30
ملف العدد
العــدد 126 ديـسـمـبـر 2017
مقال
منتخب ليس باجتاه بنية املصالح واملكاسـب السياسـية واالقتصادية التـي يفتـرض العمـل علـى حتقيقهـا أبـان رئاسـته فحسـب ،وكذلـك جتـاه السياسـة اخلارجيـة األمريكيـة ،ومـا تفرضـه مـن إعـادة توزيـع أدوار ومهـام القـوى الدوليـة املؤثـرة لتحقيق تلك املصالح واملكاسـب، وحتـت أي اسـتراتيجيات أو أهـداف أو سياسـات أو شـراكات ،طب ًقـا لشـبكة متداخلـة ومتشـابكة مـن املصالـح والعاقـات األمريكيـة واملنظومـة الدوليـة علـى املـدى املنظـور والبعيـد ،وإن كانـت ثوابـت السياسـة اخلارجيـة األمريكيـة تظـل ثابتـة ،وال تغييـر فيهـا بتغيـر الرؤسـاء األمريكيـن ،كونهـا معنيـة بتحقيـق املصالـح األمريكية العليا مـن حيـث تفردهـا بالقيـادة العامليـة ،وإمنـا التغييـر يكـون يف طبيعـة املمارسـات واألدوات السياسـية التـي يرتئيهـا الرئيـس املنتخـب بحسـب متغيرات البيئة الدولية ،والشـركاء االسـتراتيجين ،ومن ثم، فـإن القـرار األمريكـي يعتمـد غال ًبـا علـى التوليـف بـن التنظيـرات الفلسـفية والتفضيـات االسـتراتيجية التـي قـد ترجـح منظـور مـا علـى اآلخـر ،أو شـريك اسـتراتيجي علـى آخـر ،وبحسـب كل ظـرف اسـتراتيجي مناسـب لـه. وبالرغــم مــن تبايــن السياســات التي اتبعها الرؤســاء األمريكيون املتعاقبــون جتــاه الشــرق األوســط واخلليــج حتديـدًا ،فــإن هنــاك شــبه إجمــاع أو اتفــاق علــى املصالــح األساســية واألهــداف الرئيســية ،التي يتعــن علــى السياســة اخلارجيــة األمريكيــة أن تعمــل علــى حمايتهــا وحتقيقهــا يف املنطقــة ،ومبتابعــة أبعــاد التغييــر أو االســتمرارية يف توجهــات السياســة اخلارجيــة األمريكيــة جتــاه منطقــة الشــرق األوســط واخلليــج مؤخـ ًرا ،ومــدى التمايــز بــن السياســة اخلارجيــة إلدارة الرئيــس -أوبامــا -واإلدارة األمريكيــة اجلديــدة جتــاه املنطقــة ميكــن القــول أن هنــاك بعــض مــن التقــارب اخلليجي-األمريكــي، حيــث شــهدت السياســة اخلارجيــة لــكل منهمــا حتــوال يف توجهاتــه صــوب اآلخــر ،واملزيــد مــن التوافــق يف عــدد مــن امللفــات املهمــة علــى املســتوين الدولــي واإلقليمــي ،علــى خــاف العاقــات اخلليجيــة مــع اإلدارة األمريكيــة الســابقة التــي أســهمت يف إخــال معادلــة موازنــات القــوى يف منطقــة الشــرق األوســط لصالــح إيــران. ولتعـرف مـا إذا كان هنـاك ثمـة تغييـر حقيقـي تشـهده السياسـة اخلارجية لدول اخلليج والواليات املتحدة ،ودوافع هذا التغيير وحدوده، ومجاالتـه ،ومعوقاتـه ،وإمكانيـة االسـتمرارية فيـه ،أم أنـه حتـول حلظـي ارتبـط مبتغيـرات محـددة سـرعان مـا يحـل التبايـن واالختـاف بـدالً منهـا ،البـد مـن اسـتحضار بعـض مـن فعاليـات وحيثيـات زيـارة الرئيس األمريكـي -دونالـد ترامـب -للمملكـة العربيـة السـعودية ومـا صاحبهـا
www.araa.sa
مـن أعمـال القمـة األولـى العربيـة اإلسـامية -األمريكيـة ،التي شـكلت واضحا جلدية العاقات اخلليجية -األمريكية ،وداللة عميقة مؤش ًرا ً لفتح صفحة جديدة للعمل م ًعا ،للح ّد من املخاطر والتهديدات األمنية يف املنطقة ،ناهيك عن تشجيع احلوار بن أتباع األديان السماوية مما يعكس نقطة حتول يف إدارة العاقات اخلليجية مع الرئاسة األمريكية، واالنتقـال بهـا مـن عاقـات توتـر إلـى شـراكة إسـتراتيجية بـن اخلليـج والعالم العربي اإلسامي والواليات املتحدة األمريكية والغرب عمو ًما ، بهـدف إرسـاء السـام العاملـي ومحاربـة اإلرهـاب والتطرف. وبالرغـم مـن التقـارب اخلليجي-األمريكـي األخيـر ،يبـدو أن سـنة 201٨م ،لـن تخلـو هـي األخـرى مـن بعـض التحديـات والتبايـن يف املواقـف اخلليجيـة اإلقليميـة والدوليـة ،سـيما مـع اتسـاع احلـراك الروسـي ،وجهوده احلثيثة للتأثير على السياسـيات الدولية يف الشـرق األوسـط ،وإن كانـت العاقـات اخلليجية-األمريكيـة سـتعمل علـى تعزيز ثقلها السياسي اإلقليمي لبداية جديدة يف مسار االرتقاء بتلك العاقـات سـيما مـا يتصـل باحملـاور احليويـة التاليـة: ● التعــاون بــن أمريــكا وحتالفاتهــا التقليديــة ،ملواجهــة سياســات إيــران العدوانيــة وتدخلهــا الســافر يف شــؤون دول اجلــوار ،ودعــم اإلرهــاب ،وســلوكياتها املغذيــة للطائفيــة وثقافــة العــداء واالختــاف، والتصــدي مليليشــياتها املســلحة ،وأذرعهــا العســكرية املهــددة للســام اإلقليمــي والعاملــي. ● تأكيــد القمــة العربيــة اإلســامية-األمريكية علــى تقــارب وتطابــق الــرؤى حيــال القضايــا اإلقليميــة ،وأهميــة تضافــر اجلهــود إلحــداث التــوازن اإلســتراتيجي املفقــود بــن دول املنطقــة ،مــن خــال إعــادة الــدور األمريكــي املؤثــر يف الشــرق األوســط وريادتهــا العامليــة التــي تأتــي اســتكماالً لقمتــي -كامــب ديفيــد والريــاض -ممــا ميهــد لعاقــات واضحــة وراســخة بــن الواليــات املتحــدة ودول مجلــس التعــاون اخلليجــي مبــا يحقــق أمــن واســتقرار ومصالــح دول املنطقــة. ● إيجــاد شــراكة حقيقيــة مــع الواليــات املتحــدة يف محاربــة اإلرهــاب، وجتفيــف مصــادر متويلــه ،وشــهدت القمــة افتتــاح املركــز العاملــي ملكافحــة الفكــر املتطــرف -اعتــدال -املعنــي بجمــع املعلومــات الازمة للحــرب علــى اإلرهــاب ،واالســتفادة مــن الواليــات املتحــدة يف مواجهة التطــرف مبــا متلكــه مــن تقنيــات عاليــة وخبــرات عســكرية كبيــرة، لتقــدمي الدعــم الــازم فيمــا يتعلــق بالتحالــف العســكري اإلســامي والتحالــف الدولــي ،ومواجهــة التحديــات التــي تواجههــا املنطقــة خاصــة يف العــراق وســوريا وليبيــا واليمــن ،التــي تشــهد تطــورات أمنيــة وسياســية خطيــرة ،تنتظــر جديــة احلســم.
أمريـــكا وجـــدت يف التدخـــل العســـكري التركـــي باألزمـــة القطريـــة توريط ــا ألنق ــرة وورق ــة ضغ ــط إلضع ــاف ال ــدور الترك ــي مس ــتقب ًا ً