السبت 4 ،يوليو 2015 مقالة أدب مقارن بقلم د /طـــــارق رضـــــوان
األثر العربي في مسرحية روميو وجولييت مقالة أدب مقارن بقلم د /طـــــارق رضـــــوان مقــــدمة شكسبير وماذا قيل عنه قد يجهل القارئ من هو شكسبير ؛ لكن لن يجهل قصة (روميو وجوليت) التي أصبحت أشهر من شكسبير نفسه ،فروميو وجوليت Romeo and Julietمن أعظم وأشهر أعمال الكاتب اإلنجليزي شكسبير وتعتبر من الكالسيكيات العالمية التي مثلت كثيرا ً في مسرحيات واألفالم قديما ً وحديثا ً
وظهرت مترجمة في الكثير من لغات العالم ،حتى أصبح أي شخص عاطفي أو مغرم يشار إليه باسم روميو وكذلك الحال بالنسبة لجولييت .كما أن مشاهد روميو وجولييت ألهمت الكثير من الرسامين لرسم مشاهد المسرحية ،ونتج عن ذلك تراث من اللوحات العالمية الشهيرة. سمعتُ كثيرا ً عن مسرحية روميو وجولييت ،وكيف حب كل منهما اآلخر ،ووقفت كثير على معاناتهم ،وتعجبت لصمودهم أمام جبروت الرفض ،لكن حبهم كان أقوى من أي عوائق تقف أمامه فقد كانا مثاالً للحب الطاهر العفيف ،الحب الصادق الخالي من التزيف والنفاق ،حبا ً صادقا ً بمعنى الكلمة ،مشاعره فياضة ،ولهذا وقفت على مسرحية شكسبير هذه وتأملت كيف مزج بين الواقعية كحقيقة ملموسة ومعاشة وبين الرومانسية كعاطفة دفينة جياشة في البداية أردت أن أعمل مقارنة بين مسرحية روميو وجولييت لشكسبير وبين مسرحية مجنون ليلى ألحمد شوقي ،لكن عندما بدأت أقرأ المسرحيتين ،الحظت هناك تأثير عربي واضح في مسرحية شكسبير ،ومالمح عربية ال تخفى للناظر لها من أول وهلة ،وما أكد لي وجود صالت تأثر قوية أشياء كثيرة منها :عاطفة الحب العفيف ،معاناة الحبيبين ،الحرمان ،التلذذ بذكر المحبوب والبكاء عليه ،االنشغال بذكر المحبوب في كل وقت وحين ،لقاء المحبوب بعيدا ً عن أعين الناس ،الخوف على المحبوب ،الوسيط بين الحبيبين أو الرقيب ،الواشي أو العاذل ،اإليمان بالسحر ،مراسلة الحبيبين ،معارضة األهل وتعصبهم ضد هذا الزواج ،وفي نهاية المطاف الموت لكال العاشقين ،فكل تلك جعلتني أقدم مقارنة بين المسرحيتين مع االعتماد على المسرحية في التراث العربي كما وردت في كتاب األغاني . األول الفصل شكسبير فنان مبدع ،يستطيع بقدراته الفائقة أن يخلق نماذج خالدة تصور العواطف الكبرى في حياة اإلنسان ،وقد قال احد النقاد عنه "إن شكسبير يملك أكبر المخلوقات في هذه الدنيا بعد هللا ذلك ألنه خلق شخصيات فيها من األصالة والعمق ما يجعلها تنافس في قوتها وبقائها الشخصيات الواقعية . " الحية أما الفيلسوف اإلنجليزي الكبير كاراليل يقول عن شكسبير "إن شكسبير هو أعظم شيء أنجبناه حتى اآلن وقد نستغني عن أي شكسبير لنجني ألمتنا شرفا ً ،ونكتسب لها سمعة بين األمم ،إال شكسبير... فإننا ال نستطيع أن نستغني عنه أبداًًَ في مقابل أي شيء ،وإذا قيل لنا أن نتخلى عن أحد أمرين : إمبراطورية الهند أو شكسبير،فإننا سنختار شكسبير حتما ً ،فإمبراطورية الهند زائلة يوما ما ،أما شكسبير هذا فإنه ال يزول إنه باق معنا " .فكاراليل كان صادقا ً فقد زالت إمبراطورية الهند ،وبقى شكسبير ،الذي يعتبر صفحة مضيئة متألقة في تاريخ األدب اإلنجليزي . فليس في األدب اإلنجليزي اس ٌم يضارع اسم الكاتب المسرحي وليم شكسبير في شهرته وذيوع مسرحياته،وبتأثير االستعمار البريطاني ثم الهيمنة األمريكية-ولغتهما واحدة-انتقلت شهرة شكسبير العالمية. رحابة إلى اإلنجليزية دائرة من ً ً فهو لم يكن كاتبا عاديا بل امتاز بأسلوبه العذب الذي يخترق القلوب قبل العقول ،وبطريقة المشوقة في السرد ،وبإضافة عناصر جمالية تجذب النفس لها .له العديد من األعمال وما يهمنا هنا هي مسرحية روميو وجوليت ،فهذه المسرحية كانت من ضمن أربع مسرحيات تصدرها هيئة الكتاب ،وهم :مسرحية تاجر البندقية 1988م ومسرحية يوليوس قيصر 1991م ومسرحية حلم ليلة صيف . 1992م أقبل على مسرحية روميو وجولييت العديد من المترجمين ،وأصبحت خالدة في أذهننا ،راسمة لنا قصة الحب العذري العفيف الذي يعانيه المحبون بطريقة حزينة تثير في أنفسنا رحمة وشفقة ، وتجعلنا مشاركين في تجربة ،وكأننا نحن من نعاني تلك التجربة . الثاني الفصل مسرحية روميو وجوليت تتحدث عن حب عنيف بين روميو وجولييت ،ويتعرض هذا الحب لمشكلة
كبيرة هي الخالف بين عائلتي الحبيبين ،وفي ظل هذا الخالف يحاول والد جولييت أن يزوجها لشخص ال تحبه يدعى (باراس) بينما يكون روميو هاربا ً خارج حدود البالد ألنه قتل قريب جولييت في مشاجرة بينهما،وفي ليلة زواج جولييت من باراس الذي ال تحبه ،تتفق مع قسيس على أن يقدم لها منوما ً تبدو معه أنها ميتة .فيفشل الزواج بذلك .على أن يرسل القس رسالة إلى روميو يخبره فيها بالحقيقة حتى يأتي ليأخذ حبيبته ويهربا بعيدا ً عن عالم المشاكل والتعقيدات ،ولكن رسالة القس تتأخر ،بينما يسمع روميو إشاعة موت جولييت،فيذهب إلى قبرها مسرعا قبل أن تفيق من المنوم ،وإلى جانبها يقتل نفسه بالسم .وتفيق جولييت لتجد حبيبها ميتا ً فتنتحر ،وتكتشف األسرتان حقيقة المأساة ، فيكون دم الشهيدين الحبيبين ثمنا ً للسالم الذي يعود إلى العالقة بين األسرتين . موضوع القصة :يدور حول صراع بين عائلتين من أرقى عائالت (فيرونا) عائلة "منتيغيو" و عائلة ( كابوليت ) و ال نعلم سبب هذا الصراع و لكنه صراع منذ األزل . . مانتوا ومدينة فيرونا مدينة : المكان . يوليو شهر منتصف : الزمان شخصيات مسرحية روميو وجولييت هي شخصيات قريبة جدا ً من شخصيات مسرحية مجنون ليلى ،فلو جئنا لو ضع مقارنة أولية من حيث الشخصيات لوجدناها نفسها مع االختالف في التسميات .. األثر العربي في المسرحية عندما قرأت مسرحية روميو وجوليت وجدت أن أصلها عربي ،فاألصل الشعبي لهذه المسرحية لم يكن يزيد في كثير أو قليل عن القصص الشعبية المعروفة لدينا مثل قصة (حسن ونعيمة ) أو قصة (قيس وليلى ) المعروفة في تاريخنا العربي ،لكن الجديد الذي جاء به شكسبير هو إعادة بناء هذه القصة الشعبية ،وبأسلوبه استطاع أن يعطيها حياة فنية جديدة خالدة ،وجعل منها المادة المحلية مادة عالمية رائعة تتردد في كل مكان ،كلما ذكر الناس شيئا ً عن الحب العنيف الصادق . وليس ألنها من أصل عربي فهي تحمل النزعة العربية ،ولكنها أيضا ً تحمل في داخلها عادات وتقاليد عربية وهذا ما وجدناه في فصولها ،فشكسبير بقدر جهده الفني الذي حاول أن يطبعه على المسرحية ،إال أنه لم يستطع أن يخفي المعالم العربية واآلراء واالتجاهات .فهي طبعت بطابع التأثر العربي قبل أن تكون غربية وحملت في طياتها نزعات غربية قليلة إلى حدما مقارنة بالعربية ،باإلضافة إلى تاريخ ظهورها الذي يعد تاريخا متأخرا ً عن قصصنا العربية ،وأخص بالذكر قصة مجنون ليلى التي وجدناها في كتاب األغاني بتاريخ سابق لتاريخ روميو وجولييت ،وهذا كله يثبت تأثر روميو وجوليت بقصة مجنون ليلى من حيث البناء الدرامي لألحداث المتسلسلة ،ومضمون المسرحية في الحب العنيف ،واللقاءات السر ية التي كانت تقام بين الحبيبين خفية في الليل من وراء األهل ،زواج ليلى بغير قيس وجولييت بغير روميو،ظهور العادات والتقاليد التي وقفت حجر عثرة بين الحبيبين،ظهور الحاقد على الحبيبين ،الصراع الداخلي والخارجي ،ظهور المساعد للحبيبين ،أو الوسيط بين الحبيب وبين أهل حبيبته،البيئة المحيط بكل من أسرة ليلى وأسرة جولييت ،ومعارضة األهل للزواج ،قتل القريب في مسرحية روميو وجوليت الذي يشبه هدر دم قيس ،ظهور األعوان مثل الخادمة لليلى والمربية لجولييت ،والنهاية الحزينة التي انتهت بموت الحبيبين .فأوالً سندرس : هما قسمين على وجولييت روميو مسرحية في العربي األثر . والتقاليد العادات حيث من العربي :األثر األول القسم القسم الثاني :األثر العربي من حيث قصة مجنون ليلى . األثر العربي من حيث العادات والتقاليد وما سنحاول الوصول إليه من خالل األثر العربي يتمحور في العادات والتقاليد التي تقف حجر عثرة : في تتمثل العادات وهذه ، الحبيبين أمام . 1كل من يشبب بفتاة يجب أن يعاقب وال يتزوجها ،وهذا ما وجدناه في مسرحية روميو وجوليت
فعندما أحب روميو جوليت وبدأ يظهر عشقه لها تصارع مع قريبها وقتله ،ونتيجة لذلك عوقب بعدم الزواج من جولييت وطرد أو هرب إلى خارج البالد ،ألنهم سيهدرون دمه إن عاد . . 2الكرم وهذه من شيم العربي ،لكننا وجدناها في مسرحية روميو وجوليت تبدو واضحة تماما من حيث الحفلة التي أقامتها أسرة جوليت وطلب روميو للحضور لها .وهذه الحفلة تختلف بطبيعة الحال في كل مجتمع تبعا ً الختالف البيئة ،ففي تقاليدنا العربية تذبح الذبائح وتقدم للضيوف ترحيبا ً بقدومه ويتناشدون األشعار وتسمى ليلة سمر تنصب لها خياما ً خاصة بها وبالضيوف ،أما في المجتمع الغربي فتقام الحفالت لمناسبة خاصة ألسرة معينة ،وتدعو هذه األسرة معارفها وبعض أقاربها وتقام في مكان فسيح ،ويبدأ فيها الرقص والغناء واألكالت الخفيفة ،ويترك للضيوف الحرية في الغناء والرقص ،فكل يشارك بطريقته الخاصة ،وهذا يبدو واضحا ً في هذا الحوار .3اإليمان بالسحر والعرافة والجان :هذا موجود في أدبنا العربي ،ووجد أيضا ً في مسرحية روميو وجوليت من حيث هذا الحوار الذي دار بين روميو و مركوشيو فهذه النقطة التي تثبت تأثر روميو وجولييت باألدب العربي ألن تحمل في طياتها اإليمان بالسحرة وبما يقولوا ،كأننا بهذا نعود إلى أساطيرنا العربية .