جامعة الحسن الثاني – عين الشق - كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية -الدار البيضاء
مادة الق انون الجنائي الخاص
الفوج 1و 2
األسدس 4
محاضرات تم تلخيصها فيما يخص جرائم األشخاص :القتل العمد ،القتل الخطأ ( القتل غير العمد ) ، جرائم اإليذاء العمدية ( الضرب و الجرح و العنف و اإليذاء ) ،جرائم اإليذاء غير العمدية .
و جرائم األموال :السرقة ،النصب ,خيانة األمانة . ذ.الباكير
تلخيص لمادة القانون الجنائي الخاص من محاضرات األستاذ ذ .الباكير وبعض المقتطفات من كتاب األستاذ ذ .العلمي عبد الواحد من كتابه " شرح القانون الجنائي المغربي – القسم الخاص – " . بسم هللا الرحمان الرحيم و الصالة و السالم على أشرف المرسلين و على أله و صحبه أجمعين . في بادئ األمر , إن القانون الجنائي كما هو متعارف عليه على أنه مجموع من األحكام القانونية التي تحدد مشروعية السلطة و هو كذلك األداة التي تبرر بها الدولة تدخلها بواسطة الوسائل القانونية التي لها الصالحية لمعاقبة المجرمين . وبهذا ,يعتبر حماية الحق في الحياة من الحقوق الدستورية المقدسة و أهم الحقوق اإلنسانية و التي تتمثل في سالمة الجسد البشري من كل اإلعتداءات و الممارسات التي قد تقع به ,وهكذا نجد أن القانون الجنائي يهتم بدراسة تقاصيل العقوبات التي تردع كل من سولت له نفسه المس في السالمة الجسدية لإلنسان ,على إعتبار أن هذه العقوبات تمتد بإمتداد السلوك اإلجتماعي و حماية الكائن البشري منذ تكونه جنينا في أحشاء أمه إلى حين وفاته و مابعد وفاته من خالل حماية المقابر و حرمة الموتى من كل هجس وأفعال غير قانونية تعرض صاحبها لعقوبات ردعية . ونجد من بين هذه الجرائم اإلعتداء على أمن الدولة و جرائم اإلرهاب و جريمة اإلجهاض و كذا الجرائم المالية و غيرها من الجرائم التي يرموا منها المشرع حماية المجتمع و كذلك ردع و زجر المقبلين على إرتكاب تلك الجرائم ,و من خالل هذا تتجسد غاية المشرع الجنائي المغربي في تحسيس األمن اإلجتماعي للناس . ونجد من جانب أخر أن القانون الجنائي هو الذي يحد من سلطات الكل و منها اإلعتداءات على األشخاص و على األموال ,ويجرم النص الجنائي أفعاال يصدر عليها الطابع الجنائي ثم يحدد لكل جريمة عقاب ,و كل فعل من شأنه اإلعتداء على شخص ما سواء الضرب أو الجرح .....فهو يعد جريمة نجد نصوصها مدرجة في الباب السابع من القانون الجنائي المتضمن للجنايات و الجرائم على األشخاص و كذلك جرائم األموال . و لتسليط الضوع جزئيا على أنواع العقوبات التي تنقسم إلى عقوبات أصلية وعقوبات إضافية التي تم تحديدها في اإلطار الجنائي و تطبق من غير الحاجة النطق بها بالحكم منها مثال اإلعدام . إذن ،فالجرائم تنقسم إلى نوعين هما : جرائم األشخاص . -جرائم األموال .
اللذان هما موضوع موجزنا هذا الذي سنتطرق إليه و المتوخى تفكيكه و التشعب في مضامين القانون الجنائي الخاص و كذا معالم النصوص القانونية األمثل لهذه الجرائم الجنائية .
:
الباب األول
جرائم األشخاص
إن اإلعتداء على حياة الشخص هو التسبب في موته ,و قد يكون القتل العمد أو القتل غير العمد . القتل غير العمد
العمد الفاعل
الفصل األول :القتل العمد العمد
يعد هذا النوع من الجرائم األخطر على حياة الشخص ألنه يهدف إزهاق روح اإلنسان و الذي ينتج عنه ما يسمى بالقتل العمد ,هذا النوع يجاوره عقوبة جنائية تردع المجرمين من خالل البلوغ إلى جردة القسوة المرصودة للعقاب الذي يرتكب عمدا قتل شخص ما و هو اإلعدام . والقانون الجنائي له أركان الجريمة تنقسم إلى ثالث و هي : الركن القانوني :النص القانوني الجنائي . الركن المادي :التسبب في قتل األشخاص ( اإلعتداء ) . الركن المعنوي :القصد الجنائي ( نية تحقيق الموت ) .
المبحث األول اركان جريمة القتل العمد :
ونجد هذه العناصر مجتمعة في نص الفصل 293من ق.ج في فقرته األولى التي نص فيها المشرع مايلي : " كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتال ,ويعاقب بالسجن المؤبد " . ويستفاد من هذا النص الجنائي أن للقتل العمد ركنين هما الركن المادي و المعنوي و الذي سنقسمه إلى مبحثين 1الركن المادي : إن القتل العمد يعد من الجرائم التي تتطلب أن يتخلف عنه نشاط من الجاني و فيها نتيجة إجرامية و هي "إزهاق روح المجني عليه " ،و منه فمكونات هذا الركن في ثالث : أ -نشاط صادر من الجاني و هو القصد ،و غاية الجاني التي تتمثل في إزهاق روح الضحية مهما كانت الوسائل المستعملة مثل سالح ابيض أو ناري أو حارق أو ألة إلطالق غاز خانق أو إلقاء المجني عليه من مكان عالي قصد قتله ،و بهذا فكل هذه األفعال المكونة للركن المادي في القتل العمد التي تؤدي بالفعل إلى إزهاق روح المجني عليه و تشكل أنشطة إيجابية ومادية محلها جسم الضحية تشكل نشاطا إجراميا صادر من الفاعل /الجاني . ب -النتيجة اإلجرامية و التي تتمثل في إزهاق الروح المجني عليه على إعتبار أن هذه الجرائم ( جريمة القتل العمد ) من جرائم النتيجة لهذا فإن القتل العمد يجب أن يستهدف إنسانا على قيد الحياة و ينتج عنه موت حقيقي . ج – عالقة السببية بين النشاط و النتيجة التي البد منها أن ترتبط بين فعل الجاني و النتيجة التي حاقت بالمجني عليه ،ذلك أن الركن المادي في هذه الجريمة العمدية يلزم زيادة على صدور نشاط من الجاني و نتيجة إجرامية لقيام رابطة سببية بينهما و التي تعني إرتباط العنصرين السابقين – اي النشاط و النتيجة – إرتباط المسبب بالسبب أو المعلول بالعلة التي أدت إليه . ويتحقق الركن المادي للجريمة بتحقق القصد العام و هو إنصراف النية في تحقيق األذى و تكون عقوبته غالبا السجن المؤبد . و تتخذ الجرائم حسب العقوبات اإلضافية أو العقوبات األصلية ,و السجن المؤبد هي عقوبة اصلية عاقب عليها المشرع الجنائي في الفصل 293من ق.ج .
3الركن المعنوي : هو القصد الجنائي لدى الجاني معناه أن إرادة الجاني و التي يقصد منها إلى إتيان النشاط الصادر منه و إلى النتيجة اإلجرامية المقصودة من ذلك النشاط وهي إزهاق روح الضحية ،و نمثل هذه المعادلة في الملخص التالي :
القصد
و لهذا فإن الركن المعنوي في مثل هذه الجرائم المفضية إلى الموت نتيجة نشاط إجرامي يحدثه الجاني من أجل إزهاق روح الضحية يكون من وراءه ركن معنوي كما سبق بيانه إلى أنه يتحتم علينا إستخراج المعادلة من هذا الركن و هي أن القصد في جرائم القتل العمد لدى الجاني الذي يتمثل في توجيه إرداته للقيام بإعتداء على إنسان حي مع علمه بحقيقة ما يقوم به ،و قصد خاص و هو إستهدافه من ذلك اإلعتداء إزهاق روح المجني عليه و إال ما قامت جريمة القتل العمد .
المبحث الثاني :
الظروف المشددة في القتل العمد : عقوبة القتل العمد األصلية كما هي مبينة في الفصل 293من القانون الجنائي تتمثل في السجن المؤبد ،إال أن المشرع الجنائي رفع من شدة العقوبة إلى اإلعدام متى صاحب ذلك إحدى الظروف المشددة التالية : سبق اإلصرار ( الفصل 292ق.ج ) الترصد ( الفصل 292ق .ج ) قتل أحد األصول ( الفصل 299ق .ج ) إقتران القتل العمد بجناية ( الفصل 3 / 293ق .ج )أوال :سبق اإلصرار يعتبر ظرف اإلصرار من الظروف المشددة التي إعتمدها المشرع في حالة القتل العمد و ذلك طبقا للفصل 292من ق .جالذي إقترنه بظرف أخر و هو ظرف الترصد و اللذان ينتجان عنه قتل عمد تكون له عقوبة زجرية قاسية متمثلة في اإلعدام . و بالرجوع إلى نقطة موضوع ظرف اإلصرار الذي عرفه المشرع الجنائي في الفصل 293من ق .ج على أنه العزم الذي يصمم عليه الجاني على اإلعتداء على شخص ما و لو كان هذا العزم مرتبط بظرف أو شرط ،و هنا يكمن الفرق بين القتل العمد البسيط و القتل العمد المرتبط بظروف مشددة على أن اإلختالف يتجلى في كون إرادة المشرع لم تكن لزجر الفاعل أو الجاني بفعله القتل العمد لشخص أخر أو المجني عليه و لكن على إعتبار أن ظرف اإلصرار يرجع إلى علمه األسبق و التي بين فيها المشرع تهيأ الجاني للوس ائل المادية التي سيستعملها في فعله الجرمي و هو القتل العمد بعد عزيمة و إصرار و تهيأ إلرتكاب الجريمة ،فيكون في هذا الحالة القتل العمد مع سبق اإلصرار . و القتل العمد المقرون بظرف اإلصرار تتوافر فيه عنصرين حسب ما جاء في الفصل 293من ق .ج ليثبت هذا الظرف و هما : العنصر النفسي و المقصود به أن الجاني فكر مليا في مشروعه اإلجرامي بهدوء أعصاب و روية و تحمل الجاني لنتائج عزمه على تنفيذ مشروعه اإلجرامي المتمثل في إزهاق روح الضحية ،كأن يعزم الجاني على قتل أي كان يجده داخل المنزل الذي خطط لسرقته أو إغتصاب إمرأة أو طفل يسكن فيه . ..... أما العنصر الثاني فهو العنصر الزماني و هو العزم الذي يكون سابقا على إرتكاب الجريمة ،و ذلك بمرور فترة من الزمان بين مرحلة العزم و التصميم و بين إقتران الجريمة حتى تتكون قرينة قوية على سيطرة العزم المصمم عليه من نفسية الجاني ،و إال كان العزم على إرتكاب الجريمة سوى القصد الجنائي الفجائي الذي يتولد لحظة إرتكاب الجريمة عند الجاني تحت تأثير الغضب أو الهياج ،مما يجعل عقوبته السجن المؤبد و ليس اإلعدام . و نستنتج أن الجاني يعزم على إزهاق روح الضحية بهدوء أعصاب و تفكير و روية و أنه قد مرت زمنية بعد إتخاذه لهذا القرار و تنفيذه له . ثانيا :الترصد ظرف الترصد كظرف مشدد في القتل العمد الذي عرفه المشرع في الفصل 293من ق .ج على أنه التربص لفترة طويلة أوقصيرة مقترنة بمكان ما .و نجد من هذا التعريف المطبق في هذا الفصل السابق على أن ظرف الترصد معتمد على عنصرين مهمين و هما العنصر الزماني و العنصر المكاني ،فيما األول فإن المشرع لم يحدد زمن محدد إبتداءا ،بحيث أن المهم هو أن تمر مدة زمنية من الزمن قد تطول كما قد تقصر و الجاني ينتظر الفرصة كمرور المجني عليه أو خروجه من داره أو من إدارة أو مغادرته لحقل .....لينفد بعد ذلك مشروعه اإلجرامي .
و العنصر الثاني ،أن المكاني و هو الذي يتحقق قانونا بتربص الجاني بهدف القضاء على المجني عليه في مختلف األمكنة و ذلك أنه قد يفلت أي -المجني عليه -من الجاني المتربص به بالمكان األول فينتقل هذا األخير لمكان أخر بقصد اإلجهاز على المجني عليه ،و المكان قد يكون ظاهرا أو غير ظاهر إال أن األهم هو أن يتبع الجاني في أي مكان و ذلك بقصد إزهاق روح المجني عليه لكي يتحقق ظرف الترصد و منه يفسر على أن المشرع لما أخذ بهذا الظرف لتشديد العقاب أراد ضرب النية اإلجرامية و الخسة الكامنة في نفسية المجرم الذي يلجأ غلى الغدر و الخديعة في أخد المجني عليه على حين فترة . و نستخلص من خالل ما سبق ذكره على أن ظرف الترصد هو عكس ظرف سبق اإلصرار ،فهو { ظرف اإلصرار } ظرف عيني ( مادي ) ألنه يتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة ( اي المكان المادي فيها ) ،و من ثم فإن اثره يمتد إلى كافة المساهمين و المشاركين في الجريمة علموه أم جهلوه ( الفصل 121من القانون الجنائي ) . ثالثا :قتل أحد األصول المقصود باألصل الوارد في الفصل 299من ق .ج هو أب الجاني أو جده مهما عال ،أو أمه وجدته مهما علت ،كما يعتبر أصال في مدلول السابق ايضا أم األب و أب األم ـ و هذا اليكفي في القانون المغربي أن يكون المقتول أصال حتى تشدد عقوبة القاتل إلى اإلعدام ،بل البد و أن تكون رابطة القرابة من جهة األب شرعية و متواجدة شرعا . وبهذا ،فإن قتل أحد األصول حتى يعتبر ظرفا مشددا في القتل العمد يقتضي الحال أن يكون القاتل على معرفة تامة بأن الذي يزهق روحه ( أو يحاول ذلك ) هو أصال من أصوله ،أما إن كان غير محيط بذلك نتيجة غلط أو خطأ فإن عقابه اليشدد ،و نحو ذلك أن يهاجم الجاني شخصا في الظالم بقصد قتله و يقتله بالفعل ،و يتبن بعد ذلك أن المقتول كان اباه ،فإن العقاب في هذه الصورة و كما هو واضح اليشدد عليه ،لكنه إذا قتل ابيه و صوب نحوه الرصاص فخطأه و قتل شخصا أخر ،فإنه يعتبر قاتال عمدا بالنسبة لمن أزهقت روحه بإصابة من الرصاصة ،و محاوال قتل أبيه فيشدد عقابه إلى اإلعدام ( ف113و 299من ق.ج). رابعا :إقتران جريمة القتل العمد بجناية أخرى شدد المشرع في جريمة القتل العمد بعض الظروف التي يرى من خاللها أنها تشكل تهديدا على سالمة المجتمع ،منها إقتران جريمة القتل العمد بجناية أخرى و ذلك ما نص عليه الفصل 293من ق .ج الذي أكد فيه المشرع أن القتل العمد المتسبب في إزهاق روح الضحية أو المجني عليه يعاقب فاعله بالسجن المؤبد ،لكنه إستثنى بعبارة لكن إقتران تلك الجريمة بجناية أخرى متصلة بشكل كبير بالمصاحبة الزمنية للجاني الذي يرتكب جناية أخرى سواء قبل إنجازه أو أثنائه أو بعده ،و هذا ما نجده جليا يدخل في نظاق تعدد الجرائم طبقا للفصل 131من القانون الجنائي ،لكن المشرع راعى لخطورة القتل العمد مع نية الجاني إلرتكابه جريمة القتل العمد فشدد العقوبة إلى اإلعدام . و لم يحدد المشرع طول الفترة الزمنية الكافية لقيام هذا الظرف إال أنه سلمها لتقدير محكمة الموضوع في النظر في مثل هذه القضايا . و نالحظ أن جريمة القتل العمد يجب أن تكون تامة أي إزهاق روح الضحية و ليسس محاولتها فقط . و بهذا نستخلص من خالل تفصيل معطيات الظروف المشددة في جريمة القتل العمد نرى على أنها الظروف التي قام بها المشرع بإتخاذها مهما كانت المصلحة في ذلك ،أما التخفيف الذي سنتحدث عنه فيما يلي فقد أحاله المشرع لتقدير القضاة لبعض األحكام. و نشير إلى نقطة متداولة في المجال القضائي و هي الجريمة الموصوفة التي تعني جريمة القتل العمد مع ظرف مشدد يتسجد إما في اإلصرار أو الترصد ألنها مرتبطة بالتشديد .
المبحث الثالث :األعذار المخففة في القتل العمد
هناك حاالت إعتبرها المشرع مخففة للعقوبة كحالة قتل األم لوليدها ،و قتل األم لوليدها جعله القانون مبررا و عالجه معالجة رحيمة و خفف العقوبة على األم ,وقد خفف المشرع عقوبة القتل العمد مثل الضرب و العنف الجسيم و كل األنواع التي قد تولد إذاءا على جسم اإلنسان الذي وجبه المشرع أن يكون جسيما و ليس خفيفا أو بسيطا ألنه ال يعتد به ,و بهذا فالعقوبة في مثل هذه األعذار المخففة جعلها المشرع تنطلق من الحبس أو السجن ( الفصل 244من القانون الجنائي ) ،و المنصوص عليها في الفصول 214و 214و 214و – 794في فقرته الثانية . -
العذر - 1القتل العمد الناتج عن إستفزاز بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما يعتبر الفصل 214الذي يتحدث عن القتل العمد المرتكب نتيجة إستفزاز من شخص قد يكون المجني عليه ،و هذا سبب عذر قانوني لتحقيق العقوبة المقررة في السجن المؤبد أو اإلعدام إلى الحبس من سنة إلى سنوات ،بإعتبار الجاني يفقد أعصابه بحيث يرتكب الجريمة مندفعا تحت تأثير اإلنفعال الشديد . و القتل العمد الذي ينتج إستفزاز بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما ،وجبه المشرع أن يبلغ درجة الجسامة ،فالقتل أو اإلعتداء الذي يكون خفيفا أو بسيطا اليعتد به نظرا لعدم خطورته أو جسامته الكافية و التامة على سالمة الشخص المجني عليه ، و نغني بياننا هذا بكون المشرع لم يشترط أن يكون هذا القتل الناتج عن إستفزاز وقع على شخص القاتل و إنما قد يكون على غيره . و من جهة أخرى فالقتل أو الضرب أو الجرح أو العنف الجسيم يتبادر وضوحه من خالل الفصل 214و الذي وجب أن يكون غير مشروعا ,مثال حينما تتدخل السلطات العمومية عبر بعض أجهزتها األمنية لفك تجمهرغير مشروع عبر إستعمال أدوات اإلكراه أو في حالة الدفاع الشرعي يكون تدخلها مشروعا على غرار ما تم بيانه .
العذر – 4القتل الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج األخر و شريكه عند مفاجئتهما متلبسين بالخيانة الزوجية إن أثر هذا العذر في تخفيض العقوبة قد تعرض له المشرع في الفقرة األولى من الفصل 247من ق .ج ،و بمقتضاها يستبدل القاضي لزوما في حالة ثبوت هذا العذر تخفيض العقوبة ،سواء كانت إعداما و سجنا مؤبدا ،بالحبس من سنة إلى خمس سنوات .
العذر – 7حالة قتل األم لولديها . جاء في الفقرة الثانية من الفصل 794من القانون الجنائي " :إال أن األم سواء كانت فاعلة أصلية أو مشاركة في قتل وليدها تعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر ،و ال ينطبق هذا النص على مشاركيها و ال على المساهمين معها " . و بهذا نستنتج من خالل الفصل السابق أن المشرع خفف العقوبة على األم فقط في حالة قتلها لوليدها دون غيرها كالجدة أو األب ...و من ثم وجب أن تقوم على األمومة الطبيعية بين الطفل و الوليد و القاتلة و أن يكون الوليد نتيجة عالقة زوجية شرعية . و يمتاز هذا العذر المخفف القانوني للعقاب بالنسبة األم كونها الوحيدة المستفيدة منه دون غيرها من المشاركين أو المساهمين و هذا ما أكده المشرع بصريح العبارة في الفقرة الثانية من الفصل 794من ق .ج .
الفصل الثاني :القتل الخطأ
لما جاء المشرع في الفصل 274من القانون الجنائي و أكد على صيغة القتل غير العمد أو ما يحيل بجريمة القتل الخطأ كل " شخص إرتكب جناية القتل غير العمد و عن غير قصد و ينتجه عنه قتل أو موت " ،و نجد الركن المادي في هذه الجريمة يتمثل في قتل الجاني للمجني عليه ،و الركن المعنوي يتمثل عندما يكون هذا عن غير قصد اي نتيجة خطأ .
المبحث األول :أركان جريمة القتل الخطأ : المطلب األول :الركن المادي في القتل الخطأ /غير العمد يستلزم – مثله مثل القتل العمد – صدور نشاط من الجاني يكون هو السبب في النتيجة التي هي إزهاق روح الضحية . و النشاط اإلجرامي الذي يأتيه الجاني و الذي عدده الفصل 274من ق .ج إلى صور نشاط الجاني المرتب للمسؤولية الجنائية و التي منها اإليجابي كعدم مراعاة األنظمة و القوانين و منها كذلك السلبي كاإلهمال . أما النتيجة اإلجرامية ،فإن جريمة القتل الخطأ من جرائم النتيجة و ذلك أنها تفرض موت المجني عليه بسبب نشاط الجاني / الفاعل مثل حادثة سير التي يحدث فيها أن عولج المجني عليه و أنقذ ،فإن الجاني اليسأل إال على جرائم اإليذاء الخطأ مثل الضرب و الجرح ،و ليس محاولة القتل كما سبق تبيانه . و بهذا فكل ما ينبغي توافره هو أن الوفاة قد حدثت بسبب نشاط الجاني فقط دون المشاركين أو المساهمين .
المطلب الثاني :الركن المعنوي يتمثل هذا الركن في جريمة القتل الخطأ مقارنة مع جريمة القتل العمد التي يشترط فيها قيام و توافر القصد الذي يتحقق بتوجيه إرادة الجاني إلتيان نشاط مخا لف للقانون الجنائي ،و إرادة تحقيق النتيجة التي هي إزهاق روح الضحية عن هذا النشاط ،فإن الركن المعنوي في القتل غير العمد ( القتل الخطأ ) يتوافر فقط بإتيان سلوك خاطئ من طرف الفاعل . و يستفاد من هذا الركن أن جرائم القتل الخطأ التكون فيها نية الجاني تحقيق النتيجة اإلجرامية أبدا ،و على إعتبار أنه اليمكن تصور تشديد العقوبة في جرائم القتل الخطأ بسبب الظروف المشددة في القتل العمد كسبق اإلصرار و الترصد مثال مادامت النتيجة فيها التحصل إال عبر خطأ و خارجة عن إرادة مؤتي النشاط الذي أفضى إلى إزهاق روح الضحية.
المبحث الثاني :صور القتل الخطأ لقد جاء الفصل 274من ق .ج بخمس صور تفسر الفعل اإلجرامي الذي أفضى إلى إزهاق روح الضحية ،و هذه الصور تدخل في نطاق إمكانية حدوثها عن خطأ الفاعل أو الجاني إليقاع الضحية ميتا . و هذه الصور هي كما يلي : عدم التبصر :هو خطأ في إطار مهني – غالبا – من طرف الفنيين كاألطباء أو الصيادلة أو القابالت أو أرباب الحرف ، في حالة يتسببون فيها في قتل إنسان نتيجة عدم قيامهم بعملهم كما يجب ،مثل الطبيب الذي يحدد لمريض السكري كمية من األنسولين دون اإلطالع على على نتائج التحليل التي أوصى بها ،فيموت المريض نتيجة ذلك . عدم اإلحتياط :و يظهر في الطيش و قلة التحرز للنتائج المضرة و الخطيرة التي قد تترتب عن فعل من األفعال ،و عدم الحيلولة دون وقوعها ،كالذي يسوق دراجة نارية في مكان أهل بالمارة بسرعة كبيرة غير مناسبة لظروف الزمان و
المكان فيصدم أحد المارة فيقتله ،و يظهر من هذا أن مرتكب الخطأ في صورة عدم اإلحتياط كان بإمكانه تجنب النتيجة إال أنه لم يفعل ،فأعتبر غير محتاط . عدم اإلنتباه ,اإلهمال ،و عدم مراعاة النظم و القوانين :المقصود بها كل ما يصدر من تشريعات سواء عن السلطة ال تشريعية أو التنفيذية في الحدود التي تختص بها قانونا ،و تمتد لتشمل تنظيمات المعامل كمنع التذخين في أماكن تعبئة الغاز . .... و نستنتج من خالل ما سبق أن المشرع المغربي عاقب القاتل بالخطأ إذا لم يتبصر أو لم يحتط أو لم ينتبه أو أهمل أو لم يراع األنظمة أو القوانين بالحبس من ثالثة أشهر إلى خمس سنوات .
الفصل الثالث :جرائم اإليذاء جرائم اإليذاء العمدية /غير العمدية المبحث األول :جرائم اإليذاء العمدية حينما نتكلم عن هذا النوع من الجرائم الذي يجمع كل األنشطة التي من شأنها أن تصيب اإلنسان في جسمه أو صحته بالضرر دون أن تطال حياته ،و نحو ذلك الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة بالصحة و غيرها من الوسائل التي يستهدف بها اإلعتداء على جسم اإلنسان أو النيل من صحته . و بهذا فإن هذه الطائفة من الجرائم التي تتميز بكون الفاعل فيها يريد إلحاق األذى بالمجني عليه ،و ذلك عن طريق المساس بسالمته الجسدية أو بصحته دون أن يكون قاصدا قتله و مع ذلك فإن النتيجة في هذه الطائفة من الجرائم تلعب دورا حاسما في تحديد الوصف القانوني للفعل و عقابه الذين يتنوعان بحسب ما إذا كانت النتيجة إلحاق أذى خفيفا بالضحية أو عجزها مؤقتا ،و عاهة دائمة أو القضاء على حياتها . و للحديث عن هذا النوع من الجرائم البد من التطرق إلى أركان الجريمة المعتمدة في جل الجنايات و التي الغبار عنها بإعتبارها موحدة في كل أنواع الجرائم ،و من بين هذه األركان نجد :
الركن المادي النشاط اإلجرامي هو ترك األثر خارجيا على جسم الضحية كإحمرار في الجلد أو إنتفاخ أو تروم أو تغير في لونه الضرب إلى الزرقة ،و كذا اللطم باليد أو بالرجل أو بأية وسيلة أرخى كالعصا أو الحزام أو سلك من األسالك الحديدية أو البالستيكية أو ثني ذراع الضحية . هو النشاط الذي يأتيه الفاعل و يترك أثرا في جسم الضحية و يكون إما ظاهرا أو غير ظاهرا الجرح مثل إطالق عيار ناري على شخص ما ،أو تسليط حيوان مفترس مثل الكلب بقصد عض الضحية و ينفذ ذلك الفعل .
هي لفظة من العموم تشمل كل ما يؤذي في جسمه أو صحته ،بحيث ينضوي تحت العنف /اإليذاء لواء الضرب او الجرح و العنف ،و غيرها من الوسائل األخرى كإعطاء مواد ضارة بالصحة ايا كانت لشخص فتؤذيه في صحته شريطة أن التكون معطاة بأمر الطبيب بقصد العالج و المداواة . -
و نصل إلى نتيجة و هي أن لفظ اإليذاء إذا أطلق فهو يشمل أفعال اإلعتداء على سالمة الجسم أو الصحة ،
و ما إيراد المشرع لصورتي اإليذاء بالضرب أو الجرح فإنما كان من ذلك إظهارا منه ألهمية هذه الصور من اإليذاء الذي إرتبط تاريخيا وواقعيا بهما .
-
كما أ إيراده لصور اإليذاء بإعطاء مواد ضارة بالصحة [ الفصل 217من ق .ج ] أو الحرمان من التغذية أو
العناية باألطفال [ الفصل 204من ق .ج ] أو ترك األطفال أو العاجزين أو تعريضهم للخطر [ الفصل 254من القانون الجنائي ] كان بهدف إعتبار إلحاق األذى بالضحية بإحدى الوسائل الثالث السابقة ظرفا مشددا في تلك الجرائم التي أفرد لها المشرع نصوصا لتحكمها مستقلة عن تلك التي تحكم باقي جرائم اإليذاء العمدية . الركن المعنوي : يتحقق هذا الركن في جرائم اإليذاء العمدية إذا إنصرفت إرادة الفاعل إلى إرتكاب الجريمة على نحو ما عرفها القانون به ،و معنى هذا يكون الجاني قد وجه نشاطه المؤذي بقصد المساس بحسم الضحية أو صحتها ،فإن قام لديه هذا القصد إبتداءا قام الركن المعنوي لديه . و يترتب على ما سلف أنه اليوجد قصد خاص في هذا النوع من الجرائم . إن القصد الجنائي في جرائم اإليذاء العمدية يتحقق بمجرد توجيه إرادة مؤتي النشاط المؤذي إلى المساس بسالمة الجسم أو الصحة إلنسان ما ،و لذلك فإن الجاني لن يسأل إال عن النتائج التي حصلت بسبب مباشرته لنشاطه المؤذي و بغض النظر عن قصده و نيته .
عقاب جرائم اإليذاء العمدية : عقاب جناية اإليذاء العمد المفضي إلى الموت : الفصل 207من القانون الجنائي .
من 10سنوات إلى 40سنة
السجن .
عقاب جنائية اإليذاء العمد المفضي إلى عاهة دائمة : الفصل 204من القانون الجنائي . من 5سنوات إلى 10سنوات
السجن .
العاهة الدائمة :و هي البتر مباشرة كقطع الجاني لمبيض األنثى قصد تعقيرها أو قطع ثديها بقصد تشويهها أو كان هذا البتر بسبب طلب العالج كأن يصيب أحدهم أخر إصابة خطيرة في الكلية إستدعت تدخل الطبيب لبترها . العجز :هو الوارد في الفصل 201من ق .ج و الذي يقصد به عدم قدرة المجني عليه القيام باألعمال البدنية و األعمال الشخصية التي يمارسها في الحياة المعتادة كالمشي و الحركة ،دون األعمال المهنية أو النشاطات الغير عادية كرياضةالمصارعة .
و يتحقق العجز عن ممارسة األعمال العادية للضحية دون العجز عن ممارسة النشاط المهني لها ،كما أن مدة العجز ينبغي أن يتجاوز 40يوما تحسب إبتداءا من اليوم الذي حدثت فيه النتيجة التي هي بسبب نشاط الجاني المؤذي ،و ليس من يوم ممارسة هذا النشاط ،و من ثم فإذا كان الجاني قد أذى الضحية بإعطائها مواد ضارة بصحتها ( المعاقب عليها بالفصل 217من ق .ج ) و لم يبدأ أثر هذه المواد الضارة في الظهور إال بعد أسبوع من إعطائها لها فإن مدة العشرين يوما تحسب إبتداءا من اليوم السابع القبله و ال بعده . األعذار القانونية المخففة في جرائم اإليذاء العمدية : قرر المشرع بعض األعذار القانونية المعفية جزئيا من العقاب في هذه الجرائم و هي : العذر الوارد في الفصل 214 العذر الوارد في الفصل 214
تشبه إلى حد كبير األعذار المخففة المطبقة في جريمة القتل العمد .
العذر الوارد في الفصل 214
المبحث الثاني :جرائم اإليذاء غير العمدية هي المنصوص عليها في الفصول 277و 272و 275من القانون الجنائي الذي يجمعون على كون التسبب في إثارة جرح أو ضرب عن غير قصد على جسد الضحية يعتبر إيذاءا غير عمديا . و نجد أن هذه الجرائم التختلف عن جريمة القتل الخطأ لكون الركن المعنوي فيها يتشابهان كما ذلك في الركن المادي الذي اليختلف عن جريمة القتل الخطأ سوى في النتيجة ،حيث في هذه األخيرة تكون إزهاق روح المجني عليه ،بينما في الجريمة اإليذاء غير العمدية تتجسد في إلحاق األذى بالضحية فقط عن طريق التسبب لها في جرح أو إصابة أو مرض يؤذي إلى عجزها لمدة تفوق 4أيام فالجريمة إذ ذال جنحة ،و إما أن تقل عن ستة أيام أو تعادلها فتعتبر الجريمة إذ ذاك مخالفة .
الباب الثاني :جرائم األموال إن موضوع جرائم األموال يبلغ الدرجة المرجوة منه حيث أن هذا النوع من الجرائم و إن كان يقتصر على تلك األفعال التي ترتكب لإلستيالء على أموال الغير إم ظلما أو غصبا ،فإنه يعد من أخطر الجرائم على سالمة المجتمعات و منظومة تعايشها و إستقرارها مما فرض على جل التشريعات الوطنية أو المقارنة الرد عليها بالحزم و شدة ،هذا الرد الذي إستلزم حماية المال بضرب أطماع الطامعين في اإلستيالء عليه بدون حق مشروع ( السرقة ،النصب ،خيانة األمانة ) أو الناقمين على الذين أوتو نعمة المال ، فيعمدون إلى إرتكاب أفعال تتوخى إتالفه ( اإلحراق ،التعييب ،التخريب . )... و األموال الخاصة تتعرض ألنواع من اإلعتداءات تكون بإنتزاعها إكراها أو إعتداءا على المال بطريقة إحتيالية ،و بهذا فغاية المشرع الجنائي تكمن في حماية األموال من كل اإلعتداءات التي تمس بها . بالرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي نجد المشرع تعرض لجرائم األموال فيما يزيد عن مائة نص قانوني ،حيث خصص الباب التاسع منه للجنايات و الجنح الماسة باألموال و قسمه إلى ثمانية فروع . و سنقتصر تحليلنا هذا على 7نقط أساسية متعلقة بمادة دراستنا في األسدس الرابع و هي القانون الجنائي الخاص ،و هذه النقط تتمحور حول :
جريمة السرقة -من الفصول 505إلى 579من القانون الجنائي -
جريمة النصب -من الفصول 520إلى 524من القانون الجنائي - جريمة خيانة األمانة – من الفصول 524إلى 555من القانون الجنائي -
المحور األول :السرقة يتبين من خالل الفصل 505من القانون الجنائي الذي يتحدث فيها المشرع الجنائي عن جريمة السرقة بإعتبارها جريمة منجرائم األموال كيفها المشرع على حدة . و بهذا فإن هذه الجريمة تنقسم إلى 7مباحث رئيسية مكونة لهذا النوع من الجرائم ،و التي لها أركان مثلها كباقي الجرائم منها ما هو مادي أو معنوي ,و البد من توفر إفتعال الفعل الجرمي و إدانة الجاني بناءا على تلك األركان ،و كذلك الظروف المشددة التي تضاعف العقاب بالنسبة للجاني في بعض الحاالت التي إعتبرها المشرع مشددة للعقاب و رفع العقوبة ،و هنالك في مقابل هذه األعذار القانونية التي جعلها المشرع أسبابا قد تمحو الجريمة أو قد تخفف العقاب بناءا على أسباب قانونية أخذها المشرع بعين اإلعتبار .
في بادئ األمر ،البد من التطرق إلى أول ركن من األركان الموضوعية لجريمة السرقة و هو الركن المادي الذي يتمثل في النشاط الذي أتاه الفاعل لفعله اإلجرامي و المكون لجريمة السرقة . هذا الركن الذي أوضحه المشرع بناءا على الفصل 505بعبارة اإلختالس الذي يتم بإنتزاع أو إخراج حيازة المال من يد صاحبه و بدون رضاه . و اإلختالس كركن مادي في السرقة ينبثق من عنصرين بناءا على ما جاء به الفصل 505من ق .ج ،األول و هو سلب الجاني للمال من حيازة صاحبه أو الغير و إضافته لحيازته ،ثانيا أن يتم هذا السلب بدون رضاء المجني عليه ( المالك أو الحائز) فيما بعد سنتولى التطرق إلى هذين النوعين أو العنصرين كاألتي ،بالنسبة لألول كل فعل مادي اليتحقق به إخراج الحيازة بالمعنى السابقى اليشكل إختالس و إنما البد من حيازة أو إمتالك المال لصاحبه و إضافته لحيازته . أما بالنسبة للثاني فهو متطلب بدون التنصيص عليه ،ذلك أن الشخص إذارضي بأن يستولي الغير على ماله إن صراحة و إن ضمنا فالداعي للحديث إذ ذاك نتج عن وقوع إعتداء على ذات المال بالسرقة . و إن كان عدم رضا الشخص بأخذ ماله هو الذي يكمل ركن اإلختالس في السرقة فهو العنصر المادي الثاني لفعل اإلختالس .
المطلب األول :عناصر و اركان جريمة السرقة بعد إعطاء تقديم شامل حول هذا النوع من الجرائم المصنف في األفعال التي تمس بمال األشخاص سنتطرق إلى أركان و عناصر جريمة السرقة و هي كالتالي :
أوال :الركن المادي " اإلختالس " من خالل الفصل 505من ق .ج يتبين ان عنصر اإلختالس واضح الوضوح بإعتباره الركن المادي في جريمة السرقة . فعبارة اإلختالس بما أنه نشاط مادي للفعل الجرمي يدل على إنتزاع أو إخراج المال أو الشيء من يد صاحبها ،مع فارق جوهري يكمن في أن اإلنتزاع أو إخراج المال من حيازة صاحبها الشرعي البد أن يكون قد تم بدون رضاه من جانبه ،لكي يتحقق عنصر اإلختالس كركن مادي في السرقة ،أما في خيانة األمانة و النصب ،فإن اإلختالس يتحقق في األولى إذا كان الجاني قد حاز المال بعقد من عقود األمانة ،و هذا ما يفيد حتما أن هذه الحيازة قد تمت برضاء صاحبها للجاني ،ثم يقوم هذا األخير بعد ذلك بإختالس المال أو تبديده ،و في الثانية يقع اإلختالس برضاء صاحب المال و لكن بإستعمال الجاني للحيلة و المكر و الخداع. و نستدل بمعادلة لتبسيط المعطيات السالفة الذكر و التي تتمثل فيما : فعل اإلختالس
موضوع اإلختالس
المال
صفة اإلختالس
ثانيا :محل اإلختالس " المال المملوك للغير " اإلختالس كما سبق التعريف به هو اإلستيالء على مال يحوزه أخر بدون رضاه ،و حتى يتحقق يلزم : – ) 1أن يكون المال مما يمكن نقل حيازته إلى المختلس . – ) 4أن يكون هذا المال منقوال من المنقوالت و ليس عقارا ثابتا . – ) 7أن يكون هذا المال مملوكا للغير الذي إستولى عليه باإلختالس . إن المال المادي القابل للتملك يصلح محال لإلختالس حتى ولو كانت حيازة صاحبه له مشوبة بعدم المشروعية ،و نحو ذلك األموال المسروقة أو التي اليجوز التعامل بها إال في حدود ما يرخص به القانون ،كمادة الكيف أو المخدرات عموما ،و األسلحة غير المرخص بحملها إلخ ،ذلك أن من يدخل إلى مخازنها فيستولي على جزء منها بقصد تملكها يكون قد إعتدى على الحيازة العائدة للغير فيجوز لهذا األخير ممارسة حق الدفاع الشرعي في مواجهته ألنه يعد في نظر القانون سارقا ،و اليحتجن حينذ بأن حيازة مثل هذه األشياء غير مشروعة ،ألن ذلك اليعود إليه هو ،و إنما يعود للدولة و بما لها من أجهزة ضبط مثل هذه األشياء غير المشروعة و حجزها و المعاقبة عليها بالطرق القانونية . لم يرد في الفصل 505من ق .ج لفظ " المنقول " و إنما اشار المشرع إلى إختالس " المال " عمدا ،ويبرز هذا المعنى كون المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة التي أشارت إلى لفظ المنقول مثل ما هو وارد في القانون الفرنسي ...ذلك أن المشرع المغربي لم يمنع من إعطاء مدلول أوسع للمال المنقول في القانون الجنائي مما هو معروف به في القانون العقاري . هذا الشرط بديهي إذ أن الشخص اليعتبر سارقا إن هو أخذ ماله ،كون حينما إشترط المشرع هذا الشرط صراحة بتملك الجاني لمال الغير حتى يكون المستولي عليه بدون رضا هذا الغير سارقا . ثالثا :الركن المعنوي " القصد الجنائي للسرقة " يراد بالقصد الجنائي في السرقة كما في كل الجرائم العمدية عموما ،أن تتجه إرادة الجاني إلى إقتراف الوقائع المكونة لهذه الجريمة مع علمه بحقيقة هذه الوقائع ،وهو كذلك العمد أي القصد بقيام الفعل ،و هو – العمد – يشير كذلك إلى أمرين القيام بالفعل قصد التحوز أي اإلختالس الذي يكون بنية تملك المال ،و يكون كذلك عالما بما يفعل و إن كان يعرف مالك المال أم ال .
المطلب الثاني :الظروف المشددة في السرقة هي ظروف مشددة متعلقة بالزمان و المكان و الموجودة في الفصول التالية : إبتداء من الفصل . 517 , 514 , 511 , 510 , 509 , 504 , 504
المطلب الثالث :األعذار القانونية لجريمة السرقة لقد أخذ المشرع الجنائي فيما يخص بجريمة السرقة عدة أشكال لتخفيف العقوبة على المختلس و ذلك في إطار األعذار القانونية و التي تتفرع إلى نوعين منها األعذار القانونية المعفية و األعذار القانونية المخففة .
أوال :األعذار القانونية المعفية تعود األعذار المعفية من العقاب في السرقة إلى رابطة القرابة ( نسب ،زواج أو مصاهرة ) التي تجمع بين الجاني و المجني عليه ،و بهذا فإن العقاب من السرقة التي تقع بين من تجمعهم رابطة قرابة كما عرفه القانون الروماني و الشريعة اإلسالمية ،و كما ورد في القانون الجنائي المغربي في الفصل 572و 575الذي تحدث فيه المشرع عن هذا العذر بصريح العبارة منها زوج المختلس قد يكون المال المملوك ألحد الزوجين سرقه لزوجه األخر ,أو أحد فروعه و يعني أن يكون أحد فروع السارق اي إبنه أو إبن إبنه أو عمه أو خاله أو إبن عمه ....... ثانيا :األعذار القانونية المخففة و هي موضوعة لحاالت رأى المشرع أن ال يعفي فيه السارق كليا من العقاب ،و إنما إرتأى فقط النزول عن العقوبة التي قررها للسرقة العادية المعاقبة بالفصل 505من ق .ج ،مخففا بذلك على السارق . و نجد هذا المصدر المخفض للعقوبة في نص الفصل 504حيث نص على حالة سرقة األشياء الزهيدة القيمة و كذلك في الفصلين 514و 519في حالة سرقة المحاصيل و المنتجات الفالحية . و كما يظهر فإن المشرع في هذه الصور المخففة للسرقة و إن كان قد قرر تشديد عقابها عند توافر بعض الظروف ،فهو مع ذلك كان رحيما بالجاني ألنه لم يقرر تطبيق النصوص العامة للتشديد ( الفصول من 504إلى 510من ق .ج ) و إنما رفع فقط من عقوبة السرقة دون أن يغير في وصفها إذ بقيت جنحة ،بل و حتى الظروف التي تشدد بها سرقة المحاصيل أو المنتجات الفالحية في هذه الصور حصرها المشرع في ظروف الليل ،و التعدد ،و اإلستعانة بناقالت أو دواب ....و هو سلوك منه محمود راعى فيه طبيعة الجريمة و الظروف اإلجتماعية لمقترفيها ،و هذا عكس ما فعله بالنسبة لسرقة األشياء الزهيدة .
المحور الثاني :النصب جريمة النصب كالسرقة من الجرائم يتوصل بها الفاعل إلى اإلستيالء على أموال المجني عليه ،و الخالف بينهما يكمن فقط في أن الجاني في السرقة يقوم باإلستيالء على الشيء أو المال بدون رضا المجني عليه ،في حين أن النصاب يستولي على المال و هو موضوع الجريمة برضاء المجني عليه الذي يسلمه إليه و لكن بإستعمال الحيل و الخداع ،و المكر ،و يترتب على الخالف الجوهري السابق بين الجريمتين نتيجة مهمة و هي ان الجاني في السرقة إذا كان يعتدي على الحيازة و الملكية معا ،فإن في النصب اليمس إلى ملكية الشيء الذي تسلمه عن طريق اإلحتيال . هذا وقد وجد اإلختالف السابق بين الجريمتين تطبيقه في القانون المغربي الذي خص النصب بكيان تشريعي مستقل عن جرائم األموال األخرى و خصوصا السرقة في الفصل 505من القانون الجنائي الذي ينص على أنه : " يعد مرتكبا لجريمة النصب ,و يعاقب ب .......................................................بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص أخر . و ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف و الحد األقصى للغرامة ...........................متعلقة بشركة أو مؤسسة تجارية أو صناعية " . و من خالل ما سبق فإن جريمة النصب تتنوع إلى عدة أشكال و التي هي موضوع تحليلنا هذا ,إذ أن تحليلها يتطلب تقسيم الموضوع إلى مبحثين فقط على أن يتم حصرها فيما :
المبحث األول :أركان النصب المبحث الثاني :عقاب النصب
المبحث األول أركان جريمة النصب للنصب ركنان أساسيان هما مادي و معنوي . المطلب األول : الركن المادي إعتمادا على ما وارد في الفصل 520من ق .ج فإن عناصر الركن المادي في جريمة النصب هم ثالث : أوال :النشاط اإلجرامي و الذي يتمثل في إتيان الجاني " اإلحتيال " بالوسائل التي حددها الفصل 520من ق .ج . ثانيا :نتيجة إجرامية تتمثل في جر الضحية إلى القيام بعمل يضر بمصالحها أو مصالح غيرها من طرف الجاني و بغرض جلب المصلحة المالية لهذا األخير . ثالثا :وجود عالقة سببية بين النشاط اإلجرامي و النتيجة . – 1النشاط اإلجرامي " اإلحتيال " لقد أفرز المشرع لهذا الركن من خالل الفصل 520الذي حصره بمجموعة من الحاالت التي تكون لعنصر اإلحتيال على إعتبار أنه ( المشرع ) لم يعرف اإلحتيال و إنما إكتفى بحصر ثالث حاالت مكونة له ,و التي سنتولى تفصيلها كاألتي : الحالة األولى :تأكيدات خادعة و التي يلجأ إليها الجاني إلى الكذب و إخفاء وقائع صحيحة للحيلولة بتملك شيء أو مال المجني عليه . الحالة الثانية :إخفاء وقائع صحيحة و هي كتمان الشخص لواقعة صحيحة و موجودة لها األهمية القصوى عند المجني عليه . الحالة الثالثة :إستغالل ماكر لخطأ وقع فيه الغير و الذي يعني وقوع المجني عليه في غلط جعله يتوهم واقعة على خالف حقيقتها و يكون – في الغالب – مدبرا من طرف شخص ماكر ( الجاني) أو م يسمى بالنصاب . كل هذه الحاالت التي إعتبرها المشرع مكونة لعنصر اإلحتيال المولد لجريمة النصب ,و هي وسائل يلجأ إليها المقبلين على إرتكاب النصب في حق الضحايا و ذلك من أجل القيام بأعمال تمس مصالحهم المالية أو للغير . – 4النتيجة اإلجرامية
عاقب المشرع في الفصل 520من ق .ج جريمة النصب بأنها دفع الشخص تحت تأثير الوسائل اإلحتيالية إلى القيام بأعمال تمس مصالحه المالية أو مصالح الغير ,و بهذا فالنتيجة اإلجرامية بإعتبارها عنصرا مكونا للركن المادي في جريم النصب . – 7عالقة السببية بين الحيل المستعملة و النتيجة جريمة النصب من جرائم النتيجة ،فال يكفي لتوافر ركنها المادي إتيان المحتال لوسائل اإلحتيال بقصد خداع الضحية ،و قيام هذه األخيرة ألعمال تمس مصالحها أو بمصالح الغير المالية ،و إنما يلزم زيادة على ذلك توافر عالقة سببية بين النتيجة الحاصلة و الطرق اإلحتيالية التي إستعمالها الجاني ،و يلزم كذلك أن يكون المساس أو اإلضرار بالمصالح المالية للمجني عليه راجع لإلحتيال الذي يلجأ إليه الجاني . و نشير أيضا إلى كون الضرر يعتبر في مفهوم الفقه شرطا مكونا للركن المادي على إعتبار أن المجني عليه يأخذ مقابال ممن إستولى على المال مساويا لما وقع اإلستيالء عليه ,و نحو ذلك أيضا إحتمال وقوع الضرر للمجني عليه . المطلب الثاني : الركن المعنوي مادامت جريمة النصب من الجرائم العمدية فإنها التقوم إال إذا توافر لدى الجاني القصد الجنائي ،اي بعلم الجاني لإلستعماله الوسائل اإلحتيالية من شأنها تغليط المجني عليه و المساس بمصالحه المالية ,و كذلك مريدا تحقيق منفعة مالية له أو لغيره من إستعماله للوسائل اإلحتيالية اي بإتجاه نية الفاعل إلى النصب على الضحية . و نؤكد أخيرا أن إثبات القصد الجنائي يقبى من تقدير محكمة الموضوع التي تتقصى من خالل الوقائع الثابتة لديها توافر هذا الركن من عدمه و إستعانتها بقرائن صحيحة على وجود جريمة النصب .
المبحث الثاني عقاب النصب لقد عاقب المشرع من يرتكب جريمة النصب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة مالية من 500درهم إلى 5000 درهم و ذلك طبقا لما ورد في الفقرة األولى من الفصل 520من القانون الجنائي ,و عليه فإن المشرع رفع العقوبة بتشديدها على الجاني إلى الضعف لتصبح من سنتين إلى عشر سنوات ,و أما المحاولة في النصب فقد عاقب عليها المشرع في الفقرة األخيرة من الفصل 524من القانون الجنائي . إال أنه يمكن اإلشارة إلى نقطة اإلعفاء من هذه عقاب هذه الجريمة و ذلك بمقتضى الفصول 527إلى الفصل ، 524و نالحظ أن هذه الفصول تحيل على ما سبق تبيانه من خالل جريمة السرقة ,ذلك أن المشرع قيد تلك اإلعفاءات ببعضهما البعض .
المحور الثالث :خيانة األمانة
جاء في الفصل 524من ق .ج أن المشرع يجرم كل األفعال التي تكون بسوء نية الفاعل و ذلك بإختالس أو تبديد أمواال تضر بمالكها على سبيل إستعمالها أو نقلها إلى جهة معينة ،فيصبح مدانا بجريمة خيانة األمانة و ذلك وفقا للعقوبة المقررة في الفصل 524من القانون الجنائي . و لدراسة هذه النوع من الجرائم كغيره من الجرائم ،البد من اإلفراز له كيان مستقل عن باقي جرائم األموال و ذلك من خالل أركان جريمة خيانة األمانة – مثلها مثل السرقة و النصب – و يليها من بعد ذلك عقاب جريمة خيانة األمانة .
المبحث األول :أركان جريمة خيانة األمانة المطلب األول الركن المادي لجريمة خيانة األمانة بناءا على الفصل 524من ق .ج فإن الركن المادي لخيانة األمانة يتكون من ثالث عناصر و هي كاألتي : تسلم الجاني للمنقول على سبيل األمانة :و يتجلى هذا العنصر من خالل ما ورد في الفصل 524في فقرته األولى حيث أكد المشرع على كل ما هو منقول مثل األمتعة أو النقود التي من خاللها يتم إستعمالها أو نقلها من شخص لألخر على أساس األمانة ،فيحدث أن خالف ذلك الشخص الشيء الموردة له و اإلستحواذ عليه ( المنقول ) أو عدم التصرف فيه بالكيفية المناط بها تسليمه ،فخان األمانة على ذلك الشيء . وقد يكون ذلك المنقول ماديا أو معنويا أو رمزيا كالتبرعات التي يقدمها شخص إلى أخر لإلهداء شيء ما إلى جمعية فحدث أن خان ذاك الشخص األمانة و إستحوذ عليها و أصبحت في ملكيته . وهكذا فإن المشرع الجنائي لم يحدد طبيعة العالقة التي قد تجمع بين الجاني و المجني عليه إن كانت تبنى على عقد يربط بعضهما البعض أو اي كان من هذا القبيل ،و هذا اليخلو من عدة مشاكل على غرار ما فسر هذا الجدل القانون المقارن مثل القانون الفرنسي و القانون المصري .و لهذا فالمشرع الجنائي المغربي ترك الحرية الكاملة لتكييف الوقائع م العالقة التي تربط بين الجاني و الضحية فيما يخص هذه الجريمة للسلطة التقديرية للقضاة . إختالس أو تبديد المنقول من قبل المتسلم :ذلك أن تسليم المؤمن للشيء المنقول إلى المؤتمن قد حدث إختالس أو تبديد من طرف الجاني و تتحقق خيانة األمانة . وللدخول في تأويل هذين الواقعتين من قبيل اإلختالس و التبديد يتعين تفسير كل نقطة على حدى ،بالنسبة لإلختالس الذي يرتبط بمفهوم خيانة األمانة على غرار ما ورد في الفصل 505من ق .ج و المتعلق بجريمة السرقة ،على إعتبار أن اإلختالس هنا يتضح من خالل النشاط اإلرادي الذي يقوم به المؤتمن من حيازة الشيء المنقول حيازا كامال أي تملكه بصفة خاصة . أما بخصوص التبديد الذي يشتبه إلى حد كبير باإلختالس بإعتبارهما عنصران مكونان للركن المادي لجريمة خيانة األمانة .