مجلة المستقل-العدد الثامن عشر

Page 1

‫ســـــادة‬ ‫النيــــــــــل‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد الثامن عشر ‪ -‬األحد ‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫أمريكا تقود اجلهاد اإلسالمي !‬

‫اعترافات من دواعش ليبيا‬

‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫الشعب‬ ‫يَتِّهم !!‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬

‫‪‎‬داعشيات‬

‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪18‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪40‬‬

‫الشعب يتهم‪!..‬‬

‫يعود األستاذ حسن طاطاناكي ليطرح سؤا ً‬ ‫ال جديد ًا على‬ ‫الليبيني‪ :‬ماذا إذا لم يكن مجلس النواب واحلكومة املؤقتة‬ ‫ملتزمني مبطالب الشعب؟ متى ميكن للشعب أن يستبدل‬ ‫حكومته؟!‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫تقارير عربية ودولية ترصد تفاعالت املشهد السياسي‬ ‫الليبي وتفاعالته‪ ..‬وحتقيق صحفي هام ينقل اعترافات‬ ‫خطيرة جاءت على ألسنة دواعش معتقلني في أحد‬ ‫السجونالليبية‪.‬‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬ ‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫رسائل كلينتون اإللكترونية‪ ..‬ماذا وراءها؟‬

‫أثارت رسائل وزيرة اخلارجية األمريكية لسابقة على‬ ‫اإلمييل عدة تساؤالت‪ ..‬بعضها استطاع الليبيون‬ ‫تفسيره‪ ،‬وبعضها ظل غامض ًا‪ .‬ماذا يؤثر ذلك على‬ ‫مستقبل العمل السياسي في ليبيا؟ هل األحزاب‬ ‫احلالية والرموز السياسية بريئة من نظرية املؤامرة؟‬

‫حكايات من زمن فبراير!‬

‫لعله التحليل األخطر للتركيبة االجتماعية‬ ‫والتاريخية لوضع ليبيا احلالي‪ .‬ليس هناك من‬ ‫ً‬ ‫فاعال في الثورة‪ ،‬دون أن يعارضه‬ ‫يقول أنني كنت‬ ‫أحد‪ ،‬هناك حقيقة ال ميكن جتاهلها‪ ،‬فال شك‬ ‫فيه أن االنتماء للكيان القبلي كان هو الفاعل‬ ‫احلقيقي خلصوصية الثورة الليبية احلديثة‪.‬‬

‫أمريكا تقود الجهاد اإلسالمي!!‬

‫يرى الكاتب عبد الواحد حركات أن التغافل‬ ‫األمريكي الساذج عن الترابط البنيوي بني اإلخوان‬ ‫املسلمني والقاعدة سيحولها إلى جبهة «جهادية»‪..‬‬ ‫يحول َمن؟ هذا هو سؤال الكاتب‪.‬‬ ‫َمن ّ‬

‫التنقيب في تواريخ غابرة‬

‫يتوقف الكاتب براء اخلطيب مؤقتا عن سرد‬ ‫مذكراته الشخصية مقدم ًا في هذه احللقة‬ ‫أضمومة هامة عن تاريخ اإلمامة السياسي في‬ ‫اليمن‪ ،‬مدعومة بالوقائع والشواهد املأخوذة من‬ ‫مراجع محكمة‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬مساكن شيراتون‪،‬‬ ‫مربع ‪ ،1177‬عمارة ‪ ،3‬مقابل األكادميية العربية للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬هاتف‪ - 0222679219 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة‬ ‫اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪48‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪92‬‬

‫سادة النيل‬

‫يعتمد السكان في مصر على مياه النيل التي‬ ‫تغذي بشكل شامل اقتصاد للدولة املصرية‪ ،‬كما‬ ‫يعتمد السكان في السودان أيض ًا على مياه النيل‬ ‫في إنتاج جزء كبير من احتياجاتهم للطاقة‪،‬‬ ‫وكذلك أثيوبيا بلد املنبع‪ ،‬ما الذي يضمن مصلحة‬ ‫كل طرف دون خسائر؟‬

‫الحاجة إلى تفعيل الحضارات‬

‫ما زال كتاب «حوار احلضارات» يلقي بظالله على كل‬ ‫جدل جديد بني حضارات املتوسط‪ ،‬وهو يثير التحدي‪،‬‬ ‫هل كتب أحد قبله كتاب ًا في قسوته ضد جرائم اإلنسان‬ ‫األبيض بغية إعداد نظام عاملي جديد؟‬

‫تفاكيرهم بمالمح مغاربية‬

‫املستقل تتابع في تونس املراحل النهائية في إجناز برنامج‬ ‫ليبي ضخم ُيعنى باألغنية والتراث‪،‬‬ ‫ويجمع في حلقاته الـ»‪ »54‬فنانني من ليبيا وتونس واملغرب‬ ‫ومويتانيا واجلزائر‪.‬‬

‫حرب ال موت فيها!!‬

‫ال متوت املوسيقى‪ ،‬وبالتالي ال ميوت الهاف ميتل‪.‬‬ ‫يظل عالق ًا بشغاف القلوب‪ ،‬متام ًا كما يفعل‬ ‫العطر باألبدان مع فارق التوقيت‪ ..‬ماذا نستفيد‬ ‫ً‬ ‫قليال‬ ‫من درس املوسيقى؟ متى يجب أن نتوقف‬ ‫لنسمع نغم ًا؟ هذا ما يخبركم به الكاتب املبدع‬ ‫زكريا حجازي‪.‬‬

‫في حرم ديميتر وبرسيفوني‬

‫هذا العدد سوف نذهب إلى مكان مذهل‪ ،‬ومنسي‪،‬‬ ‫وال يكاد تذكره كتب التاريخ‪ ،‬ولكن الليبيني‬ ‫يعيشونه يوميا ويترددون بني جنباته‪ ،‬إنه توكرة‬ ‫الرائعة‪ ..‬تعالوا لنرى حرم آلهة الطبيعة والشفاء‬ ‫والصحة اجليدة‪.‬‬

‫جوزيف بالتر وابن الرومي‬

‫ما عالقة رئيس الفيفا جوزيف بالتر بعجز بيت‬ ‫ابن الرومي الشهير « وأال أرى غيري له الدهر‬ ‫مالكا» ‪ ..‬سؤال جتيب عنه مقالة نسخها الكاتب‬ ‫الصديق بودوارة مبداد ساخر ال يخلو من اإلسقاط‬ ‫السياسي‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫رأينا كيف نظر الشرق للغرب في‬ ‫حكاية الف ليلة وليلة‪ ..‬ينقلكم‬ ‫كاتب هذه الزاوية في هذا العدد‬ ‫ليحدثكم كيف ينظر الغرب إلى‬ ‫نفسه‪ ..‬إنها عقدة الرؤية إلى‬ ‫الذات وإلى اآلخر‪ ..‬كاذا يكمن وراء‬ ‫موشور احلكايات؟‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫المؤسسات السيادية تخرج عن المسار الديمقراطي‪:‬‬

‫يتهم‪!..‬‬ ‫الشعب ّ‬ ‫عندما انتخب الليبيون مجلس ال�ن��واب ليم ّثل اجلهاز التشريعي‬ ‫للدولة‪ ،‬وعندما قام مجلس النواب بتكليف احلكومة املؤقتة لتم ّثل‬ ‫اجل�ه��از التنفيذي للدولة‪ ،‬وعندما ب��دأت إدارة ال��دول��ة على هذا‬ ‫أي من اجلهازين‬ ‫األس��اس لم يكن في تصور الليبيني أن يحجب ّ‬ ‫نفسه عن املتابعة أو املساءلة أو االستجابة ملطالب الشعب‪ ،‬فاخلطوة‬ ‫األولى في الدميقراطية هي أن يكون الشعب هو األساس في العملية‬ ‫السياسية‪ ،‬أم��ا اخلطوة األول��ى في الديكتاتورية فهي أن يحجب‬ ‫املنتخبون واملكلّفون أنفسهم عن الشعب ليمارسوا أدواراً مجهولة أو‬ ‫غامضة ال يعرف عنها أح ٌد شيئاً‪.‬‬ ‫ال يبدو اآلن أنها تعاني حت ّوالً‬ ‫الدميقراطية التي حلم الليبيون به طوي ً‬ ‫خطيراً في هذه اآلونة عندما نرى املؤسسات السيادية أول من يخرج‬ ‫عن املسار الدميقراطي الذي طالب به الشعب وضحى من أجله‪.‬‬ ‫الدميقراطية التي استبشر الليبيون خيراً بتحققها على أرض الواقع‬ ‫بعد ‪ 2011‬أصبحوا اآلن يتش ّككون في إقامتها وحتقيقها على‬ ‫أرضهم بعد أن مارس عليهم مجلس النواب واحلكومة املؤقتة نوعاً‬ ‫من التغييب والتجهيل‪..‬‬ ‫إننا نح ّذر من مغبة االستهانة مبطالب الشعب‪ ،‬وندعو إلى وضع‬ ‫ص��ورة املشهد العام أمامه بكل تفاصيلها‪ ،‬وع��دم اتخاذ خطوات‬ ‫أو ق��رارات أو إج��راءات تتصل بالشأن العام ما لم يكن قد أبدى‬ ‫عليها موافقته املسبقة‪ ..‬وهذه القاعدة تتصل بالعديد من األحداث‬ ‫املاضية التي متت دون أن يتم متكني الشعب من إب��داء موافقته‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫فاحلوار – مث ً‬ ‫ال – مع املؤمتر العام املنتهي الصالحية وحكومته‬

‫املسماة بحكومة اإلن�ق��اذ‪ ،‬لم يق ّرره الليبيون‪ ،‬وت��و ّرط أعضاءٍ من‬ ‫املجلس في هذا احلوار ال يحظى بتزكية الشعب‪.‬‬ ‫وهناك إجراءات أخرى كثيرة أقدمت عليها احلكومة املؤقتة لم تقم‬ ‫معها باستشارة الليبيني أو طلب موافقتهم عليها‪ ،‬وكأنهم في كوكب‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫إن اخلطوة األول��ى نحو الديكتاتورية هي أن يقوم ممثلو الشعب‬ ‫باتخاذ خطوات معينة يب ّررونها بالعمل على املصلحة العامة للشعب‬ ‫دون أن ينالوا املوافقة من الذين مي ّثلونهم‪ ،‬بل يخ ّمنون ذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫الدميقراطية ليست تخميناً‪ ،‬وليست امتيازاً مينحه اإلنسان لنفسه‬ ‫دون أن يق ّدمه له اآلخرون‪ ،‬األساس في الدميقراطية هو نيل الثقة‬ ‫من اآلخرين للتح ّدث باسمهم وحتقيق مطالبهم‪ ،‬أما بغير هذه الثقة‬ ‫فإن ذلك يعني التص ّرف مبعزل عنهم وتغييبهم واالستئثار بصالحية‬ ‫القرار والتنفيذ‪ ..‬وهذه أولى صفات الديكتاتورية‪ .‬فالدميقراطية‬ ‫أوالً وأخيراً هي التزام املنتخبني واملكلّفني مبا يق ّرره الناخبون‪ ،‬دون‬ ‫استثناء‪ ،‬ودون جتاوز حلدود الصالحيات املمنوحة لهم دميقراطياً‪.‬‬ ‫من هنا‪ ..‬يجب على مجلس النواب واحلكومة املؤقتة أن يلتزما‬ ‫بآل ّية واضحة وشفافة حتيط بها الشعب الليبي علماً مبا يتعلّق بكل‬ ‫شؤونه‪ ،‬وعلى األخص القرارات السيادية التي تًعلن باسمه ونيابة‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫إن ما يحقّق االستجابة التلقائية جلهود املجلس واحلكومة املؤقتة‬ ‫هو التزامهم بالسياق الدميقراطي ال��ذي مينحهم حق التص ّرف‬ ‫بالنيابة وال يكون ذلك إال باستيفاء النيابة شروطها الدميقراطية‬ ‫التي تبدأ من االستفتاء إلى االستشارة إلى االنتخاب إلى غير ذلك‬


‫من اإلجراءات الدستورية املتعارف عليها‪.‬‬ ‫ه��ذا ه��و امل�س��ار ال��ذي يجنّب اجلميع تهمة االستئثار واإلق�ص��اء‬ ‫واالستبداد بالرأي‪ ،‬وهو ما يجيب أيضاً على عدة تساؤالت ير ّددها‬ ‫الليبيون اآلن‪:‬‬ ‫ كيف نتوقع للحرب على اإلره��اب أن متضي قدماً وأن تنتصر‬‫ليبيا من خالل الصمت على جتاوزات البعض إلرادة الناخبني‪ ،‬حتى‬ ‫وإن كانت هذه اإلرادة قد صدرت من باب احلرص على املصلحة‬ ‫العامة‪ ،‬ما لم يكن الشعب نفسه قد أب��دى موافقته ومنح تزكيته‬ ‫جلميع اخلطوات املنجزة؟‪.‬‬ ‫ كيف نتوقع للدولة أن تستقر إذا كانت كل مؤسسة سيادية من‬‫مجلس وحكومة وجيش ت�غ� ّرد خ��ارج ال�س��رب وتعتقد أنها تفعل‬ ‫األصح هو أن ينشأ تنسيق واضح شفاف بني هذه‬ ‫الصواب؟ أليس‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات السيادية وأن تتم العودة مباشرة للشعب لكي يقوم بدعم‬ ‫وتغذية هذه اجلهود معنويا وماديا؟ وحتى ال تكون ليبيا بؤرة دولية‬ ‫لإلرهاب‪ ،‬وهو األمر الذي ع ّبرت عنه مؤسسات دولية مؤخراً عندما‬ ‫اعتبرت ليبيا من بني اخلمس دول املصنفة دولياً في إطار املخاطر‬ ‫اإلرهابية ذات األثر اإلقليمي‪.‬‬ ‫ كيف نتوقع النجاح في تدشني معركة التنمية التي توقفت لعدة‬‫سنوات حتى اآلن؟ وال مبرر لهذا اجلمود والتو ّقف‪ ،‬ألن معركة البناء‬ ‫متواز مع معركة احلرب على اإلرهاب لضمان‬ ‫يجب أن متضي بشكل ٍ‬ ‫استيعاب الشباب وإعادة ترتيب املستقبل االقتصادي واالجتماعي‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬وحتى ننزع ليبيا من دائ��رة الفراغ األمني الذي‬ ‫يد ّمر البنية االجتماعية والبناء االقتصادي‪ ،‬وهو األمر الذي تداولته‬

‫مؤخراً الوكاالت ووسائل اإلع�لام العاملية وهي تعلن في دورياتها‬ ‫ونشراتها وأخبارها بأن الفراغ األمني يد ّمر اقتصاد ليبيا ويهدم‬ ‫مستقبل شبابها‪.‬‬ ‫ كيف ميكن ضمان تكاتف جميع أبناء ليبيا وانخراطهم جميعاً‬‫في جميع مراحل بناء الدولة منذ بدايتها وحتقيق عوامل االستقرار‬ ‫واملصاحلة دون أن تتم االستعانة بالقبائل الليبية‪ ..‬إننا ال نقول بأن‬ ‫القبائل بديل عن مؤسسات الدولة‪ ،‬ولكننا نقول بأنها احلاضنة‬ ‫تؤهل هذه املؤسسات ألن تنشأ وتنمو في مناخ‬ ‫االجتماعية التي ّ‬ ‫صحي سليم‪ ،‬ولهذا نص ّر على عدم إهمالها أو العمل مبعزل عنها‪،‬‬ ‫وكأنها غير موجودة أو غير ذات أثر‪.‬‬ ‫هذه – أيها السادة – بعض األولويات التي يجب اآلن على مجلس‬ ‫ال �ن��واب واحل�ك��وم��ة امل��ؤق�ت��ة أن ي �ب��ادرا إل��ى إع ��ادة ترتيبها برؤية‬ ‫استراتيجية مستقبلية تبدأ اآلن‪ ،‬وحتى ال يضع أح ٌد مجلس النواب‬ ‫أو احلكومة املؤقتة في موقف حرج‪ ،‬فإن عليهم جميعاً أن يتوقفوا‬ ‫عن اتخاذ املزيد من اخلطوات التي ت��ؤدي إلى تغييب الشعب أو‬ ‫جتهيله أو العمل مبعزل عنه‪.‬‬ ‫عليهم أن يعودوا للتفكير في نقطة البداية‪ ،‬وأن يقوموا بترميم‬ ‫مسارهم السياسي الذي تشوبه الكثير من املآخذ والفجوات‪.‬‬ ‫عليهم أن يؤمنوا أن صالحياتهم تنتهي عند عتبة الشعب الذي ميلك‬ ‫وحده احلقّ في منح الصالحيات أو سحبها‪.‬‬ ‫عليهم أن يؤمنوا أن مواقعهم احلالية قد صادق عليها الشعب في‬ ‫أول األمر‪ ..‬ويستطيع الشعب أن يج ّمد هذه املواقع إذا أراد‪.‬‬ ‫‪ -‬الشعب يتّهم مؤسساته املنتخبة‪ ..‬فما هي اخلطوة القادمة؟‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ملف كارة في الطريق إلى المحاكم الدولية‬

‫«العدالة أوال» تتعقب رؤوس اإلرهاب‬ ‫صفحة العدالة أوال‪:‬‬ ‫شرعت مؤسسة العدالة أوال في إعداد وجتهيز ملفات اإلدانة ضد‬ ‫القيادات املتهمة بارتكاب جرائم حرب‪ ،‬وجرائم ضد اإلنسانية‬ ‫في ليبيا بغية تقدميها إلى احملاكم الدولية وعلى رأسها محكمة‬ ‫اجلنايات الدولية‬ ‫ونشرت املؤسسة على موقعها الرسمي ملخصا ألول امللفات الذي‬ ‫يحوي أهم اجلرائم املتهم فيها املدعو عبدالرؤوف كارة وجاء فيه ‪:‬‬ ‫االسم ‪ :‬عبدالرووف كارة‬ ‫السكن ‪ :‬سوق اجلمعة ‪ -‬طرابلس‬ ‫العمل السابق ‪ :‬ورشة حلام وحداده‬ ‫العمل احلالى ‪ :‬آمر سرايا الدعم واإلسناد‪ ،‬آمر قوة الردع التابعه‬ ‫لعملية فجر ليبيا ‪ ،‬آمر كتيبة شهداء سوق اجلمعة‬ ‫مكان العمل ‪ :‬قاعدة معيتيقة‬ ‫> عبد الرؤوف كاره امللقب «بالشيخ املالزم»‪ ،‬كان سجينا في عهد‬ ‫القذافي بتهمه جنائية‬ ‫> ف��ي أواخ� ��ر ‪ 2011‬أص �ب��ح ع �ض��وا ف��ي امل�ج�ل��س العسكري‬ ‫بطرابلس حتت قيادة عبد احلكيم‬ ‫ب��احل��اج (أم��ي��ر اجل �م��اع��ه الليبية‬ ‫االس�لام�ي��ه املقاتلة) و أصبح آمر‬ ‫كتيبة النواصي ‪ ..‬وقال في البداية‬ ‫أنها أنشئت ملداهمة جتار املخدرات‬ ‫ف��ي ط��راب �ل��س‪ ،‬لكنها ت��ورط��ت في‬ ‫هجوم على منزل في ورشفانة قرب‬ ‫ط��راب �ل��س و تسببت ج�م��اع�ت��ه في‬ ‫مقتل رمضان بو عميد و عائلتة‪.‬‬ ‫> ش ��ارك ك ��ارة ف��ي ح�ص��ار وزارة‬ ‫اخلارجية في طرابلس نهاية أبريل‬ ‫‪ ،2013‬أثناء املطالبة بتطبيق قانون‬

‫العزل السياسي‪ ،‬وعندما خرج أهالي العاصمة في مظاهرات‬ ‫مطالبني بفك احلصار عن الوزارة هاجمتهم ميليشياته واعتقلت‬ ‫العشرات منهم‪.‬‬ ‫> لدى كارة مركز تدريب في قاعدة معيتيقة‪ ،‬ويشتبه في أن هذا‬ ‫املركز يدعم تدريب االفراد املنضمني للمجموعات اإلرهابيه في‬ ‫أنحاء ليبيا و سوريا و يشتبه بأن القاعدة حتتوي علي واحد من‬ ‫أكبر السجون السرية في طرابلس التي يعتقل داخلها مواطنون‬ ‫وأعضاء من اجليش الوطني الليبي‪.‬‬ ‫> في وق��ت سابق‪ ،‬دان��ت منظمة «هيومان رايتس ووت��ش» وفاة‬ ‫محتجز لدى ميليشيات كارة‪ ،‬أدعى األخير وقتها أنه توفي بسبب‬ ‫البرد القارص‪ ،‬بينما أش��ارت تقارير طبية إلى وجود كسور في‬ ‫جمجمته وإصابات أخرى ناجته عن تعذيبه داخل سجون هذه‬ ‫املليشيات‪.‬‬ ‫> كان مسؤوال عن حملة من املداهمات بحجة مكافحة املخدرات‬ ‫وجتارة اخلمور في مناطق مختلفه من طرابلس وضواحيها علي‬ ‫وجه اخلصوص‪ ،‬قرقارش‪ ،‬الهضبه‪ ،‬فشلوم‪ ،‬و تاجوراء نتج عنها‬ ‫عدد من االعتقاالت غير املبرره ‪ ،‬و‬ ‫عمليات قتل للمدنينن ‪.‬‬ ‫> في عام ‪ 2013‬وجهت له تهمة قتل‬ ‫ث�لاث شباب من منطقة ال�غ��رارات‬ ‫أتناء مروره ومحاولة استيقافه في‬ ‫نقطة تفتيش ‪،‬رفض حينها الوقوف‬ ‫بها وقام بإطالق النار عليهم ‪.‬‬ ‫> ك��ان وراء ال�ه�ج��وم علي فشلوم‬ ‫في أبريل ‪ ،2015‬ردا علي املنتمني‬ ‫واملؤيدين لعملية الكرامة ‪ ،‬وانتقاما‬ ‫حملمد العريبي امللقب بوكا وال��ذي‬ ‫قتل في معارك بنغازي‪.‬‬ ‫عبدالرؤوف كارة‬


‫من خطف سراج المجبري؟!‬ ‫وك����االت ‪ :‬حتى س��اع��ة ال��دف��ع ب�ه��ذا ال �ع��دد إل��ى املطبعة م��ازال‬ ‫اإلع�لام��ي س��راج املجبري مراسل قناة ليبيا أوال مختطفا ولم‬ ‫يتكشف بعد اسم اجلهة التي قامت بهذه العملية الدنيئة التي‬ ‫يراد منها فقط إخراس صوت وطني لطاملا كان له السبق في نقل‬ ‫احلقائق من موقع احلدث ‪ ،‬ودعم اجليش في حربه املشروعة‬ ‫ضد اإلرهابيني‪.‬‬ ‫سراج املجبري ملن ال يعرفه كان أول إعالمي تكلفه قناة تلفزيونية‬ ‫بتغطية أخ�ب��ار عملية ال�ك��رام��ة ف��ور اإلع�ل�ان عنها‪ ،‬وك��ان في‬ ‫أحايني عديدة يتقدم صفوف اجلنود ناقال بالصوت والصورة في‬ ‫اخلطوط األمامية مشاهد املعارك احلية التي يخوضها بواسل‬ ‫اجليش الليبي ضد بؤر اإلرهاب في بنغازي ‪.‬حتى أن أصدقاءه‬ ‫من اجلنود يشهدون له بشجاعته وعدم مباالته باملوت‪ ،‬وهو يوثق‬ ‫كل صغيرة وكبيرة في ملحمة صمود أولئك اجلنود‪ ،‬حتى أنه‬ ‫آثر البقاء مع أخر مجموعة كانت تدافع عن معسكر الصاعقة‬ ‫الرئيسي قبل وقوعه في أيدي ما يسمى مبجلس شورى بنغازي‬ ‫في نهاية شهر يوليو املاضي مؤثرا االنسحاب مع آخر جندي غادر‬ ‫املعسكر بعد نفاذ ذخيرته ‪.‬‬ ‫وملا أعادت الكرامة تنظيم صفوفها في مرتفعات الرجمة‪ ،‬وأعدت‬ ‫عدتها ملعركة تطهير بنغازي من اإلرهاب كان سراج املجبري يرافق‬ ‫ال�ق��وات التي دخلت بنغازي من ست م�ح��اور‪ ،‬مدفوعا بحماس‬ ‫شديد لنقل الصورة حية إلى املشاهدين عبر قناة ليبيا أوال‪ ،‬ولعل‬ ‫املتابعني للقناة يتذكرون تلك التقارير التي قام بإعدادها وحملت‬ ‫وصف السبق الصحفني‪ ،‬حتى أن الكثير من األقنية األخرى التي‬

‫عجز مراسلوها عن الدخول إلى بنغازي لم جتد غضاضة في‬ ‫السطو على املادة الوثائقية التي كان يرسلها لقناته ‪.‬‬ ‫ولم يكتف سراج بنقل أخبار املعارك فقط‪ ،‬وإمنا كانت له أيضا‬ ‫مراسالت مرئية أخرى رصد فيها معاناة النازحني ناقال بأمانة‬ ‫شكواهم من اإله�م��ال احلكومي ال��ذي وص��ل حد التقصير في‬ ‫تأمني احلاجيات األساسية لهم كاملأوى والغطاء والغذاء ‪.‬‬ ‫قضية اختطاف هذا اإلعالمي اجلسور كانت محل إدانة واسعة‬ ‫من زمالئه اإلعالميني والصحفيني الذين طالبوا احلكومة مبوقف‬ ‫حازم من جرائم اختطاف اإلعالميني وتكميم األفواه ‪.‬‬ ‫الهيئة العامة لإلعالم والثقافة واآلثار ح ّملت‪ ،‬في بيان لها صدر‬ ‫باخلصوص‪ ،‬اخلاطفني املسؤولية القانونية واجلنائية التامة عن‬ ‫حياة سراج مطالبة بإطالق سراحه دون شروط ‪.‬‬ ‫في جانب متصل لم تعلن‪ ،‬حتى ساعة إعداد هذه املادة الصحفية‪،‬‬ ‫أية جهة مسؤوليتها عن اختطاف املجبري‪ ،‬وكل مانشر في مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي عن قيام البحث اجلنائي في بنغازي باعتقاله‬ ‫بتهمة نشر أخبار مضللة مت نفيه في حينه على ألسنة مسؤولي‬ ‫البحث أنفسهم‪ ،‬وكل ما جرى نشره من روايات عن عملية خطفه لم‬ ‫يثبت حتى اآلن صدق ٍاي منها ‪ ..‬األمر الذي يجعل السؤال قائما‪:‬‬ ‫من الذي خطف املجبري‪ ،‬ومن هو صاحب املصلحة في ذلك ؟‬ ‫كل ما نأمله أن يخرج سراج املجبري سليما معافا من هذه احملنة‪،‬‬ ‫وأن يعود إلى ممارسة مهمته الوطنية في نشر احلقائق أمام الراي‬ ‫العام الليبي‪ ،‬فما أحوج بالدنا هذه األيام إلى هذه النوعية النادرة من‬ ‫اإلعالميني الذين يقدمون مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح ‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا تحوّلت إلى ساحـة لتدريب ”الجهاديين” الجزائريين‬

‫يحذر من عودتهم لتنفيذ ”هجمات انتحارية”‬ ‫تقرير أممي ّ‬ ‫”بلمختار أنشأ معسكرات سرّيـة في ليبيا ويطمح إلى السيطرة على الساحل”‬ ‫البالد اجلزائرية ‪:‬‬ ‫أعده خبراء أمنيون من األمم ملتحدة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬إلى‬ ‫دعا تقرير دولي ّ‬ ‫تعزيز مراقبة مسالك وممرات يستعملها اإلرهابيون على الشريط‬ ‫احلدودي بعدما حت ّولت ليبيا إلى ساحة لتدريب منخرطني جدد‬ ‫ف��ي تنظيم ”الدولة االسالمية”‪ .‬وح� � ّ�ذر ال�ت�ق��ري��ر‪ ،‬احلكومة‬ ‫اجلزائرية‪ ،‬من عودة هؤالء اجلهاديني لتنفيذ عمليات انتحارية‪،‬‬ ‫حيث تتركز عمليات التدريب في املعسكرات السرية على هذا‬ ‫النوع من الهجمات اإلرهابية‪ .‬وذكر التقرير أنه من بني القائمني‬ ‫على تلك املعسكرات التي تضم مقاتلني من جنسيات مختلفة‪،‬‬ ‫األم �ي��ر اإلره��اب��ي مختار بلمختار زع�ي��م جماعة ”املرابطون”‬ ‫املنشقة عن تنظيم القاعدة في بالد املغرب االسالمي”‪.‬‬ ‫وتتقاطع ه��ذه املعطيات م��ع ت�ق��اري��ر أمنية وعسكرية تونسية‬ ‫وج��زائ��ري��ة متطابقة‪ ،‬حت��دث��ت خ�لال األس��اب�ي��ع املاضية ع��ن أن‬ ‫تنظيم ”داعش” اتخذ من احلدود الشمالية ‪ -‬الغربية التونسية‬ ‫مع اجلزائر معبراً لنقل عناصره املدججني بالسالح بعد تلقيهم‬ ‫تدريبات في معسكرات ليبية باجتاه معسكراته في اجلزائر‪،‬‬ ‫ومن ثمة توجيههم إلى منطقة جنوب الصحراء ومالي وسوريا‪.‬‬ ‫وأفادت مذكرة صادرة عن جلنة الدعم التحليلي ورصد اجلزاءات‬ ‫التابعة لألمم املتحدة حول اجلماعات اجلهادية‪ ،‬أن املغرب يعتبر‬ ‫من بني ست دول في العالم التي يتجاوز عدد مواطنيها املقاتلني‬ ‫في صفوف اجلماعات اجلهادية أكثر من ألف ف��رد‪ ،‬وذل��ك إلى‬ ‫جانب كل من تونس وروسيا وفرنسا والسعودية واألردن‪ .‬ورغم‬ ‫تأكيد التقرير أن ”عدد اجلزائريني في التنظيم االرهابي داعش‬ ‫قليل مقارنة بتونس واملغرب‪ ،‬فـإن خطر عودتهم من ليبيا التي‬ ‫مختار بلمختار‬

‫يخضعون فيها لتدريبات متخصصة على غرار عمليات االختطاف‬ ‫واالعتداءات االنتحارية تثير االنشغال وتدعو للتجند أكثر ملواجهة‬ ‫هذه الظاهرة”‪.‬‬ ‫وأكدت املذكرة األممية أن عدد املقاتلني في صفوف تنظيم القاعدة‬ ‫وتنظيم داعش بلغ ‪ 25‬ألف مقاتل‪ ،‬ينتمون لنصف الدول األعضاء‬ ‫في األمم املتحدة والبالغ عددهم ‪ 193‬بلدا‪ ،‬مبا فيها دول بعيدة‬ ‫عن ساحة الصراع في الشرق األوس��ط كما هو احل��ال بالنسبة‬ ‫لترينيداد وطاجاكستان‪ ،‬وذلك ليبني أن تأثير هذه املجموعات‬ ‫اإلرهابية أصبح يطال كل دول العالم‪ .‬وباإلضافة إلى الدول الست‬ ‫التي صدرت أكثر من ألف مقاتل كما هو احلال بالنسبة للمغرب‬ ‫ال��ذي صدر أزي��د من ‪ 1500‬مقاتل إلى العراق وسوريا‪ ،‬فهناك‬ ‫‪ 42‬بلدا صدرت أكثر من ‪ 100‬مقاتل انضموا سواء إلى تنظيم‬ ‫داعش أو تنظيم القاعدة‪ .‬وفي الوقت الذي متكنت فيه العديد من‬ ‫الدول العربية من احلد من تدفق املقاتلني إلى العراق وسوريا‪،‬‬ ‫فقد رص��دت املذكرة ارتفاعا وصفته باحلاد في عدد املقاتلني‬ ‫القادمني من الدول األوروبية واآلسيوية‪ ،‬وتراوحت نسبته بني ‪70‬‬ ‫و‪ 300‬في املائة بالنسبة للدول اآلسيوية على اخلصوص‪ .‬وحاولت‬ ‫امل��ذك��رة أن تقدم ص��ورة عن طبيعة األش�خ��اص الذين ينضمون‬ ‫لصفوف داعش أو القاعدة خصوصا أولئك القادمني من الدول‬ ‫األوروبية‪ ،‬ذلك أن أغلب املقاتلني القادمني من أوروبا ”كان لهم‬ ‫سجل إجرامي سابق وتورطوا في جرائم صغيرة”‪ ،‬يقول التقرير‬ ‫الذي لفت إلى أن فرنسا وبريطانيا تواجهان حاليا عصابات تقوم‬ ‫بتجنيد املقاتلني الشباب انطالقا من الثانويات‪ ،‬األمر الذي يفسر‬ ‫أن الداخلية الفرنسية كشفت أن ‪ 500‬تلميذ فرنسي يقومون‬ ‫بالبحث عن طريقة لالنضمام لداعش‪.‬‬ ‫وحتدثت اللجنة األممية التي أشرفت على إع��داد املذكرة عن‬ ‫حتول ليبيا إلى ساحة لتدريب املقاتلني األجانب قبل انضمامهم‬ ‫للمجموعات املقاتلة في سوريا والعراق‪ .‬وأفاد التقرير في شق‬ ‫آخ��ر أن ”تنظيم داع��ش في ليبيا ب��دأ بتأسيس والي��ة في برقة‬ ‫وحتديدا في مدينة درنة ثم توجه العالن والية فزان في اجلنوب‬ ‫الليبي ومن ثم والية طرابلس والتي يبدو أن التنظيم أنشأ أساس‬ ‫تنظيم محكم هناك‪ ،‬بدأت بالدخول إلى أسواق العاصمة الليبية‬ ‫والقيام بعمليات احلسبة والتخلص مما يعتبره مظاهر لالنحطاط‬ ‫األخالقي منذ نوفمبر املاضي‪ ،‬وليظهر في مناسبتني متتاليتني‬ ‫بدموية كبيرة في هجوم فندق كورونثيا ومن ثم عملية ذبح املصريني‬ ‫والتي صورت مبثل الطريقة الهوليودية التي صورت بها عمليات‬ ‫الذبح في الرقة بسوريا‪ .‬وتابع ”هناك دالئل ميدانية ومتطابقة‬ ‫تثبث أن بلمختار‪ ،‬واحد من أخطر اإلرهابيني اجلزائريني والذي‬ ‫نشط في شمال مالي‪ ،‬وانتقل إلى ليبيا ليتفادى اعتقاله أو قتله‪،‬‬ ‫ومن األراضي الليبية يطمح إلى السيطرة على الساحل”‪.‬‬


‫برلمان ليبيا يؤكد‬ ‫اعتراضه على مقترح‬ ‫أممي إلنشاء مجلس‬ ‫للدولة‬ ‫مقاتلون من فجر ليبيا يحصون ذخيرتهم‬

‫تحميل «فجر ليبيا» مسؤولية‬ ‫سيطرة «داعش» على سرت‬ ‫العربي اجلديد ‪:‬‬ ‫ح ّملت احلكومة الليبية املؤقتة ق��وات «فجر ليبيا»‪ ،‬املناهضة لها في الغرب‬ ‫الليبي‪ ،‬املسؤولية عن تطورات األوضاع األخيرة في مدينة سرت (وسط البالد)‪،‬‬ ‫والتي أعلن تنظيم الدولة (داعش)‪ ،‬سيطرته على أجزاء منها‪ ،،‬بعد انسحاب‬ ‫قوات األخيرة‪ ،‬وفقاً لوكالة األناضول‪.‬‬ ‫وأعلنت الكتيبة ‪ 166‬التابعة لقوات «فجر ليبيا»‪ ،‬عن انسحاب قواتها‪ ،‬من‬ ‫قاعدة «القرضابية» اجلوية ومشروع «النهر الصناعي»‪ ،‬ما أدى إلى سيطرة‬ ‫تنظيم الدولة (داعش)‪ ،‬على املوقعني‪ ،‬فيما برر القائد امليداني بالكتيبة ‪،166‬‬ ‫سليمان التارقي‪ ،‬في تصريحات صحافية له‪ ،‬االنسحاب بأنه «ك��ان لترتيب‬ ‫الصفوف وجزءاً من خطة معدة ملواجهة املجموعات املسلحة التابعة للتنظيم»‪.‬‬ ‫وتعليقاً على ذلك‪ ،‬قالت احلكومة الليبية املنعقدة شرقي البالد‪ ،‬في بيان تلقت‬ ‫وكالة «األناضول» نسخه منه‪ ،‬إن «احلكومة الليبية املؤقتة حت ّمل مليشيات فجر‬ ‫ليبيا ما آلت إليه األوضاع في مدينة سرت وما يترتب على ذلك من سفك للدماء‬ ‫وتدمير ملقدرات الوطن وانتشار ومتدد اجلماعات اإلرهابية إلى كافة املدن»‪.‬‬

‫خبير سياسى‪:‬‬ ‫مصر تدعم ليبيا للقضاء على داعش‬ ‫وأمريكا تعمل على تمدد التنظيم‬ ‫اليوم السابع ـ أحمد زيادة ‪:‬‬ ‫أكد خالد زغلول نائب رئيس حترير جريدة األهرام والباحث واملتخصص فى‬ ‫الشئون املغاربية‪ ،‬أن مصر تساعد طرابلس من أجل القضاء على تنظيم داعش‬ ‫داخل ليبيا‪ ،‬مؤكدا أن املوقف البريطانى واألمريكى يلعب على متدد التنظيم‬ ‫اإلرهابى بليبيا‪ ،‬أما إيطاليا وفرنسا تريد القضاء على داعش خوفا من متددهم‬ ‫داخل بلديهما‪.‬‬ ‫وأض��اف زغلول أثناء ح��واره مع اإلعالمى عمرو عبداحلميد مقدم برنامج‬ ‫«ح��وار القاهرة» امل��ذاع عبر فضائية «سكاى نيوز عربية» أن املوقف املصرى‬ ‫مازل داعما للشعب والبرملان الليبى املنتخب‪ ،‬حيث إن هناك تعاونا عسكريا‬ ‫مصريا ليبيا بني اجليش املصرى ونظيره الليبى‪ ،‬ما بني تدريب مخابراتى‬ ‫وعسكرى حتى يتم القضاء على تنظيم داعش اإلرهابى‪ .‬وأش��ار إلى أنه فى‬ ‫حال استمرار حظر السالح على قوات اجليش الليبى لن تستطيع ليبيا القضاء‬ ‫على داعش‪ ،‬وأنه فى حال رفع أمريكا وبريطانيا دعمهم لتنظيم داعش سيتم‬ ‫القضاء عليه داخل ليبيا‪.‬‬

‫‪ - 24‬طبرق ‪ -‬خالد محمود ‪:‬‬ ‫نفى الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي‪ ،‬فرج‬ ‫بوهاشم‪ ،‬لـ ‪ ،24‬ما تردد عن قبول املجلس الذي يعد أعلى‬ ‫سلطة سياسية وتشريعية في ليبيا‪ ،‬قبول البرملان املعترف‬ ‫به دولياً‪ ،‬إنشاء مجلس جديد للدولة الليبية ضمن حزمة‬ ‫املقترحات التي قدمتها بعثة األمم املتحدة‪ ،‬إلنهاء األزمة‬ ‫السياسية في ليبيا‪.‬‬ ‫وقال بوهاشم لـ ‪ 24‬إن «املجلس لم يقبل بعد مبا يسمى‬ ‫مجلس الدولة ونستغرب تصريح بعض األعضاء بإعالن‬ ‫قبولهم بهذا األمر بعيداً عن املجلس‪ ،‬ونأمل عدم التعبير‬ ‫بهذا الشكل الهزيل مستقب ً‬ ‫ال»‪.‬‬ ‫وأضاف بوهاشم في تصريحات خاصة من مقر املجلس‬ ‫في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي‪« ،‬املجتمع الدولي‬ ‫لم يقدم لنا شيئاً حتى اآلن‪ ،‬كل ما قدمه لنا هو أنه قلق‬ ‫بشأن ليبيا»‪.‬‬ ‫وكشف النقاب عن أن «أهم التعديالت التي اقرها مجلس‬ ‫النواب هو ع��دم قبول ما يسمى مجلس الدولة وتغيير‬ ‫اسمه إلى مجلس استشاري للحكومة فقط»‪.‬‬ ‫مؤمتر ركسوس‬ ‫وح��ول اخل�لاف��ات التي ال زال��ت تعترض طريق تشكيل‬ ‫حكومة وفاق وطني‪ ،‬قال بوهاشم لـ ‪« 24‬من جهتنا قمنا‬ ‫بتعديل املسودة التي قدمتها بعثة األمم املتحدة وإعالن‬ ‫قبولنا لها‪ ،‬مشيراً إل��ى أن من رف��ض املسودة هم بقايا‬ ‫مؤمتر رك�س��وس‪ ،‬ف��ي إش��ارة إل��ى امل��ؤمت��ر الوطني العام‬ ‫(ال�ب��رمل��ان) السابق املنتهية والي�ت��ه وال��ذي يسيطر على‬ ‫األمور في العاصمة طرابلس»‪.‬‬ ‫وكان بعض أعضاء في مجلس النواب ضمن فريقه حلوار‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬أعلنوا أن ح ً‬ ‫ال سياسياً إلنهاء األزمة الليبية‬ ‫بات وشيكاً‪ ،‬ولفتوا إلى أن احلل يتضمن إنشاء مجلس‬ ‫ل�ل��دول��ة الليبية مناصفة ب�ين مجلس ال �ن��واب وال�ب��رمل��ان‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫لكن الناطق الرسمي باسم البرملان املنتخب واملعترف به‬ ‫دولياً‪ ،‬قال في املقابل لـ ‪ 24‬إن «هذا احلل غير مقبول‪،‬‬ ‫وأن البرملان قد اعترض عليه بشكل رسمي وواضح»‪.‬‬ ‫فرج بوهاشم‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫اعترافات خطيرة من دواعش ليبيا‬ ‫الجزائريون هم الرقم األول في «داعش» بليبيا‬ ‫ومعظم أمرائهم عائدون من العراق وسوريا‬ ‫الشروق اجلزائرية ـ ناهد زرواطي ‪:‬‬ ‫«داعش» ليبيا أو «أنصار الشريعة»‪ ،‬رمبا كان هنالك فر ٌق أو اختالف في‬ ‫اخلط والطريقة فيما سبق بني التنظيمني‪ ،‬لكن منذ أشهر قليلة فقط‬ ‫الحظنا خالل تواجدنا داخل منطقة الشرق التنسيق احملكم بني اجلهتني‪،‬‬ ‫إذ كانت لي لقاءات خاصة مع أم��راء من التنظيمني مت القبض عليهم‬ ‫داخل املنطقة الشرقية خاصة منها درنة‪ ،‬حيث أكد هؤالء تقدميهم الوالء‬ ‫لتنظيم «داعش» الذي يعتبر منطقة سرت‪ ،‬مسقط الرئيس الراحل معمر‬ ‫القذافي‪ ،‬معقال رئيسيا له‪ ،‬أخبرني أحد األمراء أن لديهم أعدادا كبيرة‬ ‫من املقاتلني‪ ،‬والتنظيم يتلقى انضماما متزايدا يوما بعد يوم وإن لم يكن من‬ ‫جنسيات ليبية‪ ،‬فإنها كثيرا ما تكون من جنسيات مختلفة أ ّولها اجلزائرية‬ ‫والتونسية والسورية واملصرية والسودانية‪.‬‬ ‫وقد أخبرني معظم األمراء أن اجلزائريني هم العنصر األول أو ما يعرف‬ ‫بالرقم األول في التنظيم حيث أن معظم املناطق تقع حتت إمرة أو سيطرة‬ ‫أم��راء جزائريني تد ّربوا في سوريا والعراق وعاشوا احلربني معاً ولهم‬ ‫عالقات وطيدة مع تنظيم «القاعدة في بالد الرافدين» الذي حتول إلى‬ ‫«داعش» فيما بعد‪.‬‬ ‫متد ٌد داعشي في الشرق الليبي‬ ‫ّ‬ ‫دخولنا إلى منطقة الشرق يُعتبر عمال انتحاريا‪ ،‬لكون تلك اجلماعات‬ ‫انتشرت بشكل رهيب داخل كل املناطق منها االب��رق والبيضاء وبنغازي‬ ‫أكثر املناطق سخونة وخطرا‪ ،‬حذرتني بعض األجهزة األمنية من مغادرة‬ ‫املكان الذي استقريت به‪ ،‬بل وأكثر من ذلك أخبرني أحد العقداء أن تنظيم‬ ‫قدمته من مادة إعالمية من داخل‬ ‫«داعش» وضعني في قائمة املطلوبني ملا ّ‬ ‫ليبيا‪ ،‬وال ننسى هنا أن أغلبية الطبقة املثقفة في ليبيا غادرتها إلى دول‬ ‫اجلوار بعد أن أصبح هؤالء أول املستهدفني من قبل التنظيم‪.‬‬ ‫راهنت‬ ‫ولكون العمل اإلعالمي كثيرا ما يكون مقامرة ومراهنة‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫ودخلت إلى أكثر املناطق سخونة حيث يف ّر الطير قبل اإلنس‪ ،‬وهنا أقصد‬ ‫جبهات «عير م��ارة» الساخنة‪ ،‬املنطقة التي تقع مباشر مع درن��ة معقل‬ ‫«أنصار الشريعة» الذين بايعوا «داعش» ليبيا‪ ،‬عني مارة تعتبر املنطقة التي‬ ‫ُحررت منذ ما يقارب الشهرين فقط بعد أن كانت حتت سيطرة التنظيم‬ ‫اإلرهابي‪ ،‬شعرت وأنا أدخلها أنها ال تزال حتمل بني جيوبها خاليا نائمة‬ ‫قد تكيد للداخل ومتنعه من اخلروج‪.‬‬ ‫ورغم أننا وقفنا مع «جيش الكرامة» التابع للفريق أول خليفة حفتر والذي‬ ‫ج ّهز ترسانة كبيرة على مشارف املدينة‪ ،‬إال أن خطوة االنطالق والدخول‬ ‫كانت تُؤجل يوما بعد يوم؛ فالبعض يقول خوفا على املدنيني الذين ح ّولهم‬ ‫تنظيم «أنصار الشريعة» إلى دروع بشرية‪ ،‬والبعض اآلخر يقول بسبب‬ ‫املسجل داخل «جيش الكرامة»‪ ،‬وال ننسى هنا‬ ‫نقص الذخائر واالنشقاق‬ ‫ّ‬ ‫احلديث عن األسلحة الكبيرة والثقيلة املتط ّورة التي ميلكها التنظيم‪،‬‬ ‫والواضح من خالل استعراضاته العسكرية الكبيرة التي قام بها علنا داخل‬ ‫منطقة درنة‪ ،‬وحسب أحد العقداء من اجليش املكلف مبلف درنة‪ ،‬فإن‬ ‫نفس التنظيم استفاد من تلك القوة عن طريق إمدادات خارجية تأتيه من‬ ‫تدرب أغلب مقاتلي «أنصار الشريعة»‪ ،‬وأيضا تركيا وقطر‬ ‫السودان التي ِ ّ‬ ‫وأمريكا وغيرها‪ ،‬وال تستغربوا إن قلت لكم أنني وأنا أجتول داخل منطقة‬

‫الشرق ال أسمع في السيارة سوى إذاع��ات «أنصار الشريعة»‪ ،‬نعم فقد‬ ‫سيطر هذا التنظيم على كل املق ّرات الرسمية واإلذاعات التي أصبح يطلق‬ ‫من خاللها بطوالته وسيطرته على أغلب املناطق الشرقية‪ ،‬رغم الضربات‬ ‫القوية التي يوجهها اجليش إليه‪.‬‬ ‫«الشروق» تدخل أكبر سجون الدواعش في ليبيا‬ ‫احلديث عن هذا امللف احلساس جعلنا نقصد أكبر السجون الليبية التي‬ ‫حتمل داخل أسوارها اخطر أمراء «أنصار الشريعة» و»داعش»‪ ،‬أخبرني‬ ‫علي التفكير جليا قبل محاولة الدخول‪،‬‬ ‫مصدري أن األمر خطي ٌر للغاية وأن ّ‬ ‫غير أنني متسكت بطلبي وقصدت سجن شهداء بوابة برسس التابع لقوات‬ ‫املهام اخلاصة جلهاز مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وما إن وصلت إلى بوابة السجن‬ ‫مقدمة السيارة طالبني من‬ ‫رفقة مرافقنا حتى خرج اجلنود يضربون على ّ‬ ‫السائق إخراجي فورا لكون السجن يتعرض لتم ّرد داخلي من الدواعش‪،‬‬ ‫طلبت من مرافقي عدم املغادرة مص ّرة على الدخول والتصوير‪ ،‬انتظرنا‬ ‫حتى هدأت األوضاع ودخلنا إلى أكبر أوكار األمراء‪.‬‬ ‫أمراء‪« :‬كلكم طواغيت»‬ ‫معظم القضايا املسجلة باألدلة والبراهني واالعترافات تعتبر خطيرة‬ ‫للغاية‪ ،‬كيف ال وحتى اخلاليا التي خططت لضرب السفارات والتمثيليات‬ ‫الدبلوماسية موجودة هناك‪ ،‬أمراء خططوا ورتبوا لضرب استقرار ليبيا‬ ‫وأمنها‪ ،‬وآخرون مكلفون بقتل أي أجنبي‪ ،‬تفكي ُرهم متشدد وهدفهم إقامة‬ ‫إمارة إسالمية وتكفير أي جهة رسمية داخل ليبيا‪ ،‬فال تقل لهم إن هناك‬ ‫جيشاً أو شرطة‪ ،‬بالنسبة لهم هؤالء مجرد «طواغيت»‪ ،‬بل لم يتردد أحدهم‬ ‫عندما سألته‪ :‬ألم تندم على ذبح ‪ 100‬شخص ليجيبني‪ِ :‬‬ ‫«أنت طاغوت‬ ‫وكلكم طواغيت‪....‬؟»‪.‬‬ ‫يروي لنا يوسف حبارة‪ ،‬الذي لم يتجاوز عمره ‪ 29‬سنة‪ ،‬وهو عنص ٌر فعال‬ ‫في تنظيم «أنصار الشريعة»‪ ،‬تفاصيل تهمته املتمثلة في ذبح ‪ 37‬عسكرياً‬ ‫وتصفية ‪ 48‬شخصاً آخ��ر (املجموع ‪ 83‬قضية)‪ ،‬يقول‪« :‬ب��دأت العمل‬ ‫في بداية عام ‪ ،2013‬كانت بدايتها عن طريق بعض اإلخوة الذين كانوا‬ ‫يحاولون القيام معي بغسيل دماغ حول التطرف الديني والفكر الداعشي‪،‬‬ ‫إلي‬ ‫ولم يتوقف ذلك خاصة عندما توقفت عن العمل‪ ،‬حيث ازداد مجيئهم ّ‬ ‫حتى انخرطت معهم‪ ،‬وبدأ عملي عن طريق نقاط التفتيش حتى نهاية عام‬ ‫‪ ،»2014‬وهنا سألته‪ :‬كيف طلب منه تنفيذ هذه العمليات؟ ليجيب أنه كان‬ ‫حتت إمرة أمير يقال له عضية رجب اجلزائري ومعه شخص آخر يدعى‬ ‫محمد الفيتوري وآخر اسمه حميد النعاس «هذا األخير كان جاراً لي»‪،‬‬ ‫أما عن عدد العمليات التي قام بها فيقول املتهم أنها ‪ 37‬قضية ذبح و‪17‬‬ ‫قضية تصفية بالرصاص في الرأس و‪ 13‬قضية إسناد في عمليات الذبح‪،‬‬ ‫وباقي القضايا خطف وإمساك أفراد اجليش «إجمالي القضايا املسجلة‬ ‫استغربت لكونه يتحدث عن‬ ‫اعترفت بها جميعا»‪،‬‬ ‫ضدي ‪ 83‬قضية وقد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أعمال الذبح والقتل بطريقة عادية فسألته إن كانت حتت تأثير أي نوع من‬ ‫املخدرة؟ فأجاب «ال‪ ..‬لقد كانت عن قناعة وفكر»‪.‬‬ ‫احلبوب‬ ‫ِّ‬ ‫وعن اجلنسيات األخرى التي كانت معه‪ ،‬يقول يوسف «في الكتيبة التي‬ ‫جنسيات أخ��رى س��وى الليبية‪ ،‬رمب��ا ك��ان عن‬ ‫كنت فيها لم تكن هنالك‬ ‫ٌ‬


‫درنة باتت أحد املراكز الرئيسية إلعداد مقاتلي داعش‬ ‫اخلطر األكبر يتمثل في جتنيد الفتيان واألطفال‬

‫أدلة على التورط التركي في تزوير جوازات القتلة‬

‫داعشي في الـ‪ 19‬يصلي مع شيخ سلفي في‬ ‫املسجد ثم يلصق عبوة حتت سيارته‬ ‫حلماية القتلة يختمون جوازاتهم في تركيا وقت‬ ‫تنفيذهم مهمات االغتيال والتصفيات اجلسدية‬ ‫قصد‪ ،‬لكن معظم اجلنسيات التي كانت تقودنا وكنا نسمع عنها كانت من‬ ‫اجلزائر وتونس وغيرها»‪ ،‬ليضيف أن عمليات الذبح التي كان يقوم بها‬ ‫كانت فردية «بعد أن يأمرنا األمير بذلك‪ ،‬وكانت هنالك مجموعة خاصة‬ ‫بعمليات الذبح‪ ،‬كنا نذهب بسيارتني والسيارة الثانية تكون القوة املسانِدة‬ ‫لنا‪ ،‬أما نحن فمه ّمتنا القيام بعملية الذبح أو عمليات التصفية عن طريق‬ ‫املسدسات في الرأس وغيرها‪ ،‬وهذا بعد أن نتربص باجلنود ومنسك بهم‬ ‫في العديد من النقاط‪ ،‬وهناك العديد من العساكر الذين منسك بهم وال‬ ‫نعرف مصيرهم بعدها‪ ،‬يعني يُح ّولون إلى جهات معينة في القيادة»‪.‬‬ ‫غسل أدمغة الشباب‬ ‫عبد الرب الشريف السعيدي من مواليد ‪ ،1993‬تهمته التصفية رغم أنه‬ ‫خريج معهد الهندسة املعمارية وطالب في كلية القانون‪.‬‬ ‫أخبرنا املتهم أنه يتلقى األوامر من قبل أحمد نوح الفاخري «كانت أول‬ ‫مهمة لي هي قتل العقيد مفتاح العرافي‪ ،‬وهو من سكان منطقة الليثي‬ ‫طريق النهر‪ ،‬وضعت له الصقة متفجرات في سيارته ومت تفجيرها عن‬ ‫بُعد عن طريق شخص يدعى مصطفى الترهوني‪ ،‬أم��ا العملية الثانية‬ ‫فكانت ضد شخص يقال له كمال الفار‪ ،‬قمنا معه بنفس العملية أيضا‪ ،‬أما‬

‫العملية الثالثة فكانت ضد الضحية محمد صالح الورفلي‪ ،‬والرابعة كانت‬ ‫ضد فرج اخلفيفي وهو عريف في الشرطة‪ ،‬مهمتي كانت وضع العب ّوات‬ ‫الالصقة حتت سيارات املجني عليهم»‪.‬‬ ‫وردا على سؤالي حول التدريبات التي تلقاها املتهم؟ أجابني أن مهمة‬ ‫العبوات الناسفة عبارة عن مغناطيس ال يحتاج إلى أكثر من إلصاقها‬ ‫مبررا جرائمه‪« :‬لقد كان‬ ‫حتت السيارة‪ ،‬وعن انضمامه إلى «داعش» يقول ِ ّ‬ ‫ذلك في سنة ‪ 2013‬عن طريق أصحاب وجيران‪ ،‬ودرسنا منهجا دينيا‪،‬‬ ‫واحلمد لله لكوني محبا لهذا الدين وحاولت نصرة دين الله وكان هذا هو‬ ‫السبيل الوحيد‪ ..‬نحن نريد حتكيم شرع الله فوق هذه األرض‪ ،‬وهؤالء‬ ‫هم من ميانعون حتكيم شرع الله عز وجل‪ ،‬لهذا كنا نقوم بتصفيتهم؟!»‪،‬‬ ‫أما املناطق التي أوكلت لعبد الرب التصفية داخلها فقد كانت كلها داخل‬ ‫املنطقة الشرقية وبالتحديد مناطق احلدائق والنهر وبوهدمية «ما قمت به‬ ‫عن قناعة وعن فكر ومنهج درسنا عليه!»‪.‬‬ ‫تزوير جوازات السفر‬ ‫املسعود عبد العظيم الشافعي‪ ،‬شاب في الـ‪ 19‬من عمره‪ ،‬تهمته تزوير‬ ‫جواز سفر واملساهمة في ‪ 90‬عملية تصفية‪.‬‬ ‫يقول املتهم إن دوره كان التصفية والتحري واملساندة في نفس الوقت «لقد‬ ‫كانت أول مهمة لي هي ضد العقيد فرج الديسكو الذي قمت بتصفيته‬ ‫أمام منزله‪ ،‬أما األوامر فكنت أتلقاها من طرف فرج برص وعلي العظمة‬ ‫وعن طريق أيضا أمير يقال له محمود البرعصي‪ ،‬أما باقي العمليات فقد‬ ‫قمت أيضا بتصفية الشيخ السلفي عبد السالم ضيف الله احلاسي في‬ ‫وضعت‬ ‫منطقة حي السالم‪ ،‬كانت العملية أثناء خطبة يوم اجلمعة‪ ،‬أنا‬ ‫ُ‬ ‫الالصقة بعد أن صليت معه داخل املسجد‪ ،‬أما من نفذ التفجير فقد كان‬ ‫محمد الدالي»‪.‬‬ ‫استغربت صغر سن املسعود الذي لم يتجاوز الـ‪ 19‬سنة فسألته‪ :‬كيف وصل‬ ‫إلى هذا األمر؟ وهنا صدمني جوابه فعال «لقد كنت أنا وباقي املجندين‬ ‫الصغار نقوم بذلك حتت إما التهديد بالسالح أو ما يسمى لديهم «جهاد‬ ‫نكاح الرجال؟!»‪ ،‬سألت املتهم عن كيفية حمايته من قبل تلك اجلماعات‪،‬‬ ‫فكان رده كاشفا عن تآمر العديد من الدول وتورطها في مستنقع احلرب‬ ‫الليبية «لقد كانوا يأخذون منا جوازات سفرنا ومن ليس له جواز‪ ،‬يصدرون‬ ‫له جواز سفر ويتركونه معهم‪ ،‬أما الهدف فهو ختم جوازات سفرنا عند‬ ‫كل عملية نقوم بها فمثال عند قيامي بعملية قتل اإلم��ام عبد السالم‬ ‫أخذ األمير محمد الدالي جوازي وختمه لي في نفس اليوم ختم خروج‪،‬‬ ‫أما الدولة فكانت تركيا يعني يأخذون اجلوازات إلى تركيا ويختمونها ثم‬ ‫يعيدون لنا اجلوازات حتى ال نخاف‪ ،‬بالنسبة لي ختموا لي اجلواز على‬ ‫أساس أنني بقيت ‪ 20‬يوماً في تركيا‪ ،‬وهي نفس املدة التي كنت فيها هنا‬ ‫أقوم بعمليات التصفية‪ ،‬ولست الوحيد‪ ،‬كل الشبان املجندين للقيام بعمليات‬ ‫االغتيال يقومون معهم بنفس األمر من باب احلماية»‪.‬‬ ‫وعما إذا كانت تركيا الدولة الوحيدة املتورطة في املوضوع رد الصبي‬ ‫«بالنسبة للشبان الذين أعرفهم كانت جوازاتهم كلها بختم تركي‪ ،‬أما البقية‬ ‫ال أدري» لإلشارة حتصلت الشروق على نسخة جواز سفر املتهم‪ ،‬وهي‬ ‫حتمل ختم مطار تركيا في وقت تواجده لتنفيذ املهمات داخل ليبيا‪.‬‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا إلى أين بعد سقوط سرت في يد داعش؟‬ ‫روسيا اليوم ـ أشرف الصباغ ‪:‬‬ ‫في ظل غياب أي تسوية سياسية بني الفصائل املتصارعة حذر‬ ‫املبعوث األممي إلى ليبيا برناردينو ليون من انهيار مالي وشيك‬ ‫في ليبيا‪ ،‬كما أشار أيضا إلى وجود انهيار أمني بسبب األحداث‬ ‫اجلارية ‪.‬‬ ‫برناردينو ليون ربط استمرار األزمة في ليبيا بصراع احلكومتني‬ ‫املتنافستني على السلطة والتي تعمل إحداهما في طبرق برئاسة‬ ‫عبد الله الثني وهي املعترف بها دوليا‪ ،‬واألخ��رى في طرابلس‬ ‫بقيادة جماعة «فجر ليبيا» التي تضم فصائل دينية متنوعة‬ ‫وحتظى بشكل من أشكال الدعم الدولي غير املباشر‪ ،‬غير أن‬ ‫اخلطير هنا هو رؤية املبعوث الدولي ملا يجري في ليبيا وقصره‬ ‫على الصراع أو التنافس بني حكومتني‪.‬‬ ‫إن دور املبعوث األممي في ليبيا‪ ،‬واملفاوضات التي يقودها بني ما‬ ‫يسميه بـ «القوى املتنافسة»‪ ،‬لم يسفرا عن شيء حتى األن حللحلة‬ ‫األزمة الليبية‪ ،‬هناك إعالنات متوالية وتصريحات من ليون نفسه‪،‬‬ ‫وم��ن دول أوروب�ي��ة‪ ،‬ولكن سرعان ما يتضح أنها مخالفة متاما‬ ‫للواقع‪ ،‬ومل��ا يجري فعليا على األرض‪ ،‬من جهة أخ��رى تتعرض‬ ‫القوى الليبية املختلفة إلى ضغوط شديدة في اللقاءات التفاوضية‬ ‫ال �ت��ي جت��ري ف��ي ت��ون��س واجل��زائ��ر وامل �غ��رب مب�ش��ارك��ة عناصر‬ ‫دبلوماسية واستخباراتية وعسكرية أوروبية وأمريكية‪.‬‬ ‫برناردينو ليون يتحدث‪ ،‬بعد ‪ 4‬سنوات من األزم��ة الليبية‪ ،‬عن‬ ‫انهيارات اقتصادية وأمنية وحرب أهلية في ليبيا‪ ،‬ويرى أن ما يجري‬ ‫هناك يستوجب حال سريعا إلنهاء األزمة وإنقاذ ما ميكن إنقاذه‪،‬‬ ‫وفي الوقت نفسه ال يحدد أي طرف من األطراف هذا الذي «ميكن‬ ‫إنقاذه» بالضبط‪ ،‬خاصة في ظل إعالن «الواليات» اإلسالمية في‬ ‫أكثر من مكان بليبيا‪ ،‬وعلى رأسها والية «درنة اإلسالمية»‪ ،‬ومبايعة‬ ‫العديد من التنظيمات واجلماعات لتنظيم «داعش» اإلرهابي الذي‬ ‫تعمل عناصره بحرية كبيرة في األراضي الليبية‪ ،‬سواء ضد الليبيني‬ ‫أنفسهم أو ضد األجانب العاملني هناك‪.‬‬ ‫احلديث يدور عن حرص جميع األط��راف الدولية واحمللية على‬ ‫ض��رورة تسوية األوض��اع في ليبيا عن طريق احل��وار بني القوى‬ ‫املتصارعة‪ ،‬وتشكيل حكومة وح��دة وطنية‪ ،‬وف��ي ال��وق��ت نفسه‬ ‫تتجاهل هذه األطراف األسباب احلقيقية للصراع الليبي‪ ،‬وترفض‬ ‫أي مبادرات من خارج الدائرة األوروبية األطلسية‪ ،‬وتغمض العني‬ ‫أيضا عن اجلهات التي تقوم بتمويل «داع��ش» عبر شراء النفط‬ ‫الليبي‪ ،‬وترفض تسليح‬ ‫اجليش‪.‬‬ ‫لقد ظهرت األنباء عن‬ ‫س �ق��وط م��دي �ن��ة س��رت‬ ‫ف���ي ‪ 21‬م���اي���و‪ /‬أي���ار‬ ‫اجل���اري‪ ،‬وب�ع��د ‪ 3‬أي��ام‬ ‫فقط أعلنت احلكومة‬ ‫ال �ل �ي �ب �ي��ة امل �ع �ت��رف بها‬ ‫دول � �ي� ��ا أن ط��ائ��رات �ه��ا‬

‫هاجمت ناقلة نفط رست في ميناء س��رت‪ ،‬وقبلها بأيام قليلة‪،‬‬ ‫قصفت القوات الليبية سفينة تركية كانت حت��اول الدخول إلى‬ ‫املياه اإلقليمية الليبية‪ ،‬وفي ‪ 29‬مايو‪ /‬أي��ار أعلن «داع��ش» أنه‬ ‫استولى على سرت التي كانت قوات «فجر ليبيا» تسيطر عليها‪،‬‬ ‫كل هذه الشواهد تشير إلى وصول املفاوضات الليبية إلى طريق‬ ‫مسدود في ظل الضغوط الغربية‪ ،‬واستبعاد أي مبادرات دولية أو‬ ‫إقليمية إال إذا كانت متوافقة مع مصالح أطراف بعينها تتحكم‬ ‫في مسارات األزمة‪.‬‬ ‫لقد مت التأكيد على أن تنظيم «داع���ش» سيطر على قاعدة‬ ‫«القرضابية» اجلوية في مدينة س��رت الليبية‪ ،‬على الرغم من‬ ‫تصريحات املبعوث األممي إلى ليبيا برناردينو ليون حول خطورة‬ ‫متدد هذا التنظيم اإلرهابي وتزايد نفوذه‪.‬‬ ‫املثير للتساؤالت هنا‪ ،‬أنه في منتصف شهر مارس‪/‬آذار املاضي‬ ‫أع��رب مسؤولون أمريكيون عن قلق واشنطن العميق من تزايد‬ ‫نفوذ تنظيم «داعش» في ليبيا‪ ،‬وقالوا إن «كبار» قادة ما يسمى بـ‬ ‫«الدولة اإلسالمية» سافروا إلى ليبيا‪ ،‬التي تشهد صراعا مسلحا‪،‬‬ ‫للمساعدة في جتنيد وتنظيم صفوف املتشددين وخصوصا في‬ ‫مدينتي درنة وسرت‪ ،‬وأظهر تقرير وزعه مكتب األمن الدبلوماسي‬ ‫التابع لوزارة اخلارجية األمريكية في مارس‪/‬آذار أنه منذ أواخر‬ ‫يناير‪ /‬كانون الثاني املاضي‪ ،‬نفذ إرهابيو «داعش» هجمات كثيرة‪،‬‬ ‫أبرزها الهجوم على فندق «كورنثيا» في طرابلس والهجوم على‬ ‫حقل املبروك النفطي جنوب سرت‪.‬‬ ‫إن الواليات املتحدة التي تراقب األوضاع جيدا في البحر املتوسط‬ ‫وعبر أجهزتها الكثيرة داخل ليبيا وخارجها‪ ،‬تتحدث بشكل حيادي‬ ‫جدا وكأن األمر ال يعنيها كثيرا‪ ،‬أو في أحسن األحوال‪ ،‬ال تستطيع‬ ‫عمل أي شئ أمام متدد «داعش» واتساع نفوذه!‬ ‫إذا كانت مدينة درن��ة حتولت إل��ى «والي��ة إسالمية»‪ ،‬ثم بايعت‬ ‫«داع��ش»‪ ،‬فقد سقطت مدينة س��رت التي تتضمن ميناء سرت‬ ‫أيضا في يد «داع��ش»‪ ،‬ومت االستيالء على قاعدة «القرضابية»‬ ‫اجلوية التي تعد أكبر قاعدة عسكرية ليبية موجودة في سرت بعد‬ ‫انسحاب مليشيات «فجر ليبيا» منها‪ ،‬فماذا سيكون مصير هذه‬ ‫املدينة‪ ،‬ومصير امليناء الذي قد يكون «الدجاجة التي تبيض ذهبا»‬ ‫لـ «داعش»‪ ،‬ويصبح أحد مصادر الدعم والتمويل اآلتية من تصدير‬ ‫النفط‪ ،‬وهو األمر الذي يعيد طرح نفس السؤال الذي يتردد طوال‬ ‫أكثر من ع��ام ونصف بشأن مصادر متويل التنظيم اإلره��اب��ي‪،‬‬ ‫واألط � ��راف املستفيدة‬ ‫م� ��ن ت� �ص ��دي ��ر ال �ن �ف��ط‬ ‫دواعش‬ ‫ونقله من املناطق التي‬ ‫يستعرضون في سرت‬ ‫يسيطر عليها‪ ،‬وكيف‬ ‫تسير هذه العملية على‬ ‫الرغم من وجود القطع‬ ‫واألس ��اط� �ي ��ل ال�ب�ح��ري��ة‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة واألوروب��ي��ة‬ ‫في البحر املتوسط!‬


‫فشل مهمة المبعوث‬ ‫الدولي في ليبيا‬ ‫يعزز فرص نجاح‬ ‫الدبلوماسية المصرية‬

‫الفشل يحاصر مهمة ليون‬

‫الزمان ـ مصطفى عمارة‬ ‫اكد مصدر برئاسة اجلمهورية في تصريحات خاصة لــ «الزمان»‬ ‫ان فشل مهمة املبعوث الدولي في ليبيا برناردينو ليون في حتقيق‬ ‫توافق وطني في ليبيا يعزز فرص جناح الدبلوماسية املصرية‬ ‫في حتقيق حل سياسي لالزمة الليبية وأن هناك نتائج ايجابية‬ ‫ميكن البناء عليها من مؤمتر القبائل الليبية الذي عقد مؤخرا في‬ ‫مصر رغم ضغوط كل من قطر وتركيا على بعض القبائل لعدم‬ ‫املشاركة في املؤمتر‪ .‬وفي تصريحات خاصة لـ الزمان أكد محمد‬ ‫الشحومي األدري�س��ي رئيس اللجنة التحضيرية ملؤمتر القبائل‬ ‫الليبية ان مؤمتر خ��اص باللجنة العليا للمؤمتر س��وف يجتمع‬ ‫باالراضي الليبية قريبا لتفعيل نتائج مؤمتر املصاحلة ‪.‬‬ ‫ون�ف��ي الشحومي أي ت��دخ��ل م��ن مصر او دول��ة عربية لتحقيق‬ ‫اجندتها اخل��اص��ة م��ن ناحية اخ��ري كشفت م�ص��ادر مطلعة ل‬ ‫الزمان أن امليليشيات املسلحة الليبية تستغل املصريني الراغبني‬ ‫في الهجرة إل��ي اوروب��ا وتهريبهم مقابل امل��ال ال��ذي يحتاجونة‬ ‫لإلنفاق علي أنشطتهم العسكرية حيث يحصلون على ما يقرب‬ ‫من ‪ 2000‬دوالر من كل فرد يرغب في الفرار إلى اوروبا من خالل‬ ‫احلدود هناك ‪.‬‬ ‫املصادر ذاتها أكدت أن اللواء خليفة حفتر يستغل هذه االوضاع‬ ‫ويعمل علي تسهيل عمليات الهجرة غير الشرعية للمصريني من‬ ‫باب إقناع الدول االوربية بأن حالة االنفالت التي تعانيها ليبيا‬ ‫ستكون ذات تاثير سلبي على األمن القومي للقارة األوربية على‬ ‫أمل أن يدفع ذلك قادة العالم للموافقة علي تسليح اجليش الليبي‬ ‫الذي يقوده حفتر ‪.‬‬ ‫ويصف أمين السيسي اخلبير في الشان الليبي مبركز االهرام‬ ‫للدراسات السياسية واالستراتيجية احلديث عن ت��ورط اللواء‬ ‫خليفة حفتر في تسهيل عمليات تهريب املصريني إل��ي أوروب��ا‬ ‫عبر شبكات تهريب تنشط في املناطق التي يسيطر عليها إلجبار‬ ‫االوربيني علي تسليح جيشة بأنه محاولة خبيثة لـ «دق اسفني» بني‬ ‫اجليش الوطني الليبي والدولة املصرية ‪.‬‬ ‫وأوض ��ح أن م��ن يهرب املصريني ال��ي ليبيا وم��ن ث��م ال��ي ال��دول‬ ‫االوروبية هم جماعات اإلره��اب وعصابات التهريب عبر منافذ‬ ‫السلوم وسيدي براني وسيوة مشددا علي أنه مت رصد عصابات‬ ‫التهريب املوجودة علي احلدود وهي تتحالف مع عصابات تهريب‬ ‫السالح واملخدرات والرقيق األبيض ‪.‬‬ ‫وكشف عن وج��ود مصريني يشاركون في تهريب األف��ارق��ة إلي‬ ‫ليبيا ثم إلي الساحل األوروبي مشيرا إلي أن هذه العصابات يتم‬ ‫استخدامها حاليا من قبل تنظيم داعش واجلماعات التكفيرية‬

‫إلغراق اوروبا بالعناصر التكفيرية الفتا إلي أن جزءا كبيرا من‬ ‫الذين يتم تهريبهم عبر البحر لهم أهداف تخريبية ‪.‬‬ ‫وأوضح أن رحلة التهريب تبدأ من شمال السودان إلي صعيد مصر‬ ‫حتي الفيوم ومنها إلي مطروح التي صارت محطة االنطالق األخيرة‬ ‫إلي األراضي الليبية بتسعيرة تصل إلي سبعة آالف جنية للفرد ويتم‬ ‫جتميعهم في منطقة القصر مبطروح وتنطلق قوافلهم في سيارات‬ ‫ميكروباص يوميا وأنهم عندما يقتربون من نقطة املرور يعرجون‬ ‫إلي الصحراء ليسيروا في الرمال اآلمنة ثم يعودون إلي الطريق‬ ‫املعتاد مرة اخري وقبل مدخل سيوة بـ ‪ 10‬كيلومترات يتجهون إلي‬ ‫منطقة بهي الدين التي يكثر بها املهربون من األعراب والسيويني‬ ‫ولديهم أماكن لالختباء ثم تنطلق الرحلة إلي جغبوب مباشرة ‪.‬‬ ‫ولم يستبعد السيسي تورط عدد من مسؤولي بعض األجهزة في‬ ‫عمليات تهريب املصريني ‪ .‬مشيرا إل��ي أن أسماء املهربني في‬ ‫سيوة معروفة للجميع ورغم ذلك ال يتم القبض عليهم مؤكدا علي‬ ‫وجود مافيا كبيرة وضخمة في مصر لتهريب املصريني إلي ليبيا‬ ‫وقال إن األمن املصري ال يعمل للحد من عمليات التهريب رغم‬ ‫أنه يعلم باسماء املهربني ‪.‬‬ ‫من جانبه يقول اللواء محمد نور الدين اخلبير االمني ومساعد‬ ‫وزير الداخلية السابق أن تنامي ظاهرة تهريب املصريني ألوروبا‬ ‫عبر السواحل الليبية يعود الرتفاع معدالت البطالة بني الشباب‬ ‫الفتا إلي صعوبة سيطرة االمن علي احلدود املصرية الليبية التي‬ ‫يبلغ طولها أكثر من ألف كيلو متر السيما في ظل الظروف األمنية‬ ‫الصعبة التي مير بها البلدان حاليا‬ ‫وأشار إلي أن انحسار اإلرهاب وتنفيذ اخلطط التنموية الطموحة‬ ‫ال�ت��ي يعد بها الرئيس السيسي س�ي��ؤدي إل��ي التقليل م��ن هذه‬ ‫الظاهرة تدريجيا ومن ثم القضاء عليها متاما مستقبال الفتا إلي‬ ‫أن سوء األوضاع في مصر يؤدي الي تضحية الشباب بانفسهم‬ ‫أمال في احلصول علي فرصة عمل في أوروبا بأي ثمن ‪.‬‬ ‫ويقول العقيد خالد عكاشة اخلبير االمني إن ليبيا بها أكثر من‬ ‫مليون مصري وبالتالي فاللواء خليفة حفتر ليس في حاجة إلي‬ ‫جلب مصريني جدد لتهريبهم إلي اوروب��ا مشيرا إلي ان الوضع‬ ‫االمني في ليبيا وقتل املصريني هناك جعل الكثير من املصريني‬ ‫يرفضون الذهاب إلي هناك ‪.‬‬ ‫ولفت إلي أن عصابات تهريب البشر موجودة ومنتشرة لكن هناك‬ ‫عمليات مكافحة لها من جانب أجهزة األمن موضحا أنه مت القبض‬ ‫علي الكثير من شبكات التهريب‪ ،‬وهناك تعاون بني مصر واالحتاد‬ ‫االوروبي ملواجهة هذه الظاهرة مؤكدا بأن هذه الظاهرة في طريقها‬ ‫لالنحسار السيما مع وجود رقابة أمنية أعلي من السابق ‪.‬‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬


‫‪al‬‬

‫‪nti‬‬

‫‪de‬‬ ‫‪nfe‬‬

‫‪co‬‬

‫رسائل هيالري كلينتون‪:‬‬ ‫عبدالجليل أمر باغتيال‬ ‫عبدالفتاح يونس‬ ‫ّ‬ ‫ومخطط بريطانيا وفرنسا لمنح‬ ‫الحكم الذاتي إلقليم برقة‬ ‫رس��ائ��ل وزي���رة اخل��ارج��ي��ة األم��ري��ك��ي��ة السابقة‬ ‫هيالري كلينتون بخصوص األحداث في ليبيا‪،‬‬ ‫هي املراسالت التي قامت وزارة خارجية الواليات‬ ‫املتحدة بإتاحة اإلطالع عليها مؤخراً‪ ،‬وتعتبر‬ ‫السرية (وهي ليبية وغير ليبية) على‬ ‫مصادرها‬ ‫ّ‬ ‫اط�لاع مباشر بسياق األح���داث في ليبيا منذ‬ ‫‪ 17‬فبراير ‪ ،2011‬وبعض ه��ذه امل��ص��ادر هم من‬ ‫املوظفني الرسميني األمريكيني‪ ،‬وبعضهم جرى‬ ‫إخفاء أسمائهم‪ ،‬بينما اكتفى البعض اآلخر‬ ‫بالتوقيع باحلروف اختصار ًا لألسماء‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬علي الهادي‬


‫‪16‬‬ ‫‪18‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫شؤون ليبية‬

‫يرد في رسائل كلينتون اإللكترونية الكثير من تفاصيل األحداث التي‬ ‫ظلت لفترة ليست قصيرة مجهولة أو غامضة أو غير مب ّررة‪ ،‬وما زال‬ ‫بعضها كذلك‪ ،‬ومنها واقعة اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس‪ ،‬وأدوار‬ ‫قيادية لعبتها أسماء كانت شبه مجهولة في املشهد السياسي الليبي‪،‬‬ ‫وقضايا أخرى ما زالت ظاللها تنفتح على الكثير من االحتماالت‬ ‫واملواقف وعلى األخ��ص قضية تقسيم ليبيا ودور ال��دول الغربية‬ ‫في ذلك‪ ،‬وكانت مجلة املستقل قد أفردت بعض أعدادها السابقة‬ ‫للحديث عنها‪.‬‬ ‫ك ��ان ق��د أث �ي��ر ال�ك�ث�ي��ر م��ن اجل���دل ف��ي أوس� ��اط ال��دمي�ق��راط�ي�ين‬ ‫واجلمهوريني في الواليات املتحدة حول هذه الرسائل‪ ،‬وخاصة في‬ ‫ما يتعلق بالعلم املسبق بالهجوم على القنصلية األميركية في بنغازي‬ ‫يوم ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2012‬والذي راح ضحيته السفير األميركي كريس‬ ‫توجهت به جلنة‬ ‫ستيفنز وثالثة آخ��رون‪ ..‬وبناء على الطلب الذي ّ‬ ‫التحقيق املكلفة من قبل الكونغرس بالتحقيق في احلادث وافقت‬ ‫وزارة اخلارجية األمريكية على نشر هذه الرسائل‪.‬‬ ‫مجلة املستقل تنشر في هذا العدد بعض رسائل كلينتون اإللكترونية‪،‬‬ ‫وتضعها أمام القراء‪ ،‬إمياناً من هيئة التحرير بأن أفضل األساليب‬ ‫حلل األزمة هي اإلحاطة علماً بأسبابها احلقيقية‪ ،‬وإزالة ما يكتنفها‬ ‫من غموض‪ ،‬حتى يتم ّكن اجلميع من حصر تفاعالتها بشكل واقعي‪،‬‬ ‫ومعاجلتها بأسرع الطرق‪.‬‬ ‫عبد اجلليل أصدر أمر إعدام عبد الفتاح يونس‬ ‫تلقت وزي��رة اخلارجية األميركية هيالري كلينتون‪ ،‬وف��ق رسائل‬ ‫بريدها اإللكتروني اخلاص معلومات تشير إلى أن رئيس املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي مصطفى عبد اجلليل «أص��در أمر إع��دام عبد‬ ‫الفتاح يونس» قائد اجليش الوطني السابق في ‪ 28‬يوليو ‪.2011‬‬ ‫وذك��رت الرسالة اإللكترونية التي نشرت على موقع اخلارجية‬ ‫األميركية «أم��ر (عبد اجلليل) بالقبض على يونس‪ ،‬ومبجرد ما‬ ‫أصبح يونس في قبضة املجلس االنتقالي‪ ،‬أمر عبد اجلليل ضباط‬ ‫أمن بقتل قائد اجليش بالرصاص»‪.‬‬ ‫وأضافت الرسالة نقال عن مصادر لم حتددها أن «عبد اجلليل‬ ‫ومؤيديه بدأوا الترويج لقصة أن يونس مت قتله بيد القوات املوالية‬ ‫للقذافي‪ ،‬أو الراديكاليني اإلسالميني في داخ��ل ق��وات املجلس‬

‫االنتقالي»‪.‬‬ ‫ونوهت الرسالة إلى أنه «ال توجد أي دالئل على أن رئيس الوزراء‬ ‫محمود جبريل أو مساعده عبد احلفيظ غوقة‪ ،‬أو عبد السالم‬ ‫جلود أو بديل يونس كقائد ميداني اجلنرال خليفة حفتر‪ ،‬تورطوا‬ ‫في قرار إعدام يونس»‪.‬‬ ‫وفيما يلي الترجمة احلرفية لنص الرسالة اإللكترونية‪:‬‬ ‫«حتت عنوان سري بتاريخ ‪ 8‬أغسطس ‪ 2011‬جاء رد من شخص‬ ‫يدعى (‪ )sid‬على سؤال (من قتل يونس؟)‬ ‫مصادر املعلومات‪:‬‬ ‫مصادر قريبة الصلة من املجلس الوطني االنتقالي الليبي‪ ،‬ومصادر‬ ‫استخباراتية غربية ومصادر أمنية‪.‬‬ ‫الرسالة‪:‬‬ ‫في صباح يوم ‪ 5‬أغسطس ‪ 2011‬مصادر ذات صلة مباشرة مع‬ ‫مسؤولني كبار في املجلس االنتقالي الليبي‪ ،‬قالت بثقة كاملة إن‬ ‫قائد التمرد العسكري اجلنرال عبد الفتاح يونس مت إعدامه على‬ ‫يد قوات أمن بتعليمات من رئيس املجلس االنتقالي مصطفى عبد‬ ‫اجلليل‪.‬‬ ‫وطب ًقا لهذه املصادر في أواخر يوليو ‪ 2011‬تلقى ضباط أمن في‬ ‫املجلس االنتقالي معلومات يعتقدون أنها موثوق بها‪ ،‬أن يونس‬ ‫متورط في حوار سري مع سيف اإلسالم القذافي ابن الزعيم الليبي‬ ‫معمر القذافي‪ ،‬وأن هذه املناقشات تناولت التخطيط ليونس وسيف‬ ‫اإلسالم لتأسيس حكومة مصاحلة‪ ،‬مع (ترك) القذافي يعيش في‬ ‫منفى داخلي‪ ،‬وحل املجلس االنتقالي لصالح املسؤولني والضباط‬ ‫العسكريني املوالني لسيف اإلسالم ويونس‪.‬‬ ‫وأمر (عبد اجلليل) بالقبض على يونس‪ ،‬ومبجرد ما أصبح يونس‬ ‫في قبضة املجلس االنتقالي أمر عبد اجلليل ضباط أمن بقتل قائد‬ ‫اجليش بالرصاص‪.‬‬ ‫وطب ًقا لهؤالء األشخاص ذوي العلم (يقصد مصادره في املجلس‬ ‫االنتقالي)‪ ،‬بدأ عبد اجلليل ومؤيدوه الترويج لقصة أن يونس مت قتله‬ ‫بيد القوات املوالية للقذافي‪ ،‬أو الراديكاليني اإلسالميني في داخل‬ ‫قوات املجلس االنتقالي‪.‬‬ ‫وال توجد أي دالئل أن رئيس الوزراء محمود جبريل أو مساعده عبد‬ ‫احلفيظ غوقة‪ ،‬أو عبد السالم جلود أو بديل يونس كقائد ميداني‬


‫ع��دائ��ه ملمثليها (احل �ك��وم��ات‬ ‫األرب � ��ع) ف��ي ع��اص�م��ة املجلس‬ ‫االنتقالي بنغازي‪ ،‬وإلى ذلك هو‬ ‫يدرك حقيقة أنه سيحتاج دعم‬ ‫ق��وى عظمى خ��اص��ة ال��والي��ات‬ ‫امل� �ت� �ح ��دة ل� �ض� �م ��ان م�س�ت�ق�ب��ل‬ ‫ح �ك��وم��ة امل �ج �ل��س االن �ت �ق��ال��ي)‪.‬‬ ‫‪(.........................‬انتهى‬ ‫نص الرسالة)‬

‫اجلنرال خليفة حفتر تورطوا في‬ ‫قرار إعدام يونس‪.‬‬ ‫عسكري‬ ‫�ؤول‬ ‫وي��ون��س ه��و م �س‬ ‫ووزير� الداخلية في املخابرات البريطانية والفرنسية عملت على توطيد‬ ‫كبير سابق‬ ‫نظام القذافي‪ ،‬الذي انضم إلى العالقات مع قيادات قبلية واجتماعية لتشجيعهم‬ ‫(املتمردين) في فبراير ‪،2011‬‬ ‫إداريا في إقليم برقة‬ ‫ب�ع��د أن خ ��دم ص��دي�ق��ه معمر على إقامة منطقة شبه مستقلة ً‬ ‫القذافي ملدة ‪ 40‬عا ًما‪.‬‬ ‫وحينما انضم يونس ألول مرة‬ ‫إل ��ى ال� �ق ��وات امل �ت �م��ردة وضعه احلكومة الفرنسية توقعت احلصول على ‪ % 35‬من‬ ‫املخابرات البريطانية‬ ‫ضباط أم��ن املجلس االنتقالي عوائد التنمية االقتصادية في ليبيا وعقدت اتفاقات‬ ‫والفرنسية تسعى لتقسيم‬ ‫حت��ت امل��راق �ب��ة‪ ،‬معتقدين أن��ه‬ ‫غير رسمية مع محمود جبريل ومستشاريه‬ ‫ليبيا‬ ‫رمب��ا يكون أرس��ل من القذافي‬ ‫وأظ� � �ه�� ��رت رس � ��ائ � ��ل ال� �ب ��ري ��د‬ ‫الختراق صفوفهم‪.‬‬ ‫اإلل �ك �ت��رون��ي اخل� ��اص ب��وزي��رة‬ ‫وب�ع��د ع��دة اخ �ت �ب��ارات والء مت‬ ‫اخل��ارج�ي��ة األميركية هيالري‬ ‫ال �ت��رح �ي��ب ب �ي��ون��س ف ��ي ق �ي��ادة‬ ‫كلينتون ال��دور ال��ذي قامت املخابرات البريطانية والفرنسية في‬ ‫التمرد‪ ،‬وفي كل األحوال يبدو اآلن أن ضباط األمن واصلوا تغطية‬ ‫الدفع بفكرة «تقسيم ليبيا إلى أقاليم حماية ملصاحلها االقتصادية»‪،‬‬ ‫(مراقبة) يونس‪ ،‬وفي وقت ما في أوائل يوليو بدأت اتصاالته مع‬ ‫وسلطت الضوء على االتفاقات السرية التي متت بني بعض األطراف‬ ‫سيف اإلسالم القذافي‪.‬‬ ‫داخل ليبيا إبان الفترة االنتقالية‪.‬‬ ‫(تعليق املصدر‪ :‬مصادر عليمة قالت إن عبد اجلليل وقواته‬ ‫تقسيم ليبيا‬ ‫األمنية شعروا أن حتركات يونس متثل تهديدًا مباش ًرا للمجلس‬ ‫ورد في إحدى الرسائل البريدية بتاريخ الثامن من مارس ‪،2012‬‬ ‫االنتقالي والثورة القائمة‪ ،‬واتخذ عبد اجلليل قراره بالقبض على‬ ‫والتي نشرتها وزارة اخلارجية األميركية‪ ،‬أن «موظفني من املديرية‬ ‫يونس وإعدامه بدالً عن عرض املوضوع للنقاش أمام ‪ 31‬عض ًوا من‬ ‫العامة لألمن اخلارجي الفرنسية واملخابرات السرية البريطانية‬ ‫أعضاء املجلس االنتقالي‪.‬‬ ‫(‪ )SIS‬و((‪ MI-6‬عملوا في الفترة بني منتصف يناير ‪ 2012‬إلى‬ ‫وأضافت املصادر أنه حتى اآلن ال توجد أي دالئ��ل أن أحً��دا من‬ ‫مارس ‪ 2012‬على توطيد عالقات مع قيادات قبلية واجتماعية في‬ ‫أعضاء املجلس االنتقالي حتدوا (عارضوا) قرار جليل‪.‬‬ ‫شرق ليبيا‪ ،‬في محاولة لتشجيعهم على إقامة منطقة شبه مستقلة‬ ‫ويظل عبد اجلليل ملتز ًما بهزمية نظام القذافي وهو غير مستعد‬ ‫إدار ًيا في إقليم برقة بتوجيه من الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس‬ ‫للتفاوض مع سيف اإلسالم‪ ،‬أو أي ممثل آخر عن القذافي‪ ،‬وطب ًقا‬ ‫الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون»‪.‬‬ ‫لهذه املصادر فإن عبد اجلليل يصدق التقارير أن مفاوضات سيف‬ ‫وحت��دث��ت ال��رس��ال��ة ع��ن ش �ك��اوى رج ��ال أع �م��ال فرنسيني م��ن أن‬ ‫(اإلسالم) ويونس كانت تتمتع على األقل بدعم ضمني من حكومات‬ ‫«احلكومة اجلديدة ال تكافئ الشركات الفرنسية للدور الذي قامت‬ ‫الواليات املتحدة وأملانيا وفرنسا وروسيا‪.‬‬ ‫به فرنسا في تدخل العام ‪ ،2011‬نتيجة عجز قدرة حكومة املجلس‬ ‫(تعليق املصدر‪ :‬مصدر حساس آخر أشار إلى أن جليل يظل متشك ًكا‬ ‫الوطني االنتقالي في طرابلس لتنظيم الدولة بشكل ف ّعال والتعامل‬ ‫بشدة في أنشطة احلكومات األربع‪ ،‬وعبر في جلسات خاصة عن‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫مع املصالح االستثمارية الغربية»‪.‬‬ ‫وأضافت أن «احلكومة الفرنسية ورجال األعمال الفرنسيني توقعوا‬ ‫احلصول على ‪ % 35‬من عوائد التنمية االقتصادية اجلديدة‬ ‫ف��ي ليبيا‪ ...‬وع �ق��دوا ات�ف��اق��ات غير رسمية م��ع محمود جبريل‬ ‫ومستشاريه»‪ ،‬وذكرت الرسالة أن «الدولتني قللتا من خطر تواجد‬ ‫التشكيالت املسلحة اإلسالمية شرق ليبيا»‪ ،‬وجاءت املعلومات من‬ ‫مصادر مباشرة داخل املجلس االنتقالي الليبي وحكومات أوروبية‬ ‫وأج�ه��زة مخابرات غربية وأج�ه��زة أمنية‪ ،‬وجماعة اإلخ ��وان في‬ ‫مصر»‪.‬‬ ‫ونقلت ال��رس��ال��ة ع��ن م�ص��ادر مطلعة أن امل�خ��اب��رات البريطانية‬ ‫والفرنسية كانتا تنويان «التحرك نحو إقليم مستقل إدار ًيا حتت حكم‬ ‫فيدرالي‪ ،‬لكن هذه التطلعات قوبلت بقرار الكيب الرامي الستخدام‬ ‫القوة للحفاظ على وحدة الدولة»‪.‬‬ ‫دور اجلماعات اإلسالمية في االنتخابات‬ ‫وجاء في رسالة أخرى بتاريخ الثالث من يوليو ‪ 2012‬أن مصطفى‬ ‫عبد اجلليل تخوف من سعي الرئيس املصري السابق محمد مرسي‬ ‫ومحمد بديع لزيادة النفوذ املصري داخل ليبيا‪ ،‬ووصل إلى علمه‬ ‫أن مرسي وبديع حاوال تأسيس موقع قوي لهما داخل ليبيا‪ ،‬خاصة‬ ‫في مجال النفط كجزء من جهودهما لتحسني الوضع االقتصادي‬ ‫املصري‪.‬‬ ‫وذك ��رت الرسالة أن عبد جليل تلقى حت��ذي��رات م��ن مستشاريه‬ ‫في مصر من «أن القاهرة ترى في املجلس االنتقالي عقبة أمام‬ ‫جهودهم‪ ،‬وأن القاهرة تسعى إلقناع رئيس حزب العدالة والبناء‬ ‫الذراع السياسية لتنظيم اإلخوان املسلمني محمد صوان بالضغط‬ ‫خلروج عبد جليل واملجلس االنتقالي من الساحة السياسية»‪.‬‬ ‫وأوردت الرسالة ً‬ ‫أيضا أن بلحاج وإسالميني آخرين يرون في وجود‬ ‫محمود جبريل في قيادة «حتالف القوى الوطنية» سعي من الواليات‬ ‫املتحدة والدول األوروبية للتالعب في االنتخابات‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر جاء في الرسالة نفسها أن «عبد اجلليل اعتقد‬ ‫أن محمد صوان يحتاج ملساعدة حزب «الوطن»‪ ،‬الذي يقوده عبد‬ ‫احلكيم بلحاج للحصول على تأييد لكسب مقاعد أكبر في املؤمتر‬ ‫الوطني العام‪ ،‬رغم اخلالفات بني صوان وبلحاج»‪.‬‬ ‫وأض��اف��ت «اعتبر عبد اجلليل أن الطرفني ميكنهما العمل م ًعا‬ ‫للسيطرة على احلكومة‪ ،‬وفي هذه احلالة اعتقد أن النظام اجلديد‬ ‫سيعمل على اإلط��اح��ة باملجلس االنتقالي إلقامة حكم إسالمي‬ ‫محافظ»‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه تخوف عبد اجلليل من وجود رد فعل عنيف من‬ ‫قبل قبائل برقة الفيدرالية‪ ،‬فوجود دور قوي حلزب الوطن قد يثير‬ ‫مطالب بانفصال برقة من ليبيا‪.‬‬ ‫وت��وق��ع جبريل أن ي�ك��ون حل��زب ال��وط��ن دور ف��ي االن�ت�خ��اب��ات مع‬ ‫اإلخوان‪ ،‬وتوقع أن يستمر املجلس االنتقالي الوطني في احلكم لفترة‬ ‫من الوقت نظ ًرا ألعمال العنف ودعوات مقاطعة االنتخابات‪ ،‬وطلب‬ ‫عبد اجلليل من وزي��ر الدفاع في حكومة الكيب أسامة اجلويلي‬ ‫حتضير اجليش الستعادة النظام‪.‬‬ ‫هجمات بنغازي‬ ‫وأورد كثير من الرسائل الوضع في ليبيا عقب هجمات بنغازي‬

‫عبد اجلليل‬

‫رسالة ‪ :Sid‬عبد اجلليل اتخذ أمر ًا بإعدام‬ ‫عبدالفتاح يونس ومؤيدوه بدؤوا الترويج لقصة‬ ‫أن يونس مت قتله بيد القوات املوالية للقذافي أو‬ ‫الراديكاليني اإلسالميني في داخل قوات املجلس‬ ‫االنتقالي‬ ‫بريطانيا وفرنسا ق ّللتا من خطر تواجد التشكيالت‬ ‫املسلحة اإلسالمية شرق ليبيا‬ ‫‪ ،2012‬وذك ��رت إح��دى الرسائل بتاريخ ‪ 12‬سبتمبر ‪ 2012‬أن‬ ‫التظاهرات الوحيدة التي شهدتها ليبيا خالل األسبوع املاضي كانت‬ ‫دع ًما للسفير األميركي‪.‬‬ ‫وذكر ً‬ ‫أيضا أن «بعض أعضاء الكونغرس هددوا بقطع املساعدات‬ ‫األميركية عن ليبيا ودول عربية أخ��رى بسبب التهديدات التي‬ ‫تواجهها السفارات األجنبية في تلك الدول»‪.‬‬ ‫وذك��رت الرسالة أن��ه «على ال��والي��ات املتحدة االستمرار في دعم‬ ‫احلكومة املنتخبة ألن فشلها يعني تهديدًا للمصالح األميركية وزيادة‬ ‫تأثير املسلحني الذين قادوا الهجوم على السفارة‪ ،‬وعليه يجب دعم‬ ‫احلكومة وعدم السماح ملجموعة صغيرة من املسلحني املتشددين‬ ‫احلديث نيابة عن الشعب الليبي»‪.‬‬ ‫دور مصر وتونس في ليبيا‬ ‫وج��اء في رسالة بتاريخ ‪ 23‬أغسطس ‪ ،2012‬وج��ود اتفاق بني‬ ‫مصطفى عبد اجلليل ومحمد مقريف عن دور مصر وتونس في‬ ‫ليبيا باعتبارهما «مفتاح مستقبل ليبيا االقتصادي عن طريق تقدمي‬ ‫اخلبرة والدعم التقني‪ ،‬وأن احلكومة ستقبل دعم ال��دول الغربية‬ ‫والواليات املتحدة»‪.‬‬ ‫وذك��رت أن «مصادر ليبية من املخابرات العسكرية أخبرت عبد‬ ‫اجلليل واملقريف أن مخلصني للقذافي نفذوا سلسلة تفجيرات‬ ‫في طرابلس وبنغازي خللق توترات بني احلكومة املصرية والليبية‪،‬‬ ‫واستهدفت التفجيرات سيارة تابعة لدبلوماسي مصري وسيارة‬ ‫القنصل املصري في طرابلس»‪.‬‬


‫اللواء الشهيد عبدالفتاح يونس‬

‫املخابرات البريطانية ّ‬ ‫خططت لسيناريوهات ما بعد‬ ‫فشل الثورة الليبية ومنها التعاون مع سيف اإلسالم‬ ‫القذافي في حال تسلمه احلكم‬ ‫حتصل على‬ ‫تنظيم القاعدة في بالد املغرب ّ‬ ‫أسلحة وصواريخ روسية الصنع من النيجر‬ ‫ومالي كانت في طريقها إلى ليبيا‬

‫حكومة أبو شاقور‬ ‫ونقلت رسالة بتاريخ السادس من أكتوبر ‪ ،2012‬نق ً‬ ‫ال عن مصدر‬ ‫داخل املجلس االنتقالي وحكومات أوروبية ومخابرات غربية وأجهزة‬ ‫أمنية‪ ،‬مقولة املقريف ملستشارين‪ ،‬يوم اخلامس من أكتوبر ‪ 2012‬أن‬ ‫«اجلهود الفاشلة لتكوين حكومة حتت حكم رئيس الوزراء مصطفى‬ ‫أبو شاقور تشكل اخلطوة األولى في املرحلة املقبلة للصراع على‬ ‫السلطة في احلكومة الليبية اجلديدة»‪.‬‬ ‫وقالت الرسالة إنه وفق ملصدر مطلع توجد تخوفات لدى املقريف‬ ‫من أن «أبو شاقور املدعوم من اإلخوان املسلمني وجماعات إسالمية‬ ‫تقليدية أخرى يتطلع إلقامة سلطة إدارية على احلكومة‪ ،‬على أن‬ ‫رئيسا شرف ًيا للدولة»‪.‬‬ ‫يكون املقريف ً‬ ‫ونقلت الرسالة تخوفات املقريف من قيام «أب��و شاقور بتهميش‬ ‫أعضاء التحالف الوطني التابع حملمود جبريل‪ ،‬البالغ عددهم ‪39‬‬ ‫ً‬ ‫حتفظا‪ ،‬وأوردت أن‬ ‫عض ًوا في البرملان‪ ،‬والعمل لتكوين حكومة أكثر‬ ‫فضل أعضاء التحالف الوطني كونهم أكثر اعتداالً»‪.‬‬ ‫املقريف ّ‬ ‫وأشارت الرسالة إلى أن املقريف كان على علم مسبق بدخول ‪100‬‬ ‫متظاهر إلى جلسة املؤمتر الوطني العام في الرابع من أكتوبر ملنع‬ ‫املؤمتر من التصويت على الوزارة‪.‬‬ ‫سورية تساعد القذافي‬ ‫ذكر مستشارون مقربون من القذافي وفق ما جاء في رسالة بتاريخ‬ ‫الثالث من مارس ‪ 2011‬أن «القذافي قرر أن احلرب ال مفر منها‪،‬‬

‫ونشر قواته في مواجهة قوات الثوار حول بنغازي‪ ،‬وأن القذافي كان‬ ‫على اقتناع أن الثوار مدعومون من الواليات املتحدة ومن أوروبا‬ ‫وإسرائيل‪ ،‬وأن القوى الغربية اختارت مصطفى محمد عبد اجلليل‬ ‫خلالفته‪ ،‬وأن بريطانيا ومصر وفرنسا نشروا قوات شبه عسكرية‬ ‫في بنغازي لتدريب ومساعدة القوات املعارضة»‪.‬‬ ‫وجاء في الرسالة أن الرئيس السوري بشار األسد أمر قائد القوات‬ ‫اجلوية السورية بتوجيه الطيارين والتقنيني في طرابلس مبساعدة‬ ‫النظام الليبي‪ ،‬وفي املقابل وف��رت ليبيا مساعدات مالية للنظام‬ ‫السوري بينها متويل العمليات التي تقوم بها املخابرات السورية في‬ ‫لبنان‪ ،‬وساعدت األموال الليبية بشار األسد في إقناع أخيه بترك‬ ‫سورية والذهاب للمنفى في إسبانيا وفرنسا‪ ،‬ووفق للرسالة أرسلت‬ ‫دمشق دفعة ثانية من الطيارين إلى ليبيا‪.‬‬ ‫ذكرت الرسالة أن اجلنود السوريني في ليبيا جزء من اتفاقية عقدت‬ ‫في ‪ 1984‬للتعاون العسكري بني القذافي وحافظ األس��د‪ ،‬وهي‬ ‫مسلحة بأسلحة روسية‪.‬‬ ‫خطة بريطانيا البديلة‬ ‫شفت رسائل البريد اإللكتروني املتداولة بني وزي��رة اخلارجية‬ ‫األميركية السابقة هيالري كلينتون وسياسيني ومصادر سرية عن‬ ‫تخطيط املخابرات البريطانية لسيناريوهات ما بعد فشل الثورة‬ ‫الليبية‪ ،‬ومنها التعاون مع سيف اإلسالم القذافي في حال تسلمه‬ ‫احل�ك��م‪ ،‬كما حت��دث��ت ع��ن ع��دم ممانعة مسؤولني ليبيني إج��راء‬ ‫عالقات سرية مع إسرائيل لتحقيق مصلحة الشعب الليبي‪ ،‬وفق‬ ‫الرسائل السرية‪.‬‬ ‫املقريف ال ميانع إقامة عالقات مع إسرائيل‬ ‫ففي الرسالة املؤرخة في ‪ 27‬أغسطس ‪ 2012‬ق��ال مصدر‪ :‬إن‬ ‫«الرئيس السابق للمؤمتر الوطني العام املنتهية واليته محمد املقريف‬ ‫سيسعى إلى حتقيق عالقات سرية مع إسرائيل»‪ ،‬برغم ما أشارت له‬ ‫الرسالة أن املقريف «يرى ذروة جناح حياته في بناء دولة دميقراطية‬ ‫إسالمية»‪ ،‬وذلك نق ً‬ ‫ال عن مصدر سري أكد املعلومات واعتمدت‬ ‫عليه الرسالة‪ ،‬وأطلقت الرسالة على املقريف اسم «رئيس ليبيا»‪.‬‬ ‫وأوضحت الرسالة أن «احلقائق السياسية في الوقت احلاضر تلزم‬ ‫بأن تتم إدارة هذه العالقة على نحو منخفض‪ ،‬ولكن رئيس ليبيا‬ ‫احلالي (املقريف) لديه كثير من الشركاء واألصدقاء املشتركني مع‬ ‫إسرائيل‪ ،‬وينتوي أن يستفيد من هذا املوقف لتحسني حالة الشعب‬ ‫الليبي»‪ ،‬وأضافت أن املقريف «رمبا يضطر في وقت أو آخر أن‬ ‫يقدم تصريحات تنتقد إسرائيل خلدمة أغراضه السياسية‪ ،‬ولكنه‬ ‫يعلم أنه وشركاءه على قدر من اخلبرة ميكنهم من إدارة األمر»‪.‬‬ ‫ونقلت الرسالة عن مصدر آخر أن املقريف كان ينتوي العمل مع‬ ‫مستشاريه األمنيني لوضع خطة لنزع السالح من «التشكيالت‬ ‫املسلحة اإلسالمية» التي حاربت الرئيس الليبي السابق معمر‬ ‫القذافي ودون إثارة شكوكهم‪.‬‬ ‫واع�ت�ق��د امل�ق��ري��ف وف��ق ال��رس��ال��ة أن «اخل �ط��وة األه ��م ه��ي توفير‬ ‫اخلدمات الصحية واالقتصادية التي تطالب بها التشكيالت في‬ ‫مقابل نزع السالح منهم»‪ .‬وأضاف املصدر أن املقريف اعتقد أن‬ ‫بإمكانه «إدارة الطموحات السياسية لقادة إسالميني مثل عبد‬ ‫احلكيم بلحاج‪ ،‬وفي الوقت ذاته منع منو اجلماعات املتشددة التي‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫قد ترى ليبيا ً‬ ‫أرضا للعمليات»‪.‬‬ ‫وتضيف الرسالة‪« :‬اعتقد املقريف وداعموه أن الشيوخ اإلسالميني‬ ‫املضادين للقذافي بإمكانهم مساعدته في ه��ذه التحديات التي‬ ‫سيسمح له النجاح فيها بالفوز في االنتخابات الرئاسية العام‬ ‫‪.»2013‬‬ ‫وعلق املصدر السري بأن «املقريف يرى نفسه سياس ًيا إسالم ًيا‬ ‫ميكنه العمل مع ال��دول اإلسالمية وغير اإلسالمية‪ ،‬وم��ن بينها‬ ‫إسرائيل إذا متت إدارة العالقات بشكل جيد»‪ ،‬وأنه «سيستخدم‬ ‫سمعته النزيهة وااللتزام باإلسالم‪ ،‬وقدرته على العمل مع اجلماعات‬ ‫ناجحا‪ ،‬ويكون ً‬ ‫أيضا أول‬ ‫رئيسا موقتًا‬ ‫ً‬ ‫املتباينة لتقدمي نفسه باعتباره ً‬ ‫رئيس ليبي منتخب في منتصف العام ‪.»2013‬‬ ‫وأضاف أن املقريف «خطط لالستفادة من املجموعات السياسية‬ ‫والدينية والعرقية كافة لتشكيل مجلس ال��وزراء‪ ،‬وذلك باستخدام‬ ‫مكانته لتشكيل حكومة متثيلية حتت مظلة املؤمتر الوطني العام»‪.‬‬ ‫بريطانيا واخلطة البديلة‬ ‫وأظهرت رسالة أخرى من مراسل مجهول بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪2011‬‬ ‫ما قال مصدر إنه عمل بريطانيا في اجتاهني مختلفني‪ ،‬ضمن حلف‬ ‫الناتو ملساندة الثورة‪ ،‬وطريق آخر سري للتواصل مع مسؤولني بنظام‬ ‫القذافي عبر االستخبارات إلنقاذ موقفها في حال فشلت الثورة‪.‬‬ ‫ونقلت الرسالة عن مصدر سري على عالقة بقيادة املجلس الوطني‬ ‫الليبي إن أعضاء باللجنة العسكرية باملجلس قلقون من احتمال‬ ‫استخدام بريطانيا جهو ًدا استخباراتية إلمالء أفعال املجلس‪ ،‬وكذلك‬ ‫نظام القذافي بالرغم من محاربة قوات الناتو قوات القذافي‪.‬‬ ‫وتضيف الرسالة‪« :‬وصل إلى هؤالء األعضاء من مصادر في فرنسا‬ ‫وإيطاليا أن دبلوماسيني وشخصيات مخابراتية بريطانية تبقي على‬ ‫تواصلها مع مسؤولني بحكومة القذافي حلماية موقف بريطانيا في‬ ‫حال وصلت الثورة الليبية لطريق مسدود‪ ،‬وذلك في الوقت الذي‬ ‫كانت جترى فيه مشاورات بشأن املساعدة احملتملة للمجلس»‪.‬‬ ‫ويعتقد مسؤولون باملجلس الوطني الليبي أن سفر وزير اخلارجية‬ ‫الليبي موسى كوسا لبريطانيا كان ج��ز ًءا من هذا النشاط‪ ،‬وفق‬ ‫ال��رس��ال��ة ال�ت��ي ق��ال��ت إن��ه على امل �ن��وال نفسه ظ��ن امل �س��ؤول��ون أن‬ ‫املخابرات البريطانية جتري نقاشات مع شركاء إسالم القذافي‬ ‫ملراعاة العالقات املستقبلية بني البلدين في حال وصل إلى السلطة‪.‬‬ ‫الكيب رفض تعيني حفتر‬ ‫ووف ًقا لرسالة سرية أُخرى أُرسلت في اخلامس من يناير ‪،2012‬‬ ‫ق��ال مصدر مطلع‪« :‬ق��اوم رئيس ال��وزراء عبد الرحيم الكيب في‬ ‫رئيسا‬ ‫ديسمبر ‪ 2011‬جهود اللواء خليفة حفتر لتنصيب نفسه‬ ‫ً‬ ‫ألركان اجليش الليبي»‪.‬‬ ‫رئيسا‬ ‫ورأى املصدر أن قرار الكيب بتعيني العقيد يوسف املنقوش‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا‬ ‫لألركان كان ناب ًعا من عداء شخصي من الكيب جتاه حفتر‪،‬‬ ‫بتأثير وزير الدفاع أسامة اجلويلي‪ ،‬وفق الرسالة‪.‬‬ ‫أمر بإطالق النار على مهاجمي السفارة األميركية‬ ‫قال مصدر سري في رسالة من مجهول إلى هيالري كلينتون بتاريخ‬ ‫‪ 12‬سبتمبر ‪ 2012‬إن محمد يوسف املقريف ناقش بصورة سرية‬

‫عبداحلكيم بلحاج‬

‫مع مستشاريه ظهر ‪ 11‬سبتمبر الهجمات على مجمع السفارة‬ ‫األميركية في بنغازي وطرابلس‪ .‬وأضاف املصدر‪« :‬املقريف ُذعر‬ ‫من احلادث وأعطى أم ًرا للقادة على األرض بفتح النار فوق رؤوس‬ ‫احلشود حملاولة كسر التجمع املهاجم املبنى»‪.‬‬ ‫رئيسا‬ ‫«عداوة شخصية» وراء استبعاد تعيني حفتر‬ ‫ً‬ ‫لألركان‬ ‫تلقت وزي��رة اخلارجية األميركية السابقة هيالري كلينتون‪ ،‬وفق‬ ‫رسائل بريدها اإللكتروني اخلاص‪ ،‬معلومات من سياسيني ومصادر‬ ‫سرية ف��ي ‪ 5‬يناير ‪ 2012‬ح��ول آخ��ر ت �ط��ورات األزم ��ة ف��ي ليبيا‬ ‫ومخاوف زعماء البالد حينذاك وتطلعات قادة اجلماعات املسلحة‬ ‫وعلى رأسهم رئيس حزب الوطن حال ًيا ورئيس املجلس العسكري‬ ‫طرابلس السابق عبداحلكيم بلحاج‪.‬‬ ‫وأش ��ارت الرسالة إل��ى م�ح��اوالت ن��زع س�لاح اجلماعات املسلحة‬ ‫والصراع بني مصراتة والزنتان ومحاوالت وقف االقتتال‪.‬‬ ‫كما أشارت إلى أن رئيس الوزراء السابق عبدالرحيم الكيب رفض‬ ‫رئيسا‬ ‫تعيني القائد العام للجيش الفريق أول رك��ن خليفة حفتر‬ ‫ً‬ ‫لألركان بسبب «عداوة شخصية» مما دفعه الختيار اللواء يوسف‬ ‫رئيسا لألركان‪.‬‬ ‫املنقوش ً‬ ‫وكانت وزارة اخلارجية األميركية نشرت رسائل هيالري كلينتون‬ ‫على موقعها اإللكتروني اجلمعة املاضية‪.‬‬ ‫وفيما يلي نص الرسالة اإللكترونية‪:‬‬ ‫املرسل‪ ( :‬االسم مت حجبه لدواع أمنية)‬ ‫التاريخ ‪ 5 :‬يناير ‪2012‬‬ ‫املرسل إليه‪ :‬هيالري‬ ‫امل��وض��وع‪ :‬آخ��ر ت �ط��ورات ال �ص��راع ال��داخ�ل��ي ف��ي ليبيا‪ ،‬والزعماء‬ ‫وامليليشيات‬ ‫املصادر‪ :‬مصادر ذات صلة مباشرة باملجلس الوطني االنتقالي الليبي‬ ‫ومسؤولني في أعلى املستويات بحكومات أوروبية واستخبارات‬ ‫غربية ومصادر أمنية‪.‬‬ ‫‪ -1‬خالل األسبوع األخير في ديسمبر ‪ ،2011‬وفي أول أسبوع في‬ ‫‪ ،2012‬رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب والرئيس مصطفي‬ ‫عبداجلليل انخرطا في سلسلة اجتماعات تخطيط طارئة في‬ ‫محاولة للتعامل مع قضايا محددة تهدد استقرار احلكومة اجلديدة‬ ‫(التابعة إلى) املجلس الوطني االنتقالي‪.‬‬ ‫وطب ًقا ملصادر شديدة احلساسية حتدثت بشرط السرية التامة‪،‬‬ ‫فإن من بني هذه القضايا هو األسئلة اخلاصة بنزع أسلحة ومكافأة‬ ‫امليليشيات احمللية التي حتملت العبء األكبر في احلرب ضد نظام‬


‫رئيس أركان القوات املسلحة‪ .‬وطب ًقا للمصدر‪ ،‬فإن الكيب يعتقد أنه‬ ‫ال بد من حسم هذه املسألة في أقرب وقت لتجنب إثارة مخاوف‬ ‫أمنية وسط احللفاء األجانب ورجال األعمال‪.‬‬

‫معمر القذافي‪ ،‬باإلضافة إلى املسألة األخ��رى ذات الصلة وهي‬ ‫العثور على مسؤولني كبار للحكومة اجلديدة يكونون مقبولني من‬ ‫القوى الثورية‪.‬‬ ‫وأش��ارت املصادر إلى أنه في أرب��ع م��رات‪ ،‬تبدأ في ‪ 23‬ديسمبر‬ ‫‪ 2011‬ف��إن جماعات أو رج��ال ميليشيا غاضبني ح�ض��روا إلى‬ ‫مكتب الكيب وطالبوا مبعاملة أحسن‪ ،‬في رسالة واضحة بدعم‬ ‫حكم القانون اإلسالمي (الشريعة اإلسالمية)‪ ،‬وإزاحة مستشاري‬ ‫القذافي السابقني من احلكومة اجلديدة‪.‬‬ ‫‪( -2‬تعليق املصدر)‪ :‬في رأي مصدر حساس جدًا‪ ،‬فإن الكيب قلق‬ ‫بشدة من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة ويهدد النظام‪ .‬وهو‬ ‫ً‬ ‫أيضا يشك أن معظم االضطرابات يحركها اجلنرال عبداحلكيم‬ ‫األمني بلحاج ومؤيدوه من اإلسالميني احملافظني‪.‬‬ ‫وبوجوده خارج احلكومة اجلديدة‪ ،‬بلحاج في موقف يسمح له بانتقاد‬ ‫املمارسات والتعيينات (احلكومية) دون قلق أو سيطرة (عليه)‪.‬‬ ‫وقال املصدر إن الكيب أخبرته مصادره في اإلخوان املسلمني أنه‬ ‫حتى بلحاج فوجئ أن االضطرابات في امليليشيات ب��دأت تظهر‬ ‫بوضوح بني اجلماعات التي تقاسمت في السابق نفس األهداف‬ ‫وعملت حتت إمرة القيادة الواهية لبلحاج‪ .‬وهذا صحيح حتديدًا في‬ ‫مسألة الصراعات العنيفة املتزايدة بني ميليشيات مصراتة والزنتان‬ ‫احمللية‪.‬‬

‫أزمة تعيني رئيس األركان‬ ‫‪ -5‬ووف ًقا ملصدر عليم‪ ،‬في أواخ��ر ديسمبر ‪ ،2011‬ق��اوم الكيب‬ ‫رئيسا ألركان‬ ‫محاوالت اجلنرال خليفة بلقاسم حفتر لتنصيب نفسه ً‬ ‫القوات املسلحة‪.‬‬ ‫وحفتر الذي أقام في الواليات املتحدة لعدة سنوات ويعتقد بلحاج‬ ‫وآخرون أنه على عالقة باحلكومة األميركية‪ ،‬فإنه يستخدم شعبيته‬ ‫رئيسا لألركان‪.‬‬ ‫وسط ضباط اجليش الوطني لدعم مطلبه أن يصبح ً‬ ‫وأدى ذلك إلى إث��ارة احتجاجات حادة من قادة امليليشيات‪ .‬وفي‬ ‫أواخ��ر ديسمبر ‪ 2011‬عني الكيب نائب وزي��ر الدفاع الكولونيل‬ ‫رئيسا لألركان‪ .‬وفي رأي أحد املصادر‪ ،‬فإن‬ ‫(اللواء) يوسف املنقوش ً‬ ‫هذا االختيار في حد ذاته معضلة‪ ،‬ألن الكيب استبدل املنقوش الذي‬ ‫تولي قيادة إحدى الوحدات العسكرية من قوات القذافي اخلاصة‪،‬‬ ‫حتى بعد بدء الثورة بحفتر املفترض أنه م��وال ألميركا‪ .‬ويعتقد‬ ‫رئيسا لألركان) سببه عداء‬ ‫املصدر أن قرار الكيب (بتعيني املنقوش ً‬ ‫ً‬ ‫وأيضا تأثير وزير الدفاع‬ ‫شخصي (من ناحية الكيب) جتاه حفتر‪،‬‬ ‫أسامة اجلويلي (على قرار الكيب)‪ .‬وأصبح الوضع أبعد ما يكون‬ ‫عن حل املشكلة‪ ،‬ألن حفتر ومؤيديه خاصة في ثكنات بنغازي‪،‬‬ ‫يواصلون الزعم أن اجلنرال (حفتر) هو رئيس األركان احلقيقي‪.‬‬ ‫ويعمل الكيب واجلويلي ملصاحلة كل العناصر في هذا النزاع في‬ ‫أسرع وقت ممكن‪ ،‬قبل أن يبدأ مؤيدو الطرفني (حفتر واملنقوش)‬ ‫في االقتتال‪ .‬وفي الوقت احلالي‪ ،‬صرح الكيب في جلسة خاصة أنه‬ ‫يتوقع أن يهاجم بلحاج املنقوش‪ ،‬وأنه يعتقد ً‬ ‫أيضا أن اللواء املنقوش‬ ‫هو الضابط الوحيد القوي كفاية لنزع سالح امليليشيات وجتنب‬ ‫حرب أهلية‪.‬‬

‫هجوم بلحاج ومؤيديه على احلكومة‬ ‫‪ -3‬في محاولة ملواجهة هذه املشكالت‪ ،‬يجري الكيب تغييرات في‬ ‫حكومته اجلديدة‪ ،‬مقيلاً وزير االقتصاد طاهر شركس وهو مستشار‬ ‫اقتصادي سابق للقذافي‪ ،‬وأصبح هد ًفا (لهجوم) رجال امليليشيات‪.‬‬ ‫وفي رأي أشخاص حسني االط�لاع‪ ،‬فإن أقرب مستشاري الكيب‬ ‫وأكثرهم نفو ًذا هم خبراء ذوو خلفيات اقتصادية وأصحاب خبرة‬ ‫في التعامل مع املؤسسات واحلكومات الغربية‪ .‬واألكثر تأثي ًرا في‬ ‫هذه املجموعة وزير البترول عبدالرحمن بن يزه ووزير املالية حسن‬ ‫زق�لام‪ ،‬ورئيس شركة النفط الوطنية (املؤسسة الوطنية للنفط)‬ ‫نوري بالروين وجنيب عبيدة من البورصة الليبية‪.‬‬ ‫‪( -4‬تعليق املصدر‪ :‬مصدر حساس جدًا يرى أن الكيب وعبد اجلليل‬ ‫قلقان ج �دًا من زي��ادة النقد (املوجه لهما) أنهما مجرد عرائس‬ ‫(حتركها) حكومات ومؤسسات غربية متعددة‪.‬‬ ‫ويبدو أن بلحاج ورج��ال امليليشيات عاقدو العزم على احلد من‬ ‫تأثير الكيانات الغربية واستخدام ذلك السالح إلضعاف حكومة‬ ‫الكيب‪ .‬وهذا التوجه يؤثر على األمن القومي‪ ،‬حيث إنه بالرغم من‬ ‫جهود الكيب للحفاظ على التوازن بني اإلسالميني والقادة احملليني‬ ‫نزاعا خطي ًرا محتم ً‬ ‫ال نشب حول منصب‬ ‫واجليش الوطني‪ ،‬إال أن ً‬

‫الصراع بني مصراتة والزنتان‬ ‫‪ -6‬ف��ي نفس ال��وق��ت‪ ،‬مصدر حساس أض��اف أن الكيب وجليل‬ ‫يحاوالن املصاحلة إلنهاء القتال بني قوات مصراتة والزنتان في‬ ‫طرابلس عن طريق تعيني املصراتي فوزي عبدالعالي وزي ًرا للداخلية‬ ‫واجلويلي الذي كان قائد ميليشيا الزنتان وزي ًرا للدفاع‪ .‬وحتي اآلن‬ ‫جناحا محدو ًدا‪ ،‬مع استمرار‬ ‫وف ًقا للمصادر هذه احملاولة لقيت‬ ‫ً‬ ‫القتال ورفض امليليشيات نزع سالحها حتى تلبى مطالبهم اخلاصة‬ ‫مبعايير احلياة اليومية‪.‬‬ ‫‪( -7‬تعليق امل �ص��در‪ :‬مصدر حساس ج��دًا أش��ار إل��ى أن الكيب‬ ‫يدرك حقيقة أن الوقت يداهمه لتحقيق االستقرار في األوضاع‬ ‫في ليبيا‪ .‬وهو يعتقد (الكيب) أنه إذا لم ينزع سالح امليليشيات‬ ‫ويحقق طلباتهم خالل الستة شهور املقبلة‪ ،‬فإن فرص االقتتال بني‬ ‫اجلماعات املتصارعة تتصاعد والتي ميكن أن ت��ؤدي إل��ى حرب‬ ‫أهلية‪ .‬وفي أي سياق أنه يدرك أن استمرار حالة عدم االستقرار‬ ‫ستؤدي إلى إصابة احلكومات الغربية واملؤسسات والبنوك بالتردد‬ ‫قبل إلزام أنفسهم بعالقات طويلة األجل مع ليبيا‪ .‬ويعتقد الكيب‬ ‫أن بلحاج ومستشاريه توصلوا إلى نفس النتيجة وأنهم على أهبة‬ ‫االستعداد مللء أي فراغ ينجم عن هذا العنف‪ ،‬عن طريق تأسيس‬

‫خليفة حفتر‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫جمهورية إسالمية محافظة)‪.‬‬ ‫سيف اإلسالم سعى إلى الهدنة إلضعاف قوات «الناتو»‬ ‫كما أوردت الرسائل اإللكترونية لوزيرة اخلارجية األميركية السابقة‬ ‫هيالري كلينتون‪ ،‬محاولة سيف اإلسالم القذافي الوصول إلى اتفاق‬ ‫هدنة بدعم من بريطانيا معتقدًا أ ّنَه بذلك «يعمل على تقسيم آراء‬ ‫دول حلف الناتو وبالتالي إضعاف حملتهم»‪ ،‬وذلك حسب مصادر‬ ‫ذات صلة مبستشارين لنجل القذافي‪.‬‬ ‫وأشارت رسائل أخرى إلى مخاوف علي زيدان واملقريف من زيادة‬ ‫قوة احلركة االنفصالية في إقليم برقة‪ ،‬وحتذيرات مصرية من‬ ‫وصول «جماعات سلفية مسلحة» من مصر إلى بنغازي‪.‬‬ ‫مفاوضات سيف اإلسالم السرية مع بريطانيا‬ ‫نقلت رسالة بتاريخ ‪ 3‬يونيو ‪ ،2011‬عن مصادر حساسة ذات صلة‬ ‫مبستشارين لسيف اإلسالم أن «احلكومة الليبية بدأت بشكل سري‬ ‫في محادثات مع َقّدة مع احلكومة البريطانية للحصول على دعمها‬ ‫التوصل التفاق وق��ف إط�لاق النار مع ث��وار املجلس الوطني‬ ‫في‬ ‫ُّ‬ ‫االنتقالي والسماح بتقاسم السلطة‪ ،‬على أن يكون سيف اإلسالم‬ ‫ِّ‬ ‫ويشكل أعضاء املجلس الوطني االنتقالي احلكومة‬ ‫رئيس الدولة‪،‬‬ ‫والسماح للقذافي باخلروج من ليبيا إلى منفى دون رفع قضايا ضده‬ ‫سواء في ليبيا أو احملاكم الدولية»‪.‬‬ ‫وترى املصادر أن «سيف اإلسالم اعتقد أ َّن اقتراح الهدنة واملفاوضات‬ ‫سيخلق انقسا ًما داخل الناتو ويضعف عملياته العسكرية ضد قوات‬ ‫القذافي»‪.‬‬ ‫ونقلت الرسالة التي بعث بها (مساعد سابق للرئيس األميركي‬ ‫السابق بيل كلينتون) سيدني بلومنتال إلى كلينتون طرف يدعى‬ ‫«‪ »sid‬الذي نقل عن مصادر مطلعة على عمليات اللجنة العسكرية‬ ‫في املجلس الوطني االنتقالي أنه «في يوم ‪ 1‬يونيو ‪ ،2011‬قام‬ ‫ٌ‬ ‫ضباط في املخابرات الليبية بزرع سيارة َّ‬ ‫مفخخة أمام فندق تيبستي‬ ‫في بنغازي‪ ،‬مما أدى إلصابة شخص»‪.‬‬ ‫انفصال برقة وسلفيو مصر‬ ‫وأظهرت رسالة سرية مؤ َّرخة في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،2012‬بعث بها‬ ‫سيدني بلومنتال إل��ى ه�ي�لاري كلينتون‪ ،‬حت�� َّدث فيها ع��ن وج��ود‬ ‫«اجتماعات سرية بني رئيس ال��وزراء علي زيدان والرئيس محمد‬ ‫مقريف وعدد من قادة القبائل من إقليم برقة‪ ،‬اتفقوا خاللها أ َّن‬ ‫احلركة االنفصالية في برقة ت��زداد ق��وة وستصبح مشكلة كبيرة‬ ‫بحلول العام ‪.»2013‬‬ ‫وذكر سيدني بلومنتال‪ ،‬نق ً‬ ‫ال عن مصادر سرية في احلكومة الوطنية‬ ‫الليبية وحكومات أوروبية وأجهزة مخابرات غربية‪ ،‬أن «اللواء يوسف‬ ‫املنقوش ح َّذر علي زيدان من أ َّن القبائل الشرقية تعمل على زيادة‬

‫عبدالرحيم الكيب رفض تعيني خليفة حفتر‬ ‫رئيسا لألركان بسبب عداء شخصي من الكيب‬ ‫ً‬ ‫تسليحها خالل األشهر الثالثة املاضية‪ ،‬لتأكيد رغبتهم في احلصول‬ ‫على احلكم الذاتي»‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬أوضح أ َّن ضباط أركان في اجليش الليبي تلقوا‬ ‫حتذيرات من قيادات باجليش املصري تفيد «استعداد القوات‬ ‫العسكرية واألمنية املصرية الحتجاز أو حتييد قوات سلفية شبه‬ ‫عسكرية تنتقل إلى ليبيا في بنغازي‪ ،‬عمل كثي ٌر منها مع القوات‬ ‫الثورية الليبية أثناء الثورة»‪.‬‬ ‫املؤسسة الوطنية للنفط‬ ‫وجاء في الرسالة نفسها‪ ،‬أن «علي زيدان واملقريف ق َّررا‪ ،‬بعد التشاور‬ ‫مع وزير النفط عبد الباري العروسي‪ ،‬املضي قد ًما في خطة وضعها‬ ‫الوزير السابق عبد الرحمن بن يزة ‪ ،‬تتلخص في تقسيم إدارات‬ ‫اإلنتاج والتنقيب إلى شركتني منفصلتني في بنغازي وطرابلس»‪.‬‬ ‫موت بن الدن‬ ‫ونقلت الرسالة‪ ،‬بتاريخ ‪ 2‬مايو ‪ ،2011‬عن مصادر لها عالقات مع‬ ‫قيادة املجلس الوطني االنتقالي أ َّن مقتل أسامة بن الدن قد يدفع‬ ‫مقاتلي تنظيم «القاعدة في بالد املغرب» الستخدام األسلحة املتجهة‬ ‫إلى ليبيا لشن هجمات انتقامية ضد الواليات املتحدة وحلفائها»‪،‬‬ ‫وتخ َّوفت املصادر من «أن استخدام األسلحة بتلك الطريقة يعقد من‬ ‫عالقات املجلس االنتقالي (الذي بات مسيط ًرا على شرق ليبيا إبان‬ ‫الثورة) مع حلف الناتو وأميركا»‪.‬‬ ‫وأوضحت الرسالة أن املخابرات السرية البريطانية والفرنسية‬ ‫علمتا بوصول أسلحة وأنظمة دفاع محمولة من النيجر ومالي كان‬ ‫من املفترض وصولها إلى ليبيا‪ ،‬لكن قادة تنظيم «القاعدة في بالد‬ ‫املغرب» متكنوا من شرائها من مصدرها‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬تخوف قادة الثوار الليبيني من أن موت بن الدن يأتي في‬ ‫وقت تداولت فيه معلومات عن نية تنظيم (القاعدة في بالد املغرب)‬ ‫القيام بعمليات في شمال أفريقيا وأوروب��ا لتأكيد وجودها خالل‬ ‫االضطرابات في ليبيا والشرق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن‬ ‫حصولهم على أسلحة وصواريخ روسية الصنع من النيجر ومالي‬ ‫كانت في طريقها إلى ليبيا»‪.‬‬

‫املصادر‪:‬‬ ‫ ‪.http://www.alwasat.ly/ar/news/libya/76118‬‬‫ ‪emails-show-clintons-interest-in-arming-libyan-/28/05/http://www.foxnews.com/politics/2015‬‬‫‪/rebels-despite-prohibitions‬‬ ‫ ‪http://www.washingtontimes.com/news/2015/jan/28/hillary-clinton-undercut-on-libya-war-by-‬‬‫‪pentagon-/?page=all‬‬


‫توضيح من رئيس المجلس الوطني االنتقالي‬ ‫السابق حول اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس‬ ‫في تعليقه على صله بواقعة اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس ذكر رئيس املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي السابق‪ ،‬املستشار مصطفى عبداجلليل‪ ،‬شهادته لـ»بوابة الوسط»‬ ‫ونشرت يوم السبت املاضي (بتاريخ ‪ 30‬مايو ‪ )2015‬قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫«لم يكن هناك ضباط في املجلس االنتقالي‪ ،‬بل كان يوجد ضابط واحد مسؤول عن‬ ‫أمن املجلس هو العقيد ناصر الغويل (‪ )...‬وميكن الرجوع إليه ألية معلومة تؤيد أو‬ ‫تنفي ما ورد من تسريبات‪ ،‬كما أن القول بأن املرحوم عبدالفتاح يونس على اتصال‬ ‫بسيف اإلسالم‪ ،‬هو أمر غير حقيقي فلم تشتمل التقارير التي تقدم بها اإلسالميون‬ ‫ضد املرحوم أية اتصاالت باخلصوص‪ ،‬وحتم علي األمر اآلن أن أذكر ملخص تلك‬ ‫التقارير التي عرضت على املجلس»‪.‬‬ ‫وأض��اف‪« :‬يدعي التيار اإلسالمي أن املرحوم يسعى لتفشيل عمل حلف شمال‬ ‫األطلسي (ناتو) حتى ال تنتصر الثورة‪ ،‬واستشهدوا بقوله في مؤمتر صحفي إن‬ ‫(ناتو) مش تاج فوق رؤوسنا فلقد نفد صبرنا وللصبر حدود‪ ،‬وكانت تلك الفترة‬ ‫هي التي تباطأ فيها عمل املجتمع الدولي انتظا ًرا خلارطة الطريق‪ ،‬التي استغرقت‬ ‫أكثر من شهر بني مناقشات مع املكتب التنفيذي في عدة اجتماعات‪ ،‬ومع مؤسسات‬ ‫املجتمع املدني في بنغازي ومع أساتذة اجلامعة‪ ،‬ولم يكن للعسكريني علم بذلك‬ ‫األم��ر‪ ،‬كما استشهدوا مبا أثبتته قناة العربية من صناديق خشبية مكتوب عليها‬ ‫الهالل األحمر القطري‪ ،‬وتفتح باجلبهة وإذا بها صواريخ مضادة للدبابات (صواريخ‬ ‫امليالن) التي أمدتنا بها دولة قطر‪ ،‬وأسندوا هذا اخللل املتعمد للمرحوم الشهيد‬ ‫عبدالفتاح يونس‪ ،‬وأنا على يقني أنه بريء من ذلك‪ ،‬فالصواريخ سلمها القطريون‬ ‫للمجموعات اإلسالمية املوجودة مبعسكر ‪ 17‬فبراير بقاريونس‪ ،‬فقد دربوهم عليها‬ ‫وحضر بعض أعضاء املجلس مشروع رماية جتريبية عنها‪ ،‬فهذا املوضوع ال عالقة‬ ‫جليش التحرير بهذا األمر»‪.‬‬ ‫وتابع عبداجلليل‪« :‬للعلم فإن املرحوم عبدالفتاح تربطني به صداقة وعالقة عمل‬ ‫سابقة‪ ،‬وهو أقرب لي من كل أعضاء املكتب التنفيذي‪ ،‬إضافة إلى أن املرحومني‬ ‫الشهيدين بإذن الله الضابطني محمد خميس املزيني‪ ،‬وناصر الشريف مذكور اللذين‬ ‫اغتيال مع الشهيد عبدالفتاح من خيرة الضباط الذين كان يعول عليهم في حرب‬ ‫التحرير‪ ،‬وكنا نعول عليهم في بناء اجليش الليبي‪ ،‬ونؤيد كل ذلك‪ ،‬فلوال لطف الله‬ ‫ومواقف الرجال من قبيلة العبيدات في تلك الليلة العصيبة النتكست الثورة‪ ،‬وانتصر‬ ‫الطرف اآلخر‪ ،‬وبالتأكيد فإن أول املتضررين هم من كانوا في املشهد السياسي‬ ‫والعسكري واإلعالمي‪ ،‬وال شك سأكون ومن معي من أوائل املتضررين‪ ،‬وسيتبرأ منا‬ ‫الكثيرون‪ ،‬ولعل السيد محمود شمام سيذكر أنه غداة دفن املرحومني استدعيت أحد‬ ‫مستشاري احملكمة العليا وهو من قبيله املرحومني‪ ،‬وعرضت عليه التكليف بالتحقيق‬ ‫فرفض‪ ،‬وكان حاض ًرا مبلف الداخلية فطلبت منه ترشيح من يتولى هذا امللف»‪.‬‬ ‫وأضاف عبداجلليل‪« :‬وفي اليوم التالي حضر وكان ذلك ً‬ ‫أيضا بحضور السيد عاشور‬ ‫بوراشد‪ ،‬وهو عضو املجلس عن درنة ومن قبيلة املرحومني‪ ،‬واتفقوا جمي ًعا على‬ ‫تسمية جلنة قضائية للتحقيق‪ ،‬وكلفوا محاميه مبتابعة التحقيقات والتي أسفرت عن‬ ‫اتهام موجه بالقتل العمد لستة أشخاص‪ ،‬خمسة منهم مذكورون باألسماء الثالثية‬ ‫واللقب‪ ،‬وشهد عليه شهود هم من ق��رروا بواقعة القتل قبل العثور على اجلثث‪،‬‬ ‫فهذا التقرير يفتقد املصداقية لكل متمعن يُدقق في األلفاظ والكلمات‪ ،‬كما يفتقد‬ ‫لبراهني التحررية والشفوية‪ ،‬وجاء كالم عام تطرق ألمور دلت عن نية من صاغه‪،‬‬ ‫وفضحت نواياه السياسية احملضة»‪.‬‬

‫مختار الجدال‪:‬‬ ‫على مجلس النواب‬ ‫أن يتدخل اآلن‬ ‫من ناحيته ص ّرح الدكتور املختار اجلدال عضو‬ ‫املجلس االنتقالي السابق بشأن رسائل كلينتون‬ ‫اإللكترونية قائ ً‬ ‫ال‪« :‬كشف املراسالت في هذا‬ ‫ال��وق��ت ب��ال��ذات غير مقصود ب��ه السياسيني‬ ‫الليبيني ال��ذي��ن أق�ح�م��ت أس�م��ائ�ه��م ف��ي تلك‬ ‫املراسالت‪ ،‬وإمنا املقصود شأن داخلي أمريكي‬ ‫يسبق انتخابات الرئاسة األمريكية التي تشارك‬ ‫فيها كلنتون كمرشحة لهذا املنصب‪.‬‬ ‫بخصوص اتهام املستشار مصطفى عبداجلليل‬ ‫ب��أن��ه ه��و م��ن أع �ط��ى األوام � ��ر ل�ق�ت��ل الشهيد‬ ‫عبدالفتاح يونس فأنا أستبعد هذا القول وال‬ ‫أعتقد إن مصطفى عبداجلليل يصدر عنه‬ ‫مثل ذلك‪ ،‬وهذا األمر ال يعدو إشاعة كانت قد‬ ‫ظهرت في تلك الفترة وكذبها املستشار نفسه‪.‬‬ ‫ول�ك��ن ف��ي ك��ل ال �ظ��روف وب�ك��ل املقاييس على‬ ‫البرملان والنائب العام في ليبيا تكليف قاضي‬ ‫للتحقيق وجمع االستدالالت والتثبت من األمر‬ ‫واستدعاء كل من وجهت إليه التهم املختلفة‬ ‫ونشر التحقيقات‪.‬‬ ‫وإضافة لذلك على كل من وجهت إليه التهم‬ ‫أن يدافع عن نفسه أمام القضاء الليبي وأمام‬ ‫الشعب فبعض التهم خطيرة جداً‪.‬‬


‫‪26‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫قال الشاهد‪..‬‬


‫اا‬ ‫ا‬ ‫حكايات‬ ‫من زمن‬ ‫فبراير‬

‫«سيرة ذاتية»‬ ‫(الجزء الثالث)‬ ‫عندما خرجت من مدينتي قاصد ًا مدينة الثورة‬ ‫بنغازي لم يدر بخلدي أن أصبح عضو ًا في املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي أو أن اصطدم بجماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وأك��ت��ش��ف م��ؤام��رات��ه��م م��ب��ك��راً‪ ،‬وعندما‬ ‫صرخت عبر وسائل اإلع�لام منبه ًا ملا يجري‪ ،‬لم‬ ‫يسمعني أحد فقد كانت الناس منتشية بانتصار‬ ‫الثورة‪ ،‬وعندما استفاق البعض كانت الواقعة قد‬ ‫استحكمت وسرقت الثورة‪...‬‬

‫املختار اجلدال‬


‫‪28‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫ليس هناك من يقول أنني كنت فاع ً‬ ‫ال في الثورة ولكن هناك‬ ‫حقيقة ال ميكن جتاهلها‪ ،‬هي ظهور الشعب الليبي فاع ً‬ ‫ال في‬ ‫ال�ث��ورة كقوة م��ادي��ة ذات حجم ‪ ‬وكقوة رم��زي��ة كانت كامنة قد‬ ‫سكنت املفاجئ من الظواهر لسنوات طويلة ثم خرجت تقودها‬ ‫خصوصية اخل��وف من مفهوم الذنب وال�ع��ار‪ ،‬التي يختص بها‬ ‫املجتمع الليبي‪ ،‬عبر التاريخ‪ ،‬فمما ال شك فيه أن االنتماء للكيان‬ ‫القبلي كان هو الفاعل احلقيقي خلصوصية الثورة الليبية‪ ،‬فقبائل‬ ‫الشرق انحازت للثورة ليس ألنها كانت كلها معارضة للنظام بل‬ ‫ألن الثورة انطلقت من أبنائها مما جعلها تنضم للثورة‪ .‬ألن في‬ ‫ردها وإنكارها فقداناً للقيم‪ ،‬أو مفهوم اخلوف من خصوصية‬ ‫الذنب والعار الذي قد يلتصق باإلنسان نتيجة عدم انضمامه‬ ‫ومعارضته للثورة‪ .‬وفي املقابل متنّع عدد من قبائل الغرب الليبي‬ ‫عن تأييد الثورة للسبب نفسه‪ ،‬ولهذا السبب نفسه خرج الليبيون‬ ‫حمل��ارب��ة الطليان ع��ام ‪1911‬م فعندما اس�تُ�ف� ّز الشعب الليبي‬ ‫استنفر جل رجاله للدفاع عن ذاته وخصوصيته التي صار من‬

‫املمكن تبني خطوطها العامة وحتديد بعض معاملها عبر هذه‬ ‫احملنة وتداعياتها‪ ،‬وللسبب نفسه أ ّي��د أغلب الليبيني انقالب‬ ‫القذافي عام ‪1969‬م‪ .‬ولكني ال أشك بأن كل الليبيني جتمعوا‬ ‫حول الدين الذي يجب أن يُقبل بال كيف‪ ،‬والعرف املستند على‬ ‫قاعدة االح�ت��رام الشديد ل�لأج��داد‪ ،‬والسلف عموما والقاعدة‬ ‫القبلية لديهم‪.‬‬ ‫إن تعريف الشعب في تصوري هو كل ما ضم مجتمع من أهله‬ ‫وه��ؤالء منهم من يدافع عن ال�ث��ورة ومنهم من يعرقلها‪ ..‬لهذا‬ ‫انحصر معنى الشعب في أحيان كثيرة في مستضعفيه فقط‪..‬‬ ‫فيقال إن الثورة كانت شعبية ودون حتديد ومعرفة للشعبي فيها‪.‬‬ ‫في ليبيا يك ّون األفارقة واألمازيغ العنصر األق��دم توطناً‪ ،‬وقد‬ ‫انتشروا في مساحات كبيرة منها‪ .‬وإلى غرب البالد جاء خالل‬ ‫األلف األولى قبل امليالد الفينيقيون‪ ،‬وخالل القرن السابع قبل‬ ‫امليالد وصل اإلغريق إلى شرقها‪ ،‬ثم الرومان خالل القرن الثالث‬ ‫قبل امليالد‪ ،‬واجلرمان خالل القرن الرابع امليالدي‪ ،‬ثم العرب‬


‫هناك حقيقة ال ميكن جتاهلها وهي ظهور الشعب‬ ‫الليبي فاع ًال في الثورة كقوة مادية ذات حجم وكقوة‬ ‫رمزية كانت كامنة‬

‫القبائل انحازت للثورة ليس ألنها كانت كلها معارضة‬ ‫للنظام بل ألن الثورة انطلقت من أبنائها مما جعلها‬ ‫تنضم للثورة‬ ‫االنتماء للكيان القبلي كان هو الفاعل احلقيقي‬ ‫خلصوصية الثورة الليبية‬

‫املسلمني ف��ي ال�ق��رن السابع امل�ي�لادي وأخ �ي��راً الهجرة العربية‬ ‫الكبيرة لبني سليم وبني هالل في القرن العاشر ميالدية‪.‬‬ ‫وش�ه��د ال�ق��رن اخل��ام��س عشر وال �س��ادس عشر ح��رك��ة سكانية‬ ‫واسعة زادت من االخ�ت�لاط السكاني الليبي وجتانسه‪ ،‬وذلك‬ ‫نتيجة للنشاط العسكري والتجاري األوروبي بإسبانيا وشواطئ‬ ‫األطلسي واملتوسط‪ ،‬واضطر تغيير طرق القوافل الكثيرين من‬ ‫سكان شبه جزيرة ايبيريا واملغرب إلى التزحزح جنوباً وشرقاً‬ ‫طلبا لألمان واالستقرار‪ ،‬فهاجرت جماعات من مسلمي األندلس‬ ‫إلى شمال أفريقيا‪ ،‬واستقر بعضهم في بعض املدن الليبية‪ ،‬وإلى‬ ‫تلك الفترة يعود استقرار قطاع كبير من السكان الذين يطلق‬ ‫عليهم مرابطون وأش��راف وم��ا تفرع عنهم‪ .‬وف��ي نفس الفترة‬ ‫بدأت جماعات من مصراتة وتاجوراء وزلينت ومسالتة وغيرها‬ ‫من امل��دن وال��واح��ات والقبائل الهجرة واالستيطان في بنغازي‬ ‫واملنطقة الشرقية‪.‬‬ ‫وفي بعض األحيان تبنت السلطة احلاكمة جهد مزج السكان‬ ‫بترتيبات رسمية‪ ،‬مثال ذلك ما وقع زمن والية علي رضا باشا‬ ‫سنة ‪ 1869‬الذي قام بجمع مواطنني من الزاوية واجلبل واملنشية‬ ‫ومن مدينة طرابلس وحملهم في سفن ومعهم مؤن واجته بهم‬ ‫إلى مناطق خليج البمبة وتوكره وطبرق‪ ،‬وهناك أ ّمن لكل أسرة‬ ‫بضع رؤوس من املاعز وعفاهم من الضرائب وقدم لهم مساعدة‬ ‫مادية‪.‬‬ ‫وبذلك ن��رى اآلن مجتمعاً ليبياً يحمل خصوصية اختالط كل‬ ‫تلك الدماء وبالتالي الثقافات املختلفة التي كونت اآلن عناصر‬ ‫السكان عرب وأمازيغ وتبو وطوارق ذوي طباع اجتماعية متقاربة‬ ‫ف��ي التمسك باخلصوصيات الضيقة واالع �ت��زاز بها حتى ولو‬ ‫كان على حساب الكليات أحياناً‪ ،‬وذل��ك كله في إط��ار مفاهيم‬ ‫ضيقة للطباع والتصرفات التي يبلغ احترامهم لها ومتسكهم‬ ‫بها درجة األنانية املفرطة والضارة أحياناً‪ .‬وقد ح ّور اجلميع‬ ‫مفاهيم ال �ش��ورى اإلس�لام�ي��ة ال��رائ�ع��ة إل��ى دميقراطية بسيطة‬ ‫تقوم على األخ� ّوة والقرابة واملعاشرة املباشرة‪ .‬والصراع الذي‬ ‫غالبا ما يحسم بالتراضي األبوي‪ ،‬وتتساوى عناصر السكان في‬ ‫اعتزازهم العفوي والبسيط بقيم الفروسية واحلكمة واحلرية‬ ‫امللتزمة بحدود النظام األبوي الصارم‪.‬‬ ‫ويجمع املكون القبلي بني العرب واألمازيغ والتبو والطوارق منذ‬


‫‪30‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫ما قبل اإلس�لام‪ ،‬فالقبيلة عند كل العناصر هي الهيكل البديل‬ ‫للدولة وقانون القبيلة املبني على صلة الرحم هو البديل لقانون‬ ‫املدنية في املدن القائم على مبدأ التوازن بني اجلماعات املهنية‬ ‫التي جتمعها املصلحة‪.‬‬ ‫في ليبيا وعبر تاريخها تنافس على بناء الظاهرة السياسية‬ ‫ثالثة أصناف من الزعامات‪ :‬الزعامة البدوية احملاربة‪ ،‬والزعامة‬ ‫العسكرية البيروقراطية في املدينة‪ ،‬والزعامة الدينية الطرق ّية‬ ‫في البادية‪.‬‬ ‫فإما أن تكون بدوية محاربة‪ ..‬ومثال على ذلك‪ ..‬غومة احملمودي‬ ‫وعبداجلليل سف النصر‪ ،‬اللذان تخطت شهرتهما اآلف��اق و‬ ‫بَنَ َيا على املستوى احمللي أحالفاً جتاوزت املجموعة الضيقة‪..‬‬ ‫جت��اوزت احملاميد وأوالد سليمان‪ ..‬ولكن السؤال كيف حتولت‬ ‫هذه العائالت في األصل إلى مجموعات منتجة للزعماء وكيف‬ ‫توسعت عالقاتها؟ م��ا ه��ي شرعيتها؟‪..‬هذه مسألة ف��ي غاية‬ ‫التعقيد‪ ،‬لكن لنقل باختصار أن املجموعة ال�ب��دوي��ة احملاربة‬ ‫لديها صعوبات كبيرة‪ ،‬بسبب تركيبتها االجتماعية و مرجعياتها‬ ‫الثقافية‪ ،‬في بناء نظرية للدولة قائمة على أسس ثابتة‪ .‬‬ ‫النموذج الزعامي الثاني مثلته املجموعة العسكرية البيروقراطية‬ ‫احلضرية ال�ت��ي مثلتها تاريخياً املجموعة القرمانلية‪ .‬فهذه‬ ‫املجموعة تشكلت م��ن عسكريني ون��واة بيروقراطية‪ ،‬ولكنهم‬ ‫سياسياً كانوا يتصرفون بشكل يشبه إلى حد كبير البدو‪ ..‬فهم لم‬ ‫يجدوا ح ً‬ ‫ال سلمياً النتقال السلطة من جيل إلى جيل‪ ،‬ولم يكونوا‬

‫قادرين اقتصادياً على اختراق النسيج االجتماعي والوصول إلى‬ ‫املوارد بطرق سلمية تقوم على شرعية محددة‪ .‬لقد كانت الدولة‬ ‫تقوم بافتكاك األرزاق مثلما تقوم بذلك املجموعات البدوية‪ ،‬لكن‬ ‫هذا ال ميكن أن يحدث وفق مفهوم املواطنة ورؤية اآلخر مبنظور‬ ‫احلداثة السياسية الذي يقضي بأن يكون لك شركاء سياسيون‬ ‫وأن تكون قوانني العمل السياسي معروفة ومستقلة عن مصالح‬ ‫األفراد‪.‬‬ ‫النموذج الثالث هو منوذج املجموعة الزعامية الطرقية الدينية‬ ‫وق��د ج�س��دت��ه جت��ري�ب�ي�اً ال�س�ن��وس�ي��ة‪ .‬وم��ن خ�ص��ائ��ص ال��زع��ام��ة‬ ‫الطرقية أنها تقوم على مشيخة الطريقة والبركة وهما رأس مال‬ ‫ال ميكن لألتباع التشكيك فيه‪ ،‬وال ميكن منافسة الزعيم عليهما‪.‬‬ ‫ومن ثم فإن هذه الزعامة قد اخترقت النسيج االجتماعي دون‬ ‫عنف وأسست للهرمية االجتماعية و السياسية‪.‬‬ ‫لكن السنوسية دخلت القرن العشرين وهي خارج مفهوم احلداثة‪،‬‬ ‫لذلك فإنها عندما انخرطت ف��ي مقاومة االستعمار ل��م يكن‬ ‫لزعمائها مفهوم الوطن مبعناه احلديث‪ .‬لقد كانوا ‪ ‬يتصرفون‬ ‫كسنوسيني‪ ،‬أي كمسلمني طرقيني‪ ،‬رأوا أن من واجبهم الدفاع‬ ‫عن األرض و العرض والدين‪ .‬لكن خصائصهم السوسيولوجية‬ ‫ساعدتهم من خالل تعاملهم مع اإلجنليز واإليطاليني على التأقلم‬ ‫مع السياق السياسي اجلديد واكتساب بعض عناصر احلداثة‪،‬‬ ‫عبر عنها بوضوح إدري��س السنوسي في رسالته الشهيرة إلى‬ ‫أحمد الشريف قبيل مغادرته البالد‪.‬‬


‫استمرار احلضور العثماني املباشر في ليبيا حتى فترة‬ ‫متأخرة غ ّيب مفهوم الوطن‬ ‫حور اجلميع مفاهيم الشورى اإلسالمية الرائعة‬ ‫ّ‬ ‫األخوة والقرابة‬ ‫إلى دميقراطية بسيطة تقوم على ّ‬ ‫واملعاشرة املباشرة‬ ‫عبر تاريخ ليبيا تنافس على بناء الظاهرة السياسية‬ ‫ثالث زعامات‪ :‬البدوية احملاربة‪ ،‬والعسكرية‬ ‫البيروقراطية‪ ،‬والدينية الطرق ّية‬

‫مفهوم الوطن عند الليبيني كان ضعيفا‪ ..‬وهذا ليس ألن الليبيني‬ ‫لم يدافعوا عن بالدهم ضد االحتالل اإليطالي‪ ،‬بل إنهم أكثر‬ ‫م��ن دف��ع الغالي والنفيس ف��ي سبيل ذل��ك‪ ،‬ولكن ألن تاريخهم‬ ‫االجتماعي واس�ت�م��رار احل�ض��ور العثماني املباشر ف��ي البالد‬ ‫حتى فترة متأخرة نسبيا غيب عندهم فكرة الوطن‪ ،‬فدافعوا‬ ‫عن بالدهم بشكل مشتت مما زاد من دراما تاريخهم النضالي‪.‬‬

‫ولم تبدأ هذه الفكرة بالتبلور احلقيقي في األذهان وفي السلوك‬ ‫وبشكل عملي إال مع حركة التحرير في األربعينيات‪.‬‬ ‫ولكن‪ ..‬بعيداً عما ذكر أعاله‪ ،‬خرج الشباب ضد النظام فوجدت‬ ‫في حالتنا نحن الليبيون ثنائية الشعب والشباب‪ ،‬مضافاً إليها‬ ‫القوة الداعمة – الطبقة الوسطى أو اخلصوصية القبلية – وفي‬ ‫مرحلة ما‪ .‬بعض من رجال اجليش‪ ..‬كل ذلك أحدث في ليبيا‬ ‫اآلن تداخ ً‬ ‫ال في الفاعلني‪ ..‬لذلك يبدو من الصعب وعلى وجه‬ ‫اخلصوص معرفة انعكاس التمايز االجتماعي في تركيبة حركة‬ ‫الثورة‪..‬‬ ‫واملفهوم األكثر التباساً مفهوم الشباب الفاعل في الثورة‪ ،‬وقد‬ ‫يناقض ه��ذا املفهوم شعبية الفعل ال��ث��وري ال��ذي يقابله عدم‬ ‫التمسك بفئة عمرية بعينها حتى يظهر املفهوم – شبابية الفعل‬ ‫– ألن من شارك في الفعل هو الشعب جميعاً‪ ..‬حتى وإن ظهر‬ ‫الصف األول من الشباب فقط يدفعه الصف الثاني من بني‬ ‫الشباب والشيوخ يدعمه من طعن في السن أو أقرب‪.‬‬ ‫غير أن قوافل الشهداء الذين فقدوا أرواحهم كان هدفهم إسقاط‬ ‫النظام وإقامة دول��ة يكون فيها ‪ ‬سيادة القانون واملؤسسات غير‬


‫‪32‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫مؤدجلة االنتماء أو التوجهات والرؤية فيها ليبيا أوالً بال تبعية وال‬ ‫سيطرة لكائن من كان‪ ،‬فشبابية الثورة حلظة قيامها دون حتديد‬ ‫لزمن اللحظة وشعاراتها التي رفعتها ك��ان ‪ ‬الشعب ‪ ‬فيها يريد‬ ‫إسقاط النظام‪.‬‬ ‫النخب فقط في الشعب كانت فاع ً‬ ‫ال بالرغم مما آل إليه حالها‬ ‫منذ انقالب سبتمبر إلى حدود الثورة في فبراير الذي كان مفزعاً‬

‫ومنه ما كان فيه تواطؤ مبتذل مع نظام قمعي ولكن في تصوري‪ ،‬إن‬ ‫تكوين النخبة وأطوارها وأدوارها أوسع من ظرفيتها‪.‬‬ ‫فظرفية التقييم ليس لها أن تهمش أو أن تهمل ما بذلته النخبة‬ ‫عبر العقود من جهد نضالي في الفكر والسياسة والتراكم املعرفي‬ ‫النخبوي عبر العقود األربعة‪ ،‬وال ميكن اعتبار هذا التراكم محصوراً‬ ‫في مجال أو تصنيف بعينه‪ ..‬فإذا كانت حركة املعارضة في اخلارج‬ ‫هي من عكس نضال كل من متكن من اخل��روج من البالد‪ ،‬ففي‬ ‫الداخل كان هناك فكر نقدي وإب��داع أدب��ي وفني ودرس جامعي‬ ‫واع بالتاريخ ومفسر للظواهر‪ ،‬هذا أيضاً تراكم ليصبح من‬ ‫معمق ٍ‬ ‫جملة عوامل موضوعية قيام الثورة‪.‬‬ ‫فالنخب تتوالد وتتجدد‪ ،‬وقد ينسى بعضها بعضاً‪ ،‬لكن محصلة‬ ‫هذا تظهر في التراكم وتبقى في الوعي اجلمعي‪ ..‬والثورة الليبية‬

‫قد حتتاج اآلن إلى خطاب تنبيهي نخبوي له من التماسك ما يضمن‬ ‫انتشاره وفاعليته وإقناعه واستمراره على مستوى املواطن الذي‬ ‫كان في األصل شعب الثورة‪.‬‬ ‫هذا اخلطاب يكون جماعياً متعدد ال��رواف��د‪ .‬صياغته من مهام‬ ‫تلك الفئة النخبوية التي لها القدرة على حتويل «املادة اخلام» إلى‬ ‫منظومة تستوعب عمق التجربة الثورية الليبية وتكسبها بعداً فكرياً‬ ‫ومعرفياً من السهل التأمل فيها وتناقلها وبناء مرجعيتها من قبل‬ ‫تلك الفئة التي ال تنزع إلى حب السلطة والقيادة وتكون مكانتها‬ ‫مهما كانت تسمياتها املختلفة «نخبة فكرية ليبية»‪.‬‬ ‫س��ؤال القطيعة مع سيطرة زمن ‪ ‬مفهوم الطاعة ال��ذي ساد عبر‬ ‫العقود املاضية بدعوى اخل��وف من الفتنة نتيجة الفراغ وسيادة‬ ‫مفهوم‪« :‬ستون سنة حتت سلطان جائر أفضل من ليلة بال سلطان»‪،‬‬ ‫املفهوم الذي سيطر على عقول العامة وتناقلته عبر القرون ثقافة لم‬ ‫تستطع إال أن تكون تابعة‪ ،‬ولم تستطع أن تستوعب معنى القطيعة‬ ‫وتستبطن ماضياً ال ينقطع عزف على وتره نظام القذافي ‪ ‬وحاول‬ ‫كثيراً االرتداد وإدخال زمنه في زمن اجلهاد‪ ،‬لذلك كان من مؤيدي‬ ‫الثنائيات املشهورة الفارغة‪ ،‬املاضي واحلاضر‪ ،‬التراث واحلداثة‪،‬‬


‫األصالة واملعاصرة‪ ،‬الدين والعلم‪ ،‬الهوية والذوبان‪ ،‬والغريب أن في‬ ‫هذا التخلف الثقافي مخرجات في اخلصوصية رفعها هو وحده‬ ‫فقط ‪ ‬وكائنه الوحيد في هذا العالم‪ .‬من هذا املنطلق فقط‪..‬‬ ‫قررت أن أكون في الثورة أو على األقل جزء منها‪ ،‬وقررت أيضاً‬ ‫اتخاذ الفعل املصيري على حساب أسرتي‪ ،‬أبنائي‪ ،‬والدي‪ ،‬والدتي‪،‬‬ ‫وأخوتي‪ .‬كان القرار صعباً ولكنه‪ ..‬كان!!!‪.‬‬ ‫ال أريد أن أدخل في عمق احلدث‪ ،‬كنت في سرت يوم اخلميس ‪17‬‬ ‫فبراير بدعوى من مجلس الثقافة العام حلضور حفل توقيع كتب‬ ‫نشرت لبعض األصدقاء‪ ،‬في املساء كان التوتر هو السمة الغالبة‬ ‫على مجموعة املثقفني‪ ،‬ولكن كان الصمت سيد املوقف باستثناء‬ ‫بعض الهمسات احملدودة‪ ،‬وغادرت في صباح اجلمعة مروراً مبقبرة‬ ‫سيدي بن همال‪ ،‬عندما دخلت املقبرة كانت الساعة احلادية عشرة‪،‬‬ ‫وبالرغم من أننا في فبراير غير أن درجة احلرارة كانت مرتفعة‬ ‫قلي ً‬ ‫ال والرياح حترك األتربة‪ ،‬كان هناك بعض زوار املقبرة ينتشرون‬ ‫بالقرب من قبور أقربائهم‪ .‬في الطريق إلى طرابلس لم يكن هناك‬ ‫شيء يدل على إن البالد واعتبارا من ذلك اليوم ستدخل نفقاً لم‬ ‫نستطع اخلروج منه حتى اآلن‪.‬‬

‫‪1869‬‬ ‫عام‬ ‫‪ 1869‬قام الوالي‬ ‫ع��ل��ي رض����ا ب���اش���ا بجمع‬ ‫مواطنني م��ن ال��زاوي��ة واجلبل‬ ‫وامل��ن��ش��ي��ة وم���ن م��دي��ن��ة ط��راب��ل��س‬ ‫وحملهم في سفن ومعهم مؤن واجته‬ ‫بهم إلى مناطق خليج البمبة وتوكره‬ ‫أمن لكل أسرة بضع‬ ‫وطبرق‪ ،‬وهناك ّ‬ ‫رؤوس م��ن امل��اع��ز وع��ف��اه��م من‬ ‫الضرائب وقدم لهم‬ ‫مساعدة مادية‬


‫‪034‬‬ ‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫أمريكا‬

‫!‬

‫تقود الجهاد اإلسالمي‬

‫التقت الواليات املتحدة األمريكية وفصائل اإلسالميني في عداء‬ ‫االحت��اد السوفيتي‪ ,‬فقد كان السوفيت ميثلون العدو السياسي‬ ‫والعسكري للواليات املتحدة‪ ,‬وال�ق��وة العاملية الوحيدة املقيدة‬ ‫للجنون األمريكي‪ ,‬وكذلك عدو اإلسالميني امللحد املعارض للدين‬ ‫وللسلطان اإللهي‪ ,‬املتصف بالوثنية واملعتدي على ديار اإلسالم‬ ‫في أفغانستان ‪ ..‬فتكون معسكر التحالف والتعاضد الضمني بني‬ ‫اإلسالميني وأمريكا نتيجة التقائهما في عداء السوفييت‪ ,‬وكان‬ ‫جهاد اإلسالميني « األفغان ‪ -‬العرب األفغان « ميثل بطريقة ما‬ ‫حرب بالوكالة يخوضونها ضد السوفييت بدالً من قوات الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬لكن بأسلحتها ودعمها املباشر‪ ,‬وق��د أدت‬ ‫عقود وسنوات جهاد اإلسالميني ضد اجليش األحمر السوفيتي‬ ‫إل��ي خروجه من أفغانستان بشكل نهائي‪ ,‬بعدما أنهك وتكبد‬ ‫خ�س��ارة باهظة ف��ي ص��دام��ات متكررة م��ع فصائل اإلسالميني‬ ‫باجلبال األفغانية الوعرة‪!..‬‬ ‫خ��رج السوفييت منهكني م��ن أفغانستان‪ ,‬فقد أث��رت احل��رب‬ ‫ضد اإلسالميني بأفغانستان واحلرب الباردة ضد أمريكا على‬ ‫االقتصاد السوفيتي ‪ ..‬وأدت به إلي درب النهاية الذي انتهجته‬

‫وجسدته سياسات «غورباتشوف»‪ ,‬وركضت مسرعة فيه ‪ ,‬وأدت‬ ‫إلي حدوث الشقاق بني زعماء السوفييت ضمن محاوالت يائسة‬ ‫إلعادة الهيكلة من جديد وضمان استمرار الشمولية التي اعتادوها‬ ‫‪ ,‬ومت فرض اإلقامة اجلبرية على رئيسهم «غورباتشوف» لتدارك‬ ‫فظائع سياساته املدمرة‪ ,‬وإيقاف «البروستيرويكا» التي أشعلها‬ ‫وروج لها‪ ,‬ولكن دون جدوى ‪!..‬‬ ‫انهارت سلطة االحتاد السوفيتي كليا «‪ ,»1999‬وابتهج في أقصى‬ ‫األرض «جورج بوش» معلناً انتصار الواليات املتحدة في معركتها‬ ‫الطويلة ضد االحتاد السوفيتي‪ ,‬ولكن االنتصار الذي مت ألمريكا‬ ‫ب��أي��دي مجاهدى اإلس�لام�ي�ين وح��رك��ة طالبان ف��ي أفغانستان‬ ‫‪ ,‬ل��م يكن ان�ت�ص��اراً ك��ام� ً‬ ‫لا بالنسبة لها‪ ,‬فاحلليف ال��ذي قضى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على السوفييت أضحى ع��دوا‪ ,‬وب��ات ميثل خطرا حقيقيا على‬ ‫السلطة والسلطان األمريكي في العالم‪ ,‬فقد أضحت الواليات‬ ‫املتحدة القوة الوحيدة في العالم دون منافس أو شريك‪ ,‬وعلى‬ ‫الكل أن ينساق ألوامرها ويخدم مصاحلها ويسعى لكسب ودها‬ ‫وإرضائها‪!..‬‬ ‫قوانني لعبة السياسة العاملية تغيرت وتبدلت بعد انهيار االحتاد‬


‫طالبان كانت حاضنة للمتطرفني‬ ‫خروج «ميخائيل غورباتشوف» على مبادئ املاركسية‪ ,‬ومناقضته الصريحة‬ ‫لرؤى وأفكار «لينني»‪ ,‬وللمنطلقات الفلسفية األساسية للشيوعية ‪ ,‬وتبنيه‬ ‫األه��وج لسياسة «الغالسنوست والبروستيرويكا» االنفتاح االقتصادي‬ ‫والشفافية وإعادة البناء قضت على وجود االحتاد السوفيتي ‪ ,‬وأدت إلي‬ ‫انقسامه واستقالل أغلب الدول املؤسسة له ‪ ,‬وانهياره بشكل كلي وتالشيه‬ ‫كقوة وحضارة عاملية‪ ,‬واندثاره كقطب مضاد ومناظر للحلفاء وللواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬ ‫السوفيتي‪ ,‬وتغيرت رؤي��ة ال��والي��ات املتحدة للعالم‪ ,‬كما تغيرت‬ ‫سياساتها وأساليب عالقاتها مع أغلب دول وشعوب العالم‪ ,‬وباتت‬ ‫املطامح واألطماع األمريكية أكثر وضوحاً وجال ًء من ذي قبل‪ ,‬وقد‬ ‫مثل انهيار االحتاد السوفيتي بداية التغيير السياسي واالقتصادي‬ ‫مواز في العديد من املنظمات‬ ‫الواقعي ‪ ,‬وصاحب انهياره انهيارا ٍ‬ ‫الدولية البعيدة أو املخالفة للسياسات األورو‪-‬أمريكية‪ ,‬وأدى إلي‬ ‫وأد وطمس وإقصاء املناهج والنظريات غير املتسقة واملترادفة‬ ‫مع الرأسمالية‪ ,‬وحتتم على شعوب العالم اعتناق الرأسمالية‬ ‫والتهليل والترويج لها‪ ,‬وصار على روادها وساستها وحكوماتها‬ ‫املتمثلة في الواليات املتحدة األمريكية والدول األوروبية السعي‬ ‫لالستحواذ على ك��ل ال��دول وال�ش�ع��وب‪ ,‬التي كانت متحالفة أو‬ ‫منحازة للشيوعية‪ ,‬وبدأت حرب استعمارية جديدة مبواصفات‬ ‫وعتاد جديد‪!..‬‬ ‫قدم «غورباتشوف» االنتصار على طبق من ذهب للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية وحلفائها‪ ,‬وأحدث انفجاراً داخلياً باالحتاد السوفيتي‬ ‫فأسقطه بسرعة رهيبة ومفاجئة‪ ,‬فصعدت أمريكا على ركامه‬ ‫مغردة بجبروتها املوهوم وانتصارها املزعوم املباغت ‪ ,‬إذ لم يكن‬

‫باستطاعة أمريكا هزمية السوفييت عسكرياً‪ ,‬ولم متلك القدرة‬ ‫خلوض حرب ومواجهة مباشرة ضدهم مبفردها‪ ,‬وكانت تخطو‬ ‫بهدوء إل��ي ال��وراء متقهقرة‪ ,‬حتت ضغوط مواطنيها وعناءاتها‬ ‫االقتصادية وازدياد تكاليف مشاريعها الفضائية والنووية‪ ,‬وبسبب‬ ‫استحواذ البيروقراطيني وجت��ار النفط والسالح على السلطة‪,‬‬ ‫ووهن حلفائها واختالفاتها السياسية معهم‪ ,‬وتبادل حالة الالثقة‬ ‫بينها وبني عموم أوروب��ا‪ ,‬إلي جانب تورطها في دعم إسرائيل‬ ‫ومناصرتها نتيجة ضغوطات اللوبي الصهيوني الدائمة على‬ ‫اإلدارة األمريكية والكونغرس‪!..‬‬ ‫دون شك‪ ..‬ذكاء الشيطان خبث معتق‪!..‬‬ ‫ن �ص��ف االن��ه��ي��ار ال �س��وف �ي �ت��ي س �ب �ب��ه امل �ج��اه��دي��ن اإلس�لام �ي�ين‬ ‫بأفغانستان‪ ,‬فاالحتالل السوفيتي ألفغانستان وف��ر للواليات‬ ‫امل�ت�ح��دة األم��ري�ك�ي��ة ف��رص��ة اس�ت�خ��دام اإلس�لام �ي�ين‪ ,‬وحشدهم‬ ‫وعسكرتهم والزج بهم في حرب استنزاف طويلة ومستمرة ضد‬ ‫اجليش األحمر السوفيتي‪ ,‬فالقناعات اجلهادية واملبادئ التي‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫خروج غورباتشوف على مبادىء املاركسية‬ ‫ومناقضته ألفكار لينني كانا سبب ًا مباشرا في‬ ‫القضاء على وجود اإلحتاد السوفيتي‬

‫غورباتشوف وقع شهادة وفاة اإلحتاد السوفييتي‬

‫معسكر التحالف والتعاضد الضمني بني‬ ‫تكون نتيجة التقائهما في‬ ‫«اإلسالميني» وأمريكا ّ‬ ‫عداء اإلحتاد السوفييتي‬ ‫كان «جهاد األسالميني» ميثل بطريقة ما حرب ًا‬ ‫بالوكالة يخوضونها ضد السوفييت‬ ‫قوانني اللعبة السياسية العاملية تغيرت بعد انهيار‬ ‫اإلحتاد السوفييتي ‪..‬وباتت املطامح واألطماع‬ ‫األمريكية أكثر وضوح ًا من ذي قبل‬ ‫حملها ق��ادة فصائل اإلسالميني استخدمتها أمريكا عن كثب‬ ‫إلرهاق االحتاد السوفيتي ودفعه للهاوية‪ ,‬فقدمت الدعم للفصائل‬ ‫لتضمن استمرار احلرب على حدود االحتاد السوفيتي اجلنوبية‪,‬‬ ‫وظ�ل��ت على صلة م��ع «أح�م��د ش��اه مسعود « حتى بعد انهيار‬ ‫االحتاد السوفيتي‪ ,‬ورحبت بتولي «برهان الدين رباني» للرئاسة‬ ‫في أفغانستان بعد حتررها من السوفييت‪!..‬‬ ‫سنوات املساكنة األمريكية لفصائل اإلسالميني في أفغانستان‪,‬‬ ‫أحدثت نقلة نوعية في السياسة األمريكية جتاه اإلسالميني‪,‬‬ ‫ونقلة نوعية أخرى في مشروع اإلسالميني‪ ,‬وأحياء واقعي حللم‬ ‫«محمد علي جوهر وأبو األعلى املودودي» في إنشاء دولة اخلالفة‪,‬‬ ‫فالدعم الذي وفرته أمريكا للمجاهدين اإلسالميني في أفغانستان‬ ‫والعتاد العسكري‪ ,‬جمع فصائل اإلسالميني من مختلف اإلرجاء‬ ‫بأفغانستان ومكنهم من صياغة مشروعهم اجلهادي وعوملته‪,‬‬ ‫واحدث تنقيح وترتيب لفقه اجلهاد الذي يعتنقونه ويحتجون به‪,‬‬ ‫ووهبهم فرصة كبرى خلوض جتارب قتالية وتدريبات عسكرية‪,‬‬ ‫واكسبهم القوة التي يحتاجونها لإلعالن عن مشروعهم والسعي‬ ‫لتحقيقه‪ ,‬فقد ك��ان��ت أفغانستان معسكراً لإلسالميني حتت‬ ‫الرعاية األمريكية‪ ،‬وال��ذي بات وقتذاك عصيا على حكومات‬

‫أبو األعلى املودودي أحد املنظرين للتطرف‬ ‫البلدان التي ينتمي إليها أولئك اإلسالميون‪!..‬‬ ‫بعد خ��روج السوفييت م��ن أفغانستان «‪ ,»1989‬ب��دأ الشقاق‬ ‫بني زعماء املجاهدين األف�غ��ان‪ ,‬فقد انتهى جهاد «احمد شاه‬ ‫مسعود» وحت��ول إلي خوض معارك السلطة‪ ,‬في حني سعى ما‬ ‫يسمى مبجاهدي األفغان العرب «عبد الله ع��زام وأسامة بن‬ ‫الدن» إل��ي توجيه املجاهدين إل��ي جبهة جهادية أخ��رى‪ ,‬وك��ان‬ ‫للوفاق بني «أفغان العرب» وحركة طالبان وامتزاجهم بها تأثير‬ ‫كبير على أوضاع أفغانستان بعد رحيل السوفييت‪ ,‬فقد متكنت‬ ‫حركة طالبان بقيادة «املال محمد عمر» ومساعدة أفغان العرب‬ ‫من انتزاع السلطة‪ ,‬وإخراج « برهان الدين رباني» وحليفه « قلب‬ ‫الدين حكمتيار» من كابول‪ ,‬وحتويل أفغانستان إلي إمارة إسالمية‬ ‫حتت سلطتها‪!..‬‬ ‫السنوات اخلمس التي سيطرت فيها طالبان على السلطة في‬ ‫أفغانستان «‪ ,»2001-1996‬شهدت نشاطا وتصاعدا لفصائل‬ ‫اإلسالميني املعارضة ألنظمة السلطات في الشرق األوس��ط‪,,‬‬ ‫واستفادت جماعات اإلسالميني في اجلزائر واجلماعة الليبية‬ ‫امل�ق��ات�ل��ة م��ن دع��م ح��رك��ة ط��ال �ب��ان‪ ,‬ك�م��ا اح �ت��وت ح��رك��ة طالبان‬ ‫تنظيم القاعدة منذ تأسيسه‪ ,‬وجعلت من أفغانستان مالذاً آمناً‬


‫انسحاب آخر كتيبة سوفيتية من أفغانستان في فبراير عام ‪1989‬‬

‫جورج بوش معلنا انتصار أمريكا‬

‫الدعم الذي وفرته أمريكا للمجاهدين اإلسالميني في أفغانستان مكنّهم من‬ ‫صياغة مشروعهم «اجلهادي» وعوملته‬ ‫حركة طالبان أحتوت تنظيم القاعدة منذ تأسيسه وجعلت من أفغانستان مالذ ًا‬ ‫آمنا للمتطرفني اإلسالميني‬ ‫مصالح أمريكا في «اإلسالميني» و ّرطتها في أزمات سياسية عديدة ‪ ..‬وازداوجية‬ ‫املعايير التي يستخدمها البيت األبيض اصطدم بحقيقة استخدام السالح‬ ‫األمريكي في قتل األمريكيني‬ ‫للمتطرفني اإلسالميني‪ ,‬ومدرسة دينية ومعسكر مشرع األبواب‬ ‫الستقبال جميع اإلسالميني وتدريبهم خلوض اجلهاد حتت رايات‬ ‫اإلسالم وباسمه‪!..‬‬ ‫أض�م��ر إسالميو أفغانستان امل�ج��اه��دون ال �ع��داء ألمريكا كما‬ ‫أضمرته ل�ه��م‪ ,‬ول��م يكن هنالك م�ج��ال حل��رب ب ��اردة أو حرب‬ ‫استنزاف بينهما‪ ,‬فقد ب��ادر اإلس�لام�ي��ون بتفجير السفارات‬ ‫األمريكية في إفريقيا‪ ,‬وأطلقوا فتوى توجب اجلهاد ضد أمريكا‬ ‫‪ ,‬وتصاعد املوقف بعد املطالبة األمريكية بتسليم «أسامة بن‬ ‫الدن»‪ ,‬وفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على حركة طالبان‬ ‫ب�ق��رارات مجلس األم��ن « ‪ 1267‬و‪ ,»1333‬واشتعلت احلرب‬ ‫بهجمات «‪11‬سبتمبر ‪ »2001‬ب�ين حليفي األم��س «ال��والي��ات‬ ‫املتحدة واإلسالميني»‪!..‬‬ ‫حاجة الواليات املتحدة األمريكية إلي عقيدة مضادة للشيوعية‪,‬‬ ‫ورغ�ب�ت�ه��ا ف��ي ت�لاف��ي أخ �ط��ار امل��واج �ه��ة امل �ب��اش��رة م��ع االحت��اد‬ ‫السوفيتي‪ ,‬وتخوفها من ال�ت��ورط في ح��رب مدمرة ضد عدو‬ ‫مي�ت�ل��ك ت��رس��ان��ة ن ��ووي ��ة‪ ,‬دف �ع �ه��ا ل��دع��م ف �ص��ائ��ل اإلس�لام �ي�ين‬ ‫املجاهدين ف��ي أفغانستان ومناصرتهم‪ ,‬وق��د ك��ان��ت مفاجأة‬ ‫انهيار االحتاد السوفيتي كبيرة بالنسبة ألمريكا‪ ,‬التي أسرعت‬

‫باتخاذ تدابير متعددة لضمان سيطرتها على العالم‪ ,‬وحتويل‬ ‫دول االحت��اد السوفيتي إل��ي محميات أمريكية ب��أس��رع وق��ت‪,‬‬ ‫واستبدال األنظمة املوالية له أو املعتنقة لرؤى الشيوعية بأنظمة‬ ‫أخرى بديلة‪!..‬‬ ‫مصالح الواليات املتحدة األمريكية في اإلسالميني ورطتها في‬ ‫أزم��ات سياسية عديدة‪ ,‬فازدواجية املعايير التي تستخدمها‬ ‫اإلدارة األم��ري �ك �ي��ة اص �ط��دم��ت ب�ح�ق�ي�ق��ة اس �ت �خ��دام ال �س�لاح‬ ‫األمريكي في قتل األمريكيني‪ ,‬وحتويل الدعم األمريكي لوسيلة‬ ‫تنمية لتنظيمات إسالموية تهدد األمن األمريكي داخل أمريكا‪,‬‬ ‫وتغافلها ال �س��اذج ع��ن ال�ت��راب��ط البنيوي ب�ين جماعة اإلخ��وان‬ ‫املسلمني وتنظيم القاعدة سيحولها إلي جبهة جهادية‪ ,‬ويكثف‬ ‫هجمات اإلسالمويون ضدها‪ ,‬فاألمركة التي ارتضاها وعايشها‬ ‫املجاهدين في أفغانستان طيلة عشر س�ن��وات‪ ,‬جعلتهم أكثر‬ ‫قدرة على التعامل مع السياسة األمريكية‪ ,‬وأكثر وعياً بإبعاد‬ ‫وإمكانيات الواليات املتحدة‪ !..‬إن اإلسالمويني ميثلون القوة‬ ‫األكثر تهديداً ألمريكا‪ ,‬فعامليتهم واملوارد التي توفرت لهم بعد‬ ‫أحداث الربيع العربي‪ ,‬ستجعلهم السبب األكبر في إعادة إحياء‬ ‫االحتاد السوفيتي والقضاء على أمريكا‪,‬‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫«جوزف بالتير» وابن الرومي‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫آليت أال أبيعه ‪ ..‬وأال أرى غيري له الده ُر مالكا «‬ ‫«ولي وطن ُ‬ ‫هذه هو «ابن الرومي» يخبرنا أنه لن يبيع وطنه‪ ،‬وهذه بادرةٌ طيبة‬ ‫من مواطن طيب‪ ،‬لكنه يخيفنا بعد ذلك‪ ،‬ويدفع بالهواجس في‬ ‫صدورنا عندما يتجاوز احلد فيطور حالة احلب هذه الى حالة‬ ‫امتالك وجشع متلك‪ ،‬فيردف بعجز بيت بشع يقول ‪:‬‬ ‫«وأال أرى غيري له الده ُر مالكا»‬ ‫هنا‪ ،‬تتملك املواطن «ابن الرومي» حالة تغول على احلب‪ ،‬فيبدأ‬ ‫في الدخول إلى ملكوت االحساس بالتملك‪ ،‬إنه يعلن عن نيته في‬ ‫حتويل «احلبيب» إلى عقار ال يريد أن يتنازل عنه ألحد‪ ،‬وال ينبغي‬ ‫ٍ‬ ‫ألحد أن ينازعه ملكيته أيضاً ‪.‬‬ ‫هذه هي مشكلتنا مع امل ّولد «ابن الرومي»‪ ،‬فهل يحق لنا اآلن أن‬ ‫نوجه اللوم إلى السويسري «جوزيف بالتر» ألنه متسك بعشقه‬ ‫ٍ‬ ‫لوالية خامسة على التوالي ؟‬ ‫لكرسي رئاسة الفيفا‬ ‫شخصياً‪ ،‬ال اعتقد‪ ،‬ألننا صرنا اليوم‪،‬وعن جدارة» أساتذة التملك‬ ‫واألنانية حتى بالنسبة لشعب متحضر كالشعب السويسري‪ ،‬ها‬ ‫قد صرنا سادة العالم أيها األخوة‪ ،‬ولو تعلق األمر بدروس ممارسة‬ ‫الطغيان على أكمل وجه ‪.‬‬ ‫الكثيرون من العرب هاجموا موقف «ج��وزي��ف ب�لات��ر»‪ ،‬ون��ددوا‬ ‫بتمسكه بالسلطة رغم جتاوزه الثامنة والسبعني‪ ،‬واعتبروا اصراره‬ ‫على جتاهل فضيحة الرشاوى وشبهة الفساد في الصرح الكروي‬ ‫الكبير‪ ،‬اعتبروه صفاق ًة متناهية ال تليق مبواطن دولة متحضرة‬ ‫كسويسرا التي تصنع للعالم منذ عقود الذوق الرفيع والساعات‬ ‫الفاخرة ‪.‬‬ ‫لكن «جوزيف بالتر» أيها السادة‪،‬ليس س��وى مواطن سويسري‬ ‫تتلمذ ذات يوم في مدرسة شاعر م ّولد رباه العرب وأشرفوا على‬ ‫تنمية ذائقته في الشعر واحلياة معاً‪ ،‬فإذا أردنا لوم السويسري‪،‬‬ ‫ف�لا مفر لنا م��ن أن نتوجه ب��ال�ل��وم إل��ى مواطننا ال�ش��اع��ر «اب��ن‬ ‫قدم لبالتر املادة اخلام ملفهوم التملك‪ ،‬ألم أخبركم‬ ‫الرومي»‪ ،‬ألنه ّ‬ ‫أننا اساتذة العالم في االستبداد ؟‬ ‫كلنا اليوم هذا املواطن السويسري‪ ،‬وكلنا اليوم ذاك الشاعر املفوه‪،‬‬ ‫وكلنا اليوم عجز بيت مشحون بالتملك ال��ذي تفوح منه رائحة‬

‫استبداد عفن ‪:‬‬ ‫«وأال أرى غيري له الده ُر مالكا «‬ ‫كلنا تزوجنا الوطن دون أن ندفع املهر‪ ،‬وكلنا أحببناه كما نعتقد‪،‬‬ ‫بينما نحن ف��ي احلقيقة نحب وجوهنا املنعكسة على مراياه‬ ‫الالمعة‪ ،‬وكلنا عشقناه كما نظن‪ ،‬بينما نحن في احلقيقة نعشق‬ ‫تفردنا بامتالكه‪ ،‬ونستمتع بكونه جاري ًة ترقص لنا‪ ،‬وحتفظ من‬ ‫أجلنا قصائد الشعر‪ ،‬وتطبخ لنا أطيب الطعام‪ ،‬وتسقينا من يديها‬ ‫ما لذ من شراب ‪.‬‬ ‫حب‬ ‫كلنا مارسنا احلب مع الوطن‪ ،‬ولكن‪ ،‬دون أن مننحه حلظة ٍ‬ ‫واح��دة‪ ،‬فقد تخصصنا فقط في استهالك احل��ب م�ن��ه‪،‬دون أن‬ ‫نص ّدر إليه ‪.‬‬ ‫هكذا نحن‪ ،‬على امتداد هذه اخلريطة العربية الشاسعة‪ ،‬ثمة‬ ‫م��واط�ن��ون ع��رب‪ ،‬اش���اوس‪ ،‬ي�ج�ي��دون رك��وب اخل �ي��ل‪ ،‬ويقرضون‬ ‫الشعر‪ ،‬ويتزوجون مثنى وثالث ورب��اع‪ ،‬ويقمعون نصف املجتمع‬ ‫مقابل طغيان النصف اآلخر‪ ،‬ويغضبون إذا حتاوروا‪ ،‬ويصرخون‬ ‫إذا اختلفوا‪ ،‬ويتقاتلون إذا تبادلوا وجهات النظر‪،‬ويقتلون بعضهم‬ ‫إذا لم يتبادلوها ‪.‬‬ ‫كل هؤالء‪ ،‬يحبون وطنهم اآلن ‪.‬‬ ‫يحبونه في سوريا إل��ى حد امتهانه وبيعه للتشدد وال��دم��ار بال‬ ‫حساب‪ ،‬ويحبونه في اليمن إلى درجة إهدائه على طبق من ذهب‬ ‫إلى امبراطورية الفرس القدمية التي تستيقظ اآلن على أقل من‬ ‫تقسيم‬ ‫املهل‪ ،‬ويحبونه في العراق‪ ،‬إلى مستويات فائقة وصلت إلى‬ ‫ٍ‬ ‫حقيقي مخيف بني رصاص شيعي وآخر سني‪ ،‬وبني تراب يحتكره‬ ‫األك��راد‪،‬وم��دن يتنازع فيها العرب‪ ،‬وبني سيارة يفخخها شيعي‪،‬‬ ‫وعربة نصف نقل ميألها سني باملتفجرات ‪.‬‬ ‫ويحبونه في ليبيا‪ ،‬إل��ى حد ثمالة لم يسمع به أح��د‪ ،‬رمب��ا ألن‬ ‫�وم إن من ليبيا يأتي دائماً‬ ‫«هيرودوتس» االغريقي ق��ال ذات ي� ٍ‬ ‫اجلديد‪ ،‬فأردنا اليوم أن نؤكد أن ما تفوه به «هيرودوتس» هو‬ ‫كالم صحيح ال يصدر إال عن حكيم بالوراثة‪ ،‬لهذا صرنا منارس‬ ‫احلب مع ليبيا بثقافة الكراهية‪ ،‬وصار كل منا يريد ليبيا عشيقة‬ ‫سرية له‪ ،‬وملك ميني مباح له دون غيره‪ ،‬إننا نهتك عرض ليبيا‬


‫أيها السادة دون أن نتوقف عن التغزل بعينيها ليل نهار ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نهتك عرضها‪ ،‬ونؤلف لها األغاني الوطنية‪ ،‬ونهيم بها عشقا‪،‬بينما‬ ‫نقضمها قطع ًة قطعة ونلوك حلمها الطري بال خجل ‪.‬‬ ‫ه��ذا ه��واحل��ب‪ ،‬وه��ذه هي رؤيتنا احلداثية لقصديتنا القدمية‬ ‫الشهيرة‪« ،‬وقف عليها احلب»‪ ،‬فهل صار حبنا لك ياليبيا «أرض‬ ‫وقف» يريدها اجلميع ؟‬ ‫ه��ذه ه��و حبنا اآلن‪ ،‬غ��ري��زة متلك بشعة‪ ،‬ورف ��ض ق��اط��ع ملبدأ‬ ‫كبير في احلوار وتبادل وجهات النظر‪ ،‬واخفاق‬ ‫املشاركة‪ ،‬وصفر ٍ‬ ‫ال مثيل له في امتحان الوطنية واالنتماء‪ ،‬وتبجح كريه عندما‬ ‫يتعلق األمر بنداءات التدخل األجنبي ‪ .‬فهل سبق ألحدكم أن تأمل‬ ‫مالمح الليبي عندما يسمع باحتمال « تدخل أجنبي» في بالده ؟‬ ‫إنه يتحول بقدرة قادر إلى أوداج منتفخة‪ ،‬وعروق نافرة‪ ،‬ودماء‬ ‫تتدفق في شرايينها‪ ،‬وغضب يهدر‪ ،‬وزلزال يدمر‪ ،‬وبركان تطيح‬ ‫حممه بكل شيء ‪.‬‬ ‫هذه هي الصورة بحذافيرها‪ ،‬إنه يرى التدخل األجنبي حبيباً آخر‬ ‫ينازعه العشق‪ ،‬وفارس غرام يريد حصته من كعكة العروس‪ ،‬وألنه‬ ‫يرفض من األساس مبدأ املشاركة‪ ،‬فهو يرفض ‪.‬‬ ‫إنه ال يتصدى لفكرة التدخل األجنبي بدافع الوطنية يا سادة‪ ،‬بل‬ ‫بهاجس األنانية الذي ميأل صدره وميلك عليه مشاعره ‪.‬‬ ‫ال حدود للجشع هنا‪ ،‬وال نهاية لعقلية االستبداد‪ ،‬وال مفر اآلن‬ ‫من االعتراف بحقيقة مرة كحنظل املساحات اجلرداء الشاسعة ‪.‬‬ ‫إن مفهوم الوطن لم يكتمل عندنا بعد‪ ،‬فال زلنا تلك القبيلة الليبية‬ ‫القدمية التي ق��ادت ذات ي��وم االغريق الغزاة إل��ى ح��دود مدينة‬ ‫شحات‪ ،‬حتى تتخلص من وجود الغرباء بها ‪.‬‬ ‫الزلنا أولئك «اجليلجامي» الطيبيني‪ ،‬الذين تخيلوا أن االغريق‬ ‫سيتركونهم ف��ي حالهم وسيكتفون بشحات وح��ده��ا‪ ،‬ف��إذا بهم‬ ‫يعودون إليهم بعد سنوات بعد أن أشتد عودهم‪ ،‬جيوشاً مدججة‬ ‫باحلديد جتتاح مضاربهم وتستبد بهم بال رحمة ‪.‬‬ ‫هكذا هو التاريخ‪ ،‬ال يغفل حرفاً في كتابه‪ ،‬وال يغفر ملخطيء‪ ،‬وال‬ ‫ينسى زلة غافل‪ ،‬وال يصفح عن ذنب خائن ‪.‬‬ ‫هكذا هوالتاريخ يا سادة‪ ،‬حكاية ال جتامل‪ ،‬ولن يتجاهل يوماً أننا‬

‫متلكنا ليبيا دون أن نحبها‪ ،‬وأننا عشقنا ليبيا دون أن نشعر نحوها‬ ‫باملودة‪ ،‬وأننا مارسنا معها األنانية كأبشع ما تكون‪ ،‬وأننا رفضنا‬ ‫بشكل قاطع أن يشاركنا حبها أحد‪ ،‬وأن ستة ماليني ليبي أحب‬ ‫كل منهم ليبيا على هواه‪ ،‬وجعلها حديقته اخللفية اخلاصة‪ ،‬وظل‬ ‫يلعق دمائها ليرتوي‪ ،‬وينهش من حلمها ليشبع‪ ،‬ويقتبس من نور‬ ‫عينيها لكي ال ترتبك خطاه عندما يحل الظالم ‪.‬‬ ‫هكذا نحن أيها السادة‪ ،‬فبأي حق سنلوم نحن العرب‪ ،‬مواطناً‬ ‫سويسرياً يدعى «ج��وزي��ف بالتر» كل ذنبه أن��ه م��ارس نفس ما‬ ‫منارسه اآلن‪ ،‬ولكن‪ ،‬بحق وط��ن آخ��ر يقال له «الفيفا»‪ ،‬فرفض‬ ‫أن ميتلكه غيره‪ ،‬ورفض أن يتنازل عن عرشه ألحد‪ ،‬وأصر كعادة‬ ‫الطغاة على أن يهرب إلى األم��ام‪ ،‬حام ً‬ ‫ال وطنه في حقيبة‪ ،‬وقد‬ ‫ٍ‬ ‫خزانة من حديد لكي ال يتمتع‬ ‫سجن شمسه وجباله وأنهاره في‬ ‫بها غيره‪ ،‬وال يهنأ به سواه ‪.‬‬ ‫هذه هو املواطن السويسري «جوزيف بالتر»‪ ،‬تلميذ ذلك الشاعر‬ ‫املفوه «ابن الرومي»‪ ،‬ذلك الذي أنشد ذات يوم ‪:‬‬ ‫آليت أال أبيعه ‪ ..‬وأال أرى غيري له الده ُر مالكا «‬ ‫«ولي وطن ُ‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن (‪)7‬‬

‫التنقيب في تواريخ غابرة‬ ‫براء الخطيب‬ ‫سوف أتوقف قليال عن االسترسال في نشر مذكراتي‬ ‫الشخصية ألستعرض هنا وباختصار شديد تاريخ‬ ‫اليمن كما قرأته في بحثي عنه في الكثير من املراجع‪،‬‬ ‫وذلك حتى ال تكون مجرد مذكرات شخصية ال تفيد‬ ‫أح��دا‪ ،‬وقد نقلت هذه امل��ادة من عدة مراجع‪ ،‬وكل ما‬ ‫أكتبه عن تاريخ اليمن نقلته – بتصرف – عن تلك‬ ‫املراجع‪.‬‬

‫امللك سعود واإلمام أحمد وابنه اإلمام البدر حميد الدين في اليمن‬

‫سوف يبقى اليمن دائما في قلبي ووجداني ذلك الوطن العربي الذي‬ ‫اغتاله اجلميع وبالدا سيجت بالندى واجلراح والدم املسفوح فوق جبال‬ ‫قاسية‪ ،‬كان لي بني كفيها متسع لأللم‪ ،‬وصبوة لونها الفراق بكل ألوان‬ ‫الوجع واحلنني‪ ،‬سوف يبقى اليمن دائما بالنسبة لي رعب أيام شبابي‬ ‫وعشقا ال مزيد عليه‪ ،‬وتركت أرضه في دمي جمرا ال ينطفئ‪ ،‬على‬ ‫صخورها رقاب أصدقائي املقطعة وزمن حافل بكل صنوف الوجع‬ ‫والنشوة‪ ،‬عندما كتبت هذه املذكرات منذ أكثر من ثالثني سنة ولم‬ ‫أقدمها للنشر مطلقا إلى أن هبت «عاصفة احلزم» ‪ ..‬إذذاك قررت‬ ‫الكتابة عن اليمن ووجدت نفسي مدفوعا ملعرفة كل شيء عن اليمن‬ ‫بعد أن توسعت قراءاتي عنه وعن تاريخه السيما وأن أغلب من أعرفهم‬ ‫من املثقفني العرب غير املتخصصني في التاريخ ال يعرفون الكثير عن‬ ‫تاريخ اليمن والسيما أيضا أن تاريخ اليمن يرتبط ارتباطا وثيقا بكل ما‬ ‫يحدث في اليمن ولليمن اليوم ‪.‬‬ ‫عندما تتصارع األح��زان مع اخلديعة تنفطر القلوب‪ ،‬تتحول عظام‬ ‫البشر إلى صخور لشاطئ البحر‪ ،‬تصبح النظرات الكسيرة في العيون‬ ‫سياجا خليبة األم��ل؛ حتمي املدينة اخلرافية من هجمات الوجع‬ ‫املستدمي‪ ،‬متنع عن صنعاء كل اخلطر القادم مع الريح من أعماق‬ ‫البحر املالح‪ ،‬تختلط األسطورة ببخار املاء وعجني البشر‪ ،‬يطعمون‬ ‫به أبناءهم؛ فتنموا أجسادهم وأرواحهم مزيجا من اخلرافة املقدسة‬ ‫والواقع املستكني‪ ،‬فتمنح أبناء آدم وحواء كل اخلرافات املمكنة التي‬ ‫تقتات بها األجساد واألرواح املتعبة‪ ،‬واملوج املالح ال يوقظ النيام وال يعيد‬ ‫امليتني‪ ،‬وعندما يقتنص الشاطئ كل الرياح اآلتية من خلف خط األفق‪،‬‬ ‫تبقى األلوان عصية عليه‪ ،‬ومع أن األلوان غير مكتملة دائما حيث ينتهك‬ ‫نصاعتها بخار املاء‪ ،‬إال أن قوس قزح يبقى مسيطرا على نهاية األفق‬ ‫بألوانه الباهتة‪ ،‬ورمبا يكون ذلك بفعل أجنحة النوارس التي ال يقر لها‬


‫ضريح بن طباطبا الذي بعث بدعاته إلى احلجاز ومصر‬ ‫واليمن والبصرة‬

‫دار احلجر كان منزال لإلمام يحيى حميد الدين قرب صنعاء‬

‫قرار وال يعرف أحد من أين جتيء وال أين تذهب وال أين تضع بيضها‪،‬‬ ‫غير أن العجائز هنا يقولون أن بيض النوارس مخلوطا بدم الترسة‬ ‫يشفي العنة عند الرجال لكنه ال يشفي العقم عند النساء‪ ،‬فالنساء‬ ‫يكفيهن دم الترسة فقط‪ ،‬ومن يعرف هذه التواريخ الغابرة سوف يجد‬ ‫تفسيرا حقيقيا ملا يحدث اليوم في اليمن السعيد ولليمن السعيد‪.‬‬ ‫إنها اململكة املتوكلية اليمنية التي انطلقت من قلب ميثولوجيا عبقرية‬ ‫متلحفة باخلرافة التي نسجتها‬ ‫رؤي��ة للعالم لبشر قاوموا ظروفا‬ ‫طبيعية مستحيلة ح �ي��ث ك��ان‬ ‫عليهم أن يفسروا كل ما عاشوه‬ ‫حتى يستطيعوا ب�ن��اء حياتهم‪،‬‬ ‫وق �ب��ل أن ن �س �ت��رس��ل ف ��ي س��رد‬ ‫حكاية اليمن السعيد نتوقف قليال‬ ‫لنتعرف على فرقة «الزيدية» التي‬ ‫كان لها أبلغ األث��ر في كل اليمن‬ ‫السعيد ومبعرفتنا للزيدية سوف‬ ‫ن�ت�ع��رف ع�ل��ى وج ��ه رئ�ي�س��ي من‬ ‫أوج��ه اجلسد اليمني‪ ،‬الزيدية‬ ‫إحدى فرق الشيعة (الذين بايعوا‬ ‫زيداً بن علي كانوا ـ حسب رواية‬ ‫الفرق بني الفرق ـ خمسة عشر‬ ‫ألف رجل من أهل الكوفة‪ ،‬فلما‬ ‫طلبوا من زيد بن علي أن يتبرأ‬ ‫م��ن أب ��ي ب�ك��ر وع �م��ر ول ��م يقبل‬

‫أحمد يحيى الثاليا قائد انقالب ‪1955‬‬

‫فخرجوا عليه وتفرقوا عنه وقالوا بقول الرافضة ـ تكفير أبي بكر وعمر‬ ‫ـ ولم يبق مع زيد من أتباعه إال مائتا رجل‪ ،‬وفي كتاب ضحى اإلسالم‬ ‫ألحمد أمني أن أتباع زيد كانوا أربعني أل ًفا‪ ،‬تفرقوا عنه ولم يبق معه‬ ‫إال ثلث مائة أو أقل) وتسمية فرقة «الزيدية» ترجع إلى مؤسسها «زيد‬ ‫بن علي زين العابدين» الذي صاغ نظرية شيعية في السياسة واحلكم‪،‬‬ ‫وقد جاهد من أجلها وقتل في سبيلها‪ ،‬وكان يرى صحة إمامة «أبي‬ ‫بكر» و»عمر» و»عثمان» رضي الله‬ ‫عنهم جميعاً‪ ،‬ولم يقل أحد منهم‬ ‫بتكفير أح��د من الصحابة ومن‬ ‫مذهبهم جواز إمامة املفضول مع‬ ‫وجود األفضل وترجع «الزيدية»‬ ‫إلى أن «زيد بن علي زين العابدين‬ ‫بن احلسني بن علي» رضي الله‬ ‫عنهما (‪698‬ـ‪740‬م)‪ ،‬ق��اد ثورة‬ ‫شيعية في العراق ضد األمويني‬ ‫أيام «هشام بن عبد امللك»‪ ،‬فقد‬ ‫دفعه أهل الكوفة لهذا اخلروج ثم‬ ‫ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه‬ ‫عندما علموا بأنه ال يتبرأ من‬ ‫ال�ش�ي�خ�ين «أب���ي ب �ك��ر» و»ع �م��ر»‬ ‫وال يلعنهما‪ ،‬بل يترضى عنهما‪،‬‬ ‫فاضطر ملقابلة جيش األمويني‬ ‫وما معه سوى ‪ 500‬فارس حيث‬ ‫أصيب بسهم في جبهته أدى إلى‬

‫اململكة املتوكلية اليمنية انطلقت من قلب‬ ‫لبشر‬ ‫ميثولوجيا متلحفة‬ ‫ٍ‬ ‫بخرافة نسجت رؤية ٍ‬ ‫قاوموا ظروف ًا طبيعية مستحيلة‬ ‫تسمية فرقة «الزيدية» ترجع ملؤسسها زيد بن‬ ‫علي زين العابدين الذي صاغ «نظرية شيعية»‬ ‫في السياسة واحلكم‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫اجلامع الكبير بصنعاء أحد أقدم املساجد اإلسالمية‬

‫وفاته‪ ،‬تنقل في البالد الشامية والعراقية باحثاً عن العلم أوالً وعن حق‬ ‫أهل البيت في اإلمامة ثانياً‪ ،‬فقد كان تقيا ورعاً عاملاً فاضال مخلصا‬ ‫شجاعا وسيما مهيبا ُمل ًّما بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه‬ ‫وسلم تلقى العلم والرواية عن أخيه األكبر «محمد الباقر» الذي يعد‬ ‫أحد األئمة االثني عشر عند الشيعة اإلمامية‪ ،‬اتصل بـ»واصل بن‬ ‫عطاء» رأس «املعتزلة» وت��دارس معه العلوم‪ ،‬فتأثر به وبأفكاره التي‬ ‫نقل بعضها إلى الفكر الزيدي‪ ،‬وإن كان هناك من ينكر وق��وع هذا‬ ‫التتلمذ‪ ،‬وهناك من يؤكد وقوع االتصال دون التأثر‪ ،‬يُنسب إليه كتاب‬ ‫«املجموع في احلديث»‪ ،‬و كتاب «املجموع في الفقه»‪ ،‬وهما كتاب واحد‬ ‫اسمه «املجموع الكبير»‪ ،‬رواهما عنه تلميذه «أبو خالد عمرو بن خالد‬ ‫الواسطي الهاشمي» الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة‪،‬‬ ‫أما ابنه «يحيى بن زيد» فقد خاض املعارك مع والده‪ ،‬لكنه متكن من‬ ‫الفرار إل��ى «خ��راس��ان» حيث الحقته سيوف األمويني فقتل هناك‪،‬‬ ‫ُف ِ ّوض األمر بعد «يحيى» إلى «محمد» و»إبراهيم» وخرج من بعده أخوه‬ ‫«إبراهيم» بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من «املنصور أحمد بن عيسى‬ ‫بن زيد» ـ حفيد مؤسس الزيدية ـ أقام بالعراق‪ ،‬وأخذ عن تالميذ «أبي‬ ‫حنيفة» فكان ممن أثرى هذا املذهب وعمل على تطويره‪ ،‬ومن علماء‬

‫اإلمام أحمد حميد الدين‬

‫الزيدية «القاسم بن إبراهيم الرسي بن عبد الله بن احلسني بن علي‬ ‫بن أبي طالب» رضي الله عنهما‪ ،‬تشكلت له «طائفة زيدية» عرفت‬ ‫باسم «القاسمية»‪ ،‬جاء من بعده حفيده «الهادي إلى احلق يحيى بن‬ ‫احلسني بن القاسم» الذي عقدت له اإلمامة باليمن فكان ممن حارب‬ ‫«القرامطة» فيها‪ ،‬كما تشكلت له «فرقة زيدية» عرفت باسم «الهادوية»‬ ‫منتشرة في اليمن واحلجاز وما واالها ‪ ،‬ظهر للزيدية في بالد الديلم‬ ‫وجيالن إمام حسيني هو «أبو محمد احلسن بن علي بن احلسن بن‬ ‫زيد بن عمر بن احلسني بن علي» رضي الله عنهما وامللقب بـ»الناصر‬ ‫الكبير»‪ ،‬وعرف باسم «األطروش»‪ ،‬فقد هاجر هذا اإلمام إلى هناك‬ ‫داعياً إلى اإلسالم على مقتضى املذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير‬ ‫صاروا زيديني ابتداء ومنهم الداعي اآلخر صاحب طبرستان «احلسن‬ ‫بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن احلسن بن علي رضي الله‬ ‫عنهما ‪ ،‬الذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر اخلزر سنة ‪250‬هـ وقد‬ ‫عرف من أئمتهم «محمد بن إبراهيم بن طباطبا»‪ ،‬الذي بعث بدعاته‬ ‫إلى احلجاز ومصر واليمن والبصرة‪ ،‬ومن شخصياتهم البارزة كذلك‬ ‫«مقاتل بن سليمان»‪ ،‬و»محمد بن نصر»‪ ،‬ومنهم «أبو الفضل بن العميد»‬ ‫و»الصاحب بن عباد»‪ ،‬واستطاع الزيدية في اليمن استرداد السلطة‬ ‫من األت��راك إذ قاد اإلم��ام «يحيى بن منصور بن حميد الدين» ثورة‬ ‫ضد األتراك وأسس دولة زيدية استمرت حتى سبتمبر عام ‪1962‬م‬ ‫حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الزيود‪ ،‬ولكن ال زال اليمن‬ ‫معقل الزيود ومركز ثقلهم خرجت عن الزيدية ثالث فرق طعن بعضها‬ ‫في الشيخني‪ ،‬كما مال بعضها عن القول بإمامة املفضول‪ ،‬وهذه الفرق‬ ‫هي «اجلارودية» وهم أصحاب «أبي اجل��ارود زياد بن أبي زي��اد»‪ ،‬و‬ ‫«الصاحلية» وهم أصحاب «احلسن بن صالح بن حي»‪ ،‬و «البترية»‬ ‫وهم أصحاب «كثير النوى األبتر»‪ ،‬و الفرقتان «الصاحلية» و»البترية»‬ ‫متفقتان ومتماثلتان في اآلراء‪ ،‬أما عن األفكار واملعتقدات فالزيدية‬ ‫يُجيزون اإلمامة في كل أوالد «فاطمة»‪ ،‬سواء أكانوا من نسل «اإلمام‬ ‫احلسن» أم من نسل «اإلم��ام احلسني» ـ رضي الله عنهما‪ ،‬واإلمامة‬ ‫لديهم ليست بالنص‪ ،‬إذ ال يشترط فيها أن ينص اإلمام السابق على‬ ‫اإلمام الالحق‪ ،‬مبعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة‪ ،‬فمن كان‬ ‫امللك سعود بن عبد العزيز واإلمام أحمد بن يحيى‬


‫بعض قادة احلركة اإلخوانية في اليمن‬

‫من أوالد فاطمة وفيه شروط اإلمامة كان أه ً‬ ‫ال لها و يجوز لديهم وجود‬ ‫أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفني‪ ،‬وتقول الزيدية‬ ‫باإلمام املفضول مع وجود األفضل إذ ال يُشترط أن يكون اإلمام أفضل‬ ‫الناس جميعاً بل من املمكن أن يكون هناك للمسلمني إمام على جانب‬ ‫من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في األحكام‪،‬‬ ‫ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها معظم الزيدية‬ ‫املعاصرين يُ �ق � ّ ُرون خالفة «أب��ي‬ ‫بكر» و»عمر»‪ ،‬وال يلعنونهما كما‬ ‫تفعل فرق الشيعة‪ ،‬بل يترضون‬ ‫ع �ن �ه �م��ا‪ ،‬و»م ��رت� �ك ��ب ال �ك �ب �ي��رة»‬ ‫يعتبرونه في منـزلة بني املنـزلتني‬ ‫ك�م��ا ت �ق��ول امل �ع �ت��زل��ة‪ ،‬يخالفون‬ ‫«ال �ش �ي �ع��ة» ف ��ي «زواج امل �ت �ع��ة»‬ ‫ويستنكرونه‪ ،‬يتفقون مع «الشيعة»‬ ‫ف��ي «زك ��اة اخل�م��س» وف��ي ج��واز‬ ‫«التقية» إذا لزم األم��ر يرفضون‬ ‫«ال �ت �ص��وف» رف �ض �اً ق��اط�ع��ا‪ ،‬هم‬ ‫متفقون مع «أه��ل السنة» بشكل‬ ‫ك��ام��ل ف��ي ال�ع�ب��ادات والفرائض‬ ‫سوى اختالفات قليلة في الفروع‬ ‫مثل قولهم «حي على خير العمل»‬ ‫في األذان على الطريقة الشيعية‪،‬‬ ‫«ص�ل�اة اجل �ن��ازة» لديهم خمس‬ ‫تكبيرات‪ ،‬يرسلون أيديهم في‬ ‫ال��ص�ل�اة‪« ،‬ص�ل�اة ال �ع �ي��د» تصح‬ ‫فرادى وجماعة‪ ،‬يعدون «صالة‬ ‫التراويح» جماعة بدعة‪ ،‬يرفضون‬ ‫الصالة خلف «الفاجر»‪ ،‬و»فروض‬ ‫ال��وض��وء» عشرة ب��دالً من أربعة‬ ‫عند أهل السنة‪ ،‬و»باب االجتهاد»‬ ‫مفتوح لكل من يريد االجتهاد‪،‬‬ ‫ومن عجز عن ذلك قلد‪ ،‬وتقليد‬ ‫أهل البيت أولى من تقليد غيرهم‪،‬‬ ‫يقولون ب �ـ»وج��وب اخل ��روج على‬ ‫اإلم��ام الظالم اجلائر وال جتب‬ ‫ط��اع�ت��ه»‪ ،‬لكن بعض املنتسبني‬

‫للزيدية قرروا العصمة ألربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة‬ ‫واحلسن واحلسني ـ رضي الله عنهم جميعاً‪ ،‬ال يوجد عندهم مهدي‬ ‫منتظر ‪ ،‬يستنكرون نظرية البداء التي قال بها املختار الثقفي‪ ،‬حيث‬ ‫إن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قدمي غير متغير وكل شيء مكتوب‬ ‫في اللوح احملفوظ قالوا بوجوب اإلميان بالقضاء والقدر مع اعتبار‬ ‫اإلنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه‪ ،‬ففصلوا بذلك بني‬ ‫اإلرادة وبني احملبة أو الرضا وهو‬ ‫رأي أهل البيت من األئمة مصادر‬ ‫االستدالل عندهم كتاب الله‪ ،‬ثم‬ ‫سنة رسول الله‪ ،‬ثم القياس ومنه‬ ‫االستحسان واملصالح املرسلة‪،‬‬ ‫ث��م يجيء بعد ذل��ك العقل‪ ،‬فما‬ ‫يقر العقل صحته وحسنه يكون‬ ‫مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً‬ ‫عنه وق��د ظهر من بينهم علماء‬ ‫فطاحل أصبحوا من أهل السنة‪،‬‬ ‫سلَفِ يُو املنهج والعقيدة أمثال‪ :‬ابن‬ ‫الوزير وابن األمير الشوكاني‪ ،‬وإذا‬ ‫تتبعنا اجلذور الفكرية والعقائدية‬ ‫للزيدية فسوف جند أنهم كانوا‬ ‫دائ �م��ا يتمسكون ب��ال�ع��دي��د من‬ ‫القضايا التي يتمسك بها الشيعة‬ ‫كأحقية أهل البيت في اخلالفة‬ ‫وتفضيل األحاديث الواردة عنهم‬ ‫على غيرها‪ ،‬وتقليدهم‪ ،‬وزك��اة‬ ‫اخل� �م ��س‪ ،‬ف��امل�ل�ام��ح ال�ش�ي�ع�ي��ة‬ ‫واضحة في مذهبهم على الرغم‬ ‫من اعتدالهم عن تأثر الزيدية‬ ‫ب��امل�ع�ت��زل��ة فانعكست اعتزالية‬ ‫واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا‬ ‫جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه‬ ‫أه�م�ي��ة ك �ب��رى ف��ي االس� �ت ��دالل‪،‬‬ ‫إذ يجعلون له نصيباً واف��راً في‬ ‫فهم العقائد وفي تطبيق أحكام‬ ‫ال �ش��ري �ع��ة وف ��ي احل �ك��م بحسن‬ ‫األش� �ي���اء وق �ب �ح �ه��ا ف��ض�ل ً‬ ‫�ا عن‬

‫اإلمام يحى يقود ثورة ضد األتراك ويؤسس دولة‬ ‫زيدية تستمر حتى عام ‪1962‬‬ ‫بعض املنتسبني للزيدية قرروا العصمة‬ ‫ألربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة‬ ‫واحلسن واحلسني‬ ‫إذا تتبعنا اجلذور الفكرية والعقائدية للزيدية‬ ‫فسوف جند أنهم كانوا دائم ًا يتمسكون بالعديد‬ ‫من القضايا التي يتمسك بها الشيعة‬

‫اإلمام يحى حميد الدين يهاجم احلديدية بقوة‬ ‫قبائلية عدد ًا من األضرحة الصوفية‬ ‫اإلمبراطورية اإليطالية تعترف باإلمام يحى‬ ‫وتصفه مبلك اليمن‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫حتليالتهم للجبر واالختيار ومرتكب الكبيرة واخللود في النار‪ ،‬أخذ أبو‬ ‫حنيفة عن زيد‪ ،‬كما أن حفيداً لزيد وهو أحمد بن عيسى بن زيد قد‬ ‫أخذ عن تالميذ أبي حنيفة في العراق‪ ،‬وقد تالقي املذهبان احلنفي‬ ‫السني والزيدي الشيعي في العراق أوالً‪ ،‬وفي بالد ما وراء النهر ثانياً‬ ‫ُّ‬ ‫مما جعل التأثر والتأثير متبادالً بني الطرفني‪ ،‬أما عن الزيدية من‬ ‫حيث االنتشار ومواقع النفوذ ففقد قامت دولة للزيدية أسسها احلسن‬ ‫بن زيد سنة ‪250‬هـ في أرض الديلم وطبرستان كما أن الهادي إلى‬ ‫احلق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري انتشرت‬ ‫الزيدية في سواحل ب�لاد اخل��زر وب�لاد الديلم وطبرستان وجيالن‬ ‫شرقاً‪ ،‬وامتدت إلى احلجاز ومصر غرباً وتركزت في أرض اليمن أن‬ ‫الزيدية إحدى فرق الشيعة‪ ،‬ولصالتهم القدمية باملعتزلة تأثروا بكثير‬ ‫من أفكارهم ومعتقداتهم إال أن املذهب الزيدي في الفروع ال يخرج‬ ‫عن إطار مدارس الفقه اإلسالمي ومذاهبه‪ ،‬ومواطن االختالف بني‬ ‫الزيدية والسنة في مسائل الفروع ال تكاد تذكر‪.‬‬ ‫كانت اململكة املتوكلية اليمنية قد تأسست عام ‪ 1918‬واستمرت حتى‬ ‫انهيارها عام ‪ 1962‬حيث كان «يحيى حميد الدين املتوكل» إماما على‬ ‫«الزيدية» في اليمن‪ ،‬وبخروج العثمانيني عام ‪ ،1918‬أراد اإلمام الشره‬ ‫للحكم والنفوذ «يحيى حميد الدين املتوكل» توسيع نفوذه ليشمل كامل‬ ‫اليمن ويعيد إحياء ملك أج��داده «القاسميني»‪ ،‬فلم يعترف باملعاهدة‬ ‫«األجنلو العثمانية» بترسيم احلدود الذي قسم اليمن لشمال وجنوب‬ ‫عام ‪ ،1915‬وقع «األدارس��ة» في «عسير» على معاهدة مع اإلجنليز‬ ‫لقتال األتراك وفي املقابل‪ ،‬تضمن لهم استقاللهم فور انتهاء احلرب‬ ‫العاملية األولى‪ ،‬وقضى اإلمام يحيى حميد الدين السنني األولى بعد‬ ‫خروج العثمانيني يحاول التوسع واستعادة « الدولة القاسمية»‪ ،‬فتوجه‬ ‫اإلمام جنوباً ‪ 1919‬واقترب خمسني كيلومتراً من مدينة «عدن» بسهولة‬ ‫فقصف اإلجنليز جيش اإلمام بالقنابل فاضطر اإلمام للتراجع‪ ،‬وأسرع‬ ‫اإلجنليز نحو الساحل التهامي وسيطروا على «احلديدة» ثم سلموها‬ ‫حلليفهم «اإلدريسي» في «عسير» عام ‪ ،1920‬فكافئوا صديقاً مبعاقبة‬ ‫عدو وأخذ اإلجنليز بالتوسع وضم املشيخات املتعددة احمليطة بعدن‬ ‫حلمايتها‪ ،‬كان إجراء احترازيا ملنع األئمة الزيدية من اقتحام «عدن» أكثر‬ ‫من كونها رغبة منهم بضم املشيخات الصغيرة لإلمبراطورية‪ ،‬هاجم‬ ‫اإلمام «يحيى حميد الدين» احلديدة بقوة من القبائل في املرتفعات‬ ‫غالبهم من «حاشد» عددا من األضرحة الصوفية ملن اعتبرهم سكان‬ ‫تهامة أولياء صاحلني‪ ،‬سويت باألرض بأمر من اإلمام الزيدي‪ .‬ثم توجه‬ ‫نحو «صبيا» وحاصر «اإلدري�س��ي» واقتحمت ق��وات اإلم��ام «جيزان»‬

‫اإلمام عبد الله الوزير‪ ،‬قائد ثورة الدستور ‪1948‬‬

‫كان من مصلحة اإلجنليز إختفاء «اإلدريسي»‬ ‫كالعب مؤثر في املنطقة وإلغاء معاهدة ‪1915‬‬ ‫ٍ‬

‫لم تكن مطالب اإلصالحيني إسقاط اإلمامة في‬ ‫البداية ‪ ..‬والدليل مشروع اإلمامة الدستورية الذي‬ ‫قاده عبدالله الوزير مبساعدة من حزب األحرار‬ ‫و»عسير» و»جنران» عام ‪ ،1926‬عرض «اإلدريسي» على «اإلمام يحيى»‬ ‫االحتاد وإنهاء النزاع شريطة اعتراف اإلمام به وبأسرته حكاماً على‬ ‫«عسير»‪ ،‬رفض اإلمام «يحيى» العرض وأصر على إخراج «األدارسة»‬ ‫من اليمن لدرجة أنه شبههم باإلجنليز في جنوبه‪ ،‬وتوجهت قوات اإلمام‬ ‫جنوباً للمرة الثانية وما بني ‪ 1926‬ـ ‪ 1928‬شنت عدة غ��ارات على‬ ‫«احملمية» حتى قصف اإلجنليز «تعز» و»إب» بالطائرات كبدت قوات‬ ‫اإلمام خسائر فادحة‪ ،‬ثم توجه «علي بن ناصر القردعي املرادي» بقوة‬ ‫قبلية صغيرة من «مراد» و»بلحارث» للسيطرة على «شبوة» وقصفها‬ ‫اإلجنليز بالطائرات وأخبروا «امل��رادي» أن «شبوة» ليست جزءا من‬ ‫اليمن‪ ،‬فترسيم احلدود بني اإلجنليز واألتراك عام ‪1914 - 1905‬‬ ‫كان ترسيما بني دولتني وفق املستعمر اإلجنليزي‪ ،‬وكان أحد مشايخ‬ ‫القبائل في «شبوة» منزعجا من الطائرات والقوات البريطانية ليس‬ ‫لهدف وجودها وهو التصدي لقبائل «مراد» ولكن لصورته التي اهتزت‬ ‫أمام أبناء قبيلته‪ ،‬وكانت اإلمبراطورية اإليطالية أول من اعترف باإلمام‬ ‫«يحيى» ووصفته بـ»ملك اليمن»‪ ،‬واالعتراف به ملكا على اليمن أقلق‬ ‫البدر مع األمير أحمد السديري‬


‫البريطانيني في «ع��دن» ألنه يضفي شرعية ملطالب اإلم��ام مبحمية‬ ‫«عدن»‪ ،‬ألن اليمن هو اسم منطقة جغرافية في شبه اجلزيرة العربية‬ ‫مثل إقليم «البحرين» و»احلجاز»‪ ،‬يبدأ من شمال «عسير» وحتى «ظفار»‬ ‫فوصف اإلمام «يحيى حميد الدين» بـ»ملك اليمن» يعني انه ملك على‬ ‫كل هذه املنطقة ولكنه لم يكن كذلك‪ ،‬فغضب اإلجنليز لهذا االعتراف‬ ‫ألنه أضفى نوعاً من الشرعية على مساع اإلمام‪ ،‬وتوجه «األدارسة» إلى‬ ‫«ابن سعود» وعرضوا عليه نفس العرض الذي عرضوه لإلمام «يحيى»‬ ‫عام ‪ ،1927‬لم يخسر «األدارسة» هدية البريطانيني احلديدة فحسب‬ ‫بل خسروا استقاللهم كذلك وارادوا البقاء بأي وسيلة كانت حتى لو‬ ‫كانوا تابعني‪ ،‬ألح البريطانيون على ابن سعود االستيالء على «عسير»‬ ‫وبحلول عام ‪ 1930‬نصب «ابن سعود» حاكماً سعودياً على املنطقة‪ ،‬كان‬ ‫من مصلحة البريطانيني اختفاء «اإلدريسي» كالعب مؤثر في املنطقة‬ ‫وإلغاء املعاهدة التي متت بينهم عام ‪ ،1915‬كانت «عسير» دويلة حاجزة‬ ‫أنشأها اإلجنليز أساساً ولم يكن البريطانيني مستعدين الستيالء‬ ‫اإلمبراطورية اإليطالية عليها واحتكار حق التنقيب عن النفط في‬ ‫جزر «فرسان»‪ ،‬وقاد «األدارسة» مترداً ضد «السعوديني» عام ‪1932‬‬ ‫وألغوا حلفهم مع «ابن سعود» والتحقوا باإلمام «يحيى حميد الدين»‪،‬‬ ‫قمعت «السعودية» ثورة «األدارسة» عام ‪ 1933‬واقتحمت قوات «اململكة‬ ‫املتوكلية اليمنية» عسير وجنران مطالبني بعودة احلكم لألدارسة ولم‬ ‫تثمر املفاوضات بني الطرفني‪ ،‬قامت احلرب السعودية اليمنية بني‬ ‫مارس ومايو ‪ 1934‬وحاكى «ابن سعود» البريطانيني‪ ،‬فلم يوجه قواته‬ ‫نحو املرتفعات الشمالية بل توجه مباشرة نحو الساحل التهامي وتوقفت‬ ‫املعارك بتوقيع «معاهدة الطائف» التي نصت على تأجير «عسير»‬ ‫و»جيزان» و»جنران» لـ»ابن سعود» على أن يتم جتديدها كل عشرين‬

‫لعلي بن ناصر القردعي قائد الثورة املضادة‬

‫سنة قمرية‪ ،‬استعجل اإلمام «يحيى» بتوقيع املعاهدة ألن «ابن سعود»‬ ‫كان يفتقر لإلمكانيات الالزمة الستمرار احلرب أص ً‬ ‫ال‪ ،‬وكان يخشى‬ ‫مترداً جديداً من اإلخ��وان وتفتقر قواته للخبرة في املعارك اجلبلية‬ ‫لذلك توجه مسرعاً نحو «تهامة» إذ كان بإمكان اإلمام «يحيى» أن يفعل‬ ‫مثلما فعل أسالفه مع األتراك‪ ،‬استدراجه للمرتفعات الشمالية حيث‬ ‫القبائل القوية وحتويلها ملقبرة أخرى للغزاة وفق تعبير «برنارد رايخ»‬ ‫بروفسور العلوم السياسية والعالقات الدولية بجامعة «جورج واشنطن»‬ ‫املعاهدة ألبت الطبقة الثرية على اإلمام يحيى‪ ،‬مصداقية اإلمام يحيى‬ ‫امللك سعود واالمام أحمد أثناء زيارة صنعاء عام ‪1956‬‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬ ‫املقدم العائد من العراق «أحمد بن يحى الثاليا» يقود‬ ‫انقالبا فاشال في عام ‪ 1955‬على اإلمام أحمد حميد‬ ‫ملعب لكرة القدم‬ ‫الدين كان نتيجته إعدامه في ٍ‬

‫بقايا قصر امللكة أروى بنت أحمد وبه ‪ 365‬غرفة بعدد أيام السنة‬

‫وشرعيته كحاكم تأثرت كثيراً أمام النخب السياسية اليمنية مبن فيهم‬ ‫أبناء اإلمام نفسه وعوائل مقربة من اإلمام مثل «بيت الوزير» الذين‬ ‫كانوا يريدون استمرارية احلرب واستغلوا توقيعه على االتفاقية للطعن‬ ‫في مصداقيته وشرعيته كإمام زيدي رسمة لعلي بن ناصر القردعي‬ ‫امل��رادي‪ ،‬أراد إمام «الزيدية» يحيى حميد الدين التخلص منه فزجه‬ ‫في معركة مع اإلجنليز في «شبوة» ليعود «املرادي» ويقتل اإلمام عام‬ ‫‪1948‬أسس اإلمام يحيى حميد الدين حكماً ثيوقراطيا «زيديا» جتاهل‬ ‫أبناء املذاهب األخرى مثل الشافعية واإلسماعيلية واعتبر يهود اليمن‬ ‫ذميني وتبنى سياسة انعزالية خوفاً من أن تسقط بالده لسلطة القوى‬ ‫االستعمارية املتحاربة عقب احلرب العاملية األولى وبالذات إيطاليا‬ ‫وبريطانيا وكذلك إلبعاد اململكة عن التيارات القومية التي ظهرت في‬ ‫املنطقة العربية تلك الفترة وساعده في ذلك أن جل املجتمع اليمني على‬ ‫أيامه كانوا من املزارعني يعيشون في قرى مكتفية ذاتيا‪ ،‬وجلأ لرفع‬ ‫الضرائب على املزارعني في مناطق أكثر خصوبة زراعياَ لدعم القبائل‬ ‫بالسلع واألموال وهو ما أثار استياء أبناء تلك املناطق ودفعهم لتشكيل‬ ‫تنظيمات تهدف إلسقاط اململكة‪ ،‬وعمل اإلم��ام على بناء مؤسسة‬ ‫عسكرية حديثة في النصف الثاني من ثالثينيات القرن العشرين‪،‬‬ ‫فأرسل العديد من الضباط للدراسة باخلارج فاملؤسسة العسكرية‬ ‫كانت املؤسسة احلكومية الوحيدة املتواصلة مع العالم اخلارجي‪ ،‬فقد‬ ‫منع اإلمام يحيى السفارات والبعثات الدبلوماسية من دخول البالد‬

‫كان الدعم التقليدي لألئمة الزيدية يأتي من‬ ‫املرتفعات الشمالية دائم ًا ‪ ..‬ولم يحظ اآلئمة‬ ‫بدعم واحترام مناطق مثل تعز والبيضاء‬

‫القبائل قبلت بدور األئمة كزعماء دينيني ال سياسيني‬ ‫اجليش اليمني تأسس في ‪ 1918‬حتت اسم اجليش‬ ‫املظفر ‪ ..‬وتنوع أساليب تدريبه كانت سبب ًا في‬ ‫إرباك عمليتي تأهيله وتطويره‬ ‫الدولة بني عامي ‪ 897‬ـ ‪ 1919‬كانت تعتمد في‬ ‫حروبها على أنصارها من رجال القبائل‬ ‫وأي زائر أجنبي كان بحاجة إلى إذن شخصي منه‪ ،‬فدرس «عبد الله‬ ‫السالل» الذي أصبح أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية في «بغداد»‬ ‫وكذا فعل «أحمد بن يحيى الثاليا» ودرس ضباط آخرون في «مصر»‬ ‫وهو ما جعلهم يتواصلون مع عدد من املدارس الفكرية في تلك البلدان‬ ‫مثل «اإلخوان املسلمني» الذين سيطروا على «محمد محمود الزبيري»‬ ‫مؤسس حزب «األحرار اليمنيني» الزبيري و»أحمد محمد نعمان» ولم‬ ‫تكن مطالب اإلصالحيني إسقاط اإلمامة في البداية‪ ،‬بداللة مشروع‬ ‫اإلمامة الدستورية الذي قاده اإلمام «عبد الله الوزير» مبساعدة من‬ ‫حزب «األحرار اليمنيني» عام ‪ 1948‬خالل ما سمي بـ»ثورة الدستور»‪.‬‬ ‫اقتنص «علي بن ناصر القردعي املرادي» رأس اإلمام في ‪ 17‬فبراير‬ ‫‪ 1948‬بعد انتخاب األحرار لعبد الله الوزير إماما دستورياً شن «أحمد‬ ‫حميد الدين» ثورة مضادة ومتكن من اخماد «ث��ورة الدستور» وإعدام‬ ‫«عبد الله الوزير» و»علي بن ناصر» وكان «ابن سعود» ال يحب «اإلمام‬ ‫أحمد حميد الدين» ولكن تغييراً دستورياً في اليمن أسوأ من تولي «أحمد‬ ‫حميد الدين» اإلمامة بالنسبة البن سعود‪ ،‬فدعمه ليستعيد «صنعاء»‬ ‫وعمد إلى تأخير وصول بعثة جامعة الدول العربية لتقصي احلقائق‪.‬‬ ‫امللك املؤسس عبد العزيز آل سعود وإلى يساره بن معمر في‬ ‫لقطة اثناء زيارة ملك افغانستان للسعودية قبل عقود‬


‫في عام ‪ 1955‬قام املقدم العائد من العراق «أحمد بن يحيى الثاليا»‬ ‫باالنقالب على اإلمام «أحمد حميد الدين» وحاصر قصره في «تعز»‬ ‫لعشرة أيام وخالل هذه احملاولة‪ ،‬احتدم اخلالف بني مدبري االنقالب‬ ‫ما بني إسقاط اململكة أو تعيني «عبد الله حميد الدين» إماماً بدال عنه‪،‬‬ ‫كان «الثاليا» مييل لتعيني األمير «عبد الله» إماماً ولم يخطط لقتل اإلمام‬ ‫«أحمد» إلدراكه ما خلفه اغتيال اإلمام «يحيى» خالل «ثورة الدستور» من‬ ‫انشقاق في صفوف القيادات فتوجه األمير «محمد البدر حميد الدين»‬ ‫للمرتفعات الشمالية وجمع األنصار وهاجمت القبائل «تعز» وأفشلت‬ ‫االنقالب وأُعدم «أحمد يحيى الثاليا» في ملعب لكرة القدم‪.‬‬ ‫انقالب «الثاليا» جعل اإلم��ام «أحمد حميد الدين» يعيد النظر في‬ ‫السياسة االنعزالية التي تبناها والده فقام بإصالحات صورية لسحب‬ ‫البساط م��ن حت��ت أق��دام م��ن سماهم باحلداثيني‪ ،‬ه��ذه احمل��اوالت‬ ‫من اإلم��ام لم تزد رضى الناس عن حكمه بل زادتهم إميانا وقناعة‬ ‫بضرورة رحيل بيت «حميد الدين» ألن اإلمام لم يقم دولة وطنية حيث‬ ‫بقيت الوالءات القبلية والطبقية االجتماعية سائدة‪ ،‬يتمتع اإلمام فيها‬ ‫بسلطات مطلقة ال يحدها شيء وفي الثورات املتعاقبة ضد حكمه‪ ،‬كان‬ ‫ابناء عائلته يتأمرون ضده كذلك فأحداث هذه الفترة هي استمرارية‬ ‫لتاريخ طويل لألئمة الزيدية للقتال فيما بينهم الستحقاق اإلمامة حتى‬ ‫ابنه «محمد البدر» خطط الغتياله‪ .‬كان الدعم التقليدي لألئمة الزيدية‬ ‫يأتي من املرتفعات الشمالية دائماً فلم يحظ األئمة بدعم واحترام‬ ‫مناطق مثل «تعز» أو «البيضاء» ومأرب ولكن قبائل املرتفعات الشمالية‬ ‫أكثر تعصباً ونزعة لالستقالل عن السلطات املركزية لفقر هذه املناطق‬ ‫مقارنة باملناطق األكثر خصوبة مثل «إب» و»تعز»‪ ،‬فرغم والئهم املذهبي‬ ‫لألئمة الزيدية إال أنها كانت أشبه بدويالت صغيرة لديها أراضيها‪،‬‬ ‫وحلفائها وزعمائها السياسيني (املشايخ) ومصاحلها اخلاصة‪ .‬القبائل‬ ‫قبلت بدور األئمة كزعماء دينيني ال سياسيني‪ ،‬لذلك فإن محاوالت‬ ‫األئمة الزيدية إلنشاء حقل سياسي لم تستمر طوي ً‬ ‫ال سواء في القرن‬

‫الزيدية مدنيون وعسكريون‬

‫السابع عشر خالل ما سمي بـ»الدولة القاسمية» أو «اململكة املتوكلية»‬ ‫في القرن العشرين أما عن اجليش اليمني فقد عرف باسم «اجليش‬ ‫املظفر» وقد تأسس «اجليش املظفر» (النظامي) في ديسمبر ‪1918‬م‪،‬‬ ‫في عهد اإلم��ام «يحيى بن محمد حميد ال��دي��ن»‪ ،‬على يد مجموعة‬ ‫من العسكريني العثمانيني الذين بقوا في اليمن بعد خروج زمالؤهم‬ ‫عام‪1918‬م‪ ،‬وتنوعت أساليب تدريبه من عثماني إلى سوري فعراقي‬ ‫ومصري وأردني‪ ،‬وهذا سبب بعض اإلرباك في عمليتي التأهيل والتطوير‬ ‫للجيش‪ ،‬وكان يغلب على التدريب اجلانب النظري أكثر من اجلانب‬ ‫العملي‪ ،‬ومعظم القيادات العليا فيه من غير العسكريني‪ ،‬وحظيت هذه‬ ‫القيادات مبكانة عالية لدى اإلمام أكثر من القيادات العسكرية‪ ،‬ويعزى‬ ‫ذلك رمبا إلى اعتقاد اإلمام أنهم أكثر من غيرهم والء للسلطة احلاكمة‪،‬‬ ‫ونتيجة لهذه احلظوة فقد اصطدمت هذه القيادات ببعض املدربني‬ ‫العسكريني؛ األمر الذي أدى إلى خلل في عملية التدريب‪ ،‬ومنذ أن أسس‬ ‫اإلمام الهادي «يحيى بن احلسني بن القاسم» «الدولة الزيدية الهاشمية»‬ ‫عام ‪ 897‬م‪ ،‬وحتى ‪ 1919‬م‪ ،‬وهو عام تأسيس اجليش النظامي‪ ،‬فإن‬ ‫تلك الدولة التي متيزت بكثرة أشياعها في املناطق الشمالية والشمالية‬ ‫الغربية واملناطق الشرقية من املرتفعات الوسطى وكذلك كل الدول أو‬ ‫الدويالت التي عاصرتها‪ ،‬قد اعتمدت في حروبها التي خاضتها في‬ ‫مواجهة منافسيها‪ ،‬بشكل أساس على أنصارها من رجال القبائل الذين‬ ‫يسكنون املناطق الشمالية والشمالية الغربية والشرقية‪ ,‬وذلك النوع من‬ ‫املقاتلني ميكن تصنيفه في إطار ما عرف تاريخيا‪ ،‬باسم «اجليوش‬ ‫الوطنية التقليدية»‪ ،‬التي كان يقودها رؤساء العشائر‪ ،‬والتي ليس لها أية‬ ‫صفة نظامية‪ ،‬باعتبار أن كل رجل في القبيلة جندي من جنودها‪ ،‬وكان‬ ‫تشكيلها يتم عند احلاجة إليها‪ ،‬أو بتعبير آخر‪ ،‬عند ظهور مشكالت‬ ‫متس مصالح القبيلة أو الدولة‪ ،‬حيث يتم استنفار املقاتلني بواسطة‬ ‫رؤساء العشائر وشيوخ القبائل‪ ،‬الذين يصبحون عند ذاك‪ ،‬هم «مقدمو»‬ ‫اجليوش القبلية‪ ،‬وقادتها في املعارك احلربية‪.‬‬

‫أحد حصون ثال في عمران حيث حتصن املطهر بن يحيى شرف الدين‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون أفريقية‬

‫الموارد المائية‬ ‫العابرة للحدود‬ ‫بين المنبع والمصب‬

‫سادة النيــ‬


‫يعتمد السكان ف��ي مصر على م��ي��اه النيل ال��ت��ي تغذي‬ ‫بشكل ش��ام��ل اق��ت��ص��اد ل��ل��دول��ة امل��ص��ري��ة‪ ،‬ك��م��ا يعتمد‬ ‫السكان ف��ي ال��س��ودان أي��ض�� ًا على مياه النيل ف��ي إنتاج‬ ‫جزء كبير من احتياجاتهم للطاقة‪.‬‬ ‫توجه‬ ‫عديدة‬ ‫سنوات‬ ‫حكومة أدي��س أبابا كانت منذ‬ ‫ّ‬ ‫ج��زءا كبير ًا م��ن إمكانياتها لتنفيذ أكبر م��ش��روع لتوليد‬ ‫الطاقة املائية في قارة إفريقيا (منطقة بنيشنقول ‪ -‬قماز‬ ‫بالقرب من احل��دود مع ال��س��ودان)‪ ،‬على أن تبني ع��دة س��دود على‬ ‫النيل األزرق‪ ،‬وأهمها هو سد النهضة‪.‬‬ ‫والتوجس الذي تشترك فيه هذه ال��دول الثالث أصبح برنامج‬ ‫الطموح‬ ‫ّ‬ ‫عمل مستقبلي لها‪ ،‬بعد التوصل إلى صيغة مشتركة تبعث على الثقة‬ ‫واالطمئنان‪.‬‬

‫ـــــل‬ ‫خالد بشير‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون أفريقية‬

‫ف��ي ‪ 23‬م��ارس ‪ 2015‬وق��ع الرئيسان املصري‬ ‫عبدالفتاح السيسي وال�س��ودان��ي عمر البشير‪،‬‬ ‫ورئيس ال��وزراء األثيوبي هايلي مريام ديسالني‬ ‫ات��ف��اق م��ب��ادئ ح ��ول «س � � ّد ال �ن �ه �ض��ة»‪ ،‬وص� � ّرح‬ ‫السيسي إثر ذلك قائ ً‬ ‫ال‪« :‬اخترنا التعاون واخترنا‬ ‫أن ن�ث��ق بعضنا ف��ي ب�ع��ض م��ن أج��ل التنمية»‪،‬‬ ‫من ّوهاً إل��ى أن ه��ذا االت�ف��اق مي ّثل إط��اراً سوف‬ ‫تندرج فيه ضمنياً سلسلة أخ��رى من اتفاقيات‬ ‫التعاون والتنمية‪ ،‬األم��ر ال��ذي أ ّك��ده على الفور‬ ‫رئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالني قائ ً‬ ‫ال‪« :‬إن‬ ‫توقيع بالده على إعالن املبادئ يستند إلى قاعدة‬ ‫عدم وجود أي خاسر بني األطراف الثالثة‪ ،‬وإن‬ ‫اإلع�لان سيمهد الطريق ملزيد من التعاون بني‬ ‫إثيوبيا وم�ص��ر وال� �س ��ودان»‪ ،‬وه��ي ال�ن�ظ��رة لتي‬ ‫استجابت لها احلكومة السودانية ف��ي إع�لان‬ ‫وزي��ر امل��وارد املائية والكهرباء ب��أن «ه��ذا السد‬ ‫هو نعمة بالنسبة ألثيوبيا ومكسب كبير بالنسبة‬ ‫لبقيتنا»‪.‬‬ ‫كانت قد برزت في األشهر املاضية بوادر نزاع‬ ‫إعالمي بني مصر وأثيوبيا والسودان بشأن تقاسم مياه نهر النيل‪،‬‬ ‫وانتهت هذه البوادر بعقد اتفاق مبادئ بني هذه الدول‪ ،‬وفي حني‬ ‫كانت بعض الدول تتطلّع إلى أن يكون سد النهضة عقبة كأداء في‬ ‫تعاون دول النيل يبدو أن هذا السد قد س َّد الباب فع ً‬ ‫ال على هذه‬ ‫التطلعات‪.‬‬ ‫تضمن االتفاق ورقة تشمل ‪ 10‬مبادئ‪ ،‬ومرفق به ورقة شارحة‬ ‫حول إيجابيات االتفاق وانعكاساته على عالقات الدول الثالث‪،‬‬ ‫واح�ت��رام املصالح لكل ط��رف‪ .‬وأك��د اتفاق التعاون على أساس‬

‫التفاهم املشترك‪ ،‬واملنفعة املشتركة‪ ،‬وحسن النوايا‪ ،‬واملكاسب‬ ‫للجميع‪ ،‬ومبادئ القانون الدولى‪ ،‬والتعاون في تفهم االحتياجات‬ ‫املائية لدول املنبع واملصب مبختلف مناحيها‪.‬‬ ‫ومبوجب هذه الوثيقة تعترف مصر بحق إثيوبيا في بناء السد‬ ‫مقابل تعهدات إثيوبية مبشاركة القاهرة في إدارته‪ ،‬وميهد االتفاق‬ ‫الطريق أم��ام حل اخل�لاف املصري اإلثيوبي حول السد‪ ،‬وذلك‬ ‫باستحداث آليات للتعاون والتشاور‪ .‬وأم��ام هذه التعهدات قام‬ ‫فريق مصري بزيارة مكان السد والتع ّرف عليه ميدانياً‪ ،‬وتعليقاً‬ ‫على هذه ذلك يقول الصحفي األملاني لودغر شادومسكي‪« :‬لم يقم‬


‫سد النهضة‬ ‫ّ‬ ‫السيسي‪ :‬اخترنا التعاون وأن نثق في بعضنا‬ ‫البعض من أجل التنمية‬ ‫تعترف مصر بحق إثيوبيا في بناء السد مقابل‬ ‫تعهدات أديس أبابا مبشاركة القاهرة في إدارته‬

‫سادة النيل‬

‫االتفاق يعطي لدول املصب األولوية في شراء‬ ‫الطاقة املولدة من سد النهضة‬ ‫وزير املوارد املائية والكهرباء في السودان‪ :‬هذا‬ ‫السد نعمة بالنسبة ألثيوبيا ومكسب كبير‬ ‫بالنسبة لآلخرين‬

‫التكلفة‪ 3 :‬مليار يورو‪.‬‬ ‫ن��اجت الكهرباء‪ 6 :‬آالف ميغاوات (ما يعادل إنتاج خمسة‬ ‫مفاعالت نووية)‪.‬‬ ‫الناجت املوازي‪ > :‬تخفيض حاجة أثيوبيا من واردات النفط‪.‬‬ ‫> توسيع القطاع الصناعي في البالد‪.‬‬ ‫> تصدير حوالي ألفي ميغاوات من الكهرباء‬ ‫إلى دول اجلوار‪.‬‬ ‫االفتتاح‪ :‬يوليو ‪.2017‬‬

‫بناء سد النهضة‬

‫ستبلغ مساحة بحيرة السد ‪ 1680‬كيلومتر مربع ًا‪ ،‬وستتدفق‬ ‫إليها امل��ي��اه ال��ت��ي سيتبخر ج��زء كبير منها م��ن بعد بفعل‬ ‫احلرارة الشديدة هناك‪ .‬ومصر لها خبرة بهذه املسألة منذ‬ ‫افتتاح «ال��س��د ال��ع��ال��ي» ب��أس��وان ع��ام ‪ .1971‬وتستند مصر‬ ‫والسودان إلى اتفاقيات تعود لفترة االستعمار موقعة عام‬ ‫‪ 1929‬وكذلك ‪ 1959‬وتنص على أحقية الدولتني في نسبة‬ ‫ح��وال��ي ‪ 90‬ب��امل��ائ��ة م��ن م��ي��اه النيل األزرق وال��ن��ي��ل األب��ي��ض‪،‬‬ ‫إضافة إلى حق النقض (الفيتو) بالنسبة لبناء مشروعات‬ ‫عليهما‪.‬‬

‫السد سينتج ما يعادل إنتاج خمسة مفاعالت نووية‬

‫وفد مصري بزيارة إلى مكان بناء السد إال في خريف عام ‪2014‬‬ ‫للتعرف على املشروع عن كثب»‪.‬‬ ‫ملحة أكثر من أي‬ ‫باتت‬ ‫للكهرباء‬ ‫أثيوبيا‬ ‫يقول املراقبون أن حاجة‬ ‫ّ‬ ‫وقت مضى‪ ،‬فلجأت إلى مشروع س ّد النهضة لغرض توليد طاقة‬ ‫نظيفة ومستدامة يعتمد عليها‪ ،‬ما يؤدي إجماالً إلى املساهمة في‬ ‫التنمية االقتصادية‪ ،‬وفي حني كانت األنظار تتجه إلى احتماالت‬ ‫تصعيد التوتر في عالقة مصر والسودان بأثيوبيا‪ ،‬ح ّول اتفاق‬ ‫التعاون جميع األنظار إل��ى إمكانية أن تشترك ه��ذه ال��دول في‬ ‫جعل مشروع سد النهضة ورشة عمل مشتركة بينها تتبادل فيه‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون أفريقية‬

‫البيانات واملعلومات الالزمة إلج��راء الدراسات املشتركة للجنة‬ ‫اخلبراء الوطنني‪ ،‬وذلك بروح حسن النية وفى التوقيت املالئم‪.‬‬ ‫تقول ديباجة االتفاق‪ :‬تقديراً لالحتياج املتزايد جلمهورية مصر‬ ‫العربية‪ ،‬جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الدميقراطية‪ ،‬وجمهورية‬ ‫ال�س��ودان مل��وارده��م املائية العابرة للحدود؛ وإدراك��ا ألهمية نهر‬ ‫النيل كمصدر احلياة ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا‬ ‫والسودان؛ ألزمت الدول الثالث أنفسها باملبادئ التالية بشأن س ّد‬ ‫النهضة‪.‬‬ ‫تضمنت‪:‬‬ ‫كانت املبادئ العشرة قد‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬مبدأ التعاون‪ :‬ويتعلق بتفهم االحتياجات املائية لدول املنبع‬‫واملصب‪.‬‬ ‫‪ 2‬مبدأ التنمية‪ :‬ويتعلق بالتكامل اإلقليمي والترويج للتعاون عبر‬‫احلدود‪.‬‬ ‫‪ 3‬م �ب��دأ ع��دم التسبب ف��ي ض��رر ذى ش ��أن‪ :‬ويتعلق باتخاذ‬‫اإلجراءات املناسبة لتجنب التسبب في ضرر أثناء استخدام النيل‬ ‫األزرق (النهر الرئيسي)‪.‬‬ ‫‪ 4‬مبدأ االستخدام املنصف واملناسب‪ :‬ويتعلق باستخدام الدول‬‫الثالث ملواردها املائية املشتركة بأسلوب منصف ومناسب‪.‬‬ ‫‪ 5‬مبدأ التعاون في امل��لء األول وإدارة السد‪ :‬ويتعلق بإنشاء‬‫تنسيقية مناسبة للدول الثالث في التشغيل‪.‬‬ ‫‪ 6‬مبدأ بناء الثقة‪ :‬ويتعلق بإعطاء دول املصب األولوية في شراء‬‫الطاقة املولدة من سد النهضة‪.‬‬ ‫‪ 7‬مبدأ ت�ب��ادل املعلومات والبيانات‪ :‬ويتعلق بتوفير البيانات‬‫واملعلومات الالزمة إلجراء الدراسات املشتركة‪.‬‬ ‫‪ 8‬مبدأ أمان السد‪ :‬ويتعلق باستكمال أثيوبيا تنفيذ للتوصيات‬‫اخلاصة باألمان الواردة في تقرير جلنة اخلبراء الدولية‪.‬‬ ‫‪ 9‬مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة‪ :‬ويتعلق بالتعاون على أساس‬‫السيادة املتساوية بهدف حتقيق االستخدام األمثل واحلماية‬ ‫املناسبة للنهر‪.‬‬ ‫‪ 10‬مبدأ التسوية السلمية للمنازعات‪ :‬ويتعلق بتسوية املنازعات‬‫الناشئة عن تفسير أو تطبيق مبادئ االتفاق‪.‬‬

‫فى بداية عام ‪ 1958‬ومع إعالن مصر عن مشروع السد العالي‪،‬‬ ‫أرس��ل��ت ال���والي���ات امل��ت��ح��دة األم��ري��ك��ي��ة بعثة ك��ب��ي��رة م��ن مكتب‬ ‫استصالح األراض���ي األم��ري��ك��ي لتقيم ف��ي إثيوبيا س��ت سنوات‬ ‫أع���دت خاللها مخطط ًا ل��ل��س��دود على النيل األزرق‪ ،‬ومت نشر‬ ‫تفاصيله عام ‪.1964‬‬ ‫املخطط يشمل أرب��ع��ة س���دود ك��ب��رى على النيل األزرق‪ ،‬وهى‬ ‫ك��ارادوب��ى‪ ،‬وبيكوابو‪ ،‬ومندايا‪ ،‬واحل���دود‪ ،‬وذل��ك بإجمالي سعة‬ ‫تخزينية ‪ 70‬مليار متر مكعب وقدرة كهرومائية ‪ 5500‬ميجاوات‪.‬‬ ‫ومت حتديث هذا املخطط في الثمانينات والتسعينات من القرن‬ ‫املاضي بواسطة عدة مكاتب استشارية أوروبية لتتضاعف سعة‬ ‫السدود الكبرى إلى حوالي ‪ 140‬مليار متر مكعب‪ ،‬وتزداد القدرة‬ ‫الكهرومائية اإلجمالية إلى حوالي ‪ 8000‬ميجاوات‪.‬‬ ‫في الثاني من أبريل ‪ ،2011‬قامت إثيوبيا بوضع حجر أساس سد‬ ‫النهضة (احلدود سابق ًا) بعد زيادة سعة السد من ‪ 14.5‬إلى ‪74‬‬ ‫مليار متر مكعب‪.‬‬


‫هداسي جاديب‬ ‫ه���داس���ي ج���ادي���ب ه���و اس����م س���د النهضة‬ ‫باللغة األم��ه��ري��ة‪ ،‬ويسميه األثيوبيون‬ ‫رسمي ًا األلفية الكبير‪ ،‬وهو سد قيد البناء‬ ‫يقع على النيل األزرق بوالية بنيشنقول‬ ‫ قماز بالقرب م��ن احل���دود اإلثيوبية ‪-‬‬‫ال��س��ودان��ي��ة‪ ،‬على مسافة ت��ت��راوح ب�ين ‪20‬‬ ‫و‪ 40‬ك��ي��ل��وم��ت��را‪ .‬وع��ن��د اك��ت��م��ال إن��ش��اءه‪،‬‬ ‫املرتقب سنة ‪ ،2017‬سوف يصبح أكبر سد‬ ‫كهرومائي في القارة األفريقية‪ ،‬والعاشر‬ ‫ع��امل��ي��ا ف��ي ق��ائ��م��ة أك��ب��ر ال���س���دود إن��ت��اج��ا‬ ‫للكهرباء‪ .‬تقدر تكلفة اإلجناز بـ ‪ 4.7‬مليار‬ ‫دوالر أمريكي‪ .‬وهو واحد من ثالثة سدود‬ ‫ُتشيد لغرض توليد الطاقة الكهرمائية‬ ‫في إثيوبيا‪.‬‬ ‫ظ��ه��رت أول����ى االت��ف��اق��ي��ات لتقسيم مياه‬ ‫النيل عام ‪1902‬م في أديس أبابا وعقدت‬ ‫ب��ي�ن ب��ري��ط��ان��ي��ا ب��ص��ف��ت��ه��ا مم��ث��ل��ة مل��ص��ر‬ ‫���ص���ت ع��ل��ى ع��دم‬ ‫وال���س���ودان وإث��ي��وب��ي��ا‪ ،‬ون َّ‬ ‫����واء ع��ل��ى النيل‬ ‫إق��ام��ة أي م��ش��روع��ات‪ ،‬س ٌ‬ ‫األزرق‪ ،‬أو بحيرة تانا ونهر السوباط‪ ،‬ثم‬ ‫اتفاقية بني بريطانيا وفرنسا‪ ،‬عام ‪،1906‬‬ ‫وظهرت عام ‪ 1929‬اتفاقية أخ��رى‪ ،‬وهذه‬ ‫االت��ف��اق��ي��ة تتضمن إق����رار دول احل��وض‬ ‫بحصة م��ص��ر املكتسبة من‬ ‫ميا ‏ه النيل‪ ،‬وإن ملصر احلق‬ ‫ف���ي االع����ت����راض ف���ي ح��ال��ة‬ ‫إنشاء هذه الدول مشروعات‬ ‫جديدة على النهر وروافده‪.‬‬ ‫وه���ذه االتفاقية ك��ان��ت بني‬ ‫م���ص���ر وب���ري���ط���ان���ي���ا (ال���ت���ي‬ ‫كانت متثل كينيا وتنزانيا‬ ‫والسودان وأوغندا) لتنظيم‬ ‫اس��ت��ف��ادة م��ص��ر م���ن بحيرة‬

‫فيكتوريا‪ .‬ومت تخصيص نسبة ‪ ٪ 7.7‬من‬ ‫تدفق للسودان و‪ 92.3٪‬ملصر‪.‬‬ ‫> ‪ :1964 – 1956‬مت حت���دي���د امل��وق��ع‬ ‫النهائي لسد النهضة الكبير اإلثيوبي‬ ‫‪Grand Ethiopian Renaissance‬‬ ‫‪ Dam‬بواسطة مكتب الواليات املتحدة‬ ‫ل��ل�اس����ت����ص��ل�اح ‪States Bureau of‬‬ ‫‪( Reclamation‬احدى إدارات اخلارجية‬ ‫األم��ري��ك��ي��ة) خ�ل�ال عملية م��س��ح للنيل‬ ‫األزرق أجريت بني عامي ‪ 1956‬و ‪.1964‬‬ ‫> في أكتوبر ‪ 2009‬و أغسطس ‪ 2010‬قامت‬ ‫احلكومة اإلثيوبية بعملية مسح للموقع‪.‬‬ ‫> ف���ي ن��وف��م��ب��ر ‪ ، 2010‬مت االن��ت��ه��اء من‬ ‫تصميم السد‪.‬‬ ‫> في ‪ 31‬مارس ‪ ،2011‬و بعد يوم واحد من‬ ‫اإلعالن عن املشروع‪ ،‬مت منح عقد قيمته‬ ‫‪ 4.8‬م��ل��ي��ار دوالر دون ت��ق��دمي ع��ط��اءات‬ ‫ت��ن��اف��س��ي��ة ل��ل��ش��رك��ة اإلي��ط��ال��ي��ة ‪Salini‬‬ ‫‪.Costruttori‬‬ ‫> ف��ي ‪ 2‬أب��ري��ل ‪ 2011‬وض���ع رئ��ي��س وزراء‬ ‫إث��ي��وب��ي��ا ال���س���اب���ق م��ل��س زي����ن����اوي حجر‬ ‫األس������اس ل��ل��س��د وق����د مت إن���ش���اء ك��س��ارة‬ ‫ل��ل��ص��خ��ور ج���ن���ب��� ًا إل�����ى ج���ن���ب م����ع مهبط‬

‫للطائرات الصغيرة للنقل السريع‪.‬‬ ‫> في ‪ 15‬أبريل ‪ ،2011‬أعاد مجلس الوزراء‬ ‫االث��ي��وب��ى تسمية ال��س��د ب��ـ»س��د النهضة‬ ‫اإلث��ي��وب��ي الكبير»‪Grand Ethiopian‬‬ ‫‪ .Renaissance Dam (GERD‬حيث كان‬ ‫في البداية يطلق عليه «مشروع ‪ »X‬و بعد‬ ‫اإلع�لان عن عقود امل��ش��روع سمى ب��ـ» سد‬ ‫األلفية ‪.« Millennium Dam‬‬ ‫> في مايو ‪ ،2011‬أعلنت إثيوبيا أنها سوف‬ ‫تتقاسم مخططات السد مع مصر حتى‬ ‫ميكن دراسة مدى تأثير السد على املصب‪.‬‬ ‫> ف���ي ن��ه��اي��ة ع���ام ‪ 2011‬ات��ف��ق��ت ك���ل من‬ ‫مصر وال���س���ودان م��ع إثيوبيا على اتخاذ‬ ‫احل���وار كوسيلة حل��ل أزم���ة س��د النهضة‪،‬‬ ‫مع تشكيل جلنة دولية لتقييم الدراسات‬ ‫ال��ه��ي��درول��وج��ي��ة وال��ب��ي��ئ��ي��ة واإلن��ش��ائ��ي��ة‬ ‫املتوفرة للسد‪.‬‬ ‫> ف���ي م�����ارس ‪ ،2012‬أع��ل��ن��ت احل��ك��وم��ة‬ ‫اإلث��ي��وب��ي��ة ع��ن ترقية لتصميم محطة‬ ‫توليد كهرباء السد‪ ،‬وزيادتها من ‪5250‬‬ ‫ميجاوات إلى ‪ 6000‬ميجاوات‪ .‬من املتوقع‬ ‫أن يكون أول مولدين جاهزة للعمل بعد‬ ‫‪ 44‬شهر ًا من البناء‪.‬‬ ‫> ف���ى ي��ون��ي��و ‪ ،2012‬ب���دأت‬ ‫اللجنة اجتماعاتها‪.‬‬ ‫> ف��ي مايو ‪ ،2013‬أص��درت‬ ‫اللجنة تقريرها النهائى‪.‬‬ ‫> ح��ت��ى أغ��س��ط��س ‪،2014‬‬ ‫تفاوضت الدول الثالث حول‬ ‫نتائج الدراسات‪.‬‬ ‫> ف��ي ‪ 23‬م����ارس ‪ ،2015‬مت‬ ‫ت��وق��ي��ع ات���ف���اق امل���ب���ادئ بني‬ ‫مصر وأثيوبيا والسودان‪.‬‬


‫‪54‬‬ ‫العدد ‪18‬‬ ‫األحد ــ العدد‬ ‫األحد‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو ‪2015‬‬ ‫‪ 77‬يونيو‬

‫ٌُْأفريقيات‬

‫الحاجة إلى تفعيل حوار الحضارات‬

‫هل يمكن تجنب‬

‫عقدة التمـــــــــــــ‬


‫محمد الساعدي‬ ‫رئيس جامعة سرت سابق ًا‬

‫ما زال كتاب «حوار احلضارات»(*) يثير التحدي‪ ،‬ولم‬ ‫جند أحد ًا قبله كتب في قسوته ضد جرائم اإلنسان‬ ‫األبيض بغية إعداد نظام عاملي جديد بدأ من حوار مع‬ ‫حضارات آسيا واإلسالم وإفريقيا وأمريكا الالتينية‪،‬‬ ‫وقد استعرض تاريخ الغرب وقرأ مستقبله انطالق ًا‬ ‫من وجهة نظر ترفض التمركز الغربي حول أوروب��ا‬ ‫وفضح ما يستند عليه من أوه��ام‪ ،‬مؤكد ًا أن الغرب‬ ‫ال يعدو أن يكون شبه قارة ضئيلة تابعة آلسيا‪ ،‬وهي‬ ‫وسيط متواضع في خضم احلضارات العريقة منذ‬ ‫آالف السنني‪ ،‬وحت��دث عن اإلب��ادة اجلماعية لهنود‬ ‫أمريكا‪ ،‬ونخاسة الزنوج التي أفنت مائة مليون من‬ ‫اإلفريقيني‪ ،‬والهاوية اإلنسانية بني الشمال واجلنوب‪،‬‬ ‫وجهل الثقافات واحلضارات الالغربية‪.‬‬ ‫لقد كشف «ح��وار احل��ض��ارات» لروجيه ج���ارودى عن‬ ‫دروب جديدة يراد شقها أمام اإلنسان والسياسة أي‬ ‫أمام التاريخ الذي ال يزال في حيز املخاض‪.‬‬

‫ـــــركز األوروبي؟‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ٌُْأفريقيات‬

‫إذا نظرنا إلى إفريقيا نظرة تاريخية من حيث موقعها جند أن‬ ‫هذه القارة قد شهدت مولد أق��دم احلضارات حيث ارتفع فيها‬ ‫ص��رح احل �ض��ارة الفرعونية القدمية وبعدها احل �ض��ارة املروية‬ ‫منذ أقدم العصور‪ ،‬وقبل أن تبدأ املناطق األخرى في العالم أولى‬ ‫مراحل حتضرها‪ ،‬وبرغم أن موقع القارة اإلفريقية وبخاصة اجلزء‬ ‫الشمالي منها كان على أهمية كبيرة نتيجة جلوارها ومواجهتها‬ ‫لقارتي آسيا وأوروبا فإن «ظروفاً جغرافية أخرى غير املوقع جعلت‬ ‫العالم يجهلها حتى وقت قريب‪ ،‬وال ميكن ملن يجهل شيئاً أن يفهمه‬ ‫ولذلك ظلمت إفريقيا في تاريخها»‪)1(.‬‬ ‫ما تزال احلياة تسير فوق أجزاء من قارة إفريقيا سيرها الطبيعي منذ‬ ‫قرون وتشهد أجزاء أخرى حتوالت سريعة ومدهشة وقد ارتبطت‬ ‫إفريقيا منذ بداية اخلمسينيات‬ ‫ب��ري��اح التغيير «وه���ي م �ب��ادرة‬ ‫أطلقها (ه��ارول��د ماكميالن)‬ ‫ل �ي �ع �ب��ر ب��ه��ا ع���ن ال �ت �غ �ي �ي��رات‬ ‫السريعة التي انتابت ال�ق��ارة‪،‬‬ ‫وق ��د ان �ص��ب التغيير أس��اس �اً‬ ‫على اخلريطة السياسية وبدأ‬ ‫بشمال إفريقيا حني استقلت‬ ‫ليبيا سنة ‪1951‬م من الشمال‬ ‫وف��ي أع �ق��اب ال �ث��ورة املصرية‬ ‫سنة ‪1952‬م هبت رياح التغيير‬ ‫عاصفة صوب اجلنوب حاملة‬ ‫معها روح القومية وباعثة حب‬ ‫احلرية واالستقالل‪)2(.‬‬ ‫ل �ق��د ك� ��ان م ��ن ال �ص �ع��ب على‬ ‫األج�ن�ب��ي أن يتوغل وبخاصة‬ ‫م��ن اخل ��ارج إل��ى داخ��ل ال�ق��ارة‬

‫اإلفريقية‪ ،‬فسواحلها تقل فيها املوانئ وأنهارها ال تصلح للمالحة‬ ‫ملسافات بعيدة‪ ،‬إذ تعترضها الشالالت واجل�ن��ادل واملستنقعات‬ ‫إضافة إلى حرارة اجلو أو كثرة األمطار في املناطق االستوائية‪،‬‬ ‫وكذلك الصحراوات الشائعة والغابات االستوائية الكثيفة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يتطلب جهداً كبيراً للتوغل في هذه القارة حملاولة معرفتها‪،‬‬ ‫وميكننا أن نضيف إلى ذلك وج��ود احليوانات البرية واملفترسة‬ ‫وكذلك انتشار األوبئة واحلميات وقد اجتمعت كل هذه العوامل‬ ‫لتقلل من درجة معرفة العالم وتعرفه على القارة اإلفريقية وعلى‬ ‫سكانها‪)3(.‬‬ ‫وال ريب في أن تاريخ إفريقيا في العصور احلديثة واملعاصرة هو‬ ‫أسهل مراحل تاريخ هذه القارة «إذ أنها الفترات التي مت فيها احتكاك‬ ‫العالم بهذه القارة وبعمق والتي‬ ‫استمرت فيها عملية استغالل‬ ‫امل� ��وارد االق�ت�ص��ادي��ة والبشرية‬ ‫ل �ه��ذه ال� �ق���ارة‪ ،‬وك��ذل��ك عملية‬ ‫تقسيمها وتوزيعها ب�ين ال��دول‬ ‫االستعمارية إلى أن قامت فيها‬ ‫حركات التحرر من االستعمار‬ ‫في أثناء القرن العشرين»‪)4(.‬‬ ‫واحل �ق �ي �ق��ة أن ت ��اري ��خ ال��ق��ارة‬ ‫اإلف��ري �ق �ي��ة ي �ب��دأ ف��ي ال�ع�ص��ور‬ ‫احل ��دي� �ث ��ة م� ��ع ن� �ه ��اي ��ة ال� �ق ��رن‬ ‫اخل��ام��س ع�ش��ر وب��داي��ة ال�ق��رن‬ ‫ال �س��ادس عشر وب��ذل��ك يرتبط‬ ‫تاريخ إفريقيا بنفس التطورات‬ ‫العاملية التي نتجت ع��ن ظهور‬ ‫عصر النهضة وظ �ه��ور النظام‬ ‫ال���رأس� �م���ال���ي وجن � � ��اح ح��رك��ة‬

‫ال شك أن العناصر العربية قد خرجت من شبه‬ ‫اجلزيرة العربية إلى القارة اإلفريقية حتى قبل‬ ‫ظهور اإلسالم‬

‫تاريخ إفريقيا في العصور احلديثة واملعاصرة‬ ‫هو أسهل مراحل تاريخ هذه القارة‬


‫الكشوف اجلغرافية‪ ،‬وفي هذا الوقت كانت القارة اإلفريقية مجهولة‬ ‫إلى حد كبير بالنسبة لألوروبيني وكانت االهتمامات في أوروبا قد‬ ‫تركزت على مسألة انتزاع التجارة العاملية من أيدي أبناء منطقة‬ ‫الشرق األوسط ومحاولة الوصول إلى الشرق األقصى وموارده «أي‬ ‫ما كان يسمى بالهند عن طريق اإلبحار جنوباً حول القارة اإلفريقية‬ ‫أو غرباً للوصول إلى الهند من الناحية األخرى»‪)5(.‬‬ ‫وق��د ك��ان��ت ه��ذه ال�ف�ت��رة ه��ي ف�ت��رة ال�ق�ض��اء على حكم املسلمني‬ ‫باألندلس ومحاكم التفتيش‪ ،‬وكانت القارة اإلفريقية في هذا الوقت‪،‬‬ ‫وعلى األقل في اجلزء الشمالي منها وحتى قرب خط االستواء‪ ،‬قد‬ ‫دانت باإلسالم وظهرت فيها بوضوح مظاهر احلضارة اإلسالمية‬ ‫في نفس الوقت الذي بدأ فيه االتصال بالعناصر األوروبية وبني‬ ‫القارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫ه���ذا وق���د ان �ت �ش��ر اإلس �ل��ام في‬ ‫إف��ري �ق �ي��ا ب��ال��دع��وة وب��امل��وع �ظ��ة‬ ‫احلسنة‪« ،‬ثم زاد بعد ذلك األمر‬ ‫وضوحاً بإظهار أهمية االتصال‬ ‫البشري وبخاصة من أجل تبادل‬ ‫املنافع وتبادل السلع كعنصر أولى‬ ‫ميهد الطريق أمام الدعاة»‪)6(.‬‬ ‫ال شك أن العناصر العربية قد‬ ‫خرجت من شبه اجلزيرة العربية‬ ‫إل��ى ال�ق��ارة اإلفريقية حتى قبل‬ ‫ظ �ه��ور اإلس �ل��ام‪ ،‬ك�م��ا أن ط��رق‬ ‫االت�ص��ال وامل��واص�لات امل��وج��ودة‬ ‫بالقارة ومنذ أق��دم العصور قد‬ ‫س ��اع ��دت ع �ل��ى ه� ��ذا االت��ص��ال‬ ‫البشري وكذلك على تبادل املنافع‬ ‫التجارية واالقتصادية بني أهالي‬

‫اجلزء الشمالي من القارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫وك��ان��ت ط��رق امل��واص�لات تربط اجل��زي��رة العربية بكل م��ن شرق‬ ‫إفريقيا ومصر في الشمال الشرقي من هذه القارة وكانت الطرق‬ ‫البرية من شمال احلجاز عبر سيناء إلى مصر كما أن البحر األحمر‬ ‫لم يكن ميثل عائقاً مينع عرب اجلزيرة العربية من الوصول إلى‬ ‫ش��رق ال�س��ودان وإل��ى ب�لاد الصومال واجل��زء الشرقي من القارة‬ ‫اإلفريقية‪ ،‬وم��ع هجرة ال��رس��ول (ص) خ��رج أول املهاجرين من‬ ‫احلجاز إلى احلبشة‪.‬‬ ‫كان دخول اإلسالم مصر ميثل متركز اإلسالم في قاعدة أساسية‬ ‫له في ال�ق��ارة اإلفريقية ينتشر منها غرباً ص��وب أقاليم املغرب‬ ‫اإلس�لام��ي وينتشر منها جنوباً ص��وب ال �س��ودان وف��ي تكامل مع‬ ‫الهجرات األخ��رى التي كانت‬ ‫تأتي من اجلزيرة العربية عبر‬ ‫البحر األح�م��ر إل��ى ال�س��ودان‬ ‫والصومال وشرق إفريقيا‪.‬‬ ‫وقد كانت قوافل التجارة تسير‬ ‫من مصر متجهة صوب الغرب‬ ‫ح �ت��ى ت �ص��ل ع �ب��ر ط��راب �ل��س‬ ‫وتونس واجلزائر إلى املغرب‬ ‫األقصى‪ ،‬وكانت هناك قوافل‬ ‫جتارية أخرى تخرج من مصر‬ ‫وتتجه جنوباً صوب السودان‬ ‫هذا عالوة على وجود املالحة‬ ‫ف ��ي ال �ب �ح��ر األح� �م ��ر فتصل‬ ‫القوافل التجارية إلى املوانئ‬ ‫ال�س��ودان�ي��ة ومنها ت�ب��دأ طرق‬ ‫ق��واف��ل أخ ��رى تسير متجهة‬ ‫صوب الغرب وص��وب سودان‬

‫كشف كتاب «حوار احلضارات» لروجيه‬ ‫جارودى عن دروب جديدة يراد شقها أمام‬ ‫اإلنسان والسياسة‬ ‫من جنوب اجلزيرة العربية كانت حركة‬ ‫التجارة مستمرة وبشكل أكثر سهولة‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ٌُْأفريقيات‬

‫وادي النيل «وكانت هذه املوانئ املوجودة في شرق السودان تتعاون‬ ‫كذلك في شأن التجارة التي تقطع البحر االحمر صوب الشرق‬ ‫وصوب جدة وينبع في احلجاز»‪)7(.‬‬ ‫ومن جنوب اجلزيرة العربية كانت حركة التجارة مستمرة وبشكل‬ ‫أكثر سهولة نظراً لضيق بوغاز باب املندب مع السواحل الشرقية‬ ‫للقارة اإلفريقية فكان هناك تبادل جتاري مستمر بني موانئ اليمن‬ ‫وبني موانئ الصومال‪ ،‬هذا وقد ساعد انتقال السلطة من الدولة‬ ‫األموية إلى الدولة العباسية على انتقال مهاجرين من مناطق العراق‬ ‫واخلليج الفارسي إلى موانئ شرق إفريقيا وكونوا عناصر إسالمية‬ ‫تساعد على تدعيم اإلسالم في املناطق التي تصل إليها في القارة‬ ‫اإلفريقية‪ ،‬وحني اشتد خطر الوجود الصليبي قلت أهمية ميناء‬ ‫السويس وحجم تبادلها التجاري وأصبح احلجاج يخشون من‬ ‫الذهاب إليها قاصدين احلجاز‬ ‫فانتقل خط املواصالت الرئيسي‬ ‫عبر الصعيد إلى ميناء القصير‬ ‫تأميناً لطريق التجارة وطريق‬ ‫احلج‪ ،‬وكان هذا االجتاه صوب‬ ‫اجل�ن��وب يساعد على ام�ت��داد‬ ‫املصالح اإلسالمية إلى اجلنوب‬ ‫ب��درج��ة أكبر ه��ذا فيما يتعلق‬ ‫بطرق املواصالت من مصر إلى‬ ‫اجلنوب‪.‬‬ ‫وق � � ��د ك� ��ان� ��ت ه�� �ن� ��اك ط� ��رق‬ ‫م ��واص�ل�ات أخ� ��رى أي ط��رق‬ ‫قوافل تسير من مصر متجهة‬ ‫ص���وب ال� �غ ��رب وف���ي م �ح��اذاة‬ ‫ال �س��اح��ل ال �ش �م��ال��ي م� ��ارة في‬ ‫امل� �ن ��اط ��ق ال� �ت ��ي ت ��دع ��م ف�ي�ه��ا‬ ‫حكم اإلس�ل�ام وح�ت��ى احمليط‬ ‫األط �ل �س��ي‪ ،‬وك��ان��ت محطاتها‬

‫الرئيسية تتمثل ف��ي ط��راب�ل��س ليبيا وال �ق �ي��روان ف��ي ت��ون��س ثم‬ ‫القسطنطينية وتلمسان وفأس في اجلزائر واملغرب‪ ،‬وكان التجار‬ ‫املسلمون خير دعاة لإلسالم في املناطق التي يصلون إليها فكانت‬ ‫صفاتهم الشخصية التي حتلوا بها بعد دخولهم اإلسالم من نظافة‬ ‫وعزة وحرية وعدالة في امليزان خير مشجع لألفارقة على اعتناق‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫وال شك في أن اجلامع األزه��ر كان مركزاً ثابتاً ومنارة لإلشعاع‬ ‫العلمي في الركن الشمالي الشرقي من القارة اإلفريقية «وكان‬ ‫األفارقة يقصدونه طالباً للعلم من جميع أنحاء القارة اإلفريقية‬ ‫وكانت به رواقات إلقامة الطالب املغتربني»(‪ ،)8‬وكذا قامت جامعة‬ ‫القرويني بدور مماثل‪ ،‬وهناك جمعيات إسالمية تابعة لدول عربية‬ ‫إسالمية تباشر هذا الدور اآلن مع األزهر وغيره‪.‬‬ ‫فإفريقيا القارة السمراء إحدى‬ ‫ق � ��ارات ال �ع��ال��م ال� �ق ��دمي وال �ت��ي‬ ‫ش � �ه� ��دت أق � � ��دم احل�� �ض� ��ارات‬ ‫اإلن �س��ان �ي��ة (ح��ض��ارت��ي وادي‬ ‫النيل األعلى واألدن��ى) والزال��ت‬ ‫آث ��اره ��ا ش ��اه ��دة ع �ل��ى عظمة‬ ‫إن� �س ��ان إف��ري �ق �ي��ا وإب ��داع ��ات ��ه‬ ‫«ك��ان��ت قبل وص��ول األوروب �ي�ين‬ ‫لها تعيش ف��ي حالة م��ن األم��ن‬ ‫واالستقرار وتوجد بها ممالك‬ ‫وس�ل�ط�ن��ات بلغت ش ��أوا كبيراً‬ ‫من التطور والعمران ولها نظم‬ ‫حكم مستقرة وإن كانت تقوم‬ ‫على النظام القبلي في كثير من‬ ‫األحيان»‪)9(.‬‬ ‫األوروبيون ادعوا أنهم ال يعرفون‬ ‫شيئاً عن إفريقيا‪ ،‬وكان الرحالة‬ ‫ال �ع��رب ك��اإلدري �س��ي واب ��ن جبر‬

‫أخذت جحافل األوروبيني تتسابق نحو إفريقيا‬ ‫عند قيام الثورة الصناعية ألخذ البقية الباقية‬ ‫من ثروات إفريقيا‬

‫عمل األسبان والبرتغاليون على تهجير شباب‬ ‫إفريقيا للعمل كأيد عاملة في استصالح‬ ‫األراضي وتعميرها عندهم‬


‫وابن بطوطة قد وصفوها في كتاباتهم وخرائطهم‪ ،‬وبذلك تسقط‬ ‫دعوى أن األوروبيني كان لهم الفضل بتعريف إفريقيا لبقية العالم‪.‬‬ ‫وبعد أن استولى األسبان والبرتغاليون على معظم املعادن من إفريقيا‬ ‫كالذهب والنحاس واملواد اخلام األولى «عملوا على تهجير بعض‬ ‫شباب إفريقيا للعمل كأيد عاملة في استصالح األراضي وتعميرها‬ ‫عندهم‪ ،‬وهكذا شهدت إفريقيا أحلك الفترات في التاريخ وقد‬ ‫القى اإلفريقيون صنوفاً من العذاب والعنف من جراء جتارة الرقيق‬ ‫التي كانت وصمة عار في جبني اإلنسان األوروبي»‪)10(.‬‬ ‫ث��م أخ��ذت جحافل األوروب �ي�ين تتسابق نحو إفريقيا عند قيام‬ ‫الثورة الصناعية ألخذ البقية الباقية من ثروات إفريقيا ومواردها‬ ‫اخلام فكان التسابق االستعماري احملموم نحو إفريقيا وقد قاوم‬ ‫اإلفريقيون قدوم األوروبيني إلى موطنهم منذ أول وهلة‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من ذلك فقد مت استعمار األوروبيني إلفريقيا وحاولوا القضاء على‬ ‫معالم احلضارة في القارة السمراء وخاصة العربية اإلسالمية‬ ‫بدافع احلقد على املد العربي اإلسالمي‪.‬‬ ‫هذا وقد جر األوروبيون اإلفريقيني إلى الدخول معهم في حربني‬ ‫عامليتني في صراعهم مع بعضهم البعض‪ ،‬وكان األفارقة يحاربون‬ ‫إلى جانب هذه الدولة األوروبية أو تلك دون مصلحة لألفارقة «‬ ‫ولكن بعض اآلراء ترى أن ان��دالع هاتني احلربني ودع��وات تقرير‬ ‫املصير وقيام عصبة األمم ثم األمم املتحدة ساعد معظم الدول‬ ‫اإلفريقية لكي تسعى للفكاك م��ن قبضة االستعمار ف��ي وقت‬ ‫استيقظ فيه الضمير العاملي نابذا احلروب والسيطرة»‪)11(.‬‬ ‫وبعد كفاح مرير نال األفارقة استقاللهم إال أن احلكومات الوطنية‬ ‫واجهت املشاكل التي خلفها االستعمار ومعظمها يتصل بالتخلف‬ ‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي وبدلت محاوالت حللها بتعاون‬

‫الدول اإلفريقية‪.‬‬ ‫ال ش��ك ف��ي أن أه��م األس �ب��اب التي جعلت ت��اري��خ إفريقيا عامة‬ ‫واحلديث فيه خاصة يبدو غامضاً «هو أن ما كتب عن مصادره‬ ‫التي يعتمد عليها في الدراسة غير كاف بل أن معظم الكتابات‬ ‫التي كتبت عنه لم تتم بأيدي اإلفريقيني أنفسهم وإمنا كتبت بأقالم‬ ‫أجنبية»(‪ ،)12‬وأسباب ذلك‪:‬‬ ‫أ‪ .‬مؤثرات خارجية مثل انتشار اإلسالم بالقارة وكيد بعض مؤرخي‬ ‫الغرب لإلسالم‪.‬‬ ‫ب‪ .‬جتارة الرقيق التي شهدتها القارة من قبل الدول األوروبية أدت‬ ‫إليقاف التطور الطبيعي إلفريقيا وهجرة اآلالف من شباب إفريقيا‬ ‫إلى أوروبا وأمريكا‪.‬‬ ‫ج‪ .‬امتد أثر حركة الكشوف اجلغرافية إلى إفريقيا وأسهمت في‬ ‫تعريف إفريقيا بالعالم اخلارجي‪.‬‬ ‫د‪ .‬االستعمار األوروبي إلفريقيا‪.‬‬ ‫هـ‪ .‬أدى الواقع االستعماري بإفريقيا إلى قيام نظم حكم وافدة على‬ ‫القارة ربطتها بنظم اقتصادية وسياسية مع االستعمار‪.‬‬ ‫هذه – في اعتقادي – هي مداخل التعرف على كيان إفريقيا بعيدا ُ‬ ‫عن التأثيرات السياسية التي تطغى في هذا الوقت على موضع‬ ‫إفريقيا‪ ،‬في جميع النواحي‪ ،‬وخاصة مستقبل السالم والتنمية في‬ ‫إفريقيا‪ ،‬ولكي نتابع تطورات ومراحل مسيرة العوملة منذ بداياتها‬ ‫في ال�ق��رون السابقة ومبسمياتها املختلفة واملنبثقة من جتارب‬ ‫وتطور الفكر اإلنساني على مدى عدة قرون قصد معاجلة اإلنسان‬ ‫لكافة معوقات حياته في جميع مجاالتها س��واء كانت السياسية‬ ‫أو االقتصادية أو االجتماعية‪...‬إلخ‪ .‬ولنضيف كذلك مادة جديدة‬ ‫تغطي فترة زمنية حديثة مقارنة بالدراسات السابقة‪.‬‬ ‫هوامش وإحاالت‬ ‫(*) روجيه ج��ارودى‪ .‬ح��وار احل��ض��ارات‪ .‬تعريب‪ :‬عادل‬ ‫العوا‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪ ،‬منشورات عويدات‬ ‫‪ 1‬يحي ج�لال‪.‬ت��اري��خ إفريقيا احل��دي��ث وامل��ع��اص��ر‪.‬‬‫اإلسكندرية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬الطبعة االولى‪،‬‬ ‫‪ ،1983‬ص ‪.783‬‬ ‫‪ 2‬حسنني جودة وآخرون‪ .‬جغرافيا إفريقيا اإلقليمية‪.‬‬‫اإلسكندرية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬الطبعة االولى‪،‬‬ ‫‪ ،1988‬ص ‪9‬‬ ‫‪ 3‬انظر خريطة رقم (‪ )1‬خريطة دول إفريقيا‪.‬‬‫‪ 4‬جالل‪ ،‬ص ‪4‬‬‫‪ 5‬جالل‪ ،‬ص ‪9‬‬‫‪ 6‬جالل‪ ،‬ص‪10‬‬‫‪ 7‬جالل‪ ،‬ص ‪11‬‬‫‪ 8‬جالل‪ ،‬ص ‪15‬‬‫‪ 9‬م��وس��ى محمد ف��ي��ص��ل‪ .‬ت��اري��خ إف��ري��ق��ي��ا احل��دي��ث‬‫املعاصر‪ .‬بنغازي جامعة قاريونس‪ ،‬منشورات اجلامعة‬ ‫املفتوحة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1997 ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪ 10‬فيصل‪ ،‬ص ‪16‬‬‫‪ 11-‬فيصل‪ ،‬ص ‪17‬‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫مايو‪2015‬‬ ‫‪317‬يونيو‬

‫حوار‬ ‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪15‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪16‬‬

‫‪18‬‬

‫‪17‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «تفاحة البرلمان» (قصص قصيرة)‬ ‫تأليف‪ :‬عبد الرحمن سالمة‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫نون اإلماراتية تعيد طباعة ثالثية الفقيه‬ ‫كتبت خلود الفالح‪:‬‬

‫«القمر المخربش»‬ ‫كتاب يتم نشره‬ ‫في ‪2114‬‬ ‫قررت الكاتبة الكندية مارجريت أتوود‬ ‫تأليف كتاب وعدم نشره إال بعد مائة‬ ‫ع��ام ف��ي إط ��ار م �ش��روع ف�ن��ى تفاؤلي‬ ‫بالنرويج‪.‬‬ ‫وتشارك الكاتبة التي تبلغ من العمر‬ ‫‪ 75‬عاماً واحلائزة على جائزة «بوكر»‬ ‫بهذا الكتاب استجابة لدعوة من مكتبة‬ ‫املستقبل وهو بعنوان «القمر املخربش»‬ ‫ولن ينشر إال عام ‪.2114‬‬ ‫وقالت الكاتبة إنه أمر يدعو للتفاؤل‬ ‫أن ي�ت��م تنفيذ م �ش��روع ي��ؤس��س على‬ ‫أن ه �ن��اك أش �خ��اص��ا ب�ع��د م��ائ��ة ع��ام‬ ‫سيكونون ال يزالون يهتمون بالقراءة‪،‬‬ ‫وأن� �ن ��ا س�ن�ت�م�ك��ن م ��ن ال��ت��واص��ل عبر‬ ‫الزمن‪ ،‬ولقد وافقت في إطار االتفاق‬ ‫على عدم اإلفصاح عما كتبته وسيتم‬ ‫حفظ الكتاب في مكتبة ديشمانسكى‬ ‫فى أوسلو حتى عام ‪.2114‬‬

‫أصدرت دار نون االمارتية للنشر طبعة جديدة من الثالثية «سأهبك مدينة أخرى» و»هذه‬ ‫تخوم مملكتي» و»نفق تضيئه امرأة» للروائي الليبي أحمد إبراهيم الفقيه‪ .‬صدرت الثالثية‬ ‫ألول مرة عن دار «رياضالريس» العام‪ ،1991‬وفي نفس العام حتصلت على جائزة أفضل عمل‬ ‫إبداعي مبعرض بيروت للكتاب‪ .‬ومت مؤخرا ترجمتها إلى الصينية بتوقيع الدكتور رونغجيان‪،‬‬ ‫وعن هذه الطبعة اجلديدة يقول الروائي أحمد إبراهيم الفقيه‪« :‬وقت صدور الرواية في‬ ‫طبعتها األول��ى العام ‪ ،1991‬بلغت فيه ال��رواي��ة العربية ش��أن كبيرا‪ ،‬مما اعطى بعد ذلك‬ ‫فرصة لظهور التعبير الشهير الذي صار يتداوله النقاد واملثقفون على امتداد الوطن العربي‪،‬‬ ‫وهو انه زمن الرواية‪ ،‬ولم يعد ممكنا لكاتب مثلي‪ ،‬ظل يكتب االدب السردي ألكثر من ثالثة‬ ‫عقود‪ ،‬مقتصرا على القصة القصيرة‪ ،‬ان يبقى بعيدا عن االسهام في اثراء رصيد الرواية‬ ‫الليبية‪ ،‬مكتفيا برواية وحيدة هي حقول الرماد‪ ،‬ولذلك فإنني اقول هنا وملرة ثانية‪ ،‬انني‬ ‫مع الثالثية‪ ،‬تقدمت للكتابة بوعي وقصدية وتصميم على ان اضع نفسي بقوة على خريطة‬ ‫هذا النوع االدبي‪ ،‬وال شك انني وقفت قليال امام تلك املقوالت التي تكرست وجتذرت في‬ ‫الوجدان االدبي الليبي‪ ،‬التي تقول بان بالدنا ومجتمعنا منذوره للقصة القصيرة‪ ،‬وان الطبيعة‬ ‫الصحراوية ألرضنا ال تصلح إلنبات االشجار الكبيرة‪ ،‬في االدب كما في واقع عالم الغرس‬ ‫والنبات‪ ،‬ال وال وجود في صحرائنا لغير الشجيرات الصغيرة من الشيح وال��رمت والعجرم‪،‬‬ ‫وقررت بيني وبني نفسي‪ ،‬ان يكون مشروعي األدبي القادم‪ ،‬حتديا لهذه املقولة‪ ،‬حتى لو كانت‬ ‫مقولة صادقة تعبر عن معطيات البيئة واملجتمع في ليبيا‪ ،‬فليكن العمل السردي الطويل‬ ‫الذي سأكتبه‪ ،‬حتديا ايضا ملعطيات هذه البيئة‪ ،‬وسأزرع في بادية الشيح والرمت والعجرم‪،‬‬ ‫شجرة حور أو سنديان عمالقة‪ ،‬ولن تكون هذه الشجرة الظليلة العظيمة اجلذع واجلذور‬ ‫واالغصان‪ ،‬غير عمل روائي متعدد االج��زاء‪ ،‬ينتمي ملا يسمى الصناعة الثقيلة في االدب‪،‬‬ ‫واستطيع في هذاالعمل‪ ،‬الذي اردته ان يكون احد الثالثيات القليلة في االدب العربي‪ ،‬ان‬ ‫استفيد من م��وارد غير البيئة الليبية‪ ،‬اذ يكفي ان اعتمد على البيئة احمللية الليبية في‬ ‫تغذية جزء واحد من هذه الثالثية‪ ،‬ولي من جتارب احلياة خارج ليبيا‪ ،‬مايغذي جزءا ثانيا‪،‬‬ ‫وسأعتمد على التراث الشعبي واملخزون السردي العربي‪ ،‬وما يحفل به من جتارب روحية‬ ‫وصوفية‪ ،‬في تغذية جزء ثالث‪ ،‬وهكذا بدأت املرحلة السدميية لهذه التجربة االدبية التي‬ ‫تنتمي للنفس الطويل‪ ،‬واملكابدة املرهقة‪ ،‬التي ال يقدرعليها‪ ،‬واليتصدى لها اال اهل التفرغ‪.‬‬ ‫وليتفرغ لكتابة القصص والروايات‪ ،‬من اتاحت له ظروف احلياة‪ ،‬بعون ومساعدة من ربات‬ ‫احلظ السعيد‪ ،‬ان يتفرغ إلجناز مشروعه األدبي‪ ،‬ولكنني لن انتظر مجيء هذه الظروف التي‬ ‫قد التأتي‪ ،‬وسأقتدي بكاتب من اهل املكابدات‪ ،‬اجنز‬ ‫مشروعه االدبي دون تفرغ‪ ،‬وكتب ثالثيته اخلالدة التي‬ ‫جلبت له جائزة نوبل وهو موظف يطيع الروتني‪ ،‬ويلتزم‬ ‫بدوامه الرتيب املضجر‪ ،‬كل ي��وم‪ ،‬جنيب محفوظ‪ ،‬فلن‬ ‫اكون اقل جلد او مثابرة‪ ،‬بلوط موحامنه‪ .‬وبدأت اخط‬ ‫االسطر األولى من الرواية‪ ،‬التي اصبحت الزمة تكررت‬ ‫في مطلع كل جزء من االجزاء الثالثة»‪.‬‬


‫ألكسو تراجع «ملف ليبيا»‬

‫َّ‬ ‫املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) جلسة ملراجعة امللف الدوري‬ ‫عقدت‬ ‫الشامل اخلاص بليبيا‪ ،‬مبشاركة عدد من ممثلي منظمات املجتمع املدني الليبية‪.‬‬ ‫جاء ذلك في إطار تفعيل اتفاقية التعاون بني «ألكسو» ومنظمة «التعلم اإلبداعي»‬ ‫(‪ )Creative Learning‬التي ُعقدت خالل الفترة من ‪ 11‬إلى ‪ 15‬مايو ‪،2015‬‬ ‫مبقر مفوضية األمم املتحدة السامية حلقوق اإلنسان في جنيف‪.‬‬ ‫تضمن برنامج العمل‪ ،‬على مدى خمسة أيام جلسات عامة في مفوضية األمم املتحدة‬ ‫السامية حلقوق اإلنسان واجتماعات مع عدد من منظمات األمم املتحدة وهيئاتها‬ ‫ولقاءات مع بعض اخلبراء املهتمني بالشأن الليبي واجتماعات عصف ذهني للفريق‬ ‫وزيارات ميدانية لبعض املرافق التابعة لألمم املتحدة‪.‬‬ ‫وكانت احلكومة الليبية ق ّررت وفي ‪ 5‬مايو املاضي تعيني صالح مفتاح العالم الزوي‬ ‫مندو ًبا دائ ًما لليبيا لدى املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪.‬‬

‫ديوان الذاكرة الشعبية‬ ‫«ما بي مرض» باللغة الفرنسية‬ ‫صدر في باريس الترجمة الفرنسية للقصيدة امللحمية الليبية «ما بي مرض»‬ ‫للشاعر واملجاهد املرحوم رجب الفقيه بوحويش‪ ،‬ترجمة الكاتب الليبي كمال‬ ‫بن حميدة الذي أوضح‪« :‬على العالم أن يتعرف على تاريخ اجلهاد في ليبيا‬ ‫وم��دى املعاناة التي عاشها ه��ذا الشعب في معتقالت االح�ت�لال اإليطالي‪،‬‬ ‫فالعالم الغربي ال يتحدث إال على معتقالت إبادة هتلر لليهود متجاهلني متا ًما‬ ‫أن معتقالت اإلب��ادة كانت في ليبيا حتت االحتالل املوسليني‪ ،‬لذلك علينا‬ ‫أن نكتب تاريخ هذا الوطن ونقوم بترجمته إلى عدة لغات ألنه تاريخ نفخر‬ ‫به جمي ًعا»‪ ،‬وأض��اف‪ :‬ه��ذه القصيدة التي قيلت في الربع االول من القرن‬ ‫املاضي ابان االستعمار االيطالي لليبيا وبالتحديد في معتقل العقيلة الذي ذاق‬ ‫فيه الليبيني مختلف أشكال العذاب واحلرمان‪ ،‬أراد بها الشاعر توثيق بشاعة‬ ‫احملتل وحفظ حقوق ضحايا املعتقل‪.‬‬ ‫ولم يقتصر انتشار هذه القصيدة على الصعيد احمللي بل عبرت احلدود إلى‬ ‫الليبيني في مصر وسوريا وال�س��ودان وتشاد وتونس وغيرها‪ ،‬وهناك بعض‬ ‫التقارير الصحفية أشارت إلى ترجمتها باللغة األملانية أيضاً‪.‬‬ ‫في مطلع هذه القصيدة يقول الشاعر الشعبي الفقيه رجب بوحويش أنه عندما‬ ‫يسأل عن مرضه‪ ،‬وهو في املعتقل يجيب أنه اليشكو من أي مرض عضوي‪،‬‬ ‫ولكن ما يحزنه ويقلقه هو ماتقاسيه قبيلته وغيرها من القبائل‪ ،‬في معتقل‬ ‫العقيلة الرهيب من تنكيل وتعذيب‪.‬‬ ‫ض غير دار العقيلة ‪ ...‬وحبس القبيلة ‪ ...‬وبعد اجلبا من بالد الوصيله‬ ‫مابي م َر ْ‬ ‫مابي مرض غير حد املكاد ‪ ...‬وشوية الزاد ‪ ...‬وريحة اللي مج ّبرة بالسواد‬ ‫احلمرة اللي وين صار العناد ‪ ...‬عناتها طويلة ‪ ...‬لها وصف ماعاد تاجد مثيله‬ ‫والسقايف‬ ‫مابي مرض غير واجد مرايف ‪ ...‬واحلال صايف ‪ ...‬علي َع ْكر َمة وال َع َدم ّ‬ ‫وحومة لفا واتع ّز العطايف ‪....‬حتي وهي ْم ِحله‪...‬تر ِ ّبي املهازيل جلَّه خويله‬

‫«ظمأ»‪..‬‬ ‫للكاتب‬ ‫الليبي‬ ‫أبو بصير‬ ‫ص��در ألستاذ اللسانيات بجامعة سبها القاص الليبي‬ ‫الدكتور صالح الفرجاني أبو بصير مجموعة قصصية‬ ‫بعنوان «ظ�م��أ»‪ .‬وتقع املجموعة ال�ص��ادرة عن مؤسسة‬ ‫شمس للنشر واإلع �ل�ام ف��ي ‪ 136‬صفحة م��ن القطع‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫في مقدمة كتابه يقول أبو بصير‪« :‬مت ِ ّثل هذه املجموعة‬ ‫ً‬ ‫أرض ��ا ص�خ��ري� ًة م�ت�ع��ددة الطبقات فمنها‪:‬‬ ‫القصصية‬ ‫ال�ط�ب�ق��ات ال��رس��وب�ي��ة امل�ت�ص�ل��ة ف��ي ال�ت�م��اس��ك النسقي‬ ‫كون طبقة‬ ‫واالنسجام الفكري الذي ميثل ترس ًبا فكر ًيا‪ ،‬يُ ِ ّ‬ ‫تتصف بها ه��ذه املجموعة ف��ي ت��راب��ط معانيها ولغتها‬ ‫ونسقها الفكري‪ ،‬ليمثل لبنة بارزة وبنية مترابطة متعالقة‬ ‫املضمون واألف�ك��ار‪ ،‬ثم ال�ق��راءة الفكرية احلفرية‪ ،‬التي‬ ‫حتفر في طبقات صخور املجموعة الرملية‪ ،‬والتي متثل‬ ‫النقاء والعذوبة والليونة البارزة‪ ،‬التي تتصف بها هذه‬ ‫املجموعة من حيث سهولة اللغة‪ ،‬قواع َد وأسلو ًبا ومعنى»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬أم��ا الطبقة الثالثة فهي الطبقة البركانية التي‬ ‫متثل متاهة في البُعد الفلسفي وعدم فهمه ألول وهلة‪،‬‬ ‫وك��ذل��ك مت��اس��ك وص�لاب��ة ال �ف �ك��رة‪ ،‬وق ��د احت � � َّد ه��ذان‬ ‫العنصران فأبرزا لنا عاملًا مجهوالً‪ ،‬إنه عالم املالح التائه‬ ‫الذي وجدته في هذه املجموعة القصصية‪ ،‬التي مت ِ ّثل‬ ‫لتذكرني بنظرية في‬ ‫عالم يحيط بها‪،‬‬ ‫عاملًا‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫منسوجا من ٍ‬ ‫النقد الفرنسي وهي‪ :‬أن األدب رؤية العالم»‪.‬‬ ‫وتتضمن املجموعة ‪ 48‬قصة قصيرة متنوعة‪ ،‬منها‪« :‬ز َّوار‬ ‫الفجـر» و«املوت البطيء» و«يوميات مواطن» و«الصـنـم»‬ ‫و«شارع احلرية» و«تكنولوجيا احلـُب»‪.‬‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫حق األربعاء‬

‫أين نقلوا «سالم»‪ ..‬والسالم؟‬ ‫محمد عقيلة العمامي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫»أن��ا أع��رف أن (جواني) ليس كاثوليكيا! صحيح أنه طلياني‪ ،‬وأنه‬‫توسكاني من ص ّرة إيطاليا‪ ،‬ولكنه ليس كاثوليكيا؛ على الرغم من حلفه‬ ‫الكثيربالسيد املسيح‪ ،‬وبأمه املباركة السيدة ال�ع��ذراء‪ .‬اتعرف كيف‬ ‫تأكدت من ذل��ك؟ حسنا‪ ،‬ألني أع��رف أن زوجته (إيريني) دفنت في‬ ‫جبانة حارة اليهود‪ ،‬وليس في جبانة النصارى في املنصورة ! مقبرة‬ ‫احلارة كانت عند سوق الثالث القدمي‪ ،‬مكان برج الفاحت وهي لليهود‬ ‫وليست للنصارى‪ ،»..‬واستطرد فتحي‪« :‬صحيح أنه حكى لي‪ ،‬اكثر من‬ ‫مرة‪ ،‬أنه طهى في مناسبة خاصة وجبة سباجتي باجلندوفلي املشوح‬ ‫في صلصة الثوم والليمون ألحد سكرتيري البابا في شقة غير بعيدة‬ ‫عن مبني الفاتيكان‪ .‬كانكردينال ‪ ،‬وقد أهداه زجاجة نبيذ معتق من دن‬ ‫الفاتيكان الرسمي‪ .‬وقد باركه أكثر من مرة بسبب تلك الوجبة! وقصة‬ ‫اجلندوفلي والكردينال سمعتها منه بعدد امل��رات التي وجدته فيها‬ ‫سكرانا في مطبخ مطعمه ‪ ،‬الذي تعرف أنه في سوق الترك من جهة‬ ‫اليمني‪ .‬كان( جواني ) يجيد طهي احلراميي‪ ،‬وأطباق الفاصوليا سواء‬ ‫أكانت بالكوارع‪ ،‬أو اخلنافر‪ ،‬أو بكرشة البقر‪ ..‬هو في الواقع من علمني‬ ‫كسر حموضة صلصة الطماطم بإضافة مكعبات من القرع خصوصا‬ ‫العسلي» كان يقول دائما ‪« :‬البكيوا احلمراء الليبية ‪ ..‬الناضجة جدا‬ ‫أفضل بكثير من ملعقة السكر !!»‪.‬‬ ‫أنا أعرف أن كل ما قاله فتحي عن مهارة جواني في الطهي صحيح‪،‬‬ ‫ولكنه لم يشر إلى مهارته في إعداد وطهي( البوريك ) مقرمش احلواف‬ ‫سوأ أك��ان بالبيض أو بالنت‪ ،‬أو حتى البطاطا ‪ .‬كان سره في خلطة‬ ‫البهارات مع الثوم‪ ،‬ودقة توقيت رفعه من الزيت‪ ،‬الذي ال يتركه ابدا‬ ‫حتى يحترق‪ ،‬لهذه األسباب كان شباب طرابلس يتزاحمون أمام باب‬ ‫مطعمه عند املغرب من أجل البوريك‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ما زلت أذكر يوم اقترب مني فتحي متبسما‪ ،‬وقدم لي نفسه‪ ،‬مشيرا‬ ‫إلى أننا التقينا في بنغازي في بيت عمه‪ ،‬وسحب كرسيا وجلس بجواري‬ ‫يحدثني بود بالغ عن اعجابه الشديد ببنغازي‪ ،‬وأنه يتمنى أن يعيش‬ ‫فيها يوما ما‪ .‬واصر أن نتناول وجبة غداء اليوم التالي في بيته‪ ،‬وصرنا‬

‫أصدقاء‪ ،‬ألنه ببساطة من تلك الشخصيات املتبسمة ال��ودودة‪ ،‬التي‬ ‫حتس بصدقها سريعا‪ ،‬فتنساب روحها نحو روح��ك وتشعر وكأنك‬ ‫تعرفة منذ طفولتك‪ .‬هكذا كان فتحي‪ .‬وصرنا نلتقي عند جواني‪ ،‬ولم‬ ‫يطل االمر حتى صار صديقا محببا جلواني‪ ،‬خصوصا وانهما متفقان‬ ‫على أن نبيذ (الكيانتي) هو األفضل‪ .‬اخلمور لم يكن تداولها ممنوعا‬ ‫في طرابلس‪ ،‬مثلما كانت في بنغازي‪ ،‬وأنواعها متوفرة تباع في احلانات‬ ‫جنبا إلى جنب دكاكني الشاهي‪ ،‬وتباع أيضا في محالت البقالة الكبيرة‪.‬‬ ‫طرابلس كانت حتى ستينيات القرن املاضي أقرب إلى مدينة إيطالية‬ ‫منها إلى ليبية‪ ،‬خصوصا بامتداد شوارعها الرئيسية ‪.‬‬ ‫كانت أطباق مطعم جواني هي املفضلة لدي‪ ،‬بل صار املكان الوحيد‬ ‫الذي اتناول فيه وجباتي كلما ُكنت في طرابلس ‪ .‬تعود عالقتي بجواني‬ ‫ألكثر من سبع سنوات قبل أن يطرده القذافي مع بقية الطليان من‬ ‫طرابلس سنة ‪1970‬م‪ .‬ففي سنة ‪1963‬م‪ ،‬بعدما لم يعد والدي ( سي‬ ‫عقيله ) ق��ادر على إدارة مقهاه‪ ،‬قررنا– أنا وهو ‪ -‬أن نشتري لعبة‬ ‫( جتوني) التي لم يكن منها سوى ثالثة في بنغازي ‪:‬واح��دة باملقهى‬ ‫الرياضي واخ��ري بنادي الهالل ورابعة بالنادي األهلي ‪ .‬والواقع أن‬ ‫سفرتي إلى طرابلس لشراء هذه اللعبة‪ ،‬كانت هي املرة األول��ى التي‬ ‫أبتعد فيها عن بنغازي ‪.‬‬ ‫لقد سافرت بحافلة الشركة البرقاوية‪ ،‬وقد اجلسني السائق املرحوم‬ ‫( سعيدالبزوطي) الذي كان من سكان شارعنا‪ ،‬بالكرسي الكائن خلفه‬ ‫متاما‪ ،‬بجوار سيدة أيطالية‪ ،‬تتحدث العربية بطالقة وبلهجة طرابلسية‪،‬‬ ‫فهي مولودةفي باب بحر‪ ،‬وكانت في زيارة ألختها‪ ،‬التي كانت تسكن في‬ ‫ظللت ودودا ‪ ،‬خدوما معها طوال الرحلة‪ ،‬وكنت ابتاع‬ ‫ميدان البلدية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫سددت عنها ثمن رغيف خبز‬ ‫لها ما تريده من شاي او قهوة‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ُ‬ ‫تنور اشتريته من أمام مقهى قمينس‪ ،‬ولكنها اتفقت معي على تسديد‬ ‫ما تطلبه وأيضا ما قد اطلبه أنا أيضا! قد يكون عمري حينها ‪ 16‬سنه‪،‬‬ ‫أما هي فلعلها قريبة من األربعني عاما‪ .‬والرحلة طويلة تتواصل ألكثر‬ ‫من عشرين ساعة‪ .‬حدثتها عن نفسي‪ ،‬وعن سبب زيارتي لطرابلس‪،‬‬ ‫وملا عرفت أنها زيارتي األول��ى‪ ،‬أك��دت لي أن لقريبتها فندق نظيف‪،‬‬ ‫اسمه (ستوريا) سوف تتحصل لي منها على سعر مخفض‪ ،‬ولكن ما‬ ‫فرحني أكثر‪ ،‬هو معرفتها للطلياني الذي يبيع هذه األلعاب‪:‬‬ ‫• «محله ف��ي ش��ارع ب��ان��دوجن امل�لاص��ق للكاتدرائية الكبيرة في‬ ‫(بيتساكاتدرالي)‪ ،‬سوف أخذك إليه ‪ ..‬وأحصل لك على تخفيض‬


‫أيضا»‪.‬‬ ‫وه�ك��ذا ص��ارت السنيورة (إي��ري�ن��ي) صديقتي قبل زوج�ه��ا ج��وان��ي‪،‬‬ ‫وتواصلت عالقتنا‪ ،‬فلقد تكررت زياراتي إلى طرابلس لشراء مزيدا من‬ ‫األلعاب‪ ،‬وقطع غيارها‪ ،‬خصوصا بعدما تعرفت على فتحي الذي فتح‬ ‫لي أبواب طرابلس وخباياها! وتوفيت (إيريني) ودفنت في طرابلس ولم‬ ‫يترك فتحي جواني طوال محنته‪ ،‬بسبب احلزن الشديد الذي غمره‬ ‫على فراقها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫خيل لي أن جواني سيموت‪ ،‬وعلى األقل سوف يفقد عقله بعدما وصله‬ ‫أخطار بترحيله من طرابلس ‪:‬‬ ‫• «أنا لم اغادر طرابلس منذ ميالدي! أنا ال أعرف وطنا لي غير ليبيا‪.‬‬ ‫ماذا أفعل في إيطاليا؟ ال أعرف أحد هناك‪( ..‬ماما ميا‪ ..‬ديزاسترو)»‪،‬‬ ‫هكذا كان يهذي طوال الوقت‪ ،‬مرددا‪« :‬ثم من سيزور قبر إيريني بعد‬ ‫رحيلي‪( ..‬ديو بونو ايو تا مي)»‪.‬‬ ‫لم يعره أحد اهتماما لتوسالته‪ ..‬ولم يتمكن أحد من التوسط له‪ ،‬إلى‬ ‫أن سرقه الوقت‪ ،‬ولم يعد مبقدوره أن يتصرف في املطعم وأثاث بيته‪،‬‬ ‫ولذلك قرر أن يتولى فتحي بيع اشيائه ويحول قيمتها له‪ ،‬وقد نصحه‬ ‫فتحي أ ّال يتعجل في البيع‪ ،‬ألن الكثير من أمالك الطليان وحوانيتهم‬ ‫معروضة للبيع‪ ،‬وبسبب الظروف بُخست األسعار‪ ،‬وأتفق معه جواني‬ ‫وسلمه املطعم مبوجب عقد مبايعة‪ ،‬وهكذا واصل املطعم عمله كاملعتاد‪،‬‬ ‫وتولي مرسال الشوشان‪ ،‬إدارة املطبخ‪ ،‬الذي تعلم فيه فنون الطبخ من‬ ‫جواني‪ ،‬فيما صار فتحي املدير الفعلي‪ ،‬واستمر بأمانة شديدة يحيل‬ ‫إلى جواني حقه أول بأول مع بداية كل شهر‪ ،‬أما اثاثه فقد بيع بالكامل‬ ‫واحاله إليه وتوثقت العالقة بينهما‪ ،‬وتواصلت ألكثر من سبع سنوات‪.‬‬ ‫فعندماتفاقمت تداعيات مشاكل اخلدمة العسكرية‪ ،‬خصوصا مع‬ ‫تورط ليبيا في حروبها األفريقية‪ ،‬قرر فتحي الهجرة‪ ،‬واتفق على بيع‬ ‫املطعم مع جواني‪ ،‬وبالفعل باع املطعم وسلم قيمته جلواني وهو في‬ ‫طريقه إلى أمريكا ‪.‬‬ ‫• «سوف احلق بك ‪ ..‬تأكد من ذلك‪ .‬يقولون أن أمريكا افضل بكثير‬ ‫من العيش هنا‪ ..‬صدقني لم اطق روم��ا أب��دا ول��وال صداقتي لبعض‬ ‫القساوسة‪،‬الذين عرفني عليهم قداسةالكردينال‪ ،‬وص��رت طباخهم‬

‫املتميز لغادرت روما من زمان‪ ..‬تصور أنهم يُصلّون على روح إيريني كل‬ ‫يوم !!» كذلك قال جواني لفتحي وهو يودعه في املطار‪ ،‬وبالفعل بعد‬ ‫ستة أشهر حلقبه ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫كان فتحي قد تعلم صنعة املطاعم‪ ،‬فافتتح مطعما صغيرا هناك‪ ،‬ولكن‬ ‫له نكهة أطباق اجديدة خصوصا ألولئك الذين يحبون األكل الليبي!‬ ‫صار جواني يقضى مع فتحي معظم وقته‪ ،‬وقد اقترح فتحي عليه‬ ‫أن يشاركه‪ ،‬ولكن جواني صار يفضل أن يعيش بقية أيامه متقاعدا‬ ‫مؤكدا له أن طلباته بسيطة‪ ،‬وكل ما يتمناه أن يلحق ايريني بسالم!‪.‬‬ ‫وظل جواني يقضي مع فتحي معظم يومه‪ ،‬سواء في املطعم ‪ ،‬أو في‬ ‫بيت احدهما‪ ،‬مواصلني استمتاعهما بالكيانتي‪ .‬إلى أن توفي جواني‬ ‫فجأةسنة ‪2011‬م‪ .‬وقد رأيت فتحي أواخر السنة نفسها ‪ .‬كان حينها‬ ‫حزينا للغاية‪:‬‬ ‫• «إنها عشرة يا صديقي‪ ..‬أنا لم احس أبدا أن جواني ليس من ديني او‬ ‫ملتي‪ ،‬أراه كأنه أخي‪ ،‬كان يحس بي بدرجة عجيبة يعرف إن كنت سعيدا‬ ‫أو مهموما ‪ ..‬كان باختصار شديد كتوأم روحي ‪ ..‬انت ال تتصور الفراغ‬ ‫الذي خلفه رحيله؟ وال أظن أنك تتصور حالتي بعدما استدعاني محام‬ ‫كان صديقا مشتركا بيني وبني جواني ‪ ،»..‬ارتسمت على وجه فتحي‬ ‫ابتسامة حزينة‪ ،‬وك��ادت دموعه ان تنهمر‪ ،‬وهو يخبرني أن احملامي‬ ‫أف��اده بوصية جواني‪ :‬ممتلكاته كلها ‪ ..‬بيته‪ ،‬سيارته‪ ،‬وبضعة اسهم‬ ‫وقيمة مالية ‪ ..‬كانت في مجملها حوالي مليون دوالر أوصى بها لفتحي‬ ‫دون سواه ! وغمر فتحي حزن جليل قبل أن ينظر إلى قائال ‪:‬‬ ‫«جوني‪ ،‬يا صديقي‪ ،‬لم يكن كاثوليكيا‪ ..‬ولم يكن يهوديا ‪ ،‬واكيد ليس‬ ‫مبسلم ‪ ...‬جوني إنسان حقيقي‪ ..‬فقط إنسان !أتعرف ما الذي طلبه‬ ‫أيضا في وصيته ‪ ..‬أن اتزوج طرابلسيه‪ ،‬إن قررت الزواج‪ ،‬وأعود إلى‬ ‫طرابلس‪ ،‬إن استقر حالها‪ ،‬وعندما تنجب لي أطفاال ‪ ..‬متنى أن أخذهم‬ ‫إلى املقبرة ولو ملرة واحدة لزيارة قبر(إيريني)!»‪ ،‬واستطرد‪« :‬مسكني‬ ‫جواني ال يعرف أن اجلبانة أزيلت وشيدوا فوقها برج ال�ف��احت!»‪ .‬ثم‬ ‫صمت برهة قبل أن يتمتم « إيريني ‪..‬إيريني! أتعرف أن معنى إيريني‬ ‫هو السالم ؟» هززت رأسي‪ ،‬متمتما‪:‬‬ ‫• «نعم‪..‬نعم‪ ،‬أعرف‪ ..‬أعرف!»‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫صدر الكتاب السادس عشر عن سلسلة كتاب املستقل والذي تصدره مجلة املستقل الصادرة‬ ‫عن املنظمة الليبية للصحافة وحيادية املعلومات‪ ،‬وكتاب هذا االسبوع هو عبارة عن ديوان‬ ‫شعري للشاعر الليبي صالح الشنطة وال���ذي ق��ام بجمعه وحتقيقه ال��دك��ت��ور‪ :‬عمر غيث‬ ‫قرميل‪ ،‬في ‪ 138‬صفحة من القطع املتوسط‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫ديوان صالح الشنطة‬

‫جزالة البارودي‪ ..‬عذوبة شوقي‪ ..‬حماسة‬ ‫حافظ‪ ..‬ووطنية رفيق‬ ‫قدم الدكتور عمر غيث قرميل للديوان بنبذة عن‬ ‫دور الشاعر في احلياة الثقافية في ليبيا في‬ ‫النصف االول من القرن املاضي طارحا وجهة‬ ‫نظره اخلاصة في شاعريته وانسانيته ومواقفه‬ ‫نقتبس منه هذا املقطع‪« :‬كان رحمه الله انسانا‬ ‫ال ورج ً�لا وق��وراً مهيباً واس�ت��اذاً متمكناً‬ ‫فاض ً‬ ‫قديراً ورم��زاً للعفة والطهارة والنقاء ومنوذجاً‬ ‫لالخالص وال��وف��اء معلماً من املعلمني الذين‬ ‫عرفوا في مطلع القرن العشرين‪ ،‬أسهم في رفد‬ ‫األدب الليبي بالكلمة احلية النابضة وباملعاني‬ ‫ال��وط�ن�ي��ة ال�ق��وم�ي��ة وج��اه��د بقلمه املشحون‬ ‫بالعواطف املتأججة‪ ،‬والزفرات احلارة املتقدة‬ ‫باحلماسة امللتهبة وبالنخوة العربية االصيلة»‪.‬‬ ‫(ص‪)8‬‬ ‫ثم أف��رد الكاتب فص ً‬ ‫ال للحديث عن الشاعر‬ ‫ونسبه وتعليمه وثقافته وحياته العلمية وأسرته‬ ‫وصفاته وأخالقه وشاعريته حيث يقول عنه‪:‬‬ ‫«غ �ل��ب ع�ل��ى ش �ع��ره التقليد‪ ،‬إذ ك ��ان متأثرا‬ ‫بالشعراء ال��ذي��ن سبقوه‪ ،‬حيث أصبح يتمثل‬ ‫وه��و ينظم قصائده اجلياد جزالة ال�ب��ارودي‪،‬‬ ‫وعذوبة شوقي‪ ،‬وحماسة حافظ‪ ،‬ووطنية رفيق‬ ‫« ص‪.19‬‬ ‫وق��د قسم الدكتور عمر غيث قرميل دي��وان‬ ‫الشاعر صالح الشنطة الي عدة ابواب حسب‬ ‫اغراض الشعر ورتبها حسب غزارة القصائد‬ ‫في كل صنف من صنوف الشعروقد خص كل‬

‫باب بتوطئة قصير له وجاءت االبواب كما يلي ‪:‬‬ ‫ـ باب الغزل‪ ..‬وقد مهد له الكاتب كما يلي ‪« :‬‬ ‫احتل باب الغزل املرتبة االولى في شعر الشنطة‬ ‫إذ نظم ثماني عشرة قصيدة ومقطوعة غزلية‬ ‫ت �ع��رض خ�لال �ه��ا ل �ل �م��رأة ووص� ��ف محاسنها‬ ‫اجلسمانية‪ ،‬كنعت اخل��دود ووصفها بالبياض‬ ‫واحلمرة‪ .‬ونعت القد باالمتشاق‪ ،‬والدقة‪ ،‬ونعت‬

‫الشعر باللليل وش��دة ال �س��واد‪ ،‬وبثها اشواقه‬ ‫للمحبوب‪ ،‬ولوعة الفرقة‪ ،‬والرجاء في اللقاء‪،‬‬ ‫وقلة الصبر على البعاد‪ ،‬والشنطة في غزله‬ ‫لم يستطيع أن يتخلى عن االوصاف التقليدية‬ ‫للمحبوب‪ ،‬ف��احمل�ب��وب ع�ن��ده ظبي وغ� ��زال «‬ ‫ص‪.23‬‬ ‫ـ ب��اب ال��وص��ف‪ ..‬وق��د ج��اءت في توطئة هذا‬ ‫الباب « ج��اء الوصف في املرتبة الثانية في‬ ‫دي��وان الشاعر بسبع عشر قصيدة ومقطوعة‬ ‫وصف من خاللها الطبيعة حية وصامتة وصفا‬ ‫حافال ب��ان��واع من االل ��وان املتباينة واملشاهد‬ ‫املتالحقة‪ ،‬ولعل مامييز الوصف عند الشنطة‬ ‫أنه مينح الطبيعة الصامتة حركة حتى تبدو حية‬ ‫متحركة‪ ،‬واعتمد في وصفه على إثارة الشعور‪،‬‬ ‫وايقاظ الروح‪ ،‬والتحليق بها فيما وراء الطبيعة‬ ‫من عوالم الوجود املعنوي‪ ،‬وهذا الوصف يفوق‬ ‫الوصف الواقعي ويزيد عليه ملا فيه من سمو‬ ‫باخليال وارتفاع بالفكر « ص‪.69‬‬ ‫ـ ب��اب القوميات والوطنيات‪ ..‬يقول الدكتور‬ ‫عمر غيث ف��ي توطئة ه��ذا ال �ب��اب ‪ « :‬تأتي‬ ‫القصائد القومية والوطنية في املرتبة الثالثة‬ ‫في الديوان‪ ،‬إذ يبلغ عدد القصائد التي حتمل‬ ‫مضمونا سياسيا وقوميا ووطنيا حوالي اربع‬ ‫عشر قصيدة يغلب عليها الطابع الوطني‪ ،‬عبر‬ ‫فيها الشاعر عن حسه الوطني‪ ،‬ومدى ارتباطه‬ ‫بأحداث وطنه‪ ،‬وما يعانيه من ضيم االستعمار‪،‬‬


‫الزنتان‪ ..‬بلد الشاعر‬

‫وجسد موقفه اجتاه همومه‪ ،‬ودعوته الى الثورة‬ ‫على املستعمر املعتدي‪ ،‬واالخذ باسباب الرقي‬ ‫والتقدم واالهتمام بالشباب‪ ،‬وث�لاث قصائد‬ ‫يغلب عليها الطابع القومي‪ ،‬إن القضايا الوطنية‬ ‫ـ على املستوى احمللى ـ لم تشغل الشنطة عن‬ ‫التفاعل والتجاوب مع القضايا العربية والقومية‪،‬‬ ‫فتراه يناصر نظال اجلزائري من أجل أستقالله‬ ‫وحريته‪ ،‬ويدعو العرب ال��ى اليقظة والوحدة‬ ‫والتكاثف ضد االستعمار « ص‪.115‬‬ ‫ـ باب الرثاء‪ ..‬ومهد له الكاتب « جاء الرثاء في‬ ‫املرتبة الرابعة في الديوان إذ بلغ عدد قصائد‬ ‫الرثاء ثالث قصائد فقط‪ ،‬وقد كان الرثاء عند‬ ‫الشنطة متصال بالوطنية‪ ،‬جاريا في فلكها‪،‬‬ ‫فموت عالم عنده مصاب كبير تصاب به البالد‪،‬‬ ‫وخسارة فادحة ال تستطيع لها تعويضا‪ .‬ومن‬ ‫خالل استعراض هذه القصائد يبدر أن الشنطة‬ ‫لم يكن مطموعا على احلزن‪ ،‬حيث صدر رثاؤه‬ ‫عن عقل واع��ي‪ ،‬ول��م يصدر عن نفس حزينة‬ ‫ملتاعة‪ ،‬فعو يقدر للمرثي مكانته‪ ،‬ويععد صفاته‬ ‫ومآثره « ص‪.151‬‬ ‫ـ باب اإلخوانيات واملناسبات‪ ..‬وقدم له الكاتب‬ ‫قائال « جاءت قصائداالخوانيات واملناسبات‬ ‫واملوشحات في املرتبة اخلامسة في الديوان‬ ‫حيث بلغت قصائد االخ��وان �ي��ات قصيدتني‪،‬‬ ‫وامل�ن��اس�ب��ات قصيدتني ك��ذل��ك‪ ،‬وقصيدة في‬ ‫الزهد وموشح واحد‪ ،‬ومن خالل هذه القصائد‬ ‫رس��م الشاعر ص��ورا مختلفة تعبر عن صدق‬ ‫جتربته في رس��م املوقف ال��ذي ق��ال من اجله‬ ‫ال�ق�ص�ي��دة‪ ،‬اي ج ��اءت ال�ق�ص�ي��دة االول� ��ى في‬ ‫مخاطبة اطالل الديار‪ ،‬اما الثانية فقد حاور‬ ‫الشاعر فيها نفسه‪ ،‬اما قصائد املناسبات ‪:‬‬ ‫فقد كانت االول��ى مبناسبة شهر رمضان‪ ،‬اما‬ ‫الثانية فكانت مبناسبة سفر صديقه املختار‬ ‫العيساوي الى تونس‪ ،‬وج��اءت قصيدة الزهد‬ ‫لتبني موقف الشاعر من احلياة وزه��ده فيها‪،‬‬

‫وام��ا املوشح فقد اراد الشاعر من خالله أن‬ ‫يثبت مقدرته على النظم في مختلف الفنون‬ ‫الشعرية‪ ،‬وخاصة أن املوشح ميثل نضوجافي‬ ‫طور الشعر االندلسي « ص‪.163‬‬ ‫مالحظات عامة ووجهة نظر خاصة ‪:‬‬ ‫ـ من الواضح ان الكاتب بذل جهدا جبارا في‬ ‫جتميع قصائد الشنطة والتي نشر بعضها في‬ ‫بعض الصحف الليبية او قراءها في االذاعة‬ ‫املسموعة وان ك��ان اغلبها م��دون ف��ي بعض‬ ‫الكتب اخلاصة بالشاعر او في بعض السجالت‬ ‫واالوراق التي كان يستخدمها للتدريس ورمبا‬ ‫تلف او ض��اع منها البعض ايضا‪ ،،‬وه��و جهد‬ ‫يشكر عليه من أج��ل إطالعنا على نصوص‬ ‫وقصائد حضرت لفترة ما في املشهد الشعري‬ ‫الليبي واختفت بعد ذلك لتظهر بعد خمسون‬ ‫عاما للمشهد من جديد‪ ،،‬وشخصيا كانت هذه‬ ‫امل��رة االول��ى ال��ذي اسمع بها بصالح الشنطة‬ ‫واق���رأ ق �ص��ائ��ده‪ ..‬ه��ذا اجل�ه��د م��ن التجميع‬ ‫والتحقيق الذي قام به الكاتب يكتسب اهمية‬ ‫مضاعفة ك��ون الشاعر وحسب مافهمت من‬ ‫الكتاب لم يكن مهتما بتجميع او تدوين قصائده‬ ‫ولم مينحها االهتمام املطلوب ال هو وال ابناءه‬ ‫والذين وصلوا مراتب عالية من العلم واملعرفة‪.‬‬ ‫ـ اه�ت��م ال��دك�ت��ور عمر غيث قرميل باستقاء‬ ‫املراجع واملصادر املختلفة والتي حتدثت عن‬ ‫عائلة الشنطة‪ ،‬كما قدم لكل قصيدة من قصائد‬ ‫الديوان بشرح بسيط ولم يغفل الهوامش اللغوية‬ ‫التي تشرح بعض املفردات الواردة في قصائد‬ ‫الشاعر‪ ،‬أو البحور الشعرية التي عمل عليها‬ ‫الشنطة‪.‬‬ ‫ـ يغلب على قصائد صالح الشنطة األشكال‬ ‫واألغ ��راض الكالسيكية القدمية للشعر كون‬ ‫أغلب القصائد هي قصائد عمودية متمسكة‬ ‫ببحور الشعر الفراهيدية وب��أغ��راض الشعر‬ ‫التقليدية كالرثاء والغزل والوصف وغيرها‪.‬‬

‫ـ من املفارقات اللطيفة أن أكثر القصائد غزلية‬ ‫بينما الشاعر ‪ -‬وكما يقول الكاتب ‪ -‬لم مير‬ ‫بأي جتربة حب حقيقية‪ ..‬وكذلك فإن اخلمر‬ ‫يرد في قصائد الشاعر بكثرة لدرجة أنه قد ال‬ ‫تخلو قصيدة من ذكر اخلمر والكؤوس ونشوة‬ ‫اخلمر في حني أن الشنطة‪ ،‬وكما يقول عن‬ ‫نفسه في أحد قصائده لم يذق اخلمر يوماً ولم‬ ‫يعرف نشوتها‪.‬‬ ‫ـ تظهر القصائد في الديوان ان الشنطة كان‬ ‫ضليعا في اللغة العربية مع ضعف في موهبته‬ ‫ال�ش�ع��ري��ة ل��ذل��ك غ�ل��ب ع�ل��ى ق �ص��ائ��ده النظم‬ ‫والصناعة وغابت الومضات الشعرية املبهرة‪..‬‬ ‫وان كانت القصائد ال تخلو من طالوة وتعفّف‬ ‫وبساطة مح ّببة ومباشرة في الطرح للوصول‬ ‫سريعاً إلى املغزى الذي يريده الشاعر‪.‬‬ ‫ـ أش��ار الكاتب إل��ى أن الشنطة يجيد الزجل‬ ‫الشعبي وقد أثرى االذاعة بالكثير من االغاني‬ ‫وااله��ازي��ج الشعبية منها على سبيل املثال‬ ‫االغنية الشهيرة التي تغنى بها الفنان سالم‬ ‫ق ��دري‪ ..‬وم��ن احل��ان املوسيقار الكبير كاظم‬ ‫ندمي‪..‬‬ ‫خطم حفني شيع عيونه فيا‬ ‫سلمت مارد السالم عليا‬ ‫وهنا اجد ان من الواجب علينا عامة ورمبا على‬ ‫الدكتور عمر غيث قرميل خاصة ضرورة جتميع‬ ‫هذه االغاني واصدارها في كتاب لنحفظ لهذا‬ ‫الشاعر حقه ومننح فرصة لالجيال القادمة‬ ‫ملعرفة اجنازاته الشعرية‪ ..‬لكون االغاني اكثر‬ ‫التصاقا باذهان الناس وخير مثال اغنية «خطم‬ ‫حفني» والتي رغم مرور أكثر من ستني عاماً‬ ‫على غنائها ال زالت تشكل وجدان الليبيني‪.‬‬ ‫يبقى في اخلتام أن نشكر الدكتور عمر غيث‬ ‫على جهده واهتمامه بإبراز ص��وت أدب��ي من‬ ‫ليبيا لم ينل حظه من االهتمام والبحث‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫لغة القرآن‪ ..‬ولغة البشر‬

‫عندما يكلم ا ُ‬ ‫هلل الناس‬

‫عبدالمنعم اللموشي‬ ‫اللغة وسيلة إف��ه��ام‪ ،‬والفهم حالة‬ ‫م��رت��ب��ط��ة ب����درج����ة ال���ن���ض���وج ف��ي‬ ‫العقل‪ ،‬وكما أن اللغة املستخدمة‬ ‫في التفاهم مع احليوانات تختلف‬ ‫ع����ن ت���ل���ك امل��س��ت��خ��دم��ة م����ع ب��ن��ي‬ ‫البشر‪ ،‬نتيجة االختالف العقلي‬ ‫ب��ي��ن��ه��م��ا‪ ،‬ف���إن ال��ل��غ��ة املستخدمة‬ ‫ب�ين بني البشر أنفسهم تختلف‬ ‫ب���اخ���ت�ل�اف م���س���ت���وي���ات ن��ض��ج��ه��م‬ ‫وإدراكهم‪.‬‬

‫إن لغة الكبار هي غير لغة األطفال‪ ،‬وإن‬ ‫استخدام لغة الكبار بحرفيتها مع األطفال‬ ‫إلفهامهم‪ ،‬عبث وذهول‪.‬‬ ‫إن لغة العلماء هي غير لغة ال�ع��وام‪ ،‬وإن‬ ‫استخدام لغة علماء الرياضيات والكيمياء‬ ‫والفيزياء والفلسفة في مخاطبة وإفهام‬ ‫م��ن ل��م يفتح كتاباً ول��م يقرأ ح��رف�اً يوماً‬ ‫سخرية وضالل أيضا‪.‬‬ ‫إن اللغة حقاً في حالة شلل شبه دائم أمام‬ ‫ه��ذه البدهيات‪ ،‬ف��إذا ه��ي ح��ائ��رة وتقف‬ ‫عاجزة‪ ،‬وه��ي تعجز عن وص��ف احلقيقة‬ ‫ك �م��ا ه� ��ي‪ ،‬ألن��ه��ا ت��رت �ب��ط دائ� �م ��ا ب �ق��درة‬ ‫املتلقي على فهمها‪ ،‬فهم احلقيقة‪ ،‬ألن‬ ‫الفهم مرتبط بقدرة احلالة العقلية على‬ ‫االستقبال واإلدراك واالستيعاب‪.‬‬ ‫إن اللغة ستتحايل أب ��داً على مفرداتها‬ ‫وتقنياتها بكل م��ا أوت�ي��ت لكي تنجح في‬ ‫إفهام املتلقي شيئا من امل��راد‪ ،‬أو تقريب‬ ‫الصورة للفهم واإلدراك قدر اإلمكان‪...‬‬ ‫لكنها باملطلق لن تقدر على تقدمي احلقيقة‬ ‫التي يفهمها العارف إلى من هو في مرتبة‬ ‫أدنى من مستواه‪.‬‬ ‫إن ج�ه��از العقل واإلدراك ل��دى اإلن�س��ان‬ ‫م� �ح ��دود مب��ع��ارف��ه وق���درت���ه ع �ل��ى رب��ط‬ ‫ال �ع�لائ��ق ب�ي�ن األش� �ي ��اء‪ ،‬وق��اص��ر بسبب‬ ‫م �ح��دودي��ة وج� ��وده ف��ي ال��زم��ان وامل �ك��ان‪،‬‬ ‫لذلك كثيرا ما كان يهرب العقل إلى عوالم‬ ‫اخلرافة واألساطير حني يعجز عن الفهم‬ ‫واالستيعاب‪.‬‬ ‫لذلك حني يتكلم اخلالق إلى املخلوق‪ ،‬حني‬ ‫يتكلم الكمال م��ع النقصان‪ ،‬ح�ين يتكلم‬ ‫املطلق م��ع احمل���دود‪ ،‬كيف نتصور اللغة‬ ‫بينهما تكون؟‬ ‫ح�ي�ن ي�ت�ك�ل��م ال�ك�ب�ي��ر م��ع ال�ص�غ�ي��ر س��وف‬ ‫ندرك اللغة بينهما كيف ستكون‪ ..‬وسوف‬ ‫نضحك كثيراً على لغة الكبير‪ ،‬لكننا نعذره‬ ‫في استخدامها ألننا نعرف من يخاطب‪.‬‬ ‫ح�ين يتكلم ال�ع��اق��ل وال��راش��د م��ع املختل‬

‫عقلياً أو املجنون كيف ستكون لغة اإلفهام‬ ‫والتفاهم بينهما؟‬ ‫إن اإلج��اب��ات س��وف تصدمنا متاماً حني‬ ‫نعلم أن تلك اللغة املستخدمة في كل تلك‬ ‫احل ��االت ال تعبر ع��ن احلقيقة امل �ج � ّردة‬ ‫أبدا‪.‬‬ ‫إن املتعالي يستطيع بلغته أن يقدم حقيقة‬ ‫معارفه كلها دفعة واحدة مطلقة ومجردة‪،‬‬ ‫ل �ك��ن امل �ت �ق��اص��ي ع �ن��ه م��رت �ب��ة وق� �ص ��وراً‪،‬‬ ‫س �ي �ج��ده��ا ع� �ب ��ارة ع ��ن ط�ل�اس��م وأل��غ��از‬ ‫وأحاجي ليس هناك من سبيل لفهمها وال‬ ‫التفاعل معها أب��داً‪ ،‬ألنها لن تعني له إال‬ ‫كما تعني اللغة الهيروغليفية أو املسمارية‬ ‫لإلنسان العادي الذي يشاهدها اليوم فال‬ ‫يراها غير عمل فني أنتجه اإلنسان القدمي‬ ‫ال إمكانية ملعرفة منطوقها وال معانيها‪.‬‬ ‫لهذا ج��اء ال�ق��رآن الكرمي مكتظاً بضرب‬ ‫األمثلة للناس في كل شيء‪ ،‬لعلهم يفهمون‪..‬‬ ‫( َول َ َق ْد َ‬ ‫ّاس فِ ي َه َذا ال ُق ْرآنِ مِ ْن‬ ‫ض َربْنَا للنَ ِ‬ ‫ُك ِ ّل َمثَ ٍل ل َ َعلَّ ُه ْم يَتَ َذ َّك ُرون)‪ ،‬سورة الزمر اآلية‬ ‫‪.27‬‬ ‫ّاس مِ ْن‬ ‫ص َّر ْفنَا فِ ي َه َذا ال ْ ُق ْرآنِ لِلنَ ِ‬ ‫( َول َ َق ْد َ‬ ‫ُك ِ ّل َمثَ ٍل َو َكا َن الإْ ِ نْ َسا ُن أَ ْكثَ َر َش ْيءٍ َج َدلاً )‪،‬‬ ‫سورة الكهف اآلية ‪.54‬‬ ‫لقد تكررت اآلي��ات بهذا املعنى في أكثر‬ ‫من صيغة وغير عبارة للتأكيد والداللة‬ ‫على حقيقة أل�ف��اظ ال �ق��رآن ولغته‪ ،‬ف��إذا‬ ‫استحال امل��وض��وع على الشرح واإلف�ه��ام‪،‬‬ ‫اكتفى القرآن بقفل الباب عن أي تفصيل‬ ‫وال حتى عن شرحه باملثل‪:‬‬ ‫وح‪ُ ،‬قلِ ال � ّ ُرو ُح مِ ْن أَ ْمرِ‬ ‫(يَ ْس َألُونَ َك َعنِ ال � ّ ُر ِ‬ ‫َر ِ ّبي ‪َ ،‬و َما أُوتِيتُ ْم مِ َن العِ ل ْ ِم إال َقلِي ً‬ ‫ال)‪ ،‬سورة‬ ‫اإلسراء اآلية ‪.85‬‬ ‫ال�ق��رآن ال�ك��رمي كتاب م��ن عند الله صيغ‬ ‫بطريقة مناسبة إل��ى ح��د كبير لتناسب‬ ‫أدوات االستقبال البشري‪ ،‬رغم أن العجز‬ ‫عن فهم كثير من آياته يظل وارداً جداً‪.‬‬ ‫كالم الله لنبيه موسى لم يكن صوت الله‬


‫احلقيقي‪َ ( ،‬و َم��ا َكا َن ِل َب َش ٍر أَ ْن يُ َك ِلّ َم ُه اللَّ ُه‬ ‫�اب أَ ْو يُ� ْر ِس� َل‬ ‫�ج� ٍ‬ ‫إِال َو ْح� ًي��ا أَ ْو مِ � ْن َو َراءِ ِح� َ‬ ‫وح َي ِب � ِإ ْذ ِن��هِ َم��ا يَ� َ‬ ‫َر ُس��وال َفيُ ِ‬ ‫�ش��اءُ ِإ ّنَ � ُه َعل ّ ٌِي‬ ‫َح��كِ �ي � ٌم)‪ ،‬س ��ورة ال��ش��ورى اآلي ��ة ‪ .51‬إن‬ ‫أدوات االستقبال السمعي لم تكن لتقدر‬ ‫أن تستقبل كلمات ال�ل��ه م�ب��اش��رة‪ ،‬لذلك‬ ‫مت اس �ت �خ��دام أك�ث��ر م��ن واس �ط��ة ليتمكن‬ ‫موسى وغيره من البشر واملخلوقات من‬ ‫االستماع‪.‬‬ ‫وكما عجزت أدوات االستقبال البصري‬ ‫أن ترى الله ستعجز األدوات السمعية أن‬ ‫باحلس املباشر‪َ ( :‬ق��ا َل َر ِ ّب أَرِ ِن��ي‬ ‫تسمعه‬ ‫ّ‬ ‫أَنْ ُظ ْر ِإلَيْ َك َقا َل ل َ ْن تَ َرانِي َولَكِ نِ انْ ُظ ْر ِإلَى‬ ‫استَ َق َّر َم َكانَ ُه َف َس ْو َف تَ َرانِي‬ ‫الجْ َ َبلِ َف� ِإنِ ْ‬ ‫َفل َ َّما تجَ َ �لَّ��ى َر ُّب�� ُه ِلل ْ َج َبلِ َج َعل َ ُه َد ًّك��ا َوخَ � َّر‬ ‫ص��عِ � ًق��ا)‪ ،‬س ��ورة األع� ��راف اآلي��ة‬ ‫�وس��ى َ‬ ‫ُم� َ‬ ‫‪.143‬‬ ‫أما قوله تعالى (وكلّم الله موسى تكليما)‬ ‫إمنا يقصد به أن الكالم فع ً‬ ‫ال صدر من‬ ‫عند الله ال من غيره‪ ،‬وال يعني بالضرورة‬ ‫أن النبرة والذبذات الصوتية هي الصادرة‬ ‫عن الذات اإللهية نفسها‪.‬‬ ‫إن القرآن ال يتضمن مبفردات اللغة التي‬ ‫نزل بها حقيقة ما هو كائن وما هو مطلوب‬ ‫وما هو معروض بقدر ما يتضمن من أمثلة‬ ‫وتشبيهات جتتهد في تقريب الصورة عن‬ ‫احلقيقة املجردة‪.‬‬ ‫ل��و س��أل طفل وال��ده ع��ن ال�ل��ذة اجلنسية‬ ‫كيف هي؟ فسيرتبك الوالد في اإلجابة‪،‬‬

‫ليس خ�ج� ً‬ ‫لا‪ ،‬وليس ع�ج��زاً ع��ن اإلج��اب��ة‪،‬‬ ‫ول��ك��ن م ��درك ��ات ال �ط �ف��ل ل ��م ت�ت�ه�ي��أ بعد‬ ‫لفهم املفردات املرتبطة باللذة اجلنسية‬ ‫ودالالتها‪ ،‬إن أقصى ما ميكن للوالد قوله‬ ‫لطفله هو أنها شيء لذيذ مثل احللوى‪..‬‬ ‫لكن لذة احللوى ومذاقها ال تصف حقيقة‬ ‫املتعة اجلنسية التي يعرفها من مارسها‬ ‫وت�ل� ّ�ذذ ب�ه��ا‪ ..‬إنها فقط محاولة تقريبية‬ ‫لفهم الطفل لكي تستقر في خياله قريباً‬ ‫منها‪.‬‬ ‫إن كثيرا من التفاسير القرآنية التاريخية‬ ‫التي عاجلت النص القرآني ظلت حائرة‬ ‫وع��اج��زة ‪ ،‬وكثير منها ق� � َدم لنا تفسير‬ ‫وتأويالت تبدو ساذجة ومضحكة في عالم‬ ‫اليوم حتى أمام تالميذ التعليم االبتدائي‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن علماء اليوم‪.‬‬ ‫ه��ذا م��ا سيقودنا ب��ال �ض��رورة إل��ى إع��ادة‬ ‫قراءة النص القرآني في كل مرة بأدوات‬ ‫اس�ت�ق�ب��ال ج��دي��دة أك �ث��ر ت �ط��ورا وارت �ق��اء‬ ‫تتناسب مع التطورات الزمانية واملكانية‬ ‫(الزمكانية) واحلقائق العلمية التي يعيشها‬ ‫عالم اإلنسان املستهدف مباشرة كل يوم‬ ‫بلغة ال �ق��رآن‪ ..‬غير تلك ال �ق��راءات التي‬ ‫أنتجتها ظروف وتقنيات فقهاء مروا على‬ ‫النص املقدس منذ ‪ 1000‬سنة وأكثر‪.‬‬ ‫َاب أَن َزلْنَاهُ ِإلَيْ َك ُم َبا َر ٌك ِل َي َّد ّبَ ُروا آيَاتِهِ‬ ‫(كِ ت ٌ‬ ‫�اب)‪ ،‬س��ورة ص اآلية‬ ‫َو ِل َيتَ َذ َّك َر أ ُ ْولُ��وا األَل ْ� َب� ِ‬ ‫‪.29‬‬ ‫وخالصة القول أنه لكل عصر لغته‪ ،‬ولكل‬

‫أم��ة مستوى نضوجها وإدراك�ه��ا العقلي‪،‬‬ ‫ولكل مجموعة أدوات استقبال وإنصات‬ ‫تختلف عن األخ��رى‪ ...‬لذلك كان هناك‬ ‫احملكم واملتشابه في ال�ق��رآن ال�ك��رمي‪...‬‬ ‫وان احمل�ك��م ه��و ال��واض��ح ال �ب�َي�نَ ال��دالل��ة‬ ‫ب��ال �ق �ط��ع م ��ن خ�ل�ال ت ��وف ��ره ع �ل��ى احل��د‬ ‫األدن��ي في مكنة االستيعاب للمطالبني‬ ‫بفهمه وال�ت�ف��اع��ل م �ع��ه‪ ...‬وان املتشابه‬ ‫ه��و مساحة االخ �ت�لاف واجل ��دل انقسم‬ ‫الناس حيالها بني مبتغ للفتنة والتشكيك‬ ‫ومتعصب ل�ت��أوي�ل��ه ول�ت�ف�س�ي��ره‪..‬ال ميلك‬ ‫ال�ب�ش��ر امل��ؤم �ن��ون أم��ام��ه إال التسليم به‬ ‫أنه من عند الله مفسحني املجال ألولي‬ ‫األل��ب��اب إع �م��ال ال�ف�ك��ر وال �ت��دب �ي��ر وفقا‬ ‫ل�ل�ت�ط��ور ال�ت�ق�ن��ي ف��ي أدوات االس�ت�ق�ب��ال‬ ‫املتطورة عبر األزمان‪.‬‬


‫‪070‬‬ ‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫متابعة فنية‬

‫برنامج يضع عينه على رمضان‬

‫«تفاكيرهم»‬

‫بمالمح مغاربيـة‬ ‫متابعة ‪ -‬علي خويلد‬

‫إمياناً بأن للثقافة دور إيجابي وفعال في احملافظة على الهوية الثقافية واملوروث احلضاري والفني اجلميل لبالدنا احلبيبة‪ ،‬ونظراً‬ ‫ملا نتابعه عبر العديد من القنوات التلفزيونية من تغريب للهوية الثقافية‪ ,‬وفقدان جل القنوات الليبية سواء العامة واخلاصة ألي‬ ‫برنامج يركز على هويتنا الثقافية ويكون من شأنه تكوين قاعدة عريضة من املشاهدين‪ ,‬ويكون قاسماً مشتركاً جلميع الليبيني‬ ‫باختالف اجتاهاتهم وانتماءاتهم شرقاً وغرباً وشماالً وجنوباً‪ ،‬عرب وأمازيغ وتبو وطواق ‪ ..‬من هذا املنطلق قام الشاعر الغنائي‬ ‫«يونس بالنيران» املفوض العام لشركة النورس املغاربي لالنتاج السمعي والبصري بانتاج برنامج فني ضخم بعنوان «تفاكيرهم في‬ ‫مالمح مغاربية» وهو عبارة عن برنامج فني ثقافي تراثي بواقع ‪ 54‬حلقة بزمن نصف ساعة تلفزيونية للحلقة الواحدة‪.‬‬


‫بالنيران مع الشاعر القدير عمر رمضان‬

‫الفنانة ذكرى يونس‬

‫الفنانة التونسية منية عبدالعالي‬

‫الفنانة املغربية دنيا لطفي‬

‫لعمل من تقدمي املذيعة «ابتهاج املرابط» وإخراج «يونس بالنيران» الذي‬ ‫صرح ملجلة املستقل حول فكرة العمل واملشاركني فيه وقال‪-:‬‬ ‫«تفاكريهم في مالمح مغاربية» هو برنامج فني ثقافي يتحدث عن املوروث‬ ‫الليبي ويجمع بني الكلمة واللحن واملعنى‪ ,‬باإلضافة جلمعه لألمثال‬ ‫الشعبية‪ ,‬وهو برنامج من ‪ 54‬حلقة على مدار العام بواقع حلقة كل أسبوع‪,‬‬ ‫وانا من قمت بكتابة كل األعمال الغنائية باستثناء عمل واحد كان للشاعر‬ ‫القدير «عمر رمضان» بعنوان (ليش دموعها)‪ ,‬اما التلحني كان لنخبة‬ ‫كبيرة من الفنانني وامللحنني الليبيني منهم الفنان القدير «محمد الصادق»‬ ‫والفنان «خليفة الزليطني» و «رمضان كازوز» و «سعيد مللوم» و «نورالدين‬ ‫املهدي» و «الشريف محمد» و «ناصف محمود» ‪ ..‬وهذا البرنامج يعتبر‬ ‫ليبياً شعراً وحلناً وبنكهة مغاربية اصيلة‪ ,‬ومن عمل «تفاكيرهم» حاولنا‬ ‫التعريف ببالدنا وموروثنا وحضارتنا للدول األخرى وفي الوقت نفسه‬ ‫نتعرف عن م��وروث وحضارة دول املغرب العربي من خالل ‪ 54‬حلقة‬ ‫تتخللها عدة فقرات منها‪:‬‬ ‫الفقرات احلوارية التي تقوم فيها املذيعة بحوار مع الشاعر وعن طبيعة‬ ‫كتابة العمل الغنائي الذي سيعرض في احللقة‪ ,‬كما أن هناك فقرة اسمها‬ ‫(فقرة التعليق وتشريح النص) وهذه الفقرة يكتبها الشاعر القدير «عمر‬ ‫رمضان» ويتناول فيها النص الشعري وق��راءة التعليق مصحوباً بصورة‬ ‫معبرة عن احلالة‪ ,‬ثم نأتي للفقرة األخ��رى وهي فقرة املصافحة ومن‬ ‫خاللها يطل على املشاهد مطرب او مطربة من دول املغرب العربي‪,‬‬ ‫ويقوم بتحية اجلمهور بطريقته اخلاصة وغناء مقطع من أغنية تراثية‬ ‫للدولة التي ينتمى إليها‪ ,‬وكذلك تقدمي مثل شعبي من موروث بلده مع ذكر‬ ‫بعض املعالم سواء السياحية او التاريخية او احلضارية‪ ,‬كما لكل فنان في‬ ‫احللقة احلق في تقدمي امنية من امنياته تصب في اجلوانب االنسانية‬ ‫ونبذ العنف واإلرهاب وحتث على احملبة والسالم والسلم االجتماعي ‪..‬‬ ‫ومن ضمن الفقرات التي تعتبر مهمة في البرنامج هي فقرة اجللسة‬ ‫والتي تضم نخبة من فنانني املغرب العربي منهم من ليبيا الفنان (طارق‬

‫طارق محمد ودنيا لطفي‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫متابعة فنية‬

‫الفنان اجلزائري خالد محجوب‬

‫الفنان الليبي سعيد مللوم‬

‫طارق محمد مع املغربية دنيا واملوريتانية منى‬

‫الفرقة املوسيقية‬

‫برنامج ثقافي يتحدث عن املوروث الليبي ويجمع‬ ‫بني الكلمة واللحن واملعنى واألمثال الشعبية‬ ‫األعمال الغنائية في البرنامج قام بكتابتها‬ ‫بالنيران باستثناء «ليش دموعها» بإمضاء‬ ‫عمر رمضان‬ ‫األحلان تكفل بصياغتها محمد الصادق وخليفة‬ ‫الزليطني ورمضان كازوز وسعيد مللوم ونور الدين‬ ‫املهدي والشريف محمد وناصف محمود‬

‫محمد ‪ -‬سعيد مللوم ‪ -‬ذكرى يونس) ومن تونس الفنانة (منية عبدالعالي)‬ ‫ومن املغرب الفنانة (دنيا لطفي) ومن اجلزائر الفنان (خالد محبوب)‬ ‫ومن موريتانيا الفنانة (منى دندني) بحيث يقدم كل فنان عمال غنائيا في‬ ‫احللقة الواحدة‪ ,‬كما اعتمدنا في هذه اجللسة التركيز حتى في املالبس‬ ‫التي يرتديها املطربني و «الكورال» بحيث ضمت األزياء كل مناطق ليبيا‬ ‫مبختلف مكوناتها االجتماعية‪.‬‬ ‫ولكي جنعل املشاهد الليبي أكثر ثقافة ووعي وإدراك بكل التراث الليبي‬ ‫ورموزه سواء في مراحل اجلهاد او في الفن والدراما او في الشعر واألدب‬ ‫او حتى في االك�لات الشعبية القدمية وضعنا في كل نهاية حلقة من‬ ‫البرنامج سؤال للجمهور يُطرح ليتم االعالن عن الفائز في احللقة التي‬ ‫تليها‪.‬‬ ‫واحلمدلله اكملنا تصوير البرنامج وهو اآلن جاهز للعرض‪ ,‬ونتمنى أن يتم‬ ‫تسويقه في هذه الفترة ليعرض في شهر رمضان املبارك‪ ,‬وبإمكان القناة‬ ‫التي تتبنى بثه أن تسترجع قيمة شراء حق البث اضغاف مضاعفة من‬ ‫خالل الرسائل القصيرة واالتصاالت التي يجيب من خاللها املشاهدون‬ ‫على أسئلة احللقات‪ ،‬بشرط وضع جوائز حتفيزية جلذب أكبر عدد من‬ ‫املشاركني ونحن على يقني بأن القناة التي ستبث هذا البرنامج ستكون لها‬ ‫الصدارة بالنسبة للمشاهد الليبي‪ ,‬خصوصاً وأن البرنامج يقدم أعماال‬ ‫تراثية ومواضيع مهمة نحن بحاجتها هذه األيام‪ ,‬ونأمل أن نكون قد وفقنا‬ ‫في خدمة بالدنا احلبيبة ولو بعمل فني حقيقي‪.‬‬


‫احتفاء الصغار بالزي الشعبي‬

‫وصالت غنائية بأصوات طفولية‬

‫«أنا ليبي و طريق المستقبل» في حفل مشترك‬ ‫متابعة ‪ -‬عبدالرحمن سالمة‬

‫أقامت جمعية «أنا ليبي» لألعمال اخليرية والتنمية ومدرسة طريق‬ ‫املستقبل حف ً‬ ‫ال مشتركاً مساء السبت ‪ 30‬مايو ‪ 2015‬مبسرح‬ ‫تعليم طبرق مبناسبة ذكرى تأسيس اجلمعية ونهاية العام الدراسي‬ ‫للمدرسة ‪.‬‬ ‫احلفل كان برعاية شركة فرح املساهمة الستيراد املواد الغذائية ‪،‬‬ ‫و بدأ بكلمة جمعية أنا ليبي لألعمال اخليرية والتنمية ألقاها أ‪/‬‬ ‫فيصل عبدالله مدير إدارة االستثمار باجلمعية والتي حتدث فيها‬ ‫عن أبرز األعمال التي قدمتها اجلمعية طيلة السنوات األرب��ع ثم‬ ‫ألقت اآلنسة إقبال الترهوني مدير عام مدرسة طريق االزدهار كلمة‬ ‫رحبت فيها بالضيوف وأثنت على أعضاء هيأة التدريس في املدرسة‬ ‫على ما بذلوه من جهد كما قدمت شكرها للجهات التي ساهمت في‬ ‫دعم هذه املدرسة‪.‬‬ ‫تخلل احلفل العديد من األعمال الغنائية أداه��ا طالب املدرسة‬ ‫مبصاحبة عزف الفنان املبدع صالح ال��زروق ومن هذه األعمال ‪:‬‬ ‫يا حاضرين يا كرام ‪ ،‬يا مطر صبي صبي ‪ ،‬اجليران ‪ ،‬يا باتي يا‬ ‫أحلى باتك ‪ ،‬باتي ‪ ،‬أمك ثم أمك ‪ ،‬أنا الطفل الليبي ‪ ،‬ريحانة ‪،‬‬ ‫رسالتي ألسرتي كما تخلل احلفل عرض مرئي ألعمال جمعية أنا‬ ‫ليبي وعرض مرئي آخر لعمل «أمي دارت فيدي حنة» من أحلان‬ ‫وغناء وإخراج صالح الزروق ‪.‬‬ ‫وقامت جمعية أنا ليبي مبنح شهادات تقدير للجهات التي ساهمت‬ ‫في تقدمي يد العون و املشاركة في أعمالها ‪ ،‬كما قامت مدرسة‬ ‫طريق االزده��ار مبنح شهادات التقدير للطالب املتفوقني وكذلك‬ ‫شهادات تقدير ألعضاء هيأة التدريس والعاملني باملدرسة وكذلك‬ ‫اجلهات التي ساهمت في دعم نشاطات املدرسة‬ ‫في ختام احلفل ألقى السيد صابر الطيب رئيس مجلس إدارة‬ ‫جمعية أنا ليبي اخليرية كلمة قدم فيها شكره للعاملني واملؤسسني‬ ‫للجمعية واجلهات التي ساهمت في النهوض بها على ما قدموه طيلة‬ ‫األعوام السابقة ‪.‬‬

‫عروض لألطفال‬

‫تكرمي املتفوقني‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫أرخبيل الموسيقى‬

‫حرب‬ ‫ال موت فيهـــــ‬ ‫حين تنتشلك الموسيقى من ألم‬ ‫ّ‬ ‫وفقدان أحبتك في سعيرها‬ ‫الحرب‬


‫ـــــــــــا‬

‫‪ ..Whole Lotta Love‬هذه األغنية لسدنة هيكل (الهاف ميتال) بالسبعينات والثمانينات وألعضاء (الليد‬ ‫زبلن) نسمعها بشكل يومي في فضائياتنا العربية كدعاية إلحدى الروائح الرجالية (؟) مع العلم أن األغنية‬ ‫أنتجت في أوائ��ل السبعينات والعطر الذكوري موضة لل ـ ‪ 2014‬لكن استهلك جميعنا العطر وقليلنا من يعرف‬ ‫صاخب هذا اللحن اجلميل‪ ..‬ال متوت املوسيقى‪ ،‬وبالتالي ال ميوت (الهاف ميتل)‪ .‬يظل عالق ًا بشغاف القلوب‪،‬‬ ‫متام ًا كما يفعل العطر باألبدان مع فارق التوقيت‪.‬‬

‫زكريا العنقودي‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫سأداوم‬ ‫ه��ذه األي��ام على‬ ‫الكتابة ع��ن املوسيقى إلمي��ان‬ ‫عميق يخبرني بأنه بعد حفل املوت بالقنبلة‬ ‫ال��ذري��ة في اليابان ك��ان الب��د من إيجاد وتسويق مفردات‬ ‫أخرى للمنافسة والصراع‪ :‬الرياضة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الفنون التقنية‪ ،‬العلوم‪،‬‬ ‫الدعايات‪ ،‬اإلعالم واالقتصاد بالدرجة األولى‪ ..‬آليات يوجد بها كل‬ ‫مفردات احلرب االستراتيجية والتكتيك‪ ،‬الهجوم واالنسحاب‪ ،‬املناورة‬ ‫املنافسة‪ ،‬بل حتى الرابح واخلاسر‪ .‬لكن (وهنا امليزة) ال ضحايا على‬ ‫اجلانبني‪ ،‬ال جرحى وال مبتورين وال مفقودين‪ ،‬بل على العكس الكل‬ ‫مستفيد حتى اخلاسر سيخرج بنسية عاليه من االدرينالني تسهم في‬ ‫إنقاذه من جتلط الدم إضافة للحافز النفسي لالستمرار باحلياة‪.‬‬ ‫حرب ال موت فيها (الكل سيعيش سعيداً في قمة الكأس) كما أنها ال‬ ‫تخلو من شدة التنافس إضافة ملا ينتج عنها من إبداع ومن جمال ومن‬ ‫منافسة‪ ،‬زد على ذلك كما أسلفت‪ ..‬هي حرب ال ضحايا فيها مما‬ ‫يدفعك للتحسر مردداً قوله تعالى (أال ليت قومي يعلمون)‪.‬‬ ‫وم��ع أن املوضوع بوضوح الشمس لكن ما يجري على األرض من‬ ‫أحداث يحتم علينا سرد املوضوع من البدايات ألجل البرهنة واخلروج‬ ‫مبنطق ونتيجة لسياق املوضوع‪.‬‬ ‫على كل حال بدأت احلكاية مبوسيقى «اجلاز» فهي األصل للموسيقى‬

‫احلرب واملرض اللذان يأخذان البشرية بال‬ ‫هوادة انتهى عهدهما‬ ‫موسيقى «اجلاز» هي أصل املوسيقى احلديثة‬ ‫بعد أن ّ‬ ‫مل عالم ما بعد احلرب‬ ‫املوسيقى ال متوت‪ ،‬إذن الـ»الهاف ميتل» ال‬ ‫ميوت أيض ًا‬ ‫عرفت العالم على‬ ‫موسيقى األفروأمريكان ّ‬ ‫تاريخ السود في الواليات املتحدة‬


‫احلديثة‬ ‫بعد أن م � ّل عالم‬ ‫م��ا بعد احل��رب ص��داح األوب��را‬ ‫وبالدة االوركسترا ال لشيء إال لسرقتهما الكثير‬ ‫من وقت ساعات العالم‪ .‬األمر يشبه متاماً ما حدث عندنا‬ ‫حني ح ّل النعاس بعد النكسة! ولم يجد الشباب بدي ً‬ ‫ال عن حالة الوجد‬ ‫والطرب واجللوس لساعتني لالستماع آلهات عبد الوهاب وتكرار أم‬ ‫كلثوم؛ وأنا هنا أسجل فائق احترامي لهما ولذكرياتنا لنغمهم كجيل‪..‬‬ ‫أيضا ما كتبته ال يضير األوبرا‪ ،‬فهي فن قائم إلى يومنا‪ ،‬واألمر كذلك‬ ‫ال ميس شعرة من رأس أم كلثوم‪ ،‬وال من هيبة عبد الوهاب‪ ،‬لكنه‬ ‫التنوع وكثرة البشر‪ ..‬وفارق التوقيت بعد احلرب‪ .‬بالتالي توجب إيجاد‬ ‫اخليارات األخ��رى‪ ،‬فاحلرب وامل��رض اللذان يأخذان البشرية بال‬ ‫هوادة انتهى عهدهما‪ ،‬وبالتالي فعاملنا في حاجة إلى موسيقى جديدة‪.‬‬ ‫األمر بدأ أوربياً‪ ،‬وكما سبق وأخبرت‪ ..‬ومبوسيقى اجلاز حتديداً‪،‬‬ ‫لكنه لم يبدأ بأوربا بل بدأ في معقل العبودية في أمريكا‪ ،‬وحتديدا‬ ‫بوالية (نيو أورلينز) التي تتوسد عنصريتها ضفة نهر املسيسبي‪ .‬بدأ‬ ‫اجلاز كخليط مما تبقى في ذاكرة املهاجرين الذين كان أغلبهم إجنليز‬ ‫وأملان وبعض الفرنسيني‪ ،‬ومبا أن هذه النخبة اإلقطاعية احتاجت‬ ‫حقولها لوفرة من العبيد‪ ،‬كذلك احتاجت إلحياء فنونها وليالي ترفيهها‬ ‫لبعض الزنوج‪ ،‬خاصة حني اكتشفوا مقدرتهم على التعامل مع آالالت‬

‫النفخ واإليقاع والتي أبدع فيها‬ ‫ه�� ��ؤالء ال ��زن ��وج‬

‫وأضفوا عليها‬ ‫ال� �ع ��دي ��د م� ��ن مل �س��ات �ه��م ب��ل‬ ‫وأنغامهم اإلفريقية لهذه املوسيقي‪ ،‬مما زاد‬ ‫في تنوعها وغناها وصارت ملوسيقى اجلاز املكانة امللوكية‬ ‫التي نعرفها اليوم‪.‬‬ ‫في خضم ه��ذا اإلب��داع ال��ذي شابه أل��م العبودية وحرقتها حدثت‬ ‫احل��رب األهلية األمريكية وال�ت��ي ح�� ّررت عبيد أمريكا وساوتهم‬ ‫(بالقانون) بأخوتهم البيض أما «التطبيق» فاحتاج ألكثر من احلرب‪،‬‬ ‫وما اختصرته من ذاك��رة لهذا األل��م احتاج لقرون كي ينصف سود‬ ‫أمريكا ويكسبهم شرعيه ما حازوه قانوناً كواقع تطبيقي‪ .‬لذا في آخر‬ ‫عقود هذا املرار احتاج هؤالء للتح ّرر حتى من قيود اجلاز فصنعوا‬ ‫بقيثارهم وآالت نفخهم موسيقى النوتات األول��ى ملوسيقى البلوز‬ ‫العظيمة التي نعرفها اليوم بفضل العديد من الرواد والذين وصلوا‬ ‫لذروتهم في مطلع عقد اخلمسينات‪ ،‬والتي جعلتهم على نحو ما لكنهم‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫لم يكونوا على علم بأنهم رفقة توابع من إحداثيات ومقاييس زلزلة‬ ‫التاريخ‪ .‬سيكونون أحد أعمدة حتقيق حلم األفروأمريكان خاصة‬ ‫لوجود الشخصيتني احملوريتني لهذا النضال‪ :‬مارثر لوثر كينغ ومالكوم‬ ‫اكس (اضافة للسيدة عجوز احلافلة‪ :‬روزا باركس)‪ ،‬ال ننسى أيضا‬ ‫وجود شخصية أمريكية مهمة لم تتكرر من أيام لينكولن وهو السيد‬ ‫روبرت كيندي‪.‬‬ ‫لقد كان لظهور زخم التسجيالت واستوديوهات املوسيقى ووجود كبار‬ ‫فناني املوسيقى األمريكية أن عرف العالم تاريخهم‪ ،‬وكانت اخلطوة‬ ‫األهم فيه هي ظهور صانعي موسيقى اخلمسينات وأوائل الستينات‪،‬‬ ‫ومنهم سيدني بواتييه كأول إفريقي يتحصل على جائزة األوسكار‪،‬‬ ‫إض��اف��ة لنسيج م��ن جن��وم س��ود أمريكا بكل امل�ج��االت ورياضييها‬ ‫ومثقفيها ومفكريها‪ ..‬حينها جتاوزوا مهنهم‪ ،‬وصاروا صنّاع سياسة‪،‬‬ ‫ووصل األمر إلى ذروته في مسيرة املليون أفريقي بساحة واشنطن‬ ‫ليرددوا خلف (لوثر كنغ)‪« :‬نحن أمريكيون‪ ،‬مثلكم متاماً وعندنا أيضاً‬ ‫حلم»‪ .‬‬ ‫حينها كانت والية جورجيا ترفع علمها الوطني مبصاحبة نشيد وطني‬ ‫جديد صاغه و ّ‬ ‫حلنه األفريقي كفيف النظر «راي تشارلز»‪ ،‬والذي‬ ‫طردته جورجيا مرتني‪ ،‬م ّرة حني كان طف ً‬ ‫ال ينهشه اجلوع‪ ،‬والثانية‬ ‫حني رف��ض أن يغني في حفل جمهوره من البيض فقط‪ ..‬حت ّمل‬

‫هل موسيقى الروك ّرد أوربي عنصري أتى عفوي ًا‬ ‫لكي ينافس القيمة واجلودة التي وصلت إليها‬ ‫موسيقى البلوز التي أنتجها سود أمريكا؟‬ ‫أردد كلمة أؤمن بها وال أدري مدى جديتها‪:‬‬ ‫أصل العالم بلوز‬ ‫متتعوا بقمة امليتل روك مع سادته قيثارة العالم‬ ‫جيمي بيج و شاعره وحنجرته روبرنت بالنت‬


‫مر العصور‬ ‫أفضل العب غيتار على ّ‬

‫اإلهانة حينها لكنه عاش طوي ً‬ ‫ال ليشهد كيف تكرمه تلك الوالية‪.‬‬ ‫في كل ما رويته لم تصل مدونتي هذه ملوسيقى (ال��روك) والـ(هاف‬ ‫ميتل) والتي جعلت من أغنية الليد زبلن املمعنة في عنف امليثل مرافقة‬ ‫لكل ما ذكرت‪ .‬األمر ال يخلوا من أسبابه ومن أسئلته‪ ،‬وكي ال أطيل‪..‬‬ ‫أنا أردد كلمة أؤمن بها وال أدري مدى جديتها (أصل العالم بلوز)‬ ‫لذا جتوز األسئلة دائماً‪ ،‬خاصة أن (ال��روك آن��د) عرفه العالم في‬ ‫منتصف الستينات‪ ...‬هل موسيقى الروك رد أوربي وعنصري أتى‬ ‫عفوياً لكي ينافس القيمة واجلودة التي وصلت إليها موسيقى البلوز‬ ‫التي أنتجها سود أمريكا؟ هل كان أوباما ليصل للحكم لوال نضال كل‬ ‫هؤالء؟ هل وهل و ألف هل أخرى‪ ...‬ملن أحب هذا السرد فلينتظرني‬ ‫قليال فاإلجابة بجيبي‪ ...‬ولنتمتع اآلن بقمة امليتل روك مع سادته‬ ‫«جيمي بيج» قيثارة العالم و»روبرنت بالنت» شاعره وحنجرته‪.‬‬ ‫مالحظة‪ :‬األغنية ليست هجيناً على املوضوع‪ ،‬ألنني في القوادم‬ ‫سأحكي عن أن موسيقى «امليتل» لم تتأثر بقيثار البلوز والتوق للحرية‬ ‫ملبدعيه فقط‪ ،‬بل إن اإليقاع العربي واملغاربي حتديداً‪ ،‬بل وصوفية‬ ‫أهازيج الشمال اإلفريقي‪ ،‬جعلها ترتفع إلى سماء لم تكن لتطالها لو‬ ‫لم تظللها أقواس مراكش‪.‬‬ ‫قام بي بي كينغ أيضاً بالتمثيل في ‪ 11‬فيلماً‪ ،‬وله ما يزيد على ‪53‬‬ ‫موسيقى تصويرية في األفالم‪.‬‬

‫توفي راي��ل��ي ب��ي كينغ (ب��ي ب��ي كينغ ‪ )B.B.King‬ف��ي ‪ 14‬مايو‬ ‫املاضي‪ .‬إنه عازف الغيتار الشهير ومغني البلوز وكاتب األغاني‬ ‫األمريكي الذي صنفته مجلة رولينغ ستونز في املركز السادس‬ ‫مر العصور‪.‬‬ ‫في قائمتها ألفضل ‪ 100‬العب غيتار على ّ‬ ‫ولد كينغ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ .1925‬عزف موسيقى البلوز والغوسبل‬ ‫في ممفيس‪ ،‬وبعد أن أتيحت له فرصة املشاركة ملدة عشر دقائق‬ ‫في برنامج إذاعي محلي‪ ،‬أطلق عليه اسم صبي البلوز في شارع‬ ‫بيل ‪ ،Beale Street Blues Boy‬وهو اللقب الذي اختصر ليصبح‬ ‫«ب��ي ب��ي»‪ ،‬وه��و اس��م التحبب‪ ،‬ال��ذي انبثق منه حرفا ب��ي‪ .‬بي‪.‬‬ ‫الشهيران في اسمه اليوم‪.‬‬ ‫حتى بلوغه سن اخلامسة واألربعني كان كينغ‪ ،‬أص��در ما يزيد‬ ‫عن عشرة ألبومات منها ‪ Singing the Blues‬ع��ام ‪ 1957‬وهو‬ ‫أول ألبوماته و‪ Indianola Mississippi Seeds‬عام ‪ 1970‬الذي‬ ‫خلط به كينغ موسيقى البلوز مع البوب والروك‪.‬‬ ‫فاز كينغ في حياته الفنية بجائزة غرامي ‪ 14‬مرة‪ ،‬وأدرج اسمه‬ ‫عام ‪ 1984‬في قاعة مشاهير مؤسسة البلوز‪ ،‬في حني أدرج عام‬ ‫‪ 1987‬في قاعة مشاهير الروك آند رول‪ ،‬وفي ‪ 2003‬عام صنفته‬ ‫مجلة رولينغ ستونز ف��ي امل��رك��ز ال��س��ادس ف��ي قائمتها ألفضل‬ ‫‪ 100‬العب غيتار على مر العصور‪ ،‬وجرى التصديق رسمي ًا على‬ ‫شهرته‪ ،‬عندما احتفى الرئيسان األميركيان بيل كلنتون‪ ،‬وجورج‬ ‫بوش‪ ،‬بإجنازاته في حفل تكرمي خاص في مركز كينيدي‪.‬‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫مايو‪2015‬‬ ‫‪317‬يونيو‬

‫أمكنة لها تاريخ‬


‫توكرة‪..‬‬

‫حرم ديميتر وبيرسفوني‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫إلى الشمال الشرقي من مدينة بنغازي ومبسافة تقدر بحوالي ‪ 70‬كم تقع مدينة أو بلدة العقورية التي يحتضن شاطئها‬ ‫بقايا مدينة توكرة األثرية (أو تاوخيرا) حسبما كانت تعرف قدميا‪ ،‬هذه املدينة التي اشتهرت إلى جانب أخواتها من‬ ‫املدن األخرى (كيريني= شحات‪ ،‬وابوللونيا= سوسة‪ ،‬وبرقة= املرج‪ ،‬وبطوليمايس= طلميثة‪ ،‬ويوسبريدس= بنغازي) التي‬ ‫استوطن بها اإلغريق مبساعدة الليبيني في اجلزء الشمالي الشرقي من ليبيا الذي كان يعرف قدميا باسم كيرينايكي‬ ‫(قورينائية) وذلك منذ أواخر القرن السابع وأوائل القرن السادس ق‪.‬م‪ .‬ثم أعقبهم الرومان والبيزنطيني على االستيطان‬ ‫بها وتسيير دفة حكمها بعد أن ُح ِر َم منها أصحاب األرض األصليني(الليبيني)‪ ،‬وهذه اجلولة ستأخذ القارئ بني أطالل‬ ‫هذه املدينة بحيث يتعرف على أهم معاملها وجزء من تاريخها القدمي‪.‬‬

‫خالد محمد الهدار‬

‫في البدء جتدر اإلشارة إلى أن املوقع الذي أسست فيه هذه املدينة ميلك‬ ‫من املقومات الطبيعية املناسبة التي جعلت اإلن�س��ان يتخذ توكرة مقرا‬ ‫لسكناه منذ عصور ما قبل التاريخ حتى الوقت احلاضر فهي تقع في سهل‬ ‫ساحلي منبسط ـ سهل بنغازي ـ بتربته اجليدة وأم�ط��اره املناسبة والتي‬ ‫مكنت السكان من االستيطان معتمدين في معيشتهم على الزراعة والرعي‬ ‫وغيرها‪ ،‬إضافة إلى البحر الذي ميكن استغالله لالتصال بالعالم اخلارجي‪،‬‬ ‫وهذا أدى الستيطان اإلغريق بها‪ .‬وانطالقاً من هذه املقومات فال غرابة‬ ‫أن يستوطن اإلنسان ه��ذه املنطقة في عصور ما قبل التاريخ حيث عثر‬ ‫على بعض األدوات احلجرية التي كان يستعملها ذلك اإلنسان منها سبعة‬ ‫فؤوس يدوية في شكل ملتقطات سطحية‪ ،‬تعود إلى العصر احلجري القدمي‬ ‫األسفل‪ ،‬وتعكس وجود استيطان أشولي متأخر بها‪ ،‬إضافة إلى العثور على‬ ‫عدد كبير من األدوات احلجرية في وادي ساليب قرب توكرة‪ ،‬كما أن موقع‬

‫توكرة قرب وادي زازا ـ الذي كشف به عن كهفني بهما نقوش صخرية يرجع‬ ‫أقدمها للحضارة القفصية‪ ،‬وأحدثها تعود لفترة احلصان ـ مما يرجح إن‬ ‫اإلنسان قد استمر في االستيطان في املنطقة مبا فيها توكرة خالل العصر‬ ‫احلجري احلديث ووص��وال إلى العصور التاريخية‪ ،‬ويقف دليال على ذلك‬ ‫ان توكرة رمبا كانت مقرا لقبيلة البكن إحدى بطون قبيلة الليبوالتي حاولت‬ ‫االستيطان في مصر في عهد رمسيس الثالث‪ ،‬هذه القبيلة التي ذكرها‬ ‫املؤرخ اإلغريقي هيرودوتوس (‪ 484 – 425‬ق‪.‬م) باسم قبيلة البكاليس وان‬ ‫موطنها كان قرب تاوخيرا (توكرة)‪ ،‬وهي ذات القبيلة التي وجدها بعض‬ ‫سكان اجلزر اإلغريقية (السيكالديس مثال) عندما هاجروا من موطنهم‬ ‫لتأسيس مستوطنة لهم في هذه املنطقة ولعل البكاليس هم وراء استقرار‬ ‫اإلغريق بهذه املدينة مبساعدتهم اياهم ووقوفهم إلى جانبهم في تأسيس‬ ‫تاوخيرا في الربع األخير من القرن السابع ق‪.‬م‪( .‬حوالي ‪ 620‬ق‪.‬م‪ ).‬التي‬


‫رمبا كانت تعرف بهذا االسم قبل مجيء اإلغريق أنفسهم فالتسمية يبدوإنها‬ ‫ذات مالمح ليبية واضحة‪.‬‬ ‫وبسبب تواصل االستيطان واستقرار اإلنسان على موقع توكرة منذ ذلك‬ ‫احلني إلى القرن العاشر امليالدي تقريبا‪ ،‬فانه ال يتوقع الكشف عن املستوطنة‬ ‫املبكرة بالكامل اي على مبانيها ومعاملها التي يبدوأنها كانت بسيطة‬ ‫ومتواضعة انطالقاً من مكانة هذه املدينة بني مدن اإلقليم األخرى‪ ،‬ولهذا لم‬ ‫تكشف معاول األثريني ـ وان كانت قليلة ـ على معالم واضحة ترجع إلى تلك‬ ‫الفترة التاريخية ما خال بعض البقايا األثرية التي تنسب إلى حرم دمييتر‬ ‫وبيرسفوني على شاطيء البحر‪ ،‬وجزء من بقايا أسوار تنسب إلى املستوطنة‬ ‫املبكرة وهذا قليل من التفصيل عنها‪:‬‬ ‫حرم دمييتر وبيرسفوني وبقايا اسوار املستوطنة‪:‬‬ ‫لألسف لم تكشف البعثة األثرية التي ترأسها جون بوردمان التابعة للمدرسة‬ ‫البريطانية في أثينا (‪ )BSA‬خالل األعوام ‪ 1965 – 1963‬اال بعض بقايا‬ ‫هذا احلرم واملتمثلة في بعض األساسات املبكرة التي رمبا حتوز مستودعات‬ ‫كانت تابعة لهذا احل��رم اواملعبد ال��ذي نسب إل��ى املؤلهة دمييتر (مؤلهة‬ ‫الزراعة) وابنتها بيرسفوني من خالل التميثيالت الطينية التي عثر عليها‬ ‫في احلفريات والتي تنسب إلى املؤلهتني‪ ،‬وطبيعي أن تعبد هاتني املؤلهتني‬ ‫في توكرة الرتباط األول��ى بالزراعة التي هي عماد معيشة السكان الذين‬ ‫هم في حاجة لتقدمي القرابني لهذه املؤلهة لتبارك محاصيلهم ومنتوجاتهم‬ ‫الزراعية والرعوية‪ ،‬التي كانت تقدم عينات منها لكهنة املعبد في شكل جزء‬ ‫اوان فخارية مختلفة األشكال حيث عثر على‬ ‫من محاصيلهم موضوعة في ٍ‬ ‫كميات كبيرة من األواني الفخارية في تلك احلفريات ترجع إلى تاريخ مبكر‬ ‫وعن طريقها أمكن معرفة التاريخ الفعلي لوصول اإلغريق لهذه املنطقة‪،‬‬ ‫ومعرفة أصول أولئك السكان الن غالبية ذلك الفخار جلب من أماكن مختلفة‬ ‫من بالد اإلغريق بعضه يرتبط بالتجارة (الفخار الكورنثي واالتيكي والرودي‬ ‫وغيره) وبعضه يرتبط بأصول املستوطنني مثل فخار بعض اجلزر (مثل جزر‬ ‫السيكالديس)‪ ،‬عموما ان الفخار الذي ميكن مشاهدة بعضه في املتحف يعد‬ ‫من أهم املجموعات الفخارية املبكرة التي عثر عليها في ليبيا‪ ،‬ومن خالل‬ ‫دراسته ودراسة أنواع أخرى من الفخار ولقى أخرى عثر عليها في احلرم‬ ‫اتضح إن هذا احلرم استمر في االستخدام حتى ظهور املسيحية في القرن‬ ‫الرابع امليالدي‪ ،‬ولعله استخدم حتى القرن السابع امليالدي بعد أن غيرت‬ ‫وظيفته وأصبحت متناسبة مع معتقد السكان الذين حتولوا من الوثنية إلى‬ ‫املسيحية‪.‬‬ ‫أما بقايا األسوار املبكرة التي كشف عنها بجانب البحر فيرجع الفضل في‬

‫الكشف عن بعض بقاياها إلى احلفريات السابقة إضافة إلى ان العواصف‬ ‫والتعرية البحرية أدت إلى الكشف عن بقايا أخ��رى من السور وذل��ك إلى‬ ‫الشرق من حرم دمييتر حيث بلغ امتدادها حوالي ‪ 15‬متراً وقد بني السور‬ ‫وأساساته من كتل حجرية مشذبة وغير مشذبة إضافة إلى صفوف من‬ ‫القرميد من املؤكد انها استعملت في تشييد جدار السور وليس في أساساته‪،‬‬ ‫وي �ب��دوأن ه��ذا ال�س��ور ك��ان مدعماً ب��اب��راج للمراقبة‪ ،‬وه��ذه املساحة التي‬ ‫حتصرها األسوار ليست باملساحة الكبيرة التي ميكن ان يتصور انها حتصر‬ ‫مدينة كبيرة بل يبدوانها كانت حتصر مستوطنة صغيرة متناسبة مع عدد‬ ‫السكان الذين هاجروا إليها في تلك الفترة والتي تطورت بعد تزايد هجرة‬ ‫اإلغريق إلى ليبيا اوهيمنة بعض املدن الكبيرة مثل برقة (امل��رج) وكيريني‬ ‫(قوريني = شحات) عليها‪.‬‬ ‫ولم يتوصل املنقبون وال دارسي املدينة حتى اآلن ـ في ظل قلة التنقيبات بها‬ ‫ـ ملعرفة متى حدث تطور املستوطنة املبكرة إلى مدينة واضحة املعالم والتي‬ ‫تظهر للعيان حاليا بأسوارها ومخططها‪ ،‬واذا كانت احلفريات وال دراسة‬ ‫املخطط لم تفِ د في هذا الصدد فان تاريخ املدينة بَ ِخ َل هواآلخر مبد يد‬ ‫العون للدارس‪ ،‬فهي قد استقلت على هيمنة كيريني وحتالفت مع برقة في‬ ‫القرن اخلامس ق‪.‬م‪ .‬بعد سقوط حكم أسرة باتوس اوامللكية في عام ‪440‬‬ ‫ق‪.‬م‪ .‬ثم هيمنة األخيرة عليها إلى ان افلحت كيريني إلى اعادة سيطرتها على‬ ‫اإلقليم بالكامل في القرن الرابع ق‪.‬م‪ .‬ولم يستمر هذا طويال إلى ان جاء‬ ‫املغامر االسبرطي ثيبرون لالستيالء على كيرينايكي عام ‪ 324‬ق‪.‬م‪ ،.‬وقد‬ ‫حاصر هذا املغامر مدينة تاوخيرا (توكرة) التخاذها قاعدة عسكرية له لكن‬ ‫الليبيني متكنوا من القبض عليه وتسليمه حلاكم توكرة آنذاك املدعوابكيديس‬ ‫الذي جاء في معية حملة اوفيالس التي ارسلها بطليموس االول حاكم مصر‬ ‫بعد ان استنجد ب��ه بعض سكان اإلقليم‪ ،‬وق��د افلحت احلملة ف��ي ضم‬ ‫كيرينايكي إلى حكم البطاملة في مصر عام ‪ 322‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫ولالسف فان بقايا املدينة التي ترجع إلى القرنني اخلامس والرابع ق‪.‬م‪ .‬هي‬ ‫قليلة غير انه ميكن االشارة إلى ان استمرار حرم دمييتر في االستعمال من‬ ‫قبل سكان املدينة‪ ،‬إضافة إلى انهم كانوا يدفنون موتاهم في قبور فردية‬ ‫نحتوها اوحفروها في االرض الصخرية أعلى سفوح احملاجر التي كانت‬ ‫تقطع حجارتها لبناء املدينة‪ ،‬وقد وضعوا إلى جانب موتاهم بعض االثاث‬ ‫اوان فخارية وغيرها معتقدين انهم رمبا يحتاجونها في‬ ‫اجلنائزي املتمثل في ٍ‬ ‫حياتهم االخروية‪ ،‬من اهمها العثور على ستة كؤوس اعياد اثينية (باناثينية)‬ ‫ـ تعرض حالياً في املتحف البريطاني ـ رمبا فاز بها بعض شباب توكرة الن‬ ‫تلك الكؤوس كانت متنح في اثينا للشباب الذين يتفوقون في بعض االلعاب‬ ‫الرياضية‪ ،‬كما انها رمبا جلبت لغرض التجارة حلمولتها من زيت الزيتون‪.‬‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫ولعل من االح��داث املهمة في تاريخ املدينة في عصر البطاملة هي تسمية‬ ‫املدينة باسم ارسينوي ب��دالً من اسمها القدمي اي تاوخيرا‪ ،‬تكرميا من‬ ‫بطليموس الثاني اوالثالث للملكة ارسينوي الثانية‪ ،‬ولكن بعد ان اهتم باملدينة‬ ‫ومت تطويرها من حيث االهتمام مبينائها وإعادة تخطيطها وحتصينها وبناء‬ ‫بعض املباني املهمة فيها التي لعل ابرزها االسوار واجلمنازيوم والتي ليست‬ ‫من السهل نسبتها إلى تاريخ محدد ولكن يظل عصر البطاملة بصورة عامة‬ ‫هوتاريخ بناء هذه املباني التي شهدت الكثير من التطور ال سيما في العصر‬ ‫البيزنطي وحتديدا في عصر االمبراطور جستنيان (‪ 565-527‬م) وميكن‬ ‫اعطاء حملة عن االسوار النها ال تزال من املعالم املهمة املاثلة للعيان إضافة‬ ‫إلى اجلمنازيوم‪:‬‬ ‫حتصينات املدينة وبواباتها‪:‬‬ ‫على الرغم من اسوار املدينة وحتصيناتها كانت اهم ما لفت انتباه الرحالة‬ ‫االجانب الذين زاروا املدينة في القرنني الثامن عشر والتاسع عشر امثال‬ ‫جيمس بروس واالخوان بيتشي‪ ،‬وباشو‪ ،‬وبارث وهاملتون وغيرهم‪ ،‬اال انها‬ ‫لم تعد كذلك حالياً بسبب كثرة املباني واملزارع احمليطة بها‪ ،‬كما تعرضت‬ ‫بعض حجارتها للسلب العادة استغاللها من قبل االهالي في بعض شؤونهم‪.‬‬ ‫وعند النظر إلى الواقع احلالي لتلك االسوار فانها حتيط باملدينة من ثالث‬ ‫جهات (الشرقية والغربية واجلنوبية ) ويبدوانها كانت ممتدة ايضا من‬ ‫الناحية الشمالية‪ ،‬وتتمثل االسوار في جدار اوحاجز سميك ميتد محيطا‬ ‫باملدينة الكثر من كيلومترين‪ ،‬ويتفاوت سمكه ما بني ‪ 140‬إلى ‪ 215‬سم‬ ‫مبتوسط عام ‪ 180‬سم‪ ،‬ويصل اقصى ارتفاع له ‪ 280‬سم‪ ،‬وهذا اجلدار‬ ‫اوالسور مدعم بابراج مستطيلة الشكل في الغالب‪ ،‬عددها يقرب من ‪30‬‬ ‫برجا تبرز عنه مبتوسط عام ‪ 7‬امتار‪ ،‬ومتوسط املسافة بني جميع االبراج‬ ‫‪ 44‬متراً‪ ،‬ومتوسط ابعاد تلك االبراج ‪ 8.5 ×7‬متراً‪ ،‬وتوجد داخل كل برج‬ ‫حجرة متوسط ابعادها ‪ 3.25 × 4.30‬متراً‪ ،‬ويشغل البرج مساحة تقدر بـ‬ ‫‪ 60‬متراً مربعا‪ ،‬والكثير من هذه االبراج اضيف لالسوار ضمن اصالحات‬ ‫جستنيان التي اخبرنا عنها املؤرخ البيزنطي بروكوبيوس (‪ 560-500‬م)‪ ،‬كما‬ ‫تتخلل هذا السور ثالث بوابات ‪ :‬البوابة الشرقية‪ ،‬البوابة الغربية‪ ،‬البوابة‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬وق��د اقفلت البوابة االخ�ي��رة حيث ح ّولت إل��ى ب��رج في العصر‬ ‫البيزنطي مزوداً مبدخل معقود‪ ،‬اما البوابة الشرقية فيبدوانها كانت البوابة‬ ‫الرئيسة باملدينة الرتباطها بالطريق الرابط بني توكرة وطلميثة واملمتد ملسافة‬ ‫‪ 40‬كم تقريباً‪ ،‬ويحيط حالياً بالبوابة برجان خماسيي االض�لاع رمبا لم‬ ‫يكنا كذلك عند بناء االسوار الول مرة في العصر الهلينيستي‪ ،‬وقد تعرضت‬ ‫البوابة للتعديالت عندما جتمع البيزنطيني باملدينة مدافعني عنها ضد‬ ‫الفاحتني املسلمني بحيث لم يعد باالمكان دخول العربات منها‪ ،‬وقد ربط‬ ‫الشارع العرضي (الديكومانوس) ما بني هذه البوابة والبوابة األخرى املقابلة‬ ‫لها اي البوابة الغربية التي ال تختلف عن البوابة الشرقية اال انها لم جت َر‬ ‫بها تعديالت كاالتي اجريت على البوابة االخيرة حيث تركت لتسمح مبرور‬ ‫العربات باجتاه مدينة بيرنيكي (بنغازي) اي انها كانت منفذ للهرب في حالة‬ ‫سقوط املدينة‪ .‬كما ان ما يلفت االنتباه في تلك التحصينات ذلك السور‬ ‫اخلارجي (بروتيخيزما) الذي يتقدم السور االصلي‪ ،‬وهومن الظواهر املميزة‬ ‫في حتصينات توكرة ولم يوجد اال بها دون سائر مدن اإلقليم األخ��رى‪،‬‬ ‫ولالسف لم توجد اال بعض بقاياها حيث يبدوان الفاحتني املسلمني قاموا‬ ‫بتدميره بعد االستيالء على املدينة ما بني عام ‪ 645-642‬م‪ ،‬اوان��ه دمر‬ ‫بسبب استعمال املنطقة احمليطة باالسوار في الزراعة‪.‬‬ ‫اجلمنازيوم ‪:‬‬ ‫يصادف الزائر عند الدخول من البوابة الشرقية للمدينة من ناحية اليسار‬ ‫جدار ميتد مسافة ‪ 75‬متراً مبحاذاة الشارع العرضي الرئيسي (الديكومانوس)‬ ‫من الشمال الشرقي إلى اجلنوب الغربي ويبلغ ارتفاعه ‪ 163‬سم ولم يتب َق منه‬ ‫اال ستة صفوف‪ ،‬وقد استغل الصفان اخلامس والسادس في نقش اسماء‬ ‫الشباب الفائزين في املنافسات الرياضية وقد وضعت تلك النقوش الشبابية‬ ‫(االيفيبية ) داخل اكاليل اوإطارات نباتية‪ ،‬اال ان غالبيتها مطموس حاليا ولم‬ ‫تكن كذلك عندما نسخها الرحالة باشوما بني عامي ‪ ،-1825 1824‬كما‬

‫انها جعلت جودتشايلد في عام ‪ 1965‬يتعرف على ماهية هذا املبنى وانه‬ ‫جمنازيوم كانت متارس فيه املنافسات الرياضية بني الشباب‪ ،‬كما انهم كان‬ ‫يؤمونه الكتساب بعض املعارف اي انه كان مؤسسة تؤهلهم بدنياً وعقلياً‪ ،‬كما‬ ‫يبدوان ذلك اجلدار كان يزين إلى جانب النقوش باكاليل حقيقية للفائزين‬ ‫اونحوت بارزة لالحتفاء بهم‪ ،‬ولالسف فان اغلب التفاصيل الداخلية للمبنى‬ ‫قد دمرت في العصر البيزنطي وبنيت داخله احلمامات البيزنطية املاثلة‬ ‫للعيان االن ويبدوان اجلمنازيوم كان عبارة عن ساحة مستطيلة اومربعة‬ ‫مكشوفة محاطة باجلدران من جميع اجلهات ومن احملتمل انه كان يتقدمها‬ ‫رواق محمول على اعمدة اودعامات تطوق الساحة املكشوفة‪،‬هذا هوالشكل‬ ‫االمنوذجي للجمنازيوم سواء في اإلقليم ام في العالم اإلغريقي‪ ،‬ورمبا ينطبق‬ ‫هذا على جمنازيوم توكرة الذي لم يب َق منه اال الساحة املكشوفة الذي بنيت‬ ‫في جزء منها احلمامات البيزنطية‪ ،‬إضافة إلى اجل��دار الشمالي الغربي‬ ‫للجمنازيوم الذي يحوي املدخل الرئيسي للمبنى‪ ،‬كما استغل جزء من سور‬ ‫املدينة ( حوالي ‪ 58‬متراً ) جداراً للجمنازيوم من الناحية الشمالية الشرقية‪،‬‬ ‫وقد نقشت على احجاره مجموعة كبيرة من اسماء الشباب الذي دخلوا‬ ‫هذا اجلمنازيوم ملمارسة الرياضة اومشاهدة املنافسات الرياضية وكان من‬ ‫بينهم شباب ليبيني استدل عليهم من اسمائهم التي وجدت منقوشة على‬ ‫ذلك اجلدار‪.‬‬ ‫وفي اخلتام يرجح ان اجلمنازيوم قد بُني في اواخر القرن الثالث ق‪.‬م‪.‬أوبعده‬ ‫في القرن الثاني ق‪.‬م‪.‬السيما انه يرتبط ارتباطا كبيرا ببناء األسوار‪ ،‬ويرجح‬ ‫انه بني في منتصف القرن االخير في عهد بطليموس الصغير عندما كان‬ ‫حاكماً اوملكاً على اإلقليم‪ ،‬وسيظل هذا مجرد تخمني والفيصل هوإجراء‬ ‫حفريات في ذلك اجلمنازيوم اما االعتماد على النقوش فان اقدمها يرجع‬ ‫للقرن الثاني ق‪.‬م‪.‬وهي قلة‪ ،‬اال ان غالبيتها تؤرخ بأواخر القرن األول ق‪.‬م‪.‬‬ ‫وال�ق��رن األول امل �ي�لادي‪ ،‬وه��ذا ق��د يؤكد ازده ��ار اجلمنازيوم ف��ي العصر‬ ‫ال��روم��ان��ي‪ ،‬لكنه ان�ه��ار بسبب شغب إليهود (‪ 117-115‬م) وانتهى بعد‬ ‫االعتراف باملسيحية في القرن الرابع امليالدي‪ ،‬كما استغلت احجاره في بناء‬ ‫تلك احلمامات واحلصن البيزينطي في القرنني السادس والسابع امليالديني‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى سرد بعض احداث تاريخ توكرة فانها قبل ان تنعم وسائر مدن‬ ‫اإلقليم األخرى بالسالم في عصر االمبراطور اغسطس (‪ 27‬ق‪.‬م‪ 14 -.‬م)‬ ‫شهدت الكثير من الفوضى والقالقل السياسية التي نتجت عن التدهور الذي‬ ‫مر به اإلقليم بعد توصية بطليموس ابيون باإلقليم للرومان بعد وفاته عام ‪96‬‬ ‫ق‪.‬م‪ .‬واهمال الرومان لتسيير شؤونه إضافة إلى احلرب االهلية في القرن‬ ‫االول ق‪.‬م‪ .‬في اجلمهورية الرومانية ومانتج عنها من قالقل سياسية عمت‬ ‫االقاليم الرومانية ومن بينها كيرينايكي‪ ،‬وبدون الدخول في التفاصيل فان‬ ‫توكرة شهدت صراعاً مع القبائل الليبية التي تقطن إلى اجلنوب منها رمبا ردة‬


‫دمييتير‬ ‫فعل اولئك عن التوسع اإلغريقي جنوباً واالستيالء على اراضيهم التي متثل‬ ‫مصدر معيشتهم‪ ،‬وقد افلحوا في حصار توكرة التي اصابتها املجاعة من‬ ‫وراء ذلك حتى نهض احد سكانها املدعواليكسيماخوس بن سوسيستراتوس‬ ‫بالتبرع بالقمح من اجل اغاثة سكان مدينته هذا ما دل عليه نقش يرجح‬ ‫ان تأريخه مابني ‪ 46-96‬ق‪.‬م يكرم ذلك املواطن على اعماله اخليرية‪ .‬كما‬ ‫تعرضت توكرة اسوة مبدن اإلقليم األخرى إلى االضطربات والقرصنة قبل‬ ‫عام ‪ 67‬ق‪.‬م‪ .‬ثم اضطرابات أخرى نتيجة للصراع الذي حدث بني يوليوس‬ ‫قيصر وبومبي‪ ،‬ويبدوان توكرة عرفت باسم كليوباتريس منذ عام ‪ 34‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫نسبة إلى كليوباترا سيلينى ابنة انطونيوس وكليوباترا اللذين حتالفا ضد‬ ‫اوكتافيوس اغسطس ال��ذي حسم احل��رب إلى صاحله في معركة اكتيوم‬ ‫في ‪ 31 /9/2‬ق‪.‬م‪ .‬التي أرخ بها سكان توكرة نقوشهم‪ .‬والتوجد معلومات‬ ‫دقيقة تخص توكرة خالل حكم االباطرة الرومان قبيل شغب إليهود‪ ،‬وان كان‬ ‫هناك ازدهار بهذه املدينة جنم عن السالم االغسطي فقد قضى عليه ذلك‬ ‫الشغب الذي احدثه إليهود باإلقليم ما بني ‪ -117 115‬م‪ ،‬وبعد هذا احلدث‬ ‫املدمر مدت يد االصالح إلى توكرة حيث منحت مع كيريني صفة املستعمرة‬ ‫(‪ )Colonia‬ومن ثم حتصل سكان توكرة على حقوق املواطنة الرومانية‪،‬‬ ‫كما اعيد تخطيط املدينة وتنظيم مبانيها واضيفت إليها بعض املباني لعل‬ ‫اهمها بازيلكا في عصر االمبراطور هادريان (‪138-117‬م) التي بنيت على‬ ‫انقاضها الكنيسة الشرقية‪ ،‬وميكن التعرض بشيئ من الشرح لتخطيط‬ ‫املدينة ومقابرها في العصر الروماني‪:‬‬ ‫تخطيط املدينة ‪:‬‬ ‫واذا كان مخطط املدينة الهلينيستي غير واضح حالياً اال انه يبدوينحى‬ ‫نحومخطط رقعة الشطرجن اواملخطط الشبكي ال��ذي ينقصه التناسق‬ ‫الهندسي الدقيق ال��ذي ام�ت��از ب��ه التخطيط ال�ه�ي�ب��ودام��ي‪ ،‬ويعتمد هذا‬ ‫املخطط على اربعة شوارع رئيسية متقاطعة يتفق الشارعان الرأسيان مع‬ ‫مخطط امليناء االصطناعي مما يؤكد هلينيستية ذلك امليناء‪ ،‬ومن املؤكد‬ ‫ان منتصف القرن الثاني امليالدي قد شهد ادخال تعديالت جوهرية على‬ ‫املخطط الهلينيستي حيث خططت املدينة وفقا لتخطيط املدن الرومانية ‪-‬‬

‫بيرسفون ابنة دمييتير‬ ‫املعتمد على الشارع العرضي الرئيسي اي الديكومانوس ( ‪Decomanus‬‬ ‫‪ ،)Maximus‬والشارع الطولي الرئيسي اي الكاردو(‪،)Cardo Maximus‬‬ ‫إضافة إلى شبكة الشوارع العرضية والطولية الفرعية التي ترتبط مع بعضها‬ ‫ومع الشارعني الرئيسيني بالتعامد اوالتقاطع مكونة مساحات اوجزيرات‬ ‫(‪ )Insulae‬بنيت عليها مباني املدينة‪ .‬ولعل من اهم شوارع املدينة الذي من‬ ‫الضروري الوقوف عنده قليال هوالشارع العرضي الرئيسي (الديكومانوس)‬ ‫الذي يربط املدينة من الشرق إلى الغرب حيث ميتد باستقامة بني البوابتني‬ ‫الشرقية والغربية‪ ،‬ويعد هذا الشارع اطول شوارع املدينة واوسعها فهوميتد‬ ‫ملسافة تقدر بحوالي ‪ 600‬متراً واقصى ع��رض له يتراوح ما بني ‪7.20‬‬ ‫– ‪ 7.40‬متراً‪ ،‬ويوجد رصيف للمشاة على جانبي ذلك الشارع يرتفع عن‬ ‫مستوى أرضيته التي بلطت بلوحات حجرية‪ ،‬كما كانت توجد نافورات مياه‬ ‫على جانب الشارع من الناحية الشمالية الستعمالها من قبل امل��ارة‪ ،‬هناك‬ ‫بقايا واحدة قرب البوابة الغربية‪ ،‬وأخرى قرب احلصن البيزنطي في شرق‬ ‫الديكومانوس‪ ،‬ومم��ا يلفت االنتباه في ه��ذا الديكومانوس وج��ود مجرى‬ ‫تصريف مياه ميتد مبوازاة احلصن البيزنطي واجلمنازيوم يتجه شرقا خارج‬ ‫البوابة الشرقية‪ ،‬وب��دوره يلتقي مع مجرى آخر ميتد من اجلنوب الشرقي‬ ‫إلى الشمال الغربي رمبا ليحمل املياه نحوالبحر‪ .‬وتوجد بهذا الشارع بقايا‬ ‫معمارية يبدوانها متثل قوس نصر يؤرخ ما بني ‪ 320 – 317‬م تقريباً‪.‬‬ ‫املقابر الرومانية ‪:‬‬ ‫يالحظ الزائر إلى شرق املدينة األثرية وغربها وج��ود ‪ 31‬محجراً كانت‬ ‫تستعمل اصال لقطع احلجارة التي بنيت بها مباني املدينة‪ ،‬ثم استغل اغلبها‬ ‫في الدفن خالل العصر الروماني حيث نحتت في واجهاتها مقابر على‬ ‫شكل حجرات مزودة بتوابيت فردية وكوات (مشكاوات)‪ ،‬وقد اصطلح على‬ ‫تسميتها بقبور احلجرات اواملقابر اجلماعية حيث كانت تخصص مقبرة لكل‬ ‫اسرة تدفن بها موتاها‪ ،‬ويبدوان بعض املقابر كانت مشاعا للدفن اجلماعي‬ ‫لسكان املدينة بغض النظر عن انتمائهم السرة معينة‪ ،‬وقد كان امليت يوضع‬ ‫على أرضية املقبرة مباشرة اوفي احلفر اي التوابيت التي تنحت على جوانب‬ ‫احلجرة إل��ى جانبه بعض االث��اث اجلنائزي‪ ،‬وبعد ان تتحلل جثته جتمع‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫توكرة ‪ ،Taucheira‬أوتوخيرا‪ ،‬بلدة‬ ‫ليبية تقع حتت منحدر الباكور‪ ،‬تبعد‬ ‫ع��ن مدينة ب��ن��غ��ازي نحو‪ 70‬ك��م إلى‬ ‫ال��ش��رق‪ ،‬وع��ن امل��رج ‪ 20‬كم إل��ى الغرب‬ ‫ع���دد س��ك��ان��ه��ا ‪ 15.000‬أل���ف نسمة‪،‬‬ ‫سميت في الثمانينيات «العقورية»‪.‬‬ ‫أس����س����ه����ا اإلغ�������ري�������ق‪ ،‬ث�����م أص���ب���ح���ت‬ ‫مستعمرة رومانية‪ ،‬ثم بيزنطية‪ ،‬ثم‬ ‫فتحها املسلمون‪ .‬يوجد بها متحف‬ ‫وم��ج��م��وع��ة م���ن اآلث�����ار اإلغ��ري��ق��ي��ة‬ ‫وال���روم���ان���ي���ة‪ ،‬وك���ان���ت م���أه���ول���ة قبل‬ ‫وص����ول اإلغ���ري���ق‪ ،‬ي��ع��ت��ب��ره��ا البعض‬ ‫ج��زء م��ن امل��دن اخلمس الليبية التي‬ ‫مت انشائها شرقي ليبيا‪ ،‬وب���دأت بها‬ ‫احل���ف���ري���ات األث���ري���ة ف���ي ستينيات‬ ‫القرن العشرين‪.‬‬ ‫ه��ذه املدينة استوطنها اإلنسان في‬ ‫ع��ص��ور م��ا ق��ب��ل ال��ت��اري��خ ث��م سكنتها‬ ‫قبيلة البكاليس الليبية ثم استوطنها‬ ‫االغريق في اواخر القرن السابع ق‪.‬م‪.‬‬ ‫وع��رف��ت عندهم ورمب���ا قبلهم باسم‬ ‫تاوخيرا‪ ،‬وقد هيمنت عليها مدينة‬

‫ك��ي��ري��ن��ي (ق���وري���ن���ي) ووق���ع���ت حتت‬ ‫سيطرة ملوكها في القرنني السادس‬ ‫واخلامس ق‪.‬م‪ .‬وقد شاركتها في هذه‬ ‫الهيمنة مدينة برقة (حاليا امل��رج)‬ ‫التي استمرت هيمنتها حتى القرن‬ ‫الرابع ق‪.‬م‪ .‬بحيث أصبحت تاوخيرا‬ ‫ح��ل��ي��ف��ة ل���ه���ا ف��ي��م��ا ي���ع���رف ب��ال��ع��ص��ر‬ ‫اجلمهوري عصر استقالل امل��دن عن‬ ‫ملوك كيريني بعد سقوط امللكية في‬ ‫حوالي عام ‪ 440‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫ف���ي ال��ع��ص��ر ال��ه��لّ��ي ِ��ن��س��ت��ي‪ /‬البطلمي‬ ‫ع���رف���ت ت���اوخ���ي���را ب���اس���م «ارس���ن���وي»‬ ‫(ن��س��ب��ة إل���ى امل��ل��ك��ة ارس���ن���وي الثانية‬ ‫زوج��ة بطليموس الثاني) وأصبحت‬ ‫م��ن��ذ ع����ام ‪ 322‬ق‪.‬م‪ .‬إل����ى ع����ام ‪96‬‬ ‫ق‪.‬م‪.‬تابعة للملوك البطاملة في مصر‪،‬‬ ‫ث��م تابعة ل�لإم��ب��راط��وري��ة الرومانية‬ ‫شأنها ش��أن بقية اإلقليم‪ُ ،‬تسير من‬ ‫قبل حكام يرسلهم الرومان من روما‪،‬‬ ‫وب��ع��د ان��ت��ق��ال ع��اص��م��ة ال���روم���ان إل��ى‬ ‫القسطنطينية عام ‪ 324‬م‪ ،‬أصبحت‬ ‫ُتسير من قبل االباطرة البيزنطيني‪،‬‬

‫وق�������د ش�����ه�����دت ازده������������ار ف�����ي ع��ص��ر‬ ‫االمبراطور جستنيان (‪ 565-527‬م)‬ ‫وما بعده‪ ،‬وبسبب جودة حتصيناتها‬ ‫أصبحت آخ��ر معقل للبيزنطيني في‬ ‫اإلقليم أثناء الفتوحات اإلسالمية‬ ‫ع��ام ‪ 642‬م‪ ،‬وق��د متكن املسلمون من‬ ‫فتح ت��وك��رة ح��وال��ي ع��ام ‪ 645‬م‪ ،‬وقد‬ ‫استقر بها املسلمون فترة م��ن الزمن‬ ‫حتى القرن احلادي عشر امليالدي ثم‬ ‫ُهجرت‪.‬‬ ‫من أب��رز آث��ار املدينة محاجر املدينة‬ ‫وماحتويه من مقابر وأب���راج املدينة‬ ‫وأس�����واره�����ا‪ ،‬ش�����ارع ال���دي���ك���وم���ان���وس‪،‬‬ ‫احل����م����ام����ات ال��ب��ي��زن��ط��ي��ة واحل���ص���ن‬ ‫البيزنطي‪-‬اإلسالمي‪ ،‬إضافة ملتحف‬ ‫توكرة املوجود داخل القلعة التركية‬ ‫اإليطالية‪.‬‬


‫عظامه لتوضع في الكوات املنحوتة في اجلدران اوتوضع في جرار كبيرة‬ ‫توضع على األرضية اوفي ارك��ان احلجرة‪ ،‬وقد زودت غالبية تلك املقابر‬ ‫بنقوش إغريقية وقليل التينية كانت تنقش على واجهاتها وحتديدا أعلى‬ ‫مداخلها أوعلى جانبي تلك املداخل بعضها محصورا داخل اطار اوواجهة‬ ‫مبنى اي قوصرة (بيدمنت)‪ ،‬وجرت العادة ان حتمل تلك النقوش سنة الوفاة‬ ‫(حرف إغريقي اواكثر يعبر عن عدد يسبقه حرف ‪ L‬الذي يعبر عن السنة‬ ‫) ثم تاريخ الوفاة باليوم والشهر (وفقا للشهور املصرية القدمية)‪ ،‬ثم اسم‬ ‫الشخص املتوفى متبوعاً باسم والده يليه عمر املتوفى مسبوقا بحرف ( ‪) L‬‬ ‫أو(‪ )etwn‬مبعنى سنة‪ ،‬وقد امكن من خالل تلك النقوش معرفة ان سكان‬ ‫توكرة من إغريق ورومان وليبيني ويهود قد دفنوا بها‪ ،‬وان اقدم استخدام‬ ‫لها في أواخر القرن األول ق‪.‬م‪ .‬واستمرت خالل القرون امليالدية الثالثة‬ ‫وتبني هذا االستخدام ايضا من خالل االثاث اجلنائزي الذي ُع ِث َر عليه في‬ ‫تلك املقابر املتمثل في مجموعة من االواني الفخارية واملصابيح والقارورات‬ ‫الزجاجية وغيرها من اللقى األخرى‪،‬وقد اعيد استخدام تلك املقابر في‬ ‫العصر البيزنطي وحتديدا في القرنني اخلامس والسادس امليالديني‪.‬‬ ‫وبعد هذا الوصف لبعض املعالم يجدر التوقف قليال للحديث عن احد‬ ‫ابرز االحداث التي شهدتها املدينة في العصر الروماني اسوة مبدن اإلقليم‬ ‫األخ��رى اال وهوتغيير بعض سكان توكرة لديانتهم الوثنية مفضلني عنها‬ ‫املسيحية التي بدأت في الظهور في اإلقليم في القرن االول امليالدي ثم‬ ‫انتشارها به في القرن الثالث امليالدي حتى اصبحت الديانة االكثر شيوعا‬ ‫به في القرن الرابع امليالدي والسيما عقب مرسوم ميالن ع��ام ‪ 313‬م‬ ‫الذي اعترف فيه االباطرة الرومان باملسيحية‪ ،‬وقد حتولت توكرة آنذاك‬ ‫إل��ى مركز اسقفية في القرن الرابع وك��ان بها اسقف يدعى سكيندوس‬ ‫شارك في مجمع نيقيا الديني املنعقد في ‪ 325/5/20‬م‪ ،‬لكن هذا اليعني‬ ‫نهاية الوثنية باملدينة التي من املؤكد قد انتهت واصبحت ديانة سكان توكرة‬ ‫كافة بعد اصدار االمبراطور ثيوديسيوس األول مرسوماً ضد الوثنيني عام‬ ‫‪ 392‬م ُمنعت مبوجبه الوثنية في االمبراطورية‪ ،‬ويبدوان القرن اخلامس‬ ‫كان عصر ازده��ار املسيحية بتوكرة فقد شارك اسقفان منها في مجمع‬ ‫افيسوس األول والثاني‪ ،‬وتفصيل ذلك ان اسقفها املدعوزينون شارك في‬ ‫مجمع افيسوس األول املنعقد ما بني ‪ 6/22‬إلى ‪ 7/31‬من عام ‪ 431‬م‪،‬‬ ‫كما شارك اسقفها املدعوفوتينوس في مجمع افيسوس الثاني املنعقد عام‬ ‫‪ 449‬م وامل �ع��روف باسم مجمع اللصوص (‪ ،)Latrocinium‬ه��ذا من‬ ‫الناحية الوثائقية ولكن من الناحية املادية األثرية لم يكشف بشكل مؤكد‬ ‫على اية معالم مسيحية ترجع إلى ذلك العصر‪،‬اال انه يبدوان معابد توكرة‬ ‫الوثنية التي كانت قائمة آنذاك مثل حرم دمييتر وبيرسفوني ومعبد ليبرباتر‬ ‫(باخوس)‪ ،‬ومعبد آمون ومعابد أخرى غير معروفة قد دمرت ولم يقم لها‬ ‫قائمة بعد ذلك وحلت محلها الكنائس املسيحية السيما بعد صدور قانون‬ ‫ثيوديسوس الثاني وفالنتنيان الثالث الصادر في ‪ 435/11/14‬م الذي ينص‬ ‫على تدمير املعابد وعدم اقامة الشعائر الوثنية‪ .‬ومما يجدر ذكره ان تغيير‬ ‫الوجه املعماري للمدينة الوثنية لم يقتصر على املباني الدينية بل وصل إلى‬ ‫املباني املدنية ال سيما تلك التي لم تعد تتفق مع العقيدة اجلديدة‪ ،‬وفي هذا‬ ‫الصدد فانه من املؤكد ان اجلمنازيوم قد هجر ثم دمر عن قصد واستغلت‬ ‫احجاره في تشييد مباني أخ��رى‪ ،‬إضافة إلى ان البازيليكا قد دمرت ثم‬ ‫حلت محلها الكنيسة الشرقية‪ .‬وبنظرة عامة على املباني الدينية املسيحية‬ ‫باملدينة فيالحظ انه إلى جانب الكنيسة الشرقية توجد الكنيسة الغريبة‬ ‫إضافة إلى كنيسة خارج السور الغربي‪ ،‬كما كانت توجد كنيسة أخرى خارج‬ ‫السور اجلنوبي اختفت معاملها منذ زم��ن‪ ،‬وينبغي التنويه إلى ان كنائس‬ ‫توكرة اتسمت بالتواضع في مواد بنائها وجتهيزها فلم يستخدم فيها الرخام‬ ‫مبان أخرى مثل غالبية مواد‬ ‫بشكل رئيسي وان استخدم فهومنقول من ٍ‬ ‫البناء األخرى التي بنيت منها تلك الكنائس‪ ،‬كما زخرفت بعضها بأرضيات‬ ‫فسيفسائية مثل الكنيسة التي خارج السور اجلنوبي والكنيسة الشرقية التي‬ ‫ميكن وصفها على النحوالتالي‪:‬‬ ‫الكنيسةالشرقية‪:‬‬ ‫تعد هذه الكنيسة مثاالً جيداً للمعمار املسيحي باملدينة من حيث انها‬

‫قد تكون اقدم كنيسة بتوكرة‪ ،‬وكنيستها الرئيسة (كاتدرائية) كما انها‬ ‫اجريت بها حفريات وكشف عن معاملها على خالف بقية الكنائس وذلك‬ ‫خالل احلفريات التي اجريت في بداية ستينيات القرن العشرين‪ ،‬وهي‬ ‫تقع في القطاع الشمالي الشرقى من املدينة مجاورة للسور الشرقي‬ ‫الذي تبعد عنه مسافة ‪ 75‬متراً‪ ،‬وتتمثل هذه الكنيسة في مبنى مستطيل‬ ‫الشكل ابعاده ‪ 30.70 × 42.20‬متراً تقريباً‪ ،‬وهى من طراز الكنائس‬ ‫البازيلكية ثالثية االجنحة ( اى صحن وجناحان)‪ ،‬تقع حنيتها النصف‬ ‫دائرية فى الناحية الشمالية الشرقية‪ ،‬وحتيط بها حجرتان جانبيتان‬ ‫غير منتظمتا الشكل وكانتا تفتحان على احلنية وعلى جناحي الكنيسة‬ ‫ايضا‪ ،‬وقد كانتا تستخدمان الغ��راض طقسية منها تخزين القرابني‬ ‫والكتب الدينية ومالبس الكهنة وغيرها من االشياء التي تستخدم في‬ ‫طقوس الصالة اوالقداس‪ ،‬وهما يرتبطان بحجرات صغيرة التي بدورها‬ ‫ترتبط بجناحي الكنيسة واقسامها‪ ،‬اما الصحن فهو ُمقسم إلى ثالثة‬ ‫اقسام (صحن وجناحان) بواسطة صفني من االعمدة الدورية التيجان‬ ‫واالتيكية القواعد‪ ،‬التي يبلغ عددها فى كل صف تسعة اعمدة‪ ،‬رمبا‬ ‫ترجع ملبنى البازيلكا الذي بنيت مكانه هذه الكنيسة‪ ،‬ويالحظ ان الكتل‬ ‫احلجرية التي نصبت عليها االعمدة رمبا كانت متثل ساكف (ارشيتريف)‬ ‫من مبنى سابق‪ ،‬نقش على احداها اختصار كلمة امبراطور (‪)IMP‬‬ ‫أسفل قاعدة العمود السابع‪ ،‬ويالحظ ان اجلناحني قد بلطا بالواح من‬ ‫احلجر الرملي‪ ،‬ومن قبل بالفسيفساء‪ ،‬إضافة إلى ان اجلزء الغربي من‬ ‫الصحن كان مغطى بأرضية فسيفسائية بزخارف هندسية ومشاهد‬ ‫آدمية وحيوانية ضاعت اوانها نقلت من مكانها منذ سنوات‪ .‬وال توجد‬ ‫اية بقايا واضحة من الساحة املقدسة التي كانت ممتدة من حاشية‬ ‫احلنية شرقاً حتى العمود السادس من اعمدة الصحن غرباً وانها كانت‬ ‫مفصولة عن اجلناحني بستائر حجرية اوخشبية تتخلل جزء من اعمدة‬ ‫الصحن‪ ،‬ولم يعثر ال على بقايا املذبح وال املنبر اللذين رمبا كانا من‬ ‫اخلشب‪ .‬وتوجد فى النهاية اجلنوبية الغربية من الكنيسة سقيفة ضيقة‬ ‫إلى حد ما بلطت بلوحات حجرية من احلجر الرملي مثل غالبية حجرات‬ ‫الكنيسة‪ ،‬وتفتح السقيفة على الصحن بواسطة مدخل عريض وعلى‬ ‫اجلناحني مبدخلني ضيقني‪ .‬ويحتوي القطاع الشمالي الغربي للكنيسة‬ ‫على عدة حجرات لعل اهمها واكبرها حجرة مستطيلة الشكل رمبا متثل‬ ‫الفناء (اتريوم) وهي تفتح على اجلناح الشمالي الشرقي مما قد يؤكد‬ ‫ارتباطها بداخل الكنيسة بدال من خارجها‪ ،‬ويحتوي هذا القطاع على‬ ‫حجرات منها حجرة بها درج عثر فيه على نقش إغريقي ينسب إلى‬ ‫االمبراطور هادريان معاد استخدامه في ذلك الدرج أواملنصة‪ ،‬يشير إلى‬ ‫اهداء هذا االمبراطور بازيلكا إلى مدينة توكرة‪ .‬اما اهم حجرات القطاع‬ ‫اجلنوبي الشرقي من الكنيسة فهي الصالة التي ميكن الدخول إليها من‬ ‫اجلناح اجلنوبى الشرقي فقد قسمت إلى ثالثة أقسام غير منتظمة‬ ‫بواسطة زوجني من األعمدة بلطت بلوحات من احلجر الرملي واجليري‬ ‫والرخام‪ ،‬ومن خالل االهتمام بهذا اجل��زء يوحي انه رمبا كان املكان‬ ‫اخل��اص باالسقف اذ يوجد به ايضا مكان مخصص لكرسي اوعرش‬ ‫االسقف قرب منتصف اجل��دار اجلنوبي الغربي كان مبلطاً بالرخام‪،‬‬ ‫ويوجد في هذا القطاع مدخالن جانبيان يؤديان إلى الكنيسة‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى مدخل آخر يطل على شارع عرضي في الناحية الشمالية الغربية‪.‬‬ ‫ويالحظ ان جتهيزات هذه الكنيسة بسيطة فاعمدتها من احلجر الرملي‬ ‫وغالبية م��واد بنائها وأرضيتها من امل��ادة نفسها باستثناء وج��ود بقايا‬ ‫أرضية فسيفسائية فى اجلناح اجلنوبي الشرقي والصحن‪ ،‬وأرضية‬ ‫رخامية في الصالة‪ ،‬كما استخدمت بها اعمدة رخامية مجلوبة من‬ ‫مبان أخرى‪.‬اما عن تاريخها فيبدوانها قد بنيت في االصل في القرن‬ ‫ٍ‬ ‫اخلامس امليالدي قياساً على طرازها‪ ،‬كما ادخلت عليها تعديالت في‬ ‫القرن السادس امليالدي منها قفل بعض امل��داخ��ل‪ ،‬وتعديل في بعض‬ ‫احلجرات وإضافة أرضية فسيفسائية وغيرها‪ ،‬ومن ثم فان الشكل‬ ‫احلالي للكنيسة ميكن ان يؤرخ بالنصف األول من القرن السادس أي إلى‬ ‫عصر االمبراطور جستنيان (‪ 565-527‬م)‪ ،‬مع وجود تعديالت الحقة‬ ‫في زمن ليس من السهل حتديده‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫ّ‬ ‫منظمة موزيال‬ ‫غير الرّبحية‪..‬‬ ‫تعتزم إنتاج‬ ‫هواتف بنظام‬ ‫فايرفوكس‬

‫تعتزم منظمة موزيال تغيير استراتيجيتها مع نظام الهواتف الذكية‬ ‫خاصتها‪« ،‬فايرفوكس أو إس» ‪ ،Firefox OS‬حيث تنوي الشركة‬ ‫التركيز على جودة الهواتف بدالً من االهتمام بإنتاج نسخ منخفضة‬ ‫التكلفة منها‪.‬‬ ‫وتسعى املنظمة غير الربحية إلى إنتاج هواتف ذات قدرات وإمكانيات‬ ‫مميزة‪ ،‬حيث ذكر الرئيس التنفيذي لشركة موزيال (كريس بيرد) في‬ ‫رسالة إلكترونية ملوظفي الشركة أن املستخدمني يتطلعون إلى رؤية‬ ‫منتجات متتعهم بتجربة استخدام متميزة باملقام األول‪ ،‬قبل التكلفة‬ ‫القليلة‪.‬‬ ‫وت �ب�ين أرق� ��ام م�ب�ي�ع��ات ه��وات��ف‬ ‫ف��اي��رف��وك��س ح �ت��ى اآلن ع��دم‬ ‫قدرة املنظمة غير الربحية على‬ ‫مجاراة الشركات العمالقة في‬ ‫س��وق الهواتف الذكية‪ ،‬حيث ال‬ ‫تستطيع ه ��ذه امل�ن�ظ�م��ة توفير‬ ‫اإلم� �ك ��ان� �ي ��ات ال �ل�ازم� ��ة إلن �ت��اج‬ ‫ه��وات��ف منافسة‪ ،‬ف�ق��ال املدير‬ ‫ال �ت �ن �ف �ي��ذي مل��وظ�ف�ي��ه إن تغيير‬ ‫العالم يبدو عظيماً ورائعاً جداً‪،‬‬ ‫ل�ك�ن��ه ي�ت�ط�ل��ب ال �س �ي��ر ف��ي ممر‬ ‫طويل محفوف باملخاطر‪.‬‬ ‫ويصعب عمل طفرة كبيرة في‬

‫سوق ضخم مثل سوق الهواتف الذكية‪ ،‬والذي سجل مبيعات تقدر‬ ‫بنحو ‪ 96‬مليار دوالر‪ ،‬مع شحن ‪ 310‬مليون هاتف ذكي في الربع‬ ‫األول من عام ‪ 2015‬اجلاري‪.‬‬ ‫وي��رى بعض احملللني أن لكي تدخل موزيال إل��ى املنافسة يجب أن‬ ‫تقوم بالتركيز على توفير متجر تطبيقات غني‪ ،‬وهو أول سبب يجعل‬ ‫املستخدمني يقبلون على شراء هاتف يعمل بأي نظام‪ ،‬حيث تتجاوز‬ ‫متاجر تطبيقات أكبر األنظمة الذكية مثل أندرويد و‪ iOS‬املليون‬ ‫تطبيق على أقل تقدير‪.‬‬ ‫يذكر أن م��وزي�لا تسعى لتقليل‬ ‫ال�ف�ج��وة بينها أرق���ام مبيعاتها‬ ‫وأرقام وقوة أندرويد و‪ ،iOS‬إذ‬ ‫أن نظام أندرويد يسيطر بشكل‬ ‫كبير ع�ل��ى ال �ه��وات��ف املتوسطة‬ ‫والقوية وتتوفر هواتف جديدة‬ ‫بسعر أرخ��ص ع��ام�اً بعد ع��ام‪،‬‬ ‫ولكن دون أن تتخلى عن رسالتها‬ ‫األساسية بإيصال التكنولوجيا‬ ‫احل��دي �ث��ة واإلن �ت��رن��ت إل��ى أكبر‬ ‫ع ��دد مم �ك��ن م��ن ال �ب �ش��ر ال��ذي‬ ‫ي�ع�ي�ش��ون ف��ي امل �ن��اط��ق النامية‬ ‫وال �ف �ق �ي��رة ال �ت��ي ال ت �ت��وف��ر بها‬ ‫العديد من اإلمكانيات‪.‬‬


‫أفكار إبداعية بالغة الجرأة‪..‬‬

‫رقائق حاسوب‬ ‫مصنوعة من الخشب‬

‫الغابة جميلة ومظلمة وعميقة‪ ،‬ومليئة مبا ميكن أن‬ ‫يصبح مكونات الكمبيوتر‪.‬‬ ‫مت ه��ذا األس�ب��وع اإلع�لان عن أن باحثون استطاعوا‬ ‫بناء رقائق كمبيوتر من اخلشب‪ .‬ويطلق على املنتجات‬ ‫اخلشبية التي يستخدمها العلماء «السليلوز نانوفايبرل»‬ ‫‪ ،Cellulose Nanofibril‬أو «‪ .»CNF‬أن��ه رقيق‬ ‫ومرن‪ ،‬وعندما يتم تطبيق طبقة من مادة «اإليبوكسي»‪،‬‬ ‫فإنه ال يتوسع أو يجذب الرطوبة مثل اخلشب العادي‪.‬‬ ‫ومتكن الباحثون من استخدام منتج الـ»‪ »CNF‬كقاعدة‬ ‫للدوائر اإللكترونية في الفحوصات التي أجرتها في‬ ‫املختبرات‪ ،‬ويأملون أن اختراعهم سيكون حال ملشكلة‬ ‫النفايات اإللكترونية املتنامية ويساعد في احلفاظ على‬ ‫البيئة‪.‬‬ ‫اخلشب هو مورد متجدد‪ ،‬على عكس الكثير من البدائل‬ ‫املستخدمة التي تعتمد على النفط والتي تستخدمها‬ ‫ال�ش��رك��ات املصنعة لبناء مكونات احل��واس�ي��ب‪ .‬ولكن‬ ‫للخشب ميزة أخ��رى‪ :‬أنها ميكن أن تتحلل في التراب‬ ‫على عكس البالستك‪.‬‬ ‫وقال الباحث الرئيسي في هذا املوضوع «جاك» ‪Jack‬‬ ‫في بيان صحفي «أن غالبية امل��واد املستخدمة على‬ ‫رقاقات احلاسوب هي الدعم‪ ،‬فنحن فقط نستخدم‬ ‫كميات أقل من ‪ 2‬ميكرومتر لكل شيء آخر»‪ .‬وأضاف‬ ‫«الرقائق املصنوعة من اخلشب آمنة وميكنك إع��ادة‬ ‫وضعها في الغابة وسوف تتحلل بالفطريات وتصبح‬ ‫مثل السماد»‪.‬‬ ‫ستمر سنوات قبل أن جتد أجهزة الكمبيوتر مصنوعة‬ ‫من اخلشب في املتاجر‪ ،‬ولكن أجهزة كمبيوتر تستخدم‬ ‫كسماد هي حقاً فكرة مبدعة متاماً‪ ،‬ليس فقط أنها‬ ‫ل��ن تضر البيئة‪ ،‬ب��ل وس��وف تساعد ف��ي من��و النبتات‬ ‫واألشجار‪.‬‬ ‫املجتمع مييل للتعامل مع االلكترونيات على أنها سلع‬ ‫استهالكية (استخدمها بعض الوقت وتخلص منها)‪،‬‬ ‫ولكن على عكس الزجاجة التي يعاد تدويرها أو الطعام‬ ‫الذي يصبح كومة من السماد‪ ،‬مبجرد أن ترمي جهاز‬ ‫احلاسوب العاطل في املهمالت‪ ،‬فإنه ال يختفي‪.‬‬ ‫ف��ي ك��ل ع��ام‪ ،‬يتم رم��ي ‪ 3.2‬مليون ط��ن م��ن النفايات‬ ‫اإلل�ك�ت��رون�ي��ة ف��ي ال��والي��ات امل�ت�ح��دة وح��ده��ا‪ .‬وحت��اول‬ ‫املنظمات إع��ادة تدوير ه��ذه النفايات‪ ،‬ولكن ال تزال‬ ‫ه �ن��اك أط �ن��ان م��ن االل �ك �ت��رون �ي��ات ف��ي ط��ري�ق�ه��ا ملكب‬ ‫النفايات‪.‬‬ ‫ل��ذا ب��دالً من أن يبحث ه��ؤالء العلماء والباحثون في‬ ‫طرق إعادة تدوير النفايات اإللكترونية‪ ،‬فإنهم يحاولون‬ ‫أن يعاجلوا املشكلة من األس��اس‪ ،‬عن طريق صناعة‬ ‫اإللكترونات من مواد قابلة للتحلل‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫جديد لينوفو‪..‬‬

‫ثينك باد ‪ 10‬اللوحي لدعم قطاع األعمال‬

‫كشفت شركة لينوفو اليوم عن حاسب لوحي جديد سيكون األول من‬ ‫بني األجهزة التي تعمل بنظام التشغيل املرتقب‪ ،‬ويندوز ‪ ،10‬ومن‬ ‫املقرر طرحه في السوق خالل شهر أغسطس القادم‪.‬‬ ‫وت �س �ت �ه��دف ال��ش��رك��ة ال �ص �ي �ن �ي��ة ب �ح��اس �ب �ه��ا ال� �ل ��وح ��ي‪ ،‬ث �ي �ن��ك ب��اد‬ ‫‪ ، 10ThinkPad‬ال��ذي تعتزم طرحه بسعر يبدأ من ‪ 499‬دوالراً‬ ‫أميركياً‪ ،‬املستخدمني في قطاع األعمال‪.‬‬ ‫ويتوفر ثينك ب��اد ‪ 10‬اجل��دي��د بخيار م��ع معالج إنتل آت��وم ‪Intel‬‬ ‫‪ Atom‬رب��اع��ي ال�ن��وى‪ ،‬إم��ا ‪ X5 Z8500‬أو ‪ ،X7 Z8700‬وهما‬ ‫ينتميان إلى سلسلة معاجلات تشيري ترايل ‪ Cherry Trail‬التابعة‬ ‫لشركة إنتل‪.‬‬ ‫وتضم اخل �ي��ارات األخ��رى ذاك��رة وص��ول عشوائي ق��دره��ا ‪ 2‬أو ‪4‬‬ ‫غيغابايت‪ ،‬و‪ 64‬أو ‪ 128‬غيغابايت من سعة تخزين داخلية‪ .‬وبغض‬ ‫النظر عن املعالج األسرع ومنفذ يو إس بي ‪ 3.0‬اجلديد‪.‬‬ ‫يأتي ثينك باد ‪ 10‬اجلديد مشابها للجيل السابق‪ ..‬حيث يضم منفذاً‬

‫لبطاقات الذاكرة اخلارجية من نوع مايكرو إس دي ‪ ،microSD‬كما‬ ‫يوجد دعم اختياري لقارئ بصمات األصابع وقارئ للبطاقات الذكية‪،‬‬ ‫وهو يأتي بشاشة قياس ‪ 10.1‬بوصة وبدقة ‪ 1200×1920‬بكسل‪،‬‬ ‫وببطارية تكفي ملدة ‪ 10‬ساعات من العمل‪.‬‬ ‫وإل��ى ج��ان��ب ثينك ب��اد ‪ ،10‬كشفت ش��رك��ة لينوفو ع��ن ج�ه��از لبث‬ ‫الوسائط املتعددة يعمل بنفس طريقة جهاز ال�ب��ث‪ ،‬ك��روم كاست‬ ‫‪ Chromecast‬من غوغل‪ .‬وعند تفعيله‪ ،‬ميكن التحكم باملنتج عن‬ ‫بعد بواسطة جهاز ذكي متصل به عبر شبكات واي فاي الالسلكية‬ ‫ضمن مسافة ‪ 20‬متراً‪.‬‬ ‫وتعتزم الشركة طرح جهاز البث اجلديد‪ ،‬الذي يدعم األجهزة الذكية‬ ‫العاملة باإلصدار ‪ 4.3‬وما فوق من نظام التشغيل أندرويد وبنظام‬ ‫ويندوز ‪ 8.1‬وأجهزة «آي أو إس» املتوافقة مع ميراكاست ‪Miracast‬‬ ‫أو «دي إل إن أي» ‪ ،DLNA‬بسعر ‪ 49‬دوالرا خالل شهر أغسطس‬ ‫القادم‪.‬‬


‫يحدث في الواليات المتحدة‪..‬‬

‫الهاكرز يواصلون السطو على دافعي الضرائب‬

‫دائرة اإليرادات الداخلية ‪ ،IRS‬هي دائرة حكومية جلمع الضرائب‪ ،‬كشفت كشفت يوم الثالثاء‬ ‫املاضي عن أن املجرمني يصلون إل��ى املعلومات الضريبية ألكثر من ‪ 100,000‬شخص من‬ ‫دافعي الضرائب عن طريق نظام عبر اإلنترنت‪ ،‬وأن املجرمني جتاوزوا شاشات األمن باستخدام‬ ‫املعلومات الشخصية مثل أرق��ام الضمان االجتماعي وعناوين‪ ،‬والتي يقول اخلبراء أنها تباع‬ ‫بشكل روتيني على االنترنت بني املجرمني مقابل بضعة دوالرات فقط‪.‬‬ ‫وقالت ‪ IRS‬أن حسابات ‪ 200,000‬من دافعي الضرائب تلقت محاوالت الدخول املشبوهة‪،‬‬ ‫ونصف هذه احلسابات مت الوصول إليها‪ .‬ومتكن الهاكرز من الوصول إلى البيانات التي ميليها‬ ‫دافعوا الضرائب في النماذج‪ ،‬والتي حتتوي على هوياتهم وأرقام الضمان االجتماعي وتواريخ‬ ‫امليالد وعناوين الشوارع‪ .‬وق��ال جيف وليامز رئيس قسم التكنولوجيا في شركة للبرمجيات‬ ‫التطبيقات األمنية‪« ،‬هناك الكثير من امل��واق��ع‪ ،‬مبا في ذل��ك مصلحة الضرائب‪ ،‬حيث يقوم‬ ‫املستخدمون بالتسجيل هذه املعلومات الشخصية‪ ،‬وإذا كنت تعرف هذه املعلومات‪ ،‬عندها‬ ‫تفترض اجلهة أنك أنت من سجل الدخول وليس شخص أخر»‪« ،‬لسوء احلظ‪ ،‬هناك الكثير من‬ ‫الناس الذين ميكن أن تكون لديهم تلك املعلومات‪ :‬البنك الذي تتعامل معه‪ ،‬مدرستك‪ ،‬شركت‬ ‫التأمني‪ ،‬وميكن اآلالف ورمبا املاليني من الناس احلصول على هذه املعلومات»‪.‬‬ ‫خروقات البيانات في متاجر مثل «تارقيت» وشركات الرعاية الصحية مبا في ذلك «برمييرا»‬ ‫‪ ،Premera‬وأضف إلى ذلك الكنوز املدفونة من البيانات الشخصية والتي تطوف على االنترنت‪.‬‬ ‫هذه البيانات مثل أرقام الضمان االجتماعي وعناوين وغيرها من املعلومات يتم جتميعها ومن‬ ‫ثم بيعها بني املجرمني في الزوايا املظلمة من شبكة اإلنترنت‪ .‬ميكن أن يطلبوا أسعار عالية في‬ ‫حالة بيع بيانات كثيرة لشخصية محددة‪ ،‬مما يجعل من السهل للمجرمني لتنفيذ سرقات أكثر‬ ‫تطوراً وتعقيداً‪ ،‬ولكن قطعة واحدة من البيانات مثل أرقام الضمان االجتماعي ميكن بيعها مببلغ‬ ‫مثل ‪10‬دوالرات‪.‬‬ ‫‪ IRS‬تنبه اآلالف بعد االختراق األمني‬ ‫وقال «كني يسنت» (محلل أمني مخضرم يعمل في شركة األمن «تريبواير» ‪« :)Tripwire‬يبدو‬ ‫أن أمراً مثل هذا ال يجني سوى مبالغ صغيرة من املال‪ ،‬ولكن هذا هو نوع من اجلرمية يتم تنفيذه‬ ‫بكميات كبيرة»‪ ،‬وأضاف «وإن هذا اقتصاد كامل لهذه اجلمعيات أو األشخاص»‪.‬‬ ‫واملجرمني ميكنهم محاولة استخدام هذه املعلومات لتقدمي اإلقرارات الضريبية االحتيالية‪ ،‬أو‬ ‫كما تشتبه ‪ IRS‬أن املجرمني يخططون للقيام بهذا في هذه احلالة‪ ،‬وكذلك سرقة األموال من‬ ‫بطاقات االئتمان‪ ،‬وتلقي العالجات الطبية من خالل ارتكاب سرقة الهوية‪.‬‬ ‫وأضاف «وينسنت»‪« :‬وليس كل ما في قواعد البيانات هذه من املعلومات املسروقة جيدة ويتم بيعها‬ ‫والعمل بها بني للمجرمني‪ ،‬ولكن ميكن للمجرمني أن يحصلوا على بضعة آالف من الدوالرات‬ ‫من الكثير من األهداف‪ ،‬ورمبا عشرات اآلالف من عدد قليل إذا كان املجرمني محظوظني «‪.‬‬ ‫مصلحة الضرائب ‪ IRS‬أرسلت رسائل هذا األسبوع لدافعي الضرائب الـ‪ 200,000‬الذين مت‬ ‫محاولة الوصول غير املصرح به حلساباتهم‪ ،‬ونصف هؤالء الناس الذين مت اختراق حساباتهم‬ ‫سيتم تقدمي مراقبة االئتمان املجانية حلساباتهم‪ .‬وحذرت الوكالة من أن املجرمني قد يستخدموا‬ ‫بيانات احلسابات بقصد استخدامها لسرقة الهويات في موسم الضرائب املقبل‪.‬‬ ‫ومن الغريب أن الناس مصدومني ملا حصل لـ‪ IRS‬كما لو أن احلكومة األمريكية يستحيل اختراق‬ ‫مواقعها‪ ،‬احلقيقة هي أن دائرة الضرائب غير قادرة على حماية معلومات الناس من كل شيء‬ ‫أو كل محاولة اختراق‪.‬‬ ‫املستهلكون يعانون أكثر من غيرهم‪ ،‬ولكن أحد اخلبراء قال للضحايا أن ال داعي للذعر‪ .‬وقال‬ ‫«جون غون» رئيس االتصاالت في شركة «فاسكو»‪« :‬في الواقع‪ ،‬ال ينبغي أن يكون قلقني جداً‪،‬‬ ‫وإذا تلقى أحد رسالة من الـ‪ ،IRS‬ينبغي أن يأخذ نفساً عميقاً ويسترخي ويستعد لبعض املكاملات‬ ‫الهاتفية املزعجة لتصحيح كل شيء‪ .‬أنه أمر ممل‪ ،‬ولكن ليس هناك مخاطر مالية خطيرة»‪.‬‬ ‫لكن في حقيقة األمر أنه ليس هناك الكثير لفعله من قبل دافعي الضرائب‪ ،‬ال ميكنك أن ترفض‬ ‫إعطاء معلومات ملصلحة الضرائب‪ ،‬وان هذا ليس خطأ العمالء‪ ،‬وفي أخر املطاف أن هناك‬ ‫بعض املجرمني الذين يحاولون كسب املال من كل من وسعهم‪ ،‬بغض النظر عن أي عامل أخر‪.‬‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫هل انتخبت الديمقراطية الفساد؟!‬

‫إمبراطورية بالتر!!‬


‫األمير على آثر االنسحاب في جولة اإلعادة‬

‫في وجه من رفع شارة النصر؟‬

‫كيف سيدير الوالية اخلامسة؟‬

‫إلى اليوم مازال الوسط الرياضي العاملي مقسوما إلى‬ ‫طرفني في قضية ف��وز السويسري العجوز جوزيف‬ ‫بالتر ب��والي��ة خامسة ف��ي انتخابات الفيفا ‪ :‬طرف‬ ‫بلغ به االغتياظ حد لعن الدميقراطية التي جرت‬ ‫الفساد مجددا إلى املؤسسة الكروية األول��ى بحسب‬ ‫رؤيتهم ‪ ،‬وطرف ثان سارع منذ اللحظة التي أعلن فيها‬ ‫عن هوية املنتصر في االنتخابات إلى تقدمي التهانىء‬ ‫لبالتر ومباركة االختيار ‪.‬‬ ‫جثم يوم اجلمعة املوافق ‪ 2015 / 5 / 29‬ككابوس ثقيل‬ ‫على ص��در رئيس الويفا الفرنسي ميشال بالتيني‬ ‫ال���ذي ل��م ي��خ��ف ش��ع��وره بخيبة األم���ل وهويتحدث‬ ‫للصحفيني عقب إع�لان نتيجة االنتخابات محاوال‬ ‫التخفيف م��ن أث��ر ال��ص��دم��ة عندما ق��ال « إن أوروب���ا‬ ‫«ستواصل الضغط من أجل إحداث تغييرات ملساعدة‬ ‫الفيفا على استعادة سمعته»‪ ،‬وأن «التغيير بات حتميا‬ ‫من وجهة نظره إذا رغبت هذه املؤسسة في استعادة‬ ‫مصداقيتها‪.‬‬

‫بالتيني الذي يستفاد من تصريحه السابق أن الرجل لم يرفع الراية‬ ‫البيضاء بعد‪ ،‬وأنه ماض في حملته ضد بالتر حتركه نوازع مصلحة‬ ‫قارته أوال وأخيرا ‪ ..‬وهناك من األدلة ما يكفي لتأكيد هذه احلقيقة‬ ‫ألم ينتقد بالتيني دع��وة بالتر بإضافة نصف مقعد في تصفيات‬ ‫كأس العالم لدول الكونكاف عندما قال ‪ :‬إذا أراد بالتر أن يعطي‬ ‫لقارة نصف مقعد‪ ،‬وأكبر إجناز حققته إحدى دولها هو الوصول إلى‬ ‫الترتيب الثامن في املونديال فماذا سيعطي أوروبا التي حتصلت على‬ ‫النسخ الثالث األخيرة من كأس العالم‪ ،‬ورد بالتر على الديك الفرنسي‬ ‫أنذاك بجملته الشهيرة « إن الكرة األرضية ال تدور على أوروبا فقط ‪.‬‬ ‫ألم يقف بالتر في وجه دعوات بالتيني املتكررة بإضافة مقاعد‬ ‫إضافية أخ��رى ألوروب��ا حتت دع��وى التفوق ال�ك��روي واستئثارها‬ ‫باملراتب األولى في تصنيف الفيفا للمنتخبات‬ ‫وجه أوروبي أخر وقف بقوة ضد ترشح بالتر وهو رئيس االحتاد‬ ‫األجنليزي جريج داي��ك ال��ذي م��ازال على موقفه الرافض لوجود‬ ‫السويسري العجوز على رئاسة الفيفا متوقعا عدم إكماله السنوات‬ ‫األربع بسبب احلملة الشديدة ضده‬ ‫هناك من يفسر موقف دايك أو موقف مواطنه رئيس الوزراء ديفيد‬ ‫كاميرون من بالتر على خلفية دعم األخير لروسيا في تنظيم كاس‬ ‫العالم ‪ 2018‬املقبلة‪ ،‬ولعل ما أفضى به الدولي االجنليزي غاريث‬ ‫نيفل الالعب السابق لفريق مانشستر يونايتد في مقال نشرته‬ ‫صحيفة (ديلي تيلغراف) البريطانية مؤخرا ما يدعم هذا التفسير ‪.‬‬ ‫لقد قدم نيفل ما وصف باحلل اجلذري إلسقاط (رئيس العصابة)‬ ‫جوزيف بالتر من على كرسي رئاسة الفيفا عبر مقاطعة أفضل‬ ‫وأقوى جنوم العالم لكأس العالم ‪ 2018‬في روسيا‪.‬‬ ‫وقال إن‪« :‬البرتغالي كريستيانو رونالدو واألرجنتيني ليونيل ميسي‬ ‫ق��ادران على إزاحة بالتر عن كرسيه بسبب نفوذهما وامتالكهما‬ ‫لقاعدة جماهيرية ضخمة»‪.‬‬ ‫وأض��اف‪« :‬ميسي ورونالدو العبا كرة قدم ‪ ..‬وال يهتمان بالسياسة‬ ‫كثيرا ‪ ..‬ولكن اتخاذ هذا القرار سيكون مبثابة هزة جديدة في العالم»‪.‬‬ ‫أليس حل نيفل يصب في إطار احلملة اإلجنليزية على مقاطعة‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫في رئاسته للفيفا أطل‬ ‫الفساد بوجهه الكريه ‪..‬‬ ‫وصدرت القرارات الفنية‬ ‫احلاسمة !‬

‫كأس العالم في روسيا وإجبار الفيفا بالتالي على سحب التنظيم من‬ ‫الدب الروسي ‪.‬‬ ‫املصلحة أوال وأخير ًا‬ ‫املصلحة فقط هي من دفعت الروس إلى الوقوف وراء بالتر‪ ،‬لهذا‬ ‫لم يكن مستغربا مبادرة الكرملني بتقدمي التهنئة للعجوز السويسري‬ ‫وإصدار بيان عبر فيه الرئيس فالدمير بوتني عن ثقته بأن اخلبرة‬ ‫واملهنية والسلطة العليا ستساعد سيب بالتر في املستقبل على‬ ‫تشجيع زيادة شعبية كرة القدم وتعزيز انتشارها جغرافيا في كل‬ ‫أنحاء العالم»‪.‬‬ ‫وأكد البيان أن روسيا ترغب في التعاون مع الفيفا بصفة عامة وفي‬ ‫اإلعداد لنهائيات كأس العالم ‪ 2018‬التي تستضيفها بصفة خاصة‪.‬‬ ‫ال��روس بصريح العبارة اعتبروا انتصار بالتر إفشاال للمؤامرة‬ ‫ضد تنظيمهم لكاس العالم ‪ ،‬ولكن ماذا عن األخرين الذين منحوا‬ ‫أصواتهم لبالتر ؟‬ ‫إذا فتشنا عن األسباب التي جعلت الناخبني ال « ‪ »133‬مينحون‬ ‫أصواتهم لبالتر فرمبا نحتاج إل��ى مساحة إضافية ال حتتملها‬ ‫املجلة‪ ،‬فلكل ناخب بواعثه في االختيار‪ ،‬ولكن ميكن التعميم هنا‬ ‫على أن املصلحة وحدها هي من حركت نوازع االختيار‪ ،‬فالعراق‬ ‫مثال وهب صوته لبالتر ألن الثاني وعد خالل لقائه مع وفد عراقي‬ ‫ضم وزير الشباب والرياضة ورئيس االحتاد العراقي لكرة القدم‬ ‫أوائل الشهر املاضي برفع احلظر عن املالعب العراقية في حال‬ ‫فوزه في االنتخابات‪.‬‬ ‫عاصفة الفساد‬ ‫قبل االنتخابات بيومني هبت عاصفة قضائية هزت أركان الفيفا‬

‫رأى بعض احمللليني حينها بأنها كفيلة باإلطاحة ببالتر‪ ،‬فقد مت‬ ‫توجيه اتهامات ضد ‪ 14‬شخصا من بينهم مسؤولون ب��ارزون في‬ ‫الفيفا‪ ،‬أتهمتهم سلطات الواليات املتحدة األمريكية بتلقي الرشي‬ ‫والكسب غير املشروع‪.‬‬ ‫واعتقل على ضوء تلك االتهامات سبعة أشخاص في سويسرا‬ ‫وشخص آخر في ترينيداد وتوباجو ‪ ،‬إلى جانب اعتراف أربعة‬ ‫أشخاص آخرين بالتهم املوجهة إليهم‬ ‫وتدور التحقيقات حول إرسال الفيفا ‪ 10‬ماليني دوالر بطريقة غير‬ ‫مشروعة إلى حساب خاص باحتاد أمريكا الشمالية والوسطى‬ ‫والكاريبي (كونكاكاف) الذي كان يرأسه جاك وارنر‪ ،‬خالل الفترة‬ ‫التي فازت فيها جنوب أفريقيا بحق استضافة مونديال ‪ ،2010‬لكن‬ ‫بالتر أكد أنه لم يكن هو من قام بذلك‪ ،‬وبدا في املؤمتر الصحفي‬ ‫الذي عقد بعد تفجير تلك الفضيحة املالية أشبه برجل أعزل دخل‬ ‫عرين األسد حيث لم تسعفه خبرته وجرأته في التعامل مع مثل‬ ‫هده املواقف في إيجاد الردود املثالية على أسئلة الصحفيني‪ ،‬لكنه‬ ‫بذل جهدا في الدعاية لنفسه ومحاولة إيهام اآلخرين بأنه الشخص‬ ‫الوحيد القادر على قيادة الفيفا وتطوير كرة القدم دون أن يتجاهل‬ ‫تداعيات ه��ذه القضية على مسار املؤسسة الكروية العليا على‬ ‫اعتبار أن أحد املتهمني املقبوض عليهم هو نائبه جيفري ويب ‪.‬‬ ‫بالتر عقب فوزه مباشرة كان له لقاء صحفي كبير ألقى فيه بالالئمة‬ ‫على االحتاد األوروبي للعبة (يويفا) العتراضه على بعض التغييرات‬ ‫مثل اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية من قبل كوجنرس الفيفا بدال‬ ‫من االحتادات القارية التي ال تتمتع عملية االختيار فيها مبعايير‬ ‫مثل التي يتمتع بها الفيفا‪.‬‬ ‫وقال بالتر‪« :‬ميكنني القول فقط إن كل شخص مسؤول عن سلوكه‬ ‫األخ�لاق��ي واألدب ��ي‪ ،‬أن��ا كرئيس للفيفا ال ميكنني أن أفعل ذلك‬


‫يوم اجلمعة يتحول إلى كابوس يجثم على صدر‬ ‫بالتيني بعد اإلعالن عن فوز بالتر‬ ‫أوروبا تقود حربا إعالمية وقضائية ضد رئاسة‬ ‫الفيفا ‪ ..‬والروس يعلنون دعمهم املشروط لبالتر‬

‫مع املقال بن همام املتورط في الرشى‬

‫غاريت نيفل يطرح حال ألزمة الفيفا ويقدم‬ ‫روسيا ككبش فداء‬ ‫العراق مينح صوته لبالتر مقابل رفع احلظر‬ ‫عن مالعبه‬ ‫بالتر وحياتو ‪ ...‬احلليفان‬

‫لألخرين‪ ،‬كنا نريد حتكما أفضل في عملية اإلصالح‪ ،‬ولكن ذلك مت‬ ‫عرقلته من قبل اليويفا»‪.‬‬ ‫وفي حوار تليفزيوني أجراه مع شبكة «آر‪.‬تي‪.‬اس»‪ ،‬حتدث بالتر عن‬ ‫وجود «كراهية» من جانب اليويفا وحذر قائال‪« :‬ميكنني أن أسامح‬ ‫اجلميع ولكنني ال أنسى»‬ ‫هجوم بالتر للويفا ينظر إليه كثير من احملللني األوروبيون على أنه‬ ‫بات املخرج الوحيد له من تهم الفساد التي حتاصر مؤسسته ‪.‬‬ ‫الفضائح املفترضة‬ ‫سيل االتهامات للفيفا لم يتوقف منذ الوالية األولى لبالتر التي بدأت‬ ‫عام ‪ ، 1998‬وهناك عدد من الفضائح املفترضة حاولت صحيفة‬ ‫الكيب الفرنسية جمعها في تقرير نوجزه في النقاط التالية‪.‬‬ ‫انتخابات ‪1999‬‬ ‫بعد عام من انتخاب جوزيف بالتر على رأس االحتاد الدولي لكرة‬ ‫القدم كشف الكاتب اإلنكليزي دافيد يلوب في كتاب أن االنتخابات‬ ‫كانت م��زورة‪ .‬لكن بالتر خ��رج منتصرا بعد ع��رض القضية على‬ ‫القضاء‪.‬‬ ‫‪ 2001‬قضية شركة «إي إس إيل»‬ ‫كانت هذه الشركة تس ّير حقوق بث مباريات كأس العالم والعقود‬ ‫التجارية «للفيفا» وأعلن إفالسها في ‪ 2001‬بعد قرار من القضاء‬ ‫السويسري‪ .‬وحسب أحد التحقيقات‪ ،‬تقاسم كل من الرئيس السابق‬ ‫الحتاد كرة القدم البرازيلي ريكاردو تايكسيرا والرئيس السابق «للفيفا»‬ ‫جواو هافيالجن بني ‪ 1974‬و‪ 1998‬مبلغ ‪ 122‬مليون يورو كرشاوى‪،‬‬ ‫كما أن رئيس نادي كومنوبول من البراغواي كان له نصيبه من الكعكة‪.‬‬

‫رئيس االحتاد األفريقي لكرة القدم عيسى حياتو كان أيضا ضمن‬ ‫املتورطني ‪ .‬كما استفاد ‪ 13‬شخصا آخر لهم عالقة «بالفيفا» من‬ ‫إتاوات قدرت ب‪ 98.1‬مليون يورو‪ .‬ويتهم جوزيف بالتر بأنه غض‬ ‫الطرف عن هذه املمارسات عندما كان كاتبا عاما للمؤسسة إال أنه‬ ‫انسل من هذه القضية انسالل الشعرة من العجني‪ ،‬فيما استقال‬ ‫هافيالجن في ‪ 2013‬من منصبه كرئيس شرفي للفيفا‪.‬‬ ‫‪ 2011‬التشطيب على بن همام من الفيفا‬ ‫اخلصم ال �ل��دود جل��وزي��ف بالتير ف��ي انتخابات رئ��اس��ة «الفيفا»‬ ‫السابقة‪ ،‬القطري محمد بن همام‪ ،‬والذي كان يشغل منصب رئيس‬ ‫الكونفدرالية األسيوية وعضو اللجنة التنفيذية «للفيفا»‪ ،‬حرمه‬ ‫االحتاد الدولي لكرة القدم من ممارسة أي نشاط له عالقة بكرة‬ ‫القدم إلدانته عقب حتقيق بالرشوة في قضية شراء أصوات‪ ،‬إال أن‬ ‫احملكمة الرياضية ألغت هذا القرار‪.‬‬ ‫شبكة تزوير تذاكر مونديال ‪2014‬‬ ‫القضاء البرازيلي فكك شبكة دولية كانت تتاجر في تذاكر مزورة‬ ‫للمباريات خالل مونديال ‪ .2014‬وبني املتورطني في هذه القضية‬ ‫شركة يديرها فيليب بالتر ابن أخي جوزيف بالتر‬ ‫‪ 2014‬رفض نشر تقرير غارسيا‬ ‫ال�ق��اض��ي األم��ري �ك��ي ميخائيل غ��ارس�ي��ا ص��اح��ب ت�ق��ري��ر ح��ول‬ ‫الشكوك التي حامت ح��ول منح قطر وروسيا حق استضافة‬ ‫كأسي العالم ‪ 2018‬و‪ 2022‬استقال من منصبه كرئيس لغرفة‬ ‫التحقيقات وجلنة األخ�لاق�ي��ات ب»الفيفا» ف��ي ‪ 17‬ديسمبر‬ ‫‪ .2014‬وق��د ب��رر املدعي األمريكي ق��راره بإحساسه بالعجز‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫ابنته ال متلك سوى مطعم صغير‬ ‫تديره بنفسها ‪ ..‬والتحقيقات لم‬ ‫تثبت تلقيه حتى دوالرا واحدا‬ ‫كرشوة‬

‫يوم أن أعلن عن فوز قطر بتنظيم مونديال ‪2022‬‬

‫عندما رفضت «الفيفا» نشر تقريره‪.‬‬ ‫‪ 2015‬اتهام حياتو بالرشوة‬ ‫القناة األملانية «أ إردي» بثت شريطا وثائقيا ك��ررت فيه فايدرة‬ ‫املاجد‪ ،‬املسؤولة السابقة عن ملف ترشيح قطر ملونديال ‪،2022‬‬ ‫نفس االتهامات التي صرحت بها في استجواب مع مجلة «فرانس‬ ‫فوتبول» ف��ي ديسمبر ‪ .2014‬أش��ارت امل��اج��د إل��ى أس�م��اء ثالثة‬ ‫مسؤولني عن الكرة في أفريقيا‪ ،‬وه��م في الوقت نفسه أعضاء‬ ‫في اللجنة التنفيذية «للفيفا»‪ ،‬حصلوا وفق تصريحاتها‪ ،‬على ‪15‬‬ ‫مليون دوالر‪ .‬كان عيسى حياتو‪ ،‬رئيس االحتاد األفريقي لكرة القدم‬ ‫ضمن هؤالء املسؤولني الثالثة لكنه نفى هذه االتهامات‪ ،‬فيما طرد‬ ‫املسؤوالن اآلخران من املؤسسة‪.‬‬ ‫بالتر البرىء !‬ ‫معظم االتهامات املوجهة للفيفا تتعلق بتلقي مسؤوليها الرشى‬ ‫السمينة‪ ،‬وعلى ضوء ذلك فإن بالتر بات من األثرياء‪ ،‬لكن تقريرا‬ ‫صدر هو األخر عن ذات الصحيفة السابقة ينفي عن رئيس الفيفا‬ ‫وعائلته صفة الثراء‪.‬‬ ‫تقول اجلريدة الفرنسية أن ابنة جوزيف بالتر الوحيدة المتلك‬ ‫العديد من العقارات أو من سالسل الفنادق أو املطاعمم العاملية‬ ‫املعروفة‪ ،‬بل على العكس متاما فهي المتلك سوى مطعم صغير في‬ ‫سويسرا رفقة زوجها وتتولى بنفسها مسؤولية إدارته‪.‬‬ ‫وحسب محلل بي إن سبورت في بالطو تقدمي انتخابات الفيفا فإن‬ ‫جوزيف بالتر لم تثبت ضده أي عملية فساد من قبل ولم يثبت أن‬ ‫أخذ دوالرا واحدا فقط من الفيفا من قبل رغم عمليات التحقيق‬

‫القضائية والصحفية الكثيرة التي جتري بهذا اخلصوص‪.‬‬ ‫وواصل احمللل حديثه بأن بالتر ال يهتم بجمع ثروة مالية من وراء‬ ‫منصبه وإمنا يهتم باملكانة التي مينحها هذا املنصب له في كل أنحاء‬ ‫العالم‪ ،‬فهو يستمتع ‪-‬حسب احمللل دائما‪ -‬عندما ينادى باإلمبراطور‬ ‫أو عندما يخصص له استقبال ملكي أينما حل وارحتل‪.‬‬ ‫لكن إذا لم تثبت التحقيقات حتى اآلن صحة تلقي بالتر دوالر‬ ‫واحدا كرشوة‪ ،‬فماذا عن التصريحات الصادرة عنه‪ ،‬والتي ينطبق‬ ‫عليها املثل العربي املتداول «من فمك أدينك»‬ ‫لقد قال بالتر عقب فوزه بالوالية الرابعة عام ‪ 2011‬بأنه لن يترشح‬ ‫النتخابات ‪ ، 2015‬واليوم يكرر ذات التصريح أمام وسائل اإلعالم‬ ‫ويقول بالفم املليان بأنه سيكتفي بالوالية اخلامسة‬ ‫هل استعار بالتر حالة الدكتاتور العربي‪ ،‬واستمرأ لعبة الكرسي‪،‬‬ ‫هل متاهى مع عجز الشاعر إبن الرومي الشهير « وأال أرى غيري‬ ‫له الدهر مالكا « وظل حبيس أنانيته متمسكا مبفهوم التملك‬ ‫العربي ‪.‬‬ ‫ننصح بقراءة مقال الكاتب الصديق بودوارة املنشور في هذا العدد‬ ‫حتت عنوان‪« :‬جوزيف بالتير وابن الرومي»‬ ‫سيرة االمبراطور‬ ‫من هو جوزيف بالتر ال��ذي تقف أوروب��ا حاليا ضده ‪ ..‬ما الذي‬ ‫يفعله هذا العجوز احملنك الذي استطاع هزمية أقوى احتاد أقليمي‪،‬‬ ‫ومتكن بحدقه وخبثه أيضا من اللعب على وتر املصالح الضيقة‬ ‫للدول النامية والصغيرة ألجل احتذاب األصوات لصندوقه الزجاجي‬ ‫‪ ..‬وأخيرا ماذا ميكن أن يقدم عجوز على مشارف الثمانني إلحتاد‬ ‫بات في مستوى الدول العظمى‬


‫الكرملني يتصدر املهنئني ‪ ..‬والعني دائما‬ ‫على املونديال‬

‫ديفيد كاميرون فشل في إسقاط بالتر عن عرش الفيفا‬

‫العاصفة القضائية لم تطح ببالتر لكنها قد‬ ‫تعجل برحيله بحسب املراقبني‬ ‫ّ‬ ‫بالتر يلقي دائما بالالئمة على «اليويفا»‬ ‫العتراضه على تغييرات الفيفا‬

‫يحذر احتاد بالتيني بالقول ‪ :‬ميكنني ان أسامح‬ ‫ولكنني ال أنسى‬ ‫بوتني أول املهنئني بفوز بالتر‬

‫> اسمه جوزيف بالتر (باإلجنليزية‪ )Joseph Blatter :‬ولد في‬ ‫‪ 10‬مارس ‪ 1936‬في سويسرا‬ ‫> حتصل على الشهادة الثانوية من معهد سيون وسان موريسفيما‬ ‫أكمل دراسته اجلامعية في كلية االقتصاد بجامعة لوزان بسويسرا‪.‬‬ ‫> بدأ حياته املهنية سكرتيراً لهيئة السياحة في فاليه‪.‬‬ ‫> من ‪ 1964‬إل��ى ‪ :1966‬عمل أميناً عاماً لالحتاد السويسري‬ ‫للهوكي على اجلليد‪.‬‬ ‫> من ‪ 1966‬إلى ‪ :1968‬عمل مديراً إعالمياً جلمعية الصحافة‬ ‫الرياضية السويسرية‪.‬‬ ‫> من ‪ 1968‬إلى ‪ :1975‬عمل مديراً لدائرة أجهزة قياس التوقيت‬ ‫الرياضي والعالقات العامة والتسويق في شركة لوجنني لصناعة‬ ‫الساعات‪ ،‬وش��ارك في تنظيم األلعاب األوملبية في ميونيخ العام‬ ‫‪ 1972‬ومونتريال العام ‪.1976‬‬ ‫> في العام ‪ 1975‬انضم إلى الفيفا وأصبح مديراً لبرامج التطوير‪.‬‬ ‫> وفي العام ‪ :1981‬أصبح أميناً عاماً لـ الفيفا‪.‬‬ ‫> في العام ‪ 1990‬عمل مديراً تنفيذياً لـ الفيفا‪.‬‬ ‫رئيسا للفيفا‬ ‫> انتخب لرئاسة الفيفا في ‪ 8‬يونيو‪ 1998 ،‬ميالدي خلفا للبرازيلي‬ ‫جواو هافيالجن‪.‬‬ ‫> في ‪ 31‬مايو ‪ 2007‬أعيد انتخابه للوالية الثالثة كرئيس لهذا‬ ‫االحتاد‪.‬‬ ‫> وفي ‪ 29‬مايو ‪ 2015‬أعيد إتتخابه للوالية اخلامسة حيث فاز‬ ‫باإلنتخابات بعد إنسحاب منافسه األمير علي بن احلسني من‬ ‫اجلولة الثانية‪ ،‬بعدد ‪ 133‬صوتا مقابل ‪ 73‬صوتا ملنافسه‪.‬‬

‫جوائز حاز عليها‬ ‫ُق ِلّد الوسام األوملبي في العام ‪.1994‬‬ ‫تغييرات وقرارات‬ ‫> قام بإستبدال الهدف الذهبي في األش��واط اإلضافية بالهدف‬ ‫الفضي‪ .‬حيث كانت قاعدة الهدف الذهبي تنص على أن املباراة‬ ‫تنتهي ح��امل��ا يسجل أح��د ال�ف��ري�ق�ين ال �ه��دف أوال بينما ق��اع��دة‬ ‫الهدف الفضي نصت على أن املباراة مستمرة إلى نهاية الشوطني‬ ‫اإلضافيني والنتيجة النهائية حتدد الفريق الفائز‪ .‬وقد ُط ّبق هذا‬ ‫التغيير في يورو ‪2004‬‬ ‫> ُط ّبق هذا التغيير منذ كأس العالم ‪ - 2002‬عدم تأهيل الفريق‬ ‫احلائز على بطولة ك��أس العالم احلالية بشكل أوتوماتيكي إلى‬ ‫نهائيات بطولة كأس العالم القادمة كما كان احلال في البطوالت‬ ‫الستة عشر السابقة لكأس العالم‪.‬‬ ‫> ُط ّبق هذا القرار في عام ‪ - 2007‬قرر بالتر بأن تقام مباريات كرة‬ ‫القدم على مالعب يقل ارتفاعها عن ‪ 2500‬متر عن سطح البحر‬ ‫وبعدها بأشهر تغير الرقم إلى ‪ 3000‬متر فوق سطح البحر ما سبب‬ ‫ملنتخب بوليفيا لكرة القدم بعض العواقب من جراء اللعب على ملعب‬ ‫يرتفع مسافة أكثر من ‪ 3000‬متر عن سطح البحر (ملعب هيرناندو‬ ‫سيليس) ولكن في اليوم التالي تراجع الفيفا عن هذا العواقب وسمح‬ ‫للنادي بأن تقام عليه مباريات تصفيات كأس العالم‪.‬‬ ‫> ُط ّبق هذا القرار في عام ‪ - 2004‬إنذار الالعبني الذين يقومون‬ ‫بنزع قميصهم بعد تسجيلهم لهدف نظرا الحتوائها على بعض املواد‬ ‫التي قد تكون عنصرية أحيانا ما يسبب في جتريح آخرين سواء‬ ‫كانوا من اجلمهور أو العبي الطرف اآلخر‪.‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬

‫بلد العميان‬ ‫(‪)2 – 1‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫الوجه املقابل لـحكاية «مدينة النحاس» الشرقية قد يكون قصة‬ ‫«ب�لاد العميان» الغربية‪ .‬فيها نبدأ بصور ِة قيامة صغيرة‪ :‬لقد‬ ‫دام الليل لسبعة عشر يوماً متواصلة‪ ،‬وص��ار امل��اء يفور‪ ،‬وطفا‬ ‫السمك ميتاً على سطحه‪ ،‬وحدثت انزالقات أرضية‪ ،‬وذوبانات‬ ‫جليدية سريعة‪ ،‬وطوفانات فجائية على امتداد منحدرات احمليط‬ ‫األطلسي‪ ،‬وغارت اجلبال‪ ،‬لقد انعزلت «بالد العميان» عن العالم‬ ‫إلى األبد‪.‬‬ ‫نعثر ف��ي قصة ب�لاد العميان لهربرت وي�ل��ز (‪ 1866‬ـ ‪)1946‬‬ ‫على منوذج ريفي لليوتوبيات املفقودة‪ ،‬إنها قرية صغيرة منعزلة‬ ‫يصلها مستكشف يدعى «نونيز» بصدفة ك��ادت ت��ودي بحياته‪،‬‬ ‫أهلها أصحاء «قادرون على كل شئ عدا البصر»‪ ،‬ولتعويض هذه‬ ‫احلاسة يجدهم قد ط � ّوروا حواسهم األخ��رى من خالل إرهاف‬ ‫السمع ألص��وات الطبيعة‪ ،‬والتعرف بدقة على مالمس األشياء‬ ‫وم� �س ��ارات� �ه ��ا‪ ،‬وت �ك �ث �ي��ف إح�س��اس�ه��م‬ ‫ب��ال��رائ�ح��ة‪ .‬وك��ون��وا بعد أج �ي��ال ع��دةٍ‬ ‫تصوراتهم اخلاصة بالعالم واحلياة‪.‬‬ ‫لقد أع���ادوا ببساطة «خ�ل��ق العالم»‬ ‫في أذهانهم‪ ،‬وأعطوا لألشياء دالالت‬ ‫وقيماً م�غ��اي��رة‪ ،‬وأص�ب�ح��وا يعتمدون‬ ‫على ه��ذه ال� ��دالالت وال�ق�ي��م لترتيب‬ ‫مجاالتهم الصغيرة وتنظيم ش��ؤون‬ ‫قريتهم املغلقة‪.‬‬ ‫هنا يتبادل الليل والنهار موقعيهما‬ ‫وأثريهما‪ ،‬ليتغير بذلك تقسيم العمل‬ ‫وتوقيته وأساليبه‪ ،‬وتتح ّور لغتهم قلي ً‬ ‫ال‬ ‫لتناسب ما تعرضوا له من تغيرات‪،‬‬ ‫فهم يقصون منها جميع املفردات التي‬ ‫تع ّبر عن البصر وال��رؤي��ة‪ ،‬ويتعاملون‬ ‫معها باعتبارها خلطاً ال يليق سوى‬ ‫بعقل لم يتك ّون بعد‪ .‬وحاسة البصر‬ ‫نفسها تصبح لديهم‪ ،‬بعد سلسلة من‬ ‫التقاطعات الدرامية‪ ،‬سبباً للدون ّية‬ ‫وال �ع �ب��ودي��ة ال ي�ل�ي��ق ب��امل��واط��ن احل��ر‬ ‫األعمى‪.‬‬ ‫ك��ان أه��ل القرية يعتقدون أن العالم‬ ‫(ويعنون وادي�ه��م) ُوج��د «ف��ي البداية‬ ‫�ال‪ ،‬ثم‬ ‫على شكل جتويف صخري خ� ٍ‬ ‫ح�لّ��ت فيه أوالً األش �ي��اء غير احلية‬

‫املفتقرة إلى موهبة اللمس‪ ،‬ثم حيوان الالما‪ ،‬ومخلوقات أخرى‬ ‫تتمتع بإحساس طفيف‪ ،‬ثم اإلن�س��ان‪ ،‬وأخ�ي��راً املالئكة» وألنهم‬ ‫قادرون على سماع غناء ورفيف املالئكة من حولهم فإن املستكشف‬ ‫سيحتار كثيراً قبل أن يعرف أنهم يعنون‪ ..‬الطيور‪.‬‬ ‫ب�لاد العميان عالم متوحد ب��ذات��ه‪ ،‬يتك ّون بعد قيامة صغيرة‪،‬‬ ‫ويتحول من أرض قاحلة تشبه برية يهوذا في املتخ َّيل اليهودي ـ‬ ‫قصي على شكل ٍ‬ ‫واد «فيه كل ما يشتهي‬ ‫النصراني‪ ،‬إلى فردوس‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان‪ :‬طقس معتدل‪ ،‬أجمات أشجار وثمار‪ ،‬ينابيع مياه وافرة‬ ‫ح ّولت الوادي إلى مرعى أخضر كبير» إنها تقريباً صورة من صور‬ ‫اجلنّات الهادئة في جغرافيا املتخ ّيل الغربي كما عرفناها في‬ ‫كتابات أوائ��ل مستكشفي االثنيات غير املعروفة التي تأسست‬ ‫صيغها واستنتاجاتها املختلفة واملتعاقبة على تطورات م ّر بها ما‬ ‫يجسد عاملاً موازياً‬ ‫ميكن تسميته الشغف الغربي باآلخر‪ ،‬باعتباره ّ‬ ‫ان�ت�ق��ل ل �ت � ّوه م��ن م��رح�ل��ة احل �ل��م إل��ى‬ ‫مرحلة الوجود‪ ،‬ولكنه ظل‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬ ‫معزوالً عن العالم وبعيداً عن الفاعلية‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬إنه من وجهة نظرنا طو ٌر‬ ‫في وعي الغرب بذاته مكتم ً‬ ‫ال مبعرفة‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫فبالد العميان منوذج للثقافة التخييلية‬ ‫الغربية‪ ،‬كتبها وي�ل��ز‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫ع��دد آخ��ر من الرومانسيات العلمية‬ ‫املعروفة مثل‪ :‬جزيرة الدكتور مورو‪،‬‬ ‫ح ��رب ال��ع��وال��م‪ ،‬أول ال ��رج ��ال على‬ ‫القمر‪ ،‬وآل��ة ال��زم��ن‪ ،‬في ‪ 1904‬قبل‬ ‫قليل من أخطر حتولني سيشهدهما‬ ‫العالم‪ ،‬أي احلربني الكونيتني األولى‬ ‫والثانية‪ ،‬وهي فترة شهدت استرخا ًء‬ ‫أدبياً وفنياً وأنتجت نصوصاً لإلمتاع‬ ‫الذهني ساهمت ب��دوره��ا في تغذية‬ ‫اخلطاب ح��ول اآلخ��ر مبجموعة من‬ ‫االستيهامات لتجعل منه موضوعاً‬ ‫خ �ي��ال �ي �اً ص ��رف� �اً‪ ،‬ي�س�ت�ن��د ف �ق��ط إل��ى‬ ‫االنهمام الشغفي بآخر لم يوجد في‬ ‫ال��واق��ع‪ ،‬ول�ك��ن إي �ج��اده ك��ان ض��روري �اً‬ ‫إلكمال صورة الغربي ولتدعيم صورته‬ ‫كونه سيداً للعالم‪ ،‬ومنوذجاً لإلنسان‬ ‫الفذ‪.‬‬



‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪18‬‬ ‫‪ 7‬يونيو ‪2015‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.