الصبابات

‫صبــــــــــــــــابــــــات‬ ‫ال ـ‬ ‫كرم الضيافة وتعاضد النساء‬ ‫كتابة إلهام الدوسري | تحرير رضوان عقل‬

‫التعريف‪ :‬ما هي مهنة الصببابة؟‬ ‫"الصببابات" مصطلح دارج في السعودية ومنطقة الخليج يشــير إلـى النسـاء العـاملت فــي مجـال الضــيافة ممـن‬ ‫يقمن بإعداد وصب وتقديم القهوة العربية والشاي والحلويات وغيرها‪ .‬يتم التعاقد معهن لتقــديم خــدمات الضــيافة‬ ‫لمختلف المناسبات الجتماعية النسائية وبالخص حفلت العراس‪ .‬ويشمل التعريف كذلك الصبابات العــاملت‬ ‫في المنازل والقصور الخاصة‪.‬‬ ‫في التصنيف السعودي للمهن‪ ،1‬يندرج كل من الصبابات والصبابين تحت المسمى المهني "قهــوجي" والمعــبرف‬ ‫كالتالي‪" :‬القيام بإعداد المشروبات كالقهوة والشاي والكاكاو والقهوة العربية وغيرها مما يطلبه الزبائن‪".‬‬ ‫بينما يتم تداول المسميين "صبابة" و"قهوجية" بين أفراد المجتمع ومجتمع الصبابات كمرادفين لبعضــهما بشــكل‬ ‫عــام‪ ،‬إل أن هنــاك بعــض الختلفــات الدقيقــة فــي المهــام الموكلــة لكــل مســمى‪ ،‬تــبرز كلمــا ازداد حجــم فريــق‬ ‫الصبابات كما سيتم التطرق له‪.‬‬

‫محور تركيز الورقة البحثية المدعمة بالصور‬ ‫ترتكز هذه الورقة على الخلفية والعوامل الجتماعية والقتصادية التي نشأت منهــا وتطــورت مـن خللهــا مهنــة‬ ‫الصبابات‪.‬‬ ‫لغراض هذا البحث‪ ،‬سيكون تركيزي على الصبابات السعوديات في المناسبات الجتماعية )والمشار لهن فيمــا‬ ‫‪2‬‬ ‫بعد "بصبابات المناسبات" أو "الصبابات"( في مدينة الرياض بالتحديــد‪ ،‬والمقامــة فــي المنــازل والســتراحات‬ ‫الخاصة والتجارية وقاعات الفراح إلخ‪.‬‬ ‫اعتمد البحث على إعداد وجمع عدد من المقابلت الهاتفية والشخصية مع صبابات سعوديات من أجيال مختلفة‪،‬‬ ‫تتراوح خبراتهن المهنية بين ‪ ٦‬سنوات وحوالي ‪ ٤٠‬سنة‪ ،‬وأي ض‬ ‫ضا الطاقم الداري أو الفني‪.‬‬ ‫من الجدير توضيح أن اقتصار البحث على الصبابات النساء ل يعني أن المهنــة حكــرر علــى النســاء‪ ،‬بــل ييعــرف‬ ‫الرجال أيضا بإعداد وصب القهوة في المناسبات الرجالية‪ .‬إنما أخص النســاء بــالبحث لثــراء المحتــوى البحــثي‬ ‫والفني المعني بتاريخ وشؤون وقصص النساء في السعودية‪.‬‬ ‫‪ 1‬الموقع اللكتروني للهيئة العامة للحصاء في السعودية‬ ‫‪ 2‬الستراحات أو "الستراحة" في السعودية هي عقار مملوك أو مستأجر‪ ،‬وتعرف أيضا بالشاليه أو المنتجع‬ ‫‪1‬‬

‫مقدمة‬ ‫اللتفاف الدقيق للبخنق‪ 3‬حول عنقها ورأسها وكعكة شعرها‪،‬‬ ‫تسترسل خفة سواده بسخاء حتى محزمها‬ ‫فيعانق نحرها المكشوف المحلى بالذهب ول يخفيه‪،‬‬ ‫متوشحا عضدها اليسر يتهبدل‪،‬‬ ‫حتى يرريتب ساعدها كلما توقفت لتصب فنجان آخر‬ ‫ترفع كوعها وتميل الدلة‬ ‫ينهمر سيرل من القهوة ذهبري‪،‬‬ ‫في فنجان تمده يمناها مع ربنة يقبلة الدلة‬ ‫يأمسك الفنجان وألتقي بعينيها‬ ‫يؤطرهما جانبي مفرق شعرها‬ ‫اليمممبلس بعناية‪.‬‬ ‫تلك العناية‬ ‫الموجودة في كل جزء آخر من وجود الصبابة‪.‬‬ ‫ه بن مثل فيلم صامت‪ ،‬مهيب وغير منطوق‪ .‬فقدرتهن على نقل فلسفتهن المهنيـة والشخصــية دون نطـق كلمــة واحـدة مــع‬ ‫الضيوف أمرر يهاب ويق بدر في نظري‪ .‬لقد تعددت المرات التي ظللت أرقب فيها مظهر وحركــة الصــبابات فــي مناســبات‬ ‫الزواج في صغري‪ .‬وكنت ول زلت أفقد انتباهي أثناء زفة العروس‪ ،‬لكن يتجلى جله عند إقبال صبابة‪.‬‬ ‫وبعد أن بدأت بحثي هذا بعد ما يزيد عن عشرين عاضما من رؤية أول صبابة‪ ،‬أدركت أن الغموض المحيط بهن يعود إلى‬ ‫فقدان عنصر التواصل النساني نتيجة للفجوة الجتماعية والقتصادية وندرة البحاث حولهن‪ .‬فعزمت علــى البحــث فــي‬ ‫العوامل الجتماعية والقتصادية لحياة الصـبابة‪ ،‬لتشـكيل فه م مب دئي‪ ،‬إل أن حـديث الصـبابات وتعـاملهن رسـما مفهـوم‬ ‫أعمق لماهية الصبابة‪.‬‬ ‫أجج اهتمامي الشخصي الطويل بموضوع الصبابات حديثي مع الفنانة والقبيمة الفنيــة تــارا الــدغيثر ومشــروعها "صــوت‬ ‫الصورة" التوثيقي للرث النسائي السعودي‪ ،‬وبالخص الصوات الغنائية‪ .‬بدأ ي‬ ‫ت بحثي بعد إعلنها لقامة فنية من خلل‬ ‫تعاونها مع "فن جميل"‪ .‬امتناني وشكري لتارا على دعمها المتفاني وشغفها الملهم‪ ،‬وأخص بالشكر الربيســات أم فهــد وأم‬ ‫حسان وكافة الصـبابات علـى تجـاوبهن ومشـاركتهن جمـال أرواحهــن وعظيـم تج اربهن معــي‪ .‬وجزيـل امتنـاني للهـل‬ ‫والصدقاء الداعمين قلضبا وقال ضبا‪ ،‬مع شكر خاص للمخرجة والمصورة الحائزة على جوائز هنـد الفهــاد علــى دعمهــا أثنــاء‬ ‫وبعد جلسة التصوير‪.‬‬ ‫من الجدير التنويه بنقطتين‪ :‬أو ضل أن تاريــخ الصــبابات هــو موضــوع شـحيح التوثيـق فــي المصــادر والمراجـع‪ .‬فلــم أجــد‬ ‫مصدضرا واح ضدا عن تاريخهن في المكتبات المحلية‪ .‬ولذلك فإن ما جاء فـي البحـث هـو سـرد وتحليـل للمنقـول عـن ذاكـرة‬ ‫الصبابات وتجاربهن الشخصية في المهنة‪ ،‬وبعض المواد التسويقية لهن فــي المنتــديات والمواقــع اللكترونيــة وحســابات‬ ‫منصات التواصل الجتماعي‪ .‬ثانضيا‪ ،‬أن صور الصبابات الداعمة لهذا البحث هي تمثيل واقعــي مــن ققمبــل صـبابات إحــدى‬ ‫مؤسسات الضيافة السعودية لمظهر الصبابة اليــوم وبعــض جــوانب مهنتهــا‪ ،‬فيمــا عــدا لبــس الـبرقع‪ .‬فل تخفــي الصــبابة‬ ‫وجهها أو تلبس البرقع عادة في المناسبات النسائية إل فــي بعـض المنــاطق والحـالت النـادرة وفضقــا للعـادات الجتماعيــة‬ ‫المحلية‪ ،‬إحداها جلسة التصوير هذه‪.‬‬ ‫‪ 3‬البخنق هو قماش أسود خفيف مخرم تلبسه النساء في منطقة الخليج حول رؤوسهن‪ ،‬ويعرف أيضا بالمخنق أو الشيلة أو المنيخل وغيرهم‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫صبابات المناسبات‪ :‬أصل المهنة في المجتمع وتحبولها‬ ‫أصل المهنة‬ ‫تستطيع صبابات اليوم تتبع بدايات ظهور الصبابات والقهوجيات في الرياض إلى قصور الشيوخ والمــراء فــي‬ ‫منتصف القرن العشرين تقريضبا منذ عهد الملك عبد العزيز ‪ -‬رحمه ا‪ ،‬حيث كبن جزضءا من طاقم القصــر الــدائم‪،‬‬ ‫لهبن ملحق خاص به بن ضمن ملكية القصر للسكن مع أزواجهن العاملين فيه وأبنائهم‪ .‬وقمن على أعمال الضيافة‬ ‫داخل القصور‪ ،‬واستمرين فيها كمهنة بعد تحرير الملك فيصل ‪-‬رحمه ا‪ -‬للرق‪.‬‬ ‫يصعب الوصول من خلل الصبابات في المقابلت إلى معلومات أو بيانــات تواصــل للصــبابات الوائـل اللتــي‬ ‫عملن في القصور أو بناتهن‪ .‬ويعيدون سـبب تحفظهـن الملمـوس إلـى انقطـاع التواصـل معهـن لسـنوات طويلـة‬ ‫ولكبر سنهن واحتمالية عدم رغبتهن في الحديث مع باحثة أو عن الماضي‪ .‬وأتمنى أن يكون ذلــك دافعــا ض لغيــري‬ ‫لجراء المزيد من البحاث في أصول المهنة لهميتها الجتماعية والقتصادية والثقافية‪.‬‬ ‫وقمن تلك الجيال الولى من الصبابات ممن دبربمن صبابات المناســبات اليــوم‪ .‬فكــانت تســتعين "الصــبابة الم" أو‬ ‫"أمهات المهنة" بنساء من محيطها وبنات معارفها‪ ،‬ممن يرغبن في العمل والحصول على مصدر دخــل يــومي‪.‬‬ ‫فتعمل على تدريبهن على أصول ومبادئ الضيافة وإعداد وتقديم وصب القهوة العربية المتعارف والمتفق عليهــا‬ ‫محلضيا وتاريخضيا عند البدو قديضما‪ ،‬والــتي ل زالــت يتنقــل ويتتــداول بينهــن شــفهضيا حــتى اليــوم‪ ،‬حــتى فــي مؤسســات‬ ‫الضيافة التي يتعنى بتدريبهن‪.‬‬ ‫إن تسميتي لهن "أمهات المهنة" نابعة من مستوى مــا يحملنــه صــبابات اليــوم مــن إجلل وتقــدير كــبيرين لهــن‪،‬‬ ‫ولتمييزهــن عــن "الربيســات" جمــع "ربيســة"‪ ،‬وهــي الصــبابة المــديرة ذات الخــبرة الطويلــة والشــهرة بيــن بقيــة‬ ‫الصبابات في إدارة الضيافة في المناسبات‪ .‬حيث تتكرر أسماء أمهات المهنة بإجلل وفخــر مــن ققمبــل الصــبابات‬ ‫في المقابلت‪ ،‬وبالخص بين الجيال الكبر مـن صــبابات المناسـبات‪ .‬وم ن صـور هـذا الجلل‪ ،‬فـإن الربيسـة‬ ‫رحمة محمد فلتة )أم حبسان( وهي قهوجية وصبابة سـابقة لهـا ‪ ٢٠‬سـنة خـبرة فــي مهنـة صـب القهـوة‪ ،‬هادئـة‬ ‫الكلم وكبيرة الحلم‪ ،‬أسست شركة ضيافة سعودية ترأسها اليوم يتعنى بتدريب وتوظيف الصبابات تقول‪" :‬مــن‬ ‫درجة الحترام والمحبة أن نخاطبهن أو نشير إليهن بقولنا )أمي يربمانة( و)أمي مريم(‪."4‬‬ ‫وبالرغم من عدم توصلي لتأريخ واضح لسنوات عمل هؤلء الصبابات الوائـل‪ ،‬لكـن الربيسـة موضـي سـعدون‬ ‫سالم السعدون )أم فهد(‪ ،‬وهي قهوجية وصبابة تحمل المكان بحيوية روحها وتهليلها وترحيبها الحار بالضيوف‪،‬‬ ‫ومن أوائل صبابات المناسبات وأطولهن خبرة اليوم )‪ ٤٠‬سنة خبرة( وأعلهن صيتا‪ ،‬حــتى وصــل صــيتها إلــى‬ ‫دول الخليج‪ ،‬تشير إلى أنه‪" ،‬كانت بداياتي مع بداية افتتاح فندق النتركونتيننتال‪ 5‬في حي الملز في الرياض مــع‬ ‫أم محمد العصفور وأم فهد التويم وأم ناصر المرزوق وهي دوســرية الصــل‪ .‬نســاء كــبيرات فــي الســن ســعدمن‬ ‫بوجودي معهن كامرأة نشــيطة فـي عـز شـبابها أحمـل عنه ن ســطول المـاء حـتى أسـطح المنـازل المقامـة فيهـا‬ ‫العراس ليعبئن أباريق الشاي والقهوة وغيرها من المهام الكثيرة"‪.‬‬

‫‪ 4‬بعض أسماء الصبابات الوائل في الرياض اللتي انقطع تواصل صبابات اليوم معهن‪.‬‬ ‫‪ 5‬تم افتتاح فندق النتركونتيننتال الرياض في حي الملز في السبعينيات الميلدية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫وتذكر أم حسان أنه كانت لدى الصبابات الوائل حرية الـدخول والخــروج مـن وإلـى القصــر لقضـاء حـوائجهن‬ ‫وممارسة حياتهن‪ ،‬وكبن يغتنمن الفرصة للخروج إلى المناسبات الجتماعية وتقديم القهوة فيها عند التعاقد معهــن‬ ‫للحصول على مصدر دخل إضافي‪ .‬ومن هنا بدأت رحلة الصبابات في العمل الحر‪.‬‬

‫تحول المهنة‬ ‫هناك شــكلن مختلفــان لتحــول مهنــة الصــبابات‪ .‬الول هــو التحــول مــن العمــل فــي القصــور الخاصــة للشــيوخ‬ ‫والمراء إلى العمل الحر في المناسبات الجتماعية المختلفة‪ .‬والثاني هــو التحــول مــن العمــل الحــر إلــى العمــل‬ ‫المؤسسي‪.‬‬ ‫من القصور الخاصة إلى نسيج المجتمع‬ ‫تقريضبا فــي الفــترة الزمنيــة الواقعــة بيــن الثمانينيــات والتســعينيات الميلديــة‪ ،‬فــي العقــد التــالي لطفــرة النفــط فــي‬ ‫السعودية‪ ،‬توسع الطلب على خدمات الصبابات من القصور الخاصة إلى فئات المجتمع مرتفعة الــدخل ومــن ثــم‬ ‫المتوسطة والمنخفضة مع ظهور قاعات الفــراح فــي الريــاض‪ .‬وبينمــا تــذكر العوائــل الســعودية حــول المملكــة‬ ‫تعاقدها مع الصــبابات والقهوجيــات فــي الزواجــات المقامــة فــي المنــازل منــذ الســبعينيات وقبــل انتشــار قاعــات‬ ‫الفراح‪ ،‬إل أن تنظيمهن وعددهن اختلف جذرضيا في العقدين التاليين‪.‬‬ ‫وتزامن ازدياد الطلب على صبابات المناسبات مع استقرار الكثير من العوائل السعودية في تلك الفترة في المدن‬ ‫الكبيرة مثل الرياض‪ ،‬بعــد انتقــالهم مــن القــرى والمحافظــات حيــث المجتمعــات الصــغيرة والمتقاربــة‪ .‬فاتســعت‬ ‫الدوائر الجتماعية‪ ،‬مما وبلد حاجة جديدة متمثلة في خدمة الضــيافة فــي المناســبات الجتماعيــة المختلفــة لبنــاء‬ ‫وأحفاد الديرة المتمدنين‪ ،‬والمتمثلة هنا في الصبابات‪ ،‬إشباضعا للصول والكماليات؛ ووفــاضء للماضــي وتكيــف مــع‬ ‫الحاضر‪ .‬وكان يحرك هذه الحاجة أمران‪ ،‬يعررف الكرم والنزعة للتمدن‪ ،‬وسيتم التطــرق لهمــا فــي فقــرة مســتقلة‬ ‫فيما بعد‪.‬‬ ‫كانت أبرز هذه المناسبات هي الزواجات المقامة في قاعات الفــراح‪ .6‬وتشــمل المناســبات الجتماعيــة الخــرى‬ ‫التي تحضرها الصبابات على سبيل الذكر ل الحصر‪ ،‬المحافل الجتماعية في مقار العمل‪ ،‬ومناســبات الخطوبــة‬ ‫والقمرلكة والتخرج والحفلت النسائية المعروفة "بحفلت الطق" والجتماعات العائلية الكبيرة ومناســبات الــولدة‬ ‫ومناسبات العزاء‪.‬‬ ‫إن التوسع في مهنة الصــبابات مـن القصـور الخاصـة إلــى بقيـة أفــراد المجتمـع بمختلــف مســتوياته القتصـادية‬ ‫ولمختلف المناسبات الجتماعية المتزايدة كضما وكيضفا‪ ،‬دعا الصبابات الوائل إلى خلق تنظيم إداري ضــمن العمــل‬ ‫الحر‪ .‬وشبكل هذا التنظيم أساضسا جيضدا وانتقاضل سلضسا إلى الشكل المؤسسي للصـبابات‪ .‬حيـث تـم تنظيـم مجموعـات‬ ‫الصــبابات بشــكل يضــمن حســن إدارة الخدمــة المقدمــة ومــا يتبعهــا مــن إدارة المــوارد والعلقــات‪ ،‬ويضــمن‬ ‫استقلليتهن المالية عن شركات الضيافة التجارية المنافسة لهن‪.‬‬

‫‪ 6‬وكانت تسمى قصور أو صالت‪ .‬مثل قصر شبرا وقصر الجرادية وصالة السويدي منذ الثمانينيات في الرياض‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫من العمل الحر إلى المؤسسي‬ ‫استمرت الصبابات يعملن لما يقارب ثلثة عقود بشكل حر ومستقل‪ ،‬حتى بدايات اللفيــة الثالثــة وبــالخص فــي‬ ‫العقد الثاني‪ ،‬حيث بدأن بتغيير شكلهن القانوني إلى كيان تجاري وإنشاء مؤسســات ضــيافة يــديرونها بأنفســهن‪.7‬‬ ‫وأصبغن منافستهن لشركات الضيافة التجارية الموجودة آنذاك صبغضة أكثر رسمية‪.‬‬ ‫تعددت أسباب التحول من العمل الحر إلى الكيان المؤسسي‪ ،‬بين إشباعع لطموح ذاتي أو هدف مهنــي للصــبابات‪،‬‬ ‫وضمان حقوقهن بالشكل القانوني‪.‬‬ ‫تقول أم حسان‪" ،‬في بداياتي كصبابة‪ ،‬كنت أنظر إلى محلت الــزل الــتي تكتــب أرقــام الصــبابات علــى لوحاتهــا‬ ‫كنوع من التسويق لهن قبل حوالي عشرين عاضما‪ ،‬وكنت أفكر‪ ،‬ما الذي يمنعني أن أملك محضل للصبابات بلــوحته‬ ‫الخاصة؟" وعملت أم حسان حتى أنشأت مؤسستها الخاصة "المناسبة الرائعة" قبل ‪ ٨‬سنوات‪.‬‬ ‫وتضيف‪" ،‬من أهم أسباب سعيي وراء تحويل عملي الحر كربيسة صبابات إلى إدارة مؤسسة ضيافة أملكها‪ ،‬إلى‬ ‫جانب هدفي الشخصي‪ ،‬كان الحاجة إلى ضمان حقي النظامي في التعاملت المالية مــع العميلت وحفــظ حقــوق‬ ‫المواد التسويقية الخاصة بي‪ ،‬حيث تقــوم بعــض شــركات الــديكور بتصــوير خــدمات الضــيافة الخاصــة بنــا فــي‬ ‫المناسبة التي نحضرها سوية وتعرضـها ضـمن خـدماتها هـي علـى غيـر وجـه حــق‪ .‬بالضــافة إلـى أن قاعـات‬ ‫الفراح تفضل التعاقد مع مؤسسة لها سجل تجاري على التنظيم الحر للصبابات‪".‬‬ ‫وبينما كانت الصبابات الوائل في الرياض سعوديات‪ ،‬فهن يواجهن اليــوم ومنــذ الثمانينيــات تقريبــا منافســة مــن‬ ‫العمالة الجنبية‪ ،‬متمثلة في الشكل القانوني لشــركات الضـيافة التجاريــة‪ .‬ممـا يشـكل منافسـة مضــاعفة‪ :‬منافسـة‬ ‫شركة للعمل الحر‪ ،‬ومنافسة موارد بشرية أقل تكلفة تتميز عن صبابات العمل الحر السعوديات أنها تحت ســقف‬ ‫شركات ضيافة منظمة لها حضورها في السوق‪ .‬وهذا الحضور في بعض الحيان يصل إلى حد الحتكار‪ .‬حتى‬ ‫يعرفت عدد من القاعات بعينها أنهــا للصــبابة أم فلن أو غيرهــا مــن الصــبابات أفريقيــات الصــل )تحــت إدارة‬ ‫شركة الضيافة(‪.‬‬

‫‪ 7‬من أشهر مؤسسات الضيافة اليوم التي تملكها صبابات سابقات سعوديات في الرياض‪ :‬المناسبة الرائعة‪ ،‬سمراء الجزيرة‪ ،‬وأصول الضيافة‬

‫‪5‬‬

‫نظرة في خلفية حياة الصبابة‬ ‫الخلفية الثنية والتاريخية‬ ‫رجحت الصبابات أن المهنة بدأت بالشكل الكبر بالصبابات سعوديات الجنسية أو المنشأ العاملت في القصور‬ ‫الخاصة بالشيوخ والمراء منذ عهد الملك عبد العزيز‪ .‬ومـن ثـم توســعن للعمـل خارجهــا فــي نهايـة الســبعينيات‬ ‫وازداد عددهن بعد ظهور قاعات الفراح في الثمانينيات الميلدية‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫ويرجحــن أم فهــد وأم حســان‪ ،‬أن أكــثر مــن ثلــثي الصــبابات فــي الفــترة مــا بيــن الثمانينيــات والتســعينيات كــبن‬ ‫سعوديات‪ .‬ويذكرن أن من أهم المناطق التي يعدن إليها هي محافظات تابعــة للريــاض‪ ،‬مثــل الحريــق والحوطــة‬ ‫ووادي الدواسر‪ ،‬أو خارج الرياض مثل بيشة‪ .‬ويليهن بعض الصــبابات مــن أصــول أفريقيــة )أثيوبيــا‪ ،‬نيجيريــا‪،‬‬ ‫الصومال‪ ،‬تكرور( ممن حصل بعضهن على الجنسية السعودية‪.‬‬ ‫بينما يتفوق اليوم عدد الصــبابات مــن العمالــة الخارجيــة مــن الجنســيات الفريقيــة والفلبينيــة اللتــي يقمــن علــى‬ ‫الضيافة بفعل تفوق عدد وحجم شركات الضيافة التجارية التي ظهرت منذ أواخر السبعينيات الميلدية‪.‬‬ ‫الخلفية القتصادية‬ ‫لم يكن مستنكرا أن تقوم الصبابة بشكل رئيسي بتوفير دخل السرة‪ .‬فكانت أم فهــد مثل هــي المصــدر الساســي‬ ‫والوحيد في توفير دخل لسرتها‪ ،‬وتقول "كنت أنا الم والب"‪ .‬كما كانت مسؤولة ماديا عن بعض أفراد العائلــة‬ ‫الممتدة‪.‬‬ ‫تتنوع حالت الصبابات القتصادية‪ .‬فتتراوح ما بين مستفيدات من الضمان الجتمــاعي‪ ،‬ومــا بيــن أقليــة أصــبح‬ ‫لديها وظيفة مكتبية في النهار‪ ،‬واستمرت تعمل كصبابة في المساء ولضء وحضبا في المهنة وش وضقا لزميلتهـا‪ .‬كمـا‬ ‫تتغير حالة إحداهن القتصادية بسبب مهنتها فتصل إلى امتلك منزل وتأســيس عملهــا الخــاص وتــأمين مســتقبل‬ ‫أبنائها‪ ،‬كما هو الحال لم فهد التي أن كانت تحرم نفسها من وجبة شاورما تتمناها لتستطيع أن تؤبمن مستلزمات‬ ‫نظافة لرضيعها فل تجد‪.‬‬ ‫تسكن غالبية الصبابات في منازل مستأجرة في أحياء الرياض الشعبية‪ .‬تقول أم حسان‪" ،‬إن الربيسات هن اللتي‬ ‫ربما يستطعن امتلك منازل‪ ،‬أما الصبابة التي تعمل بشكل أسبوعي في عطلت نهاية السبوع فقط يتعذر عليها‬ ‫ف لشراء منزل‪ ".‬وتأكيضدا على كلم أم حسان حول امتلك الريسات للمنازل رغــم صــعوبة ذلــك‪،‬‬ ‫ادخار مبلغ كا ع‬ ‫تقول الربيسة أم فهد‪" ،‬حين اشتريت أول منزل طين لي في أحد الحياء الشعبية كان لي بمثابة قصر"‪.‬‬ ‫إلى جانب امتهان الصبابة لكثر من عمل إضافي في الكثير من الحيان‪ ،‬كأن تكون بائعة في المحلت التجارية‬ ‫أو عاملة في مدرسة أو جامعة أو جهة عمل نسائية‪ ،‬فإن الصبابة تكسب أجضرا بمعدل ‪ ٢٥٠‬ر‪/‬لاي الليلة تقريبا في‬ ‫المناسبات الجتماعية‪ .‬حيث يبدأ الجر تقريضبا من ‪ ١٥٠‬ر في المناسبات المتواضــعة ويصــل إلــى ‪ ٥٠٠‬رــ‬ ‫في المناسبات الفاخرة‪ ،‬علوة على الكرامية التي قد تصل إلى مبلغ الخدمة ذاتها‪.‬‬

‫‪ 8‬غالبية الصبابات سعوديات المنشأ هن من الجنسية الثيوبية بالتحديد‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫الحالة الجتماعية‬ ‫ترجح الصبابات أن غالبيتهن كبن متزوجات في بدايات المهنة‪ ،‬ويليهن بعض المطلقات والرامل‪ .‬وفــي الحقيقــة‬ ‫يصعب على الصبابات التي قابلتهن تذكر وجود غير المتزوجات من العزباوات بينهن لكنهن ل ينفين ذلــك‪ .‬أمــا‬ ‫اليوم فقد زاد عدد غير المتزوجات بشكل كبير‪ .‬ربما تعود بعض أسباب ذلك إلى تروي النساء في الزواج اليــوم‬ ‫عموما لسباب اجتماعية وتعليمية ومهنية‪.‬‬ ‫ويتراوح الدعم الفعلي للزواج بين غالبية من يساند زوجته معنويا وماديا فيتولى مسؤولية مواصلت الصبابات‬ ‫من وإلى المناسبة وحمل ونقل المعدات‪ ،‬وبين أقلية من يكون عالة عليها معنويا وماديا فتصــل إلــى الطلق منــه‬ ‫والزواج بغيره واشتراط تقديم الدعم‪ .‬وكان شرط تقديم الدعم دللة علــى صــعوبة مهنــة وحيــاة الصــبابة بــدونه‪،‬‬ ‫حيث شكلت مصدر رزق أبنائها‪.‬‬ ‫تربية وتعليم البناء‬ ‫اضطررن بعض الصبابات في بدايات المهنة إلى اتخــاذ القــرار الصــعب لــترك أبنــائهن فــي رعايــة الغيــر عنــد‬ ‫خروجهن للعمل‪ .‬ولم يكن خيار ترك المهنة ممكضنا‪ ،‬فل دخمل آخمر للصبابة ول زوضجا قائضما بمهامه‪ .‬تقول أم فهــد‪،‬‬ ‫"من أصعب المور الــتي واجهتنــى فــي بــدايات الصــب كــانت مســؤولية أبنــائي‪ .‬أعــود بعــد يــوم طويــل وشــاق‬ ‫لستلمهم من أسرة أخرى ل تتردد أن تسمعني تذمرها أو نقضدا لم أطلبه ول أستفيد منه‪ ،‬لكني كنت مجبرة علــى‬ ‫تركهم لكسب عيشي وأؤمن حياة كريمة لهم"‪.‬‬ ‫كما عمدت بعض الصبابات في الماضي لحضار ابن )أو ابنة( في سـنواته الولـى إلـى المناســبة متسـلضل تحـت‬ ‫عباءتها‪ ،‬مروضرا بحارس قاعة الفراح التي تمنــع اصــطحاب الطفــال‪ .‬تبقيــه فــي المطبــخ حولهــا وأمــام عينيهــا‬ ‫وبعيضدا عن أنظار صاحبة المناسبة خشية أن تخرجه‪ .‬إل أن غالبية العائلت كانت ترحب بــابن أو ابنــة الصــبابة‬ ‫وتضمهم إلى بقية أطفالهم في غرفة مخصصة لهم‪.‬‬ ‫تولي الصبابات حر ض‬ ‫صا عالضيا على التفوق الدراسي لبنائهن وبناتهن‪ .‬فهن يحرصن على تأمين حيــاة أفضــل لهــم‬ ‫ل تضطرهم إلــى العمــل فــي مجــال خــدمي بــأجر متــدني‪ .‬ولضــمان تحصــيلهم أعلــى الــدرجات وزيــادة فــرص‬ ‫الحصول على وظيفة مســتقرة ذات أجــر عــالي وثــابت‪ ،‬يمارســن بعــض الضــغط عليهــم فــي الدراســة‪ ،‬ويعملــن‬ ‫ويدخرن من أجل تعليمهم‪ .‬تذكر أم فهد بفخر كبير‪" ،‬الحمد لــ تخــرج أبنــائي مـن الكليــة ويعملــون فــي وظــائف‬ ‫رسمية"‪ .‬وعرف عن قلــة مــن الصــبابات إرســال أبنــائهن وبنــاتهن للدراســة ضــمن برامــج البتعــاث الخارجيــة‬ ‫ودعمهم مادضيا‪.‬‬ ‫الخلفية التعليمية‬ ‫الكثير من الصبابات الوائل أو الكبر سضنا اليوم أميات‪ ،‬وبعضهن تخرجن من تعليم الكــبيرات ‪ .‬بينمــا الشــريحة‬ ‫الكبر اليوم هن متعلمات ومتخرجات من الثانوية‪ .‬ومـا أن تحصـل علـى الشـهادة الجامعيـة حـتى تعـتزل صـب‬ ‫القهوة وتبدأ ممارسة مهنة في تخصصها‪ .‬وإن كان الساس عند الصبابات الوائل الفخر بمهنتهن‪ ،‬فإن صبابات‬ ‫اليوم الشابات في المرحلة الثانوية أو الجامعية يتحرجن في بداياتهن من احتمالية رؤية زميلــة دراســة أو معلمــة‬ ‫لها في المناسبة أثناء قيامها بالضيافة‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ 9‬تعليم الكبيرات أحد أقسام الشؤون التعليمية في وزارة التعليم بنات ييعنى بتعليم الكبيرات‪ .‬المصدر‪ :‬موقع وزارة التعليم اللكتروني‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫الصبابات وقطاع العمال‬ ‫فيما يلي قراءة في مهنة الصبابات‪ ،‬من ثبات المبادئ التي ترتكز عليها المهنة حتى اليوم‪ ،‬إلى اختلف الشــرائح‬ ‫المستهدفة والهيكل التنظيمي والشكل القانوني والتسويق والدارة المالية عبر السنوات‪.‬‬ ‫المبادئ‬ ‫ارتكزت مهنة الصبابات منذ أيام أمهات المهنــة علــى مبــادئ خاصـة تــم تناقلهــا عـبر تحـول المهنـة‪ ،‬ول زالــت‬ ‫الصبابات السعوديات يتمسكن بها إلى اليوم‪ .‬تم استخلص هذه المبادئ ضمنيا من حديث الصبابات الســعوديات‬ ‫وممارســاتهن المهنيــة بــاختلف أجيــالهن ومراكزهــن‪ ،‬حيــث ســاهمت هــذه المبــادئ فــي تمييــز خدمــة وضــيافة‬ ‫الصبابات السعوديات عن غيرهن من الصبابات وشركات الضيافة التجارية بأصالة الضيافة العربية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ مبدأ العتزاز بإعداد وتقديم القهوة العربية والضيافة للحضور‪ .‬تتشارك جميع الصبابات السعوديات في‬‫المقابلت في شعورهن بالفخر والسعادة بدخولهن المجالس والقيام على خدمة الضيوف‪.‬‬ ‫ مبدأ اليثار‪ ،‬حيث تؤثر الصبابة راحة صاحبة المنزل على راحتها فل تتهاون في عملها‪.‬‬‫ مبدأ الحضور والهيبة‪ ،‬تتميز الصبابات السعوديات برزانة مدروســة فــي حضــورهن‪ ،‬فتكــون حركتهــن‬‫خفيفة ووقفتهن متيقظة‪ ،‬يتخذن مكاضنا ل يعترض طريق الضيوف ويسهل عليهن مراقبــة ســير الضــيافة‪.‬‬ ‫ت لبينات الكلم إذا يسئلن‪.‬‬ ‫بشوشا ع‬ ‫ مبدأ الحتفاء بالضيوف والقيام على راحتهم وضيافتهم‪ .‬فتعمد الصبابات ل سيما الكبيرات ذوات الخبرة‬‫الطويلة منهن إلى القيام بمقام صاحبة البيت أو المناسبة فــي اســتقبال الضــيوف والـترحيب بهـن ترحيضبــا‬ ‫حاضرا مع سيعل من "الزغاريد" أو "الغطاريف"‪ ،‬وتشجيع الحضور عند رقصــهن‪ ،‬والــترحيب بهــن علــى‬ ‫وجبة العشاء‪.‬‬ ‫وعن الحتفاء تقول أم فهــد‪ ،‬وهــي مــن الصــبابات المبــادرات الــتي عرفــت بحيويتهــا اليمرعديــة وترحيبهــا المفعــم‬ ‫بالفرحــة‪" ،‬إن ابتهــاج الضــيوف مــن ابتهــاجي‪ .‬ل يكفينــي أن أقــدم القهــوة فقــط‪ ،‬ول أحــد يطلــب منــي التهليــل‬ ‫والترحيب‪ ،‬لكني أعلم وأرى أثر ذلك في نفوس الحضور فأحب أن أبادر بنفسي‪ .‬والنسان إن لم يخدم غيره في‬ ‫المسرات بنشر الفرحة فما الفائدة من حضوره؟"‬ ‫وتضيف أم حسان‪" ،‬عند قيامنا بالضيافة في مناسبة ما‪ ،‬وبالخص إذا كان في منـزل‪ ،‬نحــرص نحــن الصـبابات‬ ‫أن نؤكد على سيدة المنزل أن تتصرف وكأنها ضيفة ونحن أهل البيت‪ .‬فل أطمئن حتى أراهــا جالســة مســتمتعة‬ ‫مع ضيوفها‪ ،‬وترينا ندخل ونخرج من الغرف المختلفة بمرونة أصحابها دون قيام أهــل المناســبة بتتبــع أو حمــل‬ ‫هبم خدمة الضيوف"‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫الشرائح الجتماعية المستهدفة‬ ‫غلب التعاقد في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات مع صبابات المناسبات من قبل العوائــل الســعودية مرتفعــة‬ ‫الدخل مقابل الفئات الخرى‪ ،‬لتفوق القوة الشرائية والقدرة على تحمل العباء المادية في إقامة حفلت العراس‬ ‫الكبيرة بشكلها الحديث آنذاك من تكاليف إيجار القاعة والديكور والضيافة ووليمــة العشــاء وغيرهــم‪ .‬لكــن تغيــر‬ ‫ذلك مع دخول العقد الثاني من اللفية الثالثة تقريضبا‪ .‬حيث تؤكد الصبابات أن تعاقد العوائل متوســطة الــدخل فــاق‬ ‫الفئات الخرى‪ ،‬وكانت العوائل منخفضة الدخل حاضرة بشكل لفت أيضا‪.‬‬ ‫وفي الحديث عن الشمولية المجتمعيــة لخدمــة الصــبابات وحضــور الكــرم بيــن كافــة مســتويات المجتمــع‪ ،‬تقــول‬ ‫الصبابة سعاد‪ ٣٣ ،‬سنة‪ ،‬عن عملها "أحيانا تستعدين للذهاب لمكان فخــم جـضدا‪ ،‬ول يمكنــك تخيـل أسـلوب تعامــل‬ ‫أهل المناسبة معك‪ .‬وأحياضنا تجدين نفسك في مكان مستواه عادي جدا ويأخــذقك تهليلهــم وترحيبهــم فيــك‪ ،‬ويبــدون‬ ‫اهتماضما كبيضرا في الضيافة‪ .‬ل يأتيك منهم أي تقصير‪ ،‬بل بالعكس يكرمونك )معنوضيا ومادضيا("‪.‬‬ ‫الهيكل التنظيمي للصبابات‬ ‫اعتمدت الصبابات الوائل‪ ،‬ضمن عملهن الحر‪ ،‬على إنشاء وتنظيم قفمرق من الصبابات لكل مناســبة علــى شــكل‬ ‫تعاقد بالمسية وحسب تفرغ كل صبابة‪ .‬ول يزال يعتمد نفس الهيكل التنظيمي اليوم بيــن صــبابات العمــل الحــر‬ ‫وصبابات المؤسسات أيضا‪.‬‬ ‫الربيسة )المديرة(‬

‫المشرفة‬

‫القهوجية‬

‫الصبابة ‪١‬‬

‫العاملة ‪١‬‬

‫الصبابة ‪٢‬‬

‫العاملة ‪٢‬‬

‫‪...‬الصبابة‬

‫‪...‬العاملة‬

‫الشكل ‪ :١‬الهيكل التنظيمي للصبابات‬ ‫نظرضيا‪ ،‬يتكون فريق الصبابات من الربيسة والمشرفة والقهوجية والصبابات )وجميعهن غالضبا ســعوديات الجنســية‬ ‫أو المنشأ( والعــاملت )مــن الجنســية الفلبينيــة(‪ .‬وينطبــق هــذا الهيكــل التنظيمــي علــى العمــل الحــر والمؤسســي‬ ‫ويختلف الجر اليومي لكل مهمة‪:‬‬ ‫ الصبابة المديرة وتعرف عامضيا بمسمى "البربيسـة"‪ ،‬وهـي ذات الخـبرة الطـول )معـدل ‪ ٢٠‬سـنة فـأكثر(‬‫والمسؤولة عن جمع وتدريب وتوظيف وإدارة الصبابات والمهنة بشــكل عــام‪ .‬فهــي حلقــة الوصــل بيــن‬

‫‪9‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫العميلة وبين خدمة الضيافة المقدمة مــن قبــل الصــبابات‪ ،‬وهــي المســؤولة عــن إعــداد أو تــوفير مــوارد‬ ‫ومستلزمات الضيافة كاملة من قهــوة وبــن وهيــل وزعفــران وشــاي ونعنــاع وأبــاريق وفنــاجين وأزيــاء‬ ‫رسمية‪ ،‬ول تخرج للمناسبة إل للضرورة‪.‬‬ ‫المشرفة هي التي تخرج للمناســبة وتشــرف علــى خدمــة الضــيافة والتنســيق بيــن القهوجيــة والصــبابات‬ ‫والعاملت وتقف غالبا في أو على مقربة من المساحة التي يتواجد فيها الضيوف‪.‬‬ ‫القهوجية هي التي تعــد القهــوة العربيــة والشــاي وبقيــة المشــروبات المقدمــة والــتي تعمــل فــي المطبــخ‪.‬‬ ‫)توضح مجموعة الصور من ‪ 01‬إلى ‪ 05‬المشروبات الساسية التي تعدها القهوجية مــن قهــوة وشــاي‬ ‫ونعناع‪ ،‬والمشروبات الثانوية مثل الكركديه والزنجبيل وشاهي الفواكه والكابتشينو(‪.‬‬ ‫الصبابات‪ ،‬وتوزع عليهن الربيسة مهام الضيافة وبالخص تقديم المشروبات من القهوة العربية والشــاي‬ ‫والعصــيرات‪ ،‬وتحضــير وتقــديم البخــور )كمــا هــو موضــح فــي الصــور رقــم ‪ 06‬إلــى ‪ .(11‬تتنــوع‬ ‫مسؤولياتهن وحجم المناسبات التي يحضرنها باختلف مستويات خبرتهن‪ .‬فتحضر المتمرسة المناسبات‬ ‫الكبيرة‪ ،‬والمبتدئة المناسبات المختصرة‪ ،‬أو توكل إليها مهام دعم ثانوية فــي المناســبات الكــبيرة لتتمكــن‬ ‫من مراقبة الصبابات الكبيرات واكتســاب الخــبرة‪ ،‬مثــل مهمــة "الشــيالة" الــتي يطلــب منهــا حمــل أطقــم‬ ‫الفناجيل في الحامل المخصص لها ومتابعة حركة وحاجة الصبابات )كما هو موضح في الصــورة رقــم‬ ‫‪.(12‬‬ ‫العاملت من الجنسية الفلبينية اللتي يقدمن الحلويات والمأكولت الخفيفة‪.‬‬

‫فعلضيا‪ ،‬قــد تتــداخل مهــام الريســة والمشــرفة والقهوجيــة أحياضنــا‪ .‬كــأن تعمــل الريســة مشــرفة أو قهوجيــة‪ ،‬وتعمــل‬ ‫القهوجية مشرفة‪ ،‬حسب حجم المناسبة وعدد الضيوف‪.‬‬ ‫إن الهيكل التنظيمي للصبابات هو في الحقيقة تنظيم يتميز بالمرونة‪ ،‬باســتثناء عنصــرين تتفــق الصــبابات ذوات‬ ‫الخبرة والسمعة العالية على أل يتم المساومة عليهمــا‪ ،‬ويعــودان للصــول المعروفــة فــي تقــديم القهــوة العربيــة‪.‬‬ ‫الول مستوى الخبرة‪ ،‬كأن تحرص الريسة على أل توكل مهمة الصب في مناسبة كبيرة لصبابة مبتدئة‪ ،‬فإن لــم‬ ‫يتوفر صبابة خبيرة خرجت الريسة بنفسها للمناسبة‪ .‬والثاني جنســية الصــبابة‪ ،‬فل توكــل الريســة مهمــة الصــب‬ ‫لعاملة أجنبية كأن تكون من الفلبين‪ .‬وتتفق الصبابات أن الصل في ذلك هو عدم اتقـانهن لصـول صـب القهـوة‬ ‫العربية وعدم تشربهن لهيبتها‪.‬‬ ‫تشدد أم حسان أنه‪" ،‬ليس منطقضيا أن أوافق على أن تقدم العاملة الفلبينية القهوة‪ ،‬إل في حالــة واحــدة فقــط‪ ،‬وهــي‬ ‫أن يدخل رجال أهل المناسبة عند العروس ولبد مــن تضــييفهم"‪ .‬فبــالرغم مــن أن توكيــل مهمــة الصــب لعاملــة‬ ‫فلبينية هو في الحقيقة أمر يضع أم حسان في موقف محرج أمام الضيوف والعرف الجتمــاعي‪ ،‬إل أن العــادات‬ ‫والعراف ل تسمح لم حسان أن تطلب من الصبابات السعوديات الدخول عند الرجال‪.‬‬ ‫كما يشتمل فريق الصبابة أحيانا على ابنة الصبابة المديرة للمؤازرة عند وجود نقص في فريق الصبابات‪.‬‬ ‫الصبابة المديرة أو الريسة تمتاز بالشخصية المبادرة الدارية‪ ،‬ومهارة التسويق‪ ،‬وخلق وإدارة العلقات مع أهل‬ ‫المناسبة ومع مجتمع الصبابات وحتى قاعات الحتفالت‪ .‬كما أنها في العمل الحر تختار فريقهــا مــن الصــبابات‬ ‫الثابتات والمتغيرات لكل مناسبة بعد التواصل معهم شخصيا أو هاتفيا وأحيانا تنسيق تنقلتهن‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫إدارة شؤون الصبابات‬ ‫التواصل‬ ‫تنوعت سبل التواصل وإدارتها بين الصبابات في الماضي بين الهاتف الثابت والنقــل الشـفهي المباشــر واتسـعت‬ ‫إلى رسائل ومكالمات الجوال اليوم‪.‬‬ ‫تقول أم حسان عن تنظيم فريق الصبابات عبر السنوات قبل كل مناسبة‪" ،‬في الماضي كنت اتصل على الصبابة‬ ‫التي أرغب فــي انضــمامها هاتفضيـا‪ ،‬وإذا تعـذر ذلـك‪ ،‬أوصـي أقــرب شـخص لهـا أن ينقـل لهـا رســالة السـتعداد‬ ‫لحضور مناسبة ما وزمانها ومكانها شفهضيا‪ .‬وإذا تعذر الوصول لصبابة‪ ،‬أطلب توصية صبابة أخــرى ممــن أثــق‬ ‫فيهن من النساء مــن حــولي"‪ .‬وأبــدت تعجبهــا مــن نجــاحهن فــي تنســيق فــرق الصــبابات بــالرغم مــن محدوديــة‬ ‫التصالت في الماضي‪" ،‬والغريب سبحان ا‪ ،‬إذا حلت أمسية المناسبة‪ ،‬تجدين الكل حاضر‪ .‬أما اليــوم‪ ،‬يســهل‬ ‫التوصل إلى الجميع من خلل رسالة أو مكالمة جوال"‪.‬‬ ‫التعاقد‬ ‫يتخذ التعاقد شكل غير رسمي بين صــبابات العمــل الحــر‪ ،‬ييكتفــى فــي إبرامــه علــى التفــاق بيــن الصــبابات فــي‬ ‫محادثة شفوية مباشرة أو رسالة أو مكالمة هاتفية‪ .‬ويتخذ شكضل رسمضيا لدى الصبابات العــاملت فــي المؤسســات‬ ‫ويبرم من خلل توقيع عقد عمل‪ ،‬ويكون الجر وفق المسية بدل راتب شهري ثابت‪.‬‬ ‫تبدأ أمسية العمل لدى الصبابات من بعد صــلة العصــر لتجهيــز المعــدات والمواصــلت وحــتى ســاعات الفجــر‬ ‫الولى‪ ،‬وفي بعض الحيان تصل إلى الساعة الثامنة صباضحا في بعض المناسبات الفاخرة‪.‬‬ ‫المؤهلت‬ ‫تعتمد الربيسة في اختيارها للصبابات على مؤهلت محددة‪ .‬تتفق الصبابات على اختزال هذه المؤهلت في كلمة‬ ‫ب‬ ‫واحدة‪ .‬تقول أم فهد‪" ،‬يجب أن تكون مسرنعة"‪ .‬وتفصلها كالتالي‪" ،‬نشيطة وذات نفس جميلة وتعرف كيــف تصــ ب‬ ‫القهوة"‪ .‬إن الوصف العامي المحلي لـ "سناعة" الصبابة يحمــل معــاعن شــتى‪ ،‬مــن أهمهــا حســن إتقانهــا وإلمامهــا‬ ‫بأصول الضيافة وحيويتها وودادتها وسرعة بديهتها‪.‬‬ ‫ل تختلف مهنة الصب عن بقية مجالت الضيافة في الهتمــام الــذي تــوليه للشــكل الخــارجي للمضــيفين‪ .‬فتنتقــي‬ ‫الربيسة الصبابات على أساس الثر النفسي الذي يتركه مظهرهن الجســدي والحركــي علــى الضــيوف‪ .‬فتقــول أم‬ ‫ضــل شخصــيا ض أن يكــون جســدها‬ ‫حسان‪" ،‬سنعة تعني ذات خفة في الحركة وتركيز في العمل وبشاشة وجــه‪ .‬وأف ب‬ ‫وسطي‪ .‬ل تكون نحيلة فل تعطي هيبة‪ ،‬ول تكون مفرطة السمنة فتصعب حركتها ويفقد الزي جماله"‪.‬‬ ‫التنقل‬ ‫ومن ناحية تنقـل الصــبابات مــن وإلــى العمـل فــي الثمانينيــات والتسـعينيات‪ ،‬فــي غيــاب قيـادة المــرأة وشـركات‬ ‫التوصيل بأشكالها اليوم‪ ،‬كانت الصبابات يعتمدن بالدرجة الولى على دعم رجــال العائلــة فــي توصــيلهن‪ ،‬وفــي‬ ‫غياب ذلك في كثير من الحيان‪ ،‬تبحث الصبابة عن صبابة أخرى لــديها مــن ينقلهــا مــن قريــب أو ســائق أجــرة‬ ‫وتلتزم بدفع أجر المشوار في الحالتين‪ .‬تقول أم فهد‪" ،‬لم يكن أحد ينقــل أحــضدا وقتهــا بالمجــان"‪ .‬وفــي أحيــان‪ ،‬لــم‬

‫‪11‬‬

‫تستطع أم فهد أن تجد من يوصلها من الصبابات من القاعة إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليــل‪ ،‬وخوفــا مــن‬ ‫ركوب سيارة أجرة لوحدها في الساعة الثانية أو الثالثة صباحا بعد انتهاء الــزواج‪ ،‬كــانت تنتظــر خــارج القاعــة‬ ‫على درج المدخل الرئيسي بعد أن يتم إغلقها حتى يطلع الفجــر‪ .‬وإذا ظهــرت الشــمس‪ ،‬تســتدعي ســيارة أجــرة‬ ‫وتعود لمنزلها وأبنائها‪.‬‬ ‫إدارة التواصل والتسويق‬ ‫تعددت قنوات التواصل والتسويق بين الصبابات والعميلت فــي الماضــي مــا بيــن النقــل الشــفهي بيــن العميلت‬ ‫لمعلومات تواصل الصبابة‪ ،‬وبطاقات العمل التي توزع في المناسبات المختلفة من قبل الصبابات أنفسهن أو من‬ ‫قبل الفنانات والطقاقات اللتي يتفقن معهن على التسويق المتبادل لخدمات بعضهن البعض‪.‬‬ ‫كما عمدت محلت الزل في الماضي إلى التعاون مع الصبابات والتسويق لهن كخدمــة خارجيــة‪ .‬حيــث يضــاف‬ ‫رقم تواصل بهن فــي لوح ة محـل الـزل إلـى جـانب عـدد مـن الخـدمات الخارجيـة الخـرى المكتوب ة‪ ،‬لرتبــاط‬ ‫استئجار الزل بالمناسبات الجتماعية التي قد تحتاج إلى خدمات ضيافة‪.‬‬ ‫وفي حال رغبت العميلة في التعرف على خدمات الصبابة ورؤية تشكيلة مستلزمات الضــيافة‪ ،‬كــان العــرف أن‬ ‫يتم توصيف مكان فعلي أو معلم للتقاء الطرفين عبر الهاتف‪ ،‬لتقــوم الريســة مــن ثــم بــالركوب مــع العميلــة فــي‬ ‫سيارتها أو اللحاق بها إلى منزلها‪ ،‬ويكون مع الصبابة تشــكيلة مــن أزيــاء الصــبابات وأطقــم الفناجيــل والوانــي‬ ‫وغيرهم من المنتجات في سلة لتختار صاحبة المناسبة منها‪.‬‬ ‫أما اليوم فيتم التواصل عن طريق إرسـال الصـبابة خريطـة موقـع المؤسسـة أو رابـط لخـدماتها ومنتجاتهـا إلـى‬ ‫صاحبة المناسبة من خلل رسائل الجوال كما يمكنهم زيارة حساب الصــبابة أو المؤسســة فــي برامــج التواصــل‬ ‫الجتماعي وبالخص انستقرام للطلع على الخدمات‪.‬‬ ‫)توضــح مجموعــة الصــور مــن ‪ 13‬إلــى ‪ 22‬بعــض المنتجــات الــتي تقــدمها الصــبابات لعميلتهــن مــن أزيــاء‬ ‫الصبابات وأطقم الفناجيل والعطور وأواني الحلويات المعطرة التي يتم وضــعها عنــد المغاســل والمرايــات(‪ .‬تــم‬ ‫تصويرها من موقع مؤسسة المناسبة الرائعة ومن رابط حساب العمال في تطبيق وتساب‪.‬‬ ‫ومع دخول النترنت‪ ،‬عمدت الصبابات إلى التســويق لنفســهن عـبر المنصـات اللكترونيـة مــع بـدايات ظهـور‬ ‫مواقع المنتديات‪ .‬وكثيرا ما نجد أن التسويق عبر المنتديات هو تسويق غير مباشر مــن ققمبــل العميلت الســابقات‬ ‫والمحتملت‪.‬‬ ‫الزي الرسمي‬ ‫يتجقمع الصبابات على عدم وجود زي موحد للصبابات في بدايات مهنة صــبابات المناســبات‪ ،‬فكــانت لكــل منهــن‬ ‫حرية ارتداء دبراعة أو جلبية مما تملك‪ ،‬ولم يكن للبخنق )الشيلة( حضور أي ض‬ ‫ضا‪ ،‬حيث كــانت تكتفــي الصــبابات‬ ‫بارتداء طرحة عادية وبرقع في حال حضور الرجال‪ .‬لكن توحيد كامل الزي من فستان وبخنق وتسريحة شــعر‬ ‫واكسسوارات أخرى أتت من السلوكيات الستهلكية لطبقة المجتمع مرتفعة الدخل فــي مناســباتهم الخاصــة منــذ‬ ‫أواخــر الســبعينيات وبدايــة الثمانينيــات‪ .‬حيــث كــانت تلــك الطبقــة تــولي اهتماضمــا بمظهــر الصــبابات الخــارجي‪،‬‬

‫‪12‬‬

‫فيشترون أطواضقا من القمشة التي يتــم تصــميمها وخياطتهــا بشــكل موحــد للصــبابات‪ .‬كمــا عمــدوا حــتى أواخــر‬ ‫السبعينيات إلى تصميم زي مختلف لصب القهوة عن زي صب الشاي‪.‬‬ ‫أما اليوم‪ ،‬فيتكون زي الصبابة من الفستان )قد يتخذ الشكل التقليدي للكرتة أو الشوال‪ ،‬أو أشــكال أكــثر عصــرية‬ ‫كما هو الحال في جلسة التصوير المصاحبة للورقــة البحثيـة(‪ ،‬والمحــزم‪ ،‬والبخنـق )صـورة رقــم ‪ ،(23‬وكعكـة‬ ‫صة )توصــيلة شــعر أماميــة تفــرق مـن المنتصــف علــى جــانبي الــوجه فــي‬ ‫شعر خلفية )صورة رقم ‪ ،(24‬وقشققري م‬ ‫الصــور مــن رقــم ‪ 25‬إلــى ‪ ،(27‬وحــذاء مريــح مناســب اللــون )وفــي بعــض الحيــان يكــون طــبي(‪ ،‬وأحيانــا‬ ‫الكسسوارات والمجوهرات من العقود والساور والخواتم إلخ‪.‬‬ ‫ويوضح الفيديو المصاحب طريقتي تصفيف الشعر ولف البخنق بين اليوم والماضي‪.‬‬ ‫الدارة المالية‬ ‫درج العمل على دفع العميلت مبلضغا مقـدضما )عربـون بواقـع ‪ ٪٥٠‬مـن المبلـغ الجمـالي( عنـد حجـز موعـد مـع‬ ‫الربيسة أو المؤسسة‪ ،‬واستكمال المبلغ في نهاية المسـية‪ .‬وتح ول مـن الـدفع النقـدي فـي الماضـي إلـى التحويـل‬ ‫البنكي اليوم في أغلب الحيان‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫محركات ظهور الطلب على صبابات المناسبات‬ ‫كما سبق ذكره‪ ،‬فإن الكرم والتمدن هما محركا ظهور الطلب على الصبابات‪ .‬لكن قبل التفصيل فيهما‪ ،‬ل بد مــن‬ ‫الخذ في العتبار الدور المحوري للقهوة العربية في المجتمعــات البدويــة قــديضما لفهــم أســباب تمســك الصــبابات‬ ‫والمجتمع بأصالة مفاهيم القهوة العربية رغم تغير الزمن والحتياجات الجتماعية‪.‬‬ ‫فعلوة على كونها رمضزا للكرم العربي‪ ،‬ذلك الخلق النبيل الــذي عرفــه وقــبدره البــدو مــع تنقلتهــم المســتمرة فــي‬ ‫الجزيرة العربية في الظروف الشاقة وحالت الفقر التي مروا بها قديضما‪ ،‬وما يبني حول القهوة من معــايير عاليــة‬ ‫وأساليب دقيقة لصنعها وتقديمها‪ ،‬فقد تم استخدامها جدضيا لغضة للتحالفات المدنية والعسكرية والمنية بين البدو فــي‬ ‫الخيام والمجالس‪ ،‬مما زاد من هيبتها‪ .‬فنعرف أو نقــرأ عــن مســميات الفنــاجين المختلفــة )مثــل فنجــان الضــيف‪،‬‬ ‫وفنجان السيف‪ ،‬الخ( ومدلولتها الجتماعيــة أو التحالفيــة والــتي كتــب عنهــا باستفاضــة فــي المصــادر المختلفــة‬ ‫والمتوفرة بكثرة في المقالت المنشورة إلكترونيا‪ ،‬ولذلك لن أخصصها بالذكر هنا‪.‬‬ ‫وفي مقارنة سريعة بين مفهوم تقديم القهـوة العربيــة قـديما مقابــل اليـوم‪ ،‬نـرى أن مبـدأ الكـرم هـو الســاس فــي‬ ‫الماضي والحاضر‪ ،‬ملزرم لنشأة واستمرارية تقديم القهوة‪ .‬إنما الختلف هو في اللغة الرمزية المســتخدمة‪ .‬فقــد‬ ‫تحولت من لغة أمنية عملية خدمت أهداضفا اجتماعيضة قديضما‪ ،‬إلى لغة استهلكية يعببر عنهــا حجــم وفاعليــة وشــكل‬ ‫الضيافة من القهوة والمشروبات الخرى والحلويات المقدمـة‪ ،‬وكــذلك زي الصــبابات والوانــي المســتخدمة فـي‬ ‫المناسبات الكبيرة‪ .‬فبعد استقرار القبائل والعوائل في حياة مدنيــة عــامرة بالمــان والراحــة القتصــادية النســبية‪،‬‬ ‫تلشت الحاجة لتحديد الولءات في اللقاءات الجتماعية وظهرت الرغبة لستعراض القوة الشــرائية الــتي تعــبر‬ ‫عن مستوى التمدن الذي تعيشه السرة‪.‬‬ ‫أو ض‬ ‫ل‪ :‬امتداد للكرم المجتمعي‬ ‫بالرغم من أن الكرم خصلة شخصية‪ ،‬حيث يختلف مستوى عطاء أحدنا مع السؤال أو دونه‪ ،‬إل أنه بـالنظر إلـى‬ ‫مجتمعاتنا العربية والصورة الكبر لتاريخنا‪ ،‬فمن الممكن اعتبار الكرم خصلة اجتماعية متوارثة‪ ،‬وأحــد ركــائز‬ ‫المجتمع العربي بشكل عام والسعودي خاصة لغراض هذا البحــث‪ .‬يمتــد معنــاه ليشــمل كــرم النفــس‪ ،‬ويخــتزل‬ ‫بسهولة في الرمزية الغنية للدلة والقهوة العربية‪.‬‬ ‫وقد استحقت القهوة العربية هذه الرمزية الثقافية التاريخية‪ ،‬حيث بنيــت أصــول لصــنعها وصــبها وتقــديمها بدقــة‬ ‫يكمرم بها الضيف على أكمل وجه‪ .‬وأتت تلك العناية واللتزام في معــايير صــنعها ومشــاركتها مــع الغيــر بســبب‬ ‫ارتباطها بقيم اجتماعية عالية ومعاقن إنسانية سامية مثل الجود وعطاء النفس‪.‬‬ ‫إن انتقال العوائل السعودية من القرى إلى المدينة‪ ،‬وإن غبير في عاداتهم الجتماعية تدريجضيا عــبر الســنوات‪ ،‬إل‬ ‫أن الكرم لم يكن أحدها‪ .‬بل حرصت العوائل علــى تــأمين ضــيافة أكــبر وأكــثر تنــوع مــع تمــدنها وازديــاد حجــم‬ ‫مناسباتها الجتماعية‪ ،‬وإن كان ذلك مكلضفا مادضيا‪.‬‬ ‫إن حاجة العوائل لتقديم أفضل معايير الضــيافة لضــيوفهم فــي مختلــف المناســبات مــا زالــت متصــدرة الهــداف‬ ‫الشخصية والجتماعية لية مناسبة‪ .‬فل يهنأ بــال ســيدة المناســبة أو المنــزل بضــيوفها إل عنــد اكتمــال الضــيافة‬ ‫وراحتهم وربما ثنائهم على حسن ضيافتها‪ .‬وكثيضرا ما تهتم أمهاتنا بالصبابات ونشاطهن ومذاق القهوة وتفاصــيل‬

‫‪14‬‬

‫الضيافة‪ .‬ويتداولن أسماء وأرقام الصبابات بينهن في المناسبات‪.‬‬ ‫ثانيضا‪ :‬التمدن‬ ‫اســتدعى انخــراط أهــالي المــدن الجــدد فــي حيــاة يوميــة ومهنيــة متطلبــة‪ ،‬إلــى إقامــة أشــكال جديــدة للمناســبات‬ ‫الجتماعية‪ .‬فبالرغم من توسع دائرة المعارف الجتماعية‪ ،‬إل أن مســتوى قــرب وعفويــة العلقــات الجتماعيــة‬ ‫مع الجيران وأهل الحي تناقصت‪ ،‬مقابل مستوياتها في القرى والمحافظات‪ .‬فانتقلت زواجات العوائــل الســعودية‬ ‫من اجتماعات منزلية في أسطح وأفنية المنازل المشبرعة أبوابها والمضاءة بالعقود‪ ،‬وربما بعض الــزل والخيــام‬ ‫كدعوة مفتوحة لهل الحي لحضــور حفــل الــزواج؛ إلــى زواجــات فــي قاعــات الفــراح الكــبيرة الــتي تســتوعب‬ ‫أضعاف عدد الضيوف‪ ،‬يصل إلى ‪ ٦٠٠‬و ‪ ٧٠٠‬ضيف فــي المناســبة الواحــدة فــي بدايــة التســعينات‪ ،‬وانخفــض‬ ‫تدريجضيا إلى ما معدله ‪ ٢٠٠‬شخص في السنوات اللحقة‪.‬‬ ‫وأصبحت المناسبات تتطلب دعم ضيافة لوجستي أكبر ممـا كـانت تتطلبـه فـي الماضـي‪ ،‬متمثضل فـي التعاقـد مـع‬ ‫فريق متخصص من الصبابات لستيعاب مســاحة المناســبة الجتماعيــة وعــدد الضــيوف‪ ،‬وإشــباضعا لرغبــة أهــل‬ ‫المناسبة في توفير ضيافة تليق بضيوفهم‪ ،‬في عرض يفوق القوة الشرائية والحالة القتصادية لهــل الــزواج فــي‬ ‫بعض الحيان‪ .‬ليس إثباضتا لنجاح العائلة في التمدن فحسب‪ ،‬بل إكراضما لضيوفهم وبشكل غير مباشــر حفضظــا لمــاء‬ ‫الوجه أمام هذا العرف الجتماعي المتأصــل‪ .‬فل يــزال هــاجس العــار يــؤرق العوائــل الســعودية أن يقــال عنهــم‬ ‫مقصرين في الضيافة المقدمة‪.‬‬ ‫وقد يكون نجاح الصبابات في التوفيق بين أصالة الكرم وبين تمدن المجتمع هو ســبب بقــائهن فــي الســوق رغــم‬ ‫حدة المنافسة التجارية والجنبية )التي أذكرها لحقا ض تحت "تصبدي الصبابات للتحديات"( واستمرارية مظهرهــن‬ ‫التقليدي وقيــامهن علــى الضــيافة وفضقــا للصــول والمنقــول بــالرغم مــن الســعي المســتمر للمجتمــع نحــو التــوجه‬ ‫الستهلكي الحدث والكثر عصرية‪.‬‬ ‫دور التمدن في فرص ومظهر الصبابات‬ ‫الفضول‬ ‫مثل أي مجال آخر‪ ،‬فإن سمعة الصبابة وعلقاتها الجتماعية يحددان نوعية وكمية الفرص التي تحصــل عليهـا‪.‬‬ ‫إل أن مظاهر التمدن كانت ول زالت أحد دوافع الصبابات‪ ،‬وخاصة فــي بــداياتهن‪ ،‬لتفضــيل أمســية عمــل علــى‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫تقول أم حسان عن بداياتها‪" ،‬طبعا لم نكن نرفض طلب عمــل يأتينــا مــن أي مــن الصــبابات المعروفــات آنــذاك‪،‬‬ ‫حتى وإن تعارضت مواعيد العمل‪ .‬فعلوة على فرصة العمل مع صبابة مرموقة ومشهورة‪ ،‬فــإن فرصــة رؤيــة‬ ‫قاعة أفراح معروفة بعينها والديكور والنساء في فرحتهــن وأجمــل زينتهــن‪ ،‬ومجــرد التفكيــر فــي اتســاع فــرص‬ ‫التعارف والختلط بنساء أغراب ومألوفين كانت مذهلة ومحفزة لتلبية طلب الضيافة"‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫استباق الطلب‬ ‫إن العديد من ممارسات الضيافة لدى الصبابات اليوم هي ممارســات اســتقينها مــن عميلتهــن مــن طبقــة الــدخل‬ ‫المرتفع منذ أواخر السبعينيات )كما سبق ذكــره تحـت الــزي الرســمي(‪ ،‬اللتـي عرفـن باهتمــامهن بتصـميم زي‬ ‫موحد لصبابات المناسبات بالضافة إلى توفير كافة مستلزمات الضيافة من قهوة وأباريق وفناجين علــى نفقتهــن‬ ‫الخاصة‪ ،‬وأحيانا توفير القهوجي )من يعد القهوة والشاي(‪.‬‬ ‫وحيث أن صــبابات المناسـبات كـن العنصــر المشـترك بيـن طبقـات المجتمـع المختلفـة‪ ،‬فنقلـن تلـك الممارسـات‬ ‫والمعايير في الزي والمظهر والمستلزمات إلى ممارســاتهن العامــة فــي المهنــة مــع بقيــة شــرائح المجتمــع ‪-‬مــع‬ ‫اختلف مستوى جودة المواد المستخدمة‪ -‬فارتدين البخنق بدل الطرحـة‪ ،‬وفسـاتين موحــدة التصـميم واللـون مــن‬ ‫تصميم الصبابات واعتمدن تسريحة شعر واحدة‪ ،‬حتى شاع شكل موحد للصبابات بين كافة شرائح المجتمع‪.‬‬ ‫فلم يعد مظهر الصبابات عفوضيا كما كان في بدايات ظهورهن في المناسبات‪ .‬حيث أن ملحظة الصــبابات للنمــط‬ ‫الستهلكي لعميلتهن الوائل وتفضيلتهن الشرائية لفت انتباه الصبابات للهتمام بالظهور بشكل موحــد تباضعــا‪.‬‬ ‫وكان انتقاء العميلت للوان ديكور القاعة في أولى القاعات الكبيرة في الرياض تحديضدا‪ ،‬والتي عرفت مقاعــدها‬ ‫بأحد اللونين‪ ،‬السكري والعنابي‪ ،‬ضمن أسباب توحيد لون أزيائهن‪.‬‬ ‫تذكر الصبابة أم حسان بفخر‪" ،‬بعد ظهور قاعات الفراح الفخمة في الماضــي‪ ،‬ومنهــا قاعــة الســليمانية وقصــر‬ ‫أفراح الذهبي والتي تميزت مقاعدها بأحد اللونين‪ ،‬العنابي والسكري‪ ،‬أصــبحنا نخبيــر أهــل الــزواج بيــن فســاتين‬ ‫عنابية أو سكرية اللون كزي موحد للصبابات‪ ،‬حسب لون الكراسي الــتي يختارونهــا"‪ .‬ومنهــا تنــوعت وتعــددت‬ ‫ألوان أزياء الصبابات عبر السنوات‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫تصدي الصبابات للتحديات‬ ‫المنافسة والحتكار في مجال الضيافة‬ ‫انتشرت شركات الضيافة التجارية بشكل واسع في الثمانينيات‪ .‬تتعاقد مع الصبابات وتقتطع نسبة مــن أجــورهن‬ ‫اليومية )بمعدل ‪ (٪٣٠‬بالرغم مــن رفــع سـعر الخدمــة علــى المســتهلك‪ .‬لكــن الكـثير مـن صــبابات العمـل الحــر‬ ‫السعوديات تصبدين لمثل هذا الستنزاف في أجورهن‪ ،‬ل سيما أن الصبابات يعملــن فــي مهنــة الضــيافة ســنوات‬ ‫عديدة قبل ظهور ومنافسة شركات الضــيافة‪ .‬فاتحـدن مــع بعضــهن فــي هيئــة العمــل الحــر لحمايــة مهنتهــن مـن‬ ‫شركات الضيافة التي تحتكر بعض قاعات الفراح وتضاعف سعر خدمتها علــى العملء‪ ،‬فتتفــوق علــى أســعار‬ ‫الصبابات‪.‬‬ ‫حتى عرف أن غالبيــة طــاقم شــركات الضــيافة التجاريــة هــم مــن العمالــة الفلبينيــة والمصــرية والفريقيــة الــتي‬ ‫يسبغونها باللباس التقليدي للصبابات السعوديات‪ ،‬ويختلف تدريبهن عن أصــول الضــيافة المتعــارف عليهــا لــدى‬ ‫الصبابات السعوديات‪ .‬المر الذي يلحظنه ويؤكدن عليــه العميلت الســعوديات‪ ،‬فتــتركز تعليقــاتهن فــي الواقــع‬ ‫والمنتديات اللكترونيــة علــى مــذاق القهــوة ونشــاط وبشاشــة ومظهــر الصــبابات وتعليــل ســبب انخفــاض جــودة‬ ‫ومعايير أي منها أو جميعها بجنسية الصبابات‪.‬‬ ‫وتضيف أم فهد‪" ،‬هناك فرق كبير بين الصبابة السعودية التي تتعلم المهنة من ربيسة أو صبابة سعودية محترفــة‬ ‫فتعتز بمفاهيم وعادات صب القهوة والضيافة‪ ،‬وبين الجنبية التي ل يتم تدريبها على أصول الضيافة المتعــارف‬ ‫عليها فل تعكس أي عمق ثقافي في حضورها وضيافتها"‪.‬‬ ‫وبالرغم من امتعاض الصبابات السعوديات ل سيما الكبر سنا ض من بعض التوجهات الســتهلكية المســتجدة‪ ،‬إل‬ ‫أنهن يحرصن على توفيرها عند طلب العملية لضمان مكانتهن فــي الســوق‪ .‬تقــول أم فهــد‪" ،‬ل أرى مغــزى مـن‬ ‫تقديم صواعن متعددة من شاي بالفواكه مثضل الذي ل تشربه الضيفات‪ ،‬ويــؤلمني واقــع أن مئــات وآلف الريــالت‬ ‫تنتهي في سلة المهملت‪ .‬لكني ألتزم بها إذا طلبتها العميلة‪ ،‬وإن كنت أرفض السراف بشدة"‪.‬‬ ‫ومع وجود بعض المثلة الناجحة لمؤسسات ضيافة تملكها صبابات سعوديات تنافس شركات الضيافة التجارية‪،‬‬ ‫إل أن بعض الربيسات استطعن الستمرار في منافسة الشركات التجارية بــالرغم مــن بقــائهن علــى هيئــة العمــل‬ ‫الحر‪ ،‬وذلك بسبب ما حققن من شهرة ونجاح واسعين‪ .‬فتقول أم فهد‪" ،‬ل حاجة لي في إنشاء مؤسسة‪ ،‬فاليوم أنــا‬ ‫أملك كل ما احتاجه‪ ،‬حيث اشتريت منازل لي ولبنائي وذويهم‪ .‬ول تزال تأتيني طلبات بشكل مستمر اليــوم‪ ،‬إل‬ ‫أني أصبحت أخرج لعملي فقط مرتين إلى ثلث مرات في السبوع بسبب المنافسة على التوجهات الســتهلكية‬ ‫المستجدة التي ل تتوافق مع معاييري في الضيافة"‪ .‬وليس مستنكضرا أن تكون أم فهــد حققــت نجاضحــا مميــضزا رغــم‬ ‫استمرارها على هيئة عمل حر حتى اليوم‪ ،‬فهي امرأة متفانية في عملها الذي تصب فيــه شــغفها للحيــاة‪ .‬تميــزت‬ ‫بنشاطها والتزامها بالعمل الـدؤوب منــذ بــداياتها‪ ،‬وبأصــول الضـيافة‪ ،‬وبــروح الحفــاوة الســعودية الكريمـة الــتي‬ ‫تتسرب حتى في ترحيبها قبل كل مقابلة أو مكالمة هاتفية‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫نظرة المجتمع لهلية الصبابة المهنية‬ ‫إن عمل الصبابات على هيئة عمل حر ل يضمن حقهن المادي والنظامي فــي بعــض الحيــان‪ .‬تقــول أم حســان‪،‬‬ ‫"تعمد بعض العميلت إلى دفع عشرات آلف الريالت لكل من شركات الديكور ووليمة العشاء والورد الطبيعي‬ ‫وغيرها‪ ،‬لكن تفاصلني في أجر الصبابة الذي ل يتعدى ‪ ٢٥٠‬ر"‪.‬‬ ‫فعمدت بعض الصبابات مثل أم حسان إلى تأسيس شركاتهن الخاصة للتصدي لتلــك المعــاملت المجحفــة‪ ،‬بينمــا‬ ‫تضطر صبابات العمل الحر إلى الموافقة على تقليص عدد الصبابات لمناســبة مــا بــدل مــن تخفيــض أجــورهن‪،‬‬ ‫وهو أمر ل يزال يضر مهنية الصبابات حيث يؤثر في أدائهن ل سيما في المناسبات الكبيرة‪.‬‬ ‫الرغبة في العمل في الضيافة كصبابة في الماضي مقارنة باليوم‬ ‫باعتبار أن الصبابة في الماضي كانت تعمل في الضيافة إما عن حاجة اقتصادية أو بسـبب توارثهـا مـن والــدتها‬ ‫أو لسباب نفسية‪ ،‬إل أن فخرهــن بعملهــن ملحــوظ‪ .‬تقــول أم فهــد‪" ،‬أشــعر بفخــر كــبير تجــاه حضــوري مناســبة‬ ‫وقيامي بعملي‪ .‬فأنا أقوم به على أساس مبدأ كرم النفس والضيافة وراحة الضيوف وجميعها مبادئ نبيلة"‪.‬‬ ‫وعن صبابات اليوم الشابات‪ ،‬يتفـق الكـثير منهـن‪ ،‬وم ن بينهـن الصـبابة سـعاد ‪-‬والـتي أوكلتهــا أم حسـان مهمـة‬ ‫أخصائية الزياء في الفيديو المرفق مع هذا البحث‪ -‬التي تقول "في بــداياتي كنــت أخجــل أن أرى وجضهــا مألوضفــا‬ ‫من المعارف أو زميلت الجامعــة أو المدرســة وغيرهــن بيــن الحضــور‪ .‬لكـن ســرعان مــا طغــت بهجــة العمــل‬ ‫والفخر به على ذلك التردد المبدئي"‪.‬‬ ‫يشتكي بعض الصبابات الكبار من انعدام الحماسة والــروح الحيــة فــي بنــات اليــوم تجــاه عمــل الضــيافة وصــب‬ ‫القهوة‪ ،‬فيصفن بعضهن بالبرود والتردد‪ .‬وربما يأتي هذا الوصف من التباين الكــبير بيــن الوضــاع القتصــادية‬ ‫اليوم عنها في الماضي في زمن الصبابات الوائل‪ .‬حيث كثرت اليوم فرص العمل المختلفة‪ ،‬علوة على اتســاع‬ ‫مساحة مقارنة بنات اليوم بجيلهــن مــن خلل انفتــاح المجتمعــات ووســائل التواصــل ممــا يــؤثر علــى خيــاراتهن‬ ‫المهنية‪.‬‬ ‫وتقول هبة‪ ،‬موظفة استقبال شـابة فـي مؤسسـة أم حسـان‪" ،‬ل أفكـر فــي العمـل كصــبابة‪ ،‬لن ه عمـل شـاق جـدا‬ ‫ويتطلب ساعات عمل طويلة‪ ،‬ل تنتهي إل في ساعات مبكـرة مـن الصـباح وقـد تصـل إلـى الثامنـة صــباضحا فـي‬ ‫بعض المناسبات‪ .‬هي مهنة تستمتع بها كثير من النساء‪ ،‬ل سيما الكبر سضنا‪ ،‬وتمل يومها بالعمــل وفرحــة اللقــاء‬ ‫بزميلتها"‪.‬‬ ‫وبسبب تجنب الكثير من السعوديات الشابات اليوم لمهنــة الصــبابة‪ ،‬اضــطرت الربيســات إلــى تــدريب نســاء مــن‬ ‫جنسيات أخرى‪ ،‬غالضبا من الجنسية الثيوبية‪ ،‬مع الصبابات السعوديات‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫مجتمع الصبابات والثار النفسية لختيار مهنة صب القهوة‬ ‫بدأ الكثير من الصبابات مهنة الصب عبر دعوة أو نصيحة صديقة لهـا تعمـل كصـبابة لتخـرج مـن حالـة نفسـية‬ ‫سيئة بسبب اكتئاب أو تقاعد زوج أو طول أوقات الفراغ‪ .‬تقول أم حسان‪" ،‬كنــت أمــر فــي ظــروف نفســية غيــر‬ ‫جيدة‪ ،‬ودعتني إحدى صــديقاتي أن أنضــم إليهــن ليلــة لغيــر مــن محيطــي وأجــدد ذاتــي‪ .‬وبــدأت تقنعــي بجمــال‬ ‫الجواء في هذه المناسبات‪ ،‬وفرصة التعارف على نساء جدد‪ ،‬والنتعاش من رؤية أماكن جديدة في كل مناسبة‪،‬‬ ‫وفوق ذلك كسب مادي ووجبة عشاء لبنائي‪ .‬والحقيقة أنه ما إن ترين النــاس فــي أجــواء احتفاليــة حــتى تجــدين‬ ‫نفسك منتعشة وتضحكين"‪.‬‬ ‫بينما تقول الشابة فاطمة ذات الروح المفعمة بالحيوية‪ ،‬وعينيها تبتسمان خلــف برقعهــا أثنــاء تصــويري لهــا فــي‬ ‫جلسة التصوير‪" ،‬كنت انطوائية جضدا قبل أن أصبح صبابة‪ ،‬وكنت أرغب في أن أغير أسلوب تعـاملي مـع الغيـر‬ ‫ومع الحياة‪ .‬وما إن بدأت اعتياد العمل مع الصبابات حتى أصبحت أستمتع بالتواصل مع عــدد أكــبر مــن النســاء‬ ‫والخروج من دائرتي المغلقة‪ .‬والن لي ‪ ٦‬سنوات أعمل مع أم حسان"‪.‬‬ ‫إن حس النتماء بين الصبابات ملموس في حديثهن عن المهنة واستعداداتهن للمناسبات أو جلسة التصوير‪ ،‬وفي‬ ‫ف شيلة زميلتها كما التقطته بعدسة الكــاميرا فــي الصــورة رقــم ‪ ،28‬وفـي اعــتزازهن‬ ‫ترتيب بعضهن لسلوب ل ب‬ ‫المشترك بالمهنة‪ .‬تقــول أم فهــد‪" ،‬نــرى بعضــنا البعــض مرتيــن إلــى ثلث مــرات فــي الســبوع ونتشــارك هــذه‬ ‫الجواء‪ .‬طبيعي أن نصبح مثل الهل"‪.‬‬ ‫ولذلك فإن الكثير مــن الصــبابات يمتهــن الصــب لســباب نفســية واجتماعيــة أكــثر مــن الســباب القتصــادية إن‬ ‫وجدت‪ .‬فاجتماع النساء ببعضهن بشكل مستمر في جو من الفرحة المشتركة والحتفال ومتعــة الــتزين والتجمــل‬ ‫سوية وتبــادل الحــديث والنكــت والضــحك وارتــداء فســتان جديــد )فــي بعــض الحيــان ينتهــي بامتلكهــا لـه فــي‬ ‫المناسبات الفاخرة( ل بد أن يخلق رابطة أخوية حميمة بينهن‪.‬‬ ‫وحول فخر الصبابات في عملهن‪ ،‬تضيف أم حسان‪" ،‬أحب المهنة‪ ،‬وقــد اعتــدت أن أخــرج وأرى النــاس‪ ،‬حــتى‬ ‫أصبحت هناك ألفة بيننا‪ .‬شعور جميل أن أدخل مجلضسا وكلي فخر بإضافتي له"‪.‬‬

‫خلصة‬ ‫إن نشأة ووجود الصبابات في وسط اجتماعي واقتصــادي مشــترك وتقــاربهن الجغرافــي كــانت جميعهــا عوامــل‬ ‫دافعة إلى توليد رابطة اجتماعية داعمة ومؤازرة بينهن‪ ،‬ورابطة ملموسة من الخارج لمن يرقبهن‪ .‬هذه الرابطــة‬ ‫التي تولد روح المبادرة والقيادة في ذواتهن وفي بعضهن البعض فتحفزهن على امتلك زمــام أمــورهن النفســية‬ ‫والجتماعية والقتصادية‪ .‬والتي إلى جانب أصالتهن وفخرهن بصب القهوة وضيافة العملء‪ ،‬فإن تلــك الرابطــة‬ ‫تشكل العصب الذي تطورت منه مهنتهن خلل التغيــرات الجتماعيــة والقتصــادية للمجتمــع بصــورته الشــمل‬ ‫عبر العقود‪.‬‬ ‫ل تزال فلسفة مهنة الصبابات السعوديات اليوم ترتكز على الشيم العربية النبيلة التي نشأت منهــا رمزيــة القهــوة‬ ‫من كرم واحتفاء وهيبة وإيثار‪ ،‬فنرى ذلك متجلضيا في قيــام الصــبابات الســعوديات اليــوم بخدمــة أصــيلة وكريمــة‬ ‫وكأنهن أهل المناسبة أنفسهم‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫إن تجسيد الصبابات السعوديات التي قابلتهن لهويـة القهــوة العربيــة مـن كــرم وأصــالة علــى المســتويين المهنــي‬ ‫والشخصي كان غامضرا ولفضتا للنتباه‪ ،‬شامضل لكرم النفس والعتزاز برمزية القهوة وأصول صبها وتقديمها‪ .‬كما‬ ‫جسدن الهيبة المرتبطة بحضور القهوة العربية التي اكتسبنها من تدريب فعال وممارسة مستمرة وإيمــان صــادق‬ ‫بدور القهوة النبيل بين الناس قريبهم وغريبهم‪.‬‬ ‫تلك المهابة التي مبمنرينها بعنايتهن والتزامهن بالصول المتعــارف عليهــا فــي كــل ناحيــة مــن نــواحي حضــورهن‪،‬‬ ‫والتي لم يزيدها تواصلي معهن بهدف دراسة الفجوة الجتماعية والقتصادية إل تقديضرا‪.‬‬

‫‪20‬‬