الميليشيات في الضغط على الحكومة وفرض قانونهم عليها ال يعبر عن‬ ‫القطيعة مع النظام السابق‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪11‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫‪-2‬إشكالية البعد القبلي والدولة‪-‬القبيلة‪ :‬تُعد القبيلة ظاهرة اجتماعية ضاربة في التاريخ‬ ‫العربي‪ ،‬وقد خضعت بنيتها لعدد من التغيرات والصدمات نتيجة التحوالت التي فرضتها‬ ‫الحياة العصرية‪ ،‬وبخاصة مع نشأة الدولة وتغير أسس االنتماء ونشأة المدن وتحديد‬ ‫المجاالت الجغرافية وضبطها‪ .‬لكن ذلك لم يمنع وجود مستوى من االنسجام القبلي مع‬ ‫التغيرات الجديدة ومتالئمة معها أحيانا‪ ،‬ومتمردة عليها أو مناهضة للهويات االجتماعية‬ ‫الوافدة‪ ،‬أحيانا أخرى‪ .‬لقد حافظت القبيلة في المنطقة على خصائص الحرية واالستقاللية‬ ‫والتضامن الداخلي‪ ،‬واندمج الوعي القبلي في أغلب األقطار إلى مجرد روابط اجتماعية‬ ‫تحافظ على إعادة إنتاج القيم االجتماعية‪ ،‬وتساعد األفراد وتدعمهم‪ ،‬في حال عجز‬ ‫المؤسسات الحديثة الناشئة(‪ .)3‬وقد مرت التركيبة القبلية في ليبيا‪ ،‬بتطورات متعددة‪ ،‬منذ عام‬ ‫‪ ،1853‬بظهور السنوسية كحركة دينية إصالحية‪ ،‬في إقليم برقة‪ ،‬وسعت للقضاء على بعض‬ ‫النزاعات القبلية عبر قيامها بوساطات وعمليات صلح ثم توسعت الحركة وانتشرت في جهات‬ ‫الغرب والجنوب‪ .‬أما بعد الغزو اإليطالي‪ ،‬عام ‪ ،1911‬فقد عرفت القبائل الليبية حركة‬ ‫تضامنية مهمة أدت إلى توحيد حركة المقاومة المسلحة ضد االحتالل‪.‬‬ ‫بالمعطى القبلي‪ ،‬وارتكازه عليه في خطابه‬ ‫لقد شجع نظام ما بعد ‪ 1969‬اإلعتراف ُ‬ ‫الشعبوي ويمكن التمييز بين القبيلة ‪ Tribalisme‬والنزعة القبلية ‪ Tribalisation‬فالقبلية تمثل‬ ‫تجسيدا ال واعيا للقبيلة سرعان ما يتحول إلى نزعة تهدف إلى إعالء االنتماء القبلي وجعله‬ ‫أس َسة اشتغال البناء القبلي في المجتمع‪ ،‬انطالقا من‬ ‫هوية المجتمع المحلي والهدف هو َم َ‬ ‫سلسلة إجراءات تهدف إلى تغليب الوالء للبنية القبلية وهويتها الثقافية واالجتماعية على‬ ‫الوالءات األخرى(‪ .)4‬ما جعلها تقوم بأدوار المجتمع المدني‪ ،‬بل هي في قلب نموذج "المجتمع‬ ‫العادل" الذي أسسه القذافي‪ .‬لذا‪ ،‬تميزت الحقبة التاريخية الحديثة والمعاصرة لليبيا بحضور‬ ‫مكثف للتحالفات القبلية‪ ،‬وبين الدول التي عرفتها‪ .‬ومنه‪ ،‬ال يمكن دراسة ممارسة السلطة‪،‬‬ ‫بمعزل عن الظاهرة القبلية‪ ،‬التي كان لها دور مؤثر وفعال في األحداث‪ ،‬إذ استغلها نظام‬ ‫القذافي عن طريق اختراق المجموعات الكبرى النافذة‪ ،‬بتقديم االمتيازات المادية والمعنوية إلى‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪12‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫بعضها‪ ،‬وهمش بعضها اآلخر‪ ،‬مثي ار الخصومات التنافسية داخل كل مجموعة قبلية‪ ،‬للتحكم‬ ‫فيها وإضعافها وضمان والئها(‪.)5‬‬ ‫العالقات بين الدولة والقبيلة من أهم إشكاليات البناء المغاربي سياسيا وفي ليبيا‬ ‫ذات الخصوصيات السوسيو‪-‬سياسية تحديدا‪ ،‬باالعتماد على قوى غير مؤسساتية لحكم‬ ‫البالد وهو مرتبط بالفشل والضعف التاريخي للدولة الليبية‪ ،‬وكذا ارتبط بشروط بناء الدولة‬ ‫منذ العهد العثماني ثم االستعمار اإليطالي إذ أعاق هذا األخير بناء الدولة إذ حول الطريقة‬ ‫السنوسية إلى منظمة ضد القبائل الرافضة لالستعمار‪-،‬مع الوقت تحولت للحركة الوطنية‪-‬‬ ‫ومنه فتح إمكانية تقوية تأثير القبيلة بالنظر إلى المساهمة في مقاومة االستعمار‪ ،‬كانت‬ ‫هناك مفارقة في ليبيا إذ تمثلت الحاجة للدولة إداريا للتعامل مع الشركات األجنبية والمجتمع‬ ‫الدولي والعالقات القبيلة‪-‬األبوية للتعامل مع المجتمع‪ ،‬وقد تم التعايش بينهما في فترة الملكية‬ ‫النخب في الدولة‪ ،‬إذ‬ ‫السنوسية‪ ،‬أساسا استعمال الزبونية والعالقات العائلية كوسيلة إلدماج ُ‬ ‫الملكي‪،‬‬ ‫سمحت الزبونية بترسيخ نظام السنوسي وخلق الشرعية المعكوسة أي أزمة في النظام َ‬

‫ذلك أنه في إطار سياسة الزبونية تم إدخال الزعامات الجهوية‪-‬المناطقية في جهاز الدولة‬ ‫لكن األمر زاد تأزما مع بسبب عدم استقرار الحكومة المتكونة من مختلف الجماعات‬ ‫البنى السياسية‬ ‫والقبائل‪ ،‬وقد سقطت الملكية في ‪ 1969‬ألنها لم تستطع حل إشكالية تحديد ُ‬

‫واعتم ادها على القبائل للحصول على الشرعية وللحفاظ على سلطة الدولة وعدم االهتمام‬ ‫بالتحول المجتمعي لتقوية الدولة وإنما تقوية وترسيخ األسس االجتماعية للزبونية والقبيلة‬ ‫المؤسساتية على أسس قبلية(‪.)6‬‬ ‫والنظام السنوسي إذ كانت ُ‬ ‫البنى ُ‬ ‫‪-3‬األعراق الليبية المختلفة‪ :‬تتجانس ليبيا عرقيا ودينيا بدرجة كبيرة‪ ،‬فمعظم الليبيين من‬ ‫العرب‪ ،‬ويمثل غير العرب أقل من ‪ % 10‬من السكان‪ ،‬منهم األمازيغ والطوارق والتبو‪،‬‬ ‫مارس نظام القذاقي سياسة ادماجية لعقود طويلة من الزمن من أجل الدمج للجماعات‬ ‫الثقافية غير العربية ضمن بوتقة الصهر العربي‪ ،‬أدى ذلك إلى قمع إضافي لألمازيغ عالوة‬ ‫على ما واجهوه وبقية الليبيين من ديكتاتورية وتسلط القذافي‪ .‬لقد سارع االمازيغ الى إلى‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪13‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫االلتحاق بالثورة ضد النظام وشاركوا فيها بفعالية‪ ،‬والتي مثلت لهم مجاال وفرصة للتمكين‪.‬‬ ‫وتراوحت مطالبهم بين إبراز الهوية والثقافة الخاصة باعتبار األمازيغية لغة رسمية أو وطنية‪،‬‬ ‫والمناداة بتمثيل نسبي في الحكومة ومؤسسات النظام السياسي االنتقالي(‪ .)7‬ان استيقاظ‬ ‫الوعي الجمعي القبلي‪-‬العرقي لألمازيغ‪ ،‬التبو والطوارق هو محاولة التموضع ضمن المزاج‬ ‫الليبي العام ‪-‬بين الجهوية والقبلية‪ -‬إليجاد مكان ضمن الخريطة االجتماعية الليبية الجديدة‪-‬‬ ‫القديمة قيد التشكل‪ ،‬إذ ينتشر المكون األمازيغي في مناطق الجبل الغربي وغدامس‪ ،‬وكذلك‬ ‫للطوارق حضور سياسي قوي في الجنوب‪ ،‬أما مشاركة قبائل التبو القوية في ثورة ‪ 2011‬في‬ ‫الجنوب جعل حضورهم قويا في المشهد السياسي واالجتماع والدخول في التنسيقات‬ ‫المختلفة(‪.)8‬‬ ‫‪ -4‬المناطقية‪ :‬تحديات الجهوية والفدرالية‪ :‬منذ سقوط نظام القذافي ما يزال النقاش والجدال‬ ‫قائما حول شكل الدولة الجديدة ومضمون العالقة بين السلطة المركزية في العاصمة‬ ‫والمناطق الجغرافية المختلفة‪ .‬مازالت الفديرالية والجهوية تحديات ال يمكن تجاوزها‪ ،‬ليس فقط‬ ‫أثناء االنتقال الديمقراطي‪ ،‬بل في مستقبل الدولة أيضا‪ .‬وقد عرفت ليبيا تجربة الفيدرالية ما‬ ‫بين عامي ‪ 1963-1951‬وتم التخلي عنها من ألسباب اقتصادية وسياسية‪ ،‬ما مثل عامال‬ ‫مهما في تحقيق قدر كبير من االندماج والتأسيس لبناء هوية وطنية‪ ،‬فبالرغم من سياسات‬ ‫القذافي التي ألحقت الضرر بمناطق معينة من ليبيا دون غيرها‪ ،‬فإن ذلك ليس بمبرر للمناداة‬ ‫بالفديرالية (‪.)9‬‬ ‫‪-5‬اإلقتصاد‪ :‬كان الدخل الوطني الخام حوالي‬

‫‪41.14‬‬

‫بليون دوالر متوسط الدخل السنوي‬

‫والذي كان قد تدهور من ‪ 12.250‬في ‪ 2014‬إلى ‪ 7.820‬منذ ‪ ،2014‬مأزق وتدهور اإلقتصاد‬ ‫الليبي‪ ،‬تعاني ليبيا من عجز الميزانية بحوالي ‪ %60‬من الدخل الوطني الخام في ‪ ،2016‬ما‬ ‫أدى إلى عجز المالي ما إستنزف االحتياطات الخارجية والذي انشطرت من ‪ 107‬بليون في‬ ‫‪ 2013‬إلى ‪ 56.8‬بليون نهاية ‪ .2015‬وقد تراجع انتاج خام النفط إلى أدنى المعدالت في‬ ‫‪ ،2015‬فيما انهارت أسعار النفط في منتصف ‪ ،2014‬ارتفع معدل التضخم إلى ‪ %9.2‬ما‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪14‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء ب‪ %13.7‬منها ارتفاع أسعار الطحين بخمس مرات (‪ .)10‬جاء‬ ‫ترتيب ليبيا في التنمية اإلنسانية في ‪ 2015‬في ‪ 94‬بعدما كان ‪ 53‬في ‪.)11( 2010‬‬ ‫‪-6‬المليشيات وانتشار السالح‪ :‬يعد متغير انتشار السالح بمثابة المتغير العالي الداللة‬ ‫لفشل الحل السياسي في ليبيا‪ ،‬أصبحت ليبيا ملجأ للعديد من المتشددين الذين كانوا يقاتلون‬ ‫في مختلف بؤر التوتر في إفريقيا والعراق وسوريا‪ ،‬ما أصبح ينذر بتحولها إلى قاعدة‬ ‫النطالق العمليات اإلرهابية ضد دول الجوار‪ .‬كما يمكن أن تتحول إلى مركز إقليمي لتجارة‬ ‫السالح‪ ،‬وكذا خطر حدوث موجات نزوح كبيرة بسبب تدهور األوضاع (‪ .)12‬ما ساهمت في‬ ‫بروز الكثير من الجماعات والكتائب المسلحة التي استغلت ضعف الدولة لبسط سيطرتها‪،‬‬ ‫وخاصة تأمين الحدود لتأمين المزيد من األسلحة‪ ،‬كما أن عسكرة االنتفاضة وفرت الظروف‬ ‫المواتية للحرب األهلية‪ ،‬وتنامي هذه التجارة‪ ،‬وكما أن التدخل العسكري شجع على المزيد من‬ ‫توريد السالح‪ ،‬إذ تصل حسب بعض التقديرات إلى ما بين ‪ 22‬و‪ 28‬مليون قطعة‪ -‬تكفي‬ ‫لتسليح أكثر من سبع جيوش إفريقية‪ ،-‬ووجود أكثر من عشرة آالف تاجر سالح في ليبيا‬ ‫(‪ .)13‬ومنه من أهم شروط الحل هو تجاوز الشبكة العنكبوتية لألسلحة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المستوى الليبي البيني‪'' :‬عسكرة الدولة والصراع السياسي المفتوح'' لقد أثر‬ ‫الموروث السوسيو‪-‬سياسي والحالة االقتتال الداخلية على شكل وتفاعالت العملية السياسية‬ ‫الليبية التي تميزت بالتعثر والتأزم والعسكرة‪ ،‬ذلك أن النخب الليبية فشلت في االتفاق حول‬ ‫شكل الحكومة المرجوة ووجود الميليشيات العسكرية والتهديد اإلرهابي لم يجمع الفرقاء‬ ‫الليبيين‪ ،‬ما زاد تأكيد خاصية التعقيد لألزمة‪ .‬كما تتقاطع األبعاد والمصالح القبلية والجهوية‬ ‫واأليديولوجية والتدخل اإلقليمي والدولي‪ .‬وقد عبر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عن‬ ‫مالمح األزمة الليبية في أبعادها الجهوية والقبلية والفكرية وحتى اإلقليمية بتدخل فواعل‬ ‫إقليمية في تعيين شخصيات داخل المجلس والحكومة‪ .‬مثل اإلشكال الذي وقع عند اختيار‬ ‫وزير الدفاع المهدي البرغوثي المنحدر من أكبر تحالف قبلي في الشرق الليبي لمنصب وزير‬ ‫الدفاع في حكومة الوفاق كما أنه شارك في ثورة ‪ 17‬فيفيري ‪ 2011‬وهو أحد أهم قادة‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪15‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫المحاور القتالية في بنغازي(‪ .)14‬لذا فآخر فرصة هي التوصل لوقف إطالق النار بين مختلف‬ ‫الفواعل إلى العملية السياسية ذلك أن النقطة المهمة القوية في الشأن الليبي هي فكرة الحل‬ ‫النهائي لألزمة لن يكون عسكريا وإنما سياسيا‪ ،‬أي يعني أنه ال بديل للحوار‬

‫والمفاوضات(‪.)15‬‬

‫وقد شهد الصراع الداخلي طيلة السنوات الست الماضية مراحل مختلفة وأقطاب صراع‬ ‫متعددة لتستقر اليوم على ثالث قوى أساسية تتدافع لحسم األمور السياسية والعسكرية‬ ‫لصالحها‪ ،‬وقد كتب الباحث المهدي ثابت عدة مقاالت في مركز الدراسات االستراتيجية‬ ‫والدبلوماسية حول تطورات األزمة الليبية خاصة في الثالث سنوات االخيرة‪ ،‬إذ يرى أن‬ ‫الخالفات في ليبيا انطلقت أساسا بعد انتخابات المؤتمر الوطني العام في جويلية ‪،2012‬‬ ‫وهذا طبيعي بالنظر إلى أن البالد لم تعرف أي شكل من أشكال التعدد طيلة نصف قرن‬ ‫(‪ 42‬سنة)‪ .‬ولكن المنعرج الخطير والحقيقي للصراع الحالي حسبه‪ ،‬ابتدأ بعد اإلنقالب في‬ ‫مصر مع إعالن خليفة حفتر عن انقالب أبيض في طرابلس والذي هرب على إثره إلى‬ ‫المنطقة الشرقية وأعلن بعدها عن انطالق عملية الكرامة المدعومة ماليا وإعالميا وعسكريا‬ ‫من دولتي مصر واإلمارات (‪ .)16‬تتمثل أهم أطراف الصراع في ثالث تيارات أساسية‪:‬‬ ‫‪-1‬حكومة الوفاق وأنصارها من الكتائب العسكرية والتشكيالت السياسية من أحزاب ومجالس‬ ‫محلية ذات القوات األكثر تنظيما واألسرع تمددا ألنها تمتلك استراتيجية عمل واضحة‬ ‫ومدعومة أمنيا وأمميا‪ ،‬تسيطر على العاصمة طرابلس بما تمثله من رمزية سياسية وإدارية‬ ‫وتعمل على التمدد أمنيا وعسكريا للسيطرة وبسط النفوذ على األرض لتكتمل شرعيتها‪ .‬على‬ ‫المستوى السياسي‪ُ ،‬يعاني المجلس الرئاسي من عدم التجانس والخالفات العميقة‪ .‬اقتصاديا‪،‬‬

‫عجزت حكومة الوفاق عن حل أهم المشكالت االقتصادية كمشكلة السيولة وانهيار سعر‬

‫الدينار‪ .‬رغم أن اتفاق الصخيرات جاء نتاج ترتيبات دولية وليس حوار ليبي ليبي لكنه الخيار‬ ‫اآلمن‪ ،‬في إطار استراتيجية اإلنهاك الشامل تعمل األطراف الدولية ليخضع الجميع في‬ ‫النهاية للترتيبات الدولية المراد تركيزها في البالد‪ ،‬بداية بتجفيف منابع المال على الجميع بما‬ ‫في ذلك حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بالشرعية الدولية (‪.)17‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪16‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -2‬التيارات السياسية والكتائب العسكرية المحسوبة على خط فيفري والرافضة التفاق‬ ‫الصخيرات أو لديها تحفظات عليه وهي القوى الموجودة في غرب البالد وجنوبها‪ ،‬وهو الخط‬ ‫األقوى على األرض بما يمتلكه من ترسانة عسكرية وقوة بشرية ُمدربة ومنتشرة في أغلب‬ ‫سهل عملية‬ ‫مناطق‪ ،‬إال أنه ُيعاني من خالفات عميقة ألسباب عديدة سياسية ومناطقية ما ّ‬ ‫اختراقه من الداخل والخارج إلى درجة اإلقتتال بين بعض مكوناته‪ .‬ويرى المتتبعون أن‬

‫المشكلة التيار األساسية هي غياب العقل السياسي‪ ،‬االفتقاره الستراتيجية عمل واضحة تق أر‬ ‫مكن بقية األطراف‬ ‫جيدا موازين القوى الحقيقية في أبعادها الداخلية واإلقليمية والدولية‪ ،‬ما ّ‬ ‫التمدد اكثر وسط خالفاته وعدم استفادته من خبراته السابقة‪ ،‬يغيب المشروع الجامع لمختلف‬ ‫مكوناته السياسية والعسكرية والجهوية ونتيجة اإلنهاك الذي لحقه بفعل الصراعات العسكرية‬ ‫والسياسية العديدة‪ .‬كما أنه ال يملك مساندة قوية من الخارج كطرفي الصراع اآلخرين وهو ما‬ ‫انعكس على أدائه داخليا(‪ .)18‬وعليه اإلقتناع بضرورة التوافق مع مختلف المكونات السياسية‬ ‫وإال سيجد نفسه خارج المشهد ‪.‬‬ ‫المسيطر على الشرق‬ ‫‪ -3‬تيار الكرامة‪ ،‬تيار الخيار العسكري بقيادة الجنرال خليفة حفتر ٌ‬ ‫الليبي‪ ،‬يسنده سياسيا برلمان طبرق وحكومة األزمة التي يرأسها عبد هللا الثني والموجودة في‬ ‫مدينة البيضاء‪ ،‬لهذه القوى خالفات جوهرية وصراعات داخلية وهو ما جعلها عاجزة عن‬ ‫إحداث اختراقات حقيقية في المشهد بما يقلب موازين القوى لصالحها‪ ،‬عجز حفتر عن التمدد‬ ‫عسكريا وسياسيا في بقية مناطق البالد ألنه ضعيف عسكريا ويفتقر للرجال وللضباط‬ ‫المتمرس لم يشارك في الثورة ضد‬ ‫العسكريين المحترفين إذ أن أغلب منتسبيه من شباب غير ُ‬ ‫القذافي‪ ،‬ما أثر على عدم حسم أهم معركة يخوضها منذ ‪ .2014‬لوال الدعم األجنبي الكبير‬ ‫مصر واإلمارات الندثر هذا التيار‪ ،‬كما جلب عناصر النظام السابق من عسكريين وأمنيين‬ ‫لتعزيز صفوفه ومرتزقة من التبو التشاديين ومن حركة العدل والمساواة السودانية‪ .‬كما يحاول‬ ‫حفتر التمدد نحو الجنوب مستعينا بالطيران األجنبي الذي يقصف أهدافا لسرايا الدفاع عن‬ ‫بنغازي ولبعض المواقع التابعة لكتائب من البنيان المرصوص في منطقة الجنوب في إطار‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪17‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫خطة بث الفوضى وخلط األوراق تمهيدا لفرضه في أي اتفاق سياسي قادم بعد فشل فرضه‬ ‫عسكريا بإشراف النظام المصري بدعم إماراتي كامل(‪ .)19‬وقد نجح هذا التيار المدعوم أجنبيا‬ ‫إحداث الفوضى وتشتيت الجهود لحل الصراع‪ ،‬ما أطال أمد األزمة وزاد في تعميقها‪ ،‬ألن‬ ‫حفتر يريد أن يلعب دو ار كبيرا‪ ،‬وعملية سيطرة سرايا الدفاع عن بنغازي على الحقول النفطية‬ ‫في المدة األخيرة والتقدم شرقا إلى حدود اجدابيا (أول مدن إقليم برقة من جهة الغرب) قبل‬ ‫أن يفرض عليها التوقف كانت رسالة لحفتر بأن أي عقوق للجهات الداعمة قد تكلفه خسارة‬ ‫كل شيئ‪ ،‬كما تم اثبات أنه ال يمكنه الصمود في غياب الدعم األجنبي(‪.)20‬‬ ‫تعرف هذه القوى الثالث حالة من اإلنهاك الشديد والضعف في الوسائل‬ ‫واإلمكانيات نتيجة عوامل عديدة أساسها اإلست ارتيجية الدولية التي عملت لسنوات على‬ ‫الوصول بالجميع إلى حالة الضعف دون تَمكن أي جهة من حسم الصراع لصالحها للتحكم‬ ‫في مجريات الصراع وتوجيهه بالشكل الذي يمكنها من السيطرة على جميع األطراف ومن‬ ‫فرض تشكيل الدولة الجديدة في ليبيا وفق مصالح القوى الكبرى (‪ .)21‬توجد نقطة مهمة‬ ‫اخرى‪ ،‬هناك من يعتبر أن الصديق الكبير محافظ البنك المركزي هو الحاكم الفعلي لليبيا‬ ‫وأن عالقته المتينة بالواليات المتحدة االمريكية التي تمسك بأهم ورقة في األزمة الليبية‪ ،‬ذلك‬ ‫أن المال لن يسيل ألي طرف قبل أن تستقر له األمور بالكامل وهي سياسة محافظ البنك‬ ‫المركزي(‪ .)22‬إن حكومة الوفاق من خالل أدائها تسعى إلشراك كل المكونات السياسية في‬ ‫بناء الدولة الجديدة‪ ،‬وعد اإلقصاء في هذه المرحلة البراغماتية السياسية بمفهومها البناء‬ ‫واإليجابي يحسن قراءة الواقع الدولي واإلقليمي سيجد نفسه خارج المعادلة‪.‬‬ ‫‪-5‬اإلرهاب وتنظيم الدولة‪ :‬في ‪ 12‬ماي ‪ 2016‬انطلقت عملية عسكرية البنيان المرصوص‬ ‫المتكونة من مجموعات مسلحة من مدن ليبيا الغربية على رأسها مصراتة‪ ،‬من أجل إخراج‬ ‫تنظيم الدولة من مدينة سرت الساحلية وسط البالد‪ ،‬وهي القوات المدعمة من طرف حكومة‬ ‫الوفاق الوطني المدعومة دوليا‪ ،‬بإلحاق الضرر الكبير به‪ ،‬وقد حسمت المعركة بشكل كبير‬ ‫مع دخول األمريكي على الخط بتوجيه ضربات جوية ضد التنظيم بطلب حكومي ليبي الذي‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪18‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫سعى التنظيم إلى جعل سرت عاصمة بديلة أو معتقال بديال عن الرقة السورية والموصل‬ ‫العراقية وتكمن أهمية المدينة في موقعها االستراتيجي بين الشرق والغرب الليبي أي تشكل‬ ‫منتصف ومنعرج بين أطراف الصراع على السلطة ما بعد نظام القذافي‪ ،‬ففي الغرب توجد‬ ‫فصائل مسلحة كبيرة محسوبة على جماعة اإلخوان المسلمين‪ ،‬وخصمهم اللدود في الجهة‬ ‫الشرقية المقابلة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر(‪.)23‬‬ ‫ُيصنف ما يجري في سرت ضمن الحرب على اإلرهاب وهي تختلف عن عملية الكرامة‬ ‫التي أطلقها حفتر منذ ‪ 2014‬ضد الجماعات اإلسالمية في المدن الشرقية كبنغازي ودرنة‬ ‫الستهداف جماعة أنصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة المصنفة دوليا في خانة اإلرهاب وكذا‬ ‫فصائل أخرى ساهمت بفعالية في ثورة ‪ 17‬فيفري ‪ 2011‬ضد نظام القذافي وهي امتداد لفجر‬ ‫ليبيا مما يشكل شكوكا حول أهداف حفتر الحقيقية من العملية‪ .‬كما أن تحالف كتائب الثوار‬ ‫في المدن الشرقية مع جماعة أنصار الشريعة عقد من الحسابات الداخلية لكل طرف‪،‬‬ ‫والمعضلة التي تشكلها حالة أنصار الشريعة هي التجذر الداخلي في المدن منذ فترة القذافي‬ ‫كدرنة وانتماء مقاتليها إلى قبائل محلية ما يعني صعوبة الحسم العسكري معها مثل داعش‬ ‫كما يتنافس التنظيمين داعش وأنصار الشريعة كما جبهة النصرة والتنظيم في سوريا هذا ما‬ ‫يطيل من أمد معركة حفتر في الشرق أكثر فأكثر(‪ .)24‬طبيعة الصراع على السلطة سيطر‬ ‫تنظيم داعش على مدينة سرت في فيفري ‪ 2015‬ما جمد الصراع مرحليا على السلطة بين‬ ‫معسكري حفتر وفجر ليبيا الذي وصل إلى صدام مسلح بين الطرفين في ماي ‪ 2014‬ما‬ ‫تبعها من عملية الكرامة في بنغازي ومحاولة االنقالب على المؤتمر الوطني العام في‬ ‫طرابلس‪ ،‬كما أنه أعلن صراحة حربه على جماعة اإلخوان ما اعطى سببا استباقيا لتحالف‬ ‫فجر ليبيا بشن حملة عسكرية على العاصمة وطرد كتيبتي الصواعق والقعقاع المنتميتين إلى‬ ‫مدينة الزنتان والمحسوبتين على حفتر‪ .‬ويرجع التنافس على السلطة بين الطرفين إلى‬ ‫األسباب الداخلية المرتبطة بالصراعات القبلية التاريخية بين الشرق والغرب‪ ،‬واالقليمية‬ ‫المرتبطة بالصراعات الداخلية في الدول المجاورة التي شهدت ثورات‪ ،‬واألهم هو العامل‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪19‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫النفطي الذي ُيفسر ببساطة السيطرة على منشآت النفط يعني السيطرة على تدفق العوائد‬

‫المالية ومنه التأثير على الموقف السياسي واألمني‪ ،‬رسم هذا التنافس الحدود التاريخية بين‬ ‫طرابلس وبرقة وهما منطقتان في حقبة االستعمار اإليطالي اندمجتا مع فزان في الجنوب‬

‫حين استقلت ليبيا(‪ .)25‬يتمّثل خطر تنظيم داعش كونه امتداد للتنظيم في العراق والشام بعدما‬ ‫تم طرده من هناك‪ ،‬والقدرة على التنسيق واالنتشار في المنطقة خاصة مع التنسيق مع تنظيم‬ ‫بوكو حرام في نيجيريا وانصار الشريعة في شمال افريقيا(‪ ،)26‬لكن قوات البنيان المرصوص‬ ‫المدعومة من حكومة السراج حصلت على التقدم الكبير للقضاء على تنظيم داعش في سرت‬ ‫ما ينبئ بانقالب عديد المعادالت خصوصا ضد عملية الكرامة التي يقودها حفتر(‪.)27‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التقاطعات اإلقليمية لألزمة الليبية‪ :‬ليبيا جزء من المعادلة العربية اإلقليمية‪ ،‬وفي ظل‬ ‫االنقسام والواقع العربي المتأزم‪ ،‬تغيب استراتيجية اقليمية موحدة حولها‪ ،‬هناك تباين وتردد‬ ‫المواقف‪ ،‬خاصة دول الجوار الليبي ذات المخاوف من االنخراط العسكري في األزمة‬ ‫لمحاربة التنظيمات المتطرفة اإلرهابية‪ ،‬ودول الخليج المفضلة للتغيير الثوري عن طريق‬ ‫تقديم الدعم لعملية فجر ليبيا‪ ،‬أو لعملية الكرامة‪.‬‬ ‫‪-1‬الجوار المغاربي‪ :‬يعتبر عبد النور بن عنتر‪ ،‬المتخصص االستراتيجي في الشأن‬ ‫المغاربي‪ ،‬أن النظام اإلقليمي المغاربي مرتهن لصراعات ما دون الحرب‪ُ ،‬مصنفا ليبيا ضمن‬ ‫المتسمة باالستمرار ويخضع المغرب‬ ‫المتسمة بالتغيير مقارنة بالوحدات األخرى ُ‬ ‫وحداته ُ‬ ‫العربي للتفاعالت والتأثيرات القادمة من ثالثة نظم فرعية‪ :‬المشرق‪ ،‬غرب المتوسط‪ ،‬الساحل‪،‬‬

‫وعليه‪ ،‬فشبكة العالقات التي تنخرط فيها وحداته ُمعقدة ومتعددة األبعاد‪ ،‬وتتسم بتنوع العوامل‬ ‫المؤثرة فيها‪ ،‬حسب التوجهات الحاكمة لهذه الدوائر اإلقليمية الثالث(‪ .)28‬كما لم تطور ثقافة‬ ‫ُ‬ ‫أمنية مغاربية تجمع بين مختلف الثقافات الوطنية المتشابهة في بوتقة واحدة‪ ،‬وجود انفصام‬ ‫في الشخصية األمنية المغاربية والعربية بالعموم‪ ،‬امن إيجابي على المستوى اإلقليمي األوسع‬ ‫''المتوسطي'' وأمن سلبي مغاربيا‪ ،‬وتتحاور فرادى مع الناتو وأوروبا بشأن التحرك العملياتي‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪20‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المشترك بين قواتها والقوات األورو‪-‬أطلسية‪ ،‬بينما هذا منعدم فيما بينها‪ .‬ومع تداعيات‬ ‫الحراك العربي لم تحدث تحوالت سياسية على مستوى الدائرة األمنية‪ ،‬فما تزال بيئة ''هوبزية''‬ ‫مصغرة بينيا‪ ،‬و''كانتية'' مصغرة في العالقة مع اآلخر‪.‬‬ ‫أما تداعيات األزمة الليبية مغاربيا‪ ،‬فهي ال تُؤثر على التوازن السائد لكنها وترت‬

‫العالقة بين الجزائر والمغرب بحكم الحدود‪ ،‬ترى الجزائر األزمة الليبية تهديدا ألمنها القومي‪،‬‬ ‫وتتخوف من انتقال األسلحة إلى الجماعات اإلرهابية في الساحل‪ ،‬كما أصرت على الحياد‬

‫منذ البداية بالنظر إلى العوامل التالية‪ :‬رفض التدخل األجنبي‪ ،‬مهما كانت الذريعة بحكم‬ ‫الحدود المشتركة‪ ،‬واالقتناع أن االنحياز يقحم في الصراع‪ .‬أما المغرب‪ ،‬فبحكم الجغرافيا ال‬ ‫يرى الوضع في ليبيا تهديدا مباش ار ألمنه القومي‪ ،‬وبالتالي له مناورة أكبر من الجزائر‪ ،‬كما‬ ‫أن االمتدادات الساحلية لألزمة الليبية ال تؤثر على أمنه‪ .‬هذا ما يفسر اختياره معسكر‬ ‫التدخل لخدمة مصالح مغربية عليا هي حصد مزيد من الدعم بشأن الصحراء الغربية‪ ،‬ما‬ ‫ُيعد تعميق الهوة ولو ظرفيا بين الجزائر والمغرب أحد أبرز التداعيات االستراتيجية لألزمة‬ ‫الليبية‪ .‬توجد تقاليد إقليمية مرتبطة باالتفاق الضمني حول االلتزام بالحد األدنى بسياسة‬ ‫ضبط النفس وعدم وصول التوترات إلى المواجهة ''تسقيف التوتر''‪ ،‬بوجود الحد األدنى‬ ‫للتعاون بينها‪.)29(.‬‬ ‫‪-2‬تجاذب المبادرات اإلقليمية‪ :‬تنعدم الرؤية الموحدة للحل في ليبيا كذلك على مستوى دول‬ ‫الجوار اإلقليمي وغيرها ويمكن تصنيفها إلى العديد من المحاور منها‪ :‬المحور األول الداعم‬ ‫لمعسكر الشرق المتكون من مصر اإلمارات خصوصا‪ ،‬ينطلق من معاداة جماعة اإلخوان‬ ‫أي مخرجات الوضع الداخلي المصري وجه وحدد خياراتها بالشأن الليبي‪ .‬المحور الثاني‬ ‫الداعم لمعسكر فجر ليبيا خاصة قطر والسودان وكذا تركيا التي تعد طرفا إقليميا مؤث ار ال‬ ‫يمكن تجاهل نفوذها وهو الداعم لإلخوان في المنطقة العربية وكذا ليبيا‪ .‬أما المحور الثالث‬ ‫فيتمثل في دول الحياد تونس الجزائر والمغرب مع اختالف أسباب وطبيعة الحياد تجاه‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪21‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫الوضع الليبي‪ ،‬أساسا مدركات التهديد المتمثلة في هواجس انتقال الفوضى في ليبيا إلى تلك‬ ‫البلدان أو إليها‪ .‬فالمغرب رعت اتفاق الصخيرات‪ ،‬تونس احتضنت والدة حكومة الوفاق‬ ‫الليبية والجزائر ترفض التدخل العسكري في ليبيا وكذا تتبنى الحياد اإليجابي تجاه كل أطراف‬ ‫الصراع (‪.)30‬‬ ‫يرى عبد النور بن عنتر‪ ،‬أنه وبالرغم من تعدد المبادرات والمسارات واألطراف‬ ‫المحلية واإلقليمية والدولية‪ ،‬ال توجد تسوية سلمية للشأن الليبي‪ ،‬إذ ال يساهم هذا التعدد في‬ ‫تسوية األزمة ألن أطراف الصراع المحلية لها تفضيالت سياسية متباينة لهذا الطرف أو ذاك‬ ‫حسب المصالح اآلنية وتموقع خصومها(‪ .)31‬كما يرى تناقض أفضلياتها‪ ،‬فمعظم األطراف‬ ‫المعسكرات الداخلية‪،‬لم تأخذ مسافة متساوية مع األطراف الليبية‬ ‫اإلقليمية مرتبطة بأحد ُ‬

‫المتناحرة‪ ،‬يوجد باألساس خالف إقليمي حول طبيعة التسوية في ليبيا‪ ،‬وكانت كل األطراف‬

‫اإلقليمية تنادي بضرورة الحل السياسي لكن بعض تصرفاتها توحي عكس ذلك‪ ،‬حيث تدعم‬ ‫عسكريا أطرافا ليبية ضد أخرى‪ ،‬أو التدخل العسكري في الصراع الليبي البيني‪ ،‬هذا ما يبرز‬ ‫الخالف والتنافس بين األطراف اإلقليمية‪ ،‬إضافة إلى ان التسوية السياسية في حد ذاتها لها‬ ‫عدة مسارات تفاوضية إقليمية‪ ،‬أساسها‪ :‬جزائرية‪ ،‬مغربية‪ ،‬مصرية(‪ .)32‬هذا ما ُيساهم في‬

‫تشتيت الجهود اإلقليمية كما ُيقدم لليبيين فكرة عن تعدد المسارات اإلقليمية للحل ومنه تشتيت‬ ‫الجهود الداخلية كذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬حركية المنظومة الخليجية‪ :‬المالحظ أن بعض دول الجوار ترفض التدخل الخارجي في‬ ‫الشؤون الداخلية الليبية لكنها في نفس الوقت متورطة فيه على مختلف المستويات عن طريق‬ ‫الدعم العسكري واللوجيستي واالستخباراتي والتقني لخليفة حفتر‪ ،‬ووصل بها الدعم إلى حد‬ ‫مشاركة طائرات من طرفها نفذت غارات جوية على القوة المناوئة لحكومة طبرق في‬ ‫العاصمة الليبية طرابلس في اوت ‪ 2014‬بالرغم من نفيها الضلوع في تلك الغارات‪ .‬في نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬تدعم دولة أخرى الثوار اإلسالميين والجماعات المتطرفة بالمال والسالح (‪.)33‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪22‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -4‬المساعي اإلقليمية لحل األزمة الليبية‪ :‬تتمثل أهم دوافع المباد ارت هي العمل على سد‬ ‫حالة الفراغ السياسي في ليبيا‪ ،‬تقريب وجهات النظر بين األطراف وتعزيز مسار التحول‬ ‫الديمقراطي‪ .‬وانتقدت الجزائر وبشدة كثرة المبادرات حول ليبيا الى درجة تعارضها وتناقضها‬ ‫وهي البلد الذي يعمل على إقامة الحوار بين الفرقاء في ظل التعقيدات المحلية واإلقليمية‪،‬‬ ‫حيث استقبلت جوالت من الحوار بين الفرقاء الليبيين الذي أدى إلى اتفاق الصخيرات في‬ ‫المغرب‪ ،‬مثل القائد العسكري خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الليبيى فايز السراج ورئيس‬ ‫مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق عقيلة صالح إلجراء المباحثات للحلحلة في الشأن‬ ‫الليبي (‪.)35‬‬ ‫الموقع في ‪ 20‬فيفري ‪ 2017‬بين‬ ‫شكل إعالن تونس المشترك لحل االزمة الليبية ُ‬ ‫الجزائر وتونس ومصر لدعم التسوية السياسية الشاملة في ليبيا‪ ،‬إذ أكد على تحقيق‬ ‫المصالحة برعاية دول الجوار واألمم المتحدة والتمسك بالحل السياسي‪ ،‬ورفض الحل‬ ‫العسكري والتدخل الخارجي في ليبيا(‪ .)36‬للدفع بالعملية السياسية والخروج من حالة الجمود‪.‬‬ ‫وحسب مرتكزاته الست‪ ،‬فهو يسعى إلكمال العملية السياسية المرتبطة باتفاق الصخيرات‬ ‫اإلطار المرجعي‪ ،‬وبرعاية الدول الثالث وكذا الرعاية االممية‪ ،‬والعمل على لم الشمل الفرقاء‬ ‫الليبيين‪ .‬على هذا المستوى‪ ،‬ال يتم النظر لألزمة الليبية كشأن داخلي‪ ،‬بل ذات تداعيات في‬ ‫محيطها‪ ،‬ما سيؤدي إلى اضطرابات مختلفة‪ ،‬من هنا فاستمرار األزمة الليبية او ايجاد تسوية‬ ‫لها سيؤثر سلبا أو ايجابا على دول الجوار على كل المستويات‪ ،‬االمنية‪ ،‬االقتصادية‬ ‫واإلنسانية واالجتماعية بسبب نفاذية الحدود‪ .‬إما ايجاد الحلول او الغرق في األزمة‬ ‫بصوملتها(‪ .)37‬رغم تركيز المبادرة على االستحقاقات اإلجرائية إلنهاء حالة النزاع المسّلح‬ ‫واالنقسام السياسي والمؤسساتي إال أن أهم مشكل هو مدى قبول المعسكر الشرقي لها‪ ،‬وهو‬ ‫المقرب للطرف المصري اّلذي ال ُيبين استعداده للضغط على حفتر‪ .‬كما أن وجهات النظر‬ ‫ُ‬ ‫العملية السياسية‪،‬‬ ‫التونسية والجزائرية ال تبدو متقاربة مع تلك المصرية في ما يتعّلق بمستقبل‬ ‫ّ‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪23‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫وخاصة حجم ودور كل طرف من أطراف المشهد في ليبيا‪ .‬إن الفشل المحتمل لهذه المبادرة‬ ‫يطرح استئثار قوى أخرى متحفزة بهذا الملف وإدارته وفقا لمصالحها وأطماعها(‪.)38‬‬ ‫رابعا‪ :‬حدود أقلمة الصراع الدولي في ليبيا‬ ‫‪ -1‬المبادرات األممية‪ :‬تدخلت أطراف دولية لإلطاحة بنظام القذافي بفرض منطقة حظر‬ ‫للطيران فوق ليبيا في بدايات الثورة ‪ 2011‬بشن ضربات محدودة من الناتو‪ ،‬إال أنها لم تتفق‬ ‫على رؤية واضحة في ليبيا ما بعد القذافي‪ ،‬والنتيجة كانت االنهيار السياسي واالقتصادي‪،‬‬ ‫وحرب الميليشيات والقبائل(‪ .)39‬المالحظ كذلك أن المبادرات االممية تحاول منافسة المبادرات‬ ‫الليبية في العديد من المناسبات مثال تم تحديد تاريخ مؤتمر روما في ‪ 13‬ديسمبر ‪ 2015‬في‬ ‫الفترة التي تم التوقيع على اتفاق تونس ‪ 11‬ديسمبر ‪ 2015‬والتوقيع النهائي في ‪ 16‬ديسمبر‬ ‫‪ ،2015‬ثم جاء مؤتمر روما والذي شارك فيه العديد من األطراف الدولية واإلقليمية ولم يفض‬ ‫إلى شيء جديد سوى التأكيد على ضرورة االتفاق بين األطراف وإنهاء األزمة الليبية(‪.)40‬أي‬ ‫ال يمكن التوصل إلى حل للنزاع الليبي إال من خالل اتفاق أممي المتمثل في اتفاق‬ ‫الصخيرات وأي محاولة تنسيق أخرى غير واقعية وغير مقبولة‪.‬‬ ‫كما نالحظ ذلك من خالل التناقض الواضح في أدوار المبعوثين األممين لدعم ليبيا منذ‬ ‫‪ ،2011‬فالدبلوماسي اللبناني طارق متري الذي ترأس البعثة في أكثر المراحل حساسية‬ ‫اشتكى من انعدام الدعم الدولي لمهمته‪ ،‬بينما برناردينو ليون اإلسباني كان له دور سلبي في‬ ‫إدارة الصراع إذ انحاز لصالح معسكر حفتر والبرلمان على حساب المعسكر اآلخر‪ .‬أما‬ ‫مارتن كوبلر المبعوث األلماني عمل على تصحيح المسار بعض الشيء بمساهمته الكبيرة‬ ‫في اختراق األزمة والمساهمة في الخروج باتفاق الصخيرات‪ ،‬لكن االتفاق نفسه لم يحض‬ ‫بدعم دولي كبير وال إقليمي وال داخلي‪ ،‬ذلك للتخبط في حسم المواقف المختلفة تجاه االنقسام‬ ‫الليبي‪ ،‬إذ هناك تصريحات دولية لدعم حكومة السراج في نفس الوقت تقديم دعم عسكري‬ ‫مباشر للواء حفتر ضد خصومه‪ ،‬وهو تناقض صارخ‪ ،‬أي أن فشل األمم المتحدة في ليبيا‬ ‫مرتبط أكثر باختالف رؤى األطراف الدولية النافذة في كيفية إنهاء الحرب وشكل العملية‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪24‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫السياسية المنشودة(‪ .)41‬وقد وافق مجلس األمن في ‪ 16‬جوان ‪ 2017‬على تعيين األكاديمي‬ ‫والدبلوماسي اللبناني غسان سالمة مبعوثا أمميا جديدا لليبيا‪ .‬وبذلك يكون السادس بين‬ ‫الممثلين الخاصين لألمم المتحدة لدى ليبيا‪ ،‬وذلك بعد األردني عبد اإلله الخطيب‪،‬‬ ‫والبريطاني إيان مارتن‪ ،‬واللبناني طارق متري‪ ،‬واإلسباني برناردينو ليون واأللماني كوبلر (‪.)42‬‬ ‫‪-2‬أدوار القوى الدولية‪ :‬لقد تركزت غالبية جهود القوى الكبرى خصوصا الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية واالتحاد األوروبي وروسيا والصين على دعم جهود االمم المتحدة في إيجاد حل‬ ‫سياسي لألزمة الليبية من خالل الحوار بين الفرقاء الليبيين وحث القوى اإلقليمية على عدم‬ ‫التدخل أو دعم أي من األطراف المتصارعة باألسلحة‪ ،‬لكنها لم تترك هامش مناورة لألمم‬ ‫المتحدة إما بالنظر لعدم اكتراثها باألزمة أو العجز عن التسوية‬

‫(‪)43‬‬

‫أو عدم أولويتها مقارنة‬

‫باألزمات الشرق أوسطية األخرى تحديدا األزمة السورية واليمنية وكذا تداعيات أزمة الخليج‬ ‫االخيرة‪ .‬ويمكن تفسير ذلك باإلشارة إلى العوامل الخارجية المرتبطة بالتوازن االقليمي والدولي‬ ‫إذ ليس من مصلحة الفواعل األورو‪-‬أطلسية وامتداداتها في المجموعة الدولية اندالع أي‬ ‫صراع في المنطقة يهدد أمنها ويؤثر سلبا على ضفته الشمالية‪ُ .‬يمثل تدفق الهجرة نحو شمال‬

‫المتوسط‪ ،‬حسب التقرير العالمي ‪ 2016‬حول األزمة اإلنسانية التي عاشتها البالد بنزوح أكثر‬ ‫من ‪ 000 400‬نازح داخلي وزيادة تناقص اإلمداد بالخدمات األساسية‪ .‬مكن االنهيار الواسع‬ ‫للقانون وانعدام النظام إلى تحول العشرات من المهاجرين والالجئين وطالبي اللجوء من‬ ‫المرور إلى أوروبا عبر ليبيا مع اإلشارة إلى وفاة حوال ‪ 31000‬وهو يحاولون عبور البحر‬ ‫األبيض المتوسط(‪ .)44‬خلص تقرير صادر عن المفوضية لشؤون الالجئين التابعة لألمم‬ ‫المتحدة بشأن أنماط الهجرة في ليبيا إلى أن البلد أضحى وجهة مفضلة للالجئين والمهاجرين‬ ‫القادمين من إفريقيا على أمل الوصول إلى أوروبا‪ ،‬كما أن شبكات تهريب المهاجرين‬ ‫والالجئين تتوسع بشكل كبير في ليبيا وصارت أكثر حرفية في التعامل مع المشكالت‬ ‫المتعلقة بالهجرة واللجوء(‪.)45‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪25‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫‪-3‬التنافس والصراع الدولي على ليبيا‪ :‬دخلت ليبيا ما بعد ‪ 2011‬مرحلة جديدة من الصراع‬ ‫الدولي بتواجد القوى الغربية على اراضيها وفق العديد من الصيغ أساسها عسكري تدخلي أو‬ ‫مساعدات إنسانية أو مساندة طرف ضد اآلخر أو تدريبات‪:‬‬ ‫إيطاليا‪ :‬تعتبر أكثر بلد أوروبي معني مباشرة بالملف الليبي‪ ،‬ذات حضور ُمكثف سياسيا‪،‬‬ ‫اقتصاديا‪ ،‬إنسانيا وأمنيا‪-‬استخبراتيا‪ ،‬إذ أرسلت قوات إلى طرابلس بدعوى حماية سفارتها التي‬ ‫فتحتها بعد عامين من إغالقها‪ ،‬وأرسلت مستشفى ميداني إلى مدينة مصراته يضم‬

‫‪200‬‬

‫شخص نصفهم عسكريون‪ ،‬خالل عملية تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش‪ .‬توجد بارجتين‬ ‫حربيتين إيطاليتين قرب السواحل الليبية الغربية ليبيا‪ .‬أما في قطاع النفط والغاز الليبي‪،‬‬ ‫تسيطر شركة ''إيني'' اإليطالية على معظم االستثمارات وتملك حقول نفط وغاز بحوالي‬ ‫‪ ،%50‬منها حقول أبو الطفل‪ ،‬البوري‪ ،‬الفيل وحقل الوفاء‪ .‬كما شهدت في ‪ ،2016‬تدفق أزيد‬ ‫من ‪ 180‬ألف مهاجر غير شرعي‪ ،‬غالبيتهم قدموا إليها من السواحل الليبية‪ .‬وتخشى التنافس‬ ‫على النفوذ اإلقتصادي من روسيا‪ ،‬خاصة وأن روسيا خسرت استثمارات بقيمة ‪ 10‬مليار‬ ‫دوالر قبل سقوط القذافي في ‪ ،)46( 2011‬والنفوذ السياسي من فرنسا وغيرها‪.‬‬ ‫فرنسا‪ :‬كان الدور الفرنسي حاض ار في الملف الليبي منذ ‪ 2011‬كالعب أساسي مباشر‬ ‫خاصة في عهد الرئيس ساركوزي‪ ،‬أين كان لها دو ار كبي ار في مجلس األمن في هندسة‬ ‫والحصول على األغلبية للقرار‪ 1970‬وكانت أول دولة تعترف بالمجلس االنتقالي‪ .‬كما تُؤثر‬ ‫في الشرق الليبي أكثر من غربه‪ ،‬لكن تراجع ذلك في عهد الرئيس هوالند مقابل بروز الدور‬

‫اإليطالي‪ ،‬شاركت قواتها الخاصة في عمليات عسكرية لحفتر في بنغازي‪ ،‬وهو ما تأكد بعد‬ ‫سقوط مروحية فرنسية غرب طرابلس خالل مواجهات مع سرايا الدفاع عن بنغازي‪ ،‬وهم‬ ‫مسلحين من الشرق مناهضين لحفتر‪ ،‬ومدعومين من كتائب مصراته‪ .‬كما تتواتر أخبار عن‬ ‫تواجد قوات خاصة فرنسية جنوب غربي ليبيا لمطاردة الجماعات المسلحة واإلرهابية في‬ ‫شمال مالي والتي تجوب بلدان الساحل اإلفريقي دون ردع(‪ .)47‬ثم قام ايمانويل ماكرون‬ ‫بإحياء ملف الوساطة الدبلوماسية بعد شهرين من انتخابه رئيسا ليحاول اختراق ليبيا ُمجددا‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪26‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫روسيا‪ :‬تتواجد حاملة طائرات روسية في المياه اإلقليمية الليبية الشرقية‪ ،‬األميرال‬ ‫كوزنيتسوف‪ ،‬الراسية في ميناء طبرق‪ ،‬أين اجتمع حفتر مع رئيس أركان الجيش الروسي‪،‬‬ ‫فاليري غيراسيموف‪ ،‬وأجرى مباحثات مع وزير الدفاع الروسي‪ ،‬سيرغي شويغو‪ ،‬أين أراد‬ ‫حفتر التزود بالسالح‪ .‬وبحسب الدكتور جواد الحمد‪ ،‬الخبير االستراتيجي األردني‪ ،‬مدير‬ ‫مركز دراسات الشرق الوسط باألردن‪ ،‬فإن‪'':‬روسيا لن تلتزم بالحظر الدولي المفروض على‬ ‫توريد السالح إلى أطراف الصراع في ليبيا''‪ ،‬مستشهدا بـ''إرسال موسكو أسلحة ثقيلة إلى‬ ‫سوريا''‪ ،‬ولم يستبعد أن‪'':‬تقوم موسكو بتفعيل اتفاقية وقعتها مع نظام القذافي في‪ ،2008‬وكان‬ ‫مقر ار أن تدخل حيز التنفيذ في‪ ،2010‬ومن بين بنودها السماح بإقامة قاعدة بحرية روسية‬ ‫في بنغازي‪ ،‬جنوب البحر األبيض المتوسط على غرار قاعدة طرطوس الروسية في سوريا‬ ‫شرق البحر األبيض المتوسط‪ .‬لكن تواجد قواعد بحرية أو جوية يعني تهديد الساحة الخلفية‬ ‫األوروبية‪ ،‬بحسب الخبير االستراتيجي األردني‪ ،‬قائال‪'' :‬أوروبا قلقة من أي تحرك روسي‬ ‫شرقي ليبيا‪ ،‬فهذه مسألة جوهرية بالنسبة لها''‪ .‬كما نقلت وكاالت األخبار في‬

‫‪2017-03-13‬‬

‫اتفاق بين موسكو والقاهرة على تجديد اتفاقية إنشاء القاعدة التي أقامها اإلتحاد السوفياتي‬ ‫زمن الحرب العالمية الثانية ب''سيدي البراني'' غير بعيد من طبرق (‪.)48‬‬ ‫الواليات المتحدة االمريكية‪ :‬شاركت قواتها الجوية بشكل مباشر في عملية تحرير سرت ضد‬ ‫داعش‪ ،‬إضافة إلى تواجد قوات خاصة أمريكية وبريطانية في المنطقة الفاصلة بين مصراته‬ ‫وسرت‪ ،‬وظهر ذلك جليا خالل اشتباكات مع عناصر داعش‪ ،‬في ماي ‪ ،2016‬خالل عملية‬ ‫البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق لتحرير سرت‪ .‬الحكومة المؤقتة تحدثت عن‬ ‫''معلومات تفيد بوجود أكثر من ألف جندي أمريكي دخلوا ليبيا خلسة ومتمركزين في إحدى‬ ‫ضواحي العاصمة(‪ .)49‬كثي ار ما يعتبر محللون روس أن نشاط األسطول الروسي في البحر‬ ‫األبيض المتوسط يمثل أحد أوجه الرد على الدرع الصاروخية األمريكية المنصوبة شرقي‬ ‫أوروبا‪ ،‬وتعتبرها موسكو تهديدا مباش ار ألمنها القومي‪ ،‬غير أن إقامة قاعدة بحرية روسية في‬ ‫ليبيا‪ ،‬بحسب الخبير االستراتيجي األردني جواد الحمد‪'':‬يتيح للجيش الروسي التواجد على‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪27‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫مسافة أقرب من أوروبا والقواعد األمريكية في جزيرة صقلية اإليطالية‪ .‬وهذا غير مقبول‬ ‫استراتيجيا بالنسبة لواشنطن''‪..‬إن الصمت األمريكي الراهن تجاه التمدد الروسي في ليبيا ربما‬ ‫يهدف إلى توريط الدب الروسي أكثر في مستنقع النزاعات الدولية بالشرق األوسط‪ ،‬وربما‬ ‫يعبر عن رضا غربي عن هذا الدور الروسي في محاربة اإلرهاب''‪ .‬وأضاف‪ '':‬إن واشنطن‬ ‫اتخذت ق ار ار مبك ار بعدم التدخل العسكري في ليبيا‪ ،‬وتركت األمر إلى حلفائها األوروبيين‪ ،‬مع‬ ‫ترك قوات أمريكية صغيرة على األرض‪ ،‬سواء في ليبيا أو العراق أو سوريا''(‪.)50‬‬ ‫خامسا‪ :‬تقييم مساعي األطراف المختلفة‪ :‬توجد في ليبيا أربع تحديات أساسية‪ :‬أوال‪ ،‬تنازع‬ ‫السلطة بين مجلس النواب في الشرق وحكومة الوفاق والمجلس الرئاسي في الغرب‪ ،‬أي‬ ‫''انقسام الشرعية''‪ ،‬فمجلس النواب ُمعترف به كجهاز تشريعي وحيد والمجلس الرئاسي‬ ‫معترف به كجهاز تنفيذي وحيد‪ ،‬ما أدى لعدم اكتمال الشرعية التنفيذية وال الرئاسية‪ .‬ثانيا‪،‬‬ ‫انتشار الميليشيات المسلحة في كل البالد ذات الوالءات المتباينة‪ ،‬متطرفة‪ ،‬قبلية‪ ،‬تحت لواء‬ ‫حكومة الوفاق‪ ،‬مجموعات تابعة لحفتر‪ ،‬أو لقوات فجر ليبيا‪ ،‬والتي تتهمم بعضها بعضا‬ ‫باإلرهاب واالنقالب‪ .‬ثالثا‪ ،‬ملف الهجرة غير الشرعية وخطر االنتقال إلى الضفة الشمالية من‬ ‫المتوسط للوصول إلى إيطاليا‪ .‬رابعا‪ ،‬التدخل الخارجي في الملف‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكن التوصل‬ ‫للنتائج التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬تفتقد ليبيا ما بعد القذافي للمشروع الوطني الموحد والرؤية السياسية الواضحة التي‬ ‫تفرض سلطة مركزية قوية وتوحد النسيج المجتمعي والمؤسسات المستقرة سياسيا‪ ،‬امنيا‬ ‫واقتصاديا‪ ،‬في ظل تراجع الحس الوطني مقابل الحس الجهوي والقبلي‪ ،‬ووجود السالح‪ ،‬ما‬ ‫ُيرشح المرحلة االنتقالية أن تكون طويلة ومعقدة‪.‬‬

‫‪ -2‬تعاني ليبيا من أزمة المراوحة‪ ،‬والتفاقم‪ ،‬وعدم النضوج والتوجه نحو الحل بالنظر إلى‬

‫تشابك المعطيات‪-‬الفواعل‪-‬التفاعالت‪ ،‬انعدام التوازن بين الداخل والخارج وعدم رغبة‬ ‫األطراف الخارجية حلحلة الوضع الليبي لم يتم التوصل للحل السلمي لتسوية األزمة الليبية‬ ‫بالرغم من كثرة وتعدد المبادرات والمسارات مع استمرار التموقع وتفضيل المصالح‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪28‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪ -3‬تبقى عملية بناء التوافقات الداخلية‪ ،‬الحوار البيني‪ ،‬هي الدافع األساسي للحل في ليبيا‪.‬‬ ‫اإلرادة الوطنية والشراكة البينية‪ ،‬ودعم دول الجوار اإلقليمي مهم جدا‪.‬‬ ‫‪ -4‬تعد األزمة الليبية شأنا مغاربيا وإفريقيا بامتياز مع ضرورة وضع جدول اعمال وترتيب‬ ‫لألولويات في ليبيا محور الصراع الدولي واإلقليمي وعلى الجزائر تنويع حزمة تحركاتها‬ ‫المتعددة االتجاهات والمسارت‪ :‬دبلوماسية‪-‬مشاورات‪-‬العمل مع الفواعل على االرض‬ ‫بالتنسيق مع الفواعل المحلية واالقليمية‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬مصطفى التير‪ ،‬العسكر ومعضلة التحول الديمقراطي‪ :‬دراسة الحالة الليبية‪ ،‬في الجيش والسياسة في مرحلة‬

‫التحول الديمقراطي في الوطن العربي‪ ،‬المركز العربي لألبحاث والدراسات السياسية‪ .2016،‬ص ص ‪-24‬‬ ‫‪.25‬‬

‫‪2‬‬

‫‪- Luis Martinez, Libye : violence , fédéralisme et démocratie. In The Algerian‬‬ ‫‪Journal of Political Sciences and International Relations. Third Issue-December.‬‬ ‫‪P.15.‬‬ ‫‪ - 3‬محمد نجيب بوطالب‪ ،‬الظواهر القبلية والجهوية في المجتمع العربي المعاصر دراسة مقارنة للثورتين‬ ‫التونسية والليبية‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬ط‪ .2012 ،1‬ص ص ‪.35-34‬‬

‫‪ -4‬محمد نجيب بوطالب‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.41-40‬‬ ‫‪ -5‬محمد نجيب بوطالب‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.60-59‬‬

‫‪6‬‬

‫‪-Moncef Djaziri, ''Tribus et Etat dans le système politique libyen'', )Outre-Terre‬‬ ‫‪2009/3), p.128-130.‬‬ ‫‪ - 7‬يوسف محمد جمعة الصوا ني‪ ،‬اإلنتقال الديمقراطي في ليبيا‪ :‬التحديات واآلفاق‪ ،‬في‪ :‬الديمقراطية المتعثرة‬ ‫مسار التحركات العربية الراهنة من أجل الديمقراطية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص ص‬ ‫‪.268-267‬‬

‫‪ -8‬محمد سليمان الزواوي‪ ،‬التداعيات اإلقليمية لألزمة الليبية‪ ،‬رؤية تركية‪ ،‬تركيا‪ :‬مركز الدراسات السياسية‬ ‫واإلقتصادية واإلجتماعية (ستا)‪ ،‬العدد ‪ ،3‬خريف ‪ ،2014‬ص ص ‪.29-28‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ -‬يوسف محمد جمعة الصواني‪ ،‬اإلنتقال الديمقراطي في ليبيا‪ :‬التحديات واآلفاق‪ ،‬في‪ :‬الديمقراطية المتعثرة‬

‫مسار التحركات العربية الراهنة من أجل الديمقراطية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص ص‬ ‫‪.271-270‬‬

‫‪10‬‬

‫‪-The World Bank, Libya’s Economic Outlook - Spring 2016‬‬ ‫‪United Nations, Human Development Report 2015, Table A1‬‬

‫‪11-‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪29‬‬


‫د‪ .‬فاطمة بقدي‬

‫مآالت الصراع الليبي المفتوح وتأجيل انضاج المرحلة االنتقالية‬

‫‪ -12‬عباس بوغانم‪ ،‬تقرير عن‪ :‬الملتقى الدولي‪'' :‬ليبيا بعد أربع سنوات من الثورة‪ :‬الحصيلة‪ ،‬المآالت وسبل‬ ‫الخروج من األزمة''‪ ،‬تونس ‪3-2‬حزيران‪-‬يونيو ‪ ،2015‬المستقبل العربي‪ ،‬ص ‪.170‬‬

‫‪ -13‬عباس بوغانم‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬

‫‪-14‬وليد أرتيمة‪ ،‬المشهد الليبي‪ :‬استمرار تعقيدات الحل السياسي والعسكري‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،‬مارس‬ ‫‪ .2016‬ص ‪.02‬‬

‫‪15‬‬

‫‪-Karim Mezran et al., ‘’Une dernière chance pour la Libye’’, Outre-Terre‬‬

‫‪2015/(N◦44), p. 119-127.‬‬

‫‪ -16‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬تناقضات المشهد وشروط الحل‪ 11 .‬اغسطس ‪http://www.csds-.2016‬‬ ‫‪center.com‬‬

‫‪17‬‬

‫‪ -‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬األزمة وحظوظ الوفاق‪ .‬عن مركز الدراسات االستراتيجية والدبلوماسية‪ 11 .‬أفريل‬

‫‪http://www.csds-center.com .2017‬‬

‫‪ -18‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬األزمة وحظوظ الوفاق‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ -19‬المهدي ثابت ‪ ،‬ليبيا‪ :‬التوازنات الجديدة وأثرها على المشهد‪ .‬مركز الدراسات االستراتيجية والدبلوماسية‪31 .‬‬ ‫ماي ‪http://www.csdscenter.com .2017‬‬

‫‪ -20‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬األزمة وحظوظ الوفاق‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ -21‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬األزمة وحظوظ الوفاق‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ -22‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬األزمة وحظوظ الوفاق‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ -23‬محمود علوش‪ ،‬مستقبل الصراع على السلطة في ليبيا‪ ،‬المعهد المصري للدراسات السياسية واإلستراتيجية‪،‬‬ ‫‪ 18‬أغسطس ‪ ،2016‬ص ‪01‬‬

‫‪24‬‬

‫‪ -‬محمود علوش‪ ،‬مستقبل الصراع على السلطة في ليبيا‪ ،‬المعهد المصري للدراسات السياسية واإلستراتيجية‪،‬‬

‫‪ 18‬أغسطس ‪ ،2016‬ص ‪02‬‬

‫‪ -25‬محمود علوش‪ ،‬مستقبل الصراع على السلطة في ليبيا‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪03‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ -‬محمد التومي‪ ،‬استراتيجيا ''داعش'' في ليبيا بين سكونية التاريخ وحراك الجغرافيا‪ ،‬مركز الدراسات‬

‫‪28‬‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬تهديدات غير وجودية‪ ..‬اإلرتهان المغاربي لصراعات ما دون الحرب‪ ،‬ص‬

‫الديبلوماسية‪ 20 .‬فيفري ‪http://www.csds-center.com .2017‬‬ ‫االستراتيجية و‬ ‫ّ‬ ‫‪ - 27‬المهدي ثابت‪ ،‬ليبيا‪ :‬تناقضات المشهد وشروط الحل‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪www.siyassa.org.eg.23‬‬

‫‪29‬‬

‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬تهديدات غير وجودية‪ ..‬اإلرتهان المغاربي لصراعات ما دون الحرب‪ ،‬نفس المرجع‬

‫السابق‪ ،‬نفس الصفحة ص ص ‪www.siyassa.org.eg .24-23‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬

‫ محمود علوش‪ ،‬مستقبل الصراع على السلطة في ليبيا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪04‬‬‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬األزمة الليبية فشل جماعي‪www.alaraby.co.uk/opinion/2016-10-22 ،‬‬

‫‪-32‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬األزمة الليبية فشل جماعي‪ ،‬نفس المرجع السابق‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪30‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪33‬‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -‬محمد عبد الحفيظ الشيخ‪ ،‬ليبيا في الصراع السياسي والصراع العسكري‪ ،‬دراسات شرق أوسطية‪( ،‬مركز‬

‫دراسات الشرق األوسط‪ ،‬عمان)‪ ،‬العدد ‪ ،73‬صيف ‪ ،2015‬ص‪.17‬‬

‫‪ -34‬أشغال قمة دول جوار ليبيا واللجنة اإلفريقية الرفيعة المستوى مبادرة إفريقية لحل األزمة ‪ ،‬بوابة إفريقيا‬ ‫اإلخبارية‪www.Afrigatenews.net..2016-11-09 ،‬‬

‫‪-35‬حفتر "يبحث" األزمة الليبية في الجزائر ‪www.aljazeera.net/news/arabic/2016/12/18‬‬

‫‪36‬‬

‫‪-http://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2017/2/20‬‬

‫‪ -37‬عباس بوغانم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174-171‬‬

‫‪ -38‬خليل الكالعي‪ ،‬ليبيا‪ :‬المبادرة التونسية الجزائرية المصرية‪ ،‬أوجه التعثر وأسباب القصور‪ 27 .‬ماي‬ ‫‪http://www.csds-center.com.2017‬‬

‫‪39‬‬

‫‪- Libyan : Examination of intervention and UKs future policy options, House of‬‬ ‫‪Commons, Foreign Affairs Committee. Third Report of session 2016-17. P. 03.‬‬ ‫‪ -40‬يمنى سليمان‪ ،‬تطورات األزمة الليبية في ضوء اتفاق تونس‪ ،‬اسطنبول‪ :‬المعهد المصري للدراسات‬

‫‪41‬‬

‫اإلستراتيجية‪ 15 ،‬ديسمبر ‪ ،2015‬ص ص ‪.3-2‬‬

‫‪ -‬محمود علوش‪ ،‬مستقبل الصراع على السلطة في ليبيا‪ ،‬المعهد المصري للدراسات السياسية واإلستراتيجية‪،‬‬

‫‪ 18‬أغسطس ‪ ،2016‬ص ص ‪04-03‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪45‬‬

‫‪42‬‬

‫‪-http://www.aljazeera.net/encyclopedia/icons/2017/6/18‬‬ ‫‪-‬عبد النور بن عنتر‪ ،‬األزمة الليبية فشل جماعي‪.2016-10-22 ،‬‬

‫‪44‬‬

‫‪-www.hrw.org/ar/world-report/2016-country-chapters/285661‬‬

‫‪ -‬تقرير أممي‪ :‬ليبيا الوجهة المفضلة للمهاجرين والالجئين األفارقة للعبور إلى أوروبا‪.2017-07-03 .‬‬

‫‪http://www.bbc.com/arabic/middleeast-40480085‬‬

‫‪ -46‬ليبيا تتحول إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب‪https://info.politics-dz.com/2017/02/17‬‬

‫‪ -47‬مرجع نفسه‬

‫‪ -48‬محمد التومي‪ ،‬في العالقة السرية بين حفتر وداعش في المنطقة الشرقية‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية‬ ‫الديبلوماسية‪ 05 .‬أفريل ‪http://www.csds-center.com .2017‬‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫‪49‬‬ ‫‪ -‬ليبيا تتحول إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب‪https://info.politics-dz.com/2017/02/17‬‬

‫‪ -50‬مرجع نفسه‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪31‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫العدد ‪02‬‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬ ‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬ ‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ -‬فاس‪ -‬المغرب‬

‫ملخص‪:‬‬ ‫في السنوات األخيرة عرفت المجتمعات البشرية تطورات وأحداث متسارعة‪ ،‬من ذلك‬ ‫ظهور الحواسيب واإلنترنت ومواقع التواصل االجتماعي وغيرها‪ ،‬األمر الذي سيمهد الحقا‬ ‫لظهور العمليات اإلرهابية في جميع الدول‪ ،‬لذلك تناول مجموعة من الباحثين على عاتقهم‬

‫دراسة العالقة بين اإلرهاب واالنترنت التي ظهرت إلى حيز الوجود وشغلت بال الدول‬ ‫والمنظمات المعنية بمكافحة اإلرهاب بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر ‪ ،2001‬إذ‬ ‫اإلرهاب لم يعد مقتص ار على المجال المادي الواقعي فقط‪ ،‬بل انتقلت التنظيمات اإلرهابية‬ ‫إلى الفضاء اإللكتروني مما أعطى االنطالقة لما أصبح يعرف باإلرهاب اإللكتروني الذي‬ ‫أصبح عامال مساعدا للعمل اإلرهابي التقليدي المادي‪ ،‬وذلك بتوفير المعلومات عن األماكن‬ ‫المستهدفة‪ ،‬أو كوسيط في تنفيذ العمليات اإلرهابية بصفة عامة‪ ،‬باإلضافة إلى بأنه أصبح‬ ‫عامل تحريض على الكراهية الدينية وحرب األفكار‪ ،‬لذلك بدأت هذه المنظمات اإلرهابية‬ ‫تسعى إلى االستفادة من االنترنت واستثماره في التنقيب عن المعلومات‪ ،‬والحصول على‬ ‫التمويل والتبرعات وتجنيد وحشد األتباع‪ ،‬وكذلك تحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات‬

‫وتبادل المعلومات واألفكار والمقترحات حول كيفية إصابة الهدف واختراقه وكيفية صنع‬ ‫المتفجرات‪ .‬في هذه الدراسة سنحاول التعرف على مفهوم اإلرهاب اإللكتروني وأشكاله ونقاط‬ ‫التّشابه واالختالف بينه وبين واإلرهاب التّقليدي‪ ،‬ومن تم إلقاء الضوء على الدور الذي يجب‬ ‫أن تضطلع به الدول والجماعات واألفراد للتصدي لهذه الظاهرة والوقاية منها‪.‬‬ ‫الشبكات المعلوماتية‪،‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬اإلرهاب‪ ،‬االرهاب إلكتروني‪ ،‬اإلنترنت‪ ،‬هجمات‪ّ ،‬‬ ‫التقنية‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪32‬‬


‫ الجزائر‬-‫المركز الجامعي تندوف‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

Abstract : In the recent years, human societies have known a rapid developments and events, such as, using computers, Internets, social media and others. Consequently, this has paved the way for terrorist actions to take place later in all countries. Thus, many researchers have taken charge of studying the Internet and terrorism relation, which has come to existence and worried many countries and organizations that are in responsible of fighting terrorism after, September 2001, incident. This is so, because terrorism is no longer concerned with tangible and traditional fields only, but it has prevailed to electronic spaces as well. The latter has been a starting point to what is known as the “Electronic Terrorism”, which has become a helping factor to tangible and traditional terrorism by either providing information about the targeted place or as an intermediary to implement the touristic actions. Furthermore, it has become an incitement factor to religion hatred and growing war ideas. By and large, the terroristic organizations have started to strive in order to benefit from the Internet and invest in it in favor of searching for information and getting finance, donation and equipping the followers. In addition to this, realizing the correlation between communities and exchanging information, ideas and suggestions about the manner by which they can point and penetrate the target area and how to make bombs. In the current study, we will try to define the electronic terrorism and its types, besides, spotting the similarities and differences between the electronic terrorism and the traditional one. Last but least, shedding light to the role, which countries, communities and individuals must undertake so as to confront and prevent this phenomenon. Key words: Terrorism Electronic terrorism, Traditional terrorism, Technology, Internet, Terroristic organizations.

33

2017‫سبتمبر‬


‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫تغير شكل الحياة‬ ‫لقد ّأدى ظهور اإلنترنت والحواسيب واآلالت ال ّذكية وغيرها إلى ّ‬

‫المؤسسات‬ ‫يوما بعد يوم‪ ،‬سواء في‬ ‫ّ‬ ‫اليومية‪ ،‬فقد أصبح االعتماد على هذه الوسائل يزداد ً‬ ‫العامة‪ ،‬أو المجال التّعليمي‪ ،‬أو األمني أو غير ذلك‪ ،‬بيد ّأنه وإن كان‬ ‫المالية‪ ،‬أو المرافق‬ ‫ّ‬

‫فإن الوجه اآلخر والمتمثل في‬ ‫للوسائل اإللكترونية الحديثة ما يصعب حصره من فوائد‪ّ ،‬‬

‫يهدد العالم بأسره‪ ،‬فمع هذا‬ ‫ًا‬ ‫الضارة لهذه التّقنيات الحديثة أصبح‬ ‫خطر ّ‬ ‫االستخدامات السيئة و ّ‬

‫تطورت أساليب المجرمين وعلى رأسهم اإلرهابيين الذين عمدوا‬ ‫التّطور المطرد لهذه التّقنيات ّ‬ ‫الرقمية لتنفيذ عملياتهم اإلرهابية‪ ،‬لذلك طغى على‬ ‫في اآلونة األخيرة إلى استخدام التّقنية ّ‬ ‫الراهن نوع جديد من اإلرهاب هو ما أصبح يعرف "باإلرهاب اإللكتروني"‬ ‫الساحة في عصرنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫السهل عند هؤالء‬ ‫أو "اإلرهاب ّ‬ ‫الرقمي (‪ ،)Electronic or Digital Terrorism‬إذ بات من ّ‬

‫العامة عن طريق اقتحام المواقع اإللكترونية وتدميرها وتغيير محتوياتها‪ ،‬أو‬ ‫تهديد الحياة‬ ‫ّ‬ ‫الدخول على شبكات االتّصال بهدف تعطيلها عن العمل أطول فترة ممكنة أو تدميرها‬ ‫ّ‬ ‫الضروري ابتكار آالف المواقع لنشر أفكارهم ومعتقداتهم‬ ‫نهائيا‪ ،...‬كما بات عندهم من ّ‬

‫والتّخطيط والتّجهيز لعمليات إرهابية‪ ،‬ولتنسيق وتبادل الخبرات الميدانية العملية فيها بينهم‪،‬‬ ‫السيطرة واالتّصاالت‪ ،‬وكذا تعطيل‬ ‫فاإلرهاب اإللكتروني هدفه إلحاق ّ‬ ‫الشلل بأنظمة القيادة و ّ‬ ‫وشل مخططات‬ ‫النظام المصرفي وإرباك حركات الطيران المدني‬ ‫الدفاع واختراق ّ‬ ‫أنظمة ّ‬ ‫ّ‬

‫النووية‪ ،‬فهذا هو األسلوب الجديد لإلرهابيين حاليا في محاولة الوصول‬ ‫الطاقة الح اررية أو ّ‬

‫األهمية بمكان مدارسة مفهوم اإلرهاب‬ ‫بكل ارتياح وطمأنينة‪ ،‬لذا من‬ ‫ّ‬ ‫إلى أغراضهم ّ‬ ‫اإللكتروني‪ ،‬ومعرفة أشكاله‪ ،‬وطرق مكافحته‪.‬‬ ‫مفهوم اإلرهاب اإللكتروني‪:‬‬ ‫ماديا‬ ‫يعرف اإلرهاب اإللكتروني على ّأنه "جريمة العدوان أو التّخويف أو التّهديد ّ‬ ‫ّ‬

‫الدول أو الجماعات أو األفراد‬ ‫أو‬ ‫معنويا باستخدام الوسائل اإللكترونية‪ ،‬سواء كان صاد ار من ّ‬ ‫ّ‬ ‫على اإلنسان بشكل عام‪ ،‬وعلى سبيل المثال األعمال غير المشروعة التي يكون فيها‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪34‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫تؤدي إلى األنشطة‬ ‫إما وسيلة أو هدفا أو كليهما‪ ،‬والتي من شأنها أن ّ‬ ‫الكمبيوتر أو الهاتف ّ‬ ‫الدينية أو‬ ‫التّخريبية أو التّهديد بها في عالم اإلنترنت‪ ،‬مع ّنية تحقيق المزيد من األهداف ّ‬

‫الرعب في نفسه"‪.1‬‬ ‫أي شخص ّ‬ ‫وبث ّ‬ ‫السياسية أو نحوها‪ ،‬أو لتخويف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصادر‬ ‫ويعرف كذلك على ّأنه "العدوان أو التّخويف أو التّهديد ّ‬ ‫ّ‬ ‫المادي أو المعنوي ّ‬ ‫الدول أو الجماعات أو األفراد على اإلنسان‪ ،‬في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو‬ ‫من ّ‬

‫حق‪ ،‬باستخدام الموارد المعلوماتية والوسائل اإللكترونية بشتّى صنوف العدوان‬ ‫ماله بغير ّ‬ ‫وصور اإلفساد"‪.2‬‬ ‫ّ‬

‫عرفته االتّفاقية ا ّلدولية األولى لمكافحة اإلجرام عبر اإلنترنت في بودابست عام‬ ‫كما ّ‬

‫الشبكات‬ ‫ضد الحواسيب أو ّ‬ ‫‪ 2001‬على ّأنه "هجمات غير مشروعة‪ ،‬أو تهديدات بهجمات ّ‬ ‫توجه من أجل االنتقام أو االبتزاز أو اإلجبار أو التأثير في‬ ‫أو المعلومات‬ ‫ّ‬ ‫المخزنة إلكترونياً‪ّ ،‬‬

‫الدولي بأسره‪ ،‬لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو‬ ‫الحكومات أو ّ‬ ‫الشعوب أو المجتمع ّ‬

‫بأنه إرهابياً على اإلنترنت‪ ،‬وليس فقط‬ ‫معينة‪ .‬وبالتّالي لكي ينعت شخصا ما ّ‬ ‫اجتماعية ّ‬

‫ضد األشخاص أو الممتلكات‪ ،‬أو‬ ‫تؤدي الهجمات التي ّ‬ ‫يشنها إلى عنف ّ‬ ‫مخترقاً‪ ،‬فال ّبد وأن ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫أن اإلرهاب‬ ‫على‬ ‫الرعب" ‪ ،‬وهذا يعنى ّ‬ ‫األقل تحدث أذى كافياً من أجل نشر الخوف و ّ‬ ‫ّ‬

‫المتوخى منه هو‬ ‫ودول‪ ،‬الهدف‬ ‫ّ‬ ‫الدول‪ّ ،‬‬ ‫يهدد سالمة األفراد و ّ‬ ‫اإللكتروني ّ‬ ‫ويتبناه ويقوم به أفراد ّ‬ ‫كل ما هو حيوي من خطوط‬ ‫زعزعة االستقرار والتّرويع والتّشويش واالبتزاز واإلساءة‪ ،‬وتدمير ّ‬

‫الرقمية‪.‬‬ ‫الطاقة واالتّصاالت والمعلومات ّ‬

‫فاإلرهاب اإللكتروني إذن من خالل هذه التّعاريف يعتمد على استخدام اإلمكانيات‬ ‫الشبكات المعلوماتية‪ ،‬من أجل تخويف اآلخرين‪،‬‬ ‫العلمية والتّقنية‪ ،‬واستغالل وسائل االتّصال و ّ‬ ‫الضرر بهم‪.‬‬ ‫وإلحاق ّ‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪35‬‬


‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫نقاط الّتشابه واالختالف بين اإلرهاب اإللكتروني واإلرهاب الّتقليدي‪:‬‬ ‫أن اإلرهاب اإللكتروني ال يختلف كثي ار عن‬ ‫السابقة يتّضح لنا ّ‬ ‫من خالل التّعاريف ّ‬ ‫اإلرهاب "التّقليدي"؛ فالقاعدة األساسية التي يستند إليها اإلرهاب التّقليدي هي نفسها التي‬ ‫يؤدي‬ ‫يستند إليها اإلرهاب اإللكتروني؛ وهي التّهديد وما يثيره من فزع وخوف وترويع‪ ،‬والذي ّ‬

‫أن كالهما‬ ‫في نهاية المطاف إلى عدم االستقرار ّ‬ ‫الضحية‪ ،‬ضف إلى ذلك ّ‬ ‫النفسي لدى ّ‬ ‫أن‬ ‫الغرض منه هو اإلخالل ّ‬ ‫بالنظام العام وتعريض سالمة المجتمع وأمنه للخطر من جهة‪ ،‬و ّ‬

‫كالهما يقوم على خلفية سياسية أو عرقية أو دينية من جهة أخرى‪.‬‬

‫فإن اإلرهاب اإللكتروني يختلف عن اإلرهاب التّقليدي في‬ ‫ورغم اتّفاقهما في الهدف ّ‬

‫أهمها الوسيلة المستخدمة؛ فاإلرهاب التّقليدي يلجأ فيه اإلرهابيون إلى استعمال‬ ‫ّ‬ ‫عدة نقاط ّ‬ ‫السالح أو القنابل‪ ،‬على‬ ‫الوسائل التّقليدية العادية في تنفيذ عملياتهم اإلرهابية كاستخدام ّ‬

‫المتطورة من حاسوب وإنترنت‬ ‫الرقمية‬ ‫عكس اإلرهاب اإللكتروني الذي يعتمد على التّقنية ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن اإلرهاب اإللكتروني يختلف عن اإلرهاب التّقليدي من حيث مكان تنفيذ‬ ‫وآالت ذكية‪ ،‬كما ّ‬ ‫المادي الملموس والمرئي والذي تسهل فيه معاينة‬ ‫العمليات‪ ،‬فالتّقليدي يرتكب في العالم‬ ‫ّ‬

‫الجريمة‪ ،‬بينما اإللكتروني ُيرتكب في العالم االفتراضي أي عبر اإلنترنت والذي يصعب فيه‬

‫مدبر ومنّفذ الجريمة‪.4‬‬ ‫اكتشاف ّ‬

‫أشكال ومظاهر اإلرهاب اإللكتروني‪:‬‬ ‫متعددة نذكر منها‪:‬‬ ‫يتّخذ اإلرهاب اإللكتروني مظاهر وأشكال ّ‬ ‫المتطرفة‪ :‬حيث يمكن من خالل شبكة‬ ‫‪ -1‬قيادة الجماعات اإلرهابية ونشر األفكار‬ ‫ّ‬

‫السيطرة‬ ‫االنترنت ّ‬ ‫بث األفكار المتط ّرفة سواء أكانت سياسية أو دينية أو عنصرية‪ ،‬وبالتّالي ّ‬

‫على وجدان وعاطفة األفراد واستغالل معاناتهم لتحقيق أهداف إرهابية‪ ،‬واإلساءة إلى المجتمع‬

‫الشبكة المعلوماتية العالمية لنشر ثقافة‬ ‫ككل‪ ،‬فالجماعات والمن ّ‬ ‫ظمات اإلرهابية تستخدم ّ‬ ‫ّ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪36‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫بث األفكار التي تنادي بها‪ ،‬كما تسعى جاهدة إلى توفير أكبر عدد‬ ‫اإلرهاب والتّرويج لها‪ ،‬و ّ‬ ‫الشبكة المعلوماتية تقوم هذه‬ ‫الراغبين في تبني أفكارها ومبادئها‪ ،‬فمن خالل ّ‬ ‫ممكن من ّ‬ ‫مما‬ ‫التّنظيمات بتكوين من لديهم ميول واستعداد لالنخراط في األعمال التّدميرية والتّخريبية‪ّ ،‬‬

‫ممن تجمعهم نفس األفكار والتّوجهات‪ ،‬فيسهل تجنيدهم لتنفيذ هجمات‬ ‫يوّفر لديها قاعدة ّ‬ ‫إرهابية في المستقبل‪.5‬‬ ‫فإن‬ ‫إن استقدام عناصر جديدة داخل التّنظيمات اإلرهابية‪ ،‬يحافظ على بقائها واستمرارها؛ لذا ّ‬ ‫ّ‬

‫اإلرهابيين يقومون باستغالل تعاطف بعض أفراد المجتمع مع قضاياهم‪ ،‬فيجتذبونهم بأسلوب‬ ‫عاطفي‪ ،‬وعبارات حماسية ّبراقة‪ ،‬وذلك من خالل غرف الحوار والمنتديات والمواقع‬

‫اإللكترونية ‪.‬‬

‫‪ -2‬القصف اإللكتروني‪ :‬ويطلق عليه كذلك مصطلح "التّشبع (‪ )Saturation‬أو‬ ‫ضد الجهوزية أو قابلية‬ ‫بالرسائل‪ ،‬وهو نوع من االعتداء ّ‬ ‫الهجوم المعلوماتي‪ ،‬أو اإلغراق ّ‬

‫حد ال‬ ‫عمل ّ‬ ‫بكم هائل من البيانات إلى ّ‬ ‫النظام المعلوماتي‪ ،‬ويقضي بملء نظام معلوماتي ّ‬ ‫يعود باإلمكان معه استعماله بشكل صحيح"‪.6‬‬ ‫فالقصف اإللكتروني إذن هو أسلوب يستخدمه اإلرهابيون للهجوم على شبكات المعلومات‬ ‫مما يزيد‬ ‫عن طريق توجيه مئات اآلالف من ّ‬ ‫الرسائل اإللكترونية إلى موقع من المواقع ّ‬ ‫يؤدي إلى تعطيل‬ ‫الرسائل من المتعاملين معه‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضغط على قدرته على استقبال ّ‬

‫مادية ومعنوية‬ ‫تكبد خسائر ّ‬ ‫ألية رسائل أخرى‪ ،‬وبالتّالي ّ‬ ‫هذا الموقع وعدم إمكانية استقباله ّ‬ ‫غير محدودة‪ ،‬وهو ما ينتج عنه في نهاية األمر زعزعة ثقة المتعاملين مع أصحاب هذه‬

‫المواقع‪.7‬‬ ‫المهمة على شبكة اإلنترنت‬ ‫الشركات‬ ‫تعرض مواقع ّ‬ ‫وقد ازدادت في اآلونة األخيرة حوادث ّ‬ ‫ّ‬ ‫لهجمات مكثّفة من قبل اإلرهابيين‪ ،‬إذ يقوم هؤالء بإمطار المواقع المستهدفة بفيض ال‬ ‫الموجهة إلى عنوانها اإللكتروني مستخدمين في ذلك عناوين وهمية إلى‬ ‫متناهي من البيانات‬ ‫ّ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪37‬‬


‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫يؤدي إلى توّقفه عن‬ ‫مما ّ‬ ‫درجة ال يعود معها الموقع قادر على استيعاب المزيد من البيانات ّ‬ ‫العمل‪.8‬‬ ‫الدول الكّلي على التّقدم التّكنولوجي أصبح أمر تنفيذ الهجمات المعلوماتية‬ ‫ظل اعتماد ّ‬ ‫وفي ّ‬ ‫يهدد بنيتها التّحتية وأهدافها الحيوية وأمنها القومي‪ ،‬وذلك‬ ‫أو القصف اإللكتروني أم ار حتميا ّ‬

‫تدمرها في لحظة واحدة وفي وقت وجيز‪.9‬‬ ‫بشن هجمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫معدة بطريقة محكمة ّ‬

‫شن هجمات إرهابية بغرض‬ ‫‪ -3‬تدمير أنظمة المعلومات‪ :‬قد يستخدم اإلنترنت في ّ‬

‫المتقدمة في إدارة شؤونها‬ ‫السيما‬ ‫ّ‬ ‫تدمير وإتالف أنظمة المعلومات التي تعتمد عليها ّ‬ ‫الدول ّ‬ ‫الدخول غير المشروع إلى "نقطة‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والمقصود بالتّدمير هنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالشبكة المعلوماتية من خالل نظام آلي أو مجموعة نظم‬ ‫ارتباط أساسية أو فرعية متّصلة ّ‬

‫النظام‪ .‬وليس هناك وسيلة تقنية أو تنظيمية‬ ‫مترابطة شبكياً‪ ،‬بهدف تخريب نقطة االتّصال أو ّ‬ ‫فالمتغيرات التّقنية‪،‬‬ ‫يمكن تطبيقها وتحول تماما دون تدمير المواقع أو اختراقها بشكل دائم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بنيت في معظمها على أساس التّصميم المفتوح‬ ‫وإلمام المخترق بالثغرات في التّطبيقات والتي ّ‬ ‫الشبكة أو في‬ ‫النظم أو في ّ‬ ‫مكونات نقطة االتّصال أو في ّ‬ ‫لمعظم األجزاء سواء كان ذلك في ّ‬ ‫أن هناك منظمات‬ ‫البرمجة‪ ،‬جعلت الحيلولة دون االختراقات صعبة جداً‪ ،‬باإلضافة إلى ّ‬ ‫الرغبة في االختراق وتدمير المواقع‪ ،‬ومن‬ ‫إرهابية يدخل من ضمن عملها ومسؤولياتها ّ‬ ‫المؤسسات من اإلمكانات والقدرات ما ليس لدى األفراد‪ .‬ويستطيع قراصنة‬ ‫أن لدى‬ ‫المعلوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية‪ ،‬واختراق‬ ‫السرية و ّ‬ ‫الحاسب اآللي )‪ (Hackers‬التّوصل إلى المعلومات ّ‬

‫أن التّطور المذهل في عالم الحاسب‬ ‫وسرية المعلومات بسهولة‪ ،‬وذلك راجع إلى ّ‬ ‫الخصوصية ّ‬

‫تقدم أعظم في الجرائم المعلوماتية وسبل ارتكابها‪،‬‬ ‫اآللي و ّ‬ ‫الشبكات المعلوماتية يصاحبه ّ‬

‫أن مرتكبيها ليسوا مستخدمين عاديين‪ ،‬بل قد يكونون خبراء في مجال الحاسب‬ ‫السيما و ّ‬ ‫و ّ‬ ‫اآللي"‪.10‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪38‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الخاصة‬ ‫الرموز‬ ‫الرئيسية و ّ‬ ‫تتم عن طريق تسريب "البيانات ّ‬ ‫ّ‬ ‫فعملية االختراق اإللكتروني إذن ّ‬ ‫أي مكان في العالم دون الحاجة إلى وجود‬ ‫تتم من ّ‬ ‫ببرامج شبكة اإلنترنت‪ ،‬وهي عملية ّ‬

‫الحد‬ ‫أهمية له في ّ‬ ‫شخص المخترق في ّ‬ ‫يتم اختراق مواقعها‪ ،‬فالبعد الجغرافي ال ّ‬ ‫الدولة التي ّ‬ ‫من االختراقات المعلوماتية‪ ،‬وال تزال نسبة كبيرة من االختراقات لم تكتشف بعد بسبب التّعقيد‬ ‫تصور‬ ‫الشبكات المعلوماتية‪ ،‬فمن الممكن‬ ‫الذي يتّصف به نظام تشغيل الحاسب اآللي و ّ‬ ‫ّ‬ ‫هجوم إلكتروني على أحد المواقع اإللكترونية بقصد تدميرها وشّلها عن العمل‪ ،‬حيث يمكن‬

‫الشبكات المعلوماتية‪،‬‬ ‫مدمر إلغالق المواقع الحيوية على ّ‬ ‫أن يقوم اإلرهابيون ّ‬ ‫بشن هجوم ّ‬ ‫السيطرة واالتّصاالت‪ ،‬ومحطات توليد الطاقة والماء‪ ،‬ومواقع‬ ‫وإلحاق ّ‬ ‫الشلل بأنظمة القيادة و ّ‬ ‫يؤدي توّقفها عن العمل إلى تحقيق آثار تدميرية تفوق ما تحدثه‬ ‫األسواق المالية‪ ،‬بحيث ّ‬

‫تصور هجوم إلكتروني على أحد المواقع اإللكترونية‬ ‫القنابل و ّ‬ ‫المتفجرات من آثار‪ .‬كما يمكن ّ‬ ‫بشن هجوم إرهابي‬ ‫بقصد االستيالء على محتوياتها‪ ،‬كما لو قامت إحدى التّنظيمات اإلرهابية ّ‬ ‫السرقة واالستيالء على األموال"‪.11‬‬ ‫على أحد البنوك والمصارف المالية بقصد ّ‬

‫جسس اإللكتروني‪ :‬وهو من األعمال المستهجنة التي تدخل تحت مظلة‬ ‫‪ -4‬التّ ّ‬ ‫ظمات أو‬ ‫الدول أو المن ّ‬ ‫اإلرهاب اإللكتروني‪ ،‬إذ يقوم اإلرهابيون بالتّجسس على األشخاص أو ّ‬

‫ويتميز هذا التّجسس عن غيره باستعماله لطريقة‬ ‫الدولية أو الوطنية‪،‬‬ ‫الهيئات أو‬ ‫المؤسسات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عصرية تتمثل في استخدام الموارد المعلوماتية واألنظمة اإللكترونية التي جلبتها الثّورة‬ ‫التّقنية‪ ،12‬فالتّجسس اإللكتروني إذن هو "فعل إعطاء أو الحصول أو نشر أو البحث عن‬ ‫الدبلوماسي أو‬ ‫أشياء أو مكتوبات أو وثائق أو معلومات سرية عن الوضع العسكري أو ّ‬

‫للدولة بقصد إيصالها إلى شخص‬ ‫الدفاع الوطني أو األمن الخارجي ّ‬ ‫تهم ّ‬ ‫االقتصادي والتي ّ‬ ‫ليست له صفة أو إلى عميل دولة أجنبية"‪.13‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪39‬‬


‫د ‪ /‬سعيد عبيدي‬

‫اإلرهاب اإللكتروني‬

‫طرق الوقاية من اإلرهاب اإللكتروني‪:‬‬ ‫متنوعة قصيرة‬ ‫للوقاية من اإلرهاب االلكتروني اقترح الباحثون وضع استراتيجيات ّ‬ ‫وطويلة المدى؛ فعلى المدى القصير يجب أن تعتمد إستراتيجية الوقاية من اإلرهاب‬ ‫االلكتروني على ما يلي‪:‬‬

‫‪14‬‬

‫ططاتها‬ ‫ضد الخاليا اإلرهابية وإحباط مخ ّ‬ ‫الضربات الوقائية االستباقية ّ‬ ‫‪ -1‬تخطيط وتنفيذ ّ‬

‫الزمان والمكان المناسبين‪.‬‬ ‫وشل قدراتها في ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -2‬استهداف وإضعاف القيادات اإلرهابية وزعزعتها وتحييدها وضرب اتّصاالتها وروابطها‬ ‫البينية وتجفيف مصادرها البشرية والمالية والفكرية‪.‬‬ ‫‪ -3‬تجنيد وتفعيل وتوظيف العناصر االستخبارية من بين العاملين بالتّنظيمات والخاليا‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬والتّأ ّكد من والئها لألجهزة األمنية بصورة دائمة ومستمرة‪.‬‬

‫ما يلي‪:‬‬

‫تتضمن‬ ‫فإن إجراءات مكافحة اإلرهاب اإللكتروني يجب أن‬ ‫أما على المدى الطويل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪15‬‬

‫معمقة في‬ ‫‪ -1‬وضع خطط إستراتيجية شاملة ومترابطة ّ‬ ‫مبنية على دراسات وأبحاث ميدانية ّ‬ ‫وصوره‪.‬‬ ‫مجال مكافحة اإلرهاب العالمي بكافة أشكاله‬ ‫ّ‬ ‫الدولية في إطار القطاعين العام‬ ‫‪ -2‬بناء وتطوير وتفعيل مراكز‬ ‫ومؤسسات مكافحة اإلرهاب ّ‬ ‫ّ‬ ‫والخاص على مستوى العالم‪.‬‬ ‫‪ -3‬مراجعة التّكتيكات والتّدريبات المعتمدة لمكافحة اإلرهاب بشكل دوري‪ ،‬وتعديل ما يلزم‬ ‫الساحة العالمية‪.‬‬ ‫لكي تتناسب ومكافحة التّهديدات اإلرهابية المستقبلية على ّ‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪40‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الدراسات وعقد المؤتمرات والندوات وأوراش العمل‪ ،‬بهدف متابعة تطوير‬ ‫‪ -4‬إجراء البحوث و ّ‬

‫الدولية‪.‬‬ ‫وتحديث إجراءات مكافحة اإلرهاب على المستويات الوطنية واإلقليمية و ّ‬

‫وللحد من خطورة اإلرهاب اإللكتروني يؤّكد أغلب الباحثين في قضاياه على‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬

‫الدولية لضبط وتسليم‬ ‫الدولي بين دول العالم من خالل االتّفاقيات ّ‬ ‫ضرورة "تفعيل التّعاون ّ‬

‫أي استخدام غير آمن‬ ‫المجرمين‪ ،‬وإصدار عدد من القوانين التّشريعية الجديدة لتجريم ّ‬ ‫الدولية‬ ‫الدائم مع ّ‬ ‫الشرطة ّ‬ ‫لتكنولوجيا المعلومات واالتّصاالت‪ ،‬باإلضافة إلى التّعاون والتّنسيق ّ‬

‫ومتابعة كافة األنشطة‬ ‫تبادل المعلومات والخبرات األمنية و ّ‬ ‫في مجال ُ‬ ‫الفنية في رصد ُ‬ ‫المستمر في‬ ‫بالنشاط اإلرهابي التّكنولوجي لتزايده‬ ‫خاصة فيما يتعّلق ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلجرامية واإلرهابية‪ّ ،‬‬

‫ألن الفضاء‬ ‫جميع أنحاء العالم‪ ،‬وارتباط هذا ّ‬ ‫النشاط بشبكة المعلومات ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫الصراع‪ ،‬ولظهور‬ ‫لنمو وبروز أشكال جديدة من ّ‬ ‫اإللكتروني بات يش ّكل بيئة إستراتيجية جديدة ّ‬ ‫الدولية"‪.16‬‬ ‫الساحة ّ‬ ‫فاعلين جدد على ّ‬ ‫خاتمة‪:‬‬ ‫الدول لما له من أضرار‬ ‫يؤرق جميع ّ‬ ‫لقد أصبح اإلرهاب اإللكتروني هاجسا ّ‬

‫وخيمة‪ ،‬فالمنظمات والجماعات اإلرهابية تسعى من ورائه إلى تضخيم صورتها في ذهنية‬ ‫األفراد‪ ،‬كما تسعى من خالله إلى البحث والحصول على التّمويل والتّبرعات وعملية التّجنيد‬ ‫والحشد ألتباعها‪ ،‬وكذلك لتحقيق التّرابط التّنظيمي بين الجماعات وداخلها‪ ،‬و تبادل‬ ‫المعلومات واألفكار والمقترحات والمعلومات الميدانية حول كيفية إصابة الهدف واختراقه‪،‬‬ ‫المتفجرات والتّخطيط والتّنسيق للعمل اإلرهابي‪ ،‬وكذلك في تدمير مواقع‬ ‫وكيفية صنع‬ ‫ّ‬

‫المؤسسات أو تعطيل الخدمات الحكومية وغيرها من المنشآت‬ ‫المضادة أو اختراق‬ ‫اإلنترنت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحيوية‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪41‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الهوامش‬ ‫‪ -1‬محمد بن عبد هللا آل فايع العسيري وحسن بن أحمد الشهري‪ ،‬استعمال اإلنترنت في تمويل‬

‫اإلرهاب وتجنيد اإلرهابيين‪ :‬اإلرهاب اإللكتروني وبعض وسائله والطرق الحديثة لمكافحته‪ ،‬جامعة‬

‫نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2012 ،‬ص‪.225 :‬‬

‫‪ -2‬مدحت عبد الحليم رمضان‪ ،‬الحماية الجنائية للتجارة اإللكترونية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬ ‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2001 ،‬ص‪.152 :‬‬

‫‪ -3‬انظر‪ :‬حسن مظفر الرزو‪ ،‬الفضاء المعلوماتي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬ ‫األولى‪ ،2007 ،‬ص‪.63 :‬‬

‫‪ -4‬محمد األمين البشري‪ ،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬‬

‫الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2004 ،‬ص‪154 :‬‬

‫‪ -5‬عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية‪ ،‬دار الجامعة‬

‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2009 ،‬ص‪.130 :‬‬

‫‪ -6‬وليد الزيدي‪ ،‬القرصنة على اإلنترنت والحاسوب‪ :‬التشريعات القانونية‪ ،‬دار أسامة للنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة ألولى‪ ،2003 ،‬ص‪.47 :‬‬

‫‪ -7‬مصطفى محمد موسى‪ ،‬أساليب إجرامية بالتقنية الرقمية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتب والوثائق‬ ‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬ص‪.203 :‬‬

‫‪ -8‬وليد الزيدي‪ ،‬القرصنة على اإلنترنت والحاسوب‪ :‬التشريعات القانونية‪ ،‬ص‪.47 :‬‬ ‫‪ -9‬هدى حامد قشقوش‪ ،‬الحماية الجنائية للتجارة اإللكترونية عبر االنترنت‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2000 ،‬ص‪.100 :‬‬

‫‪ -10‬أحمد فالح العموش‪ ،‬مستقبل اإلرهاب في هذا القرن‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬‬

‫الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.12 :‬‬

‫‪ -11‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬المواجهة القانونية لإلرهاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪ ،2008‬ص‪.78 :‬‬

‫‪ -12‬انظر‪ :‬رؤوف عبيد‪ ،‬جرائم االعتداء على األشخاص واألموال‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،1985 ،‬ص‪.18 :‬‬

‫‪ -13‬شريف سيد كامل‪ ،‬الجريمة المنظمة في القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬

‫‪ ،2001‬ص‪.103-102 :‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪42‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -14‬عبد الرحيم صدق‪ ،‬اإلرهاب السياسي والقانون الجنائي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1985 ،‬‬

‫ص‪.45 :‬‬

‫‪ -15‬نفسه‪ ،‬ص‪.47 :‬‬

‫‪ -16‬أيسر محمد عطية‪ ،‬دور اآلليات الحديثة للحد من الجرائم المستحدثة‪ :‬اإلرهاب اإللكتروني‬ ‫وطرق مواجهته‪ ،‬كلية العلوم اإلستراتيجية‪ ،‬عمان‪ ،214 ،‬ص‪.38 :‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪43‬‬


02 ‫العدد‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫اإلسالمية المتطرفة‬ ‫الجماعات‬ ّ

‫قراءة في الجذور التاريخية والمصادر الفكرية‬ ‫ محمد عالقي‬/‫أ‬ ‫ تونس‬- ‫جامعة سوسة‬ :‫المل ّخص‬

‫ والعربي خاصة بادرة نهضة فكرّية وتحرك‬،‫عامة‬ ّ ‫كّلما الحت في سماء الوعي اإلسالمي‬ ّ ،‫وتغير الوجهة وتبعثر الجهود‬ ‫ ظهرت فجأة جماعات إسالمية متطرفة‬،‫التحرر‬ ‫نحو‬ ّ ّ ‫تسد الطريق‬ ّ ‫ ونسعى‬.‫وتكون النتيجة دائما خمود ذلك النشاط والعودة إلى الوضع السابق أو إلى ما هو أسوأ منه‬

‫اإلسالمية المتطرفة من خالل المفهوم‬ )..‫ التنظيمات‬،‫إللقاء الضوء على الحركات(الجماعات‬ ّ ‫ أيضا سنحاول التطرق بطبيعة الحال إلى فكر هذه الجماعات والذي‬،‫والتسمية (أوالتسميات) والنشأة‬

‫فإن بحثنا سيبحث في مفهوم‬ ّ ‫ وحتى نكون ممنهجين أكثر‬.‫التطرف‬ ّ ‫يؤدي كما نرى إلى اإلرهاب و‬ ‫مبينين‬ ‫الحركات‬ ّ ‫ وقد ارتأينا أن ندرس خطاب اإلخوان المسلمين‬.‫االسالمية من حيث النشأة والتسمية‬ ّ .''‫بمعية خطاب القاعدة على نشأة ''داعش‬ ّ ‫تأثير خطاب هذه الحركة‬ .‫ داعش‬،‫ اإلخوان المسلمين‬،‫ اإلرهاب‬،‫ التنظيمات‬،‫ التكفير‬،‫ الخطاب‬:‫الكلمات المفاتيح‬

Abstract Whenever there looms within the Islamic consciousness in general, and the Arabic one in particular, a rational initiation of a renaissance and a liberal movement, there emerges suddenly extremist Islamic groups blocking such process and, thus, changing its direction and aborting its efforts. Generally, the inevitable result of that would be harking back to the status quo, and, even, a worse situation. We are going to shed light on Islamic movements (groups, organizations etc) which are ‘extremists’ either through conceptualization, appellation(s), or emergence. Hence, our method is going to consist principally in probing into the concept of ‘Islamic movements’ at the level of emergence and appellation. We see it quite pertinent to study the discourse of ‘Muslim Brotherhood’ while showing its influence, along with the discourse of al Qaeda which led to the emergence of ISIS Key words : Discourse, Takfir, Organizations, Terrorism, Muslim Brotherhood, ISIS

44

2017 ‫سبتمبر‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫اإلسالمية وهي‬ ‫تيمية كثي ار ما يستند إليها تنظيم الحركات‬ ‫نعثر على فتوى ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقدمها ابن ّ‬

‫عدوها أّلف هللا بين قلوبها وإن تركت الجهاد شغل بعضها ببعض‪،‬‬ ‫األمة ّ‬ ‫قوله ''ومتى جاهدت ّ‬ ‫مرة وإن تركوه أكثر من ذلك فقد‬ ‫كل عام ّ‬ ‫قل ما يجب على المسلمين أن يجاهدوا عدوهم في ّ‬ ‫عصوا هللا ورسوله واستحقواالعقوبة‪".1‬‬

‫أن جذور هذه الحركات أو الجماعات أو التنظيمات اإلسالمية ذات الطابع‬ ‫غير ّ‬

‫الجهادي والقتالي ليست حديثة النشأة ولم تبدأ مع تنظيم ""داعش"‪ ،‬بل لها جذورها في التاريخ‬

‫مجرد جماعة أو تنظيم‪ ،‬ليطلق عليها اسم الدولة‬ ‫اإلسالمي قديما وحديثا التي تجاوزت اليوم ّ‬

‫إن خطاب داعش التكفيرّي لم يكن من فراغ و ّإنما كان نتاج تراكمات‬ ‫اإلسالمية‪ .‬ولنا أن نقول ّ‬

‫كل مخالف لهم‪ ،‬وصوال إلى التنظيمات‬ ‫يخية بدءا بالخوارج وسياستهم‬ ‫القمعية ّ‬ ‫ّ‬ ‫تار ّ‬ ‫ضد ّ‬ ‫ثم القاعدة وصوال إلى تنظيم داعش أو دولة ما‬ ‫الحديثة من قبيل جماعة اإلخوان المسلمون ّ‬ ‫بين العراق والشام‪.‬‬

‫أن الخطاب‬ ‫المتأمل في تاريخ أفكار الجماعات‬ ‫لكن‬ ‫يتبين ّ‬ ‫ّ‬ ‫االسالمية يمكن أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التكفيري لم يكن من إف ارزات الحداثة في العالم العربي‪ ،‬بل يمكن القول ّإنه موغل في غياهب‬ ‫ّ‬ ‫أن األمثلة عديدة التي مارس فيها‬ ‫التاريخ‪ ،‬فبالعودة إلى ما كتب في التاريخ اإلسالمي نجد ّ‬

‫هذا الخطاب سلطته ووسم الكثير من األشخاص بالكفر‪ ،‬وطالب أصحابه بتطبيق أحكام‬ ‫الح َك َم ْين‬ ‫الشريعة في من ار ّتد أو ُكّف َر‪ .‬مثال فرقة الخوارج كّفرت ّ‬ ‫عليا وعثمان و َ‬ ‫يتبن‬ ‫وكل من رضي بالتحكيم أو لم ّ‬ ‫العاص و أبا موسى األشعري وأصحاب الجمل ّ‬

‫َع ْم ًار بن‬ ‫مقاالتهم‪.‬‬

‫إما‬ ‫دون أن ننسى قائمة العلماء اّلتي فعل فيهم هذا الخطاب التكفيري فعلته‪ .‬فكانت النتيجة ّ‬ ‫وبشار بن برد‬ ‫التكفير واالتّهام بالزندقة أو التهجير والقتل‪ .‬فمثال ُرمي عبد هللا بن المقّفع ّ‬

‫العباسي المهدي‬ ‫شر قتلة ُ‬ ‫وضرب الثاني سبعين سوطا في عهد الخليفة ّ‬ ‫األول ّ‬ ‫بالزندقة‪ُ ،‬فقتل ّ‬ ‫إن مأساة الحالّج وموته بطريقة شنيعة معروفة في كتب األدب والتاريخ‪ ،‬وقد‬ ‫ثم ّ‬ ‫حتّى مات‪ّ .‬‬ ‫وصلب‪ ،‬وال ننسى نصر حامد أبو زيد وكيف طّلقت منه زوجته كرها‪ ،‬كذلك‬ ‫ُكّف َر ُ‬ ‫وع ّذ َب ُ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪45‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫تخص سيرة النبي‬ ‫أن قام بمراجعات فكرّية‬ ‫اتّهام معروف الرصافي بالكفر والزندقة‬ ‫لمجرد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكيفية‬ ‫وإماطته الّلثام عن كثير من الخوارق اّلتي نسبت إليه‪ ،‬وال ننسى المؤرخ هشام جعيط‬ ‫ّ‬

‫محمدا‬ ‫إن اسم النبي حسب‬ ‫بالعلمانية والكفر‬ ‫رميه‬ ‫لمجرد ّأنه قال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤرخين لم يثبت أن كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫عامة‪ ،‬والعربي خاصة بادرة نهضة‬ ‫بل هو ''قثم ''‪ .‬فكّلما الحت في سماء الوعي اإلسالمي ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتغير‬ ‫التحرر‪ ،‬ظهرت فجأة جماعات إسالمية متطرفة‬ ‫فكرّية وتحرك نحو‬ ‫ّ‬ ‫تسد الطريق ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوجهة وتبعثر الجهود‪ ،‬وتكون النتيجة دائما خمود ذلك النشاط والعودة إلى الوضع السابق‬ ‫أو إلى ما هو أسوأ منه‪.‬‬ ‫ويمّثل خطاب تنظيم "داعش" أو ما يعرف بدولة ما بين العراق والشام مصد ار أساسيا‬ ‫الطائفية الموجودة في‬ ‫ولعل األزمة‬ ‫اإلسالمية المتطرفة‪.‬‬ ‫منه وإليه تعود مختلف الحركات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السنية هي اّلتي مكنت من صعود داعش في العراق وسوريا‪،‬‬ ‫وخاصة الفرقة‬ ‫المشرق العربي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دون أن ننسى طبعا األجندة الغر ّبية ودورها في صناعة مثل هذه الحركات اإلسالموية اّلتي‬

‫دعوية باألساس لكن دورها على أرض الواقع هو تكوين جماعات تعمل على التشريع‬ ‫تظهر‬ ‫ّ‬ ‫للجهاد والقتل باسم اإلسالم وبناء الدولة(الخالفة) اإلسالمية وتستند هذه الجماعات في‬

‫التشريع للجهاد والقتل وصنع ما بات يعرف باإلرهاب على بعض األحاديث اّلتي عادة ما‬ ‫يقع تحريفها أو اخ ارجها من سياقها‪.‬‬ ‫سنسعى إذا من خالل هذا البحث‪ ،‬تسليط الضوء على الحركات(الجماعات‪،‬‬ ‫اإلسالمية المتطرفة من خالل المفهوم والتسمية (أوالتسميات) والنشأة‪ ،‬أيضا‬ ‫التنظيمات‪)..‬‬ ‫ّ‬ ‫سنحاول التطرق بطبيعة الحال إلى فكر هذه الجماعات والذي يؤدي كما نرى إلى اإلرهاب‬ ‫االسالمية من‬ ‫فإن بحثنا سيبحث في مفهوم الحركات‬ ‫التطرف‪ .‬وحتى نكون ممنهجين أكثر ّ‬ ‫ّ‬ ‫و ّ‬ ‫مبينين تأثير خطاب‬ ‫حيث النشأة والتسمية‪ .‬وقد ارتأينا أن ندرس خطاب اإلخوان المسلمين ّ‬

‫بمعية خطاب القاعدة على نشأة ''داعش''‪.‬‬ ‫هذه الحركة ّ‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪46‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -1‬الحركات اإلسالمية ‪:‬‬ ‫‪-1-1‬مفهوم الحركة اإلسالمية ‪:‬‬ ‫يعرف محمد أركون الحركة اإلسالمية بذلك "العمل الهادف إلى تجديد فهم اإلسالم‬ ‫وأيضا ذلك العمل الذي ابتدأ مع السبعينات والذي يدعو إلى عودة اإلسالم إلى أصوله‬ ‫‪3‬‬ ‫تصرح بهدف معلن وهو‬ ‫األولى بعيدا عن األساطير الموروثة والتعلق بالتقاليد" ‪ .‬هذه الحركة ّ‬

‫السعي بشتى الوسائل المتاحة إلقامة الدولة اإلسالمية التي مضمونها تطبيق الشريعة‬ ‫اإلسالمية "وتمتلك بنية علنية أو سرية تحظى بدعم جماهيري يختلف من قطر آلخر ومن‬ ‫ناحية ألخرى من حيث الحجم والفعالية لكنه صالح ألن يتّخذ أساسا إلقامة النظام السياسي‬ ‫‪4‬‬ ‫عدة‪،‬‬ ‫المنشود" ‪ .‬وقد أخذت هذه الحركات اإلسالمية عبر التاريخ العربي اإلسالمي تسميات ّ‬

‫طرة وفي التوجهات المنتجة للخطابات التكفيرّية ‪ ،‬بل‬ ‫رغم اشتراكها جميعا في األهداف المس ّ‬

‫وحتى اآلليات المتّبعة للوصول إليها‪ ،‬وسنعرض ألهم هذه الحركات عبر التاريخ‪.‬‬ ‫‪-2-1‬الحركات اإلسالمية عبر التاريخ‪:‬‬ ‫‪-1‬حركة اإلخوان المسلمين ‪ :‬النشأة واألهداف‪:‬‬

‫البنا" في االسماعلية بمصر جماعة االخوان‬ ‫أسس "حسن ّ‬ ‫في سنة ‪1347‬هـ ‪1928‬م ّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬وهو اسم أطلق على حركة دينية معاصرة في مصر‪" .‬بدأت نشاطها في منتصف‬ ‫القرن الرابع عشر الهجري أي الثالثينات من القرن العشرين الميالدي تحت قيادة مؤسسها‬ ‫الشيخ حسن البنا وانتمت إليها فئات كثيرة من المسلمين في مصر والعالم العربي‪ 5".‬ويعرف‬ ‫أوليفر روي‪ roy‬هذه الجماعة بأنها " القطب األكثر وزنا سياسيا اليوم وهي التنظيم الذي‬ ‫خرجت من تحت عباءته كافة القوى والتنظيمات اإلسالمية في سوريا‪ ،‬فلسطين ‪،‬الكويت‬ ‫‪6‬‬ ‫البنا بخصوص الظروف العامة التي نشأت في خضمها‬ ‫‪،‬السودان اليمن ‪ "....‬ويقول حسن ّ‬

‫هذه الحركة‪" :‬تلقيت في بيتي زيارة اإلخوان الستّة فقالوا لقد سمعنا ووعينا وتأثرنا ونحن ال‬ ‫عزة اإلسالم ولخدمة المسلمين ‪ ...‬لقد سئمنا حياة الذل‬ ‫نعرف السبيل العلمي للوصول إلى ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪47‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫والقيود هذه وال نعرف الطريق إلى خدمة الوطن والدين واألمة كما تعرف أنت ‪ ....‬وكانت‬ ‫‪7‬‬ ‫البنا هذا‪ ،‬هو أنه قد تلقى البيعة دون أن يكون‬ ‫إن ما يمكن أن نالحظه في قول ّ‬ ‫البيعة " ‪ّ .‬‬

‫قاصدا إليها أو باحثا عنها و ّإنما فرضت عليه من طرف اإلخوان الستّة على أساس ّأنه‬

‫البنا‬ ‫األكثر معرفة بالسبيل‬ ‫العلمي الموصل إلى ّ‬ ‫عزة اإلسالم والمسلمين‪ .‬وبالتالي يكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫البنا يالحظ انتقاله‬ ‫الرجل األكثر كفاءة وخبرة ليستحق هذه المرتبة‪ .‬ولكن من يتابع تاريخ ّ‬

‫الدائم بين الجمعيات‪ ،‬فهو ينتقل من تنظيم إلى آخر وهو أمر يؤكد سعيه المستمر إليجاد‬

‫مجال تعبيري أوسع يمكنه من خالله بلورة أفكاره ونشرها بين صفوف متبعيه ومن ثم في‬ ‫حد سواء‪ ،‬عبر تالقح أفكاره بأفكار من سبقه ليؤسس لحركة‬ ‫المكبر على ّ‬ ‫المجتمع المصغر و ّ‬

‫أن كل فرد ينتمي إلى‬ ‫اإلخوان المسلمين التي يتضح منهجها من خالل تسميتها‪ ،‬والتي تعني ّ‬

‫هذه الجماعة هو بالضرورة مسلم‪ ،‬في حين ال يكون مسلما من لم ينخرط فيها‪ .‬وهو موقف‬ ‫ولعل الباحث في شأن هذه الحركة وغيرها يالحظ‬ ‫اتّخذته هذه الجماعة منذ أوائل تأسيسها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫بطريقة جلية تداعيات مثل هذه المواقف على المجتمعات اإلسالمية اليوم التي أصبحت‬

‫تعاني مخلفات أفكار متطرفة مبنية على اإلقصاء والتكفير ‪.‬‬ ‫إن أهدافها هي تنشيط تعاليم الدين اإلسالمي وصهر وقائع‬ ‫"تقول أديبات هذه الحركة ّ‬

‫الحياة بمبادىء الدين على المستوى العملي والواقعي وتخليص اإلسالم من بعض البدع‬ ‫واألهواء الدخيلة عليه والمناداة بتطبيق شرع هللا على الوجه الصحيح ومناصرة الحق ومحاربة‬ ‫الظلم وأفكار االستعمار الغربي التي غزت العقل العربي واإلسالمي ‪ ....‬وجمعية اإلخوان‬ ‫تميزت منذ بداياتها األولى برفع شعار الشمولية وتعني العودة إلى اإلسالم كامال‬ ‫المسلمين ّ‬ ‫غير مقتصر على المسجد والعبادات شامال كل شؤون الحياة من الفرد واألسرة إلى المجتمع‬ ‫و الدولة ‪".‬‬

‫‪8‬‬

‫تتبناه هذه الحركة والهدف الذي تسعى‬ ‫ومما سبق يمكننا أن نستخلص الفكر الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثمة على‬ ‫لتحقيقه‪ ،‬وهو تكوين نظام خاص بها تطبقه أوال على مجتمعها الخاص ومن ّ‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪48‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المجتمع العام من خالل تكوين دولة تكون الحاكمية فيها لها‪ .‬وبالتالي يتم ّكن هذا التنظيم من‬ ‫السيطرة على باقي الدول مستغالّ الدين في نشر اعتقاداته وأفكاره جاعال من ذاته الحركة‬ ‫ظنها تكوين دولة إسالمية تحكم باقي الدول‬ ‫المتمتّعة بالسلطة الشرعية‪ ،‬والتي يحق لها في ّ‬

‫ظنها ال يكون إالّ‬ ‫وتقودها حسب اعتقاداتها نحو الخالص المنشود‪ .‬وهذا الخالص في ّ‬ ‫بإصالح العالقة القائمة بين الفرد وربه‪ ،‬حيث تحاول هذه الحركة وغيرها لعب دور الوساطة‬

‫بين الخالق والمخلوق‪ ،‬أي ّأنها تحاول رسم مالمح العالقة الروحية التي تربط الفرد المسلم‬ ‫مهما كانت درجة إيمانه بربه ‪ ،‬بتعلة أن المسلم اليوم لم تعد تتوفر فيه شروط اإلسالم وهذا‬

‫نظنه ُجعل كسبب مباشر إلحكام السيطرة على جمهور المسلمين واإلفتاء في أمور‬ ‫األمر ّ‬ ‫شد‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫توجهات الحركة وخلفياتها اإليديولوجية و‬ ‫ولعل من أبرز سبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫دنياهم بما يخدم ّ‬ ‫ّ‬

‫عقلية الرجل العربي هو تحقير وتقزيم دور المرأة في المجتمع وحصرها في كونها أمة‪ ،‬أل ّن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذه الجماعات التي تدعي الرفعة للمجتمع الذكوري قابلتها فكرة "دونية المرأة"‪.9‬‬ ‫إن قضية المساواة بين الجنسين التي جعلت منها هذه الحركة وغيرها موضوع‬ ‫ّ‬

‫أن اإلسالم لطالما كفل‬ ‫مناقشة‪ ،‬والحال أن المسألة تحسم بعامل "التقوى" خاصة إذا عرفنا ّ‬

‫ُّها َّ‬ ‫اك ْم م ْن‬ ‫اس إَّنا َخَلْقَن ُ‬ ‫حق الذكر واألنثى وهو ما ّ‬ ‫الن ُ‬ ‫ينص عليه القرآن في قوله تعالى" َيا أَي َ‬ ‫يم‬ ‫اك ْم إ َّن َّ‬ ‫وبا َوَقَبائ َل لتَ َع َارُفوا إ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم ع ْن َد َّ‬ ‫َّللا أ َْتَق ُ‬ ‫َذ َك ٍر َوأ ُْنثَ ٰى َو َج َعْلَن ُ‬ ‫اك ْم ُش ُع ً‬ ‫َّللاَ َعل ٌ‬

‫َخب ٌير"الحجرات‪ ،13/49‬كما دعا إلى التكافل والتعارف ال التنافر والتفرق‪ ،‬ويقول روي ‪roy‬‬

‫‪10‬‬ ‫إصالحية‬ ‫عدة نظم‬ ‫"وقد تسعى هذه الجماعات إلى التفريق بين الجنسين " ‪ .‬وقد طرحوا ّ‬ ‫ّ‬

‫الدين الصحيح‪ ،‬منها قضية إصالح‬ ‫عدوها السبيل األنجع الستقامة المسلمين وثباتهم على ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما‬ ‫التعليم والمالية واالقتصاد‪ ،‬فإصالح التعليم عندهم ال يكون إال بالفصل بين الجنسين‪ّ .‬‬ ‫مشروع إصالح المجالين المالي واالقتصادي في اعتقاد الجماعة فيبدو أنه "نابع من عمق‬

‫المجتمع ويهدف إلى إصالح االقتصاد ويقدم طرقا إلنتاج األموال دون مخالفة الشريعة"‪.11‬‬ ‫قضية نادت بها الحركة في خطاباتها هي قضية إصالح النظم الحكومية‬ ‫ولعل أبرز ّ‬ ‫ّ‬

‫ودواليب الدولة من خالل تعويض نظام الدولة بنظام الخالفة وتأسيس الحكومة اإلسالمية‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪49‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫عية‪ ،‬هذه المناداة بعودة الخالفة لم تكن بريئة‪ ،‬بل ّإننا نرى‬ ‫وفق مبادئ وقوانين الخالفة الشر ّ‬ ‫ثمة تداعيات خطيرة ستشهدها البلدان‬ ‫ّأنه قد أغمد ماهو ديني في ماهو‬ ‫سياسي وستكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العر ّبية تحت شعار عودة الخالفة‪.‬‬ ‫أن مفهوم اإلسالم‬ ‫ما يمكن أن نستخلصه من خالل مشروع هذه الحركة وخطاباتها‪ّ ،‬‬

‫النص فهما‬ ‫تغير الزمان علما و ّ‬ ‫عندها واحد ثابت ال تؤثّر فيه حركة التاريخ مهما ّ‬ ‫أن فهم ّ‬

‫الدين‬ ‫عامة الناس و ّإنما "يمتلكه مجموعة من البشر هم علماء ّ‬ ‫صحيحا ليس حك ار على ّ‬ ‫الذاتية‪ ."12‬أيضا عملت هذه التنظيمات‬ ‫التحيزات‬ ‫ّ‬ ‫ويكونون في الغالب مبرئين من األهواء و ّ‬ ‫الديني قد ُحسم أمره وبهذا يساهم هذا الخطاب في تركيز‬ ‫النص ّ‬ ‫ّ‬ ‫السلفية عموما‪ ،‬على اعتبار ّ‬

‫النص باالستناد إلى قوله تعالى ''اَْلَي ْوَم أَ ْك َمْل ُت َل ُك ْم د َين ُك ْم'' المائدة‬ ‫منظومة‬ ‫ّ‬ ‫الثبوتية في أحكام ّ‬ ‫المستجدة وذلك‬ ‫لكل مشاكله‬ ‫آية‪ . 3‬فحسب هذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التوجه السلفي يجد المسلم إجابات قاطعة ّ‬ ‫النص قد حوى كل اإلجابات استنادا إلى‬ ‫فقط بالرجوع إلى الكتاب و ّ‬ ‫السنة‪ .‬ومن ذلك اعتبار ّ‬

‫اب ت ْبَي ًانا ل ٌك ّل َشيء'' النحل آية ‪ ،89‬فاإلسالم "حوار مستمر‬ ‫''وَن َ ْزلَنا َعَل ْي َك الكتَ َ‬ ‫قوله تعالى َ‬ ‫متجدد‪ ."13‬وإذ ترجع‬ ‫متغير‬ ‫اقعية‪ ،‬أو جدل بين ثابت أز‬ ‫النص‬ ‫ّ‬ ‫لي وبين ّ‬ ‫الديني والحياة الو ّ‬ ‫بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص في منبعه‬ ‫هذه الحركات‬ ‫ّ‬ ‫السلفية تدهور أحوال المسلمين إلى ابتعادهم عن التعامل مع ّ‬

‫التشبث‬ ‫محمد عبده ذلك إلى جمود الفقه في فهم الدين واستم ارره في‬ ‫ّ‬ ‫األصل‪ ،‬يرجع الشيخ ّ‬ ‫"الدين هو اّلذي ينطلق بالعقل من سعة العلم ويسبح به في األرض‬ ‫بهذا الجمود لذلك يقول‪ّ :‬‬ ‫ويصعد به إلى أطباق السماء ليقف به على أثر من أثار هللا أو يكشف به س ار من أس ارره في‬

‫خليفته أو يستنبط حكما من أحكام شريعته‪."14‬‬ ‫وضعية غير قابلة‬ ‫تتحول أقوال السلف واجتهاداتهم إلى 'ثوابت'‬ ‫وفق هذه اآللية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآللية االستخدام الممنهج لخطاب قديم وّلى عصره‬ ‫للجدل أو التجريح‪ .‬وقد يرتبك بهذه ّ‬

‫لمناقشة قضايا العصر الراهنة‪ ،‬فتكون النتيجة رجوع العقل البشري إلى حقبة وّلت وانقضت‬

‫ظنا‬ ‫وقياسها على الراهن‪ .‬وبذلك تلجأ هذه الجماعات إلى لغة الحسم الفكري فيما يعتقدون ّ‬

‫أن مخالفه على باطل وال‬ ‫أن اإليمان‬ ‫حق‪ ،‬و ّ‬ ‫منهم ّ‬ ‫الديني هو "أن يعتقد المؤمن ّأنه على ّ‬ ‫ّ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪50‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪15‬‬ ‫الديني في االطمئنان إلى مسلماته وجعل‬ ‫مجاملة في هذه الحقيقة "‪ .‬وقد يغالي الخطاب ّ‬

‫حلول الماضي قابلة للتطبيق على الحاضر مثل النداء بتطبيق الخالفة في القرن الحادي‬

‫النص‪ ،‬بل‬ ‫والعشرين‪ ،‬هذا الخطاب "ال يكتفي بإهدار البعد التاريخي اّلذي يفصله عن زمان ّ‬ ‫يزعم لنفسه قدرة على الوصول إلى القصد اإللهي‪."16‬‬

‫فإن األسس الفكرّية لما يعرف باإلخوان المسلمين تتمّثل في التسليم‬ ‫من هنا ّ‬

‫كل اجتهاداتهم كانت‬ ‫السنة وتفسيرها بال تأويل وال‬ ‫واالستسالم لنصوص الكتاب و ّ‬ ‫ّ‬ ‫منطقية‪ ،‬بل ّ‬

‫ليبرروا غاياتهم وأهدافهم‪.‬‬ ‫النص ّ‬ ‫مسقطة على ّ‬ ‫إن فكر اإلخوان المسلمون كان لحظة انطالقة‪ ،‬نقطة بداية لظهور تنظيم الدولة‬ ‫ّ‬ ‫تشكل تحت اسم داعش‪ .‬فكيف قام هذا التنظيم؟ وماهي أسسه ومبادؤه؟‬ ‫اإلسالمية اّلذي ّ‬ ‫ّ‬

‫‪-2‬تنظيم الدولة اإلسالمية‪ :‬النشأة واألهداف‪:‬‬

‫أطلقت تسمية "الدولة اإلسالمية في العراق و الشام" على حركة حديثة النشأة ظهرت‬ ‫يمتد على قسم من‬ ‫امتدت على جزأين‪ ،‬جزء ّأول ّ‬ ‫في رقعة جغرافية في الشرق األوسط ّ‬

‫األراضي السورية‪ ،‬وجزء ثان يمتد على قسم من األراضي العراقية تحت قيادة مؤسسها‪،‬‬

‫أن خطوة‬ ‫الملّقب بـ الخليفة أبو بكر البغدادي وهو إبراهيم عواد البدري‪ ،‬وهنا نتساءل‪ :‬هل ّ‬ ‫زعيم داعش أبو بكر البغدادي بإعالن الخالفة وتنصيب التنظيم له خليفة للمسلمين‪ ،‬هي‬

‫أن في األمر هدفا آخر أراد التنظيم تحقيقه عبر منطق‬ ‫جدية ال رجوع عنها أم ّ‬ ‫خطوة ّ‬

‫الخالفة؟‬

‫عدة‬ ‫لقد استقطب هذا التنظيم جنسيات عديدة‪ ،‬وقد عرفت هذه الحركة أثناء تأسيسها ّ‬

‫تبلورات أثناء تش ّكلها جعلت مسألة تحديد تاريخ تأسيسها الفعلي والرسمي ليس له تاريخ دقيق‬ ‫ّ‬ ‫أن في "التاسع من أبريل‪ /‬نيسان‬ ‫إلعالنه وتش ّكله كتنظيم‬ ‫أقر أحد الباحثين ّ‬ ‫رسمي ‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2011‬ظهر تسجيل صوتي منسوب للبغدادي أعلن فيه توحيد اسمي جبهة النصرة ودولة‬ ‫العراق اإلسالمية تحت اسم واحد وهو الدولة اإلسالمية في العراق والشام ‪ ...‬ثم يرد تاريخ‬

‫ثاني وهو ‪ 29‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2014‬وهو تاريخ تم إعالن قيام الخالفة اإلسالمية فيه‬ ‫والبغدادي خليفة يطالب بالمبايعة التامة من جميع التنظيمات الجهادية في العالم"‪.17‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪51‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫أن هذا التنظيم حديث الظهور على الساحة السورية‪ ،‬إالّ أنه ليس‬ ‫وعلى الرغم من ّ‬ ‫بتشكيل جديد‪ ،‬بل هو األقدم بين كل التنظيمات المسّلحة البارزة على الساحة السورية خاصة‬

‫واإلقليمية عموماً‪ .‬وكما أسلفنا فقد تعود أصول هذا التنظيم إلى العام ‪ ،2004‬حين شكل أبو‬ ‫مصعب الزرقاوي تنظيما أسماه "جماعة التوحيد والجهاد" وأعلن مبايعته لتنظيم القاعدة‬ ‫االرهابي بزعامة أسامة بن الدن في حينها‪ ،‬ليصبح ممثل تنظيم القاعدة في المنطقة أو ما‬

‫سمي "تنظيم القاعدة في بالد الرافدين"‪'' .‬وقد برز التنظيم على الساحة العراقية إبان االحتالل‬ ‫يكية‪ ،‬األمر الذي جعله مركز‬ ‫األمريكي للعراق‪ ،‬على أنه تنتظيم جهادي ّ‬ ‫القوات األمر ّ‬ ‫ضد ّ‬ ‫استقطاب للشباب العراقي الذي يسعى لمواجهة االحتالل األمريكي لبالده‪ ،‬وسرعان ما توسع‬

‫نفوذ التنظيم وكثر عدده‪ ،‬ليصبح من أقوى الميليشيات المنتشرة والمقاتلة على الساحة‬ ‫العراقية‪''18‬‬

‫ونحن كباحثين وحسب متابعتنا لما يجري في الساحة العر ّبية وتحديدا في الشرق‬

‫األوسط يمكن أن نرجع تاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2014‬كتاريخ فعلي لقيام كيان الدولة اإلسالمية في‬ ‫يخول لها أن تكون دولة وفق امتدادها الجغرافي و وفق‬ ‫العراق وسوريا نتيجة اكتسابها لما ّ‬ ‫أن‬ ‫فإن هذا التنظيم يرى ّ‬ ‫النسبة السكانية العالية التي تتوفر في هذه الرقعة الجغرافية‪ ،‬بالتالي ّ‬

‫يكون "الدولة اإلسالمية في العراق و الشام"‪.‬‬ ‫رقعته الجغر ّ‬ ‫افية وعدده الس ّكاني يشفعان له أن ّ‬ ‫التكون و ّإنما لندرس خطاب هذه الجماعات‬ ‫وّ‬ ‫إن هدفنا في هذا المقام ليس تتبع ّ‬ ‫كيفية النشأة و ّ‬

‫وكيف يكون دعوي في ظاهره وفي باطنه تكفيرّي بامتياز؟‬

‫بعد أن كانت ""داعش" فرعا من فروع تنظيم اإلخوان المسلمين‪ ،‬فيما بعد استمالهم‬

‫المؤسس على أيدي مصعب الزرقاوي وأسامة بن الدن‪ ،‬أصبح تنظيم‬ ‫فكر تنظيم القاعدة‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية أو ما يعرف بداعش تنظيما قائم الذات‪ .‬وقد مّثلت إيديولوجيتها نمطا‬ ‫الدولة‬ ‫ّ‬

‫مستحدثا في الفكر السلفي الجهادي‪ .‬وهو الفكر الذي يتّخذ من الفتاوى الصادرة عنه‬ ‫يميز أدبيات هذه الحركة هو‬ ‫نصوصا شرعية ليحقق من خاللها غاياته وأهدافه‪.‬‬ ‫ولعل ما ّ‬ ‫ّ‬

‫تبنيها للفكر التكفيري اّلذي يسعى إلى قتال العدو اّلذي يخالفه في دينه وفي عقيدته‪ ،‬وكذلك‬ ‫بمجرد عدم مبايعة هذا‬ ‫قتال أخيه المسلم اّلذي يعتبره تنظيم داعش مارقا عن المّلة وهذا‬ ‫ّ‬ ‫المسلم الخليفة المختار من قبل (داعش) كذلك حرصهم الشديد على أن يكون اإلمام من‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪52‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الدعوة إلى هللا‬ ‫صلب حركتهم‪ .‬بذلك قد يربط فقيه هذه التنظيمات في خطابه بين القتال و ّ‬

‫بالقوة‬ ‫واعتناق اإلسالم الصحيح‪ .‬هذا الربط‪-‬مهما كانت مبرراته‪ -‬ينتهي إلى فرض ّ‬ ‫الدين ّ‬

‫ظمون‬ ‫الدين‬ ‫ألنهم صاروا يؤّلهون خليفتهم ويع ّ‬ ‫اإلسالمي ّ‬ ‫لكن هذا الفرض أبعد ما يكون عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص األساس وما يدعو له من لين في الخطاب والرفق في المعاملة‪ .‬مثل‬ ‫خطبه متناسين ّ‬

‫‪19‬‬ ‫ينص عليه‬ ‫هذه الجهود من طرف الجماعات‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية لم توّفق في رفع التناقض بين ما ّ‬

‫النص الروائي المنسوب إلى الرسول" أمرت أن أقاتل‬ ‫النص القرآني ''الَ إ ْك َراه في اَ ّْلدي ْن''‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عيتهم قدحوا في أجهزة الدولة وديمقراطيتها‬ ‫الناس حتى يقولوا ال إاله إالّ هللا"‪ .‬وحتى يثبتوا شر ّ‬

‫ودعوتها للحريات‪ ،‬واعتبار الجهاز األمني اّلذي يسهر على أمن واستقرار هذه الدولة‬ ‫كل من يقتل رجل أمن‪.‬‬ ‫وبشروا‬ ‫طواغيت بامتياز أي أخرجوهم من المّلة وأهدروا دمهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالجنة ّ‬ ‫فماهو تفسير المعاجم لهذا المصطلح؟‬

‫اغيت‪:‬‬ ‫ط َوا ٍغ و َ‬ ‫طاغوت مفرد جمع َ‬ ‫طو ُ‬ ‫وكل رئيس‬ ‫كل َم ْن ُعبد من دون هللا تعالى من الجن واإلنس واألصنام‪ُّ ،‬‬ ‫‪-1‬شيطان‪ ،‬أو ُّ‬

‫لعقيدة ضالل‪ ،‬يستوي فيه الواحد وغيره و َّ‬ ‫المذكر و َّ‬ ‫"جعلت الن ُار لمن عبد الطاغوت ‪-‬‬ ‫المؤنث ُ‬ ‫{ َفمن ي ْكُفر ب َّ‬ ‫استَ ْم َس َك باْل ُع ْرَوة اْل ُوْثَقى‪}".‬‬ ‫اغوت َوُي ْؤم ْن باهلل َفَقد‬ ‫الط ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫المؤنث) "إنه حاكم طاغوت ‪-‬كان فرعون طاغوتًا‬ ‫‪-2‬طاغية ظالم ومعتد غاشم (للمذ ّكر و ّ‬

‫ُّ‬ ‫المستبدون هم طواغيت هذا العصر"‬ ‫ُي ّقتل األبناء‪ ،‬ويستحيي النساء‪-‬‬

‫‪20‬‬

‫لكن كلمة طواغيت لو أردنا إخضاعها إلى سياقها األصلي في النص القرآني لوجدناها‬

‫وتكبر وطغى‪ ،‬فكيف لهم أن يصفوا‬ ‫جاءت لتنعت فرعون بالطاغوت ّ‬ ‫بوبية ّ‬ ‫ألنه ّادعى الر ّ‬ ‫أن المصطلح‬ ‫يطبق إالّ قوانين دستوره؟والحال ّ‬ ‫جندي أو عون أمن بمثل هذه النعوت وهو ال ّ‬

‫ممن‬ ‫يعني كل ذي طغيان على هللا‪ ،‬فعبد من دونه‪ ،‬إما بقهر منه لمن عبده‪ ،‬وإما بطاعة ّ‬ ‫عبده‪ ،‬إنساناً كان ذلك المعبود أو شيطاناً‪ ،‬أو وثناً‪ ،‬أو صنماً‪ ،‬أو كائناً ما‪ .‬حسب ما رشحت‬

‫ينم إالّ‬ ‫به المعاجم في تعرية المصطلح ّ‬ ‫فإننا نستغرب استعمالهم للمصطلح أصال وهذا ال ّ‬ ‫وعدوا مختلف العالقات الدبلوماسية بين‬ ‫كل مخالف لهم‪ .‬بل ّ‬ ‫عن جهل ورغبة في شيطنة ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪53‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫الردة التي تستوجب ضرورة تكفيرهم‬ ‫الدول العر ّبية و‬ ‫اإلسالمية والدول الغربية نوعا من أنواع ّ‬ ‫ّ‬

‫ومالحقتهم‪.‬‬

‫إن هذا الفكر الذي عمل تنظيم داعش على تسويقه من خالل خطاباته داخل‬ ‫ّ‬

‫بأن الجهاد في سبيل هللا وقتل‬ ‫أوساطه وحقنه في أذهان الشباب‬ ‫المتحمس ألفكارهم إلقناعهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫فدائية‬ ‫المتطوع للقيام‬ ‫الجنة الموعودة‪ .‬بحيث يشعر‬ ‫يؤدي حتما إلى ّ‬ ‫الكافر في نظرهم ّ‬ ‫بعملية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫مقدسة مؤتمر بأمر إلهي‪ .‬بهذه الطريقة وهذه الدغمجة أمكن تنظيم داعش‬ ‫ّأنه يقوم‬ ‫بعملية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل مسلم غيور وتابع لهم ومهما كانت جنسيته يمكنه أن يقوم بعمليات تفجيرّية وتقديم‬ ‫إقناع ّ‬

‫طلب منه مقاومة هؤالء الطغاة‪ ،‬وكل من ال يكون معهم مهما كانت‬ ‫نفسه قربانا هلل إذا ما ُ‬ ‫فإن إسالمه وإيمانه فاسد‪.‬‬ ‫جنسيته وانتماؤه ّ‬ ‫ويدعي ّأنه مسلم ّ‬

‫أن "هناك القيادة‬ ‫كيفية تنظيم داعش لصفوفها‪ّ ،‬‬ ‫ويرى الباحث مازن شندب بخصوص ّ‬ ‫بقية‬ ‫سري ال ي ّ‬ ‫طلع عليه غير ّ‬ ‫الماسكة بتالبيب التنظيم وهذه عادة يكون لها برنامج سياسي ّ‬ ‫أفراد التنظيم اّلذين ال يجب أن يعرفوا أصال أهداف التنظيم‪ ،‬فما يدور في رأس البغدادي هو‬

‫الديني‪ ،‬فقد يكون الجهاد‬ ‫أمر مختلف تماما وغير مرتبط في األصل بفكرة الجهاد بمعناها ّ‬

‫هابية‬ ‫وسيلة لتجميع القوات واألموال لتحقيق طموحات‬ ‫القوات اإلر ّ‬ ‫ّ‬ ‫سياسية‪ .‬وهناك ثانيا ّ‬ ‫المسّلحة اّلتي تقاتل وتقتل وترعب لتحقيق األهداف المرسومة لها‪ .‬وفي رأس هذه المجموعة‬ ‫الكفرة أو داعميهم أو حاضنيهم‪ ،‬فهو قتال قائد إلى‬ ‫فإن القتال هو أمر إلهي‬ ‫ضد َ‬ ‫وموجه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجن على إقناع هؤالء بعكس ذلك لما نجح أحد في ذلك‪."21‬‬ ‫ّ‬ ‫الجنة‪ ،‬ولو اجتمع اإلنس و ّ‬

‫الفضائية هو خطاب إعالمي‬ ‫يسوق له تنظيم داعش في القنوات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫نوعية الخطاب اّلذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫مما يتطّلب إعمال العقل‪ ،‬بل ّإنه خطاب يطمس قيمة العقل‬ ‫ّ‬ ‫يحرك المشاعر والعواطف أكثر ّ‬ ‫دعوية‬ ‫دينية‬ ‫عمال بمبدأ‬ ‫اليهودية في التفكير اعتقد وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفكر‪ ،‬وهذه الطريقة هي في ظاهرها ّ‬ ‫ّ‬

‫نبرر بيع داعش‬ ‫ّ‬ ‫تطبق في نظرّيات وأجندة غر ّبية باسم ّ‬ ‫لكنها في األصل ّ‬ ‫الدين‪ .‬وإالّ فكيف ّ‬ ‫األروبية بأسوام بخسة‪ ،‬زد على ذلك تدميرهم‬ ‫للنفط السوري في السوق السوداء لألسواق‬ ‫ّ‬

‫يخية واألثرّية في كل من اليمن والعراق وسوريا‪ ،‬وما يصدم حقا‬ ‫ألبرز المنشئات والمعالم التار ّ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪54‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫شد انتباهنا هو تصريح الدكتور األمريكي‬ ‫هو وجود هذه التماثيل في متاحف‬ ‫إن ما ّ‬ ‫أجنبية‪ّ .‬‬ ‫ّ‬

‫يكية لو شاءت لقطعت‬ ‫ويبستر تاربلي من خالل مقطع فيديو قوله‪ّ :‬‬ ‫"إن الواليات المتّحدة األمر ّ‬ ‫العنكبوتية‪ .‬ويرى تارلي‬ ‫على تنظيم داعش اإلرهابي كل وسائل االتّصال على الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫المصنع‪ ،‬صنع في أمريكا‬ ‫أن اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫صاحب المؤلف الشهير ''الحادي عشر من سيتمبر'' ّ‬

‫تصدر إلى العراق وسوريا‬ ‫الليبية باعتبارها موطن صناعة اإلرهاب‬ ‫أن درنة‬ ‫ّ‬ ‫مشي ار إلى ّ‬ ‫ّ‬

‫وكل هذا تحت راية اإلسالم والسعي إلى‬ ‫مقاتلين بأعداد كبيرة بعد أن يقع تجنيدهم وتدريبهم ّ‬ ‫وكل هذا ينطوي تحت مشروع واشنطن في تدمير الشرق األوسط"‪.22‬‬ ‫إعادة مشروع الخالفة‪ّ .‬‬ ‫لقد صنعت المخابرات األمريكية تنظيم داعش حتى تجعل الشرق األوسط يعيش في الصورة‬

‫اّلتي رسمها المستشرقون عن الشرق منذ الستينات‪ .‬هي صورة توحي بالدمار والخراب وتنعدم‬ ‫إن هدف المخابرات الغر ّبية هو تشويه صورة اإلسالم أمام كل غربي يريد‬ ‫فيها الحياة‪ .‬حتما ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإن هذا التشويه كان على أيادي مسلمين باسم الدعوة إلى العودة‬ ‫أن يدخل فيه‪ .‬ولألسف ّ‬ ‫ولعل ما يلفت االنتباه ونحن نشاهد خطب تنظيم داعش ّأنهم يستعملون‬ ‫إلى زمن الخالفة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لغة بسيطة سهلة تجعل المتلقي مهما كان مستواه يستسيغها‪ .‬زد على ذلك اعتمادها على‬

‫قوي لما يحتويه من أسلوب السجع‪.‬‬ ‫شعارات وأوامر تصاغ بأسلوب وجيز وله تأثير ّ‬ ‫الحسي الموعود‪ ،‬من تمتّع بالجواري‬ ‫خاصة اإلغراء‬ ‫تتبنى اإلغراء‬ ‫هي خطابات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حساسة ومعلومة لديهم وهي‬ ‫الحسناوات وحور العين وهذا ال ّ‬ ‫يبين مدى تركيزهم على أوتار ّ‬ ‫درجة الكبت والهوس الجنسي‪ ،‬فيكون وعدهم بالحسناوات من باب الترغيب إلشباع المكبوت‬ ‫ّ‬ ‫وكأن بهم تناسوا‬ ‫الجنسي ال أكثر‪ ،‬أيضا نالحظ تركيزهم على لغة العقاب والوعيد والترهيب ّ‬

‫أن هللا شديد العقاب وفي نفس الوقت رءوف رحيم‪.‬‬ ‫ّ‬

‫إن ما يمكن استخالصه من خالل دراستنا وبحثنا في خفايا هذا التنظيم ّأنه يكّفر‬ ‫ّ‬

‫جميع الناس إالّ من كان مبايعا له‪ ،‬وهو يعتبر كل من ال يؤمن بتوجهاته كاف ار ومارقا ‪-‬وهذا‬ ‫الردة عليه حسب اعتقادهم فيستحلون دمه وماله‬ ‫يذ ّكرنا بمبدأ الخوارج‪ ،-‬استوجب قتله لثبات ّ‬ ‫بأن الناس أجمعين منذ قيام الدعوة المحمدية ونهاية عقد‬ ‫وعرضه‪ّ .‬‬ ‫كأنهم يريدون أن يوهموا ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪55‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫السبل فصاروا كفرة مر ّتدين ال دين‬ ‫الخلفاء الراشدين قد خرجوا من دين االسالم ّ‬ ‫وتفرقت بهم ُ‬

‫وترد إليهم إسالمهم‬ ‫لهم وال مّلة وال ذمة حتى تأتيهم الدولة اإلسالمية في العراق والشام ّ‬

‫فإن استفحال مثل هذه األفكار أصبح يشكل عبئا‬ ‫وتخرجهم من جاهليتهم الجهالء‪ .‬حتما ّ‬

‫ممن تدعي‬ ‫على األفراد والمجتمعات فصارت العقول مشتتة بين أدبيات هذه الحركة وغيرها ّ‬ ‫المجددين فعال في‬ ‫األمة اإلسالمية وهو ما ساهم في زرع الالّثقة في أفكار‬ ‫ّ‬ ‫إصالح أمر ّ‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫ويسوقون إسالما زائفا للوصول إلى غايات ومطامح‬ ‫ّ‬ ‫يشوهون ّ‬ ‫اإلسالم وبين من ّ‬ ‫اإلسالمية فيما‬ ‫توضح أهم النقاط اّلتي يتمركز فيها تنظيم الدولة‬ ‫ولنا أن ّ‬ ‫نقدم خريطة ّ‬ ‫ّ‬

‫البترولية‬ ‫أن هذا التنظيم متمركز في المناطق‬ ‫بين العراق والشام‪ .‬ولو تأملنا الخريطة لوجدنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن داعش عميلة للمخابرات الغر ّبية‪.‬‬ ‫وهذا ما تطمح إليه األجندة الغر ّبية ّ‬ ‫ألنه بان بالكاشف ّ‬ ‫❖ الموقع ‪ :‬خريطة تنظيم " الدولة اإلسالمية في العراق والشام ( داعش)‬

‫الصورة ‪ :‬خريطة تنظيم " الدولة اإلسالمية في العراق والشام ( داعش)‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪23‬‬

‫‪56‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫التصفية اّلتي قامت بها داعش للكثير من األفراد أمكن اعتبار‬ ‫ومن خالل عمليات‬ ‫ّ‬

‫هذا التنظيم األكثر دموية بين كل التنظيمات التي عرفها التاريخ المعاصر على غرار‬

‫القاعدة‪ .‬لكن في الوقت اّلذي ترفع فيه هذه التنظيمات شعارات الجهاد ضد األمريكان‬ ‫األمة‪ ،‬نجدهم في أغلب األحيان ال يقتلون إالّ المدنيين والعزل المسلمين‬ ‫وإسرائيل وأعداء ّ‬ ‫الثوار والجماعات األخرى بالدول المناوئة والمقاومة للنفوذ والطغيان األمريكي واإلسرائيلي‬ ‫و ّ‬

‫أي‬ ‫مثل سوريا وجنوب لبنان وفلسطين والعراق وإيران والصومال واليمن ‪....‬الخ‪ ،‬ولم نجد ّ‬ ‫وجه سالحه صوب إسرائيل أو أي يهودي أو أمريكي إالّ في حاالت نادرة‪ ،‬غالبا‬ ‫تنظيم منهم ّ‬

‫ما نجدها حاالت عليها الكثير من عالمات االستفهام‪ ،‬فعدد القتلى والجرحى في العمليات‬

‫ضد القواعد واألهداف والمنشآت والسفارات األمريكية والغربية يكون محدودا‬ ‫اّلتي يقومون بها ّ‬

‫تم وفق حسابات دقيقة بعمليات محسوبة‬ ‫جداً والخسائر تكون محدودة وكأن ّ‬ ‫كل شيء ّ‬ ‫ومحسوب مقدار خسائرها المادية والبشرية‪.‬‬ ‫فإن آل سعود‬ ‫ليست المخابرات الغر ّبية فقط وحدها المسئولة عن نشأة هذا التنظيم‪ّ ،‬‬

‫المتشددين فقد‬ ‫ضد اإلسالميين‬ ‫ّ‬ ‫كان لهم دور هام في نشأته ّإبان حرب الجيش الجزائري ّ‬

‫السعودية بدعم الفكر السلفي الوهابي في الجزائر والكثير من البالد اإلسالمية في‬ ‫قامت‬ ‫ّ‬ ‫الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي‪ .‬فعندما فازت الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ في‬ ‫االنتخابات البلدية ثم االنتخابات البرلمانية الجزائرية‪ ،‬قامت السعودية بتشجيع الشباب‬

‫الجزائري وخاصة من أبناء العائالت الفقيرة والكادحة للذهاب إلى السعودية للدراسة مجانا في‬ ‫جامعاتها لتعلم الفكر الوهابي والسلفي والعودة إلى الجزائر كدعاة لتبليغ الفكر الوهابي السلفي‬ ‫األساسية لتأسيس الفكر الوهابي وانتشاره في الجزائر‬ ‫بين الجزائريين‪ .‬وقد كان هؤالء النواة‬ ‫ّ‬ ‫والوطن العربي‪ ،‬ومن المفارقات التي حكمت هذا التنظيم اعتباره بأن المسلمين قد ار ّتدوا وهو‬ ‫ّ‬ ‫أي مدى يمكن لتنظيم الدولة أن يقنع أنصاره بسالمة منهجه‬ ‫أمر يطرح عديد التساؤالت‪ :‬إلى ّ‬ ‫كل من ال يعترف بهم بالمر ّتد عن دينه؟‬ ‫تعمدوا وصف ّ‬ ‫رغم الثغرات اّلتي ظهرت فيه؟ ولماذا ّ‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪57‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫من البديهي أن تكون هناك صراعات بين األمم ورّبما يعود ذلك إلى دعم فكرة البقاء والسيادة‬ ‫طياته أنواعا مختلفة من هذه‬ ‫لمن تكون له الغلبة‪ .‬وفي الواقع ّ‬ ‫فإن التاريخ يحمل في ّ‬

‫الصراعات التي عبرت عن شرعيتها تحت اسم الجهاد‪ ..‬ولتحقيق هذا الغرض تلجأ مثل هذه‬

‫الرسمية في اإلفتاء أو‬ ‫الحركات إلى الفتاوى الصادرة عن التنظيمات أي الجهات غير‬ ‫ّ‬

‫تيمية‪.‬‬ ‫تتعسف على فتوى والعمل بها على غرار فتاوى ابن ّ‬ ‫ّ‬ ‫لقد ركزت الدولة اإلسالمية على استغالل هذا السالح‪ -‬الفتوى‪ -‬حتى تستقطب أكبر‬ ‫عدد من الشباب الطامح إلى دخول الجنة والفوز بحور العين‪ -‬وهذا حسب اعتقاداتهم‪ -‬ولكن‬ ‫عدة ساعدت في بروز ونشأة‬ ‫إن وجود مشاكل‬ ‫محلية ّ‬ ‫رغم هذا االعتقاد فإنه أمكن القول ّ‬ ‫ّ‬

‫وتعزيز صفوف هذا التنظيم من بينها الفقر والبطالة وتهميش الدولة لشبابها‪ ،‬لذلك يقول‬

‫ان‪":‬إن اندفاع الشباب المسلم لالنضمام إلى صفوف الدولة‬ ‫المحّلل‬ ‫السياسي عبد الباري عطو ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية يعود إلى عوامل كثيرة مثل انتشار الفساد والديكتاتورية واستفحال الصراع الطائفي‬ ‫واألوضاع االقتصادية المتدهورة وارتفاع معدالت البطالة"‪.24‬‬ ‫المتردية والمزرّية للشباب العربي من الناحية‬ ‫ول َم يستغل هذا التنظيم وغيره األوضاع‬ ‫ّ‬ ‫كل هذا بهدف جعله ينخرط في أعمال العنف اّلتي تقصي‬ ‫االجتماعية؟‬ ‫االقتصادية و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الدموية المثيرة‬ ‫طل الحواس‪ ،‬يقول عبد الباري عطوان "ش ّكلت األعمال الوحشية‬ ‫العقول وتع ّ‬ ‫ّ‬ ‫للرعب عالمة فارقة في البدء لجماعتي أبو مصعب الزرقاوي في العراق (التوحيد والجهاد‬ ‫والقاعدة في بالد الرافدين) وبعد ذلك لجماعة الدولة اإلسالمية في العراق والشام واآلن للدولة‬ ‫اإلسالمية التي تفوقت عليها كلها بأشرطة الفيديو المنتظمة التي تعرض فيها مشاهد قطع‬ ‫‪25‬‬ ‫يهمنا هو البحث في مضمون هذه الفتاوى‪ ،‬فقد ورد في‬ ‫رؤوس رهائنها بدم بارد " ‪ .‬وما ّ‬ ‫أن كل مؤيد للنظام دمه حالل وكل‬ ‫فتوى صدرت عن تنظيم الدولة اإلسالمية موضوعها " ّ‬

‫يكن لها الوالء والطاعة دمه‬ ‫من يسكن في مناطق تحت سيطرة نظام الدولة‬ ‫اإلسالمية وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫حالل حتى لو كان مسلما وينطق الشهادتين ‪ .26‬من خالل هذه الفتوى تبدو بذرة التكفير‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪58‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫كل من يسكن في مناطق سيطرة النظام السوري سواء أكان‬ ‫دم ّ‬ ‫واضحة المعالم‪ ،‬فلم يهدر ُ‬ ‫يحل إهدار دم المسلمين سواء نطقوا بالشهادتين أم ال؟‬ ‫مواليا أم ال؟ ولم ّ‬ ‫إن إعالن الفرد إسالمه رغم ّأنه في بلد عربي مسلم ال يشفع له بالبقاء على قيد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن دمه قد أهدر عند الخليفة‪ .‬هنا يتفقون مع ابن تيمية فيما أورده من في فتواه‬ ‫الحياة‪ّ ،‬‬ ‫المتعلقة بـ "بلد المر ّتدين" التي تبيح عديد المسائل التي عملت الدولة اإلسالمية على تطبيقها‬

‫شن الحرب واالتهام بالكفر الذي يؤدي إلى فرض أحكام الشريعة‬ ‫بحذافيرها من خالل ّ‬ ‫اإلسالمية المرتكزة على كل ما يتماشى واعتقاداتهم ويخدم مصالحهم داخل دول يدين أهلها‬

‫تيمية في مسألة "الطعن والضرب" بكل ما يحمله‬ ‫باإلسالم‪ .‬وهذا فيه تطبيق لقول الشيخ ابن ّ‬ ‫من عنف مسلط تطبقه الدولة اإلسالمية على رهائنها ليكون بتر األطراف وقطع الرؤوس‬ ‫قانونا ساريا واجب التنفيذ‪.‬‬ ‫ما يمكن استخالصه من هذا القول هو لجوء الدولة اإلسالمية باستعمال العنف‬ ‫أن هدفها من وراء ذلك‬ ‫جليا ّ‬ ‫المسّلط على العباد بأشكال وحشية دموية مثيرة للرعب‪ .‬ويتّضح ّ‬

‫هو بث ال ّذعر والخوف في المجتمعات بطريقة هي اّلتي تضعها‪ ،‬وفي هذا يقول عبد الباري‬ ‫إن في ظل روايات غير مؤكدة من بلدات سقطت في أيديها عن نساء أو يزيديات‬ ‫عطوان" ّ‬

‫كل‬ ‫اغتُصبن وانتزعت قلوبهن من أحشائهن وتركت على صدورهن وهذا قصد إخضاع ّ‬

‫الوحشية المفرطة"‪ .27‬فهل هذا هو الترغيب في اإلسالم؟ ولو كان هدف هذه‬ ‫بالقوة‬ ‫ّ‬ ‫مخالف ّ‬ ‫ألن ديننا دين ترغيب وليس‬ ‫الحركة نشر اإلسالم لما سعت إلى استخدام العنف ّ‬ ‫ضد مسلمين ّ‬ ‫ترهيب؟‬

‫أن تش ّكل هذا التنظيم كان من طرف مخابرات غر ّبية هدفها زعزعة الشرق‬ ‫نفهم ّ‬

‫األوسط ونهب ثرواته باسم تنظيم داعش‪.‬‬

‫إن مثل هذا القول ما يجعل عامة الناس ترى الدولة اإلسالمية وحشا طاغية ينتهك‬ ‫ّ‬

‫الحرمات وقد جاء في بيان للتنظيم ما مفاده "بعد تحرير والية نينوى وترحيب األهالي‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪59‬‬


‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫بإخوانهم المجاهدين والفتح العظيم وهزيمة الجيش الصفوي في والية نينوى وتحريرها وبإذن‬ ‫هللا سوف تكون هذه الوالية مستقر المجاهدين ومأواهم‪ .‬وبذلك نطالب أهالي هذه الوالية بتقديم‬ ‫النساء غير المتزوجات لكي يقمن بدورهن بجهاد النكاح إلخوتهم المجاهدين ومن تخّلف‬ ‫سوف نقيم عليه الشرع وتطبيق قوانين الشريعة‪ ،‬اللهم قد بلغنا اللهم فاشهد"‪.28‬‬ ‫الغريب في هذا البيان هو الحرص على تقديم النساء غير المتزوجات حتى يؤدين‬ ‫واجبهن المتمثل في "جهاد النكاح"‪ .‬وفي الحقيقة يتعارض هذا الطلب مع ما ورد من أخبار‬ ‫حجها أو عمرتها لقوله ‪":‬عليهن جهاد‬ ‫عن‬ ‫النبي محمد الذي يعتبر أن جهاد المرأة يكون في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال قتال فيه الحج والعمرة "‪ .29‬بالتالي يكون مطلب جهاد النكاح أم ار مرفوضا شرعا وعرفا‬ ‫لما فيه من خرق ألهم مبادئ النكاح عند المسلمين‪ ،‬ولما فيه من انتهاك لألعراض‬ ‫ألن هذا الجهاد‬ ‫والحرمات‪ .‬فكيف لهم أن يجعلوا هذه الزيجات الفاسدة نوعا من الجهاد ؟ ّ‬ ‫نرد هذا لكونهم يعتبرون النساء مملوكات وأسيرات عند‬ ‫المزمع ليس إالّ فسادا وبغاء‪ .‬ونحن ّ‬ ‫أسيادهن وهي إشارة نجدها عند ابن تيمية لقوله عن الرسول " فإنهن عوان عندكم " أي‬

‫بمنزلة العبد واألسير‬

‫‪30‬‬

‫فإن مثل هذا الحديث وقع تحريفه واالستناد عليه حتى يضفوا‬ ‫"‪ .‬حتما ّ‬

‫وهن متعّلمات‬ ‫عية على أفعالهم‪ ،‬والغريب ّأنهم قد نجحوا في إقناع‬ ‫بعضهن بجهاد النكاح ّ‬ ‫ّ‬ ‫شر ّ‬ ‫ولعل خير سند لهم هي اصدار‬ ‫وهذا يطرح أكثر من سؤال عن طرق تجنيدهم لجواريهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن لإلفتاء شروطه وأهدافه واّلتي ال‬ ‫الفتاوى من قبل عديد األطراف غير المؤهلة لإلفتاء ّ‬

‫يمكن أن تتوّفر في الشيوخ الذين يستندون إليها‪ .‬لذلك نرى ّأنها تتسم بعدم المصداقية‬

‫متكرر منذ عصر‬ ‫والشر ّ‬ ‫عية نظ ار لما يشوب محتواها من دمج بين الديني والسياسي وهذا أمر ّ‬ ‫ابن تيمية قديما وقيام دولة آل سعود وتحالفهم مع محمد بن عبد الوهاب مرو ار باإلخوان‬

‫المسلمون والقاعدة وتنظيم الدولة اإلسالمية حديثا وهي تنظيمات تسعى إلى نشر أفكارها‬ ‫تحت تأثير كل من ابن تيمية والوهابية وهي أفكار ّتدعي أنها تنبثق من جوهر اإلسالم ‪.‬‬

‫ونحن نقول إنه بين التنظير والتطبيق تتأرجح فتاوى ابن تيمية فهي وجهان لعملة‬

‫واحدة‪ ،‬وجه ينادي بضرورة االئتالف والحرص على الجماعة المسلمة‪ ،‬ووجه يدعو إلى‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪60‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫ضرورة الجهاد بطرق شتّى للحفاظ على مركزّية التنظيم‪ .‬وقد أصاب الرجل في مواقع وأخطأ‬ ‫في أخرى ‪..‬ولكن كان للمواضيع التي لم يوفق فيها وقع عظيم في زمانه تواصل إلى ّأيامنا‬

‫هذه لتمثل أرائه السلبية سبيال تنتهجه الحركات المعاصرة اليوم التي ترى في كل بالد‬ ‫كل من ال يعترف بها وإعالنها دار كفر‬ ‫المسلمين دار حرب وجب مقاطعتها واستباحة دم ّ‬

‫وشرك‪ .‬وهذا يف ّكرنا بمبدأ الخوارج في مخالفيهم‪.‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬

‫اإلسالمية منذ ظهورها ونشأتها كتنظيم له فكره‬ ‫إن الجماعات‬ ‫المراء من القول ّ‬ ‫ّ‬

‫يخيا إلى حكم‬ ‫ومذهبه وقياداته‪ّ ،‬أنها جماعات تشترك في ّ‬ ‫حدة خطابها وقسوته‪ .‬فلو رجعنا تار ّ‬

‫كل من يخالفها هو كافر باألساس‪ ،‬ال يستأمن‪ ،‬وال تؤكل‬ ‫الخوارج في مخالفيها لوجدنا ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫فإن اإلخوان المسلمون كانوا‬ ‫يزوج‪ ،‬وال يدفن حتى في مقابر المسلمين‪ .‬أيضا ّ‬ ‫ذبيحته‪ ،‬وال ّ‬

‫الفقهية بيد هم‬ ‫أي جهاد فللجهاد شروطه وضوابطه‬ ‫ّ‬ ‫يتبنون ّ‬ ‫كل فتوة تدعو إلى الجهاد‪ ،‬لكن ّ‬ ‫يكرسون‬ ‫يرون ّ‬ ‫يحل في المسلمين اّلذين ال ينسجمون معهم ولو بقتلهم‪ .‬فلماذا ال ّ‬ ‫أن الجهاد ّ‬ ‫ضد إسرائيل؟‬ ‫جهادهم وحياتهم وخطاباتهم ّ‬

‫ليبرروا عزوهم ألفغانستان فدخول‬ ‫القاعدة بدورها كانت وال ّ‬ ‫شك صناعة أمر ّ‬ ‫يكية ّ‬

‫أمريكا كان بهدف مساعدة األفغان على طرد السوفيات من أراضيها‪.‬‬

‫جليا لكل من يدرس خطاب‬ ‫وفيما‬ ‫ّ‬ ‫يخص تنظيم داعش وخطابها التكفيري‪ ،‬يبدو ً‬

‫"داعش" أنه خطاب تكفيري‪ ،‬عالوة كونه تنظيم ممول بشكل محكم للغاية من األجندة‬ ‫الغر ّبية‪ ،‬ويتّضح هذا التمويل من خالل عمليات التفجير واسعة النطاق في العراق وسوريا‬

‫المتطور الذي يمتلكونه‪.‬‬ ‫وحجم الذخيرة الهائل و ّ‬

‫وقد وجد هذا التنظيم مساحة خصبة على األراضي السورية لممارسة إجرامهم‬ ‫وتكفيرهم باإلضافة إلى استغالل الفوضى لتحقيق المكاسب وتوسيع النفوذ‪ ،‬ومن الحدود‬ ‫السورّية الواسعة مع العراق‪ ،‬دخل تنظيم "الدولة" إلى األراضي السورية‪ ،‬إلى شرق سوريا‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪61‬‬


‫أ‪ .‬محمد عالقي‬

‫الجماعات اإلسالمية المتطرفة ‪...‬‬

‫السنة في سوريا" معلنا الحرب على النظام السوري‪ .‬وهي‬ ‫بالتحديد تحت شعار"نصرة أهل ّ‬ ‫التصدي للغزو األمريكي‪.‬‬ ‫نفس الطريقة اّلتي استقطب بها أنصاره في العراق بهدف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫القوة‬ ‫ولنا أن نقول ّ‬ ‫إن خطاب مثل هذه التنظيمات كان خطاب التكفير واستعمال ّ‬

‫بأنها‬ ‫كل هذا ّتدعي ّ‬ ‫سالحها الفتّاك ّ‬ ‫ألنها مسنودة من الخارج وتمتلك الثروة والعتاد‪ .‬وفوق ّ‬ ‫ثمة‬ ‫حامية اإلسالم‬ ‫وحامية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديار‪ّ ،‬‬ ‫وكل من خالفها وجب مقاتلته وإخراجه من المّلة‪ ،‬فهل ّ‬

‫خطاب تكفيرّي أكثر من هذا الخطاب؟‬ ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1‬ابن تيميّة‪ ،‬الفتاوى الكبرى‪ ،‬مجموع فتاوى ابن تيميّة‪ ،‬المجلّد ‪ ،4‬دار القلم بيروت لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.386‬‬ ‫‪ 2‬هشام جعيط‪ ،‬مدخل إلى تاريخية الدعوة المحمدية في مكة‪ ،‬دار الطليعة بيروت‪ ،2007 ،‬فصل في اسم‬ ‫ي‪.‬‬ ‫النّب ّ‬ ‫‪ 3‬محمد أركون‪ ،‬الحركات االسالمية (قراءة نقدية)‪ ،‬مجلة الوحدة عدد ‪ 96‬بتاريخ سبتمبر ‪ 1992‬ص ‪.7‬‬ ‫‪ 4‬جيرار جهامي وسميح دغيم‪ ،‬الموسوعة الجامعية لمصطلحات الفكر العربي االسالمي (تحليل ونقد)‪،‬‬ ‫مكتبة لبنان ناشرون ط ‪ 2006‬ص ‪.1002‬‬ ‫‪ 5‬الموسوعة العربية العالمية‪ ،‬مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.361‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪Olivier roy, l’échec de l’islam politique, éditions du seuil paris ,1992, p141‬‬ ‫‪ 7‬األحزاب الدينية العربية ‪ ،‬مجلة الوحدة‪،‬عدد ‪ 96،1992‬ص ‪. 59‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الموسوعة العربية العالمية ‪ ،‬مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬ط‪ ، 2‬ج‪ 1‬ص ‪.361‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪Juliette minces, femmes en islam arabe, clés pour l’islam du religieux au‬‬ ‫‪politique des origines au enjeux d’aujourd’hui ,collection Grip, bruxelles ,1993 p‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪Olivier roy : l’echec de l’islam, politique p 82‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪Bruno Etienne ,l’islamisme radical ,hachette, France 1987 p 179‬‬ ‫‪ 12‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬الخطاب الدّيني رؤية نقديّة‪ ،‬دار المنتخب العربي‪ ،‬دراسات إسالميّة‪ ،‬بيروت لبنان‪،‬‬ ‫ط‪ ،1992 ،1‬ص ص ‪.24-23‬‬ ‫‪ 13‬حيدر ابراهيم علي‪ ،‬االت ّجاه السلفي‪ ،‬مج ّلة عالم الفكر المج ّلد ‪ 26‬العددان ‪ ،4-3‬يناير ‪ ،1998‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ 14‬مح ّمد عبده‪ ،‬اإلسالم دين العلم والمدينة‪ ،‬دار سينا‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دت‪ ،‬ص ‪.150‬‬ ‫‪ 15‬فؤاد زكريا‪ ،‬الصحوة اإلسالميذة في ميزان العقل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1987 ،2‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ 16‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬الخطاب الدّيني رؤية نقديّة‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.38‬‬ ‫‪17‬‬ ‫تنظيم الولة ‪ ....‬النشأة واألفكار – مركز صناعة الفكر للدراسات ‪http://www.al.jazirah.com‬‬ ‫واألبحاث‬ ‫‪18‬‬ ‫‪http://www.alalam.ir/news/1552479.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ 20‬أحمد مختار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربيّة المعاصرة‪ ،‬نشر عالم الكتب القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬جذر ط غ ي‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪62‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ 21‬الدكنور مازن شندب‪ ،‬داعش ماهيته‪ ،‬نشأته‪ ،‬إرهابه‪ ،‬أهدافه‪ ،‬استراتيجيته‪ ،‬الدار العربيّة للعلوم ناشرون‪،‬‬ ‫ط‪ ،2014‬ص ‪.6‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪http://www.assabahnews.tn/article/142284/%D8‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪http://www.alwasat.ly/ar/files/infographic/22221‬‬ ‫‪ 24‬عبد الباري عطوان‪ ،‬الدولة االسالمية‪ ،‬الجذور‪ ،‬التوحش‪ ،‬المستقبل‪ ،‬عن دار الساقي الطبعة األولى‬ ‫‪ ،2015‬ص ‪.15‬‬ ‫‪ 25‬عبد الباري عطوان‪ ،‬الدولة االسالمية‪ ،‬الجذور‪ ،‬التوحش‪ ،‬المستقبل‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪. 147‬‬ ‫‪26‬‬ ‫سوريا‪ -‬لبنان ‪-‬فلسطين ‪Burathanews .COM/…/‬‬ ‫‪ 27‬عبد الباري عطوان‪ ،‬نفسه ص ‪.147‬‬ ‫‪28‬‬ ‫مالك بارودي داعش وبيانها االخير حول جهاد النكاح على سنة ‪www.ahewar.org‬‬ ‫‪ 29‬محمد بن إسماعيل البخاري أبو عبد هللا‪ ،‬صحيح البخاري جزء‪ ،2‬نشر دار ابن كثير دمشق بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪ ،2002‬ص‪. 141‬‬ ‫‪ 30‬ابن تيمية‪ ،‬الفتاوى الكبرى‪ ،‬جزء ‪ ،34‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ص ‪.90‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪63‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني‬ ‫(نصوص حنظلة للشاعر المتوكل طه نموذجا )‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬ ‫جامعة صبراتة ‪ -‬ليبيا‬ ‫الملخص‪:‬‬

‫تحاول هذه الدراسة اإلفادة من اإلنجازات الهائلة التي حققتها اللسانيات في مجال النظريات‬

‫النقدية الحديثة ‪ ،‬خاصة التطورات التي وصل إليها ( التناص) باعتباره ينتمي إلى ما بعد الحداثة ‪،‬‬ ‫وينزع إلى التأويل والتعدد والمساءلة ‪ ،‬ويرصد البنيات التوليدية الجديدة الناجمة عن التفاعل النصي‬ ‫بين الدالالت الحاضرة والغائبة في مستوى االختالف والمشابهة ‪ ،‬الجزئي والكلي ‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫منهج لساني مركب ( سوسيو‪ -‬بنيوي ) ال يفصل النص عن مرجعه ‪ ،‬ويدرس البنيات الصغرى‬ ‫والكبرى ‪ ،‬السطحية والعميقة في كل نص من النصوص بظروفه التاريخية ‪ ،‬واالجتماعية ‪،‬‬ ‫والجمالية ‪ ،..‬ويكشف عن الوسائل األسلوبية التي استخدمها الشاعر إلقناع القارئ برؤيته ‪.‬‬ ‫الكلمات االمفتاحية‪ :‬اللسانيات‪ ،‬النظريات النقدية الحديثة ‪ ،‬ما بعد الحداثة‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬ ‫‪This study attempts to benefit from the great achievements‬‬ ‫‪achieved by linguistics in the field of modern critical theories,‬‬ ‫‪especially the developments that have reached it as belonging to‬‬ ‫‪postmodernism, and tends to interpretation, pluralism and‬‬ ‫‪accountability, and monitors the new obstetric structures resulting‬‬ ‫‪from the textual interaction between the present and absent‬‬ ‫‪connotations The level of difference and similar, partial and macro,‬‬ ‫‪and through a structured syllabus (Susio-Benoi) does not separate the‬‬ ‫‪text from the reference, and examines the structures of small and‬‬ ‫‪large, superficial and deep in each text of historical, social, and‬‬ ‫‪aesthetic .., Stylistic methods used by the poet to convince the reader‬‬ ‫‪to see him‬‬ ‫‪Key words: linguistics, modern critical theories, postmodernism‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪64‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬ ‫تحاول هذه الدراسة اإلفادة من اإلنجازات الهائلة التي حققتها اللسانيات في مجال‬ ‫النظريات النقدية الحديثة ‪ ،‬والتي تجاوزت العالقة بين الدال والمدلول ‪ ،‬والبنية السطحية‬ ‫والعميقة ‪ ،‬بغية التعدد والتنوع ‪ ،‬وجماليات التلقي ‪ .‬لذا آثرنا أن نبحث عن أشكال التناص‬ ‫في نصوص حنظلة للشاعر الفلسطيني المتوكل طه وذلك من خالل منهج مركب ( سوسيو‬ ‫–بنيوي ) ينتمي إلى تحليل الخطاب الشعري الذي ينفتح على التأويل ‪ ،‬والقراءات المتعددة‬ ‫لنصوص شعرية يتواشج فيها الرسم واألدب ‪ ،‬ويرصد البنيات الصغرى والكبرى في كل نص‬ ‫من النصوص الشعرية بظروفها النفسية والفكرية واالجتماعية ‪ .‬وهنا البد وأن نشير إلى‬ ‫صعوبة الهدف المرجو من حيث تطبيق منهج غربي النشأة على نصوص شعرية لها‬ ‫خصوصيتها المرجعية من ناحية ‪ ،‬وعدم اكتمال النظريات النقدية الحديثة حتى اآلن ‪ .‬فضال‬ ‫عن اشكالية تعريف المصطلح تعريفا دقيقا ومحددا ‪.‬‬ ‫بنيت هذه الدراسة على أهم المحاور التي برز فيها التناص واضحا وجليا مسبوقا‬ ‫بإضاءة لمفهومه ووظيفته في الخطاب الشعري ‪.‬‬ ‫أخذ المحور األول ‪ ،‬تناص الشخصية العلم ‪.‬‬ ‫وتناول المحور الثاني‬

‫التناص الديني‬

‫‪ ،‬وتحدث المحور الثالث عن التناص التاريخي‬ ‫‪ ،‬أما المحور الرابع فتعرض إلى تناص الشعر العربي القديم والحديث ‪.‬‬ ‫مع اإلشارة إلى البنيات الحاضرة والغائبة ومدى التفاعل بينهما بما يمنح القارئ الوعي‬ ‫والمساءلة ‪ .‬أما الخاتمة فقد تضمنت ما توصل إليه البحث من مضامين ونتائج أساسية‬ ‫ومدى قدرة الشاعر على استخدام تقنية التناص في عالج القضية الفلسطينية‪ ،‬وصوال إلى‬ ‫مصادر البحث ومراجعه ‪.‬‬ ‫إضاءة ‪ :‬يرتبط التناص ارتباطاعضويا بشعرية النص عبر دالالت الغياب والحضور ‪،‬‬ ‫والهدم والبناء ‪ ،‬وقوامها نظرية (ريفاتير) التواصلية التي تركز على القارئ باعتباره عصب‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪65‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫العملية اإلبداعية ‪ .‬لقد تعرض مصطلح التناص لوجهات نظر مختلفة من قبل الباحثين‬ ‫ورواد هذا المجال ‪ ،‬لسنا بصدد الخوض في تفاصيلها حرصا على خصوصية الموضوع ‪،‬‬ ‫إذ يخبئ النص أجناسا مختلفة يمكننا من خاللها اكتشاف عالقات التآلف والتخالف ‪،‬‬ ‫واستحضار القديم من خالل الحديث ‪ ،‬لذا سنتناول التناص من مفهوم التعالي النصي‬ ‫(لجيرارجنييت) ‪ ،‬وهو المفهوم الجامع األكثر اتساعا وشمولية وقد أطلق جيرار جنييت على‬ ‫هذا المصطلح "التداخل الذي يقرن النص بمختلف أنماط الخطاب الذي ينتمي إليه وفي هذا‬ ‫اإلطار تدخل األجناس األدبية "‬

‫‪1‬‬

‫خفية أم جلية مع غيره من النصوص "‬

‫فالتناص يعني "معرفة كل ما يجعل النص في عالقة‬ ‫‪2‬‬

‫‪.‬‬

‫ولما كان النص رسالة لغوية إشارية تنحاز فيه اللغة إلى المفارقة واالنزياح والتأويل ‪،‬‬ ‫فإن الحقل الداللي الخاص بالتناص " لن يكون مجرد تحديد معنى ‪ ،‬إنه حالة وعي فلسفي ال‬ ‫ترى في المحدد بشكل مباشر سوى حاالت رمزية ‪ ،‬تحتوي على أسرار اإلنسان الثقافية‬ ‫واالجتماعية والدينية ‪ ،‬وهي أسرار يجب الكشف عنها من خالل امتالك المفاتيح الضرورية‬ ‫للتأويل "‬

‫‪3‬‬

‫‪.‬‬

‫استنادا إلى هذا القول ‪ ،‬فقد شكل التناص عصب الخطاب الشعري وأساسه بدءا من عنوانه‬ ‫عبر سلسلة من المتناصات المتباينة ‪ ،‬أهمها استدعاء االسم المباشر أو اللقب أو الصفة‬ ‫لشخصية تحظى بقدر كبير من الصفات المحببة للشاعرنفسه أو التي يصبو إلى تحقيقها ‪" .‬‬ ‫فالشخصية عند الشاعر ذات بعد فكري وعقيدة ‪ ،‬تؤمن بالفقراء والكادحين ‪ ،‬كما تؤمن‬ ‫بالمظلومين الضعفاء لتنتصر لهم من قوى االستبداد والظلم ‪ ،‬وتتحول إلى أن تكون ذات‬ ‫داللة جديدة في عصرنا الحديث " ‪.4‬‬ ‫نلمس ذلك من خالل تناولنا المحاور التالية ‪:‬‬ ‫اوال ‪ -‬التناص الخاص بالشخصية العلم ‪:‬‬ ‫للتدليل على ذلك سنقتطف مقطوعة شعرية اعتمدت فيها آلية االستدعاء على االسم المباشر‬ ‫للشخصية فنقرأمعا‪:‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪66‬‬


‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫" ويجن الثوار األمراء‬ ‫ويشرب سيدهم كأس اليأس‬ ‫وتأمره سالومي أن يقطع رأس المبعوث‬ ‫لترقص حول جدائله المائية‬ ‫في األنحاء "‬

‫‪5‬‬

‫تدهشنا تقنية الشاعر العالية ورموزه التي يمزج فيها بين الفن والحياة في ألفة نادرة قلما‬ ‫نعثر عليها عند اآلخرين ‪ ،‬فهو يحاور شخصية اقترن اسمها بقتل أحد األنبياء دون أن يذكر‬ ‫يتجز‬ ‫أ‬ ‫اسمه إجالال وإكبا ار له ‪ ،‬ونحن بدورنا نحاور نصه ‪ ،‬ألن المجال الحواري يعد جزءا ال‬ ‫من آليات التناص ‪ .‬وأول ما يحضرنا في هذا المنظور الحوارية التي ألح عليها (ميخائيل‬ ‫باختين ) ‪ ،‬وحين نعود إلى شخصية سالومي في وضعها الطبيعي ‪ ،‬فسنجدها تعود بنا إلى‬ ‫دورتلك الفتاة الراقصة الجميلة لسيدنا يحيى عليه السالم بإيعاز من أمها –هيروديت ‪--‬‬ ‫ألنها تزوجت من الملك (هيرودوس انتباس) بعد أن كانت زوجة ألخيه الملك (هيرودوس‬ ‫فيلبوس) ‪ ،‬وحرم سيدنا يحيى هذا الزواج وعارضه ‪ ،‬وعلى أثر هذه الحكاية ‪ ،‬استغلت‬ ‫(هيروديت) جمال ابنتها (سالومي ) ‪،‬وهي ترقص في حفل عيد ميالد زوجها ‪ ،‬فطلبت منها‬ ‫رأس سيدنا يحيى ‪،‬فأمر الملك جنوده بقطع رأسه وتقديمه هدية لسالومي انتقاما منه (*) ‪.‬‬ ‫وحينما نعود إلى النص (المتوكلي) في سياقه الداللي ‪ ،‬يتكشف لنا سبب استدعاء هذه‬ ‫الشخصية بالذات من خالل عالقات الحضور والغياب ‪ ،‬والهدم والبناء ‪ ،‬فالموقف القديم‬ ‫يتكرر واألحداث تتشابه ‪ ،‬والتقط الشاعر هذه الحادثة من الماضي وأسقطها على الحاضر‬ ‫ليدلل على انغماس أصحاب النفوذ والسلطة في اللهو والعبث والفساد‪ ،‬وهم يشربون كؤوس‬ ‫دماء أبنائهم اليوم ‪ .‬فمثلما أمر الملك جنوده بقطع رأس سيدنا يحيى المعروف بيوحنا‬ ‫المعمدان لكلمة حق وكان ضحية الكلمة ‪ ،‬فناجي العلي المعروف بحنظلة واجه المصير‬ ‫نفسه حين استخدم القلم والريشة وفضح فساد المسؤولين وانغماسهم في الملذات والنزوات‪،‬‬ ‫وكان ضحية الرسم الكاريكاتيري‪ ،‬لهذا وصل الشاعر بالثوار إلى مصاف األنبياء لنبالة‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪67‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫رسالتهم وحجم معاناتهم من أجل قيم إنسانية أهمها العدالة والحق ‪ ،‬والحد من ظلم وطغيان‬ ‫الحكام المستبدين الفاسدين ‪ .‬لقد عرف هذا النمط (بالتناص اإلحالي ) حيث غابت عناصر‬ ‫البناء ‪ ،‬وهيمنت عناصر الهدم مما فاقم من معاناة اإلنسان‪ ،‬لذا أكثر الشاعر من األفعال‬ ‫الدالة في ‪ ( :‬يجن ‪ ،‬يشرب ‪ ،‬تأمر ‪ ،‬ترقص ) ‪ ،‬وهذه التقنية " تتمتع على المستوى الداللي‬ ‫بطبيعة جدلية ‪ ،‬حيث تساعد القارئ على استحضار صورة الشخصية صاحبة الدور القديم‬ ‫من جهة ‪ ،‬وتنفي إمكان قيام الشخصية الحداثية بذات الدور من جهة ثانية ‪ ،‬مما يعني‬ ‫بالضرورة نفي التشابه الظاهري بين الدور القديم ‪ ،‬وصاحبة الدور الحديث ‪ ،‬وقد لجأ الشاعر‬ ‫إلى هذه الوسيلة ألنه يريد أن يبث جانيا من الدورالقديم ‪ ،‬ويريد أن ينفي جانبا آخر منه في‬ ‫الوقت ذاته " ‪ .6‬من هنا نستطيع القول ‪ ،‬إن تجربة شاعرنا اإلبداعية تشكل عالمة فارقة‬ ‫في استخدام أساليب حديثة للتناص ‪،‬حيث أسس لنفسه اتجاها تناصيا رحبا يناقش من خالله‬ ‫كل ما يتولد عنه من سياقات لغوية مختلفة ‪ ،‬ويصهرها في بوتقة الثورة على الظلم والفساد‬ ‫والطغيان ‪ ،‬وجل الدالالت اللغوية تشير إلى هذا السياق ‪ .‬فنجده يحاور ويستدعي ويتضاد‬ ‫عبر قرائن كنائية فيشخص اليأس ويرمز له بأحد لوازمه (الشرب) ليعبر عن فكرته وهي أن‬ ‫المناضلين ال يموتون وتظل ذاكرتهم في وجدان األجيال مثل حنظلة ‪،‬أما أصحاب النفوذ‬ ‫األشرار فهم األموات الحقيقيون وال مجال لذكرهم مثل الملك الظالم هيرودوس وهروبه إلى‬ ‫خارج البالد ‪ .‬لهذا خص الشاعر الثوار األحرار بالمدح واإلطراء ووصل بهم إلى أرقى درجة‬ ‫في وصفهم باألمراء ‪ ،‬ثم يأتي الفعل (يجن) ليميط اللثام عن اللبس الحاصل ‪ ،‬فالشاعر يريد‬ ‫أن يقول ‪ :‬إن العقالء من أصحاب السلطة والنفوذ مبصرون لكنهم ال يرون الحقيقة ‪ ،‬وأن‬ ‫الثوار المجانين هم األكثر بصيرة ورؤية بدقائق األمور‪ ،‬ألنهم يكشفون عورات اآلخرين وهذا‬ ‫في منطق الحكام يعد جنونا ‪.‬‬ ‫وهكذا انفتح التناص اإلحالي على دالالت كثيرة متعددة قابلة للتأويل ‪ ،‬فاستدعاء‬ ‫شخصيات لها مرجعية تراثية وتاريخية ليس مجرد متعة أو صدفة‪ ،‬فعند توظيفها في السياق‬ ‫الجديد فإنها " ال تأتي فارغة من المعنى ‪ ،‬وإنما لها معان مثلما هو الشأن في أسماء‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪68‬‬


‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫األجناس ‪ ،‬بل إن تلك أكثر خصبا وغنى من هذه ‪ ،‬ولذلك يتخذها األدباء والشعراء موطنا‬ ‫لشحنها بمعان ثانوية ‪ ،‬تهدف إلى المدح والسخرية ‪ ،‬كما تهدف من جهة أخرى إلى اإلحالة‬ ‫للماضي والحاضر أو لهما معا "‬

‫‪7‬‬

‫لقد جعل الشاعر اغتيال حنظلة قضية عامة ورم از لكل مناضل في الوقت الذي‬ ‫هفت فيه الصراع مع العدو الحقيقي الصهيوني‬

‫قضية القضايا ‪ ،‬كما حرص على‬

‫إبرازعالقته الحميمة مع الشخصية المستدعاة ‪ ،‬على حساب عالقته مع أصحاب القرار قائال‬ ‫‪ " :‬أنا يا صديقي بال صاحب في الزمان ‪ :‬فيا صاحبي ‪.‬ال تنم "‬ ‫أعطنا يا صديقي من الحبر ما نشتهي"‬

‫‪8‬‬

‫ثم يضيف قائال ‪" :‬‬

‫‪9‬‬

‫وبذلك نصل إلى قناعة أن " كلمة الشاعر المباشرة ال تكون ممكنة في جميع العصور‬ ‫وليس كل عصر يمتلك أسلوبا ‪،‬ذلك أن األسلوب يفترض توفر وجهات نظر ذات نفوذ قوى‬ ‫وتقويمات أيديولوجية سواء منها المتخيلة وذات النفوذ ‪ ،‬في مثل هذه العصور ال يبقى سوى‬ ‫تقليد األساليب أو التوجه إلى األشكال الالأدبية في السرد ‪ ،‬هذه األشكال التي تمتلك أسلوبا‬ ‫محددا في رؤية العالم وتصويره ‪ ،‬وحيثما يغلب الشكل المالئم للتعبير تعبي ار مباش ار ‪،‬أفكار‬ ‫المؤلف يتحتم اللجوء إلى عكس هذه األفكار في الكلمة الغيرية "‬

‫‪10‬‬

‫تانيا ‪ -‬التناص الديني ‪:‬‬ ‫يتبوأ النص القرآني مساحة واسعة في الخطاب الشعري( المتوكلي) بدرجة تلفت االنتباه‬ ‫‪،‬حيث يمثل الخطاب الديني مادة ثرية عند شاعرنا وهو يحاول أن يطبع له صياغة ينفرد بها‬ ‫عن اآلخرين " تتيح له شرعية التخالف أو التآلف مع أي نص قديم أو جديد ‪ ،‬وهذه‬ ‫الشرعية تجد سندها في النص القرآني الذي ال يخلو خطاب شعري حداثي من استدعائه‬ ‫على نحو يصل إلى درجة ال نكاد معها أن نفصل بين الخطاب الحاضر والخطاب‬ ‫المستدعى نتيجة لكثافة التناص من ناحية ‪ ،‬وامتزاجه بنسيج الخطاب الشعري من ناحية‬ ‫أخرى " ‪ . 11‬وعندما نتأمل المتناصات الشعرية في هذا المجال سنجد أن أغلبها يقوم على‬ ‫عالقات الحضور والغياب ‪ ،‬فذاك الدليل يدل على ذلك المدلول ‪ ،‬يقول الباحث الفرنسي‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪69‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫تودوروف في هذا الصدد ‪ " :‬ثمة عناصر غائبة في ذاكرة المتلقي ‪ ،‬وهي على قدر كبير من‬ ‫الحضور في الذاكرة الجماعية لقراء عصر معين إلى درجة أننا نجد أنفسنا عمليا بإزاء‬ ‫عالقات حضورية "‬

‫‪12‬‬

‫وهناك الكثير من النماذج المتناصة التي تدل على ذلك نذكرمنها المقطع الشعري‬ ‫التالي ‪" :‬‬

‫وصالحوا األشرم الغازي إذا قصدت‬ ‫أفياله الهدم ‪،‬والخوان خوار‬ ‫وقدموا لفقيه الظلم طاعتهم‬ ‫ألن الليل للعميان أعذار‬ ‫خانوا الدماء ‪ ،‬وضاع األمر من يدهم‬ ‫فخاب من خان ‪ ،‬فليهنأبه العار"‬

‫‪13‬‬

‫يقيم الشاعر عالقة بين النص الحاضر والنص الغائب من خالل استحضار ألفاظ‬ ‫مستمدة من القرآن وعلى وجه الخصوص سورة الفيل فنق أر ‪ ( :‬األشرم ‪ ،‬الغازي ‪ ،‬األفيال ‪،‬‬ ‫الهدم ‪ ،‬الخوار) ‪ .‬ترتبط هذه األلفاظ بقوله تعالى ‪ " :‬ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل‬ ‫ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طي ار أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم‬ ‫كعصف مأكول "‬ ‫وحين نعود إلى هذه اآليات في سياقها الطبيعي فسنجدها تروي لنا قصة أبرهة الحبشي‬ ‫األشرم الذي حاول هدم الكعبة باستخدام الفيلة ‪ ،‬إال أن محاولته باءت بالفشل الذريع بعد أن‬ ‫أرسل سبحانه وتعالى عليهم أفواجا من الطيور لتقذفهم بحجارة من سجيل التخطئ الهدف ‪،‬‬ ‫فجعلهم كعصف مأكول ‪.‬‬ ‫أول ما نالحظه في هذا المقام اعتماد الشاعر (تناص التخالف ) بين الصورتين وفيه‬ ‫" يبدو نوع من أداء التناص تبرز فيه المخالفة أو المعارضة للنصوص المستدعاة على‬ ‫مستوى الداللة والتعبير بالتغيير والتطوير وفق ما تقتضيه التجربة الشعرية ‪ ،‬وما يتطلبه نظام‬ ‫القصيدة البنائي الداخلي بحيث يتم إعادة تشكيل بعض العناصر اللغوية أو المظاهر‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪70‬‬


‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫األسلوبية حتى تستحيل المتناصات إلى محرك رئيسي في النص الموار بمولدات تنتمي إلى‬ ‫تناص التخالف أو تناص التآلف ‪ ،‬وهذان اإلطاران ال يكاد يوجد لهما ثالث في تقدير‬ ‫الدراسات النقدية التطبيقية "‬

‫‪14‬‬

‫بالنظر إلى النص الشعري الذي اتخذه الشاعر هدفا للحوار مع النص القرآني ‪،‬‬ ‫نلمس أن ثمة تشابه بينهما في فشل أبرهة في هدم الكعبة باألمس ‪ ،‬وانتهاك إسرائيل‬ ‫للمقدسات وهدم المسجد األقصى اليوم ‪ .‬لقد بدأت السورة باستفهام استنكاري تقريري المراد‬ ‫منه حمل المخاطب على اإلق ارربه ‪ ،‬ثم ألحقه باستفهام يثير الدهشة والتعجب لمن ينكر ذلك‬ ‫أو يتجاهله مؤكدا ذلك بتكرار السؤال واإلقرار بالفعل (ألم يجعل ) ‪ ،‬فاالستفهام إذا دخل على‬ ‫النفي أصبح الكالم موجبا وصريحا في قيمته المعنوية ‪ ،‬ونزع أشكال الشك عن الفعل‪ ،‬لذا‬ ‫قوي التأكيد في المجرور (عليهم ) الذي يفيد االختصاص والعطف بالفاء الذي يفيد الترتيب‬ ‫‪ .‬وعليه فالسورة بدأت باإلجمال فالتفصيل ثم االختصاص ‪ .‬وتمدنا القرائن التشبيهية في‬ ‫عبارة (كعصف مأكول) بزوال وفناء كل ما هو محسوس وظاهر ‪ ،‬غير أن الشاعر أسقط‬ ‫مضمون السورة على الحاضر بتحويل الدالالت بما يحقق التقابل والتخالف ‪ .‬فأبرهة الحبشي‬ ‫يعادل قادة إسرائيل لكن ما أثار انتباهنا أن عدو األمس أصبح صديق اليوم ليتحول كل‬ ‫شيء إلى نقيضه ‪ .‬فنق أر ‪ :‬صالحوا األشرم ‪ ،‬قدموا لفقيه الظلم طاعتهم ‪ ،‬طأطأوا‪ ،‬خانوا‪،‬‬ ‫ويمدنا الضمير الجمعي الغائب إلى اإلشارة إلى شخصيات متواطئة خانت دماء الشهداء‬ ‫وأبرمت معاهدات صلح مع من انتهك الديار وقتل وظلم من فيها ‪ ،‬وكأن الشاعر يرجئ‬ ‫تهويد القدس وتدنيس المسجد األقصى إلى التقاعس ‪ ،‬والخذالن ‪،‬واالستسالم بفعل اإلنسان‬ ‫األرضي ‪ ،‬وبذلك تحقق تناص التخالف والتآلف بين النصين الديني والشعري ‪.‬‬ ‫انطالقا من هذا المفهوم ‪ ،‬فوظيفة التناص الخارجي المستمد من مفردات القرآن الكريم‬ ‫‪،‬والتناص الداخلي المستمد من عالم الحيوان غايته العالقات التضادية ‪ ،‬والعالقات التنافرية‬ ‫‪ ،‬أما العالقة األولى فإن مفاهيمها الفرعية هي ‪ :‬التبجيل واالحترام والوقار ‪ ،‬والعالقة الثانية‬ ‫أي التنافرية مفاهيمها الفرعية هي‪ :‬االستهزاء والسخرية والدعابة "‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪15‬‬

‫وهكذا يقيم الشاعر‬

‫‪71‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫عالقة جدلية بين النص الحاضر (المتوكلي) وبين النص القرآني الغائب واستحضار مفرداته‬ ‫‪ .‬وهي في مجملها تمثل سخرية الذعة وانتقاد صريح للحاضر ‪ ،‬وصرخة احتجاج قوية ضد‬ ‫الصمت والسكوت على األمر الواقع ‪ .‬إن أهم ما أثاره التناص الديني ‪،‬هوغياب التيار‬ ‫الوطني والصراع الخارجي على حساب الصراع الداخلي وانشغال الذات بهمومها الداخلية‬ ‫وإغفال االحتالالت المتكررة األمر الذي أدي إلى عقم التغيير والمواجهة ‪ . .‬لقد اكتسب‬ ‫التناص الديني أهمية خاصة ‪ ،‬استطاع الشاعر أن يحاوره ويفترق عنه محققا استدعاء نصا‬ ‫قرآنيا له قدسيته بما يثري تجربته الشعرية ويعمقها في الفن والواقع أيضا ‪ ،‬لقد استمدت‬ ‫االنتفاضات الفلسطينية أسماءها من القرآن الكريم إيمانا بالنصر وتيمنا باإلرادة اإللهية‬ ‫فنهضت حرب غزة ضد العدوان اإلسرائيلي باسم حجارة السجيل ‪2008 ،‬م ‪ .‬وعرفت باسم‬ ‫العصف المأكول ‪2014‬م ‪.‬‬ ‫لذلك فالتناص الديني يتسم بالنزعة الصراعية الحادة وبخاصة (تناص التخالف) ‪،‬فإذا‬ ‫كان العدو اإلسرائيلي يملك من القوة والعدة والعتاد ما ال يملكه الشعب الفلسطيني فإيمانه‬ ‫بحقه وإرادته الصلبة توازي المعادلةغير المتكافئة وهنا تتحقق وظيفة التناص الديني ألن‬ ‫"المجال التناصي مجال حواري ‪ ،‬وكل حوار ينطوي على قدر من الصراع ذلك ألن النص‬ ‫كما تؤكد (كريستيفا)ينجح أو يتحقق باستيعابه للنصوص األخرى الواقعة في مجال التناص‬ ‫وتدميرها في الوقت ذاته ‪ ،‬والنص الشعري ينتج في حركة معقدة من تأكيد النصوص ونفيها‬ ‫في آن واحد "‬

‫‪16‬‬

‫وفي موضع آخر من الخطاب ‪ ،‬يتداخل النص الشعري مع مفردات لها خصوصيتها في‬ ‫القرآن الكريم فنق أر ‪ " :‬هذي فلسطين مجزأة ‪.....‬‬ ‫هذي دولتنا القادمة‬

‫إذا شاء العالم ‪...‬‬

‫والعالم سيدة عمياء‬ ‫‪ ...‬من يقبل هذي القسمة ؟ " ‪17‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪72‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫حينما نق أر هذه األلفاظ تعود بنا الذاكرة إلى سورة النجم ‪ /‬آية‪ 22‬حينما ادعى الكفار بأن‬ ‫المالئكة بنات هللا من منطلق كرههم الشديد لألنثى ‪ ،‬وقد أجاد الشاعر تناص التآلف بين‬ ‫النصين الديني والشعري في غياب الحق والعدل كما في قوله تعالى ‪ ":‬ألكم الذكر وله األنثى‬ ‫تلك إذا قسمة ضيزى"‬ ‫يسعفنا االستفهام االستنكاري في نهاية المقطع الشعري بإسقاط هذا المضمون على‬ ‫أهم قضية معاصرة وهي تقسيم القدس ‪ ،‬ألن التقسيم جائر في الحالتين ‪ :‬جور الجاهلية‬ ‫األولى ‪ ،‬وجور الجاهلية الحديثة ‪ .‬كما تمدنا لفظة (ضيزى) بخصوصية قلما نجد موقعا‬ ‫مناسبا لها إال في تلك القسمة وهذا ما يفسره صرخة الشاعر وتذمره في نهاية المقطع‬ ‫الشعري السابق ‪.‬‬ ‫جدير بالمالحظة أن شاعرنا حذف لفظة(ضيزى) من المقطع الشعري وأتى بما يدل‬ ‫عليها ليفعل فكر القارئ في البحث عنها ‪ ،‬فضال عن أنه لم يكن الوحيد الذي عقب على‬ ‫تقسيم القدس ‪ ،‬فقد سبقه شعراء عرب آخرون نذكر منهم على سبيل المثال شاعر الوطن‬ ‫(محمد آل خليفة ) من الجزائرفي قوله ‪ " :‬يا قسمة القدس أنت ضيزى ‪.......‬لم يعدل‬ ‫القاسمون فيك"‪..‬والشاعر معروف الرصافي من العراق ‪ ":‬أمست لنا قسمة بالملك عادلة ‪..‬‬ ‫حكما وكانت على عالتها ضيزى"**‬ ‫وبالنظر إلى النماذج الشعرية السابقة وآليات التناص المستدعاة فقد كان توظيف‬ ‫شاعرنا أكثر جرأة وشجاعة حينما وضعنا في قلب الحدث مباشرة وبلغة تهكمية ساخرة من‬ ‫عدالة هذا العالم األعمى الفاقد للشرعية ‪ ،‬لهذا لم يعترف الشاعر بشرعية‬

‫هذه القسمة‬

‫الظالمة غير العادلة التي أصبحت فلسطين على أثرها عبارة عن فضاءات مجزأة‬ ‫‪،‬ومستوطنات قائمة تعوق حرية المواطن الفلسطيني وحقه في الحياة على أرضه ‪.‬‬ ‫وبهذا المعنى ‪ ،‬فقد جمع شاعرنا في التناص الديني شخصيات معاصرة لغاية فنية‬ ‫وداللية أثرت تجربته اإلبداعية ‪ ،‬واختار من القرآن الكريم ما يتناسب مع األحداث التاريخية‬ ‫‪ ،‬وما يراه مالئما للسياق المطلوب ‪ ،‬ألن " خصائص الشعر الفنية هي التي تتصدر األمامية‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪73‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ ،‬ويتولد عنها الداللة الضمنية ‪ ،‬بينما الداللة الصريحة يجب أن تتراجع إلى الخلفية ألنها‬ ‫ليست هدفا للشعر "‬

‫‪18‬‬

‫وفق هذا اإلطار ‪ ،‬فالشاعر أتقن توزيع الكلمات والحروف واألفعال بطريقة تدل على‬ ‫حرفية ليس كأشكا ل زخرفية ‪ ،‬بل للتأثير في المتلقي وتثويره من ناحية ‪ ،‬وتحقيق القيمة الفنية‬ ‫والجمالية من ناحية أخرى ‪ .‬وفي مكان آخر من الخطاب‪ ،‬يدعم الشاعر تناص التخالف‬ ‫موضحا العالقة بين النصين الديني والشعري من خالل الحكاية الشعرية كما في قوله ‪ " :‬لقد‬ ‫دخلنا في التيه ‪،‬لكننا لن ننتظر أربعين سنة في الرمل ‪ ،‬ألننا على موعد مع الميجانا ‪،‬‬ ‫والسيدة العذراء ‪ ،‬وألن الشجاعة هي التي تنتصر دائما "‪.19‬‬ ‫يمكن للفارئ البصير أن يدرك تناص التخالف والتآلف مع قصة سيدنا موسى وقومه‬ ‫كما وردت في النص القرآني وقوله تعالى ‪ " :‬قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها‬ ‫فاذهب أنت وربك فقاتال إنا ها هنا قاعدون قال رب إني ال أملك إال نفسي وأخي فافرق بيننا‬ ‫وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في األرض فال تأس على‬ ‫القوم الفاسقين "‬

‫‪20‬‬

‫يمكننا أن نجد في هذه المحاكاة استقراء للواقع السياسي الفلسطيني ‪،‬حيث حاكى‬ ‫النص الشعري صورة اليهود في قصة سيدنا موسى عليه السالم ضمن تناص التآلف‬ ‫والتخالف معا ‪.‬فعلى مستوى تناص التآلف ‪ ،‬نجد أن حلم اليهود لم يتحقق بدخول أرض‬ ‫فلسطين في النص القرآني ‪ ،‬وتحقق العقاب السماوي ألنهم عصوا نبيهم ولم يمتثلوا لنصائحه‬ ‫خوفا وجبنا و سخروا من دعوته ‪ .‬وبالمقابل لم يتحقق حلم الذات بدخول أرض فلسطين‬ ‫وظلت منفيه خارج الوطن‪،‬وتحقق العقاب السماوي على الفلسطيني بسبب التقاعس والتخاذل‬ ‫واالفتقار إلى الشخصية الوطنية الجادة في دعوتها إلى المقاومة والثورة على كل أشكال‬ ‫الفساد ‪ .‬أما تناص التخالف ‪ ،‬فهو األكثر هيمنة ووضوحا ‪،‬حيث تحول التيه اليهودي إلى‬ ‫تيه فلسطيني ‪ ،‬وصار الشعب الفلسطيني بال مأوى وال هوية ‪ ،‬وفي الوقت الذي استولت فيه‬ ‫اسرائيل على جميع األراضي الفلسطينية ‪،‬ظل الشعب الفلسطيني أسير التيه ‪ ،‬وأصبح‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪74‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫اإلسرائيلي ح ار طليقا ‪ ،‬ولم يجد الشاعر أمامه إال أن يتمسك بالتراث ولوازمه ( الميجانا‪-‬‬ ‫المرمية – العذراء ) للملمة الذات المتشظية ‪.‬‬ ‫على هذا األساس ‪،‬قفد نجح شاعرنا في اإلفادة من لغة القرآن الكريم ووظفها توظيفا‬ ‫فنيا موفقا صانعا لنفسه ميكانيزما خاصا به‪ .‬لهذا يكتسب رأي الشاعر اإلنجليزي (شيلي)‬ ‫الكثير من المصداقية في قوله ‪ " :‬ليس الشعراء محدثي اللغات ومبتدعي فنون الموسيقى‬ ‫والرقص والتصوير فقط ‪ ،‬بل هم أيضا واضعوا الشرائع ‪ ،‬ومبتكروا فنون الحياة ‪ ،‬وما الشعر‬ ‫إال موقظ حياة األمم ‪،‬ورسول االنقالبات في اآلراء والتقاليد ‪ ،‬والشعراء هم قساوسة التنزيل‬ ‫اإللهي ‪ ،‬ورسل الوحي القدسي ‪ ،‬وشراح الحكمة الربانية للناس ‪ ،‬وهم اللفظ الناطق بما ال‬ ‫يفهمون ‪ ،‬المعبر عما ال يدركون ‪ ،‬وهم قبل وبعد المشرعون الذين ال يعترف بهم الناس "‬ ‫‪.21‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬التناص التاريخي ‪:‬‬ ‫لم يقتصر توظيف الشاعر على النص القرآني بل امتد إلى األسطوري والصوفي والتاريخي‬ ‫‪ ،‬وفي هذا المقام استحضر الشاعر أكثر حادثة تاريخية مشهورة تتسم بالكرب والهم والبالء‬ ‫عبر عالقات الحضور والغياب وأسقطها على تجربته المعاصرة كما في قوله ‪:‬‬ ‫" حين أشار إلى حق سبط النبي بسيف اإلمام‬ ‫ولكنهم خذلوه ما أراد‬ ‫فال بأس من كربالء تنوح‬ ‫وتمتد من رأسه في الطريق‬ ‫إلى حيث كان عليه السالم "‬

‫‪22‬‬

‫‪.‬‬

‫ليس هناك أدنى شك من أن لفظة (كربالء ) تفرض نفسها بقوة على النص ‪ ،‬وتعد محو ار‬ ‫دالليا ومركزيا لرؤية الشاعر ‪ ،‬حيث تستحضر تلك الحادثة ذاكرة المتلقي بظاللها المأساوية‬ ‫‪ ،‬وقد تطابق معناها المعجمي والسياقي لتأدية المعنى المطلوب ‪ ،‬حيث خص التناص هذا‬ ‫المعنى ووظفه عبر ضمير الغياب الجمعي توظيفا جديدا ليخص به فئة معينة من الناس ‪،‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪75‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫وهم الذين خانوا الحسين عليه السالم وخذلوه ‪ .‬لقد لعب التشكيل اللغوي دو ار هاما في ظهور‬ ‫رؤية الشاعر وأحقية الحسين بالخالفة دون أن يذكر اسمه تعظيما لشأنه ‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫الحضور المكثف للمفردات‪ :‬السيف‪ -‬النبي – اإلمام – كربالء – حق – خذالن ‪ .‬كما تحقق‬ ‫بنية النفي في المقطع الشعري معناها الداللي الرافض لمقتل الحسين وسفك دمه على يد من‬ ‫أوهمه بالحماية ثم خذله كما في ( ال بأس‪ -‬ماأراد) ‪.‬‬ ‫وهكذا " تسبح الداللة الشعرية في سياق منفي ال نهائي ‪،‬ال يحده إال وعي الشاعر بحركته‬ ‫المتنامية ووظيفة توارده في النص ‪ ،‬وتتضام هذه المالمح األسلوبية لتشكل البنية األساسية‬ ‫التي يتكئ عليها النص وينهض على أنساقها الجمالية المتعددة محددا شعريته وداللته‬ ‫اإلبداعية الخصوصية "‬

‫‪23‬‬

‫‪.‬‬

‫والنص الذي بين أيدينا ال يخرج عن هذا اإلطار ‪ ،‬حيث أحال الماضي إلى الحاضر‬ ‫وهيمن عليه ‪ .‬فمثلما كان دم الحسين نموذجا لدماء المظلومين على وجه األرض أيضا‬ ‫حنظلة نموذجا لكل المظلومين على وجه األرض ‪.‬ومثلما كانت مظلومية الحسين سيدة‬ ‫الشهداء ‪،‬فمظلومية حنظلة ناصرة الغرباء ‪ ،‬ومثلما كان دم الحسين نموذجا للخيانة والخذالن‬ ‫‪ ،‬فاغتيال حنظلة رم از للخيانة والخذالن أيضا ‪.‬‬ ‫‪ :‬جدير بالمالحظة أن شاعرنا يتناص في هذا المقام مع شاعر الثورةوالتمرد المعروف (أمل‬ ‫دنقل) وبخاصة‬

‫استحضارقصيدة سبارتكوس ‪.‬‬

‫وهنا يحضرنا السؤال التالي ‪ :‬لماذا‬

‫ا ستحضر الشاعر حادثة كربالء بالذات ‪ ،‬وهل باستطاعته التأثير في المتلقي ؟‬

‫يقول‬

‫الباحث (أحمد مجاهد) ‪ " :‬إذا كان الحسين بما يملكه من شرعية وجيش ونسب شريف لم‬ ‫يستطع أن ينقذ نفسه من بطش أصحاب السلطة المادية الذين سفكوا دمه ‪ .‬فهل يقدر الشعر‬ ‫(الكتابة) على إعادة الحق إلى المظلومينمن الرعية "‪.24‬‬ ‫والحقيقة إن إعادة الحق إلى أصحابه ال تقع مسؤوليته على الشعر فحسب‬

‫‪ ،‬ألن دور‬

‫الشعر توعوي يشحن الهمم ويكشف الحقيقة عن المستور للقارئ لينتقل الخطاب من التنظير‬ ‫إلى التفعيل ‪ ،‬فضال عن أن هذا األمر يحتاج إلى قدرات أ سلوبية مقنعة علما بأن الثورة ‪،‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪76‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫وهفوت المنحنى الوطني في الساحتين العربية والفلسطينيةواضحة لتظل صرخة الشاعر‬ ‫على الظلم واستبداد أصحاب السلطة والنفوذ في واد دون تأثير يذكر ‪ .‬فالشاعر يسعى من‬ ‫خالل توظيف الخطاب القرآني أو األحداث المستمدة من التاريخ اإلسالمي إلى " تحقيق‬ ‫غايات جمالية عديدة تجعل قصيدته بؤرة مركزية محملة بدالالت تتعلق بالنصوص‬ ‫وتستدعيها على الدوام ‪ ،‬وتفنح آفاق التأويل أمام المتلقي ليكتشف عبر القراءة تلو القراءة‬ ‫جماليات التركيب المعقد ‪ ،‬وخيوط الداللة الممتدة في أعماق الخطاب القرآني وتأويالته‬ ‫المختلفة ‪ ،‬وما ط أر على النصوص من انزياحات أسلوبية وداللية في المتناصات الشعرية "‬ ‫‪.25‬‬ ‫ونظ ار لتقارب الحقول الداللية الخاصة بالتناص التاريخي سنكتفي بما قدمناه ‪،‬‬ ‫(وسنحيل القارئ الى النصوص التي تتضمنه )* ‪ ،‬وهي في أغلبها تنطوي على نقد الذع‬ ‫وصريح ألصحاب السلطة والنفوذ ‪ ،‬والثورة على كل أشكال الفساد اإلداري والمالي والسياسي‬ ‫بغية الوصول إلى عالم أكثر عدال وإنصافا وسالما ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ -‬التناص الخاص بالموروث الشعري ‪:‬‬ ‫سجل التفاعل النصي بين الشعرين القديم والحديث حضو ار ملموسا ‪ ،‬حيث شاعت‬ ‫هذه الظاهرة عند أغلب الشعراء المحدثين ‪ ،‬وتناولوها من زوايا مختلفة ‪ ،‬وأفادوا من التطورات‬ ‫التي وصل إليها التناص على أساس أن النص األدبي " نسيج من االقتباسات واإلحاالت‬ ‫واألصداء ‪ ،‬وأعني من اللغات الثقافية السابقة عليه أو المعاصرة له التي تخترقه بكامله " ‪.26‬‬ ‫وفق هذا المنظور يمكن قراءة النصوص الشعرية على أنها إعادة إنتاج للنصوص السابقة لها‬ ‫‪ .‬غير أن ما يميز المبدع عن سابقيه " أن يعرف كيف يضع أمام المتلقي المفتاح المناسب‬ ‫للقصيدة المناسبة ‪ ،‬المفتاح في هذه الحالة عنوان نجاح أو فشل الشاعر في شد المتلقي أو‬ ‫إغرائه بالقراءة " ‪.27‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪77‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫وقد فطن الشاعر لهذه المالحظة ‪ ،‬فلم تكن محاكاته تقليدية بحته وإنما استيعاب النصوص‬ ‫األخرى وإعادتها من جديد وفق ما يتطلبه الحاضر ‪ .‬وهكذا " يبدو التاريخ على أنه رجعية‬ ‫مستمرة ‪ ،‬أو إعادة صنع المعنى طبقا للحاجات الحاضرة " ‪.28‬‬ ‫يتضح ذلك جليا حينما نعثر في الخطاب الشعري المتوكلي على مفردات الظاهرة الطليلية‬ ‫عند الشعراء القدامى فنقرأ‪:‬‬ ‫" هنا ال أرى دار من نهب الدار‬ ‫هنا بيت عمي وخالي‬ ‫هنا يبدأ الصوت حتى الفناء‬ ‫ويبقى إلى أن يعود النداء "‬

‫‪29‬‬

‫‪.‬‬

‫يفتتح الشاعر النص باسم إشاري مكاني له خصوصيته ‪ ،‬ولعل كثافة التكرار للفظ –هنا‪-‬‬ ‫يحقق المعادلة الصعبة بين وجود هذا الفضاء في النص وغيابه على أرض الواقع ‪ ،‬ولعل‬ ‫ياء النسب في ( خالي ‪،‬وعمي) وصلة الرحم واالنتساب في ياء المتكلم تدل داللة واضحة‬ ‫على أحقية األنا بملكية هذا الفضاء ليس على المستوى العائلي وإنما اإلبداعي أيضا ‪ .‬معز از‬ ‫ذلك بالصورة البصرية المرئية الدالة على االنتماء واالستقرار والهوية ‪.‬‬ ‫لكن الشاعر يفجعنا بخيبة االنتظار الذي حدثنا عنه العالم اللساني الروسي (جاكبسون)‬ ‫ويعني ماال يتوقعه القارئ وذلك عن طريق بنية النفي وتوظيف مدلوله توظيفا محكما لفضاء‬ ‫داللي واسع يشي بالضياع والتشرد واإلقصاء مشي ار إليه (بنهب الديار) ومزاوجا بينه وبين‬ ‫ضياع البيت العائلي األليف ومن يقطنه ‪ .‬لهذا استخدم األفعال الدالة على الحاضر (يبدأ‬ ‫‪،‬يعود ‪ ،‬يبقى ) الدالة على أزمة نفسية حادة ما زالت تؤرق اإلنسان الفلسطيني حتى اليوم ‪" .‬‬ ‫فبقدر ما تعاني أنا المتكلم ضياعها الخاص ‪ ،‬وضياع وطنها ‪ ،‬بقدر ما تحاول االرتباط‬ ‫بتاريخ هذه األرض الكنعانية العربية وتراثها تأكيدا على االنتماء والهوية ‪ ،‬ذلك ملجأ أنا‬ ‫المتكلم من الضياع "‬

‫‪30‬‬

‫لهذا يستخدم الشاعر دورة إيقاعية متكاملة تبدأ بالصمت والموت‬

‫وتنتهي بالصوت والحياة ‪ .‬وسرمدية البقاء دون تحديد زمن معين ‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪78‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫إن فقدان المكان ومن فيه كما في قوله ‪(:‬هنا بيت عمي ‪ ،‬هنا بيت خالي ) يحيلنا إلى‬ ‫بكائيات الشعراء القدامى على األطالل تناصيا ولسانيا ‪ ،‬كقول امرئ القيس ‪- :‬قفا نبك من‬ ‫ذكرى حبيب ومنزل ‪ -‬غير أن الشاعر خرج عن النمط المألوف في اعتماد البكاء ألنه‬ ‫يعلم علم اليقين أن البكاء دليل الضعف واالستكانة والهزيمة وال مجال له اآلن ‪،‬فاستبدل‬ ‫البكاء بالصورة البصرية للمكان ولعل المقطع الشعري السابق أقرب إلى قول (الشريف‬ ‫الرضي ) والتفاعل الجزئي من خالل لفظة (نهب) فنقرأ‪:‬‬ ‫" ولقد وقفت على ربوعهم‬

‫وطلولها بيد البلى نهب" ***‬

‫فإذا كان هذا الشاعر يؤثر الوقوف أمام اندثار الديار ‪ ،‬فإن شاعرنا يؤثر البقاء ما بقيت بقايا‬ ‫الديار لتجذير الوجود الفلسطيني ‪" .‬فآثار البقاء ال تزال تقاوم سلطة العدم والفناء ‪ ،‬فيبعثها‬ ‫الشاعر في شعره ليقاوم صمت المكان ‪ ،‬وما لحقه من فناء سيلحق بالشاعر نفسه الذي‬ ‫يؤسس هويته وانتسابه لهذا المكان ‪ ،‬ألن بقاء المكان أو اآلثارهو استمرار لبقاء الشاعر‬ ‫وذكراه وانتسابه له في يوم من األيام " ‪.31‬‬ ‫ولم يكتف الشاعر بالحديث عن ضياع البيت ‪ ،‬وإنما امتد حديثه عن أسماء قرى ومدن‬ ‫فلسطينية لها خصوصيتها بنبرة ال تخلو من األلم والحزن وخيبة األمل كما في قوله ‪:‬‬ ‫" ولكنك لن تجد الرملة واللد وحيفا‬ ‫وخليل الرحمن وغزة وجنين " ‪.32‬‬ ‫تفصح الكلمات السابقة عن الضياع التام بكل مستوياته ‪ :‬ضياع المنزل ‪ ،‬والوطن ‪ ،‬والهوية‬ ‫‪ ،‬واألحبة ‪.‬‬ ‫وهنا يتحقق التناص مع امرئ القيس وضياع ملكه بعد مقتل والده الذي يرمز إلى ضياع‬ ‫الوطن ‪ ،‬وتنكر القبائل العربية لمساندته التي ترمز إلى العرب واسترجاع ملك والده كما في‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫" ضاع ملكي ‪ ،‬وأنا في بالد الروم أمشي أتعثر " ‪ .33‬جدير بالمالحظة أن التناص مع امرئ‬ ‫القيس واستدعائه ‪ ،‬قد طرقه أكثر من باحث وبخاصة في شعر (عز الدين المناصرة ) ‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪79‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫إن أهم وظيفة قام بها التناص هي المقارنة بين ضياع فلسطين مدنها وقراها ‪ ،‬وبين مقتل‬ ‫والد امرئ القيس ‪ ،‬وبين تخلي القبائل عن األخذ بثأره في الماضي وبين موقف الدول العربية‬ ‫وصمتها عن الحق الفلسطيني في الحاضر ‪ .‬يتمثل ذلك جليا في قول الشاعر ‪:‬‬ ‫" الجاني يا ناجي األهل‬ ‫وأعمام الصمت‬ ‫ودنيا القتل المأخوذة بالعنقاء " ‪.34‬‬ ‫استدعى الشاعر شخصية ناجي العلي ليعمق اإلحساس بغدر أهله وأصحابه ‪ ،‬وصمت‬ ‫أعمامه (الدول العربية ) ‪ ،‬ليطفو على السطح سرمدية القتل ‪ ،‬ويمدنا لفظ العنقاء األسطوري‬ ‫بالثورة على هذا الواقع ليتحول الموت إلى حياة متجددة ‪ .‬وهنا تصبح رسالة الشاعر عسرة‬ ‫ومن الصعب أن تبلغ هدفها في خضم عالم يتسم بالجنون والقتل والدم ‪ ،‬بيد أن لوازم‬ ‫اإلرسال لم تكتمل شروط نجاحه ‪ ،‬فثمة مرسل وهو الشاعر ‪ ،‬وثمة رسالة وهي القتل ‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس ثمة متلقي يستقبل هذا االحتجاج على الصمت والقتل ليعاقب القاتل ‪ ،‬لذا ترتد الرسالة‬ ‫إلى مرسلها دون أي تأثير ‪ ،‬ويتعذر على الثورة حضورها ‪.‬‬ ‫وهكذا أخذ التفاعل بين النصين القديم والحديث أشكاال متعددة ومتباينة ‪ ،‬بالجزئية ‪ ،‬والكلية ‪،‬‬ ‫والدور‪ ،‬واإلتالف واالختالف ‪.‬‬ ‫ولعل ما يعزز هذا المعنى صرخة شاعرنا وهو يبكي الديار قائال‪:‬‬ ‫" وكان قد جعل الحيطان تذكرة‬ ‫لبلدة ‪....‬غاب عن جيرانها الجار‬ ‫وعلق الصورة األغلى وكم شهدت‬ ‫لصاحب الوجه بلدات وإيثار"‬

‫‪35‬‬

‫إذا كان الشاعر الجاهلي يتواصل مع المكان بالبكاء على األطالل كما سبق ‪ ،‬فإن شاعرنا‬

‫وظف تلك الظاهرة توظيفا هادفا بما يتناسب مع واقعه السياسي ‪ ،‬ويسعفنا جمع الكثرة‬ ‫(الحيطان ‪،‬الجيران) بمدى عالقة المكان بالحضور اإلنساني المفقود ‪،‬إال من صورة الشهيد‬ ‫وهي الوسيلة الوحيدة لحماية الذاكرة من النسيان وحقها في ملكية الذات للمكان ‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪80‬‬


‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫إن استدعاء ما تبقى من الديار هو استدعاء للهوية المفقودة ‪ ،‬ولما كانت الحيطان تعني‬ ‫ماتبقى من الديار واألرض واألهل ‪ ،‬فالشاعر اعتمد الصورة البصرية للمكان ولوازمه وربطها‬ ‫بالفقد والطرد واإلقصاء ‪ .‬ولم يقتصر التناص على الموروث الشعري القديم بل امتد إلى رواد‬ ‫الشعر العربي الحديث وعلى رأسهم التفاعل النصي مع جدارية محمود درويش وقوله ‪" :‬ولي‬ ‫منها ‪ :‬صدى لغتي على الجدران‪....‬‬ ‫حين يخونني قلب لدود "‬

‫يكشط ملحها البحري‬ ‫‪36‬‬

‫لعل الشاعر هنا يسير في االتجاه نفسه باإلشارة إلى الجدران أو الحيطان وفقد الذات‬ ‫هويتها ولغتها ووطنها ‪ ،‬وكأن ما يمحى ويفقد ‪ ،‬يبنيه المتخيل الشعري لتنجو الذات بذاتها‬ ‫من الفناء والعدمية ‪.‬‬ ‫وهكذا فالحقول الداللية في نصوص حنظلة انفتحت على أجناس مختلفة ومتعددة‬ ‫وكانت األماكن الفلسطينية أبرزها للداللة على تمسك الذات بهويتها رغم جل المعوقات التي‬ ‫تقف في طريقها ‪ .‬والحقيقة أن موضوع التناص موضوع متشعب ال تحيط به دراسة واحدة‬ ‫‪،‬بل يحتاج إلى باحثين جدد الستنهاض جوانب ما زالت مجهولة فيه ‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫نصوص حنظلة غنية في هذا الجانب " إال أن خصوصية النص الشعري الجديد في تعلقه‬ ‫بالنص الشعري يقوم على هدمه وإعادة بنائه بشكل تغيب فيه مالمح النص الغائب تماما ‪،‬‬ ‫وذلك بامتصاصه وتحويله ومعارضته ‪ ،‬وقد تجلى‬ ‫ذلك على مستوى البنية السطحية ‪ ،‬وعلى المستوى الداللي للنص – المتوكلي – الذي جاء‬ ‫بلغة وارتقاء جديد ورؤية حداثية "‬

‫‪37‬‬

‫ولعلنا في هذا المقام نصل إلى قناعة بأن الحقول الداللية والسياقات المختلفة أقرب‬ ‫إلى التأويل واالنزياح التصويري والتركيبي واإليقاعي ‪ ،‬ومدى قدرة الشاعر على استخدام‬ ‫واسمات إشارية تخص موضوعات مصيرية هامة ‪ .‬بيد أن النص أصبح في حاجة ماسة‬ ‫للتأويل الستم ارريته فالنص " يحيا حياته األبدية بوجود خاصية التأويل "‬

‫‪38‬‬

‫لتصبح قراءته‬

‫ليست متعة فحسب بل مشاركة أيضا ‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪81‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫وفي ضوء ما سبق ‪ ،‬يمكننا القول ‪ ،‬تعد نصوص حنظلة للشاعر المبدع (المتوكل طه)‬ ‫مظلومية اإلنسان المعاصر ‪ ،‬حيث تنم خبرته اإلبداعية عن رؤية خاصة به ‪ ،‬وذاكرة شعرية‬ ‫مفتوحة على خطابات قديمة وحديثة تصب في بؤرة داللية شاملة ‪ ،‬ومتناصات أسطورية‬ ‫وصوفية ‪،‬ارتقت بشخصية المناضل الفلسطيني إلى مصاف األنبياء ‪،‬لتصبح مظلومية‬ ‫حنظلة (ناجي العلي) قيمة إنسانية ترددها األجيال جيال بعد جيل‪.‬‬ ‫الخاتمة ‪:‬‬ ‫في ختام هذه الدراسة يمكننا تسجيل أهم النتائج واآلراء التي توصلنا إليها في النقاط التالية ‪:‬‬ ‫—‪ 1‬انتقت الدراسة محاور لها خصوصيتها في الكشف عن الموضوعات والقضايا التي‬ ‫استأثرت باهتمام الشاعر ‪ ،‬حيث استثمر الرسومات الكاريكاتورية التي تحمل موضوعا أو‬ ‫موقفا أو فكرة معينة ‪ ،‬وبنى عليها خطابا دالليا مركبا زاوج فيه بين الشعر والنثر ‪ ،‬مستندا‬ ‫على التواشج بين الرسم واألدب ‪ ،‬ومستخدما الرؤية البصرية ‪ ،‬ولغة الترميز واإلشارة‬ ‫واالنزياح والتأويل إلقناع القارئ برسالته ‪ ،‬وقد كان لرؤيته الفنية االشتراكية أثرواضح في‬ ‫طرح أهدافه األيديولوجية التي تعبر عن طموحات الطبقة الفقيرة المسح‬ ‫‪ - -2‬تجلت ظاهرة الحس اإلنساني بوضوح في الخطاب الشعري بدءا من عنوانه ‪ ،‬حيث‬ ‫اتخذ الشاعر من لقب حنظلة قناعا يطرح من خالله قضايا إنسانية ذات طابع اجتماعي ‪،‬‬ ‫وديني ‪ ،‬ووطني علما بأن الخطاب السياسي هو األكثر هيمنة على النصوص الشعرية حيث‬ ‫انطوت أغلب الحقول الداللية على نقد الذع للمسؤولين ‪ ،‬وأصحاب السلطة والنفوذ بغية‬ ‫الوصول إلى عالم أكثر عدال وإنصافا وسالما لتصبح مظلومية حنظلة رحلة في الضمير‬ ‫اإلنساني الحر ‪.‬‬ ‫‪ --3‬سعى الخطاب الشعري إلى رسم صورة مثالية للمناضل الفلسطيني (ناجي العلي) تصل‬ ‫إلى مصاف األنبياء ‪ ،‬وقد شكلت الزمة ضرورية في كل نص من النصوص الشعرية مقابل‬ ‫الحضور الشبحي لصورة اآلخر مما جعل الذات تنشغل بهمومها الداخلية ‪ ،‬وتفتقد إلى قيادة‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪82‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫موحدة األمر الذي أدى إلى غلبة الصراع الداخلي على حساب الصراع الخارجي لمقاومة‬ ‫االحتال ل اإلسرائيلي باعتباره العدو الحقيقي ‪.‬وبالرغم من غياب صورة اآلخر في الخطاب‬ ‫الشعري ‪ ،‬فقد كان صاحب السلطة الفاعلة في القتل واإلقصاء والطرد واالغتياالت دون رد‬ ‫يذكر‬ ‫‪ - - 4‬شكل التناص العمود الفقري للخطاب الشعري وبسط نفوذه على أغلب النصوص‬ ‫الشعرية بدءا بالعنوان حيث استخدم الشاعر جملة من المتناصات ووظفها توظيفا فنيا محكما‬ ‫صانعا لنفسه ميكانيزما تناصيا خاصا به منفتحا على خطابات قديمة وحديثة وما يتولد‬ ‫عنها من سياقات لغوية مختلفة تعالج قضايا آنية ما زالت تؤرق حياة اإلنسان المعاصر‪،‬‬ ‫تنصهر جميعها في بوتقة ( الثورة ) واعتبارها البنية الكبرى التي تلتف حولها البنيات‬ ‫الصغرى األخرى عبر تقنية الهدم ‪/‬والبناء ‪،‬الحضور‪/‬والغياب ‪،‬وجل الدالالت اللغوية تشير‬ ‫إلى هذا السياق ‪.‬‬ ‫‪ -5‬تعد تجربة الشاعر الفلسطيني (المتوكل طه ) عالمة فارقة في اإلبداع الفلسطيني حيث‬‫انفتح مصطلح المقاومة على أفق واسع وشامل لتحرير اإلنسان أوال ‪ ،‬وتحرير الوطن ثانيا‬ ‫بلغة هادئة وراقية بعيدا عن الصراخ والعويل ‪ ،‬لذا سيظل األدب الفلسطيني المقاوم المعبر‬ ‫الحقيقي عن طموحات السواد األعظم من الشعب الفلسطيني في عودته إلى أرضه ‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ - 1‬جيرار جينيت ‪ :‬مدخل لجامع النص ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬دارتوبقال ‪، 1985 ،‬ص‪90:‬‬ ‫‪ – 2‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪91 .‬‬ ‫‪ – 3‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات ‪،‬الالذقية‪ ،‬دار الحوار ‪،‬ص‪288 :‬‬ ‫‪ – 4‬أحمد جبر شعت ‪:‬جماليات التناص‪،‬عمان‪،‬دار المجدالوي‪،2014،‬ص‪79:‬‬ ‫‪ – 5‬المتوكل طه ‪ :‬نصوص حنظلة ‪ ،‬طرابلس‪-‬ليبيا‪ ،‬دار الرواد ‪، 2013،‬ص‪5:‬‬ ‫*انظر ‪،‬هنري‪.‬س‪.‬عبودي‪:‬معجم الحضارات السامية‪،‬بيروت‪،‬جروس‪.‬برس‪،‬ص‪895-892:‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪83‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ - 6‬عباس يوسف الحداد‪:‬األنا في الشعر الصوفي‪،‬الالذقية‪،‬دارالحوار‪، 1997 ،‬ص‪109:‬‬ ‫‪ -7‬ليديا وعدهللا‪ :‬التناص المعرفي في شعرعزالدين المناصرة‪،‬عمان‪،‬دارالمجدالوي‪2005،‬‬ ‫ص‪145:‬‬ ‫‪ -8‬المتوكل طه‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪. 99 :‬‬ ‫‪ -9‬مرجع نفسه ‪ :‬ص‪77 :‬‬ ‫‪-10‬سعيد علوش‪:‬عنف المتخيل‪،‬الدار البيضاء ‪،‬المؤسسةالحديثة‪،1986،‬ص‪133:‬‬ ‫‪ –11‬أحمد جبر شعت ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪104 :‬‬ ‫‪ – 12‬أحمد مجاهد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪398 :‬‬ ‫‪ -13‬المتوكا طه ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪106 :‬‬ ‫‪ - 14‬أحمد جبر شعت‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪143 :‬‬ ‫‪– 15‬محمد مفتاح‪ :‬دينامية النص ‪،‬الدار البيضاء‪،‬المركزالثقافي العربي‪،1997،‬ص‪84:‬‬ ‫‪ - 16‬فيحاء عبد الهادي ‪:‬المرأة البطل في الرواية الفلسطينية‪ ،‬القاهرة‪،‬الهيأة المصرية‪997 ،‬ص‪146 :‬‬ ‫‪ – 17‬المتوكل طه‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪9 :‬‬ ‫** انظر صبحية عودة زعرب ‪ :‬محاضرات في األدب العربي الحديث ‪2008،‬‬ ‫‪ -18‬أحمد مجاهد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪359 :‬‬ ‫‪ - 19‬المتوكول طه‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪21 ,:‬‬ ‫‪ - 20‬سورة المائدة ‪ /‬آية‬ ‫‪ – 21‬أحمد‬

‫الشايب ‪ :‬أصول النقد األدبي‪ ،‬ط‪ ،1984 ، 7 :‬ص ‪.308 :‬‬

‫‪ 22‬المتوكل طه ‪ :‬ص‪71 :‬‬ ‫‪ 23‬علي جعفر العالق ‪ :‬الداللة المرئية ‪،‬مجلة فصول ‪،‬مج‪، 5‬ع ‪، 1996، 3‬ص‪ 320:‬ثم انظر‪،‬أحمد‬ ‫مجاهد‪ :‬ص‪333 :‬‬ ‫‪ 24‬م‪.‬ن ‪ :‬ص‪291 :‬‬ ‫‪ 25‬أحمد جبر شعت ‪ :‬ص‪109 :‬انظر‪،‬ـ ص ‪99،33 ،17 ،22 :‬‬ ‫‪ 26‬ليديا وعد هللا ‪ :‬ص‪142 :‬‬ ‫‪ 27‬ليديا وعد هللا ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪175 :‬‬ ‫‪ 28‬أحمد مجاهد ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪193 :‬‬ ‫‪ 29‬المتوكل طه ‪:‬‬

‫ص‪63 :‬‬

‫‪ 30‬ليديا وعد هللا ‪:‬‬

‫ص ‪171 :‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪84‬‬


‫أ‪.‬د‪ /‬صبحية عودة زعرب‬

‫تجليات التناص في الخطاب الشعري الفلسطيني ‪...‬‬

‫***انظر ‪ ،‬صبحية عودة زعرب ‪ :‬محاضرات في األسلوبية ‪، 2013،‬ص‪56:‬‬ ‫‪ 31‬ليديا وعد هللا ‪ :‬ص ‪180 :‬‬ ‫‪32‬المتوكل طه ‪ :‬ص‪37 :‬‬ ‫‪33‬انظر‪ ،‬ليديا وعد هللا ‪ :‬ص‪169 :‬‬ ‫‪34‬المتوكل طه ‪ :‬ص ‪11 :‬‬ ‫‪ – 35‬المتوكل طه ‪ :‬ص ‪101 :‬‬ ‫‪ – 36‬نقال عن أحمد جبر شعت ‪ :‬ص ‪211 :‬‬ ‫‪ 37‬ليديا وعد هللا ‪ :‬ص ‪255 :‬‬ ‫‪ 38‬صدوق نور الدين ‪ :‬حدود النص األدبي ‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬دار الثقافة ‪ ، 1984،‬ص‪20:‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪85‬‬


02 ‫العدد‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬ ‫ ماما طيفور‬.‫أ‬

‫ اجلزائر‬-‫سيدي بلعباس‬-‫جامعة اجلياليل اليابس‬ ‫الملخص‬

‫سره غاية وجوده كيف ال‬ ّ ‫الراسخ في ذاكرة األدب أن‬ ّ ‫ مفتاح‬، ‫الشعر دوامه بحره‬ ّ ‫من‬ ‫ وهذا ما تسعى إليه دراستنا في البحث داخل‬، ‫الشاعر المحترقة‬ ّ ‫وهو مرآة تعكس مشاعر‬

‫كل‬ ّ ‫ داعية إلى‬، ‫كل جمود وثبات‬ ّ ‫البداية المتمردة لقصيدة النثر وما أحدثته من ثورة في نبذها‬ . ‫كل جديد‬ ّ ‫تحول وتغيير ألن هناك دائما مقاومة للمألوف وتطلع إلى‬ ّ

‫الضوء على جانب من جوانب هذا التمرد بالتطرق إلى البدايات األولى في‬ ّ ‫حيث سلطنا‬ ‫بالشعراء إلى كتابة هذا النوع واالهتمام به‬ ّ ‫لنعرج على أهم األسباب التّي أدت‬ ّ ، ‫ميالده‬ .‫اهتماما بليغا‬

.‫ الحداثة‬، ‫ إشكال‬، ‫ قصيدة النثر‬:‫الكلمات المفتاحية‬ Abstract In literature . poetry remains an art form in which human language is used in a manner that is felt by its user ( poets) through using devise such as assonance and repetition to achieve a musical effects and to differ from ordinary prose .However. the emergence prose poem which is infect. Another art stands by its own it is a simply revolution against verses and poetic meter . it neglects all the rhythmic and image based characteristics that a poeter should include in this study we are going to deal with just one side which is in fact the emergence of such kind of poetry. How did it start? Without neglecting the reasons that make poets select it to bether. Keywords: Prose poem, Shapes, Modernity.

86

2017 ‫سبتمبر‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫توطئة ‪:‬‬ ‫عرف الشعر العربي تطو ار كبي ار في العصر الحديث بسبب التجديدات الكثيرة التي‬ ‫الشكل أو المضمون وبالخصوص بعد الحركة التجديدية التي‬ ‫دخلت عليه سواء من حيث ّ‬ ‫أطلق عليها اسم حركة الشعر الحر التي تخلصت من قيود الوزن والقافية بالشكل القديم‬ ‫واكتفت بالوحدة التفعيلة وعدم االلتزام بالقافية ‪.‬‬ ‫وفي ظل التجدد والتطور استطاع الشعر العربي أن يتخلص من كل التقاليد الموروثة‬ ‫بما في ذلك الوزن نفسه‪،‬النوع‬

‫الذي أطلق عليه "قصيدة النثر" التي أثارت جدال كبي ار فكان‬

‫بالرفض الشديد ال سيما في بدايتها لتمردها على ما هو قديم والبحث عن الجديد‬ ‫أن قوبلت ّ‬

‫والمخالف للمألوف وقد استطاعت أن تحقق لنفسها مكانة رفيعة بين األشكال الشعرية‬ ‫الرافضة لها نظ ار لما قدمته من إبداعات‬ ‫األخرى وأن تفرض نفسها وأن تسكت األصوات ّ‬ ‫حقيقة جددت بها شباب الشعر العربي ‪،‬ولعل ما جعلني أسلط الضوء على هذا الموضوع‬

‫رغم تطرق الكثير إليه هو ذاك التمرد الذي أحدثته هذا النوع من القصيدة حيث أن هذا‬ ‫التمرد يعد دعوة صريحة إلى حرية الشاعر في التعبير عن أحاسيسه ومشاعره وما يدور‬ ‫حوله بالتخلص تدريجيا من قيد الوزن والقافية ومن هنا كان اإلبداع بابتكار الجديد ‪ .‬فظهر‬ ‫ما يسمى بالشعر المنثور الذي كان جبران من رواده األوائل وقد استطاع بتياره الجبراني أن‬ ‫يهدم قدسية النماذج الماضية 'في الفن والدين واالقتصاد" ألن اإلنسان في رؤيا جبران إنسان‬ ‫إبداع وتنوع ال إنسان تكرار ‪ ،‬إنسان حركة ال سكون‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ومن هنا يمكن القول أن جبران يرى بأن اإلنسان يمكن له أن يكون شاع ار إذا ما‬ ‫تحرر من بوتقة الشعر التقليدي وهو يقول بأن الفنان " خالق أشكال"‪ 2.‬وفي هذا دعوة إلى‬ ‫تجاوز الواقع الظاهر والدخول إلى النفس والذات البشرية للكشف عن خباياها والتطلع إلى‬ ‫المستقبل برؤيا جديدة فالشاعر ينفذ برؤاه إلى ما وراء قشرة العالم وبقدر ما يغوص في أعماق‬ ‫العالم يخلق أبعادا إنسانية وفنية جديدة ترسخ في نفسه محل الصورة الواقعية المحدودة ‪،‬‬ ‫صورة الواقع الممكن كإبداع وحركة تكوين من هنا يبقى الشاعر سائ ار في اتجاه المستقبل‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪87‬‬


‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫موسعا حدود إبداعه باحثا عن الممكن الالنهائي‪ 3.‬وبهذا كانت نظرة جبران للشعر مختلفة‬ ‫تدور خارج النموذج القديم وهذه النظرة التي ساعدت أو مهدت للقصيدة العربية بأن تتحرر‬ ‫كليا وهذا ما يدعو إليه "أنسي الحاج" من خالل مقدمة ديوانه األولى "لن" وتعد هذه المرحلة‬ ‫من الشعر المنثور التي أبعد فيها الشعراء وتفننوا في كتابته أمثال "ميخائيل نعيمة" و "مي‬ ‫زيادة" وغيرهما بمثابة القاعدة التي بنى عليها الشكل األخير من الشعر العربي وهي "قصيدة‬ ‫النثر" التي حطمت قيود الشعر القديم وأحدثت قطيعة مع الوزن والقافية رغبة منها في‬ ‫التحرر على الصعيدين الفكري والنظري ‪.‬‬ ‫وكما قلنا آنفا سبق وأن تطرق الكثيرون إلى هذا النوع من البحوث إال أن مذاقها‬ ‫الخاص يثير شهية أي باحث من جديد فتطرقنا إلى أهم جانب من جوانبها وهو بدايات‬ ‫ظهورها و األسباب والدوافع التي أدت إلى كتابتها ‪.‬‬ ‫بدايات قصيدة النثر ‪:‬‬ ‫عرف هذا النوع من القصائد انتشا ار واسعا عند الغربيين غير ّأنهم كانوا يسمونها‬

‫الشعر الكالسيكي والحديث‬ ‫بالشعر المنثور وكان يستلهم روحه من اإلنجيل ومن ترجمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫خلوه‬ ‫الشعري يعد نمطا عاليا من ّ‬ ‫النوع من النثر ّ‬ ‫وفضال عن ذلك كان هذا ّ‬ ‫الشعر على الرغم ّ‬

‫النوع النثري‬ ‫من الوزن‪ ، 4‬ونتيجة التأثير الغربي ‪ ،‬حاول العرب أن ينسجوا على منوال هذا ّ‬ ‫النوع األدبي بعد أن‬ ‫ويحذون حذو الغربيين ‪ ،‬وظهرت لذلك عدة محاوالت إلثبات وبعث هذا ّ‬ ‫قاموا بتأصيله وذلك عن طريق الترجمات العديدة لإلنتاج الغربي ‪ ،‬فأصبح بذلك التراث‬

‫العربي والغربي مصدرين يلهمان المبدعين العرب لذا ظهر في األدب العربي الحديث نوعان‬ ‫من النثر ‪ ،‬أحدهما ترجع جذوره إلى اإلنجيل وأدب طقوس الكنيسة المسيحية ‪ ،‬والنثر‬ ‫الرومنتيكية الفرنسية واآلخر النثر ذو الطابع اإلسالمي في أسلوبه البالغي‬ ‫الشعري عند ّ‬ ‫الذي يستقي من معين القرآن ‪ ،‬كما يقتفي أثر النثر في العصر العباس‪5.‬وقد نشرت في‬

‫الشعر‬ ‫سماها "جرجي زيدان" ( ّ‬ ‫أكتوبر سنة ‪ 1905‬في مجلة الهالل قصيدة نثرية صغيرة ّ‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪88‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المنثور) في تقديمه لها باإلضافة إلى بروز أسماء أخرى أمثال "مي زيادة ‪ ،‬مصطفى‬ ‫الرافعي‪....‬‬ ‫ّ‬

‫والذين عملوا على إثراء المكتبة العربية بإنتاج غزير من الكتابات النثرية المليئة بالصور‬

‫الشعرية التي هيأت المناخ لجيل ثان من الرواد كان عليه أن ينتقل بالنص الشعري من‬ ‫تجربة شعرية بسيطة إلى تجربة مركبة وأن يدخل معه رحلة ثانية هي مرحلة خرق اللغة‬ ‫المألوفة المستهلة وخلق لغة تعبير جديدة تكون قادرة على استيعاب عملية تحديث المعنى ‪،‬‬ ‫ومن ثم تحديث الحياة ومالحقة ما يط أر على لغة الكالم من تغيير وتجديد يستند إلى واقع‬ ‫الحياة ال إلى التالعب باأللفاظ وامتهانها "‪ 6‬وهكذا كانت الكتابات في هذه الفترة منحصرة في‬ ‫الشعر المنثور وكذلك النثر الشعري الذي نلمسه في كتابي ( العواصف ‪ ،‬البدائع والطرائف)‬ ‫"لجبران خليل جبران" حتى جاء الشاعر اللبناني "فؤاد سليمان" الذي انتقل من النثر الجبراني‬ ‫ومهد للقصيدة النثرية ‪ ،‬ثم جاءت مجلة "شعر" سنة ‪ 1957‬وشجعت على كتابة القصيدة‬ ‫ّ‬ ‫ونموها‪. 7‬‬ ‫النثرية ّ‬

‫الريحاني" كانا متأثرين بالشاعر األمريكي‬ ‫ويبدو واضحا أن كل من "جبران و أمين ّ‬ ‫الشعر الحر ‪،‬‬ ‫"والت ويتمان" الذي أبدع في كتابة هذا اللون األدبي والذي يطلق عليه اسم ( ّ‬ ‫أي المتحرر من سلطة الوزن والقافية)‪ 8‬فقاما بتجربة ألنهما وجدا فيه استيعابه تدفقات‬

‫مكبال ال‬ ‫المشاعر والدالالت كّلها ‪ ،‬وهذا ما يفتقر إليه الوزن والقافية اللذان يجعالن اإلنسان ّ‬ ‫يستطيع التعبير عن مشاعره وبهذا أصبح المصدر الرئيسي في إنتاج هذا اللون األدبي‬ ‫ويتضح ذلك من خالل ( استخدام ويتمان وجبران تكتيكات اإلنجيل‬ ‫لدى المسيحيين العرب‬ ‫ّ‬ ‫الشعرية مثل ‪ :‬توازي األفكار وانتظامها ‪ ،‬وتكرار العبارات وتوازنها وإيقاع النثر الذي يعد‬ ‫ّ‬

‫أكثر مرونة وحرية ‪ ،‬وإمكانية للتعبير عن عواطفهما وأفكارهما)‪ 9‬ويبدو أن كتابات جبران‬ ‫كانت هي الركيزة األساسية أو القاعدة التي بنيت عليها القصيدة النثرية‪ ،‬أو الجسر الرابط‬ ‫الصوفية ذلك أنه بعد تأصيلها ثبت بأن خصائصها ضمن الكتابات‬ ‫بينها وبين الكتابات ّ‬ ‫الصوفية)‪ 10‬ومن هنا نستطيع القول بأنها تنتمي إلى ما يمكن تسميته (تيار التجريد الذي‬ ‫ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪89‬‬


‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫المجردة‬ ‫الصوفي وهو تيار مثقل بالخبرات الثقافية‬ ‫ّ‬ ‫تكاد تستغرقه دعوة التجاوز الميتافيزيقي و ّ‬ ‫الحية يهتم اهتماما بالغا بالتفجيرات الشكلية في بنية الشعر ‪،‬‬ ‫أكثر من الخبرات اإلنسانية ّ‬ ‫ويعتبرها جوهرة الثورة الشعرية )‬

‫‪11‬‬

‫‪.‬‬

‫الصوفية صعبة جدا ومعقدة تحتاج إلى خلفية ثقافية صوفية لتعامل‬ ‫وتعتبر الكتابة ّ‬ ‫الشعر ويرسم حدود التعقيد فيه ‪،‬‬ ‫معها‪ ،‬فهي تملك تعبي ار جميال يوجز أسباب التغيير في ّ‬ ‫وهذا التعبير هو ( إذا ضاقت العبارة اتسعت لإلشارة)‪.12‬‬ ‫ولذلك فان العبارة الشعرية أحست باالختناق في النموذج التقليدي الذي أصبح غير‬ ‫تكنه النفوس من تجارب وإشارات ‪ ،‬فكان هناك منحى جديد يعتمد‬ ‫مناسب الحتواء ما ّ‬ ‫الرمزي في إلقاء مضامين جديدة ومتماسكة وناضجة وهذا ما يظهر في اآلثار‬ ‫األسلوب ّ‬ ‫اإلبداعية "لمحي الدين بن عربي والنفري والجنيد"‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫الشكل‬ ‫الرافعي" أيضا من الشعراء اإلسالميين الذين مثلوا لهذا ّ‬ ‫ويعد "مصطفى صادق ّ‬

‫السحاب األحمر) ‪ ،‬ونجد كذلك‬ ‫الفني تمثيال قويا من خالل كتاباته النثرية ( وحي القلم و ّ‬ ‫"أحمد زكي أبو شادي" الذي شجع هذا اللون األدبي ودعا إليه من خالل مجلته" أبولو" التي‬ ‫القت رواجا كبي ار في الوسط األدبي ‪.‬‬ ‫تسميات قصيدة النثر ‪:‬‬ ‫عرف هذا النوع من النثر عدة أسماء ومرادفات وكان أول مصطلح استخدم لوصف‬ ‫هذا النوع من الشعر هو (الشعر المنثور) والمصطلحات األخرى المرادفة التي أشار إليها‬ ‫(الريحانيات)هي‪ :‬الشعر الحر والمطلق والطليق واستخدمت كذلك في‬ ‫الريحاني في كتابه ّ‬ ‫ّ‬

‫(هتاف األودية) ‪.‬‬

‫وسمى شعر أديب (الشعر الرمزي المنثور) ‪ ،‬وثريا ملحس (الشعر المطلق) وذهب‬ ‫"إبراهيم العرّيض" إلى تسمية هذا الشعر ‪ :‬الشعر الطلق والمرسل في حين تكّلم " رائف‬ ‫ألخوري" عن (الشعر الطليق) واستخدم ميخائيل نعيمة في (الغربال) عدة مصطلحات للداللة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪90‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫على هذا النوع إلى جانب استخدامه مصطلح (الشعر المنثور)‪ ،‬استخدم مصطلح(قصيدة‬ ‫منثورة)‪ ،‬وأطلق مصطلح قصيدة على ماكتبه جبران من شعر منثور‪...‬كما وجد أن أفضل‬ ‫مصطلح لهذا النوع من الشعر هو (الشعر المنسرح)‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫أما "عبده بدوي" فيذكر لنا كذلك عدة تسميات مضادة مثل ‪ :‬شعر منثور ‪،‬نثر‬ ‫فني‪،‬نثر شعري‪،‬وزن غير موزون ‪،‬وقد رد المتحمسون له بتسميات جديدة مثل الوزن‬ ‫التقليدي‪،‬بل ومثل الشعر الحر‪،‬وإسهاما في حروب التسمية (نثر النظم)ال حبا في مقترح‬ ‫جديد وإنما حبا في حبا في إحياء مصطلح قديم يعبر إلى حد ما عن هذه القضية‪،‬ألن‬ ‫الثعالبي رفع كتاب الخوار زم شاه بغداد بعنوان (نثر النظم وحل العقد)وهذا المصلح قريب‬ ‫من مصطلح الشعر المنثور في االنجليزية والفرنسية‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫وبعد هذا العرض لمختلف التسميات التي أطلقت على هذا النمط الجديد من الشعر‬ ‫العربي يتضح لنا أنه يتخذ دالالت مختلفة ومتنوعة‪ ،‬وهذا ما أدى بالقارئ إلى الوقوع في‬ ‫االرتباك نتيجة هذه التسميات ‪ ،‬وفي األخير يمكن القول بأن كل من كتابات جبران وأمين‬ ‫الرافعي وغيرهم كانت بمثابة القاعدة أو هي التي هيأت األرضية المناسبة لوالدة‬ ‫الريحاني و ّ‬ ‫ّ‬ ‫قصيدة النثر العربية‪.‬‬

‫أسباب ودوافع كتابة قصيدة النثر‪:‬‬ ‫تعد قصيدة النثر بمثابة الحلقة األخيرة التي انتهت إليها سلسلة الت ّكسرات‪ ،‬أو آخر‬ ‫مرحلة من عملية الغربلة التي شهدتها القصيدة العربية ‪ ،‬ضمن الشعر العمودي ذي‬ ‫الشطرين إلى الموشحات واألزجال ‪،‬ثم إلى الشعر الحر الذي فقدت معه القصيدة العربية‬ ‫‪،‬األوزان أو البحور الخليلية والقافية الموحدة التي تكبح جماح الشاعر عند نهاية البيت‬ ‫فتحول األوزان إلى تفعيلة موحدة تتكرر في جميع أسطر القصيدة الحرة ‪ ،‬وتنوعت قافيتها‬ ‫من سطر إلى آخر لتأتي بعد ذلك قصيدة النثر وتعلن الحرية شعا ار لها ‪ ،‬وتضرب كل ما‬ ‫يكبل قلم الشاعر ويكبح جماحه في درب القصيدة من تفعيالت وقواف ورتابة الوزن لتطلق‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪91‬‬


‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫يعبر كيفما شاء عن سبيل مشاعره وعواطفه دون ان تخضع لنظام‬ ‫العنان إلبداعه كي ّ‬

‫مفروض فراح يستقي من النثر ما يخدم قصيدته لذا جاءت قصيدة النثر من نبع جمع بين‬

‫الشعر من جهة والنثر من جهة أخرى فكما يرى أدو نيس أنها (تخلق شكلها الذي تريده‬ ‫كالنهر الذي يخلق مجراه)‬

‫‪16‬‬

‫وكغيرها مثل أي عمل إبداعي جديد‪ ،‬القت صعوبات وعوائق‬

‫وكان لظهورها دوافع نختصرها فيما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التأثر بالغرب ‪:‬‬ ‫ظهر هذا اإلبداع متأث ار بثورة األدب في الغرب ‪ ،‬هذه الثورة التي خرجت عن األوزان‬ ‫والقوافي ‪ ،‬وتركت للشاعر حرية التنقل واالختيار ‪ ،‬وبرز في فرنسا كثير من الشعراء الذين‬ ‫سلكوا هذا االتجاه ‪ ،‬وكان من أبرزهم الشاعران "جون بيرس" ‪"،‬جاك ربيفير" كما نجد أن‬ ‫الدعوة إلى كتابة القصيدة النثرية كانت رائجة في الغرب منذ مطلع القرن العشرين ‪ ،‬ولكن‬ ‫الريادة في االتجاهات الجديدة وازدهارها على أرضه فقد‬ ‫مهد له سبل ّ‬ ‫انفتاح لبنان على أوربا ّ‬

‫كان تأثر العرب بالغرب واضحا في إنتاجهم األدبي ‪ ،‬وذلك من خالل اإلطالع على الكتب‬

‫النهل منها ومن ترجمتها العربية التي كانت في معظمها من األوربي الحديث والتي‬ ‫األوربية و ّ‬ ‫جاءت القصيدة النثرية متأثرة به وخصوصا في عدم اعتماده على الوزن ‪ ،‬أضف إلى ذلك‬

‫ظروف الثقافية والمستوى التعليمي في ظل االحتالل مكن المثقف العربي من اإلطالع‬ ‫أن ال ّ‬ ‫على اآلداب الغربية وبلغتها األصلية مباشرة ‪ ،‬وهذا ما زاد من عملية التأثر ‪ ،‬حيث لعب‬ ‫تعّلم اللغة األجنبية خالل االحتالل دو ار هاما في اكتساب العرب لآلداب الغربية وفي هذا‬ ‫الدارس "عبد الحميدة جيدة" يتحدث عن هذا الجيل يقول ‪ (:‬جيال قاد ار على‬ ‫الصدد نجد ّ‬ ‫اإلطالع على األدب األوربي بلغتها األصلية مباشرة وكان هذا في الواقع منذ بدايات هذا‬

‫القرن ‪ ،‬ولكننا في المرحلة التي تقترب من منتصفه بلغنا شوطا طويال من هذا اإلطالع‬ ‫والتأثر والتمثل )‪.17‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪92‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫الدوافع امتداد للصدمة الحضرية بالغرب التي‬ ‫كما يرى الدكتور "عبود شلتاغ شراد "(ان هذه ّ‬ ‫التحدي اإلحيائي ومرحل االضطراب الرومانسي‬ ‫الرفض و ّ‬ ‫يقسمها إلى ثالث مراحل ( مرحلة ّ‬ ‫الرضا ببضاعة الغرب الفكرية واألدبية )‪.‬‬ ‫‪ ،‬ومرحلة االستجابة والقابلية و ّ‬

‫‪18‬‬

‫بالشعر الغربي بصورة خاصة ‪ ،،‬كما يضيف أن ( الشعراء‬ ‫والدليل على هذا التأثير ّ‬

‫أنفسهم حين يتحدثون عن المؤثرات التي دفعتهم إلى التجديد يذكرون قراءاتهم لآلداب‬ ‫الشعراء األوربيين خاصة مثل ‪ :‬كيتس وبيرون وشيلي وايلوت وادجار أالن بو‬ ‫األجنبية و ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫تصرح قائلة ‪ ( :‬إنما اندفعت إلى التجديد بتأثير معرفتي‬ ‫وغيرهم) فمثال هذه نازك المالئكة ّ‬

‫بالعروض الغربي وقراءاتي للشعر االنجليزي‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫بأمة أخرى فتقول ‪ (:‬ال يكون تطورها‬ ‫أمة ّ‬ ‫كما ترى أيضا أن التطور يكون نتيجة تأثر ّ‬ ‫إال بالتقاء أمتين أو أكثر واحدة منها خاملة وأخرى حيوية ناشطة)‪ 21‬فهنا ترى أن التجديد‬ ‫الشعراء العرب‬ ‫الشعر العربي ما هو إال تطو ار له اكتسبه من خالل احتكاك ّ‬ ‫الذي واكب ّ‬ ‫الشعر الحر الذي دعت إليه نازك‬ ‫الشعر بصورة خاصة وكما سنرى فان ّ‬ ‫باألدب الغربي و ّ‬ ‫هيأ الجو لحركة قصيدة النثر والتربة الخصبة التي نمت‬ ‫المالئكة كان بمثابة التمهيد الذي ّ‬ ‫الدوافع التي أدت لظهور قصيدة النثر ‪،‬‬ ‫فيها ‪ ،‬وعليه يمكننا أن نعتبر دافع ظهوره هي نفس ّ‬

‫واتي توجزها نازك المالئكة ‪:‬‬

‫ الرغبة في التجديد والنفور من الّنموذج ‪:‬‬‫إن الرغبة في التجديد والنفور من التراث جعال الشاعر يبتعد عن كل ما يتعبه‬ ‫ويحس بالملل ‪ ،‬فالتجديد يعطي نفسا جديدا للكتابة ‪ ،‬وفي هذا‬ ‫ويرهقه‪ ،‬ويجعله يضيق ذرعا‬ ‫ّ‬ ‫يفضل االرتياح إلى القوالب الجاهزة والبالية ‪،‬‬ ‫يرى "أنسي الحاج" إن الشاعر الحقيقي ال ّ‬

‫تكفيه مؤونة التقصي والبحث ‪ ،‬والخلق األهم هو الشاعر الذي ال يمكن أن يكون في هذه‬ ‫الشكل تبعا ال رائد‬ ‫الحالة محافظا ‪ ،‬انه وجها لوجه أمام صدق تجربته وعمقها ‪ ،‬ثم يأتي ّ‬

‫‪22‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪93‬‬


‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫حيث كان الشباب آنذاك مولعون باالغتراب والشذوذ والتغيير واالبتعاد عن الروتين ‪ ،‬ك هذا‬ ‫من أجل السير نحو االستقاللية والفردية وهذا ما تذهب إليه نازك المالئكة في قولها ‪:‬‬ ‫( فالشاعر المعاصر أشبه بصبي يحترق إلى أن يثبت استقالليته عن أبويه فيبدأ بمقاومتها‬ ‫)‬

‫‪23‬‬

‫ويكتفي بخلق أو إبداع نمط جديد وقالب أكثر تطو ار يصب فيه من إبداعه ويبث فيه من‬

‫شخصيته دون أن يلجأ للقاعدة القديمة المألوفة ‪ ،‬بل يبني لنفسه قاعدة أخرى مثلما رأت نازك‬ ‫المالئكة عندما دعت لحركة الشعر الحر بمقولة برنا تشو (الالقاعدة هي القاعدة ال ّذهبية)‬

‫‪24‬‬

‫عبود شلتاغ هذا عمال فرديا (يترع نحو االستقاللية واثبات وجود ال ّذات من‬ ‫حيث يعتبر ّ‬

‫خالل ابتداع شكل تتجسد فيه هذه االستقاللية الذاتية الذي غزاها العصر الحديث بقيمه‬

‫وتوجهاته)‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫الرغبة في الحرية‪:‬‬ ‫‪ّ -‬‬

‫يرى "محمد مصطفى هدارة"إن األمم عندما تاقت نفسها للحرية رأت أنه(البد لها أن‬

‫حريتها وثورتها على واقعها ‪ ،‬وكان‬ ‫تحدث في حياتها نوعا من التجديد فتشعر معه بامتالكها ّ‬ ‫الشعر مجاال إلظهار هذه الثورة)‬

‫‪26‬‬

‫‪،‬فباعتقاد أنسي الحاج ( أن قصيدة النثر عمل ثوري‬

‫الشكلي ‪ ،‬ألف عام‬ ‫‪....‬تعبي ار عن الحرية داخل جو مأزوم خانق عريق القدم في التعصب ّ‬

‫الضغط ‪ ،‬ألف عام ونحن عبيد جهلة وسطحيون ‪ ،‬لكي يتم لنا خالص علينا بالواجب‬ ‫ّ‬

‫ونبجه)‬ ‫المسكر أن نوقف هذا السد ّ‬

‫‪27‬‬

‫‪ .‬فهو بهذا يرفض أي حاجز من أي نوع يقف في وجه‬

‫الشاعر من الضغط والتعصب الذين يتميز بهما التقليد ‪،‬‬ ‫التجديد الذي يرى أنه خالص ّ‬

‫وبهذا يرى في قصيدة النثر السبيل للوصول لهذه الحرية وكسر سالسل العبودية التي كبل‬ ‫الشاعر جاءت لتكون ثورة على كل هذا ‪ ،‬أما‬ ‫بها التقليد ‪ ،‬والحفاظ على الروتين القديم ‪ ،‬يد ّ‬ ‫الشعراء‬ ‫عبود شلتاغ فيدمج في عنصر الحرية ما يقول ‪ :‬عنه ّانه دوافع فنية تتمثل بضيق ّ‬

‫بالنظام واألناقة والتهويمات النفسية ‪ ،‬ثم لم يناسب التوتر‬ ‫من ّ‬ ‫الشكل اإلحيائي ال ّذي يتسم ّ‬ ‫الجديد ال ّذي لف البشر بعد الحرب الكونية الثّانية ‪،‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪94‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫وحرية في التعبير عن هذا التوتر‬ ‫فصار ّ‬ ‫الشعراء يتوقون إلى شكل جديد أكثر طالقة ّ‬ ‫يفضل اختيار الجنون والتدمير على االختناق في المأزوم القديم الن‬ ‫نجد أنسي الحاج ّ‬ ‫‪28‬‬

‫التدمير في نظره حيوي ومقدس‬

‫‪29‬‬

‫اذ‬

‫ويذهب مذهبه هذا أدو نيس أيضا في الدعوة للتجديد‬

‫يعبر تعبي ار حقيقيا عن هذا العصر هو شاعر‬ ‫والتحرر حيث يقول ‪ّ ( :‬‬ ‫الشاعر الذي ّ‬

‫الشاعر الذي يهدم كل‬ ‫الرفض ‪ّ ،‬‬ ‫عما هو سائد ومقبول ومعمم هو شاعر المفاجأة و ّ‬ ‫االنقطاع ّ‬ ‫حد ‪ ،‬بل ال ّذي يلغي معنى الحد ‪ ،‬بحيث ال يبقى أمامه غير حركة اإلبداع ‪ ،‬وتفجيرها في‬

‫جميع االتجاهات )‬

‫‪30‬‬

‫‪ ،‬فالحد هنا يعيقه ويجعله ملزما بالكتابة على نسق معين ‪ ،‬فالشاعر‬

‫أشبه بالفالح الذي يشتعل بلباس بسيط يعطيه حرية على الحركة وقدرة على العمل ‪ ،‬الن‬ ‫الثياب األنيقة تعيقه عن العمل ‪.‬‬ ‫الشعر‬ ‫وقد وجد في قصيدة النثر المعنى التام للحرية أكثر من تلك التي وجدها في ّ‬ ‫الحر نفسه ‪ ،‬ووجد فيها التجسد الحقيقي للثورة ‪ ،‬فالشاعر والثائر شخص واحد ‪ ،‬يقول "أنسي‬ ‫الحاج " أن قصيدة النثر ( عمل شاعر يضيق بعالم نقي انه ال يضطجع على ارث الماضي‬ ‫وحاجته للحرية تفوق حاجة أي كائن إليها )‪.31‬‬ ‫الشعراء المعاصرين للحرية‬ ‫تعبر بإخالص عن ولع ّ‬ ‫وبهذا فقد كانت قصيدة النثر ّ‬

‫الشعر العربي منذ بدايات ظهور حركة الشعر الحر‬ ‫التي بدأت تأخذ طريقا للتحقق في مجال ّ‬ ‫الذي كان من بين األسباب التي أدت لظهور قصيدة النثر للوجود ‪.‬‬ ‫الشعر الحر ‪:‬‬ ‫ظهور حركة ّ‬ ‫الشاعرة "نازك المالئكة" في قصيدة "الكوليرا" التي‬ ‫كانت البداية سنة ‪ 1947‬مع ّ‬ ‫السياب " يرى‬ ‫اعتبرتها أول قصيدة شّقت الطريق لهذه الحركة الشعرية غير أن " بدر شاكر ّ‬ ‫الشعر وذلك في قصيدة " هل كان حبا "‬ ‫النوع من ّ‬ ‫ّأنه أول من اتجه لهذا ّ‬

‫‪32‬‬

‫وعلى العموم‬

‫ليس من مهد لظهور القصيدة التي كانت ثورة على االنجازات التي حققتها المرحلة األولى‬

‫الرواد األوائل ‪ ،‬فقد سمى هؤالء الشعراء "بالسلفيين الجدد" وهوجموا‬ ‫من شعر التفعيلة على يد ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪95‬‬


‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫هجوما عنيفا من قبل شعراء االتجاه النثري الجديد ‪ ،‬حيث بدأت القصيدة تفقد شيئا فشيئا‬ ‫الشعر التقليدي لتكتفي‬ ‫التزامها ‪ ،‬ضمن العمودية وجدت‬ ‫الحرة التي تخلت عن عمود ّ‬ ‫ّ‬

‫بالشطر وتنوع القافية ‪ ،‬ثم فقدت‬ ‫كل القصيدة ‪ ،‬وتكتفي في البيت ّ‬ ‫بالتفعيلة الموجودة في ّ‬ ‫القصيدة الوزن ليبقى اإليقاع في قصيدة النثر داخليا ‪ ،‬وتذهب القافية بال عودة ليحتل مكانها‬ ‫الزمن راحت القصيدة تتجرد من خصائصها إلى أن‬ ‫السجع وبهذا ومع مرور ّ‬ ‫بعض من ّ‬ ‫شبهت بالنثر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إيثار المضمون ‪:‬‬ ‫الصناعية الفارغة وبما أن‬ ‫الشاعر القديم القيمة الكبرى لألشكال‬ ‫أعطى ّ‬ ‫ّ‬ ‫المجردة ذات ّ‬ ‫تعبر عن حاجة حيوية حسب "نازك المالئكة " ‪ 33‬فقد ركزت القصيدة النثرية‬ ‫األشكال ال ّ‬ ‫الشاعر دونما فائدة‬ ‫على المضمون محاولة التخلص من القشور الخارجية التي تستنفذ طاقة ّ‬ ‫السلطة للمعنى واالنشغال بالحياة ومشاكل‬ ‫فيهمل المضمون لفرط اهتمامه بها ‪ ،‬فمنح ّ‬ ‫العصر ‪.‬‬

‫الشاعر‬ ‫الدوافع كانت نفسية متعّلقة بشخصية ّ‬ ‫جل هذه ّ‬ ‫أخي ار يمكن أن نالحظ أن ّ‬ ‫وحسية‬ ‫وذاته فاألفراد يبدؤون في حركات التجديد بخلق أنماط جديدة تلبية لحاجة نفسية ّ‬

‫تدعوهم لسد الفراغ ال ّذي يحسونه ‪.‬‬ ‫الخاتمة‪:‬‬

‫إن قصيدة النثر فرضت وجودها واستمرارها في تمردها وتجديدها رغم معارضتها‬ ‫ورفضها من قبل بعض األدباء ‪.‬‬ ‫وعليه يبقى السؤال‪ :‬هل ستكون آفاق أخرى لقصيدة النثر أم ال ؟‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪96‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الهوامـــــــش ‪:‬‬ ‫‪ -1‬خالدة سعيد ‪ ،‬حركية االبداع ‪،‬ط‪، 2‬بيروت ‪،‬دار العودة ‪ ، 1982 ،‬ص ‪38 :‬‬ ‫‪ -2‬المرجع نفسه ص ‪39 :‬‬ ‫‪ -3‬سعيد بن زرقة ‪ ،‬الحداثة الشعرية عن أدو نيس ‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬كلية اآلداب‪،‬‬ ‫القاهرة‪،1991‬ص‪202:‬‬ ‫‪-4‬المرجع نفسه ص‪203 :‬‬ ‫‪-5‬عبد العزيز المقالح‪ :‬أزمة القصيدة العربية‪،‬بيروت‪ ،‬دار األدب ‪1985،‬ص‪88:‬‬ ‫‪-6‬عبد الحميدة جيدة‪ ،‬االتجاهات الجديدة في الشعر المعاصر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ 1980،‬ص‪319:‬‬ ‫‪-7‬سعيد بن زرقة ‪ ،‬الحداثة الشعرية عند أدونيس‪ ،‬ص‪206 :‬‬ ‫‪ -8‬المرجع نفسه ص‪204 :‬‬ ‫‪ -9‬المرجع نفسه ص‪205 :‬‬ ‫‪ -10‬محمود أمين العالم ‪ ،‬في قضايا الشعر العربي المعاصر ‪ ،‬دراسات وشهادات ‪ ،‬تونس ‪،‬إدارة الثقافة‬ ‫‪، 1988‬ص‪36 :‬‬ ‫‪ -11‬عبد العزيز المقالح‪ ،‬أزمة القصيدة العربية ص ‪98 :‬‬ ‫‪ -12‬المرجع نفسه ص ‪98 :‬‬ ‫‪ -13‬سعيد بن زرقة ‪ ،‬الحداثة الشعرية عند أدو نيس ‪ ،‬ص‪205 :‬‬ ‫الشعر ‪ ،‬ذات السالسل للطباعة والنشر ‪ ،‬ب‪.‬س‪.‬ب‪.‬د‪ ،‬ص‪20 :‬‬ ‫‪ -14‬عبده بدوي‪ :‬قضايا حول ّ‬ ‫‪ -15‬أدو نيس‪ :‬مقدمة للشعر العربي ‪،‬ط‪ ، 1‬بيروت لبنان ‪ ،‬دار العودة ‪ ، 1971‬ص‪117 :‬‬ ‫‪ -16‬شلتاغ عبود شراد ‪ ،‬تطور الشعر العربي ‪،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ،‬دار المجدالوي ‪، 1998 ،‬ص‪231 :‬‬ ‫‪ -17‬المرجع نفسه ‪،‬ص‪230 :‬‬ ‫‪ -18‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪231 :‬‬ ‫‪ -20‬نازك المالئكة ‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار األدب ‪ ، 1972 ،‬ص‪17 :‬‬ ‫‪ -21‬شلتاغ عبود شراد ‪ ،‬تطور الشعر العربي ‪ ،‬ص‪232 :‬‬ ‫‪ -22‬هاني مندس‪ ،‬مجلة الشعر ‪ ،‬العدد الثامن ‪ ،‬بيروت لبنان ‪ ، 1964 ،‬ص‪68 :‬‬ ‫‪ -23‬نازك المالئكة‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر ‪ ،‬ص‪57 :‬‬ ‫‪ -24‬شلتاغ عبود شراد ‪ ،‬تطور الشعر العربي ‪ ،‬ص‪232 :‬‬ ‫‪ -25‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪234 :‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪97‬‬


‫أ‪.‬طيفور ماما‬

‫قصيدة النثر وإشكال الحداثة‬

‫‪ -26‬عبد الحميد جيدة ‪ ،‬االتجاهات الجديدة في الشعر المعاصر‪ ،‬ص‪298 :‬‬ ‫‪ -27‬هاني مندس ‪ ،‬القصيدة النثرية ‪ ،‬مجلة الشعر ‪ ،‬ع‪، 1964، 8‬ص‪68 :‬‬ ‫‪ -28‬شلتاغ عبود شراد ‪ ،‬تطور الشعر العربي المعاصر ‪ ،‬ص‪234 :‬‬ ‫‪ -29‬هاني مندس ‪ ،‬مجلة الشعر ‪ ،‬ص‪68 :‬‬ ‫‪ -30‬أدونيس ‪ ،‬مقدمة للشعر العربي ‪ ،‬ص‪117 :‬‬ ‫‪ -31‬هاني مندس‪ ،‬مجلة الشعر ‪ ،‬ص‪70 :‬‬ ‫‪ -32‬نازك المالئكة ‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر ‪ ،‬ص‪50 :‬‬ ‫‪ -33‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪56 -55 :‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪98‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية ‪ -‬المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫العدد ‪02‬‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير في رواية ما بعد الحداثة‬ ‫دراسة في رواية "من اعترافات ذاكرة البيدق" لعباس خلف‬ ‫أ‪.‬خولة بوبصلة‬

‫الملخص‪:‬‬

‫جامعة محمد الشريف مساعدية ‪ -‬سوق أهراس‪ -‬الجزائر‬

‫سعت هذه الدراسة إلى البحث في خصوصية األجناس األدبية ومدى تفاعلها مع الجنس الروائي‪ ،‬فقد‬ ‫تمكنت الرواية العربية المعاصرة من تجاوز النمط التقليدي القائم على القيم الثابتة والقواعد الفنية الجاهزة‪ ،‬فقد‬ ‫استطاعت رواية ما بعد الحداثة أن تحاور األجناس األدبية األخرى‪ ،‬ومن بين النصوص الروائية المعاصرة‬ ‫التي مثلت ضربا من التشتت وانفالت المعايير الثابتة رواية عباس خلف علي "من اعترافات ذاكرة البيدق" لما‬ ‫ٍ‬ ‫تداخل لألجناس األدبية فقد تجاوزت مقولة صفاء الجنس األدبي ونقاءه إلى تعدده فالمتصفح لهذا‬ ‫تحويه من‬ ‫المتن الروائي يالحظ ّأنها وببراعة فنية تمكنت من انتهاك المعايير الحداثية التي كانت سائدة من خالل محاورة‬ ‫كل من الشعر والسيرة الذاتية واألسطورة وغيرها‪ ،‬محاورًة جعلت منها نصا روائيا منفتحا رافضا االنغالق‬

‫والتقوقع داخل نفسه‪ ،‬أما اإلشكالية التي تقوم عليها هذه الدراسة تمثلت في مجموعة من األسئلة تبادرت إلى‬ ‫أذهاننا أثناء قراءتنا لرواية عباس خلف علي والتي ارتأينا أن نجيب عنها من خالل هذا البحث‪ ،‬فهل استطاعت‬ ‫رواية ما بعد الحداثة أن تحاور األجناس األدبية وتت جاوز حدود ومعايير النقاء أم ماذا؟ وكيف تجلى ذلك في‬ ‫رواية" من اعترافات ذاكرة البيدق "لعباس خلف علي؟‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية ‪:‬رواية ما بعد الحداثة‪ ،‬تداخل االجناس األدبية‪ ،‬حوارية األجناس األدبية ‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬ ‫‪The aim of this study is to search for the specificity of literary genres and their‬‬ ‫‪interaction with the fictional genre. Indeed, the contemporary Arab novel puts into question‬‬ ‫‪the traditional Romanesque forms characterized by the respect of the constant norms and‬‬ ‫‪predefined aesthetic rules. "Minitirafat dhakirat el-baidaq" is one of those novels where the‬‬ ‫‪breaking of codes is manifest.‬‬ ‫‪This novel that highlights the explosion and promotes certain creativity beyond the‬‬ ‫‪generic limits. There is a certain interference of several literary genres in this novel which‬‬ ‫‪destroys the theory of pure literary genre to offer us a multiple genre or a dialogue of many‬‬ ‫‪kinds: poetry, autobiography, myth, etc. Thus, we are in front of an open novel that comes out‬‬ ‫‪of its straitjacket.‬‬ ‫‪As for the problem, it consists of a series of questions related to the reading of this‬‬ ‫‪novel: will the new novel or the postmodern novel be able to dialogue with other literary‬‬ ‫‪genres to question the purity of the genre? literary? How is this breakdown of codes and‬‬ ‫?‪genres manifested in Abbas Khalaf Ali's novel‬‬ ‫‪Keywords: postmodernism, interplay of literary genres, literary dialogue.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪99‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫توطئة‪:‬‬ ‫اهتمت دراسات ما بعد الحداثة بالعديد من القضايا التي يطرحها األدب بعده خطابا ثقافيا‬ ‫وفكريا‪ ،‬ظهر لمجابهة األنساق السائدة‪ ،‬المتمثلة في المركزية العربية بحمولتها الثقافية‬ ‫وهويتها الثابتة‪ ،‬إلى جانب هذا مثلت ما بعد الحداثة ضربا من التشتت والتفكك فصارت‬ ‫قرينة الفوضى والعدمية‪ ،‬كذلك نزعت إلى االنفتاح على قيم جديدة والقول بالتعدد واالختالف‬ ‫فعدت‬ ‫فضال عن ّأنها قدمت آليات جديدة مست جميع النواحي األدبية والسياسية والثقافية ُ‬

‫تجربة فذة جديرة بالوقوف عندها وذلك بتوسيع الدراسات حولها‪ ،‬كما جاءت رواية ما بعد‬ ‫الحداثة بتصور جديد ومناف لما هو سائد ومتعارف عليه في النصوص السردية‪ ،‬وذلك‬ ‫بانفتاحها على مرجعيات ثقافية ودينية مغايرة‪ ،‬باحثة عن ما يسمى بقيمية "أدب ما بعد‬ ‫الحداثة" من خالل إحالتها على الذات والمجتمع والتاريخ‪.‬‬ ‫مثلت رواية عباس خلف علي من اعترافات ذاكرة البيدق عالما جديدا تسكنه مجموعة من‬ ‫القضايا أهمها البحث في مسألة التهميش‪ ،‬إدانة الحرب‪ ،‬السلطة ومرجعياتها وما اقترفته في‬ ‫فانشق عن هذا األدب‬ ‫حق المهمشين‪ ،‬والبحث في تاريخ المقموعين‪ ،‬وإعادة قراءة الماضي‪،‬‬ ‫ّ‬

‫–ما بعد الحداثة‪ -‬هوية جديدة ترفض أن تبقى حبيسة الحروب مجهولة المصير‪.‬‬

‫كما تعتبر تجربة "عباس خلف على" الكتابية مختلفة عن سابقيها من النصوص‬ ‫الروائية في اعتمادها على تقنية الحلم‪ ،‬فهي طريقة مميزة من ناحية خروجها عن المألوف‬ ‫واحتيالها على القارئ العربي الذي ينتقل بين عصور تاريخية زمنية متداخلة مضت‪ ،‬كما ّأنها‬

‫مخاتلة إبداعية اعتمدت تقنية البوح واالعتراف‪ ،‬إلى جانب هذا فهي خطاب روائي متميز‬

‫بطابعه الحواري بدت من خالله فسيفساء جامعة ألجناس أدبية عدة متداخلة تناصا وتهجينا‬ ‫<<من بين الخصائص الشكلية التي يتوفر عليها الفن الروائي قدرته على إدخال أجناس‬ ‫فنية أخرى إلى جسده‪ ،‬وتلعب هذه األجناس المتخللة دو ار في بنية النص المركزي‪ ،‬كما‬ ‫تساهم في تنويع وتعديد لغاته وأساليبه وخطاباته>>‬

‫(‪)1‬‬

‫فالرواية التي بين أيدينا هي مزيج‬

‫من السرد السير الذاتي‪ ،‬واألساطير والشعر واألمثال وخطابات غير أدبية كالمحاوالت‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪100‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫إن الرواية تسمح بأن يدخل إلى كيانها جميع أنواع األجناس األدبية‬ ‫الصحفية وغيرها << َّ‬ ‫سواء كانت أدبية أو خارج أدبية‪....‬و جميع تلك األجناس معها لغتها الخاصة>>‬

‫(‪)2‬‬

‫انطالقا من هذه النقاط يمكننا طرح عدة إشكاليات تقوم على أساسها هذه الدراسة أولها‬ ‫البحث في ماهية الجنس األدبي؟ ‪.‬‬ ‫الح ُدود الم ْف ُهو ِمَية لِْل ِجْن ِ‬ ‫س األ َ​َدِبي‪:‬‬ ‫أوال‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫الدالَ َلة ُّ‬ ‫الل َغ ِوَية لِ َكلِ َمة ِجْنس‪:‬‬ ‫أ‪َ .‬‬ ‫تَ ْعِني َكلِ َم ُة" ِجْنس "ُل َغ ًة َدالَالَ ٍت ُم ْخَتلَِفة ِم ْن َها" التميز والتفرد"‪ ،‬فقد جاء في لسان العرب‬

‫البن المنظور مادة جنس قوله‪<< :‬هو الضرب من كل شيء‪ ،‬وهو من الناس ومن الطير‬ ‫ومن حدود النحو والعروض واألشياء جملة‪ .‬قال ابن سيده‪ ،‬وهذا على موضوع عبارات‬

‫أهل ُّ‬ ‫الل َغ ِة َوَلهُ تحديد‪ ،‬والجمع أجناس وجنوس‪ ،‬والجنس أعم من النوع‪ ،‬ومنه المجانسة‬ ‫والتجنيس‪ .‬ويقال هذا يجانس هذا أي يشاكله>>(‪ ،)3‬فرق ابن منظور بين الجنس والنوع‪،‬‬

‫وخُلص ٍإَلى أَن" الجنس ُّ ِ‬ ‫الن ْوِع"‪ ،‬فإذا ما بحثنا عنها في معظم المعاجم الّلغوية نجدها‬ ‫أعم م َن َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫إلى حد ما بهذا الفهم‪ .‬كما يتوافق تعريف ابن منظور مع الشريف علي بن محمد الجرجاني‬ ‫في كتابه" التعريفات" بقوله‪<< :‬الجنس اسم دال على كثيرين مختلفين بأنواع>>(‪ ،)4‬وبذلك‬ ‫يكون جوهر الجنس في اختالفه مع غيره‪ ،‬فقد عرف النوع على ّأنه<<اسم دال على أشياء‬ ‫ِ‬ ‫كثيرة مختلفة باألشخاص>>(‪)5‬لذلك َعد الجرجاني ِ‬ ‫الن ْوِع‪.‬‬ ‫الج ْن َس أَعم وأ ْ‬ ‫َش َم َل م َن َ‬ ‫ب‪ .‬الداللة االصطالحية‪:‬‬

‫عرف لطيف الزيتوني الجنس األدبي بأنه‪<< :‬اصطالح عملي يستخدم في تصنيف‬

‫أشكال الخطاب وهو يتوسط األدب واآلثار األدبية>>‬

‫(‪)6‬‬

‫ظهرت وجهات نظر عديدة حاولت‬

‫إعطاء مفهوم للجنس األدبي كما أشار الباحثون إلى االختالف البين بين الجنس والنوع‪ ،‬إال‬ ‫أن االصطالح المعاصر ال يكاد يفرق بينهما ولكن كثير من الدارسين يعطون للجنس نفس‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪101‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫تراتبية النوع(‪ ،)7‬يقول باديس فوغالي في حديثه عن داللة كل مصطلحي النوع والجنس‬ ‫لمعرفة أيهما أعم وأشمل من الثاني‪ << :‬من هذا المنطلق أرى ضرورة التمييز بين كل من‬ ‫الجنس والنوع األدبيين فالجنس يحدد لون وطبيعة الوسيلة التعبيرية بالقول أو التصوير‬ ‫القولي‪ ،‬وأما النوع فيتحدد في منحى العمل األدبي الذي يتمظهر في لون بعينه‪ ،‬فإذا قلنا‬ ‫أن الشعر جنس‪ .‬فبقية األغراض التي تتفرع منه أنواع وكذلك األمر بالنسبة للنثر‬ ‫مثال َّ‬ ‫فإذا قلنا أن النثر األدبي جنس‪ ،‬فإن مختلف األشكال النثرية هي أنواع ومن ثم تصير‬ ‫الرواية والقصة والمسرحية وغيرها أنواعا أدبية>>‬

‫(‪)8‬‬

‫لكننا نالحظ من خالل بحثه الموسوم‬

‫ب<<السرد الروائي وتداخل األنواع رواية "جسر للبوح وآخر للحنين" زهور ونيسي‬ ‫أنموذجا>> يوظف كال المصطلحين فتارة األنواع األدبية وتارة أخرى األجناس األدبية وهذا‬ ‫أن‬ ‫أن الباحث باديس فوغالي أعطى للجنس نفس تراتبية النوع رغم أنه فرق بينهما على ّ‬ ‫يعني ّ‬ ‫األول أعم وأشمل من الثاني‪.‬‬

‫بناء على ما جاءت به رواية ما بعد الحداثة‪ ،‬من خرق لقواعد‬ ‫تتأسس هذه الدراسة ً‬ ‫الجنس األدبي وانتهاك معايير النقاء متجاوزة ذلك‪ ،‬إلى القول بتداخل األجناس وتعددها‪ ،‬فما‬ ‫المقصود بحوارية األجناس األدبية؟ وكيف استطاعت رواية ما بعد الحداثة انتهاك الجنس‬ ‫األدبي من خالل فكرة الحوارية داخل النص الواحد؟‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬حوارية األجناس األدبية ‪:‬‬ ‫سعت رواية ما بعد الحداثة إلى خلق تباين مختلف ومناف لكل ما هو قديم‪ ،‬من خالل‬ ‫تحطيم القواعد الفنية والجمالية الجاهزة‪ ،‬والتحرر من قيود الرواية التقليدية‪ ،‬والثورة على القيم‬ ‫الثابتة‪ ،‬ففي تصور ما بعد الحداثة ال وجود لها‪ ،‬لما أحدثته من خلخلة في المفاهيم متجاوزة‬ ‫بذلك أشكال التنميط والنمذجة‪ ،‬مشكلة صيغا جديدة تقوم على الخرق والتمزيق وانفالت‬ ‫المعايير الثابتة وانتهاكها‪<< ،‬فمن سمات ما بعد الحداثة‪ :‬العبث‪ ،‬الفوضى‪ ،‬التفكيك‪،‬‬ ‫والهدم>>‬

‫(‪)9‬‬

‫ومن القول بنقاء الجنس األدبي ورسم الحدود بين األجناس إلى القول بتداخل‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪102‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫األجناس وانتهاك الحدود بينها‪ ،‬ويعد البحث في خصوصية تداخل األجناس األدبية مقصدا‬ ‫من مقاصد هذه الدراسة‪ ،‬التي تسعى جاهدة إلى الكشف عن مدى حوارية األجناس األدبية‬ ‫وتفاعلها مع بعض داخل متن روائي ما بعد حداثي ألغى الواقع الذي أنتجه من خالل ترسيخ‬ ‫تغيراته الجمالية الناتجة عن خصائص وتقنيات سردية جديدة من مثل الكوالج‪ ،‬وتشظي‬ ‫النصوص وتهجينها‪ ،‬فما المقصود بحوارية األجناس األدبية ؟‪.‬‬ ‫إن مسألة الحوارية بين األجناس األدبية ليست أم ار جديدا في األدب‪ ،‬فقد أشار إليها‬ ‫باختين "‪ Bakhtin‬على أنها <<مرتبطة بالحوار وبشكل عام بتعدد األصوات واألساليب في‬ ‫نفس الملفوظ>>‬

‫(‪)10‬‬

‫إن حوارية باختين تقوم على مبدأ حوار الشخصيات فيما بينها داخل‬

‫الخطاب الروائي ولكل شخصية انحدارها االجتماعي واإليديولوجي داخل الخطاب الروائي‬ ‫ونعني بحوارية األجناس األدبية مدى تفاعل النص الروائي مع بقية األجناس األدبية تفاعال‬ ‫وتحاو ار ‪ ،‬فالرواية أقرب األجناس األدبية انفتاحا واحتواء وأكثرها محاورة لبقية األجناس‬ ‫األخرى وقد ساعدها في ذلك اتساع فضاءها التخيلي وتعدد أصواتها وتنوع الّلغات داخلها‪،‬‬ ‫فالرواية جنس ال يخضع لقوانين هذا ما أكسبها طابعا حواريا وتداخال مع بقية األجناس‬ ‫األدبية‪ ،‬كما استطاعت رواية ما بعد الحداثة أن تخالف مبدأ صفاء الجنس األدبي وتخترق‬ ‫الحدود بين األجناس األدبية‪ ،‬بتعبير آخر تمكنت من انتهاك معايير كانت سابقا ثابتة كتعدد‬ ‫األجناس داخل النص الواحد بدل انغالقها‪.‬‬ ‫أثناء قراءتنا لرواية "من اعترافات ذاكرة البيدق" للروائي عباس خلف علي ألفينا تداخال‬ ‫ملحوظا بين األجناس األدبية‪ ،‬من خالل انفتاحه ومحاورته لكل من الشعر‪ ،‬والسيرة الذاتية‬ ‫أن الكاتب‬ ‫واألساطير‪ ،‬واألمثال الشعبية وغيرها‪ "،‬ويتضح من خالل هذا التعدد األجناسي ّ‬ ‫حرص على تجاوز مفهوم الجنس الخالص والنقي جاعال من الكتابة أفقا لتعايش أجناس‬

‫وأنواع فنية مختلفة ومتباينة>>‬

‫(‪)11‬‬

‫ومن أبرز األجناس األدبية التي تفاعلت معها الرواية‬

‫وحاورتها نجد‪:‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪103‬‬


‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬ ‫‪ .1‬الشعر‪:‬‬

‫استعان الروائي بمقاطع شعرية لشاعر المصري<<محمد عفيفي مطر>>(‪ ،)12‬وهو من‬ ‫أبرز شعراء الستينيات قال عنه الشاعر الفلسطيني المتوكل طه‪<< :‬لقد استطاع محمد‬ ‫عفيفي مطر –هذا الشاعر المنسي أو المغيب أن يقدم صيغة مبدعة لعالقة الشاعر‪/‬‬ ‫المثقف بالسلطة وإفرازاتها وهيمنتها وما تضعه حولها من نخب تتبنى وتردد أطروحاتها‬ ‫خالقة بذلك ظالما كثيفا يمنع الرؤيا ويقتل الرؤية ويغتال البصيرة والحياة>>(‪ .)13‬إن‬ ‫حضور أبيات شعرية لشاعر محمد عفيفي مطر في مفتتح "ما ورد فيما شب" أضفى سمة‬ ‫مميزة على المتن الروائي‪ ،‬فالكاتب وظفها لما تحويه من إشارات كاشفة بطرق مضمرة عن‬ ‫زيف الخطابات المهيمنة‪/‬السلطة‪ ،‬فأشعاره تعد ثورة على التموضعات السلطوية السائدة‬ ‫وهو أيضا أحد األسماء التي سعى التاريخ‪ /‬الرسمي‪ ،‬لتغيبها‪ /‬الهامشي‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫ال تنزلي يا شمس‪......‬‬ ‫رأسي طري مائع‪......‬واألرض‪....‬ينبوع‪.......‬‬ ‫دم بين الفضاء والشجر‪..........‬‬ ‫والشمس تاج باحث عن قامة ‪....‬‬ ‫ورأس‪..........................‬‬

‫(‪)14‬‬

‫تشير هذه األبيات إلى معنى مضمر‪ ،‬تجلى من خالل الثنائيات المتضادة ( الشمس‬ ‫األرض‪ ،‬الفضاء) فاألرض هي رمز الوطن‪/‬الهوية‪ ،‬تحمل صفة التعدد‪ ،‬فتموضعها بين‬ ‫الفضاء والشجر وهي ينبوع دم إشارة إلى زمن الحروب وما آلت إليه األوضاع من (التشتت‬ ‫والتشرد‪ ،‬الغربة والخوف)‪ ،‬لتتراجع الصور رغم تضادها‪ ،‬فالشمس هي رمز للحقيقة‪/‬األمل‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪104‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫والتجدد مع إشراق يوم جديد لكنها باحثة عن( رأس وقامة )عن مالمح‪/‬هوية ضاعت كما‬ ‫أنها مفارقة تسعى السترداد هويتها ومالمحها التي تالشت بفعل الحروب‪.‬‬ ‫أما مفتتح الحكاية الثانية استعان فيها الروائي بمقاطع شعرية لشاعر العراقي" حسب الشيخ‬ ‫جعفر>>(‪)15‬يقول فيها‪:‬‬ ‫التراب‪...................................‬‬ ‫ملء الكيس ما محوت‪ ،‬فإن أضعت‪.......‬‬ ‫يا من يريد من الحدائد ما يريد من المرايا‪...‬‬ ‫فإلى (الحضيض) فقد يباع‪................‬‬ ‫ما قد تبقى من متاع‪...... ..............‬‬

‫(‪)16‬‬

‫استطاع الروائي بمخاتلته اإلبداعية أن يستعين بجنس أدبي آخر وهو الشعر كما رأينا‪،‬‬ ‫فكان حضوره خارجي قائم على التضمين‪ ،‬تمثل ذلك في إقحام بعض المقاطع الشعرية‬ ‫لشاعرين محمد عفيفي مطر وحسب الشيخ جعفر‪ ،‬وقد اضطلع هذا الجنس‪-‬الشعر‪ -‬بدور‬ ‫اإلنباء باإلطار العام الذي ترويه الحكايتين‪ ،‬ففي الحكاية الثانية مثال <<منمنمة الرحلة‬ ‫األخيرة في شتاء السوامر>> افتتحها الروائي بأبيات شعرية لشاعر عراقي‪ ،‬فلِ َم َل ْم يختر‬ ‫مثال الشاعر المصري محمد عفيفي مطر؟ ‪.‬فمن وجهة نظرنا كان اختياره لها عمدا لِ َم تحويه‬

‫أبيات الشاعر العراقي من وعي مغاير للوضع السائد في العراق‪ ،‬فقد أسهمت ظروف الحرب‬ ‫في العراق إلى ظهور فوضى على مستوى القيم أدت إلى فوضى المعايير ومن ثم أصبحت‬ ‫تبحث عن راهنية مغايرة وتطرح قراءات مختلفة لكل حدث واقعي فكانت أبيات الشاعر‬ ‫العراقي حسب الشيخ جعفر هي األنسب لمدى تفاعلها مع ما ترويه الحكاية الثانية فقد أجاد‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪105‬‬


‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫الروائي ببراعة محاورة هذا الجنس األدبي –الشعر ‪-‬وإدراجه داخل نص روائي تجاوز حدود‬ ‫نقاء وصفاء الجنس األدبي‪.‬‬ ‫‪ .2‬الخطاب الديني ‪:‬‬ ‫شكل الخطاب الديني في الرواية وجها من أوجه التناص مع القرآن الكريم‪ ،‬فهذا الخطاب‬ ‫يعد جزءا من الخطابات التي تتفاعل مع النص الروائي نظ ار لحضورها بشكل مكثف فلباحث‬ ‫في المتن الروائي<<لعباس خلف علي>> يلمح مظه ار من مظاهر التشبع بالعقيدة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فال تكاد تخلو صفحة من توظيف للخطاب الديني المتمثل في األدعية والسور‬ ‫واآليات القرآنية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫أ‪ .‬السور واآليات القرآنية ‪:‬‬ ‫▪‬

‫﴿أحياء عند ربهم يرزقون﴾‬

‫▪‬

‫﴿من شر الوسواس الخناس﴾‬

‫▪‬

‫﴿قل لن يصيبنا إال ما كتب هللا لنا﴾‬

‫▪‬ ‫▪‬

‫إن إليه راجعون﴾‬ ‫﴿إن هلل و ّ‬ ‫ّ‬ ‫﴿يوم تبيض الوجوه﴾‬

‫إلى جانب هذه اآليات القرآنية‪ ،‬يذكر الروائي سورة ﴿ياسين﴾ يقول‪<< :‬إن قرأت سورة‬ ‫ياسين خمس مرات هل تضمن لروح موتانا الجنة>>(‪ ،)17‬وفي موضع آخر يقول‪<< :‬ثم‬ ‫قرأت عليه علوية من نسل حسن سبع مرات آية ياسين>>(‪ )18‬كما يشير الروائي لقصص‬ ‫األمم الغابرة فيقول‪<< :‬قالوا إّنها غضب هللا كما فعل من قبل باألقوام السابقة>>‬

‫(‪)19‬‬

‫وفي‬

‫موضع آخر يقول‪<< :‬أمها حفظتها القرآن على ظهر قلب‪ ،‬تعرف مواقع السور واآليات‬ ‫واحدة واحدة>>‬

‫(‪)20‬‬

‫إلى جانب السور واآليات القرآنية يوظف الروائي األدعية من مثل‬

‫<<رحمها هللا‪ ،‬يا إلهي‪ ،‬إن شاء هللا‪ ،‬عسى هللا أن يصلح ما هدني‪ ،‬غفر هللا له‪ ،‬الحمد‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪106‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫هلل‪ ،‬عسى هللا يغمدك برحمته‪ ،‬إّنه السميع العليم فوضت أمري إلى هللا‪ ،‬يا ستير‪ ،‬يرحمك‬ ‫هللا‪ ،‬اتقوا هللا في الغيبة والنميمة‪ ،‬الّلهم اشهد>> كما نلمس تناصا مع بعض اآليات‬ ‫القرآنية كما في قوله‪<< :‬الّلهم ال تؤاخذنا إن ضحك السفهاء منا>>(‪)21‬وهي تناص مع‬ ‫اآليات األخيرة من سورة البقرة <<ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا>>(‪ ،)22‬وفي قوله‬ ‫<<أبابيل تأتي من األعلى أم ألسنة جهنم اقتربت لتحصد ما تشاء من أرض كانت تسمى‬ ‫في يوم ما أرض السواد‪ ،‬وتعيد بذلك دورة غضب الرب على العاصين والمتهكمين>>‬

‫(‪)23‬‬

‫وهي تناص مع سورة الفيل‪﴿ :‬وأرسل عليهم طي ار أبابيل(‪)٣‬ترميهم بحجارة من‬ ‫سجيل(‪.)24(﴾)٤‬‬ ‫حضور الطابع الديني في الرواية بهذه الشاكلة ما هو إال محاولة لتمرير خطابات‬ ‫أن البيئة العراقية رغم تنوع الديانات داخلها إال أن قيم الدين اإلسالمي هي‬ ‫مضمرة مفادها ّ‬ ‫المنتشرة فيها‪ ،‬وما يستدل على قولنا هذا إشاراته لبعض الخطابات الدينية الواردة في فيلم‬

‫<<آالم السيد المسيح "يقول" ‪:‬تعيد إلى ذهننا صورة الصليب مفارقة التجربة أن يبحر‬ ‫مركب الصور البشعة في فيلم آالم السيد المسيح (يا أبتاه اغفر لهم ألنهم ال يدرون ما‬ ‫يفعلون>>(‪ ،)25‬وفي موضع آخر نلمس ذكره للكتاب المقدس وبالتحديد" سفر التكوين "يقول‪:‬‬ ‫<<األفالك في الكون تكتشف وال تتشابه‪ ،‬كل مجرة لها مسار كما في سفر‬ ‫التكوين>>(‪ .)26‬وفي موضع آخر يقول‪<< :‬بللت دموعنا تلك القصة التي تعرض لها‬ ‫السيد المسيح في الساعات األخيرة من حياته بعد أن وشى يهوذا األسخريوطي بمكان‬ ‫عدها وثيقة‬ ‫اختفائه‪ ،‬قلت لها هل صدقت الفيلم؟ قالت بنرة غير صافية‪ ،‬البابا ّ‬ ‫تاريخية>>(‪ .)27‬تحتفي الرواية بتاريخ المقموعين ذلك المسكوت عنه من قبل التاريخ‬ ‫المؤسساتي‪ ،‬وما استحضار شخصية السيد المسيح واآلالم التي تعرض لها من شأنه أن‬ ‫يوضح المعنى الخفي الذي يريد الراوي من خالله تمرير خطابات مضمرة‪ ،‬فمن بينها وضع‬ ‫األقليات المسيحية في العراق وما آلت إليه أوضاعهم بعد الحرب األمريكية من اضطهاد‬ ‫وتهميش‪ ،‬إن المفارقة الكبرى تكمن في هذه اإلشارة الوجيزة‪ ،‬فموضوع األقليات من أهم‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪107‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫دراسات ما بعد الحداثة‪ ،‬اعتنت بها رواية ما بعد الحداثة وعالجت جوانبها السياسية والدينية‬ ‫والّلغوية عدت فيما مضى هامشية‪ ،‬أشارت إليها رواية عباس خلف وانفتحت من خاللها على‬ ‫ثقافة الهامش‪/‬المركز‪.‬‬ ‫‪ .3‬السيرة الذاتية ‪:‬‬ ‫تتشكل رواية عباس خلف علي من مقاطع نثرية قريبة إلى السرد السير الذاتي وال يخفى‬ ‫على دارسها ّأنها اعترافات شخص غيبه التاريخ‪ ،‬هي لحظات بوح وتحرر من سلطة الرقيب‬

‫مهما كان نوعه "ديني‪-‬سياسي‪-‬اجتماعي"‪ ،‬غالبا ما تعتمد السيرة الذاتية في سردها‬

‫لألحداث على الذاكرة‪ ،‬تلك الذاكرة تحمل لحظات غيبها التاريخ هو تاريخ المهمشين‬ ‫والمقموعين‪ ،‬ولفظة البيدق دليل على ذلك‪ ،‬فهو الجندي‪/‬المحارب‪ /‬المقاتل والقطعة األضعف‬ ‫واألكثر عددا في لعبة الشطرنج <<وكأن النص يحتفي بتلك المسافات المعتمة والمغيبة في‬ ‫ذاكرة المهمشين‪ ،‬والذين يتحول تاريخهم وحضورهم إلى لعبة بيد المراكز‪ ،‬وحتى مثولهم‬ ‫في دائرة اللعبة هو مثول موضعي غير مهم رغم كثرة عددهم ‪....‬فالرواية تحتفي بتاريخ‬ ‫المقموعين‪ ،‬ذلك المسكوت عنه من قبل التاريخ المؤسساتي>>(‪ ،)28‬فالرواية سيرة ذاتية‬ ‫ممزوجة بالواقع والخيال‪ ،‬مثقلة بصور ذاكراتية يقول‪<< :‬في أي ملجأ ال يستطيع الجندي‬ ‫أن يصمد ثالثة أيام‪ ،‬ومع ذلك بقينا على هذه الحال سنوات عدة‪ ،‬نرسم نكتب‪ ،‬نتحدث‬ ‫تمتد خنوعا وضعفا على‬ ‫عن السالطين القدامى والجدد ومدى تلذذهم بطول رقابنا التي ّ‬ ‫طول الدهر‪ ،‬ونتذكر مساكن الطفولة وهي تزحف بنا صورها المشوهة إلى هياكلها الطينية‬ ‫المرمية على ضفاف األنهر الصغيرة>>(‪ ،)29‬فبين الماضي والحاضر تتساوق االعترافات‬ ‫تلك المنبعثة من حرائق الذاكرة الممزوجة بحنين لمساكن الطفولة وحاضر ال يختلف عن‬ ‫ماضيه في القمع والتهميش‪ ،‬يقول‪<< :‬ال تنتهي أبدا اعترافات الذاكرة من تشكيل مفاجأة‬ ‫مثيرة ومشوقة>>(‪ ،)30‬نهلت الرواية من سيرة صاحبها وأخرجت أحداثها المسرودة من‬ ‫ذكريات كانت حبيسة النفس والعتمة إلى لحظات بوح واعتراف‪ ،‬جمعها الراوي في شكل‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪108‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫صور فوتوغرافية أو لوحات مرسومة مخالفة بذلك نظرة المجتمع والتقاليد واألعراف من فكرة‬ ‫البوح واالعتراف‪ ،‬ومن جانب آخر هي رغبة في التحرر من سلطة المركز وكشف غياهب‬ ‫التاريخ المسكوت عنه ‪.‬‬ ‫‪ .4‬األساطير‪:‬‬ ‫تخللت الرواية بعض األساطير القديمة والتي جاءت في شكل محاورة مع متنها الروائي‬ ‫يقول‪<< :‬قالت بليونتها الهادئة متى يفرج عوليس عن بينولبي ‪....‬ذهبت إلى أسطورة‬ ‫اليوناني هوميروس وتجنبت عوليس ابن جلدتها جيمس جويس التي منعتها أمريكا من‬ ‫التداول وبريطانيا أعدتها عمال غير أخالقي واليهود على لسان كولدمائير وصفت ما فيها‬ ‫جنونا مثل مؤلفها‪ ،‬وقلت لها وأنا أضع قدمي على رأس الخيط‪ ،‬عوليس لم يكن السبب يا‬ ‫فيفين (ال تلتقي األسطورة في الواقع وال يمثل عوليس الحكيم بلوم غير المتزن الشريد‬ ‫األبله‪ ،‬وبينولوبي المخلصة في األسطورة تخلق منها جويس نو ار ناموس الخيانة والشبه‬ ‫تقريب ترك ادوارد السعيد تفسيره للقارئ>>(‪ ،)31‬يستحضر الروائي شخصية عوليس بطل‬ ‫األوديسة‪ ،‬تلك األسطورة التي كتبها هوميروس تروي التيه والشتات الذي عاشه بطلها‬ ‫عوليس لمدة عشر سنوات بعيدا عن دياره وزوجته‪ ،‬أشار الروائي في حديثه عن عوليس إلى‬ ‫أن هذا العمل الروائي‬ ‫رواية جيمس جويس التي كتبها بناءا على ما جاء في األسطورة‪ ،‬غير ّ‬

‫منع آنذاك من دخوله أمريكا وبريطانيا بسبب محتواه الجنسي‪ ،‬كما أشار إلى جيمس نو ار‬ ‫زوجة جيمس جويس والتي جسدها بطلة في أعماله‪ ،‬تلك المرأة الجميلة التي ال تشبع من‬ ‫خيانة زوجها التائه‪ ،‬رمزية البطل عوليس في رواية عباس خلف ما هي إال إشارة إلى‬ ‫اإلنسان العربي الذي يعيش وسط تيه وشتات جراء ما خلفته الحروب المستمرة وبخاصة‬ ‫اإلنسان العراقي الذي ولدت لديه رغبة في التخلص من الحروب والعودة إلى الديار‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪109‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫مرة قلت لها هل قرأت عوليس‪ ،)32(>>....‬ويقول‪<< :‬ال‬ ‫وفي موضع آخر يقول‪ّ << :‬‬

‫هدف واضح –وال مالمح تحدد إن كان البطل‪-‬عوليس أو أجاكس‪ -‬قد وضع خطط اإللياذة‬ ‫على تخوم قرانا>>(‪.)33‬‬ ‫يستحضر أسطورة عشتار يقول‪<< :‬الوجع العشتاري في منزلة أرباب العشق المغامرين>>‬ ‫(‪<< ،)34‬نظرت إلى وجهها اآلتي من سالطين األساطير>>(‪<< ،)35‬تخلصه من األرواح‬ ‫الشريرة>>(‪<< ،)36‬هل وضعتني اآللهة قربانا لطرد الوباء>>(‪.)37‬‬ ‫يستحضر الروائي حكايات "ألف ليلة وليلة" من خالل تقسيمه الرواية إلى حكايتين على‬ ‫منوال الّليالي‪ ،‬الحكاية األولى بعنوان "توصيفات" وهي تمثل"حكاية المفتتح" والتي يتفرع‬ ‫عنها ما يسمى بحكاية اإلطار"ما ورد فيما شبه" و "على ظرف الغيم ينطلي الدفء" طريقة‬ ‫تقسيمه تشبه إلى حد كبير النسيج الهيكلي أللف ليلة وليلة فقد أضفى هذا التقسيم على‬ ‫وكأنها محاولة الستمالة القارئ بطريقة ممتعة داخل سياق سردي‬ ‫الرواية نوعا من المتعة ّ‬

‫متنوع‪ ،‬كذلك األمر مع الحكاية الثانية‪ ،‬إلى جانب هذا يقول‪<< :‬في عز مناجاة الروح‬

‫تشعر أّنك لم تكن وحيدا تسافر معك كل أحالمك المؤجلة وتعيش نعيم الخيال المطرز‬ ‫بأساطير ألف ليلة وليلة وأحالم شهريار وفردوس ملك الجان في شقائق النعمان>>‬

‫(‪)38‬‬

‫تمكن الروائي ببراعته الفنية من توظيف هذه األساطير توظيفا واعيا أضفى على المتن‬ ‫الروائي طابعا جماليا تجاوز من خالله النمط المألوف من خالل مزج الواقعي بعجائبي‬ ‫والتخيلي ‪.‬‬ ‫‪ .5‬الخطاب الصحفي‪:‬‬ ‫يتداخل الخطاب الصحفي مع الرواية بنوع من التضمين يتراوح بين أخبار صحفية وبين‬ ‫عناوين لجرائد مصرية وعراقية أوردها الروائي في شكل مقتطفات‪:‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪110‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫➢ <<نشر في جريدة المؤيد المصرية التي تأتي إلى بغداد متأخرة عن صدورها‬ ‫بأسبوعين أو ثالثة قصيدة ألبت الرأي العام ضدها‪ ،‬موقعة باسم مستعار ولكنه أسرني‬

‫‪.......‬بهذا الموضوع>>(‪ .)39‬أراد الروائي بهذا الخبر المنشور في جريدة المؤيد‬

‫المصرية أن يصور وخامة العالقة القائمة بين المثقف المعاد لسلطة ما‪ ،‬يكتب بما تجود‬

‫به أنامله عن الواقع الراهن المعيش لكن تحت اسم مستعار ألن البوح بهوية ذلك‬

‫الشاعر‪ ،‬ستكون عواقبه وخيمة‪ ،‬كما ّأنها تشخيص لحال المثقف في الوطن العربي‬ ‫الذي يعاني ويالت التهميش والتهجير إن حاول التشهير بقضية من قضايا الوطن‬ ‫العربي الحساسة‪.‬‬ ‫➢ <<قرأت اليوم في جريدة العراق األولى –الزوراء‪-‬تحت عنوان من الماضي‪ ،‬فتح‬ ‫ستان باشا المعروف ختن جغان بكري جدول المدينة السليماني نسبة لسليمان‬ ‫القانوني الذي أمر بإنشائه>>(‪.)40‬‬

‫إلى جانب ذلك يستحضر الروائي شخصية الشاعر اليمني" الزهاوي "على ّأنه خير مثال لِ َم‬ ‫قلناه سابقا عن وضع المثقف في الوطن العربي يقول‪<< :‬الوالي ناظم باشا انتقاما من حزب‬ ‫االتحاد والترقي عزل الزهاوي عن منصبه كأستاذ في مدرسة الحقوق>>(‪ .)41‬وفق الروائي‬ ‫بقدرته اإلبداعية الفذة في التوليف بين الخطاب الصحفي والمتن الروائي ببراعة مكنته من‬ ‫محاورة األجناس فيما بينها‪.‬‬ ‫‪ .6‬األمثال‪:‬‬ ‫ومن بين األجناس األدبية األخرى التي تخللت الرواية نجد األمثال التي وظفها الكاتب‬ ‫بشكل ملحوظ من بينها ذكره لبعض األمثال المصرية‪:‬‬ ‫▪‬

‫أن الناس –كما يقول المثل المصري‪-‬لبعضها‪.‬‬ ‫هي من تخبرنا ّ‬ ‫في قوانين المحو ال تعثر على ابرة القش‪-‬مثل قديم‪-‬‬

‫▪‬

‫هللا يخلق من الشبه أربعين‪.‬‬

‫▪‬

‫إنصيص الرجال‪.‬‬

‫▪‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪111‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫وغيرها من األمثال التي تعبر غالبا عن تجربة جماعية تنتمي إلى ثقافة ما‪ ،‬وكل من األمثال‬ ‫جاءت ضمن سياق نصي تم من خاللها محاورة المتن الروائي ببراعة‪.‬‬ ‫‪ .7‬الرواية والحرب ‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫تعد "من اعترافات ذاكرة البيدق" رواية حرب بامتياز‪ ،‬يقول‪<< :‬انفجار‪ ،‬ال حول وال قوة‬ ‫إال باهلل‪...‬أصوات رشقات البنادق‪....‬تلفاز السيطرة الذي يبث من إيران ينقل خبر قصف‬ ‫الصالحية‪ ،‬العراق غارق في الوحل‪ ،‬األمريكان أنزلوا قواتهم خلف القطعات‪ ،‬رامزفلت نريد‬ ‫شرق أوسط جديدا‪ ،‬قوات بدر تعبر الحدود تحت قيادة فيلق القدس‪ ،‬تعرض الجنود‬ ‫العراقيون إلى أسلحة بايلوجية(أنتراكس)‪.....‬لكن قصف بغداد يأتي من البحر‬ ‫األحمر>>(‪ .)42‬يؤثث الروائي نصه بمعلومات تاريخية زادت متنه الروائي ثراء إلى جانب‬ ‫ذلك هي عبارة عن إشارات واضحة لم عاشته العراق من حروب ودمار‪ ،‬من إبادات جماعية‬ ‫وباألخص ما عاشته أثناء الغزو األمريكي عام ‪ ،2003‬من قصف وجرائم ارتكبت في حق‬ ‫اإلنسان العراقي الذي عانى التشرد والقمع وكل مظاهر االضطهاد‪ ،‬وحجتهم في ذلك أنها‬ ‫تشكل خط ار على العالم وألنها تمتلك السالح النووي يقول‪<< :‬نتائج االستطالع األوربي‬ ‫أن أمريكا والدولة اليهودية وكوريا والعراق وإيران خطر على السلم‬ ‫األخيرة تشير إلى ّ‬

‫العالمي‪ ،‬وزير الدفاع األلماني يقول التفوق التكنولوجي يغري بالعمل العسكري عقد حلف‬ ‫األطلسي مؤتمره في ألمانيا تحت عنوان عالم بال نظام عالمي سيقول الجنراالت في العراق‬

‫كما قالوا في فيتنام>>(‪ ،)43‬مشاهد وصور عديدة يحشدها الروائي في نصه وكأنها محاولة‬ ‫لفضح جرائم ارتكبت في حق اإلنسانية‪ ،‬يقول‪<< :‬بعد أن عاثت األقدار بحديقة المنزل‬ ‫تغيرت الوجوه>>(‪ ،)44‬يشير الروائي بطريقة مضمرة إلى الوطن‪/‬العراق‪ ،‬هي إدانة وفي نفس‬ ‫الوقت محاولة لكشف حقائق مسكوت عنها مست الجانب اإلنساني خاصة‬

‫في قوله‬

‫<<حين استلقيت بين أحضانها كانت بمواجهتي صورة األب المعلقة وسط الجدار فاستدار‬ ‫رأسي نحوها‪ ،‬لم تقولين أبوك مات>>(‪ ،)45‬لحظات حزن أو هي الذاكرة الموجوعة أراد‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪112‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الروائي من القارئ أن يعيشها وكأنه يود القول هي الحرب وما خلفته من نتائج وخيمة على‬ ‫الفرد والمجتمع والعراق ككل‪ ،‬لقد حاز العراق على مساحة الرواية فهو األرضية والخلفية‬ ‫الحاضرة في تلك األحداث‪ ،‬خاصة أن هذه الرواية تدين الحروب في كل زمان ومكان‪ ،‬وما‬ ‫يحدث في العالم من أحداث سياسية‪ ،‬هي إشارات متنوعة( من مقتل الملك غازي إلى تعاقب‬ ‫األنظمة‪ ،‬العنف الطائفي في العراق‪ ،‬والغزو األمريكي للعراق‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫الخاتمة ‪:‬‬ ‫استطاعت رواية من اعترافات ذاكرة البيدق أن تخالف في مضمونها عدة نصوص روائية‬ ‫سبقتها من خالل تجاوزها لنمط التقليدي واختراق المألوف لكن بوعي ناضج مكنها من‬ ‫محاورة األجناس األدبية وفق آليات فنية تداخلت من خاللها وتجانست فيما بينها بشكل‬ ‫مكتمل منح الرواية طابعا جماليا‪ ،‬كما تمكنت من خلق وعي مغاير لما هو سائد ومساءلة‬ ‫الماضي والحاضر من خالل انفتاحها على عدة ثقافات متنوعة كاألساطير والتاريخ والسياسة‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬فهي وإن صح القول إلى حد ما من بين النصوص الروائية المعاصرة التي لم‬ ‫تعد تستجيب للمعايير السابقة فالتداخل الحاصل بين األجناس األدبية ما هو إال ثورة على‬ ‫القواعد الجاهزة فمن خالل المحاورة أخذت الرواية من كل جنس ما يخدم موضوعها وما‬ ‫يزيدها ثراء من ناحية المضمون والشكل‪ ،‬وفي ختام هذه الدراسة ال يسعنا إال القول إن هذه‬ ‫الرواية استطاعت وببراعة فنية انتهاك المعايير التي كانت سائدة‪ ،‬متجاوزة حدود نقاء الجنس‬ ‫وما يدخل في نسيجه النصي من عناصر فنية استقاها من األجناس األدبية المجاورة‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ )1‬عبد المجيد الحسيب‪ :‬الرواية العربية الجديدة وإشكالية الّلغة‪ ،‬عالم الكتب الحديث األردن‪ ،‬ط‪،2014‬‬ ‫ص‪.61‬‬

‫‪ )2‬صبحة أحمد علقم‪ :‬تداخل األجناس األدبية في الرواية العربية الرواية الدرامية أنموذجا المؤسسة العربية‬ ‫للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.44 ،‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪113‬‬


‫أ‪ .‬خولة بوبصلة‬

‫حوارية األجناس األدبية وانتهاك المعايير‪....‬‬

‫‪ )3‬أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري‪ ،‬لسان العرب المجلد الثالث‪ ،‬دار‬ ‫صادر للطباعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬دت‪ ،‬ص ‪.215‬‬

‫‪)4‬‬ ‫‪)5‬‬ ‫‪)6‬‬ ‫‪)7‬‬

‫الشريف علي بن محمد الجرجاني التعريفات‪ ،‬المطبعة الخيرية‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،1306‬ص ‪.35‬‬ ‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫لطيف زيتوني‪ :‬معجم مصطلحات نقد الرواية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.6‬‬ ‫محمد عروس‪ :‬من نقاء الجنس األدبي إلى تداخل األجناس األدبية–مفاهيم نظرية وإشكاليات معرفية‪-‬‬ ‫مجلة اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪-‬باتنة‪-‬العدد‪ 08‬ط‪ ،‬جوان‪ ،2012‬ص‪. 314،‬‬

‫‪ )8‬باديس فوغالي‪ :‬السرد الروائي وتداخل األنواع رواية "جسر للبوح وآخر للحنين" لزهور ونيسي نموذجا‪،‬‬ ‫انظر مؤتمر النقد الثاني عشر"تداخل األنواع األدبية" المجلد األول عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫ط‪ ،2009‬ص ‪. 170‬‬ ‫‪ )9‬مصطفى عطية جمعة‪ :‬ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة‪ ،‬الوراق للنشر عمان‪ ،‬ط‪،2010‬‬ ‫ص‪.25‬‬ ‫‪ )10‬سمير سحيمي‪" :‬في حوارية األنواع األدبية في شعر نزار القباني"‪ ،‬ص ‪.505‬‬ ‫‪ )11‬عبد المجيد الحسيب‪ :‬الرواية العربية الجديدة وإشكالية الّلغة‪ ،‬ص ‪. 273‬‬

‫‪ )12‬محمد عفيفي مطر(‪)1935-2010‬شاعر مصري‪ ،‬من أبرز شعراء جيل الستينيات في مصر‪ ،‬تنوعت‬ ‫مجاالت عطائه من المقاالت النقدية وقصص األطفال‪ ،‬من دواوينه" ‪:‬الجوع والفقر"‪ "،‬رباعية الفرح "وغير‬

‫ذلك ‪.‬‬ ‫‪ )13‬محمد عفيفي مطر‪https://ar.wikipedia.org/wiki/ :‬‬ ‫‪ )14‬عباس خلف علي‪ :‬من اعترافات ذاكرة البيدق‪ ،‬دار فضاءات‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2013‬ص‪. 23‬‬

‫‪ )15‬حسب الشيخ جعفر‪ :‬ولد عام ‪ ،1942‬في العراق‪ ،‬تخرج من معهد غوركي لآلداب بموسكو ‪،1966‬‬

‫مارس العمل الثقافي في إذاعة بغداد وصحافتها‪ ،‬وما يزال يمارس عمله في الصحافة الثقافية‪ ،‬دواوينه‬

‫الشعرية (نخلة هللا‪ ،1969‬الطائر الخشبي‪197‬زيارة السيدة السومرية‪ ،1974‬عبر الحائط في المرآة‬ ‫‪ ،1977‬األعمال الشعرية‪ 1985 ،‬وغيرها من المؤلفات)‪ ،‬أنظر‪www.albabitainprize.org.‬‬ ‫‪ )16‬عباس خلف علي‪ :‬من اعترافات ذاكرة البيدق‪ ،‬ص‪.93‬‬

‫‪ )17‬عباس خلف علي‪ :‬من اعترافات ذاكرة البيدق‪ ،‬ص‪.34 ،‬‬ ‫‪ )18‬الرواية‪ ،‬ص‪.47 ،‬‬ ‫‪ )19‬الرواية‪ ،‬ص‪.49 ،‬‬

‫‪ )20‬الرواية‪ ،‬ص‪.69 ،‬‬ ‫‪ )21‬الرواية‪ ،‬ص‪.68 ،‬‬ ‫‪ )22‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪ )23‬الرواية‪ ،‬ص‪.50 ،‬‬

‫‪ )24‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة الفيل‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪114‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ )25‬الرواية‪ ،‬ص‪.93‬‬ ‫‪ )26‬الرواية‪ ،‬ص‪.80‬‬

‫‪ )27‬الرواية‪ ،‬ص‪.105 ،‬‬ ‫‪ )28‬غزالن هاشمي‪ :‬رواية الحرب العراقية بين المستحضر الواقعي واالنتهاكات ما بعد الحداثية‪-‬من اعترافات‬ ‫ذاكرة البيدق أنموذجا‪-‬مجلة الرقيم‪ ،‬العدد السادس خاص بالسرد الروائي‪ ،‬صيف‪ ، 2014‬العراق‪،‬‬

‫ص‪.13‬‬ ‫‪ )29‬الرواية‪ :‬ص‪.45 ،‬‬ ‫‪ )30‬الرواية‪ :‬ص‪.11 ،‬‬

‫‪ )31‬الرواية‪ :‬ص‪.100-99 ،‬‬ ‫‪ )32‬الرواية‪ :‬ص‪.107 ،‬‬ ‫‪ )33‬الرواية‪ :‬ص‪.55 ،‬‬ ‫‪ )34‬الرواية‪ :‬ص‪.55 ،‬‬ ‫‪ )35‬الرواية‪ :‬ص‪.57 ،‬‬ ‫‪ )36‬الرواية‪ :‬ص‪.61 ،‬‬ ‫‪ )37‬الرواية‪ :‬ص‪.55 ،‬‬

‫‪ )38‬الرواية‪ :‬ص‪.26 ،‬‬ ‫‪ )39‬الرواية‪ :‬ص‪.72 ،‬‬ ‫‪ )40‬الرواية‪ :‬ص‪.73 ،‬‬ ‫‪ )41‬الرواية‪ ،‬ص‪.72 ،‬‬

‫‪ )42‬الرواية‪ :‬ص‪.41-40 ،‬‬ ‫‪ )43‬الرواية‪ :‬ص‪.36-35 ،‬‬ ‫‪ )44‬الرواية‪ :‬ص‪.32 ،‬‬

‫‪ )45‬الرواية‪ :‬ص‪.45 ،‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪115‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء بين الهوية الواقعية‬ ‫والهوية االفتراضية‬ ‫أ‪ /‬ساحي علي‬

‫جامعة عمار ثليجي االغواط ‪ -‬الجزائر‬

‫أ‪ /‬أمال كزيز‬

‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪ -‬الجزائر‬

‫الملخص‪:‬‬ ‫يعتبر الفيسبوك أحد مواقع التواصل االجتماعي األكثر استخداما خاصة لدى فئة األبناء من خالل‬

‫التفاعالت االجتماعية الحاصلة داخل المجتمع االفتراضي و التي تساعد على تشكيل هوية األبناء أو‬ ‫المحافظة على الهوية األصلية لهم أو االغتراب لهذا المجال االفتراضي‪ ،‬الذي ينغمس فيه األبناء و‬

‫الذي يتفاعل من خالله مع مجموعة من األفراد متعددي النماذج الثقافية و في مجاالت اجتماعية‬

‫مختلفة‪ ،‬ومن خاللها إما يأخذ األبناء من هذه النماذج الثقافية قيم و رموز و يتفاعل بها مع هؤالء‬

‫األفراد أو قد يتفاعل معهم من خالل نموذجه األصلي أو يكون هوية جديدة ال تغترب لكال الطرفين و‬ ‫هذا ما يشكل أزمة الهوية لديهم و التي تؤثر في تفاعالتهم و أفعالهم االجتماعية وتجعل من األبناء‬

‫يكتسبون هوية متشتتة بين الهوية الفيسبوكية و الهوية الواقعية لهم‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الفيسبوك ‪ ،‬الهوية‪ ،‬أزمة الهوية ‪ ،‬المجال االجتماعي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬ ‫‪Facebook is a social networking stites the most commonly used when‬‬ ‫‪children though social interactions within the virtual community and that helps‬‬ ‫‪to shape the identitiy of the children, Or maintain their identity Or alienation‬‬ ‫‪of the default- domain wish reacts through it with a group of multi- cultural‬‬ ‫‪models and people in different social areas, through which children acquire‬‬ ‫‪the values and meanings interact with these individuals or may interact with‬‬ ‫‪the original identity, or have a new identity dose not go the parties. this is what‬‬ ‫‪constitutes a crisis of identity for children affecting their actions make children‬‬ ‫‪acquire dispersed between personal facebook.‬‬ ‫‪key words: face book – Identity - Identity crisis - Social sphere‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪116‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مقدمة‬ ‫تعتبر مواقع التواصل االجتماعي في عصرنا الحالي ذات أهمية كبيرة فقد أصبحت شهرتها‬ ‫واسعة‪ ،‬خاصة في اآلونة األخيرة حيث كثر استخدامها من طرف أغلبية األفراد و في مختلف‬ ‫الشرائح العمرية خاصة األبناء داخل األسر من خالل توفر شبكة االنترنت في المنزل التي‬ ‫صارت من بديهيات المتطلبات االجتماعية بغية تحقيق أغراض متعددة كل منها يسعى لتحقيق‬ ‫وبلوغ أهداف محددة‪ ،‬حيث يعتبر الفيسبوك أبرز مواقع التواصل االجتماعي استخداما بين هذه‬ ‫الشرائح االجتماعية‪.‬‬ ‫فقد أدى التطور المتسارع لوسائل اإلعالم واالتصال إلى إحداث ثورة حقيقية وتغيرات‬ ‫جوهرية مست جميع مجاالت الحياة و بدأت أثار هذه التغيرات على مستوى الجماعات واألفراد‬ ‫ليس على المستوى المحلي فقط بل تعدى ذلك إلى المستوى العالمي محدثة ظواهر جديدة‬ ‫وتأثيرات مباشرة على مختلف التنظيمات والبني االجتماعية كالعالقات األسرية و التفاعالت‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كما أن الهوية التي هي في أساسها بحثنا لمعنى الفرد في عالقته بذاته وبالمجتمع‬ ‫لم تعد تتسم بالثبات وهو األمر الذي يتناقض مع األسلوب الذي كان يتم عرض الهوية من‬ ‫خالله قبل انتشار موضوعات العولمة بالشاكلة التي هي عليها اآلن ففي ظل الظروف‬ ‫االجتماعية والثقافية المعاصرة ‪ ،‬صار الفرد مجب ار علي البحث المستمر عن هويات جديدة ‪،‬‬ ‫فلم يعد بمقدوره التمسك بهوية واحدة لفترة طويلة من الزمن وإذا أردنا اإلطالع علي هذه الهويات‬ ‫و المفاهيم ال بد أن ننظر إلي التغيرات الخارجية في العالم التي تعزز مثل تلك التحوالت في‬ ‫اإلطار التنظيري للهوية ‪ ،‬إذ أنها ليست ظواهر معزولة بأي شكل من األشكال بل علي العكس‬ ‫فهي مرتبطة ومتأثرة بالخارج الذي يتجاهل تلك الهوية ويوفر الظروف لتواجدها في الوقت‬ ‫ذاته ‪.‬‬ ‫وقد ساهم في كل ذلك شبكات التواصل االجتماعي التي أصبحت وسيلة االتصال المؤثرة‬ ‫في األحداث اليومية بحيث أتاحت الفرصة للجميع‪ :‬شباب ‪،‬سياسيين‪ ،‬وباحثين لنقل أفكارهم‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪117‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫و مناقشة قضاياهم السياسية واالجتماعية وما يرغبون في نقله متجاوزين في ذلك الحدود‬ ‫الطبيعية إلى فضاءات جديدة ال رقيب لها و هذا ما أدى بنا إلى التركيز على مظاهر الفيسبوك‬ ‫كأحد شبكات التواصل االجتماعي التي تؤثر خاصة على هوية األفراد ‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى تعدد فضاءات مواقع التواصل االجتماعية خصوصا الفيسبوك الذي يعد من‬ ‫أبرز وأهم مجاالت التواصل و التفاعل االفتراضي الذي يتفاعل فيه األبناء من خالل مجموعة‬ ‫من الرموز و المعاني التي يحملها األبناء والتي يتفاعلون من خاللها بنموذجهم الثقافي األصلي‬ ‫أو بالنموذج الثقافي للجماعة المتفاعل معها أو تعمل على تشكيل قيم و رموز و معاني تشكل‬ ‫هوية جديدة أو تؤدي إلى الهوية المتشتتة‪ .‬األمر الذي يستدعي البحث في تأثير وانعكاس‬ ‫الفيسبوك باعتباره وسيلة للتواصل االجتماعي في تشكيل وتحديد هوية األبناء بين الهوية‬ ‫الواقعية و االفتراضية‪.‬‬ ‫ومن هنا نطرح اإلشكالية الرئيسية التالية ‪:‬‬ ‫ كيف تتشكل أزمة الهوية لدى األبناء في ظل تفاعالتهم مع نماذج ثقافية متعددة عبر‬‫الفيسبوك ؟‬ ‫وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها ‪:‬‬ ‫تعدد النماذج الثقافية التي يتفاعل معها األبناء في الفيسبوك تجعل منه فردا مغتربا إلى المجال‬ ‫االفتراضي يتفاعل من خالله بنماذج ثقافية متعددة بعيدا عن نموذجه األصلي ما يؤدي إلى‬ ‫تشكل أزمة الهوية‪.‬‬ ‫وبناء على ذلك تم تناول الموضوع وفق محورين أساسين هما ‪:‬‬ ‫ المحور األول‪ :‬اإلطار النظري للفيسبوك و الهوية‪ .‬المحور الثاني ‪ :‬تأثير الفيسبوك في‬‫تشكيل هوية األبناء دراسة ميدانية والية (الجلفة)‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪118‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المحور األول‪ :‬اإلطار النظري للهوية و الفيسبوك‬ ‫نحاول من خالل هذا المحور تحديد وضبط المفاهيم الرئيسية للدراسة وذلك على النحو األتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم الهوية‪:‬‬ ‫الهوية عند "ماكس فيبر" تأتي على مستويين المستوى األول الصورة الكونية‪ ،‬أي جملة‬ ‫المعتقدات و المسلمات االفتراضية عن العالم و التي على ضوئها يمكن إلى إجابة شافية حول‬ ‫مغزى الوحدة و حقيقة الكون و المستوى الثاني السياق التصوري و هو الذي تضع فيه الذات‬ ‫الجمعية نفسها ضمن تقسيمات العالم انطالقا من النواحي الثقافية و االجتماعية و األخالقية‬ ‫و انطالقا من هذا األخير ينظر لآلخر المحدد األساسي للهوية(‪.)1‬‬ ‫ويعرفها أ‪.‬د "عيسى محمد المهدي" بأنها المحصلة لمختلف المعاني و الرموز التي يرسمها‬ ‫الفرد عن ذاته انطالقا من خبراته البيوغرافية و اللحظية و التي ينطلق منها في إقامة عالقات‬ ‫تفاعلية مع اآلخر على أنه ذات مختلفة عنه للقيام بأفعاله وبناء إستراتيجيته الخاصة هذا ألننا‬ ‫انتقلنا في دراستنا للهوية من وحدة التحليل الكلية إلى الفرد المتعدد‪ ،‬ألن الفرد المتعدد أصبح‬ ‫منتوج مجاالت تفاعل متعددة و متنوعة و بالتالي االنسجام في هذه الوحدة ال يأتي من خارج‬ ‫الفرد و خارج هويته بل يأتي من قدرة الفرد على اختيار المعاني و التفاعالت(‪.)2‬‬ ‫التعريف االجرائي‬ ‫‪ -2‬مالمح أزمة الهوية‬ ‫تعرف أزمة الهوية في علم النفس عند "إريك إركسون " هي " فشل في تحقيق هوية األنا في‬ ‫سن المراهقة "‬

‫(‪)3‬‬

‫ويشير الباحث " كيفن هوسن" إلى أن مفهوم األزمة بحاجة إلى دراسة و فهم‬

‫المدخل و العوامل التي أدت إلى حدوثه و ال يدرس عن سياقه االجتماعي و أطره اإليديولوجية‪.‬‬ ‫أما الباحث "جون توملسن" فيرى أن الهوية الثقافية كانت نوعا ما من الكنز االجتماعي الذي‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪119‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫تمتلكه الجماعات المحلية‪ ،‬ولكنه شيء هش يحتاج إلى الحماية و الحفاظ عليه بعد أن اكتسحت‬ ‫العولمة العالم مثل الفيضان و تظهر ثقافة الشباب في سلوكياتهم و اتجاهاتهم و قيمهم و لغتهم‬ ‫و أنماط مالبسهم و مظاهرهم‪.‬‬ ‫و يرجع البعض التغيرات التي تطال ثقافة الشباب إلى حملة آليات تشكل في مجموعها‬ ‫عوامل انتشار العوامل مثل التقنية العالية و دقة الفضائيات و األنترنت ‪ ...‬و إنما في اإلنغماس‬ ‫في هذه الثقافة و االنبهار بها إلى درجة تفضيلها على ثقافة مجتمعه و هكذا تستحيل هذه‬ ‫الفئات من المنبهرين إلى آليات الختراق ثقافي يستهدف النسيج الثقافي و يهدده الذوبان في‬ ‫ثقافة اآلخر المعايير مما يخلق حالة من التناقض البنيوي داخل النسيج االجتماعي في المجتمع‬ ‫الواحد بفعل ضعف االنسجام بين ثقافة الشباب و ثقافة المجتمع(‪.)4‬‬ ‫‪ -3‬مفهوم الفيسبوك ‪:‬‬ ‫يعد الفيسبوك أحد مواقع التواصل االجتماعي أطلق في الرابع من فبراير سنة ‪ 2004‬و‬ ‫الموقع يتبع نفس شركة فيسبوك الخاصة و يسمح هذا الموقع للمستخدمين باالنضمام إلى عدة‬ ‫شبكات فرعية من نفس الموقع تصب في فئة(‪ .)5‬و يعتبر الفيسبوك من أبرز مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي انتشا ار من حيث االستعمال لدى أغلب الشرائح العمرية خاصة األبناء حيث‬ ‫أصبحت الجماهير تتفاعل فيما بينها من خالل استخدام مجموعة من الرموز و المعاني‬ ‫الضمنية و الظاهرة من خالل النصوص و الصور و الفيديو أو التفاعل من خالل االتصاالت‬ ‫الفردية أو الجماعية(‪.)6‬‬ ‫إن تأثيرات الفيسبوك على األبناء في المدارس و خارجها و بشكلها السلبي أو االيجابي‬ ‫ِتثر عليهم في جميع تفاعالتهم االجتماعية و في تكوين عالقاتهم االجتماعية المختلفة و التي‬ ‫يتزود الفرد من خاللها بمجموعة من القيم و األفكار التي يحملها األفراد داخل هذا المجال‬ ‫االفتراضي(‪ .)7‬و من هنا يعتبر الفيسبوك‪:‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪120‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫❖ أداة لتسهيل التواصل و الترابط االجتماعي‪.‬‬ ‫❖ تبادل المعارف و األفكار و التعرف على الثقافات المختلفة‪.‬‬ ‫❖ تكوين الروابط االجتماعية المختلفة في مجاالت اجتماعية متعددة ‪.‬‬ ‫❖ مجتمع افتراضي ينغمس فيه الفرد‪.‬‬ ‫❖ التفاعل مع أفراد افتراضيين ‪.‬‬ ‫❖ اإلدمان و عدم استغالل الوقت بشكل سليم (‪.)8‬‬ ‫إن أكثر من ‪ 800‬مليون مشترك يتعاملون عبر الفيسبوك حيث‪:‬‬ ‫ متوسط المشتركين يستخدمون ثمانون صفحة اجتماعية‪.‬‬‫ متوسط المستخدمون ينشئون تسعون صفحة محتوى كل شهر ‪.‬‬‫ أكثر من عشرين مليون صفحة من المحتويات مثل األخبار و القصص و الصور و‬‫اإلعالنات و غيرها ‪...‬‬ ‫و يحتل اضطراب إدمان الفيسبوك المرتبة الرابعة بعد إدمان ألعاب الكمبيوتر و إدمان‬ ‫البحث و المواقع اإلباحية و يتقبل معظم الطالب البالغين الفيسبوك كنوع من اإلدمان و هذا‬ ‫ما أثبتته دراسة مسحية أجريت بالواليات المتحدة األمريكية سنة ‪.)9(2010‬‬ ‫كما رأى كثير من علماء النفس أن لمواقع التواصل االجتماعي تأثيرات أخرى على‬ ‫المجتمعات العربية ال توصف باإليجابية كلها‪ ,‬ويمكن تصنيفها بالتأثيرات السلبية لمواقع‬ ‫التواصل االجتماعي على الشباب العربي‪ ,‬تلك المواقع على الرغم من أنها تعزز االتصال‬ ‫المجتمعي ‪ ،‬إال أنها على الجانب اآلخر يرى علماء النفس أن استخدامها يؤدي إلى نوع من‬ ‫أنواع اإلدمان الذي يقود إلى العزلة تكسب مستخدميها نوع من االنطوائية وتعطيهم فرصة‬ ‫للهروب من مجتمعهم حيث أن المستخدمين يتعاملوا مع عالم افتراضي ومع أشخاص غير‬ ‫حقيقيين إن صح التعبير‪ ,‬أو على األقل ال يدخلوا في نطاق دائرة المعارف واألقارب وال يستطيع‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪121‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫أن يراهم في نطاق مجتمعه فهم غرباء ال يستطيع أن يتعامل معهم بشكل مباشر ‪ ،‬وهو ما‬ ‫يسميه البعض العيش في عالم األحالم والرومانسية الزائدة حيث تدني األوضاع في أرض‬ ‫الوقع فيلجأ الشباب إلى خلق عالم خاص بهم يرتقي لتطلعاتهم وآمالهم‪.‬‬ ‫ويؤثر التعامل مع مواقع التواصل االجتماعي أيضا على رؤية المستخدم لنفسه وليس فقط‬ ‫لمجتمعه ‪ ،‬حيث تضع تلك المواقع مستخدميها تحت المجهر ‪ ،‬و تجعلهم في محاولة دائمة‬ ‫للظهور بصورة مثالية وتقديم أنفسهم للعالم االفتراضي بصورة مغايرة للواقع‪ ,‬عن طريق نشر‬ ‫صورهم و أخبارهم وما يحدث في حياتهم من أحداث هامة وينتظرون الحكم عليها من قبل‬ ‫أصدقائهم على مواقع التواصل االجتماعي وهو ما يؤدى إلى تزايد القلق والترقب الدائم للحكم‬ ‫الذي يحكمه األصدقاء على ما هو منشور على الصفحة الشخصية للمستخدم وهو ما يشعره‬ ‫باألمان واألهمية الوهمية(‪.)10‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‬ ‫دراسة ميدانية على عينة من األبناء مستخدمي الفيسبوك‬ ‫يركز هذا الجانب و يهتم بصورة كبيرة على المعالجة الميدانية لموضوع الدراسة أو موضــوع‬ ‫البحث و هذا من خالل تحليل و تفسير البيانات المتعلقة بموضوعنا "تأثير الفيسبوك على‬ ‫هوية األبناء " من أجل التوصل إلى نتائج أقرب إلى الواقع المعاش و هذا من خالل استخدام‬ ‫األساليب الميدانية المناسبة لطبيعة الموضوع‪.‬‬ ‫وتمت هذه الدراسة على عينة من األبناء الذين يستخدمون الفيسبوك و قدرت عينة الدراسة‬ ‫بـ ‪ 79‬مفردة حيث تم استخدام استمارة جمع المعلومات مع مفردات العينة بوالية (بسكرة) و‬ ‫قسمت استمارة الدراسة إلى ثالث محاور أساسية تندرج ضمنها مجموعة من األسئلة التي‬ ‫تحمل مؤشرات تأثير الفيسبوك على هوية األبناء ‪.‬‬ ‫منهج الدراسة‪ :‬تم استخدام المنهج الوصفي الذي يتيح للباحث وصف ما هو كائن وتغييره مع‬ ‫االهتمام بتحديد العالقات التي يكشف عنها البحث‪ ،‬و يعتبر المنهج الوصفي من ابرز المناهج‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪122‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المستخدمة في البحوث العلمية و يعرف على انه احد أشكال التحليل و التفسير العلمي المنظم‬ ‫لوصف ظاهرة أو مشكلة معينة وتصويرها كميا عن طريق جمع البيانات‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫أوال‪ :‬تحليل و تفسير بيانات بعض عبارات استمارة البحث الدراسة‬ ‫جدول رقم (‪ )01‬جنس مستخدمي الفيسبوك من عينة الدراسة‬ ‫الجنس‬

‫التكرار‬

‫النسبة المئوية‬

‫ذكور‬ ‫اناث‬ ‫المجموع‬

‫‪44‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪55.69‬‬ ‫‪44.30‬‬ ‫‪100‬‬

‫الجدول التالي حول جنس المبحوثين حيث قدرت نسبة مفردات العينة من جنس الذكور بنسبة‬ ‫‪ %55.69‬و هي أكبر نسبة بينما نسبة ‪ % 44.30‬من جنس اإلناث و منه يتضح أن جنس‬ ‫الذكور يستخدم الفيسبوك كوسيلة تواصل اجتماعي بشكل كبير و منه تتعدد تفاعالته عبره‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )02‬يوضح المستوى التعليمي لعينة الدراسة‬ ‫المستوى التعليمي‬

‫التكرار‬

‫النسبة المئوية‬

‫المتوسط‬ ‫الثانوي‬ ‫الجامعي‬ ‫المجموع‬

‫‪19‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪24.05‬‬ ‫‪44.30‬‬ ‫‪31.64‬‬ ‫‪100‬‬

‫من خالل بيانات الجدول التالي حول المستوى التعليمي للمبحوثين نالحظ أعلى نسبة‬ ‫و التي قدرت بـ ‪ %44.30‬حول المستوى التعليمي الثانوي فيما قدرت نسبة المبحوثين الذين‬ ‫لهم مستوى التعليم المتوسط بـ ‪ % 24.05‬و هي أدنى نسبة بتكرار ‪ 19‬من مجموع العينة‬ ‫الكلي المقدر بـ ‪ 79‬مفردة‪ ،‬بينما نسبة ‪ % 31.64‬للمبحوثين الذين لهم مستوى تعليم جامعي‬ ‫و بتكرار ‪ 25‬من مجموع العينة الكلي المقدر بـ ‪ 79‬مفردة ‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪123‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫جدول رقم (‪ )3‬حول وضع البيانات الشخصية الحقيقية في صفحة الفيسبوك‬ ‫البدائل‬

‫التكرار‬

‫النسبة المئوية‬

‫نعم‬ ‫ال‬ ‫المجموع‬

‫‪20‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪25.31‬‬ ‫‪74.68‬‬ ‫‪100‬‬

‫الجدول التالي حول البيانات الشخصية التي تعبر عن هوية عينة الدراسة حيث أفاد‬ ‫المبحوثين و بنسبة ‪ %74.68‬و هي أعلى نسبة باإلجابة بالبديل "ال" حول عدم استخدام‬ ‫المبحوثين لبياناتهم الخصية كاالسم و سنة الميالد و الجنس و الصورة الشخصية في صفحات‬ ‫الفيسبوك الخاصة بهم‪ ،‬بينما أجاب و بنسبة ‪ 25.31 %‬من المبحوثين حول استخدام بياناتهم‬ ‫الشخصية عبر صفحاتهم في الفيسبوك و هي أقل نسبة سجلتها إجابات المبحوثين‪.‬‬ ‫ومنه نالحظ أن استخدام المبحوثين لبيانات شخصية مزيفة يشكل عالقات اجتماعية غير‬ ‫مبنية على أسس واقعية و منه يكون الفرد نموذج ثقافي خاص بالمجال االفتراضي الخاص به‬ ‫و يتفاعل من خالله عكس مفردات العينة الذين يتفاعلون بنماذجهم األصلية و الحقيقية و‬ ‫الذي يشكل من خاللها عالقات اجتماعية حقيقية‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )04‬إنشاء رموز و معاني و اختصارات بين مستخدمي الفيسبوك‬ ‫البدائل‬

‫التكرار‬

‫النسبة المئوية‬

‫نعم‬ ‫ال‬ ‫المجموع‬

‫‪40‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪50.63‬‬ ‫‪49.36‬‬ ‫‪100‬‬

‫أفاد أفراد عينة الدراسة و بنسبة ‪ %50.63‬حول استخدام المبحوثين و إنشاء رموز و‬ ‫إشارات و معاني خاصة بمستخدمي الفيسبوك عبارة عن اختصارات و هذا بتكرار ‪ 40‬مفردة‬ ‫من مجموع العينة الكلي المقدر بـ ‪ ،79‬بينما أجاب و بنسبة ‪ %49.36‬حول عدم إنشاء‬ ‫اختصارات و لغة خاصة بمستخدمي الفيسبوك الذين يتفاعلون معهم و منه يتضح أن أغلب‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪124‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫مفردات عينة الدراسة تتشكل لديهم ثقافات جديدة تساعد على تشكيل نماذج ثقافية لهوية ظرفية‬ ‫قد تؤثر سلبا في نموذجهم الثقافي األصلي ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )05‬استعماالت الفيسبوك في التواصل العلمي‬ ‫النسبة المئوية‬

‫البدائل‬

‫التكرار‬

‫نعم‬

‫‪20‬‬

‫‪25.31‬‬

‫ال‬

‫‪59‬‬

‫‪74.68‬‬

‫المجموع‬

‫‪79‬‬

‫‪100‬‬

‫الجدول أعاله يبين لنا العبارة حو استعماالت الفيسبوك في التواصل العلمي و الموجهة‬ ‫لمفردات عينة الدراسة حيث أجابت مفردات العينة بنعم بتكرار ‪ 20‬و نسبة ‪ 25.31%‬و هي‬ ‫أقل نسبة سجلت حول استخدام الفيسبوك في التواصل العلمي مع األصدقاء أو المدرسين‪،‬‬ ‫بينما سجلت نسبة ‪ 74.68%‬و التي تمثل أعلى نسبة و بتكرار قدر بـ ‪ 59‬حول عدم استخدام‬ ‫الفيسبوك في الجانب العلمي‪ ،‬ما يدل على أن معظم مفردات عينة الدراسة تستخدم الفيسبوك‬ ‫في مجاالت أخرى ‪ .‬و منه تدل إجابات المبحوثين أن الفيسبوك ال يعبر على استخداماته في‬ ‫المجال العلمي فقط بل في مجاالت أخرى متعددة كالتسلية أو التعارف ‪...‬‬ ‫جدول رقم (‪ )06‬اكتساب بعض الصفات االيجابية من خالل التفاعل‬ ‫مع أصدقاء الفيسبوك االفتراضيين‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫البدائل‬ ‫‪37.97‬‬ ‫‪30‬‬ ‫نعم‬ ‫‪62.02‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ال‬ ‫‪100‬‬ ‫‪79‬‬ ‫المجموع‬ ‫نالحظ من خالل الجدول (‪ )06‬تسجيل أعلى نسبة المقدرة بـ ‪ %62.02‬بنعم حول‬ ‫إكساب الفيسبوك بعض الصفات االيجابية بينما سجلت نسبة ‪ 37.97%‬و بتكرار ‪ 30‬و هي‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪125‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫أقل نسبة ما يدل على أن الفيسبوك وسيلة تواصل اجتماعي قد تكسب بعض الصفات االيجابية‬ ‫التي تساعد على بناء شخصية الفرد في حين قد تكون مجرد وسيلة للتواصل االجتماعي ‪.‬‬ ‫إذ يمكن القول أن الفيسبوك كوسيلة تواصل اجتماعي ال تساهم بشكل فعال في إكساب‬ ‫الفا علين لصفات ايجابية كثيرة و هذا من خالل إجابات مفردات عينة الدراسة حول العبارة‬ ‫أعاله‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )07‬الدور االيجابي للفيسبوك في تكوين شخصية الفرد‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫البدائل‬ ‫‪31.64‬‬ ‫‪25‬‬ ‫نعم‬ ‫‪68.35‬‬ ‫‪54‬‬ ‫ال‬ ‫‪100‬‬ ‫‪79‬‬ ‫المجموع‬ ‫يبن الجدول التالي إجابات المبحوثين حول العبارة الخاصة بدور الفيسبوك في تكوين‬ ‫شخصية الفرد حيث نالحظ أن أعلى نسبة سجلت قدرت بـ ‪ 68.35%‬حول البديل "ال" و التي‬ ‫تدل على عدم وجود دور فعال للفيسبوك في تكوين شخصية الفرد حسب اجابات المبحوثين‬ ‫و بتكرار ‪ 54‬مفردة‪.‬‬ ‫في حين سجلت نسبة ‪ 31.64 %‬حول وجود دور ايجابي للفيسبوك في تكوين‬ ‫شخصية الفرد‪ ،‬و من خالل ما تم التوصل إليه من اإلجابات يتضح أن الفيسبوك في استعماله‬ ‫بصورة ايجابية يسهم في تكوين شخصية الفرد إال أن أغلب إجابات المبحوثين تدل على عدم‬ ‫وجود دور ايجابي للفيسبوك في تكوين شخصية الفرد‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )08‬استخدام الصورة الشخصية في صفحة الفيسبوك‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫البدائل‬ ‫‪43.03‬‬ ‫‪34‬‬ ‫نعم‬ ‫‪56.96‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ال‬ ‫‪100‬‬ ‫‪79‬‬ ‫المجموع‬ ‫يوضح الجدول أعاله أحد عبارات استمارة البحث التي مفادها " استخدام الصورة‬ ‫الشخصية في صفحة الفيسبوك" حيث أجابت أغلب مفردات العينة بتكرار ‪ 45‬و نسبة مئوية‬ ‫قدرت بـ ‪ 65.96%‬حول عد وضع صور شخصية على صفحة الفيسبوك في حين سجلت‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪126‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫أقل نسبة ‪ 43.03%‬حول استخدام صور شخصية في صفحة الفيسبوك‪ .‬نستنتج أن أغلب‬ ‫المبحوثين ال يضعون صورهم الشخصية و التي قد تنبع من ثقافتهم في حين باقي مفردات‬ ‫العينة تضع صورها الشخصية ما يدل على إستخدام هوية الحقيقية األصلية لهم‪ ،‬و منه تتسم‬ ‫تفاعالتهم بنوع من المصداقية ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )09‬استخدام الفيسبوك في أوقات الفراغ‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫البدائل‬ ‫‪39.24‬‬ ‫‪31‬‬ ‫نعم‬ ‫‪60.75‬‬ ‫‪48‬‬ ‫ال‬ ‫‪100‬‬ ‫‪79‬‬ ‫المجموع‬ ‫أفاد أفراد عينة الدراسة و بنسبة مئوية قدرت بـ ‪ 60.75%‬و هي أعلى نسبة حول عدم‬ ‫استخدام الفيسبوك في وقت الفراغ‪ ،‬بينما أفاد و بنسبة ‪ 39.24%‬حول استخدام الفيسبوك في‬ ‫أوقات الفراغ و جاء هذا بتكرار ‪ 31‬مفردة من عينة الدراسة و هي أقل نسبة‪.‬‬ ‫تدل إجابات المبحوثين على عدم تنظيم أوقات استخدامهم للفيسبوك كوسيلة للتواصل‬ ‫االجتماعي و التي قد تنعكس سلبا على الفرد و تعليمه كما قد تسبب العديد من المشكالت‬ ‫التعليمية و التربوية‪ ،‬في حين نالحظ أن هناك من مفردات العينة الذين يعملون على تحديد‬ ‫وقت الستخدام الفيسبوك بشكل منتظم‪ ،‬ما يدل على عدم تأثير الفيسبوك عليهم و ال على‬ ‫هويتهم األصلية‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )10‬الفيسبوك أداة للتسلية و الترفيه‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫التكرار‬ ‫البدائل‬ ‫‪62.02‬‬ ‫‪49‬‬ ‫نعم‬ ‫‪37.97‬‬ ‫‪30‬‬ ‫ال‬ ‫‪100‬‬ ‫‪79‬‬ ‫المجموع‬ ‫يبن الجدول أعاله إجابات مفردات عينة الدراسة حول اعتبار الفيسبوك كأداة للتسلية و‬ ‫الترفيه حيث سجلت أعلى نسبة بـ ‪ 62.02%‬حول استعمال الفيسبوك من أجل الترفيه و‬ ‫التسلية في حين أجاب و بنسبة ‪ 37.97%‬من المبحوثين في رفضهم أن الفيسبوك أداة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪127‬‬


‫أ‪.‬امال كريز‬

‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫للتسلية بل تتعدى إلى االستعماالت االيجابية في الحياة اليومية و في مجال العالقات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫حيث أن الفرد البد و أن يتحلى بوعي كافي في استعمال الفيسبوك حتى تقلل انعكاساته‬ ‫السلبية على الفرد و حتى على الجماعة فالوعي قد يمكن الفرد من االستفادة من العديد من‬ ‫شبكات التواصل االجتماعي في جانبها االيجابي ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )11‬وجود أصدقاء على حساب فيسبوك أكثر من سنة‬ ‫النسبة المئوية‬

‫البدائل‬

‫التكرار‬

‫نعم‬

‫‪31‬‬

‫‪39.24‬‬

‫ال‬

‫‪48‬‬

‫‪60.75‬‬

‫المجموع‬

‫‪79‬‬

‫‪100‬‬

‫نجد أن ‪ %60.75‬من األبناء ليس لديهم أصدقاء على الفيس بوك أكثر من سنة و‬ ‫‪ %39.24‬منهم من يملكون حساب فيسبوك أكثر من سنة و و أصدقاء أيضا هذا يدل على‬ ‫استخدام الحساب الشخصي لفترة زمنية كبيرة تتعدى السنة و المحافظة على العالقات‬ ‫االجتماعية التي تم تكوينها بصورة كبيرة‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪ )12‬حول وجود أفراد من العائلة في قائمة األصدقاء على صفحة الفيسبوك‬ ‫البدائل‬ ‫نعم‬ ‫ال‬ ‫المجموع‬

‫التكرار‬ ‫‪48‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪79‬‬

‫النسبة المئوية‬ ‫‪60.75‬‬ ‫‪39.24‬‬ ‫‪100‬‬

‫يوضح الجدول التالي إجابات المبحوثين حول العبارة الموضحة أعاله حيث سجلت‬ ‫أعلى نسبة بـ ‪ 60.75%‬حول تضمن قائمة األصدقاء ألفراد من األسرة في حين أجاب‬ ‫و بنسبة ‪ 39.24%‬من مفردات العينة حول عدم تضمن قائمة األصدقاء ألفراد من األسرة‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪128‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫يتضح من خالل إجابات مفردات عينة الدراسة أن أغلب المبحوثين يتفاعلون مع أفراد‬ ‫من وسطهم االجتماعي ما يدل على الميل نحو التعامل بالهوية األصلية لهم كما أن بعض‬ ‫تفاعالتهم تنطلق من الواقع‪.‬‬ ‫الشكل رقم ‪ :01‬يمثل دائرة نسبية تمثل استخدام األبناء للفيسبوك‬

‫‪17%‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪33%‬‬

‫(من إعداد الباحثين)‬ ‫تمثل هذه الدائرة النسبية أن ‪ % 50‬من األبناء لديهم أكثر من حساب فيسبوك يتفاعلون‬ ‫فيه بنماذج ثقافية متعددة و بهوية غير أصلية تتشتت كل منها حسب مجال التفاعل الذي‬ ‫يتفاعل فيه األبناء‪ ،‬إضافة إلى استخدام الفيسبوك بمعدل أكثر من خمس ساعات يوميا بغض‬ ‫النظر على المجال المكاني الذي قد يتواجد فيه األبناء‪ .‬أما ‪ % 17‬تمركزت حول استخدام‬ ‫الفيسبوك في مجال الدراسة و التواصل مع الزمالء و من أجل التعرف على ثقافة اآلخرين و‬ ‫اكتساب المعارف و المعلومات و يستخدمون بياناتهم الشخصية الحقيقية مثل الجنس و السن‬ ‫و االسم إال أن الصور الشخصية فقط ال تعبر عن صورهم الحقيقية و هذا حسب إجاباتهم‬ ‫عند (البنات) يرجع إلى الثقافة االجتماعية داخل المجتمع عكس األبناء من جنس الذكور فقد‬ ‫أبدو في إجاباتهم بوضع بياناتهم الشخصية كلها و بشكل حقيقي‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪129‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫في حين مثلت نسبة ‪ %33‬من إجابات األبناء حول استخدام الفيسبوك كمجتمع افتراضي‬ ‫يتفاعلون فيه بنموذجهم غير األصلي أي أغلب األحيان يكون التفاعل بنموذج الجماعة‬ ‫المتفاعل معها‪ ،‬و عند التفاعل في المجتمع الواقعي يتخلون عن النموذج االفتراضي و يتفاعلون‬ ‫بنموذجهم األصلي حيث يغتربون للنموذج األصلي أكثر من المجتمع االفتراضي‪ ،‬كما يتم‬ ‫استخدام ساعات محددة في الفيسبوك ‪ .‬كما اتفق األبناء أن دور األسرة في مراقبة األبناء في‬ ‫استخدام الفيسبوك مغيبة بشكل كبير ‪.‬‬ ‫نتائج الدراسة‪:‬‬ ‫من خالل الدراسة الميدانية حول موضوع أزمة تشكل هوية األبناء بين الشخصية الفيسبوكية‬ ‫و الشخصية الواقعية يتضح أن للفيسبوك تأثير كبير على األبناء من خالل تفاعالتهم داخل‬ ‫هذا المجتمع االفتراضي حيث يستخدم أغلب المراهقين الفيسبوك في غايات غير نفعية كإثبات‬ ‫الذات أو تكوين عالقات افتراضية أغلبها عالقات مؤقتة مبنية بنماذج اجتماعية و ثقافية‬ ‫متعددة تجعل التفاعالت االجتماعية األغلب منها تفاعالت افتراضية بعيدة عن النموذج الثقافي‬ ‫األصلي لألبناء‪ ،‬خاصة في غياب الرقابة على مواقع التواصل االجتماعي من طرف الوالدين‬ ‫أو األسرة ككل الذي قد يكون قصو ار لعدم ثقافة األولياء بمخاطر و سلبيات الفيسبوك‪ ،‬حيث‬ ‫تم استنتاج أن أغلب األبناء لهم هوية متشتتة تخلق لهم أزمة تشكيل الهوية ما يؤدي بالفرد‬ ‫إلى التشتت في تفاعالته من خالل النماذج المتعددة التي يتفاعل بها‪،‬إال انه ال يمكن إنكار‬ ‫أن لمواقع التواصل االجتماعي بصفة عامة و الفيسبوك بصفة خاصة سالح ذو حدين لذا ال‬ ‫بد من استيفاء ما يفيدنا منها و التخلي عن الجانب السلبي لها و هذا ال يتأتى إال من خالل‬ ‫ترشي د استخدامات مواقع التواصل االجتماعي و تفعيل دور األسرة و المؤسسات االجتماعية‬ ‫ذات الصلة‪ .‬وعموما تم التوصل من خالل معالجة موضوع الدراسة إلى جملة من النتائج‬ ‫األساسية أهمها‪:‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪130‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫✓ إن االستخدام األوسع للفيسبوك تمركز حول األبناء في المستوى الثانوي و المتوسط خاصة‬ ‫من جنس اإلناث حيث بات استخدام الفيسبوك ال يشمل وجود األبناء داخل المنزل فقد بل‬ ‫أصبح استخدام الفيسبوك في العديد من المجاالت خارج األسرة من خالل الهاتف النقال و‬ ‫حتى داخل الصفوف الدراسية ما يجعل من األبناء مدمنين على استخدام الفيسبوك‪.‬‬ ‫✓ كما توصلت نتائج الدراسة إلى أن أكثر من ‪ 50%‬لديهم أكثر من حساب فيسبوك و‬ ‫بأسماء مزيفة و بجنس مختلف ( حيث قد تستخدم البنت اسم ولد و العكس) إضافة إلى وضع‬ ‫(سن زائف) كما أن تفاعالت األبناء عبر الفيسبوك ما يدل على أن تفاعالتهم مع األفراد‬ ‫اآلخرين ال يحمل النموذج األصلي لهم و هذا ما تطرق إليه العالم اريك اركسون في علم‬ ‫النفس االجتماعي إلى أن تشكل أزمة الهوية يبدأ الفرد في البحث عن مصادر جديدة للمعنى‬ ‫و االنجاز و القيمة ‪.‬‬ ‫✓ كما توصلت نتائج الدراسة إلى أن بعض مستخدمي الفيسبوك يريدون التقليل من بعض‬ ‫النقائص التي تتمركز في شخصيتهم حيث يعبرون عنها من خالل المنشورات أو الصور أو‬ ‫المقوالت حيث يعتبر أغلب األبناء أن الفيسبوك مجال للحرية عن التعبير عكس ما هو سائد‬ ‫داخل المجتمع الواقعي‪.‬‬ ‫✓ أن الهوية الفيسبوكية هوية ظرفية يتفاعل فيها األبناء بنموذج ثقافي لألفراد الذين يتفاعلون‬ ‫معهم من بلدان مختلفة مثل استخدام لهجات الغير و االنتماء الى دول غير دولهم حيث يحقق‬ ‫هذا المجال االفتراضي المتنزه الكبير لدى األبناء في نجد بعض األبناء أخذ من الشخصية‬ ‫الفيسبوكية بعض النماذج من قيم ومعايير و معاني و رموز ال تمت بصلة لنموذجهم الثقافي‬ ‫األصلي و يتفاعل بها في واقعه حيث تتشكل هوية مشتتة لدى األبناء بين الهوية الفيسبوكية‬ ‫و ما تحمله من نموذج ثقافي و الهوية الواقعية التي تحمل النموذج األصلي له ما يجعل منه‬ ‫فردا ذا هوية متشتتة يتفاعل بشخصية معينة حسب المجال االجتماعي الذي سيتفاعل معه ما‬ ‫يشكل أزمة الهوية ‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪131‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫✓ يعد استخدام الفيسبوك لدى األبناء و خاصة المراهقين منهم استخداما مبالغا فيه يصل إلى‬ ‫درجة اإلدمان من خالل الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر أو استخدام الهاتف النقال حيث يعتبر‬ ‫هذا المجال االفتراضي المسيطر على تفاعالت أغلب األبناء حيث يتفاعلون مع العديد من‬ ‫األفراد و بثقافات متعددة تأثر على تشكيل هوية األبناء بين هوية فاعلة في هذا المجال أو‬ ‫هوية منقادة إلى جماعة ما‪ ،‬خاصة في غياب رقابة األسرة يجد اغلب األبناء في الفيسبوك‬ ‫المتنزه الوحيد لفرض تواجدهم أو تكوين عالقات اجتماعية تتعدد بتعدد غايات األبناء من‬ ‫استخدام هذا الموقع االجتماعي‪ ،‬حيث يأخذ األبناء العديد من القيم و المعايير من هذا المجتمع‬ ‫االفتراضي و يتفاعل بها في حياته اليومية في ظل المعايير و القيم السائدة داخل المجتمع ما‬ ‫قد يشكل العديد من التناقضات على مستوى الفعل و التفاعل مع األفراد ما قد يشكل أزمة‬ ‫هوية بين ما تحمله الشخصية الفيسبوكية و الشخصية الواقعية ‪.‬‬ ‫في حين نجد القلة من عينة الدراسة اتجهت إلى التفاعل االجتماعي الحقيقي المبني على‬ ‫مؤشرات الشخصية الواقعية ومن هنا يغترب هؤالء األبناء إلى المجال األصلي لهم و استخدام‬ ‫الفيسبوك في تحقيق غايات و أهداف إما علمية أو ثقافية أو ترفيهية ‪.‬‬ ‫✓ أن صفحة الفيس بوك مغرية وتجذب الشباب بشكل خطير جدا وينتهي بها األمر إلى‬ ‫اإلدمان الذي يؤدي إلى العزلة عن المجتمع مم يؤدي إلى هدر في الطاقات ويبدو الوقت بال‬ ‫قيمة وال معنى وخصوصا لدى الشيلي الذي ترك يواجه الفراغ والبطالة والعجز واإلحباط وفقدان‬ ‫األمل في مستقبله‪ ,‬فيبحث عن تسلية وقته في حج ارت الدردشة التي تتحول مع الوقت إلى‬ ‫إدمان أشبه بإدمان المخدرات ال يمكن الخالص منه فيظل منهم مرابطا أمام هذه الشبكة‬ ‫بالساعات المتواصلة التي تزيد أحيانا عشر ساعات في اليوم الواحد‪.‬‬ ‫✓ كما تم التوصل أيضا إلى استخدام مفردات العينة للغة جديدة مختصرة و رموز بين‬ ‫مستخدمي الفيس بوك تتميز هذه اللغة بأنها مصطلحات خاصة ال يعرفها إال من يعاشرهم‬ ‫باستمرار ويعرف تتللك المصطلحات يستخدم الشباب العربي في محادثتهم عبر االنترنت‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪132‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مصطلحات تهدد مصير اللغة العربية! تحولت إلى رموز وأرقام مثل الحاء "‪ "7‬الهمزة "‪"2‬‬ ‫والعين"‪ "3‬حيث أصبح هذا المجتمع يتفاعل بالغة افتراضية بغرض مواجهة اآلخرين والتباهي‬ ‫والتفاخر كما يجب على األهل ضرورة مراقبة أبنائهم والتخلي عن الثقة الزائدة التي ترفع‬ ‫بالشباب إلى هاوية جديدة من الضياع و ضعف القيم األخالقية وتدمير اللغة العربية ‪.‬‬ ‫التوصيات واالقتراحات‪:‬‬ ‫❖ ضرورة ترشيد استخدامات الفيسبوك و التوعية بسلبياته ‪.‬‬ ‫❖ تفعيل دور األسرة و مراكز اإلرشاد في ترشيد األبناء في استخدامات الفيسبوك‪.‬‬ ‫❖ مراقبة استخدامات األبناء للفيسبوك‪.‬‬ ‫❖ و ضع برامج توعية اليجابيات الفيسبوك و سلبياته‪.‬‬ ‫❖ تنظيم أوقات استخدام شبكات التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫❖ فرض السلطة الوالدية على األبناء كسلطة فاعلة تهدف إلى تحقيق غايات واضحة‪.‬‬ ‫❖ حث األبناء على تكوين عالقات اجتماعية حقيقية و التعرف على النماذج الثقافية و‬ ‫ثقافات الغير‪.‬‬ ‫❖ تفعيل دور الفيسبوك في الجانب التعليمي و المعرفي لالستفادة منه‪.‬‬ ‫❖ توجيه األبناء للمشاركة في صفحات علمية و ترفيهية في حدود مقبول‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪- Petit Robert . Dictionnaire alphabetique et analogique de la langue . 1978 .‬‬

‫‪1‬‬

‫‪p 956 francaise , paris .. Edition‬‬ ‫‪ -2‬بن عيسى محمد المهدي وكانون جمال‪ "،‬مستخدمي االنترنيت في المجتمع الجزائري بين الهوية المستقلة‬ ‫و الهوية المغتربة"‪ ،‬عدد خاص الملتقى األول حول الهوية و المجاالت االجتماعية في ظل التحوالت‬ ‫السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري ‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪،‬ايام ‪27‬و‪ 28‬فيفري‪.،2011 ،‬‬ ‫‪-3‬محمد عبد الفتاح ‪"،‬أزمة الهوية" ‪،‬من موقع ‪www.marefa.org‬تاريخ االطالع ‪ 2017/03/01‬عل الساعة‬ ‫‪. 4:20‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪133‬‬


‫أ‪.‬ساحي علي‬

‫أ‪.‬امال كريز‬

‫تأثير الفيسبوك في تشكيل هوية األبناء‪....‬‬

‫‪ -4‬سلطان بالغيث‪ ،‬تمظهرات أزمة الهوية لدى الشباب‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪ ،‬عدد خاص الهوية‬ ‫و المجاالت االجتماعية في ظل التحوالت السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري‪ ،‬ص ‪.352‬‬ ‫‪-5‬بدون مؤلف‬

‫‪"،‬وسائل التواصل االجتماعي"‪ ،‬من موقع ‪ //mawdoo3.com:http‬تاريخ االطالع‬

‫‪ 2017/03/01‬على الساعة‪. 11‬‬ ‫‪6-Sebastian valenzuel and Na,su park ,” Lesson from facebook the effect of social‬‬ ‫‪Network,” University of Texas at Austin,2008,p08.‬‬ ‫‪We chen and yu liang , “ the effects of social Media on college students , Johenson‬‬ ‫‪and Wales University, 2011, p09.‬‬ ‫‪ -8‬سامي أحمد الشناوي و محمد خليل عباس‪" ،‬استخدام شبكة التواصل االجتماعي (فيسبوك) و عالقته‬ ‫بالتوافق النفسي لدى المراهقين"‪،‬جامعة’ ‪ ،2014‬العدد‪.02‬‬ ‫‪-3‬سلطان بالغيث‪" ،‬تمظهرات أزمة الهوية لدى الشباب"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪ ،‬عدد خاص‬ ‫الهوية‪.‬‬ ‫‪-9‬عبد الكريم سعودي‪ " ،‬ادمان الفيسبوك و عالقته بالتوافق األسري للطالب الجامعي" دراسة ميدانية على‬ ‫عينة من طلبة جامعة بشار‪ ،‬دراسات نفسية و تربوية مخبر تطوير الممارسات النفسية و التربوية‪،2014 ،‬‬ ‫العدد ‪. 13‬‬ ‫‪-10‬بدون مؤلف "مواقع التواصل االجتماعي و تاثيرها على الشباب العربي"‪ ،‬متوفر على الموقع‪ ،‬تاريخ‬

‫الزيارة ‪ ،2017-6-30‬على ساعة ‪http://www.kolalwatn.net .15:03‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬علي غربي‪ ،‬أبجديات المنهجية في كتابة الرسائل الجامعية ‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر ‪ ،2006،‬ص ‪.120‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪134‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب في المجتمع الجزائري‬ ‫دراسة حالة ببعض أحياء مدينة عنابة‪-‬‬‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬ ‫جامعة باجي مختار‪ -‬عنابة‪ -‬الجزائر‬ ‫ملخص‪:‬‬

‫عمد العديد من الشباب في المجتمع الجزائري في السنوات األخيرة إلى تحقيق طموحاتهم‬

‫عبر وسيلة غير قانونية تجلت في الهجرة غير الشرعية و التي أصبحت ظاهرة تعاني منها أغلب‬

‫األسر الجزائرية بكافة مستوياتها االقتصادية و الثقافية‪.‬و قد اجتمعت عدة عوامل ساهمت في‬ ‫استفحالها و ارتفاع معدالتها بحيث أصبحت تمس أيضا فئة اإلناث و المراهقين‪.‬كما انجرت عنها‬

‫العديد من اآلثار و التي بالرغم من خطورتها إال أن هذه الفئات لم تحبط عزيمتها في التخلي عن‬

‫فكرة الهجرة بصورة سرية‪.‬وعليه صغنا التساؤل المركزي التالي‪:‬ماهي جملة العوامل و اآلثار التي‬

‫تقف وراء ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب في المجتمع الجزائري؟‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الهجرة غير الشرعية‪ -‬الشباب‪ -‬العوامل‪ -‬اآلثار‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬ ‫‪Many young people in the Algerian community in recent years‬‬ ‫‪deliberately to achieve their aspirations through illegal means manifested in‬‬ ‫‪illegal immigration, which has become a phenomenon experienced by most‬‬ ‫‪of the Algerian families of all economic levels and cultural had met several‬‬ ‫‪factors contributed to the high rates they escalate and become so also affect‬‬ ‫‪the female category and Alemraehgan.kma dragged by many of the effects,‬‬ ‫‪which, despite serious but these groups did not frustrate her resolve to‬‬ ‫‪abandon the idea of secret migration so we formulated the following‬‬ ‫‪question: What are among the factors and effects that stand behind the‬‬ ‫‪phenomenon of migration legitimacy for Algerian youth in the community.‬‬ ‫‪Keywords: Illegal immigration - Youth - Factors – Impacts.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪135‬‬


‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫عرفت الجزائر بعد الدخول إلى عالم االقتصاد الحر‪،‬العديد من الظواهر االجتماعية المرضية‬ ‫الناجمة عن الظروف االقتصادية الصعبة؛التي يمر بها الفرد الجزائري في حياته اليومية‪،‬أين‬ ‫وجد العديد من الشباب و الفئات االجتماعية األخرى أنفسهم في مواجهة الفقر والحاجة و‬ ‫ندرة تحقيق الطموحات في ظل غياب الوسائل الكفيلة بذلك؛ما دفع بهذه الفئة إلى القيام‬ ‫بهجرة غير شرعية بغية تحسين أوضاعهم االجتماعية‪.‬من هنا ظهرت فكرة الهجرة السرية و‬ ‫أصبح لها أباطرتها الذين يمولونها‪،‬ويسهرون على إدارتها والتحكم في سيرورتها‪ ،‬بعد أن‬ ‫كانت مقتصرة فقط على سواحل الغرب الجزائري؛كوهران‪،‬الغزوات‪،‬أرزيو‪،...‬لكنها امتدت‬ ‫لتمس الناحية الشرقية للبالد حتى أصبحت هاجسا في عقول الشباب إناثا و ذكو ار بطالين‬ ‫منهم أو حاملين لشهادات؛و ذلك للتخلص نهائيا من متاهات البطالة و االنتظار الطويل‪.‬‬ ‫و قياسا على ذلك فقد تحولت الجزائر في فترة وجيزة إلى معبر هام بالنسبة لكل الراغبين في‬ ‫االلتحاق بأوربا بطرق غير قانونية ؛األمر الذي جعل الجزائر تشهد حركة غير شرعية من‬ ‫الهجرات الخارجية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫إذ أصبحت تعيش منذ العشرية األخيرة عدة اضطرابات‪،‬في مختلف المجاالت ما ساهم في‬ ‫تزايد النزعة الفردية؛حيث أصبح الفرد يركض وراء مصلحته الشخصية بحثا عن مستوى‬ ‫معيشة أفضل‪.‬غير أن تحقيق ذلك أصبح أم ار مستحيل المنال في ظل تبني المؤسسات‬ ‫االقتصادية نظام الخوصصة‪،‬الذي تمخض عنه تسريح عدد هائل من اليد العاملة البسيطة‬ ‫دون مقابل أو مقابل تعويض بسيط‪ ،‬ما أدى إلى تضاعف الكتل البشرية العاطلة عن العمل‪،‬‬ ‫إذ أصبحت البطالة هاجسا يمس عددا هائال من أفراد المجتمع؛ ما نتج عنه توسع حلقة‬ ‫الفقر التي أصبحت تهدد نصف المجتمع إضافة إلى أزمات أخرى صحية و سكنية‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫كل هذه العوامل أدت إلى عدم تكيف األفراد مع الواقع المجتمعي المتأزم و إلى اختالل‬ ‫التوازن السلوكي و األخالقي لديهم‪،‬ما سمح بإنتاج االنحرافات كالسرقة و اإلدمان و الهجرة‬ ‫غير الشرعية بأية طريقة تعبي ار عن عدم الرضا و الرفض للواقع الذي ال يوفر أدنى‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪136‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫ضرورات الحياة‪ .‬و في ظل ذلك تكونت فئة تعبر عن هذا الرفض لها ثقافة فرعية خاصة‬ ‫تقدم تبريرات‪،‬في محاولة إلقناع المعارضين لثقافتنا بوجهة نظر‬ ‫بها‪،‬تشرع لنفسها ما تريد و ّ‬ ‫ّ‬

‫نابعة من فلسفتها في الحياة‪،‬وقوانينها المستمدة من قساوة الظروف االجتماعية واالقتصادية و‬

‫الوجدانية‪.‬و قد مست هذه الظاهرة شريحة واسعة من المجتمع من كال الجنسين؛وشملت‬ ‫مختلف الفئات العمرية و المستويات الثقافية وبصورة أكبر لدى الطبقات الوسطى و‬ ‫الدنيا‪،‬التي ترى في الهجرة غير الشرعية حال لمشاكلها و ضمانا لمستقبلها‪ ،‬مخاطرين‬ ‫بحياتهم و بكل ما لديهم لتحقيق مستوى معيشي أفضل‪.‬‬ ‫و عليه فقد مثلت هذه الظاهرة إحدى أهم القضايا المعاصرة التي تحتل صدارة االهتمامات‬ ‫الدولية والوطنية السيما في ظل التوجه العالمي نحو العولمة االقتصادية وتحرير قيود التجارة‬ ‫ما يقضي بفتح الحدود وتخفيف القيود على السلع وحركة رؤوس األموال؛ وما نتج عن ذلك‬ ‫من آثار اقتصادية واجتماعية على الدول النامية والفقيرة‪.‬هذه االنعكاسات السلبية ساهمت‬ ‫بشكل كبير في زيادة وتيرة الهجرة غير الشرعية نحو الدول المتقدمة ‪.‬‬ ‫من هذا المنظور يمكن تفسير الهجرة غير الشرعية في المجتمع الجزائري‪ ،‬بأنها نتاج ثقافة‬ ‫اليأس والقنوط الذي يلقى صدى كبي ار داخل األوساط الشبابية المهمشة‪ ،‬والقابعين في األحياء‬ ‫الفقيرة‪ ،‬والقريبة من التجمعات السكنية الفوضوية المجاورة للمدن الكبرى‪.‬إذ تكونت شبكات‬ ‫منظمة(‪)2‬شبه سرية تعمل في مختلف المناطق البحرية‪ ،‬تقدم خدماتها إلى هؤالء الشباب‬ ‫مقابل دفع مبالغ مالية تقدر ب‪ 3.5‬مليون سنتيم أو أكثر‪.‬كما تشير اإلحصائيات التي تقدمها‬ ‫مصالح الضبط الجزائرية يوميا إلى التزايد المخيف في معدالت هذه الظاهرة مقارنة بالسنوات‬ ‫الماضية(‪)3‬؛حيث نجد أن الرقم لم يتجاوز ‪ 335‬مهاجر سنة ‪ ،2006‬أما في ‪ 2007‬فقد تم‬ ‫إحصاء ‪ 1570‬مرشح للهجرة‪،‬اعتقل منهم ‪ 1485‬بين شهري ( جانفي‪ -‬أوت) لسنة ‪.2007‬‬ ‫بينما سجلت الظاهرة عام ‪ 2009‬تناميا ملحوظا رغم أنه العام األول من تطبيق القانون‬ ‫الجديد المجرم للظاهرة‪،‬إذ ظهرت أصناف جديدة من المهاجرين؛إذ سجل أعلى مستوى‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪137‬‬


‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ألطفال وصلوا الشواطئ االيطالية و االسبانية و عدد من النساء الحوامل و الشيوخ‪ )4(.‬كما‬ ‫أحصت المنظمات الدولية أكثر من ‪ 180‬ألف هاجروا إلى أوروبا في سنة ‪.2016‬‬

‫(‪)5‬‬

‫و في هذا الصدد ترى "دردر نصيرة" ‪-‬مختصة في اقتصاد الجزائر‪-‬؛ أن ظاهرة الهجرة غير‬ ‫الشرعية بدأت مع انفجار األزمة االقتصادية في الجزائر ‪ 1988-1986‬والتي نتج عنها رفع‬ ‫التدعيمات من طرف الدولة و ذلك بأمر من صندوق النقد الدولي‪ ،‬باإلضافة إلى األزمة‬ ‫األمنية و التي تفاقمت مع نهاية التسعينات‪ ،‬و في ظل كل هذه الظروف بدأت الهجرة غير‬ ‫الشرعية تفرض نفسها بطريقة غير مباشرة‪.‬‬

‫(‪)6‬‬

‫وفي ظل هذه الظروف المزرية التي يعيشها الشباب الجزائري‪ ،‬تأتي هذه الورقة كمحاولة‬ ‫سوسيولوجية لتحليل عوامل و آثار ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب‪ ،‬في بعض‬ ‫أحياء مدينة عنابة‪.‬وهو ما دفعنا لصياغة التساؤل المركزي التالي‪ :‬ماهي جملة العوامل و‬ ‫اآلثار التي تقف وراء ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب في المجتمع الجزائري؟‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلطار المنهجي للدراسة‪ :‬لإلجابة على التساؤالت التي طرحناها في مقدمة هذا البحث‬ ‫وظفنا المنهج الوصفي باستخدام طريقة دراسة الحالة بتتبع‪ 05‬حاالت على مستوى بعض‬ ‫أحياء مدينة عنابة(حي بوخضرة و سيدي سالم –ببلدية البوني‪/‬عنابة) كونهما مكان إقامة‬ ‫عينة البحث من جهة‪،‬و باعتبارهما قطبي استقطاب للشباب المهاجر‪.‬و قد اختيرت الحاالت‬ ‫بطريقة عينة كرة الثلج التي نفذت هجرة غير شرعية وفشلت محاولتها‪ ،‬تتراوح أعمارهم بين‬ ‫‪ 30-17‬سنة‪.‬و امتدت هذه الدراسة من جانفي‪ 2016‬إلى مارس ‪.2017‬كما اعتمدنا على‬ ‫أدوات لجمع البيانات تمثلت في مجموعة من الوثائق تناولت موضوع الهجرة غير‬ ‫الشرعية(مقاالت من الجرائد اليومية الجزائرية و كذا بعض المواد القانونية الخاصة بهذه‬ ‫الظاهرة)‪.‬وكذا مقابلة معمقة(بؤرية) طبقت مع الحاالت المبحوثة للوقوف على العوامل التي‬ ‫دفعتهم إلى هذا النوع من الهجرة و آثارها عليهم‪(.‬انظر الملحق رقم‪:-1-‬محتوى أسئلة‬ ‫المقابلة المعمقة)‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬تحديد مفاهيم الدراسة‪ :‬ارتكز هذا البحث على مجموعة من المفاهيم تجلت في‪:‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪138‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪-1‬مفهوم الهجرة غير الشرعية‪ :‬يترادف هذا المفهوم كثي ار مع" الهجرة السرية"‪ ،‬الهجرة غير‬ ‫القانونية‪،‬غير المنظمة‪.‬لغةهي‪:‬الخروج من أرض إلى أخرى ألسباب متعددة(‪.)7‬‬ ‫اصطالحا‪ :‬هي ظاهرة جغرافية تمثل انتقال السكان من مكان جغرافي إلى آخر مع تغيير‬ ‫مكان االستقرار االعتيادي للفرد(‪.)8‬أما إحصائيا فتعني كل مغادرة من المكان األصل لمدة‬ ‫سنة أو أكثر و تعتبر هجرة دائمة‪،‬أما إذا كانت أقل من ذلك فهي هجرة مؤقتة‪.‬‬

‫(‪)9‬‬

‫كما أن الهجرة غير الشرعية أو غير النظامية تعد سلسلة من الظواهر المختلفة إذ تشمل‬ ‫األشخاص الذين يدخلون أو يظلون في دولة على خالف ما تقتضيه القوانين الداخلية لتلك‬ ‫الدولة؛دون تصريح‪،‬وضحايا التجارة غير المشروعة واالتجار بالبشر وطالبي اللجوء‬ ‫المرفوض طلبهم والذين ال يمتثلون ألمر اإلبعاد واألشخاص الذين يتحايلون على ضوابط‬ ‫الهجرة بزواج تم االتفاق عليه‪.‬‬

‫(‪)10‬‬

‫و تعرف الهجرة غير الشرعية في القانون الجزائري حسب األمر رقم ‪ 211/66‬المؤرخ في‬ ‫‪ 21‬جويلية ‪ 1966‬بأنها"دخول شخص أجنبي إلى التراب الوطني بطريقة سرية أو بوثائق‬ ‫مزورة بنية االستقرار أو العمل"‪.‬أما إجرائيا‪ :‬فهي عملية االلتحاق بالديار األوروبية بدون وجه‬ ‫قانوني و غير شرعي و سري‪.‬و من أهم المناطق التي تجري فيها هذه الهجرة عامة نجد‬ ‫حوض البحر المتوسط(مابين شمال أفريقيا ودول جنوب أوروبا خصوصاً)؛الحدود المكسيكية‬ ‫مع الواليات المتحدة وبعض دول أميركا الالتينية؛دول شرق آسيا؛وخصوصاً ما بين أندونيسيا‬ ‫وأستراليا‪.‬هذا باإلضافة إلى دول آسيوية وأفريقية مختلفة تتم من خاللها عملية تنظيم هجرات‬ ‫سرية منفردة‪،‬أو جماعية باتجاه بلدان الجذب الواقعة في الشمال‪ :‬دول أوروبا أو أميركا‬ ‫الشمالية‪ ،‬أو بعض دول الجذب في جنوب الكرة األرضية كالب ارزيل وأستراليا‪.‬‬ ‫الحراقة‪،‬الحريك‪،‬و هو الشخص الذي يتسلل إلى‬ ‫‪-2‬مفهوم المهاجر السري‪:‬يترافق مع مفهوم ٌ‬ ‫السفينة أو ينتقل بوسائل أخرى؛قارب أو زورق يطفو على سطح البحر متجها نحو أوروبا‬

‫بطرق غير قانونية و بصورة سرية و يتصف ب‪:‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫(‪)11‬‬

‫‪139‬‬


‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫يسوي وضعه القانوني‪.‬‬ ‫شخص يدخل بلداً بطريقة غير قانونية وال ّ‬‫ شخص يدخل بلداً بطريقة قانونية ثم يمكث هناك بعد انقضاء مهلة اإلقامة القانونية‪.‬‬‫ شخص يعمل بصورة غير قانونية خالل إقامة مسموح بها‪.‬‬‫إن قراءة في هذه المفاهيم تضعنا أمام التساؤل التالي‪:‬ما هو واقع الهجرة غير الشرعية في‬ ‫المجتمع الجزائري خاصة و المجتمعات األخرى عامة؟ و لإلجابة على ذلك استقصينا الواقع‬ ‫االجتماعي و أدبيات البحث العلمي من خالل ما يلي‪.‬‬ ‫ثالثا‪:‬ظاهرة الهجرة غير الشرعية في التراث العلمي‪ :‬كثيرة هي الشعوب التي عرفت الهجرة‬ ‫في تاريخها‪ ،‬وكثيرة هي الدول التي قامت ونشأت من المهاجرين‪،‬كآسيا وأوروبا وأميركا وحتى‬ ‫في أفريقيا‪ ،‬وكلنا يعرف أن دوالً مثل و‪.‬م‪.‬أ وكندا‪ ،‬وكثير من دول أميركا الالتينية وأستراليا‬ ‫وتطورت بفضل األعداد الكبيرة من المهاجرين من مختلف مناطق العالم(‪.)12‬واليوم‬ ‫قامت‬ ‫ّ‬ ‫وبعد أن اتخذت الدول أسماءها وحدودها‪،‬وهويتها القومية والسياسية والدينية‪ ،‬وضعت من‬ ‫القوانين الداخلية ما يكفل لها المحافظة على كيانها وشعبها‪،‬حددت طرقاً وقوانين للدخول‬ ‫إليها‪ ،‬واإلقامة أو العمل فيها‪ ،‬كما وضعت قواعد وأنظمة لمنح جنسيتها لمن يأتي إلى مجال‬ ‫سيادتها أو يطلب إذناً بالبقاء فوق أرضها‪ ،‬سواء كان ذلك مؤقتاً أو دائماً‪ .‬ومن يدخل بلداً ما‬ ‫خارج إطار هذه القوانين يعتبر وجوده فيها غير قانوني‪ ،‬وقابالً للتوقيف والترحيل العاجل‪.‬‬ ‫إن الهجرة ظاهرة قديمة‪ ،‬تعود إلى قدم اإلنسان نفسه‪ ،‬وانتقاله الدائم والدءوب من مكان إلى‬ ‫آخر بحثاً عن الرزق ووسائل العيش‪،‬أو بحثاً عن األمان‪،‬أو هرباً من الطبيعة والطقس؛و‬ ‫يبقى دافعه في ذلك هو حب البقاء والحفاظ على الحياة‪ ،‬أو الرغبة في اكتشاف بيئة أكثر‬ ‫يفسر تضارب التقديرات حول عدد المهاجرين‬ ‫تالؤماً مع حاجاته وطموحاته؛ ولعل هذا ما ّ‬ ‫غير الشرعيين؛إذ حسب التقديرات األخيرة لألمم المتحدة‪ ،‬يبلغ حجم هذه الهجرة ‪1780‬‬ ‫قدرت حجم الهجرة غير القانونية إلى دول‬ ‫مليون شخص‪،‬كما أن منظمة الهجرة الدولية ّ‬ ‫اإلتحاد األوروبي بحوالي ‪ 1.5‬مليون شخص‪)13(.‬كما تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪140‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫السرية ما بين ‪ %15 -10‬من عدد المهاجرين في العالم‪،‬البالغ حسب التقديرات األخيرة‬ ‫لألمم المتحدة حوالي ‪ 180‬مليون شخص‪.‬كما تقدر األمم المتحدة أعداد المهاجرين غير‬ ‫الشرعيين إلى دول العالم المتقدم خالل السنوات العشر األخيرة بنحو ‪ 155‬مليون‬ ‫شخص‪.‬‬

‫(‪)14‬‬

‫بينما سجلت إحصائيات األمن اإليطالية وحدها في الربع األول من العام الحالي‬

‫استقبال سواحل كاالبريا ‪ 14‬زورًقا محملة بأكثر من ‪ 1500‬مهاجر غير شرعي معظمهم من‬ ‫المصريين‪،‬وقد بلغ إجمالي المهاجرين غير النظاميين نحو ايطاليا عام ‪ 2007‬عن طريق‬ ‫البحر نحو ‪ 1419‬مهاج اًر‪ ،‬لقي ‪ 500‬مهاجر مصرعهم في البحر المتوسط‪ ،‬مقابل ‪302‬‬ ‫مهاجر فقط خالل عام ‪. 2006‬‬

‫(‪)15‬‬

‫أما عن الهجرة ببلدان المغرب العربي‪ ،‬فتؤكد أغلب الدراسات السوسيولوجية التي أجريت في‬ ‫هذه الدول أن نسبة عالية من الشباب‪ ،‬وغيرهم من األطفال والكبار يحلمون بالهجرة السرّية‬ ‫للتخّلص من البطالة و الظروف القاسية‪.‬ففي منطقة بني مالل وسط المغرب؛أكد حوالي‬

‫‪ 1642‬من الذين يفكرون بالهجرة‪،‬أنهم سيلجئون إلى الهجرة غير الشرعية بأي ثمن من‬ ‫أجل الوصول إلى أهدافهم‪)16(.‬ذلك أن شباب اليوم المهاجر إلى الشمال يلجأ إلى حرق أوراق‬ ‫الهوية وجميع مستنداته أمالً في الحصول على هوية جديدة ما إن تطأ قدماه وسيلة النقل‬ ‫المعدة لهروبه‪ ،‬والتي قد تكون قارباً صغي اًر أو شاحنات البضائع التي تعبر البحر بواسطة‬ ‫ّ‬

‫قوارب كبيرة‪.‬‬

‫أما عن أدبيات هذه الظاهرة في الجزائر‬

‫(‪)17‬‬

‫فتعود جذورها إلى زمن فاتح األندلس طارق ابن‬

‫زياد‪،‬الذي لم يدري وهو يحرق سفينته عند وصوله إلى الضفة األخرى‪،‬أن سلوكه هذا‬ ‫سيصير مثال يقتدى به بالنسبة لشباب الجنوب‪.‬فالذين تكتب لهم النجاة من الغرق في مقبرة‬ ‫البحر المتوسط و يصلون إلى شواطئ أوروبا أوال إلى حرق أوراق الهجرة‪،‬أمال في اكتساب‬ ‫هوية جديدة؛ ومن ثم يرجح أن تكون هذه الحادثة سبب ظهور مصطلح" الحرقة"‪.‬‬ ‫وفي نفس السياق فقد مارس فقراء الجزائر‬

‫(‪)18‬‬

‫منذ عشرات السنين‪،‬عندما أثقل كاهلهم البؤس‬

‫عمليات الهجرة نحو فرنسا وسجلت عددا من الضحايا‪ .‬ومن أشهر قضايا الحرقة في الجزائر‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪141‬‬


‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ما حدث عام ‪ 1926‬عندما ركب أربعون شخصا في باخرة بسيدي فرج دون علم طاقمها‬ ‫كانت متجهة إلى ميناء مرسيليا؛ وتم إدخال هؤالء داخل مخازن الفحم في السفينة حتى ال‬ ‫يشعر بهم أحد‪ ،‬و لكن الرحلة طالت في البحر الذي كان هائجا ما أدى إلى احتراق الغاز و‬ ‫موت كل هؤالء المهاجرين الذين تم اكتشاف أمرهم عند بلوغ ميناء مرسيليا؛ ومع ذلك‬ ‫تواصلت هذه الظاهرة حتى بعد الحرب العالمية ‪ ،2‬لتعود اآلن بأشكال جديدة عن طريق‬ ‫شباب يبحرون من عنابة و من الغزوات‪ ...‬بحثا عن اآلمال الضائعة‪.‬‬ ‫كما تشير إحصائيات القوات البحرية الجزائرية‬

‫(‪)19‬‬

‫إلى التزايد المخيف لعدد الموقوفين من‬

‫المهاجرين غير الشرعيين خالل سنة‪ 2008‬مقارنة بالسنتين الماضيتين وتضاعف العدد‬ ‫مرتين بحيث تم توقيف ‪ 750‬شخص خالل سنة ‪ ،2006‬و لم يتعدى عدد الموقوفين ‪127‬‬ ‫شخص سنة ‪ ،2005‬مع استرجاع القوات البحرية أثناء عملية البحث و المطاردة على طول‬ ‫الشريط الساحلي لـ ‪ 385‬قارب صيد ونزهة ‪ ،‬منها ما تم شراؤه أو سرقته‪.‬‬ ‫لكن و في إطار سلسلة التعديالت التشريعية الجزائرية المواكبة للتغيرات الدولية‪ ،‬وانتشار‬ ‫ظاهرة انتقال الشباب الجزائري إلى أوربا بصفة غير قانونية‪ ،‬استحدث المشرع الجزائري في‬ ‫مدونته العقابية(بموجب تعديل ‪)2009‬المادة ‪175‬مكرر‪ "1‬دون اإلخالل باألحكام التشريعية‬ ‫األخرى السارية المفعول‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من‪20,000‬‬ ‫دج إلى‪ 60,000‬دج أو بإحدى العقوبتين كل جزائري أو أجنبي يغادر اإلقليم الوطني بصفة‬ ‫غير شرعية أثناء اجتيازه أحد مراكز الحدود البرية أو البحرية أو الجوية ‪ ،‬وذلك بانتحاله‬ ‫هوية باستعماله وثائق مزورة أو أي وسيلة احتيالية أخرى للتملص من تقديم الوثائق الرسمية‬ ‫الالزمة أو من القيام باإلجراءات التي توجبها القوانين واألنظمة السارية المفعول‪.‬وتطبق نفس‬ ‫العقوبة على كل شخص يغادر اإلقليم الوطني عبر منافذ أو أماكن غير مراكز الحدود"‬ ‫‪)20(.‬كما أشارت إحصائيات قيادة حرس السواحل الجزائرية التابعة للقوات البحرية بأن قواتها‬ ‫أحبطت محاوالت غير شرعية ل‪ 1500‬شخص حولوا اإلبحار بطريقة غير شرعية منذ‬ ‫جانفي إلى ديسمبر ‪.2015‬‬

‫(‪)21‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪142‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫رابعا‪:‬عرض لحاالت نفذت هجرة غير شرعية لدى الشباب محل الدراسة‪:‬‬ ‫الحالة‪ :1‬فاتح* شاب يبلغ ‪ 26‬سنة‪ ،‬مستواه جامعي متحصل على شهادة البكالوريا لغات‬ ‫ويتقن ثالث لغات أجنبية( فرنسية‪ -‬انجليزية‪ -‬اسبانية)‪ ،‬غير متزوج‪.‬مقيم بحي بوخضرة‬

‫‪/‬عنابة مع أسرته في سكن ملك لهم‪.‬يبلغ عدد أفراد أسرته‪.05‬األب متقاعد واألم مديرة مركز‬ ‫للعجزة‪.‬يصرح أحمد أن قرار هجرته جاء نتيجة لعدم رضاه عن األوضاع العامة للبالد؛التي‬ ‫انعكست عليه سلبا خاصة من ناحية فرص العمل‪،‬علما أنه قام بتقديم عدة طلبات عمل‬

‫للعديد من الجهات كاألمن الوطني‪ ،‬الدرك‪ ،‬الجمارك‪ ،‬لكنها رفضت كلها‪.‬حتى عندما مارس‬ ‫األعمال الحرة من خالل فتح كشك متعدد الخدمات‪ ،‬أغلق بسبب البيروقراطية و الرشوة‪.‬كما‬ ‫قام بتقديم ملفات لطلب تأشيرة ورفض طلبه‪،‬بالرغم من استيفائها لجميع الشروط القانونية‪.‬كل‬ ‫هذه الظروف دفعت هذه الحالة لمحاولة الهروب من بلدها لتحسين أوضاعها وضمان‬ ‫مستقبلها‪.‬وعند فشل محاولته في الهجرة كان فاتح قد جعل أسرته تعاني األمرين خاصة أمه‬

‫حينما سمعت بمحاولته إذ أصبحت تعاني من مرض السكري‪،‬كما أنه فوجئ عند عودته‬ ‫بقبول إحدى المؤسسات الخاصة توظيفه غير أن مغادرته جعلته يفقد فرصته في الحصول‬ ‫على عمل‪.‬‬ ‫الحالة‪:2‬أمين شاب يبلغ من العمر‪ 21‬سنة‪ ،‬مستواه التعليمي ثالثة ثانوي‪ .‬يقيم مع أمه في‬

‫منزل جديه بحي سيدي سالم بعد وفاة والده في حادث مرور‪.‬بالرغم من محاوالته العديدة‬ ‫للحصول على عمل إال أنه ال زال بطاال منذ فشله في نيل شهادة البكالوريا‪ .‬تشكلت فكرة‬

‫الهجرة غير الشرعية لديه من جراء إحساسه بأنه عالة على جده الذي يزوده بالمصروف‬ ‫اليومي‪،‬وعدم تحمله نظرة الشفقة من أمه‪.‬فحاول الهجرة بصورة سرية لكن تم القبض عليه من‬ ‫طرف حراس الشواطئ بمنطقة بحرية بتونس و أعيد للبالد‪.‬لكنه مازال يفكر في الهجرة‪.‬و في‬ ‫أثناء محاولته هذه أصيبت أمه بانهيار عصبي خاصة و أنه االبن الوحيد لها‪.‬إلى جانب أن‬ ‫جده الذي كفله تراجعت صحته و تدهورت ألنه كان قريبا من حفيده و لم يتحمل بعده عنه‪.‬‬

‫الحالة‪ :3‬يبلغ محمد ‪ 30‬سنة من العمر‪ ،‬مستواه التعليمي التاسعة أساسي يقيم مع أسرته‬ ‫بحي سيدي سالم‪.‬يعمل بمحل لبيع المالبس النسائية بصفة مؤقتة بعقد مدته عام‬ ‫ونصف‪.‬وقبل ذلك عاد من محاولة فاشلة للهجرة(ماي‪.)2007‬و يرجع سبب محاولته الهجرة‬ ‫س ار إلى عدم إحساسه بطعم الحياة خاصة و أنه لم يتزوج‪ ،‬وهو في سن مناسبة و لم يحصل‬ ‫على وظيفة مستقرة؛كما أنه تعرض للطرد من جميع الوظائف الحكومية التي كان يعمل بها‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪143‬‬


‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫فهو ال يشعر باالستقرار األسري ألنه أكبر إخوته و عليه تحمل مسؤوليتهم بالرغم من صغر‬ ‫سنه نظ ار ألن أباه مقعد‪ .‬و نتيجة لذلك أصبح يرتاد غالبا المناطق المطلة على البحر حتى‬

‫صادف أن شاهد التخطيط لعملية هجرة سرية‪ ،‬فجمع كل مدخراته و دفعها ليضمن مكانا‬

‫داخل زورق بغية البحث عن األفضل‪.‬و أثناء محاولته للهجرة و التي فشلت تشرد إخوته و‬

‫أصبح اثنان منهم يحترفان السرقة‪،‬و أمه أصبحت تشتغل في البيوت‪.‬كما تحطمت نفسية هذه‬ ‫الحالة تماما بعد فشل محاولتها و انهارت آماله بعدما وضع مدخراته كلها في هذه الرحلة‪.‬‬ ‫الحالة‪:4‬كمال يبلغ عمره‪25‬سنة‪ ،‬جامعي‪ ،‬عمل في البناء‪ ،‬يقطن بحي بوخضرة مع أسرته‬ ‫المكونة من ‪ 09‬أفراد وهو أكبرهم‪.‬قرر الهجرة بعد أن تم فصل والده من مركب الحجار‬ ‫فأدمن الكحول وغادر المنزل‪،‬ما دفع باألم للعمل كخياطة لتوفير مصاريف الدراسة‬

‫ألبنائها‪.‬هذا ما دفعه للتفكير في الهجرة سرا‪ ،‬للتخلص من هذه الظروف الصعبة و المسؤولية‬ ‫التي أجبر على تحملها في مقتبل عمره‪.‬وأثناء محاولته للسفر توفي والده إثر أزمة قلبية نظ ار‬ ‫ألن هذا األخير كان يعول على أن يتحمل معه كمال مسؤولية إخوته و أمه‪.‬كما توقف اثنان‬ ‫من إخوته عن الدراسة نظ ار لظروفهم المادية الصعبة‪.‬و أصبحت الحالة تعيش بعد فشل‬ ‫محاولة الهجرة على الكحول و المخدرات فطردته أمه من المنزل و الزال يخطط للهجرة مرة‬

‫أخرى‪.‬‬ ‫الحالة‪:-5-‬بالل شاب يبلغ من العمر ‪ 18‬سنة‪ ،‬مستواه التعليمي متوسط‪،‬أعزب‪ ،‬بطال‬

‫يعيش ضمن أسرة تتكون من ‪ 08‬أفراد بحي بوخضرة‪.‬والده عامل بمصنع الحديد و الصلب‬ ‫لكن راتبه ال يكفيهم‪،‬األم ربة بيت‪.‬دق بالل جميع األبواب طالبا عمال دون جدوى؛ وما زاد‬

‫وضعه سوءا حجم أسرته الكبير‪،‬إذ ال يشعر بالراحة و االستقرار معهم بسبب المشاكل‬ ‫المتسببة عن ضيق المسكن‪.‬لم يترك عمال لم يمارسه‪.‬كل هذه األوضاع دفعت به للهجرة‬

‫السرية دون تفكير مسبق في العواقب‪ ،‬مع إصرار تام على تكرار المحاولة في حالة فشله‪.‬في‬ ‫أثناء تنفيذه لمحاولته احترق منزل عائلته و عند عودته وجد عائلته مشتتة و مقسمة لدى‬

‫أقاربهم و هو ما زاده إص ار ار على تكرار المحاولة مرة أخرى‪.‬‬ ‫خامسا‪:‬مناقشـة عامـة‪:‬‬

‫على الرغم من أن هناك إجماع‪-‬حسب معظم الحاالت السابقة ‪-‬؛على أن أسباب تنامي هذه‬ ‫الظاهرة يرجع في األساس إلى النواحي االقتصادية‪ ،‬إال أن األوضاع السياسية واالجتماعية‬

‫تلعب هي األخرى دورها وهو ما يمكن تفصيله فيما يلي‪:‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪144‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪-‬العوامل االقتصادية‪:‬من الواضح أن البلدان الطاردة أو تلك التي تشهد هجرة غير شرعية‬

‫منها إلى بلدان أخرى‪،‬هي دول تفتقر إلى التنمية وتعاني من قلة فرص العمل‪،‬وانخفاض‬ ‫األجور ومستويات المعيشة‪،‬إضافة إلى معانتها من البطالة الشديدة التي يعيشها عدد كبير‬ ‫من الشباب والحاصلين على مؤهالت جامعية‪.‬‬ ‫أساسيا في الهجرة من الدول النامية إلى الدول المتقدمة‪،‬‬ ‫ العوامل السياسية‪ :‬وتشكل عامالً‬‫ً‬ ‫فالمحسوبية والفساد وانتهاك حقوق اإلنسان والقيود على حرية التعبير وغياب الديمقراطية؛‬

‫كلها أمور تدفع في اتجاه الهجرة السرية‪ ،‬وخاص ًة لدى أصحاب التعليم العالي أمال في‬ ‫الحصول على فرص معيشية أفضل‪.‬‬ ‫‪-‬العوامل االجتماعية‪:‬حيث دأبت وسائل اإلعالم منذ عقود على رسم صورة متفائلة للمهاجر‬

‫نجاحا منقطع النظير ويوصل للثراء‬ ‫إلى أوروبا وإلى الغرب‪،‬فأظهرته في الغالب يحقق‬ ‫ً‬ ‫السريع‪ ،‬وكلها أمور تدفع الشباب للمحاكاة و التقليد لتحقيق هذا الحلم‪.‬‬ ‫‪-‬كما يعد االنبهار بالغرب عامال آخ ار للهجرة السرية‪ ،‬بعد الهوة الكبيرة التي باتت تفصل بين‬

‫القارة األوربية وبين دول العالم النامي في النواحي االقتصادية والتكنولوجية وغيرها‪ ،‬خاص ًة‬ ‫أن الشباب عادةً ما ينبهر بالمظاهر المادية بغض النظر عن أخالقيات و عادات المجتمع‬

‫األوروبي‪.‬‬

‫لكن عندما يتحول البحث عن عمل إلى مقبرة تلتهم شبابنا؛ سواء كان من خالل غرقهم في‬ ‫طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوربا‪،‬أو القبض عليهم على حدود تلك الدول‪،‬فإننا أمام أزمة‬

‫وتحديا من‬ ‫عويصة وجب التقليل من عواملها‪.‬فال شك أن هذه الظاهرة تمثل قضية خطيرة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫التحديات التي باتت تواجه ليس فقط المجتمع الجزائري ولكن الشمال األفريقي وربما الجنوب‬ ‫بأكمله‪،‬والتي يجب مواجهتها والتصدي لها من خالل منظومة متكاملة من اإلجراءات‬ ‫والجهود على المستويين المحلى و الدولي‪ ،‬ولهذا ينبغي أن ندرك أن التصدي لهذه الظاهرة‬ ‫هي مسئولية جماعية ينبغي أن تقوم بها كافة أجهزة الدولة ‪.‬‬ ‫وأخي ار يجب أن نعلم أن معظم الشباب مصاب باإلحباط الشديد من المستقبل‪ ،‬ومن تحقيق‬ ‫أحالمه بالرغم من وجود طاقة كبيرة لديه؛والدليل هو إقدامه على الهجرة غير الشرعية‬ ‫وتحمله المغامرة بحياته‪.‬فالحل األسلم يجب أن يكون باستغالل هؤالء الشباب االستغالل‬ ‫األمثل ألنهم ثروة بشرية كبرى؛ فباستغالل تلك الثروة سوف نقضي على تضحية الشباب‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪145‬‬


‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫بأنفسهم‪،‬من خالل توفير فرص أفضل لفتح آفاق جديدة للعمل والهجرة الشرعية كشركاء في‬ ‫التنمية واألمن واالستقرار‪ .‬و منه يمكن مواجهة تلك الظاهرة عن طريق العديد من السبل‪:‬‬

‫أ‪-‬إنتاج برامج إذاعية متنوعة تتعلق بتوعية الشباب بمخاطر هذه الهجرة‪ ،‬وتعريفهم بأن‬ ‫المهاجر غير الشرعي ال يتم تقنين وضعه ومنحه إقامة رسمية أو جنسية على اإلطالق‬ ‫مهما طالت فترة بقائه في الدولة التي قصدها‪.‬‬ ‫ب‪-‬ضرورة التحرك الجاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة لخلق المزيد من فرص العمل للشباب‬ ‫لرفع مستواهم المعيشي‪.‬‬

‫ج‪-‬فرض عقوبات رادعة على األفراد والجماعات التي تدير أو تسهل هذه الظاهرة‪.‬‬

‫د‪-‬أن تعمل الو ازرات الجزائرية بالعمل على جذب المزيد من االستثمارات األجنبية لخلق سوق‬ ‫عمل و فرص عمل‪.‬و تحديد حد أدنى من األجور داخل القطاع الخاص حتى ال يشعر‬ ‫الشباب باالستغالل داخل الوطن‪.‬وضرورة توفير البديل الشرعي للشباب عن طريق عقد‬

‫اتفاقيات ثنائية أو متعددة األطراف بين الدول الطاردة والدول المستقبلة للشباب بغرض توفير‬

‫كل الضمانات‪.‬‬

‫و‪-‬أن يكون لرجال الدين في المساجد دور في توعية األسرة والشباب بمخاطر هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫ي‪-‬تسهيل إجراءات حصول الشباب على أراضي اإلصالح الزراعي في المشاريع الجديدة‪.‬‬

‫ن‪-‬أن تعمل الدولة على تشجيع رجال األعمال والمستثمرين على إقامة مشاريع مفيدة‬ ‫للشباب‪.‬وتشديد الرقابة على المحسوبية والوساطة‪،‬منعاً إلحباط الشباب واندفاعه إلى إتباع‬ ‫سبل غير مشروعة‪ .‬و كذا العمل على غرس قيم ومفاهيم المواطنة واالنتماء لديهم‪.‬‬ ‫ملحق رقم‪:-1-‬يوضح دليل المقابلة المعمقة‪:‬‬

‫المحور األول ‪:‬البيانات األولية‪:‬‬ ‫‪-1‬الجنس‪:‬أنثى‬

‫ذكر‬

‫‪-2‬السن‪:‬من ‪20-15‬سنة‪/....‬من ‪ 25-21‬سنة‪/....‬من ‪ 30-26‬سنة‪/.....‬من ‪ 31‬سنة‬ ‫إلى ما فوق‪......‬‬

‫‪-3‬المستوى التعليمي‪:‬ال تق أر و ال تكتب‪/....‬ابتدائي‪/...‬متوسط‪/...‬ثانوي‪/....‬جامعي‪....‬‬ ‫‪-4‬الحالة المدنية‪:‬أعزب‪/....‬متزوج‪/.....‬مطلق‪/.....‬أرمل‪.......‬‬

‫‪-5‬الوضعية االجتماعية‪:‬عامل في قطاع عام‪ /......‬عامل في قطاع‬ ‫خاص‪/......‬طالب‪/....‬بطال‪.....‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪146‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫المحور الثاني‪:‬عوامل الهجرة غير الشرعية لدى الشباب‪:‬‬ ‫‪-6‬المعاناة من البطالة‪:‬نعم‬

‫ال‬

‫‪-7‬غموض يكتنف مستقبلك‪ :‬نعم‬

‫ال‬

‫‪-8‬الهروب من األوضاع االجتماعية المزرية السائدة في مجتمعك‪:‬نعم‬ ‫‪ -9‬تأثرت بمحاوالت شباب آخرين ‪:‬نعم‬

‫ال‬

‫ال‬

‫‪ -10‬عوامل أخرى لم نذكرها تحدث عنها رجاءا‪....................................‬‬ ‫المحور الثالث‪:‬آثار الهجرة غير الشرعية على الشباب‪:‬‬ ‫‪-12‬آثار على صحتك الجسدية‪:‬أذكرها من فضلك‪.....................................‬‬ ‫‪-13‬آثار على نفسيتك‪:‬أذكرها من فضلك‪..............................................‬‬ ‫‪-14‬آثار على عملك و مستواك المعيشي‪ :‬أذكرها من فضلك‪..........................‬‬ ‫‪-15‬آثار على أسرتك التي خلفتها وراءك‪:‬أذكرها من فضلك‪.........................‬‬

‫‪ -16‬آثار أخرى لم نذكرها‪.‬اذكرها لو سمحت‪.........................................‬‬

‫الهـوامـش‪:‬‬ ‫‪ -1‬سامية بلقاضي ‪":‬الهجرة آخر الحلول"‪،‬مقال نشر بجريدة الخبر األسبوعي ‪،‬عدد‪،330‬الجزائر‪،2005،‬ص‬

‫‪.12‬‬

‫‪ -2‬جريدة الخبر اليومي‪، 2008/4/19،‬عدد‪ ، 2272‬ص‪7‬‬ ‫‪ -3‬سامية بلقاضي‪":‬الهجرة آخر الحلول" ‪،‬مقال نشر بجريدة الخبر األسبوعي‪ ،‬عدد ‪ ،330‬الجزائر‪، 2005،‬‬

‫ص‪.12‬‬

‫‪-4‬يمينة حمدي‪":‬قوارب الموت ؛الهجرة السرية –حلول تنموية أو أمنية‪،"-‬مقال نشر بجريدة العرب‬ ‫األسبوعي‪،‬عدد ‪،4-8‬الجزائر‪،2009،‬ص‪.29‬‬

‫‪-5‬فائزة لعموري‪":‬من ‪180‬ألف هاجروا إلى أوروبا في ‪،"2016‬مقال نشر بجريدة المساء؛يومية وطنية‬

‫إخبارية‪،‬من الموقع ‪.el-massa.com‬‬

‫‪-6‬الهجرة غير الشرعية ‪،‬منتدى المغتربين و المهاجرين‪.2009/09/21،‬‬

‫‪ -7‬المنجد األبجدي؛ دار المشرق‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ، 1987 ،‬ص‪. 10‬‬

‫‪ -8‬عبد هللا عبد الغني غانم‪:‬المهاجرون‪،‬المكتب الجامعي‪،‬اإلسكندرية‪ ،2002،‬ص‪.18‬‬ ‫‪ -9‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 20‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪147‬‬


‫د‪.‬زيتوني عائشة بية‬

‫ظاهرة الهجرة غير الشرعية لدى الشباب…‬

‫‪ -10‬الهجرة في عالم مترابط ‪ :‬اتجاهات جديدة للعمل؛ تقرير اللجنة العالمية للهجرة الدولية ‪،‬أكتوبر ‪2005،‬‬

‫‪،‬ص ‪.42‬‬

‫‪-11‬سامي محمود‪ ،‬أسامة بدير‪ ":‬أوروبا و الهجرة غير المنظمة في مصر بين المسؤلية و الواجب"‪ ،‬مركز‬

‫األرض لحقوق اإلنسان‪ ،‬سلسلة حقوق إقتصاية و اجتماعية‪ ،،‬عدد ‪، 68‬القاهرة‪،2009،‬ص‪. 120‬‬

‫‪ -12‬علي الحوات و لورنس هارت‪ ":‬الهجرة غير الشرعية المشكلة و اآلثار ؛ بلدان العبور نموذجا"‪،‬محاضرة‬ ‫قدمت بالمركز العالمي لدراسات و أبحاث الكتاب األخضر‪،‬البلد‪ ،‬األربعاء ‪ 22‬رمضان ‪، 2007‬صص ‪- 35‬‬

‫‪. 40‬‬

‫‪-13‬نفس المرجع ‪،‬ص‪. 140‬‬ ‫‪ -14‬نفس المرجع ‪،‬ص‪. 144‬‬

‫(*)‪ :‬أحمد ‪ :‬اسم رمزي للحالة األولى و نفس الشيئ بالنسبة لبقية أسماء الحاالت األخرى‪.‬‬ ‫‪-15‬أنطوان زحالن‪ :‬هجرة الكفاءات العربية‪،‬ط‪ ، 2‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،2001،‬ص‪. 30‬‬

‫‪-16‬محمد خضر عبد المختار‪:‬االغتراب و التطرف نحو العنف‪،‬دار الغريب للنشر و الطباعة و التوزيع ‪،‬‬

‫القاهرة ‪، 1999،‬ص‪.55‬‬

‫‪-17‬عبد الرحيم العطري‪:‬اللغة العربية للسنة الرابعة من التعليم المتوسط‪،‬ط‪،1‬الديوان الوطني للمطبوعات‬ ‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪، 2007/2006،‬ص ‪. 213‬‬ ‫‪-18‬نفس المرجع‪،‬صص‪. 220-216‬‬ ‫‪-19‬ش‪.‬نبيل‪":‬الهجرة غير الشرعية في الجزائر"‪ ،‬مقال نشر بجريدة الخبر‪ ،‬عدد ‪، 1840‬الجزائر‪2008،‬‬

‫‪،‬ص‪. 6‬‬

‫‪-20‬أحمد طعيبة و مليكة حجاج‪":‬الهجرة غير الشرعية بين استراتيجيات المواجهة و آليات الحماية"‪،‬مقال‬ ‫نشر بمجلة جامعة ورقلة‪،2016،‬ص‪.17‬‬

‫‪-21‬جريدة ‪ Reflexion‬يومية وطنية الكترونية للمعلومات‪1500":‬جزائري حاولوا الهجرة غير الشرعية سنة‬ ‫‪،"2015‬األحد ‪ 04‬جوان ‪،2015‬ص‪.1‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪148‬‬


02 ‫العدد‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬ ‫ بوحنيكة نذير‬.‫د‬ ‫ الجزائر‬- ‫جامعة الشاذلي بن جديد – الطارف‬

:‫الملخص‬

‫حظي موضوع الطالق باهتمام كبير من قبل العديد من الباحثين من حقول علمية مختلفة‬

‫ وهو ما يعكس أهمية الموضوع وتعدد الزوايا التي‬،‫ علم النفس‬،‫ علم االجتماع‬،‫ الشريعة‬،‫كالقانون‬

‫يمكن أن يدرس منها وبما أن الطالق مشكلة اجتماعية في تزايد مستمر فإنها تحتاج منا كباحثين‬ ‫ومختصين في الحقل السوسيولوجي البحث والتقصي عن عوامل ومسببات انتشار الظاهرة التي‬

‫تختلف باختالف اآلراء واالتجاهات إال أنها في األخير تخلص إلى نتيجة واحدة وهي تفكك النسيج‬

‫األسري واختالل النظام االجتماعي باعتبار األسرة الوحدة األساسية في بناء وتماسك المجتمع فأي‬ ‫ وهذا ما سنحاول الوقوف عليه من خالل هذه‬،‫خلل وظيفي يصيبها يصيب النظام االجتماعي بأكمله‬ ، ‫الورقة البحثية التي تم تقسيمها إلى أربعة محاور أساسية حيث تناول المحور األول مفهوم الطالق‬

‫وتم التطرق في المحور الثاني إلى إعطاء قراءة إحصائية لتطور عدد حاالت ومعدل الطالق في‬ ‫ أما المحور الرابع واألخير فقد تم فيه‬، ‫ بينما خصص المحور الثالث لعرض أسباب الطالق‬،‫الجزائر‬

.‫التطرق إلى آثار الطالق على المجتمع الجزائري‬

Abstract :

.‫ مجتمع جزائري‬،‫ طالق‬،‫ ظاهرة‬:‫الكلمات المفتاحية‬

The topic of divorce has been given a great importance by many researchers in various fields such as law, sociology, psychology, the fact that reflects the significance of the subject and its multiple sides that can be examined. Indeed, divorce is a growing social problem, which requires from Sociological researchers and specialists more attention to investigate the factors that caused the spread of the phenomenon. Although the causes differ according to opinions and trends, the result is the same, i.e., the main cause is the disintegration of the family and the disruption of the social system. In fact, the family is the basic unit in the construction and cohesion of society, so any dysfunction affects the system. This is what we will try to deal with through this research paper, which was divided into four main axises. The first one presents the concept of divorce, the second one gives a statistics reading about the increasing number of cases and the rate of divorce in Algeria. The third one is dedicated to show the divorce reasons, and the last axis deals with the effects of divorce in Algerian society. Key words: divorce, Algerian society

149

2017 ‫سبتمبر‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫إن دراسة األسرة وما تعرفه من تحوالت في بنائها ووظائفها وعالقاتها من أكثر‬

‫الموضوعات التي تحظى بالدراسة واالهتمام في علم االجتماع‪ ،‬باعتبار أنها الخلية األولى‬ ‫في المجتمع وأهم مؤسسة اجتماعية في البناء االجتماعي خاصة ألنها تساهم بالقدر األكبر‬ ‫في اإلشراف على عملية وتربية األبناء‪ ،‬وتنسج شبكة عالقات أسرية قويمة‪ ،‬واألسرة الجزائرية‬ ‫كغيرها من األسر تسعى بالدرجة األولى إلى تحقيق هذه األهداف من أجل الحفاظ على‬ ‫استقرار الحياة االجتماعية‪ ،‬إال أن التغيرات والتحوالت التي عرفها المجتمع الجزائري كانت‬ ‫لها تأثير عميق على طبيعة تغير األسرة الجزائرية من جميع النواحي‪.‬‬ ‫ونتيجة للتحوالت العميقة التي عرفها المجتمع عامة‪ ،‬واألسرة الجزائرية خاصة على‬ ‫مستوى التركيبة واألدوار والعالقات والمكانة ساهمت في تعقد الحياة الزوجية مما أدى إلى‬ ‫تزايد ظاهرة الطالق بسبب تعقد وتشابك العوامل المؤدية إلى فك الرباط الزواجي وما يترتب‬ ‫عليه من انعكاسات سلبية على األسرة والمجتمع‪ ،‬وهذا ما سنحاول الوقوف عليه وتوضيحه‬ ‫من خالل هذه الورقة العلمية‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم الطالق‬ ‫‪-1.1‬مفهوم الطالق شرعا‪:‬‬ ‫يمكن تحديد مفهوم الطالق شرعا لدى فقهاء المذاهب األربعة بأنه‪:‬‬ ‫"‪ -‬عند األحناف‪ :‬هو رفع قيد النكاح حاال أو مآال بلفظ مخصوص‬ ‫ عند المالكية‪ :‬هو صفة حكمية ترفع حلية منفعة الزوج بزوجته‪.‬‬‫ عند الشافعية‪ :‬هو حل عقد النكاح بلفظ الطالق ونحوه‪.‬‬‫‪ -‬عند الحنابلة‪ :‬هو حل قيد النكاح أو بعضه‪".‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪150‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫يتضح من خالل تعريف فقهاء المذاهب األربعة أن هناك اختالف في عبارات‬ ‫الطالق‪ ،‬إال أنهم يتفقون على معني واحد وهو حل الرابطة الزوجية من طرف الزوج ويكون‬ ‫بلفظ صريح كلفظ الزوج كلمة "طالق" أو ضمني من خالل الكتابة واإلشارة مع توفر نية‬ ‫الطالق‪ ،‬وقد يكون هذا الطالق نهائي أو رجعي‪.‬‬

‫‪ -2.1‬مفهوم الطالق في قاموس علم االجتماع‬ ‫يشير مفهوم الطالق في "قاموس علم االجتماع" إلى "انتهاء رابطة الزواج أو إصدار‬ ‫إعالن قانوني ببطالن هذه الرابطة‪ ،‬كذلك قد يشير إلى انفصال بين الزوجين بحيث ال يغير‬ ‫هذا النظام من العالقات القانونية بينهما التي نجمت عن الزواج" (‪.)2‬‬ ‫يتجلى هنا أيضا في قاموس علم االجتماع أن الطالق هو حل رباط الزواج وإنهاء‬ ‫العالقة الزوجية قانونيا بحيث ال يؤثر نظام الزواج عن العالقات القانونية بينهما‪.‬‬

‫‪ -3.1‬مفهوم الطالق في قانون األسرة الجزائري‬ ‫يعرف الطالق في قانون األسرة الجزائري حسب المادة ‪ 48‬بأنه " حل عقد الزواج‬ ‫بالطالق الذي يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة" (‪.)3‬‬ ‫وعليه فالطالق هو شكل من أشكال التفكك الكلي يحدث نتيجة إنهاء الرابطة الزوجية‬ ‫نتيجة فشل استمرار الحياة الزوجية‪ ،‬ويتم بإرادة الزوج أو برضا الزوجين أو بطلب من‬ ‫الزوجة‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪151‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫ثانيا‪ :‬قراءة إحصائية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬ ‫جدول رقم(‪ :)01‬يوضح تطور عدد حاالت الطالق ومعدل الطالق‬ ‫ما بين ‪2013-1990‬‬

‫(‪)4‬‬

‫السنوات‬

‫عقود الطالق المسجلة‬

‫معدل الطالق‬

‫‪1990‬‬

‫‪21999‬‬

‫‪14.73‬‬

‫‪1995‬‬

‫‪23227‬‬

‫‪15.20‬‬

‫‪1998‬‬

‫‪24866‬‬

‫‪15.70‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪25735‬‬

‫‪16.06‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪25628‬‬

‫‪17.02‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪39396‬‬

‫‪11.90‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪49845‬‬

‫‪14.46‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪54985‬‬

‫‪14.81‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪57461‬‬

‫‪14.81‬‬

‫من خالل اإلحصائيات الواردة في الجدول أعاله يمكن تقسيم مراحل تطور حاالت ومعدل‬ ‫الطالق في المجتمع الجزائري إلى مرحلتين‪:‬‬ ‫المرحلة األولى ‪:2002-1990‬‬ ‫وهي مرحلة شهد فيها معدل الطالق ارتفاعا ملحوظا فبعدما كان ‪ 14.73‬سنة ‪1990‬‬ ‫إلى ‪ 15.20‬سنة ‪ ،1995‬ثم إلى ‪ 15.20‬سنة ‪ ،1995‬و إلى معدل ‪ 15.70‬في ‪ 1998‬و‬ ‫‪ 16.06‬سنة ‪ 2000‬ليصل معدل االرتفاع إلى ‪ 17.02‬سنة ‪.2002‬‬ ‫وعليه يمكن القول بأن العالقة الزوجية خالل هذه المرحلة لم تكن مستقرة نتيجة التحوالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية التي شهدها المجتمع الجزائري من تدهور الوضع األمني وانتشار‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪152‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫ظاهرة اإلرهاب والهجرة الريفية‪ ،‬وتسريح عمال المؤسسات العمومية االقتصادية التي عانت‬ ‫عجز هيكلي ومالي‪ ،‬كل هذه العوامل بدورها كان لها انعكاسات خطيرة على استقرار كيان‬ ‫األسرة الجزائرية مما زاد من معدل الطالق‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية ‪:2013-2008‬‬ ‫وهي مرحلة شهد فيها معدل الطالق انخفاضا محسوسا مقارنة بالمرحلة السابقة مقارنة‬ ‫بين سنة ‪ 2002‬الذي قدر بـ ‪ 17.02‬وسنة ‪ 2008‬الذي بلغ ‪ ،11.90‬وإذا ما أخذنا بعين‬ ‫االعتبار هذا االنخفاض المحسوس في معدل الطالق يستخلص بأن المجتمع الجزائري عرف‬ ‫استقرار على مختلف األصعدة االقتصادية واالجتماعية والسياسية واألمنية مما انعكس إيجابا‬ ‫على رفاهية واستقرار األسرة الجزائرية‪ ،‬ومع هذا االنخفاض إال أنه لم يبقى مستق ار ليرتفع إلى‬ ‫‪ 14.81‬سنة ‪.2013‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أسباب الطالق في الجزائر‬ ‫تختلف األسباب والعوامل المؤدية إلى انحالل الرابطة الزواجية باختالف اآلراء‬ ‫ووجهات النظر كل حسب تخصصه‪ ،‬ولهذا ال يمكن تفسير ظاهرة الطالق بعامل أحادي بل‬ ‫هناك مجموعة عوامل متداخلة ومتشابكة تحاول إعطاء صورة واضحة لعوامل انتشار ظاهرة‬ ‫الطالق في المجتمع الجزائري‪.‬‬ ‫‪-1.3‬أسباب خاصة‪:‬‬ ‫‪ -1.1.3‬أسباب تعود للزوج‪:‬‬ ‫‪ -‬عدم التوفيق في اختيار الزوجة المناسبة‪:‬‬

‫ولهذا حرص اإلسالم على حسن اختيار‬

‫الزوجة الصالحة صاحبة الدين الذي يسبق المال والنسب والجمال ‪ ،‬ويتجلى ذلك في قل‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪153‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم " تنكح المرأة ألربع‪ :‬لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها‪ ،‬فاظفر‬ ‫بذات الدين تربت يداك" (‪.)5‬‬ ‫ عدم احترام الزوجة للزوج‪ :‬يعتبر احترام المرأة لزوجها واجب مستنبط من الدين اإلسالمي‬‫ومن العرف االجتماعي خاصة وأن الرجل في المجتمع العربي عامة يتمتع بالسلطة المطلقة‬ ‫ويحتل قمة الهرم االجتماعي‪ ،‬لذلك في الموروث الثقافي السوسيولوجي ال بد على المرأة أن‬ ‫تكون دائما خاضعة لسلطة الرجل‪ ،‬والخروج عن هذه األخيرة هو التقليل من شأنه وبذلك‬ ‫يكون مصيرها الطالق‪.‬‬ ‫ عدم احترام الزوجة ألهل الزوج‪ :‬احترام الزوجة ألهل زوجها هو امتداد يدل على سالمة‬‫تنشئتها األسرية ألن تربيتها تعتبر مرآة عاكسة لمدى نجاح والديها في العملية التربوية‪ ،‬وإن‬ ‫لم تنجح في تكوين عالقات أسرية سليمة مع أهل الزوج يكون مآلها الطالق والعودة إلى بيت‬ ‫أهلها‪.‬‬ ‫ العقم‪ :‬يعتبر عقم الزوجة وعدم قدرتها على إنجاب األبناء من العوامل األساسية المؤدية‬‫خاصة والمعروف أن الهدف األول من الزواج هو المحافظة على النسل وإنجاب األطفال‬ ‫وبذلك تستطيع المرأة المحافظة على مكانتها والبقاء في بيت الزوجية خاصة إذا كان االبن‬ ‫البكر ذكرا‪.‬‬ ‫ عدم اإلشباع العاطفي للزوج‪ :‬إن اإلشباع العاطفي للزوج يعتبر حق من حقوقه وفي‬‫معظم الحاالت التي تجد فيها فنور عاطفي بين الزوجين يلجأ الزوج إلى الخيانة والتي تنتهي‬ ‫في غالب األحيان الحياة الزوجية بالطالق‪.‬‬ ‫‪ -2.1.3‬أسباب تعود للزوجة‪:‬‬ ‫‪ -‬عدم التوفيق في اختيار الزوج المناسب‪:‬‬

‫حسن اختيار الزوج المتمسك بمبادئ الدين‬

‫اإلسالمي هو مكسب لنجاح الحياة األسرية ويتضح ذلك في حديث الرسول صلى هللا عليه‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪154‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫وسلم" إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه‪ ،‬إال تفعلوا تكن فتنة في األرض‬ ‫وفساد عريض" (‪.)6‬‬ ‫ إجبار الفتاة على الزواج من شريك ال ترغب فيه‪ :‬من بين العوامل المؤدية إلى الطالق‬‫وتشنج العالقات األسرية بين الزوجين هو إجبار الفتاة على الزواج من شريك ال ترغب فيه‬ ‫وعدم إعطائها الحق في إبداء رأيها مما يجعلها غير قادرة على التواصل مع هذا الشريك‬ ‫وبالتالي هذا الفتور في العالقات الزوجية يخلق بينهما مشاكل وصراعات غير متناهية ال‬ ‫محال تنتهي بالطالق‪ ،‬وقد " اتضح أن ‪ %90‬من الحاالت لم يكن لهن أي دور في اختيار‬ ‫الزوج‪ ،‬وأنهن أجبرن عليه إرضاء للوالدين‪ ،‬فحوالي ‪ %77‬كان إرضاء لألب‪ ،‬و‪%22,2‬‬ ‫إرضاء لألم أو الجدة" (‪.)7‬وعليه الزواج هنا إرضاء لألسرة فقط وهو خارج عن نطاق الشريعة‬ ‫التي تعطي للبنت حق اختيار الزوج سواء بالقبول أو الرفض‪.‬‬ ‫ عدم احترام الزوج للزوجة‪ :‬يعتبر احترام الزوج للزوجة حق أملته عليه الشريعة اإلسالمية‬‫في حسن المعاشرة والمعاملة الحسنة ويتجلى ذلك في قوله الحق‪ ":‬ولهن مثل الذي عليهن‬ ‫بالمعروف" (سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪ ،)228‬وعليه إذا لم يلتزم الزوج بهذا الواجب يكون قد‬ ‫أحدث فتور في عالقته الزوجية مما قد يؤدي إلى الطالق‪.‬‬ ‫ ممارسة العنف ضد الزوجة‪ :‬ممارسة العنف وتك ارره ضد الزوجة بشتى أنواعه (لفظي‪،‬‬‫جسدي‪ ،‬رمزي) من بين العوامل المؤدية إلى عدم االستقرار األسري وحل الرابطة الزوجية‬ ‫نتيجة القهر والتسلط المستمر الذي تعيشه الزوجة‪.‬‬ ‫ إهمال الزوج لواجباته األسرية‪ :‬في حالة إهمال الزوج لواجباته األسرية يكون قد تخلى‬‫على مسئولية القوامة كرجل التي نتحها إياه اإلسالم لقوله تعالى‪ ":‬الرجال قوامون على‬ ‫النساء بما فضل هللا بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"‪( .‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‬ ‫‪.)34‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪155‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫ تدخل أهل الزوج في الحياة األسرية‪ :‬إن تدخل أهل الزوج في الحياة األسرية يعتبر تعدي‬‫على حدود خصوصية العالقة بين الزوجين خاصة إذا كانوا يعيشون تحت سقف واحد‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يزيد من حدة التوتر بينهما وسوء العالقات خاصة إذا كان الزوج موافق على ذلك مما‬ ‫يؤدي إلى الطالق‪.‬‬ ‫ إدمان الزوج على الكحول والمخدرات‪ :‬يؤدي إدمان الزوج على الكحول والمخدرات إلى‬‫انهيار العالقات األسرية ‪ ،‬فالزوج المدمن يتخلى عن واجباته األسرية وإهمال زوجته وأبنائه‬ ‫وتصبح الحياة األسرية مشحونة بالمشاكل كما أن وجود القدوة السيئة يؤثر على سلوك‬ ‫األبناء ولهذا يكون إدمان الزوج عامل من عوامل الطالق‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم اإلشباع العاطفي‪:‬‬

‫إن عدم اإلشباع العاطفي للزوجة يؤدي إلى فتور وتشنج‬

‫العالقات الحميمة بين الزوجين مما يؤثر على استقرار العالقات األسرية بينهما وبالتالي‬ ‫يكون الطالق كسبيل لحرمان المرأة من حقها في اإلشباع العاطفي‪ ،‬حيث أكدت عدة دراسات‬ ‫أن إقبال الزوجة على طلب الطالق هو فتور العالقات الحميمة مع الزوج‪.‬‬ ‫ تحرر المرأة‪ :‬تعتبر النزعة التحررية التي عرفتها المرأة الجزائرية وما تعيشه اليوم من‬‫استقاللية مادية نتيجة مستواها العلمي وتقلدها عدة مناصب سامية في الدولة جعلها تتمتع‬ ‫بمكانة اجتماعية ومهنية مرموقة في المجتمع‪ ،‬إذ تبين أن معظم النساء المطلقات موظفات‬ ‫وراتبهن الشهري يفوق راتب الزوج غالبا‪.‬‬ ‫‪ -2.3‬أسباب عامة‪:‬‬ ‫‪ -1.2.3‬أسباب دينية‪ :‬يعتبر التقيد بتعاليم الدين اإلسالمي الحنيف من بين العوامل التي‬ ‫تحافظ على استقرار الحياة الزوجية واستمرارها‪ ،‬إال أنه في الحاالت تلعب "دو ار في تفكك أو‬ ‫انحالل األسرة‪ ،‬خاصة عندما يقوم الزواج على معايير غير دينية ويتحول إلى مشروع مادي‬ ‫واجتماعي‪ ،‬وتضيع المقاصد الشرعية من الزواج األسر الذي سرعان ما يفضي إلى تفكك‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪156‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫البناء األسري‪ ،‬وبذلك يؤثر انخفاض الوازع الديني األخالقي لدى أحد أطراف العالقة الزوجية‬ ‫في الحياة األسرية ‪ ،‬ومن تم يكون سهل االستهواء للمغريات واالنحراف األخالقي"‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫‪ -2.2.3‬أسباب اقتصادية‪ :‬عدم قدرة الزوج على توفير متطلبات األسرة المادية مما يزيد‬ ‫من حدة المشكالت األسرية خاصة وان الرجل في مجتمعنا العربي المسلم هو صاحب‬ ‫القوامة‪ ،‬ويستمد من المجتمع سلطته الذكورية باعتباره صاحب السلطة المادية وفي حالة‬ ‫افتقاده لهذه السلطة يفقد معها مكانته األسرية‪.‬‬ ‫ أيضا "من بين المشكالت االقتصادية التي قد تظهر في المجتمعات الحديثة في ظل‬‫خروج المرأة للعمل عجز المرأة عن الوفاء بااللتزامات نحو زوجها وأبنائها بصورة مرضية‪،‬‬ ‫وأحيانا تدب الخالفات الزوجية نتيجة ارتفاع دخل الزوجة عن دخل زوجها‪ ،‬ومن منا تظهر‬ ‫بعض االنشقاقات في العالقات األسرية ما يؤدي إلى تفكك أو انهيار وحدة األسرة"‪.‬‬

‫(‪)9‬‬

‫‪ -3.2.3‬أسباب ثقافية‪ :‬االختالف والتباين في المستوى الفكري والثقافي والعلمي بين‬ ‫الزوجين من بين العوامل التي تؤدي إلى سوء التوافق األسري وبالتالي غياب أسلوب الحوار‬ ‫واالتصال ويحل محله الصراع والعنف واالختالف في وجهات النظر التي في الغالب تنتهي‬ ‫بالطالق‪.‬‬ ‫‪ -4.2.3‬أسباب نفسية‪ :‬ال يمكن عزل العامل النفسي عن العوامل األخرى المؤدية إلى‬ ‫الطالق‪ ،‬وذلك في " حال عدم قدرة أحد الطرفين على اإلشباع العاطفي للطرف اآلخر‪ ،‬أو‬ ‫عند وجود بعض االضطرابات النفسية لدى أحد طرفي العالقة الزوجية أو حين يشعر أحد‬ ‫الطرفين أو كالهما بعدم الرضا عن العالقة الزوجية‪.‬‬ ‫‪ -5.2.3‬أسباب صحية‪ :‬تتضمن العوامل الصحية القدرات الصحية العامة واإلصابة ببعض‬ ‫األمراض المزمنة التي تصيب أحد أفراد األسرة‪ ،‬وتؤدي إلى ضعف العالقات الحميمة بين‬ ‫الزوجين‪ ،‬وأحيانا تتسبب في عدم اإلنجاب ما ينعكس على الروابط األسرية وقد ينتهي إلى‬ ‫التفكك األسري" (‪.)10‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪157‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫‪ -6.2.3‬أسباب اجتماعية‪:‬‬ ‫‪ -‬المشكالت األسرية بين الزوجين‪:‬‬

‫يعد النزاع والشجار والصراع الدائم بين الزوجين‬

‫كمظهر من مظاهر عدم االستقرار الزواجي مما يدل على فتور وتشنج الحياة األسرية‬ ‫وصعوبة استمرارها والتي في الغالب تنتهي بالطالق‪.‬‬ ‫ أزمة السكن‪ :‬إن أزمة السكن الخانقة التي يعرفها المجتمع الجزائري في ظل النمو‬‫الديمغرافي السريع مما تسبب في عجز الدولة من توفير بالرغم من االنجازات واإلصالحات‬ ‫واالستراتيجيات التي اتبعتها سواء من خالل برنامج السكنات التساهمية‪ ،‬سكنات البيع عن‬ ‫طريق اإليجار‪ ،‬ترقية السكنات الهشة‪ ،‬وبرنامج السكن الريفي‪ ،‬السكن االجتماعي إال أنها لم‬ ‫ترق إلى المستوى المنشود وأن مشكل اإلسكان ما زال قائما‪ ،‬ولهذا نجد العديد من الشباب ال‬ ‫يجدون مسكنا مستقال للزواج مما يفرض عليهم العيش مع أهل الزوج أو الزوجة والذي في‬ ‫الغالب تكثر فيه الصراعات والخالفات وبالتالي تنتهي العالقة الزوجية بالطالق‪.‬‬ ‫ تغير نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة‪ :‬تغير نظرة المجتمع إلى هذه المرأة على أنها‬‫فاشلة ولم تستطع المحافظة على كيان أسرتها واستق ارره‪ ،‬وأصبحت وضعيتها كامرأة مطلقة‬ ‫هي وضعية عادية مثلها مثل الرجل الذي طلق زوجته‪ ،‬وبإمكانها استئناف الحياة الزوجية‬ ‫مرة ثانية‪.‬‬ ‫ سوء استخدام شبكات التواصل االجتماعي‪ :‬إن عوامل الطالق باتت تتعدى العوامل‬‫الظاهرة للعلن نتيجة سوء العالقات بين الزوجين والعنف ضد الزوجة وعدم قيام الزوج‬ ‫بواجباته األسرية‪...‬الخ‪ ،‬حيث أصبحت اليوم شبكات التواصل االجتماعي وفي مقدمتها‬ ‫"الفايسبوك" أو ما يعرف "بالعالم األزرق" من بين العوامل المؤدية للطالق التي تتصدر‬ ‫قاعات المحاكم نتيجة خروج أحد الزوجين عن العالقة الزوجية الشرعية والولوج في العالم‬ ‫االفتراضي مما أدى إلى الخيانة الزوجية وهو ما جعل المختصين يفردون لها حي از من‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪158‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الدراسة والتقصي وبرهنوا على انتشار الظاهرة من خالل صياغة مصطلحات كلها تصب في‬ ‫قالب واحد يؤدي إلى تفكك الرابطة األسرية من بينها " الخيانة اإللكترونية" " أرامل االنترنت"‬ ‫"اإلدمان اإللكتروني"‪.‬‬ ‫أسباب أخالقية (الخيانة الزوجية)‪ :‬يعتبر وقوع الخيانة الزوجية "من أهم األسباب التي‬‫يشرع فيها الطالق‪...‬إذ تعبر عن عدم اتزان القاعدة األخالقية المستمدة من ثقافة أعضاء‬ ‫المجتمع وطبيعتهم‪ ،‬وربما تعود في جذورها األولى إلى التربية التي ال تركز على تلقي مثل‬ ‫هذه القاعدة بالقوة المطلوبة‪ ،‬أو إلى انتشار ثقافة ما تقبلها بعض أعضاء المجتمع ووافقوا‬ ‫عليها" (‪.)11‬‬ ‫ضعف الروابط األسرية بين الزوجين‪" :‬تعتبر األسرة الجزائرية الحديثة نموذجا أسريا يتميز‬‫أعضاءه بدرجة عالية من الفردية وبالتحرر من الضبط األسري‪ ،‬مما يترتب عليه أن تعلو‬ ‫مصلحة الفرد مصلحة األسرة ككل وبالتالي ضعف الروابط االجتماعية‪ ،‬حيث أنه ال يوجد‬ ‫مجال للتعاون والتساند التلقائي‪ ،‬فكل تعاون بين األفراد نجده مبني على أساس المصلحة‬ ‫الفردية‪ ،‬كما تزداد أهمية الفرد أكثر من أهمية الجماعة" (‪ ،)12‬وفي ظل ضعف هذه الروابط‬ ‫األسرية تتأزم العالقات بين الزوجين مما يصعب عليهما دوام العشرة خاصة وأن الرباط‬ ‫الزوجي مبني على أساس نفعي مما يؤدي في الغالب إلى الطالق‪.‬‬ ‫تغير السلطة والمكانة داخل األسرة‪ :‬بعدما كان الزوج هو مصدر السلطة والنفوذ في‬‫األسرة الجزائرية التقليدية‪ ،‬غير أنه نتيجة لطبيعة الحياة المعاصرة وضروراتها تراجعت‬ ‫وتغيرت هذه السلطة والمكانة وانتقلت إلى الزوجة خاصة العاملة التي استطاعت فرض‬ ‫مكانتها ولهذا ظهر نوع من التضارب بين دور الزوج كأب ورب أسرة ودور الزوجة العاملة‬ ‫خارج التي تساهم في مصاريف األسرة مثل الزوج‪ ،‬ومن جهة ثانية دورها كأم تمارس‬ ‫واجباتها األسرية والمنزلية مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الزوجين وحدث صراع حول فرض‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪159‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫السلطة والمكانة األسرية وبالتالي اضطراب في العالقات الزوجية تنهي بفك الرباط الزواجي‬ ‫–الطالق‪.-‬‬ ‫رابعا‪ :‬آثار الطالق على المجتمع الجزائري‬ ‫‪ -1.4‬أضرار الطالق على الزوجين‪ :‬تبدأ اآلثار السلبية تتجلى مباشرة بمجرد فك الرابطة‬ ‫الزواجية خاصة عندما " يبحث أي من األطراف إلى استئناف الحياة الزوجية مرة أخرى ما‬ ‫يتعارض مع رغبات األبناء ومصالحهم ويدفعهم أحيانا إلى مزيد من التمرد أو االنحراف‬ ‫وتحدي القيم واالنحراف االجتماعي" (‪.)13‬‬ ‫ أيضا قد يكون حل الرباط الزواجي بداية المشاكل وليس نهايتها خاصة عندما يكون هناك‬‫أبناء بينهما وعدم االتفاق على حضانتهم‪ ،‬أو حرمان أحد الوالدين الحاضن اآلخر من زيارة‬ ‫والتقاء األبناء مما يستدعي العودة مرة أخرى إلى أروقة المحاكم‪.‬‬ ‫‪ -2.4‬أضرار الطالق على األبناء‪" :‬تنعكس ظاهرة الطالق بالخصوص على األطفال ألن‬ ‫صور الطالق ال تقتصر فقط على الزوجين فيصبح األطفال ضحية لمشاكل عدة‪ ،‬وفي هذا‬ ‫المقام تصدق المقولة الشائعة أنه "ال يوجد أطفال مذنبون بل األطفال هم دائما الضحايا في‬ ‫الطالق‪.‬‬ ‫ يعتبر افتراق الوالدين من المثيرات التي تهدد التوازن النفسي واالجتماعي في األسرة‪ ،‬ذلك‬‫أن الطالق يحرم الطفل من رعاية وتوجيه األب واألم وبالتالي من النمو العادي له مما قد‬ ‫يدفع بهذا الطفل إلى كره أحد الوالدين"‬

‫(‪)14‬‬

‫‪ ،‬وهذا من األسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة‬

‫االعتداء على األصول في المجتمع الجزائري حيث أكدت ذلك الدراسة التي قام بها الباحث‬ ‫"بوحنيكة نذير" والموسومة بـ " عنف الفروع ضد األصول في ظل التغير االجتماعي" أن‬ ‫معظم األولياء الذين تم االعتداء عليهم من طرف أبنائهم يعيشون حالة التفكك األسري‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪160‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫والمتمثلة في الطالق بنسبة ‪"% 75.16‬‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫(‪)15‬‬

‫‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى ميل األبناء ألحد الوالدين‬

‫وحقدهم على اآلخر‪.‬‬ ‫ يولد لدى األبناء الشعور بالخوف من اآلخر وعدم االستقرار النفسي مما يولد لديهم‬‫شخصية مضطربة تقودهم إلى عالم الجريمة واالنحراف‪ ، .‬ومن بين السلوكيات السلبية التي‬ ‫تظهر على األبناء ‪ ":‬االنطواء واالنعزال واالنسحاب‪...‬أو يمارسوا هذه السلوكيات‪ :‬كراهية‬ ‫الوالدين والحقد على المجتمع‪ ،‬والعدوان والتخريب‪ ،‬والعنف‪ ،‬كذلك وجد أن كثي ار من أبناء‬ ‫األسر المتصدعة لديهم تبول ال إرادي(إذا كانوا صغارا) ويعانون من الفشل الدراسي‬ ‫ويمارسون الكذب والسرقة أحيانا" (‪.)16‬‬ ‫ أيضا نتيجة للتفكك األسري يفتقد األبناء للرقابة الوالدية التي تعد من أهم أساليب التنشئة‬‫االجتماعية السوية مما قد يدفعهم الرتكاب بعض السلوكيات االنحرافية واإلجرامية وقد أثبت‬ ‫"كولي" (‪ )Cooly‬في دراسة قام بها على المجتمع األمريكي أن هناك ارتفاع في نسبة‬ ‫الجريمة بين الشباب الذين ينتمون إلى البيوت المحطمة‪ ،‬وهي التي تضم أس ار مفككة ال‬ ‫تستطيع أن تقوم بوظائفها بسبب حاالت االنفصال أو الطالق أو غياب أحد الوالدين" (‪.)17‬‬ ‫ أيضا من بين النتائج السلبية للطالق على األبناء أنه " ينعكس على حياتهم المقبلة‪،‬‬‫فيدخلون كأعضاء مؤسسين ألسر جديدة وهم يحملون على أكتافهم سلبيات الماضي بحيث‬ ‫يخشى أن تنطبع سلوكياتهم برواسبها فتؤثر في التوافق الزواجي‪ ،‬ويحدث التوتر األسري‬ ‫الذي قد ينتهي بالنهاية نفسها" (‪.)18‬‬ ‫‪ -3.4‬أضرار الطالق على المجتمع‪ :‬بالرغم من أن الطالق هو مشكلة أسرية إال أن تأثيره‬ ‫يتجاوز هذه الحدود ليصل إلى تصدع وحدة النظام االجتماعي‪ ،‬وذلك راجع لكون األسرة هي‬ ‫النواة األولى التي تشكل حجر األساس لبناء المجتمع بأكمله‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪161‬‬


‫د‪ .‬بوحنيكة نذير‬

‫قراءة سوسيولوجية لظاهرة الطالق في المجتمع الجزائري‬

‫وعليه فإن ظاهرة الطالق وإهماله دون تدخل أو مساعدة من قبل أفراد المجتمع ستكون‬ ‫له انعكاسات سلبية على المجتمع بأكمله‪.‬‬ ‫ونستطيع القول بأن خسارة المجتمع تكون مضاعفة عندما يحدث التفكك األسري‪،‬‬ ‫فالخسارة تتمثل في اختالل البناء األسري وتهديم أقدس رابطة شرعها الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫باإلضافة قصور في أداء الوظائف االجتماعية بالشكل السليم وفقدان المجتمع الجزائري‬ ‫لقيمه ومبادئه المستمدة من الدين اإلسالمي الحنيف الذي يحث على حسن العشرة لبناء‬ ‫األسرة السليمة‪ ،‬واالستقرار النفسي للزوجين وتنشئة أبناء صالحين يساهمون في بناء‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن الطالق يكون عائق في تحقيق هدف األسرة المنشود وهو المحافظة على‬ ‫وحدة وقوة البناء االجتماعي‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬ ‫من خالل المؤشرات اإلحصائية والكيفية التي قمنا بعرضها وتحليلها في هذه الورقة البحثية‬ ‫يمكن التوصل إلى حقيقة هامة وهي أن الطالق أخذ منعرجات خطيرة تهدد كيان األسرة‬ ‫واستقرارها من خالل المعايير التي وضعها المجتمع كصمام أمان ألمنه واستق ارره‪.‬‬ ‫وباعتبار األسرة أساس بناء مقومات المجتمع المتكامل والمتماسك فإنه أي خلل‬ ‫يصيب بنائها االجتماعي يؤثر على البناء االجتماعي بأكمله‪ ،‬وذلك من خالل تهديم أقدس‬ ‫رابطة شرعها الدين اإلسالمي ولهذا يعتبر الطالق أبغض الحالل نظ ار لما يترتب عليه من‬ ‫تفكك األسرة وبالتالي انحراف األبناء الذين يعتبرون دعامة وذخر المجتمع‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪162‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الهوامش‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫كريمة‪ ،‬عبود جبر وعبد الهادي عبد الكريم‪" .‬محددات الطالق في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬حكمها والحكمة‬

‫منها"‪ .‬مجلة أبحاث كلية التربية األساسية‪ ،‬المجلد‪ ،8‬العدد ‪(،2‬دت)‪ :‬ص ‪.123‬‬

‫(‪)2‬‬

‫محمد‪ ،‬عاطف غيث‪ .‬قاموس علم االجتماع‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1995 ،‬ص ‪.139‬‬

‫(‪ -)3‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬رئاسة الجمهورية‪ ،‬األمانة العامة للحكومة‪ .‬قانون‬ ‫األسرة‪ ،2007.‬ص ‪.08‬‬

‫(‪)4‬‬

‫جويدة‪ ،‬عميرة‪ .‬إحصاء السكان في الجزائر‪.‬الجزائر‪ :‬عالم األفكار‪ ،2017 ،‬ص ‪.118‬‬

‫(‪)5‬‬

‫أميرة‪ ،‬بنت أحمد باهميم‪" .‬دور التربية اإلسالمية في مواجهة تحديات العنف األسري"‪ .‬رسالة ماجستير‬

‫(‪)6‬‬

‫أميرة‪ ،‬بنت أحمد باهميم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬

‫منشورة‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬السعودية‪ ،2014 ،‬ص ‪.189‬‬

‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫محمد مبارك‪ ،‬آل شافي‪".‬التفكك األسري وانحراف األحداث"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬قسم العلوم االجتماعية‪،‬‬

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬السعودية‪ ،2006 ،‬ص ‪.23‬‬

‫(‪)9‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫(‪)10‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫(‪)11‬‬

‫أحمد‪ ،‬العموش وحمود العليمات‪ .‬المشكالت االجتماعية‪.‬القاهرة‪ :‬الشركة العربية المتحدة للتسويق‬

‫(‪12‬‬

‫مصطفى‪ ،‬عوفي وأحمد عبد الحكيم بن بعطوش‪ ".‬النظام العائلي الحديث والممارسات القرابية في المجتمع‬

‫والتوريدات بالتعاون مع جامعة القدس المفتوحة‪ ،2009 ،‬ص ‪.182‬‬

‫الجزائري"‪.‬مجلة علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬العدد ‪( ،13‬ديسمبر ‪ :)2014‬ص ص ‪.137-136‬‬

‫(‪13‬‬

‫محمد مبارك‪ ،‬آل شافي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪14‬‬

‫فتيحة‪ ،‬كركوش‪ .‬ظاهرة انحراف األحداث في الجزائر‪ .‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2011 ،‬ص‬

‫(‪15‬‬

‫نذير‪ ،‬بوحنيكة‪".‬عنف الفروع ضد األصول في ظل التغير االجتماعي"‪ .‬رسالة دكتوراه علوم‪ ،‬كلية العلوم‬

‫‪.43‬‬

‫االجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2017-2016 ،2‬ص ‪.378‬‬

‫‪16‬‬

‫محمد سيد فهمي‪.‬العنف األسري‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،2012 ،‬ص ص ‪.122-121‬‬

‫‪17‬‬

‫محمد بن حسن‪ ،‬الصغير‪ .‬العنف األسري في المجتمع السعودي‪ ،‬أسبابه وآثاره االجتماعية‪ .‬الرياض‪:‬‬

‫‪18‬‬

‫أحمد‪ ،‬العموش وحمود العليمات ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،2012،‬ص ‪.44‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪163‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬ ‫أ‪ /‬حلي مصطفى‬

‫جامعة مولود معمري تيزي وزو ‪-‬الجزائر‬

‫أ‪.‬د‪ /‬خلفان رشيد‬

‫جامعة مولود معمري تيزي وزو ‪ -‬الجزائر‬

‫الملخص‪:‬‬

‫يعتبر العمل أحد الوسائل التي يعتمد عليها الفرد لتحقيق و تلبية حاجاته األساسية في‬

‫الحياة‪ ،‬فهو يعتبر مصدر السعادة والراحة النفسية بالنسبة له‪ ،‬لكن التطورات اإلقتصادية الحاصلة في‬

‫عالم الشغل نتج عنها ظهور إرغامات و أعباء عمل كثيرة تمارس عليه ضغطا نفسيا خاصة عندما‬ ‫يجد نفسه عاج از عن تلبية متطلبات العمل أو غير قادر على التكيف مع هذه المتطلبات الجديدة‬

‫التي حولت العمل إلى مصدر لمختلف األمراض و اإلضطرابات النفسية منها اإلنهاك المهني الذي‬

‫يمس خاصة العاملين في المهن اإلنسانية كمهنة المعالجين‪ ،‬كما يترك آثار وخيمة و خطيرة عليهم‬ ‫حيث أنها تمس فعالية الرعاية والخدمات الصحية المقدمة ألفراد المجتمع أو المرضى‪ ،‬إذ تجعل منهم‬

‫أفرادا محبطين متشائمين‪ ،‬قلقين مضطربين نفسيا‪ ،‬جسديا‪ ،‬معرفيا وسلوكيا‪ ،‬كما تظهر لديهم سلوكات‬

‫الوقاحة والعدوانية وسوء المعاملة إتجاه المرضى‪.‬‬

‫الكلمات االمفتاحية‪ :‬اإلنهاك المهني‪ ،‬اإلجهاد اإلنفعالي‪ ،‬تبّلد الشخصية‪ ،‬نقص الشعور باإلنجاز‬

‫الشخصي‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬ ‫‪The work is for individuals a way to support their needs in their life,‬‬ ‫‪but the economic development in the world of work has been at the origin of‬‬ ‫‪the emergence of the new constraints, requirements and an additional‬‬ ‫‪workload, which has caused a state of professional stress among workers‬‬ ‫‪especially when they are in the inability to respond to the requirements of the‬‬ ‫‪job, or unable to adapt to these new constraints .All of this can be the cause‬‬ ‫‪of various diseases and psychological disorders, such as burnout, which‬‬ ‫‪particularly affects caregivers, and which leaves of the impacts dangerous on‬‬ ‫‪their psychological health and reduces the quality of their care offered to‬‬ ‫‪patients. This phenomenon causes of psychiatric disorders, cognitive,‬‬ ‫‪physical and behavioral factors that are manifested in the form of frustration,‬‬ ‫…‪negativity, anxiety‬‬ ‫‪Key words: Burnout, Emotional exhaustion, depersonalization and personal‬‬ ‫‪accomplishment.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪164‬‬


‫أ‪.‬‬ ‫مقدمة‪:‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫يظهر اإلنهاك المهني نتيجة لضغوط العمل المزمنة والمستمرة ويمس جميع المهن‬

‫دون إستثناء‪ ،‬خاصة مهنة المعالجين كونها مهنة إنسانية بالدرجة األولى هدفها األسمى‬

‫تقديم الخدمات الصحية ألفراد المجتمع والسهر على توفير الرعاية الالزمة للمرضى‪ ،‬وتعتبر‬ ‫مهنة المعالجين من أكثر المهن الضاغطة لما تحمله من أعباء عمل زائدة‪ ، ،‬كما ترتبط‬

‫بمحيط عمل مضطرب يجعل المعالجين أكثر عرضة لإلصابة بمختلف اإلضطرابات النفسية‬ ‫والجسمية منها‪ :‬األخطار النفسية اإلجتماعية‪ ،‬اإلحباط‪ ،‬اإلكتئاب و اإلنهاك المهني‪.‬‬ ‫لقد جاء هذا المقال لتسليط الضوء على ظاهرة اإلنهاك المهني في المؤسسات الصحية‬ ‫خصيصا لدى المعالجين حيث إستهلناه بلمحة تاريخية حول هذه الظاهرة‪ ،‬تعريفها‪ ،‬ثم تناولنا‬

‫مراحل وأبعاد اإلنهاك المهني أسبابه وأعراضه‪ ،‬ختاما بآثار وأساليب الوقاية من هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫‪ -1‬لمحة تاريخية عن ظهور اإلنهاك المهني‪:‬‬

‫أ ّكد الباحثون منذ القدم على وجود حالة سلبية مرتبطة بالعمل‪ ،‬هذا ما أ ّكده ‪Cannon,‬‬

‫)‪ (1942‬عندما أشار إلى وجود مرض نفسي في العمل خاصة عند المعالجين أطلق عليه‬ ‫"ضغط الممرضين"‪ .‬وبداية من عام (‪ )1950‬ظهرت أولى اإلشارات لوجود حالة من‬

‫اإلجهاد المتعلقة مباشرة بالعمل‪ ،‬حيث قام الباحث الفرنسي )‪ (Veil‬بوصف علمي لهذه‬

‫الحالة بعد ذلك أتى الباحث األمريكي )‪ Bradley, (1969‬ليستعمل مصطلح اإلنهاك‬ ‫المهني في أحد مقاالته العلمية أين أشار إلى وجود ضغط خاص مرتبط بالعمل‪ ،‬لتبدأ‬ ‫اإلنطالقة الحقيقية لهذا المصطلح على يد الباحث )‪.1 Freudenberger, (1974‬‬ ‫ظهر مفهوم اإلنهاك المهني في الواليات المتحدة األمريكية في سنوات السبعينات كمشكل‬ ‫إجتماعي وكانت بدايته صعبة‪ ،‬فقد صارع الباحثين لجعل هذه الظاهرة معروفة ومقبولة على‬ ‫المستوى العلمي عن طريق دراسات وأبحاث علمية بهدف التعرف أكثر على ظاهرة اإلنهاك‬ ‫المهني‪ ،‬تحديدها‪ ،‬معرفة أسبابها واآلثار أو النتائج التي تتركها على صحة العمال‪ ،‬ليصبح‬ ‫هذا المفهوم بعد ذلك واسع اإلنتشار منذ سنوات الثمانينات‪ ،‬ويرجع الفضل في تطور‬ ‫األبحاث حول هذه الظاهرة إلى الدكتورة والباحثة في علم النفس اإلجتماعي ‪Maslach‬‬ ‫التي تعمقت في دراسة اإلنهاك المهني و وصف المواقف السلبية للعمال داخل المنظمة من‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪165‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫منظور علم الشخصية‪ .‬ولقد أضافت الدراسات األولى التي قامت بها سنة (‪ )1976‬مع‬ ‫باحثين آخرين في جامعة (بركلي) بالواليات المتحدة األمريكية شهرة لهذا المصطلح‪ ،‬كما‬ ‫ساهمت بشكل كبير في تطويره‪ ،2‬وفي عام )‪ (1981‬قامت العالمة والباحثة ‪Maslach‬‬ ‫ببناء أداة لقياس اإلنهاك المهني والمتمثلة في مقياس ‪ Maslach‬لإلنهاك المهني‬ ‫)‪ (Maslach Burnout Inventory‬ليتم بعد ذلك المصادقة على هذا المصطلح وهذا ما‬ ‫سمح منذ سنوات الثمانينات بنشر أولى األبحاث المنهجية المنتظمة حول اإلنهاك المهني‬ ‫ففي البداية كانت أولى األبحاث والدراسات العلمية منحصرة في مهن المساعدة مثل‪ :‬مهنة‬ ‫المعالجين‪ ،‬المعلمين‪ ،‬القضاة‪ ،‬المحامين والشرطة‪ ...‬ثم تطورت تدريجيا لتشمل دراسة‬ ‫العوامل التنظيمية التي تتفاعل مع ظاهرة اإلنهاك المهني مثال‪ :‬محيط العمل وظروف‬ ‫العمل‪ ...‬وقد توصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن اإلنهاك المهني يمكن أن يمس جميع‬ ‫المهن دون إستثناء‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول الباحثان )‪:Leiter & Schaufeli, (1996‬‬ ‫اإلنهاك المهني متواجد في كل األعمال التي يكون فيها العامل مرتبط نفسيا بعمله كما أن‬ ‫األعمال ذات اإلرتباط النفسي تجهد وتستنزف الموارد المعرفية‪ ،‬اإلنفعالية والجسمية للعمال‪.3‬‬ ‫إن أصل هذا المصطلح مأخوذ من المفردات الفضائية الجوية والذي يحدد مخاطر‬ ‫ظاهرة االحتباس المفاجئ أو حتى تدمير الصواريخ الناجم عن احتراق الوقود‪ ،‬ويشير مفهوم‬ ‫اإلنهاك المهني إلى‪“ :‬حالة الشمعة المشتعلة التي بعد أن أضاءت لفترة طويلة أصبحت ال‬

‫تقدم إال ش اررة ضعيفة وغير متزنة“ هذه االستعارة عن اإلحتراق الوظيفي تتضح في بعض‬ ‫األحيان بواسطة صورة حريق سكن الذي يحترق كليا من الداخل مع بقاء المظهر الخارجي‬ ‫له في حالة جيدة‪ ،‬وفي ترجمة لمصطلح اإلنهاك المهني باللغات األجنبية‪ ،‬فإنه يطلق عليه‬

‫باللغة الفرنسية مصطلح )‪ (Epuisement professionnel‬الذي يشير إلى حالة اإلجهاد‬ ‫اإلنفعالي والجسمي الحاد الذي يعاني منه العامل بسبب ما يتعرض له من ضغوط مستمرة‬ ‫في محيط العمل‪ ،‬وفي اللغة اإلنجليزية يعني‪ )Burnout( :‬الذي يشير إلى التلف أو‬ ‫اإلنهيار الداخلي الذي يصيب الفرد نتيجة االستعمال المفرط للقوة والموارد والطاقات ليصل‬ ‫تدريجيا إلى حالة من الرماد‪ ،‬أما باللغة اليابانية فيطلق على اإلنهاك المهني مصطلح‬ ‫(‪ ) Karoshi‬الذي يعني "الموت بسبب التعب في العمل" ويدل على التعب الذي يمكن أن‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪166‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫يؤدي بالعمال إلى االنتحار‪ ،‬هذا األخير يمثل الدرجة القصوى من اإلنهاك المهني ‪ ،‬فالموت‬

‫يكون ناتج عن تدمير الغدد الكظرية التي تعمل بشكل مكثف في مرحلة الضغط النفسي‬ ‫لتصبح بعد ذلك غير قادرة على تقديم الهرمونات الالزمة التي تساعد في تخفيف الضغط‬

‫والتي تؤدي فيما بعد بالعامل إلى التدمير الذاتي‪ .4‬أما في اللغة العربية فيستعمل الباحثون‬

‫العرب مصطلحات عديدة لإلشارة إلى اإلنهاك المهني وهي‪( :‬متالزمة اإلحتراق النفسي)‬ ‫(اإلحتراق الوظيفي)‪( ،‬متالزمة التعب المزمن)‪( ،‬اإلنهاك المهني)‪( ،‬متالزمة الجهدة) وهي‬

‫تدل في مجملها على حالة من اإلنهاك الجسدي‪ ،‬اإلنفعالي والذهني المزمن المرتبط بالطاقة‬

‫الحيوية للعامل وشعوره بالمرض فيصبح المعني غير قادر على مواصلة الحياة العادية‪.5‬‬ ‫‪-2‬‬

‫تعريف اإلنهاك المهني‪:‬‬

‫إن أحد العراقيل األساسية في البحث عن اإلنهاك المهني هو غياب تعريف متعامل‬

‫به مقنع ومتفق عليه فنجد أنه هناك أكثر من خمسون (‪ )50‬تعريفا له‪ ،‬كلها تفسر اإلنهاك‬ ‫وتعرفه من منظور معين‪ .‬وفيما يلي سوف نحاول ذكر مجموعة من هذه التعاريف‬ ‫المهني ّ‬ ‫المختلفة والمتعددة حول ظاهرة اإلحتراق الوظيفي‪.‬‬ ‫لقد أعطى ‪ Freudenberger‬عدة تعاريف لإلنهاك المهني كلها كانت مكملة لألخرى‪ ،‬ففي‬ ‫عام (‪ )1974‬قدم أول تعريف له و هو‪ " :‬حالة من التعب أو اإلحباط‪ ،‬ناتجة عن إلتزام‬ ‫الفرد بقضية ما‪ ،‬نمط من الحياة أو بعالقة لم تحقق التوقعات المرجوة "‪ . 6‬ثم تأتي‬ ‫‪ ،Maslach‬لتقدم كذلك عدة تعاريف لإلنهاك المهني ففي عام (‪ )1976‬عرفته على أنه "‬ ‫عرض من األعراض البدنية‪ ،‬العاطفية والعقلية المرتبطة بالطاقة الحيوية للفرد وأدائها في‬ ‫األعمال التي يقوم بها وهذه األعراض لها عالقة سلبية بمفهوم الذات المواقف نحو العمل‬ ‫‪7‬‬ ‫وعرفته عام (‪ )1977‬على‬ ‫فقدان الثقة بالنفس وفقدان الشعور بالمسؤولية إتجاه اآلخرين" ‪ّ .‬‬

‫أنه‪ “ :‬حالة من اإلجهاد التي تصيب الفرد نتيجة ألعباء العمل ومتطلبات الزائدة والمستمرة‬ ‫بما يفوق طاقاته وإمكاناته‪ ،‬وينتج عن هذه الحالة مجموعة من األعراض النفسية‪ ،‬العقلية‬ ‫والجسدية“‪.8‬‬ ‫وفي عام (‪ )1981‬قدمت ‪ ،Maslach‬تعريفا جديدا لإلنهاك المهني وهو‪“ :‬متالزمة‬ ‫أو مجموعة من أعراض لإلجهاد العصبي وإستنزاف الطاقة اإلنفعالية والتجرد من الخواص‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪167‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الشخصية واإلحساس بعدم الرضا عن اإلنجاز الشخصي في المجال المهني“‪ ،‬وهذه‬

‫األعراض يمكن أن تمس األشخاص الذين يؤدون نوعا من األعمال التي تقتضي التعامل‬ ‫المباشر مع الناس‪ ،9‬و في عام )‪ (1982‬قدمت تعريفا شامال لإلجهاد المهني وهو‪" :‬عرض‬ ‫من اإلجهاد اإلنفعالي‪ ،‬تبلد الشخصية فقدان الشعور بالفعالية واإلنجاز الشخصي‪ ،‬يظهر‬ ‫فجأة لدى العامل بأي طريقة ممكنة‪ ،‬ويتعلق بردة فعل إتجاه العبء اإلنفعالي الحاد الذي‬

‫يظهر عند اإلعتناء باألشخاص بطريقة مستمرة وباألخص عندما يكون هؤالء األشخاص‬

‫واقعين في المشاكل ويحتاجون للمساعدة"‪ .‬وحسب )‪ Kahn, (1978‬فإن اإلنهاك المهني‬ ‫هو‪ " :‬زملة من المواقف الغير المالئمة نحو الزبائن ونحو الذات‪ ،‬غالبا ما تكون مرتبطة‬

‫‪10‬‬ ‫وعرفه )‪ ،Neveu, (2006‬على أنه‪:‬‬ ‫بأع ارض جسدية إنفعالية مزعجة تظهر لدى الفرد" ‪ّ .‬‬ ‫" مجموعة من ردود األفعال اإلنفعالية الدافعية‪ ،‬السلوكية والفيزيولوجية المزمنة في إطار‬

‫المهنة التي تتطور أمام بعض خصائص العامل"‪.11‬‬

‫لقد إهتم الباحثون العرب أيضا باإلنهاك المهني وقدموا مجموعة من التعاريف‬

‫المتعددة تختلف من باحث إلى آخر و من بينها نذكر‪:‬‬ ‫تعريف عبد الرحمان‪ " :)1995( ،‬اإلنهاك المهني حالة نفسية سلبية تصيب العاملين‬ ‫نتيجة مجموعة من الضغوط المختلفة التي يتعرضون لها‪ ،‬و تنعكس سلبا على سلوكياتهم‬ ‫وممارساتهم اليومية اتجاه العمل‪ ،‬الزمالء األقارب واألصدقاء"‪ .‬وحسب عكاشة‪،)1999( ،‬‬ ‫فإن اإلنهاك المهني هو تلك الحالة التي يكون عليها الفرد حينما يقع تحت ضغط داخلي‬ ‫لدوافع العطاء و اإللتزام‪ ،‬وتقف الظروف الخارجة عن نطاق العامل كحائل دون تحقيق هذا‬ ‫العطاء بالمستوى المرغوب فيه‪ ،‬مما يؤدي إلى ظهور صراع نفسي بين الرغبة في العطاء و‬ ‫إلتزام الفرد ال داخلي و بين معوقات األداء الخارجية‪ .‬وعليه فإننا يمكن الخروج بتعريف‬ ‫لإلحتراق الوظيفي على أنه حالة إستنفاذ إنفعالي لطاقات الفرد الجسمية‪ ،‬العقلية‪ ،‬الوجدانية و‬ ‫المهارية‪ ،‬نتيجة لعوامل التوتر الناجمة عن ضغوط نفسية أو مهنية أو إجتماعية أو معرفية‪.‬‬ ‫عرفه الحايك‪ ،)2000( ،‬على أنه‪" :‬حالة من اإلضطراب‪ ،‬التوتر وعدم الرضا‬ ‫بينما ّ‬

‫الوظيفي‪ ،‬تصيب العاملين في المجال اإلنساني واالجتماعي عامة‪ ،‬وهي ناتجة عن الضغوط‬

‫النفسية الشديدة التي يتعرض لها الفرد بسبب أعباء العمل التي تؤدي إلى إستنزاف طاقاته‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪168‬‬


‫أ‪.‬‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫وجهوده‪ ،‬مما تنحدر به إلى مستوى غير مقبول من األداء"‪ .12‬أما عسكر (‪ ( 2000‬فيعرف‬ ‫اإلنهاك المهني على أنه‪" :‬حالة من اإلنهاك أو االستنزاف البدني واإلنفعالي‪ ،‬نتيجة التعرض‬ ‫المستمر لضغوط عالية‪."13‬‬ ‫في األخير يمكننا القول أن اإلنهاك المهني ما هو إال حالة نفسية سلبية تمس جميع‬ ‫العمال تظهر نتيجة الضغوط المهنية المزمنة والمستمرة في محيط العمل‪ ،‬والتي تؤثر سلبا‬ ‫على صحة العامل النفسية‪ ،‬الجسمية‬

‫العقلية والمعرفية‪ ،‬وتتميز باإلجهاد اإلنفعالي‬

‫والجسمي‪ ،‬تبلد في الشخصية وفي العالقات مع اآلخرين‪ ،‬إنخفاض تقدير الذات واإلنجاز‬

‫الشخصي في العمل و تتفاقم هذه الحالة لتمس جميع جوانب حياة العامل المهنية‬ ‫والشخصية‪.14‬‬ ‫‪ -3‬مراحل اإلنهاك المهني لدى المعالجين‪:‬‬

‫تعتبر مرحلة الحماس المثالي للعمل‪ ،‬أول مراحل اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫لديهم ‪ ،‬ثم تأتي مرحلة الركود و الجمود نتيجة تصادم توقعاتهم و تصوراتهم المثالية مع‬

‫الواقع المهني‪ ،‬ليدخلوا في مرحلة اإلحباط أين يتساءلون عن أهمية أعمالهم وفعاليتها ليصلوا‬ ‫لمرحلة الخمول وهي المرحلة األخيرة لإلنهاك المهني لديهم‪ .‬و لقد قدم كل من ‪Edelwich‬‬ ‫)‪ ،& Brodsky, (1980‬أربع مراحل لإلنهاك المهني لدى المعالجين وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1-3‬مرحلة الحماس‪ :‬يكون كل شيء فيها مثالي بالنسبة للمعالج‪ ،‬فنجده يتمتّع بكامل‬ ‫طاقاته وموارده‪ ،‬كما يبني تصورات مثالية ونظرة بأنه سوف يشفي معظم المرضى‪ ،‬هذه‬ ‫اإلتّجاهات المثالية تظهر لديه على شكل إفراط‪ ،‬هوس وتعلق بالعمل والذي يمثل بالنسبة‬ ‫للمعالج المصدر األساسي والوحيد لرضاه الوظيفي وتقديره المهني‪.‬‬ ‫‪ -2-3‬مرحلة الركود‪ :‬تظهر في هذه المرحلة حالة من التعب واإلجهاد لدى المعالج‪ ،‬كما‬ ‫يدرك بأن األشياء ال تجري كما تمناها كون حاالت المرضى ال تتحسن بالسرعة المرجوة‬ ‫واإلدارة ال تتعاون بالقدر الكافي معه‪ ،‬هذا ما يدفعه لتخصيص وقت أكبر لمهنته وإستثمار‬ ‫زائد في عمله من أجل تحقيق النتائج المرجوة‪ ،‬لكن هذه الحالة تؤدي تدريجيا إلى ظهور‬

‫إضطرابات لدى المعالج كإضطرابات النوم‪ ،‬التوتر الشديد‪ ،‬القلق‪ ،‬إضطرابات إجتماعية‬ ‫المستمرة مع أفراد المجتمع ومع األسرة‪.‬‬ ‫كالصراعات‬ ‫ّ‬ ‫وعائلية ّ‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪169‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -3-3‬مرحلة اإلحباط و خيبة األمل‪ :‬يبدأ المعالج في هذه المرحلة بطرح أسئلة حول قيمة‬ ‫مهنته والهدف منها وهل تستحق فعال العناء و التضحية؟ فيبدأ بالشك في ذاته‪ ،‬في أحكامه‬

‫وفي قدراته‪ :‬هل أخطأت في إختيار المهنة وهل أسلك الطريق الخاطئ؟ فيرى أن المحيط ال‬

‫يكون نظرة سلبية نحو المرضى‪ ،‬فيصفهم بناكري‬ ‫يقدم له الدعم الذي كان يتمناه‪ ،‬كما ّ‬ ‫الجميل و غير مقدرين لمجهوداته‪ ،‬كما يشعر بأن زمالئه في العمل ناقصي اإلحترام فيصبح‬ ‫الكل بالنسبة له مصدر ألم وغضب‪ .‬إن إستمرار هذه المرحلة تؤدي إلى إصابته بمشاكل‬ ‫وإضطرابات صحية وعادة ما يعتمد في هذه المرحلة على األدوية والكحول لعالج نفسه‬ ‫تعزز إال حالة اإلحباط‬ ‫محاوال تجاوز الوضعية التي يعيشها‪ ،‬لكن لألسف هذه الوسائل ال ّ‬ ‫التي يشعر بها والتي تؤدي بدورها إلى الخمول‪.‬‬

‫‪ -4-3‬مرحلة الخمول و اليأس ‪ :‬تعتبر هذه المرحلة بوابة اإلنهاك المهني ويشعر فيها‬ ‫المعالج بالعجز واإلخفاق المهني وهذا ما يظهر في محاولته تجنب المرضى أو المسؤولين‬

‫أو زمالء العمل‪ ،‬كما يتبنى مبدأ الوحدة واإلنعزال عن اآلخرين ويستمر في العمل لوحده‬ ‫سعيا منه للحصول على مصدر إلعادة شحن طاقاته من جديد‪ .‬تظهر في هذه المرحلة‬ ‫مواقف سلبية لديه منها‪ :‬التأخر عن العمل بسبب فقدان قيمته فيعمل إجباريا وحاجة لهذا‬ ‫العمل وليس حبا فيه (كراهية العمل) إهمال المواعيد‪ ،‬عدم االهتمام بالتكوين المهني‪ ،‬فقدان‬ ‫كل ما يربطه بالمهنة وفي بعض‬ ‫األمل‪ ،‬اإلكتئاب الرغبة في اإلستسالم واإلنسحاب من ّ‬ ‫حد التفكير في اإلنتحار‪.15‬‬ ‫الحاالت يصل به األمر حتى إلى ّ‬ ‫‪ -4‬أبعاد اإلنهاك المهني‪:‬‬

‫إعتمدت )‪ (Maslach, 1981‬في قياس وتفسير اإلنهاك المهني على ثالثة أبعاد‬

‫أساسية وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1-4‬اإلجهاد اإلنفعالي‪ :‬يتمثل هذا البعد في شعور العامل بأن طاقاته قد إستنزفت وبأنه‬ ‫مجهد بسبب إلتزامه الكبير والمبالغ فيه بالعمل مما يؤدي إلى تجفيف موارده و طاقاته‪ ،‬كما‬

‫يتنامى لديه الشعور الدائم بالتعب واإلرهاق اإلنفعالي‪ ،‬وفي هذه الحالة تكون فترات الراحة‬

‫غير نافعة له وال تأتي بالنتائج المرجوة فكل يوم عمل جديد يعيشه على أنه جحيم يجب‬

‫تحمله‪ ،‬كما تظهر لديه صعوبات في التعامل مع المحيطين به من‪ :‬زبائن‪ ،‬مرضى‪ ،‬زمالء‬ ‫العمل‪ ،‬األقارب والعائلة و التي تتظاهر على شكل المباالة‪ ،‬إهمال وبرودة في المعامالت‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪170‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫والعالقات مع الغير‪ .‬ويظهر اإلجهاد اإلنفعالي حسب )‪ ،(Maslach, 1981‬فجأة خالل‬

‫التفاعالت االجتماعية ذات عبء إنفعالي حاد‪ ،‬بمعنى وصول العامل إلى قمة التشبع‬

‫اإلنفعالي أمام إرغامات ومتطلبات الوضعية المهنية خصوصا عندما يكون في تفاعل مع‬ ‫الغير‪.‬‬ ‫‪ -2-4‬تبلد الشخصية (عدم اإلنسانية في العالقات مع اآلخرين)‪ :‬تشير ‪(Maslach,‬‬ ‫)‪ ،1981‬إلى أن هذا البعد مرتبط بنظرة العامل وعالقاته السلبية مع اآلخرين‪ ،‬كذلك إعتماده‬

‫على سلوك التهرب‪ ،‬إلقاء اللوم‪ ،‬توبيخ المحيطين به وعدم أخذه بعين اإلعتبار اإلختالفات‬

‫بين األفراد كما يتبنى صور نمطية وعالقات غير شخصية حيث تظهر لديه الوقاحة‬ ‫الموجهة لآلخرين كونهم بالنسبة له مصدر إزعاج كالطلبة بالنسبة للمعلمين‪ ،‬المرضى‬ ‫بالنسبة للمعالجين والزبائن بالنسبة للتجار‪ .‬وفي نفس السياق أ ّكد )‪ ،(Grebot, 2008‬أن‬ ‫هذا البعد يمكن أن يأخذ أشكاال أكثر قساوة إذ تظهر على العامل مؤشرات سوء المعاملة‪،‬‬ ‫الجمود والرفض‪ ...‬فنجد مثال المعالجين يبررون تصرفاتهم بعلم الطب واألحقية‪ ،‬بينما نجد‬ ‫المعلمين يتحججون بالسلطة البيداغوجية لتبرير تصرفاتهم وسلوكاتهم‪ ،‬فكل عامل يدافع عن‬

‫سلوكياته وتصرفاته عن طريق العلم البيداغوجيا والقانون‪ ...‬في هذا المستوى يلعب تبلد‬

‫الشخصية دور إيجابي بالنسبة للعامل بحيث يسمح له باإلبتعاد النفسي عن الزبائن أو‬

‫المرضى وحمايته من اآلثار السلبية لإلجهاد اإلنفعالي وما يلعبه من دور سلبي في إنخفاض‬ ‫الشعور باإلنجاز الشخصي لدى العامل‪.‬‬ ‫‪ -3-4‬نقص الشعور باإلنجاز الشخصي في العمل‪ :‬يعتبر هذا البعد حسب ‪Maslach,‬‬

‫)‪ ،(1981‬الخاصية الثالثة لإلنهاك المهني ويتميز بتقييم العامل السلبي لقدراته‪ ،‬شعوره بعدم‬ ‫آداء مهنته على الوجه الصحيح‪ ،‬عدم القدرة على تحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬الرؤية السلبية‬

‫حول حياته المهنية والشخصية‪ ،‬الشعور القوي باإلخفاق أو الفشل المهني نتيجة إنخفاض‬ ‫قيمة العمل وعدم إستثماره في العمل‪ ،‬هذه النظرة السلبية نحو الذات ونحو العمل تؤدي‬

‫بالعامل إلى الشعور بالذنب‪ ،‬اإلحباط‪ ،‬عدم الفعالية في العمل وإنخفاض درجة تقدير العامل‬

‫لذاته‪ ،‬وفي حالة إستمرار هذه الحالة السلبية لديه‪ ،‬فإنه يتعرض ال محالة لإلكتئاب واإلنهاك‬ ‫المهني ليصل به األمر إلى حد التغيب عن العمل‪.16‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪171‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -5‬أسباب اإلنهاك المهني لدى المعالجين‪:‬‬ ‫لقد أشار )‪ ،Méda, (1995‬إلى أن أسباب اإلنهاك المهني لدى المعالجين تتمثل في‬ ‫التوقعات والتصورات المثالية لهم‪ ،‬الفروق بين المهام المطلوبة وبين الوسائل المتوفرة‬ ‫إلنجازها‪ ،‬الصراعات في العمل‪ ،‬نمط اإلدارة التسلطي‪ ،‬غموض الدور‪ ،‬إرغامات العمل‬ ‫ظروف آداء المعالج للمهنة‪ ،‬نقص الدافعية وتزايد الطلب الكمي‬

‫نقص الوقت‪ ،‬نقص‬

‫التكوين المتواصل‪ ،‬نقص اإلتّصال مع زمالء العمل‪ ،‬صراع عمل‪-‬عائلة والعالقة القوية بين‬ ‫‪17‬‬ ‫السياق‪ ،‬أ ّكد كل من ‪Rodary & Gauvain-‬‬ ‫المعالج وبين المريض أو عائلته وفي نفس ّ‬ ‫)‪ Piquard, (1993‬و)‪ Lert & Morcet, (1997‬على أن أسباب اإلنهاك المهني لدى‬

‫األطباء خاصة إختصاصيي مرض السرطان هي‪ :‬عبء العمل‪ ،‬التعرض المستمر لحاالت‬ ‫الموت‪ ،‬نقص الموارد البشرية‪ ،‬تعّقد العمل‪ ،‬نقص وسائل الرعاية‪ ،‬المرضى صغار السن‬ ‫إضطراب العالقات بين األطباء وبين المرضى أو ذويهم والمشاكل المتراكمة‪ . 18‬وحسب‬ ‫)‪ ،Lyckholm, (2001‬فإن أسباب اإلنهاك المهني لدى المعالجين تكمن في نقص الوقت‬ ‫الشعور باإلخفاق المهني‪ ،‬التوقعات المثالية‪ ،‬الغضب الشديد‪ ،‬اإلحباط العجز عن حماية‬ ‫الذات‪ ،‬عدم الرضا عن العالقة طبيب ‪ -‬مريض المخاوف المالية‪ ،‬زيادة المهام اإلدارية‬ ‫وغياب اإلستقاللية‪ ،‬الشعور باإلخفاق المهني المشاكل التنظيمية‪ ،‬طبيعة العالقة القائمة مع‬ ‫زمالء العمل أو المصلحة اإلستشفائية‪.19‬‬ ‫لقد أظهرت نتائج دراسة )‪ ،Cathébas & al, (2003‬أن أسباب اإلنهاك المهني لدى‬ ‫المعالجين تتمثل في متطلبات المرضى‪ ،‬عبء العمل الزائد‪ ،‬نقص وقت الراحة‪ ،‬نقص‬ ‫اإلعتراف المهني‪ ،‬المسؤولية المهنية الخوف من األخطاء الطبية نمط إدارة المصلحة غياب‬ ‫المعوضين نقص‬ ‫التكوين الطبي المتواصل‪ ،‬اإلتاحية الدائمة‪ ،‬الصعوبة في إيجاد األطباء‬ ‫ّ‬ ‫التكوين المتعلق باألمراض النفسية ‪ -‬االجتماعية‪ ،‬عدوانية المرضى وعائالتهم‪ ،‬الهاتف‬ ‫والضغط الحكومي‪ ،‬إضافة إلى دراسة )‪ De Cia, (2010‬حول معايير تشخيص اإلحتراق‬ ‫الوظيفي لدى (‪ )346‬طبيب عام في بلجيكا التي أكدت على أن أسباب اإلحتراق الوظيفي‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪172‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫لدى هذه العينة هي‪ :‬عبء العمل‪ ،‬التوتر الوقتي‪ ،‬التغيير التنظيمي‪ ،‬نقص دعم اإلدارة‬ ‫غياب التقدير اإلحترام و اإلعتراف‪ ،‬نقص الدعم من زمالء العمل‪ ،‬غياب إمكانية التقدم في‬ ‫العمل‪ ،‬غموض الدور (خاصة بالنسبة للممرضين) عدم المشاركة في إتخاذ الق اررات‪ ،‬ظروف‬ ‫العمل الشاقة‪ ،‬نقص الموارد واإلمكانيات الالزمة في العمل‪ .20‬وحسب ‪،Carillo, 2010‬‬ ‫فإن التقنيات التكنولوجية الحديثة التي يجب على المعالجين التحكم فيها‪ ،‬محيط العمل‬ ‫المضطرب (الروائح الكريهة‪ ،‬التصرفات المتناقضة حركة المرضى وعائالتهم في ممرات‬ ‫المصالح اإلستشفائية‪ ،‬صراخ األطفال‪ ،‬الحاالت المستعجلة‪ ،‬غضب وعدم تفهم المرضى‬ ‫توصلت إليه نتائج دراسة‬ ‫واإللتزام األسري) كلها أسباب تؤدي لإلنهاك المهني ‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫‪ Colombat & al, 2011‬التي أشارت إلى أن اإلنهاك المهني لدى المعالجين يعتمد في‬ ‫وتطوره على ثالثة أعمدة أساسية وهي اإلنفعاالت المرتبطة بمعاناة المرضى‪،‬‬ ‫بداية تشكله‬ ‫ّ‬ ‫عدم التفاهم الذي يكون عادة مصد ار للصراعات والضغط المهني الناتج عن توتر المعالج‪،‬‬ ‫أما ‪ ،Galam, 2012‬فيرى أن شعور المعالجين بالخيانة المهنية وسوء معاملة المجتمع لهم‬ ‫ّ‬ ‫تعتبر أحد أسباب ظهور اإلنهاك المهني‪.‬‬ ‫لقد إقترح ‪ ،Delbrouck, 2003‬مجموعة من األسباب التي تؤدي لإلنهاك المهني‬

‫لدى المعالجين وهي‪:‬‬ ‫✓ القلق‪:‬‬

‫يؤدي القلق في بعض األحيان إلى هيجان وسرعة إنفعال المعالجين خاصة‬

‫أثناء آدائهم للمهام وفي نهاية العمل تجدهم منهكون ومتعبون‪ ،‬هذه الحالة تؤدي بهم‬

‫مما يولد لديهم ضغط نفسي إضافي‪ ،‬كما يتنامى لديهم‬ ‫إلى إلقاء اللوم على أنفسهم ّ‬ ‫الشعور بالخوف وعدم األمان مما يقلل من فعاليتهم المهنية‪.‬‬ ‫✓ الرغبة في نيل إعجاب اآلخرين‪ :‬يسعى الكثير من األشخاص إلى إرضاء اآلخرين حتى‬

‫ولو كان على حساب أنفسهم فيعتقدون بأنهم ليسوا بحاجة إلى اإلهتمام بأنفسهم والعمل‬ ‫على تحقيق حاجاتهم وإشباع رغباتهم على الرغم من أهمية هذا الجانب في تحقيق‬ ‫التوازن النفسي لدى الفرد‪ ،‬ولقد أطلق ‪ ،Barbier, 2004‬على هذه الحالة مصطلح‬

‫“هوس العمل“ الذي يشير إلى التعّلق الشديد بالمهنة بحيث يصبح الطبيب "سجين‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪173‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫عمله"‪ ،‬وحسبه فإن اإلنهاك المهني يمس بصفة خاصة المعالجون الشباب الذين‬

‫يطورون آليات للتهرب من الوضعيات الصعبة والمحرجة وعدم السماح بسيطرة اآلخرين‬ ‫ّ‬ ‫عليهم‪ ،‬هذا ما يترجم في العبء الكبير الذي يشعرون به في العمل‪.‬‬ ‫✓ اإلعتماد المطلق على الذات في العمل‪ :‬عادة ما يعمل المعالج مع أشخاص أقل‬

‫مصداقية فيتبنى نحوهم إتجاهات ومواقف سلبية كعدم الثقة والتشاؤم‪ ،‬وبالتالي يجبر‬ ‫على القيام باألعمال لوحده دون اإلعتماد على اآلخرين ألنهم في نظره عاجزين عن‬ ‫إنجاز األعمال بإتقان وأنه الوحيد القادر على إنجاز المهمة بكفاءة وفعالية ‪.‬‬

‫✓ إختيار مهنة المعالج‪ :‬إن إختيار المهنة يمكن أن يكون عامل إخفاق محتمل للمعالج‬ ‫في العمل‪ ،‬فعادة ما يختار هذه المهنة ألنه كان عرضة في وقت سابق للمرض أي‪:‬‬

‫كان مريضا أو كان أحد أقربائه أو من محيطه العائلي مريض أو أراد أن يعالج بنفسه‬ ‫المشكالت النفسية والجسمية المتعلقة بصحته‪ ،‬وبهذا تصبح شخصية المعالج و‬

‫إختياراته المهنية نقطة ضعف تجعله سريع التأثر بمشكالت المرضى‪ ،‬كما يصبح‬ ‫المعالج شخصا ودودا وكريما إتجاه المرضى الذين يعانون من نفس المشكالت التي‬ ‫عانى منها سابقا‪ ،‬فيكون مخلصا و وفيا جسدا و روحا لحياة هؤالء المرضى‪.‬‬

‫✓ تأثير تكرار حاالت " الصدمة النفسية " للمرضى‪ :‬إن شدة تكرار الصدمات النفسية التي‬

‫مهم على معالجي مصالحة اإلستعجاالت‪ ،‬أطباء‬ ‫يعاني منها المرضى لها تأثير نفسي ّ‬ ‫الجراحة‪ ،‬أطباء إعادة التأهيل‪ ،‬أطباء التوليد‪ ،‬أطباء التخدير‪ ،‬أطباء الحراسة والممرضين‬ ‫طم األكثر صالبة وقوة‬ ‫فالحاالت التي تتعامل معها هذه الفئة من األطباء يمكن أن تح ّ‬ ‫منهم‪ ،‬فمن خالل معايشة معاناة المرضى من جهة و من خالل التعريف اإلسقاطي‬

‫لألطباء من جهة أخرى; لو أنني أعاني من نفس المرض‪ ،‬لو أموت‪ ،‬لو يحدث هذا‬ ‫لولدي‪ ،...‬كما أن تنوع وتعدد مشكالت المرضى يدفع بالمعالجين إلى محاولة إيجاد‬

‫توازن نفسي وجسمي في عالقاتهم معهم‪ ،‬فعادة ما يجدون أنفسهم أمام مسائل‬

‫ميتافيزيقية‪ ،‬أخالقية‪ ،‬عقلية ونفسية كحاالت الموت‪ ،‬المرض‪ ،‬المعاناة‪ ،‬الظلم الآلمساواة‬ ‫الرغبات الممنوعة والمكبوتة كالرغبة في القتل اإلنحراف الجنسي‪ ،‬التشوه الوراثي‪ ...‬إن‬

‫تكرار هذه الحاالت وإستمرارها مع مرور الوقت تؤدي إلى إستن ازف موارد وطاقات‬ ‫المعالجين خاصة عندما تغييب قنوات اإلتصال في المؤسسات اإلستشفائية وعدم قدرتهم‬

‫على التعبير عن معاناتهم أو الحديث مع زمالء العمل‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪174‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫✓ العزلة الجسمية و النفس‪-‬إجتماعية للمعالج‪ :‬إن خصوصيات مهنة المعالج تكسبه‬ ‫مكانة إجتماعية وخصوصيات الحوار الشخصي مع المرضى‪ ،‬فهو مركز ثقة لدى‬ ‫الجميع وفي نفس الوقت تضعه هذه الثقة أمام إرغامات المهنة المرتبطة بأسرارها ‪-‬السر‬ ‫يفسر في بعض‬ ‫الطبي‪ -‬فهو مطالب بعدم مشاركة اآلخرين أسرار المرضى‪ ،‬هذا ما ّ‬ ‫الحاالت العزلة واإلنسحاب االجتماعي للمعالج حفاظا على األمانة المهنية‪ ،‬كما يؤدي‬ ‫لمس المعالج لخصوصيات المرضى كأعضائهم التناسلية والحيوية ورؤية أجسامهم‬ ‫المكشوفة إلى الشعور بوعي أو بدون وعي بالتفوق والقوة والمجد وبأنه قادر على إعطاء‬ ‫الحياة أو الموت‪ ،‬وبالتالي فإنه من المستحيل بناء عالقات معه خارج العالقة‬ ‫المهنية‪.21‬‬ ‫✓ غياب التقدير و اإلعتراف ‪ :‬يلعب نقص التقدير واإلعتراف دور هام في ظهور اإلنهاك‬ ‫المهني‪ ،‬فهناك وضعيات عمل يقدم فيها المعالج كل وقته و يبذل أقصى الجهود من‬

‫أجل الحصول على تقدير وإعتراف إيجابي‪ ،‬لكن في بعض الحاالت يحدث العكس‬ ‫حيث توضع قدراته وصرامته على المحك ويصبح موضع شك فيحاسب على كل شيء‪،‬‬ ‫واألسوء من ذلك فإنه يجد نفسه مجب ار على مواجهة العدوانية والعنف اللفظي أو‬ ‫الجسدي الذي يتعرض له في محيط العمل‪.22‬‬ ‫✓ تغير المناخ الذي تمارس فيه مهنة الطبيب‪ :‬إن تدخل بعض األشخاص وفرضهم‬

‫لمتطلبات وشروط معينة على الطبيب من أجل شفاء المرضى تضعه تحت ضغط‬

‫نفسي مرتفع‪ ،‬كما تعتبر طريقة تسيير المستشفيات‪ ،‬معايير تقييم اآلداء‪ ،‬تضاعف‬

‫دوريات المراقبة البيروقراطية من العوامل التي تؤدي لإلنهاك المهني لدى األطباء‪،‬‬ ‫إضافة إلى ذلك نجد تكوين وتعليم الطلبة األطباء في الجامعات والمعاهد العليا الذي ال‬ ‫يعمل على تطوير قدراتهم وال ينمي فيهم ميكانيزمات الدفاع الالزمة لمواجهة إرغامات‬ ‫المهنة وظروفها‪.‬‬ ‫✓ إرغامات مهنة التمريض‪ :‬تعتبر مهنة التمريض الحلقة المركزية في سلسلة العالقات في‬

‫المستشفى فهي مكان مرور النشاطات والمعلومات التي تأتي من المريض إلى الطبيب‪،‬‬

‫لكن في نفس الوقت يجد الممرضون أنفسهم مجبرون على الوقوف أمام وضعيات شاقة‬

‫وإيجاد التوازن المناسب بين إرغامات العمل و بين مواردهم المتوفرة‪.23‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪175‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫✓ العالقة معالج‪-‬مريض‪ :‬يرى ‪ ،Behar, 2011‬أن العالقة بين المعالج ومريضه‬

‫يصاحبها الكثير من اإلضطرابات والمشاكل من منطلق كثرة الفاعلين فيما بينهما‬

‫كاإلدارة‪ ،‬عائلة المريض مؤسسات المراقبة‪ ،‬بينما يجب أن ترتكز في الحقيقة على‬ ‫المودة‪ ،‬اإلحترام والثقة المتبادلة‪ ،‬وحسب ‪ ،Ferragut, 2007‬فإن عالقة المعالج‬ ‫ّ‬ ‫بالمريض من حيث التكفل العام به ومرافقته نفسيا قد تغيرت في يومنا الحالي‪ ،‬و هذا‬ ‫راجع إلى معطيات عديدة سواء كانت متعلقة بالمعالج أو مرتبطة بالمهنة أو لها عالقة‬

‫أما ‪ ،Bataille, 2013‬فيرى أن‬ ‫بالسياسة التنظيمية أو مرتبطة بعدوانية المرضى ّ‬ ‫الحالة النفسية المتدهورة للمريض وإلقائه اللوم والتهجم على المعالج‪ ،‬يؤدي إلى تغير في‬

‫يتبنى بدوره أسلوب عدم االهتمام الوقاحة واإلهمال إتجاه‬ ‫سلوك هذا األخير الذي ّ‬ ‫المريض‪.‬‬

‫✓ حجم العمل الكمي ‪ :‬يعتبر عبء العمل الزائد حسب ‪ ،Barruel, 2015‬أحد أسباب‬ ‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين وهذا ما أكدت عليه دراسة تركية شملت أطباء األورام‬

‫السرطانية العاملين من (‪ )40‬إلى (‪ )70‬ساعة في األسبوع والذين يشرفون على (‪)30‬‬

‫مريض يوميا‪ .‬وتوصلت دراسة أسترالية إلى أن إتصال المعالج مع المرضى لوقت يفوق‬ ‫(‪ )31‬ساعة يعتبر عامل دال على اإلنهاك المهني ‪ ،‬بينما يعتبر اإلتصال مع المرضى‬

‫ألقل من (‪ )10‬ساعات في اليوم كعامل يؤدي إلى تبلد الشخصية‪ ،‬كما أن نقص‬ ‫التكوين والوقت المحدد الذي عادة ما يكون غير كافي إلنجاز المهمة وغياب وسائل‬ ‫العالج أحد أسباب اإلنهاك المهني‪.24‬‬

‫‪ -6‬أعراض اإلنهاك المهني لدى المعالجين‪:‬‬

‫لقد أشار ‪ ،Delbrouck, 2003‬إلى بعض المؤشرات النفسية السلبية التي تظهر‬

‫لدى المعالجين المصابين باإلنهاك المهني و هي‪ :‬الوقاحة‪ ،‬سرعة اإلنفعال والغضب الشعور‬ ‫المتنامي باإلخفاق و الضعف إهمال الذات و إنخفاض درجة تقديرها‪ ،‬فقدان حس الفكاهة‬ ‫عدم االهتمام بالمرضى و الالمباالة‪ ،‬تبلد الشخصية وعدم اإلنسانية في التعامل مع‬ ‫اآلخرين‪ ،‬الشعور بعدم األمان‪ ،‬التردد‪ ،‬عدم الرضا في العمل‪ ،‬نفاذ الصبر‪ ،‬القلق المتزايد‬

‫الشعور بالذنب‪ ،‬شرود الذهن و في بعض األحيان يصل بهم األمر إلى فقدان الذاكرة‬ ‫تدريجيا‪ .25‬يتحول المعالج المنهك وظيفيا بطريقة مفاجئة من الفكاهة إلى حالة من األلم‪،‬‬ ‫البكاء‪ ،‬الحزن والمعاناة كما تظهر لديه أعراض معرفية كإضطراب في اإلنتباه وفي اليقظة‪،‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪176‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫نقص التركيز ضعف الذاكرة‪ ،‬إضطراب التفكير إضطرابات في الشخصية‪ ،‬صعوبة في‬ ‫إصدار األحكام إنخفاض النشاط العقلي والتوتر‪ ،‬األفكار اإلنتحارية التشاؤم‪ ،‬الوحدة‬ ‫واإلحباط‬

‫‪26‬‬

‫إضافة إلى أعراض نفسية أخرى تظهر على شكل ردود أفعال سلبية تترجم‬

‫بصراعات في العمل ومشاكل عائلية‪ ،‬ومن هذه األعراض نجد الصالبة ومقاومة التغيير‬ ‫النشاط الزائد‪ ،‬التسرب في العمل (الهروب أو التغيب عن العمل) الحضور التناقضي‪،‬‬

‫تقبل آراء اآلخرين والعناد‪ ،‬العدوانية‪ ،‬العنف اللفضي أو الجسدي‪،‬‬ ‫المواقف البيروقراطية كعدم ّ‬ ‫كما أنه عادة ما يرافق اإلنهاك المهني لدى المعالجين في الوهلة األولى شعور شاق يصعب‬ ‫تحمله فقدان للحيوية وإحساس باإلنهيار‪ ،‬وفي حالة إستمرار هذه األعراض في الظهور فإن‬ ‫ذلك يؤدي بهم إلى الشعور بالملل ‪،‬تبني أسلوب الوقاحة وسوء معاملة المرضى وفي بعض‬

‫األحيان يصل بهم األمر إلى حد التفكير في اإلنتحار‪.27‬‬

‫‪ 1-6‬األعراض الجسمية ‪ :‬يؤدي اإلنهاك المهني إلى إحداث تغييرات على الصحة الجسمية‬ ‫لألطباء‪ ،‬فتظهر لديهم آالم الظهر والرقبة‪ ،‬القرحة‪ ،‬الصداع النصفي‪ ،‬الغثيان‪ ،‬فقدان الشهية‪،‬‬

‫أعراض تشبه أعراض اإلنفلونزا‪ ،‬عدم التوازن الهرموني إضطرابات الجهاز الهضمي‪،‬‬ ‫إضطرابات البلعوم األنفي‪ ،‬تقلصات عضلية‪ ،‬اإلدمان على الكحول‪ ،‬تناول األقراص‬ ‫المهلوسة والمخدرات وحسب (‪ ،)Grebot, 2008‬فإن أعراض اإلنهاك المهني لدى‬ ‫المعالجين تكمن في‪:‬‬

‫ويتطور مع عدم قدرة األطباء على‬ ‫‪ 2-6‬اإلجهاد اإلنفعالي‪ :‬يظهر اإلجهاد اإلنفعالي‬ ‫ّ‬ ‫التعبير عن إنفعاالتهم وهو ما يدخل في إطار العادة الطبية الضمنية أي‪ :‬شعور الطبيب‬ ‫بأنه ي جب أن يبقى قويا وال يظهر أي نوع من الضعف‪ ،‬ففي هذه الحالة يعتمد على كبت‬ ‫ويحولها إلى سلوكات يتحكم فيها‪ ،‬لذلك فإن اإلجهاد اإلنفعالي يمكن أن يأخذ جانب‬ ‫إنفعاالته ّ‬ ‫هدوء األعصاب وعدم اإلهتمام بالمشاكل المهنية‪ ،‬ويتضاعف‬ ‫برودة المشاعر‬

‫اإلجهاداإلنفعالي بالنسبة لألطباء ليصل األمر إلى عدم القدرة على التعبير عن إنفعاالتهم‬ ‫الداخلية‪ ،‬هذا ما يعزز مفهوم " القمع اإلنفعالي" لدى األطباء وهي مواقف منتشرة في مهنة‬

‫الطب‪.‬‬ ‫‪ 3-6‬تبلد الشخصية ‪ :‬يظهر تبلد الشخصية كنتيجة مباشرة لإلجهاد اإلنفعالي‪ ،‬بحيث‬ ‫يصبح الطبيب عاج از على السيطرة عن إنفعاالته‪ ،‬ويظهر هذا التبلد على شكل سخرية و‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪177‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫وقاحة إتجاه المرضى فيصبحون في نظره " موضوع " أو " شيء " أو " رقم غرفة " كما‬ ‫يعتمد الطبيب على اإلختباء وراء الوصف العلمي بإستخدام مصطلحات علمية يصعب‬ ‫فهمها من طرف المريض‪.‬‬ ‫‪ -4-6‬الشعور بالفشل أو اإلخفاق المهني‪ :‬يظهر الشعور بالفشل المهني لدى الطبيب في‬ ‫أشكال متعددة كالشعور بعدم الفعالية المهنية‪ ،‬عدم القيام بالمهمة بالطريقة الصحيحة‪ ،‬العجز‬

‫على مساعدة المرضى‪ ،‬الشك في قدرته على الذهاب بعيدا في العمل والشعور بالذنب‪ .‬إن‬

‫نتائج الشعور بالفشل المهني على األطباء عديدة منها‪ :‬التغيب‪ ،‬التهرب‪ ،‬التخطيط لتغيير‬ ‫المهنة‪ ،‬وفي بعض األحيان تترجم عندهم بالنشاط المفرط و ذلك بتمديد أوقات العمل‪ ،‬لكن‬ ‫على الرغم من ذلك تبقى فعاليتهم المهنية منخفضة‪.28‬‬ ‫‪ -7‬آثار اإلنهاك المهني على المعالجين‪ :‬يرى ‪ ،Mallay‬بأن اإلنهاك المهني يمكن أن‬ ‫يؤدي بالمعالجين إلى إستعمال العنف الموجه نحو المرضى بكل أشكاله‪ ،‬خاصة عندما‬

‫يكون هناك نقص في الموارد البشرية وتنامي عبء العمل‪ ،‬وتوصل ‪،Dolaz, 2005‬‬ ‫من خالل المقابالت واإلجتماعات التي أجراها مع (‪ )100‬معالج إلى أن اإلنهاك‬ ‫المهني يؤدي إلى تغيير في المعتقدات إتجاه الذات والمحيط الذي يعيش فيه والهوية‬ ‫المهنية‪ ،‬فبعض الحاالت تصبح ضائعة‪ ،‬محبطة‪ ،‬عدوانية وال تعرف دورها المهني‪،‬‬

‫إضافة إلى اإلنغالق الغير الموضوعي عن الحياة‪ ،‬و سوء المعاملة التي ترتبط بظروف‬ ‫العمل الصعبة‪ ،‬المشاكل المتعلقة بالمؤسسة اإلستشفائية‪ ،‬وضعيات العمل الشاقة‬

‫كالتكفل بالمرضى المدمنين وذوي الحاالت الحرجة‪ .‬وعادة ما ترتبط سوء المعاملة هذه‬

‫بإعتداء مباشر من طرف المعالجين على المرضى‪ ،‬فهي تتعلق بحاالت اإلهمال‪،‬‬ ‫الشتم‪ ،‬سلوكات التجنب‪ ،‬عدم اإلستماع لآلخرين‪ ،‬إنخفاض جودة الرعاية‪ ،‬التسرع‬

‫والتصرفات الغير مهنية من طرف المعالجين إتجاه مرضاهم كربط المريض بالسرير‬ ‫دون وجود ضرورة لذلك‪ ،‬خلط أطباق الطعام الخاصة بالمرضى‪ ،‬إستعمال الحافظات‬ ‫عوض أخذ المريض إلى المرحاض أو تركه عدة ساعات في فضالته‪ ،‬إضافة إلى‬

‫النظرة اإلقصائية إتجاه المرضى بحيث ال يعاملهم كأشخاص يحتاجون لرعاية صحية‬ ‫وإنما كأطفال ال بد من التعامل معهم بصرامة‪ ،‬لكن ليس بالضرورة كل معالج مصاب‬ ‫باإلنهاك المهني مسيء للمعاملة فال بد من اإلشارة إلى أن هذه الحالة ال يشعر بها‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪178‬‬


‫أ‪.‬‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫المعالجين (بدون وعي) إتجاه المرضى حتى ولو كان المعالجين يدركون بأن هذا ليس‬ ‫‪29‬‬ ‫توصلت نتائج دراسة ‪ ،Grebot, 2008‬إلى أن‬ ‫السياق ّ‬ ‫أفضل ما يفعلونه ‪ .‬وفي نفس ّ‬ ‫سلوكات األطباء الذين يعانون من اإلنهاك المهني تمتاز عن غيرها من سلوكات‬

‫العاملين في المهن األخرى ومن هذه السلوكات نجد تبلد الشخصية والشعور بالذنب‪،‬‬

‫كما توصلت إلى أن (‪ )25%‬من األطباء يعترفون بتناولهم األقراص المهلوسة و(‪)6%‬‬

‫منهم يشربون بطريقة مفرطة الكحول‪ ،‬بينما (‪ )47%‬من األطباء مستعدون لتغيير‬ ‫المهنة‪ ،‬إضافة إلى دراسة)‪ ،De Cia, (2010‬التي أكدت على أن نتائج اإلنهاك‬

‫المهني لدى األطباء تتمثل في كون (‪ )60%‬منهم يعانون من إضطرابات النوم‬

‫و(‪ )52.6%‬يعانون من إضطرابات عصبية و وظيفية بينما (‪ )37%‬منهم ظهرت‬ ‫أما (‪ )16%‬ظهرت عليهم أعراض سلوكية‪ ،‬في حين أن‬ ‫عليهم أعراض جسمية‪ّ ،‬‬ ‫(‪ )%53‬من األطباء يعانون من نقص الطاقة و(‪ )48.4%‬يعانون من نقص الدافعية‪،‬‬

‫بينما (‪ )44.4%‬يعانون من اإلحباط و(‪ )41%‬منهم سريعي اإلنفعال و(‪)19.7%‬‬ ‫عدوانيين و(‪ )18%‬من األطباء فقدوا المثالية إتجاه المهنة‪.30‬‬ ‫‪ -8‬أساليب الوقاية من اإلنهاك المهني لدى المعالجين‪:‬‬

‫يرى ‪ ،Schraub & Marx‬بأن أساليب الوقاية من اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬ ‫تشمل المستوى الفردي المستوى الجماعي و المستوى المؤسساتي‪.‬‬

‫‪ 1-8‬المستوى الفردي‪ :‬وهو يتعلق بشخصية الفرد‪ ،‬فعلى العامل السعي إلى تحسينها من‬ ‫خالل‪:‬‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫تحديد وتصنيف أولوياته وفقا لطبيعة العمل و محيطه‪.‬‬ ‫قبول فكرة فقدان المرضى أي‪ :‬حاالت الموت‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫إدراك طبيعة عالقة معالج‪ -‬مريض‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫العمل على تحسين نمط الحياة من خالل الحد من إستهالك الكحول والتدخين‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫تنظيم أوقات الراحة والترفيه‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫تنظيم النشاط الفيزيقي من خالل ممارسة مختلف األنشطة الرياضية‪.‬‬

‫وفي األخير فقد يكون الحل في تغيير المهنة والبحث عن بيئة عمل تسمح له بالتعبير عن‬ ‫مشاعره ومشاركة اآلخرين إخفاقاته أو نجاحاته المهنية‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪179‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ 2-8‬المستوى الجماعي‪ :‬يتمثل هذا المستوى في مشاركة المعالج في جماعات الحوار‬ ‫والنقاشات األخالقية التي يمكن أن تعزز من التواصل بين المعالجين في‬

‫المصالح‬

‫اإلستشفائية‬ ‫‪ 3-8‬المستوى المؤسساتي‪ :‬وهي خطوات تتبناها المؤسسة اإلستشفائية وتتمثل في‪:‬‬ ‫ العمل على تعزيز قنوات اإلتصال بين مكونات المؤسسة اإلستشفائية‪.‬‬‫ توجيه مقدمي الرعاية الصحية من خالل دورات تكوينية ذات طابع توعوي‪ ،‬بهدف وضع‬‫المعالج في وضعية تسمح له بإدارة ومقاومة الضغوط المرتبطة بالمهنة‪.‬‬ ‫ تحسين ظروف العمل من خالل التقليل من عبئ العمل و تجنب وضعيات العمل الشاقة‬‫وعدم التدخل في صالحيات األطباء‪.31‬‬ ‫لقد قدمت صياح مالول‪ ،‬مجموعة من اإلجراءات والتقنيات التي يجب اإلعتماد عليها‬ ‫بهدف التقليل من اإلنهاك المهني لدى الممرضين وهي كما يلي‪:‬‬ ‫✓ يجب على جميع مكونات المنظومة الصحية إدراك محدودية القدرات الشخصية‬ ‫وإمكانات مقدمي هذه الرعاية‪.‬‬

‫✓ التوجيه وتوفير المعلومات والمعطيات الالزمة‪ ،‬التي تساعد الممرضين على التعرف‬ ‫على مهامهم ومتطلباتها‪.‬‬ ‫✓ الراحة وتوفير البيئة الداعمة‪ ،‬التي تعتبر أحد العوامل األساسية التي تقلل من اإلجهاد‬ ‫اإلنفعالي في العمل‪.‬‬

‫✓ خلق ثقافة تنظيمية يستطيع األشخاص من خاللها التكلم بحرية و مشاركة مشاكلهم‪ ،‬مع‬ ‫إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في إتخاذ الق اررات‪.‬‬ ‫✓ تنمية إستراتيجيات إدارة الضغوط النفسية لدى الممرضين كالتأمل و اإلسترخاء‪.‬‬ ‫✓ القيام بالتمارين الرياضية و تخصيص وقت لألنشطة الثقافية‪ ،‬اإلجتماعية والترفيهية‪.32‬‬ ‫خالصة‪:‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪180‬‬


‫أ‪.‬‬

‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬

‫حلي مصطفى أ‪.‬د‪ .‬خلفان رشيد‬

‫تعرضا‬ ‫ما يمكن أن نستخلصه من خالل هذا المقال هو أن المعالجين هم أكثر الفئات ّ‬

‫لإلنهاك المهني وهذا راجع إلى طبيعة المهنة التي تتطلب مسؤولية معنوية و أخالقية عبء‬ ‫العمل الزائد‪ ،‬سوء تنظيم المصالح اإلستشفائية و إحتكاك المعالجين بمعاناة المرضى و‬

‫حاالت الموت‪ ،‬كما يترك اإلنهاك المهني آثا ار سلبية تؤثر على صحتهم النفسية والجسمية‬ ‫وعلى صحة المرضى‪ ،‬إذ يتحولون إلى عدوانيين اتجاههم‪ ،‬إضافة إلى ذلك دخولهم في حلقة‬ ‫مفرغة تبعدهم عن الهدف األسمى من هذه المهنة و هو تقديم الخدمات الصحية و معالجة‬

‫المرضى‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪Berclaz, M. (2013). Epuisement professionnel : non aux cadences infernales.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪Suisse. (2013), p 25‬‬ ‫‪Dolaz, L. Bénany, H. Frénsy, M. C. & Chahraoui, K, Burnout et maltraitance‬‬ ‫‪médico‬‬

‫‪annales‬‬

‫‪Masson,‬‬

‫‪Elsevier‬‬

‫‪France :‬‬

‫‪soignante.‬‬

‫‪relation‬‬

‫‪la‬‬

‫‪2‬‬

‫‪dans‬‬

‫‪psychologiques, (2005), p 92‬‬ ‫‪Wiertz, R. Psychiatres et Burnout ? Étude de la prévalence du syndrome‬‬

‫‪3‬‬

‫‪d’épuisement professionnel auprès des psychiatres hospitaliers du Nord Pas de‬‬ ‫‪calais. France: Université de Lille. Thèse de doctorat, (2012), p50‬‬ ‫‪Grebot, E. stress et Burnout au travail: identifier, prévenir, guérir. France :‬‬

‫‪4‬‬

‫‪Eyrolles. (2008). p 72.‬‬

‫‪5‬سامر جميل‪ ،‬رضوان‪ ،‬الصحة النفسية‪ .‬عمان‪ :‬دار المسيرة للنشر و التوزيع‪ ،)2007( .‬ص ‪.154‬‬

‫‪Lourel, M. Gueguen, N. & Mouda, F, L’évaluation du burnout de pines :‬‬

‫‪6‬‬

‫‪adaptation et validation en version française de l’instrument burnout measure short‬‬ ‫‪version (BMS-10). France : pratique psychologique. Elsevier Masson., (2007),‬‬ ‫‪p354‬‬

‫‪7‬فاروق السيد‪ ،‬عثمان‪ ،‬القلق وإدارة الضغوط النفسية‪ .‬دار الفكر العربي للطبع و النشر‪ ،‬مصر‪)2001( ،‬‬ ‫ص‪18‬‬

‫‪8‬حمزة ا لزيودي‪ ،‬محمد‪ ..‬الضغوط النفسية و اإلحتراق النفسي لدى معلمي التربية الخاصة في محافظة الكرك‬ ‫وعالقتها ببعض المتغيرات‪ .‬سوريا‪ :‬مجلة جامعة دمشق‪ ،)2007( ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.195‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪181‬‬


‫ الجزائر‬-‫المركز الجامعي تندوف‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

.‫ المشكالت و الميول النفسية ألسر السجناء والمعتقلين‬.‫ رندة‬،‫ والء و شريف‬،‫ يونس و جاد الكريم‬،‫ مصطفي‬9 10

25 ‫ ص‬،)2008( ،‫ مركز ماعت للدراسات الحقوقية و الدستورية‬:‫مصر‬ Zawieja, PH. & Guarnieri, FEpuisement professionnel: approche, innovantes et

pluri disciplinaires. France, Armand Colin, (2013), p12 11

Cherkaoui, W. Montargot, N. Peretti, J. M. & Yanat, Z, Stress et épuisement

professionnel dans un contexte de changement organisationnel: le cas de l’hôpital DS au Maroc. France: revue humanisme et entreprise, (2012), p5.

‫ مستويات اإلحتراق النفسي لدى أعضاء هيئة التدريس في كلية‬،‫ محمد‬،‫ عبد هللا و فرحان القضاة‬،‫ الرافعي‬12 .2 ‫ العدد‬،)2010( .‫ مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية و النفسية‬.‫المعلمين بأبها في ضوء بعض المتغيرات‬

.40 ‫ص‬

،‫ مجلة العلوم اإلنسانية‬.‫ جامعة قسنطينة‬:‫ الجزائر‬.‫ اإلحتراق النفسي لدى اإلطارات الجزائرية‬،‫ مراد‬،‫ خالصي‬13 .123 ‫ ص‬،)2013( 40 ‫العدد‬ ‫ اإلحتراق الوظيفي لدى األطباء والممرضين –دراسة ميدانية بمصلحة اإلستعجاالت‬،‫ مصطفى‬،‫حلي‬ 15

14

25‫ ص‬،)2016( ،‫ جامعة تيزي وزو‬،‫ رسالة ماجستير‬،‫بمستشفى ندير محمد تيزي وزو‬

Moors, S, Stress et travail : origines et approches. Belgique: institut national de

recherche sur les conditions de travail INRCT, (1994) p50. 16 17 18

Grebot, op cit, p52 Bacqué, M. F, Deuil et Santé. France : Editions Odile Jacob, (1997), p 102 Machavoine, J. L. L’épuisement professionnel des médecins et des soignants

en cancérologie, approche psycho dynamique et institutionnelle. France : psychooncol. Lavoisier, (2015), p 62 19

Schroub, S. Marx, E. Les syndromes d’épuisement professionnel des soignants

ou Burnout en cancérologie. Strasbourg, John libbey eurotext, (2004), p40 20

De Cia, Epuisement professionnel, innovations théoriques méthodologique. Acte

du colloque, centre de recherche sur les risques et les crises. France: Mins Paris Tech, (2012), 85 21

Delbrouck, M, Le Burnout du soignant : les syndromes d’épuisement

professionnel. Belgique : De Boeck université, (2003), p 32. 22

Barbier, D. Le syndrome d’épuisement professionnel du soignant. France :

Masson, (2004), p 22.

182

2017 ‫سبتمبر‬


‫اإلنهاك المهني لدى المعالجين‬ 23

‫ خلفان رشيد‬.‫د‬.‫حلي مصطفى أ‬

.‫أ‬

Peters, S. & Mesters, P, Vaincre l’épuisement professionnel: toutes les clés

pour comprendre le Burnout, France : Robert Laffont, (2007), p 106. 24

Ceccaldi, J, Pour un travail soigné dans une démarche participative. France :

Edition Lamarra, (2015), p 53 25 26 27 28 29 30 31

Delbrouck, op cit, p 33. Moors, op cit, p 39 Barbier, op cit, p 118 Grebot, op cit, p 25 Dolaz, op cit, p 98 Di Cia, op cit, p 105 Schraub & Marx, op cit, p110

‫ ملتقى إتحاد المستشفيات‬.‫ تأثير تعب الكادر التمريضي على سالمة المرضى‬،‫ يسرى‬،‫صياح ماليل‬

32

.25 ،)2012( ،‫ األردن عمان‬.‫العربية‬

183

2017 ‫سبتمبر‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫العدد ‪02‬‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‬ ‫لتعزيز القدرة التنافسية‬ ‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬ ‫جامعة برج بوعريريج ‪ -‬الجزائر‪-‬‬ ‫الملخص‪:‬‬ ‫تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على الريادية اإلستراتيجية باعتبارها توجه جديد‬ ‫للمؤسسات التي تسعى إلى تعزيز قدراتها التنافسية‪ ،‬وهذا من خالل جمع عناصر الريادية‬ ‫ودمجها مع اإلستراتيجية في شكل منظور متكامل يهدف إلى خلق الرفاهية والتكامل بين‬

‫المؤسسات‪.‬‬

‫توصلنا إلى مجموعة من النتائج كان أهمها ينبغي مواكبة السيرورة االقتصادية من‬ ‫خالل التوجه الريادي في بناء اإلستراتيجية للمؤسسات كبيرة كانت أو صغيرة‪ ،‬وأوصت‬ ‫الدراسة على أن نجاح الريادية اإلستراتيجية في بناء قدرة تنافسية جديدة للمؤسسات يتوقف‬ ‫على مدى نجاح الريادي االستراتيجي في بناء الرؤيا ذات األبعاد اإلستراتيجية وبعد النظر‬

‫في كيفية تحقيق التميز والتفرد التي ال يستطيع اآلخرون تقليدها‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الريادية‪ ،‬الريادة االستراتيجية‪ ،‬القدرة التنافسية‪.‬‬ ‫‪Abstract:‬‬ ‫‪This study focus on strategic entrepreneurship as a new approach for‬‬ ‫‪organizations that seek to promotion their competitiveness through the‬‬ ‫‪collection of entrepreneurship elements and combine it with the strategy in‬‬ ‫‪the form of an integrated perspective aims to create prosperity and‬‬ ‫‪integration between institutions.‬‬ ‫‪Our findings suggest that it is necessary to keep up with the economic‬‬ ‫‪development through the adoption of entrepreneurship approach in building‬‬ ‫‪a strategy for the small and large enterprises.‬‬ ‫‪the study recommended that the success of the strategic entrepreneurship‬‬ ‫‪in institutions depends on the success strategic leader in building vision with‬‬ ‫‪strategic dimensions and perspicacity on how achieve exclusivity that others‬‬ ‫‪can’t imitate.‬‬ ‫‪Key Words: entrepreneurship, strategic entrepreneurship, competitiveness.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪184‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫اتسع نطاق استخدام مفهوم الريادية من قبل المؤسسات وتعددت التوجهات التي‬ ‫تفسره‪ ،‬باعتباره عنصر حيوي ينبغي اإلشارة إلى مختلف األبعاد المرتبطة به‪ ،‬وتطور‬ ‫استخدام الريادية ليشمل اإلدارة اإلست ارتيجية باعتبارها الوجه المقابل لها‪ ،‬وذلك في سياق‬ ‫األعمال الريادية والتوجه نحو خلق الرفاهية‪ ،‬لذلك ظهر التداخل بين اإلدارة اإلستراتيجية‬ ‫والنشاط الريادي من خالل دمج اإلدارة اإلستراتيجية في مختلف أعمال االبتكار واإلبداع التي‬ ‫تعزز القدرة التنافسية للمؤسسة‪ ،‬فضال عن ما تضفيه من دعم الشراكة اإلستراتيجية والموارد‬ ‫والتعليم في مجال الصناعة‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق تتبلور إشكالية هذه الدراسة في إمكانية تبني مقاربة الريادية‬ ‫اإلستراتيجية كإدارة جديدة لتعزيز القدرات التنافسية؟‬ ‫وتندرج تحت هذه اإلشكالية األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬ ‫✓ ما المقصود بالريادية وما هي عوامل التي ساعدت على بلورة الفكر الريادي؟‬ ‫✓ ما المقصود بالريادية اإلستراتيجية‪ ،‬وماذا نقصد بالريادي االستراتيجي وخصائصه‬ ‫ومهامه؟‬ ‫✓ كيف تساهم الريادية اإلستراتيجية في تطوير المؤسسات وتعزيز القدرة التنافسية لها؟‬ ‫لإلجابة على هذه األسئلة قمنا باقتراح الفرضية التالي‪:‬‬ ‫✓ إن تبني الريادية اإلستراتيجية يزيد من قدرة المؤسسة على التطور وامتالك قدرات‬ ‫تنافسية‪.‬‬ ‫الفرضيات‪ :‬من اجل اإللمام باإلشكالية المطروحة سابقا البد من وضع الفرضيات التالية‪:‬‬ ‫✓ ال تهتم المؤسسة بالريادية لتحقيق أهداف اإلدارة اإلستراتيجية؛‬ ‫✓ ال تهتم المؤسسة بتأثير الريادية اإلستراتيجية على نشاطها؛‬ ‫✓ يقاس تطور المؤسسات على مدى قدرتها على احتواء الريادية في صياغة‬ ‫اإلستراتيجية وتحقيق قدرات تنافسية جديدة‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪185‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫منهجية البحث‪:‬‬ ‫إن بلوغ الهدف من هذه الداخلية يتوقف على معالجة الموضوع باألسلوب المناسب وفق‬ ‫منهجية واضحة و مضبوطة باالعتماد على المنهج الوصفي التحليلي إضافة إلى عرض‬ ‫بعض تجارب الدولة في هذا المجال‪.‬‬ ‫أهمية البحث‪:‬‬ ‫✓‬

‫تكمن أهمية الدراسية في أهمية الريادية اإلستراتيجية في حد ذاتها وذلك في السعي‬

‫المتواصل للمؤسسات في ابتكار طرق وأساليب جديدة تسمح لها بتحسين وتطوير أدائها‬ ‫للوصول إلى األداء المتفوق‪ ،‬وامتالك قدرات تنافسية والذي ال يحدث إال بدمج أبعاد الريادية‬ ‫مع عناصر اإلدارة اإلستراتيجية؛‬ ‫✓‬

‫الدور الذي تلعبه الريادية اإلستراتيجية في تطوير المنظمات من خالل ابتكار‬

‫خطوات عمل جيدة أو تطوير إنتاجها بإدخال تقنيات جديدة تنقلها إلى مصاف التنافسية‬ ‫العالمية؛‬ ‫✓‬

‫التوجه الكبير للباحثين لدراسة مثل هذه المواضيع والمتعلقة باإلدارة اإلستراتيجية‬

‫واألخذ بالريادية سوف يقرب المفاهيم أكثر في مجال صناعة الريادية؛‬ ‫✓‬

‫قلة الدراسات في هذا الموضوع في الدول العربية عامة والمؤسسات الجزائرية‬

‫خاصة؛‬ ‫✓ تبيان الخطوات العلمية والعملية الواجب إتباعها في الريادية اإلستراتيجية‬ ‫للمؤسسات بسبب تعدد المداخل واالتجاهات التي على أساسها يتم تعزيز القدرة على‬ ‫التنافسية بالنسبة للمؤسسات‪.‬‬ ‫أهداف البحث‪ :‬يسعى البحث إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬ ‫✓‬

‫التعرف إلى مفهوم الريادية ونشأتها؛‬

‫✓‬

‫التعرف على مفهوم الريادية اإلستراتيجية باعتبارها مدخل جديد في اإلدارة‬

‫اإلستراتيجية؛‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪186‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬ ‫✓‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫بيان الجهد الذي تبذله المؤسسات في تبني هذا المفهوم بشكل يساعد على تعزيز‬

‫القدرة على التنافسية؛‬ ‫✓ التطرق إلى الريادية اإلستراتيجية كمدخل لتطوير المؤسسات وكيف تستطيع هذه‬ ‫األخيرة على التحالف والشراكة لتطوير مهاراتها في إدارة الريادية اإلستراتيجية؛‬ ‫✓‬

‫تقديم دراسة نظرية معمقة حول موضوع الريادية اإلستراتيجية ندعم بها الدراسات‬

‫العربية واألجنبية حول هذا الموضوع‪.‬‬ ‫✓‬

‫التوصل إلى مجموعة من المقترحات والتوصيات والتي من المتوقع أن تؤدي إلى‬

‫تحسين وتطوير أداء المؤسسات الجزائرية وتعزيز قدراتها التنافسية‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم الريادية اإلستراتيجية‪:‬‬ ‫‪ -1‬تعريف الريادية‪:‬‬ ‫المكونة له‬ ‫تعد الريادية مفهوم معقد ومتعدد األبعاد بسبب التخصصات المختلفة‬ ‫ّ‬ ‫كاالقتصاد واإلدارة وعلم االجتماع وغيرها‪ ،‬إذ ال يمكن الجزم بوجود اتفاق موحد للباحثين‬ ‫والكتاب حول تعريف الريادية‪ ،‬وفي الوقت ذاته ال يختلف معظم هؤالء الباحثين والكتاب في‬ ‫إرجاع مفهوم الريادية إلى تعبير فرنسي ظهر في العصور الوسطى‪ ،‬وقد تطورت الدالالت‬ ‫الوظيفية لهذا المفهوم بدءاً من معنى الوساطة بين طرفين في القرن السادس عشر حتى‬ ‫وصل إلى معناه المعاصر الذي يشمل انجاز األعمال من خالل التمتع بخصائص محددة‬ ‫وده ُروداً ِ‬ ‫ورياداً‪ ،‬و ْارتاده‬ ‫وير ُ‬ ‫الريادية في اللغة العربية مشتقة من الفعل ) َراد(‪ ،‬وراد الكأل ُ‬

‫ارتياداً‪ ،‬أي بحث عنه وطلبه‪ ،‬و(رائد( وهو من كان يرسله قومه الستكشاف أماكن جديدة‬ ‫لألكل ومسقط األمطار‪.1‬‬

‫يشرع أو يباشر في إنشاء عمل‬ ‫كلمة الريادية فرنسية األصل وتعني الشخص الذي ْ‬ ‫تجاري‪ ،‬وأول من استخدم هذا المصطلح هو رجل األعمال الفرنسي الشهير جين بابيستيه‪.2‬‬ ‫فيما أشار(‪ )Robert Hisrich‬إلى الريادية بكونها عملية تكوين شيء ما مختلف ذو‬ ‫قيمة عن طريق تكريس الوقت والجهد الضروري‪ ،‬بافتراض مخاطر مالية وسيكولوجية‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪187‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫واجتماعية مصاحبة‪ ،‬وجني العوائد المالية الناتجة‪ ،‬إضافة إلى الرضا الفردي‪ .‬وبعبارة أخرى‬ ‫أنها‪" :‬عملية خلق القيمة عن طريق استثمار الفرصة من خالل موارد متفردة"‬

‫‪3‬‬

‫يتكون مفهوم الريادية من ثالثة أبعاد وهي كالتالي‪:‬‬ ‫ اإلبتكارية (‪ :)Innovativeness‬وتمثل الحلول اإلبداعية غير المألوفة لحل‬‫المشكالت وتلبية الحاجات‪ ،‬والتي تأخذ صيغا من التقنيات الحديثة‪.‬‬ ‫ المخاطرة (‪ :)Risk‬وهي مخاطرة عادة ما تحتسب وتدار‪ ،‬وتتضمن الرغبة لتوفير‬‫موارد أساسية الستثمار فرصة مع تحمل المسؤولية عن الفشل وكلفته‪.‬‬ ‫ اإلستباقية (‪ :)Proactiveness‬وتتصل بالتنفيذ مع العمل في أن تكون الريادية‬‫مثمرة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الريادية كمدخل استراتيجي‪:‬‬

‫‪4‬‬

‫ الريادية وصياغة اإلستراتيجية‪ :‬إن األدوار المطلوب ممارستها من قبل الريادية‬‫لإلستراتيجية يتم صياغتها من خالل الخطوات التالية‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تحديد الرؤية المستقبلية للمؤسسة؛‬ ‫ب‪ .‬تقسيم البيئة الداخلية وتحليل الموقف المنظمة مقارنة بالمنافسين من حيث القوة‬ ‫والضعف؛‬ ‫ت‪ .‬تقييم البيئة الخارجية( الفرص والتهديدات)؛‬ ‫ث‪ .‬تحديد البدائل اإلستراتيجية المحتملة وفق ما جاء بعملية التوازن بين البيئة الداخلية‬ ‫والخارجية؛‬ ‫ج‪ .‬القيام بعملية االختيار اإلستراتيجية والمفاضلة بين االستراتيجيات المطلوبة النجاز‬ ‫األهداف؛‬ ‫ الريادية ومرحلة تطبيق اإلستراتيجية‪ :‬تلعب الريادية دو ار مهما في في تحقيق نجاح‬‫تطبيق اإلست راتيجية فهي التي تعي بمهمة تحديد غايات وأهداف كل مرحلة من مراحل تنفيذ‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪188‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫اإلستراتيجية المختارة وهي التي تحدد الموارد الالزمة للتنفيذ وتدبيرها وتوزيعها على وحدات‬ ‫األعمال اإلستراتيجية‪ ،‬وتقوم المؤسسة بإجراء التطبيق إلستراتيجيتها بإتباع الطرق التالية‪:‬‬ ‫أ‪ .‬إجراء تغيرات في الريادية على المستويات اإلدارية المناسبة؛‬ ‫ب‪ .‬تقوم دوافع الرياديين عن طريق الحوافز المالية والمعنوية؛‬ ‫ت‪ .‬تنمية وتطوير المدراء ممن سيحتلون مناصب إستراتيجية مستقبال‪.‬‬ ‫‪ -3‬تعريف الريادية اإلستراتيجية‪:‬‬ ‫اصطلح مفهوم الريادية اإلستراتيجية في بعض األدبيات في محاولة لتحقيق التكامل بين‬ ‫نقاط القوة التي تتمتع بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة( القدرة على االبتكار والمرونة‬ ‫والقرب من األسواق)‪ ،‬وبين القدرات السوقية والموارد المختلفة التي تتمتع بها المؤسسات‬ ‫الكبيرة‪ ،‬وذلك في مصب تحقيق التحالف والشراكة الصناعية‪.‬‬ ‫الريادية اإلست ارتيجية هي تكامل منظور الريادية (البحث عن الفرصة) والمنظور‬ ‫اإلستراتيجي (البحث عن الميزة)‪ ،‬لتصميم وتنفيذ اإلستراتيجيات الريادية التي تخلق الرفاهية‪،‬‬ ‫وأن هذا التكامل ضروري للمنظمات وأشار )‪ )Kyrgidou & Hughes, 2010:48‬إلى‬ ‫ستة عناصر للريادية اإلستراتيجية وهذه العناصر هي(تحديد الفـرص‪ ،‬والنمـو‪ ،‬واإلبداع‪،‬‬ ‫وتبنـي المخاطـرة‪ ،‬والمرونـة‪ ،‬والرؤيـة)‪،‬أما (‪ )Kraus et al, 2011:63‬فأشار إلى أبعاد‬ ‫جديدة فضالً عن األبعاد السابقة وهي (الموارد‪،‬والقدرات‪ ،‬اإلستراتيجية‪ ،‬والريادي‪ ،‬والبيئة‪،‬‬ ‫فضالً عن الهيكل التنظيمي) والتي تسهم في خلق القيمة من خالل الجمع بين العناصر‬ ‫الريادية واإلستراتيجية التي تدار من خالل إدارة الموارد والقدرات الديناميكية‪ .‬نستنتج من ذلك‬ ‫أن مدخل النظرة المعتمدة على الموارد له دور في تشكيل الريادة اإلستراتيجية لتعظيم‬ ‫الرفاهية لذا فان التكامل بين النظرية الريادية واإلدارة اإلستراتيجية والخروج بنتيجة الريادة‬ ‫اإلستراتيجية تساعد المؤسسات والرياديين بأن يتطوروا بدون منافس ألنهم سوف يخلقون‬ ‫يدة ذات قيمة خالقة للمجتمع‪.‬‬ ‫موارداً فر ً‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪189‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫وقدا شار(‪ )Bhardwaal‬إلى أن الرؤية الريادية تخلق المغامرة الجديدة التي يمكن جني‬ ‫من خاللها المكاسب للفريق الريادي وللمنظمة وهي المغامرات الجديدة‪ ،‬واألعمال الجديدة‪،‬‬ ‫وإبداعية المنتج والخدمة‪ ،‬وإبداعية العملية‪ ،‬والتجديد الذاتي‪ ،‬وتبني المخاطرة‪ ،‬واالستباقية‪،‬‬ ‫والتنافسية الشديدة‪ ،‬فضالً عن رأس المال االجتماعي الذي له دور مهم في انبثاق الريادة‬ ‫الداخلية‪.‬إن مسؤولية صياغة الرؤية الريادية تكمن لدى المدراء التنفيذيين في المستوى‬ ‫األعلى والرؤية الريادية الفاعلة تسمح لإلطراف المتأثرة‪ ،‬بالتركيز على المهام الحاسمة وهم‬ ‫يسعون إلى األهداف التنظيمية والشخصية‪ ،‬فالبد أن تكون الرؤية مفهومة وسهلة وبما يوحي‬ ‫لإلفراد بدافع ألداء العمل وخلق تماسك ثقافي إذ يسهم في المشاركة بالمعرفة بطرائق تنافسية‬ ‫منطقية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫وفيما يلي توضيح لإلطار العام للريادية اإلستراتيجية في المؤسسة‪:‬‬ ‫الشكل‪ :1‬اإلطار العام للريادية اإلستراتيجية في المؤسسة‬

‫المصدر‪ :‬سالم بن سعيد آل ناصر القحطاني‪ ،‬الريادة اإلستراتيجية كمدخل لتطوير المنظمات الحكومية‪ ،‬المؤتمر الثاني‬ ‫لمعاهد اإلدارة العامة والتنمية اإلدارية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية‪ ،‬دون سنة نشر‪ ،‬ص‪.247‬‬

‫‪ -4‬أسباب التوجه للريادية اإلستراتيجية‪:‬‬ ‫ارتبطت الريادية اإلستراتيجية بالفكر االستراتيجي والذي يرتبط أساسا بقدرة المؤسسة على‬ ‫وضع الخطط المستقبلية للتطوير والتغيير والتأقلم‪ ،‬كما أنها تنبع من الرؤية الواضحة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪190‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫والمشتركة ومدى وعي األفراد برسالة المؤسسة ودورها وأهدافها‪ ،‬باإلضافة إلى انه يهتم‬ ‫بإيجاد قيم وأهداف مشتركة بين العاملين وهو أمر ليس بالسهل‪ .‬ويمكن إيجاز أسباب لجوء‬ ‫المؤسسات لتبني الريادية اإلستراتيجية في النقاط التالية‪:‬‬ ‫✓‬

‫رغبة المؤسسة في التغيير االستراتيجي في بعض مراحل التطبيق؛‬

‫✓‬

‫تنمية القدرة على تحليل العوامل الداخلية والخارجية؛‬

‫✓‬

‫صعوبة الربط بين بعض عناصر اإلستراتيجية خاصة المرتبطة بتوجهات األفراد؛‬

‫✓‬

‫الرغبة في تنمية المهارات والقدرات المتعلقة باإلدارة اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ -5‬أهمية الريادية اإلستراتيجية‪ :‬يساعد تبني الريادية اإلستراتيجية في‪:‬‬ ‫✓‬

‫إعادة تعريف النطاق الذي يخرج المؤسسة من مجال المنافسة الحالية إلى مجال‬

‫أوسع على اإلطالق؛‬ ‫✓‬

‫ضمان أو دعم الموقف التنافسي للمؤسسة محليا وعالميا‪ ،‬حيث تحدث الريادية‬

‫اكبر تأثير لها على األداء التنظيمي في األجل الطويل؛‬ ‫✓‬

‫بناء مرونة في اإلستراتيجية وجدارة في المنافسة والقدرات البشرية‪ ،‬والفعلية في‬

‫التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وبناء هيكل وثقافة جديدة في المؤسسة‪.‬‬ ‫‪ -6‬أهداف الريادية اإلستراتيجية‪:‬‬ ‫✓‬

‫تحديد أولويات طويلة األجل للمؤسسة في ضوء الرسالة الحالية والتغيرات‬

‫والتحوالت في الظروف البيئية المحيطة ومع تطور المؤسسة في مراحلها المختلفة؛‬ ‫✓‬

‫إعطاء توجه عام يتم في إطاره وضع األهداف أكثر تحديدا وتفصيال للمستويات‬

‫األدنى والوحدات المختلفة‪ ،‬تكون متناسقة ومتناغمة مع التوجهات العامة للمؤسسة؛‬ ‫✓‬

‫المساعدة في تحديد األنشطة الرئيسية والفرعية للمؤسسة واألعمال التي يلزم القيام‬

‫بها في مجاالت األنشطة المختلفة بما يمكن من تحقيق األهداف ذات األولوية في الفترات‬ ‫الزمنية الممتدة؛‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪191‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫✓‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫تحديد عالمات النهاية التي يجب أن تسعى اإلستراتيجية للوصول إليها‪ ،‬ومن ثم‬

‫تحديد األساس الذي يتم االستناد إليه في الحكم على مدى نجاح اإلستراتيجية من عدمه؛‬ ‫✓‬

‫تسهيل الرفاهية اإلدارية من خالل المعايير المشتقة من األهداف التي تستخدم في‬

‫تقييم األداء الكلي للمؤسسة؛‬ ‫تعكس هذه األهداف رؤية المؤسسة وقد تختلف من مؤسسة ألخرى ومن نشاط ألخر‪،‬‬ ‫ولكن مع تطور المؤسسة ومحاولة بقائها في مكانة متميزة في السوق التنافسي‪ ،‬وبزيادة‬ ‫الحاجة إلى بناء النظم ووضع السياسات المؤسسية‪ ،‬األمر الذي يدفع إلى وضع أهداف‬ ‫أخرى في رسا لة طويلة المدى‪ ،‬ومن هنا تظهر الحاجة إلى التخطيط االستراتيجي إلى جانب‬ ‫التفكير االستراتيجي‪.‬‬ ‫‪ -7‬عناصر الريادية اإلستراتيجية‪:‬‬

‫‪6‬‬

‫أ‪ .‬االبتكار‪ :‬نعني به األفكار الجديدة‪ ،‬وتوفير السلع والخدمات‪ ،‬وتطبيق ثقافة تنظيمية‬ ‫وهيكل تنظيمي‪ ،‬واستخدام أسلوب الرقابة وإدارة األعمال والموارد البشرية بفعالية؛‬ ‫ب‪ .‬المخاطرة‪ :‬بتوفير الحماس والجرأة ونزعة المخاطرة؛‬ ‫ت‪ .‬الرؤية‪ :‬ونقصد بها الرؤية الريادية وتبني األفكار اإلبداعية من قبل اإلدارة‬ ‫اإلستراتيجية وغرس الثقافة التنظيمية‪ ،‬واستخدام أساليب المشاركة وفرق العمل المتخصصة‬ ‫واستخدام أساليب التحفيز والتعويض والمكافأة‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة تبني التجديد والتغيير‬ ‫بما ينسجم مع حاجات وتوقعات أصحاب المصالح؛‬ ‫ث‪ .‬التنظيم الريادي‪ :‬وهو الرغبة في االستجابة للتطورات التكنولوجية السريعة من خالل‬ ‫إيجاد هيكل تنظيمي بديل يكون أكثر فعالية وكفاءة‪ ،‬ووجود شبكات المعلومات واالتصال‪،‬‬ ‫وزيادة االبتكار وتقليل الوقت في اتخاذ القرار؛‬ ‫ج‪ .‬المرونة‪ :‬وهي إعادة التفكير في الهيكل التنظيمي واإلستراتيجية والثقافة‪ ،‬حتى‬ ‫تستطيع االستجابة بسرعة الستدامة الميزة التنافسي على المدى الطويل والتأقلم مع المتغيرات‬ ‫السريعة في السوق؛‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪192‬‬


‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫ح‪ .‬رأس المال البشري‪ :‬إن رقابة رأس المال البشري وااللتزام بأخالقيات العمل‬ ‫واإلنتاجية والمنظمات الريادية تدفع العاملين إلي المنافسة‪ ،‬و تقديم الخدمات بأكثر فعالية‬ ‫للعمالء؛‬ ‫خ‪ .‬ريادية الميزة التنافسية‪ :‬من خالل بناء التفرد في الموارد والجدارة في المنافسة‪ ،‬وان‬ ‫تكون الموارد ذات ندرة وال يمكن تقليدها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الريادي االستراتيجي‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعريف الريادي االستراتيجي‪:7‬‬ ‫"الريادي االستراتيجي هو شخص متميز لديه القدرات والقابلية على تحمل المخاطرة‬ ‫وقبول المجازفة المحسوبة‪ ،‬ورؤية الفرص والتخطيط العلمي السليم واإلدارة اإلبداعية ألعمال‬ ‫خاصة به ونجاح هذه األعمال والعمل على تطويرها باستمرار‪ ،‬كما أنه يتمتع بالروح الريادية‬ ‫التي تجعله أكثر قدرة على رؤية الفرص ضمن ما يراه اآلخرون إشكاال‪".‬‬

‫‪8‬‬

‫كما ينظر إلى الريادي االستراتيجي على انه صاحب نظرة إستراتيجية يهتم كثي ار‬ ‫بالتوجهات اإلستراتيجية العامة البديلة‪ ،‬وتقويم الموارد التنظيمية والبشرية للمؤسسة ودورة‬ ‫حياتها‪ ،‬وكذلك تقويم وتطوير الهيكل التنظيمي باالعتماد على تقويم النمط الريادي للمؤسسة‬ ‫وتنمية واستخدام الموارد البشرية‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ .2‬مميزات الريادي االستراتيجي‪:‬‬ ‫هنا مجموعة من الخصائص التي يتميز بها الريادي االستراتيجي تجعله يرتقي باإلدارة‬ ‫اإلستراتيجية إلى الريادية والتميز‪ ،‬نجد من هذه الخصائص التالي‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫بناء الشراكة‪ :‬من بين المهارات القابلة للتحويل التي يتمتع بها الريادي االستراتيجي‬

‫هي ما عرفها "سقراط" على أنها جذب الحلفاء واألعوان‪ ،‬وسوف أطلق عليها هنا إقامة‬ ‫الشراكات‪ ،‬وهي الوظيفة العامة الخامسة من وظائف الريادية اإلستراتيجية‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪193‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫إن حالة الضرورة األساسية للحليف أو الشريك الناجح‪ ،‬هي إذن هدف مشترك‪ .‬وبالطبع‪،‬‬ ‫أمر في صالح كال الطرفين‪ ،‬إال أنهم يحددون‬ ‫يجب أن يكون تحقيق الغاية المنشودة ًا‬

‫مصالحهم إذا كانت المساهمات المحتملة للشركاء نحو الغاية المشتركة متكاملة‪ ،‬كتلك التي‬

‫يشارك بها أعضاء الفريق داخل الفريق الحقيقي‪ ،‬كان ذلك أفضل‪.‬‬ ‫وباستخدام نموذج الدوائر الثالث لكي توضح‪:‬‬ ‫✓ ما مهمتنا المشتركة؟‬ ‫✓‬

‫كيف يمكننا تقديم أفضل ما بوسعنا في العمل كفريق واحد؟‬

‫✓‬

‫كيف يمكن لكل فرد (في القسم أو المؤسسة كاملة) أن يقدم أفضل ما بوسعه؟‬

‫ب‪ .‬بث الروح المؤسسية‪:‬ال تتمثل مهمة القيادة في أن تدخل العظمة على األشخاص‪،‬‬ ‫وإنما تتمثل في استخراج تلك العظمة؛ ألنها موجودة بالفعل‪.‬‬ ‫وثمة عامل يختص بالمجموعات أو المؤسسات يتمثل فيما يطلق عليه الفرنسيون ‪esprit‬‬ ‫‪ .de corps‬والعبارة تصف شعور اإلخالص والفخر اتجاه المجموعة التي ينتمي إليها الفرد‪،‬‬ ‫كما أنها تشير إلى التآزر فيما بين أفراد المجموعة أو الشركة والذي يتعدى مجرد مجموع‬ ‫أقسامه‪ .‬فإن استطعت جمع ذلك وحصره في مجرى واحد أصبح باإلمكان تحقيق أمور‬ ‫عظيمة‪.‬‬ ‫ت‪ .‬النزعة لتحمل المخاطرة‪ :‬الرواد لديهم نزعة أكبر من غيرهم لتحمل المخاطر‬ ‫(ويمكن القول إنها فوق المتوسط ولكنها ليست عالية)‪ .‬فهم ليسوا مقامرين يلعبون تحت درجة‬ ‫عالية من المغامرة والمخاطرة‪ ،‬بل هم يحسبون درجة المخاطرة ‪ ،‬ويرتبون وينظمون ويدرسون‬ ‫ويحللون ويخططون حتى يمكنهم تحمل المخاطرة‪ ،‬فإن كانت درجة المخاطرة محسوبة‬ ‫‪ Calculated Risk‬وتشير الحسابات أنها معقولة وأن فرص النجاح عالية‪ ،‬فإنهم يتحملون‬ ‫المخاطرة‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ .3‬مهام الريادي االستراتيجي‪:‬‬ ‫✓‬

‫تحديد البدائل اإلستراتيجية المتاحة والمفاضلة بينها؛‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪194‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫اختيار التصور االستراتيجي األفضل للمؤسسة ببناء رسالة ورؤية وأهداف المؤسسة‬

‫✓‬

‫بشكل مبدع وخالق؛‬ ‫المفاضلة بين االستراتيجيات المتاحة بشكل يعزز ريادية المؤسسة لتحقيق مختلف‬

‫✓‬ ‫األهداف؛‬ ‫✓‬

‫وضع اإلستراتيجية موضع التنفيذ من خالل تهيئة الظروف المناسبة؛ تقييم‬

‫اإلستراتيجية المختارة في مراحل التنفيذ واتخاذ الق اررات المناسبة؛‬ ‫‪ .4‬مسؤوليات ومهام الريادي االستراتيجي‪:‬‬ ‫من مسؤوليات الريادي االستراتيجي ومن خالل سياسات وبرامج ومشاريع التنمية‬ ‫االقتصادية‪ ،‬خلق روح التحدي والرغبة في المبادرة وتمكين المبادرين من إيجاد فرص حقيقية‬ ‫لتأسيس مشاريع ريادية‪ ،‬ليس في الحضر فقط وإنما وبدرجة كبيرة في المناطق الريفية‪.‬‬ ‫كما أن دور الريادي االستراتيجي يتضمن دفع وتحفيز المنظمات الحكومية‬ ‫والمؤسسات العامة في منظومة متكاملة لخلق وحماية بيئة كلية محفزة لمنظومة الريادية‬ ‫والشركات الخاصة والجامعات للعمل معا األعمال‪.‬‬ ‫ومن األهمية أن يكون خلق بيئة كلية مواتية لمنظومة ريادية األعمال أحد مكونات‬ ‫خطة التنمية الشاملة بما فيها التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وفي ضوء ما تناولته الكتابات وما تظهره الممارسات ‪ ،‬يمكن القول أن مهام القائد‬ ‫اإلستراتيجي الريادي هي مزيج من مسؤوليات المدير وممارسات االستراتيجي وإبداعات القائد‬ ‫ومبادرات الريادي ‪ ،‬وتتلخص هذه المهام فيما يلي‪:‬‬

‫‪12‬‬

‫✓ ينمي اإللهام لدى منسوبي المؤسسة‪.‬‬ ‫✓ يبني الرؤى الخاصة باألفراد بما يخدم أهداف المؤسسة‪.‬‬ ‫✓ يدير العالقات التشابكية بين األفراد لتحقيق األهداف المشتركة‪.‬‬ ‫✓ يطبق المنهج اإلستباقي في تحسين المخاطر الستثمار الفرص‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪195‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫✓ يتحمل مسؤولية تحقيق الجاهزية بتوفير متطلبات تحقيق المنافع من استثمار‬ ‫الفرص‪.‬‬ ‫✓ يوجه اإلبداعات واالبتكارات بما يتوافق مع اتجاهات السوق واحتياجات العميل‪.‬‬ ‫✓ يبني بيئة تعلم داخل المؤسسة داعمة لتحقيق عملية تعلم سريعة لدي منسوبي‬ ‫المؤسسة من خالل تراكم رصيد معرفي يساهم في جودة التفكير وتميز األداء وتجنب تكرار‬ ‫الخطأ‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬مفهوم الريادية اإلستراتيجية في المؤسسات‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعريف الريادية اإلستراتيجية في المؤسسات‪:‬‬ ‫قام ‪ kemelgor‬الريادية اإلستراتيجية في المؤسسات بأنها" ظاهرة تبرز على مستوى‬ ‫المؤسسة التي تلتزم جديا بتوليد االبتكار الجذري واالبتكار التراكمي لتحقيق أهمية إستراتيجية‬ ‫متعلقة بتنافسية المؤسسة"‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫فالريادية اإلستراتيجية في المؤسسة تنطلق عبر مستويين‪:‬‬ ‫ المستوى األدنى للمؤسسة‪ :‬وفيه تنتقل إلى أعلى مستوى في بناء الهرمي لبناء والء‬‫تنظيمي اتجاه الريادية؛‬ ‫ المستوى العالي‪ :‬وفيه تنطلق المؤسسة من االهتمام بجهود الجماعة التعاونية‬‫للعاملين األساسيين فيها من أصحاب العقلية اإلبداعية وتنتقل إلى األسفل الهرمي‪.‬‬ ‫ويرى ‪ Parker‬وبعض الباحثين اآلخرين أن الريادية اإلستراتيجية تمثل ممارسة لتطوير‬ ‫مشروع جديد داخل المؤسسة التي تقوم باستغالل الفرص الجديدة وخلق قيمة اقتصادية‪،‬‬ ‫وينبغي اإلشارة إلى أن إطار الريادية اإلستراتيجية اكبر من إطار ريادية األعمال‪.‬‬ ‫‪ .2‬خصائص المؤسسات التي تستخدم الريادية اإلستراتيجية كمدخل تطويري‪:‬‬ ‫تتمتع المؤسسات التي تستخدم الريادية اإلستراتيجية كمدخل تطويري على الخصائص‬ ‫التالية‪:‬‬

‫‪14‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪196‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫✓ تعمل المنظمة على ضوء خطة إستراتيجية مدروسة وموضوعة على أسس علمية‬ ‫سليمة يلتزم بها جميع العاملين‪ ،‬وتحقيق مستوى تنافسيا عاليا على الصعيدين الداخلي‬ ‫والخارجي؛‬ ‫✓ تتبنى المنظمات الريادية هيكال تنظيميا عضويا‪ ،‬ويقلل من معيقات البيروقراطية التي‬ ‫تمنع االبتكار‪ ،‬ويتيح االستجابة السريعة لمتطلبات السوق والصناعة؛‬ ‫✓ تكون هذه المنظمات أكثر اهتماما باإلقدام على إقامة المشاريع الريادية وتتحرك‬ ‫سريعا للقيام بالعمل المطلوب؛‬ ‫✓ إن األفراد في هذه المؤسسات هم مصدر االبتكار والريادية‪ ،‬لذا فهي تتبنى األفراد‬ ‫الذين يتمتعون بالمواهب الريادية واالبتكارية من خالل تشجيع المبادرات الشخصية وقبول‬ ‫المخاطرة؛‬ ‫✓ اقتراب هذه المؤسسات إلى عمالئها من خالل ما تقدم لهم من منتجات وخدمات‬ ‫ذات جودة ونوعية مقارنة بما يقدمه المنافسون؛‬ ‫✓ المنظمة الريادية لديها القدرة على اإلبداع واالبتكار من خالل منتجات جديدة أو طرق‬ ‫إنتاج جديدة ونماذج وأسواق جديدة ترتكز على اإلدارة اإلستراتيجية الموجهة نحو تحسين‬ ‫األداء‪.‬‬ ‫‪ .3‬االستراتيجيات الريادية المساهمة في تطوير المؤسسات‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تعريف اإلستراتيجية الريادية‪:‬‬ ‫تعرف اإلستراتيجية بأنها اتجاه وهدف المنظمة طويل المدى سعيا لتحقيق االمتيازات‬ ‫من خالل مراعاة الموارد المتاحة والتغيرات البيئية لتلبي رغبات وتوقعات أصحاب المصالح‪،‬‬ ‫وينصب مفهوم الريادية اإلستراتيجية على الريادية من حيث أهدافها وخصائصها ودعائمها‬ ‫المختلفة التي يجب على الريادي مراعاتها على المدى البعيد‪ ،‬ومراعاة الموارد والتغيرات‬ ‫البيئية المختلفة لتحقيق أهدافه المرجوة والحفاظ على ديمومته وتفرده في السوق‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪15‬‬

‫‪197‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫تعرف استراتيجيات الريادية بأنها تلك االستراتيجيات التي تسمح للمنظمات باإلبداع‬ ‫واالبتكار والتميز واخذ المخاطر‪ ،‬وتشجع متخذي القرار على تحمل المسؤولية اتجاه ق ارراته‪.‬‬ ‫كما أنها ترتبط بعدة مفاهيم نحددها فيما يلي‪:16‬‬ ‫✓ استغالل توسع الفرص في السوق ووجود موارد جديد ة والتكامل ما بين الموارد‬ ‫والزبائن واألسواق؛‬ ‫✓ االبتكار واإلبداع والتحديث الذي يحدث داخل وخارج المنظمة؛‬ ‫✓ القدرة على إجراء التغييرات السريعة المرتبطة بالصناعة وهيكلة السوق وحاجات‬ ‫الزبائن والتكنولوجيا والقيم االجتماعية؛‬ ‫✓ االلتزام بالتطوير والتوسع في الميزة التنافسية في األسواق؛‬ ‫✓ القدرة على تحقيق النجاح المالي والنمو واستم اررية البقاء على المدى الطويل‪.‬‬ ‫ومن بين أهم النشاطات الداعمة التي تستخدم في استراتيجيات الريادية للوصول إلى األعمال‬ ‫الريادية كما أبرزتها بعض أدبيات الفكر اإلداري والباحثين في هذا المجال‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪17‬‬

‫✓ اختيار الكوادر البشرية الكفؤة والمؤهلة للتعيين وإخضاعهم لبرامج تدريبية مكثفة كل‬ ‫حسب اختصاصه ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب‪ ،‬وتوفير الحوافز بما ينسجم‬ ‫مع أدائهم وانجازهم الفردي؛‬ ‫✓ تبني األفكار اإلبداعية وامتالك روح المخاطرة والتمكن من اتخاذ قرار االبتكار‪،‬‬ ‫أي التطبيق الغتنام الفرص بالسرعة الممكنة قبل أن يغتنمها اآلخرين‪ ،‬باإلضافة إلى مواكبة‬ ‫عملية التغير في األنظمة والقوانين وتوفير الموارد وتطبيق الحوافز المالئمة‪ ،‬واختيار‬ ‫الموظفين األكفاء وغرس الثقافة التنظيمية في العمل المؤسسي التنظيمية؛‬ ‫✓ استخدام أسلوب المشاركة في اتخاذ القرار بين المستويات اإلدارية المختلفة في‬ ‫المنظمة وتطبيق أنظمة إدارية فعالة مبنية على التخطيط السليم واستخدام أساليب الضبط‬ ‫والرقابة الفعالة بشكل مستمر؛‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪198‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫✓ توفير الرؤية الريادية وتبني األفكار اإلبداعية من قبل اإلدارات العليا وغرس‬ ‫الثقافة التنظيمية‪ ،‬واستخدام أساليب المشاركة وفرق العمل المتخصصة‪ ،‬واستخدام أساليب‬ ‫الحفز والتعويض والمكافأة‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة تبني التجديد والتغير بما ينسجم مع‬ ‫حاجات وتوقعات أصحاب المصالح؛‬ ‫✓ تبني مواكبة التغير وقبول المخاطر واكتساب المعارف والخبرات والتعلم؛‬ ‫✓ تبني اإلبداع واالبتكار وإجراء تحسينات مستمرة وعدم الرضوخ لألعمال الروتينية‪،‬‬ ‫واستثمار التكنولوجيا الحديثة ومواكبة التطورات؛‬ ‫✓ استخدام أساليب البحث والدراسة للسوق بشكل مستمر لكشف الفرص واغتنامها‪،‬‬ ‫وتوفير كافة الموارد‪ ،‬وتبني المبدعين وأصحاب العقول الموهوبة‪ ،‬وتوفير فرص التدريب‬ ‫والتطوير المتواصل للعاملين‪.‬‬ ‫ب‪ .‬دعائم استراتجيات الريادية‪:‬‬ ‫تتمثل دعائم استراتيجيات الريادي فيما يلي‪:18‬‬ ‫‪ .1‬اإلبداع‪ :‬يعني التجديد بوصفه إعادة تشكيل أو إعادة عمل األفكار الجديدة التي‬ ‫تأتي من شيء جديد‪ ،‬ويتم التوصل إلى حل لمشكلة ما أو إلى فكرة جديدة وتطبيقها‪ ،‬وهو‬ ‫الجزء الملموس المرتبط بالتنفيذ أو التحويل من الفكرة إلى المنتج؛‬ ‫‪ .2‬االبتكار‪ :‬هو الوصول إلى فكرة جديدة ترتبط بالتكنولوجيا وتؤثر في المنظمات‪،‬‬ ‫وهو الجزء المرتبط بالفكرة الجديدة‪ ،‬والمنظمة االبتكارية هي تلك المنظمة التي تبتكر أشياء‬ ‫ذات قيمة في الخدمات واألفكار واإلجراءات والعمليات‪ ،‬ضمن مجموعة من العاملين مع‬ ‫بعضهم بعضاً في ظل اإلطار االجتماعي للمنظمة الذي يتكون من األفراد والجماعات‬ ‫للتأثير في السلوك الذي يحدد االبتكار التنظيمي للمنظمة؛‬ ‫‪ .3‬أخذ المخاطرة‪ :‬وهي أن يقوم الريادي بأخذ المجازفة في طرح منتجات جديدة‬ ‫باألسواق آخذاً بعين االعتبار ما يوجد في السوق من مخاطر الغموض وعدم التأكد‪ ،‬وتم‬ ‫تعريف أخذ المخاطرة بأنها ما يتم أخذه بعين االعتبار مع إمكانية التعرض للخسارة؛‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪199‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ .4‬التفرد‪ :‬وهو إدخال طرق جديدة سواء أكانت تكنولوجية أم منتجات جديدة أم طريقة‬ ‫جديدة في تقديم المنتج أو الخدمة أو في إدارة التنظيم وهيكلته‪ ،‬وذلك بصورة مختلفة عن‬ ‫اآلخرين؛‬ ‫‪ .5‬المبادأة‪ :‬وهي المشاركة في مشاكل المستقبل والحاجات والتغييرات‪ ،‬ومدى تقديم‬ ‫منتجات جديدة وتكنولوجية وتقنيات إدارية‪ ،‬والمبادأة هي القدرة على أخذ مخاطرة عالية أكثر‬ ‫من ظروف البيئة المحيطة بالمنظمات‪.‬‬ ‫الخالصة مع أهم التوصيات‪:‬‬ ‫استعرضنا في هذا البحث مفهوم الريادية ونشأتها‪،‬وأبعادها‪ ،‬وبعدها انتقلنا للحديث‬ ‫عن الريادية اإلستراتيجية حيث تطرقنا إلى تعريفها وأسباب التوجه إليها وأهميتها وأهدافها‬ ‫وعناصرها‪ ،‬كما قمنا بالتطرق إلى الريادي الذي توكل له مهمة العمل االستراتيجي من خالل‬ ‫تعريف الريادي االستراتيجي‪ ،‬خصائصه‪ ،‬والمهام التي يقوم بها‪ ،‬كما بينا مفهوم الريادية‬ ‫اإلستراتيجية في المؤسسة والعمل الصناعي‪ ،‬وكيف تدعم الشراكة من خالل الرؤيا‬ ‫اإلستراتيجية التي يقوم بصياغتها الريادي االستراتيجي واألهداف المنوط تحقيقها في إطار‬ ‫مهيكل ومخطط‪.‬‬ ‫توصلنا من خالل هذه الدراسة إلى مجموعة من التوصيات نذكرها في النقاط التالية‪:‬‬ ‫•‬

‫ينبغي ربط اإلدارة اإلستراتيجية باالبتكار وروح المبادرة والمخاطرة‪ ،‬فاستخدام هذه‬

‫العناصر ينمي الثقافة التنظيمية للمؤسسة؛‬ ‫•‬

‫إذا كان بحوزة المؤسسة ثقافة االبتكار وروح المبادرة والمخاطرة فسوف يؤثر ذلك‬

‫إيجابا على السياسة العامة‪ ،‬كما أن كثافة المشاريع والشراكة يتأثر بإستراتيجية المؤسسة‬ ‫ومزاياها تنافسية؛‬ ‫•‬

‫تقديم تصور عن الريادية اإلستراتيجية ضمن اإلطار االستراتيجي للمؤسسة؛‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪200‬‬


‫د‪ .‬بن قايد فاطمة زهرة‬ ‫•‬

‫تبني مقاربة الريادية اإلستراتيجية كإدارة جديدة‪...‬‬

‫ضرورة صياغة رؤيا ذو توجه ريادي من اجل تحقيق استدامة في قدراتها التنافسية‬

‫وتحقيق شراكة من خالل دعم التحالف االستراتيجي؛‬ ‫•‬

‫يجب أن تكون المؤسسات في استعداد دائم من خالل المزج بين األهداف المراد‬

‫تحقيقها وخططها اإلستراتيجية من اجل تحقيق شراكة ريادية والتنافس على الصعيدين‬ ‫الداخلي والخارجي؛‬ ‫•‬

‫نجاح الريادية اإلستراتيجية يتوقف على مدى نجاح الريادي االستراتيجي على بناء‬

‫الرؤيا ذات األبعاد اإلستراتيجية وبعد النظر؛ لذا ينبغي على كل المؤسسات التي تطمح‬ ‫للريادية أن تتبنى التوجه الريادي في إدارتها اإلستراتيجية جنبا إلى جنب ونوع القدرات‬ ‫التنافسية واإلمكانيات البشرية والمادية‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪2‬‬

‫معجم لسان العرب ‪K‬تم االطالع على الموقع‪http://www.maajim.com/dictionary ،2014/09/24 :‬‬

‫احمد خليل‪ ،‬مقدمة في ريادة األعمال‪ ،‬االطالع على الموقع في ‪ :10/05/2011‬نقال من الموقع‬

‫‪http//www.igal.blogspot.com/entrepreneurship-introduction/ consulté‬‬ ‫‪&oldid=8760842‬ريادة_أعمال=‪http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ 3‬وفيق حلمي األغا‪ ،‬الريادة في الشركات العربية بمنظور استراتيجي؟‪ ،‬مجلة جامعة األزهر‪ ،‬سلسلة العلوم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬المجلد‪ ،11‬العدد‪ ،2009 ،1-A‬ص‪.5،6‬‬ ‫‪ 5‬ميسون علي حسين‪ ،‬الريادة في منظمات األعمال مع اإلشارة لتجربة بعض الدول‪ ،‬مجلة بابل للعلوم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬المجلد‪ ،21‬العدد‪ ،2013 ،2‬ص‪.386،387‬‬ ‫‪6‬‬

‫بالل خلف السكارنه‪ ،‬الريادة وإدارة منظمات األعمال‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ ،2008 ،‬ص‪.151،152‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪http://www.abahe.co.uk/strategic-planning-sp-282897707/84717-features-strategic‬‬‫‪commander.html 16/11/2016‬‬ ‫‪8 Jati Nityananda, Ajit Narayan Mohanty ;Strategic Entrepreneurship: Key to Success For‬‬ ‫‪Competitiveness & Globalization International Journal of Science and Research (IJSR), India‬‬ ‫‪Online ISSN: 2319-7064Volume 1 Issue 3, December 2012, p210.‬‬ ‫‪9 http://www.abahe.co.uk/, op .cit.‬‬ ‫‪10 http://www.abahe.co.uk/strategic-planning-sp-282897707/84717-features-strategic‬‬‫‪commander.html 16/11/2016‬‬ ‫‪11 S.S.Khanka, Entrepreneurial Developement, Ram Nagar, 1stedition, New Delhi1999, p3,4.‬‬

‫‪ 12‬مصطفى ابو بكر ص‪70-69‬‬ ‫‪13‬‬

‫سالم بن سعيد آل ناصر القحطاني الريادة اإلستراتيجية كمدخل لتطوير المنظمات الحكومية المؤتمر الثاني‬

‫لمعاهد اإلدارة العامة والتنمية اإلدارية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية‪ ،‬دون سنة نش‪ ،‬ص‪.242‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪201‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.244‬‬ ‫عاكف لطفي خصاونة‪ ،‬إدارة اإلبداع واالبتكار في منظمات األعمال‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عمان ‪،2011‬‬

‫ص‪.151‬‬

‫‪1‬‬

‫بالل خلف السكارنة‪ ،‬استراتيجيات الريادة ودورها في تحقيق الميزة التنافسية دراسة ميدانية على شركات‬

‫االتصاالت في األردن‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم اإلدارية والمالية‪ ،‬جامعة اإلسراء الخاصة‪ ،‬العدد‬ ‫‪ ،17‬يناير ‪ ،2008‬ص‪.88‬‬ ‫‪ 17‬عاكف لطفي خصاونة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬ ‫‪18‬‬

‫بالل خلف سكارنة استراتيجيات الريادة ودورها في تحقيق الميزة التنافسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪202‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‬ ‫دراسة ميدانية بمؤسسة ‪- ALFAPIPE /‬عنابه‪-‬الجزائر‬‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫جامعة قسنطينة‪-2‬الجزائر‬ ‫الملخص‪:‬‬ ‫نهدف من خالل هذه الدراسة إلى الكشف عن واقع إدارة الجودة الشاملة على مستوى‬ ‫مؤسساتنا العمومية االقتصادية ذات الطابع الصناعي ‪،‬التي تعد فلسفة فكرية إدارية معاصرة‬ ‫يتم تبنيها بغية الحفاظ على استم اررية المؤسسة و تعزيز موقعها التنافسي ضمن بيئة أعمال‬ ‫البقاء فيها لألقوى ‪،‬أي تغير يحدث فيها يمثل تهديدا لالستقرار التنظيمي للمؤسسة ‪،‬لذا ارتأينا‬ ‫إلى البحث في المرتكزات النظرية و المبادئ األساسية إلدارة الجودة الشاملة ‪،‬مع محاولة‬ ‫تسليط الضوء عن الكيفية التي يتم من خاللها‬

‫تبني و إدارة الجودة داخل مؤسساتنا‬

‫االقتصادية العمومية ذات الطابع الصناعي‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬إدارة ‪،‬الجودة ‪،‬الشاملة ‪،‬المؤسسة العمومية الصناعية‪.‬‬ ‫‪Abstract :‬‬ ‫‪The aim of this study is to reveal the reality of TQM at the level of our‬‬ ‫‪public economic institutions of industrial nature, which is a philosophy of‬‬ ‫‪modern administrative thought adopted in order to maintain the continuity of‬‬ ‫‪the institution and enhance its competitive position within the business‬‬ ‫‪environment of staying strong, As a threat to the organizational stability of‬‬ ‫‪the institution, so we decided to look at the theoretical bases and the basic‬‬ ‫‪principles of TQM, while trying to shed light on how quality is adopted and‬‬ ‫‪managed within our public industrial establishments.‬‬

‫‪Keywords: management, quality, comprehensive, public industrial‬‬ ‫‪institution.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪203‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫مقدمة‬ ‫أصبح التغير الحاصل في بيئة األعمال التي تعمل ضمنها مؤسساتنا االقتصادية يمثل‬ ‫تهديدا الستقرارها ‪،‬نموها و بقاءها بسبب كثرة متغيراتها و تعقدها ‪،‬لذا يتوجب عليها تبني‬ ‫مجموعة من االستراتيجيات التكيفية انطالقا من فكر و فلسفة إدارية تعد كأطر مرجعية‬ ‫تحكم السلوك التنظيمي للمؤسسات ‪،‬فمن بين هذه الفلسفات لدينا ما يعرف بفلسفة إدارة‬ ‫الجودة الشاملة التي تمثل نظاما متعدد األبعاد ينطلق من مبادئ التحسين و التطوير‬ ‫المستمرين ومدخل استراتيجي يقوم على جودة العمليات و النتائج و كفاءة العنصر البشري‬ ‫بتحريك مواهبه و صقل قدراته من خالل التدريب و تنمية اإلبداع لديه والتي تعد أهم مقومات‬ ‫التغيير لألفضل و معيار أساسي لتميز المؤسسة و تحقيق تنافسياتها في السوق‪ .‬لذا سوف‬ ‫نحاول من خالل هذه الورقة البحثية تسليط الضوء على واقع إدارة الجودة الشاملة على‬ ‫مستوى المؤسسة العمومية االقتصادية ذات الطابع الصناعي مؤسسة ‪ALFAPIPE‬‬ ‫‪/ANNABA.‬‬ ‫أوال‪:‬اإلطار ألمفاهيمي للدراسة‬ ‫‪-1‬أهداف الدراسة‬ ‫األهداف العلمية للدراسة‪:‬نسعى من خالل هذه الدراسة للكشف عن المرتكزات و المبادئ‬ ‫األساسية التي تقوم عليها فلسفة إدارة الجودة الشاملة ‪،‬من خالل البحث في خصائصها‬ ‫‪،‬أهدافها ‪،‬متطلبات تطبيقها و مستوياتها ‪.‬‬ ‫األهداف العملية للدراسة‪:‬الوقوف على واقع تبني و تطبيق فلسفة إدارة الجودة الشاملة على‬ ‫مستوى مؤسساتنا العمومية االقتصادية ذات الطابع الصناعي ‪،‬بمعرفة أهدافها‬ ‫‪،‬مبادئها‪،‬األنظمة المتبناة إلدارتها بتحديد اإلجراءات و التعليمات الخاصة بتنفيذها ‪ ،‬مع‬ ‫تشخيص المستوى الذي يمكن أن تصنف ضمنه المؤسسة محل الدراسة في تطبيقها إلدارة‬ ‫الجودة الشاملة‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪204‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪-2‬أهمية الدراسة ‪ :‬تكمن أهمية الدراسة في كونها تبحث في فلسفة إدارية حديثة أال و هي‬ ‫فلسفة إدارة الجودة الشاملة ‪ ،‬التي أصبحت كضرورة بالنسبة ألي مؤسسة تطمح إلى تحقيق‬ ‫غايات وجودها و المتمثلة في النمو ‪،‬التطور ‪،‬البقاء و االستم اررية ‪،‬و تعمل ضمن بيئة‬ ‫تتميز بالتعقد و التغيير المستمرين يفرض عليها تبني فكر إداري متقدم يتواكب و تطورات‬ ‫العصر الحالي‪.‬‬ ‫‪-3‬مفاهيم الدراسة‪:‬‬ ‫اإلدارة ‪:‬يطلق على مجموعة من األنشطة المتضمنة للتخطيط و ضع الق اررات ‪،‬التنظيم‪،‬القيادة‬ ‫‪،‬السيطرة ‪،‬وتوجيه موارد المنظمة البشرية ‪،‬المادية ‪،‬المالية و المعلوماتية من أجل انجاز‬ ‫األهداف التنظيمية بطريقة فاعلة و مؤثرة ‪،‬و في بيئة ديناميكية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫الجودة ‪:‬حسب معايير الجودة العالمية ‪ ISO‬فالجودة عبارة عن قدرة مجموعة من‬ ‫الخصائص الجوهرية لمنتج أو لنظام أو سيرورة ما على إرضاء متطلبات العمالء و باقي‬ ‫األطراف المعنية ‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫إدارة الجودة ‪:‬تتمثل في مجمل نشاطات الوظيفة اإلدارية التي تحدد سياسة الجودة و أهدافها‬ ‫و المسؤوليات و التنفيذ من خالل آليات تخطيط الجودة ‪،‬ضبط الجودة‪،‬تأكيد الجودة ‪،‬تحسين‬ ‫الجودة ضمن متطلبات الجودة ‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫الشاملة‪ :‬أي تتطلب مشاركة و اندماج كافة الموظفين داخل المنظمة و بالتالي تسعى إلى‬ ‫تحقيق التنسيق الفعال بين الموظفين لحل مشاكل الجودة و إلجراء التحسينات المستمرة‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫إدارة الجودة الشاملة ‪:‬من وجهة نظر أمريكية فان إدارة الجودة الشاملة تمثل فلسفة فكرية و‬ ‫خطوط عريضة و مبادئ تدل و ترشد المنظمة لتحقيق تطو ار مستم ار باالعتماد على‬ ‫األساليب الكمية باإلضافة إلى الموارد البشرية ‪،‬التي تحسن استخدام الموارد المتاحة و‬ ‫الخدمات ‪،‬بحيث أن كافة العمليات داخل المنظمة تسعى الن تحقق إشباع حاجات‬ ‫المستهلكين الحاليين و المرتقبين‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪205‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫المؤسسة العمومية الصناعية ‪:‬هي عبارة عن مؤسسة عامة تابعة للدولة ‪،‬تتمتع بشخصية‬ ‫معنوية ‪،‬يتحدد نشاطها في العملية اإلنتاجية ‪،‬تهدف إلى زيادة األرباح و الثروة ‪،‬تخضع‬ ‫كهيئة لقانون األعمال المحدد في التشريع الجزائري ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪:‬اإلطار النظري للدراسة‬ ‫‪-1‬أهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة‪ :‬تعد إدارة الجودة الشاملة كفلسفة إدارية شاملة أهم‬ ‫مقومات عملية التغيير لألفضل ‪ ،‬و معيار أساسي للتميز بين المنظمات حيث تعد ذات‬ ‫أهمية إستراتيجية في زيادة فاعلية المنظمة و قدرتها التنافسية في السوق ‪،‬من خالل تقديم‬ ‫منتج ذو جودة عالية و بالتالي زيادة والء الزبون ‪،‬تخفيض تكاليف الجودة ‪،‬زيادة اإلنتاجية و‬ ‫رفع الكفاءة اإلدارية من خالل زيادة الحصة السوقية و زيادة شهرة المنظمة ‪،‬تحسين العملية‬ ‫االتصالية و ضمان المشاركة الفعالة لكافة العاملين في تحسين األداء‪.‬‬ ‫‪-2‬خصائص إدارة الجودة الشاملة‪:‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫تعد إدارة الجودة الشاملة فلسفة استمدت جذورها من النظريات اإلدارية الحديثة و التقليدية‪.‬‬‫أسلوب للتفكير و منهج للعمل ‪،‬تحدد كيفية التطوير و التحسين الدائمين في عناصر األداء‬‫و التقنيات و األنشطة و الوظائف ‪.‬‬ ‫تهتم بتغيير بعض اإلجراءات السلوكية اإلدارية السائدة و االتجاهات و المواقف السلبية‬‫اتجاه العمل ‪،‬بغرس ثقافة السلوكيات االيجابية و إبراز شخصية المنظمة ‪،‬رؤيتها ‪،‬قيمها‬ ‫الشخصية و التنظيمية ‪.‬‬ ‫أولى اهتماماتها هو العميل حيث تعمل دوما على تلبية حاجاته و توقعاته ‪،‬فتحقق بذلك‬‫التميز في خدمته و التفوق على المنافسين ‪.‬‬ ‫تقوم على نشر ثقافة الجودة و العمل بمبدأ التعاون و المشاركة الجماعية في تحقيق الجودة‬‫التي تعتبر مسؤولية جماعية ‪،‬فيتم بذلك تكوين فرق عمل بدال من االعتماد على الجهود‬ ‫الفردية ‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪206‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫ يتعدى مفهوم الجودة في إطار الجودة الشاملة حدود الوظيفة اإلنتاجية ليشمل كافة أوجه‬‫نشاط المنظمة و تحسين كل جوانب األداء‪.‬‬ ‫‪-3‬أهداف إدارة الجودة الشاملة ‪:‬‬ ‫باإلضافة إلى البحث في التحسين المستمر لألداء في كل المجاالت بوضع أساليب‬ ‫تطوير مستمر ووضع استراتيجيات تنافسية مع ابتكار مقاييس ألداء الجودة ‪ ،‬نجد أن إدارة‬ ‫الجودة الشاملة تهدف إلى تحقيق الجودة في أربعة مكونات أساسية ألي منظمة و هي ‪:‬‬ ‫جودة الموارد البشرية ‪،‬جودة التكنولوجيا المستخدمة ‪،‬جودة البيئة الداخلية ‪،‬جودة البيئة‬ ‫الخارجية للمنظمة‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪-4‬متطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة ‪:‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ 1-4‬إعادة تشكيل ثقافة المنظمة‪ :‬أي إدخال أي مبدأ جديد يتطلب إعادة تشكيل ثقافة‬ ‫المنظمة ‪،‬الن ثقافة الجودة تختلف اختالفا جذريا عن الثقافة اإلدارية التقليدية ‪ ،‬لذا يجب‬ ‫البحث عن ثقافة مالئمة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة كتغيير األساليب اإلدارية بمعنى تهيئة‬ ‫البيئة المالئمة‪.‬‬ ‫‪ 2-4‬التعليم و التدريب‪:‬يشمل التدريب على تناول أمية الجودة ‪،‬أدواتها ‪،‬أساليبها ‪،‬المهارات‬ ‫أالزمة و أساليب حل المشكالت ووضع الق اررات و مبادئ القيادة الفعالة و األدوات‬ ‫اإلحصائية و طرق قياس األداء ‪،‬التي تعد متطلب لكل فئة و مستوى إداري‪.‬‬ ‫‪ 3-4‬االستعانة باالستشاريين ‪:‬خاصة منهم الخبرات الخارجية من مستشارين و منظمات‬ ‫متخصصة في تطبيق البرنامج من أجل دعم خبرة المنظمة في حل المشكالت الخاصة ‪.‬‬ ‫‪ 4-4‬تشكيل فرق العمل‪ :‬تضم كل واحدة منها خمسة إلى ثمانية أعضاء من األقسام‬ ‫المعنية مباشرة مما يؤدون العمل المرد تطويره ‪،‬و أن يكونوا من األشخاص الموثوق بهم و‬ ‫لديهم االستعداد للتطوير مع إعطائهم صالحية المراجعة و التقييم وتقديم المقترحات ‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪207‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫‪ 5-4‬التشجيع و الحفز‪:‬على العمل المؤدى من أجل تطوير برنامج إدارة الجودة الشاملة و‬ ‫من تم الشعور باالنتماء و أمية الدور المكل إليهم‪.‬‬ ‫‪ 6-4‬اإلشراف و المتابعة‪:‬أي اإلشراف على فرق العمل بتعديل أي مسار خاطئ و متابعة‬ ‫انجازاتهم و تقويمها و التنسيق بين األفراد و اإلدارات و تذليل الصعوبات التي تعترض فرق‬ ‫العمل مع األخذ بين االعتبار المصلحة العامة‪.‬‬ ‫‪-5‬العناصر الرئيسية إلدارة الجودة الشاملة‬

‫‪10‬‬

‫‪ 1-5‬التخطيط للجودة‪:‬بمعنى محاولة التنبؤ بالجودة ‪،‬و تشمل تحديد أهداف الجودة‬ ‫‪،‬مواصفات سيرورات اإلنتاج ‪،‬و الموارد الضرورية للوصول إلى أهداف الجودة من خالل‬ ‫مجمل المهام المتمثلة في ‪:‬إعداد السياسات و األهداف المرتبطة بالجودة ‪،‬تحديد احتياجات‬ ‫العمالء ‪،‬تخطيط السيرورات ‪،‬حصر الموارد الضرورية ‪،‬و ضع مخطط للجودة الخاصة‬ ‫بالمنتجات (سلع أو خدمات) مع مشاركة العاملين في حل المشكالت و اقتراح الحلول ‪.‬‬ ‫‪2-5‬ضبط الجودة ‪:‬تمثل مجمل التقنيات التشغيلية و النشاطات لتحقيق متطلبات الجودة و‬ ‫تنفيذها و تشمل ‪:‬تحليل السوق وو دراسة المحيط‪،‬البحث و التطوير ‪،‬التصميم‪.‬‬ ‫‪ 3-5‬تحسين الجودة ‪:‬بتشجيع المبادرات و االبتكارات ‪،‬مع اقتراح سبل لتدريب و تحفيز‬ ‫العاملين ‪،‬وضع أنظمة للحفاظ على المكاسب ‪،‬السعي المستمر نحو تحسين مستوى الجودة ‪.‬‬ ‫‪-6‬مستويات تطبيق إدارة الجودة الشاملة‬ ‫توجد مستويات متباينة في تبني إدارة الجودة الشاملة و التي تعود إلى االختالف في مدى‬ ‫قناعة اإلدارة بها ‪،‬الفترة الزمنية التي مرت على بدء تطبيق إدارة الجودة الشاملة ‪،‬مدى توفر‬ ‫اإلمكانيات المادية و البشرية الضرورية‪،‬فتصنف المنظمات إلى ستة مستويات(مجموعات)‪.‬‬ ‫‪ 1-6‬مستوى غير الملتزمين‪ :‬و هي المنظمات التي بدأت بتطبيق بعض مفاهيم الجودة‬ ‫الشاملة‪ ،‬لم يتم مباشرة عمليات التحسين و لم يتم وضع خطط على المدى البعيد لتطوير‬ ‫مستوى الجودة ‪،‬فاالهتمام أكثر بالعائد على األصول و المبيعات‪،‬عدم االستثمار في المورد‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪208‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫البشري مع االعتماد على أساليب العقاب ‪ ،‬عدم اهتمام العاملين بالجودة ‪،‬عدم االهتمام‬ ‫بمطابقة المنتج للمعايير‪،‬عدم فعالية االتصاالت مع العمالء و العاملين ‪،‬إتباع أسلوب‬ ‫الفحص الشامل للمشتريات و المنتجات ‪.‬‬ ‫‪ 2-6‬مستوى المترددين‪ :‬فهي منظمات لها استعداد للتحول إلى إدارة الجودة الشاملة ‪،‬لكنها‬ ‫تكون حديثة العهد في تحسينات الجودة و ال يتعدى ذلك ثالثة سنوات ‪،‬ليس لديها مخطط‬ ‫لنشر مفاهيم إدارة الجودة الشاملة ‪،‬عدم التمييز بين إدارة الجودة الشاملة كفلسفة لها مرتكزاتها‬ ‫الفكرية و مبادئها اإلدارية و األخالقية و نظام ‪ ISO 9000‬كنظام إلدارة الجودة هدفه‬ ‫مطابقة نظم العمل الخاصة مع المعايير المعتمدة عالميا للحصول على المواصفة ‪.‬‬ ‫‪ 3-6‬مستوى مستخدمي األدوات‪:‬هنا يكون للمنظمة خبرة في تحسين الجودة مدتها حوالي‬ ‫خمسة سنوات‪ ،‬توظف مجموعة من األدوات كاألساليب اإلحصائية‪ ،‬أساليب ضبط الجودة‪،‬‬ ‫حلقات الجودة (مختصة في حل مشكالت الجودة دون أن يكون لها سلطة التنفيذ)‪.‬‬ ‫‪ 4-6‬مستوى منفذي التحسينات ‪:‬بعد مضي خمس سنوات إلى ثمانية سنوات من ممارسة‬ ‫عملية تحسين الجودة تصل المنظمة إلى المستوى الرابع ‪،‬فتبدأ المنظمة باالهتمام بتغيير‬ ‫الثقافة و تدرك أهمية التحسين المستمر للجودة و من أهم مميزاتها هي ‪:‬إتباع سياسة منع‬ ‫األخطاء ‪،‬االعتماد على برامج التعليم والتدريب طويلة المدى ولكافة المستويات‬ ‫اإلدارية‪،‬التأكيد على أهمية اندماج العاملين في فرق عمل مع وجود الثقة المتبادلة‪،‬اجراء‬ ‫مقارنات مرجعية فيما يتعلق بأنشطة التحسين ‪.‬‬ ‫‪ 5-6‬مستوى رابحي الجوائز‪:‬في هذا المستوى تصبح المنظمة قادرة على المشاركة في‬ ‫مسابقات جوائز الجودة ‪،‬فقد وصلت إلى مرحلة ناضجة من إدارة الجودة الشاملة ‪،‬تحقق‬ ‫عندها ثقافة تنظيمية داعمة و قيم و قدرات تسمح باندماج العاملين ‪،‬فيصبح هناك اهتمام من‬ ‫قبل جميع العاملين لتحسين مستوى الجودة ‪،‬إجراء مقارنات مرجعية و ذلك من قبل كل‬ ‫المستويات اإلدارية ‪،‬اقتناع العاملين بأن الجودة الشاملة هي أسلوب إلدارة األعمال يتحقق‬ ‫بواسطتها متطلبات العمالء‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪209‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫‪ 6-6‬المستوى األخير‪ :‬عند هذه المرحلة يكون قد مرت حوالي عشرة سنوات على المنظمة‬ ‫منذ تطبيقها إلدارة الجودة الشاملة ‪،‬فيصبح السعي دائما إلى إرضاء العميل و تحقيق التكامل‬ ‫بين تحسينات الجودة و استراتيجيات األعمال ‪،‬تبرز هذه المرحلة النجاح الفعلي للتطبيق‬ ‫العملي لمدخل إدارة الجودة الشاملة في مجال األعمال ‪.‬‬ ‫ثالثا‪:‬اإلطار الميداني للدراسة‬ ‫‪-1‬اإلطار المنهجي‬ ‫‪1-1‬منهج الدراسة ‪:‬تم اعتمادنا على المنهج الوصفي من خالل جمع البيانات و العمل‬ ‫على تحليلها و تفسيرها بغرض الكشف عن واقع ممارسة إدارة الجودة الشاملة على مستوى‬ ‫المؤسسة محل الدراسة‪.‬‬ ‫‪ 2-1‬مجال الدراسة‪:‬‬ ‫المجال المكاني ‪:‬تمت الدراسة بمؤسسة ‪ ALFAPIPE‬لصناعة أنابيب نقل البترول والغاز‬ ‫وحدة عنابة‪،‬كونها من المؤسسات التي تتبنى بعض مفاهيم الجودة ‪،‬بها قسم للرقابة على‬ ‫الجودة ‪،‬متحصله على شهادة من المعهد األمريكي للتقييسس في مجال الصناعة البترولية‪،‬و‬ ‫تمت دراستنا و بالتحديد على مستوى ورشة التصنيع المركزية‪.‬‬ ‫المجال الزمني‪:‬أجريت الدراسة خالل السنة الجامعية ‪2016/2015‬‬ ‫المجال البشري‪:‬مسؤولي قسم الرقابة على الجودة على مستوى المؤسسة محل الدراسة و‬ ‫الذي كان عددهم أربعة(‪،)04‬متحصلون جلهم على شهادة الكفاءة في الرقابة على الجودة‬ ‫‪ certifiés niveau 2‬باإلضافة إلى كونهم مهندسي دولة في التخصصات التقنية‪.‬‬ ‫‪ 3-1‬أدوات جمع البيانات‪:‬تم اعتمادنا على مجموعة من األدوات تمثلت في‪:‬‬ ‫‪ 1-3-1‬الوثائق اإلدارية المتعلقة باإلجراءات و التعليمات الخاصة بالرقابة التقنية ‪،‬الهيكل‬ ‫التنظيمي لقسم إدارة الجودة‪ ،‬قائمة بأهداف إدارة الجودة ‪،‬شهادات ‪، ISO‬شهادة‬ ‫‪،API5L‬شهادة ‪ APIQ1‬و التي تمثل شهادات الجودة الخاصة بتصنيع أنابيب نقل المواد‬ ‫الطاقوية ‪،‬باإلضافة إلى خطة الجودة‪ ).‬تم الحصول عليها من قسم الرقابة على الجودة)‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪210‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪ 2-3-1‬المالحظة دون مشاركة ‪:‬التي تمثل أداة أساسية لجمع المعلومات األولية من‬ ‫خالل زيارتنا لورشة التصنيع المركزية على مستوى المؤسسة محل الدراسة ‪،‬بغرض الوقوف‬ ‫على سلوكيات العاملين عند تطبيقهم للتعليمات و كيفية استخدامهم ألدوات الرقابة العينية و‬ ‫أجهزة الفحص باألشعة ‪،‬أي كل ما يتعلق بمجريات الرقابة على الجودة‪.‬‬ ‫‪ 3-3-1‬المقابلة الموجهة ‪:‬تم اعتمادنا على هذه األداة قصد الحصول على معلومات أعمق‬ ‫تخدم البحث ‪،‬لذا كان لزاما علينا التوجه إلى مسؤولي بعض المصالح التابعة لقسم الرقابة‬ ‫على الجودة و الذين لديهم خبرة وكفاءة مهنية في مجال الرقابة على الجودة‪(.‬أنظر الملحق‬ ‫الخاص بدليل المقابلة الموجهة)‪.‬‬ ‫‪: 2‬عرض و تفسير البيانات الميدانية‬ ‫‪-1-2‬عرض البيانات الخاصة بالمالحظة دون مشاركة‬ ‫لقد تبين من خالل المالحظة بدون مشاركة أن‪:‬‬ ‫الكيفية التي يتم بها تنظيم و عرض الملصقات التي تحوي تعليمات و إجراءات الرقابة‬‫على الجودة على مستوى ورشة التصنيع ال تتم بطريقة منظمة و موحدة بين جميع المصالح‬ ‫و المخابر ما يعكس عدم احترام للمعايير في أبسط أشكالها‪ ،‬ألنه من المفروض أن توضع‬ ‫بطريقة محددة حسب ما هو معمول به وفق معايير ‪.iso‬‬ ‫‪-‬أما عن سلوكيات العاملين المهنية‬

‫عند استخدامهم ألدوات الرقابة العينية للتأكد من‬

‫مطابقة عملية تلحيم األنابيب لمعايير الجودة التي تتم بصعودهم فوق األنابيب ذات الحجم‬ ‫الكبير مع عدم استخدامهم لوسائل الحماية من المخاطر المهنية و التي تمثل تهديد كبير‬ ‫لسالمة العاملين ‪ ،‬فال يمكننا إدارة الجودة داخل المؤسسة دون جودة الحياة المهنية بتوفير‬ ‫الظروف الفيزيقية المالئمة و حماية للعاملين من حوادث العمل رغم أنها تمثل إحدى أهداف‬ ‫الجودة ضمن مخطط الجودة الخاص بالمؤسسة محل الدراسة و المتمثلة في تخفيض نسبة‬ ‫حوادث العمل إلى ‪.%16‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪211‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫‪ 2-2‬عــــــــــــــــــــــرض نتاـئــــــــــج المقابــــــــــــــــــــلة‬ ‫اإلجابة على التساؤل األول ‪:‬فيما تتمثل أهداف إدارة الجودة على مستوى المؤسسة محل‬ ‫الدراسة ؟ تتمثل أهم أهداف الجودة في العمل على إرضاء الزبون وفق ما تتطلبه معايير‬ ‫الجودة العالمية والذي يمثل أهم رهان للبقاء في السوق ‪،‬هذا باإلضافة إلى العمل بمبدأ‬ ‫الخضوع إلى القوانين التشريعية المتعلقة بمنح الصفقات العمومية للمؤسسات الصناعية‬ ‫الكبرى وتمويل استثماراتها حيث يمثل العمل وفق معايير الجودة العالمية من أهم شروطها‪.‬‬ ‫اإلجابة على التساؤل الثاني‪:‬في أي مستوى يتحدد الوضع التنظيمي ألجهزة إدارة الجودة داخل‬ ‫المؤسسة؟‬

‫يتحدد الوضع التنظيمي لجهاز إدارة الجودة بوجود قسم للرقابة على الجودة‬

‫مستقل ال ينتمي ألي فرع ‪ ،‬تربطه عالقة تنظيمية مباشرة بالمدير العام للمؤسسة و هذا‬ ‫تفاديا ألي تحيز في الرقابة على الجودة و المسؤول على هذا القسم له سلطة وظيفية و‬ ‫استشارية ‪،‬تتحدد مهامه في إعداد التعليمات و اإلجراءات الخاصة بالرقابة على الجودة و‬ ‫هذا بالتعاون مع األقسام المعنية و وفق ما هو محدد في نظام الجودة المتبنى داخل‬ ‫المؤسسة‪API5L /APIQ1‬‬ ‫اإلجابة على التساؤل الثالث‪:‬فيما تتمثل أهم مبادئ إدارة الجودة داخل المؤسسة؟‬ ‫يتحدد أهم مبدأ للجودة داخل المنظمة في عبارة ‪je fais ce que je dis, et je dis ce que‬‬ ‫‪،»fais‬كما تتبنى مبدأ التحسين المستمر لجودة المنتج و هذا منذ حصولها على شهادة ‪iso‬‬

‫سنة ‪ 2001‬و هذا بوضع أهداف للجودة و التي يتم تجسيدها من خالل وضع خطط سنوية‬ ‫لتكوين العاملين خاصة من هم في المجال التقني‪،‬محاولة التقليل من حوادث العمل ‪،‬العمل‬ ‫على إرضاء الزبون من خالل اإلنتاج وفق معايير الجودة و كذا وفق خصائص المنتج الذي‬ ‫يحددها الزبون (القياسات الخاصة باألنابيب ) ‪،‬و اإليفاء بالطلبات في مواعيدها المحددة‪.‬‬ ‫أما عن مشاركة العاملين في تحسين الجودة فتتم من خالل بعض االقتراحات الخاصة‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪212‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫بتحسين طرق العمل التي يتم عرضها على المسؤول على الجودة ‪،‬يتم بعد ذلك مناقشتها مع‬ ‫اإلدارة العليا إن تمت الموافقة عليها يتم اعتمادها من قبل اإلدارة ‪.‬‬ ‫اإلجابة على التساؤل الرابع‪:‬ما هي أهم األنظمة المتبناة إلدارة الجودة داخل المؤسسة؟‬ ‫يتمثل نظام الجودة المعتمد في المعايير ‪ iso 9001‬طبعة ‪ 2008‬و معيار ‪APIQ1‬‬ ‫الممنوحة من قبل الهيئة األمريكية الخاصة بالمنتجات الطاقوية ‪API‬‬

‫‪(AMERICAN‬‬

‫‪ )PETRELEUM INSTITUTE‬و بالتحديد معيار ‪ API5L‬و هو معيار خاص بالجودة‬ ‫التقنية لألنابيب الملحمة ‪.‬أما عن أهم الوثائق الخاصة بنظام الجودة تتمثل في ‪le plan‬‬ ‫‪qualité, la revue de direction, le manuel qualité‬التي يتم إعدادها من طرف‬ ‫المسؤول على إدارة الجودة و بالتعاون مع مسؤولي الفروع و األقسام ‪.‬‬ ‫اإلجابة على التساؤل الخامس‪:‬فيما تتمثل أهم اإلجراءات التنفيذية إلدارة الجودة ؟‬ ‫*إجراءات التعامل مع كل من الزبائن و الموردين‪:‬تعتبر كل من شركة سوناطراك‬ ‫‪ FERSID ;ALTUMED‬أهم زبائن المؤسسة ‪،‬أما عن أهم الموردين و الممونين بالمواد‬ ‫األولية فهم ‪، ARCELOR France ;THYSSEN SEVESTAL‬فالمؤسسة تتعامل مع‬ ‫جميع هذه األطراف من خالل قانون الصفقات العمومية ووفق إجراءات المناقصات الدولية و‬ ‫التي تعد احترام معايير الجودة العالمية من أهم شروطها ‪API5L ; iso9001‬الطبعة‪. 45‬‬ ‫*إجراءات الرقابة على الجودة داخل المؤسسة‪:‬من أهمها إجراءات الرقابة على المنتج بعد‬ ‫التصنيع و المتمثلة في ‪contrôle visuel et dimensionnel (diamètre ;la‬‬ ‫; ‪hauteur ;la longueur ;courdon de soudure) ; Contrôle par filtration‬‬ ‫; ‪Contrôle radiographie ; contrôle revêtement intérieur et extérieur‬‬ ‫‪contrôle de l’épaisseur ; la régosite et l’adurance‬‬ ‫إن لم يتم تسجيل أي عيب في هذه الجوانب يعتبر المنتج مصنع وفق معايير الجودة ‪tube‬‬ ‫‪norme pour expédition.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪213‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫*إجراءات خاصة بتكوين العاملين ‪:‬يتحدد البرنامج التكويني للعاملين سنويا انطالقا من‬ ‫األهداف الخاصة بالجودة بغية تحسين كفاءة العاملين و الرفع من مستوى اإلنتاجية ‪ ،‬يحتوي‬ ‫برنامج التكوين على تكوين في كل من المجال التقني و اإلداري رغم أن التركيز أكبر على‬ ‫المجال التقني ‪،‬حيث تحددت أهداف الجودة بالنسبة لسنة ‪ 2016/2015‬بتخصيص ما‬ ‫نسبته ‪ %70‬من ميزانية التكوين للمجال التقني و تكوين اإلطارات العليا مع تحديد مراكز‬ ‫التكوين ‪،‬مدة التكوين ‪ ،‬تحديد العاملين(عددهم و مجاالتهم الوظيفية)‪،‬أما عن إجراءات تقييم‬ ‫و متابعة العملية التكوينية فتتم من خالل إجراء اختبارات تقييميه مباشرة بعد انتهاء العملية‬ ‫التكوينية من طرف هيئة التكوين مع تقديم شهادات للناجحين و هذا ما يعرف ب‬ ‫‪ l’évaluation à chaud‬و هناك تقييم بعد مرور فترة زمنية من التكوين يتم من خالله‬ ‫تقييم مستوى التطبيق الفعلي لما جاء في البرنامج التكويني أثناء ممارسة المهام ‪،‬و هو ما‬ ‫يعرف ب‪l’évaluation à froid‬‬ ‫‪-3‬مناقشة النتائج‬ ‫بناءا على نتائج كل من المالحظة و المقابلة توصلنا إلى ‪:‬أن توجه المؤسسة محل الدراسة‬ ‫نحو العمل وفق مبادئ إدارة الجودة القائمة على فكرة التحسين المستمر و التصنيع وفق‬ ‫معايير الجودة العالمية كان نتيجة ضغوط بعض الشركات األجنبية البريطانية المتخصصة‬ ‫في الصناعات البترولية و الذي كان من أهم شروطها أن تصنيع األنابيب يجب أن يكون‬ ‫وفق معايير الجودة العالمية حتى يتم إبرام الصفقات مع المؤسسة ‪،‬فيمكننا القول أن العمل‬ ‫بمبادئ الجودة لم يكن انطالقا من قناعة فكرية و فلسفة إدارية بل كان نتيجة ضغوط‬ ‫خارجية هذا من جهة ‪،‬و من جهة أخرى أن مبدأ التحسين المستمر أساسه ضمان الحصول‬ ‫على شهادة المطابقة ‪ iso‬الممنوحة من هيئات التقييس خاصة منها الدولية ‪،‬لذا اقتصرت‬ ‫أهداف الجودة على أهداف سنوية قصيرة األجل تركز على جودة العملية اإلنتاجية والتكوين‬ ‫في المجال التقني و الرقابة على جودة المنتج ‪،‬فال يوجد أدنى اهتمام بالتخطيط االستراتيجي‬ ‫للجودة لمواجهة تهديدات البيئة الخارجية انطالقا من بناء ثقافة الجودة الشاملة تهتم بجميع‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪214‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجاالت و نشاطات المؤسسة ‪،‬أما عن مشاركة العاملين في ق اررات تحسين الجودة فهي‬ ‫تنحصر في مبادرات فردية تتعلق في أغلبها بالمجال التقني‪.‬‬ ‫لذا يمكننا أن نصنف المؤسسة محل الدراسة ضمن مستوى مستخدمي األدوات لتميزها بأهم‬ ‫خصائص هذا المستوى و المتمثلة في كونها لديها خبرة أكثر من خمسة سنوات ‪،‬تستخدم‬ ‫أساليب ضبط الجودة (محاولة التقليل من عيوب المنتج إلى أقل حد ممكن) ‪،‬اهتمام اإلدارة‬ ‫بحل المشاكل الحالية دون االهتمام بالمشاكل المستقبلية ‪،‬من مبدأ أن المنتج الجيد بمكنه‬ ‫الدخول إلى السوق‪،‬أسلوب اإلدارة يتميز بردود الفعل لما يحدث في البيئة الخارجية‪.‬‬

‫الخاتمة‬ ‫تقوم إدارة الجودة الشاملة على فلسفة و أسلوب فكري‪،‬قناعات ‪ ،‬قيم عمل ‪،‬تبني سلوكيات‬ ‫تقوم على عمل ممنهج يشمل جميع أنشطة المؤسسة فهي ال تقتصر على الرقابة على‬ ‫جودة العملية اإلنتاجية ‪،‬لذا إذا أرادت أي مؤسسة أن تتبنى مبدأ العمل و فق فلسفة الجودة‬ ‫الشاملة عليها أن تعتمد على أربعة مرتكزات أساسية أال و هي ‪:‬جودة الموارد البشرية ‪،‬جودة‬ ‫التكنولوجيا ‪،‬جودة البيئة الداخلية و جودة البيئة الخارجية‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪215‬‬


‫أ‪.‬غزال حياة‬

‫واقع إدارة الجودة الشاملة بالمؤسسة العمومية االقتصادية الجزائرية‪...‬‬

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬ ‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬ ‫جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة ‪-2-‬‬ ‫دليل المقابلة‬ ‫في إطار دراسة ميدانية تهدف للكشف عن واقع إدارة الجودة الشاملة على مستوى مؤسستكم‬ ‫‪،‬نرجو من سيادتكم التعاون معنا باإلجابة على جملة األسئلة التالية‬ ‫نشكركم مسبقا على تعاونكم‬ ‫الخصائص الشخصية‬ ‫‪-1‬منصب العمل‪..... .............................................................:‬‬ ‫‪-2‬المستوى التعليمي‪.... ..........................................................:‬‬ ‫‪-3‬الفئة السوسيومهنية ‪..............................................................:‬‬ ‫‪-4‬فيما تتمثل أهداف إدارة الجودة داخل المؤسسة ؟‬

‫‪........................................................................................‬‬

‫‪-5‬في أي مستوى يتحدد الوضع التنظيمي ألجهزة إدارة الجودة؟‬

‫‪........................................................................................‬‬ ‫‪6 .‬فيما تتمثل أهم مبادئ إدارة الجودة داخل المؤسسة؟‬

‫‪........................................................................................‬‬

‫‪-7‬ماهي أهم األنظمة المتبناة إلدارة الجودة ؟‬ ‫‪........................................................................................‬‬ ‫‪-8‬فيما تتمثل أهم اإلجراءات التنفيذية إلدارة الجودة ؟‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪216‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪........................................................................................‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪-1‬محمد فتحي ‪ 766:‬مصطلح إداري‪،‬دار التوزيع و النشر االسالمية ‪،‬مصر ‪ ،2002‬ص ‪.14‬‬ ‫‪-2‬بوجريو فتيحة ‪ :‬إدارة الجودة الشاملة في منظمات اإلعمال(النظرية ‪،‬التطبيق)‪،‬دار المسيرة‬ ‫‪،‬عمان‪،2005،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪-3‬بالل خلف السكارنة ‪:‬دراسات إدارية معاصرة ‪،‬ط‪،2‬دار المسيرة ‪،‬عمان ‪،2010،‬ص ص‪.195-193‬‬ ‫‪-4‬نفس المرجع ‪،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪ -5‬نفس المرجع ‪،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪ -6‬بوجريو فتيحة‪،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص ص ‪70-69‬‬ ‫‪-7‬نفس المرجع ‪،‬ص‪.70‬‬ ‫‪-8‬مدحت أبو النصر ‪:‬ادارة وتنمية الموارد البشرية ‪،‬ط‪،1‬دار الكتاب الحديث ‪ ،2007،‬ص ص ‪.127-126‬‬ ‫‪-9‬بالل خلف السكارنة ‪:‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص ص ‪.209-208‬‬ ‫‪-10‬بوجريو فتيحة ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ص ‪.46-45‬‬ ‫‪-11‬نفس المرجع ‪،‬ص ص ‪.75—74‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪217‬‬


‫العدد ‪02‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في الكشف عن عيب مخالفة القانون‬ ‫في الق اررات التي يصدرها الوالي‬ ‫د‪ /‬إسماعيل بوقرة‬ ‫جامعة عباس لغرور خنشلة ‪ -‬الجزائر‬

‫الباحث‪ /‬عالء الدين قليل‬ ‫جامعة عباس لغرور خنشلة ‪ -‬الجزائر‬

‫ملخص‪:‬‬ ‫تتكون الجماعات اإلقليمية في الجزائر من قسمين ( البلدية‪ -‬الوالية) ‪ ,‬يعتبر الوالي‬ ‫السلطة األساسية في الوالية‪ ,‬و يشكل محور كل السياسيات و البرامج التي تنفذها الدولة‬ ‫على مستوى الوالية‪ ,‬تنفيذا لذلك يصدر ق اررات إدارية تمس جميع المجاالت و التي من‬ ‫شأنها المساس بالمراكز القانونية لألفراد‪ ,‬نتناول في هذه الدراسة حالة من بين الحاالت التي‬ ‫يتدخل فيها القاضي اإلداري لحماية حقوق و حريات األفراد من الق اررات اإلدارية التي‬ ‫يصدرها الوالي‪ ,‬و التي تكون مشوبة بعيب مخالفة القانون‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الوالي‪ -‬الق اررات اإلدارية‪ -‬القاضي اإلداري‪.‬‬ ‫‪Abstract‬‬ ‫‪The Algerian administrative divisions are composed of two‬‬ ‫‪levels: the communes and the wilayas (the province), the wali is the‬‬ ‫‪fundamental authority in the province, He represents the hub of all the‬‬ ‫‪policies and the programs which executed and implemented by the‬‬ ‫‪State, he has the ability to set administrative decisions which might‬‬ ‫‪affect the legal status of individuals. In this case we will concern our‬‬ ‫‪study with some legal circumstances in which the administration law‬‬ ‫‪judge intervenes to protect individuals’ rights and liberties from flaw‬‬ ‫‪hiked decisions issued by the wali in term of law violation.‬‬ ‫‪Key words: the wali- the administrative decision- administrative law‬‬ ‫‪judge.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪218‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫مقدمة‪:‬‬

‫يحتل الوالي مكانة هامة جدا و متميزة في هرم اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ,‬حيث يتمتع‬ ‫بازدواجية االختصاص‪ ,‬فتارة يمثل الدولة على مستوى الوالية‪ ,‬و تارة يمثل الوالية نفسها‪,‬‬ ‫و بمناسبة ذلك يقوم الوالي بإصدار عديد الق اررات اإلدارية‪ ,‬استنادا إلى صالحياته الموزعة‬ ‫عبر نصوص قانونية عديدة ‪ ,‬هذه الق اررات اإلدارية من شأنها المساس ال محالة بحقوق‬ ‫و ريات األفراد‪ ,‬لكن باعتبار أن السلطة القضائية هي حامية المجتمع و الحريات‪ ,‬و تضمن‬ ‫للجميع و لكل واحد المحافظة على حقوقهم و حرياتهم األساسية يمكننا أن نتساءل‪:‬‬ ‫ إلى أي مدى وضع المشرع الجزائري بين أيدي القاضي اإلداري الضمانات و الوسائل‬‫القانونية الكفيلة بالكشف عن عيب مخالفة القانون في الق اررات التي يصدرها الوالي ؟‬ ‫لإلجابة على هذه اإلشكالية نتبع الخطة التالية‪:‬‬ ‫ المبحث األول‪ :‬مكانة الوالي في نظام اإلدارة المحلية الجزائري‬‫ المبحث الثاني‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على عيب مخالفة القانون في الق اررات اإلدارية‪.‬‬‫المبحث األول‪ :‬مكانة الوالي في نظام اإلدارة المحلية الجزائري‬ ‫إن للوالي دور شديد األهمية في نظام اإلدارة المحلية الجزائري‪ ,‬باعتباره يشكل الواسطة‬ ‫الرئيسية بين السلطة المركزية و اإلدارة المحلية‪ ,‬نتناول من خالل هذا المبحث المركز‬ ‫الوظيفي للوالي في التنظيم اإلداري الجزائري (المطلب األول) ثم نتطرق إلى تحديد حدود‬ ‫صالحياته المزدوجة ( المطلب الثاني)‬ ‫ المطلب األول‪ :‬المركز الوظيفي للوالي في التنظيم اإلداري الجزائري‪:‬‬‫نتناول في هذا المطلب كيفية تعيين الوالي و الشروط العامة و الخاصة به‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬كيفية تعيين الوالي‪ :‬لقد أوكل الدستور اختصاص تعيين الوالة حص ار إلى‬ ‫رئيس الجمهورية دون غيره‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ ,‬كما ال يجوز له تفويض ذلك لغيره (‪ ,)2‬لإلشارة فانه سابقا‬

‫كانت عملية تعيين الوالي تتم باقتراح من وزير الداخلية داخل مجلس الوزراء وفقا لما جاء‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪219‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫في المرسوم ‪ ,)3(230-90‬لكن بعد صدور المرسومين الرئاسيين ‪ 239-99‬و ‪240-99‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫فقد أصبح تعيين الوالة من اختصاص رئيس الجمهورية فقط‪ ,‬و يتم ذلك عن طريق‬

‫مرسوم رئاسي‬

‫(‪)5‬‬

‫كما يتم إنهاء مهامهم في الحاالت الطبيعية بمرسوم رئاسي صادر عن‬

‫رئيس الجمهورية(‪ ,)6‬و ال يوجد –حاليا‪ -‬نص قانوني واحد يبين الشروط الموضوعية و‬ ‫المعايير التي بموجبها يتم تعيين الوالي و يحدد النظام القانوني الخاص به‪,‬وتنص مختلف‬ ‫نصوص القانون العامة و الخاصة المرتبطة بالوظيفة العامة على مجموعة من الشروط هي‪:‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط العامة و الخاصة لتعيين الوالي‪ :‬هي تلك الشروط المنصوص عليها‬ ‫في القوانين المتعلقة بالوظيفة العامة‪ ,‬وشروط خاصة هي التي تم النص عليها في قوانين و‬ ‫تنظيمات خاصة و هي كاألتي‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬الشروط العامة ‪ :‬و تتمثل –أساسا‪ -‬في الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪ -‬شرط الجنسية‬

‫(‪)7‬‬

‫‪-‬شرط التمتع بالحقوق المدنية و السياسية‬

‫(‪)8‬‬

‫ شرط السن و اللياقة البدنية(‪ ,)9‬و تسوية الوضعية تجاه الخدمة الوطنية‬‫ثانيا‪ -‬الشروط الخاصة لتعيين الوالي‪:‬خص المشرع الجزائري الملتحق بالوظيفة العليا بعض‬ ‫الشروط الخاصة‪ ,‬والمتمثلة في‪:‬‬ ‫أ‪ -‬شرط المستوى العلمي و التكوين اإلداري‬ ‫يجب على الملتحق بالوظيفة العليا بالدولة شرط إثبات تكوين عالي أو مستوى من التأهيل‬ ‫مساويا له ‪,‬و ذلك طبقا لنص المادة ‪ 21‬من المرسوم ‪226-90‬‬ ‫ب‪ -‬الخبرة اإلدارية و المهنية‪:‬‬ ‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 21‬من المرسوم ‪ 226-90‬و التي تنص على "‪...‬أن يكون قد‬ ‫مارس العمل مدة خمس (‪ )5‬سنوات على األقل في المؤسسات أو اإلدارات العمومية أو في‬ ‫المؤسسات و الهيئات العمومية‪"....‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪220‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صالحيات الوالي‪ :‬تجب اإلشارة أن الوالي و نظ ار لمركزه القانوني المتميز‬ ‫و المركب‪ ,‬الذي جعله يتمتع باالزدواجية في االختصاص و بمناسبة ذلك يمارس‬ ‫الصالحيات التالية‪:‬‬ ‫ الفرع األول‪ :‬صالحيات الوالي بصفته ممثال للوالية‪ :‬يمثل الوالي الوالية‪ ,‬و بمقابل ذلك‬‫فهو يمارس العديد من الصالحيات بهذه الصفة‪ ,‬و التي نصت عليها المواد (‪ 102‬إلى‬ ‫‪ )109‬من قانون الوالية ‪ 07-12‬و المتمثلة –أساسا‪ -‬في‪:‬‬ ‫ تمثيل الوالية في جميع أعمال الحياة اإلدارية و المدنية‪ ,‬و أمام القضاء‬‫ تنشيط و مراقبة المصالح الوالئية و مؤسساتها العمومية‬‫ سلطة اإلشراف على المصالح التابعة للوالية‪ ,‬و يمارس السلطة السلمية على جميع الموظفين‬‫التابعين للوالية‪.‬‬ ‫ الفرع الثاني‪ :‬صالحيات الوالي باعتباره ممثال للدولة‪ :‬الوالي هو ممثل الدولة على‬‫مستوى الوالية و هو مفوض الحكومة‪ ,‬و بمناسبة هذا المركز القانوني يمارس صالحيات‬ ‫مهمة و متعددة تتعلق –أساسا‪ -‬ب‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬السلطات التنفيذية للوالي ‪ :‬يمارس الوالي صالحيات تنفيذية منها‪:‬‬ ‫ تنفيذ القوانين و التنظيمات على إقليم الوالية‬‫ المحافظة على النظام العام و األمن و السالمة و السكينة العامة‬‫‪ -‬تنفيذ القوانين و أوامر القضاء‬

‫(‪)10‬‬

‫ثانيا‪ -‬سلطة اإلشراف و الرقابة و التمثيل‪ :‬والمتمثلة –أساسا‪ -‬في ما يلي‪:‬‬ ‫ تنشيط و تنسيق و مراقبة المصالح غير الممركزة للدولة المكلفة بمختلف قطاعات النشاط‪,‬‬‫إال ما استثناه القانون‪.‬‬ ‫ن(‪)11‬‬

‫‪ -‬ممارسات سلطات الضبط القضائي وفق األشكال التي حددها القانو‬

‫‪ -‬ممارسة السلطة السلمية و الرقابية على كل من رئيس المجلس الشعبي البلدي‬

‫(‪)12‬‬

‫و‬

‫رئيس الدائرة‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪221‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬رقابة القاضي اإلداري على عيب مخالفة القانون في الق اررات اإلدارية‪:‬‬ ‫تعتبر دعوى اإللغاء خصوصا‪,‬هي اإلطار القانوني العام الذي يمارس من خالله القاضي‬ ‫اإلداري مهامه الرقابية على ق اررات الوالي بغية الكشف عن عيب مخالفة القانون)هذا و قد‬ ‫قدم الفقه المقارن عديد التعاريف لدعوى اإللغاء‪ ,‬فيعرفها األستاذ الدكتور سليمان الطماوي‬ ‫بأنها تلك الدعوى التي يرفعها أحد األفراد إلى القضاء اإلداري بطلب إعدام قرار إداري‬ ‫مخالف للقانون‪ ,‬كما يعرف األستاذ الدكتور عمار عوابدي بأنها الدعوى القضائية اإلدارية‬ ‫الموضوعية و العينية التي يحركها و يرفعها ذوو الصفة القانونية و المصلحة أمام جهات‬ ‫القضاء المختصة في الدولة للمطالبة بإلغاء ق اررات إدارية غير مشروعة (‪.)13‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬عيب مخالفة القانون (المحل) في الق اررات اإلدارية‬ ‫أوجد القضاء عيب مخالفة القانون في قضية " ‪ " bizet‬أين عبر مجلس الدولة عن‬ ‫هذا العيب بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ 1876‬بعبارة " المخالفة المباشرة للقانون" و يسمي البعض هذا‬ ‫العيب بعيب المحل‪ ,‬و في الواقع فان محتوى أو محل القرار هو الذي يجد نفسه غير‬ ‫متطابقا مع مبدأ الشرعية‪ ,‬و بأكثر وضوح مع القواعد أو النماذج التي تعلوه(‪.)14‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬مفهوم عيب مخالفة القانون في القرارات اإلدارية‪:‬‬ ‫إن عيب مخالفة القانون هو العيب الذي يشوب محل الق اررات اإلدارية عندما تصدر‬ ‫الق اررات اإلدارية مخالفة في محلها أي في أثارها القانونية الحالة و المباشرة ألحكام و قواعد‬ ‫مبدأ الشرعية و النظام القانوني السائد في الدولة ‪ ,‬ويصبح بذلك محل الق اررات اإلدارية‬ ‫مصابا أو مشوبا بعيب مخالفة أحكام و قواعد القانون في معناه الواسع‪,‬ويشكل نتيجة ذلك‬ ‫حالة وسببا من حاالت و أسباب الحكم باإللغاء في دعوى اإللغاء(‪,)15‬و هو ما يسميه العميد‬ ‫دوجي ‪, ORDENNANCEMENT JURIDIQUE‬وذلك إما بإنشاء مركز قانوني جديد‬ ‫أو تعديل مركز قانوني قديم أو إلغائه‬

‫(‪)16‬‬

‫ويعرف أيضا على انه األثر القانوني المترتب‬

‫على إصداره حاال ومباشرا‪ ,‬فهو يكمن في موضوعه المتمثل في مركز قانوني عام أو‬ ‫خاص‬

‫(‪)17‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪222‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شروط صحة المحل في القرار اإلداري‬ ‫من أجل صحة المحل في الق اررات اإلدارية‪ ,‬يجب توافر مجموعة من الشروط في‬ ‫القرار اإلداري و هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬يجب أن يكون القرار مشروعا‪ ,‬ويقصد بمشروعية القرار اإلداري أن ال يتعارض‬ ‫مضمون القرار أو محله مع التشريع الجاري به العمل داخل الدولة سواء كان تشريعا‬ ‫أساسيا (الدستور) أو تشريعا عاديا(القانون) أو تشريع تنظيمي كالمراسيم و الق اررات (‪,)18‬‬ ‫‪ -2‬يجب أن يكون محل القرار ممكنا والمقصود بذلك أن يكون القرار اإلداري ال يرتب‬ ‫اثر قانوني إال إذا كان محله أو موضوعه ممكنا للتنفيذ و التجسيد وإال لن يرتب أي آثار‬ ‫قانونية ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صور وتطبيقات عيب مخالفة القانون في القرارات اإلدارية التي يصدرها‬ ‫الوالي‬ ‫إن عيب مخالفة القانون بمفهومه الواسع هو مخالفة قواعد القانون ومبدأ المشروعية و النظام‬ ‫القانوني السائد في الدولة ‪,‬ما ينجر عنه مخالفة اآلثار القانونية الحالة و المباشرة المترتبة‬ ‫عن الق اررات اإلدارية نتيجة إما تعمد أو تعنت أو إصرار اإلدارة على مخالفة صريحة و‬ ‫مباشرة للقانون ‪,‬كما قد يكون نتيجة خطأ في فهم و تفسير و تطبيق صحيح القانون‪ ,‬وتبعا‬ ‫لهذا فان صور وحاالت عيب مخالفة القانون هي‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المخالفة المباشرة ألحكام القانون (القاعدة القانونية)‬ ‫تتجسد المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية عندما ال تحترم السلطة اإلدارية مبدأ تسلسل‬ ‫النصوص القانونية أي عدم احترام السلطة اإلدارية قاعدة و متطلبات هرم النصوص‬ ‫القانونية‬

‫(‪)19‬‬

‫‪,‬ويكون عيب مخالفة القانون في صورة المخالفة الصريحة و المباشرة وذلك‬

‫عندما يصدر القرار اإلداري وهو يخالف اآلثار القانونية المتولدة عنه حاال و مباشرا‪ ,‬أي في‬ ‫محله صراحة و مباشرة قاعدة من قواعد القانون في معناه الواسع‪ ,‬كأن يكون القرار اإلداري‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪223‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫مخالفا لمبدأ من المبادئ العامة الدستورية أو مخالفا لقاعدة من قواعد القوانين التشريعية أو‬ ‫لمبدأ من المبادئ العامة للقانون‪ ,.‬ومن المبادئ التي كرسها القضاء نذكر‪:‬‬ ‫ مبدأ مساواة المواطنين لتقلد الوظائف العامة‬‫ مبدأ مساواة المواطنين أمام المرفق العام أو أمام األعباء العامة‪.‬‬‫ في هذا اإلطار ‪ ,‬نشير إلى قرار المجلس األعلى (الغرفة اإلدارية) بتاريخ ‪ 17‬يونيو‬‫‪ , 1987‬في قضية (ت‪.‬ق) ضد (وزير الداخلية و والي والية الجزائر) (‪ ,)20‬حيث تتلخص‬ ‫وقائع هذه القضية أن المدعي (ت‪.‬ق) المقيم بالجزائر العاصمة‪ ,‬عمل بمدة ‪ 13‬سنة في‬ ‫الخطوط الجوية الجزائرية بصفته قائدا للطائرة‪ ,‬و أحيل على التقاعد في ‪ 30‬يونيو ‪, 1983‬‬ ‫و تنقل إلى خارج الوطن بغرض الراحة و االستجمام‪ ,‬لكن بعد عودته إلى الجزائر علم بمنح‬ ‫مسكنه إلى السيدة (ش‪.‬ز) بناء على طلب قدمته‪ ,‬حيث انه طبقا للمرسوم ‪ 66-102‬المؤرخ‬ ‫في ‪ 6‬مايو ‪ 1966‬المتعلق بحق البقاء‪ ,‬و أن التغيب الوقتي للمدعي عن التراب الوطني ال‬ ‫يرخص للوالي بتجاهل هذا الحق ‪ ,‬و اتخاذ قرار لصالح الغير‪.‬‬ ‫و هكذا نجد أن المجلس األعلى قد عبر صراحة عن وسيلة اإلبطال‪ ,‬و عبر عن المخالفة‬ ‫المباشرة للقانون بقوله أن قرار الوالي " خرق النص‪...‬خرقا واضحا"‪ ,‬فالمرسوم أعاله ‪-102‬‬ ‫‪ 66‬جعل الشاغلين من المحالت ذلت الطابع السكني يستفيدون من الحق بالبقاء‪.‬‬ ‫ كما قد تخالف اإلدارة مخالفة مباشرة عندما تأمر بغلق محل تجاري لكونهم ارتكبوا مخالفة‬‫المقتضيات المتعلقة بتشغيل األجانب‪ ,‬في حين ال يسمح لها القانون إال بإحالة المعنيين أمام‬ ‫المحكمة و التي توقع عليهم عقوبة الغرامة دون سواها‪ ,‬في هذا الصدد نستدل بقرار المجلس‬ ‫األعلى (الغرفة اإلدارية) بتاريخ‪.....‬في قضية‪ ..‬ضد (والي والية المسيلة)‬

‫(‪)21‬‬

‫‪ ,‬حيث‬

‫تتلخص وقائع هذه القضية ‪ ,‬أن المدعي يملك محال تجاريا ‪ ,‬استخدم فيه أحد العمال‬ ‫األجانب من جنسية تونسية‪ ,‬و وقع هذا األخير ضحية حادث عمل‪ ,‬و نظ ار لكونه قام‬ ‫بتشغيل أجنبي دون ترخيص من السلطات‪ ,‬اصدر الوالي ق ار ار بتاريخ ‪ 6‬نوفمبر ‪ 1984‬أمر‬ ‫فيه بالغلق النهائي للمحل التجاري‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪224‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫في هذا اإلطار قضى المجلس األعلى( الغرفة اإلدارية) بإبطال قرار الوالي لكونه خالف‬ ‫المرسوم رقم ‪ 158-81‬المؤرخ في ‪1981-07-18‬‬

‫المتعلق بالرعايا التونسيين في‬

‫الجزائر‪ ,‬و في تسببيه أكد المجلس األعلى أنه طبقا للمادتين ‪ 19‬و ‪ 25‬من المرسوم أعاله‬ ‫تنصان على الحكم بغرامة فقط في هذه الحالة‪ ,‬فالوالي بإصداره لقرار الغلق قد خالف القانون‬ ‫مخالفة مباشرة ما استوجب إبطاله‪.‬‬ ‫ كما تتضمن مخالفة مباشرة للقانون رسالة الوالي (والية البويرة) الرافضة لتسليم رخصة‬‫البناء بعد مضي أكثر من أربعة أشهر‪ ,‬لمخالفتها للمادة السادسة من األمر ‪01-85‬‬ ‫المتضمن تنظيم رخص البناء‪ ,‬و هذا ما قضت به المحكمة العليا في قرار لها بتاريخ ‪28‬‬ ‫يوليو ‪,1990‬قضية (ت‪.‬ع) ضد (والي والية البويرة) (‪ , )22‬مسببة قرارها كما يلي " حيث‬ ‫يستخلص من أوراق الملف أن المدعي في الطعن بالبطالن أودع بتاريخ ‪1985-10-05‬‬ ‫ملفا لدى المصالح المختصة للحصول على رخصة بناء مسكن‪ ,‬طبقا للمادة ‪ 6‬من األمر‬ ‫‪ 85-01‬المؤرخ في ‪ 1985-08-13‬المتضمن تنظيم رخص البناء‪ ,‬فان دراسة الملف تتم‬ ‫في أربعة أشهر‪ ,‬وهو األجل األقصى المسموح به لإلدارة كي تجيب على رخصة البناء‬ ‫حيث أن رسالة الوالي المتضمنة الرفض ألسباب غير ثابتة جاءت بتاريخ ‪-05-28‬‬‫‪ ,1988‬و أن عدم اإلجابة أو اإلجابة سلبيا بعد مضي فترة أربعة أشهر القانونية‪ ,‬يعد تجاو از‬ ‫للسلطة يترتب عليه البطالن" نالحظ أن الوالي قد خالف القانون الخاص بتسليم رخص‬ ‫البناء‪ ,‬الذي يفرض عليه اإلجابة عن الطلب في مدة أربعة أشهر‪ ,‬و أن جوابه بالرفض خارج‬ ‫الميعاد المذكور قانونا‪ ,‬يعد مخالفة مباشرة للقاعدة القانونية‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عيب مخالفة القانون بسبب الخطأ في تطبيق و تفسير الصحيح للقانون‬ ‫إن هناك صورة أخرى لمخالفة القانون تكون أما في الخطأ في تفسير القانون‪ ,‬فقد تفسر‬ ‫اإلدارة أو السلطة المختصة على نحو لم يتجه إليه قصد المشرع‪ ,‬أو نتيجة خطأ في التطبيق‬ ‫بما يصدر من ق اررات فتكون بذلك آثار هذه الق اررات غير مشروعة‪ ,‬في هذا الصدد فان حالة‬ ‫وجود خطأ في تفسير أو تطبيق القانون خاصة في حالة الغموض أو سكوت المشرع في‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪225‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫بعض المسائل‪ ,‬ما ينتج عنه تأويل وانحراف عن روح القانون ومعنى النص القانوني‪ ,‬و من‬ ‫أمثلة ذلك حاالت و صور مخالفة القانون عن طريق الخطأ في التفسير وتطبيق القانون من‬ ‫قبل السلطات اإلداري المختصة و المستقاة من تطبيقات القضاء اإلداري الفرنسي نجد‪:‬‬ ‫ حالة أن تصدر السلطات اإلدارية ق ار ار إداريا تطبيقا لنص قانوني غير النص القانوني‬‫الصحيح و الواجب التطبيق‪.‬‬ ‫ حالة إغفال نصوص قانونية موجودة و نافذة وعدم تطبيقها عند اتخاذ و إصدار الق اررات‬‫اإلدارية ومثال ذلك‪,‬أن تصدر السلطات اإلدارية المختصة قرار بالتعيين و اإللحاق‬ ‫بالوظائف العامة تطبيقا لمبدأ الجدارة و االستحقاق ‪.‬‬ ‫ حالة صدور قرارات إدارية بخصوص حاالت و أوضاع ال يشملها النص القانوني الذي‬‫صدرت الق اررات اإلدارية تفسي ار و تطبيقا له‪.‬‬

‫(‪)23‬‬

‫هذا و يضيف بعض من الفقه صو ار و حاالت التي يمكن أن تكون كصورة لعيب مخالفة‬ ‫القانون والتي من قبيلها‪ ,‬أنه قد يضع القانون قيودا معينة على بعض الحقوق أو شروط‬ ‫معينة الستعمالها ‪,‬فإذا جاءت اإلدارة و أضافت قيود جديدة أو شددت من الشروط القائمة‬ ‫بأنها بذلك تأتي عمال مخالفا للقانون(‪ ,)24‬كما أن هناك جانب آخر يرى أنه إلى جانب‬ ‫الغلط و الخطأ في تفسير و تطبيق صحيح القانون‪ ,‬فان هناك حالة الغلط المادي ‪,‬حيث‬ ‫يعتبر الغلط المادي قفزة نوعية لرقابة القاضي اإلداري في إطار دعوى اإللغاء بحيث بعدما‬ ‫كان يقتصر دورها على مراقبة األخطاء القانونية باعتباره "قاضي القانون" وسع مجال رقابته‬ ‫إلى المسائل المادية وأصبح بذلك قاضي وقائع ‪ ,‬ويقسم الغلط المادي إلى حالتين ‪:‬‬ ‫الحالة األولى‪ :‬يقوم القاضي اإلداري برقابة الصحة المادية للوقائع‪ ,‬و هي رقابة تدور حول‬ ‫وجود الوقائع التي ارتكزت عليها السلطة اإلدارية إلصدار قرارها وسميت هذه الحالة بالغلط‬ ‫المادي بسبب عدم وجود الوقائع المادية‬ ‫الحالة الثانية‪ :‬الوقائع التي أسست القرار اإلداري موجودة ولكن تكييفها من طرف السلطة‬ ‫اإلدارية غير قانوني أي بمعنى آخر ال يكتفي القاضي اإلداري بالوجود الفعلي للوقائع بل‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪226‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫يتحقق من قانونية تكييف السلطة اإلدارية وسميت هذه الحالة بالغلط القانوني بسبب سوء‬ ‫تكييف الوقائع المادية (‪ ,)25‬فالمحل يكمن في موضوع القرار وفحواه والمتمثل في مركز‬ ‫قانوني عام أو خاص وما ينتج عنه من حقوق و التزامات المترتبة عن تنفيذ القرار اإلداري‬ ‫وأغلب الفقه يتفق على عنصرين رئيسين هما ‪:‬‬ ‫‪ -1‬المخالفة المباشرة ألحكام القانون أو المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أو المخالفة‬ ‫العمدية و الصريحة للقانون‪,‬وان تعددت التسميات إال أنها تصب في منحى ومغزى واحد‬ ‫مرده إقدام رجل اإلدارة أو السلطة اإلدارية المختصة بإصدار القرار على المخالفة‬ ‫المباشرة و الصريحة لنص القانون‪.‬‬ ‫‪ -2‬عيب مخالفة القانون بصورة غير مباشرة عن طريق الخطأ في تفسير و تطبيق‬ ‫القانون أو ما يسمى بالغلط القانوني أو المادي والتي تتحقق في حالة وجود خطأ في‬ ‫تطبيق صحيح القانون أو جراء خطأ في تفسير ضيق أو محدود‪,‬أو إعطاءه تأويال خاص‬ ‫و ضيقا لصالح اإلدارة وضد الطرف األخر‬ ‫في هذا اإلطار‪ ,‬نستشهد بقرار المجلس األعلى (الغرفة اإلدارية) رقم ‪ 38541‬بتاريخ‬ ‫‪ ,1984-12-29‬قضية (ح‪.‬س‪.‬ق) ضد (والي البليدة)‬

‫(‪,)26‬‬

‫حيث تتلخص وقائع هذه‬

‫القضية في أن المدعي قدم طلبا للحصول على جواز سفر‪ ,‬إلى دائرة بوفاريك و أن رئيس‬ ‫الدائرة رد عليه برفض طلبه‪ ,‬طبقا للمادة‪ 11‬من األمر رقم ‪ 01-77‬المؤرخ في ‪-01-23‬‬ ‫‪.1977‬‬ ‫و قد جاء في تسبيب قضاة الغرفة اإلدارية(المجلس األعلى) أنه متى كان من المقرر قانونا‬ ‫أنه ال يجوز لإلدارة رفض تسليم جواز سفر أو رفض تمديد اجله للمواطنين الجزائريين إذا ما‬ ‫رأت أن تنقلهم إلى الخارج من شأنه أن يمس بالنظام العام‪ ,‬و هذا دون أن تكون ملزمة‬ ‫بتوضيح أسباب رفضها‪ ,‬و دون أن يكون تقديرها هذا قابال للمناقشة أمام القاضي اإلداري‪ ,‬و‬ ‫في قضية الحال فان اإلدارة سببت قرارها بناء على أحكام األمر ‪ 01-77‬أعاله‪ ,‬فانه عليها‬ ‫االلتزام بتطبيق القانون تطبيقا صحيحا و إال كان قرارها مخالفا للقانون‪ ,‬وإذا كان الثابت في‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪227‬‬


‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫قضية الحال‪ ,‬أن الطاعن حكم عليه بعقوبة أدنى من تلك المنصوص عليها في أحكام‬ ‫األمر السالف الذكر‪ ,‬و مع ذلك فان اإلدارة بهذا التسبيب لم تلتزم بتطبيق صحيح القانون ما‬ ‫يستوجب إبطال القرار لمخالفة القانون‪ .‬و هو ما يطلق عليه في فقه القانون المقارن بالغلط‬ ‫القانوني‪.‬‬ ‫ كم يمكن للوالي إن يقع في غلط و خطأ في تفسير و تطبيق صحيح القانون‪ ,‬و هو ما‬‫قضى به قرار مجلس الدولة‪ ,‬فهرس‪(416‬غير منشور)‪ ,‬بتاريخ ‪, 1999-07-26‬قضية‬ ‫(م‪.‬د) ضد (والي والية قالمة و من معه) (‪ ,)27‬حيث تتلخص وقائع هذه القضية في أن‬ ‫الوالي اتخذ ق ارره المتعلق بغلق النادي الرياضي "نادي الترجي المستغل لبيع المشروبات" و‬ ‫الذي كان يسيره المستأنف‪ ,‬وأن المالك األصلي هو نادي الترجي الرياضي القالمي الذي منح‬ ‫حق التسيير للمستأنف بموجب عقد عرفي بين الطرفين‪ ,‬كما أن التسيير ال يخضع إلى‬ ‫رخصة ثانية مادام المالك األصلي متحصل على رخصة و مستوفي لجميع اإلجراءات و‬ ‫الشروط الضرورية‪.‬‬ ‫لكن بموجب قرار من الوالي‪ ,‬تم إغالق النادي الرياضي حتى تسوية الوضعية اإلدارية‪,‬‬ ‫فالوالي قد تجاهل عمدا أو دون عمد العقد المبرم بين الطرفين‪ ,‬كما أن الوالي إن ظن أو‬ ‫تأكد بأنه غير شرعي كان عليه التوجه إلى القضاء و رفع دعوى قضائية إلبطال عقد‬ ‫إيجار‪ ,‬إذن فالوالي قد وقع في عيب مخالفة القانون من خالل الغلط القانوني أو الخطأ في‬ ‫تطبيق صحيح القانون ‪ ,‬وبالنتيجة قضى مجلس الدولة بإلغاء قرار الوالي لعيب مخالفة‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫في هذا الصدد أيضا‪ ,‬نستشهد بقرار مجلس الدولة رقم ‪ 020195‬بتاريخ ‪-11-15‬‬ ‫‪,2005‬قضية (والي والية وهران) ضد (ش‪.‬أ)‬

‫(‪)28‬‬

‫حيث يتلخص من القضية‪ ,‬أن موضوع‬

‫النزاع ينصب خول مدى مشروعية استفادة المدعي عليه من قطعة ارض فالحية في إطار‬ ‫القانون ‪ 19-87‬المؤرخ في ‪ 1987-12-08‬المتعلق بكيفية استغالل األراضي الفالحية‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪228‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫التابعة لألمالك الوطنية و تحديد حقوق المنتجين و واجباتهم‪ ,‬حيث أن تلك االستفادة تمت‬ ‫بموجب مقرر والئي رقم ‪ 830‬الصادر في ‪.1998-07-20‬‬ ‫حيث يرى المستأنف (والي وهران) أن استفادة المستأنف عليه تمت بصفة غير‬ ‫شرعية لكونه يوم استفادته كان موظف يتقاضى أجرة من خزينة الدولة و انه ال زال إلى حد‬ ‫اآلن يتقاضى مقابل من خزينة الدولة بعد أن أحيل إلى التقاعد‪ ,‬لكن من الثابت‪ -‬يجيب‬ ‫مجلس الدولة‪ -‬أن فئة المجاهدين و ذوي الحقوق تستفيد بامتيازات استثنائية بحكم التشريع‬ ‫أو التنظيم كاالنتفاع باألراضي الفالحية و أراضي أخرى‪ ,‬حيث إن مثل هذه االستفادات ال‬ ‫يخضع أصحابها إلى أحكام المادة ‪ 8‬من المرسوم ‪ 59-85‬التي تمنع النشاط الموازي‬ ‫للمواطنين العموميين‪ ,‬على أساس استفادة المجاهدين و ذوي الحقوق تعد امتيا از أقره القانون‬ ‫يدخل في إطار حماية المجاهدين و ذوي الحقوق و ترقيتهم‪ ,‬و بالتالي فان الوالي قد اخطأ‬ ‫في تفسير القانون‪ ,‬حيث تأسيسا على ذلك فان القرار المستأنف مخالف للقانون و يتعين‬ ‫إلغائه‪ ,‬وهو ما قضى به مجلس الدولة‪.‬‬ ‫خاتمة‬ ‫لقد وضع المشرع الجزائري بين أيدي القاضي اإلداري ضمانة وسيلة قانونية مهمة‪,‬‬ ‫هي كفيلة بالكشف و التصدي للق اررات اإلدارية غير المشروعة التي يصدره الوالي‪ ,‬و التي‬ ‫تكون مشوبة بعيب مخالفة القانون‪ ,‬فالقاضي اإلداري هو الضامن الفعلي و الحقيقي لحقوق‬ ‫و حريات األفراد‪ ,‬من خالل دوره الرئيسي في البحث في األثر النهائي الذي يترتب و ينتج‬ ‫حاال‪ ,‬جراء صدور القرار اإلداري الذي أصدره الوالي‪ ,‬وما من شأنه المساس بالمراكز‬ ‫القانونية لألفراد‪ ,‬فيعمل القاضي اإلداري على التأكد من أنه غير مخالف لقواعد مبدأ‬ ‫المشروعية و النظام القانوني السائد في الدولة‪ ,‬وعلى هذا فان حالة مخالفة القانون ‪ ,‬هي‬ ‫الضمانة و الوسيلة القانونية األكثر نجاعة لمبدأ الشرعية أو مبدأ القانونية‪ ,‬و لقد سهر‬ ‫القاضي على تطوير هذه الوسيلة‪ ,‬وهذه الوسيلة ليست ضمانة ضد المخالفة البسيطة للقانون‬ ‫فقط‪ ,‬بل تضمن أيضا المعاقبة على كل الغلطات القانونية أو الواقعية‪.‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪229‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫الهوامش‪:‬‬ ‫(‪ -)1‬المادة ‪ 92‬من دستور ‪ ,1996‬ج ر عدد ‪ 76‬بتاريخ ‪ 08‬ديسمبر ‪ 1969‬المعدل بموجب‪:‬‬ ‫ القانون رقم ‪ 03-02‬المؤرخ في ‪ 10‬ابريل ‪ , 2002‬ج ر عدد ‪ 25‬لسنة ‪.2002‬‬‫ القانون رقم ‪ 19-08‬المؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪, 2008‬ج ر عدد ‪ 63‬لسنة ‪2008‬‬‫ القانون رقم ‪ 01 -16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ ,2016‬ج ر عدد ‪ 14‬لسنة ‪.2016‬‬‫(‪ -)2‬المادة ‪ 101‬من دستور ‪1996‬‬ ‫(‪ -)3‬المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 230-90‬المؤرخ في ‪ 1990/07/25‬يحدد أحكام القانون األساسي‬ ‫الخاص بالمناصب و الوظائف العليا في اإلدارة المحلية‪ ,‬ج ر عدد ‪ 31‬بتاريخ ‪ 28‬يوليو ‪.1990‬‬ ‫(‪ -)4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 239-99‬المؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1999‬يتضمن إلغاء المرسوم الرئاسي ‪44-89‬‬ ‫المؤرخ في ‪ 10‬افريل ‪ 1984‬المتعلق بالتعيين في الوظائف المدنية و العسكرية للدولة‪ ,‬ج ر عدد ‪ 76‬بتاريخ‬ ‫‪ 31‬أكتوبر ‪.1999‬‬ ‫(‪ -)5‬المرسوم الرئاسي المؤرخ في ‪ 29‬يوليو ‪ 1990‬يتضمن إنهاء مهام والة¸ج ر عدد ‪ 36‬لسنة ‪1990‬‬ ‫(‪ -)6‬المرسوم الرئاسي المؤرخ في ‪ 29‬يوليو ‪ 1990‬يتضمن تعين والة‪ ,‬ج ر عدد ‪ 36‬لسنة ‪.1990‬‬ ‫(‪ -)7‬المادة ‪ 63‬من دستور ‪1996‬‬ ‫(‪ -)8‬أمر رقم ‪ 03-06‬المؤرخ في ‪-15‬يوليو‪ 2006 -‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العامة‪,‬المادة‬ ‫‪, 75‬جريدة رسمية رقم ‪.46‬‬ ‫(‪ -)9‬المواد (‪ 75‬و ‪ )78‬من األمر ‪ 03-06‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العامة‪ ,‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪ -)10‬قانون الوالية ‪ 07-12‬المؤرخ في ‪ 21‬فبراير ‪ 2012‬المتضمن قانون الوالية‪ ,‬المادة ‪.113‬‬ ‫(‪ -)11‬المادة ‪ 28‬من األمر ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ 1966‬المعدل و المتمم المتضمن قانون‬ ‫اإلجراءات الجزائية‪ ,‬ج ر عدد ‪ 48‬لسنة ‪.1966‬‬ ‫(‪ -)12‬محمد الصغير بعلي‪ ,‬اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ,‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ,‬الجزائر‪ ,2004 ,‬ص‬ ‫‪.145‬‬ ‫(‪ -)13‬للتوضيح أكثر انظر‪:‬‬ ‫ سليمان محمد الطماوي‪ ,‬القضاء اإلداري ‪ ,‬الكتاب األول ‪,‬قضاء اإللغاء ‪ ,‬دار الفكر‬‫العربي‪,‬مصر‪ ,1986,‬ط‪ ,6‬ص ‪.224‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪230‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫ عمار عوابدي ‪ ,‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري ‪ ,‬الجزء الثاني ‪ ,‬نظرية‬‫الدعوى اإلدارية ‪ ,‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ,‬الجزائر‪ , 1995 ,‬ص ‪.151‬‬ ‫ محمد الصغير بعلي ‪ ,‬القضاء اإلداري ‪,‬دعوى اإللغاء‪ ,‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ,2012,‬الجزائر‪ ,‬ص‬‫‪.28‬‬ ‫ عمار بوضياف‪ ,‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ,‬دراسة تشريعية وقضائية‬‫وفقهية ‪,‬دار الجسور للنشر والتوزيع‪ ,‬الجزائر‪ ,2009 ,‬ط‪ ,1‬ص ‪.46‬‬ ‫ أحمد محيو‪ ,‬المنازعات اإلدارية‪ ,‬د‪.‬م‪.‬ج‪ .‬الجزائر‪ ,1983 ,‬ص ‪.151‬‬‫(‪ -)14‬لحسين بن الشيخ اث ملويا‪ ,‬دروس في المنازعات اإلدارية "وسائل المشروعية" ‪ ,‬دار هومه للنشر و‬ ‫التوزيع‪,‬الجزائر ‪ ,2006 ,‬ط‪ ,2‬ص‪.154‬‬ ‫(‪ -)15‬عمار عوابدي‪,‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪,‬المرجع السابق‬ ‫‪,‬ص‪.523‬‬ ‫(‪ -)16‬أبو زيد فهمي‪ ,‬القضاء اإلداري و مجلس الدولة‪ ,‬قضاء اإللغاء‪ ,‬دار المطبوعات الجامعية‪ ,‬مصر‪,‬‬ ‫‪ ,1999‬ط‪ ,10‬ص ‪.722‬‬ ‫(‪ -)17‬للتوضيح أكثر أنظر‪:‬‬ ‫ محمد الصغير بعلي‪,‬القضاء اإلداري‪ ,‬المرجع السابق‪,‬ص‪186‬‬‫ عمار بوضياف ‪ ,‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪,‬المرجع السابق‪,‬ص‪62‬‬‫(‪ -)18‬عمار بوضياف‪ ,‬دعوى اإللغاء في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪,‬المرجع السابق‪,‬ص‪62‬‬ ‫(‪ -)19‬رشيد خلوفي ‪,‬قانون المنازعات اإلدارية ‪,‬المرجع السابق‪,‬ص‪.156‬‬ ‫(‪ -)20‬لحسين بن الشيخ اث ملويا‪ ,‬دروس في المنازعات اإلدارية‪,‬وسائل المشروعية‪ ,‬دار هومه للنشر و‬ ‫التوزيع‪,‬الجزائر‪ ,2006 ,‬ط‪ ,2‬ص ‪.269‬‬ ‫(‪-)21‬‬

‫سايس جمال‪.‬االجتهاد الجزائري في القضاء اإلداري‪ ,‬الجزء األول‪ ,‬منشورات كليك‪ ,‬الجزائر‪,‬‬

‫‪,2013‬ط‪ ,1‬ص‪.296‬‬ ‫(‪ -)22‬لحسين بن الشيخ اث ملويا‪,‬دروس في المنازعات اإلدارية‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص ‪ 270‬و ما بعدها‪.‬‬ ‫(‪-)23‬عمار عوابدي‪,‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري‪,‬المرجع السابق‪,‬ص‪.525‬‬ ‫(‪ -)24‬أبو زيد فهمي‪ ,‬القضاء اإلداري و مجلس الدولة‪,‬المرجع السابق‪,‬ص‪.755‬‬ ‫(‪ -)25‬خلوفي رشيد‪,‬قانون المنازعات اإلدارية‪ ,‬المرجع السابق‪,‬ص ‪.157‬‬ ‫(‪ -)26‬سايس جمال‪.‬االجتهاد الجزائري في القضاء اإلداري‪ ,‬الجزء األول‪ ,‬المرجع السابق‪,‬ص‪.186‬‬

‫سبتمبر ‪2017‬‬

‫‪231‬‬


‫د‪ .‬إسماعيل بوقرة الباحث‪ .‬عالء الدين قليل‬

‫أهمية دور القاضي اإلداري في ‪...‬‬

‫(‪ -)27‬لحسين بن الشيخ اث ملويا‪ ,‬المنتقى في قضاء مجلس الدولة‪ ,‬الجزء الثاني‪ ,‬دار هومه للنشر و التوزيع‪,‬‬ ‫الجزائر‪,2004,‬طبعة ‪,2004‬ص‪.125‬‬ ‫(‪ -)28‬سايس جمال‪ ,‬االجتهاد الجزائري في القضاء اإلداري‪ ,‬الجزء الثالث‪ ,‬منشورات كليك‪ ,‬الجزائر‪,2013 ,‬‬ ‫ط‪ ,1‬ص ‪.1458‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪232‬‬


02 ‫العدد‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫السرقات العلمية وسبل مكافحتها‬ ‫ سايح فاطمة‬.‫ا‬

-‫الحالة الجزائرية أنموذجا‬-

-‫الجزائر‬-‫جامعة تلمسان‬ :‫الملخص‬ ‫ حيث أصبح العالم‬،‫أصبحت الحاجة إلى البحث العلمي في وقتنا الراهن أشد منها في أي وقت مضى‬ ‫في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة و الرفاهية‬

‫الدول المتقدمة و المتخلفة على حد‬ ‫ و تضمن له التفوق على غيره من جهة ومن جهة أخرى أدركت‬،‫لإلنسان‬ ُ ‫ إال أنه في اآلونة األخيرة بدأت السرقات العلمية في االنتشار خاصة مع‬.‫السواء أهميته في النهوض باالقتصاد‬

‫ هذا ما دفع العديد من‬.‫تطور وسائل اإلعالم االتصال و كذا التكنولوجيات الحديثة و الشبكات االجتماعية‬ ‫ بحيث سنت و ازرة التعليم العالي قوانين و إجراءات‬،‫الحكومات لمحاصرة عمليات السرقات العلمية بالجامعات‬

‫تلزم بوضع كل من يثبت قيامه بعملية السرقة تحت طائلة القانون الذي قد يصل العقاب فيه إلى الشطب من‬

‫الجامعة بالكامل ومنعه من التدري س بأي جامعةـ حيث تقرر إلزام كل من متقدم لمناقشة رسالة الماجستير أو‬ ‫الدكتوراه باللغة اإلنجليزية بأن يأتي قبل المناقشة بشهادة من المكتبة الرقمية بالمجلس األعلى للجامعات أو بأي‬ ‫من فروعها بالجامعات المختلفة تؤكد أن الرسالة العلمية أو البحث المقدم للترقية ال يوجد به نقل أو اقتباس‬ ‫ كحد أقصي لالقتباس و الستدالل الباحث على طبيعة موضوع البحث الذي‬%25 ‫علمي كما يسمح فقط بنسبة‬ .‫يناقشه‬

.‫ الجامعة‬،‫ الجزائر‬،‫ السرقة العلمية‬،‫ البحث العلمي‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Abstract : In our current time, the need for the scientific research became a necessity more than ever before. In which the world entered a frantic race to reach as much accurate and productive knowledge that ensures the comfort and opulence of the human being, and provides their superiority over each other. Furthermore, both developed and developing countries has realised the significant important of this knowledge in promoting the economy. However, the scientific thefts lately have begun to spread, especially with the development of communication media, as well as modern technologies and social networks. This what have led many government to plan to constrict this phenomenon in universities, through enacting a set of laws and procedures by the ministry of higher education, so that everyone who committed the crime of scientific theft will be punished with the power of law, and the penalty may reach the expulsion from the university and prevent the perpetrator of the theft from teaching at any other university. Also, it has been decided that those who are going to discuss their theses, whether it is master’s or doctoral thesis in English must provide a certificate that is extracted from the digital library of the Supreme Council of Universities or any of its branches in different universities, to assure that the thesis or the research paper that has been submitted for promotion does not have any kind of plagiarism. In addition, The researcher is allowed only with 25% at maximum of the quote, in order to infer on the nature of the subject of the research that he is discussing. Key words: Scientific research Scientific thefts, Algeria, University.

233

2017 ‫سبتمبر‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫تعتبر السرقة العلمية من المشاكل الشائكة والمنتشرة بكثرة في البيئة الجامعية‪ .‬فهي‬

‫ال تشكل ظاهرة حديثة كما يتبادر إلى األذهان الكثيرين بل تعود إلى عصر التدوين بحيث‬

‫أطلقت حولها الكثير من المفاهيم مثل السرقة‪ ،‬الغش‪ ،‬االقتباس‪ ،‬التوارد‪ ،‬التضمين‪ ،‬التناص‬ ‫وغيرها‪ .‬إال أن هذه الظاهرة استفحلت في اآلونة األخيرة وتفاقمت في األوساط الجامعية‬ ‫العربية وحتى الوطنية ولم تقتصر على المداخالت العلمية والمقاالت فحسب‪ ،‬بل امتدت إلى‬

‫أبحاث التخرج والمؤلفات مما أساء للبحث العلمي بشكل ملحوظ وعلى مصداقية المؤسسات‬

‫البحثية و مراكز البحث على وجه التحديد‪ .‬وللحد من هذه الظاهرة والتقليل منها تم وضع‬ ‫وتبني قواعد المتعلقة بمكافحة السرقة العلمية‪.‬‬

‫تزامناً مع التطور المنقطع النظير الذي يشهده العالم في مجال تكنولوجيا اإلعالم‬

‫واالتصال‪ ،‬أصبحت السرقة العلمية من أهم المشاكل األخالقية المعقدة و المتعددة الوجوه في‬ ‫البيئة الجامعية‪ .‬و تكاد ال تخلو دولة من هذه المعضلة خاصة في الدول الفقيرة و السائرة‬

‫في طريق النمو‪ .‬فالسرقة العلمية هي عندما يقوم الكاتب ُمتعمداً استخدام كلمات أو أفكار أو‬ ‫معلومات )ليست عامة ( خاصة بشخص أخر بدون تعريف أو ذكر هذا الشخص أو مصدر‬ ‫هذه الكلمات أو المعلومات‪ُ ،‬منسباً إياها إلى نفسه‪ .‬و للسرقة العلمية عدة سلبيات فهي تؤثر‬ ‫سلباً على تقدم الدول و تطورها و انحطاط المستوى التعليمي و األكاديمي لمختلف‬ ‫الجامعات و منها الجزائرية‪ .‬فالجزائر كغيرها من الدول تعاني من هذه الظاهرة‪ .‬و لهذا قامت‬

‫و ازرة التعليم و البحث العلمي الجزائرية بسن قوانين و مراسيم و ق اررات من أجل ُمعاقبة‬ ‫وتتبع المخالفين لنصوص و قوانين األمانة العلمية و أخالقيات المهنة‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬

‫ماذا نقصد بالسرقات العلمية و ما السبيل للحد منها؟‬ ‫و من هذا السؤال الرئيسي تتفرع منه األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬ ‫▪‬

‫ماذا نقصد بالبحث العلمي؟‬

‫▪‬

‫ما هي السرقات العلمية؟‬

‫▪‬

‫و ما السبيل لمحاربتها في مختلف الجامعات و المراكز البحث؟‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪234‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫منهجية البحث‪ :‬اعتمدنا في بحثنا على منهج تحليلي وصفي بحيث ُقسم البحث إلى ثالث‬

‫محاور‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬عموميات حول البحث العلمي‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬اإلطار النظري للسرقات العلمية‪.‬‬ ‫المحور الثالث‪ :‬محاربة السرقات العلمية‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجزائر ‪.-‬‬ ‫المحور األول‪ :‬عموميات حول البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ .1‬تعاريف حول البحث العلمي‬

‫يتكون هذا االصطالح (البحث العلمي) من كلمتين و هما‪ :‬كلمة البحث و كلمة‬

‫العلم‪ .‬فكلمة البحث‪ :‬تُرد إلى الفعل الماضي َ"ب َح َث" نقصد بها الطلب ‪ ،‬التقصي‪ ،‬التفتيش‬ ‫والتتبع‪ ،..‬وهي مشتقة من الفعل ‪ :‬بحث بمعنى طلب‪ ،‬أو تقصى‪ ،‬أو فتش‪ ،‬أو تتبع‪ ،‬أو‬

‫تمرس‪ ،‬أو سأل‪ ،‬أو حاول‪ ،‬أو اكتشف‪...‬‬

‫أما كلمة العلمي لغة ‪ :‬فهي كلمة منسوبة إلى العلم الذي ينتمي إلى المعرفة فهو نوع من‬ ‫المعرفة العلمية‪ ،‬و الدراية‪ ،‬و إدراك الحقائق‪ .‬و العلم يعني اإلحاطة و اإللمام باألشياء‪،‬‬ ‫و المعرفة بكل ما يتصل بها ‪ ،‬بقصد نشرها في المجتمع‪.1‬‬ ‫ومن هذين التعريفين فإن البحث العلمي يقصد به "التقصي و التفتيش و التتبع‬

‫لموضوع العلم وفقاً لقواعد و شروط هي حكر على العلم دون غيره"‪ُ 2‬يعتبر البحث العلمي‬ ‫طرق األكاديمية مضبوطة بهدف التعرف على واقع وحقيقة‬ ‫مجهود ُمنظم ُيبذل وفق ُ‬

‫األشياء والظواهر‪ ،‬فكلمة البحث تدل على التفتيش بمثابرة كما تدل أيضاً على الفحص بحذر‬

‫يعرفه قاموس ويبستر الحديث هو المعرفة المنسقة الناتجة عن‬ ‫ُمستمر ‪ .‬أما كلمة العلم" كما ُ‬ ‫المالحظة و الدراسة و التجريب و التي تتم بهدف تحديد طبيعة أصول الشيء الذي تتم‬ ‫دراسته‪"3‬‬

‫ويعرفه (‪ )Maurice Angeres‬على أنه "نشاط علمي يعتمد على عملية جمع و‬

‫تحليل البيانات بهدف اإلجابة عن مشكلة معينة"‪ ، 4‬و لقد عرف ويتني (‪)F. Whitney‬‬ ‫البحث العلمي بأنه "استقصاء دقيق يهدف إلى اكتشاف الحقائق و القواعد العامة ُيمكن‬ ‫التحقق منها مستقبال‪.5‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪235‬‬


‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫فالبحث العلمي هو "إجراء عملي ُمنظم و مضبوط و جهد علمي يهدف إلى‬ ‫‪6‬‬ ‫اكتشاف الحقائق الجديدة و التأكد من صحتها و تحليل العالقات بين الحقائق المختلفة"‬ ‫فالبحث العلمي هو "طريقة في التفكير و أسلوب النظر إلى الوقائع‪ ،‬يصبح معناها معنى‬

‫‪7‬‬ ‫أما ‪ HILLWAY‬فيعرفه على أنه‬ ‫المعطيات التي يتم جمعها و ً‬ ‫اضحا في ذهن الباحث" ّ‬ ‫"وسيلة للدراسة ُيمكن بواسطتها الوصول إلى حل مشكلة معينة و ذلك عن طريق التقصي‬

‫الشامل و الدقيق لجميع األدلة التي يمكن التحقق منها و التي تتصل بها المشكلة المحددة أو‬

‫التي يحتمل أن تكون لها عالقة مع المشكلة‪ .8‬و يعرفه بوحوش و ذنيبات على ّأنه "ذلك‬ ‫التحري و االستقصاء المنظم الدقيق الهادف للكشف عن حقائق األشياء و عالقتها مع‬ ‫‪9‬‬ ‫بعضها البعض و ذلك من اجل تطوير أو تعديل الواقع الممارس لها فعال" ‪ ،‬و ُيعرف أيضاً‬ ‫‪10‬‬ ‫بأنه "بذل جهد في موضوع ما و جمع المسائل التي تتصل به و ثمرة هذا الجهد نتيجته"‬ ‫ّ‬

‫فالبحث العلمي هو "عبارة عن جهد الكتشاف الحقائق و المعارف يهدف للتحقق من‬

‫موضوع معين بصورة منتظمة و ُممنهجة"‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫فهو محاولة لدراسة أو إعطاء حلول لمشكلة‬

‫تُواجه الباحث في محيطه أو مجتمعه‪ 12.‬و هو سلوك إنساني ُمنظم يهدف إلى استقصاء‬ ‫صحة معلومة أو فرضية أو توضيح لمواقف أو ظواهر معينة و فهم أسبابها و آليات‬ ‫ُمعالجتها أو إيجاد حلول ناجعة لمشكلة ما تَ ُه ُم مجتمع‪.‬‬ ‫فالبحث العلمي هو جهد فكري إنساني متصل يتطلب من الباحث أن يقوم بمسح‬

‫جهود الباحثين السابقين و التطرق للدراسات لسابقة‪ ،‬و اإلشارة إليها و اإلضافة عليها و‬ ‫التمهيد للباحثين الالحقين مستقبالً‪ ،‬و هذا مع ضرورة أن يشير الباحث إلى نتائج يره‬

‫في المجال المدروس‪ ،‬فيعتمدها و يبني عليها أو ينتقدها و ُي ّبين ُعيوبها‪ ،‬و قد يستفيد الباحث‬ ‫من خالل فكرة يأخذها من غيره‪ ،‬فيقتبسها تماما أو يصوغها بلغته الخاصة‪ ،‬و تستلزم‬ ‫أخالقيات البحث العلمي اإلشارة إلى المصادر و الهوامش و توثيق جميع المعلومات‬ ‫والبيانات التي اعتمد عليها الباحث و استفاد منها في عمله العلمي‪.‬‬ ‫‪ .2‬عناصر البحث العلمي‪:‬‬

‫البحث العلمي هو سلوك إجرائي واع يحدث بعمليات تخطيطية و تنفيذية متنوعة للحصول‬

‫على النتائج المقصودة‪ .‬و يشمل البحث العلمي األكاديمي عموما ثالث عناصر أساسية‬

‫وهي‪:‬‬

‫‪13‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪236‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫•‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫المدخالت‪:‬‬

‫و تتمثل في مجمل المعلومات و المعطيات التي تُجمل في تحديد ُمشكل البحث و اإللمام‬ ‫به‪ ،‬فهي تحتوي على اإلشكالية (السؤال الرئيسي) و مختلف التساؤالت الفرعية كما تتضمن‬ ‫جملة الخلفيات النظرية و التطبيقية لموضوع البحث و كذلك األدبيات و مختلف المعلومات‬

‫العلمية‪ .‬فهذه المرحلة تتكون أيضاً من عدد من العناصر أهمها‪ :‬الباحث و معرفته‬

‫المتخصصة بالبحث العلمي‪ ،‬و دوافع اختيار البحث‪ ،‬ثم غرض أو هدف البحث و أهمية‬ ‫الدراسة‪ ،‬و كذا التعرض ألهم الدراسات و األبحاث السابقة ‪ ،‬و فرضيات معالجة المشكلة‬ ‫واإلمكانيات المتوفرة لهذه المعالجة‪ ،‬إضاف ًة للصعوبات التي تعترض عمليات المعالجة‬ ‫وأهمية حلها للمعرفة البشرية و فائدة ذلك للفرد والمجتمع‪ ،‬و كذلك المفاهيم و المصطلحات‬ ‫التي سيتم تناولها بالبحث‪.‬‬ ‫•‬

‫المعالجة‪:‬‬

‫و تضم كل العمليات التي تدخل في إجراء البحث و تطبيق الطريقة أو الخطة و تحليل‬

‫المعطيات و األفكار‪ ،‬و يتم إجراء البحث من خالل تطبيق األدوات و التحليل المعطيات‪.‬‬

‫هذه المرحلة تتكون من العناصر التالية‪ :‬منهجية بحث‪ ،‬المشكلة و التصميم اإلحصائي‬

‫المناسب لطبيعة الدراسة و ظروفها أو إجراءات حل المشكلة للوصول للنتائج المقصودة كما‬

‫تتضمن مختلف الطرق و تقنيات اختبار الفرضيات المطروحة حول البحث و كذا طرق‬ ‫اختيار العينات و ماهية المادة العلمية المطلوبة و مواصفاتها و طرق جمع البيانات وأساليب‬ ‫التحليل اإلحصائي المناسبة للدراسة و التفسير و مناقشة النتائج‪.‬‬ ‫•‬

‫المخرجات ‪:‬‬

‫و هي مجمل النتائج التي تم التوصل إليها بما في ذلك نتائج القياسات و التجارب‬

‫واالختبارات التي تُرتب في جداول تتضمن نتائج التحليل اإلحصائي لها ثم تُختصر في‬ ‫جداول أو أشكال أو خطوط بيانية تساهم في إبراز النتائج الهامة و مختلف االستنتاجات‬ ‫والحلول و التوصيات و تضمينات و غيرها‪ ،‬مثلما يوضح الشكل رقم ‪ 1‬التالي‪:‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪237‬‬


‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬مراحل البحث العلمي‬

‫املرحلة ‪3‬‬

‫املرحلة ‪2‬‬

‫املرحلة ‪1‬‬

‫املخرجات‬

‫املعاجلة‬

‫املدخالت‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على الدكتور بلقاسم دودو ‪ ،2014 ،‬طرق وتقنيات البحث العلمي ‪ ،‬المستوى أولى‬ ‫جذع مشترك ‪ ،‬موضوع المحاضرة ‪ :‬البحث العلمي ‪ ...‬مفهومه‪ ،‬أهميته ‪ ،‬عناصره ‪،‬أخالقياته‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫مهما كانت نوعية البحث العلمي فإنه يمر بالضرورة بعدة خطوات و مراحل أساسية تتصف‬ ‫بالتناسق و التكامل و التسلسل فيما بينها و تشمل خطوات البحث العلمي النقاط التالية‪،‬‬

‫‪14‬‬

‫مثلما يوضح الجدول رقم ‪: 1‬‬

‫الجدول رقم ‪ :1‬خطوات البحث العلمي‬ ‫خطوات البحث‬ ‫الخطوة ‪1‬‬ ‫الخطوة ‪2‬‬ ‫الخطوة ‪3‬‬ ‫الخطوة ‪4‬‬ ‫الخطوة ‪5‬‬ ‫الخطوة ‪6‬‬ ‫الخطوة ‪7‬‬ ‫الخطوة ‪8‬‬ ‫الخطوة ‪9‬‬ ‫الخطوة ‪10‬‬

‫العنوان‬ ‫الشعور بالمشكلة (اإلشكالية)‬ ‫التحديد الدقيق للمشكلة (اإلشكالية)‬ ‫تحديد أبعاد البحث و أهدافه‬ ‫استطالع الدراسات السابقة‬ ‫صياغة فرضيات البحث‬ ‫تصميم البحث‬ ‫جمع البيانات و المعطيات (المعلومات)‬ ‫تجهيز البيانات و المعلومات و تصنيفها‬ ‫تحليل البيانات و المعلومات اختبار الفرضيات و التوصل إلى النتائج‬ ‫كتابة البحث و اإلجابة عن أسئلة الدراسة و تحقيق أهدافها‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على مقال حيرش نوردين‪ ،2015 ،‬البحث العلمي و مراحله ‪-‬التهيئة القبلية‬ ‫للباحث‪ ،-‬أعمال الملتقى تثمين أدبيات البحث العلمي‪ ،‬ملتقى العلمي المشترك األول مع المكتبة الوطنية‬ ‫الجزائرية‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪ 29 ،‬ديسمبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.11 .‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪238‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪ .3‬أهمية البحث العلمي‬

‫إن الحاجة إلى الدراسات و البحوث و التعلم أضحت اليوم مهمة أكثر من أي وقت مضى ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فالعلم و العالم في سباق للوصول إلى اكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من‬ ‫العلوم التي تكفل الرفاهية لإلنسان‪ ،‬وتضمن له التفوق على غيره‪ .‬و إذا كانت الدول المتقدمة‬

‫كبير للبحث العلمي فهذا لخير دليل على أنها أدركت أن عظمة األمم‬ ‫اهتماما ًا‬ ‫تولي‬ ‫ً‬ ‫وتطورها تكمن في قدرات أبنائها العلمية و الفكرية و السلوكية‪ .‬و البحث العلمي ميدان‬ ‫خصب ودعامة أساسية القتصاد الدول وتطوراته‪ ،‬و بالتالي يحقق الرفاهية لشعوبها‬ ‫و المحافظة على مكانتها الدولية‪ .‬و البحث العلمي يعمل على تزويد المجتمع بالمعرفة‬ ‫والعلم و المساهمة االيجابية في ازدهاره و تقديم الحلول لمختلف المشاكل‪.‬‬ ‫مكانا بار اًز في تقدم النهضة العلمية‬ ‫ويحتل البحث العلمي في الوقت الراهن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتطورها‪ ،‬من خالل مساهمة الباحثين بإضافتهم المبتكرة في رصيد المعرفة اإلنسانية‪ ،‬حيث‬ ‫تعتبر المؤسسات األكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ‪ ،‬بما لها من‬

‫وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه و إثارة الحوافز العلمية لدى الطالب و‬ ‫الدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه‪.‬‬ ‫فقد أصبح البحث العلمي من ضروريات المجتمعات حيث يعتبر من األمور المسلم‬ ‫نظر الستخدامه في معالجة المشكالت التي‬ ‫بها في المؤسسات األكاديمية و مراكز البحث‪ً ،‬ا‬ ‫تواجه المجتمع و لم يعد البحث العلمي مقتص اًر على ميادين العلوم الطبيعية وحدها‪ .‬و‬ ‫يمكن أن نلخص أهمية البحث العلمي في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬البحث العلمي عبارة عن علم قائم بحد ذاته كسائر العلوم فهو منهجية منظمة‬ ‫مدروسة تفرز نتائج منطقية و موضوعية توظف في حل مشاكل المعرفة البشرية‬

‫مما يؤدي لتقدم اإلنسان و انتقاله من توفير الحاجيات اليومية إلى أفضليات أخرى‬ ‫أعلى و أكثر قيمةمن ذي قبل ليعزز تفوقه الحضاري‪.‬‬

‫‪ .2‬إن البحث العلمي ينمي المردود السلوكي لألفراد كماً و نوعاً و يزيد من نسب‬ ‫نجاح أعمالهم وبالتالي تزدهر حياتهم‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫و تتوسع طموحاتهم‪ .‬و بما أن البحث‬

‫‪239‬‬


‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫العلمي ُيعد من أهم و أعقد أوجه النشاط الفكري‪ ،‬فإنه يعمل على اكتساب مهارات‬ ‫بحثية للطلبة تجعلهم قادرين على إضافة معرفة جديدة إلى رصيد الفكر اإلنساني‪.‬‬

‫‪ .3‬تبسيط و توضيح النظريات العلمية التي تم التوصل إليها أو التحقق من‬ ‫صالحيتها‪.‬‬ ‫‪ .4‬التوصل لحل المشاكل العلمية و العملية التي تواجه المجتمع (األفراد‬ ‫والجماعات)‪.‬‬

‫‪ .5‬إيجاد تقنيات حديثة أكثر تطو اًر و أساليب حياة جديدة و متطورة عبر االستفادة‬

‫من الموارد الطبيعية غير المستغلة مما يساهم في زيادة المعرفة البشرية الحضارية‪.‬‬

‫‪ .6‬البحث العلمي الدقيق يقود حتماً إلى التقدم و الرقي و االزدهار لمختلف‬ ‫مفتاحا للنجاح و التطور‬ ‫المجتمعات و الشعوب‪ .‬فالبحث العلمي ‪-‬بال شك‪ -‬يمثل‬ ‫ً‬ ‫نحو األفضل‪ ،‬فهو ضروري لإلنسان‪ ،‬ألن من خالله يتمكن اإلنسان من معرفة‬ ‫الحقائق المحيطة به و كذا الظواهر التي يجهلها مما يساعده على فهم المسائل‬ ‫والقضايا التي تواجهه في حياته العملية‪.‬‬ ‫‪ .7‬التعود على معالجة المواضيع بموضوعية و نزاهة و نظام في العمل من طرف‬ ‫الباحث‪.‬‬

‫‪ .8‬إثراء معلومات الطالب في مواضيع معينة‪.‬‬

‫‪ .9‬البحث العلمي هو نظام سلوكي يعمل على زيادة اإلدراك البشري و تنمية قدرته‬ ‫على االستفادة بكل ما تتوفر عليه الطبيعة و يوفر حياة حضارية كريمة للفرد‬ ‫والمجتمع‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬اإلطار النظري للسرقة العلمية‪.‬‬ ‫‪ .1‬تعاريف حول السرقة العلمية‬

‫تزامناً مع التطور المنقطع النظير الذي يشهده العالم في مجال تكنولوجيا اإلعالم‬ ‫و االتصال‪ ،‬أصبحت السرقة العلمية من أهم المشاكل األخالقية المعقدة و المتعددة الوجوه‬

‫في البيئة الجامعية‪ .‬و هناك العديد من المصطلحات المرادفة للسرقة العلمية أهمها ‪ :‬السرقة‬ ‫الفكرية (‪ ،)Plagiarism‬السرقة األدبية (‪ ،)Literary theft‬االنتحال (‪)Plagiarism‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪240‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫والقرصنة األدبية (‪. )Literary piracy‬‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫‪15‬‬

‫فالسرقة العلمية هي انتهاك حقوق الملكية‬

‫تحديدا‪ ،‬و التي يعتبر االنتحال أبرز صورها‪ .‬كما يمكن تعريف‬ ‫الفكرية‪ ،‬أو حق المؤلف‬ ‫ً‬ ‫خطيرا‪ ،‬و تُعرف السرقة‬ ‫أكاديميا‬ ‫السرقة العلمية في ابسط معناها على أنها تمثل انتهاكاً‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫العلمية أيضاً على أنها "تحدث عندما يقوم الكاتب ُمتعمداً باستخدام كلمات أو أفكار أو‬ ‫معلومات )ليست عامة ( خاصة بشخص أخر بدون تعريف أو ذكر هذا الشخص أو مصدر‬

‫هذه الكلمات أو المعلومات‪ ،‬منسباً إياها إلى نفسه‪ .‬و ينطبق هذا التعريف على مختلف‬ ‫اءا كانت المنشورة ورقياً أو الكترونياً أو الخاصة بطالب آخرين"‪ 16.‬و هي‬ ‫الكتابات سو ً‬ ‫"استخدام غير معترف به ألفكار و أعمال اآلخرين‪ ،‬يحدث بقصد‪ ،‬أو بغير قصد‪ ،‬و سواء‬ ‫أكانت مقصودة أو غير مقصودة"‪ .17‬السرقة العلمية هي انتهاك حقوق الطباعة ‪ .‬ففي حالة‬ ‫الفشل في الحصول على موافقة المؤلف األصلي قد تؤدي إلى أضرار و غرامات ومالحقات‬

‫قضائية‪ ،‬و إلى ما هو أسوأ من ذالك‪ .‬كما ّأنها تحط من أعمال اآلخرين و تعطي السارق‬ ‫الحق في التفوق غير العادل على أقرانه الذين يعتمدون على أنفسهم في إنجاز أعمالهم‬ ‫البحثية الخاصة‪ .‬و تمثل انتهاكا لميثاق األمانة العلمية‪ ،‬و لسمعة برامج البحث والجامعات‬ ‫و حتى الدول‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫و يمكن تعريف السرقة العلمية على حسب الفصل الثاني في المادة رقم ‪3‬‬

‫من القرار الوزاري رقم ‪ 933‬المؤرخ في ‪ 28‬جويلة ‪” 2016‬تعتبر سرقة علمية بمفهوم هذا‬ ‫القرار ‪،‬كل عمل يقوم به الطالب أو األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث اإلستشفائي الجامعي‬

‫أو الباحث الدائم أو كل من يشارك في عمل ثابت لالنتحال وتزوير النتائج أو غش في‬ ‫األعمال العلمية المطالب بها أو في أي منشورات علمية أو بيداغوجية ‪،‬تعتبر سرقة علمية‬ ‫ما يأتي‪“:‬‬ ‫✓ "كل اقتباس كلي أو جزئي ألفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال‬ ‫منشور أو من كتب أو مجالت أو دراسات أو تقارير أو من مواقع الكترونية أو‬ ‫إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها أو أصحابها األصليين‪.‬‬

‫✓ اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بين شولتين و دون ذكر مصدرها وأصحابها‬ ‫األصليين‪.‬‬

‫✓ استعمال برهان أو استدالل معين و دون ذكر مصدره و أصحابه األصليين‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪241‬‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫✓ نشر نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أنجز من طرف هيئة أو مؤسسة و اعتباره‬ ‫عمال شخصيا‪.‬‬

‫✓ استعمال إنتاج فني معين أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات أو جداول‬ ‫إحصائية أو مخططات من نص أو مقال و دون ذكر مصدرها وأصحابها‬ ‫األصليين‪.‬‬ ‫✓ قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث اإلستشفائي أو الباحث الدائم أو أي شخص‬ ‫أخر بإدراج إ سمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة في إعداده‪.‬‬

‫✓ الترجمة من إحدى اللغات إلى اللغة التي يستعملها الطالب أو األستاذ الباحث أو‬ ‫األستاذ الباحث أالستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون‬

‫ذكر المترجم و المصدر‪.‬‬

‫✓ استعمال برهان أو استدالل معين دون ذكر مصدره و أصحابه األصليين‪.‬‬ ‫✓ قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث أخر لم يشارك في انجاز العمل بإذن أو‬ ‫دون إذن و بغرض المساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية‪.‬‬

‫✓ قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث أالستشفائي أو الباحث الدائم أو أي شخص‬ ‫أخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بانجاز أعمال علمية من اجل تبنيها في‬

‫مشروح بحث أو انجاز كتاب علمي أو مطبوعة جامعية بيداغوجية أو تقرير‬ ‫علمي‪.‬‬ ‫✓ استعمال أو قيام األستاذ الباحث أو األستاذ الباحث أالستشفائي أو الباحث الدائم‬ ‫أو أي شخص أخر أعمال الطلبة و مذكراتهم كمداخالت في الملتقيات الوطنية أو‬ ‫الدولية أو لنشر مقاالت علمية بالمجالت و الدوريات‪.‬‬

‫✓ إدراج أسماء خبراء و محكمين كأعضاء في اللجان العلمية و الملتقيات الوطنية أو‬ ‫الدولية في المجالت و الدوريات من اجل كسب المصداقية‪ ،‬دون علم و موافقة‬

‫وتعهد كتابي من قبل أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في انجازها"‪.19‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪242‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪ .2‬أنواع السرقات العلمية‪:‬‬

‫للسرقة العلمية عدة أنواع كما يوضح الشكل رقم ‪ 2‬نوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :2‬أنواع السرقة العلمية‬

‫السرقة العلمية‬ ‫السرقة العلمية‬

‫السرقة العلمية‬

‫واللصق‬

‫الكلمات‬

‫النسخ‬

‫استبدال‬

‫السرقة‬

‫العلمية‬ ‫لألسلوب‬

‫السرقة العلمية‬ ‫باستخدام‬ ‫االستعارة‬

‫السرقة‬

‫العلمية‬ ‫لألفكار‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتماداً على جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪1434 ،‬هـ‪ ،‬السرقة العلمية‪:‬‬ ‫ما هي ؟ و كيف أتجنبها‪ ،‬سلسلة دعم التعلم و التعليم في الجامعة‪ ،‬و ازرة التعليم العالي‪ ،‬ص‪ 18 .‬و ‪.19‬‬

‫‪ .1‬السرقة العلمية الناتجة عن النسخ و اللصق‪.‬‬

‫و تكون عند استخدام جملة أو تعبير استخداماً حرفياً‪ ،‬كما ورد في مصدره األصلي‪ ،‬دون‬ ‫استخدام لعالمات التنصيص‪ ،‬واإلشارة للمصدر و دون االستعانة بالمزدوجتين أو التهميش‪.‬‬ ‫‪ .2‬السرقة العلمية باستبدال الكلمات‪.‬‬ ‫و هي اقتباس جملة من أحد المصادر و تغيير بعض كلماتها لتبدو مبتكرة‪ ،‬و لتجنب ذلك‬

‫يجب وضعها بين عالمتي تنصيص‪ ،‬و ذكر مصدرها‪ .‬و البد أن نشير هنا إلى أن بعض‬

‫حاالت االقتباس تستدعي إعادة صياغة الكالم المقتَبس ‪ ،‬لكن ذلك ال يمنع ذكر المصادر‬ ‫األصلية المقتبس منها ‪ ،‬مع اإلشارة إلى تغيير الصياغة‪.20‬‬ ‫‪ .3‬السرقة العلمية لألسلوب‪.‬‬ ‫المقصود بها إتباع نفس طريقة كتابة المقال األصلي‪ ،‬جملة بجملة ‪ ،‬ومقطعاً بمقطع ‪ ،‬فهذه‬

‫سرقة علمية ‪ ،‬مع أن المكتوب ال يتطابق مع الوارد في النص األصلي‪ ،‬و ال مع طريقة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪243‬‬


‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫ترتيبه ؛ هي سرقة للتفكير المنطقي الذي اتبعه المؤلف األصلي في خطة البحث أي في‬ ‫هندسة عمله‪.‬‬ ‫‪ .4‬السرقة العلمية باستخدام االستعارة‪.‬‬

‫في بعض األحيان يجد الباحث نفسه مجبر على تقديم توضيحات إضافية ‪ ،‬أو تقديم شرح‬

‫يلمس حس القارئ ومشاعره بطريقة أفضل من الوصف الصريح المباشر للعنصر أو العملية‬ ‫‪ ،‬لذا وجب عليه إحالة مختلف االستعارات ألصحابها األصليين‪ .‬فاالستعارة وسيلة من‬ ‫الوسائل المهمة التي يعتمد عليها المؤلف في توصيل فكرته‪ .‬و يحق له إذا لم يستطع‬

‫صياغة استعارة خاصة به اقتباس االستعارات الواردة في كتابات اآلخرين شريطة ذكر‬

‫مرجعيتها ألصحابها‪.‬‬ ‫‪ .5‬السرقة العلمية لألفكار‪.‬‬ ‫يجب ذكر أصحاب األفكار الحقيقيين في حال االستعانة بفكرة أبدعها مؤلف أو باحث ما ‪،‬‬ ‫أو توصيات أو مقترحات قدمها لحل مشكلة ما ‪ ،‬يجب نسبتهما له بوضوح ‪ .‬و ال يجب‬ ‫الخلط هنا بين األفكار و المفاهيم الخاصة‪ ،‬و بين مسلمات المعرفة التي ال يحتاج الباحث‬

‫إلى نسبتها ألحد‪ ،‬فتعريف بعض الظواهر على سبيل المثال‪ ،‬ال يحتاج الباحث إلى توثيق و‬ ‫إشارة مرجعية‪ ،‬فهذا يندرج تحت المعارف العامة ‪ ،‬لكن إذا استعان الباحث بأفكار جديدة‬

‫آلخرين في أثناء بحثه عن ثقب طبقة األوزون مثالً‪ ،‬أو حل جديد لمعضلة فيزيائية‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك يتطلب منه الدقة في نسبتها إلى أصحابها ‪. 21‬كما قسم الدكتور عبد الفتاح‬

‫خضر(‪ )2006‬سرقة العلمية لألفكار إلى ثالث أقسام‪:‬‬ ‫✓ سرقه شاملة‬

‫✓ سرقه علمية‬ ‫✓ سرقه عن طريق الترجمة‬ ‫اشد و اخطر أنواع السرقات الفكرية و التي من خاللها‬ ‫بحيث تُعد السرقة الشاملة لألفكار من ّ‬ ‫يسطو فيها السارق على أفكار غيره سطوا جلياً صريحاً و مفضوحاً فينقل العبارات كما هي‬ ‫بدون أي تغيير‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪22‬‬

‫و تعتبر السرقة الكاملة من أبشع انواع السرقة العلمية و فيها يسطو‬

‫‪244‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫الباحث على بحث بأكمله نشره غيره من الباحثين ‪ ،‬وتصل به الجرأة ألن يحذف اسم الباحث‬ ‫الحقيقي يضع اسمه بدال منه و ينسب البحث دون أدني تغيير فيه لنفسه‪.23‬‬ ‫و للسرقة العلمية عدة أشكال نذكر منها‪:‬‬ ‫▪‬

‫استخدام كلمات ‪ ،‬أو نصوص ‪ ،‬أو فكر ‪ ،‬أو رسوم توضيحية لمؤلف آخر‪.‬‬

‫▪‬

‫التقصير في نسب التوثيق للمؤلف األصلي‪.‬‬

‫▪‬

‫تلميح مرتكب السرقة العلمية بأنه المؤلف‪.‬‬

‫▪‬

‫التقصير في الحصول على موافقة المؤلف األصلي‪.‬‬

‫و تعتبر السرقة العلمية جرماً خطي اًر ال يمكن التغاضي عن مرتكبه و ال التضامن أو‬ ‫التعاطف معه و ال التهاون على فعله لألسباب اآلتية‪:‬‬ ‫✓ السرقة العلمية احد أهم أنواع الخداع وخيانة األمانة ؛ ألنها تقديم مشوه ألعمال‬ ‫اآلخرين ‪ ،‬و إدعاء ملكيتها‪.‬‬

‫✓ السرقة العلمية انتهاك لحقوق الغير و لحقوق الطباعة‪ .‬ففي حالة عدم موافقة‬ ‫المؤلف األصلي قد تؤدي إلى أضرار و غرامات و متابعات قضائية ‪ ،‬و إلى ما‬ ‫هو أسوأ بكثير من ذلك‪.‬‬

‫✓ السرقة العلمية تمنح السارق الحق في التفوق الغير العادل على أقرانه الذين‬ ‫يعتمدون على أنفسهم في إنجاز أعمالهم البحثية الخاصة‪.‬‬

‫✓ السرقة العلمية تمثل انتهاكاً صريحاً لميثاق أخالقيات المهنة و األمانة العلمية‪،‬‬ ‫وسمعة برامج البحث‪ ،‬مراكز البحث‪ ،‬و الجامعات‪ ،‬المعاهد و حتى الدول‪.24‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪245‬‬


‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫المحور الثالث‪:‬‬

‫محاربة السرقات العلمية‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجزائر –‬ ‫‪ .1‬واقع السرقة العلمية في الجامعات الجزائرية‬

‫لقد أسقطت المؤسسات الخاصة بتصنيف الجامعات على المستوى العالمي الجامعات‬ ‫الجزائرية من قائمة أحسن الجامعات بحيث لم يتضمن تصنيف شنغهاي الدولي للجامعات‬

‫حسب الترتيب الصادر في فبراير ‪ ،2016‬اسم أية جامعة جزائرية ضمن أفضل ‪500‬‬ ‫جامعة على المستوى العالمي‪ ،‬و يعتمد هذا التصنيف على األداء األكاديمي في ما يتعلق‬

‫بالبحوث العلمية و كذا حجم الدراسات و األبحاث المنشورة في المجالت‪ .‬هذا و قد قامت‬ ‫مؤسسة "تايمز هاير إيديوكيشن " البريطانية المتخصصة‪ ،‬بإسقاط جميع الجامعات الجزائرية‬ ‫في تصنيف أفضل ‪ 800‬جامعة في العالم لشهر ديسمبر ‪ ،2016‬و يقوم الترتيب على‬

‫معايير التدريس و البحث ونقل المعرفة‪ .25‬في حين أدرج تصنيف "ويبومتريكس " العالمي‬ ‫للجامعات‪ ،‬الذي يصدره المجلس العالي للبحث العلمي في إسبانيا ويغطي‪ 25‬ألف جامعة‪،‬‬ ‫جامعة جياللي ليابس بسيدي بلعباس غربي الجزائر في المرتبة ‪ 1733‬عالميا و ‪ 21‬عربيا‬ ‫كأفضل ترتيب لجامعة جزائرية وفقا لتنصيف شهر يناير‪ ،2016‬واحتلت جامعة سعد دحلب‬

‫بالبليدة المركز ‪ 3760‬عالميا و ‪ 89‬عربيا‪ ،‬فيما جاءت جامعة خنشلة شرقي الجزائر)‬ ‫الجامعة التي جرت فيها أكثر وقائع السرقات( أي ( حوالي ‪ 5‬سرقات علمية) في المرتبة‬ ‫‪ 14393‬عالميا و ‪ 389‬على الصعيد العربي مثلما يوضح الجدول رقم ‪.262‬‬ ‫الجدول رقم ‪ 2 :‬ترتيب الجامعات الجزائرية‬

‫حسب تصنيف "ويبومتريكس " العالمي للجامعات‬ ‫اسم الجامعة‬

‫الترتيب العالمي‬

‫الترتيب العربي‬

‫جامعة جياللي اليابس "سيدي بلعباس"‬

‫‪1733‬‬

‫‪21‬‬

‫جامعة سعد دحلب "بليدة"‬

‫‪3760‬‬

‫‪89‬‬

‫جامعة خنشلة‬

‫‪14393‬‬

‫‪389‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتماداً على العربي الجديد‪ ،2016 ،‬مساع جزائرية لتأسيس هيئة لمواجهة السرقات العلمية ‪،‬‬ ‫تحقيقات‪ ،‬االثنين ‪ 7‬مارس ‪ /‬آذار ‪ 2016‬م ‪ 27‬جمادى األول ‪ 1437‬ه العدد ‪ 553‬السنة الثانية‪ ،‬ص‪.26.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪246‬‬


‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫و ال يزال البحث العلمي في معظم الجامعات العربية دون المستوى المرغوب‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫و هذا راجع‬

‫إلى العديد من المشاكل كالفساد و المحسوبية و البيروقراطية و السرقات العلمية‪ ،‬حيث‬

‫سجلت الجزائر حوالي ‪ 22‬سرقة علمية منذ جانفي سنة ‪ 2011‬إلى غاية ‪ 2016‬في‬ ‫مختلف الجامعات الجزائرية مثلما يوضح الجدول رقم ‪ 3‬التالي‪:‬‬ ‫الجدول رقم ‪ 3 :‬عدد السرقات العلمية في الجامعات الجزائرية من الفترة الممتدة من‬ ‫جانفي ‪ 2011‬إلى غاية ‪2016‬‬ ‫عدد‬ ‫العلمية‬ ‫‪16‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬

‫السرقات المستوى‬ ‫دكتوراه‬ ‫ماجستير‬ ‫البحث العلمي‬

‫عدد ضحايا السرقة العلمية من حيث الدولة‬ ‫‪ 11‬ضحية سرقة العلمية من دول متفرقة ‪:‬‬ ‫(إيران‪ ،‬فلسطين‪ ،‬فيتنام‪ ،‬بولندا‪ ،‬المغرب‪،‬‬ ‫المملكة السعودية‪ ،‬العراق و مصر)‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتماداً على العربي الجديد‪ ،2016 ،‬مساع جزائرية لتأسيس هيئة لمواجهة السرقات العلمية ‪،‬‬ ‫تحقيقات‪ ،‬االثنين ‪ 7‬مارس ‪ /‬آذار ‪ 2016‬م ‪ 27‬جمادى األول ‪ 1437‬ه العدد ‪ 553‬السنة الثانية‪ ،‬ص‪.26.‬‬

‫كما يقول الباحث الجامعي األكاديمي الجزائري‪ ،‬عمار عبد الرحمن‪ :‬إن سبب وجود‬ ‫الجامعات الجزائرية في المراكز األخيرة في التصنيفات العالمية هو ضعف األبحاث العلمية‬

‫المنجزة وعدم تمويل مراكز البحث في الجزائر‪ ،‬و األهم من ذلك هو سرقة األبحاث العلمية‪،‬‬

‫وكذا سوء التسيير على مستوى الجامعات من خالل تعيين عمداء و مسؤولين غير مؤهلين‬ ‫خاصة في تخصص العلوم االجتماعية و اإلنسانية‪.‬‬

‫هذا و قد أكد وزير التعليم العالي و البحث العلمي طاهر حجار أن السرقات‬ ‫العلمية في التعليم العالي بالجزائر" ال تكاد تذكر‪ ،‬مقارنة بما يحدث في العالم"‪ ،‬مشي ار إلى أن‬ ‫قطاع التعليم العالي و البحث العلمي وضع عدة تدابير تنظيمية متكاملة للتصدي لهذه‬

‫الظاهرة‪ ،‬و شدد انتباه القطاع حول هذه الظاهرة التي تعتبر ظاهرة عالمية وال تقتصر‬

‫على الجزائر‪ُ ،‬مؤكدا بأن هذه السرقات العلمية في الجزائر" ليست سوى بعض السرقات التي‬ ‫ال تكاد تذكر إذا ما قارناها بما يحدث في العالم‪". 28‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪247‬‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫‪ .2‬سبل محاربة السرقة العلمية‬

‫تعتبر ظاهرة السرقات العلمية و أخالقيات المهنة في الجامعة من الموضوعات‬

‫البالغة األهمية و التي تؤرق بال األساتذة و الباحثين على حد السواء‪ .‬و حسب السيد وزير‬ ‫التعليم العالي و البحث العلمي األستاذ الدكتور الطاهر فإن معظم السرقات العلمية التي تم‬

‫اإلعالن عنها في الجزائر كانت قبل مناقشة األطروحات" وبالتالي ال تُعتبر سرقة بالنظر إلى‬ ‫أن المجلس العلمي يرفض مناقشة أطروحة مشبوهة و هذا ما يبرز حسبه يقظة المجالس‬ ‫العلمية على كل المستويات و في جميع الجامعات‪ .‬مؤخ ار أصبحت العديد من أعمال‬

‫وبحوث الطلبة و األساتذة الباحثين في الجامعة الجزائرية عرضة للسطو بطرق مختلفة‬

‫كعمليات النسخ و اللصق والسحب‪ ،‬كما باتت مذكرات التخرج تعتمد على السرقات من‬ ‫مذكرات أجنبية و حتى العربية منها‪ ،‬و من هذا المنطلق بات من ضروري وضع آليات‬ ‫علمية و عملية لمكافحة هذه الظاهرة في الوسط الجامعي و جميع المستويات بداي ًة من‬ ‫مرحلة لليسانس ووصوال إلى المرحلة النهائية للبحث و التي تتوجها أطروحة الدكتوراه‪،‬‬ ‫اعتبا ار من أن أخالقيات المهنة في الجامعة جوهرها األساسي هو األمانة العلمية و االلتزام‬ ‫بالمنهجية والموضوعية التي يجب احترامها من قبل الباحث سواء كان طالبا أو أستاذا‪.‬‬ ‫فالسرقة العلمية أضحت ظاهرة عالمية خاصة مع تطور الثورة التكنولوجية‬ ‫واتصاالت األمر الذي جعلها ال تنحصر في بلد واحد و إنما في العالم بأسره كوننا نعيش في‬ ‫قرية صغيرة‪ ،‬فالجزائر كغيرها من الدول تعاني من هذه الظاهرة‪ .‬و لهذا قامت و ازرة التعليم‬ ‫والبحث العلمي الجزائرية بسن قوانين و مراسيم و ق اررات من أجل معاقبة و تتبع المخالفين‬ ‫لنصوص و قوانين األمانة العلمية و أخالقيات المهنة‪ .‬و من بين أهم القوانين نذكر العقوبات‬

‫القانونية التي جاءت بها المادة رقم ‪ 24‬من أحكام القانون المتعلق بالبحث العلمي‪ ،‬في‬ ‫الفصل الثامن الخاص بالتأديب في الجزائر‪ ،‬يعتبر خطأً مهنياً من الدرجة الرابعة قيام‬

‫األساتذة الباحثين و مشاركتهم في عمل ثابت لالنتحال و تزوير النتائج أو غش في األعمال‬ ‫العلمية المطالب بها في رسائل الدكتوراه أو في أي منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى‪.‬‬ ‫و يكشف أحمد حمدي‪ ،‬عميد كلية علوم اإلعالم واالتصال بجامعة الجزائر ‪ 3‬أن‬

‫المجلس العلمي هو الذي يسن العقوبات على مستوى الكلية بناء على مرسوم وزاري‪ ،‬في‬

‫حال ثبتت تهمة السرقة العلمية في شهادتي الماجستير أو الدكتوراه‪ ،‬حيث إذ يتم إحالة المتهم‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪248‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫إلى المجلس التأديبي‪ ،‬ويدرس حينها المجلس العلمي‪ ،‬الذي يتكون أعضاؤه من كبار أساتذة‬ ‫الكلية‪ ،‬الحالة المعنية‪ ،‬وتحدد نوعية العقوبة إما بإلغاء وسحب الشهادة من صاحبها وإقصائه‬

‫من التسجيل في مرحلة ما بعد التدرج مستقبالً‪ ،‬أو إنزال رتبة الباحث األكاديمية‪ ،‬أو طرده‬

‫بشكل نهائي‪.‬‬

‫يؤكد مدير البحث العلمي في و ازرة التعليم العالي الجزائرية‪ ،‬عبد الحفيظ أوراغ‪ ،‬أن‬ ‫الو ازرة تسعى إلى تأسيس هيئة جزائرية مكلفة بمحاربة السرقات العلمية تعمل على النظر في‬

‫تحددها القوانين‪ ،‬و التي‬ ‫مختلف الشكاوى و إجراء تقارير الخبرة و تسليط العقوبات‪ ،‬التي‬ ‫ّ‬ ‫أن هذه الهيئة‬ ‫تصل إلى إنزال الرتبة‪ ،‬أو الطرد ومتابعة السارقين قضائياً‪ ،‬مشي ار إلى ّ‬ ‫ستكشف فضائح عشرات األساتذة المنشورة أبحاثهم منذ سنوات‪ ،‬سواء في المقاالت العلمية‬ ‫أو رسائل الدكتوراه و الماجستير‪ .‬ويرى الدكتور الجامعي و الباحث الجزائري‪ ،‬نصر الدين‬ ‫العياضي‪ّ ،‬أنه ال ينبغي فقط االعتماد على الحل التقني أو الرقمي وحده لمحاربة ظاهرة‬ ‫السرقة العلمية‪ ،‬بل ينبغي توجيه الباحثين على اختالف تخصصاتهم إلى اعتماد على‬

‫األسلوب العلمي في التعامل مع أفكار اآلخرين و تدريس الطرق العلمية في االقتباس‬ ‫واالستشهاد‪ ،‬و تبني أساليب حديثة في تلقين منهجية البحث العلمي هو ما يجب توفره في‬ ‫الحياة العلمية في الجزائر‪.29‬‬ ‫كما ُيسمح فقط بنسبة ‪ %25‬كحد أقصي لالقتباس و الستدالل الباحث علي طبيعة‬ ‫موضوع البحث الذي يناقشه في كل الجامعات استثناءاً جامعة تلمسان التي تشترط أن ال‬ ‫يتجاوز الطالب ما نسبته ‪ % 12‬كحد أقصى لالقتباس‪ .‬كما ُيلزم كل متقدم لمناقشة رسالة‬ ‫الماجستير أو الدكتو اره باللغة اإلنجليزية بأن يأتي قبل المناقشة بشهادة من المكتبة الرقمية‬ ‫بالمجلس األعلى للجامعات أو بأي من فروعها بالجامعات المختلفة تؤكد أن الرسالة العلمية‬ ‫أو البحث المقدم للترقية ال يوجد به نقل أو اقتباس علمي‪.‬‬ ‫هذا و قد جاءت قوانين مكملة و معززة لما تبنته الو ازرة لمكافحة السرقة العلمية من‬

‫خالل سنها لعقوبات جديدة ‪ :‬العقوبات المترتبة عن السرقة العلمية بحسب المنشور الوزاري‬ ‫رقم ‪ 933‬المؤرخ في ‪ 28‬جويلية ‪ ، 2016‬حيث نصت المادة ‪35‬في الفرع الرابع المتضمن‬ ‫للعقوبات حيث اعتبرت كل تصرف يشكل سرقة بمفهوم المادة ‪ 3‬من هذا القرار و له صلة‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪249‬‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫باألعمال العلمية و البيداغوجية المطالب بها من طرف الطالب في مذكرات التخرج في‬ ‫الليسانس و الماستر و الماجستير و الدكتوراه قبل أو بعد مناقشتها يعرض صاحبها إلى‬ ‫إبطال المناقشة وسحب اللقب الحائز عليه‪.‬‬ ‫أن كل تصرف يشكل سرقة بمفهوم المادة ‪ 3‬من هذا‬ ‫كما نصت المادة ‪ 36‬على ّ‬ ‫القرار‪ :‬كل األعمال العلمية و البيداغوجية المطالب بها من طرف األستاذ الباحث‪ ،‬األستاذ‬ ‫الباحث أالستشفائي الجامعي و الباحث الدائم في النشاطات البيداغوجية و العلمية و في‬

‫مذكرات الماجستير و أطروحات الدكتوراه و مشاريع البحث األخرى أو أعمال التأهيل‬

‫الجامعي أو أي منشورات علمية أو بيداغوجية أخرى و المثبتة قانونا انجازها بفضل السرقة‬ ‫العلمية سواء أثناء أو بعد مناقشتها أو نشرها أو عرضها للتقييم يعرض صاحبها إلى إبطال‬ ‫المناقشة وسحب اللقب الحائز عليه أو وقف نشر تلك األعمال أو سحبها من النشر قبل أو‬

‫بعد مناقشتها يعرض صاحبها إلى إبطال المناقشة وسحب اللقب الحائز عليه‪.30‬‬ ‫الخاتمة‬

‫شهدت ظاهرة السرقة العلمية انتشا ار واسعا في اآلونة األخيرة‪ ،‬فهي تعتبر من بين‬

‫أهم المشاكل األخالقية المعقدة و المتعددة الوجوه في البيئة الجامعية‪ .‬و يمكن تعريف‬ ‫السرقة العلمية على أنها تحدث عندما يقوم الكاتب متعمداً باستخدام نصوص أو كلمات أو‬ ‫أفكار أو معلومات «ليست عامة» خاصة بشخص آخر دون التعريف به أو ذكر هذا‬ ‫الشخص أو اإلشارة إلى المراجع و مصادر هذه الكلمات أو المعلومات‪ ،‬ناسبها إلى نفسه‪.‬‬ ‫ويتقاسم جميع أفراد الجامعة مسؤولية الحفاظ على المعايير األكاديمية للمؤسسة وسمعتها‬ ‫وهذا ما ّأدى إلى و ازرة التعليم العالي و البحث العلمي إلى تبني قوانين للحد من هذه‬ ‫السرقات و معاقبة كل من ارتكب جريمة في حق الباحث و البحث العلمي ككل‪ .‬و ُي ُّ‬ ‫عد‬ ‫تراجع مستوى التعليم العالي و التصنيف الدولي للجامعة الجزائرية من بين مخلفات السرقات‬ ‫العلمية‪ .‬كما تساهم في قتل روح اإلبداع والتنافس بين الباحثين الجادين‪ ،‬و إصابة اآلخرين‬

‫باليأس أو اإلحباط طالما ظل السارقون دون عقاب‪ ،‬و هذا ما يعمل على القضاء على دور‬ ‫الجامعة ومهمتها في تطوير المجتمع و تقدمه و النهوض به فى ظل أبحاث مسروقة ومكررة‬

‫ال تنتج قيمة إضافية جديدة للمجتمع و ال تطرح فك ار مغاي ار‪ .‬هذا ما دفع بالو ازرة إلى اتخاذ‬ ‫تدابير رادعة و تسليط عقوبات قاسية للحد من الظاهرة‪.‬‬ ‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪250‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫التوصيات‬

‫تتصاعد معضلة السرقة العلمية أو االنتحال في مجال البحث العلمي و األكاديمي‬

‫يوماً بعد يوم و بشكل ملفت لإلنتباه في اآلونة األخيرة‪ ،‬و تعاني منها جميع الدول‪ .‬ما‬ ‫جعل العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم تبحث عن السياسات و األدوات‬

‫للحد من هذه الظاهرة‪ .‬من خالل دراستنا لهذا الموضوع و اإللمام‬ ‫الفعالة ّ‬ ‫و األساليب ّ‬ ‫بحيثياته توصلنا القتراح بعض التوصيات التي نوجزها فيما يلي‪:‬‬ ‫✓ إصدار تشريع قانوني أكثر صرامة يحدد عقوبات الواجب تطبيقها على كل من‬ ‫تسول له نفسه ارتكاب جرائم تمس األمانة العلمية و أخالقيات المهنة‪.‬‬ ‫✓ تبني كل جامعة" ميثاق أخالقيات البحث العلمي"‬

‫✓ أداء كل باحث عند بداية توظيفه (القسم العلمي) يقسم فيه على االلتزام التام‬ ‫بميثاق أخالقيات البحث العلمي‪.‬‬ ‫✓ تشكيل " لجان أخالقيات البحث العلمي" مختلف كليات عبر التراب الوطني‪ ،‬تنبثق‬

‫من مجلس الكلية ‪ ،‬و تكون مهمتها الرئيسية فحص رسائل الماجستير و الدكتوراه‬ ‫و بحوث أعضاء هيئة التدريس من ناحية األمانة العلمية‪.‬‬

‫ار مكتوباً في بداية الرسالة ‪ُ ،‬يؤكد فيه‬ ‫✓ تقديم ُمعد رسالة الماجستير أو الدكتوراه إقر اً‬ ‫أن بحثه كان بالفعل نتيجة مجهوده الشخصي ) تحت إشراف مأطره (‪ ،‬و أنه لم‬ ‫يستخدم أية مكونات بحثية من بحوث الغير ّإال فيما هو مسموح به في حدود‬ ‫االستفادة المشروعة من المراجع العلمية السابق نشرها‪.‬‬

‫✓ توفير برمجيات ذات كفاءة عالية بكل كلية أو مركز بحثي الكتشاف عدم األمانة‬ ‫العلمية (‪.)PLAGIARISM checker‬‬ ‫✓ المعاملة العادلة في قضايا السرقة العلمية لمختلف المنتحلين و مرتكبي جرائم‬ ‫السرقات العلمية و التقليل من المحاباة أو التعاطف معهم بحيث يعاقب جميع من‬

‫سولت له نفسه الرتكاب هذا الفعل بدون استثناء و مهما كانت وظيفته‪ ،‬مركزه‬ ‫و مكانته في المجتمع‪.‬‬ ‫✓ تمرير البحوث على برامج كشف السرقة العلمية و الغش أكثر صرامة و أكثر دقة‬ ‫لمنع االحتيال و االختالس‪.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪251‬‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫✓ تزويد مختلف الجامعات و المعاهد و مراكز البحث و كذا رؤساء تحرير المجالت‬ ‫ألحدث تقنيات و برامج كشف السرقات العلمية‪.‬‬

‫✓ تكوين الطالب في جميع األطوار التعليم (التدرج و ما بعد التدرج و في مدارس‬ ‫الدكتوراه) و تدريبهم من طرف مختصين و ذوي كفاءة و خبرة عالية في كيفية‬

‫إعداد البحوث و الكتابة العلمية للمقاالت و للمذكرات و في كيفية االقتباس‬ ‫الصحيح و األمانة العلمية و احترام أخالقيات البحث العلمي‪.‬‬

‫✓ عدم إجازة البحوث و ال أي أعمال من رسائل دكتوراه و ماجستير دون تمريرها‬ ‫للتحليل باستخدام برامج الكشف عن الغش و االحتيال‪.‬‬ ‫✓ تشكيل لجنة علمية مختصة و مؤهلة لفحص جميع األعمال العلمية األكاديمية‬ ‫للحد من الظاهرة‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬احمد عياد‪ ،2006 ،‬مدخل لمنهجية البحث العلمي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.26 .‬‬ ‫و أيضاً زرفي عائشة‪ ،2015 ،‬البحوث الجامعية بين التطبيق النتائج و نقص التمويل‪ ،‬المؤتمر الدولي التاسع‪،‬‬ ‫مركز جيل للبحث العلمي‪ ،‬الجزائر‪ 18 ،‬و ‪ 19‬أغسطس‪ ،‬ص‪.4 .‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫حفيظي سليمة‪ ،2015 ،‬محاضرات في منهجية و تقنيات البحث‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫بلقاسم دودو‪ ،2014 ،‬طرق وتقنيات البحث العلمي ‪ ،‬المستوى أولى جذع مشترك ‪ ،‬موضوع المحاضرة ‪:‬‬

‫البحث العلمي ‪ ...‬مفهومه‪ ،‬أهميته ‪ ،‬عناصره‪ ،‬أخالقياته‪ ،‬ص‪.1 .‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Maurice Angeres. 1997, Initiation pratique à la Méthodologie des sciences‬‬

‫‪Humaines, Casbah Université . Alger, p. 37.‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪F. Whitney, 1946, Elements of research, New York, p. 18.‬‬ ‫العربي حجام‪ ،2015 ،‬أهمية توثيق المراجع في البحوث العلمية‪ ،‬أعمال الملتقى تمتين أدبيات البحث‬

‫العلمي‪ ،‬ملتقى العلمي المشترك األول مع المكتبة الوطنية الجزائرية‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪ 29 ،‬ديسمبر‪،‬‬ ‫الجزائر‪ ،‬ص‪.45 .‬‬ ‫‪7‬‬

‫علي معمر عبد المؤمن‪ ، 2008 ،‬البحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬الوجيز في األساسيات و المناهج‬

‫و التقنيات‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬منشورات جامعة ‪ 7‬أكتوبر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ص‪.74 .‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Hillway, Tyrus,(1964). " Introduction To Resarch". 2nd ed, Honghton Mifflin‬‬

‫‪company. Boston. p. 5.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪252‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪9‬‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫عمار بوحوش و ذنيبات محمد‪ ،1989 ،‬مناهج البحث العلمي ‪:‬األسس واألساليب ‪ .‬مكتبة المنار عمان‪،‬‬

‫‪.‬ص‪.18-11 .‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫معجم الوسيط‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.40 .‬‬ ‫نسيسة فاطمة الزهراء‪ ،2015 ،‬البحث العلمي و االنترنت بين الواقع و التطبيق‪ 18 ،‬و ‪ 19‬أغسطس‪،‬‬

‫المؤتمر العلمي التاسع‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪ ،‬الجزائر ص‪.3 .‬‬

‫‪12‬‬

‫بوخملة فوزية‪ ،2015 ،‬طرق البحث العلمي و التهميش في البيئة الرقمية‪ ،‬أعمال الملتقى تمتين أدبيات‬

‫البحث العل مي‪ ،‬ملتقى العلمي المشترك األول مع المكتبة الوطنية الجزائرية‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪29 ،‬‬ ‫ديسمبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.114 .‬‬

‫‪13‬‬

‫بلقاسم دودو‪ ،2014 ،‬طرق وتقنيات البحث العلمي ‪ ،‬المستوى أولى جذع مشترك ‪ ،‬موضوع المحاضرة ‪:‬‬

‫البحث العلمي ‪ ...‬مفهومه‪ ،‬أهميته ‪ ،‬عناصره ‪،‬أخالقياته‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫‪14‬‬

‫حيرش نوردين‪ ،2015 ،‬البحث العلمي و مراحله ‪-‬التهيئة القبلية للباحث‪ ،-‬أعمال الملتقى تمتين أدبيات‬

‫البحث العلمي‪ ،‬ملتقى العلمي المشترك األول مع المكتبة الوطنية الجزائرية‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪29 ،‬‬ ‫ديسمبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫‪15‬‬

‫طه عيساني‪ ،2015 ،‬الممارسات األكاديمية الصحيحة و أساليب تجنب السرقة العلمية‪ ،‬أعمال الملتقى‬

‫تمتين أدبيات البحث العلمي‪ ،‬ملتقى العلمي المشترك األول مع المكتبة الوطنية الجزائرية‪ ،‬مركز جيل للبحث‬ ‫العلمي‪ 29 ،‬ديسمبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.139 .‬‬

‫‪16‬‬

‫جامعة الملك سعود‪ ،‬وكالة الجامعة للتطوير والجودة‪ ،‬عمادة تطوير المهارات‪ ،‬سلسلة نصائح في التدريس‬

‫الجامعي (‪ ،)10‬جنب طالبك خطأ الوقوع في السرقة العلمية‪ ،2009 ،‬ص‪.1 .‬‬

‫‪17‬‬

‫هيفاء مشعل الحربي و ميساء النشمي الحربي‪ ،2015 ،‬برمجيات كشف السرقة العلمية ) دراسة وصفيه‬

‫تحليله( ‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانيه‪ ،‬قسم المعلومات و مصادر التعلم‪ ،‬جامعة طيبة‪ ،‬ص‪.9 .‬‬

‫‪18‬‬

‫‪19‬‬

‫هيفاء مشعل الحربي و ميساء النشمي الحربي‪ ،2015 ،‬المرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫عبد هللا بوجرادة‪ ،2016 ،‬أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة‪،‬‬

‫الجزائر‪ ،‬ص‪.21-17 .‬‬

‫‪20‬‬

‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪1434 ،‬هـ‪ ،‬السرقة العلمية‪ :‬ما هي ؟ و كيف أتجنبها‪ ،‬سلسلة دعم‬

‫التعلم و التعليم في الجامعة‪ ،‬و ازرة التعليم العالي‪ ،‬ص‪ 18 .‬و ‪.19‬‬

‫‪21‬‬

‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪1434 ،‬هـ‪ ،‬السرقة العلمية‪ :‬ما هي ؟ و كيف أتجنبها‪ ،‬المرجع سبق‬

‫ذكره‪ ،‬ص‪ 18 .‬و ‪ .19‬و أيضاً بلقاسم دودو‪ ،2014 ،‬المرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫‪22‬‬

‫هيفاء مشعل الحربي و ميساء النشمي الحربي‪ ،2015 ،‬برمجيات كشف السرقة العلمية ) دراسة وصفيه‬

‫تحليله( ‪،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانيه قسم المعلومات ومصادر التعلم‪ ،‬جامعة طيبة‪ ،‬ص‪.14 .‬‬

‫‪23‬‬

‫محمود محمد فهمي‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬عدم األمانة في البحوث العلمية‪ ،‬قسم هندسة الحاسبات والتحكم‬

‫اآللي كلية الهندسة جامعة طنطا‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪253‬‬


‫أ‪ .‬سايح فاطمة‬ ‫‪24‬‬

‫السرقات العلمية و سبل مكافحتها‪...‬‬

‫جامعة الملك سعود‪ ،‬االقتباس العلمي‪ :‬األنواع‪ ،‬الضوابط و الشروط مسودة‪ ،‬الخطة الوطنية للعلوم و التقنية‬

‫و االبتكار‪ ،‬وكالة الجامعة للدراسات العليا و البحث العلمي‪ ،‬ص‪.5 .‬‬

‫‪25‬‬

‫العربي الجديد‪ ،2016 ،‬مساع جزائرية لتأسيس هيئة لمواجهة السرقات العلمية ‪ ،‬تحقيقات‪ ،‬االثنين ‪7‬‬

‫مارس ‪ /‬آذار ‪ 2016‬م ‪ 27‬جمادى األول ‪ 1437‬ه العدد ‪ 553‬السنة الثانية‪ ،‬ص‪.26.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪27‬‬

‫العربي الجديد‪ ،2016 ،‬المرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.26.‬‬ ‫هالة شعت‪ ، 2015 ،‬إشكاليات البحث العلمي بالجامعات العربية‪ ،‬مركز جيل للبحث العلمي‪ ،‬أعمال‬

‫المؤتمر الدولي التاسع‪ ،‬الجزائر يومي ‪ 18‬و ‪ ،19‬ص‪.1 .‬‬ ‫‪28‬‬

‫محمد وأج‪ ،2016 ،‬السرقات العلمية في الجزائر ضئيلة جدا ‪ ،‬نشر المقال في ‪ ،2016-9-19‬على‬

‫االنترنت‪http://www.djazairess.com/elmassa/126484 :‬تم االطالع عليه في ‪،2017-07-23‬‬ ‫على الساعة ‪ 23‬سا و ‪ 58‬دقيقة‬ ‫‪29‬‬

‫العربي الجديد‪ ،2016 ،‬مساع جزائرية لتأسيس هيئة لمواجهة السرقات العلمية ‪ ،‬تحقيقات‪ ،‬االثنين ‪7‬‬

‫مارس ‪ /‬آذار ‪ 2016‬م ‪ 27‬جمادى األول ‪ 1437‬ه العدد ‪ 553‬السنة الثانية‪ ،‬ص‪.26.‬‬ ‫‪30‬‬

‫عبد هللا بوجرادة‪ ،2016 ،‬أخالقيات البحث العلمي والسرقة العلمية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ‪ -‬ورقلة‪،‬‬

‫الجزائر‪ ،‬ص‪.41-40.‬‬

‫سبتمبر‪2017‬‬

‫‪254‬‬


8 – Notes should be appear at the end of the article, using EndNote to insert citations. 9 - The articles sent are not returned to the owners whether published or not published. 10 - Every article that does not meet the conditions is not taken into account and does not publish whatever its scientific value. 11. The editorial board reserves the right to make some formality amendments to the submitted article, if necessary, without prejudice to the subject matter. 12- Articles published in the Journal reflect only the opinions of their authors.

Note: Articles should be sent to the following electronic mail address: Journalof.humansciences@gmail.com For any additional information, please call: 213696525435/ 213772462471


Publishing Rules Journal of Human Sciences,

It is a quarterly scientific

journal with international perspective, dedicated to publishing studies and research in the field of human sciences (humanities and social sciences), that publishes in Arabic, English, French, and Spanish (preferably in English). with the following rules: 1. The article submitted for publication should be authentic and not sent for publication in any other Journal. 2 - The article should be within 20 pages including the list of references, tables, forms and pictures. 3. The article is written in the Microsoft Word program in the RTF format, and the author follows the scientific assets that are common in the preparation and writing of research, especially with respect to the verification of sources of information. 5- The first paper includes the full title of the article and a translation of the title of the article in English ( If the article in English the translation of the title of the article must be in Arabic) It also includes the researcher's name, scientific rank, institution, telephone, fax, email and two abstracts, within 200 words of the two abstracts together, The first abstract in the language of the article and the second in the Arabic language. 6- The English French or Spanish scientific text is written in Times New Roman font, measured 12., with 21 points between the lines, the main title is Times New Roman font 14 Gras, the sub-titles Times New Roman font 12 Gras. 7 - Margins of page: 02 cm for all sides of the paper head 1.5 cm, down the paper 1.25 cm, the size of the paper is dedicated (23.5x 16).


Honorary Director of the Journal Pr. Dr. Abdelhamid Touhami Director of the University Center

Honorary Editor of the Journal Dr. Fardi Hammad Vice Director in Charge of Scientific Research

Director of the Journal

Dr. Mourad Benharzallah Director of the Institute of Economics, Management, and Commercial Sciences

Editor Pr. Mounir Kattel

Editorial Board Dr Andellah Hamadinna Dr Mouhamed Boudali Pr Nourdine Manouni

Dr Fatima yahyaoui Dr Malika Jamaa

Pr Belhadj Belkhir

Pr Mahmoud Kriffar


ISSN: 2571-9807

Journal of Human Sciences International Academic Journal Quarterly Court issued by

University center of Tindouf- Algeria

N° 02 September 2017



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.