مجلة المستقل-العدد العشرون

Page 1

‫نســـــاء‬ ‫خارج الضــــــوء‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد العش ـ ـ ـ ـ ـ ــرون ‪ -‬األحد ‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫‪ ..2020‬عام االنهيار االقتصادي!!‬ ‫من ّ‬ ‫يوقع شهادة وفاة الواليات املتحدة؟‬

‫ّ‬ ‫مخطط ليون في ليبيا‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫ت‬

‫إيرا‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫ي‬ ‫اجا‬ ‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ت‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫جريمة المحاصصة‬ ‫السياسية‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬

‫‪‎‬داعشيات‬

‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪20‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪36‬‬

‫جريمة المحاصصة السياسية في ليبيا!‬

‫رحب بها اإلخوان‬ ‫أدت‬ ‫ّ‬ ‫املسودة الرابعة إلى تفاعالت سريعة‪ّ ..‬‬ ‫االنقالبيون‪ ..‬ورفضها مجلس النواب‪ ..‬واكتشف اجلميع‪،‬‬ ‫كما يقول حسن طاطاناكي‪ ،‬أنها لعبة ماكرة من املبعوث‬ ‫الدولي برناردينو ليون‪ ..‬ماذا بعد؟‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫داعش والناتو وإفالس ليبيا واحلصار البحري‪ ،‬كلمات‬ ‫دالة وردت في عناوين الصحف واملواقع العربية‬ ‫والعاملية‪ ..‬في هذا الباب نقرأ أهم ما نشر حتت هذه‬ ‫العناوين من تقارير ومقاالت صحفية‪.‬‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬ ‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫التعليم في ليبيا ضحية ما يحدث اآلن‬

‫لقاء مع رئيس جلنة التعليم مبجلس النواب د‪ .‬سعد‬ ‫املرميي عضو مجلس النواب‪ ،‬حول عمل جلنة التعليم‬ ‫وما تواجهه عملية بناء النشء من صعوبات‪ ،‬وكيفية‬ ‫العمل والتعامل معها ومعاجلتها وسط كل هذه الظروف‬ ‫املريرة التي متر بها بالدنا‪.‬‬

‫‪ 2020‬عام االنهيار‬

‫هدر بطريقة متواصلة‪ ،‬وليبيا‬ ‫ثروات ليبيا ُت َ‬ ‫تتكئ اآلن على حوالي ‪ 70‬مليار دوالر كاحتياطي‬ ‫أجنبي‪ ،‬فإذا أخذنا نسبة التراجع بعد ‪ 2011‬بعني‬ ‫سوءا‬ ‫االعتبار فإن ‪ 2016‬وما يليها ستزيد األمر‬ ‫ً‬ ‫وتنذر بالوقوع على حافة انهيار اقتصادي سريع‬ ‫بعد أربع سنوات أي في ‪.2020‬‬

‫حكايات من زمن فبراير‬

‫في هذا اجلزء يواصل عضو املجلس االنتقالي‬ ‫مر‬ ‫السابق (مختار اجلدال) سرد تفاصيل دقيقة ّ‬ ‫بها في تنقله إبان الثورة من منطقة اجلبل الغربي‬ ‫والعجيالت ثم إلى تونس ومنها إلى القاهرة‪ ،‬فالعودة‬ ‫غرب ًا إلى طبرق‪.‬‬

‫نساء خارج الضوء‬

‫الكاتبة خديجة بسيكري تواصل في ركنها‬ ‫األسبوعي (براح) حديثها عن املرأة الليبية التي‬ ‫يطالها الظل الذي يعتم على ليبيا دائم ًا‪ ،‬وتتساءل‬ ‫عما إذا كان تاريخ نساء ليبيا املنزوي في عتمة‬ ‫ّ‬ ‫التجاهل‪ ،‬ناجت ًا عن قصور فينا أم أنه خلل؟‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬مساكن شيراتون‪،‬‬ ‫مربع ‪ ،1177‬عمارة ‪ ،3‬مقابل األكادميية العربية للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬هاتف‪ - 0222679219 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة‬ ‫اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪44‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪86‬‬

‫تحوالت المشهد الميداني في سوريا‬

‫تعرضت لها فصائل‬ ‫نكسات‬ ‫بعد سلسلة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عسكرية ّ‬ ‫املعارضة السورية املسلحة على امتداد عام ‪،2014‬‬ ‫متكنت خالل الشهور اخلمسة األولى من عام ‪2015‬‬ ‫من تغيير الوضع ملصلحتها‪ ..‬هنا تفاصيل في‬ ‫املشهد امليداني لثورة تثير التساؤل‪.‬‬

‫عين على االنقالب ‪ ..‬وعين على «اللحوح»‬

‫في احللقة التاسعة من دائرة املذلة يتوقف الكاتب عند‬ ‫تفاصيل هامة في انقالب السالل قبل أن يستأنف سرد‬ ‫خبايا جتربته الشخصية مع حرب اليمن‪.‬‬

‫سعاد خليل‪ ..‬وجائزة أفضل ممثلة في لبنان‬

‫الفنانة واملخرجة الليبية املتميزة سعاد خليل تواصل مسيرتها‬ ‫اإلبداعية وقد نالت مؤخر ًا جائزة أفضل ممثلة عن دورها‬ ‫في مسرحية «حنني الليل» في مهرجان صور املسرحي الدولي‬ ‫بلبنان في دورته الثانية‪.‬‬

‫مذكرات هنري إس‪ .‬فيالر‬

‫اجلزء الثاني من مذكرات أول سفير أمريكي في ليبيا بعد‬ ‫ميهد الكاتب لبدء رحلته السياسية‬ ‫االستقالل‪ ..‬وفيه ّ‬ ‫باحلديث عن أن ليبيا لم تكت ُتعتبر من الناحية النظرية‬ ‫وحدةً حكومية أو سياسية واحدة إلى حتى أخضع‬ ‫اإليطاليون األقاليم الثالثة حتت إدارتهم‪.‬‬

‫هل تختفي جزيرة فروة من خارطة‬ ‫ليبيا؟‬

‫جزيرة ليبية في البحر املتوسط تقع شمال منطقة‬ ‫أبو كماش بنحو ميلني‪ ،‬وتبعد ‪ 110‬كيلومترات غربي‬ ‫طرابلس‪ ..‬إنها اجلزيرة الوحيدة املؤهلة طبيعي ًا‬ ‫لالستثمار السياحي والعمراني‪ ..‬ولكنها محاطة‬ ‫اآلن بعدة مخاطر تهددها حتى درجة االختفاء من‬ ‫اخلارطة‪.‬‬

‫تقنية‬

‫إطاللة على اجلديد في عالم التقنية وتفعيل احلياة‬ ‫االفتراضية في العالم‪ ..‬في هذا العدد نتعرف على‬ ‫أكثر من حدث‪ ،‬وفي مقدمة ذلك ما أعلنت عنه شركة‬ ‫آبل بقيامها لتأسيس محطة للراديو على االنترنت‪.‬‬

‫األسعار‪:‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫يواصل الكاتب مقارنته بني رؤية‬ ‫الذات ورؤية اآلخر‪ ..‬يذكر كيف‬ ‫ً‬ ‫مدينة في‬ ‫أن هيرودوت وصف‬ ‫شمال أفريقيا بأن أهلها جميع ًا من‬ ‫السحرة‪ ،‬وأن بيليني األكبر ذكر أن‬ ‫ً‬ ‫بدال‬ ‫شعب ًا يعيش هناك يزحف‬ ‫من أن ميشي‪.‬‬

‫ليبيا‪ 4 :‬دينار‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬البحرين‪ 0.8 :‬دينار‪ ،‬املغرب ‪ 27‬درهم‪ ،‬تونس‪ 3.75 :‬دينار‪ ،‬رام الله‪ 1.85 :‬دوالر‪،‬‬ ‫لندن‪ 1.5 :‬جنيه استرليني‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫ّ‬ ‫مخطط ليون في ليبيا‬

‫جريمة المحاصصة السياسية!‬ ‫املسودة الرابعة‪ ،‬والردود عليها‪،‬‬ ‫التفاعالت التي أدت لها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متوقعة‪.‬‬ ‫كانت في مجملها‬ ‫لقد جنح برناردينو ليون في جت��اوز أكبر عقبة كانت‬ ‫أم���ام���ه وه����ي ال���رف���ض ال��ش��ع��ب��ي ل��ف��ك��رة احل�����وار وآل��ي��ات��ه‬ ‫واألع��ض��اء امل��ش��ارك�ين ف��ي��ه‪ ..‬جت���اوز ه��ذه العقبة بلعبة‬ ‫م��اك��رة ان��ط��ل��ت ع��ل��ى اجل��م��ي��ع وه��ي «إغ����راق اجل��م��ي��ع» في‬ ‫ً‬ ‫بدال‬ ‫دوامة التفاصيل الصغيرة واالنهماك في مناقشتها‬ ‫من أن يتجهوا إلى رفضها‪.‬‬ ‫إذا تتبعنا مراحل احلوار ومسوداته سوف نكتشف هذه‬ ‫احلقيقة‪ ..‬سوف نكتشف أن املبعوث األممي لكي يسلّط‬ ‫األضواء على مشروعه املشبوه عمد إلى إبداء استعداده‬ ‫ّ‬ ‫ولعل هذا هو ما‬ ‫إلعطاء كل طرف على حدة كل ما يريد‪،‬‬ ‫ينجرون إلى اخلديعة‪.‬‬ ‫جعل أعضاء من مجلس النواب‬ ‫ّ‬ ‫ف���ي خ��ط��وة ت��ال��ي��ة ط���رح أم��ام��ه��م م��ع��ط��ي��ات احمل��اص��ص��ة‪،‬‬ ‫بقاعدة بسيطة تقول‪« :‬لكي حتصلوا على ما تريدون ال‬ ‫بد أن تسمحوا لآلخرين بأن ينالوا شيئ ًا باملقابل»‪ ،‬وفرح‬ ‫اجلميع بهذه القاعدة املاكرة‪ ،‬وكان كل طرف يعتقد أنه‪،‬‬ ‫سيجر الطرف‬ ‫هو فقط‪ ،‬من ميسك خيوط اللعبة‪ ،‬وأنه‬ ‫ّ‬ ‫اآلخر إلى الرضوخ لشروطه املسبقة‪ .‬أما الشعب الليبي‬ ‫فهو ليس في حسبان أحد منهم‪.‬‬ ‫ترسخت في‬ ‫قد‬ ‫احملاصصة‬ ‫في اجلولة الثالثة كانت فكرة‬ ‫ّ‬ ‫أذه��ان املتحاورين‪ ،‬وأصبح الفوز في السباق يتمثّ ل في‬ ‫احلصول على اجلزء األكبر من الغنيمة‪ ،‬مع ضمانات من‬

‫ليون نفسه بأن ينتهي احلوار إلى نتيجة ترضي اجلميع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تفاعال ألن النتائج األولية‬ ‫اجل��ول��ة الرابعة كانت أكثر‬ ‫بدأت تظهر‪ ،‬وبعض األسماء بدأت تلوح في األفق املظلم‪.‬‬ ‫اتفق اجلميع على أن «مجلس الدولة» سيكون ذا طبيعة‬ ‫اس��ت��ش��اري��ة (ف���ق���ط)‪ ،‬وع��ل��ي��ه ف��ي ك��ل األح����وال أن ينال‬ ‫تزكية مجلس النواب على كل قرار يتخذه‪ ..‬أما املؤمتر‬ ‫ال��ع��ام ال���ذي انتهت والي��ت��ه‪ ،‬أي انتهى وج���وده السياسي‬ ‫ف��ع��ل��ي�� ًا‪ ،‬ف��ه��و ي��ض��م أط��ي��اف�� ًا ع���دي���دة‪ ،‬ورغ����م أن اإلخ����وان‬ ‫ي��س��ي��ط��رون ع��ل��ى واج���ه���ة امل���ؤمت���ر‪ ،‬ف���إن أع���ض���اءه ل��ي��س��وا‬ ‫جميع ًا م��ن اإلخ���وان‪ ،‬فليكن املجلس إذن بنسبة ثلثني‬ ‫إل��ى ث��ل��ث‪ ،‬م��ا ال���ذي يضير مجلس ال��ن��واب ال���ذي سيكون‬ ‫امل��رج��ع��ي��ة ال��ت��ش��ري��ع��ي��ة ال��وح��ي��دة ال��ت��ي ت��ق��ب��ل أو ترفض‬ ‫ق���رارات مجلس ال��دول��ة‪ .‬وه��ذا – آخ��ر األم��ر – ل��ن يجعل‬ ‫اإلخوان يفوزون بالنصيب األكبر‪ ،‬حتى وإن كانت واجهة‬ ‫السباق ستنكشف عن اسمهم ً‬ ‫أوال‪ ،‬ألن ماراثون احلوار‬ ‫طويل ج��د ًا ول��م ينته ج��زءه األول بعد‪ ..‬وس��وف يرضخ‬ ‫امل��ت��ح��اورون ج��م��ي��ع�� ًا ل��ه��ذه ال��س��ي��اس��ة امل���اك���رة‪ ،‬وك���ل ط��رف‬ ‫يعتقد بأنه الفائز األول‪ ..‬وأن الطرف اآلخر هو اخلاسر‬ ‫على املدى البعيد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تكشفت جلسات احل��وار عن اعتماد ه��ذه املسطرة‪..‬‬ ‫إذا‬ ‫س����وف ي���ب���رز ل��ل��ج��م��ي��ع وب��ش��ك��ل م��ف��اج��ئ أن «ال��ط��ب��ي��ع��ة‬ ‫االستشارية» املتفق عليها للمجلس املقترح أصبحت في‬ ‫خبر كان‪.‬‬


‫منذ أسابيع عدة أعلن مجلس النواب الليبي‬ ‫ق��ب��ول��ه امل��س��ودة ال��ث��ال��ث��ة ال��ت��ي قدمتها األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬ولكن املؤمتر الوطني املنتهية واليته‬ ‫رفضها بشكل قاطع‪.‬‬ ‫ثم قامت األمم املتحدة بنشر املسودة الرابعة‬ ‫ال��ت��ي حملت الكثير م��ن ال��ت��غ��ي��ي��رات وال��ب��ن��ود‬ ‫السلبية برأي مجلس النواب الليبي الشرعي‪،‬‬ ‫إذ رأى فيها تغيير ًا جذري ًا في عدة نقاط‪ ،‬لعل‬ ‫أهمها فيما يتعلق باجليش الليبي ومجلس‬ ‫ال��ن��واب‪ ،‬مما أث��ار مخاوف كبيرة ل��دى أوس��اط‬ ‫كبيرة وعديدة من الشعب الليبي‪.‬‬ ‫وأك���د مستشارو مجلس ال��ن��واب الليبي أنهم‬ ‫ق��دم��وا ت���ن���ازالت ك��ث��ي��رة إلجن����اح احل����وار من‬ ‫ضمنها اجللوس مع املجلس الوطني املنتهية‬ ‫والي���ت���ه‪ ،‬ك��م��ا أن���ه ت���ن���ازل ح��ي��ن��م��ا واف����ق على‬ ‫تشكيل حكومة توافقية‪ ،‬وكذلك عندما وافق‬ ‫على مقترح املجلس األعلى للدولة ليكون له‬ ‫دورا استشاري ًا‪.‬‬ ‫وإذا ك��ان املؤمتر الوطني املنتهية واليته قد‬ ‫رحب بشكل كبير‬ ‫رفض املسودة الثالثة‪ ،‬فإنه ّ‬ ‫ب��امل��س��ودة ال��راب��ع��ة ال��ت��ي ت��غ��اض��ت ع��ن اعتبار‬ ‫األمم امل��ت��ح��دة أن ال��س��ل��ط��ة ال��ت��ش��ري��ع��ي��ة في‬ ‫ليبيا هي البرملان الشرعي‪ ،‬إذ تؤكد املسودة‬ ‫أن مجلس النواب ال يستطيع إقالة احلكومة‬ ‫إال بعد تصويت ثلثي املجلس األعلى للدولة‬ ‫على هذا القرار‪.‬‬ ‫وبالتالي فإنه يصبح لذلك املجلس املكون من‬ ‫‪ 90‬عضو ًا من املؤمتر املنتهية واليته الكلمة‬ ‫العليا في إقالة احلكومة أو استمرارها‪ ،‬وهذا‬ ‫ال يتماشى مع صالحياته املذكورة في املسودة‬ ‫تنص على كونه مجلس ًا استشاري ًا‪.‬‬ ‫والتي َ‬ ‫وهناك نصوص تضمنت البدء بتشكيل جيش‬ ‫ليبي جديد مم��ا أث��ار تخوفات ل��دى الشعب‬ ‫الليبي التي تدعم اجليش الوطني بعد أن بدأ‬ ‫مبحاربة اجلماعات اإلرهابية قبل نحو عام‪،‬‬ ‫وهو على وشك حترير مدينة بنغازي منها‪.‬‬ ‫كما أن هناك ت��س��اؤالت بشأن جسم جديد‬ ‫تقترحه املسودة حتت مسمى «جلنة احلوار‬ ‫السياسي»‪ ،‬إذ ال توجد أي��ة معلومات بشأن‬ ‫األشخاص الذين ينتمون لهذه اللجنة‪ ،‬وما‬ ‫هي صالحياتهم‪.‬‬ ‫وگاالت األنباء‬ ‫ه��ذا ه��و م��خ ّ��ط��ط ل��ي��ون لتفعيل ل��ق��اء ال��ف��رق��اء‪ ..‬ولكنه‬ ‫لألسف نسي – أو أهمل – ال�لاع��ب الرئيسي على امل��دى‬ ‫ال��ب��ع��ي��د ف���ي ك���ل ت��س��وي��ة س��ي��اس��ي��ة مي��ك��ن أن حت���دث في‬ ‫ليبيا‪ ..‬إنه الشعب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حلوال‬ ‫الشعب الليبي – مثل أي شعب في العالم – ال يعرف‬ ‫وسط ًا‪ ،‬وال تهمه احملاصصة عندما بتعلّق األمر بالدولة‪.‬‬ ‫قد توافق قبيلة م��ا‪ ،‬أو مدينة م��ا‪ ،‬على ال��رض��وخ مؤقت ًا‬ ‫لتسوية عامة‪ ،‬يشترك اجلميع في مزاياها‪ ،‬ويتحمل‬ ‫اجلميع ع��واق��ب��ه��ا‪ ،‬ول��ك��ن ه��ذه ال��ق��اع��دة االجتماعية ال‬ ‫تسري عادةً سوى على القضايا الداخلية ذات األطراف‬

‫احمل��دودة‪ ،‬كأن يكون خالف ًا بني قبيلتني أو بني حتالفني‬ ‫ق��ب��ل��ي�ين‪ ،‬أم����ا ع��ل��ى م��س��ت��وى ال��ش��ع��ب ب��أك��م��ل��ه‪ ،‬ب��ق��ب��ائ��ل��ه‬ ‫وحتالفاته القبلية ومدنه وق��راه‪ ..‬أي بعموم مواطنيه‬ ‫ٌ‬ ‫مختلف متام ًا‪.‬‬ ‫على مستوى الدولة‪ ،‬فإن األمر‬ ‫إن��ن��ا ن��ت��ح ّ��دث ه��ن��ا ع��ن (ال��ش��ع��ب) ال ع��ن ك��ت��ل ق��ب��ل ّ��ي��ة أو‬ ‫��وي��ة‪ ..‬ن��ت��ح��دث (ع���ن امل��واط��ن�ين) ال ع��ن أب��ن��اء ه��ذه‬ ‫ج��ه ّ‬ ‫نتحدث عن مفهوم (املواطنة) ال عن‬ ‫تلك‪..‬‬ ‫أو‬ ‫القبيلة‬ ‫ّ‬ ‫م��زاي��ا اج��ت��م��اع��ي��ة تعتبر ح��ق�� ًا ح��ص��ري�� ًا مل��ج��م��وع��ة دون‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫ه��ذا ه��و ال��ف��رق أيها امل��ت��ح��اورون‪ ..‬ه��ذا ه��و ال��ف��رق ب�ين أن‬ ‫ً‬ ‫ممثال لقبيلته أو حزبه أو مدينته‪ ..‬وبني‬ ‫يكون أحدكم‬ ‫ً‬ ‫ممثال للشعب بأسره‪.‬‬ ‫أن يكون‬ ‫لقد أثبت تفاعلكم م��ع ج��والت احل���وار امل��اراث��ون��ي أنكم‬ ‫ت��ن��ظ��رون م��ن زواي���ا ضيقة وغ��ي��ر ق��ادري��ن على استيعاب‬ ‫يتحرك فيها‬ ‫املشهد ككل‪ ،‬أو رؤي��ة الصورة الكبرى التي‬ ‫ّ‬ ‫شعب دولة اسمها ليبيا‪.‬‬ ‫أنتم تتحدثون مبنطق احملاصصة‪ ،‬والشعب ينتظر حالّ‬ ‫ً‬ ‫شامال‪.‬‬ ‫أنتم تتحدثون بتأثير من مجموعات الضغط (القبلي‪،‬‬ ‫واجل���ه���وي‪ ،‬واحل���زب���ي)‪ ،‬وال��ش��ع��ب ينتظر خ���روج ال��دول��ة‬ ‫بأسرها من أزمتها القاتلة‪.‬‬ ‫أنتم ت��ري��دون اخل��روج من م��اراث��ون ليون بقصب السبق‪،‬‬ ‫والشعب ينتظر خروج بالده من متاهتها‪.‬‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫أخطار «داعش» في ليبيا‬

‫احلياة اللندنية ـ محمد األشهب ‪:‬‬

‫إذا ل ��م ي �ك��ن مت� ��دد ت�ن�ظ�ي��م «داع� � ��ش» في‬ ‫ليبيا ك��اف �ي �اً إلش �ع��ار األط � ��راف امل�ت�ن��اح��رة‬ ‫مب �س��ؤول �ي��ات �ه��ا‪ ،‬ف��ي ب��ل��ورة ص�ي�غ��ة وف��اق�ي��ة‬ ‫ملصاحلة قابلة لالستمرار‪ ،‬هل في إمكان أي‬ ‫حتد آخ��ر أن يدفعها إل��ى نسيان خالفاتها‬ ‫املستعصية؟‬ ‫مت���دد ال�ت�ن�ظ�ي�م��ات امل �ت �ط��رف��ة ل ��ه أه���داف‬ ‫واض��ح��ة‪ ،‬ل�ي��س أب �ع��ده��ا اس�ت�ن�س��اخ ال��واق��ع‬ ‫ال �ع��راق��ي وال� �س ��وري‪ ،‬ب�ك��ل ح��ذاف �ي��ره‪ .‬فقد‬ ‫أمضى العراقيون فترة طويلة في صراعاتهم‬ ‫ال �ط��ائ �ف �ي��ة وال �ع��رق �ي��ة وامل��ذه��ب��ي��ة‪ ،‬وح�ين‬ ‫استيقظوا ك��ان تنظيم ما يعرف بـ «الدولة‬ ‫اإلسالمية» قضم مساحات أوسع من بالد‬ ‫الرافدين‪ ،‬وال يزال يحذوه النهم في ابتالع‬ ‫أخرى‪ .‬كون الظاهرة اإلرهابية تنمو في بيئة‬ ‫احلروب‪.‬‬ ‫كما االنسحاب السوفياتي من أفغانستان‬ ‫خلق فراغا في السلطة‪ ،‬بعد تدمير مقومات‬ ‫الدولة‪ ،‬وكان من بني العوامل األساسية التي‬ ‫سنحت «ابتكار» ظاهرة املقاتلني من خارج‬ ‫أبناء البالد‪ ،‬ب��وازع ديني وإيديولوجي‪ ،‬فإن‬ ‫انسحاب القوات األميركية من العراق أسعف‬ ‫ام �ت��دادات التنظيمات اإلرهابية في إيجاد‬ ‫م�لاذات آمنة غذتها نزعة التقسيم الديني‬ ‫اإلرهاب يعلن عن أهدافه‬

‫والطائفي‪ .‬ولن تكون ليبيا استثناء عن املسار‪،‬‬ ‫طاملا أن ق��وات الناتو توقفت ف��ي منتصف‬ ‫الطريق‪ ،‬وت��رك��ت ال�ب�لاد غ��ارق��ة ف��ي فوضى‬ ‫السالح واألحقاد وتصفية احلسابات‪.‬‬ ‫ليس اإلره��اب ظاهرة معزولة عن سياقها‪،‬‬ ‫فاألمر يتعلق بداهة بفشل املشاريع االنتقالية‬ ‫لبناء دولة عصرية‪ .‬أخفق األميركيون وقبلهم‬ ‫السوفيات ومعهم حلف الناتو في إقامة بدائل‬ ‫تنسي الناس زمن الديكتاتورية واالستبداد‪.‬‬ ‫حدث ذلك في أفغانستان والعراق‪ ،‬وال تبدو‬ ‫التجربة الليبية بعيدة عن احلماية الوقائية‪.‬‬ ‫غير أن إل�ق��اء ال�ل��وم على ع��وام��ل وخلفيات‬ ‫خارجية ال يختزل كل جوانب املأساة‪ .‬فثمة‬ ‫إصرار آخر على تدمير الذات‪ ،‬يتم التعبير‬ ‫عنه من خالل أشكال االقتتال الداخلي‪ ،‬إلى‬ ‫درجة أن طلب التدخالت العسكرية األجنبية‬ ‫لم يعد محرجا‪.‬‬ ‫منط احلياة الذي يراد فرضه في مساحات‬ ‫استحواذ التنظيمات اإلرهابية على السلطة‬ ‫والثروة‪ ،‬ال يبعث على القلق فقط‪ ،‬ولكنه يحيل‬ ‫ما تبقى من السكان غير النازحني إلى رهائن‬ ‫تتحكم في رقابهم وحرياتهم طقوس موغلة‬ ‫في التخلف والتمييز وهدر كرامة اإلنسان‪.‬‬ ‫غ�ي��ر أن األط� ��راف امل�ت�ن��اح��رة ال �ت��ي عبدت‬ ‫الطريق أم��ام مت��دد التنظيمات اإلرهابية‬ ‫ت�ت�ح�م��ل ال �ق �س��ط ال ��واف ��ر م ��ن امل �س��ؤول �ي��ة‪.‬‬

‫فإشاعة الفوضى وعدم االستقرار وسطوة‬ ‫امليليشيات لم تترك مجاال للتفكير في ما‬ ‫يجب فعله إلنقاذ املوقف‪.‬‬ ‫عندما بدأت تقارير تعرض تغلغل «داعش»‬ ‫في األراضي الليبية‪ ،‬بالتزامن مع محاوالت‬ ‫تطويق نفوذها ف��ي ال �ع��راق وس��وري��ة‪ ،‬عبر‬ ‫الضربات احملتشمة للتحالف الدولي‪ ،‬لم يعر‬ ‫الفرقاء الليبيون املتناحرون األمر ما يستحق‬ ‫من يقظة‪ .‬وبدا أن مقولة عدو عدوي تسمح‬ ‫بالتقاط األن �ف��اس‪ ،‬طاملا أن ال�س�لاح ال��ذي‬ ‫ي��وج��ه إل��ى ال �ص��دور ي�ك��ون ل��ه أث��ر‪ ،‬بصرف‬ ‫النظر عن مصدره‪ .‬غير أن قضم األراضي‬ ‫وإقامة كيانات مجزأة‪ ،‬ال يستثني مجاالت‬ ‫ن�ف��وذ ه��ذا ال �ط��رف أو ذاك‪ .‬ب��ل إن بعض‬ ‫املمارسات التي همت خطف واغتيال ونحر‬ ‫األبرياء على الهوية فتحت العيون على حجم‬ ‫املخاطر املتباينة‪.‬‬ ‫ليست وصفة حكومة وح��دة وطنية كافية‬ ‫وحدها للحد من هذه املخاطر‪ .‬ففي العراق‬ ‫تغيرت حكومات على إيقاع احملاصصة‪ ،‬من‬ ‫دون أن تفلح في معاودة بناء حلمة التماسك‬ ‫االجتماعي والسياسي‪ .‬والشرعية احلقيقية‬ ‫ال تقوم على توزيع املغامن واملواقع‪ ،‬بل على‬ ‫وضوح الرؤية حيال مواجهة التحديات التي‬ ‫ال تقبل اإلرج� ��اء‪ .‬وإذا ك��ان��ت أسبقية في‬ ‫أجندة االستحقاقات االستعجالية‪ ،‬فمحورها‬ ‫التصدي للتمدد اإلرهابي‪ ،‬أي توجيه الفكر‬ ‫والسالح عبر حتالف تاريخي ضد اإلرهاب‪.‬‬ ‫ولن يكون في وسع أي تنظيمات خارج سلطة‬ ‫الدولة القيام بهذه املهمة‪ ،‬كون امليليشيات ال‬ ‫تتحول فجأة إلى قوات نظامية‪ ،‬والعبرة جلية‬ ‫من التجربة العراقية‪.‬‬ ‫إذا كان صحيحاً أن احل��رب على اإلره��اب‬ ‫قضية دول �ي��ة بحجم اس �ت �ش��راء ال�ظ��اه��رة‪،‬‬ ‫ف��ال�ص�ح�ي��ح أي �ض��ا أن امل�ج�ت�م��ع ال ��دول ��ي ال‬ ‫ميكن أن يخوضها بالوكالة ع��ن الليبيني‪.‬‬ ‫كما ثبت أنه يدعم العراقيني من دون النزول‬ ‫إل��ى س��اح��ة امل �ي��دان‪ .‬واألخ �ط��ر ف��ي احلملة‬ ‫الراهنة أن اإلرهاب لم يعد مرتبطا بأفراد‬ ‫أو جماعات فقط‪ ،‬بل تعدى طموحه هذا‬ ‫النطاق نحو إقامة كيانات بأسماء دول‪.‬‬ ‫أقرب الطرق إلى املصاحلة الليبية أن تبدأ‬ ‫باحتساب املخاطر التي تهدد كيان الدولة‬ ‫واملجتمع‪ ،‬وق�ت��ذاك ميكن حلكومة الوحدة‬ ‫الوطنية أن جتمع ما تفرق من سبل وأهواء‪.‬‬


‫ليبيا‪ ..‬مصرع ‪ 22‬شخص ًا‬ ‫في معارك بأجدابيا‬ ‫شبكة إرم اإلخبارية ‪:‬‬ ‫لقي ‪ 22‬شخصا على األق��ل مصرعهم‪ ،‬وأص�ي��ب ع��دد آخ��ر ب�ج��روح ف��ي قصف‬ ‫للطيران احلربي‪ ،‬ومواجهات مسلحة مبدينة أجدابيا‪ ،‬شرقي ليبيا‪ ،‬بني أهالي‬ ‫املدينة املساندين لقوات اجليش الليبي ومجلس شورى ثوار املدينة‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة األناضول‪ ،‬عن مصادر متطابقة قولها إن “مواجهات مسلحة بني أهالي‬ ‫مدينة أجدابيا الداعمة لقوات اجليش الليبي وبني مجلس ش��ورى ث��وار أجدابيا‬ ‫(حتالف لكتائب إسالمية مسلحة) بينها تنظيم أنصار الشريعة‪ ،‬وقعت اليوم األحد‪،‬‬ ‫في املدينة‪ ،‬وأسفرت عن سقوط ‪ 5‬قتلى من اجليش”‪.‬‬ ‫و اعتبرت تلك املصادر‪ ،‬أن “املواجهات التي وقعت بالقرب من مستشفى محمد‬ ‫املقريف (حكومي) هي بداية انتفاضة ألهالي املدينة املدعومني من الكتيبة ‪149‬‬ ‫مشاة – التابعة لرئاسة أركان مجلس النواب (املنعقد في طبرق) ضد التشكيالت‬ ‫املسلحة التي تسيطر على أجزاء من أجدابيا”‪ ،‬مؤكدة أن “اجليش الليبي وأهالي‬ ‫املدينة املساندون له‪ ،‬متكنوا من السيطرة الكاملة على مستشفى محمد املقريف‬ ‫الذي سيطر عليه تنظيم أنصار الشريعة وكتائب محسوبة على تنظيم داعش”‪.‬‬ ‫إلى ذلك؛ أكد مصدر من مجلس شورى ثوار أجدابيا‪ ،‬لألناضول‪ ،‬أن “‪ 17‬عنصرا‬ ‫من املجلس لقوا حتفهم في قصف لطائرة حربية لم يتم التعرف على هويتها‬ ‫بعد‪ ،‬فيما أصيب عدد آخر بجروح”‪ ،‬موضحا أن القصف اجلوي “استهدف احلي‬ ‫الصناعي جنوبي أجدابيا حيث يتخذ مجلس شورى ثوار أجدابيا تلك املنطقة مقرا‬ ‫له”‪ ،‬مشيراً إلى “استمرار املعارك بوتيرة أقل حدة”‪.‬‬ ‫و جتري هذه املعارك باملوازاة مع مواجهات مسلحة أخرى مبدينة درنة‪ ،‬شرقي البالد‪،‬‬ ‫بني مجلس ش��ورى مجاهدي درن��ة (جتمع لكتائب إسالمية مسلحة) مدعو ًما من‬ ‫األهالي وبني تنظيم “داعش” في محاولة من األولى استعادة السيطرة على املدينة‪.‬‬

‫الدايري يحذر من تداعيات اتساع‬ ‫نفوذ داعش في ليبيا‬ ‫احلرة ‪:‬‬ ‫حذر وزير اخلارجية الليبي محمد الدايري‪ ،‬من تداعيات اتساع نفوذ تنظيم الدولة‬ ‫االسالمية داعش في ليبيا‪ ،‬داعيا املجتمع الدولي إلى حتمل مسؤولياته حيال األزمة‬ ‫التي تعصف بالبالد منذ شهور‪.‬‬ ‫وقال الدايري في كلمة ألقاها خالل االجتماع الرابع لدول االتصال اخلاصة بليبيا‪،‬‬ ‫على هامش قمة االحتاد اإلفريقي في جوهانسبيرغ بجنوب إفريقيا األحد املاضي‬ ‫‪ ،‬إن «األوضاع تفاقمت بشكل كبير» بعد سيطرة داعش على مدينة سرت واملناطق‬ ‫احملاذية لها ومحاوالته السيطرة على منطقة الهالل النفطي‪.‬‬ ‫وحذر وزير اخلارجية في احلكومة املؤقتة املعترف بها دوليا‪ ،‬من امتداد التدهور‬ ‫األمني إلى بقية دول املنطقة في حال تقاعس املجتمع الدولي عن املساعدة‪ ،‬مناشدا‬ ‫تقدمي الدعم الالزم لدحر اجلماعات اإلرهابية‪ ..‬وشدد الدايري على أهمية التزام‬ ‫جميع األطراف بوقف تزويد امليليشيات في ليبيا بالسالح ومنع تصديره إال بطلب‬ ‫من «احلكومة الشرعية»‪ ،‬واعتماد إج ��راءات عقابية ضد األف��راد واملجموعات‬ ‫املسلحة التي تعمل على تقويض العملية السياسية في البالد‪.‬‬

‫الزج باحلج في األزمة السياسية الليبية‬

‫الحج يدخل إطار األزمة السياسية‬

‫ليبيا‪ :‬الحكومة الشرعية‬ ‫تحذر من محاولة‬ ‫تضليل الحجاج‬ ‫موقع ‪: 24‬‬ ‫في ص��راع مبكر على تسهيل أداء الليبيني لفريضة‬ ‫احل��ج ه��ذا العام‪ ،‬ح��ذرت اليوم األح��د الهيئة العامة‬ ‫لشؤون احلج والعمرة في ليبيا‪ ،‬من مغبة الزج باحلجاج‬ ‫وبأداء فريضة احلج في جتاذبات وتصفية حسابات‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫وق��ال��ت الهيئة العامة ل�ش��ؤون احل��ج والعمرة التابعة‬ ‫للحكومة الليبية املؤقتة في بيان من مقرها املؤقت‬ ‫مبدينة البيضاء شرق ليبيا‪ ،‬أنها «تابعت وبكل أسف‬ ‫اإلعالنات املضللة والصادرة عن إدارة ش��ؤون احلج‬ ‫والعمرة ب��وزارة األوق��اف وال�ش��ؤون اإلسالمية ‪ ،‬مبا‬ ‫يسمى بحكومة اإلن �ق��اذ الوطني التي تسيطر على‬ ‫العاصمة الليبية ط��راب�ل��س»‪ ،‬مشيرة إل��ى «ب��ث هذه‬ ‫اإلعالنات طيلة األيام املاضية من خالل بعض القنوات‬ ‫التلفزيونية احمللية‪ ،‬والذي يتضمن اإلعالن عن بداية‬ ‫التسجيل للراغبني في أداء فريضة احلج لهذا العام‬ ‫من خالل املوقع اإللكتروني التابع لهذه اإلدارة»‪.‬‬ ‫وأوضحت في البيان الذي تلقى ‪ 24‬نسخة منه‪ ،‬أنها‬ ‫تعمل م��ن أج��ل خ��دم��ة ك��اف��ة احل�ج��اج ف��ي ك��ل ليبيا‪،‬‬ ‫وحذرت من هذا اإلعالن يهدف إلى تضليل الراغبني‬ ‫ف��ي أداء ف��ري�ض��ة احل��ج ع�ب��ر توجيههم إل��ى امل��وق��ع‬ ‫اإللكتروني اخلطأ والغير صحيح‪ ،‬األمر الذي سيترتب‬ ‫عليه حرمانهم من أداء هذه الفريضة املباركة‪.‬‬ ‫ودع���ت جميع ال��راغ �ب�ين ب��احل��ج بالتسجيل مبوقع‬ ‫الهيئة الرسمي ‪ ،www.alhajj.ly‬واملرتبط باملسار‬ ‫االلكتروني ومنح التأشيرة‪ ،‬وكذلك عن طريق االتصال‬ ‫باملنسقني املعتمدين من قبل الهيئة باملناطق‪.‬‬ ‫يشار إلى أن الوزارة‪ ،‬عبر موقعها اإللكتروني‪ ،‬حددت‬ ‫أيام‪ ،‬ابتدا ًء من اخلميس املوافق‬ ‫فترة التسجيل بعشرة ٍ‬ ‫‪ 18‬يونيو اجلاري‪ ،‬كما نوهت إلى أن قيمة تكلفة احلج‬ ‫تبلغ حوالي ‪ 6370‬دينار ليبي‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫«الناتو» يكفر عن عقدة ذنبه‬ ‫في ليبيا‪ ..‬ويغسل سمعته في‬ ‫الشرق األوسط‪ ..‬ويؤكد‪:‬‬ ‫غير قادرين على إحالل السالم‬ ‫في كل العالم‬

‫صدى البلد ‪:‬‬ ‫ورشة عمل في بروكسل حضرها ‪25‬‬ ‫صحافيا وإعالميا مصريا‪ ،‬واختتمت‬ ‫نقاشاتها وم��داوالت �ه��ا السبت قبل‬ ‫املاضي‪ ،‬كانت تهدف لتوضيح مفاهيم‬ ‫تتعلق بحلف الناتو ومبهامه اجلديدة‬ ‫ومبؤسساته العلمية والبحثية‪.‬‬ ‫انصبت معظم أعمال الورشة‪ ،‬التي‬ ‫اس�ت�م��رت ث�لاث��ة أي� ��ام‪ ،‬ع�ل��ى مهمة‬ ‫احللف في ليبيا في أعقاب ثورات‬ ‫ال��رب �ي��ع ال �ع��رب��ي‪ ،‬وحت� ��دث مسئولو‬ ‫احل �ل��ف ع��ن م �ب��ررات ال�ض��رب��ة وم��ا‬ ‫حققته‪ ،‬مجيبني عن جميع األسئلة‬ ‫ال�ت��ي ك��ان��ت ف��ي معظمها ان�ت�ق��ادات‬ ‫وجهت للحلف بسبب ترك ليبيا في‬ ‫مستنقع اإلرهاب وعدم قيام احللف‬ ‫مب�ه�م��ة ك��ام �ل��ة ف��ي األراض�� ��ي ال�ت��ي‬ ‫أصبحت مرتعا مناسبا للجماعات‬ ‫التكفيرية وعلى رأسها داعش‪.‬‬ ‫جميع ال �ل �ق��اءات ك��ان��ت م��ع ق �ي��ادات‬ ‫رئيسية ف��ي احل�ل��ف ورؤس� ��اء أف��رع‬ ‫وأقسام حساسة وسمح للصحفيني‬ ‫بالكتابة ع��ن ال��ورش��ة ب �ش��رط ع��دم‬ ‫تسجيل اللقاءات وعدم ذكر أسماء القادة في أي بيان صحفي أو تقارير مكتوبة‪.‬‬ ‫في البداية حتدث مسئولون في احللف عن أنهم يواجهون مشكلة بسبب قلة‬ ‫املعلومات احلقيقية املتاحة عن الناتو‪ ،‬حتى إن أحدهم علق قائال إن أبناءه‬ ‫اليافعني ال يعرفون الكثير عن احللف وبالتالي ال توجد لديهم الرغبة في احلديث‬ ‫عنه وما يقوم به من عمليات‪ ،‬حتى إن هناك مؤسسة متخصصة تقوم سنويا‬ ‫بعمل مسح ميداني للسؤال عن احللف ونشاطاته‪ ،‬وكانت النتيجة دائما أن القليل‬ ‫فقط هم من يعرفون شيئا عن الناتو‪ ،‬مشيرين إلى أن األمم املتحدة اعتبرت‬ ‫احللف جزءا مهما للغاية في منظومة احلفاظ على سالم العالم‪.‬‬ ‫وأكدت قيادات داخل احللف أنه من الضروري تصحيح أي نظرة سلبية عن‬ ‫احللف‪ ،‬والترويج الصحيح للناتو كي تعلم الشعوب ما هو احللف‪ ،‬بعد أن‬ ‫عرفت النخب في دول البحر املتوسط من خالل احلوار املتوسطي حقيقة‬ ‫هذا احللف‪ ،‬ومن خالل االجتماعات مع ممثلني لدول البحر املتوسط‪ ،‬كي‬ ‫يتم تفادي س��وء الفهم ال��ذي يولد التوتر‪ ،‬وه��ذا هو الهدف من مثل هذه‬ ‫احلوارات السياسية واالجتماعات املتواترة التي يقيمها ويعقدها احللف مع‬ ‫الصحفيني واإلعالميني وغيرهم من النخب‪.‬‬ ‫وقالت إن احللف يستمع للشركاء ومخاوفهم عن فرض سياسات عليهم‬ ‫عقب انهيار االحتاد السوفييتي‪ ،‬مضيفني‪« :‬البد أن يكون هناك تكامل بني‬ ‫مختلف املنظمات إلحالل السالم وحتقيق األمن ومن خالل احلفاظ على‬ ‫خصوصية كل دولة وعدم التدخل في شئونها الداخلية أو أعمال السيادة‬ ‫فيها‪ ،‬بحيث يتم حتقيق األم��ن اإلقليمي وتطوير ال��دف��اع��ات‪ ،‬بحيث تتم‬ ‫مواجهة التحديات األمنية التي تواجه اجلميع»‪.‬‬ ‫انتقل املسئولون بعدها للحديث عن العملية الوحيدة للحلف في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬وهي العملية العسكرية في ليبيا‪ ،‬وأكد مسئولو احللف أن احللف‬ ‫كمنظمة لن يسمح مبزيد من العمليات العسكرية في ليبيا وال ميكن أن‬ ‫يتدخل من جديد إال إذا توافرت الظروف القانونية التي تسمح لـــ‪ 28‬دولة‬ ‫أعضاء احللف باملشاركة وموافقة جميع األعضاء للقيام مبهمة جديدة‪،‬‬ ‫وكذلك أن تكون هناك أهمية «قيمة مضافة» للمشاركة مبعنى عدم التضارب‬ ‫مع العبني آخرين «يقومون مبهمات مشابهة في ليبيا»‪ ،‬كما يلزم عدم التدخل‬ ‫في أعمال السيادة واألمن الوطني لدول أخرى‪.‬‬ ‫وأوضح قيادي باحللف لـــــ»صدى البلد» على هامش الورشة أن احللف لم يتدخل‬ ‫في أي دول��ة إال وك��ان معه طرف آخ��ر‪ ،‬حلفاء غير منتمني للمنظمة‪ ،‬لتوفير‬ ‫املستوى االستراتيجي والتكتيكي املطلوب‪ ،‬وق��ال‪« :‬شاركنا في العمليات في‬

‫ليبيا مبوافقة األمم املتحدة واجلامعة‬ ‫العربية واالحتاد األوروبي»‪.‬‬ ‫وأك ��د ال �ق �ي��ادي أن احل �ل��ف يتدخل‬ ‫حلل األزمات فقط جللب االستقرار‬ ‫مبساعدة املجتمع الدولي ومنظمات‬ ‫فاعلة أخرى‪.‬‬ ‫ونفى املصدر أن يكون احللف أداة‬ ‫في يد ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬بل تصدر‬ ‫أي قرارات باإلجماع وليس باألغلبية‪،‬‬ ‫ول��ذل��ك ف��ال��وص��ول ل �ق��رار م��وح��د من‬ ‫جميع األعضاء ليس بالقرار السهل‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن العملية العسكرية في‬ ‫ليبيا متت بنجاح وحققت أهدافها‬ ‫ولكن كان يجب على املجتمع الدولي‬ ‫أن يقوم ب��دوره بعد العملية ويسعى‬ ‫لتحسني البيئة السياسية في البالد‪،‬‬ ‫متهما الليبيني أنفسهم بالتقاعس عن‬ ‫التعاون مع احللف وعدم السعى لطلب‬ ‫املساعدة من املجتمع الدولي‪ ،‬وبالتالي‬ ‫حققت قوى إقليمية مكاسب خاصة‬ ‫لها وسعت لتدمير ليبيا من الداخل‪.‬‬ ‫وانتقد مصدر آخ��ر من حلف الناتو‬ ‫التناقض احلادث في أن يطلب البعض‬ ‫أن يتدخل احللف في حل األزمة الليبية‪ ،‬ومن ناحية أخرى ينتقدون العملية التي‬ ‫قام بها احللف هناك‪ ،‬وقال‪« :‬كان هناك ديكتاتور يذبح شعبه وذهبنا في ‪2011‬‬ ‫على أسس قانونية ومطالبات عربية من اجلامعة ومجلس التعاون اخلليجي‪،‬‬ ‫وبسرعة استطاع احللف أن يفرض حظر الطيران ويحمي املدنيني»‪.‬‬ ‫وأوض��ح القيادي في احللف أن الناتو بعد العملية لم تقدم له أي مطالب‬ ‫سواء من الليبيني أنفسهم أو من العرب باملساعدة بل كل ما قدم إليهم هو‬ ‫املساعدة في تكوين مؤسسات أمنية ثم سحبت هذه املطالبات بعد تغيير‬ ‫احلكومة‪ ،‬مشيرا إلى أنه البد أن يكون هناك طلب صريح للمساعدة في اي‬ ‫مجال «والليبيون كانوا يرون أنهم غير محتاجني ثم تطور الوضع األمني في‬ ‫البالد مبا ال يسمح بأن يقدم أحد هذه املطالب‪ ،‬كما أن أطرافا أخرى كانت‬ ‫موجودة قد يتضارب ما تقوم به مع ما ميكن أن يقوم به الناتو»‪.‬‬ ‫وقال املصدر أنه إذا قدم املسئولون الليبيون طلبات باملساعدة‪ ،‬فالناتو على‬ ‫استعداد للقيام بهذه املهمة‪ ،‬مشيرا إلى أن احللف ال ميلك الشرعية في‬ ‫الوقت احلالي بعد أن تطورت األوضاع وتدهور األمن في ليبيا ولم يستطع‬ ‫الليبيون حتقيق ما يريدونه‪ ،‬وأض��اف‪« :‬ال نريد التدخل إال وفقا للقانون‬ ‫وبشرط حدوث اتفاق على بناء مؤسسات ليبيا من جديد»‪.‬‬ ‫وتابع املصدر أن املسئولية لتحسني الوضع في ليبيا البد أن تتحملها أيضا الدول‬ ‫في املنطقة بدعمها لوساطة األمم املتحدة‪ ،‬وقال‪« :‬ليبيا ضحية لتضارب املصالح‬ ‫بني العديد من الدول‪ ،‬ونحن مسئولون عن دعم احلوار الذي يحاول برناردينو‬ ‫ليون أن يخلقه‪ ،‬بعد أن انتشر اإلرهاب وحدث فراغ في القوى استغلته «داعش»‪.‬‬ ‫وأض��اف أنه البد للحلف أن يدعم جهود األمم املتحدة لتوفير األم��ن في‬ ‫ليبيا من خالل احلوار وإجبار اجلميع للجلوس على طاولة املفاوضات وبناء‬ ‫قدرات الدفاع واملؤسسات وتشكيل حكومة مركزية قوية‪ ،‬قائال‪« :‬حان الوقت‬ ‫ألن يتحمل اجلميع مسئولياته في ليبيا وال ميكن أن تنسب كل األخطاء في‬ ‫ليبيا حللف الناتو»‪.‬‬ ‫واعترف قيادي في حلف الناتو بعدم وجود خطط كافية من قبل احللف‬ ‫لفترة ما بعد العمليات في ليبيا على الرغم من اعتبار ما حققه احللف هناك‬ ‫جناحا‪ ،‬حيث إنه أسقط الطاغية «القذافي» – حسب وصفه ‪ -‬إال أنه لم‬ ‫يتم حتديد وظيفة ومهمة محددة للحلف للقيام بها بعد العمليات العسكرية‪،‬‬ ‫وبالتالي لم يكن هناك تخطيط كامل لوقف تدفق األسلحة‪ ،‬مطالبا بأن يتم‬ ‫التعامل مع األزمة الليبية على مستوى أممي بحيث يستطيع الناتو املشاركة‬ ‫مجددا إذا طلب منه ذلك‪.‬‬


‫من وراء دعم داعش باألسلحة واملعدات ؟‬

‫أوروبا تتدخل عسكري ًا في ليبيا؟‬ ‫النهار اللبنانية ـ راجح اخلوري ‪:‬‬ ‫كانوا جميعاً في برلني‪ ،‬اخلمسة الكبار إضافة الى األوروبيني واجليران القلقني‪،‬‬ ‫وزير خارجية املانيا فرانك ‪ -‬فالتر شتاينماير وصف اإلجتماع الذي كان يبحث‬ ‫في الوضع الكارثي في ليبيا بأنه «الفرصة األخيرة حلماية ليبيا من التفكك»‪ ،‬بدا‬ ‫األمر مضحكاً ال بل مبكياً عندما أضاف «ان العالم ينتظر من أطراف النزاع ان‬ ‫يتح ّملوا مسؤولياتهم ويوافقوا على تسوية»‪.‬‬ ‫مسؤولياتهم ؟‬ ‫برناردينو ليون املبعوث األممي للعمل على حل األزمة كاد ان ينزل حتت الطاولة‬ ‫ملجرد ان هناك في العالم من يظن ان الليبيني الذين يغرقون في حروب دفعتهم‬ ‫ال��ى الصوملة‪ ،‬ميكنهم ان يتذكروا ان عليهم مسؤوليات‪ ،‬وان من املمكن تالياً‬ ‫إخماد البركان الليبي‪ ،‬الذي يقذف اليوم قوارب املهاجرين الى املتوسط‪ ،‬وميكن ان‬ ‫يقذف غداً لهيب االرهابيني والتكفيريني الى الشواطىء اجلنوبية للدول األوروبية‪،‬‬ ‫أيطاليا ال تبعد أكثر من ‪ 300‬كيلومتر!‬ ‫ليون عاجز ومفلس فمنذ بداية مهمته لم يتمكن من ان يوقف إنزالق ليبيا الى‬ ‫احل��روب األهلية‪ ،‬ولعل من الضروري ان نتذكر انه في حني كان إجتماع برلني‬ ‫غارقاً في فرضيات واهمة‪ ،‬كان تنظيم «داعش» يضرب في سرت على مسافة‬ ‫‪ 150‬كيلومتراً من اخلليج النفطي الليبي‪ ،‬الذي إن سيطر عليه سيكسب املزيد‬ ‫من األموال التي تساعده على حتويل ليبيا نقطة إنقضاض أرهابية في إجتاهات‬ ‫كثيرة سواء في الدول األفريقية أو في الدول األوروبية!‬ ‫احلديث عن خطط ارهابية تستهدف مصر انطالقاً من األراض��ي الليبية ال‬ ‫يتوقف وهذا يعني ان إتساع سيطرة «داعش» ستضع مصر بني نارين‪ ،‬نار ليبيا‬ ‫ونار سيناء وقد وصلت بصمات «الدواعش» الى األقصر قبل يومني‪ ،‬ولكن هل‬ ‫تكون تونس مبنأى عن التهديد وعدد التوانسة املتدعوشني يزيد عن ثالثة آالف‪،‬‬ ‫وهل تكون اجلزائر مبنأى عن اإلستهدافات اإلرهابية املنطلقة من ليبيا والتي قد‬ ‫تصل في النهاية الى املغرب وتعبر الى موريتانيا؟‬ ‫هل يكون السودان الذي ميلك عوارض مشجعة مبنأى عن لهيب ليبيا‪ ،‬وماذا عن‬ ‫تشاد والنيجر وعن نيجيريا و»بوكو حرام»؟‬ ‫واذا تذكرنا ان الشاطىء الليبي ميتد على مسافة ألفي كيلومتر قبالة الدول‬ ‫األوروبية‪ ،‬هل من املستغرب ان يدعو وزير الدفاع اإلسباني بدرو مورينس الى‬ ‫اإلسراع في ترتيب عملية تدخل عسكري اوروبي في ليبيا‪ ،‬وخصوصاً بعد إتساع‬ ‫سيطرة «داع��ش» في درن��ة وس��رت وأمكنة أخ��رى‪ ،‬وه��ل ميكن أال تكون هناك‬ ‫دعوات أخرى من هذا النوع في ايطاليا وفرنسا وبريطانيا حتديداً؟‬ ‫وإذا كانت الدول األوروبية قد ضاقت بالفوضى الليبية التي تضخ اليها املزيد من‬ ‫الجئي القوارب‪ ،‬فهل من الغريب ان يدفعها القلق من تدفق اإلنتحاريني الى تدخل‬ ‫عسكري كبير في ليبيا؟‬

‫املصاحلة الوطنية هدف الليبيني‬

‫مجلس أعيان ليبيا للمصالحة‬ ‫يدعو الليبيين والجهات‬ ‫التشريعية إلي العمل‬ ‫بمسؤولية تجاه سيادة الدولة‬ ‫بوابة األسبوع ‪:‬‬ ‫دع��ا مجلس أعيان ليبيا للمصاحلة‪ ،‬الليبيني واجلهات‬ ‫التشريعية إل��ي ال�ع�م��ل مب�س��ؤول�ي��ة جت��اه س �ي��ادة ال��دول��ة‬ ‫الليبية ووحدة أراضيها واحملافظة علي مقدراتها وتغليب‬ ‫املصلحة العامة‪.‬‬ ‫ونوه املجلس في بيان امس األحد بجميع الدعوات التي‬ ‫أطلقها اخليرين إلط�لاق س��راح احملتجزين في السجون‬ ‫ب��دون جرم مشهود أو دع��وي مرفوعة ضدهم في أسرع‬ ‫وقت ممكن‪.‬‬ ‫وطالب البيان كل الليبيني مباركة أي عمل وطني يدعو‬ ‫للوفاق والتسامح ويقرب وجهات النظر في أي مكان من‬ ‫ليبيا‪.‬‬ ‫وأثني البيان بجهود املصاحلة الوطنية‪ ،‬داعياً إلي ضرورة‬ ‫تبني منهج العفو والتسامح وإقامة العدل وامل�س��اواة في‬ ‫احلقوق بني أبناء البلد الواحد‪.‬‬ ‫وأكد علي ضرورة وقف كل األعمال التي من شأنها تأجيج‬ ‫النزاع من إعالم أو غيرها واإللتفاف إلي خطر التطرف‬ ‫الفكري واأليديولوجي‪.‬‬ ‫وأك��د البيان علي رف��ض القبائل الليبية اإلجن ��رار وراء‬ ‫دعوات الثأر‪ ،‬داعياً إلي الدخول في تهدئة عامة‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ليبيا دولة غنية مهددة باإلفالس!‬ ‫املعارك بني املتقاتلني من دون الوصول إلى حل موحد يحفظ البالد‪ ،‬ماذا‬ ‫احلياة ـ عدنان كرمية ‪:‬‬ ‫سيبقى مع استنزاف ثروات ليبيا املهددة بانهيار اقتصادي وإفالس مالي؟‬ ‫ليبيا دولة نفطية غنية‪ ،‬وعضو في منظمة «أوبك»‪ ،‬وهي كبيرة مبساحتها‬ ‫كان احتياط ليبيا من العمالت األجنبية ‪ 165‬بليون دوالر إضافة إلى‬ ‫وصغيرة بعدد سكانها ال��ذي ال يتجاوز ستة ماليني شخص‪ ،‬وتعد من‬ ‫‪ 116‬طناً من الذهب‪ ،‬ووصلت عائداتها السنوية من النفط إلى نحو ‪60‬‬ ‫البلدان القليلة في العالم العربي والعالم ككل‪ ،‬غير املدينة لصناديق‬ ‫بليون دوالر‪ ،‬وذلك قبل حصول التغيير السياسي واإلطاحة بنظام معمر‬ ‫مالية إقليمية أو عاملية‪ ،‬فهي متلك احتياطات نقدية وذهبية وموجودات‬ ‫خارجية تقدر بنحو ‪ 400‬بليون دوالر‪ .‬لكن رغم كل ذلك هي تواجه انهياراً‬ ‫القذافي‪ .‬وعلى رغم تعرض ليبيا إلى هجرة استثمارات وسحب ودائع‬ ‫من املصارف‪ ،‬قدرت بعشرات الباليني من ال��دوالرات في بداية الثورة‪،‬‬ ‫اقتصادياً ومهددة بإفالس مالي‪ ،‬نتيجة الصراع السياسي الذي تشهده‬ ‫منذ نحو ثالث سنوات‪ ،‬بالترافق مع اضطرابات أمنية وقتال‪ ،‬فض ً‬ ‫احتلت ليبيا بعد الثورة‪ ،‬وبالتحديد في ‪ ،2011‬مرتبة متقدمة كبيئة جاذبة‬ ‫ال عن‬ ‫لالستثمار األجنبي وواعدة للمستثمرين‪ ،‬خصوصاً بعد جتاوبهم الكبير‬ ‫دخول «داعش» وسيطرتها على بعض املناطق‪.‬‬ ‫في دخول ورشة إعادة اإلعمار‪ ،‬وكانت اآلمال معلقة على جناح النشاط‬ ‫مبعوث األمم املتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون الذي يحاول إعداد املسودة‬ ‫االقتصادي في ‪ ،2012‬لكن ع��ام ‪ 2013‬ج��اء مخيباً لآلمال إذ بدأت‬ ‫الرابعة ملشروع االتفاق الليبي بعد جلسات متتالية للحوار‪ ،‬غير متفائل‬ ‫بالوصول إلى حل لألزمة الليبية‪ ،‬وهو أكد ان «الوضع األمني يزداد سوءاً‬ ‫االضطرابات األمنية في يوليو وال ت��زال مستمرة‪ ،‬ما أدى إلى جتميد‬ ‫االستثمارات خصوصاً التي تعود إلى إنفاق الدولة لتمويل املشاريع‪ ،‬بعد‬ ‫بسبب ازدياد نفوذ داعش املتطرف في البالد»‪ ،‬مبدياً تخوفه من «أخطار‬ ‫تراجع عائدات النفط سواء جلهة اإلنتاج أو جلهة خفض األسعار‪ ،‬علماً‬ ‫إفالس املصرف املركزي الليبي»‪.‬‬ ‫تفاءل صندوق النقد الدولي بقدرة ليبيا االقتصادية واملالية‪ ،‬مشيراً‬ ‫أن النفط هو القوة الدافعة لالقتصاد الليبي إذ ميثل ‪ 65‬في املئة من‬ ‫إل� ��ى ان ل��دي �ه��ا اح �ت �ي��اط �اً م�ه�م�اً‬ ‫ال �ن��اجت اإلج �م��ال��ي و‪ 96‬ف��ي املئة‬ ‫من ال �ص��ادرات و‪ 98‬في املئة من‬ ‫سيساعدها على تخطي األزم��ة‬ ‫إيرادات خزينة الدولة‪.‬‬ ‫التي تواجهها‪ ،‬وحذر من ان اخللل‬ ‫وح �ي��ال ذل��ك اض �ط��رت احلكومة‬ ‫في اإلنتاج النفطي وزيادة اإلنفاق‬ ‫ال �ل �ج��وء إل� ��ى اح �ت �ي��اط امل �ص��رف‬ ‫العام قد يستنزفان االحتياط في‬ ‫املركزي لتغطية نفقاتها الضرورية‬ ‫اق��ل م��ن أرب ��ع س �ن��وات‪ .‬وح��ذرت‬ ‫وع� �ج ��ز امل � ��وازن � ��ة‪ ،‬م ��ا أدى إل��ى‬ ‫س ��ت دول ك��ب��رى ه ��ي ال ��والي ��ات‬ ‫اس �ت �ن��زاف��ه ت��دري �ج �اً ح �ت��ى وص��ل‬ ‫امل� �ت� �ح���دة‪ ،‬وف���رن� �س���ا‪ ،‬وأمل ��ان� �ي ��ا‪،‬‬ ‫إلى نحو ‪ 76.6‬بليون دوالر نهاية‬ ‫وبريطانيا‪ ،‬وايطاليا‪ ،‬واسبانيا‪،‬‬ ‫‪ ،2014‬أي بخسارة كبيرة بلغت‬ ‫من ان مؤسسات الدولة في ليبيا‬ ‫نحو ‪ 88‬بليون دوالر‪ ،‬مقارنة بعام‬ ‫ال�ت��ي تهيمن ع�ل��ى أص ��ول وطنية‬ ‫العملة الليبية تقع في فخ التضخم ‪.2010‬‬ ‫تقدر قيمتها مبئات الباليني من‬ ‫ول��وح��ظ ان اك�ب��ر خ�س��ارة سجلها‬ ‫ال� ��دوالرات‪ ،‬م�ه��ددة م��ن الفصائل‬ ‫مصرف ليبيا املركزي كانت في ‪ ،2014‬وبلغت ‪ 29.2‬بليون دوالر‪ ،‬ويشير‬ ‫املتناحرة للسيطرة على ال �ب�لاد‪ ،‬ودع��ت ال ��دول إل��ى اس�ت�خ��دام امل��وارد‬ ‫تقرير رسمي لديوان احملاسبة الليبي إلى ان قيمة استثمارات املصرف‬ ‫االقتصادية واملالية الليبية وموارد الطاقة‪« ،‬من أجل صالح الشعب الليبي‬ ‫في السندات األجنبية هبطت ‪ 25‬في املئة إلى ‪ 50.5‬بليون دوالر‪ ،‬وكذلك‬ ‫بأسره»‪.‬‬ ‫هبطت قيمة الودائع بالعمالت األجنبية بنسبة ‪ 26‬في املئة إلى ‪25.3‬‬ ‫وت �ب��رز خ �ط��ورة ال �ص��راع األم �ن��ي وال�س�ي��اس��ي م��ن خ�لال انعكاسه على‬ ‫بليون دوالر‪ ،‬وهو باعها لتمويل عجز املوازنة الذي زاد على ‪ 22.3‬بليون‬ ‫املؤسسات النفطية واملالية‪ ،‬إذ تسلمت حكومة اإلنقاذ الوطني التابعة‬ ‫دوالر‪ .‬وحذر التقرير من ان استمرار سياسة اإلنفاق احلالية ستؤدي‬ ‫للمؤمتر الوطني املنتهية واليته كل حسابات الوزارات في طرابلس‪ ،‬وتقوم‬ ‫إلى انهيار املصرف املركزي واالقتصاد الليبي في أقل من عامني‪ .‬من‬ ‫بالصرف من املوازنة على النفقات احلكومية‪ ،‬في حني تعقد حكومة‬ ‫هنا جاءت دعوة «املركزي» إلى األجهزة التشريعية والتنفيذية إلى اعتماد‬ ‫عبدالله الثني التابعة ملجلس النواب املنعقد في طبرق‪ ،‬وهي متارس عملها‬ ‫إج��راءات تقشف سريعة للتخفيف من العجز املتوقع في موازنة ‪2015‬‬ ‫من دون السيطرة على احلسابات واألرصدة‪ ،‬لكنها قررت أخيراً نقل مقر‬ ‫واملقدر بنحو ‪ 33‬بليون دينار (‪ 24.2‬بليون دوالر) أي ما يعادل أكثر من‬ ‫مصرف ليبيا املركزي إلى مدينة البيضاء في شرق البالد‪ ،‬ووصفه رئيس‬ ‫‪ 70‬في املئة من الناجت احمللي اإلجمالي‪.‬‬ ‫مجلس النواب عقيلة صالح بأنه «مصرف موحد‪ ،‬وال يوجد فرق بني‬ ‫لكن يبقى الرهان على محاوالت التوصل إلى اتفاق سياسي بني املتصارعني‬ ‫طرابلس والبيضاء‪ ،‬وستكون اإلدارة العامة في البيضاء‪ ،‬وهناك فروع في‬ ‫في مختلف مناطق ليبيا‪ ،‬لتجنب تداعيات االنهيار االقتصادي واإلفالس‬ ‫طرابـــلس وبنغازي»‪ .‬وحكومة الثني املعترف بها دولياً مهجرة قسراً من‬ ‫املالي‪ ،‬ويبدي صندوق النقد تفاؤالً بتعافي النشاط االقتصادي الليبي مع‬ ‫طرابلس إلى مدينة البيضاء‪ ،‬في حني ان الوزارات ومؤسسات الدولة ال‬ ‫عودة إنتاج النفط والغاز إلى طاقتهما السابقة‪ ،‬والبالغة نحو ‪ 1.7‬مليون‬ ‫تزال في طرابلس حتت سيطرة حكومة املؤمتر الوطني املنافسة‪.‬‬ ‫برميل يومياً‪ ،‬ومبا يؤمن السيولة الكافية إلنفاق الدولة ومتويل املشاريع‬ ‫أم��ا بالنسبة إل��ى ع��ائ��دات النفط‪ ،‬ف�لا ت��زال ت��ودع ف��ي حساب خاص‬ ‫االستثمارية وإعادة اإلعمار‪ ،‬علماً أن قطاع الطاقة وحده في حاجة إلى‬ ‫باملصرف الليبي اخلارجي (تابع للمصرف املركزي)‪ .‬مع استمرار الصراع‬ ‫‪ 30‬بليون دوالر ليحقق قدرته القصوى‪ ،‬كما ان املطارات والقطاع الصحي‬ ‫ب�ين محافظني أحدهما ه��و الصديق الكبير ال��ذي مي��ارس عمله في‬ ‫والبنية التحتية واالتصاالت والسياحة في حاجة إلى عشرات الباليني من‬ ‫طرابلس‪ ،‬والثاني وهو علي احلبري املكلف من قبل مجلس النواب بطبرق‬ ‫الدوالرات‪.‬‬ ‫ومي��ارس عمله في مدينة البيضاء‪ .‬لكن مع استمرار الصراع واحتدام‬


‫ماذا أعدت اجلامعة ملواجهة متدد داعش؟‬

‫هل نترك ليبيا لـ«داعش»؟‬ ‫الشرق األوسط ـ عثمان ميرغني ‪:‬‬ ‫هل ميكن ألحد أن يقول إنه فوجئ مبحاوالت‬ ‫«داع��ش» للتمدد في ليبيا‪ ،‬أو بالعجز العربي‬ ‫إزاء االنهيار املتواصل في هذا البلد العربي؟‬ ‫لألسف الشديد اإلجابة في احلالتني معروفة‪.‬‬ ‫فاألوضاع في ليبيا ظلت تسير من سيئ إلى‬ ‫أس��وأ على م��رأى ومسمع من اجلميع‪ ،‬وكان‬ ‫واضحا أن مزيج الفوضى والسالح والتناحر‬ ‫ال�س�ي��اس��ي وال�ق�ب�ل��ي واجل �ه��وي سيعيد إن�ت��اج‬ ‫احل��ال��ة األف�غ��ان�ي��ة أو الصومالية‪ ،‬وسيسمح‬ ‫بتمدد «ال �ق��اع��دة» و«داع���ش» أو أي حركات‬ ‫شبيهة تظهر بتسميات جديدة‪ ،‬مثلما حدث‬ ‫في العراق ويحدث في سوريا‪ ،‬ورمبا في اليمن‬ ‫بصورة مختلفة‪ .‬رد الفعل العربي على التردي‬ ‫في احلالة الليبية جاء متوقعا‪ ،‬بيانات‪ ،‬إدانات‪،‬‬ ‫واجتماعات ال تقدم أو تؤخر بينما بلد آخر‬ ‫ينحر بسبب ال�ص��راع على السلطة‪ ،‬ويصبح‬ ‫لقمة سائغة أمام املتطرفني‪ .‬فالعجز العربي‬ ‫ب��ات أم��را معتادا‪ ،‬وف��ي نهاية امل�ط��اف يحال‬ ‫امللف إلى «مبعوث دول��ي» لكي يريحنا ويرفع‬ ‫عنا املسؤولية ويبحث عن حل‪ ،‬بينما يبقى دور‬ ‫جامعة العرب ثانويا في أحسن األحوال‪.‬‬ ‫قد يقول قائل إنه كانت هناك تدخالت عربية‬ ‫في ليبيا سواء لدعم «االنتفاضة» ضد القذافي‬ ‫أو بعد ذلك‪ ،‬وهذا صحيح على مستوى بعض‬ ‫ال ��دول‪ ،‬ولكن ليس على املستوى اجلماعي‪،‬‬ ‫ك �م��ا أن ه ��ذا ال �ت��دخ��ل ات �خ��ذ ط��اب��ع احل��رب‬ ‫ال �ب��اردة ب�ين بعض األط ��راف العربية‪ .‬بكالم‬ ‫أوضح فإنه مقابل الدعم القطري والسوداني‬ ‫والتركي جلماعات إسالمية بعينها‪ ،‬تدخلت‬ ‫م�ص��ر ودول���ة اإلم� ��ارات مل�ن��ع وق ��وع ليبيا في‬ ‫أي��دي ه��ذه اجلماعات وامليليشيات األخ��رى‬ ‫املتحالفة معها التي كانت وم��ا ت��زال تسعى‬ ‫لبسط سيطرتها على مقاليد األم��ور‪ .‬مصر‬

‫تبقى معنية أكثر م��ن غيرها مب��ا ي��دور على‬ ‫حدودها الغربية‪ ،‬خصوصا في ظل معركتها‬ ‫مع اإلخوان املسلمني‪ .‬فوقوع ليبيا في قبضة‬ ‫احلركات اإلسالمية املسلحة سيعني تطويق‬ ‫مصر وجرها إلى معركة على جبهتني‪ ،‬واحدة‬ ‫في الغرب واألخرى في الشرق حيث تخوض‬ ‫حربا ضد املتطرفني في سيناء الذين صعدوا‬ ‫هجماتهم وأعلنوا «إم��ارة» إسالمية مزعومة‬ ‫بايعت أب��و بكر ال �ب �غ��دادي ودول �ت��ه املزعومة‬ ‫أيضا‪ .‬وليس خافيا أيضا أن األمور بني مصر‬ ‫وحركة حماس ليست على ما يرام وأن هناك‬ ‫الكثير مما يجري حتت السطح‪ .‬زد على ذلك‬ ‫أن إسالميي السودان ال يكنون ودا للنظام في‬ ‫مصر حتى ولو كانت األمور على السطح توحي‬ ‫بتقارب على املستوى احلكومي بني البلدين‪.‬‬ ‫وليس ببعيد ما حدث قبل أيام معدودة عندما‬ ‫خ��رج��ت ف��ي اخل ��رط ��وم م �س �ي��رات وص ��درت‬ ‫بيانات وتصريحات بل وحتذيرات من منسوبي‬ ‫احلركة اإلسالمية اإلخوانية وبعض قياداتها‬ ‫مثل الدكتور حسن الترابي‪ ،‬للتنديد باألحكام‬ ‫الصادرة ضد الرئيس املصري املعزول محمد‬ ‫مرسي وبعض رموز «اإلخوان»‪.‬‬ ‫تداعيات الصراع في ليبيا لن تبقى محصورة‬ ‫داخ��ل ح��دوده��ا‪ ،‬بكل م��ا ق��د يعنيه ذل��ك من‬ ‫تعقيدات‪ .‬فما يحدث في هذا البلد له تداعياته‬ ‫امل�ب��اش��رة أي�ض��ا على ت��ون��س وع�ل��ى اجل��زائ��ر‪،‬‬ ‫وآث��اره قد متتد إلى املغرب وحتى موريتانيا‪.‬‬ ‫فملف اإلسالميني ف��ي امل�غ��رب العربي‪ ،‬كما‬ ‫في كثير من أرجاء العالم العربي‪ ،‬يبقى شائكا‬ ‫ومليئا بالتعقيدات‪ ،‬وقضية التطرف ومشاكله‬ ‫تؤرق األجهزة األمنية والسياسية‪.‬‬ ‫أوروب ��ا أيضا تبدو مشغولة ب�ت��ردي األوض��اع‬ ‫في ليبيا وما تراه خطرا أمنيا وسياسيا على‬ ‫حدودها اجلنوبية‪ .‬فالفوضى في ليبيا جعلتها‬

‫مرتعا ملهربي الكتل البشرية الذين يشحنون‬ ‫اآلالف من اليائسني في قوارب املوت التي قد‬ ‫تصل إلى سواحل أوروب��ا‪ ،‬أو تغرق بحمولتها‬ ‫البشرية ف��ي مياه البحر األب�ي��ض املتوسط‪.‬‬ ‫الصور التي تبثها وسائل اإلع�لام للغرقى أو‬ ‫للذين يتم إنقاذهم من ق��وارب امل��وت تشحن‬ ‫الرأي العام األوروبي‪ ،‬وتدفع حكوماته للتحرك‬ ‫خصوصا في وقت أصبحت فيه قضية الهجرة‬ ‫ملفا ساخنا ف��ي ال�ق��ارة العجوز التي تواجه‬ ‫مشاكل اقتصادية واجتماعية متزايدة‪ .‬هناك‬ ‫أي�ض��ا القلق األم�ن��ي امل�ت��زاي��د م��ن أن يستغل‬ ‫«داع� ��ش» أو «ال �ق��اع��دة» م��وج��ات املهاجرين‬ ‫لتسريب عناصر إرهابية لتنفيذ عمليات في‬ ‫أوروبا‪.‬‬ ‫ل �ه��ذه األس��ب��اب ب���دأت ب�ع��ض األص � ��وات في‬ ‫أوروب��ا ترتفع منادية بتدخل عسكري‪ ،‬مثلما‬ ‫فعل وزي��ر الدفاع اإلسباني بيدرو مورينيس‬ ‫عندما ق��ال قبل أي��ام إن عمليات التحالف‬ ‫الدولي ضد «داعش» يجب أال تكون فقط في‬ ‫العراق وسوريا‪ ،‬بل ال بد أن متتد إلى أي مكان‬ ‫يظهر فيه هذا التهديد‪ ،‬مشيرا بالتحديد إلى‬ ‫التطورات األخيرة في ليبيا ومتدد الدواعش‬ ‫في درنة وسرت ومواقع أخرى‪ .‬هذه األصوات‬ ‫ما تزال محدودة حتى اآلن‪ ،‬لكن الوضع يبقى‬ ‫قابال للتغير إذا تنامى نفوذ «داع ��ش» على‬ ‫األرض الليبية‪.‬‬ ‫ليبيا لألسف مرشحة ل�لأس��وأ إذا ل��م حتدث‬ ‫حتركات سريعة وجدية على جبهتني‪ ،‬األولى‬ ‫دع��م احل��وار ال��دائ��ر حاليا حتت رعاية األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬والثانية منع متدد «داعش» على غرار‬ ‫ما حدث في العراق وسوريا‪ .‬في احلالتني ال بد‬ ‫من دور عربي تقوم به الدول القادرة واملعنية‪،‬‬ ‫فالتردد لن يزيد الوضع إال تعقيدا‪ ،‬ومسلسل‬ ‫احلرائق لن يتوقف عند احلدود الليبية‪.‬‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫بوابة الوسط ـ عبدالرحمن‬ ‫أميني ‪:‬‬ ‫ك�ش�ف��ت رئ �ي �س��ة امل��رك��ز ال��دول��ي‬ ‫ل �ل��دراس��ات األم�ن�ي��ة والعسكرية‬ ‫في تونس بدرة قعلول عن عملية‬ ‫«جتنيد النساء التونسيات» في‬ ‫«جهاد النكاح»؛ حيث يتم نقلهن‬ ‫عبر اجلنوب التونسي إلى ليبيا‪،‬‬ ‫وت�ل�ق�ي�ه��ن ت��دري �ب��ات مل ��دة أرب �ع��ة‬ ‫أسابيع قبل نقلهن إل��ى سورية‪،‬‬ ‫بحسب الباحثة‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫باحثة‪ :‬تدريب تونسيات‬ ‫في ليبيا قبل سفرهن‬ ‫لـ«جهاد النكاح»‬ ‫بسورية‬

‫هشاشة أمنية وتقدم‬ ‫لـ«داعش»‬ ‫وحت��دث��ت أس��ت��اذة ع�ل��م اجتماع‬ ‫عسكري بدرة قعلول عن هشاشة‬ ‫ال��وض��ع األم�ن��ي ف��ي ت��ون��س‪ ،‬على‬ ‫الرغم من تسجيل بعض التقدم‬ ‫األمني بفرض إج��راءات جديدة‬ ‫ل��م مت�ن��ع ت��واص��ل االض �ط��راب��ات‬ ‫ع��ل��ى امل��س��ت��وي�ي�ن االج �ت �م��اع��ي‬ ‫واالق� �ت� �ص ��ادي‪« ،‬إذ س �ج��ل ل��دى‬ ‫احلدود تقدم لتنظيم داعش»‪.‬‬ ‫وأشارت الباحثة إلى إعالن حالة الطوارئ في اجلنوب التونسي عقب‬ ‫إطالق حملة «وينو بترولي»‪ ،‬وحرق مقار لألمن والشرطة مثلما وقع‬ ‫في مدينة دوز ورفعت خاللها رايات «داعشية» سوداء‪.‬‬ ‫وحول أبعاد التمركز اجلديد لـ«داعش» في سرت لم تستبعد قعلول‬ ‫أن يكون موج ًها ضمن ًيا لتونس واجلزائر‪ ،‬إلقامة إمارات «داعشية»‬ ‫بهما‪ ،‬لكن جتربة اجلزائر الطويلة في مكافحة اإلرهاب ستصدهم‬ ‫عن محاوالتهم‪ ،‬وفق تعبيرها‪.‬‬ ‫دور محتمل‬ ‫واعتبرت الباحثة أن حصول تونس على صفة «حليف استراتيجي»‬ ‫خارج الناتو من واشنطن هي خطوة قد تسمح باستخدام األراضي‬ ‫التونسية أو املياه اإلقليمية‪ ،‬بإنشاء قاعدة صغيرة لكنَّها تساءلت‪ :‬هل‬ ‫ستقوم بعمل عسكري ضد ليبيا انطال ًقا من أراضيها؟‪ ،‬معتبرة أن‬ ‫تلك الفرضية واردة وإن كانت أميركا تخطط إلقامة قاعدة عسكرية‬ ‫لن تكون باملفهوم التقليدي‪ ،‬غير أن قعلول تساءلت إن كانت بالدها‬ ‫سوف تلعب دو ًرا رئيس ًيا حيال الوضع الليبي‪.‬‬ ‫وأبدت قعلول تشاؤ ًما من جناح احلوار الليبي في إبعاد شبح التدخل‬ ‫اخلارجي‪ ،‬مستبعد ًة أن يتم ذلك لو حدث عبر حتالف عربي‪.‬‬ ‫‪ 700‬تونسي عائدون دون مراقبة‬ ‫وح��ول فعالية اإلج ��راءات األمنية ملنع تسفير الشباب للقتال في‬ ‫س��وري��ة وليبيا تشير رئيسة امل��رك��ز ال��دول��ي ل�ل��دراس��ات العسكرية‬ ‫واألمنية إلى «إشكالية مراقبة هؤالء العائدين من سورية والعراق‬ ‫واليمن‪ ،‬بالنظر خلطورة تلك املجموعات على زعزعة االستقرار»‪،‬‬ ‫متسائلة‪« :‬ماذا يفعل ‪ 700‬تونسي عائد‪ ،‬وما اتصاالتهم وحتركاتهم؟‬

‫ألن األغ��ل��ب��ي��ة م �ن �ه��م ل �ي �س��وا‬ ‫مراقبني بسبب صعوبة إثبات‬ ‫نشاطهم في سورية أو العراق‬ ‫ب �ع��د ع ��ودت� �ه ��م‪ .‬ال س �ي �م��ا أن‬ ‫الغالبية منهم يذهبون بجوازات‬ ‫سفر م��زورة ويتم تهريبهم عن‬ ‫ط ��ري ��ق م��ه��رب�ي�ن وت �ن �ظ �ي �م��ات‬ ‫إرهابية‪ ،‬لكن بالنسبة للعائدين‬ ‫م��ن ليبيا ف ��إج ��راءات اخل��روج‬ ‫والدخول مسموح بها وبالتالي‬ ‫يصعب مراقبتهم»‪.‬‬ ‫وك��ش��ف��ت ب�� ��درة ال��ق��ع��ل��ول أن‬ ‫«اجل� �ه���ادي�ي�ن» ف ��ي ل �ي �ب �ي��ا من‬ ‫«جنسيات ج��زائ��ري��ة وتونسية‬ ‫وأج� ��ان� ��ب‪ ،‬إذ اح� �ت ��وى تنظيم‬ ‫أن� �ص ��ار ال �ش��ري �ع��ة أب��وع �ي��اض‬ ‫التونسي‪ ،‬ال��ذي لديه حتركات‬ ‫غ��ام��ض��ة وك���أن���ه دب �ل��وم��اس��ي‬ ‫ب�ين ف ��روع ال �ق��اع��دة ف��ي آسيا‬ ‫وأفريقيا ول��دي��ه س�ف��ري��ات في‬ ‫ليبيا والعراق وسورية‪ ،‬ومتورط‬ ‫ف� ��ي ق� �ت ��ل ش�� ��اه م� �س� �ع ��ود ف��ي‬ ‫بدرة قعلول أفغانستان»‪ ،‬كما تساءلت حول‬ ‫َمن يقف «وراء إط�لاق سراحه‬ ‫العام ‪ 2011‬من السجن الذي كان يضم معارضني سياسيني وخرج‬ ‫على أس��اس شخصية معارضة وليس مته ًما ب��اإلره��اب‪ ،‬كما لديه‬ ‫تنسيق مع بلمختار في ليبيا»‪.‬‬

‫«جهاديات» تونسيات بأزواجهن في سورية وليبيا‬ ‫وأوردت اخلبيرة األمنية معطيات مثيرة حول أساليب جتنيد العنصر‬ ‫النسوي في جبهات القتال انطال ًقا من تونس ثم ليبيا إلى سورية؛‬ ‫حيث تشير إلى وجود ما يناهز ‪ 700‬ام��رأة تونسية بأزواجهن في‬ ‫مناطق النزاع‪ ،‬وأضافت «أن هناك من ذهنب وحدهن بعدما كان لهن‬ ‫صداقات وعالقات»‪.‬وبخصوص استقطابهن فإنه يتم عبر الشبكة‬ ‫العنكبوتية وحتديدًا عبر البيوت بواسطة مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫وخاللها تقوم اجلماعات اإلرهابية بغسيل مخ أو أدجلتهم ثم يوجهن‬ ‫إلى مساجد معينة ليجدن مجموعة محددة تنتظرهن‪.‬‬ ‫وبحسب القعلول وبعد ضمان انخراطهن ف��ي العمل املسلح يتم‬ ‫تصنيفهن كـ«مجاهدات» في البالد والبقاء بهدف استقطاب أخريات‬ ‫أو يتم ترحيلهن إلى سورية‪ .‬وبشأن عملية تسفيرهن‪ ،‬تقول القعلول‬ ‫«تتم عبر اجلنوب التونسي إلى ليبيا‪ ،‬وفي ليبيا حتديدًا يتم تدريبهن‬ ‫مبدة ال تتجاوز ‪ 30‬يو ًما وبعدها ينقلون إلى تركيا وسورية»‪.‬‬ ‫ونبهت اخلبيرة األمنية في هذا الصدد إلى كتائب تقودها تونسية‬ ‫مثل كتيبة اخلنساء بالرقة في سورية‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن توقيف الكثير من‬ ‫املتورطات في السجون التونسية‪ ،‬وهو ما يشير إلى أن انخراط املرأة‬ ‫تغير بعدما حرمت القاعدة في ‪ 2001‬جهاد امل��رأة‪ ،‬بينما أجازته‬ ‫«داع��ش» واختلف األم��ر معها عبر ما تسميه «جهاد النكاح» الذي‬ ‫تعددت أنساقه بأدوار كثيرة حسب أدبيات «داعش»‪ ،‬عن طريق الدور‬ ‫التعليمي‪ ،‬التمريض االستقطاب‪ ،‬وحتى حفظ األمن‪.‬‬


‫تنسيق وتواصل بني دواعش ليبيا وسوريا‬

‫«هافينغتون بوست»‪:‬‬

‫«داعش» في ليبيا يتواصل مع قيادات التنظيم في سورية‬ ‫بوابة الوسط‪( :‬ترجمة‪ :‬هبة هشام)‬ ‫أظ �ه��ر ت�ق��ري��ر جل��ري��دة «هافينغتون ب��وس��ت»‬ ‫األميركية أن ف��رع تنظيم «داع��ش» في ليبيا‬ ‫يتواصل ب��درج��ة كبيرة م��ع ق �ي��ادات التنظيم‬ ‫الرئيسة في سورية‪ ،‬ودللت اجلريدة على ذلك‬ ‫بتوجه قيادات من «داعش» إلى ليبيا لإلشراف‬ ‫على إنشاء فرع له داخل األراضي الليبية‪.‬‬ ‫ونقلت اجلريدة عن الباحث في «معهد احلرب»‬ ‫األميركي هارلني جامبهير قوله‪ :‬إن «ليبيا هي‬ ‫ال��دول��ة األن �س��ب لتوفير ق��اع��دة يستخدمها‬ ‫«داع��ش» حال جنحت قوات التحالف الدولي‬ ‫في طرده من العراق وسورية»‪.‬‬ ‫وأش��ار التقرير إلى أهمية ال��دور ال��ذي متثله‬

‫ليبيا في مستقبل تنظيم «داعش»‪ ،‬رغم ضعف‬ ‫التغطية اإلع�لام�ي��ة وال��دول�ي��ة ل�لأح��داث بها‬ ‫مقارنة مبا يحدث في سورية والعراق‪ ،‬مضيفا‬ ‫أن «(داعش) ال يرغب في التوصل إلى سالم‬ ‫داخل ليبيا»‪.‬‬ ‫ب��اح��ث أم�ي��رك��ي‪ :‬لييبا ه��ي األن �س��ب كقاعدة‬ ‫ل� �ـ«داع ��ش» إذا ان �ه��زم ال�ت�ن�ظ�ي��م ف��ي ال �ع��راق‬ ‫وسورية‪.‬‬ ‫وذكر أن ليبيا «تتجه سري ًعا نحو كارثة »‪ ،‬مع‬ ‫رف��ض ع��دد من السياسيني املسودة األخيرة‬ ‫التي قدمتها األمم املتحدة‪ ،‬محذ ًرا من متكن‬ ‫«داع��ش» والتشكيالت املسلحة من استغالل‬ ‫ال� �ف ��راغ األم��ن��ي ال� ��ذي خ�ل�ق��ه ال �ت �ن��اف��س بني‬

‫احلكومتني‪ ،‬لشن الهجمات والسيطرة على‬ ‫األراضي‪.‬‬ ‫وح��ذر التقرير من اق�ت��راب ال��دول��ة من حافة‬ ‫اإلف� �ل��اس ب �س �ب��ب ال �ه �ج �م��ات ال� �ت ��ي تشنها‬ ‫التشكيالت املسلحة على املنشآت وامل��وان��ئ‬ ‫ال�ن�ف�ط�ي��ة‪ ،‬مم��ا ه�ب��ط ب��إن �ت��اج ال�ن�ف��ط وأض��ر‬ ‫الصناعة التي يعتمد عليها اقتصاد الدولة‪.‬‬ ‫وأض ��اف أن التنظيم ال ي��رغ��ب ف��ي التوصل‬ ‫إلى سالم في ليبيا‪ ،‬ويسعى إلشعال الصراع‪،‬‬ ‫مشي ًرا إلى أنه كلما ركزت التشكيالت املسلحة‬ ‫على احلرب األهلية املستمرة‪ ،‬متكن «داعش»‬ ‫من شن مزيد من الهجمات واالنتشار داخل‬ ‫مدن الدولة‪.‬‬

‫إيطاليا تقترح فرض حصار بحري على ليبيا‬ ‫الوفد املصرية ‪:‬‬ ‫اقترح مسئول إيطالي‪ ،‬أمس اخلميس‪ ،‬منع انطالق قوارب الهجرة غير‬ ‫الشرعية‪ ،‬دون تدميرها‪ ،‬بل منعها بدءا بفرض حصار بحري على ليبيا‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة أنباء آكي اإليطالية عن رئيس مقاطعة لومبارديا روبيرتو‬ ‫ماروني‪ ،‬أن األفضل من ذلك كله‪ ،‬إقامة مخيمات لالجئني فيها مببادرة‬ ‫من األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وخ�لال جلسة استماع أم��ام اللجنة البرملانية املختصة مبراقبة تنفيذ‬ ‫اتفاقية شنجن‪ ،‬في مقر مجلس النواب اإليطالي‪ ،‬قال رئيس مقاطعة‬ ‫لومبارديا روبيرتو ماروني‪« :‬على احلكومة اإليطالية أن تدفع االحتاد‬ ‫األوربي واألمم املتحدة إلى إقامة مخيمات لالجئني مباشرة في ليبيا‪،‬‬ ‫كما حدث عام‪ 2011‬في تونس‪ ،‬بعد ما يسمى بالربيع العربي‪ ،‬وذلك‬

‫الستقبال األشخاص الذين يحاولون الهرب من حاالت مختلفة جدا‪،‬‬ ‫مواجهني خطر امل��وت ف��ي ع��رض البحر‪ ،‬ال للمجيء إل��ى إيطاليا بل‬ ‫للوصول إلى أورب��ا»‪ .‬وتساءل املسئول اإليطالي إن لم تكن هذه حالة‬ ‫طوارئ إنسانية‪ ،‬فال أعرف ما هي بالضبط‪ ،‬فنحن نتحدث عن نصف‬ ‫مليون شخص مستعدون ملغادرة ليبيا باجتاه أورب��ا‪ ،‬وه��و رق��م مرتفع‬ ‫بشكل غير عادي وال يصدق‪ ،‬على حد تعبير رئيس مقاطعة لومبارديا‪.‬‬ ‫وأوضح وزير الداخلية األسبق بأنه في مخيمات الالجئني بليبيا‪ ،‬ميكن‬ ‫التحقق من شروط منح احلماية الدولية واألوربية‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬توزيع عدد‬ ‫من هؤالء الناس على مختلف دول االحتاد األورب��ي‪ ،‬ورأى أن هذا هو‬ ‫احلل الذي ميكن اتباعه من الناحية القانونية‪ ،‬ونحن بحاجة إلى دفعة‬ ‫سياسية قوية بهذا االجتاه‪.‬‬ ‫هل ليبيا وحدها املسؤولة عن الهجرة غير الشرعية ؟‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب‪:‬‬

‫التعليم في ليبيا ضحـــــــ‬

‫األستاذ الدكتور سعد املرميي عضو مجلس النواب‪،‬‬ ‫رجل أكادميي بدرجة برفسور في التحليل العددي‪،‬‬ ‫ول��ه العديد من األوراق البحثية واملؤلفات والكتب‬ ‫العلمية املتخصصة‪ ،‬وقد أمضى زمن ًا طويالً في مجال‬ ‫التعليم ومارس مهنة التدريس بكافة مستوياته على‬ ‫مر خمسة وثالثني سنة‪.‬‬ ‫يشغل اآلن منصب رئ��ي��س جلنة التعليم مبجلس‬ ‫النواب‪ ،‬وهو بذلك يضع خبرته املهنية واألكادميية‬ ‫في محك التشريع والتأسيس لتوجيه دفة التعليم‬ ‫في ليبيا نحو مستقبل أفضل ومستوى وأمل أكبر‪.‬‬ ‫املستقل تلتقي هنا ب��س��ي��ادة ال��ن��ائ��ب ال��دك��ت��ور سعد‬ ‫وتشرع صفحاتها لالقتراب من عمل جلنة التعليم‬ ‫وتكاشف ما تواجهه عملية بناء النشء من صعوبات‪،‬‬ ‫وكيفية العمل والتعامل معها ومعاجلتها وسط كل‬ ‫هذه الظروف املريرة التي متر بها بالدنا‪ ،‬وأيض ًا ما‬ ‫يحفها من تفاؤل ينبئ عنه العمل التخصصي لبناء‬ ‫أجيال واعية وقادرة على حتمل املسؤوليات والنهوض‬ ‫بالبالد وخلق بيئة تعليمية مناسبة‪.‬‬

‫حاوره‪ :‬عبدالناصر محجوب‬

‫لم يتم تسييل مخصصات وزارة التعليم‬ ‫مبيزانية ‪ 2015‬حتى اآلن‬ ‫مناهجنا التعليمية حتتاج إلى مراجعة‬ ‫شاملة للخطط التربوية واإلطالع على‬ ‫التجارب العاملية واملمارسات الدولية‬ ‫تؤمن‬ ‫شرعية الدولة التي يجب أن ِ‬ ‫وحدة الوطن‪ ..‬وكل الظروف الطارئة‬ ‫ستزول‬


‫ـــــــــــية ما يحدث اآلن‬ ‫املستقل‪ :‬سيادة النائب‪ ..‬في البداية هل لنا أن نعرف‬ ‫ع��دد الطلبة ال��دارس�ين في مجمل ليبيا في مراحل‬ ‫التعليم األس��اس��ي وال��ث��ان��وي‪ ..‬م��ا ه��و ع��دد الطلبة‬ ‫إجما ً‬ ‫ال‪ ،‬املنتظم وغير املنتظم منهم؟‬ ‫املرميي‪ :‬سأخبرك‪ ،‬وبكل صراحة‪ ،‬إننا لم نقم بإعداد إحصاء‬ ‫كامل أو دقيق اآلن‪ ،‬وهذا على أية حال من اختصاص وزارة التعليم‬ ‫كسلطة تنفيذية‪ ،‬وإمن��ا اعتماداً على تعداد ‪ 2012‬فإن عدد كل‬ ‫الطلبة الدارسني مبرحلة التعليم األساسي حوالي مليون ومائتا ألف‬ ‫ونيف‪ ،‬فيما يتجاوز تعداد الطلبة باملرحلة الثانوية الثالثمائة ألف‬ ‫طالب‪ ،‬وعموماً فإن هذا العدد لن يختلف كثيراً اآلن‪ ،‬فرمبا يزيد‬ ‫ال أو حتى قد ينقص قلي ً‬ ‫قلي ً‬ ‫ال أيضاً‪ ،‬فاملسألة لها عالقة بنسبة‬ ‫الزيادة والنقصان في املجتمع من حيث نسبة املواليد وغيرها‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بعض املناطق في ليبيا شهدت دمار ًا كبير ًا‬ ‫مثل ت��اورغ��اء وبنغازي وورش��ف��ان��ة‪ ،‬فهل هناك خطة‬ ‫عمل متكاملة إلع��ادة مدارسها ومؤسساتها للحياة‬ ‫من جديد؟‬ ‫ً‬ ‫املرميي‪ :‬نعم‪ ..‬هذا من املمكن جدا بل هو من الواجب عندنا‪...‬‬ ‫فهناك بعض املدن تضررت جراء ما متر به بالدنا من أعمال عنف‬ ‫ودمار غير مبرر وغير عقالني‪ ،‬وبذلك فإن املؤسسات التعليمية‬ ‫واملدارس كغيرها من املؤسسات حلقها الضرر والدمار‪ ،‬وعند عودة‬

‫الهدوء واألمان لهذه املناطق فبكل تأكيد سنشرع في معاينة هذه‬ ‫امل��دارس وتقدير حالتها‪ ،‬فهناك مث ً‬ ‫ال مدارس تصدعت وتهدمت‬ ‫بالكامل أو أنها أصبحت غير صاحلة ملزاولة العملية التعليمية بها‪،‬‬ ‫ولكن أيضاً هناك مدارس مازالت سليمة وقابلة الستقبال التالميذ‬ ‫أو حتتاج إلى صيانة بسيطة‪ ،‬وهذه املدارس التي سلمت من الدمار‬ ‫ميكننا استغاللها بالوجه األك�م��ل وضغط العمل بها لتستوعب‬ ‫تالميذ تلك املدارس األخرى التي دمرت سواء عن طريق تقسيم‬ ‫الوقت وإضافة فترات عمل أخرى أو بأي طريقة مناسبة لذلك‪ ،‬كما‬ ‫أن هناك عدة حلول أخرى ميكننا اعتمادها‪ ،‬كأن نشرع في بناء‬ ‫وصيانة املدارس وفي الوقت نفسه ميكننا إحضار مدارس جاهزة‬ ‫للعمل لو استلزم األم��ر‪ ..‬املهم اآلن أن يعود الهدوء واألم��ان لهذه‬ ‫املناطق لكي نبدأ العمل بها‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬وزارة التعليم باحلكومة املؤقتة أص��درت‬ ‫مؤخر ًا قرار ًا يقضي بعدم اعتماد أي نتائج امتحانات‬ ‫ت��ص��در ع��ن م��ا يسمى ب�����وزارة التعليم ف��ي حكومة‬ ‫االنقالبيني‪ ...‬ما ذنب الطلبة وكيف سيتم إقرار نتائج‬ ‫امتحاناتهم؟‬ ‫ً‬ ‫املرميي‪ :‬أوالً‪ ،‬ال أعتقد أن هناك ق��رارا ميكن أن يصدر بهذا‬ ‫الشكل وهذا املعنى‪ ،‬نحن كلجنة تعليم لم يصلنا رسمياً مثل هذا‬ ‫القرار‪ ..‬ثم ليتأكد اجلميع أن جلنة التعليم مبجلس النواب ستسعى‬ ‫بكل جهد كي يتوافق ويتواءم العمل التعليمي في كل أنحاء ليبيا‪،‬‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫وإن أي موقف أو قرار ستتخذه اللجنة لن يكون على حساب أبنائنا‬ ‫الطلبة في كل مكان من ليبيا وكل منطقة دون فرق‪ ..‬فع ً‬ ‫ال فليس‬ ‫للطلبة أي ذنب مما يحدث بل هم ضحية ما يحدث‪ ،‬ولن نسمح‬ ‫بأي أجراء من شأنه أن يضر بالطالب أو أن ينسف مجهوداته‪ ،‬ال‪..‬‬ ‫فهذا غير مقبول وغير منطقي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬في ظل الظروف احلرجة التي متر بها البالد‬ ‫اآلن كيف ميكن لم شمل الطلبة جميعاً‪ ..‬أي هل من‬ ‫املمكن أن تتحدث وزارة التعليم باعتبارها اجلهة‬ ‫الشرعية الوحيدة املسؤولة عن جميع الطلبة بليبيا؟‬ ‫املرميي‪ :‬وزارة التربية والتعليم باحلكومة املؤقتة هي فع ً‬ ‫ال اجلهة‬ ‫الرسمية والشرعية املسؤولة عن التعليم في ليبيا‪ ،‬وما عداها سوى‬ ‫عوارض سرعان ما ستزول بزوال الظروف التي أنتجتها‪ ،‬وإننا نربو‬ ‫بأنفسنا وبقطاع التعليم عن اخلوض في مثل هذه الغمار‪ ،‬فشرعية‬ ‫الدولة التي يجب أن تؤمِ ن للوطن وحدته وخدمته واضحة وجلية‬ ‫أمام كل الليبيني‪ ،‬بل والعالم أجمع‪ ،‬وكل الظروف الطارئة ستزول‬ ‫بعون الله وتوفيقه‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬إلى أي مدى سيادة النائب وصل التنسيق‬ ‫م��ع وزارة التعليم ف��ي م��ا يخص ع��ودة ال��دراس��ة إلى‬ ‫م���دارس بنغازي بعد فترة العطلة اإلج��ب��اري��ة التي‬ ‫قاربت العامني؟‬ ‫املرميي‪ :‬نتيجة للحرب الطاحنة مبدينة بنغازي قفلت املدارس‬ ‫وهدمت بعض منها وكذلك اجلامعة‪ ،‬ولكن مببادرة مكتب التعليم‬ ‫واملجلس البلدي ببنغازي مت االتفاق على استمرار الدراسة وإيجاد‬ ‫مدارس بديلة لتسيير العملية التعليمية للمواطنني املوجودين‪ ،‬أما‬ ‫بخصوص سكان املدينة الذين نزحوا فقد مت وضع خطة لتعليم‬ ‫أبنائهم‪ ،‬أما باملناطق املنزوح إليها داخلياً‪ ،‬أو بالبلدان املجاورة‪،‬‬ ‫علماً بأنه مؤخراً مت تشكيل جلنة أزمة باملدن للتغلب على معظم‬ ‫اإلشكاليات التي تواجه املواطن لتعليم أبنائه‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هناك صعوبة فعلية واجهت أبناء العائالت‬ ‫ال��ن��ازح��ة وامل��ه��ج��رة ف��ي متكني أبنائهم م��ن مواصلة‬ ‫شرعتم لها في هذا‬ ‫ال��دراس��ة‪ ..‬ما هي احللول التي ّ‬ ‫الشأن؟ وهل هناك إجراءات مت اتخاذها لتذليل تلك‬ ‫الصعاب؟‬ ‫املرميي‪ :‬نعم‪ ..‬في البداية علينا أن نفصل بني النازحني واملهجرين‬ ‫ف��ي ال��داخ��ل أو إل��ى اخل ��ارج‪ ،‬وب��ذل��ك يكون س��ؤال��ك ذا شقني أو‬ ‫اجتاهني‪ ،‬فأما أهلنا وعائالتنا النازحة من منطقة إلى أخرى داخل‬ ‫البالد فإن األمر مناط مبكاتب التعليم‪ ،‬وقد وصلتهم تعليماتنا منذ‬ ‫بداية العام الدراسي باستقبال أبناء هذه العائالت وإدماجهم مع‬ ‫بقية التالميذ‪ ،‬وما على أولياء أمورهم سوى أن يتوجهوا إلى أقرب‬ ‫مدرسة لهم في املنطقة أو املدينة التي هم فيها وأن يقر ولي األمر‬ ‫في شكل طلب أو تعهد بأن ابنه في السنة الدراسية كذا فقط‪،‬‬ ‫وعلى مدير املدرسة أن يقبله ويعتبره تلميذاً من تالميذ املدرسة‬ ‫ويفسح له املجال بأن يدرس في السنة التي يقرها ولي أمره‪ ،‬ثم‬ ‫علينا بعد ذلك أن نتحقق من املستوى الدراسي للتلميذ عن طريق‬ ‫ملفه األصلي‪ ..‬أما فيما يتعلق بأبنائنا الذين هاجروا مع عائالتهم‬ ‫خارج البالد فأيضاً نحن على تواصل معهم من خالل امللحقيات‬


‫الثقافية بالبلدان التي نزحوا إليها‪ ،‬واعتقد وكما يعرف اجلميع أن‬ ‫غالبية املهجرين للخارج قد نزحوا إلى دول اجلوار أي إلى مصر‬ ‫وتونس حتديداً‪ ،‬ففي مصر لدينا مدرستان إحداهما في القاهرة‬ ‫واألخ��رى باإلسكندرية‪ ،‬حيث مت تنسيب الطلبة النازحني إليهما‬ ‫عن طريق امللحقية الثقافية وتسوية أوضاعهم وهم اآلن في كامل‬ ‫الوضع الطبيعي تعليمياً‪.‬‬ ‫أم��ا بخصوص األس��ر ال�ن��ازح��ة إل��ى ت��ون��س فقد مت التنسيق مع‬ ‫امللحقية الثقافية هناك وإنشاء مجموعة مدارس في كل من مدينة‬ ‫تونس العاصمة ومدينة احلمامات ومدينة سوسة ومدينة صفاقس‬ ‫الحتواء كل الطالب ووض��ع خطة تنسيقية متكن كل الطلبة من‬ ‫متابعة دراستهم في كل مستوى دراسي‪ ،‬وقد قامت جلنة التعليم‬ ‫باملجلس بإرسال جلنتني جلمع البيانات واملعلومات ووضع خطط‬ ‫بالتنسيق مع امللحقية الثقافية بتونس ومصر حلل كل اإلشكاليات‬ ‫العالقة‪ .‬كما مت تسوية بعض األمور التراتبية والتنسيق مع وزارة‬ ‫التعليم بوضع حلول لتوفير مرتبات األخوة املدرسني بهذه املدارس‪،‬‬ ‫وكذلك منح الطلبة للدراسات اجلامعية والعليا‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬الطلبة ال���دارس���ون ب��اخل��ارج على حساب‬ ‫املجتمع يعانون من تأخر وانقطاع املنح الدراسية‬ ‫عنهم في املدة املاضية‪ ..‬ما هو احلل اجلذري ملعاجلة‬ ‫هذه اإلشكالية؟‬ ‫املرميي‪ :‬األمر قد ال يخفى عن أحد من حيث عدم توفر السيولة‬ ‫املالية نتيجة ألعمال العنف وغيرها من األح��داث اخلارجة عن‬ ‫السيطرة‪ ،‬باإلضافة إلى قفل املوانئ النفطية وغيرها من األمور‬ ‫التي تؤثر على اقتصاد الدولة ككل مثل انخفاض أسعار النفط‬ ‫وغيرها‪ .‬ووزارة التعليم من خالل احلكومة حتاول جاهدة توفير‬ ‫القدر املستطاع لتسيير أمور العملية التعليمية بالداخل واخلارج‪،‬‬ ‫ومن حيث املنح للطلبة باخلارج تعمل ال��وزارة بجهد لتوفير ذلك‬ ‫وقد مت حتويل جزء من املنح الطالبية بالفترة املاضية لشهري ‪2‬‬ ‫و‪ 3‬لسنة ‪ 2015‬لبعض الساحات والعمل ج��اري حاليا من أجل‬ ‫توفير بعض السيولة لتغطية التأمني الصحي للطلبة ببعض البلدان‪،‬‬ ‫وبالتالي فإننا نقول أن احلل اجل��ذري لهذا اإلشكال هو مرتبط‬ ‫باحلل السياسي واألمني للمشكلة الليبية عموماً‪ ،‬ونأمل من الله أن‬ ‫يكون هذا احلل قريباً في توفر عدة عوامل من أهمها عدم اإلقصاء‬ ‫والتنازل من اجل الوطن ولبناء الوطن ولم الشمل‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬س��ي��ادة ال��ن��ائ��ب‪ ..‬قدمتم مقترح ًا ملجلس‬ ‫ال��ن��واب ينص على اع��ت��ب��ار التعليم يقع على رأس‬ ‫األول����وي����ات وي��ق��ض��ي ب���ض���رورة اإلس�����راع ف���ي تسييل‬ ‫امليزانية اخلاصة بالتعليم‪ ..‬باملقابل م��ازال��ت وزارة‬ ‫التعليم تشكو من تأخر امليزانية‪ ،‬أين يكمن اخللل؟‬ ‫املرميي‪ :‬ال أعرف من أين تأتون مبثل هذه األخبار‪ ،‬فنحن في‬ ‫احلقيقة لم نقدم مقترحاً مكتوباً وكل ما في األمر إننا طرحنا هذه‬ ‫الفكرة صحيح‪ ..‬ولكن ذلك كان في شكل مداخلة شفهية داخل قبة‬ ‫البرملان‪ ،‬وفي احلقيقة انه لم يتم تسييل مخصصات وزارة التعليم‬ ‫بامليزانية التي لم تُعتمد لسنة ‪ 2015‬حتى اآلن والبالغة تقديراً‬ ‫في حدود إحدى وأربعني مليار دينار ليبي‪ ،‬ففي اخلطة سوف يتم‬ ‫تغطية معظم العجز في املصروفات ملنح الطلبة والتأمني الصحي‬ ‫لهم باخلارج‪ ،‬كما سيتم التغلب على اإلشكاليات بالداخل من حيث‬ ‫صيانة امل��دارس املتضررة أو إنشاء م��دارس جديدة وفق النقص‬ ‫واالحتياج باملناطق املختلفة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بصراحة دكتور‪ ..‬هل جلنتكم راضية عن أداء‬ ‫وزارة التربية والتعليم حالياً؟‬ ‫املرميي‪ :‬القضية ليست راضية أو غير راضية‪ ،‬ألن هناك مشاكل‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫ومصاعب حالية ال ميكن جتاهلها أو حتييدها عند تقييم املوقف‪..‬‬ ‫كيف تطلب من إدارة أو هيأة بإجناز مطلب أو عمل ما وأنت تعرف‬ ‫أن اإلشكال هو سيولة مادية غير متوفرة‪ ،‬وفي حال توفرت هذه‬ ‫السيولة ميكننا بعدها تقييم العمل ومتابعة األداء‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬في عام ‪ 2011‬مت ضغط عامني دراسيني في‬ ‫عام واحد حتى ال يضيع على الطلبة موسم دراسي‬ ‫كامل‪ ..‬هل هناك خطة مماثلة ميكن اللجوء إليها‬ ‫اآلن؟‬ ‫ً‬ ‫املرميي‪ :‬طبعا وفق الظروف املتاحة نرى بأن املناطق املنكوبة‬ ‫والتي هدمت بها معظم امل��دارس واجلامعات مثل مدينة بنغازي‬ ‫وبعض أجزاء من منطقة ورشفانة ومدينة تاورغاء املزالة متاماً‪،‬‬ ‫فالسنة الدراسية ‪ 2014 / 2013‬مرت معظمها بسالم وكانت‬ ‫هناك بعض احلاالت التي مت عالجها‪ ،‬أما السنة الدراسية ‪2014‬‬ ‫‪ 2015 /‬فإن الدراسة تعتبر موقوفة متاماً باملدن املذكورة‪ ،‬حيث‬ ‫وضعت بعض احللول لتقليل الضرر الدراسي‪ ،‬ففي بنغازي مث ً‬ ‫ال‬ ‫مت تكوين خلية أزمة حلل وتقليل بعض املشاكل كل في تخصصه‪،‬‬ ‫فمثال في مجال التعليم مت االتفاق النسبة للتعليم األساسي والثانوي‬ ‫أن يتم عن طريق التعليم عن بٌعد من خالل برامج تعليمية حملطة‬ ‫تلفزيونية معينة وتعطى الدروس املطلوبة وكذلك القبول ومتابعة‬ ‫نتائج امل��دارس اخل��اص��ة‪ ،‬وعليه س��وف يتم تقليل مقدار الضرر‬ ‫على أن يؤخذ في اإلعتبار احلد األدنى من املادة املنهجية املقررة‬ ‫من قبل إدارة املناهج بالوزارة‪ ،‬ومراعاة ذلك في االمتحانات التي‬ ‫سوف تعقد باملدة القريبة‪ ،‬أما الدراسة اجلامعية في مدينة بنغازي‬ ‫فقد مت اإلعداد والشروع في استئنافها واالستمرار بها في بعض‬ ‫الكليات واملعاهد‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬وع��ن املناهج التعليمية املقدمة ألبنائنا‬ ‫الطلبة هل لديكم رأي ميكن طرحه ومناقشته اآلن؟‬ ‫املرميي‪ :‬ه��ذا س��ؤال جيد‪ ،‬من الطبيعي ب��أن املناهج التعليمية‬ ‫ملختلف املراحل تُبنى وفق خطط تربوية لتحقيق أهداف خاصة‬ ‫وأهداف عامة تتضمن الهدف الوطني والقومي واإلقليمي وجملة‬ ‫من األه��داف‪ ،‬وبذلك فإن مناهجنا التعليمية حتتاج إلى مراجعة‬ ‫شاملة للخطط التربوية السابقة واإلط�لاع على التجارب العاملية‬ ‫واملمارسات الدولية للمنظمات املشابهة كاملنظمة العربية للتربية‬ ‫والثقافة والعلوم األلسكو‪ ،‬للوصول إلى اخلطط املمنهجة التي تعتمد‬ ‫تطلعات الدول‪ ،‬وذلك من خالل التعليم النوعي الذي يعتبر البوابة‬ ‫الرئيسية للتنمية واستدامتها‪ ،‬خاصة وان العديد من املجتمعات‬ ‫العربية تعيش حتت وطأة صراعات يغذيها اجلهل باألساس وغياب‬ ‫النظرة املتوازنة بني مصلحة الدولة واملجتمع من جهة والنزعات‬ ‫الفردية من جهة أخرى‪ ،‬ولتحقيق ذلك البد من إعادة رسم األهداف‬ ‫الكبرى للتربية والثقافة والعلوم وتطويرها بحيث تركز على السلم‬ ‫االجتماعي القائم على احلوار والتسامح وتقبل اآلخر داخل املجتمع‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫ولعل أخطر ما يعصف بهذا الوطن من أزمات هو تيارات التطرف‬ ‫«الفكري» و»الديني» الذي نعاني منه في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫من ال��واض��ح ج��داً ان ظهور ه��ذه احل��رك��ات املتطرفة وانتشارها‬ ‫ميثل خل ً‬ ‫ال كبيراً في سياسة التربية والثقافة والتعليم واإلعالم‪،‬‬

‫وعدم إدراك أهدافها ووضع سياسات ناضجة موضع التنفيذ على‬ ‫أرض الواقع‪ ،‬أي يجب وضع أه��داف محددة من مهامها حتقيق‬ ‫تنمية متعددة األبعاد‪ ،‬وتطوير اجلوانب التربوية والثقافية والعلمية‬ ‫لتحسني جودة التعليم‪ ،‬فبعد حتقيق التعليم اإللزامي وجعله مجانياً‪،‬‬ ‫وجب علينا اليوم ان نهتم بنوعيته وجودته لتحقيق األهداف املرجوة‬ ‫منه والسيما من خالل التحوير «البيداغوجي» التربوي من حيث‬ ‫احملتويات التعليمية واملنهجيات املعتمدة في تدريسها‪ ،‬كما يجب‬ ‫وضع املعلم في صلب العملية التربوية وهذا يتطلب رفع مستوى‬ ‫وأداء واحترافية املدرسني وهيئة التدريس بصورة عامة واإلشراف‬ ‫واإلدارة املدرسية ككل‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬يعتقد البعض أن طول أمد احلرب في بالدنا‬ ‫وم��ا خلفته من تداعيات كاالنتشار املرعب للسالح‬ ‫وح��ال��ة االن��ف�لات التي نعيشها ق��د أث��رت سلب ًا على‬ ‫سلوكيات األشخاص وخاصة فئة الشباب والنشء‪..‬‬ ‫هل باإلمكان معاجلة ه��ذه التأثيرات السلبية على‬ ‫سلوك أبنائنا من خالل برامج تعليمية معينة؟‬ ‫املرميي‪ :‬نحن نعلم ب��أن معظم الثوار وم��ن ح��ذا حذوهم وتأثر‬ ‫بهم هم في األس��اس من فئة الشباب وصغار السن‪ ،‬وأن جلهم‬ ‫طلبة باملراحل التعليمية املختلفة‪ ،‬وعند نهاية حرب التحرير األولى‬ ‫في نهاية ‪ 2011‬رجع كل الثوار احلقيقيني إلى أماكنهم ودراستهم‬ ‫وأعمالهم‪ ،‬ولكن هناك شريحة كبيرة مت استمالتها فيما بعد للكتائب‬ ‫املسلحة ذات األيديولوجيات املتطرفة‪ ،‬وذلك راجع إلى عدة عوامل‬ ‫منها السلوك التربوي والثقافي مع اإلغراء املادي من رواتب عالية‬ ‫وتوفير املمنوعات للشباب! إلى جانب متتعهم بالسلطة والقرار‬ ‫الفردي‪ ...‬ومجمل هذه العوامل وغيرها جعلت الشباب يتمسك‬ ‫بالسالح وبالكتائب واملليشيات‪ ..‬وكثيراً ما تطرح هذه اإلشكالية‬ ‫الكبرى على أكثر من صعيد‪ ،‬وكل اآلراء تصب في فكرة واحدة وهي‬ ‫اإلمكانية شبه املستحيلة لسحب السالح من الشارع الليبي ومن‬ ‫الشاب الليبي‪ ،‬ورمبا هنا أستطيع أن أخبرك بفكرة أخرى مغايرة‬ ‫متاماً وهي أن جنعل العملية عكسية‪ ،‬فبدالً من محاولة سحب‬ ‫السالح من الشباب علينا أن نسحب الشباب من السالح‪ ،‬وذلك‬ ‫باستخدام االستثمار العلمي ووضع آلية تراتبية ستكون فعالة جداً‬ ‫إذا ُوضعت موضع التنفيذ ومت االستفادة منها وتسخير إمكانيات‬


‫زيارة تفقدية‬

‫الدولة وميزانياتها الضخمة ألجل أبنائها وع�لاج مشاكلهم وأن‬ ‫جنعل منهم احلل بدل أن يكونوا هم املشكلة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كيف ذلك يا سيدي‪ ..‬نريد توضيح ًا أكثر؟‬ ‫املرميي‪ :‬حسناً‪ ..‬في البداية علينا أن نضع خطة زمنية من خالل‬ ‫ال��وزارات املعنية إلدارة بعثاتها يتم فيها بعث مجموعات متتالية‬ ‫تصل أعدادها حتى مائتي ألف طالب أو أكثر للدراسة باخلارج‬ ‫في مختلف التخصصات مبزايا جيدة لبلدان ذات ثقافة عالية‪ ،‬وال‬ ‫تستغرب ذلك فاألمر باإلمكان جداً تغطية نفقاته ودون أي تأثير‬ ‫على ميزانية الدولة التي دخلت في ميزانيات فلكية خالل األربع‬ ‫سنوات املاضية ودون أن حتل مشكلة واحدة‪ ،‬فاملسألة تعتمد على‬ ‫توجيه املوارد وليس مضاعفتها‪ ...‬وقد يسأل البعض ما هي الفائدة‬ ‫املرجوة من ذلك؟‬ ‫أقول أوالً سيترك جزء كبير من هؤالء الشباب وصغار السن اللهث‬ ‫وراء األسلحة والكتائب التي تسبب كل املشاكل ويتجهون إلى عملية‬ ‫اإليفاد هذه باعتبارها مطمح كبير بالنسبة للشباب‪ ،‬ثم فلنفرض‬ ‫على أسوأ تقدير أنه من هذا العدد رجع خمسني ألفاً إلى أرض‬ ‫الوطن بعد انقضاء فترة الدراسة والتدريب ليساهم في البناء‪،‬‬ ‫هذا جيد أيضاً‪ ،‬العدد الباقي قد يبقى بتلك البلدان ولكن بعد‬ ‫فترة قد يرجع‪ ،‬وسيرجع إنسان مثقف يسهم في بناء املجتمع‪.‬‬ ‫وكذلك توجد العديد من اخلطط املنطقية والفعالة إلنقاذ أبنائنا‬ ‫وشباب الوطن الذي يُعد وميثل ثروة الوطن البشرية واملستقبلية‪،‬‬ ‫مثل وضع البرامج االستثمارية بإغراءات كتوفير قطع األراضي‬ ‫وإقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة االستثمار توفرها الدولة ملختلف‬ ‫القطاعات بأقساط مريحة وضمانات معقولة في متناول شريحة‬ ‫الشباب‪.‬‬ ‫كما يفترض وضع برنامج تشجيع الشباب على الزواج وبناء األسرة‬ ‫وغرس هذه الفكرة والعمل عليها والدعوة لها وجعلها ثقافة سائدة‬ ‫في املجتمع ملا لها من فوائد عظيمة نحن في أمس احلاجة إليها‬ ‫بحيث يتم توفير السكن وف��رص العمل لهذه الشريحة مع وضع‬ ‫آليات للمتابعة وفق برنامج تربوي ثقافي مالي‪.‬‬ ‫هناك مجموعة من اخلطوات متثل برنامج متكامل هدفه االهتمام‬ ‫بهذه الشريحة من الشباب وسحبها من السالح وأدوات املوت‬ ‫والدمار وإعادة إدماجها في املجتمع من جديد لتساهم في استقرار‬ ‫الوضع وبناء الوطن‪.‬‬

‫قام رئيس وأعضاء جلنة التعليم مبجلس النواب الليبي‬ ‫األسبوع املاضي بزيارة عمل تفقدية ملدينة بنغازي رفقة‬ ‫معالي وزير التربية والتعليم‪ ..‬حيث صرح معالي السيد‬ ‫سعد امل��رمي��ي‪ ..‬رئيس جلنة ش��ؤون التعليم مبجلس‬ ‫النواب إلدارة اإلع�لام مبجلس النواب‪ :‬إن هذه الزيارة‬ ‫ج��اءت ملتابعة قطاع التربية والتعليم مبدينة بنغازي‬ ‫واالط�ل�اع عن كثب على متطلبات واحتياجات قطاع‬ ‫التعليم باملدينة ومتابعة سير العملية التعليمية بها‪.‬‬ ‫وأضاف املرميي‪ :‬إن وزارة التعليم قد تعهدت بتوفير كافة‬ ‫اإلمكانيات الالزمة لنجاح العملية التعليمية والعمل‬ ‫على إيجاد حلول سريعة للمشاكل التي تعيق مكاتب‬ ‫وإدارات التعليم باملدينة‪ .‬من جانبه صرح معالي وزير‬ ‫التربية والتعليم السيد فتحي املجبري إلدارة االعالم‬ ‫مبجلس النواب بأن الوزارة تتابع باهتمام سير العملية‬ ‫التعليمة باملدن احملررة ومنها بنغازي‪.‬‬ ‫املجبري أكد أن على الوزارة تولي اهتمام ًا خاص ًا بقطاع‬ ‫التعليم مبدينة بنغازي التي تعاني من أض��رار كبيرة‬ ‫باملؤسسات التعليمية نتيجة عمليات مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وتعهد وزير التربية والتعليم بالعمل على حتسني أداء‬ ‫كل القطاعات التابعة للوزارة ومواكبة آخر التطورات‬ ‫التعليمية مؤكد ًا على ال��دور املهم ال��ذي يوليه قطاع‬ ‫التربية والتعليم ف��ي القيام ب��رف��ع املستوى العلمي‬ ‫والتعليميللمواطنني‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬إدارة اإلعالم مبجلس النواب‬

‫رأي في الحوار‬

‫أن��ا أؤم���ن ج��ازم � ًا ب��أن مفهوم اجلهوية والقبيلة والعرقية‬ ‫واألقلية ال ميكن أن تسهم ف��ي بناء دول���ة املؤسسات على‬ ‫نوجه خطابنا السياسي للشعب‬ ‫اإلط�لاق‪ ،‬يفترض بنا أن‬ ‫ّ‬ ‫متضمن ًا حرصنا الشديد للوصول إل��ي حل سلمي يؤمن‬ ‫االستقرار وبناء املؤسسات لصالح حتقيق تطلعات ومطالب‬ ‫امل��واط��ن‪ ،‬وب��ذل��ك يجب علينا انتهاج أس��ل��وب احل���وار ال��ذي‬ ‫ميكننا من حتقيق سالم حقيقي وطمأنة الشعب من املخاوف‬ ‫وضمان حقوقه‪ ،‬هكذا نستطيع القول بأنه ليس أمامنا أي‬ ‫وسيلة حلل األشكال القائم إال عبر احلوار‪ .‬من خالل املسودة‬ ‫الرابعة نري بأن هناك العديد من النقاط اإليجابية يتطلب‬ ‫التمحيص فيها والقبول ببعض التعديالت للنقاط احملتاجة‬ ‫إلي شروح أكثر‪ ،‬علم ًا بأن عامل الزمن مهم جد ًا خاصة في‬ ‫لتمدد اإلره���اب‪ ..‬حيث أصبح من السهولة‬ ‫اآلون��ة األخيرة‬ ‫ّ‬ ‫مبكان توطينه وقد يصعب التخلص منه بسهولة‪.‬‬ ‫املسودة الرابعة حتتوي على نقاط إيجابية نقف عند بعضها‪،‬‬ ‫منها احترامها لإلعالن الدستوري وتأكيدها ب��أن مجلس‬ ‫النواب هو السلطة التشريعية إلي جانب اجلسم االستشاري‬ ‫(مجلس الدولة)‪ ،‬ووجب هنا عدم اخللط بني هذه األجسام‬ ‫في اختصاصاتها‪ ،‬مؤكدين بأن اللغط املتداول حالي ًا بأن‬ ‫مجلس النواب سيكون عبارة عن ختم اعتماد فقط‪ ،‬عليه‬ ‫سيتم مراجعة وتعديل بعض املفاهيم لبعض امل��واد ال��واردة‬ ‫باملسودة وإعادة صياغتها مبهنية مع مراعاة االعتدال ووضع‬ ‫مصلحة الوطن في املقام األول مؤمنني بعدم اإلقصاء‪ .‬إن‬ ‫التفاؤل بالوصول إلي حل هو رقم إيجابي نعول عليه‪.‬‬ ‫د‪ .‬سعد املرميي‬ ‫املصدر‪:‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/saad.almarimi‬‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫عام االنهيـــــــــــــ‬ ‫يبرره عندما نرى تفاقم‬ ‫احلديث عن املؤامرة له ما ّ‬ ‫���ردي امل��ت��واص��ل جلميع إم��ك��ان��ي��ات املجتمع‬ ‫ح��ال��ة ال���ت ّ‬ ‫الليبي‪ .‬فالفوضى وه��در الوقت وتشتيت اجلهود لم‬ ‫يطل اجلانب السياسي فقط‪ ،‬بل انعكس مباشرةً على‬ ‫األداء االقتصادي‪ ،‬واألخطر من ذلك أنه أصاب البنية‬ ‫االج��ت��م��اع��ي��ة ف��ي صميمها م��ا راك���م أس��ب��اب اخل�لاف‬ ‫والفتنة وث����ارات القبائل وأوق���ظ األح��ق��اد الدفينة‬ ‫ورتّ ب أخرى جديدة على مقدمة املشهد العام‪.‬‬ ‫اقتصادي ًا هبطت ع��ائ��دات تصدير النفط (املصدر‬ ‫ال��رئ��ي��س��ي للنقد األج��ن��ب��ي ف��ي ال���ب�ل�اد) فانخفضت‬ ‫احتياطات النقد األجنبي بحوالي ‪ 28%‬بني عامي‬ ‫‪ 2013‬و‪ .2014‬أما في ‪ 2015‬فإن التدابير االستعجالية‬ ‫لم جتد نفع ًا في ظل تضعضع إنتاج وتصدير النفط‬ ‫وانخفاضه إلى ‪ 400‬ألف برميل يومي ًا‪ ،‬أي ما يعادل‬ ‫رب��ع م��ا ك��ان عليه قبل ع��ام ‪ ،2011‬حيث ك��ان��ت (في‬ ‫ال��ظ��روف ال��ع��ادي��ة) م��ا ب�ين ‪ 43.5‬و‪ 47.5‬مليار دوالر‬ ‫سنوي ًا‪ ،‬حسب بيانات وزارة النفط الليبية‪.‬‬

‫أحمد الساعدي‬ ‫إن عائدات تصدير النفط متثل ‪ 95%‬من اإليرادات‪ ،‬وقد بلغت‬ ‫‪ 5.5‬م�ل�ي��ارات دوالر فقط ف��ي ب��داي��ة ‪ ،2015‬وال ميكن إغفال‬ ‫احلقيقة املربكة التي تقول أن إيرادات تصدير النفط انخفضت‬ ‫نحو ‪ 1.5‬مليار دينار شهرياً فقط‪ ،‬في حني حتتاج البالد إلى ‪3.5‬‬ ‫مليارات دوالر كل شهر‪ .‬ولنا ان نقارن ذلك باحلقيقة التي تقول‬


‫ـــــار االقتصادي‬ ‫أكد الناطق الرسمي باسم مصرف ليبيا املركزي أن ليبيا صرفت ‪ 56.9‬مليار‬ ‫دوالر من احتياطي النقد األجنبي في أقل من عامني‪ ،‬وأن ‪ 43‬مليار دوالر من‬ ‫االحتياطيات املنفقة كانت لدى مصرف ليبيا املركزي‪ ،‬بينما مت إنفاق الباقي‬ ‫من األم���وال املجنبة من إي���رادات النفط‪ .‬وتعتبر األم���وال املجنبة هي التي‬ ‫قامت ليبيا باستقطاعها من عائدات النفط‪ ،‬الستخدامها في وقت األزمات‪،‬‬ ‫لتعويض نقص العوائد الناجت عن انخفاض أسعار النفط‪ .‬وقد شرعت ليبيا‬ ‫مطلع عام ‪ 1995‬في اقتطاع نسبة ‪ 15%‬من العوائد النفطية‪ ،‬قبل أن يتم رفع‬ ‫هذه النسبة إلى ‪ 40%‬بعد ذلك العام وحتى عام ‪.2000‬‬

‫ليبيا بني الواليات املتحدة واالحتاد األوروبي كما تصورها الفنان الساخر‬

‫أن ليبيا كانت تُنتج نحو ‪ 1.6‬مليون برميل يومياً في السنوات التي‬ ‫سبقت سنة ‪.2011‬‬ ‫ويتوقع املراقبون أن يصل إنتاج النفط في الربع الثاني من ‪2015‬‬ ‫إلى ‪ 800‬ألف برميل يومياً‪ ،‬وإلى مليون برميل في الربع الثالث‪،‬‬ ‫و‪ 1.35‬مليون برميل في الربع األخير‪ ،‬ولكن هذه القراءة رهينة‬

‫نسبي – م��ن االس�ت�ق��رار‬ ‫استتباب األم��ن وحتقيق ق��در – ول��و‬ ‫ّ‬ ‫السياسي‪ ،‬بحيث تعود املؤسسة النفطية إلى نشاطها املفقود‪،‬‬ ‫وتبدأ سلسلة املوانئ واحلقول النفطية دورة عملها املعتاد‪ ،‬وتعود‬ ‫الدولة إلى «جتنيب» الوفر‪.‬‬ ‫وبينما اجتهت احلكومة الليبية إل��ى تغطية العجز امل�ق� ّدر في‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫ارتفعت نفقات مشروعات التنمية إل��ى ‪ 22.7‬مليار دينار‬ ‫ع��ل��ى م���دى أع����وام ‪ 2012‬و‪ 2013‬و‪ ،2014‬دون أن تكون‬ ‫ه��ن��اك ح��رك��ة إع��م��ار وتشييد بالبالد وك��ان��ت العشوائية‬ ‫في التقديرات وسوء إدارة األموال العامة غالبة على هذا‬ ‫القطاع‪.‬‬

‫موازنة عام ‪ 2014‬بطرح أذون خزانة من جانب وزارة املالية وذلك‬ ‫باالستدانة من املؤسسات املصرفية واملالية احمللية واألجنبية‪،‬‬ ‫بتوجه عام عماده تقليص البنود األربعة في املوازنة‪،‬‬ ‫رافقت ذلك‬ ‫ّ‬ ‫وعلى رأسها تخفيض باب األجور واملرتبات‪ ،‬ولكن هذه العبارة‬ ‫التي لم يقبلها أح��د من الليبيني ال تبدو منطقي ًة متاماً‪ ،‬إذ أن‬ ‫ّ‬ ‫املكتظ بالتجاوزات قد أبان عن أن هناك ازدواج وظيفي‬ ‫الواقع‬ ‫أشبه ما يكون بالسوس الذي ينخر الكيان االقتصادي للدولة ككل‪،‬‬ ‫وبهذا املعنى فإن العبارة الصائبة تكون دون شك‪ :‬إعادة تنظيم‬ ‫اجلهاز الوظيفي مبا يتماشى مع القوانني املعمول بها‪ ،‬أي بتالفي‬ ‫التجاوزات التي تعد جرائم اقتصادية ال يطال مرتكبيها شيء‬ ‫على اإلطالق‪.‬‬

‫هذه الترتيبات تؤدي في املجمل إلى إنفاق حوالي ‪ 18‬مليار دينار‪،‬‬ ‫مقابل ‪ 21‬مليار دينار كان يتم إنفاقها سابقاً‪ ،‬أي بإنقاذ ‪ 3‬مليارات‬ ‫كان يجري التالعب بها شهرياً‪ ،‬واملوظفون الذين يتقاضون هذه‬ ‫املبالغ غير القانونية مسؤولون بالطبع عن ه��ذه اجلرمية التي‬ ‫ساهمت في تر ّدي األوضاع العامة في بالدهم‪.‬‬ ‫هذا في ما يتعلّق مبرتبات املوظفني‪ ،‬أما النفقات التشغيلية فإن‬ ‫تخفيضها بحوالي ملياري دوالر ليصل إلى ‪ 4.8‬مليارات دينار بعد‬ ‫أن كانت ‪ 6.8‬مليارات دينار عام ‪ ،2014‬مع جتميد باب التنمية‪،‬‬ ‫ال��ذي ك��ان يبلغ بقيمة ‪ 5.2‬مليارات دينار‪ .‬أي مبا يحقق وف��راً‬ ‫بقيمة أكثر من ‪10‬مليارات دينار‪ .‬ويبقى السؤال‪ :‬قفز الساعون‬ ‫إلى السلطة ّ‬ ‫ووظفوا مؤمتر «الزومبي» ملصلحتهم بينما تتداعى‬


‫احلكومة الليبية تتجه إلى تغطية العجز في‬ ‫موازنة عام ‪ 2014‬بطرح أذون خزانة لالستدانة من‬ ‫املؤسسات املصرفية واملالية احمللية واألجنبية‬

‫مواقف احلكومة الليبية‪ ..‬هل من جدوى؟‬

‫ونصدر النفط واألفارقة‬ ‫نستورد كل شيء‪..‬‬ ‫ّ‬

‫أركان الدولة ليزيدها اللصوص تداعياً وانهياراً فلمصلحة من؟‬ ‫الثروات تُه َدر بطريقة سلسلة كما لو كانت تس ّرباً صغيراً مجهوالً‬ ‫في أنبوب معدني ضخم‪ ،‬وليبيا اآلن تتكئ على حوالي ‪ 70‬مليار‬ ‫دوالر كاحتياطي أجنبي‪ ،‬وإذا ما أخذنا نسبة التراجع بعد ‪2011‬‬ ‫بعني االعتبار ف��إن ‪ 2016‬وم��ا يليها ستزيد األم��ر س��و ًءا وتنذر‬ ‫بالوقوع على حافة انهيار اقتصادي سريع بعد أربع سنوات أي‬ ‫في ‪.2020‬‬ ‫لقد كان ديوان احملاسبة الليبي قد ذكر في تقريره السنوي الصادر‬ ‫عام ‪ 2015‬بأن إجمالي التحويالت اخلارجية املنفّذة من قبل‬ ‫مصرف ليبيا املركزي خالل عامي ‪ 2013‬و‪ 2014‬بلغ نحو ‪125‬‬ ‫مليار دينار ليبي (‪ 96‬مليار دوالر)‪ ،‬وبالرغم من ع��دم وضوح‬

‫العودة من ليبيا إلى إفريقيا‬

‫إنتاج النفط الليبي حسب التوقعات سيصل إلى‬ ‫مليون برميل في الربع الثالث من هذا العام‪ ،‬ثم‬ ‫‪ 1.35‬مليون برميل في الربع األخير‪ ..‬ولكن ذلك‬ ‫رهني باستتباب األمن وحتقيق االستقرار‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫الهجرة من ليبيا إلى أوروبا‬

‫ف��ي تقرير ص��در سنة ‪ 2015‬ضبط دي���وان احمل��اس��ب��ة عبر‬ ‫منظومة املرتبات وفق الرقم الوطني ‪ 412‬ألف رقم وطني‬ ‫غير صحيح يتقاضى أصحابها مرتبات م��ن ال��دول��ة‪ ،‬منها‬ ‫‪ 22.5‬ألف اسم فوق السن القانونية‪ ،‬ومنهم من جتاوز ‪115‬‬ ‫عام ًا‪ ،‬أي إن��ه من مواليد ع��ام ‪1900‬م!‪ ،‬وحوالي ‪ 604‬أرق��ام‬ ‫حتت السن القانونية‪ ،‬منها أرقام من مواليد عام ‪ ،2013‬أي‬ ‫أن أعمارها حتى اآلن ال يتجاوز سنتني‪( .‬مجلة املستقل‪،‬‬ ‫العدد التاسع عشر‪ 21 ،‬يونيو ‪.)2015‬‬

‫تفاصيل اإلنفاق حسب بيانات الدورة املستندية لديوان احملاسبة‬ ‫(إذا يعمل في الواقع حتت بنود منطية وخطوط عريضة تغيب‬ ‫التوجه العام (بضغط‬ ‫فيها التفاصيل الدقيقة لإلنفاق) إال أن‬ ‫ّ‬ ‫من احلكومة املنبثقة عن مجلس النواب بطبرق‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫قناعة حتكم عمل ما يسمى بحكومة االنقاذ) مه ّيأ اآلن العتماد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بتقشف‬ ‫التقشف ما أمكن ذلك‪ ،‬بينما ال ميكن التص ّرف‬ ‫سياسة‬ ‫على اإلط�لاق بشأن واردات األدوي��ة العاجلة‪ ،‬كأمراض السكر‬ ‫واألمراض املعدية ونحوها‪ ،‬وواردات القمح من اخلارج‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى املستلزمات اليومية كاحملروقات‪.‬‬ ‫الليبيون يبدون اآلن أكثر حذراً من الوقوع في فخ البنك الدولي‪،‬‬ ‫فإذا ما مت وضع األموال الليبية حتت الوصاية الدولية‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫يعني مباشر ًة تطبيق مبدأ النفط مقابل الغذاء‪ ..‬وبعبارة أخرى‬ ‫ف��إن ليبيا تكون في ه��ذه احلالة مقبلة على نسخة جديدة من‬ ‫التجربة العراقية‪.‬‬

‫الدين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬


‫إذا وضعت األموال الليبية حتت الوصاية الدولية‬ ‫فذلك يعني تطبيق مبدأ النفط مقابل الغذاء‬ ‫الفزّ اعة العراقية ماثلة أمام أعني الليبيني‬ ‫إيرادات تصدير النفط انخفضت نحو ‪ 1.5‬مليار‬ ‫دينار شهري ًا فقط‪ ..‬في حني حتتاج البالد إلى ‪3.5‬‬ ‫مليارات دوالر كل شهر‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواصل انهياره‬

‫النفظ حتت ظالل السيوف‬

‫عجز ميزان املدفوعات يبلغ ‪ 25‬مليار دوالر‬ ‫توقع رئيس اللجنة االستشارية املالية االقتصادية في املصرف‬ ‫امل��رك��زي أن يصل العجز ف��ي م��وازن��ة ‪ 2015‬إل��ى ‪ 20‬مليار دينار‬ ‫(‪ 15.3‬مليار دوالر)‪ ،‬وأن يحقق ميزان املدفوعات عجز ًا خالل‬ ‫‪ 2015‬بنحو ‪ 25‬مليار دوالر‪ .‬وبلغت مصروفات الدولة (النفقات)‬ ‫خالل عام ‪ 2014‬نحو ‪ 49‬مليار دينار (‪ 36.5‬مليار دوالر)‪ ،‬فيما‬ ‫بلغت اإلي��رادات ‪ 20.9‬مليار دينار (‪ 15.5‬مليار دوالر) بعجز في‬ ‫املوازنة العامة بلغ ‪ 25.1‬مليار دينار (‪ 18.7‬مليار دوالر)‪ ،‬وذلك‬ ‫وفقا للحسابات اخلتامية للدولة‪.‬‬ ‫وذكر مصرف ليبيا املركزي أن نفقات الدولة خالل ‪ 2014‬بلغت‬ ‫‪ 46‬مليار دينار ليبي‪ ،‬فيما بلغت اإليرادات نحو ‪ 20.9‬مليار دينار‬ ‫بعجز بلغ نحو ‪ 25.1‬مليار دينار (‪ 18‬مليار دوالر)‪ ،‬وذل��ك وفق ًا‬ ‫للحسابات اخلتامية للدولة‪ ،‬وبذلك تصل نسبة العجز إلى نحو‬ ‫‪ 54%‬من النفقات ونحو ‪ 120%‬من اإليرادات‪.‬‬ ‫هذا وقد اقترضت احلكومة املؤقتة املنبثقة عن مجلس النواب‬ ‫‪ 500‬مليون دينار في عام ‪ 2014‬من املصارف التجارية‪ ،‬واتفقت‬ ‫مع مصارف للحصول على قرض آخر بنفس القيمة خالل عام‬ ‫‪.2015‬‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬


‫اا‬ ‫ا‬ ‫حكايات‬ ‫من زمن‬ ‫فبراير‬

‫«سيرة ذاتية»‬ ‫(الجزء الخامس)‬ ‫عندما خرجت من مدينتي قاصد ًا مدينة الثورة‬ ‫بنغازي لم يدر بخلدي أن أصبح عضو ًا في املجلس‬ ‫الوطني االنتقالي أو أن اصطدم بجماعة اإلخوان‬ ‫املسلمني وأك��ت��ش��ف م��ؤام��رات��ه��م م��ب��ك��راً‪ ،‬وعندما‬ ‫صرخت عبر وسائل اإلع�لام منبه ًا ملا يجري‪ ،‬لم‬ ‫يسمعني أحد فقد كانت الناس منتشيةً بانتصار‬ ‫الثورة‪ ،‬وعندما استفاق البعض كانت الواقعة قد‬ ‫وسرقت الثورة‪.‬‬ ‫استحكمت‪ُ ..‬‬

‫املختار اجلدال‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫حقيقة آملتني دموع الشيخ مثلما آملتني دماء الليبيني الذين قضوا‬ ‫في املواجهات‪ ،‬كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون التعبير سلمياً‬ ‫ولكنهم فوجئوا بانهمار الرصاص‪ ،‬وحقيقة أصبحت أشعر بأن‬ ‫السكوت ووضع اليد على اليد ليس ح ً‬ ‫ال فقررت التوجه إلى اجلبل‬ ‫الغربي‪.‬‬ ‫السبت توجهت إل��ى ال��رج�ب��ان بعد مكاملة سريعة م��ع صديقي‬ ‫أبوعجيلة العكرمي وع�ب��ر ال�ط��ري��ق ال �ص �ح��راوي العجيالت ‪-‬‬ ‫الرجبان كنت هناك بعد ساعة تقريباً‪ ..‬ال يوجد أحد في الطريق‬ ‫إلى هناك إال رعاة اإلبل‪ .‬رافقني مصطفى القريدي (اجلالصي)‬ ‫ورمضان أبونواس (امطاوع)‪ .‬كانا أيضاً مصرين على االلتحاق‬ ‫بالرجبان‪.‬‬ ‫عندما جتاوزنا قصر احلاج وفي منتصف الصعود إلى الرجبان‬ ‫وج��دن��ا ال�ط��ري��ق مقفلة بجالميد ص�خ��ري��ة ال مي�ك��ن لسيارتي‬ ‫جتاوزها‪ ،‬عندها أشار علينا أبوعجيلة العكرمي بالعودة والدخول‬ ‫عبر مدخل جادو‪ ،‬عدنا أدراجنا وتوجهنا إلى هناك‪ ،‬وفي البوابة‬ ‫قام احلرس باالتصال باملجلس العسكري الرجبان الذي تشكل‬ ‫باألمس ومتت املوافقة على صعودنا إلى اجلبل‪.‬‬ ‫استقبلنا أبوعجيلة عند مدخل الرجبان في منتصف الطريق بني‬ ‫الرجبان وجادو‪ ،‬يرفرف علم االستقالل متعدد األلوان على عدة‬ ‫أماكن على البوابات وعلى بعض املباني‪ ،‬إذاَ نحن دخلنا مناطق‬ ‫تحُ كم بسلطة أخرى‪.‬‬ ‫عبرنا وسط الرجبان‪ ..‬كانت احملالت مقفلة وميدان املدينة يخلو‬ ‫من امل��ارة إال من بعض املسلحني الذين يرتدون نصف مالبس‬ ‫عسكرية‪ ،‬ل��م نتحدث إليهم فقد كانت السيارة التي يستقلها‬

‫كان الليبيون يعتقدون أنهم يستطيعون‬ ‫التعبير سلمي ًا ولكنهم فوجئوا بانهمار‬ ‫الرصاص‬ ‫أصبحت أشعر بأن السكوت ووضع اليد على اليد‬ ‫ليس ح ًال فقررت التوجه إلى اجلبل الغربي‬ ‫مضيفنا تسبقنا‪ ،‬وب��إش��ارة منه عبرنا إل��ى احل��ي ال��ذي يسكنه‬ ‫أبوعجيلة‪.‬‬ ‫في بيته تناولنا وجبة غ��ذاء ورافقنا رئيس املجلس العسكري‬ ‫وبعض رف��اق��ه‪ ،‬وعندما سألناهم كيف ميكن تقدمي املساعدة‪،‬‬ ‫اتفقنا على أن املوقف في تأزّم‪ ،‬وأن املنطقة اجلبلية ستتعرض‬ ‫إل��ى النقص ف��ي امل��واد الغذائية وال��وق��ود‪ ،‬وميكننا وض��ع ّ‬ ‫خطة‬ ‫للتواصل بني املدينتني حلل مثل هذه اإلشكاليات وكيف ميكن‬


‫كانت اخلطوة األولى هي وضع ّ‬ ‫خطة للتواصل‬ ‫بني املدينتني حلل اإلشكاليات وإيصال‬ ‫شحنات التموين والوقود‬ ‫تونس كانت ّ‬ ‫متثل مهد الثورات العربية التي‬ ‫كان وقودها الشباب والشيوخ على السواء‬ ‫إيصال شحنات التموين والوقود‪ ،‬ومت حتديد مكان معلوم لاللتقاء‬ ‫عند تأزم املوقف العام‪.‬‬ ‫غادرنا الرجبان عائدين إلى العجيالت وفي الطريق مت االتفاق‬ ‫بني املجموعة وتقسيم العمل وضم أشخاص ثقة للعمل على توفير‬ ‫السلع والوقود وقمت بالتنسيق بني املجموعة خالل فترة وجودي‬ ‫بالعجيالت‪ ..‬وقبل مغادرتي إلى تونس‪.‬‬ ‫عملنا على التنسيق فيما بيننا لتوفير السلع التموينية والوقود‬

‫وتخزينها انتظاراً لنقلها إلى اجلبل‪ ،‬وكانت األمور تسير بشكل‬ ‫لم يثر انتباه أحد‪.‬‬ ‫غير إن قرار مغادرة العجيالت لم اتخذه إال بعد أن مت استدعائي‬ ‫إلى مكتب االستخبارات العسكرية‪ ،‬وحذروني من أنني أحضر‬ ‫اجتماعات مشبوهة‪ ،‬وقد وردتهم شكوى بذلك‪ .‬كنت أعتقد إن‬ ‫أم��ر املجموعة قد أكتشف غير أنهم لم يتهموني بجمع امل��واد‬ ‫الغذائية أو الوقود‪ ،‬ولكن الضابط احملقّق ملح إلى ذلك في سياق‬ ‫حديثه‪.‬‬ ‫كان التحقيق يتم وسط خيمة كبيرة نصبت في ساحة خارجية‬ ‫داخل سور مكتب االستخبارات‪ ،‬وعندما طلبت مقابلة الضابط‬ ‫املسؤول ذهب إليه الضابط احملقق ونقل قوله‪« :‬أنا ال أريدك»‪،‬‬ ‫ك��ان ه��ذا ال��رد يعني بأنه يضعني في قائمة املتهمني‪ ،‬فالرجل‬ ‫أعرفه جيداً و ر ّده أوحى بأنه ال يريد مقابلة متهم‪.‬‬ ‫بعد ان�ت�ه��اء التحقيق طلب مني احمل�ق��ق ع��دم م �غ��ادرة املدينة‪،‬‬ ‫ولكني قررت الرحيل‪ ،‬فخرجت إلى تونس بعد أن اتخذت بعض‬ ‫اإلجراءات التي من شأنها تأمني جزء بسيط من واجبات احلياة‬ ‫ملن تركتهم خلفي‪ .‬لم أكن أفكر فرمبا قد يصبح ذلك ته ّوراً‪.‬‬ ‫توجهت إل��ى تونس ف��ي صباح اجلمعة‪ ،‬وصلت ب��ن ق��ردان في‬ ‫العاشرة صباحاً وعبر سيارة األجرة إلى صفاقس ثم إلى مكتب‬ ‫اخلطوط اجلوية التونسية‪ ،‬واستصدرت تذكرة ذهاب بال عودة‬ ‫إلى القاهرة واملوعد بعد أسبوع‪.‬‬ ‫تقابلت مع أحد ثوار العجيالت الذين أصيبوا في ميدان الزاوية‬ ‫والذي كان يعالج من إصابة بامليدان الذي سجل استشهاد صالح‬ ‫املتكوبس‪ ،‬وهو من مدينة العجيالت أيضاً‪.‬‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫تناولت معه طعام الغذاء الذي أعده أحد ثوار نالوت‪ .‬كان يرافقه‬ ‫في الشقة التي يسكنها‪ ،‬سألته عن اجليالني العكروتي قال لي‪:‬‬ ‫«ال أعرفه‪ ،‬ولكن عندي رق��م هاتفه»‪ .‬اتصلت ب��ه‪ ،‬اجليالني ال‬ ‫أعرفه ولم التق به أبداً قبل الثورة‪ ،‬واآلن فقط سأتوجه إليه‪.‬‬ ‫وصلت تونس العاصمة‪ ،‬وج��دت اجليالني في انتظاري تبادلنا‬ ‫النظرات وأطرف حديث مقتضب‪ ،‬سمعت عنه بالعجيالت بعد‬ ‫ال�ث��ورة حيث ك��ان ق��د ظهر ف��ي قناة العربية ف��ي األي��ام األول��ى‪،‬‬ ‫فأحرق مصنعه انتقاما منه‪.‬‬ ‫اجليالني العكروتي شخصية وطنية بامتياز وه��و من منطقة‬ ‫العجيالت‪ ،‬كان له دور في دعم الثورة من خالل تقدمي املساعدات‬ ‫في مخيمات الالجئني في تونس‪ ،‬ودعم ثوار منطقته وثوار اجلبل‬ ‫الغربي‪.‬‬ ‫في انتظار السفر إلى بنغازي عبر القاهرة بقيت أسبوعاً في‬ ‫تونس م��ع جمعه أبوغميقة‪ ،‬والتحق بناء عبدالرحمن الكوني‬ ‫وحامت األربش‪ ،‬كنت أتردد على مركز لالتصاالت فالتقيت عبر‬ ‫الفيس بالدكتور فرج جنم‪ .‬كان ال ي��زال في لندن وحتدثت مع‬ ‫عادل صنع الله في لندن أيضاً‪.‬‬ ‫خالل وجودي في تونس شاركت في مظاهرة أقيمت أمام السفارة‬ ‫الليبية‪ ،‬وش��ارك فيها عدد كبير من الليبيني املهاجرين هناك‪،‬‬ ‫فتونس كانت آنذاك متثل مهد الثورات العربية التي كان وقودها‬ ‫الشباب والشيوخ على السواء‪.‬‬ ‫مسة‬ ‫عندما التقيت املستشار مصطفى عبداجلليل مبدينة ّ‬ ‫بالقرب من البيضاء بعد وصولي مباشرة من تونس لم يكن لدي‬

‫مت التحقيق معي وسط خيمة كبيرة‬ ‫نصبت في ساحة خارجية داخل‬ ‫سور مكتب االستخبارات وطلب مني‬ ‫احملقّ ق عدم مغادرة املدينة‪ ..‬ولكنني‬ ‫قررت الرحيل واجتهت إلى تونس‬ ‫أدني رغبة في االلتحاق باملجلس الوطني االنتقالي‪ ،‬كما لم يكن‬ ‫ل��دي أدن��ى شك في إن ال�ث��ورة التي قامت في ليبيا ضد نظام‬ ‫القذافي والتي بدأت بانتفاضة الشباب في مدينة بنغازي وتبعتها‬ ‫مدن أخرى‪ ،‬لم يكن لدي أدنى شك في أنها كانت ضرورة حتمية‪،‬‬ ‫وجعلها كذلك ممارسات بعض رجال النظام احمليطني بالقذافي‬


‫خيم الصمت لوقت طويل لم يقطعه إال جرس‬ ‫خيل لي أنها‬ ‫تليفون وكلمات مقتضبة جداً‪ّ ..‬‬ ‫رموز وشفرة‬ ‫أحسست بسائل ساخن يجري على وجهي‬ ‫وكأنني أصبت بالصمم‪ ..‬وعندما ملست ذلك‬ ‫السائل وجدته دم ًا‬ ‫نفسه والقذافي وأسرته وكذلك قبيلته‪.‬‬ ‫كنت وصلت البيضاء صباح األمس من القاهرة عبر البر‪ ،‬برفقة‬ ‫السيد خالد الدرسي الذي تعرفت عليه في اللحظة التي وصلنا‬ ‫فيها إل��ى مطار القاهرة‪ ،‬فعندما كنت أستلم حقيبتي سألني‬ ‫الرجل‪ ،‬إلى أين أنت ذاهب؟ فقلت له إلى بنغازي‪ ،‬وعندما وقفت‬

‫في طابور تبديل العملة الستبدال مائة يورو كانت كل ما أملك‪،‬‬ ‫أمسك بيدي برفق وقال لي ألست متجهاً إلى بنغازي؟ فقلت له‬ ‫نعم‪ .‬قال لي‪« :‬ما تصرفش»‪ ،‬وتبعته وأنا أجر حقيبتي إلى خارج‬ ‫املطار‪.‬‬ ‫في اخلارج وجدنا سيارة في االنتظار وضعت حقيبتي في صندوق‬ ‫السيارة وركبت في الكرسي اخللفي‪ ،‬وانطلقت السيارة في شوارع‬ ‫القاهرة كنت أظن أننا في طريقنا إلى مكان ما للمبيت تلك الليلة‪،‬‬ ‫ولكن عبرنا القاهرة وأخذنا الطريق الصحراوي وهنا سألني من‬ ‫أرافقه‪ :‬من وين حضرتك؟ أجبته‪ :‬من العجيالت‪ ،‬وأردف قائ ً‬ ‫ال‪:‬‬ ‫وماذا تعمل؟ قلت له‪ :‬عضو هيأة تدريس بجامعة الزاوية‪.‬‬ ‫خيم صمت طويل ول��وق��ت طويل يقطعه بعض األح�ي��ان جرس‬ ‫تليفون السائق وكلمات مقتضبة جداً‪ ،‬يخ ّيل لي في بعض األحيان‬ ‫أنها رموز وشفرة‪ ،‬وطيلة املسافة حتى اقتربنا من مرسى مطروح‬ ‫عندها سألني‪« :‬شن رأي��ك انتكوا انتعشوا في مطعم؟»‪ .‬نزلنا‬ ‫في استراحة لتناول وجبة العشاء والقهوة‪ ،‬لم نأخذ وقتاً طوي ً‬ ‫ال‬ ‫فالساعة تقترب م��ن ال��راب�ع��ة ص�ب��اح�اً‪ ،‬وانطلقنا ب��اجت��اه بوابة‬ ‫امساعد‪.‬‬ ‫وصلنا البوابة‪ ،‬نزل احلاج خالد‪ ،‬هكذا طلب مني أن أناديه‪ ،‬وأمت‬ ‫إجراءات اخلروج من املنفذ املصري‪ ،‬وعندما لم يكن هناك أحد‬ ‫في املنفذ الليبي فقد خرجنا دون أي إجراءات‪ ،‬وصلنا أول بوابة‬ ‫ليبية تقابلك وأنت داخل إلى ليبيا‪ ،‬وهي بوابة البردي‪ ،‬كانت الساعة‬ ‫السابعة‪ ،‬وبعض الشباب يرتدون أنصاف مالبس عسكرية‪ ،‬وقد‬ ‫أوقدوا ناراً‪ .‬عندما اقتربنا منهم حملوا احلاج خالد فصاح أحدهم‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫قال الشاهد‪..‬‬

‫بصوت عال‪ :‬هيا تفضلوا افطروا‪ ،‬هيا يا حاج خالد‪ ،‬وتبعه آخر‪.‬‬ ‫ترجلنا من السيارة واجتهنا نحوهم فوجدنا خبزاً يحترق على‬ ‫النار‪ ،‬تفوح منه رائحة احتراقه ومتأل املكان‪ ،‬تناولنا كوباً من الشاي‬ ‫واحلليب الساخن‪ ،‬هذا أول إفطار في الشطر احملرر من بالدنا‬ ‫حتى هذا الوقت‪ ،‬وكانت راية االستقالل ترتفع على مكان عال‬ ‫من البوابة‪.‬‬ ‫حتى هذه اللحظة كنت أعتقد أن مرافقَي احلاج خالد والسائق‬ ‫ينويان الذهاب إلى بنغازي حتى وصلنا البيضاء‪ .‬كانت الساعة‬ ‫العاشرة صباحاً عندما دخلنا إلى جراج بيت ‪ -‬عرفت فيما بعد إنه‬ ‫بيت احلاج خالد ‪ -‬طلب مني إنزال حقيبتي ودخلنا غرفة واسعة‬ ‫مفروشة وبها جهاز تليفزيون مفتوح على قناة اجلزيرة‪ ،‬وقال لي‪:‬‬ ‫«ارقد اآلن فأنت لم تنم طيلة الليل»‪.‬‬ ‫ونظراً لتعب يوم األمس غرقت في نوم عميق مبجرد أن استلقيت‬ ‫على ف��راش مم� ّ�دد وسط الغرفة‪ ،‬حتى اخلامسة مساء‪ .‬عندما‬ ‫استيقظت على صوت احلاج خالد وهو يدخل الغرفة حام ً‬ ‫ال معه‬ ‫القهوة وبعض البسكويت قائ ً‬ ‫ال‪« :‬احلوش ما فيه حد كانك جعان‬ ‫نس ّووا مكرونة»‪ ،‬ثم أضاف‪« :‬وإال انعدوا شور اجلماعة في احلنية‬ ‫عالبحر دايرين عشاء»‪.‬‬ ‫توجهنا إلى احلنية على ساحل البحر‪ ،‬وجدنا بعض أصدقاء احلاج‬ ‫خالد يجهزون لوجبة العشاء‪ ،‬ووقف اثنان منهم على طاولة مقابلة‬ ‫ملخرج االستراحة على البحر‪ ،‬وقد وضعوا فوقها أربع مسدسات‬ ‫يتناوبون التصويب على «قرعة» وضعت أعلى عمود خراساني‪.‬‬

‫جلست أتبادل التعارف مع أحد األشخاص كعادة أغلب الليبيني‬ ‫عندما يلتقون‪ ،‬وكنا جنلس على الكراسي بالقرب م��ن طاولة‬ ‫املسدسات‪ ،‬وتستمر الرماية على «القرعة» املوضوعة أعلى العمود‬ ‫اخلراساني‪ ،‬أحسست بسائل ساخن يجري على وجهي في الوقت‬ ‫الذي أحسست فيه بأنني أصبت بالصمم‪ ،‬بأن أذني «طرشت»‪،‬‬ ‫وعندما ملست ذلك السائل وجدته دماً‪.‬‬ ‫صرخ محدثي اجلالس أمامي‪« :‬أصبتم الرجل‪ ..‬أصبتم الرجل»‪،‬‬ ‫وهرع اجلميع نحوي كنت أعتقد إن رصاصة أصابتني باخلطأ‬ ‫ولكن الله سلم‪ ،‬فهي مجرد مقذوف عائد بعد أن اصطدم بالعمود‬ ‫اخلراساني‪ ،‬ولم نكمل تناول وجبة العشاء‪ .‬عدنا إلى بيت احلاج‬ ‫خالد بعد أن تأكدنا من أن اجلرح سطحي وليس بغائر‪.‬‬ ‫بالرغم من ذلك لم أعر املوضوع أي اهتمام‪ ،‬فقد كان غير مقصود‪،‬‬ ‫ولكن موقف احلاج خالد وشعوره بالذنب وصل إلى حد البكاء‪،‬‬ ‫وجعلني أحاول إظهار أن اإلصابة بسيطة وغير ذات أهمية حتى‬ ‫أكسر احلالة التي دخل فيها الرجل‪.‬‬ ‫كنت ال أريد أن أذكر هذه القصة هنا في هذا الكتاب‪ ،‬ولكن قد‬ ‫يتساءل البعض ع��ن كيفية وص��ول��ي ملقابلة املستشار مصطفى‬ ‫عبداجلليل‪ ،‬فبعد ه��ذه احلادثة يبدوا أن أح��د احلاضرين كان‬ ‫على عالقة باملستشار ونقل إليه ما حدث وقام بالتنسيق ملقابلة‬ ‫املستشار دون علمي‪.‬‬ ‫ف��ي مساء ال�ي��وم التالي ذهبنا ف��ي جولة إل��ى البيت ال��ذي كانت‬ ‫تسكنه عائلة القذافي عندما تكون في البيضاء‪ .‬كان املنزل قد‬


‫وجدت املستشار مصطفى عبداجلليل صائم ًا‬ ‫ذلك اليوم‪ ..‬وقال لي‪« ..‬ال تظهر في اإلعالم‬ ‫حالي ًا حتى نعرف األمور وين ماشية»‬ ‫تعرض للقصف في األيام السابقة ويزوره العديد من الناس من‬ ‫مختلف مدن الشرق‪ ،‬ومن هناك توجهنا إلى وادي الكوف‪ ،‬وعند‬ ‫مسة‪ ،‬وعندما دخلنا وجدنا املستشار‬ ‫عودتنا عرجنا على بيت في ّ‬ ‫مصطفى عبداجلليل‪.‬‬ ‫قابلته‪ ،‬كان صائماً‪ ،‬بادرني بقوله‪« :‬شن وصلك للغضيب»؟‪ .‬عرفت‬ ‫أن موضوع البارحة قد وصله‪ ،‬تناولنا عديد املوضوعات في الوقت‬ ‫ال��ذي كان يتناول فيه إفطاره‪ ،‬كان مهتماً كثيراً بأخبار املنطقة‬ ‫الغربية‪ ،‬لم يدم اللقاء طوي ً‬ ‫ال وعندما غادرته سألني‪« :‬أسرتك‬ ‫وين؟»‪ .‬فقلت له‪« :‬في العجيالت»‪ .‬قال لي‪« :‬ال تظهر في اإلعالم‬ ‫حالياً حتى نعرف األمور وين ماشية»‪.‬‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫براح‬

‫نساء خارج الضوء‬ ‫خديجة بسيكري‬ ‫بإطالق زغ��رودة طويلة‪ ،‬ولكنها مميزة وتتجه إلى شيخة النساء‬ ‫املرأة الليبية يطالها الظل الذي يعتم على ليبيا دائما‪ ،‬ولم ينتبه‬ ‫التي تقوم ب��دوره��ا بالدعوة إل��ى اإلض ��راب‪ ،‬وتستجيب النساء‬ ‫لنا العالم إال بعد هذه املرحلة الدامية من تاريخنا ولألسف صرنا‬ ‫املنتميات للطبقة الثانية‪ ،‬واملوجودات في السوق‪ ،‬للنداء ويجتمعن‬ ‫نطل على العالم مبالمح إرهابية!!‬ ‫ح��ول الشيخة ل�س��اع��ات متتد أح�ي��ان�اً إل��ى ي��وم ك��ام��ل أو يومني‬ ‫لنعد إل��ى بيت القصيد وت��اري��خ نساء ب�لادي امل�ن��زوي ف��ي عتمة‬ ‫يقضينها في الغناء وترديد األناشيد اخلاصة بالناو «االضراب»‬ ‫التجاهل‪ ،‬هل هو قصور فينا أم أنه خلل‪ ،‬فنحن ال نحتفي باملتميز‬ ‫وميتنعن عن األكل‪.‬‬ ‫بيننا!!‬ ‫عندها يتوقف العمل فى السوق والبيوت والبساتني فبتضرر‬ ‫دائماً ما نفاجأ بالسؤال‪ :‬أين موقعنا؟‪ ،‬كيف نحن‪ ،.‬وفى أحسن‬ ‫اقتصاد مدينة مرزق الذى يعتمد اصال على التجارة التى متارسها‬ ‫األحوال هل النساء في ليبيا لهن دور وحضور؟‬ ‫النساء فقد يتعرض السكان للجوع وهنا‬ ‫فاملرأة الليبية في مرزق (وهى مدينة من‬ ‫اجلنوب الليبي) مث ً‬ ‫يبادر الرجال للتوسط حلل االزم��ة وفى‬ ‫ال سبقت املرأة األمريكية‬ ‫كثير من األح�ي��ان تتدخل احلكومة‪ ،‬يتم‬ ‫في التعبير عن رأيها باإلضرابات واحلدث‬ ‫تكليف وك�ي��ل للمدعى عليه وي��دخ��ل فى‬ ‫الذي مت التأريخ به ليوم املرأة العاملى‪.‬‬ ‫ل��و أن نساء م��رزق ت��وف��رت لهن الوسيلة امل���رأة الليبية ف��ي م���رزق (وه���ى مدينة من م�ف��اوض��ات م��ع الشيخة وت�ف��رض غرامة‬ ‫اإلع�لام �ي��ة ل �ك��ان م��ن امل�م�ك��ن أن حتتفل اجل��ن��وب الليبي) سبقت امل���رأة األمريكية على امل��دع��ى عليه وت �ق��در حسب حالته‬ ‫ال� �ن� �س ��اء ب �ع �ي��ده��ن ق� �ب ��ل ه � ��ذا ب �ك �ث �ي��ر‪ ،‬في التعبير عن رأيها باإلضرابات‪ ،‬واحلدث املادية وليس بقيمة اجل��رم ال��ذى ق��ام به‬ ‫ف��اإلض��راب ع��ن العمل ك��ان م��ن ال�ع��ادات الذي مت التأريخ به ليوم املرأة العاملى‪ ،‬ولو أن وبتم تسلبم املبلغ للشيخة التي تشتري به‬ ‫السائدة بني نساء مرزق فى بداية القرن نساء مرزق توفرت لهن الوسيلة اإلعالمية العطور والزيت لدهن الشعر وتوزعه على‬ ‫ال�ع�ش��ري��ن ك �س�لاح ل�ل��دف��اع ع��ن حقوقهن لكان من املمكن أن حتتفل النساء بعيدهن النساء ترضية لهن وتدعوهن ملباشرة‬ ‫ق��ب��ل ه���ذا ب��ك��ث��ي��ر‪ ،‬ف���اإلض���راب ع���ن العمل‬ ‫وشرفهن‪ ،‬ويسمى اإلضراب عندهن «ناو» ك��ان م��ن ال��ع��ادات ال��س��ائ��دة ب�ين نساء م��رزق عملهن‪.‬‬ ‫أو «شرماكشى»‪ ،‬نظرا لسيطرة النساء فى بداية القرن العشرين كسالح للدفاع أما الرجال الذين يقومون بالوساطة فى‬ ‫عن حقوقهن وشرفهن‪ ،‬ويسمى اإلض��راب حل هذه املنازعات ويحترمون رأى النساء‬ ‫على السوق في مرزق‪.‬‬ ‫متس من ع��ن��ده��ن «ن������او» أو «ش���رم���اك���ش���ى»‪ ،‬ن��ظ��ر ًا تصبح لهم مكانة كبيرة عندهن فيصفونهم‬ ‫ف��إذا عامل رجل ام��رأة معاملة‬ ‫ّ‬ ‫«أوالد الناو»‪.‬‬ ‫مكانتها أو أي��ا من حقوقها‪ ،‬يقوم جميع لسيطرة النساء على السوق في مرزق‪.‬‬ ‫���س من هذا مايحدثنا عنه (عبد القادر جامى)‬ ‫ن �س��اء ال �س��وق ب��ال�ت��وق��ف ع��ن ال�ع�م��ل في ف����إذا ع��ام��ل رج���ل ام����رأة م��ع��ام��ل��ة مت ّ‬ ‫احل��ال‪ ،‬وذلك احتجاجاً على هذا الفعل‪ ،‬مكانتها أو أي��ا م��ن حقوقها‪ ،‬ي��ق��وم جميع وهو مؤرخ تركي في كتابه عن رحلته إلى‬ ‫ويتم عقد اجتماع فوري عند «الشيخة»‪ ،‬نساء السوق بالتوقف عن العمل في احلال‪ ،‬ليبيا‪ ،‬حيث ي��ورد قصة وقعت ف��ي قرية‬ ‫وي�ع�ل��ن ع��ن اع�ت�ص��ام ل��دي�ه��ا ح�ت��ى يعتذر وذلك احتجاج ًا على هذا الفعل‪ ،‬ويتم عقد «ح �س��ى ج�ي�ج��ى» وه ��ى إح���دى ض��واح��ى‬ ‫اجتماع ف��وري عند «الشيخة»‪ ،‬ويعلن عن مرزق‪ ،‬فيذكر أن أحد وجهاء املدينة أهان‬ ‫املسيء لصاحبة الشأن‪.‬‬ ‫ف��ى األم �ك �ن��ة ال �ت��ي يلتقي فيها ال��رج��ال اعتصام لديها حتى يعتذر املسيء لصاحبة امرأة وعقابا على جتاسره اجتمعت نساء‬ ‫الشأن‪.‬‬ ‫القرية وان��زل�ن��ه م��ن على داب�ت��ه وج��ردن��ه‬ ‫بالنساء كاألسواق أو على موارد املياه قد‬ ‫من ثيابه وأوثقن يديه ورجليه ودخلن به‬ ‫يحدث نوع من التماس أو تتعرض إحدى‬ ‫املدينة وهو عار متاما وقد تأثر بعد ذلك‬ ‫النساء ملعاملة ترى فيها إهانة لها‪ ،‬فتقوم‬


‫(الناو) محكمة تعقدها النساء وتفصل (الشيخة) في قضاياها‬

‫واحتجب في بيته عدة اشهر‪.‬‬ ‫املغزى أن املراة الليبية التي تواجه اآلن حملة شرسة حتت شعار‬ ‫الدين واملطالبة بحجبها واقصائها كانت لها الريادة واألسبقية‬ ‫على كثير من نساء املنطقة‪.‬‬ ‫فهي التي خرجت للدراسة خارج حدودها منذ األربعينات وهي‬ ‫التي كتبت باسمها احلقيقي في الصحف الليبية وهي التي اعتلت‬ ‫املسرح مبكرا رغ��م طبيعة املجتمع املنغلقة واالحت��اد النسائي‬ ‫الليبي يعد من أقدم اجلمعيات النسائية فى الوطن العربي وفى‬ ‫ليبيا خاضت امل��رأة جتربة القضاء والشرطة النسائية وزينت‬ ‫أكتافها بالرتب العسكرية‪.‬‬ ‫وال يفوتتا املجال الثقافي واألدبي والوظيفي حيث احتلت املرأة‬ ‫مناصب قيادية ومثلت ليبيا في احملافل الدولية ونالت جوائز‬ ‫عاملية ف��ي االب ��داع والبحث العلمي ورغ��م ك��ل ذل��ك نفاجأ مبن‬ ‫يستغرب حضورنا الليبي في احملافل الثقافية واألدبية مثال!!‬

‫هل اإلعالم الليبي لم يكن أداة جيدة إللقاء الضوء على قاماتتا‬ ‫النسائية أم أن اإلنتاج لم يكن بذات احلضور للمشاركات األخرى‬ ‫من مختلف األقطار العربية مثال؟ ال أعتقد ذل��ك فنحن لدينا‬ ‫أصوات إبداعية مهمة جداً ولها بصمتها في عوالم االبداع‪.‬‬ ‫وجل��رأة الليبية حكايات وحكايات ممتدة في التاريخ منذ عهد‬ ‫اإلغريق ولعلنا نتذكر أسطورة األم��ازون��ات ودولتهن املميزة في‬ ‫برقة‪ ،‬وال ننسى أن قوربنا هي امرأة!!‬ ‫ما أود الوصول إليه أننا كنساء ليبيات نحتاج إلى خلق حالة تناغم‬ ‫فيما بيننا لندعم أنفسنا‪ ،‬وخاصة في هذه املرحلة احلرجة من‬ ‫تاريخ بالدنا‪ ،‬وليتزامن اإلبداع والنضال واملثابرة من أجل احلفاظ‬ ‫على وطن يحتفي بنا‪ ،‬وليعلو تصفيقنا لكل صوت مميز‪ ،‬ولكل‬ ‫عمل إيجابى حتى نصنع الفعل اخل�لاق س��واء داخ��ل الوطن أو‬ ‫خارجه‪ ،‬وكلى ثقة أن لليبية لوناً متميزاً سيلقى بنوره على خارطة‬ ‫العالم ولن تبقى الليبية في الظل‪.‬‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫بدأت أمريكا تنهار كما خمن وتوقع ساسة وبحاث‬ ‫ودبلوماسيون وجتار ومهووسون ومرضى ومعذبون‬ ‫ومعتقلون ومشردون وفقراء وأصدقاء لها وأعداء‪!..‬‬ ‫م��ا ي��ح��دث مبنطقة ال��ش��رق األوس����ط م��ن فوضى‬ ‫وسيادة وسيطرة فئوية ملتطرفني وصعاليك على‬ ‫منابع النفط وامل��وان��ئ اجلوية والبحرية‪ ,‬والهزال‬ ‫والضعف ال��ذي نعايشه ونتحسسه في السياسات‬ ‫األمريكية باجتاه العنف واحلروب في املنطقة‪ ,‬دليل‬ ‫وشاهد على شيخوخة الواليات املتحدة وخور قواها‬ ‫وشتاتها وان��ه��ي��ار مؤسساتها الدفاعية‪ ,‬وجلوؤها‬ ‫لتغطية وهنها بإبراز قوتها الغائبة واملصطنعة عبر‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ,‬وعبر التحالفات السياسية الساذجة‬ ‫واملساكنات الوقحة مع عصابات ومليشيات وشراذم‬ ‫مسلحة لتحقيق أغ��راض��ه��ا أو إلظ��ه��ار صورتها‬ ‫كشريك أو راعي أو مدبر للقوى الفاعلة واملسيطرة‬ ‫خ��دع��ة م��ل��وث��ة ‪ .‬ل��ع��ل االن���ق�ل�اب ال��س��ري��ع وال��غ��ي��ر‬ ‫م��ب��رر ب��ال��ع�لاق��ات وال��س��ي��اس��ي��ات األم��ري��ك��ي��ة باجتاه‬ ‫اإلسالمويني وباجتاه إي��ران وباجتاه االنفصاليني‬ ‫في أماكن وأقاليم متعددة بالعالم‪ ,‬مرحلة صريحة‬ ‫وابتدائية من مراحل االنهيار األمريكي املرتقب‪!..‬‬ ‫الساسة األمريكيون ي��درك��ون حقيقة مستقبلهم‬ ‫واقتراب أفول سطوتهم وانتهاء سيطرتهم ‪!..‬‬

‫عبد الواحد حركات‬

‫االنقسام بني اجلمهوريني والدميقراطيني ميثل‬ ‫مبتدأ الصراع‬

‫الثورة العنيفة قادمة‬

‫من ّ‬ ‫يوقع شهادة‪..‬‬

‫وفاة الواليــــــــــــــــ‬


‫يعد النظام الفيدرالي في أمريكا سالح ًا ذا‬ ‫ُّ‬ ‫حدين ‪ ..‬فهو ضمان للدميقراطيةوالعدالة‬ ‫من ناحية ‪ ..‬وهو دعم صريح النقسامها إلى‬ ‫واليات فقيرة وواليات غنية من ناحية ثانية‬ ‫الوهن االقتصادي الذي تعانيه أمريكا على‬ ‫يعد‬ ‫مستوى األفراد واملؤسسات واحلكومة ُّ‬ ‫أكبر األخطار التي تهدد وجودها‬

‫ــــــــات المتحدة؟‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫االنقالب السريع وغير املبرر بالعالقات‬ ‫والسياسات املربكة جتاه اإلسالمويني‬ ‫يعد مرحلة صريحة‬ ‫واالنفصاليني وغيران قد ُّ‬ ‫وابتدائية من مراحل االنهيار األمريكي‬ ‫إطالق مشروع «أوباما كير» وضع ثق ًال إضافي ًا‬ ‫على كاهل احلكومة‬ ‫يعد االختالط العرقي الكبير وتنوع األجناس وتباعد االنتماءات‬ ‫من أهم مزايا الواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬وميثل غياب النواة‬ ‫القومية و أيدلوجيات االنتماء املنوعة من أهم دواعم االستقرار‬ ‫األمريكي‪ ,‬فهما يقضيان على النزاع ومينعان حدوثه‪ ,‬ويدعمان‬ ‫بشكل مباشر املواطنة ويحققان استقرار مفهوم الوطن ومتاثله‪,‬‬ ‫وميثالن بشكل مضاد بؤر لنمو األيدلوجيات املتطرفة أو املعادية‬ ‫لسياسات السلطة وتوجهاتها‪ ,‬ويعد النظام الفيدرالي في أمريكا‬ ‫سالحا ذا حدين‪ ,‬إذ يعد ضمان للدميقراطية والعدالة من ناحية‬ ‫‪ ,‬ويشكل من ناحية أخرى دعم صريح لتمايز الواليات‪ ,‬وانقسامها‬ ‫إلي واليات فقيرة وواليات غنية‪ ,‬ويصنفها إلي واليات مؤثرة في‬ ‫تكوين السلطة وانتخاب ال��رؤس��اء‪ ,‬ووالي��ات أخ��رى تشكل أقلية‬ ‫وليس لها تأثيرات حقيقية في االنتخابات‪ ,‬مما يسبب في اهتمام‬ ‫رجال األعمال والالعبني السياسيني ببعض الواليات‪ ,‬ومينعهم أو‬ ‫يبعدهم عن واليات أخرى‪!..‬‬ ‫الوهن االقتصادي الذي تعانيه الواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬على‬ ‫املستوى احلكومي واملؤسساتي وعلى مستوى اإلفراد‪ ,‬يعد اكبر‬ ‫األخطار التي تهدد وج��ود أمريكا‪ ,‬ف��ازدي��اد الفقر في املجتمع‬ ‫األم��ري �ك��ي‪ ,‬وان�خ�ف��اض مستويات ال��رع��اي��ة الصحية والتعليم‪,‬‬ ‫واالرت�ف��اع اخلطر في أع��داد املسجلني بقوائم كوبونات الطعام‬ ‫‪ ,‬وتزايد امتناع املواطنني وعجزهم عن دفع أقساط اإلقراض‪,‬‬ ‫ٍ‬ ‫جانب بائس ألمريكا‪ ,‬يقابله‬ ‫بإطراد‬ ‫والتكاليف املعيشية املتزايدة‬ ‫ٌ‬ ‫ارتفاع كبير في الديون األمريكية اخلارجية‪ ,‬وازدي��اد معدالت‬ ‫ال�ب�ط��ال��ة وت �ك��رار إغ�ل�اق ال �ش��رك��ات وال �ب �ن��وك وامل �ص��ان��ع بسبب‬ ‫اإلفالس‪ ,‬وتدهور سوق األوراق املالية والسندات‪ ,‬وازدياد نسبة‬ ‫ال��واردات اخلارجية ونقص ال�ص��ادرات‪ ,‬وهجرة رؤوس األم��وال‬ ‫وامتالك الصني لعدد هائل من سندات اخلزينة وأوراق الدين‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة‪ ,‬وان�خ�ف��اض سعر ال ��دوالر مقارنة ب��ال�ي��ورو واجلنيه‬

‫هل بات أوباما عالمة من عالمات انهيار أمريكا ؟‬ ‫اإلسترليني وال �ي��وان ال �ص�ين‪ ,‬وع ��دم وج ��ود ض�م��ان��ات حقيقية‬ ‫مطمئنة للمستثمرين‪ ,‬يضاف إليها وج��ود اضطرابات محلية‬ ‫وب��وادر ربيع أميركي تهدد االستقرار األمني الداخلي للواليات‬ ‫املتحدة األمريكية ‪!..‬‬ ‫لقد اظهر انهيار االحتاد السوفيتي عالمات شيخوخة الواليات‬ ‫املتحدة‪ ,‬فبعد تفردها بالقوة وسيطرتها على العالم واجهت‬ ‫أمريكا مشكلة إدارة العالم مبفردها‪ ,‬فاستهلكت قوتها العسكرية‬ ‫واقتصادها ف��ي ح��روب طويلة‪ ,‬تسببت ف��ي إنهاكها وتشتيتها‬ ‫وتوريطها مبشاكل سياسية واقتصادية‪ ,‬وأث��رت على وضعها‬ ‫األمني الداخلي وعلى سياساتها اخلارجية‪ ,‬مما دف��ع اإلدارة‬ ‫األمريكية إل��ي ممارسة التدليس واخل��داع وع��دم الشفافية مع‬ ‫مواطنيها‪ ,‬ودفعهم إلي حتمل تكاليف حروب خاسرة وغبية‪ ,‬ال‬ ‫توجد لها مبررات مقنعة بالنسبة للمواطن األمريكي‪ ,‬األمر إلذي‬ ‫دفع العديد من األمريكيني للخروج في مظاهرات واعتصامات‬ ‫ضد قرارات السلطة‪ ,‬ورفع شعارات معادية لها ومنددة باحلروب‬ ‫التي تخوضها القوات األمريكية في مناطق ودول عديدة‪ ,‬وكان‬ ‫لتجاهل هذه املظاهرات واالعتصامات أثر سيئ على الناخبني‬ ‫األمريكيني‪ ,‬إذ ارتفع عدد املمتنعني عن التصويت في االنتخابات‬ ‫الرئاسية‪ ,‬واظهر زعامات معارضة في عدد كبير من الواليات‪.‬‬ ‫لعل وص��ول «ب ��اراك أوب��ام��ا» عالمة ف��ارق��ة م��ن ع�لام��ات الوهن‬ ‫األمريكي‪!..‬‬ ‫جاءت الوعود التي أطلقها « أوباما» فترة ترشحه وشعار التغيير‬ ‫الذي رفعه كاستجابة ضمنية ملطالب الشعب األمريكي‪ ,‬واالنكفاءة‬ ‫ال �ت��ي أح��دث �ه��ا «أوب ��ام ��ا» ف��ي ال�س�ي��اس��ات األم��ري�ك�ي��ة ال��داخ�ل�ي��ة‬ ‫واخلارجية‪ ,‬وتضاده الكلي مع نهج سلفه «ج��ورج دبليو بوش» ‪,‬‬ ‫متثالن تراجع عن اخلطوات والقرارات األمريكية التي اتخذتها‬ ‫إدارة «بوش»‪ ,‬ولعل تركيزه على الوضع الداخلي وإطالقه ملشروع‬ ‫«أوباما كير»‪ ,‬يشكل حتوراً مبدئياً في السياسة األمريكية‪ ,‬رغم‬ ‫املعارضة الشديدة التي تواجهه وتعرقل مشروعه‪ ,‬ال��ذي يبدو‬ ‫وكأنه ثق ٌل إضافي يوضع على كاهل احلكومة األمريكية‪ ,‬ويزيد‬ ‫من نفقاتها الداخلية ويؤثر سلباً على قطاع الصحة اخلاص في‬ ‫كامل الواليات األمريكية‪ ,‬كما يشكل التزاماً جديداً للمواطنني‬ ‫األمريكيني‪ ,‬ويلزم األصحاء بتعويض النفقات الكبيرة التي يكلفها‬ ‫ع�لاج امل�ص��اب�ين مبشاكل وأم ��راض صحية خطيرة أو مكلفة‪,‬‬


‫تنومي الفقر عملية محكومة بالفشل‬ ‫بينهما ح��د ال�ت�ع��ارض‪ ,‬وحت��ول‬ ‫وي �ب �ع��ث ع �ل��ى ت ��دن ��ي وت ��راج ��ع‬ ‫ال �ص��راع ال�س�ي��اس��ي ف��ي بعض‬ ‫م �س �ت��وى ال �ت��أم �ي �ن��ات الصحية‬ ‫أوج �ه��ه إل��ي ص ��راع اقتصادي‬ ‫نتيجة القيود اإلضافية التي‬ ‫ع��ن��ي��ف‪ ,‬ي �ع �م��ل ع��ل��ى ت �ب��دي��د‬ ‫وضعها على ش��رك��ات‬ ‫التأمني جتاهل املظاهرات واالعتصامات رفع عدد املمتنعني‬ ‫ال� � �ث � ��روات واس� �ت� �ث� �م ��ار ح��ال��ة‬ ‫وامل �س �ت �ش �ف �ي��ات‪ ,‬األم� ��ر ال��ذي‬ ‫املواطن في حتقيق الضغوطات‬ ‫دف��ع ب�ع��ض ف�ئ��ات األمريكيني‬ ‫عن التصويت في االنتخابات الرئاسية‬ ‫السياسية على اخل�ص��م‪ ,‬مما‬ ‫إلي معارضته‪,‬بأساليب عديدة‬ ‫سيحمل املواطنني األمريكيني‬ ‫اظ �ه��ر بعضها ع�ن�ص��ري��ة ضد‬ ‫السود‪ ,‬سرعان ما تلقفها بعض بات غرض حروب أمريكا حتقيق دخل إضافي للحكومة ع �ل��ى االن� �ف�ل�ات م ��ن س�ي�ط��رة‬ ‫الالعبني السياسيني وإح��داث‬ ‫املتطرفني وأحدثوا اضطرابات‬ ‫لتغطية جزءٍ من تكاليف وزارة الدفاع ووكاالتها‬ ‫ت �غ �ي �ي��ر ك� �ل ��ي ي� �ه���دم ق ��واع ��د‬ ‫تهدد بانفجار موجات عنف‪ ,‬أو‬ ‫السياسة األم��ري�ك�ي��ة‪ ,‬ويعطل‬ ‫حدوث انقسام ومواجهات بني‬ ‫س�ل�ط��ات�ه��ا ب�ش�ك��ل ك��ام��ل‪ ,‬وق��د‬ ‫البيض والسود في الواليات ‪!..‬‬ ‫ي �ن��دل��ع ح� ��راك ع��رق��ي وي��دف��ع‬ ‫ت� �ض ��اءل ��ت ال� �ق���وة ال �ع �س �ك��ري��ة‬ ‫باجتاه استقالل بعض الواليات عن احلكومة الفيدرالية وتأسيس‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة‪ ,‬وب ��ات غ��رض ح��روب�ه��ا حتقيق أرب ��اح م��ادي��ة ودخ��ل‬ ‫دول مستقلة‪ .‬الوعي واحلراك املضاد للسياسات األمريكية في‬ ‫إضافي للحكومة‪ ,‬لتغطية جزء من تكاليف وزارة الدفاع األمريكية‬ ‫جميع أحوالها وبداخل أمريكا وخارجها ال يستهان به‪ ,‬وتناقص‬ ‫ووكاالتها‪ ,‬واتخذت إدارة «أوباما» عدة تدابير وإجراءات للتخفيف‬ ‫الثقة بالساسة األمريكيني وباحلكومة واملؤسسات األمريكية أزمة‬ ‫من أعباء الهيمنة‪ ,‬وتخلت إدارتها لألحداث في مناطق النزاع‬ ‫تتعاظم بأمريكا كل يوم ‪ ,‬وتعمل على حصر احلكومة في زاوية‬ ‫مفسحة امل�ج��ال لشركائها األوروب �ي�ي�ن‪ ,‬مم��ا أث��ر على املصالح‬ ‫ضيقة وحتت تهديد الثورة الشعبية أو التمرد العسكري‪ ,‬فالسيطرة‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة وأح� ��دث ش��روخ �اً وت �ص��دع��ات عميقة ب�ين أمريكا‬ ‫العسكرية على السلطة لم تعد محبذة بالنسبة لغالبية األمريكيني‪,‬‬ ‫وحلفائها‪ ,‬وشروخاً وتصدعات أخ��رى داخ��ل اإلدارة األمريكية‬ ‫كما أن القوة العظمى التي حتاول احلكومة األمريكية تصويرها‬ ‫وتوترات مع إسرائيل‪ ,‬بسبب بعض السياسات التصاحلية التي‬ ‫باألذهان ‪ ,‬لم تعد مقنعة لألمريكيني وغيرهم مبختلف أصقاع‬ ‫اتخذتها أمريكا في منطقة الشرق األوس��ط‪ ,‬خصوصا باجتاه‬ ‫إي��ران وبشأن ملفها النووي الذي تعده إسرائيل سالحاً موجهاً‬ ‫العالم ‪ ,‬ومعايير القوة اختلفت بعد التطور التكنولوجي وظهور‬ ‫الصني كمنافس قوي في الصناعات التكنولوجية احلديثة‪ ,‬وميثل‬ ‫إليها‪ ,‬وتهديداً ال ميكنها قبوله في منطقة الشرق األوسط‪ ,‬وترى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النمو امللحوظ في االقتصاد الروسي تهديدا جديدا ألمريكا‪ ,‬قد‬ ‫أنه بداية السيطرة اإليرانية على املنطقة‪!.‬‬ ‫يجبرها على خوض معركة جديدة ليست لها قدرة على حتمل‬ ‫العديد من الساسة واملفكرين توقعوا انهيار أمريكا خالل عقد من‬ ‫تكاليفها‪ !..‬انهيار الواليات املتحدة األمريكية لم يعد مجرد توقع‪,‬‬ ‫الزمان‪ ,‬ووضعوا النهيارها سيناريوهات متباينة ومختلفة‪ ,‬واتفق‬ ‫بل ص��ار حقيقة حت��دث اآلن‪ !..‬تبعات االنهيار ستكون قاسية‬ ‫اغلبهم على أن االنهيار السلمي الذي عايشه االحتاد السوفيتي‬ ‫على العالم من الناحية االقتصادية‪ ,‬وغياب قوة بديلة سيحدث‬ ‫في مطلع تسعينيات القرن املاضي ‪ ,‬لن يتكرر مع الواليات املتحدة‬ ‫تغييرات كبيرة في اخلارطة السياسية للعالم‪ ,‬كما سيؤدي إلي‬ ‫األمريكية ألسباب عديدة‪ ,‬إذ تشكل ترسانتها النووية وأساطيلها‬ ‫ظهور منط جديد من احلضارة‪ ,‬يعزف عن املادة ويبتكر جوهر‬ ‫البحرية أكبر وأه��م دواف��ع توقع العنف أو النزاع داخلها‪ ,‬وتعد‬ ‫آخ��ر بديل ‪ ,‬بطريقة قد ت��وازي أو تطابق التوقعات العلمية أو‬ ‫االنقسامات السياسية احلادة بني اجلمهوريني والدميقراطيني‬ ‫تفوقها‪ ,‬فاملستقبل اإلنساني يكتنفه الغموض وتغطيه الغمام‪!..‬‬ ‫مبتدأ النزاع‪ ,‬بعدما وصلت اخلالفات واالختالفات السياسية‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫بعناق‬ ‫‪..‬ويمينها مشغولة‬ ‫ِ‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫«سعيد بن حميد الكاتب»‪ ،‬عامل اخلراج بالرقة لدى العباسيني‪،‬‬ ‫يتأهب للسفر فيودع جاريته املمفضلة «شفيع»‪ ،‬وأثناء ال��وداع‬ ‫كان يضحك ليزيل عنها وجع الرحيل اجلارف‪ ،‬وكانت تبكي من‬ ‫ماتعانيه من ألم الفراق الطويل‪.‬‬ ‫أثناء ذلك‪ ،‬أنشد «سعيد» بيتني من الشعر‪ ،‬نكاد ننشدهما اآلن‬ ‫ونحن نعاني من مانعانيه‪ ،‬غير أن عصر اجلواري لم يعد حاضراً‬ ‫اآلن ‪:‬‬ ‫(( ودعتها والدمع يقط ُر بيننا‪ ..‬وكذلك كل مودع بفراق‬ ‫الدموع شمالها‪ ..‬وميينها مشغولة بعناق‪)).‬‬ ‫ُشغلت بتنشيف‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ولكن‪ ،‬ملاذا أشغل وقتكم الثمني بحكاية قدمية عن فراق قدمي؟‬ ‫ٍ‬ ‫جارية انشغل شمالها بكفكفة الدموع‪ ،‬وميينها بالعناق؟‬ ‫وعن‬ ‫إنه التشظي بني موقفني‪ ،‬وهو فعل املراوحة بني اجتاهٍ وخالفه‪،‬‬ ‫وهو االرتباك بني النقيض ونقيضه‪ ،‬وهو أيضاً ذلك التزاحم بني‬ ‫لسانني والفم واحد‪.‬‬ ‫هو هكذا‪ ،‬مشهد دول��ي غريب‪ ،‬رمبا لم يشهده العالم من قبل‪،‬‬ ‫بحيث يستطيع ه��واة التنبؤ أن يصنفوه بارتياح ضمن عالمات‬ ‫نهاية العالم التي تتحدث عنها الكتب‪.‬‬ ‫س��وف أغ��ادر اآلن مشهد اجل��اري��ة احلسناء وعاشقها امل�غ��ادر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مشهد أكبر ينشغل بنفس املعنى وتفاصيله أيضاً‪،‬‬ ‫لنتمعن معاً في‬ ‫الشمال مشغولة بتنشيف الدموع‪ ،‬واليمني بالعناق‪.‬‬ ‫في أقصى الشرق‪ ،‬ثمة دب روسي عتيد‪ ،‬خبي ٌر في بيان املتاهات‬ ‫�وي ف��ي ذراع �ي��ه‪ ،‬ضعيف ف��ي معدته‪ ،‬تنشغل شماله‬ ‫احمل�ي��رة‪ ،‬ق� ّ‬ ‫بالغرب الذي يتربص به من مطلع الدهر إلى مغيبه‪ ،‬بينما تنشغل‬ ‫ميينه بحديقته اخللفية الثمينة‪ ،‬أوكرانيا وما أدراك ما أوكرانيا‪،‬‬ ‫حيث القرم‪،‬ومملكة الغاز الكبيرة‪ ،‬وقنبلة األقليات املوقوتة‪ ،‬وهمزة‬ ‫الوصل أو القطع مع أوروبا املتربصة على الدوام‪.‬‬ ‫روسيا إذن تعانق بيد‪ ،‬ومتسح الدمع بيد‪ ،‬هناك‪ ،‬في سوريا‪،‬‬ ‫حيث معضلة األسد وخط التماس املتأجج مع التطرف املدجج‬ ‫بالسالح‪ ،‬وسؤال التقسيم الذي ال ينتهي‪.‬‬ ‫على أن التشظي ليس حكراً على الروس فقط‪ ،‬إنه يطال أيضاً‬ ‫خصومهم األل��داء‪ ،‬حيث أمريكا أوباما املترددة املرتبكة‪ ،‬ولكن‪،‬‬

‫القوية أيضاً‪ ،‬إذ أن ضعف شخصية أوباما لم يطغ بعد على قوة‬ ‫الساعد األميركي ال��ذي أسسته الهياكل املتينة الراسخة تقنياً‬ ‫وإدارياً وسياسياً أيضاً‪ ،‬إن ارتباك الرئيس في النظم الغربية ال‬ ‫يدمر الدولة‪ ،‬ألن الرئيس عندهم مجرد موظف عام ينفذ أوامر‬ ‫منظومة كبرى ال تسقط بسقوطه في أغلب األحيان‪.‬‬ ‫أمريكا تفعل ما تفعله جارية « سعيد الكاتب»‪ ،‬إنها تفاوض إيران‬ ‫وتبيع لها ملفها النووي مقابل بعض امل��رح في العراق وسوريا‪،‬‬ ‫وتتابع أحداث سوريا وتتدخل في العراق‪ ،‬وتلتقط قادة التطرف‬ ‫املهمني مبلقط العمليات اخلاصة‪ ،‬أو تقتلهم بقناص الطائرات‬ ‫بدون طيار‪ ،‬هذا في الشرق‪ ،‬اما في الغرب‪ ،‬فهي تناوش الروس‬ ‫في حديقتهم اخللفية‪ ،‬وتقايضهم بالغاز ومبجاميع االنفصاليني‪،‬‬ ‫بينما تلتفت من جديد بقلق بالغ إلى عدم ثقتها باالحتاد األوربي‬ ‫الذي تغازله الصني كلما سنحت لها الظروف‪.‬‬ ‫أورويا ليست مبنأى عن هذه االزدواجية‪ ،‬إنها تتوجس خيف ًة من‬ ‫التطرف‪ ،‬وتعاني كل مرة جرحاً جديداً يضرب أمنها الداخلي‪،‬‬ ‫وتعيش طيلة الوقت بني نارين‪ ،‬أما مواطن أوروب��ي يهاجر إلى‬ ‫ال �ش��رق ليتطرف ومي ��وت ه �ن��اك‪ ،‬وأم ��ا ن�ف��س امل��واط��ن‪ ،‬يهاجر‬ ‫ويتطرف لكنه ال ميوت‪ ،‬بل يرجع مدججاً بالكراهية لكل ما هو‬ ‫غربي‪ ،‬مستعداً لتفجير نفسه في أول مبنى يعج بالناس ليضرب‬ ‫منظومة األمن القومي في مقتل‪.‬‬ ‫إن أوريا تصنع لنا السم كالعادة‪ ،‬لكنها أصبحت تتذوقه بني احلني‬ ‫واآلخر‪ ،‬وهذا ما يقلقها اآلن‪.‬‬ ‫في الشرق‪ ،‬ثمة عشرات اجلواري يعانقن بيد وميسحن الدموع‬ ‫بيد‪ ،‬هناك العراق ال��ذي يتشظى شيعة وسنة وأك��راد‪ ،‬ويركض‬ ‫بني اجلبهات‪ ،‬حيث يتوزع والء الشيعة بني شيعة ينتمون الى‬ ‫العراق وآخرون تدفع بهم عقيدتهم إلى أحضان ايران‪ ،‬وبني سنة‬ ‫ينتهجون الوسطية ويتمسكون بها‪ ،‬وآخ��رون ميسكون بالتطرف‬ ‫س�لاح�اً ي�ف�ج��رون ب��ه اجل�م�ي��ع‪ ،‬وب�ين أك ��راد يجمعهم االح�س��اس‬ ‫باخلطر فيدافعون عن أراضيهم ويحاولون أن يكسبوا كل يوم ثقة‬ ‫العالم اخلارجي بوحدة صفوفهم عوضاً عن متزق العرب الذي‬ ‫اعتاد عليه اجلميع‪.‬‬


‫في سوريا يبدو املشهد مخيفاً بالفعل‪ ،‬لم يعد أحد يحصي أعداد‬ ‫الضحايا اآلن‪ ،‬فقد أصبح األمر حرباً آلية يخوضها رجال آليون‪،‬‬ ‫وس��وق�اً يزدحم باملضاربني من كل وط��ن‪ ،‬وف��ي أثناء ذل��ك يبدو‬ ‫اجليش السوري لغزاً يجنح نحو اخليال‪ ،‬وسؤاالً يحتاج إلى إجابة‪،‬‬ ‫كيف لم يتمزق بعد هذا اجليش الذي يتناوشه الرصاص من كل‬ ‫جانب؟ وأي آلية استطاعت حمايته من عوامل التعرية اجلبارة‬ ‫التي حتيط به منذ سنوات خمس عجاف؟‬ ‫يحدث هذا وسط غياب مفاجيء للدور السياسي الذي مارسته‬ ‫لفترة شخصيات املعارضة السورية ف��ي اخل ��ارج‪ ،‬فجأة أطفأ‬ ‫اجلميع أن��وار غرفهم وخلدوا إل��ى النوم العميق تاركني أجساد‬ ‫النازحني للرصاص‪ ،‬وكرامتهم للمذلة‪ ،‬وبطونهم للجوع‪.‬‬ ‫في الداخل ثمة فوضى قتال عارمة‪ ،‬أكثر من ‪ 500‬فصيل وكتيبة‪،‬‬ ‫ت�ت��وزع ال ��والءات ب�ين إسالميني ومستقلني‪ ،‬وب�ين أع��داء األم��س‬ ‫وأصدقاء اليوم‪ ،‬وبني حواجز ولواءات‪ ،‬وبني كر وفر‪ ،‬وبني سقوط‬ ‫مدينة وقصف أحياء‪.‬‬ ‫ال شيء يبدأ أو ينتهي في اجلبهة السورية‪ ،‬سوى التدخل األجنبي‬ ‫الذي يبدأ كل يوم من جديد‪.‬‬ ‫في مصر وتونس‪ ،‬ثمة يد يبني الدولة‪ ،‬ويد أخرى حتاول هدمها‪،‬‬ ‫هناك مشروع استقرار يتأسس‪ ،‬يقابله مشروع تطرف يريد أن‬ ‫يقيم دولته‪ ،‬وال يعترف بغيره‪ ،‬وال يفاوض وال يجادل في األمر‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬يتعانق اجلميع‪ ،‬ويبكي اجلميع‪ ،‬ويضحك اجلميع أيضاً‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬ساسة بال جتربة يخوضون غمار لعبة سياسية‪ ،‬وقامات‬ ‫قصيرة تناوش مشروعاً سياسياً شاهق االرتفاع‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬أوروب��ا تخذل أنصارها‪ ،‬وجتهل أنها ستدفع بعد حني‬ ‫ثمن ه��ذا اخل ��ذالن‪ ،‬وف��ي ليبيا أمريكا تختار احلليف اخلطأ‪،‬‬ ‫وستدرك بعد حني أنها أسلمت قيادها لرئيس مهزوز يعاني من‬ ‫عقدة اسمها « بلد املنشأ «‪ ،‬فما أنتجته « كينيا «‪ ،‬ال ميكن له أن‬ ‫يحكم « أمريكا «‪ ،‬ولو حتصل على كل ما في العالم من أصوات‬ ‫الناخبني‪.‬‬ ‫في ليبيا‪ ،‬صراع بني فرقاء‪ ،‬سيحتم عليهم األمر الواقع أن يتحدوا‬ ‫أكلت‬ ‫في نهاية املطاف‪ ،‬قبل أن ينطبق عليهم ذلك املثل القدمي ‪:‬‬ ‫ُ‬

‫يوم أكل الثور األبيض‪.‬‬ ‫في السودان‪ ،‬ثمة يد في اجلنوب‪ ،‬حيث تضع اسرائيل أيديها‪،‬‬ ‫ويد أخرى في الشمال‪،‬حيث سوء إدارة كل شيء‪ ،‬وحيث «عصا‬ ‫البشير» تريد أن تتحول إل��ى «عصا م��وس��ى»‪ ،‬لكن األن�ب�ي��اء ال‬ ‫يتبرعون بعصيهم إلى أحد ياسيادة الرئيس املنتخب على الدوام‪.‬‬ ‫في اليمن‪ ،‬ثمة إيران تتواجد‪ ،‬تصنع من عجينة « اليمن السعيد‬ ‫«‪ ،‬وصفة تعاسة فائقة اجلودة للجار السعودي اللدود‪ ،‬وتخلق من‬ ‫احلوثيني أعداء ألنفسهم قبل حتى أن يكونوا أعدا ًء لغيرهم‪.‬‬ ‫في اليمن ال سعادة في األم��ر‪ ،‬كل ماهناك دم��ار وأبنية تهدم‬ ‫وتطرف ينام ملء جفنيه بينما ميوت املئات في جبهة قتال عبثية‬ ‫ال طائل من وراءها‪.‬‬ ‫هذا هو املشهد‪ ،‬ال أحد ينجو من التشظي‪ ،‬وال أحد يسمو فوق‬ ‫أن يتشتت كل شيء فيه بني حل وآخر‪ ،‬وبني موقف ونقيضه‪ ،‬وبني‬ ‫يوم ويوم آخر مختلف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مشهد مريع‪ ،‬عواصفه مميتة‪ ،‬ودهاليزه بال حدود‪ ،‬ومتاهته بال‬ ‫بصيص نور‪ .‬سوى األمل في رحمة الله‪.‬‬ ‫وكأننا نرى اآلن جارية « سعيد الكاتب» القدمية‪ ،‬وكأننا نسمعه‬ ‫يصف لنا ما حدث في تلك اللحظة املشحونة منذ أيام بني العباس‬ ‫اآلفلة‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال وبلغة عربية متينة السبك ‪:‬‬ ‫(( ودعتها والدمع يقط ُر بيننا‪ ..‬وكذلك كل مودع بقراق‬ ‫الدموع شمالها‪ ..‬وميينها مشغولة بعناق‪)).‬‬ ‫ُشغلت بتنشيف‬ ‫ِ‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫«فاطميون» مواقعه السابقة؟‬ ‫هل يستعيد لواء‬ ‫ّ‬

‫تحوالت المشهد الميــــــ‬


‫إعداد‪ :‬وحدة حتليل السياسات‬ ‫تعرضت لها فصائل املعارضة‬ ‫نكسات‬ ‫بعد سلسلة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عسكرية ّ‬ ‫ال��س��وري��ة املسلحة على ام��ت��داد ع��ام ‪ ،2014‬متكنت خالل‬ ‫الشهور اخلمسة األول���ى م��ن ع��ام ‪ 2015‬م��ن تغيير الوضع‬ ‫امليداني ملصلحتها؛ إذ بدأت مواقع النظام السوري تتهاوى‬ ‫على أكثر من جبهة‪ ،‬كما بدأت تظهر على قواته مالمح التعب‬ ‫واإلجهاد‪ ،‬وغدت عاجزة عن وقف تقدم تلك الفصائل في‬ ‫أكثر املناطق أهمية وحساسية بالنسبة للنظام‪.‬‬

‫احلرب األهلية أدت إلى أكبر نزوح جماعي في العصر احلديث‬

‫يعزى انهيار قوات النظام السوري أمام هجمات قوات املعارضة‬ ‫املسلحة في أكثر من مكان على امتداد اجلغرافيا السور ّية بشكل‬ ‫رئيس إلى زيادة مستوى التنسيق بني هذه الفصائل وإنشاء غرف‬ ‫عمليات مشتركة لقيادة العمل العسكري على األرض‪.‬‬ ‫ففي حلب‪ ،‬مثلاً ‪ ،‬تش ّكلت اجلبهة الشامية في أواخر العام املاضي‬ ‫نتيجة اندماج أهم الفصائل العاملة في املنطقة الشمالية‪ ،‬مثل‬ ‫اجلبهة اإلسالمية وجيش املجاهدين وح��رك��ة ن��ور ال��دي��ن زنكي‬ ‫وغيرها‪ .‬وأدى هذا االندماج إلى تراجع اخلطر الذي مثله تق ّدم‬ ‫قوات النظام وحلفائه في ريف حلب الشمالي‪ ،‬واقترابه من قطع‬ ‫«طريق الكاستيلو»؛ شريان اإلمداد الوحيد لفصائل املعارضة في‬ ‫اجلزء الشرقي من حلب‪ .‬وجنحت اجلبهة الشامية‪ ،‬خالل أسابيع‬ ‫قليلة من تشكيلها‪ ،‬في استعادة جميع املناطق التي خسرتها أمام‬ ‫قوات النظام وامليليشيات املساندة له خالل عام ‪.2014‬‬ ‫أما داخل مدينة حلب‪ ،‬فقد جنحت فصائل جهادية (جبهة النصرة‬ ‫وجبهة أنصار الدين) وعناصر من اجلبهة الشامية في منتصف‬ ‫أبريل ‪ 2015‬في خرق خط الدفاع األخير للنظام غرب املدينة‬ ‫عبر اقتحام مبنى املخابرات اجلوية واملباني العسكرية احمليطة به‪.‬‬ ‫وفي اجلنوب‪ ،‬استطاعت قوات اجلبهة اجلنوبية – وهي ائتالف‬ ‫عريض مك ّون من نحو خمسني فصيل ومليشيا مسلحة – من‬ ‫حتويل النصر العسكري ال��ذي حقّقه ل��واء «فاطميون» (وه��و لواء‬ ‫مقاتل‪ ،‬أُعلن عن تشكيله مع بداية معركة تل العدس‪ ،‬ويضم عناصر‬ ‫من احلرس الثوري‪ ،‬ومقاتلني أفغان‪ ،‬ولبنانني‪ ،‬وعراقيني)‪ ،‬وقوات‬ ‫من حزب الله مدعومة بإسناد مدفعي وج��وي من جيش النظام‬ ‫السوري (‪ 10‬فبراير ‪ )2015‬في محور تل عدس – تل املصيح‬ ‫– الناجي إلى هزائم متتالية‪ ،‬باعتمادها تكتيك حرب العصابات‪.‬‬

‫ــــــــــــــــداني في سوريا‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫وم ّثلت سيطرة املعارضة على مدينة بصرى الشام في ‪ 25‬مارس‬ ‫‪ 2015‬ضرب ًة موجع ًة أخرى للنظام وحلفائه نظ ًرا ألهمية املدينة‬ ‫بوصفها حلقة الوصل بني محافظتي درع��ا والسويداء‪ ،‬ومركز‬ ‫عمليات حزب الله في حوران‪ .‬ولم متض أيام قليلة على االختراق‬ ‫النوعي السابق‪ ،‬حتى باغتت فصائل املعارضة قوات النظام في‬ ‫معبر نصيب؛ لتسيطر بذلك (‪ 1‬أبريل ‪ )2015‬على آخر معابر‬ ‫النظام احلدودية مع األردن‪.‬‬ ‫وبينما كانت مواقع النظام تتهاوى في حلب واملنطقة اجلنوبية‪،‬‬ ‫كانت التحضيرات ملعركة إدلب قد اكتملت بعد جناح جبهة النصرة‬ ‫وأح��رار الشام أواخر العام املاضي في السيطرة على معسكري‬ ‫وادي الضيف واحلامدية‪ ،‬أكبر معسكرات النظام في محافظة‬ ‫إدلب‪ ،‬وإطباق احلصار بشكل تام على مطار أبو الظهور العسكري‪،‬‬ ‫وهو آخر املطارات العسكرية املتبقية للنظام في احملافظة؛ ما‬ ‫سمح بإطالق عملية حترير محافظة إدل��ب بشكل كامل‪ .‬وقد‬ ‫ساعد تشكيل جيش الفتح في ‪ 24‬م��ارس ‪ ،2015‬وال��ذي ض ّم‬ ‫فصائل إسالمية وثورية عديدة على رأسها أحرار الشام وجبهة‬ ‫النصرة وفيلق الشام وغيرها‪ ،‬في االستيالء على مدينة إدلب في‬ ‫مطلع أبريل املاضي؛ لتبدأ بعدها معارك السيطرة على ما تبقّى‬ ‫من مدن احملافظة‪ ،‬ابتدا ًء بجسر الشغور وانتها ًء بأريحا‪.‬‬ ‫وع�ل��ى وق��ع ه��ذه اإلجن� ��ازات‪ ،‬أع ��ادت فصائل امل�ع��ارض��ة إشعال‬ ‫اجليش السوري‬

‫جبهات هادئة من جديد؛ فبدأ مقاتلو جيش اإلس�لام في ريف‬ ‫دمشق معرك ًة استهدفت اللواء ‪ 39‬في الغوطة الشرقية‪ ،‬وجنحوا‬ ‫شن مقاتلو أح��رار الشام هجو ًما‬ ‫في إطباق احلصار عليه‪ ،‬كما ّ‬ ‫مفاج ًئا على قوات النظام في ريف حلب اجلنوبي‪ ،‬وسيطروا على‬ ‫عدة قرى محاذية ألوتوستراد حلب ‪ -‬خناصر‪ ،‬والذي يعد طريق‬ ‫اإلمداد الوحيد ملناطق سيطرة النظام في اجلزء الغربي من مدينة‬ ‫حلب‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬استغ ّل تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق‬ ‫والشام «داع��ش» فرصة انشغال ق��وات النظام بالتصدي لتق ّدم‬ ‫ق��وات املعارضة على أكثر من جبهة‪ ،‬وانهيار معنويات جنوده‪،‬‬ ‫للتم ّدد في البادية السورية؛ فدخل مدينة تدمر في ‪ 20‬مايو‬ ‫‪ 2015‬ليقطع اإلمداد نهائ ًيا عن قوات النظام املتمركزة في مدينة‬ ‫وليهدد مدينتي حمص وحماة من‬ ‫دير الزور ومطارها العسكري‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫جهة البادية‪.‬‬ ‫واقع عسكري وسياسي جديد‬ ‫ل��ن ت��ؤدي االن �ت �ص��ارات األخ �ي��رة للمعارضة املسلحة إل��ى حسم‬ ‫ال �ص��راع م��ع ال�ن�ظ��ام‪ .‬وم��ع ذل��ك‪ ،‬فقد ف��رض��ت واق � ًع��ا عسكر ًيا‬ ‫وسياس ًيا جديدًا؛ فللمرة األولى منذ بداية الصراع يظهر النظام‬ ‫�وري مستنز ًفا‪ ،‬وف��ي موقع ال��دف��اع عن بقائه ووج ��وده‪ ،‬كما‬ ‫ال�س� ّ‬ ‫بدا هذه املرة عاجزًا عن إقناع أنصاره وحلفائه بإمكانية حسم‬


‫نساء وأطفال سوريا هم األكثر معاناة من احلرب األهلية‬

‫متسك النظام بتحقيق احلسم العسكري‬ ‫املعركة ملصلحته‪ .‬فلطاملا ّ‬ ‫ً‬ ‫حل لألزمة‪.‬‬ ‫الشامل‪ ،‬وع ّده‬ ‫شرطا الز ًما للبدء باحلديث عن أي ٍ‬ ‫تدخل‬ ‫لقد ج��اءت مكاسبه العسكرية خ�لال ع��ام ‪ ،2014‬م��ع ّ‬ ‫مباشر ملساعدته‪ ،‬وتراجع الدعم اإلقليمي والدولي‬ ‫بشكل‬ ‫حلفائه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫للمعارضة‪ ،‬وتركيز الغرب على مواجهة تنظيم الدولة واجلماعات‬ ‫اجلهادية ب�دلاً من حل األزم��ة‪ ،‬لتعزّز اقتناعه بإمكانية حتقيق‬ ‫لكن التطورات األخيرة دحضت هذا اخلطاب‪ ،‬وب ّينت أنه‬ ‫النصر‪ّ .‬‬ ‫بعيد عن الواقع‪ ،‬وأظهرت مدى اإلنهاك الذي أصاب قوات النظام‬ ‫بعد أربع سنوات من املواجهات‪،‬‬ ‫كما كشفت اعتماده املفرط على‬ ‫امليليشيات األجنبية‪.‬‬ ‫وف� �ض�ًل�اً ع ��ن ذل� ��ك‪ ،‬ت��راف �ق��ت‬ ‫االن��ت��ك��اس��ات ال �ع �س �ك��ري��ة مع‬ ‫ت ��ده ��ور ال ��وض ��ع االق �ت �ص��ادي‬ ‫ال � � ��ذي مت� � ّث���ل ف� ��ي ال� �ت ��ده ��ور‬ ‫الكبير في سعر ص��رف الليرة‬ ‫السور ّية أمام الدوالر األميركي‬ ‫وعجز البنك املركزي عن فعل‬ ‫ش� ��يءٍ إزاء ذل ��ك ع �ل��ى ال��رغ��م‬ ‫م��ن اس �ت �م��رار عمليات الضخ‬ ‫األس �ب��وع �ي��ة ل�ل�ع�م�ل��ة الصعبة‬ ‫ف��ي األس � ��واق أم�ًل�اً ف��ي وق��ف‬ ‫ت ��ده ��ور س �ع��ر ال� �ص ��رف‪ .‬كما‬ ‫تصاعد هروب رؤوس األموال‬ ‫والتجار واملستثمرين إلى خارج‬ ‫ال �ب�لاد‪ .‬وب ��رزت ف��ي األسابيع‬ ‫األخيرة مؤشرات على تنامي‬

‫اخلالفات داخل احللقة األمنية الضيقة للنظام بعد وفاة رئيس‬ ‫ٍ‬ ‫وعدد من القيادات العسكرية‬ ‫شعبة األمن السياسي رستم غزالي‬ ‫ف��ي ظ ��روف غ��ام�ض��ة‪ .‬كما ت�س��ود ح��ال��ة ت��رق� ٍ�ب وارت��ب� ٍ‬ ‫�اك ضمن‬ ‫حاضنة النظام خاصة في منطقة الساحل السوري وحمص بعد‬ ‫اقتراب فصائل املعارضة وتنظيم الدولة منها‪ .‬وكان الفتًا في هذا‬ ‫الصدد ظهور الرئيس بشار األسد نفسه مؤخ ًرا وسط مجموعة‬ ‫صغيرة من مؤيديه في محاولة لطمأنة قاعدة دعمه التي بدأت‬ ‫مجهول؛ إذ طالبهم باملساهمة في‬ ‫مصير‬ ‫تتململ وتتخوف من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫رفع معنويات جيشه‪ ،‬ومقاومة‬ ‫«امل � ��ؤام � ��رة ال ��دع ��ائ� �ي ��ة» ال �ت��ي‬ ‫تستهدف إح �ب��اط معنوياتهم‬ ‫والتشكيك بقدرة اجليش على‬ ‫ما أسماه «حسم احلرب»‪.‬‬ ‫أما على املستوى الدولي‪ ،‬فقد‬ ‫جنح النظام خالل العام املاضي‬ ‫في صرف االهتمام عن األزمة‬ ‫السور ّية وأسبابها احلقيقية‪،‬‬ ‫والتركيز على مكافحة التطرف‬ ‫واإلرهاب‪ ،‬وطرح نفسه شري ًكا‬ ‫ف ��ي م��واج �ه��ة ت�ن�ظ�ي��م ال��دول��ة‬ ‫واحلركات اجلهادية األخرى‪.‬‬ ‫كما أسهمت مقترحات املبعوث‬ ‫ال��دول��ي ستيفان دي مستورا‬ ‫ح ��ول «جت �م �ي��د» ال� �ص ��راع في‬ ‫مدينة حلب‪ ،‬وال�ت��روي��ج لفكرة‬ ‫تف ّرغ ق��وات النظام واملعارضة‬ ‫حمل��ارب��ة ت�ن�ظ�ي��م ال ��دول ��ة‪ ،‬في‬

‫الفصائل واملليشيات املسلحة رفعت مستوى‬ ‫التنسيق بينها بإنشاء غرف عمليات مشتركة‬ ‫لقيادة العمل العسكري على األرض‬

‫اجلبهة اإلسالمية وجيش املجاهدين وحركة نور‬ ‫توحدت في اجلبهة الشامية‬ ‫الدين زنكي وغيرها ّ‬ ‫أواخر العام املاضي‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫لن تؤدي االنتصارات األخيرة للمعارضة املسلحة إلى حسم الصراع مع النظام‪ ..‬ومع ذلك فقد‬ ‫جديدا في حرب االستنزاف ضد النظام‬ ‫واقعا عسكر ًيا وسياس ًيا ً‬ ‫فرضت ً‬ ‫يسرع ببدء العملية‬ ‫املعارضة السورية عجزت حتى اآلن عن أن تضع‬ ‫ً‬ ‫برنامجا سياس ًيا بدي ًال ّ‬ ‫االنتقالية القائمة على املشاركة‪ ..‬ويتضمن طمأنة العالم بشأن قدرة املعارضة على ضبط أي‬ ‫فوضى ميكن أن تنشأ عن رحيل النظام‬

‫صرف االنتباه عن عملية التسوية التي أقرها بيان جنيف لعام‬ ‫‪ .2012‬وب��رزت ف��ي ال�غ��رب‪ ،‬وال سيما بعد تفجيرات باريس‪،‬‬ ‫دعوات إلعادة تأهيل النظام دول ًيا‪ ،‬واعتماده شري ًكا في مواجهة‬ ‫ٍ‬ ‫معارضة سياسية متشرذمة‬ ‫التطرف‪ ،‬ب�دلاً من املراهنة على‬ ‫و»فصائل مسلحة معتدلة» ال ميكن االعتماد عليها في نظر‬ ‫من ير ّوج لالعتماد على النظام‪ ،‬وبخاصة بعد أن جرى دحرها‬ ‫بسهولة واالستيالء على مقراتها وعتادها من قبل جبهة النصرة‪.‬‬ ‫كما ثار جد ٌل كبي ٌر حول برامج تدريب املعارضة‪ ،‬وما إن كانت‬ ‫س�ت��ؤدي دو ًرا ناج ًعا ف��ي القضاء على تنظيم ال��دول��ة ف��ي ظل‬ ‫دهاء األسد ‪ ..‬إلى أين يقود سوريا ؟!‬

‫استمرار اخلالفات بني اإلدارة األميركية وبعض حلفائها في‬ ‫املنطقة عن الدور املنوط بهذه العناصر املدربة وآليات حمايتها‬ ‫لكن هزائم النظام في حلب‬ ‫من هجمات تنظيم الدولة أو النظام‪ّ .‬‬ ‫ودرع��ا وإدل��ب وتدمر‪ ،‬واستعداد املعارضة لالستفادة من هذا‬ ‫والتقدم في‬ ‫الزخم للقيام بهجمات باجتاه طرده كل ًيا من حلب‬ ‫ّ‬ ‫كبير في هذا املشهد‪.‬‬ ‫ريف حماة وسهل الغاب‪ ،‬أدى إلى‬ ‫تغيير ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وبسبب التدهور السريع في قدرات النظام العسكرية‪ ،‬واخلشية‬ ‫من استمرار تساقط مواقعه‪ ،‬سارعت الواليات املتحدة وروسيا‬ ‫إلى إحياء االتصاالت بينهما بخصوص األزم��ة السورية بعد‬ ‫انقطاع دام أكثر من سنة إثر فشل مؤمتر «جنيف ‪ »2‬واحتدام‬ ‫ٍ‬ ‫خالفاتهما ح��ول أوكرانيا‪ .‬كما ع��ادت روسيا‪ ،‬التي ما فتئت‬ ‫تشجع النظام السوري على احلسم العسكري وتساعده في‬ ‫ّ‬ ‫االل �ت �ف��اف ع�ل��ى م �ق��ررات «ج�ن�ي��ف ‪ ،»1‬للحديث ع��ن ض��رورة‬ ‫حل سياسي لألزمة‪ .‬وباملثل‪،‬‬ ‫إحياء مسار جنيف والتوصل إلى ٍ‬ ‫سارعت الواليات املتحدة للتح ّرك إلنقاذ النظام ومنع انهياره‬ ‫على ما تبقى له من األرض السورية‪ ،‬خشية حلول جماعات‬ ‫جهادية محله‪ ،‬ما أدى بوزير اخلارجية األميركي جون كيري‬ ‫إلى زيارة روسيا واالجتماع بالرئيس فالدميير بوتني للنظر في‬ ‫إحياء جهد التسوية‪.‬‬ ‫خامتة‬ ‫قضت االنتصارات األخيرة التي حققتها املعارضة املسلحة‬


‫صفوف داعش تواصل تراجعها‬

‫ٍ‬ ‫شريك دولي‬ ‫على ف��رص تعومي النظام السوري وحتويله إل��ى‬ ‫مقبول في محاربة تنظيم الدولة‪ ،‬كما قضت على أي إمكانية‬ ‫ٍ‬ ‫لقيام النظام بفرض تسوية وفق شروطه وشروط حلفائه‪ ،‬بعد‬ ‫أن أصبحت فكرة احلسم العسكري ج��ز ًءا من املاضي‪ .‬وفي‬ ‫ال��وق��ت ال ��ذي ي�ت�ج��دد اجلهد‬ ‫الدولي إلحياء عملية التسوية‬ ‫بعد القلق الذي أصاب حلفاء‬ ‫املعارضة قبل خصومها جتاه‬ ‫إم�ك��ان�ي��ة ان�ت�ص��اره��ا وس�ق��وط‬ ‫ال��ن��ظ��ام‪ ،‬ف��إن��ه ي �ت��ر ّت��ب على‬ ‫املعارضة السورية‪ ،‬السياسية‬ ‫�ج��ا‬ ‫حت��دي�� ًدا‪ ،‬أن ت�ض��ع ب��رن��ام� ً‬ ‫ي��ق��دم ب ��دي�ًل�اً س �ي��اس � ًي��ا ل �ك� ٍ�ل‬ ‫م��ن ال�ن�ظ��ام وتنظيم ال��دول��ة‪،‬‬ ‫وي�س� ّرع ببدء عملية انتقالية‬ ‫ق� ��ائ � �م� ��ة ع � �ل� ��ى امل�� �ش� ��ارك� ��ة‪،‬‬ ‫وي��ت��ض��م��ن‪ ،‬م���ن ب�ي�ن أش��ي��اء‬ ‫أخ ��رى‪ ،‬طمأنة ال�ع��ال��م بشأن‬ ‫ق ��درة امل �ع��ارض��ة ع�ل��ى ضبط‬ ‫أي فوضى ميكن أن تنشأ عن‬ ‫رح�ي��ل ال�ن�ظ��ام‪ ،‬واس�ت�ع��داده��ا‬ ‫ل� ��دم� ��ج ك � ��ل ق� � ��وى امل �ج �ت �م��ع‬

‫السوري في النظام التعددي القادم‪ ،‬واحلفاظ على مؤسسات‬ ‫الدولة السورية وسيادتها ووحدة أراضيها‪ ،‬ووضع البلد على‬ ‫طريق التح ّول الدميقراطي الذي يكفل حقو ًقا متساوية جلميع‬ ‫مواطنيه‪ ،‬بغض النظر ع��ن انتماءاتهم املذهبية أو الدينية‬ ‫أو ال �ع��رق �ي��ة‪ ،‬وال �ب��دء بعملية‬ ‫م� �ص ��احل ��ة وط� �ن� �ي ��ة ش��ام �ل��ة‪،‬‬ ‫تستوعب اجلميع‪ ،‬وم��ن دون‬ ‫أن تتهاون في حتقيق العدالة‬ ‫أو إع � ��ادة احل� �ق ��وق‪ .‬وال بد‬ ‫أن ت��أت��ي م��ك��ون��ات أي ح� ٍ�ل‬ ‫سياسي يحافظ على سورية‬ ‫ٍ‬ ‫تسوية تشارك في‬ ‫على شكل‬ ‫تقدمي ضمانات لتنفيذها دول‬ ‫عظمى مثل روسيا والواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وكذلك دول إقليمية‪.‬‬ ‫أم� ��ا ال� �ب ��دائ ��ل األخ � � ��رى م�ث��ل‬ ‫استمرار الصراع من دون نهاية‬ ‫واض�ح��ة‪ ،‬أو االنهيار املفاجئ‬ ‫ل �ل �ن �ظ��ام‪ ،‬ف�ل�ا ت �ض �م��ن ش �ي � ًئ��ا‬ ‫سوى استمرار الصراع األهلي‬ ‫واملعاناة وتوليد ردود فعل أكثر‬ ‫تطر ًفا‪.‬‬

‫النظام السوري جنح على املستوى الدولي في‬ ‫مكافحة التطرف واإلرهاب وطرح نفسه ً‬ ‫شريكا في‬ ‫مواجهة تنظيم الدولة واحلركات اجلهادية األخرى‬ ‫العالم قد يستعد الحتمال أخير وهو استمرار‬ ‫الصراع من دون نهاية واضحة واستمرار الصراع‬ ‫األهلي واملعاناة وتوليد ردود فعل أكثر ً‬ ‫تطرفا‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن (‪)9‬‬

‫عين على االنقالب‪..‬‬ ‫وعين على «اللحوح»‬ ‫براء الخطيب‬

‫تنتفخ بطون ليال القتل بأجنة السقوط‪ ،‬وتستعد أسواق‬ ‫الرقيق الستقبال مجد النخاسني برايات الغواية املدنسة‪،‬‬ ‫تلملم املدن أبناءها فيندفعون فوق الطريق املعبد بالهلع‪،‬‬ ‫فتسمع الدماء في العروق صدى صوت النار القادم من قلب‬ ‫أساطير العهد ال��ق��دمي‪ ،‬وم��ا بني الوجع والطيور املباغتة‬ ‫مسافات من األلم واملتعة متد خطواتها من عمق ذكريات‬ ‫خفية آتية من وحشة الفقراء وخ��وف املهانني؛ فتختفي‬ ‫األوجاع – مختبئة ‪ -‬في ثنايا الليالي البطيئة‪ ،‬خدعتها‬ ‫األح�لام ال��زرق��اء‪ ،‬فاسترخت األجساد وانتفخت األوداج‬ ‫ب���امل���رارة امل���احل���ة؛ واس��ت��ل��ق��ت األرواح حت��ت ج��ن��اح مالئكة‬ ‫الهذيان مخضبة بالغبار والعرق والدماء‪.‬‬

‫اآلن وأنا أكتب هذه الذكريات جتتاحني حالة داخلية كما لو كنت‬ ‫أتابع فيلما مصريا قدميا باألبيض واألسود‪ ،‬وأشعر بنفسي مجبرا‬ ‫على بعض احليل الفنية املستخدمة في تقنية كتابة السيناريو مثل‬ ‫العودة للوراء «الفالش باك» و»القطع» و»املزج»‪ ،‬ولذلك سوف أعود‬ ‫قليال إل��ى ال ��وراء «ف�لاش ب��اك» ملتابعة م��ا ذك��رن��اه سابقا‪ ،‬حيث‬ ‫البدايات األول��ى للثورة اليمنية عندما كان قرار تعيني «عبد الله‬ ‫السالل» قائداً للحرس امللكي من أول��ى ال�ق��رارات التي اتخذها‬ ‫اإلمام‪ ،‬وأدرك اليمنيون منذ البداية أنه يجب االعتماد على ضباط‬ ‫عسكريني للقيام باإلطاحة بحكم اإلمام ثم يُدعمون بالقبائل بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فإن العقل املدبر لالنقالب كان مدنياً‬ ‫وهو الدكتور «عبد الرحمن البيضاني» الذي كان يعتقد بضرورة‬ ‫وجود خمسة ركائز أساسية للقيام بثورة في اليمن وهي‪( :‬اجليش‬ ‫الذي سيقوم باالنقالب‪ ،‬وبناء ميناء «احلديدة» الستيراد األسلحة‬ ‫الثقيلة التي تختلف عن األسلحة املوجودة في أيدي القبائل‪ ،‬وإنشاء‬ ‫طريق بني «احلديدة» و»صنعاء» لضمان الوصول للعاصمة سريعاً‬ ‫حلمايتها‪ ،‬ودولة تساند الثورة‪ ،‬وإعالم قادر على التبشير مببادئ‬ ‫الثورة)‪ ،‬وفي سنة ‪ 1962‬كانت هناك نواة للجيش كما مت بناء ميناء‬ ‫«احلديدة» ُ‬ ‫وشق الطريق بني امليناء و»صنعاء» وبُنيت اإلذاعة في‬ ‫«صنعاء» وبقي فقط الدعم الدولي‪ ،‬ومت وضع خطة االنقالب في‬ ‫مدينة «جرمش» في «أملانيا» عندما أجتمع «البيضاني» و»عبد‬ ‫الغني مطهر»‪ ،‬ثم بعد ذلك سافر «البيضاني» إلى القاهرة لعرض‬ ‫اخلطة على املسؤولني املصريني هناك وك��ان من ضمنهم «أنور‬ ‫ال �س��ادات»‪« ،‬ص�لاح نصر» مدير املخابرات العامة ونائبه «علي‬ ‫سليمان» والرئيس املصري «جمال عبد الناصر»‪ ،‬وكان يصاحب‬ ‫طائرة بريطانية في خطوط عدن اجلوية‬


‫صعدة في األيام األولى النقالب السالل‬

‫بئر املاء حاليا‬

‫اللكمة حديثا‬

‫«البيضاني» في بعض هذه اللقاءات «محمد قائد سيف» الذي‬ ‫شارك في انقالب سنة ‪ ، 1948‬الذي قاده «عبد الله الوزير»‪ ،‬ورغم‬ ‫تردد «عبد الناصر» في بداية األمر‪ ،‬إال أنه وافق على دعم األحرار‬ ‫اليمنيني‪ ،‬وكانت خطة الثورة مقسمة على ثالثة خاليا‪ :‬األولى في‬ ‫«تعز» حيث يقيم «اإلم��ام أحمد» والثانية في العاصمة «صنعاء»‬ ‫والثالثة في «احلديدة» حيث يوجد امليناء‪ ،‬وكانت بداية اخلطة من‬ ‫«تعز» حيث يوجد ‪ 800‬جندي منهم ‪ 530‬مجندين لصالح األحرار‬ ‫وكان من ضمن قادة أفرع اجليش املجندين أيضاً قائد املدرعات‬ ‫وقائد املدفعية‪ ،‬وكانت تنقص خلية «تعز» بعض األسلحة فقام‬ ‫«عبد الغني مطهر» بنقلها لهم من «صنعاء»‪ ،‬وكانت على خلية «تعز»‬ ‫القيام باغتيال «اإلمام أحمد» داخل قصره‪ ،‬وهو ما حدث على يد‬ ‫«محمد العلفي» و»عبد الله اللقية»‪ ،‬وبعد أن تنتهي مهمة «تعز» تبدأ‬ ‫مهمة «صنعاء»‪ ،‬وكانت اخلطة تقتضي بأن يعلن قادة اخللية هناك‬ ‫إدانتهم لالنقالب ف��ي «ت�ع��ز» ث��م يستدركون «ال �ب��در» ول��ي العهد‬ ‫والشخصيات الهامة خ��ارج مقارهم للتخلص منهم أو التحفظ‬ ‫عليهم بدون مشقة القتال مع حرسهم اخلاص مستغلني صفاتهم‬ ‫الرسمية فعلى سبيل املثال كان «عبد الله السالل» قائد احلرس‬ ‫اإلم��ام��ي‪ .‬وك��ان��ت ح��ادث��ة اغ�ت�ي��ال «يحيى محمد ع�ب��اس» رئيس‬ ‫االستئناف خير مثال‪ ،‬وكان من ضمن مهام خلية «صنعاء» أيضاً‬ ‫احتالل اإلذاعة وكانت هذه املهمة بقيادة «العقيد حسن العمري»‬ ‫نائب وزي��ر املواصالت ومدير الالسلكي‪ ،‬وك��ان يجب عليهم إما‬ ‫احتاللها أو تدميرها ألنه كان يوجد هناك إذاعة أخرى في أسوان‪،‬‬ ‫ف��إذا بقت إذاع��ة «صنعاء» حتت سيطرة «امللكيني» أصبح هناك‬ ‫محطتني لإلذاعة‪ ،‬ثم تبدأ بعد ذلك مهمة احلديدة التي يقودها‬ ‫في سوق القات‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫األمير احلسن رئيس وزراء اإلمام‪ ،‬يتحدث مع رجال القبائل خارج كهفه‬

‫«العميد حمود اجليفي» وكان عليهم تأمني امليناء لوصول القوات‬ ‫املصرية‪ ،‬وعندما قتل «اإلمام أحمد» في ‪ 19‬سبتمبر عام ‪1962‬‬ ‫على أيدي الثوار‪ ،‬خلفه ابنه «اإلمام بدر»‪ ،‬وفي هذه األثناء تناقش‬ ‫ضباط اجليش إذا كان هذا هو الوقت املناسب للقيام باالنقالب أو‬ ‫االنتظار حتى عودة «األمير احلسن» من اخلارج للقبض عليهما‬ ‫معاً في وقت واحد‪ ،‬ولكن «العقيد عبد الله السالل» قرر التحرك‬ ‫وأمر بإعالن حالة التأهب القصوى في الكلية احلربية بصنعاء‬ ‫وفتح جميع مستودعات األسلحة وتوزيعها على كل الضباط الصغار‬ ‫واجلنود‪ ،‬وفي مساء ‪ 25‬سبتمبر‪ ،‬جمع «عبد الله السالل» القادة‬ ‫املعروفني في «احلركة القومية اليمنية» والضباط الذين تعاطفوا‬ ‫معها أو شاركوا في محاولة «انقالب الثاليا» عام ‪ .1955‬وكان كل‬ ‫ضابط وكل خلية بانتظار تلقي األوامر وبدء التحرك مبجرد بدء‬ ‫قصف قصر «اإلم��ام ب��در»‪ ،‬وتضمنت األماكن الهامة التي يجب‬ ‫تأمينها قصر البشائر (قصر‬ ‫اإلم ��ام)؛ قصر الوصول (قصر‬ ‫استقبال الشخصيات الهامة)؛‬ ‫اإلذاعة؛ االتصاالت التليفونية؛‬ ‫قصر السالح (مخزن السالح‬ ‫ال��رئ��ي��س��ي)؛ وم� �ق ��رات األم ��ن‬ ‫الداخلي واملخابرات‪ ،‬ومت تنفيذ‬ ‫ال �ث��ورة بواسطة ‪ 13‬دب��اب��ة من‬ ‫اللواء بدر‪ 6 ،‬عربات مصفحة‪،‬‬ ‫مدفعني متحركني‪ ،‬ومدفعني‬ ‫م �ض��ادي��ن ل �ل �ط��ائ��رات‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫الكلية احلربية هي مقر القيادة‬ ‫وال�س�ي�ط��رة على ال �ق��وات التي‬ ‫تقوم باالنقالب‪ ،‬توجهت وحدة‬ ‫من الضباط الثوريني مصحوبة‬ ‫بالدبابات إلى «قصر البشائر»‪،‬‬ ‫وق ��ام ��وا ب��اس �ت �خ��دام م�ك�ب��رات‬

‫الشيخ عبد القوي إبراهيم حاميم‬

‫الصوت لدعوة احلرس امللكي للتضامن القبلي وتسليم «اإلمام بدر»‬ ‫ال��ذي تقرر إرس��ال��ه للمنفى بسالم‪ ،‬ولكن احل��رس امللكي رفض‬ ‫االستسالم وفتح النار على وحدة الضباط‪ ،‬مما دفع الثوريني إلى‬ ‫الرد بقذائف املدافع والدبابات‪ ،‬حيث كانوا قد قرروا استخدام‬ ‫الدبابات واملدفعية منذ البداية‪ ،‬وقد استمرت معركة القصر حتى‬ ‫استسلم احلرس امللكي في صباح اليوم التالي‪ ،‬وكانت اإلذاعة قد‬ ‫سقطت منذ البداية بعد مقتل ضابط ملكي واحد وانهيار املقاومة‪،‬‬ ‫أم��ا مخزن ال�س�لاح فكان أسهلها‪ ،‬فكان يكفي أم��ر مكتوب من‬ ‫«العقيد السالل» لفتح املنشأة ثم تنحية امللكيني منها وتأمني البنادق‬ ‫واملدفعية والذخيرة‪ ،‬وقد سقطت االتصاالت التليفونية أيضاً بدون‬ ‫أية مقاومة‪ ،‬وفي قصر الوصول‪ ،‬فقد ظلت الوحدات الثورية آمنه‬ ‫حتت ستار حماية وتأمني الدبلوماسيني والشخصيات الهامة التي‬ ‫ج��اءت لتبارك لولي العهد اجلديد‪ ،‬وفي صباح ‪ 26‬سبتمبر‪ ،‬مت‬ ‫تأمني كل املناطق في «صنعاء»‬ ‫وأعلنت اإلذاع���ة أن��ه ق��د متت‬ ‫اإلطاحة باإلمام «ب��در» وحلت‬ ‫محله حكومة ثورية جديدة‪ ،‬ثم‬ ‫بدأت الوحدات الثورية في مدن‬ ‫«ت � �ع� ��ز»‪ ،‬و»ح�� �ج� ��ة»‪ ،‬و»م��ي��ن��اء‬ ‫احل� ��دي� ��دة» ت��أم�ي�ن ت��رس��ان��ات‬ ‫ال �س �ف��ن‪ ،‬امل� �ط ��ارات وم�ن�ش��آت‬ ‫امل��ي��ن��اء‪ ،‬وك � ��ان ع �ه��د «اإلم � ��ام‬ ‫أحمد» عهد معارضة وثورات‪،‬‬ ‫وق ��د ت �ع��رض اإلم � ��ام إل ��ى ‪12‬‬ ‫محاولة اغتيال‪ ،‬منها محاولة‬ ‫فاشلة الغتياله وهو على فراش‬ ‫املوت‪ ،‬وما كانت الثورة التي قام‬ ‫بها الضباط «عبد الله السالل»‬ ‫و»ع��ب��د ال��رح �م��ن ال�ب�ي�ض��ان��ي»‬ ‫والدكتور «محسن العيني» إال‬

‫ما بني الوجع والطيور املباغتة مسافات من االلم‬ ‫متد خطواتها من عمق ذكريات خفية آتية‬ ‫واملتعة ّ‬ ‫من وحشة الفقراء وخوف املهانني‬ ‫أدرك اليمنيون منذ البداية أنه يجب االعتماد‬ ‫على ضباط عسكريني للقيام باإلطاحة بحكم‬ ‫اإلمام ثم يدعمون بالقبائل‬


‫عبد الله السالل وعبد الرحمن البيضاني ‪1962‬‬

‫تركيز النشاطات الثورية في جهد منظم واح��د لإلطاحة بحكم‬ ‫اإلم��ام‪ ،‬وقد كان قائد املجموعة «السالل»‪ ،‬متأثراً بقراءاته عن‬ ‫الثورة الفرنسية وكتاب عبد الناصر «فلسفة الثورة»‪ ،‬وسوف أتوقف‬ ‫مؤقتا هنا عن احلديث عن تاريخ الثورة اليمنية لنتابع خبرا محزنا‬ ‫سمعناه عندما كنت في طريقي مع «رض��وان العزي» إلى دارهم‪،‬‬ ‫فقد تأكد بشكل حاسم خبر اختطاف الرقيب متطوع «إكرامي جاد‬ ‫ال� ��رب» وج �ن��دي�ين م��ن فصيلتي وه �م��ا «ن� ��ادر ش��وق��ي» و»سمير‬ ‫الطوبجي»‪ ،‬وطبعا حكايتهم لم تنته حتى هذه الدرجة‪ ،‬ولكنا سوف‬ ‫نتابع بعد ذلك حكاية الرقيب متطوع «إكرامي جاد الرب» التي هي‬ ‫من أغرب ما حدث وتستحق حكايتها منفردة‪ ،‬وسوف أتابع اآلن‬ ‫حكاياتنا منذ وصولي مع «رضوان العزي» إلى دارهم‪ :‬ففي ضوء‬ ‫الشمس الساقط من سقف الدار حيث أشاع دفئا سوف يشعر به‬ ‫كل من دخل إلى هذا املكان القدمي كانت الرهبة حتيطني بجناحيها‬ ‫ل �ت��دف��ع إل� ��ى ج� �س ��دي ب��رع�ش��ة‬ ‫خفية‪ :‬إنها نفس الرعشة التي‬ ‫مت�ل�ك��ت ج �س��دي ف��ي اللحظة‬ ‫األول���ى ال�ت��ي رك�ب��ت فيها‪ -‬مع‬ ‫زمالئي جنود اجليش املصري‪-‬‬ ‫ظهر السفينة لتعبر بنا «البحر‬ ‫األحمر» باجتاه «اليمن»‪ ،‬وقد‬ ‫أك� �س� �ب� �ت� �ن ��ي خ� �ب���رت���ي ب �ب �ح��ر‬ ‫اإلس�ك�ن��دري��ة ال��ذي عشت إلى‬ ‫جواره مدة تقترب من عشرين‬ ‫عاما‪ ،‬وأن��ه في نهاية كل بحر‬ ‫يوجد شاطئ يعيش عليه بشر‪،‬‬ ‫وال �ش��اط��ئ ف��ي ن�ه��اي��ة ك��ل بحر‬ ‫بداية ألرض‪ ،‬شعرت بأني كنت‬ ‫أص �ع��د حل�ظ�ت�ه��ا درج� ��ا ع�م��ره‬ ‫بعمر اجلبل‪ ،‬الدرج الذي ينقلني‬ ‫من عالم إلى عالم‪ ،‬تشهى قلبي‬

‫الغريق وجوه األحبة في ذكريات الوطن البعيد‪ ،‬فكرت للحظات عن‬ ‫سبب اجتياح ذكريات الوطن البعيد لذاكرتي املتعبة بفعل الفراق‬ ‫املفاجئ وذلك البحر الذي ف ّرق بني عاملي القدمي وعالم أعيشه اآلن‬ ‫في هذه اللحظات‪ ،‬بدا ملشاعري الغامضة عاملا للسحر والغموض‬ ‫كما في روايات «جنيب محفوظ»‪ ،‬داعبت أنفي رائحة بخور قوية‬ ‫لم أدر مصدرها‪ ،‬وكانت الشمس تتوسط قرص السماء فوق رأسي‬ ‫متاما‪ ،‬فيما بدت لي ذاكرتي وقد ذبلت فيها بعض الوجوه التي‬ ‫تركتها خلفي‪ ،‬أحسست بكآبة مفاجئة‪ ،‬وبدا يتسرب بداخلي ندم‬ ‫عذب على بعض اخلطايا الصغيرة‪ ،‬اآلن ال يرسب في القلب غير‬ ‫املواجع الصغيرة وبعض الوحشة وذكريات شهوة مفتقدة‪ ،‬ماذا لو‬ ‫ضربت البحر بعصاي لينشق البحر عن طريق يحملني إلى املاضي‬ ‫فأعيد اختيار أيامي التي كنت فيها أنا السبب الوحيد أللم األب‬ ‫الطيب ونظرات االنكسار واإلشفاق في عيون أمي احلنون وإخوتي‬ ‫األحباب؟ فهل كان البد من هذا‬ ‫امل �ص �ي��ر؟ ح �ض��رن��ي وج ��ه أب��ي‬ ‫ورف ��ض ال��رح�ي��ل م��ن مخيلتي‪،‬‬ ‫حتى عندما مد «رض��وان» يده‬ ‫وب��دأ ينقر نقرات خفيفة على‬ ‫ب ��اب غ��رف��ة أب �ي��ه ف�ي�م��ا ك��ان��ت‬ ‫رائ� �ح���ة ال� �ب� �خ ��ور ال� �ق ��وي ��ة ق��د‬ ‫اشتدت؛ فأحسست مبتعة في‬ ‫استنشاق الهواء‪ ،‬لكن املشاعر‬ ‫ال�غ��ام�ض��ة امل�خ�ت�ل�ط��ة ب��داخ�ل��ي‬ ‫كانت مازالت تتملك جوانحي‪،‬‬ ‫وعندما دعاني «رضوان العزي»‬ ‫ل��دخ��ول ال�غ��رف��ة وم�ق��اب�ل��ة أبيه‬ ‫مددت ناظري في عمق املكان‬ ‫كما لو أن فضولي اخلفي كان‬ ‫قد صمم على دخولي بنظراتي‬ ‫قبل أن أخطو بقدمي‪ :‬عمالق‬

‫العقل املدبر لالنقالب كان مدني ًا وهو الدكتور‬ ‫عبد الرحمن البيضاني‬

‫كانت اخلطة تقتضي بأن يعلن قادة اخللية في‬ ‫صنعاء إدانتهم لالنقالب في تعز ثم يستدرجون‬ ‫ولي العهد والشخصيات الهامة خارج‬ ‫اإلمام البدر ّ‬ ‫مقارهم للتخلص منهم أو التحفظ عليهم‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫صورة لصحيفة تنشر خبر إعدام محمد العلفي املتهم باغتيال جاللة اإلمام أحمد ملك اليمن‬

‫بطوله وعرضه يقف في منتصف الغرفة‪ ،‬يرتدي املالبس البيضاء‬ ‫يكاد ض��وء النهار‪ -‬املنساب من فتحة في اجل��دار كانت مبثابة‬ ‫النافذة‪ -‬ينعكس عليها فتبدو مشوبة بلون زهري‪ ،‬وبدت مالبسه‬ ‫كما ل��و كانت مالبس داخلية جل��دي ألم��ي الشيخ «محمد عبد‬ ‫الرحمن اخلطيب»‪ ،‬فالسروال الطويل هو نفسه السروال (الكلسون)‬ ‫الذي كان يرتديه جدي حتت اجلالبية‪ ،‬غير أن الرجل العمالق كان‬ ‫يرتدي فوق السروال قميصا طويال إلى ما حتت الركبتني‪ ،‬أو ما‬ ‫ميكن اعتباره جالبية قصيرة‪ ،‬كان الرجل العمالق واقفا منهمكا‬ ‫في الصالة فبدا شكله كما لو كان شكال لشخص خرج لتوه من‬ ‫رواية لنجيب محفوظ من هؤالء الفتوات التي متتلئ بها رواياته‪ ،‬أو‬ ‫كتمثال ألحد امللوك على باب معبد فرعوني‪ ،‬أو كتمثال من متاثيل‬ ‫اآلل �ه��ة ال�ي��ون��ان�ي�ين ف��ي ج�ب��ان��ة ال ��روم ��ان ب�ح��ي «ك���وم ال�ش�ق��اف��ة»‬ ‫باإلسكندرية‪ ،‬عندما رفع يديه حول رأسه مكبرا بدا كفّاه كما لو‬ ‫كانا خفي جمل‪ ،‬وبدا الشعر الكثيف يغطى رقبته ملتصقا من أعاله‬ ‫في أسفل شعر حليته‪ ،‬وظهر كفاه حتى رسغيه مغطيان بشعره‬ ‫األسود الكثيف‪ ،‬في الركن األمين علي ميني العمالق كانت هناك‬ ‫طبلية كبيرة بدا لي أن حجمها ال يتناسب مع ما وضع فوقها من‬ ‫طعام‪ :‬كان فوق الطبلية وعاء من الفخار داكن اللون مشوبا بحمرة‬ ‫خ�ف�ي�ف��ة‪ ،‬وك���ان بحجم بطيخة‬ ‫صغيرة‪ ،‬وقد امتأل بشيء ‪-‬بدا‬ ‫لي‪ -‬أنه يشبه «املهلبية» ناصعة‬ ‫البياض‪ ،‬وكان إلى جوار الوعاء‬ ‫الفخاري وع��اء فخاري أصغر‬ ‫حجما وأك �ث��ر تسطيحا وأق��ل‬ ‫عمقا من وعاء «املهلبية» ولونه‬ ‫األس� ��ود م �ش��وب ب �ل��ون رم ��ادي‬ ‫يشي بقدمه‪ ،‬وكان ممتلئا بعسل‬ ‫النحل الذهبي كما كانت بعض‬ ‫أرغ �ف��ة اخل �ب��ز ال�ي�م�ن��ي تشغل‬ ‫ح �ي��زا ال ب���أس ب ��ه م ��ن سطح‬ ‫الطبلية وإن بدت أرغفة اخلبز‬ ‫اجل��اف��ة ه�ش��ة ول��ون �ه��ا مشوب‬ ‫بصفرة خفيفة‪ ،‬ك��ان العمالق‬ ‫س��اج��دا على األرض مستمرا‬

‫في صالته ثم اعتدل من سجدته جالسا على األرض فوق سجادة‬ ‫الصالة وبدا له أنه يختم صالته بعد حلظات ثم أدار رأسه ناحية‬ ‫اليمني مرة ومرة أخرى ناحية اليسار معلنا انتهائه من الصالة ثم‬ ‫ف��رد كفيه الضخمني على اتساعهما وه��و يضمهما إل��ى ج��وار‬ ‫بعضهما ورفعهما إلى سقف الغرفة وهو يتمتم بدعوات غامضة‪،‬‬ ‫وما أن انتهى من دعواته حتى مسح وجهه بكفيه ثم تنهد تنهيدة‬ ‫عميقة وقال‪:‬‬ ‫»لعنة الله على الظاملني»‪.‬‬‫وف��ي خفة الفهد انتفض العمالق واقفا وخطا خطوة باجتاهي‬ ‫متهلل الوجه فاحتا ذراعيه للترحيب بي وهو يقول‪:‬‬ ‫»مرحبا بك يا ولدي في دار العزي البكاري»‪.‬‬‫لم أدر مل��اذا حضرني اآلن وجه أب��ي‪ ،‬وج��دت نفسي في أحضان‬ ‫الرجل الذي عرفت ألول مرة أن اسمه «العزي»‪ ،‬وعندما مد كفه‬ ‫الضخم ملصافحتي وجدت نفسي أصافحه وأنا أنحني مقبال ظهر‬ ‫يده كما كنت أفعل دائما عندما أصافح أبي كلما أتى من سفرة‬ ‫قريبة‪ ،‬يبدو أن عم «العزي» قد استراح لتقبيلي يده؛ فمسح بكفه‬ ‫فوق رأسي في رقة وربت فوق ظهري؛ فشعرت مبودة تختلط برهبة‬ ‫خفية تتملكني وه��و يجذبني في رق��ة باجتاه الطبلية في الركن‬ ‫األمي��ن ويجلسني ويجلس في‬ ‫مواجهتي فيما تقدم «رضوان»‬ ‫وجلس إلى ج��واري‪ ،‬ابتسم عم‬ ‫«العزي» وقال‪:‬‬ ‫»أخ� �ب ��رن ��ي رض � ��وان بحكاية‬‫إص��اب �ت��ك ومب �س��أل��ة امتحانك‬ ‫للثانوية العامة فاقترحت عليه‬ ‫أن ت �ك��ون ضيفنا ح �ت��ى تنهي‬ ‫امتحاناتك»‪.‬‬ ‫شكرته على كرمه فقال‪:‬‬ ‫»أن��ا ج��اورت في األزه��ر‪ ،‬منذ‬‫س�ت�ين س�ن��ة أرس �ل �ن��ي أب ��ي إل��ى‬ ‫قاهرة املعز لدين الله الفاطمي‬ ‫حل �ف��ظ ال� �ق���رآن‪ ،‬ك���ان ع�م��ري‬ ‫ي��وم�ه��ا ع�ش��ر س �ن��وات تقريبا‪،‬‬ ‫رك �ب��ت اجل �م��ل م��ن ص�ن�ع��اء مع‬

‫كان عهد اإلمام أحمد عهد معارضة وثورات ‪..‬‬ ‫وقد تعرض إلى ‪ 12‬محاولة اغتيال منها محاولة‬ ‫الغتياله وهو على فراش املوت‬

‫كان السالل متأثر ًا بقراءاته عن الثورة الفرنسية‬ ‫وكتاب عبد الناصر «فلسفة الثورة»‬


‫عبد احلكيم عامر في صنعاء‬

‫قافلة من اجلمال كانت تتوجه في كل عام إلى القاهرة‪ ،‬من بني‬ ‫األزهر الشريف كان قريبا لنا في املذهب الزيدي‪ ،‬عشت مع أسرة‬ ‫مصرية كرمية خمس سنوات‪ ،‬قريبا من مسجد موالنا احلسني‬ ‫فحاما‪ ،‬كان يصنع الفحم من‬ ‫عليه السالم‪ ،‬كان رب األسرة يعمل ّ‬ ‫ج��ذوع أشجار الكافور واجل��واف��ة والبرتقال والليمون‪ ،‬أن��ا أجيد‬ ‫صناعة الفحم وقراءة القرآن الكرمي منذ هذه السنوات املباركة»‪.‬‬ ‫اكتشفت أن الرهبة قد ف ّرت من بني جوانحي وحلت محلها مودة‬ ‫غامضة‪ ،‬وتابع عم «ال�ع��زي» حديثه عن بعض ذكرياته في حي‬ ‫«احلسني» وحارة «الفحاّمني»‪ ،‬ثم أشار للوعاءين املوجودين فوق‬ ‫الطبلية إلى جوار ثالثة من أرغفة اخلبز صغيرة احلجم وقال‪:‬‬ ‫»انتظرتك حتى تفطر معي‪ ،‬كنت أظن أنك سوف تأتي مع رضوان‬‫في الصباح‪ ،‬وملا تأخرمتا لم أفطر وها أنت اآلن معنا‪ ،‬بسم الله»‪.‬‬ ‫التقط األرغفة الثالثة ووضع أمامي رغيفا وأمام «رضوان» رغيفا‪،‬‬ ‫واحتفظ لنفسه بالرغيف األخير‪ ،‬وكسر منه لقمة‪ ،‬ثم مد يده‬ ‫وغمس كسرة اخلبز في وعاء «املهلبية» ثم رفعها إلى فمه وراح‬ ‫ميضغها‪ ،‬وكان هذا إذنا لي أنا و»رض��وان» ببداية األك��ل‪ ،‬كسرت‬ ‫لقمة من الرغيف وغمستها في وعاء «املهلبية» وأنا أستغرب أكلهم‬ ‫«املهلبية» باخلبز الذي بدا عليه أنه قد قلي في الزيت ولم يخبز في‬ ‫الفرن‪ ،‬لكني عندما وضعت‬ ‫اللقمة في فمي اكتشفت أنها‬ ‫ليست «مهلبية» بل كانت «لنب‬ ‫زبادي» بطعمه الالذع اللذيذ‪،‬‬ ‫ك �س��ر ع ��م «ال � �ع� ��زي» ك�س��رة‬ ‫م ��ن رغ �ي��ف أم ��ام ��ه وم��ده��ا‬ ‫ف��ي وع���اء «ال���زب���ادي» وراح‬ ‫ي �خ��رج ب�ع�ض��ا م �ن��ه ويضعه‬ ‫على الرغيف ال��ذي أمامه‪،‬‬ ‫ثم مد كسرة اخلبز في يده‬ ‫إل� ��ى ط �ب��ق ال �ع �س��ل وأخ� ��رج‬ ‫ب �ع �ض��ا م �ن��ه ووض �ع �ه��ا ف��وق‬ ‫كمية «الزبادي» التي كان قد‬ ‫وضعها فوق رغيفه وقال‪:‬‬ ‫»أن ��ا أح��ب أن أف�ط��ر بهذا‬‫ال �ق �ط �ي��ب ال� � ��ذي ت� �ع ��ده أم‬

‫رض��وان بنفسها بالعسل اليمني‪ ،‬ه��ذا القطيب ال�ط��ازج ال شيء‬ ‫يضاهيه في كل األطعمة‪ ،‬وبالذات إذا غمسته بهذا اللحوح الذي‬ ‫جتهزه أم رض��وان من الدقيق األبيض مخلوطا بدقيق ال��ذرة في‬ ‫طاسة القلي وليس مخبوزا في الفرن‪ ،‬كما أن هذا العسل غير‬ ‫مغشوش بالسكر والنشا‪ ،‬أنا أعرف العسل احلر من طعمه أما أم‬ ‫رضوان فتأخذ عينة من العسل قبل أن تشتريه وتذيب هذه العينة‬ ‫في خمسة أضعافها من املاء الصافي اخلالي من الشوائب وتتركه‬ ‫يوما كامال فإذا احتوى على مواد غريبة‪ ،‬فإنها ستترسب في القاع‪،‬‬ ‫أما إذا كان احمللول صافيا‪ ،‬فيعني أن العسل جيد‪ ،‬وهنا توافق أم‬ ‫رضوان على شراء العسل‪ ،‬أما أنا فأعرفه من طعم الزهرة التي‬ ‫رشف منها النحل رحيقه‪ ،‬وهذا العسل من أزهار الليمون والقات»‪.‬‬ ‫استنتجت أن الشيخ «العزي» كان يريد نزع الرهبة من مالمحي‬ ‫كما كنت أحسها بداخلي‪ ،‬وبالتأكيد فإنها كانت قد انعكست على‬ ‫مالمحي‪ ،‬وبالفعل غادرتني الرهبة وحلّت محلها سكينة مفتقدة‬ ‫واجتاحتني مشاعر مودة غامضة وغير مبررة على األقل لقصر‬ ‫املدة التي قابلت فيها هذا العمالق اخلرافي عم «العزي» والد‬ ‫«رضوان» دليل فصيلتنا‪ ،‬أنهى كل منا أكل رغيفه (اللحوح) لكني‬ ‫لم أشعر بالشبع بل شعرت باجلوع بدرجة أكبر مما كنت عليه‬ ‫ق �ب��ل ب��داي��ة األك � ��ل‪ ،‬وطبعا‬ ‫ع��ن��دم��ا ان �ت �ه �ي��ت م���ن أك��ل‬ ‫رغ�ي�ف��ي (ال �ل �ح��وح) ك�ل��ه ول��م‬ ‫أجد أي حلوح وال أية كسرة‬ ‫خ �ب��ز أخ � ��رى أم ��ام ��ي فقد‬ ‫كففت طبعا ع��ن األك��ل ولم‬ ‫أستطع تفسير ع��دم وج��ود‬ ‫خ��ب��ز ك� ��اف ل��ف��ط��ور ث�لاث��ة‬ ‫رج��ال ورفضت‪ -‬بيني وبني‬ ‫نفسي‪ -‬فكرة البخل ب��دون‬ ‫س �ب��ب واض� ��ح‪ ،‬ب �ع��د ان�ت�ه��اء‬ ‫الطعام أرش��دن��ي «رض��وان»‬ ‫إلى الغرفة التي سوف أقيم‬ ‫فيها‪ :‬كانت الغرفة تتوسط‬ ‫خ��م��س غ � ��رف أخ� � ��رى ف��ي‬ ‫الطابق األسفل وك��ان بابها‬

‫جندي مصري في الكلية احلربية بصنعاء يعلم طالبا‬ ‫مينيا استخدام حربة البندقية‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫قرية مينية في جبل التيتمان‬

‫اخلشبي العتيق في مواجهة الدرج وال تبعد عنه بأكثر من عشرين‬ ‫مترا‪ ،‬عندما دخلت الغرفة التي خصصها «رض ��وان» إلقامتي‬ ‫علي من اخل��ارج لم أستطع تبني شيء في الظالم‪،‬‬ ‫وأغلق بابها ّ‬ ‫وعندما دققت النظر اكتشفت لوحا من اخلشب مثبتاً في منتصف‬ ‫اجلدار املواجه لباب الغرفة‪ ،‬عندما اقتربت منه رأيته مثبتا في‬ ‫اجل��دار من جانبه األمي��ن مبفصالت خشبية كبيرة فعرفت أنه‬ ‫نافذة‪ ،‬فتحت النافذة فغمر ضوء النهار الغرفة ورأي��ت قضبانا‬ ‫حديدية متقاطعة طوال وعرضا كما لو كانت قد ثبتت حلماية‬ ‫النافذة من اخل��ارج‪ ،‬وم��ن خ�لال النافذة رأي��ت على البعد جبل‬ ‫«النبي شعيب» يسد نهاية األفق بعرض الرؤية لكن بيوت قرية‬ ‫«اللكمة» كانت تظهر في عمق املنظر حتت قدمي جبل «التيتمان»‬ ‫وحاولت تبني موقع فصيلتنا فوق قمته لكني رغم حتديد املوقع‬ ‫فإنني لم أستطع رؤية أي شيء‪ ،‬في الركن على يسار الداخل كانت‬ ‫توجد «فرشة» نظيفة وقد وضع عليها غطاء أشبه ببطانية صوف‪،‬‬ ‫جلست فوق الفرشة وخلعت «الصندل» من قدمي‪ ،‬استلقيت على‬ ‫شارع في عدن سنة ‪66‬‬

‫طريق بني احلديدة وصنعاء حديثا‬

‫ظهري وفردت جسدي مسندا رأسي فوق الوسادة الكبيرة بعرض‬ ‫الفرشة وأن��ا ال أستطيع أن أمنع بطني من اإلح�س��اس باجلوع‬ ‫وال عقلي من الكف على التفكير في محاولة إليجاد إجابة على‬ ‫السؤال‪« :‬هل كمية الطعام الضئيلة التي قدموها إلي كانت بسبب‬ ‫الفقر أم البخل؟» لم أستطع اإلجابة لكن بسرعة اندفعت إلى‬ ‫ذاكرتي كلمات «جمال عبد الناصر» في خطابه الذي أماله علينا‬ ‫ضابط التوجيه املعنوي‪« :‬أيها اإلخ��وة األح��رار‪ :‬لقد رأيت اليوم‬ ‫قوتكم كما رأي��ت باألمس ق��وة إخوانكم في صنعاء‪ ،‬رأي��ت قوة‬ ‫الشعب اليمنى وأنا أشد اطمئناناً عليكم وعلى ثورتكم فسيروا‬ ‫على بركة الله‪ ،‬والله ناصركم‪ ،‬والله موفقكم»‪ .‬اكتشفت أني رمبا‬ ‫أكون قد حفظت اخلطاب كله‪ ،‬رمبا لتكراري قراءته ورمبا ألنه‬ ‫قد تغلغل في وجداني‪« :‬اإلخ��وة األع��زاء‪ ،‬أيها اإلخ��وة األح��رار‪،‬‬ ‫أيها اإلخ��وة الثوار»‪ .‬لبيك يا زعيم األم��ة‪« :‬قامت طليعة الشعب‬ ‫اليمنى بقيادة الرئيس احل��ر السالل في ي��وم ‪ ٢٦‬سبتمبر سنة‬ ‫‪ ،٦٢‬قامت لتدك معاقل الذل ولتدك الرجعية واالستبداد»‪ .‬ونحن‬


‫جلسة قات‬

‫نساندهم وندعمهم يا ريس‪« :‬أيها اإلخوة‪ ،‬هو واجبنا جميعاً نحو‬ ‫األمة العربية»‪ .‬ونحن فداءك وفداء األمة العربية يا ريس‪ ،‬سمعت‬ ‫علي من‬ ‫نقرات خفيفة على ب��اب الغرفة املغلق‪ ،‬لم أدر كم مر ّ‬ ‫الوقت وأنا مستلق على ظهري في هذه الغرفة في هذه الدار في‬ ‫هذا البلد الذي يفصله عن بلدي آالف الكيلومترات من الصحاري‬ ‫وماء البحر األحمر‪ ،‬سمعت النقرات اخلفيفة على باب الغرفة‬ ‫املغلق مرة ثانية‪ ،‬انفتح الباب ودخل «رضوان» وعلى وجهه ابتسامة‬ ‫عريضة وهو يقول‪:‬‬ ‫»أنت تكاد متوت من اجلوع طبعا»‪.‬‬‫اعتدلت جالسا ولم ينتظر هو ردي؛ فقال متابعا‪:‬‬ ‫»اآلن حل موعد الغداء‪ ،‬ما أكلته أنت مع أبي كان للعيش وامللح‬‫كما كان يقول اجلنود املصريون‪ ،‬أسرتنا كلها جتتمع على الغداء‪،‬‬ ‫أنت اآلن واحد من أسرتنا»‪.‬‬ ‫ع�ل��ى ال �غ��داء ت�ع��رف��ت ع�ل��ى ك��ل األس���رة ع�ن��دم��ا جتمعت األس��رة‬ ‫ف��ي مجموعتني شكلتا دائ��رت�ين بحيث جتلس ك��ل مجموعة من‬ ‫امل� �ج� �م ��وع� �ت�ي�ن ح� � ��ول ط �ب �ل �ي��ة‬ ‫خشبية أك �ب��ر ق�ل�ي�لا ن��وع��ا من‬ ‫ت �ل��ك ال �ط �ب �ل �ي��ة امل� ��وج� ��ودة في‬ ‫بيتنا‪ ،‬كانت الدائرة األول��ى من‬ ‫األسرة تضم األب عم «العزي»‬ ‫و»رض� ��وان» وشقيقيه «طالب»‬ ‫و»الفضل» وقد أجلسوني معهم‬ ‫إل ��ى ج��ان��ب األب ف�ي�م��ا جلس‬ ‫ول��دان هما «زي��ن العابدين» بن‬ ‫«طالب» و»جعفر» بن «الفضل»‪،‬‬ ‫وك��ان��ت ال ��دائ ��رة ال�ث��ان�ي��ة تضم‬ ‫«أم رض ��وان» وبنتيها «حصة»‬ ‫وهي في الثانية عشر تقريبا‪،‬‬ ‫و»رقية» وك��ان يبدو عليها أنها‬ ‫في التاسعة من العمر‪ ،‬أو رمبا‬ ‫كانت تقترب من العشر سنني‬ ‫ن �ظ��را ألن���ي الح �ظ��ت نهديها‬

‫النافرين حتت مالبسها وإن بدا عليهما أنهما كحبتي ليمون لكنهما‬ ‫كانا نافرين على كل حال‪ ،‬كما كانت جتلس معهن «زه��رة» وهي‬ ‫زوجة «طالب» و»روان» وهي زوجة «الفضل» وقد عرفت فيما بعد‬ ‫أن «رضوان» ليس له شقيقات وأن البنت «حصة» هي بنت «طالب»‬ ‫وشقيقة الولد «زين العابدين»‪ ،‬أما البنت «رقية» فهي بنت «الفضل»‬ ‫وشقيقة الولد «جعفر»‪ ،‬وكانت هذه هي امل��رة األول��ى طبعا التي‬ ‫أكلت فيها الطعام اليمني وبداية تعرفي عليه فقد عرفني األب‬ ‫بنفسه على الطعام اليمني الذي أعدوه خصيصا احتفاال بوجودي‬ ‫بينهم‪ ،‬وكان يحلو لعم «العزي» أن يقارن بني الطعام اليمني الذي‬ ‫وضعوه أمامي والطعام املصري الذي يعرفه جيدا منذ أن كان أحد‬ ‫املجاورين اليمنيني في األزهر الشريف‪ ،‬فأخذ يقارن بني «عشـار‬ ‫الليمون احلامظ» في اليمن و»الليمون املعصفر» املخلل في مصر‪،‬‬ ‫وبني «املقلقل احلضرمي» في اليمن و»اللحم الضاني بالبصل» في‬ ‫مصر حيث يتم طهي حلم الغنم في كمية كبيرة من البصل مع‬ ‫إضافة الثوم واحلبهان والقرفة وورق الغار‪ ،‬أما طعام التحلية الذي‬ ‫ق��دم��وه ل��ي بعض انتهائنا من‬ ‫التهام اللحم واألرز فلم يكن له‬ ‫شبيه في مصر‪ ،‬فحلوى «بنت‬ ‫الصحن» كانت فريدة من نوعها‬ ‫وإن ك��ان��ت ت�ب��دو كما ل��و كانت‬ ‫«ك�ي�ك��ة» غ�ي��ر أن ط�ع��م السمن‬ ‫البلدي والفانيليا كانا مييزانها‬ ‫ع��ن أي��ة «كيكة»‪ ،‬كما أن كمية‬ ‫القشدة الكبيرة التي وضعوها‬ ‫فوقها كانت كافية ألن ت��ذوب‬ ‫ف��ي فمي ومنعت نفسي بقوة‬ ‫حتى ال ألتهمها كلها وح��دي‪،‬‬ ‫وقد بقي طعمها في فمي مدة‬ ‫تقترب من الساعة وذل��ك قبل‬ ‫أن يزيحه من فمي طعم القات‬ ‫ال��ذي كانت ه��ذه هي أول مرة‬ ‫أتذوقه في حياتي‪.‬‬

‫كان الرجل العمالق واقف ًا منهمك ًا في الصالة فبدا‬ ‫شكله كما لوكان شك ًال لشخص خرج لتوه من رواية‬ ‫لنجيب محفوظ‬ ‫أنهى كل منا أكل رغيفه «اللحوح» لكني لم أشعر‬ ‫بالشبع بل شعرت باجلوع بدرجة أكبر مما كانت‬ ‫عليه قبل بداية األكل‬


‫‪58‬‬

‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬

‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪15‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪16‬‬

‫‪17‬‬

‫‪18‬‬

‫‪19‬‬


‫‪20‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب‬ ‫«ديجـــــالون»‬ ‫(روايـــة)‬

‫تأليف‪ :‬المختار الجدال‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫في حفل تأبين الفنان الراحل فتحي العريبي‬

‫الصورة سيرة وجدان وذاكرة وطن‬ ‫مجلس الثقافة العام يعلن عن تأسيس مسابقة‬ ‫(فتحي العريبي) للتصوير الفوتوغرافي‬ ‫تقدي ًرا ل��دوره الريادي في مجال الفن التصوير واإلع�لام‪ ،‬نظم مجلس‬ ‫الثقافة العام تأبينًا للفنان فتحي العريبي حتت شعار «الصورة سيرة‬ ‫وج��دان وذاك ��رة وط��ن»‪ ،‬وبحضور ع��دد م��ن األدب ��اء وال�ك� ّت��اب والفنانني‬ ‫واإلعالميني ومحبي الفنون اجلميلة‪.‬‬ ‫وق��د شهدت قاعة منتزه بنغازي مراسم احلفل التأبيني ال��ذي أقامه‬ ‫مجلس الثقافة ال�ع��ام األح��د تقدي ًرا للمسيرة الفنية ال��زاخ��رة للفنان‬ ‫التشكيلي الفوتوغرافي الراحل فتحي العريبي ‪.‬‬ ‫تضمن البرنامج العام عد ًدا من الفقرات قدمتها املذيعة املتألقة فاطمة‬ ‫املرميي‪ ،‬استهلت الكلمات بكلمة محمد محيا رئيس مجلس الثقافة العام‬ ‫الذي قال‪« :‬إن الفنون واآلداب هي التي يع ّول عليها في اإلسهام العميق في‬ ‫تأسيس وترسيخ قيم احلق واخلير واجلمال‪ ،‬واالرتقاء بالذائقة الفردية‬ ‫واجلمعية‪ ،‬وألن الفن نور وزهور وألن الفن إعمار وازده��ار‪ ،‬وألن الفنان‬ ‫امل�ص��ور الكبير فتحي العريبي ه��و أحد‬ ‫املخلصني الكبار في محراب الفن الليبي‪.‬‬ ‫أبرز رواد فن التصوير في ليبيا دون منازع‪،‬‬ ‫إذ استطاع أن ينقل فعل التصوير من فعل‬ ‫مهني حرفي إل��ى فعل ثقافي و فكري‪،‬‬ ‫وجعل م��ن ال �ص��ورة قيمة جمالية فائقة‬ ‫ال��روع��ة‪ ،‬م��ن ه��ذا املنطلق ب ��ادر مجلس‬ ‫الثقافة ال �ع��ام بتنظيم ه��ذه االحتفالية‬ ‫التأبينية للفنان الكبير فتحي العريبي‪،‬‬ ‫فإمنا يؤكد على دوره كمؤسسة ثقافية‬ ‫في ممارسة دوره اإلشعاعي الثقافي على‬ ‫الرغم من الظروف االستثنائية التي مير‬ ‫بها الوطن‪.‬‬ ‫إال أن��ه في مثل ه��ذه ال�ظ��روف يبرز دور‬ ‫ال�ث�ق��اف��ة وي�ت�ع��زز دور املثقفني ف��ي نشر‬ ‫القيم اجلمالية التي تسهم في االرتقاء‬ ‫بسلوكيات ال�ن��اس وتأكيد قيم املواطنة‬ ‫واالنتماء والسلم االجتماعي‪ ،‬وتأكيد فعل احلياة واإلب��داع والتنوير في‬ ‫وجه فعل املوت القسري والتخلف و التراجع واالنكفاء‪ ،‬إن مجلس الثقافة‬ ‫العام يعتز بالعالقة الوثيقة التي كان يحرص على تعزيزها دائ ًما مع الفنان‬ ‫فتحي العريبي ومشاركته في جل نشاطات املجلس‪ ،‬كذلك قام املجلس‬ ‫بطباعة ونشر عدد من املؤلفات املتميزة للفنان الراحل في مجال فن‬ ‫التصوير مما أسهم في إثراء املكتبة الليبية في جانب معرفي فني مهم»‪.‬‬ ‫وكانت لعائلة الفقيد كلمة كتبها املستشار االقتصادي عقيلة العريبي‬ ‫شقيق الفقيد‪ ،‬والذى قدمها الفنان خليل العريبي نقيب الفنانني ساب ًقا‬ ‫نياب ًة عنه‪ ،‬قال‪« :‬باألصالة عن نفسي ونيابة عن عائلة املرحوم الفنان‬ ‫فتحي العريبي يسرني التقدم بالشكر لكل من قدم له واجب العزاء في‬ ‫فقيدنا سواء باحلضور الشخصي أو االتصال بإحدي وسائل االتصال‬

‫املختلفة‪( ...‬فتحي العريبي) ظاهرة إنسانية ال تتكرر لقد متيز بقدرته‬ ‫وبراعته النادرة في استثمار الوقت ومتكن بجدارة من تطويعه إلبداعاته‬ ‫الفكرية‪ ،‬فهو تراث فني ال ينضب (فتحي العريبي) األسطورة التي ال‬ ‫متوت‪.‬‬ ‫المست عيناه مبك ًرا العدسة حيث تلقف كاميرا الوالد العتيقة وضجت‬ ‫طفولته بشغف للفنون فيما راح ينتقل مثل النحلة بني الزهور حينًا تداعب‬ ‫الريشة أصابعه وحينًا تداعب أنامله أوتار العود‪ ،‬ولكن الطواف اجلميل‬ ‫استقر به عند آلة التصوير ومن يومها تواصلت حوارية العمر وتخلقت‬ ‫عالقة خفية بينه وبني العدسة عالقة أبدعت إلى مدى العقود حق ً‬ ‫ال من‬ ‫البهجة واإلتقان واالنحياز الكلي للجمال‪ ،‬وعرفت عني (فتحي) كيف‬ ‫تقبض على حلظة الوهج عند اإلن�س��ان‪ ،‬وتعرف كيف ترصد احلالة‬ ‫البشرية في كل جتلياتها‪ ،‬لم يكن زمننا جمي ً‬ ‫ال كله بعد الثامنة من عمره‬ ‫وحت��دي �دًا عند وف ��اة ال��وال��د ف��ي ‪/6 /4‬‬ ‫‪ 1950‬ف�ق��د داه �م��ه إث��ر احل ��دث اجللل‬ ‫سحابة حزن ثقيلة الوطأة كان بيتنا من‬ ‫البيوت القليلة في كل أنحاء املدينة التي‬ ‫يوجد فيه مذياع وجهاز جرام فون ضخم‬ ‫وأسطوانات بالستيكية سوداء كثيرة ألم‬ ‫كلثوم وعبد الوهاب وأسمهان»‪.‬‬ ‫وكان ملكتب الثقافة واملجتمع املدني كلمة‬ ‫ألقاها األدي��ب ال�ق��اص محمد املسالتي‬ ‫ح ّيا من خاللها روح الفنان املبدع فتحي‬ ‫العريبي متوق ًفا عند أه��م احملطات في‬ ‫مسيرته الفنية الزاخرة‪.‬‬ ‫ثم كان لألدباء كلمة ألقاها األدي��ب عبد‬ ‫الرسول العريبي أشاد فيها بالدور الريادي‬ ‫للفنان الراحل في مجال التصوير الفني‪.‬‬ ‫وم��ن ض�م��ن ف �ق��رات االح �ت �ف��ال التأبيني‬ ‫ً‬ ‫شريطا‬ ‫قدم املخرج نبيل العريبي‬ ‫الكبير ّ‬ ‫وثائق ًيا يحكي سيرة الفنان عبر حياته الفنية‪ ،‬كتب النص الشاعر جابر‬ ‫نور سلطان وقدمه املذيع أحمد محمد املهدي‪ ،‬وخالل البرنامج ً‬ ‫أيضا قام‬ ‫عدد من أصدقاء الفقيد بتقدمي درع تكرميي‪ ،‬حيث قام السيد صالح‬ ‫ثان مقدم من جمعية عمر املختار‬ ‫زغبية بتقدميه ألسرة الفقيد‪ ،‬ودرع ٍ‬ ‫التاريخية قام بتقدميه الكاتب فتحي البرقاوي‪ ،‬وكانت هناك فقرات فنية‬ ‫بني الكلمات للفرقة الزمن اجلميل املوسيقية‪.‬‬ ‫وف��ي اخلتام أعلن محمد محيا رئيس مجلس الثقافة العام مسابقة‬ ‫التصوير الفوتوغرافي التي سيتولى مجلس الثقافة ال�ع��ام اإلش��راف‬ ‫عليها‪ ،‬واختار اسم الفنان الراحل فتحي العريبي اس ًما له تخليدًا لذكراه‬ ‫ومسيرته الفنية‪ ،‬وس��وف يعلن عن تفاصيلها مجلس الثقافة العام في‬ ‫صفحته على مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬


‫همش غول وأبعده عن صناعة القرار باحلزب‬ ‫أردوغان ّ‬

‫الدولة الريعية‪..‬‬ ‫مفاهيمها ومقوماتها‬

‫أحمد سيفير في كتابه الجديد‪:‬‬

‫احتضنت مدينة اجدابيا اخلميس املاضي ندوة بعنوان «الدولة الريعية‬ ‫مفاهيمها و مقوماتها»‪ ،‬ونظم الندوة املركز الليبي للثقافة و الفكر‬ ‫بالتعاون مع كلية االقتصاد بجامعة املدينة‪.‬‬ ‫وناقش املشاركون خاللها مفهوم الدولة الريعية و خصوصية احلالة الليبية‬ ‫االقتصادية واملراحل التي مرت بها على مدى أكثر من ثمانني عاما‪،‬‬ ‫بإضافة إلى تأثير السياسة على االقتصاد ومدى ارتباطهما ببعضهما‪،‬‬ ‫وحضر الندوة مجموعة من الباحثني واملهتمني باجلانب االقتصادي‬ ‫وبعض طلبة وأعضاء هيئة تدريس كلية االقتصاد بجامعة اجدابيا‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل قال رئيس املؤسسة الليبية للثقافة والفكر يوسف‬ ‫مجيد‪ ،‬أن الندوة جاءت انطالقا من دور املؤسسة في خلق حالة من‬ ‫الوعي باملشهد االقتصادي والسياسي والثقافي الليبي‪ ،‬وإميانا بأن‬ ‫البداية تكون من الفرد لتشمل الوطن‪.‬‬

‫حول سنوات حكم حزب الحرية والعدالة‬

‫نخل في سمنو داير ظل‬ ‫كتب‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬

‫مت االنتهاء من تصوير العمل الغنائي «نخل في سمنو داير ظل» من‬ ‫كلمات وأحل��ان الفنان والشاعر صالح ال��زروق وغناء الفنان بسام‬ ‫ال��دراج��ي وتصوير ومونتاج ص�لاح الورفلي‪ ،‬أم��ا التوزيع املوسيقى‬ ‫فللموسيقار ياسر جنم‪ ،‬كما شارك في التصوير نعيم األوجلي‪ ،‬ولقد مت‬ ‫تصوير العمل فى منطقة اجلغبوب وهذا العمل من تنفيذ وانتاج املركز‬ ‫الدولي اتش دي ميديا ‪ HD‬لإلنتاج االعالمي والثقافي‪ ،‬واجلدير‬ ‫بالذكر أن مركز ميديا اتش نفذ عدة أعمال غنائية من كلمات وأحلان‬ ‫الشاعر صالح الزروق باإلضافة إلى مجموعة من البرامج التلفزيونية‪.‬‬ ‫صالح الزروق‬

‫من الداخل‬

‫كشف أحمد سيفير‪ ،‬املستشار الصحفي للرئيس التركي السابق عبد الله‬ ‫غول أثناء فترة حكمه‪ ،‬في كتاب له‪ ،‬عن تفاصيل اخلالفات بني غول وبني‬ ‫الرئيس التركي احلالي رجب طيب أردوغ��ان ورئيس احلكومة أحمد داود‬ ‫أوغلو‪.‬‬ ‫وبني كتاب «من الداخل‪ :‬حول سنوات حكم حزب احلرية والعدالة»‪ ،‬التباين‬ ‫الذي نشر في وجهات النظر بني غول‪ ،‬الذي يعتبر شخصية وسطية ومهادنة‬ ‫وقريبة من جميع األوساط التركية واخلارجية‪ ،‬بحسب الكاتب‪ ،‬وبني أردوغان‬ ‫وأغولو‪ ،‬خصوصا في يتعلق بالعالقات اخلارجية التركية وأهمها أزمتا مصر‬ ‫وسوريا‪ ،‬بحسب ما ذكر موقع «شفاف الشرق األوسط»‪.‬‬ ‫وأوض��ح سيفير في كتابه أن غول كان «يعترض على سياسات تركيا إزاء‬ ‫مصر وسوريا»‪ ،‬وأنه اعتبر أن رئيس احلكومة آنذاك رجب ط ّيب أردوغان‬ ‫ووزير خارجيته أحمد داود أوغولو «بالغا في ردود الفعل وتص ّرفا وكأنهما‬ ‫رئيس حكومة مصر وسوريا ووزي��ر خارجيتهما‪ ،‬األمر الذي يتعارض مع‬ ‫مصالح تركيا»‪ .‬ويضيف الكاتب أحمد سيفير‪ ،‬أن عبدالله غول قال وجهة‬ ‫نظره ألحمد أوغلو مواجهة عدة مرات‪.‬‬ ‫وأظهر اجلزء املتعلق بسوريا ومصر مدى عمق التناقضات في قمة الدولة‬ ‫التركية أثناء ترؤس أردوغ��ان للحكومة قبل انتخابه رئيسا في أغسطس‬ ‫‪ ،2014‬حينما اختار أحمد داود أوغولو خلفا له لرئاسة ح��زب احلرية‬ ‫والعدالة ولترؤس احلكومة‪.‬‬ ‫وجهها الرئيس عبدالله غول إلى الفريق‬ ‫التي‬ ‫البرقية‬ ‫وتطرق سيفير إلى‬ ‫ّ‬ ‫احتج عليها‬ ‫السيسي عند انتخابه رئيسا ملصر في ‪ 11‬يونيو ‪ 2014‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫رجب طيب أردوغان‪ .‬ويقول عبدالله غول إنه أرسل للسيسي «برقية حسن‬ ‫نية وليس برقية تهنئة»‪.‬‬ ‫ويكشف املستشار السابق لغول أن الرئيس التركي السابق اختلف مع أردوغان‬ ‫حول احتجاجات الشباب التي اندلعت في أنحاء تركيا في يونيو ‪.2013‬‬ ‫وأوض ��ح ألول م��رة أن محمد‪ ،‬اب��ن عبدالله غ��ول‪ ،‬اصطحب عشرة من‬ ‫أصدقائه إلى القصر لينقلوا لغول وجهة نظره في عنف الشرطة املبالغ به‬ ‫ضد املتظاهرين‪ ،‬وأن ذلك دفع غول التخاذ موقف معتدل في حني اعتبر‬ ‫أردوغان أن املظاهرات كانت متثل محاولة لإلطاحة بحكومته‪.‬‬ ‫ولفت الكتاب إلى سبب معارضة عبدالله غول لطلب أمريكي باستخدام‬ ‫األراضي التركية لغزو العراق في مارس ‪ .2003‬وقال إن سبب اعتراضه‬ ‫كان تقريرا رفعه رئيس األركان التركي «حلمي أوزكوك» جاء فيه أن السماح‬ ‫للقوات األمريكية بعبور تركيا يستوجب فرض «حالة الطوارئ» في مناطق‬ ‫حترك القوات األمريكية حفاظاً على األمن‪.‬‬ ‫‪‎‬وقال سيفير إن غول اعتبر أن إعالن «حالة الطوارئ» سوف ميثل خطوة‬ ‫إلى ال��وراء في مسار تعزيز الدميقراطية في تركيا‪ .‬ويكشف أن أردوغان‬ ‫ظل مؤيدا ملشاركة تركيا عسكرياً في احتالل العراق‪ ،‬األمر الذي رفضه‬ ‫البرملان التركي‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن أحمد سيفير كان عمل مستشارا صحفيا لعبدالله غول ملدة‬ ‫‪ 12‬سنة تغطي فترة ‪ 2014 2000-‬عمل غول أثناءها رئيسا للحكومة‪ ،‬ثم‬ ‫وزيرا للخارجية‪ ،‬وأخيرا رئيسا للجمهورية‪.‬‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫حق األربعاء‬

‫عن الثيران‪ ..‬وحليب الحمارة؟‬ ‫محمد عقيلة العمامي‬ ‫الكلمات‪ ،‬خصوصا املترجمة من لغة ثانية‪ ،‬مخادعة جداً وأحياناً‬ ‫جتنح بالكاتب بعيداً عن هدفه‪.‬‬ ‫كتب أحد األصدقاء واصفاً السيد بيرناردينو ليوني‪ ،‬مبعوث‬ ‫األمم املتحدة حلل األزم��ة الليبية‪ ،‬بسبب جنسيته االسبانية‪،‬‬ ‫مبصارع الثيران‪.‬‬ ‫املصارعة رياضة‪ ،‬والرياضي غالباً متميز‪ ،‬وهكذا تكون سخرية‬ ‫ال��وص��ف م��ن الليبيني‪ ،‬فهم م��ن وص �ف��وا ب��ال�ث�ي��ران‪ ،‬ول�ي��س من‬ ‫السيد ‪ ‬ليوني‪ ،‬ألنه هو الرياضي املتميز! ولكن‪ ،‬لو أن صديقي‬ ‫الكاتب استعمل كلمة (املاتادور ‪ )matador ‬وهي شائعة باللغات‬ ‫األخرى غير االسبانية‪ ،‬وتستعمل بدالً لكلمة مصارع الثيران في‬ ‫تلك اللغات‪ ،‬متاماً كما نستعمل كلمة (بيتسا) في لغتنا العربية‬ ‫بدال من الفطيرة! ‪ ‬لكانت كلمة (املاتادور) أبلغ بكثير‪ ،‬ألنها تلغي‬ ‫نعت السيد ليوني بالرياضي‪ ،‬بل وتصفه بالقاتل‪ ،‬أو املميت!‬ ‫فكلمة (م��ات��ا‪ ..‬دور) ه��ي‪ ،‬في ال��واق��ع كلمتني‪ ،‬أصلهما عربي‬ ‫فهي‪ :‬مات ‪ -‬ثور‪ ،‬يعني مميت أو قاتل الثور‪ ،‬وليوني‪،)Leone( ‬‬ ‫كما تعلمون‪ ،‬تعني أسد! ‪ ‬وهكذا‪ ،‬باستعارة التشبيه‪ ،‬نحن نكون‬ ‫مجرد ثيران‪ ،‬وليوني (األسد) ‪ ‬صار هو قاتلنا! وبالطبع يُستشف‬ ‫من دعوة برلني ملقابلة الكبار‪ ،‬الذين يستمد منهم القوة والقدرة‬ ‫على حتريك سياسة اجلزرة والعصا‪ ،‬انه يصبح بالفعل أسداً‪،‬‬ ‫وبالتالي ليس أمام الثيران إال خيارين‪ :‬أما أن تهرب‪ ،‬أو تضحى‬ ‫بعجل أو عجول منها حتى تصل آمنة إل��ى موسم اإلخصاب‬ ‫وتتكاثر‪ ،‬وتستمر احلياة مبعاييرها الغربية والشرقية‪.‬‬ ‫والثيران‪ ،‬لم تستوعب اللعبة‪ ،‬خصوصا جيلي أن��ا‪ ،‬ألننا أخوة‬ ‫للحمير في الرضاعة! فمن من جيلي لم يعاجلونه في طفولته‬ ‫م��ن السعال الديكي‪ ،‬أو (ال�ش�ح��اره)‪ ،‬بشرب ل�بن احلمير وهو‬ ‫دافئ؟ فصرنا من حينها أخوة اجلحوش في الرضاعة!‬ ‫كنا نعلم أن الكبار في العالم يلعبون لعبة ترمي إلى تفتيت األمة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وجعلها إم��ارات ودول صغيرة‪ ،‬ألن التجربة أثبتت‬ ‫جناحها ف��ي السيطرة على أه��ل تلك ال��دوي�لات وم�ق��درات�ه��ا!‬ ‫واملعطيات الواضحة اآلن تقول أنهم بدأوا بالعراق التي كانت‬ ‫قوة عسكرية تهدد‪ ،‬كما قالوا أمن املنطقة؛ ولقد اقترح مجلس‬

‫الشيوخ مؤخراً تقسيمها إلى ثالث دويالت! واجلهود متواصلة‬ ‫في سوريا واليمن وليبيا!‬ ‫ولعل دعوة السيد كيسنجر‪ ،‬التي أطلقها ونشرها في أكثر من‬ ‫صحيفة منذ ح��رب النفط‪ ،‬مباشرة بعدما انتبه إل��ى أهميته‬ ‫وارتفاع أسعاره‪ ،‬أنه البد من إيجاد ثغرة تُستنزف من خاللها‬ ‫أموال الدول املنتجة للنفط! ‪ ‬أليس الرصاص والقنابل واخلراب‬ ‫صورة من صور استنزاف أموال النفط‪ ...‬واألرواح أيضا؟‬ ‫وقالت أمريكا إمبراطورية العصر احلديث و «أمهر رماة هذا‬ ‫العصر» بعد كارثة برج التجارة العاملي‪ :‬أن التطرف اإلسالمي‬ ‫متنامي في العالم‪ ،‬وينبغي التصدي له ومعاجلة احلالة قبل‬ ‫استفحالها‪ ،‬وح��اول��وا مواجهة العنف بالعنف‪ ،‬ول�ك��ن ال يبدو‬ ‫أن الفكرة جنحت‪ .‬وتطوع مفكر ال أذك��ر اسمه‪ ،‬واقترح دعم‬ ‫اإلس�لام الوسطى بحيث تؤسس ل��ه دول��ة دينية تكون مهمتها‬ ‫استقطاب الشباب‪ ،‬بتوفير فرص التعليم‪ ،‬والعمل حتى ال يغريهم‬ ‫العنف والتطرف‪ ،‬ولألسف الشديد لم يخبرهم أحد أن معظم‬ ‫حركات التطرف خرجت من حتت عباءة من يدعون الوسطية‬ ‫اإلسالمية!‬ ‫وهناك من يقول أن األسلم هو فتح األب��واب والنوافذ ملختلف‬ ‫أف��ك��ار اإلن �س��ان �ي��ة‪ ،‬وه ��و م��ش��روع ال��دمي �ق��راط �ي��ة‪ ،‬وص �ن��ادي��ق‬ ‫االنتخابات ودعموا الفكرة‪ ،‬ولكن عندما لم تصل بنتائجها إلى‬ ‫ما يريدونه افسدوا اللعبة‪ ،‬لتُلعب من جديد حتى توتي بالنتائج‬ ‫التي يريدونها‪.‬‬ ‫وأنا‪ ،‬مثل الكثيرين‪ ،‬حائر جداً‪ ،‬ال أعرف ما الصحيح في هذه‬ ‫اللعبة! وأي��ن أجت��ه وأي األف �ك��ار أت�ب�ن��ي؟ عقلي‪ ،‬ولعله بسبب‬ ‫حليب احلمارة! عاجز عن التفكير‪ ،‬وإن كنت أرى‪ ،‬لو أنهم فقط‬ ‫يخبرونا صراحة‪ ،‬جهاراً نهاراً‪ ،‬مبا يريدون فإننا سنتقبل األمر‬ ‫ألننا ببساطة نريد أن نعيش بقية أيامنا‪ ،‬نحن جماعة حليب‬ ‫احلمارة‪ ،‬في أمن وسالم‪ ،‬وأن نرى أحفادنا‪ ،‬الذين لم يتذوقوا‬ ‫ذاك احلليب‪ ،‬أسوداً سريعي الفهم‪ ،‬والقدرة على ‪ ‬خلط األوراق‪،‬‬ ‫وفهم ما يريده (صاحب الكورة)! وهكذا‪ ،‬مثلما بالتأكيد انتبهتم‪،‬‬ ‫أنني أعلن موافقتي‪ ،‬لو فقط يخبرني ابن حالل‪ :‬هما (شنو يبو)‬


‫بالضبط؟ ب��دالً من مغبة سفر يقوم به الفاهمون‪ ،‬واحملللون‪،‬‬ ‫واملتسلقون إلى جنيف وأملانيا‪ ،‬من دون تأشيرات دخول‪ ،‬وتذاكر‬ ‫سفر لم يعد أغلب الليبيني قادرين على تغطيتها حتى لرحالتهم‬ ‫القصيرة‪ ،‬لدرجة أنهم ينتظرون ثالثة أي��ام في طبرق ليعبروا‬ ‫حدودهم نحو مصر‪ ،‬بسيارات نص نقل‪ ،‬وأقسم لي صديق أنه‬ ‫شاهد من عبرها فوق ظهر أخت له في الرضاعة! وال حول وال‬ ‫قوة إ ّال بالله العلى العظيم!‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫الكتاب الثامن عشر م��ن سلسلة كتاب املستقل ال��ذي ت��ص��دره مجلة املستقل ال��ص��ادرة عن‬ ‫املنظمة الليبية للصحافة وحيادية املعلومات كان عبارة عن مجموعة قصصية حتت عنوان‬ ‫(تفاحة البرملان) ـ وهو اسم أحدى قصص املجموعة ـ ‪ ‬للقاص والصحفي الليبي عبد الرحمن‬ ‫سالمة والذي جاء في ‪ 115‬صفحة من القطع املتوسط‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫تفاحة البرلمان‬

‫سخرية صارخة تثير دهشة القراء‬

‫وهي املجموعة القصصية الثانية له بعد‬ ‫ص��دور مجموعته األول��ى (م��ن أي��ن تؤكل‬ ‫الكتف) سنة ‪.2009‬‬ ‫اح �ت��وت امل�ج�م��وع��ة ع�ل��ى خ�م�س�ين قصة‬ ‫م �ت �ن��وع��ة ت ��وزع ��ت ب�ي�ن ق �ص��ص ق�ص�ي��رة‬ ‫وق� �ص ��ص ق �ص �ي��رة ج � ��داً وأق��ص��وص��ات‬ ‫وومضات قصصية‪.‬‬ ‫وقد قدم لهذه املجموعة القصصية القاص‬ ‫والشاعر الليبي جمعة الفاخري وال��ذي‬ ‫صاغ مقدمة فنية ولغوية جميلة ملجموعة‬ ‫قصص تفاحة البرملان لم تخلو من طابع‬ ‫نقدي نقتبس منها هذا املقطع‪« :‬والقاص‬ ‫يقدم قصصه بلغة سهلة ال تتفيهق على‬ ‫متلقيها‪ ،‬وال تستعير لها أسمال الفلسفة‪،‬‬ ‫فهي لغة مباشرة متضي إلى فهم املتلقي‬ ‫دون التواء‪ ،‬وال كثير عناء‪ .‬يتكئ سالمة‬ ‫ف��ي ج��ل ق�ص�ص��ه ع �ل��ى ال �س �خ��ري��ة ال�ت��ي‬ ‫يجيدها ليمنح قصصه خواتيم شائقة‪،‬‬ ‫فيحكم بسخريته مختتمات قصصه‪،‬‬ ‫في نهايات مفاجئة مدوية‪ ،‬فتظهر جلية‬ ‫مفارقاته العذبة املدهشة‪ ،‬وفي مراوغاته‬ ‫وهو يقترح قفالته املتقنة‪ ،‬فيضفي على‬ ‫نهاياته دهشة ناعمة يسربها إل��ى ذائقة‬ ‫املتلقي بهدوء حميم‪ ،‬دون صخب مدو‪،‬‬ ‫باعثا االنفعال املشتهى في نفس قارئه‪،‬‬

‫مثيرا أعماقه‪ ،‬مفتتنا وجدانه‪ .‬لذا كانت‬ ‫ج ��ل ق�ص�ص��ه ت �ت��وش��ى ب �ن �ه��اي��ات الم �ع��ة‪،‬‬ ‫وت �ت��وش��ح ب�س�خ��ري��ة ص��ارخ��ة ت�س�ك��ب في‬ ‫أعماق متلقيها دهشة وابهار‪ ».‬ص‪.9‬‬ ‫ل �ع��ل م �ق��دم��ة ال �ك��ات��ب ج�م�ع��ة ال �ف��اخ��ري‬ ‫أمل��ت بالكثير من جوانب ه��ذه املجموعة‬ ‫القصصية وهو القاص املخضرم واملتمرس‬ ‫واملتخصص في كتابة املقدمات للكثير من‬ ‫الكتاب الليبيني مما يجعل الكتابة على‬ ‫مجموعة تفاحة ال�ب��رمل��ان صعبا‪ ،‬خوفا‬ ‫من الوقوع في تكرار ماجاء في التقدمي‬ ‫خاصة وان املجموعة رغم احتوائها على‬ ‫خمسني قصة إال أن�ه��ا ال ت��أخ��ذ الكثير‬ ‫من الوقت للقراءة وليس هناك من كثير‬ ‫ميكن أن يقال عنها إال أننا سنحاول هنا‬ ‫أن نلتقط بعض اإلشارات ونتلمس بعض‬ ‫األفكار والرؤى الذي حاول عبد الرحمن‬ ‫س�ل�ام ��ة ط��رح �ه��ا م ��ن خ �ل�ال م�ج�م��وع��ة‬ ‫القصص ال��ذي احتوتها املجموعة وتظل‬ ‫هذه اإلطاللة على هذه املجموعة قراءة‬ ‫خاصة قابلة للنقاش‪.‬‬ ‫نالحظ من خالل قراءتنا للمجموعة أن‬ ‫القاص عبدالرحمن سالمة أشتغل على‬ ‫أن تكون اغلب قصصه تدور خارج الزمان‬ ‫وامل�ك��ان فال توجد فيها تاريخ محدد أو‬

‫حدث واضح ومعلوم ميكن االستناد أليه‬ ‫لتحديد زم��ن احل ��دوث وك��ذل��ك ال يوجد‬ ‫ذكر ملكان محدد إال مرة واحدة في قصة‬ ‫(ال� �س���روال) ذك���رت ف�ي�ه��ا م��دي�ن��ة طبرق‬ ‫كرد عن س��ؤال‪ :‬هل أنت غريب من هذه‬ ‫املنطقة؟ وحتى هنا كان ميكن االستغناء‬ ‫ع��ن ه ��ذا ال�ت�ح��دي��د امل �ك��ان��ي ف �ك��ون ال��رد‬ ‫ج��اء‪ :‬نعم أن��ا من طبرق‪ ..‬لم يكن مؤثرا‬ ‫ف��ي أح� ��داث ال �ق �ص��ة‪ ..‬ه ��ذا االس�ت�غ�ن��اء‬ ‫ع��ن زمكانية القصص يبدو ل��ي ان��ه كان‬ ‫مقصودا من القاص كونه استعاض عن‬ ‫ذل ��ك ب��ال�ت��رك�ي��ز ع�ل��ى امل �ف��ارق��ات اللغوية‬ ‫وعلى النهايات الصادمة للقصص وجعل‬ ‫الكثير من القصص محملة بقيم وافكار‬ ‫وروئ وتصورات مثالية تدعو لها القصص‬ ‫بشكل شبه مباشر حيث يشير الكاتب‬ ‫كثيرا الى مجموعة من الظواهر السلبية‬ ‫للفلت النظر الى ما يجب أن يكون‪.‬‬ ‫ورغ� ��م ذل���ك ل ��م ي�س�ت�ط�ي��ع ع�ب��دال��رح�م��ن‬ ‫سالمة أن يتنصل من محيطه فنستطيع‬ ‫ببعض التمعن ان نكتشف ان املجموعة‬ ‫القصصية تتحدث ع��ن ليبيا واملجتمع‬ ‫الليبي بل ونستكهن أيضا انها تتناول ليبيا‬ ‫في األربعة أع��وام األخيرة وتظهر بعض‬ ‫اإلحاالت على خصوصية احلالة الليبية ـ‬


‫خاصة في السنوات االربع االخيرة ‪ ‬ـ في‬ ‫قصص مثل (الكرسي‪ ،‬مرشح‪ ،‬الشعلة‪،‬‬ ‫جوع‪ ،‬سجني‪ ،‬القلم االسود‪،‬حبر‪،‬شمروخ‪،‬‬ ‫تربص‪ ،‬فاطمة‪ ،‬ه��ول‪ ،‬مشاهدة‪ ،‬قائمة‪،‬‬ ‫خريف‪،‬وغيرها)‪.‬‬ ‫هذه اإلحاالت خلصوصية احلالة الليبية‬ ‫ح� ��اول ال �ك��ات��ب إخ �ف��ائ �ه��ا ف��ي إط� ��ار من‬ ‫العمومية والشمولية ال ميكن لك اكتشافها‬ ‫عند االط�لاع على قصة واح��دة او اثنني‬ ‫م��ن امل�ج�م��وع��ة ب��ل تستشفها م��ن خ�لال‬ ‫ق��راءة املجموعة كاملة بداية من عنوانها‬ ‫(تفاحة البرملان) فثقافة البرملان تعتبر‬ ‫ف �ك��رة ج��دي��دة ع �ل��ى امل�ج�ت�م��ع ال�ل�ي�ب��ي ملا‬ ‫يتعرف على ممارستها إال مؤخراً لذلك‬ ‫ش��اب ه��ذه الفكرة الكثير من املمارسات‬ ‫اخل��اط �ئ��ة واك �ت �ش��ف ال�ل�ي�ب�ي�ي��ون أن فيها‬ ‫الكثير من الثغرات التي ال تتماشى مع‬ ‫مجتمعهم وعقليتهم رغم انها قدمت لهم‬ ‫كحل مثالي وجميل لكل إشكاليات الوضع‬ ‫الليبي فعمد القاص بأسلوبه شبه ساخر‬ ‫إلى إظهار هذه املفارقة في هذه التجربة‬ ‫وما واكبها من إس��اءة استخدام الفكرة‪..‬‬ ‫وك � ��ان ال �ن �ص �ي��ب األك� �ب ��ر م ��ن ال �س �خ��ري��ة‬ ‫م��ن ن�ص�ي��ب امل��رش �ح�ين وال �ط��ام �ع�ين في‬

‫عضوية البرملان والباحثني عن املناصب‬ ‫وال �ك��راس��ي ال��واص�ل�ين إليها على أح�لام‬ ‫ال �ن��اس واح�ت�ي��اج��ات�ه��م‪ ..‬فقصص كثيرة‬ ‫من املجموعة كان البرملان بطال رئيسيا‬ ‫فيها مثل ‪( :‬الكرسي‪ ،‬مرشح‪ ،‬حبر‪ ،‬طيف‪،‬‬ ‫ن��اك��ر‪ ،‬تكليف‪ ،‬م��ن احل �ب��ة ق �ب��ة‪ ،‬رص�ي��د‪،‬‬ ‫موت‪ ،‬مسئول‪ ،‬تفاحة البرملان)‪.‬‬ ‫غمس أصابعه في حبر االنتخابات‪..‬‬ ‫أختار أحد املرشحني‪..‬‬ ‫فظل ينزف حتى مااااااااات‪.‬‬ ‫(حبر) ص‪.33‬‬ ‫لم تخلوا املجموعة من بعض االلتقاطات‬ ‫مل��واق��ف إن �س��ان �ي��ة وق �ي��م ج�م��ال�ي��ة راق �ي��ة‬ ‫ومواقف أخرى غير إنسانية أو أخالقية‬ ‫باملرة رصدها القاص ورأى أنها جديرة‬ ‫بالتوثيق واإلش��ارة إليها‪ .‬وح��اول إبرازها‬ ‫م��ن خ�لال التضاد وامل �ف��ارق��ة‪ ..‬وه��و دور‬ ‫مهم يلعبه األدب في إعادة تهذيب نفوسنا‬ ‫وهنا أقول أن عبدالرحمن سالمة أعطى‬ ‫ه ��ذا اجل��ان��ب ال�ك�ث�ي��ر م��ن اه�ت�م��ام��ه في‬ ‫ه��ذه املجموعة ول��م يكن حياديا باملرة‪..‬‬ ‫ب��ل م �ن �ح��ازا ب��ال �ك��ام��ل إل ��ى ق �ي��م اجل �م��ال‬ ‫واإلن�س��ان�ي��ة وال �ص��دق وال��وف��اء‪ ،‬ومشبعا‬ ‫ب��األح�لام وراف �ض��ا للكثير م��ن الظواهر‬

‫والسلبيات التي اجتاحت مجتمعه‪..‬‬ ‫«توسطهم ببطنه املنفوخة التي اعاقت‬ ‫جلسته باعتدال‪ ،‬صافحوه وهو مضطجع‬ ‫على جنبه االي �س��ر‪ ،‬تهكم على اجلميع‬ ‫كعادته‪ ،‬صفعه صبي فقير عندما أعطاه‬ ‫درسا في االخالق‪( ».‬مقلب) ص ‪.57‬‬ ‫وما مييز املجموعة أن القاص عبدالرحمن‬ ‫سالمة متسك بابجديات القصة القصيرة‬ ‫(البداية‪ ،‬العقدة‪ ،‬اخلامتة) ـ وهو ما اشار‬ ‫اليه جمعة الفاخري في مقدمته ـ دون ان‬ ‫يقع في مطب التنظير واخلطابة لذلك‬ ‫ج���اءت ق�ص�ص��ه ش�ي�ق��ة خ��ال�ي��ة م��ن امللل‬ ‫خفيفة على املتلقى تلمس شغاف روحه‬ ‫بسالسة وت�خ��اط��ب عقله ب��رف��ق‪ ،‬لتترك‬ ‫بصمتها بخفة ومتضي أنت معتقداً أنها‬ ‫لم تترك أثرا فيك ولكنها حتفر عميقا في‬ ‫داخلك وبكل نعومة‪.‬‬ ‫في اخلتام أجدني متفقا مع ماكتبه القاص‬ ‫جمعة الفاخري في مقدمته كون أن عبد‬ ‫الرحمن سالمة لم يأتي بجديد على سبيل‬ ‫التجريب أو االبتكار القصصي املختلف‪..‬‬ ‫أال أنني أضيف أن سالمة لم يكن يبحث‬ ‫ع��ن اب�ت�ك��ار ج��دي��د او ب ��راءة اخ �ت��راع في‬ ‫ه��ذه املجموعة ب�ق��در م��ا ك��ان يعاني من‬ ‫خيبة آم��ل في الواقع ويبحث عن احالم‬ ‫رومانسية في مستقبل مجهول‪ ،‬واتفق معه‬ ‫ايضا ان الصحفي في داخل عبدالرحمن‬ ‫سالمة القى بظالله على ال�ق��اص حيث‬ ‫فقام بدوره في تعرية املجتمع ونقده ولكن‬ ‫دون أن يخون روح القاص وثقافته‪.‬‬ ‫وت �ب �ق��ى امل �ج �م��وع��ة ال�ق�ص�ص�ي��ة (ت�ف��اح��ة‬ ‫البرملان) إضافة إلى مكتبة األدب الليبي‬ ‫ف��ي ال �ق �ص��ة ال �ق �ص �ي��رة وه ��و ص �ن��ف من‬ ‫األدب أرى شخصيا أن��ه من أه��م وأجنح‬ ‫صنوف األدب في ليبيا وأكثرها تطورا‬ ‫مقارنة بالرواية والشعر مثال وان ليبيا‬ ‫زاخ��رة بقصاصني كبار ولكنهم لم ينالوا‬ ‫ح�ظ�ه��م م��ن االض � ��واء ب �ع��د‪ ..‬رغ ��م أنهم‬ ‫وضعوا أقدامهم على الطريق وسيصلون‬ ‫قريباً كالقاص أحمد يوسف عقيلة وعمر‬ ‫الككلي وجمعة الفاخري والصديق بودوارة‬ ‫ومحمد املسالتي وغيرهم‪.‬‬ ‫تفاحة البرملان مجموعة قصصية شهية‬ ‫سهلة الهضم‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫الفنانة والمخرجة الليبية سعاد خليل تنال جائزة أفضل ممثلة في لبنان‪:‬‬

‫مهرجان يجيب عن أسئلة المسرح العربي‬

‫ش��ارك��ت الفنانة واملخرجة الليبية ف��ي فعاليات مهرجان صور‬ ‫املسرحي الدولي في لبنان بدورته الثانية‪ ،‬من خالل مشاركتها‬ ‫في جلنة التحكيم‪ ،‬كما نالت جائزة أفضل ممثلة عن دورها في‬ ‫مسرحية «حنني الليل»‪.‬‬ ‫وعبرت سعاد خليل عن سعادتها بالتواجد في جلنة التحكيم وأنها‬ ‫رغ��م ظ��روف احل��رب التي تعيشها بالدها إال أنها أص��رت على‬ ‫القدوم إلى للبنان للمشاركة باملهرجان‪.‬‬ ‫وقد انطلقت فعاليات الدورة الثانية من مهرجان صور املسرحي‬ ‫الدولي والذي ينظمة مسرح إسطنبولي في مدينة صور اللبنانية‬ ‫بني ‪ 6‬ولغاية ‪ 10‬يونيو اجلاري مبشاركة كل من مصر واجلزائر‬ ‫وتونس وليبيا والعراق وإيران واسبانيا وفلسطني وسوريا ولبنان‪.‬‬ ‫افتتح املهرجان بكرنفال شارع انطلق من وسط املدينة وصوالً إلى‬ ‫املسرح ومبشاركة فرق موسيقية وفلكلورية لبنانية وفلسطينية‬ ‫وبحضور حشد من أبناء صور وفعالياتها ووفد من بلدية املدينة‬ ‫ومم�ث� ً‬ ‫لا ع��ن وزارة الثقافة اللبنانية واملصرية ونقابة الفنانني‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬وق��د افتتح املهرجان بعرض فيلم وثائقي عن حياة‬ ‫املسرحي الراحل «رميون جبارة»‪.‬‬ ‫واختتمت فعاليات مهرجان ص��ور املسرحي ال��دول��ي ف��ي لبنان‬ ‫بدورته الثانية بالعرض اإليراني «العرس التقليدي» للمخرج حسن‬ ‫إينياتابور‪ ،‬والذي تناول فلكلور وتراث العرس اإليراني التقليدي‬ ‫القدمي‪ ،‬وشارك فيه ‪ 15‬ممثل وممثلة‪ ،‬ليسجل بذلك أول عرض‬ ‫إيراني يشهده اجلنوب اللبناني‪.‬‬ ‫ه��ذا وعبرت الفنانة نضال األشقر عن سعادتها بهذا االجن��از‬ ‫التاريخي ملهرجان صور املسرحي الذي ينشط املسرح في لبنان‬ ‫والوطن العربي‪ ،‬وأن ما يقوم به «مسرح إسطنبولي» يعتبر حالة‬

‫نوعية على اجلميع في لبنان دعمها والوقوف الى جانبها‪ ،‬أما‬ ‫الشاعر جورج غنيمة ممث ً‬ ‫ال بلدية صور فقد اعتبر أن ما قام به‬ ‫إسطنبولي عجزت عنه وزارة الثقافة في لبنان من خالل إقامة‬ ‫حركة مسرحية عربية ودولية بهذا احلجم وبإمكانيات تكاد تكون‬ ‫معدومة‪ ،‬وأن بلدية صور وأهلها إلى جانب هذا املشروع الذي‬ ‫يعتبر جزء من هوية املدينة ومستقبلها‪.‬‬ ‫وج��اءت نتائج املهرجان على الشكل التالي‪ :‬فازت إي��ران بجائزة‬ ‫أفضل موسيقى‪ ،‬وفاز مسلم علي من العراق بجائزة أفضل ممثل‬ ‫عن مسرحية «الطبيب االخ��ر»‪ ،‬كما حصدت املسرحية جائزتي‬ ‫أفضل نص وأفضل عمل متكامل من إعداد كرمي خنجر‪ ،‬وفازت‬ ‫اللبنانية هبة بزي بجائزة أفضل ممثلة أما جائزة أفضل مخرج‬ ‫لزين العابدين السباعي عن مسرحية «ما بقى بدها» من لبنان‪.‬‬ ‫تكرمي املسرحي الراحل رميون جبارة‬ ‫وفي اخلتام كرمت مدينة صور املسرحي الراحل رميون جبارة‪،‬‬ ‫فقدم مؤسس املهرجان املمثل واملخرج قاسم إسطنبولي درعا‬ ‫تكرميياً إلى جنله عمر جبارة ال��ذي اعتبر هذا املهرجان الذي‬ ‫حمل اسم والده في مدينة صور فيه روح الوفاء والتقدير الكبير‬ ‫إلى تاريخ جبارة‪.‬‬ ‫ومن بعدها قدم الفنان إبراهيم فرحات عدد من األغانية الطربية‬ ‫كما شاركت الفنانة السورية منى محمد ورافقتهما بالعزف على‬ ‫الغيتار ‪ .‬هذا وأقيم خالل املهرجان كرنفال شارع وحفل موسيقي‬ ‫لفرقة أليسار وأمسية شعرية جمعت االسبانية أنا سندريرو ألفرس‬ ‫والكاتب سمير سيكماني‪ ،‬وقدم الفريق العراقي عرض مسرحية‬ ‫«الطبيب اآلخر» من إخراج كرمي خنجر وتناولت املسرحية الواقع‬


‫العراقي‪ ،‬وقدمت فرقة ‪ 107‬من لبنان عرض مسرحية «ما بقى‬ ‫بدها»‪ ،‬وتناولت املسرحية الواقع القض ّية الفلسطين ّية في ظل‬ ‫العربي والتّضليل اإلعالمي‪ ،‬وعرضت مسرحية «الهاوية»‬ ‫التواطؤ‬ ‫ّ‬ ‫من إخ��راج اللبناني هيثم احل��اج وتناولت ال�ص��راع النفسي بني‬ ‫اخلير والشر‪.‬‬ ‫وعلى هامش املهرجان أقيمت ورشة عمل قدمتها أنا سندريرو‬ ‫ألفرس من إسبانيا وش��ارك فيها ط�لاب محترف تيرو للفنون‪،‬‬ ‫وأقيمت ندوة حتت عنوان املسرح العربي إلى أين؟ أدارتها سعاد‬ ‫خليل وجبريل محفوظ ب��اإلض��اف��ة إل��ى مناقشة ال �ع��روض بعد‬ ‫عرضها‪.‬‬ ‫عبرت املخرجة االسبانية «أن��ا سندريرو أل�ف��رس» عن فرحتها‬ ‫بالتواجد في مهرجان صور املسرحي الذي اعتبرته اجنازاً مهماً‬ ‫للبنان مما يتيح للجمهور األوروب��ي التعرف على املسرح العربي‬ ‫ويساهم في دمج الثقافات املختلفة‪.‬‬ ‫هذا واعتبر الفنان اللبناني منير كسرواني أن تكرمي الراحل رميون‬ ‫جبارة في مدينة صور حدث مهماً كون املهرجان يحمل اسمه وفيه‬ ‫روح الوفاء لتاريخ جبارة ملا قدمه للبنان وللمسرح العربي وأن ما‬ ‫يقوم به مسرح إسطنبولي من مهرجانات مسرحية وسينمائية‬ ‫وموسيقية في مدينة صور أعاد احلياة الثقافية إلى اجلنوب‪.‬‬ ‫واعتبر املمثل العراقي أحمد شوقي املهرجان باحلدث الثقافي املهم‬ ‫رغم غياب الدعم احلقيقي إلدارة املهرجان التي تصنع من الضعف‬ ‫ق��وة وتكتب تاريج مدينة ص��ور املسرحي بتأسيس أول مهرجان‬ ‫مسرحي في اجلنوب اللبناني في العام الفائت واالن تستكمل‬ ‫املهرجان بدورته الثانية لهذا العام‪ ..‬وفي اخلتام جال احلضور على‬ ‫معرض الصور والرسومات عن أرشيف سينما احلمرا‪.‬‬

‫جوائز املهرجان‬ ‫> جائزة أفضل عرض متكامل وحتصلت عليها الفرقة اجلزائرية‬ ‫عن مسرحية بخور عصري للمخرج هارون الكيالني‪.‬‬ ‫> جائزة أفضل ممثلة وحتصلت عليها الفنانة سعاد خليل من‬ ‫ليبيا عن دورها في مسرحية حنني الليل‪.‬‬ ‫> جائزة أفضل ممثل وحتصل عليها الفنان وحيد بهديني من‬ ‫كردستان العراق عن دوره في مسرحية لوجك‪.‬‬ ‫> جائزة أفضل مخرج وسينوغرافيا وحتصل عليها املخرج وليد‬ ‫الدغنسي من تونس عن مسرحية إلتفاف‪.‬‬ ‫> جائزة أفضل نص مسرحي وحتصل عليها الكاتب السعودي‬ ‫ابراهيم احلارثي عن مسرحية اإلنتظار للفرقة السعودية‪.‬‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫عيون تطاون‪ ..‬شيء من األندلس‬

‫المغرب‪ :‬عبد الوحيد خوجة‬ ‫بربرية التضاريس‬ ‫غرناطية امللمس‬ ‫قرطبية املبسم‬ ‫إشبيلية احمل ّيا‪.‬‬ ‫هكذا هي تطاون‪ ،‬حمل النازحون معهم من األندلس جمال مدنهم‬ ‫وقراهم وأضافوه إلى تضاريس املوقع فأعطاه جمالية‪.‬‬ ‫حلوا في بداية املقام حاملني معهم أمل العودة‪ ،‬قطعوا البحر‪،‬‬ ‫فالتقطتهم جبال غورغيز ودرس��ة حضنتهم‪« ،‬ورم��ت معاطفها‬ ‫وخبأتهم» (م‪.‬درويش)‪.‬‬ ‫طال بهم املقام فقرروا النبات بها‪ ،‬حملوا معهم ما تبقى من نسخ‬ ‫ابن رشد وابن باجة وابن زيدون ثم ركبوا املوج ليحلوا بالضفاف‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫ع��اش��وا يسكنهم احلنني إل��ى بداياتهم‪ ،‬حياتهم حنني‪ ،‬وموتهم‬ ‫حنني‪ ،‬وبيوتهم حنني‪ ،‬وقبورهم حنني‪.‬‬ ‫وألن احلنني «ندبة في القلب» (م‪.‬درويش) فقد أفرطوا في حتويل‬ ‫احلاضر إلى ماضي‪.‬‬ ‫فتح وفتح مضاد‪ .‬طردهم الصليب وطاردهم حيثما حلوا‪.‬‬ ‫باألمس ساروا وراء صاحب الصخرة واستجابوا لندائه‪« :‬البحر‬ ‫وراءكم والعدو أمامكم»‪ ..‬واليوم ضلوا الطريق وانقلب الشعار إلى‬ ‫«البحر أمامكم والعدو وراءكم»!‪.‬‬ ‫تيط‪ /‬تطاون‪.‬‬ ‫عني عيون‪.‬‬ ‫في البدء كان امل��اء‪ ..‬تيط‪ ،‬ثم العيون‪ ،‬فتطاون‪ ،‬ال يعرف اليوم‬ ‫أحد أسماء عيون تطوان وضواحيها‪ ،‬كثيرة‪ ،‬متدفقة على الدوام‪.‬‬ ‫اغبالو‪ ،‬ادرو‪ ،‬جنب الدار‪ ،‬عني كبيرة‪ ،‬العني الزرقاء‪.‬‬ ‫تطاون ملتقى العائدين من األندلس والفارين من جحيم جفاف‬ ‫الريف‪ ،‬أصبحت لهم قبلة رغم قساوة رياح الشرقي التي تهب دون‬ ‫ميعاد صيفاً خريفاً شتا ًء وربيعاً‪.‬‬ ‫روى البعض عن الشيخ سيدي عبد الرحمان املجدوب أنه قال‬ ‫أن «ه��واء تطوان سم»‪ .‬كذب ال��رواة وصدق أبي الذي أتاها في‬ ‫األربعينات هرباً من شح بالد الريف‪ ،‬أحبها وجعل منها وطنه وبها‬ ‫سقط رأسي عن سبق إصرار وترصد‪.‬‬

‫في حي العيون في قلب املدينة العتيقة وج��د أب��ي مستقراً له‪.‬‬ ‫مارس فيها جتارته وجاور أستاذه ومرشده‪ .‬الفقيه التوجغاني‪.‬‬ ‫لم أكن أعير لكالم أبي عن الشيخ اهتماماً كبيراً‪ ،‬إلى أن رأيته‬ ‫في أواسط السبعينات من القرن املاضي‪« .‬واثق اخلطوة ميشي‬ ‫ملكا»‪ .‬صوفية مفرداته‪ .‬ربانية صالته‪ .‬مالئكية حركاته‪.‬‬ ‫يعود األب إلى أرضه بالريف‪ .‬أكاد أسمعه وهو يردد مع شاعر‬ ‫عاشق لتيطاون مثله‪:‬‬ ‫«أتطوان إني ما هجرتك راضيا‬ ‫وال ملت يوماً عن فضاءك ساليا»‪.‬‬ ‫في غفلة من االلتزامات القاتلة‪ ،‬خرجت صباحا أبتغي وقتاً لي‬ ‫بال ساعة‪ .‬تستقبلني شوارع تطوان‪ .‬فارغة كقلب أم موسى‪ ،‬على‬ ‫رصيف إحدى مقاهي شارع محمد اخلامس طلبت فطوراً‪ .‬كان‬ ‫النادل ودوداً رقيقاً زادته لكنته األندلسية ر ّقة‪.‬‬ ‫انتبه جيداً لطلباتي ثم سمعته يصيح «قهوة نُص نُص وخبز وزيت‬ ‫وجنب»‪ ،‬يعود النادل بعد وقت يسير خفيفاً كالنحل‪ ،‬ناولني الفطور‬ ‫ثم انصرف يحملق في جهاز التلفاز‪ ،‬رمبا بحثاً عن نتيجة يانصيب‬ ‫أو مباراة كرة القدم‪.‬‬ ‫احلياة في الشارع بطيئة‪ ،‬هنا يعشق كثير من الناس السهر لي ً‬ ‫ال‬ ‫واالستيقاظ في منتصف النهار‪.‬‬ ‫أغ��ادر املقهى أندمج في ش��وارع تطوان الضيقة‪ .‬كل ش��يء ينم‬ ‫عن ماض حضاري رائع وعن واقع تغير بشكل ملحوظ للعيان‪.‬‬ ‫اجلدران المعة وال أثر نهائياً ألي نفايات‪.‬‬ ‫تبتلعني أزقة املالح واملصدح وسيدي السعيدي لسقالة‪ ،‬السويقة‪،‬‬ ‫كل شيء هنا معد بدقة متناهية جلعل احلياة تتناسب مع ماضي‬ ‫األندلس‪ .‬يُقدس سكان تيطاون املجدوبني‪ ،‬ذاكرة املدينة حتتفظ‬ ‫بأسماء بعضهم وت��روي عنهم كرامات عديدة‪ .‬لقد ك��ان الناس‬ ‫ينتظرون صباحاً مرور سيدي مفضل للتبرك به أو يستفزون «زرع‬ ‫كون» للضحك من مستملحاته‪.‬‬ ‫أع��ود ملقهاي زواالً علني أظفر بوجبة غ��ذاء تذكرني بلذة جنب‬ ‫املاعز الذي تناولته عند الفطور‪ .‬ال كرسي فارغ‪ ،‬زحف العاطلون‬ ‫والباحثون عن األخبار على جنبات املقاهي كلها‪.‬‬ ‫أبتعد قليال‪ ،‬تفتح احملالت التجارية أبوابها بتثاقل كبير‪ ،‬ريح تلفح‬


‫الوجوه تذكر بقرب املكان من البحر واجلبال‪ .‬أنصرف مؤقتاً دون‬ ‫اللجوء إلى ساعة أو رمل‪.‬‬ ‫يأتي املساء ثقي ً‬ ‫ال‪ ،‬أعود إلى الشارع والشمس تعانق اجلبال‪ .‬أكاد‬ ‫أشك في أن املكان هو املكان‪ ،‬لكني تيقنت من ذلك نتيجة املظهر‬ ‫اخلارجي للمقاهي واحملالت التجارية‪.‬‬ ‫جحافل من الباعة املتجولني تغزو املكان‪ ،‬هنا كل شيء معروض‬ ‫للبيع‪ ،‬إذ يصبح املتر املربع أغلى من ساحات كبرى املدن األوروبية‪.‬‬ ‫صياح وضوضاء تنسيك جمالية املكان عند الصبح‪ ،‬ينطبق على‬ ‫املكان قول «سبحان من ميسيها في شأن ويصبحها في شأن»‪.‬‬ ‫قال رفيقي وهو يطارد نحلة متربصة بكأس شايه‪« ،‬مساء تطوان‬ ‫وليله يحير العقالء والباحثني في شؤون االقتصاد»‪ .‬الباعة هنا‬ ‫قد يكونون أصحاب احملالت التجارية التي تفتح أبوابها في وسط‬ ‫النهار‪ .‬ألن أصحابها يتعاطون جتارة الرصيف إلى آخر الليل‪.‬‬ ‫أنسحب من ضوضاء املكان أبحث مع رفيقي عن مجلس يعيد لي‬ ‫صفاء تيطاون‪ ،‬فوجدت بصعوبة بالغة مكاناً في مقهى على منصة‬

‫ساحة املشور (الفدان سابقاً)‪ .‬شباب‪ ،‬كهول‪ ،‬شيوخ منخرطون في‬ ‫أحاديث صاخبة أو منشغلون بلعبة «البرجس» التي حملوها معهم‬ ‫من األندلس‪.‬‬ ‫ناولنا النادل بلطف شاياً ووضعه أمامنا في كأس طويل‪ .‬حلت‬ ‫نحلة حتوم فوق الكأس ثم نحلتان ثم سرب ليصبح تناول الشاي‬ ‫يساوي معركة مع النحل‪.‬‬

‫( ) كاتب مغربي‬

‫*‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫مذكرات «هنـــــــــــ‬ ‫‪ ..‬أول سفير أمريكي في ليبيا‬


‫إن حكاية ليبيا باألساس حكاية غزو واحتالل‪ ،‬فمنذ فجر تاريخها شهد سكانها األصليون‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ومعظمهم من أصـل بربري(‪ ،)1‬الفينيقيني املغامرين القادمني من املوانئ التجاريـة في كل‬ ‫من صور وصيدا يحتلون سواحل طرابلس في ثالث نقاط‪ :‬لبدة الكبرى‪ ،‬أويا (طرابلس)‪،‬‬ ‫وصبراتةـ كما دخلت طرابلس (أرض امل��دن الثالث) حتت هيمنة قرطاج حوالي نهاية‬ ‫القرن السادس ق‪.‬م‪ .‬ثم سرعان ما تبعهم الرومان‪ ،‬فالوندال‪ ،‬ثم البيزنطيون‪ ،‬فالعرب‪ ،‬ثم‬ ‫النورمان‪ ،‬واألسبان‪ ،‬واألتراك‪ ،‬وأخير ًا البريطانيون املنتصرون‪ ،‬الذين كان قدومهم يعني‬ ‫احلرية لليبيني وذلك ألول مرة في تاريخ وجودهم كشعب(‪.)2‬‬

‫ترجمة‪ :‬عثمان اجلبالي املثلوثي‬

‫ــــــــــري إس‪ .‬فيالر»‬ ‫(الجزء الثاني)‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫من أثار قورينا‬

‫طرابلـس وشحات تشبهان بعضهما البعض بشكل‬ ‫ملحوظ في اقتصادهما الرعوي أو الزراعي وفي‬ ‫تصدير فوائض إنتاجهما وتوريد احتياجاتهما‬ ‫اآلثار التي متّ الكشف عنها إلى حد اآلن تضاهي‬ ‫جاذبية املسرح الروماني والساحة العامة‬ ‫وبومبي مجتمعة‬

‫من بني كل الغزاة الذين رفعوا أعالمهم على شواطئ ليبيا الرملية‪،‬‬ ‫الرومان فقط هم الذين تركوا معالم خالدة في شكل أثار تاريخية‬ ‫عظيمـة‪ ،‬وتُعـ ّد لبدة الكبرى حيث بدأت احلفريات فيها من طـرف‬ ‫اإليطاليني في عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬إح��دى أكثر األمثلة‬ ‫عظمة على املدينة احمللية في أوج ازدهار روما‪ ،‬وأ ّما صبراتة فهي‬ ‫منظر ساحر ملدينة ثانوية‪ ،‬تبينّ بجالء احلياة احمللية لروما في‬ ‫ما وراء البحار‪ ،‬وأ ّما في طرابلس فإن دالئل تواجد الرومان قد‬ ‫اندثرت كثيراً مع توسيع امليناء واألحياء املتزايدة بقربه‪ ،‬ما عدا‬ ‫قوس ماركوس أوريليوس ‪ Marcus Aurelius‬الفخم‪ ،‬والذي‬ ‫يقع قرب مدخل سور املدينة القدمية‪ ،‬وقد أصبح ذلك القوس‬ ‫رمزاً ملا أصبح يُعرف بـ«العصر الذهبي» للمدن الثالث‪ ،‬عصر شهد‬ ‫إدخال برنامج حيوي لألشغال العامة‪ ،‬وغرس الكثير من أشجار‬ ‫الزيتون وبساتني الفاكهة‪ ،‬وجتارة مربحة في زيت الزيتون واحلبوب‬ ‫والصوف واألبقار واجللود والعبيد‪.‬‬ ‫أما الفترة التي تلت تدمير قرطاج فى عام ‪ 146‬ق‪.‬م فقد شهدت‬ ‫توحد كل من مقاطعات طرابلس وشحات حتت احلكم الروماني‪،‬‬ ‫وقد كانت هذه املقاطعة اإلفريقية الكبيرة هي التي أوحت لبنيتو‬ ‫موسيليني ‪ Benito Mussolini‬بفكرة اإلمبراطورية بعد مرور‬ ‫ألفى ع��ام‪ .‬إال أن سكان شحات قد خضعوا لتأثير مختلف عن‬ ‫ذل��ك ال��ذي ُف��رض على أهالي طرابلس؛ فبدالً من الفينيقيني‪،‬‬ ‫فقد كان غزاتهم األوائ��ل‪ ،‬كما سنرى الحقاً‪ ،‬اإلغريق‪ ،‬ثم سيادة‬ ‫املصريني عليهم‪ ،‬وبالرغم من أ َّن أصول السلطة متت ّد إلى روما‪،‬‬ ‫فإن املنطقتني قد بقيتا متمايزتني في الثقافة‪ ،‬والتقاليد والنظرة‪،‬‬ ‫وهو مما وضع األسس لقوى االنفصال التي متثل احللقة األضعف‬ ‫في وحـدة اململكة الليبية اليوم‪ ،‬إضافة إلى أنه من ناحية املناخ‬ ‫والتضاريس‪ ،‬ف��إن منطقة طرابلس (ال �غ��رب) ذات مناخ ونبات‬ ‫إفريقي‪ ،‬في حني إن شحات ذات نبات يشبه نظيره األوروبي أكثر‬ ‫من شبهه بالنبات األفريقى‪.‬‬ ‫وكأن التاريخ ملزيد تركيز الفوارق بني االثنني قد وضع خطاً فاص ً‬ ‫ال‬ ‫في املكان الذي وجد فيه امل َ ْعلَم امللفت للنظر الذي كثيراً ما يطلق‬ ‫عليه اجلنود البريطانيني على سبيل املزاح «قوس املرمر» والذي‬ ‫أقامه موسوليني الحقاً‪ .‬وفي الوقت الذي كانت فيه طرابلس تابعة‬ ‫لقرطاج وشحات تابعة لإلغريق اتفقتا على أن رسم احلدود بني‬ ‫املنطقتني في القرن الرابع ق‪.‬م‪ .‬فتم اختيار بطلني في ال َعدْوِ لكي‬ ‫ينطلقا مشياً في نفس الوقت أحدهما من قرطاج واآلخ��ر من‬ ‫شحات‪ ،‬بحيث يكون مكان لقائهما النقطة احلاسمة‪.‬‬ ‫وتختلف روايات األسطورة‪ ،‬ولكن تفيد رواية منها أن كل منهما قد‬ ‫اتهم اآلخر بالعدو وأن أهل شحات اعترفوا أن القرطاجنيني كانوا‬ ‫األسرع بشرط أن يوافق خصومهم – األخوة بيليني ‪– Philaeni‬‬ ‫أن يدفنوا حيث يقفون‪ .‬وانطالقاً من شعور وطني‪ ،‬وافق اإلخوة‪،‬‬ ‫وبات اآلن الضريح الذي اندثر لإلخوة بيليني يرمز للمواجهة التي‬ ‫وجدت منذ ذلك الوقت(‪.)3‬‬ ‫ورغم متايزهما في وجوه ع ّـدة‪ ،‬فإنّ منطقتي طرابلـس وشحات‬ ‫تشبهان بعضهما البعض بشكل ملحوظ في اقتصادهما الرعوي‬ ‫أو الزراعي وفي تصدير فوائض إنتاجهما وتوريد احتياجاتهما‪،‬‬ ‫بحيث إن املنطقتني ال ميكن اعتبارهما مكملتني حلاجيات‬ ‫بعضهما البعض‪.‬‬


‫جانب من قورينا‬ ‫وبسبب قربها فإن منطقة فزان جتد في طرابلس منفذاً‪ .‬وبالتالي‬ ‫فإن توحيد املناطق الثالث في دولة احتادية حديثة «ليبيا» ينبغي‬ ‫أن يجعل على األقل من البلد بنية اقتصادية متماسكة‪ .‬ولكن هل‬ ‫أن امليزات االقتصادية ستتجاوز االختالفات السياسية؟ هذا ما‬ ‫سيوضحه املستقبل‪.‬‬ ‫فليبيا لم تُعتبر – ولو نظرياً – وحد ًة حكومية أو سياسية واحدة‬ ‫حتى أخضع اإليطاليون األقاليم الثالثة حتت إدارة واح��دة عام‬ ‫‪ .1934‬وف��ي التكوين القبلي لشحات‪ ،‬مع التركيز على القرابة‬ ‫الدموية‪ ،‬استمرت العشائرية ب��ارزة‪ ،‬في حني أن سكان منطقة‬ ‫طرابلس األكثر حتضراً واألرقى بشكل بارز قد تخلّصوا نسبياً من‬ ‫قبل ّيتهم وباتوا أكثر استقراراً في طبيعتهم‪ .‬وبالرغم من أن العوامل‬ ‫االقتصادية في كال املنطقتني كانت وما تزال متشابهة باألساس‪،‬‬ ‫فما يزال هنالك اختالف كبير بني الصورة الرعوية شبه البدوية‬ ‫في شحات واملناطق الزراعية املتحضرة في طرابلس‪ .‬ورمبا كان‬ ‫من الطبيعي أن يستمر االختالف والتناحر كما في املاضي بني‬ ‫التقاليد اإلغريقية إلحداهما والتراث الروماني لألخرى في شكل‬ ‫صراعات ما تزال بارزة بني السكان اليوم‪.‬‬ ‫في القرن اخلامس تع ّرضت ليبيا الجتياح الوندال ‪Vandals‬‬ ‫بزعامة امللك جنْزريك ‪ Genseric‬الذي انطلق جيشه العرمرم‬ ‫من أملانيا واجتاح إفريقيا عن طريق أسبانيا‪ .‬وكان الدمار الذي‬ ‫نتج عن ذلك شبيهاً باألعمال التي أعطتنا مفردة «الوندال ّية» (أو‬ ‫الهمج ّية)‪ .‬كما أن نفوذ اإلمبراطورية الرومانية كان في تدهور‬ ‫بسبب غزوات قبائل البربر الرهيبة من الداخل‪ ،‬والذي ال يزال‬ ‫دمهم يجري في ع��روق الكثير من السكان الليبيني العصريني‪.‬‬ ‫وإضافة إلى التوترات الداخلية سرعان ما ظهر اجتياح جديد‬ ‫آخر عندما قام اإلمبراطور البيزنطي جوستينيان ‪Justinian‬‬ ‫من نقطة متركزه في قسطنطينية بإرسال قواته بقيادة اجلنرال‬ ‫بيليزاريوس ‪ Belisarius‬الح�ت�لال ليبيا‪ .‬وق��د ح��ذا األب��اط��رة‬

‫البيزنطيون حذو النموذج املسالم املرحلي ألسالفهم الرومان‪ ،‬و‬ ‫بعد أن مت طرد الوندال‪ ،‬شرعوا في إعادة بناء مدن عظيمة مثل‬ ‫لبدة الكبرى‪.‬‬ ‫وبعد مرور قرن ونيف‪ ،‬استسلم البيزنطيون ملا ثبتت أكثر التأثيرات‬ ‫فعالية على طبيعة السكان وعاداتهم‪ ،‬ففي عام‪643‬م – أي بعد‬ ‫عشر سنوات فقط من وفاة الرسول محمد – تع ّرضت البالد للغزو‬ ‫العربي بقيادة عمرو بن العاص‪ ،‬الذي اجتاح كل ما اعترض طريقه‬ ‫انطالقاً من قاعدته في مصر‪ .‬ولم يكن العرب الفاحتون سكان‬ ‫مدن‪ ،‬وبدالً من االعتناء باملدن الساحلية املزدهرة ذات التجارة‬ ‫املتطورة‪ ،‬انتشروا في مناطق السهول اخلصبة نسبياً‪ ،‬وبني التالل‪،‬‬ ‫حيث دخلوا في مواجهات مع رجال القبائل البربرية‪ .‬ويعود جزء‬ ‫من جناح الفتوحات اإلسالمية إلى عدم رضاء البربر على السياسة‬ ‫البيزنطية جتاههم‪ ،‬بحيث إن املناطق الليبية قد أخضعت بشكل‬ ‫ملموس أعـ ّد لالستيطان العربي‪ ،‬إال أن التململ البربري لم ينته‪،‬‬ ‫ويبدو أن العرب وقبائل البربر قد دخلوا في صراعات مستمرة‬ ‫طوال القرون اخلمسة التالية‪ .‬وحتى اآلن يبدو أن العنصر البربري‬ ‫ما يزال مميزاً في احلياة السياسية في ليبيا(‪.)4‬‬ ‫وقع غزو عربي ثان من مصر في القرن احلادي عشر‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫الوقت – أي عام ‪1145‬م – ظهر ال��دوق النورماني من صقلية‬ ‫لفترة قصيرة على الساحة‪ .‬وسقطت لبدة الكبرى وصبراتة حتت‬ ‫التصحر‪ ،‬ولكن احتُفظ‬ ‫حكم العرب واندثرتا ووقعتا فريسة لعوامل‬ ‫ّ‬ ‫بطرابلس كقلعة‪ .‬فعلى إثر احتالل املدينة حتى عام ‪1160‬م مت‬ ‫طرد الغزاة اجلدد على يد العرب الذين شهدوا ازده��ارا منقطع‬ ‫النظير حتى عام‪1510‬م‪ .‬ثم جاء دور األسبان ليكونوا سادة ميناء‬ ‫طرابلس الرئيس‪.‬‬ ‫ولم حتتفظ أسبانيا بطرابلس سوى بضع سنوات؛ ألنها في حكم‬ ‫اإلم�ب��راط��ور ش��ارل اخلامس ‪ُ Charles V‬منحت إل��ى فرسان‬ ‫القديس يوحنا إلى جانب جزيرة مالطا‪ .‬وحكم فرسان مالطا‪،‬‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫الذين اشتهروا بهذا االسم‪ ،‬طرابلس حتى ُطردوا هم أنفسهم على‬ ‫يد القراصنة األتراك عام ‪1553‬م‪.‬‬ ‫وطوال مئات السنني الالحقة ُفرضت السيادة التركية املرنة(‪)5‬‬ ‫على املدن الساحلية والسكان الصحراء على ح ّد سواء‪ .‬ومبا أن‬ ‫احلكام األتراك كانوا أيضاً مسلمني فقد لقوا نوعاً من التسامح‬ ‫والترحاب في حني أن الفيالق األجنبية لم تلق نفس الترحاب من‬ ‫قبل‪ .‬ول��م تقع يد السلطان العثماني على رعاياه البعيدين بكل‬ ‫ثقلها حتى في وقت جمع الضرائب‪ ،‬وبالتالي كان احلكم العثماني‬ ‫مفض ً‬ ‫ال مقارنة بقسوة االحتالل اإليطالي من بعد‪ .‬وقد حكمت‬ ‫دولة القرمانلي التي تأسست عام ‪1714‬م‪ ،‬بشكل مستمر البالد‬ ‫عن طريق التحكم عن بعد من قسطنطينية ملدة ‪ 121‬عام‪.‬‬ ‫وخالل عصر القرمانلي أصبح ميناء طرابلس عريناً للقراصنة‬ ‫البرابرة(‪ )6‬وإلى جانب العواهل احلكام الذين كانوا يسيطرون على‬ ‫اجلزائر وتونس‪ ،‬منحت ساللة القرمانلي تأييدها ألعمال السلب‬ ‫والنهب التي تقوم بها أساطيل القراصنة التي كانت جتوب البحر‬ ‫األبيض املتوسط بحثاً عن التجار األبرياء‪ .‬وقد منحت احلرب مع‬ ‫الدول الهمجية بني ‪ 1801‬و‪1805‬م في احلقيقة السبب الرئيس‬ ‫لظهور البحرية األمريكية‪ .‬فقد بُنيت خمس سفن لغرض محدد‬ ‫تمَ َ ّثل في محاربة الغزاة‪ ،‬وقد حملت معها اهتماماً أمريكياً في‬ ‫املنطقة اكتسب قيمة استراتيجية كبيرة في العصر احلديث‪.‬‬ ‫دخلت عظمة روما القدمية في األح�لام اإليطالية بإمبراطورية‬ ‫إفريقية سنوات عديدة قبل قدوم الفاشية‪ .‬وفي حني كان الهجوم‬ ‫اإليطالي املب ّيت على الواليتني التركيتني طرابلس وشحات فى عام‬ ‫‪1911‬م نتيجة لتحركات سياسية في أمكنة أخ��رى على طاولة‬ ‫الشطرجن اإلفريقية‪ ،‬ك��ان علماء اآلث��ار يبدون اهتمامهم بليبيا‬ ‫بشكل متزامن مع العمليات العسكرية‪ .‬ففي عام ‪1911 – 1910‬‬ ‫زارت بعثة أثرية إيطالية موقع لبدة الكبرى التي كانت وقتئذ‬ ‫مطمورة حتت الرمال ومستغلّة كموقع الستخرج األحجار؛ كما‬

‫جانب من آثار شحات‬

‫خالل عصر القرمانلي أصبح ميناء طرابلس‬ ‫عرين ًا للقراصنة البرابرة‪ ..‬وإلى جانب احلكام‬ ‫الذين كانوا يسيطرون على اجلزائر وتونس‬ ‫منحت ساللة القرمانلي تأييدها ألعمال السلب‬ ‫والنهب التي تقوم بها أساطيل القراصنة‬ ‫تر ّدد بشكل خفي في بعض الدوائر أن مقتل عالم اآلثار األمريكي‬ ‫هربرت فلتشر دي كو ‪ Herbert Fletcher De Cou‬فى عام‬ ‫‪1911‬م بشحات كان بتحريض من اإليطاليني أنفسهم إليجاد عذر‬ ‫للتدخّ ل‪ ،‬على أساس أن أرواح األجانب ال ميكن لألتراك حمايتها‪.‬‬ ‫وليكن األمر كذلك فإن الدوافع التي أدت إلى احلفريات اإليطالية‬ ‫في كل من طرابلس وشحات بني احلربني العلميتني قد أوجد‬ ‫حلقة مع املاضي مما ساعد الفاشيني بشكل فعلي في استغالل‬ ‫شعورهم بالعظمة‪.‬‬ ‫وال يوجد شك في أن بقايا روما القدمية التي ميكن مشاهدتها‬ ‫في لبدة الكبرى من بني أكثر أمكنة املاضي املقدسة تأثيراً التي‬ ‫ميكن زيارتها في كل مكان من هذا العالم‪ .‬لم تُستغل ولم تمُ س عدا‬


‫شاءت سخرية القدر أنه بسبب عدم متكّ ن‬ ‫املنتصرين في احلرب من االتفاق فيما بينهم‬ ‫بشأن من يستلم احلكم‪ ..‬متكنت ليبيا في‬ ‫األخير من احلصول على حريتها ودخلت في‬ ‫تامة‬ ‫وجود مستقل وسيادة ّ‬ ‫اعتمادها كمصدر لبعض مواد البناء‪ ،‬ظلّت املدينة التي تركت منذ‬ ‫أمد طويل نائمة دون إزعاج حتى نهاية القرن السابع عشر‪ ،‬عندما‬ ‫أرس��ل القنصل الفرنسي بطرابلس مجموعة جديرة باالحترام‬ ‫من أعمدة الرخام والتماثيل إلى امللك لويس الرابع عشر ‪Louis‬‬ ‫‪ .XIV‬وفي عام ‪1939‬م تو ّقفت بشكل مفاجئ أعمال الترميم‬ ‫التي بدأت مع الغزاة اإليطاليني في القرن العشرين‪ ،‬ولكن اآلثار‬ ‫التي ّ‬ ‫مت الكشف عنها إلى حد ذلك الوقت كانت تضاهي جاذبية‬ ‫املسرح الروماني والساحة العامة وبومباي مجتمعة‪ .‬وبالرغم من‬ ‫أنها لم تزل غير معروفة للزوار‪ ،‬فهي مبعث على الدهشة للمسافر‬ ‫الذي يظن أن ليبيا بلد يخلو من اجلاذبية السياحية‪ ،‬ومنوذج على‬ ‫عهد يوليوس قيصر ‪ Julius Caesar‬فإن العناية التي أدى بها‬

‫قوس ماركوس اوريليوس‪ ..‬رمز العصر الذهبي‬ ‫مخططو املدينة مه ّمتهم لم تخل أبداً من صفة الكمال‪ .‬فقد كان‬ ‫املاء يُجمع في صهاريج كبيرة من خالل وضع سدود على وادي‬ ‫لبدة‪ ،‬ومت إنشاء قنوات جلب املياه لتوصيل املاء املج ّمع إلى منظومة‬ ‫معقدة من احلمامات واحلنفيات‪ .‬وربمّ ا كانت مياه األمطار ثمينة‬ ‫مثلما هي عليه اليوم‪ ،‬لذلك كانت تجُ ّمع في خزانات كبيرة حتت‬ ‫األرض مغطاة باألسمنت‪ ،‬حتى تكون متوفرة في أشهر الصيف‬ ‫اجل��اف��ة‪ .‬كما ك��ان��ت ال�ق�ن��وات املسبوكة م��ن ال��رص��اص معروفة‬ ‫ومنتشرة وم��ا زال م��ن املمكن مشاهدتها‪ .‬أم��ا ق�ن��وات الصرف‬ ‫الصحي فهي في كل مكان‪.‬‬ ‫وعلى طوال الطرقات القدمية املبلطة باألحجار املرصوفة كانت‬ ‫املركبات اخلفيفة والعربات املجرورة في ذلك العصر تتنقل من‬ ‫ساحة إلى أخرى‪ ،‬ومن دكان إلى منزل‪ ،‬ومن احلمام إلى املسرح‪.‬‬ ‫ومن القرن األول وحتى القرن السادس ميالدي‪ ،‬كانت الصورة‬ ‫ح ّية‪ ،‬ال يُضاهيها شيء إلى حني قام اإليطاليون في هذا القرن(‪)7‬‬ ‫بطاقتهم وحماسهم بفرض تخطيط جديد على املدن في أماكن‬ ‫أخرى فى كل البالد‪ .‬وباستخدامهم الكثير من األقواس واألقبية‬ ‫خلّف مهندسو لبدة الكبرى مبانى عظيمة‪ ،‬يزينها الرخام امللون‬ ‫من إيطاليا‪ ،‬واليونان وآسيا الصغرى‪ ،‬وأعمدة اجلرانيت املنحوتة‬ ‫من قطعة واحدة من مصر‪ .‬ومن املؤسف حقاً أ ْن لم يكن باإلمكان‬ ‫استخدام مثل هذه املواد املتينة في كل املباني‪ .‬فاملادة الرئيسة‬ ‫ّ‬ ‫املغطى بطبقة‬ ‫املستخدمة كانت نوع من احلجر اجليري الصلب‬ ‫من اجلبس الذي بدونه يتلف احلجر اجليري إذا تع ّرض للعوامل‬ ‫الطبيعية‪ .‬وما دام الكثير من طبقة اجلبس لم يتم ترميمها‪ ،‬فإن‬ ‫عملية التحلل البطيئة ستتواصل إال في حال أقيمت إعمال ترميم‬ ‫واسعة ومكلفة‪.‬‬ ‫وامل �ث��ال األك�ث��ر إن���ذاراً باخلطر للتآكل امل��د ّم��ر ال��ذي تتعرض له‬ ‫مواد البناء غير احملمية جنده في احلجر اجليري األقل صالبة‬ ‫واملستخدم كثيراً في صبراتة‪ ،‬تلك املدينة التي تقع بالنسبة للسائح‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫مذكرات ليبيا‬

‫على مسافة ساعة بالسيارة من طرابلس‪ ،‬وبهذه السرعة احلالية‬ ‫للتآكل يق ّدر مدير اآلثار أن األثر املد ّمر للرياح البحرية والطقس‬ ‫سيمحو صبراتة خالل ثمانني سنة‪ ،‬ولن يبقى سوى احلجر الصلب‬ ‫املجلوب من بلدة العزيزية لتبليط الشوارع‪ ،‬حيث سيستمر لفترة‬ ‫أطول ليدل على موقع هذه املدينة التي شهدت ازدهاراً كبيراً يوماً‬ ‫ما‪ .‬وال توجد أموال في اخلزانة الليبية التي تتعرض لضغط شديد‬ ‫لكي تُصرف على أمور كمالية مثل احملافظة على املعالم األثرية‪،‬‬ ‫كما أن االهتمام اإليطالي قد فـتر‪ ،‬ولم تتطوع أية مؤسسة ثقافية‬ ‫ملواصلة احلفريات أو حلماية اجلدران واملباني املوجودة‪.‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1952‬كانت صبراتة إط ��اراً مشهدياً حل��دث برعاية‬ ‫أمريكية‪ ،‬عندما أق��ام عضو من أوب��را نيويورك العاصمة حف ً‬ ‫ال‬ ‫خيرياً على ركح مسرحها العظيم‪ .‬ويعود تاريخ مسرح صبراتة‬ ‫إلى حوالي عام‪180‬م‪ ،‬وقد بُ��دأت فيه أعمال ترميم جزئية عام‬ ‫‪ .1927‬ويُ�ق��ال إ ّنَ ��ه أكبر مسرح ف��ي شمال أفريقية حيث تبلغ‬ ‫طاقة استيعابه األساسية خمسة آالف متف ّرج‪ .‬وبدالً من الثوب‬ ‫ال��روم��ان��ي الفضفاض‪ ،‬ف��ي العهد ال��روم��ان��ي‪ ،‬ك��ان ال ��رداء الليبي‬ ‫(البرقان) املشابه له دلي ً‬ ‫ال؛ لكن الزي األوروبي كان مهيمناً‪ .‬ومن‬ ‫خالل استخدام معدات كهربائية خاصة لإلضاءة وبيانو كبير متت‬ ‫دحرجته على دواليب من جهة األجنحة متكنت اآلنسة نل رانكني‬ ‫‪ Miss Nell Rankin‬من خ�لال عرضها املميز إحياء أشباح‬ ‫العصور الغابرة‪ ،‬حيث جلس اجلمهور على نفس املقاعد احلجرية‬ ‫حتت نفس اخلباء املك ّون من النجوم املتأللئة مثل األملاس‪ ،‬للتصفيق‬ ‫والتعبير عن بهجتهم بالعرض‪ .‬وال ميكن تخ ّيل ستارة خلفية أكثر‬ ‫غرابة من هذه‪ .‬ويواجه املشاه َد جدا ٌر به أعمدة شامخة‪ ،‬يعتقد‬ ‫أنه الوحيد من نوعه في الوجود‪ ،‬وبه مدخل يحيط به إطار يفضي‬ ‫مباشرة إلى منظر البحر األبيض املتوسط في اخللف‪.‬‬ ‫وقد جلب الغزاة الذين شنوا حرباً على تركيا عام ‪ 1911‬حضارة‬ ‫مختلفة متاماً عن تلك التي ترمز لها صفوف األعمدة املنتظمة‪،‬‬ ‫واملنظومـة األنيقة للحمامات‪ ،‬أو للوحات الفسيفسائية احملفوظة‬ ‫في متحف صبراتة‪ .‬وقد واج��ه ه��ؤالء مقاومة غير متوقعة من‬ ‫األهالي العرب‪ ،‬الذين كان يعتمد عليهم اإليطاليون ملساعدتهم في‬ ‫اإلطاحـة بأسيادهم األتراك‪ ،‬وأملت الضرورة العسكرية سياسات‬ ‫القادمني اجلدد‪ .‬وملا تخلى السلطان عن كل حقوقه في ليبيا من‬ ‫خالل معاهدة لوزان عام ‪ ،1912‬أصبح املكان ركحاً جاهزاً لسنوات‬ ‫عديدة من حرب العصابات واستخدام القوة لقمع كل محاوالت‬ ‫التخلّص من النير اإليطالي‪ .‬وقد جاءت مع اجليش املعسكرات‬ ‫والثكنات والقواعد األمامية احملصنة‪ .‬وساعدت الوحدات البحرية‬ ‫على احتالل الشريط الساحلي‪ .‬ولم تتخذ املغامرة االستعمارية‬ ‫اإليطالية طابعاً مدنياً يستند على احلكم العسكري باألساس إال‬ ‫عندما مت ّكن الفاشيون من تهدئة األوض��اع في ليبيا عام ‪1931‬‬ ‫ومحاولتهم إدخال الهجرة املدعومة على نطاق واسع‪.‬‬ ‫وقد حفزت اإلستراتيجية بالطبع حماس إيطاليا احلديثة إليجاد‬ ‫مكان لها حتت الشمس األفريقية‪ .‬ومع وجود قاعدة بحرية فرنسية‬ ‫في مدينة ب�ن��زرت‪ ،‬على مقربة من تونس‪ ،‬ووج��ود البريطانيني‬ ‫محصنني في قناة السويس‪ ،‬كان الفضاء الفاصل بينهما مكاناً‬ ‫ّ‬ ‫مناسباً لتأكيد «حقوق» إيطاليا في البحر األبيض املتوسط‪ .‬وكان‬ ‫الهجوم غير املستفَز ضد أذيال اإلمبراطورية العثمانيـة فى ليبيا‬

‫قوس النصر لإلمبراطور سبتيموس سيفيروس‬

‫«قوس املرمر»‪ ..‬أقامه موسوليني ّ‬ ‫ليؤكد‬ ‫جغرافيا القرن الرابع قبل امليالد عندما كانت‬ ‫طرابلس تابعة لقرطاج وشحات تابعة لإلغريق‬ ‫قوس ماركوس أوريليوس الفخم أصبح رمز ًا‬ ‫للعصر الذهبي للمدن الثالث‪ ..‬عصر زراعة‬ ‫أشجار الزيتون وبساتني الفاكهة‪ ،‬وجتارة زيت‬ ‫الزيتون واحلبوب والصوف واألبقار واجللود‬ ‫والعبيد‬ ‫قد منح إيطاليا فضاءها اإلفريقي ال��ذي سيُصبح بعد سنوات‬ ‫الحقة حتفة ملفتة ألنظار املستعمرين الفاشيني وقاعدة للعمليات‬ ‫العسكرية‪ .‬وخالل احلرب العاملية األولى كانت مسرحاً للثورات‬ ‫احمل ّرضة من طرف السلطات املركزية‪ ،‬وأيضاً حملاولة فاشلة قام‬ ‫بها اجلواسيس األت��راك ملهاجمة البريطانيني في مصر‪ .‬وخالل‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬مثلما يعرف العالم كله‪ ،‬لقيت فكرة تفكيك‬ ‫احملور دفعاً كبيراً من انتصار احللفاء في الصحراء الغربية – وهو‬ ‫اسم آخر للمنطقة اخلالية – التي تلتقي فيها رمال مصر مع أكبر‬ ‫مستعمرات إيطاليا‪.‬‬


‫ُكتب آخر فصل في حكاية غزو التراب الليبي وإعادة غزوه ثانية‬ ‫عام ‪ ،1943‬عندما شارفت حملة شمال إفريقيا خالل احلرب‬ ‫العاملية الثانية على نهايتها‪ ،‬وق��د يكون املثل «للمنتصر تذهب‬ ‫الغنائم» صحيحاً ثانية مثلما كان ذلك في أيام الرومان‪ ،‬ولكن ألول‬ ‫مرة في التجربة الليبية‪ ،‬وبسبب الشعور املناهض للتوسع اإلقليمي‬ ‫الذي صاحب هزمية أملانيا النازية وإيطاليا الفاشية‪ ،‬كان االحتالل‬ ‫من طرف جيش أجنبي بشكل معلن ذا طابع وقتي‪ ،‬فالسلطات‬ ‫العسكرية البريطانية التي تص ّرفت كوصية على منطقتي طرابلس‬ ‫وشحات املهزومتني‪ ،‬ورمبا لم يبق للغزاة الفرنسيني في فزان أيضا‬ ‫رغبة في البقاء إلى ما بعد هذا التاريخ عندما وجد حل دولي‬ ‫مقبول لهذه املنطقة اخلالية اقتصادياً وجتارياً‪.‬‬ ‫وشاءت سخرية القدر أنه بسبب عدم مت ّكن املنتصرين في احلرب‬ ‫من االتفاق فيما بينهم بشأن من يستلم احلكم‪ ،‬متكنت ليبيا في‬ ‫األخير من احلصول على حريتها ودخلت في وجود مستقل وسيادة‬ ‫تا ّمة‪.‬‬ ‫■ هوامش‬ ‫‪ -1‬البربر‪ :‬اسم يطلق على جماعات يحكمها تنظيم‬ ‫اجتماعى قبلى لم يرتق إلى مرحلة املواطنة‪ ،‬وليس‬ ‫وإن اتصفت غزواتهم‬ ‫مرادف ًا للهمجية أو الوحشية‪ْ ،‬‬ ‫بهاتني الصفتني‪ ،‬وسكّ ان شمالى أفريقية من البربر‬ ‫ي��رج��ع��ون إل���ى أص���ول ع��رب��ي��ة‪ ،‬ول��ي��س��وا ج��ن��س� ًا قائم ًا‬ ‫بذاته‪ .‬راجع‪ :‬سعيد عبد الفتاح عاشور‪ :‬أوربا العصور‬ ‫الوسطى‪ ،‬القاهرة‪1978 ،‬م‪ ،58 / 1 ،‬وانظر‪ :‬نورمان‬ ‫كانتور‪ :‬العصور الوسطى الباكرة‪ ،‬ترجمة قاسم عبده‬ ‫قاسم‪ ،‬القاهرة‪1993 ،‬م‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪ -2‬ال يخفى ما في هذا الرأي من مجانبة للصواب؛‬ ‫فاملؤلف يعتبر الفتح العربي غزوة استعمارية كغيره‪،‬‬ ‫س��ل��ب الليبيني ح��ر ّ َي��ت��ه��م ال��ت��ي أع��اده��ا ل��ه��م احملتل‬ ‫البريطاني!! كما ينكر كل اآلثار اإلسالمية الرائعة فى‬ ‫التاريخ الليبي وعلى األرض الليبية‪( .‬املراجع)‬ ‫‪ -3‬نالحظ كيف يعمل الفكر الغربي ودعاة االنفصال‬ ‫والتجزئة على استغالل أسباب الفرقة واالنفصال ولو‬ ‫كانت أساطير األولني للتأسيس لفكر االنفصال وبث‬ ‫أسباب الفرقة‪( .‬املترجم)‬ ‫‪ -4‬ربمّ ا كان األمر صحيح ًا في فجر االستقالل ولكن‬ ‫ليبيا احلديثة باتت متجانسة واملسألة البربرية ال‬ ‫تكاد تُ ذكر بحيث اندمجت كل القبائل وتخلصت من‬ ‫نظرتها القبلية والعشائرية وبات ال��والء للوطن من‬ ‫طبيعة الليبي املعاصر‪( .‬املترجم)‬ ‫‪ -5‬حيث كانت تترك للدولة التابعة لها حرية التصرف‬ ‫في شئونها الداخلية‪( .‬املترجم)‬ ‫‪ -6‬ال يخفى ما في أسلوب الكاتب من م��رارة وأسى‪،‬‬ ‫فقد أذاقت البحرية الليبية أساطيل أمريكا والغرب‪،‬‬ ‫ف��ي ذل��ك ال��وق��ت ذل األس��ر وال��ه��وان‪ ،‬وأرغمتهم على‬ ‫اح��ت��رام امل��واث��ي��ق‪ ،‬ودف���ع اجل��زي��ة‪ ،‬وم���ا أس���ر ال��ب��ارج��ة‬ ‫األمريكية «فيالدلفيا» عنا ببعيد‪( .‬املراجع)‬ ‫‪ 7‬ـ يريد املؤلف القرن العشرين‪( .‬املترجم)‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫فروة‪..‬‬

‫هل تختفي «جزيرة األحــــــــ‬


‫جزيرة فروة جزيرة ليبية في البحر املتوسط‪ .‬تقع شمال منطقة أبو‬ ‫كماش ومجمعها الصناعي بنحو امليلني‪ ،‬وتبعد ‪ 110‬كيلومترات غربي‬ ‫طرابلس‪ ،‬ونحو ‪ 40‬كيلومتر غربي مدينة زوارة وقرب احلدود الليبية‬ ‫التونسية‪ .‬اجلزيرة غير مأهولة‪ ،‬وتوجد بها منارة متت إعادة بناؤها‬ ‫العام ‪ .2002‬وتوجد بها بعض الينابيع العذبة‪.‬‬ ‫تبلغ مساحتها نحو ‪ 470‬هكتاراً‪ ،‬وفي معظم أشهر السنة حتاط باملياه‬ ‫خاصة مع تكون الفيضانات في الشتاء‪ ،‬إال أنها في أشهر الصيف‬ ‫تصبح أشبه بشبه جزيرة تتصل بالبر الرئيسي من ناحية الشرق حيث‬ ‫ميكن عبورها من البر الرئيسي سيرا على األقدام‪ ،‬خصوصا في فترات‬ ‫النهار حيث يصل عمق املياه إلى نحو قدمني فقط في الصباح‪ ،‬إال‬ ‫أنه في املساء يزداد ليصل لنحو املتر‪ .‬وجزيرة فروة تقع بالقرب من‬ ‫احلدود الليبية التونسية ضمن منطقة تسمي «الشيبو» التابعة ملدينة‬ ‫زوارة ‪ ..‬تعتبر جزيرة صغيرة احلجم وال ميكن تشييد مبان ضخمة‬ ‫عليها‪ ،‬وكل سنة يقل سطح اليابسة جراء زيادة نسبة املياه‪ ،‬وجزء منها‬ ‫عبارة عن رمال بحرية‪ ،‬واجلزء الثاني سبخة أو ما يسمي باملستنقع‪..‬‬ ‫وحتتوي علي معظم احليوانات البرية مثل األرن��ب البري والثعلب‬ ‫وصيد الليل‪ ،‬وغيرهم من احليوانات‪ ،‬كما تتمتع اجلزيرة واملناطق‬ ‫احمليطة بها بتنوع في احلياة البرية وخاصة الطيور بأنواعها التي‬ ‫تتعدد لتصل إل��ى ‪ 29‬نوعا مثل‪ :‬البلشون ال��رم��ادي‪ ،‬بط الشهرمان‬ ‫والبشاروش‪ ،‬وحتتوي علي جميع البحرية التي تفد إلى املنطقة مثل‬ ‫البط الغطاس وال��ن��ورس والفالمنغو‪ ،‬وي��وج��د بها ن��وع م��ن الصقور‬ ‫املهاجرة واملستوطنة‪ ،‬وفي اجلزيرة بالطبع فرص جيدة لصيد السمك‬ ‫واحليوانات البحرية خاصة األخطبوط‪.‬‬

‫يونس الهمالي‬

‫ـــــــــــــالم» من خارطة ليبيا؟‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫الطبيعة اخلالبة تتحدث عن نفسها‬ ‫في العام ‪ 2006‬صدر قرار بإنشاء منطقة ذات طبيعة خاصة‬ ‫حتت اسم «منطقة تنمية وتطوير زواره – أبو كماش»‪ ،‬وتشمل‬ ‫جزيرة فروة‪ ،‬تتمتع بالشخصية االعتبارية والذمة املالية املستقلة‬ ‫بهدف ال�ت��روي��ج إلن�ش��اء م�ش��روع��ات تنمية عمرانية‪ ،‬خلق بيئة‬ ‫سياحية واستثمارية وصناعية وجتارية‪.‬‬ ‫حتدد نادية أبوالشواشي (دكتورة اجلغرافيا والباحثة باملنطقة)‬ ‫موقع اجلزيرة بأنها «متتد اجت��اه جنوب ش��رق ‪ -‬شمال غرب‪،‬‬ ‫حيث تبدأ من الشرق مبنطقة مجرى فروة حتى تنتهي عند رأس‬ ‫تالقا في الشمال الغربي‪ ،‬ويبلغ ط��ول اجل��زي��رة نحو ‪ 11.5‬كم‬ ‫وعرضها في أقصى حد يبلغ نحو كيلومتر واحد بينما تضيق في‬ ‫بعض أجزائها إلى نحو‪ 200‬متر»‪.‬‬ ‫ويقول حافظ فطيس وهو أحد اللذين فتحوا أعينهم على الدنيا‬ ‫في ذلك املكان بأنه تربطه باجلزيرة «قصة عشق ال تنتهي»‪ ،‬هذا‬ ‫العشق دفعه لتبني مسألة حماية املنطقة واملطالبة باالهتمام بها‬ ‫وإشهارها‪ ،‬ولهذا الغرض أسس مع مجموعة من النشطاء جمعية‬ ‫«بيسيدا» حلماية املنطقة‪.‬‬ ‫كان الفقيه صالح فطيس – جد حافظ – من أوائل الشيوخ الذين‬ ‫«كانوا يعلمون األوالد القرآن على اجلزيرة‪ ،‬وكان إماماً ومؤذناً في‬ ‫حينها ويعالج بعض املشاكل بالقرآن‪ ،‬ويتقاضى أجره من جملة‬ ‫إنتاج الصيادين‪ ،‬وكانت تمُ نح له حصته كصياد مقابل مهنته التي‬ ‫تخصه لوحده»‪.‬‬ ‫فروة في التاريخ‬ ‫يقول وائ��ل فطيس الباحث التاريخي‪« :‬إن الشريف اإلدريسي‬

‫حت��دث ف��ي كتبه ع��ن موقع يسميه «راس املخبز»‪ ،‬ويقصد به‬ ‫فروة ويقابله قصر صالح‪ ،‬كما وردت هذه التسمية عند الرحالة‬ ‫العياشي في كتاب عنوانه «رحلة العياشي – القرن السابع عشر»‪،‬‬ ‫وفي كتب الرحالة األملاني هاينريش فون مالتسان»‪.‬‬ ‫وقد كانت هذه اجلزيرة نقطة صاحلة لرسو السفن التي تشحن‬ ‫امللح من مالحات املنطقة كما ذكر الرحالة التيجاني في كتابه‬ ‫«رحلة التيجاني» (‪ )1307‬بحسب فطيس‪ ،‬وقد شهدت طالئع‬ ‫الغزو اإليطالي سنة ‪ 1911‬وكانت من أماكن اإلنزال التي أنزلوا‬ ‫فيها قواتهم‪.‬‬ ‫سكان اجلزيرة هم من أمازيغ زوارة وقد اشتهروا بقصة جلوء‬ ‫الزعيم التونسي احلبيب بو رقيبة إليهم عقب ف��راره من تونس‬ ‫عام ‪ ،1948‬حيث استقبلوه وأرسلوا معه من يرشده و يؤمن له‬ ‫الطريق إلى زوارة‪ ،‬وهو ما ُذكر في كتاب «املسيرة الكبرى» للمؤلف‬ ‫صالح الدريدي‪.‬‬ ‫جزيرة األحالم‬ ‫مناخ اجلزيرة املتوسطي احلار واجلاف صيفاً والدافئ واملمطر‬ ‫شتا ًء‪ ،‬باإلضافة إلى احتوائها «تشكيلة رائعة من النباتات والزهور‬ ‫واحليوانات‪ ،‬وخاصة الطيور املهاجرة‪ ،‬والشواطئ الرملية الذهبية‬ ‫وظ�لال النخيل‪ ،‬كل ذلك يضفى على اجلزيرة سحراً اليقاوم»‪.‬‬ ‫تقول د‪ .‬نادية أبو الشواشي‪ ،‬وتضيف «إنها حقاً جزيرة األحالم»‪.‬‬ ‫فوق اجلزيرة منارة بيضاء حتمل الطابع العثماني املميز‪ ،‬بناها‬ ‫األتراك عندما وصلوا إليها إبان احلكم العثماني للمنطقة‪ ،‬حسب‬ ‫مبان أثرية‬ ‫قول وائل فطيس‪ ،‬كما حتدث بعض الرحالة عن وجود ٍ‬


‫الصيد في جزيرة فروة‬

‫طريق املصيف بتليل‬

‫شاطئ زوارة بالقرب من فروة‬ ‫داخل اجلزيرة نعتوها باسم «خرائب فروة»‪ ،‬وترد تسمية «راس‬ ‫املخبز» للداللة على املكان أيضاً في الفترة العثمانية في كتاب‬ ‫«تاريخ طرابلس الغرب»‪.‬‬ ‫في اجلزيرة أيضاً بحيرة تسمى بحيرة ف��روة تبدأ من منطقة‬ ‫«ضهاري ساسي» وهي القناة الواصلة بني البحر والبحيرة‪ ،‬وكانت‬ ‫متتد شرقاً حتى منطقة سيدي سعيد‪ ،‬غير إن إقامة الرصيف‬ ‫البحري ملصنع أبي كماش للمواد الكيماوية في ثمانينات القرن‬ ‫املاضي قطع امتدادها الطبيعي‪.‬‬ ‫وتعتبر بحيرة فروة نهاية االمتداد الطبيعي خلليج قابس جغرافياً‪،‬‬ ‫أم��ا جيولوجياً «ففروة هي ج��زء من سهل اجلفارة ال��ذي تشير‬ ‫الدراسات اجليولوجية إلى أنه كان جزءاً من بحر تيتس‪ ،‬حيث‬ ‫تعرض شمال البالد لسلسة من حركات الرفع والهبوط ترتب‬ ‫عليها طغيان البحر وانحساره على مر العصور اجليولوجية»‬ ‫حسب قول د‪ .‬أبوالشواشي‪.‬‬ ‫تنوع بيولوجي‬ ‫يصل الناس عادة إلى اجلزيرة منطلقني من منطقة أبي كماش‬ ‫على منت أحد املراكب‪ ،‬ويحظون فيها برحلة غوص في البحيرة‬ ‫«للتمتع بالتنوع ال�ب�ح��ري وامل�ن��اظ��ر اخل�لاب��ة حت��ت سطح امل��اء‪،‬‬ ‫الناجت عن التنوع البيولوجي فى البحيرة الذي يعود لكثرة عشبة‬ ‫البيسيدونيا (تالقا) وهى املصدر األساسي لهذا التنوع‪ ،‬مع وجود‬ ‫أنواع أخرى من األعشاب والنباتات واإلسفنج»‪.‬‬ ‫فوق األرض أيضاً تعيش عدة أنواع من احليوانات البرية وميكن‬ ‫للزائر رؤية تشكيلة من الطيور املهاجرة حسب موسم رحلته الى‬

‫هناك‪ ،‬وتوضح د‪ .‬أبوالشواشي «تتخذ هذه الطيور من بحيرة‬ ‫فروة مالذاً طبيعياً ومحطة من محطات الهجرة املوسمية‪ ،‬ومنها‬ ‫البلشون‪ ،‬البط‪ ،‬اإلوز‪ ،‬الكركي (الفالمنك)‪ ،‬غراب البحر‪ ،‬ووصل‬ ‫عددها إلى ‪ 28‬نوعاً حسب ما رصدته جمعية «بيسيدا» مؤخراً‬ ‫عند استضافتها خبير الطيور الليبي هشام محمد»‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك فاجلزيرة موطن لتكاثر السالحف البحرية‪،‬‬ ‫«إال أن بعض امل��واط�ن�ين يصيدونها دون رح�م��ة وق��د أصبحت‬ ‫مهددة» يقول حافظ فطيس‪ ،‬وهو ما جعل جمعية بيسيدا تقيم‬ ‫ورش عمل لتعشيش السالحف البحرية‪ ،‬وحققت اجلمعية جناحاً‬ ‫برصد‪11‬عشاً متت مراقبتها مل��دة ‪ 90‬ي��وم�اً‪ ،‬ومت إنقاذ تسعة‬ ‫أعشاش بالتعاون مع جمعية «بادو» البيئية‪.‬‬ ‫اجلزيرة ستختفي‬ ‫تشتكي د‪ .‬أبوالشواشي وأهالي املنطقة من إهمال املسؤولني في‬ ‫َ‬ ‫حتظ في السابق‬ ‫العهد السابق واحلالي لهذه اجلزيرة‪ ،‬فهي «لم‬ ‫بأية دراسات علمية جادة حتدد حجم اجلزيرة وما يهددها‪ ،‬وهذا‬ ‫ما دفعني إلعداد دراسة ملراقبة وقياس جزيرة فروة باستخدام‬ ‫االستشعار عن بعد وعدة برامج حديثة»‪ ..‬تقول الباحثة‪.‬‬ ‫وقد أثبتت دراس��ة أبو الشواشي أن اجلزيرة تتعرض للتناقص‬ ‫املستمر‪« ،‬وذل��ك م��ن خ�لال حتليل املرئيات ‪ Landsat‬خالل‬ ‫الفترة من عام ‪ 1987‬إلى ‪ ،2013‬وقد تناقصت اجلزيرة بحجم‬ ‫‪ 1.596‬كم مربع‪ ،‬ونظراً لصغر اجلزيرة التي بلغت مساحتها ‪4.6‬‬ ‫كم في سنة ‪ ،2013‬فإن استمرار التناقص قد يؤدي إلى اختفائها‬ ‫بالكامل خالل ‪ 70‬سنة» تقول الدراسة‪.‬‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تحوّالت طوبوغرافيا‬ ‫تنذر بالخطر‬

‫منارة جزيرة فروة‬

‫أجريت دراسة تهدف إلى مراقبة وحتليل التغير على‬ ‫مساحة جزيرة ف��روة باستخدام تقنيات االستشعار‬ ‫عن بعد وتطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية‪ ،‬من‬ ‫خالل معاجلة ثالث مرئيات فضائية للقمر الصناعي‬ ‫‪ ETMLandsat‬ل��ل��س��ن��وات (‪)2005، ،2000 ،1987‬‬ ‫ومرئية للقمر الصناعي ‪ Landsat8‬لسنة ‪ 2013‬بدقة‬ ‫متيزية ‪ 30‬متر‪ ،‬واختيار ثالث طرق حلساب املساحات‬ ‫متثلت في الترقيم اليدوي‪ ،‬ومؤشر االختالف املائي‬ ‫امل��ع��اي��ر (‪ )NDWI‬وم��ؤش��ر االخ��ت�لاف امل��ائ��ي املعاير‬ ‫املعدل (‪. )MNDWI‬‬ ‫أظهرت الدراسة أن أيسر الطرق وأدقها حلساب التغير‬ ‫جلزيرة فروة هو مؤشر االختالف املائي املعاير املعدل‪،‬‬ ‫وأوضحت أن تعرض أراضي اجلزيرة للتناقص بشكل‬ ‫كبير يعود لألسباب الطبيعية ب ٌاإلضافة إلى اإلهمال‬ ‫في اتخاذ سبل احلماية التي تتمثل في زراعة اجلزيرة‬ ‫ب���أن���واع م��ق��اوم��ة للملوحة وك��ذل��ك إن��ش��اء م��ص��دات‬ ‫حلماية السواحل وغيرها من السب الكفيلة بحماية‬ ‫هذه اجلزيرة من التراجع املساحي‪.‬‬ ‫مرفأ جزيرة فروة‬ ‫عضو املجلس البلدي مبدينة زوارة نادية معمر تؤكد اهتمامها‬ ‫باملوضوع‪ ،‬وتعد بالتنسيق مع وزارة السياحة ومصلحة اآلث��ار‪،‬‬ ‫«لتكون هذه املدينة ضمن أهم املعالم التاريخية التي سيتوافد‬ ‫إليها السواح من كل العالم‪ ،‬فجزيرة فروة مكسب وفخر ملدينتنا‪،‬‬ ‫ونحن كمجلس بلدي نتدارس مانستطيع أن نقدمه من إمكانيات‬ ‫بحثية أوالً‪ ،‬وآل�ي��ات حمايتها والنهوض بها وغيرها من معالم‬ ‫املدينة ثانياً»‪.‬‬ ‫العبث باجلزيرة‬ ‫إال أن هذه الوعود لم تطمئن أبناء املنطقة الذين تظاهروا منذ‬ ‫فترة تنديداً مبا يصفونه «العبث ب��اجل��زي��رة»‪ ،‬كما متت توأمة‬ ‫جمعية «ب�ي�س�ي��دا» و جمعية «ب �ي��وت ال�ش�ب��اب» إلغ�ل�اق املجرى‬ ‫الشرقي للجزيرة املعروف بـ»فم الوادي» أو «إميي الواد»‪ ،‬بهدف‬ ‫قطع الطريق على السيارات الصحراوية التي «تهدد بتدمير‬ ‫اجلزيرة وتعيث فيها فساداً» حسب املتظاهرين‪.‬‬ ‫وضمن املخاطر التي تتعرض لها فروة تأتي حرفة الرعي التي‬ ‫متارس من قبل بعض سكان منطقة أبي كماش‪ ،‬وهذه احلرفة‬ ‫ت��ؤدي إل��ى استنزاف الغطاء النباتي‪ ،‬مبا ال يتزامن مع عملية‬ ‫تعويض له من خالل زراعة أنواع النباتات التي تتالءم مع البيئة‬ ‫الطبيعية للجزيرة‪ ،‬وه��ذا يساهم في تفكك واجن��راف األرض‬ ‫حسب ما ذكرته د‪ .‬أبوالشواشي ورصدته في دراستها‪.‬‬ ‫ولذلك كان من أبرز توصيات الدراسة منع الرعي وزراعة اجلزيرة‬

‫بأنواع نباتات مقاومة للجفاف حتد من اجن��راف التربة وتآكل‬ ‫السواحل‪ ،‬واالهتمام ببناء مصدات األمواج وبناء الكواسر‪.‬‬ ‫«متتلك ف��روة مؤهالت جتعلها من أجمل اجل��زر السياحية في‬ ‫العالم نظراً ملا تتمتع به من مميزات‪ ،‬وه��ذا ما جعل الشركات‬ ‫االستثمارية تطمع باستثمارها‪ ،‬ولكنها مشاريع طاملا باءت بالفشل‬ ‫ألسباب عدة‪ ،‬أهمها تعمد العهد السابق تهميش املنطقة»‪ ،‬حسب‬ ‫قول حافظ‪.‬‬ ‫بانتظار يوم يتوقف فيه تآكل اجلزيرة عن طريق االهتمام بها‬ ‫واتخاذ ما يلزم حلمايتها‪ ،‬يتمسك حافظ بحلم طفولته املتمثل‬ ‫في رؤية السياح يجولون جزيرته قادمني من كل أنحاء العالم‪ ،‬حلم‬ ‫يشاركه فيه كل سكان املنظقة الذين يدركون قيمتها احلقيقية‪.‬‬ ‫كما تعاني جزيرة ف��روة من خطر يهدد احلياة البحرية بسبب‬ ‫الصيد اجلائر الذي تتعرض له مياهها من قبل بعض الصيادين‬ ‫الليبيني‪ .‬وقد ح ّذرت جمعية بيسدا حلماية البيئة وجزيرة فروه‬ ‫السياحية على لسان حافظ فطيس من ذلك مراراً‪.‬‬ ‫قال فطيس‪« :‬نحن جمعية حلماية البيئة وجادين للوقوف ضد‬ ‫كل من يحاول أن يضر بهذه البحيرة الذي تقع فيها اجلزيرة‪،‬‬ ‫وذلك من خالل وعى اجلميع وخاصة املواطن العادي مبخاطر‬ ‫ع��دم اح�ت��رام القواعد الهامة في ذل��ك‪ ،‬ونتيجة لذلك ولغياب‬ ‫الرادع‪ ،‬فقد حدثت كارثة بيئية خالل هذا األسبوع نتيجة للصيد‬ ‫اجلائر حيث مت قتل عشرات من السالحف البحرية‪ ،‬التي كانت‬ ‫متوجهة إلى شاطئ البحر لوضع البيض‪ ،‬إال أن شباك الصيادين‬


‫التطوع النقاذ سالحف فروة املهددة باالنقراض‬ ‫كانت لها باملرصاد‪ ،‬ألن اجلميع يعلم إن السالحف حيوانات‬ ‫برمائية البد لها أن تأخذ الهواء من خارج البحر وتعود له‪ ،‬مبعنى‬ ‫البد أن تصعد للسطح لتتنفس وتعود مرة أخرى‪ ،‬ونتيجة لهذه‬ ‫الشباك تعلق فتموت اختناقا‪ ،‬وقد وجدنا العشرات منها ميتة‬ ‫على شواطئ البحيرة‪ ،‬وعددها في ازدياد‪ -‬خاصة إن لم نوقف‬ ‫أصحاب ه��ذه امل��راك��ب‪ ،‬وه��ى تعد بكارثة بيئية بكل ما حتمل‬ ‫الكلمة من معنى»‪.‬‬ ‫وأضاف فطيس‪« :‬انتشر الصيد اجلائر بدون مراعاة للقوانني‬ ‫البحرية التي حتمى ه��ذه اجل��زي��رة‪ ،‬احلاضنة لعدة أن��واع من‬ ‫األس�م��اك وطيور البحر والسالحف‪ ،‬ولغياب ال��وازع القانوني‬ ‫والوطني ألصحاب مراكب الصيد بتلك املنطقة‪ ،‬ولعدم اهتمام‬ ‫العمالة ال��واف��دة ل�لإض��رار ال�ت��ي حت��دث ه�ن��اك نتيجة الصيد‬ ‫العشوائي واجلائر‪ ،‬فقد حدثت كارثة بيئية هذه األيام‪ ،‬فنتيجة‬ ‫للصيد اجلائر واستعمال شباك صيد غير قانونية‪ ،‬تتعرض‬ ‫السالحف ل�لإب��ادة من قبل الصيادين‪ ،‬خاصة في األي��ام التي‬ ‫تعتبر فترة وضع البيض‪ ،‬والبد لهذا النوع أن يخرج إلى شاطئ‬ ‫البحر ليضع البيض‪ ،‬حيث تقوم هذه السالحف بدور كبير في‬ ‫هذه اجلزيرة‪ ،‬حيث تلتهم قنديل البحر الذي تسبب اإلزعاج ملن‬ ‫يرتاد البحر‪ ،‬وبغيابها يتكاثر قنديل البحر بقوة على الشواطئ‪،‬‬ ‫والسالحف تساهم بشكل كبير في خلق توازن بيئي في املنطقة‬ ‫واحلفاظ عليها واجب وطني»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬البحيرة عبارة عن حاضنة جلميع أنواع األسماك التي‬

‫توجد في البحر األبيض املتوسط‪ ،‬وكذلك هناك أسماك وطيور‬ ‫مهاجرة تأتى إلى هذه البحيرة للراحة والهروب من سوء األحوال‬ ‫اجلوية‪ ،‬حيث يتوفر الغذاء واملناخ الطبيعي املعتدل»‪ .‬وأوضح‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪« :‬أن البحيرة تعتبر احلاضنة التي جتمع أنواع كثيرة من‬ ‫الكائنات البحرية‪ ،‬التي من خاللها تسعى اجلمعية للمحافظة‬ ‫عليها والتنبيه إلى املخاطر التي حتدق بها‪ ،‬وذلك من خالل عدم‬ ‫احترام كل املواثيق والقوانني البيئية التي وضعت‪ ،‬وفق دراسات‬ ‫وأب�ح��اث علمية وص��ل إليها علماء بعد دراس ��ات مطولة حول‬ ‫احلياة البرية والبحرية»‪.‬‬ ‫وأكد عضو بجمعية بيسده حلماية البيئة أن اجلمعية تسعى بكل‬ ‫ق��وة أن توقف ه��ذا الصيد اجلائر لهذه احليوانات‪ ،‬مبساعدة‬ ‫مؤسسات املجتمع املدني في مدينة زواره خاصة وليبيا عامة‪،‬‬ ‫كما للجمعية ات �ص��االت ببعض اجل �ه��ات‪ -‬مثل منظمة حماية‬ ‫اإلح�ي��اء البحرية والبرية‪ ،‬ومركز ت��اج��وراء لألبحاث البحرية‪،‬‬ ‫وإبالغهم بهذه الكارثة‪ ،‬وهناك جهات أخرى أبدت استعدادها‬ ‫لعمل أي شي لوقف ه��ذه الكارثة‪ ،‬كما ستقوم اجلمعية خالل‬ ‫األيام املقبلة بوقفة في البحيرة بحضور املهتمني بهذا الشأن ملنع‬ ‫استمرار قتل السالحف نتيجة الصيد العشوائي‪.‬‬ ‫وذكر أن جمعية بيسده حلماية البيئة وبحيرة فروه هي مؤسسة‬ ‫مدنية تسعى لتقدمي أعمال تهتم بالبيئة‪ ،‬وأن ه��ذه اجلمعية‬ ‫تأسست منذ ث�لاث س�ن��وات‪ ،‬ولكن لم تتحصل على أي إج��راء‬ ‫قانوني يعتمد هذه املؤسسة لدى اجلهات الرسمية‪.‬‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫زوارة‪ ..‬األم الحاضنة‬ ‫تعتبر مدينة زوارة هي األم احلاضنة جلزيرة فروة‪،‬‬ ‫وتقع زوارة على بعد ‬‪ 120‬كيلومتر ًا غربي طرابلس‪،‬‬ ‫وهي شمال اجلميل ورقدالني‪.‬‬ ‫يعود تاريخ املدينة التي تعتمد على الصيد البحري‬ ‫والزراعة والتجارة وصناعة امللح واجلير واجلبس إلى‬ ‫القرن الثاني قبل امليالد‪ ،‬وكان اسمها في ذلك العهد‬ ‫«كاساس»‪ ،‬وكانت تشتهر بتصدير امللح‪.‬‬ ‫وع��ل��ى ال��رغ��م م��ن أن ال��ط��ري��ق ال��س��ري��ع امل����ؤدي إل��ى‬ ‫العاصمة مفتوح للحركة‪ ،‬إال أن أهالي زوارة تركوا‬ ‫أراض��ي��ه��م وم��زارع��ه��م امل��وج��ودة على طرفي الطريق‬ ‫واستقروا في املدينة‪.‬‬ ‫ون���ظ���ر ًا إل���ى م��وق��ع��ه��ا ع��ل��ى س��اح��ل ال��ب��ح��ر األب��ي��ض‬ ‫امل��ت��وس��ط‪ ،‬يعمل س��ك��ان زوارة ب��ال��زراع��ة‪ ،‬وينتجون‬

‫وي��س��ت��ه��ل��ك��ون ك��م��ي��ات ك��ب��ي��رة م���ن ال��ش��ع��ي��ر‪ ،‬وال�����ذرة‪،‬‬ ‫وال��ق��م��ح‪ ،‬وي��ع��م��ل��ون ع��ل��ى ت��رب��ي��ة امل���اع���ز‪ ،‬واألغ���ن���ام‬ ‫وال���دواج���ن‪ ،‬ال��ت��ي ت��وف��ر امل��ص��در ال��غ��ذائ��ي التكميلي‪،‬‬ ‫مثل احلليب‪ ،‬والبيض‪ ،‬وال��زب��د‪ ،‬وال��ل��ح��وم‪ .‬وبسبب‬ ‫قربها م��ن طرابلس‪ ،‬أصبحت املنطقة الغربية من‬ ‫امل��دي��ن��ة م��ت��ح��ض��رة ع��ل��ى ن��ح��و م��ت��زاي��د‪ .‬وم���ع ذل��ك‪،‬‬ ‫ف��إن العديد من سكان زوارة ال ي��زال��ون يعيشون في‬ ‫منازل مصنوعة من الطوب واللنب واحلجر‪ .‬وتشبه‬ ‫مالبس البربر تلك املالبس التقليدية لدى املجتمع‬ ‫العربي‪ ،‬وتتكون من اجللباب التقليدي املصنوع من‬ ‫القطن بأكمام واسعة وغطاء للرأس‪ ،‬وأيض ًا يلبسون‬ ‫العمائم القطنية‪ .‬ويعمل الرجال في احلقول‪ ،‬وتربية‬ ‫احليوانات‪ ،‬والصيد‪ ،‬في حني تقوم النساء باألعمال‬


‫طيور الفالمنغو أثناء مرورها على فروة‬

‫املنزلية ورعاية األطفال‪ ،‬وتساعد النساء الرجال في‬ ‫احلقول فقط أثناء موسم احلصاد‪ .‬وتدور احلياة في‬ ‫مجتمع البربر ح��ول احتفاالت مهمة‪ ،‬مثل ال��والدة‬ ‫والزواج والوفاة‪ .‬ولهذا ميارسون العديد من الطقوس‬ ‫التي تشكل جزء ًا مهم ًا من ثقافتهم‪ ،‬مثل حالقة شعر‬ ‫األطفال وختان الذكور‪ ،‬وتشتمل مراسم الزواج على‬ ‫تفاصيل أكثر‪ .‬وتعتبر زوارة‪ ،‬مثل مدن البربر األخرى‪،‬‬ ‫حيث يهيمن الذكور على املجتمع‪ .‬وكوسيلة للحفاظ‬ ‫على أنفسهم كشعب فإن سكان زوارة‪ ،‬ال يسمح لهم‬ ‫بالزواج من خارج مجموعتهم‪.‬‬ ‫وتعد زوارة‪ ،‬التي ينحدر معظم سكانها م��ن قبائل‬ ‫نفوسة املنتسبة ألمازيغ ال��ه��وارة‪ ،‬حاضرة لعدد من‬ ‫القرى التي ينسب أغلب السكان إليها حالياً‪ ،‬وتقول‬ ‫بعض الروايات أن سكان املدينة األمازيغية‪ ،‬التي تبعد‬ ‫نحو ‬‪ 60‬كيلومتر ًا عن احل��دود التونسية مع ليبيا‪،‬‬

‫قد خاضوا أهم املعارك الليبية في التاريخ احلديث‪،‬‬ ‫وتتمثل ف��ي م��ع��رك��ة س��ي��دي سعيد ض��د االستعمار‬ ‫اإليطالي في موقعة أبي كماش قبالة جزيرة فروة‪.‬‬ ‫في حني وجدت قبيلة زواغ��ة وعمرت مدينة صبراتة‬ ‫بجانب قبائل من األمازيغ من لواتة ونفوسة وزوارة‪.‬‬ ‫ي��ش��ار إل���ى أن م��ي��ن��اءه��ا امل��خ��ت��ص بالصيد البحري‬ ‫والتجارة قد أسس في العهد التركي‪ ،‬ثم دمرته في‬ ‫احل���رب ال��ع��امل��ي��ة ال��ث��ان��ي��ة ال��ق��وات اإلي��ط��ال��ي��ة‪ ،‬وبعد‬ ‫االس��ت��ق�لال مت ترميمه‪ ،‬كما أن��ش��أت إيطاليا خط ًا‬ ‫للسكة احلديدية ميتد من زوارة إلى طرابلس الغرب‪.‬‬ ‫وسكن نحو ‬‪ 40‬أل��ف نسمة املدينة األمازيغية‪ ،‬وقد‬ ‫فر نصفهم أثناء الثورة الليبية‪ ،‬ويأمل األهالي بناء‬ ‫ّ‬ ‫مدينة حديثة وترميم ما هدمته احلرب‪ ،‬معتمدين‬ ‫في ذلك على مواردهم اخلاصة ومساعدات بسيطة‬ ‫من احلكومة في طرابلس‪.‬‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫تطبيق جديد للموسيقي ينافس سبوتيفاي‬

‫تعزيز برنامج المحفظة الرقمية‪ ..‬ونظام تشغيل‬ ‫جديد لـ«ووتش»‪ ..‬وأشياء أخرى من «آبل»‬ ‫أع �ل �ن��ت ش ��رك ��ة آب� ��ل ط��رح‬ ‫تطبيق ج��دي��د يضم مكتبة‬ ‫ل�ت�ح�م�ي��ل ال �ن �س��خ ال�ص��وت�ي��ة‬ ‫وامل�� �ص� ��ورة م���ن األغ���ان���ي‪،‬‬ ‫وم� �ح� �ط ��ة ل � �ل� ��رادي� ��و ع �ل��ى‬ ‫االن �ت��رن��ت‪ ،‬وخ��اص �ي��ة تتيح‬ ‫للفنانني م��داول��ة أعمالهم‬ ‫ال� �ت ��ي ل���م ت� �ط ��رح ب��ع��د ف��ي‬ ‫السوق‪.‬‬ ‫ويحتوي التطبيق على نظام‬ ‫ي �س �ت �خ��دم ال �ق��ائ �م�ين على‬ ‫املكتبة من البشر باإلضافة‬ ‫إل��ى حلول حسابية يجريها‬ ‫الكمبيوتر القتراح األغاني‪.‬‬ ‫وم � ��ن امل� ��رج� ��ح أن ت�ش�ك��ل‬ ‫اخل��دم��ة اجل��دي��دة منافسة‬ ‫لتطبيقات موسيقية مثل‬ ‫سبوتيفاي وتيدال‪.‬‬ ‫ك �م��ا ك �ش �ف��ت آب� ��ل ع ��ن أن‬ ‫بريطانيا ستكون أول بلد‬ ‫خ � ��ارج ال� ��والي� ��ات امل �ت �ح��دة‬ ‫تُطرح فيه خدمة الدفع «آبل‬ ‫باي» ‪.Apple Pay‬‬ ‫وعلق كريس كوك‪ ،‬من موقع‬ ‫«كومبليت م��وزي��ك أب��دي��ت»‬ ‫اإلخباري قائال «الكثير من‬ ‫الناس في القطاع ينظرون‬ ‫إلى طرح اخلدمة املوسيقية باعتبارها أمرا مهما‪ ،‬ويأملون في‬ ‫أن يساعد ذلك على أن يصبح التحميل القائم على اشتراكات‬ ‫املستخدمني تيارا غالبا»‪.‬‬ ‫غير أنه استطرد قائ ً‬ ‫ال‪« :‬لكن تطبيق سبوتيفاي يتمتع مبستوى‬ ‫مجاني يعتمد على اإلعالنات للمساعدة في بيع باقاته املميزة‪،‬‬ ‫وهو ما ال تفعله آبل‪ ،‬وبالتالي فإنه مازال يتمتع مبيزة بيع فريدة»‪.‬‬ ‫وتشمل خدمة آبل محطة رادي��و «بيتس ‪ »1‬التي يتوالها املذيع‬ ‫السابق في بي بي سي‪ ،‬زين لو‪ ،‬ضمن آخرين‪.‬‬ ‫ك�م��ا ي�س�ت�خ��دم ال�ت�ط�ب�ي��ق اجل��دي��د خ��دم��ة امل �س��اع��د الشخصي‬ ‫االفتراضي «سيري» الذي يتم التحكم فيه بالصوت‪ .‬ويتيح هذا‬ ‫للمشتركني أن يطلبوا من التطبيق تشغيل أغنية من فيلمأو من‬ ‫عام ما دون احلاجة إلى معرفة اسم األغنية‪.‬‬

‫وس� � � � ��وف ي � �ع� ��د «خ� � �ب � ��راء‬ ‫موسيقيون» قوائم األغاني‬ ‫امل�ق�ت��رح��ة ل�ض�م��ان مالئمة‬ ‫األغ��ان��ي لبعضها البعض‪،‬‬ ‫ل��ك��ن احل � �ل� ��ول احل �س��اب �ي��ة‬ ‫س � �ت� ��رش� ��د امل� �س� �ت� �خ ��دم�ي�ن‬ ‫ألغ��ان��ي مختلفة اع �ت �م��ادا‬ ‫ع� �ل ��ى س� �ج ��ل اس �ت �م��اع �ه��م‬ ‫املوسيقي السابق والفنانني‬ ‫املفضلني لديهم‪.‬‬ ‫وق � ��ال ج �ي �م��س م��اك��وي �ف��ي‪،‬‬ ‫م� ��ن م ��ؤس� �س ��ة ف��وري �س �ت��ر‬ ‫االس � �ت � �ش� ��اري� ��ة‪ ،‬إن «آب� ��ل‬ ‫ت��أخ��رت ف��ي ت �ق��دمي خدمة‬ ‫البث املوسيقي‪ ،‬والسبب في‬ ‫ذلك يرجع جزئيا إلى رفض‬ ‫ستيف جوبز االعتقاد بأن‬ ‫اخل��دم��ات املوسيقية ذات‬ ‫االشتراك سيكون ال تنجح»‪.‬‬ ‫لكنه ت��وق��ع أن تتمكن آب��ل‬ ‫في غضون عام من اللحاق‬ ‫بتطبيق س�ب��وت�ي�ف��اي ال��ذي‬ ‫يتمتع حاليا باحلصة األكبر‬ ‫من السوق‪ ،‬ولديه ‪ 15‬مليون‬ ‫مستخدم مسجلون‪.‬‬ ‫ويعتقد محلل آخ��ر أن آبل‬ ‫قد تواجه حتديا من حيث‬ ‫شرح كافة اخلصائص التي يوفرها التطبيق‪.‬‬ ‫ويقول جيف بالبر‪ ،‬من شركة سي سي إس إنسايت‪ ،‬إن «خدمة‬ ‫آبل املوسيقية هي مزيج معقد من خدمات تضم البث املوسيقي‬ ‫واإلذاع��ة املباشرة واكتشاف املوسيقى والتفاعل االجتماعي مع‬ ‫الفنانني»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬من املبكر جدا حتديد ما إذا كان هذا هو ما ينتظره‬ ‫املستخدمون‪ ،‬لكن قاعدة آبل واالشتراك املجاني ملدة ثالثة أشهر‬ ‫والباقات األسرية تعد مزايا هائلة ستثير قلق منافسي آبل‪».‬‬ ‫وقالت آبل إن اخلدمة ستطرح في أكثر من ‪ 100‬دولة في ‪30‬‬ ‫يونيو‪ /‬حزيران‪ ،‬وسوف تصل تكلفتها الشهرية للفرد في الواليات‬ ‫املتحدة إلى ‪ 9.99‬دوالر‪ ،‬وهي نفس قيمة اخلدمة املقدمة من‬ ‫خالل تطبيق سبوتيفاي‪ ،‬أو ‪ 14.99‬دوالر للباقة األسرية املكونة‬


‫من ستة أفراد‪.‬‬ ‫ول��ن يضطر املستخدم إل��ى دف��ع قيمة خدمة االستماع حملطة‬ ‫«بيتس ‪.»1‬‬ ‫وسينحصر استخدام تطبيق «م �ي��وزك» على نظام تشغيل آبل‬ ‫وأنظمة تشغيل الكمبيوتر ويندوز وماك‪ ،‬لكنه سيطرح في وقت‬ ‫الحق من العام ليتوافق مع أنظمة الهواتف التي تدعم نظام تشغيل‬ ‫أندرويد وآبل تي في‪.‬‬ ‫«آبل باي»‬ ‫كما تسعى آبل إلى تعزيز برنامج احملفظة الرقمية لديها‪ .‬ففي‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬ستدعم «آبل باي» مدفوعات شركات التجزئة‬ ‫وبطاقات الوالء (اخلصم على الشراء املتكرر)‪.‬‬ ‫وفي بريطانيا‪ ،‬سيكون مبقدور املواطنني الدفع من خالل التلويح‬ ‫بهواتفهم من طراز آي فون أو ساعات آبل أمام وحدات دفع ال‬ ‫حتتاج إلدخال أرقام سرية اعتبارا من الشهر املقبل‪.‬‬ ‫وقالت الشركة إن اخلدمة ستُطرح في نحو ‪ 250‬ألف موقع في‬ ‫شتى أرج��اء بريطانيا وس��وف تغطي ‪ 70‬في املئة من بطاقات‬ ‫االئتمان وبطاقات الدفع املستخدمة‪.‬‬ ‫ومازال التعامل بنظام «آبل باي» محدودا في الواليات املتحدة منذ‬ ‫تدشينه في أكتوبر‪ /‬تشرين األول املاضي‪.‬‬ ‫وأش��ار مسح أجرته وكالة رويتز لألنباء مؤخرا إلى أن أقل من‬ ‫ربع شركات جتارة التجزئة الرئيسية في الواليات املتحدة قبلت‬ ‫التعامل بهذه اخلدمة‪.‬‬ ‫والسبب في ذل��ك يرجع إل��ى أن متاجر مثل «وول‪-‬م ��ارت» و‪18‬‬ ‫متجرا اجتمعوا إلط�لاق برنامج منافس‪ ،‬ولم يتفقوا على دعم‬ ‫اخلدمة التي تقدمها آبل حتى عام ‪ 2016‬في أقرب تقدير‪.‬‬ ‫ورجح خبير أن جتد الشركة من السهل جذب الدعم في بريطانيا‪،‬‬ ‫حيث تستخدم متاجر بالفعل ماكينات تتعامل بنظام بطاقات الدفع‬ ‫السريع وهي ما ستكون متوافقة مع خدمة الدفع اخلاصة بآبل‪.‬‬ ‫وقالت الشركة إن متاجر مثل صيدليات «بووتس» وسلسلة مقاهي‬ ‫«ك��وس�ت��ا» وأس���واق «وي �ت��روز» وشبكة امل��واص�لات ف��ي ل�ن��دن من‬

‫املؤسسات البريطانية التي تدعم نظام «آبل باي»‪.‬‬ ‫ذكاء «سيري»‬ ‫وكشف كرايغ فيديريغي‪ ،‬رئيس البرمجيات في شركة آبل‪ ،‬خالل‬ ‫فعاليات مؤمتر الشركة العاملي للمطورين‪ ،‬أن اإلص��دار اجلديد‬ ‫لنظام تشغيل الهواتف احملمولة «آي أو إس» سيتيح شكال جديدا‬ ‫خلدمة «سيري» وسيجعلها أكثر «كفاءة»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬صممناه بطريقة ال تهدد خصوصيتك‪ ،‬ال يهمنا بريدك‬ ‫اإللكتروني وال صورك أو قوائم اتصاالتك في اخلدمة السحابية‬ ‫لنعلم أشياء عنك»‪ ،‬وهو ما يختلف عن منهج نظام تشغيل أندرويد‬ ‫اخلاص بشركة غوغل‪ .‬وأضاف‪« :‬بأمانة ال نريد أن نعرف شيئا‪».‬‬ ‫كما أعلن عن «مهام متعددة» ألجهزة آي باد اللوحية في ظل بيئة‬ ‫عمل نظام تشغيل آي أو إس ‪ 9‬مبا يسمح تشغيل تطبيقني جنبا‬ ‫إلى جنبا في نفس الوقت‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك سيكون مبقدور املستخدمني مشاهدة مقاطع‬ ‫فيديو داخل إطار تشغيل قابل للتحكم في حجمه على الشاشة‬ ‫مبا يسمح وضعه فوق برنامج آخر‪.‬‬ ‫كما أكدت الشركة أن اإلصدار اجلديد لتطبيق اخلرائط سيتيح‬ ‫معلومات بشأن املواصالت العامة في عدد من املدن‪ ،‬وهي خدمة‬ ‫متوافرة في تطبيق خرائط غوغل منذ سنوات‪.‬‬ ‫وأعلنت الشركة أن تطبيق األخبار سيجمع تشكيلة منتقاة من‬ ‫التفضيالت الشخصية للمحتويات من مصادر مختلفة لتوفير‬ ‫خدمة شبيهة لتلك التي يقدمها تطبيق «فليببورد»‪.‬‬ ‫«آبل ووتش»‬ ‫وأعلنت آبل عن إصدار جديد لنظام تشغيل «ووتش» الذي يسمح‬ ‫بتشغيل تطبيقات أخرى على ساعاتها الذكية‪.‬‬ ‫وسوف يتيح ذلك سرعة في إطالق وعمل البرنامج‪ ،‬والتعامل مع‬ ‫الشكاوى الشائعة‪.‬‬ ‫كما سيتاح للتطبيقات األخ��رى االت�ص��ال بخصائص استشعار‬ ‫احلركة في تطبيق ووتش‪ ،‬والنقر على املعصم‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫‪..E3 – 2015‬‬ ‫ّ‬ ‫عامة‬ ‫والدعوة‬ ‫دعوة إلى املؤمتر السنوي «‪( »E3‬اختصار‬ ‫مل�ع��رض الترفيه اإلل�ك�ت��رون��ي)‪ ،‬وه��و أهم‬ ‫حدث أللعاب الفيديو في العالم‪.‬‬ ‫نسخة ‪ 2015‬من ‪ ،E3‬ستكون في وسط‬ ‫م��دي�ن��ة ل ��وس اجن�ل�ي��س األس��ب��وع امل�ق�ب��ل‪،‬‬ ‫ح��ام �ل � ًة م�ع�ه��ا ‪ 50000‬م��ن الصحفيني‬ ‫واحملللني‪ ،‬صناع األلعاب والتجار‪ .‬للمرة‬ ‫األول� ��ى م �ن��ذ س��ن��وات‪ ،‬س ��وف ي �ت��م دع��وة‬ ‫‪ 5000‬من املشجعني احملظوظني حلضور‬ ‫احل��دث ال��ذي يستمر ثالثة أي��ام‪ ،‬تذكرة‬ ‫ذهبية حلضور هذا املؤمتر املكتظ والذي‬ ‫ب��ه أح���دث وأك �ب��ر ال �ش��رك��ات ف��ي مجال‬ ‫الترفيه التفاعلي‪.‬‬ ‫إذاً م��اذا ينبغي أن يتوقع ال�لاع�ب��ون من‬ ‫املعرض هذا العام؟‬ ‫األخبار الكبيرة من الثالثة الكبار‪ ،‬وهم‬ ‫«سوني‪ ،‬مايكروسوفت ونينتندو»‪ ،‬الذين‬

‫تعاملوا سنويا مع املعرض كساحة معركة‪.‬‬ ‫ولكن عبر الوقت خفت احلركات واحلِ َي ْل‬ ‫الرخيصة بينهم‪ ،‬ولكن بصفة عامة‪ ،‬هذا‬ ‫هو املكان ال��ذي س��وف تسمع منه بعض‬ ‫أك�ب��ر اإلع�لان��ات م��ن ال�ش��رك��ات املصنعة‬ ‫لأللعاب ومنصات اللعب (الباليستايسن‬ ‫‪ ،PS4‬احلاسوب إلخ‪.)...‬‬ ‫مايكروسوفت سبق وأن أعلنت عن جهاز‬ ‫«اإلك ��س بوكس‪ »1‬ذي ال �ـ ‪ 1000‬جيجا‬ ‫ب��اي��ت‪ ،‬ل��ذل��ك ستركز مايكروسفت على‬ ‫األلعاب الرائجة مثل ‪Halo 5, Rising‬‬ ‫‪ Of Tomb Raider, Forza 6‬وجزء‬ ‫جديد من سلسلة ‪.Gears Of War‬‬ ‫سوني‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬سجلة أرقاما‬ ‫قياسية في سنة ‪ ,2015‬وبعض األلعاب‬ ‫مثل «‪ Uncharted 4‬و‪No Man's‬‬ ‫‪ »Sky‬ق��د ح �ق �ق��وا جن��اح��اً ك �ب �ي��راً‪ .‬ام��ا‬

‫مشروع «مورفيوس» أللسماعات سيكون‬ ‫حدثاً كبيراً كذلك‪ ،‬وهناك فرصة كبيرة‬ ‫بأن «سوني» ستحاول أن تعدل النتيجة مع‬ ‫شركة مايكروسوفت من خ�لال اإلع�لان‬ ‫عن ‪ PS4‬بألف جيجا بايت‪.‬‬ ‫بينما س��ون��ي وم��اي �ك��روس��وف��ت ينافسان‬ ‫بعضهما البعض‪ ،‬نينتندو يفعل ما أشيائه‬ ‫اخل��اص��ة ف��ي ه��ذه األي ��ام ف��ي ‪ .E3‬وقد‬ ‫إختارت الشركة اخلروج من حرب املؤمترا‬ ‫الصحفي واملنافسة وبدالً من ذلك سوف‬ ‫تبث فيديو إعالمي صباح الثالثاء‪.‬ننتندوا‬ ‫تعرف مشجعيها وتفضل التحدث إليهم‬ ‫مباشرةً‪.‬‬ ‫على كل ح��ال أكبر ح��دث ه��ذه السنة أو‬ ‫ع�ل��ى األق���ل ب��ال�س�ب��ة إل ��ي س�ي�ك��ون للعبة‬ ‫«‪ »Fallout 4‬والتي ستكون في األسواق‬ ‫قبل نهاية هذه السنة‪.‬‬


‫يوتيوب‪ ..‬يستعد لتدشين موقع تطبيقي أللعاب الفيديو‬ ‫يستعد موقع يوتيوب‪ ،‬اململوك لشركة غوغل األمريكية‪ ،‬لتدشني‬ ‫موقع وتطبيق أللعاب الفيديو‪ ،‬وذلك في محاولة ملنافسة خدمة‬ ‫«تويتش» التي متلكها شركة أمازون‪.‬‬ ‫وتتيح تويتش لهواة ألعاب الفيديو مشاهدة البث احلي لالعبني‬ ‫آخرين أثناء لعبهم‪ ،‬والتفاعل مع هذا البث أيضا‪.‬‬ ‫وفي العام املاضي‪ ،‬تقدمت غوغل بعرض لشراء تويتش‪ ،‬لكنها‬ ‫خسرت املنافسة لصالح أمازون التي فازت بالصفقة مقابل ‪970‬‬ ‫مليون دوالر‪.‬‬ ‫وأعلنت شركة محرك البحث العمالق أن م��ن املتوقع إط�لاق‬ ‫اخلدمة اجلديدة في وقت الحق الصيف احلالي‪.‬‬ ‫وفي تدوينة‪ ،‬قال آالن جويس مدير اإلنتاج بقسم األلعاب في‬ ‫يوتيوب إن «خدمة األلعاب على يوتيوب ستوفر أنواعا جديدة‬ ‫مت�� ��ام�� ��ا م� � ��ن أل � �ع� ��اب‬ ‫الفيديو» منها ما يتعلق‬ ‫ب ��ال� �ط� �ه ��ي واألغ � ��ان � ��ي‬ ‫املصورة‪.‬‬ ‫وأض� ��اف ج��وي��س «ج��اء‬ ‫اآلن دورن��ا لرد اجلميل‬ ‫بشيء مصمم خصيصا‬ ‫ل �ه��واة األل� �ع ��اب»‪ .‬وم��ن‬ ‫امل �ق��رر أن يتم اقتسام‬ ‫ع��وائ��د اإلع�ل�ان��ات بني‬ ‫صاحب البث ويوتيوب‪.‬‬ ‫امل �س �ت �خ��دم��ون سيكون‬

‫لهم صفحات خاصة ملمارسة األل�ع��اب مباشرة والبحث عنها‪،‬‬ ‫ومثل تويتش‪ ،‬يوفر يوتيوب أيضا خاصية تتيح للمشاهدين إرسال‬ ‫األموال ملن يبث اللعبة‪.‬‬ ‫وقال جويس إن اخلدمة ستوفر مساحة على يوتيوب مبعزل عن‬ ‫باقي محتويات املوقع حتى يركز البحث‪ ،‬وفقا للكلمات التي يكتبها‬ ‫املستخدم‪ ،‬على أسماء األلعاب وليس أسماء املقاطع املصورة‬ ‫األخرى التي حتمل نفس الكلمات‪ .‬وتتكون اخلدمة من ‪ 25‬ألف‬ ‫منفذ لأللعاب‪ ،‬جتمع كل األنشطة اخلاصة بكل لعبة في صفحة‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫وتأمل شركة غوغل أن تستقطب اخلدمة اجلديدة هواة األلعاب‬ ‫من منافستها تويتش‪ ،‬التي تستحوذ حاليا على سوق بث األلعاب‬ ‫مباشرة عبر االنترنت‪ .‬ويبث املوقع ‪ 12‬مليار ساعة من األلعاب‬ ‫مباشرة شهريا‪.‬‬ ‫وه� �ن ��اك م �ن��اف��س آخ��ر‬ ‫أق� ��ل ش�ع�ب�ي��ة ف ��ي ه��ذا‬ ‫امل� �ض� �م���ار ه� ��و س �ت �ي��م‬ ‫برودكاستنج الذي يوفر‬ ‫خ��دم��ات ل�ه��واة األلعاب‬ ‫ع�ل��ى أج �ه��زة الكبيوتر‬ ‫الشخصية‪ .‬ومن املقرر‬ ‫أن تدشن خدمة ألعاب‬ ‫يوتيوب في بادئ األمر‬ ‫ف��ي ال ��والي ��ات امل�ت�ح��دة‬ ‫وبريطانيا‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫كليمنتي يشيد باملنتخب الليبي ويتجاهل أخطاءه التكتيكية‬

‫البادو الزاكي ‪ ..‬املهم النقاط الثالثة‬

‫حتى ال نقع في فخ الرأس األخضر‬

‫التطبيل لموقعــــــ‬ ‫هناك من رفع نتيجة خسارة منتخبنا الوطني أمام املغرب بـ ‪ 1‬ـ ‪0‬‬ ‫إلى مرتبة الفوز‪ ،‬سادرا في تقدمي املبررات التي جعلت من مباراة‬ ‫اجلمعة في نظره « ملحمة ك��روي��ة» ق��دم فيها رف��اق نشنوش أداء‬ ‫أسطوريا في مواجهة فريق مدجج بالالعبني احملترفني القادمني‬ ‫من مدارس كروية أوروبية متعددة‪ ،‬وال ندري إن كانت تلك املبررات‬ ‫ستظل حاضرة بقوة في املواجهات القادمة‪ ،‬إذا خرج الفريق مهزوما‬ ‫بنتيجة خفيفة أو ثقيلة أم أنها ستتوارى عن األنظار عندما يخرج‬ ‫التقييم عن إطار العاطفة‪ ،‬ويتمسك باملنطق والعلم ‪.‬‬ ‫بعد أن أطلق احلكم الغاني صافرة نهاية املباراة معلنا عن حصول‬ ‫ٍ‬ ‫�ب صائغو امل�ب��ررات إل��ى وسائل‬ ‫املغرب على ث�لاث‬ ‫نقاط ثمينة‪ ،‬ه� ّ‬ ‫اإلع�لام اخلبري‪ ،‬معلنني على املأل بأن منتخبنا خرج من موقعة‬ ‫آغادير مرفوع اجلبني بعد أن قدم مباراة تليق بالكبار‪ ،‬كان عنوانها‬ ‫ٍ‬ ‫عمد رمبا الكثير من الهفوات‬ ‫الرئيسي» احلماس» وجتاهلوا عن‬ ‫الفنية التي وق��ع فيها العبو الفريق‪ ،‬والكثير أيضا م��ن األخطاء‬ ‫التكتيكية التي ارتكبها املدرب خافيير كليمنتي‪.‬‬ ‫قد نتفق معهم حول نقطة ضعف االستعداد اجلدي للمباراة‪ ،‬واقتصار‬ ‫التباري الودي على مباراة يتيمة مع مالي ال نخالها تعطي أي مؤشر‬ ‫فاعل للمدرب بالنسبة الختيار التشكيل املناسب‪ ،‬أو لتجريب أساليب‬ ‫لعب ميكن تطبيقها في مباراة آغادير‪ ،‬باملقابل نعترف بأن منتخب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫استعداد طويلة نسبيا‪ ،‬وتوفرت أمامه‬ ‫البادو الزاكي حظي بفترة‬ ‫فرص إقامة مباريات ودية باجلملة‪ ،‬لكن هذه امليزة تقابلها نقيصة‪،‬‬

‫فاملنتخب املغربي كما نعلم مشكل من الطيور املهاجرة التي جاءت‬ ‫إلى املغرب حتى من الصني‪ ،‬وقد الحظ املتتبعون لسير املباراة كيف‬ ‫غاب االنسجام عن الفريق‪ ،‬وخاصة في الشوط األول الذي تاه فيه‬ ‫املغاربة وهم يواجهون فريقا أس� ّر له مدربه بالبقاء في الصفوف‬ ‫اخللفية دون التفكير في املغامرة والتوجه نحو مرمى الفريق املنافس‬ ‫‪ ..‬مبعنى أن أي فريق مثخن بالنجوم إذا لم تتحقق له اللغة املشتركة‪،‬‬ ‫ويتوفر له عامل االنسجام الفطري قد يقع في محظور اللعب السلبي‬ ‫وهذا ما حدث للفريق املغربي باعتراف مدربه البادو الزاكي الذي‬ ‫قال في تصريحات صحفية عقب اللقاء بأن فريقه كان سلبيا في‬ ‫الشوط األول‪ ،‬لكنه عاد وأكد بأن احلصول على النقاط الثالث كان‬ ‫هو هدفه األهم ‪.‬‬

‫دور كليمنتي‬ ‫مدربنا العجوز خافيير كليمنتي ك��ان على رأس جوقة املطبلني‬ ‫لنتيجة اخلسارة التي بدت في نظره إجنازاً يحققه املنتخب الليبي‬ ‫ضد فريق عامر بالتجربة والنجوم‪ ،‬متناسيا حزمة من احلقائق‬ ‫التي الميكن أن يحجبها تكتل العبيه في املناطق اخللفية‪ .‬لقد عاب‬ ‫على كليمنتي ذلك األسلوب الدفاعي الذي اعتمده طوال املباراة‪،‬‬ ‫وكانت نتيجته إرهاق العبي الوسط والدفاع‪ ،‬مما جعل أمر ارتكاب‬ ‫الهفوات وارداً ف��ي أي��ة حلظة‪ ،‬وه��ذا م��ا ح��دث ف��ي الدقيقة ‪51‬‬ ‫عندما استغل عمر القادوري هفوة دفاعية‪ ،‬واسكن كرته شباك‬


‫ـــــــة آغادير!‬ ‫نشنوش معلنا فوز املغرب‪.‬‬ ‫عاب على كليمنتي أيضا عدم إيالئه الهجوم القدر الكافي من عنايته‪،‬‬ ‫فهناك بعض الالعبني ممن هم جديرون بحمل الغاللة الوطنية لم‬ ‫يتواجدوا حتى على دكة البدالء في حني هناك العبون مازال يصر‬ ‫على إشراكهم ضمن التشكيلة الرسمية رغم عقمهم التهديفي الذي‬ ‫تؤكده مبارياتهم الودية والرسمية السابقة مع املنتخب ‪.‬‬

‫الفرصة اليتيمة‬ ‫صحيح أن الفرصة في كرة القدم تأتي في ثوان‪ ،‬وأن تسديدة واحدة‬ ‫خاطفة ميكن أن تصنع فوزاً أو حتقق تعادال‪ ،‬لكن ال ميكن أن نبني‬ ‫مباراة مدتها تسعون دقيقة ويزيد على فرصة يتيمة‪ ،‬من هنا يظل‬ ‫التضخيم اإلعالمي لفرصة حمدو املصري في الوقت احملتسب كبدل‬ ‫ضائع خارجا عن سياق املباراة التي ندرت فيها فرص املنتخب الليبي‬ ‫‪ ،‬وباملقابل توفرت للفريق املنافس فرصا باجلملة في الشوط الثاني‬ ‫استثمر واحدة منها فقط ‪.‬‬ ‫العقم الهجومي يحتم على اإلدارة الفنية البحث بجدية عن املهاجمني‬ ‫القادرين على ترجمة أنصاف الفرص إل��ى أه � ٍ‬ ‫�داف‪ ،‬ولعل البحث‬ ‫اليحتاج إل��ى كثير من التنقيب‪ ،‬فهناك مهاجمون ينتظرون فقط‬ ‫اإلذن باملشاركة‪ ،‬وكل ما يحتاجونه هو القدر الكافي من التشجيع‬ ‫واملساندة‪ ،‬فشهر سبتمر قادم‪ ،‬ومباراة الراس األخضر حتتاج إلى‬ ‫نوعية من املهاجمني تعرف الطريق إلى املرمى‪ ،‬وليس إلى العبني‬

‫الليبيون في شوق للفرحة واإلجناز‬

‫يتفنون في إضاعة الفرص‪ ،‬وليعلم كليمنتي أن اخلروج بالتعادل أو‬ ‫اخلسارة يعني تراجع حظوظ املنتخب الليبي في الترشح إلى نقطة‬ ‫الصفر‪ ،‬وهذا ما النتمناه‪.‬‬ ‫طوي الصفحة‬ ‫لنطوي صفحة م �ب��اراة آغ��ادي��ر‪ ،‬وننسى إش ��ادة ال��زاك��ي مبنتخبنا‪،‬‬ ‫وكلمات احلسن خرجة التي ق��ال فيها ب��أن منتخبنا ص ّعب عليهم‬ ‫املهمة‪ ،‬ونتفرغ فقط لتجهيز الالعبني للقاء الراس األخضر‪ ،‬فهناك‬ ‫ما يجب إجنازه بسرعة في ملف الالعبني احملترفني الذين ميكن أن‬ ‫يحققوا اإلضافة املطلوبة إذا ما جرى صهرهم في املجموعة في‬ ‫ظرف قياسي‪ ،‬وهناك مشاكل إدارية ينبغي معاجلتها حتى ال تعصف‬ ‫مبسيرة املنتخب‪.‬‬ ‫كل ف��رد من طاقم املنتخب «الع�ب��ون وم��درب وإداري���ون» مطالبون‬ ‫بالتغاضي ع��ن الصغائر وع��د م اإلن �ص��ات إل��ى أي ص��وت مطبل‬ ‫لألسماء أو أي ص��وت مثبط للعزائم‪ ،‬واالستماع فقط إل��ى صوت‬ ‫املهمة الوطنية التي حتتم عليهم ب��ذل أقصى اجل�ه��ود ‪ ..‬وص��وت‬ ‫النصيحة التي تنبه إلى األخطاء وتدعو إلى تصحيح األساليب ‪.‬‬ ‫وال ننسى ختاما بأن اجلمهور الليبي متابع دائم ألهم دوريات الكرة‪،‬‬ ‫وملم بتفاصيل دقيقة في طرائق وأساليب اللعب‪ ،‬وهو بالضرورة‬ ‫مؤهل ألن يقول رأيه الفني الذي يتطابق في الغالب مع رأي اخلبراء ‪.‬‬ ‫فهل قرأ املعنيون ماقاله اجلمهور عن هذه املباراة ؟‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫الفراشـــــة‬ ‫عين على كوبا أميركا ‪ ..‬وعين على كرة الفيفا الذهبية‬


‫جدية في التدريبات‬ ‫موهبة استثنائية‬

‫ماذا لو قاد النجم الرشيق نيمار دا سيلفا منتخب البرازيل‬ ‫إلى الفوز بكوبا أميركا ‪ 2015‬؟!‬ ‫خيار صعب‬ ‫يضج مضاجع الفيفا‪ ،‬ويجعلها أمام‬ ‫تساؤل قد‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫فعال‪ ،‬فحتى اآلن يتوقع اجلميع فوز ميسي بالكرة الذهبية‬ ‫ولكن فوز نيمار مع منتخب بالده بكأس البطولة سيجعله‬ ‫متفوقا “باألرقام” على ميسي في ع��دد البطوالت وهو‬ ‫م��ا سيضع الفيفا ف��ي موقف ح��رج “كالعادة” ح��ال ذه��اب‬ ‫الكرة الذهبية للبرغوث األرجنتيني للمرة اخلامسة في‬ ‫تاريخه‪.‬‬

‫صداقة مع ميسي داخل وخارج امللعب‬

‫إذا فازت البرازيل بهذه النسخة من البطولة‪،‬ازدادت فرص نيمار منطقيا‬ ‫باحلصول على اجلائزة ألنه‪ ،‬باختصار‪ ،‬كان شريكا مليسي في استئثار‬ ‫برشلونة بالثالثية « بطولة ال��دوري‪ ،‬الكأس األسبانية‪ ،‬بطولة أوروب��ا‬ ‫لألندية» ‪ ،‬بل وف��از بلقب ه��داف دوري األبطال متساويا مع رونالدو‬ ‫وميسي في التهديف» عشرة أهداف» ورجحت كفته ألنه سجل أهدافه‬ ‫زمن أقل من منافسيه‬ ‫في ٍ‬ ‫ليونيل ميسي أصبح يسبب صداعا للفيفا بسبب فوزه بالكرة الذهبية‬ ‫اربع مرات‪ ،‬ويرى البعض أنه لم يكن األحق في مرتني أبرزهما نسخة‬ ‫‪.2010‬‬ ‫ففي ‪ 2010‬فاز ميسي بالكرة الذهبية متفوقاً على زميليه في برشلونة‬ ‫شابي هرنانديز و أندرياس إنييستا بعد فوز الثالثي بالدوري االسباني‪،‬‬ ‫وبينما جنح ميسي في الوصول مبنتخب بالده لربع نهائي املونديال متكن‬ ‫شابي واينيستا من الفوز باللقب األغلى وهو كأس العالم‪ ،‬ولكن في النهاية‬ ‫اقتنص الليو ميسي الكرة الذهبية الثالثة‪.‬‬ ‫الظروف مشابهة اآلن ملا حدث عام ‪ 2010‬فميسي ونيمار حققا ثالثية‬ ‫من املمكن أن تصل لسداسية تاريخية مع فريق إقليم كاتالونيا ‪.‬‬ ‫فهل فوز نيمار بكوبا أمريكا يقربه من الكرة الذهبية أم أن للفيفا رأي‬ ‫آخر‪ ..‬سؤال رمبا تُرجىء إجابته إلى موعد اإلعالن عن اسم الفائز ‪.‬‬ ‫القائداملنقذ‬ ‫ظروف الطباعة والنقل تقتضي منا كل إسبوع الدفع باملجلة إلى الطباعة‬ ‫صباح الثالثاء‪ ،‬لهذا لم يكن متاحا أمامنا إال رصد املباراة األولى التي‬ ‫خاضها نيمار رفقة منتخب ب�لاده ضد البيرو ضمن ال��دور األول من‬ ‫بطولة كوبا أميركا‪.‬‬ ‫لقد تقمص نيمار دور املنقذ عندما أحال تأخر البرازيل في الشوط األول‬ ‫غال في الدقائق األخيرة عبر جناحه في تسجيل هدف التعادل‪،‬‬ ‫إلى فوز ٍ‬ ‫وإهدائه لزميله في املنتخب كوستا كرة هدف الفوز‪.‬‬

‫وكان أداؤه امللفت في املباراة محط اهتمام الصحافة البرازيلية والعاملية‬ ‫التي أرجعت سر تألقه إلى تلك الذخيرة الفنية التي اكتسبها من خالل‬ ‫لعبه مع برشلونة ومجاورته لنجوم كبار على شاكلة ميسي وسواريز‬ ‫وأنيستا‪ ،‬لكن بعض الصحف واملواقع اإللكترونية أضافت سببا أخر‬ ‫لتفوقه‪ ،‬ورغبته اجلامحة في حتقيق إجناز ملنتخب بالده‬ ‫شارة رئيس الفريق كانت مفتاح الس ّر‪ ،‬ألنها حملت الالعب الشاب «‪23‬‬ ‫عاما» مسؤولية إضافية وهو يدافع عن حظوظ البرازيل في أول بطولة‬ ‫رسمية بعد اإلخفاق ّ‬ ‫املذل في مونديال ‪. 2014‬‬ ‫كثير من احملللني باركوا اخلطوة املفاجئة التي أقدم عليها دونقا عندما‬ ‫منح شارة رئيس الفريق البرازيلي إلى نيما‪ ،‬ورمبا كان امل��درب محقا‬ ‫بأيام بأن‬ ‫في تبريره لتلك اخلطوة عندما صرح قبل بداية كوبا أميركا ٍ‬ ‫العبه ميتلك الكاريزما والشخصية التي متكنه من حتمل مسؤولية القيادة‬ ‫إضافة إلى قربه من األطفال‪.‬‬ ‫واألخيرة ميكن التدليل عليها خالل املباراة ضد البيرو‪ ،‬فقد حدث وأن‬ ‫أصاب نيمار أحد األطفال في وجهه بتسديدة طائشة غير متعمدة‪ ،‬وفور‬ ‫نهاية املباراة اعتذر إلى الطفل وأهداه كرة حتمل توقيعه‪.‬‬ ‫لكن ه��ذا األداء امللفت م��ع منتخب ال�ب��رازي��ل ض��د البيرو فتح شهية‬ ‫الصحفيني لعقد مقارنة بني طريقة لعبه مع منتخب السامبا وطريقة‬ ‫أدائه مع برشلونة‪ ،‬راصدين أهم األسباب التي تظهر وجود فجوة بني‬ ‫الطريقتني ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬حرية اإلبداع‬ ‫نيمار وإن كان قد قدم موسما من أفضل ما لديه في برشلونة وحقق‬ ‫الثالثية‪ ،‬وهو ثاني أفضل هدافي الفريق واجلميع يتحدث عن مهارته‬ ‫الكبرى في حتويل ك��رات زمالئه أله��داف إال أنه ال ي��زال لديه نقطة‬ ‫ناقصة‪.‬‬ ‫النجم البرازيلي في آخر مباريات برشلونة باملوسم احمللي وبالتحديد في‬ ‫مباراة التتويج بالكأس أراد استعراض مهارته الفنية باملرور بالكرة فوجد‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫إحراج املدافعني هاجسه األول‬

‫مع مثله األعلى بيليه‬

‫إذا فاز مع منتخب بالده بكأس كوبا أميركا ‪..‬‬ ‫سيصبح متفوق ًا على ميسي في عدد البطوالت‬

‫مغرم باألسطورة بيليه ويؤكد للصحفيني بأنه لن‬ ‫يكون أفضل من اجلوهرة السوداء‬

‫املنافسني قد فقدوا أعصابهم ولم تكن املرة اآلولى‪.‬‬ ‫ليس هذا فقط‪ ،‬نيمار وجد نفسه محاط باالتهامات من زمالئه ومن‬ ‫مديره الفني باإلستهزاء باخلصم على الرغم من تأكيده بأن تلك املهارات‬ ‫هي في دم البرازيلي‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬القائد‬ ‫ً‬ ‫في املنتخب البرازيلي يظهر دور نيمار بشكل كبير في الفترة األخيرة كونه‬ ‫القائد األول للفريق على جنوم كبار أمثال دانييل ألفيس‪ ،‬ديفيد لويس‬ ‫وغيرهما‪ ،‬إال ان قيمته بالنسبة للفريق تضعه في مكانة خاصة‪.‬‬ ‫نيمار في املنتخب تظهر شخصيته القيادية فرأيناه مينع زم�لاءه من‬ ‫االعتراض على ق��رارات احلكم ‪ ،‬في حني م��ازال في برشلونة ذلك‬ ‫الشاب الصغير الذي يجد دو ًما العناية قادمة من كل صوب ونحو‪ ،‬فتارة‬ ‫ميسي يتدخل لشجار من أجله وتارة آخرى بيكي‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثا‪ :‬فراغ هجومي‬ ‫نيمار ظهر في مباراة البيرو كالعب حر متا ًما يتحرك في أي مكان يرى‬ ‫أنه مناسب في امللعب وذلك لقدراته الكبيرة التي رمبا ستضيع بسبب‬ ‫اجليل احلالي من العبي السليساو‪.‬‬ ‫في اخل��ط األمامي للبرازيل ك��ان يلعب نيمار بجوار تارديلي وفريد‪،‬‬ ‫والبديل كان العب شختار دوجالس كوستا‪ ،‬وأي مقارنة بني فرديات‬ ‫وجماعيات الثالثي األخير ونيمار هي شئ من العبث الكروي‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه جنده في برشلونة محاصر من العبني أفذاذ‪ ،‬فعلى‬ ‫ميينه س��واري��ز وب �ج��واره ميسي وم��ن خلفه مساندة إنييستا‪ ،‬فيجد‬ ‫البرازيلي نفسه محصوراً في الدور الذي رسمه له جنوم الفريق باجلانب‬ ‫األيسر من امللعب بغض النظر عن حقيقة تصريح إنريكي بأنه يعطي‬ ‫الثالثي الهجوم حرية كاملة في التحرك‪.‬‬ ‫االستعراضاملستفز‬ ‫بعض االستعراضات الفنية التي يقوم بها الالعب بني الفينة واألخرى‪،‬‬ ‫أثارت اهتمام وسائل اإلعالم األسبانية‪ ،‬واحتد النقاش حول ما إذا كان‬ ‫نيمار يستفز خصومه بتلك اللقطات الفنية‪ ،‬خصوصا أنه يقوم بها حينما‬ ‫يكون فريقه فائزا‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى سجل الالعب يتبني أنه كان مولع بتلك املراوغات الغريبة مذ‬ ‫كان العبا بالبرازيل‪ ،‬وانتقلت معه العدوى إلى أسبانيا‪ ،‬ولعل من املناسب‬ ‫هنا التذكير بأبرز تلك اللقطات التي يصفها البعض باللقطات املهينة‪:‬‬ ‫‪ - 1‬سانتوس ‪ 0-5‬كاتاندونفينسي (الدوري البرازيلي عام ‪)2012‬‬ ‫ف��از سانتوس بنتيجة ‪ 0-5‬وقبل دقيقتني من نهاية امل �ب��اراة‪ ،‬استفز‬ ‫نيمارخصمه بلقطة فنية مذهلة‪ ،‬وكانت النتيجة أن تدخل الالعب بشكل‬ ‫عنيف كلفه الطرد‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ساو باولو ‪ 3-1‬سانتوس (الدوري البرازيلي عام ‪)2012‬‬ ‫تألق نيمارفي هذه املباراة بإحرازه «هاتريك» وبدأ يتالعب مبنافسه كما‬ ‫يشاء لتكون النتيجة تدخال خشنا من العب ساو باولو‪.‬‬ ‫‪ - 3‬سانتوس ‪ 2-2‬أتلتيكو مينيرو (الدوري البرازيلي عام ‪)2012‬‬ ‫راوغ ثالثة العبني في تلك املباراة التي شهدت توترا كبيرا بني الالعبني‪،‬‬ ‫ما جعل أحد العبي فريق اتلتيكو مينيرو يرد بخشونة على نيمار‬ ‫‪ - 4‬سانتوس ‪ 0-3‬بوتافوجو (الدوري البرازيلي عام ‪)2013‬‬ ‫حقق سانتوس انتصارا ساحقا في املباراة‪ ،‬و استغل نيمار النتيجة الكبيرة‬ ‫مستعرضا مهاراته في لقطات كانت أنذاك حديث العالم‪.‬‬ ‫‪ - 5‬برشلونة ‪ 0-6‬رايو فاليكانو (الدوري االسباني ‪)2014-2013‬‬ ‫نيمار سجل الهدف السادس لبرشلونة‪ ،‬وهو هدف رائع ولكن رقصته مع‬ ‫الفيس اعتبرها البعض استفزازية ومهينة للخصم خصوصا مع النتيجة‬ ‫الثقيلة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬ريال مدريد ‪ 1-3‬برشلونة (الدوري االسباني ‪)2015-2014‬‬ ‫نيمار افتتح التسجيل في الدقيقة االولى من املباراة‪ ،‬ومع تقدم البلجورانا‬


‫بارع في تنفيذ الركالت الثابتة‬

‫في النتيجة نفذ البرازيلي لقطة فنية هائلة أمام جيمس رودريجيز‪.‬‬ ‫‪ - 7‬برشلونة ‪ 1-5‬إسبانيول (الدوري االسباني ‪)2015-2014‬‬ ‫مع نتيجة ‪ 1-5‬وفي الوقت احملتسب بدل الضائع‪ ،‬بدأ نيمار يستعرض‬ ‫في ديربي كتالونيا فنياته املذهلة التي أرغمت العب اسبانيول سالفا‬ ‫سيفيا على السقوط أرضا‬ ‫‪ - 8‬اتلتيكو مدريد ‪ 3-2‬برشلونة (كأس امللك ‪)2015-2014‬‬ ‫بعد تسجيله الهدف الثالث لبرشلونة‪ ،‬قبل نهاية الشوط االول‪ ،‬بدأ نيمار‬ ‫باستفزاز العبي االتلتيكو أوال برقصة‪ ،‬ثم حاول إنفاذ الكرة بني قدمي‬ ‫راؤول جارسيا الذي لم يستطع حتمل تلك اللقطة‪ ،‬وكان أحد األسباب‬ ‫في تسخني األجواء بني العبي الروخي بالنكوس ونيمار‪.‬‬ ‫‪ - 9‬برشلونة ‪ 1-3‬اتلتيك بلباو‬ ‫(نهائي كأس امللك ‪)2015-2014‬‬ ‫آخر لقطة للبرازيلي أثارت اجلدل‬ ‫ك��ان��ت ف��ي م� �ب ��اراة ف��ري �ق��ه ضد‬ ‫اتلتيك بلبوا عندما حاول القيام‬ ‫بلقطة فنية غريبة ف��ي الدقائق‬ ‫االخيرة من املباراة أثارت رد فعل‬ ‫غاضب من العبي بلباو‪.‬‬ ‫النقد امل��وج��ه لنيمار بسبب تلك‬ ‫ال�ل�ق�ط��ات‪ ،‬ال �ت��ي ينعتها البعض‬ ‫أي �ض��ا ب��ال��رخ �ي �ص��ة‪ ،‬ل ��م ي �ق��م له‬ ‫الالعب وزناً عندما صرح لوسائل‬ ‫اإلع�لام مؤخراً قائال‪« :‬ميكنكم‬ ‫أن تغضبوا‪ ،‬لكن هذا أسلوب لعبي‬ ‫وأق ��وم ب��ه منذ أع ��وام‪ .‬ل��ن أغيره‬ ‫بسبب انزعاج البعض‬ ‫ف��ي ج��ان��ب متصل ح ��اول مدربه‬ ‫في برشلونة لوس إنريكي تبرير‬ ‫ما يقوم به العبه بالقول ‪« :‬في‬

‫البرازيل هذا أمر عادي ويجب أن نتفهم السياق‪ .‬ال يقوم بذلك ألجل‬ ‫إذالل اخل�ص��م‪ ،‬م��ن الصعب ش��رح ه��ذا األم��ر مل��ن يخسر» لكنه وعد‬ ‫بالسيطرة على نيمار وثنيه عن ممارسة هذه االستعراضات‬ ‫تشافي زميله السابق في برشلونة دخل هو األخر على اخلط منتقدا‬ ‫ما يقوم به نيمار في تصريحات حديثة نقلتها صحيفة ماركا األسبانية‬ ‫قال تشافي امللتحق مؤخرا بفريق السد القطري ‪« :‬نيمار العب كبير‬ ‫وميلك موهبة عظيمة‪ ،‬غير أن سلوكه في امللعب غير مهذب ويحتاج إلى‬ ‫أن يراجع نفسة»‪.‬‬ ‫وأضاف الالعب اإلسباني‪« :‬بعض األمور اخلاصة باإلستعراض قد تكون‬ ‫مقبولة في البرازيل‪ ،‬غير أنه في إسبانيا يعتبره الالعبون عدم إحترام‬ ‫للفريق املنافس»‪.‬‬ ‫وأنهى املخضرم تشافي تصريحاته‬ ‫بالقول‪« :‬يجب أن يكف نيمار عن‬ ‫متثيله في لقطات ال حتتاج لذلك‬ ‫أن���ت ت�ل�ع��ب ف ��ي ب��رش �ل��ون��ة وف��ي‬ ‫ال� ��دوري اإلس�ب��ان��ي وت�ل��ك األم��ور‬ ‫مرفوضة هنا متاما»‪.‬‬

‫في املنتخب تظهر شخصيته القيادية ‪ ..‬ومع‬ ‫برشلونة مازال الشاب الصغير الذي ينتظر العناية‬ ‫شارة رئيس الفريق كانت مفتاح سرتألقه ضد البيرو‬ ‫‪ ..‬واآلمال معقودة عليه النقاذ سمعة البرازيل‬ ‫أي مقارنة بني الثالثي تارديلي وفريد وكوستا‬ ‫وبني نيمار هي شىء من العبث الكروي‬

‫معلومات «كورييري ديال‬ ‫سيرا»‬ ‫ج ��ري ��دة ك ��وري� �ي ��ري دي �ل�ا س�ي��را‬ ‫اإلي� �ط ��ال� �ي ��ة ال��ش��ه��ي��رة رص���دت‬ ‫معلومات هامة عن نيمار وجدنا‬ ‫من املناسب تضمينها في تقريرنا‬ ‫عن ه��ذه املوهبة البرازيلية التي‬ ‫يتنبأ لها الكثيرون القيام بأدوار‬ ‫كروية هامة في السنوات اخلمس‬ ‫املقبلة‪ ،‬وهناك من يرى أن نيمار‬ ‫قادم بقوة النتزاع عرش الكرة من‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫اإلصابات تطارده‬

‫ميسي ‪.‬‬ ‫املعلومات الواردة في تقرير اجلريدة اإليطالية‪ ،‬التي أعدته قبل النهائي‬ ‫األوروبي األخير بني برشلونة مع اليوفنتوس‪ ،‬ميكن حصرها في النقاط‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫‪« - 1‬خفة الوزن»‬ ‫نيمار دا سيلفا سانتوس جونيور طوله ‪ 1.74‬متر‪ ،‬وقبل وصوله إلى‬ ‫البارسا كان وزنه ‪ 64.5‬كغم‪ ،‬بينما يزن اآلن ‪ 68‬كغم‪ ،‬وفي عام ‪2008‬‬ ‫وصفه مدربه بفريق سانتوس بأنه أشبه بالفراشة‪ ،‬وفي صيف ‪2013‬‬ ‫«منخفضا قلي ً‬ ‫ً‬ ‫ال وال يزال ينقصه بعض‬ ‫قال طبيب برشلونة إن وزنه يبدو‬ ‫الكيلوغرامات»‪.‬‬ ‫‪« - 2‬والده»‬ ‫والده نيمار دا سيلفا سانتوس األب‪ ،‬هو العب كرة قدم سابق متوسط‬ ‫املستوى‪ ،‬وفاز في عام ‪ 1997‬ببطولة والية «ماتو غروسو»‪ ،‬مع فريق‬ ‫فارزا غراندي‪.‬‬ ‫‪« - 3‬وحش»‬ ‫في سبتمبر ‪ ،2010‬وخ�لال مباراة سانتوس ‪ -‬أتليتكو غويانينسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا ركلة جزاء‪ ،‬كان يعتبرهما نيمار‬ ‫سدد زميله مارسيلو كرة حرة‪،‬‬ ‫تخصانه‪ ،‬وحينها بدأ يلعب مبفرده دون مترير الكرة لزمالئه‪ ،‬وحاول‬ ‫القيام مبراوغات غريبة بعد متويه العبي اخلصم‪ ،‬لدرجة أن مدرب‬ ‫اخلصم صرح بعد املباراة «إننا نخلق ً‬ ‫وحشا»‪.‬‬ ‫‪« - 4‬سينّ ا جديد»‬ ‫إلقناع نيمار الشاب بالبقاء‪ ،‬حينما كانت نصف أندية العالم تريده‪ ،‬قدم‬ ‫نادي سانتوس له ولوالده خطة تتضمن مسيرة الالعب ليكون معشو ًقا‬ ‫قوم ًيا مثل بطل «فورموال وان» لثالث مرات البرازيلي أيرتون سينّا الذي‬ ‫توفي في حادث‪.‬‬ ‫‪« - 5‬تطور»‬ ‫في موسمه احلالي‪ ،‬والثاني مع برشلونة‪ ،‬سجل نيمار ‪ 38‬هد ًفا في ‪50‬‬ ‫مباراة‪ ،‬وصنع أكثر من ‪ 7‬أه��داف‪ ..‬بينما في موسمه األول سجل ‪15‬‬ ‫هد ًفا في ‪ 41‬لقاء‪ .‬كما سجل هو وزمياله في الهجوم‪ ،‬ميسي وسواريز‪،‬‬ ‫إجمالي ‪ 120‬هد ًفا هذا املوسم‪.‬‬ ‫‪ 9« 6‬أهداف»‬‫نيمار هو ثالث العب في تاريخ برشلونة يسجل ‪ 9‬أهداف في نسخة‬ ‫واح��دة من دوري أبطال أوروب��ا‪ ،‬فلم يفعلها سوى ميسي أرب��ع مرات‪،‬‬ ‫وريفالدو مرة واح��دة‪ ،‬لكن هذه أول مرة يتضمن فريق واح��د الع َبني‬ ‫سجل كل منهما ‪ 9‬أهداف في النسخة نفسها (هما نيمار وميسي)‪ ،‬كما‬

‫مهووس باستعراض مهاراته الفنية والقيام مبراوغات‬ ‫غريبة إلحراج اخلصوم وإهانتهم رغم سيل‬ ‫االنتقادات املوجهة ضده‬ ‫يوقع عقدا مع سانتوس وهو دون الرابعة عشر‬

‫دونغا ال يستجيب لضغوطات اجلماهير بضم نيمار إلى‬ ‫املنتخب األول بعد تألق الالعب في كأس العالم للشباب‬ ‫تشافي ‪ :‬نيمار العب كبير وميلك موهبة عظيمة‬ ‫غير ان سلوكه في امللعب غير مهذب‬

‫سانتوس يغري الالعب ووالده بخطة الرياضي الذي‬ ‫يتحول إلى رمز قومي‬ ‫مع طفله‬


‫سيرة الالعب‬ ‫ولد في ‪ 5‬فبراير ‪ 1992‬في البرازيل في مدينة ساو باولو‪ ،‬بدأ لعب كرة‬ ‫القدم في سن مبكر وسرعان ما مت رصده من نادي سانتوس‪ ،‬الذي عرض‬ ‫عقدا في عام ‪ ،2003‬وإنضم إلى أكادميية شبابهم‪ .‬في سن ال ‪14‬‬ ‫عليه‬ ‫ً‬ ‫عاما ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫س��اف��ر إل��ى إسبانيا م��ن أج��ل اإلن��ض��م��ام ل��ن��ادي ري���ال م��دري��د‪ ،‬ف��ي وقت‬ ‫جنوما كبارا‪ ،‬مثل رون��ال��دو وزي��ن الدين زي��دان‬ ‫ك��ان ميتلك فيه الريال‬ ‫ً‬ ‫والبرازيلي روبينيو‪.‬‬ ‫اجتاز اختبار االنضمام‪ ،‬ولكن سانتوس دفع مليون يورو من إجل إبقائه‬ ‫ف��ي ال��ن��ادي‪ ،‬لينجح بعدئذ م��ع ص��ف��وف ش��ب��اب س��ان��ت��وس ويحصل في‬ ‫النهاية على ترقية للفريق األول عام ‪.2009‬‬ ‫ف��ي ‪ 28‬م��اي��و ‪ 2013‬وق���ع ال�لاع��ب ع��ق��دا مل���دة خ��م��س س��ن��وات م��ع ن��ادي‬ ‫برشلونة بقيمة ‪ 95‬مليون يورو واضعا بذلك حدا لتلك التوقعات التي‬ ‫رجحت انتقاله إلى تشيلسي أو بايرن ميونخ أو ريال مدريد‬ ‫ب��ع��د أداء ن��ي��م��ار امل��ق��ن��ع ف��ي ك���أس ال��ع��ال��م حت��ت س��ن ال‪ 17‬س��ن��ة ‪2009‬‬ ‫وتسجيله هدفا في املباراة اإلفتتاحية ضد اليابان‪ ،‬ضغطت اجلماهير‬ ‫على مدرب الفريق األول آنذاك دونغا‪ ،‬جلعل نيمار في تشكيلة الفريق‪،‬‬ ‫إال أن محاوالتها ب��اءت بالفشل‪ ،‬بسبب ع��دم اقتناع دون��غ��ا مب���ردوده‪.‬‬ ‫لكن بعد ق��دوم مانو مينيزس املدير الفني اجلديد ملنتخب البرازيل‪،‬‬ ‫قام باستدعاء نيمار لقائمة الفريق املستعد ملباراة ودية أمام املنتخب‬ ‫األمريكي في ‪ 26‬يوليو ‪ 2010‬لتكون أول��ى مباريات نيمار الدولية مع‬ ‫املنتخب األول‪.‬‬ ‫فاز ببطولة كأس العالم للقارات أمام إسبانيا وكان صاحب أحد الهداف‬ ‫الثالثة التي وجلت الشباك األسبانية‪.‬‬

‫إجنازات وجوائز‬

‫بات منافسا مليسي حتى في تصدر أغلفة الصحف‬

‫يعد االثنان أكثر الالعبني توظي ًفا من جانب املدرب لويس إنريكي هذا‬ ‫املوسم‪ ،‬بإجمالي ‪ 5226‬دقيقة مليسي و‪ 4716‬لنيمار‪.‬‬ ‫‪« - 7‬أخطاء»‬ ‫في النسخة احلالية من دوري األبطال‪ ،‬تعرض نيمار ملتوسط أخطاء بلغ‬ ‫‪ 3.2‬في املباراة الواحدة‪ ،‬ولم يتجاوزه سوى بالوتيلي وهازارد مبتوسط ‪4‬‬ ‫و‪ 4.7‬خطأ ضدهم‪.‬‬ ‫‪« - 8‬روبينهو وبيليه»‬ ‫العبه املفضل دائ ًما هو روبينهو‪ ،‬ويقول في مقابلة مع مجلة «‪Four‬‬ ‫‪ »Four Two‬اإلجنليزية‪« :‬منذ عرفته في فريق سانتوس وباملنتخب‬ ‫وأنا أتأمله أكثر»‪ ،‬كما أكد أنه لن يكون أفضل من بيليه أبدًا‪ ،‬ويقول‪« :‬لم‬ ‫أره قط يلعب بشكل مباشر‪ ،‬على عكس والدي وأسرتي‪ ..‬فقط شاهدته‬ ‫في الفيديو‪ ،‬لكننا نعلم أنه ملك كرة القدم»‪.‬‬ ‫‪« - 9‬الهزمية أم اإلصابة؟»‬ ‫في مقابلة سابقة‪ ،‬كانت الهزمية املذلة أمام أملانيا ‪ 1 - 7‬في نصف‬ ‫نهائي مونديال البرازيل ال مفر منها‪ ،‬وحينها لم يشارك نيمار بسبب كسر‬ ‫بإحدى فقرات الظهر في ربع النهائي أمام كولومبيا‪ ،‬وبسؤاله أيهما يؤملك‬ ‫أكثر‪ :‬تلك اإلصابة أم النتيجة؟ أجاب «ما رأيك؟»‪ ،‬فقال الصحافي‪« :‬هل‬ ‫الهزمية؟»‪ ،‬فأجاب مجد ًدا «الهزمية؟ حسنًا‪ ،‬فقط ألنه لم يكن ظهرك‬ ‫أنت الذي أصيب»‪ .‬وبعد ضحكات طويلة قال‪« :‬إنه ظهري! لقد خسرت‬ ‫الكثير من املباريات‪ ،‬وواثق أنني سأخسر مباريات أخرى في املستقبل‪،‬‬ ‫لكن أمتنى أال أتعرض إلصابة هكذا مجد ًدا»‪.‬‬

‫مع سانتوس‪:‬‬ ‫الدوري البرازيل (‪ 3‬مرات) ‪2012 _ 2011 _ 2010 :‬‬ ‫كأس البرازيل (مرة واحدة) ‪2010 :‬‬ ‫كأس الليبرتادورس (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫مع برشلونة‪:‬‬ ‫كأس السوبر األسباني (مرة واحدة) ‪2013 :‬‬ ‫وصيف الدوري االسباني (مرة واحدة) ‪2014:‬‬ ‫بطل الدوري االسباني (مرة واحدة) ‪2015‬‬ ‫بطل كأس ملك إسبانيا (مرة واحدة) ‪2015‬‬ ‫بطل دوري ابطال اوروبا (مره واحدة) ‪2015‬‬ ‫مع املنتخب‪:‬‬ ‫أميركا سوبر ديربي (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫كوبا أميركا للشباب (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫كأس القارات لكرة القدم (مرة واحدة) ‪2013 :‬‬ ‫أفضل العب شاب في الدوري البرازيلي (مرة واحدة) ‪2009 :‬‬ ‫أفضل مهاجم في الدوري البرازيلي (‪ 3‬مرات) ‪2011 _ 2010 :‬‬ ‫_ ‪2012‬‬ ‫الكرة البرونزية لكأس العالم (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫هداف الدوري البرازيلي (مرة واحدة) ‪2012 :‬‬ ‫هداف كأس البرازيل (مرة واحدة) ‪2010 :‬‬ ‫هداف الليبرتادورس (مرة واحدة) ‪2012 :‬‬ ‫هداف الدوري البرازيلي ‪2013:‬‬ ‫هداف كوبا أميركا للشباب (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫أفضل العب كرة قدم في أمريكا اجلنوبية (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫جائزة الفيفا ألفضل هدف ‪ -‬بوشكاش (مرة واحدة) ‪2011 :‬‬ ‫جائزة الكرة الذهبية في كاس القارات (مرة واحدة) ‪2013 :‬‬ ‫جائزة السامبا الذهبي (مرة واحدة) ‪2015 :‬‬ ‫هداف دوري أبطال أوروبا(مرة واحدة) ‪2015 :‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬

‫من هنا إلى هيرودوت‬ ‫(‪)2 – 1‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫تدفعنا حكاية «مدينة النحاس» (املستقل ‪ )17 ،16‬ألن نُحجم عن‬ ‫محاولة ارتياد املجهول‪ ،‬فاألخطاء التي البد منها قاتلة ألي مغامر‪،‬‬ ‫ما لم نستطع التج ّهز باألدوات والشفرات الضرورية لتت ّبع مسارات‬ ‫احلكاية‪ ،‬وإمعاناً من الراوية في التحدي فإن احلكاية حت ّدد بدقة‬ ‫املسافات التي يتوجب اجتيازها‪ ،‬والزمن الذي تستغرقه‪ ،‬طبعاّ ضمن‬ ‫شروطها القاسية‪ ،‬كأن من ّر بعاصفة هوجاء وأن ننجو من الغرق فيها‪.‬‬ ‫توجهنا إلى عوالم أخرى‬ ‫أما «بالد العميان» (املستقل ‪ )19 ،18‬فإنها ّ‬ ‫مشابهة‪ ،‬كونها مختلفة عن العالم املعروف‪ ،‬وقابلة لالرتياد‪ .‬هي على‬ ‫األقل تنصحنا مبا يجب أال نفعله‪ .‬األولى مستحيلة ألنها جزء من‬ ‫تاريخ اخلليفة أي من التاريخ‪ ،‬أما الثانية فممكنة ألنها جزء من تاريخ‬ ‫شخصي أو من فنتازيا فردية قابلة للتكرار‪.‬‬ ‫وف��ي حني تضخّ م األول��ى هاجس االعتبار والتف ّكر كمهمة فرعية‬ ‫مخلصة للمعتقد الديني‪،‬‬ ‫ف ��إن ال�ث��ان�ي��ة ت �غ��ذي حافز‬ ‫ال �ب �ح��ث واحل� �ل ��م ب��أم�ك�ن��ة‬ ‫رومانسية‪.‬‬ ‫«مدينة النحاس‪ :‬إذن هي‬ ‫منوذج متخ ّيل ملكان قصي‬ ‫اُري�� � َد ل��ه أن ي��دع��م صحة‬ ‫املعتقد‪ ،‬أما «بالد العميان»‬ ‫فهي من��وذج متخ ّيل لعوالم‬ ‫قص ّية ُحلم بها‪ ،‬انطالقاً‬ ‫من تص ّور اآلخ��ر املختلف‬ ‫والغريب‪ ،‬وما زال��ت أمكنة‬ ‫مستوحاة من الفكرة نفسها‬ ‫تغري وتغذي النتاج األدبي‬ ‫والفني الغربي‪ ،‬مبا يش ّكل‬ ‫متخ ّيال منطياً يتح ّول فيه اآلخر إلى مصدر لالرتياب أو الشغف‪،‬‬ ‫وإلى موضوع للمعاينة العازلة‪.‬‬ ‫ه��ذا النموذج ينسحب تقريباً على جميع الثقافات امل��وازي��ة وغير‬ ‫املتقاطعة م��ع ال�غ��رب‪ .‬وإن ك��ان يندر اآلن وج��ود «ثقافة م��وازي��ة»‬ ‫بشكل مطلق‪ ،‬إال أن املعاينة العازلة قد ش ّكلت تراثاً كام ً‬ ‫ال لرؤية‬ ‫اآلخر وتسميته وتوصيفه‪ .‬إنها املقابلة ذاتها بني الذات واآلخر‪ ،‬بني‬ ‫«التاريخ التراوحي» و«التاريخ التراكمي»‪ ،‬بتعبير ليفي ـ شتروس‪ ،‬التي‬ ‫تؤدي إلى عزل اآلخر ومعاينته ضمن حدود اختالفه االفتراضي‪،‬‬ ‫ال باعتماد املعايير املستخدمة في قراءة الذات وتوصيفها‪ .‬يتساءل‬ ‫ليفي ـ شتروس‪« :‬هل أن التمييز بني هذين الشكلني من التاريخ يتوقف‬ ‫على الطبيعة الضمنية للحضارات التي نطبقها عليها‪ ،‬أم أنه ينجم‬

‫عن منظور التعصب القومي الذي ننظر منه دائماً في تقومينا لثقافة‬ ‫أخرى؟» لقد نشأ هذا التقابل واحتل ح ّيزاً واضحاً في صوغ املعرفة‬ ‫باآلخر في جميع الثقافات املعروفة‪ ،‬على قاعدة واحدة دائماً‪« :‬نحن‬ ‫بصدد العالم»‪ ،‬القاعدة التي ح ّولت اآلخر إلى كائن غير معتَ َرف به‬ ‫إنسانياً‪ :‬بربري‪ ،‬متوحش‪ ،‬بري‪.‬‬ ‫التوجه الذي ما كان‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫العثور‬ ‫ميكننا‬ ‫وبد ًءا باإلغريق ثم الرومان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يخف إال متأخراً‪ .‬إن هيرودوت (‪ 424 - 484‬ق‪.‬م) على‬ ‫لتمايزه أن‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬قد وصف مدينة في شمال أفريقيا بأن أهلها جميعاً‬ ‫من السحرة‪ ،‬وعنه نقل بيليني األكبر (‪79 - 23‬م) أن سكان جبال‬ ‫األطلس منحدرون إلى ما دون اإلنسانية‪ ،‬وأنهم محرومون متاماً من‬ ‫التفاهم عن طريق الكالم ألنهم ال صوت لهم‪ ،‬وأن هناك شعباً يزحف‬ ‫بدالً من أن ميشي‪ ،‬وآخرين ال رؤوس لهم وأفواههم وعيونهم ملتصقة‬ ‫ب� � �ص � ��دوره � ��م‪ ،‬وغ� �ي ��ره ��م‬ ‫مم� ��ن ال ي � � ��رون أح�ل�ام� �اً‬ ‫ف��ي م�ن��ام�ه��م‪ .‬وه��و وص��ف‬ ‫يطابق ما «رآه» كولومبس‪،‬‬ ‫«فمثله مثل غيره‪ ،‬ال يرى‬ ‫إال م��ا ي�ع�ت�ق��ده‪ ،‬ومب ��ا أن��ه‬ ‫يؤمن بالسيكلوب وجنيات‬ ‫ال�ب�ح��ر ك�ت��ب ف��ي يومياته‪:‬‬ ‫ك�ل�م��ا ت��وغ�ل�ن��ا ع �ث��رن��ا على‬ ‫رجال بعني واحدة وآخرين‬ ‫بفك ك�ل��ب‪ ..‬ث�لاث جنيات‬ ‫ب�ح��ري��ة خ ��ارج ال�ب�ح��ر غير‬ ‫أنهن لم تكن جميالت بقدر‬ ‫ما نصفهن عادة» إن «بالد‬ ‫العميان» واحدة من اآلالف‬ ‫من الروايات التي تدين بوجودها إلى املؤرخني األوائ��ل؛ لقد ح ّدد‬ ‫هيرودوت وبليني منذ البدء املسار الطويل نفسه الذي ستُصنع عبره‬ ‫يرسب‬ ‫صورة اآلخر في احلضارة الغربية‪ ،‬وم��ازال مفهوم اآلخرية ّ‬ ‫ضمنياً تفاصيل من هذه الصورة املن ّمطة‪ ،‬ليس فقط في الدراسة‬ ‫األنثروبولوجية والتوصيف اإلثنوغرافي‪ ،‬بل أن هذه التفاصيل تطفو‬ ‫دائماً في التنظيرات الغربية حلالة العالم الراهنة واملستقبلية‪ ،‬ما‬ ‫يدفعنا ببعض احل��رص إلى اعتبارها شك ً‬ ‫ال تأسيسياً لكل خطاب‬ ‫حول العالم والتاريخ على القاعدة األصولية نفسها‪« :‬نحن بصدد‬ ‫العالم»‪ ،‬سواء تعلق األمر بنظرية في الفكر السياسي أو برواية في‬ ‫اخليال العلمي‪.‬‬ ‫(يتبع)‬



‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪20‬‬ ‫‪ 21‬يونيو ‪2015‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.