الحديث الشريف

Page 1

‫قـــررت وزارة الـــتـربيــة والتعليـــم تــدري�س‬ ‫هـــــذا الـكـتـــاب وطــبــعـــه عــلـــى نـفـقــتــهـــا‬

‫الـحـدي ــث (‪)1‬‬ ‫التعليم الثانوي (نظام املقررات)‬

‫ت�أليف‬ ‫�أ‪.‬د‪�.‬أحمد بن عبد اهلل الباتلي‬

‫د‪ .‬عبد اهلل بن حممد ال َعمرو‬

‫حممد بن عبداهلل احلميدي‬

‫عبد الرحمن بن فهد الودعان‬

‫الطبعة الثانية‬ ‫‪ 1431‬ـــ ‪ 1432‬هـ‬ ‫‪ 2010‬ـــ ‪2011‬م‬


‫ح‬

‫وزارة التربية والتعليم‪1428 ،‬هـ‬

‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النشر‬ ‫وزارة التربية والتعليم‬ ‫احلديث (‪ )1‬ـ التعليم الثانوي (نظام املقررات) ‪ -‬الرياض ‪1428‬هـ‬ ‫‪ 198‬ص ‪ 27 x 21‬سم‬ ‫ردمك‪978 -9960 - 48 - 461 - 7 :‬‬ ‫‪ -1‬حديث‪ - 1‬كتب دراسية ‪-‬أ‪.‬د أحمد بن عبداهلل الباتلي‪ ،‬د‪ .‬عبداهلل بن محمد ال َعمرو‪،‬‬ ‫محمد بن عبداهلل احلميدي ‪ -‬الرياض ‪1428‬هـ‬ ‫ب‪ -‬اعبدالرحمن بن فهد الودعان (مؤلف مشارك)‪ ،‬ج‪ -‬العنوان‬ ‫ديوي ‪1428 /5377 230.3‬‬ ‫رقم اإليداع ‪1428 / 5377 :‬‬ ‫ردمك ‪978 - 9960 - 48 - 461- 7 :‬‬

‫لهذا الكتاب قيمة مهمة وفائدة كبيرة فحافظ عليه واجعل نظافته تشهد على حسن سلوكك معه‪.‬‬ ‫إذا لم حتتفظ بهذا الكتاب في مكتبتك اخلاصة في آخر العام لالستفادة فاجعل مكتبة مدرستك حتتفظ به‪.‬‬ ‫حقوق الطبع والنشر محفوظة لوزارة التربية والتعليم‪ -‬اململكة العربية السعودية‬

‫موقع‬

‫وزارة التربية والتعليم‬ ‫‪www.moe.gov.sa‬‬

‫موقع‬

‫البوابة التعليمية للتخطيط التربوي‬ ‫‪http ://www.ed.edu.sa‬‬

‫موقع‬

‫إدارة التعليم الثانوي‬ ‫‪www.hs.gov.sa‬‬ ‫البريد اإللكتروني لقسم العلوم الشرعية‬ ‫‪runit@moe.gov.sa‬‬

‫البريد اإللكتروني إلدارة التعليم الثانوي‬

‫‪secondary-education@moe.gov.sa‬‬




‫المحتويات‬ ‫املوضوع‬ ‫أوال‪ :‬مصطلح احلديث‬ ‫تعريف السنة‬ ‫منزلة السنة النبوية‬ ‫حجية السنة‬ ‫إنكار حجية السنة ودوافعه والرد عليها‬ ‫حفظ اهلل تعالى للسنة النبوية‬ ‫مناذج من حرص السلف على حفظ السنة النبوية‬ ‫مراحل كتابة السنة النبوية وتدوينها‬ ‫تعريف بالكتب السبعة ومؤلفيها‬ ‫ثانيا‪ :‬احلديث النبوي‬ ‫احلديث األول‪« :‬مثل ما بعثني اهلل به من الهدى والعلم‪.»...‬‬ ‫احلديث الثاني‪ « :‬من سن في اإلسالم سنة حسنة‪.»...‬‬ ‫احلديث الثالث‪« :‬بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ‪.»...‬‬ ‫احلديث الرابع‪« :‬إن احلالل بني وإن احلرام بني‪.»...‬‬ ‫احلديث اخلامس‪ « :‬سبعة يظلهم اهلل في ظله‪.»...‬‬ ‫احلديث السادس‪« :‬من عادى لي ول ًّيا‪.»...‬‬ ‫احلديث السابع‪ « :‬لن ينجي أحدا منكم عمله»‪« ..‬سددوا وقاربوا‪.»..‬‬ ‫احلديث الثامن‪« :‬مثل املؤمن كمثل خامة الزرع‪ ..‬ومثل الكافر كمثل ا َأل ْر َز ِة صماء معتدلة‪.»..‬‬ ‫احلديث التاسع‪ :‬عن ُحمران أنه رأى عثمان بن عفان دعا ب َوضوء فأفرغ على يديه من إنائه‪ ،‬فغسلهما ثالث‬ ‫مرات‬

‫الصفحة‬


‫املوضوع‬ ‫احلديث العاشر‪ :‬حديث مالك بن احلويرث «وصلوا كما رأيتموني أصلي»‪.‬‬ ‫احلديث احلادي عشر‪« :‬إن أثقل صالة على املنافقني صالة العشاء وصالة الفجر‪ ،‬ولو يعلمون ما فيهما ألتوهما‬ ‫ولو ح ْبواً»‪.‬‬ ‫احلديث الثاني عشر‪« :‬خمس من الفطرة‪.» ..‬‬ ‫احلديث الثالث عشر‪« :‬أنا زعيم ببيت في ربض اجلنة ملن ترك املراء وإن كان محقًا‪.»...‬‬ ‫احلديث الرابع عشر‪ :‬أن رجال قال للنبي ‪ : ‬أوصني‪ .‬قال‪« :‬ال تغضب»‪.‬‬ ‫احلديث اخلامس عشر‪« :‬علمنا رسول اهلل ‪ ‬االستخارة في األمور كلها»‪.‬‬ ‫احلديث السادس عشر‪ « :‬اجتنبوا السبع املوبقات»‪.‬‬ ‫احلديث السابع عشر‪ « :‬إن اهلل كتب على ابن آدم حظه من الزنا‪.»..‬‬ ‫احلديث الثامن عشر‪ « :‬من غشنا فليس منا»‪.‬‬ ‫احلديث التاسع عشر‪ « :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالثة‪.»..‬‬ ‫احلديث العشرون‪« :‬ال تزول قدما عبد يوم القيامة‪.»..‬‬ ‫احلديث احلادي والعشرون‪ « :‬اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»‪.‬‬ ‫احلديث الثاني والعشرون‪« :‬أتدرون ما املفلس»‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الثقافة اإلسالمية‬ ‫حق اهلل وحق رسوله ‪.‬‬ ‫الدعوة إلى اهلل تعالى‪ ،‬وصور من هدي النبي ‪ ‬في ذلك‪.‬‬ ‫االستقامة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الع َّفة‬ ‫األخالق وأهميتها‪.‬‬ ‫الصدق والكذب‪.‬‬ ‫املزاح وآدابه‪.‬‬ ‫األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫السماع أنواعه وأحكامه‪.‬‬

‫الصفحة‬


‫املوضوع‬ ‫الوقت وأهميته‪.‬‬ ‫األخوة واختيار األصحاب‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫القراءة وأهميتها‪.‬‬ ‫السفر وآدابه‪.‬‬ ‫الدعاء وآدابه‪.‬‬ ‫الذكر وأهميته‪.‬‬ ‫حق الراعي والرعية‪.‬‬ ‫حقوق الوالدين واألقارب‪.‬‬ ‫الشباب‪.‬‬ ‫االبتعاث أحكامه وآدابه‪.‬‬ ‫التدخني وأضراره‪.‬‬ ‫آفات اللسان‪.‬‬ ‫القلوب وأمراضها‪.‬‬ ‫الذنوب واملعاصي وآثارهما‪.‬‬ ‫احملاسبة والتوبة‪.‬‬ ‫العوملة‪.‬‬ ‫الشيطان ومداخله‪.‬‬ ‫االستشراق‪.‬‬ ‫التغريب‪.‬‬ ‫احلضارة اإلسالمية‪.‬‬

‫الصفحة‬



‫المقدمة‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعني‪ ،‬أما‬ ‫بعد‪:‬‬ ‫فبني يديك ـ أخي الطالب ـ كتاب احلديث (‪ )1‬للطالب للنظام الثانوي بخطته اجلديدة‪،‬‬ ‫وهو يتضمن ثالثة محاور أساسية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬مصطلح احلديث‪ ،‬وتدرس فيه شيئا مما يتعلق بالسنة النبوية وحجيتها‪ ،‬والتعريف‬ ‫بأهم مصادرها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬احلديث النبوي‪ ،‬وتدرس فيه أحاديث مختارة عن النبي ﷺ مع ذكر أهم الفوائد‬ ‫واإلرشادات املتعلقة بها‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الثقافة اإلسالمية‪ ،‬وتدرس فيه موضوعات مختارة متعلقة باآلداب الشرعية أو‬ ‫الفكر اإلسالمي‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬كتبت بأسلوب يناسب مستواك العمري والثقافي‪.‬‬ ‫وبقدر علمك وعملك مبا تضمنته األحاديث النبوية التي تدرسها‪ ،‬ودعوتك إليها‬ ‫وتعليمها لآلخرين؛ تكون بإذن اهلل تعالى ممن أراد اهلل بهم اخلير وسعادة الدارين؛ حيث‬ ‫أخبرنا رسولنا الكرمي ﷺ أن‪َ « :‬من يرِد ُ‬ ‫الدين»(‪َّ ،)1‬‬ ‫اهلل ِب ِه َخ ْي ًرا ُي َف ِّقه ُه ِفي ِّ‬ ‫وبشر من ب ّلغ‬ ‫ْ ُ‬ ‫شريعته‪ ،‬ودعا له ﷺ بأن يرزقه اهلل البهجة بقوله ﷺ‪َ « :‬ن َّضر ُ‬ ‫اهلل ا ْم َر ًءا َس ِم َع َم َقا َل ِتي َف َو َع َاها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُث َّم أ َّد َاها ِإ َلى َم ْن َل ْم َي ْس َم ْع َها‪َ ،‬ف ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ َال ِف ْق َه َل ُه‪َ ،‬و ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ ِإ َلى َم ْن ُه َو َأ ْف َق ُه‬ ‫ِم ْن ُه»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب من يرد اهلل به خيرا يفقهه في الدين ‪ ،)71(39/1‬ومسلم في كتاب الزكاة‪ ،‬باب النهي عن املسألة ‪.)1037( 718/2‬‬ ‫(‪ )2‬احلديث صحيح‪ ،‬مروي عن جمع من الصحابة ‪ ‬منهم‪ :‬جبير بن مطعم‪ ،‬وابن مسعود‪،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأنس ‪ ، ‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬ينظر‪:‬مسند اإلمام‬ ‫أحمد ‪ ،183/5 ،225/3 ،436/80،1/4‬وسنن أبي داود ‪ ،)3660( 322/3‬والترمذي ‪،)2658( - )2656(33/5‬وابن ماجه ‪-)230(86-84/1‬‬ ‫(‪ ،)236‬وغيرهم‪ ،‬وقد ذكره الكتاني في األحاديث املتواترة (نظم املتناثر في احلديث املتواتر ص‪.)33‬‬


‫وقد ُق ِّس َم املقرر إلى دروس متوالية‪ ،‬ووضعنا لكل درس أهدافا تربوية ُيتوخى منك‪ -‬أخي‬ ‫الطالب‪ -‬أن حترص عليها وتتمثلها في حياتك‪ ،‬وقد ضمن كل درس في هذا املقرر نشاطات‬ ‫متنوعة تزيدك علما وفهما واستيعابا للدرس‪ ،‬وتساعدك لتكون طالبا نشطا داخل الصف؛‬ ‫تشارك في الدرس بفاعلية وروح متوثبة‪ ،‬وتنمي لديك املهارات املتنوعة؛ وتعينك على‬ ‫البحث عن املعلومة بنفسك؛ مع مساعدتك في البحث عنها من خالل بعض املوجهات أو‬ ‫إرشاد معلمك املبارك؛ كما تعينك على التعاون مع زمالئك في إثراء املادة ونفع اآلخرين‪،‬‬ ‫وقبل ذلك وبعده تعينك ‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬في التعرف على كثير من األحكام الشرعية‬ ‫واألصول العلمية التي تستفيدها في حياتك‪ ،‬وتكون عونا لك بإذن اهلل تعالى على حتصني‬ ‫نفسك من التيارات الفكرية املختلفة‪ ،‬كما إنها تقربك إلى ربك وخالقك؛ مما يقودك بإذن‬ ‫اهلل لسعادة الدنيا ونعيم اآلخرة‪.‬‬ ‫والذي نؤمله أن يكون الكتاب دافع ًا لك لالرتقاء في مدارج العلم والهداية‪ ،‬وانطالقة‬ ‫خلير عظيم ترى أثره في حياتك ومجتمعك وأمتك‪ .‬نفع اهلل بك‪ ،‬وجعلك ُقرة عني لوالديك‪،‬‬ ‫ونافعا ألمتك‪ ،‬وحفظك من كل مكروه‪.‬‬

‫المؤلفون‬


‫أوالً ‪:‬‬

‫مصطلح الحديث‬


‫الســنَّ ُة النَّ َبـ ِـو َّيـ ُـة‬ ‫ُّ‬ ‫تعريفُها – َم ْن ِزل ُتها‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف السنة في اللغة واالصطالح‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني منزلة السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حجية السنة النبوية‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل من القرآن والسنة على حجية السنة النبوية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم إنكار حجية السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبرهن على فساد القول بعدم حجية السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد دوافع إنكار السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تُعدد أقسام منكري السنة‪.‬‬ ‫َع ِن المْ ِ ْقدَ ا ِم بن َم ْع ِد َ‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪َ :‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫يكر َِب ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫يت ا ْل ُق ْر َآن َو ِم ْث َل ُه َم َع ُه»‪.‬رواه أحمد‪.‬‬ ‫قال‬ ‫«أال إني ُأو ِت ُ‬

‫(((()‬

‫النبي ‪‬؟‬ ‫‪ -‬ما مثيل القرآن الذي ُأو ِت َي ُه ُّ‬

‫ وهل منزلته في التشريع كمنزلة القرآن؟‬‫ وما الفرق بينه وبني القرآن؟‬‫السنة النبوية هي َم ُ‬ ‫وحي من اهلل تعالى؛ إال‬ ‫النبي ‪ ،‬وهي مبنزلة القرآن في التشريع‪َ ،‬‬ ‫ثيل القرآن الذي ُأو ِت َي ُه ُّ‬ ‫وهي ٌ‬

‫أن َ‬ ‫النبي ‪ ‬وال ُي َت َع َّبدُ بتالوتها‪.‬‬ ‫لفظها من ِّ‬

‫الس َّن ِة ‪ ، )4604(200/4‬والطبراني في املعجم الكبير‪ ،283/20‬والبيهقي في‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،130/4‬وأبو داود في كتاب السنة‪َ ،‬باب في لُ ُزو ِم ُّ‬ ‫السنن الكبرى ‪ ،332/9‬والدارقطني ‪ ،287/4‬وصححه ابن حبان ‪ ، )12(189/1‬واأللباني في تخريج مشكاة املصابيح(‪. )163‬‬

‫‪12‬‬


‫السنة ‪:‬‬ ‫تعريف ُّ‬ ‫السنة في ال ُّلغة‪ :‬الطريق ُة والسير ُة حميد ًة كانت أو ذميمةً‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫السنة في اصطالح احملدِّ ثني‪ :‬ما ُأ َ‬ ‫َقرير أو صفةٍ خلقيةٍ أو خُ ُلقيةٍ ‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬من ٍ‬ ‫فعل أو ت ٍ‬ ‫قول أو ٍ‬ ‫ضيف إلى ِّ‬

‫منزلة السنة النبوية‬ ‫للسنة النبوية مكانة عظيمة في اإلسالم‪ ،‬ميكن تلخيصها في النقاط التالية‪:‬‬ ‫السنة هي املصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫‪ُّ -1‬‬

‫ِ‬ ‫وحي َم ْت ُل ٌّو وهو‪:‬‬ ‫الوحي‬ ‫وحي غي ُر َم ْت ُل ٍّو؛ فإن‬ ‫َ‬ ‫وحيان‪ٌ :‬‬ ‫وحي من اهلل تعالى لرسوله ‪ ،‬ولكنها ٌ‬ ‫‪ -2‬السنة النبوية ٌ‬ ‫القرآن الكرمي‪َ ،‬و َو ْح ٌي غي ُر َم ْت ُل ٍّو وهو‪ :‬السنة النبوية‪.‬‬

‫‪ -3‬السنة النبوية تأتي من القرآن الكرمي على ثالثة أنحاء‪:‬‬ ‫وتوضيحا لمِ َا ُأجمل ِمن أحكامه؛ كتفصيل أحكام الصالة والزكاة‪.‬‬ ‫أ‪ -‬بيا ًنا للقرآن الكرمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وتقريرا ألحكام القرآن الكرمي؛ كإيجاب صلة األرحام وحترمي الزنا والسرقة‪.‬‬ ‫تأكيدا‬ ‫ب‪-‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫ُ‬ ‫القرآن الكرمي؛ كتحرمي نكاح املرأة على َع َّمتها وخالتها‪.‬‬ ‫سكت عنها‬ ‫بأحكام‬ ‫ت‪ -‬تأتي‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬

‫الس َّن ِة ال َّن َب ِو َّي ِة‬ ‫ُح ِّج َّي ُة ُّ‬ ‫الس َّن ِة ال َّن َبوِ َّي ِة ُح َّج ٌة في األحكام الشرعية االعتقادية والعملية‪ ،‬فهي واجبة االتِّباع كالقرآن الكرمي‪ ،‬وقد َّ‬ ‫دل على‬ ‫ُّ‬ ‫ذلك الكتاب والسنة في نصوص كثيرة؛ منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫(((‬

‫ب‪ -‬قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫وش ُك ال َّر ُج ُل ُم َّت ِك ًئا على َأر َ‬ ‫ت‪ -‬حديث المْ ِ ْقدَ ا ِم بن َم ْع ِد َ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫يكر َِب الكندي ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪ُ « :‬ي ِ‬ ‫ِيك ِت ِه‪،‬‬ ‫قال‬ ‫اب اللهَّ ِ ع َّز َّ‬ ‫الل ْاس َت ْح َل ْل َنا ُه‪َ ،‬و َما‬ ‫وجل‪َ ،‬ف َما َو َجدْ َنا فيه ِمن َح ٍ‬ ‫ُي َحدَّ ُث ب َِح ِد ٍ‬ ‫يث ِم ْن َح ِدي ِثي فيقول‪َ :‬ب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم ِك َت ُ‬ ‫(((‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 12‬من سورة التغابن‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 7‬من سورة احلشر‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫ُ‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪ِ ‬مث ُْل ما َح َّر َم اهلل»‪.‬رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن‬ ‫َو َجدْ َنا فيه ِمن َح َر ٍام َح َّر ْم َنا ُه‪َ ،‬أ َال َو ِإ َّن ما َح َّر َم‬

‫ماجه‪.‬‬

‫(((()‬

‫إنكار حجية السنة ودوافعه‬ ‫َ​َّا انتشر اإلسالم وظهر على أمم الكفر‪ ،‬وبقيت بقايا من الزنادقة امللحدة من بقايا الديانات األخرى من املجوسية‬ ‫‪ -1‬ل‬ ‫وغيرها؛ لم يدخل اإلميان في قلوبها‪ ،‬ولم يكن لديها القدرة على إظهار كفرها وضاللها بعد شروق شمس‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وانتشار ضيائه‪ ،‬ورأوا أن املواجهة املكشوفة لإلسالم ال تفيدهم شيئاً‪ ،‬فأبطنوا الكفر‪ ،‬وأظهروا اإلسالم‪،‬‬ ‫وبدأوا يخططون للكيد به وأهله‪ ،‬فظهرت بسببهم كثير من البدع واالنحرافات التي تبناها بعض املسلمني‬ ‫كاف في‬ ‫واغتروا بها‪ ،‬فمن هذه الضالالت واالنحرافات‪ :‬إنكار حجية السنة النبوية والزعم بأن القرآن وحده ٍ‬ ‫بيان أحكام الشريعة‪.‬‬ ‫وإمنا غرضهم من ذلك‪ :‬هدم الدين وإفساده من الداخل؛ ألنه إذا هجرت السنة النبوية التي هي بيان للقرآن‬ ‫الكرمي‪ ،‬ترك الناس املصدر الثاني من مصادر التشريع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ -2‬وقد تصدى الصحابة ‪ ‬والتابعون لهم بإحسان؛ لهذه البدعة‪ ،‬وبينوا بطالنها‪ ،‬ومما روي عنهم في ذلك‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قال حبيب بن أبي فضالة املالكي‪« :‬ملا بني هذا املسجد إذا عمران بن حصني – رضي اهلل عنهما – جالس‪،‬‬ ‫فذكروا عند عمران الشفاعة‪ ،‬فقال رجل من القوم‪ :‬يا أبا ال ُنجيد‪ ،‬إنكم لتحدثوننا بأحاديث لم جند لها‬ ‫ال في القرآن! قال‪ :‬فغضب عمران‪ ،‬وقال للرجل‪ :‬قرأت القرآن؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فهل وجدت صالة‬ ‫أص ً‬ ‫العشاء أربعاً‪ ،‬ووجدت املغرب ثالثاً‪ .‬والغداة ركعتني‪ ،‬والظهر أربعاً‪ ،‬والعصر أربعاً؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فعمن‬ ‫أخذمت هذا الشأن؟ ألستم عنا أخذمتوه‪ ،‬وأخذنا عن نبي اهلل؟ ووجدمت في كل أربعني درهم ًا درهماً‪ ،‬و في‬ ‫كل كذا شاة‪ ،‬وفي كل كذا بعيراً كذا‪ ،‬أوجدمت في القرآن هذا؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فعمن أخذمت هذا؟ أخذناه‬ ‫عن النبي وأخذمتوه عنا‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬وجدمت في القرآن‪( :‬وليطوفوا بالبيت العتيق) ‪ ،‬أوجدمت فطوفوا سبعاً‪ ،‬واركعوا ركعتني من خلف‬ ‫املقام؟ أوجدمت هذا في القرآن؟ فعمن أخذمتوه؟ ألستم أخذمتوه عنا وأخذناه عن رسول اهلل؟ قالوا‪ :‬بلى‪.‬‬ ‫الس َّن ِة ‪ ، )4604(200/4‬والترمذي في كتاب العلم‪َ ،‬باب ما نُهِ َي عنه َأ ْن‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،132،130/4‬وأبو داود في كتاب السنة‪َ ،‬باب في لُ ُزو ِم ُّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ُي َق َ‬ ‫يم حديث رسول ا ِ ‪َ ‬وال َّتغْ ِل ِ‬ ‫يظ على من َعا َر َض ُه ‪ )12(6/1‬وهذا‬ ‫ال ِع ْندَ حديث النبي ‪ ، )2664(38/5 ‬وابن ماجه في املقدمة‪َ ،‬باب ت َْعظِ ِ‬ ‫لفظه‪ ،‬وصححه ابن حبان ‪ ، )12(189/1‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني ‪ ،191/1‬واأللباني في تخريج مشكاة املصابيح(‪. )163‬‬

‫‪14‬‬


‫قال‪ :‬سمعتم اهلل تعالى قال في كتابه‪( :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ‪ ،‬فقال عمران‪:‬‬ ‫فقد أخذنا عن نبي اهلل أشياء ليس لكم بها علم(((() ‪ .‬وفي رواية من طريق احلسن‪ :‬أن الرجل قال لعمران‬ ‫رضي اهلل عنه‪ :‬أحييتني أحياك اهلل يا أبا جنيد‪ ،‬ثم قال احلسن‪ :‬فما مات الرجل حتى صار من فقهاء‬ ‫املسلمني(((() ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬قال رجل لمِ ُ َط ِّرف بن عبد اهلل بن ّ‬ ‫الشخير‪ :‬ال حتدِّ ثنا إال بالقرآن! فقال له ُم َط ِّر ٌف‪ :‬واهلل ما نريد بالقرآن‬ ‫َ‬ ‫الرسول ‪. )‬‬ ‫بد ًال‪ ،‬ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا(((() ‪( .‬يعني‬

‫ثت الرجل بالسنة‪ ،‬فقال‪ :‬دعنا من هذا وحدثنا من القرآن؛ فاعلم أنه‬ ‫ت‪ -‬قال أيوب السختياني‪ :‬إذا َحدَّ َ‬ ‫ضال مضل(((() ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بعض الفرق املعروفة بزيغها وضاللها وانحرافها؛ كاخلوارج واملعتزلة وغيرهم‪ ،‬فر َّد‬ ‫املنحرف ُ‬ ‫‪ -3‬ثم َت َب َّنى هذا االجتا َه‬ ‫عليهم أهل العلم وبينوا باطلهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬وفي العصر احلديث جاء االستعمار ومعه أتبا ُعه املستشر ُقون املدَّ عون ِ‬ ‫للعلم والتحقيق‪ ،‬فأرادوا إعادة هذه املطاعن‬ ‫على السنة النبوية‪ ،‬والتشكيك فيها باسم التحقيق العلمي‪ ،‬وتل َّق َف ذلك منهم أذناب لهم من املستغربني‬ ‫وس َّم ْت نفسها بـ(القرآنيون) ‪ ،‬كما قال به بعض‬ ‫املنتسبني لإلسالم‪ ،‬فظهرت ِفرق ٌة تتبنى هذا الفكر القدمي‪َ ،‬‬ ‫الكتاب – وعامتهم من غير املتخصصني في الدراسات الشرعية ‪ ،-‬وشبهتهم في ر ِّد السنة‪ :‬أنها لم تكتب إال‬ ‫وردوا عليهم افتراءاتهم كما ستأتي‬ ‫بعد موت النبي ‪‬‬ ‫ٍ‬ ‫بقرون؛ مما أ َّدى لضياعها‪ ،‬وقد ناقشهم العلماء في ذلك ُّ‬ ‫اإلشارة إليه في مبحث تدوين السنة إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬ ‫يرد بعض األحاديث النبوية زاعما مخالفتها للعقل‪ ،‬فيتحكمون في‬ ‫‪ -5‬كما َظ َه َر ِمن أهل األهواء قدمي ًا وحديث ًا َمن ُّ‬ ‫النصوص الشرعية بأهوائهم‪ ،‬وإمنا اخللل في عقولهم وليس في أحاديث النبي ‪ ‬التي يجب التسليم لها‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البيهقي في دالئل النبوة ‪ ،26 – 25/1‬والطبراني في املعجم الكبير ‪ ، )547( 219/18‬واملروزي في تعظيم قدر الصالة ‪)1081( 1007/2‬‬ ‫هكذا مطو ًال‪ ،‬ورواه مختصراً أبو داود في كتاب الزكاة‪ ،‬باب ما جتب فيه الزكاة ‪ ، )1561( 94/2‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني ‪192/1‬‬ ‫وصحح إسناده‪.‬‬ ‫‪ )2‬هذه الزيادة في رواية احلاكم من طريق احلسن‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ‪ ،191/2‬وأبو خيثمة زهير بن حرب النسائي في كتاب العلم ص‪ ،25‬وعزاه السيوطي في مفتاح اجلنة‬ ‫ص‪ 36‬للبيهقي‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه اخلطيب في الكفاية في علم الرواية ص‪ ،16‬واحلاكم في معرفة علوم احلديث ص‪ ،65‬والهروي في ذم الكالم وأهله ‪.56 – 55/2‬‬

‫‪15‬‬


‫نشاط ‪:1‬‬

‫وحي من اهلل لنبيه ‪.‬‬ ‫بالرجوع إلى سورة النجم‪ :‬استخرج اآلية التي تدل على أن السن َة ٌ‬

‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬ ‫ظهر على الشبكة العنكبوتية عدة مواقع متخصصة في العناية بالسنة النبوية‪ ،‬تعاون مع زمالئك‬ ‫في اختيار موقعني ‪ ،‬ثم اكتب في دفترك تقريراً عنهما يشمل على‪:‬‬ ‫التعريف باملوقع ‪ ،‬غاياته وأهدافه ‪ ،‬أقسامه ‪ ،‬خدمات املوقع ‪ ،‬روابطه‪.‬‬

‫نشاط‪:3‬‬ ‫زعم بعض منكري السنة بأنهم يكتفون مبا ورد في القرآن ‪ ،‬ولكن القرآن أوجب العمل بالسنة‪،‬‬ ‫وفي هذا حجة عليهم ‪ ،‬وهذه مجموعة من اآليات التي توجب اتباع السنة والعمل بها ‪ ،‬بني‬ ‫وجه الداللة منها‪:‬‬ ‫اآلية‬ ‫(من يطع ال ّرسول فقد أطاع اهلل)‬ ‫(يـا أ ّيها الّذين أمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا ال ّرسول)‬ ‫(فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصي ُبهم عـذاب ألـيم)‬ ‫ثم ال يجدوا في أنفسهم‬ ‫(فال وربك ال يؤمنون ح ّتى‬ ‫ُّ‬ ‫يحكموك فيما شجر بينهم ّ‬ ‫مـما قضيت ويسلموا تسليما)‬ ‫حجا مما قضيت) حرج ًا ّ‬ ‫(يا أ ّيـُها الّذين أمنوا استجيبوا هلل ولل ّرسول إذا دعاكم ملا ُيحييكم)‬ ‫(فإن تنازعتم في شيء فر ّد ُوه إلى اهلل وال ّرسول)‬ ‫(وأنزلنا إليك الذكر لتبني للناس ما ُن ّزل إليهم )‬

‫‪16‬‬

‫وجه الداللة‬


‫التقويم‬ ‫السنة في اللغة واالصطالح‪.‬‬ ‫س‪ :1‬ع ِّرف ُّ‬ ‫س‪ :2‬بينِّ مكانة السنة النبوية‪.‬‬

‫س‪ :3‬ما الدافع الرئيس الذي جعل طائفة من الناس تنكر حجية سنة النبي ‪ ‬وتطعن فيها؟‬ ‫س‪ :4‬للسنة النبوية مع القرآن الكرمي ثالث حاالت؛ اذكرها ممثال لكل منها مبثال‪.‬‬ ‫س‪ :5‬مثِّل ملوقف السلف من منكري االحتجاج بالسنة النبوية‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ُ‬ ‫نة النَّ َب ِو َّي ِة‬ ‫لس ِ‬ ‫حفظ ِ‬ ‫الله تعالى ِل ُّ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبرهن على حفظ اهلل للسنة النبوية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني احلكمة من األمر بكتابة السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مراحل تدوين السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني مراحل تدوين السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تقدر جهود العلماء في حفظ السنة‪.‬‬

‫حفظ اهلل للسنة النبوية‬ ‫َل َّما كان رسول اهلل ‪ ‬هو املبلغ عن اهلل تعالى فقد أمر اهلل تعالى نبيه محمداً ‪ ‬ببيان كتابه للناس‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﱪ (((() ‪.‬‬ ‫وملا كانت السنة النبوية بيان ًا للقرآن الكرمي‪ ،‬وقد تكفل سبحانه بحفظ هذا القرآن الذي أنزله على نبيه محمد ‪ ،‬وهذا‬ ‫يتضمن حفظ السنة املبينة له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫حث النبي ‪ ‬على حفظ السنة النبوية‬ ‫ُ‬ ‫رءا َس ِم َع‬ ‫ملا للسنة النبوية من املنزلة العظيمة فقد أمر النبي ‪ ‬بحفظها وتبليغها للناس‪ ،‬فقال ‪َ «:‬ن َّض َر اهلل ا ْم ً‬ ‫َم َقا َل ِتي َف َو َع َاها‪ُ ،‬ث َّم َأ َّد َاها ِإ َلى َم ْن َل ْم َي ْس َم ْع َها؛ َف ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ َال ِف ْق َه َل ُه‪َ ،‬و ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ ِإ َلى َم ْن ُه َو َأ ْف َق ُه ِم ْنه»‪.‬‬ ‫(((()‬

‫رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه‪.‬‬

‫لوفد ِ‬ ‫وقال ‪ِ ‬‬ ‫القيس‪ِ « :‬ا ْح َف ُظو ُه َّن و َأخْ بِروا بِهِ َّن َمن َو َرا َء ُك ْم» (((() ‪.‬‬ ‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 44‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 9‬من سورة احلجر‪.‬‬ ‫‪ )3‬احلديث صحيح‪ ،‬مروي عن جمع من الصحابة ‪ ‬منهم‪ :‬جبير بن مطعم‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأنس ‪ ‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬ينظر‪:‬مسند اإلمام‬ ‫أحمد ‪ ،183/5 ،225/3 ،436/80،1/4‬وسنن أبي داود ‪ ، )3660( 322/3‬والترمذي ‪، )2658 (- )2656(33/5‬وابن ماجه ‪-84/1‬‬ ‫‪ ، )236( - )230(86‬وغيرهم‪ ،‬وقد ذكره الكتاني في األحاديث املتواترة (نظم املتناثر في احلديث املتواتر ص‪. )33‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب أداء اخلمس من اإلميان ‪. )53( 40/1‬‬

‫‪18‬‬


‫مراحل كتابة السنة وتدوينها‬

‫(((()‬

‫َم َّرت كتاب ُة احلديث النبوي وتدوينه ِبعدَّ ِة مراحل‪ ،‬ميكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬ ‫املرحلة األولى‪ :‬الكتابة في عهد النبي ‪ ‬وأصحابه ‪ ،‬وذلك في القرن األول الهجري‪ ،‬كان النبي ‪‬‬ ‫نهى عن كتابة أحاديثه في أول اإلسالم خشية اختالطها بالقرآن‪ ،‬فعن أبي سعيد اخلدري ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫القرآن َف ْل َي ْم ُح ُه»‪.‬رواه مسلم (((() ‪.‬‬ ‫«ال تكتبوا عني‪ ،‬ومن َك َت َب عني غي َر‬

‫ثم َأ ِذ َن ‪ ‬لبعض الصحابة ‪ ،‬قال أبو هريرة ‪«: :‬ما من أصحاب النبي ‪ ‬أحد أكثر حديث ًا عنه مني؛‬

‫إال ما كان من عبد اهلل بن عمرو؛ فإنه يكتب وال أكتب»‪.‬رواه البخاري (((() ‪.‬‬ ‫وقال عبد اهلل بن عمرو بن العاص – رضي اهلل عنهما – كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول اهلل ‪ ‬أريد‬ ‫حفظه‪ ،‬فنهتني قريش‪ ،‬وقالوا‪ :‬أتكتب كل شيء تسمعه من رسول اهلل ‪ ،‬ورسول اهلل بشر يتكلم في الغضب‬ ‫والرضا‪ ،‬فأمسكت عن الكتاب‪ ،‬فذكرت ذلك لرسول اهلل ‪ ‬فقال‪«: :‬اكتب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إال‬ ‫حق» (((() ‪ ،‬وكتب ‪ ‬صحيفة كان يسميها‪( :‬الصادقة) (((() ‪.‬‬ ‫وأمر النبي ‪ ‬بالكتابة لبعض أصحابه ‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬خطب في عام فتح مكة خطبة‪،‬‬ ‫فقام رجل من أهل اليمن يقال له‪ :‬أبو شاه‪ ،‬فقال‪ :‬اكتب لي يا رسول اهلل‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬اكتبوا ألبي‬ ‫شاه»(((() ‪ ،‬وكتب النبي ‪ ‬كتاب ًا في الصدقات(((() ‪ ،‬وكتب إلى ملوك األرض يدعوهم إلى اإلسالم‪.‬‬ ‫وكتب جمع من الصحابة ‪ ‬وكانت عندهم صحف‪ ،‬منهم‪ :‬علي بن أبي طالب‪ ،‬وجابر بن سمرة‪ ،‬وغيرهم‬ ‫واحلسن البصري‪،‬‬ ‫‪ ،‬ومن التابعني‪ :‬سعيد بن جبير‪ ،‬ووهب بن ُم َن ِّب ْه وله صحيفة تسمى (الصحيفة الصحيحة) ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بن أبي رباح‪ ،‬وغيرهم(((() ‪.‬‬ ‫وعطا ُء ُ‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬تدوين السنة نشأته وتطوره؛ للدكتور محمد بن مطر الزهراني‪ ،‬واحلديث واحملدثون حملمد أبو زهو‪ ،‬والسنة قبل التدوين للدكتور محمد‬ ‫عجاج اخلطيب‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب التثبت في احلديث وحكم كتابة العلم ‪. )3004( 2298/4‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب كتابة العلم ‪. )113( 54/1‬‬ ‫‪ )4‬رواه أحمد ‪ ،162/2‬والدارمي في املقدمة‪ ،‬باب من رخص في كتابة العلم ‪ ، )346(132/1‬واحلاكم ‪ ،105/1‬وصححه‪.‬‬ ‫‪ )5‬جامع بيان العلم لالبن عبد البر ‪ ،72/1‬ومعرفة النسخ والصحف احلديثية للشيخ بكر أبو زيد رحمه اهلل (ص‪. )178‬‬ ‫‪ )6‬رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب التثبت في احلديث وحكم كتابة العلم ‪. )3004(2298/4‬‬ ‫‪ )7‬رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب التثبت في احلديث وحكم كتابة العلم ‪. )3004(2298/4‬‬ ‫‪ )8‬يراجع كتاب «صحف الصحابة» للشيخ أحمد الصويان‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫املرحلة الثانية‪ :‬تدوين احلديث في أواخر عهد التابعني‪ ،‬في القرن الثاني الهجري‪ ،‬ومتيزت هذه الكتابة‬ ‫بالتدوين العا ِّم للسنة النبوية؛ ولكنه لم يكن له ترتيب محدَّ د‪ ،‬وكان أول من اهتم بذلك أمير املؤمنني عمر بن‬ ‫السنة‪ ،‬وكتب إلى اآلفاق‪:‬‬ ‫ابن شهاب‬ ‫َّ‬ ‫عبدالعزيز – رحمه اهلل –؛ فأمر اإلما َم َ‬ ‫الزهري وأبا بكر بن حزم بجمع ُّ‬ ‫«انظروا حديث رسول اهلل ‪ ‬فاجمعوه واحفظوه؛ فإني أخاف دروس العلم وذهاب العلماء»(((() ؛ فكان أول‬ ‫من د َّون احلديث بأمره – تدوين ًا عام ًا – اإلمام الزهري – رحمه اهلل – ‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر(((() ‪ :‬فيستفاد‬ ‫منه ابتداء تدوين احلديث النبوي‪.‬‬ ‫املرحلة الثالثة‪ :‬تأليف السنة على هيئة كتب مصنفة مرتبة‪ ،‬إما على طريقة األبواب العلمية كاإلميان‬ ‫والعلم والطهارة والصالة وغيرها‪ ،‬أو على طريقة املسانيد فيذكرون مسند أبي بكر ثم عمر وهكذا إلى ما رواه بقية‬ ‫الصحابة ‪ ،‬وهذه املرحلة ُص ِّن َف فيها‪ :‬موطأ اإلمام مالك بن أنس – رحمه اهلل ‪ ،-‬ومتيزت هذه املرحلة بالترتيب‪،‬‬ ‫ومزج أقوال النبي ‪ ‬بأقوال الصحابة والتابعني وفتاويهم‪.‬‬ ‫املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة إفراد حديث النبي ‪ ‬بالتصنيف‪ ،‬وجمعه وترتيبه دون مزجه بغيره من أقوال‬ ‫الصحابة والتابعني – إال بالقدر اليسير الذي قد يحتاج إليه – وهذه املرحلة بدأت مع بداية القرن الثالث الهجري‪،‬‬ ‫ومن أشهر ما ُألِّ َف فيها‪ :‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬ومسند ا ُحلميدي‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬ثم بلغ تدوين احلديث غايته في‬ ‫منتصف القرن الثالث الهجري؛ حيث ألف اإلمام البخاري صحيح البخاري‪ ،‬واإلمام مسلم صحيح مسلم‪ُ ،‬‬ ‫وكتبت‬ ‫السنن‪ :‬سنن أبي داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬وسنن الدارمي‪ ،‬وغيرها من كتب احلديث املشهورة‪.‬‬

‫نشاط ‪:1‬‬ ‫حث اإلسالم على العلم‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬األمر بتدوين السنة‪ ،‬من خالل قراءتك للدرس سجل‬ ‫أسماء الكتب التي ُذكرت‪ ،‬ورتبها حسب األسبق في التأليف‪.‬‬ ‫‪........................... -2 ........................... -1‬‬ ‫‪........................... -4 ........................... -3‬‬ ‫‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب كيف يقبض العلم؟ ‪. )100(194/1‬‬ ‫‪ )2‬فتح الباري (‪ ، )194/1‬ومعنى دروس العلم ذهابه‪ ،‬إرشاد الساري للقسطالني ‪.196/1‬‬

‫‪20‬‬


‫‪........................... -6 ........................... -5‬‬ ‫‪........................... -8 ........................... -7‬‬ ‫‪........................... -10 ........................... -9‬‬

‫نشاط ‪2‬‬ ‫كانت وسائل حفظ السنة في السابق هي‪ :‬احلفظ في الصدور أو بتدوين السنة وكتابتها‪،‬‬ ‫واليوم وجدت وسائل حديثة ميكن االستفادة منها في ذلك‪ ،‬باحلوار مع زمالئك اذكر ثالثا‬ ‫منها مبينا محاسن كل وسيلة ومساوئها‪.‬‬ ‫م‬

‫محاسنها‬

‫الوسيلة‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫نشاط ‪:3‬‬ ‫أكمل خارطة املفاهيم اآلتية‪:‬‬

‫‪21‬‬

‫مساوئها‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما احلكمة من األمر بكتابة السنة؟‬ ‫س‪ :2‬اذكر ثالثة من أصحاب النبي ‪ ‬الذين كتبوا أحاديث النبي ‪ ‬في حياته‪.‬‬ ‫س‪ :3‬قارن بني املرحلتني الثالثة والرابعة من مراحل كتابة السنة‪ ،‬بذكر وجهني من أوجه االتفاق‪،‬‬ ‫ووجهني من أوجه االختالف بينهما‪.‬‬ ‫س‪ :4‬كان للخليفة عمر بن عبدالعزيز دور بارز في تدوين السنة‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :5‬اذكر اثنني من العلماء الذين كان لهم دور بارز في تدوين السنة وذلك في كل مرحلة‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫تعريف بالكتب السبعة‪ ،‬ومؤ ِّلفيها‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالكتب السبعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف مبؤلفي الكتب السبعة ‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أثر الكتب السبعة في حفظ السنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني الكتب السبعة من حيث ‪ :‬منهج املؤلف – عدد األحاديث – ترتيب‬ ‫الكتاب‪.‬‬ ‫متيز أبرز شروح الكتب السبعة ومختصراتها‪.‬‬ ‫خالل املرحلة الرابعة من مراحل تدوين السنة ظهرت مؤلفات كثيرة في السنة النبوية تنوعت فيها أساليب املؤلفني‬ ‫ومناهجهم‪ ،‬ومن بني تلك املؤلفات برزت كتب سبعة حظيت باهتمام العلماء بها‪ ،‬وقبول األمة لها‪ ،‬فكثرت‬ ‫شروحها ومختصراتها‪ ،‬وعكف طالب العلم على حفظها‪ ،‬واستنباط األحكام منها‪ ،‬فما تلك الكتب السبعة؟ ومن‬ ‫مؤلفوها؟ وما متيز به ُّ‬ ‫كل واحد منها؟‬

‫‪23‬‬


‫‪-1‬صحيح البخاري‪( :‬صورة لصحيح البخاري)‬ ‫اسم هذا الكتاب‪« :‬اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل ‪ ‬وسننه وأيامه»‪.‬‬

‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ا ُجلعفي‪ ،‬البخاري‪ ،‬ولد سنة ‪194‬هـ‪ ،‬وتوفي سنة‬

‫‪256‬هـ(((() ‪.‬‬

‫منزلته‪ :‬هو أصح الكتب بعد كتاب اهلل تعالى‪ ،‬قال احلافظ الذهبي‪« :‬هو ُّ‬ ‫أجل كتب اإلسالم وأفضلها بعد‬ ‫كتاب اهلل»(((() ‪.‬‬ ‫مما متيز به الكتاب أيضاً‪ :‬أنه أول كتاب ُص ِّن َف في احلديث الصحيح املج َّرد عن الضعيف واملوضوع‪ ،‬ومتيز‬

‫بدقة تبويبه‪ ،‬حتى قيل‪ِ :‬ف ْق ُه البخاري في تراجمه(((() ‪.‬‬

‫عدد أحاديثه‪ )7563( :‬سبعة آالف وخمسمائة وثالثة وستون حديث ًا(((() (باملكرر) ‪.‬‬ ‫عناية العلماء به‪ :‬اعتنى العلماء به رواي ًة وشرح ًا واختصاراً‪ ،‬ومن أفضل شروحه‪( :‬فتح الباري) البن حجر‬ ‫العسقالني‪ ،‬ومن أجود مختصراته‪( :‬مختصر صحيح البخاري) للزبيدي (‪893‬هـ) ‪.‬‬

‫‪-2‬صحيح مسلم‪( :‬صورة لصحيح مسلم)‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو احلسني‪ ،‬مسلم بن احلجاج ال ُقشيري النيسابوري‪ ،‬ولد سنة ‪204‬هـ توفي سنة ‪261‬هـ(((() ‪.‬‬

‫منزلته‪ :‬يأتي بعد صحيح البخاري من ُ‬ ‫حيث الصحة‪.‬‬

‫ومما متيز به‪ :‬أنه يذكر طرق احلديث‪ ،‬وألفاظه مرتب ًة على األبواب في مكان واحد‪ ،‬لكنه ال يذكر التراجم‪،‬‬ ‫قد وضع تراجمه جماعة من شراحه‪ ،‬ومن أحسنها تراجم اإلمام النووي رحمه اهلل تعالى‪.‬‬ ‫وعدد أحاديثه بغير املكرر‪ 3033 :‬ثالثة آالف وثالثة وثالثون حديث ًا(((() ‪.‬‬ ‫شروحه‪ُ :‬شرح عدة شروح‪ ،‬أشهرها‪ :‬شرح النووي‪ ،‬املسمى باملنهاج في شرح صحيح مسلم بن احلجاج‬

‫(((()‬

‫‪.‬‬

‫‪ )1‬انظر ترجمته ومنزلة كتابه ومميزاته في‪ :‬هدي الساري مقدمة فتح الباري‪.‬‬ ‫‪ )2‬سير أعالم النبالء ‪.391/12‬‬ ‫‪ )3‬املراد‪ :‬عناوين الكتاب‪.‬‬ ‫‪ )4‬كما في الطبعة التي رقمها محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ومعها فتح الباري‪.‬‬ ‫‪ )5‬انظر ترجمة اإلمام مسلم ومنزلة كتابه في‪ :‬سير أعالم النبالء للذهبي ‪.557/12‬‬ ‫‪ )6‬كما في الطبعة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬ ‫‪ )7‬انظر الكالم على كتابي البخاري ومسلم واملوازنة بينهما في‪ :‬كتاب «مكانة الصحيحني» د‪.‬خليل خاطر‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫‪-3‬سنن أبي داود (صورة لسنن أبي داود)‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني‪ ،‬ولد سنة ‪202‬هـ وتوفي سنة ‪275‬هـ(((() ‪.‬‬

‫‪-‬انتقاه ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬من خمسمائة ألف حديث‪.‬‬

‫رت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه‪ ،‬وما‬ ‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬ما ذكره ُم َص ِّن ُف ُه في وصفه إذ يقول‪َ »:‬ذ َك ُ‬

‫كان في كتابي هذا فيه َو َه ٍن شديد بين ُته‪ ،‬وليس فيه عن رجل متروك احلديث شيء‪ ،‬وما لم أذكر فيه شيئ ًا فهو‬ ‫صالح»‪.‬‬ ‫وقد اعتنى بزيادات املتون‪ ،‬وألفاظ احلديث التي يعتني بها الفقهاء‪.‬‬ ‫عدد أحاديثه‪ 5274 :‬خمسة آالف ومائتان وأربعة وسبعون حديث ًا(((() ‪.‬‬ ‫وله شروح كثيرة أقدمها‪ :‬معالم السنن‪ ،‬لإلمام اخلطابي (ت‪388‬هـ) ‪.‬‬

‫‪-4‬سنن النسائي (صورة لسنن النسائي)‬ ‫اسمه‪« :‬املُجتبى»‪.‬‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو عبد الرحمن‪ ،‬أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬نسبه إلى ( َنسا) بلدة مشهورة بخراسان ولد سنة‬

‫‪215‬هـ وتوفي سنة ‪303‬هـ(((() ‪.‬‬

‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬أن غالب أحاديث صحيحة‪ ،‬وبعض العلماء يقدم كتابه هذا على سنن أبي داود‬ ‫والترمذي؛ لشدة حتري مؤلفه في الرجال‪ ،‬وفي الكتاب تراجم دقيقة‪ ،‬تُنبئ عن فقه مؤلفه‪.‬‬ ‫وعدد أحاديثه باملكرر‪ 5761 :‬حديث ًا(((() ‪.‬‬

‫‪ )1‬انظر الكالم على أبي داود وسننه في‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ ،221 – 203/13‬والرسالة املستطرفة للكتاني (ص‪. )11‬‬ ‫‪ )2‬كما في الطبعة التي حققها محي الدين عبد احلميد‪.‬‬ ‫‪ )3‬انظر احلديث عن النسائي وسننه‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ ،135 – 125/14‬واحلطة في ذكر الصحاح الستة ص‪.253‬‬ ‫‪ )4‬كما في الطبعة التي رقمها الشيخ عبد الفتاح أبو غدة – رحمه اهلل –‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫‪-5‬جامع الترمذي (صورة لسنن الترمذي)‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو عيسى‪ ،‬محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ولد سنة‬

‫‪209‬هـ وتوفي سنة ‪279‬هـ(((() ‪.‬‬

‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬أن مصنفه ذكر فيه الصحيح وغيره‪ ،‬مبين ًا درجة كل حديث‪ ،‬وأضاف إلى ذلك ذكر‬ ‫أقوال العلماء من الصحابة ومن بعدهم في املسائل التي يتضمنها الباب‪ ،‬ذاكراً ما أجمعوا عليه‪ ،‬وما اختلفوا فيه‪.‬‬ ‫وقد قال عن كتابه هذا‪ :‬صنفت هذا الكتاب‪ ،‬فعرضته على علماء احلجاز‪ ،‬والعراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬فرضوا به‪،‬‬ ‫ومن كان في بيته فكأمنا النبي صلى اهلل عليه وسلم في بيته يتكلم‪.‬‬ ‫وعدد أحاديثه‪( 3956 :‬ثالثة آالف وتسعمائة وستة وخمسون حديثاً) (((() ‪.‬‬

‫‪-6‬سنن ابن ماجه (صورة لسنن ابن ماجه)‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد بن يزيد بن ماجه‪ ،‬القزويني‪ ،‬ولد سنة ‪209‬هـ‪ ،‬وتوفي سنة ‪273‬هـ(((() ‪.‬‬

‫قال ابن كثير(((() عن سننه‪ « :‬وهي دالة على علمه‪ ،‬وعمله‪ ،‬وتبحره‪ ،‬واطالعه‪ ،‬واتباعه السنة»‪.‬‬

‫وهو أقل مرتبة من باقي السنن املذكورة‪ ،‬وغالب ما ينفرد به عنها يكون ضعيفاً‪ ،‬ولذلك يرى بعض العلماء‬ ‫أن يجعل سنن الدارمي سادس الكتب الستة بد ًال منه‪.‬‬ ‫وعدد أحاديثه‪( 4341 :‬أربعة آالف وثالثمائة وواحد وأربعة حديثاً) (((() ‪.‬‬

‫‪-7‬مسند اإلمام أحمد(صورة ملسند أحمد)‬ ‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو إمام أهل السنة‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬توفي سنة ‪241‬هـ‪.‬‬

‫قال عنه علي بن املديني‪ :‬إن اهلل أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة‪ ،‬وبأحمد بن حنبل يوم‬

‫احملنة(((()‪.‬‬ ‫‪ )1‬انظر للحديث عن الترمذي وجامعه‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ ،277 – 270/13‬ومقدمة حتفة األحوذي شرح جامع الترمذي للشيخ املباركفوري‪.‬‬ ‫‪ )2‬كما في الطبعة التي حقق أولها الشيخ أحمد شاكر رحمه اهلل‪.‬‬ ‫‪ )3‬ينظر للحديث عن ابن ماجه وسننه‪ :‬كتاب «التعريف بكتب احلديث الستة» للشيخ د‪.‬محمد أبو شهبة (ص‪. )117‬‬ ‫‪ )4‬البداية والنهاية ‪.52/11‬‬ ‫‪ )5‬كما في الطبعة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬ ‫‪ )6‬انظر لالستزادة عن سيرته وكتابه‪ :‬سير أعالم النبالء ‪.358 – 177/11‬‬

‫‪26‬‬


‫مس َن ُده‪ :‬يعد من أجمع وأكبر كتب احلديث‪.‬‬

‫قال عنه ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬جمعت هذا الكتاب من سبعمائة ألف حديث وخمسني ألفاً‪ ،‬فما اختلف فيه املسلمون‬ ‫من حديث رسول اهلل ‪ ‬فارجعوا إليه‪ ،‬فإن وجدمتوه وإال فليس بحجة‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫وعدد أحاديثه باملكرر‪ )27647( :‬حديث ًا(((() ‪.‬‬

‫نشاط‪:1‬‬ ‫رتِّب الكتب السبعة وفق ًا ملا يأتي‪:‬‬ ‫م‬

‫عدد األحاديث‬ ‫اسم الكتاب‬

‫تاريخ وفاة املؤلف‬ ‫عدد أحاديثه‬

‫اسم الكتاب‬

‫وفاة مؤلفه‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫نشاط ‪2‬‬ ‫ارجع إلى أحد الكتب السبعة ثم انقل ثالث فوائد منه‪:‬‬ ‫اسم الكتاب‪.……………………… :‬‬ ‫‪.................................................................... -1‬‬ ‫‪.................................................................... -2‬‬ ‫‪.................................................................... -3‬‬ ‫‪ )1‬حسب الطبعة التي رقمتها مؤسسة الرسالة‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما الكتب السبعة؟ ومن هم مؤلفوها؟‬ ‫س‪ :2‬مب متيز صحيحا البخاري مسلم عن بقية الكتب السبعة؟‬ ‫س‪ :3‬اختر اإلجابة الصحيحة فيما يلي ‪:‬‬ ‫أ‪-‬مؤلف كتاب «اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل ‪ ‬وسننه وأيامه» هو‪:‬‬ ‫‪-1‬البخاري‪-2 .‬مسلم ‪-3‬النسائي‪-4 .‬الترمذي‪.‬‬ ‫ب‪-‬من أشهر من شرح صحيح مسلم‪:‬‬ ‫‪ -1‬ابن حجر العسقالني ‪ -2‬النووي ‪-3 .‬اخلطابي‪ -4 .‬علي بن املديني‪.‬‬ ‫ج‪ )27647 (-‬ميثل هذا الرقم عدد أحاديث ‪:‬‬ ‫‪-1‬صحيح البخاري‪-2 .‬سنن النسائي‪-3 .‬جامع الترمذي‪-4 .‬مسند أحمد‪.‬‬ ‫س‪ :4‬قارن بني سنن أبي داوود وجامع الترمذي مبيناً‪:‬‬ ‫ وجهني من أوجه االتفاق ‪.‬‬‫ ميزة انفرد به كل كتاب‪.‬‬‫‪ -‬عدد أحاديثهما‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫ثانيًا ‪:‬‬

‫األحاديث‬


‫احلديث األول‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني فوائد ضرب األمثال‪.‬‬ ‫‪ ‬توضح معانى مفردات احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج الصورة التعبيرية في املثل الوارد في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني فئات الناس في موقفها من العلم‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل لفضل العلم الشرعي‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أربع ًا من فوائد العلم الشرعي وآثاره‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ست ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حريصا أشد احلرص على تعليم أمته وتربيتهم‪ ،‬وهو يسلك‬ ‫الرسول املع ِّلم والداعي ُة املر ِّبي‪ ،‬وقد كان‬ ‫النبي ‪ ‬هو‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫في ذلك وسائل كثيرة‪ ،‬وقد استخدم النبي ‪ ‬عدة أساليب للتربية والتعليم‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫أ‪-‬ضرب األمثال‪ .‬ب‪ -‬التقسيم والتفصيل‪ .‬كما في هذا احلديث ‪:‬‬ ‫املطر‬ ‫األشعري ‪َّ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬مث َُل ما َب َع َث ِني ُ‬ ‫اهلل ِب ِه من‬ ‫ى‬ ‫وس‬ ‫م‬ ‫أبي‬ ‫عن‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫النبات ال َّر‬ ‫اب َأ ْر ًضا؛ َف َك َ‬ ‫ان ِم ْن َها َن ِق َّي ٌة َق ِب َل ْت المْ َا َء‬ ‫واليابس ُطب ا ْل ُهدَ ى َوا ْل ِع ْل ِم َك َمث َِل ا ْل َغ ْي ِث ا ْل َك ِثي ِر َأ َص َ‬ ‫ُ‬ ‫أل َوا ْلع ْش َب ا ْل َك ِثير‪َ ،‬و َكا َن ْت ِم ْن َها َأ َج ِاد ُب َأ ْمس َك ْت المْ َا َء َف َن َف َع ُ‬ ‫اهلل‬ ‫َف َأ ْن َب َت ْت ا ْل َك َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫طب‬ ‫النبات ال َّر ُ‬ ‫الناس َف َش ِر ُبوا َو َس َق ْوا َو َز َر ُعوا‪َ ،‬و َأ َصا َب ْت ِم ْن َها َطا ِئ َف ًة ُأخْ َرى إمنا ِه َي ِقي َع ٌ‬ ‫ان‬ ‫ذكر‪ ،‬ب َِها َ‬ ‫وهذا من‬ ‫للهَّ‬ ‫العام‬ ‫بعد‬ ‫اخلاص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫تمُ‬ ‫ُ‬ ‫ين ا ِ َو َن َف َع ُه ما َب َع َث ِني‬ ‫ال ِسك َم ًاء وال ُت ْنب ُ‬ ‫ِت كألً؛ َفذ ِلك َمثَل من َف ُق َه في ِد ِ‬ ‫اهلل ِب ِه َف َع ِل َم َو َع َّل َم‪َ ،‬و َمث َُل َمن َل ْم َي ْر َف ْع ب َِذ ِل َك َر ْأ ًسا‪ ،‬ولم َي ْق َب ْل ُهدَ ى اللهَّ ِ الذي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ُأ ْر ِس ْل ُت ِب ِه»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫ط ِّي َب ٌة‬ ‫الصلبة التي‬ ‫ُّ‬ ‫متسك املاء وال‬ ‫تُنبت ال ُعشب‬ ‫األرض املستوية‬ ‫امللسا ُء التي ال‬ ‫ماء وال‬ ‫تمُ سك ً‬ ‫تُنبت‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اقترح عنوان ًا للحديث واكتبه في أعلى الصفحة‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب العلم‪َ ،‬باب َف ْض ِل من َع ِل َم َو َع َّل َم ‪ ، )79(24/1‬ومسلم في كتاب الفضائل‪َ ،‬باب َب َي ِان َمث َِل ما ُب ِع َث ِب ِه النبي ‪ ‬من ا ْل ُهدَ ى‬ ‫َوا ْل ِع ْل ِم ‪. )2282(1787/4‬‬

‫‪30‬‬


‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬

‫ب��ن‬ ‫َع���� ْب����دُ اهلل ُ‬ ‫األشعري‬ ‫َق ْي ِس‬ ‫ُّ‬ ‫ال����ي����م����ان����ي‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وا َأل ْش������� َع�������ر ُِّي‬ ‫ن����س����ب���� ًة إل����ى‬ ‫َج���دِّ ِه‪ :‬ا َأل ْش َع ُر‬ ‫م��ن َي ْ��ع�� ُرب ِبن‬ ‫َق ْح َط َ‬ ‫ان‪ ،‬واسم‬ ‫ا َأل ْش َع ُر‪َ :‬ن ْب ٌت‪،‬‬ ‫ل��� ّق���ب بذلك‬ ‫ألن��ه ُول��د وعليه‬ ‫شعر‪.‬‬ ‫َْ‬

‫مناقبه‬

‫‪-1‬ك����ان ح��س��ن الصوت‬ ‫ب��ال��ق��رآن ًّ‬ ‫ج���دا‪ ،‬وكان‬ ‫ال���ن���ب���ي ‪ ‬يستمع‬ ‫إليه‪ ،‬وقال له يوما‪«:‬لو‬ ‫َر َأ ْي�� َت�� ِن��ي وأن��ا َأ ْس َت ِم ُع‬ ‫ِل ِ���ق��� َرا َء ِت َ‬ ‫���ك ا ْل َبار َِح َة‪،‬‬ ‫يت ِم ْز َم ًارا من‬ ‫لقد ُأو ِت َ‬ ‫َم َزا ِمي ِر آلِ َدا ُو َد»‪.‬رواه‬ ‫(‪)2‬‬ ‫مسلم‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬ف َق َ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫‪ -2‬دعا له ُّ‬ ‫للهَّ‬ ‫هم ْاغ ِف ْر ِل َع ْب ِدا ِ‬ ‫«ال َّل َّ‬ ‫بن َق ْي ٍس َذ ْن َب ُه‪َ ،‬و َأ ْد ِخ ْل ُه‬ ‫ال‬ ‫َي���و َم ا ْل ِ��ق�� َي��ا َم�� ِة ُمدْ َخ ً‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َك ِر ًميا»‪.‬متفق عليه‬ ‫‪-3‬أح�������دُ ك���ب���ا ِر فقها ِء‬ ‫َ‬ ‫الصحابة و ُق َّرا ِئهم‪.‬‬

‫نقاط من حياته‬

‫‪ -1‬أصله من أهل اليمن‪َ ،‬ق ِد َم َّ‬ ‫مكة قد ًميا‪ ،‬فأسلم بها‪،‬‬ ‫ثم َق ِد َم مع إخوته واألشعريني‬ ‫ثم رجع إلى بالده‪ّ ،‬‬ ‫ال مهاجرين إلى‬ ‫في سفينة في ن َْحوِ خمسني رج ً‬ ‫يح إلى‬ ‫النبي ‪ ‬في السنة السابعة‪ ،‬فألقتهم ال ّر ُ‬ ‫احلبشة‪ ،‬فوافقوا خ��روج َج ْعف َر ب ِ��ن أب��ي طالب‬ ‫وأصحابِه ‪ ،‬فأتوا معهم إلى املدينة‪ ،‬وقدمت‬ ‫ِ‬ ‫السفينتان م ًعا‪ :‬سفين ُة جعف َر وسفين ُة األشعريني‬ ‫النبي ‪ ‬حني َف َت َح خيبر‪.‬‬ ‫على ّ‬ ‫أميرا وداعية ومع ِّلما إلى بعض‬ ‫‪ -2‬أرسله النبي ‪ً ‬‬ ‫مناطق اليمن ك َزبِيد وعدن وتوابعهما‪ ،‬وأ َّم َر ُه عمر‬ ‫بن اخلطاب ‪َ ‬ع َلى ا ْل َب ْصر ِة َف َف َّق َه ُه ْم و َأ ْق َرأ ُهم‬ ‫راكب‬ ‫القرآن‪ ،‬قال احلسن البصري‪ :‬ما أتى ا ْل َب ْصر َة‬ ‫ٌ‬ ‫َخ ْي ٌر ألهلها من أبي موسى‪ ،‬ثم أ َّم َ��ر ُه عثمان بن‬ ‫عفان ‪َ ‬ع َلى الكوفة‪.‬‬ ‫مجاهدا افتتح ا َأل ْه َوا َز وتُس َتر و َأ ْص َبهان‪.‬‬ ‫‪ -3‬كان قائدا‬ ‫ً‬ ‫اب ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫‪َ -4‬ك َان ُع َم ُر ْب ُن الخْ َ َّط ِ‬ ‫وسى َو ُه َو َجا ِل ٌس‬ ‫ول َألبِي ُم َ‬ ‫وسى‪َ ،‬ذ ِّك ْرنَا َر َّب َنا‪َ ،‬ف َي ْق َر ُأ ِع ْندَ ُه َأ ُبو‬ ‫ِفي المْ َ ْج ِل ِس‪َ :‬يا َأ َبا ُم َ‬ ‫(‪)5‬‬ ‫الح ُن‪.‬‬ ‫وسى َو ُه َو َجا ِل ٌس ِفي المْ َ ْج ِل ِس َو َي َت َ‬ ‫ُم َ‬

‫وفاته‬

‫مات سنة‬ ‫خمسني‬ ‫(‪50‬هـ) ‪.‬‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬الطبقات الكبرى ‪ ،105/4‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،211/4‬وأسد الغابة ‪ ،376/3‬وسير أعالم النبالء ‪.380/2‬‬ ‫اب تحَ ْ ِس ِ‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب صالة املسافرين وقصرها‪َ ،‬باب ْاس ِت ْح َب ِ‬ ‫الص ْو ِت بِا ْل ُق ْر ِآن ‪ ، )793(546/1‬وهو في البخاري دون قوله‪«:‬لو َر َأ ْي َت ِني وأنا‬ ‫ني َّ‬ ‫الص ْو ِت بِا ْل ِق َرا َء ِة ِل ْل ُق ْر ِآن ‪. )4761(1925/4‬‬ ‫َأ ْست َِم ُع ِل ِق َرا َء ِت َك ا ْل َبار َِح َة» في كتاب فضائل القرآن‪َ ،‬باب ُح ْس ِن َّ‬ ‫وسى َو َأبِي‬ ‫اس ‪ ، )4068(1571/4‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ‪َ ،‬باب من َف َضا ِئ ِل أبي ُم َ‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب املغازي‪َ ،‬باب َغ ْز َو ِة َأ ْو َط ٍ‬ ‫َعا ِم ٍر الأْ َ ْش َع ِر َّيينْ ِ رضي اهلل عنهما ‪. )2498(1943/4‬‬ ‫‪ )5‬رواه ابن حبان في صحيحه ‪ ، )7196(168/16‬و أبو عوانة في مسنده ‪ ، )3887(475/2‬وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ‪ ،48/32‬ومعنى‬ ‫َي َت َ‬ ‫ال َح ُن‪ :‬يج ِّوده ويرتِّله‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫السنة ملن أراد التربي َة‬ ‫واضحا‬ ‫املضروب َث َم َر َت ُه حتى يكون‬ ‫والتعليم‪ :‬أن يضرب األمثال‪ ،‬وال ُيؤ ِتي المْ َث َُل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ -1‬من ُّ‬ ‫ً‬ ‫متناسبا مع أفهامهم ومداركهم‪ ،‬ومن واقع البيئة التي يعرفونها‪.‬‬ ‫للمتعلمني‪،‬‬ ‫ً‬

‫‪ -2‬لضرب األمثال فوائد كثيرة منها‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تقريب املعلومة للمتعلمني‪ .‬ب‪ -‬تيسير ال َفهم عليهم‪ .‬ت‪................... -‬‬ ‫ث‪................... -‬‬ ‫النبي ‪ ‬الوحي الذي أنزله اهلل عليه مبا فيه من العلم والهداية بالغيث الكثير‪ ،‬وذلك ألن ك ًّ‬ ‫ال منهما سبب‬ ‫‪ -3‬ش َّبه ُّ‬ ‫والع ْل ُم َس َب ُب حيا ِة القلوب‪َ ،‬‬ ‫امليت؛ ِ‬ ‫فالغيث َس َب ُب حيا ِة األبدان‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الغيث ُيحيي البلدَ‬ ‫فالع ْل ُم‬ ‫وك َما أن‬ ‫للحياة؛‬ ‫َ‬ ‫الشرعي يحي القلب امليت‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألجادب‪،‬‬ ‫الناس في َتلقيهِ ْم للعل ِم ثالثة أقسام‪َ ،‬وش َّب َه ُهم بأنواع األرض الثالثة ‪ :‬النقية‬ ‫‪ -4‬بينَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ ‬أن َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والقيعان كما في اجلدول اآلتي ‪:‬‬ ‫املشبه‬

‫املشبه به‬

‫املنتفعون بالعلم املبلغون له‬

‫األرض النقية‬

‫املبلغون للعلم دون أن ينتفعوا به‬

‫األرض األجادب‬

‫املعرضون عن العلم‬

‫األرض القيعان‬

‫وجه الشبه ( استنتج وجه الشبه واكتبه في هذه اخلانة)‬

‫‪ -5‬في احلديث بيان لفضل العلم الشرعي وأهمية تع ُّلمه؛ فهو أشرف العلوم وأرفعها‪ ،‬وذلك ألنه‪:‬‬ ‫أ‪-‬املوصل إلى معرفة اهلل تعالى وشريعته‪.‬‬ ‫ب‪ -‬السبيل إلى الوصول إلى الغاية التي ألجلها خلق اهلل اخللق وهي‪ :‬عبادته مبا يحبه ويرضاه‪.‬‬ ‫َف َحر ٌِّي ِّ‬ ‫مسلم أن يكون له نصيب من العلم ليرتقي به في درجات الكمال‪.‬‬ ‫بكل‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -6‬دل احلديث على أهمية تبليغ العلم الشرعي ونشره بني الناس؛ فاملسلم ال يكتفي بتع ُّل ِم العلم فقط؛ بل عليه‬ ‫أن يبلغه حسب ما تعلمه؛ فإن العلم ال يكون ناف ًعا إال إذا ُعمل به ونُشر بني الناس‪.‬‬ ‫‪َ -7‬ف ْقدُ ِ‬ ‫الشرعي له آثا ٌر سيئ ٌة منها‪:‬‬ ‫العلم‬ ‫ِّ‬ ‫أ‪ -‬انتشا ُر اجلهل والبدع‪ .‬ب‪ -‬ال ُبعد عن شريعة اهلل‪ .‬ت‪ -‬ت َ​َصدُّ ُر اجلاهلني‪.‬‬ ‫الع ْلم أكث َر من حاجتهِ ْم إلى َّ‬ ‫اس ُمحتاجون إلى ِ‬ ‫والشراب؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫والشراب ُيحتاج‬ ‫ألن الطعا َم‬ ‫الطعا ِم‬ ‫َ‬ ‫قال اإلما ُم أحمد‪ :‬ال َّن ُ‬ ‫(((()‬ ‫حتاج إلي ِه في ِّ‬ ‫إليه في اليوم م َّر ًة أو م َّرتنيِ‪ِ ،‬‬ ‫كل ساعةٍ ‪.‬‬ ‫لم ُي ُ‬ ‫والع ُ‬ ‫‪ -8‬في احلديث ذ ٌّم لإلعراض عن تع ُّلم العلم الشرعي وعدم اإلقبال عليه ُ‬ ‫بالك ِّلية‪ ،‬ومن أعرض عن تعلم العلم‬ ‫ُ‬ ‫بالك ِّلية فهو من اخلاسرين الذين اختاروا ال َع َمى على الهدى والظلمات على النور ‪.‬‬ ‫تصح‬ ‫‪-9‬الواجب على كل مسلم أن يتعلم من العلم ‪ :‬ما تسلم به عقيدته من االنحراف عن منهج أهل السنة‪ ،‬وما ُّ‬ ‫به عباداته ومعامالته‪.‬‬ ‫‪ )1‬ينظر‪ :‬مفتاح دار السعادة ‪ ،61/1‬وطبقات احلنابلة ‪ ،146/1‬واملقصد األرشد ‪ ،355/1‬واآلداب الشرعية ‪.44/2‬‬

‫‪32‬‬


‫النبي ‪ ‬ما جاء به بأنه ُهدى‪ ،‬وهذه الهداية عامة تشمل جميع أمور الناس في دينهم ودنياهم‪،‬‬ ‫‪َ -10‬و َص َف ُّ‬ ‫فالهدى كله في الوحي املنزل من اهلل تعالى في كتابه أو سنة رسوله ‪ ‬فمن أعرض عنه والتمس الهدى في غيره‬ ‫أضله اهلل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫(((()‬ ‫ﭲ ﭳ ﱪ‪.‬‬ ‫‪ -11‬االنصراف عن العلم له أسباب متعددة أشار احلديث إلى أهمها وهو‪ :‬الكبر والتعالي‪ ،‬واإلعراض عن العلم‬ ‫رغبة عنه وزهدا فيه وجهال بأهميته‪ ،‬وذلك في قوله ‪َ « :‬من َل ْم َي ْر َف ْع ب َِذ ِل َك َر ْأ ًسا‪ ،‬ولم َي ْق َب ْل ُهدَ ى اللهَّ ِ الذي‬ ‫ُأ ْر ِس ْل ُت ِب ِه»‪.‬‬ ‫‪ -12‬في قوله ‪« :‬ما َب َع َث ِني ُ‬ ‫اهلل ِب ِه من ا ْل ُهدَ ى َوا ْل ِع ْل ِم» داللة على أن َّ‬ ‫النبي ‪ ‬فهو من عند اهلل تعالى‪،‬‬ ‫كل ما جاء به((( ُّ‬ ‫وهذا موافق لقوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱪ ( ) ‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬ ‫كثر ضرب املثل في الكتاب والسنة‪ ،‬بالرجوع إلى القرآن الكرمي وكتب السنة أو برامج احلديث‬ ‫النبوي في احلاسب اآللي‪ :‬اكتب اثنني من أمثال القرآن واثنني من أمثال السنة‪:‬‬ ‫من أمثال السنة‬

‫من أمثال القرآن‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اكتب فوائدَ العلم الشرعي وآثا َره احلسن َة على الناس‪:‬‬ ‫‪.....................................................................-1‬‬ ‫‪.....................................................................-2‬‬ ‫‪.....................................................................-3‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪120‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآليتان ‪ 4-3‬من سورة النجم‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬بني معنى مفردات احلديث اآلتية ‪ ( :‬نقية – الكأل – العشب – أجادب – قيعان ) ‪.‬‬ ‫س‪ :2‬وضح الصورة التعبيرية في املثل الوارد في احلديث‪.‬‬ ‫س‪: 3‬قارن بني فئات الناس في موقفها من العلم‪.‬‬ ‫س‪ : 4‬استدل لفضل العلم الشرعي بدليل من القرآن وآخر من السنة ‪.‬‬ ‫س‪ : 5‬اكتب أمام ِّ‬ ‫كل فائدة مما يلي الشاهدَ عليها من احلديث ‪:‬‬ ‫م‬

‫موضع الداللة من احلديث‬

‫الفائدة‬

‫‪ 1‬ذ ُّم اإلعراض عن تع ُّلم العلم الشرعي‬ ‫‪ 2‬الكبر والتعالي من صوارف العلم‬ ‫ُّ‬ ‫النبي ‪ ‬فهو من عند اهلل تعالى‬ ‫‪3‬‬ ‫كل ما جاء به ُّ‬ ‫‪ 4‬أهمية تبليغ العلم الشرعي ونشره بني الناس‬

‫‪34‬‬


‫احلديث الثاني‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تذكر سبب ورود احلديث ‪.‬‬ ‫‪ ‬يبني معاني مفردات احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل على السنة احلسنة‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل على السنة السيئة‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني السنة احلسنة والبدعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج أربع ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫( صورة صرة من‬ ‫الذهب )‬

‫جاء ناس من األعراب إلى رسول اهلل ‪ ‬عليهم الصوف فرأى سوء حالهم‪ ،‬قد أصابتهم حاجة ‪ ،‬فحث الناس على‬ ‫الصدقة فأبطئوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه‪ ،‬ثم إن رجال من األنصار جاء بصرة من َورِق‪ ،‬ثم جاء آخر‪ ،‬ثم‬ ‫تتابعوا حتى ُعرف السرور في وجهه ‪.‬‬ ‫فقال النبي ‪ ‬بعد ذلك حديث ًا أصبح بشارة لكل س َّباق إلى اخلير‪ ،‬وهذا احلديث هو ‪:‬‬ ‫الطريقة املتبعة‬ ‫في اخلير أو الشر‬

‫موافقة للشريعة‬ ‫مخالفة للشريعة‬

‫قال‪َ :‬‬ ‫هلل ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫عن َجرِي ِر ِبن َع ْب ِد ا ِ‬ ‫اإلس َال ِم ُس َّن ًة‬ ‫قال‬ ‫هلل ‪َ « :‬م ْن َس َّن ِفي ْ‬ ‫َح َس َن ًة َف َل ُه َأ ْج ُر َها‪َ ،‬و َأ ْج ُر َم ْن َع ِم َل ب َِها ‪َ -‬ب ْعدَ ُه ‪ِ -‬م ْن َغ ْي ِر َأ ْن َي ْن ُق َص ِم ْن ُأ ُجور ِ​ِه ْم‬ ‫َش ْي ٌء‪َ ،‬و َم ْن َس َّن ِفي ا ِإل ْس َال ِم ُس َّن ًة َس ِّي َئ ًة َك َ‬ ‫ان َع َل ْي ِه ِو ْز ُر َها‪َ ،‬و ِو ْز ُر َم ْن َع ِم َل ب َِها ‪ -‬إثمها‬ ‫ـم َش ْي ٌء»‪.‬رواه مسلم‪)6(.‬‬ ‫ِم ْن َب ْع ِد ِه ‪ِ -‬م ْن َغ ْي ِر َأ ْن َي ْن ُق َ‬ ‫ـص ِم ْن َأ ْوزَار ِ​ِه ْ‬

‫املبادرة بالعمل الصالح عنوان مناسب للدرس‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان ترونه أكثر مناسبة‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب الزكاة‪ ،‬باب احلث على الصدقة ولو بشق مترة أو كلمة طيبة وأنها حجاب من النار ‪ ، )1017( 704/2‬وفي كتاب العلم‪ ،‬باب‬ ‫من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضاللة ‪. )1017( 2059/4‬‬

‫‪35‬‬


‫(صورة لكتاب‬ ‫أسد الغابة)‬

‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬

‫مناقبه‬

‫نقاط من حياته‬

‫وفاته‬

‫����ن‬ ‫َج�������رِي������� ُر ب ُ‬ ‫عبدا ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل ا ْل َب َج ِل ُّي‬ ‫����ي‪،‬‬ ‫ال���� َي َ‬ ‫����م����ا ِن ُّ‬ ‫ون��س��ب��ت��ه إل���ى‬ ‫ق��ب��ي��ل��ت��ه التي‬ ‫ُس ِّ��م��ي��ت باسم‬ ‫أح��د أج���داده‪،‬‬ ‫بن‬ ‫وهو‪َ :‬ب ِجي َل ُة ُ‬ ‫أمنار‪.‬‬

‫‪ -1‬كان النبي ‪ ‬يكرمه‪ ،‬قال َجرِي ُر‪َ «:‬ما‬ ‫َح َج َب ِني َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ُ ‬م ْن ُذ َأ ْس َل ْم ُت‪ ،‬وال‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َرآ ِني إال َض ِح َك»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ -2‬قال َجرِي ُر ‪َ :‬د َخ ْل ُت املدينة فإذا‬ ‫للهَّ‬ ‫��ب‪ ،‬فرماني الناس‬ ‫رس��ول ا ِ ‪َ ‬ي ْ��خ ُ��ط ُ‬ ‫ِب��الحْ َ ��دَ ِق‪ ،‬فقلت جلليسي‪ :‬يا َع ْبدَ اللهَّ ِ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪ .‬قال‪ :‬نعم‪َ ،‬ذ َك َر َك‬ ‫َذ َك َر ِني‬ ‫آ ِن��ف�� ًا ِب�� َأ ْح َ��س ِ��ن ِذ ْك ٍ���ر‪َ ،‬ف َب ْي َنا هو َي ْخ ُط ُب‬ ‫ِإ ْذ َع�� َر َض له في خُ ْط َب ِت ِه وق��ال‪َ « :‬يدْ خُ ُل‬ ‫َع َل ْي ُك ْم من هذا ا ْل َب ِ‬ ‫اب‪-‬أو من هذا ا ْل َف ِّج‪-‬‬ ‫ِمن َخ ْي ِر ذي يمَ ٍَن‪َ ،‬أ َال ِإ َّن َع َلى َو ْجهِ ِه َم ْس َح ُة‬ ‫َ‬ ‫وج َّل‬ ‫َم َل ٍك»‪ ،‬قال َجرِي ٌر‪َ :‬ف َح ِمدْ ُت اللهَّ ع َّز َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫على ما أ ْب َال ِني‪.‬رواه أحمد‪.‬‬

‫‪ -1‬قيل‪ :‬أسلم في السنة العاشرة في‬ ‫رمضان‪ ،‬وقال ابن حجر‪ :‬الصحيح أنه‬ ‫في سنة ال��وف��ود سنة تسع‪.‬اهـ وشهد‬ ‫مع النبي ‪َ ‬ح َّج َة ا ْل َو َد ِاع‪ ،‬وأمره ‪ ‬أن‬ ‫َيستنصت الناس‪.‬‬ ‫‪ -2‬ك��ان سيد قبيلته‪ ،‬ق��ال ل��ه ُعمر‬ ‫‪ :‬يرحمك اهلل نعم السيد كنت في‬ ‫اجلاهلية ونعم السيد أنت في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ -3‬قدَّ مه ُعم ُر ‪ ‬في ح��روب العراق‬ ‫على جميع َب ِجيلة‪ ،‬وكان له أثر عظيم‬ ‫في فتح القادسية‪.‬‬ ‫‪-4‬كان من أجمل الناس‪ ،‬قال عمر بن‬ ‫اخلطاب‪ :‬هو يوسف هذه األمة‪.‬‬

‫توفي سنة‬ ‫إحدى‬ ‫وخمسني‬ ‫(‪51‬هـ) ‪.‬‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،475/1‬وسير أعالم النبالء ‪ ،530/2‬وأسد الغابة ‪ ،152/1‬واالستيعاب ‪ ،236/1‬وصفة الصفوة ‪.740/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة ‪َ ، ‬باب ِذ ْك ُر َجرِي ِر بن عبد اللهَّ ِ ا ْل َب َج ِل ِّي ‪ ، )3611(1390/3 ‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ‪‬‬ ‫‪َ ،‬باب من َف َضا ِئ ِل َجرِي ِر بن عبد اللهَّ ِ ‪. )2475(1925/4 ‬‬ ‫‪ )3‬رواه أحمد ‪ ،359/4‬والنسائي في الكبرى ‪ ، )8304(82/5‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني ‪ 422/1‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخني‪،‬‬ ‫وصححه ابن خزمية ‪ ، )1798( ، )1797(150 -149/3‬وابن حبان ‪ ، )7199(173/16‬وقال ابن كثير في البداية والنهاية ‪ :78/5‬هذا على‬ ‫شرط الصحيحني‪ .‬وا ْل َع ْي َبة‪ :‬ما يجعل فيه الثياب (القاموس مادة‪:‬عيب) ‪ ،‬و الحْ َ دَ قِ ‪ :‬جمع َحدَ َقةٍ ‪ ،‬وهي‪ :‬سواد العني(القاموس مادة‪:‬حدق) ‪ ،‬واملعنى‪:‬‬ ‫أبدا يصفون املالئكة باجلمال (النهاية في غريب األثر ‪. )359/4‬‬ ‫نظروا إلي ب َأبصارهم‪ ،‬ومعنى‪َ « :‬م ْس َح ُة َم َل ٍك» أي‪ :‬أ َث ٌر من اجلمال؛ ألنهم ً‬

‫‪36‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫‪-1‬في احلديث حث على سلوك الطريقة احلسنة التي يقتدي بها الناس‪ ،‬وأن من فعل ذلك فله أجر فعله‪ ،‬وأجر من‬ ‫اقتدى به إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أجر من عمل بهذا العمل شيئا‪ ،‬وهذا فضل عظيم ال ينقطع‬ ‫ويعظم أج ُره‪.‬‬ ‫إلى يوم القيامة؛ فينبغي على املسلم أن يسلك هذا الطريق ِل َي ُع َّم نف ُعه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اإلس َ‬ ‫ال ِم ُس َّن ًة َح َس َنةً» يتضمن ثالثة أنواع من األعمال‪:‬‬ ‫‪-2‬قول النبي ‪َ «:‬م ْن َس َّن ِفي ْ‬ ‫أ‪ -‬املبادرة إلى العمل بالسنة الثابتة إذا سمع اإلنسان َّ‬ ‫احلث عليها‪ ،‬فيكون أول من يفعلها في مكانه أو‬ ‫زمانه َف َي ْق َت ِدي به الناس في ذلك‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إحياء السنة إذا أميتت وتُرك العمل بها؛ فمن أحياها وأظهرها بالعمل بها والدعوة إليها كان له أجر‬ ‫إحيائها‪ ،‬وأجر من عمل بها بعده إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫جمع الصحابة ‪ ‬للقرآن الكرمي في‬ ‫ت‪ -‬ابتكار وسيلة نافعة ٍ‬ ‫لعمل مشروع لم َي ْسب ِْق إليه أحد؛ مثل‪ِ :‬‬ ‫واحد‪ ،‬وابتدا ِء تأليف الكتب في أنواع العلوم الشرعية‪ ،‬وابتكا ِر طريقةٍ لتخريج احلديث‬ ‫ُم‬ ‫ٍ‬ ‫صحف ٍ‬ ‫اسوب َّيةٍ للبحث عن األحاديث‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫النبوي‪ ،‬أو برمجةٍ َح ُ‬ ‫( أضف مثا ًال آخر ) ‪....................................................‬‬ ‫‪ -3‬في احلديث حتذير من سلوك الطريقة السيئة التي َيقتدي بها الناس‪ ،‬وأن من فعل ذلك فعليه أثم فعله‪ ،‬وإثم‬ ‫من اقتدى به إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من إثم من عمل بهذا العمل شيئا؛ فالواجب على املسلم‬ ‫احلذر من سلوك هذه الطريقة التي َي ُع ُّم بها الش ُّر‪ ،‬و َي ْع ُظ ُم بها الوِ ْز ُر‪.‬‬ ‫اإلس َ‬ ‫ال ِم ُس َّن ًة َس ِّي َئةً» يتضمن نوعني من األعمال‪:‬‬ ‫‪ -4‬قول النبي ‪«:‬و َم ْن َس َّن ِفي ْ‬ ‫أ‪ -‬ابتداع شيءٍ في الدِّ ين؛ سواء أكانت البدعة عقدية؛ كبدعة اخلوارج واملعتزلة في تكفير أهل الكبائر‬ ‫ور ِّد األحاديث النبوية‪ ،‬أم كانت بدعة عملية؛ كبدعة الطواف بالقبور وبناء األضرحة عليها‪ ،‬وإقامة‬ ‫املوالد‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الدعوة إلى شيء من املعاصي؛ سواء أكان ذلك بالقول؛ كالدعوة إلى سفور املرأة واختالطها بالرجال‬ ‫األجانب‪ ،‬أم كانت بالفعل كمن يكون في موضع القدوة فيمارس املعاصي فيقتدي به الناس في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫‪ -5‬ال يدخل في معنى احلديث أن يتع َّبدَ اإلنسان بشيءٍ لم يشرعه اهلل تعالى وال رسوله ‪‬؛ ثم يزعم أن ذلك‬ ‫(((‬ ‫سنة حسنة؛ بل يعد ذلك من االبتداع في الدين والنبي ‪ ‬قال‪َ «:‬و ُك ُّل بِدْ َعةٍ َضال َل ٌة»‪.‬رواه مسلم( ) ؛ إذ املراد‬ ‫الوسائل المْ ُ ِعي َن ِة على فعل ما هو مشروع‪.‬‬ ‫بالسنة احلسنة‪ :‬املبادرة بالعمل‪ ،‬وإحياء السنن‪ ،‬وابتكار‬ ‫ِ‬ ‫‪ -6‬دل احلديث على فضل الدعوة إلى اهلل تعالى وتعليم العلم النافع سواء عن طريق الكتابة في الكتب أو الصحف‬ ‫أو شبكة االنترنت أو غيرها من الوسائل‪ ،‬أو عن طريق الكلمة املسموعة أو املرئية عبر اإلذاعات أو القنوات‬ ‫َ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫هلل ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى‬ ‫الفضائية أو شبكة االنترنت أو غيرها من الوسائل‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬أن‬ ‫(((()‬ ‫ص ذلك من ُأ ُجور ِ​ِه ْم َش ْي ًئا»رواه مسلم‪.‬‬ ‫كان َل ُه من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُ‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اجلمعة‪ ،‬باب تخفيف الصالة واخلطبة ‪. )867(592/2‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب العلم‪ ،‬باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضاللة ‪. )2674( 2060/4‬‬

‫‪37‬‬


‫‪َّ -7‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على حترمي الدعوة إلى الباطل والبدع والفجور؛ والدعوة إلى تغريب األمة والبعد بها عن هدي النبي‬ ‫دل‬ ‫‪ ‬ودين اإلسالم؛ سواء عن طريق الكتابة في الكتب أو الصحف أو شبكة االنترنت أو غيرها من الوسائل‪ ،‬أو‬ ‫عن طريق الكلمة املسموعة أو املرئية عبر اإلذاعات أو القنوات الفضائية أو شبكة االنترنت أو غيرها من الوسائل؛‬ ‫ومن دعا للتغريب واإلفساد بأي سبيل فعليه وز ُر َمن َض َّل بسببه إلى يوم القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯛ‬ ‫(((()‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﱪ ‪.‬‬ ‫‪َّ -8‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على عدم مشروعية إهداء ثواب األعمال الصاحلة للنبي ‪ ، ‬وذلك ألن جميع حسنات هذه األمة‬ ‫دل‬ ‫في صحيفته ‪ ‬فإن َل ُه ِم َ‬ ‫الس َ‬ ‫نن احلسن َة جمي َعها‪ ،‬وألن إهداء‬ ‫ثل أجو ِر‬ ‫جميع ُأ َّم ِت ِه؛ ألنه ‪ ‬هو الذي َس َّن لهم ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ستحب‬ ‫ال ُقرب له ‪ ‬أم ٌر ُم ْحدَ ٌث َل ْم يفعله َس َل ُف األمة ‪ ،‬قال في اختيارات شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬وال ُي‬ ‫ُّ‬ ‫(((()‬ ‫املقطوع به‪.‬‬ ‫الصواب‬ ‫بي ‪ ‬بل هو بدعة‪ ،‬هذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إهدا ُء ال ُق َر ِب ِلل َّن ِّ‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫َ‬ ‫حيث هي سن ٌة حسن ٌة أو سن ٌة سيئ ٌة مع التعليل‪:‬‬ ‫َص ِّن ْف‬ ‫األعمال اآلتية من ُ‬ ‫م‬

‫العمل‬

‫‪1‬‬

‫االس��ت��ف��ادة م��ن م��ق��ررات ال��ع��ل��وم الشرعية‬ ‫املستخدمة وتوزيعها في البالد اإلسالمية‬

‫‪2‬‬

‫تشبه م��ن ُي��ق��ت��دى ب��ه ب��ال��ن��ص��ارى بحجة‬ ‫ترغيبهم في اإلسالم‬

‫‪3‬‬

‫ال��دع��وة ل��زي��ادة ص�ل�اة س��ادس��ة جت��ب على‬ ‫املتأخرين عن الصالة‬

‫‪4‬‬

‫فعل احلسنة وإخفائها عن الناس‬

‫‪5‬‬

‫نوعه‬

‫التعليل‬

‫اجل��ه��ر بالتكبير ليلة العيد ف��ي األس���واق‬ ‫ومجامع الناس‬

‫نشاط ‪2‬‬ ‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اكتب بعض الوسائل لنشر اخلير‪:‬‬

‫‪.............................. -2 .............................. -1‬‬ ‫‪.............................. -4 .............................. -3‬‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 25‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )2‬االختيارات الفقهية من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ص‪ ،92‬وانظر‪ :‬اإلنصاف للمرداوي ‪ ،560/2‬والفروع البن مفلح ‪ ،242/2‬ومواهب‬ ‫اجلليل شرح مختصر خليل للحطاب املالكي ‪ ،544/2‬وشرح العقيدة السفارينية البن عثيمني‪.431/1‬‬

‫‪38‬‬


‫نشاط ‪3‬‬

‫َ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫هلل ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى‬ ‫أوجد العالقة بني حديث الدرس وحديث أبي هريرة ‪ ‬أن‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ص ذلك من ُأ ُجور ِ​ِه ْم َش ْي ًئا»رواه مسلم‪.‬‬ ‫كان َل ُه من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُ‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪َ :1‬بينِّ ْ معنى مفردات احلديث اآلتية ‪ ( :‬سنة حسنة – سنة سيئة – وزرها) ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األعمال التي تندرج حتت اسم‪:‬‬ ‫س‪َ :2‬و ِّض ْح‬ ‫أ‪ -‬السنة احلسنة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬السنة السيئة‪.‬‬ ‫س‪ : 3‬مثِّل ملا يأتي‪:‬‬ ‫أ‪-‬إحياء سنة قد أميتت‪.‬‬ ‫ب‪-‬ابتكار وسيلة ُم ِعينة على عمل مشروع‪.‬‬ ‫س‪ : 4‬ناقش من زعم أن التع ُّبدَ بشيءٍ لم يشرعه اهلل تعالى وال رسوله ‪ ‬يدخل ضمن السنة‬ ‫احلسنة‪.‬‬ ‫س‪ :5‬استنبط فائدتني من احلديث‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب العلم‪ ،‬باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضاللة ‪. )2674( 2060/4‬‬

‫‪39‬‬


‫احلديث الثالث‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالغربة‪.‬‬ ‫‪ ‬توضح معانى مفردات احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج موضوع احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مظاهر الغربة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد صفات الغرباء الذين أثنى عليهم احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من وسائل دفع الغربة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ألبي هريرة ‪. ‬‬ ‫رجل دخل املدينة ال يعرفه أحد من أهلها‪ ،‬ماذا يطلق عليه؟‬ ‫إنسان عاش بعيداً عن أهله في بلدة أخرى‪ ،‬ماذا يطلق عليه؟‬ ‫من يعيش وحيداً بني قوم يختلفون عنه في اللغة‪ ،‬ماذا يطلق عليه؟‬ ‫أحد‬ ‫إن جميع إجابات األسئلة الثالثة السابقة واحدة وهي‪( :‬الغريب) ‪ ،‬ولكن هل يطلق وصف الغريب على ٍ‬ ‫لتمس ِكه بدينه؟ ومتى يكون ذلك؟‬ ‫ُّ‬ ‫اقرأ احلديث التالي لتتعرف على ذلك‪.‬‬

‫ُ للهَّ‬ ‫شجرة في اجلنة‪ ،‬وقيل‪ :‬عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫ِيبا‪َ ،‬و َس َي ُعو ُد َك َما َبدَ َأ‬ ‫قال‬ ‫رسول ا ِ ‪َ « :1‬بدَ َأ ا ِإل ْسال ُم َغر ً‬ ‫()‬ ‫الفرح والسرور‬ ‫ِيبا‪َ ،‬ف ُطو َبى ِل ْل ُغ َر َبا ِء»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫َغر ً‬ ‫( الغرباء ) عنوان مناسب للحديث ‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان آخر وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫ِيبا وإنه َي ْأ ِر ُز بني المْ َ ْس ِجدَ ْي ِن‪. )145(130/1‬‬ ‫ِيبا َو َس َي ُعو ُد َغر ً‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َب َي ِان َأ َّن ا ِإل ْسلاَ َم َبدَ َأ َغر ً‬

‫‪40‬‬


‫(صورة لكتاب‬ ‫أسد الغابة)‬

‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬ ‫‪ -1‬عبد الرحمن‬ ‫ب�����������ن ص����خ����ر‬ ‫ال��دَّ ْو ِس��ي‪ :‬نسبة‬ ‫إل����ى ج����دّ لهم‬ ‫ه���و‪َ :‬د ْوس بن‬ ‫ُعدْ َث ُ‬ ‫ان األز ِْد ُّي‪.‬‬ ‫‪ -2‬س��ئ��ل أب��و‬ ‫يت‬ ‫ُه َر ْي َر َة‪ِ :‬ل َم ُك ِّن َ‬ ‫َأ َبا ُه َر ْي َر َة؟ فقال‪:‬‬ ‫ُك ْن ُت َأ ْر َعى َغ َن َم‬ ‫َأ ْه ِلي فكانت لي‬ ‫ُه � َر ْي � َر ٌة َص ِغي َر ٌة‪،‬‬ ‫َف ُك ْن ُت َأ َض ُع َها‬ ‫���ل في‬ ‫ِب����ال���� َّل���� ْي� ِ‬ ‫َش َج َرةٍ ‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ال � َّن� َ�ه��ا ُر َذ َه ْب ُت‬ ‫بها َم ِعي َف َل ِع ْب ُت‬ ‫بها‪َ ،‬ف َك َّن ْو ِني َأ َبا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ُه َر ْي َر َة‪.‬‬

‫مناقبه‬

‫دعا َ‬ ‫اهلل أن يرزقه ِع ْل ًما ال ُي ْن َسى‪،‬‬ ‫قيس‬ ‫النبي ‪ ‬على دعائه‪ .‬قال ٌ‬ ‫فأ َّمن ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ثابت‬ ‫املد ِن ُّي‪ :‬جا َء َر ُجل إلى َز ْي ِد ِبن ٍ‬ ‫‪َ ‬ف َسأل ُه عن شيءٍ ‪َ ،‬‬ ‫فقال ل ُه َز ْيدٌ ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عليك أ َبا ُه َر ْي َر َة؛ ف ِإنِّي َب ْي َن َما أنا وأبو‬ ‫ٌ‬ ‫يوم‬ ‫ُه َر ْي َر َة‬ ‫وفالن في املسجد َ‬ ‫ذات ٍ‬ ‫َ‬ ‫نَدعو اهلل ونذك ُر ر َّب َنا‪َ ،‬خ َر َج َع َل ْي َنا‬ ‫ُ‬ ‫رس��ول اهلل ‪ ‬ح َّتى جلس ِإ َل ْي َنا‪،‬‬ ‫َف َس َك ْت َنا‪ ،‬فقال‪ُ « :‬ع���و ُدوا ِل َّل ِذي‬ ‫ُك ْن ُت ْم َفي ِه»‪ ،‬قال َز ْيدٌ ‪َ :‬فدَ َع ْو ُت أنا‬ ‫وصاحبِي َق َ‬ ‫ِ‬ ‫بل أبي ُه َر ْي َر َة‪َ ،‬و َج َع َل‬ ‫رس� ُ‬ ‫�ول ا ِ‬ ‫هلل ‪ ‬يؤ ِّم ُن َعلى ُد َعا ِئ َنا‪،‬‬ ‫هم إني‬ ‫ُث َّم َد َعا أبو ُه َر ْي َر َة فقال‪ :‬ال َّل َّ‬ ‫�ك ِم� ْث� َ�ل ما َس � َأ َل� َ‬ ‫َأس��ألُ� َ‬ ‫�ك ِ‬ ‫باي‬ ‫صاح َ‬ ‫َ‬ ‫َه ِ‬ ‫وأسألك ِع ْل ًما ال ُي ْن َسى‪،‬‬ ‫��ذان‪،‬‬ ‫فقال رسول اهلل ‪َ « :‬آ ِمنيَ»‪َ ،‬ف ُق ْل َنا‪:‬‬ ‫نسأل َ‬ ‫َ‬ ‫هلل‪َ ،‬ون َْح ُن ُ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫اهلل ِع ْل ًما‬ ‫يا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«س َبقك ْم ب َِها‬ ‫ال ُي ْن َسى‪ ،‬ف��ق��ال‪َ :‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ا ْل ُغ َال ُم الدَّ ْو ِس ُّي»‪.‬رواه النسائي‪.‬‬

‫معالم من حياته‬

‫وفاته‬

‫‪ -1‬أسلم في اليمن على يدي الصحابي‬ ‫اجلليل‪ :‬الطفيل بن عمرو الدوسي ‪.‬‬ ‫‪ -2‬هاجر إلى النبي ‪ ‬في السنة السابعة‬ ‫للهجرة‪ ،‬وقدم بعد فتح خيبر‪ ،‬وقد جاوز‬ ‫عمره ثالثني سنة‪.‬‬ ‫‪ -3‬كان فقيرا مسكينا فعاش في املدينة‬ ‫أع��زب��ا م��ع ال��ذي��ن ك��ان��وا يسكنون ُص َّفة‬ ‫مسجد رسول اهلل ‪.‬‬ ‫‪ -4‬هو أحفظ الصحابة حلديث النبي ‪ ،‬قال‬ ‫البخاري‪ :‬روى عنه نحو الثمامنائة من أهل العلم‪،‬‬ ‫وكان أحفظ من َر َوى احلديث في عصره‪.‬‬ ‫‪ -5‬أراد مروان بن احلكم ا ُألموي أثناء إمارته‬ ‫على املدينة أن يختبر حفظ أبي هريرة ‪،‬‬ ‫فدعاه يو ًما وأقعد كا ِت َب ُه َخ ْل َف السرير‪،‬‬ ‫الكاتب يكتب‪ ،‬ثم‬ ‫وج َع َل‬ ‫وجعل يسأله‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫انصرف أبو هريرة ‪ ،‬حتى إذا كان عند‬ ‫رأس الحْ َ ْولِ دعا به مرة أخرى‪ ،‬فأقعد كاتبه‬ ‫وراء احلجاب‪َ ،‬ف َج َع َل يسأله عن ذلك‪ ،‬فما‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ص‪ ،‬وال قدَّ م وال َّ‬ ‫أخر‪.‬‬ ‫زَا َد وال َن َق َ‬

‫توفي سنة‬ ‫‪ 57‬في قصره‬ ‫بالعقيق‬ ‫قرب املدينة‬ ‫النبوية‪،‬‬ ‫وحمل‬ ‫إلى املدينة‬ ‫وصلي عليه‬ ‫بها‪.‬‬ ‫وكان عمره‬ ‫قرابة ‪78‬‬ ‫سنة‪.‬‬

‫‪ )11‬ينظر‪ :‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،425/7‬تأريخ مدينة دمشق ‪ ،295/67‬وأبو هريرة راوية اإلسالم للدكتور محمد عجاج اخلطيب‪ ،‬ودفاع عن‬ ‫أبي هريرة لعبد املنعم العزي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِيب‪ ،‬وقال ابن حجر في اإلصابة ‪ :426/7‬أخرجه الترمذي بسند حسن‪.‬‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫يث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫هذا‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪)3840(686/5‬‬ ‫‪ )12‬رواه الترمذي‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ )13‬رواه النسائي في السنن الكبرى ‪ ، )5870(440/3‬واحلاكم في املستدرك ‪ )6158(582/3‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬والطبراني في األوسط‬ ‫‪ ، )1228(54/2‬وقال احلافظ في اإلصابة(‪ : )438/7‬أخرجه النسائي بسند جيد‪.‬‬ ‫‪ )14‬رواه احلاكم في املستدرك على الصحيحني ‪ ،583/3‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ولم يخرجاه‪ ،‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪.433/7‬‬

‫‪41‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫ُ‬ ‫واضطهاد‬ ‫خوف من أقوامهم‬ ‫غريبا؛ حيث لم يؤمن بالنبي ‪ ‬في أول األمر إال‬ ‫القليل من الناس على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -1‬بدأ الدين ً‬ ‫غريبا كما بدأ؛ ال يعرفه‬ ‫منهم‪ ،‬ثم ارتفع شأن الدِّ ين وانتشر في األرض‪ ،‬وأخبر ُّ‬ ‫النبي ‪ ‬أنه سوف يعود بعد ذلك ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القليل من الناس‪ ،‬وهؤالء هم الغرباء‪.‬‬ ‫يعمل به على الوجه املشروع إال‬ ‫القليل من الناس‪ ،‬وال‬ ‫حق املعرفة إال‬ ‫َّ‬ ‫‪ِ -2‬ل ُغ ْربة الدين مظاهر متعددة وهي في اجلملة‪ُّ ( :‬‬ ‫احلق الذي جاء به محمدٌ‬ ‫كل ما يباعد بني الناس وب َ‬ ‫ني الدِّ ين ِّ‬ ‫‪ ،‬ومن صور ذلك‪:‬‬ ‫ب‪ -‬ضعف السنة وانتشار البدعة‪.‬‬ ‫أ‪ -‬ضعف التوحيد في بالد اإلسالم وانتشار الشرك‪.‬‬ ‫ث‪ -‬ظهور الفنت التي ت ُْض ِع ُف الدِّ ين في النفوس‪.‬‬ ‫ت‪-‬ضعف الدعوة إلى احلق وظهور الدعوة إلى الباطل‪.‬‬ ‫ج‪-‬ت َ​َش ُّب ُه املسلمني بالكافرين‪ ،‬وظهور الدعاة إلى التغريب‪( .‬أضف مظهرين)‬ ‫خ‪................................... -‬‬ ‫ح‪................................... -‬‬ ‫‪ُ -3‬غربة الدين تتفاوت في زمانها ومكانها‪:‬‬ ‫غريبا في بعض األزمنة فيأتي من يجدِّ ُده ويدعو إليه ويعمل به حتى تزول ُغر َب ُت ُه‪.‬‬ ‫أ‪ -‬قد يكون الدِّ ين ً‬ ‫مكان؛ فتجد اإلسال َم قو ًّيا معمو ًال به في بلد‪ ،‬وضعي ًفا في بلد آخر‪.‬‬ ‫مكان دون ٍ‬ ‫غريبا في ٍ‬ ‫ب‪ -‬قد يكون ً‬ ‫‪ -4‬العاملون بالدِّ ين في زمن الغربة هم الغُرباء الذين أثنى عليهم النبي ‪َ ‬و َو َع��دَ ُه� ْ�م بالعاقبة احلسنة‪ ،‬و ِمن‬ ‫صفاتهم‪:‬‬ ‫أ‪ -‬االستقامة على الدين والتمسك بسنة النبي ‪ ‬حني يرغب عنها الناس‪.‬‬ ‫ب‪َ -‬يصلحون عند انتشار الفساد‪.‬‬ ‫ت‪ُ -‬يصلحون ما أفسد الناس باألمر باملعروف والنهي عن املنكر والدعوة إلى اهلل‪.‬‬ ‫‪َّ -5‬‬ ‫ُ‬ ‫والس َن َة‬ ‫احلق مبوافقة الكتاب والسنة؛ فمن وافق‬ ‫دل‬ ‫احلق ال ُيعرف بالكثرة‪ ،‬وإمنا يعرف ُّ‬ ‫احلديث على أن َّ‬ ‫َ‬ ‫الكتاب ُّ‬ ‫احلق معه ولو كان وحده‪،‬‬ ‫بالفهم الصحيح لهما‪ ،‬املستمدِّ من كالم السلف والعلماء الراسخني في العلم؛ فإن َّ‬ ‫(((‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫األهل‬ ‫أصحاب النبي ‪ ‬شبا ًبا؛ َث َب ُتوا على الدِّ ين مع شدة األذى‪ ،‬وقدَّ موه على‬ ‫‪ -6‬لقد كان الغُرباء األول��ون‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واألصحاب والبالد؛ فللشاب املسلم فيهم قدوة حسنة؛ في الثبات على الدِّ ين وإن كثرت المْ ُغريات ِ‬ ‫ِ‬ ‫والفنت‪.‬‬ ‫سببا للتقاعس عن الدعوة إلى اهلل تعالى واألمر باملعروف والنهي‬ ‫زمان أو ٍ‬ ‫‪ -7‬ال يجوز أن تكون ُغربة الدِّ ين في ٍ‬ ‫مكان ً‬ ‫عن املنكر؛ بل ينبغي ألهل احلق عند ُغربة اإلسالم أن َي ْز َدا ُدوا نشاطً ا في بيان أحكام اإلسالم والدعوة إليه‪ ،‬وإنكار‬ ‫ما أحدثه الناس من الباطل‪ ،‬فإن هذا من أهم صفات الغُرباء التي تمُ َ ِّي ُز ُهم عن غيرهم من الناس‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬على غيره من ال ُقرون بأسباب منها‪ :‬أنهم كانوا غربا َء في إميانهم لكثرة الكفار‪ ،‬و ِل َصبرهم‬ ‫‪ -8‬إمنا ُف ِّضل َق ْر ُن ِّ‬ ‫على األذى حني َّ‬ ‫متس ُكوا بالدِّ ين‪،‬‬ ‫ومتس ِكهم بدينهم حني تخلى ُ‬ ‫الناس عنه‪ ،‬وأواخ ُر هذه األمة إذا َّ‬ ‫قل ال َّناصر‪ُّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فضائل السابقني أو يزيد عليه‪.‬‬ ‫وصبروا على الطاعة إذا َك ُث َرت املعاصي؛ كان لهم من الفضائل ما قد يوازي‬ ‫‪ -9‬قال شيخُ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رحمه اهلل‪ :-‬نهى ُ‬ ‫اهلل َن ِب َّي ُه ‪ ‬أن يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في اإلسالم في‬ ‫ُ َّ‬ ‫منهي أن يحزن عليهم أو يكون في ضيق من مكرهم‪ ،‬وكثير من الناس إذا‬ ‫أول األمر؛ فكذلك في آخره؛ فاملؤمن ٌّ‬ ‫رأى املنكر أو َت َغ ُّي َر كثير من أحوال اإلسالم َجزَعَ َ‬ ‫اح كما ينوح ُ‬ ‫منهي عن هذا؛ بل هو‬ ‫وك َّل و َن َ‬ ‫أهل املصائب‪ ،‬وهو ٌّ‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 116‬من سورة األنعام‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املسلم أنه‬ ‫والتوك ِل‬ ‫مأمور بالصبر‬ ‫والثبات على دين اإلسالم‪ ،‬وأن يؤمن أن العاقبة للتقوى‪...‬وهذا احلديث يفيد ((( َ‬ ‫( )‬ ‫يعرف َحقيق َة اإلسالم‪ ،‬وال يضيق صدره بذلك‪ ،‬وال يكون في ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ين اإلسالم‪.‬‬ ‫غتم ب ِ​ِق َّلة َمن‬ ‫شك من ِد ِ‬ ‫ال َي ُّ‬ ‫أهل اإلسالم ُغرباء‪ُ ،‬‬ ‫‪ -10‬قال ابن القيم‪-‬رحمه اهلل‪ُ :-‬‬ ‫وأهل العلم في‬ ‫أهل اإلسالم في الناس ُغرباء‪ ،‬واملؤمنون في ِ‬ ‫املؤمنني ُغرباء‪ُ ،‬‬ ‫الس َّن ِة الَّذين يمُ َ ِّيزونها من األهواء والبدع فيهم ُغرباء‪ ،‬والداعون إليها الصابرون على أذى‬ ‫وأهل ُّ‬ ‫(((‬ ‫ّ ( )‬ ‫املخالفني هم أشدُّ هؤالء ُغربةً‪ ،‬وهؤالء هم ُ‬ ‫أهل اهلل ح ًقا‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫بني وجه الترابط بني حديث‪« :‬بدأ اإلسالم غريب ًا» وقول النبي ‪« :‬ال َت َز ُال َطا ِئ َف ٌة ِم ْن ُأ َّم ِتي‬ ‫َ َ ِ َ (((()‬ ‫ِين َع َلى الحْ َ ِّق‪ ،‬ال َي ُض ُّر ُه ْم َم ْن َخ َذ َل ُه ْم َح َّتى َي ْأ ِت َي َأ ْم ُر اللهَّ ِ َو ُه ْم كذلك»‪.‬‬ ‫َظ ِاهر َ‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫من أهم وسائل دفع الغربة الدعوة إلى اهلل واألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬تعاون مع زمالئك‬ ‫في ذكر آية كرمية‪ ،‬وحديث شريف فيهما الدعوة لذلك واحلث عليه‪:‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫نشاط ‪3‬‬

‫قارن بني حال الغريب في الدين والغريب عن األوطان ثم أوجد أوجه الشبه وأوجه االختالف‬ ‫كما في اجلدول اآلتي‪:‬‬ ‫م‬

‫أوجه الشبه‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪ 1‬املشاعر‬ ‫‪ 2‬وسائل دفع الغربة‬ ‫‪ 3‬الثبات على القيم‬ ‫‪.................. 4‬‬

‫(‪)4‬‬

‫‪ )1‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ 296/18‬بتصرف يسير واختصار‪.‬‬ ‫‪ )2‬مدارج السالكني ‪ 196-195/3‬منزلة الغربة بتصرف يسير‪.‬‬ ‫‪ )3‬أخرجه مسلم برقم (‪ )1920‬من حديث ثوبان ‪.‬‬ ‫‪ )4‬يقترح الطالب وجه ًا آخر للمقارنة‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫أوجه االختالف‬


‫التقويم‬ ‫س‪ : 1‬من خالل دراستك للحديث‪ :‬استنتج تعريف ًا لغُربة الدِّ ين‪.‬‬ ‫س‪ :2‬بني كيف ميكن أن جتتمع غربة الدين وظهوره في زمان واحد‪.‬‬ ‫س‪ :3‬قد تظهر بعض مظاهر الغربة في مجتمعك الذي تعيش فيه‪ ،‬عدد اثنتني منها‪ ،‬ثم بني‬ ‫وسائل دفع هذه الغربة‪.‬‬ ‫س‪ :4‬كان أبو هريرة‪ ‬أكثر الصحابة ‪ ‬رواية للحديث‪ ،‬ما سبب ذلك؟ وضح إجابتك‬ ‫باألدلة‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫احلديث الرابع‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستنتج موضوع احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬توضح معانى مفردات احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج الصورة التعبيرية في املثل الوارد في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني فئات الناس في موقفها من الشبهات‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل لألمور املشتبهات‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل للموقف الشرعي من الشبهات‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد فوائد البعد عن الشبهات‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أثر صالح القلب في البعد عن الشبهات‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم لراوي احلديث‪.‬‬ ‫كانت محمية مللك ال يسمح ألحد بالرعي فيها؛ حيث جعلها‬ ‫خاصة بدوابه ‪ ،‬وكان حراس امللك على جنباتها‪ ،‬يعاقبون من‬ ‫اعتدى على مرعى امللك ‪.‬‬ ‫كان أحد الرعاة يقترب كثيراً من املرعى ويوشك أن يدخله مع‬ ‫علمه مبنع امللك له وأنه بذلك يعرض نفسه للعقاب ‪ ،‬وكلما‬ ‫اقترب من املرعى دعته نفسه إلدخال أغنامه فيه؛ ملا يرى من‬ ‫وفرة العشب والكأل‪......‬‬ ‫اكتب نهاية لهذه القصة‪.‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫ماذا تقترح على الراعي ليبعد نفسه عن الدخول ملرعى امللك ‪ ،‬ويبتعد عن العقاب؟‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫‪45‬‬


‫إن من يعرض نفسه لدواعي املعصية ويتبع هواه‪ ،‬يوشك أن يقع فيها فيتعرض لعقاب اهلل‪ ،‬يبني ذلك احلديث‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ‬يقول‪ِ « :‬إ َّن يشكل حكمها‬ ‫عن ال ُّن ْع َم ِان بن َب ِش ٍير‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬سمعت َر ُس َ‬ ‫ويخفى‬

‫واضح‬ ‫املعاصي‬ ‫التي منع من‬ ‫ارتكابها‬

‫الحْ َ َ‬ ‫ات ال َي ْع َل ُم ُه َّن َك ِثي ٌر من الناس‪َ ،‬ف َم ْن‬ ‫ي‪َ ،‬و َب ْي َن ُه َما ُم ْش َتب َِه ٌ‬ ‫ي َو ِإ َّن الحْ َ َرا َم َب نِّ ٌ‬ ‫الل َب نِّ ٌ‬ ‫الذي‬ ‫ات َو َق َع في الحْ َ را ِم؛ املرعى‬ ‫الش ُب َه ِ‬ ‫الش ُب َه ِ‬ ‫ات ْاس َت ْب َر َأ ِل ِدي ِن ِه َو ِع ْر ِض ِه‪َ ،‬و َم ْن َو َق َع في ُّ‬ ‫ا َّت َقى ُّ‬ ‫َ‬ ‫يحجزه امللك عن‬ ‫ُ ِّ‬ ‫وش ُ َ‬ ‫َكال َّر ِاعي َي ْر َعى َح ْو َل الحْ ِ َمى ُي ِ‬ ‫ك أ ْن َي ْرت َ​َع فيه‪ ،‬أال َو ِإ َّن ِلكل َم ِل ٍك ِح ًمى‪ ،‬أال الناس‬ ‫ال َس ِد ُم ْض َغ ًة إذا َص َل َح ْت َص َل َح جْ َ‬ ‫َو ِإ َّن ِح َمى اللهَّ ِ َم َحا ِر ُم ُه‪ ،‬أال َو ِإ َّن في جْ َ‬ ‫ال َسدُ ُك ُّل ُه‪،‬‬ ‫السدُ ُك ُّل ُه‪ ،‬أال و ِهي ا ْل َق ْلب»‪.‬متفق عليه‪)1(.‬‬ ‫يقع فيه‬ ‫ُ‬ ‫وإذا َف َسدَ ْت َف َسدَ جْ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫محارم اهلل ‪ -‬البعد عن الشبهات ‪ -‬صالح القلب‬ ‫اجلمل السابقة تناسب أن تكون عناوين للدرس ‪ ،‬اختر أكثرها مناسبة وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫ترجمة راوي احلديث(‪)2‬‬ ‫اسمه ونسبه‬

‫مناقبه‬

‫معالم من حياته‬

‫وفاته‬

‫ال���ن���ع���م���ان بن‬ ‫سعد‬ ‫َب ِشير ب� ِ�ن ٍ‬ ‫األن�������ص�������اري‬ ‫اخلزرجي‪.‬‬

‫‪-1‬هو وأبوه صحابيان‪.‬‬ ‫‪ -2‬هو أول مولود ول��د في‬ ‫األن��ص��ار ب��ع��د ق���دوم النبي‬ ‫‪ ،‬ولد في السنة الثانية من‬ ‫الهجرة قبل غزوة بدر‪.‬‬ ‫‪ -3‬ق��ال سماك ب��ن حرب‪:‬‬ ‫كان من أخطب من سمعت‬ ‫من أهل الدنيا يتكلم‪.‬‬

‫‪ -1‬هو معدود في صغار الصحابة ‪ ،‬كان عمره‬ ‫يوم وفاة النبي ‪ ‬ثمان سنني وسبعة أشهر‪.‬‬ ‫‪ -2‬ولي إمرة الكوفة في عهد معاوية ‪ ،‬وبقي‬ ‫عليها تسعة أشهر‪ ،‬ثم عزله معاوي ُة عنها‪.‬‬ ‫‪ -3‬و َّاله معاوي ُة ‪ ‬القضا َء في ِد َم ْشقَ ‪.‬‬ ‫أميرا‬ ‫‪ -4‬و َّاله معاوي ُة ‪ ‬على ِ ْح��م� ٍ‬ ‫�ص‪ ،‬وبقي ً‬ ‫عليها حتى مات معاوي ُة ‪ ‬وولدُ ه يزيد‪.‬‬

‫ُق ِت َل سنة‬ ‫(‪. )65‬‬

‫الش ُب َه ِ‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اإلمي��ان‪َ ،‬باب َف ْض ِل من ْاس َت ْب َر َأ ِل ِدي ِن ِه ‪ ، )52(28/1‬ومسلم في كتاب املساقاة‪َ ،‬باب َأخْ � ِ�ذ الحْ َ �َل�اَ لِ َو َت � ْر ِك ُّ‬ ‫ات‬ ‫‪ ، )1599(1219/3‬وهذا لفظه‪.‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬الطبقات الكبرى ‪ ،53/6‬وتقريب التهذيب ‪ ،563/1‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،440/6‬واالستيعاب ‪ ،1496/4‬وتاريخ مدينة دمشق‬ ‫‪.111/62‬‬

‫‪46‬‬


47


‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪1‬‬

‫االقتراب من احملرم‬

‫‪2‬‬

‫التعرض للعقاب‬

‫‪3‬‬

‫وسيلة السالمة‬

‫أوجه الشبه‬

‫‪48‬‬

‫أوجه االختالف‬


‫نشاط ‪3‬‬

‫أوجد صلة احلديث بهذه املعاني والقيم‪:‬‬ ‫م‬

‫املعنى‬

‫له صلة‬

‫ليس له صلة‬

‫وجه الصلة‬

‫‪ 1‬التقوى‬ ‫‪ 2‬الورع‬ ‫‪ 3‬الزهد‬ ‫‪ 4‬احلياء‬ ‫‪ 5‬الشح‬

‫التقويم‬ ‫س‪:1‬تنقسم األحكام بالنظر إلى دخول االشتباه فيها وعدمه إلى ثالثة أقسام؛ فما هي؟‬ ‫س‪ :2‬قارن بني مواقف الناس من املشتبهات من حيث السالمة والفضل‪.‬‬ ‫س‪ :3‬مثل لالشتباه في احلال مبثال من عندك‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما املوقف الشرعي من األمور املشتبهه؟ مع االستدالل ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :5‬ما فوائد البعد عن املشتبهات؟‬

‫‪49‬‬


‫احلديث اخلامس‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تعدد السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج من احلديث بعض أهوال القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فضيلة األعمال السبعة التي وردت في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج األعمال التي يختص بها الرجل من األعمال الواردة في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل لعدم اختصاص السبعة باالستظالل في ظل الرحمن يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ألبي هريرة ‪. ‬‬ ‫في يوم القيامة‪ ،‬تدنو الشمس من اخلالئق‪ ،‬ويشتد الكرب‪ ،‬وال يجد أحدٌ ما َيستظل به من ح ِّر الشمس؛ َّ‬ ‫يتفضل‬ ‫اهلل تعالى على بعض عباده بأن ُيظ َّلهم في ِّ‬ ‫َّ‬ ‫املتفضل عليهم هم من ذكرهم‬ ‫ظل عرشه يوم ال ظل إال ظ ُّله‪ ،‬وهؤالء‬ ‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث‪:‬‬ ‫ُّ‬

‫عن أبي ُهر ْير َة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪«:‬سب َع ٌة ي ِظ ُّل ُهم ُ‬ ‫اهلل َت َعا َلى في ِظ ِّل ِه يوم ال ِظ َّل إال ِظ ُّل ُه‪ِ :‬إ َما ٌم َعدْ ٌل‪،‬‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫اج ِد‪َ ،‬و َر ُج ِ‬ ‫اب َن َش َأ في ِع َبا َد ِة اللهَّ ِ‪َ ،‬و َر ُج ٌل َق ْل ُب ُه ُم َع َّل ٌق في المْ َ َس ِ‬ ‫الن حَ َتا َّبا في اللهَّ ِ ْاج َت َم َعا عليه َو َت َف َّر َقا‬ ‫َو َش ٌّ‬ ‫ات َم ْن ِص ٍب َو َج َم ٍال فقال‪ :‬إني َأ َخ ُ‬ ‫اف اللهَّ َ‪َ ،‬و َر ُج ٌل ت َ​َصدَّ َق ب َِصدَ َقةٍ َف َأخْ َف َاها‬ ‫عليه‪َ ،‬و َر ُج ٌل َد َع ْت ُه ا ْم َر َأ ٌة َذ ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫حتى ال ت َْع َل َم ِش َمالُ ُه ما ُت ْن ِف ُق يمَ ِي ُن ُه‪َ ،‬و َر ُج ٌل َذ َك َر اللهَّ َ َخا ِل ًيا َف َف َ‬ ‫اض ْت َع ْي َنا ُه»‪.‬متفق عليه( ) ‪.‬‬ ‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب الصدقة باليمني ‪ ، )1357(517/2‬ومسلم في كتاب الزكاة‪ ،‬باب فضل إخفاء الصدقة ‪715 /2‬‬ ‫(‪.)1031‬‬

‫‪50‬‬


‫ترجمة راوي احلديث (‪)2‬‬

‫مناقبه‬ ‫اشتكى للنبي ‪ ‬نسيانه للحديث‬ ‫فأعطاه اهلل ك��رام��ة تخصه‪ ،‬وه��ي آية‬ ‫من آي��ات النبي ‪ ،‬ق��ال ‪ :‬قلت‪:‬‬ ‫يا َر ُس َ‬ ‫ول هَّ ِ‬ ‫الل‪ ،‬إني سمعت ِم ْن َك َح ِدي ًثا‬ ‫َك ِث ًيرا َف َأن َْسا ُه‪ ،‬قال‪« :‬ا ْب ُس ْط ِر َدا َء َك»‪،‬‬ ‫فبسطته‪َ ،‬ف َغ َر َف بيديه فيه‪ُ ،‬ث َّم قال‪:‬‬ ‫يت َح ِدي ًثا‬ ‫ُ‬ ‫«ض َّم ُه»‪َ ،‬ف َض َم ْم ُت ُه‪1 ،‬فما ن َِس ُ‬ ‫()‬ ‫َب ْعدُ ‪ .‬رواه البخاري ‪ ،‬وللترمذي‪:‬‬ ‫��م َأ َخ� َ‬ ‫���ذ ُه‬ ‫َف � َب� َ�س� ْ�ط� ُ‬ ‫�ت َث� ْ�و ِب��ي ِع��� ْن���دَ ُه‪ُ ،‬ث� َّ‬ ‫يت َب ْعدَ ُه‬ ‫َف َج َم َع ُه على َق ْلبِي‪ ،‬فما ن َِس ُ‬ ‫ِ (‪)2‬‬ ‫َحدي ًثا‬

‫معالم من حياته‬

‫عن َأ َبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ِ :‬إن َُّك ْم َت ُقولُ َ‬ ‫احلديث عن رسول هَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫الل ‪،‬‬ ‫ون‪ِ :‬إ َّن َأ َبا ُه َر ْي َر َة ُي ْك ِث ُر‬ ‫ون‪ :‬ما َب ُ‬ ‫ِين َوا َألن َْصا ِر ال ُي َحدِّ ُث َ‬ ‫َو َت ُقولُ َ‬ ‫ون عن رسول هَّ ِ‬ ‫ال مْالُ َه ِ‬ ‫الل ‪ ‬بمِ ِث ِْل حديث أبي‬ ‫اجر َ‬ ‫ِين كان َي ْش َغ ُل ُه ْم َص ْفقٌ بِا َأل ْس َو ِاق‪َ ،‬و ُك ْن ُت َأ ْل َز ُم َر ُس َ‬ ‫ُه َر ْي َر َة‪َ ،‬و ِإ َّن ِإخْ َو ِتي من مْالُ َه ِ‬ ‫ول‬ ‫اجر َ‬ ‫الل ‪ ‬على ِم ْل ِء َب ْط ِني‪َ ،‬ف َأ ْش َهدُ إذا َغا ُبوا‪َ ،‬و َأ ْح َف ُظ إذا ن َُسوا‪َ ،‬‬ ‫هَّ ِ‬ ‫وكان َي ْشغ َُل ِإخْ َو ِتي‬

‫من ا َألن َْصا ِر َع َم ُل َأ ْم َوا ِلهِ ْم‪َ ،‬و ُك ْن ُت ا ْم َر ًأ ِم ْس ِكي ًنا من َم َس ِاك ِ‬ ‫الص َّف ِة‪َ ،‬أ ِعي حني‬ ‫ني ُّ‬ ‫ينسو َن‪.‬متفق عليه‪)3(.‬‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫استنتج مما مضى أسباب كثرة حديث أبي هريرة ‪:‬‬ ‫‪......................................................... -1‬‬ ‫‪..........................................................-2‬‬ ‫‪..........................................................-3‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪َّ -1‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوارد ِذك ُرهم‪ ،‬وأن أعمالهم سبب حلصول االستظالل بظل الرحمن حني تدنو‬ ‫احلديث على فضل السبعة‬ ‫دل‬ ‫الشمس من اخلالئق قدر ِم ٍيل‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال تصلح حياة الناس بغير سلطان يحكم بينهم‪ِّ ،‬‬ ‫وينظم أمورهم‪ ،‬وال تستقيم أحوالهم حتى يحكم بينهم‬ ‫بالعدل الذي أنزله اهلل تعالى في كتابه‪ ،‬وب َّينه رسول اهلل ‪ ‬في سنته‪ ،‬وإذا استجاب احلاكم ألمر اهلل تعالى‬ ‫الظلم مع قدرته عليه؛ استحق أن يظله اهلل تعالى في ظله يوم ال ظل إال ظله‪.‬‬ ‫بالعدل‪ ،‬و َت َر َك‬ ‫َ‬ ‫ني َأ ْن ُي ِر َي ُه ْم النبي ‪ ‬آ َي ًة َف َأ َرا ُه ْم ان ِْش َق َ‬ ‫اق ا ْل َق َم ِر ‪. )3448(1333/3‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب املناقب‪َ ،‬باب ُسؤَ الِ مْالُ ْشر ِ​ِك َ‬ ‫‪ )2‬رواه الترمذي ‪ ، )3834(683/5‬وقال‪َ :‬ح ِد ٌ‬ ‫ِيب‪.‬‬ ‫يث َح َس ٌن َغر ٌ‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫هَّ‬ ‫هَّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّلاَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لِ‬ ‫وع‪َ ،‬باب ما جاء في ق ْو الل ت َعالى فإذا قض َي ْت الص ُة فا ْنتَش ُروا في األرض َوا ْب َتغُوا من ف ْض ِل الل َواذك ُروا الل كث ًيرا ل َعلك ْم‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في ِكتَاب ا ْل ُب ُي ِ‬ ‫ت ُْف ِل ُح َ‬ ‫ون‪ ، )1942(721/2‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ‪َ ،‬باب من َف َضا ِئ ِل أبي ُه َر ْي َر َة الدَّ ْو ِس ِّي ‪. )2492(1940/4 ‬‬

‫‪51‬‬


‫َ‬ ‫الفضل املوعو َد به في هذا احلديث‪ ،‬وتتحقق النشأة في طاعة اهلل بأمرين‪:‬‬ ‫‪ -3‬من نشأ في طاعة اهلل تعالى استحق‬ ‫ِ‬ ‫واحلفاظ على الصلوات املفروضات في أوقاتها‪ ،‬و ِب ِّر الوالدين وصل ِة األرحام‬ ‫أ‪ -‬بفعل الواجبات من التوحيد‬ ‫وغيرِها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والكذب واخليان ِة وغي ِر‬ ‫وعقوق الوالدين‬ ‫والتكاسل عن الصلوات املفروضات‪،‬‬ ‫الشرك‬ ‫ب‪ -‬بترك احملرمات من‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫فحري بكل شاب مسلم أن يحرص في نشأته على طاعة ربه؛ ليستحق أن يكون في ظل عرش اهلل تعالى يوم‬ ‫ٌّ‬ ‫القيامة‪.‬‬ ‫‪ -4‬املساجد بيوت اهلل تعالى‪ ،‬وهي أطهر البقاع وأفضلها‪ ،‬وأحبها إلى اهلل تعالى‪ ،‬فإذا تعلق قلب املسلم مبحبتها؛‬ ‫كان حر ًّيا أن يظله اهلل تعالى في ظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬ومن صور التع ُّلقِ باملساجد‪:‬‬ ‫أ‪ -‬احلرص على التردد عليها ألداء الصلوات املفروضات وغيرها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تع ُّلم العلم فيها‪ ،‬وحضور اخلطب واملواعظ‪.‬‬ ‫ت‪-‬كلما خرج منها أحب الرجوع إليها لتعلق قلبه بها‪ .‬أضف صورة أخرى)‬ ‫ث‪................................... -‬‬ ‫‪ -5‬الحْ ُ ُّب في اهلل ُيراد به‪ :‬محب ُة املسلم ملا فيه من خصال اخلير والطاعة هلل تعالى‪ ،‬وهي األخ َّو ُة والصداق ُة النافع ُة يوم‬ ‫فأحب ُّ‬ ‫واحد منهما صاحبه ح ًّبا صادقا هلل تعالى وليس‬ ‫القيامة؛ فإذا اجتمع اثنان فأكثر على احملبة في اهلل‪،‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫َّ‬ ‫لغرض من الدنيا كاملال‪ ،‬أو النسب‪ ،‬أو الوطن‪ ،‬وصارا يجتمعان لذكر اهلل تعالى وطاعته‪ ،‬واستم َّرا على ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫حتى تفرقا وهما عليه؛ فقد استحقا من اهلل تعالى أن يظلهما في ظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬وما سوى ذلك من‬ ‫الصداقات قد يكون حسرة وندام ًة على صاحبه يوم القيامة؛ قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪ِ -6‬إ ُ‬ ‫واجب عظيم‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫عفاف ال َف ْرج من فعل الفاحشة َو َوسائ ِلها‬ ‫ٌ‬ ‫(((‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫فرج ُه عن احلرام( ) ‪ ،‬فإذا اب ُت ِل َي املؤمن بامرأةٍ ِ‬ ‫ذات‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮﱪ‬ ‫النبي ‪ ‬اجلن َة ملن حفظ َ‬ ‫‪ ،‬وقد َض ِم َن ُّ‬ ‫منصب وجمال تدعوه إلى الفاحشة‪ ،‬فامتنع خوفًا من اهلل تعالى‪ ،‬كان ح ًّقا على اهلل أن يظ َّله في ظ ِّله يوم ال ظل‬ ‫ٍ‬ ‫إال ظ ُّله‪.‬‬ ‫الصد َق ُة باملال من األعمال التي يحبها اهلل تعالى؛ وذلك ملا فيه من املنافع العظيمة للمتصدق‪ ،‬واملتصدق عليه‪،‬‬ ‫‪َّ -7‬‬ ‫وملا ت ُِشي ُع ُه الصدق ُة من روح التضامن والتكافل بني أبناء املجتمع‪ ،‬وإذا كانت الصدقة في اخلفاء فهي أحب إلى‬ ‫(((‬ ‫اهلل تعالى كما قال‪ :‬ﱫ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ ( ) ‪،‬‬ ‫وذلك ملا تشعر به من اإلخالص والصدق مع اهلل تعالى؛ كما إنها أرفق بالفقير وأستر له‪ ،‬وإذا أخفى املر ُء صدق َته‬ ‫أحدا؛ كان حر ًّيا أن يكون في ظل اهلل يوم القيامة‪.‬‬ ‫فلم يخبر بها ً‬ ‫‪ )1‬آية ‪ 67‬من سورة الزخرف‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 33‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )3‬ينظر‪ :‬صحيح البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب حفظ اللسان ‪. )6109(2376/5‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪ 271‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫‪ -8‬ال ُبكاء من خشية اهلل تعالى دليل على حياة القلب‪ ،‬قال عبد اهلل بن عمرو–رضي اهلل عنهما‪َ « :-‬ألن أدمع دمع ًة‬ ‫(((‬ ‫من خشية اهلل عز وجل أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار»( ) ‪ ،‬وقال كعب األحبار‪َ « :‬ألن أبكي من خشية‬ ‫(((‬ ‫إلي ِمن أن أتصدق ب َِج َب ٍل ِمن ذهب» ( ) ‪ ،‬وإذا كان هذا البكاء‬ ‫اهلل حتى تسيل دموعي على ْ‬ ‫وج َن َت َّي؛ أحب َّ‬ ‫في حال اخللوة دل على اإلخالص والصدق الذي يستحق به العبد عظيم األجر وجليل الثواب‪ ،‬ومنه ما وعد‬ ‫به النبي ‪ ‬في هذا احلديث‪ ،‬فينبغي للمسلم أن يحرص على خشوع قلبه‪ ،‬ويتطلب البكاء من خشية ربه‪،‬‬ ‫ويحرص على أسبابه‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قراءة القرآن‪.‬‬ ‫ب‪-‬أكل احلالل‪.‬‬ ‫ت‪-‬مجالسة الصاحلني‪.‬‬ ‫ث‪-‬استماع املواعظ النافعة‪ .‬أضف سببني آخرين )‬ ‫ج‪.................................-‬‬ ‫ح‪.................................-‬‬ ‫‪ -9‬تشارك املرأة الرجل فيما ورد في هذا احلديث من الفضائل إال في َخصلتني هما‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اإلمامة العظمى‪ ،‬ويدخل في حكمها‪ :‬القضاء‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التع ُّلق باملسجد؛ ألن صالة املرأة في بيتها أفضل‪.‬‬ ‫‪ِ -10‬ذ ْك ُر السبعة في هذا احلديث ال يدل على احلصر؛ ألنه قد ثبت في أحاديث أخرى غي ُر هؤالء ممن يظلهم اهلل‬ ‫َ‬ ‫عسرا مبا عليه من‬ ‫في ظله‪ ،‬وهذا ِمن مزيد فضله وتَك ُّرمه على عباده املؤمنني‪َ ،‬ف ِم َّمن ورد ذكره غي ُرهم‪َ :‬من أنظر ُم ً‬ ‫الس َل ِمي األنصاري ‪ ‬قال‪ :‬قال َر ُس ُ‬ ‫ول هَّ ِ‬ ‫الل ‪َ « :‬م ْن َأن َْظ َر ُم ْع ِس ًرا أو َو َض َع‬ ‫الدَّ ين أو أسقط عنه‪ ،‬فعن أبي ا ْل َي َس ِر َّ‬ ‫(((()‬ ‫عنه؛ َأ َظ َّل ُه اهلل في ِظ ِّل ِه»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪ )1‬صفة الصفوة ‪ ،658/1‬التدوين في أخبار قزوين ‪ ،381/2‬الفردوس مبأثور اخلطاب ‪.174/5‬‬ ‫‪ )2‬حلية األولياء ‪.366/5‬‬ ‫َّ‬ ‫يل َو ِق َّص ِة أبي ا ْل َي َس ِر ‪. )3006(2302 -2301/4‬‬ ‫الط‬ ‫ِر‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫حديث‬ ‫اب‬ ‫ب‬ ‫والرقائق‪،‬‬ ‫الزهد‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في كتاب‬ ‫َ ٍ وِ ِ‬ ‫َ‬

‫‪53‬‬


‫نشاط ‪:1‬‬

‫بالنظر إلى السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله تالحظ أن صفة اإلخالص كانت دافع ًا ألعمالهم‪،‬‬ ‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬بينِّ وجه وجود اإلخالص في كل عمل من أعمالهم‪:‬‬ ‫م‬

‫وجه وجود اإلخالص‬

‫العمل‬

‫‪1‬‬

‫ِإ َما ٌم َعدْ ٌل‬

‫‪2‬‬

‫اب ن َ​َش َأ في ِع َبا َد ِة هَّ ِ‬ ‫الل‬ ‫َ​َش ٌّ‬

‫‪3‬‬

‫َ َر ُج ٌل َق ْل ُب ُه ُم َع َّلقٌ في مْالَ َس ِ‬ ‫اج ِد‬

‫‪4‬‬

‫الن حَ َتا َّبا في هَّ ِ‬ ‫َ َر ُج ِ‬ ‫الل ْاج َت َم َعا عليه َو َت َف َّر َقا عليه‬

‫‪5‬‬

‫اف هَّ َ‬ ‫ات َم ْن ِص ٍب َو َج َم ٍال فقال‪ :‬إني َأ َخ ُ‬ ‫الل‬ ‫َ َر ُج ٌل َد َع ْت ُه ا ْم َر َأ ٌة َذ ُ‬

‫‪6‬‬

‫َ َر ُج ٌل ت َ​َصدَّ َق ب َِصدَ َقةٍ َف َأخْ َف َاها حتى ال ت َْع َل َم ِش َمالُ ُه ما ُت ْن ِف ُق يمَ ِي ُن ُه‬

‫‪7‬‬

‫َرج ٌل َذ َكر هَّ َ‬ ‫الل َخا ِل ًيا َف َف َ‬ ‫اض ْت َع ْي َنا ُه‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬

‫نشاط‪2‬‬

‫أنت شاب في مقتبل الشباب‪ ،‬حترص بإذن اهلل أن تكون ممن نشأ في طاعة اهلل‪ ،‬ضع لنفسك‬ ‫برنامج ًا يومي ًا تراعي فيه القيام باملأمورات الشرعية ‪ ،‬وتتقي من خالله أسباب الوقوع في‬ ‫املخالفات الشرعية‪.‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬عدِّ د السبعة الذين يظلهم اهلل بظله يوم القيامة؟‬ ‫س‪ :2‬هل االستظالل بظل الرحمن خاص بالسبعة فقط؟ استدل ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :3‬تشارك املرأة الرجل فيما ورد في هذا احلديث من الفضائل إال في خصلتني‪ ،‬فما هما؟‬ ‫س‪ :4‬مب تتحقق النشأة في طاعة اهلل؟‬ ‫س‪ :5‬اذكر ثالث ًا من صور التعلق باملساجد‪.‬‬ ‫س‪ :6‬اذكر ثالثة من األسباب املعينة على اخلشوع والبكاء من خشية اهلل‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫احلديث السادس‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالولي‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج طريق حتقيق والية اهلل‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني املقياس احلقيقي للوالية‪.‬‬ ‫‪ ‬ترد على من زعم والية اهلل وهو مخالف لها‪.‬‬ ‫‪ ‬حترص على الفرائض وتستكثر من نوافل العبادات‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج آثار والية اهلل على العبد‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ألبي هريرة ‪. ‬‬ ‫يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﱪ ( ) ‪ ،‬وهذا مما يدل على أن مقام‬ ‫فمن هم أصحاب هذه الوالية؟ ومب تتحقق؟ وكيف يحقق اهلل لهم األمن ويذهب عنهم احلزن؟‬ ‫والية اهلل عظيم ‪َ ،‬‬ ‫النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬ ‫هذا ما بينه ُّ‬ ‫(((‬

‫أعلنت عليه‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫عن أبي هرير َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ِ ‬إ َّن الل قال‪َ « :‬م ْن َعا َدى ِلي َو ِل ًّيا َف َقدْ آ َذ ْن ُت ُه‬ ‫احلرب‬ ‫ِبالحْ َ ْر ِب‪ ،‬و َما َت َق َّر َب ِإ َل َّي َع ْب ِدي ب َِش ْيءٍ َأ َح َّب ِإ َل َّي ممَِّا ا ْف َت َر ْض ُت عليه‪ ،‬و َما َي َز ُال َع ْب ِدي َي َت َق َّر ُب‬ ‫كنت َس ْم َع ُه الَّذي َي ْس َم ُع ِب ِه‪َ ،‬و َب َص َر ُه الَّذي ُي ْب ِص ُر‬ ‫ِإ َل َّي بِال َّن َوا ِف ِل حتى ُأ ِح َّب ُه‪ ،‬فإذا َأ ْح َب ْب ُت ُه ُ‬ ‫ِب ِه‪َ ،‬و َيدَ ُه الَّتي َي ْب ِط ُش بها‪َ ،‬ور ِْج َل ُه الَّتي يمَ ِْشي بها‪َ ،‬و ِإ ْن َس َأ َل ِني ُأل ْع ِط َي َّن ُه‪َ ،‬و َل ِئ ْن ْاس َت َعا َذ ِني‬ ‫ُأل ِع َ‬ ‫يذ َّن ُه‪ ،‬و َما َت َر َّد ْد ُت َعن َش ْيءٍ أنا َف ِاع ُل ُه َت َر ُّد ِدي عن َن ْف ِس مْالُؤْ ِم ِن؛ َي ْك َر ُه مْالَ ْو َت وأنا َأ ْك َر ُه‬ ‫(‪)2‬‬ ‫َم َسا َء َت ُه»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫‪ )1‬يونس‪.62:‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب التواضع ‪. )6137( 2384/5‬‬

‫‪55‬‬


‫ترجمة راوي احلديث (‪)3‬‬ ‫مناقبه‬ ‫شهد النبي ‪ ‬ألبي هريرة باحلرص على العلم‪،‬‬ ‫ففي صحيح البخاري رحمه اهلل‪ :‬قال أبو ُه َر ْي َر َة‬ ‫‪ : ‬قلت‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ول هَّ ِ‬ ‫الل‪ ،‬من َأ ْس َعدُ الناس‬ ‫ب َِش َف َاع ِت َك يوم ا ْل ِق َيا َم ِة؟ فقال‪« :‬لقد َظ َن ْن ُت يا‬ ‫َأ َبا ُه َر ْي َر َة َأ ْن لاَ َي ْس َأ َل ِني عن هذا احلديث َأ َحدٌ‬ ‫َأ َّو ُل ِم ْن َك؛ مِلَا رأيت من ِح ْر ِص َك على احلديث‪،‬‬ ‫َأ ْس َعدُ الناس ب َِش َف َاع ِتي يوم ا ْل ِق َيا َم ِة من قال‪ :‬لاَ‬ ‫ِإ َل َه إال اهلل َخا ِل ًصا من ِق َب ِل َن ْف ِس ِه» وفي رواية‪:‬‬ ‫«خا ِلصا من َق ْل ِب ِه»‪.‬رواه البخاري‪)3(.‬‬ ‫َ ً‬

‫معالم من حياته‬ ‫يطعن في أبي هريرة ورواياته كثي ٌر من أهل األهواء‬ ‫والبدع وأعدا ِء اإلسالم قد ًميا وحدي ًثا كاخلوارج واملعتزلة‬ ‫واملستشرقني واملستغربني؛ فلماذا؟ تعاون مع زمالئك‬ ‫الستنتاج السبب‪.‬‬

‫‪..................................................‬‬ ‫‪..................................................‬‬ ‫‪........................................ .........‬‬ ‫‪.............................. ...................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪َ -1‬و ِل ُّي ا ِ‬ ‫قي؛ كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫هلل تعالى ال َوالية احلقيقية هو املؤمن ال َّت ُّ‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﱪ (((() ‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية‪ُّ :‬‬ ‫كل من كان مؤم ًنا تق ًّيا‬ ‫(((()‬ ‫قس َمهم اهلل تعالى‪.‬‬ ‫كان هلل ول ًّيا‪ ،‬وهم على درجتني‪ :‬السابقون املق َّربون‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأصحاب اليمني املقتصدون؛ كما َّ‬ ‫ُ‬ ‫الصحيح إلى َوالية اهلل تعالى‪ ،‬وهو يتلخص في أمرين‪:‬‬ ‫احلديث الطريقَ‬ ‫‪ -2‬بينَّ‬ ‫َ‬ ‫ال وتركً ا؛ مثل‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التقرب إلى اهلل تعالى بالفرائض‪ ،‬ويدخل في هذا الواجبات بأنواعها االعتقادية والعملية فع ً‬ ‫إخالص التوحيد في جميع األعمال ونبذ الشرك بأنواعه‪ ،‬وأداء الصلوات املفروضات في أوقاتها‪ ،‬والزكاة‬ ‫‪ )1‬اآليتان ‪ 63-62‬من سورة يونس عليه السالم‪.‬‬ ‫‪ )2‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.224/2‬‬ ‫‪ )23‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪َ ،‬باب ِص َف ِة الجْ َ َّن ِة َوال َّنا ِر ‪ ، )6201(2402/5‬والرواية الثانية له في كتاب العلم‪َ ،‬باب الحْ ِ ْ��ر ِص على احلديث‬ ‫‪. )99(49/1‬‬

‫‪56‬‬


‫والصيام واحلج وبر الوالدين‪ ،‬وترك الزنا وشرب اخلمر والكذب والغش واخليانة وغير ذلك‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التقرب إلى اهلل تعالى بالنوافل‪ ،‬ويدخل في هذا فعل املستحبات وترك املكروهات؛ مثل‪ :‬التطوع بالصالة‬ ‫والصدقة والصيام واحلج والعمرة‪ ،‬وترك األكل والشرب قائما وغير ذلك‪.‬‬ ‫‪ -3‬ليس ُّ‬ ‫كل من ا َّدعى والية اهلل تعالى فهو صادق في دعواه‪ ،‬فقد ادعى ال َوالية أقوام بعيدون عن اهلل تعالى‪،‬‬ ‫الناس صد َقهم وإمنا هي أحوال شيطانية أو سحر وشعوذة‪ ،‬وقد بينَّ‬ ‫وأظهروا للناس ما يشبه الكرامات‪ ،‬فظن ُ‬ ‫ُ‬ ‫سعد‪ :‬إ َذا رأيتم ال َّر ُج َل ميشي على املا ِء؛‬ ‫الصحيح لل َوالية‪ ،‬فقال‬ ‫املقياس‬ ‫العلماء‪-‬رحمهم اهلل تعالى‪-‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الليث ُ‬ ‫الشافعي‪ :‬إذا رأيتم ال َّر ُج َل ميشي على املا ِء‪ ،‬و َيطي ُر في‬ ‫والسنة‪ ،‬وقال‬ ‫فال تَغْ َت ُّروا به حتى ت َْعرِضوا أم َره على الكتاب ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫والسنة‪.‬‬ ‫الهواء؛ فال تَغْ َت ُّروا به حتى ت َْعرِضوا أم َره على الكتاب ُّ‬ ‫‪َّ -4‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على مشروعية اإلكثار من النوافل‪ ،‬واملداومة على فعلها بجميع أنواعها؛ واهلل تعالى قد افترض‬ ‫دل‬ ‫فرائض‪ ،‬وجعل لكل فريضة نافلة من جنسها‪ ،‬لتكون جابر ًة للنقص الذي يكون في الفرائض‪ ،‬فمنها‪ :‬نوافل‬ ‫الصالة والصدقة والصيام واحلج والعمرة ِّ‬ ‫والذكر‪ ،‬ونوافل اإلحسان للوالدين كالزيادة في ِب ِّرهما وصلتهما‪ ،‬ونوافل‬ ‫األخالق كاالبتسامة وحسن االستقبال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأحب إلى اهلل تعالى‪،‬‬ ‫أهم‬ ‫‪ -5‬التق ُّرب إلى اهلل تعالى بالفرائض مقدَّ ٌم على التقرب بالنوافل؛ وذلك ألن‬ ‫ُّ‬ ‫الفرائض ُّ‬ ‫ولذلك ألزم عباده بها فهي في املرتبة العليا؛ فليس من صفات أولياء اهلل تعالى‪ :‬ترك الفرائض ألجل النوافل‪ ،‬أو‬ ‫تقدميها عليها عند التعارض؛ كالذي يقوم الليل ويترك صالة الفجر‪ ،‬أو يحرص على اخلشوع في النوافل دون‬ ‫الفرائض‪ ،‬أو يصوم النفل الذي ال يفوت وقته ويترك القضاء الواجب‪.‬‬ ‫‪ -6‬إذا أحب اهلل العبد احملبة الكاملة فإنه يوفقه في جميع أعماله؛ في سمعه وبصره ويده ورجله؛ فال يسمع إال ما‬ ‫أباح اهلل له‪ ،‬وال ينظر إال إلى ما أباح اهلل له‪ ،‬وال يبطش إال مبا أباح اهلل له‪ ،‬وال ميشي إال إلى ما أباح اهلل له‪ ،‬ومع‬ ‫هذا فإنه يجيب دعوته‪ ،‬فإن سأله أعطاه‪ ،‬وإن استعان به أعانه‪ ،‬وإن استعاذ به أعاذه‪.‬‬ ‫بأي نوع من املعاداة‪ ،‬وأن ذلك كبير ًة من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫‪ -7‬في احلديث تهديدٌ شديدٌ مِلَن يعادي أوليا َء اهلل تعالى ِّ‬ ‫فإن اهلل تعالى ال يعلن احلرب على معادي األولياء إال الرتكابه أمرا عظيما‪ ،‬فالواجب احلذر من إيذائهم بأي‬ ‫نوع من األذى‪ ،‬سواء أكان بالقول املباشر من السب أو الشتم أو التنقص‪ ،‬أم كان بطريق غير مباشر في املجالس‬ ‫واملنتديات‪ ،‬أم كان عن طريق الكتابة في الصحف أو املجالت أوالشبكة العنكبوتية؛ وذلك ألن أولياء اهلل تعالى‬ ‫هم امل َّتقون من عباده؛ وهم أحبابه واملق َّربون منه جل في عاله‪ ،‬فمن آذاهم فقد آذى اهلل تعالى فاستحق العقوبة‬ ‫في الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫ال محدَّ ًدا وال زم ًنا ال يتقدم وال يتأخر‪ ،‬فإن هلل‬ ‫حرب اهلل تعالى على أعدائه ال تتخذ صورة مع َّين ًة وال شك ً‬ ‫‪ -8‬إن َ‬ ‫تعالى جنو ُد السموات واألرض يس ِّلطها على من يشاء ويصرفها عمن يشاء‪ ،‬ويقدِّ ُمها متى شاء ِّ‬ ‫ويؤخ ُرها متى‬ ‫شاء؛ حلكمةٍ يريدها‪ ،‬فقد يس ِّلط على من عاداه َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الطغيان‬ ‫والغم‪ ،‬أو زياد َة‬ ‫الهم‬ ‫القتل‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬ ‫األمراض الف َّتاك َة‪ ،‬أو َّ‬ ‫َ‬ ‫فقدان املالِ أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الولد أو الفتن َة بهم‪ ،‬وقد يبتليه مبوت القلب الذي هو من‬ ‫والفساد حتى إذا َأ َخ َذ ُه لم ُي ْف ِل ْت ُه‪ ،‬أو‬ ‫أعظم املصائب‪.‬‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬تفسير ابن كثير ‪ ،79/1‬واعتقاد أهل السنة ‪ ،145/1‬وحلية األولياء ‪ ،116/9‬وسير أعالم النبالء ‪.23/10‬‬

‫‪57‬‬


‫‪ -9‬في احلديث إثبات صفة احملبة هلل تعالى على الوجه الالئق به؛ كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭳ ﭴ ﭵﱪ ( ) ‪،‬‬ ‫وأن محبته لألشياء متفاوتة؛ فهو يحب بعض األعمال أكثر من بعض؛ فالفرائض يحبها أكث َر من النوافل‪ ،‬كما‬ ‫إنه تتفاضل محبته لألشخاص؛ فهو يحب َمن حافظ على الفرائض واستم َّر على النوافل أكثر من غيره‪.‬‬ ‫‪ -10‬من ِص ِ‬ ‫فات أولياء اهلل تعالى أنهم ال يسألون إال اهلل تعالى؛ فال يطلبون حوائجهم من غيره‪ ،‬وال يستعيذون إال‬ ‫به؛ فال يلتجئون عند خوفهم من شيء إال إليه؛ وهذا من حتقيقهم الكامل للتوحيد الذي أوجبه اهلل تعالى على‬ ‫عباده؛ فال ميكن أن تُنال والي ُة اهلل تعالى مع اإلخالل بالتوحيد مْ‬ ‫والَ ْي ِل إلى الشرك بأي صورة من الصور‪ ،‬وما قد‬ ‫ُيظن في بعض املشركني من ال َوالية مبا يحصل لهم من الكرامات الظاهرة فإمنا هو من عمل الشياطني وتلبيسهم‬ ‫على بني آدم‪.‬‬ ‫املوت َط ْب ٌع في بني آدم ال ُيعاب عليه‪ ،‬ففي هذا احلديث أن مْ‬ ‫‪ -11‬كراهي ُة ِ‬ ‫«الُؤْ ِمن َي ْك َر ُه مْالَ ْو َت»‪ ،‬وقالت عائشة رضي‬ ‫(((‬ ‫اهلل عنها للنبي ‪ُ :‬‬ ‫«ك ُّل َنا َن ْك َر ُه مْالَ ْو َت»‪.‬رواه مسلم( ) ‪ ،‬وقد جاء الشرع بتأكيد هذا الطبع حيث نهى عن مت ِّني‬ ‫(((‬ ‫الل ‪َ :‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫املوت‪ ،‬فعن َأ َن ٍس ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول هَّ ِ‬ ‫«ال َي َت َمنَّينَ​َّ َأ َحدُ ُكم مْالَ ْو َت ِل ُض ٍّر َن َز َل ِب ِه»‪.‬رواه مسلم( ) ‪.‬‬ ‫قال‬ ‫(((‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫والية اهلل منزلة عظيمة يسعى لنيلها ُّ‬ ‫كل مسلم؛ من خالل اآليات اآلتية بني شروط الوالية‬ ‫احلقيقية‪:‬‬ ‫ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ﭜﭝﭞﭟﭠﱪ‬ ‫ﱫ ﭳ ﭴ ﭵﱪ‬

‫(‪)5‬‬

‫ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﱪ‬

‫(‪)6‬‬

‫ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﱪ‬

‫(‪)7‬‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 31‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫هَّ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫��ن ك��� ِر َه ل �ق��ا َء الل ك��� ِر َه اهلل لقا َء ُه‬ ‫��ب ل �ق��ا َء الل أ َح� َّ‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم ف��ي كتاب ال��ذك��ر وال��دع��اء والتوبة واالستغفار‪َ ،‬ب��اب م��ن أ َح� َّ‬ ‫��ب اهلل ل �ق��ا َء ُه َو َم� ْ‬ ‫‪.)2684(2065/4‬‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار‪ ،‬باب كراهة متني املوت لضر نزل به ‪. )2680( 2064/4‬‬ ‫‪ )4‬اآليتان ‪ 63-62‬من سورة يونس عليه السالم‪.‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪ 31‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )6‬اآلية ‪ 54‬من سورة املائدة‪.‬‬ ‫‪ )27‬األعراف‪.١٩٦ :‬‬

‫‪58‬‬


‫نشاط‪:2‬‬

‫أنت تسعى لتكون من أولياء اهلل‪ ،‬ضع برنامج ًا يومي ًا تراعي فيه الفرائض والنوافل اليومية والعامة‬ ‫لتنال والية اهلل‪:‬‬ ‫م‬

‫وقته‬

‫العمل‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫التقويم‬

‫س‪َ :1‬من الولي؟ وما الطريق إلى والية اهلل تعالى؟‬

‫س‪ ( :2‬التقرب إلى اهلل بالفرائض مقدم على التقرب إليه بالنوافل) ‪ ،‬استدل من احلديث على‬ ‫صحة ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما آثار محبة اهلل للعبد؟‬ ‫س‪ :4‬ما جزاء من عادى أولياء اهلل؟ مثل لذلك‪.‬‬ ‫س‪ :5‬استنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫احلديث السابع‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني معنى ‪ :‬سددوا – قاربوا – اغدوا – روحوا – الدجلة ‪ -‬القصد‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج أثر العمل في النجاة من النار‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج األسباب املوصلة إلى رحمة اهلل‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني العبادات التي تشرع في أوقات ‪ :‬الغدو – الرواح – الدجلة‪.‬‬ ‫‪ ‬جتمع بني قوله تعالى ‪ :‬ﱫ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱪ{النحل‪، }32:‬‬ ‫وحديث ‪ ( :‬لن ينجي أحداً منكم عمله ) ‪.‬‬ ‫إن أعظم أمنية لكل مسلم هي‪ :‬دخول اجلنة والنجاة من النار‪ ،‬ولكن ما أثر األعمال الصاحلة في حتقيق هذه األمنية؟‬ ‫وهل مبجرد أن يكثر املسلم من الصاحلات يستحق بذلك الفوز باجلنة والنجاة من النار؟‬ ‫اقرأ احلديث اآلتي لتتبني ذلك‪:‬‬ ‫إذا لم تستطيعوا عمل‬ ‫األكمل فاعملوا ما يقرب‬ ‫منه‬

‫الزموا السداد وهو الصواب‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والتوسط في العمل من عن أبي ُه َر ْي َرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الل ‪«:‬ل ْن ُي َن ِّج َي أ َح ًدا‬ ‫غير إفراط وال تفريط‬ ‫ِم ْن ُك ْم َع َم ُل ُه»‪ ،‬قالوا‪ :‬وال أنت يا َر ُس َ‬ ‫ول هَّ ِ‬ ‫الل؟ قال‪«:‬وال أنا؛‬ ‫الروحة‪ :‬السير بعد الزوال‬ ‫الغَدوة‪ :‬السير أول النهار‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وحوا‪،‬‬ ‫إال أن َي َتغ َّمدَ ني اهلل ِب َر ْح َمةٍ ‪َ ،‬سدِّ ُدوا َوقا ِر ُبوا‪َ ،‬واغدُ وا َو ُر ُ‬ ‫(‪ )1‬الزموا الطريق الوسط‬ ‫الدُّ جلة‪ :‬سير الليل‬ ‫َو َش ْي ٌء من الدُّ لجْ َ ِة‪َ ،‬وا ْل َق ْصدَ ا ْل َق ْصدَ َت ْب ُلغُوا»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫املعتدل تبلغوا اجلنة‬

‫من العناوين املناسبة للدرس‪ :‬رحمة اهلل‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان آخر مناسب للدرس واكتبه في‬ ‫أعلى الصفحة‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪،‬باب القصد واملداومة على العمل ‪ ، )6098( 2373 /5‬ومسلم في كتاب صفة القيامة واجلنة والنار‪ ،‬باب لن يدخل‬ ‫أحد اجلنة بعمله بل برحمة اهلل تعالى ‪ ، )2816( 2169/4‬وليس في مسلم آخر احلديث‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫(ص���ورة لكتاب‬ ‫ابو هريرة وأقالم‬ ‫احلاقدين)‬

‫ترجمة راوي احلديث(‪)4‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫لقد أكثر ُ‬ ‫أهل البدع واملستشرقون من الطعن في رواية أبي هريرة ‪ ‬لألحاديث‪ .‬من خالل معرفتك السابقة‬ ‫بترجمته‪ :‬كيف ميكنك الرد عليهم؟‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ -1‬عمل اإلنسان مج َّر ًدا ال ُينجيه ِمن النار وال ُيدخله اجلنة‪ ،‬وإمنا يحصل له ذلك برحمة اهلل تعالى‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫اإلنسان مهما عمل ِمن الصاحلات َف َل ْن يقوم مبوافا ِة شيءٍ من نعم اهلل تعالى عليه‪ ،‬وكيف ميكنه ذلك ُّ‬ ‫وكل عمل‬ ‫صالح يعمله فإمنا هو بتوفيق اهلل له ُّ‬ ‫وتفضله عليه؛ ومهما شكر فهو إمنا يشكر بفضل اهلل عليه؛ فلهذا كان عاج ًزا‬ ‫محتاجا إلى رحمة ربه ليدخل بها جنته‪.‬‬ ‫بحق اهلل عليه؛ فلذا كان‬ ‫عن متا ِم القيا ِم ِّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬ليس ألحد ِمن ِ‬ ‫صالح عمله؛ بل يجب عليه أن يتواضع لربه جل وعال‪ ،‬وينسب‬ ‫الع َب ِاد أن يمَ َُّن على اهلل تعالى بعمل ٍ‬ ‫الفضل ك َّله إليه‪ ،‬فلواله جل في عاله لم يتيسر له شيء من العمل ولم يوفق إليه‪ ،‬وقد َع َت َب ُ‬ ‫اهلل تعالى على قوم‬ ‫من األعراب امتنا َنهم على رسوله ‪ ‬بإسالمهم‪ ،‬وبني لهم أن املنة هلل تعالى عليهم في ذلك‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯳ‬

‫ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫(((‬

‫ُ‬ ‫ودخول اجلنة‪ ،‬وهي النجاة احلقيقية والفوز احلقيقي‪ ،‬وواجب على‬ ‫‪ -3‬املراد بالنجاة في احلديث‪ :‬النجا ُة ِمن النار‬ ‫املسلم االهتمام بالنجاة في ذلك اليوم واالستعدا ُد لذلك‪ ،‬وقد أخبر اهلل تعالى أنه إمنا ُينجي املتقني دون غيرهم‪،‬‬ ‫(((()‬ ‫فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ ‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 17‬من سورة احلجرات‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 72‬من سورة مرمي‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫‪ -4‬على املسلم أن يطلب األسباب املوصلة إلى رحمة اهلل تعالى ومغفرته‪ ،‬وهذه األسباب قد بينها اهلل تعالى في‬ ‫كتابه وبينها رسوله ‪ ‬في سنته‪ ،‬وهي في اجلملة راجعة إلى اتباع شرع اهلل تعالى‪.‬‬ ‫تعاون مع زمالئك في استنتاج بعضها من اآليات اآلتية ‪:‬‬ ‫م‬

‫السبب املوصل إلى رحمة اهلل‬

‫اآلية‬ ‫ﱫﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﱪ (‪)3‬‬ ‫ﱫ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱪ (‪. )4‬‬ ‫ﱫﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﯚ ﯛ ﯜ ﱪ‪)5(.‬‬

‫‪َّ -5‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على أن أفضل األعمال عند اهلل تعالى ما كان على وجه السداد واالقتصاد والتيسير؛ دون ما يكون‬ ‫دل‬ ‫على وجه التكلف والتعسير‪ ،‬وقد تواترت األدلة الشرعية على تأكيد هذا األصل العظيم‪ :‬وهو مراعاة التوسط‬ ‫واالعتدال دون اإلفراط والتفريط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والتوسط في العمل‬ ‫السدَ ا ُد هو الوصول إلى حقيقة االستقامة‪ ،‬واإلصابة في جميع األقوال واألعمال واملقاصد‪،‬‬ ‫‪َّ -6‬‬ ‫من غير إفراط وال تفريط‪ ،‬واملؤمن مطا َل ٌب بالوصول إلى هذه املرتبة العالية واالجتهاد في بلوغها والتمسك بها‪.‬‬ ‫السدَ ِاد‪ ،‬واملعنى أن املؤمن ُم َطا َل((( ٌب بالوصول إلى أحسن األمور‪ ،‬فإذا ضعف عن ذلك فال‬ ‫‪ -7‬المْ ُ َقا َر َب ُة َمر َت َب ٌة دون َّ‬ ‫قريبا ِمن ذلك في املرتبة التالية( ) ‪.‬‬ ‫يفوتنه أنت يكون ً‬ ‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث ثالث َة أوقات حا ّثًا على العمل الصالح فيهن‪:‬‬ ‫‪َ -8‬ذ َك َر ُّ‬ ‫أ‪َ « -‬و ْاغدُ وا» ِمن ال َغدوة‪ ،‬واملرا ُد‪َ :‬س ْي ُر أولِ النهارِ‪ ،‬ومما ُيشرع في هذا الوقت‪ :‬صال ُة الفجر‪ ،‬و ِذكر اهلل تعالى‬ ‫بأذكا ِر الصباح‪.‬‬ ‫وحوا» ِمن ال َّروح ِة‪ ،‬واملرا ُد‪َ :‬س ْي ُر آخ ِر النهار‪ ،‬ومما ُيشرع في هذا الوقت‪ :‬صال ُة العصر‪ِ ،‬‬ ‫وذكر اهلل تعالى‬ ‫ب‪َ « -‬و ُر ُ‬ ‫بأذكا ِر املساء‪.‬‬ ‫يشرع في هذا الوقت‪ :‬قيا ُم الليل والدعا ُء فيه‪ ،‬واالستغفا ُر‬ ‫الليل‪ ،‬ومما‬ ‫ُ‬ ‫ت‪َ « -‬و َش ْي ٌء ِمن الدُّ لجْ َ ِة» واملرا ُد بالدُّ جلة‪َ :‬س ْي ُر ِ‬ ‫باألسحار‪ ،‬وقال‪َ «:‬و َش ْي ٌء» لكي ال يشق املؤمن على نفسه في ذلك؛ فيكفيه لو تزود ِمن قيام الليل باليسيرِ‪.‬‬ ‫وهذه األوق��ات الثالثة قد ذكرها اهلل تعالى في آيات عديدة حا ّثًا على العمل الصالح فيهن‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬ ‫(((‬ ‫ﱫﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﱪ( ) ‪ ،‬وهذا من مطابقة‬ ‫السنة للقرآن‪.‬‬ ‫‪ )1‬ينظر‪ :‬جامع العلوم واحلكم‪ ،‬حديث (‪ ، )21‬ومدارج السالكني البن القيم‪ ،‬منزلة االستقامة‪ ،‬وشرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،160/17‬وقد‬ ‫ذهب بعض العلماء إلى أنهما مرتبة واحدة (ينظر‪ :‬احملجة في سير الدجلة‪ ،‬للحافظ عبد الرحمن بن رجب احلنبلي ص‪. )52-51‬‬ ‫‪ )2‬اآليتان ‪ 26-25‬من سورة اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 156‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪ 56‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪ 218‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫ُ‬ ‫واالعتدال‪ُ ،‬‬ ‫وترك التشديد على النفس فيها‪ ،‬وكما أن التقصير‬ ‫التوس ُط‬ ‫النبي ‪ ‬بالقصد في العبادة وهو ُّ‬ ‫‪َ -9‬أ َم َر ُّ‬ ‫أيضا‪َ ،‬‬ ‫النبي ‪ ‬األم َر بالقصد للتأكيد‪،‬‬ ‫فيما يجب من طاعة اهلل تعالى َس ِّي َئ ٌة؛ فال ُغ ُل ُّو في العباد ِة َس ِّي َئ ٌة ً‬ ‫وك َّر َر ُّ‬ ‫وإشارة إلى أنه ينبغي املداومة على ذلك في جميع األوقات واألحوال‪ ،‬وذلك ألن َمن َشدَّ د على نفسه بالعبادة‬ ‫يوشك أن ينقطع عنها ويتركها لثقلها على النفس‪ ،‬وقد بينَّ النبي ‪ ‬أن َمن التزم القصدَ فهو ٌ‬ ‫بالغ بإذن اهلل تعالى‬ ‫ٌ‬ ‫وواصل إلى السعادة األبدية‪.‬‬ ‫لنهاية الطريق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السنة ِ‬ ‫وفعل احمل َّرمات فليس من‬ ‫وترك البدعة‪ ،‬وأ َّما التقصير في الواجبات‬ ‫‪ -10‬القصدُ‬ ‫واالعتدال يكون باتِّباع ُّ‬ ‫التوسط احملمو ِد‪.‬‬ ‫االعتدال في شيءٍ ‪ ،‬بل هو ات ٌ‬ ‫ِّباع للهوى؛ فال ميكن أن يكون العمل بخالف السنة ِمن ُّ‬ ‫ُدخل صاح َبها اجلن َة‪ُ ،‬‬ ‫اآليات الدال ِة على أن األعمال ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫مثل قو ِل ِه تعالى‪ :‬ﱫ ﯝ‬ ‫‪ -11‬هذا احلديث ال يتعارض مع‬ ‫((((‬ ‫)‬ ‫َ‬ ‫التوفيق‬ ‫دخول اجلنة بسبب األعمال‪ ،‬ثم‬ ‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱪ ‪ ،‬وذلك أن معنى هذه اآليات‪ :‬أن‬ ‫ُ‬ ‫مبج َّر ِد العمل‬ ‫لألعمال‪ ،‬والهداي ُة لإلخالص فيها و َقبولها إمنا يكون برحمة اهلل تعالى وفضله‪،‬‬ ‫فيصح أنه لم يدخل َ‬ ‫ُّ‬ ‫وهو مراد احلديث‪ ،‬ويصح أنه دخل باألعمال يعني بسببها وهي من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬وألن رحمة اهلل تعالى إمنا‬ ‫(((()‬ ‫يستحقها املسلم بعمله الصالح‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬ ‫َجا َء َث َ‬ ‫وت َأ ْز َو ِاج ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ي ْس َألُ َ‬ ‫ال َث ُة َر ْه ٍط ِإ َلى ُب ُي ِ‬ ‫ون َع ْن ِع َبا َد ِة ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ف َل َّما ُأخْ ِب ُروا َك َأن َُّه ْم‬ ‫وها َف َقالُوا‪َ :‬و َأ ْي َن َن ْح ُن ِم َن ال َّنب ِِّي‪َ ‬قدْ ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْن ِب ِه َو َما َت َأ َّخ َر؟ َق َ‬ ‫ال َأ َحدُ ُه ْم‪َ :‬أ َّما‬ ‫َت َقا ُّل َ‬ ‫آخ ُر‪َ :‬أ َنا َأ ُصو ُم الدَّ ْه َر َو َال ُأ ْف ِط ُر‪َ ،‬و َق َ‬ ‫َأ َنا َف ِإنِّي ُأ َص ِّلي ال َّل ْي َل َأ َب ًدا‪َ ،‬و َق َ‬ ‫آخ ُر‪َ :‬أ َنا َأ ْع َتز ُِل ال ِّن َسا َء َف َ‬ ‫ال َ‬ ‫ال َ‬ ‫ال‬ ‫َأ َت َز َّو ُج َأ َب ًدا‪.‬‬

‫أصاب هؤالء الصحابة ‪ ‬في شيء‪ ،‬وأخطؤوا في شيء‪.‬‬ ‫ما الذي أصابوا فيه؟ ‪........................................................‬‬ ‫ما الذي أخطؤوا فيه؟‪.......................................................‬‬ ‫صح َح النبي ‪ ‬لهؤالء الصحابة ‪ ‬ما أخطؤوا فيه بقوله‪.......................... « :‬‬ ‫َّ‬

‫‪.».................................................................‬‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 32‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.161/17‬‬ ‫‪ )3‬أخرجه البخاري برقم ‪ ، )5063 ( :‬ومسلم برقم ‪. )1401 ( :‬‬

‫‪63‬‬

‫(((()‬


‫نشاط‪2‬‬

‫تعاون مع زمالئك في استنتاج الوسائل املعينة على سلوك منهج القصد واالعتدال‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما أثر العمل في الفوز باجلنة والنجاة من النار؟‬ ‫س‪ :2‬ما العبادات املشروعة في أوقات ‪ :‬الغدو ‪ -‬الرواح ‪ -‬الدجلة‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما آثار محبة اهلل للعبد؟‬ ‫س‪ :4‬ما أثر الغلو في العبادة على استمرار العمل وسالمته؟‬ ‫س‪ :5‬كيف جتمع بني قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﱪ ( ) ‪ ،‬وحديث‬ ‫(((‬

‫‪«:‬لن ينجي أحداً منكم عمله»؟‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 32‬من سورة النحل‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫احلديث السادس‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني معنى ‪ :‬خامة الزرع – األرزة ‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج مفهوم االبتالء ‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد صور االبتالء‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج الصورة التشبيهية الواردة في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبنب موقف كل من‪ :‬املؤمن والكافر من االبتالء‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج فوائد االبتالء للمؤمن‪.‬‬ ‫نت واالبتالءات فال تزيده إال ثبات ًا في الدين وقو ًة‪ ،‬وأما املنافق فتهلكه الفنت واالبتالءات وتُظهر‬ ‫ت َْعر ُ‬ ‫ِض للمؤمن الف ُ‬ ‫النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬ ‫كفره وعدم إميانه‪ .‬وهذا ما بينه ُّ‬ ‫شجرة كبيرة‬

‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ‬قال‪َ « :‬مث َُل المْ ُؤْ ِم ِن َك َمث َِل َخا َم ِة ال َّز ْر ِع‪،‬‬ ‫يح ت َُك ِّف ُئ َها‪ ،‬فإذا َس َك َن ْت ْاع َتدَ َل ْت‪َ ،‬و َك َذ ِل َك‬ ‫َي ِفي ُء َو َر ُق ُه من َح ْي ُث َأ َت ْت َها ال ِّر ُ‬ ‫المْ ُؤْ ِم ُن ُي َك َّف ُأ بِا ْل َبال ِء‪َ ،‬و َمث َُل ا ْل َكا ِف ِر َك َمث َِل ا َأل ْر َز ِة َص َّما َء ُم ْع َت ِد َلةً‪ ،‬حتى َي ْق ِص َم َها‬

‫النبات الصغير‬ ‫الرطب‬

‫(‪)23‬‬

‫اهلل إذا َشا َء»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫أي العناوين اآلتيه أنسب للحديث؟ ‪ :‬الفتنة واالبتالء ‪ -‬أثر قوة اإلميان ‪ -‬أحوال الناس عند الفنت‬

‫‪ )32‬رواه البخاري في كتاب التوحيد‪َ ،‬باب في المْ َ ِشي َئ ِة َوالإْ ِ َرا َد ِة وما تشاؤون إال َأ ْن َي َشا َء اهلل ‪ ، )7028(2716/6‬ومسلم في كتاب صفة القيامة واجلنة‬ ‫والنار‪َ ،‬باب َمث َُل المْ ُؤْ ِم ِن َكال َّز ْر ِع َو َمث َُل ا ْل َكا ِف ِر َك َش َج ِر الأْ َ ْر ِز ‪. )2809(2163/4‬‬

‫‪65‬‬


‫(ص��ورة لكتاب‬ ‫أسد الغابة)‬

‫ترجمة راوي احلديث (‪)5‬‬ ‫مناقبه‬

‫معالم من حياته‬

‫خَ ِّل ْص مما سبق مناقب أبي هريرة ‪:‬‬ ‫‪.....................................‬‬ ‫‪.....................................‬‬ ‫‪.....................................‬‬

‫خَ ِّل ْص مما سبق‪ :‬أهم ثالث نقاط من معالم حياة أبي هريرة ‪:‬‬ ‫‪................................................. -1‬‬ ‫‪.................................................-2‬‬ ‫‪.................................................-3‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ -1‬احلياة كلها مبا فيها ابتال ٌء واختبا ٌر من اهلل تعالى للناس؛ حيث ابتالهم بالتكاليف الشرعية فأمرهم ونهاهم لينظر‬ ‫طاعتهم له ِمن َعدمها‪ ،‬فيثيب َمن أطاعه ويعاقب َمن عصاه‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫(((()‬ ‫ﭡ ﭢﱪ ‪.‬‬ ‫‪ -2‬قد يكون االبتالء باألقدار الكونية املؤملة؛ حيث يبتلي اهلل عباده املؤمنني باملصائب واألمراض ليختبر صدق‬ ‫إميانهم وثباتهم عليه‪ ،‬فمن صبر ورضي ك َّفر اهلل عنه خطاياه وأعظم أجره‪ ،‬ومن جزع وسخط فله من اهلل تعالى‬ ‫السخط‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫(((()‬ ‫ﯗ ﯘﯙﯚﯛﱪ ‪.‬‬ ‫بالس َّرا ِء لينظر شك َرهم وأدا َءهم حلق اهلل تعالى في‬ ‫‪ -3‬قد يكون االبتالء بال ِّنعم؛ حيث يبتلي اهلل عباده املؤمنني َّ‬ ‫هذه ال ِّنعم‪ ،‬وهل َينسبونها إليه أو يجحدون نعمته فينسبونها لغيره؛ كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯽﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫(((()‬ ‫ﰁ ﰂ ﱪ‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 2‬من سورة امللك‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآليتان ‪ 3-2‬من سورة العنكبوت‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 35‬من سورة األنبياء‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫َ‬ ‫الصادق في كثرة ما يصيبه من البالء‪ ،‬ومو ِق ِف ِه منه بالنبات الصغير ال َّرطب الذي تصيبه‬ ‫املؤمن‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -4‬ش َّب َه ُّ‬ ‫ويسارا‪ ،‬وتقلبه على عدة جهات فهي تؤثر فيه وحتركه لكنها ال حتطمه وال تكسره بل مييل‬ ‫الرياح ف ُت ِميله ميي ًنا‬ ‫ً‬ ‫هنا وهنا وسرعان ما يعود قائما في موضعه كأن لم يكن به شيء‪ ،‬وهكذا املؤمن تصيبه احملن واالبتالءات الكثيرة‬ ‫في نفسه وولده وأهله وماله فتؤثر فيه ولكنها ال تبعده عن دينه‪ ،‬وسرعان ما تزول عنه ويعود كما كان‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬الكافر واملنافق والفاجر في ِق َّل ِة ما يصيبه من البالء بالشجرة الكبيرة التي ال تؤثر فيها الرياح‪،‬‬ ‫‪ -5‬ش َّب َه ُّ‬ ‫ولكنها يأتي عليه يوم فتنكسر وتتحطم‪ ،‬وهكذا البعيد عن اهلل تعالى قد َي ِق ُّل عليه البال ُء‪ ،‬ولكن اهلل يؤخره‬ ‫حتى إذا أخذه لم يفلته‪ ،‬أو يؤخر عقوبته ليوم القيامة لتكون كاملة شديدة‪.‬‬ ‫احلديث على أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫مؤمن يبتلى‪ ،‬ولكنهم ُيبتلون على قدر إميانهم‪ ،‬فمن كان في دينه صالبة زِيدَ في‬ ‫‪َ -6‬د َّل‬ ‫كل ٍ‬ ‫بالئه‪ ،‬جاء في حديث َس ْع ِد بن أبي وقاص ‪ ‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ ،‬أي الناس َأ َشدُّ َب َ‬ ‫ال ًء؟ قال‪« :‬ا َأل ْن ِب َيا ُء‪،‬‬ ‫ون‪ُ ،‬ث َّم ا َأل ْمث َُل َفا َأل ْمث َُل ِم َن الناس‪ُ ،‬ي ْب َت َلى ال َّر ُج ُل على َح َس ِب ِدي ِن ِه؛ َف ِإ ْن كان في ِدي ِن ِه َص َ‬ ‫الصالحِ ُ َ‬ ‫ال َب ٌة زِيدَ في‬ ‫ُث َّم َّ‬ ‫ال ِئ ِه‪ ،‬وإن كان في ِدي ِن ِه ِر َّق ٌة خُ ِّف َف عنه‪ ،‬وما َي َز ُال ا ْل َب َ‬ ‫َب َ‬ ‫ال ُء بِا ْل َع ْب ِد حتى يمَ ِْش َى على َظ ْه ِر ا َأل ْر ِض ليس عليه َخ ِطي َئ ٌة»‪.‬‬ ‫(((()‬ ‫رواه أحمد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -7‬مهما أصاب اهلل العبدَ ِمن البالء في الدنيا فإن ما أعطاه ِمن ال ِّنعم وما َص َر َف عنه ِمن أنواع البالء األخرى أكثر‬ ‫وأعظم‪ ،‬فحتى ال يسخط العبد حني البالء فلينظر إلى ما أبقى اهلل من ال ِّنعم وما َص َر َف عنه ِمن ال ِّن َقم‪ ،‬فهنا‬ ‫سيشكر اهلل تعالى‪ ،‬ويستشعر فض َل ُه عليه‪.‬‬ ‫‪ -8‬ال يغت ُّر املؤمن مبا قد يؤتاه أهل الكفر والفجور ِمن النعيم في الدنيا؛ فإن اهلل تعالى يجازيهم بأعمالهم احلسنة‬ ‫للهَّ َ‬ ‫ِس َوال ُّرو َم‬ ‫في الدنيا‪ ،‬وفي حديث عمر بن اخلطاب ‪ ‬أنه قال للنبي ‪ :‬اُ ْد ُع ا َف ْل ُي َو ِّس ْع على ُأ َّم ِت َك؛ فإن َفار َ‬ ‫وسع عليهم‪ ،‬و ُأ ْع ُطوا الدُّ ْنيا و ُهم ال يعبدُ َ للهَّ َ‬ ‫اس َت َوى َجا ِل ًسا]فقال‪َ « :‬أ َو في َش ٍّك أنت َيا‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ون ا ‪ ،‬وكان ُم َّت ِك ًئا[ َف ْ‬ ‫َ َ ْ َُْ‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا ْب َن خْال َّط ِ‬ ‫فقلت‪ :‬يا َر ُسول ا ِ‪ْ ،‬اس َتغْ ِف ْر لي‪.‬متفق‬ ‫اب؟! ُأو َل ِئ َك َق ْو ٌم ُع ِّج َل ْت َل ُه ْم َط ِّي َبات ُ​ُه ْم في الحْ َيا ِة الدُّ ْن َيا»‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫(((()‬ ‫عليه‬ ‫‪ِ -9‬من عالمة اخلير‪ :‬حصول البالء للمؤمن فال ينبغي له أن يجزعَ منه؛ ألن وجود البالء عالم ٌة على ِص َّح ِة الطريق؛‬ ‫الشر‪ :‬عد ُم البالء؛ إذ قد أخبر اهلل ورسولُ ُه ‪ ‬ب ِ​ِق َّل ِة البالء‬ ‫إذ قد أخبر اهلل ورسوله ‪ ‬أن املؤمن ُيبتلى‪ ،‬و ِمن عالمة ِّ‬ ‫للكافرين‪ ،‬وفي حديث َأ َن ٍس ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪« :‬إذا َأ َرا َد اهلل ِب َع ْب ِد ِه خْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْي َر َع َّج َل له ا ْل ُع ُقو َب َة في الدُّ ْن َيا‪،‬‬ ‫قال‬ ‫(((()‬ ‫وإذا َأرا َد ُ‬ ‫اهلل ِب َع ْب ِد ِه َّ‬ ‫الش َّر َأ ْم َس َك عنه ب َِذ ْن ِب ِه حتى ُي َوا ِف َي ِب ِه يوم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬رواه الترمذي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ِ -10‬ال ْب ِت َ‬ ‫ال ِء ا ِ‬ ‫هلل لعباد ِه املؤمنني فوائدُ منها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫صدق اإلميان من عدمه‪ .‬ب‪ -‬التطهي ُر من الذنوب واخلطايا‪.‬‬ ‫أ‪ -‬ا ِالخْ تبا ُر ليتبني‬ ‫ت‪ -‬ليلج َأ املؤمنون إلى ر ِّبهم و ُيظهروا افتقارهم إليه‪.‬‬ ‫الص ْب ِر على ا ْل َبلاَ ِء ‪ ، )2398(601/4‬وصححه ابن حبان ‪، )2920(183/7‬‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،172/1‬الترمذي في كتاب الزهد‪َ ،‬باب ما جاء في َّ‬ ‫واأللباني في السلسلة الصحيحة‪. )143(225/1‬‬ ‫وح َو َغ ْيرِهَ ا ‪ ، )2336(873-871/2‬ومسلم في كتاب الطالق‪َ ،‬باب في‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في ِكتَاب املظالم‪َ ،‬باب ا ْل ُغ ْر َف ِة َوا ْل ُع ِّل َّي ِة المْ ُ ْش ِر َف ِة في ُّ‬ ‫الس ُط ِ‬ ‫ا ِإليال ِء َو ْاع ِت َزالِ ال ِّن َسا ِء َوت َْخيِير ِ​ِه َّن ‪ ، )1479(1112 -1105/2‬والزيادة بني معقوفني من روايته‪.‬‬ ‫الص ْب ِر على ا ْل َبال ِء ‪ ، )2396(601/4‬وأبو يعلى في مسنده ‪ ، )4254(247/7‬واحلاكم في‬ ‫‪ )3‬رواه الترمذي في كتاب الزهد‪َ ،‬باب ما جاء في َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِيب‪ ،‬وصححه األلباني في سلسلة األحاديث الصحيحة ‪. )1220(220/3‬‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫يث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫املستدرك على الصحيحني ‪ ،651/4‬قال الترمذي‪َ :‬‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ٌ‬

‫‪67‬‬


‫نشاط‪:1‬‬

‫ِص َع َل َى َما َي ْن َف ُع َك َو ْاس َت ِع ْن بِاللهّ ِ َو َال ت َْع ِج ْز‪َ ،‬و ِإ ْن َأ َصا َب َك‬ ‫«احر ْ‬ ‫النبي ‪َ ‬قال‪ْ :‬‬ ‫َع ْن َأبِي ُه َر ْي َرة َ‪ ‬أن َّ‬ ‫َش ْي ٌء َف َ‬ ‫ال َت ُق ْل‪َ :‬لو َأنَّي َف َع ْل ُت َك َ‬ ‫ان َك َذا َو َك َذا‪َ ،‬و َل ِك ْن ُق ْل‪َ :‬قدَ ُر ا ِ‬ ‫هلل َو َما َشا َء َف َع َل‪َ ،‬ف ِإ َّن َلو ت َْف َت ُح َع َم َل‬ ‫(((‬ ‫َّ َ ِ ( )‬ ‫الش ْيطان»‪.‬‬ ‫بني وجه داللة احلديث على ما يلي‪:‬‬ ‫اللجوء إلى اهلل عز وجل‬ ‫فعل األسباب‬ ‫تذكير النفس بقدر اهلل عز وجل‬ ‫النهي عن التحسر على ما فات‬ ‫النهي عن التواني والقعود‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫ورد أن عروة بن الزبير ملا خرج من املدينة متوجها إلى دمشق ليجتمع باخلليفة الوليد بن عبد امللك‬ ‫وقعت اآلكلة في رجله ( املرض املعروف اليوم بالغرغرينا) فما وصل إلى دمشق إال وقد أثرت في‬ ‫نصف ساقه فدخل على الوليد فجمع له األطباء العارفني بذلك‪ ،‬فأجمعوا على أنه إن لم يقطعها‬ ‫تلفت رجله كلها‪ ،‬فوافق على قطعها‪.‬‬ ‫فقال له األطباء‪ :‬نسقيك مخدراً حتى يذهب عقلك فال حتس بألم القطع‪ ،‬فقال‪ :‬ال واهلل ما كنت‬ ‫أظن أن أحدا يشرب شرابا أو يأكل شيئا ُيذهب عقله‪ ،‬ولكن إن كنتم ال بد فاعلني فافعلوا ذلك‬ ‫وأنا في الصالة فإني ال أحس بذلك وال أشعر به‪.‬‬ ‫صوت تألم‪،‬‬ ‫فقطعوا ر ِْج َل ُه من املكان السليم احتياطا‪ ،‬وهو قائم يصلي فما حترك ولم ُيصدر‬ ‫َ‬ ‫فلما انصرف من الصالة ع َّزاه الوليد في رِجله‪ ،‬فقال عروة‪ :‬اللهم لك احلمد كان لي أطراف أربعة‬ ‫عافيت‪ ،‬فلك‬ ‫ابتليت فلطاملا‬ ‫كنت قد‬ ‫كنت قد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أخذت فقد أبقيت‪ ،‬وإن َ‬ ‫فأخذت واحدا‪ ،‬فلئن َ‬ ‫عافيت‪.‬‬ ‫أخذت وعلى ما‬ ‫احلمد على ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وكان قد صحب معه اب َنه محمداً‪ ،‬فدخل إسطبل اخليل فرفسته فرس فمات‪ ،‬فع َّزاه الوليد‪ ،‬فقال‬ ‫ابتليت‬ ‫كنت قد‬ ‫عروة‪ :‬احلمد هلل كان لي سبعة من الولد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واحدا وأبقيت ستة‪ ،‬فلئن َ‬ ‫فأخذت منهم ً‬ ‫أعطيت‪ ،‬فلما قضى حاج َته من ِدمشقَ رجع إلى‬ ‫أخذت فلطاملا‬ ‫كنت قد‬ ‫فلطاملا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عافيت‪ ،‬ولئن َ‬ ‫َ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫املدينة‪ ،‬فما شكا َ‬ ‫ذلك إلى أحد‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب القدر‪ ،‬باب في األمر بالقوة وترك العجز‪ ،‬واالستعانة باللهّ ِ‪ ،‬وتفويض املقادير للهّ ‪. )2664(2052/4‬‬ ‫‪ )2‬البداية والنهاية ‪.103 – 102 /9 :‬‬

‫‪68‬‬


‫بعد قراءتك لهذه القصة بني ما يأتي ‪:‬‬ ‫االبتالءات التي حلقت بعروة بن الزبير‪:‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫املواطن التي تدل على جوانب الرضا لدى عروة بن الزبير رحمه اهلل ‪.‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫ما الشيء الذي تتوقع أنه أوصل عروة إلى هذه الدرجة من الصبر والرضا؟‬ ‫‪..................................................................‬‬ ‫ما الطريقة التي استخدمها عروة في إقناع نفسه و َمن حوله بالرضا مبا أصابه؟ وهل هي مناسبة؟‬ ‫‪..................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ : 1‬وضح معنى‪ :‬خامة الزرع‪ ،‬وبينِّ وجه الشبه بينها و َبينْ َ املؤمن عند االبتالء‪.‬‬ ‫س‪ :2‬وضح معنى ‪ :‬األرزة ‪ ،‬وبينِّ وجه الشبه بينها وبني الكافر واملنافق عند االبتالء‪.‬‬ ‫س‪َ :3‬ت َت َعدَّ ُد صو ُر االبتالء ‪ِّ ،‬‬ ‫وضح ذلك مع االستدالل‪.‬‬ ‫س‪ :4‬بينِّ موقف كل من املؤمن والكافر من االبتالء ‪.‬‬ ‫س‪ :5‬ما فوائد االبتالء التي يحصل عليها املؤمن؟‬

‫‪69‬‬


‫احلديث التاسع‪ ( :‬وضوء النبي ‪) ‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تعدد فروض الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم غسل الوجه في الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم غسل اليدين إلى املرفقني في الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم مسح الرأس في الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم غسل الرجلني في الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني املسح والغسل‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج من احلديث حكم التسمية عند الوضوء ‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني ما يترتب على ترك املواالة بني فروض الوضوء‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج سنن الوضوء الواردة في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم لعثمان بن عفان ‪. ‬‬ ‫النبي ‪ ‬يحرصون على التأسي به ‪ ‬في جميع أعمالهم خاصة في العبادات املتكررة ومن ذلك‬ ‫كان أصحاب ُّ‬ ‫الوضوء الذي هو شرط للصالة كما في احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ان ‪َ ‬أ َّن ُه َر َأى ُعث َْم َ‬ ‫ان ِبن َع َّف َ‬ ‫عن ُح ْم َر َان َمولى ُعث َْم َ‬ ‫ان ‪َ ‬د َعا ِب َو ُضوءٍ ‪َ ،‬ف َأ ْف َر َغ‬ ‫على َيدَ ْي ِه من ِإ َنا ِئ ِه َف َغ َس َل ُه َما َث َ‬ ‫الث َم َّر ٍات‪ُ ،‬ث َّم َأ ْد َخ َل يمَ ِي َن ُه في ا ْل َو ُضو ِء‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫تمَ َ ْض َم َ‬ ‫ض َو ْاس َت ْن َشقَ َو ْاس َت ْن َث َر‪ُ ،‬ث َّم َغ َس َل َو ْج َه ُه َثالثًا‪َ ،‬و َيدَ ْي ِه إلى المْ ِ ْر َف َقينْ ِ َثالثًا‪،‬‬ ‫رأيت ال َّنب َِّي ‪َ ‬ي َت َو َّض ُأ‬ ‫ُث َّم َم َس َح ِب َر ْأ ِس ِه‪ُ ،‬ث َّم َغ َس َل ُك َّل ر ِْج ٍل َثالثًا‪ُ ،‬ث َّم قال‪ُ :‬‬ ‫نح َو ُو ُضو ِئي هذا‪ ،‬وقال‪َ « :‬م ْن َت َو َّض َأ نح َو ُو ُضو ِئي هذا‪ُ ،‬ث َّم ص َّلى َر ْك َعتَينْ ِ ال‬ ‫ي َحدِّ ُث ِفيهِ ما َن ْفس ُه‪َ ،‬غ َفر ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫اهلل ل ُه ما َت َقدَّ َم من َذ ْن ِب ِه»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬

‫بفتح‬ ‫الواو‪:‬املاء‬ ‫الذي يتوضأ‬ ‫به‬

‫‪ )33‬رواه البخاري في كتاب الوضوء‪َ ،‬ب��اب المْ َ ْض َم َض ِة في ا ْل � ُو ُض��و ِء ‪ ، )162( 72/1‬ومسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬ب��اب ِص َف ِة ا ْل � ُو ُض��و ِء َو َك َما ِل ِه‬ ‫‪.)226(204/1‬‬

‫‪70‬‬


‫(ص��ورة لكتاب‬ ‫‪ :‬ص��ور من حياة‬ ‫الصحابة)‬

‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬

‫مناقبه‬

‫اسمه ونسبه‬ ‫ع���ث���م���ان بن‬ ‫عفان بن أبي‬ ‫ال����ع����اص بن‬ ‫أمية‪.‬‬

‫‪ -1‬أحد العشرة املبشرين‬ ‫باجلنة‪.‬‬ ‫‪ -2‬أح��������د اخل����ل����ف����اء‬ ‫الراشدين‪.‬‬ ‫‪ -3‬ك��ان النبي ‪ُ ‬ي ِج ُّله‬ ‫وي��س��ت��ح��ي م��ن��ه أك��ث��ر مما‬ ‫يستحي م��ن غ��ي��ره‪ ،‬فلما‬ ‫قيل له في ذلك قال‪« :‬أال‬ ‫َأ ْس َت ِحي من َر ُج ٍل ت َْس َت ِحي‬ ‫�َل� ِئ� َ‬ ‫م��ن��ه المْ َ� اَ‬ ‫���ك���� ُة»‪ .‬رواه‬ ‫(‪)2‬‬

‫مسلم‪.‬‬

‫معالم من حياته‬

‫‪ -1‬أسلم في أول اإلسالم‪ ،‬وكان يقول‪ :‬إني لرابع أربعة‬ ‫في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ -2‬ز ّوجه النبي ‪ ‬بابنته رق ّية رضي اهلل عنها‪ ،‬وهاجرا‬ ‫مع ًا إلى احلبشة الهجرتني‪ ،‬ثم هاجرا إلى املدينة‪.‬‬ ‫‪ -3‬وملا توفيت رقية – رضي اهلل عنها – ز ّوجه النبي ‪‬‬ ‫ابنته أ َّم كلثوم رضي اهلل عنها‪.‬‬ ‫‪ -4‬لم يشهد ‪ ‬غ��زوة ب��در لتمريضه لزوجه رقية‪،‬‬ ‫وضرب له رسول اهلل ‪ ‬بسهم‪.‬‬ ‫‪-5‬لُ ّقب بذي النورين لزواجه بابنتي النبي ‪ ،‬قال‬ ‫نبي غي ُر عثمان‪.‬‬ ‫العلماء‪ :‬ال ُيعرف أحدٌ تزوج بنتي ٍّ‬ ‫املتوجه إلى تبوك من‬ ‫جهز ‪ ‬نصف جيش العسرة‬ ‫‪ّ -6‬‬ ‫ّ‬ ‫ماله‪.‬‬ ‫‪ -7‬بويع باخلالفة سنة أربع وعشرين‪.‬‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬تهذيب التهذيب ‪ ،139/7‬واإلصابة ‪ ،462/2‬وتأريخ اخللفاء للسيوطي ص‪.166 -165‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل عثمان بن عفان ‪. )2401(1866/4 ‬‬

‫‪71‬‬

‫وفاته‬

‫ُقتل ‪‬‬ ‫سنة خمس‬ ‫وثالثني‪.‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫حريصا على تعليم أمته أم َر دينهم؛ وفي هذا احلديث يع ِّلم أصحابه ‪ ‬كيفية الوضوء عمل ًّيا؛‬ ‫‪ -1‬كان النبي ‪‬‬ ‫ً‬ ‫ويحثهم على االقتداء به‪ ،‬وقد حرص الصحابة ‪ ‬على تطبيق الوضوء بهذه الصفة‪ ،‬وبينوه للناس كما ع َّلمهم‬

‫السنة بني الناس‪.‬‬ ‫فحري باملسلم أن يكون‬ ‫النبي ‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫حريصا على االقتداء بالنبي ‪ ‬في وضوئه‪ ،‬وعلى نشر ُّ‬ ‫ً‬

‫‪ِ -2‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ُ :‬‬ ‫غسل الوجه كامال ِمن منابت شعر الرأس املعتاد إلى ما انحدر‬ ‫من ال َّلحي ِ‬ ‫ني طو ًال‪ ،‬و ِمن ا ُألذن إلى األذن َع ْر ًضا‪ ،‬ومنه املضمضة واالستنشاق‪ ،‬فال يجوز ترك بعض الوجه‪ ،‬مثل‪ :‬ما‬ ‫بني اللحية إلى األذن‪ ،‬أو ترك االستنشاق واالكتفاء مبجرد وضع املاء على األنف‪ ،‬وهذا كله داخل في حدِّ الوجه‬ ‫املأمور بغسله في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬

‫ﭝﭞ ﭟﭠﭡ ﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫(((‬

‫ُ‬ ‫غسل اليدين ِمن أطراف األصابع إلى نهاية املرفقني‪ ،‬ويجب‬ ‫‪ِ -3‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪:‬‬ ‫ِ (((()‬

‫احلذر من ترك غسل املرفق؛ فقد كان النبي ‪ ‬يستوعب َغسل املرفق حتى َيشرع في َغسل ا ْل َع ُضد‪.‬‬

‫‪ِ -4‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ :‬مسح الرأس‪ ،‬وقد اتفق العلماء على َفرض َّيته‪ ،‬واختلفوا في‬ ‫وجوب مسح الرأس ك ِّله‪.‬‬ ‫أصحها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مسحه من الرأس على عدة أقوال‪ُّ ،‬‬ ‫القدر الواجب ُ‬

‫‪ِ -5‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ :‬غسل الرجلني ِمن أطراف األصابع إلى نهاية الكعبني‪ ،‬وقد كان‬ ‫الس ِ‬ ‫اق( ) ‪ ،‬ويجب احلذر من ترك غسل ال َع ِق َبينْ ِ أو‬ ‫النبي ‪ ‬يستوعب غسل الكعبني حتى َيشرع في غسل َّ‬ ‫(((‬

‫أخمص القدمني أو ما بني األصابع‪ ،‬قال ‪َ « :‬و ْي ٌل ِل َ‬ ‫أل ْع َق ِ‬ ‫اب من ال َّنارِ» َم َّر َتينْ ِ أو َثالثًا‪.‬متفق عليه( ) ‪ ،‬وال َع ِق ُب‪:‬‬ ‫(((‬

‫َّ‬ ‫مؤخر ال َقد ِم‪.‬‬

‫‪ -6‬الرأس يمُ سح مر ًة واحد ًة( ) ‪ ،‬وما َو َر َد أنه ‪ ‬مسح رأسه ثالثًا فغير صحيح‪ ،‬قال ابن القيم‪-‬رحمه اهلل تعالى‪:-‬‬ ‫والصحيح أنه ‪ ‬لم ُي َك ِّر ْر َم ْس َح ِ‬ ‫رأسه‪ ،‬بل كان إذا َك َّر َر َغسل األعضاء أ ْف َر َد مسح الرأس‪ ،‬هكذا جاء عنه صريحا‪،‬‬ ‫(((‬

‫صحيح‪.‬اهـ‬ ‫صريح غي ُر‬ ‫صريح‪ ،‬وإما‬ ‫صحيح غي ُر‬ ‫ولم يصح عنه ‪ ‬خال ُفه َأ ْلب َّت َة‪ ،‬بل ما عدا هذا إما‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫(((()‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 6‬من سورة املائدة‪.‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬في صحيح مسلم كتاب الطهارة‪ ،‬باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء ‪. )246( 216/1‬‬ ‫‪ )3‬ينظر‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬في صحيح مسلم‪ ،‬املوضع السابق‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب الوضوء‪َ ،‬باب َغ ْس ِل ال ِّر ْج َلينْ ِ وال يمَ َْس ُح على ا ْل َقدَ َمينْ ِ ‪ ، )161( 72/1‬ومسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب وجوب غسل الرجلني‬ ‫بكمالهما ‪ ، )241( 214/1‬والزيادة بني قوسني من روايته‪. .‬‬ ‫‪ )5‬وهذا قول جمهور العلماء‪ ،‬ينظر‪ :‬االستذكار ‪ ،129/1‬وقال الشافعي‪ :‬من توضأ ثالثًا َم َس َح رأسه ثالثًا‪ .‬ينظر‪ ( :‬األم ‪. )26/1‬‬ ‫‪ )6‬زاد املعاد ‪. 193/1‬‬

‫‪72‬‬


73


‫( صور للوجه‬ ‫واليدين والرجل‬ ‫توضح فيها‬ ‫حدود الفرض )‬

‫نشاط ‪:1‬‬

‫استنتج من كل عبارة من اآلتي حكم ًا فقهياً‪:‬‬ ‫احلكم الفقهي‬

‫م‬

‫العبارة‬

‫‪1‬‬

‫َف َأ ْف َر َغ على َيدَ ْي ِه من ِإنَا ِئ ِه‬

‫‪2‬‬

‫َفغ َ​َس َل ُه َما َث َ‬ ‫الث َم َّر ٍات‬

‫‪3‬‬

‫ُث َّم َأ ْد َخ َل يمَ ِي َن ُه في ا ْل َو ُضو ِء‬

‫‪4‬‬

‫ُث َّم مَ َت ْض َم َ‬ ‫ض َو ْاس َت ْن َشقَ َو ْاس َت ْن َث َر‬

‫‪5‬‬

‫رأيت ال َّنب َِّي ‪َ ‬ي َت َو َّض ُأ نح َو ُو ُضو ِئي هذا‬ ‫ُ‬

‫‪6‬‬

‫ال ُي َحدِّ ُث ِفيهِ َما ن َْف َس ُه‬

‫نشاط‪ :2‬نشاط عملي )‬ ‫يطبق أحد الطالب الوضوء وفق السنة أمام بقية الفصل حتت إشراف املعلم‪ ،‬ويطلب املعلم من‬ ‫‪74‬‬


‫كل طالب تطبيق ذلك أمام أهل بيته‪ ،‬نشراً للسنة وتصحيح ًا لألخطاء املنتشرة في الوضوء‪.‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬عدِّ د فروض الوضوء‪.‬‬ ‫س‪ :2‬بني احلكم فيما يلي ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ترك غسل ما بني اللحية إلى األذن عند الوضوء‪.‬‬ ‫ب‪-‬االكتفاء بغسل اليدين دون املرفقني‪.‬‬ ‫ت‪-‬ترك التسمية عند الوضوء‪.‬‬ ‫ث‪-‬تأخير غسل العضو حتى يجف الذي قبله‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما سنن الوضوء التي دل عليها احلديث؟‬ ‫س‪ :4‬استنتج من احلديث فضل اخلشوع في الصالة‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫احلديث العاشر‪ ( :‬االقتداء بالنبي ‪) ‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية التأسي بالنبي ‪ ‬في صالته وجميع أفعاله‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج حكم األذان لكل جماعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني بعض أحكام األذان‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد األولى باإلمامة في الصالة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل من احلديث على وجوب صالة اجلماعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ملالك بن احلويرث ‪. ‬‬ ‫متهيد‬ ‫إقامة الصالة ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬وال تكون الصالة صحيحة إال إذا كانت موافقة لسنة النبي ‪ ، ‬ولهذا كان‬ ‫النبي ‪ ‬حريصا على تعليم أصحابه صفة الصالة بقوله وعمله؛ كما في هذا احلديث‪.‬‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫الصال ُة َف ْل ُيؤَ ِّذ ْن‬ ‫قال لهم‪َ « :‬و َص ُّلوا كما َر َأ ْي ُت ُمو ِني ُأ َص ِّلي‪ ،‬فإذا َح َض َرت َّ‬ ‫عن َما ِل ِك بن الحْ ُ َو ْير ِ​ِث ‪َّ :‬أن َّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َل ُك ْم َأ َحدُ ُك ْم‪َ ،‬و ْل َي ُؤ َّم ُك ْم َأ ْك َب ُر ُك ْم»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب األذان‪ ،‬باب األذان للمسافرين إذا كانوا جماعة واإلقامة‪ ، )605(226/1‬ورواه مسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪،‬‬ ‫َباب من َأ َحقُّ ِبالإْ ِ َما َم ِة ‪ ، )674(465/1‬وليس في روايته قوله ‪َ «:‬و َص ُّلوا كما َر َأ ْي ُت ُمو ِني ُأ َص ِّلي»‪.‬‬

‫‪76‬‬


‫(‪)2‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬

‫مناقبه‬

‫معالم من حياته‬

‫وفاته‬

‫َم��������ا ِل� ُ‬ ‫�������ك بن‬ ‫ا ُحل���� َو ْي����رث بن‬ ‫ْ‬ ‫أش َيم الليثي‪.‬‬

‫حريصا على نشر السنة بتعليم‬ ‫كان ‪‬‬ ‫ً‬ ‫الناس صف َة الصالة عمل ًّيا كما تع َّلمها‬ ‫النبي ‪ ،‬فعن أب��ي ِق�لا َب � َة قال‪:‬‬ ‫م��ن ِّ‬ ‫بن الحْ ُ � َو ْي �ر ِ​ِث َف َص َّلى ِب َنا‬ ‫َجا َءنَا َما ِل ُك ُ‬ ‫في َم ْس ِج ِدنَا هذا‪ ،‬فقال‪ :‬إني ُأل َص ِّلي‬ ‫الصال َة‪َ ،‬و َل ِك ْن ُأرِيدُ َأ ْن‬ ‫ب ُِك ْم وما ُأرِيدُ َّ‬ ‫النبي ‪ُ ‬ي َص ِّلي‪.‬‬ ‫ُأ ِر َي ُك ْم َك ْي َف رأيت َّ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫رواه البخاري‪.‬‬

‫‪َ -1‬و َفدَ إلى النبي ‪ ‬مع جماعة من قومه‬ ‫ني في‬ ‫من بني ليث‪ ،‬وكانوا شبا ًبا ُم َت َقارِب َ‬ ‫ِين َي ْو ًما‪.‬‬ ‫العمر‪َ ،‬ف َأ َقاموا ِع ْندَ ُه ِع ْشر َ‬ ‫‪ -2‬ملا رأى النبي ‪ ‬شو َقهم إلى أهلهم‬ ‫أمرهم بالرجوع إليهم ودعوتهم‪ ،‬فقال‬ ‫لهم‪« :‬ا ْر ِج ُعوا إلى َأ ْه ِل ُ‬ ‫يموا ِفيهِ ْم‪،‬‬ ‫يك ْم َف َأ ِق ُ‬ ‫‪4‬‬ ‫()‬ ‫َو َع ِّل ُمو ُه ْم َو ُم ُرو ُه ْم»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ -3‬سكن البصرة وبقي بها حتى توفي‪.‬‬

‫م��������ات ف��ي‬ ‫ال�����ب�����ص�����رة‬ ‫س���ن���ة أرب����ع‬ ‫وسبعني‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫النبي ‪ ‬هو قدو ٌة ِّ‬ ‫لكل مسلم في عبادته وما ُي َق ِّر ُبه إلى ربه جل وعال‪ ،‬وفي هذا احلديث يبني النبي ‪ ‬ألمته‬ ‫‪ُّ -1‬‬ ‫مشروعية االقتداء به في الصالة‪ ،‬ألنه هو املبني لها بقوله وفعله ‪ ،‬ولذلك كان يعمل األفعال الشرعية ويأمر‬ ‫أمته باالقتداء به في الطهارة والصالة واحلج وغيرها‪.‬‬ ‫‪ -2‬في احلديث دليل على أهمية التربية بالفعل‪ ،‬وأهمية القدوة احلسنة‪ ،‬ولذلك كان النبي ‪ُ ‬ير َّبي أصحابه ‪‬‬ ‫بذلك في الطهارة والصالة واحلج وغيرها‪ ،‬وكان الصحابة ‪ ‬يسيرون على هذا املنهج في تربيتهم وتعليمهم‬ ‫لألمة؛ كما فعل راوي احلديث مالك بن احلويرث ‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬بأركانها وواجباتها‬ ‫‪ -3‬ينبغي على املسلم احلرص على تطبيق صفة الصالة كامل ًة كما جاءت عن ِّ‬ ‫الصفة عن طريق العلماء الذين ب َّينوها لألمة في مؤلفاتهم أو لقاءاتهم‬ ‫وسننها‪ ،‬وال يتس َّنى له ذلك إال بتع ُّل ِم هذه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫‪َّ -4‬‬ ‫احلديث على مشروعية األذان ِّ‬ ‫ُ‬ ‫لكل جماعة في السفر وغيره‪ ،‬وبعض الناس يغفلون عن هذه الشعيرة‬ ‫دل‬ ‫العظيمة إذا كانوا في السفر أو خرجوا لل َّت َن ُّز ِه في ا ْل َب ِّر وغيره؛ فيكتفون باإلقامة ويتركون األذان‪ ،‬واملشروع لهم أن‬ ‫(((()‬ ‫يما»‪.‬‬ ‫يؤذنوا ثم يقيموا‪ ،‬وفي رواية للحديث‪«:‬إ َذا َح َض َرت َّ‬ ‫الصال ُة َف َأ ِّذ َنا‪ُ ،‬ث َّم َأ ِق َ‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب األذان‪ ،‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة ‪ ، )605(226/1‬ومسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪َ ،‬باب‬ ‫من َأ َحقُّ ِبالإْ ِ َما َم ِة ‪ ، )674(466/1‬وهذا لفظه‪.‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،717/5‬واالستيعاب ‪ ،1349/3‬وأسد الغابة ‪.20/5‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب صفة الصالة‪َ ،‬باب َك ْي َف َي ْعت َِمدُ على األرض إذا قام من ال َّر ْك َع ِة ‪. )790(283/1‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب األذان‪ ،‬باب األذان للمسافرين إذا كانوا جماعة واإلقامة‪ ، )605(226/1‬ومسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪َ ،‬باب‬ ‫من َأ َحقُّ بِا ِإل َما َم ِة ‪. )674(465/1‬‬

‫‪77‬‬


‫‪ -5‬األذان متعلق بالصلوات املفروضة دون غيرها‪ ،‬واألصل في وقته أن يكون عند دخول ِ‬ ‫وقت الصالة‪ ،‬ولكن من‬ ‫مسافرا وأراد تأخير الصالة فإنه يؤخر األذان حتى ينزل للصالة‪ ،‬وهذا هو الذي دل عليه فعل النبي ‪ ‬في‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫الصال ُة َف ْل ُيؤَ ِّذ ْن َل ُك ْم َأ َحدُ ُك ْم»‪.‬‬ ‫أسفاره‪ ،‬مع قوله هنا‪« :‬فإذا َح َض َر ْت َّ‬ ‫‪ -6‬إذا تساوى القوم في ِ‬ ‫العلم والفضل وحفظ القرآن والسبق إلى اإلسالم فإنه يتقدم عليهم في اإلمامة أكبرهم س ًّنا‪،‬‬ ‫النبي ‪ ‬باإلمامة أك َب َرهم س ًّنا‪.‬‬ ‫ولمَ َّا كان مالك بن احلويرث ‪ ‬ومن معه ‪ ‬متساوين في هذه اخلصال َّ‬ ‫خص ُّ‬ ‫‪ -7‬دل احلديث على أن من اآلداب الشرعية‪ :‬تقد ُمي األكبر س ًّنا في ِّ‬ ‫أمر يطلب فيه الترتيب‪ ،‬مثل‪ :‬التقدمي‬ ‫كل ٍ‬ ‫في الكال ِم أو اإلعطا ِء وعندَ الدخولِ‬ ‫واخلروج‪ ،‬واالبتداء مبناولة الشراب ونحوه‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وهذا إذا لم يكن‬ ‫ِ‬ ‫قدرا فإنه ُي َقدَّ م على األكبر س ًّنا‪ ،‬وإمنا يكون التقدمي بالسن عند التساوي في‬ ‫لألصغر َمزِيدُ ٍ‬ ‫فضل بأن يكون أكب َر ً‬ ‫النبي ‪َ :‬‬ ‫«ك ِّب ْر َك ِّب ْر»‪َ ،‬ف َس َك َت‪.‬‬ ‫الفضل‪ ،‬ولمَ َّا أراد عبدُ الرحمن بن َس ْه ٍل ‪ ‬أن َي َت َك َّل ُم وهو َأ ْحدَ ُث ا ْل َق ْو ِم‪ ،‬قال له ُّ‬ ‫(((()‬ ‫متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ -8‬دل احلديث على مشروعية حث املسافر على احلرص على الصالة وما يتعلق بها؛ وذلك ملا قد يطرأ عليه في‬ ‫السفر من التقصير فيها‪ ،‬أو إخراجها عن وقتها بسبب املشقة‪ ،‬أو االنشغال بأمور السفر‪.‬‬ ‫‪َّ -9‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على أن صالة اجلماعة واجبة على جماعة املسافرين؛ فيجب على املسافرين أن يص ُّلوا م ًعا إذا كانوا‬ ‫دل‬ ‫وأقل اجلماعة في السفر وغيره اثنان‪ ،‬وقد َّ‬ ‫جماعةً‪ُّ ،‬‬ ‫دل على ذلك ما جاء في إحدى روايات هذا احلديث أن َما ِل َك‬ ‫الس َف َر‪َ ،‬‬ ‫رج ِ‬ ‫يما‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بن الحْ ُ َو ْير ِ​ِث ‪ ‬قال‪َ :‬أتَى َ ُ‬ ‫النبي ‪« :‬إ َذا َأ ْن ُت َما َخ َر ْج ُت َما َف َأ ِّذ َنا‪ُ ،‬ث َّم َأ ِق َ‬ ‫النبي ‪ُ ‬يريدَ ِان َّ‬ ‫فقال ُّ‬ ‫الن َّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ُث َّم ْل َي ُؤ َّم ُك َما َأ ْك َب ُر ُك َما»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫نشاط‬

‫األمر باحملافظة صالة اجلماعة في السفر دليل على فضلها وأهميتها‪ ،‬تناقش مع زمالئك في‬ ‫جمع أكبر قدر من فوائد احملافظة على اجلماعة وآثارها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫ني ِبالمْ َالِ َو َغ ْي ِر ِه َو ِإ ْث ِم من لم َي ِف بِا ْل َع ْه ِد ‪ ، )3002(1158/3‬وفي‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في أبواب اجلزية واملوادعة‪َ ،‬باب المْ ُ َوا َد َع ِة َوالمْ ُ َصالحَ َ ِة مع المْ ُ ْشر ِ​ِك َ‬ ‫اص َوالدِّ َي ِ‬ ‫َاب الحْ َ ِاك ِم إلى ُع َّما ِل ِه َوا ْل َق ِ‬ ‫كتاب األحكام‪َ ،‬باب ِكت ِ‬ ‫ات‪َ ،‬باب‬ ‫اضي إلى ُأ َم َنا ِئ ِه ‪ ، )6769(2630/6‬ومسلم في ِكتَاب ا ْل َق َسا َم ِة َوالمْحُ َا ِر ِب َ‬ ‫ني َوا ْل ِق َص ِ‬ ‫ا ْل َق َسا َم ِة ‪. )1669(1291/3‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب األذان‪ ،‬باب األذان للمسافر إذا كانوا جماعة واإلقامة ‪ ، )605(226/1‬ومسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪َ ،‬باب‬ ‫من َأ َحقُّ ِبالإْ ِ َما َم ِة ‪. )674(466/1‬‬

‫‪78‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬كان النبي ‪ ‬املثال التطبيقي لهذا الدين ‪ ،‬وكان أصحابه يقتدون به في جميع أفعاله ‪،‬‬ ‫مثل لذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما حكم األذان لكل جماعة ‪ ،‬وضح داللة احلديث على ذلك‪.‬‬ ‫س‪:3‬ورد في الشرع األمر بتقدير الكبير‪ ،‬مثل للمواضع التي يظهر فيها التقدير واالحترام‬ ‫للكبير‪.‬‬ ‫س‪:4‬وضح داللة احلديث على وجوب صالة اجلماعة‪.‬‬ ‫س‪ :5‬اذكر ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫نشاط‬

‫بالرجوع لكتاب صفة صالة النبي ‪ ‬لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز –رحمه اهلل‪ -‬لخَ ِّ ْص صفة‬ ‫صالة النبي ‪ ‬في حدود صفحتني‪ ،‬وتعاون مع زمالئك في نشرها بني طالب املدرسة‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫احلديث احلادي عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬ت ّعرف النفاق اصطالحاً‪.‬‬ ‫‪ ‬تشرح قوله ‪ ( ‬لو يعلمون ما فيهما ألتوهما ولو حبوا)‬ ‫‪ ‬تبني السبب في تثاقل املنافقني عن صالة الفجر‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل من احلديث على وجوب اجلماعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني بعض أحكام صالة اجلماعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم التكاسل والتثاقل عن أداء الصالة وخاصة صالة الفجر‪.‬‬ ‫‪ ‬حتذر من التشبه باملنافقني في التأخر عن الصالة‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫استثقال‬ ‫للصالة في اإلسالم مكانة عظمى وأهمية كبرى‪ ،‬فال َح َّظ في اإلسالم ملن تركها‪ ،‬ومن صفات املنافقني‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬ ‫الصالة‬ ‫والتكاسل عنها؛ كما بينه ُّ‬

‫قال‪َ :‬‬ ‫عن أبي هريرة ‪َ ‬‬ ‫قال َر ُس ُ‬ ‫ني َصال ُة ا ْل ِع َشا ِء َو َصال ُة ا ْل َف ْجرِ‪،‬‬ ‫ول اهلل ‪ِ « :‬إ َّن َأ ْث َق َل َصالةٍ على المْ ُ َنا ِف ِق َ‬ ‫َو َل ْو َي ْع َل ُم َ‬ ‫ِالصال ِة َف ُت َقا َم‪ُ ،‬ث َّم آ ُم َر َر ُج ً‬ ‫ال َف ُي َص ِّل َي‬ ‫ون ما ِفيهِ َما َألت َْو ُه َما َو َل ْو َح ْب ًوا‪َ ،‬و َل َقدْ َه َم ْم ُت َأ ْن آ ُم َر ب َّ‬ ‫اس‪ُ ،‬ث َّم َأن َْط ِلقَ َم ِعي ِبر َِج ٍال َم َع ُه ْم ُح َز ٌم من َح َط ٍب إلى َق ْو ٍم ال َي ْش َهدُ َ‬ ‫الصال َة‪َ ،‬ف ُأ َح ِّر َق عليهم‬ ‫بِال َّن ِ‬ ‫ون َّ‬ ‫ُب ُيوت َُه ْم بِال َّنارِ»‪.‬متفق عليه(‪. )1‬‬

‫من العناوين املناسبة للدرس‪( :‬من صفات املنافقني) ‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان آخر مناسب‬ ‫للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‬ ‫ص������������ور‬ ‫م���ن ح��ي��اة‬ ‫الصحابة‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اجلماعة واإلمامة‪ ،‬باب فضل العشاء في اجلماعة ‪ ، )626(234/1‬ومسلم في كتاب املساجد‪ ،‬باب فضل صالة اجلماعة‬ ‫‪ ، )651(451/11‬وهذا لفظه‪.‬‬

‫‪80‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)6‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫ارجع إلى أحد املصادر لترجمة أبي هريرة ‪ ‬واكتب معلومة جديدة عنه لم مت َّر بك في هذا الكتاب‪.‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ -1‬الصالة هي الركن الثاني من أركان اإلسالم‪ ،‬واملؤمن الصادق يحبها ويحرص عليها‪ ،‬ويؤ ِّديها ُم ْخ ِل ًصا هلل تعالى؛‬ ‫َ‬ ‫والبغض ِل ِدي ِن ِه؛‬ ‫بخالف املنافق الذي إمنا يعبد اهلل تعالى ليراه الناس‪ ،‬وهو يخفي في داخله الكف َر باهلل تعالى‬ ‫ُ‬ ‫بحيث ال يراه الناس‪.‬‬ ‫ولذلك تثقل عليه جميع العبادات ألنه ال يرجو ثوا َبها‪ ،‬و َت ْث ُق ُل أكث َر إذا كانت‬ ‫‪ -2‬املؤمن الصادق يحب الصالة مع اجلماعة في بيوت اهلل تعالى وال يستثقلها‪ ،‬وذلك ألمور منها‪:‬‬ ‫يصلي مع اجلماعة‪.‬‬ ‫أ‪ -‬أن اهلل تعالى يحب ِمن عبده أن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أفضل ِمن َصالة الفرد‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أن َصالة اجلماعة‬ ‫ت‪ -‬أن صالة اجلماعة واجبة‪.‬‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫‪ -3‬احلديث ِمن‬ ‫أوضح األدلة على أن َصال َة اجلماع ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫فرض َع نْ ٍي على ال ِّرجال‪ ،‬ألنها لو كانت سن ًة لم ُيهدِّ د ُّ‬ ‫َ‬ ‫تارك َها بالتحريقِ ‪ ،‬ولو كانت َ‬ ‫فرض ِكفايةٍ لكانت قائم ًة بالرسولِ ‪ ‬و َمن َمعه ِمن الصحابة ‪.‬‬ ‫‪ -4‬ال يجوز للرجل التخ ُّل ُف عن صالة اجلماعة إال بعذر شرعي‪ُ ،‬‬ ‫املرض الذي يشق معه احلضور إلى الصالة‪،‬‬ ‫مثل‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫الشديد الذي مينعه من اخلروج إلى املسجد‪ ،‬و َمن تعذرت عليه اجلماعة في املسجد وكان بإمكانه أن‬ ‫واملط ِر‬ ‫يصلي جماع ًة في موضعه الذي هو فيه وجب عليه أن يص ِّل َيها جماعة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -5‬تكاثرت األدلة على وجوب الصالة مع اجلماعة على الرجال القادرين‪ ،‬ومن أقواها سوى احلديث املذكور‪:‬‬ ‫قال‪َ :‬أتَى ال َّنب َِّي ‪َ ‬ر ُج ٌل َأ ْع َمى‪ ،‬فقال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ ،‬إ َّن ُه َل ْي َس لي َقا ِئدٌ َي ُقو ُد ِني ِإ َلى‬ ‫المْ َ ْس ِج ِد؛ َف َس َأ َل َر ُس َ‬ ‫«ه ْل ت َْس َم ُع ال ِّندَ ا َء‬ ‫ص َل ُه‪َ ،‬ف َل َّما َولَّى َد َعا ُه‪ ،‬فقال‪َ :‬‬ ‫ص له َف ُي َص ِّل َي في َب ْي ِت ِه‪َ ،‬ف َر َّخ َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬أ ْن ُي َر ِّخ َ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ِالصال ِة؟»‪ ،‬فقال‪َ :‬ن َع ْم‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َأ ِج ْب»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ب َّ‬ ‫‪ -6‬اتفق العلما ُء على أن صالة اجلماعة أفضل من صالة الفرد‪ ،‬وقد جاءت األحاديث بذلك عن النبي ‪ ،‬ففي‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬‬ ‫ابن ُع َم َر‪-‬رضي اهلل عنهما‪َ -‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ِين‬ ‫حديث ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫«صال ُة الجْ َ َم َاع ِة َأ ْف َض ُل من َصال ِة ا ْل َف ِّذ ب َِس ْب ٍع َو ِع ْشر َ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫َد َر َجةً»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الشيطان عليهم‪،‬‬ ‫بلد أو قريةٍ أو باديةٍ أو غيرها مما يجتمع فيه الناس؛ يدل على ت َ​َس ُّلط‬ ‫‪َ -7‬ت ْر ُك صالة اجلماعة في ٍ‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬باب يجب إتيان املسجد على من سمع النداء ‪. )653( 452/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب اجلماعة واإلمامة‪ ،‬باب فضل صالة اجلماعة ‪ ، )619(231/1‬ومسلم في كتاب الصالة‪ ،‬باب فضل صالة اجلماعة وبيان‬ ‫التشديد في التخلف عنها ‪. )650(450/1‬‬

‫‪81‬‬


‫سمعت َر ُس َ‬ ‫واحتوا ِئهم إلى ِح ْز ِب ِه اخلاس ِر الذي أنساه ذك َر اهلل تعالى‪ ،‬فعن أبي الدَّ ْر َدا ِء ‪َ ‬‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ‬يقول‪:‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫(((‬ ‫الصال ُة إال َقدْ ْاس َت ْح َو َذ َع َل ْيهِ ُم َّ‬ ‫الش ْي َط ُ‬ ‫ان»‪.‬رواه أحمد( ) ‪ ،‬واملعنى‪:‬‬ ‫« َما ِم ْن َثال َثةٍ في َق ْر َيةٍ وال َبدْ ٍو ال ُت َقا ُم ِفيهِ ْم َّ‬ ‫ُ‬ ‫وح َوا ُه ْم إليه‪.‬‬ ‫استولى عليهم‬ ‫الشيطان َ‬ ‫ِ‬ ‫ابن القيم‪ -‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬في ِذ ْك ِر أ ِدلَّ ِة وجوب‬ ‫‪ -8‬ا َّت َفقَ الصحاب ُة ‪ ‬على‬ ‫وجوب صال ِة اجلماع ِة‪ ،‬قال اإلما ُم ُ‬ ‫نصوص ُهم‪ ،‬ثم َن َق َل َ‬ ‫أقوال الصحاب ِة ‪ ‬في الوجوب‪،‬‬ ‫إجماع الصحاب ِة ‪ ‬ونحن نذكر‬ ‫اجلماعة‪ :‬الدليل الثاني عشر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عباس ‪ ،‬ثم قال‪ :‬فهذه‬ ‫وابن مسعودٍ و أبو موسى‬ ‫علي وعائش ُة‬ ‫ُّ‬ ‫األشعري وأبو ُه َر ْي َر َة ُ‬ ‫علي ُ‬ ‫واحلسن ُ‬ ‫ُ‬ ‫وابن ٍ‬ ‫و ُهم‪ٌّ :‬‬ ‫بن ٍّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ُ‬ ‫نصوص الصحاب ِة كما تَراها ِص َّح ًة ُ‬ ‫خالف ذلك‪.‬‬ ‫واحد‬ ‫وش ْه َر ًة‬ ‫وانتشارا‪ ،‬و َل ْم َي ِجي َء عن صحاب ٍِّي ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫أحرص الناس على صالة اجلماعة؛ فلم يكونوا يتخلفون عنها إال ِمن ُع ْذ ٍر‪ ،‬قال عبدُ ا ِ بن‬ ‫‪ -9‬كان الصحاب ُة ‪‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫الص َل َو ِ‬ ‫ات َح ْي ُث ُي َنا َدى بِهِ َّن‪ ،‬فإن ا َش َرعَ‬ ‫مسعود ‪َ « :‬م ْن َس َّر ُه َأ ْن َي ْل َقى ا َغ ًدا ُم ْس ِل ًما َف ْل ُي َحا ِف ْظ على َهؤُال ِء َّ‬ ‫ِل َن ِب ِّي ُك ْم ‪ُ ‬س نَ َ‬ ‫ن ا ْل ُهدَ ى‪َ ،‬و ِإن َُّه َّن ِمن ُس نَ ِ‬ ‫ن ا ْل ُهدَ ى‪َ ،‬و َل ْو َأن َُّك ْم َص َّل ْي ُت ْم في ُب ُيو ِت ُك ْم كما ُي َص ِّلي هذا المْ ُ َت َخ ِّل ُف في َب ْي ِت ِه‬ ‫َل َت َر ْك ُت ْم ُس َّن َة َن ِب ِّي ُك ْم‪َ ،‬و َل ْو َت َر ْك ُت ْم ُس َّن َة َن ِب ِّي ُك ْم َل َض َل ْل ُت ْم‪َ ...‬و َل َقدْ َر َأ ْي ُت َنا وما َي َت َخ َّل ُف عنها إال ُم َنا ِف ٌق َم ْع ُلو ُم ال ِّن َف ِ‬ ‫اق[أو‬ ‫(((()‬ ‫َمر ٌ‬ ‫ِيض]‪َ ،‬و َل َقدْ كان ال َّر ُج ُل يؤتي ِب ِه ُي َها َدى بني ال َّر ُج َل نْ ِ‬ ‫الص ِّف»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ي حتى ُي َقا َم في َّ‬ ‫‪َّ -10‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على أهمية صالة الفجر مع اجلماعة في املسجد‪ ،‬وأن التهاون بها َخصل ٌة ذميم ٌة ِمن خصالِ املنافقني‪،‬‬ ‫دل‬ ‫فالواجب على كل مسلم وجبت عليه صالة اجلماعة أن يص ِّل َي الفجر في املسجد‪ ،‬ويجتهدَ في عمل األسباب المْ ُ ِعي َن ِة‬ ‫ُ‬ ‫الظن مبن تخ َّلف عنها؛ قال‬ ‫له على ذلك‪ ،‬وال َي ِح ُّل له‬ ‫التساهل فيها بوجهٍ ِمن الوجوه‪ ،‬وقد كان الصحابة ‪ ‬يسيئون َّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫«ك َّنا إ َذا َف َقدْ َنا ال َّر ُج َل في َص َال ِة ا ْل ِع َشا ِء َو َص َال ِة ا ْل َف ْج ِر َأ َس ْأ َنا ِب ِه َّ‬ ‫عبدُ اهلل بن ُع َم َر‪-‬رضي اهلل عنهما‪ُ :-‬‬ ‫الظ َّن»‪.‬‬ ‫‪َّ -11‬‬ ‫خاصةٍ ِل َص َ‬ ‫ُ‬ ‫التَي العشا ِء والفجرِ‪ ،‬و ِلعظم هذا الثواب فإن َمن ع ِلمه سيكون حريصا‬ ‫دل‬ ‫احلديث على فضيلةٍ‬ ‫َّ‬ ‫على إتيانهما ولو كان عاج ًزا عن املشي فسيأتي إليهما زح ًفا على يديه ورجليه كما يزحف الصبي‪ ،‬ومما ثبت‬ ‫في ذلك حديث عثمان ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن ص َّلى ِ‬ ‫يل‪ ،‬و َم ْن ص ّلى‬ ‫العشا َء في َج َ‬ ‫ماعةٍ َف َك مَّّأنا قا َم ِن ْص َف ال َّل ِ‬ ‫بح في جماعةٍ ‪ ،‬فكأنمّ ا ص ّلى ال َّل َ‬ ‫يل ك َّل ُه»‪.‬رواه مسلم(((() ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الص َ‬ ‫‪ِ -12‬من صفات املنافقني‪ :‬أنهم ل ِث َقل الصالة عليهم ال يقومون إليها إال ُك َسالى‪ ،‬و َي ْن ُقرونها َن ْق ًرا‪ ،‬وال يذكرون اهلل‬ ‫َ‬ ‫رسول اهلل ‪ُ ‬‬ ‫يقول‪ِ « :‬ت ْل َك َصال ُة المْ ُ َنا ِفقِ ‪،‬‬ ‫سمعت‬ ‫مالك ‪:‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أنس ُ‬ ‫فيها إال قليال‪ ،‬ويؤخرونها عن وقتها‪ ،‬قال ُ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫ي َق ْر َن ْي َّ‬ ‫َي ْج ِل ُس َي ْر ُق ُب َّ‬ ‫الش ْي َط ِان َقا َم َف َن َق َر َها َأ ْر َب ًعا‪ ،‬ال َي ْذ ُك ُر ا فيها إال َق ِليال»‪.‬رواه‬ ‫الش ْم َس؛ حتى ِإ َذا َكا َن ْت َب نْ َ‬ ‫(((‬ ‫ُ‬ ‫واإلقبال على الصالة بنشاط وانشراح‪ ،‬واحلرص على‬ ‫مسلم( ) ؛ فالواجب على املسلم احلذ ُر من صفاتهم‪،‬‬ ‫الطمأنينة فيها واخلشوع‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،445،446/6 ،196/5‬وأبو داود في كتاب الصالة‪َ ،‬باب في ال َّت ْش ِد ِ‬ ‫يد في َت ْر ِك الجْ َ َم َاع ِة ‪ ، )547(150/1‬والنسائي في كتاب‬ ‫اإلمامة‪ ،‬باب ال َّت ْش ِديدُ في َت ْر ِك الجْ َ َم َاع ِة ‪ ، )847(106/2‬وهذا لفظهما‪ ،‬وصححه ابن حبان ‪ ، )2101(457/5‬واحلاكم في املستدرك على‬ ‫الصحيحني ‪ ،374/1‬وقال النووي(خالصة األحكام ‪ : )654/2‬إسناده صحيح‪ ،‬وقال ابن امللقن(البدر املنير ‪ : )387/4‬احلديث صحيح‪.‬‬ ‫‪ )2‬الصالة وحكم تاركها البن قيم اجلوزية ص ‪.153‬‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في ِكتَاب المْ َ َساجِ ِد َو َم َو ِ‬ ‫الصلاَ ِة‪َ ،‬باب َصال ِة الجْ َ َم َاع ِة من ُس نَ ِ‬ ‫ن ا ْل ُهدَ ى ‪ )654(453/1‬والزيادة بني معقوفني من رواية أخرى له‪.‬‬ ‫اض ِع َّ‬ ‫‪ )4‬رواه ابن أبي شيبة ‪ ، )3353(292/1‬وابن خزمية ‪ ، )1485(370/2‬و ابن حبان ‪ ، )2099(455/5‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني‬ ‫‪ 330/1‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬والطبراني في املعجم الكبير ‪.271/12‬‬ ‫‪ )5‬رواه مسلم في كتاب املساجد‪ ،‬باب فضل صالة العشاء والصبح في جماعة ‪. )256(454/1‬‬ ‫‪ )6‬رواه مسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬باب استحباب التبكير بالعصر ‪. )622(434/1‬‬

‫‪82‬‬


‫نشاط‪1‬‬

‫( )‬ ‫(((‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﱪ‪.‬‬ ‫ضع لك خطة عمل تساعدك في احملافظة على الصالة لكي تبتعد عن صفات املنافقني وتضبط بها‬ ‫أفعالك وسلوك وفق ماطلب منك شرعاً‪.‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫قارن بني حديث ‪«:‬ليس صالة أثقل على املنافقني من الفجر والعشاء ‪ ،»....‬وحديث‪َ « :‬ب ِّشر‬ ‫(((()‬ ‫ني في ُّ‬ ‫الظ َل ِم إلى المْ َ َس ِ‬ ‫اج ِد بِال ُّنو ِر ال َّتا ِّم يوم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬ ‫المْ َ َّشا ِئ َ‬

‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬دل احلديث على وجوب صالة اجلماعة‪ ،‬ما وجه الداللة على ذلك؟‬ ‫س‪ :2‬ملاذا كانت العشاء والفجر أثقل الصالة على املنافق؟‬ ‫س‪( :3‬ولو يعلمون ما فيهما من األجر) وردت أحاديث أخرى تبني األجر العظيم الذي يحصل‬ ‫ملن صلى العشاء والفجر في جماعة؛ فما هو؟‬ ‫س‪ :4‬للمنافق في الصالة سلوك يختلف عن املؤمن في صالته‪ ،‬قارن بني سلوك املؤمن في الصالة‬ ‫وسلوك املنافق‪.‬‬

‫‪ )1‬اآلية ‪ 54‬من سورة التوبة‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه أبو داود في كتاب الصالة‪ ،‬باب ما جاء في املشي إلى الصالة في الظلم ‪ ، )561(154/1‬الترمذي في كتاب أبواب الصالة‪َ ،‬باب ما جاء‬ ‫في َف ْض ِل ا ْل ِع َشا ِء َوا ْل َف ْج ِر في الجْ َ َم َاع ِة‪ ، )223(435/1‬عن ُب َر ْيدَ َة ِبن الحْ ُ َص ْي ِب ا َأل ْس َل ِم ِّي ‪ ‬وفي سنده كالم‪ ،‬لكن له شواهد كثيرة عن جماعة من‬ ‫الصحابة ‪ ‬يرتقي بها إلى احلسن أو الصحيح‪ ،‬ولهذا صححه األلباني في صحيح أبي داود(‪. )570‬‬

‫‪83‬‬


‫احلديث الثاني عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني معنى‪ :‬الفطرة ‪ -‬االستحداد‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد خصال الفطرة‪.‬‬ ‫‪ ‬تصنف خصال الفطرة حسب ما يختص به الرجال وما هو مشترك‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أهم أحكام املتعلقة بخصال الفطرة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آداب القيام بخصال الفطرة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج الفوائد الصحية للمحافظة على خصال الفطرة‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ألبي هريرة ‪. ‬‬ ‫دين اإلسالم دين شامل جلميع شؤون احلياة‪ ،‬فكما اعتنى بجوانب التعبد فقد اعتنى باألخالق‪ ،‬وكما اشتمل‬ ‫على األحكام التشريعة السياسية واالجتماعية واالقتصادية؛ فقد اعتنى بجوانب الصحة والنظافة كما في حديث‬ ‫خصال الفطرة اآلتي‪:‬‬ ‫أخ��������ذ ش��ع��ر‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪« :‬ا ْل ِف ْط َر ُة َخ ْم ٌس‪ :‬الخْ ِ َت ُ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫سمعت ال َّنب َِّي ‪‬‬ ‫العانةباحلديدة عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫وهي َ‬ ‫يم ا َأل ْظ َفارِ‪َ ،‬و َن ْت ُف اآل َب ِ‬ ‫املوسى َوا ِال ْس ِت ْحدَ ا ُد‪َ ،‬و َق ُّص َّ‬ ‫اط»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫الشار ِ​ِب‪َ ،‬وت َْق ِل ُ‬

‫السنة‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬ ‫(ص����������ورة‬ ‫ل��ك��ت��اب ‪-‬‬ ‫صور من حياة‬ ‫الصحابة‪) -‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب تقليم األظفار ‪ ، )5552(2209/5‬ومسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب خصال الفطرة ‪222-221/1‬‬ ‫(‪.)257‬‬

‫‪84‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)7‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫كان أبو هريرة ‪ ‬با ًّرا بأ ِّمه‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬اذكر ِق َّص ًة ِّ‬ ‫تؤكد هذا املعنى‪:‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪................................................................................. ..‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ِ -1‬‬ ‫السنة‪ ،‬واملعنى أن هذه اخلصال ِمن سنن األنبياء واملرسلني عليهم السالم‪ ،‬وطري َق ِتهم التي ُأمرنا أن‬ ‫الفطر ُة هي ُّ‬ ‫وس ِّم َي ْت هذه اخلصال بِخصال ِ‬ ‫الفطرة للداللة على أنها موافقة ِل ِلفطرة الصحيحة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نقتدي بهم فيها‪ُ ،‬‬ ‫حق َّ‬ ‫حق ُّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬الخْ ِ َت ُ‬ ‫رأس َذ َكرِه‬ ‫حق‬ ‫ان‬ ‫اإلناث‪ ،‬وحقيق ُته في ِّ‬ ‫الذكورِ‪ُ ،‬س َّن ٌة في ِّ‬ ‫واجب في ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫قطع الجْ ِ لدة التي ُت َغ ِّطى َ‬ ‫الذكر‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫رأس َذ َك ِر ِه ً‬ ‫مغطى ب ِ​ِج ْلدَ ةٍ رقيقةٍ ‪ ،‬ف ُتزال ِبالخْ ِ تان‪ ،‬ومن‬ ‫حتى ينكشف جمي ُع ُه‪ ،‬وذلك أن‬ ‫الطفل حني يولدُ يكون ُ‬ ‫تنظيف َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫جتتمع النجاس ُة حتت الجْ ِ لدة‪ ،‬وقد يتسبب‬ ‫الذ َكر ِمن النجاسة بعد ال َّت َب ُّولِ حتى ال‬ ‫تسهيل‬ ‫فوائد إزالتها‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تكو ِن المْ َ ْيك ُرو َب ِ‬ ‫ات ونحوها مما ُيضر باإلنسان‪.‬‬ ‫وجودها في ُّ‬ ‫الش َعر الذي فوق َذ َك ِر ال َّر ُج ِل وحواليه‪َّ ،‬‬ ‫‪ -3‬ا ِال ْس ِت ْحدَ ا ُد ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬وهو َح ْل ُق َّ‬ ‫والش َعر الذي َح َوا َلي َف ْر ِج‬ ‫املوسى‪ ،‬وإمنا ُشرع ا ِال ْس ِت ْحدَ ا ُد‬ ‫وس ِّمي هذا العمل ْاس ِت ْحدَ ا ًدا الستعمال احلديد ِة وهي َ‬ ‫املرأة‪ ،‬ويسمى‪َ :‬ش َع ُر ا ْل َعا َن ِة‪ُ ،‬‬ ‫ألجل نظافة ذلك املوضع‪ ،‬واألفضل فيه احللق‪ ،‬ويجوز أخذ َّ‬ ‫الش َعر بالقص والنتف‪.‬‬ ‫‪َ -4‬ق ُّص َّ‬ ‫الشار ِ​ِب ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال‪ ،‬واألفضل في َق ِّص ِه املبالغ ُة فيه حتى يشب َه احللقَ ‪ ،‬وهذا معنى اإلحفاء الوارد في قول‬ ‫(((()‬ ‫النبي ‪َ « :‬أ ْح ُفوا َّ‬ ‫قص أطرافه التي تنزل على َش َف ِت ِه ال ُعليا حتى يبد َو إطار‬ ‫ِب»‪.‬متفق عليه‬ ‫الش َوار َ‬ ‫‪ ،‬وإن َّ‬ ‫الس َّن ُة‪ ،‬وأ َّما َح ْل ُق ُه ِمن أصله حتى ال َي َ‬ ‫َّ‬ ‫ترك منه شي ًئا فا َألولى َعدَ م فعله‪ ،‬وقد َكره ُه‬ ‫الش َف ِة فهذا َح َس ٌن جاءت به ُّ‬ ‫السلف‪.‬‬ ‫بعض َّ‬ ‫ني ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬والسنة تقليمها جمي ًعا‪ ،‬وال ينبغي تقليم بعضها ُ‬ ‫اليدين والقدم ِ‬ ‫وترك‬ ‫يم َأ ْظ َفا ِر‬ ‫ِ‬ ‫‪ -5‬ت َْق ِل ُ‬ ‫تركيب أظاف َر اصطناعيةٍ طويلةٍ فهو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫عمل‬ ‫فاحشا‪ ،‬أو‬ ‫بعضها‪ ،‬وما يفعله ُ‬ ‫بعض الرجال أو النساء ِمن إطالتها ُطوال ً‬ ‫مخالف ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ومجانب للسنة النبوية‪.‬‬ ‫للفطرة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪َ -6‬ن ْت ُف اآل َب ِ‬ ‫الس َّنة باحللق‪ ،‬وما يفعله بعض‬ ‫اط ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬واألفضل فيه النتف ملن َقوِ ى عليه‪ ،‬وحتصل ُّ‬ ‫الناس من ترك حلق اآلباط مد ًة طويل ًة ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫مزيدا ِمن القذارة والرائحة الكريهة لهذا‬ ‫عمل‬ ‫مخالف للفطرة‪ ،‬وهو يجلب ً‬ ‫املوضع‪ ،‬كما إنه قد يتسبب في احلساسية وبعض األمراض‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب تقليم األظفار ‪ ، )5553(2209/5‬ومسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )259(222/1‬‬

‫‪85‬‬


‫(((‬ ‫َ‬ ‫ن ا ْل ِف ْط َر ِة‪ ،‬وقد‬ ‫‪ -7‬ثبت في رواية أخرى‬ ‫للحديث‪«:‬خ ْم ٌس من ا ْل ِف ْط َر ِة»( ) ‪ ،‬وهذا يفيد أن املذكو َر هو بعض ُس نَ ْ‬ ‫جاءت األحاديث ب ُِس نَ ٍن أخرى ِل ِلف ْطر ِة منها‪ :‬ما جاء في حديث َعا ِئ َش َة‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل‬ ‫قال‬ ‫الس َو ُاك‪َ ،‬و ْاس ِت ْن َش ُ‬ ‫«ع ْش ٌر ِمن ا ْل ِف ْط َر ِة‪َ :‬ق ُّص َّ‬ ‫اق المْ َا ِء‪َ ،‬و َق ُّص ا َأل ْظ َفارِ‪َ ،‬و َغ ْس ُل ا ْل َب َر ِاج ِم‪،‬‬ ‫‪َ :‬‬ ‫الشار ِ​ِب‪َ ،‬و ِإ ْع َفا ُء ال ِّل ْح َي ِة‪َ ،‬و ِّ‬ ‫(((()‬ ‫اص المْ َا ِء»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫َو َن ْت ُف ا ِإلب ِ​ِط‪َ ،‬و َح ْل ُق ا ْل َعا َن ِة‪َ ،‬وا ْن ِت َق ُ‬ ‫ن ا ْل ِف ْط َر ِة‪ِ :‬إعفا ُء ال ِّلحي ِة‪ ،‬وهو واجب‪ ،‬ومعناه‪ُ :‬‬ ‫بتقصير أو َح ْل ٍق‪ ،‬فعن‬ ‫تركها على حالها دون الت َع ُّر ِض لها‬ ‫‪ِ -8‬من ُس نَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫«خا ِل ُفوا المْ ُ ْشر ِ​ِكنيَ‪َ :‬و ِّف ُروا ال ِّل َحى‪َ ،‬و َأ ْح ُفوا َّ‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫ِب»‪.‬متفق‬ ‫الش َوار َ‬ ‫عبد اهلل بن ُع َم َر‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن َّ‬ ‫((((‬ ‫(((‬ ‫(((()‬ ‫)‬ ‫عليه( ) ‪ ،‬وفي رواية لهما‪َ « :‬أ ْع ُفوا ال ِّل َحى» ‪ ،‬وملسلم‪َ « :‬و َأ ْو ُفوا ال ِّل َحى» ‪ ،‬وملسلم عن أبي هريرة ‪‬‬ ‫مرفوعا‪َ « :‬أ ْرخُ وا ال ِّل َحى»‪ )((((.‬قال النووي‪-‬رحمه اهلل‪ :-‬ومعناها ك ِّلها‪ُ :‬‬ ‫تركها على حالها‪ ،‬وقال‪ :‬وأما إعفا ُء‬ ‫(((()‬ ‫ال ِّلحي ِة فمعناه‪ :‬توفيرها‪ ،‬وأما « َأ ْو ُفوا» فهو مبعنى «أعفوا» أي‪ :‬اُتركوها وافي ًة كامل ًة ال َت َق ُّصوها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اجلمع بني َح ْلقِ‬ ‫الشارب وال ِّلحية م ًعا أشدُّ من َح ْلقِ ال ِّلحية وحدَ ها؛ ملا في ذلك من اجلمع بني مح َّرمات متعددة‬ ‫‪-9‬‬ ‫ُ‬ ‫منها‪َ :‬ح ْل ُق اللحية‪ ،‬والتش ُّب ُه بالنساء‪ ،‬والتش ُّب ُه بالكافرين‪ ،‬ومخالف ُة ال ِّرجال للفطرة التي َف َط َرهم اهلل عليها‪ ،‬ولم‬ ‫يكن هذا ال ِّزي معروفًا في العرب واملسلمني حتى اختلطوا بالكافرين‪ ،‬وارتضوا التش ُّب َه بهم‪ ،‬وجا َن ُبوا بذلك ُس َّن َة‬ ‫ال َّنب ِِّي ‪ ‬وهد َيه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فيأخذها أو ُ‬ ‫ُ‬ ‫تطول‬ ‫يأخذ منها‪ ،‬وال َي ْت ُر ُك َها‬ ‫طالت‬ ‫الس َّن ُة للمسلم أن‬ ‫يتعاهدَ أظفا َره وشا ِر َبه وعا َن َت ُه و ِإب َِط ُه ك َّلما ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ُّ -10‬‬ ‫((((‬ ‫)‬ ‫ص‬ ‫أنس ِبن ٍ‬ ‫فاحشا‪ ،‬وال يجو ُز ل ُه َت ْر ُكها أكث َر ِم ْن أربعني يو ًما ؛ حلديث ِ‬ ‫ُطو ًال ً‬ ‫مالك ‪ ‬قال‪ُ « :‬و ِّق َت َل َنا في َق ِّ‬ ‫(((‬ ‫َّ‬ ‫ني َل ْي َلةً»‪ .‬رواه مسلم( ) ‪ ،‬وفي‬ ‫يم الأْ َ ْظ َفارِ‪َ ،‬و َن ْت ِف ا ِإلب ِ​ِط‪َ ،‬و َح ْلقِ ا ْل َعا َن ِة‪َ ،‬أ ْن ال َن ْت ُر َك َأ ْك َث َر من َأ ْر َب ِع َ‬ ‫الشار ِ​ِب‪َ ،‬وت َْق ِل ِ‬ ‫((‪)((1‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل ‪.»‬‬ ‫رواية أحمد‪« :‬و َّق َت َل َنا‬ ‫‪ُ -11‬يستحب ال َّتيا ُم ُن في أخذ شعر الشارب والعانة بأن يبدأ باجلانب األمين ثم األيسر‪ ،‬ويبدأ في نتف إب َِطي ِه‬ ‫باألمين ثم األيسر‪ ،‬وهكذا في تقليم أظافره يبدأ ب ِ‬ ‫ِيده اليمنى ثم اليسرى‪ ،‬وفي تقليم أظاف ِر قدميه يبدأ بالقدم‬ ‫اليمنى ثم اليسرى‪ ،‬هذه هي السنة‪ ،‬ولو خالف في ذلك فبدأ باجلانب األيسر أو العضو األيسر فال شيء عليه‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اللباس باب قص الشارب ‪ ، )5550(2209/5‬ومسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب خصال الفطرة ‪. )257( 221/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب خصال الفطرة ‪ ، )261( 223/1‬قال زكريا( هو ابن أبي زائدة أحد الرواة) ‪ :‬قال ُم ْص َع ٌب ( هو ابن شيبة أحد‬ ‫اش َر َة إال َأ ْن ت َُك َ‬ ‫يت ا ْل َع ِ‬ ‫االس ِت ْن َجا َء‪.‬‬ ‫الرواة) ‪َ :‬ون َِس ُ‬ ‫يع‪ :‬ا ْن ِت َق ُ‬ ‫ون المْ َ ْض َم َض َة‪ .‬زَا َد ُق َت ْي َب ُة‪ :‬قال َو ِك ٌ‬ ‫اص المْ َا ِء َي ْع ِني‪ْ :‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب تقليم األظفار ‪ ، )5553(2209/5‬ومسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )259(222/1‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب اللباس‪َ ،‬باب ِإ ْع َفا ِء ال ِّل َحى َع َف ْوا َك ُث ُروا َو َك ُث َر ْت َأ ْم َوالُ ُه ْم ‪ ، )5554(2209/5‬ومسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ‬ ‫ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )259(222/1‬‬ ‫‪ )5‬رواه مسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )259(222/1‬‬ ‫‪ )6‬رواه مسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )260(222/1‬‬ ‫‪ )7‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.149/3‬‬ ‫‪ )8‬ينظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪ ،60/30‬ومجموع فتاوى الشيخ ابن باز ‪ .50 ،49/10‬وفتاوى نور على الدرب‪-‬الشيخ ابن عثيمني ضمن املكتبة‬ ‫الشاملة (‪ ، )275/14‬وبذل املجهود في حل أبي داود ‪ ،13/13‬وحاشية ابن عابدين ‪ ،407/6‬وذهب بعض العلماء إلى أنه يكره كراهية شديدة وال‬ ‫يحرم‪ ،‬ينظر‪ :‬روضة الطالبني للنووي ‪.503/2‬‬ ‫‪ )9‬رواه مسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪. )258(222/1‬‬ ‫‪ )10‬رواه أحمد ‪ ،122،203،255/3‬وأبو داود في كتاب الترجل‪ ،‬باب في أخذ الشارب ‪ ، )4200( 84/4‬والترمذي في كتاب األدب‪ ،‬باب في‬ ‫التوقيت في تقليم األظفار وأخذ الشارب ‪ ، )2758(92/5‬والنسائي في كتاب الطهارة‪ ،‬باب التوقيت في ذلك ‪. )14(15/1‬‬

‫‪86‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واإلحسان إلى‬ ‫واالحتياط للطهارتني‪،‬‬ ‫وتنظيف ال َبدن‪،‬‬ ‫ني ا ْل َه ْي َئ ِة‪،‬‬ ‫‪ -12‬لخِ ِ صالِ ا ْل ِف ْط َر ِة عمو ًما فوائدُ كثير ٌة منها‪ :‬حتس ُ‬ ‫املخا ِلط واملقارِن ِّ‬ ‫بكف ما يتأ َّذى به من رائحة كريهة‪ ،‬ومخالف ُة ِشعار الك َّفار ِمن املجوس واليهود والنصارى وع َّبا ِد‬ ‫((((‬ ‫)‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ،‬ف َك َأنَّه قال‪:‬‬ ‫وامتثال أم ِر الشارع‪ ،‬واحملافظ ُة على ما أشار إليه قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭶ ﭷ ﭸ ﱪ‬ ‫األوثان‪،‬‬ ‫نت ُصو َركم فال تش ِّوهوها‪ ،‬وحافظوا على ما يستمر به ُحسنها‪.‬‬ ‫حس ُ‬ ‫قد َّ‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫تعاون مع زمالئك في جمع الفوائد الطبية التي أثبتها األطباء للختان‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫انتشرت بني الشباب والفتيات بعض العادات واملظاهر املخالفة للفطرة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في‬ ‫حصرها‪ ،‬ثم ضع تقيم ًا حلجم انتشارها‪ ،‬والسبب في انتشارها‪.‬‬ ‫املظاهر املخالفة‬

‫حجم انتشارها‬ ‫كبير‬

‫التقويم‬

‫متوسط ضعيف‬

‫سبب االنتشار‬

‫س‪ :1‬بني معنى‪ :‬الفطرة‪ ،‬االستحداد‪.‬‬ ‫س‪ :2‬هل خصال الفطرة محصورة باخلمس الواردة في احلديث ؟ استدل ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ص ِّنف خصال الفطرة بذكر ما يختص به الرجل وما تشترك فيه املرأة مع الرجل‪.‬‬ ‫س‪ :4‬بني احلكم فيما يلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬اخلتان للرجال‪.‬‬ ‫ب‪-‬حلق اللحية‪.‬‬ ‫ت‪-‬تأخير تعاهد خصال الفطرة أكثر من أربعني يوماً‪.‬‬ ‫س‪ :5‬ما فوائد القيام بخصال الفطرة واحملافظة عليها؟‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 64‬من سورة غافر‪ ،‬و ‪ 3‬من سورة التغابن‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫احلديث الثاني عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستدل من احلديث على تفاوت منازل اجلنة‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني اجلدال احملمود واجلدال املذموم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني آداب اجلدال احملمود‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج خطورة الكذب وعلو منزلة الصدق‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فضل حسن اخللق‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم ألبي أمامة ‪. ‬‬ ‫‪ ‬تبنت معنى‪ :‬زعيم – ربض ‪ -‬املراء‪.‬‬ ‫رتِّب هذه األعمال حسب األفضل‪:‬‬ ‫ترك الكذب ‪ -‬ترك اجلدال ‪ -‬حسن اخللق‬ ‫لتتأكد من صحة إجابتك اقرأ احلديث التالي‪:‬‬ ‫ضامن‬ ‫اجلدال‬

‫ُ للهَّ‬ ‫عن أبي ُأ َما َم َة ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫يم ِب َب ْي ٍت في َر َب ِض الجْ َ َّن ِة‬ ‫قال‬ ‫رسول ا ِ ‪َ « :‬أ َنا ز َِع ٌ‬ ‫لمِ َ ْن َت َر َك المْ ِ َرا َء َو ِإ ْن كان ُم ِح ًّقا‪َ ،‬و ِب َب ْي ٍت في َو َس ِط الجْ َ َّن ِة لمِ َ ْن َت َر َك ا ْل َك ِذ َب َو ِإ ْن كان‬ ‫(‪)24‬‬ ‫َماز ًِحا‪َ ،‬و ِب َب ْي ٍت في َأ ْع َلى الجْ َ َّن ِة لمِ َ ْن َح َّس َن خُ ُل َق ُه»‪ .‬رواه أبوداود‪.‬‬

‫أسف ُلها‬

‫(تفاوت منازل اجلنة) عنوان مناسب للحديث‪ ،‬تعاون مع زمالئك في استنتاج عنوان آخر واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫‪ )42‬رواه أبوداود في كتاب األدب‪ ،‬باب في حسن اخللق ‪ ، )4800(253/4‬والطبراني في املعجم الكبير ‪ ،98/8‬وال ُّرو َياني في مسنده ‪)1200(279/2‬‬ ‫‪ ،‬والبيهقي في السنن الكبرى ‪ ،249/10‬قال النووي(رياض الصاحلني ص‪ : )174‬حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح‪ ،‬وقال ابن مفلح(الفروع‬ ‫‪ ،329/3‬واآلداب الشرعية ‪َ : )192/2‬ح ِد ٌ‬ ‫يث َح َس ٌن‪.‬‬

‫‪88‬‬


‫ترجمة راوي احلديث( )‬ ‫‪1‬‬

‫اسمه ونسبه‬

‫أب�����و ُأ َم�����ا َم����� َة‬ ‫ال����� َب� ِ‬ ‫����ي‬ ‫����اه����� ِل� ُّ‬ ‫اسمه‪ُ :‬صدَ ّي‬ ‫بن َع ْج َ‬ ‫الن ِم ْن‬ ‫َقبِي َل ِة َب ِاه َل َة‪.‬‬

‫مناقبه‬ ‫النبي ‪ ‬إلى‬ ‫‪َ -2‬ب َع َث ُه ُّ‬ ‫َق� ْ�و ِم��ه َب� ِ‬ ‫�اه � َل � َة‪َ ،‬ف َأتَاهم‬ ‫���م ي��أك��ل� َ‬ ‫�ون ال����دَّ َم‪،‬‬ ‫َو ُه� ْ‬ ‫ف � َق��الُ��وا‪َ :‬ت � َع� َ‬ ‫�ال َف ُك ْل‪،‬‬ ‫ْت َألن َْه ُ‬ ‫اك ْم‬ ‫فقال‪ِ :‬جئ ُ‬ ‫عن ه��ذا ال� َّ�ط� َع��ا ِم‪ ،‬وأنَا‬ ‫ُ‬ ‫النبي ‪ِ ‬ل ُتؤْ ِم ُنوا‬ ‫رسول ِّ‬ ‫ِب � ِه‪َ .‬ف َك َّذ ُبوه‪َ .‬فان َْط َلق‬ ‫وهو َجا ِئ ٌع َظ ْم ُ‬ ‫آن‪ ،‬فنا َم‪،‬‬ ‫َف � ُأ ِت��ي ف��ي َم� َن��ا ِم��ه ِب َل نَ ٍب‬ ‫َف َشرِب ح َّتى َع ُظ َم َب ْطنه‪.‬‬ ‫فأتاه القوم ل ُي ْط ِع ُمو ُه؛‬ ‫َ‬ ‫اج َة لي في‬ ‫فقال‪ :‬ال َح َ‬ ‫َط َعا ِم ُك ْم َو َش َراب ُِك ْم؛‬ ‫ف��إن اللهَّ َ َق��دْ َأ ْط َع َم ِني‬ ‫َو َس��� َق���ا ِن���ي‪ ،‬فان ُْظروا‪،‬‬ ‫َف َن َظروا إلى الحْ َ ��الِ التي‬ ‫هو عليها‪ ،‬فأسلموا َع ْن‬ ‫َآ ِخر ِ​ِهم(‪)2‬‬ ‫ْ‬

‫معالم من حياته‬

‫‪ -1‬شهد مع رسول اللهَّ ِ ‪َ ‬حجة الوداع وعمره ثالثون سنة‪.‬‬ ‫علي ‪.‬‬ ‫‪ -2‬شهد معركة ِص ِّفني مع ٍّ‬ ‫‪ -3‬سكن مصر‪ ،‬ثم انتقل منها فسكن ِح ْمص من‬ ‫بالد الشام‪.‬‬ ‫‪-4‬ك� َ‬ ‫عمل اخل � ْي �رِ‪ ،‬وم��ا ي��ق� ِّرب إلى‬ ‫��ان‬ ‫حريصا على ِ‬ ‫ً‬ ‫ا ِ‬ ‫النبي ‪ ‬وهو يجهز‬ ‫هلل تعالى والجْ َ َّن ِة‪ ،‬فقدْ جا َء إلى ِّ‬ ‫�ال ل ُه‪ :‬يا َر ُس� َ‬ ‫َغ � ْز َو ًة وق� َ‬ ‫�ول اللهَّ ِ ْاد ُع اللهَّ َ لي ب َّ‬ ‫ِالش َها َد ِة‪.‬‬ ‫هم َس ِّل ْم ُه ْم َو َغ ِّ� ْ�ن��م� ُ�ه� ْ�م»‪ ،‬ق��ال‪َ :‬ف َس ِل ْم َنا‬ ‫فقال‪«:‬ال َّل َّ‬ ‫َو َغ ِن ْم َنا‪ ،‬قال‪ُ :‬ث َّم َأن َْش َأ َغ ْزواً َثا ِلثاً‪َ ،‬ف َأ َت ْي ُت ُه فقلت‪ :‬يا‬ ‫َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ِ ،‬إنى َأ َت ْي ُت َك َم َّرت نْ ِ‬ ‫َي قبل مرتي هذه َف َس َأ ْل ُت َك‬ ‫ِالش َها َد ِة‪َ ،‬فدَ َع ْو َت اللهَّ َ ع َّز َّ‬ ‫أن تدع َو اللهَّ َ لي ب َّ‬ ‫وجل أن‬ ‫ُي َس ِّل َم َنا َو ُي َغ ِّن َم َنا‪َ ،‬ف َس ِل ْم َنا َو َغ ِن ْم َنا يا َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪َ ،‬ف ْاد ُع‬ ‫اللهَّ َ لي ب َّ‬ ‫هم َس ِّل ْم ُه ْم َو َغ ِّن ْم ُه ْم»‪،‬‬ ‫ِالش َها َد ِة‪ .‬فقال‪«:‬ال َّل َّ‬ ‫قال‪َ :‬ف َس ِل ْم َنا َو َغ ِن ْم َنا‪ُ .‬ث َّم َأ َت ْي ُت ُه فقلت‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪،‬‬ ‫ِالص ْو ِم فإنه المثل له»‪.‬‬ ‫ُم ْر ِني ِب َع َم ٍل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قال‪«:‬ع َل ْي َك ب َّ‬ ‫ؤي أبو ُأ َما َم َة َو َال ا ْم َر َأ ُت ُه َو َال َخ ِاد ُم ُه إ َّال‬ ‫‪ -5‬قال‪ :‬فما ُر َ‬ ‫ُص َّياماً‪ .‬قال‪َ :‬ف َك َ‬ ‫ؤي في َدار ِ​ِه ْم ُد َخ ٌ‬ ‫ان بِال َّن َهارِ‪،‬‬ ‫ان إذا ُر َ‬ ‫‪3‬‬ ‫يل‪ :‬اعتراهم َضي ٌف‪َ ،‬نز َل بِهِ م نَاز ٌِل‪) (.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِق َ ْ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫‪-6‬كان من املكثرين في رواية احلديث عن النبي ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َ -7‬‬ ‫حريصا على نشر ِ‬ ‫ويقول لجِ ُ َل َسا ِئ ِه إ َذا‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫هلل إ َّي ُ‬ ‫َحدَّ َث ُه ْم‪َّ :‬إن ِ‬ ‫الغ ا ِ‬ ‫اك ْم‪َّ ،‬‬ ‫وإن‬ ‫هذ ِه المْ َ َجا ِل ُس ِم ْن َب ِ‬ ‫َ‬ ‫أحسن‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قد ب َّلغ ما ُأرسل ِب ِه إلي َنا‪َ ،‬ف َب ِّلغوا ع َّنا‬ ‫َ‬ ‫‪4‬‬ ‫َ ()‬ ‫جنلس إلى‬ ‫ما‬ ‫تسمعون‪ .‬وقال سليم بن عامر‪:‬كنا ُ‬ ‫كثيرا َع ْن َرسولِ ا ِ‬ ‫هلل ‪ ،‬ثم‬ ‫أبي أ َما َم َة َف ُي َحدِّ ُث َنا َحدي ًثا‬ ‫ً‬ ‫‪5‬‬ ‫ون‪) (.‬‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪ِ :‬ا ْع ِق ُلوا‪َ ،‬و َب ِّلغُوا َع َّنا َما ت َْس َم ُع َ‬

‫وفاته‬ ‫م��ات في‬ ‫��م���ص‬ ‫ِح� ْ‬ ‫س������ن������ة‬ ‫س����������ت‬ ‫و ثما نني‬ ‫(‪86‬هـ)‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،420/3‬وتقريب التهذيب ص‪ ،276‬وتهذيب التهذيب ‪ ،368/4‬وسير أعالم النبالء ‪ ،359/3‬الطبقات الكبرى ‪.411/7‬‬ ‫‪ )2‬مختصر من رواية الطبراني في املعجم الكبير ‪ ،286/8‬وأبي يعلى (املطالب العالية ‪ ، ) )4041( 408/16‬وابن أبي عاصم في اآلحاد واملثاني‬ ‫‪ ، )1234(441/2‬قال الهيثمي ( مجمع الزوائد ‪ : )387/9‬رواه الطبراني بإسنادين وإسناد األولى حسن فيها أبو غالب وقد وثق‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه أحمد ‪ ،248/5‬وعبد الرزاق في مصنفه ‪ ، )7899(308/4‬واحلارث بن أبي أسامة في مسنده(زوائدالهيثمي ‪ ، ) )345( 428 /1‬وال ُّروياني في‬ ‫مسنده ‪ ، )1176(269/2‬والبيهقي في السنن الكبرى ‪ ،301/4‬والطبراني في املعجم الكبير ‪ ،91/8‬وصححه ابن حبان ‪. )3425( 212 -211/8‬‬ ‫‪ )4‬الطبقات الكبرى ‪.411/7‬‬ ‫‪ )5‬سير أعالم النبالء ‪.362/3‬‬

‫‪89‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫ملقابل على ما تعمله‪ ،‬ولذلك كان من وسائل الدعوة إلى اهلل تعالى‪:‬‬ ‫‪ -1‬من طبيعة النفس البشرية أنها تتشوق ٍ‬ ‫الترغيب في العمل الصالح‪ ،‬وهذا األسلوب كثير في القرآن والسنة؛ فأحيانا يكون الترغيب بضمان دخول اجلنة‪،‬‬ ‫وأحيانا برفعة الدرجات فيها‪ ،‬وأحيانا بذكر ثواب خاص‪ ،‬وأحيانا يكون بذكر مضاعفة احلسنات‪ ،‬وأحيانا يكون‬ ‫بذكر الثواب معظما من غير حتديد؛ كما يرد في األحاديث‪ :‬لو يعلم الناس ما في كذا لفعلوه‪ ،‬وال َّنب ُِّي ‪ ‬في هذا‬ ‫احلديث يرغب في بعض األخالق الفاضلة بأنه يضمن ألصحابها مواضع في اجلنة في أعالها وأوسطها وأسفلها‪.‬‬ ‫‪َّ -2‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على أن اجلنة درجات متفاوتة‪ ،‬وأن هذه الدرجات ينالها العباد بحسب أعمالهم‪ ،‬وقد نَّبي النبي‬ ‫دل‬ ‫للهَّ‬ ‫‪ ‬أن أعلى درجة في اجلنة هي ا ْل ِف ْر َد ْو ُس؛ فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول ا ِ ‪ِ « :‬إ َّن في الجْ َ َّن ِة ِما َئ َة َد َر َجةٍ‬ ‫للهَّ َ‬ ‫ِيل اللهَّ ِ ما بني الدَّ َر َج َت نْ ِ‬ ‫اس َألُو ُه ا ْل ِف ْر َد ْو َس؛‬ ‫ين في َسب ِ‬ ‫َأ َعدَّ َها اهلل ِل ْل ُم َج ِاه ِد َ‬ ‫الس َما ِء َوا َأل ْر ِض‪ ،‬فإذا َس َأ ْل ُت ُم ا َف ْ‬ ‫ي كما بني َّ‬ ‫(((()‬ ‫الرح َم ِن‪َ ،‬و ِم ْن ُه َت َف َّج ُر َأن َْها ُر الجْ َ َّن ِة»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫فإنه َأ ْو َس ُط الجْ َ َّن ِة‪َ ،‬و َأ ْع َلى الجْ َ َّن ِة‪ ،‬و َف ْو َق ُه َع ْر ُش ْ‬ ‫‪ -3‬اجلدال نوعان‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اجلدال احملمود‪ ،‬وهو اجلدال باحلق‪ ،‬وهو الذي يكون الغرض منه إظهار احلق وبيانه ونصرته‪ ،‬وهذا النوع من‬ ‫اجلدال من سنن األنبياء عليهم السالم مع أممهم في دعوتهم إلى اهلل تعالى؛ من نوح عليه السالم كما قال تعالى‪:‬‬ ‫(((‬ ‫ﱫ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﱪ ( ) ‪ ،‬إلى محمد ‪ ‬كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫(((‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اجلدال املذموم‪ ،‬وهو اجلدال بالباطل‪ ،‬وأسوأ صوره اجلدال لنصرة الباطل ودحض احلق والتلبيس على الناس؛‬ ‫كما هو حال املشركني في مواجهة األنبياء عليهم السالم‪ ،‬وهكذا من شابههم في كل حني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮔ‬ ‫(((‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﱪ ( ) ‪ ،‬ومنه‪ :‬اجلدال‬ ‫بغير علم‪ ،‬واجلدال ملجرد الظهور والغلبة أو إحراج املقابل وتعجيزه والتشهير به‪ ،‬أو ملجرد أو اإليذاء واإلزعاج‪،‬‬ ‫أو إفحام اخلصم من غير غرض شرعي صحيح‪.‬‬ ‫‪ -4‬يستحب ترك اجلدال إذا كان مما ال يترتب عليه كبير فائدة؛ كاجلدال في أمر من أمور الدنيا ال فائدة منه‪ ،‬أو‬ ‫كان اجلدال مما منه فائدة لكن قد يترتب عليه مفسدة كاجلدال في بعض األحكام الفقهية أو املسائل العلمية إذا‬ ‫ترتب عليه نزاع أو مشادة؛ فيستحب التوقف عنه‪ ،‬وقد يجب إذا حتققت املفسدة‪.‬‬ ‫‪ -5‬اإلكثار ِمن املراء واجلدال ليس من صفات عباد اهلل الصاحلني؛ فال ينبغي أن يكون املؤمن كثير اجلدل واخلصومات؛‬ ‫في كل أمر مهم وغير مهم‪ ،‬وذلك ألن كثر َة اجلدال توغر الصدور‪ ،‬وتُس ِّب ُب األحقاد‪ ،‬وتورث العداوة بني املسلمني؛‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬أ ْب َغ ُض ال ِّر َجالِ‬ ‫ولذلك أخبر النبي ‪ ‬أن اهلل يبغض َمن هذا خُ ُل ُقه؛ فعن َعا ِئ َش َة‪ -‬رضي اهلل عنها‪ -‬أن َّ‬ ‫(((‬ ‫إلى اللهَّ ِ ا َأل َلدُّ الخْ َ ِص ُم»‪.‬متفق عليه( ) ‪ ،‬قال البخاري‪ :‬هو الدَّ ا ِئ ُم في الخْ ُ ُصو َم ِة‪ ،‬وقال ابن حجر‪-‬رحمه اهلل‪:-‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد والسير‪َ ،‬باب َد َر َج ِ‬ ‫ِيل اللهَّ ِ ‪. )2637(1028/3‬‬ ‫ين في َسب ِ‬ ‫ات المْ ُ َج ِاه ِد َ‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 32‬من سورة هود عليه السالم‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 125‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪ 5‬من سورة غافر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لخْ‬ ‫لخْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لأْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب األحكام‪َ ،‬باب األلدِّ ا ص ِم ‪ ، )6765(2628/6‬ومسلم في كتاب العلم‪َ ،‬باب في ا لدِّ ا ص ِم ‪، )2668(2054/4‬‬ ‫وكالم البخاري في ترجمة الباب املذكور ‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫(((()‬

‫َيحتمل أن يكون املرا ُد‪ :‬الشديد اخلصومة فإن خْ َ‬ ‫ُ‬ ‫حتمل الشدَّ ة و َيحتمل الكثرة‪.‬‬ ‫ال ِصم ِمن ِص َي ِغ املبالغة؛ َف َي‬ ‫ٌ‬ ‫يتعمد الكذب في حديثه‪ ،‬وإذا أكثر‬ ‫لق مذمو ٌم‬ ‫‪-6‬الكذب خُ ٌ‬ ‫مرذول عند اهلل تعالى وعند الناس‪ ،‬وحرام على املسلم أن َّ‬ ‫الكذب فإنه ُيكتب عند اهلل تعالى ِمن َّ‬ ‫لق محمو ٌد يحبه اهلل تعالى ويحبه‬ ‫الكذابني‪ ،‬ويا لها ِمن منزلة سيئة‪ ،‬والصدق خُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الصدق وحت َّراه في حديثه ُكتب عند اهلل تعالى من الصادقني‪ ،‬ويا لها ِمن منزلة شريفة‪.‬‬ ‫املسلم‬ ‫الناس‪ ،‬وإذا أكث َر‬ ‫ُ‬ ‫الناس قد يتساهلون بالكذب َ‬ ‫النبي ‪ ‬أن الكذب ال يجوز في هذه‬ ‫حال املزاح‬ ‫َ‬ ‫ووقت الدعابة؛ بينَّ‬ ‫‪ -7‬لمَ َّا كان ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫األحوال‪َ ،‬‬ ‫الصدق في هذه احلالة منز ًال في وسط اجلنة‪ ،‬وقد ورد التهديد اخلاص ملن َك َذ َب‬ ‫وض ِم َن ملن التزم‬ ‫إلضحاك اآلخرين‪ ،‬وما ذلك إال خلطورته وسهولة اجنراف النفس فيه مع تشجيع األصحاب‪ ،‬ومحبة الظهور‬ ‫َ‬ ‫ضحك‬ ‫سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪َ « :‬و ْي ٌل ِل َّلذي ُي َحدِّ ُث باحلديث ِل ُي‬ ‫وال َّت َصدُّ ر؛ فعن معاوية بني َح ْيدَ َة ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫به القو َم َف َي ِ‬ ‫كذب‪َ ،‬و ْي ٌل له‪َ ،‬و ْي ٌل له»(((() ‪ ،‬وقد كان ِمن خُ لق النبي القدو ِة ‪ ‬أنه ميزح باحلق؛ فعن أبي هريرة‬ ‫‪ ‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنك تُداعبنا؟! قال‪ِ « :‬إنِّي ال أ ُق ُ‬ ‫ول إال ح ًّقا»(((() ‪.‬‬ ‫يحرص على ُحسن خْ ُ‬ ‫سن خُ ُل ِق ِه‪:‬‬ ‫‪ -8‬ينبغي للمسلم أن‬ ‫ال ُلقِ مع الناس كا َّفة‪ ،‬ومع املؤمنني خاصة‪ ،‬وأولى الناس ب ُِح ِ‬ ‫َ‬ ‫والدا ُه وإخوانُه‪ ،‬وأقار ُبه‪ ،‬وجيرانُه‪.‬‬ ‫‪ُ -9‬حسن اخللق يشمل مكار َم األخالق ك َّلها؛ ِمن الحْ ِ ْل ِم والصفح والتواضع ولني اجلانب والكرم والكلمة الطيبة‬ ‫وغيرها‪ ،‬قال عبد اللهَّ ِ بن المْ ُ َبا َر ِك‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ -‬في َو َص َف ُح ْس َن خْ ُ‬ ‫ال ُلقِ ‪« :‬هو َب ْس ُط ا ْل َو ْج ِه‪َ ،‬و َب ْذ ُل المْ َ ْع ُر ِ‬ ‫وف‪،‬‬ ‫َ ُّ لأْ َ َ (((()‬ ‫َوكف ا ذى»‬ ‫ُ‬ ‫الس ِكي َن ِة ُّ‬ ‫‪ -10‬لحِ ُ سن خْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتعامل الناس‬ ‫والطمأنين ِة‪،‬‬ ‫ال ُلقِ فوائدُ ومصا ِل ُح كثير ٌة على األفراد واملجتمع منها‪:‬‬ ‫حصول َّ‬ ‫وشيوع ا ُأللفة واحمل َّبة بني الناس‪ ،‬وال ُقدو ُة احلسنة‪ ،‬والدعو ُة إلى اهلل تعالى‪ ،‬وغي ُر ذلك‪.‬‬ ‫معه بالمْ ِث ِْل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫(((‬ ‫ُ‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪َ ‬أ ْح َس َن الناس خُ ُل ًقا»( ) ‪ ،‬وقد ّ‬ ‫أحسن الناس خُ ُل ًقا‪ ،‬قال َأ َن ِس بن َما ِل ٍك ‪َ :‬‬ ‫زكى‬ ‫«كان‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫َ‬ ‫‪-11‬كان ُّ‬ ‫((((‬ ‫)‬ ‫‪ ،‬وقال اهلل تعالى آ ِم ًرا له مبجامع األخالق‪:‬‬ ‫اهلل تعالى أخالق رسو ِل ِه ‪ ‬فقال‪ :‬ﱫ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱪ‬ ‫(((‬ ‫ﱫﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﱪ ( ) ‪ ،‬قيل‪ :‬معناها‪ :‬أن ت َِص َل َم ْن َق َط َع َك‪ ،‬وت َْع ِط َي َم ْن َح َر َم َك‪،‬‬ ‫(((()‬ ‫أجمع لمِ َ َكا ِر ِم األخالق منها‪.‬‬ ‫وت َْع ُف َو َع َّم ْن َظ َل َم َك‪ ،‬وقال جعف ُر الصادق‪-‬رحمه اهلل تعالى‪ :-‬ليس في القرآن آي ٌة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ -12‬حسن اخللق من ُ‬ ‫النفس له على وجهني‪:‬‬ ‫سلوك‬ ‫حيث‬ ‫ِ‬ ‫‪ )1‬فتح الباري ‪.180/13‬‬ ‫‪ )2‬رواه أحمد ‪ ،185/2‬وأبو داود في األدب‪ ،‬باب في الرحمة ‪ ،232/5‬رقم (‪ )4943‬بنحوه‪ ،‬والترمذي‪ ،‬كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في‬ ‫رحمة الصبيان ‪ ،312/4‬رقم (‪ ، )1919‬والبخاري في األدب املفرد رقم (‪. )354‬‬ ‫‪ )3‬رواه أحمد ‪ ،360/2‬والترمذي في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في املزاح ‪ ، )1990(357/4‬وفي الشمائل(‪ ، )238‬والبخاري في األدب‬ ‫حسنه الترمذي والبغوي والهيثمي في مجمع الزوائد‬ ‫املفرد (‪ ، )265‬والبغوي في شرح السنة ‪ ،179/13‬والطبراني في الكبير ‪ ،391/12‬وقد ّ‬ ‫(‪. )168/8‬‬ ‫‪ )4‬رواه الترمذي ‪ ، )2005(363/4‬ونقل النووي وغيره عن احلسن البصري نحوه (شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،78/15‬اآلداب الشرعية‬ ‫‪. )197/2‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لصب ِِّي َو َق ْب َل َأ ْن ُيو َلدَ ِلل َّر ُج ِل ‪ ، )5850(2291/5‬ومسلم في كتاب املساجد ومواضع الصالة‪َ ،‬باب َج َوا ِز‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اب‬ ‫ب‬ ‫األدب‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫‪ )5‬رواه‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫الصلاَ ِة على َح ِص ٍير ‪ ، )659(457/1 ..‬وفي كتاب الفضائل‪َ ،‬باب كان رسول ا ِ ‪َ ‬أ ْح َس َن الناس خُ ُلقًا ‪. )2310(1805/4‬‬ ‫الجْ َ َم َاع ِة في ال َّنا ِف َل ِة َو َّ‬ ‫‪ )6‬اآلية ‪ 4‬من سورة القلم‪.‬‬ ‫‪ )7‬اآلية ‪ 199‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )8‬ينظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،306/8‬وفيض القدير ‪ ،489 / 3‬ومدارج السالكني ‪.304/2‬‬

‫‪91‬‬


‫أ‪ -‬أن يكون ِج ِب َّلة ُيفطر عليها اإلنسان؛ فهي ِم َّن ٌة من اهلل تعالى على َمن يشاء‪ ،‬وهو في هذه احلالة يزيد تهذيبه بأمر‬ ‫الشرع‪ ،‬ويحسن النية فيه لينال األجر‪.‬‬ ‫للِهَّ‬ ‫وطلبا للثواب‪ ،‬و َمن اجتهد في تعويد نفسه على‬ ‫ب‪ -‬أن يكون تك ُّلفا ير ِّبي اإلنسان َ‬ ‫نفسه عليه طاع ًة ِ تعالى ً‬ ‫(((‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪ :‬خْ َ‬ ‫«ال ْي ُر َعا َد ٌة‪َ ،‬و َّ‬ ‫اج ٌة»‪.‬رواه ابن ماجه( )‪،‬‬ ‫الش ُّر لجَ َ َ‬ ‫األخالق احلسنة هدا ُه اهلل إليها‪ ،‬فعن ُم َعا ِو َي َة ‪ ‬أن َّ‬ ‫(((‬ ‫ْ ِ ( )‬ ‫ال ْي َر؛ فإن خْ َ‬ ‫وقال ابن مسعود ‪َ :‬ت َع َّو ُدوا خْ َ‬ ‫ال ْي َر بِال َعا َدة‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫للجدال املذموم مفاسد كثيرة ‪ ،‬اجمعها ثم صنفها إلى ما يلي‪:‬‬ ‫ما يؤثر على نفسية املجادل‬

‫ما يؤثر على العالقات‬

‫ما يؤثر على أخالقيات املجتمع‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫قيلت أمثال كثيرة في ذم الكذب ومدح الصدق‪ ،‬اذكر اثنني منها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط ‪:3‬‬

‫ُحسن خْ ُ‬ ‫اللقِ من األعمال الفاضلة‪ ،‬وكان ‪ِ ‬من أحسن الناس خُ لقاً‪ ،‬اذكر موقف ًا من حياته ‪‬‬ ‫يظهر فيه ذلك‪.‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪( :1‬زعيم ‪ ،‬ربض ‪ ،‬املراء) استخدم الكلمات السابقة في جمل من إنشائك‪.‬‬ ‫س‪( :2‬اجلنة منزلة واحدة) استفد من احلديث في الرد على من زعم ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ف ِّرق بني اجلدال املذموم واجلدال احملمود ‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما اآلداب التي يستحب ملن دخل في جدال أن يتأدب بها؟‬ ‫س‪ :5‬دل احلديث على فضل حسن اخللق ‪ ،‬بني كيف ميكن حتصيل األخالق احلسنة‪.‬‬ ‫س‪ :6‬اقرأ ترجمة أبي أمامة ‪ ، ‬ثم اذكر موقف ًا أعجبك من مواقفه‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه ابن ماجه في املقدمة‪َ ،‬باب َف ْض ِل ا ْل ُع َل َما ِء ‪ ، )221(80/1‬وصححه ابن حبان ‪ ، )310(8/2‬وحسنه األلباني في السلسلة الصحيحة‬ ‫‪. )651(150/2‬‬ ‫‪ )2‬رواه الطبراني في املعجم الكبير ‪.151/9‬‬

‫‪92‬‬


‫احلديث الرابع عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني أسباب الغضب وبواعثه‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني الغضب احملمود والغضب املذموم‪.‬‬ ‫‪ ‬تشرح قوله ‪« : ‬ال تَغْ َض ْب»‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج خطورة الغضب وآثاره على الفرد واملجتمع‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فضل احللم وكيفية اكتسابه‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث ‪.‬‬ ‫كثيراً ما تشاهد إنسان ًا ثار غضبه‪.‬‬ ‫ما التغيرات التي حتدث له حني ذاك؟‬ ‫ما مدى قدرته على السيطرة على نفسه وهو غضبان؟‬ ‫راض عن تصرفاته أثناء غضبه؟‬ ‫هل هو ٍ‬ ‫ما النتائج املترتبة على تصرفات املغضب؟‬ ‫لقد َّ‬ ‫النبي ‪ ‬من الغضب خلطورته وما يترتب عليه‪ ،‬فكانت وصي ًة يوصي بها َمن استوصاه كما في هذا‬ ‫حذر ُّ‬ ‫احلديث‪:‬‬ ‫ك������رر عليه‬ ‫ال َ‬ ‫طلب الوصية عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُج ً‬ ‫قال ِلل َّنب ِِّي ‪َ :‬أ ْو ِص ِني‪ ،‬قال‪« :‬ال تَغْ َض ْب»‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َف َر َّد َد ِم َر ًارا‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫«ال تَغْ َض ْب»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬ ‫(ص����������ورة‬ ‫ل��ك��ت��اب ‪-‬‬ ‫صور من حياة‬ ‫الصحابة‪) -‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب األدب‪َ ،‬باب الحْ َ َذ ِر من ا ْلغ َ‬ ‫َض ِب‪. )5765( 2267/5‬‬

‫‪93‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)8‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫اكتب موق ًفا ألبي هريرة ‪ُّ ‬‬ ‫يدل على حرصه على العلم‪.‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪......................................................................... ..........‬‬ ‫(((()‬

‫إرشادات احلديث‬

‫‪ -1‬الغضب َغرِي َز ٌة ِمن الغرائز‪ ،‬وله وظيفة كبيرة في الدفاع عن حرمات اهلل وحقوق النفس واملسلمني‪ ،‬وقد جاء‬ ‫اإلسالم بتوجيه هذه الغريزة وتهذيبها‪ ،‬ووضعها في مكانها املناسب‪.‬‬ ‫‪ -2‬دلَّت األدلة الشرعية على أن الغضب غير احملمود يكون من الشيطان الرجيم؛ فهو يثيره و ُي َغ ِّذيه ويأمر به؛ فإن‬ ‫الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ ولذلك فينبغي للمسلم أن ال يستسلم للشيطان الرجيم ويجري في‬ ‫ان ِبن ُص َردٍ ‪َ ‬ق َ‬ ‫هواه؛ ففي حديث ُس َل ْي َم َ‬ ‫ال‪ْ :‬اس َت َّب َر ُج ِ‬ ‫وس‪َ ،‬و َأ َحدُ ُه َما َي ُس ُّب‬ ‫الن ِع ْندَ النبي ‪َ ‬و َن ْح ُن ِع ْندَ ُه ُج ُل ٌ‬ ‫اح َب ُه ُمغْ َض ًبا قد ْاح َم َّر َو ْج ُه ُه‪ ،‬فقال ال َّنب ُِّي ‪ِ « :‬إنِّي َأل ْع َل ُم َك ِل َم ًة لو َقا َل َها َل َذ َه َب عنه ما َي ِجدُ ؛ َل ْو َ‬ ‫َص ِ‬ ‫قال‪َ :‬أ ُعو ُذ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫بِاللهَّ ِ من َّ‬ ‫يم»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫الش ْي َط ِان ال َّر ِج ِ‬ ‫‪ -3‬ينبغي للمسلم أن يجتهد في دفع الغضب عن نفسه حني ورود أسبابه و َي ْحلم على من أغضبه‪ ،‬فإن لم َي ْحلم‬ ‫فليتكلف الحْ ِ ْل َم‪ ،‬ومن لم يستطع ذلك فإنه يجتهد في دفع الغضب بعد حصوله بأن ال يفعل ما ال يحمد عليه‪،‬‬ ‫ومن الوسائل التي تدفع الغضب‪:‬‬ ‫أ‪ -‬االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم؛ حلديث ُس َل ْي َم َ‬ ‫ان ِبن ُص َردٍ ‪ ‬املتقدم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الوضوء‪.‬‬ ‫ت‪ -‬تغيير الهيئة التي هو عليها فإن كان قائما فليجلس‪ ،‬وإن كان جالسا فليضطجع‪.‬‬ ‫ث‪ -‬البعد عن محل الغضب وسببه وذلك باخلروج من املوضع الذي فيه ما أوجب غضبه‪ ،‬حتى يهدأ ويزول‬ ‫غضبه؛ ألن بقاءه عند سبب الغضب وموضعه يزيد من هيجان الغضب‪.‬‬ ‫ج‪ -‬السكوت وترك الكالم في املوضوع الذي غضب بسببه‪.‬‬ ‫ح‪ِ -‬ذ ْك ُر اهلل تعالى باالستغفار وغيره؛ ألن الغضب من الشيطان وهو َي ْخ َن ُس عند ِذ ْك ِر اهلل تعالى‪ ،‬وألن ِّ‬ ‫الذك َر‬ ‫ُطمأنين ٌة للقلب وراح ٌة للنفس‪.‬‬ ‫‪ )1‬للزيادة ينظر‪ :‬شرح احلديث السادس عشر من جامع العلوم واحلكم البن رجب‪ ،‬و حديث ال تغضب‪-‬دراسة حديثية دعوية نفسية للدكتور فالح‬ ‫الصغير‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لحْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب األدب‪َ ،‬باب ا ذ ِر من الغ َ‬ ‫َض ِب ‪ ، )5764( 2267/5‬ومسلم في كتاب البر والصلة واآلدب‪َ ،‬باب ف ْض ِل من يمَ ْ ِلك ن َْف َس ُه‬ ‫َض ِب َو ِب َأيِّ َش ْيءٍ َي ْذهَ ُب ا ْلغ َ‬ ‫ِع ْندَ ا ْلغ َ‬ ‫َض ُب ‪. )2610(2015/4‬‬

‫‪94‬‬


‫السرِي في الزهد ‪ ، )1294(605/2‬وابن حبان في روضة العقالء ص‪ ،210‬والبيهقي‬ ‫‪ )1‬رواه أبو خيثمة في كتاب العلم ص‪ ، )114( 28‬وهناد بن َّ‬ ‫في شعب اإلميان ‪ )10739(398/7‬واملدخل إلى السنن الكبرى ص‪ ، )385(270‬وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ص‪ ،135‬هكذا‬ ‫مرفوعا وهو خطأ‬ ‫رووه كلهم موقوفا على أبي الدرداء ‪ ،‬قال الدارقطني‪ :‬وهو احملفوظ‪.‬اهـ وقد جاء عنه مرفوعا وهو ضعيف‪ ،‬وقد جاء عن أبي هريرة‬ ‫ً‬ ‫من بعض الرواة‪ ،‬وجاء أيضا مرفوعا عن معاوية بن أبي سفيان رضي اهلل عنهما وإسناده ضعيف (ينظر‪ :‬العلل املتناهية البن اجلوزي ‪، )93(85/1‬‬ ‫و‪ ، )1184(711/2‬و العلل الواردة في األحاديث النبوية للدارقطني ‪ ، 326/10‬و الترغيب والترهيب ‪ ،50/1‬و مجمع الزوائد ‪(128/1‬وقارن‬ ‫بالسلسلة الصحيحة لأللباني(‪. ) )342‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 37‬من سورة الشورى‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 134‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب األدب‪َ ،‬باب الحْ َ َذ ِر من ا ْلغ َ‬ ‫َض ِب ‪ ، )5763( 2267/5‬ومسلم في كتاب البر والصلة واآلدب‪َ ،‬باب َف ْض ِل من يمَ ْ ِل ُك ن َْف َس ُه‬ ‫َض ِب َو ِب َأيِّ َش ْيءٍ َي ْذهَ ُب ا ْلغ َ‬ ‫ِع ْندَ ا ْلغ َ‬ ‫َض ُب ‪. )2608(2014/4‬‬

‫‪95‬‬


‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ 373/5‬عن رجل من الصحابة غير مسمى‪.‬‬ ‫‪ )2‬فتح الباري ‪ 520/10‬نقال عن ابن التني رحمه اهلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ )3‬االستقامة ‪ ،272-271/2‬ومجموع الفتاوى ‪ 159 -158/28‬بتصرف يسير واختصار‪.‬‬

‫‪96‬‬


97


‫احلديث اخلامس عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستدل من احلديث على تفاوت منازل اجلنة‪.‬‬ ‫‪ ‬يستنبط وجه تشبيه االستخارة بالسورة من القرآن‪.‬‬ ‫‪ ‬يستنتج احلكمة من مشروعية صالة االستخارة ‪.‬‬ ‫‪ ‬يفرق بني احلاالت التي تشرع فيها صالة االستخارة واحلاالت التي ال تشرع فيها ‪0‬‬ ‫‪ ‬يعدد األمور التي تستحب لها االستخارة ‪0‬‬ ‫‪ ‬يذكر موضع دعاء االستخارة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث ‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم جلابر ‪.‬‬

‫عن َجاب ٍِر ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫السو َر ِة من ا ْل ُق ْر ِآن‪ِ « :‬إ َذا‬ ‫كان ال َّنب ُِّي ‪ُ ‬ي َع ِّل ُم َنا ْ‬ ‫االس ِت َخا َر َة في ا ُأل ُمو ِر ُك ِّل َها َك ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َه َّم َأ َحدُ ُك ْم بِا َأل ْم ِر َف ْل َي ْر َك ْع َر ْك َعتَينْ ِ(من َغ ْي ِر ا ْل َفر َ‬ ‫هم ِإنِّي َأ ْس َت ِخي ُر َك ب ِ​ِع ْل ِم َك‪،‬‬ ‫ِيض ِة) ‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫يقول‪ :‬ال َّل َّ‬ ‫يم‪َ ،‬ف ِإن َ​َّك ت َْق ِد ُر وال َأ ْق ِد ُر‪َ ،‬وت َْع َل ُم َ‬ ‫وال َأ ْع َل ُم‪َ ،‬و َأن َْت‬ ‫َو َأ ْس َت ْق ِد ُر َك ِب ُقدْ َر ِت َك‪َ ،‬و َأ ْس َألُ َك ِم ْن َف ْض ِل َك ا ْل َع ِظ ِ‬ ‫اشي َو َعا ِق َب ِة َأ ْمرِي‪-‬أ ْو َق َ‬ ‫َع َّ‬ ‫هم ْإن ُك ْن َت ت َْع َل ُم َأ َّن هذا ا َأل ْم َر َخ ْي ٌر ِلي في ِدي ِني َو َم َع ِ‬ ‫ال ُم ا ْل ُغ ُي ِ‬ ‫ال‪ :‬في‬ ‫وب‪ ،‬ال َّل َّ‬ ‫َع ِ‬ ‫اج ِل َأ ْمرِي َو ِآج ِل ِه‪َ -‬فا ْقدُ ْر ُه لي( َو َي ِّس ْر ُه لي‪ُ ،‬ث َّم َبار ِْك لي ِفي ِه) ‪َ ،‬و ِإ ْن ُك ْن َت ت َْع َل ُم َأ َّن هذا ا َأل ْم َر َش ٌّر ِلي‬ ‫اشي َو َعا ِق َب ِة َأ ْمرِي‪ -‬أو َ‬ ‫ِفي ِدي ِني َو َم َع ِ‬ ‫قال‪ :‬في َع ِ‬ ‫اص ِر ْف ِني َعن ُه‪َ ،‬وا ْقدُ ْر‬ ‫اص ِر ْف ُه َع ِّني َو ْ‬ ‫اج ِل َأ ْمرِي َو ِآج ِل ِه‪َ -‬ف ْ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِلي خْ َ‬ ‫ال ْي َر َح ْي ُث َ‬ ‫اج َت ُه»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫كان‪ُ ،‬ث َّم َر ِّض ِني ِب ِه‪َ ،‬و ُي َس ِّمي َح َ‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الدعوات‪َ ،‬باب الدُّ َعا ِء ِع ْندَ الاِ ْس ِت َخا َر ِة ‪ ، )6019(2345/5‬وفي أبواب التطوع‪َ ،‬باب ما جاء في ال َّت َط ُّو ِع َم ْث َنى َم ْث َنى‬ ‫‪ )1109(391/1‬والزيادة بني قوسني منه‪ ،‬وفيه‪ُ « :‬ث َّم َأ ْر ِض ِني به»‪.‬‬

‫‪98‬‬


‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬ ‫ج��������اب��������ر ب���ن‬ ‫ع������ب������داهلل ب��ن‬ ‫َع ْمرِو بن َح َر ٍام‬ ‫األن������ص������اري‪،‬‬ ‫ه�������و وأب����������وه‬ ‫صحابيان‪.‬‬

‫مناقبه‬

‫‪ -1‬شهد مع رس��ول هَّ ِ‬ ‫الل ‪ِ ‬ت ْس َع َع ْش َر َة‬ ‫َغ ْز َو ًة‪.‬‬ ‫‪َ -2‬شهِ دَ بيع َة العقبة الثانية مع والده‪،‬‬ ‫وكان أص َغ َرهم‪.‬‬ ‫‪َ -3‬شهِ دَ بيع َة الرضوان‪.‬‬ ‫خمسا وعشرين‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫‪ -4‬استغفر له ُّ‬ ‫ً‬ ‫يشتري من ُه َب ِعي َر ُه‪،‬‬ ‫مرة‪ ،‬وذلك أنه أراد أن‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫ُ‬ ‫فقال له‪َ « :‬أ َتبِي ُع ِني ِه ب َِك َذا َو َك َذا‪َ ،‬والل َيغْ ِف ُر‬ ‫لك»‪ ،‬قال جابر‪ :‬هو لك يا َنب َِّي هَّ ِ‬ ‫الل‪ ،‬فكرر‬ ‫عليه النبي ‪َ « :‬أ َتبِيع ِني ِه ب َِك َذا َو َك َذا‪َ ،‬و هَّ ُ‬ ‫الل‬ ‫ُ‬ ‫هَّ‬ ‫َيغْ ِف ُر لك»‪ ،‬قال جابر‪ :‬هو لك يا َنب َِّي ِ‬ ‫الل‪.‬‬ ‫رواه مسلم(‪)2‬‬ ‫رمذي‪ْ :‬اس َتغْ َف َر لي‬ ‫‪ ،‬ولل ِّت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫رسول هَّ ِ‬ ‫ِين‬ ‫الل ‪َ ‬ل ْي َل َة ا ْل َب ِعي ِر َخ ْم ًسا َو ِع ْشر َ‬ ‫مرة‪)3(.‬‬ ‫َ َّ ً‬

‫معالم من حياته‬

‫‪ -1‬تخ َّلف عن غزوة بدر و ُأحد ألن‬ ‫وال���ده ‪ ‬ك��ان يخ ِّلفه على رعاية‬ ‫أخواته ال ِّتسع‪ ،‬فلما استشهد والده‬ ‫في غزوة أحد َح َض َر بقية الغزوات مع‬ ‫النبي ‪ ،‬فكان أولها غ��زوة حمراء‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫الترمذي‪َ :‬‬ ‫كان َجا ِب ٌر قد ُق ِت َل‬ ‫‪ -2‬قال‬ ‫ُّ‬ ‫ات‪َ ،‬ف َك َ‬ ‫ان‬ ‫َأ ُب��و ُه يو َم ُأ ُح� ٍ�د‪َ ،‬و َت � َر َك َب َن ٍ‬ ‫َ‬ ‫وكان‬ ‫َجا ِب ٌر َي ُعولُ ُه َّن َو ُي ْن ِف ُق َع َل ْيهِ َّن‪،‬‬ ‫النبي ‪َ ‬ي َب ُّر َجاب ًِرا َو َي ْر َح ُم ُه لسبب‬ ‫يث عن‬ ‫ذل��ك؛ َه َك َذا ُرو َِي في َح ِد ٍ‬ ‫جابِر نحو هذا‪)4(.‬‬ ‫َ ٍ ُ‬ ‫‪ -3‬كان من فقهاء الصحابة ‪ ،‬ومن‬ ‫املكثرين للرواية عن النبي ‪. ‬‬ ‫‪-4‬كان مفتي املدينة في زمانه‪ ،‬عاش‬ ‫بعد ابن عمر أعواما وتفرد بالفتوى‬ ‫والتحديث‪.‬‬

‫وفاته‬ ‫مات باملدينة‬ ‫س��ن��ة ‪78‬ه���ـ‬ ‫بعد ما ُك َّف‬ ‫بصره‪.‬‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ ،189/3‬وتقريب التهذيب ص‪ ،136‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،434/1‬وتهذيب التهذيب ‪ ،37/2‬وأسد الغابة‬ ‫‪.377/1‬‬ ‫َ‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب الرضاع‪َ ،‬باب ْاس ِت ْح َب ِ‬ ‫اح ا ْلب ِْك ِر ‪. )715(1089/2/2‬‬ ‫اب ِنك ِ‬ ‫هَّ‬ ‫‪ )3‬رواه الترمذي في كتاب املناقب‪َ ،‬باب في َم َنا ِق ِب َجا ِب ِر بن عبد ِ‬ ‫الل رضي اهلل عنهما ‪ ، )3852(691/5‬وقال‪َ :‬ح ِد ٌ‬ ‫ِيب‪ ،‬والنسائي‬ ‫يح َغر ٌ‬ ‫يث َح َس ٌن َص ِح ٌ‬ ‫في السنن الكبرى في كتاب املناقب‪ ،‬باب فضل جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما ‪ ، )8248(69/5‬و صححه ابن حبان ‪.)7142(91/16‬‬ ‫‪ )4‬سنن الترمذي ‪.691/5‬‬

‫‪99‬‬


‫‪ )1‬قال سماحة اإلمام عبد العزيز بن باز رحمه اهلل تعالى‪ :‬الدعاء يكون بعد السالم من الصالة‪ ،‬واألفضل أن يرفع يديه؛ ألن رفعهما من أسباب استجابة‬ ‫الدعاء (مجموع فتاوى ابن باز ‪. )471/11‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬املجموع ‪ ،59/4‬وكشاف القناع ‪ ،443/1‬ومطالب أولي النهى ‪ ،578/1‬ومجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ،200/25‬ومرقاة‬ ‫املفاتيح ‪ ،366/3‬وتفسير القرطبي ‪ ،307/13‬وحاشية الطحطاوي على مراقي الفالح ‪ ،263/1‬وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬ ‫‪ ،278/8‬و‪ ،177/18‬ومجموع فتاوى ابن عثيمني ‪ ،322-321/14‬واملوسوعة الفقهية الكويتية (‪. )247-246/3‬‬

‫‪100‬‬


‫ٌ‬ ‫ودليل َع َلى تَع ُّلقِ العبد بر ِّب ِه ُّ‬ ‫وتوك ِله عليه وحده‬ ‫وإخالص في دعائه وحدَ ُه ال شريك له‪،‬‬ ‫االس ِت َخا َر ُة جلو ٌء إلى اهلل تعالى‬ ‫ٌ‬ ‫‪ْ -8‬‬ ‫وتعظيمه سبحانه‪.‬‬ ‫ال شريك له‪ ،‬واعتما ِد ِه عليه في جميع شؤو ِن ِه؛ كما إن فيها إظها ُر االفتقا ِر إليه ور ُّد العلم ل ُه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وطلبا خليرة اهلل تعالى له‪ ،‬ومن َت َر َك َها ف ّوت على‬ ‫‪ -9‬ا ِال ْس ِت َخار ُة صال ٌة ودعاء‪ ،‬والسعيد من يأتي بها ات ً‬ ‫ِّباعا للس َّنة ً‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫نفسه خيراً عظيماً‪ ،‬وفي احلديث‪ِ « :‬م ْن َس َعا َد ِة ِبن آ َد َم‪ْ :‬اس ِت َخا َر ُت ُه ا ‪َ ،‬و ِم ْن َس َعا َد ِة بن آ َد َم‪ :‬ر َِضا ُه بمِ َا َق َضا ُه اهلل‪،‬‬ ‫(((()‬ ‫َو ِمن ِش ْقو ِة بن آ َد َم‪َ :‬تر ُك ُه اس ِت َخار َة اللهَّ ِ‪َ ،‬و ِمن ِش ْقو ِة بن آ َد َم‪ :‬س َخ ُط ُه بمِ َا َق َضى ُ‬ ‫اهلل َع َّز َو َج َّل»‪.‬رواه أحمد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫يظن بعض الناس أنّه ال بدّ أن يرى رؤيا بعد ا ِال ْس ِت َخار ِة تدله على اخليرة التي أرادها اهلل تعالى له‪ ،‬وهذا االعتقاد‬ ‫‪ُّ -10‬‬ ‫خير له‪ ،‬وإال فال يشرع له انتظار شيءٍ من ذلك‪.‬‬ ‫ال دليل عليه‪ ،‬لكن إن رأى رؤيا صاحلة ت نّ‬ ‫ُبي له اخليرة فهذه بشرى ٍ‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫احفظ دعاء االستخارة ثم َأ ْس ِم ْع ُه ملدرسك أو زميلك‪.‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫حلل عبارات دعاء االستخارة حسب التقسيم التالي‪:‬‬ ‫العبارات الدالة عليه‬

‫عناصر التحليل‬ ‫أسماء اهلل احلسنى الواردة في الدعاء‬ ‫ألفاظ سؤال اهلل تعالى‬ ‫ألفاظ تدل على التعلق باهلل‬ ‫ألفاط تدل على إظهار احلاجة واالفتقار لعون اهلل‬

‫نشاط ‪3‬‬

‫اكتب أعماال تشرع لها االستخارة تنوي القيام بها‪ ،‬وقس أثر االستخارة على إقبالك على‬ ‫العمل ورضاك بنتائجه‪.‬‬ ‫االستخارة له‬

‫العمل‬

‫الرضا بالنتائج‬

‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،168/1‬والترمذي في كتاب القدر‪َ ،‬باب ما جاء في ال ِّر َضا بِا ْل َق َضا ِء ‪ )2151(455/4‬وض َّع َفه‪ ،‬واحلاكم في املستدرك على‬ ‫الصحيحني ‪ ،699/1‬وقال ابن حجر(فتح الباري ‪ : )184/11‬سنده حسن‪ ،‬وضعفه األلباني في السلسلة الضعيفة (‪ )1906‬و(‪. )6212‬‬

‫‪101‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬على ماذا يدل تشبيه تعليم االستخارة بتعليم السورة من القرآن؟‬ ‫س‪ :2‬ما احلكمة من مشروعية االستخارة؟‬ ‫س‪ :3‬بني احلاالت التي يشرع لها االستخارة من اآلتي‪:‬‬ ‫ أراد احلج في إحدى احلمالت فتردد في اختيار احلملة املناسبة‪.‬‬‫ تردد في السفر للدراسة بني بلد مسلم وبلد غير مسلم وقد استويا في جودة الدراسة‪.‬‬‫ تقدم لها خاطبني كالهما ممن يرضى دينه وأمانته‪.‬‬‫ أراد صيام األيام البيض في شهر شديد حره‪.‬‬‫س‪ :4‬متى يقدم اإلنسان على الفعل أو يحجم عنه بعد االستخارة؟‬

‫‪102‬‬


‫احلديث السادس عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تُعدِّ د السبع املوبقات‪.‬‬ ‫‪ُ ‬ت َب ْر ِه ُن على أن السبع املوبقات من كبائر الذنوب‪.‬‬ ‫‪ ‬تصنف السبع املوبقات إلى ما يوجب الكفر وما ال يوجبه‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني خطر كل من ‪ :‬الشرك ‪ ،‬السحر ‪ ،‬قتل النفس‪ ،‬وأكل الربا ومال اليتيم‪،‬‬ ‫التولي يوم الزحف‪ ،‬قذف احملصنات ‪0‬‬ ‫‪ ‬تستنتج من احلديث أسلوب ًا من أساليب شد انتباه السامع وتشويقه‪.‬‬ ‫حتذير‪ ،‬ومن ذلك السبع املوبقات التي‬ ‫تتفاوت الذنوب في شدة خطرها‪ ،‬وقد خص النبي ‪ ‬بعض الذنوب مبزيد ٍ‬ ‫بينها النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ات»‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫الس ْب َع المْ ُو ِب َق ِ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ ،‬وما ُه َّن؟ قال‪:‬‬ ‫قال‪ْ :‬‬ ‫«اج َت ِن ُبوا َّ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َّ ‬أن َّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ِّ‬ ‫يم‪َ ،‬وال َّت َولِّي‬ ‫«الش ْر ُك بِا ِ‪َ ،‬و ِّ‬ ‫الس ْح ُر‪َ ،‬و َق ْت ُل ال َّن ْف ِس التي َح َّر َم اهلل إال ِبالحْ َ ِّق‪َ ،‬و َأ ْك ُل ال ِّر َبا‪َ ،‬و َأ ْك ُل َمالِ ا ْل َي ِت ِ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يوم ال َّز ْح ِف‪َ ،‬و َق ْذ ُف مْحُ ْ‬ ‫ات المْ ُؤْ ِم َن ِ‬ ‫ال َص َن ِ‬ ‫ات ا ْل َغا ِفلاَ ِت»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫(التحذير من الكبائر) ‪ ،‬عنوان مناسب للدرس‪ ،‬اختر عنوان ًا آخر ترى أنه أنسب واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫(صورة لكتاب‬ ‫ صور من حياة‬‫الصحابة‪) -‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب احملاربني‪ ،‬باب رمي احملصنات‪ ، )6465(2515/6‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان الكبائر وأكبرها ‪. )89(92/1‬‬

‫‪103‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)9‬‬ ‫اكتب بطاقة مختصرة للتعريف بأبي هريرة ‪ ‬حتوي ‪ :‬اسمه ‪ -‬سبب تكنيته ‪ -‬إسالمه‪.‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ -1‬االجتناب هو ا ِال ْب ِت َعا ُد عن الشيء في ذاته‪ ،‬وا ِال ْب ِت َعا ُد عن جميع األسباب املوصلة إليه‪ ،‬وهذا األسلوب من النهي‬ ‫قد تك َّرر في القرآن الكرمي والسنة النبوية عندما يراد التحذير من املعصية ومن جميع الطرق املؤ ِّد َية إليها؛ كما‬ ‫(((‬ ‫(((‬ ‫في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭽ ﭾﱪ ( ) ‪ ،‬ونحوه قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﯬ ﯭ ﯮ ﱪ ( ) وقوله‪ :‬ﱫﮊ‬ ‫(((‬ ‫ﮋ ﮌﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الذنوب املوبِقة هي التي تهلك صاحبها بوقوعه فيها حيث يعظم إثمها وخطرها حتى تؤدي بصاحبها إلى‬ ‫الهالك في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ووصفها بهذا الوصف مما يدل على شدة خطورتها على الواقع فيه‪ ،‬ومما يدل على‬ ‫اهتمام الشرع وحرصه على اجتناب املسلم له والبعد عن أسبابها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والذنوب تنقسم إلى‪ :‬كبائر وصغائر‪ ،‬كما‬ ‫الذنوب بالمْ ُ ْه ِل َكات يدل على أنها من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫بعض‬ ‫وص ُف ِ‬ ‫‪ْ -3‬‬ ‫ُ‬ ‫ِقات‪ ،‬وفيها كبائر أخرى ال تصل إلى درجة املوبِقات‪،‬‬ ‫إن الذنوب الكبيرة ليست على درجة واحدة؛ ففيها موب ٌ‬ ‫والواجب على املسلم احلذ ُر من جميع الذنوب‪ ،‬ويكون حذ ُره من الكبائر أشدُّ ‪ ،‬ومن الكبائر املو ِب َقة أشدُّ وأشدُّ ‪.‬‬ ‫‪ِّ -4‬‬ ‫الش ْر ُك هو‪ :‬صرف شيءٍ من العبادة لغير اهلل تعالى‪ ،‬وهو أعظم الذنوب وأشدُّ ها‪ ،‬وهو الذنب الوحيد الذي ال‬ ‫النبي ‪َ :‬أ ُّي َّ‬ ‫الذن ِْب َأ ْع َظ ُم ِع ْندَ اللهَّ ِ؟ قال‪َ « :‬أ ْن جَ ْت َع َل للِهَّ ِ ِن ًّدا وهو َخ َل َق َك»‪.‬متفق عليه‬ ‫يغفره اهلل تعالى‪ ،‬ولمَ َّا ُسئل ُّ‬ ‫(((() ‪ ،‬فالواجب على ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اجتناب‬ ‫كل مسلم‬ ‫الشرك َكبِيرِه وصغيرِه‪ ،‬واحلذ ُر من الوقوع فيه والتحذي ُر منه‪ ،‬والبعدُ‬ ‫ُ‬ ‫عن جميع األسباب المْ ُ ْف ِض َي ِة إليه من البدع والوسائل الشركية بأنواعها؛ ولقد كان إبراهيم عليه السالم وهو أبو‬ ‫األنبياء وسيد الحْ ُ َنفاء يخاف الشرك على نفسه و ُذ ِّر َّي ِت ِه ويدعو ر َّبه قائال‪َ ( :‬و ْاج ُن ْب ِني َو َب ِن َّي َأن ن َّْع ُبدَ ا َأل ْص َنا َم)‬ ‫(((‬ ‫( )؛ فكيف بمِ َْن سواه؟‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 36‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 150‬من سورة األنعام‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 32‬من سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫للِهَّ‬ ‫جَ‬ ‫ْ‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬تفسير سورة البقرة‪َ ،‬باب َق ْولُ ُه َت َعا َلى‪( :‬فال ت َع ُلوا ِ َأنْدَ ا ًدا َو َأ ْن ُت ْم ت َْع َل ُم َ‬ ‫ون) ‪ ، )4207(1626/4‬ومسلم في‬ ‫الش ْر ِك َأ ْق َب ُح ُّ‬ ‫كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َك ْو ِن ِّ‬ ‫الذن ِ‬ ‫ُوب َو َب َي ِان َأ ْع َظ ِم َها َب ْعدَ ُه ‪. )86(90/1‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪ 35‬من سورة إبراهيم عليه السالم‪.‬‬

‫‪104‬‬


‫النهي عن الشرك واألم ُر بالتوحيد‪ ،‬وما جاء َنب ٌِّي إال وقد َّ‬ ‫حذر أمته‬ ‫‪ -5‬لقد كانت مهمة األنبياء عليهم السالم األولى ُ‬ ‫ِ‬ ‫التوحيد‬ ‫من الشرك ودعاهم إلى التوحيد؛ وهكذا يجب على العلما ِء والدعا ِة إلى اهلل تعالى أن تكون الدعوة إلى‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ونبذ الشرك َأ ْو َلى األ َّو ِل َّي ِ‬ ‫الشرك باهلل تعالى؛ فليس من احلكمة وال‬ ‫ات عندهم وبخاصة في املناطق التي يكثر فيها‬ ‫من منهج األنبياء عليهم الصالة والسالم دعوة فئة من الناس إلى فروع الشريعة وتفاصيلها وإهمال الدعوة إلى‬ ‫التوحيد مع وقوعهم في الشرك األكبر املخرج عن ِم َّل ِة اإلسالم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إشراك الساحر باهلل‬ ‫النبي ‪ ‬بأنه من املوبِقات لمِ َا يترتب عليه من‬ ‫‪ -6‬عمل ِّ‬ ‫الس ْح ُر من أكبر الكبائر‪ ،‬وقد وصفه ُّ‬ ‫تعالى‪ ،‬وخضوعه للشياطني التي ال تعينه على ِس ْح ِر ِه حتى يكف َر باهلل تعالى‪ ،‬ولمِ َا فيه من ال َّتع ُّلقِ بغير اهلل تعالى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫السحر‬ ‫وأكل املال بالباطل‪،‬‬ ‫واإلفساد في األرض‪،‬‬ ‫وإيذا ِء اخللق واإلضرار بهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والواجب على املسلم الحْ َ َذ ُر من ِّ‬ ‫ِ‬ ‫التعاون معهم بأي طريق‪.‬‬ ‫الس َح َر ِة والدخولِ إليهم أو‬ ‫بأنواعه‪ ،‬والتحذي ُر من َّ‬ ‫‪َ -7‬ق ْت ُل ال َّن ْف ِس البريئة من أشنع اجلرائم وأكبر الكبائر‪ ،‬ولذلك جاءت النصوص الشرعية بتعظيمه والتحذير منه‪،‬‬ ‫قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫(((‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ ( ) ‪ ،‬وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ال َي َز ُال المْ ُؤْ ِم ُن ِفي ُف ْس َحةٍ‬ ‫(((‬ ‫املعاهدُ ؛ فعن عبد اهلل بن عمرو‬ ‫ِم ْن ِدي ِن ِه َما َل ْم ُي ِص ْب َد ًما َح َرا ًما»( ) ‪ ،‬ويدخل في النفوس املعصومة‪ :‬الكافر َ‬ ‫رضي اهلل عنهما أن النبي ‪ ‬قال ‪َ « :‬م ْن َق َت َل ُم َع َاه ًدا َل ْم َي َر ْح َرا ِئ َح َة الجْ َ َّن ِة‪َّ ،‬‬ ‫ني‬ ‫ُوجدُ ِم ْن َم ِسي َرة َأ ْر َب ِع َ‬ ‫وإن ر َ‬ ‫ِيح َها ت َ‬ ‫(((()‬ ‫َعا ًما»‪.‬‬ ‫‪ -8‬ال َي ِح ُّل ُ‬ ‫ي‬ ‫قتل‬ ‫النفس املعصوم ِة إال بعدَ زوالِ ِع ْص َم ِتها‪ ،‬وال يكون ذلك إال بارتكاب شيء يبيح قتلها‪ ،‬وقد َب نَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫«ال َي ِح ُّل َد ُم ا ْمر ٍِئ مس ِلم َي ْش َهدُ َأ ْن ال ِإ َل َه إ َّال ُ‬ ‫شافيا بقوله‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اللهَّ ِ إ َّال ِب ِإ ْحدَ ى‬ ‫اهلل َو َأنِّي‬ ‫ُ ْ ٍ‬ ‫ال َّنب ُِّي ‪ ‬ذلك بيا ًنا ً‬ ‫واملفارق ِل ِدي ِن ِه ال َّتار ُِك ِل ْل َج َم َاع ِة»‪.‬متفق عليه(((() ‪ ،‬وهذا ال َق ْت ُل َم ُن ٌ‬ ‫ُ‬ ‫وط‬ ‫الث‪ :‬ال َّن ْف ُس بِال َّن ْف ِس‪َ ،‬وال َّث ِّي ُب ال َّزا ِني‪،‬‬ ‫َث ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ات على‬ ‫احلق ا ْف ِت َي ٌ‬ ‫والسلطة على املسلمني‪ ،‬وليس منوطً ا بآحاد الناس‪ ،‬واجلرأة على هذا ِّ‬ ‫بمِ َْن َج َع َل اهلل َل ُه الوِ الية ُّ‬ ‫ونوع من اإلفساد في األرض يستحق صاح ُب ُه العقوب َة البليغ َة‪.‬‬ ‫ا َأل ِئ َّم ِة ونش ٌر للفوضى بني الناس‪ٌ ،‬‬ ‫النبي‬ ‫‪َ -9‬أ ْك ُل ال ِّر َبا من أكبر الكبائر‪ ،‬ومع هذا فقد كثر أك ُله في عصرنا‪ ،‬حتى َصدَ َق على كثير من الناس ما أخبر عنه ُّ‬ ‫(((‬ ‫ان ال ُي َبا ِلي المْ َ ْر ُء بمِ َا َأ َخ َذ المْ َ َ‬ ‫ي على الناس َز َم ٌ‬ ‫الل‪َ ،‬أ ْم ِم ْن َح َر ٍام»‪.‬رواه البخاري( )‪،‬‬ ‫ال؛ َأ ِم ْن َح ٍ‬ ‫‪ ‬بقوله‪َ « :‬ل َي ْأ ِت نَ َّ‬ ‫عايات ير ِّوجو َنه بها؛ حتى ص َّوروا أن ال ِّربا ضرور ٌة لل ُّن ُم ِّو االقتصادي؛‬ ‫وما انتشاره إال بسبب ما يبثُّه املرابون من ِد ٍ‬ ‫وكيف يكون كذلك وهو مصادم لشريعة رب العاملني الذي أعلن عليه احلرب في كتابه احلكيم؟!‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 93‬من سورة النساء ‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب الديات وقول اهلل تعالى‪ :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ‪. )6469(2517/6‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في أبواب اجلزية‪ ،‬باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم ‪. )2995(1155/3‬‬ ‫اح ِب ِه‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫اب‬ ‫ب‬ ‫القسامة‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫ومسلم‬ ‫‪،‬‬ ‫‪)6484(2521/6‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب الديات‪َ ،‬باب َق ْولِ اللهَّ ِ َت َعا َلى‪َ ( :‬أ َّن ال َّن ْف َس بِال َّن ْف ِس‪)..‬‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َد ُم المْ ُ ْس ِل ِم ‪. )1676(1302/3‬‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ُ‬ ‫لاَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ين آ َم ُنوا َتأكلوا ال ِّر َبا أ ْض َعافًا ُم َض َاع َف ًة َوا َّت ُقوا ا ل َعلك ْم ت ُْف ِل ُح َ‬ ‫ون ‪)1977(733/2‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب البيوع‪َ ،‬باب َق ْولِ ا ِ َت َعالى يا أ ُّي َها ال ِذ َ‬ ‫‪.‬‬

‫‪105‬‬


‫‪ِ -10‬ل ِع َظ ِم جرمية ال ِّربا عند اهلل تعالى فقد أعلن اهلل َّ‬ ‫احلرب المْ ُ ْع َل َن ُة ال تأخذ‬ ‫احلرب على َأ َك َل ِة ال ِّربا‪ ،‬وهذه‬ ‫جل في عاله‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحرب‬ ‫وحرب على البركة والرخاء‪،‬‬ ‫حرب على األعصاب والقلوب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫صورة محدَّ د ًة بل هي حرب شاملة؛ فهي ٌ‬ ‫حرب يس ِّلط ُ‬ ‫اهلل فيها َ‬ ‫حرب القلق‬ ‫على السعادة والطمأنينة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حرب الغنب والظلم‪ُ ،‬‬ ‫بعض العصاة على بعض‪ُ ،‬‬ ‫أصحاب‬ ‫حرب السالح بني األمم واجليوش والدول يوقدها املرابون‬ ‫ُ‬ ‫واخلوف‪ ،‬حرب املصائب والكوارث‪ ،‬وأخيراً ُ‬ ‫رؤوس األموال عن طريق مباشرة أو غير مباشرة لتمتلئ جيوبهم باملال احلرام‪.‬‬ ‫يتيما فهو أشد عند اهلل تعالى؛ وذلك ألن‬ ‫‪َ -11‬أ ْك ُل أموال الناس بالباطل جرمية كبيرة‪ ،‬وإذا كان الذي يؤكل مالُه ً‬ ‫يم ضعيف‪ ،‬وال َّتعدِّ ي على الضعفاء بأي نوع من أنواع ال َّتعدِّ ي أكبر ُجرما؛ سواء أكان هذا ال َّتعدِّ ي ِمن و ِل ِّي‬ ‫ا ْل َي ِت َ‬ ‫يم أم ِمن غيره‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ‬ ‫ا ْل َي ِت ِ‬ ‫(((()‬ ‫يم واحملافظ ُة على ما ِله؛ كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ﮑﮒﱪ‬ ‫‪ ،‬والواجب رعاي ُة ا ْل َي ِت ِ‬ ‫(((‬ ‫ﯔﯕﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫‪ -12‬اجلهاد في سبيل اهلل تعالى ع ٌّز لألمة‪ ،‬وعندما يلتقي املسلمون في معركة مع أعداء اهلل جل وعال فالواجب بذل‬ ‫النفس والنفيس في نشر هذا الدين والدفاع عنه وعن محارم املسلمني‪ ،‬وفي ال َّت َولِّي والهرب من ساحة املعركة‬ ‫ٌ‬ ‫وقت احلاجة‬ ‫وإذالل لها؛ وإضعاف للمسلمني‪،‬‬ ‫خُ ذالن لألمة‬ ‫نوع من الجْ ُ بنْ ِ والخْ َ َو ِر في ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وتفريق جلماعتهم‪ ،‬كما إنه ٌ‬ ‫ملوقف الشجاعة وال َب َسا َلة؛ ولذلك اعتبره الشرع من الذنوب املهلكة ملا يترتب عليه من املفاسد العظيمة‪.‬‬ ‫ات العفيفات‪ ،‬البعيدات عن ال ِّزنا‪ ،‬ا ْل َغا ِف ِ‬ ‫‪ -13‬من اجلرائم الكبيرة‪َ :‬ق ْذ ُف النساء المْ ُؤْ ِم َن ِ‬ ‫الت عنه حتى إنهن ال يفكرن‬ ‫فيه أصالً؛ ولذلك تهدَّ َد ُ‬ ‫اهلل تعالى فاعله بأشد العذاب في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫(((‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ ( ) ‪ ،‬وإمنا شدد اهلل فيه حماي ًة ألعراض املؤمنني؛‬ ‫وبعدا عن شيوع الفاحشة بينهم‪ ،‬وحفاظا على أمن املجتمع من تدنيسه بال ُفحش والفجور‪ ،‬وهد ِم البيوت‬ ‫ً‬ ‫بالتشكيك واالتهامات الباطلة‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬في تشويق السامعني وجذب انتباههم ملا سيقوله؛ حيث أ َم َرهم‬ ‫‪ -14‬في احلديث أسلوب من أساليب ِّ‬ ‫شديد ُّ‬ ‫يدل على ِعظم إثمه عند اهلل تعالى‪ ،‬ثم َس َك َت النبي‬ ‫باجتناب عدَ دٍ محدودٍ من املعاصي‪َ ،‬و َو َص َف ُه بوصف‬ ‫ٍ‬ ‫انتباههم حتى سألوه عنها‪ ،‬ثم ب َّينها لهم‪ ،‬ولو س َردها مباشرة لكان ميكن أن يكون االنتباه إليها‬ ‫‪ ‬بعد أن أثار‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫أقل‪ ،‬أو يكون ُ‬ ‫بعضهم غي َر ُم َت َن ِّبهٍ لها أو لبعضها؛ َف َع َلى العالم والداعية واملر ِّبي أن يستفيدَ من أساليب ِّ‬ ‫في توجيهه للمتع ِّلمني‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 10‬من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 34‬من سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 23‬من سورة النور‪.‬‬

‫‪106‬‬


‫تعاون مع زمالئك في كتابة فالشات ِّ‬ ‫حتذ ُر من السبع املوبقات تقبل النشر عن طريق البلوتوث‪.‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫اربط بني التحذير من السع واملوبقات واحملافظة على الضورات اخلمس التي أتت جميع الشرئع‬ ‫باحلفاظ عليها‪:‬‬ ‫الضرورات اخلمس‬

‫ما يرتبط بها من السبع املوبقات التي حذر احلديث منها‬

‫حفظ الدين‬ ‫حفظ النفس‬ ‫حفظ العقل‬ ‫حفظ املال‬ ‫حفظ العرض‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬هل السبع املوبقات من كبائر الذنوب؟ برهن ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :2‬من السبع املوبقات ما يخرج من اإلسالم ‪ ،‬ومنها ما ال يخرج من اإلسالم ‪ ،‬بني ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ملاذا بدأ بالشرك عند ذكر السبع املوبقات؟‬ ‫س‪ :4‬متى يجوز قتل النفس؟ ومن له احلق بتنفيذ القتل؟‬ ‫س‪ :5‬توعد اهلل آكل الربا باحلرب؛ فما ُصورها؟ طبق هذه الصور على ما يعصف بالعالم من‬ ‫أزمات اقتصادية‪.‬‬

‫‪107‬‬


‫احلديث السابع عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستدل باحلديث على مرتبة الكتابة من مراتب القدر‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية االستقامة والعفة وحفظ اجلوارح من الزنا‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني خطر إطالق النظر وأثر ذلك في انحراف القلب‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد صور زنا العني واألذن واليد والرجل‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني احلكمة من تسمية هذه املعاصي بالزنا‪.‬‬ ‫زنا الفرج هو أشد صور الزنا‪ ،‬إال أن صور الزنا أكثر من ذلك‪ ،‬فمنه ما يكون بالعني ومنه ما يكون باللسان ومنه ما‬ ‫يكون باألذن ‪ ،‬ومنه ما يكون باليد ‪ ،‬ومنه ما يكون بالرجل ‪ ،‬كما بينه احلديث اآلتي‪:‬‬

‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪ُ :‬‬ ‫ابن آ َد َم َن ِصي ُب ُه من ال ِّز َنا‬ ‫«ك ِت َب َع َلى ِ‬ ‫ُمدْ ر ٌِك َذ َ‬ ‫اع‪،‬‬ ‫االس ِت َم ُ‬ ‫لك ال َم َحا َل َة‪َ ،‬فا ْل َع ْي َن ِان ِز َنا ُه َما ال َّن َظ ُر‪َ ،‬وا ُأل ُذ َن ِان ِز َنا ُه َما ْ‬ ‫امل��������راد فعل َوال ِّل َس ُ‬ ‫ان ِز َنا ُه ا ْل َكال ُم‪َ ،‬وا ْل َيدُ ِز َن َاها ا ْل َب ْط ُش‪َ ،‬وال ِّر ْج ُل ِز َن َاها الخْ ُ َطا‪َ ،‬وا ْل َق ْل ُب‬ ‫الفاحشة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َي ْه َوى َو َي َت َم َّنى‪َ ،‬و ُي َصدِّ ق ذلك الف ْر ُج َو ُيكذ ُب ُه»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫قدّ ر‬

‫ص عبارة التمهيد السابق في جملة من ثالث كلمات واجعلها عنوان ًا للدرس‬ ‫خَ ِّل ْ‬

‫(صورة لكتاب‬ ‫ صور من حياة‬‫الصحابة‪) -‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب االستئذان‪ ،‬باب ِزنَا الجْ َ َوار ِ​ِح ُد َ‬ ‫ون ا ْل َف ْر ِج ‪ ، )5889( 2304/5‬ومسلم في كتاب ال َقدَ ر‪ ،‬باب ُقدِّ ر على بن آدم حظه من الزنا‬ ‫وغيره ‪ ، )2657(2047/4‬وهذا لفظه‪ ،‬وليس في البخاري ِذ ْك ُر ا ُأل ُذن ِ‬ ‫َان َوا ْل َيد َوال ِّر ْجل‪.‬‬

‫‪108‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)10‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫واحدا من أسباب كثرة رواية أبي هريرة للحديث‪:‬‬ ‫اذكر ً‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫ُ‬ ‫اإلميان بأن اهلل تعالى كتب مقادير اخلالئق في اللوح احملفوظ‪ ،‬وقد كتب اهلل تعالى على الناس‬ ‫‪ِ -1‬من أركان اإلميان‪:‬‬ ‫بسابق علمه باحلوادث‪ -‬ما هم عاملون من احلسنات والسيئات‪ ،‬ومن ُكتب عليه شي ٌء فال ُبدَّ أنه فاعله‪.‬‬‫اصةٍ ما يؤ ِّدي إلى الوقوع في الزنا؛ فإن العني‬ ‫‪ -2‬يجب على املؤمن أن َي ْح َف َظ عينه من النظر إلى احمل َّرمات ك ِّلها‪ ،‬وب َِخ َّ‬ ‫طريق من أعظم الطرق املؤ ِّدية إلى الفاحشة‪ ،‬ولذلك بدأ بها في احلديث‪ ،‬وسواء أكان النظر مباشرة أم كان عن‬ ‫ٌ‬ ‫طريق الصور بأنواعها الثابتة واملتحركة‪.‬‬ ‫قصدا فهو آثم‪ ،‬ويجب عليه مدافعة نفسه والتوبة واالستغفار‪ ،‬وإن وقع نظره‬ ‫‪ -3‬إذا َن َظ َر املس ِل ُم إلى ما ال يحل له ً‬ ‫ُ‬ ‫يسترسل معه‪ ،‬فعن َجرِي ِر ِبن ِ‬ ‫عبد‬ ‫عن غير قصد منه فهو معف ٌّو عنه‪ ،‬ويجب عليه أن يصرف َب َص َره عن احلرام وال‬ ‫اللهَّ ِ ‪ ‬قال‪َ :‬س َأ ْل ُت َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ‬عن َن َظ ِر ا ْل ُف َجا َء ِة « َف َأ َم َر ِني َأ ْن َأ ْصر َ‬ ‫ِف َب َصرِي»‪.‬رواه مسلم(((() ‪ ،‬وعن ُب َر ْيدَ َة ِبن‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫«ال ُت ْتب ِ​ِع ال َّن ْظ َر َة ال َّن ْظ َر َة‪ ،‬فإنها َل َك ا ُألو َلى َو َل ْي َس ْت لك ِ‬ ‫اآلخ َرةُ»‪.‬رواه أحمد وأبو‬ ‫الحْ ُ َص ْي ِب ‪ ‬أن َّ‬ ‫داود والترمذي‪)((((.‬‬ ‫‪ -4‬السمع نعمة عظيمة‪ ،‬والواجب شكر اهلل تعالى عليها باجتناب االستماع إلى احلرام‪ ،‬و َمن استمع إلى ما ح َّرمه‬ ‫اهلل تعالى فقد جحد هذه النعمة‪ ،‬ووقع في باب من أبواب الزنا التي نبه إليها هذا احلديث‪ ،‬ومنها‪ :‬االستماع‬ ‫إلى األغاني احملرمة‪ ،‬والتجسس على الناس‪ ،‬والتلذذ باالستماع إلى أصوات النساء‪ ،‬واالستماع إلى املعاكسات‪،‬‬ ‫فالواجب احلذر من كل ذلك‪ ،‬والتوبة إلى اهلل تعالى مما قد يكون وقع منه‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث إلى خطورة زنا ال ِّل َس ِان‪ ،‬ولذلك صور متعدِّ َد ٌة يجب على املسلم جتنبها‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ -5‬ن َّب َه ُّ‬ ‫النطق بالكالم الفاحش‪ ،‬والقذف بالزنا والفجور‪ ،‬ومعاكسة النساء عن طريق الكالم املباشر أو احملادثات عن‬ ‫طريق الهاتف أو غرف احملادثات عبر الشبكة العنكبوتية ( البالتوك) أو غيرها‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬إلى بعضه فمنه‪ :‬إيذاء الناس باليدين كا ْل َب ْطش بهم وضربهم بدون وجه حق‪،‬‬ ‫‪ -6‬زنا اليدين له مع ًنى واس ٌع ن َّب َه ُّ‬ ‫ّ‬ ‫وكل منكر ُيرتكب باليدين‪ ،‬وبخاصة ما يوصل إلى الزنا احلقيقي؛ كمعاكسة النساء برسائل اجلواالت أو البلوتوث‬ ‫أو عن طريق الشبكة‪ ،‬أو ما يسمى بالترقيم‪ ،‬والتصوير احملرم بكل طريق عبر الكاميرات أو الرسم باليد‪ ،‬ونشر ذلك‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اآلداب‪َ ،‬باب ن َ​َظ ِر الفجأة ‪. )2159(1699/3‬‬ ‫‪ )2‬رواه أحمد ‪ ،351،353/5‬وأبو داود في كتاب النكاح‪َ ،‬باب ما ُيؤْ َم ُر ِب ِه من َغ ِّ‬ ‫ض ا ْل َب َص ِر ‪ ، )2149(246/2‬والترمذي في كتاب األدب‪َ ،‬باب ما‬ ‫اج َأ ِة ‪ ، )2777(101/5‬وقال‪ :‬هذا َح ِد ٌ‬ ‫ِيب‪ ،‬وقال احلاكم(املستدرك على الصحيحني ‪ : )212/2‬صحيح على شرط‬ ‫جاء في ن َْظ َر ِة المْ ُ َف َ‬ ‫يث َح َس ٌن َغر ٌ‬ ‫مسلم‪ ،‬وحسنه األلباني في صحيح أبي داود (‪ )1865( 364/6‬صحيح الترغيب والترهيب ‪. )1903(189/2‬‬

‫‪109‬‬


‫في أي موضع عن طريق اجلوال أو الشبكة أو على جدران الشوارع وأبواب احلمامات في املساجد واملدارس‪.‬‬ ‫‪ -7‬املشي على القدمني نعمة عظيمة‪ ،‬وهي حتمل العبد إلى طاعة اهلل تعالى كاملشي إلى املساجد وفي صلة األرحام‪،‬‬ ‫والواجب على املسلم أن ال يستعملها في معصية اهلل تعالى‪ ،‬فال ميشي بها لإلفساد في األرض وانتهاك الحْ ُ رمات‪،‬‬ ‫النبي ‪ ‬بقوله‪َ « :‬وال ِّر ْج ُل ِز َن َاها الخْ ُ َطا»‪.‬‬ ‫فإن فعل ذلك فقد دخل با ًبا من أبواب ال ِّزنا التي ن َّبه عليها ُّ‬ ‫‪ -8‬ا ْل َق ْل ُب عليه مدار األعمال‪ ،‬وهو قد َي ْه َوى َو َي َت َم َّنى الشهوات‪ ،‬والنفس مجبولة على حب الشهوات كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ِالش َه َو ِ‬ ‫«ح َّف ْت ال َّنا ُر ب َّ‬ ‫ات» (((() ‪ ،‬واملؤمن يجاهد نفسه حتى‬ ‫النبي ‪ُ :‬‬ ‫ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال ُّ‬ ‫تستقيم‪ ،‬ويعلم أن هذه الدنيا دار امتحان‪ ،‬وقد قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪ -9‬قد يقع املسلم في وسيلة من الوسائل املوصلة إلى احلرام‪ ،‬ويسترسل معها‪ ،‬وهو هنا إما أن يتوقف عند هذا احلد‬ ‫من املنكر‪ ،‬فالواجب عليه التوبة منه وترك الوقوع فيما هو أكبر منه‪ ،‬وإما أن يتمادى فيغلبه الهوى والشيطان‬ ‫حتى يقع في الفاحشة‪ ،‬وهذا معنى قولِ النبي ‪َ «:‬و ُي َصدِّ ُق ذلك ا ْل َف ْر ُج َو ُي َك ِّذ ُب ُه»‪ ،‬وهنا أيضا يجب عليه التوبة‬ ‫تاب وجا َن َب طريق الشيطان‪.‬‬ ‫وعدم االستمرار في املنكر‪ ،‬وباب التوبة مفتوح له‪ ،‬ورحمة اهلل تشمله إذا َ‬ ‫النبي ‪ ‬هذه املعاصي ِز ًنا لعدة أمور‪:‬‬ ‫‪َ -10‬س َّمى ُّ‬ ‫أ‪ -‬التنفير منها وتقبيحها؛ ألن��ه ق��د استقر ف��ي النفس املؤمنة قبح ال��زن��ا وش��ؤم��ه وعظم ض��رره على األف��راد‬ ‫واملجتمعات‪.‬‬ ‫ب‪ -‬بيان خطرها حتى ال يتساهل الناس فيها‪.‬‬ ‫ت‪ -‬أنها قد تؤ ِّدي إلى الزنا احلقيقي‪ ،‬فما كان موصال إليه ووسيلة للوقوع فيه استحق أن يسمى باسمه‪.‬‬ ‫أنواع من الزنا املذكور في احلديث‪:‬‬ ‫‪ -11‬مما يجتمع فيه ٌ‬ ‫أ‪ -‬استخراج الصور املوجودة في اجلواالت عن طريق البرامج املتخصصة؛ فيجتمع في هذا زنا اليدين والعينني‪،‬‬ ‫وإيذاء للمؤمنني‪ ،‬ولينتظر فاعل ذلك أن‬ ‫ونشرا للرذيلة‬ ‫جتسسا وكش ًفا للعورات‪ ،‬وإشاع ًة للفاحشة‬ ‫كما إن فيه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يفضحه اهلل في الدنيا قبل اآلخرة ما لم يتب من هذا الفعل القبيح‪.‬‬ ‫ب‪ -‬نش ُر الصور احمل َّرمة املخ َّلة باألدب والسلوك‪ ،‬وتوزي ُعها عن طريق املجالت أو اجلرائد بأنواعها‪ ،‬أو عن طريق‬ ‫البلوتوث أو الشبكة العنكبوتية‪ ،‬والواجب ترك هذا الفعل من أساسه‪ ،‬ومن وصلت إليه صورة من ذلك مح َّرمة‬ ‫كصور النساء في الزواجات‪ ،‬أو صور بعض الكاسيات العاريات‪ ،‬أو الصور الفاضحة أ ًّيا كانت فالواجب عليه‬ ‫السعى في نشرها‪.‬‬ ‫املبادرة بإتالفها أو مسحها؛ وليس من صفة املؤمن‬ ‫ُ‬ ‫ت‪-‬نشر الفساد عبر الفضائيات الفاضحة بأنواعها‪ ،‬وهو من الزنا باليدين أو العينني‪ ،‬بل من الزنا بالرأي والفكر‪ ،‬ومن‬ ‫التخطيط إلشاعة الفاحشة بني املؤمنني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﱪ (((() ‪ ،‬وهؤالء الذين نزلت فيهم اآلية لم َي ْعدُ وا أن يتكلموا‬ ‫فقط‪ ،‬فكيف مبن سعى في نشرها بكل جهده وطاقته‪ ،‬وبكل الوسائل التي أتيحت له‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 14‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ات ‪ ، )6122(2379/5‬ومسلم في أول ِكتَاب الجْ َ َّن ِة َو ِص َف ِة ن َِع ِ‬ ‫ِالش َه َو ِ‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪َ ،‬باب ُح ِج َب ْت ال َّنا ُر ب َّ‬ ‫يم َها َو َأ ْه ِل َها‬ ‫‪ ،)2823(2174/4‬وهذا لفظه وإن لم يذكره لكنه أحال على لفظ حديث أنس الذي رواه قبله وقال‪ :‬مبثله‪ ،‬وهو هذا اللفظ‪ ،‬ولفظ البخاري ‪:‬‬ ‫«ح ِج َب ْت»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 69‬من سورة العنكبوت‪.‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪ 19‬من سورة النور‪.‬‬

‫‪110‬‬


‫نشاط ‪1‬‬

‫ص ِّنف دواعي الزنا اآلتية بحسب ما ترى أنه أشدها تأثيراً أضف داعيني في الفراغ مع تقوميهما)‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫من دواعي الزنا‬

‫مرتفع‬

‫مستوى التأثير‬

‫متوسط منخفض‬

‫االختالط بني اجلنسني‬ ‫خلوة الرجل باملرأة‬ ‫احملادثات عبر مواقع شبكة االنترنت‬ ‫األفالم واملسلسالت التي تظهر في القنوات الفضائية‬ ‫الصور الفاضحة في املواقع اإلباحية‬ ‫‪.......................................‬‬ ‫‪.......................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫استنتج من اآليات اآلتية وسائل الوقاية من الزنا ‪:‬‬ ‫اآلية‬

‫م‬

‫ﱫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫‪ 1‬ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﱪ ‪.‬‬

‫‪ 2‬ﱫ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﱪ ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ﱫ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ‬ ‫ﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮ‬ ‫‪ 3‬ﮯﮰ ﮱﯓ ﯔﯕﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ‬

‫ﯛﯜ ﯝ ﱪ ‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫‪ 4‬ﱫ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﱪ ‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫‪ 5‬ﱫ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﱪ ‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫التقويم‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 58‬من سورة النور‪ ) 2.‬اآلية ‪ 31-30‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 31‬من سورة النور‪ ) 4.‬اآلية ‪ 31‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪ 32‬من سورة اإلسراء‪.‬‬

‫‪111‬‬

‫وسيلة الوقاية‬


‫س‪ :1‬ما أثر ِ‬ ‫الع َّفة واالستقامة على أخالقيات املجتمع؟‬ ‫س‪ :2‬كيف يواجه الشباب الشهوات؟‬ ‫س‪ :3‬بني صورة زِنا ٍّ‬ ‫كل من‪:‬‬ ‫أ‪ -‬العني‪ .‬ب‪ -‬األذن‪ .‬ت‪ -‬اليدين‪ .‬ث‪ -‬الرجلني‪.‬‬ ‫س‪:4‬ما احلكمة من تسمية معاصي النظر والسماع والبطش ونحوها بالزنا؟‬

‫‪112‬‬


‫احلديث الثامن عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك خطر الغش وآثاره على الفرد واملجتمع‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني معنى الغش وحكمه ‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد صور الغش ومتثل لها‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج حكم إظهار عيب السلعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني الوسائل املشروعة حلفظ حق املشتري عند وجود الغش‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد املفاسد املترتبة على الغش‪.‬‬ ‫كثيرا من احلكومات إلى إنشاء‬ ‫إذا فقد الناس األمانة كثر فيهم الغش‪ ،‬ولقد كثر الغش في هذه األزمنة مما اضطر ً‬ ‫إدارات خاصة ملكافحته‪ ،‬ولقد ن َّفر النبي ‪ ‬من الغش بعبارات مختصرة جتعل املؤمن يبتعد عنه وال يقربه أبداً‪،‬‬ ‫كما بينه احلديث اآلتي‪:‬‬

‫رطوبة‬

‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬مر على صبر ِة َطعام‪َ ،‬ف َأ ْد َخ َل َيدَ ه فيها‪ ،‬كومة‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َْ َ ٍ‬ ‫املطر‬ ‫الط َعا ِم؟»‪َ ،‬‬ ‫اح َب َّ‬ ‫َف َنا َل ْت َأ َصا ِب ُع ُه َب َلالً‪ ،‬فقال‪َ « :‬ما َه َذا َيا َص ِ‬ ‫الس َما ُء‬ ‫قال‪َ :‬أ َصا َب ْت ُه َّ‬ ‫َيا َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ ،‬قال‪َ « :‬أ َفال َج َع ْل َت ُه َف ْو َق َّ‬ ‫الط َعا ِم َك ْي َي َرا ُه الناس؟! من َغ َّش َف َل ْي َس‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِم ِّني»‪.‬رواه مسلم‪ ،‬وله في حديث آخر‪َ « :‬م ْن َغ َّش َنا َف َل ْي َس ِم َّنا»‪.‬‬ ‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب قول النبي ‪« :‬من غشنا فليس منا» ‪. )102( ، )101(99/1‬‬

‫‪113‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)11‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫ما سبب تكنية أبي هريرة ‪ ‬بهذه الكنية؟‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫كبيرا من املبادئ اإلسالمية‪ ،‬وقاعد ًة عظيمة من القواعد الشرعية في‬ ‫‪ُ -1‬ي َق ِّر ُر ال َّنب ُِّي ‪ ‬في هذا احلديث‬ ‫ً‬ ‫مبدءا ً‬ ‫األخالق والسلوك؛ يجب أن يتح َّلى بها جميع املسلمني في جميع معامالتهم؛ وبخاصة التجار في جتارتهم‪،‬‬ ‫وقد َع َّب َر عنها ال َّنب ُِّي ‪‬بكلمات يسيرة موجزة تعتبر من جوامع َك ِل ِمه ‪‬؛ حيث شملت هذه اجلملة القصيرة‬ ‫ماال َي ُ‬ ‫دخل حتت ا ْل َعدِّ واإلحصاء من املعامالت بني الناس في البيع واإلجارة والتربية والسلوك والتعليم والنكاح‬ ‫جميع أنواع الحْ ِ َي ِل التي ُيتوصل بها إلى احلرام أو أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬ ‫تضم َنت حتر َمي‬ ‫وغير ذلك؛ كما َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ِ -2‬‬ ‫الشي ِء المْ َ ْع ُقو ِد َع َل ْي ِه‪ ،‬أو ِإخفا ُء ِ‬ ‫الغ ُّش ‪ :‬ضدُّ ال ُّن ْصح‪ ،‬ومعناه‪ِ :‬إ ْظ َها ُر الجْ َ ْو َد ِة والحْ ُ ْس ِن َوا ْلك َمالِ ِفي َّ‬ ‫وك ْت َم ُ‬ ‫ان َن ْق ٍص‬ ‫الشي ِء المْ َ ْع ُق ِ‬ ‫ِفي َّ‬ ‫أمور هي‪:‬‬ ‫ود َع َل ْي ِه‪ .‬ويكون بثالثة ٍ‬ ‫أ‪ -‬ا ْل َق ْو ُل‪ ،‬مثل‪ :‬أن يقول‪ :‬هذه السلعة ما فيه أحسن أو أجود منها‪ ،‬أو‪ :‬هي ُم َج َّربة وممتازة‪ ،‬أو‪ :‬إنها سليمة والواقع‬ ‫خالف هذا‪.‬‬ ‫ب‪-‬ا ْل ِف ْع ُل‪ ،‬مثل‪ :‬أن تكون ماكينة السيارة ت َُه ِّر ُب زي ًتا فينظف موقعه حتى ال يراه املشتري‪ ،‬أو َي ْف ِص ُل عدَّ اد السرعة‬ ‫ليوهم أنها مشت أقل من الواقع‪.‬‬ ‫يبي عي َبه‪ ،‬أو يكون في ُّ‬ ‫الشقة التي‬ ‫ت‪-‬الس ُك ُ‬ ‫عيب فيبيعه دون أن نِّ‬ ‫وت‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكون في السيارة أو اجلوال ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫يؤجرها عيب وال يبينه للمستأجر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث َع َلى حترمي ِك ْت َم ِان العيب في السلعة املباعة‪ ،‬أو املستأجرة‪ ،‬وال يكتفي البائع بأن يقول للمشتري‪ :‬انظر‬ ‫‪َ -3‬د َّل‬ ‫عيبا مؤ ِّث ًرا؛ بل يجب عليه البيان الشافي ليكون املشتري على ب ِّينة‪ ،‬ولهذا‬ ‫إلى السلعة وافحصها وهو يعلم أن بها ً‬ ‫ٌ‬ ‫داخل في ِ‬ ‫الغ ِّش‪.‬‬ ‫املعيب وال يخف َيه؛ فدل على أن السكوت عن البيان‬ ‫صاحب الطعام أن ُيظهر‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ َم َر ُّ‬ ‫‪ -4‬يجب على املسلم أن يوافق في بيعه وشرائه أحكام الشرع املطهر؛ وإن تسبب ذلك في نقص قيمة سلعته أو‬ ‫تسويق بضاعته بالغش واخلداع الباطل واإلضرار باآلخرين‪ ،‬و ْل َي ْعلم أن‬ ‫حتى عدم بيعها في السوق؛ وال يحل له‬ ‫ُ‬ ‫قل‪ ،‬مْحَ ْ‬ ‫البرك َة في احلالل ولو َّ‬ ‫النبي ‪«:‬ا ْل َب ِّي َع ِان ِبالخْ ِ َيا ِر ما لم َي َت َف َّر َقا‪-‬أو قال‪:‬‬ ‫والقَ في احلرام وإن َك ُث َر؛ ومن هنا قال ُّ‬ ‫(((()‬ ‫حتى َي َت َف َّر َقا‪َ -‬ف ِإ ْن َصدَ َقا َو َب َّي َنا ُبور َِك َل ُه َما في َب ْي ِعهِ َما‪َ ،‬و ِإ ْن َك َت َما َو َك َذ َبا ُم ِح َق ْت َب َر َك ُة َب ْي ِعهِ َما»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ -5‬مبحاربة اإلسالم للغش بأنواعه يتم القضاء على تصرفات بعض التجار الجْ َ ِشعني الذين ال يراعون خُ ُل ًقا وال ِدي ًنا‪،‬‬ ‫وال ينظرون إ َّال إلى مصاحلهم الشخصية؛ غير آبهني مبا يقع من إيذاءٍ للخلق أو جتر ٌؤ على أحكام اخلالق‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫الصدْ قِ في ا ْل َب ْي ِع‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب البيوع‪َ ،‬باب إذا َب نَّ َ‬ ‫ي ا ْل َب ِّي َع ِان ولم َي ْك ُت َما َون َ​َص َحا ‪ ، )1973(732/2‬ومسلم في كتاب البيوع‪َ ،‬باب ِّ‬ ‫َوا ْل َب َي ِان ‪. )1532(1164/3‬‬

‫‪114‬‬


‫أ‪ -‬بيع األطعمة الفاسدة واملع َّلبات التي انتهت صالحيتها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬خلط الطعام القدمي باجلديد في املطاعم وغيرها‪ ،‬أو بيع القدمي الفاسد على أنه جديد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجليد في أعاله‪ ،‬أو‬ ‫الفاسد في أسفل الصندوق‬ ‫طي البضاعة اجل ِّيدة‪ ،‬أو َج ْع ُل‬ ‫ت‪ -‬إخفا ُء البضاعة الفاسدة في ِّ‬ ‫َج ْع ُل الصغار التي ُيرغب عنها في أسفل الصندوق والكبا ِر التي ُيرغب فيها في أعاله‪.‬‬ ‫‪ -6‬من أنواع الغش احملرم‪ :‬الغش فيما يتعلق بأحكام األسرة‪ ،‬وله صور منها‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تز ُّين املخطوبة عند الرؤية الشرعية تز ُّي ًنا يظهرها بغير املظهر احلقيقي لها ليغت َّر بها اخلاطب‪.‬‬ ‫أحد ِ‬ ‫ب‪ -‬إخفاء ِ‬ ‫اخلاط َب نْ ِ‬ ‫عيبا مؤ ِّثرا في ال َقبول؛ كأن يصبغ الرجل شيبه بالسواد ليظهر شا ًّبا؛ أو‬ ‫ي على اآلخر ً‬ ‫عيبا من ِّف ًرا لو علمه اخلاطب ملا تزوجها‪.‬‬ ‫يخفي ما به من ُبهاق‪ ،‬أو تكتم املرأة ً‬ ‫ِ‬ ‫اخلاطب نفسه مبظهر ال َّتاجر‪ ،‬ليل ِّبس على املرأة وأهلها فيوافقوا عليه‪.‬‬ ‫ت‪ -‬إظهار‬ ‫الغش بني ِّ‬ ‫‪ِ -7‬من أنواع الغش احمل َّرم‪ُّ :‬‬ ‫كل راع ورعيته التي استرعاه اهلل إياها‪:‬‬ ‫أ‪ِ -‬من ِغش الراعي‪ :‬ترك الرعية من غير توجيه ملا ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم‪ ،‬وترك حمايتهم من الوقوع‬ ‫في املفاسد بأنواعها‪ ،‬وتضييع حقوقهم الواجبة كالنفقة والقوامة وغيرها‪.‬‬ ‫ب‪ِ -‬من ِغش الرعية‪ :‬عدم الوفاء ببيعة احلاكم واخلروج عليه‪ ،‬وترك النصح له‪ ،‬والسكوت عن بيان احلق له‪،‬‬ ‫وتزيني املنكر له وتقبيح املعروف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث بعمومه َع َلى أن َّ‬ ‫الغش حرام في االختبارات الدراسية بأي شكل من األشكال وصورة من الصور‪،‬‬ ‫‪َ -8‬د َّل‬ ‫وسواء أكان عن طريق الطالب نفسه‪ ،‬أم بني طالب وطالب‪ ،‬أم بني معلم وطالب؛ أم كان بغير ذلك‪ ،‬وسواء أكان‬ ‫في مواد العلوم الشرعية؛ أم كان في غيرها؛ وسواء أكان في مواد تُدْ َر ُس باللغة العربية أم كان بغيرها من اللغات‪،‬‬ ‫ومنه‪ :‬تزوير الشهادات‪ ،‬أو أن يتولى شخص الدخول في االختبار عن شخص آخر‪ ،‬أو كتابة بحث مطلوب منه؛‬ ‫وجميع الطرق املوصلة إليها‪.‬‬ ‫فالواجب على املسلم أن يربأ بنفسه عن هذه املعصية‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫وبكل طريق يؤ ِّدي إليه‪ ،‬واإلعانة على ذلك بكل قول أو فعل؛‬ ‫‪ِ -9‬م ْن ِغ ِّش األ َّمة‪ :‬نش ُر الفساد بشتى ُص َو ِر ِه وأنواعه‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬فتح القنوات املض ِّل َل ِة التي تفسد الدين واخللق‪ ،‬ونشرها بأي وسيلة‪ ،‬ومثل‪ :‬إنشاء املجالت أو اجلرائد التي‬ ‫حتمل األفكار املض ِّل َل َة أو الصور العارية والسعي في نشرها بكل طريق‪ ،‬ومثل‪ :‬تأليف الكتب التي تضعف الدين‬ ‫ِّ‬ ‫وتشكك الناس في املس َّلمات‪ ،‬وكتب الروايات الفاسدة‪،‬‬ ‫واخللق وتنشر الرذيلة كالكتب التي تطعن في الدين‬ ‫واإلعان ِة على نشرها وتوزيعها بأي طريق‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫احلديث َع َلى أن َّ‬ ‫الغاش و َن َفى عنه أن يكون من‬ ‫النبي ‪َ ‬ت َب َّرأ من‬ ‫‪َ -10‬د َّل‬ ‫الغش من كبائر الذنوب‪ ،‬وذلك ألن َّ‬ ‫املسلمني‪ ،‬وهذه الصيغة تدل على النهي الشديد والزجر األكيد عن العمل بهذه الخْ َ صلة املذكورة في احلديث‪،‬‬ ‫ولكنه ال َي ْك ُف ُر بذلك عند أهل السنة واجلماعة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث َع َلى مشروعية دخول العلماء و احملتسبني و الصاحلني إلى األسواق لألمر باملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫‪َ -11‬د َّل‬ ‫والدعوة إلى اهلل تعالى‪ ،‬وبيان ما قد يخفى على الناس من أحكام الشريعة‪ ،‬وإذا ترك ُ‬ ‫أهل العلم والدعوة البيان‬ ‫انتشر املنكر‪ ،‬وصار مع م ِّر الزمان كأنه احلق‪ ،‬كما َّ‬ ‫دل على أن من السنة تغيير املنكر بال ُّلطف والكالم احلسن‪.‬‬ ‫البائع أن يظهر الشيء الذي حصل له البلل والفساد ويجعله في الظاهر ليراه الناس؛ دل ذلك‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫‪ -12‬لمَ َّا أمر ُّ‬ ‫على أنه ال بأس ببيع الشيء الرديء إذا لم ُي ْخ ِف ِه على الناس بل أظهره لهم لكي يروه‪ ،‬وهكذا لو أخبرهم باحلال‬ ‫كما هو فال بأس بذلك؛ ألنه ليس فيه غش وال تدليس على أحد‪ ،‬ومن أراد شراء الرديء فله ذلك‪.‬‬ ‫‪ -13‬يترتب على الغش مفاسدُ كثيرة‪ ،‬وبتجنبه تندري جميع هذه املفاسد؛ فمنها‪:‬‬ ‫‪115‬‬


‫أ‪ -‬ظهور العداوة والبغضاء واملشاجرات بني املسلمني‪.‬‬ ‫ب‪ -‬انتشار املكر واخلديعة ومساوئ األخالق‪.‬‬ ‫ت‪ -‬أكل املال بالباطل‪.‬‬ ‫ث‪ -‬اإلضرار باآلخرين في أنفسهم وأموالهم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬فساد ِّ‬ ‫الذمم‪.‬‬ ‫ح‪ -‬انتشار الفساد في األرض‪.‬‬ ‫خ‪ -‬انعدام الثقة بني الناس أو قلتها إذا انتشر الغش‪.‬‬ ‫د‪-‬معاقبة اهلل تعالى لألفراد واملجتمع بعقوبات متنوعة منها‪ :‬قلة البركة‪ ،‬وحلول الكوارث االقتصادية‪ ،‬وشيوع‬ ‫األمراض‪ ،‬وعدم استجابة الدعاء‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫ينتشر في بعض األسواق الغش‪ ،‬ويقع بعض املتسوقني في حبائله‪ ،‬اكتب أكبر بعض مظاهره‪،‬‬ ‫ووسائل تقي املشتري من أن يكون ضحية له‪:‬‬ ‫وسائل جتنب الوقوع فيها‬

‫الغش في األسواق‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫قارن من حيث املعايير اآلتية بني من يكسب الرزق بطريق احلالل‪ ،‬وآخر يتكسب بطريق الغش‬ ‫واحلرام‪:‬‬ ‫املعايير‬

‫من يتكسب عن طريق احلالل من يتكسب عن طريق احلرام‬

‫أثره على مال صاحبه‬ ‫نظرة الناس له‬ ‫فساد ِّ‬ ‫الذمم وانعدام الثقة‬ ‫اإلضرار باآلخرين في‬ ‫أنفسهم وأموالهم‬ ‫جزاؤه يوم القيامة‬ ‫استجابة الدعاء‬ ‫‪116‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬الغش من كبائر الذنوب ‪ ،‬بني داللة احلديث على ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬على ماذا يدل ُ‬ ‫قول الرسول ‪«: ‬أفال جعلته فوق الطعام كي يراه الناس»؟‬ ‫صورا من الغش في كل مما يلي‪ :‬عند النكاح ‪ ،‬غش الراعي لرعيته ‪ ،‬غش الرعية ‪،‬‬ ‫س‪ :3‬اذكر ً‬ ‫غش املجتمع‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما واجبك جتاه من رأيته يغش؟‬ ‫س‪ :5‬ما املفاسد املترتبة على الغش؟‬

‫‪117‬‬


‫احلديث التاسع عشر‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬حترص على األعمال التي يستمر ثوابها‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد صور الصدقة اجلارية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فضيلة نشر العلم وصور ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فضل التربية الصاحلة لألبناء‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد وسائل اغتنام احلياة الدنيا مبا ينفع بعد املمات‪.‬‬ ‫يتمنى املسلم استمرار عمله الصالح بعد مماته‪ ،‬ويحب أن تزداد حسناته وهو في قبره‪ ،‬ولكن كيف السبيل لذلك؟‬ ‫ستعرف اإلجابة بعد قراءة احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ات ا ِإلن َْس ُ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن ال َّنب َِّي ‪ ‬قال‪« :‬إذا َم َ‬ ‫ان ا ْن َق َط َع عن ُه َع َم ُل ُه إال ِم ْن َثال َثةٍ ‪ :‬إال ِم ْن َصدَ َقةٍ‬ ‫‪1‬‬ ‫َجا ِر َيةٍ ‪ ،‬أ ْو ِع ْل ٍم ُي ْن َت َف ُع ِب ِه‪ ،‬أ ْو َو َل ٍد َصا ِل ٍح َيدْ ُعو َل ُه»‪.‬رواه مسلم( ) ‪.‬‬ ‫(الصدقة اجلارية – توريث العلم – حسن تربية األبناء – استمرار احلسنات بعد املمات )‬ ‫أي العناوين السابقة ترى أنه أنسب للدرس؟ سجل العنوان املختار في أعلى الصفحة‬

‫(صورة لكتاب‬ ‫ صور من حياة‬‫الصحابة‪) -‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب الوصية‪ ،‬باب ما يلحق اإلنسان من الثواب بعد وفاته ‪. )1631(1255/3‬‬

‫‪118‬‬


‫ترجمة راوي احلديث(‪)12‬‬ ‫معالم من حياته‬

‫يتنافس الصحابة ‪ ‬في طلب العلم وجمع حديث رسول اهلل ‪ ،‬اذكر موقف ًا ألبي هريرة ‪ ‬يدل على ذلك‪.‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ِ -1‬م ْن رحمة اهلل تعالى بعباده املؤمنني أن أبقى لهم بعد موتهم من األعمال ما ال ينقطع ثوابه عنهم‪ ،‬فهو ُي ِد ُّر‬ ‫حريصا على مثل هذه األعمال‬ ‫ويرفع درجا ِتهم‪َ ،‬ف َحر ٌِّي باملؤمن أن يكون‬ ‫عليهم من احلسنات ما ُي َك ِّف ُر سيئا ِتهم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫التي ال تنقطع بعد املوت؛ إذ هو أحوج ما يكون بعد موته إلى ثوابها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬في احلديث ٌّ‬ ‫مستق َّل ًة أم مشتركةً‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫حث الصدق ِة اجلارية‪ ،‬ويدخل في ذلك‪ :‬األوقاف بأنواعها‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫أن يوقف عمارة أو يشترك مع مجموعة في هذا‪ ،‬ويجعل ريعها في أوجه البر من الدعوة إلى اهلل تعالى وكفالة‬ ‫األيتام‪ ،‬والصدقة على الفقراء واحملتاجني‪ ،‬وقضاء الدين عن املدينني العاجزين عن السداد‪ ،‬كما يدخل في ذلك حفر‬ ‫اآلبار ووضع برادات املياه في الساجد واألسواق والطرقات‪ ،‬وهكذا كل ما ميكن أن ينتفع به الناس من اخلير‪.‬‬ ‫‪َّ -3‬‬ ‫ُ‬ ‫احلديث على فضل نشر العلم النافع‪ ،‬وهو علم الشريعة املأخوذ عن الكتاب والسنة‪ ،‬سواء أكان عن طريق‬ ‫دل‬ ‫تعليم الناس اخلير من التالميذ وغيرهم‪ ،‬وهؤالء ينشرون العلم أيضا لغيرهم‪ ،‬فينتشر علم العالم‪ ،‬أم عن طريق‬ ‫تأليف الكتب النافعة ونشرها‪ ،‬ويدخل في ذلك نشر العلم باملال ُ‬ ‫مثل‪ :‬طباعة الكتب النافعة وتوزيعها على‬ ‫املنتفعني بها وإجراء األوقاف عليها؛ فحري باملؤمن أال يحرم نفسه املشاركة بهذا الفضل العظيم الذي ال ينقطع‪.‬‬ ‫‪ -4‬في احلديث أهم َّي ُة الدعاء للوالدين‪ ،‬وأنه ينبغي على الولد أن يحرص على الدعاء لوالديه‪ ،‬وهذا الدعاء منه‬ ‫ما هو مباشر من الولد كقوله‪ :‬رب اغفر لي ولوالدي‪ ،‬رب ارحمهما كما ربياني صغيرا‪ ،‬ومنه ما هو بال َّت َس ُّب ِب‬ ‫دع ْوا لوالدَ ْيهم‪ ،‬وجاء في حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اللهَّ ِ ‪«:‬إن‬ ‫بحيث إذا أحسن األوالد إلى الناس َ‬ ‫َ‬ ‫ِاس ِتغْ َفا ِر َو َل ِد َك َل َك»‪.‬‬ ‫اللهَّ عز وجل َل َي ْر َف ُع الدَّ َر َج َة ِل ْل َع ْب ِد َّ‬ ‫الصا ِل ِح في الجْ َ َّن ِة‪ ،‬فيقول‪ :‬يا َر ِّب َأنَّى لي هذه؟ فيقول‪ :‬ب ْ‬ ‫(((‬ ‫رواه أحمد ( ) ‪.‬‬ ‫‪ -5‬في احلديث فضل الولد الصالح‪ ،‬حيث إنه من عمل والده إذا أحسن تربيته‪ ،‬ففيه احلث على حسن تربية‬ ‫األوالد‪ ،‬فهم الذين ينفعون والديهم في اآلخرة‪ ،‬و ِم ْن َن ْف ِعهِ ْم أنهم يدعون لهم‪ ،‬وال يختص ذلك َّ‬ ‫بالذ َك ِر من‬ ‫األوالد بل إنه يشمل جميع األوالد الصاحلني من بنني وبنات‪ ،‬كما يدخل فيهم أوالد البنني؛ ألن الولد في اللغة‬ ‫يدخل فيه ُّ‬ ‫كل هؤالء‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،509/2‬وابن أبي شيبة ‪ )12081(58/3‬وعنه ابن ماجه‪ ، )3660(1207/2‬قال العراقي (املغني عن حمل األسفار ‪)1037(270/1‬‬ ‫) ‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وقال ابن كثير ( في تفسيره ‪ ، )243/4‬والبوصيري في مصباح الزجاجة ‪: )2721(98/4‬إسناده صحيح‪ ،‬وحسنه األلباني في‬ ‫السلسلة الصحيحة (‪. )1598‬‬

‫‪119‬‬


‫‪ -6‬جاء عن النبي ‪ ‬ما يوضح هذا احلديث ويبني ما أجمل فيه‪ ،‬ويفصل أوجه البر التي اشتمل عليها؛ وذلك‬ ‫فيما رواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ : ‬عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اللهَّ ِ ‪ِ « :‬إ َّن ممِ َّا َي ْل َح ُق المْ ُؤْ ِم َن‬ ‫من َع َم ِل ِه َو َح َس َنا ِت ِه َب ْعدَ َم ْو ِت ِه‪ِ :‬ع ْل ًما َع َّل َم ُه َو َن َش َر ُه‪َ ،‬و َو َل ًدا َصالحِ ً ا َت َر َك ُه‪َ ،‬و ُم ْص َح ًفا َو َّر َث ُه‪ ،‬أو َم ْس ِج ًدا َب َنا ُه‪ ،‬أو َب ْي ًتا‬ ‫ِيل َب َنا ُه‪ ،‬أو َن ْه ًرا َأ ْج َرا ُه‪ ،‬أو َصدَ َق ًة َأخْ َر َج َها من َما ِل ِه في ِص َّح ِت ِه َو َح َيا ِت ِه َي ْل َح ُق ُه من َب ْع ِد َم ْو ِت ِه»‪ .‬رواه ابن‬ ‫السب ِ‬ ‫البن َّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ماجه‪.‬‬ ‫‪ -7‬في احلديث إشارة إلى أن املسلم ال ينبغي له أن يتمنى املوت أو يدع َو به على نفسه؛ ألنه باملوت ينقطع عنه‬ ‫عمله وهو بحاجة إلى ما يزيد ثوا َبه‪ ،‬وقد جاء هذا صريحا مع َّل ً‬ ‫ال بهذه العلة كما في حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪‬‬ ‫مرفوعا‪َ :‬‬ ‫أحدُ ُكم المْ َ ْو َت‪ ،‬وال َيدْ ُع ِب ِه ِمن َق ْب ِل َأ ْن َي ْأ ِت َي ُه‪ ،‬إنه إ َذا َم َ‬ ‫أحدُ ُكم ا ْن َق َط َع َع َم ُل ُه‪َ ،‬و ِإ َّن ُه ال َيزِيدُ‬ ‫«ال َي َت َم َّنى َ‬ ‫ات َ‬ ‫ً‬ ‫(((()‬ ‫المْ ُؤْ ِم َن ُع ُم ُر ُه إال َخ ْي ًرا»‪.‬رواه مسلم ‪.‬‬ ‫‪ -8‬في احلديث ٌّ‬ ‫حث لإلنسان على اغتنام فرصة احلياة بعمل الصاحلات؛ ألنه باملوت ينقطع عمله‪ ،‬وأما هذه‬ ‫األعمال التي يستمر نفعها بعد املوت فاحلقيقة أنها من عمل اإلنسان في حياته ولكنه يستمر نفعها بعد موته‪،‬‬ ‫ولذلك قال ‪«:‬ا ْن َق َط َع عنه َع َم ُل ُه إال من َثال َثةٍ »‪ ،‬فهي من عمله نفسه استمر بعد موته رحمة من اهلل تعالى‬ ‫بعباده‪ ،‬وح ًّثا لهم على اغتنام مثل هذه الفرصة الستكثار أعمالهم‪.‬‬

‫نشاط‪:1‬‬

‫رج ُع ِ‬ ‫قارن بني هذا احلديث وحديث أنس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬ي ْت َب ُع المْ َ ِّي َت ثالث ٌة‪َ ،‬ف َي ِ‬ ‫اثنان‬ ‫ُ (((()‬ ‫وع َم ُل ُه‪ ،‬فيرجع أه ُل ُه ومالُ ُه‪ ،‬ويب َقى َع َمل ُه»‪.‬‬ ‫ويب َقى م َع ُه واحدٌ ‪ ،‬يتب ُع ُه أه ُل ُه و َمالُ ُه َ‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫تعاون مع زمالئك في التفكير في مشروع صدقة جارية تشارك وإياهم فيها‪ ،‬واكتبوا تقريراً‬ ‫مختصرا بذلك ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ )1‬رواه ابن ماجه في املقدمة‪َ ،‬باب َث َو ِ‬ ‫اب ُم َع ِّل ِم الناس الخْ َ ْي َر ‪ ، )242(88/1‬وصححه ابن خزمية ‪ )2490(121/4‬ولم يذكر املصحف‪ ،‬قال‬ ‫املنذري(الترغيب والترهيب ‪ ،55/1‬و ‪ : )121/1‬رواه ابن ماجه بإسناد حسن ‪ ، )2490(121/4‬وقال ابن امللقن(البدر املنير ‪ : )102/7‬إسناده‬ ‫حسن‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار‪ ،‬باب متني كراهة املوت لضر نزل به ‪. )2682( 2065/4‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب سكرات املوت ‪ ، )6514 (362/11‬و مسلم في كتاب الزهد والرقاق ‪. ) 2960 (2273/4‬‬

‫‪120‬‬


‫نشاط‪:3‬‬

‫بإمكان كل مسلم املشاركة في نشر العلم بطرق مبتكرة ومتيسرة‪ ،‬اكتب بعضا من وسائل نشر‬ ‫العلم التي ميكنك املشاركة فيها‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪......................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪:1‬عدد ثالث ًا من صور الصدقة اجلارية‪.‬‬ ‫س‪:2‬كيف تستدل باحلديث على فضل ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬بر الوالدين‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تربية األبناء‪.‬‬ ‫ت‪ -‬نشر العلم‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما حكم متني املوت؟ بني داللة احلديث على ما تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :4‬استنتج فائدتني من احلديث‪.‬‬

‫‪121‬‬


‫احلديث العشرون‪)..................( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستدل باحلديث على إثبات احلساب يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أهم األسئلة التي ُيسأل عنها العبد يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أهمية محاسبة النفس في الدنيا‪.‬‬ ‫‪ ‬حترص على وقتك وتستثمره في ما ينفعك في اآلخرة‪.‬‬ ‫‪ ‬حترص على احلل في جمع املال ونفقته‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل باحلديث على أن اإلنسان مؤمتن على نفسه وبدنه‪.‬‬ ‫حينما يضع والدك في يدك أمانةً‪ ،‬ويخبرك أنه سيسألك عنها‪ ،‬فإنك حترص على حفظ األمانة وعدم التفريط‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫فكيف إذا ائتمنك اهلل تعالى على أمانات‪ ،‬وأخبرك أنه سائلك عنها‪ ،‬فكيف سيكون حفظك لها؟‬ ‫اقرأ احلديث اآلتي لتتعرف على بعض ما ائتمنك اهلل عليه‪:‬‬

‫رسول اهلل ‪« :‬ال َت ُ��ز ُ‬ ‫ُ‬ ‫ول َقدَ َما َع ْب ٍد‬ ‫األسلمي ‪ ‬قال‪ :‬قال‬ ‫بلي الشيء عن أبي َب � ْر َز َة‬ ‫ِّ‬ ‫إذا ص����ار‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫يم‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫‪:‬‬ ‫)‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫(ع‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫حتى‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يوم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ ْ ٍ‬ ‫قدميا‬ ‫يم َأ ْبال ُه»‪.‬رواه‬ ‫يم َأ ْن َف َق ُه‪َ ،‬و َع ْن ِج ْس ِم ِه ِف َ‬ ‫َف َع َل‪َ ،‬و َع ْن َما ِل ِه من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه َو ِف َ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الترمذي‪.‬‬

‫ال يتزحزح‬ ‫خ���ارج���ا من‬ ‫أرض احملشر‬ ‫حتى يسأل‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه الترمذي في ِكتَاب ِص َف ِة ا ْل ِق َيا َم ِة َوال َّر َقا ِئقِ َوا ْل َو َر ِع‪َ ،‬باب ما جاء في َش ْأن الحْ ِ َس ِ‬ ‫اص ‪ ، )2417( 612/4‬والدارمي في املقدمة‪ ،‬باب من‬ ‫اب َوا ْل ِق َص ِ‬ ‫كره الشهرة واملعرفة ‪ ،144/1‬وأبو يعلى ‪ ، )7434(428/13‬وال ُّر ْو َياني في مسنده ‪ ، )1313(337/2‬وأبو نعيم في حلية األولياء ‪، 232/10‬‬ ‫وزيادة (عن أ ْر َب ٍع) لهما‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباني في الصحيحة (‪ ، )946‬وصحيح اجلامع (‪ ، )7300‬وصحيح‬ ‫الترغيب والترهيب (‪. )126‬‬

‫‪122‬‬


‫(صورة لكتاب‬ ‫ صور من حياة‬‫الصحابة‪) -‬‬

‫(‪)2‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬

‫مناقبه‬

‫معالم من حياته‬

‫وفاته‬

‫بن ُع َب ْيد‬ ‫ن َْضل ُة ُ‬ ‫مي‬ ‫ْ‬ ‫األس َل ُّ‬

‫غزا مع النبي ‪‬‬ ‫سبع غزوات‪،‬‬ ‫منها‪َ :‬خ ْي َب ُر‪،‬‬ ‫َم َّك َة‪،‬‬ ‫وفتح‬ ‫ُ‬ ‫وحنَينْ ُ ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪ -1‬أسلم قبل فتح مكة‪.‬‬ ‫‪ -2‬شهد مع علي ‪ ‬معركة ال َّن ْه َر َوان مع اخلوارج‪ ،‬ومعركة‬ ‫ص ّفني‪.‬‬ ‫‪ -3‬سكن مدينة البصرة حني نزلها املسلمون‪ ،‬وبنى بها دارا‪،‬‬ ‫وأقام بها مدة‪.‬‬ ‫‪ -4‬ثم خرج غاز ًيا إلى خُ َر َاس َ‬ ‫ان‪ ،‬وسكن بها حتى توفي في بلدة‬ ‫َم ْرو الخْ ُ َراسان َّية‪.‬‬ ‫ِيد يطعم بها‬ ‫‪ -5‬كان َجوا ًدا كر ًميا؛ حيث كانت له َج ْف َن ٌة من َثر ٍ‬ ‫َ‬ ‫األرامل واليتامى واملساكنيَ؛ مرتني كل يوم؛ مر ًة في الصباح‪،‬‬ ‫وأخرى في املساء‪.‬‬ ‫حريصا على قيام الليل؛ فكان يقوم إلى صالة الليل‬ ‫‪ -6‬كان‬ ‫ً‬ ‫فيوقظ أهله‪ ،‬ويقرأ بالستني إلى املئة‪.‬‬ ‫‪َ -7‬روى ِعدَّ ة أحاديث عن النبي ‪.‬‬

‫توفي‬ ‫بلدة َم ْرو‬ ‫سنة خمس‬ ‫ستني‬ ‫و‬ ‫(‪65‬هـ) ‪.‬‬

‫في‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫عرض ُ‬ ‫‪ -1‬في احلديث إثبات احلساب يوم القيامة‪ ،‬وهو أن َي َ‬ ‫اهلل تعالى على عباده أعما َلهم احلسن َة والسيئ َة في أرض‬ ‫ِّ‬ ‫ويذك ُرهم بها‪ ،‬فمن كان من أهل‬ ‫المْحَ ْشر‪ ،‬ويؤتيهم ُك ُت َب أعمالهم فيها حسناتُهم وسيئاتُهم‪ ،‬و ُيسائلهم عنها‬ ‫(((‬ ‫النجاة اك ُتفي بالعرض عليه‪ ،‬ثم يعفو اهلل عنه ويدخله اجلنة‪ ،‬وهذا هو احلساب اليسير( ) ‪ ،‬ومن كان ً‬ ‫هالكا؛‬ ‫ُ‬ ‫يناقش احلساب‪ ،‬ويد َّق ُق عليه فيه و ُيسأل عن كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬وال ُيقبل منه عذر وال حجة؛ فيهلك مع‬ ‫فإنه‬ ‫الهالكني‪ ،‬وهذا هو احلساب العسير‪.‬‬ ‫‪ )1‬يستثنى من ذلك األنبياء عليهم السالم‪ ،‬ومن يدخلون اجلنة بغير حساب‪.‬‬ ‫‪ )2‬ينظر‪ :‬تقريب التهذيب ص‪ ،563‬وسير أعالم النبالء ‪ ،40/3‬والطبقات الكبرى ‪ ،298/4‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪.433/6‬‬

‫‪123‬‬


‫شافيا أن أهم ما‬ ‫‪َ -2‬ن َّب َه ُّ‬ ‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث على أهم األسئلة التي يواجهها العبد يوم القيامة‪ ،‬وبينَّ بيا ًنا ً‬ ‫يحاسب عليه أربعة أمور تشمل احليا َة ك َّلها‪ ،‬ومعرفة املؤمن بهذه األسئلة التي سوف يسأل عنها يوم القيامة‬ ‫ُ‬ ‫مكشوف األسئلة؛ ِ‬ ‫فمن الحْ ُ ْمقِ والغفلة‬ ‫مفتوح‬ ‫يدعوه إلى إعداد اإلجابة املناسبة لكل سؤال‪ ،‬فبني يديه اختبا ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫أسباب النجاح فيه‪ ،‬واتضحت سبيل النجاة ِمن سوء عاقبته‪.‬‬ ‫تيس َرت‬ ‫أن يرسب في‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫امتحان َّ‬ ‫‪-3‬حساب يوم القيامة يدعونا حملاسبة أنفسنا في هذه الدنيا؛ فإنه من حاسب نفسه اليوم خف عليه احلساب يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬وسهل عليه إجابة أسئلة يوم القيامة‪ ،‬قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫(((‬ ‫ﭦ ﱪ ( ) ‪ ،‬قال ابن كثير –رحمه اهلل‪ -‬في معنى اآلية‪ :‬أي‪ :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وانظروا ماذا‬ ‫(((‬ ‫ا َّدخرمت ألنفسكم من األعمال الصاحلة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ( ) ‪.‬‬ ‫‪ -4‬ملا أدرك السلف الصالح ‪ ‬أهمية احملاسبة كثر في كالمهم الدعوة إليها‪ ،‬والتنبيه إلى أهميتها‪ ،‬قال أمير املؤمنني‬ ‫أهون ُ‬ ‫أنفسكم َ‬ ‫قبل أن تُوزَنوا؛ فإنَّه َ‬ ‫‪«:‬ح ِ‬ ‫عليكم في‬ ‫اس ُبوا‪ ،‬و ِزنُوا‬ ‫عم ُر بن اخلطاب ‪َ ‬‬ ‫اس ُبوا َأ ْن ُف َس ُك ْم قبل َأ ْن تحُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫(((() (((()‬ ‫غدا أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫»‬ ‫ض الأْ َ ْك َبرِ‪ :‬ﱫ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﱪ‬ ‫أنفسكم‪َ ،‬و َت َز َّي ُنوا ِل ْل َع ْر ِ‬ ‫احلساب ً‬ ‫حتاس ُبوا َ‬ ‫نفسه هلل ع َّز وجل‪ ،‬وإمنا َخ َّف‬ ‫‪ ،‬وقال احلسن البصري رحمه اهلل تعالى‪« :‬إن املؤمن ق َّوام على نفسه‪ ،‬يحاسب َ‬ ‫قوم َأ َخذوا هذا األم َر‬ ‫أنفسهم في الدنيا‪ ،‬وإمنا َش َّق‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قوم َ‬ ‫حاسبوا َ‬ ‫احلساب يو َم القيام ِة على ٍ‬ ‫احلساب يوم القيامة على ٍ‬ ‫(((()‬ ‫من غير محاسبةٍ » ‪.‬‬ ‫‪ -5‬كان السلف من أحرص الناس على محاسبة أنفسهم مع ما هم عليه من التقوى والعمل الصالح َف َم ْن كان‬ ‫َّ‬ ‫بن الخْ َ َّط ِ‬ ‫اب ‪ ‬على أبِي َب ْك ٍر‬ ‫تقوى وعمالً‪ ،‬وأكث َر َذن ًْبا؛ فهو أولى منهم مبحاسبة نفسه‪ ،‬دخل ُع َم ُر ُ‬ ‫أقل منهم ً‬ ‫(((()‬ ‫الصدِّ يقِ ‪ ‬وهو َي ْجب ُِذ ِل َسا َن ُه‪َ ،‬‬ ‫فقال له‪َ :‬م ْه َغ َف َر اهلل لك! فقال أبو َب ْك ٍر‪َّ :‬إن هذا أوردني المْ َ َوا ِر َد‪.‬رواه مالك‬ ‫ِّ‬ ‫اب َو َخ َر ْج ُت معه حتى َ‬ ‫‪ ،‬وعن َأ َن ِس بن َما ِل ٍك ‪ ‬قال‪ :‬سمعت ُع َم َر بن الخْ َ َّط ِ‬ ‫دخ َل َحا ِئ ًطا َف َس ِم ْع ُت ُه وهو يقول‬ ‫ني ّ‬ ‫وبيني َو َب ْي َن ُه ِجدَ ا ٌر‪ -‬وهو في َج ْو ِف الحْ َ ا ِئ ِط‪ُ :‬ع َم ُر بن الخْ َ َّط ِ‬‫اخلطاب) َل َت َّت ِقينَ َّ‬ ‫اب َأ ِمي ُر المْ ُؤْ ِم ِننيَ! َب ٍخ َب ٍخ‪َ ،‬واهلل ( ُب ّ‬ ‫(((‬ ‫اهلل أو َل ُي َع ِّذ َب َّن َك‪.‬رواه مالك( ) ‪.‬‬ ‫يما َأ ْف َنا ُه‪َ :‬ف ُي ُ‬ ‫يم قضى ُع ُم َر ُه‪ :‬هل قضاه في طاعة اهلل تعالى أو‬ ‫‪ -6‬مما ُيسأل عنه العبد يوم القيامة‪ُ :‬ع ُم ِر ِه ِف َ‬ ‫سأل ِف َ‬ ‫وأخص ما‬ ‫معصيته؟ هل استقام فيه على أمر اهلل تعالى ونهيه أو خالف ذلك؟ هل حفظ نفسه أو ضيعها‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يم‬ ‫ُيسأل عنه الشخص فترة الشباب؛ فقد روى هذا احلديث ُ‬ ‫ابن مسعود ‪ ‬مرفوعا وزاد فيه‪َ « :‬و َع ْن َش َبا ِب ِه ِف َ‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪18‬من سورة احلشر‪.‬‬ ‫‪ )2‬تفسير ابن كثير ‪.343/4‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 18‬من سورة احلاقة‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه أحمد في الزهد ص‪ ،120‬وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس رقم (‪ )22‬و (‪، )16‬و أبو نعيم في حلية األولياء ‪ ،52/1‬وابن أبي شيبة‬ ‫‪ ، )34459(96/7‬وابن املبارك في الزهد ص‪،103‬وع ّلقه الترمذي فقال‪ :‬يروى عن عمر ‪.638/4‬‬ ‫‪ )5‬رواه ابن املبارك في الزهد ص‪ ،103‬وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس ص ‪ ،18‬وأبو نعيم في حلية األولياء ‪.157/2‬‬ ‫‪ )6‬رواه مالك في املوطأ ‪ ، )1788(988/2‬وابن أبي شيبة في مصنفه ‪ ، )37047( 432/7‬وابن أبي عاصم في الزهد ‪. )22(25/1‬‬ ‫‪ )7‬رواه مالك في املوطأ ‪، )1800(992/2‬ومن طريقه أحمد في الزهد ص‪،115‬وابن سعد في الطبقات الكبرى ‪ ،292/3‬وابن أبي الدنيا في‬ ‫احملاسبة(‪. )3‬‬

‫‪124‬‬


‫(((‬ ‫َأ ْبال ُه»( ) ‪ ،‬وما ذلك إال ألهمية هذه الفترة‪ ،‬وكثرة املغريات فيها‪ ،‬فالواجب على الشاب باخلصوص أن يحفظ‬ ‫نفسه مما ُيسخط اهلل تعالى عليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -7‬الغاي ُة من َت َع ُّل ِم ِ‬ ‫العمل به‪ ،‬لذا رفع اهلل تعالى درجة العلماء على غيرهم‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬ ‫لم هي‬ ‫الع ِ‬ ‫(((‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﱪ ( ) ‪ ،‬وهم أهل اخلشية‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﱪ‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل‬ ‫‪ ،‬أما تع ُّلمه لغير هذا الغرض فإنه يصير و َبا ًال على صاحبه يوم القيامة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬ ‫عرضا من الدُّ نيا؛ لم يجدْ َع ْر َف اجلن ِة يو َم‬ ‫لما مما ُيبتغى به وج ُه اهلل؛ ال يتع َّل ُمه إال‬ ‫ليصيب به ً‬ ‫َ‬ ‫‪َ « :‬م ْن تع َّلم ِع ً‬ ‫(((‬ ‫القيامة»‪ ) (.‬يعنى‪ :‬ريحها‪.‬‬ ‫‪ -8‬مما ُيسأل عنه العبد يوم القيامة مالُ ُه‪ ،‬وعليه سؤاالن‪:‬‬ ‫حريصا‬ ‫أ‪ -‬السؤال األول‪ :‬من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه؟ هل اكتسبه من حالل أو من حرام؟ فواجب على املسلم أن يكون‬ ‫ً‬ ‫ريال يدخل جيبه‪ ،‬أو يتو َّف ُر في حسابه؛ وأن يتجنب َّ‬ ‫على ِح ِّل ِّ‬ ‫ريال ال يعرف ِح َّل ُه فإنه مسؤول عنه يوم‬ ‫كل ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫القيامة؛ فكيف بعد علم املسلم بهذه املساءلة جتده يأكل الربا أو َ‬ ‫مال اليتيم والضعيف‪ ،‬أو الرشو َة‪ ،‬أو يتكسب‬ ‫باملكاسب احمل َّرمة؟ وكيف يكون في املسلمني من ال يبالي من أين جمع املال من حالل أو من حرام؛ بل همه‬ ‫جمع املال والتكثُّر منه بأي سبيل؟ فما يكون جوابه حني يقف بني يدي مواله الذي ال تخفى عليه خافية؟‬ ‫يم َأ ْن َف َق ُه‪ ،‬هل أنفقه فيما يرضي اهلل أو يسخطه؟ في احلالل أو احلرام؟ فالواجب على املسلم‬ ‫ب‪ -‬السؤال الثاني‪ِ :‬ف َ‬ ‫قبل أن ينفق ريا ًال أن يعرف أين يضعه؟ هل هو مما يرضي اهلل تعالى أو يسخطه؟ ‪.‬‬ ‫يم َأ ْبال ُه؛ َف ُي ُ‬ ‫‪ -9‬مما ُي ُ‬ ‫سال عن بدنه من حال قوته وفت َّوته وشبابه إلى حالِ ضعفه‬ ‫سأل عنه العبدُ يوم القيامة‪ِ :‬ج ْس ُم ُه ِف َ‬ ‫أي شيء عمل فيه من اخلير والشر؟ َف ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبطش يديه‪ ،‬ونظ ِر عينيه‪،‬‬ ‫سأل عن َم ْشي قدميه‪،‬‬ ‫وكهولته وشيخوخته؛ ّ‬ ‫ِ‬ ‫وسمع ُأذنيه‪ ،‬وعمو ِم ما عمله ببدنه؛ هل أطاع به أو عصى؟ وهل أخلص في عمله هلل أو َرا َءى؟ فليكن العبدُ‬ ‫ِ‬ ‫ًّ‬ ‫مستعدا للجواب؛ لينج َو يو َم احلساب‪.‬‬ ‫بعض ما ُيسأل عنه العبد يو َم القيامة‪ ،‬وهو األسئلة العا َّمة‪ ،‬وقد ثبت في األدلة أن‬ ‫‪-10‬ما ُذكر في هذا احلديث هو ُ‬ ‫بعضها مما َيدخل حتت هذه األربعة؛ فمنها‪ :‬السؤال عن الصالة والزكاة وغيرها‬ ‫العبد ُيسأل عن أشيا َء كثيرةٍ ؛ ُ‬ ‫من العبادات‪ ،‬ومنها‪ :‬السؤال عن حقوق الناس‪ ،‬ومنها‪ :‬السؤال عن ال َّنعيم من األكل والشرب وامللبس واملسكن‬ ‫حق ا ِ‬ ‫هلل فيه؟ ومنها‪ :‬السمع والبصر‪ ،‬ويسأل املشركون عن الشركاء واألنداد‪ ،‬ومب أجابوا املرسلني؟‬ ‫وهل أ َّدى َّ‬

‫اص ‪َ )2416(612/4‬‬ ‫‪ )1‬رواه الترمذي في ِكتَاب ِص َف ِة ا ْل ِق َيا َم ِة‪َ ،‬باب ما جاء في َش ْأن الحْ ِ َس ِ‬ ‫وض َّع َفه‪ ،‬وأبو يعلى في مسنده ‪،)5271(178/9‬‬ ‫اب َوا ْل ِق َص ِ‬ ‫والبزار ‪ ، )1435(266/4‬قال املنذري(الترغيب والترهيب ‪ : )73/1‬هذا احلديث حسن في املتابعات‪ ،‬وحسنه األلباني في السلسلة‬ ‫الصحيحة‪. )946(666/2‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 11‬من سورة املجادلة‪.‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 28‬من سورة فاطر‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه أحمد ‪ ،338/2‬وأبو داود ‪ ، )3664(323/3‬وابن ماجه‪ ، )252(92/1‬وصححه ابن حبان‪ ، )78(279/1‬وقال احلاكم في املستدرك‬ ‫على الصحيحني ‪ :160/1‬هذا حديث صحيح سنده ثقات رواته على شرط الشيخني ولم يخرجاه‪ ،‬وقال النووي في رياض الصاحلني ص‪ :314‬إسناده‬ ‫صحيح‪.‬‬

‫‪125‬‬


‫نشاط‪1‬‬

‫اغتنام األوقات باملفيد تستلزم تنظيم الوقت وحسن إدارته‪ ،‬ضع لنفسك جدو ًال إلدارة وقتك‬ ‫تراعي فيه الواجبات الشرعية واغتنام الوقت بفعل املستحبات وصلة األرحام مع وضع أوقات‬ ‫لالستذكار واللهو املباح ‪.‬‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫للعمل بالعلم فوائد عديدة وثمرات ظاهرة‪ ،‬تعاون مع زمالئك اذكر بعض الثمار التي يجنيها من‬ ‫بادر بالعمل مبا تعلمه‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط ‪:3‬‬

‫يعد اجلسم أمنة عند اإلنسان إال أن بعض الناس قد يعرض جسده للتلف ببعض تصرفاته وما‬ ‫يتعاطاه ‪ ،‬اذكر ثالثا من صور إتالف األجساد التي قد تقع من بعض الشباب‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬كيف تستدل باحلديث على‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ثبوت احلساب يوم القيامة ‪ .‬ب‪-‬أن بدن اإلنسان أمانة عنده‪.‬‬ ‫س‪ :2‬مثِّل لوسائل جمع املال من غير ِح ِّل ِه‪ ،‬ونفق ِته في غير احلالل‪.‬‬ ‫تخصيص مرحلة الشباب بالسؤال بعد ذكر ال ُع ُمرِ؛ فما احلكمة من‬ ‫س‪ :3‬ورد في رواية للحديث‬ ‫ُ‬ ‫هذا التخصيص؟‬ ‫َ‬ ‫أحاديث أخر أسئلة أخرى غير ما ورد في حديث الدرس‪ ،‬مثِّل لذلك‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ورد في‬

‫‪126‬‬


‫احلديث احلادي والعشرين‪)............( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالظلم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم الظلم وخطورته‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع الظلم ومتثل لها‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني عاقبة الظلم ‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد شروط التوبة من املظالم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم نصرة املظلم‪.‬‬ ‫‪ ‬تترجم لعبداهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬ ‫التظلمن إذا ما كنت مقتدر ًا ** فالظلم آخره يأتيك بالندم‬ ‫نامت عيونك واملظلوم منتبه ** يدعو عليك وعني اهلل لم تنم‬ ‫إن من أشد األمور على النفس الشعور بالظلم‪ ،‬و جترع الضيم ‪ ،‬فيبقى املظلوم يعاني ‪ ،‬والظالم ينسى لكنه ال ُينسى‪،‬‬ ‫فإن له موعداً البد أن ُيجازى فيه على ظلمه وينتصر اهلل للمظلوم‪ ،‬لذا أخبر النبي ‪ ‬عن سوء عاقبة الظلم في‬ ‫احلديث اآلتي‪:‬‬

‫عبد اللهَّ ِ ِبن ُع َم َر‪-‬رضي اهلل عنهما‪َّ -‬أن ال َّنب َِّي ‪َ ‬‬ ‫قال‪ِ « :‬إ َّن ُّ‬ ‫عن ِ‬ ‫ات يو َم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬متفق‬ ‫الظ ْل َم ُظ ُل َم ٌ‬ ‫(‪)56‬‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫ات يوم ا ْل ِق َيا َم ِة ‪ ، )2315(864/2‬رواه مسلم في كتاب البر والصلة واآلداب‪َ ،‬باب تحَ ْ ِر ِمي ُّ‬ ‫‪ )65‬رواه البخاري في كتاب املظالم‪َ ،‬باب ُّ‬ ‫الظ ْل ِم‬ ‫الظ ْل ُم ُظ ُل َم ٌ‬ ‫‪ ، )2579(1996/4‬وهذا لفظه‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫(ص��ورة لكتاب‬ ‫أسد الغابة )‬

‫(‪)1‬‬

‫ترجمة راوي احلديث‬ ‫اسمه ونسبه‬ ‫ع������ب������د اهلل‬ ‫ب���ن ع��م�� َر بن‬ ‫اخل��������ط��������اب‬ ‫ال َعدَ وِي‬

‫مناقبه‬

‫‪ -1‬رأى رؤيا َف َق َّص َها َع َلى‬ ‫النبي‬ ‫َوج‬ ‫ُأخْ � ِت� ِه َح ْف َص َة ز ِ‬ ‫ِّ‬ ‫‪َ ،‬ف َق َّص ْت َها َح ْف َص ُة على‬ ‫رس��ولِ اللهَّ ِ ‪َ ‬‬ ‫النبي‬ ‫فقال ُّ‬ ‫‪ِ « :‬ن ْع َم ال َّر ُج ُل عبدُ اللهَّ ِ‬ ‫لو كان ُي َص ِّلي ِم َن ال َّل ْي ِل»‪،‬‬ ‫َف َك َ‬ ‫ان َب ْعدُ َال َي َنا ُم من ال َّل ْي ِل‬ ‫(‪)2‬‬ ‫إ َّال َق ِليالً‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مستمسكا‬ ‫‪ -2‬ك�����ان‬ ‫بالسنة محافظا عليها في‬ ‫ك� ِّ�ل ش��يء‪ ،‬ق��ال جابر‪ :‬ما‬ ‫ِم� َّن��ا أح��د أدرك الدنيا إال‬ ‫وقد مالت به إال ابن عمر‪.‬‬ ‫وقالت عائشة‪ :‬ما رأيت‬ ‫أحدا ألزم لألمر األول من‬ ‫ابن عمر‪ .‬وق��ال أبو َعمرو‬ ‫ابن‬ ‫الندبي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫خرجت مع ِ‬ ‫صغيرا وال‬ ‫لقي‬ ‫ُع َم َر فما َ‬ ‫ً‬ ‫كبيرا إال س َّلم عليه‪.‬‬ ‫ً‬

‫معالم من حياته‬

‫وفاته‬

‫‪ -1‬أسلم وه��و صغير مبكة‪ ،‬ثم هاجر مع أبيه قبل أن‬ ‫يحتلم‪.‬‬ ‫النبي ‪ ‬في غزوة أحد وكان عمره أربع عشرة‬ ‫‪ -2‬استصغره ُّ‬ ‫سنة قبل أن يحتلم‪ ،‬و ُعرض عليه في غزوة اخلندق فأجازه‪،‬‬ ‫اخلندق َ‬ ‫ِ‬ ‫النبي ‪.‬‬ ‫فكانت غزو ُة‬ ‫أول غزوة غزاها مع ِّ‬ ‫النبي ‪ ‬بيعة ال ِّرضوان حتت الشجرة‪.‬‬ ‫‪-3‬شهِ د مع ِّ‬ ‫َ‬ ‫وفارس غاز ًيا‪.‬‬ ‫‪-4‬شهد فتح مصر‪ ،‬و َق ِد َم الشا َم‬ ‫والعراق والبصر َة َ‬ ‫‪-5‬كان من ع َّباد الصحابة ‪ ‬وعلما ِئهم وفقها ِئهم‪ ،‬بقي‬ ‫ستني سنة يفتي الناس ‪.‬‬ ‫‪-6‬كان من حفاظ احلديث املكثرين للرواية عن النبي ‪.‬‬ ‫ابن ُع َم َر‪َ :‬ما َك َ‬ ‫ابن ُع َم َر في‬ ‫‪ -7‬قيل لنافع َمولى ِ‬ ‫ان َي ُ‬ ‫صنع ُ‬ ‫منز ِل ِه؟ قال‪ :‬ال ُيطيقو َن ُه؛ الوضو َء ِّ‬ ‫لكل صالةٍ ‪ ،‬والمْ ُ ْص ُ‬ ‫حف‬ ‫فيما بينهما‪)3(.‬‬ ‫َ َْ َ ُ َ‬ ‫‪ -8‬كان كثير احملبة والشوق إلى النبي ‪ ‬حتى إنه ما ذكره‬ ‫ابن عم َر ِ‬ ‫ذاك ًرا‬ ‫إال بكى‪ ،‬قال محمد ال ُع َمري‪ :‬ما‬ ‫ُ‬ ‫سمعت‪َ 4‬‬ ‫تبكيان‪) (.‬‬ ‫َ‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل ‪ ‬إال اب َتدَ َر ْت َعينا ُه‬ ‫‪-9‬كان جوادا كرميا سخ ًّيا ال يكاد ميسك شي ًئا‪ ،‬فكان إذا‬ ‫أعجبه شيء من ماله تصدق به؛ يتأول قول اهلل تعالى‪( :‬لن‬ ‫تنالوا البر حتى تنفقوا مما حتبون) ‪ ،‬ولقد ُأتي في مجلس‬ ‫بعشرة آالف فف َّرقها وأصبح يطلب لراحلته عل ًفا بدرهم إلى‬ ‫أجل‪ ،‬قال نافع‪ :‬كان ابن عمر ليفرق في املجلس ثالثني‬ ‫ألفا‪ ،‬ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة حلم‪ ،‬وقال نافع‪ :‬ما‬

‫مات مبكة‬ ‫سنة ثالث‬ ‫وسبعني‬ ‫(‪73‬هـ)‬

‫ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد‬ ‫مات ُ‬

‫‪ )1‬ينظر‪ :‬سير أعالم النبالء ‪ ،203/3‬واإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،181/4‬والطبقات الكبرى ‪.142/4‬‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في أبواب التهجد‪َ ،‬باب َف ْض ِل ِق َيا ِم ال َّل ْي ِل‪ ، )1070(378/1‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ‪َ ،‬باب من ف َضا ِئ ِل عبد ا ِ بن ُع َم َر‬ ‫رضي اهلل عنهما ‪. )2478(1927/4‬‬ ‫‪ )3‬رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ‪ ، 170/4‬قال احلافظ (اإلصابة في متييز الصحابة ‪ : )187/4‬سنده صحيح‪.‬‬ ‫‪ )4‬الطبقات الكبرى ‪ ،168/4‬وسير أعالم النبالء ‪.214/3‬‬

‫‪128‬‬


‫إرشادات احلديث‬ ‫‪ُّ -1‬‬ ‫الظلم مبعناه العام يشمل َّ‬ ‫هلل تعالى ِ‬ ‫دود ا ِ‬ ‫كل جتا ُو ٍز لحِ ُ ِ‬ ‫بالفعل أو ال َّت ْرك‪ ،‬وهو ينقسم إلى ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫األول‪ُّ :‬‬ ‫الظلم العظيم‪ :‬وهو الشرك باهلل تعالى‪ ،‬وهو أعظم أنواع الظلم‪ ،‬وقد جاء إطالق الظلم على الشرك‬ ‫في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫(((()‬ ‫ﭵﱪ ‪.‬‬ ‫وترك أوام ِر ا ِ‬ ‫الثاني‪ُ :‬ظلم اإلنسان لنفسه‪ :‬ويكون بإسرافه عليها بفعل الذنوب واملعاصي‪ِ ،‬‬ ‫هلل تعالى‪ ،‬فهو بهذا‬ ‫يظلمها ألنها مخلوقة لطاعة اهلل‪ ،‬فإذا جا َن َب ر َِضى ا ِ‬ ‫هلل تعالى فقد َظ َل َم َها وأسا َء إليها‪ ،‬و ِب َقدْ ِر ُبعده عن اهلل يكون‬ ‫لمه لها‪ ،‬ومن األدلة على ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ُظ ُ‬ ‫(((()‬ ‫ﮠﮡﱪ ‪.‬‬ ‫صورا كثيرةً‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وهذا النوع يشمل ً‬ ‫اإلنسان َن ْف َس ُه فيما بينه وبني اهلل تعالى‪ ،‬ومنه‪ُ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ترك الواجبات الشرعية من الصالة والزكاة والصيام‪،‬‬ ‫أ‪ُ -‬ظ ْل ُم‬ ‫ُ‬ ‫وفعل المْحُ َ َّر َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والكذب‪.‬‬ ‫ات من الزنا وتناولِ المْ ُ ْس ِكرات واملخدِّ رات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫بالتشديد عليها في عمل اآلخرة وحتميلها ما ال تُطيق‪.‬‬ ‫ب‪-‬ظ ْل ُم ُه َن ْف َس ُه‬ ‫ت‪ُ -‬ظ ْل ُم ُه َن ْف َس ُه في أمر الدنيا باملشقة عليها مبا َيثقل عليها أو ال تطيقه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ث‪-‬ظ ْل ُم ُه َن ْف َس ُه بإلقائها في الته ُلكة بأي نوع من أنواع الته ُلكة‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬االنتحار بأي نوع أو شكل ومنه‪:‬‬ ‫التهور في قيادة السيارة‪ُ ،‬‬ ‫وشرب الدُّ َخان‪.‬‬ ‫حيوان‪ :‬والغالب أن ُّ‬ ‫إنسان أو‬ ‫الثالث‪ُ :‬ظلم اإلنسان لغيره من‬ ‫الظ ْل َم إذا أطلق في النصوص فإمنا يراد به هذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫النوع‪ ،‬وأما غيره من األنواع فالغالب أن يكون في السياق قرين ٌة تدل على إرادته‪ .‬وهذا النوع من ُّ‬ ‫الظ ْل ِم هو املراد‬ ‫لم اإلنسان لنفسه‪.‬‬ ‫بهذا احلديث باملقام األول‪ ،‬و َيدخُ ُل فيه ً‬ ‫أيضا ُظ ُ‬ ‫صورا كثير ًة من ُّ‬ ‫لم منها‪:‬‬ ‫الظ ِ‬ ‫ويشمل ذلك ً‬ ‫والنصح لهما‪.‬‬ ‫أ‪ُ -‬ظ ْل ُم الوالدين؛ بترك ِب ِّرهما‬ ‫ِ‬ ‫ب‪ُ -‬ظ ْل ُم الولد؛ بترك تربيته أو النفق ِة عليه‪ ،‬أو بأذيته بأي نوع من األذى كضربه من غير سبب‪.‬‬ ‫راتب‪ ،‬أو َل ْع ِنها أو َس ِّب َها َو َش ْت ِم َها‪ ،‬أو ضربها بغير سبب شرعي‪ ،‬أو‬ ‫ت‪ُ -‬ظ ْل ُم الزوجة؛ بأخذ ما ِلها من َصدَ ٍاق أو ٍ‬ ‫ترك النفقة عليها‪ ،‬أو ترك نصحها وإرشادها إلى اخلير‪.‬‬ ‫الزوج؛ بترك حقوقه التي جتب له‪ ،‬أو بهجره بغير وجه شرعي‪ ،‬أو باإلساءة إليه عند اآلخرين بالكالم‬ ‫ث‪ُ -‬ظ ْل ُم ِ‬ ‫فيه بدون وجه حق‪ ،‬أو اخلروج من بيته بغير إذنه‪ ،‬أو إدخال بيته من ال يرضاه‪ ،‬أو خيانته في ِع ْر ِضه‪.‬‬ ‫ج‪ُ -‬ظ ْل ُم اخلاد ِم والسائق والعامل ونحوهم؛ بتحميله ما ال يطيق من العمل‪ ،‬أو أكل بعض حقه‪ ،‬أو تأخير راتبه‬ ‫أو اخلصم منه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫املوظف من ِق َب ِل ُم ِدي ِر ِه؛ بتحميله ما ال يطيق من العمل‪ ،‬أو ِح ْر َما ِن ِه من َت ْر ِق َيةٍ َي ْس َت ِح ُّقها‪ ،‬أو فص ِله من‬ ‫ح‪-‬ظ ْل ُم‬ ‫غير سبب يدعو لذلك‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 13‬من سورة لقمان‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 110‬من سورة النساء‪.‬‬

‫‪129‬‬


‫خ‪ -‬اإلساءة لآلخرين وإيذائهم بغير حق كاالعتداء عليهم في أ َن ْف ِسهم‪ ،‬أو أ َموا ِلهم‪ ،‬أو ِأع ْر ِ‬ ‫هم؛ فمن َق َت َل‬ ‫اض ِ‬ ‫أي أذًى في ِ‬ ‫نفسه أو ما ِله أو‬ ‫إنسانا بغير حق‪ ،‬أو ض َر َبه أو َش َت َمه أو َس َّبه أو َل َعنه أو َأ َخ َذ ما َله أو أ ْف َسدَ ه أو آذاه َّ‬ ‫حق من حقوقه‪ ،‬أو َم َن َعه من الوصول إليه بأي وجهٍ من الوجوه‬ ‫ِع ْر ِض ِه؛ فهو ظالم له‪ ،‬ومن َم َن َع إنسا ًنا من أخذ ٍّ‬ ‫فقد َظ َل َمه‪.‬‬ ‫الظلم ك ِّله قلي ِل ِه وكثي ِر ِه‪ ،‬صغي ِر ِه وكبي ِر ِه‪َ ،‬على املس ِل ِم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبعيد‪ ،‬ومن‬ ‫والقريب‬ ‫والكا ِفرِ‪،‬‬ ‫‪ -3‬دل احلديث على حترمي‬ ‫ِ‬ ‫أحد ‪.‬‬ ‫ألي ٍ‬ ‫أي أحد كان ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ -4‬كما يحرم الظلم بطريق مباشر؛ فكذلك يحرم ُّ‬ ‫شخص من يؤذيه‬ ‫الظ ْل ُم بطريق غير مباشر؛ مثل‪ :‬أن ُي َس ِّل َط على‬ ‫ٍ‬ ‫من خادم أو ولد أو صديق أو مرتزق‪ ،‬وهكذا اإلعانه على ُّ‬ ‫الظ ْل ِم بأي وجهٍ من الوجوه؛ فمن أعان ظالمِ ًا فهو مشارك‬ ‫له في ُّ‬ ‫الظ ْل ِم‪ ،‬والواجب على املسلم في هذه األحوال أن مينع الظا ِل َم من ظلمه مبا يستطيعه من قول أو فعل‪.‬‬ ‫‪ُ -5‬ي َن ِّب ُه النبي ‪ ‬إلى أن ُّ‬ ‫لمات يوم القيامة حا ّثًا بذلك على تجَ َ ُّنبِه وتو ِّقيه في حياة املسلم ك ِّلها‪ ،‬وقد جاء‬ ‫الظ ْل َم ُظ ٌ‬ ‫للهَّ‬ ‫النبي ‪« :‬ا َّت ُقوا‬ ‫األمر بتو ِّقيه صراحة في رواية َجا ِب ِر بن عبد ا ِ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬لهذا احلديث‪ ،‬حيث قال ُّ‬ ‫(((()‬ ‫الظ ْل َم‪ ،‬فإن ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ات يوم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫الظ ْل َم ُظ ُل َم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يعجل اهلل تعالى عقوب َة الظالم في الدنيا‪ ،‬وقد يؤخرها لعله يتوب ويترك الظلم‪ ،‬فإن لم يتب فإن اهلل تعالى‬ ‫‪ -6‬قد ِّ‬ ‫قد يعاقبه في الدنيا أو يجمع عليه عقوبة مظالمِ ِ ِه يوم القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫(((()‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫األشعري ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل‬ ‫قال‬ ‫وسى‬ ‫ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﱪ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ ،‬وعن أبي ُم َ‬ ‫‪ِ « :‬إ َّن اللهَّ َ َل ُي ْم ِلي ِل َّ‬ ‫لظا ِل ِم حتى إذا َأ َخ َذ ُه لم ُي ْف ِل ْت ُه»‪ ،‬قال‪ُ :‬ث َّم َق َر َأ ‪َ («:‬و َك َذ ِل َك َأخْ ُذ َر ِّب َك إذا َأ َخ َذ ا ْل ُق َرى َو ِه َي‬ ‫(((()‬ ‫يم َش ِديدٌ ) »‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫َظالمِ َ ٌة ِإ َّن َأخْ َذ ُه َأ ِل ٌ‬ ‫‪ -7‬عندما يسعى الناس على الصراط يوم القيامة‪ ،‬ويحتاجون فيه إلى النور ليضي َء لهم الطريق‪ ،‬وليس إال األعمال‬ ‫تلف الظا ِل َم ُظلمات ُّ‬ ‫الصاحلة تضي ُء لصاحبها‪ ،‬وكل أحد فنوره على قدر أعماله‪ ،‬فهنا ُّ‬ ‫الظلم فال ُيبصر الطريقَ‬ ‫يص من النور ليواصل الطريق‪ ،‬والويل ملن انطفأ نو ُره؛‬ ‫وقت هو‬ ‫على الصراط في ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أحوج ما يكون فيه إلى أدنى َب ِص ٍ‬ ‫فليس دونَّه إال جهنم أعاذنا اهلل منها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -8‬يجوز للمظلوم أن َيدْ ُع َو على من َظ َل َم ُه بأن ينتقم اهلل منه‪ ،‬أو يصيبه مبثل ما أصابه به من الظلم‪ ،‬ودعوتُه‬ ‫مستجابة بإذن اهلل تعالى؛ ألن اهلل تعالى َينص ُر املظلو َم وال ُي ِح ُّب الظا ِل َم‪ ،‬وإن ع َفا عن ظالمِ ِ ِه و َت َر َك الدعا َء عليه؛‬ ‫رجاء ما عندَ ا ِ‬ ‫هلل تعالى فذلك خي ٌر له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫(((‬ ‫ﯜﯝﱪ ( ) ‪.‬‬ ‫والعمال؛ فإن هؤالء إذا لم يكن لهم َمن ينص ُرهم من‬ ‫‪َ -9‬ي ِج ُب احلذ ُر من ُظلم الضعفا ِء كالصغار والنساء واخلدم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫الناس فإن اهلل تعالى يتولى نص َرهم؛ وقد جاء في حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن النبي ‪َ ‬‬ ‫«قال اهلل َت َعا َلى‪َ :‬ثال َث ٌة‬ ‫اس َت ْو َفى منه‬ ‫أ َنا َخ ْص ُم ُه ْم يوم ا ْل ِق َيا َم ِة‪َ :‬ر ُج ٌل َأ ْع َطى بِي ُث َّم َغدَ َر‪َ ،‬و َر ُج ٌل َباعَ ُح ًّرا َف َأ َك َل َث َم َن ُه‪َ ،‬و َر ُج ٌل ْاس َت ْأ َج َر َأ ِج ًيرا َف ْ‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب البر والصلة واآلداب‪َ ،‬باب تحَ ْ ِر ِمي ُّ‬ ‫الظ ْل ِم ‪. )2578(1996/4‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 42‬من سورة إبراهيم عليه السالم‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬باب قوله تعالى‪( :‬وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظاملة إن أخذه أليم شديد) ‪، )4409( 1726/4‬‬ ‫ومسلم في كتاب البر والصلة واآلداب ‪ ،‬باب حترمي الظلم ‪ ، )2583(1997/4‬واآلية املذكورة من سورة هود عليه السالم رقم ‪.102‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪ 40‬من سورة الشورى‪.‬‬

‫‪130‬‬


‫(((()‬

‫(((‬ ‫كنت َخ ْص َم ُه َخ َص ْم ُت ُه»‪.‬‬ ‫وابن ماج ْه‪َ « :‬و َم ْن ُ‬ ‫ولم ُي ْع ِط ِه َأ ْج َر ُه»‪.‬رواه البخاري( ) ‪ ،‬وألحمدَ ِ‬ ‫‪َ -10‬ي ِج ُب على الظالم بأي نوع من الظلم أن يتوب إلى اهلل تعالى من ظلمه‪ ،‬ومن َت ِت َّمة التوبة ما يلي‪:‬‬ ‫مال فيجب عليه أن يتحلل من أصحابه‪ ،‬أو يعيده إليهم إن تيسر‪ ،‬وإال تصدق به عنهم‪.‬‬ ‫أ‪ -‬إن كان الظلم في ٍ‬ ‫أمر معنوي كالضرب والسب والشتم وجب عليه أن يتحلل من صاحبه إن تيسر ذلك‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إن كان الظلم في ٍ‬ ‫ت‪ -‬إن كان التح ُّلل قد يترتب عليه مفسدة‪ ،‬مثل‪ِ :‬‬ ‫الغيبة أو التعدي على ا َأل ْع َراض؛ فإنه يدعو له ويستغفر له حتى‬ ‫يرى أنه قد وفاه حقه‪.‬‬ ‫‪َ -11‬ي ِج ُب على ِّ‬ ‫كل مسلم َع ِل َم بمِ َْظ َل َمةٍ ألخيه املسلم أو أ ْبصرها وهو قاد ٌر على أن يدفعها أو يخفف منها بقوله أو‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫فعله أن يفعل ما يستطيعه من ذلك‪ ،‬وهذا في احلقيقة نُصرة منه للظالم واملظلوم‪ ،‬عن َأ َن ٍس ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول‬ ‫قال‬ ‫اك َظالمِ ًا أو َم ْظ ُلو ًما»‪ ،‬فقال َر ُج ٌل‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫اللهَّ ِ ‪« :‬اُن ُْص ْر َأ َخ َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪َ ،‬أن ُْص ُر ُه إذا كان َم ْظ ُلو ًما؛ َأ َف َر َأ ْي َت إ َذا َك َ‬ ‫ان َظالمِ ًا‬ ‫(((()‬ ‫َك ْي َف َأن ُْص ُر ُه؟ قال‪« :‬تحَ ْ ُج ُز ُه أو تمَ ْ َن ُع ُه من ُّ‬ ‫الظ ْل ِم فإن ذلك َن ْص ُر ُه»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬

‫نشاط‪1‬‬

‫من صور الظلم التي تكثر في املجتمعات ظلم الضعفاء من اخلدم واألطفال والنساء‪ ،‬تعاون مع‬ ‫زمالئك في ذكر ثالث صور لظلم هؤالء مقترح ًا لكل صورة حال يحدُّ من وقوعها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫ومعاهدة على نُصرة املظلوم في بيت عبداهلل بن ُجدعان ُعر ً‬ ‫ِف‬ ‫النبي ‪ ‬قبل البِعثة ِحلف ًا‬ ‫َ‬ ‫حضر ُّ‬ ‫بـ‪ِ :‬‬ ‫(ح ِ‬ ‫لف ال ُفضول) ‪ ،‬ارجع إلى كتب السيرة النبوية واذكر مختصرا عن‪ :‬سبب هذا الحْ ِ لف‪،‬‬ ‫وبنوده‪ ،‬وماذا قال عنه النبي ‪‬؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اإلجارة‪ ،‬باب إثم من منع أجر األجير ‪. ، )2150( 792/2‬‬ ‫‪ )2‬رواه أحمد ‪ ،358/2‬وابن ماجه في كتاب الرهون‪ ،‬باب أجر األجراء ‪. )2442(816/2‬‬ ‫اح ِب ِه إنه َأخُ و ُه إذا َخ َ‬ ‫ني ال َّر ُج ِل ِل َص ِ‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب اإلكراه‪َ ،‬باب يمَ ِ ِ‬ ‫اف عليه ا ْل َق ْت َل أو ن َْح َو ُه ‪ ، )6552(2550/6‬وملسلم نحوه من حديث‬ ‫جابر ‪ ‬في كتاب البر والصلة واآلداب‪َ ،‬باب ن َْص ِر الأْ َ ِخ َظالمِ ًا أو َم ْظ ُلو ًما ‪. )2584(1998/4‬‬

‫‪131‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما املراد بالظلم؟ وما أنواعه؟‬ ‫س‪ :2‬أي أنواع الظلم أشد؟ وملاذا؟‬ ‫س‪ :3‬مثل مبثالني لكل مما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ظلم النفس‪ .‬ب‪ -‬ظلم اآلخرين‪.‬‬ ‫س‪ :4‬كيف تكون توبة الظالم من مظامله؟‬ ‫س‪ :5‬ما عاقبة الظلم؟‬ ‫س‪َ :6‬‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪« :‬اُن ُْص ْر َأ َخ َ‬ ‫ُ‬ ‫اك َظالمِ ًا أو َم ْظ ُلو ًما»‪،‬كيف تكون نصرة املظلوم؟ وكيف تكون‬ ‫قال‬ ‫نصرة الظالم؟‬

‫‪132‬‬


‫احلديث الثاني والعشرين‪)............( :‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تستنتج األسلوب التعليمي في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم إيقاع األذى بالناس ومتثل له‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد املراد باملفلس في احلديث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم رد املظالم ألهلها‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني كيف تكون املقاصة يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج السبيل لتجنب اإلفالس يوم القيامة‪.‬‬ ‫لو استدان رجل أموال الناس لي َّتجر بها فخسر قي جتارته‪ ،‬فجاء الدائنون يطالبون بأموالهم‪ ،‬فإن القاضي يأمر بسحب‬ ‫أرصدته ليسدد الدائنني‪ ،‬ورمبا اضطر لبيع بعض ممتلكاته‪ ،‬فيصل بذلك إلى اإلفالس‪ ،‬لكن اإلفالس في اآلخرة‬ ‫أشدّ ‪.‬‬ ‫يبني ذلك احلديث التالي‪:‬‬

‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ‬قال‪َ « :‬أ َتدْ ُر َ‬ ‫ون ما المْ ُ ْف ِل ُس؟» قالوا‪ :‬المْ ُ ْف ِل ُس ِفي َنا من ال ِد ْر َه َم له وال‬ ‫اع‪ ،‬فقال‪ِ « :‬إ َّن المْ ُ ْف ِل َس من ُأ َّم ِتي َي ْأ ِتي يو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ب َِصالةٍ َو ِص َي ٍام َوز َ​َكاةٍ ‪َ ،‬و َي ْأ ِتي قد َش َت َم َه َذا‪َ ،‬و َق َذ َف‬ ‫َم َت َ‬ ‫َه َذا‪َ ،‬و َأ َك َل َم َ‬ ‫ال َه َذا‪َ ،‬و َس َف َك َد َم َه َذا‪َ ،‬و َض َر َب َه َذا؛ َف ُي ْع َطى َه َذا من َح َس َنا ِت ِه‪َ ،‬و َه َذا من َح َس َنا ِت ِه‪،‬‬ ‫َف ِإ ْن َف ِن َي ْت َح َس َنا ُت ُه قبل َأ ْن ُي ْق َضى ما عليه ُأ ِخ َذ من َخ َطا َيا ُه ْم َف ُطر َِح ْت عليه‪ُ ،‬ث َّم ُطر َِح في ال َّنارِ»‪.‬رواه‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مسلم‪.‬‬ ‫( عاقبة الظلم ) عنوان مناسب للدرس‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان أنسب واكتبه في أعلى‬ ‫الصفحة‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب البر والصلة واألدب‪ ،‬باب حترمي الظلم ‪ ، )2581(1997/4‬وقد رواه ابن حبان‪ )4411(259/10‬والبيهقي ‪ 93/6‬بلفظ‪:‬‬ ‫ون َم ِن المْ ُ ْف ِل ُس؟»‪ ،‬و‪ 303/2‬بلفظ‪« :‬هَ ْل تَدْ ُر َ‬ ‫ون َم ِن المْ ُ ْف ِل ُس؟»‪ ،‬ورواه أحمد‪ 334/2‬بلفظ‪ « :‬تَدْ ُر َ‬ ‫« َأتَدْ ُر َ‬ ‫ون َم ِن المْ ُ ْف ِل ُس؟»‪.‬‬

‫‪133‬‬


‫(ص��ورة لكتاب‬ ‫ صور من حياة‬‫الصحابة‪) -‬‬

‫ترجمة راوي احلديث(‪)13‬‬ ‫معالم من حياته‬ ‫ما أكثر شيء متيز به أبو هريرة ‪ ‬؟‬ ‫‪...................................................................................‬‬ ‫‪...................................................................................‬‬

‫إرشادات احلديث‬ ‫العظيم واملع ِّلم الرحيم‪ ،‬وأساليبه في التربية والتعليم متنوعة بقدر ما يحصل به التبليغ‬ ‫‪ -1‬النبي ‪ ‬هو المْ ُ َر ِّبي‬ ‫ُ‬ ‫والتأثير في الناس‪ ،‬وفي هذا احلديث يتخذ أكثر من أسلوب للدعوة هي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التعليم عن طريق إلقاء سؤال للحاضرين‪ ،‬وفي ذلك إثار ٌة لتفكيرهم وشدٌّ النتباههم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬احملاورة مع املتعلمني‪.‬‬ ‫ت‪ -‬ذكر األمثلة ملا يريد بيانه وتوضيحه‪.‬‬ ‫ث‪ -‬التفصيل والتبيني‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الترهيب من فعل احلرام‪.‬‬ ‫ح‪ -‬أسلوب السؤال عن بعض املعاني املعروفة للحاضرين‪ ،‬فحينما يخبرون مبا يعرفون يأتي مبعنى آخر لهذه‬ ‫األلفاظ التي سأله عنها‪ ،‬وهذا فيه نوع من إثارة الهمم وتثبيت املعلومة‪.‬‬ ‫ويظهر في احلديث تفاعل الصحابة ‪ ‬مع هذا األسلوب وجتاوبهم معه‪ ،‬ومشاركتهم للنبي ‪ ‬بإجابة سؤاله‪،‬‬ ‫تأد َبهم في اجلواب حيث قالوا‪ :‬المْ ُ ْف ِل ُس ِفي َنا‪ ،‬ف َب َّينوا أنهم يعرفون املفلس في اللغة العربية وحسب‬ ‫ويالحظ ُّ‬ ‫مفلس آخر غي ُر هذا فإنهم ال يعرفونه‪ ،‬ويتلقون بيان معناه من النبي ‪.‬‬ ‫العرف السائد عندهم‪ ،‬وأما‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -2‬دل احلديث على حترمي أ َذى الناس بأي لون من ألوان األ َذى‪ ،‬وقد جا َء اإلسالم بالترغيب في حسن التعامل‬ ‫مع اآلخرين ودفع األ َذى عنهم‪ ،‬وهذا املعنى مأخوذ من معنى اإلسالم نفسه؛ فقد ثبت عن النبي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬ ‫(((()‬ ‫«المْ ُ ْس ِل ُم َم ْن َس ِل َم المْ ُ ْس ِل ُم َ‬ ‫ون ِم ْن ِل َسا ِن ِه َو َي ِد ِه»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب المْ ُ ْس ِل ُم من َس ِل َم المْ ُ ْس ِل ُم َ‬ ‫اض ِل ا ِإل ْسلاَ ِم‬ ‫ون من ِل َسا ِن ِه َو َي ِد ِه ‪ ، )10(13/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َب َي ِان َت َف ُ‬

‫‪134‬‬


‫وشتمهم ِمن األخالق الذميمة التي يجب على املسلم أن يترفع عنها‪ ،‬قال زيد بن أسلم‪ :‬جعل رجل‬ ‫سب الناس‬ ‫‪ُّ -3‬‬ ‫ُ‬ ‫فلما َ‬ ‫بلغ باب داره التفت إليه فقال‪ :‬إني وأخي‬ ‫يسب عبد اهلل بن‬ ‫ُّ‬ ‫عمر‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬وابن عمر ساكت‪َّ ،‬‬ ‫((((‬ ‫)‬ ‫الرفيع‪ ،‬و أطلقَ ِلسا َنه َ‬ ‫يقتصوا منه بأن‬ ‫األدب‬ ‫و َمن َت َر َك هذا‬ ‫عاصما ال نسب الناس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بش ْتم اآلخرين‪ ،‬ولم ُّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ممِ‬ ‫يردوا عليه مثل ما ش َت َمهم به‪ ،‬ولم ي ُت ْب من ذلك ويتحلل َّن شتمه؛ أتَى يو َم القيامة يحمل وِزره‪ ،‬وهناك يكون‬ ‫ُّ‬ ‫األخذ ِمن حسناته‪ ،‬أو ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫احلط من سيئاتهم عليه‪.‬‬ ‫القصاص العادل الذي ال يغادر صغيرة وال كبيرة‪ ،‬وليس إال‬ ‫‪ -4‬ال َق ْذ َف بالزنا أو اللواط من احمل َّرمات الكبيرة التي حذر منها الشرع؛ حماية لألعراض عما يدنسها ويشينها‪ ،‬فقال‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﱪ(((()‪ ،‬كما‬ ‫َي ْح ُرم القذف بغير ذلك كأن يقول لشخص‪ :‬يا فاجر أو يا خبيث‪ ،‬أو يا كافر أو يا منافق أو نحو ذلك مما فيه‬ ‫إيذا ٌء للمسلم‪.‬‬ ‫‪ -5‬لقد أمر اإلسالم بحفظ أموال الناس‪ ،‬وح َّرم أك َلها بأي وجه من الوجوه‪ ،‬مثل‪ :‬الغصب‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وجحد‬ ‫كثيرا أم قليالً‪ ،‬وإذا كان املرء ضعي ًفا اشتدَّ حترمي‬ ‫العار َّية‪ ،‬وتضييع األمانة‪ ،‬وأكل امليراث‪ ،‬وسواء أكان هذا املال ً‬ ‫أكل ما ِله؛ كاليتيم واملرأة والصغير‪ ،‬والواجب على من أخذ ما ًال بغير حق أن ير َّده لصاحبه‪ ،‬ويتح َّل َل منه‪ ،‬وإال‬ ‫ِ‬ ‫فلينتظر ِ‬ ‫القصاص العادل يوم القيامة‪ ،‬وإمنا يكون باحلسنات والسيئات‪.‬‬ ‫فمن َس َف َك الدماء املعصومة فقد ارتكب كبير ًة من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫‪ -6‬لقد ح َّرم اإلسالم سفك الدماء إال بحقها‪َ ،‬‬ ‫حق َمن َس َف َك َد َم ُه‪ ،‬وليس معه يوم‬ ‫وع َّرض نفسه لسخط اهلل وعقوبته‪ ،‬وبقي عليه فوق هذا أن يتخلص من ِّ‬ ‫القيامة ما يوفيه حقه إال أن يأخذ هذا من حسناته‪ ،‬فإن بقي عليه شيء طرح من سيئاته عليه‪ ،‬ثم طرح في‬ ‫النار‪.‬‬ ‫حق جرمي ٌة ال يرضاها الشرع‪ ،‬ويعا ِقب عليها في الدنيا ِ‬ ‫القوي على الضعيف َّ‬ ‫بالقصاص‬ ‫‪ -7‬ت َ​َس ُّل ُط‬ ‫بالض ْر ِب بغير وجه ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫أو ال َّتعزير‪ ،‬وإن لم يأخذ الضعيف ح َّقه في الدُّ نيا فإن ِ‬ ‫القصاص العدل يكون يو َم القيامة باألخذ من حسنات‬ ‫عبد اللهَّ ِ بن ُأ َن ْي ٍس ‪ ‬عن النبي ‪ ‬في ذكر ِ‬ ‫حديث ِ‬ ‫ُ‬ ‫القصاص يوم القيامة وفيه‪« :‬أن اهلل تعالى‬ ‫ظامله‪ ،‬وقد َث َب َت‬ ‫يقول‪َ :‬ال ينبغي َأل َح ٍد َأ ْن َيدْ خُ َل ال َّنا َر َو َل ُه ِع ْندَ َأ َح ٍد من َأ ْه ِل الجْ َ َّن ِة َح ٌّق َح َّتى َأ ُق َّص ُه منه‪َ ،‬و َال ينبغي َأل َح ٍد َأ ْن َيدْ خُ َل‬ ‫الجْ َ َّن َة َو َأل َح ٍد من َأ ْه ِل ال َّنا ِر ِع ْندَ ُه َح ٌّق َح َّتى َأ ُق َّص ُه منه َح َّتى ال َّل ْط َم ُة»‪ ،‬قال‪ُ :‬ق ْل َنا‪َ :‬ك ْي َف وأنَّا إمنا نأتي اللهَّ َ ع َّز َّ‬ ‫وجل‬ ‫(((()‬ ‫الس ِّيئ ِ‬ ‫ُع َرا ًة ُغ ْر ًال ُب ْهماً؟ قال‪ِ « :‬بالحْ َ َس َن ِ‬ ‫َات»‪.‬رواه أحمد والبخاري في األدب املفرد‪.‬‬ ‫ات َو َّ‬ ‫‪ِ -8‬‬ ‫القصاص ثابت بني العباد يوم القيامة‪ ،‬ويكون في جميع احلقوق واملظالم املا ِّدية واملعنوية‪ ،‬ووفاء احلقوق في‬ ‫ذلك اليوم ال يكون بالدينار والدرهم وإمنا باحلسنات والسيئات؛ فمن كانت عليه مظالم للعباد فإنهم يأخذون‬ ‫من حسناته بقدر ما ظلمهم ‪ ،‬فإن لم يكن له حسنات أو فنيت حسناته‪ ،‬فإنه يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه‪،‬‬ ‫ثم يطرح في النار‪ ،‬ولهذا يجب احلذر من ظلم الناس؛ فإن من كثرت مظامله كثر غرماؤه يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪ -9‬الذي يظلم الناس ويأخذ أموالهم بالباطل ويتعدى على حقوقهم‪ ،‬قد يظهر للناس غن ًّيا في الدُّ نيا‪ ،‬ولكنه في‬ ‫َو َأ ُّي ُأ ُمو ِر ِه َأ ْف َض ُل ‪. )40(65/1‬‬ ‫‪ )1‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪.185/4‬‬ ‫)‪2‬سورة األحزاب ‪ :‬آية ‪. 58‬‬ ‫‪ )3‬رواه أحمد ‪ ،495/3‬والبخاري في األدب املفرد ص‪ )970(337‬في باب املعانقة‪ ،‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني ‪ 475/2‬وقال‪:‬‬ ‫صحيح اإلسناد‪ ،‬وصححه الضياء في األحاديث املختارة ‪ ،25/9‬وقال املنذري (الترغيب والترهيب ‪ )218/4‬والهيثمي(مجمع الزوائد ‪)351/10‬‬ ‫‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وحسنه األلباني في صحيح الترغيب والترهيب ‪ ، )3608(230/3‬وصحيح األدب املفرد(‪. )570‬‬

‫‪135‬‬


‫واقع األمر مفلس إفالس ًا شنيع ًا عندما يلقى اهلل‪ ،‬وهو أحوج ما يكون إلى أقل القليل مما ينجيه من عذاب اهلل‪،‬‬ ‫الشافعي –رحمه اهلل‪ِ :-‬ب ْئ َس ال َّزا ِد إلى المْ َعا ِد ال ُعدْ َو ُان‬ ‫فإن اإلفالس احلقيقي هو اإلفالس من احلسنات‪ ،‬قال اإلما ُم‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ِ ِ (((()‬ ‫َعلى الع َباد‪.‬‬ ‫‪ -10‬يجب على األقوياء احلذر ِمن ُظلم ُّ‬ ‫الضعفاء؛ ألن الظلم إمنا يكون ممِ َّن ُأوتي زياد ًة على غيره في َبدَ ِن ِه أو رأيه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أو ما ِله أو ِ‬ ‫جاه ِه أو ُسلطانه؛ فيتسلط بها على َمن هو ُدو َنه؛ واهلل تعالى ينتصر للمظلوم‪ ،‬ويس ِّل ُطه على حسنات‬ ‫َم ْن َظ َل َم ُه فيأخذ منها ما يوافي ح َّقه‪ ،‬وهذا هو االنتصار احلقيقي‪ ،‬وذاك هو ال َف َل ُس احلقيقي واخلسارة الدائمة‪.‬‬ ‫‪ -11‬السبيل الشرعي إلى جتنب اإلفالس يوم القيامة‪ُ :‬‬ ‫ورد احلقوق ألهلها‪ ،‬فإن وقع اإلنسان في الظلم‬ ‫ترك الظلم ُّ‬ ‫فالسبيل إلى التخلص منه يكون بالتوبة إلى اهلل تعالى‪ ،‬والتخلص من حقوق الناس بردها لهم‪ ،‬أو التحلل منهم‬ ‫النبي ‪ ‬أنه َ‬ ‫قال‪َ « :‬م ْن َكا َن ْت َل ُه َم ْظ َل َم ٌة‬ ‫عند عدم القدرة على ردها أو لكونها من احلقوق املعنوية‪ ،‬وقد َث َب َت عن ِّ‬ ‫ون ِدي َنا ٌر وال ِد ْر َه ٌم‪ْ ،‬إن َ‬ ‫َأل َح ٍد ِم ْن ِع ْر ِض ِه أو َش ْيءٍ ؛ َف ْل َي َت َح َّل ْل ُه منه ا ْل َي ْو َم؛ َق ْب َل َأ ْن ال َي ُك َ‬ ‫كان َل ُه َع َم ٌل َصا ِل ٌح ُأ ِخ َذ ِم ْن ُه‬ ‫(((()‬ ‫َات َص ِ‬ ‫ات ُأ ِخ َذ ِم ْن َس ِّيئ ِ‬ ‫اح ِب ِه َف ُح ِم َل َع َل ْي ِه»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ِب َقدْ ِر َم ْظ َل َم ِت ِه‪َ ،‬و ِإ ْن لم ت َُك ْن له َح َس َن ٌ‬ ‫‪َ -12‬من مات وعليه ديون للناس أو حقوق فإن على ورثته قضاؤها من َتر َِك ِت ِه‪ ،‬وإن كانت عليه حقوق معنوية‬ ‫ِ‬ ‫صاحب احلق في إسقاط حقه عن امليت‪ ،‬وطلب التحليل‬ ‫من ظلم ونحوه فال بأس أن يسعى أولياء امليت لدَ ى‬ ‫منه والعفوِ واملسامح ِة؛ حتى يتخلص امليت من احلقوق التي عليه للناس فيخف عليه احلساب يوم القيامة‪،‬‬ ‫(((‬ ‫ويستحب لصاحب احلق حتليله؛ لقوله تعالى‪:‬ﱫ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﱪ ( ) ‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫موقف املسلم من أذى الناس ‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬أهم األسباب التي تؤدي إلى الوقوع في الظلم واالعتداء على اآلخرين‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ )1‬تأريخ مدينة دمشق ‪ ،411/51‬وتأريخ اإلسالم ‪ ،326/14‬وسير أعالم النبالء ‪ ،41/10‬ومثله للفضيل بن عياض في تأريخ مدينة دمشق‬ ‫‪ ،422/48‬واملجالسة وجواهر العلم ‪.404/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب املظالم‪ ،‬باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له هل ُي َبينِّ ُ َمظلمتَه ‪. )2317(865/2‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 40‬من سورة الشورى‪.‬‬

‫‪136‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪َ :1‬من املفلس يوم القيامة؟‬ ‫س‪ :2‬كيف ميكن الوقاية من اإلفالس في اآلخرة؟‬ ‫س‪ :3‬ما حكم اإلسراع في رد املظالم؟ وكيف ميكن التحلل منها؟‬ ‫س‪ :4‬من استدان من الناس وهو يريد األداء لكنه لم يستطع؛ فهل يشمله القصاص؟ استدل ملا‬ ‫تذكر‪.‬‬ ‫س‪َ :5‬ذ َك َر احلديث مناذج إليقاع األذى بالناس؛ اذكر مناذج أخرى لم َتر ِْد في احلديث‪.‬‬

‫‪137‬‬



‫ثالثًا ‪:‬‬

‫الثقافة‬ ‫اإلسالمية‬


‫حق الله تعالى وحق الرسول ‪‬‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تعدد حقوق اهلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ ‬تؤدي حقوق اهلل كما أمر سبحانه‪.‬‬ ‫‪ ‬تعظم اهلل وجتله وتثني عليه مبا هو أهله‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد حقوق النبي ‪.‬‬ ‫‪ ‬تصلي على النبي ‪‬عند ذكره‪.‬‬ ‫‪ ‬تنزل النبي ‪ ‬منزلته التي شرعها اهلل له‪.‬‬ ‫َمن الذين تعتقد أن لهم ح ًّقا عليك؟‬ ‫َمن أعظم هؤالء حقاً؟‬ ‫إن حق اهلل تعالى وحق رسوله ‪ ‬هي أعظم احلقوق على املسلم‪ ،‬فما حق اهلل تعالى؟ وما حق الرسول ‪‬؟‬

‫أوالً‪ :‬حق اهلل تعالى‬ ‫وأهمها‪ ،‬وهو أوالها باملراعاة‪ ،‬ألنه خالق الناس ‪ ،‬وكل نعمة فهي منه‪ ،‬ولقد ع ّرفنا حقه‬ ‫حق اهلل تعالى أعظم احلقوق ُّ‬ ‫علينا رحم ًة بنا‪ ،‬من غير احتياج منه لنا‪ ،‬ويلزم القيام به‪ ،‬وحقوق اهلل تعالى على خلقه متنوعة ميكن إجمالها‬ ‫فيما يأتي‪:‬‬ ‫‪140‬‬


‫‪ -1‬اإلميان بربوبيته‪ :‬وذلك بأن نؤمن بأنه اخلالق الرازق‪ ،‬احمليي املميت‪ ،‬ويتضمن ذلك‪ :‬اإلميان بأسمائه وصفاته‬ ‫على الوجه الذي يليق بجالله من غير تأويل وال تعطيل‪ ،‬وال تكييف وال متثيل‪.‬‬ ‫‪-2‬عبادته وحده ال شريك له‪ :‬وهذا هو توحيد األلوهية‪ ،‬والعبادة في اللغة‪ :‬التذلل واخلضوع‪.‬‬ ‫اسم جامع لكل ما يحبه اهلل ويرضاه‪ ،‬من األقوال واألعمال الباطنة والظاهرة(((() ‪.‬‬ ‫وفي الشرع‪ٌ :‬‬ ‫(((‬ ‫وعبادة اهلل هي الغاية من خلق اجلن واإلنس‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﱪ ( ) ‪ ،‬وقال‬ ‫(((()‬ ‫‪« :‬حق اهلل على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً»‪.‬‬ ‫فوق محب ِة ِّ‬ ‫‪-3‬محبته َ‬ ‫كل شيء‪ :‬وذلك ِمن أوجب الواجبات‪ ،‬وال يصح إميان العبد إال بها‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭽ‬ ‫ٌ‬ ‫كن‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال ‪:‬‬ ‫«ثالث من َّ‬ ‫(((()‬ ‫أحب إليه مما سواهما»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫فيه وجد َّ‬ ‫بهن حالوة اإلميان‪ :‬أن يكون اهلل ورسولُه َّ‬ ‫واحملبة احلقيقية‪ :‬هي التي تدفع صاحبها للعمل مبا يرضي ربه‪ ،‬فإن عالمة صدق هذه احملبة‪ :‬االتباع‪ ،‬كما في قوله‬ ‫تعالى‪ُ ( :‬ق ْل ِإن ُكن ُت ْم تحُ ِ ُّب َ‬ ‫ون اللهّ َ َفا َّت ِب ُعو ِني) (((() ‪ ،‬وثمرتها‪ :‬محبة اهلل تعالى للعبد‪ ،‬ومغفرة ذنوبه‪ ،‬كما في‬ ‫تتمة اآلية‪ُ ( :‬ي ْح ِب ْب ُك ُم اللهّ ُ َو َيغْ ِف ْر َل ُك ْم ُذنُو َب ُك ْم) ‪.‬‬ ‫قال احلافظ ابن حجر رحمه اهلل تعالى‪ :‬ومحبة العبد هلل حتصل بفعل طاعته وترك مخالفته(((() ‪.‬‬ ‫‪ -4‬مخافته جل وعال‪ ،‬ورجاؤُه‪ :‬واخلوف‪ :‬شعو ٌر في القلب يجعل صاحبه ِ‬ ‫حذراً مما يخافه‪ ،‬فمن خاف اهلل اتقاه‪،‬‬ ‫فاملؤمن يخاف اهلل ويخشاه‪ ،‬ويخاف عذابه‪ ،‬فهو يحذر مما يسبب غضب اهلل عليه‪ ،‬ومن خاف في الدنيا أ ِم َن‬ ‫في اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال‪ :‬ﱫ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬

‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫والرجا ُء هو‪ :‬التطلع إلى رحمته تعالى وفضله‪ ،‬مع القيام بالصاحلات واجتناب السيئات‪ ،‬وأما َمن يرجو رحمة اهلل‬ ‫َّ‬ ‫بال عمل‪ ،‬واحلصول على األجر وهو لم يقدِّ م شيئ ًا ِمن اخلير فهذا ِمن االغترار واألمل‪.‬‬ ‫وينبغي أن يوازن املؤمن بني اخلوف والرجاء؛ فيكون خائف ًا من اهلل تعالى دائماً‪ ،‬راجي ًا إياه‪ ،‬فإنه إن غلب عليه‬ ‫اخلوف قد يقع في اليأس والقنوط‪ ،‬وإن غلب عليه الرجاء قد يترك العمل ويعيش في األماني والرجاء الكاذب‪،‬‬ ‫قال تعالى في وصف بعض عباده‪ :‬ﱫ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﱪ ((‪. )((1‬‬ ‫‪ )1‬العبودية البن تيمية ص‪.38‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 56‬من سورة الذاريات‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب اسم الفرس واحلمار ‪ ، )2856(58/6‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب الدليل على أن من مات على التوحيد‬ ‫دخل اجلنة ‪. )30(58/1‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 165‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫َان ‪ ، )16(14/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َب َي ِان ِخ َص ٍال من ات َ​َّص َف بِهِ َّن َو َجدَ َحال َو َة ا ِإلمي ِ‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َحال َو ِة ا ِإلمي ِ‬ ‫َان‬ ‫‪. )43(66/1‬‬ ‫‪ )6‬آية ‪ 31‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )7‬فتح الباري ‪ 61/1‬شرح احلديث رقم (‪. )16‬‬ ‫‪ )8‬آية ‪ 46‬من سورة الرحمن‪.‬‬ ‫‪ )9‬آية ‪ 41 – 40‬من سورة النازعات‪.‬‬ ‫‪ )10‬آية ‪ 57‬من سورة اإلسراء‪.‬‬

‫‪141‬‬


‫‪ -5‬شُ كره َّ‬ ‫جل في ُعاله‪ :‬من أعظم حقوق اهلل تعالى شكره على جميع نعمه الظاهرة والباطنة‪ ،‬وقد أمر اهلل تعالى‬ ‫بشكره‪ ،‬ونهى عن جحود نعمته‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫وحقيقة الشكر‪ُ :‬ظهور أثر نعمة اهلل على لسان عبده بالثناء عليه واالعتراف بنعمه‪ ،‬وعلى قلبه مبحبته ُ‬ ‫وشهو ِد‬ ‫ِ‬ ‫واجب بالقلب‪ ،‬واللسان‪،‬‬ ‫باالنقياد له وطاع ِته‪ ،‬فالشكر ليس ُم َج َّر ُد النطق باللسان‪ ،‬بل هو‬ ‫ِن َع ِم ِه‪ ،‬وعلى جوارحه‬ ‫ٌ‬ ‫واجلوارح‪.‬‬ ‫ومن جحود نعمة اهلل‪ :‬استعمالها فيما يكرهه من الكفر والفسوق واملعاصي‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬حقُّ الرسولِ ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫الرسول ‪ ‬أفضل خلق اهلل‪ ،‬وسيدُ ولد آدم‪ ،‬وصاحب املنزلة الرفيعة واملقام احملمود(((() ‪ ،‬وفضله علينا عظيم؛‬ ‫فقد هدانا اهلل به لإلسالم‪ ،‬وأنقذنا به من الضالل‪ ،‬وقام بالدعوة خير قيام‪ ،‬فكان حريصا على هداية الناس متحمال‬ ‫لألذى في ذلك‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﱪ (((() ‪ ،‬ولذا فإن له علينا حقوقًا جتب مراعاتها‪،‬‬ ‫منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬اإلميان بأنه رسول اهلل تعالى‪ ،‬أرسله إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وهادي ًا إلى اهلل وسراج ًا منيراً‪ ،‬وأنه خامت‬ ‫ان ُم َح َّمدٌ َأ َبا َأ َح ٍد ِّمن ِّر َجا ِل ُك ْم َو َل ِكن َّر ُس َ‬ ‫األنبياء عليهم الصالة والسالم قال تعالى‪َّ ( :‬ما َك َ‬ ‫ول اللهَّ ِ َو َخاتمَ َ ال َّن ِب ِّينيَ)‬ ‫(((()‬

‫(((()‪.‬‬

‫ِ‬ ‫وجميع الناس‪ ،‬محبة صادقة ُتثْمر طاعته واتباع ُس َّن ِت ِه‪ ،‬قال‬ ‫واألمهات‪ ،‬واألوال ِد‬ ‫‪-2‬محبته ‪ ‬فوق محبة النفس واآلبا ِء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪«:‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده‪ ،‬وولده‪ ،‬والناس أجمعني»(((() ‪ ،‬وعن عبد اهلل بن هشام‬ ‫‪ ‬قال‪ :‬كنا مع النبي ‪ ‬وهو ٌ‬ ‫إلي من‬ ‫آخذ بيد عمر بن اخلطاب ‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ألنت أحب ّ‬ ‫أحب إليك من نفسك»‪ ،‬فقال‬ ‫كل شيء إال من نفسي‪ .‬فقال النبي ‪« :‬ال والذي نفسي بيده‪ ،‬حتى أكون َّ‬ ‫إلي ِمن نفسي‪ ،‬فقال النبي ‪« :‬اآلن يا عمر»(((() ‪.‬‬ ‫عمر‪ :‬فإنه اآلن واهلل َ‬ ‫ألنت ُّ‬ ‫أحب َّ‬ ‫‪-3‬طاعته واتِّباعه‪ :‬فطاعته‪ :‬امتثال أمره‪ ،‬واجتناب نهيه‪ ،‬فأمره ونهيه حجة على كل من بلغه ذلك‪ ،‬ال يجوز‬ ‫للمسلم التأخر وال التواني عن االستجابة له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬

‫ﯤ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫‪ )1‬آية ‪ 152‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪ )2‬للتوسع انظر كتاب‪ :‬الشفا بتعريف حقوق املصطفى‪ ،‬للقاضي عياض بن موسى اليحصبي رحمه اهلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ )3‬املقام احملمود هو الشفاعة الكبرى للنبي ‪ ،‬انظر تفسير اآلية ‪ 79‬من سورة اإلسراء تفسير الطبري‪ ،‬وتفسير ابن كثير‪ ،‬وفتح الباري شرح‬ ‫احلديث رقم (‪ )614‬و(‪ )4719 ،4178‬و(‪ )6558‬في الرفاق باب صفة اجلنة والنار شرح احلديث احلادي عشر وهو أوسع املواضع‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 3‬من سورة الشعراء‪.‬‬ ‫‪ )5‬آية ‪ 40‬من سورة األحزاب‪.‬‬ ‫‪ )6‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب حب الرسول ‪. )15(58/1 ‬‬ ‫‪ )7‬رواه البخاري في كتاب األميان والنذور‪ ،‬باب كيف كانت ميني النبي ‪. )6632(523/11 ‬‬ ‫‪ )8‬آية ‪ 24‬من سورة األنفال‪.‬‬

‫‪142‬‬


‫ومن اتِّباعه‪ :‬االقتداء به في عبادته وسلوكه‪ ،‬وفي كل عمله ‪ ،‬مما هو داخل في حكم الواجب واملستحب‪،‬‬ ‫فالرسول ‪ ‬قدوة لنا‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬

‫ﯿ ﰀ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫وقد اهتم األئمة بجمع أحوال النبي ‪ ‬وأوصافه وأخالقه‪ ،‬ومن أحسن ما ُألف في هذا كتاب‪( :‬زاد املعاد في هدي‬ ‫خير العباد) للعالمة ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪.‬‬ ‫(صورة لكتاب زاد املعاد)‬

‫‪-4‬الصالة والسالم عليه ‪:‬وهي واجبة في الصالة‪ ،‬وعند ِذكره‪ ،‬ومشروعة في مواضع كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬في الصباح‪،‬‬ ‫واملساء‪ ،‬وفي كل مجلس‪ ،‬وبعد األذان‪ ،‬ويستحب اإلكثار منها يوم اجلمعة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫(((()‬ ‫علي‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﱪ‬ ‫‪.‬وفي فضلها قال ‪َ « :‬م َن َص َّلى ّ‬ ‫(((()‬ ‫ُ‬ ‫كرت عنده فلم ُي َص ِّل َع َل َّي»‬ ‫عشرا» (((() ‪ ،‬وفي ذم تاركها قال‬ ‫‪«:‬البخيل َمن ُذ ُ‬ ‫صال ًة واحد ًة ص َّلى اهلل عليه ً‬

‫‪.‬‬

‫‪ -5‬نشر ُس َّن ِت ِه ‪ ‬والذب عنها‪ ،‬والدعوة إليها وهذا ِمن حقوقه العظيمة ‪‬؛ إذ أن هد َيه وسن َته هي املصدر الثاني‬ ‫للتشريع اإلسالمي‪ ،‬وبها َك ُم َل الدين‪ ،‬و ُأتمِ َّت النعمة‪ ،‬وبنشرها ينتشر الدِّ ين في األرض‪ ،‬ويعم اخلير ويندحر‬ ‫ُ‬ ‫رءا َس ِم َع َم َقا َل ِتي َف َو َع َاها‪ُ ،‬ث َّم َأ َّد َاها ِإ َلى َم ْن َل ْم َي ْس َم ْع َها؛ َف ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ َال ِف ْق َه َل ُه‪،‬‬ ‫الشر‪ ،‬قال ‪َ « :‬ن َّض َر اهلل ا ْم ً‬ ‫َ ْ َ ِ (((()‬ ‫َو ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ ِإ َلى َم ْن ُه َو أفق ُه م ْنه»‬ ‫وض ٌ‬ ‫وتوقيرهم‪ :‬فمحبتهم واجب ٌة‪ ،‬وس ُّبهم ُم َح َّر ٌم َ‬ ‫الل(((() ‪َ ،‬ف ُه ْم َح َم َل ُة الدِّ ين‪ ،‬وأصحاب‬ ‫‪-6‬مح َّب ُة أصحابه ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫بعيب أو‬ ‫س ِّيد املرسلني‪ ،‬وخير الناس بعد النبيني‪ ،‬فال يجوز ألحد أن يذكرهم بذم‪ ،‬أو يطعن على ٍ‬ ‫أحد منهم ٍ‬ ‫َ (((()‬ ‫أح ِد ِهم َ‬ ‫وال َن ِصيف ُه»‬ ‫نقص‪ ،‬قال ‪« :‬ال تَس ُّبوا أصحابي‪َ ،‬ف َل ْو َّأن أحدَ كم أنفقَ مثل ٍ‬ ‫أحد َذ َهب ًا ما َب َل َغ ُمدَّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬

‫‪ )1‬آية ‪ 21‬من سورة األحزاب‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 56‬من سورة األحزاب‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في كتاب الصالة‪ ،‬باب الصالة على النبي ‪. )408(306/1 ‬‬ ‫‪ )4‬رواه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب قول النبي ‪ :‬رغم أنف رجل ‪ ، )3546(515/5‬وأحمد ‪ ،201/1‬والنسائي في اليوم والليلة(‪)56‬‬ ‫‪ ،‬وصححه ابن حبان ‪ ،190 ،189/3‬وحسنه احلافظ ابن حجر(فتح الباري ‪ ، )168/11‬والسخاوي (القول البديع ص‪. )142‬‬ ‫‪ )5‬صحيح جاء عن جمع من الصحابة منهم‪ :‬جبير بن مطعم وابن مسعود وزيد وأنس ‪(‬مسند أحمد‪،183/5 ،225/3 ،436/80،1/4‬وسنن‬ ‫أبي داود ‪، )3660(322/3‬والترمذي‪، )2658 (- )2656(33/5‬وابن ماجه‪ ) )236( - )230(86-84/1‬وذكره الك َّتاني في نظم املتناثر في‬ ‫احلديث املتواتر ص‪.33‬‬ ‫‪ )6‬انظر‪ :‬الصارم املسلول البن تيمية ص‪ 567‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ال ‪. )3673(21/7‬‬ ‫‪ )7‬رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب قول النبي ‪ :‬لو كنت متخذاً خلي ً‬

‫‪143‬‬


‫نشاط‪1‬‬

‫من حقوق اهلل تعالى تعظيمه‪ ،‬وعظمة املخلوق تدل على عظمة اخلالق‪ ،‬ابحث عن صورة تدل‬ ‫على عظمة اخلالق‪ ،‬وألصقها في املكان احملدد‪:‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫الناس في القيام بحقوق النبي ‪ ‬طرفان ووسط فمن الناس قام بحقوقه كما أمر اهلل‪ ،‬و ِمن الناس‬ ‫صورا‬ ‫من جفاه َّ‬ ‫وقصر في حقه‪ ،‬ومنهم َمن غال فيه وأنزله فوق منزلته التي وضعه اهلل فيها‪ ،‬أورد ً‬ ‫وصورا من اجلفاء له‪:‬‬ ‫من الغلو فيه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫صور اجلفاء فيه‬ ‫صور الغلو فيه‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬عدد حقوق اهلل على عباده‪ ،‬وما أعظم هذه احلقوق؟‬ ‫س‪ :2‬ما ثمرات محبة اهلل؟‬ ‫س‪ :3‬متى يكون الرجاء محمو ًدا ؟ ومتى يكون مت ِّني ًا مذموماً؟‬ ‫س‪ :4‬عدِّ د حقوق النبي ‪. ‬‬ ‫س‪:5‬ما وسائل تنمية محبته ‪‬؟‬ ‫س‪ :6‬اختر اإلجابة الصحيحة فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬جتب الصالة على النبي ‪:‬‬ ‫أ‪-‬في الصباح واملساء‪ .‬ب‪-‬يوم اجلمعة وليلتها‪ .‬ج‪-‬بعد األذان‪ .‬د‪-‬في الصالة‪.‬‬ ‫‪-2‬يبحث كتاب زاد املعاد في‪:‬‬ ‫أ‪-‬مسائل اليوم اآلخر‪ .‬ب‪-‬أحكام املعامالت‪ .‬ج‪-‬هدي النبي ‪ .‬د‪-‬التفسير‪.‬‬ ‫‪144‬‬


‫ُ‬ ‫وصور ِمن َه ْد ِي النبي ‪ ‬في ذلك‬ ‫الدعوة إلى الله تعالى‬ ‫ٌ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية الدعوة إلى اإلسالم‬ ‫‪ ‬تبني حكم الدعوة إلى اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج فضيلتني من فضائل الدعوة‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك غايات الدعوة إلى اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أخالق الدعاة إلى اهلل‪.‬‬ ‫ظهر االنحراف في البشر بعد أن كانوا على التوحيد واإلميان باهلل فأرسل اهلل الرسل ‪ ،‬ابتداء من نوح عليه السالم‬ ‫إلى خامتهم محمد ‪ ‬فما مهمة الرسل ؟ وما فضيلة من تابعهم في هذه املهمة؟‬ ‫إن مهمة الرسل هي الدعوة إلى اهلل وتبليغ شريعته وإصالح ما فسد من عقائد الناس ‪ ،‬ومن تابع الرسل في‬ ‫مهمتهم هم الدعاة إلى اهلل‪.‬‬ ‫أهمية الدعوة إلى اهلل‬ ‫ملا كان نبينا ‪ ‬هو خامت النبيني واملرسلني فال نبي بعده‪ ،‬وملا كانت رسالته للناس كافة‪ ،‬وإلى أن تقوم الساعة ‪ ،‬فإن‬ ‫أمته قد ُح ّملت أمانة الدعوة إلى اهلل من بعده‪ ،‬حيث أمرها اهلل تعالى بذلك ف‍ي قوله‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﱪ(((‪.‬‬ ‫وقد نالت هذه األمة احملمدية بهذا التكليف تشريف ًا على سائر األمم‪ ،‬حيث وصفها اهلل تعالى ف‍ي كتابه بقوله ‪:‬ﱫﭞ‬ ‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﱪ((( ‪ ،‬فجعل سبحانه اخليرية لها على‬ ‫سائر األمم بسبب ما تقوم به من األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وهذه وظيفة األنبياء واملرسلني عليهم السالم‪.‬‬ ‫فضائل الدعوة إلى اهلل‬ ‫الدعوة إلى اهلل تعالى من أجل األعمال وأفضلها‪ ،‬والداعي إلى اهلل هو أحسن الناس عند اهلل قو ًال‪ ،‬وأعظمهم أجراً‪،‬‬ ‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱪ(((‪.‬‬ ‫وعن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪َ «:‬من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور َمن تبعه الينقص ذلك ِمن‬ ‫أجورهم شيئاً‪ ،‬و َمن دعا إلى ضاللة كان عليه ِمن اإلثم مثل آثام َمن تبعه‪ ،‬الينقص ذلك من آثامهم شيئاً»(((‪.‬‬ ‫‪ . 1‬آل عمران‪104 :‬‬ ‫‪ . 2‬آل عمران‪110 :‬‬ ‫‪ . 3‬فصلت‪. 33:‬‬ ‫‪ 4‬رواه مسلم في كتاب العلم‪ ،‬باب َم ْن َس َّن ُس َّن ًة َح َس َن ًة َأ ْو َس ِّي َئ ًة َو َم ْن َد َعا ِإ َلى ُه ًدى َأ ْو َض َ‬ ‫ال َلةٍ ‪ ،‬رقم (‪. )6980‬‬

‫‪145‬‬


‫غاي ُة الدعوة إلى اهلل‬ ‫تتلخص غاي ُة الدعو ِة إلى اهلل تعالى في هدفني أساسيني هما‪:‬‬ ‫‪ -1‬إبالغ الرسالة وأداء األمانة‬ ‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮑﮒﮓﮔﮕﱪ‬

‫(((‬

‫حتملها ‪ ،‬وإبالغ رسالة اإلسالم‪ ،‬فيصدع باحلق ‪ ،‬ويدعو إلى‬ ‫فاملقصود األول للداعي إلى اهلل هو أداء األمانة التي ّ‬ ‫اخلير ‪ ،‬ويأمر باملعروف ‪ ،‬وينهى عن املنكر ‪ ،‬ويعلم اجلاهل ‪ ،‬ويقوم بالنصيحة هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني‬ ‫وعا ّمتهم‪.‬‬ ‫ولذا فإن الداعية إلى اهلل تعالى ال يصده عن دعوته شيء ألبته‪ ،‬فسواء استجاب له الناس ‪ ،‬وقبلوا دعوته‪ ،‬أم أعرضوا‬ ‫عنه‪ ،‬ولم يستجيبوا له‪ ،‬ألن مقصده وغايته امتثال أمر ر ّبه‪ ،‬والسعي إلى رضوانه بتبليغ دينه‪.‬‬ ‫‪ -2‬السعي إلى هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور‬ ‫قال تعالى‪:‬ﱫ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ﭳﱪ((( ‪.‬‬ ‫وعن سهل بن سعد الساعدي ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال يوم خيبر لعلي بن أبي طالب وقد أعطاه الراية‪« :‬انفذ على‬ ‫رسلك حتى تن‍زل بساحتهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى اإلسالم‪ ،‬وأخبرهم مبا يجب عليهم من حق اهلل تعالى فيه‪ ،‬فو اهلل ألن‬ ‫ال واحداً خير لك من حمر النعم»‪.‬متفق عليه(((‪.‬‬ ‫يهدي اهلل بك رج ً‬ ‫ولذا فإن الداعية ُيقبل على الناس بدعوته وف‍ي قلبه الرحمة بهم‪ ،‬والشفقة عليهم‪ ،‬واحلرص على هدايتهم‪ ،‬فيصبر على‬ ‫أذاهم‪ ،‬ويتحمل املشقة ف‍ي سبيل إيصال الهداية إليهم‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱪ(((‪.‬‬

‫‪ . 1‬املائدة‪. 67:‬‬ ‫‪ . 2‬إبراهيم‪1 :‬‬ ‫‪ 3‬البخاري في اجلهاد‪ ،‬باب ُد َعا ِء ال َّنب ِِّي ‪ِ ‬إ َلى ا ِإل ْس َ‬ ‫ال ِم والنبوة‪ ،‬رقم(‪ ، )102‬ومسلم في اجلهاد والسير‪ ،‬باب باب تأمير اإلمام األمراء على البعوث ووصيته‬ ‫إياهم بآداب الغزو وغيرها رقم(‪. )4619‬‬ ‫‪ . 4‬األنبياء‪107 :‬‬

‫‪146‬‬


‫أخالق الداعية إلى اهلل‬ ‫للداعي إلى اهلل تعالى آداب ينبغي له االلتزام بها لينجح في دعوته‪ ،‬من أهمها‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬لني الكالم وعذوبة املنطق‪:‬‬ ‫إن الكلمة اللينة العذبة تسري ف‍ي أعماق النفوس‪ ،‬حتى تأسرها أسراً رفيقاً‪ ،‬فتأخذ بزمامها ‪ ،‬وجتذب‍ها إليها ‪ ،‬وهي‬ ‫راضية مطمئنة‪ ،‬وقد قال اهلل تعالى مخاطب ًا موسى وأخاه وموجه ًا لهما في دعوة فرعون‪:‬ﱫ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫ﮮ ﮯ ﮰ ﱪ(((‪ .‬وقال تعالى ‪ :‬ﱫ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﱪ(((‪.‬‬ ‫ولقد ضرب الرسول ‪ ‬أروع األمثلة ف‍ي حسن اخلطاب و ِل ِ‬ ‫ني الكالم‪ ،‬و ِمن ذلك‪:‬‬ ‫‪ -1‬أنه ‪ ‬كان ف‍ي املوسم مبنى يعرض نفسه على القبائل‪ ،‬فأتى قوم ًا يقال لهم‪( :‬بنو عبد اهلل) ‪ ،‬فدعاهم إلى اهلل‪،‬‬ ‫وع َر َض عليهم نفسه‪ ،‬حتى إنه ليقول لهم‪ «:‬يابني عبد اهلل‪ ،‬إن اهلل عز و ّ‬ ‫جل قد أحسن اسم أبيكم»‪، (((،‬‬ ‫َ‬ ‫يتلطف لهم بذلك ‪.‬‬ ‫والطب ثمن ًا لترك الدعوة‪ ،‬وعدم مخاطبة قريش ب‍ها‪،‬‬ ‫‪ -2‬ولمَ ّا جاءه عتبة بن ربيعة يعرض عليه املال واجلاه والنساء‬ ‫َّ‬ ‫قال ‪«:‬أقد فرغت يا أبا الوليد؟»‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪«:‬فاسمع مني»‪ ،‬فتال عليه اآليات من سورة فصلت ‪ ،‬ثم‬ ‫ِاس ِم ِه َت َل ُّطف ًا ف‍ي اخلطاب‪.‬‬ ‫قال‪«:‬قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت‪ ،‬فأنت وذاك»((( ‪ .‬فيدعوه بكنيته ال ب ْ‬ ‫التبسم وطالق ُة الوجه‬ ‫ب ‪ُّ -‬‬ ‫التبسم وطالق ُة الوجه‪ ،‬وقد كان رسول اهلل ‪ ‬يظهر‬ ‫من أحسن السبل لتأليف القلوب واستجالبها لقبول الدعوة‪ُّ :‬‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫بن عبد ا ِ ‪َ « :‬ما َح َج َب ِني َر ُ‬ ‫سول ا ِ ‪ُ ‬م ْن ُذ‬ ‫البشاشة‪ ،‬ويكثر التبسم ألصحابه ‪ ،‬ومن َي ِفدُ عليه‪ ،‬قال َجرِي ُر ُ‬ ‫(((‬ ‫وال َرآ ِني إال َض ِح َك»‪.‬متفق عليه(((() ‪ ،‬وفي رواية للبخاري‪َ :‬‬ ‫َأ ْس َل ْم ُت‪َ ،‬‬ ‫«وال َرآ ِني إال َت َب َّس َم في َو ْجهِ ي»( ) ‪(((،‬وعن‬ ‫( )‬ ‫وف شي ًئا َو َل ْو َأ ْن َت ْل َقى َأ َخ َ‬ ‫أبي ذر ‪ ‬قال‪ :‬قال لي النبي ‪« :‬ال تحَ ْ ِق َر َّن ِم َن المْ َ ْع ُر ِ‬ ‫اك ِب َو ْجهٍ َط ْل ٍق»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬العفو واإلحسان‬ ‫مما يتألف به الداعية قلوب الناس‪ :‬العفو عنهم‪ ،‬واإلحسان إليهم‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﯪ ﯫ ﱪ(((‪ ،‬و ِمن عفوه ‪ ‬وإحسانه‪:‬‬ ‫ما قاله ‪ ‬لقومه يوم فتح مكة‪«:‬يا معشر قريش‪ ،‬ما ترون أني فاعل فيكم؟»‪ ،‬قالوا ‪ :‬خيراً‪ ،‬أخٌ كرمي‪ ،‬وابن أخ كرمي‪.‬‬ ‫قال‪«:‬اذهبوا فأنتم الطلقاء»‪ ،‬ثم جلس رسول اهلل ‪ ‬ف‍ي املسجد‪ ،‬فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة‬ ‫ُ‬ ‫بن‬ ‫ف‍ي يده‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬اجمع لنا احلجابة مع السقاية صلى اهلل عليك‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬أين‬ ‫عثمان ُ‬ ‫طلحة؟»‪ ،‬فدُ عي له‪ ،‬فقال‪َ «:‬‬ ‫فتاحك يا عثمان‪ ،‬اليو َم يو ُم ِب ٍّر َو َو َفاءٍ »(((‪.‬‬ ‫هاك ِم َ‬ ‫‪ . 1‬طه‪44 :‬‬ ‫‪ . 2‬النحل ‪125 :‬‬ ‫‪ . 3‬ابن هشام ـ السيرة النبوية ـ ‪. 424/1‬‬ ‫‪ . 4‬املصدر السابق ‪. 294/1‬‬ ‫للهَّ‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة ‪َ ، ‬باب ِذ ْك ُر َجرِي ِر بن عبد ا ِ ا ْل َب َج ِل ِّي ‪ ، )3611(1390/3 ‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة‬ ‫‪َ ،‬باب من َف َضا ِئ ِل َجرِي ِر بن عبد اللهَّ ِ ‪. )2475(1925/4 ‬‬ ‫‪ )6‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد والسير‪َ ،‬باب من ال َي ْث ُب ُت على الخْ َ ْي ِل ‪. )2871(1104/3‬‬ ‫‪ ) 7‬رواه مسلم في كتاب البر والصلة واآلداب‪ ،‬باب استحباب طالقة الوجه عند اللقاء ‪. )2626(2026/4‬‬ ‫‪ . 8‬املائدة‪13:‬‬ ‫‪ . 9‬ابن هشام ـ السيرة النبوية ـ ‪. 412/1‬‬

‫‪147‬‬


‫الدعوة ببيان محاسن الدين اإلسالمي‬ ‫َّ‬ ‫»إن من أكبر الدعوة إلى دين اإلسالم شرح ما احتوى عليه من احملاسن‬‫يقول العالمة ابن سعدي – رحمه اهلل‬ ‫ٌ‬ ‫التي يقبلها ويتقبلها ُّ‬ ‫رجال يشرحون حقائقه‪،‬‬ ‫عقل وفطرة سليمة‪ ،‬فلو تصدّ ى للدعوة إلى هذا الدين‬ ‫كل صاحب ٍ‬ ‫ويبينون للخلق مصاحله‪ ،‬لكان ذلك كافي ًا كفاية تام ًة في جذب اخللق إليه‪.(((»..‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫استنتج من النصوص اآلتية فضائل الدعوة مع توضيح وجه االستدالل‪:‬‬ ‫الفضيلة‬

‫النص‬ ‫قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱪ‪2.‬‬

‫قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﱪ‪3.‬‬ ‫قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱪ‪4‬‬

‫ال واحداً‪ ،‬خير لك من‬ ‫قال ‪« :‬ألن يهدي اهلل بك رج ً‬ ‫‪5‬‬ ‫حمر النعم»‪.‬‬ ‫قال ‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى كان َل ُه من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من‬ ‫‪6‬‬ ‫ص ذلك من ُأ ُجور ِ​ِه ْم َش ْي ًئا»رواه مسلم‪.‬‬ ‫َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُ‬ ‫اإلسالمي ص‪ ، . 8:‬ط‪ ،1419 ،1‬حتت إشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء‪.‬‬ ‫‪ . 1‬الدُّ رة املختصرة في محاسن الدين‬ ‫ّ‬

‫‪ .2‬فصلت‪ . 3 33 :‬آل عمران‪104 :‬‬ ‫‪ . 4‬آل عمران‪ .5 5 110 :‬أخرجه البخاري برقم ‪ ، )2942( :‬ومسلم برقم ‪. )2406 ( :‬‬ ‫‪ )6‬رواه مسلم في كتاب العلم‪ ،‬باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضاللة ‪. )2674( 2060/4‬‬

‫‪148‬‬

‫وجه االستدالل‬


‫نشاط ‪2‬‬

‫تنوعت وسائل الدعوة ‪ ،‬بني كيف ميكن توظيف الوسائل اآلتية في الدعوة إلى اهلل‪:‬‬ ‫التوظيف‬

‫م‬

‫الوسيلة‬

‫‪1‬‬

‫الكتاب املدرسي‬

‫‪2‬‬

‫اللوحات اإلعالنية‬

‫‪3‬‬

‫شبكة االنترنت‬

‫‪4‬‬

‫الفضائيات‬

‫‪5‬‬

‫‪...................‬‬

‫‪6‬‬

‫‪..................‬‬

‫(‪)1‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ِ :1‬من خالل ما درست في الوحدة بني حكم الدعوة إلى اهلل‪ ،‬مستد ًال ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما غايات الدعوة إلى اهلل؟‬ ‫س‪ِ :3‬من أخالق الداعية‪ :‬العفو والتسامح‪ ،‬أورد من مواقف النبي ‪ ‬ما يدل على ذلك‪.‬‬ ‫س‪ِ :4‬من األساليب املناسبة للدعوة إلى اهلل‪ :‬بيان محاسن اإلسالم‪ ،‬أورد ثالث ًا من محاسن اإلسالم‬ ‫التي ترى أنها مؤثرة في ترغيب الناس في الدخول فيه‪.‬‬

‫‪ )1‬يضيف الطالب وسيلتني‪ ،‬ثم يبني كيفية توظييفهما‪.‬‬

‫‪149‬‬


‫ام ُة‬ ‫االس ِت َق َ‬ ‫ْ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية الدعوة إلى اإلسالم‬ ‫‪ ‬تع ّرف االستقامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج فضل االستقامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني ما تتحقق به االستقامة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد ثمرات االستقامة‪.‬‬ ‫في ُسور ِة الفاحت ِة يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱪ ‪.‬‬

‫(((‬

‫مرارا في صلواتنا؛ فكم مرة نقرؤها كل يوم؟‬ ‫نحن نقرأ هذه اآلية الكرمية ً‬

‫هذه اآلية الكرمية اشتملت على سؤال االستقامة؛ فهل تفكرت يو ًما‪ :‬عالم يدل ذلك؟‬ ‫ما االستقامة؟ وكيف يحققها املؤمن؟ وما ثمراتها؟‬

‫تعريف االستقامة‬ ‫االستقامة‪ :‬ضد االعوجاج واالنحراف‪َّ ،‬‬ ‫فالشيء املستقيم هو املعتدل الذي ال اعوجاج فيه‪ ،‬ويأتي هذا في الحْ ِ ِّس َّيات‪،‬‬ ‫تقول‪ :‬هذا طريق مستقيم وهذا طريق ُم ْع َو ٌّج(((‪ ،‬كما يأتي في المْ َ ْعنو َّيات؛ كاالستقامة على الدِّ ين‪.‬‬ ‫واالستقامة في الشرع هي‪ :‬سلوك الصراط املستقيم‪ ،‬من غير ميل عنه مينة وال يسرة‪ ،‬ويشمل ذلك َ‬ ‫فعل الطاعات‬ ‫ك ِّلها الظاهر ِة والباطن ِة‪َ ،‬‬ ‫والثبات على ذلك حتى املمات‪.‬‬ ‫وترك المْ َنه َّيات ك ِّلها‪ ،‬الظاهر ِة والباطن ِة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واالستقامة واجبة قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪ(((‪ ،‬وقال النبي ‪ ‬للذي قال له‪ُ :‬ق ْل ِلي ِفي‬ ‫ا ِإل ْسال ِم َق ْوال ال َأ ْس َأ ُل َع ْن ُه َأ َح ًدا َب ْعدَ َك ؟ َق َ‬ ‫ال‪ُ (( :‬ق ْل آ َم ْن ُت بِاللهَّ ِ ثم ْاس َت ِق ْم ) ) (((‪.‬‬ ‫واالستقامة وسط بني الغلو والتقصير‪ ،‬وكالهما منهي عنه شرعا‪.‬‬ ‫أصل االستقامة‬ ‫وأصل االستقامة‪ :‬استقامة القلب على التوحيد‪ ،‬فمتى استقام على معرفة اهلل وخشيته وإجالله ومحبته ورجائه‬ ‫استقامت اجلوارح ك ُّلها على طاعته‪ ،‬فإن القلب َم ِل ُك األعضاء‪ ،‬وهى جنوده فإذا استقام امللك استقامت اجلنود‬ ‫والرعايا‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 6‬من سورة الفاحتة ‪.‬‬ ‫‪ . 2‬انظر‪ :‬التعريفات للجرجاني ص‪. 37‬‬ ‫‪ . 3‬هود‪.112:‬‬ ‫‪ . 4‬أخرجه مسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب جامع أوصاف اإلسالم رقم(‪ )168‬من حديث سفيان عبد اهلل الثقفي ‪. ‬‬

‫‪150‬‬


‫فضل االستقامة‬ ‫االستقامة هي سبيل احلياة السعيدة في الدنيا؛ فبها طمأنينة القلب‪ ،‬وطيب النفس‪ ،‬وراحة الضمير‪ ،‬وهي طريق‬ ‫العزة والكرامة بني الناس‪ ،‬فاملستقيم محل ثقة الناس‪ ،‬وموضع تقديرهم وإجاللهم‪ ،‬واالستقامة هي الرجولة احلقة‪،‬‬ ‫وبها يحصل االنتصار العظيم في معركة احلياة على األهواء والشهوات‪ ،‬وإيثار طريق اجلد وسبيل الظفر باملطالب‬ ‫العالية‪.‬‬ ‫ومن فضائلها أن اهلل تعالى أثنى على أهل االستقامة ووعدهم بالثواب اجلزيل في اآلخرة فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱪ (((‪،‬‬ ‫وقال تعالى‪:‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱪ (((‪.‬‬ ‫ما تتحقق به االستقامة‬ ‫تتحقق االستقامة مبعرفة اخلير واالجتهاد في فعله‪ ،‬ومعرفة الشر واالجتهاد في تركه‪ ،‬سواء في حقوق اهلل عز وجل‬ ‫أو حقوق عباده‪ ،‬وأعظم اخلير وأفضل الطاعات توحيد اهلل تعالى وإخالص العبادة له‪ ،‬ومتابعة الرسول ‪ ‬وذلك‬ ‫مقتضى الشهادتني‪.‬‬ ‫ومن شروط االستقامة‪ :‬أداء الفرائض والواجبات؛ من صالة وزكاة وصوم وحج‪ ،‬وبر الوالدين وصلة الرحم‪،‬‬ ‫والصدق واألمانة والوفاء بالوعد وغيرها من األخالق الواجبة‪ ،‬ومن شروطها‪ :‬اجتناب احملرمات‪ ،‬فال استقامة مع‬ ‫مقارفة املنكرات‪.‬‬ ‫ومما يعزز االستقامة ويثبتها‪ :‬اإلحسان إلى الناس‪ ،‬وبذل للمعروف‪ ،‬واالجتهاد في نوافل الطاعات من صالة‬ ‫وصدقة‪ ،‬فعن أبى هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إن اهلل قال‪َ :‬من عادى لي ول ًّيا فقد آذنته باحلرب‪ ،‬وما تقرب‬ ‫إلي مما افترضت عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت‬ ‫إلي عبدي بشيء َّ‬ ‫أحب َّ‬ ‫َّ‬ ‫سمعه الذى يسمع به‪ ،‬وبصره الذى يبصر به‪ ،‬ويده التى يبطش بها ورجله التي ميشي بها‪ ،‬وإن سألني ألعطينه‪،‬‬ ‫ولئن استعاذني ألعيذنه»(((‪.‬‬

‫‪ . 1‬األحقاف‪. 14-13:‬‬ ‫‪ . 2‬فصلت‪.30:‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب التواضع‪ ،‬رقم(‪. )6502‬‬

‫‪151‬‬


‫ثمرات االستقامة‪:‬‬ ‫‪ -1‬طمأنينة القلب‪ ،‬وانشراح الصدر بدوام الصلة باهلل عز وجل‪ ،‬واملداومة على طاعته‪.‬‬ ‫‪ -2‬عمارة األوقات بالطاعات واألعمال الفاضلة والنافعة‪ ،‬والبعد عن األقوال واألفعال املذمومة واملنكرة‪.‬‬ ‫‪ -3‬رفعة املستقيم وعلو منزلته‪ ،‬ومحبة القلوب له وثناء الناس عليه‪.‬‬ ‫‪ -4‬حسن العاقبة للمستقيم كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱪ (((‪.‬‬ ‫‪ -5‬صالح املجتمع‪ ،‬والترابط والتالحم بني أفراده‪ ،‬وشيوع األخالق الفاضلة فيه‪ ،‬وانتظام مصاحله‪ ،‬وسالمته من‬ ‫املنكرات والرذائل‪ ،‬ووفرة اخليرات في املجتمع كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﱪ‬ ‫(((‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫ﭡ ﭢ ﭣ ﱪ (((‪.‬‬

‫‪ . 1‬فصلت‪.30:‬‬ ‫‪ . 2‬اجلن‪.16 :‬‬ ‫‪ . 3‬األعراف‪.96 :‬‬

‫‪152‬‬


‫نشاط ‪:1‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك استنتج من النصوص واألقوال اآلتية الوسائل املعينة على االستقامة‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬

‫النص‬

‫الوسيلة‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﱪ‬ ‫[التكوير‪،]28 ،27:‬‬

‫‪2‬‬

‫قال رسول اهلل‏‏‪((  :‬‏ال يستقيم إميان عبد حتى يستقيم قلبه‪ ،‬وال‬ ‫‪77‬‬ ‫يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) )‬

‫‪3‬‬

‫قال‏‪:‬‏ ((استقيموا ولن حتصوا‪ ،‬واعلموا أن من أفضل أعمالكم‬ ‫‪78‬‬ ‫مؤمن) )‬ ‫الصالة‪ ،‬وال يحافظ على الوضوء إال‬ ‫ٌ‬

‫‪4‬‬

‫قال النبي ‪ ‬لعبد اهلل بن عمرو بن العاص هو يوصيه‪(( :‬‏لكل عمل‬ ‫‏‏شر ٌة‪،‬‏ولكل‏شرة َفتر ٌة‪،‬‏ فمن كانت‏فترته‏‏إلى سنتي فقد أفلح‪ ،‬ومن‬ ‫‪79‬‬ ‫كانت إلى غير ذلك فقد هلك) )‬

‫يموا‪ ،‬فقد سبقتم سبقا بعيدا‪،‬‬ ‫قال حذيفة ‪( :‬يا معشر القراء‪ْ ،‬اس َت ِق ُ‬ ‫‪5‬‬ ‫‪80‬‬ ‫بعيدا)‬ ‫فإن أخذمت ميينا وشماال لقد ضللتم ضال ًال ً‬ ‫‪6‬‬

‫قال ابن القيم رحمه اهلل‪« :‬وال تتم للعبد سالمته مطلقا حتى يسلم‬ ‫من خمسة أشياء‪ :‬من شرك يناقض التوحيد‪ ،‬وبدعة تخالف السنة‪،‬‬ ‫وشهوة تخالف األمر‪ ،‬وغفلة تناقض الذكر‪ ،‬وهوى يناقض التجريد»‪.‬‬

‫نشاط ‪2‬‬

‫بني أثر الصحبة الصاحلة على االستقامة مورداً منوذجا من آثار رفقة السوء‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫‪153‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬من خالل تعريف االستقامة ‪ ،‬حدد العالقة بني االستقامة والثبات على الدين‪.‬‬ ‫س‪ :2‬دل قوله تعالى ‪ ( :‬إن الذين قالوا ربنا اهلل ثم استقاموا ‪ ) ....‬اآلية على عدة ثمرات‬ ‫لالستقامة ‪ ،‬اذكرها‪.‬‬ ‫س‪ ( :3‬قليل دائم خير من كثير منقطع ) ‪ ،‬ما أثر هذا التوجيه على االستقامة؟‬ ‫س‪ :4‬ما أثر كل مما يلي على االستقامة ‪:‬‬ ‫أ‪-‬العلم ب‪ -‬الذكر ت‪ -‬الدعاء ث‪-4‬حب الدنيا ج‪-‬حب الشهوات‬

‫‪154‬‬


‫ال ِْعفَّ ُة‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف العفة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منزلة العفة في الشريعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مجاالت العفة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار العفة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعطي أمثلة ومناذج للعفة‪.‬‬ ‫متهيد‬ ‫قد ينتشر الفساد في بعض املجتمعات املعاصرة؛ فينتشر فيها‪ :‬الزنا والبغاء والرذيلة‪ ،‬والفساد اإلداري واملالي‪.‬‬ ‫وق��د سبق دي��ن اإلس�لام لإلشارة إل��ى خطورة الفساد بأنواعه‪ ،‬وأم��ر مبحاربته‪ ،‬ورس��خ في املقابل دعائم العفة‬ ‫والفضيلة‪.‬‬ ‫فما ِ‬ ‫الع َّف ُة؟ وما منزلتها في اإلسالم؟ وما مجاالتها وصورها؟ وما آثارها على الفرد واملجتمع؟‬ ‫تعريف ا ْل ِع َّفة‬ ‫العفة هي‪ :‬كف النفس عن احملارم وعما ال يجمل باإلنسان فعله(((‪.‬‬ ‫منزلتها في الشريعة‬ ‫ِ‬ ‫الع َّف ُة من األخالق احلميدة التي حث الشرع عليها ورغب فيها ملا لها من اآلثار احلميدة‪ ،‬وملا يترتب على فقدها من‬ ‫اخللل العظيم في أقوال املسلم وأفعاله وأحواله‪ .‬ومن الشواهد على أهميتها أن اهلل تعالى أمر بها رسوله ‪ ‬فقال‪:‬‬ ‫(((‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬كما أ َّد َبه ر ُّبه َّ‬ ‫أعف اخللق عما‬ ‫ﱫ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﱪ( ) ‪ ،‬فكان‬ ‫(((()‬ ‫في أيدي الناس‪ ،‬بل عن الدنيا وما فيها‪.‬‬ ‫وأثنى اهلل تبارك تعالى على الفقراء املتعففني عن املسألة‪ ،‬وأوصى بالبحث عنهم وتعهدهم بالعطاء فقال تعالى‪:‬‬

‫ﱫﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬ ‫(((()‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱪ‪.‬‬ ‫وأرشد إلى العفة َمن َلم يقدر على النكاح وال يستطع حتصيل ُمؤْ َن ِت ِه فقال تعالى‪:‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫(((()‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ‪ِ.‬‬ ‫‪ . 1‬األخالق اإلسالمية وأسسها ‪ ،561/2‬وانظر أدب الدين والدنيا للما وردي ص ‪.309‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪131‬من سورة طه‪.‬‬ ‫‪ )3‬األخالق اإلسالمية ‪.431/1‬‬ ‫‪ )4‬اآلية ‪273‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪33‬من سورة النور‪.‬‬

‫‪155‬‬


‫مجاالت ال ِع َّف ِة‪:‬‬ ‫‪ِ /1‬ع َّف ُة الف َْرج‪ :‬من أهم ما يتعفف عنه املسلم شهوة الفرج إذا كانت خارجة عن نطاق ما أحله اهلل عز وجل ؛ ملا‬ ‫يترتب على االنقياد لهذه الشهوة من إفساد للدين والدنيا‪ ،‬وقد جاء في القرآن الكرمي إشارة إلى هذه العفة في قوله‬ ‫(((‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ( ) ‪ ،‬واالستعفاف يكون بضبط النفس وحفظ‬ ‫اجلوارح‪ ،‬وعدم اخلوض فيما يثير هذه الشهوات من السماع المْحُ َ َّر ِم أو النظر المْحُ َ َّر ِم‪ ،‬وأن يكثر من االشتغال بالعبادة وال‬ ‫سيما الصوم‪ ،‬واحلرص على إشغال النفس مبا ينفع من أمور الدين والدنيا‪.‬‬ ‫‪ِ /2‬ع َّف ُة اللسان‪ :‬وتكون بالبعد عن القدح في األعراض بالسب والشتم والقذف وجتنب الغيبة والنميمة والفحش‬ ‫في القول‪ ،‬ومن عفة اللسان ترك األلفاظ النابية ‪ ،‬واالبتعاد عن أحاديث املجون والفجور ف َع ْن َع ْب ِد اللهَّ ِ بن مسعود‬ ‫لاَ ْ ِ ِ (((()‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫‪َ ‬ق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ « :‬ل ْي َس المْ ُؤْ ِم ُن ب َّ‬ ‫ِالط َّع ِان َوال ال َّل َّع ِان َولاَ ا ْل َف ِ‬ ‫اح ِش َو ال َبذيء »‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وههِ ْم َأ ْو َع َلى َم َن ِ‬ ‫اس ِفي ال َّنا ِر َع َلى ُو ُج ِ‬ ‫اخر ِ​ِه ْم ِإلاَّ َح َصا ِئدُ‬ ‫وحذر ‪ ‬من آفات اللسان وزالته فقال‪َ « :‬و َه ْل َي ُك ُّب ال َّن َ‬ ‫(((()‬ ‫َأ ْل ِس َن ِتهِ ْم»‪.‬‬ ‫‪ /3‬ال ِع َّف ُة عن املسألة‪ :‬حث اإلسالم على العمل ورغب فيه ‪ ،‬ونهى عن السؤال وحذر منه ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬ق َ‬ ‫َر ُس َ‬ ‫ال‪َ « :‬والَّ ِذي َن ْف ِسي ِب َي ِد ِه َأل ْن َي ْأخُ َذ َأ َحدُ ُك ْم َح ْب َل ُه َف َي ْح َت ِط َب َع َلى َظ ْه ِر ِه َخ ْي ٌر َل ُه ِم ْن َأ ْن َي ْأ ِت َي َر ُجال‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫َف َي ْس َأ َل ُه َأ ْع َطا ُه َأ ْو َم َن َع ُه»‪.‬‬ ‫ومما يبعث على العفة عما في أيدي الناس علم املرء بأن السؤال ذل في الدنيا‪ ،‬وعذاب وفضيحة في اآلخرة ف َع ْن َأبِي‬ ‫ْ ِ (((()‬ ‫ال رس ُ للهَّ‬ ‫ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬ ‫اس َأ ْم َوا َل ُه ْم ت َ​َكث ًُّرا َف ِإنمَّ َا َي ْس َأ ُل َج ْم ًرا َف ْل َي ْس َت ِق َّل َأ ْو ِل َي ْس َتكث ْر»‪.‬‬ ‫ول ا ِ ‪َ « :‬م ْن َس َأ َل ال َّن َ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ َ ُ‬ ‫ولل ِع َّف ُة بعد ذلك مجاالت أخرى منها‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ال ِع َّف ُة عن التطلع إلى ما لدى اآلخرين ِمن ُمتع احلياة الدنيا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‪-‬ع َّف ُة املرأة املسلمة عن التبرج‪ ،‬وعن اخلضوع بالقول‪.‬‬ ‫ت‪ -‬ال ِع َّف ُة عن كل قول وعمل محرم أو ال يليق وال يجمل باملسلم‪.‬‬

‫‪ )1‬اآلية ‪33‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )2‬أخرجه أحمد رقم ‪ ،3839‬والترمذي رقم ‪ ،1987‬والبخاري في األدب املفرد رقم ‪ ، 312‬واحلاكم ‪ 13 ، 12/1‬وصححه ووافقه الذهبي‪.‬‬ ‫‪ )3‬أخرجه الترمذي رقم ‪ ، 2619‬وقال حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪ . )4‬أخرجه البخاري رقم ‪.2047 ، 1480 ، 1470‬‬ ‫‪ . )5‬أخرجه مسلم رقم ‪.1041‬‬

‫‪156‬‬


‫ثمرات ال ِع َّفةُ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1 .1‬السالمة من اآلثام املوجبة للعقوبات العاجلة واآلجلة‪.‬‬ ‫‪ِ 2 .2‬‬ ‫الع َّف ُة من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬فعن عياض بن حمار ‪ ‬قال‪ :‬قال ‪« :‬أهل اجلنة ثالثة» وذكر منهم‪:‬‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫«وعفيف متعفف ذو عيال»‪.‬‬ ‫‪3 .3‬البعد عن إذالل النفس بسؤال الناس مما في أيديهم‪.‬‬ ‫‪ِ 4 .4‬‬ ‫الع َّف ُة باعثة على العمل والكسب حتى يؤ ِّمن اإلنسان حاجاته ويسلم من احلاجة لغيره‪.‬‬ ‫للهَّ‬ ‫الع َّف ُة سبب لعون اهلل تعالى للمرء ف َع ْن َأبِي َس ِع ٍيد الخْ ُ دْ ر ِِّي ‪ ‬أن َر ُس َ‬ ‫‪ِ 5 .5‬‬ ‫ول ا ِ ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َي ْس َت ْع ِف ْف ُي ِع َّف ُه‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫الص ْبرِ»‪.‬‬ ‫اللهَّ ُ‪َ ،‬و َم ْن َي ْس َتغْ ِن ُيغْ ِن ِه اللهَّ ُ‪َ ،‬و َم ْن َي َت َص َّب ْر ُي َص ِّب ْر ُه اللهَّ ُ‪َ ،‬و َما ُأ ْع ِط َي َأ َحدٌ َع َط ًاء َخ ْي ًرا َو َأ ْو َس َع ِم ْن َّ‬ ‫ِع َّف ُة نبي اهلل يوسف عليه السالم‬ ‫لقد كانت ِع َّف ُة يوسف عليه السالم من أعظم أمثلة ِ‬ ‫الع َّف ُة في تاريخ اإلنسانية‪ ،‬فقد كانت ِع َّف ُت ُه عن املعصية وصبره‬ ‫عنها عن طواعية واختيار مع قوة الدواعي‪ ،‬فإنه كان شاب ًا عزب ًا غريب ًا مملوكاً‪ ،‬والداعية للمعصية سيدته وهي ذات‬ ‫والصغار‪ ،‬ومع هذه الدواعي كلها صبر اختياراً‬ ‫منصب وجمال‪ ،‬وقد دعته إلى نفسها وتوعدته إن لم يفعل بالسجن َّ‬ ‫(((‬ ‫وإيثاراً ملا عند اهلل( ) ‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ‬

‫ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ‬ ‫(((()‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱪ ‪.‬‬

‫‪ )1‬أخرجه مسلم رقم ‪..7386‬‬ ‫‪ )2‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 1469‬ومسلم رقم ‪.1053‬‬ ‫‪ )3‬انظر ابن القيم مدارج السالكني ‪.155 /2‬‬ ‫‪ )4‬يوسف آية ‪.24 - 23‬‬

‫‪157‬‬


‫نشاط‪1‬‬

‫تعاون مع زمالئك في استنتاج التشريعات التي تنشر العفة وحتارب الرذيلة في سورة النور اآليات‬ ‫من ‪34 – 19‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫استنتج من النصوص اآلتية فضيلة من فضائل العفة أو ثمرة من ثمراتها‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬

‫النص‬

‫الفضيلة أو الثمرة‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ‬

‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﱪ [النور‪.]30:‬‬

‫قال رسول اهلل‏‏ ‪ ( :‬أربع إذا كن فيك فال عليك ما فاتك من الدنيا‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫حفظ أمانة‪ ،‬وصدق حديث‪ ،‬وحسن خليقة‪ ،‬وعفة في ُطعمة) ‪. 18‬‬ ‫كان من دعاء النبي‪ ( : ‬اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف‬ ‫‪3‬‬ ‫‪82‬‬ ‫والغنى )‬ ‫قال رسول اهلل‏‏ ‪ ( :‬ثالثة حق على اهلل عونهم‪ :‬املجاهد في سبيل‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3 8‬‬ ‫اهلل ‪ ،‬واملكاتب الذي يريد األداء ‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف) ‪.‬‬

‫نشاط ‪:3‬‬

‫يتعرض الشباب اليوم لفتنة الشهوات‪ ،‬ولكثرة املغريات فإن عفة الفرج أصبحت من األمور التي‬ ‫حتتاج ملجاهدة وصبر ‪ ،‬تعاون مع زمالئك في حتديد األسباب والدواعي لهذه الفتنة موضح ًا سبل‬ ‫الوقاية منها‪ ،‬ثم دونها في املكان املناسب ‪:‬‬ ‫األسباب‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫سبل الوقاية‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ - 1‬رواه اإلمام أحمد ( ‪ - 2 ) 138 / 10‬رواه مسلم برقم ‪. ) 2721 ( :‬‬ ‫‪ - 3‬رواه الترمذي وحسنه برقم ‪. )1655 ( :‬‬

‫‪158‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما العفة؟ وما منزلتها في اإلسالم؟‬ ‫س‪ :2‬وضح كيف يكون اإلنسان عفيف ًا في‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أقواله وألفاظه‪ .‬ب‪-‬مكاسبه و أمواله‪ .‬ت‪-‬فرجه وشهواته‪.‬‬ ‫س‪ :3‬من مجاالت العفة‪ :‬عفة املرأة املسلمة‪ ،‬بينِّ مظاهر عفة املرأة‪ ،‬وما آثارها على املجتمع؟‬ ‫س‪ :4‬ما ثمرات العفة التي حتصل عليها يوسف عليه السالم حني تعفف عن الزنا؟‬

‫‪159‬‬


‫ُ‬ ‫وأه ِّم ِّي ُت َها‬ ‫األخالق َ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف اخللق‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منزلة األخالق في الدين‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مجاالت األخالق‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار األخالق‪.‬‬ ‫تعريف األخالق‬ ‫األخالق جمع خُ لق‪ ،‬والخْ ُ لق في اللغة‪ :‬الدِّ ين والطبع والسج َّي ُة‪ ،‬ويطلق على صفات اإلنسان الباطنة التي ميكن‬ ‫وصفها باحلسن والقبح‪ ،‬كالصدق واألمانة واحلياء ونحوها‪.‬‬ ‫(((‬ ‫واألخالق في االصطالح‪ :‬صفات راسخة في النفس‪ ،‬ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة ‪ .‬والغالب أنه‬ ‫يطلق على األخالق احملمودة‪ ،‬فيقال مثال‪ :‬فالن ذو أخالق‪ ،‬أو ليس عنده أخالق‪.‬‬ ‫أهمية األخالق‬ ‫األخالق إحدى الركائز الرئيسة في احلياة اإلنسانية‪ ،‬فهي التي تضبط الفرد وتوجه سلوكه إلى ما يعود عليه باخلير‪،‬‬ ‫وحتفزه إلى الصعود في مراتب الكمال‪ ،‬والسعي اجلاد إلى معالي األمور ومحاسن األفعال‪ .‬وهي ضرورة اجتماعية‬ ‫تضمن للناس التعايش في أمن واستقرار‪ ،‬آخذين ما لهم ومؤدين ما عليهم‪ ،‬ومتعاونني على حتقيق مصاحلهم‪.‬‬ ‫وبفقد األخالق الفاضلة وشيوع أضدادها من الكذب والغش واخليانة… تضطرب أحوال الناس وتتقطع أواصر‬ ‫األلفة واحملبة بينهم‪ ،‬فال يأمن بعضهم بعض ًا وتنعدم الثقة بينهم ‪.‬‬ ‫ومن الشواهد على ضرورة األخالق في احلياة االجتماعية‪ ،‬أنه لوال فضيلة الصدق لعدمت الثقة بالعلوم واملعارف‬ ‫واألخبار‪ ،‬ولوال فضيلة األمانة في اإلنسان النقطعت رابطة مهمة من الروابط التي تصله مبجتمعه‪ ،‬وغدا الناس ال‬ ‫يأمنونه على شيء ذي قيمة معتبرة لديهم‪ ،‬وهكذا سائر مكارم األخالق؛ كلما فقد خلق انقطعت في مقابله رابطة‬ ‫من روابط املجتمع حتى يصير املجتمع متفكك ًا منهاراً‪.‬‬ ‫منزلة األخالق في اإلسالم‬ ‫‪ -1‬ارتباط الخْ ُ ُل ِق باإلميان قو ًة وضعفاً‪.‬‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫األخالق احلسنة من اإلميان ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫َان ب ِْض ٌع َو َس ْب ُع َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪« :‬ا ِإلمي ُ‬ ‫ون ُش ْع َبةً‪َ ،‬والحْ َ َيا ُء‬

‫ُش ْع َب ٌة من ا ِإلمي ِ‬ ‫َان»‪.‬متفق عليه‪.‬‬

‫(((()‬

‫‪ . 1‬عبد الرحمن امليداني‪ :‬األخالق اإلسالمية وأسسها ‪. 7/1‬‬ ‫َان ‪، )9(12/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َب َي ِان َعدَ ِد شُ َع ِب الإْ ِ مي ِ‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب ُأ ُمو ِر الإْ ِ مي ِ‬ ‫َان َو َأ ْف َض ِل َها َو َأ ْد َناهَ ا َو َف ِضي َل ِة الحْ َ َيا ِء‬

‫‪160‬‬


‫فاحلياء من اإلميان وكذا الصدق‪ ،‬والصبر‪،‬والشكر‪ ،‬والكرم‪ ،‬والتواضع وسائر األخالق احلميدة التي أمر اهلل بها أو‬ ‫أمر بها رسوله ‪ ‬من اإلميان‪.‬‬ ‫وكلما زاد إميان املرء باهلل ويقينه بالدار اآلخرة قوي متسكه بشعب اإلميان ومنها األخالق الفاضلة‪ ،‬وكلما نقص‬ ‫إميانه ضعفت همته وساءت أخالقه‪.‬‬ ‫‪ -2‬بعث النبي ‪ ‬لتتميم مكارم األخالق‬ ‫للهَّ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫من أهم غايات الرسالة التي بعث بها محمد ‪‬إمتام مكارم األخالق‪ ،‬ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول ا ِ ‪ِ (:‬إنمَّ َا‬ ‫ْت لأِ ُ تمَ ِّ َم َصا ِل َح الأْ َ خْ لاَ ِق) ((( وذلك أن من لوازم حسن اخللق القيام بحقوق اهلل تعالى وحقوق عباده‪ ،‬فاحلياء مث ً‬ ‫ال‬ ‫ُب ِعث ُ‬ ‫كما يكون من الناس يكون من اهلل تعالى فيبعث على القيام بأوامره واجتناب نواهيه ‪ ،‬وكذا الصدق‪ ،‬واألمانة…‬ ‫فمن استكمل مكارم األخالق فقد استكمل اإلميان ولذا قال العلماء‪ :‬اخللق هو مجموع صفات املؤمنني(((‪.‬‬ ‫‪ -3‬تفاضل املؤمنني بحسب التزامهم باخللق الشرعي‬ ‫األخالق من اإلميان فكلما زاد متسك املرء باألخالق احلسنة التي أمر اهلل بها أو أمر بها رسوله ‪ ‬زاد إميانه وعلت‬ ‫اح ًشا َوال ُم َت َف ِّح ًشا‪َ ،‬و َق َ‬ ‫منزلته‪ ،‬فعن َع ْبد اللهَّ ِ ْب ُن َع ْم ٍرو ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ِ ( :‬إ َّن َر ُس َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬ل ْم َي ُك ْن َف ِ‬ ‫ال‪ِ :‬إ َّن‬ ‫ِم ْن َأ َح ِّب ُك ْم ِإ َل َّي َأ ْح َس َن ُك ْم َأخْ لاَ قًا) (((‪.‬‬ ‫وكلما أخل بخلق من األخالق الفاضلة ووقع في ضده نقص إميانه بحسب ذلك فقد جعل النبي ‪ ‬الكذب‬ ‫وإخالف الوعد واخليانة من عالمات النفاق وصفات املنافقني وبها ينقص إميان املرء ويضعف‪ ،‬ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪‬‬ ‫(((‬ ‫َع ْن ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال‪( :‬آ َي ُة المْ ُ َنا ِفقِ َث ٌ‬ ‫الث؛ ِإ َذا َحدَّ َث َك َذ َب‪َ ،‬و ِإ َذا َو َعدَ َأخْ َل َف‪َ ،‬و ِإ َذا ا ْؤتمُ ِ َن َخ َ‬ ‫ان) ‪0‬‬ ‫‪ -4‬اخللق احلسن من أهم أسباب دخول اجلنة بعد التقوى‬ ‫من جمع بني التقوى وحسن اخللق فقد أدى حق اهلل ع َّز َّ‬ ‫وجل وأ َّدى حقوق عباده فاستحق دخول اجلنة‪َ ،‬ع ْن َأبِي‬ ‫ال‪ :‬س ِئ َل رس ُ للهَّ‬ ‫اس الجْ َ َّن َة َف َق َ‬ ‫ال‪( :‬ت َْق َوى اللهَّ ِ َو ُح ْس ُن الخْ ُ ُلقِ ) ‪َ ،‬و ُس ِئ َل َع ْن‬ ‫ول ا ِ ‪َ ‬ع ْن َأ ْك َث ِر َما ُيدْ ِخ ُل ال َّن َ‬ ‫ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬ق َ ُ َ ُ‬ ‫اس ال َّنا َر َف َق َ‬ ‫ال‪( :‬ا ْل َف ُم َوا ْل َف ْر ُج) (((‪.‬‬ ‫َأ ْك َث ِر َما ُيدْ ِخ ُل ال َّن َ‬ ‫‪ -5‬اخللق احلسن من أثقل األعمال في ميزان املؤمن يوم القيامة‬ ‫ف َع ْن َأبِي ال��دَّ ْر َدا ِء ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال‪َ :‬س ِم ْع ُت ال َّنب َِّي ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ول‪َ « :‬ما ِم ْن َش ْيءٍ ُي َ‬ ‫وض ُع ِفي المْ ِي َز ِان َأ ْث َق ُل ِم ْن ُح ْس ِن الخْ ُ ُلقِ ‪َ ،‬و ِإ َّن‬ ‫لاَ ِ (((‬ ‫اح َب ُح ْس ِن الخْ ُ ُلقِ َل َي ْب ُلغُ ِب ِه َد َر َج َة َص ِ‬ ‫َص ِ‬ ‫الص ة»‪.‬‬ ‫الص ْو ِم َو َّ‬ ‫اح ِب َّ‬ ‫فكلما عظم خُ ُل ُق اإلنسان وحرص على التمسك باألخالق الفاضلة كان سبب ًا في رجحان ِك َّف ِة حسناته يوم‬ ‫القيامة‪.‬‬ ‫َان ‪ ، )35(63/1‬وهذا لفظه‪ ،‬ولفظ البخاري‪« :‬ب ِْض ٌع َو ِس ُّت َ‬ ‫َو َك ْو ِن ِه من الإْ ِ مي ِ‬ ‫ون»‪ ،‬والبضع بكسر الياء ويجوز فتحها‪ :‬من الثالث إلى التسع‪ ،‬وقيل‪ :‬ما بني‬ ‫الواحد إلى العشرة‪ ،‬والشعبة‪ :‬الطائفة من كل شيء والقطعة منه‪ ،‬وإمنا جعله بعضه ألن املستحي ينقطع بحيائه عن املعاصي وإن لم تكن له تقية‪ ،‬فصار‬ ‫كاإلميان الذي يقطع بينها وبينه‪ .‬النهاية ‪.477/2 ، 133/1‬‬ ‫‪ . 1‬أحمد ‪ 381/2‬واللفظ له ‪ ،‬واحلاكم ‪ ، 613/2‬والبخاري في األدب املفرد رقم ‪ ، 273‬انظر صحيح اجلامع رقم ‪. 2345‬‬ ‫‪ . 2‬ابن قدامة املقدسي مختصر منهاج القاصدين ص ‪ 158‬تعليق شعيب وعبد القادر األرناوؤط ‪.‬‬ ‫‪ . 3‬البخاري رقم ‪. 3760‬‬ ‫‪ . 4‬البخاري رقم ‪ 33‬واللفظ له ‪ ،‬مسلم رقم ‪.59‬‬ ‫‪ . 5‬أخرجه الترمذي رقم ‪ ،2004‬وقال‪ :‬صحيح غريب‬ ‫‪ . 6‬أخرج أبو داود رقم ‪ ، 4799‬والترمذي رقم ‪ 2002‬واللفظ له وصححه‪ ،‬وانظر السلسلة الصحيحة رقم ‪. 876‬‬

‫‪161‬‬


‫مجاالت األخالق‬ ‫ملا كانت األخـالق ركيزة رئيسة لالرتقاء باإلنسان‪ ،‬وتكميل شخصيته‪ ،‬وتوجيـه طاقاته وقواه املختلفة ‪ ،‬فقد جاءت‬ ‫األخـالق في اإلسالم شاملة لسائر جوانب حيــاة اإلنسـان ِ‬ ‫وصال ِته‪ ،‬فاملسلم في صلته باهلل عز وجل مأمور بأنواع من‬ ‫الفضائل اخللقية‪ ،‬منها‪ :‬محبة هلل تعالى‪ ،‬وطاعته في أوامره ونواهيه‪ ،‬وتصديقه فيما أخبر به‪ ،‬واحلياء منه‪.‬‬ ‫وفي ِص َل ِت ِه بنفسه مأمور بالصبر على مشاق احلياة وكربها‪ ،‬واألناة في األمور‪ ،‬واإلتقان في العمل‪ ،‬والقناعة مبا قسم‬ ‫اهلل تعالى له‪ ،‬والرضا بقضاء اهلل وقدره‪.‬‬ ‫وفي ِص َل ِت ِه بالناس من حوله يلزمه أن يتعامل بالصدق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والعدل‪ ،‬كما يشرع له البر واإلحسان وبذل‬ ‫املعروف‪ ،‬إلى غير ذلك من األخالق احلميدة‪.‬‬ ‫كما تشرع األخالق مع األحياء غير العاقلة‪ ،‬بالرحمة بها‪ ،‬والرفق في معاملتها‪ ،‬واإلحسان إليها‪ ،‬فعن َأبِي عن َأبِي‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬ق َ‬ ‫ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ال‪َ «:‬ب ْي َنا َر ُج ٌل يمَ ِْشي َف ْ‬ ‫اش َتدَّ َع َل ْي ِه ا ْل َع َط ُش‪َ ،‬ف َن َز َل ِب ْئ ًرا َف َشر َِب ِم ْن َها‪ُ ،‬ث َّم َخ َر َج‪َ ،‬ف ِإ َذا ُه َو‬ ‫ب َِك ْل ٍب َي ْل َه ُث َي ْأ ُك ُل ال َّث َرى ِم ْن ا ْل َع َط ِش‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ال‪َ :‬ل َقدْ َب َل َغ َه َذا ِمث ُْل الَّ ِذي َب َل َغ بِي‪َ ،‬ف َم َ‬ ‫أل خُ َّف ُه‪ُ ،‬ث َّم َأ ْم َس َك ُه ب ِ​ِفي ِه‪ُ ،‬ث َّم َر ِق َي‬ ‫ول اللهَّ ِ‪َ ،‬و ِإ َّن َل َنا ِفي ا ْل َب َها ِئ ِم َأ ْج ًرا‪َ ،‬ق َ‬ ‫َف َس َقى ا ْل َك ْل َب‪َ ،‬ف َش َك َر اللهَّ ُ َل ُه‪َ ،‬ف َغ َف َر َل ُه»‪َ ،‬قالُوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ال‪ِ « :‬في ُك ِّل َكب ٍِد َر ْط َبةٍ‬ ‫َأ ْج ٌر»‪.‬متفق عليه‪)((((.‬‬ ‫آثار األخالق‬ ‫أوال‪ :‬آثار األخالق على الفرد‬ ‫األخالق اإلسالمية متنح النفس الرضا والطمأنينة‪ ،‬ملا في االستقامة على األخالق من االستجابة ألمر اهلل تعالى‪،‬‬ ‫والعمل بشرعه ‪ ،‬والتطلع جلزائه األوفى في اآلخرة‪.‬‬ ‫واألخالق تعمل على إصالح نفسية الفرد‪ ،‬وتوجيهه نحو اخلير واإلحسان ‪ ،‬وبذل املعروف‪ ،‬وصدق املواساة‪ ،‬مما‬ ‫يكسبه محبة الناس ‪ ،‬وثقتهم‪ ،‬وحسن الصلة بهم‪.‬‬ ‫واألخالق الفاضلة هي العدة والزاد الذي يتقوى به املسلم فيمضي في طريقه بصبر وثبات ‪ ،‬وهمة عالية ‪،‬و عزمية‬ ‫صادقة‪ ،‬حتى يظفر مبطلوبه‪ ،‬ويصل إلى غاياته‪.‬‬ ‫وباألخالق الفاضلة تقوى شخصية املسلم‪ ،‬ويزداد قوة وشجاعة‪ ،‬وعزة وكرامة ‪ ،‬فيتجاوز الصعاب ‪ ،‬وينتصر على‬ ‫الشهوات ‪ ،‬ويتغلب على ما يعرض له في حياته من كرب ومشاق‪.‬‬ ‫ومن آثارها أنها تبعد اإلنسان عن مظاهر النقص ‪ ،‬ومسالك الرذيلة‪ ،‬التي حتصل بسبب األخالق السيئة؛ كاجلنب‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب املساقاة‪ ،‬باب فضل سقي املاء ‪ ، )2234(833/2‬ومسلم في كتاب السالم‪ ،‬باب فضل ساقي البهائم احملترمة وإطعامها‬ ‫‪. )2244(1761/4‬‬

‫‪162‬‬


‫والبخل والكذب والطمع‪ ،‬وغيرها من األخالق الذميمة التي يجب أن يتجنبها املسلم‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬آثار األخالق على املجتمع‬ ‫أنها حتفظ للمجتمع متاسكه ‪ ،‬فتحدد له مثله العليا‪ ،‬ومبادئه الثابتة املستقرة التي حتفظ له هذا التماسك والثبات‬ ‫الالزمني ملمارسة حياة اجتماعية سليمة متواصلة‪ .‬كما أنها تساعد املجتمع على مواجهة التغيرات التي حتدث فيه‪،‬‬ ‫واملؤثرات التي تطرأ عليه فيبقى في ظل سيادة القيم اخللقية محافظ ًا على كيانه وتوازنه‪.‬‬ ‫واألخالق الفاضلة جتعل احلياة أكثر سعادة وطمأنينة؛ حيث تقوى أواصر احملبة بني أفراد املجتمع‪ ،‬وتتوثق العالقة‬ ‫بينهم‪ ،‬ملا يترتب على األخذ باألخالق من أداء احلقوق‪ ،‬و صيانة األعراض واألموال‪ ،‬ورعاية مصالح احملتاجني و‬ ‫البائسني‪.‬‬ ‫وباألخالق الكرمية من محبة و طاعة ونصيحة يتواصل الناس مع والة أمرهم فتتجمع كلمتهم‪ ،‬ويتحد صفهم‪،‬‬ ‫ويأمنون كيد أعدائهم‪.‬‬ ‫وبسيادة األخالق الفاضلة وحتققها في املجتمعات اإلسالمية‪ ،‬تقوى األمة وتعتز‪ ،‬وتنهض لتحقيق رسالتها في احلياة‬ ‫‪ ،‬منبعا للخير و الفضيلة‪ ،‬ورائدة للحضارة اإلنسانية احلقة‪.‬‬ ‫وفي شيوع األخالق الكرمية بني الناس يتطهر املجتمع من الرذائل املوجبة للتباغض واملورثة للعداوة بني أفراد املجتمع‪،‬‬ ‫كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﱪ(((‪.‬‬

‫‪ . 1‬فصلت‪35-34:‬‬

‫‪163‬‬


‫نشاط ‪1‬‬

‫تعاون مع زمالئك في تسجيل أكبر قدر من األخالق احلسنة‪ ،‬وما يقابلها من األخالق السيئة‪:‬‬ ‫م‬

‫‪1‬‬

‫اخللق احلسن‬ ‫الصدق‬

‫اخللق السيئ‬ ‫الكذب‬

‫‪2‬‬

‫م‬

‫‪8‬‬

‫اخللق احلسن‬

‫اخللق السيئ‬

‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪3‬‬

‫‪11‬‬

‫‪4‬‬

‫‪12‬‬

‫‪5‬‬

‫‪13‬‬

‫‪6‬‬

‫‪14‬‬

‫‪7‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫يظن بعض الناس أن األخالق جبلية وال ميكن اكتسابها‪ ،‬وقد قال اهلل تعالى‪:‬ﱫ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫(((()‬ ‫أثرا في صالح نفسه وتزكيته‪ ،‬أو‬ ‫ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﱪ‬ ‫‪ ،‬مما يدل على أن لإلنسان ً‬

‫إفسادها‪ .‬بالتعاون مع زمالئك‪ :‬بني وسائل تربية النفس على األخالق احلسنة‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما املراد باألخالق؟ وما منزلتها في اإلسالم؟‬ ‫س‪ :2‬بني صلة األخالق باإلميان‪.‬‬ ‫س‪ :3‬لألخالق مجاالت عدة بني كيف يكون الخْ ُ لق مع‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اهلل‪ .‬ب‪ -‬النفس‪ .‬ت‪ -‬احليوانات‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما آثار األخالق على املجتمع؟‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 10-9‬من سورة الشمس ‪.‬‬

‫‪164‬‬


‫الصدق والكذب‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الصدق‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع الصدق‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منزلة الصدق في الشريعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار الصدق في احلياة‪.‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الكذب‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج حكم الكذب من أدلته‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد ثالث ًا من صور الكذب وتبني أعظمها‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار الكذب ‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني الصادق والكاذب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الصدق‬ ‫أوالً‪:‬‬ ‫تعريف الصدقِ‬ ‫(((‬ ‫الصدق ُ‬ ‫قول احلق‪ ،‬ويقال أيضا‪ :‬هو القول املطابق للواقع واحلقيقة‪.‬‬ ‫أنواع الصدق‬ ‫أمورا كثيرة من األقوال واألفعال واملقاصد‪ ،‬فمنها‪:‬‬ ‫الصدق يشمل ً‬ ‫‪ -1‬الصدق في القول‪ ،‬وحقيقته أن ال يحدِّ ث املر ُء بغير احلق‪ ،‬وإذا أخبر فال يخبر بغير الواقع‪.‬‬ ‫ومن الصدق في األقوال‪ :‬الصدق في نقل األخبار‪ ،‬فال ينقل إال األخبار الصادقة‪ ،‬ولذا فإن على املسلم أن يتثبت‬ ‫يس َم ُع من األخبار واإلشاعات‪ ،‬وقد قال ‪( :‬كفى باملرء إثم ًا أن يحدث‬ ‫مما يقال‪ ،‬وأن يحذر من التحدث بكل ما ْ‬ ‫بكل ما سمع) (((‪.‬‬ ‫‪-2‬الصدق في اإلرادة والنية‪ ،‬وذلك يرجع إلى اإلخالص فال يريد املسلم من أقواله وأعماله إال وجه اهلل وثوابه‪.‬‬ ‫‪ -3‬الصدق في املعامالت التي جتري بني الناس‪ ،‬من بيع وشراء ومداينات ومشاركات وغير ذلك‪ ،‬فال يغش وال‬ ‫يخدع وال ٍيز ِّور‪.‬‬ ‫‪ -4‬الصدق في الوعد‪ ،‬فإذا وعد أحداً أجنز ما وعده به‪ ،‬إذ إخالف الوعد من آيات النفاق‪.‬‬ ‫‪ -5‬الصدق في احلال‪ ،‬فال يظهر ما ال يبطنه‪ ،‬وال يتكلف ما ليس له‪ ،‬فعن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال رسول‬ ‫‪ . 1‬األخالق اإلسالمية ‪.479/1‬‬ ‫‪ . 2‬أخرجه أبو داود رقم ‪.4992‬‬

‫‪165‬‬


‫ُور) (((‪.‬‬ ‫اهلل ‪(: ‬املتشبع مبا لم ُي ْع َط كالب ِ​ِس ثو َبي ز ٍ‬

‫حكم الصدق ومنزلته‬ ‫الصدق واجب في األقوال واألفعال واملقاصد‪ ،‬وهو رأس الفضائل‪ ،‬وأساس مكارم األخالق‪ ،‬وقد أمر اهلل تعالى به‪،‬‬ ‫ومبصاحبة أهله فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﱪ )‪،(2‬‬ ‫فضائل الصدق‬

‫‪ -1‬يهدي صاحبه لكل خير‪ ،‬ويوصله إلى منازل األبرار‪ ،‬ف َع ْن َع ْب ِد اللهَّ ِ بن مسعود ‪َ ‬ع ْن ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫الصدْ َق‬ ‫ال‪ِ (:‬إ َّن ِّ‬ ‫َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ِب ِّر َو ِإ َّن ا ْل ِب َّر َي ْه ِدي ِإ َلى الجْ َ َّن ِة َو ِإ َّن ال َّر ُج َل َل َي ْصدُ ُق َح َّتى َي ُك َ‬ ‫ون ِصدِّ ي ًقا‪َ ،‬و ِإ َّن ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ُف ُجو ِر َو ِإ َّن‬ ‫ا ْل ُف ُجو َر َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنا ِر َو ِإ َّن ال َّر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى ُي ْك َت َب ِع ْندَ اللهَّ ِ َك َّذا ًبا) )‪.(3‬‬ ‫‪ -2‬ينفع صاحبه يوم القيامة‪ ،‬ويكون سببا لدخوله اجلنة قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ‬

‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﱪ‬ ‫‪ -3‬معيا ٌر حلسن العاقبة في اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫(((()‬ ‫ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﱪ‬ ‫(((‬

‫آثار الصدق في احلياة‬ ‫‪ -1‬يورث الطمأنينة والسكينة في القلب‪ ،‬وينفي عنه التردد وال ِّريبة التي ال توجد إال في حاالت الشك وضعف‬ ‫‪ . 1‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 5219‬ومسلم رقم ‪2130‬‬ ‫‪ . 2‬التوبة ‪119 :‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،6094‬ومسلم رقم ‪2607 ، 2606‬‬ ‫‪ . 4‬سور املائدة ‪119 :‬‬ ‫‪ )5‬اآليتان ‪ ٨ – ٧‬من سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪166‬‬


‫الصدق أو عدمه‪ ،‬فهو طمأنينة لنفس الصادق وراحة لضميره‪.‬‬ ‫‪ -2‬دليل استقامة اإلنسان وسالمته‪ ،‬ومتى ُعرف املرء بالصدق وثق الناس بقوله‪ ،‬وانتفعوا بنصحه وأمنوا جانبه‪،‬‬ ‫وقدموه في التعامل معه على غيره الطمئنان النفوس إليه‪.‬‬ ‫‪ -3‬إذا ساد الصدق في املجتمع وثق الناس بنقل العلوم واملعارف واألخبار‪ ،‬وبالعهود واملواثيق واملعامالت‪ ،‬فاستقامت‬ ‫احلياة واستفاضت الثقة‪ ،‬واطمأن الناس بعضهم إلى بعض‪ ،‬ومتى شاع الكذب لم يثق أحد بأحد في البيع والشراء‬ ‫والعقود واملعامالت‪ ،‬وحصل بني الناس التشاحن والتشاجر‪.‬‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫يم ْب ِن ِح َز ٍام ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪(:‬ا ْل َب ِّي َع ِان ِبالخْ ِ َيا ِر َما َل ْم َي َت َف َّر َقا‪َ ،‬ف ِإ ْن‬ ‫‪ -4‬سبب للبركة وزيادة اخلير‪ ،‬فعن َح ِك ِ‬ ‫(((‬ ‫َصدَ َقا َو َب َّي َنا ُبور َِك َل ُه َما ِفي َب ْي ِعهِ َما‪َ ،‬و ِإ ْن َك َت َما َو َك َذ َبا ُم ِح َق ْت َب َر َك ُة َب ْي ِعهِ َما)‬

‫ثانيا‪ :‬الكذب‬ ‫تعريف الكذب‬

‫الكذب هو اإلخبار عن الشيء بخالف ما هو عليه‪ ،‬عمداً كان أو سهواً‪ ،‬لكن ال يأثم اإلنسان في السهو واجلهل‪.‬‬ ‫حكم الكذب‬ ‫الكذب ُم َح َّر ٌم‪ ،‬واعتياده من كبائر الذنوب‪ ،‬قد تظاهرت األدلة على حترميه‪ ،‬وهو مفتاح اإلثم والفجور‪ ،‬ومن صفات‬ ‫املنافقني وخصالهم‪ ،‬قال ‪ِ ( :‬إ َّن ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ُف ُجو ِر َو ِإ َّن ا ْل ُف ُجو َر َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنارِ‪َ ،‬و ِإ َّن ال َّر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى‬ ‫ُي ْك َت َب ِع ْندَ اللهَّ ِ َك َّذا ًبا) (((‪ ،‬وقال ‪( :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدَّ ث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتن خان)‬ ‫(((‪.‬‬

‫‪ . 1‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،2107‬ومسلم ‪1531‬‬ ‫‪ . 2‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،6094‬ومسلم رقم ‪.2607 ، 2606‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،33‬ومسلم رقم ‪.220‬‬

‫‪167‬‬


‫أعظم الكذب‬ ‫ُ‬ ‫قول على اهلل بغير علم‪،‬‬ ‫أعظم الكذب وأشده خطراً الكذب على اهلل ورسوله ‪ ‬في حترمي حالل أو حتليل حرام‪ ،‬أو ٍ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫(((()‬ ‫علي متعمدا فليتبوأ مقعده من‬ ‫كذب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧﯨ ﯩﱪ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫(((()‬ ‫النار»‪.‬‬ ‫صور الكذب‬ ‫َ‬ ‫‪ -1‬الكذب في البيع والشراء؛ بإخفاء عيوب السلع‪ ،‬وتزوير العالمات التجارية‪.‬‬

‫‪ -2‬الكذب في املطالبات واخلصومات‪ ،‬فيدعي ماليس له‪ ،‬ويجحد ما يجب عليه أداؤه‪.‬‬ ‫‪ -3‬إظهار الفقر واحلاجة لسؤال الناس واستجدائهم مع استغنائه عن ذلك‪.‬‬ ‫‪ -4‬نقل األخبار مع العلم بكذبها وزيفها‪.‬‬ ‫‪ -5‬الكذب إلضحاك الناس‪.‬‬ ‫مواضع يباح فيها الكذب‬ ‫أباح اإلسالم الكذب في ثالثة مواضع فقط؛ ملا يترتب على ذلك من املصالح الشرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اإلصالح بني الناس مبا ال ظلم فيه‪ ،‬وذلك ملا فيه من التأليف بني املسلمني‪ ،‬وإزالة أسباب العداوة والبغضاء‬ ‫بينهم‪.‬‬ ‫‪ -2‬في احلرب مع األعداء‪ ،‬وذلك ألنه من حيل احلروب‪ ،‬وفيه مدافعة األعداء‪.‬‬ ‫‪ -3‬كذب الرجل على امرأته واملرأة على زوجها فيما ال ظلم فيه وال ضرر‪ ،‬ملا يحصل به من حسن العشرة وحتصيل‬ ‫أسباب املودة بني الزوجني‪.‬‬ ‫ودليل ذلك‪ :‬حديث أم كلثوم بنت عقبة‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ :‬ما سمعت رسول اهلل ‪« ‬يرخص في شيء‬ ‫من الكذب إال في ثالث‪ :‬الرجل يصلح بني الناس يقول القول وال يريد به إال اإلصالح‪ ،‬والرجل يقول في احلرب‪،‬‬ ‫والرجل يحدث امرأته‪ ،‬واملرأة حتدث زوجها»(((‪.‬‬ ‫آثار الكذب السيئة‬ ‫أ‪ -‬الكاذب في قلق واضطراب‪ ،‬ألنه مخالف للحق ومجانب للصواب‪ ،‬فهو محروم من طمأنينة النفس وهدوء‬ ‫البال‪.‬‬ ‫ب‪-‬املعتاد للكذب متخلق بأخالق املنافقني الذين دأبهم الكذب واخلداع‪ ،‬ومتى استرسل اإلنسان مع الكذب‬ ‫خبثت نفسه‪ ،‬وفسدت أخالقه‪ ،‬وتردى في سبل الغواية والضالل‪.‬‬ ‫منكرا واملنكر‬ ‫ال والباطل ح ًقا‪ ،‬واملعروف‬ ‫ت‪ -‬الكذب قلب للحقائق‪ ،‬وذلك ألن الكذابني يصورون للناس احلق باط ً‬ ‫ً‬ ‫معروفًا‪ ،‬كما أن الكذابني يزينون القبيح في أعني الناس حتى يصير مستحس ًنا‪ ،‬ويشوهون احلق للناس حتى يصيرونه‬ ‫‪ )1‬اآليتان ‪ 117 -116‬من سورة النحل ‪.‬‬ ‫‪ )2‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،110‬ومسلم رقم ‪.4‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه مسلم رقم ‪.2605‬‬

‫‪168‬‬


‫قبيحا‪ ،‬وفي هذا خطر كبير على املجتمع‪ ،‬وعلى القيم والفضائل واألخالق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ث‪ -‬انعدام الثقة بني الناس؛ فالكذب حينما يسري في املجتمع تنعدم الثقة بالوعود واألقوال‪ ،‬فتتقطع أواصر احملبة‬ ‫بني أفراد املجتمع‪ ،‬وتسود روح البغضاء‪ ،‬ملا يحصل بسبب الكذب من اإلساءة والغش والظلم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬سبب الستحقاق العقاب في اآلخرة‪ ،‬قال ‪ِ ( :‬إ َّن ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ُف ُجورِ‪َ ،‬و ِإ َّن ا ْل ُف ُجو َر َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنارِ‪،‬‬ ‫(((‬ ‫َو ِإ َّن ال َّر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى ُي ْك َت َب ِع ْندَ اللهَّ ِ َك َّذا ًبا)‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫(الصدق منجاة) من احلكم املشهورة‪ ،‬والتي تناقلتها األمم على مر العصور واختالف اللغات‬ ‫‪ ،‬ابحث عن قصة من قصص السيرة أو التاريخ اإلسالمي أو أحداث الواقع تنطبق عليها هذه‬ ‫احلكمة‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫وازن بني الصدق والكذب وفق املعايير اآلتية‪:‬‬ ‫الصدق‬

‫املعيار‬

‫موقف الناس من صاحبه‬ ‫أثره على بقية األخالق‬ ‫أثره على معامالت الناس‬ ‫اجلزاء األخروي‬ ‫‪ . 1‬تقدم تخريجه‪.‬‬

‫‪169‬‬

‫الكذب‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬من الصدق في األقوال الصدق في نقل األخبار‪ ،‬بني كيف حتقق ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬بني آثار الصدق على الفرد‪.‬‬ ‫س‪:3‬علل ملا يلي ‪:‬‬ ‫أ‪-‬أعظم الكذب القول على اهلل بغير علم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الكذب يفضي إلى انعدام الثقة بني الناس‪.‬‬ ‫ت‪-‬الكذب يؤدي إلى قلب احلقائق‪.‬‬ ‫ث‪-‬يجوز الكذب في حال احلرب‪.‬‬

‫‪170‬‬


‫املِ زاح وآدابه‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الصدق‬ ‫‪ ‬تع ّرف املزاح في اللغة واالصطالح‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية معرفة آداب املزاح‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل على املزاح احملمود‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل على املزاح املذموم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني ضوابط املزاح‪.‬‬ ‫‪ ‬تصدر أحكام ًا على مواقف ومقوالت قي ضوء ضوابط املزاح‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل ملزاح النبي ‪.‬‬ ‫اإلنسان في حياته يحتاج بطبعه للمزاح مع اآلخرين لكي ُيضفي على حياتهم شيئ ًا من اللطف واألنس‪ ،‬وهذا‬ ‫جار مع األصحاب واألقران‪ ،‬ومع األهل واألوالد‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ال يكاد يخلو من ذلك أحد‪ ،‬لكنهم فيه بني مقل‬ ‫ٍ‬ ‫ومستكثر ‪ ،‬فما هو املزاح ؟ وما أنواعه ؟ وما ضوابطه وآدابه؟‬ ‫تعريف املزاح‬ ‫املِزاح لغة‪ :‬الدُّ عابة‪ ،‬ونقيض اجلد‪.‬‬ ‫واصطالحاً‪ :‬هو املباسطة إلى اآلخرين على جهة التلطف‪ ،‬دون استهزاء(((() ‪.‬‬ ‫أهمية معرفة آدابه الشرعية‬ ‫واملسلم – بوصفه عبداً هلل تعالى – ال بد أن يضبط مزاحه بضوابط شرعية‪ ،‬فيعرف أنواعه وضوابطه الشرعية‪ ،‬ليلتزم‬ ‫بها‪ ،‬فيثاب على ذلك‪ ،‬ويدفع العقاب عن نفسه‪.‬‬ ‫أقسام املزاح‬ ‫ينقسم املزاح إلى أقسام ثالثة‪:‬‬ ‫‪-1‬مزاح محمو ٌد‪ :‬وهو ما له غرض صحيح‪ ،‬مقرون بنية صاحلة‪ ،‬منضبط بالقواعد الشرعية‪ .‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬ ‫أ‪-‬ممازحة الرجل والديه بأدب‪ ،‬أو أهله وأوالده‪ .‬ب‪ -‬ممازحة صديقه بنية املؤانسة وإدخال السرور على قلبه‪.‬‬ ‫فهذا يثاب عليه املرء‪ .‬ومن أدلة مشروعية هذا املزاح ما ورد في حديث عائشة – رضي اهلل عنها – أنها كانت مع‬ ‫‪ )1‬تاج العروس (‪. )322/2‬‬

‫‪171‬‬


‫النبي ‪ ‬في سفر‪ ،‬قالت‪ :‬فسابق ُته فسبق ُته على رِجلي‪ ،‬فلما حملت اللحم سابقته فسبقني‪ ،‬فقال‪« :‬هذه بتلك‬ ‫السبقة»(((() ‪.‬‬ ‫‪-2‬مزاح مذموم‪ :‬وهو ما له غرض فاسد‪ ،‬ونية سيئة‪ ،‬أو كان غير ملتزم بالضوابط الشرعية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬ ‫ أأن يشتمل على الكذب‪ .‬ب‪ -‬أن يشتمل على السخرية‪ ،‬أو اإلضرار باآلخرين‪.‬‬‫‪-3‬مزاح مباح‪ :‬وهو ما ليس له غرض صحيح‪ ،‬وال نية صاحلة‪ ،‬ولكنه ال يخرج عن حدود الشرع‪ ،‬ولم يكثر منه‬ ‫صاحبه حتى يكون سمت ًا له‪.‬‬ ‫فهو ليس مبحمود وال مذموم‪ ،‬فال ثواب فيه‪ ،‬لعدم الغرض الصحيح والنية الصاحلة التي هي متعلق الثواب‪ ،‬وال‬ ‫عقاب عليه لعدم املخالفة الشرعية‪.‬‬ ‫ضوابط وآداب املزاح‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬األمور التي ينبغي العناية بها في املزاح‪:‬‬ ‫فعل خير يحبه اهلل تعالى‪ ،‬وذلك كأن ينوي إدخال السرور‬ ‫‪ -1‬النية الصاحلة‪ ،‬واملراد أن يستحضر املرء عند مزاحه نية ِ‬ ‫على نفسه وأخيه أو زوجه أو والده‪ ،‬أو ينوي بذلك تقريب شخص إلى فعل خير بتلك الدعابة‪ ،‬أو أي نية أخرى‬ ‫صاحلة‪ ،‬ويدل على هذا األصل العظيم قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إمنا األعمال بالنيات»(((() ‪.‬‬

‫‪-2‬التزام الصدق‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قالوا يا رسول اهلل‪ ،‬إنك تداعبنا! قال‪« :‬إني ال أقول إال حقاً»(((() ‪.‬‬ ‫‪-3‬االحترام والتقدير لآلخرين‪ ،‬وإنزال الناس منازلهم‪ ،‬ومعرفة نفسية املقابل‪ ،‬فليس كل الناس يتقبل املزاح‪ ،‬وقد‬ ‫قيل‪ :‬ال متازح صغيراً فيجترئ عليك‪ ،‬وال كبيراً فيحقد عليك‪ ،‬وعن أنس ‪ ‬مرفوعاً‪« :‬ليس منا من لم يرحم‬ ‫صغيرنا‪ ،‬ويوقر كبيرنا»(((() ‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬األمور التي ينبغي اجتنابها في املزاح‪:‬‬ ‫‪-1‬الكذب‪ ،‬فالكذب محرم في اجلد والهزل‪ ،‬مذموم في الشريعة‪ ،‬وقد ورد التهديد اخلاص ملن كذب إلضحاك‬ ‫اآلخرين‪ ،‬فعن معاوية بن َح ْيدَ َة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬ويل للذي يحدث باحلديث ليضحك به‬ ‫‪ )1‬رواه أبو داود في اجلهاد‪ ،‬باب السبق على الرجل ‪ ،66/3‬رقم (‪ ، )2578‬ورواه ابن ماجه مختصراً في اجلهاد‪ ،‬باب حسن معاشرة النساء‬ ‫‪ 363/1‬رقم (‪. )1979‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬أول حديث في الصحيح‪ ،‬ومسلم في كتاب اإلمارة‪ ،‬باب قوله ‪ :‬إمنا األعمال بالنيات ‪ 1515/3‬رقم (‪. )1907‬‬ ‫‪ )3‬رواه أحمد ‪ ،360/2‬والترمذي في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في املزاح ‪ ، )1990(357/4‬وفي الشمائل رقم ‪ ،238‬والبخاري في األدب‬ ‫املفرد رقم (‪ ، )265‬والطبراني في الكبير ‪ 391/12‬عن ابن عمر‪ ،‬وحسنه الترمذي‪ ،‬والبغوي في شرح السنة ‪ ،179/13‬والهيثمي في مجمع‬ ‫الزوائد (‪. )168/8‬‬ ‫‪ )4‬رواه أحمد ‪ ،185/2‬وأبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب في الرحمة ‪ )4943(232/5‬بنحوه‪ ،‬والترمذي في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في‬ ‫رحمة الصبيان ‪ ، )1919(321/4‬والبخاري في األدب املفرد رقم (‪. )354‬‬

‫‪172‬‬


‫القوم فيكذب‪ ،‬ويل له‪ ،‬ويل له»(((() ‪.‬‬ ‫ولم يقتصر الشرع على النهي عن هذا اخللق الذميم في هذا املوضع بالذات‪ ،‬بل إن رسول اهلل ‪ ‬قال حاث ًا على ترك‬ ‫الكذب في املزاح‪« :‬أنا زعيم‪ ...‬بيت في وسط اجلنة ملن ترك الكذب وإن كان مازحاً»(((() ‪.‬‬ ‫‪-2‬اإلكثار منه‪ ،‬واإلفراط فيه‪ ،‬حتى يغلب على املجالس‪ ،‬ويهجر فيها اجلد واحلق‪ ،‬ويكون سمت ًا لشخص يعرف‬ ‫به‪ ،‬أو ملجموعة ال جتتمع إال عليه‪ ،‬فمثل هذا مذموم؛ ألنه مضيع لألوقات‪ ،‬ومذهب للهيبة‪ ،‬ومضيع للشخصية‪،‬‬ ‫ومجرئ للصغير على الكبير‪ ،‬مميت للقلب‪ ،‬مذهب للجد الذي ينبغي أن يتميز به املسلم في حياته‪.‬‬ ‫‪-3‬األذى واإلض��رار باآلخرين‪ ،‬واإلس��اءة إليهم‪ ،‬أو أخذ حقوقهم وترويعهم‪ ،‬أو الضرب الذي يتجاوز به احلد‪،‬‬ ‫أو الهزل مبا فيه ضرر كسالح وحجارة وغيرهما‪ ،‬فإن مثل هذا يورث األحقاد والضغائن‪ ،‬وقد يؤدي إلى النزاع‬ ‫واخلصام‪ ،‬وينقلب‬ ‫به الهزل إلى جد‪ ،‬والود إلى حقد‪ ،‬واحملبة إلى كراهية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﱪ (((() ‪ ،‬ومعنى ينزغ‪ :‬يفسد ويغري بينهم‪.‬‬

‫وعن عبد اهلل بن السائب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬أنه سمع النبي صلى اهلل عليه وسلم يقول‪« :‬ال يأخذن أحدكم متاع‬ ‫أخيه العب ًا وال جاداً‪ ،‬من أخذ عصا أخيه فليردها»(((() ‪.‬‬ ‫‪-4‬املزاح باألمور الشرعية‪ ،‬وذلك ألن املزاح بها يعتبر سخرية واستهزاء‪ ،‬ومن فعله عامل ًا عامداً فقد كفر– والعياذ باهلل‬ ‫– قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (((() ‪،‬‬ ‫ومن ذلك‪ :‬متثيل أدوار الصحابة ‪ ،‬والعلماء‪ ،‬والصاحلني‪ ،‬وحكاية أصواتهم‪ ،‬وتقليد حركاتهم‪ ،‬أو ذكر فتاواهم‬ ‫على سبيل الضحك والسخرية‪.‬‬ ‫ومن ذلك‪ :‬الهزل في الطالق‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬ثالث جدهن جد‪ ،‬وهزلهن جد‪:‬‬ ‫النكاح‪ ،‬والطالق‪ ،‬والرجعة»(((() ‪ ،‬فدل احلديث على وقوع هذه الثالث من الهازل‪ ،‬ويلزمه حكمها شرع ًا(((()‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه أحمد ‪ ،7/5‬وأبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب التشديد في الكذب ‪ ، )4990(265/5‬والترمذي في كتاب الزهد‪ ،‬باب فيمن تكلم بكلمة‬ ‫يضحك‪ ، )2315(55/4 ..‬وقال‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه أبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب في حسن اخللق ‪ ، )4800(150/5‬وبلفظ مختلف رواه الترمذي في كتاب البر‪ ،‬باب ما جاء في املراء‬ ‫‪ ، )1993( 358/4‬وابن ماجه في املقدمة ‪. )51(19/1‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 53‬من سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه أحمد ‪ ،221/4‬وأبو داود في األدب‪ ،‬باب من يأخذ الشيء على املزاح ‪ ،273/5‬رقم (‪ ، )5003‬والترمذي‪ ،‬كتاب الفنت‪ ،‬باب ما جاء ال يحل‬ ‫ملسلم أن يروع مسلم ًا ‪ ،462/4‬رقم (‪ ، )2160‬والبخاري في األدب املفرد‪ ،‬رقم (‪ ، )241‬باب ما ال يجوز من اللعب واملزاح‪ ،‬وقال الترمذي‪:‬‬ ‫حسن غريب‪.‬‬ ‫‪ )5‬آية ‪ 66‬من سورة التوبة‪.‬‬ ‫‪ )6‬أخرجه أبو داود (‪ )2194‬والترمذي (‪ )1184‬وابن ماجه (‪ ، )2039‬وصححه احلاكم في املستدرك (‪. )197/2‬‬ ‫‪ )7‬سبل السالم ‪.437/3‬‬

‫‪173‬‬


‫صور من مزاح النبي ‪:‬‬ ‫‪-1‬عن أنس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال له‪« :‬يا ذا األذنني»‪ ،‬قال أبو أسامة – أحد رواة اخلبر – يعني‪ :‬ميازحه(((() ‪.‬‬ ‫ال استحمل رسول اهلل ‪ ‬فقال‪« :‬إني حاملك على ولد الناقة»‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما أصنع‬ ‫‪-2‬عن أنس ‪ ‬أن رج ً‬ ‫(((()‬ ‫بولد الناقة؟! فقال ‪" :‬وهل تلد اإلبل إال النوق» ‪.‬‬ ‫ول اهلل‪ ،‬اُ ْد ُع َ‬ ‫فقالت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫الن‪َّ ،‬إن الجْ َ َّن َة َال َتدْ خُ ُل َها‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫اهلل َأ ْن ُيدْ ِخ َل ِني الجْ َ َّن َة‪ .‬فقال‪َ « :‬يا أ َّم ُف ٍ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ -3‬أت َْت َع ُجو ٌز إلى َّ‬ ‫َ‬ ‫قال‪َ :‬ف َولَّ ْت َت ْب ِكي‪َ ،‬‬ ‫َع ُجوزٌ»‪َ ،‬‬ ‫وها َأن َ​َّها َال َتدْ خُ ُل َها َو ِه َي َع ُجوزٌ‪ِ ،‬إ َّن اهلل َت َعا َلى َي ُ‬ ‫قول‪( :‬إنَّا أنشأ َنا ُه َّن‬ ‫فقال‪َ « :‬أخْ ِب ُر َ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫إن َْش ًاء‪َ .‬ف َج َع ْل َنا ُه َّن أ ْب َك ًارا‪ُ .‬ع ُر ًبا أتْرا ًبا) »‪.‬‬

‫نشاط‪1‬‬

‫املزاح مع الوالدين ليس كاملزاح مع األصدقاء‪ ،‬وممازحة الصغار ليست كممازحة الكبار‪ ،‬بالتعاون‬ ‫مع زمالئك اكتب اآلداب التي ينبغي أن تراعى عند ممازحة كل من ‪:‬‬ ‫م‬

‫املمزوح معه‬

‫‪1‬‬

‫الوالدين‬

‫‪2‬‬

‫الوجهاء‬

‫‪3‬‬

‫األصدقاء‬

‫‪4‬‬

‫األطفال‬

‫آداب املزاح‬

‫‪ )1‬رواه أبو داود‪ ،‬في األدب‪ ،‬باب ما جاء في املزاح ‪ ،272/5‬رقم (‪ ، )5002‬والترمذي ‪ 358/4‬رقم (‪ ، )1992‬وفي الشمائل رقم (‪ ، )236‬وقال‬ ‫أبو عيسى‪ :‬حديث صحيح غريب‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه أبو داود‪ ،‬املوضع السابق‪ ،‬رقم (‪ ، )4998‬والترمذي‪ ،‬املوضع السابق‪ ،‬رقم (‪ ، )1991‬وقال هذا حديث حسن صحيح غريب‪ ،‬والشمائل رقم‬ ‫(‪. )239‬‬ ‫‪ )3‬رواه الترمذي في الشمائل احملمدية ص‪ )241(199‬مرسال عن احلسن‪ ،‬والبيهقي في البعث والنشور ص‪ ، )382( 200‬ورواه البيهقي من طريق‬ ‫أخرى في البعث والنشور ص‪ )379( 199‬عن مجاهد عن عائشة نحوه‪ ،‬وأبو الشيخ في أخالق النبي ‪ ‬وآدابه‪ ، )185 ( )493 /1‬وأبو نعيم في‬ ‫تاريخ أصبهان ‪ ، )1232(107/2‬وإسناده ضعيف أيضا‪ ،‬وحسنه األلباني في سلسلة األحاديث الصحيحة(‪ )2987‬مبجموع ذلك‪.‬‬

‫‪174‬‬


‫نشاط‪2‬‬

‫قارن بني أثر املزاح احملمود ‪ ،‬وأثر املزاح املذموم‬ ‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫املزاح احملمود‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫التقويم‬

‫س‪ :1‬ما املراد باملزاح ؟ وما أقسامه؟‬ ‫س‪ :2‬متى يكون املزاح‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مذموماً‪ .‬ب‪ -‬حموداً‪ .‬ت‪ -‬مباجاً‪.‬‬ ‫س‪ :3‬مثل ملزاح النبي ‪. ‬‬ ‫س‪ :4‬ما األمور التي تراعى عند املزاح؟‬ ‫س‪ :5‬ما األمور التي ينبغي اجتنابها عند املزاح؟‬

‫‪175‬‬

‫املزاح املذموم‬


‫األم ُر باملعروف والنَّ ْه ُي عن المْ ُ ْن َكر‬ ‫ْ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد باملعروف واملنكر‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية األمر باملعروف والتهي عن املنكر وفضله‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد شروط املر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪ ‬متيز بني الشروط املتعلقة باآلمر والناهي وبني الشروط التعلقة باملنكر‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آداب األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني سوء عاقبة ترك األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬ ‫املراد باملعروف واملنكر‬ ‫جامع لكل ما ُعرف من طاعة اهلل تعالى‪ ،‬والتقرب إليه بفعل الواجبات‬ ‫اسم‬ ‫املعروف في اللغة‪ :‬ضد املنكر‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫وشرعا‪ٌ :‬‬ ‫واملندوبات(((() ‪.‬‬ ‫وشرعا‪ُّ :‬‬ ‫كل ما َق َّبح ُه الشرع وحرمه وكرهه(((() ‪.‬‬ ‫واملنكر لغةً‪ :‬ضدُّ املعروف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومن خالل هذين التعريفني نلحظ شمول املعروف واملنكر جلميع أصول الشريعة وفروعها‪ ،‬في العقائد‪ ،‬والعبادات‪،‬‬ ‫مأمورا به فهو‬ ‫واألخالق‪ ،‬والسلوك‪ ،‬واملعامالت‪ ،‬سواء أكانت واجبة أم مح َّرمة‪ ،‬مندوبة أم مكروهة‪ ،‬فما كان‬ ‫ً‬ ‫املعروف‪ ،‬وما كان منه ًّيا عنه فهو املنكر‪.‬‬ ‫حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫األصل في األمر باملعروف والنهي عن املنكر أنه فرض كفاية‪ ،‬إذا قام به من يكفي سقط اإلثم عن الباقني‪ ،‬وقد دل‬ ‫على ذلك الكتاب والسنة واإلجماع‪:‬‬ ‫‪ -1‬يقول تعالى‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﱪ‬

‫(((() ‪ ،‬قال ابن العربي املالكي رحمه اهلل‪ :‬في هذه اآلية دليل على أن األمر باملعروف والنهي عن املنكر فرض‬ ‫كفاية(((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬ينظر‪ :‬النهاية البن األثير ‪.216/3‬‬ ‫‪ )2‬النهاية ‪.115/5‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 104‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )4‬أحكام القرآن ‪.262/1‬‬

‫‪176‬‬


‫‪ -2‬عن أبي سعيد اخلدري ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬من رأى منكم منكراً فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم‬ ‫يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإلميان»(((() ‪.‬‬ ‫‪ -3‬أما اإلجماع فقال النووي رحمه اهلل‪« :‬وقد تطابق على وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر الكتاب والسنة‬ ‫واإلجماع(((() ‪.‬‬ ‫فضائل األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫‪ -1‬يقول تعالى‪ :‬ﱫ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﱪ (((() ‪ ،‬ففي هذه‬

‫اآلية جملة من فضائل األمر باملعروف والنهي عن املنكر منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن اهلل تعالى جعله من أهم صفات املؤمنني‪.‬‬ ‫ب‪ -‬أن اهلل تعالى قرنه بأعظم شعائر الدين وصفات املؤمنني وجعله منها‪ ،‬وهي صفة اإلميان‪ ،‬وإقام الصالة‪،‬‬ ‫وإيتاء الزكاة‪ ،‬والتسليم هلل ورسوله ‪. ‬‬ ‫ت‪ -‬أن اهلل تعالى ر َّت��ب على فعل هذه الصفات ومنها‪ :‬األمر باملعروف والنهي عن املنكر الفو َز برحمة اهلل‬ ‫تعالى‪.‬‬ ‫‪ -2‬يقول تعالى‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﱪ‬

‫(((() ‪ ،‬فقد وصف اهلل تعالى اآلمرين باملعروف والناهني عن املنكر بالفالح‪ ،‬وهذا يشمل الفالح في الدنيا‬ ‫واآلخرة‪.‬‬

‫شروط وجوب إنكار املنكر‬ ‫أو ًال الشروط املتعلقة باآلمر والناهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬التكليف‪ ،‬وذلك بان يكون ِ‬ ‫املنك ُر للمنكر بال ًغا عاقال‪.‬‬ ‫‪ -2‬العلم‪ ،‬فال ينكر املنكر إال من علم كو َنه منكرا‪.‬‬ ‫‪ -3‬ال ُقدرة‪ ،‬فمن لم يكن قادراً فال يجب عليه إال اإلنكار بالقلب‪ ،‬وذلك بكراهية املنكر وترك موضعه‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب كون النهي عن املنكر من اإلميان ‪. )78(69/1‬‬ ‫‪ )2‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.22/2‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 71‬من سورة التوبة‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 104‬من سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪177‬‬


‫ثانياً‪ :‬الشروط املتعلقة باملنكر الذي يجب إنكاره‪:‬‬ ‫‪1 -1‬حتقق كون الفعل منكراً‪ ،‬فال يجوز اإلنكار بالظن واالحتمال‪.‬‬ ‫‪2 -2‬أن يكون موجوداً في احلال‪ ،‬وصاحبه مباشر له وقت النهي‪.‬‬ ‫‪3 -3‬أن يكون ظاهراً دون جتسس‪ ،‬فإذا كان إنكار املنكر متوقف ًا على التجسس‪ ،‬فال يجوز اإلنكار‪ ،‬وألن للبيوت‬ ‫وما شابهها ُحرم ًة ال يجوز انتهاكها‪.‬‬ ‫آداب اآلمر باملعروف والناهي عن املنكر‪:‬‬ ‫‪1 -1‬اإلخالص هلل تعالى‪.‬‬ ‫‪2 -2‬التزام احلكمة واملوعظة احلسنة‪.‬‬ ‫‪3 -3‬التزام الرفق واألسلوب اللطيف‪.‬‬ ‫يواج ُه بالرفض؛ فال بد له من هذين الوصفني‪.‬‬ ‫‪4 -4‬الصبر واحللم‪ ،‬وذلك ألن اآلمر والناهي قد َ‬ ‫‪5 -5‬مراعاة املصالح واملفاسد‪ ،‬فال يأمر أو ينهى إال إذا غلبت املصلحة على املفسدة‪ ،‬أما إذا غلبت املفسدة فال‬ ‫يجوز األمر والنهي‪ ،‬لئال يقع اآلمر والناهي في منكر أعظم من املنكر الذي يريد إنكاره؛ (((() فدرء املفسدة‬ ‫مقدم على جلب املصلحة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪6‬اإلنكار بحسب درجاته‪ ،‬فما يغ َّي ُر باللسان ال ُيلجأ إلى تغييره باليد‪ ،‬وهكذا فال يغير املنكر باألشد إذا كان‬ ‫يستطاع تغييره باألخف‪.‬‬

‫الفوائد املترتبة على األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪:‬‬

‫‪1 -1‬البعد عن عقاب اهلل وعذابه‪ ،‬فترك املنكر بدون إنكار سبب للعقوبة‪.‬‬ ‫‪2 -2‬التعاون على فعل اخلير واملعروف‪.‬‬ ‫‪3 -3‬أمن املجتمع وطمأنينته‪ ،‬إذ به يندفع الشر‪ ،‬ويأمن الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم‪.‬‬ ‫‪4 -4‬فيه تقليل للشر‪ ،‬وإزالة للمظاهر السيئة في املجتمع‪ ،‬التي قد تدعو للفساد وتزينه حتى عند من ال يفكر‬ ‫فيه‪.‬‬

‫سوء عاقبة ترك األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫األمر باملعروف‪ ،‬والنهي عن املنكر صمام األمان للمجتمع‪ ،‬فبه يعلو احلق‪ ،‬ويندحر الباطل‪ ،‬وترك األمر باملعروف‬ ‫والنهي عن املنكر سبب للعن اهلل تعالى وغضبه ومقته وحلول عقابه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭩ‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬

‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬انظر في هذا إعالم املوقعني البن القيم ‪.16 - 15/3‬‬ ‫‪ )2‬اآليتان ‪ 79 -78‬من سورة املائدة‪.‬‬

‫‪178‬‬


‫نشاط ‪1‬‬

‫بني األسلوب املناسب لإلنكار في املواقف اآلتية من ‪:‬‬ ‫أسلوب اإلنكار‬

‫م‬

‫املوقف‬

‫‪1‬‬

‫رأيت من يقع في السب والشتم‬

‫‪2‬‬

‫مجاهر بشرب الدخان ينفث دخانه في وجوه احلاضرين‬

‫‪3‬‬

‫أخذ أخوك الصغير لعبة من ابن اجليران عنوة‬

‫‪4‬‬

‫زميلك يغش في االختبار‬

‫‪5‬‬

‫دخلت متجراً وقد ارتفع صوت املسجل باألغاني املاجنة‬

‫نشاط‪2‬‬

‫بالرجوع لتفسير ابن كثير في سورة األعراف آية ‪ ، 166- 163‬خلص قصة أصحاب السبت‪،‬‬ ‫واستنتج منها ثمرة من ثمرات إنكار املنكر ‪ ،‬وعواقب ترك اإلنكار‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما املراد باملعروف ؟ وما املراد باملنكر ؟ وضح إجابتك باألمثلة‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ميز الشروط املتعلقة َ‬ ‫باملنكر ِ‬ ‫نفسه من شروط األمر باملعروف والنهي عن املنكر اآلتية‪:‬‬ ‫معرفة كون الفعل منكراً‪.‬‬ ‫حتقق كون الفعل منكراً‪.‬‬ ‫كون املنكر موجوداً في احلال‪.‬‬ ‫كون الناهي قادراً على اإلنكار‪.‬‬ ‫س‪ :3‬بني حكم األمر باملعروف والنهي عن املنكر ‪ ،‬مع االستدالل‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما الفوائد املترتبة على األمر باملعروف والنهي عن املنكر؟‬

‫‪179‬‬


‫السماع‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك عظم نعمة السمع‪.‬‬ ‫‪ ‬تقسم املسموعات حسب حكمها الشرعي‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل للمسموعات التي يبغضها اهلل وتستدل لذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬يعدد مفاسد االستماع للغناء‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني ما ينبغي على من استمع للغيبة والنميمة‪.‬‬ ‫أنعم اهلل على كل إنسان بنعم عظيمة‪ ،‬فأكرمه باحلواس في جسمه‪ ،‬ومن أعظمها نعمة السمع التي امنت اهلل‬ ‫تعالى بها على عباده‪ ،‬فقال سبحانه‪:‬ﱫ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫(((‬

‫ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﱪ‬

‫( )‬

‫والسمع من أعظم وسائل العلم‪ ،‬ولذلك تكرر في القرآن التنبيه عليه‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﯤ‬

‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬

‫ﯺ ﯻ ﯼ ﱪ‪.‬‬ ‫أنواع املسموعات‬

‫(((()‬

‫املسموعات ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫مسموع يحبه اهلل ويرضاه‪ ،‬فاالستماع إليه محمو ٌد‪ ،‬وأفضل هذا السماع سماع القرآن الكرمي‪ ،‬واستماع‬ ‫أوالً‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫خطبة اجلمعة ودروس العلم النافع واملواعظ‪ ،‬واستماع كالم الوالدين‪.‬‬ ‫مباح‪ ،‬مأذون فيه‪ ،‬ال يحبه اهلل وال يبغضه‪ ،‬وال ميدح صاحبه وال يذمه‪ ،‬فاالستماع إليه مباح‪،‬‬ ‫ثانياً‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫مسموع ٌ‬ ‫وهذا هو األصل في كل مسموع لم يرد الشرع بذ ِّمه‪ ،‬وأمثلته كثيرة ال حصر لها‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬سماع القصص‬ ‫واحلكايات التي ال فحش فيها وال كذب‪ ،‬وليست من جنس السماع احملمود(((() ‪ ،‬وسماع الكالم املعتاد املباح‪،‬‬ ‫وأخبار الناس‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬مسموع يبغضه اهلل ويكرهه‪ ،‬ونهى عنه‪ ،‬ومدح املعرضني عنه‪ :‬فاالستماع إليه مذموم‪ ،‬واجتنابه واجب‪،‬‬ ‫ولذلك أمثلة ننبه على بعضها تفصيالً‪:‬‬ ‫‪ )1‬آية ‪ 78‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 46‬من سورة احلج‪.‬‬ ‫‪ )3‬قصص األنبياء والصاحلني ونحوها يعتبر سماعها محموداً‪.‬‬

‫‪180‬‬


‫‪1 -1‬االستماع إلى من يطعن في الدين‪:‬‬ ‫والطعن في الدين من احملرمات العظيمة‪ ،‬بل قد يصل بصاحبه إلى الكفر‪ ،‬فالواجب على من سمع هذا أن يرد‬ ‫عليه ويدافع عن الدين‪ ،‬وإال فإنه ال يجوز له البقاء مع من يتكلم بذلك‪ ،‬وجلوسه – مع السكوت – من أعظم‬ ‫احملرمات‪.‬‬

‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬ ‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫والدفاع عن‬ ‫وقريب من ذلك‪ :‬الطعن في خيار األمة‪ ،‬كالصحابة والعلماء واملصلحني‪ ،‬حملة هذا الدين ومب ِّلغيه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أعراضهم من أعظم الواجبات‪ ،‬وأرفع القربات‪.‬‬ ‫‪2 -2‬استماع الغناء وآالت اللهو والطرب‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪ :‬إن الغناء والسماع الشيطاني وآالت اللهو‪ ،‬إمنا نصبها الشيطان مضا َّد ًة ألمر اهلل‪،‬‬ ‫ومعارض ًة ملا شرعه اهلل لعباده وجعله سبب صالح قلوبهم(((() ‪.‬‬ ‫وهو محرم بالقرآن والسنة واإلجماع‪:‬‬ ‫ أأدلة القرآن‪:‬‬‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫ﮃ ﱪ (((() ‪ ،‬سئل ابن مسعود ‪ ‬عن هذه اآلية فقال‪ :‬الغناء واهلل الذي ال إله إال هو‪ ،‬يرددها ثالث مرات‪ ،‬وبهذا‬ ‫فسرها ابن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وجابر ‪ ،‬وكثير من التابعني(((() ‪.‬‬ ‫ بأدلة السنة‪:‬‬‫قال ‪" :‬ليكونن من أمتي أقوام يستحلون ا ِحلر‪ ،‬واحلرير‪ ،‬واخلمر‪ ،‬واملعازف‪. )(((( »..‬‬‫وقال أيضاً‪“ :‬إن في أمتي خسف ًا ومسخ ًا وقذفاً” قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬وهم يشهدون أن ال إله إال اهلل؟! فقال‪“ :‬نعم‪،‬‬‫إذا ظهرت املعازف واخلمور‪ ،‬ولبس احلرير”(((() ‪.‬‬ ‫‪ -‬تأما اإلجماع على حترمي الغناء بآالت الطرب واملالهي فقد نقله جماعة من العلماء (((() ‪.‬‬

‫‪ )1‬آية ‪ 68‬سورة األنعام ‪.‬‬ ‫‪ )2‬كتاب السماع‪ ،‬البن القيم‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 6‬من سورة لقمان‪.‬‬ ‫‪ )4‬ينظر كتاب تفسير ابن كثير عند هذه اآلية‪ ،‬وصححه ابن القيم عن ابن مسعود‪ ،‬وابن عمر‪.‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري معلق ًا مجزوم ًا به في كتاب األشربة‪ ،‬باب ما جاء فيمن يستحل اخلمر (الفتح ‪ )51/10‬ح(‪ ، )5590‬ورواه غيره أيض ًا بأسانيد‬ ‫صحيحة متصلة (ينظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬شرح احلديث) ‪.‬‬ ‫‪ )6‬روى هذا احلديث عن غير واحد من الصحابة مرفوع ًا بألفاظ متقاربة‪ ،‬وهو حديث حسن‪ ،‬ينظر في تخريجه والكالم عليه‪« :‬تنبيه الالهي»‬ ‫إلسماعيل األنصاري‪ ،‬ص‪ ،33‬وأحاديث ذم الغناء واملعازف‪ ،‬للجديع ص‪.35‬‬ ‫‪ )7‬ينظر‪ :‬نزهة األسماع البن رجب‪ ،‬ص‪ ،78 ،63 ،59 ،25‬وذكر أن اخلالف – على ضعفه – إمنا حصل في الغناء بدون آالت املالهي‪ ،‬وينظر‬ ‫أيضاً‪ :‬إغاثة اللهفان البن القيم ‪.246/1‬‬

‫‪181‬‬


‫مفاسد الغناء وآثاره السيئة‪:‬‬ ‫‪ُ 1 -1‬يس ِّب ُب ال ُّنفرة من سماع القرآن الكرمي‪ ،‬واملواعظ النافعة‪.‬‬ ‫‪2 -2‬يلهي القلب عن فهم القرآن وتدبره‪ ،‬وذوق حالوته‪ ،‬فال يجتمع هو والقرآن في قلب أبداً‪.‬‬ ‫‪3 -3‬أنه في احلقيقة بريد الزنا والفاحشة مبا فيه من ذكر احلب والغزل والنساء‪ ،‬وغير ذلك مما يدعو إلى الرذيلة والفساد‪.‬‬ ‫‪4 -4‬يذهب الوقت ويضيعه مبا ال نفع فيه‪ ،‬بل فيه الضرر‪.‬‬ ‫‪5 -5‬قد يسبب لفاعله أو سامعه قلة احلياء‪ ،‬فتجده مييل رأسه‪ ،‬ويصفق بيديه‪ ،‬ورمبا اهتز‪ ،‬وضرب األرض‬ ‫برجله‪.‬‬ ‫‪-3‬االستماع للغيبة‬

‫والغيبة هي‪ :‬ذكرك أخاك مبا يكره‪ ،‬وهي من كبائر الذنوب‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﱪ (((() ‪ ،‬فال يجوز االستماع لها‪ ،‬بل الواجب على املسلم إذا سمع من يغتاب فإنه‬

‫يوقفه ويرشد لترك ذلك‪ ،‬فإن استحباب فهو املطلوب‪ ،‬وإال فال خير في اجللوس معه‪.‬‬ ‫‪-4‬االستماع للنميمة‬

‫النميمة‪ :‬نقل الكالم بني الناس على جهة اإلفساد‪ ،‬وهي محرمة‪ ،‬ومن الكبائر‪ ،‬وينبغي ملن نقلت إليه النميمة عدة‬ ‫أمور‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أأال يصدق النمام‪ .‬ب‪ -‬أن ينهاه وينصحه‪.‬‬

‫جأن يبغضه في اهلل حتى يترك ما هو فيه‪ .‬ث‪ -‬أن ال يدفعه هذا الكالم إلى التجسس والتحري(((() ‪.‬‬‫‪ -5‬االستماع إلى حديث قوم وهم ال يرضونه‬ ‫وسواء أكانت كراهيتهم صريحة‪ ،‬كأن يقولوا‪ :‬ال تستمع حديثنا‪ ،‬أم كانت غير صريحة‪ ،‬لكن تدل القرائن عليها‪،‬‬ ‫كأن يتحدثوا بصوت منخفض فيما بينهم فال يجوز التنصت(((() حلديثهم‪.‬‬ ‫ومن ذلك‪ :‬ال َّت َن ُّص ُت على الناس في بيوتهم‪ ،‬أو عبر األجهزة من هاتف وغيره‪ ،‬فكل هذا وأشباهه من اختراق مواقع‬ ‫االنترنت أو البريد اإللكتروني حرام‪ ،‬ألن الشريعة أمرت باحملافظة على أسرار الناس التي ال يحبون أن يطلع عليها أحد‪.‬‬ ‫وقد ورد النهي عنه في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭝ ﭞ ﱪ (((() ‪ ،‬والتجسس يكون باالستماع وغيره‪ .‬وقد توعد النبي‬ ‫اس َت َم َع إلى حديث َق ْو ٍم َو ُه ْم له َكا ِر ُهونَ أو َي ِف ُّرونَ منه ُص َّب في ُأ ُذ ِن ِه اآل ُن ُك يوم‬ ‫‪ ‬من يفعل ذلك‪ ،‬فقال‪َ « :‬م ْن ْ‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة»(((() ‪ ،‬واآلنُك – بالضم – الرصاص املذاب‪ ،‬وهذا يدل على أن اجلزاء من جنس العمل(((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬سورة احلجرات اآلية ‪.12‬‬ ‫‪ )2‬انظر‪ :‬إحياء علوم الدين ‪.147/3‬‬ ‫‪ )3‬التنصت‪ :‬االستماع‪ ،‬واملشهور عند الناس‪ :‬التصنت‪ ،‬وهو غلط‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 12‬من سورة احلجرات‪ ،‬وهو أيض ًا لفظ حديث رواه مسلم‪. )2563(1985/4 ،‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب التعبير‪ ،‬باب من كذب في حلمه (الفتح ‪ )427/12‬ح(‪. )7042‬‬ ‫‪ )6‬النهاية (آنك) ‪.84/1‬‬

‫‪182‬‬


‫نشاط ‪:1‬‬ ‫انتشر بني كثير من الناس التهاون في سماع املعازف ‪ ،‬تعاون مع زمالئك في طرح فكرة أو مشروع‬ ‫يقلل من انتشارها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬ ‫قارن بني السماع احملمود ‪ ،‬والسماع املذموم‬ ‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪1‬‬

‫احلكم‬

‫‪2‬‬

‫األثر في الدنيا‬

‫‪3‬‬

‫األثر في اآلخرة‬

‫السماع احملمود‬

‫السماع املذموم‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما أقسام املسموعات من حيث احلكم الشرعي لها؟‬ ‫س‪ :2‬دلل على حترمي ما يلي‪:‬‬ ‫نصت على كالم الناس‪.‬‬ ‫أ‪ -‬استماع املعازف‪ .‬ب‪ -‬استماع الغيبة‪ .‬ت‪ -‬ال َّت ُّ‬ ‫س‪ :3‬ما مفاسد كل من ‪ :‬الغناء ‪ ،‬الغيبة ‪ ،‬النميمة ؟‬ ‫س‪ :4‬ما الواجب على من حضر مجلس ًا فيه غيبة أو منيمة؟‬

‫‪183‬‬


‫الوقت وأهميته‬ ‫ُ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية الوقت‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مسؤولية اإلنسان عن وقته‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد األمور التي تعني على حفظ الوقت‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني فوائد تنظيم الوقت‪.‬‬ ‫الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك‪ ،‬ناقش مع زمالئك صحة هذه احلكمة‪.‬‬ ‫أهمية الوقت‬ ‫َّإن من أعظم وأغلى ما وهبه اهلل لإلنسان بعد نعمة اإلميان في هذه احلياة هو الوقت‪ ،‬والذي هو في احلقيقة احلياة‪،‬‬ ‫وهو رأس مال املسلم في هذه الدنيا‪ ،‬وقيمة الوقت تكمن في أن اهلل عز وجل جعله فرصة لعمارته باإلميان‪ ،‬والعمل‬ ‫الصالح‪ ،‬والذين هما سبب السعادة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫والوقت أنفس من املال وأغلى‪ ،‬ألن ما ميضي منه ال يعود وال ميكن استدراكه‪.‬‬ ‫ولعظم منزلة الوقت فقد أقسم اهلل به‪ -‬عز وجل‪ -‬في آيات كثيرة من كتابه الكرمي منها قوله تعالى‪:‬ﱫ ﭑ ﭒ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﱪ(((‪.‬‬ ‫ويقول ‪-‬عز وجل‪ -‬في بيان هذه النعم العظيمة التي هي من أصول النعم‪ :‬ﱫ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﱪ(((‪.‬‬ ‫مسؤولية اإلنسان عن الوقت‬ ‫الوقت هو ُعمر اإلنسان‪َّ ،‬‬ ‫فكل يوم ميضي على اإلنسان يأخذ من ُعمره و ُي َق ِّربه إلى َأ َج ِله‪ ،‬فكان حري بالعاقل أن‬ ‫يعمر هذا الوقت فيما يرضي ربه‪ ،‬ويح ِّقق له السعادة في الدُّ نيا واآلخرة‪.‬‬ ‫األسلمي ‪ ‬قال‪ :‬قال‬ ‫واملسلم سوف ُيسأل عن الوقت أمام اهلل ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬يوم القيامة؛ فعن أبي َب ْر َز َة‬ ‫ِّ‬ ‫رسول اهلل ‪« :‬ال َت ُز ُ‬ ‫ُ‬ ‫يم َف َع َل‪،‬‬ ‫(ع ْن أ ْر َب ٍع) ‪َ :‬ع ْن ُع ُم ِر ِه‬ ‫ول َقدَ َما َع ْب ٍد يوم ا ْل ِق َيا َم ِة حتى ُي ْس َأ َل َ‬ ‫((( ِف َ‬ ‫يما َأ ْف َنا ُه‪َ ،‬و َع ْن ِع ْل ِم ِه ِف َ‬ ‫( )‬ ‫يم َأ ْبال ُه»‪.‬رواه الترمذي‪.‬‬ ‫يم َأ ْن َف َق ُه‪َ ،‬و َع ْن ِج ْس ِم ِه ِف َ‬ ‫َو َع ْن َما ِل ِه من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه َو ِف َ‬ ‫والوقت الذي مضى ال يمُ كن استرجاعه أو أي جزء منه‪ ،‬وقد ع َّبر عن ذلك احلسن البصري رحمه اهلل بقوله‪« :‬ما‬ ‫‪ . 1‬سورة العصر‪.‬‬ ‫‪ . 2‬النحل‪.12 :‬‬ ‫لحْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ )3‬رواه الترمذي في كتَاب صفة الق َيا َمة َوال َّرقائقِ َوال َو َر ِع‪َ ،‬باب ما جاء في شأن ا َس ِ‬ ‫اص ‪ ، )2417( 612/4‬والدارمي في املقدمة‪ ،‬باب‬ ‫اب َوالق َص ِ‬ ‫من كره الشهرة واملعرفة ‪ ،144/1‬وأبو يعلى ‪ ، )7434(428/13‬وال ُّر ْو َياني في مسنده ‪ ، )1313(337/2‬وأبو نعيم في حلية األولياء ‪،232/10‬‬ ‫وزيادة (عن أ ْر َب ٍع) لهما‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباني في الصحيحة (‪. )946‬‬

‫‪184‬‬


‫فجره إال وينادي‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬أنا يوم جديد‪ ،‬وعلى عم ِلك شهيد‪ ،‬فاغتنمني‪ ،‬وتز َّود م ِّني‪ ،‬فأنا ال‬ ‫يوم‬ ‫ُّ‬ ‫ينشق ْ‬ ‫من ٍ‬ ‫أعود إلى يوم القيامة»‪ ،‬والعاقل َمن َيحرِص على املُسارعة إلى اس ِتغْ الل وق ِته فيما ينفع و ُيفيد؛ حتى ال يخسره أو‬ ‫ُيغْ نب فيه‪ ،‬فعن ابن عباس ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪َّ :-‬أن النبي ‪ ‬قال‪ِ «:‬ن ْع َم َت ِان َمغْ ُب ٌ‬ ‫الص َّح ُة‪،‬‬ ‫ون ِفيهِ َما َك ِثي ٌر من الناس‪ِّ :‬‬ ‫(((()‬ ‫َوا ْل َف َر ُاغ»‪.‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫حفظ الوقت‬ ‫ِ‬ ‫مهما‬ ‫كان ال َّرسول ‪ ‬في حيا ِته من أح َرص ال َّناس على اغتنام كل حلظة من‬ ‫اإلسالم واملسلمني‪ْ ،‬‬ ‫حلظات و ْق ِته لصالح ْ‬ ‫ِ‬ ‫أوقات عمرِهم احملدودة‪ ،‬وأنه ال ينبغي ال َّتقصير في القيام‬ ‫كانت األوضاع قاسي ًة وحرِجة؛ ليع ِّلم املسلمني اغتنام‬ ‫أحلك األ َّيام وأخطرها‪.‬‬ ‫بالواجبات ح َّتى في ْ‬ ‫كما كان السلف الصالح من أحرص ال َّناس على اغ ِتنام أوقا ِتهم وشغلها مبا يعود عليهم بالنفع في أمر دينهم وفي‬ ‫غربت شمسه‪ ،‬نقص‬ ‫مت على شيء ندمي على يوم ْ‬ ‫مصالح دنياهم ومعاشهم‪ ،‬فمما نُقل عن بعضهم قوله‪« :‬ما َن ِد ُ‬ ‫«أدركت أقوا ًما كانوا على أوقاتهم أشدَّ‬ ‫حرصا منكم على ديناركم‬ ‫يزد فيه عملي»‪ ،‬ويقول آخر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فيه أجلي‪ ،‬ولم ْ‬ ‫ً‬ ‫ال مبصلحةٍ دينيةٍ أو دنيويةٍ ‪.‬‬ ‫ودرهمكم»‪ ،‬وكانوا يذمون ال َب َطا َل َة ممن ال يكون مشتغ ً‬ ‫ومما يعني على حفظ الوقت أمور منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬وضع جدول لألعمال التي تنوي القيام بها في الغد‪ ،‬ومتى ستفعل كل عمل منها‪.‬‬ ‫‪ -2‬ترتيب األعمال بحسب أهميتها‪ ،‬مع حتديد ما يحتاج أن ينجز منها بنهاية يوم الغد‪ ،‬وما يحتاج أن ينجز‬ ‫بنهاية األسبوع أو بنهاية الشهر‪.‬‬ ‫‪ -3‬احلرص على االستفادة من أوقات الفراغ بأعمال مفيدة‪ ،‬أو بتكميل ما قصرت فيه من أعمال األمس أو اليوم‪.‬‬ ‫‪ -4‬االستفادة من أوقات الصلوات اخلمس في تقسيم الوقت على األعمال والواجبات املختلفة‪ ،‬فقد رتبها اهلل عز‬ ‫وجل بحكمة بالغة تعني على ضبط الوقت وحسن االنتفاع به‪.‬‬ ‫فوائد تنظيم الوقت‬ ‫‪-1‬االرتقاء باحلياة‪ ،‬والوصول إلى األهداف املختلفة التي يتطلع إليها اإلنسان في حياته العلمية والعملية‪.‬‬ ‫‪-2‬حسن االستفادة من الوقت‪ ،‬فاالستفادة من الوقت هي التي حتدد الفارق بني الناجحني والفاشلني في هذه احلياة‬ ‫وفي اآلخرة‪ ،‬إذ أن السمة املشتركة بني كل الناجحني هي تنظيمهم ألوقاتهم وحسن استفادتهم منها‪.‬‬ ‫‪-3‬السالمة من أسباب القلق واالضطراب بسبب تأخير األعمال وازدحامها ثم العجز عن القيام بها‪ ،‬ومن فوات‬ ‫الفرص بسبب تضييع األوقات فيما ال نفع فيه‪.‬‬ ‫‪-4‬االستمتاع بالوقت‪ ،‬فتنظيم الو ْقت ال يعني ا َِّجل��د بال راح��ة‪ ،‬ولكن أن يجعل للجد واملثابرة وقتاً‪ ،‬وللراحة‬ ‫واالستجمام وقتاً‪ ،‬دون أن يطغى أحدهما على اآلخر‪ ،‬فيجلب بذلك لنفسه املزيد من السعادة‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب ما جاء في الصحة والفراغ وأن ال عيش إال عيش اآلخرة ‪. )6049(2357/5‬‬

‫‪185‬‬


‫نشاط‪1‬‬ ‫أحد الشباب يشتكي من عدم استفادته من وقته‪ ،‬فمعظم أوقاته تذهب في اللعب واللهو‪،‬‬ ‫ضع جدو ًال تساعده فيه على االستفادة من وقته‪ ،‬مراعيا الواجبات واألمور املهمة في حياته‪،‬‬ ‫كالواجبات الشرعية واالجتماعية‪.‬‬ ‫الوقت‬ ‫الصباح‬

‫السبت‬

‫األحد‬

‫االثنني‬

‫الظهر‬ ‫العصر‬ ‫املغرب‬ ‫العشاء‬

‫‪186‬‬

‫الثالثاء‬

‫األربعاء‬

‫اخلميس‬

‫اجلمعة‬


‫نشاط‪2‬‬ ‫من املشكالت التي تواجه كثيراً من الشباب مشكلة الفراغ وكيفية االستفادة منه‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫زمالئك ضع أفكاراً إبداعية الستثمار وقت الفراغ‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬مما يدل على أهمية الوقت أن اهلل تعالى أقسم به في كتابه‪ ،‬أورد مثا ًال لذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬اإلنسان مسؤول عن وقته‪ ،‬استدل من السنة على ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما فوائد تنظيم الوقت؟ وما األمور املعينة على ذلك؟‬ ‫س‪ :4‬من خالل دراستك للموضوع‪ ،‬استنتج خصائص الوقت‪.‬‬

‫‪187‬‬


‫ُ‬ ‫األصحاب‬ ‫واختيار‬ ‫األ ُخ َّو ُة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تدرك حقيقة األخوة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منزلة األخوة في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد حقوق األخوة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد ثمرات األخوة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج آداب األخوة‬ ‫عندما هاجر النبي ‪ ‬إلى املدينة‪ ،‬ما األعمال التي بدأ بها؟‬ ‫‪.....................................................................................‬‬ ‫إن من أهم األعمال التي بدأ بها النبي ‪ ‬املؤاخاة بني املهاجرين واألنصار‪ ،‬وهذا يبني أهمية هذه الرابطة بني‬ ‫املسلمني‪ ،‬فما حقيقة األخوة؟ وما منزلتها؟ وما حقوق ا ُألخُ َّوة؟ وما ثمراتها؟‬ ‫حقيقة ا ُألخُ َّو ِة‬ ‫ا ُألخُ َّو ُة رابط ٌة إميانية تورث الشعور العميق باحملبة والتآلف مع كل من تربطك وإياه أواصر العقيدة اإلسالمية‪0‬‬ ‫وهي تبعث في نفس املسلم أصدق العواطف جتاه إخوانه املسلمني فيتعامل معهم وفق مكارم األخالق من التعاون‬ ‫واإليثار‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والعفو‪ ،‬ويبتعد عن كل ما يضر بهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم‪.‬‬ ‫التحاب في اهلل والتوا ّد فيه‪ ،‬قال‬ ‫وا ُألخُ َّو ُة اإلمياني ُة أقوى من كل رابطة‪ ،‬وأوثق من أي َعالقة أخرى‪ ،‬ألنها تقوم على‬ ‫ّ‬ ‫ِ ْ ِ ِ (((()‬ ‫اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ (((‪ ،‬وقال ‪َ :‬‬ ‫«ال ُيؤْ ِم ُن أحدُ كم َح َّتى ُي ِح َّب َأل ِخي ِه ما ُي ِح ُّب ل َنفسه»‪.‬‬ ‫منزلة ا ُألخُ َّو ِة في اإلسالم‬ ‫ا ُألخُ � َّو ُة في اإلسالم فريضة من فرائض الدين‪ ،‬وأساس للصلة بني املسلمني‪ ،‬وقد جاءت النصوص من الكتاب‬ ‫والسنة في التأكيد على هذه األخوة وبيان منة اهلل عز وجل على املسلمني في شرعها وتهيئة النفوس لها‪ ،‬فقال اهلل‬ ‫تعالى‪:‬ﱫﯜ ﯝ ﯞ ﱪ (((‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬ﱫ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬

‫ﮃ ﮄﱪ (((‪.‬‬

‫وألهمية هذه الرابطة بني املؤمنني فقد رتب اهلل جل وعال عليها عظيم األجر وجزيل الثواب وقرب أهلها وأحبهم‪،‬‬

‫‪ . 1‬احلجرات‪.10 :‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب من اإلميان أن يحب ألخيه ما يحب لنفسه ‪ ، )13(14/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب الدليل على أن من‬ ‫خصال اإلميان أن يحب ألخيه املسلم ما يحب لنفسه من اخلير ‪. )45(67/1‬‬ ‫‪ . 3‬احلجرات‪.10 :‬‬ ‫‪ . 4‬آل عمران‪.103 :‬‬

‫‪188‬‬


‫فمن السبعة الذين ي ِظ ُّل ُهم ُ‬ ‫اهلل َت َعا َلى في ِظ ِّل ِه يوم ال ِظ َّل إال ِظ ُّل ُه‪َ « :‬و َر ُج ِ‬ ‫الن تحَ َ ا َّبا في اللهَّ ِ ْاج َت َم َعا عليه َو َت َف َّر َقا عليه»‬ ‫ُ‬ ‫(((()‬ ‫متفق عليه‬ ‫(((‬ ‫وفي احلديث القدسي‪« :‬املتحابون في جاللي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» ‪.‬‬ ‫حقوق ا ُألخُ َّو ِة‬ ‫حقوق األخوة منها حقوق عامة يلتزم بها املسلم مع أخيه املسلم‪ ،‬ومنها حقوق خاصة تضاف إلى احلقوق العامة‬ ‫تكون بني املتآخيني‪ ،‬ومن هذه احلقوق واآلداب‪:‬‬ ‫«ح ُّق المْ ُ ْس ِل ِم َع َلى المْ ُ ْس ِل ِم ِس ٌّت‪ِ :‬إ َذا َل ِقي َت ُه َف َس ِّل ْم َع َل ْي ِه َو ِإ َذا َد َع َ‬ ‫اك‬ ‫‪-1‬احلقوق الستة والتي بينها النبي ‪ ‬في قوله‪َ :‬‬ ‫َف َأ ِج ْب ُه َو ِإ َذا ْاس َت ْن َص َح َك َفان َْص ْح َل ُه َو ِإ َذا َع َط َس َف َح ِمدَ اللهَّ َ َف َش ِّم ْت ُه َو ِإ َذا َمر َ‬ ‫ات َفا ْت َب ْع ُه»(((‪.‬‬ ‫ِض َف ُعدْ ُه َو ِإ َذا َم َ‬ ‫كبيرا‪ ،‬ويرحمه إن كان‬ ‫‪-2‬مخالقته بخلق حسن؛ فيبذل له املعروف‪ ،‬ويكف عنه األذى‪ ،‬وأن يوقره إن كان ً‬ ‫صغيرا‪ ،‬وأن ينصفه من نفسه‪ ،‬ويعامله مبا يحب أن يعامله به‪ ،‬وأن يساعده إذا احتاج إلى مساعدة‪ ،‬وأن يشفع له‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في قضاء حاجته‪ ،‬وقد أرشد النبي ‪ ‬إلى أصول هذه احلقوق فقال ‪« :‬ال ُيؤْ ِم ُن أحدُ كم َح َّتى ُي ِح َّب أل ِخي ِه ما‬ ‫(((‬ ‫ني في َت َوا ِّد ِه ْم‬ ‫ُي ِح ُّب ِل َن ْف ِس ِه»( ) ‪ ،‬وعن ال ُّن ْع َم ِان بن َب ِش ٍير‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اللهَّ ِ ‪َ « : ‬مث َُل المْ ُؤْ ِم ِن َ‬ ‫(((‬ ‫َو َت َر ُاح ِمهِ ْم َو َت َع ُ‬ ‫ِالس َه ِر َوالحْ ُ َّمى»‪.‬متفق عليه( )‪.‬‬ ‫اط ِفهِ ْم َمث َُل الجْ َ َس ِد؛ إذا ْاش َت َكى منه ُع ْض ٌو تَدَ َاعى له َسا ِئ ُر الجْ َ َس ِد ب َّ‬ ‫‪ -3‬جتنب إساءة الظن فيما بينهم‪ ،‬والتجسس من بعضهم على بعض‪ ،‬واغتياب بعضهم لبعض‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﭑ‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﱪ‬ ‫‪ -4‬التناصح بني املسلمني والتآمر باملعروف والتناهي عن املنكر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫(((‬

‫يح ُة»‪،‬‬ ‫ين ال َّن ِص َ‬ ‫ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱪ ((( ‪ ،‬وعن تمَ ِ ٍيم الدَّ ار ِِّي ‪َ ‬أ َّن النبي ‪ ‬قال‪«:‬الدِّ ُ‬ ‫(((()‬ ‫ُق ْل َنا‪ :‬لمِ َ ْن؟ قال‪«:‬للِهَّ ِ‪َ ،‬و ِل ِك َتا ِب ِه‪َ ،‬و ِل َر ُسو ِل ِه‪ ،‬وألئمة المْ ُ ْس ِل ِمنيَ‪َ ،‬و َعا َّم ِتهِ ْم»‪.‬‬ ‫‪-5‬إعانته ومواساته باملال إذا احتاج إلى ذلك‪ ،‬والسعي في حاجته‪ ،‬والقيام بخدمته‪ ،‬ومشاركته مشاعره فتحزن‬ ‫حلزنه وتفرح لفرحه‪ ،‬وإذا أصيب مبصيبة بادرت مبساعدته‪ ،‬ومحاولة تخفيف وقعها عليه‪ ،‬إذا س َّره شيء بادرت إلى‬ ‫تهنئته‪ ،‬وإظهار الفرح والسرور بذلك‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب الصدقة باليمني ‪ ، )1357(517/2‬ومسلم في كتاب الزكاة‪ ،‬باب فضل إخفاء الصدقة ‪)1031( 715 /2‬‬ ‫‪ . 2‬رواه اإلمام أحمد في املسند ‪ ، . 239/5‬وصححه األلباني «صحيح اجلامع الصغير» رقم ‪.4312‬‬ ‫‪ . 3‬رواه البخاري ‪ ، 11 / 1‬ومسلم ‪.49 / 1‬‬ ‫‪ )4‬تقدم تخريجه‪.‬‬ ‫لآْ‬ ‫لمْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؤْ‬ ‫ني‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫اح‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫اب‬ ‫ب‬ ‫‪،‬‬ ‫اب‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫الص‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َاب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ومسلم‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)5665‬‬ ‫‪2238/5‬‬ ‫والبهائم‬ ‫الناس‬ ‫رحمة‬ ‫باب‬ ‫األدب‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ِّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫َو َت َع ُ‬ ‫اض ِد ِه ْم ‪. )2586(1999/4‬‬ ‫اط ِفهِ ْم َو َت َع ُ‬ ‫‪ . 6‬احلجرات‪.12:‬‬ ‫‪ . 7‬التوبة‪. 71:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ُة ‪. )55(74/1‬‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ين‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ان‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫اب‬ ‫ب‬ ‫اإلميان‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫‪ )8‬رواه مسلم في‬ ‫الدِّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ َ​َ‬

‫‪189‬‬


‫ثمرات ا ُألخُ َّو ِة‬ ‫ل ُ‬ ‫ألخُ َّو ِة في اإلسالم فوائد عظيمة منها‪:‬‬ ‫‪-1‬تعني على تزكية النفس‪ ،‬وتنمية الفضائل ملا يقع بني األخوة من صور التعاون والتناصح وحسن املعاملة وصدق‬ ‫املواساة والتعاطف والتراحم‪ ،‬وكل هذا مما تتهذب به النفوس حتى تصبح محبة للخير باذلة للمعروف مؤْ ِثر ًة‬ ‫للفضائل‪.‬‬ ‫‪-2‬حصول األن��س وانشراح الصدر‪ ،‬وتخفيف اآلالم والهموم‪ ،‬والتعاون على قضاء احلاجات‪ ،‬والتشاور في‬ ‫املصالح‪.‬‬ ‫‪ -3‬جتعل املسلمني كاجلسد الواحد‪ ،‬فتشيع بينهم روح الشفقة والرحمة‪ ،‬واحملبة‪ ،‬واملواساة‪ ،‬واملعاونة والنصيحة‪،‬‬ ‫فتقوى الرابطة ويزيد التالحم بني أبناء األمة اإلسالمية‪ ،‬وجتتمع كلمتهم‪ ،‬ويتحد صفهم‪ ،‬وتقوى شوكتهم‪ ،‬وتقوم‬ ‫مصاحلهم الدينية والدنيوية‪.‬‬ ‫آداب اختيار الصاحب‬ ‫الصاحب الصالح من يشعر بشعورك فيفرح لفرحك ويحزن حلزنك ويسر بسرورك‪ ،‬ويحب لك ما يحب لنفسه‬ ‫ويكره لك ما يكره لنفسه‪ ،‬وينصح لك في مشهدك ومغيبك‪ ،‬يأمرك باخلير وينهاك عن الشر‪ ،‬وال يكون كذلك‬ ‫إال إذا كان‪:‬‬ ‫ عاقال‪ ،‬ألنه ال خير في أخوة األحمق وصحبته‪ ،‬إذ قد يضر األحمق اجلاهل من حيث يريد أن ينفع‪.‬‬‫ال فقد تغلبه شهوة أو يتحكم فيه غضب فيسيء إلى صاحبه‪.‬‬ ‫ حسن اخللق‪ ،‬إذ سيئ اخللق وإن كان عاق ً‬‫ تق ًّيا ألن الفاسق اخلارج عن طاعة ربه ال يؤ َم ُن جانبه‪ ،‬فقد يحمله انسياقه مع أهوائه وشهواته إلى اإلساءة إلى‬‫صاحبه‪.‬‬

‫‪190‬‬


‫نشاط‪1‬‬ ‫في اجلدول اآلتي بعض املواقف في العالقات التي جتمع املتآخني ‪،‬تعاون مع زمالئك في تقوميها‬ ‫وإيجاد احللول املناسبة للمواقف اخلاطئة‪:‬‬ ‫التقومي‬

‫م‬

‫املوقف‬

‫‪1‬‬

‫تنازل املتآخي عن حظوظ نفسه من أجل أخيه‬

‫‪2‬‬

‫استغالل األخوة لتحقيق مصالح شخصية‬

‫‪3‬‬

‫قيام األخ بخدمة أخيه‬

‫‪4‬‬

‫تعلق األخ بأخيه وحصول اإلعجاب بينهما‬

‫‪5‬‬

‫ترك إنكار املنكر خشية أن يؤدي إلى إفساد عالقة األخوة‬

‫العالج‬

‫نشاط‪2‬‬ ‫ضرب املهاجرون واألنصار أروع األمثلة في التآخي‪ ،‬بالرجوع إلى كتب السيرة سجل مناذج لتلك‬ ‫األخوة‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪:1‬بني منزلة األخوة في اإلسالم‪.‬‬ ‫س‪:2‬ما حقوق األخوة؟‬ ‫س‪ :3‬من خالل دراستك ملوضوع األخوة استنتج ثمراتها في الدنيا وفي اآلخرة‪.‬‬ ‫س‪ :4‬علل ملا يلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬من آداب اختيار الصاحب أن يكون عاقالً‪.‬‬ ‫ب‪ -‬من آداب اختيار الصاحب أن يكون حسن اخللق‪.‬‬ ‫ت‪ -‬من آداب اختيار الصاحب أن يكون تقياً‪.‬‬ ‫س‪ :5‬ما أثر الصاحب على صاحبه؟‬ ‫‪191‬‬


‫حقوق اإلنسان‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني مفهوم حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج سبق اإلسالم في تقرير حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أهمية رعاية حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ ‬تقارن بني النظام اإلسالمي واحلضارة الغربية في مجال رعاية حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫مفهوم حقوق اإلنسان‬ ‫حقوق اإلنسان هي مجموع الواجبات املشروعة له والتي تضمن كرامته‪ ،‬وحتقيق إنسانيته‪ ،‬وتوفر له احلياة السوية‪.‬‬ ‫وهي أصيلة في كل إنسان‪ ،‬تولد معه ويجب احملافظة عليها وإعمالها‪.‬‬ ‫وفي اإلسالم‪ ،‬تُعتبر الشريعة اإلسالمية هي مصدر احلقوق كلها‪ ،‬وال يوجد حق مقرر لإلنسان يخرج عن نصوصها‬ ‫أو قواعدها الكلية‪ ،‬فالشريعة اإلسالمية هي أساس احلق ومصدره وسنده‪ ،‬وضمان وج��وده واحلفاظ عليه في‬ ‫املجتمع‪.‬‬ ‫وقد جاء اإلسالم بكل احلقوق الضرورية ليعيش اإلنسان كرميا وليؤسس مجتمع احلقوق املبني على العدالة وا ُألخُ َّوة‪،‬‬ ‫والتكافل االجتماعي في أكمل صوره‪.‬‬ ‫أنواع حقوق اإلنسان‬ ‫حقوق اإلنسان كثيرة ومتعددة‪ ،‬فمنها احلقوق املدنية والسياسية‪ ،‬ومنها احلقوق االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومنها‬ ‫احلقوق الثقافية‪ ،‬وفيما يلي بيان بأهم هذه احلقوق‪:‬‬ ‫‪ -1‬حق احلياة‬ ‫وهو من أعظم احلقوق التي أكد عليها اإلسالم‪ ،‬وحافظ عليه‪ ،‬وهو حق ال يجوز املساس به ولو من اإلنسان نفسه‪،‬‬ ‫فقد حرم اإلسالم القتل واالنتحار واإلجهاض‪ ،‬وشرع ِ‬ ‫القصاص ملن اعتدى على النفوس البريئة؛ كما حرمت الشريعة‬ ‫َّ‬ ‫كل التصرفات التي تَنال من حق احلياة أو تُنقص منه‪ ،‬كتعذيب اإلنسان‪ ،‬والعدوان عليه في حياته ‪ ،‬أو بعد موته‬ ‫ماد ًّيا أو معنو ًّيا؛ كالتمثيل بجثته أو كسر عظامه‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬

‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﱪ(((‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫‪ . 1‬األنعام آية‪.151 :‬‬

‫‪192‬‬


‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ‬ ‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﱪ(((‪.‬‬ ‫كما حرمت الشريعة انتهاك كرامة املسلم واحلط من قدره حتى بالكلمة اجلارحة أو السخرية‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫﯨ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬ ‫ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﱪ(((‪.‬‬

‫‪ -2‬حق احلرية‬ ‫احلرية كما يرى علماء املسلمني‪ ،‬هي قدرة اإلنسان على التصرف‪ ،‬إال ملانع من أذى أو ضرر له أو لغيره‪.‬‬ ‫وفي اإلسالم يجب على اإلنسان أن يتحرر من عبودية غير اهلل‪ ،‬وسمى اهلل عبادة اإلنسان غير اهلل طاغوتا‪ ،‬وأمر‬ ‫الناس أن يكفروا به‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﱪ(((‪.‬‬ ‫وحرية الرأي املنضبطة بضوابط الشرع‪ ،‬تبني املجتمع اإلسالمي‪ ،‬وتصحح أخطاءه‪ ،‬وتبصره بطريق الهداية والفالح‬ ‫في أموره العامة‪ ،‬ولذا يشرع القيام بواجب األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬الذي هو واجب كفائي على املجتمع‬ ‫كله ال بد من القيام به‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮤ ﮥ ﱪ(((‪.‬‬ ‫واملسلمون مطالبون بالتناصح والتشاور في أمورهم العامة‪ ،‬يقول اهلل تعالى مخاطبا نبيه‪ -‬عليه الصالة والسالم‪:-‬‬ ‫ﱫ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﱪ(((‪ ،‬فاملشاركة بالرأي مكفولة بحكم الشورى‪ ،‬وتستطيع األمة أن‬

‫تقوم بها بأي طريق يحقق فائدة التشاور والتناصح في األمور العامة‪ ،‬وفق توجيهات اإلسالم وهديه‪.‬‬ ‫وحرية الرأي والفكر واسعة‪ ،‬وضابطها‪ :‬أن ال تخرج على أصول الدين وقيمه وحدوده‪ ،‬ورعاية املصالح العامة‪.‬‬ ‫فاالجتهاد مطلوب في أمور الدين والدنيا‪ ،‬وال ينكر منه إال ما يخرج عن أصول اإلسالم عقيدة أو تشريعا‪ ،‬أو يهدر‬ ‫قيمة خلقية من أخالق اإلسالم‪ ،‬أو يقصد فتنة الناس وإضاللهم‪.‬‬ ‫وفي اإلسالم ال حرية ألحد في نشر الفساد أو الرذيلة أو الفتنة في املجتمع؛ ألن احلرية ال تنزل بصاحبها إلى الشر‬ ‫واإلفساد‪ ،‬وال تبيح له أن يؤذي غيره‪ ،‬أو يعرض املجتمع للخطر‪.‬‬ ‫ولم تكن حرية الفكر والرأي مطلقة في أي مجتمع من املجتمعات بل ال بد لها من ضوابط تقف دونها‪،‬‬ ‫وفي اإلسالم ضابطها‪ :‬أن ال تخرج بصاحبها عن أصول اإلسالم وقواعده‪ ،‬فإن احلرية املطلقة في احلقيقة هي‪:‬‬ ‫(الفوضى املطلقة) ‪.‬‬

‫‪ . 1‬البقرة آية‪.178 :‬‬ ‫‪ . 2‬احلجرات آية‪.11 :‬‬ ‫‪ . 3‬النساء آية‪.60 :‬‬ ‫‪ . 4‬آل عمران آية‪.104 :‬‬ ‫‪ . 5‬آل عمران آية‪.159 :‬‬

‫‪193‬‬


‫‪ -3‬حق التملك‬ ‫لقد أقر اإلسالم حرية األشخاص في متلك األموال والتصرف فيها كسب ًا أو إنفاق ًا شريطة مراعاة أحكام الشرع‪،‬‬ ‫فأحل اهلل تعالى البيع والشراء والتجارة ونحوها طرق ًا مشروعة لتملك املال‪ ،‬قال تعالى ‪:‬ﱫ ﭧ ﭨ ﭩﱪَ(((‪ ،‬وقال‬ ‫تعالى‪:‬ﱫ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﱪ (((‪.‬‬ ‫وقد عدَّ الفقهاء حفظ املال ضمن الضرورات اخلمس التي ال تستقيم حياة اإلفراد واملجتمعات إال به‪ ،‬وحرم‬ ‫(((‬ ‫اإلسالم االعتداء عليه‪ ،‬ففي احلديث عن النبي ‪«: ‬كل املسلم على املسلم حرام‪ :‬دمه وماله وعرضه»‪.‬‬ ‫كما كفل اإلسالم للمسلم احلق في حرية العمل‪ ،‬ألنه من أعظم أسباب التملك‪ ،‬ومقتضاه أن من حق كل فرد أن‬ ‫ميارس من العمل ما يناسبه‪ ،‬ليسد حاجة نفسه بعمله‪ ،‬سواء كان ذلك العمل يدوي ًا أو آلي ًا أو فكرياً‪ ،‬لكن املهم أن‬ ‫يكون العمل مباح ًا مشروعاً‪ ،‬وال يترتب عليه مفسدة في الدين‪ ،‬أو إضرار بالناس‪.‬‬ ‫‪ -4‬حق التكافل االجتماعي‬ ‫يقصد بالتكافل االجتماعي‪ :‬أن يكون أفراد املجتمع مشاركني في احملافظة على املصالح العامة واخلاصة ودفع‬ ‫املفاسد واألضرار املادية واملعنوية‪ ،‬بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب احلقوق التي له أن عليه واجبات لآلخرين‬ ‫وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم اخلاصة‪ ،‬وذلك بإيصال املنافع إليهم ودفع األضرار عنهم ‪.‬‬ ‫ال ف َّعا ًال للتكافل االجتماعي مثل ما عرفته في ظل اإلسالم‪ ،‬فلم يكن وليد حاجة‬ ‫ولم تعرف البشرية نظام ًا متكام ً‬ ‫من حاجات التطور االجتماعي بل هو قاعدة أصيلة في بناء اإلسالم وأركانه‪.‬‬ ‫ولقد تعددت أبواب التكافل االجتماعي في اإلسالم‪ ،‬وتراوحت بني اإللزام واالختيار‪ ،‬ومن ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أداء الزكاة‪ :‬وهي حق واجب في املال إذا بلغ مقداراً معلوماً‪ ،‬في وقت معلوم بنسبة معلومة‪ .‬في أنواع املال‬ ‫النامي؛ من الذهب والفضة والنقود‪ ،‬والثمار‪ ،‬واألنعام‪ ،‬وعروض التجارة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الصدقات‪ :‬وهي عطاء اختياري من األغنياء للفقراء دون م ّنة أو طلب مكافأة‪ ،‬إ ّال املكافأة من اهلل العليم‬ ‫احلكيم فقط‪.‬‬ ‫ج‪ -‬نفقة األقارب‪ :‬وهي واجبة على الشخص لزوجته وأقاربه كأوالده وآبائه‪.‬‬ ‫د‪ -‬دفع الدِّ ّيات‪ :‬حيث يشترك عصبة القاتل خط ًأ في دفع الدية إلى ورثة املقتول‪ ،‬والدية هنا متثل ضمان ًا من‬ ‫املجتمع لورثة املقتول‪ ،‬فال يضيع دم املسلم هدْ راً‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬الدعم املعنوي‪ :‬فلم يقتصر التكافل االجتماعي في اإلسالم على اجلوانب املادية فحسب‪ ،‬بل ميتد إلى ما يعد‬ ‫عمن يحتاج إلى التعليم‪ ،‬وال‬ ‫تعاون ًا شام ً‬ ‫ال على البر‪ ،‬فمن التوجيهات اإلسالمية‪ ،‬أ َّال يكتم اإلنسان العلم النافـع ّ‬ ‫يبخل اإلنسان بنصحه على من يحتاج إلى النصح واإلرشاد فالدين النصيحة‪ .‬ومن ذلك أيض ًا التوجيهات اإلسالمية‬ ‫حول نصرة املظلوم ومنع الظالم من ظلمه وإفشاء السالم وتشميت العاطس واتباع اجلنائز وإجابة الدعوة إلى الوالئم‬ ‫واألفراح‪ ...‬وهذه كلها من الدعم املعنوي الذي يساعد على بناء املجتمع وحتقيق حقوق اإلنسان فيه‪.‬‬ ‫التعرف على حقوق اإلنسان ورعايتها‬ ‫إن حقوق اإلنسان التي جاء بها الشرع‪ ،‬والتي حددتها األنظمة املستمدة منه‪ ،‬واملتوافقة معه‪ ،‬يجب التقيد بها‬ ‫‪ . 1‬البقرة ‪. 275 :‬‬ ‫‪ . 2‬البقرة ‪. 282 :‬‬ ‫‪ . 3‬رواه مسلم برقم ‪.6706‬‬

‫‪194‬‬


‫وتنفيذها‪ ،‬كما يشرع معاقبة كل معتد عليها‪ ،‬فقد شرعت لتحقق لإلنسان كرامته‪ ،‬وتصون حرماته‪ ،‬ومن حق كل‬ ‫إنسان املطالبة بها‪ ،‬والدفاع عنها‪ ،‬كما أن من واجبه احترام حقوق اآلخرين وعدم املساس بها‪.‬‬

‫نشاط‪1‬‬ ‫بالرجوع ملوقع هيئة حقوق اإلنسان باململكة ‪ http://hrc.gov.sa‬اكتب تقريراً تبني من خالله‬ ‫‪ :‬األعمال التي تقوم بها ‪ ،‬جهودها ومنجزاتها ‪ ،‬كيفية التواصل معها ‪ ،‬إصداراتها‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪2‬‬ ‫دعت اجلمعية العامة لألمم املتحدة جميع الدول الحترام حقوق اإلنسان ووضعت أنظمة حلماية حقوق‬ ‫اإلنسان أقرت اململكة منها ما وافق الشريعة اإلسالمية وتركت ما فيه مخالفة للشريعة‪ ،‬فيما يأتي‬ ‫عرض لبعض قوانني حقوق اإلنسان التي اشتملت على ما يوافق الشريعة وما يخالفها بني ذلك‪:‬‬ ‫م‬

‫النظام‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫احلق بالزواج من بني مختلفي األديان‬ ‫احلق في تغير الدين وحرية إقامة الشعائر الدينية مع‬ ‫جماعة أمام املأل‬ ‫املساواة بني األطفال املولودون في إطار الزواج واألطفال‬ ‫املولودون خارج إطار الزواج‬ ‫عدم التمييز بسبب العنصر أو اللون أو اجلنس أو اللغة أو‬ ‫الدين‬ ‫ضرورة رعاية الطفولة‬ ‫لكل فرد احلق في التملك ‪ ،‬مبفرده أو باالشتراك مع غيره‬ ‫عدم التمييز ضد املرأة في مجال احلقوق االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬ ‫كاحلق في التعليم وفي العمل وفي الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫حرية ممارسة اجلنس بني البالغني عند التراضي‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪195‬‬

‫ما يوافق‬ ‫الشريعة‬

‫ما يخالف‬ ‫الشريعة‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬قارن بني مفهوم حقوق اإلنسان في اإلسالم واملفهوم الغربي حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما احلقوق التي حتفظ بهذه األحكام‪:‬‬ ‫أ‪-‬حترمي الزنا‪.‬‬ ‫ب‪-‬حترمي قتل النفس‪.‬‬ ‫ت‪-‬حترمي القذف‪.‬‬ ‫ث‪-‬إباحة البيع والشراء‪.‬‬ ‫ج‪-‬وجوب النفقة على الزوجة واألوالد واآلباء واألمهات‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما ضوابط حرية الرأي في اإلسالم؟‬

‫‪196‬‬


‫القراءة وأهميتها‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني أهمية القراءة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج معايير القراءة النافعة‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج األمور التي تعني على اعتياد القراءة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني آداب القراءة‪.‬‬ ‫أهمية القراءة‬ ‫القراءة نافذ ٌة رحبة‪ُّ ،‬‬ ‫ُعمق‬ ‫يطل من خاللها اإلنسان على‬ ‫عوالم ثقافية جديدة تنمي معارفه‪ ،‬وتُثري مداركه‪ ،‬ت ِّ‬ ‫َ‬ ‫أعمارا‪ .‬حيث ّ‬ ‫يطلع فيما يقرأ على خالص َة جتارِب املؤلفني‪ ،‬وزبد َة‬ ‫وعيه‪ ،‬وترتقي بخبراته‪ ،‬وتُضيف إلى عمره‬ ‫ً‬ ‫خبراتهم في احلياة التي عاشوا أحدا َثها وتق َّلبوا في متغيراتها سنني طويلة‪.‬‬ ‫والقراءة طريق معرفة اهلل عز وجل وماشرع لعباده من العبادات واملعامالت واألخالق واآلداب‪ ،‬وبالقراءة يتعرف‬ ‫املسلم على سيرة الرسول ‪ ،‬وعلى تاريخ أمته وحضارتها العظيمة‪ ،‬وعلى سير أعالمها وقادتها‪.‬‬ ‫وقد جاءت الشريعة اإلسالمية ببيان فضل القراءة والعلم والتعلم‪ ،‬بل ساق اهلل ‪ U‬القراءة والكتابة والقلم َم َ‬ ‫ساق‬ ‫املِ َّنة على عباده؛ لينبههم إلى فضل هذه األمور؛ فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪ(((‪ ،‬فأقسم بالقلم‪،‬‬ ‫وأقسم مبا ُيكتب بالقلم‪ ،‬وهو‪ِ :‬‬ ‫العلم‪ .‬وقال ‪ U‬في أول ما نزل من الوحي‪ :‬ﱫ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﱪ(((‪.‬‬ ‫ملاذا أقرأ؟‬ ‫القراءة من أفضل السبل لتحصيل العلوم واملعارف املختلفة‪ ،‬وطريق ألن يلتحق املرء مبصاف العلماء الذين أثنى‬ ‫اهلل عز وجل عليهم بقوله‪ :‬ﱫ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﱪ(((‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱫ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱪ(((‪.‬‬ ‫كما يقرأ اإلنسان ألن القراءة الهادفة تغ ِّير حياته نحو األفضل؛ فهي ترفع مستوى ال َف ْهم والتفكير لديه‪ ،‬وتعينه‬ ‫على إدراك حقائق األشياء‪ ،‬وهي طريق إلى معرفة أحوال األمم املاضية واالستفادة منها‪.‬‬ ‫وفي القراءة حفظ لألوقات فيما ينفع‪ ،‬وصون لها عما يضر من فضول النظر والكالم واالستماع واملخالطة‬ ‫ومجالسة من ال خير فيهم‪ ،‬وهي بعد ذلك طريق إلى النجاح والتفوق واإلبداع‪ ،‬وإلى أن يكون اإلنسان مؤ ِّث ًرا في‬ ‫محيطه واملجتمع من حوله‪.‬‬ ‫‪ . 1‬القلم‪.1 :‬‬ ‫‪ . 2‬العلق‪.1 :‬‬ ‫‪ . 3‬املجادلة‏‪:‬‏ ‪.11‬‬ ‫‪ . 4‬الزمر‪.9 :‬‬

‫‪197‬‬


‫ماذا أقرأ؟‬ ‫القراءة النافعة هي تلك التي تسهم في االرتقاء بقدرات اإلنسان ومعارفه وبناء شخصيته‪ ،‬وتوجهه نحو املثل‬ ‫العليا واألخالق الفاضلة‪ ،‬ولذا فإن من املهم أن يحسن اإلنسان اختيار الكتاب الذي يقرؤه حتى تكون القراءة متع ًة‬ ‫وغذاء للعقل والروح‪ ،‬وأن يبتعد عن قراءة القصص والروايات واملقاالت الرديئة التي تثير الغرائز‪ ،‬أو تدعو‬ ‫للنفس‬ ‫ً‬ ‫إلى الرذائل‪ ،‬أو تورث في نفسه دافع العنف واإلجرام‪.‬‬ ‫تربية النفس على القراءة‬ ‫إن تربية النفس على القراءة ومالزمتها والصبر عليها من أجنح السبل لغرس محبتها واالستمرار عليها‪ ،‬وقد‬ ‫يضجر املرء في البداية أو يصيبه السآمة وامللل‪ ،‬ولكن بالعزمية اجلادة سوف يكتسب بإذن اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬هذه امللكة‬ ‫حتى تصبح مالزمة له ال يقوى على فراقها‪.‬‬ ‫ومما يعني على ذلك ويحفز إليه استحضار ثمراتها على اإلنسان؛ في فكره‪ ،‬ومنطقه‪ ،‬ونظرته لألمور‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك النظر في سير العظماء من العلماء واألدباء واملفكرين الذين لم يصلوا إلى املقامات العالية في العلم والفكر إال‬ ‫مبالزمة القراءة‪.‬‬ ‫آداب القراءة‬ ‫‪ -1‬ليس كل كتاب يصلح للقراءة وال كل كاتب ومؤلف ينبغي أن يقرأ له‪ ،‬ألن من الكتب ما ال نفع فيه بل رمبا‬ ‫كان مضرة على قارئه‪ ،‬ولذا ينبغي للشباب املسلم إذا أراد أن يقرأ أن يستشير من يثق به من العلماء واملختصني‬ ‫عن الكتب املفيدة الصاحلة للقراءة‪ ،‬وعن املؤلفني الذين ينصح باقتناء مؤلفاتهم وقراءتها‪.‬‬ ‫‪ -2‬األخذ باألسباب التي تعني على التركيز في القراءة ومنها‪ :‬اختيار األوقات املناسبة‪ ،‬واألماكن املالئمة اخلالية‬ ‫من الصوارف‪ ،‬وأن يكون خالي الذهن‪ ،‬ولديه االستعداد العقلي والنفسي الذي يعنيه على استجماع قدراته‬ ‫الفكرية لالستفادة مما يقرأ‪.‬‬ ‫‪ -3‬التنويع في القراءة بني الكتب العلمية املتخصصة‪ ،‬والكتب الثقافية‪ ،‬والقصص الهادفة واملسلية‪ ،‬وكتب اآلداب‬ ‫واألخالق‪ ،‬حتى تتسع مدارك اإلنسان‪ ،‬ويبعد عن نفسه السآمة وامللل‪.‬‬

‫‪198‬‬


‫نشاط‪1‬‬

‫تعاون مع زمالئك في ذكر األسلوب األمثل في التدرب على مهارات القراءة اآلتية‪:‬‬ ‫املهارة‬

‫م‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫القراءة السريعة‬

‫أسلوب التدرب عليها‬

‫القراءة املعبرة واملمثلة للمعني‬ ‫القراءة السليمة ‪ ،‬من حيث مراعاة الشكل‬ ‫الصحيح للكلمات‬

‫‪4‬‬

‫الفهم وتنظيم األفكار أثناء القراءة‪.‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫اختر كتيب ًا أو مطوية ‪ ،‬ثم اقرأها وخلص أبرز محتوياتها والفوائد التي حصلت عليها‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬حث اإلسالم على القراءة‪ ،‬استدل لذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما أثر القراءة على حديث اإلنسان ومنطقه؟‬ ‫س‪ :3‬ما ضوابط القراءة النافعة؟‬ ‫س‪ :4‬اذكر ثالثة من آداب القراءة‪.‬‬

‫‪199‬‬


‫السفر وآدابه‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع السفر‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أحكام السفر‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آداب السفر‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منهج اليسر ورفع احلرج في أحكام السفر‪.‬‬ ‫‪ ‬تلخص هدي النبي ‪ ‬في السفر‪.‬‬ ‫أنواع السفر(((() ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫سفر محمو ٌد‪ :‬وهو ما كان في طاعة اهلل تعالى‪ ،‬كالسفر ألداء احلج أو العمرة‪ ،‬أو اجلهاد في سبيل اهلل‬ ‫أ ٌ‬ ‫والدعوة إليه‪ ،‬أو لطلب العلم النافع‪ ،‬أو صلة األرحام‪ ،‬أو زيارة اإلخوان في اهلل‪.‬‬ ‫سفر مذمو ٌم‪ :‬وهو ما كان ألمر ال ترتضيه الشريعة‪ ،‬كالسفر لزيارة القبور‪ ،‬أو املتاجرة بأمر محرم‪ ،‬كاملخدِّ رات‬ ‫ ب ٌ‬‫واملسكرات‪ ،‬أو لغرض الفساد‪.‬‬ ‫مباح‪ :‬كالسفر ألجل مصلحة دنيوية مباحة‪ ،‬كالتجارة املباحة‪ ،‬أو النزهة احلالل‪ ،‬وقد يرتقي هذا‬ ‫سفر ٌ‬ ‫ ت ٌ‬‫النوع ليكون من قبيل السفر احملمود املثاب عليه إذا صحبه نية صاحلة وكان مواف ًقا للشريعة‪ ،‬كالسفر‬ ‫لتحصيل املال؛ ليعف نفسه عن املسألة‪ ،‬ويطعم ولده احلالل‪ ،‬والسفر بأسرته إلدخال السرور عليهم‪،‬‬ ‫وإكسابهم عدداً من اخلبرات‪ ،‬واملعلومات اجلديدة‪.‬‬

‫أحكام السفر‬ ‫يشرع للمسافر أن يتعلم األحكام الفقيهة اخلاصة بالسفر‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أما يتعلق بالطهارة‪ :‬يجوز للمسافر استدامة لبس اجلوربني ثالثة أيام بلياليهن‪ ،‬وإذا حضر وقت الصالة‬ ‫بحث عن املاء فإن لم يجد فإنه يتيمم‪ ،‬إال أنه ال ينبغي التساهل اآلن مع توافر مواضع كثيرة يوجد بها‬ ‫املاء – بحمد اهلل – دون عناء وال مشقة‪.‬‬ ‫ بما يتعلق بالصالة‪ :‬يشرع للمسافر قصر ال ُّرباعية إلى ركعتني‪ ،‬كما يشرع له جمع الظهر مع العصر واملغرب‬‫مع العشاء‪ ،‬وأداء سنة الفجر صالة الوتر‪ ،‬وحتية املسجد‪ ،‬والضحى‪ ،‬والنوافل املطلقة‪ ،‬ويجوز له صالة النافلة‬ ‫على مركوبه ولو لغير القبلة‪.‬‬ ‫‪ )1‬لالستزادة‪ ،‬انظر‪ :‬رسالة‪( :‬الغرر السوافر عما يحتاج إليه املسافر) ‪ ،‬لبدر الدين الزركشي ص‪. 50-46‬‬

‫‪200‬‬


‫ُكتب له وإن لم يعملها‪ ،‬حلديث أبي موسى األشعري ‪ ‬أن النبي ‪‬‬ ‫ تاألعمال التي تفوته بسبب السفر ت ُ‬‫قال‪« :‬إذا مرض العبد أو سافر‪ ،‬كتب له مثل ما كان يعمل مقيم ًا صحيحاً»(((() ‪.‬‬ ‫اآلداب واألحكام قبل السفر‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬االستشارة واالستخارة‪ :‬يستحب ملن أراد السفر أن يستشير فيه أهل اخلبرة واألمانة‪ ،‬فإذا استشار وظهر في‬ ‫سفره مصلحة استخار اهلل تعالى في ذلك‪ ،‬فيصلي ركعتني‪ ،‬ويدعو بدعاء االستخارة‪ ،‬ثم ميضي ملا ينشرح‬ ‫له صدره‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬جتديد التوبة‪ ،‬والتخلص من حقوق الناس التي عليه‪ ،‬وكتابة وصيته‪ ،‬فإنه ال يدري ما يعرض له في‬ ‫سفره‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫‪3‬اختيار الرفقة الصاحلة‪ ،‬التي تعينه على طاعة ربه‪ ،‬فإنه في السفر حتصيل معاشرة مستمرة‪ ،‬وهذه لها أثرها‬ ‫على الفرد‪ ،‬وليجتنب رفقة السوء‪ ،‬ويكره أن يسافر وحده؛ للنهي عن ذلك‪ ،‬قال ‪« :‬الراكب شيطان‪،‬‬ ‫والراكبان شيطانان‪ ،‬والثالثة ركب»(((() ‪ ،‬وقال‪« :‬لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم‪ ،‬ما سافر راكب‬ ‫بليل وحده»(((() ‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫‪4‬ال يجوز للمرأة أن تسافر إال مع محرم لها‪ ،‬أو زوج‪ ،‬قال ‪" :‬ال يخلون رجل بامرأة إال ومعها ذو محرم‪،‬‬ ‫وال تسافر املرأة إال مع ذي محرم» فقال له رجل‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن امرأتي خرجت حاجة‪ ،‬وإني اكتتبت في‬ ‫غزوة كذا وكذا؟ قال‪« :‬انطلق‪ ،‬فحج مع امرأتك»(((() ‪.‬‬

‫‪-5‬‬

‫‪5‬أن يتحرى املرء بسفره يوم اخلميس إذا لم يشق عليه؛ ألنه الغالب من فعل النبي ‪ ،‬كما قال كعب بن‬ ‫يخرج– إذا خرج في سفر– إال يوم اخلميس(((() ‪.‬‬ ‫مالك ‪ :‬لقلما كان رسول اهلل ‪‬‬ ‫ُ‬

‫‪-6‬‬

‫‪6‬أن يودِّعَ أهله وأصحابه‪ ،‬فقد كان رسول اهلل ‪ ‬يفعل ذلك‪ ،‬ويفعله أصحابه ‪ ،‬ومما ورد في ذلك أن يقول‬ ‫املقيم للمسافر‪ :‬استودع اهلل دينك وأمانتك وخواتيم عملك(((() ‪ ،‬ويقول املسافر للمقيم‪ :‬أستودعك اهلل‬ ‫الذي ال تضيع ودائعه(((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في اإلقامة ‪. )2996(136/6‬‬ ‫‪ )2‬رواه أبو داود في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب في الرجل يسافر وحده ‪ ، )2607(80/3‬والترمذي في كتاب فضائل اجلهاد‪ ،‬باب ما جاء في كراهية‬ ‫وحسنه‪ ،‬وقال النووي‪ :‬بأسانيد صحيحة (رياض الصاحلني‪ ،‬كتاب أدب السفر) ‪.‬‬ ‫أن يسافر ‪َّ ، )1674(193/4 ...‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب السير وحده رقم (‪. )2996‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب من اكتتب في جيش فخرجت‪( ..‬الفتح ‪ )143/6‬رقم (‪ ، )3006‬ومسلم في كتاب احلج‪ ،‬باب سفر‬ ‫املرأة مع محرم إلى حج وغيره ‪. )1341(978/2‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في اجلهاد‪ ،‬باب من أراد غزوة فو ّرى بغيرها (الفتح ‪ ، )113/6‬رقم (‪. )2949‬‬ ‫‪ )6‬رواه أبو دواد في كتاب اجلهاد‪ ،‬باب الدعاء عند الوداع ‪ )2600(76/3‬والنسائي في اليوم والليلة رقم (‪ ، )514( ، )512‬وأحمد‬ ‫‪ ،136 ،38 ،25/2‬واحلاكم في املستدرك ‪ ،97/2‬والترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما يقول إذا و ّدع إنسان ًا ‪ ،499/5‬رقم (‪ ، )3443‬وقال‪:‬‬ ‫حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه أحمد ‪ ،403/2‬والنسائي في اليوم والليلة(‪ ، )508‬وابن السني في اليوم والليلة (‪. )507‬‬

‫‪201‬‬


‫اآلداب أثناء السفر وبعده‪:‬‬ ‫‪1 -1‬أن يستفتح سفره بذكر اهلل تعالى‪ ،‬فيقول الدعاء الوارد عند الركوب‪ ،‬والدعاء الوارد عند السفر خاصة‪.‬‬ ‫عن ابن ُع َم َر‪-‬رضي اهلل عنهما‪َ -‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫كان إذا ْاس َت َوى على َب ِعي ِر ِه َخار ًِجا إلى َس َف ٍر َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬‬ ‫«ك َّب َر َثالثًا»‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫ان الذي َس َّخ َر ل َنا َ‬ ‫ني َو ِإنَّا إلى َر ِّب َنا لمَ ُ ْن َق ِل ُب َ‬ ‫«(س ْب َح َ‬ ‫ون) ‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم ِإنَّا َن ْس َألُ َك في َس َف ِر َنا هذا ا ْل ِب َّر‬ ‫هذا و َما ك َّنا َل ُه ُم ْق ِر ِن َ‬ ‫قال‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الص ِ‬ ‫الس َفرِ‪،‬‬ ‫َوال َّت ْق َوى‪َ ،‬و ِم ْن ا ْل َع َم ِل ما َت ْر َضى‪ ،‬الل ًُه ًّم َه ِّو ْن َعل ْي َنا َس َف َر َنا هذا‪َ ،‬و ْاطوِ َع َّنا ُب ْعدَ ُه‪ ،‬الل ًُه ًّم َ‬ ‫أنت َّ‬ ‫اح ُب في َّ‬ ‫الس َفرِ‪َ ،‬و َكآ َب ِة المْ َ ْن َظرِ‪َ ،‬و ُسو ِء المْ ُ ْن َق َل ِب في المْ َالِ َوا َأل ْه ِل»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫َوالخْ َ ِلي َف ُة في ا َأل ْه ِل‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم إني َأ ُعو ُذ ب َِك ِمن َو ْعثَا ِء َّ‬

‫(((()‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬املسافر مستجاب الدعوة‪ ،‬قال ‪" :‬ثالث دعوات مستجابات ال شك فيهن‪ :‬دعوة املظلوم‪ ،‬ودعوة الوالد‪،‬‬ ‫ودعوة املسافر»(((() ‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫‪3‬يسن للمسافر إذا َص ِعدَ مكان ًا مرتفع ًا أن يكبر اهلل تعالى‪ ،‬وإذا انحدر إلى وادٍ أن يسبح اهلل تعالى‪ ،‬قال جابر‬ ‫‪ :‬كنا إذا ِ‬ ‫صعدنا ك َّبرنا‪ ،‬وإذا نزلنا س َّبحنا(((() ‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫‪4‬إذا نزل منز ًال‪ ،‬قال الدعاء املذكور في حديث خولة بنت حكيم – رضي اهلل عنهما – أنها سمعت النبي‬ ‫‪ ‬يقول‪« :‬من نزل منز ًال‪ ،‬ثم قال‪ :‬أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق‪ ،‬لم يضره شيء حتى يرحتل‬ ‫من منزله ذلك»(((() ‪.‬‬

‫‪-5‬‬

‫‪5‬التعجيل بالرجوع إلى أهله متى انقضت حاجته‪ ،‬قال ‪" :‬السفر قطعة من العذاب مينع أحدكم طعامه‬ ‫وشرابه ونومه‪ ،‬فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله»(((() ‪ ،‬ونهمته‪ :‬حاجته‪.‬‬

‫‪-6‬‬

‫ون‪ِ ،‬ل َر ِّب َنا َحا ِمدُ َ‬ ‫ون‪َ ،‬عا ِبدُ َ‬ ‫ون‪ ،‬تَا ِئ ُب َ‬ ‫‪6‬إذا رجع ذكر الدعاء الذي قاله عند ابتداء سفره‪ ،‬وزاد عليه‪« :‬آ ِي ُب َ‬ ‫ون»‪.‬‬ ‫رواه مسلم(((() ‪.‬‬

‫‪-7‬‬

‫‪7‬أن يصلي ركعتني في املسجد إذا رجع إلى بلده‪ ،‬ففي حديث كعب بن مالك أن رسول اهلل ‪ ‬كان إذا قدم‬ ‫من سفر بدأ باملسجد فركع فيه ركعتني(((() ‪.‬‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب احلج‪ ،‬باب ما يقول إذا ركب إلى سفر احلج وغيره ‪. )1342(978 /2‬‬ ‫‪ )2‬رواه أبو داود في كتاب الصالة‪ ،‬باب الدعاء بظهر الغيب ‪ ، )1536(186/2‬وابن ماجه في كتاب الدعاء‪ ،‬باب دعوة الوالد ودعوة املظلوم‬ ‫‪ ، )3862( 127/2‬والترمذي في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في دعوة الوالدين ‪ ، )1905(314/4‬والبخاري في األدب املفرد رقم (‪)32‬‬ ‫‪. )481(،‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في اجلهاد‪ ،‬باب التسبيح إذا هبط وادي ًا ‪. )2993(135/6‬‬ ‫‪ )4‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب التعوذ من سوء القضاء ‪. )2708(2080/4‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب العمرة‪ ،‬باب السفر قطعة من العذاب (الفتح ‪ ، )1804( )622/3‬ومسلم في كتاب اإلمارة‪ ،‬باب السفر قطعة من‬ ‫العذاب ‪. )1927(1526/3‬‬ ‫‪ )6‬جزء من حديث ابن عمر املتقدم في دعاء السفر‪ ،‬وانظر‪ :‬صحيح البخاري رقم (‪. )1797‬‬ ‫‪ )7‬رواه البخاري في كتاب املغازي‪ ،‬باب حديث كعب بن مالك (الفتح ‪ )114/8‬رقم (‪ ، )4418‬ومسلم في كتاب التوبة‪ ،‬باب حديث توبة‬ ‫كعب بن مالك وصاحبيه ‪. )2769(2123/4‬‬

‫‪202‬‬


‫نشاط ‪1‬‬

‫بالرجوع ألحكام السفر املذكورة في ال��درس ‪ ،‬استنتج منها ما يدل على يسر الدين ورفعه‬ ‫للحرج‪:‬‬ ‫م‬

‫الداللة‬

‫احلكم‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫نشاط‪2‬‬

‫ارجع إلى كتاب زاد املعاد في هدي خير العباد ‪ ،‬وخلص هدي النبي ‪ ‬في السفر في حدود ‪5‬‬ ‫أسطر‪:‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫‪........................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬متى يكون السفر محموداً ؟ ومتى يكون مذموماً؟‬ ‫س‪ :2‬ما صلوات التطوع التي يشرع للمسافر تركها؟‬ ‫س‪ :3‬فرق بني املسافر واحلاضر في كل مما يلي ‪:‬‬ ‫عدد ركعات الصالة‬ ‫أوقات الصالة‬ ‫مدة املسح على اخلفني‬ ‫س‪ :4‬اذكر ثالث ًا من اآلداب التي تشرع للمسافر قبل سفره‪ ،‬وثالث ًا من اآلداب التي تشرع أثناء‬ ‫السفر‪ ،‬وثالث ًا من اآلداب التي تشرع نهاية السفر‪.‬‬ ‫‪203‬‬


‫اء‬ ‫ُّ‬ ‫الد َع ُ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الدعاء في اللغة والشرع‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية الدعاء‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج فوائد الدعاء من النصوص الشرعية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني شروط إجابة الدعاء‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آداب الدعاء‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل ألدعية واردة عن النبي ‪.‬‬ ‫معنى الدعاء‬

‫الدعاء لغة‪ :‬النداء والطلب‪ ،‬تقول‪ :‬دعوت فالناً‪ ،‬مبعنى‪ :‬طلبته وناديته(((() ‪.‬‬ ‫وفي الشرع‪ :‬االستعانة باهلل تعالى ومناداته جللب النفع واخلير‪ ،‬ودفع األذى والشر‪.‬‬ ‫وقد أمر اهلل تعالى بالدعاء وحث عليه فقال‪ :‬ﱫ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال عز وجل‪ :‬ﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫أهمية الدعاء‬ ‫إن من نعمة اهلل تعالى على عباده أن هيأ لهم األسباب املوصلة إليه‪ ،‬إذ إنه ال غنى للعباد عن خالقهم سبحانه وتعالى‬ ‫حال من األحوال‪ ،‬ومن أهم ما يقرب إلى اهلل تعالى دعاؤه ورجاؤه واالستغاثة به‪ ،‬فبه يعبد اإلنسان ربه‬ ‫بأي ٍ‬ ‫ويحصل على رضاه‪ ،‬وبه يتحقق مطلوبه‪ ،‬وينال مبتغاه‪.‬‬ ‫فضل الدعاء وفوائده‬ ‫للدعاء فضل عظيم‪ ،‬وفوائد جليلة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في استنتاجها من اآليات الكرمية اآلتية ‪:‬‬ ‫‪ )1‬ينظر‪ :‬املفردات في غريب القرآن ص‪ ،169‬ومختار الصحاح ص‪.206‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 60‬من سورة غافر‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 186‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫‪204‬‬


‫م‬

‫اآلية‬

‫‪1‬‬

‫ﮝ ﮞ ﮟ ﱪ (‪. )48‬‬

‫ﱫﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬

‫فائدة الدعاء التي دلت عليها‬

‫ﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬

‫‪ 2‬ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﱪ (‪.58‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﱫ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ‬

‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱪ (‪. )68‬‬

‫شروط إجابة الدعاء‬ ‫يطمح املؤمن أن يستجيب اهلل تعالى دعاءه‪ ،‬ويلبي مقصوده‪ ،‬ولكن هذه اإلجابة ال تتحقق إال بشروط‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‪-1‬اإلخ�لاص‪ :‬وهو أهم شروط قبول األعمال‪ ،‬واإلخ�لاص‪ :‬جتريد العبودية هلل تعالى من جميع املتعلقات‪ ،‬فال‬ ‫يقصد بعبادته ودعائه إال اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ومن خالف ذلك فقد أشرك‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫مال الداعي حال ًال؛ ألن املال احلرام مانع من إجابة الدعاء؛ عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬‬ ‫قال َر ُس ُ‬ ‫‪ -2‬أن يكون ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ني بمِ َا َأ َم َر ِب ِه المْ ُ ْر َس ِلنيَ‪ ،‬فقال‪( :‬يا َأ ُّي َها ال ُّر ُس ُل ُك ُلوا من‬ ‫الناس‪ِ ،‬إ َّن ا َط ِّي ٌب ال َي ْق َب ُل إ َّال َط ِّي ًبا‪َ ،‬و ِإ َّن ا َأ َم َر المْ ُؤْ ِم ِن َ‬ ‫« َأ ُّي َها ُ‬ ‫يم) ‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ات َما َر َز ْق َن ُ‬ ‫ات َو ْاع َم ُلوا َصالحِ ً ا إني بمِ َا ت َْع َم ُل َ‬ ‫ين آ َم ُنوا ُك ُلوا من َط ِّي َب ِ‬ ‫الط ِّي َب ِ‬ ‫اك ْم) ‪ُ ،‬ث َّم َذ َك َر‬ ‫وقال‪( :‬يا َأ ُّي َها الَّ ِذ َ‬ ‫ون َع ِل ٌ‬ ‫ال َّر ُج َل ُي ِط ُ‬ ‫الس َما ِء‪ :‬يا َر ِّب يا َر ِّب‪َ ،‬و َم ْط َع ُم ُه َح َرا ٌم‪َ ،‬و َم ْش َر ُب ُه َح َرا ٌم‪َ ،‬و َم ْل َب ُس ُه َح َرا ٌم‪،‬‬ ‫الس َف َر َأ ْش َع َث َأ ْغ َب َر‪ ،‬يمَ ُدُّ َيدَ ْي ِه إلى َّ‬ ‫يل َّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫اب ِل َذ ِل َك»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫َو ُغ ِذ َي ِبالحْ َ َرا ِم؛ َف َأنَّى ُي ْس َت َج ُ‬

‫‪-3‬ترك االعتداء في الدعاء‪:‬ومعناه أن ال يتجاوز في الدعاء إلى غير املشروع‪ ،‬كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم‪ ،‬أو‬

‫يدعو بالهالك والدمار على فرد أو أفراد بسبب خطأ يسير عليه‪ ،‬أو يدعو بأمر يستحيل وقوعه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮨ‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫آداب الدعاء‪:‬‬ ‫‪-1‬التضرع واخلشوع وحضور القلب‪.‬‬ ‫‪-2‬اإليقان باإلجابة وعدم استبطائها‪.‬‬ ‫‪ -3‬اجلزم بالدعاء واإلحلاح فيه‪ ،‬فعن أنس – رضي اهلل عنه – قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إذا دعا‬ ‫أحدكم فليعزم املسألة وال يقول‪ :‬اللهم إن شئت فأعطني‪ ،‬فإنه ال مستكره له»(((() ‪.‬‬ ‫الصدَ َق ِة من ا ْل َك ْس ِب َّ‬ ‫الط ِّي ِب َو َت ْر ِب َي ِت َها ‪. )1015(703/2‬‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب الزكاة‪َ ،‬باب َق ُبولِ َّ‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 55‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه الشيخان وأخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب ليعزم املسألة فإنه ال مكره له‪ ،144/11 ،‬ومسلم في صحيحه كتاب‬ ‫الذكر والدعاء باب العزم في الدعاء وال يقول إن شئت رقم ‪.2678‬‬

‫‪205‬‬


‫‪ -4‬املداومة على الدعاء وعدم تركه واالنقطاع عنه‪.‬‬ ‫‪ -5‬اختيار الزمان واملكان الفاضلني‪ ،‬مثل‪ :‬يوم عرفة‪ ،‬وشهر رمضان‪ ،‬ويوم اجلمعة‪ ،‬وليلة القدر‪ ،‬وآخر الليل‪ ،‬وحال‬ ‫السجود‪ ،‬وبني اآلذان واإلقامة‪ ،‬وحال السفر‪ ،‬والصيام‪ ،‬واالضطرار‪ ،‬وفي احلج أثناء الطواف والسعي وبني اجلمرتني‬ ‫األولى والثانية‪ ،‬والثانية الثالثة‪.‬‬ ‫‪ -6‬استقبال القبلة حال الدعاء‪.‬‬ ‫‪ -7‬رفع اليدين حال الدعاء‪.‬‬ ‫‪ -8‬افتتاح الدعاء وختمه له باحلمد هلل والثناء عليه ‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل ‪.‬‬

‫‪ -9‬سؤال اهلل تعالى بأسمائه احلسنى وصفاته ال ُعال املناسبة للدعاء املراد‪.‬‬ ‫موانع اإلجابة‬

‫من موانع اإلجابة‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬وعدم اإلخ�لاص‪ ،‬والتعامل باحلرام كالغش والربا‪ ،‬وأكل أموال الناس بالباطل‪،‬‬ ‫والرشوة‪ ،‬وكذا االعتداء في الدعاء‪ ،‬أو الدعاء باألدعية احملرمة‪ ،‬أو األدعية البدعية كالتوسل باألموات وأصحاب‬ ‫األضرحة‪.‬‬

‫أمثلة للدعاء‪:‬‬ ‫يحسن مبن أراد أن يدعو اهلل أن يدعوه بجوامع الدعاء ‪ ،‬وأنفع الدعاء وأجمعه وأشمله ما ورد في القرآن الكرمي وما‬ ‫ورد عن النبي ‪ ‬ومن ذلك ‪:‬‬ ‫ ﱫ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﱪ [البقرة‪.]201:‬‬‫ ﱫ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﱪ [آل عمران‪.]8:‬‬‫أضف دعائني من أدعية القرآن الكرمي ‪:‬‬‫‪....................................................................................‬‬‫‪....................................................................................‬‬‫ومن أدعية السنة النبوية ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعو ُذ بك من شر ما‬ ‫اللهم أنت ربي ال إله إال أنت‪ ،‬خلقتني وأنا عبدُ ك‪ ،‬وأنا على عهدك‬ ‫{ ّ‬‫(((‬ ‫الذنوب إال أنت}‬ ‫صنعت‪ ،‬أبو ُء لك بنعمتك علي‪ ،‬وأبوء بذنبي‪ ،‬اغفر لي فإنه ال يغفر‬ ‫َ‬ ‫وه ْز ِلي‪َ ،‬‬ ‫وخ َط ِئي‬ ‫وج ْه ِلي‪ ،‬وإس َرا ِفي في َأ ْمرِي‪ ،‬وما أنت َأ ْع َل ُم ِب ِه ِم ّني‪ .‬اللهم اغفر لي ِجدّ ي َ‬ ‫اللهم ْاغ ِف ْر َخ ِط ْي َئ ِتي َ‬ ‫{ ّ‬‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أعلم ب ِه‬ ‫َ‬ ‫وع ْم ِدي‪ ،‬وكل ذلك عندي‪ .‬اللهم اغفر لي ما َقدَّ ْم ُت وما أ ّخ ْر ُت‪ ،‬وما أ ْس َر ْر ُت وما أ ْعل ْن ُت وما أنت ُ‬ ‫(((‬ ‫وأنت على كل شيء قدير}‬ ‫أنت املقدّ ُم وأنت املؤخ ُر‪َ ،‬‬ ‫ِمني‪َ ،‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري رقم‪. )6306( :‬‬ ‫‪ 2‬رواه البخاري رقم‪ ، )6398( :‬ومسلم رقم‪. )2719( :‬‬

‫‪206‬‬


‫اللهم ِ‬ ‫ينفع‪،‬‬ ‫أنت َخي ُر من ز ََّك َاها‪َ ،‬‬ ‫آت َن ْف ِسي ت َْق َو َاها َوز َِّك َها َ‬ ‫أنت َو ِل ُّي َها وموالها‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من علم ال ُ‬ ‫{ َّ‬‫(((‬ ‫اب لها}‬ ‫ومن قلب ال َي ْخ َش ُع‪ ،‬ومن َن ْف ٍس ال ت َْش َب ُع‪ ،‬ومن دعو ِة ال ُي ْس َت َج ُ‬ ‫الهدى‪ ،‬وال ُّت َقى‪ ،‬وال َع َف َ‬ ‫اف‪َ ،‬وا ْل ِغ َنى}‬ ‫‬‫{اللهم إنِّي َأ ْس َألُ َك ُ‬ ‫ّ‬

‫(((‬

‫اي التي فيها َم َع ِ‬ ‫وأص ِل ْح لي ِآخ َر ِتي التي فيها‬ ‫اللهم َأ ْص ِل ِْح ِلي ِد ْي ِني الذي هو ِع ْص َم ُة َأ ْمرِي‪ ،‬و َأ ْص ِل ْح لي ُد ْن َي َ‬ ‫{ ُ‬‫اشي‪ْ ،‬‬ ‫(((‬ ‫املوت راح ًة لي ِم ْن ُك ّل شر}‬ ‫واج َع ِل َ‬ ‫واج َع ِل احليا َة ِز َيا َد َة لي في كل خيرِ‪ْ ،‬‬ ‫َم َع ِادي‪ْ ،‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫للدعاء آداب عديدة منها ما ذكر في الدرس وهناك آداب أخرى ‪ ،‬اجمع أكبر قدر منها ‪ ،‬ثم‬ ‫صنفها حسب ما ورد في اجلدول اآلتي ‪:‬‬ ‫آداب فعلية‬

‫آداب قلبية‬

‫آداب قولية‬

‫نشاط‪2‬‬

‫ورد عن النبي ‪ ‬أدعية مطلقة ُيدعى بها في أي وقت وحال‪ ،‬وورده عنه ‪ ‬أدعية مخصوصة بأزمنة‬ ‫وأحوال محددة‪ ،‬بالتعاون مع مجموعتك ابحث عن األدعية التي تقال في األحوال اآلتية‪:‬‬ ‫الدعاء‬

‫م‬

‫احلال‬

‫‪1‬‬

‫عند اجلدب واحتباس املطر‬

‫‪2‬‬

‫في حال السجود‬

‫‪3‬‬

‫عند الهم واحلزن‬

‫‪4‬‬

‫عند السفر‬

‫‪5‬‬

‫عند االستخارة‬

‫‪ 1‬رواه مسلم رقم (‪. )2722‬‬ ‫‪ 2‬رواه مسلم رقم (‪. )2721‬‬ ‫‪ 3‬رواه مسلم رقم (‪. )2720‬‬

‫‪207‬‬


‫التقويم‬

‫س‪ :1‬ما املراد بالدعاء في اللغة والشرع؟‬ ‫س‪ :2‬اذكر ثالث ًا من ثمرات الدعاء‪.‬‬ ‫س‪ :3‬مثل ملا يأتي‪:‬‬ ‫أ‪-‬االعتداء في الدعاء‪.‬‬ ‫ب‪-‬أزمنة فاضلة يستحب فيها الدعاء‪.‬‬ ‫ت‪-‬أحوال ترجى فيها استجابة الدعاء‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما موانع استجابة الدعاء؟‬

‫‪208‬‬


‫ِّ‬ ‫الذكْ ُر‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الذكر في اللغة والشرع‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية الذكر‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج فضل الذكر وفوائده من النصوص الشرعية‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع الذكر وأوقاته‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل ألذكار واردة عن النبي ‪.‬‬ ‫معنى ِّ‬ ‫الذ ْك ِر‬ ‫ِّ‬ ‫الذكر لغة‪ :‬الشيء يجري على اللسان(((() ‪.‬‬ ‫وفي الشرع‪ :‬ما يجري على اللسان والقلب من تسبيح اهلل تعالى وحمده والثناء عليه وقراءة كتابه ودعائه والتفكر‬ ‫في آالئه ومخلوقاته‪ ،‬وما يجري على اجلوارح من تنفيذ أوامره‪.‬‬ ‫قال النووي رحمه اهلل‪ :‬اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها‪ ،‬بل‬ ‫كل عامل هلل تعالى بطاعة فهو ذاكر هلل تعالى‪ ،‬كذا قال سعيد بن جبير وغيره من العلماء(((() ‪.‬‬ ‫أهمية ِّ‬ ‫الذ ْك ِر‬ ‫اإلنسان في هذه الدنيا في جميع أحواله مرتبط باهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ال غنى له عنه حلظة من اللحظات‪ ،‬فهو‬ ‫ال متعددة تتحقق بها هذه‬ ‫اخلالق له‪ ،‬واملدبر جلميع شؤونه‪ ،‬وقد كلفه بعبادته في هذه الدنيا‪ ،‬وجعل له سب ً‬ ‫العبادة‪.‬‬ ‫ومن أعلى هذه السبل وأهمها ذكر اهلل تعالى‪ ،‬احلبل املتني‪ ،‬الذي يربط املخلوق بخالقه‪ ،‬ويجعله يعيش في معيته‬ ‫سبحانه‪ ،‬ويقيم النفس على اجلادة‪ ،‬ويثبتها على الصراط املستقيم‪.‬‬ ‫ال ونهاراً‪ ،‬سراً وجهاراً‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ومن هنا ُأمر املسلم بأن يكون من الذاكرين اهلل تعالى كثيراً لي ً‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﱪ (((() ‪ ،‬ويقول سبحانه‪ :‬ﱫ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫‪ )1‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪ 1507/3‬مادة (ذكر) ‪ ،‬والصحاح ‪ 644/2‬مادة (ذكر) ‪.‬‬ ‫‪ )2‬األذكار للنووي ص‪ ،9‬وللزيادة ينظر‪ :‬الوابل الصيب‪ ،‬البن القيم ص‪. 110 – 108‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 42 ،41‬من سورة األحزاب‪.‬‬

‫‪209‬‬


‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫فضل ِّ‬ ‫الذ ْك ِر وفوائده‬ ‫يقول ابن العربي رحمه اهلل تعالى‪ :‬هذا باب عظيم طاشت فيه األلباب(((() ‪ ،‬وذلك لعظم الفوائد احلاصلة منه‪،‬‬ ‫وقد ذكر اإلمام ابن القيم – رحمه اهلل – في كتابه‪( :‬الوابل الصيب من الكلم الطيب) ‪ ،‬أكثر من سبعني فائدة‬ ‫منها‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬سعادة القلب وطمأنينته في الدنيا واآلخرة‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى‪ :‬ﱫ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ‬ ‫ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬هو أفضل الطاعات وأجل القربات؛ ألن املقصود بالطاعات ذكر اهلل تعالى‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﯱ ﯲ ﱪ (((()‪.‬‬

‫وعن أبي الدرداء ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬أال أنبئكم بخير أعمالكم‪ ،‬وأزكاها عند مليككم‪ ،‬وأرفعها في درجاتكم‪،‬‬ ‫وخير لكم من إعطاء الذهب والورق‪ ،‬ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم» قالوا‪ :‬بلى يا‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬قال‪« :‬ذكر اهلل»(((() ‪.‬‬ ‫نفسه من الشيطان‪ ،‬ف َع ِن احلارث األشعري ‪ ‬أن نبي اللهَّ ِ ‪ ‬قال فيما حكاه‬ ‫‪-3‬هو حصن حصني يحفظ به العبد َ‬ ‫للهَّ‬ ‫عن يحيي بن زكريا – عليه السالم – أنه قال لبني إسرائيل‪َ «:‬وآ ُم ُر ُك ْم ب ِ​ِذ ْك ِر ا ِ عز وجل َك ِثيراً‪ ،‬وإن َمث َ​َل ذلك َك َمث َِل‬ ‫ون ِم َن َّ‬ ‫َر ُج ٍل َط َل َب ُه ا ْل َعدُ ُّو ِس َراع ًا في َأ َث ِر ِه‪ ،‬فأتي ِح ْصن ًا َح ِصين ًا َف َت َح َّص َن فيه‪ ،‬وإن ا ْل َع ْبدَ َأ ْح َص ُن ما َي ُك ُ‬ ‫الش ْي َط ِان إذا كان‬ ‫(((()‬ ‫في ِذ ْك ِر اللهَّ ِ عز وجل»‪.‬رواه أحمد والترمذي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الس ْب ُق والفو ُز يوم القيامة؛ فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫رسول اللهَّ ِ ‪َ ‬ي ِسي ُر في َطرِيقِ َم َّك َة‪َ ،‬ف َم َّر‬ ‫كان‬ ‫‪ -4‬يحصل به َّ‬ ‫للهَّ‬ ‫ول ا ِ؟ َ‬ ‫ون يا َر ُس َ‬ ‫على َج َب ٍل ُي َق ُ‬ ‫ون»‪ ،‬قالوا‪ :‬وما المْ ُ َف ِّر ُد َ‬ ‫«سي ُروا هذا ُج ْمدَ ُان‪َ ،‬س َبقَ المْ ُ َف ِّر ُد َ‬ ‫(ج ْمدَ ُان) فقال‪ِ :‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ال له ُ‬ ‫(((()‬ ‫ون اللهَّ َ َك ِث ًيرا َو َّ‬ ‫َّ‬ ‫«الذ ِاك ُر َ‬ ‫ات»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫الذ ِاك َر ُ‬

‫‪ )1‬آية ‪ 205‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )2‬عارضة األحوذي ‪.297/12‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 28‬من سورة الرعد ‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 45‬من سورة العنكبوت‪.‬‬ ‫‪ )5‬رواه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب ما جاء في فضل الذكر ‪.459/5‬‬ ‫يح‬ ‫الص َيا ِم َو َّ‬ ‫‪ )6‬رواه أحمد ‪ ،130،202/4‬والترمذي في كتاب األمثال‪َ ،‬باب ما جاء في َمث َِل َّ‬ ‫الصال ِة َو ِّ‬ ‫الصدَ َق ِة ‪ ، )2863(148/5‬وقال‪َ :‬ح َس ٌن َص ِح ٌ‬ ‫ِيب‪ ،‬وصححه ابن خزمية ‪ ، )1895(195/3‬وابن حبان ‪ ، )6233(124/14‬وابن القيم في إعالم املوقعني‪ ،231/1‬واأللباني في صحيح اجلامع‬ ‫َغر ٌ‬ ‫(‪. )1724‬‬ ‫‪ )7‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار‪ ،‬باب احلث على ذكر اهلل تعالى ‪. )2676(2062/4‬‬

‫‪210‬‬


‫أنواع ِّ‬ ‫الذ ْك ِر‬ ‫ُ‬ ‫أو ًال‪ِّ :‬‬ ‫الذ ْك ُر باللسان‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫أ‪ -‬التسبيح‪ ،‬والتهليل‪ ،‬والتحميد‪ ،‬والتكبير‪ ،‬وغيرهما من األذكار الواردة في نصوص الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫ب‪-‬قراءة كتاب اهلل تعالى‪ ،‬فهو كالم اهلل تعالى‪ ،‬املنزل على رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقراءته أفضل من األذكار‬ ‫املطلقة؛ ألنه كالم اهلل تعالى‪ ،‬فقد روى الترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬من قرأ حرف ًا من‬ ‫كتاب اهلل فله به حسنة‪ ،‬واحلسنة بعشر أمثالها‪ ،‬ال أقول (ال��م) حرف‪ ،‬ولكن ألف حرف‪ ،‬والم حرف‪ ،‬وميم‬ ‫حرف»(((()‪.‬‬ ‫ت‪-‬الدعاء‪ ،‬وهو من أفضل األذكار؛ ألنه تقرب إلى اهلل تعالى بأسمائه وصفاته؛ لتلبية حاجات العبد الدنيوية‬ ‫واألخروية‪.‬‬

‫ث‪-‬االستغفار‪.‬‬ ‫ثانياً‪ِّ :‬‬ ‫الذ ْك ُر بالقلب‪:‬‬ ‫ومنه التفكر في مخلوقات اهلل تعالى بالقلب‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ِّ :‬‬ ‫الذ ْك ُر بعمل اجلوارح‬ ‫وذلك بعمل الطاعات املختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬الصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬وتعلم العلم وتعليمه‪ ،‬وذلك‬ ‫ألن املقصود باألعمال الصاحلة الذكر‪ ،‬قال تعالى في شأن الصالة‪( :‬وأقم الصالة لذكري) (((() ‪.‬‬ ‫أوقات ِّ‬ ‫الذ ْك ِر‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬ذكر مطلق ليس له وقت محدد أو مكان محدد‪ ،‬وهذا في جميع األوقات واألمكنة‪ ،‬ما عدا ما ميتنع فيه‬ ‫الذكر كدورات املياه‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬ذكر مق َّيد بوقت أو حال أو مكان‪ ،‬مثل أذكار الصباح واملساء‪ ،‬ووقتها من بعد طلوع الفجر إلى طلوع‬ ‫الشمس‪ ،‬ومن بعد العصر إلى غروب الشمس‪ ،‬وكذا األذكار عن النوم‪ ،‬وعند االستيقاظ منه‪ ،‬وعند دخول‬ ‫املنزل‪ ،‬واملسجد‪ ،‬واخلروج منهما‪ ،‬وفي حال املرض‪ ،‬واألكدار‪ ،‬والهموم‪ ،‬واملصائب‪ ،‬وكذا عند السفر‪،‬‬ ‫ونزول املطر‪ ،‬وغيرها كثير مما هو مقيد بوقت أو حال أو مكان‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب ما جاء فيمن قرأ حرف ًا من القرآن ‪ )2910(161/5‬وقال‪ :‬حسن صحيح غريب‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 190‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 14‬من سورة طه‪.‬‬

‫‪211‬‬


‫أمثلة لألذكار‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬من ِّ‬ ‫الذ ْكر املطلق‪ :‬عن سمرة بن جندب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪" :‬أحب الكالم إلى اهلل أربع‪ :‬سبحان‬ ‫اهلل‪ ،‬واحلمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬ال يضرك بأيهن بدأت»(((() ‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬من أذكار الصباح واملساء‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬من قال حني يصبح وحني ميسي‪:‬‬ ‫سبحان اهلل وبحمده مائة مرة‪ ،‬لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إال أحد قال مثل ما قال أو زاد‬ ‫عليه»(((()‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫الذ ْك ِر عند َ‬ ‫‪ِّ 3‬‬ ‫الك ْرب‪ :‬عن ابن عباس – رضي اهلل عنهما – أن نبي اهلل ‪ ‬كان يقول عند الكرب‪« :‬ال إله إال‬ ‫اهلل العظيم احلليم‪ ،‬ال إله إال اهلل رب العرش العظيم‪ ،‬ال إله إال اهلل رب السموات ورب األرض ورب العرش‬ ‫الكرمي»(((() ‪.‬‬

‫هذه مجرد أمثلة‪ ،‬وإال فعلى املسلم أن يحرص على حفظ هذه األذكار وغيرها‪ ،‬وأن يالزمها في أوقاتها وأحوالها؛‬ ‫ليغنم أجر الذكر وفضيلته ويكون من الذاكرين اهلل تعالى‪ ،‬وقد اهتم العلماء بجمعها وتيسيرها قدمي ًا وحديثاً‪ ،‬فمن‬ ‫الكتب املتقدمة في ذلك‪ :‬عمل اليوم والليلة للنسائي‪ ،‬و عمل اليوم والليلة البن السني‪ ،‬ومن أجمعها وأخصرها‪:‬‬ ‫كتاب األذكار لإلمام النووي‪ ،‬والكلم الطيب‪ ،‬لإلمام ابن تيمية‪ ،‬والوابل الصيب‪ ،‬لإلمام ابن القيم‪ ،‬رحمهم اهلل‬ ‫تعالى‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫الذكر يكون باللسان والقلب وعمل اجلوارح‪ ،‬اجمع أكبر قدر من أمثلة الذكر‪ ،‬ثم صنفها في‬ ‫اجلدول اآلتي ‪:‬‬ ‫ذكر بالفعل‬

‫ذكر باللسان‬

‫ذكر بالقلب‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب اآلداب‪ ،‬باب كراهية التسمية باألسماء القبيحة ‪ ، )2137(1685/3‬وعلقه البخاري في ‪.566/11‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء‪. )2692(2071/4 ،‬‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب دعاء الكرب ‪.2092/4‬‬

‫‪212‬‬


‫نشاط‪:2‬‬

‫ورد عن النبي ‪ ‬أذكار مطلقة تقال في أي وقت وحال‪ ،‬وورده عنه ‪ ‬أذكار مخصوصة بأزمنة‬ ‫وأحوال محددة‪ ،‬بالتعاون مع مجموعتك ابحث عن األذكار التي تقال في األحوال اآلتية‪:‬‬ ‫م‬

‫احلال‬

‫‪1‬‬

‫عند النوم‬

‫‪3‬‬

‫عند سماع املؤذن‬

‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫الدعاء‬

‫عند االسيقاظ‬

‫عند الفراغ من الوضوء‬ ‫عند دخول املنزل‬ ‫عند اخلروج منه‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫اجتمع في التكبير أيام عشر ذي القعدة وأيام التشريق نوعي الذكر املطلق واملق َّيد‪ ،‬بالرجوع‬ ‫للرسائل والكتيبات حول فضل عشر ذي احلجة بني‪:‬‬ ‫صيغة التكبير الواردة‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫متى يكون يشرع التكبير املطلق؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫متى يكون يشرع التكبير املق َّيد؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬ع ّر ف الذكر في اللغة والشرع‪.‬‬ ‫س‪ :2‬اذكر أربع ًا من فوائد الذكر‪.‬‬ ‫س‪ :3‬بني كيف يكون الذكر بالقلب‪ ،‬مع التمثيل‪.‬‬ ‫س‪ :4‬مثِّل للذكر‪:‬‬ ‫املطلق‪.‬‬ ‫املق َّيد‪.‬‬ ‫‪213‬‬


‫حقوق الراعي والرعية‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالراعي‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية وجود الوالية‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد حقوق الراعية‪.‬‬ ‫‪ ‬تعلل لوجوب طاعة الوالة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم اخلروج على الوالي‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد خقوق الرعية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني آثار أداء حقوق الراعي والرعية‪.‬‬ ‫من سنة اهلل في حياة البشر أن جعلهم يعيشون جماعات جتمعهم مصالح مشتركة فيحتاجون في تنظيم أمورهم‬ ‫ومصاحلهم إلى قيادة تسوسهم مبا تنتظم به تلك املصالح‪.‬‬ ‫وجاء اإلسالم وأمر بإقامة الوالية وتعيني إمام يحكم الناس ‪ ،‬فقد كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يشغل هذا‬ ‫املنصب في حياته ‪ ،‬وعقبه في ذلك خلفائه من بعده في اخلالفة الراشدة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي اهلل‬ ‫عنهم ثم تتابع والة املسلمني وأئمتهم وكلما اتستعت رقعة املجتمع زادت الواليات الصغيرة التي حتت الوالية‬ ‫الكبرى ‪ ،‬فاذا لم يكن للمجتمع قائد يتولى أمره وإمام يسمع ويطاع مال املجتمع الى الفرقة والتناحر ‪ ،‬هكذا كانت‬ ‫املجتمعات قبل االسالم على ضعف واختالف فجاء االسالم فنظم الواقع تنظيم ًا دقيق ًا وحول الوالية من عادات‬ ‫وأعراف إلى دين يدينون به وجعل لإلمام حقوق ًا على الرعية وللرعية حقوق ًا على االمام بتفصيل دقيق لم تعرف له‬ ‫البشرية مثيل‪.‬‬ ‫املراد بالراعي‬ ‫الراعي هو ُّ‬ ‫كل من تولى والية سواء كانت والية كبرى أم صغرى‪ ،‬كاخلليفة والسلطان وامللك والرئيس واألمير‬ ‫والوزير واملدير وغيرهم‪ ،‬وعند اإلطالق يقصد به من تولى الوالية الكبرى على البلد‪ ،‬فعن َع ْبد اللهَّ ِ بن ُع َم َر‪-‬رضي‬ ‫اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬سمعت َر ُس َ‬ ‫ُول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪ ،‬ا ِإل َما ُم َر ٍاع و َم ْسؤ ٌ‬ ‫يقول‪«:‬ك ُّل ُك ْم َر ٍاع َو ُك ُّل ُك ْم َم ْسؤ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُول َعن‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪‬‬ ‫َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬وال َّر ُج ُل َر ٍاع في َأ ْه ِل ِه وهو َم ْسؤ ٌ‬ ‫ُول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬والمْ َ ْر َأ ُة َر ِاع َي ٌة في َب ْي ِت َز ْو ِج َها و َم ْسؤُول ٌة عن َر ِع َّي ِت َها‪َ ،‬والخْ َ ا ِد ُم‬ ‫ُول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و ُك ُّل ُك ْم َر ٍاع و َم ْسؤ ٌ‬ ‫ُول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬وال َّر ُج ُل َر ٍاع في َمالِ أبي ِه و َم ْسؤ ٌ‬ ‫َر ٍاع في َمالِ َس ِّي ِد ِه و َم ْسؤ ٌ‬ ‫ُول َعن‬ ‫(((()‬ ‫َر ِع َّي ِت ِه»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اجلمعة‪َ ،‬باب الجْ ُ ُم َع ِة في ا ْل ُق َرى َوالمْ ُدُ ِن ‪ ، )853(304/1‬ومسلم في كتاب اإلمارة‪َ ،‬باب َف ِضي َل ِة ا ِإل َما ِم ا ْل َعادِلِ َو ُع ُقو َب ِة الجْ َ ا ِئ ِر‬ ‫َوالحْ َ ِّث على ال ِّر ْفقِ بِال َّر ِع َّي ِة َوال َّن ْه ِي عن ِإ ْد َخالِ المْ َ َش َّق ِة عليهم ‪. )1829(1459/3‬‬

‫‪214‬‬


‫مشروعية تولية اإلمام ونحوه‬ ‫من أعظم أسباب االئتالف اتفاق األمة على تأمير أحد أفرادها ممن تتوفر فيه صفات الكمال من العلم والعقل‬ ‫والصالح والتقى وذلك إلدارة شؤون الدولة‪ ،‬وقد أمر رسول اهلل ‪ ‬اجلمع القليل إذا سافروا أن يؤمروا أحدهم فقال‪:‬‬ ‫(إذا كان ثالثة في سفر فليؤمروا أحدهم) (((() ؛ فكيف باجلمع الكثير؟‬ ‫حقوق الراعي‬ ‫لكي ينظم أمر الرعية ويقوم شأنها وتستقيم حياتها البد أن تقوم بحقوق الرعي حق قيامه وهي‪:‬‬ ‫‪-1‬السمع والطاعة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬يا ايها الذين امنوا اطيعوا اهلل واطيعوا الرسول وأولي االمر منكم ) ‪ ،‬وعن عبد‬ ‫اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي ‪ ‬قال‪« :‬السمع والطاعة على املرء املسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر‬ ‫مبعصية فإذا أمر مبعصية فال سمع وال طاعة(((() ‪.‬‬ ‫فهذه الطاعة تكون في جميع األحوال من يسر وعسر ومن محبة وكره؛ ما لم يأمر مبعصية هلل؛ فال طاعة ملخلوق فى‬ ‫معصية اخلالق قال ‪( :‬إمنا الطاعة في املعروف) (((() ‪.‬‬

‫‪-2‬االجتماع على الوالي وعدم الفرقة االختالف عليه‪ ،‬وذلك سبب لشيوع األمن والطمأنينة‪ ،‬وقوة الشوكة‬ ‫واملهابة‪.‬‬ ‫‪-3‬النصرة له‪ ،‬واجلهاد معه‪ ،‬والدعاء له‪ ،‬قال الفضيل بن عياض‪-‬رحمه اهلل‪ :-‬لو أن لي دعوة مستجابة جلعلتها‬ ‫لإلمام ألن صالح األمة في صالحه‪.‬‬ ‫يح ُة»‪ُ ،‬ق ْل َنا‪ :‬لمِ َ ْن؟ قال‪«:‬للِهَّ ِ‪َ ،‬و ِل ِك َتا ِب ِه‪َ ،‬و ِل َر ُسو ِل ِه‪،‬‬ ‫ين ال َّن ِص َ‬ ‫‪-4‬النصيحة له‪ ،‬فعن تمَ ِ ٍيم الدَّ ار ِِّي ‪َ ‬أ َّن النبي ‪ ‬قال‪«:‬الدِّ ُ‬ ‫(((‬ ‫وألئمة المْ ُ ْس ِل ِمنيَ‪َ ،‬و َعا َّم ِتهِ ْم»‪ ) (.‬قال اخلطابي–رحمه اهلل‪ : -‬وأما النصيحة ألئمة املسلمني فمعاونتهم على‬ ‫احلق وطاعتهم فيه وأمرهم به‪ ،‬واملراد بأئمة املسلمني اخللفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور املسلمني من أصحاب‬ ‫الواليات‪.‬اهـ‬ ‫‪-5‬عدم اخلروج عليه‪ ،‬قال ‪«: :‬من خلع يداً من طاعة لقي اهلل يوم القيامة ال حجة له‪ ،‬ومن مات وليس في عنقه‬ ‫بيعة مات ميتة جاهلية» (((() ‪ ،‬فال يجوز للمسلم اخلروج عن الطاعة وال مفارقة اجلماعة ولو رأى ما يكرهه بل‬ ‫شبرا فيموت‬ ‫يصبر ويحتسب‪ ،‬قال ‪«:‬من رأى من أميره شيئ ًا فكرهه فليصبر؛ فإنه ليس أحد يفارق اجلماعة ً‬ ‫إال مات ميتة جاهلية»(((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه أبو داود برقم (‪. )2242‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب األحكام‪ ،‬باب السمع والطاعة لإلمام ما لم تكن معصية‪ ،‬برقم (‪ ، )7144‬ومسلم في كتاب اإلمارة‪ ،‬باب وجوب‬ ‫طاعة األمراء في غير معصية برقم (‪. )1839‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب أخبار اآلحاد‪ ،‬باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق برقم (‪ ، )7257‬ومسلم في كتاب اإلمارة برقم (‪)1840‬‬ ‫‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يح ُة ‪. )55(74/1‬‬ ‫ين ال َّن ِص َ‬ ‫‪ )4‬رواه مسلم في كتاب اإلميان‪َ ،‬باب َب َي ِان أ َّن الدِّ َ‬ ‫‪ )5‬رواه مسلم في كتاب اإلمارة برقم (‪. )1851‬‬ ‫‪ )6‬رواه البخاري (‪. )6610‬‬

‫‪215‬‬


‫حقوق الرعية‬ ‫‪-1‬احلكم بينهم بشرع اهلل‪ ،‬حيث قال اهلل سبحانه‪ ( :‬وأن احكم بينهم مبا أنزل اهلل وال تتبع اهواءهم وأحذرهم ان‬ ‫يفتنوك عن بعض ما انزل اهلل اليك) ‪.‬‬ ‫‪-2‬النصح للرعية في كل أمورهم‪ ،‬قال ‪«: :‬ما من عبد استرعاه اهلل رعية فلم يحطها بنصحه إال لم يجد رائحة‬ ‫وال يلي رعية من املسلمني فيموت وهو غاش لهم إال حرم اهلل عليه اجلنة»(((()‪.‬‬ ‫اجلنة»(((() ‪ ،‬وقال‪« :‬ما من ٍ‬ ‫للهَّ‬ ‫عليهم َف ْ‬ ‫اش ُق ْق َع َل ْي ِه‪َ ،‬و َم ْن َو ِل َي ِمن َأ ْم ِر‬ ‫هم َمن َو ِل َي من َأ ْم ِر ُأ َّم ِتي شي ًئا َف َش َّق‬ ‫‪-3‬الرفق والرأفة‪ ،‬قال رسول ا ِ ‪« :‬ال َّل َّ‬ ‫ْ‬ ‫(((()‬ ‫ُأ َّم ِتي شي ًئا َف َر َفقَ بِهِ ْم َفا ْر ُف ْق ِب ِه»‪.‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪-4‬إقامة العدل فيهم‪ ،‬قال سبحانه‪ ( :‬إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي القربى) ‪.‬‬ ‫‪-5‬مراعاة مصالح األمة‪ ،‬وتدبير شؤونها‪ ،‬ودفع ما يلحق الضرر بها‪ ،‬وال يخص نفسه بشيء دونها‪.‬‬ ‫‪ -6‬تفقد أحوال رعيته ونشر روح التكافل والتعاون وا ُألخ َّوة بينهم‪.‬‬ ‫آثار القيام بحقوق الراعي والرعية‬ ‫‪َ -1‬ن ْي ُل األجر العظيم والثواب اجلزيل؛ إذ أن اجلميع مأجورون لطاعتهم هلل وتنفيذهم ألمره‪.‬‬ ‫‪-2‬حتقق قوة األمة وعزتها‪ ،‬واجتماعها واحتاد كلمتها‪ ،‬وقوة شوكتها ومهابتها أما عدوها‪.‬‬ ‫‪ -3‬نشر األمن والرخاء وحتقق االستقرار في سائر البالد‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫من نعم اهلل على بالدنا وجود األلفة والتالحم بني الراعي والرعية‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك اذكر بعض‬ ‫مظاهر ذلك‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري (‪. )6617‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري (‪. )6618‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لحْ‬ ‫لجْ‬ ‫لمْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫‪ )3‬رواه مسلم في كتاب اإلمارة‪َ ،‬باب ف ِضيل ِة ا ِإل َما ِم ال َع ِادلِ َو ُع ُقو َب ِة ا ا ِئ ِر َوا ِّث على ال ِّرفقِ بِال َّر ِع َّي ِة َوال َّن ْه ِي عن ِإ ْد َخالِ ا َشق ِة عليهم‬ ‫‪. )1828(1458/3‬‬

‫‪216‬‬


‫نشاط‪:2‬‬

‫شرع اإلسالم العديد من الوسائل التي تضبط بها احلقوق وتؤدى الواجبات‪ ،‬تناقش مع زمالئك‬ ‫في ذكر شيء من تلك التشريعات‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما النتائج املترتبة على بقاء الناس بال حاكم يسوسهم؟‬ ‫س‪ :2‬ما احلقوق الواجبة للراعي؟ وما أهمها من وجهة نظرك؟‬ ‫س‪ :3‬ما احلقوق الواجبة للرعية؟ وما أهمها من وجهة نظرك؟‬ ‫س‪:4‬ما آثار قيام كل من الراعي والرعية بواجباته؟‬

‫‪217‬‬


‫حقوق الوالدين واألقارب‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني حقوق الوالدين‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج منزلة بر الوالدين‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار بر الوالدين‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني عقوبة عقوقهما‪.‬‬ ‫‪ ‬توضح املراد بصلة الرحم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني منزلة صلة الرحم‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد اآلثار املترتبة على صلة الرحم‪.‬‬ ‫ال عليك بعد رسول اهلل ‪‬؟ َمن أكثر الناس لك‬ ‫ما أعظم حق بعد حق اهلل تعالى ورسوله ‪‬؟ َمن أعظم الناس فض ً‬ ‫ُح ًّبا؟‬ ‫إن لوالديك فضل كبير عليك‪ ،‬في رعايتك والقيام بشؤونك‪ ،‬والسهر على حاجاتك حتى أصبحت رجالً‪.‬‬ ‫فما حقهما عليك؟ وكيف ترد ما أسدياه إليك؟‬ ‫أوالً‪ :‬حقوق الوالدين‬ ‫البر بالوالدين‬ ‫وهو طاعتهما فيما يأمران به مما ليس فيه معصية هلل تعالى‪ ،‬وتوقيرهما ‪ ،‬واإلحسان إليها بالقول والفعل واملال بقدر‬ ‫االستطاعة‪.‬‬ ‫صور البر بالوالدين‬ ‫الكالم اللني‪ ،‬والتودد إليهما‪ ،‬والدعاء لهما‪ ،‬والقيام بحوائجهما دون تضجر أو منة‪ ،‬واالستغفار لهما‪ ،‬وصلة‬ ‫رحمهما‪ ،‬وتتأكد هذه احلقوق ونحوها في حال كبرهما وضعفهما‪ ،‬وفي حال مرضهما لعظم حاجتهما لذلك‪،‬‬ ‫وفي هذا يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬

‫ﮦﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﱪ(((‪.‬‬

‫منزلة بر الوالدين‬ ‫بر الوالدين من أفضل األعمال وأجل الطاعات ‪ ،‬وقد قرن اهلل عز وجل حقهما بحقه في قوله تعالى ‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﱪ (((‪.‬‬ ‫وجعل النبي ‪ ‬برهم ًا مقدم ًا على اجلهاد في سبيل اهلل‪ ،‬فعن عبداهلل بن مسعود ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال ‪َ :‬س َأ ْل ُت ال َّنب َِّي ‪َ :‬أ ُّي‬ ‫‪ . 1‬اإلسراء ‪.24-23 :‬‬ ‫‪ . 2‬النساء ‪.36 :‬‬

‫‪218‬‬


‫ال‪ُ :‬ث َّم َأ ٌّي؟ َق َ‬ ‫ال‪ُ «:‬ث َّم ِب ُّر ا ْل َوا ِلدَ ْي ِن»‪َ ،‬ق َ‬ ‫ال‪ُ :‬ث َّم َأ ٌّي؟ َق َ‬ ‫«الصال ُة َع َلى َو ْق ِت َها»‪َ ،‬ق َ‬ ‫ا ْل َع َم ِل َأ َح ُّب ِإ َلى اللهَّ ِ؟ َق َ‬ ‫ال‪«:‬الجْ ِ َها ُد‬ ‫ال‪َّ :‬‬ ‫ِيل اللهَّ ِ»(((‪.‬‬ ‫ِفي َسب ِ‬ ‫وق ا ْل َوا ِلدَ ْي ِن من أكبر الكبائر‪ ،‬ف َع ْن َأ َن ِس ْب ِن َما ِل ٍك ‪ ‬أن ال َّنب َِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫وأخبر ‪ ‬أن ُع ُق ُ‬ ‫ال‪َ «: :‬أ ْك َب ُر ا ْل َك َبا ِئرِ‪ :‬ا ِإل ْش َر ُاك‬ ‫بِاللهَّ ِ‪َ ،‬و َق ْت ُل ال َّن ْف ِس‪َ ،‬و ُع ُق ُ‬ ‫وق ا ْل َوا ِلدَ ْي ِن‪َ ،‬و َق ْو ُل ال ُّزو ِر َأ ْو َق َال‪َ :‬و َش َها َد ُة ال ُّزورِ»(((‪.‬‬ ‫اآلثار املترتبة على برهما في الدنيا واآلخرة‪:‬‬ ‫‪ -1‬القيام بفريضة من فرائض اهلل املوجبة للسعادة في الدنيا والفوز في اآلخرة‪.‬‬ ‫‪ -2‬حتصيل رضا اهلل عز وجل ففي حديث َع ْب ِد اللهَّ ِ ْب ِن َع ْم ٍرو‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن ال َّنب َِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال‪« :‬ر َِضى ال َّر ِّب ِفي‬ ‫رَ‬ ‫ِضى ا ْل َوا ِل ِد‪َ ،‬و َس َخ ُط ال َّر ِّب ِفي َس َخ ِط ا ْل َوا ِل ِد»(((‪.‬‬ ‫‪ -3‬إجابة الدعاء وتفريج الكربات؛ كما حصل ألصحاب الغار الثالثة الذين توسلوا بأعمالهم الصاحلة؛ ففرج اهلل‬ ‫عنهم‪ ،‬وكان عمل أحدهم بره بوالديه‪.‬‬ ‫إثم عقوق الوالدين‬ ‫ملا كان البر بالوالدين باملنزلة التي سبق احلديث عنها كان في مخالفة ذلك البر والقطيعة لهما إثم كبير يستحق عليه‬ ‫فاعله أنواع ًا من العقوبات جاءت بها النصوص ومما جاء في ذلك ‪:‬‬ ‫‪1 -1‬أنه كبيرة من كبائر الذنوب املوجبة لسخط اهلل تعالى ودخولِ النار‪ ،‬ف َع ْن َأ َن ٍس ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال‪ُ :‬س ِئ َل ال َّنب ُِّى ‪َ ‬ع ِن‬ ‫ا ْل َك َبا ِئ ِر َف َق َ‬ ‫ال‪«:‬ا ِإل ْش َر ُاك بِاللهَّ ِ‪َ ،‬و ُع ُق ُ‬ ‫وق ا ْل َوا ِلدَ ْي ِن‪.(((»...‬‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫‪-2‬أن فاعله مستحق لتعجيل العقوبة في الدنيا؛ ف َع ْن َأبِي َب ْك َر َة ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ «: :‬ما ِم ْن َذن ٍْب َأ ْجدَ ُر‬ ‫اح ِب ِه ا ْل ُع ُقو َب َة ِفي الدُّ ْن َيا َم َع َما َيدَّ ِخ ُر َل ُه ِفي ِ‬ ‫َأ ْن ُي َع ِّج َل اللهَّ ُ َت َعا َلى ِل َص ِ‬ ‫اآلخ َر ِة ِمث ُْل ا ْل َبغْ ِي َو َق ِطي َع ِة ال َّر ِح ِم»(((‪ .‬وأقرب‬ ‫الرحم لإلنسان والداه‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬صلة الرحم‬ ‫ً‬

‫املراد بالرحم التي جتب صلتها‪:‬‬ ‫األرحام الذين جتب صلتهم هم‪ :‬األقارب الذين يرتبطون مع اإلنسان بنسب؛ كاألب واألم واإلخوان واألخوات‪،‬‬ ‫والعمات‪ ،‬واألخوال واخلاالت‪ ،‬ثم األقرب فاألقرب‪.‬‬ ‫واألعمام‬ ‫َّ‬ ‫معنى الصلة املأمور بها شرع ًا‬ ‫حتصل الصلة بالزيارة وطالقة الوجه واإلكرام واالحترام‪ ،‬والدعاء‪ ،‬وتفقد أحوالهم‪ ،‬واإلحسان إليهم باملال بالنفقة‬ ‫والهدية‪ ،‬والعون على احلاجات ودفع الضرر‪ ،‬وبكل ما تعارف الناس على أنه صلة‪.‬‬ ‫‪ . 1‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 5513‬ومسلم رقم ‪. 122‬‬ ‫‪ . 2‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 6363‬ومسلم رقم ‪. 127‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه الترمذي رقم ‪ ، 1899‬وانظر صحيح اجلامع حديث ‪. 3507‬‬ ‫‪ . 4‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 5977‬ومسلم رقم ‪. 270‬‬ ‫‪ . 5‬أخرجه أبو داود رقم ‪ ،4256‬والترمذي رقم ‪ 2511‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وابن ماجه رقم ‪ ، 4211‬وانظر صحيح اجلامع رقم ‪. 5580‬‬

‫‪219‬‬


‫الر ِحم‬ ‫منزلة َّ‬ ‫لل َّر ِحم منزلة عظيمة في اإلسالم‪ ،‬فقد أمر اهلل بصلتها ونهى عن قطيعتها ملا في ذلك من فساد ذات البني وتقطيع‬ ‫العالقات االجتماعية‪ ،‬ومتزيق شمل املجتمع ‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ‬ ‫ﮟ ﱪ )‪.(1‬‬ ‫وع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن ال َّنب ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫ال‪ِ « :‬إ َّن اللهَّ َ َخ َلقَ الخْ َ ْلقَ َح َّتى ِإ َذا َف َر َغ ِم ْن َخ ْل ِق ِه َقا َل ْت ال َّر ِح ُم‪َ :‬ه َذا َم َقا ُم ا ْل َعا ِئ ِذ ب َِك‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬ف ُه َو َل ِك‪َ .‬ق َ‬ ‫ال‪َ :‬ن َع ْم َأ َما َت ْر َضينْ َ َأ ْن َأ ِص َل َم ْن َو َص َل ِك‪َ ،‬و َأ ْق َط َع َم ْن َق َط َع ِك‪َ .‬قا َل ْت‪َ :‬ب َلى َيا َر ِّب‪َ ،‬ق َ‬ ‫ِم ْن ا ْل َق ِطي َع ِة‪َ .‬ق َ‬ ‫ال‬ ‫َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬فا ْق َر ُءوا ِإ ْن ِش ْئ ُت ْم‪َ } :‬ف َه ْل َع َس ْي ُت ْم ِإ ْن َت َولَّ ْي ُت ْم َأ ْن ت ُْف ِسدُ وا ِفي الأْ َ ْر ِض َو ُت َق ِّط ُعوا َأ ْر َحا َم ُك ْم ) »(((‪.‬‬ ‫صلة األقارب وإن قطعوك أو آذَوك‬ ‫صلة الرحم واجبة وإن قطعك أقاربك وللواصل األجر والثواب‪ ،‬وعلى القاطع اإلثم والعقاب‪ ،‬ف َع ْن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن‬ ‫ال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َر ُجال َق َ‬ ‫ون ِإ َل َّي‪َ ،‬و َأ ْح ُل ُم َع ْن ُه ْم َو َي ْج َه ُل َ‬ ‫ول اللهَّ ِ‪ِ ،‬إ َّن ِلي َق َرا َب ًة َأ ِص ُل ُه ْم َو َي ْق َط ُعو ِني‪َ ،‬و ُأ ْح ِس ُن ِإ َل ْيهِ ْم َو ُي ِسي ُئ َ‬ ‫ون َع َل َّي‪،‬‬ ‫َف َق َ‬ ‫ال‪َ «: :‬ل ِئ ْن ُك ْن َت َك َما ُق ْل َت َف َك َأنمَّ َا ت ُِس ُّف ُه ْم المْ َ َّل َولاَ َي َز ُال َم َع َك ِم ْن اللهَّ ِ َظهِ ي ٌر َع َل ْيهِ ْم َما ُد ْم َت َع َلى َذ ِل َك »)‪.(3‬‬ ‫وع ْن َع ْب ِد اللهَّ ِ ْب ِن َع ْم ٍرو‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن ال َّنب ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫اص ُل ِبالمْ ُ َكا ِف ِئ َو َل ِك ْن ا ْل َو ِ‬ ‫ال‪َ «:‬ل ْي َس ا ْل َو ِ‬ ‫اص ُل الَّ ِذي ِإ َذا ُق ِط َع ْت‬ ‫َ‬ ‫)‪(4‬‬ ‫َر ِح ُم ُه َو َص َل َها» ‪.‬‬ ‫الر ِحم‬ ‫اآلثار املترتبة على ِصلة َّ‬ ‫‪1 -1‬القيام بأمر اهلل عز وجل ‪ ،‬والبعد عن محارمه‪.‬‬ ‫سبب من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬والبعد عن النار‪ ،‬ف َع ْن‬ ‫‪ٌ 2 -2‬‬ ‫للهَّ‬ ‫ال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫وب ا َألن َْصار ِِّي ‪َ ‬أ َّن َر ُجال َق َ‬ ‫ول ا ِ‪،‬‬ ‫َأبِي َأ ُّي َ‬ ‫َأخْ ِب ْر ِني ِب َع َم ٍل ُيدْ ِخ ُل ِني اجلنة؟ َف َق َ‬ ‫ال ال َّنب ُِّي ‪« :‬ت َْع ُبدُ‬ ‫للهَّ َ‬ ‫الصال َة‪َ ،‬وتُؤْ ِتي ال َّز َكا َة‪،‬‬ ‫يم َّ‬ ‫ا ال ت ُْشر ُِك ِب ِه َش ْي ًئا‪َ ،‬وت ُِق ُ‬ ‫َوت َِص ُل ال َّر ِح َم»(((‪.‬‬ ‫‪3 -3‬صلة اهلل عز وجل للواصل‪ ،‬ومن وصله اهلل و َّف َقه للحياة‬ ‫الط ِّيبة الكرمية والعيشة السعيدة‪.‬‬ ‫‪َ 4 -4‬ب ْس ُط ال ِّرزْق والزيادة في العمر‪ ،‬ف َع ْن َأ َن ِس ْب ِن َما ِل ٍك ‪‬‬ ‫ال‪َ :‬س ِم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫َق َ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ول‪َ « :‬م ْن َس َّر ُه َأ ْن ُي ْب َس َط‬ ‫َل ُه ِفي ِر ْز ِق ِه َأ ْو ُي ْن َس َأ َل ُه ِفي َأ َث ِر ِه َف ْل َي ِص ْل َر ِح َم ُه»(((‪ .‬قال‬ ‫العلماء‪ :‬املراد من زيادة العمر أمران‪ :‬أولهما‪ :‬الزيادة‬ ‫احلقيقية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬البركة فيه بأن يو َّفقَ إلى اخلير وطاعة اهلل تعالى‪ ،‬وقضائه مبا ينفع‪.‬‬ ‫‪ . 1‬النساء ‪.36 :‬‬ ‫‪ . 2‬أخرجه البخاري رقم ‪ ،5528‬ومسلم رقم ‪ ،4634‬واللفظ للبخاري ‪.‬‬ ‫‪ . 3‬أخرجه مسلم رقم ‪ ، 4640‬واملل‪ :‬هو الرماد واحلار‪.‬‬ ‫‪ . 4‬أخرجه البخاري رقم ‪. 5532‬‬ ‫‪ . 5‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 1309‬ومسلم رقم ‪. 14‬‬ ‫‪ . 6‬أخرجه البخاري رقم ‪ ، 1925‬ومسلم رقم ‪.4638‬‬

‫‪220‬‬


‫‪5 -5‬شيوع احملبة واأللفة بني األق��ارب‪ ،‬وتعاونهم على مصاحلهم‪ ،‬وتخفيف معاناة احملتاج منهم‪ ،‬وسالمتهم من‬ ‫أسباب ال ُفرقة واالختالف والتنازع‪.‬‬

‫نشاط ‪:1‬‬

‫كيف َت َب ُّر والديك في األحوال اآلتية ‪:‬‬ ‫حال وجود ضيوف عند والدك‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫حال وجود ضيوف عند والدتك‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫حال مرض والدك – مع الدعاء له بدوام العافية ‪: -‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫حال مرض والدتك– مع الدعاء له بدوام العافية ‪: -‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫حال ِك َب ِر والديك‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫اتفقت مع مجموعة من أقاربك على إقامة مخيم يجمع األقارب‪ ،‬قم بعمل ما يلي ‪:‬‬ ‫كتابة صيغة الدعوة حلضور املخيم تبني فيها أهمية حضور املدعو وما يترتب على حضوره من‬ ‫األنس والتواصل ‪.‬‬ ‫برنامج اليوم األول من املخيم وتشمل أنشطة متنوعة رياضية وثقافية للكبار والصغار‪.‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬قرن تعالى اإلحسان إلى الوالدين وبرهما بتوحيده وعبادته‪ ،‬فما احلكمة من ذلك؟‬ ‫س‪ :2‬ما العالمات التي تدلك على رضا والديك عنك؟‬ ‫س‪ :3‬ما اآلثار املترتبة على بر الوالدين؟‬ ‫س‪ :4‬ما وسائل صلة الرحم؟‬ ‫س‪ :5‬ما آثار قطيعة الرحم؟‬

‫‪221‬‬


‫الشباب‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني أهمية مرحلة الشباب‪.‬‬ ‫‪ ‬تستشعر مسؤولية الشاب املسلم‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد مالمح شخصية الشاب املسلم‪.‬‬ ‫‪ ‬تشرح أسس بناء شخصية الشاب املسلم‪.‬‬ ‫تُعدُّ مرحلة الشباب من أهم املراحل التي مير فيها اإلنسان‪ ،‬حيث تبدأ شخصيته بالتكامل والنضوج من خالل ما‬ ‫يكسبه من مهارات ومعارف‪ ،‬ومن خالل النضوج اجلسماني والعقلي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضعف‬ ‫ضعف الطفولة‬ ‫والشباب مرحلة متوسطة من عمر اإلنسان‪ ،‬فهي مرحلة احليوي ِة املتدفقة والقو ِة بني ضعفني‪،‬‬ ‫الشيخوخة‪ ،‬كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﱪ (((‪.‬‬ ‫فالشباب ميثلون جانب القوة في األمة‪ ،‬والوجه املشرق‪ ،‬وهم منبع طاقاتها ومحور تطورها‪ ،‬وبفكرهم وسواعدهم‬ ‫وعطائهم تتحقق رفعة الوطن‪ ،‬أيامهم خير أيام احلياة‪ ،‬وأحفلها باملنجزات العظيمة‪ ،‬تتجسد فيهم اإلرادة املبدعة‬ ‫املنتجة‪ ،‬إنهم عماد املجد‪ ،‬وحجر الزاوية في بناء نهضة كل أمة‪ ،‬وتقدم ِّ‬ ‫كل مجتمع‪.‬‬ ‫الشباب والشعور باملسؤولية‬ ‫إن مما يجب على الشباب املسلم أن يعلم أنه مسؤول أمام اهلل عن هذه املرحلة احليوية الهامة من عمره‪ ،‬وأن اهلل‬ ‫سائله يوم القيامة ‪«:‬عن عمره فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيما أباله»(((‪.‬‬ ‫والشاب متى أدرك ذلك علم أنه ال يليق به أن يلهو في وقت اجلد أو يتقاعس عن العظائم‪ ،‬وليس له أن يتواكل أو‬ ‫يسوف وإمنا هي العزمية واإلقدام والعمل‪ ،‬وإذا كان ال بد من الترويح باللعب املباح‪ ،‬والرياضة النافعة‪ ،‬فإن من املتعني‬ ‫أن ال يطغى ذلك على ال ُع ُمر‪ ،‬بل يكون بالقدر املناسب ليعود بعد ذلك إلى ما يليق به من اجلد واملثابرة‪.‬‬ ‫وليحذر الشباب من إضاعة الوقت باقتراف احملرمات‪ ،‬أو الغفلة عن الواجبات أو التقاعس عن الفضائل‪ ،‬حتى ال‬ ‫يندم يوم القيامة على ما فرط أو يتحسر على ما فاته حتسر املف ِّرطني الغافلني‪ ،‬الذين أخبر اهلل عنهم بقوله‪ :‬ﱫ ﯻ ﯼ‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﱪ(((‪.‬‬ ‫الشباب وطلب املعالي‬ ‫ال عليه‪ ،‬فال‬ ‫الشاب الطموح هو من يجتهد في طلب املعالي‪ ،‬ويسير في ركاب اخلير‪ ،‬مستعين ًا باهلل تعالى‪ ،‬ومتوك ً‬ ‫‪ . 1‬الروم ‪.54 :‬‬ ‫‪ . 2‬جزء من حديث رواه الترمذي رقم ‪.2602‬‬ ‫‪ . 3‬الزمر ‪.56 :‬‬

‫‪222‬‬


‫يضعف‪ ،‬وال يسخط‪ ،‬وال ييأس‪ ،‬بل هو صابر مجاهد مسارع إلى كل خير وآخذ بكل أسبابه‪ ،‬مباعد عن كل شر‪،‬‬ ‫اف عن كل أسبابه‪ ،‬جا ٌّد في أمر دينه ودنياه‪ ،‬ساع في نفع أمته مشارك في حفظ كيانها ووحدتها‪ ،‬وإغنائها‬ ‫و ُم َت َج ٍ‬ ‫مجدا َ‬ ‫تش َّو َف إلى ما هو أعلى منه‪.‬‬ ‫عن احلاجة إلى أعدائها‪ ،‬دائم التشمير في طلب املعالي‪ ،‬كلما َب َل َغ ً‬ ‫مالمح شخصية الشاب املسلم‬ ‫شخصية الشاب املسلم شخصية متوازنة وإيجابية ومتكاملة‪ ،‬تقوم على األصول الصحيحة‪ ،‬وتشمل اجلوانب كلها‬ ‫في انسجام وفاعلية‪ ،‬وأبرز املالمح التي يطلب أن تتميز بها شخصية الشاب املسلم ما يلي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬مع خال ِق ِه سبحانه وتعالى‪ :‬بأن يؤمن به جل وعال حق اإلميان‪ ،‬ويكثر من ذكره ودعائه‪ ،‬ويتوكل عليه‪،‬‬ ‫ويطيعه فيما أمر‪ ،‬وينتهي عما نهى‪ ،‬ويرضى بقضائه وقدره‪ ،‬ويجتهد في عبادته مخلص ًا له وحده ال شريك له‪،‬‬ ‫متبع ًا هدي النبي ‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مع َنفْ ِس ِه‪ :‬بأن يستقيم على الدين وعلى مكارم األخالق‪ ،‬ويجتهد ليكون قدوة لغيره في عبادته‪ ،‬وأخالقه‬ ‫وسلوكه‪ ،‬وهيئته وتصرفه وسائر شؤونه‪ ،‬جاداً في طلب العلم وحتصيل املعرفة‪ ،‬متقن ًا لتخصصه‪ ،‬معتد ًال في تفكيره‪،‬‬ ‫نظيف ًا في هيئته‪ ،‬يالزم الرفقة الصاحلة‪ ،‬ويحسن عمل اخلير ويتقنه‪ ،‬كما في حديث عائش َة‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬أن‬ ‫(((()‬ ‫قال‪« :‬إ َّن َ‬ ‫ال َأ ْن ُي ْت ِق َن ُه»رواه أبو يعلى‪.‬‬ ‫اهلل ُي ِح ُّب ِإ َذا َع ِم َل َأ َحدُ ُك ْم َع َم ً‬ ‫النبي ‪ِ َ ‬‬ ‫َّ‬ ‫ثالثاً‪ :‬مع والديه‪ :‬فيكون با ًّرا بهما‪ ،‬محسن ًا إليهما‪ ،‬يعرف قدرهما وما يجب نحوهما‪ ،‬ويحيطهما بأجمل مظاهر‬ ‫ال عن‬ ‫االحترام والتقدير‪ ،‬ويبذل في رضاهما الغالي والنفيس‪ ،‬ويخاف أن يبدر منه لفظ خشن في حقهما فض ً‬ ‫ال أمر ربه في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫عقوقهما‪ ،‬ممتث ً‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﱪ‪.68‬‬ ‫رابعاً‪ :‬مع أخو ِت ِه وأقا ِر ِب ِه وأصدقا ِئ ِه‪ :‬فهو يحبهم في اهلل ح ًّبا صادق ًا بريئ ًا من أي غرض‪ ،‬يلقاهم بوجه ط ْلق‪ ،‬وسريرةٍ‬ ‫نقية‪ ،‬وينصحهم باملعروف‪ ،‬ويفي مبا يعدهم به‪ ،‬وينهاهم عما يضرهم‪ ،‬ويرفق بهم‪ ،‬وال يغتابهم‪ ،‬ويعفو عمن أساء‬ ‫إليه منهم‪ ،‬ويلتمس العذر املقبول لهم‪ ،‬ويدعو لهم ‪ ،‬وحاله معهم كما قال ‪َ :‬‬ ‫«ال ُيؤْ ِم ُن أحدُ كم َح َّتى ُي ِح َّب‬ ‫ِ ْ ِ ِ (((()‬ ‫َأل ِخي ِه ما ُي ِح ُّب ل َنفسه»‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬مع مجتمعه‪ :‬بأن مينحه ما يستطيع من اخلير والنفع‪ ،‬واملشاركة اإليجابية في املجتمع‪ ،‬ويكف شره وأذاه‪،‬‬ ‫زورا‪ ،‬وال يحسد‪ ،‬وال يتكبر‪ ،‬ويحسن إلى إخوانه املسلمني‪ ،‬ويرفق‬ ‫فال يغش‪ ،‬وال يغدر‪ ،‬وال يخدع‪ ،‬وال َيشهد ً‬ ‫بهم‪ ،‬كما قال النبي ‪« :‬املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان اهلل في حاجته ومن‬ ‫فرج عن مسلم كربة فرج اهلل عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره اهلل يوم القيامة»(((‪.‬‬ ‫ُأ ُس ُس ِب َنا ِء شَ خصية الشاب املسلم‬ ‫يقوم بناء شخصية الشاب املسلم على قواعد أهمها ما يلي‪:‬‬ ‫‪ )1‬رواه أبو يعلى ‪ ، )4386(349/7‬والبيهقي في شعب اإلميان ‪ ، )5312(334/4‬والطبراني في املعجم األوسط ‪ ،275/1‬وحسنه األلباني في‬ ‫صحيح اجلامع(‪ )1880‬وسلسلة األحاديث الصحيحة(‪. )1113‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب من اإلميان أن يحب ألخيه ما يحب لنفسه ‪ ، )13(14/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب الدليل على أن من‬ ‫خصال اإلميان أن يحب ألخيه املسلم ما يحب لنفسه من اخلير ‪. )45(67/1‬‬ ‫‪ . 3‬رواه البخاري رقم ‪ ،2310‬ومسلم رقم ‪.2564‬‬

‫‪223‬‬


‫أوالً‪ :‬اإلميان باهلل تعالى‪ :‬الذي يحمل الشاب املسلم على سلوك طريق اخلير والفضيلة‪ ،‬ويجعل منه إنسان ًا قوي ًا ال‬ ‫يخشى في احلق لوم َة الئم‪ ،‬ثابت الشخصية ال تزلزله عواصف احلياة ومنغصاتها‪ ،‬ومطمئن ًا في كل أحواله‪ ،‬يتحلى‬ ‫باألخالق‪ ،‬ويخلص في األعمال‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أداء العبادات‪ :‬فهي دعائم اإلسالم‪ ،‬وبراهني صدق االنتماء إليه‪ ،‬والعبادات تثمر السلوك الصحيح واخللق‬ ‫القومي‪ ،‬وفي ظل العبادة يعيش الشاب املسلم حياته موصوال بربه‪ ،‬حاني ًا على مجتمعه‪ ،‬ففي كل عبادة من عبادات‬ ‫اإلسالم يستشعر نبض اإلميان في أعماقه فال يصدر عنه إال ُّ‬ ‫كل خير‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬احلرص على العلم‪ :‬حيث تتسامى شخصية الشاب املسلم بالعلم الذي يكشف له طريق احلق واخلير‪ ،‬وينير‬ ‫له مسالك احلياة‪ ،‬فيمضي فيها على هدى‪ ،‬يعمر األرض‪ ،‬وينشر اخلير‪ ،‬ويبذل املعروف‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬احلرص على العمل املنتج النافع‪ :‬فهو من األسس الهامة في بناء شخصية الشاب املسلم‪ ،‬فالشاب العامل له‬ ‫في احلياة أهميته مهما كان عمله مادام عم ً‬ ‫ال شريفاً‪ ،‬واجتهد في إتقانه‪ ،‬والعمل يفضل متى كان مبني ًا على دراسة‬ ‫وتدريب‪ ،‬وكان أكثر إسهام ًا في عمارة احلياة وازدهارها‪.‬‬

‫الشباب والواقع املعاصر‬ ‫ُ‬ ‫تتعاون‬ ‫يتعرض الشباب املسلم اليوم لهجمة شرسة بأشكال وأساليب متنوعة‪ ،‬من خالل منابر ثقافية وإعالمية‬ ‫مع أعداء اإلسالم في ترويج األفكار املنحرفة‪ ،‬واملذاهب الباطلة‪ ،‬واألفالم املاجنة‪ ،‬واملخدِّ رات‪ ،‬وغير ذلك من ألوان‬ ‫الفساد‪.‬‬ ‫ومن مقاصد هذه احلمالت الشرسة إضعاف األمة اإلسالمية وحتطيم مناعتها‪ ،‬وقتل شهامتها‪ ،‬وتبديد ثرواتها‪،‬‬ ‫وإفساد عقول شبابها‪ ،‬وتشكيكهم في دينهم‪ ،‬واحليلولة بينهم وبني المْ ُثُل ال ُعليا التي يحث عليها الدين اإلسالمي‪،‬‬ ‫وسار عليها سلف األمة‪ ،‬وتربيتهم على امليوعة واتباع األه��واء والشهوات‪ ،‬وعدم االكتراث بالفضائل ومعالي‬ ‫األمور‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫حثيث ملسخ الهوية ومحو اخلصوصية‪ ،‬وتخدير شباب األمة وإفساد أخالقهم‪ ،‬فضال عن اقتيادهم بذلك‬ ‫سعي‬ ‫إنه ٌ‬ ‫في اآلخرة إلى النار والعذاب األليم‪.‬‬ ‫ولذا فإن على الشاب املسلم أن يحذر من دعاة الضاللة؛ فال يصاحب املنحرفني‪ ،‬أو يكون أسيرا للقنوات املنحرفة‬ ‫فتزل قدمه‪ ،‬ويضيع مستقبله‪.‬‬ ‫‪224‬‬


‫منوذج فريد للشاب املسلم‬ ‫في سورة يوسف ضرب اهلل لنا مث ً‬ ‫ال للشاب الصالح العفيف الذي يراعي اهلل ويراقبه في السر والعلن‪ ،‬ويتمسك‬ ‫بدينه في مواجهة إغراءات الدنيا‪ ،‬فقد تعرض يوسف عليه السالم لفتنة جمال امرأة العزيز وحسبها ونسبها ولكنه‬ ‫أبى واعتصم بإميانه‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﱪ(((‪.‬‬ ‫فيوسف عليه السالم ملا دخل اإلميان قلبه‪ ،‬وكان مخلصا هلل في جميع أموره دفع اهلل عنه أنواع السوء والفحشاء‬ ‫جزاء إلميانه وإخالصه قال تعالى‪ :‬ﱫﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫وأسباب املعاصي ً‬ ‫(((‬ ‫ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱪ ‪.‬‬

‫نشاط‪:1‬‬

‫تتعدد التحديات التي تواجه الشباب اليوم‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك اذكر أربعة منها‪ ،‬وبني كيف‬ ‫ميكن مواجهتها‪:‬‬ ‫م‬

‫التحديات‬

‫كيفية مواجهتها‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫للصحبة الصاحلة أثرها في قيام الشباب بواجباتهم وأداء رسالتهم ‪ ،‬اكتب رسالة لصديقك تبني‬ ‫له أثر الصحبة الصاحلة في ذلك وحتثه على مالزمة الصاحلني‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪......................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪......................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪......................................‬‬ ‫‪ . 1‬يوسف ‪.23 :‬‬ ‫‪ . 2‬يوسف ‪.24 :‬‬

‫‪225‬‬


‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬من خالل حديث السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله‪ ،‬بني أهم مالمح شخصية الشاب‬ ‫املسلم‪.‬‬ ‫س‪ :2‬وضح مالمح شخصية الشاب املسلم في تعامله مع ‪ :‬والديه‪ ،‬ومجتمعه‪.‬‬ ‫س‪ :3‬بني أثر كل من‪ :‬العبادة والعلم؛ في بناء شخصية الشاب املسلم‪.‬‬ ‫س‪ :4‬من خالل قصة يوسف عليه السالم وضح أخالقيات الشاب املسلم‪.‬‬

‫‪226‬‬


‫االب ِت َع ُ‬ ‫وآدابه‬ ‫أحكامه‬ ‫اث‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬حتدد بداية االبتعاث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أسباب احلاجة لالبتعاث‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد مخاطر االبتعاث‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أحكام وآداب االبتعاث‪.‬‬ ‫متهيد‬ ‫الرحلة في طلب العلم مما درج عليه علماء السلف منذ الصدر األول‪ ،‬امتثا ًال ألمر اهلل عز وجل‪ :‬ﱫ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ﯽ ﯾ ﱪ(((‪.‬‬

‫قال حماد بن زيد‪( :‬فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه ‪ ،‬ورجع به إلى من وراءه يعلمهم إياه) (((‪.‬‬ ‫وقد بدأت الرحلة في طلب العلم منذ أيام الصحابة رضوان اهلل عليهم ‪ ،‬فرحل أبو أيوب‪ ،‬وجابر بن عبد اهلل إلى‬ ‫مصر(((‪ ،‬وكذلك التابعون وتابعوهم حتى عصرنا احلاضر‪.‬‬ ‫وقد كانت هذه الرحالت لطلب العلم إمنا هي من بيئة إلى أخرى في داخل البالد اإلسالمية‪ ،‬يوم أن كانت مدن‬ ‫اإلسالم العريقة قبلة العلم ومقصد طالبه‪ ،‬ومنوذج احلضارة‪ ،‬مع تنوع ثقافات شعوبها‪ ،‬وإبداعات أقاليمها‪ ،‬ولذا‬ ‫كانت في عامتها إيجابية ومثمرة‪ ،‬ولم يكن لها من اآلثار السلبية ما صاحب كثيراً من البعثات في العصر احلاضر‬ ‫والتي يذهب عامة طالب العلم واملعرفة فيها إلى بالد غير إسالمية مبا فيها معتقدات وقيم وأخالق تتناقض مع‬ ‫توجيهات اإلسالم وهديه‪.‬‬ ‫بداية اال ْب ِت َع ِ‬ ‫اث‬ ‫بدأ االبتعاث إلى الغرب منذ االحتكاك بأوروبا في مطلع القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬وقد كان من مسوغاته‪:‬‬ ‫تقدُّ م الغرب في العلوم البحتة والتطبيقية؛ كالرياضيات‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والطب‪ ،‬وما إلى ذلك‪،‬‬ ‫مع تخ ُّلف العالم اإلسالمي فيها‪ ،‬وهي علوم تصل املجتمعات اإلسالمية بأسباب احلضارة والتقدم‪ ،‬وهذه العلوم‬ ‫الدنيوية متداولة بني األمم‪ ،‬ومشتركة بني احلضارات‪ ،‬وقد عدَّ اإلسالم حتصيل هذا النوع من العلوم وإجادته فرض‬ ‫كفاية على املسلمني‪ ،‬إن لم يقوموا به أثموا(((‪ ،‬ملا يترتب عليها من الوفاء مبصالح املسلمني‪ ،‬واالرتقاء بأسباب‬ ‫حياتهم ومعيشتهم‪.‬‬ ‫‪ . 1‬التوبة ‪. 122 :‬‬ ‫‪ « . 2‬شرف أصحاب احلديث « للبغدادي ص ‪.59‬‬ ‫‪ . 3‬انظر في ذلك «الرحلة» للبغدادي و «تدريب الراوي « للسيوطي‪.‬‬ ‫‪ . 4‬انظر «روضة الطالبني» ‪. 226-217/1‬‬

‫‪227‬‬


‫خطر اال ْب ِت َع ِ‬ ‫اث‬ ‫إن لالبتعاث إلى البالد غير املسلمة مخاطر على الطالب املبتعثني في عقائدهم‪ ،‬وأخالقهم‪ ،‬ومفاهيمهم‪ ،‬ولعل من‬ ‫أهم املخاطر التي تواجه املبتعثني ما يلي‪:‬‬ ‫‪1 -1‬أن الطالب الناشئ يذهب إلى مجتمع يقوم نظام احلياة فيه على أساس تنحية الدين جانب ًا والتحلل من‬ ‫قيوده‪ ،‬ويرى في هذا املجتمع ما يبهره من مظاهر التقدم والنظام‪ ،‬فيكون في حالة نفسية تؤهله لالفتتان‬ ‫بتلك املجتمعات وقيمها وأنظمتها مبنطلقاتها العقدية والفكرية‪.‬‬ ‫‪2 -2‬إن وجود املرء مدة طويلة في مجتمع منحرف في عقائده وقيمه وسلوكياته‪ ،‬وتعايشه معه يجعله يتأثر‬ ‫بأعراف هذا املجتمع وقيمه وعاداته‪ ،‬ونسبة الذين َي ْسلمون من هذا التأثير نسبة قليلة‪ ،‬مما يؤكد خطر‬ ‫االبتعات‪.‬‬ ‫‪3 -3‬أن طوائف ممن ذهب لنقل العلم والصناعة عاد مبسخ األخالق‪ ،‬واالنسالخ من الدين وازدراء املجتمع واألمة‬ ‫والتاريخ‪ ،‬بل رجع كثير منهم مشبعني بروح الغرب‪ ،‬يتنفسون برئته‪ ،‬ويفكرون بعقله‪ ،‬ويرددون في بالدهم‬ ‫صدى أساتذتهم املستشرقني‪ ،‬وينشرون أفكارهم ونظرياتهم بإميان عميق وحماسة زائدة‪ ،‬وبالغة وبيان‪،‬‬ ‫فصاروا وبا ًال على مجتمعاتهم‪.‬‬ ‫أحكام اال ْب ِت َع ِ‬ ‫اث وآدابه‬ ‫إذا دعت احلاجة إلى االبتعاث لدراسة بعض العلوم النافعة التي يكون في تعلمها مصلحة للمسلمني وال يوجد لها‬ ‫نظير في البالد اإلسالمية فعند ذلك يسوغ االبتعاث– كما قرر ذلك الراسخون في العلم‪ -‬على أن يتحلى الطالب‬ ‫املبتعث بجملة من األخالق واآلداب(((‪ ،‬ومنها ما يلي‪:‬‬ ‫‪1 -1‬أن يأمن املبتعث على دينه‪ ،‬بأن يكون عنده من العلم واإلميان وقوة العزمية ما يطمئنه على الثبات على دينه‬ ‫واحلذر من االنحراف والزيغ‪.‬‬ ‫العقلي الذي يمُ َ ِّي ُز به بني النافع والضار‪.‬‬ ‫‪2 -2‬أن يكون الطالب على مستوى كبير من ال ُّن ْض ِج‬ ‫ِّ‬ ‫‪3 -3‬أن يحاط املب َت َع ُث هناك باجلو اإلسالمي النظيف الذي يذكره إن غفل‪ ،‬ويعينه إن ذكر‪.‬‬ ‫‪4 -4‬أن يأخذ ما يأخذ من العلوم واملعارف املختلفة وهو معتز بدينه وثقافته اإلسالمية‪ ،‬ومتمسك بوالئه لوطنه‬ ‫وأمته‪.‬‬ ‫‪5 -5‬أن يركز الطالب على دراسته وال ينشغل مبا ال ينفعه‪.‬‬

‫‪ . 1‬انظر‪ :‬ابن عثيمني‪ ،‬املجموع الثمني ‪.50- 49 / 1‬‬

‫‪228‬‬


‫نشاط‪:1‬‬

‫اكتب رسالة لزميلك املبتعث تُوصيه باحملافظة على ِق َي ِمه وهويته في بلد الغربة‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫(ينبغي ملن أراد االبتعاث أن يحصن نفسه بالزواج ليحفظ نفسه من الفتنة)‬ ‫تناقش مع زمالئك في صحة هذه العبارة مبين ًا أبرز السلبيات وااليجابيات لزواج الشاب قبل‬ ‫ابتعاثه‪ ،‬مع اقتراح احللول لتلك السلبيات‪.‬‬ ‫اإليجابيات‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫السلبيات‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.............................................. .........................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫احللول‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪............................................. ..........................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬بني الفوائد التي يجنيها الفرد واألمة من االبتعاث‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما األخطار التي ميكن أن تنجم عن االبتعاث؟‬ ‫س‪ :3‬قد يكون االبتعاث‪ :‬واجباً‪ ،‬وقد يكون مح َّرماً‪ ،‬بني متى يكون ذلك؟‬ ‫س‪ :4‬ما اآلداب التي ينبغي للمبتعث مراعاتها قبل بعثته وأثنائها؟‬

‫‪229‬‬


‫التدخني‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني خطر التدخني‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أربع ًا من أضرار التدخني‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم التدخني‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أسباب الوقوع في التدخني‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج طرق التخلص من التدخني‪.‬‬ ‫إن شريعة اإلسالم مبنية على جلب املصالح ودرء املفاسد‪ ،‬ومن أجل هذا فقد أباح اهلل سبحانه لعباده َّ‬ ‫كل طيب‬ ‫كل خبيث وضا ٍّر‪ُ ،‬‬ ‫ونافع‪ ،‬وح َّرم َّ‬ ‫املجتمع منه‪ ،‬ومينع أتباعه‬ ‫فدين اإلسالم يحمي‬ ‫فك ُّل ٍ‬ ‫َ‬ ‫أمر حت َّققَ ض َرره‪ ،‬وغ َلب ش ُّره ُ‬ ‫ٍ‬ ‫من تناوله حماي ًة لهم من أضراره‪.‬‬ ‫وجب اهلل تعالى على املسلم احملافظ َة على نفسه‪ ،‬وح َّرم عليه التعدِّ ي عليها‪ ،‬فقال تعالى‪:‬ﱫ ﭹ ﭺ‬ ‫وقد َأ َ‬ ‫أي‬ ‫ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱪ((( ‪ ،‬وقال تعالى‪:‬ﱫﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﱪ(((‪ ،‬وح َّرم عليه االع ِتدا َء على ِّ‬ ‫ليست ً‬ ‫بأعظم وعيد‪.‬‬ ‫ملكا له‪ ،‬بل هو ُمؤ َمتن عليها‪ ،‬وتوعد من يعتدي َعليها‬ ‫ٍ‬ ‫عضو ِمن أعضائه‪ ،‬فهي َ‬ ‫ِ‬ ‫خطر التدخني‬ ‫اتفق العلماء واألطباء على خطر التدخني‪ ،‬وأنه آفة جتب مواجهتها ومكافحتها‪ ،‬وال يستريب عاقل مدخن وغير‬ ‫ٌ‬ ‫خبيث ال طيب فيه‪ ،‬مضر ال نفع فيه‪ ،‬خسارة ال كسب فيه‪.‬‬ ‫مدخن أن الدخان‬ ‫أضرار التدخني‬ ‫يتفق األطباء على‪ :‬ضرر التدخني وأنه سبب لكثير من األمراض‪ ،‬ومنها‪ :‬ضيق النفس‪ ،‬والربو‪ ،‬والسعال‪ ،‬وتلوث‬ ‫األسنان وال ِّل َث ِة‪ ،‬وكافة اجلهاز التنفسي‪ ،‬وضعف كفاءة الشعب الهوائية‪ ،‬وسرطان الرئة‪ ،‬وسوء الهضم‪ ،‬وتل ُّيف‬ ‫الكبد‪ ،‬وتصلب الشرايني‪ ،‬كما يتسبب في قتل املاليني بالسكتة القلبية والدماغية‪ ،‬كما أنه يسبب الصداع‬ ‫واألرق‪ ،‬ويضعف املناعة‪،‬كما أنه يضعف اللياقة البدنية‪ ،‬وهو عموم ًا يؤثر تأثيراً متفاوت ًا على جميع أعضاء اجلسم‬ ‫وأنسجته‪.‬‬ ‫وتؤكد منظمة الصحة العاملية والهيئات الطبية‪ :‬أن التدخني هو أكبر خطر على الصحة تواجهه البشرية اليوم‪،‬‬ ‫وهو ثاني أكبر أسباب الوفاة في العالم‪ ،‬وإن عدد الذين يالقون حتفهم أو يعيشون حياة قاسية مليئة باألسقام‬ ‫والسل والجْ ُ ذام‬ ‫واألمراض املزمنة بسبب التدخني بكافة صوره يفوقون عدد الذين ميوتون بسبب املخدرات والطاعون ُّ‬ ‫ال من خطر هذه األمراض‪ ،‬والسيما املخدرات‬ ‫ومرض نقص املناعة (االيدز) مجتمعة كلها‪ ،‬وهذه املقارنة ليس تقلي ً‬ ‫‪ . 1‬النساء‪ ،‬آية‪.29:‬‬ ‫‪ . 2‬البقرة‪ ،‬آية‪.195:‬‬

‫‪230‬‬


‫جزءا من أجزاء اجلسم إال وناله بضرره وأذاه‪.‬‬ ‫ونقص املناعة‪ ،‬ولكن لبيان خطر هذا الداء الف َّتاك‪ ،‬فهو ال يترك ً‬ ‫وقد أجمع األطباء على ضرره في مختلف البلدان‪ ،‬و ُأ ِبد َيت النصائح بتركه من جميع العقالء في كافة أنحاء‬ ‫العالم‪ ،‬و ُأنشئت اجلمعيات ملكافحته‪ ،‬ومساعدة شاربيه على تركه‪ ،‬وخُ صصت املناسبات واأليام العاملية ملقاومته‬ ‫والتذكير بخطره‪.‬‬ ‫حكم التدخني‬ ‫التدخني مح َّرم كما قرر ذلك العلماء ‪ ،‬واستدلوا على ذلك باألدلة الكثيرة من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫‪ -1‬ق��ال تعالى‪ :‬ﱫ ﭹ ﭺ ﭻﱪ(((‪ ،‬وش��رب الدخان إسهام في قتل النفس ولهذا يسمى‪( :‬القاتل‬ ‫البطيء)‪.‬‬ ‫(((‬ ‫‪ -2‬قال تعالى في وصف رسوله ‪ :‬ﱫ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﱪ ‪ ،‬والدخان من أخبث‬ ‫اخلبائث‪.‬‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫قال‪« :‬ال َض َر َر‪ ،‬وال ِض َرا ٌر»‪.‬رواه احلاكم والبيهقي والدارقطني‪.‬‬ ‫‪ -3‬عن أبي ٍ‬ ‫سعيد الخْ ُ دْ ر ِِّي ‪َّ ‬أن َّ‬ ‫األسباب الوقوع في التدخني‬ ‫من أبرز األسباب الباعثة على التدخني والسيما لدى الشباب ما يلي‪:‬‬ ‫* التسلية والتجربة ملا هو جديد‪.‬‬ ‫* تقليد الزمالء أو اآلباء‪.‬‬ ‫* حب االستعراض أمام زمالئهم وأصحابهم‪ ،‬العتقادهم أن ذلك يظهرهم مبظهر الرجال‪.‬‬ ‫الوسائل املعينة على ترك التدخني‬ ‫إن الدخان ال يدل على رجولة كما يتوهم البعض‪ ،‬بل هو ضرر على النفس‪ ،‬وأذى للمجتمع‪ ،‬وإتالف للمال‪ ،‬وفوق‬ ‫ذلك مكروه لرب العاملني‪ ،‬وكمال العقل والرجولة تركه واالبتعاد عنه‪ ،‬ومما يعني على ذلك أمور منها ما يلي‪:‬‬ ‫‪1-1‬استحضار ُحرمته وكراهة املولى سبحانه وتعالى له‪ ،‬فيقلع املرء عنه خوف ًا من اهلل تعالى‪ ،‬وابتعاداً عن أسباب‬ ‫سخطه‪ ،‬ورجاء ثوابه بترك ما نهى ‪ -‬عز وجل‪ -‬عنه‪.‬‬ ‫‪ 2-2‬االستعانة باهلل تعالى‪ ،‬وسؤاله اإلعانة على تركه‪.‬‬ ‫‪3-3‬التع ُّرف على أضراره املختلفة‪ ،‬وتذكر املنافع املتحصلة بتركه؛ الدينية‪ ،‬والبدنية‪ ،‬واملالية‪ ،‬االجتماعية‪.‬‬ ‫‪4-4‬العزمية القوية واإلرادة اجل��ازم��ة‪ ،‬ومجاهدة النفس على تركه‪ ،‬ق��ال تعالى‪ :‬ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮤﱪ(((‪.‬‬ ‫‪5-5‬ترك مصاحبة املدخنني‪ ،‬وجتنب مجالسهم‪ ،‬والبعد عن كل ما ِّ‬ ‫يذكر به‪ ،‬أو يدعو إليه‪.‬‬ ‫‪6-6‬زيارة جمعيات مكافحة التدخني واالستفادة مما لديهم من وسائل وأدوية تعني على تركه بإذن اهلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ . 1‬النساء‪ ،‬آية‪.29 :‬‬ ‫‪ . 2‬األعراف‪ ،‬آية‪.157 :‬‬ ‫‪ )3‬رواه احلاكم في املستدرك ‪ ،58 /2‬والبيهقي ‪ ،69/6‬والدارقطني ‪ ،77/2‬وأخرجه أحمد ‪ ،313/1‬وابن ماجه ‪ )2341( 784/2‬عن ابن عباس‬ ‫رضي اهلل عنهما‪ ،‬وأخرجه أيضا أحمد ‪،326/5‬وابن ماجه ‪ )2340(784/2‬من حديث عبادة بن الصامت ‪ ،‬وحسنه ابن الصالح والنووي(خالصة‬ ‫البدر املنير ‪ ،438/2‬جامع العلوم واحلكم ‪، )304/1‬وصححه األلباني في إرواء الغليل(‪ ، )888‬والسلسلة الصحيحة(‪. )250‬‬ ‫‪ . 4‬العنكبوت‪ ،‬آية‪.69 :‬‬

‫‪231‬‬


‫نشاط ‪1‬‬ ‫أسباب الوقوع في التدخني كثيرة ‪ ،‬ضع رقم ًا من ( ‪ ) 5 -1‬لكل سبب حسب املعيار املوجود‬ ‫في اجلدول اآلتي ‪ ،‬بحيث ميثل الرقم ‪ 1‬الدرجة األقل ‪ ،‬ورقم ‪ 5‬الدرجة األعلى‪.‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫املعيار‬

‫السبب‬

‫قوة السبب كثرة انتشاره سرعة تأثيره سهولة عالجه‬

‫التسلية والتجربة‬ ‫اجلهل والهوى‬ ‫تأثير الصحبة‬ ‫التقليد وضعف‬ ‫الشخصية‬ ‫الدعاية املغرضة‬ ‫القدوة السيئة‬ ‫ضعف اإلميان‬

‫نشاط‪:2‬‬ ‫ذكرت دراسات عديدة أن احتمال إصابة املدخن بالعديد من األمراض تزيد بنسبة الضعف إلى‬ ‫عشرة أضعاف بالنسبة إلى غير املدخن وفي اجلدول اآلتي بعض تلك األمراض‪:‬‬ ‫م‬

‫املرض‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫احتمال اإلصابة‬ ‫نسبة الوفيات من‬ ‫لغير‬ ‫للمدخن املرض نتيجة التدخني‬ ‫املدخن‬

‫تصلب الشرايني‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪% 43 – 25‬‬

‫اجللطة القلبية‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫‪% 80 – 75‬‬

‫سرطان الرئة‬

‫‪1‬‬

‫‪10‬‬

‫‪% 85- 80‬‬

‫ضيق الشعب الهوائية‬

‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪% 90- 80‬‬

‫الغرغرينة‬

‫‪1‬‬

‫‪9‬‬

‫‪% 98 – 90‬‬

‫أمراض السرطان املختلفة‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪%30‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك استفد من بيانات اجلدول السابق في كتابة لوحة حتذر من التدخني‪.‬‬ ‫‪232‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬بني خطر التدخني‪.‬‬ ‫س‪ :2‬اذكر أربعة من أضرار التدخني‪.‬‬ ‫س‪ :3‬زعم أحد املدخنني بأنه حالل ألن اهلل هو الذي خلقه وأنبتت شجر التبغ ‪ ،‬فكيف ترد‬ ‫عليه؟‬ ‫س‪ :4‬ما الوسائل املعينة على ترك التدخني؟‬

‫‪233‬‬


‫آفات اللسان‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تقدر نعمة اللسان‪.‬‬ ‫‪ ‬حتفظ لسانك من الوقوع في اإلثم‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني آثار استعمال اللسان في الشر‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آفات اللسان ومتثل لها‪.‬‬ ‫‪ ‬تستدل على خطورة آفات اللسان‪.‬‬ ‫من نعم اهلل تعالى على اإلنسان ما رزقه من جوارح في بدنه‪ ،‬يستخدمها فيما شاء من قضاء حوائجه‪ ،‬ويسخرها‬ ‫في طاعة ربه‪ ،‬بدون أن مين عليه أحد‪ .‬ومن هذه اجلوارح اللسان‪ ،‬تلك األداة املهمة‪ ،‬واآللة الفاعلة‪ ،‬الذي يع ِّبر به‬ ‫املرء عما يريد‪ ،‬ويستخدمه في طلب أغراضه‪ ،‬يتكلم به‪ ،‬وينادي به‪ ،‬ويعبر عن آرائه وأفكاره بواسطته‪ ،‬وبه يقرأ‬ ‫كالم ربه‪ ،‬ويذكر مواله‪ ،‬وبه ينصح ويوجه ويرشد‪ ،‬ويأمر باملعروف وينهى عن املنكر‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫ِحفْ ُظ ال ِّل ِ‬ ‫سان‬ ‫جاءت النصوص الكثيرة من القرآن والسنة ببيان أهمية اللسان وحفظه‪ ،‬والتحذير من استغالله في الشر بأنواعه‬ ‫(((()‬ ‫يب َع ِتيدٌ )‬ ‫وصنوفه‪ ،‬يقول اهلل تعالى مبين ًا أهمية الكالم الذي ينطق به اإلنسان‪َ ( :‬ما َي ْل ِف ُظ ِمن َق ْو ٍل ِإلاَّ َلدَ ْي ِه َر ِق ٌ‬ ‫ورأس‬ ‫‪ ،‬وفي حديث معاذ بن جبل ‪ ‬ملا أخبره النبي ‪ ‬مبا يدخل اجلنة ويباعد من النار‪ ،‬وأخبره بأبواب اخلير‪ِ ،‬‬ ‫وعموده ِ‬ ‫ِ‬ ‫وذرو ِة سنا ِم ِه‪ ،‬ثم قال له‪« :‬أال أخبرك مبالك ذلك كله؟»‪ ،‬قال معاذ‪ :‬قلت‪ :‬بلى يا نبي اهلل‪ ،‬فأخذ‬ ‫األمر‬ ‫«ك َّف عليك هذا» فقلت‪ :‬يا نبي اهلل‪ ،‬وإنا ملؤاخذون مبا نتكلم به‪ ،‬فقال ‪« :‬ثكلتك َ‬ ‫بلسانه فقال‪ُ :‬‬ ‫أمك يا معاذ‪،‬‬ ‫الناس في النار على وجوههم – أو على مناخرهم – إال حصائد ألسنتهم» (((() ‪.‬‬ ‫وهل ُّ‬ ‫يكب َ‬ ‫استعمال اللسان في اخلير‬ ‫يقول سبحانه موضح ًا بعض سبل اخلير التي ينبغي أن ينشغل بها اللسان‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﱪ‬

‫(((()‪.‬‬

‫‪ )1‬آية ‪ 18‬من سورة (ق) ‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه أحمد ‪ ،237 ،231/5‬والنسائي في السنن الكبرى ‪ ، )11394(428/6‬والترمذي في أبواب اإلميان‪ ،‬باب ما جاء في حرمة الصالة‬ ‫‪ ، )2616( 11/5‬وابن ماجه ‪ ، )3973(1314/2‬واحلاكم في املستدرك ‪ ،447/2‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وقال احلاكم‪ :‬حديث‬ ‫صحيح على شرط الشيخني ولم يخرجاه‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح الترغيب والترهيب(‪. )2866‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 114‬من سورة النساء‪.‬‬

‫‪234‬‬


‫فينبغي للمسلم أن يحافظ على لسانه‪ ،‬وأال يتكلم إال مبا هو حق من ذكر اهلل تعالى‪ ،‬وقراءة كتابه‪ ،‬وإصالح بني‬ ‫الناس‪ ،‬وإرشاد لهم وتوجيه‪ ،‬وقصص مفيدة‪ ،‬وكالم مباح‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ولعظم أثر اللسان يوجه اإلسالم توجيهه الراشد في استغالله مبا هو مفيد‪ ،‬فإن لم يكن كذلك فال أقل من حفظه‬ ‫بالسكوت‪ ،‬وعدم النطق مبا ال يفيد‪ ،‬قال ‪« :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل خيراً أو ليصمت»‬

‫(((() ‪.‬‬

‫آثار استعمال اللسان في الشر‬ ‫لعظم الكلمة يبني الرسول ‪ ‬آثارها العميقة‪ ،‬فيقول‪« :‬إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبني فيها يزل بها في النار‬ ‫أبعد ما بني املشرق واملغرب» (((() ‪ ،‬فبعض الكلمات قليلة األلفاظ‪ ،‬لكن نتائجها خطيرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أأنها قد تخلد صاحبها في النار إذا مات ولم يتب منها؛ كالكلمات التي تتضمن ال ِّردة عن دين اإلسالم؛‬ ‫مثل‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬أو االستهزاء بدين اهلل‪ ،‬أو كتابه‪ ،‬أو رسوله ‪.‬‬ ‫ بأنه قد يعاقب عليها صاحبها في اآلخرة‪ ،‬مثل الغيبة‪ ،‬والنميمة‪ ،‬والكذب‪ ،‬وقول الزور‪ ،‬وغيره‪.‬‬‫‪ -‬تأنه قد يعاقب عليها في الدنيا‪ ،‬كالقذف مثالً‪ ،‬أو االعتداء على اآلخرين بالسب والشتم‪.‬‬

‫آفات اللسان‬ ‫آفات اللسان التي تورده املوارد وتزجه في مهاوي الردى كثيرة‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫‪1 -1‬الشرك باهلل‪ ،‬أو ما يؤدي إليه‪.‬‬ ‫بألفاظ من الشرك‬ ‫وهذا من أعظم آفات اللسان‪ ،‬فقد يتكلم املرء بكلمة واحدة تخلده في النار‪ ،‬كأن يتلفظ‬ ‫ٍ‬ ‫األكبر‪ ،‬كدعاء غير اهلل‪ ،‬واالستغاثة به‪ ،‬واالستهزاء بدين اهلل تعالى‪ ،‬أو بالقرآن‪ ،‬أو بالرسول ‪ ‬ولو على سبيل‬ ‫املزاح والضحك‪ ،‬يقول اهلل تعالى مبين ًا كفر من عمل مثل ذلك‪ :‬ﱫ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ومن أنواع الشرك‪ :‬الشرك األصغر‪ ،‬الذي هو أكبر الكبائر‪ ،‬وال يخرج صاحبه من دين اإلسالم‪ ،‬مثل‪ :‬احللف بغير‬ ‫اهلل‪ ،‬وقول‪ :‬ما شاء اهلل وشاء فالن‪ ،‬وقول‪ :‬لوال اهلل وفالن‪.‬‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب إكرام الضيف وخدمته‪ ، )6235(531/10‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب احلث على إكرام اجلار‬ ‫والضيف ‪. )48(69/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب حفظ اللسان ‪ ، )6477(308/11‬ومسلم في كتاب الزهد‪ ،‬باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار‬ ‫‪. )2988(2290/4‬‬ ‫‪ )3‬اآليات ‪ 66 ،65 ،64‬من سورة التوبة‪.‬‬

‫‪235‬‬


‫‪2 -2‬الكذب‬ ‫وهو اإلخبار عن الشيء بخالف الواقع‪ ،‬وهو من أخطر آفات اللسان‪ ،‬ومن أشد أنواع اآلثام واملعاصي‪ ،‬وأشده‬ ‫الكذب على اهلل تعالى‪ ،‬والكذب على رسوله ‪ ‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال سبحانه‪ :‬ﱫ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫علي فليلج النار»(((() ‪ ،‬وقال ‪َ « :‬م ْن َك َذ َب‬ ‫علي‪ ،‬فإنه من َك َذ َب َّ‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪« :‬ال تكذبوا َّ‬ ‫علي ‪ ‬أن َّ‬ ‫وعن ٍّ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫َع َل َّى ُم َت َع ِّمداً َف ْل َي َت َب َّوأ َم ْق َعدَ ُه ِمن ال َّنا ِر»‪.‬‬ ‫ومن أنواع الكذب‪ :‬الكذب على الناس في البيع والشراء واحملادثة‪ ،‬والكذب على سبيل السخرية أو إضحاك الناس‪،‬‬ ‫وفي حديث معاوية بن َح ْيدة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬و ْي ٌل ِل َّل ِذي ُي َحدِّ ُث ِبالحْ َ ِد ِ‬ ‫يث ِل ُي ْض ِح َك ِب ِه ا ْل َق ْو َم َف َي ْك ِذ ُب‪َ ،‬و ْي ٌل‬ ‫َل ُه‪َ ،‬و ْي ٌل َل ُه» (((() ‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫والكذب نتيجته وخيمة‪ ،‬وعاقبته سيئة في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فعن عبد اهلل بن مسعود ‪َ ‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل ‪:‬‬ ‫قال‬ ‫وإن ال ِب َّر يهدى إلى اجلن ِة‪ ،‬و َما ُ‬ ‫ُ‬ ‫الص َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الصدق يهدى إلى ال ِب ِّر‪َّ ،‬‬ ‫دق‬ ‫الرجل‬ ‫يزال‬ ‫بالصدْ ِق‪ ،‬فإن‬ ‫َ‬ ‫يصدق و َي َت َح َّرى ِّ‬ ‫ليكم ِّ‬ ‫«ع ْ‬ ‫يكتب عندَ ا ِ‬ ‫الكذب َيهدى إلى ال ُفجورِ‪َّ ،‬‬ ‫وإن ال ُفجو َر َيهدى إلى النارِ‪ ،‬و َما‬ ‫والكذب‪ ،‬فإن‬ ‫وإياكم‬ ‫هلل ِصدِّ ي ًقا‪،‬‬ ‫حتى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫(((‬ ‫( )‬ ‫يكذب و َي َت َح َّرى َ‬ ‫َي ُ‬ ‫كتب عند اهلل َّ‬ ‫ُ‬ ‫كذا ًبا»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫الرجل‬ ‫زال‬ ‫الك َ‬ ‫ُ‬ ‫ذب حتى ُي َ‬ ‫‪3 -3‬الغيبة والنميمة‬ ‫الغيبة هي‪ :‬ذكرك أخاك مبا يكره‪.‬‬ ‫والنميمة هي‪ :‬نقل كالم الناس بعضهم إلى بعض على جهة اإلفساد بينهم‪.‬‬ ‫وكالهما ورد التحذير منهما أميا حتذير ملا ينتج عنهما من آثار سيئة‪ ،‬ونتائج خطيرة من األحقاد والضغائن وفساد‬ ‫القلوب والبغضاء والشحناء‪ ،‬يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﱪ(((() ‪ ،‬ويقول سبحانه‪ :‬ﱫ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬آية ‪ 21‬من سورة األنعام‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 116‬من سورة النحل‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب على النبي ‪ ، )106(199/1‬ومسلم في مقدمة صحيحه ‪. )1(9/1‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري من حديث الزبير وأبي هريرة رضي اهلل عنهما في كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب على النبي ‪ ، )110 ،107(35/1 ‬ورواه أيضا‬ ‫من حديث املغيرة بن شعبة في كتاب اجلنائز‪ ،‬باب ما يكره من النياحة على امليت ‪ ، )3461( 81/2‬ورواه أيضا من حديث عبد اهلل بن عمرو في‬ ‫كتاب األنبياء‪ ،‬باب ما ذكر عن بني إسرائيل‪ ، )3461(134/4‬ورواه مسلم في مقدمة الصحيح ‪ ، )4 ،3 ،2( 10/1‬وذكره الكتاني في نظم املتناثر‬ ‫في احلديث املتواتر ص ‪. 24-20‬‬ ‫‪ )5‬رواه أحمد ‪ ،185/2‬وأبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب في التشديد في الكذب ‪ ، )4989(715/2‬والترمذي في كتاب الزهد‪ ،‬باب فيمن‬ ‫تكلم بكلمة يضحك به الناس ‪. )2315(483/4‬‬ ‫‪ )6‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب قول اهلل تعالى‪( :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وكونوا مع الصادقني) ‪ ،‬وما ينهى عن الكذب ‪)5743(2261/5‬‬ ‫‪ ،‬ومسلم في كتاب البر والصلة واآلداب‪ ،‬باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله ‪ ، )2607(2013/4‬وهذا لفظ إحدى رواياته‪ ،‬وليس في البخاري‪:‬‬ ‫«عليكم بالصدق»‪« ،‬وإياكم والكذب»‪.‬‬ ‫‪ )7‬آية ‪ 12‬من سورة احلجرات‪.‬‬ ‫‪ )8‬آية ‪ 1‬من سورة الهمزة‪.‬‬

‫‪236‬‬


‫قلت للنبي ‪َ :‬ح ْس ُب َك من صف َّي َة كذا وكذا‪ ،‬تعني قصيرة‪ ،‬فقال‪« :‬لقد‬ ‫وعن عائشة–رضي اهلل عنها– قالت‪ُ :‬‬ ‫(((()‬ ‫زج ْت ُه» ‪.‬‬ ‫ُق ْل ِت كلم ًة لو ُمز َِجت مباء البحر لمَ َ َ‬

‫ات‪ :‬النمام‪.‬‬ ‫وعن حذيفة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬ال‬ ‫يدخلن اجلن َة َق َّت ٌ‬ ‫ات» (((() ‪ ،‬وال َق َّت ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪4 -4‬قول الزور‬ ‫الزور في األصل‪ :‬حتسني الشيء ووصفه بخالف صفته حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خالف ما هو به‪،‬‬ ‫وعليه فكل ما هو باطل من الكالم يعد زوراً‪ ،‬قد ورد التحذير منه والترهيب من اقترافه في القرآن والسنة‪ ،‬قال‬ ‫تعالى عن صفات املؤمنني‪ :‬ﱫ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال تعالى محذراً من الوقوع فيه‪ :‬ﱫ ﯩ‬

‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫وعن أبي َب ْك َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :‬أال أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثالثاً‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪« :‬اإلشراك باهلل‪،‬‬ ‫(((()‬ ‫وعقوق الوالدين»‪ ،‬وجلس وكان ُم َّت ِك ًئا‪ ،‬فقال‪« :‬أال وقول الزور»‪ ،‬فما زال يكررها حتى قلنا‪ :‬ليته سكت‬ ‫‪5 -5‬القذف‬ ‫وهو رمي شخص آلخر بالزنا أو اللواط‪ ،‬كأن يقول‪ :‬يا زاني‪ ،‬أو يا ابن الزاني‪ ،‬أو يا لوطي‪ ،‬وهذا محرم وهوكبيرة‬ ‫من كبائر الذنوب‪ ،‬توعد اهلل تعالى فاعله باللعن في الدنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫ﮛ ﮜﮝﮞ ﮟﮠ ﮡﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬ ﮭﱪ‬

‫(((()‪.‬‬

‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :‬اجتنبوا السبع املوبقات»‪ ،‬و َذ َك � َر منها‪« :‬قذف احملصنات املؤمنات‬ ‫الغافالت»(((() ‪.‬‬ ‫والسباب والشتائم‬ ‫‪6 -6‬الف ُْح ُش ِّ‬ ‫وهذه من آفات اللسان اخلطيرة التي يجب على املسلم جتنبها‪ ،‬وقد دلت النصوص الكثيرة على التحذير منها؛ فمن‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫‪ )1‬رواه أبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب في الغيبة ‪ ، )4847(658/2‬والترمذي في كتاب القيامة‪ ،‬باب (‪. )2502(570/4 )51‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب ما جاء في قول الرجل‪ :‬ويلك ‪ ، )6162(552/10‬ومسلم في كتاب الزهد‪ ،‬باب النهي عن املدح إذا‬ ‫كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على املمدوح ‪. )3000(2296/4‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 72‬من سورة الفرقان‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 30‬من سورة احلج‪.‬‬ ‫‪ )5‬رواه البخاري في كتاب الشهادات‪ ،‬باب ما قيل في شهادة الزور ‪ ، )2654(261/5‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان الكبائر‬ ‫‪)87(19/1‬‬ ‫‪ )6‬اآليات ‪ 24 -23‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه البخاري في كتاب الوصايا‪ ،‬باب قوله تعالى‪( :‬إن الذين يأكلون أموال اليتامى) ‪ ، )2766(393/5‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب‬ ‫بيان أكبر الكبائر ‪. )89(92/1‬‬

‫‪237‬‬


‫عن أبي موسى األشعري ‪ ‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أي املسلمني أفضل؟ قال‪« :‬من َس ِل َم املسلمون ِمن لسا ِن ِه‬ ‫و َي ِد ِه»(((() ‪.‬‬ ‫وعن سهل بن سعد– رضي اهلل عنهما – أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬من يضمن لي ما بني لحَ ْ َي ْي ِه وما بني رجليه أضمن‬ ‫له اجلنة» (((() ‪.‬‬ ‫وعن عبد اهلل بن عمر – رضي اهلل عنهما – أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬أميا رجل قال ألخيه‪ :‬يا كافر‪ ،‬فقد با َء بها‬ ‫كما َ‬ ‫قال‪ ،‬وإال رجعت إليه» (((() ‪.‬‬ ‫أحدُ هما‪ ،‬إن كان َ‬

‫وعن ثابت بن الضحاك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬لعن املؤمن كقتله» (((() ‪.‬‬ ‫الفاحش‪ ،‬وال البذي ِء» (((() ‪.‬‬ ‫وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ليس املؤمن بالط َّع ِان‪ ،‬وال الل َّع ِان‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫نشاط ‪1‬‬

‫تكثر الغيبة والنميمة والسب والشتائم على ألسنة كثير من الطالب‪ ،‬ما احللول املقترحة لهذه‬ ‫املشكلة من وجهة نظرك؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫قارن بني أثر آفات اللسان اآلتية‪:‬‬ ‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪1‬‬

‫محبة الناس‬ ‫لصاحبها‬

‫‪2‬‬

‫أثرها في‬ ‫كسبه‬

‫الكذب‬

‫الغيبة‬

‫النميمة‬

‫السب والشتم‬

‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب أي اإلسالم أفضل ‪ ، )11(54/1‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان تفاضل اإلسالم ‪. )42(66/1‬‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب حفظ اللسان ‪. )6474(308/11‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب من أكفر أخاه بغير تأويل ‪ ، )6104(514/10‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان حال من قال ألخيه‬ ‫املسلم يا كافر ‪. )60(79/1‬‬ ‫‪ )4‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب ما ُينهى عن السباب واللعان ‪ ،465/10‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب غلظ حترمي قتل اإلنسان نفسه‬ ‫‪. )110(104/1‬‬ ‫‪ )5‬رواه الترمذي في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في اللعنة ‪. )1978(308/4‬‬

‫‪238‬‬


‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪3‬‬

‫أثرها على‬ ‫بقية األخالق‬

‫‪4‬‬

‫أثرها على‬ ‫املجتمع‬

‫‪5‬‬

‫الوعيد‬ ‫األخروي‬ ‫لصاحبها‬

‫الغيبة‬

‫الكذب‬

‫النميمة‬

‫السب والشتم‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬اللسان من نعم اهلل على اإلنسان‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :2‬مب يكون حفظ اللسان من اإلثم‪ ،‬دلل ملا تذكر‪.‬‬ ‫س‪ :3‬هل ميكن أن يكون اللسان سببا للهالك في اآلخرة؟ وضح إجابتك بالدليل واملثال‪.‬‬ ‫س‪ :4‬مثِّل الستعماالت اللسان في اخلير‪.‬‬ ‫س‪ :5‬ما آثار استعمال اللسان في الشر؟‬ ‫س‪ :6‬استدل لتحرمي كل مما يأتي‪:‬‬ ‫الغيبة‬ ‫ ‬ ‫الكذب‬ ‫ ‬ ‫السب واللعن‬ ‫ ‬

‫‪239‬‬


‫القلوب وأمراضها‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني أهمية صالح القلب‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع القلوب‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني القلب السليم والقلب املريض والقلب امليت‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع أمراض القلوب‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أسباب سالمة القلب وعالماته‪.‬‬ ‫أهمية القلب‬ ‫القلب أشرف شيء في اإلنسان‪ ،‬وبحياته حياة البدن‪ ،‬ومبوته موت البدن‪ ،‬وألجل هذه املكانة العظيمة للقلب‬ ‫جاءت النصوص الشرعية الكثيرة بذكره‪ ،‬والتنويه مبكانته‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﱪ‬ ‫(((() ‪ ،‬وقال‪ :‬ﱫ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫وفي حديث النعمان بن بشير‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن النبي ‪ ‬قال‪ « :‬أال وإن في اجلسد مضغة‪ ،‬إذا ص َلحت صلح‬ ‫اجلسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد اجلسد كله‪ ،‬أال وهي القلب»(((() ‪.‬‬ ‫القلب ال يثبت على حال‬ ‫القلب ال يثبت على حال‪ ،‬ولذلك كان النبي ‪ ‬يكثر أن يقول‪« :‬يا مقلب القلوب واألبصار ثبت قلبي على‬ ‫دينك»‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬آم ّنا بك ومبا جئت به‪ ،‬فهل تخاف علينا؟ قال‪« :‬نعم‪ ،‬إن القلوب بني أصبعني من‬ ‫أصابع اهلل يقلبها كيف يشاء»(((() ‪.‬‬ ‫الدعاء بصالح القلب‬ ‫وملا عليه القلب من التقلب ُشرع للمسلم الدعاء بأن يثبت اهلل قلبه‪ ،‬قال تعالى – مخبراً عن دعاء عباده الراسخني‬ ‫في العلم –‪ :‬ﱫ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﱪ (((() ‪ ،‬وكان من دعاء النبي ‪" : ‬اللهم يا مص ِّرف القلوب‪ ،‬صرف‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 37‬من سورة (ق) ‪.‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 46‬من سورة احلج‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب اإلميان‪ ،‬باب فضل من استبرأ لدينه (الفتح ‪ ، )529( )126/1‬ومسلم في كتاب املساقاة‪ ،‬باب أخذ احلالل وترك‬ ‫املشبهات ‪. )1599(1219/3‬‬ ‫‪ )4‬رواه الترمذي في كتاب القدر‪ ،‬باب ما جاء أن القلوب بني أصبعي الرحمن ‪ ، )2140(448/4‬وقال‪ :‬حديث حسن‪ ،‬وبنحوه رواه مسلم‬ ‫‪. )2654(2045/4‬‬ ‫‪ )5‬اآلية ‪ 6‬من سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪240‬‬


‫قلوبنا على طاعتك»(((() ‪ ،‬وكان من دعائه أيض ًا ‪" :‬وأسألك قلب ًا سليماً»(((() ‪.‬‬ ‫أنواع القلوب(((() ‪:‬‬ ‫‪-1‬القلب الصحيح السليم‪:‬‬ ‫كل شهوة تخالف أم َر اهلل ونه َيه‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫وهو الذي َس ِل َم من ِّ‬ ‫كل ُشبهة تعارض َخ َب َره‪ ،‬فهو يقابل َخ َب َر اهلل تعالى‬ ‫ورسو ِله ‪ ‬بالتسليم‪ ،‬وال يعارضه بالرأي والهوى كما يفعل أهل البدع والزيغ‪ .‬وال جناة يوم القيامة إال لصاحب‬ ‫القلب السليم‪ ،‬قال تعالى – في حكاية دعاء إبراهيم عليه السالم –‪:‬ﱫ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬

‫ﭶ ﭷ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪-2‬القلب امليت‪:‬‬

‫وهو الذي ال َي ُ‬ ‫عرف ر َّبه‪ ،‬وال يعبده‪ ،‬بل يتبع هواه وشهوا ِته‪ ،‬غافال عن مراد ر ِّبه منه؛ فهو ضد السليم‪ ،‬والواجب‬ ‫على املسلم احلذر من أن يتصف قلبه بهذه الصفات‪ ،‬كما يجب عليه احلذر من مخالطة أصحاب القلوب امليتة؛‬ ‫فإنها تؤثر عليه بالسوء‪ ،‬وتؤدي به إلى موت القلب‪.‬‬ ‫‪-3‬القلب املريض‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وإميان به‪ ،‬وفيه باملقابل مح َّبة لشهواته الباطلة‪ ،‬وإيثا ٌر لها‪،‬‬ ‫وهو قلب له حياة‪ ،‬وبه ِع َّلة‪ ،‬ففيه محب ٌة هلل عز وجل‪،‬‬ ‫وحرص على حتصيلها‪ ،‬فرمبا غلب عليه املرض فالتحق بصاحب القلب امليت‪ ،‬ورمبا غلبت عليه الصحة فالتحق‬ ‫ٌ‬ ‫بصاحب القلب السليم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫القلوب للفنت‬ ‫تعرض‬ ‫ُّ‬ ‫عن حذيفة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬أنه قال‪« :‬تُعرض الفنت على القلوب كاحلصير عوداً عوداً‪ ،‬فأي قلب أشربها نُكت‬ ‫فيه نكتة سوداء‪ ،‬وأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء‪ ،‬حتى تصير القلوب على قلبني‪ :‬على أبيض مثل الصفا‪،‬‬ ‫فال تضره فتنة ما دامت السموات واألرض‪ ،‬واآلخر أسود ِمر َبا ًّدا كالكوز ُم َج ِّخياً‪ ،‬ال يعرف معروفاً‪ ،‬وال ينكر منكراً‬ ‫إال ما أشرب من هواه»(((() ‪.‬‬

‫أمراض القلب نوعان‪:‬‬ ‫‪-1‬أمراض شُ ُبهات‪ :‬ويراد بها‪ :‬جميع االعتقادات الباطلة‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الشرك والنفاق‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫مثل‪:‬‬ ‫(((()‬ ‫ُ‬ ‫البدع بأنواعها‪ .‬وهذا النوع من املرض أشد النوعني‪.‬‬ ‫‪،‬ومثل‪:‬‬ ‫ﮆﮇﮈﱪ‬ ‫ِ‬ ‫‪ )1‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب القدر‪ ،‬باب تصريف اهلل تعالى القلوب كيف شاء ‪ 2045/4‬رقم(‪. )2654‬‬ ‫‪ )2‬رواه أحمد ‪ ،125/4‬والترمذي في الدعوات‪ ،‬باب (‪ 476/5 ، )32‬رقم (‪ ، )3407‬والنسائي ‪ ،54/3‬وابن حبان رقم (‪. )1974‬‬ ‫‪ )3‬ينظر‪ :‬إغاثة اللهفان‪ ،‬اجلزء األول‪.‬‬ ‫‪ )4‬اآليتان ‪ 89 ،88‬من سورة الشعراء‪.‬‬ ‫‪ )5‬رواه مسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان أن اإلسالم بدأ غريب ًا ‪. )144(123/1‬‬ ‫‪ )6‬آية ‪ 10‬من سورة البقرة‪.‬‬

‫‪241‬‬


‫وطريق البعد عن ُّ‬ ‫الش ُبهات‪ :‬التزام ما جاء في الكتاب والسنة‪ ،‬والوقوف عند ما وقف عنده السلف الصالح ‪.‬‬

‫‪-2‬أمراض شَ هوات‪ :‬ويراد بها‪ُّ :‬‬ ‫عمل بخالف احلق‪ُ ،‬‬ ‫مثل‪ :‬شهوة الزنا‪ ،‬والنظر احلرام‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭪ ﭫ‬ ‫ُ‬ ‫كل ٍ‬ ‫(((()‬ ‫‪ُ ،‬‬ ‫ومثل‪ :‬احلسد‪ ،‬والبخل‪.‬‬ ‫ﭬ ﭭﭮﭯﭰﭱﱪ‬ ‫وطريق البعد عن َّ‬ ‫الشهوات الباطلة‪ :‬التزام ما أمر اهلل به ورسولُه ‪ ،‬واجتناب ما نهى اهلل عنه ورسولُه ‪.‬‬ ‫عالمات وأسباب حياة القلب‪:‬‬ ‫‪1 -1‬توحيد اهلل تعالى واإلميان به‪ ،‬وجتديد ذلك؛ والعمل بالفرائض التي فرضها اهلل سبحانه وتعالى‪ .‬فهذه األمور‬ ‫رأس حياة القلوب وسعادتها‪.‬‬ ‫‪2 -2‬التضرع إلى اهلل تعالى‪ ،‬واللجوء إليه‪ ،‬وكثرة ذكره ودعائه‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬والتفكر في آالئه‪ ،‬ومخلوقاته‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪3 -3‬تد ُّبر القرآن الكرمي‪ ،‬والنظر في معانيه‪ ،‬والعمل مبا جاء فيه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬

‫ﮗ ﮘ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫‪4‬ترك الذنوب‪ ،‬فإن الذنوب متيت القلوب‪ ،‬وبتركها حياة القلوب‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭹﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﮂ ﮃ ﱪ (((() ‪ ،‬قال ابن املبارك – رحمه اهلل تعالى – ‪:‬‬

‫‪-5‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪5‬االهتمام بتصحيح األقوال واألعمال الظاهرة والباطنة‪.‬‬ ‫‪6‬التألم والتحسر على فوات الطاعة أشد من حتسر املرء على فوت حظه من أمور الدنيا‪.‬‬ ‫‪7‬االهتمام الكبير بشأن اآلخرة‪ ،‬واإلقبال عليها‪ ،‬وتذكرها‪ ،‬واالستعداد لها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪8‬زيارة املرضى واملقابر فإنها ِّ‬ ‫وتذكر بنعمة اهلل تعالى على اإلنسان‪.‬‬ ‫تذكر اآلخرة‪ ،‬وحتي القلب‬

‫رأيت‬ ‫وترك‬

‫الذنوب‬ ‫الذنوب‬

‫متيت‬ ‫حياة‬

‫القلوب‬ ‫القلوب‬

‫الذل‬ ‫يورث‬ ‫وقد‬ ‫لنفسك‬ ‫فخير‬

‫إدمانها‬ ‫عصيانها‬

‫ارتباط صالح القلب بصالح العمل‪:‬‬ ‫يظن بعض الناس أن هناك انفصا ًال بني صالح القلب وصالح العمل الظاهر‪ ،‬وقد يستدل بقول النبي ‪" :‬التقوى‬ ‫ها هنا» ويشير إلى صدره‪ ،‬ثالث مرات(((() ‪ ،‬وهذا فهم خاطئ للشريعة‪ ،‬وإمنا يدعو إليه أحد أمرين‪ :‬إما اجلهل‪،‬‬ ‫وإما الهوى‪.‬‬ ‫والواجب علينا أن نعلم‪ :‬أن اإلميان قول وعمل ونية‪ ،‬وأن صالح الباطن يؤثر في صالح الظاهر‪ ،‬وكلما ازداد صالح‬ ‫الباطن كان ذلك زيادة في صالح الظاهر‪.‬‬ ‫‪ )1‬آية ‪ 32‬من سورة األحزاب‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 28‬من سورة الرعد‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 24‬من سورة محمد ‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 14‬من سورة املطففني‪.‬‬ ‫‪ )5‬جزء من حديث رواه مسلم في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب حترمي ظلم املسلم ‪. )2564(1987/4‬‬

‫‪242‬‬


‫ومما يدل على هذا الترابط‪ :‬ما تقدم من حديث النعمان بن بشير رضي اهلل عنهما‪ ،‬وأيض ًا قوله ‪" :‬إن اهلل ال ينظر‬ ‫إلى صوركم وأموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(((() ‪.‬‬ ‫أثر صالح القلب وثمرته‬ ‫قال احلافظ ابن رجب–رحمه اهلل تعالى–‪« :‬فالقوم إذا صلحت قلوبهم فلم يبق فيها إرادة لغير اهلل عز وجل صلحت‬ ‫جوارحهم فلم تتحرك إال هلل عز وجل‪ ،‬ومبا فيه رضاه‪.‬اهـ(((() ‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫تعاون مع زمالئك في جمع أكبر قدر من أسباب سالمة القلب ‪ ،‬وأسباب مرضه‪ ،‬ثم بني أكثرها‬ ‫تأثيراً على القلب بحيث ُيعطى األكثر أثراً الدرجة األكبر ‪:‬‬ ‫م‬

‫أسباب سالمة‬ ‫القلب‬

‫أكثرها تأثير‬ ‫(‪)5–1‬‬

‫أسباب مرض القلب‬

‫أكثرها تأثير‬ ‫(‪)5–1‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫قارن بني القلب السليم ‪ ،‬والقلب املريض ‪:‬‬ ‫م‬

‫وجه املقارنة‬

‫‪ 1‬تقبل الهدى‬

‫املزاح احملمود‬

‫‪ 2‬إدراك احلق‬

‫‪ 3‬صحة النية والعمل‬

‫‪ 4‬احلرص على الطاعة‬ ‫‪ 5‬السالمة في اآلخرة‬

‫‪ )1‬رواه مسلم‪( ،‬املوضع السابق) ‪.‬‬ ‫‪ )2‬املوضع السابق بتصرف يسير‪.‬‬ ‫•لالستفادة انظر املجلد العاشر من مجوع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬

‫‪243‬‬

‫املزاح املذموم‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬بني أهمية صالح القلب مستشهداً لذلك بدليل‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما أنواع القلوب واستشهد من القرآن والسنة ما يدل على ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :3‬متى يكون القلب سليم ًا ؟ ومتى يكون مريضاً؟ ومتى يكون ميتاً؟‬ ‫س‪:4‬بني وجه االرتباط بني صالح القلب وصالح العمل ‪.‬‬ ‫س‪ :5‬أمراض القلوب نوعان ‪ ،‬ما هما ؟ وأيهما أشد خطراً ؟ وملاذا؟‬ ‫س‪ :6‬ما أثر صالح القلب وثمراته؟‬

‫‪244‬‬


‫الذنوب واملعاصي وآثارها‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني املراد بالذنوب واملعاصي‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك خطر الوقوع في معصية اهلل‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد أنواع الذنوب‪.‬‬ ‫‪ ‬متثل للكبائر وللصغائر‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني الكبائر والصغائر‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني متى تتحول الصغائر إلى كبائر‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار الذنوب واملعاصي‪.‬‬ ‫املراد بالذنوب واملعاصي‬ ‫املراد بالذنوب واملعاصي‪ :‬ترك الواجبات الشرعية‪ ،‬أو ارتكاب المْحُ َّرمات‪ .‬وتسمى املعصية‪ :‬اخلطيئة‪ ،‬واإلثم‪،‬‬ ‫والسيئة‪.‬‬ ‫خطر بالذنوب واملعاصي والتحذير منها‬ ‫إن خطر الذنوب يكمن في كونها مبعدة عن اهلل تعالى‪ ،‬وعن رحمته‪ ،‬مقربة إلى سخطه والنار‪ ،‬وكلما استمر‬ ‫العبد في كسب اخلطايا ابتعد عن مواله أكثر‪ ،‬ولذلك جاءت النصوص الكثيرة حتذر من الذنوب‪ ،‬وتبني عقوباتها‬ ‫وأما أصاب األمم املاضية من انتقام بسبب ذنوبها‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﱪ‬ ‫(((()‬ ‫(((()‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﱪ‬ ‫وقال ‪" :‬اجتنبوا السبع املوبقات‪ »..‬احلديث(((() ‪ ،‬فأمر باجتناب الذنوب‪ ،‬وذلك أبلغ مما لو نهى عن‬ ‫اقترافها؛ ألن االجتناب يقتضي ترك الذنب وما يوصل إليه‪ ،‬ثم أخبر ‪ ‬أنها مهلكة ملن واقعها‪.‬‬ ‫أنواع الذنوب‬ ‫تنقسم الذنوب إلى قسمني‪ :‬كبائر وصغائر‪ ،‬واألدلة على هذا التقسيم كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫أ‪-‬قوله تعالى‪ :‬ﱫﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱪ (((() ‪،‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪ )1‬آية ‪ 49‬من سورة املائدة‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 100‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري في كتاب الوصايا‪ ،‬باب (‪( ، )23‬الفتح ‪ ، )2766(، )393/5‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان الكبائر وأكبرها‬ ‫‪. )89(92/1‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 31‬من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪ )5‬آية ‪ 32‬من سورة النجم‪.‬‬

‫‪245‬‬


‫ب‪ -‬قوله ‪" :‬الصلوات اخلمس‪ ،‬واجلمعة إلى اجلمعة‪ ،‬كفارة ملا بينهن ما لم تغش الكبائر»(((() ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الكبائر‪:‬‬ ‫معاص كثيرة جاء في األدلة اعتبارها من الكبائر صراحة‪ ،‬مثل‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقتل النفس‬ ‫هناك ٍ‬ ‫التي حرم اهلل‪ ،‬والسحر‪ ،‬وشهادة الزور‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وأما ما لم يرد دليل خاص بتسميته كبيرة‪ ،‬فقد اجتهد العلماء‬ ‫في وضع ضابط تُعرف به الكبيرة ِمن غيرها‪ ،‬فقالوا في تعريف الكبيرة‪ُّ :‬‬ ‫كل معصية دل الدليل على تغليظ‬ ‫حترميها‪ ،‬إما بلعن أو غضب‪ ،‬أو عذاب‪ ،‬أو نار‪ ،‬أو حد في الدنيا‪ ،‬ونحو ذلك(((() ‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬الصغائر‪:‬‬ ‫الصغيرة هي‪ :‬ما لم ينطبق عليها حد الكبيرة‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬اخلروج من املسجد بعد اآلذان لغير حاجة‪ ،‬وترك إجابة‬ ‫دعوة الزواج بدون عذر‪ ،‬وترك رد السالم‪ ،‬وعدم تشميت العاطس الذي حمد اهلل‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫التحذير من االستهانة بالصغائر‬ ‫مما يدل على خطورة االستهانة بالصغائر ما يلي‪:‬‬ ‫ أأن من الواجب على املسلم ترك ما نهى اهلل عنه ورسوله‪ ،‬ال فرق في ذلك بني الصغائر والكبائر‪ ،‬قال ‪:‬‬‫"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه»(((() ‪.‬‬ ‫ بأن ترك الذنب تعظيم حلق اهلل تعالى على العبد‪ ،‬وتعظيم ملا نهى اهلل عنه ورسوله ‪ ،‬ولذلك قال بالل بن‬‫سعد التابعي رحمه اهلل تعالى‪ :‬ال تنظر إلى صغر اخلطيئة‪ ،‬ولكن انظر إلى من عصيت(((() ‪.‬‬ ‫ تأنه قد ورد التحذير من التهاون بالصغائر بنص خاص‪ ،‬وذلك في قوله ‪" :‬إياكم ومحقرات الذنوب‪ ،‬فإمنا‬‫مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد‪ ،‬فجاء ذا بعود‪ ،‬وجاء ذا بعود‪ ،‬حتى حملوا ما أنضجوا به‬ ‫خبزهم‪ ،‬وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ متى يؤخذ بها صاحبه تهلكه»(((() ‪.‬‬ ‫‪ -‬ثأن الصغيرة قد جتر إلى غيرها من صغائر أو كبائر‪ ،‬وهذا إمنا يكون من استدراج الشيطان للعبد‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ جأن الصغائر حتول إلى كبائر بعدة أسباب‪ ،‬منها‪:‬‬‫‪1 -1‬االستمرار عليها واالعتياد لها‪ ،‬قال ابن عباس رضي اهلل عنهما‪“ :‬ال كبيرة مع استغفار‪ ،‬وال صغيرة مع إصرار”‬ ‫‪2 -2‬املجاهرة بها‪ ،‬قال ‪" :‬كل أمتي معافى إال املجاهرين‪ ،‬وإن من املجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عم ًال ثم يصبح وقد‬ ‫ستره اهلل فيقول‪ :‬يا فالن قد عملت البارحة كذا وكذا‪ ،‬وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر اهلل عنه»(((() ‪.‬‬ ‫‪3 -3‬أن تصدر عمن يقتدي به الناس‪ ،‬ألنه بفعله يتسبب في إغوائهم‪ ،‬فيكون عليه وزر نفسه ومثل أوزارهم‪.‬‬ ‫(((()‬

‫‪ )1‬رواه مسلم في كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات اخلمس‪ ..‬مكفرات ملا بينهن ‪. )233(209/1‬‬ ‫‪ )2‬توسع الهيتمي أول كتابه‪( :‬الزواجر عن اقتراف الكبائر) في ذكر أقوال العلماء في املسألة‪ ،‬فانظره‪ ،‬واحلافظ ابن حجر في فتح الباري‬ ‫‪ ،184 ،183/12‬شرح احلديث رقم (‪ ، )6857‬واإلمام ابن القيم في مدارج السالكني (منزلة التوبة) ‪ ،‬واإلمام الطبري في تفسيره (سورة‬ ‫النساء – ‪ ، )31‬وابن تيمية كما في مختصر الفتاوى املصرية ص‪.497 - 495‬‬ ‫‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب االقتداء بسنن الرسول صلى اهلل عليه وسلم (الفتح ‪ )251/13‬رقم (‪، )7288‬‬ ‫ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب توقيره صلى اهلل عليه وسلم ‪ 1831/4‬رقم (‪. )1337‬‬ ‫‪ )4‬صفة الصفوة ‪ ،150/4‬وسير أعالم النبالء ‪( 91/5‬في ترجمة بالل بن سعد) ‪.‬‬ ‫‪ )5‬رواه أحمد ‪ 331/5‬وقال احلافظ ابن حجر‪ :‬إسناده حسن (فتح الباري شرح احلديث رقم ‪. )6492‬‬ ‫‪ )6‬آية ‪ 21‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه الطبري في تفسير اآلية ‪ 31‬من سورة النساء‪ ،‬والاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ‪ ،1040/6‬ورواه ابن املنذر وابن أبي حامت‬ ‫في تفسيريهما‪ ،‬والبيهقي في الشعب (انظر‪ :‬الدر املنثور – تفسير سورة النساء ‪ ، )31‬وروي مرفوع ًا وال يصح‪ .‬انظر‪ :‬كشف اخلفاء ‪.364/2‬‬ ‫‪ )8‬رواه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب ستر املؤمن على نفسه (الفتح ‪ ، )6069( )486/10‬ومسلم في كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬باب النهي‬ ‫عن هتك اإلنسان ستر نفسه ‪. )2990(2291/4‬‬

‫‪246‬‬


‫آثار الذنوب واملعاصي‬ ‫للذنوب واملعاصي آثار سيئة على الفرد واملجتمع‪:‬‬ ‫(((()‬ ‫واملشاكل‪،‬‬ ‫ أعلى الفرد‪ :‬وتظهر آثارها على الفرد بظلمة القلب‪ ،‬وعدم انشراحه‪ ،‬وابتالؤه باملصائب‬‫وقلة التوفيق‪.‬‬ ‫وقد ُيرى على بعض العصاة آثار النعمة والسرور‪ ،‬وإمنا هذا استدراج من اهلل تعالى لهم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم‪،‬‬ ‫كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال‪ :‬ﱫ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال ‪" :‬إن اهلل ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم‬ ‫قرأ‪ :‬ﱫ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫ بعلى املجتمع‪ :‬وتظهر آثارها على املجتمع بكثرة األمراض واألوبئة‪ ،‬واختالل األمن وظهور اخلوف وفقد‬‫الطمأنينة‪ ،‬وقلة نزول األمطار أو كثرتها كثرة مؤذية‪ ،‬وظهور الزالزل والبراكني‪ ،‬واحلروب املدمرة وغير‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫عجل هم‬ ‫وال يغتر املسلم بظهور بعض النعمة عند الكافرين‪ ،‬فإن ذلك إما استدراج من اهلل لهم‪ ،‬أو ألن اهلل تعالى ّ‬ ‫طيباتهم في حياتهم الدنيا‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي ‪. )((((‬‬

‫واجب املجتمع واألفراد في الوقاية من الذنوب والتخلص منها‪:‬‬

‫واجب املجتمع‪ :‬على املجتمع محاربة الذنوب واملعاصي بأنواعها‪ ،‬والتكاتف على إزالتها‪ ،‬والتناصح فيما بينهم‪،‬‬ ‫واألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬والتساهل بها يؤدي إلى سخط اهلل وعقوبته‪ ،‬ومن دالئل ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أقوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﱪ‬

‫(((()‪.‬‬

‫ بقال ‪" :‬مثل القائم في حدود اهلل والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة‪ ،‬فأصاب بعضهم أعالها وبعضهم‬‫أسفلها‪ ،‬فكان الذين في أسفلها إذا استقوا املاء مروا على من فوقهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنا خرقنا في نصيبنا خرق ًا ولم نؤذ‬

‫من فوقنا‪ ،‬فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً‪ ،‬وإن أخذوا على أيديهم جنوا وجنو جميعاً»(((() ‪.‬‬

‫‪ )1‬ليعلم أن املصائب التي تصيب العبد قد تكون عقوبة‪ ،‬وقد تكون ابتالء واختباراً ليصبر اإلنسان وترتفع درجته عند اهلل‪ ،‬وذلك كالذي يحصل‬ ‫لألنبياء والصاحلني‪ ،‬وإمنا يعرف الفارق بينهما مبدى التزام املصاب بالشرع من عدمه (ينظر للفائدة‪ :‬مدارج السالكني – منزلة احملاسبة) ‪.‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 45‬من سورة القلم‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 178‬من سورة آل عمران‪.‬‬ ‫‪ )4‬آية ‪ 102‬من سورة هود‪ ،‬واحلديث رواه البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬سورة هود (الفتح ‪ ، )4686( )354/8‬ومسلم في كتاب البر والصلة‪،‬‬ ‫باب حترير الظلم‪. )2583(1997/4 ،‬‬ ‫‪ )5‬ينظر‪ :‬البخاري في كتاب املظالم‪ ،‬باب الغرفة وال ُعلية املشرفة (الفتح ‪ ، )2468( )116/5‬ومسلم في كتاب الطالق‪ ،‬باب في اإليالء‬ ‫‪. )1474(113/2‬‬ ‫‪ )6‬اآليات ‪ 79 -78‬من سورة املائدة‪ ،‬واقرأ أيضاً‪ :‬اآلية ‪ 163‬وما بعدها من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه البخاري في كتاب الشركة‪ ،‬باب هل يقرع في القسمة (الفتح ‪. )2493( )132/5‬‬

‫‪247‬‬


‫واجب الفرد‪ :‬على املسلم املبادرة بالتوبة النصوح‪ ،‬وكثرة االستغفار‪ ،‬ودعاء اهلل تعالى أن يغفر ذنوبه‪ ،‬واستشعار‬ ‫مراقبة اهلل تعالى‪ ،‬واالستكثار من فعل احلسنات املكفرة للسيئات‪ ،‬كما أن عليه البعد عن األسباب املوقعة في‬ ‫الذنوب والتي منها‪ :‬اجلهل بحق اهلل تعالى‪ ،‬والتهاون باملعصية‪ ،‬ومصاحبة العصاة‪ ،‬والفراغ‪ ،‬وضعف اإلميان‪.‬‬

‫نشاط ‪:1‬‬ ‫يزعم كثير من الشباب أنه ال يستطيع التوبة من الذنوب ألنه كلما عزم على التوبة ‪ ،‬رجع إلى‬ ‫مواقعة الذنب ‪.‬‬ ‫حلل هذه املشكلة بذكر األسباب احملتملة لها ‪ ،‬ثم ضع احللول املناسبة‬ ‫احللول‬

‫األسباب‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫قارن بني الصغائر ‪ ،‬والكبائر‪:‬‬ ‫م‬

‫‪1‬‬

‫وجه املقارنة‬

‫الكبائر‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما املراد بالذنوب واملعاصي ؟ وما خطرها على اإلنسان؟‬ ‫س‪ :2‬ما أنواع الذنوب واملعاصي ؟ وما تعريف كل نوع؟‬ ‫س‪ :3‬متى تتحول الصغيرة إلى كبيرة؟‬ ‫س‪ :4‬ما آثار الذنوب واملعاصي ؟‬ ‫س‪ :5‬ما واجب املجتمع جتاه املعاصي والذنوب؟‬ ‫‪248‬‬

‫الصغائر‬


‫احملاسبة والتوبة‬

‫(‪)1‬‬

‫أهداف الدرس‬

‫معنى احملاسبة والتوبة‬

‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف احملاسبة والتوبة ‪.‬‬ ‫‪ ‬تدرك أهمية احملاسبة والتوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني حكم احملاسبة والتوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد موانع حملاسبة والتوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني آثار احملاسبة والتوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني احملاسبة والتوبة‪.‬‬

‫احملاسبة هي‪ :‬وقوف العبد مع نفسه لينظر في عمله من حيث موافقته ألمر اهلل وأمر رسوله ‪ ‬وقيامه مبا أوجب اهلل‬ ‫وتزوده للدار اآلخرة‪.‬‬ ‫والتوبة هي‪ :‬الرجوع إلى اهلل تعالى بالتزام فعل ما يحب‪ ،‬وترك ما يكره‪.‬‬ ‫عالقة احملاسبة بالتوبة‬ ‫احملاسبة لها صلة وثيقة بالتوبة؛ وذلك ألنه إذا حاسب العبدُ نفسه تبني له تقصيره في حق اهلل فقاده ذلك إلى التوبة‬ ‫‪ ،‬وعلى هذا تكون احملاسبة سابقة للتوبة‪.‬‬ ‫حكمهما‬ ‫احملاسبة عند التقصير في الواجبات والوقوع في احملرمات واجبة حتى يتسنى للعبد التوبة مما ف َّرط فيه‪ ،‬وتستحب‬ ‫محاسبة النفس على ترك السنن والنوافل وعند الوقوع في املكروهات ‪.‬‬ ‫وقد دل على مشروعية احملاسبة قول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﱪ (((() ‪،‬‬ ‫قال اإلمام ابن كثير معلقا على هذه اآلية‪ :‬أي حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وانظروا ماذا ادخرمت ألنفسكم‬ ‫من األعمال الصاحلة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم‪.‬اهـ‬ ‫وقال عمر بن اخلطاب ‪ :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإنه أهون عليكم في‬ ‫غدا أن حتاسبوا أنفسكم اليوم‪ ،‬وتزينوا للعرض األكبر (يومئذ تعرضون ال تخفى منكم خافية) ‪.‬‬ ‫احلساب ً‬ ‫‪ )1‬ينظر في املوضوع‪ :‬مدارج السالكني‪ ،‬البن القيم (منزلة التوبة) ‪ ،‬وغذاء األلباب للسفاريني ‪ ،568/2‬ورياض الصاحلني للنووي‪ ،‬باب التوبة‪،‬‬ ‫ومختصر منهاج القاصدين‪ ،‬ألحمد بن عبد الرحمن املقدسي ص‪.321‬‬ ‫‪ )2‬اآلية ‪ 18‬من سورة احلشر‪ ،‬وكالم ابن كثير املنقول في تفسيرها ‪.341/4‬‬

‫‪249‬‬


‫(((()‬

‫والتوبة واجبة وقد دل على ذلك ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﱪ(((() ‪.‬‬

‫ُوب في ا ْل َي ْو ِم إليه ِما َئ َة َم َّرةٍ »(((() ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬قال ‪" :‬يا َأ ُّي َها الناس تُو ُبوا إلى اللهَّ ِ؛ َف ِإنِّي َأت ُ‬ ‫ت‪ -‬أجمع العلماء على وجوب التوبة‪ ،‬كما نقله غير واحد من أهل العلم‪.‬‬ ‫أهمية احملاسبة‬ ‫للمحاسبة أهمية كبرى تتبني في النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬أنها طريق الستقامة القلوب وتزكية النفوس؛ فإن زكاتها وطهارتها موقوف على محاسبتها ‪ ،‬فال تزكو وال‬ ‫تطهر وال تصلح إال مبحاسبتها‪.‬‬ ‫‪ -2‬أنها دليل على صالح اإلنسان وخوفه من اهلل ؛ فغير اخلائف من اهلل ليس عنده من الدواعي ما يجعله يقف مع‬ ‫نفسه فيحاسبها و يعاتبها على تقصيرها‪.‬‬ ‫‪ -3‬أنها طريق للتوبة؛ وذلك ألنه إذا حاسب نفسه أدرك تقصيره في حق اهلل ‪ ،‬فقاده هذا إلى التوبة‪.‬‬ ‫فضل التوبة‬ ‫للتوبة فضائل كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬محبة اهلل للتائبني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱪ (((() ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أمغفرة اهلل لسيئات التائبني‪ ،‬وإدخالهم جنته‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ بفرح اهلل نهالى بتوبة عبده‪ ،‬قال ‪" :‬هلل أشد فرح ًا بتوبة عبده حني يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته‬‫‪ )1‬رواه ابن أبي الدنيا في محاسبة النفس رقم(‪. )22‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 31‬من سورة النور‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 8‬من سورة التحرمي‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب استحباب االستغفار واإلكثار منه ‪. )2702(2076/4‬‬ ‫‪ )5‬آية ‪ 222‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫‪ )6‬آية ‪ 8‬من سورة التحرمي‪.‬‬

‫‪250‬‬


‫بأرض فالة‪ ،‬فانفلت منه‪ ،‬وعليه طعامه وشرابه‪ ،‬فأيس منها‪ ،‬فأتى شجرة فاضطجع في ظلها – وقد أيس‬ ‫من راحلته – فبينما هو كذلك‪ ،‬إذا هو بها قائمة عنده‪ ،‬فأخذ بخطامها ثم قال – من شدة الفرح –‪ :‬اللهم‬ ‫أنت عبدي وأنا ربك‪ ،‬أخطأ من شدة الفرح»(((() ‪.‬‬ ‫شروط صحة التوبة‪:‬‬ ‫التوبة النصوح هي املشتملة على الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪1 -1‬اإلقالع عن الذنب‪ ،‬فإن كان الذنب بفعل محرم تركه‪ ،‬وإن كان ترك واجب فعله‪.‬‬ ‫‪2 -2‬الندم على ما فات من مقارفة اخلطايا‪ ،‬فمن كان إذا تذكر ذنبه فرح به‪ ،‬ومتنى أن تعود تلك األيام فليس بتائب‬ ‫في احلقيقة‪.‬‬ ‫‪ 3 -3‬العزم الصادق على عدم العودة إلى الذنب‪ ،‬فمن ترك الذنب وفي نيته أن يعاوده غداً‪ ،‬فليس بتائب على‬ ‫احلقيقة‪.‬‬ ‫‪4 -4‬أن يكون تركها ألجل اهلل تعالى‪ ،‬ال خلوف أو مصلحة أو غير ذلك‪.‬‬ ‫وإن كان الذنب حق ًا لآلخرين لزمه إعادته إليه‪ ،‬إال إن سامحه‪ ،‬فإن لم يوافقه حي ًا أعطاه ورثته‪ ،‬فإن لم يوافقهم –‬ ‫بعد البحث – تصدق به عن صاحبه‪.‬‬ ‫ما على العبد بعد التوبة‬ ‫على التائب أن يستكثر من الطاعات وذكر اهلل تعالى‪ ،‬وأن يدعو اهلل بالثبات على التوبة ويقبلها منه‪ ،‬وعليه مجانبة‬ ‫ما يدعوه إلى معاودة الذنب من صديق‪ ،‬أو مكان‪ ،‬ويشهد لهذا املعنى ما ذكره النبي ‪ ‬في قصة (قاتل املائة)‬ ‫فاع ُب ِد اهلل معهم‪ ،‬وال ترجع إلى‬ ‫الذي تاب‪ ،‬فقال له العالم‪»:‬انطلق إلى أرض كذا وكذا‪ ،‬فإن بها أناس ًا يعبدون اهلل ْ‬ ‫أرضك فإنها أرض سوء»(((() ‪.‬‬ ‫زمن التوبة‬ ‫املرء محتاج إلى التوبة دائماً؛ ألنه ال يخلو أحد من تقصير بحق اهلل تعالى‪ ،‬كما قال ‪" :‬كل ابن آدم َّ‬ ‫خطا ٌء‪ ،‬وخير‬ ‫َّ‬ ‫اخلطائني الت َّوابون»(((() ‪.‬‬ ‫وكان النبي ‪ ‬يستغفر اهلل ويتوب إليه في اليوم مائة مرة‪ ،‬كما تقدم‪ .‬وفي حديث أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب التوبة (الفتح ‪ ، )6309( ، )6308( )102/11‬ومسلم في كتاب التوبة‪ ،‬باب احلض على التوبة‬ ‫والفرح بها‪ ، )2747(2104/4 ،‬واللفظ له‪.‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب التوبة‪ ،‬باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله ‪ ، )2766(2118/4‬وأصله في البخاري أيضاً‪ ،‬لكن بلفظ آخر‪ :‬في كتاب‬ ‫األنبياء‪ ،‬باب (‪( )54‬الفتح ‪. )3470( )512/6‬‬ ‫‪ )3‬رواه الترمذي في كتاب صفة القيامة‪ ،‬باب (‪ ، )2499(659/4 )49‬وابن ماجه في الزهد‪ ،‬باب ذكر التوبة ‪ ، )4251(1420/2‬واستغربه‬ ‫الترمذي‪ ،‬وقواه احلافظ في البلوغ ص‪.302‬‬

‫‪251‬‬


‫قال‪« :‬واهلل إني ألستغفر اهلل وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعني مرة»(((() ‪.‬‬ ‫فزمنها جميع حياة ابن آدم‪ ،‬ك َّلما َ‬ ‫قصر في واجب‪ ،‬قال ‪" :‬إن اهلل تعالى يبسط يده بالليل‬ ‫قارف العبد ذنب ًا أو َّ‬ ‫ليتوب ُمسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل‪ ،‬حتى تطلع الشمس ِمن مغربها»(((() ‪.‬‬ ‫الزمن الذي ال يقبل فيه التوبة‬ ‫باب التوبة مفتوح في كل وقت؛ إال في وقتني هما‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬وقت االحتضار‪ ،‬ألنه إذا بلغت الروح احللقوم لم تقبل التوبة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﱪ (((() ‪ ،‬وقال ‪" :‬إن اهلل يقبل توبة العبد ما لم ُي َغ ْر ِغ ْر»(((() ‪.‬‬

‫‪2 -2‬إذا طلعت الشمس ِم��ن مغربها‪ ،‬ق��ال ‪َ " :‬م��ن ت��اب قبل أن تطلع الشمس ِم��ن مغربها ت��اب اهلل‬ ‫عليه»(((()‪.‬‬ ‫األمور الصارفة عن التوبة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬االعتماد على رحمة اهلل تعالى وعفوه مع الغفلة عن عقابه‪ ،‬كقول كثير من املذنبني‪ :‬اهلل غفور رحيم‪ ،‬ولم يتدبروا‬ ‫قول اهلل تعالى‪ :‬ﱫﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪2‬التسويف‪ ،‬وطول األمل‪ ،‬وتأجيل التوبة إلى حني الكبر‪.‬‬

‫‪-3‬‬

‫‪3‬االنهماك في متع احلياة الدنيا‪ ،‬والغفلة عن اآلخ��رة‪ ،‬ونسيان امل��وت‪ ،‬وقد قال ‪" :‬أكثروا ذكر هاذم‬ ‫اللذات»(((() ‪ ،‬يعني املوت‪ ،‬وقال‪ ...« :‬زوروا القبور فإنها تذكر املوت»(((() ‪.‬‬

‫‪-4‬‬

‫‪4‬استصغار الذنب واحتقاره‪ ،‬وقول املذنب‪“ :‬أنا ما فعلت شيئاً”‪ ،‬ويرى فعله صغيراً ال يؤاخذ به‪ ،‬قال ابن‬ ‫مسعود ‪" :‬إن املؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد حتت جبل يخاف أن يقع عليه‪ ،‬وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب‬ ‫مر على أنفه‪ ،‬فقال به هكذا «وأشار الراوي بيده فوق أنفه»(((() ‪ .‬وقال أنس ‪" :‬إنكم لتعملون أعما ًال‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب استغفار النبي ‪ ‬في اليوم والليلة (الفتح ‪. )6307( )101/11‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم في كتاب التوبة‪ ،‬باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة ‪. )2759(2113/4‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 18‬من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪ )4‬رواه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب (‪ ، )3537(547/5 )99‬وقال‪ :‬حديث حسن غريب‪ ،‬وابن ماجه في أبواب الزهد‪ ،‬باب ذكر‬ ‫التوبة ‪. )4253(1420/2‬‬ ‫‪ )5‬رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬باب استحباب االستغفار واإلكثار منه ‪. )2703(2076/4‬‬ ‫‪ )6‬اآليتان ‪ 50 -49‬من سورة احلجر‪.‬‬ ‫‪ )7‬رواه الترمذي في كتاب الزهد‪ ،‬باب ما جاء في ذكر املوت ‪ ، )2307(553/4‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن غريب‪ ،‬وابن ماجه في كتاب الزهد‪،‬‬ ‫باب ذكر املوت واالستعداد له ‪. )4258(1422/2‬‬ ‫‪ )8‬رواه مسلم في كتاب اجلنائز‪ ،‬باب استئذان النبي ‪ ‬ربه عز وجل زيارة قبر أمه ‪. )976(671/2‬‬ ‫‪ )9‬رواه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب التوبة (الفتح ‪ ، )6308( )102/11‬موقوف ًا على ابن مسعود ‪.‬‬

‫‪252‬‬


‫هي أدق في أعينكم من الشعر‪ ،‬إن كنا لنعدها على عهد النبي ‪ ‬من املوبقات»(((() ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪5‬االغترا ُر بفعل احلسنات‪ ،‬ونسيان الذنوب‪ ،‬فيقول – معجب ًا بعمله ‪ :-‬أنا أفعل كذا‪ ،‬وأنا أقوم بكذا‪ ،‬غير‬ ‫متد ِّبر لقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬

‫‪-6‬‬

‫ين على املعاصي‪ ،‬ولو لم يكن فيها من املفاسد إال أنهم ُي َه ِّو َ‬ ‫الذنب بقولهم وفعلهم‪،‬‬ ‫نون‬ ‫‪6‬مصاحبة المْ ُ ِص ِّر َ‬ ‫َ‬ ‫و ُي َث ِّب َ‬ ‫طون عن التوبة‪.‬‬

‫‪-7‬‬

‫‪ُ 7‬‬ ‫قنوط المْ ُ ِ‬ ‫ذنب من رحمة أرحم الراحمني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫ﰇ ﰈ ﱪ (((() ‪.‬‬

‫اآلثار املترتبة على احملاسبة والتوبة‬ ‫إذا حاسب اإلنسان نفسه استفاد عدة فوائد منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬حتقيق سعادة الدارين ونيل رضا اهلل تعالى ومحبته؛ ألنه إذا حاسب نفسه علم تقصيرها ‪ ،‬وأنه مهما عمل‬ ‫من عليه بأن وفقه للقيام مبا ُأمر‬ ‫لم يقم مبا طلب منه القيام به‪ ،‬وأنه لو قام مبا ُطلب منه احتاج إلى شكر اهلل الذي ّ‬ ‫به‪ ،‬وإذا أدرك تقصيره في جنب اهلل قاده ذلك إلى أن يبذل املزيد من اجلهد‪ ،‬وأن يتدارك النقص‪ ،‬ويستعد أكمل‬ ‫االستعداد ليوم املعاد؛ و َمن هذه حاله ينال رضا اهلل ومحبته سبحانه‪.‬‬ ‫االطالع على عيوب نفسه‪ :‬ألنه باحملاسبة البد أن يجد في نفسه عيب ًا ‪ ،‬فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات اهلل‬ ‫‪-2‬‬ ‫ُ‬ ‫تعالى ‪ ،‬وأما من لم يحاسب نفسه لم يطلع على عيوبها ‪ ،‬ومن لم يطلع على عيب نفسه لم ميكنه إزالته‪.‬‬ ‫‪ -3‬إخالص النية هلل‪ :‬ألن احملاسبة وقفة خفية بني العبد وبني نفسك ال يعلمها إال اهلل ‪ ،‬وكل إنسان أدرى بنفسه‬ ‫وبحقيقة أعماله ؛ فيتعرف هل عمل هذا العمل رياء أو سمعة أو عمله هلل ‪ ،‬وهذا يقود بإذن اهلل إلى اإلخالص‬ ‫هلل‪.‬‬ ‫‪ -4‬استشعار الهدف الذي خُ لق من أجله‪ :‬إذا حاسبت نفسك علمت أنك لم تخلق عبث ًا ولن تترك سدى‪ ،‬لم‬ ‫تخلق لألكل والشرب والنكاح وجمع األموال‪ ،‬خلقت ألمر عظيم وهيئت ألمر جسيم ‪ ،‬فحينها تستشعر الهدف‬ ‫الذي خُ لقت من أجله‪.‬‬ ‫‪-5‬االجتهاد في الطاعة‪ :‬فإن الصائمني في حر النهار ما صاموا إال بعد محاسبتهم ألنفسهم‪ ،‬والقائمني الليل ملاذا‬ ‫كانوا يقومون الليل ‪ ،‬والتالني للقرآن ‪ ،‬والباذلني أموالهم في سبيل اهلل ‪ ،‬وغيرهم ما فعلوا ما فعلوا إال بعد محاسبتهم‬ ‫ألنفسهم‪.‬‬ ‫‪- 6‬البعد عن املعاصي صغيرها وكبيرها ؛ ألنه إذا حاسب نفسه على املعصية دعاه ذلك إلى أن ال يعملها مرة‬ ‫‪ )1‬رواه البخاري في الرقاق‪ ،‬باب ما يتقى من محقرات الذنوب رقم (‪. )6492‬‬ ‫‪ )2‬آية ‪ 17‬من سورة احلجرات‪.‬‬ ‫‪ )3‬آية ‪ 53‬من سورة الزمر‪.‬‬

‫‪253‬‬


‫أخرى‪ ،‬وبذلك يبتعد قدر اإلمكان عن املعاصي‪.‬‬ ‫‪-7‬الزهد في الدنيا‪ :‬ألنه سيعرف حقيقة الدنيا وحقية نفسه وما تريد‪ ،‬وسيدرك أن الدنيا دار ممر وفناء ‪ ،‬يزرع بها‬ ‫العبد ما يحب أن يراه غداً ‪ ،‬مما يجعله ينظر إلى الدنيا على أنها مزرعة لآلخرة؛ فال ينافس أهلها عليها‪.‬‬ ‫هم بتقصير في واجب حاسب نفسه‪ ،‬وهذه هي املراقبة‬ ‫‪-8‬مراقبة اهلل؛ ألنه كلما هم مبعصية حاسب نفسه‪ ،‬وكلما َّ‬ ‫هلل حتى يصل إلى مرتبة اإلحسان‪.‬‬

‫نشاط ‪:1‬‬

‫بني كيف تكون التوبة من الذنوب اآلتية‪:‬‬ ‫م‬

‫الذنب‬

‫‪1‬‬

‫الغيبة‬

‫‪3‬‬

‫أكل أموال الناس بالباطل‬

‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬

‫التوبة منه‬

‫النميمة‬

‫التدليس في البيع‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫هناك عدد من األمور واملوانع التي تصرف عن احملاسبة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في ذكرها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬ما تعريف التوبة واحملاسبة؟ وما الفرق بينهما؟‬ ‫س‪ :2‬عدِّ د فضائل التوبة‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما األوقات التي ال تقبل فيها التوبة؟‬ ‫س‪ :4‬ما اآلثار املترتبة على احملاسبة والتوبة؟‬

‫‪254‬‬


‫ال َْع ْولمَ َ ُة‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف العوملة ‪.‬‬ ‫‪ ‬تفرق بني العوملة والعاملية‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني كيف نشأت العوملة‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدِّ د مظاهر العوملة‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد املوقف من العوملة‪.‬‬ ‫تكاثرت في هذه األزمنة الدعوات املض ِّل َلة ذات املصطلحات اخلادعة‪ ،‬والتي قد يغتر بها كثير من الناس‪ ،‬ومن‬ ‫هذه الدعوات الدعوة إلى ا ْل َع ْولمَ َ ِة‪ .‬فما ا ْل َع ْولمَ َ ُة؟ وكيف نشأت؟ وما أهدافها؟ وما املوقف منها؟‬ ‫تعريف ا ْل َع ْولمَ َ ِة‬ ‫(العالم) التي تعني اخللق كله‪ ،‬أو ما حواه بطن ال َف َلك(((‪ ،‬أي‬ ‫ا ْل َع ْولمَ َ ُة من ناحية اللغة على وزن َف ْو َعلة من كلمة‬ ‫َ‬ ‫الكون أو الكرة األرضية‪ ،‬وبذلك يكون معنى ا ْل َع ْولمَ َ ِة‪ :‬جعل العالم واحدا‪ ،‬بال حدود أو تعدد‪.‬‬ ‫أما املعنى املصطلح عليه ل ْل َع ْولمَ َ ِة في ميادين ال َعالقات الدولية‪ ،‬فيعني أنها‪ :‬نظام للعالقات‪ ،‬متعدد األبعاد‪ ،‬يستهدف‬ ‫َ‬ ‫واالستغالل بال حدود‪.‬‬ ‫ا ْل َه ْي َم َن َة‬ ‫ا ْل َع ْولمَ َ ُة والعاملية‬ ‫وأخصها‪( :‬عاملية اإلسالم) التي تخالف ا ْل َع ْولمَ َ َة وتتميز عنها من وجوه كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ا ْل َع ْولمَ َ ُة ليست هي العاملية‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪ -1‬مصدرها الوحي الرباني‪ ،‬وهو خارج عن أي مصدر بشري‪.‬‬ ‫‪ -2‬موافقتها للفطرة البشرية السليمة‪ ،‬وبذلك فهي خيرية على الدوام‪.‬‬ ‫‪ -3‬قيامها على تكرمي اإلنسان حيثما وجد وبصرف النظر عن جنسه ولونه‪.‬‬ ‫‪ -4‬بذلها العلوم واملعارف وكل ما من شأنه أن يفيد الناس بال احتكار أو مساومة‪.‬‬ ‫‪ -5‬إقرارها باختالف التنوع بني الشعوب فيما شرع اهلل تعالى‪ ،‬وبذلك فهي ليست عدوانية أبدا‪.‬‬ ‫نشأة ا ْل َع ْولمَ َ ِة‬ ‫ا ْل َع ْولمَ َ ُة مبعناها السابق أصلها قدمي في احلضارات والفلسفات السابقة‪ ،‬التي كانت تسعى إلى االحتالل والهيمنة‬ ‫واالستغالل والسيطرة وإلغاء حقوق اآلخرين وتدمير وجودهم‪.‬‬ ‫أما في العصر احلديث‪ ،‬فقد ظهرت ا ْل َع ْولمَ َ ُة في الواليات املتحدة األمريكية عقب انهيار اإلحتاد السوفيتي وتفتته إلى‬ ‫دول مستقلة‪ ،‬وخلو العالم للمعسكر الغربي بقيادة الواليات املتحدة األمريكية منذ عام (‪1411‬هـ = ‪1991‬م)‬ ‫‪ . 1‬القاموس احمليط للفيروز أبادي مادة‪َ :‬ع ِل َمه‪.‬‬

‫‪255‬‬


‫‪ ،‬حيث جاء على ألسنة قادتها بأن ( املهمة األساس ألمريكا هي‪ :‬توحيد الكرة األرضية حتت قيادتها‪ ،‬واستمرار‬ ‫هيمنة الثقافة الغربية ‪ ...‬في مواجهة أية قوى ال تنتمي للحضارة الغربية) (((‪.‬‬ ‫أهداف ا ْل َع ْولمَ َ ِة ومظاهرها‪:‬‬ ‫‪ -1‬فرض اخلطط االقتصادية التي ترسمها قوى العوملة الغربية‪ ،‬مثل البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬وصندوق النقد‬ ‫الدولي‪ ،‬وذلك على غرار ما سمي باتفاقية ( اجلات ) ‪ -‬االتفاقية العامة للتجارة وال َّت ْع ِر َف ِة اجلمركية‪.-‬‬ ‫‪ -2‬احتواء العالم بثقافة منطية غربية قائمة على الفلسفة املادية في األخالق والسلوك‪ ،‬وإهمال اإلميان بالقيم‬ ‫الصحيحة املطلقة‪ ،‬واعتبار الكسب املادي هو املقياس الوحيد في احلياة‪ ،‬كما ُجتسد كل ذلك كثير من الشبكات‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬والقنوات الفضائية‪ ،‬ومؤمترات منظمة األمم املتحدة اخلاصة باملرأة وبالسكان والتنمية التي تدعو جهارا‬ ‫إلى االعتراف بالزنا والشذوذ اجلنسي واإلجهاض‪ ،‬مقابل ّ‬ ‫احلط من قيمة الزواج واألسرة واألمومة‪.‬‬ ‫‪ -3‬تكريس الهيمنة الغربية‪ ،‬مثل التهديد بالتدخل العسكري‪ ،‬واملقاطعة االقتصادية‪ ،‬واحتكار نقل التقنية العالية‪،‬‬ ‫ووضع الشروط املجحفة مقابل املساعدات الدولية‪ ،‬واغتصاب فلسطني بالقرارات الدولية‪.‬‬ ‫‪ -4‬محاربة اإلس�لام في أحيان كثيرة‪ ،‬وذلك بوصفه بالصفات الباطلة املن ِّفرة‪ ،‬وإلصاق التهم الكاذبة بأهله‪،‬‬ ‫واالحتفاء بالطاعنني فيه من أبناء املسلمني وترويج أقاويلهم وأباطيلهم عن َنب ِِّي اإلسالم ‪ ‬وعن الشريعة وأحكام‬ ‫األسرة على وجه اخلصوص‪ ،‬كل ذلك ألجل عزل املسلمني عن الواقع املعاصر‪ ،‬وتشكيكهم في دينهم وغرس الهزمية‬ ‫في نفوسهم‪.‬‬

‫املوقف من ا ْل َع ْولمَ َ ِة‬ ‫هناك ثالثة مواقف من ا ْل َع ْولمَ َ ِة – طرفان ووسط – وذلك كما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬موقف المْ َفْ ُتونني بها واملوافقني عليها بال ُّ‬ ‫حتفظ‪ :‬إذ عند من يقول بذلك أن ا ْل َع ْولمَ َ َة ك َّلها خير ومنفعة لإلنسان‬ ‫واحلياة‪ ،‬فال يرى فيها إال اجلانب اإليجابي منها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪ . 1‬البعد التاريخي واملعاصر ملفهوم العوملة للصوراني ص ‪.80‬‬

‫‪256‬‬


‫أ‪-‬تسهيل انسياب السلع والبضائع‪ .‬ب‪ -‬املشاركة في محاربة الكوارث واألخطار العامة‪.‬‬ ‫ث‪-‬توافر وسائل التقنية املتطورة‪.‬‬ ‫ت‪ -‬إتاحة االتصال مبصادر املعلومات‪.‬‬ ‫ج‪ -‬تبادل اخلبرات لتحسني مستويات العيش‪.‬‬ ‫‪ -2‬املوقف الرافض ل ْل َع ْولمَ َ ِة جملة وتفصيال‪ :‬إذ عند من يقول بذلك أن العوملة شر كلها‪ ،‬تفتك باإلنسان وثقافته‬ ‫وحضارته وبيئته‪ ،‬وال جانب إيجابي فيها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫· متكينها للشركات االحتكارية املتعددة اجلنسيات من السيطرة على املواد األولية واألسواق احمللية والدولية‪.‬‬ ‫· إلغاؤها لثقافات الشعوب‪ ،‬وتعريضها خصوصياتها لالندثار‪ ،‬وإذابتها في بوتقة الثقافة الغربية املادية املستعلية‪.‬‬ ‫· تدخلها في أنحاء العالم وإلزامها النظام الدولي على اتباع املصالح الغربية ومراعاتها‪ ،‬بصرف النظر عن مصالح‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ولو أدى األمر إلى انتهاك القانون الدولي بنفسه‪.‬‬ ‫محضا‪ ،‬وأن فيها من هذا وهذا‪ ،‬مثل‬ ‫‪ -3‬املوقف الوسط‪ :‬وهو الذي يرى أن ا ْل َع ْولمَ َ َة ليست خيرا محض ًا وال ش ًّرا ً‬ ‫أي ظاهرة إنسانية توزن مبيزان قربها أو بعدها من ميزان احلق والعدل‪.‬‬ ‫وبذلك فا ْل َع ْولمَ َةُ‪:‬‬ ‫· ليست ُم ِح َّق ًة على وجه اإلطالق بحلوها و ُم ِّرها‪ ،‬إذ ميكن االستفادة من جوانبها اإليجابية‪ ،‬والتصدي جلوانبها‬ ‫السلبية‪.‬‬ ‫· ليست طاغي ًة وسالبة إلرادة األفراد والشعوب‪ ،‬إذ ميكن – رغم قوتها – استثمارها كما يستثمرها الغرب في إبراز‬ ‫الهوية الذاتية‪ ،‬والترويج للثقافة اخلاصة واالختيارات الوطنية‪.‬‬ ‫إن هذا املوقف يعتبر األعدل بني املوقفني السابقني‪ ،‬وهو املوقف املقبول‪ ،‬ألن ا ْل َع ْولمَ َ َة في حقيقتها أحدُ مظاهر‬ ‫ُس َّنة التدافع بني اخلير والشر في احلياة‪ ،‬وهي بذلك ال تخيف املسلمني إذا ما استقاموا على دينهم‪ ،‬ووثقوا مبوعود‬ ‫اهلل تعالى لهم مهما ضاقت بهم احلال‪ ،‬كما قال سبحانه ألسالفهم ويقول لهم‪ :‬ﱫ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱪ (((‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك قارن بني إيجايات ا ْل َع ْولمَ َ ِة وسلبياتها ثم استنتجوا أيهما يغلب السلبيات أم‬ ‫اإليجابيات‪:‬‬ ‫م‬

‫‪1‬‬

‫السلبيات‬

‫اإليجابيات‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫االستنتاج ‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ . 1‬آل عمران‪.139 :‬‬

‫‪257‬‬


‫نشاط‪2‬‬

‫تعددت مظاهر ا ْل َع ْولمَ َ ِة في مجتمعات املسلمني تعاون مع زمالئك في ذكرها‪:‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬ما مفهوم ا ْل َع ْولمَ َ ِة؟ وما الفرق بينه وبني عاملية اإلسالم؟‬ ‫س‪ :2‬كيف َن َش َأت ا ْل َع ْولمَ َ ُة؟ وما أهدافها؟‬ ‫س‪ :3‬ما املوقف الصحيح من ا ْل َع ْولمَ َ ِة؟‬

‫‪258‬‬


‫الشيطان ومداخ ُله‬ ‫ُ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف الشيطان‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج احلكمة من خلق الشيطان‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدِّ د مداخل الشيطان على اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ ‬تبينِّ سبل الوقاية من الشيطان‪.‬‬ ‫حقيقة الشيطان‬ ‫الشيطان مخلوق هلل تعالى‪ ،‬وهو من اجلن‪ ،‬ولم يكن من املالئكة َط ْرفة عني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﱪ ‪ (((.‬واجلن مخلوقون من النار‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ )‪.(2‬‬

‫(((‬ ‫وهومك َّلف ومحاسب‪ ،‬وال ُيرى بصورته احلقيقية‪ ،‬قال تعالى‪ِ ( :‬إ َّن ُه َي َر ُاك ْم ُه َو َو َقبِي ُل ُه ِم ْن َح ْي ُث َال َت َر ْو َن ُه ْم) ( )‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ملعون مطرو ٌد من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬وهو منبع الفتنة والشرور‪ ،‬وعد ٌو لبني‬ ‫ورجيم‬ ‫وهو فاسق عن أمر ربه جل وعال‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫آد َم؛ كما أخبر اهلل تبارك وتعالى بقوله‪ :‬ﱫ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫ﭽﱪ (((‪.‬‬

‫احلكمة من خلق الشيطان‬ ‫‪ -1‬االبتالء واالمتحان‪ ،‬فإن من سنة اهلل تعالى اجلارية في الرسل وأتباعهم أن جعل لهم أعداء يتربصون بهم الدوائر‬ ‫وينسجون لهم املكايد ليصدونهم عن سبيل اهلل تعالى‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﱪ (((‪ .‬وقد فرض اهلل تعالى على الرسل وأتباعهم مراغمة أعدائه‬ ‫ومجاهدتهم قال اإلمام ابن القيم رحمه اهلل‪ “ :‬وال شيء أحب إلى اهلل ِمن مراغمة وليه لعدوه وإغاظته له “(((‪.‬‬ ‫‪ -2‬حصول ا ْل ِع ْبر ِة جلميع الع َباد مبا حصل لعدو اهلل إبليس من اإلهانة والذل وسوء العاقبة بسبب عصيانه أمر اهلل‬ ‫تعالى واستكباره على ربه‪ ،‬وبهذه ا ْل ِع ْبر ِة يقوى اإلميان ويزداد لدى املالئكة واإلنس واجلن ويعظم خوفهم من اهلل‬ ‫تعالى‪.‬‬ ‫‪ )1‬اآلية ‪ 50‬من سورة الكهف‪.‬‬ ‫‪ . 2‬احلجر ‪.27 :‬‬ ‫‪ )3‬اآلية ‪ 27‬من سورة األعراف‪.‬‬ ‫‪ . 4‬فاطر‪.6:‬‬ ‫‪ . 5‬األنعام ‪.112 :‬‬ ‫‪ . 6‬مدارج السالكني‪.249/1 :‬‬

‫‪259‬‬


‫‪-3‬ظهور آثار أسماء اهلل املتضمنة حللمه وعفوه ومغفرته وستره على عباده ملا ارتكبوه من ذنوب ومعاصي نتيجة‬ ‫إضالل الشيطان لهم وتغريره بهم‪.‬‬ ‫وعمن يعفو و ُي ِ‬ ‫سقط حقه؟ و ُيظهر‬ ‫يقول ابن القيم “ فلو لم ُ يقدِّ ر الذنوب واملعاصي َف ِل َمن يغفر؟ وعلى من يتوب؟ َّ‬ ‫فضله وجوده وحلمه وكرمه‪ ،‬وهو واسع املغفرة‪ ،‬فكيف يعطل هذه الصفة؟ أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن‬ ‫يغفر له ؟ ومن يتوب وما يتاب عليه؟ فلو لم يكن في تقدير الذنوب واملعاصي واملخالفات إال هذا وحده لكفى به‬ ‫حكمة وغاية محمودة”‪.‬‬

‫مداخل الشيطان في إضالل اإلنسان‬ ‫للشيطان مداخل كثيرة على اإلنسان بهدف إغوائه وصدِّ ه عن الصراط املستقيم‪ ،‬ومن أعظم مداخله‪:‬‬ ‫‪ -1‬تزيني الباطل‪ ،‬كما قال اهلل تعالى عنه‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱪ‬ ‫(((‪ ،‬فهو يظهر الباطل في صورة احلق‪ ،‬واحلق في صورة الباطل‪ ،‬حتى يندفع الناس للمنكرات‪ ،‬ومن ذلك تسمية‬ ‫األمور احمل َّرمة بأسماء محببة إلى النفوس‪ ،‬فاخلمور مشروبات روحية‪ ،‬والربا فوائد‪ ،‬وسفور املرأة وتبرجها خارج بيت‬ ‫الزوجية واختالطها بالرجال األجانب تقدُّ ٌم ومدنية‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬ ‫‪-2‬التثبيط عن الطاعات بالتسويف والكسل‪ ،‬حتى تفوت على اإلنسان املصالح‪ ،‬ويحرم من الثواب‪ ،‬قال ‪َ «:‬ي ْع ِقدُ‬ ‫ِب ُك َّل ُع ْقدَ ةٍ َم َكا َن َها َع َل ْي َك َل ْي ٌل َطوِ ٌ‬ ‫ان على َقا ِف َي ِة َر ْأ ِس َأ َح ِد ُك ْم إذا هو َنا َم َث َ‬ ‫َّ‬ ‫الش ْي َط ُ‬ ‫يل َفا ْر ُقدْ ‪َ ،‬ف ِإ ْن‬ ‫الث ُع َق ٍد‪َ ،‬ي ْضر ُ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫ْاس َت ْي َق َظ فذكر ا ان َْح َّل ْت ُع ْقدَ ٌة‪َ ،‬ف ِإ ْن َت َو َّض َأ ان َْح َّل ْت ُع ْقدَ ٌة‪َ ،‬ف ِإ ْن ص َّلى ان َْح َّل ْت ُع َقدُ ُه ُك ُّل َها‪َ ،‬ف َأ ْص َب َح َن ِش ً‬ ‫يطا َط ِّي َب‬ ‫(((()‬ ‫ِيث ال َّن ْف ِس َك ْس َ‬ ‫ال َّن ْف ِس‪َ ،‬و ِإ َّال َأ ْص َب َح َخب َ‬ ‫الن»‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪ -3‬اخلروج عن الوسط ومجاوزة حد االعتدال‪ ،‬يقول بعض السلف‪ :‬ما أمر اهلل تعالى بأمر إال وللشيطان فيه نزعتان‪:‬‬ ‫إما إلى تفريط أو تقصير‪ ،‬وإما إلى مجاوزة وغلو‪ ،‬وال يبالي بأيهما ظفر‪ ،‬فهو إن وجد في اإلنسان فتوراً عن الطاعة‬ ‫ال عنها ثبطه حتى ينقطع عنها‪ ،‬وإن وجد فيه رغبة في الطاعة أغراه بالزيادة فيها حتى يقع في صنوف من‬ ‫وتكاس ً‬ ‫البدع والضالالت‪.‬‬ ‫‪ . 1‬احلجر ‪.39‬‬ ‫َ‬ ‫لخْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يس َو ُج ُن ِ‬ ‫ود ِه ‪، )3096(1193/3‬و في أبواب التهجد‪ ،‬باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم‬ ‫‪ )2‬رواه البخاري في ِكتَاب َبدْ ِء ا لقِ ‪َ ،‬باب ِصف ِة ِإ ْب ِل َ‬ ‫يصل بالليل ‪ ، )1091(383/1‬ومسلم في كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح ‪. )776(538/1‬‬

‫‪260‬‬


‫سبل الوقاية من الشيطان‬ ‫الواجب على املسلم احلذر من الشيطان‪ ،‬واعتقاد عداوته‪ ،‬معرفة خطواته ومداخله‪ ،‬وأن يستفرغ وسعه في محاربته‬ ‫ومجاهدته‪ ،‬كما أن على املسلم أن يجتهد في األخذ بأسباب النجاة من كيده ومكره‪ ،‬فالشيطان عدو لإلنسان‬ ‫حريص على إضالله‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﱪ‬ ‫(((‪ ،‬ومما يعني على السالمة من أذاه ما يلي‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫شيطان يدعو‬ ‫طريق‬ ‫‪ -1‬االعتصام بكتاب اهلل وسنة رسوله ‪ِ ‬ع ْلم ًا وعمال‪ ،‬والبعد عن طرق الضالل فإن على كل ٍ‬ ‫إليها‪ ،‬فيتبع املسلم ما جاءه من عند اهلل من عقائد وعبادات وتشريعات‪ ،‬ويترك ما نهى اهلل عنه‪ ،‬قال سبحانه ‪:‬‬ ‫ﱫ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ (((‪،‬‬ ‫والسلم هو اإلسالم‪ ،‬فمن ترك شيئ ًا من اإلسالم فقد اتبع بعض خطوات الشيطان‪.‬‬ ‫وااللتزام بالكتاب والسنة قو ًال وعم ً‬ ‫ال يطرد الشيطان‪ ،‬ويغيظه أعظم إغاظة‪ ،‬فقد روى مسلم عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫َق َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ول اللهَّ ِ ‪ ( : ‬إذا قرأ ابن أدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول‪ :‬يا ويلتي أمر ابن أدم بالسجود‬ ‫فسجد فله اجلنة‪ ،‬وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار ) ((( ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪2‬االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫ﯕ ﯖ ﱪ((( ‪ ،‬واالستعاذة هي طلب االمتناع باهلل‪ ،‬واالعتصام به‪ ،‬وااللتجاء إليه‪ ،‬من شر الشيطان‬

‫‪-3‬‬

‫‪3‬ومما يدفع به املسلم شر الشيطان‪ ،‬اإلكثار من قراءة القرآن الكرمي‪ ،‬ومداومة ذكر اهلل بالتسبيح والتحميد‬ ‫والتكبير والتهليل واالستغفار والدعاء‪ ،‬وأذكار الصباح واملساء والنوم وغيرها من األذكار واألوراد‪ ،‬فعن أبي‬ ‫هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪( :‬من قال ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك‪ ،‬وله احلمد‪ ،‬وهو على كل‬ ‫شيء قدير في يوم مائة مرة ‪ ،‬كانت له عدل عشر رقاب‪ ،‬وكتبت له مائة حسنة‪ ،‬ومحيت عنه مائة سيئة‪،‬‬ ‫وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى ميسي) (((‪ .‬ومن قرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه لن يزال‬ ‫عليه من اهلل حافظ‪ ،‬وال يقربه شيطان حتى تصبح(((‪.‬‬

‫وأذاه‪ ،‬قال ابن كثير رحمه اهلل‪ “ :‬ومعنى قولك‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب اهلل من‬ ‫الشيطان الرجيم‪ ،‬ال يضرني في ديني ودنياي‪ ،‬أو يصدني عن فعل ما أمرت به‪ ،‬أو يحثني على فعل ما‬ ‫نهيت عنه‪ ،‬فإن الشيطان ال يكفه عن اإلنسان إال اهلل “(((‪.‬‬

‫‪ . 1‬فاطر‪.6 :‬‬ ‫‪ . 2‬البقرة ‪.208 /‬‬ ‫‪ . 3‬رواه مسلم‪ ،‬رقم ‪.254‬‬ ‫‪ . 4‬فصلت ‪.36 :‬‬ ‫‪ . 5‬تفسير القرآن العظيم ‪.114/1‬‬ ‫‪ . 6‬متفق عليه‪ ،‬رواه البخاري‪ ،‬رقم ‪ ،3293‬ومسلم‪ ،‬رقم ‪.7018‬‬ ‫‪ . 7‬رواه البخاري‪ ،‬رقم ‪.2187‬‬

‫‪261‬‬


‫نشاط‪:1‬‬

‫لكل معصية للشيطان خطوات وطرق لتزيينها وتسهيلها في عني العبد‪ ،‬فما خطواته في املعاصي اآلتية‪:‬‬ ‫الشرك باهلل‪...............................................................:‬‬ ‫الزنا‪................................................................... :‬‬ ‫القتل‪..................................................................:‬‬ ‫أكل الربا‪............................................................... :‬‬

‫نشاط‪2‬‬

‫أسباب الوقوع في غواية الشيطان كثيرة ‪ ،‬ضع رقم ًا من ( ‪ ) 5 -1‬لكل سبب حسب املعيار‬ ‫املوجود في اجلدول اآلتي ‪ ،‬بحيث ميثل الرقم ‪ 1‬الدرجة األقل ‪ ،‬ورقم ‪ 5‬الدرجة األعلى‪.‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫املعيار‬

‫السبب‬

‫قوة السبب‬

‫كثرة انتشاره‬

‫اجلهل والهوى‬ ‫تأثير الصحبة‬ ‫اليأس من رحمة اهلل‬ ‫االغترار مبغفرة اهلل‬ ‫القدوة السيئة‬ ‫ضعف اإلميان‬

‫نشاط‪:3‬‬

‫اجمع اآليات التي تعرضت لذكر الشيطان أو الشياطني ثم اذكر أهم صفات الشيطان ‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫اآليات‬

‫التقويم‬

‫س‪ :1‬ما احلكمة من خلق الشيطان؟‬ ‫س‪ :2‬بينِّ مداخل الشيطان على اإلنسان‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ما وسائل الوقاية ِمن كيد الشيطان؟‬ ‫‪262‬‬

‫الصفات‬


‫االس ِت ْش َر ُ‬ ‫اق‬ ‫ْ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف االستشراق‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني نشأة االستشراق‪.‬‬ ‫‪ ‬حتدد دوافع االستشراق‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد وسائل االستشراق‪.‬‬ ‫‪ ‬تذكر بعض مفتريات املستشرقني‪.‬‬ ‫عجز الصليبيون في حمالتهم العسكرية املتتابعة للقضاء على اإلسالم ؛ فانتهجوا بعد ذلك طريق ًا آخر في غزو‬ ‫املسلمني فكرياً‪ ،‬وكان االستشراق أحد أدواتهم في ذلك‪.‬‬ ‫االس ِت ْش َراقِ‬ ‫تعريف ْ‬ ‫االس ِت ْش َر ُ‬ ‫اق هو‪ :‬تطلق كلمة االستشراق على الدراسات التي يقوم بها غير املسلمني ‪ -‬من اليهود والنصارى‬ ‫ْ‬ ‫ونحوهم‪ -‬للدين اإلسالمي‪ ،‬وعلوم املسلمني‪ ،‬وتاريخهم‪ ،‬ولغاتهم‪ ،‬وأوضاعهم السياسية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واملستشرق‪ :‬هو العالم الذي يشتغل بتلك الدراسات‪ ،‬وأغلب املستشرقني يهدفون من دراستهم تشكيك‬ ‫املسلمني في معتقداتهم وتراثهم التاريخي والفقهي‪ ،‬وإضعاف روح املقاومة الروحية واملعنوية في نفوس‬ ‫املسلمني(((‪.‬‬ ‫االس ِت ْش َراقِ‬ ‫نشأة ْ‬ ‫االس ِت ْش َر ُاق وليدَ االحتكاك بني الشرق اإلسالمي والغرب النصراني أيام الفتوحات اإلسالمية للغرب‪،‬‬ ‫لقد كان ْ‬ ‫وإ َّبان االستعمار الغربي الصليبي للشرق‪ ،‬وعن طريق السفارات والرحالت‪ ،‬وكان الدافع األساسي حلركة االستشراق‬ ‫بالدس والكيد‪ ،‬وإث��ار ِة الشبهات والشكوك حول مبادئه وقيمه‬ ‫اجلانب الديني بغية حتطيم اإلسالم ِمن داخله‬ ‫ِّ‬ ‫وشرائعه وتاريخه‪.‬‬ ‫عدد من‬ ‫االس ِت ْش َر ُاق بصفته مشروع ًا رسمي ًا منظم ًا حني صدور قرار َم ْج َم ِع ِف َي َّنا ا ْل َك َن ِس ِّي عام ‪1312‬هـ بإنشاء ٍ‬ ‫بدأ ْ‬ ‫(((‬ ‫كراسي اللغة العربية في عدد من اجلامعات األوربية ‪.‬‬

‫‪ . 1‬انظر‪ :‬االستشراق واخللفية الفكرية للصراع احلضاري ص ‪ ،18‬وأجنحة املكر الثالثة للميداني ص ‪.83‬‬ ‫‪ . 2‬انظر االستشراق واخللفية الفكرية للصراع احلضاري ص ‪ ،40-18‬املوسوعة امليسرة في األديان واملذاهب املعاصرة‪ ،‬إصدار الندوة العاملية للشباب‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬السعودية ‪ 697/2‬وما بعدها‪ ،‬أجنحة املكر الثالثة للميداني ص ‪ 89‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪263‬‬


‫(((()‬

‫االس ِت ْش َراقِ‬ ‫ُ‬ ‫دوافع وأهداف ْ‬ ‫ميكن إيجاز أهداف املستشرقني ودوافعهم فيما يلي‪:‬‬ ‫الدافع الدِّ يني‬ ‫أوالً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بدأ االستشراق بالرهبان النصارى الذين في نفوسهم حقد وكراهية شديدة لإلسالم وأهله‪ ،‬وهؤالء اشتغلوا في‬ ‫الدراسات االستشراقية انتصاراً لدينهم الذي لم يستطع أن يصمد في وجه اإلسالم الذي بدأ يغزو املجتمعات‬ ‫النصرانية‪ ،‬يقول لورنس براون‪ :‬إن دين املسلمني دين دعوة‪ ،‬إن اإلسالم انتشر بني النصارى وغي ِر النصارى‪ ،‬ثم إن‬ ‫املسلمني كان لهم كفاح طويل في أوربا‪ ،‬فأخضعوها في مناسبات كثيرة(((‪ ،‬والدافع الديني لالستشراق يتمثل‬ ‫في األمور اآلتية‪:‬‬ ‫عمدَ نف ٌر من رجال الكنيسة ومنسوبيها إلى دراسة‬ ‫‪ -1‬ملا تزعزعت العقيدة النصرانية احمل َّرفة في نفوس األوربيني َ‬ ‫اإلسالم دراسة تشكيكية حلماية النصارى منه‪ ،‬فحجبوا عن شعوبهم حقائق اإلسالم‪ ،‬وأطلعوهم على ما زعموه‬ ‫من نقائص وعيوب‪ ،‬وحذروهم من الدخول فيه‪ ،‬بخاصةٍ أن أعداداً كبيرة من النصارى بدأت تبحث عن دين‬ ‫جديد‪ .‬لقد أرادوا أن يوهموا شعوبهم أن اإلسالم دين ال يستحق التقدير‪ ،‬وأن أتباعه مجموع ٌة من اللصوص الهمج‬ ‫وسفاكي الدماء‪.‬‬ ‫‪ -2‬محاولة تنصير املسلمني‪ ،‬أو تشويه صورة اإلسالم في نفوس أبنائه‪ ،‬وحملهم على كراهيته واالبتعاد عنه‪ ،‬ومن‬ ‫ثم إ َّما أن يكونوا من املالحدة الذين ال دين لهم‪ ،‬أو من اخلاضعني فكري ًا واجتماعي ًا حلضارة الغرب الالدينية‪.‬‬ ‫‪ -3‬إثارة الشبهات والشكوك في مصادر التشريع اإلسالمي‪ ،‬والزعم بأن أصوله ومبادئه مستمدة من اليهودية‬ ‫والنصرانية‪.‬‬ ‫الدافع االستعماري‬ ‫ثانياً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عمدَ املستشرقون إلى دراسـة اإلسالم وعلومـه وآدابه خدمة للمخطط االستعماري الذي يهدف إلى السيطرة على‬ ‫َ‬ ‫العالم اإلسالمي‪ ،‬فكانت الدراسات االستشراقية بغية حتقيق ما يلي‪:‬‬ ‫ال‬ ‫‪ -1‬اكتشاف مواطن القوة في الشعوب املسلمة‪ -‬عناصر املقاومة اإلسالمية الروحية واملعنوية‪ -‬التي تقف حائ ً‬ ‫أمام السيطرة االستعمارية‪ ،‬ثم بث عوامل الوهن واالرتباك في تفكير املسلمني‪ ،‬إلفقادهم الثقة بأنفسهم وتراثهم‪،‬‬ ‫وتنمية مواطن الضعف التي جتعل في املسلمني قابلية لالستعمار بأشكاله وأساليبه احلديثة واملعاصرة‪.‬‬ ‫‪-2‬العمل على ارمتاء الشعوب املسلمة في أحضان الغرب االستعماري‪ ،‬واإلقبال على األفكار والثقافات الغربية‬ ‫املادية الالدينية‪.‬‬ ‫‪ -3‬إحياء الدعوات والنعرات اجلاهلية‪ ،‬وإحالل املفاهيم القومية والوطنية الضيقة‪ ،‬ومن ثم تشتيت شمل األمة‬ ‫املسلمة الواحدة التي جتمعها رابطة‪ :‬وحدة العقيدة وأخ َّوة اإلميان‪.‬‬ ‫الس ْمر‪ ،‬وتساعدهم على التملص من السيطرة‬ ‫يقول القس سيمون‪“ :‬إن الوحدة اإلسالمية جتمع آمال الشعوب ُّ‬ ‫األوربية”(((‪ .‬ويقول لورانس براون‪« :‬اخلطر احلقيقي كامن في نظام اإلسالم‪ ،‬وفي قوته على التوسع واإلخضاع‪،‬‬ ‫‪ )1‬انظر االستشراق واخللفية الفكرية للصراع احلضاري ص ‪ ،74-70‬أجنحة املكر الثالثة ص ‪ ،97-94‬تيارات وعقائد فكرية معاصرة ص ‪،162-158‬‬ ‫االجتاهات الفكرية املعاصرة ص ‪.18-17‬‬ ‫‪ . 2‬التبشير واالستعمار ص ‪.184‬‬ ‫‪ . 3‬التبشير واالستعمار ص ‪.37‬‬

‫‪264‬‬


‫وفي حيويته‪ ،‬إنه اجلدار الوحيد في وجه االستعمار األوربي»(((‪ .‬ويقول غاردنز‪« :‬إن القوة التي تكمن في اإلسالم‬ ‫هي التي تخيف أوربا»(((‪.‬‬ ‫الدافع العلمي‬ ‫ثالثاً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫هناك قلة من املستشرقني درسوا علوم اإلسالم وآدابه بدافع الرغبة في االطالع على حضارة وأديان غيرهم من‬ ‫األمم‪ ،‬ومن باب طلب املعرفة وحبها‪ ،‬وبعضهم درس علوم اإلسالم بحث ًا عن احلق وبلوغ ًا إلى احلقيقة‪ ،‬وقد اتبعت‬ ‫َ‬ ‫واالعتدال‪ ،‬ولذا فإن نفراً منهم اعترف بأن املبادئ اإلسالمية تتفق واحلقائق العقلية‬ ‫هذه الق َّل ُة‪ :‬املوضوعي َة واحليد َة‬ ‫املنطقية وتتوافق مع احلقائق العلمية‪ ،‬وشهدوا بريادة الفكر اإلسالمي‪ ،‬وبخاصة في العلوم التجريبية والرياضية‪،‬‬ ‫بعض هؤالء إسالمه‪ ،‬ومن هؤالء‪ :‬املستشرق النمساوي ليوبلد فايس الذي تسمى بـ محمد أسد‪ ،‬والشاعر‬ ‫وأعلن ُ‬ ‫األملاني جوتيه‪ ،‬والفرنسي واتني وانيه الذي تسمى بـ ناصر الدين‪ ،‬والدكتور جرينيه الذي كان عضواً مبجلس النواب‬ ‫الفرنسي‪ .‬ولقد حت َّول هؤالء بعد إسالمهم إلى جنود مدافعني عن اإلسالم وقضاياه‪ ،‬وعن العالم اإلسالمي وقضاياه‬ ‫ومشكالته‪ ،‬غير أن بعض ًا منهم قد وقع في أخطاء علمية بسبب حداثة إسالمهم‪ ،‬وجهلهم بأساليب اللغة العربية‬ ‫وطرائق التعبير فيها‪.‬‬ ‫(((()‬ ‫االس ِت ْش َراقِ‬ ‫وسائل ْ‬ ‫لقد جلأ املستشرقون من أجل حتقيق أهدافهم إلى وسائل وأساليب متعددة أهمها‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تأليف الكتب في املوضوعات والدراسات العربية والدينية‪ ،‬ألفوا في التاريخ العربي اإلسالمي‪ ،‬وفي الشريعة‬ ‫والعقيدة‪ ،‬وفي تاريخ األدب العربي‪ ،‬وفي التصوف واألخالق‪ ،‬وفي العلوم املتعلقة بالقرآن والسنة‪ ،‬وأكثر مؤلفاتهم‬ ‫مشحونة باألكاذيب والطعون في اإلسالم‪ ،‬ومملوءة بالشبهات والشكوك‪ .‬وقد بلغت أعداد الكتب التي ألفوها منذ‬ ‫القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين ما يقرب من ستني ألف كتاب‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إصدار املوسوعات واملعاجم بلغات مختلفة‪ ،‬وقد اعتبرت هذه املعاجم واملوسوعات مرجع ًا لكثير من طالب‬ ‫الدراسات العربية واإلسالمية‪ ،‬ومن هذه املوسوعات‪( :‬دائرة املعارف اإلسالمية) ‪( ،‬املعجم العربي الالتيني)‬ ‫جلورج فيلهم فرايتاك‪( ،‬تاريخ األدب العربي) لألملاني كارل بروكلمان‪( ،‬املعجم املفهرس أللفاظ احلديث النبوي)‬ ‫لعدد من املستشرقني‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إصدار املجالت اخلاصة ببحوثهم حول اإلسالم واملسلمني‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬جمع املخطوطات وفهرستها وحتقيقها ونشر الكثير منها‪ ،‬وبخاصة تلك التي حتمل األفكار الضالة والعقائد‬ ‫املنح َّلة‪ ،‬وقد بلغت املخطوطات العربية في مكتبات أوربا عشرات اآلالف‪.‬‬ ‫االس ِت ْش َر ِاق وأهدافه ويتبادلون فيها الرأي‬ ‫خامساً‪ :‬عقد املؤمترات االستشراقية التي يتدارسون فيها طرق ووسائل ْ‬ ‫واملكيدة‪ ،‬وأول مؤمتر استشراقي ُعقد في باريس سنة ‪1873‬م‪.‬‬ ‫مفتريات املستشرقني‬ ‫أوالً‪ :‬مفتريات حول القرآن الكرمي‪:‬‬ ‫زعم املستشرقون أن القرآن الكرمي من َو ْض ِع محمد ‪ ،‬وليس كتاب ًا منز ًال من اهلل عز وجل بواسطة أمني الوحي‬ ‫‪ . 1‬املصدر السابق ص ‪.184‬‬ ‫‪ . 2‬املصدر السابق ص ‪.36‬‬ ‫‪ )3‬انظر االستشراق واخللفية الفكرية ص ‪ ،69-59‬أجنحة املكر الثالثة ص ‪.99-98‬‬

‫‪265‬‬


‫جبريل عليه السالم‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التشكيك في رسالة النبي ‪‬‬ ‫محمد ‪ ،‬وأنكروا رسالته جملة وتفصيالً‪ ،‬وزعمـوا أنـه كـان زعيم ًا سياسي ًا أو مصلح ًا‬ ‫أنكر املستشرقون نب َّوة‬ ‫ٍ‬ ‫اجتماعياً‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬التشكيك في السنة النبوية‬ ‫شكك املستشرقون في احلديث النبوي وفي نسبته إلى رسول اهلل ‪ ‬حيث زعموا أنه كان نتيجة للتطور الديني‬ ‫والسياسي واالجتماعي في القرنني األول والثاني الهجري‪ .‬وأن تدوين احلديث كان ِّ‬ ‫متأخراً‪ ،‬وطعنوا في أعالم السنة‬ ‫الذين عملوا على تدوينها وحفظها وصيانتها أمثال اإلمام الزهري رحمه اهلل‪ ،‬كما ملزوا في الضوابط والقواعد التي‬ ‫اعتمدها العلماء في نقل األخبار‪ ،‬ومتييز صحيحها من سقيمها‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬التشكيك في الفقه اإلسالمي‪:‬‬ ‫يعتبر الفقه اإلسالمي ثروة فكرية عظيمة‪ ،‬وهو فقه شامل يتسع جوانب احلياة‪ ،‬و ِل َس َع ِت ِه وشموله وعظمته التي‬ ‫فاقت القوانني الوضعية الغربية قام املستشرقون بالتشكيك فيه‪ ،‬فاتهموه بعدم مواكبة العصر وروح املدنية‪،‬‬ ‫(((()‬ ‫واتهموا احلدود والعقوبات بالقسوة والشدة‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫يرى البعض أنه ينبغي أن ال نطلع على ما كتبه املستشرقون عن اإلسالم‪ ،‬ويرى آخرون أنه ينبغي‬ ‫االطالع عليها‪.‬‬ ‫ناقش مع زمالئك الرأيني ثم بينوا ‪:‬‬ ‫أسباب تأييد الرأي األول‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫أسباب تأييد الرأي الثاني‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫الرأي األكمل‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫التعليل‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ )1‬انظر في ذلك‪ :‬االستشراق واخللفية الفكرية ص ‪ ،108-81‬معالم الثقافة اإلسالمية عبد الكرمي عثمان ص ‪ ،101-100‬أساليب الغزو الفكري ص‬ ‫‪ ،27‬تيارات وعقائد فكرية معاصرة ص ‪.175-162‬‬

‫‪266‬‬


‫نشاط‪:2‬‬

‫هناك من املستشرقني من قا َده البحث والنظر إلى إدراك مزايا هذا الدين والدخول فيه مثل (‬ ‫ليوبولد فيس) الذي تسمى مبحمد أسد‪ ،‬و (دينيه) الذي تسمى بناصر الدين‪ ،‬وقد ألف‬ ‫هؤالء عدة كتب في نصر اإلسالم والرد على املستشرقني‪.‬‬ ‫على ماذا يدل دخول أمثال هؤالء في اإلسالم؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫كيف تستفيد من مثل هذا اخلبر في الرد على من حمل فكر املستشرقني ودعا إليه من أبناء‬ ‫املسلمني؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫ما الواجب على من عرف احلق بعد أن كان من دعاة الضالل؟‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫التقويم‪:‬‬

‫االس ِت ْش َر ِاق‪ :‬ضع تعريف ًا للمستشرق‪.‬‬ ‫س‪ :1‬من خالل دراستك ملوضوع ْ‬ ‫س‪:2‬ما الدوافع الدينية والسياسية للمستشرقني؟‬ ‫االس ِت ْش َر ِاق؟‬ ‫س‪:3‬ما وسائل ْ‬ ‫س‪:4‬كيف ترد على املستشرقني دعواهم عد َم ِص َّحة السنة النبوية؟‬

‫‪267‬‬


‫يب‬ ‫التَّ غْ ِر ُ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تبني نشأة التغريب‪.‬‬ ‫‪ ‬حتذر من مخططات التغريب‪.‬‬ ‫‪ ‬تف ّرق بني التغريب والتفاعل احلضاري‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني أدوات التغريب‪.‬‬ ‫‪ ‬تعدد آثار التغريب‪.‬‬ ‫متهيد‬ ‫سبق أن درست احلركة االستشراقية وهي حركة نشأت في الغرب يقودها علماء غرب ُّيون‪ ،‬ويقابل هذه احلركة‬ ‫حركات التغريب التي نشأت في الشرق‪ ،‬ويقودها أبناء املسلمني لتحويل املجتمع اإلسالمي وفق النموذج‬ ‫الغربي‪.‬‬ ‫يب‬ ‫تعريف ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫ِيب مصطلح يستعمل للداللة على جهود الغرب في نشر أفكاره وقيمه‪ ،‬وقوانينه ونظمه في أقطار العالم‬ ‫ال َّتغْ ر ُ‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫كما يطلق التغريب على اجلهود املبذولة حلمل املجتمع املسلم على تبني األمناط الغربية في احلياة‪.‬‬ ‫ومن أشمل ما قيل في بيان حقيقة التغريب إنه‪ :‬ت َّيا ٌر كبير‪ ،‬ذو أبعادٍ سياسية واجتماعية وثقافية‪ ،‬يهدف‬ ‫إلى صبغ حياة املسلمني باألسلوب الغربي‪ ،‬وإلغاء شخصيتهم املستقلة‪ ،‬وجعلهم أسرى ال َّت َب ِع َّي ِة الكا ِمل ِة للحضارة‬ ‫الغربية(((‪.‬‬ ‫يب‬ ‫نشأة ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫ِيب منذ بداية عصر االستعمار احلديث للعالم اإلسالمي من ِق َب ِل أوربا‪ ،‬وبالتحديد من غزو نابليون‬ ‫بدأ ال َّتغْ ر ُ‬ ‫مصر عام ‪1798‬م‪ ،‬فقد انتقل الصراع ِمن صراع عسكري إلى صراع فكري ثقافي وعسكري واقتصادي‪ ،..‬حيث‬ ‫الغربي بالسيطرة املط َلقة على مقدَّ رات الشعوب اإلسالمية‪ ،‬بل اهتم بزعزعة عقائد املسلمني‪،‬‬ ‫لم يكتف االستعما ُر‬ ‫ُّ‬ ‫وتبديل أخالقهم وربط مصيرهم بالفكر الغربي‪ ،‬لذا ُت َعدُّ هذه احلملة بداية حركة التغريب‪ ،‬واالستالب احلضاري‪،‬‬ ‫وتضييع هوية األمة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫واملفكرين ُ‬ ‫والك َّتاب أمثال‪ :‬رفاعة رافع الطهطاوي‪ ،‬ثم‬ ‫التغريب في تلك الفترة مجموع ٌة من األدباء‬ ‫وقد قاد‬ ‫َ‬ ‫املهجر‪ ،‬وغي ُرهم‪.‬‬ ‫سالمة موسى‪ ،‬وطه حسني‪ ،‬ولطفي السيد‪ ،‬وأدباء َ‬ ‫‪ . 1‬ينظر‪ :‬املوسوعة امليسرة ‪.708/2‬‬

‫‪268‬‬


‫يب‬ ‫خطر ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫ِيب ت َّيا ٌر مشبو ٌه يهدف إلى نقض ُع َرى اإلسالم‪ ،‬والتح ُّل ِل من عقائده وقيمه وأخالقه‪ ،‬والدعو ِة إلى التبعية‬ ‫ال َّتغْ ر ُ‬ ‫للغرب في ِّ‬ ‫كل توجهاته وممارساته‪.‬‬ ‫استقطاب كثير من ِّ‬ ‫املفكرين في البِيئة اإلسالمية‪ ،‬فمسخوا هو َّيتهم‪ ،‬وحاولوا قطع صلتهم‬ ‫وقد استطاع هذا التيار‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫غربي‪.‬‬ ‫ومتييع والئهم وانتمائهم أل َّمتهم اإلسالمية؛ ليكون الوالء للغرب‪،‬‬ ‫بدينهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ولكل ما هو ٌّ‬ ‫يب والتفاعل احلضاري‬ ‫بني ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫يعيش العالم اليوم تقدُّ م ًا حضاري ًا يتعلق بالتقنية والعلوم الطبيعية‪ ،‬والتطبيقية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬وهذه املنجزات حق‬ ‫ٌ‬ ‫وعمل للبشرية ك ِّلها‪ ،‬يشترك الناس في صناعتها واالستفادة منها‪ ،‬وإن كانت مصادرها غربية‪،‬‬ ‫لإلنسانية جمعاء‪،‬‬ ‫وأصحاب اإلبداع فيها في كثير من األحيان هم الغربيون‪.‬‬ ‫وعلى هذا فإن نقل اإلبداع التقني واملعرفي الغربي أو الشرقي‪ ،‬واالستفادة منه‪ ،‬وتوظيفه وفق منهج اإلسالم وقيمه‬ ‫ليس من التغريب في شيء‪ ،‬بل هو عمل إيجابي لتحقيق النمو احلضاري‪ ،‬وحملاولة الوصول إلى مستوى التحدي‬ ‫والقوة الذاتية‪.‬‬ ‫ِيب املذموم هو‪ :‬نقل القيم الدينية واالجتماعية اخلاصة‪ ،‬املتعلقة بالهوية واستنساخها بخيرها وشرها؛‬ ‫ولكن ال َّتغْ ر َ‬ ‫َّ‬ ‫لبذرها في األرض اإلسالمية‪ ،‬وإن كان في ذلك مخالف ٌة للثقافة اإلسالمية والثوابت الدينية‪ ،‬واخلصوصية االجتماعية‬ ‫والهوية الذاتية‪ ،‬هذا هو التغريب الذي ينبغي احلذر منه‪ ،‬وحماية املجتمعات اإلسالمية من مخاطره‪.‬‬ ‫يب‬ ‫أدوات ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫ُ‬ ‫أوالً‪ :‬السياسة‪ :‬وذلك في صورة ضغوط سياس ّية‪ ،‬متارسها القوى املهيمنة بواسطة أدواتها‪ ،‬كمجلس األمن‪ ،‬وهيئة‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وجلانها املتعددة على الدول الضعيفة – وبخاصة اإلسالمية– لتنفيذ خطط التغريب‪ ،‬حتت شعارات‪:‬‬ ‫اإلصالح‪ ،‬والدميقراطية‪ ،‬والتعددية‪ ،‬والليبرالية‪ ،‬وحقوق اإلنسان ( وبخاصة ما يتعلق باملرأة‪ ،‬واألقليات الدينية‬ ‫‪ . )...‬وفي بعض احلاالت تلجأ إلى احلروب املباشرة لفرض التغريب بالقوة‪.‬‬ ‫لكثير من اجلرأة على املقدَّ سات الشرعية‪ ،‬والتنقص لتراث‬ ‫ثانياً‪ :‬الثقافة‪ :‬بالدعوة إلى احلر ّية الفكر ّية واملتضمنة‬ ‫ٍ‬ ‫األم��ة‪ ،‬والتطاول على رموزها ِمن السلف الصالح‪ ،‬ونشر اإلباحية‪ ،‬والدعوة إلى الفواحش‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬ ‫الصحف‪ ،‬واملجالت‪ ،‬وكتب الروايات وغيرها‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬اإلعالم‪ :‬تعد وسائل األعالم مبختلف أنواعها؛ من صحافة وإذاعة وقنوات فضائية وغيرها‪ ،‬أبرز أدوات‬ ‫التغريب وأخطرها‪ ،‬فقد ُو ِّظ َف كثي ٌر منها للدعاية للقيم الغربية‪ ،‬والترويج لها‪ ،‬ونقد ما يخالفها أو يضادها‪،‬‬ ‫فأضحت بذلك معاول هدم للمجتمعات اإلسالمية‪.‬‬ ‫يب‬ ‫آثار ال َّت ْغ ِر ِ‬ ‫أثمرت حركة ال َّتغْ رِيبِ في العالم اإلسالمي آثاراً سيئ ًة منذ ظهو ِر ُدعاتها في بالد املسلمني‪ُّ ،‬‬ ‫ومتك ِنهِ ْم من مواقع‬ ‫التأثير ومنابر اإلعالم منها‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تكريس التبعية للغرب وجعله األمنوذج األفضل الذي يجب أن ُيحتذى في كل شيء حتى في األوضاع‬ ‫السلوكية واألمناط االجتماعية‪ ،‬وأن الرجل الغربي هو املتفوق متدنا و ُرقي ًا وحضارة وهو اجلدير باالقتداء والتأسي‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬ربط أمور الناس بالدنيا وامل��ادة‪ ،‬وإغراقهم فيها إلى حد العبودية لها‪ ،‬واالرتكاس فيها‪ ،‬واحلب والبغض‬ ‫‪269‬‬


‫فيها ولها ﱫ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﱪ (((‪ ،‬ومن ينظر إلى أوضاع كثير من الشعوب‬ ‫اإلسالمية يدرك طغيان املادة على التعامل‪ ،‬وجعلها أساس ًا للموازين‪ ،‬ومعياراً للقيم‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬محارب ُة العفاف‪ ،‬والتقليل من شأن الفواحش‪ ،‬وإشاعة الفوضى األخالقية واالنحالل من القيم‪ ،‬ورعاية‬ ‫أصحابها واحتضانهم‪ ،‬واعتبار ظاهرة الفاحشة ومترد السفهاء على الفضيلة أمراً عادي ًا ال يستحق االهتمام‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال يستدعي التفكير اجلاد في محاربته فضال عن تأديب أصحابه أو عقوبتهم‪ ، .‬وكثرة الفواحش‪.‬‬ ‫السعي في هدم بنيان األسرة باعتبارها النواة األولى في البنية االجتماعية‪ ،‬وذلك عن طريق‪ :‬اإلشادة بالقوانني‬ ‫رابعاً‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫التي تبيح الرذيلة‪ ،‬وتعتبرها ِمن احلرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة ومصونة‪ ،‬والهجوم على أوضاع املرأة‬ ‫املسلمة احملا ِفظة‪ ،‬والدعوة للسفور واالختالط‪ ،‬ومحاربة احلجاب واعتباره ِمن العوائد وليس من اإلسالم‪.‬‬

‫نشاط ‪1‬‬

‫يرى بعض الناس‪ :‬أنه ينبغي اتباع الغرب بكل ما لديه من خير وشر من حلو ومر حتى تتقدم األمة‬ ‫كما تقدم الغرب‪ ،‬ويرى آخرون‪ :‬ترك ما أبدعه الغرب بكل ما فيه من خير وشر‪.‬‬ ‫ناقش مع زمالئك الرأيني ثم بينوا‪:‬‬ ‫أسباب تأييد الرأي األول‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫أسباب تأييد الرأي الثاني‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫الرأي األكمل‬ ‫‪........................................................................‬‬ ‫التعليل‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬

‫ركزت حركات ال َّتغْ ر ِ‬ ‫ِيب في العالم اإلسالمي على تغريب املرأة‪ ،‬تتبع مظاهر تغريب املرأة مع ذكر‬ ‫أبرز الوسائل املتخذة في ذلك‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪ . 1‬الروم‪.7 : ،‬‬

‫‪270‬‬


‫التقويم‬ ‫ِيب في البالد اإلسالمية؟‬ ‫س‪:1‬كيف نشأ ال َّتغْ ر ُ‬ ‫س‪ :2‬قارن بني ال َّتغْ ر ِ‬ ‫ِيب وا ْل َع ْولمَ َ ِة‪.‬‬ ‫س‪:3‬ما أدوات ال َّتغْ ر ِ‬ ‫ِيب؟‬ ‫س‪:4‬ما آثار ال َّتغْ ر ِ‬ ‫ِيب؟‬

‫‪271‬‬


‫اإلس َ‬ ‫حْ َ‬ ‫ال ِم َّي ُة‬ ‫ال َض َار ُة ْ‬ ‫أهداف الدرس‬ ‫يتوقع منك أخي الطالب بعد الدرس أن‪:‬‬ ‫‪ ‬تع ّرف احلضارة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبني مجاالت احلضارة اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ ‬تستنتج خصائص احلضارة اإلسالمية‪.‬‬ ‫تعريف الحْ َ َض َار ُة‬ ‫الحْ َ َض َار ُة في اللغة تعني‪ :‬اإلقامة في احلواضر‪ ،‬وهي املدن والقرى واألري��اف‪ُ ،‬س ِّم َيت بذلك ألن أهلها حضروا‬ ‫األمصار‪ ،‬وسكنوها واستقروا بها‪.‬‬ ‫وفي االصطالح‪ :‬تعددت تعريفات احلضارة وأحسن ما قيل في تعريفها أنها‪ :‬ما وصلت إليه أمة من األمم في‬ ‫نواحي نشاطها الفكري والعقلي‪ ،‬وما حققته من منجزات مادية في ميادين احلياة املختلفة‪.‬‬ ‫وأما احلضارة اإلسالمية‪ :‬فهي ما قدمه املجتمع اإلسالمي للمجتمع البشري من قيم ومبادئ‪ ،‬في اجلوانب الروحية‬ ‫واألخالقية‪ ،‬وما حتقق فيه من منجزات واكتشافات واختراعات في اجلوانب التطبيقية والتنظيمية‪.‬‬ ‫مجاالت احلضارة اإلسالمية‬ ‫ميكننا أن نرجع مجاالت احلضارة اإلسالمية من جهة مظاهر التقدم والرقي في املجتمع املسلم إلى ثالثة مجاالت‬ ‫رئيسة هي‪:‬‬ ‫املجال األول‪ :‬اجلانب اإلمياني‪ ،‬والذي يأخذ بيد اإلنسان إلى حتقيق السعادة احلقيقية في حياته الدنيوية واألخروية‪،‬‬ ‫والواجبات الدِّ ينية‪ ،‬واألخالق واآلداب‪ ،‬وجميع التشريعات‬ ‫دات اإلميانية الصادقة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويدخل في هذا املجال‪ :‬املع َت َق ُ‬ ‫املستمدَّ ة من الكتاب والسنة‪ ،‬والتي تصل اإلنسان باهلل تعالى‪ ،‬وترتقي بحياة الناس‪ ،‬وجتلب لهم السعادة والطمأنينة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واحلياة الكرمية‪.‬‬ ‫وهذا املجال هو ما تتفوق به األمة اإلسالمية على سائر أمم األرض‪ ،‬مبا أكرمها اهلل تعالى به من الوحي املعصوم –‬ ‫الكتاب والسنة‪ -‬الذي تكفل تعالى بحفظه‪ ،‬وجعل السعادة في الدنيا‪ ،‬والفوز في اآلخرة منوط باإلميان به والعمل‬ ‫مبقتضاه‪.‬‬ ‫املجال الثاني‪ :‬اجلانب املادّي‪ ،‬والذي يخدم اجلسد ومي ِّتعه بأسباب الرفاهية والنعيم ووسائل العيش‪ ،‬ويدخل‬ ‫أنواع التقدُّ م العمراني‪ ،‬والزراعي‪ ،‬والصناعي‪ ،‬والصحي‪ ،‬والفني‪ ،‬واالستفادة من كنوز األرض‬ ‫في هذا املجال‪ُ :‬‬ ‫والطاقات املنبثة فيها‪.‬‬ ‫وذلك من خالل استخدام العقل في البحث العلمي‪ ،‬واالختبار والتجربة‪ ،‬واملمارسة التطبيقية العملية‪ ،‬مع االستفادة‬ ‫من منجزات العصر وتقنياته احلديثة‪.‬‬ ‫املجال الثالث‪ :‬اجلانب الذي يخدم املجتمع اإلنساني‪ ،‬ويشمل ما أسهمت فيه احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وما قدمته‬ ‫للبشرية من مبادئ وقيم وتشريعات‪ ،‬وأنظمة مالية وإداري��ة‪ ،‬وعلوم وآداب‪ ،‬ومنجزات عمرانية‪ ،‬واختراعات‬ ‫‪272‬‬


‫ومكتشفات متنوعة‪.‬‬ ‫خصائص احلضارة اإلسالمية‬ ‫من أهم خصائص احلضارة اإلسالمية التي تتفرد بها عن غيرها من احلضارات األخرى ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬العقيدة الصحيحة‪:‬‬ ‫فاحلضارة اإلسالمية تقوم على عقيدة التوحيد‪ ،‬والعبودية الكاملة هلل وحده‪ ،‬ونبذ عبودية غيره في مختلف صورها‬ ‫وألوانها‪ ،‬كما قال سبحانه‪ُ ( :‬ق ْل َيا َأ ْه َل ا ْل ِك َت ِ‬ ‫اب َت َعا َل ْوا ِإ َلىٰ َك ِل َمةٍ َس َواءٍ َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم َألاَّ َن ْع ُبدَ ِإلاَّ اللهَّ َ َولاَ ن ُْشر َِك ِب ِه‬ ‫ون اللهَّ ِ‪َ ۚ ‬ف ِإ ْن َت َولَّ ْوا َف ُقولُوا ْاش َهدُ وا ِب َأنَّا ُم ْس ِل ُم َ‬ ‫َش ْي ًئا َولاَ َي َّت ِخ َذ َب ْع ُض َنا َب ْع ًضا َأ ْر َبا ًبا ِم ْن ُد ِ‬ ‫ون) (((‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نفسي‪ُ ،‬ي ْب َت َنى‬ ‫وكمال‬ ‫عقلي‪،‬‬ ‫انتهاض َع َق ِد ٌّي‪ ،‬وارتقا ٌء‬ ‫وفي تعبيد العباد لر ِّبهم وهدم عبودية األرباب من دونه‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫عليه أساس البناء احلضاري ال َّراسخ لأل َّمة؛ إذ إنه يجعل ُع ْمدَ ة االلتقاء‪ِ ،‬‬ ‫وآص َرة االجتماع‪ ،‬وسبب التكرمي‪ ،‬ومنشأ‬ ‫التمييز‪ ،‬املعتقدَ‬ ‫اس ِإنَّا‬ ‫َ‬ ‫الصحيح وال َّت ْق َوى‪ ،‬ال العنصر أو اللون أو القوم أو األرض‪ ،‬كما قال سبحانه‪َ ( :‬يا َأ ُّي َها ال َّن ُ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫للهَّ‬ ‫اك ْم ُش ُعو ًبا َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا‪ِ ۚ ‬إ َّن َأ ْك َر َم ُك ْم ِع ْندَ ا ِ َأ ْت َق ُ‬ ‫اك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َو ُأ ْنثَىٰ َو َج َع ْل َن ُ‬ ‫َخ َل ْق َن ُ‬ ‫يم َخبِي ٌر)‬ ‫اك ْم‪ِ ۚ ‬إ َّن ا َع ِل ٌ‬ ‫(((‪.‬‬ ‫‪ -2‬العلم النافع‪:‬‬ ‫ففي ظل احلضارة اإلسالمية لقي العلم وأهله العناي ٌة الفائق ٌة‪ ،‬والرعاي ٌة التامة‪ ،‬وذلك شامل جلميع ميادين العلم‬ ‫ين لاَ‬ ‫ين َي ْع َل ُم َ‬ ‫ون َوالَّ ِذ َ‬ ‫النافع؛ ألنه ال يستوي َم ْن يعلم و َم ْن ال يعلم‪ ،‬كما قال سبحانه‪ُ ( :‬ق ْل َه ْل َي ْستَوِ ي الَّ ِذ َ‬ ‫للهَّ‬ ‫َي ْع َل ُم َ‬ ‫ون‪ِ ۗ ‬إنمَّ َا َي َت َذ َّك ُر ُأولُو الأْ َ ْل َب ِ‬ ‫ين‬ ‫اب) (((‪ ،‬ورفع سبحانه الذين أوتوا العلم مقام ًا عل ًّيا؛ فقال تعالى‪َ ( :‬ي ْر َف ِع ا ُ الَّ ِذ َ‬ ‫ات َواللهَّ ُ بمِ َا ت َْع َم ُل َ‬ ‫ون َخبِير ٌ) (((‪ ،‬ولم َت ُق ْم في هذه احلضارة خصوم ٌة بني الدِّ ين‬ ‫ين ُأوتُوا ا ْل ِع ْل َم َد َر َج ٍ‬ ‫آ َم ُنوا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِذ َ‬ ‫والعلم مطل ًقا؛ ألن العلم الصحيح الناجت عن التجربة رديف العلم املست َقى من الوحي في تثبيت الهداية واإلرشاد إلى‬ ‫َّ‬ ‫املسخر للمنا ِفع دون املضا ِّر‪،‬‬ ‫الصراط املستقيم‪ ،‬وجلب املنفعة للناس‪ ،‬فال ازدرا َء للمادة‪ ،‬وال كراه َة لإلنتاج املادي‬ ‫الهم‪ ،‬و َم ْب َلغ العلم‪ ،‬ومنتهى األمل‪.‬‬ ‫وال مغاال َة ً‬ ‫أيضا في قيمة هذا اإلنتاج؛ حتى ال يكون أكبر ِّ‬ ‫‪ -3‬العدل واإلنصاف‪:‬‬ ‫وقد نعم بذلك ُّ‬ ‫كل من عاش في كنف احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وتفيأ ظاللها‪ ،‬بصرف النظر عن أصولهم وأوطانهم‬ ‫وعقائدهم‪ ،‬بل اجلميع يعيشون في أمن تام على أنفسهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬وأعراضهم‪ ،‬ومن شواهد ذلك‪ :‬ما جاء عن‬ ‫أمير املؤمنني علي بن أبي طالب ‪ ‬أنه وجد ِدرعه عند رجل نصراني‪ ،‬فأقبل به إلى ُشريح القاضي يخاصمه‪ ،‬فقال‬ ‫ُشريح‪ :‬يا أمير املؤمنني هل من ب ِّينة؟‬ ‫قال علي ‪ :‬ما لي ب ِّينة‪ ،‬فقضى به للنصراني‪ .‬فمشى النصراني خطوات‪ ،‬ثم رجع‪ ،‬فقال‪ :‬أما أنا فأشهد أن هذه‬ ‫أحكام األنبياء‪ ،‬أمير املؤمنني قدَّ مني إلى قاضيه‪ ،‬وقاضيه يقضي عليه‪ ،‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن محمداً‬ ‫وح َم َل ُه على‬ ‫علي ‪ :‬أما إذا أسلمت فهو لك‪َ ،‬‬ ‫عبده ورسوله‪ ،‬الدرع واهلل درعك‪ ،‬سقط منك فأخذته‪ ،‬فقال ٌ‬ ‫َف َر ٍس(((‪.‬‬ ‫‪ -4‬التفاعل واإليجابية‪:‬‬ ‫‪ . 1‬آل عمران‪.64 :‬‬ ‫‪ . 2‬احلجرات‪.13 :‬‬ ‫‪ . 3‬الزمر‪.9 :‬‬ ‫‪ . 4‬املجادلة‪.11 :‬‬ ‫‪ . 5‬تاريخ دمشق البن عساكر ‪.487/42‬‬

‫‪273‬‬


‫كثيرا من العلوم والفنون؛ في الفكر‪ ،‬والرياضيات‪،‬‬ ‫فهي حضارة تتفاعل مع احلضارات األخرى‪ ،‬فعنها نقلت أوربا ً‬ ‫وأيضا فإن احلضارة اإلسالمية قد تفاعلت وأفادت من احلضارات التي سبقتها؛ في‬ ‫والفيزياء‪ ،‬والطب‪ ،‬والفلك‪ً ،‬‬ ‫التنظيمات اإلدارية‪ ،‬والصناعات وغيرها‪.‬‬ ‫ولقد كان َّ‬ ‫أجل ما قدمته احلضارة اإلسالمية لإلنسانية‪ :‬املبادئ اإلميانية‪ ،‬والقيم اخللقية‪ ،‬والتشريعات الربانية‪ ،‬مع‬ ‫ما كان لها من إسهام متميز في العلوم واملعارف املختلفة‪.‬‬

‫نشاط ‪:1‬‬ ‫تتفاعل احلضارات وتتأثر فيما بينها‪ ،‬وكان للحضارة اإلسالمية في عصور ازدهارها أثرها البالغ‬ ‫على الغرب؛ مما شق لهم الطريق لبناء احلضارة الغربية‪ .‬تناقش مع زمالئك في رصد أبرز آثار‬ ‫احلضارة اإلسالمية على احلضارة الغربية‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫نشاط‪:2‬‬ ‫تقليد املغلوب للغالب وتأثره به من النظريات التي ذكرها ابن خلدون في جانب التفاعل‬ ‫احلضاري‪ ،‬وفي ظل غلبة العالم الغربي وتقدمه جند تقليد أبناء املسلمني لكثير من املوضات‬ ‫والسلوكات الغربية‪ ،‬تعاون مع زمالئك في حصر أظهر خمسة أمور قلد فيها أبناء املسلمني‬ ‫للغرب‪ ،‬وبني موقفك جتاهها‪.‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬ ‫‪.......................................................................‬‬

‫‪274‬‬


‫التقويم‬ ‫س‪ :1‬بينِّ املراد باحلضارة‪.‬‬ ‫س‪ :2‬ما مجاالت احلضارة اإلسالمية؟‬ ‫خصائص احلضارة اإلسالمية؟‬ ‫س‪ :3‬عدِّ د‬ ‫َ‬ ‫س‪:4‬ما ّ‬ ‫أجل ما قدَّ مته احلضارة اإلسالمية لإلنسانية؟‬

‫‪275‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.