تلخيص الجنائي الخاص

Page 1

‫جامعة الحسن الثاني – عين الشق ‪-‬‬ ‫كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية ‪ -‬الدار البيضاء‬

‫مادة الق انون الجنائي الخاص‬

‫الفوج ‪ 1‬و ‪2‬‬

‫األسدس ‪4‬‬

‫محاضرات تم تلخيصها فيما يخص جرائم األشخاص ‪ :‬القتل العمد ‪ ،‬القتل الخطأ ( القتل غير العمد ) ‪،‬‬ ‫جرائم اإليذاء العمدية ( الضرب و الجرح و العنف و اإليذاء ) ‪ ،‬جرائم اإليذاء غير العمدية ‪.‬‬


‫و جرائم األموال ‪ :‬السرقة ‪ ،‬النصب ‪ ,‬خيانة األمانة ‪.‬‬ ‫ذ‪.‬الباكير‬

‫تلخيص لمادة القانون الجنائي الخاص من محاضرات األستاذ ذ‪ .‬الباكير وبعض المقتطفات من كتاب األستاذ ذ‪ .‬العلمي عبد الواحد‬ ‫من كتابه " شرح القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – " ‪.‬‬ ‫بسم هللا الرحمان الرحيم و الصالة و السالم على أشرف المرسلين و على أله و صحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫في بادئ األمر ‪,‬‬ ‫إن القانون الجنائي كما هو متعارف عليه على أنه مجموع من األحكام القانونية التي تحدد مشروعية السلطة و هو كذلك األداة التي‬ ‫تبرر بها الدولة تدخلها بواسطة الوسائل القانونية التي لها الصالحية لمعاقبة المجرمين ‪.‬‬ ‫وبهذا ‪ ,‬يعتبر حماية الحق في الحياة من الحقوق الدستورية المقدسة و أهم الحقوق اإلنسانية و التي تتمثل في سالمة الجسد البشري‬ ‫من كل اإلعتداءات و الممارسات التي قد تقع به‪ ,‬وهكذا نجد أن القانون الجنائي يهتم بدراسة تقاصيل العقوبات التي تردع كل من‬ ‫سولت له نفسه المس في السالمة الجسدية لإلنسان ‪,‬على إعتبار أن هذه العقوبات تمتد بإمتداد السلوك اإلجتماعي و حماية الكائن‬ ‫البشري منذ تكونه جنينا في أحشاء أمه إلى حين وفاته و مابعد وفاته من خالل حماية المقابر و حرمة الموتى من كل هجس وأفعال‬ ‫غير قانونية تعرض صاحبها لعقوبات ردعية ‪.‬‬ ‫ونجد من بين هذه الجرائم اإلعتداء على أمن الدولة و جرائم اإلرهاب و جريمة اإلجهاض و كذا الجرائم المالية و غيرها من‬ ‫الجرائم التي يرموا منها المشرع حماية المجتمع و كذلك ردع و زجر المقبلين على إرتكاب تلك الجرائم ‪ ,‬و من خالل هذا تتجسد‬ ‫غاية المشرع الجنائي المغربي في تحسيس األمن اإلجتماعي للناس ‪.‬‬ ‫ونجد من جانب أخر أن القانون الجنائي هو الذي يحد من سلطات الكل و منها اإلعتداءات على األشخاص و على األموال ‪ ,‬ويجرم‬ ‫النص الجنائي أفعاال يصدر عليها الطابع الجنائي ثم يحدد لكل جريمة عقاب ‪ ,‬و كل فعل من شأنه اإلعتداء على شخص ما سواء‬ ‫الضرب أو الجرح ‪ .....‬فهو يعد جريمة نجد نصوصها مدرجة في الباب السابع من القانون الجنائي المتضمن للجنايات و الجرائم‬ ‫على األشخاص و كذلك جرائم األموال ‪.‬‬ ‫و لتسليط الضوع جزئيا على أنواع العقوبات التي تنقسم إلى عقوبات أصلية وعقوبات إضافية التي تم تحديدها في اإلطار الجنائي‬ ‫و تطبق من غير الحاجة النطق بها بالحكم منها مثال اإلعدام ‪.‬‬ ‫إذن ‪ ،‬فالجرائم تنقسم إلى نوعين هما ‪:‬‬ ‫ جرائم األشخاص ‪.‬‬‫‪ -‬جرائم األموال ‪.‬‬


‫اللذان هما موضوع موجزنا هذا الذي سنتطرق إليه و المتوخى تفكيكه و التشعب في مضامين القانون الجنائي الخاص و كذا معالم‬ ‫النصوص القانونية األمثل لهذه الجرائم الجنائية ‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫الباب األول‬

‫جرائم األشخاص‬

‫إن اإلعتداء على حياة الشخص هو التسبب في موته‪ ,‬و قد يكون القتل العمد أو القتل غير العمد ‪.‬‬ ‫القتل‬ ‫غير العمد‬

‫العمد‬ ‫الفاعل‬

‫الفصل األول ‪ :‬القتل العمد‬ ‫العمد‬

‫ يعد هذا النوع من الجرائم األخطر على حياة الشخص ألنه يهدف إزهاق روح اإلنسان و الذي ينتج عنه ما يسمى بالقتل العمد ‪,‬‬‫هذا النوع يجاوره عقوبة جنائية تردع المجرمين من خالل البلوغ إلى جردة القسوة المرصودة للعقاب الذي يرتكب عمدا قتل‬ ‫شخص ما و هو اإلعدام ‪.‬‬ ‫والقانون الجنائي له أركان الجريمة تنقسم إلى ثالث و هي ‪:‬‬ ‫‪ ‬الركن القانوني ‪ :‬النص القانوني الجنائي ‪.‬‬ ‫‪ ‬الركن المادي ‪ :‬التسبب في قتل األشخاص ( اإلعتداء ) ‪.‬‬ ‫‪ ‬الركن المعنوي ‪ :‬القصد الجنائي ( نية تحقيق الموت ) ‪.‬‬

‫المبحث األول‬ ‫اركان جريمة القتل العمد ‪:‬‬


‫ونجد هذه العناصر مجتمعة في نص الفصل ‪ 293‬من ق‪.‬ج في فقرته األولى التي نص فيها المشرع مايلي ‪:‬‬ ‫" كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتال ‪ ,‬ويعاقب بالسجن المؤبد " ‪.‬‬ ‫ويستفاد من هذا النص الجنائي أن للقتل العمد ركنين هما الركن المادي و المعنوي و الذي سنقسمه إلى مبحثين‬ ‫‪ 1‬الركن المادي ‪:‬‬ ‫إن القتل العمد يعد من الجرائم التي تتطلب أن يتخلف عنه نشاط من الجاني و فيها نتيجة إجرامية و هي "إزهاق روح المجني‬ ‫عليه " ‪،‬و منه فمكونات هذا الركن في ثالث ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬نشاط صادر من الجاني و هو القصد ‪ ،‬و غاية الجاني التي تتمثل في إزهاق روح الضحية مهما كانت الوسائل المستعملة مثل‬ ‫سالح ابيض أو ناري أو حارق أو ألة إلطالق غاز خانق أو إلقاء المجني عليه من مكان عالي قصد قتله ‪ ،‬و بهذا فكل هذه األفعال‬ ‫المكونة للركن المادي في القتل العمد التي تؤدي بالفعل إلى إزهاق روح المجني عليه و تشكل أنشطة إيجابية ومادية محلها جسم‬ ‫الضحية تشكل نشاطا إجراميا صادر من الفاعل ‪ /‬الجاني ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬النتيجة اإلجرامية و التي تتمثل في إزهاق الروح المجني عليه على إعتبار أن هذه الجرائم ( جريمة القتل العمد ) من جرائم‬ ‫النتيجة لهذا فإن القتل العمد يجب أن يستهدف إنسانا على قيد الحياة و ينتج عنه موت حقيقي ‪.‬‬ ‫ج – عالقة السببية بين النشاط و النتيجة التي البد منها أن ترتبط بين فعل الجاني و النتيجة التي حاقت بالمجني عليه ‪ ،‬ذلك أن‬ ‫الركن المادي في هذه الجريمة العمدية يلزم زيادة على صدور نشاط من الجاني و نتيجة إجرامية لقيام رابطة سببية بينهما و التي‬ ‫تعني إرتباط العنصرين السابقين – اي النشاط و النتيجة – إرتباط المسبب بالسبب أو المعلول بالعلة التي أدت إليه ‪.‬‬ ‫ويتحقق الركن المادي للجريمة بتحقق القصد العام و هو إنصراف النية في تحقيق األذى و تكون عقوبته غالبا السجن المؤبد ‪.‬‬ ‫و تتخذ الجرائم حسب العقوبات اإلضافية أو العقوبات األصلية ‪ ,‬و السجن المؤبد هي عقوبة اصلية عاقب عليها المشرع الجنائي‬ ‫في الفصل ‪ 293‬من ق‪.‬ج ‪.‬‬

‫‪ 3‬الركن المعنوي ‪:‬‬ ‫هو القصد الجنائي لدى الجاني معناه أن إرادة الجاني و التي يقصد منها إلى إتيان النشاط الصادر منه و إلى النتيجة اإلجرامية‬ ‫المقصودة من ذلك النشاط وهي إزهاق روح الضحية ‪ ،‬و نمثل هذه المعادلة في الملخص التالي ‪:‬‬

‫القصد‬

‫و لهذا فإن الركن المعنوي في مثل هذه الجرائم المفضية إلى الموت نتيجة نشاط إجرامي يحدثه الجاني من أجل إزهاق روح‬ ‫الضحية يكون من وراءه ركن معنوي كما سبق بيانه إلى أنه يتحتم علينا إستخراج المعادلة من هذا الركن و هي أن القصد في‬ ‫جرائم القتل العمد لدى الجاني الذي يتمثل في توجيه إرداته للقيام بإعتداء على إنسان حي مع علمه بحقيقة ما يقوم به ‪ ،‬و قصد‬ ‫خاص و هو إستهدافه من ذلك اإلعتداء إزهاق روح المجني عليه و إال ما قامت جريمة القتل العمد ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬


‫الظروف المشددة في القتل العمد ‪:‬‬ ‫عقوبة القتل العمد األصلية كما هي مبينة في الفصل ‪ 293‬من القانون الجنائي تتمثل في السجن المؤبد ‪ ،‬إال أن المشرع الجنائي‬ ‫رفع من شدة العقوبة إلى اإلعدام متى صاحب ذلك إحدى الظروف المشددة التالية ‪:‬‬ ‫ سبق اإلصرار ( الفصل ‪ 292‬ق‪.‬ج )‬‫ الترصد ( الفصل ‪ 292‬ق ‪.‬ج )‬‫ قتل أحد األصول ( الفصل ‪ 299‬ق ‪.‬ج )‬‫ إقتران القتل العمد بجناية ( الفصل ‪ 3 / 293‬ق ‪ .‬ج )‬‫أوال ‪ :‬سبق اإلصرار‬ ‫ يعتبر ظرف اإلصرار من الظروف المشددة التي إعتمدها المشرع في حالة القتل العمد و ذلك طبقا للفصل ‪ 292‬من ق ‪ .‬ج‬‫الذي إقترنه بظرف أخر و هو ظرف الترصد و اللذان ينتجان عنه قتل عمد تكون له عقوبة زجرية قاسية متمثلة في اإلعدام ‪.‬‬ ‫و بالرجوع إلى نقطة موضوع ظرف اإلصرار الذي عرفه المشرع الجنائي في الفصل ‪ 293‬من ق ‪ .‬ج على أنه العزم الذي يصمم‬ ‫عليه الجاني على اإلعتداء على شخص ما و لو كان هذا العزم مرتبط بظرف أو شرط ‪ ،‬و هنا يكمن الفرق بين القتل العمد البسيط‬ ‫و القتل العمد المرتبط بظروف مشددة على أن اإلختالف يتجلى في كون إرادة المشرع لم تكن لزجر الفاعل أو الجاني بفعله القتل‬ ‫العمد لشخص أخر أو المجني عليه و لكن على إعتبار أن ظرف اإلصرار يرجع إلى علمه األسبق و التي بين فيها المشرع تهيأ‬ ‫الجاني للوس ائل المادية التي سيستعملها في فعله الجرمي و هو القتل العمد بعد عزيمة و إصرار و تهيأ إلرتكاب الجريمة ‪ ،‬فيكون‬ ‫في هذا الحالة القتل العمد مع سبق اإلصرار ‪.‬‬ ‫و القتل العمد المقرون بظرف اإلصرار تتوافر فيه عنصرين حسب ما جاء في الفصل ‪ 293‬من ق ‪ .‬ج ليثبت هذا الظرف و هما ‪:‬‬ ‫العنصر النفسي و المقصود به أن الجاني فكر مليا في مشروعه اإلجرامي بهدوء أعصاب و روية و تحمل الجاني لنتائج عزمه‬ ‫على تنفيذ مشروعه اإلجرامي المتمثل في إزهاق روح الضحية ‪ ،‬كأن يعزم الجاني على قتل أي كان يجده داخل المنزل الذي خطط‬ ‫لسرقته أو إغتصاب إمرأة أو طفل يسكن فيه ‪. .....‬‬ ‫أما العنصر الثاني فهو العنصر الزماني و هو العزم الذي يكون سابقا على إرتكاب الجريمة ‪ ،‬و ذلك بمرور فترة من الزمان بين‬ ‫مرحلة العزم و التصميم و بين إقتران الجريمة حتى تتكون قرينة قوية على سيطرة العزم المصمم عليه من نفسية الجاني ‪ ،‬و إال‬ ‫كان العزم على إرتكاب الجريمة سوى القصد الجنائي الفجائي الذي يتولد لحظة إرتكاب الجريمة عند الجاني تحت تأثير الغضب أو‬ ‫الهياج ‪ ،‬مما يجعل عقوبته السجن المؤبد و ليس اإلعدام ‪.‬‬ ‫و نستنتج أن الجاني يعزم على إزهاق روح الضحية بهدوء أعصاب و تفكير و روية و أنه قد مرت زمنية بعد إتخاذه لهذا القرار‬ ‫و تنفيذه له ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الترصد‬ ‫ ظرف الترصد كظرف مشدد في القتل العمد الذي عرفه المشرع في الفصل ‪ 293‬من ق ‪ .‬ج على أنه التربص لفترة طويلة أو‬‫قصيرة مقترنة بمكان ما ‪ .‬و نجد من هذا التعريف المطبق في هذا الفصل السابق على أن ظرف الترصد معتمد على عنصرين‬ ‫مهمين و هما العنصر الزماني و العنصر المكاني ‪ ،‬فيما األول فإن المشرع لم يحدد زمن محدد إبتداءا ‪ ،‬بحيث أن المهم هو أن‬ ‫تمر مدة زمنية من الزمن قد تطول كما قد تقصر و الجاني ينتظر الفرصة كمرور المجني عليه أو خروجه من داره أو من إدارة أو‬ ‫مغادرته لحقل ‪ .....‬لينفد بعد ذلك مشروعه اإلجرامي ‪.‬‬


‫و العنصر الثاني ‪ ،‬أن المكاني و هو الذي يتحقق قانونا بتربص الجاني بهدف القضاء على المجني عليه في مختلف األمكنة و ذلك‬ ‫أنه قد يفلت أي ‪ -‬المجني عليه ‪ -‬من الجاني المتربص به بالمكان األول فينتقل هذا األخير لمكان أخر بقصد اإلجهاز على المجني‬ ‫عليه ‪ ،‬و المكان قد يكون ظاهرا أو غير ظاهر إال أن األهم هو أن يتبع الجاني في أي مكان و ذلك بقصد إزهاق روح المجني عليه‬ ‫لكي يتحقق ظرف الترصد و منه يفسر على أن المشرع لما أخذ بهذا الظرف لتشديد العقاب أراد ضرب النية اإلجرامية و الخسة‬ ‫الكامنة في نفسية المجرم الذي يلجأ غلى الغدر و الخديعة في أخد المجني عليه على حين فترة ‪.‬‬ ‫و نستخلص من خالل ما سبق ذكره على أن ظرف الترصد هو عكس ظرف سبق اإلصرار ‪ ،‬فهو { ظرف اإلصرار } ظرف عيني (‬ ‫مادي ) ألنه يتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة ( اي المكان المادي فيها ) ‪ ،‬و من ثم فإن اثره يمتد إلى كافة المساهمين و المشاركين في‬ ‫الجريمة علموه أم جهلوه ( الفصل ‪ 121‬من القانون الجنائي ) ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬قتل أحد األصول‬ ‫المقصود باألصل الوارد في الفصل ‪ 299‬من ق ‪ .‬ج هو أب الجاني أو جده مهما عال ‪ ،‬أو أمه وجدته مهما علت ‪ ،‬كما يعتبر أصال‬ ‫في مدلول السابق ايضا أم األب و أب األم ـ و هذا اليكفي في القانون المغربي أن يكون المقتول أصال حتى تشدد عقوبة القاتل إلى‬ ‫اإلعدام ‪ ،‬بل البد و أن تكون رابطة القرابة من جهة األب شرعية و متواجدة شرعا ‪.‬‬ ‫وبهذا ‪ ،‬فإن قتل أحد األصول حتى يعتبر ظرفا مشددا في القتل العمد يقتضي الحال أن يكون القاتل على معرفة تامة بأن الذي‬ ‫يزهق روحه ( أو يحاول ذلك ) هو أصال من أصوله ‪ ،‬أما إن كان غير محيط بذلك نتيجة غلط أو خطأ فإن عقابه اليشدد‪ ،‬و نحو‬ ‫ذلك أن يهاجم الجاني شخصا في الظالم بقصد قتله و يقتله بالفعل ‪ ،‬و يتبن بعد ذلك أن المقتول كان اباه ‪ ،‬فإن العقاب في هذه‬ ‫الصورة و كما هو واضح اليشدد عليه ‪ ،‬لكنه إذا قتل ابيه و صوب نحوه الرصاص فخطأه و قتل شخصا أخر ‪ ،‬فإنه يعتبر قاتال‬ ‫عمدا بالنسبة لمن أزهقت روحه بإصابة من الرصاصة ‪ ،‬و محاوال قتل أبيه فيشدد عقابه إلى اإلعدام ( ف‪113‬و ‪ 299‬من ق‪.‬ج)‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬إقتران جريمة القتل العمد بجناية أخرى‬ ‫شدد المشرع في جريمة القتل العمد بعض الظروف التي يرى من خاللها أنها تشكل تهديدا على سالمة المجتمع ‪ ،‬منها إقتران‬ ‫جريمة القتل العمد بجناية أخرى و ذلك ما نص عليه الفصل ‪ 293‬من ق ‪ .‬ج الذي أكد فيه المشرع أن القتل العمد المتسبب في‬ ‫إزهاق روح الضحية أو المجني عليه يعاقب فاعله بالسجن المؤبد ‪ ،‬لكنه إستثنى بعبارة لكن إقتران تلك الجريمة بجناية أخرى‬ ‫متصلة بشكل كبير بالمصاحبة الزمنية للجاني الذي يرتكب جناية أخرى سواء قبل إنجازه أو أثنائه أو بعده ‪ ،‬و هذا ما نجده جليا‬ ‫يدخل في نظاق تعدد الجرائم طبقا للفصل ‪ 131‬من القانون الجنائي ‪ ،‬لكن المشرع راعى لخطورة القتل العمد مع نية الجاني‬ ‫إلرتكابه جريمة القتل العمد فشدد العقوبة إلى اإلعدام ‪.‬‬ ‫و لم يحدد المشرع طول الفترة الزمنية الكافية لقيام هذا الظرف إال أنه سلمها لتقدير محكمة الموضوع في النظر في مثل هذه‬ ‫القضايا ‪.‬‬ ‫و نالحظ أن جريمة القتل العمد يجب أن تكون تامة أي إزهاق روح الضحية و ليسس محاولتها فقط ‪.‬‬ ‫‪ ‬و بهذا نستخلص من خالل تفصيل معطيات الظروف المشددة في جريمة القتل العمد نرى على أنها الظروف التي قام بها‬ ‫المشرع بإتخاذها مهما كانت المصلحة في ذلك ‪ ،‬أما التخفيف الذي سنتحدث عنه فيما يلي فقد أحاله المشرع لتقدير‬ ‫القضاة لبعض األحكام‪.‬‬ ‫‪ ‬و نشير إلى نقطة متداولة في المجال القضائي و هي الجريمة الموصوفة التي تعني جريمة القتل العمد مع ظرف مشدد‬ ‫يتسجد إما في اإلصرار أو الترصد ألنها مرتبطة بالتشديد ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬األعذار المخففة في القتل العمد‬


‫هناك حاالت إعتبرها المشرع مخففة للعقوبة كحالة قتل األم لوليدها ‪ ،‬و قتل األم لوليدها جعله القانون مبررا و عالجه معالجة‬ ‫رحيمة و خفف العقوبة على األم ‪ ,‬وقد خفف المشرع عقوبة القتل العمد مثل الضرب و العنف الجسيم و كل األنواع التي قد تولد‬ ‫إذاءا على جسم اإلنسان الذي وجبه المشرع أن يكون جسيما و ليس خفيفا أو بسيطا ألنه ال يعتد به ‪ ,‬و بهذا فالعقوبة في مثل‬ ‫هذه األعذار المخففة جعلها المشرع تنطلق من الحبس أو السجن ( الفصل ‪ 244‬من القانون الجنائي ) ‪ ،‬و المنصوص عليها‬ ‫في الفصول ‪ 214‬و ‪ 214‬و ‪ 214‬و ‪ – 794‬في فقرته الثانية ‪. -‬‬

‫العذر ‪ - 1‬القتل العمد الناتج عن إستفزاز بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما‬ ‫يعتبر الفصل ‪ 214‬الذي يتحدث عن القتل العمد المرتكب نتيجة إستفزاز من شخص قد يكون المجني عليه ‪ ،‬و هذا سبب عذر‬ ‫قانوني لتحقيق العقوبة المقررة في السجن المؤبد أو اإلعدام إلى الحبس من سنة إلى سنوات ‪ ،‬بإعتبار الجاني يفقد أعصابه‬ ‫بحيث يرتكب الجريمة مندفعا تحت تأثير اإلنفعال الشديد ‪.‬‬ ‫و القتل العمد الذي ينتج إستفزاز بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما ‪ ،‬وجبه المشرع أن يبلغ درجة الجسامة ‪ ،‬فالقتل أو‬ ‫اإلعتداء الذي يكون خفيفا أو بسيطا اليعتد به نظرا لعدم خطورته أو جسامته الكافية و التامة على سالمة الشخص المجني عليه ‪،‬‬ ‫و نغني بياننا هذا بكون المشرع لم يشترط أن يكون هذا القتل الناتج عن إستفزاز وقع على شخص القاتل و إنما قد يكون على‬ ‫غيره ‪.‬‬ ‫و من جهة أخرى فالقتل أو الضرب أو الجرح أو العنف الجسيم يتبادر وضوحه من خالل الفصل ‪ 214‬و الذي وجب أن يكون‬ ‫غير مشروعا ‪ ,‬مثال حينما تتدخل السلطات العمومية عبر بعض أجهزتها األمنية لفك تجمهرغير مشروع عبر إستعمال أدوات‬ ‫اإلكراه أو في حالة الدفاع الشرعي يكون تدخلها مشروعا على غرار ما تم بيانه ‪.‬‬

‫العذر ‪ – 4‬القتل الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج األخر و شريكه عند مفاجئتهما متلبسين بالخيانة الزوجية‬ ‫إن أثر هذا العذر في تخفيض العقوبة قد تعرض له المشرع في الفقرة األولى من الفصل ‪ 247‬من ق ‪ .‬ج ‪ ،‬و بمقتضاها يستبدل‬ ‫القاضي لزوما في حالة ثبوت هذا العذر تخفيض العقوبة ‪ ،‬سواء كانت إعداما و سجنا مؤبدا ‪ ،‬بالحبس من سنة إلى خمس سنوات‬ ‫‪.‬‬

‫العذر ‪ – 7‬حالة قتل األم لولديها ‪.‬‬ ‫جاء في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 794‬من القانون الجنائي ‪ " :‬إال أن األم سواء كانت فاعلة أصلية أو مشاركة في قتل وليدها‬ ‫تعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر ‪ ،‬و ال ينطبق هذا النص على مشاركيها و ال على المساهمين معها ‪" .‬‬ ‫و بهذا نستنتج من خالل الفصل السابق أن المشرع خفف العقوبة على األم فقط في حالة قتلها لوليدها دون غيرها كالجدة أو األب‬ ‫‪ ...‬و من ثم وجب أن تقوم على األمومة الطبيعية بين الطفل و الوليد و القاتلة و أن يكون الوليد نتيجة عالقة زوجية شرعية ‪.‬‬ ‫و يمتاز هذا العذر المخفف القانوني للعقاب بالنسبة األم كونها الوحيدة المستفيدة منه دون غيرها من المشاركين أو المساهمين و‬ ‫هذا ما أكده المشرع بصريح العبارة في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 794‬من ق ‪ .‬ج ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬القتل الخطأ‬


‫لما جاء المشرع في الفصل ‪ 274‬من القانون الجنائي و أكد على صيغة القتل غير العمد أو ما يحيل بجريمة القتل الخطأ كل "‬ ‫شخص إرتكب جناية القتل غير العمد و عن غير قصد و ينتجه عنه قتل أو موت " ‪ ،‬و نجد الركن المادي في هذه الجريمة يتمثل‬ ‫في قتل الجاني للمجني عليه ‪ ،‬و الركن المعنوي يتمثل عندما يكون هذا عن غير قصد اي نتيجة خطأ ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان جريمة القتل الخطأ ‪:‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬الركن المادي‬ ‫في القتل الخطأ ‪ /‬غير العمد يستلزم – مثله مثل القتل العمد – صدور نشاط من الجاني يكون هو السبب في النتيجة التي هي‬ ‫إزهاق روح الضحية ‪.‬‬ ‫و النشاط اإلجرامي الذي يأتيه الجاني و الذي عدده الفصل ‪ 274‬من ق ‪.‬ج إلى صور نشاط الجاني المرتب للمسؤولية الجنائية‬ ‫و التي منها اإليجابي كعدم مراعاة األنظمة و القوانين و منها كذلك السلبي كاإلهمال ‪.‬‬ ‫أما النتيجة اإلجرامية ‪ ،‬فإن جريمة القتل الخطأ من جرائم النتيجة و ذلك أنها تفرض موت المجني عليه بسبب نشاط الجاني ‪/‬‬ ‫الفاعل مثل حادثة سير التي يحدث فيها أن عولج المجني عليه و أنقذ ‪ ،‬فإن الجاني اليسأل إال على جرائم اإليذاء الخطأ مثل‬ ‫الضرب و الجرح ‪ ،‬و ليس محاولة القتل كما سبق تبيانه ‪.‬‬ ‫و بهذا فكل ما ينبغي توافره هو أن الوفاة قد حدثت بسبب نشاط الجاني فقط دون المشاركين أو المساهمين ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الركن المعنوي‬ ‫يتمثل هذا الركن في جريمة القتل الخطأ مقارنة مع جريمة القتل العمد التي يشترط فيها قيام و توافر القصد الذي يتحقق بتوجيه‬ ‫إرادة الجاني إلتيان نشاط مخا لف للقانون الجنائي ‪ ،‬و إرادة تحقيق النتيجة التي هي إزهاق روح الضحية عن هذا النشاط ‪ ،‬فإن‬ ‫الركن المعنوي في القتل غير العمد ( القتل الخطأ ) يتوافر فقط بإتيان سلوك خاطئ من طرف الفاعل ‪.‬‬ ‫و يستفاد من هذا الركن أن جرائم القتل الخطأ التكون فيها نية الجاني تحقيق النتيجة اإلجرامية أبدا‪ ،‬و على إعتبار أنه اليمكن‬ ‫تصور تشديد العقوبة في جرائم القتل الخطأ بسبب الظروف المشددة في القتل العمد كسبق اإلصرار و الترصد مثال مادامت النتيجة‬ ‫فيها التحصل إال عبر خطأ و خارجة عن إرادة مؤتي النشاط الذي أفضى إلى إزهاق روح الضحية‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صور القتل الخطأ‬ ‫لقد جاء الفصل ‪ 274‬من ق ‪ .‬ج بخمس صور تفسر الفعل اإلجرامي الذي أفضى إلى إزهاق روح الضحية ‪ ،‬و هذه الصور تدخل‬ ‫في نطاق إمكانية حدوثها عن خطأ الفاعل أو الجاني إليقاع الضحية ميتا ‪.‬‬ ‫و هذه الصور هي كما يلي ‪:‬‬ ‫‪ ‬عدم التبصر ‪ :‬هو خطأ في إطار مهني – غالبا – من طرف الفنيين كاألطباء أو الصيادلة أو القابالت أو أرباب الحرف ‪،‬‬ ‫في حالة يتسببون فيها في قتل إنسان نتيجة عدم قيامهم بعملهم كما يجب ‪ ،‬مثل الطبيب الذي يحدد لمريض السكري‬ ‫كمية من األنسولين دون اإلطالع على على نتائج التحليل التي أوصى بها ‪ ،‬فيموت المريض نتيجة ذلك ‪.‬‬ ‫‪ ‬عدم اإلحتياط ‪ :‬و يظهر في الطيش و قلة التحرز للنتائج المضرة و الخطيرة التي قد تترتب عن فعل من األفعال ‪ ،‬و عدم‬ ‫الحيلولة دون وقوعها ‪ ،‬كالذي يسوق دراجة نارية في مكان أهل بالمارة بسرعة كبيرة غير مناسبة لظروف الزمان و‬


‫المكان فيصدم أحد المارة فيقتله ‪ ،‬و يظهر من هذا أن مرتكب الخطأ في صورة عدم اإلحتياط كان بإمكانه تجنب النتيجة‬ ‫إال أنه لم يفعل ‪ ،‬فأعتبر غير محتاط ‪.‬‬ ‫‪ ‬عدم اإلنتباه ‪ ,‬اإلهمال ‪ ،‬و عدم مراعاة النظم و القوانين ‪ :‬المقصود بها كل ما يصدر من تشريعات سواء عن السلطة‬ ‫ال تشريعية أو التنفيذية في الحدود التي تختص بها قانونا ‪ ،‬و تمتد لتشمل تنظيمات المعامل كمنع التذخين في أماكن‬ ‫تعبئة الغاز ‪. ....‬‬ ‫و نستنتج من خالل ما سبق أن المشرع المغربي عاقب القاتل بالخطأ إذا لم يتبصر أو لم يحتط أو لم ينتبه أو أهمل أو لم‬ ‫يراع األنظمة أو القوانين بالحبس من ثالثة أشهر إلى خمس سنوات ‪.‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬جرائم اإليذاء‬ ‫جرائم اإليذاء العمدية ‪ /‬غير العمدية‬ ‫المبحث األول ‪ :‬جرائم اإليذاء العمدية‬ ‫حينما نتكلم عن هذا النوع من الجرائم الذي يجمع كل األنشطة التي من شأنها أن تصيب اإلنسان في جسمه أو صحته‬ ‫بالضرر دون أن تطال حياته ‪ ،‬و نحو ذلك الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة بالصحة و غيرها من الوسائل التي‬ ‫يستهدف بها اإلعتداء على جسم اإلنسان أو النيل من صحته ‪.‬‬ ‫و بهذا فإن هذه الطائفة من الجرائم التي تتميز بكون الفاعل فيها يريد إلحاق األذى بالمجني عليه ‪ ،‬و ذلك عن طريق‬ ‫المساس بسالمته الجسدية أو بصحته دون أن يكون قاصدا قتله و مع ذلك فإن النتيجة في هذه الطائفة من الجرائم تلعب‬ ‫دورا حاسما في تحديد الوصف القانوني للفعل و عقابه الذين يتنوعان بحسب ما إذا كانت النتيجة إلحاق أذى خفيفا بالضحية‬ ‫أو عجزها مؤقتا ‪ ،‬و عاهة دائمة أو القضاء على حياتها ‪.‬‬ ‫و للحديث عن هذا النوع من الجرائم البد من التطرق إلى أركان الجريمة المعتمدة في جل الجنايات و التي الغبار عنها‬ ‫بإعتبارها موحدة في كل أنواع الجرائم ‪ ،‬و من بين هذه األركان نجد ‪:‬‬

‫الركن المادي‬ ‫النشاط اإلجرامي‬ ‫هو ترك األثر خارجيا على جسم الضحية كإحمرار في الجلد أو إنتفاخ أو تروم أو تغير في لونه‬ ‫الضرب‬ ‫إلى الزرقة ‪ ،‬و كذا اللطم باليد أو بالرجل أو بأية وسيلة أرخى كالعصا أو الحزام أو سلك من األسالك الحديدية‬ ‫أو البالستيكية أو ثني ذراع الضحية ‪.‬‬ ‫هو النشاط الذي يأتيه الفاعل و يترك أثرا في جسم الضحية و يكون إما ظاهرا أو غير ظاهرا‬ ‫الجرح‬ ‫مثل إطالق عيار ناري على شخص ما ‪ ،‬أو تسليط حيوان مفترس مثل الكلب بقصد عض الضحية و ينفذ ذلك‬ ‫الفعل ‪.‬‬


‫هي لفظة من العموم تشمل كل ما يؤذي في جسمه أو صحته ‪ ،‬بحيث ينضوي تحت‬ ‫العنف ‪ /‬اإليذاء‬ ‫لواء الضرب او الجرح و العنف ‪ ،‬و غيرها من الوسائل األخرى كإعطاء مواد ضارة بالصحة ايا كانت لشخص‬ ‫فتؤذيه في صحته شريطة أن التكون معطاة بأمر الطبيب بقصد العالج و المداواة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫و نصل إلى نتيجة و هي أن لفظ اإليذاء إذا أطلق فهو يشمل أفعال اإلعتداء على سالمة الجسم أو الصحة ‪،‬‬

‫و ما إيراد المشرع لصورتي اإليذاء بالضرب أو الجرح فإنما كان من ذلك إظهارا منه ألهمية هذه الصور من اإليذاء الذي إرتبط‬ ‫تاريخيا وواقعيا بهما ‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫كما أ إيراده لصور اإليذاء بإعطاء مواد ضارة بالصحة [ الفصل ‪ 217‬من ق ‪ .‬ج ] أو الحرمان من التغذية أو‬

‫العناية باألطفال [ الفصل ‪ 204‬من ق ‪.‬ج ] أو ترك األطفال أو العاجزين أو تعريضهم للخطر [ الفصل ‪ 254‬من القانون‬ ‫الجنائي ] كان بهدف إعتبار إلحاق األذى بالضحية بإحدى الوسائل الثالث السابقة ظرفا مشددا في تلك الجرائم التي‬ ‫أفرد لها المشرع نصوصا لتحكمها مستقلة عن تلك التي تحكم باقي جرائم اإليذاء العمدية ‪.‬‬ ‫الركن المعنوي ‪:‬‬ ‫يتحقق هذا الركن في جرائم اإليذاء العمدية إذا إنصرفت إرادة الفاعل إلى إرتكاب الجريمة على نحو ما عرفها القانون به ‪ ،‬و‬ ‫معنى هذا يكون الجاني قد وجه نشاطه المؤذي بقصد المساس بحسم الضحية أو صحتها ‪ ،‬فإن قام لديه هذا القصد إبتداءا قام‬ ‫الركن المعنوي لديه ‪.‬‬ ‫و يترتب على ما سلف أنه اليوجد قصد خاص في هذا النوع من الجرائم ‪.‬‬ ‫إن القصد الجنائي في جرائم اإليذاء العمدية يتحقق بمجرد توجيه إرادة مؤتي النشاط المؤذي إلى المساس بسالمة الجسم أو‬ ‫الصحة إلنسان ما ‪ ،‬و لذلك فإن الجاني لن يسأل إال عن النتائج التي حصلت بسبب مباشرته لنشاطه المؤذي و بغض النظر عن‬ ‫قصده و نيته ‪.‬‬

‫عقاب جرائم اإليذاء العمدية ‪:‬‬ ‫‪ ‬عقاب جناية اإليذاء العمد المفضي إلى الموت ‪:‬‬ ‫الفصل ‪ 207‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫من ‪ 10‬سنوات إلى ‪ 40‬سنة‬

‫السجن ‪.‬‬


‫‪ ‬عقاب جنائية اإليذاء العمد المفضي إلى عاهة دائمة ‪:‬‬ ‫الفصل ‪ 204‬من القانون الجنائي ‪.‬‬ ‫من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات‬

‫السجن ‪.‬‬

‫العاهة الدائمة ‪ :‬و هي البتر مباشرة كقطع الجاني لمبيض األنثى قصد تعقيرها أو قطع ثديها بقصد تشويهها أو كان هذا البتر‬ ‫بسبب طلب العالج كأن يصيب أحدهم أخر إصابة خطيرة في الكلية إستدعت تدخل الطبيب لبترها ‪.‬‬ ‫العجز ‪ :‬هو الوارد في الفصل ‪ 201‬من ق ‪ .‬ج و الذي يقصد به عدم قدرة المجني عليه القيام باألعمال البدنية و األعمال‬ ‫الشخصية التي يمارسها في الحياة المعتادة كالمشي و الحركة ‪ ،‬دون األعمال المهنية أو النشاطات الغير عادية كرياضةالمصارعة‬ ‫‪.‬‬

‫و يتحقق العجز عن ممارسة األعمال العادية للضحية دون العجز عن ممارسة النشاط المهني لها ‪ ،‬كما أن مدة العجز‬ ‫ينبغي أن يتجاوز ‪ 40‬يوما تحسب إبتداءا من اليوم الذي حدثت فيه النتيجة التي هي بسبب نشاط الجاني المؤذي ‪ ،‬و‬ ‫ليس من يوم ممارسة هذا النشاط ‪ ،‬و من ثم فإذا كان الجاني قد أذى الضحية بإعطائها مواد ضارة بصحتها ( المعاقب‬ ‫عليها بالفصل ‪ 217‬من ق ‪ .‬ج ) و لم يبدأ أثر هذه المواد الضارة في الظهور إال بعد أسبوع من إعطائها لها فإن مدة‬ ‫العشرين يوما تحسب إبتداءا من اليوم السابع القبله و ال بعده ‪.‬‬ ‫األعذار القانونية المخففة في جرائم اإليذاء العمدية ‪:‬‬ ‫قرر المشرع بعض األعذار القانونية المعفية جزئيا من العقاب في هذه الجرائم و هي ‪:‬‬ ‫‪ ‬العذر الوارد في الفصل ‪214‬‬ ‫‪ ‬العذر الوارد في الفصل ‪214‬‬

‫تشبه إلى حد كبير األعذار المخففة المطبقة في جريمة القتل العمد ‪.‬‬

‫‪ ‬العذر الوارد في الفصل ‪214‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬جرائم اإليذاء غير العمدية‬ ‫هي المنصوص عليها في الفصول ‪ 277‬و ‪ 272‬و ‪ 275‬من القانون الجنائي الذي يجمعون على كون التسبب في إثارة جرح‬ ‫أو ضرب عن غير قصد على جسد الضحية يعتبر إيذاءا غير عمديا ‪.‬‬ ‫و نجد أن هذه الجرائم التختلف عن جريمة القتل الخطأ لكون الركن المعنوي فيها يتشابهان كما ذلك في الركن المادي الذي‬ ‫اليختلف عن جريمة القتل الخطأ سوى في النتيجة ‪ ،‬حيث في هذه األخيرة تكون إزهاق روح المجني عليه ‪ ،‬بينما في الجريمة‬ ‫اإليذاء غير العمدية تتجسد في إلحاق األذى بالضحية فقط عن طريق التسبب لها في جرح أو إصابة أو مرض يؤذي إلى عجزها‬ ‫لمدة تفوق ‪ 4‬أيام فالجريمة إذ ذال جنحة ‪ ،‬و إما أن تقل عن ستة أيام أو تعادلها فتعتبر الجريمة إذ ذاك مخالفة ‪.‬‬


‫الباب الثاني ‪ :‬جرائم األموال‬ ‫إن موضوع جرائم األموال يبلغ الدرجة المرجوة منه حيث أن هذا النوع من الجرائم و إن كان يقتصر على تلك األفعال التي ترتكب‬ ‫لإلستيالء على أموال الغير إم ظلما أو غصبا ‪،‬فإنه يعد من أخطر الجرائم على سالمة المجتمعات و منظومة تعايشها و إستقرارها‬ ‫مما فرض على جل التشريعات الوطنية أو المقارنة الرد عليها بالحزم و شدة ‪ ،‬هذا الرد الذي إستلزم حماية المال بضرب أطماع‬ ‫الطامعين في اإلستيالء عليه بدون حق مشروع ( السرقة ‪ ،‬النصب ‪ ،‬خيانة األمانة ) أو الناقمين على الذين أوتو نعمة المال ‪،‬‬ ‫فيعمدون إلى إرتكاب أفعال تتوخى إتالفه ( اإلحراق ‪ ،‬التعييب ‪ ،‬التخريب ‪. )...‬‬ ‫و األموال الخاصة تتعرض ألنواع من اإلعتداءات تكون بإنتزاعها إكراها أو إعتداءا على المال بطريقة إحتيالية ‪ ،‬و بهذا فغاية‬ ‫المشرع الجنائي تكمن في حماية األموال من كل اإلعتداءات التي تمس بها ‪.‬‬ ‫بالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي نجد المشرع تعرض لجرائم األموال فيما يزيد عن مائة نص قانوني ‪ ،‬حيث خصص الباب‬ ‫التاسع منه للجنايات و الجنح الماسة باألموال و قسمه إلى ثمانية فروع ‪.‬‬ ‫و سنقتصر تحليلنا هذا على ‪ 7‬نقط أساسية متعلقة بمادة دراستنا في األسدس الرابع و هي القانون الجنائي الخاص ‪ ،‬و هذه النقط‬ ‫تتمحور حول ‪:‬‬

‫جريمة السرقة ‪ -‬من الفصول ‪ 505‬إلى ‪ 579‬من القانون الجنائي ‪-‬‬

‫جريمة النصب ‪ -‬من الفصول ‪ 520‬إلى ‪ 524‬من القانون الجنائي ‪-‬‬ ‫جريمة خيانة األمانة – من الفصول ‪ 524‬إلى ‪ 555‬من القانون الجنائي ‪-‬‬

‫المحور األول ‪ :‬السرقة‬ ‫ يتبين من خالل الفصل ‪ 505‬من القانون الجنائي الذي يتحدث فيها المشرع الجنائي عن جريمة السرقة بإعتبارها جريمة من‬‫جرائم األموال كيفها المشرع على حدة ‪.‬‬ ‫و بهذا فإن هذه الجريمة تنقسم إلى ‪ 7‬مباحث رئيسية مكونة لهذا النوع من الجرائم ‪ ،‬و التي لها أركان مثلها كباقي الجرائم منها‬ ‫ما هو مادي أو معنوي ‪ ,‬و البد من توفر إفتعال الفعل الجرمي و إدانة الجاني بناءا على تلك األركان ‪ ،‬و كذلك الظروف المشددة‬ ‫التي تضاعف العقاب بالنسبة للجاني في بعض الحاالت التي إعتبرها المشرع مشددة للعقاب و رفع العقوبة ‪ ،‬و هنالك في مقابل‬ ‫هذه األعذار القانونية التي جعلها المشرع أسبابا قد تمحو الجريمة أو قد تخفف العقاب بناءا على أسباب قانونية أخذها المشرع‬ ‫بعين اإلعتبار ‪.‬‬


‫في بادئ األمر ‪ ،‬البد من التطرق إلى أول ركن من األركان الموضوعية لجريمة السرقة و هو الركن المادي الذي يتمثل في النشاط‬ ‫الذي أتاه الفاعل لفعله اإلجرامي و المكون لجريمة السرقة ‪.‬‬ ‫هذا الركن الذي أوضحه المشرع بناءا على الفصل ‪ 505‬بعبارة اإلختالس الذي يتم بإنتزاع أو إخراج حيازة المال من يد صاحبه‬ ‫و بدون رضاه ‪.‬‬ ‫و اإلختالس كركن مادي في السرقة ينبثق من عنصرين بناءا على ما جاء به الفصل ‪ 505‬من ق ‪ .‬ج ‪ ،‬األول و هو سلب‬ ‫الجاني للمال من حيازة صاحبه أو الغير و إضافته لحيازته ‪ ،‬ثانيا أن يتم هذا السلب بدون رضاء المجني عليه ( المالك أو الحائز)‬ ‫فيما بعد سنتولى التطرق إلى هذين النوعين أو العنصرين كاألتي ‪ ،‬بالنسبة لألول كل فعل مادي اليتحقق به إخراج الحيازة بالمعنى‬ ‫السابقى اليشكل إختالس و إنما البد من حيازة أو إمتالك المال لصاحبه و إضافته لحيازته ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للثاني فهو متطلب بدون التنصيص عليه ‪ ،‬ذلك أن الشخص إذارضي بأن يستولي الغير على ماله إن صراحة و إن‬ ‫ضمنا فالداعي للحديث إذ ذاك نتج عن وقوع إعتداء على ذات المال بالسرقة ‪.‬‬ ‫و إن كان عدم رضا الشخص بأخذ ماله هو الذي يكمل ركن اإلختالس في السرقة فهو العنصر المادي الثاني لفعل اإلختالس ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬عناصر و اركان جريمة السرقة‬ ‫بعد إعطاء تقديم شامل حول هذا النوع من الجرائم المصنف في األفعال التي تمس بمال األشخاص سنتطرق إلى أركان و عناصر‬ ‫جريمة السرقة و هي كالتالي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الركن المادي " اإلختالس "‬ ‫من خالل الفصل ‪ 505‬من ق ‪ .‬ج يتبين ان عنصر اإلختالس واضح الوضوح بإعتباره الركن المادي في جريمة السرقة ‪.‬‬ ‫فعبارة اإلختالس بما أنه نشاط مادي للفعل الجرمي يدل على إنتزاع أو إخراج المال أو الشيء من يد صاحبها ‪ ،‬مع فارق‬ ‫جوهري يكمن في أن اإلنتزاع أو إخراج المال من حيازة صاحبها الشرعي البد أن يكون قد تم بدون رضاه من جانبه ‪ ،‬لكي يتحقق‬ ‫عنصر اإلختالس كركن مادي في السرقة ‪ ،‬أما في خيانة األمانة و النصب ‪ ،‬فإن اإلختالس يتحقق في األولى إذا كان الجاني قد‬ ‫حاز المال بعقد من عقود األمانة ‪ ،‬و هذا ما يفيد حتما أن هذه الحيازة قد تمت برضاء صاحبها للجاني ‪ ،‬ثم يقوم هذا األخير بعد‬ ‫ذلك بإختالس المال أو تبديده ‪ ،‬و في الثانية يقع اإلختالس برضاء صاحب المال و لكن بإستعمال الجاني للحيلة و المكر و الخداع‪.‬‬ ‫و نستدل بمعادلة لتبسيط المعطيات السالفة الذكر و التي تتمثل فيما ‪:‬‬ ‫فعل اإلختالس‬

‫موضوع اإلختالس‬

‫المال‬

‫صفة اإلختالس‬


‫ثانيا ‪ :‬محل اإلختالس " المال المملوك للغير "‬ ‫اإلختالس كما سبق التعريف به هو اإلستيالء على مال يحوزه أخر بدون رضاه ‪ ،‬و حتى يتحقق يلزم ‪:‬‬ ‫‪ – ) 1‬أن يكون المال مما يمكن نقل حيازته إلى المختلس ‪.‬‬ ‫‪ – ) 4‬أن يكون هذا المال منقوال من المنقوالت و ليس عقارا ثابتا ‪.‬‬ ‫‪ – ) 7‬أن يكون هذا المال مملوكا للغير الذي إستولى عليه باإلختالس ‪.‬‬ ‫إن المال المادي القابل للتملك يصلح محال لإلختالس حتى ولو كانت حيازة صاحبه له مشوبة بعدم المشروعية ‪ ،‬و نحو ذلك‬ ‫األموال المسروقة أو التي اليجوز التعامل بها إال في حدود ما يرخص به القانون ‪ ،‬كمادة الكيف أو المخدرات عموما ‪ ،‬و األسلحة‬ ‫غير المرخص بحملها إلخ ‪ ،‬ذلك أن من يدخل إلى مخازنها فيستولي على جزء منها بقصد تملكها يكون قد إعتدى على الحيازة‬ ‫العائدة للغير فيجوز لهذا األخير ممارسة حق الدفاع الشرعي في مواجهته ألنه يعد في نظر القانون سارقا ‪ ،‬و اليحتجن حينذ بأن‬ ‫حيازة مثل هذه األشياء غير مشروعة ‪ ،‬ألن ذلك اليعود إليه هو ‪ ،‬و إنما يعود للدولة و بما لها من أجهزة ضبط مثل هذه األشياء‬ ‫غير المشروعة و حجزها و المعاقبة عليها بالطرق القانونية ‪.‬‬ ‫لم يرد في الفصل ‪ 505‬من ق ‪ .‬ج لفظ " المنقول " و إنما اشار المشرع إلى إختالس " المال " عمدا ‪ ،‬ويبرز هذا المعنى‬ ‫كون المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة التي أشارت إلى لفظ المنقول مثل ما هو وارد في القانون الفرنسي ‪ ...‬ذلك‬ ‫أن المشرع المغربي لم يمنع من إعطاء مدلول أوسع للمال المنقول في القانون الجنائي مما هو معروف به في القانون العقاري ‪.‬‬ ‫هذا الشرط بديهي إذ أن الشخص اليعتبر سارقا إن هو أخذ ماله ‪ ،‬كون حينما إشترط المشرع هذا الشرط صراحة بتملك‬ ‫الجاني لمال الغير حتى يكون المستولي عليه بدون رضا هذا الغير سارقا ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪:‬الركن المعنوي " القصد الجنائي للسرقة "‬ ‫يراد بالقصد الجنائي في السرقة كما في كل الجرائم العمدية عموما ‪ ،‬أن تتجه إرادة الجاني إلى إقتراف الوقائع المكونة لهذه‬ ‫الجريمة مع علمه بحقيقة هذه الوقائع ‪ ،‬وهو كذلك العمد أي القصد بقيام الفعل ‪ ،‬و هو – العمد – يشير كذلك إلى أمرين القيام‬ ‫بالفعل قصد التحوز أي اإلختالس الذي يكون بنية تملك المال ‪ ،‬و يكون كذلك عالما بما يفعل و إن كان يعرف مالك المال أم ال ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الظروف المشددة في السرقة‬ ‫هي ظروف مشددة متعلقة بالزمان و المكان و الموجودة في الفصول التالية ‪:‬‬ ‫إبتداء من الفصل ‪. 517 , 514 , 511 , 510 , 509 , 504 , 504‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬األعذار القانونية لجريمة السرقة‬ ‫لقد أخذ المشرع الجنائي فيما يخص بجريمة السرقة عدة أشكال لتخفيف العقوبة على المختلس و ذلك في إطار األعذار القانونية‬ ‫و التي تتفرع إلى نوعين منها األعذار القانونية المعفية و األعذار القانونية المخففة ‪.‬‬


‫أوال ‪ :‬األعذار القانونية المعفية‬ ‫تعود األعذار المعفية من العقاب في السرقة إلى رابطة القرابة ( نسب ‪ ،‬زواج أو مصاهرة ) التي تجمع بين الجاني و المجني‬ ‫عليه ‪ ،‬و بهذا فإن العقاب من السرقة التي تقع بين من تجمعهم رابطة قرابة كما عرفه القانون الروماني و الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬و‬ ‫كما ورد في القانون الجنائي المغربي في الفصل ‪ 572‬و ‪ 575‬الذي تحدث فيه المشرع عن هذا العذر بصريح العبارة منها‬ ‫زوج المختلس قد يكون المال المملوك ألحد الزوجين سرقه لزوجه األخر ‪ ,‬أو أحد فروعه و يعني أن يكون أحد فروع السارق اي‬ ‫إبنه أو إبن إبنه أو عمه أو خاله أو إبن عمه ‪.......‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬األعذار القانونية المخففة‬ ‫و هي موضوعة لحاالت رأى المشرع أن ال يعفي فيه السارق كليا من العقاب ‪ ،‬و إنما إرتأى فقط النزول عن العقوبة التي قررها‬ ‫للسرقة العادية المعاقبة بالفصل ‪ 505‬من ق ‪ .‬ج ‪ ،‬مخففا بذلك على السارق ‪.‬‬ ‫و نجد هذا المصدر المخفض للعقوبة في نص الفصل ‪ 504‬حيث نص على حالة سرقة األشياء الزهيدة القيمة و كذلك في‬ ‫الفصلين ‪ 514‬و ‪ 519‬في حالة سرقة المحاصيل و المنتجات الفالحية ‪.‬‬ ‫و كما يظهر فإن المشرع في هذه الصور المخففة للسرقة و إن كان قد قرر تشديد عقابها عند توافر بعض الظروف ‪ ،‬فهو مع ذلك‬ ‫كان رحيما بالجاني ألنه لم يقرر تطبيق النصوص العامة للتشديد ( الفصول من ‪ 504‬إلى ‪ 510‬من ق ‪ .‬ج ) و إنما رفع فقط‬ ‫من عقوبة السرقة دون أن يغير في وصفها إذ بقيت جنحة ‪ ،‬بل و حتى الظروف التي تشدد بها سرقة المحاصيل أو المنتجات‬ ‫الفالحية في هذه الصور حصرها المشرع في ظروف الليل ‪ ،‬و التعدد ‪ ،‬و اإلستعانة بناقالت أو دواب ‪ ....‬و هو سلوك منه محمود‬ ‫راعى فيه طبيعة الجريمة و الظروف اإلجتماعية لمقترفيها ‪ ،‬و هذا عكس ما فعله بالنسبة لسرقة األشياء الزهيدة ‪.‬‬

‫المحور الثاني ‪ :‬النصب‬ ‫جريمة النصب كالسرقة من الجرائم يتوصل بها الفاعل إلى اإلستيالء على أموال المجني عليه ‪ ،‬و الخالف بينهما يكمن‬ ‫فقط في أن الجاني في السرقة يقوم باإلستيالء على الشيء أو المال بدون رضا المجني عليه ‪ ،‬في حين أن النصاب‬ ‫يستولي على المال و هو موضوع الجريمة برضاء المجني عليه الذي يسلمه إليه و لكن بإستعمال الحيل و الخداع ‪ ،‬و‬ ‫المكر ‪ ،‬و يترتب على الخالف الجوهري السابق بين الجريمتين نتيجة مهمة و هي ان الجاني في السرقة إذا كان يعتدي‬ ‫على الحيازة و الملكية معا ‪ ،‬فإن في النصب اليمس إلى ملكية الشيء الذي تسلمه عن طريق اإلحتيال ‪.‬‬ ‫هذا وقد وجد اإلختالف السابق بين الجريمتين تطبيقه في القانون المغربي الذي خص النصب بكيان تشريعي مستقل‬ ‫عن جرائم األموال األخرى و خصوصا السرقة في الفصل ‪ 505‬من القانون الجنائي الذي ينص على أنه ‪:‬‬ ‫" يعد مرتكبا لجريمة النصب ‪ ,‬و يعاقب ب‪ .......................................................‬بقصد الحصول على‬ ‫منفعة مالية له أو لشخص أخر ‪.‬‬ ‫و ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف و الحد األقصى للغرامة ‪...........................‬متعلقة بشركة أو مؤسسة تجارية أو‬ ‫صناعية ‪" .‬‬ ‫و من خالل ما سبق فإن جريمة النصب تتنوع إلى عدة أشكال و التي هي موضوع تحليلنا هذا ‪ ,‬إذ أن تحليلها يتطلب‬ ‫تقسيم الموضوع إلى مبحثين فقط على أن يتم حصرها فيما ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬أركان النصب‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬عقاب النصب‬

‫المبحث األول‬ ‫أركان جريمة النصب‬ ‫للنصب ركنان أساسيان هما مادي و معنوي ‪.‬‬ ‫المطلب األول ‪:‬‬ ‫الركن المادي‬ ‫إعتمادا على ما وارد في الفصل ‪ 520‬من ق ‪ .‬ج فإن عناصر الركن المادي في جريمة النصب هم ثالث ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬النشاط اإلجرامي و الذي يتمثل في إتيان الجاني " اإلحتيال " بالوسائل التي حددها الفصل ‪ 520‬من ق ‪ .‬ج ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬نتيجة إجرامية تتمثل في جر الضحية إلى القيام بعمل يضر بمصالحها أو مصالح غيرها من طرف الجاني و بغرض جلب‬ ‫المصلحة المالية لهذا األخير ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬وجود عالقة سببية بين النشاط اإلجرامي و النتيجة ‪.‬‬ ‫‪ – 1‬النشاط اإلجرامي " اإلحتيال "‬ ‫لقد أفرز المشرع لهذا الركن من خالل الفصل ‪ 520‬الذي حصره بمجموعة من الحاالت التي تكون لعنصر اإلحتيال على إعتبار‬ ‫أنه ( المشرع ) لم يعرف اإلحتيال و إنما إكتفى بحصر ثالث حاالت مكونة له ‪ ,‬و التي سنتولى تفصيلها كاألتي ‪:‬‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬تأكيدات خادعة و التي يلجأ إليها الجاني إلى الكذب و إخفاء وقائع صحيحة للحيلولة بتملك شيء أو مال المجني‬ ‫عليه ‪.‬‬ ‫الحالة الثانية ‪ :‬إخفاء وقائع صحيحة و هي كتمان الشخص لواقعة صحيحة و موجودة لها األهمية القصوى عند المجني عليه ‪.‬‬ ‫الحالة الثالثة ‪ :‬إستغالل ماكر لخطأ وقع فيه الغير و الذي يعني وقوع المجني عليه في غلط جعله يتوهم واقعة على خالف حقيقتها‬ ‫و يكون – في الغالب – مدبرا من طرف شخص ماكر ( الجاني) أو م يسمى بالنصاب ‪.‬‬ ‫كل هذه الحاالت التي إعتبرها المشرع مكونة لعنصر اإلحتيال المولد لجريمة النصب ‪ ,‬و هي وسائل يلجأ إليها المقبلين على‬ ‫إرتكاب النصب في حق الضحايا و ذلك من أجل القيام بأعمال تمس مصالحهم المالية أو للغير ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬النتيجة اإلجرامية‬


‫عاقب المشرع في الفصل ‪ 520‬من ق ‪ .‬ج جريمة النصب بأنها دفع الشخص تحت تأثير الوسائل اإلحتيالية إلى القيام بأعمال‬ ‫تمس مصالحه المالية أو مصالح الغير ‪ ,‬و بهذا فالنتيجة اإلجرامية بإعتبارها عنصرا مكونا للركن المادي في جريم النصب ‪.‬‬ ‫‪ – 7‬عالقة السببية بين الحيل المستعملة و النتيجة‬ ‫جريمة النصب من جرائم النتيجة ‪ ،‬فال يكفي لتوافر ركنها المادي إتيان المحتال لوسائل اإلحتيال بقصد خداع الضحية ‪،‬و قيام هذه‬ ‫األخيرة ألعمال تمس مصالحها أو بمصالح الغير المالية ‪ ،‬و إنما يلزم زيادة على ذلك توافر عالقة سببية بين النتيجة الحاصلة و‬ ‫الطرق اإلحتيالية التي إستعمالها الجاني ‪،‬و يلزم كذلك أن يكون المساس أو اإلضرار بالمصالح المالية للمجني عليه راجع لإلحتيال‬ ‫الذي يلجأ إليه الجاني ‪.‬‬ ‫و نشير أيضا إلى كون الضرر يعتبر في مفهوم الفقه شرطا مكونا للركن المادي على إعتبار أن المجني عليه يأخذ مقابال ممن‬ ‫إستولى على المال مساويا لما وقع اإلستيالء عليه ‪ ,‬و نحو ذلك أيضا إحتمال وقوع الضرر للمجني عليه ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬‬ ‫الركن المعنوي‬ ‫مادامت جريمة النصب من الجرائم العمدية فإنها التقوم إال إذا توافر لدى الجاني القصد الجنائي ‪ ،‬اي بعلم الجاني لإلستعماله‬ ‫الوسائل اإلحتيالية من شأنها تغليط المجني عليه و المساس بمصالحه المالية ‪ ,‬و كذلك مريدا تحقيق منفعة مالية له أو لغيره من‬ ‫إستعماله للوسائل اإلحتيالية اي بإتجاه نية الفاعل إلى النصب على الضحية ‪.‬‬ ‫و نؤكد أخيرا أن إثبات القصد الجنائي يقبى من تقدير محكمة الموضوع التي تتقصى من خالل الوقائع الثابتة لديها توافر هذا‬ ‫الركن من عدمه و إستعانتها بقرائن صحيحة على وجود جريمة النصب ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬ ‫عقاب النصب‬ ‫لقد عاقب المشرع من يرتكب جريمة النصب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة مالية من ‪ 500‬درهم إلى ‪5000‬‬ ‫درهم و ذلك طبقا لما ورد في الفقرة األولى من الفصل ‪ 520‬من القانون الجنائي ‪ ,‬و عليه فإن المشرع رفع العقوبة بتشديدها‬ ‫على الجاني إلى الضعف لتصبح من سنتين إلى عشر سنوات ‪ ,‬و أما المحاولة في النصب فقد عاقب عليها المشرع في الفقرة‬ ‫األخيرة من الفصل ‪ 524‬من القانون الجنائي ‪.‬‬ ‫إال أنه يمكن اإلشارة إلى نقطة اإلعفاء من هذه عقاب هذه الجريمة و ذلك بمقتضى الفصول ‪ 527‬إلى الفصل ‪ ، 524‬و نالحظ‬ ‫أن هذه الفصول تحيل على ما سبق تبيانه من خالل جريمة السرقة ‪ ,‬ذلك أن المشرع قيد تلك اإلعفاءات ببعضهما البعض ‪.‬‬

‫المحور الثالث ‪ :‬خيانة األمانة‬


‫جاء في الفصل ‪ 524‬من ق ‪ .‬ج أن المشرع يجرم كل األفعال التي تكون بسوء نية الفاعل و ذلك بإختالس أو تبديد أمواال تضر‬ ‫بمالكها على سبيل إستعمالها أو نقلها إلى جهة معينة ‪ ،‬فيصبح مدانا بجريمة خيانة األمانة و ذلك وفقا للعقوبة المقررة في الفصل‬ ‫‪ 524‬من القانون الجنائي ‪.‬‬ ‫و لدراسة هذه النوع من الجرائم كغيره من الجرائم ‪،‬البد من اإلفراز له كيان مستقل عن باقي جرائم األموال و ذلك من خالل‬ ‫أركان جريمة خيانة األمانة – مثلها مثل السرقة و النصب – و يليها من بعد ذلك عقاب جريمة خيانة األمانة ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان جريمة خيانة األمانة‬ ‫المطلب األول‬ ‫الركن المادي لجريمة خيانة األمانة‬ ‫بناءا على الفصل ‪ 524‬من ق ‪ .‬ج فإن الركن المادي لخيانة األمانة يتكون من ثالث عناصر و هي كاألتي ‪:‬‬ ‫‪ ‬تسلم الجاني للمنقول على سبيل األمانة ‪ :‬و يتجلى هذا العنصر من خالل ما ورد في الفصل ‪ 524‬في فقرته األولى‬ ‫حيث أكد المشرع على كل ما هو منقول مثل األمتعة أو النقود التي من خاللها يتم إستعمالها أو نقلها من شخص لألخر‬ ‫على أساس األمانة ‪ ،‬فيحدث أن خالف ذلك الشخص الشيء الموردة له و اإلستحواذ عليه ( المنقول ) أو عدم التصرف‬ ‫فيه بالكيفية المناط بها تسليمه ‪ ،‬فخان األمانة على ذلك الشيء ‪.‬‬ ‫وقد يكون ذلك المنقول ماديا أو معنويا أو رمزيا كالتبرعات التي يقدمها شخص إلى أخر لإلهداء شيء ما إلى جمعية فحدث‬ ‫أن خان ذاك الشخص األمانة و إستحوذ عليها و أصبحت في ملكيته ‪.‬‬ ‫وهكذا فإن المشرع الجنائي لم يحدد طبيعة العالقة التي قد تجمع بين الجاني و المجني عليه إن كانت تبنى على عقد يربط‬ ‫بعضهما البعض أو اي كان من هذا القبيل ‪ ،‬و هذا اليخلو من عدة مشاكل على غرار ما فسر هذا الجدل القانون المقارن مثل‬ ‫القانون الفرنسي و القانون المصري ‪ .‬و لهذا فالمشرع الجنائي المغربي ترك الحرية الكاملة لتكييف الوقائع م العالقة التي‬ ‫تربط بين الجاني و الضحية فيما يخص هذه الجريمة للسلطة التقديرية للقضاة ‪.‬‬ ‫‪ ‬إختالس أو تبديد المنقول من قبل المتسلم ‪ :‬ذلك أن تسليم المؤمن للشيء المنقول إلى المؤتمن قد حدث إختالس أو‬ ‫تبديد من طرف الجاني و تتحقق خيانة األمانة ‪.‬‬ ‫وللدخول في تأويل هذين الواقعتين من قبيل اإلختالس و التبديد يتعين تفسير كل نقطة على حدى ‪ ،‬بالنسبة لإلختالس الذي‬ ‫يرتبط بمفهوم خيانة األمانة على غرار ما ورد في الفصل ‪ 505‬من ق ‪ .‬ج و المتعلق بجريمة السرقة ‪ ،‬على إعتبار أن‬ ‫اإلختالس هنا يتضح من خالل النشاط اإلرادي الذي يقوم به المؤتمن من حيازة الشيء المنقول حيازا كامال أي تملكه بصفة‬ ‫خاصة ‪.‬‬ ‫أما بخصوص التبديد الذي يشتبه إلى حد كبير باإلختالس بإعتبارهما عنصران مكونان للركن المادي لجريمة خيانة األمانة ‪.‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.