No.(40) - Tuesday 14, June, 2011
العدد ( - )40الثالثاء 14حزيران 2011
مل���ف الصناع���ات
ملـفـات
9
عالمة (صنع في العراق) اختفت ..وما يصنع هو كالم في كالم !
وهي تلفظ أنفاسها األخيرة ..الصناعات الوطنية في غرفة العناية المركزة! ناظم العكيلي
بمزيج من الحسرة والتفكير المشوش بما يمكن ان يفعله في القادم من االيام، وقف السيد ابو مناضل متأمال ما تبقى من مكائن ومعدات تحتويها احدى قاعات مصنعه الذي تخصص بانتاج مستلزمات حقول الدواجن في منطقة خان ضاري الصناعية .نظره الحزين اتجه صوب سقف القاعة الذي بات غير قادر على الستر .ما تبقى من مكائن أضحى الصدأ واالتربة ومخلفات الطيور أشبه بطالء لها ،وبقايا اثاث ومعدات نهبت بعض اجزائها وتناثر بعضها اآلخر على ارضية القاعة المكسوة ببقع الزيت واالتربة ،والسقف المعدني فقد بعض أجزائه .هل هذه صورة معمل أم صورة كارثة؟
ي �ق��ول اب ��و م�ن��ا��ض��ل وامل� � ��رارة تبدو وا� �ض �ح��ة يف ك�ل�م��ات��ه وا� �ص �ف��ا م��ا �آل ال�ي��ه احل ��ال يف م�صنعه وم��ا يرتبط ب��ه م��ن ن�شاط �صناعي حم�ل��ي« :دمر امل�صنع بالكامل ونهبت �أغلب معداته خ�لال �سنوات التدهور االم�ن��ي .كان امل�صنع ينتج معظم م�ستلزمات حقول ال��دواج��ن م��ن �أح��وا���ض العلف واملاء و�أج� �ه ��زة ت�بري��د احل �ق��ول ومفرغات الهواء ،وكان ي�سد حاجة �أغلب ن�شاط تربية الدواجن يف مناطق غرب بغداد و� �ش �م��ال �ه��ا» .وي���ض�ي��ف ابومنا�ضل: «ط��وال �سنوات ما قبل �سقوط النظام متتع انتاجنا بثقة �أ�صحاب احلقول نظرا جلودة انتاجنا ومتانته ومالءمة اال��س�ع��ار للمنتجني» .وي��وا��ص��ل ابو منا�ضل حديثه فيقول« :ال �ي��وم اقف ع��اج��زا ع��ن اع��ادة االم��ور يف امل�صنع اىل ما كانت عليه من قبل ،فاخل�سارة كبرية و�إعادة ت�أهيل وت�شغيل امل�صنع حت�ت��اج اىل ر�أ� ��س م��ال ك�ب�ير ،ونظام الإقرا�ض ال�صناعي يبدو حتى اليوم متعرثا» .وي�ضيف« :حتى �إذا ا�ستعاد امل�صنع عافيته وع ��اد ل�لان�ت��اج فثمة خطر م�ستجد �سيواجهه وهو االنتاج امل���س�ت��ورد ال ��ذي ب��ات امل�سيطر على ال�سوق يف �ضوء عدم توفر القوانني التي حتمي املنتج املحلي وفتح ابواب و�ضوابط اال�سترياد على م�صراعيها ام��ام االجنبي ال��ذي ال ميكن مقارنته بكل االح� ��وال مبتانة ودق ��ة انتاجنا وب�شهادة اهل االخت�صا�ص وال�شان».
التوجه العسكري خرب الصناعة الوطنية واحل ��ق ي �ق��ال �أن االن �ت��اج ال�صناعي العراقي تفوق على االنتاج امل�ستورد وغ�ط��ى م�ساحة الطلب يف اال�سواق املحلية بعد ان ا�ستحوذ على اهتمام وثقة امل�ستهلك العراقي � ،إذ متتعت ال�سلع واملنتجات املحلية باملوا�صفات واخل�صائ�ص التي متيزها بالكفاءة واالداء اجل�ي��د ،ف�لا عجب ان ت�صبح ع� �ب ��ارة (� �ص �ن��ع يف ال � �ع� ��راق) دالل ��ة ع �ل��ى اجل � ��ودة وال� �ق ��وة وال�صناعة الفاخرة التي توازي االنتاج العاملي، اىل ان �سلبت ون�ه�ب��ت امل���ص��ان��ع يف مرحلة الفو�ضى التي اعقبت �سقوط ال�ن�ظ��ام امل �ب��اد وف�ت�ح��ت احل ��دود امام ال�صناعة االج�ن�ب�ي��ة الرخي�صة على م�صراعيها ،وراحت ال�صناعة املحلية ت��واج��ه م���ش�ك�لات ع ��دة بينها �ضعف التخ�صي�صات واال�ستثمارات. يقول اخلبري ال�صناعي جودت يا�سر: «ت �� �ض��رر ال �ق �ط��اع ال���ص�ن��اع��ي املحلي ب�شكل كبري خ�لال العقد االخ�ي�ر من حياة النظام ال�سابق نتيجة الإهمال و�ضعف التخطيط وانح�سار تدخل ال��دول��ة يف دع��م وتطوير ه��ذا القطاع بعد ان كان االجتاه احلكومي ل�صالح خلق �صناعة حكومية ع�سكرية بعيدة يف اجتاهاتها عن قوانني ال�سوق وما تفر�ضه �ضوابط وقيم الطلب والعر�ض واحل ��اج ��ات اال� �س��ا� �س �ي��ة للم�ستهلك العراقي ،ومما زاد يف �سوء حال هذا القطاع احليوي اال�ضطراب الذي �ساد او�ضاع العراق بعد �سقوط النظام� ،إذ توقفت معظم املعامل وامل�صانع ف�ضال عن فتح احل��دود �أم��ام تدفق الب�ضائع وال�سلع االجنبية ،فانعك�س ذلك �سلبا على و�ضع ال�صناعة الوطنية لدخول �سلع واج �ه��زة رخي�صة الثمن لكنها رديئة� ،أما ما تبقى من م�صانعنا ف�إنها عادت تعمل مب�ستويات انتاجية متدنية ل�ضعف الطلب واال�سترياد غري املتقن واخلا�ضع لل�شروط والقيود وااللتزام باملوا�صفات ويف ظ��ل ال �ظ��روف غري امل�ستقرة».
الصناعات المحلية بال ضوابط وقوانين تحميها � �ص �ن��اع �ي��ون م ��ن اجت ��اه ��ات خمتلفة ادل��وا بر�أيهم وع�بروا عما يجول يف خواطرهم م��ن اف�ك��ار بخ�صو�ص هذا املو�ضوع .ق��ال املهند�س ب�لال �سامل/ �صاحب م�صنع للمالب�س اجلاهزة: «ت��أث��رت ال�صناعة الوطنية مثل بقية
امل ��ؤ� �س �� �س��ات االخ� ��رى ب���ش�ك��ل �سلبي بالظروف التي رافقت عملية �سقوط النظام وم��ا بعدها» وي�ضيف « ف�ضال عن هذا ثمة عوامل اخرى ال تقل تاثريا يف �سلبيتها على ال�ق�ط��اع ال�صناعي اخلا�ص ويف مقدمتها انح�سار الدعم املادي وال�شروط املو�ضوعية الزدهار ال�صناعة» .يف حني يقول ال�سيد فا�ضل ر�سن �صاحب م�صنع للبال�ستك« :هناك مفارقة تواجه ال�صناعة املحلية فبدال من حماية املنتج واملنتجات العراقية وتوفري الدعم لها وان�صاف ال�صناعي ال �ع��راق��ي وت��ذل �ي��ل ال���ص�ع��وب��ات التي تواجهه م��ن قبل احلكومة واجلهات ذات العالقة تنعك�س ال�صورة فالر�سوم وال�ضريبة و�ضعت على امل��واد اخلام امل�ستوردة بينما رفعت هذه ال�ضريبة وال��ر� �س��وم ع��ن امل�ن�ت�ج��ات امل�صنعة، وهذا معناه ان الت�سهيالت معكو�سة، فهي تقدم للتاجر او املنتج االجنبي وال ت �ق��دم الب��ن ال�ب�ل��د ،وه ��ذا م��ا ادى اىل ا�ضعاف موقف ال�صناعة املحلية واعاقة قدرتها على ط��رح منتوجاتها با�سعار ت�شجيعية قيا�سا اىل املنتجات امل�ستوردة». ال�صناعات اجل�ل��دي��ة ال�ع��راق�ي��ة نالت ح�ظ�ه��ا م��ن حم�ن��ة الإه� �م ��ال وتراجع احل� ��ال ،ف�ق��د ��ش�ه��د واق �ع �ه��ا ح��ال��ة من التعرث جعل الكثري من القائمني على ه��ذه ال�صناعة يتوقفون ع��ن الإنتاج ب�سبب انفتاح الأ�سواق العراقية �أمام الب�ضائع الأجنبية بعد التغيري من دون و�ضع �آليات حتدد عملية ا�سترياد الب�ضائع من خ��ارج البلد الأم��ر الذي انعك�س �سلبا على واقع انتاج اجللود يف ال�سوق املحلية وجعلها ترتاجع م��ع ارت�ف��اع حجم اال��س�ت�يراد م��ن دول خمتلفة .ي�ق��ول ك��رار �سليم �صاحب معمل ل�صناعة الأحذية يف بغداد « :كنا يف ال�سابق نعمل دون انقطاع يف ظل الطلب اجليد لكن زي��ادة حجم اال�� �س� �ت�ي�راد م ��ن ال �ب �� �ض��ائ��ع اجللدية ع�ل��ى اخ �ت�لاف �أن��واع �ه��ا وموديالتها وب��أ��س�ع��ار رخي�صة ال ت ��وازي تكلفة �صناعة الأح��ذي��ة حمليا ا�ضطرنا �إىل التوقف عن الإنتاج .من غري املعقول اال� �س �ت �م��رار يف ظ��ل ان �ع��دام الإرب���اح وتال�شي اجل��دوى االقت�صادية ».من جانبه قال ال�سيد �سالم االمني �صاحب معمل للحقائب اجللدية «ثقة املتب�ضع ال�ع��راق��ي باملنتج الأج�ن�ب��ي �أع �ل��ى من املنتج املحلي .خ�صو�صا ان غالبية م��ا م �ت��وف��ر يف ال �� �س��وق امل�ح�ل�ي��ة من ال�صناعة ال�صينية التي يرغب كثري من املواطنني اقتناءها ب�سبب �أ�سعارها ال��زه�ي��دة ,ك��ل ذل��ك ادى �إىل تراجع املنتج املحلي نظر ًا لفقدان عن�صرين مهمني من عنا�صر املناف�سة هما اجلودة والنوعية .فاملنتج املحلي يعتمد يف بع�ض �أ�سا�سياته على ا�سترياد �أجزاء مهمة داخلة يف �صناعة احلقائب الأمر ال��ذي يجعل تكاليف الإن�ت��اج عالية ال تقبل املقارنة مع امل�ستورد الذي يباع ب�أ�سعار زهيدة تنا�سب �شريحة وا�سعة م��ن امل�ج�ت�م��ع ال �ع��راق��ي ال ��ذي يف�ضل الب�ضاعة الزهيدة».
حتى اآليس الكريم والكلينكس استيراد! ويقول فاهم عزيز وهو باحث اقت�صادي: «باالمكان تقدمي العديد من املعاجلات لغر�ض حماية امل�ستهلك وحماية املنتج الوطني :و�ضع �ضوابط لال�سترياد واخ �� �ض��اع ج�م�ي��ع ال �� �س �ل��ع وامل� ��واد امل�ستوردة لتدقيق اجلهاز املركزي للتقيي�س وال�سيطرة النوعية قبل دخولها وو�صولها اىل امل�ستهلك حماية له وللرثوة الوطنية ،و�ضع ال��ر� �س��وم ع��ن ط��ري��ق االع �ف��اءات واع �ف��اء امل ��واد االول �ي��ة للمعامل م��ن ال��ر��س��وم الكمركية ،و�إعفاء امل�شاريع ال�صناعية من �ضريبة الدخل ومل ��دة 3ـ�� 5س�ن��وات �أ� �س��وة باملنتوج ال ��زراع ��ي وامل ��زارع�ي�ن ال��ذي��ن اعفتهم الدولة من دفع �ضربية الدخل ،وحتديث امل�شاريع ال�صناعية القائمة» .اما �سليم �شريف �صاحب جممع �صناعي قطاع خا�ص ،فقال « يف العام 1979انطلقت ب��اك��ورة ال�صناعة الوطنية العراقية حيث كانت الدولة انذاك تدعم امل�شاريع ال�صناعية بن�سبة %70باال�ضافة اىل ذل��ك ه�ن��اك وج��ه �آخ��ر م��ن اوج��ه الدعم وه��و يتمثل ببيع ال� ��دوالر االمريكي لل�صناعيني بال�سعر الر�سمي ،وكل تلك امل�ؤ�شرات هي عالمات او ا�ضاءة نا�ضجة لبناء �صناعة وطنية واع� ��دة ،ناهيك ع��ن توفري قطع االرا� �ض��ي لل�صناعيني وتوفري املحوالت الكهربائية باال�ضافة اىل ذل��ك رب��ط املعامل ال�صناعية بخط الطوارىء واعطائهم مولدات كهربائية وت��زوي��ده��م مب��ادت��ي ال�ك��از والبانزين، ع�ل�م��ا ب ��ان ت�ل��ك ال �ع��وام��ل ه��ي ا�سباب حقيقية الجن��اح التجربة ال�صناعية». وي�ضيف «اما اليوم فال جند هذا الدعم، ان ال �ع��راق وه��و ال��دول��ة ال�ت��ي عمرها يناهز 4او 5االف �سنة ،ي�ستورد مادة ال��ورق ال�صحي (الكلينك�س) والآي�س االك ��رمي والن�ساتل مبختلف انواعها وهو امر معيب ،ومن خالل ذلك ن�ستدل بان ال�صناعة العراقية �صفر اليوم ،فما بالك بال�صناعات االخرى ،لذا يجب على احلكومة ان تتخذ ق��رارات جريئة من اجل تقدمي الدعم لل�صناعيني ،وذلك من خالل تقدمي املنح او القرو�ض املي�سرة، فما ال�ضري من ان تخ�ص�ص احلكومة مبلغ 4او 5مليارات دوالر للم�صرف ال���ص�ن��اع��ي ،وه ��ي ت�ت�ح��دث ال �ي��وم عن م�ي��زان�ي��ة او ث ��ورة ان�ف�ج��اري��ة وارق ��ام خيالية ،اذن اين هذه االرق��ام؟ ومل��اذا ال يقدم مبلغ لدعم امل�صرف ال�صناعي او ال��زراع��ي او العقاري وه��ذه امل�صارف ه��ي م �ق��وم��ات ال��دول��ة احل��دي �ث��ة؟ مل��اذا ال يقدمون تلك ال�ق��رو���ض م��ن اج��ل �أن ت�سرتجع امل�صانع عافيتها من جديد؟، واذا ك��ان��ت احل��جّ ��ة ه��ي الأم� ��ن فهناك الكثري من مناطق جنوب وو�سط العراق يف حالة امن كبري». وا�ضاف «ومن املمكن ت�شجيع ال�صناعة يف تلك املناطق ،باال�ضافة اىل ذلك هناك نظرية تقول (ان ر�أ���س املال جبان) �أي تعني ان امل�ستثمر ه��و االكث��ر حر�صا على ت�أمني املعمل او امل�صنع او املكان
مليار دينار لعموم امل�شاريع ال�صناعية يف العراق».
شركات ومصانع (حكومية).. باإلسم فقط
الذي ي�ستثمر به، ن��اه�ي��ك ان ال���س��وق العراقية مفتوحة ال�ي��وم فيفرت�ض ب��ال��دول��ة ان تفر�ض ر�سوما و�ضرائب على دخول ال�ب���ض��ائ��ع م��ن اج��ل ان تف�سح املجال لل�صناعة العراقية الوطنية يف جمال املناف�سة .ترينا الدولة الآن املعار�ض يف اخل��ارج فما قيمة هذه املعار�ض ونحن نراها من على �شا�شات التلفزيون ،اما عن احتاد ال�صناعيني فهو لي�س �صاحب ق ��رار ب��ل ه��و جم ��رد م��ؤ��س���س��ة اداري ��ة لنقل حالة ال�صناعة وال�صناعيني لي�س اال .كما اود ان ا�شري اىل حالة يف عهد النظام ال�سابق ،كنا ال نعلم ما هو منط االقت�صاد او ال�سوق العراقية ،واليوم ك��ذل��ك اي �� �ض��ا ،ال ن�ع�ل��م م��ا ه��ي طبيعة ال�سوق العراقية ،هل هي را�سمالية؟ام هي ا�شرتاكية؟ ام ا�سالمية؟ احلق اقول ال نعلم .ال�سوق العراقية ال تنتهج �أي معيار او �أي ا�سرتاتيجية حمددة ميكن م��ن خاللها ان تتبنى منطا وا�ضحا. �أمت �ن��ى ع �ل��ى ال ��دول ��ة ان ت �ق��دم الدعم للم�شاريع ال�صناعية بكل ق��وة وكذلك يجب ان ت�ضع ا�سرتاتيجية من �شانها ان ترتقي بالقطاع ال�صناعي».
نحتاج إلى استراتيجية متطورة يقول اخلبري االقت�صادي ك��رمي عواد «ه �ن��اك ال�ك�ث�ير م��ن امل �ع��اجل��ات لغر�ض حماية امل�ستهلك وحماية املنتج الوطني م��ن خ�ل�ال و��ض��ع ��ض��واب��ط لال�سترياد واخ� ��� �ض ��اع ج �م �ي��ع ال �� �س �ل��ع وامل� � ��واد امل �� �س �ت��وردة ل�ت��دق�ي��ق اجل �ه��از املركزي للتقيي�س وال���س�ي�ط��رة ال�ن��وع�ي��ة قبل دخولها وو�صولها اىل امل�ستهلك حماية له وللرثوة الوطنية وو�ضع الر�سوم عن طريق االعفاءات واعفاء املواد االولية للمعامل من الر�سوم الكمركية واعفاء امل�شاريع ال�صناعية من �ضريبة الدخل ومل ��دة 3ـ� � 5س �ن��وات ا� �س��وة باملنتوج ال ��زراع ��ي ،وامل ��زاع�ي�ن ال��ذي��ن اعفتهم الدولة من دفع �ضربية الدخل وت�شغيل ع�ج�ل��ة ال���ص�ن��اع��ة ال��وط �ن �ي��ة بتحديث امل�شاريع ال�صناعية القائمة وي�ضيف «ت�ستطيع الدولة ان تفعل اكرث من ذلك م��ن خ�ل�ال ال�ت�م��وي��ل او ال �ق��رو���ض عن طريق امل�صرف ال�صناعي و توفري قطع االرا�ضي لل�صناعيني وتوفري املحوالت ال�ك�ه��رب��ائ�ي��ة ب��اال��ض��اف��ة اىل ذل ��ك ربط
امل�ع��ام��ل ال�صناعية ب �خ��ط ال � �ط� ��وارئ وت��زوي��ده��م مب��ول��دات ك�ه��رب��ائ�ي��ة وت��وف�ير الوقود ال �ك��ايف ف �ه��ذه ال�ت���س�ه�ي�لات مت�ث��ل اهم العوامل التي تخلق ا�سبابا حقيقية الجن��اح التجربة ال�صناعية» وي�ضيف «ال �� �س��وق ال �ع��راق �ي��ة م �ف �ت��وح��ة اليوم فيفرت�ض ب��ال��دول��ة ان تفر�ض ر�سوما و�ضرائب على دخول الب�ضائع من اجل ان تف�سح امل �ج��ال لل�صناعة العراقية الوطنية يف جمال املناف�سة وبذلك تكون ال��دول��ة قد ا�سهمت يف توفري مقومات ال��دع��م للم�شاريع ال�صناعية بكل قوة �ضمن ا�سرتاتيجية علمية متطورة من �شانها ان ترتقي بالقطاع ال�صناعي».
هدر األموال ..
ع�ضو احت ��اد ال���ص�ن��اع��ات ال��وط�ن�ي��ة / ال�سيد ف�ؤاد حممد حتدث عن املو�ضوع بالقول« :لقد عانى القطاع ال�صناعي م��ن اال�ضطهاد والتع�سف خ�لال العهد امل��ا��ض��ي وه�م����ش دوره يف امل�ساهمة ببناء االقت�صاد الوطني العراقي نتيجة لع�سكرة ال�صناعة .وبعد �سقوط النظام توقفت معظم املعامل وامل�صانع ف�ضال ع��ن فتح احل��دود ام��ام تدفق الب�ضائع وال�سلع االجنبية .وهذا بطبيعة احلال ينعك�س على و�ضع ال�صناعة الوطنية ل��دخ��ول �سلع واج �ه��زة رخي�صة الثمن ولكنها ردي�ئ��ة وه��و م��ا يجعل املواطن يف�ضل االجهزة الرخي�صة لكرثة حرمانه منها .من ال�ضروري اعطاء دور للقطاع اخلا�ص يف ر�سم ال�سيا�سة االقت�صادية وو�ضع �ضوابط لال�سترياد واخ�ضاع الب�ضائع امل�ستوردة ل�ضوابط ال�سيطرة النوعية والرقابية .يف حني يف�ضل عدد من امل�ستثمرين العراقيني العمل خارج العراق ب�سبب عدم توفرال�شروط لقيام
واهمال �صناعة وطنية عراقية الدولة لها وعدم تقدمي امل�ساندة والدعم لهذا القطاع احليوي مما اخطر عددا من ال�صناعيني العراقيني حني مل ينجحوا يف اي��ج��اد احل��ل��ول ل �ه��ذه الو�ضعية امل�ستع�صية ف��اذا ا�ستمرت ه��ذه احلالة ال�سلبية ف��ان الكثري م��ن ال�صناعيني �سيلج�ؤون اىل مثل هذه اخلطوة فهي دعوة لتكثيف اجلهود للت�صدي مل�شاكل ال�صناعة م��ن خ�لال ا�ستثمار ر�ؤو���س االموال».
القطاع المصرفي ....ماذا قدم للصناعة الوطنية ؟ وب�خ���ص��و���ص دع��م ال�ق�ط��اع ال�صناعي قال ال�سيد مدير عام م�صرف الر�شيد: «امل �� �ص��رف م�ستمر ب�ت�ق��دمي القرو�ض للقطاع ال�صناعي احلكومي وحتديدا م�صانع وم�ن���ش��آت وزارة ال�صناعة، م�شريا اىل تقدمي قرو�ض لل�شركة العامة لل�صناعات الن�سيجية وال�صناعات القطنية وال�صناعات اجللدية ومبا ي�ؤمن قدرة هذه املفا�صل ال�صناعية املهمة على النهو�ض مب�ستويات انتاجها وما تقدمه من منتجات للمواطنني ا�ضافة اىل دعم قدرتها على ا�ستيعاب املزيد من االيدي العاملة» .وبخ�صو�ص موقع القطاع ال�صناعي اخل��ا���ص يف اج�ن��دة خدمات امل�صرف قال الوكيل« :ان امل�صرف �ساهم ومنذ العام 2007يف برنامج ت�سليف امل�شاريع ال�صناعية ال�صغرية كا�شفا عن منح امل�صرف خالل ذلك العام 20مليون دوالر ك�ق��رو���ض لل�صناعيني ال�صغار يف بغداد فقط» ،م�ستطردا بالقول «ان القرو�ض بلغت فيما بعد اك�ثر من 98
العراق يستورد حتى اآليس كريم والكلينكس والنساتل ! التسهيالت تقدم للبضائع األجنبية والتجار وليس للمنتجين وأصحاب المعامل
وي�ق��ول الباحث يف امل�ج��ال االقت�صادي حممد �صادق جراد« :ان القطاع ال�صناعي العراقي �شهد تراجعا كبريا يف ال�سنوات الأخ�ي�رة نتيجة ل�تراك�م��ات ك�ث�يرة منها احل���ص��ار االق�ت���ص��ادي ق�ب��ل ال�ت��ا��س��ع من ني�سان العام 2003والعقوبات الدولية التي اقرتنت بتلك احلقبة وغياب الدعم احلكومي وت��دم�ير البنية التحتية لهذا ال�ق�ط��اع احل �ي��وي� ،إ��ض��اف��ة �إىل �سيا�سة اال� �س �ت�يراد الع�شوائي ال��ذي �ساهم يف �إغ��راق ال�سوق مبختلف الب�ضائع التي طغت على املنتج املحلي و��ش��ارك��ت يف تراجع ال�صناعة املحلية» .وي�ضيف جراد «بح�سب �إح�صائيات ودرا�سات اقت�صادية ف��ان واق��ع امل�شاريع ال�صناعية يف البلد ق��د �شهد ت��راج�ع��ا بن�سبة % 65تقريبا عن الأع��وام التي �سبقت �سقوط النظام ال�سابق يف .2003 ع�ل��ى ال��رغ��م م��ن ان احل�ك��وم��ة العراقية اجل��دي��دة وع�ل��ى ل�سان رئي�س ال ��وزراء ن� ��وري امل��ال �ك��ي �أع �ل �ن��ت يف برناجمها احلكومي الذي �ألزمت به نف�سها بتنفيذه ب�ضرورة تطوير القطاع ال�صناعي وفق �سرتاتيجية ج��دي��دة ،وه��ذا م��ا ج��اء يف ال�ف�ق��رة 19م��ن ال�برن��ام��ج احل�ك��وم��ي �إذ ن�صت على ما ي�أتي (..تطوير القطاعني ال�صناعي والتجاري وتو�سيع �شبكات النقل الربي والبحري واجلوي ،علما ب�أن اجلانب ال�صناعي يعاين تخريبا و�إهماال وب �ح��اج��ة �إىل ��س�ترات�ي�ج�ي��ة ج��دي��دة) . وي�ضيف الباحث حممد �صادق جراد «من هنا ن�ستنتج ب��ان احلكومة عليها و�ضع �سرتاتيجية جديدة لهذا القطاع ور�صد الأموال وت�شريع القوانني الكفيلة ب�إعادة ال��روح له ،اال ان احلقيقة كانت غري ذلك فاللجان امل���س��ؤول��ة ع��ن و��ض��ع املوازنة لهذا العام قد ر�صدت مبلغ 600مليون دوالر فقط لتطوير القطاع ال�صناعي، ب�ي�ن�م��ا ك���ش��ف ال���س�ي��د اح �م��د الكربويل وزير ال�صناعة ان يف العراق نحو 266 معمال وم�صنع ًا ،ف�ضال ع��ن املجمعات ال�صناعية الكربى التي حتتاج وحدها اىل 3م �ل �ي��ارات دوالر لإع� ��ادة ت�أهيلها و��ص�ي��ان�ت�ه��ا ,وه ��ذا ي�ع�ن��ي ب ��ان موازنة ال �ع��ام احل� ��ايل مل ت �ك��ن م��درو� �س��ة وفق �سرتاتيجية �صحيحة فهي ال تكفي للقيام ب�صيانة امل�صانع واملعامل مب��ا ي�ؤهلها للعودة اىل الإن �ت��اج لت�ساهم يف �إع��ادة ال��واق��ع ال�صناعي اىل م�ستواه ال�سابق وتطويره اىل م�ستويات �أعلى» .وي�شري جراد اىل «ان معظم امل�صانع يف العراق مت �إن�شا�ؤها يف �سبعينيات وثمانينيات القرن املا�ضي ،وه��ي ال تواكب التطور العلمي والتكنولوجي احلا�صل يف العامل فهي ب��ال�ت��ايل بحاجة اىل الإدام� ��ة التي غابت عنها ل�سنوات طويلة �إ�ضافة اىل التطوير ملواكبة الع�صر واللحاق بالثورة العلمية التي ي�شهدها العامل يف ميدان ال�صناعة» بح�سب رايه .ويوا�صل الباحث االقت�صادي حديثه فيقول «ال يخفى على
اح��د ان القطاع ال�صناعي ي�ع��اين �أزمة كبرية يجعله متهالكا حيث متتلك الدولة م�ؤ�س�سات وم�صانع ت�ضم فيها حوايل � 450أل ��ف ع��ام��ل وم��وظ��ف يتواجدون يف �شركات معطلة عن العمل ال متار�س ن�شاطا �إنتاجيا حقيقيا ودون ان تدخل �سوق الإنتاج واملناف�سة ودون ان تقدم ما ي�ساهم يف ت�أمني روات��ب منت�سبيها، م��ا ي��حّ �م��ل ال��دول��ة ع ��بءا ك�ب�يرا يف دفع مرتباتهم لي�س دعما لل�شركة وحت�سني �إنتاجها ب��ل فقط لكي ت�ضمن احلكومة ا�ستمرار بقاء ه��ذه ال�شركات وامل�صانع موجودة باي �شكل كان».
غياب التخطيط ..والفوضى
وي��ردف قائال« :احلل هنا ال بد ان يكون عرب خ�صخ�صة هذه ال�شركات وعر�ضها ل�لا��س�ت�ث�م��ار م��ع م ��راع ��اة ت��وف�ير حلول مل�س�ألة البطالة املقنعة التي تتواجد يف ه��ذه ال�شركات واحليلولة دون ت�سريح العاملني فيها ودرا�سة حالتهم واخلروج ب�ح�ل��ول منطقية ال ت ��ؤث��ر ع�ل��ى حالتهم املعي�شية» .ويختتم جراد حديثه بالقول «ما نريد ان نقوله هنا ان من �أهم املخاطر التي يواجهها العراق يف طريقه لإ�صالح امللف االقت�صادي ومعاجلة املعوقات التي تواجهه هو غياب التخطيط بعيد املدى وغ�ي��اب ال�سرتاتيجيات ال�صحيحة يف ظل امل�شاكل التي تواجه البالد و�أهمها ازمة الكهرباء وقلة املياه وتلوث البيئة وهجرة ر�ؤو�س الأموال وتدهور القطاع ال�صناعي �إ��ض��اف��ة اىل الف�ساد الإداري وامل��ايل والفو�ضى التي ت�صاحب عمل امل�ؤ�س�سات احلكومية وم�شاكل عديدة حت�ت��اج لت�سليط ال�ضوء عليها م��ن قبل املخت�صني ومن قبل الإعالم الوطني الذي ال بد له من دور مهم يف و�ضع الإ�صبع على اجلرح من اجل معاجلته والنهو�ض ب��ال��واق��ع االق �ت �� �ص��ادي ل �ه��ذا ال�ب�ل��د ال��ذي يعي�ش �أزمة عميقة و�شاملة متتد جذورها �إىل ال�سيا�سات االقت�صادية اخلاطئة التي انتهجها النظام ال�سابق والتي زادت �سوءا بعد �سقوطه نظرا للفو�ضى التي �صاحبت عملية �إ�سقاطه وظهرت جتلياتها اليوم و�أ�صبحت بحاجة �إىل معاجلات حقيقية قادرة على حتقيق تقدم حقيقي يف قطاع مهم وحيوي مثل القطاع ال�صناعي».
لقمة سائغة لدول الجوار
بعد 2003فتحت احلدود دون �ضوابط، فتدفقت ال�سلع مبختلف انواعها من دول اجل ��وار وغ�يره��ا حتى غ�صت اال�سواق ب��ان��واع املنتوجات معظمها غ�ير �صالح لال�ستهالك الب�شري ويعترب ردي�ئ��ا من ح �ي��ث امل �ت��ان��ة واجل � � ��ودة ،ح �ت��ى اعتاد امل��واط��ن على � �ش��راء �سلعة لي�ستعملها ل�شهر او �شهرين لتعطل في�شرتي غريها، وه �ك��ذا زاد اال��س�ت�ه�لاك غ�ير امل��درو���س، ف�ك��ان ذل��ك م��ن (ح��ظ دول اجل� ��وار) كما ي�ق��ول ال��دك�ت��ور ف�ت��اح ال�ع�ب�ي��دي /ا�ستاذ االقت�صاد يف جامعة بغداد وي�ضيف «ان اول خطوة يجب اتخاذها هو اخ�ضاع كل املنتوجات القادمة من دول اجلوار اىل ال�ت�ق�ي�ي����س وال �� �س �ي �ط��رة النوعية وب�شكل فعلي ،فاخلطر لي�س فقط يف هدر االموال وت�سرب العملة ال�صعبة ،بل يف احلفاظ على �صحة امل��واط��ن ،ورمبا يعلم اجلميع ان دول��ة ال�صني ال�شعبية وب�ع����ض دول اجل� ��وار م�ث��ل ال�سعودية واالم��ارات �صارت ت�شغل م�صانع خا�صة النتاج ال�سلع للعراق وغ�يره من الدول الفقرية باقل م�ستوى ممكن من اجلودة، وه� ��ذا ي���ش�ك��ل ت� ��آم ��را وا� �ض �ح��ا م��ن قبل ه��ذه ال��دول وا�ستهتارا بالفرد العراقي و�صحته وو�ضعه االقت�صادي ،واليخفى ع�ل��ى ال�ك�ث�يري��ن م��احت�ق��ق ل ��دول اجل��وار م��ن ازده ��ار يف ال�سنوات االخ�ي�رة على ح�ساب ال�ع��راق ال��ذي �صار ي�ستورد كل �شيء ابتداء بال�سيارات واالثاث وانتهاء باالبرة واخليط ،وقد ميكن التغا�ضي عن رداءة ه��ذه املنتوجات ،لكن كيف ميكن التغا�ضي عن اخ��رى على متا�س ب�صحة املواطن مثل اللحوم واحلليب واالدوية وغ�يره��ا؟ ا�ستغرب حقا �صمت اجلهات احلكومية الذي يجعلنا ن�سمع يف كل يوم عن �صفقة فا�سدة وامرا�ض جديدة تطفو اىل ال�سطح ،هل هو حظ دول اجلوار ،ام عدم االح�سا�س بامل�س�ؤولية جتاه املواطن والوطن»؟