اسطورة "بغماليون " Pygmalionومسرحية "سيدتى الجميلة" بين ( برناردشو ) و (سمير خفاجى وبهجت قمر) بقلـــم د .طــارق رضـــوان (مصـــر) تبرز خطورة األد ب فى كونه يؤثر فى وجدان المتلقى عبر لغته الجميلة أنه تأثر يحفر عميقا ويظهر فى بناء الشخصية من الداخل وينعكس على سلوكه .ومن هنا تبرز اهمية الدراسات األدبية المقارنة ألنها تتيح لنا معرفة ذواتنا والثقة بأنفسنا حيث تبين لنا أن حضارتنا األسالمية قامت ببناء الحضارة االنسانية ولم تكن عالة على األخر. اننا اليوم أحوج ما نكون الى االبداع فى كافة المجاالت ولن يتم هذا اال باالستفادة من انجازات االجداد والمعاصرين ليتم تجاوزهما الى أفق ارحب للمشاركة فى التطور االنسانى ان غالبية الحضارات تملك قصص أسطورية عن أبطال أسطوريين خياليين أو عن أبطال حقيقين وشخصيات تاريخية مثل عنترة وجان دارك ولكن الخيال الشعبى حولهم الى أسطورة .فأستمد األدباء هذه الشخصيات االسطورية من التاريخ القديم وأعملوا فيها خيالهم لكى يعبروا عن دالالت حية وغنية متطورة. من الطبيعى للفنان أن يعتز بما أبدعه ويحس بروعته ويسعى أن ينال أبداعه الحياة واالعجاب والخلود ففى المسرحية األساسية "بجماليون" هو ملكا على قبرص ،وكان نحاتا بارعا ،وقضى معظم حياته عازبا الى أن صنع تمثاال المرأة جميلة ،فأحب هذا التمثال ودعا األلهة أفروديت (ألهة الجمال والخصب عند اليونان) أن تحييه ،فاستجابت لدعائه ،وصارت (غاالتيا) زوجة له وولدت (بافوس). وتحدث الشاعر االنجليزى (جون مارستون) فى قصيدته (نفخ الروح فى صورة بجماليون) .ثم فى العصر الحديث عرض (برناردشو) مسرحية بجماليون وفيما بعد تأثر به توفيق الحكيم وكتب عن نفس المسرحية. تحكى مسرحية بجماليون لبرناردشو قصة (هيجنر) وهو عالم متخصص فى دراسة األصوات، ويعجب أثناء توقفه فى المحطة بلهجة بائعة الزهور (أليزا) اذ أنها بلهجتها غير المدنية تتيح له الفرصة لدراسة األصوات ،ومعرفة مدى قدرته على تحويل اللهجة الريفية الى لهجة مدنية فيعرض عليها فكرة تحويلها الى سيدة من المجتمع الراقى ،فتعجبها الفكرة مما أستدعى أن يعلمها علم النحو وقواعد اللغه وااللقاء فاستوعبتها بذكاء وعلمها أسس اللياقة االجتماعية ،وظهرت فى المجتمع بوصفها (دوقة) وهكذا أستطاع (هيجنر) أن يصنع من الفتاة الريفية المعدمة أميرة ارستقراطية كما أستطاع (بجماليون) أن يصنع امرأة من التمثال. ولكن هنا نالحظ أن الفتاة عانت صراعا بين القم التى نشأت عليها وبين قيم الحياة الجديدة التى ال ترأف باالنسان ،بل تنظر اليه بصفته أداة لتحقيق األهداف ،ووقعت فى حب أستاذها (هيجنر) بينما هو لم ينظر اليها هذه النظرة فهى تنتمى لطبقة غير طبقته ولن يستطيع الزواج منها .وهنا قررت الفتاة عدم البقاء فى هذه الطبقة المزيفة ،وفضلت الزواج من سائق أجرة ،وأحتقرت تقاليد الطبقة االرستقراطية القائمة على الزيف والتفاهة. ولكن هناك فرق بين أسطورة بجماليون األساسية وبين مسرحية برناردشو (بجماليون) .ففى األسطورة األصلية نرى (بجماليون) مرتبط ومحب لتمثاله ودعا األلهة أن تحوله الى انسان وتزوجها ولكن البطل عن (برناردشو) لم يحب (أليزا) وأنما أحب علمه وتطيبق تجاربه العلميه ،واحب نجاحه الذاتى وأحتقر (أليزا) وطبقتها الشعبية فهو رافض أن يرى ابناء طبقة الفقراء أندادا له .لعل برناردشو يرفض الرومانسية فى مسرحية (بجماليون) الصلية ولعله يريد األديب أن ينأى بعواطفه
الخاصه عن شخصياته ،وهذا ضرورى فى الفن المسرحى ،لكنه صعب فى الشعر الغنائى ،حيث ال يمكن للشاعر أن يفصل بين فنه وذاته. وتشبه مسرحية برناردشو (بجماليون) مسرحية سمير خفاجى وبهجت قمر فقد اقتبسوا الفكرة وكتبوا وعرضوا مسرحية (سيدتى الجميلة) حيث بحث البطل عن امرأة جميلة ليريها للملك لهدف ما .ويعثر البطل على فتاة جميلة سرقته فهى نشالة فيعجب بها البطل وبشخصيتها المتوحشة ويأخذها ليعلمها فن األتيكيت ويقعا فى الحب اال أن الفوارق االجتماعية تفرق بينهما.