مجلة المستقل-العدد الثالث عشر

Page 1

‫وقائع التعذيب‬ ‫في سجون المليشيات‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد الثالث عشر ‪ -‬األحد ‪ 3‬مايو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫االنقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالب الثـ ـ ـ ــاني!!‬ ‫زبيدة قاسم‪ :‬اإلعالم مسؤول عن تأخر الدراما الليبية‬

‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬ ‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫إيرادا‬

‫ت‬ ‫هذا‬

‫ال‬

‫الليبيات‪..‬‬ ‫فرائس اإلرهاب‬



‫‪03‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫كاريكاتير‬

‫داعشيــــــات‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪13‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪26‬‬

‫االنقالب الثاني على الشعب‬

‫متى كان االنقالب األول؟ إنه االنقالب على الشرعية‪..‬‬ ‫ما هو االنقالب الثاني؟ األستاذ حسن طاطاناكي يجيب‬ ‫ّ‬ ‫ويحذر من عواقب تغييب املعلومات عن‬ ‫على هذا السؤال‪،‬‬ ‫الليبيني‪ ،‬ويذكّ ر اجلميع بالعودة إلى مصدر الشرعية في‬ ‫الدولة‪ ..‬الشعب‪.‬‬

‫وقائع التعذيب في سجون المليشيات‬

‫قرائن وأدلة وإفادات شهود عيان جعلت الصورة‬ ‫يتعرض للتنديد الدائم‬ ‫واضحة أمام العالم‪ .‬هذا املقال‬ ‫ّ‬ ‫باالنتهاكات واسعة النطاق حلقوق اإلنسان على أيدي‬ ‫املليشيات في طرابلس واملناطق الواقعة غربها‪.‬‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫الليبيات‪ ..‬دمى سياسية وفرائس إرهاب‬

‫هناك أربعة خيارات أمام الليبيات إذا سيطر‬ ‫االسالمويون على مقاليد السلطة‪ ..‬لكن الكاتب يرى أن‬ ‫معركة نساء وطنه القادمة ستكون متداخلة ومتكاملة‬ ‫مع معركة الوطن‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫لألسبوع الثاني على التوالي تتصدر ليبيا املشهد‬ ‫الصحفي العاملي في قضية الهجرة غير الشرعية‪..‬‬ ‫ننشر في هذا العدد تقريرين خطيرين عن هذه‬ ‫القضية‪ ،‬مع متابعات صحفية أخرى‪.‬‬

‫نصف الحوثيين الضائع‬

‫الصديق بودوارة يحلل الظاهرة احلوثية من املوقع‬ ‫السياسي‪ ..‬ويرى أن حربهم في اليمن قد كتبت‬ ‫شهادة وفاة رسمية لهم‪.‬‬

‫وتاريخنا مر على الرصيف‬

‫متر بذهب الكاتب عبدالوحيد خوجة‬ ‫تداعيات ّ‬ ‫وهو يرى نصب اجلندي املجهول‪ ..‬يقول‪ :‬في حلظة‬ ‫مترد فكري‪ ،‬راودتني‪ ،‬صورة من كلفناهم باحلفاظ‬ ‫على تاريخنا‪ ،‬هناك في الوطن‪ ،‬ال أحد منهم يكلِـّم‬ ‫الناس عن تاريخنا البطولي بهذه القدرة على‬ ‫اإلقناع واجلاذبية‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع‬ ‫‪ ،1177‬مقابل األكادميية العربية للعلوم‪ ،‬هاتف‪ - 019057782 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية‬ ‫‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪28‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪86‬‬

‫الصعود إلى التيتمان رفقة رضوان وخمسة حمير‬

‫في احللقة الثالثة من دائرة املذلة يتوقف الكاتب‬ ‫براء اخلطيب عند جبل شعيب سارد ًا تفاصيل‬ ‫مثيرة عن عالقة اجلنود املصريني بقرية اللكمة‬ ‫اليمنية‪.‬‬

‫معادالت األخالق والقوة‬

‫الدفاع عن حقوق اإلنسان واملضمون األخالقي للسياسة‬ ‫اخلارجية موضوع يعود به الكاتب إلى هذا اجلزء األخير‬ ‫من معادالت القوة واألخالق ليتناول حقوق اإلنسان‬ ‫كمضمون أخالقي للسياسات اخلارجية للقوى الفاعلة‬ ‫في النظام الدولي اجلديد‪.‬‬

‫البيئة االجتماعية والتحوالت االقتصادية في القارة السمراء‬

‫احلديث عن البيئة االجتماعية وعالقتها بالتحوالت‬ ‫االقتصادية في القارة اإلفريقية يتأثر بعدة عناصر لعل أولها‬ ‫هو التركيب اجليولوجي للقارة وهو ما يؤثر على على املوارد‬ ‫الطبيعية وبقية املكونات واألمناط االقتصادية التي ال ميكن‬ ‫عزلها بحال عن األمناط املناخية واملكونات اجلغرافية‪.‬‬

‫أبنود تودّع شاعر الغالبة‬

‫ملف يليق بقامة الشاعر الكبير الراحل‬ ‫عبدالرحمن األبنودي الذي غادرنا قبل أيام تارك ًا‬ ‫تراث ًا شعري ًا متميز ًا غير قابل للمحو‪.‬‬

‫غدامس‪ ..‬مدينة القوافل‬

‫غدامس‪ . .‬مناخ اإلبل‪ . .‬أو مدينة اجللود‪ . .‬هذه‬ ‫املدينة عرفت احلياة منذ ‪ 10000‬سنة‪ ،‬ثم سكنها‬ ‫القرطاجنيون سنة ‪ 795‬ق‪ .‬م ثم احتلها الرومان‬ ‫سنة ‪ 19‬ق‪ .‬م‪ ،‬وافتتحها العرب بقيادة عقبة بن‬ ‫نافع سنة ‪ 42‬هـ‪.‬‬

‫تقنية‬

‫هل فكرت يوم ًا ما كم من األوراق قد نحتاج‬ ‫لطباعة كل شيء على اإلنترنت بأكمله؟ وماذا إذا‬ ‫كان واي فاي يعمل بعشرة أضعاف سرعته؟ وهل‬ ‫ً‬ ‫مثال؟‬ ‫ميكنك أن تخزّ ن الطاقة وتبعها جليرانك‬ ‫وما هي اإليجابيات والسلبيات في مزاوجة أنظمة‬ ‫التشغيل؟‪ ..‬طالعو املزيد في عالم التقنية‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫اجلزء الثاني من «التفكير في‬ ‫الكتابة‪ .‬يقول الكاتب‪ :‬في حاالت‬ ‫الكاتب يرضى‬ ‫الضجر‬ ‫كثيرة يجعل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بنسخة أخيرة من عمله‪ ،‬ألنه ال‬ ‫يستطيع أن يوقف حياته على‬ ‫النسخ وإعادة النسخ‪.‬‬ ‫ْ‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫من يحجب المعلومات عن الليبيين؟‬

‫االنقالب الثاني !!‬ ‫هل تعرف احلكومة الليبية ماذا تفعل؟ هل هي ملتزمة بخارطة‬ ‫محددة تبدأ بتأكيد بتكيدبتأكيدإثبات الشرعية وتنتهي‬ ‫طريق‬ ‫ّ‬ ‫بتطهير البالد من اإلرهاب وتخليصها من معاناتها؟‬ ‫ه��ذا هو ال�س��ؤال ال��ذي يطرحه كل متابع ل�لأح��داث وتطوراتها‬ ‫في ليبيا‪ .‬فماذا يفعل السادة الن ّواب اآلن؟ أم أنهم اعتادوا على‬ ‫الكراسي وأ ّبهة املناصب‪ ،‬ولم يعودوا يتذكرون املهام التي أوكلت‬ ‫لهم من قبل الشعب الليبي؟‬ ‫إن املواطنني الليبيني اآلن أم��ام عدة جبهات‪ ،‬وهم يقفون ضد‬ ‫ع�ص��اب��ات اإلره� ��اب واملليشيات اخل��ارج��ة ع��ن ال �ق��ان��ون‪ ،‬وضد‬ ‫االنقالب على الشرعية‪ ..‬فض ً‬ ‫ال عن معاناتهم اليومية من أجل‬ ‫احلياة بكرامة وتوفير احلياة الكرمية ألبنائهم ومتابعة تعليمهم‬ ‫والسهر على سالمتهم‪ ،‬فهل يشعر أعضاء املجلس بهذا؟!‬ ‫ن �ع��رف أن اجل �ب �ه��ات أص�ب�ح��ت م �ت �ع� ّ�ددة‪ ..‬فلنعد إل��ى اخل�ط��وة‬ ‫األساسية في كل حرب مفتوحة كاحلرب التي نعيشها اآلن‪ ..‬إن‬ ‫أولى اخلطوات هي ضرورة تنسيق اجلهود وتضافر اإلمكانيات‬ ‫والتخطيط بشكل متزامن لتنفيذ خطوات ميدانية متقدمة حترز‬ ‫املزيد من النجاحات دون أن تسمح بثغرة غير محسوبة في مسار‬ ‫املعركة‪ ..‬أي باختصار‪ :‬النظر إل��ى األح��داث في ص��ورة شاملة‬ ‫وعدم االقتصار على جزئية واحدة‪ ..‬ومن املهم أثناء ذلك أن يكون‬ ‫املواطنون الليبيون على علم بكل هذه التفاصيل‪ ،‬ألنهم مي ّثلون‬ ‫العمق االستراتيجي والسند املباشر للمجلس واحلكومة املؤقتة‬ ‫واجليش الوطني‪.‬‬ ‫هذه ضرورة متليها األح��داث وتطوراتها‪ ..‬فأين مجلس النواب‪،‬‬

‫واحلكومة املؤقتة‪ ،‬واجليش الليبي‪ ..‬من كل ذلك؟!‬ ‫يؤجل جميع‬ ‫نقول بكل وضوح‪ :‬ليس أمام مجلس النواب اآلن إال أن ّ‬ ‫امللفات التي ال تقود إلى إنهاء املعركة والقضاء على فلول اخلوارج‬ ‫واإلرهابيني واخلارجني عن الشرعية والقانون‪.‬‬ ‫يوجه احلكومة‬ ‫هذا هو املسار الذي يجب أن يعمل فيه املجلس‪ ،‬وأن ّ‬ ‫وفقاً له‪ ..‬وما لم يتم اتخاذ هذا املسار فإن لسان حال املواطنني‬ ‫جميعاً يقول لكم‪ :‬إما أن تلتزموا مبا انتخبناكم من أجله‪ ..‬وإما أن‬ ‫تتركوا املكان شاغراً ليشغله من هو أكثر حرصاً منكم وأكثر قدرة‬ ‫على توجيه د ّفة املعركة توجيهاً سليما قادراً على إحراز النصر‬ ‫والسير بليبيا نحو مصاف االستقرار والدميقراطية والبناء‪.‬‬ ‫لقد أثبت الليبيون أنهم شعب قادر على حت ّمل املعاناة والوقوف‬ ‫في وجه الصعاب‪ ،‬ولكن – أمام ما يحدث أمامهم اآلن – يبدو‬ ‫وكأنهم يفعلون ذلك بدون مساعدة فعلية من أحد‪ .‬صحيح أنهم‬ ‫انتخبوا املجلس وقاموا بتزكية احلكومة املؤقتة وتضامنوا مادياً‬ ‫ومعنوياً مع اجليش الوطني‪ ،‬ولكنهم أصبحوا مغيبني عن األحداث‬ ‫بفعل حجب املعلومات التي على مجلس النواب واحلكومة املؤقتة‬ ‫أن يضعاها أمام الشعب أوالً بأول‪ .‬أما أن يت ّم تغييب الشعب ع ّما‬ ‫يحدث على األرض فهو إقصاء له‪ ،‬وجتاوز لسيادة الشعب الذي‬ ‫منح هؤالء ثقته وجعلهم واجهة سياسية له‪.‬‬ ‫إن املعركة ليست بني مجلس النواب واحلكومة املؤقتة من جهة‬ ‫وب�ين امل��ؤمت��ر ال�ع��ام املنتهي الصالحية وحكومته التي يسميها‬ ‫«حكومة إن�ق��اذ» من جهة أخ��رى ‪ ..‬بل املعركة أس��اس�اً هي بني‬ ‫الشعب الليبي من جهة واملنقلبني على الشرعية من جهة أخرى‪،‬‬


‫وم��ا مجلس ال �ن��واب إال ال��واج�ه��ة السياسية املنتخبة م��ن قبل‬ ‫املواطنني الذين ميلكون الشرعية لتغيير هذه الواجهة واستبدالها‬ ‫بأخرى متى أثبت املجلس أو احلكومة فشلهما في أداء املهام‬ ‫الدستورية والتنفيذية املوكلة لهما‪.‬‬ ‫من هنا فإن عدم العودة إلى الشعب الليبي في جميع القضايا‬ ‫السياسية واالقتصادية املصيرية يعتبر إخالالً بحق ال ميلك أح ٌد‬ ‫جت��اوزه أو ع��دم االل�ت��زام ب��ه‪ ،‬وه��و انتهاك للميثاق الضمني بني‬ ‫الناخبني واملنتخبني‪.‬‬ ‫وهكذا فأن يقوم أعضاء من مجلس النواب ‪ -‬مث ً‬ ‫ال ‪ -‬باجللوس‬ ‫على طاولة احلوار مع االنقالبيني الذين ميثلون تنظيم اإلخوان‬ ‫املسلمني واجلماعات اإلرهابية املسلحة‪ ،‬دون الرجوع إلى الشعب‪،‬‬ ‫يعتبر خيانة لألمانة التي أقسموا أمام املواطنني جميعاً بااللتزام‬ ‫بها‪.‬‬ ‫إن احل��رب على اإلره��اب لم تكن اختياراً بالنسبة لليبيني‪ ،‬بل‬ ‫كانت ضرورة‪ ،‬ألن هذه احلرب مت ّثل سيادة ليبيا‪ ،‬وهي لن تتوقف‬ ‫حتى ينتهي اإلرهاب ويتخلّص الوطن من اجلماعات والتنظيمات‬ ‫اإلرهابية ومن يدعمها من أح��زاب وكيانات سياسية‪ ..‬ويط ّهر‬ ‫البالد منهم إلى األبد‪.‬‬ ‫لقد رأينا اآلن بعض أعضاء مجلس النواب مييلون إل��ى مترير‬ ‫أجندة احلوار الذي يتواصل مسلسله برعاية األمم املتحدة دون‬ ‫أن يضعوا قيداً أو شرطاً على املتحاورين وك��أن الهدف األول‬ ‫واألخير هو اخلروج من األزمة بأي طريقة كانت‪ ،‬حتى ولو كان‬ ‫ذلك املوافقة على جميع مخرجات احلوار والقبول بنفوذ اإلخوان‬ ‫املسلمني (الذين يدعمون اجلماعات اإلرهابية)‪ ،‬وسيطرتهم على‬ ‫احلكم في ليبيا‪.‬‬ ‫إن قاعدة (إذا جنحوا للسلم ‪ )..‬ال تنطبق على اإلطالق على من‬ ‫يد ّبر املكيدة ويضمر اخلديعة دون أن يكون في قرارة نفسه قد‬ ‫اختار السلم واالستقرار‪ ،‬بل أراد فرض حالة من الهدنة وفك‬ ‫فينقض من جديد على سيادة الدولة ومقدراتها‬ ‫االشتباك ليعود‬ ‫ّ‬ ‫ال أو كثيراً‬ ‫ويك ّرر مأساة االنقالب على الشرعية دون أن يهتم قلي ً‬ ‫ملا يعانيه املواطنون ج ّراء ذلك من آثار وخيمة‪.‬‬

‫إن من مي ّثل اجلماعات والتنظيمات اإلرهابية إذا جنح للسلم‪..‬‬ ‫فإن عليه أن يلتزم بالشرط األساسي للحوار وهو‪ :‬إدانة اإلرهاب‬ ‫وهدم مرافق‬ ‫الذي انقلب على الشرعية ود ّمر املؤسسات السيادية ّ‬ ‫يعد‬ ‫الدولة‬ ‫وهجر الناس العزّل‪ ..‬وبغير ذلك فهو بعبارة أخرى ّ‬ ‫ّ‬ ‫النقالبه الثاني على الشعب الليبي‪.‬‬ ‫إن األط��راف املتحاورة اآلن ال متلك شرعية عقد ه��ذا احل��وار‬ ‫(باستثناء رغبة األمم املتحدة في إقامته ظناً منها أنه سينهي‬ ‫األزمة)‪ ،‬واألساس هو العودة إلى الشعب الليبي الذي يعاني وحده‬ ‫من استمرار الصراع املسلح والتناحر على السلطة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مجاال للمساومة‪ ،‬وهي ليست موضوع ًا‬ ‫سيادة ليبيا ليست‬ ‫ل��ل��ح��وار‪ ..‬أم��ا «ح���وار ال��ط��رش��ان» ال���ذي ل��م ينته ب��ع��د‪ ،‬فإن‬ ‫نتائجه ال تعني سوى املتحاورين أنفسهم‪ ،‬أي ببساطة‪..‬‬ ‫ال عالقة ل��ه بالليبيني‪ ،‬وإذا أراد أح��د أن يحظى بقبول‬ ‫الشعب الليبي ‪ -‬ورمبا تزكيته ‪ -‬فإن أول ما عليه أن يفعله‬ ‫يتحمل جريرة‬ ‫هو أن يلقي السالح وأن يخضع للقانون وأن‬ ‫ّ‬ ‫تسبب فيها‪.‬‬ ‫األخطاء واملآسي التي ّ‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫نددت منظمة العفو الدولية بانتهاكات واسعة النطاق حلقوق اإلنسان‪ ،‬مبا في ذلك «جرائم حرب»‪ ،‬على أيدي املليشيات‬ ‫في طرابلس واملناطق الواقعة غربها‪ .‬وذكرت املنظمة احلقوقية أن املليشيات اخلارجة عن القانون ومجموعات مسلحة‬ ‫من كل اجلهات «مشتبه بأنه ارتكبت انتهاكات فاضحة حلقوق اإلن��س��ان»‪ ،‬مستندة إل��ى ص��ور التقطت عبر األقمار‬ ‫الصناعية وإفادات شهود عيان‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬عبدالعزيز املكي‬

‫ً‬ ‫عقيدة!!‬ ‫عندما يصبح اإليذاء‬

‫وقائع التعــذيب في‬ ‫سجون الملــيشيات‬


‫وأكدت املنظمة أن املقاتلني في غربي ليبيا «أظهروا ال مباالة تامة‬ ‫بحياة املدنيني»‪ ،‬متهمة إياهم «بإطالق القذائف املدفعية والصاروخية‬ ‫بشكل عشوائي على أحياء مكتظة بالسكان‪ ،‬وإحلاق أضرار مبنازل‬ ‫ومنشآت ومراكز صحية»‪.‬‬ ‫ونقل التقرير عن نائبة مدير برنامج املنظمة في الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا حسيبة حاج صحراوي‪ ،‬قولها إن املقاتلني «يرتكبون‬ ‫انتهاكات على نطاق واسع مبا في ذلك جرائم حرب‪ ،‬في ظل إفالت‬ ‫تام من العقاب»‪.‬‬ ‫وأشار التقرير إلى إفادات من ضحايا قالوا إنهم تعرضوا «للخطف أو‬ ‫التعذيب أو سوء املعاملة أو للضرب بخراطيم بالستيكية أو عصي أو‬ ‫قضبان معدنية أو أسالك أو للصعق بالكهرباء»‪.‬‬ ‫وبحسب املفوضية العليا لالجئني التابعة لألمم املتحدة‪ ،‬فقد نزح منذ‬ ‫يوليو ما ال يقل عن ‪ 287‬ألف شخص داخل ليبيا عن ديارهم‪ ،‬في‬ ‫حني اضطر ‪ 100‬ألف آخرون للفرار من البلد كلياً‪.‬‬ ‫ومنذ أشهر تدور في العديد من مدن غرب ليبيا معارك طاحنة بني‬ ‫ميليشيات مدينة الزنتان املوالية للحكومة‪ ،‬وقوات مليشيا «فجر ليبيا»‬ ‫التي تتألف من جماعات مسلحة يعتبرها البرملان املنتخب منظمة‬ ‫«إرهابية»‪.‬‬ ‫وكانت ق��وات «فجر ليبيا» ط��ردت ق��وات الزنتان من طرابلس في‬ ‫أغسطس بعد أسابيع من القتال الدامي‪ ،‬ثم وسعت نطاق عملياتها‬ ‫إلى الغرب من العاصمة وال سيما ضد منطقة ورشفانة‪ ،‬كما شن‬ ‫مقاتلو الزنتان وحلفاؤهم بورشفانة في ‪ 11‬أكتوبر هجوما مضاداً‬ ‫على جبهات عديدة في منطقة جبل نفوسة التي تبعد حوالي ‪100‬‬ ‫كلم جنوب غرب طرابلس‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى حذر مكتب املفوضة السامية حلقوق اإلنسان باألمم‬ ‫املتحدة من العواقب الوخيمة لالنتهاكات اخلطيرة حلقوق اإلنسان‬ ‫التي رصدت في كل من طرابلس وبنغازى الليبيتني وخطورتها على‬ ‫املدنيني الليبيني وكذلك على البنية التحتية‪ ..‬مشيراً إلى أن تلك‬ ‫االنتهاكات شملت القصف العشوائي والهجمات على األهداف املدنية‬ ‫وقصف املستشفيات وخطف املدنيني والقتل غير املشروع‪ ،‬حيث أن‬ ‫الضحايا كانوا من األطفال والنساء واملواطنني األجانب‪.‬‬ ‫وذكر تقرير أعده مكتب املفوضة السامية حلقوق اإلنسان باألمم‬ ‫املتحدة أن العشرات من املدنيني يتم اختطافهم في طرابلس وبنغازى‬ ‫فقط ملجرد االشتباه في انتماءاتهم العائلية أو القلبية أو الدينية وظلوا‬ ‫في عداد املخطوفني منذ تاريخ اختطافهم‪ ..‬مشيراً إلى أن عمليات‬ ‫االختطاف تلك قد تصل إلى كونها حاالت اختفاء قسري إذا كانت‬ ‫أطراف النزاع ال تعترف بأماكن وجود املخطوفني ‪.‬‬ ‫وطالب التقرير بأن تكون حماية املدنيني أولوية قصوى‪ ،‬وحث جميع‬

‫اجلماعات املسلحة على الكف عن جميع االنتهاكات للقانون الدولي‬ ‫والقانون اإلنساني الدولي السيما االنتهاكات التي ترقى إلى جرائم‬ ‫حرب‪ ..‬ودعا جميع املجموعات املسلحة إلى تسليم من يشتبه في‬ ‫قيامه بذلك إلى نظام العدالة الليبي‪.‬‬ ‫وكانت إدارة األمم املتحدة للشؤون اإلنسانية قد أ ّك��دت األسبوع‬ ‫املاضي أنّ أوضاع حقوق اإلنسان في ليبيا شهدت تدهوراً مروعاً‪،‬‬ ‫وهو ما أ ّكدته احلوادث املتتالية لسعى السكان في ليبيا للهروب من‬ ‫العنف وانهيار القانون والنظام وخطر التعرض للقتل واالختطاف‬ ‫والتعذيب‪.‬‬ ‫وذكرت بعثة األمم املتحدة للدعم في ليبيا عقب زيارة لعدد من مراكز‬ ‫االعتقال هناك أنّ السكان يتعرضون لعمل ّيات اعتقال تعسفي واحتجاز‬ ‫طويل األج��ل في مراكز احتجاز مكتظة بدرجة تثير القلق‪ ،‬بدون‬ ‫صرف صحي أو رعاية طب ّية وال يتلقون الغذاء الكافي ويتعرضون‬ ‫لسوء املعاملة والعنف اجلنسي واالستغالل في العمل ومصادرة وثائق‬ ‫الهو ّية‪.‬‬ ‫وأدان��ت البعثة ما ورد في تقارير عن قيام تنظيم داعش اإلرهابي‬ ‫بقتل عدد من أفراد أسرة آل حرير املنصوري في درنة بعد مداهمة‬ ‫منزلهم‪ ،‬كما أدان ��ت عمل ّيات القتل اإلث �ن��ي‪ ،‬وح� ّث��ت البعثة جميع‬ ‫األط��راف في ليبيا على حماية املدنيني‪ ،‬واملشاركة في احملادثات‬ ‫اجلارية‪ ،‬وقد أكدت األدلة من داخل سجون املليشيات أن املعتقلني‬ ‫يتع ّرضون للتعذيب بشكل متواصل‪ ،‬وكشف عدد من معتقلي السجون‬ ‫إنهم تعرضوا للضرب واجللد بالسياط وخراطيم املياه البالستيكية‬ ‫والسالسل املعدنية والقضبان والصعق بالتيار الكهربائي‪.‬‬ ‫وكانت منظمة التضامن حلقوق اإلنسان في ليبيا قد أكدت من جانبها‬ ‫أن عمليات اختطاف املواطنني وغالبيتهم من املدنيني تزايدت في‬ ‫اآلونة األخيرة في مناطق مختلفة من ليبيا‪.‬‬ ‫وذكرت املنظمة في بيان لها مؤخراً أن «معظم عمليات االختطاف‬ ‫تركزت في مدينة بنغازي‪ ،‬وكافة احلاالت انتهى بها املطاف كجثث في‬ ‫ثالجة املوتى مبستشفى املرج وجميعها كانت حتمل آثار تعذيب وجلَها‬ ‫بها إصابات بأعيرة نارية في الرأس»‪ ،‬مشيراً إلى أن أغلب الضحايا‬ ‫مت التعرف عليهم بعد أن نشر قسم البحث اجلنائي املرج على موقع‬ ‫شبكة التواصل االجتماعي فيس بوك‪ ،‬صورهم حتت «جثة شخص‬ ‫مجهول الهوية»‪.‬‬ ‫وقالت املنظمة‪ ،‬إن ظاهرة العثور على جثت ضحايا ملقاة على قارعة‬ ‫الطريق أو في املزارع أو في بعض األحيان مكبات القمامة زادت منذ‬ ‫اندالع القتال ببنغازي‪ ،‬وفقاً للبيان‪.‬‬ ‫وأضافت املنظمة‪ ،‬أنها رصدت في تقريرها اخلاص بهذه اجلرائم‬ ‫اثنني وثالثني جرمية قتل حتت التعذيب وقعت في النصف الثاني من‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫عام ‪ ،2014‬ثالثون حالة منها مت العثور على اجلثامني في مدينة املرج‬ ‫واملناطق احمليطة بها‪.‬‬ ‫ونوهت املنظمة في بيانها‪ ،‬إلى أن التقرير رصد احل��االت التي مت‬ ‫اإلعالن عنها ومن املرجح أن عدد هذه اجلرائم أكثر مما ورد في‬ ‫التقرير‪.‬‬ ‫وق��ال جمعة العمامي الباحث احلقوقي في املنظمة‪ ،‬إن «املنظمة‬ ‫ستقوم مبخاطبة بعثة األمم املتحدة للدعم ف��ي ليبيا واآلل�ي��ات‬ ‫املوضوعية حلقوق اإلنسان في املنظمة الدولية بالتقرير‪ ،‬ومطالبة‬ ‫إياها بتشكيل جلان خاصة للتحقيق في هذه اجلرائم»‪.‬‬ ‫من جانبه ‪ ،‬انتقد خالد العقيلي رئيس منظمة التضامن‪« :‬ما أسماه‬ ‫الصمت امل��ري��ب بالرغم م��ن ال�ع��دد ‪ ،‬والطريقة البشعة التي لقي‬ ‫فيها الضحايا مصارعهم ‪ ،‬وأن ‪ 90%‬من الضحايا مت العثور على‬ ‫جثامينهم في املرج ومحيطها و بالرغم من أن بعضهم خطف على‬ ‫بعد مئات الكيلومترات من امل��رج‪ ،‬إال‬ ‫أن��ه الحظنا صمت غريب حيال هذه‬ ‫اجل��رائ��م‪ ،‬جت��اه��ل وع ��دم اه�ت�م��ام من‬ ‫اجلميع منظمات ومؤسسات إعالمية‬ ‫وحتى مؤسسات الدولة»‪.‬‬ ‫وق��ال العقيلي ‪ -‬بحسب البيان ‪« -‬ال‬ ‫ش��ك أن�ن��ا أم ��ام ج��رائ��م تصفية تسير‬ ‫وفق خطة موضوعة وفي تقديري أن‬ ‫املسئولية تطال اجلميع وال تقف عند‬ ‫املليشيات التي تقوم بهذه اجلرائم»‪.‬‬ ‫ف��ي م��ا سبق ك��ان��ت امل�س��ؤول��ة األممية‬ ‫لوكالة االسوشييتيد برس قد ص ّرحت‬ ‫ب��أن «ه �ن��اك تعذيب وإع ��دام ��ات غير‬ ‫قانونية وحاالت اغتصاب تطال النساء‬ ‫وال��رج��ال‪ .‬وينبغي اتخاذ إج��راء فوري‬ ‫ملساعدة السلطات الليبية الستعادة‬ ‫س �ي �ط��رت �ه��ا ع �ل��ى ال��س��ج��ون وم��راك��ز‬ ‫االعتقال»‪ .‬وكانت منظمة العفو الدولية‬ ‫املعنية بحقوق اإلنسان قد ذكرت أيضاً‬ ‫أن األشخاص املعتقلون يتوفون حتت‬ ‫التعذيب ف��ي ال�س�ج��ون ال�ت��ي تديرها‬ ‫امليليشيات الليبية املختلفة‪.‬‬ ‫وقالت املنظمة إنها شاهدت حاالت عدة‬ ‫ملعتقلني في طرابلس ومصراتة يعانون جروحاً وإصابات في الرأس‬ ‫واألطراف والظهر جراء تعرضهم للتعذيب‪ .‬وقالت ناطقة باسم العفو‬ ‫الدولية في لندن أن جهات وصفتها بالـ»رسمية»‪ ،‬وميليشيات مسلحة‬ ‫متعددة تعمل خارج الهياكل القانونية‪ ،‬تقوم كلها بتعذيب املعتقلني»‪.‬‬ ‫وتنتشر اآلن على اإلنترنت مشاهد فيديو كثيرة تظهر مشاهد‬ ‫التعذيب الذي يتعرض املواطنون الرافضون لوجود املليشيات املسلحة‪،‬‬ ‫من زوارة غرباً حتى مصراتة شرقاً‪ ،‬ففي مشاهد فيديو نشر على‬ ‫نطاق واسع صور في مدينة زوارة‪ ،‬يظهر رجال بلباس داخلي محاط‬ ‫بنحو عشرة أشخاص منهم من كان باللباس الرسمي وهم ينهالون‬ ‫على رجل مقيد بالشتائم وينعتونه بأحط الصفات ويضربونه إلى أن‬ ‫يفقد الوعي‪.‬‬ ‫في مشهد آخر يتم تعليق شاب من قدميه بعد جتريده من مالبسه‪،‬‬ ‫وينهال عليه عدة أشخاص ضرباً بسلك حديدي ورك ً‬ ‫ال على رأسه‬

‫‪‎‬التعذيب في ليبيا امتداد ألساليب التعذيب في العراق‬

‫‪‎‬املقابر اجلماعية جرمية حرب في ليبيا‬

‫بأحذيتهم‪.‬‬ ‫كثيرون يقولون إن هذه التصرفات «عادية» أثناء الفترة االنتقالية‪ .‬لكن‬ ‫بعد هذه السنوات على الثورة يعود اجلميع ليؤكدوا ألنفسهم أنه قد‬ ‫آن األوان لكي تتغير األوضاع‪ .‬فعدم التنديد بهذه الفظاعات والصمت‬ ‫عليها يعني املشاركة فيها‪.‬‬ ‫شهادات ضد التعذيب‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الشاب أحمد محمد منصور التاورغي من سكان مدينة بنغازي كان‬ ‫يعمل لسنوات طويلة بالعاصمة طرابلس ومت اعتقاله بعد دخول‬ ‫مليشيات فجر ليبيا إلى العاصمة‪.‬‬ ‫هذا الشاب من ضمن املعتقلني على الهوية‪ ،‬حيث زُج به في السجن‬ ‫مبدينة مصراتة‪ ،‬وكغيره مت تعذيبه ببشاعة‪.‬‬ ‫هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثالثني عاما يعاني من نوع نادر جدا من‬ ‫أمراض السرطان تعرض للكسر نتيجة التعذيب ومت جتبيس فخذه‬


‫الصيادين املصريني في سجون املليشيات‬ ‫حكاية ّ‬

‫ركب الصيادون املصريون القارب صوب مالطا‪ ،‬للصيد في منطقة حدودية اعتادوا‬ ‫العمل فيها تسمى الضهر‪ .‬رحلة سفر استمرت خمسة أيام‪ ،‬حتى وصلوا إلى هناك‬ ‫وبدأوا في رمى الشباك في انتظار ما يجود به البحر من أسماك‪ ،‬لكن حدث ما ال‬ ‫حتمد عقباه‪ ،‬حيث انقلب اجلو إلى عواصف ورعد (نوة)‪ ،‬حاولوا جاهدين السير‬ ‫عكس اجت��اه ال��ري��ح‪ ،‬وك��ان��ت وجهتهم التي طاملا يلجؤون إليها وق��ت الصعاب هي‬ ‫السواحلالتونسية‪.‬‬ ‫هاتف قائدهم حرس السواحل التونسية‪ ،‬فسألهم عن هويتهم وحني علم بأنهم‬ ‫مصريون طالبهم بالرسو على الساحل التونسى أو دخ��ول امليناء كما يشاءون‪،‬‬ ‫فدخلوا إلى ميناء جرجيس التونسى على احل��دود الليبية‪ ،‬ورس��وا ليومني حتى‬ ‫حتسنت األجواء‪ ،‬ثم رفعوا اخلطاف من البحر وعادوا للبحث عن لقمة عيش على‬ ‫شواطئمالطا‪.‬‬ ‫ك��ان��ت امل��ف��اج��أة األول����ى ب��ع��د رحيلهم ه��ي خ����روج ل��ن��ش ح��رب��ى ي��ض��ع ع��ل��م تونس‬ ‫ليطاردهم‪ ،‬ووسط إطالق مكثف للنيران من القناصة ومدافع ‪ 14.5‬بوصة‪ ،‬ظلت‬ ‫املطاردة مستمرة ألكثر من ثالث ساعات حاول فيها مدحت ورفاقه الهرب‪ ،‬حتى‬ ‫سقط اثنان مصابني بالطلقات النارية‪ .‬كان الزورق في احلقيقة من ليبيا ويرفع علم‬ ‫تونس‪ .‬ومت القبض على الصيادين بعد مطاردة باملدافع ملدة ‪ 3‬ساعات وجنحوا في‬ ‫السيطرة على املركب‪.‬‬ ‫وليال من البرد القارس فض ًال عن اإلهانة والتعذيب قضاها الصيادون الـ ‪،14‬‬ ‫أيام ٍ‬ ‫حيث جرى احتجازهم داخل املركب وسط البحر ملدة أربعني يوماً‪ ،‬قبل اصطحاب‬ ‫ريس املركب واثنني من مساعديه واحتجازهم داخ��ل ميناء وصلت املعلومات أنه‬ ‫مكان لتخزين الذخيرة وأن طيران اجليش الليبي سوف يستهدفه بالقصف‪.‬‬ ‫في ما بعد شاهد الصيادون املوت بأعينهم حني كان الطيران يدك امليناء‪ ،‬وعاشوا‬ ‫حتت وطأة النيران حلظات يعتبرونها األصعب في حياتهم‪ ،‬نطقوا الشهادتني‪ ،‬وبعد‬ ‫أربعني يوم ًا عاشها الريس ورفيقيه سجناء داخل امليناء‪ ،‬وبقية الرجال في محبسهم‬ ‫داخل املركب‪ ،‬توسط أحد املصريني لإلفراج عنهم‪ ،‬لكن دون جدوى‪ ،‬فأعاد الكرة أكثر‬ ‫من مرة‪ ،‬حتى اشتد الضرب عليهم فسمحوا للوسيط املصري باصطحابهم وإعادتهم‬ ‫إلى مصر‬ ‫ودخ��ل الرجل ورئيس املركب في مفاوضات لإلفراج عن املركب‪ ،‬وطالبا الصيادين‬ ‫بالعودة إلى مصر‪ ،‬فيما سيظالن ليستطيعا إع��ادة املركب‪ ،‬وهنا افترق اجلمعان‪:‬‬ ‫رئيس املركب الذى ظل هناك من أجل إعادة القارب مصدر لقمة عيشه‪ ،‬وصياديه‬ ‫الذين استأجروا إحدى سيارات األج��رة‪ ،‬لبدء رحلة العودة‪ ،‬إال أن مفاجأة أخرى‬ ‫كانت فى انتظارهم حيث قبض عليهم فى الطريق من جانب امليليشيات عند مدخل‬ ‫مصراته عند بوابة الكرارين‪.،‬‬ ‫مت احتجازهم لشهر في مدرسة حولوها إلى سجن‪ ..‬واستطاعوا الهروب مبعجزة‪،‬‬ ‫ومت توجيه التهمة إليهم بأنهم من القوات املصرية وأنهم ج��اؤوا لكي ينظموا إلى‬ ‫«قوات حفتر»‪.‬‬ ‫بعد القبض عليهم بدأ التحقيق معهم من قبل قوات الكمني‪ ،‬حيث أمطروهم بأسئلة‬ ‫عن الرئيس عبدالفتاح السيسى واجليش املصرى وطبيعة التعاون مع اللواء حفتر‪،‬‬ ‫بينما جتاهلوا متام ًا أنهم صيادون ُقبض عليهم عند السواحل الليبية‪ ،‬يسعون‬ ‫للعودة إلى بالدهم‪ ،‬ولم تكن محاوالت الضحايا االستماتة إلثبات ذلك لتجدي‬ ‫نفعاً‪ ،‬ومن بوابة «الكرارين» جرى نقل الصيادين إلى مديرية األمن في «مصراتة»‪،‬‬ ‫واستمرتالتحقيقاتوسيلالتساؤالتوالتحقيقات‪.‬‬ ‫يقول أح��د الصيادين‪ :‬فجأة دخ��ل علينا مدير األم���ن‪ ،‬وق���ال‪ :‬تعرفوا التعذيب‬ ‫بالكهرباء؟ بينما تأهب الزبانية ب��أدوات التعذيب‪ ،‬وقبل أن تبدأ عملية التقييد‬ ‫متهيد ًا لصعقهم بالكهرباء‪ ،‬قال الصياد أنه يعمل مع أحد كبار األعيان وشيوخ‬ ‫القبائل في مصراتة‪ ،‬وهو بالفعل كان يعمل عنده قبل ثالثة أعوام‪ ،‬فأوقف مدير‬ ‫األمن كل إجراءات التعذيب وتركهم بعد أن ام نقلهم ألحد السجون‪.‬‬ ‫بدأ األمن يتعامل مع الصيادين بوجه آخر‪ ،‬حيث اعتبرهم مهاجرين غير شرعيني‪،‬‬ ‫ونقلهم إلى أحد سجون املهاجرين غير الشرعيني هناك‪ ،‬يحمل نفس اسم البوابة‬ ‫«الكرارين»‪ ،‬وهو عبارة عن مدرسة أخرى حولها املسلحون أثناء احلرب إلى سجن‪.‬‬ ‫استمر والصيادون الـ ‪ 14‬في سجن «الكرارين» شهر ًا وسط معاملة سيئة حتى جنحت‬ ‫الوساطة في تهريب أربعة منهم‪ ،‬في أحد القوارب التي كانت ترسو على الساحل‬ ‫الليبي‪ ،‬وعادوا إلى مصر ساملني‪ ،‬فيما تبقى عشرة صيادين‪ ،‬ومع اشتداد احلرب في‬ ‫مصراتة وعمليات اجليش ضد الكليشيات سمحوا بخروج ثالثة آخرين إلى القاهرة‪،‬‬ ‫ليتبقى سبعة عادوا بعد الضربة اجلوية املصرية ملعسكرات اإلرهاب هناك‪.‬‬ ‫يقول أحد الصيادين‪« :‬قلّعونا عريانني وماخلّوش حتة فى جسمنا إال وضربونا‬ ‫عليها»‬ ‫يقول صياد آخر كان من الذين بقوا في السجن أنه بعد هروب زمالئهم اشتد عليهم‬ ‫التعذيب فى السجن ورفض الوسيط الذي ساعد في هروبهم التدخل مرة أخرى‬ ‫وتهريبالسبعةالباقني‪،‬‬ ‫اشتد على الصيادين السبعة التعذيب‪ ،‬وح�ين ميسك بشريحة هاتف محاو ًال‬ ‫االطمئنان على أسرته‪ ،‬يكون مصيره اجللد والتعذيب والصعق بالكهرباء‪ ،‬ومن‬ ‫سجن «الكرارين» نقلوا إلى طرابلس فى سجن «أبو سليم»‪ ،‬الذى يصفونه بـ«البشع»‪،‬‬ ‫حيث القوا فيه ما لم يالقه أحد من التعذيب واإلهانة‪ ،‬وصل إلى خلع مالبسه نهائي ًا‬ ‫للتفتيش ذاتي ًا كل يوم‪ ،‬واستمرت اإلهانة والتعذيب دون أدنى رحمة ملدة ‪ 15‬يوماً‪.‬‬ ‫ومن سجن «أب��و سليم» فى طرابلس نقلوا إلى مدينة «ال��زاوي��ة»‪ ،‬واستمروا هناك‬ ‫سبعة أيام‪ ،‬حيث كان السجن األشد قسوة وعنفاً‪ ،‬ولكن بعد سبعة أيام فى اجلحيم‬ ‫ق��ال الليبيون إنهم تأكدوا من هويتهم وأنهم بحارة وص��ي��ادون‪ ،‬فاحتجزوهم في‬ ‫محبس خاص بعيد ًا عن بقية السجناء والرهائن‪.‬‬

‫بطريقة خاطئة باإلضافة الحتقان الدم الذي تسبب بذلك املرض‪.‬‬ ‫أفرجت عنه مليشيات فجر ليبيا بعد أن أخبرهم الطبيب أن حالته‬ ‫«ميؤوس منها»‪.‬‬ ‫أحمد الذي كان شاباً مفعماً باحليوية يقبع اليوم في غرفة مظلمة‬ ‫ويتمنى املوت في كل حلظة‪ .‬يقول أنه توسل لهم لكي يريحوه برصاصة‬ ‫غير أنهم رفضوا ذلك لكي يتلذذوا بصوت صراخه وأنينه‪.‬‬ ‫يعيش أحمد اليوم على إبر مسكنه لأللم ويعجز متاماً عن الوقوف‬ ‫على قدميه ويستخدم كرسي متحرك ال يقوى على حتريكه بيديه‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫بعد اختطاف أحد سكان مدينة صرمان وسرقة مبلغ ‪ 250‬ألف دينار‬ ‫من قبل مليشيا تطلق على نفسها كتيبة الفاروق مبدينة الزاوية مت‬ ‫تعذيبه حتى املوت أول ايام عيد األضحى املاضي‪ ..‬ألنه يؤيد وجود‬ ‫اجليش والشرطة ويرفض األجسام البديلة من مليشيات وعصابات‬ ‫تتمسح بالوطنية وهي منها براء براء‪.‬‬ ‫حتت أسماء مختلفة‬ ‫ّ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(ن��زار ‪ .‬و) مت التعدي عليه في منطقة أبو سليم‪ ،‬من قبل مليشيا‬ ‫غنيوة‪ ،‬والذنب الذي اقترفه فقط ألنني كان من جنود اجليش الليبي‪.‬‬ ‫قاموا بضربه ضرباً مبرحاً في جميع أنحاء جسده‪ ،‬واقتادوه لسيارتهم‬ ‫بعد االستيالء على سيارته‪ ،‬يقول‪« :‬استمر مسلسل الضرب والتعذيب‬ ‫دون سبب‪ ،‬قام بركلي على كليتي ووجهي‪ ،‬وأصبت في كبدي وكليتي‬ ‫مع رضوض في فخدي وركبتي وكسر في أنفي ورضوض في وجهي»‬ ‫(‪)4‬‬ ‫شاب ثالثيني كاد أن يكون ضحية ألحد سجون املليشيات خارج‬ ‫نطاق الشرعية والقانون وخارج نطاق اإلنسانية‪ .‬يقول‪« :‬كنا ثالثة‬ ‫في سيارة ذهبنا إلي زلينت لقضاء بعض األعمال التجارية‪ ،‬ولكن‬ ‫ما لبثت أحد الدوريات أن قبضت علينام وذهبت بنا إلى السجن‪،‬‬ ‫وهناك بدأت حفلة التعذيب والقتل البطيء بنزع مالبسنا وبدأ‬ ‫الضرب العنيف بكل ما طالت أيديهم‪ ،‬قاموا بتعليقنا في أوضاع‬ ‫مختلفة ليسهل ضربهم في كل مكان‪.‬‬ ‫بعد ذلك بدأ التعذيب ألجل التعذيب والتلذذ باأللم وليس لنزع‬ ‫االعتراف‪ ،‬فلم يعد يطلب من أحد شيئاً بل جل ما يتحدثون عنه‬ ‫أي منطقة في جسمه لم تطالها الضربات بعد‪ ..‬في آخر الليل‬ ‫كانت احلدة تزداد إذا أن املجموعات تأتي باخلمر وتبدأ حفلة‬ ‫السكر والتلذذ بالعذاب‪ ،‬استمر احلال ثالثة أيام رهيبة ال ماء‬ ‫وال أكل وال قضاء للحاجة البشرية‪ ،‬كان الدم ينزف من كل مكان‬ ‫واليدين والرجلني تورمت من أثر الضرب وشد احلبل‪ ،‬لم تبق أي‬ ‫منطقه في اجلسم ال تنزف فهم يصرون على ضرب املنطقة إلى‬ ‫أن تبدأ في النزيف ثم ينتقلون إلى منطقة أخرى‪.‬‬ ‫يقول أيضاً‪ :‬رأيت حالتني ‪،‬األولى لشاب مت ثقب قدميه بترابنو‪،‬‬ ‫واألخرى لشاب مت تعليقه في اجلدار باملسامير!!‬ ‫في اليوم الثالث وف��ي وق��ت متأخر من الليل بعد انتهاء وجبة‬ ‫التعذيب جاء أحد الذين قبضوا على الشاب وهو سكران‪ ..‬قال‬ ‫عندما رآن��ي أخ��ذ يبكي ثم احتضنني‪ ،‬وق��ام بفك وثاقي وقال‬ ‫لي س��أج��ازف وأطلق سراحك ولكن إذا اكتشفوني سيقتلونني‬ ‫ويقتلونك‪ ..‬قال كنت اشك في صدقه ولعلها لعبة يلعبها معي‪..‬‬ ‫كنت خائر القوى وال أقوى علي النهوض فض ً‬ ‫ال عن السير ولكن‬ ‫مبساعدة ذلك الشاب متكنت من اخلروج واالبتعاد عن ذلك املكان‬ ‫الرهيب‪ ،‬تلقفني أحد الناس الطيبني قرب الفجر‪ ،‬نقلني إلي بيتهم‬ ‫وعاجلني وقام باالتصال بأهلي وتهريبي إلي مدينة اخلمس حيث‬ ‫التقيت بأهلي هناك‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(بشير‪ .‬د) موظف في مصرف اجلمهورية فرع سبها مت اختطافه‬ ‫بعد عودته من العالج في مصر من منزله في السبيعة بطرابلس‪ ،‬ومت‬ ‫مصادرة سيارته‪ ،‬وأفادت األخبار األولية بأنه من قام مبداهمة املنزل‬ ‫سيارات تابعة للجنة األمنية العليا وولكن اللجنة نفت وجوده لديها‪.‬‬ ‫ومازال هذا الرجل مجهول املكان حتى اآلن‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫«الصرخة اآلمرة ‪ Dégage‬ارحل» والصفعة املهينة واحملطمة «كما ورد» التي وجهتها الشرطية «فادية حمدي»‬ ‫ل ـ «طارق محمد البوعزيزي ‪ /‬بسبوسة» بعد مصادرة بضاعته مبساعدة معاونيها في والية «سيدي بوزيد»‬ ‫التونسية‪ ,‬صباح اجلمعة «‪ 17‬ديسمبر ‪ , »2010‬افتتحت زمن ًا عربي ًا جديد ًا مفعم ًا بالتغيير ومؤثث ًا بالرفض‬ ‫واآلالم والعنف واالنتقام وأحالم فئوية محبطة‪ ..‬واختيار «البوعزيزي» للموت وإحراق جسده غضب ًا‪ ,‬بدل‬ ‫ارت��داء الفستان بعدما صفعته ام��رأة‪ ,‬جعل من امل��وت خيار ًا رائج ًا بكل األساليب عوض ًا عن مكابدة احلياة‪,‬‬ ‫ومهادنتها أو تناول غصاتها ومعاشرتها حتى النهاية‪ ,‬بالبوعزيزية احلازمة جعلت الثورة فعل يومي ال متجه‪!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫أمامهن موسم طويل‪ ..‬وأربع خيارات‬

‫الليبيات‪ ..‬دمى سياســــــ‬

‫وطئت « فادية « على العصب العاري ‪ ,‬ووضعت آخر قطرة بكأس‬ ‫الصبر ‪ ,‬ومنحته فرصة استثنائية ملد فيضانه بأرجاء كثيرة وبعيدة‬ ‫‪ ,‬وجسدت « عن غير قصد ونية‬ ‫« الظهور األول لألنثى « حواء «‬ ‫في ملحمة التغيير ‪ ,‬وانضمت‬ ‫إل��ي ق��ائ�م��ة ال�ن�س��اء امل�ف�ج��رات‬ ‫ل�ل�ح��روب ‪ ,‬وص� ��ارت « هيلني‬ ‫تينداروس أو سعاد بنت ُمنْقِ ذ «‬ ‫العصر بطريقة ما ‪!!..‬‬ ‫ص��رخ��ة ال �ـ �ـ « ‪/ )Dégage‬‬ ‫أرحل ) الفاديوية خسفت بــ»‬ ‫بن علي « وأحلقت به « مبارك‬ ‫و القذافي وصالح « ‪ ..‬والزالت‬ ‫تطارد « األس��د « وتهدد سواه‬ ‫وت� �ق ��ض م��ض��اج��ع ك��ث��ي��رة ‪..‬‬ ‫ووجود « فادية « بقبعة النظام‬ ‫على ضفة الديكتاتورية قابله‬ ‫وجود نسائي آخر على ضفة‬ ‫الربيعيني ‪ ..‬وجسدت « أسماء‬ ‫محفوظ و ن��وارة جن��م وسالي‬

‫زه��ران وسلوى الدغيلي وسلوى بوقعيقيص « الظهور األنثوي‬ ‫املساند والفاعل واملشارك في أح��داث التغيير الشرق أوسطي‬ ‫السريع املطلبي منزوع األيدلوجية ‪!!..‬‬ ‫ال توجد صرخات نسوية خاصة‬ ‫داخ��ل زخ��م املطالب الربيعية ‪,‬‬ ‫ولكن لوجود النساء تأثير في‬ ‫األح�� ��داث وال� �ص ��راع السلمي‬ ‫واملسلح ‪ ,‬ولهن غايات وأهداف‬ ‫ومطامح متباينة أو ذات طبيعة‬ ‫خ��اص��ة ت�خ�ت�ل��ف ع��ن امل�ط��ال��ب‬ ‫العامة التي يفصح بها اجلميع‬ ‫‪ ..‬واخ �ت�ل�اف واق ��ع وتفاصيل‬ ‫حياة املرأة التونسية عن املرأة‬ ‫املصرية وعن املرأة الليبية يفرق‬ ‫ب�ين امل�ط��ال��ب واألم��ان��ي ومينع‬ ‫اجلمع والتوحيد بشكل كامل‪!!..‬‬ ‫ال �ن �س��اء ال�ل�ي�ب�ي��ات ش��ارك��ن في‬ ‫أح � � ��داث ال � �ص� ��راع ‪ ,‬وح �م �ل��ن‬ ‫ال��س�ل�اح م �س��ان��دات ل�ل�ق��ذاف��ي‬ ‫ومعارضات له ‪ ..‬وقتلت خالله‬ ‫عدة نساء في ظ��روف مختلفة‬

‫فادية حمدي جتسد ـ عن غير قصد ـ الظهور‬ ‫األول لألنثى في ملحمة التغيير وتنضم إلى قائمة‬ ‫النساء املفجرات للحروب‬ ‫دخلت الليبيات معترك الصراع على السلطة‬ ‫بأسلوب تقليدي تابع لم يفصح عن هوية املرأة أو‬ ‫يع ّبر عن قضاياها‬


‫ــــــة وفرائس إرهاب‪!..‬‬ ‫املناضلة سلوى بوقعيقيص دفعت ثمن الدفاع عن الدولة املدنية الدميقراطية‬

‫وبأماكن وأزمان مختلفة ‪ ..‬فقد كان للمرأة الليبية وجود حقيقي‬ ‫وفعال لم يتوقف أو يخف تأثيره في مجريات األح��داث السلمية‬ ‫واملسلحة ‪ ,‬ودخلت الليبيات معترك الصراع على السلطة بأسلوب‬ ‫تقليدي تابع لم يفصح عن هوية‬ ‫املرأة أو يعبر عن قضاياها ‪!!..‬‬ ‫سقوط القذافي لم يضف الكثير‬ ‫للمرأة الليبية ‪!!..‬‬ ‫انضمام ليبيا ومصادقتها على‬ ‫ات �ف��اق �ي��ة ال �ق �ض��اء ع �ل��ى جميع‬ ‫أش �ك��ال التمييز ض��د امل� ��رأة «‬ ‫سيدوا « ‪1989‬م ‪ ,‬ومصادقتها‬ ‫على برتوكول « مابوتو « الضامن‬ ‫حل �ق��وق امل � ��رأة ف��ي إف��ري �ق �ي��ا «‬ ‫‪ 2003‬م « ‪ ,‬تعتبران خطوات‬ ‫حاسمة باجتاه حتقيق مطالب‬ ‫امل��رأة الليبية ‪ ,‬وحصر حقيقي‬ ‫لعملها ف��ي امليادين الواقعية ‪,‬‬ ‫واجن���از متطلباتها ف��ي ال��واق��ع‬ ‫بعدما ت��وف��رت لها االعترافات‬ ‫القانونية بوجودها ومساواتها‬ ‫بالرجل في احلقوق السياسية‬

‫واملدنية ‪ ,‬فليبيا بزمن القذافي كانت متقدمة في تعاملها مع املرأة‬ ‫ووفرت لها ظروف جيدة في شتى املجاالت ومنحتها فرصة مشاركة‬ ‫الرجل في كل املؤسسات دون قيود أو ممانعات متييزية معتمدة على‬ ‫اجلنس ‪ ,‬فلم تكن للمرأة الليبية‬ ‫م �ع��ان��اة خ��اص��ة ذات مرجعية‬ ‫سياسية أو سلطوية تختلف عن‬ ‫معاناة الرجل في ليبيا ‪!!..‬‬ ‫لعل ‪ ..‬زم��ن التغيير وأح��داث��ه‬ ‫وصراعه املسلح أرغم الرجال‬ ‫ال �ل �ي �ب �ي�ين ع��ل��ى ت �ق �ب��ل وج���ود‬ ‫امل� ��رأة وم�ش��ارك�ت�ه��ا ‪ ,‬ومنحها‬ ‫فرصة املشاركة في التأسيس‬ ‫ل� �ل� �س� �ل� �ط ��ات ب� �ش� �ك ��ل ص��ري��ح‬ ‫متتابع‪ ,‬دون احلاجة إلي زمن‬ ‫كفاح ونضال نسوى مستقطع‬ ‫‪ ..‬ف �ك��ان وج���ود امل� ��رأة ضمن‬ ‫م�ن�ظ��وم��ة ال�س�ل�ط��ة االن�ت�ق��ال�ي��ة‬ ‫حتصيل ح��اص��ل ‪ ..‬وحيازتها‬ ‫جلزء من مقاعد السلطة حق‬ ‫م �ع �ت��رف ب ��ه م�ن�ط�ق�ي�اً ‪ ,‬كفله‬ ‫وجود امل��رأة الفاعل ومواكبتها‬

‫املرحلة احلرجة لم تسترع انتباه أحد إلى‬ ‫ضرورة وجود متثيل الئق للمرأة داخل السلطتني‬ ‫التشريعية والتنفيذية‬

‫مازالت املرأة الليبية فريسة اإلرهاب وفقا لرصد‬ ‫املنظمات الدولية ‪ ..‬وهناك من يرغمها على قبول‬ ‫اإلرهاب البصري و السمعي‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬ ‫وزيرة السياحة في حكومة زيدان‬

‫الوزيرة السابقة فاطمة احلمروش‬

‫املستمرة لألحداث ولكنها أضاعت الفرصة وجتاهلتها ‪!!..‬‬ ‫فقد شكلت النساء « سلوى الدغيلي وانتصار العقيلي « جزءاً ضئي ً‬ ‫ال‬ ‫من املجلس الوطني اإلنتقالي ‪ ,‬وانفردت « هنية القماطي « باستثناء‬ ‫مريع في املكتب التنفيذي ‪ ,‬إال أن‬ ‫تسترع انتباه‬ ‫املرحلة احلرجة لم‬ ‫ِ‬ ‫أحد إلي ضرورات وجود متثيل‬ ‫الئ��ق للمرأة داخ��ل السلطات «‬ ‫التشريعية والتنفيذية « حينها ‪..‬‬ ‫وأسند إلي « فاطمة احلمروش‬ ‫وم�ب��روك��ة الشريف « حقيبتني‬ ‫وزاريتني في احلكومة االنتقالية‬ ‫ال �ت��ي ت��رأس �ه��ا « ع�ب��د الرحيم‬ ‫الكيب « ‪ ,‬وعندما بدأ التحضير‬ ‫النتخابات املؤمتر الوطني العام‬ ‫‪ ,‬بعد الصدور املفاجئ لقانون‬ ‫األح�� ��زاب « مايو‪2012/‬م «‬ ‫تنبه الالعبون السياسيون إلي‬ ‫أهمية مشاركة النساء وتأثيرهن‬ ‫في مجريات اللعبة السياسية ‪,‬‬ ‫فسعى اجلميع إلي فرض نسبة‬ ‫للنساء داخ��ل امل��ؤمت��ر الوطني‬ ‫‪ ,‬ول�ه��ن ح��ق ال�ت��رش��ح للمقاعد‬ ‫الفردية أسوة بالرجال ‪!!..‬‬ ‫أثناء االنتخابات ك��ان إجمالي‬ ‫عدد الناخبني من اجلنسني في‬ ‫ليبيا « ‪ 1.3‬مليون م��ن ‪2.86‬‬ ‫مليون « ‪ ,‬وكانت نسبة اإلن��اث‬ ‫ت�ش�ك��ل « ‪ « 45%‬ح ��وال ��ي «‬ ‫‪585000‬إمرأة « من الناخبني‬ ‫املسجلني ‪ ,‬وقد ترشحت وقتها‬ ‫« ‪- 600‬إمرأة « ضمن األحزاب‬ ‫وب ��ال� �ن� �ظ ��ام ال � �ف� ��ردي ‪ ,‬وع �ن��د‬ ‫إج���راء االن�ت�خ��اب��ات انخفضت‬ ‫النسبة إلي « ‪ « 39%‬وتوجهت‬

‫كاملة املزيني‬

‫« ‪ - 507000‬إم��رأة « إلي مراكز االنتخابات في حني امتنعت «‬ ‫‪ - 78000‬ام��رأة « عن اإلدالء بأصواتهن نتيجة ظهور املسلحني‬ ‫أمام مراكز االقتراع ‪ ,‬ووجود شبهات تالعب ‪ ,‬وغياب الشفافية‬ ‫وألسباب أخرى ‪!!..‬‬ ‫أس� �ف ��رت ان��ت��خ��اب��ات امل��ؤمت��ر‬ ‫الوطني العام عن فوز « ‪- 33‬‬ ‫إمرأة « شكلن « ‪ « 16.5%‬من‬ ‫السلطة التشريعية ‪ ,‬التي شكلت‬ ‫حكومة مؤقتة مكونة من « ‪33‬‬ ‫« وزارة ترأسها « علي زيدان «‬ ‫ضمت « إكرام باش إمام « وزيرة‬ ‫للسياحة ‪ ,‬و « كاملة املزيني «‬ ‫وزي���رة ل�ل�ش��ؤون االج�ت�م��اع�ي��ة ‪,‬‬ ‫وبعد انتهاء مدة املؤمتر الوطني‬ ‫وانتخاب البرملان شغرت النساء‬ ‫« ‪ 30‬م �ق �ع��داً « م��ن إج�م��ال��ي‬ ‫طفلتان من تاورغاء « ‪ 188‬مقعداً « ‪ ,‬وق��د استلم‬ ‫البرملان مهامه كسلطة تشريعية‬ ‫منتخبة بدأ من « ‪ 4‬أغسطس‬ ‫‪2014‬م « خ �ل �ف �اً ل �ل �م��ؤمت��ر ‪,‬‬ ‫وص� � ��ار ع��ل��ى ن� �س ��اء ال�س�ل�ط��ة‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي��ات ال �ت��وق��ف ع��ن متثيل‬ ‫دور ال��دم��ى السياسية ‪ .‬وبناء‬ ‫مشروعهن وحت��ري��ر وج��وده��ن‬ ‫لترسيم حقوق امل��رأة وصيانتها‬ ‫‪ ..‬ومعاجلة قضايا وإشكالياتها‬ ‫للتعافي من االنتهاكات ‪ ,‬التي‬ ‫ت�ع��رض��ت ل�ه��ا أث �ن��اء ال �ص��راع ‪,‬‬ ‫ومازالت تعاني منها‪ ،‬وأن يضعن‬ ‫السلطات أم��ام مسئولياتهن ‪,‬‬ ‫ب��اجت��اه الليبيات املستضعفات‬ ‫وامل �ه �ج��رات ب��ال��داخ��ل « نساء‬ ‫ت� ��اورغ� ��اء « وب� ��اخل� ��ارج ‪ ,‬وم��ا‬ ‫يطال الصحفيات واإلعالميات‬

‫معركة الليبيات القادمة متداخلة ومتكاملة مع‬ ‫معركة الوطن‬

‫التقارير تتحدث عن وجود نساء سجينات لدى‬ ‫املليشيات وحاالت وفاة حتت التعذيب‬

‫سعي»اإلسالمويني» للسيطرة على مقاليد السلطة‬ ‫أكبر خطر تواجهه النساء‬


‫الشرطية التي صفعت البوعزيزي‬

‫مأساة املرأة التاورغية‬

‫انتصار احلصايري‬

‫ال أذن تصغي ملطالب الليبيات‬

‫زمن التغيير أرغم الليبيني على تقبل وجود املرأة‬ ‫ومنحها فرصة املشاركة في التاسيس للسلطات‬ ‫ال توجد مطالب نسوية خاصة داخل زخم املطالب‬ ‫الربيعية‬ ‫والناشطات من اعتداء واعتقال وتعذيب واغتيال ‪!!..‬‬ ‫الزال��ت امل��رأة الليبية فريسة اإلره��اب ‪ ..‬فقد رص��دت املنظمات‬ ‫الدولية اجلرائم املرتكبة بحق النساء واألطفال في ليبيا ‪ ,‬والتعرض‬ ‫املستمر لإلرهاب من قبل املسلحني ‪ ,‬وإرغامهن على التعايش مع‬ ‫العنف نتيجة الصراعات املسلحة داخ��ل امل��دن ‪ ,‬وقبول اإلره��اب‬ ‫البصري « رؤية السالح « والسمعي « أصوات إطالق الذخائر « كحد‬ ‫أدني ‪ ..‬ومعاناتهن ملضاعفات ونتائج مؤملة متثلت في حاالت والدة‬ ‫و إجهاض خطرة ‪ ,‬واإلصابة بأمراض مزمنة نتيجة اإلجهاد والقلق‬ ‫واألوض��اع السيئة ‪ ..‬كما أوضحت التقارير وجود نساء سجينات‬ ‫لدى املليشيات ‪ ,‬وحدوث حاالت وفاة حتت التعذيب أو نتيجته مثل‬ ‫« خولة الطاهر و سعاد داعوب « ‪ ,‬وكان اغتيال « سلوى بوقعيقيص‬ ‫وانتصار احلصائري « ‪!!...‬‬ ‫أمام الليبيات موسم طويل وصعب ‪!..‬‬ ‫إن معركتهن القادمة متداخلة ومتكاملة مع معركة الوطن ‪ ..‬وخطر‬ ‫اإلسالمويني وسيطرتهم على مقاليد السلطة أكبر خطر تواجهه‬ ‫النساء ‪ ..‬واخليارات املتاحة أمامهن هي التحول إلي سلع وجواري‬ ‫وإماء أو اخلضوع لألمر ولزوم البيت ‪ ,‬أو االنضمام لإلسالمويني‬ ‫والدواعش وخوض جهاد السالح أو جهاد النكاح وسط صفوفهم‬ ‫‪ ,‬أو املواجهة حلفظ وجودهن وحقوقهن والتسلح بالقيم الوطنية‬ ‫والسعي لتوطني السلم وحتقيق الوفاق قبل فوات األوان ‪!...‬‬ ‫رمبا حان الوقت لتحكم النساء ‪!!...‬‬

‫قائمة بأسماء عضوات مجلس النواب الليبي‬ ‫بحسب النتائج التي أعلنتها مفوضية العليا لالنتخابات‬ ‫(‪ 30‬مقعد ًا ‪ 2 +‬مقاعد شاغرة من ‪ 188‬مقعداً)‬ ‫‪ 1‬منى آدم داوود الغيثي‬‫‪ 2‬سلطنة مسعود بوبكر عبد الرحيم‬‫‪ 3‬رايحة عبد السالم علي الفرجاني‬‫‪ 4‬آمال محمد عبد السالم بعيو‬‫‪ 5‬عائشة يوسف عبد الله الطبلقي‬‫‪ 6‬سهام سالم سليمان سرقيوة‬‫‪ 7‬اسمهان عبد القادر حسني بالعون‬‫‪ 8‬فريحة عبد السالم مصطفى عمر احلضيري‬‫‪ 9‬فاطمة أحمد عبد املجيد عمر كاريس‬‫‪ 10‬عزيزة كركرة عمر ابوستة‬‫‪ 11‬مدلـله محمد البشير قندة‬‫‪ 12‬فاطمة ابوبكر حمد عمر أبوسعدة‬‫‪ 13‬أحالم محمد الالفي خليفة‬‫‪ 14‬خديجة أحمد ابوبكر الزروق‬‫‪ 15‬فاطمة عبد السالم الهادي الصويعي‬‫‪ 16‬رحمة ابوبكر علي آدم‬‫‪ 17‬السيدة كامل علي اليعقوبي‬‫‪ 18‬حنان محمد عبد الله شلوف‬‫‪ 19‬نعيمة رمضان عقيل دلف‬‫‪ 20‬صباح جمعة محمد احلاج فرج‬‫‪ 21‬فوزية محمد مفتاح ابوغالية‬‫‪ 22‬هناء خليفة خالد ابوديب‬‫‪ 23‬ربيعة عبد الرحمن سليمان أبوراص‬‫‪ 24‬سعاد عبد الله محمد الشلي‬‫‪ 25‬أسماء محمود محمد اخلوجة‬‫‪ 26‬ربيعة الصادق خليفة الفقيه‬‫‪ 27‬إبتسام عبد السالم علي بن جمعة‬‫‪ 28‬سارة عامر عبد اجلليل السويح‬‫‪ 29‬إبتسام عبد احلفيظ عمر سالم‬‫‪ 30-‬عائشة املهدي القمودي شالبي‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫لقاء ثالثي بين وزراء خارجية ليبيا وتونس والمغرب‬

‫الدايري‬ ‫العربيةـ ن��ت ‪ :‬عقد وزي��ر اخل��ارج�ي��ة الليبي‬ ‫محمد الدايري‪ ،‬في احلكومة املعترف بها دولياً‪،‬‬ ‫اجتماعني بالعاصمة اإلندونيسية جاكرتا على‬ ‫هامش قمة التعاون بني إفريقيا وآسيا وإحياء‬ ‫الذكرى الستني التفاقية باندونغ‪.‬‬ ‫وقال مصدر باملكتب اإلعالمي لوزارة اخلارجية‬ ‫والتعاون الدولي لصحيفة «بوابة الوسط» الليبية‬ ‫إن االجتماع األول كان مع وزير خارجية املغرب‬ ‫صالح الدين مزوار‪ ،‬حيثُ أكد فيه على التقدم‬ ‫امللحوظ في محادثات الصخيرات‪ ،‬إال أن هذه‬ ‫اجلولة األكثر صعوبة حتى اآلن‪.‬‬

‫مزوار‬ ‫وم ��ن ج��ان �ب��ه‪ ،‬أك ��د ال��وزي��ر امل �غ��رب��ي أن احل��ل‬ ‫السياسي هو احل��ل الوحيد والناجح للتوصل‬ ‫الستقرار سياسي في ليبيا واستتباب األمن‬ ‫فيها؛ حيث إن احلل العسكري سيدفع بليبيا‬ ‫إلى غياهب املجهول‪.‬‬ ‫كما وجه وزير اخلارجية الليبي محمد الدايري‬ ‫«حتية إل��ى املغرب ملكاً وحكومة وشعباً على‬ ‫دعمها الس�ت�ق��رار ليبيا باحتضانها جل��والت‬ ‫احلوار»‪.‬‬ ‫وفي سياق متصل‪ ،‬عقد الدايري اجتماعاً آخر‬ ‫مع وزي��ر اخلارجية التونسي الطيب البكوش‪،‬‬

‫البكوش‬ ‫تبادال فيه وجهات النظر حول تطور األوضاع‬ ‫في ليبيا واملسار التفاوضي الذي تقوده األمم‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وأكد الوزير التونسي أهمية استقرار األوضاع‬ ‫في ليبيا ملا لها من فائدة للشعب الليبي أوالً‬ ‫وانعكاسها اإليجابي على دول اجلوار ثانياً‪.‬‬ ‫وث ّمن الدايري جهود تونس ودعمها لثورة ‪17‬‬ ‫فبراير املستمر؛ حيث تستقبل تونس مئات‬ ‫اآلالف من الليبيني‪ ،‬وتعتبر من الدول العربية‬ ‫القليلة ال�ت��ي ل��م ت�ف��رض ت��أش�ي��رة دخ ��ول على‬ ‫الليبيني‪.‬‬

‫ميليشيات ليبيا‪ ..‬تهريب وتعذيب وقرصنة‬ ‫أبوظبي ‪ -‬سكاي نيوز عربية ‪ :‬ما بني تهريب آالف املهاجرين غير إلقائهم في القوارب املكتظة دون أي وسائل أمان ما يعني دفعهم إلى‬ ‫الشرعيني وسوقهم إلى حتفهم في البحر املتوسط وذلك بعد تعرضهم املوت احملتم وسط أمواج البحر املتوسط‪.‬‬ ‫لالعتداءات املختلفة‪ ،‬إلى عمليات للقرصنة على قوارب الصيد‪ ،‬باتت وتعتبر ليبيا منذ سنوات ممرا رئيسيا للمهاجرين غير الشرعيني الذين‬ ‫الشواطئ الليبية التي تخضع لسيطرة امليليشيات املسلحة مراكز للعديد يسعون للوصول إل��ى أوروب��ا‪ ،‬ويتدفقون بالتحديد من نيجيريا وتشاد‬ ‫وإريتريا والصومال وسوريا‪ ،‬لكن األمور تفاقمت منذ سيطرة امليليشيات‬ ‫من االنتهاكات واجلرائم املتعلقة باالجتار بالبشر‪.‬‬ ‫ففي األسبوع قبل املاضي وحدة غرق أكثر من ألف مهاجر في البحر على املدن الليبية الغربية‪ ،‬بحسب مصادر مطلعة‪.‬‬ ‫املتوسط‪ ،‬من بينهم ‪ 850‬شخص على منت قارب واحدـ‪ ،‬بعد انطالقهم وتشير بيانات األمم املتحدة إلى أن أكثر من ‪ 35‬ألف مهاجر وصلوا إلى‬ ‫أوروبا هذا العام‪ ،‬معظمهم انطلقوا من ليبيا‪ ،‬من بينهم ‪ 23‬ألفا وصلوا‬ ‫من العاصمة الليبية طرابلس التي تخضع لسيطرة امليليشيات‪.‬‬ ‫وأظهر تسجيل مصور بثه صحفي دمن��ارك��ي يعمل في ليبيا‪ ،‬اعتداء إلى إيطاليا‪ ،‬و‪ 12‬ألفا إلى اليونان‪.‬‬ ‫عناصر من امليليشيات على مهاجرين أفارقة في مركز احتجاز في مدينة ولم يعد البحر املتوسط خطرا على املهاجرين فقط بل على الصيادين‬ ‫اإليطاليني الذين باتوا يواجهون عمليات قرصنة تتطلق من السواحل‬ ‫مصراتة‪ ،‬شمال غربي البالد‪.‬‬ ‫وتقول مصادر متطابقة إن جتارة تهريب املهاجرين حكر على امليليشيات الليبية التي تقع حتت سيطرة امليليشيات‪.‬‬ ‫واستولى مسلحون على قارب صيد إيطالي‪ ،‬وطاقمه املكون من سبعة‬ ‫وحدها التي تتربح ماليني الدوالرات من هذه التجارة‪.‬‬ ‫ويتراوح سعر تذكرة الهجرة غير الشرعية للشخص الواحد بني ألف أفراد‪ ،‬على بعد ‪ 40‬ميال قبالة ليبيا‪ ،‬اجلمعة‪ ،‬وقادوه إلى ميناء مصراتة‬ ‫ال �ل �ي �ب��ي‪ ،‬وف �ق��ا مل ��ا ذك��رت��ه‬ ‫إل � � ��ى ‪ 10‬آالف دوالر‬ ‫جمعية تعاونية للصيد في‬ ‫أميركي‪ ،‬وتختلف األرق��ام‬ ‫املليشيات ‪ ..‬تخريب وتعذيب وقتل وقرصنة‬ ‫صقلية‪.‬‬ ‫ح �س��ب ال���دول���ة امل��ص��درة‬ ‫وت�س�ي�ط��ر ع �ل��ى ال�ع��اص�م��ة‬ ‫للمهاجرين‪.‬‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي��ة ط��راب �ل��س وب�ع��ض‬ ‫وال ي �ق �ت �ص��ر األم � ��ر على‬ ‫م � ��دن غ � ��رب ل �ي �ب �ي��ا م�ن��ذ‬ ‫أن �ش �ط��ة ال �ت �ه��ري��ب‪ ،‬حيث‬ ‫أغ � � �س � � �ط� � ��س ‪،2014‬‬ ‫ي�ت��م االع��ت��داء ب��دن�ي��ا على‬ ‫ميليشيات مسلحة تطلق‬ ‫امل� �ه ��اج ��ري ��ن ف� ��ي م ��راك ��ز‬ ‫على نفسها «فجر ليبيا»‪.‬‬ ‫ال� �ت� �ج� �م� �ي ��ع‪ ،‬ف� �ض�ل�ا ع��ن‬


‫ملاذا يعارض الغرب تسليح اجليش الليبي؟‬

‫نظرة على ليبيا‬

‫التحرير ـ ط��ارق احلريري ‪ :‬تتفاقم األوض��اع فى ليبيا فى الفترة‬ ‫األخ �ي��رة وت�ت��زاي��د وت�ي��رة العنف داخ��ل ال�ب�لاد ويصعب ت�ق��دمي حتديد‬ ‫مختصر للقوى الفاعلة على األرض‪ ،‬لكثرتها‪ ،‬حيث تع َّددت امليليشيات‬ ‫بعد انتهاء دور حلف الناتو فى التخلّ ُص من القذافى‪ ،‬مبا كانت حتويه‬ ‫خزائن أسراره من فضائح لقادة أوروبيني من ناحية‪ ،‬وسياسيني وأجهزة‬ ‫قانونية وأمنية أوروبية وأمريكية من ناحية أخ��رى‪ ،‬وبعد حتقيق هذه‬ ‫الغاية لم يشغل بال حلف الناتو وحكومات دوله مصير الدولة الليبية وال‬ ‫شعبها‪ ،‬رغم أنهم يعرفون أن عدم استكمالهم للمهمة يعنى دخول ليبيا‬ ‫فى نفق مظلم‪ ،‬ونتيجة الفوضى العارمة الناجتة عن استيالء امليليشيات‪،‬‬ ‫تعدد أهدافها‪ ،‬على كميات هائلة من السالح من مخازن جيش‬ ‫على ّ‬ ‫القذافى الوهمى‪ ،‬منح املؤمتر الوطنى العام الشرعية لعدد كبير من‬ ‫امليليشيات املسلحة بعد نهاية احل��رب مع ق��وات القذافى‪ ،‬إما تواطؤ‬ ‫حلماية مصالح وإما تغليب أه��داف سياسية وأيديولوجية من البعض‬ ‫وبنية حسنة من البعض ظ ًنّا بأن هذا التص ّ ُرف األخرق ميكن أن يساعد‬ ‫على استتباب أمن البالد‪ ،‬وبطبيعة احلال فإن هذه امليليشيات وقياداتها‬ ‫تش َّبثت بهذا الوضع‪ ،‬انطال ًقا من أهدافها السياسية‪ ،‬وحتديدًا قوى‬ ‫متسكت امليليشيات غير السياسية بامتيازاتها‬ ‫اإلسالم السياسى‪ ،‬وباملثل َّ‬ ‫التى حت َقّقت بقوة السالح‪ ،‬وفى م��ردود عكسى فى مرحلة تالية‪ ،‬فإن‬ ‫القوى السياسية املتصارعة فى ليبيا وج��دت من ظاهرة امليليشيات‬ ‫فرصة لتوظيفها كأذرع عسكرية فى تناحرها الداخلى‪.‬‬ ‫أ َّدت األوض��اع السابقة إلى إعاقة بناء جيش نظامى ‪-‬أفقده القذافى‬ ‫أساسا نظاميته وقوته‪ -‬بسبب عدم توافق القوى السياسية املتصارعة‬ ‫ً‬ ‫فى ليبيا‪ ،‬ألن إقامة مؤسسة عسكرية وطنية يقتصر عليها احتكار‬ ‫السالح‪ ،‬سوف ي��ؤ ّدى بالضرورة إلى اختفاء هذه امليليشيات‪ ،‬ويترتب‬ ‫على هذا أن الفرقاء السياسيني اخلارجني على الشرعية سيفقدون‬ ‫مقومات القوة فى مجال صراع انتهكت فيه قواعد اللعبة الدميقراطية‬ ‫بعد أن أُجريت انتخابات نزيهة حتت إشراف ورقابة دولية القت اعترا ًفا‬ ‫تا ًّما بسالمتها من كل املؤسسات الدولية واإلقليمية املعنية‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫نتائج هذه االنتخابات لتع ّبر عن إرادة الشعب الليبى التى لم تتوافق مع‬ ‫تنظيمات اإلسالم السياسى‪ ،‬وعلى رأسها اإلخوان املسلمون‪ ،‬وبالتالى‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية الداعم الدولى األساسى لإلخوان‪ ،‬وخلفها‬ ‫تركيا وقطر‪ ،‬لهذا َّ‬ ‫عطلت الواليات املتحدة عمدًا فى تناقض صارخ مع‬ ‫مبادئها املعلنة‪ ،‬تسليح اجليش الليبى الوطنى بقيادة حفتر‪ ،‬الذى مي ّثل‬ ‫الشرعية واحلكومة املعترف بها دول ًّيا‪ ،‬بدعوى منع تصدير السالح عن‬ ‫القوى املتصارعة‪ ،‬فى محاولة مكشوفة للز ّج ب��اإلخ��وان املسلمني فى‬

‫ً‬ ‫حفاظا على بقائهم وحشرهم فى السلطة‪ ،‬فى الوقت‬ ‫حكومة ائتالف‪،‬‬ ‫الذى يتد َفّق فيه السالح خلسة إلى امليليشيات غير الشرعية عن طريق‬ ‫بدس ذراع لتنظيم داعش فى‬ ‫تركيا وقطر‪ ،‬كما قامت الواليات املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫ليبيا‪ ،‬إمعا ًنا فى خلق فوضى متكنها من مترير أهدافها فى إضعاف‬ ‫احلكومة الشرعية وخلق بؤرة اضطراب ملصر والشمال اإلفريقى‪.‬‬ ‫أمام هذه التحديات قامت الشرعية الليبية ممثلة فى البرملان املنتخب‬ ‫واحلكومة بالعمل على تعزيز اجليش الليبى الذى بدأ بنواة من الضباط‬ ‫ً‬ ‫حفاظا على أمن‬ ‫واألفراد الوطنيني الذين تط َّوعوا انحيازًا إلى الشرعية‪،‬‬ ‫البالد ومتاسكها وهيبتها‪ ،‬وبدأ هذا اجليش الوليد ِ‬ ‫يحقّق رغم الظروف‬ ‫الصعبة متاس ًكا‪ ،‬وتدريج ًّيا أصبح عنص ًرا فاع ً‬ ‫ال على األرض فى املعادلة‬ ‫الليبية‪ ،‬تقابله فى الناحية األخ��رى من املشهد قوات ما يسمى «فجر‬ ‫ليبيا»‪ ،‬كقوة رئيسية من بني عناصر اإلسالم السياسى املدعومة من قبل‬ ‫قوى خارجية‪ ،‬خللخلة الوضع السياسى وفرض أجندة خارجية أو إبقاء‬ ‫حالة الفوضى والتشرذم وحتويلها مبرور الوقت إلى وضع مزمن‪ ،‬وأمام‬ ‫مد يد العون للجيش الليبى الذى‬ ‫هذا الظرف املعقد يصبح من الضرورى ّ‬ ‫يحتاج فى الوقت احلالى إلى مساندة مؤقتة‪ ،‬كى يتم َّكن فى بنغازى من‬ ‫تصفية آخر جيب من عناصر إرهابية تكمن فى شرق املدينة فى منطقة‬ ‫شارع الليثى‪ ،‬حيث سيؤ ّدى هذا إلى إحداث نقلة كبيرة فى موقف قوات‬ ‫حفتر‪ ،‬ويجعل منها رق ًما فى معادلة القوة‪ ،‬لتميل الكفّة لصاحله‪ ،‬وهى‬ ‫النقلة التى ستجعل الوزن السياسى الفعلى للحكومة الشرعية أكثر ثقلاً ‪،‬‬ ‫مما يساعد على بداية استعادة الشرعية ملكانتها املستحقة‪ ،‬أولاً ‪ :‬على‬ ‫األرض‪ ،‬ومن ثَ َّم فى الفضاء السياسى داخل ًّيا ودول ًّيا‪ ،‬وثان ًيا‪ :‬متكنها من‬ ‫االتساع فى بسط السيطرة تدريج ًّيا فى كل أرج��اء الدولة كقوة نالت‬ ‫شرعية غير مطعون على سالمتها‪.‬‬ ‫احلكومة الشرعية وجيشها الشرعى هما الضمانة الوحيدة لكى يصبح‬ ‫العمق االستراتيجى آمنًا فى غرب مصر‪ ،‬إذ متتد احلدود املشتركة بني‬ ‫البلدين إلى نحو ألفَى كيلومتر‪ ،‬حيث تواجه مصر اآلن تهديدًا مستم ًّرا‬ ‫من عناصر اإلسالم السياسى احملتشدة فى ليبيا من أماكن كثيرة من‬ ‫سالحا وأفرا ًدا إلى الداخل املصرى‪.‬‬ ‫العالم تعمل على تصدير اإلرهاب‬ ‫ً‬ ‫لهذا ولكل ما ت�ق� َّدم من معطيات‪ ،‬أرى أن تقوم مصر بتقدمي الدعم‬ ‫العسكرى املادى املباشر فى عملية نوعية بالتنسيق مع اجليش الليبى‪،‬‬ ‫للقضاء على البؤرة اإلرهابية املتبقية فى شرق مدينة بنغازى‪ ،‬على أن‬ ‫تكون هذه العملية محددة بتوقيت تلغرافى‪ ،‬تترك بعدها الساحة للقوات‬ ‫الشرعية‪ ،‬بحيث ال يترتب على هذه العملية بقاء جندى واحد فى الداخل‬ ‫الليبى‪.‬‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫كيف أصبحت ليبيا أهم منطلق نحو أوروبا‬ ‫للمهاجرين بدون وثائق سفر؟‬ ‫يبحثون عن مسالك أخرى‪.‬‬ ‫السياسات األوروبية التي عرقلت انطالق املهاجرين من شمال تونس‬ ‫واملغرب من خالل اتفاقيات أمنية مع هاتني الدولتني جعل املهاجرين‬ ‫يتوجهون إل��ى أم��اك��ن ان �ط�لاق ت�ك��ون بعيدة ع��ن رق��اب��ة األم��ن وح��رس‬ ‫السواحل‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬حت ّول املهاجرون إلى االنطالق من سواحل‬ ‫جنوب املغرب ومن موريتانيا إلى جزر الكناري اإلسبانية ومن ثم إلى‬ ‫إسبانيا وهو ما يزيد من طول املسافة التي يقطعها املهاجرون في البحر‬ ‫وبالتالي يزيد من احتمالية غرقهم خاصة أنهم يسافرون غالبا على‬ ‫مراكب صغيرة وضعيفة غير مهيأة خلوض غمار البحر‪.‬‬ ‫كيف أصبحت ليبيا منطلقا لتلك الهجرة؟‬ ‫تقدر السلطات األمنية الليبية أن هناك ما يقارب ‪ 500‬مهاجر بدون وثائق‬ ‫ّ‬ ‫سفر ينطلقون يوميا من الشواطئ الليبية لاللتحاق بأوروبا‪.‬‬ ‫وبعد سقوط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي في العام ‪2011‬‬ ‫وتدهور األوضاع السياسية واألمنية أصبحت ليبيا من املسالك األسهل‬ ‫نظرا لضعف املراقبة على احل��دود‪ ،‬وهو ما يسهل وص��ول املهاجرين‬ ‫من دول جنوب الصحراء وكذلك من املغرب العربي ومنها االنطالق‬ ‫بحرا إلى أوروبا‪ .‬وقال الناشط احلقوقي التونسي‪ ،‬أمية الصديق‪ ،‬لوكالة‬ ‫األناضول‪ ،‬إنها “ليست املرة األولى التي تتوحد فيها املسالك من ليبيا‪،‬‬ ‫حيث وقع نفس الشيء في العام ‪ 2008‬عندما كان نظام القذافي يريد‬ ‫أن يضغط على األوروبيني من خالل ورقة الهجرة”‪.‬‬ ‫هناك معطى آخر وهو قيمة التكلفة‪ ،‬فتكلفة الهجرة من ليبيا ميكن القول‬ ‫إنها من أقل التكاليف حيث يدفع الشخص لشبكات التهريب ما يقارب‬ ‫‪ 600‬إل��ى ‪ 700‬دوالر‪ ،‬ف��ي ح�ين تكلفت نفس الرحلة قبل س�ن��وات من‬ ‫شواطئ تونس أو املغرب ما يقارب ‪ 5‬أضعاف ذلك‪.‬‬

‫شبكة اإلعالم العربية ‪ :‬أصبح جزء من العمل الروتيني للمصورين‬ ‫الصحفيني في ليبيا تصوير جثث املهاجرين الفاقدين لوثائق السفر‪،‬‬ ‫الغارقني على ش��واط��ئ القربولي (تبعد ‪ 60‬كيلومترا ع��ن طرابلس)‬ ‫ومصراتة “شمال غرب” وزلينت “‪ 150‬كلم شرق طرابلس”‪.‬‬ ‫هؤالء املهاجرون غرقوا وهم يحاولون عبور مياه البحر األبيض املتوسط‬ ‫باجتاه أوروبا‪ ،‬وجلهم من الصومال وإريتريا وسوريا ومالي وتشاد‪ ،‬كما أصبح‬ ‫جزء من عمل خفر السواحل الليبية التصريح لوسائل اإلعالم وإعطاء بيان‬ ‫بأرقام عدد اجلثث التي مت انتشالها‪ ،‬وهي األرقام التي تتزايد كل يوم‪.‬‬ ‫وتزايد هذه األرق��ام يوميا يطرح عددا من التساؤالت‪ ،‬أهمها عن أسباب‬ ‫ارتفاع عدد الذين يبتلعهم البحر في طريق هجرتهم هربا من احلروب‬ ‫والفقر؟ وسبب انطالقهم من ليبيا؟‬ ‫ويُقدر عدد الذين ماتوا غرقا في البحر األبيض املتوسط على أبواب‬ ‫أوروبا بـ‪ 22‬ألفا منذ سنة ‪ ،2000‬بحسب املنظمة العاملية للهجرة “دولية‪،‬‬ ‫شبه حكومية”‪ .‬وهذا الرقم لم يستوعب بعد سنة ‪ 2015‬التي من املنتظر‬ ‫أن تكون األسوأ على اإلطالق من ناحية عدد املوتى غرقا على احلدود‬ ‫اجلنوبية ألوروبا‪ .‬وبحسب املنظمة ذاتها والتي تقدر مبدئيا عدد الذين‬ ‫ماتوا غرقا في املتوسط بـ‪ 2000‬مهاجر منذ بداية سنة ‪ 2015‬أي ‪30‬‬ ‫مرة ضعف نفس العدد سنة ‪.2014‬‬ ‫وتعاني ليبيا من عدة مشاكل عبر احلدود؛ حيث يتخذها مهاجرون أفارقة‬ ‫غير شرعيني‪ ،‬سبيال‪ ،‬للعبور إلى أوروبا‪ ،‬وخاصة إيطاليا‪ ،‬هرباً من الفقر‪،‬‬ ‫وطمعاً في البحث عن حياة أفضل‪.‬‬ ‫وأف��ادت األمم املتحدة‪ ،‬في تقرير مؤخرا‪ ،‬بأنه “ما بني شهري مارس‪/‬‬ ‫آذار‪ ،‬وأغسطس‪ /‬آب من العام املاضي دخل أكثر من ‪ 30‬ألف مهاجر غير‬ ‫شرعي إلى ليبيا بطرق متعددة”‪.‬‬ ‫وردود الفعل األولى كانت من رئيس ال��وزراء اإليطالي ماتيو رنزي الذي‬ ‫سياسات أوروبا جتاه الهجرة‬ ‫وصف من يقومون على شبكات التهريب بأنهم “جتار بشر”‪.‬‬ ‫أمية الصديق يقول إن “السياسات األوروبية جتاه الهجرة خالل العقود‬ ‫أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هوالند فوصفهم بـ”اإلرهابيني”‪ ،‬فيما‬ ‫األخيرة كانت سياسات موجهة للصد أكثر مما هي موجهة للمساعدة‪ ،‬وهذه‬ ‫ذهب رئيس البرملان األوروب��ي مارتن شولس إلى القول أن ما يقع في‬ ‫السياسات لم تقلل عدد املهاجرين بل زادت من عدد املوتى في البحر”‪ .‬وقرر‬ ‫املتوسط “عار”‪.‬‬ ‫االحتاد األوروبي مؤخرا زيادة امليزانية املخصصة لعمليات إنقاذ املهاجرين‬ ‫وانطلقت الهجرة غير الشرعية من عدد من الدول األفريقية وشمال أفريقيا‬ ‫لتصبح ‪ 9‬ماليني يورو بدال من ‪ 2.9‬مليون يورو‪.‬‬ ‫حتديدا في أواخ��ر الثمانينيات من القرن املاضي عندما ق��ررت ال��دول‬ ‫كما قرر‪ ،‬وبطلب من البرملان اإليطالي‪“ ،‬محاربة شبكات التهريب‪ ،‬والنظر في‬ ‫األوروبية إغالق حدودها أمام املهاجرين واشتراط احلصول على “تأشيرة”‬ ‫إمكانية القيام بعمليات عسكرية ضد املهربني على السواحل الليبية قد تصل‬ ‫لدخول أراضيها‪ ،‬وهو القرار الذي لم يوقف الهجرة أو يقللها‪.‬‬ ‫إلى تدمير السفن التي تُستعمل في تهريب املهاجرين عن طريق البحر”‪.‬‬ ‫الصحفي السويسري بيير جيني قال في مقال بصحيفة ‪la tribune de‬‬ ‫مؤسسة حماية احلدود األوروبية “فرونتكس” “تابعة لالحتاد األوروبي”‬ ‫‪ Genève‬أن “ال شيء ميكن أن مينع أي شخص ليس له من خيار سوى‬ ‫قالت‪ ،‬في بيان لها‪ ،‬العام املاضي‪“ :‬إنها اعتقلت ما يقارب ‪ 4000‬مهرب‪،‬‬ ‫مغادرة بلده‪ ،‬م��ادام هناك حروب وفقر وك��وارث ستكون هناك هجرة”‪،‬‬ ‫ولكن املالحظ أن هذا لم يعالج مسألة الهجرة‪ ،‬األمر الذي يدفع عددا من‬ ‫فيما يقول إميانويل بيوالن‪ ،‬رئيس مؤسسة فرنسا للحريات (غير حكومية)‬ ‫اخلبراء في مسألة الهجرة بالقول إن املسالة ال تتعلق مبقاومة املهربني ألن‬ ‫في مقال رأي نشره في موقع ‪ Huffington post‬الفرنسي‪ ،‬إنه “ليس‬ ‫املشكل أعمق من هذا بكثير وإن أساليب املنع املختلفة ال جتدي نفعا”‪.‬‬ ‫هناك هجرة شرعية وأخرى غير شرعية‪ ،‬ألن التنقل هربا من احلرب ومن‬ ‫أمية الصديق يرى أن “القرارات األوروبية األخيرة ليس فيها جديد وما‬ ‫الفقر هو أمر شرعي”‪.‬‬ ‫نعيشه اآلن سيتواصل وعدد الغارقني مازال في ارتفاع”‪.‬‬ ‫وتشكلت مسالك مختلفة للهجرة بدون وثائق سفر‪ ،‬وكانت نسبيا األكثر‬ ‫عدد من احملللني األوروبيني يرون أن السياسيني األوروبيني غير قادرين‬ ‫أمنا واألق��ل مسافة ف��ي البحر‪،‬‬ ‫على اتخاذ قرارت جريئة أمام هذه‬ ‫والتي تنطلق من شواطئ تونس‬ ‫املسألة م��ن قبيل استيعاب عدد‬ ‫إل��ى ج��زي��رة مل �ب��ادوزا اإليطالية‪،‬‬ ‫الهجرة غير الشرعية ‪ ..‬أوروبا تصد وال تساعد‬ ‫أكبر بشكل قانوني من الالجئني‬ ‫وم��ن شمال املغرب إل��ى شواطئ‬ ‫من سوريا وإريتريا والصومال ألن‬ ‫ج� �ن ��وب إس��ب��ان��ي��ا‪ ،‬ف �ي �م��ا ك��ان��ت‬ ‫ال���رأي ال �ع��ام األوروب� ��ي ض��د هذا‬ ‫السياسات األوروب�ي��ة تتعامل مع‬ ‫األمر خاصة في هذه الفترة التي‬ ‫ه��ذه الهجرة بشكل أم�ن��ي بحت‬ ‫تشهد صعود اليمني العنصري في‬ ‫م��ن خ�ل�ال س�ي��اس��ة إغ�ل�اق ه��ذه‬ ‫عدد من الدول األروربية‪.‬‬ ‫امل��س��ال��ك م ��ا ج �ع��ل امل �ه��اج��ري��ن‬


‫الناتو يفكر في العودة إلى ليبيا‬

‫«وورلد سوشليست»‪:‬‬

‫أوروبا تعتزم التدخل في ليبيا من جديد‬ ‫ال��ق��اه��رة ‪ -‬ب��واب��ة ال��ش��رق ‪ :‬نشرت صحيفة وورل ��د سوشليست في‬ ‫نسختها اإللكترونية‪ ،‬تقريرا ح��ول اع�ت��زام أوروب��ا وال��والي��ات املتحدة‬ ‫األمريكية التدخل من جديد في ليبيا‪ ،‬نظرا لتفاقم حصيلة ضحايا‬ ‫حوادث الغرق األخيرة في املتوسط‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة‪ ،‬إنّ القوى الكبرى األوروبية وواشنطن يعتزمون الرد‬ ‫على كارثة حوادث الغرق باجلملة‪ ،‬التي ذهب ضحيتها الجئون‪ ،‬وذلك‬ ‫باعتمادهم لسياسة التجرمي التي هي أصل املشكلة‪.‬‬ ‫وذك��رت الصحيفة أن التوجه العام املعتمد من قبل ممثلي احلكومات‬ ‫واملُ��ر َّوج له في وسائل اإلع�لام يتمثل في وضع كل اللوم على املهربني‬ ‫الذين يبحثون عن استغالل العدد الكبير ل ّ‬ ‫الجئني‪ ،‬ووضعية عيشهم‬ ‫املزرية في ليبيا وسوريا وغيرها‪ ،‬متناسني حقيقة أن كل ما يحدث اليوم‬ ‫هو نتيجة تدخل الواليات املتحدة والقوى األوروبية في املنطقة حتت‬ ‫ذريعة اإلطاحة باألنظمة املستبدة‪.‬‬

‫رئيس حكومة ليبيا‬ ‫يبحث سبل التعاون مع وفد‬ ‫«إميرجنسي» اإليطالية‬ ‫املصري اليوم ‪ :‬التقى رئيس احلكومة الليبية املؤقتة عبد الله الثني‪،‬‬ ‫األح��د‪ ،‬وفد جمعية «إميرجنسي» اإليطالية املهتمة بتقدمي اخلدمات‬ ‫الصحية اخلاصة بجرحى احلروب في جميع أنحاء العالم‪.‬‬ ‫وذكر بيان مقتضب للحكومة الليبية‪ ،‬على موقعها الرسمي مساء األحد‪،‬‬ ‫أن «الثني بحث مع وفد جمعية (إمير جنسي) خالل اجتماعه مبقر‬ ‫دي��وان الرئاسة في مدينة البيضاء‪ ،‬إمكانية املساهمة والتعاون بني‬ ‫اجلمعية ووزارة الصحة لالستفادة من جتاربها في مجال التعامل مع‬ ‫اجلرحى»‪.‬‬ ‫يذكر أن جمعية «إميرجنسي» لديها ‪ 21‬مستشفى موزعة في أماكن‬ ‫مختلفة في أنحاء العالم‪ ،‬منها ‪ 3‬في أفغانستان‪.‬‬ ‫الثني‬

‫كما أش��ارت الصحيفة إل��ى أن��ه ف��ي حركة نفاق مثالية‪ ،‬ذرف رؤس��اء‬ ‫احلكومات األوروبية واملوظفون في االحت��اد األوروب��ي دموع التماسيح‬ ‫تَ َر ّ ُحما على الضحايا الذين هم في األصل ضحايا جرائم احلرب التي‬ ‫ارتكبوها‪.‬‬ ‫ولكن وس��ائ��ل اإلع�ل�ام ـبحسب الصحيفةـ ل��م تتطرق أب��دا تقريبا إلى‬ ‫احل��روب «اإلنسانية» من أجل «الدميقراطية» و»حقوق اإلنسان» التي‬ ‫شنتها واشنطن وشركاؤها في العراق وليبيا وسوريا واليمن‪ ،‬التي دمرت‬ ‫مجتمعات بأكملها وقتلت مئات اآلالف من املدنيني‪ ،‬ولم تخلف وراءها‬ ‫سوى الفوضى وسفك الدماء‪.‬‬ ‫وأض��اف��ت الصحيفة أن إح�ص��ائ�ي��ات األمم امل�ت�ح��دة تظهر أن تدفق‬ ‫املهاجرين من شمال أفريقيا والشرق األوسط عبر البحر املتوسط نحو‬ ‫أوروبا في ارتفاع منذ ‪ ،2011‬أي منذ بدء تدخل الواليات املتحدة وحلف‬ ‫الناتو في ليبيا‪.‬‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬ ‫رئيس حزب «ليبيا الشامل»‪:‬‬

‫مصر األقرب لنا بين الدول العربية‬ ‫اليوم السابع ‪ :‬أكد أحمد بن طالب رئيس حزب «ليبيا الشامل»‪،‬‬ ‫أن الشعبني املصرى والليبى تربطهما عالقات قوية ووطيدة‪ ،‬وال‬ ‫يستطيع أحد أن يؤثر على هذه العالقات التاريخية منذ القدم‪ ،‬الفتا‬ ‫إلى أن األشقاء املصريني مرحب بهم فى بلدهم الثانى ليبيا‪ ،‬وهم‬ ‫األقرب لنا بني الدول العربية‪.‬‬ ‫وقال «بن طالب» فى حوار له امع وكالة أنباء الشرق األوس��ط‪ ،‬إن‬ ‫حزب «ليبيا الشامل» هو أحد الكيانات األساسية الرسمية فى ليبيا‬ ‫وأعضاؤه من كل املناطق بالبالد‪ ،‬الفتا إلى أن حزبه داخل املعترك‬ ‫السياسى منذ بداية إنشاء األحزاب بعد ثورة ‪ 17‬فبراير ‪.2011‬‬ ‫وحول جلسات احلوار الوطنى بني األطراف الليبية املتنازعة مبدينة‬ ‫الصخيرات املغربية ودولة اجلزائر‪ ،‬قال بن طالب‪ :‬إن حزبه يدعم‬ ‫احلوار الوطنى الذى يعقد فى مدينة الصخيرات ودولة اجلزائر‪ ،‬من‬ ‫أجل الوصول إلى اتفاق يوقف نزيف الدماء بني األشقاء الليبيني‬ ‫وعودة االستقرار للبالد‪.‬‬ ‫وأضاف‪ ،‬أن احلزب لم يشارك فى اجتماعات اجلزائر‪ ،‬ألن البعثة‬ ‫األممية لدى ليبيا اختارت ثالثة أح��زاب فقط‪ ،‬من بني ‪ 32‬حزبا‬ ‫ليبيا لتمثيل كل األح��زاب فى جلسات احل��وار الوطنى باجلزائر‪،‬‬ ‫والذى عقد األسبوع قبل املاضي ‪ ،‬وأسفر عن نتائج إيجابية‪ ،‬مشيراً‬ ‫إلى أن هناك لقاءات مقبلة بالطبع سنشارك فيها بقوة‪.‬‬ ‫وأوضح‪ ،‬أن جلسات احلوار الوطنى جمعت كل الساسة املتنازعني‪،‬‬ ‫ومت تقريبا إجناز ‪ 80%‬من بنود االتفاق‪ ،‬وهناك ‪ 20%‬أخرى مازالت‬ ‫باقية للبحث‪ ،‬كما أعلن املبعوث األممى لدى ليبيا برنادنيو ليون‪.‬‬ ‫ون��وه ب��أن كل األط��راف الليبية املتنازعة‪ ،‬تسير اآلن فى طريقها‬ ‫الصحيح باجللوس على مائدة املفاوضات وجها لوجه‪ ،‬من أجل‬

‫الوصول حللول ومقترحات من أج��ل بناء مستقبل الوطن وع��ودة‬ ‫االستقرار للبالد ووقف نزيف دماء الليبيني‪ ،‬مشددا على أن قتل‬ ‫الليبى لليبى جرمية شنعاء يسأل عنها اجلميع‪.‬‬ ‫وتساءل رئيس حزب «ليبيا الشامل»‪ ،‬ملاذا هذا الصراع الدائر اآلن‬ ‫بالبالد‪ ..‬هل هو دف��اع عن الوطن؟ قائال بالطبع ال‪ ..‬الدفاع عن‬ ‫الوطن كان خالل ثورة «‪ 17‬فبراير» وحققنا إرادة الشعب‪ ،‬وجنحت‬ ‫ثورة ‪ 17‬فبراير والذى شهد لها اجلميع‪ .‬وتابع قائال‪ -:‬إن ما يحدث‬ ‫اآلن من قتال فى جميع املناطق الليبية‪ ،‬ال رابح فيه‪ ،‬بل اخلاسر هو‬ ‫وطننا الغالى ليبيا‪.‬‬ ‫وعن توقعات رئيس حزب «ليبيا الشامل» عن جلسة احلوار الوطنى‬ ‫املقبلة‪ ،‬توقع رئيس حزب «ليبيا الشامل» أحمد بن طالب أن تسفر‬ ‫اجلولة املقبل مبدينة الصخيرات املغربية‪ ،‬عن توقيع اتفاق بني كل‬ ‫األطراف الليبية من أجل تشكيل حكومة تنقذ البالد ويالت احلرب‬ ‫املدمرة بني أبناء الوطن الواحد‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق مبقتل ‪ 30‬مسيحيا إثيوبيا من قبل تنظيم «داع��ش»‬ ‫فى ليبيا‪ ،‬قال بن طالب ندين ونستنكر ما حدث من جرمية شنعاء‬ ‫فى حق ‪ 30‬مسيحيا إثيوبيا‪ ،‬قتلوا بإطالق الرصاص عليهم‪ ،‬من‬ ‫قبل تنظيم «داعش»‪ ،‬داعيا إلى بناء مؤسسة عسكرية وأمنية قوية‬ ‫من أجل القضاء على اجلماعات اإلرهابية املتطرفة التى انتشرت‬ ‫ببعض املدن الليبية‪.‬‬ ‫ودع��ا بن طالب العسكريني من اجلانبني املتنازعني اجللوس على‬ ‫م��ائ��دة امل�ف��اوض��ات م��ن أج��ل ال��وط��ن ووق��ف نزيف ال��دم��اء الليبية‪،‬‬ ‫لتحقيق الوفاق بني أبناء الشعب الواحد من أجل استقرار ورخاء‬ ‫البالد‪.‬‬

‫حوار الصخيرات‬


‫هاجس األسعار يطارد اجلميع‬

‫محلل اقتصادي‪ :‬ليبيا والعراق هما محور‬ ‫تحديد أسعار النفط خالل الفترة المقبلة‬ ‫الوادي ـ احلسني إسماعيل ‪ :‬قال احمللل االقتصادي محمود احلضري‪،‬‬ ‫إن السعودية واإلم��ارات سوف يتأثران بانخفاض أسعار النفط‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس باحلجم الكبير‪ ،‬مؤكدًا أن ليبيا والعراق هما محور حتديد أسعار‬ ‫النفط خالل الفترة املقبلة‪.‬‬ ‫وأض��اف احلضري‪ ،‬خالل استضافته ببرنامج «السوق» على فضائية‬ ‫«الغد العربي»‪ ،‬أن التنبؤ باستمرار انخفاض أسعار النفط حتى ‪2019‬‬ ‫مسألة صعبة للغاية‪ ،‬مؤكدًا أن أسعار النفط تتوقف على حجم التوترات‬ ‫والطلب العاملي وضخ الدول الغير أعضاء في منظمة األوبك وما يحدث‬

‫في ليبيا والعراق باعتبارهما دولتان مصدرتان للنفط‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن السعودية واإلم��ارات قد يلجأن لالحتيباطات النقدية‪،‬‬ ‫منوهً ا أن اإلمارات من أكبر الدول التي متتلك أكبر الصناديق السيادية‬ ‫في العالم‪ .‬ولفت إلى أن اإلمارات والسعودية من أكبر الدول التي أبرمت‬ ‫عقوداً لتنفيذ مشروعات خالل ‪ ،2014‬مما يفسر عدم تأثر الكويت‬ ‫وقطر بانخفاض أسعار النفط بشدة‪.‬‬ ‫ون��وه إل��ى أن رفع الدعم على املشتقات البترولية‪ ،‬حديث ي��دور كثي ًرا‬ ‫خالل الفترة احلالية في الدول اخلليجية‪.‬‬

‫مليشيات فجرليبيا تحرق مستشفي الزهراء التعليمي‬ ‫أخ��ب��ار ليبيا ‪ :‬ق��ال ق��ائ��د م�ي��دان��ي ف��ي غرفة‬ ‫عمليات اجليش الوطني ف��ي املنطقة الغربية‬ ‫ال �ت��ي ي�ق��وده��ا العقيد إدري� ��س م ��ادي والتابعة‬ ‫للقيادة العامة للجيش‪ ،‬إنّ “ميليشيات فجرليبيا‬ ‫في محور ورشفانة أقدمت على حرق وتدمير‬ ‫م�س�ت�ش�ف��ى ال���زه���راء ال�ت�ع�ل�ي�م��ي ج �ن��وب غ��رب‬ ‫العاصمة طرابلس وذل��ك قبل انسحابها أم��ام‬ ‫تقدم اجليش الوطني والق ّوات املساندة له إلى‬ ‫ّ‬ ‫تلك املنطقة”‪.‬‬ ‫و نقلت وكالة األنباء الليبية عن شهود عيان أنّ‬ ‫ألسنة اللهب ارتفعت في سماء املستشفى الكبير‬ ‫وأنّ جميع محتويات املستشفى طالها احلرق ‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬أ ّكد املسؤول العسكري طلب عدم‬ ‫ذكر اسمه في تصريح صحفي‪ ،‬إنّ قصفا جو ّيا‬ ‫شنّته طائرة حرب ّية ‪،‬تستولي عليها ميليشيات‬ ‫فجرليبيا على منطقة غوط بوساق في العامرية‬ ‫مستهدفة منزل ومزرعة أبوبكر أبو عميد‪.‬‬

‫مدخل املستشفى‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫الجزائر تخفف إجراءات‬ ‫إغالق الحدود البرية مع ليبيا ومالي‬ ‫مصر العربية ‪ :‬فتحت اجلزائر احلدود أمام املرضى القادمني من‬ ‫ليبيا‪ ،‬كما فتحت حدودها البرية جزئيا أمام التجارة مع دولة مالي‬ ‫املجاورة‪ ،‬حسب نشطاء في مجال اإلغاثة‪.‬‬ ‫واضطرت اجلزائر حتت ضغط الوضع اإلنساني في دول اجلوار‬ ‫التي تعاني اضطرابات أمنية وه��ي ليبيا ومالي للتخفيف من‬ ‫إجراءات غلق احلدود البرية مع الدولتني‪ ،‬حسب النشطاء‪.‬‬ ‫ول��م تعلن السلطات الرسمية ف��ي اجل��زائ��ر ع��ن الفتح اجلزئي‬ ‫للحدود املغلقة مع مالي منذ‬ ‫العام ‪ ،2012‬وم��ع ليبيا منذ‬ ‫مايو ‪ 2014‬لدواعي إنسانية‪،‬‬ ‫لكن نشطاء في مجال اإلغاثة‬ ‫ي��ؤك��دون أن�ه��ا ظ�ل��ت مفتوحة‬ ‫لنقل م �س��اع��دات واس�ت�ق�ب��ال‬ ‫م� � ��رض� � ��ى م � � ��ن ال � ��دول� � �ت �ي��ن‬ ‫املجاورتني‪.‬‬ ‫وقال وزير الداخلية اجلزائري‬ ‫ال �ط �ي��ب ب�ل�ع�ي��ز‪ ،‬ف��ي تصريح‬ ‫ل��وس��ائ��ل إع�ل�ام م�ح�ل�ي��ة‪ ،‬في‬ ‫ش��ه��ر أك� �ت ��وب ��ر ‪« 2014‬إن‬ ‫احل ��دود م��ع ليبيا وم��ع مالي‬ ‫ه��ي ش��أن أمني وتسير وفقا‬

‫لالعتبارات األمنية» ومنذ ذلك التاريخ لم يصدر أي تصريح من‬ ‫مسؤول جزائري حول موضوع احلدود البرية‪.‬‬ ‫وقال مجيد آغ زاهر عضو اللجنة احمللية إلغاثة في محافظة‬ ‫متنراست احلدودية مع مالي (حكومية)‪ ،‬لوكالة االناضول «تعمل‬ ‫وزارة التضامن اجلزائرية والهالل األحمر اجلزائري على نقل‬ ‫شحنات منتظمة كل شهر من مواد اإلغاثة واملساعدات اإلنسانية‬ ‫إلى سكان شمال مالي وجنوب غربي ليبيا»‪.‬‬ ‫وأض � � ��اف «ت� �ك� �م ��ن امل �ش �ك �ل��ة‬ ‫بالنسبة للسلطات اجلزائرية‬ ‫في صعوبة نقل مواد اإلغاثة‬ ‫إل� � ��ى س � �ك� ��ان ش � �م� ��ال م��ال��ي‬ ‫وج� �ن ��وب غ��رب��ي ل �ي �ب �ي��ا وف��ي‬ ‫حالتني على األق��ل تعرضت‬ ‫ش �ح �ن��ات م��س��اع��دات ك��ان��ت‬ ‫م��وج�ه��ة إل ��ى س �ك��ان احل ��دود‬ ‫من شمال مالي للسرقة من‬ ‫قبل قطاع الطرق حيث تغيب‬ ‫ال� �ق ��وات امل��ال �ي��ة ع��ن مناطق‬ ‫واس� �ع���ة ف���ي ش� �م ��ال م��ال��ي‪،‬‬ ‫وهو ما أدى إلى صعوبة نقل‬ ‫طيب بلعيز‬ ‫شحنات املساعدات»‪.‬‬

‫العالقي ممث ً‬ ‫ال لدولة ليبيا لدى الجنائية الدولية‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية‪.‬‬ ‫ص��در ال�ق��رار بتاريخ ‪ 19‬أبريل‬ ‫�ص ع �ل��ى ال �ع �م��ل به‬ ‫‪ 2015‬ون � � َّ‬ ‫من تاريخ ص��دوره وإلغاء كل ما‬ ‫يخالف ذلك‪.‬‬ ‫وش �غ��ل ال �ع�لاق��ي م�ن�ص��ب وزي��ر‬ ‫ال� �ع ��دل وح� �ق ��وق اإلن� �س���ان في‬ ‫امل��ك��ت��ب ال �ت �ن �ف �ي��ذي ل�ل�م�ج�ل��س‬ ‫الوطني االنتقالي‪.‬‬ ‫كما تولي الح ًقا رئاسة املجلس‬ ‫ال ��وط� �ن ��ي ل� �ل� �ح ��ري ��ات وح� �ق ��وق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬

‫القاهرة – بوابة الوسط ‪ :‬عينت‬ ‫احلكومة املوقتة عضو املجلس‬ ‫الوطني السابق‪ ،‬محمد إبراهيم‬ ‫العالقي‪ ،‬ممث ً‬ ‫ال لدولة ليبيا لدى‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية خل ًفا‬ ‫ألحمد اجليهاني‪.‬‬ ‫كما أعلنت احلكومة‪ ،‬في بيان‬ ‫منشور على صفحة احلكومة‬ ‫الرسمية على موقع التواصل‬ ‫االج �ت �م��اع��ي ف �ي �س �ب��وك تعيني‬ ‫أرح� ��وم� ��ة ع��ب��دال��ل��ه أرح ��وم ��ة‬ ‫م� �س ��اع� � ًدا مل �م �ث��ل ل �ي �ب �ي��ا ل��دى‬ ‫العالقي‬


‫املجلس االنتقالي‬

‫جارديان‪ :‬الكل يتحمل مسئولية فشل ليبيا‬ ‫بوابة الوفد ‪ -‬مليس الشرقاوي‪ :‬قال الكاتب الصحفى إيان بليك فى‬ ‫مقاله بصحيفة جارديان البريطاينة إن انهيار ليبيا بعد القذافى ال‬ ‫ميكن أن يكون مسئولية بريطانيا وحدها‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة إن الدبلوماسيني البريطانيني والغربيني املهتمني‬ ‫بالشأن الليبى أصروا على تقدمي يد املساعدة لليبيا ولكنهم سرعان‬ ‫ما كانوا يالقون الرفض من املجلس الوطنى االنتقالى ملتمردى ليبيا‬ ‫واحلكومات املتتابعة عليها‪ ،‬حيث فشلت املساعى لبناء جيش وطنى‬ ‫أو قوة شرطة لتحل بدال من الفرق الثورية املتمردة‪.‬‬ ‫ويعترف املسئولون ب «التفاؤل الزائد» جتاه ليبيا وعدم إدراك حجم‬

‫الثقافة السياسية التى مت تهميشها فى فترة حكم معمر القذافى‪،‬‬ ‫مضيفة أن املتمردين الليبيني كانوا يريدون إدارة ثورتهم دون أى‬ ‫تدخل أجنبى وأدى تعنت كل جانب برأيه إل��ى ف��رض احتماالت‬ ‫الفشل‪.‬‬ ‫وأوردت الصحيفة عن مسئول بريطانى قوله‪ :‬إن بريطانيا والواليات‬ ‫املتحدة واالحتاد األوروبى لم يجدوا نظي ًرا فى اجلانب الليبى ينفذ‬ ‫وصاياهم ونصائحهم حول الشأن الليبي وأضافت أن سبب فشل‬ ‫الغرب وبريطانيا فى ليبيا هو عدم»إجبار الليبيني على تقبل وتنفيذ‬ ‫املقترحات املقدمة إليهم»‪.‬‬

‫تقرير‪ :‬أكثر من نصف مليون نازح ليبي‬ ‫ف��ران��س ب���رس ‪ :‬أعلنت جمعية الهالل‬ ‫األحمر الليبي أن أكثر من نصف مليون‬ ‫شخص نزحوا من مناطقهم منذ نحو عام‪،‬‬ ‫بسبب أعمال العنف في البالد‪.‬‬ ‫وأك��دت اجلمعية ف��ي تقرير تلقت وكالة‬ ‫ف��ران��س ب ��رس نسخة م�ن��ه إن «تصاعد‬ ‫العنف املسلح في ليبيا أدى إلى نزوح أكثر‬ ‫م��ن نصف مليون شخص ب�ين ‪ 14‬مايو‬ ‫‪ 2014‬ومطلع أبريل اجلاري»‪.‬‬ ‫وأوض ��ح التقرير أن ط��راب�ل��س استقبلت‬ ‫ال�ع��دد األك�ب��ر م��ن النازحني م��ع أكثر من‬ ‫‪ 126‬أل��ف شخص فيما سجلت بنغازي‪،‬‬ ‫ثاني مدن ليبيا‪ ،‬نحو ‪ 110‬أالف‪.‬‬ ‫واإلح�ص��ائ�ي��ة ه��ي األول ��ى شبه الرسمية‬ ‫محليا‪ ،‬لكنها ل��م ت��وث��ق ح ��االت ن��ازح�ين‬ ‫جل ��أوا إل��ى أق��ارب�ه��م ف��ي امل�ن��اط��ق اآلمنة‬ ‫نسبيا‪ ،‬وآث ��روا ع��دم البقاء ف��ي امل��دارس‬ ‫واملخيمات‪ ،‬بحسب محمد علي الناشط‬ ‫ف� ��ي م� �ج ��ال امل �ج �ت �م��ع امل� ��دن� ��ي وش � ��ؤون‬ ‫النازحني‪.‬‬

‫وبحسب الهالل األحمر‪ ،‬فإن بنغازي التي‬ ‫شهدت انطالق احتجاجات ‪ 17‬فبراير‬ ‫‪ 2011‬ضد حكم العقيد معمر القذافي‬ ‫ت�ت�ص��در أع� ��داد ال �ن��ازح�ين منها وإل�ي�ه��ا‪،‬‬ ‫تليها ككلة واملشاشية في اجلبل الغربي‪،‬‬ ‫وورشفانة جنوب طرابلس‪.‬‬ ‫نازحو تاورغاء املنسيون‬

‫وأش��ارت إلى تفاقم انتشار النزاع املسلح‬ ‫ب�ين اجل�ي��ش الليبي وج�م��اع��ات متطرفة‬ ‫ف��ي أكثر م��ن مدينة‪ ،‬م��ؤك��دة أن املناطق‬ ‫األس��اس �ي��ة ألع �م��ال ال �ع �ن��ف امل �س �ل��ح هي‬ ‫«بنغازي واملنطقة الغربية ومدينة أوباري‬ ‫ودرنة واملنطقة الوسطى»‪.‬‬ ‫ول �ف �ت��ت إل� ��ى أن م��دي �ن��ة درن� � ��ة‪ ،‬م�ع�ق��ل‬ ‫اجلماعات املسلحة بشرق البالد‪ ،‬شهدت‬ ‫«نزوحا ثانويا»‪ ،‬بينما في اجلنوب حيث‬ ‫ال�ن��زاع املسلح ف��ي منطقة أوب ��اري يعتبر‬ ‫«صراعا قبليا داخل املدينة»‪.‬‬ ‫وق �س��م ال �ت �ق��ري��ر ال� �ص ��راع ف ��ي امل�ن�ط�ق��ة‬ ‫الغربية إلى قسمني األول في محيط ككلة‬ ‫والقلعة باجلبل الغربي والثاني في منطقة‬ ‫ورشفانة‪.‬‬ ‫لكن التقرير لم يتطرق إلى النازحني خارج‬ ‫ال �ب�لاد ف��ي ح�ين أك��دت املفوضية العليا‬ ‫ل�ش��ؤون الالجئني التابعة ل�لأمم املتحدة‬ ‫أنها أحصت في وقت سابق من العام نحو‬ ‫‪ 100‬ألف شخص فروا إلى اخلارج‪.‬‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫نصف الحوثيين الضائع!!‬ ‫بقلم‪ :‬الصديق بودوارة‬ ‫الزمن ‪ 120 :‬عاماً مرت على هجرة الرسول الكرمي ‪ ،‬وحاضرة‬ ‫العرب تغازل دمشق حيناً وأحياناً تراود بغداد ‪ ،‬وما بني أمويني‬ ‫وعباسيني تنتصب القصور ويطفو البذخ وقصائد املديح والعطايا‬ ‫والهبات ‪ ،‬فيما تتجذر في البواطن مسببات الفقر ومعالم وجوه‬ ‫البؤساء ‪ ،‬في الوقت الذي متتليء فيه الصدور بالضغائن وقصص‬ ‫الغرام ‪.‬‬ ‫وسط هذه املتاهة املليئة بكل شيء ‪ ،‬كان « بشار بن برد « الشاعر‬ ‫الفحل ذو األص��ول الفارسية يتأمل ببصره األع�م��ى وبصيرته‬ ‫ٍ‬ ‫مكرمة‬ ‫املضيئة مالمح حبيبته من وراء حجب الظالم ‪ ،‬وف��ي‬ ‫جديرةٍ باخللود‪ ،‬يُهدي األدب العربي بيتني من أروع ما حتتويه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عاجلة مفادها اآلتي ‪:‬‬ ‫برسالة‬ ‫اخلزائن ‪ ،‬إنه يبعثُ‬ ‫(( من املفتونِ بشا ُر بن بردِ ‪ ..‬إلى شيبان ‪ ،‬كهله ُم و ُمردِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫والنصف عندي ‪)).‬‬ ‫فنصف عندها ‪،‬‬ ‫بأن فتاتكم سلبت فؤادي ‪..‬‬ ‫إذن ‪ ،‬املدعو « بشار بن برد يرجوخ العقيلي « ‪ ،‬الفارسي األصل‬ ‫‪ ،‬ذو األصول اإليرانية يبعث ببيتني رائعني وكأنهما استغاثة إلى‬ ‫يسخر فيها موهبته‬ ‫« شيبان» قبيلة محبوبته العربية األصيلة ‪ّ ،‬‬ ‫الشعرية الفذة ليصور مشهداً يعجز عنه الوصف ويقصر دونه‬ ‫الكالم ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫والنصف عندي ))‬ ‫فنصف عندها‬ ‫(( بأن فتاتكم سلبت فؤادي ‪..‬‬ ‫هذا ما كان من «بشار بن برد» في «البصرة» ‪،‬منذ القرن الثاني‬ ‫للهجرة ‪ ،‬فما الذي نراه من احلوثيني اليوم في «اليمن»‪ ،‬ونحن‬ ‫نتجاوز القرن اخلامس من الهجرة ؟‬ ‫ٍ‬ ‫عالقة ميكن أن جندها بني «بشار بن برد» ‪ ،‬وبني «عبد امللك‬ ‫وأي‬ ‫بقليل من التأمل ميكن أن نعثر على الكثير من املعرفة‬ ‫احلوثي» ؟‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬فقط لو نبدأ على الفور ‪.‬‬ ‫«احلوثيون هم قبيلة إيران في اليمن» ‪ ،‬في الواقع ‪ ،‬تنتابك احليرة‬ ‫تعميم كهذا ‪ ،‬لكنك جتد نفسك مجبراً على معاجلة الواقع‬ ‫إزاء‬ ‫ٍ‬ ‫بالوقائع كي ال تقع في اخلطأ ‪ ،‬فمن هم هؤالء احلوثيون أوالً ؟‬ ‫إنهم مينيون كابراً عن كابر ‪ ،‬عاصمتهم هي «صعدة» ‪ ،‬مذهبهم‬ ‫هو «الشيعة الزيدية» وخالفهم مع حكومة املركز في «صنعاء» كان‬ ‫دائماً من أجل التخلص من التهميش والفقر وضعف اخلدمات‬ ‫ورداءة البنى التحتية ‪ ،‬إن نصف قلب «بشار بن برد» كان حتى عام‬

‫مكان آمن إلى جانب نصفه اآلخر ‪ ،‬لكن عام ‪2010‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 2010‬في‬ ‫أقبل ومعه مفاجأة لم تكن في احلسبان ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تطالب‬ ‫كحركة‬ ‫إن احل��رك��ة احلوثية التي تأسست ع��ام ‪1992‬‬ ‫ُ‬ ‫السلط َة باملزيد من االهتمام بأحوال مواطنني مينيني يقطنون‬ ‫بعيداً في منطقة جبلية صعبة التضاريس ‪ ،‬منزوية عن املدن‬ ‫كيان مختلف بحسابات‬ ‫الكبرى ‪ ،‬إن هذه احلركة تتحول فجأة إلى ٍ‬ ‫مختلفة ‪ ،‬فكيف حدث ماحدث دون أن ينتبه أحد للكارثة اجلديدة‬ ‫التي سوف تتسبب بعد أعوام قليلة في مقتل ‪ 20‬الف جندي و‬ ‫إصابة ‪ 10‬آالف جندي آخر بعاهات جسدية مختلفة‪ ،‬ومقتل ‪30‬‬ ‫الف من املدنيني ونصف مليون من املهجرين والنازحني قسراً‬ ‫الذين ‏شردتهم حروب احلوثيني وتدمير ‪ 6‬آالف منشأة حكومية‬ ‫رسمية ‪.‬‬ ‫أحياناً نتسبب في تدمير وطن كامل ‪ ،‬فقط ملجرد أننا ال جنيد‬ ‫قراءة التاريخ ‪ ،‬أو أننا ال نهتم بقراءته من األساس ‪.‬‬ ‫بدأت حكاية التحول الكبرى بسفر « بدر الدين احلوثي» إلى إيران‬ ‫‪ ،‬وإقامته فيها لسنوات ‪ ،‬تأثر خاللها باملذهب األثنى عشري ‪،‬‬ ‫ولكن ‪ ،‬من يتحدث عن التأثر باملذاهب في زمن مطابخ السياسات‬ ‫املشبوهة ؟ إن التحول احلوثي جتاه إي��ران لم يحدث ملجرد أن‬ ‫زعيماً حوثياً أقام في إيران لبعض الوقت ‪ ،‬لكنه حدث ألن إيران‬ ‫قررت أن تكون اليمن هي حديقتها اخللفية تشبهاً بالدول الكبرى‬ ‫ف��ي عاملنا املعاصر ‪ ،‬وب��اإلم�ب��راط��وري��ة الفارسية ف��ي عصورها‬ ‫الغابرة ‪.‬‬ ‫إن « بشار ب��ن ب��رد « يبدأ اآلن ف��ي ف�ق��دان نصف قلبه ‪ ،‬لكنه‬ ‫مات دون أن يعرف أن نصف قلبه لم يعد عند بني شيبان كما‬ ‫كان يعتقد ‪ ،‬بل أنه سافر إلى أبعد من ذلك‪ ،‬ميمماً وجهه شطر‬ ‫«طهران» ‪ ،‬حيث أحالم الفرس بأمجادهم القدمية التي يريدون‬ ‫لها أن تعود ‪.‬‬ ‫احلوثيون إذن ‪ ،‬حركة مترد مينية بدأت من أجل العيش الكرمي‬ ‫واحلقوق املهدورة ‪ ،‬لكنك لن تستطيع أن متارس شعائر ثورتك كما‬ ‫تريد إذا كنت جاراً‬ ‫ٍ‬ ‫مدجج باألنياب ‪ ،‬وخاصة إذا قرر هذا‬ ‫ألسد‬ ‫ٍ‬ ‫األسد أن ميتطي ظهر ثورتك هذه ‪ ،‬هذا هو منطق األسود في‬ ‫امتطاء ثورات جيرانها الصغار ‪ ،‬فهل ميكن للجار الصغير إال أن‬


‫يحني رأسه وعقيدته معاً ملشيئة أنياب جاره األسد؟‬ ‫هذا بالضبط ما حدث في اليمن ‪ ،‬فقد متعنت إيران في املشهد‬ ‫بجانبها ‪ ،‬وكان املشهد على هذا النحو ‪ :‬مين مضطرب ‪،‬وحاكم‬ ‫مستبد‪ ،‬وث��ورة في األف��ق‪ ،‬وفقر مدقع‪ ،‬وس�لاح وفير وذخيرة ال‬ ‫تنفذ‪ ،‬وشيعة غاضبون‪ ،‬وجار سعودي لدود على اجلانب اآلخر‬ ‫ميكن الضغط عليه بسالح والءات متداخلة ‪.‬‬ ‫إن الفرس يقررون أم��راً ‪ ،‬ميكن اآلن أن نخوض حرباً بالوكالة‬ ‫في املنطقة ‪ ،‬مصانعنا في طهران تنتج السيارات ‪ ،‬ومفاعلنا في‬ ‫نصدر‬ ‫«بوشهر» تراوغ الغرب وتنتج القنبلة الذرية بالتقسيط ‪ ،‬بينما‬ ‫ّ‬ ‫بسوس جديدة ‪ ،‬لكن الناقة هنا تختلف ‪ ،‬إنه‬ ‫للعرب امليامني حرب‬ ‫ٍ‬ ‫فحل مختل املشاعر‪ ،‬قوي الشكيمة‪ ،‬يُدعى «علي عبدالله صالح»‬ ‫‪ .‬فيما يحضر «جساس» بعد موته بألف وخمسمئة سنة مرتدياً‬ ‫عباءة حوثي غاضب ميتشق «الكالشينكوف» بدل السيف القدمي‬ ‫‪ .‬من قال إن التاريخ ال يعيد نفسه مرتني ؟‬ ‫وضعت اخلطة إذن ‪ ،‬وبدأ التنفيذ ‪ ،‬ومع القيادة احلوثية اجلديدة‬ ‫ك��ان الرهان قد م��ال نهائياً باجتاه « الشقيقة الكبرى» ‪ ،‬إي��ران‬ ‫‪« ،‬زع�ي�م��ة ال�ع��ال��م الشيعي اجل��دي��د» ‪ ،‬إن��ك ل��ن تعثر على هذه‬ ‫املصطلحات في أي وكالة أنباء رسمية ‪ ،‬ولن تسمع بها من محللي‬ ‫القنوات الفضائية املختلفة ‪ ،‬لكنها احلقيقة التي ينفيها اجلميع ‪،‬‬ ‫ويستميتون في تنفيذها في نفس الوقت ‪.‬‬ ‫بدأ التنفيذ ‪ ،‬وبأوامر عليا كان العالم يتابع بدهشة حتالفاً عاج ً‬ ‫ال‬ ‫بني أعداء األمس ‪ ،‬ويشاهد «صالح» ينضم إلى احلوثيني ‪.‬‬ ‫كان لكل منهما حساباته اخلاصة ‪ ،‬لكن مصلحته العامة اقتضت‬ ‫التحالف ‪ ،‬إن «علي عبدالله صالح» يدس األفعى في كمه الواسع‬ ‫‪ ،‬ويظن أنه يتخذ القرار الصائب ‪ ،‬كعادة الطغاة دائماً ‪ ،‬أولئك‬ ‫الذين يظنون أنهم ال يخطئون ‪ ،‬وال يفيقون من احللم حتى تطرق‬ ‫صحوة الواقع بابهم دون موعد مسبق ‪.‬‬ ‫حتالف االثنان ‪ ،‬وبدأ مسلسل تقويض دولة اجلميع حلساب دولة‬ ‫اجلزء ‪ ،‬وانهارت صنعاء دون مقاومة ‪ ،‬ألن التاريخ كان قد د ّون‬ ‫في كتابه منذ أزمان سحيقة أن العواصم الكبيرة تسقط دائماً‬ ‫دون معارك كبيرة ‪ ،‬قدمياً انصاعت لهذه النظرية «قرطاج» أمام‬ ‫«روما» ‪ ،‬و»أثينا» أمام «أسبرطة» ‪ ،‬و»روما» نفسها أمام القبائل‬

‫الغاضبة ‪ ،‬ولم تكن «صنعاء» متلك إال أن تذعن للحقيقة التي‬ ‫اذعنت لها سابقاتها من العواصم ‪.‬‬ ‫سقطت صنعاء بيد احلوثيني ‪ ،‬خب ٌر مت تسويقه على أنه انتصار‬ ‫مجيد ‪ ،‬لكنه ف��ي ال��واق��ع ك��ان ورق��ة نعي كبيرة لهم ‪ ،‬وشهادة‬ ‫وفاة رسمية الغبار عليها ‪ ،‬ألنهم بهذا أصبحوا رسمياً شريح ًة‬ ‫شقت روابط االنتماء للمجتمع اليمني ‪ ،‬واصبحت خصماً خارجياً‬ ‫يضرب اليمن من داخل اليمن ‪ ،‬وفرق ًة مارقة تتحالف مع قوى‬ ‫خارجية لضرب نسيجها الذي أنبتها من األساس ‪ ،‬مؤامرة كبرى‬ ‫بالشك ‪ ،‬لكن ضحيتها األكبر هم احلوثيون أنفسهم ‪.‬‬ ‫اآلن ‪ ،‬تنقل القنوات مشاهد الفيلم الواقعي األليم ‪ ،‬إيران تراقب‬ ‫من بعيد وترسل امل��دد والسالح ‪ ،‬واحلوثيون يتكفلون ب��األرواح‬ ‫تُزهق بال حساب ‪ ،‬ويحاربون بالوكالة ‪ ،‬والعرب يستفيقون أخيراً‬ ‫‪ ،‬ويقرأون ما وراء السطور ليكتشفوا صورة النار الفارسية تشتعل‬ ‫من جديد ‪ ،‬ولكن في معابد اليمن هذه املرة ‪.‬‬ ‫حوثيون ‪ ،‬نصف حربهم في اليمن ‪ ،‬ونصفها اآلخر في ايران ‪،‬‬ ‫وطاغية قدمي ‪ ،‬نصف والءه ألحالمه بالعودة ‪ ،‬ونصفها اآلخر‬ ‫لألفعى التي دسها في كمه الواسع ‪ ،‬وبني األنصاف املوزعة هنا‬ ‫وهناك يتردد بني جبال «صعدة» رجع صدى عجز بيت «بشار»‬ ‫القدمي ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫فنصف عندها ‪ ،‬والنصف عندي ))‬ ‫((‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫وتاريخنا مر على الرصيف‬ ‫باريس‪ :‬عبد الوحيد خوجة‬ ‫ي�ف��رض عليك رمب��ا كغيرك م��ن ع��دي��د ال �ن��اس‪ ،‬مت �ث��ا ٌل وضعته‬ ‫سلطات مدينة «كاين»مبنطقة النورماندي أم��ام متحف احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬أن تعيد النظر ك َّرتني في تاريخ فرنسا‪ ،‬فامل ْعلـ َ َمة‪،‬‬ ‫متثل جنديا أمريكيا من املارينز‪ ،‬في موقف حميمي مع ممرضة‬ ‫فرنسية‪ ،‬تلبس ثيابا يغطي بالكاد ركبتها‪.‬‬ ‫داخ��ل املتحف‪ ،‬سيدة في اخلمسني من عمرها‪ ،‬حتكي وتُعيد‪،‬‬ ‫بشكل ال يك ّل وال مي ّل‪ ،‬وبسرد روائي جميل‪ ،‬وهي حتكي بصوت‬ ‫جذاب‪،‬عملية إنزال القوات األمريكية على شواطئ النورماندي‪،‬‬ ‫حلظة بلحظة‪ ،‬بكامل زخمها اإلنساني‪ ،‬وعظمة اللحظة التاريخية‪،‬‬ ‫أو ذلك املشترك‪ ،‬بني تاريخنا وتاريخهم‪.‬‬ ‫ال شيء هنا يعلو فوق فرنسا‪ ،‬إنها تق َدم لضيوف محتف احلرب‪،‬‬ ‫كالقوة التي حاربت النازيني ببطولة نادرة‪ ،‬و ال حديث عما فعلته‬ ‫فرنسا مبا فعله بها احملتل‪ ،‬وهي التي احتلت‪ ،‬أو وضعت‪ ،‬حتت‬ ‫حمايتها‪ ،‬أمما وأقواما في إفريقيا وآسيا وغيرها‪.‬‬ ‫هي إذن ضحية‪ ،‬قتلت ضحيتها‪ ،‬في مشهد يثير غرابة أمر هذا‬ ‫التاريخ بخداعه ومكره‪ ،‬وعماه املطلق‪ ،‬إنها فرنسا الضحية‪ ،‬التي‬ ‫ميارس عليها النازيون حربا عسكرية وعرقية فظيعة وفي ذات‬ ‫الوقت‪ ،‬هي نفسها التي متارس حروبا على شعوب أخرى‪ ،‬ليست‬ ‫أقل بطشا وتذميرا‪.‬‬ ‫لقد أثار انتباهي في حلظة ما‪ ،‬ونحن نتابع تفاصيل ودقائق الغزو‬ ‫األملاني واملقاومة الفرنسية‪ ،‬كيف أوقفتنا السيدة‪ /‬املرشد‪ ،‬عند‬ ‫مجسم احملرقة‪ ،‬وهي تقول في ما فعله األملان باليهود‪ ،‬ما لم تقله‬ ‫َّ‬ ‫عن أماكن أخرى‪.‬‬ ‫وتذكرت صورة الضحية التي تقتل ضحيتها‪،‬‬ ‫هنا توقفت كثيرا‬ ‫ُ‬ ‫حضرني للتو مشهد الشهيد الفلسطيني محمد الدرة وهو يتلقى‬ ‫الرصاص احلي في زاوي��ة وأب��وه يحاول أن يحميه بجسده‪ ،‬قد‬ ‫يكون من رماه بالرصاص قد فقد أباه أو أمه أو هما معا‪ ،‬هناك‬ ‫في معسكرات التقتيل في بولونيا‪.‬‬ ‫حتت قوس النصر بغادة اإلليزيه بأجمل شوارع باريس‪ ،‬تذكرت‬ ‫قول طالب أزه��ري نزل ضيفا على عاصمة األن��وار‪ ،‬وهو يقول‬ ‫بعفوية أهل النيل‪« :‬إذا كان ال بد أن يكون للعالم عاصمة فهي‬ ‫باريس وإذا كان البد أن يكون – أستغفر الله – للجنة عاصمة‬

‫فلن تكون إال باريس»‪.‬‬ ‫وقف اجلميع في خشوع إللقاء نظرة على اجلندي املجهول‪ ،‬هي‬ ‫ٌ‬ ‫تعايش بني احلرب والسلم‪،‬‬ ‫تلك شعلة متقدة ال يطالها النسيان‪،‬‬ ‫تذكر باحلرب في فظاعتها‪ ،‬وبالسلم في تعايش الفرنسيني‪ ،‬بكافة‬ ‫أصولهم ولغاتهم ومشاربهم املتعددة‪.‬‬ ‫اجلندي املجهول‪ ،‬قد يكون أس��ود اللون أو أبيضه‪ ،‬قد يكون‬ ‫فرنسي املنشأ أو إفريقيا‪ ،‬لكنه وجد نفسه يحارب بجانب فرنسي‬ ‫آخر ضد الغزو النازي‪ ،‬فكم كان جميال ومؤثرا أن تعزف اجلوقة‬ ‫راق وجميل‪.‬‬ ‫العسكرية النشيد الوطني املغربي بشكل ٍ‬ ‫هنا قال صاحبي وهو يبحث عن مكان يُقربه من الشعلة‪« :‬من‬ ‫ينظم احل �ف��ل»؟‪ ،‬قلت البرملان الفرنسي مبجلسيه على شرف‬ ‫البرملان املغربي مبجلسيه‪ ،‬قال‪« :‬قلما يشهد هذا املكان مثل هذه‬ ‫التظاهرات التي ينظمها قدماء احملاربني يأتون من كل فج عميق‬ ‫تقديسا لتاريخهم ولبلدهم» وسكت‪.‬‬ ‫وضعنا اإلكليل على وقع املوسيقى‪ ،‬وكأن اجلندي املجهول‪ ،‬هو‬ ‫جندي معلوم قد يكون من قرى األطلس‪ ،‬أو هضاب الشاوية أو‬ ‫الشواطئ األطلسية أو من أعماق كلميم‪ ...‬أي قد يكون مغربي‬ ‫الوالدة‪ ..‬فرنسي املدفن‪.‬‬ ‫ونحن جن��وب ساحل شواطئ النورماندي في جو ب��ارد وسماء‬ ‫مغطاة بسحب كثيفة‪ ،‬كانت السيدة‪ /‬املرشد‪ ،‬ال تزال حتكي عن‬ ‫تاريخ الشواطئ بنفس النبرة‪ ،‬بنفس النبش في التفاصيل‪ ،‬كما ولو‬ ‫حتكي عن مقاومة بلدها بدماء من اجدادنا‪ ،‬صفقنا في نهاية‬ ‫اجلولة بحرارة متناهية‪ .‬لم نكن نعرف ملن نصفق؟ هل لتاريخ‬ ‫فرنسا أم لطريقة السرد اجلميلة الراقية‪ .‬املهم أننا أعجبنا‬ ‫بالسيدة‪ /‬املرشد إعجابها بتاريخ وطنها‪.‬‬ ‫في حلظة مت��رد فكري‪ ،‬راودت ��ي‪ ،‬ص��ورة من كلفناهم باحلفاظ‬ ‫على تاريخنا‪ ،‬هناك في الوطن‪ ،‬ال أحد منهم يكل ِـّم الناس عن‬ ‫تاريخنا البطولي بهذه القدرة على اإلقناع واجلذب‪ ،‬فقد قال أحد‬ ‫اخلطباء‪»،‬إننا منلك في املغرب ما ميكن أن يحكى لألجانب عن‬ ‫تاريخنا وحروبنا ومقاومتنا‪ ،‬لكننا نفتقر ملن يحكيه بهذا الشكل‬ ‫اجلذاب»‪.‬‬ ‫«كابورغ»مدينة نبتت على الشاطئ كزهر جميل‪ ،‬هدوء ال يكسره‬


‫اجلندي املجهول‬

‫إال انكسار املوج على الشاطئ‪ ،‬شوارع مقفرة إال من بعض هواة‬ ‫الركض‪ ،‬هي عند نادل مدينة تعيش صخبها في شهر من السنة‪،‬‬ ‫وتعود إل��ى هدوئها بعد رحيل س��واح جوها املعتدل وشواطئها‬ ‫اجلميلة‪ ،‬أولئك القادمون من أصقاع العالم‪.‬‬ ‫وسط جمال هذه املدينة‪ ،‬جتدك ملزما املساءلة الذات والناس‪،‬‬ ‫حول هل فعال عرفت هذه املناطق حربا منذ ستني عاما؟‪ .‬كل‬ ‫شيء مع ّ ٌد هنا لنسيان ما وقع‪ ،‬وكل شيء مقرر للتمعن فيما وقع‪.‬‬ ‫تلطفت بلطائف احل�ي��ل على ح��د ق��ول اإلم ��ام ح��ام��د الغزالي‬ ‫وقصدت املدينة في سفر مع الذات‪ ..‬إنه هو من جديد‪ ،‬يظهر‬ ‫م��ن بعيد مت�ث��ال اجل �ن��دي األم��ري�ك��ي وامل�م��رض��ة الفرنسية عاد‬ ‫ليستفزني‪ ،‬ال بل‪ ،‬لينبهني إلى تعانق احلرب والسلم‪ ..‬ويقول وإن‬ ‫احلب ال يستسلم إال لصوت العاطفة‪ ..‬صوت العاطفة رغم قساوة‬ ‫احلروب‪.‬‬ ‫في القطار صمت يذك ِـّر باملعابد‪ ،‬وضعت سماعة آلة التسجيل‬ ‫في أذني‪ ،‬غفوت للحظات‪ ،‬أيقظني صوت الشاعر األبدي محمود‬ ‫درويش‪:‬‬

‫مر اخلريف ولم أنتبه‬ ‫مر كل اخلريف‬ ‫وتاريخنا مر على الرصيف ولم ننتبه‪.‬‬

‫*‬

‫( ) كاتب مغربي‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن «‪»3‬‬

‫الصعود إلى التيتمان رفقة‬ ‫رضوان والحمير الخمسة‬

‫براء الخطيب‬ ‫كان الصول «عبد اللطيف» قد أخذ التمام من كل رقباء الفصائل الذين‬ ‫كانوا قد أخذوا التمام من حكمدارية اجلماعات‪ ،‬وما هي إال حلظات‬ ‫معدودة حتى كانت تصطف إلى جوار سريتنا السريتان األخريان‪ ،‬كل‬ ‫منها تتكون من ثالث فصائل‪ ،‬وبذلك فإن الكتيبة رقم ‪ 500‬من اللواء‬ ‫‪ 118‬من الفرقة الثالثة مشاه مبلحقاتها يصل عدد أفرادها إلى أكثر‬ ‫من خمسمائة فرد تقريبا يقودها العقيد «على حسنني» وقد كان‬ ‫ملحقا على كتيبتنا عدة فصائل من األفرع األخرى من «خدمات طبية»‬ ‫و»توجيه معنوي» و»مدرعات» و»مدفعية ميدان» و»إشارة» و»مهمات‬ ‫وشئون إدارية وأشغال عسكرية»‪ ،‬وقد جاؤوا إلى هنا لنصرة أشقاء‬ ‫لهم في العروبة واإلس�لام‪ ،‬وقد أخذ سيادة العقيد «على حسنني»‬ ‫قائد الكتيبة متام كل السرايا الثالث باإلضافة إلى القوات األخرى‬ ‫من الفصائل املسلحة امللحقة على كتيبتنا وهذه امللحقات املعاونة‬ ‫كانت عبارة عن «سرية الهاون ‪ 82‬مليمتر» املكونة من ستة أطقم‬ ‫باإلضافة إلى «فصيلة رشاش خفيف» يحمل أفرادها ست رشاشات‬ ‫«جارينوف» وكذلك «فصيلة اإلش ��ارة» التي كانت مهمتها هي مد‬ ‫أسالك التليفونات بني الفصائل والسرية وبني السرايا وقيادة الكتيبة‬ ‫وبني الكتيبة والكتائب األخرى وبني قيادات الكتائب و املستوى األعلى‪،‬‬ ‫باإلضافة طبعا إلى «فصيلة الشئون اإلداري��ة» املسئولة عن التأمني‬ ‫اإلداري والطعام والصحة واملالبس والوقود ونقطة طبية يقودها‬ ‫طبيب الكتيبة فيما كانت هناك أيضا «فصيلة احلملة» التي تضم‬ ‫كل مركبات الكتيبة من سيارات نقل وجيب ومالكي وسيارة السلكي‪،‬‬ ‫وبذلك يكون عدد أفراد الكتيبة مبلحقاتها ما يقارب اخلمسمائة فرد‬ ‫أو رمبا كان يزيد عن هذا العدد‪« :‬أيها اإلخوة األحرار‪ :‬لقد رأيت اليوم‬ ‫قوتكم كما رأيت باألمس قوة إخوانكم في صنعاء‪ ،‬رأيت قوة الشعب‬

‫اليمنى وأنا أشد اطمئناناً عليكم وعلى ثورتكم فسيروا على بركة‬ ‫الله‪ ،‬والله ناصركم‪ ،‬والله موفقكم»‪ ،‬هذه اللحظات يتسع قلبك ليشمل‬ ‫الوطن‪ ،‬كل الوطن‪ ،‬من احمليط إل��ى اخلليج‪ ،‬وتدخل اآلن منطقة‬ ‫للكرامة والكبرياء‪ ،‬يتسرب للذاكرة ‪ -‬اآلن ‪ -‬وجه «شدوى» أرتيست‬ ‫بار «الربح البسيط»‪ ،‬وال يلبث أن يتداخل فيه وجه أمك‪ ،‬لكن ‪ -‬اآلن‬ ‫ كل املشاعر مؤجلة‪ ،‬كل الطموحات مؤجلة‪ ،‬فقد خصصت خمس‬‫سيارات نقل «زل» خلدمة كل سرية من سرايا الكتيبة بامللحقات التي‬ ‫انضمت إليها‪ ،‬وأم��ر سيادة النقيب «فتحي عبد املقصود» السادة‬ ‫الضباط قادة السرايا من املالزمني األوائل واملالزمني بتوزيع فصائل‬ ‫سراياهم على سيارات النقل حيث مت تخصيص سيارة لكل فصيلة‬ ‫مبلحقاتها‪ ،‬وعندما تلقينا ‪ -‬نحن جنود «الفصيلة الثالثة» من «السرية‬ ‫األولى» األوامر من الصول «عبد اللطيف الفالح» بحمل مخلنا وركوب‬ ‫سيارة النقل املخصصة لنا‪ ،‬فقد أسرعنا بركوب السيارة‪ ،‬حترك‬ ‫قول السيارات الذي يحمل جنود ومعدات الكتيبة خارجا من ميناء‬ ‫«احلديدة» باجتاه الشرق‪ ،‬في السيارة عرفنا أننا نسير في اجتاه‬ ‫«صنعاء» عاصمة «اليمن» عبر الطريق األسفلتي الضيق الذي يتلوى‬ ‫بني سلسلة اجلبال الالنهائية فيما كان اجلنود يغنون أحدث أغاني‬ ‫مطرب الثورة «عبد احلليم حافظ‪« :‬صورة‪ ..‬صورة‪ /‬كلنا كده عاوزين‬ ‫صورة ‪/‬حتت الراية املنصورة» ‪ ،‬ازداد حماس دفعتي اجلندي «نادر‬ ‫شوقي ناجي» ويسرع بفتح مخلته وإخ ��راج «ال�ق��روان��ة» األملونيوم‬ ‫وامللعقة ويبدأ النقر عليها مسترجعا كل مهارته كطبال سابق خلف‬ ‫راقصات كباريهات الكورنيش‪ ،‬فتزيد النقرات اجلميلة من حماس‬ ‫اجلنود ويندفع اجلميع في الغناء‪« :‬ها نقرب من بعض كمان ‪ /‬واللي‬ ‫ها يبعد م امليدان ‪/‬عمره ماها يبان في الصورة»‪.‬‬


‫في السيارة عرفنا أن وجهتنا صنعاء‬

‫تلعثم بعض اجلنود‪ -‬وأنا معهم – ألنهم لم يكونوا قد حفظوا األغنية‬ ‫اجلديدة بعد‪ ،‬لكن اجلندي «نادر شوقي» أثبت أنه طبال أصيل بل‬ ‫وصاحب ص��وت جميل‪ ،‬مع أن صوته ك��ان أج��ش ومتحشرج‪ ،‬لكن‬ ‫حالوة اإليقاع ومهارته في النقر بامللعقة على ظهر القروانة جعال‬ ‫من غنائه أحلى من غناء «عبد احلليم حافظ» نفسه وهو ينفرد وحده‬ ‫بالغناء مع تصفيق اجلنود‪ ،‬عال صوت اجلنود بترديد األغنية خلف‬ ‫«ن��ادر شوقي» فيما ازداد حماسهم في التصفيق وقد بدت النشوة‬ ‫على مالمح «نادر شوقي» وأخذ يستجمع نفسه حتى ينتهي الزمالء‬ ‫من ترديد األغنية مع بعضهم ‪ ،‬وتضاحك اجلنود في نشوة طازجة‬ ‫ودق��وا بشدة باملالعق فوق ظهور قروانتهم األملونيوم وهم يحثون‬ ‫«نادر شوقي» على االستمرار في‬ ‫الغناء‪ ،‬فك «ن��ادر» زراي��ر السترة‬ ‫ف��ي اجن� ��ذاب وسلطنة وارت �ف��ع‬ ‫صوته بالغناء فيما كان اجلميع‬ ‫ي� ��ردون خ�ل�ف��ه‪« :‬ي ��ا ل�ل��ي عليك‬ ‫تنفيذ مبادئنا إن كنت صغير‬ ‫وال كبير‪ /‬مبادئنا يعني ثورتنا‬ ‫‪ /‬يعنى أم��ان��ة وشغل كبير‪ /‬لو‬ ‫تخدم باشتراكية‪ /‬وبذمة وهمة‬ ‫قوية‪ /‬ان��ا زى ما ق��ال ريسنا ‪/‬‬ ‫راح أشيلك جوه عينيا»‪ ،‬واستغل‬ ‫اجلندي «ن��ادر» اشتعال حماس‬ ‫اجلميع فغير اإليقاع بالنقر على‬ ‫قروانته فكف اجلميع عن النقر‬

‫الختالف اإليقاع ثم اندفع «ن��ادر» في الغناء واجلميع ي��ردد خلفه‬ ‫بحماس أشد‪ « :‬بطل الثورة إحنا معاك‪ /‬إنت حمانا و إحنا فداك‪/‬‬ ‫العرب اتقابلوا جمعتهم فكرة‪ /‬وتاريخ إمبارح كان درس لبكره‪ /‬إنت‬ ‫حبيبنا يا جمال‪ /‬وانت ناصرنا يا جمال»‪.‬‬ ‫عندما شعرنا بأن السيارة قد توقفت كف اجلميع عن الغناء‪ ،‬وهكذا‬ ‫قطعنا الطريق امللتوي دون أن نشعر بأن أربع ساعات كانت قد مرت‬ ‫علينا إلى أن وصلت سريتنا إلى قرية في بطن اجلبل عرفنا فورا‬ ‫أن اسمها «اللكمة»‪ ،‬وأنها نقطة كنملة في أسفل جبل اسمه «جبل‬ ‫النبي شعيب»‪ ،‬حيث تسمى املنطقة كلها باسم «احليمة الداخلة»‪،‬‬ ‫فيما انتشرت بقية ق��وات الكتيبة في أماكن مجاورة‪ ،‬كانت هناك‬ ‫دبابتان تقفان على البعد بالقرب‬ ‫م��ن الطريق األسفلتي‪ ،‬عرفنا‬ ‫بأنه ممنوع علي السرية كلها أن‬ ‫جتتمع في طابور متام مشترك‪،‬‬ ‫ولذلك فإنه قد حتدد لكل فصيلة‬ ‫موقعا كان عليها أن حتتله فورا‪،‬‬ ‫وبسرعة وق��ف أمامنا الصول‬ ‫«عبد اللطيف الفالح» مساعد‬ ‫السرية وجمع رقيب فصيلتنا‬ ‫رق�ي��ب متطوع «فتحي األك�ت��ع»‬ ‫وحكمدار الفصيلة عريف مجند‬ ‫«سعيد الكومي» وأفهمه أنه منذ‬ ‫ه��ذه اللحظة س��وف يكون قائد‬ ‫الفصيلة في غياب امل�لازم أول‬

‫قطعنا الطريق امللتوي دون أن نشعر بأن أربع ساعات‬ ‫ّمرت علينا إلى أن وصلت سريتنا قرية اللكمة‬ ‫حذرنا الضابط أسامة األدور بعدم املشي في‬ ‫السوق أو القرية أو ممرات اجلبل فرادى‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫«أسامة األدور «‪ ،‬ثم أمره بجمع الفصيلة فورا‪ ،‬في نصف دقيقة كانت‬ ‫الفصيلة الثالثة تقف في الطابور‪ ،‬حيث أعطى العريف مجند «سعيد‬ ‫الكومي» التمام للرقيب «فتحي األكتع» ال��ذي أعطى التمام بدوره‬ ‫للصول «عبد اللطيف» الذي أمرنا بالعد فانطلق أفراد الفصيلة في‬ ‫العد حتى وصل آخر رقم إلى ثالثني‪ ،‬وبسرعة مت إضافة مجموعة‬ ‫أخرى من األفراد من أسلحة مختلفة‪« :‬جماعة اإلشارة» وهي مكونة‬ ‫من عشرة أفراد حكمدارهم الرقيب متطوع «جورج كامل اخلضري»‬ ‫ومعه الرقيب «إكرامي جاد الرب» وهم تابعون لفصيلة اإلشارة امللحقة‬ ‫على السرية األولى‪ ،‬كذلك فقد انضم إلينا طاقم «هاون ‪ 82‬مليمتر»‬ ‫حكمدارهم الرقيب «عمر شبانة»‪ ،‬وهذا الطاقم يتبع سرية الهاون‬ ‫امللحقة على الكتيبة‪ ،‬كما انضم إلى فصيلتنا طاقم «رشاش خفيف»‬ ‫طراز «جارينوف» حكمدارهم هو الرقيب «سعد إبراهيم»‪ ،‬وقد أعطى‬ ‫حكمدارية اجلماعات املنضمة إلى فصيلتنا التمام للصول «عبد‬ ‫اللطيف»‪ ،‬وبعد أن تأكد الصول «عبد اللطيف» من متام الفصيلة‬ ‫الثالثة مبلحقاتها فقد أمرنا بالوقوف انتباه وعمل لليسار در‪ ،‬وسار‬ ‫بخطوته العسكرية املضحكة كما لو كان عصفور «أبو فصادة» يسير‬ ‫متقافزا نوعا ما في خفة حتى وصل إلى املبنى احلجري الصغير‬ ‫الذي كان مبثابة قيادة السرية‪ ،‬ودخل من الباب‪ ،‬وغاب نصف دقيقة‬ ‫على أكثر تقدير ولم يلبث أن ظهر املالزم أول «أسامة األدور» قادما‬ ‫نحونا فيما كان الصول «عبد اللطيف الفالح» يسير خلفه فيما كان‬ ‫يسير خلف الصول «عبد اللطيف» رجل ضئيل احلجم يرتدي «جونلة»‬ ‫حرميي وفوقها قميص يرتدي فوقه سترة أفرول كاكي وقد ارتدي‬ ‫حذاء ميري بدا من طريقة مشيته أن مقاسه كبيرا على قدميه‪ ،‬فيما‬ ‫علق على كتفه بندقية «نصف آلية ‪ ،« 39×7،62‬وهو يجر خلفه‬ ‫طابورا من خمسة حمير قوية وقد حملت فوق ظهورها كل اخليام‬ ‫التي صرفتها لنا فصيلة الشئون اإلدارية امللحقة على قيادة السرية‪،‬‬ ‫وقف املالزم أول «أسامة األدور» أمام الفصيلة مبلحقاتها وقال لنا بأن‬ ‫موقعنا سوف يكون فوق جبل «التيتمان» الذي هو جزء من جبل «النبي‬ ‫شعيب»‪ ،‬وأن األخ «رض��وان العزي البكاري» هو الدليل الذي سوف‬ ‫يقودنا في ممرات جبل «التيتمان» للوصول إلى املوقع الذي سوف‬ ‫تتمركز فيه فصيلتنا‪.‬‬ ‫عبر ممرات تضيق مرات وتتسع مرات سلكنا طريقنا‪ ،‬يلبس كل منا‬ ‫شدته ويحمل كل منا مخلته وبندقيته‪ ،‬يقودنا « رضوان العزي»‪ ،‬وهو‬ ‫يجر خلفه طابور احلمير اخلمسة فيما كان العريف مجند «سعيد‬ ‫الكومي» يسير خلف احلمير وه��و يحمل مخلته ف��وق كتفه وبني‬ ‫الفينة والفينة ينغز أحد احلمير مبقدمة ماسورة بندقيته ليستحثه‬ ‫على السير في خبرة الفالح املنوفي الذي اكتسب خبرات طويلة في‬ ‫التعامل مع احلمير مما أثار إعجاب «رضوان العزي» اليمني فتبادل‬ ‫معه بعض الكلمات التي كانت تؤذن بصداقة قريبة بني االثنني‪ ،‬حتى‬ ‫امل�لازم أول «أسامة األدور» كان بكامل شدته وسالحه وهو يحمل‬ ‫حقيبته اجللدية الضخمة فوق كتفه في عناد عرفته دائما عنه‪ ،‬تذكر‪-‬‬ ‫أنت ‪ -‬اآلن طبعا أنك كنت تطرح تساؤلك بينك وبني نفسك عن معني‬ ‫اسم «العزي» وهو االسم الثاني لليمني «رضوان العزي البكاري»‪ ،‬وما‬ ‫معنى «البكاري»‪ ،‬وحاولت أن أجهد نفسي في إيجاد أي معنى لهذين‬ ‫االسمني‪ ،‬وملا فشلت فقد هاجمني سؤال آخر عن هذه «اجلونلة»‬ ‫احلرميي التي يرتديها فيما يثبتها بحزام قماشي عريض حول بطنه‬ ‫مثبتا على بطنه بنفس احل��زام خنجرا ظهر مقبضه وغ��اب نصله‬ ‫حتت احلزام‪ ،‬وأثناء تساؤالتي بني وبني نفسي التي شغلتني سمعت‬ ‫«رضوان العزي» وهو يرفع صوته بالغناء‪:‬‬

‫الباخرة أس أس بورسعيد في ميناء احلديدية ‪1962‬‬ ‫القوات املصرية في اليمن‬


‫» بالله عليك يا طير يا معلي‪ /‬إن كان ترى خلي‪ /‬أمانتك تقوللي‪/‬‬‫شاحملك شوقي إليه وحسي‪ /‬بالله عليك يا طير أمانتك ال تنسي»‪.‬‬ ‫وعال صوت «ن��ادر شوقي» الطبال القدمي مبديا استحسانه غناء‬ ‫«رضوان العزي» صائحا‪:‬‬ ‫» الله‪ ،‬الله‪ ،‬الله يفتح عليك‪ ،‬أسمعنا يا سيدي‪ ،‬أسمعنا»‪.‬‬‫لكني كنت قد تشبعت اليوم من الغناء فلم أع�تن بالسمع ألغنية‬ ‫«رض ��وان ال�ع��زي» كما أن��ه ك��ان يغني بلهجة لم أفهم معاني بعض‬ ‫كلماتها‪ ،‬وصلنا إلى قمة اجلبل فيما لفنا ضباب خفيف ووضعنا‬ ‫أحمالنا ونصبنا اخليام‪ ،‬وأصدر املالزم «أسامة األدور» أوام��ره لنا‬ ‫بالراحة‪ ،‬فصرفنا الصول «عبد اللطيف» على أن يختار كل منا‬ ‫اخليمة التي سوف ينام فيها‪ ،‬ومبا أن عدد األفراد قد وصل إلى ست‬ ‫وأربعني فردا وقد نصبنا عشرة خيام في أماكن متفرقة ألن املكان‬ ‫لم يكن ممهدا فتخيرنا األماكن التي ميكن أن ننصب خيامنا فوقها‬ ‫فجاءت اخليام متباعدة عن بعضها نوعا ما‪ ،‬وقد خصصت خيمة‬ ‫لكل خمسة أف��راد على أن تخصص خيمة حلضرة الضابط قائد‬ ‫الفصيلة وخيمة للشئون اإلدارية لتخزين الطعام وخالفه‪ ،‬وقد حرص‬ ‫كل من زمالئي «بوشي» ونادر شوقي» على أن يكونا في نفس اخليمة‬ ‫التي اخترتها لنفسي وكانت هي اخليمة التي اختارها العريف «سعيد‬ ‫الكومي» حكمدار الفصيلة‪ ،‬أما زميلنا ودفعتنا «سمير الطوبجي» فقد‬ ‫اختار اخليمة التي كان الصول «عبد اللطيف» قد اختارها لنفسه‪-‬‬ ‫ميزها عن غيرها من اخليام بأن ثبت على جدارها علم مصر بألوانه‬ ‫الثالث‪ -‬وقد كان «سمير الطوبجي» أثناء فترة تدريبنا يقوم بغسل‬ ‫مالبس حضرة الصول «عبد اللطيف» الذي كان بدوره يشمله برعايته‬ ‫ورمبا يكون هو الذي أمره أن ينضم للمبيت في خيمته‪ ،‬وقد نصحنا‬ ‫الصول «عبد اللطيف» بعدم االبتعاد هنا أو هناك ألننا سوف نتجمع‬ ‫بعد نصف ساعة على األكثر حتى نستمع إلى «داخلية» من حضرة‬ ‫الضابط قائد الفصيلة‪ ،‬و»الداخلية» هي احملاضرة التي تكون مبثابة‬ ‫الدروس والنصائح ‪ -‬التي هي مبثابة األوامر ‪ -‬التي تعطيها الرتب‬ ‫وال��درج��ات األعلى من درج��ة اجلنود‪ ،‬وعندما اصطف كل أف��راد‬ ‫الفصيلة وملحقاتها و»صفا» و»انتباه» و»ثابت»‪ ،‬أخذ متام الفصيلة‬ ‫حضرة الضابط «أسامة األدور» من الصول «عبد اللطيف»‪ ،‬ووقف‬ ‫أمامنا وبدأ كالمه بأننا هنا في قرية «اللكمة» وسط إخوتنا وأشقائنا‬ ‫من «اليمن» لكن علينا احلذر الشديد‪ ،‬وأال ميشي أحدنا في السوق‬ ‫أو القرية أو ممرات اجلبل وحده‪ ،‬بل منشي في جماعة ال تقل عن‬ ‫ثالثة أفراد‪ ،‬ألن من اليمنيني من يعتبر عدو لنا‪ ،‬وهم يحاولون دائما‬ ‫خطف اجلنود املصريني أو قتلهم‬ ‫واالستيالء على أسلحتهم‪ ،‬فإذا‬ ‫كان بعض اليمنيني أعداء لنا فهم‬ ‫في نفس الوقت أعداء لليمنيني‬ ‫من أنصار ال�ث��ورة‪ ،‬فقد انقسم‬ ‫«اليمنيون» إل��ى أن�ص��ار لإلمام‬ ‫«ال�ب��در» ال��ذي خلعته ال�ث��ورة مع‬ ‫أبيه وكل عائلته وأنصار للثورة‬ ‫التي يقودها املشير «ال�س�لال»‬ ‫الذي قام بثورته املباركة ليخلص‬ ‫الشعب اليمني الشقيق من ظلم‬ ‫وج �ب��روت اإلم ��ام «ال �ب��در»‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت الرجعية تساعد «البدر»‬ ‫وأنصاره في محاولتها القضاء‬

‫رددنا أغاني‬ ‫مطرب الثورة على‬ ‫إيقاع القروانة‬

‫على الثورة اليمنية املباركة‪ ،‬فإن مصر عبد الناصر تساعد الثورة‬ ‫وأنصارها من القبائل اليمنية‪ ،‬والسعودية تنضم إليها األردن وبريطانيا‬ ‫وأملانيا في محاولتهم القضاء على الثورة اليمنية املباركة‪ ،‬لكن مصر لن‬ ‫تتخلى عن الثورة مبساعدة كل أنصار احلرية في العالم وعلى رأسهم‬ ‫«االحتاد السوفيتي»‪.‬‬ ‫يبدو أن اإلجهاد قد حل على الضابط كما حل على اجلنود كما أنني‬ ‫كنت أغالب رغبتي في النوم بالتثاؤب فقد حملني حضرة الضابط‬ ‫وأنا أتثاءب فابتسم وأدار وجهه بعيدا عني وسأل الرقيب مجند‬ ‫«ج��ورج كامل اخلضري» حكيمدار جماعة اإلش��ارة امللحقة على‬ ‫فصيلتنا عن توصيالت التليفونات حيث رد عليه الرقيب مجند‬ ‫«جورج كامل اخلضري» بأن الرقيب «إكرامي جاد الرب» واجلندي‬ ‫مجند «سامي لطفي العريان» قد أعطياه التمام بأن كل شيء متام‪،‬‬ ‫وبأن جميع التوصيالت بقيادة السرية قد متت ومت جتريب خط‬ ‫التليفون‪ ،‬ولم يخف حضرة الضابط إعجابه بكل املجندين النصارى‬ ‫في اجليش املصري أمثال «جورج كامل» و»سامي لطفي» وغيرهم‬ ‫من املجندين النصارى‪ ،‬فهم وطنيون جدا كما أنهم يشتهرون بالدقة‬ ‫املتناهية في عملهم ولذلك فإن القيادة دائما ما تقوم بإحلاقهم‬ ‫بسالح اإلشارة ملهارتهم في التعامل مع كل أجهزة اإلشارة الدقيقة‪،‬‬ ‫وعندما عرف حضرة الضابط‬ ‫بوصول «التعيني» لطعام العشاء‬ ‫ق� ��ام ب�ت�ع�ي�ين اخل���دم���ات وه��م‬ ‫اجل �ن��ود ال��ذي��ن س��وف يقومون‬ ‫بحراسة موقعنا فوق قمة جبل‬ ‫«التيتمان» وحدد لنا كلمة السر‪،‬‬ ‫ثم صرفنا لتناول طعام العشاء‬ ‫بعد أن أمرنا بالنوم بعد تناول‬ ‫ال �ط �ع��ام م �ب��اش��رة ألن أم��ام�ن��ا‬ ‫مهمات كثيرة علينا إجن��ازه��ا‬ ‫في الصباح الباكر‪ ،‬ومت توزيع‬ ‫«التعيني» على كل أف��راد املوقع‬ ‫وك��ان��ت وج�ب��ة م��ن «الفاصوليا‬ ‫البيضاء» الساخنة مع قطعة ال‬

‫املجندون النصارى وطنيون جدا ‪ ..‬ويشتهرون بالدقة‬ ‫املتناهية ‪ ..‬ودائما ما تلحقهم القيادة بسالح اإلشارة‬ ‫عرفت أن البسباس هو الفلفل األخضر ‪ ..‬وعندما‬ ‫قرن اندلع حريق في فمي‬ ‫قضمت نصف ٍ‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫األمير محمد البدر مع مندوب الصليب األحمر أثناء احلرب‬

‫بأس بها من اللحم وكمية من األرز املسلوق ورغيف خبز ميني وهو‬ ‫أكبر حجما من الرغيف الذي اعتدنا عليه‪ ،‬كما مت صرف «تعيني»‬ ‫للدليل اليمني «رضوان العزي البكاري» الذي اختار صحبة العريف‬ ‫«سعيد الكومي» حكمدار جماعتنا فما كان من العريف «سعيد» أن‬ ‫رحب به معنا عندما جتمعنا في خيمتنا حول القروانات لتناول‬ ‫الطعام‪ ،‬شكرنا «رضوان» على استضافتنا له في خيمتنا‪ ،‬وأكد على‬ ‫أنه يرحب بكل اإلخوة العرب من بر مصر كضيوفه شخصيا في‬ ‫اليمن وقريته «اللكمة» التي يرأسها أبوه شخصيا‪ ،‬وبعد أن رحب بنا‬ ‫كإخوة له دس يده في عبه وأخرج صرة متوسطة احلجم ووضعها‬ ‫أمامه وفك ربطتها وفرد بعض قرون «الفلفل األخضر» وحزمة من‬ ‫«الكرات األخضر»‪ ،‬ثم أخذ يوزع علينا قرون «الفلفل األخضر» وهو‬ ‫يبتسم في وجوهنا وهو يقول‪« :‬أحلى بسباس ألج��دع رج��ال بر‬ ‫مصر األحرار»‪ .‬عرفنا أن «البسباس» هو «الفلفل األخضر» احل ّراق‪،‬‬ ‫لكني عندما قضمت نصف «قرن البسباس» الصغير الذي ناوله لي‬ ‫«رضوان» فقد اندلع حريق في فمي وشعرت أن لساني قد التهب‬ ‫من حرقته ون��زل املخاط من فتحتي أنفي على شفتي‪ ،‬وشعرت‬ ‫بأذني كما لو كان قد دخل فيهما سيخان من احلديد‪ ،‬فشهقت‬ ‫عدة مرات ورحت أمسح الدموع التي انهمرت على خدي واختلطت‬ ‫باملخاط الذي ازداد هطوله من‬ ‫فتحتي أنفي‪ ،‬وانخرط اجلميع‬ ‫في ضحكات صاخبة من حالتي‬ ‫امل��زري��ة فيما مد لي «رض��وان»‬ ‫يده باسما يناولني رأس الكراثة‬ ‫البيضاء وهو يشير لي بيده على‬ ‫فمه كمن يدعوني ألكلها بسرعة‬ ‫لكني قاومت تناول رأس الكراتة‬ ‫م��ن ي��ده ف��ي ال�ب��داي��ة وانهمكت‬ ‫ف��ي ال �ت��أوه��ات وم�س��ح ال��دم��وع‬ ‫املختلطة باملخاط فاقترب مني‬ ‫وف��ي عنف ملحوظ دس رأس‬ ‫الكراثة في فمي وهو يقول‪« :‬ال‬ ‫تغالط الضرطة بالنحنحة‪ ،‬يا‬ ‫أخي ال تخجل مما أصابك به‬

‫البساس اليمني احل��راق‪ ،‬كما أنك حتاول أن تداري ألم احلرقان‬ ‫بالتأوهات كمن يداري ضرته بنحنحته»‪..‬‬ ‫بعد فترة صمت كان كل من سمع كالم «رضوان العزي» يفكر في حل‬ ‫شفرة الكلمات لفهم املعنى املقصود‪ ،‬انفجر اجلميع في الضحك‪،‬‬ ‫غالبت النار التي اشتعلت في لساني‪ ،‬ونظرت إلى وجه «رض��وان»‬ ‫فلمحت على مالمحه نوعا ما من الشماتة وكنت أفكر في معنى‬ ‫كالمه حلظتها‪ .‬في هذه اللحظة أدرك��ت أنا أن «رض��وان العزي»‬ ‫كان يعاقبني على خطأ ما قد اقترفته في حقه‪ ،‬لكني لم أعرف‪-‬‬ ‫حلظتها‪ -‬سر الشماتة على مالمحه وال سبب عقابه لي‪ ،‬وعندما‬ ‫فرش فرشته التي سوف ينام عليها بجوار فرشتي ومتدد عليها وهو‬ ‫يحس بنشوة خفية وهو يشرح لي مل��اذا خطط ونفذ حرق لساني‬ ‫وجعله زمالءنا يضحكون على منظري‪ ،‬فقرر أن يصارحني بالسبب‬ ‫الذي دعاه إلى ذلك‪ ،‬وأنه قد تعمد فعل ذلك ألني قد سخرت منه في‬ ‫قرارة نفسي وحتديدا من الزي الذي يرتديه‪ ،‬وشرحت أنا له‪ -‬يومها‪-‬‬ ‫أني لم أكن أسخر من «اجلونلة» التي يرتديها بل كل ما حدث هو أني‬ ‫قد اندهشت فقط ألن هذه كانت هي أول مرة أرى فيها رجال يلبس‬ ‫«اجلونلة» التي ال تلبسها إال البنات والنسوة في مصر كلها‪ ،‬وعندما‬ ‫تأكد هو أني لم أكن أسخر منه بنظراتي كما تصور هو‪ ،‬بل أن األمر‬ ‫لم يكن سوى دهشة من غرابة‬ ‫ردائه بالنسبة لي؛ فشرح لي بأن‬ ‫ما يلبسه هو ما يلبسه كل رجال‬ ‫اليمن من شمالها إل��ى جنوبها‬ ‫ومن شرقها إلى غربها‪ ،‬وأن ما‬ ‫يلبسه ليس هو «اجلونلة» التي‬ ‫تلبسها البنات والنسوة في بر‬ ‫مصر‪ ،‬بل ما يلبسه هو «املعوز»‬ ‫الذي يلبسه كل الرجال ويربطونه‬ ‫باملئزر حول بطونهم مثبتني في‬ ‫منتصفه «اجلنبية» التي تشكل‬ ‫اخلنجر الذي يسمونه «القرن»‪،‬‬ ‫وبعد أن انتهى اجلميع من تناول‬ ‫الطعام أخرجت علبة السجائر‬ ‫«البلمونت» التي كتب على كل‬

‫عندما انتهى اجلميع من تناول الطعام أخرجت علبة‬ ‫«البلمونت» التي كتب على كل سيجارة منها احلرفان «ق م»‬ ‫رضوان العزي يقبل الصابون املصري ويهدي‬ ‫القعقاع حجاب الشيخ «ذيب»‬


‫الدبابة الروسية تي ‪ 34‬كانت حاضرة في حرب اليمن‬

‫عبد الله السالل‬

‫سيجارة منها احلرفان «ق م» أي «ق��وات مسلحة» وهي توزع على‬ ‫اجلنود كنوع من الترفيه الضروري بحيث يتسلم كل جندي خرطوشة‬ ‫سجائر كاملة مع راتبه الشهري وكانت كل خرطوشة حتتوي على‬ ‫عشر علب بكل علبة سجائر منها عشرين سيجارة‪ ،‬وعندما حملت‬ ‫النظرات الهادئة على مالمح «رضوان» وهو ينظر إلى علبة السجائر‬ ‫في ي��دي فقد عزمت عليه بسيجارة فتناول «رض��وان» السيجارة‬ ‫ووضعها بني شفتيه وأخرج من جيبه قطعتني من الصخر المعتني‬ ‫كما لو كانتا من الرخام ومعهما فتيل من القطن الذي بدا من لونه‬ ‫الداكن أنه قد احترق قبل ذلك كثيرا وراح يضرب القطعة األولى‬ ‫بالقطعة الثانية واضعا الفتيل شبه احملترق بينهما‪ ،‬وبعد حلظات‬ ‫اشتعلت مقدمة الفتيل‪ ،‬فق ّرب الفتيل من فمه وأشعل سيجارته‪ ،‬ثم‬ ‫أمسك طرف الفتيل املشتعل بني أصابعه وأطفأه وقدم سيجارته لي‬ ‫حتى أشعل سيجارتي منها‪ ،‬أشعلت سيجارتي وأعدت إلى «رضوان»‬ ‫سيجارته ثم مددت يدي في جيبي وأخرجت علبة الكبريت «ماركة‬ ‫الهلب» وناولتها لرضوان‪ ،‬وطلبت منه االحتفاظ بها لنفسه‪ ،‬ابتسم‬ ‫«رضوان» وهو يدس علبة الكبريت في عبه وهو يشرح لي األمر‪ :‬فهو‬ ‫ال يحب إشعال سيجارته إال بقداحة الصوان وفتيل القطن الذي أجاد‬ ‫تسخينه بدون أن يحترق لدرجة أن استمتاعه بتدخني السيجارة يبدأ‬ ‫من حلظة ضرب قطعتي حجر‬ ‫الصوان في بعضهما عدة مرات‬ ‫حتى يشتعل الفتيل لكنه سوف‬ ‫يحتفظ بعلبة الكبريت ليعطيها‬ ‫ألمه التي حتب الكبريت املصري‬ ‫وتفضله في إشعال نار التنور عن‬ ‫قداحة الصوان‪ ،‬حيث أن أمه قد‬ ‫عرفت الكبريت ألول م��رة في‬ ‫حياتها منذ أرب ��ع س �ن��وات في‬ ‫بدايات مجيء اجلنود املصريني‬ ‫واتخاذهم قرية «اللكمة» مركزا‬ ‫من مراكزهم املهمة في حربهم‬ ‫م��ع «اإلم� � ��ام ال� �ب ��در» وح�ل�ف��ائ��ه‬ ‫م��ن ال �ق �ب��ائ��ل ال�ي�م�ن�ي��ة حلماية‬ ‫الطريق ال��ذي يربط «صنعاء»‬

‫عاصمة البالد مبيناء «احلديدة»‪ ،‬لكن احلب الكبير هو الذي تكنه‬ ‫أمه للصابون املصري فلم يكن أهل اليمن يعرفون الصابون برائحة‬ ‫أوراق الليمون‪ ،‬واليوم ال تكف «أم رضوان» عن الدعاء وشكر املولى‬ ‫العظيم الذي أرسل اجلنود من بر مصر يحملون هذا الصابون الذي‬ ‫هو السحر عينه‪ ،‬فله سحر عجيب وغريب في غسيل املالبس‬ ‫واألجساد‪ .‬فتحت قفل مخلتي وأخرجت ثالث قطع من الصابون‬ ‫األخضر «ماركة أبو الهول» لغسيل املالبس وقطعتني من الصابون أبو‬ ‫ريحة ماركة «كومبلكس» املشهورة‪ -‬تقول عنها إعالنات اإلذاعة أنه‬ ‫برائحة أوراق الليمون‪ -‬كنت قد تسلمتها كمخصص ضمن التعيني‬ ‫للنظافة الذي يوزع على اجلنود‪ ،‬وناولتهم ألخي وصديقي اليمني‬ ‫اجلديد «رض��وان العزي البكاري» الذي بدا االمتنان الشديد على‬ ‫مالمحه وهو يتناول قطع الصابون من يد شقيقه اجلندي املصري‬ ‫الذي أتى لنصرته ونصرة اجلمهورية الفتية في مواجهة اإلمام املخلوع‬ ‫والقبائل اليمنية والرجعية املتحالفة معه‪ .‬وضع «رضوان العزي» قطع‬ ‫الصابون بعناية شديدة في اجلراب الذي كان بجانبه‪ ،‬ثم دس يده‬ ‫في عبه وأخرج حجابا صغيرا ناوله للقعقاع قائال له بأن هذا هو‬ ‫أغلى ما ميلكه ولن يبخل به كهدية لصديقه‪ ،‬فهو يعطيه اليمن‪ ،‬كل‬ ‫اليمن‪ ،‬وما هذا احلجاب إال تاريخ اليمن الذي وزعه عليهم الشيخ‬ ‫«ذي��ب» عاقل قريتهم وق��د كتبه‬ ‫له األستاذ «صالح تويتي» ناظر‬ ‫امل ��درس ��ة ووزع� ��ه عليهم كبير‬ ‫ق��ري �ت �ه��م وط� �ل ��ب م ��ن اجل�م�ي��ع‬ ‫حفظه عن ظهر قلب‪.‬‬ ‫قضينا ليلتنا ف��ي ه ��دوء وكنا‬ ‫نسمع أصوات اجلنود املكلفني‬ ‫بخدمة املوقع وهم يتصايحون‬ ‫بأصوات عالية مرددين كلمات‬ ‫غ �ي��ر م �ف �ه��وم��ة‪ -‬ك��ان��ت م�ج��رد‬ ‫إيقاعات صوتية وليست كلمات‬ ‫لها معنى‪ -‬ب�ين احل�ين واآلخ��ر‬ ‫معلنني للجميع ع��ن يقظتهم‬ ‫ومت �ك �ن �ه��م م ��ن ح �م��اي��ة م��وق��ع‬ ‫فصيلتنا‪ ،‬فنمنا في هدوء‪.‬‬

‫أم رضوان عرفت الكبريت املصري مع بداية‬ ‫مجىء اجلنود املصريني واتخاذهم قرية‬ ‫اللكمة مركز ًا من مراكزهم املهمة في احلرب‬ ‫على اإلمام البدر‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫معادالت األخالق والقوة (‪)3-3‬‬ ‫خالد احلراري‬

‫الدفاع عن حقوق‬ ‫اإلنسان والمضمون‬ ‫األخالقي للسياسة‬ ‫الخارجية‬


‫نتناول هنا موضوع حقوق اإلنسان كمضمون أخالقي للسياسات‬ ‫اخلارجية للقوى الفاعلة في النظام الدولي اجلديد مستندين‬ ‫على مفهوم حقوق اإلنسان وعلى مجموعة احلقوق األساسية‬ ‫لإلنسان كما تضمنها اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان الصادر عام‬ ‫‪ 1948‬ومجموعة االتفاقيات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫ً‬ ‫مثال) باعتبارها متثل‬ ‫التي تلته (اتفاقية حقوق الطفل‬ ‫اإلطار العام واملرجعية األساسية للقوى الدولية في التعامل‬ ‫مع القضايا املتعلقة بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫لقد شهدت الساحة السياسية الدولية خالل فترة ما بعد‬ ‫انتهاء مرحلة احلرب الباردة جملة من األحداث والوقائع التي‬ ‫واعتداء صارخ ًا على احلقوق األساسية لإلنسان‬ ‫مثلت انتهاك ًا‬ ‫ً‬ ‫وكرامته‪ ،‬فأحداث العراق‪ ،‬أفغانستان‪ ،‬روندا‪ ،‬هايتي‪ ،‬سيرليون‪،‬‬ ‫البوسنة‪ ،‬كوسوفو‪ ،‬اجنوال‪ ،‬تيمور الشرقية‪ ،‬ودارفور‪ ،‬طرحت‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫التدخل في الشؤون الداخلية‬ ‫سؤاال ملح ًا‪ :‬هل من األخالق‬ ‫للدول األخرى واستخدام القوة حلماية حقوق اإلنسان‬ ‫والدفاع عنها؟‪ ،‬وتزامن ذلك مع دأب احلكومات‬ ‫الغربية على اإلعالن –وبشكل متزايد‪ -‬أن‬ ‫حقوق اإلنسان حتتل نقطة املركز في سياستها‬ ‫اخلارجية‪ ،‬فما هي الظروف التي أدت إلى بروز‬ ‫مسألة األساس األخالقي للتدخل‬ ‫اإلنساني بعد انتهاء احلرب الباردة؟‬ ‫ّ‬ ‫التدخل؟ وما مدى‬ ‫وما هي آليات هذا‬ ‫شرعيتها؟ وما هو التقييم‬ ‫لسياسات التدخل بدوافع‬ ‫أخالقية وإنسانية وعالقتها‬ ‫بسياسات القوة؟‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫إن اإلحساس بانتصار النموذج الليبرالي الرأسمالي بعد انتهاء احلرب‬ ‫الباردة هو الذي دفع الواليات املتحدة األمريكية والغرب األوروب��ي إلى‬ ‫اعتبار الساحة السياسية الدولية مسرحاً لنشاط تبشيري بالقيم التي‬ ‫يتضمنها هذا النموذج من حرية ودميقراطية ودفاع عن حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫ومن ثم أخذت سياسات القوى العظمى بعد انتهاء احلرب الباردة على‬ ‫عاتقها مهمة فرض هذه القيم ونشرها في أنحاء العالم‪ ،‬منطلقة من أن‬ ‫وحتضرها هو‬ ‫سم ّو هذه القيم وإنسانيتها (صالحيتها لإلنسانية كافة)‬ ‫ّ‬ ‫الذي يفرض على هذه القوى هذه املهمة وهذه الرسالة(‪.)1‬‬ ‫ص��ارت سياسة الدفاع عن حقوق اإلنسان والتدخّ ل حلمايتها في كل‬ ‫بقاع العالم عنواناً أخالقياً لكل سياسات القوة التي مارستها هذه القوى‬ ‫خالل هذه الفترة‪ ،‬وفي هذا اإلطار ميكن رصد مجموعة من الظروف‬ ‫التي صاحبت انتهاء مرحلة احلرب الباردة وم ّثلت عوامل مشجعة لهذه‬ ‫السياسة ومن بينها‪:‬‬ ‫> انهيار توازن القوى الذي كان قائماً على توازن الرعب النووي أتاح للدول‬ ‫التي انفردت بالقوة والتفوق العسكري القدرة على التدخل دون خوف من‬ ‫استثارة صراع قوى عظمى قد يتصاعد ليصبح حرباً نووية(‪.)2‬‬ ‫> التطور التقني في مجاالت االتصاالت واملعلومات والتقنية العسكرية‬ ‫أنتج ظروفاً صار بإمكان احلكومات والدول أن تتحرك في إطارها‪ ،‬حيث‬ ‫تقنية االتصاالت احلديثة مت ّكن من معرفة ما يحدث في األماكن األخرى‬ ‫في العالم دقيقة بدقيقة‪ ،‬وبفعلها صار بإمكان كل اإلنسانية اإلطالع‬ ‫املباشر على جملة الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية حلظة وقوعها‪،‬‬ ‫كما ص��ار باإلمكان امتالك وسائل التدخّ ل ال�لازم��ة‪ ،‬فأمناط النقل‬ ‫احلديثة مكنّت العديد من الدول من التدخّ ل في أماكن نائية وبأشكال‬ ‫كانت متع ّذرة من قبل‪ ،‬فالتقنية احلديثة متكن الناس من الوصول إلى‬ ‫اآلخرين في أماكن قص ّية ملساعدتهم على مواجهة املجاعة والدفاع عنهم‬ ‫ضد اإلبادة وحمايتهم من االستبداد والطغيان‪ ،‬وإذا كان عدم التدخل‬ ‫فيما مضى يعود في جانب منه إلى غياب الوسائل املناسبة فإن التقنية‬ ‫احلديثة لعبت دوراً كبيراً في وضع مسألة التدخل اإلنساني على قمة‬ ‫ج��دول أعمال السياسات اخلارجية للدول بعد احل��رب ال�ب��اردة‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة إلى التطور الذي حصل في التقنية العسكرية الذي أتاح للدول‬ ‫إمكانية التدخّ ل العسكري لوقف أي انتهاكات حلقوق اإلنسانية(‪.)3‬‬ ‫> تنامي عدد احلاالت التي م ّثلت انتهاكات صارخة حلقوق اإلنسان في‬ ‫ظل ما حدث بعد انتهاء احلرب الباردة من بروز لظاهرة النزعة القومية‬ ‫والعرقية وزيادة حاالت الصراع اإلقليمي‪ ،‬فقد شهدت الكثير من بقاع‬ ‫العالم (خاصة في أوربا الشرقية وجمهوريات االحتاد السوفيتي السابق)‬ ‫حركات قومية ساعية بنشاط إلى تغير األوضاع اإلقليمية باالنفصال عن‬ ‫أقاليم دول سابقة وتكوين كيانات سياسية جديدة استناداً على تطلّعات‬ ‫عرقية وقومية(‪.)4‬‬ ‫أدت كثافة التفاعالت الدولية في ظل النظام الدولي اجلديد إلى تدويل‬ ‫الكثير من املشكالت الداخلية‪ ،‬وفي ظل كثافة هذه التفاعالت والعالقات‬ ‫الدولية صارت كافة املمارسات واحلاالت التي من شأنها املساس باحلقوق‬ ‫األساسية لإلنسان في أي بقعة من العالم جتد لها انعكاساً وتأثيراً مباشراً‬ ‫في األج��زاء األخ��رى من العالم من خالل موقف األف��راد واجلماعات‬ ‫واملنظمات والتنظيمات الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬ناهيك عن مواقف‬ ‫الدول وسياساتها جتاه مثل هذه احلاالت‪ ،‬وذلك في ظل واقع دولي جديد‬ ‫أصبح يشهد نوعاً من الضعف في نظام الدولة القومية‪ ،‬وتراجعاً للمفهوم‬ ‫التقليدي للسيادة وحق الدولة دون سواها في معاجلة أوضاعها الداخلية‬

‫ويشهد في ذات الوقت تنامي واتساع نشاط املنظمات الدولية واإلقليمية‬ ‫والتنظيمات عبر القومية ودورها في مجريات السياسية الدولية‪ ،‬في ظل‬ ‫متغيرات العوملة بأبعادها االقتصادية والسياسية والثقافية التي أتاحت‬ ‫للقوى الغربية محاولة فرض نظام من القيم واألمناط الثقافية والسياسية‬ ‫على دول العالم األخرى بوصفها النظام األمثل واألوحد‪ ،‬وما يدفع بهذا‬ ‫االجتاه أكثر أن الكثير من املشكالت الدولية يتطلب التعامل معها أدوات‬ ‫عاملية مثل مشكالت الهجرة والنمو السكاني والبيئة وغيرها(‪ ،)5‬فيؤدي‬ ‫ذلك إلى انعدام األمن البشري‪ ،‬وهو ما يتطلب نوعاً من املعايير والقيم‬ ‫العاملية وهو ما أظهر دعوة سياسية تعتبر التدخل اإلنساني حق وواجب‬ ‫وتكسب بالتالي عمليات التدخل اإلنساني شرعي ًة سياسية تتخطى‬ ‫الشرعية القانونية املستندة –وفقاً لقواعد النظام الدولي التقليدي‪ -‬على‬ ‫مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول األخرى‪.‬‬ ‫بالرغم من أن األمم املتحدة هي اإلط��ار املؤسسي لتنظيم التفاعالت‬ ‫ال مستق ً‬ ‫الدولية‪ ،‬إال أنها لم تكن يوماً فاع ً‬ ‫ال في العالقات الدولية ميلك‬ ‫امل��وارد والسلطات الالزمة لفرض إرادت��ه املستقلة عن القوى الدولية‬


‫محصلة تفاعالت‬ ‫الكبرى‪ ،‬فهي ليست –من حيث املوارد والسلطات‪ -‬إال‬ ‫ّ‬ ‫عالقات القوة في النظام الدولي‪ ،‬لذلك فإن حركتها في حل النزاعات أو‬ ‫احملصلة‬ ‫معاجلة املشكالت املختلفة تتوقف على ما تتيحه أمامها تلك‬ ‫ّ‬ ‫التي تتغ ّير باستمرار بتغ ّير موازين القوى في النظام الدولي(‪.)6‬‬ ‫كان ذلك واضحاً من خالل طريقة عمل مجلس األمن بعد احلرب الباردة‬ ‫حني استطاعت الواليات املتحدة األمريكية –حتديداً‪ -‬جعل املنظمة‬ ‫الدولية تعمل مبا ينسجم مع الصالح األمريكية في العالم‪.‬‬ ‫مع انتهاء احل��رب الباردة احتلت حقوق اإلنسان ج��دول أعمال األمم‬ ‫املتحدة وبرز املفهوم الغربي حلقوق اإلنسان على أنه األصلح‪ ،‬وهو ما‬ ‫عكسه املؤمتر العاملي حلقوق اإلنسان الذي عقد في فينا حتت إشراف‬ ‫األمم املتحدة في يونيو ‪ 1993‬حيث أكد في اإلعالن الصادر عنه على‬ ‫«أن املؤمتر إذ يسلم بضرورة تعزّيز أنشطة األمم املتحدة في ميدان‬ ‫حقوق اإلنسان يؤ ّكد من جديد التزام جميع الدول رسمياً بالتزاماتها‬ ‫املتعلّقة بتعزّيز احترام جميع حقوق اإلنسان واحلريات األساسية للجميع‬ ‫وحمايتها على الصعيد العاملي» كما أكد البيان أيضاً على أن «حقوق‬

‫اإلنسان مت ّثل شاغ ً‬ ‫ال مشروعاً للمجتمع الدولي ألن جميع حقوق اإلنسان‬ ‫عاملية وغير قابلة للتجزئة ومتشابكة‪ ،‬ومن واجب الدول يصرف النظر‬ ‫عن نظمها السياسية واالقتصادية والثقافية حماية حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫السيما أن حقوق اإلنسان تساهم في تعزّيز االستقرار والرخاء الالزمني‬ ‫إلقامة العالقات الودية السليمة بني األمم‪.‬‬ ‫لذلك فالدميقراطية وحقوق اإلنسان والتنمية مترابطة ويعزّز بعضها‬ ‫البعض ويجب على املجتمع الدولي دعمها»(‪ ،)7‬لذلك زادت الدعوات‬ ‫–بعد احل��رب الباردة‪ -‬لألمم املتحدة للتدخّ ل عسكرياً حلماية حقوق‬ ‫اإلنسان والدميقراطية ألن هذا التدخّ ل من شانه أن يح ّد من املآسى‬ ‫الناجمة عن تصاعد األح��داث في اجت��اه يصعب السيطرة عليه عند‬ ‫حدوث عمليات عنف وإب��ادة جماعية وتطهير عرقي أو ديني‪ ،‬خاصة‬ ‫توجه عام نحو الدميقراطية وحقوق‬ ‫وأن الدول الكبرى استطاعت فرض ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وهو ما يدعم قيام األمم املتحدة بالتدخّ ل حلماية عمليات‬ ‫جسدته ق��رارات عديدة‬ ‫التحول الدميقراطي وحقوق اإلنسان وهو ما ّ‬ ‫صدرت عن مجلس األمن بإنشاء قوات حفظ السالم والقيام مبهمات‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫هل أصبحت األمم املتحدة عاجزة عن االيفاء بحقوق االنسان؟‬

‫إنسانية واإلشراف على االنتخابات في نامبيا وهايتي وجنوب أفريقيا‬ ‫وملراقبة أحوال حقوق اإلنسان في السلفادور وكمبوديا وفي أماكن أخرى‬ ‫كثيرة من العالم(‪.)8‬‬ ‫باإلضافة إلى نشاطات األمم املتحدة واألجهزة التابعة لها في مجال‬ ‫حقوق اإلنسان والتي كانت محكومة –كما قد سلف ذكره‪ -‬مبعادالت‬ ‫القوة واملصلحة لألطراف والدول الفاعلة على املسرح الدولي‪ ،‬شهدت‬ ‫فترة ما بعد احلرب الباردة قيام أطراف جديدة كثيرة باقتحام ميدان‬ ‫حقوق اإلنسان شملت هيئات كانت تعمل في ميادين السلم واألم��ن‬ ‫الناشطة من قبل حول قضايا العالقة بني الشرق والغرب‪ ،‬ومنظمات‬ ‫الجئني حت ّول اهتمامها إلى «النازحني الداخلني» ومنظمات إغاثة إنسانية‬ ‫صارت مطالبة بأن تعمل في ظروف متغ ّيره وأشد تعقيداً‪ ،‬وثمة أطراف‬ ‫أخرى مثل البنك الدولي‪ ،‬ووك��االت التنمية احلكومية وغير احلكومية‬ ‫وبرنامج األمم املتحدة للتنمية ما‬ ‫لبثت ه��ي األخ� ��رى أن أصبحت‬ ‫منخرطة في النشاطات املتعلّقة‬ ‫بحقوق اإلنسان‪ ،‬وحتى الشركات‬ ‫االق�ت�ص��ادي��ة وال�ت�ج��اري��ة أقحمت‬ ‫م��ا يتعلق ب�ح�ق��وق اإلن��س��ان في‬ ‫أنشطتها وبرامجها‪ ،‬وك�ث�ي��راً ما‬ ‫كانت ه��ذه األط��راف ترفع شعار‬ ‫ح �ق��وق اإلن� �س ��ان أو ت�ت�ع��ام��ل مع‬ ‫قضايا حقوق اإلنسان دون حتديد‬ ‫واض��ح لها ف��ي ظ��ل جهل الكثير‬ ‫من ه��ؤالء للمضامني واألغ��راض‬ ‫الفعلية التفاقيات حقوق اإلنسان‬ ‫وت� �ع ��رض ال �ك �ث �ي��ر م �ن �ه��م لتأثير‬ ‫تصو ّرات خاطئة أصبحت سائدة‪،‬‬ ‫مم��ا أدى إل��ى ن��وع م��ن التشويش‬ ‫والضياع‪ ،‬وأصبحت مصطلحات‬ ‫ال�ت�س�ع�ي�ن�ي��ات امل�ت�ع�ل�ق��ة ب�ح�ق��وق‬ ‫اإلنسان –على رأي أحد الباحثني‬

‫«ال تستند إلى أي تعريف مقبول عاملياً‪ ،‬وغير واضحة من حيث املعنى‪،‬‬ ‫امليسرة إلى لغات أخرى‪ ،‬مما مثل «حظوة للخلف»‬ ‫وغير قابلة للترجمة ّ‬ ‫بعيداً عن وضوح الفكر املتعلق بحقوق اإلنسان(‪.)9‬‬ ‫نقلة نوعية أخ��رى شهدها الواقع الدولي في إط��ار االهتمام بقضايا‬ ‫حقوق اإلنسان متثلت هذه املرة في تأسيس جسم قضائي دولي ليتولى‬ ‫النظر في اجلرائم اجلنائية الدولية وهو «محكمة اجلنايات الدولية» التي‬ ‫تأسست مبوجب اتفاقية روما عام ‪ 1999‬وأعطيت احلق في محاكمة‬ ‫ومالحقة ألفراد املتهمني باقتراف انتهاكات صارخة حلقوق اإلنسان في‬ ‫عدد مح ّدد من اجلرائم التي اُعتبرت من اختصاص احملكمة متثلت‬ ‫في (جرائم اإلبادة اجلماعية‪ ،‬جرائم احلرب‪ ،‬جرائم ضد اإلنسانية)‪،‬‬ ‫وبعد مفاوضات شاقة وعسيرة –كانت محكومة بسياسات ومصالح كل‬ ‫طرف من جهة‪ ،‬ومحكومة بحاجز السيادة الذي لم تكن أغلب األطراف‬ ‫الدولية مستعدة إلى تنازالت كبيرة‬ ‫في نطاقه من جهة أخرى –أفضى‬ ‫مؤمتر روما عام ‪ 1999‬إلى إنتاج‬ ‫ج�س��م ق�ض��ائ��ي دول� ��ي يعمل من‬ ‫خالل عملية تكامل ثالثية األبعاد‬ ‫أطرافها محكمة اجلنايات الدولية‬ ‫م ��ن ج �ه��ة‪ ،‬واجل� �س ��م ال�ق�ض��ائ��ي‬ ‫احمللي (مب��ا يحافظ على سيادة‬ ‫ال��دول��ة) م��ن جهة ث��ان�ي��ة‪ ،‬واألمم‬ ‫املتحدة ومجلس األم��ن من جهة‬ ‫ثالثة‪ ،‬حيث تكون محكمة اجلنايات‬ ‫الدولية متمتعة بصالحية النظر‬ ‫في كم من اجل��رائ��م احمل� � ّددة مع‬ ‫أولية القضاء احمللي في متابعة‬ ‫وم�ل�اح �ق��ة امل �ت �ه �م�ين ب��اجل��رائ��م‬ ‫امل � ��ذك � ��ورة‪ ،‬وال ت� �ب ��ادر محكمة‬ ‫اجلنايات الدولية إل��ى العمل إال‬ ‫حني تكون احملاكم الوطنية عاجزة‬ ‫عن –أو غير راغبة في ممارسة‬

‫هل من األخالق ّ‬ ‫التدخل في الشؤون الداخلية‬ ‫للدول األخرى واستخدام القوة حلماية حقوق‬ ‫اإلنسان والدفاع عنها؟‬

‫ّ‬ ‫والتدخل‬ ‫صارت سياسة الدفاع عن حقوق اإلنسان‬ ‫حلمايتها في كل بقاع العالم عنوان ًا أخالقي ًا‬ ‫لسياسات القوة‬


‫الوعي بحقوق االنسان ظاهرة تزداد تفاعالتها كل يوم‬

‫دورها القضائي‪ ،‬أو إذا طلب مجلس األمن منها ذلك‪ ،‬فمحكمة اجلنايات‬ ‫الدولية ال تتمتع بأية سلطة مالم يبادر مجلس األمن إلى التدخّ ل مبوجب‬ ‫الفصل السابع من امليثاق ويخ ّول احملكمة مبتابعة القضية(‪.)10‬‬ ‫تعرضت محكمة اجل�ن��اي��ات ال��دول�ي��ة لقدر كبير م��ن التقييد‬ ‫وه�ك��ذا‬ ‫ّ‬ ‫واحلصار في صالحياتها األم��ر ال��ذي جعلها ال تختلف كثيراً عن كل‬ ‫األجهزة واألدوات الدولية احملكومة برؤية ومصالح األعضاء الفاعلني‬ ‫على املستوى الدولي فهي ال تستطيع أن تبادر إلى الفعل إال إذا دعيت إلى‬ ‫أن تفعل من قبل دول معنية أو من قبل مجلس األمن‪.‬‬ ‫إذا كانت احلكومات الغربية قد استخدمت حقوق اإلنسان خالل احلرب‬ ‫الباردة كوسيلة أيديولوجية في الصراع ضد الكتلة الشرقية فإن انتهاء‬ ‫احل��رب ال�ب��اردة لم يحد من جهودها الساعية إل��ى تدعيم نشر القيم‬ ‫السياسية الغربية خاص ًة وأنه صار باإلمكان استغالل حقوق اإلنسان‬ ‫ك��وس �ي �ل��ة م���ن وس���ائ���ل ال �ض �غ��ط‬ ‫واملنافسة االقتصادية كما حدث‬ ‫في تعاملها مع دول ش��رق أسيا‪،‬‬ ‫كما أن الواليات املتحدة تستخدم‬ ‫قضايا حقوق اإلن�س��ان واإلدع��اء‬ ‫بحمايتها للضغط وال�ت��دخ��ل في‬ ‫كثير م��ن دول العالم (دول عالم‬ ‫اجلنوب ودول العالم الثالث بشكل‬ ‫خاص) التي تعارض توجهاتها في‬ ‫الهيمنة والسيطرة على النظام‬ ‫ال��دول��ي‪ ،‬وم��ن ثم طغى التسييس‬ ‫على قضايا حقوق اإلن�س��ان في‬ ‫ظ��ل النظام ال��دول��ي اجل��دي��د وما‬ ‫ط ��رأ م��ن ت �غ �ي��رات ع�ل��ى صناعة‬ ‫القرار الدولي حني اتسعت رقعة‬ ‫التدخّ ل في دول العالم الثالث حتت‬ ‫س�ت��ار ه��ذه احل�ج��ة واستخدمت‬ ‫املنظمات ال��دول�ي��ة ذات العالقة‬ ‫في سياق سياسات الهيمنة على‬

‫النظام الدولي وأصبحت تتحرك وفقاً ملصالح أطراف دولية مع ّينة ومبا‬ ‫أفرز بوضوح ظاهرة ازدواجية املعايير والكيل مبكيالني(‪.)11‬‬ ‫إن انفراد الواليات املتحدة األمريكية بالتفوق في القوة العسكرية جعل‬ ‫منها الطرف الدولي األكثر ممارسة لسياسة التدخل في شؤون الدول‬ ‫حتت ستار حماية حقوق اإلن�س��ان وال��دف��اع عنها ومب��ا مي ّثل آلية من‬ ‫مسوغاً أخالقياً يبرر اتساع‬ ‫آليات التفاعل في النظام الدولي جتد لها ّ‬ ‫دائرة تدخالتها لتشمل أي جزء من العالم ما دامت توجد فيه مصالح‬ ‫أمريكية‪ ،‬في ظل اإلدعاء بأن تشجيع حقوق اإلنسان وحمايتها من شأنه‬ ‫احلد من العنف واإلره��اب وضمان قيام عالم آمن ومستقر يزيد فيه‬ ‫االعتماد املتبادل ويأخذ بآليات االقتصاد احل ّر ومبا يؤدي إلى التعاون بني‬ ‫النظم املتماثلة في القيم األخالقية واإلنسانية ويحقق حالة من السالم‬ ‫الدميقراطي وهو ما يخدم مصالح الواليات املتحدة على املدى القصير‬ ‫والطويل‪.‬‬ ‫مع انتهاء احلرب الباردة اعتمدت‬ ‫اإلدارة األم��ري�ك�ي��ة إستراتيجية‬ ‫ع �س �ك��ري��ة ت �ع �ت �م��د ع �ل��ى وج���ود‬ ‫تهديدين رئيسيني يدعوانها إلى‬ ‫التدخل العسكري املباشر –من‬ ‫وجهة نظرها‪ -‬وهما‪:‬‬ ‫> التهديدات النابعة من انتشار‬ ‫أسلحة الدمار الشامل في أيدي‬ ‫ال�ق��وى الدولية املعادية للواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫> ال�ت�ه��دي��دات اإلقليمية النابعة‬ ‫من أعمال عدائية تقوم بها قوى‬ ‫إقليمية تتعارض مصاحلها مع‬ ‫مصالح الواليات املتحدة(‪.)12‬‬ ‫في إطار هذه اإلستراتيجية أصبح‬ ‫مباحاً للواليات املتحدة التدخّ ل‬ ‫حلسم الصراعات الداخلية بني‬ ‫اجلماعات العرقية أو الدينية‪ ،‬أو‬

‫األمم املتحدة هي اإلطار املؤسسي لتنظيم‬ ‫التفاعالت الدولية‪ ،‬إال أنها لم تكن يوم ًا فاع ًال‬ ‫مستق ًال في العالقات الدولية‬

‫الواليات املتحدة األمريكية هي الطرف الدولي‬ ‫األكثر ممارسة لسياسة التدخل في شؤون الدول‬ ‫حتت ستار حماية حقوق اإلنسان‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫حقوق السود ما زالت على رأس مطالب حقوق اإلنسان في‬ ‫الواليات املتحدة ‪ -‬صورة تعود إلى ‪1963‬‬

‫التدخل ضد محاوالت قلب أنظمة حكم صديقه‪ ،‬أو في مواجهة اإلرهاب‬ ‫املوجهة إلى النمو الدميقراطي‬ ‫ال��ذي تسانده دول��ة ما‪ ،‬أو التهديدات‬ ‫ّ‬ ‫واإلصالحات اجلارية في ٍ‬ ‫املوجهة نحو‬ ‫عدد من الدول‪ ،‬أو التهديدات ّ‬ ‫االقتصاد األمريكي التي تهدد األمن القومي األمريكي عند ظهور قوة‬ ‫اقتصادية منافسة وغير متعاونة‪.‬‬ ‫ك��ان��ت جت��رب��ة التدخل األم��ري�ك��ي الفاشل ف��ي ال�ص��وم��ال ع��ام ‪1993‬‬ ‫واحدة من التجارب التي فضحت البعد األخالقي الذي ادعته الواليات‬ ‫املتحدة أساساً لتدخالتها وع ّرت بوضوح البعد احلقيقي اآلخر واملتعلَّق‬ ‫باملصلحة األمريكية‪ ،‬فعلى إثر انتكاسة القوات األمريكية في الصومال‬ ‫ح ّددت الواليات املتحدة احلاالت التي تتطلب استخدام القوة املسلحة في‬ ‫اخلارج‪ ،‬مقتصرة على احلاالت املتعلقة باملصالح األمريكية ذات األهمية‬ ‫القصوى املتعلقة بالبقاء واألمن‪ ،‬مما دعا اجلنرال «كولن باول» رئيس‬ ‫هيئة األركان للقوات املسلحة األمريكية آنذاك إلى حتديد ثالثة شروط‬ ‫للتدخّ ل العسكري األمريكي في نزاع ما‪:‬‬ ‫> يجب أن تكون جميع أساليب التسوية السليمة قد استخدمت وفشلت‬ ‫ولم يعد هناك بديل عن التدخّ ل العسكري‪.‬‬ ‫> أن يكون النزاع شديد االرتباط باملصلحة األمريكية‪.‬‬ ‫> عندما تكون عملية التدخّ ل غير‬ ‫مكلفة بشرياً ومادياً وس ّرية للغاية‬ ‫ويكون النصر فيها مضموناً بشكل‬ ‫مطلق حتى تنال تأييد الرأي العام‬ ‫األمريكي(‪.)13‬‬ ‫نظراً لتشابك املصالح االقتصادية‬ ‫وتشابه التوجهات األيديولوجية‬ ‫للدول الغربية واليابان مع الواليات‬ ‫املتحدة فإنه من غير املتص ّور أن‬ ‫تستخدم ال �ق��وة العسكرية ويتم‬ ‫والتدخل باستخدامها فيما بني‬ ‫هذه الدول ألن اخلالفات احملتملة‬ ‫بينها ل��ن ت�ك��ون س��وى اقتصادية‬

‫وبالتالي فإن آلياتها ميكن أن تكون اقتصادية كذلك(‪ ،)14‬أما باقي دول‬ ‫العالم (دول العالم الثالث ودول اجلنوب عموماً) فألنها زاخرة بالصراعات‬ ‫واحلروب الداخلية ذات الطبيعية العرقية والدينية وتعاني الفقر والفساد‬ ‫في أنظمة احلكم واألنظمة االقتصادية‪ ،‬فإنها متث ّل ح��االت تقتضي‬ ‫تدخل الدول الكبرى السيما الواليات املتحدة حلاجتها إلى تأمني مصادر‬ ‫املواد اخلام واألسواق وتوظيف رؤوس األموال‪ ،‬ومبا يو ّفر بيئة سياسية‬ ‫واقتصادية منسجمة مع املصالح الغربية واألمريكية على وجه اخلصوص‬ ‫والتي ص ّعدت حدة التدخّ ل في هذه الدول لضمان هيمنتها على العالم‬ ‫واحلد من قدرة منافسيها‪ ،‬إال أن التدخالت األمريكية التي متت في‬ ‫أنحاء مختلفة من العالم خ�لال ما انقضى من عمر النظام الدولي‬ ‫اجلديد وبرغم كثافتها ظلت محكومة بأولوية املصالح األمريكية على أي‬ ‫اعتبارات أخرى ومحكومة كذلك مبؤثرات السياسة الداخلية األمريكية‬ ‫ودورها في حتديد جدول أعمال السياسات املتعلقة بقرارات التدخل‬ ‫العسكري املب ّرر بأسباب إنسانية‪ ،‬وهو ما انعكس في شكل التدخّ ل في‬ ‫حاالت مع ّينة وجتنب حاالت أخرى‪.‬‬ ‫وكان التناقض شديد الوضوح بني ما عرف «مببدأ كلينتون» حني أعلن‬ ‫هذا الرئيس األمريكي «أن الواليات املتحدة ستتدخّ ل ملنع قتل املدنيني‬ ‫األبرياء بسبب جنسهم أو دينهم في أي مكان من العالم» وبني ما أعلنه‬ ‫هو ذاته بعد شهور قليلة من التدخ ّل في كوسوفو حني قال أمام األمم‬ ‫املتحدة‪« :‬ألن عندنا مصالح مختلفة في أنحاء العالم فإننا ال نستطيع‬ ‫التدخل في كل مكان يتم فيه انتهاك حقوق اإلنسان»(‪.)15‬‬ ‫جتلى املوقف األمريكي املبني على أولوية املصالح ال على االلتزامات‬ ‫األخالقية بوضوح في موقف الواليات املتحدة األمريكية من حاالت‬ ‫اإلبادة اجلماعية التي حدثت خالل العقد األخير من القرن العشرين بعد‬ ‫أن انتهت احلرب الباردة وفي ظل «انتصار» ألقيم الدميقراطية الليبرالية‪،‬‬ ‫والتبجح مبناصرة قضايا حقوق اإلن �س��ان وحمايته م��ن االضطهاد‬ ‫والعسف‪ ،‬ما بالك بحمايته من اإلبادة والقتل اجلماعي والتطهير العرقي‪،‬‬ ‫حيث شهدت نهاية القرن املاضي أشد أنواع الفتك اجلماعي باإلنسان‬ ‫حني أمكن ألفراد جماعة «الهوتو» في روندا أن يذبحوا بحرية وسعادة‬ ‫ما يعادل ثمانية آالف من أفراد جماعة «التوتسي» يومياً وعلى مدى أكثر‬ ‫من مئة يوم دون تدخّ ل‪ ،‬وإجهاز صرب البوسنة على مسلمني وكروات‬ ‫قارب مجموع عددهم مئتي ألف نسمة‪ ،‬وقيام النظام العراقي السابق‬ ‫بإبادة آالف األكراد في شمال العراق‪ ،‬وقبل ذلك قيام نظام «بول بوت»‬ ‫في كمبوديا بقتل أكثر من مليون ونصف مليون إنسان‪ ،‬كل ذلك لسبب‬ ‫بسيط ه��و أن ص � ّن��اع السياسة‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة ال ي ��رون أن املصالح‬ ‫األم��ري��ك��ي��ة ال �ق��وم �ي��ة احل �ي��وي��ة‬ ‫ميكن أن ت�ك��ون م�ع� ّرض��ة حلظر‬ ‫مصدره اإلب��ادة اجلماعية‪ ،‬لذلك‬ ‫لم تعر السياسة األمريكية هذه‬ ‫احل��االت االنتباه األخالقي الذي‬ ‫تستوجبه‪ ،‬وحني بدا لها االهتمام‬ ‫ب �ه��ذه احل� � ��وادث –حتت ضغط‬ ‫الرأي العام العاملي وحتميله إياها‬ ‫املسؤولية األخالقية جتاهها‪ -‬كان‬ ‫الوقت قد فات واجلرائم ارتكبت‬ ‫حني كانت اإلدارة األمريكية تؤثر‬

‫احلكومات الغربية تستخدم حقوق اإلنسان‬ ‫كوسيلة أيديولوجية في الصراع ضد خصومها‬

‫كثافة التفاعالت الدولية تؤدي إلى تدويل الكثير‬ ‫من املشكالت الداخلية‬


‫تتعرض لقدر كبير‬ ‫محكمة اجلنايات الدولية ّ‬ ‫من التقييد واحلصار في صالحياتها األمر الذي‬ ‫يجعلها ال تختلف كثير ًا عن كل األجهزة واألدوات‬ ‫الدولية احملكومة برؤية ومصالح األعضاء الفاعلني‬ ‫على املستوى الدولي‬ ‫املفاوضات وتتشبث بالكياسة الدبلوماسية واحلياد وتكتفي بإرسال‬ ‫«املعونات اإلنسانية» عبر البحار‪ ،‬وأكثر من ه��ذا كانت في كثير من‬ ‫األحيان تساعد مقترفي اإلبادة بشكل مباشر وغير مباشر‪ ،‬فحني كان‬ ‫نظام صدام حسني يبيد األكراد في العراق كان يلقي الدعم واملساعدة‬ ‫من الواليات املتحدة حتت مبرر التصدي إلي��ران كقوة إقليمية معادية‬ ‫للسياسة األمريكية‪ ،‬وحني كان مسلمو البوسنة يتع ّرضون لإلبادة على‬ ‫يد الصرب كانت أمريكا مع حلفاءها األوربيني يفرضون مقاطعة شملت‬ ‫السالح على مسلمي البوسنة مما أوجد تفاوتاً استراتيجياً حال دون‬ ‫دفاع املسلمني عن أنفسهم‪ ،‬وفي عام ‪ 1994‬عندما كانت احلرب ال تزال‬ ‫دائرة في البوسنة استخدمت الواليات املتحدة نفوذها في األمم املتحدة‬ ‫للتكليف بسحب قواتها حلفظ السالم من روندا(‪.)16‬‬ ‫وأخيراً ميكن القول أن قضية حقوق اإلنسان –خالل الفترة التي انصرمت‬ ‫من عمر النظام الدولي اجلديد –صارت واحدة من مصادر عدم الثقة‬ ‫في العالقات الدولية في ظل عجز الهيئات واملنظمات احلكومية والدولية‬ ‫املعنية بحقوق اإلنسان عن القيام بدور ف ّعال لتحقيق الغرض الذي أنشئت‬ ‫من أجله بتنفيذ اتفاقيات حقوق اإلنسان الدولية واحليلولة دون وقوع‬ ‫النزاعات واالنتهاكات‪ ،‬ولعل أهم مظاهر هذا العجز هو العجز املالي‬ ‫القاصر عن متويل أنشطتها‪ ،‬وفي ظل سياسات دولية لقوى عظمى‬ ‫متناقضة تناقضاً تاماً مع شعاراتها األخالقية التي ترفعها‪.‬‬ ‫فحني تتح ّدث الواليات املتحدة األمريكية والدول الغربية لغة األخالق‬ ‫والنزعة اإلنسانية وم�ف��ردات ه��ذه اللغة هي ص��واري��خ ك��روز والقنابل‬ ‫العنقودية يكون البون شاسعاً بني االدعاءات األخالقية والواقع األخالقي‪،‬‬ ‫فالطريقة التي تعتمدها أمريكا اآلن في استعراض القوة هي نفسها ال‬ ‫أخالقية ووسائلها العسكرية التي تستخدمها من أجل األخالق كثيراً ما‬ ‫كانت مثار شبهة على الصعيد األخالقي(‪ ،)17‬واألمثلة على ذلك كثيرة‬ ‫تبدأ من آالف الصواريخ وأطنان القنابل التي ألقيت على مدن مثل بغداد‬ ‫وقندهار وسراييفو وتنتهي باملمارسات الالأخالقية جلنودها وقادتها‬ ‫العسكريني في العراق وأفغانستان وروندا والكثير الكثير غير ذلك‪.‬‬

‫هل أصبحت حقوق اإلننسان ذريعة للتدخل والسيطرة على املوارد؟‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫(‪ )1‬محمد غيث محمود‪ ،‬التدخل اإلنسان في العالقات الدولية (رسالة ماجستير غير‬ ‫منشورة‪ ،‬أكادميية الدراسات العليا‪ ،‬طرابلس‪ ،)2005 ،‬ص‪.112‬‬ ‫(‪ )2‬محمد يعقوب عبد الرحمن‪ ،‬التدخل اإلنساني في العالقات الدولية‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.142‬‬ ‫(‪ )3‬مرفني فروست «األس���اس األخ�لاق��ي للتدخل اإلنساني‪ ،‬حماية املدنيني يجعل‬ ‫املواطنة الدميقراطية ممكنة» في «األخالق والسياسة اخلارجية» حترير كارن سميث‬ ‫مارغوت اليت‪ ،‬تعريب فاضل جتكر‪( ،‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫(‪ )4‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬خصائص ال��دول في محيط العالقات الدولية‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.28‬‬ ‫(‪ )5‬محمد يعقوب عبد الرحمن‪ ،‬التدخل اإلنساني في العالقات الدولية‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.148‬‬ ‫(‪ )6‬عبد العزيز بن شيخ‪ ،‬التدخل اإلنساني والتنظيم الدولي (رسالة ماجستير غير‬ ‫منشورة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد اخلامس‪،‬‬ ‫الرباط‪ ،)1995 1994- ،‬ص‪.‬ص‪.134 ،133‬‬ ‫ً‬ ‫نقال عن محمد يعقوب عبد الرحمن‪ ،‬التدخل اإلنساني في العالقات الدولية‪،‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.146‬‬ ‫(‪ )8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.165‬‬ ‫(‪ )9‬ماركو يكن «السياسة اخلارجية األخالقية وحقوق اإلنسان‪ :‬مآزق املنظمات غير‬ ‫احلكومية» ف��ي األخ�لاق والسياسة اخلارجية‪ ،‬حترير ك��ارن سميث وم��ارغ��وت اليت‪،‬‬ ‫تعريب فاضل جتكر (مرجع سبق ذك��ره)‪ ،‬ص‪.‬ص‪ ،173-171‬انظر كذلك‪ ،‬دافيد‪ ،‬ب‪.‬‬ ‫فورسايث‪ ،‬حقوق اإلنسان والسياسة الدولية‪ ،‬ترجمة محمد مصطفى غنيم‪( ،‬القاهرة‪:‬‬ ‫اجلمعية املصرية العلمية لنشر املعرفة والثقافة العاملية‪ ،)1993 ،‬ص‪.‬ص‪.164 161-‬‬ ‫(‪ )10‬سبيروس ايكونو ميديس «محكمة اجلنايات الدولية» في األخ�لاق والسياسة‬ ‫اخلارجية حترير كارن سميث ومارغوت اليت‪ ،‬تعريب فاضل جتكر (مرجع سبق ذكره)‪،‬‬ ‫متغير‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ص‪.‬ص‪ ،207 181-‬انظر كذلك أحمد فتحي سرور‪ ،‬نظرات في عالم‬ ‫ّ‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص‪.134 116-‬‬ ‫(‪ )11‬محمد يعقوب يوسف‪ ،‬التدخل اإلنساني في العالقات الدولية‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.146‬‬ ‫(‪ )12‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.191‬‬ ‫(‪ )13‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.192‬‬ ‫(‪ )14‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.193‬‬ ‫(‪ً )15‬‬ ‫نقال عن املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.193‬‬ ‫(‪ )16‬محمد رفعت اإلمام «الواليات املتحدة وإبادة األجناس بني الدواعي اإلستراتيجية‬ ‫وااللتزامات األخالقية» السياسة الدولية العدد ‪( 157‬يوليو ‪ )2004‬ص‪.‬ص ‪.61 ،60‬‬ ‫(‪ )17‬كرستوفر ك��وك��ر «ال���والي���ات املتحدة وأخ�ل�اق م��ا بعد احل��داث��ة» ف��ي «األخ�ل�اق‬ ‫والسياسة اخلارجية» حترير كارن سميث ومارغوت اليت‪ ،‬تعريب فاضل جتكر (مرجع‬ ‫سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.256‬‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫البيئة االجتماعية‬ ‫والتحوالت االقتصاديـــــــ‬ ‫عند احلديث عن البيئة االجتماعية وعالقتها بالتحوالت االقتصادية في القارة‬ ‫اإلفريقية علينا أن نبدأ احلديث عن البناء اجليولوجي ومظاهر السطح لهذه‬ ‫القارة السمراء‪ ..‬األمر الذي يحتفظ بدوره األبرز وتأثيره على املوارد الطبيعية‬ ‫وبقية املكونات واألمن���اط االقتصادية التي ال ميكن عزلها بحال ع��ن األمن��اط‬ ‫املناخية واملكونات اجلغرافية‪.‬‬

‫محمد الساعدي‬

‫*‬


‫ــــــة في القارة السمراء‬ ‫وفي مقام احلديث عن البناء اجليولوجي ومظاهر السطح جند أن‬ ‫من البديهي أن إفريقيا هي ثاني قارات العالم بعد آسيا في املساحة‪،‬‬ ‫فمساحتها تبلغ نحو ‪ 11.7‬مليون ميل مربع أي نحو ‪ 20%‬من مساحة‬ ‫الكرة األرضية‪.‬‬ ‫وتتميز القارة باالندماج وتخلو من أشباه اجلزر واخللجان الكبيرة‬ ‫وهي متتد نحو ‪ 8000‬كيلومتر (‪ 5000‬ميل) من الشمال إلى اجلنوب‬ ‫ونفس املسافة من الشرق إلى الغرب وينعكس كبر مساحة القارة على‬ ‫معظم مساحة وحداتها السياسية التي تعتبر من أكبر الدول مساحة‬

‫في العالم مثال على ذلك السودان (قبل أن يطاله التقسيم) والذي تبلغ‬ ‫مساحته نحو مليون ميل مربع‪ ،‬ومياثل السودان في املساحة كل من‬ ‫اجلزائر وزائير «وتبلغ مساحة ذلك اجلزء من القارة الذي يقع إلى‬ ‫اجلنوب من مدار اجلدي نحو (‪ 700.000‬ميل ‪ )2‬ويشمل أراضي‬ ‫جمهورية جنوب إفريقيا»‪)1(.‬‬ ‫فاملساحة الواقعة إلى الشمال من مدار السرطان أكبر من ذلك بكثير‬ ‫نظراً ألنها تتسع كثيراً في إجتاه شرقي غربي وتتميز القارة بتوازن‬ ‫دوائر عرضها على كال جانبي دائرة االستواء فهي متتد شماال إلى‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫أسطورة البحث عن الذهب العاري‪ ..‬ما زالت حية‬

‫دائرة عرض ‪ 37‬وجنوباً إلى دائرة عرض ‪ 35‬لهذا فإن قسماً‬ ‫كبيراً منها يقع بني املدارين وهي تتميز أيضاً بإتساع مساحة‬ ‫الصحراء احل��ارة في نصف الكرة الشمالي ولهذا فإن أحوال‬ ‫اجلو املعتدلة تنحصر في أقاصي القارة الشمالية واجلنوبية‪.‬‬ ‫وتوجد سالسل اجلبال الكبيرة في الشمال وفي اجلنوب وتسود‬ ‫معظم القارة سطوح منبسطة نسبياً كل ذلك باإلضافة إلى موقع‬ ‫إفريقيا امل��داري‪ ،‬يؤدي إلى شيوع توزيع أمناط مناخيه ونباتية‬ ‫بسيطة تبدأ بالنظام اإلستوائي إلى امل��دري املمطر فاملداري‬ ‫اجل��اف (ال�ص�ح��راوي) مت إل��ى النمط شبه امل��داري أو املعتدل‬ ‫ونظراً إلتساع التباين في ظ��روف املناخ والنبات فإننا سنجد‬ ‫االستجابات البشرية كما ميكن أن تتوقع بالتالي متباينة ومتنوعة‬ ‫وفيما يلي عرض ملميزات البيئة الطبيعية في إفريقيا التي كان‬ ‫على اإلنسان اإلفريقي التعامل معها‪ ،‬وشرح للطرق التي أمكنة‬ ‫بواسطتها إحداث تعديالت في البيئة اإلفريقية‪.‬‬ ‫التاريخ والبناء اجليولوجي‬ ‫يعتبر البناء اجليولوجي إلفريقيا بسيطاً نسبياً فقد بقى معظم‬ ‫ال�ق��ارة كتلة راسخة صلبه منذ عصور ما قبل الكمبري وهناك‬ ‫مجموعة أخ��رى م��ن صخور م��ا قبل الكمبري أح��دث ع�ه��داً من‬ ‫الصخور األركية وفي بعض أج��زاء القارة يصعب متييز الصخور‬ ‫التابعة ملا قبل الكمبري‪.‬‬ ‫ويتمثل العصر الفحمي في جنوب إفريقيا في مساحات شاسعة‬ ‫من صخور منتظمة لم يعتريها الإلضطراب‪ ،‬وتتكون في معظمها‬ ‫من صخور رملية والعصر الترياسي في الصحراء الكبرى بحيرى‬ ‫الرواسب في معظمه و يشتمل على رواسب من امللح واجلبس وال‬ ‫توجد رواسب بحرية حقيقية فيما بعد العصر الديفوني وحتى العصر‬ ‫اجل��وراس��ي بينما جند رواس��ب بحرية م��رة أخ��رى وه��ذه ينحصر‬ ‫وجودها في الهوامش الشمالية للقارة وفي الساحل الشرقي من‬ ‫الصومال إلى تنجانيقا إلى مدغشقر وينعدم وجود هذه الرواسب‬ ‫اآلن فوق سطح الكتلة اإلفريقية فكلها تتواجد على هوامشها‪.‬‬

‫يعيش معظم األفارقة في وحدات قبلية‬ ‫مستقلة تعتمد على البيئة احمللية للمعيشة‬ ‫والتبادل بأساليب بدائية‬ ‫الدول اإلفريقية احلديثة ظهرت في ظل‬ ‫أوضاع اجتماعية وثقافية واقتصادية‬ ‫متخلفة تغلب عليها احلروب واملنازعات‬ ‫القبلية‬

‫وفي الداخل جند جميع الرواسب ابتداء من العصر الكريتاسي‬ ‫قارية األص��ل تراكمت هناك إم��ا في بحيرات داخلية ضحلة أو‬ ‫تتركب من رم��ال هوائية النشأة ومثال للرواسب الهوائية رمال‬ ‫كلهاري في اجلنوب ورمال الصحراء الكبرى املتحركة في كثير من‬ ‫البقاع‪.‬‬ ‫وم��ن هنا ن��رى أن إفريقيا أس��اس�اً كثلة صلبه تتكون من صخور‬ ‫قدمية تظهر فوق سطح جزء عظيم من القارة وكثير من سطح‬ ‫القارة مغطى بغطاء رقيق من الصخور األحدث‪ .‬وتبدو هذه الصورة‬ ‫اجليولوجية لقارة إفريقيا مبسطة إلى حد كبير‪ .‬إال أنها ضرورية‬ ‫لفهم التركيبة الطبيعية ملكونات االقتصاد اإلفريقي‪.‬‬ ‫األخدود اإلفريقي العظيم‬ ‫يدل عظم امتداد هذا األخدود على ضخامة العملية التي أنشأته‬ ‫وعنفوانها فاملسافة بني بيرا قرب نهايته اجلنوبية والنهاية الشمالية‬ ‫للبحر األح�م��ر تصل إل��ى نحو ‪ 5600‬ك��م وق��د نشر جريجوري‬ ‫‪ CREGORY.W. J‬دراسته عن األخدود في عام ‪ 1921‬والحظ‬ ‫أن األودية األخدودية التابعة للنظام تقطع بعضاً من أعلى أجزاء‬ ‫الكتلة اإلفريقية التي كانت قد تقوست إلى أعلى في نفس الوقت‬


‫األخدود االفريقي‬ ‫على األفريقيات يعتمد النظام الزراعي في افريقيا‬

‫الذي فيه تقوست أحواض معينة إلى أسفل‬ ‫« وجوهر نظرية (جريجوري) أن األخ��دود قد نشأ نتيجة شد‬ ‫في القشرة األرضية اإلفريقية تسبب في تكسر الصخور وهبوطها‬ ‫فتكون األخدود»‪)2(.‬‬ ‫نظم اجلبال اإللتوائية‬ ‫عانت القارة اإلفريقية من اإلنكسارات وأشكال حركات والتقوس‬ ‫والتحدب على نطاق واسع‪ ،‬كما حتوي القارة تراكيب أخرى مختلفة‬ ‫في هوامشها الشمالية واجلنوبية‪ ،‬ففي الشمال الغربي متتد جبال‬ ‫أطلس اإللتوائية ملسافة ‪ 1500‬ميل من جنوب مراكش حتى تونس‬ ‫وتقع منطقة أطلس بني البحر املتوسط والدرع القاري اإلفريقي وفيما‬ ‫بني هاتني الكتلتني كما ميتد بحر جيولوجي قدمي يعرف بجرنيتش‪،‬‬ ‫منذ العصر اجلوراسي وفيه تكونت الرواسب بسمك عظيم وفي‬ ‫إفريقيا متتد سالسل الكاب وهي ذات تركيب إلتوائي أقدم عمراً‬ ‫من جبال أطلس‪.‬‬ ‫النشاط االقتصادي في إفريقيا‬ ‫ما تزال قارة إفريقيا مفككة االرتباط والصلة باالقتصاد العاملي فهي‬

‫ال تشارك في االقتصاد والتجارة العاملية إال بقدر ضئيل إذا قيست‬ ‫بالقارات األخ��رى ومشاركتها تعتمد أساساً على الثروة البترولية‬ ‫واخلامات املعدنية وبعض احملصوالت الزراعية‪.‬‬ ‫ويعيش معظم اإلفريقيني في وحدات قبلية مستقلة تعتمد على البيئة‬ ‫احمللية للمعيشة والتبادل وهم ما يزالون يعتمدون على أساليب بدائية‬ ‫في الزراعة والرعي‪ ،‬بل يعيش بعضهم حتى اآلن على الصيد واجلمع‬ ‫أو على ممارسة هذه احلرف جميعاً‪ ،‬وال ريب أن ضروب االقتصاد‬ ‫هذه هي انعكاس إلمكانيات البيئة الطبيعية وللمؤثرات الثقافية‬ ‫ولضروب املعيشة التقليدية‪.‬‬ ‫وبالرغم من أن الدول احلديثة التي نشأت في إفريقيا املستقلة قد‬ ‫ظهرت في ظل أوض��اع اجتماعية وثقافية واقتصادية متخلفة‪ ،‬إال‬ ‫أنها تشهد اآلن تغيراً نحو األفضل في شتى املجاالت فاحلروب‬ ‫واملنازعات القبلية قد توقفت وع ّم األمن واالستقرار‪ ،‬وفي ظل حياة‬ ‫مستقرة ت��زداد النقدية كالقطن والنب والشاي ومت شق سبل للنقل‬ ‫واملواصالت ومت كشف مناجم جديدة فض ً‬ ‫ال عن ظهور الصناعة في‬ ‫معظم دول إفريقيا‪.‬‬ ‫وفيما يلي عرض ألهم األنشطة االقتصادية في إفريقيا‪:‬‬ ‫‪ .1‬الصيد واجلمع‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬ ‫(الصيد واجلمع) هي أقدم حرفة عرفها‬ ‫اإلنسان منذ العصر احلجري القدمي‬ ‫ولكنها ظلت سائدة حتى عهد قريب جد ًا‬ ‫في جنوب وشرق إفريقيا‬ ‫الرعي املتنقل يسود نطاق احلشائش‬ ‫املمتد من اإلقليم االستوائي حتى حدود‬ ‫الصحراء الكبرى‬

‫إنتاج النفط وضع بعض الدول اإلفريقية في قلب أحداث العالم‬

‫ه��ي أق ��دم ح��رف��ة عرفها اإلن �س��ان منذ العصر احل �ج��ري القدمي‬ ‫وكانت حتى عهد قريب جداً سائدة في كل جنوب وشرق إفريقيا‬ ‫وهي اآلن ما تزال موجودة في مناطق الغزلة حيث ميارسها أقوام‬ ‫وشعوب متخلفة ال تزيد أعدادها على بعض مئات من اآلالف وأشهر‬ ‫هذه الشعوب البوشمن في صحراء كلهاري واألقزام في غابة زائير‬ ‫االستوائية‪ ...‬ألخ‪ .‬وتتشابه هذه اجلماعات في مستواها احلضاري‬ ‫رغم وجود بعض االختالفات احمللية فهي تستعمل احلراب املسممة‬ ‫واألقواس والسهام في الصيد وتقسيم العمل بني الراحليوان‪،‬ة شائع‬ ‫بالقبائل‪ ،‬قبائل‪ ،‬فتقوم النساء بجمع الثمار وجذور النباتات إلى جانب‬ ‫إعداد الطعام وبناء املسكن وتربية األطفال‪ ،‬أما الرجال فيقومون‬ ‫بعملية الصيد التي حتتاج إلى جرأة وشجاعة مهارة وصبر خاصة‬ ‫أنهم يستخدمون أدوات بدائية غير فعالة‪.‬‬ ‫وقد أدت حرفة الصيد في العصر احلديث إلى اإلسراف فيه ويرجع‬ ‫ذلك إلى استخدام األسلحة النارية بواسطة األوروبيني واإلفريقيني‬ ‫لصيد أنواع مرغوب فيها من احليوان‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى القضاء على‬ ‫الكثير من احليوانات البرية وبالتالي إلى اختالف التوازن في االلغابية‬ ‫فالرعي‪:‬ر احليوان بدخول مستحدثات القنص في إفريقيا بعد تأثر‬ ‫الغطاء النباتي باإلنسان املزارع واملزارعني من قبائل البانتو قد اجتثوا‬ ‫مساحات كبيرة من أشجار الغابة االستوائية إلحالل الزراعة محلها‬ ‫وقد تنبه املسئولني إلى األخطار احملدقة بالغابة والثروة الغابية فبذؤا‬ ‫بانتهاج سياسات لصيانة الغابات واحملافظة عليها بل وإعادة التشجير‬ ‫لزيادة املساحات الغابية‬ ‫‪ .2‬الرعي‬ ‫يشارك اإلفريقي بحرفة الرعي في اإلنتاج بدالً من استغالل املوارد‬ ‫احليوانية في الطبيعة‪ .‬وقد ظهر الرعي في إفريقيا وتطور خالل‬ ‫األلف سنة األخيرة‪ ،‬ومتيل معظم الدول إلى تثبيت واستقرار الرعاة‬ ‫والبدو والتدخل في ضروب معيشتهم لتحسني سالالت احليوان‪،‬‬ ‫وهذا وغيره سوف يؤدي في النهاية إلى زوال الصومال‪ .‬التقليدي‬

‫وإحالله بأمناط أخ��رى من النشاط االقتصادي ترتبط بالزراعة‬ ‫وتربية احليوان ومنها الزراعة املختلطة حيث تخدم الزراعة تربية‬ ‫احليوان والعكس‪.‬‬ ‫حرفة الرعي في إفريقيا أعظم انتشاراً بكثير من حرفة الصيد‬ ‫فالرعي املتنقل يسود نطاق احلشائش املمتد من اإلقليم االستوائي‬ ‫حتى حدود الصحراء الكبرى في الشمال ومن هضبة احلباألوروبيني‪.‬‬ ‫لسنغال غرباً كما يوجد الرعي املتنقل في الصحراء الكبرى وصحراء‬ ‫الصومال‪.‬‬ ‫وحيوان الرعي في مراعي السفانا هي األبقار أما اإلبل ففي املناطق‬ ‫الصحراوية ومع األبقار واإلبل ترعى املوبشرية‪.‬غنام ويقتصر وجود‬ ‫اخلنازير في وقتنا احلاضر على مراعي األوروبيني‪.‬‬ ‫ورغم أهمية الرعي في إفريقيا إال أن العائد االقتصادي منه قليل‬ ‫غير مناسب ويرجع ذلك ألسباب بيئية وطبيعية وبشرية وحتسينها‪،‬‬ ‫فاملناخ والتربة يعوقان عملية الرعي في كثير من جهات القارة وتعرقل‬ ‫طبيعة األمطار املتذبذبة دون تنمية املراعي وحتسينها‪ ،‬فاحلشائش‬ ‫تنمو بسرعة عقب سقوط األمطار وتصبح صاحلة للرعي لكنها تزداد‬ ‫خشونة بحلول فصل اجلفاف‪.‬‬ ‫وكان انتشار ذبابة تسي تسي في مناطق واسعة من واإلفريقي‪،‬له أثره‬ ‫في حرمانها من تربية املاشية وفي حرمان السكان من اللحوم واأللبان‬ ‫وملا كان هذا الذباب يعيش في درج��ات احل��رارة العالية والرطوبة‬ ‫املرتفعة فإن نطاق انتشاره يتسع نحو الشمال أو نحو اجلنوب تبعاً‬ ‫لفصل املطر‪.‬‬ ‫والزراعة‪ :‬انخفاض نصيب حرفة الرعي في االقتصاد اإلفريقي‪ ،‬إن‬ ‫املاشية ال تدخل في التجارة وبأحجام كبيرة ألن اقتناءها مهم لدى‬ ‫كثير من القبائل كدليل على الثراء وللمقايضة ودفع الصداق عند‬ ‫الزواج يضاف إلى ذلك أن املاشية ملك مشاع للقبيلة أو العشيرة فليس‬ ‫للفرد حرية التصرف فيها‪.‬‬ ‫‪ .3‬الزراعة‬


‫الزراعة الواسعة في إفريقيا تدخل ضمن‬ ‫الزراعة التجارية التي يسيطر عليها‬ ‫األوروبيون‬ ‫الشركات األجنبية الضخمة التي‬ ‫حملت على عاتقها مسؤولية الصناعات‬ ‫االستخراجية مستقلة وال ترتبط مالي ًا‬ ‫بالدول اإلفريقية‬ ‫متثل أراضي السافانا جزءا هاما من أراضي الرعي والزراعة في إفريقيا‬

‫هناك ثالثة أمناط من الزراعة فى إفريقيا‪:‬‬ ‫«ال��زراع��ة التقليدية البدائية أو املتنقلة وتعرف ب��زراع��ة االكتفاء‬ ‫الذاتي‪ ،‬والزراعة الكثيفة‪ ،‬ثم الزراعة الواسعة لدى األوروبيني‪ ،‬ويدخل‬ ‫النمطان األخيرين ضمن الزراعة التجارية»‪)3(.‬‬

‫السكان ويفيض من بعضها جزء للتصدير‪ ،‬وكان ذلك يحدث حتى‬ ‫أواسط القرن العشرين بالنسبة ملصر ولشمال غرب إفريقيا وحتى‬ ‫بالنسبة لليبيا «حيث كان املستوطنون اإليطاليون يرسلون قسماً من‬ ‫إنتاجهم إلى إيطاليا»‪)4(.‬‬

‫الزراعةالبدائية‬ ‫ينتشر هذا النمط البدائي في مناطق الغابات و السفانا وتسمى‬ ‫بالزراعة املتنقلة ألن القبيلة أو العشيرة إذا ما أحست بضعف التربة‬ ‫وإجهادها انتقلت إلى مكان آخر‪ ،‬وكثيراً ما تعود العشيرة إلى مناطق‬ ‫سبق إخالؤها وزراعتها وذلك بعد مضى سنوات تكون التربة أثناءها‬ ‫قد استردت خصوبتها وبالتالي تصبح عملية االنتقال أشبه بالدورة‬ ‫الزراعية و غ�لات ال��زراع��ة التقليدية غ�لات غذائية يعتمد عليها‬ ‫السكان في حياتهم وأهمها مجموعة احلبوب كالذرة الرفيعة بأنواعها‬ ‫وكذلك األرز ثم احملصوالت الدرنية كالبطاطس باإلضافة إلى البقول‬ ‫واخلضروات من أمثال البسلة والفاصوليا والفول وبعض احملصوالت‬ ‫الشجرية كاملوز‪.‬‬ ‫وتشارك األم بدور هام في العمل الزراعي بل هي تقوم عادة مبعظم‬ ‫العمليات الزراعية كإعداد األرض والبذر واحلصاد‪ ،‬أما الرجل فيقوم‬ ‫باألعمال الشاقة التي تتطلب قوه جسما نية كقطع األشجار والصيد‪.‬‬

‫زراعة الغالل التجارية عند اإلفريقيني‬ ‫ظهرت الغالل التجارية في مناطق الزراعة الكثيفة في مصر منذ‬ ‫نحو مائة وخمسني عام كما أدخلت حديثاً في إفريقيا املدارية‪ ،‬حيث‬ ‫املناطق التي كانت تعتمد اعتماداً كبيراً على الزراعة الدائمة‪ ،‬وهي‬ ‫زراعة االكتفاء الذاتي‪ ،‬وتتمثل احملصوالت النقدية في القطن (يزرع‬ ‫في السودان وأوغندا ونيجيريا باإلضافة إلى مصر) واألرز والفول‬ ‫السودان والكاكاو والنب باإلضافة إلى تنمية محصوالت تنمو طبيعياً‬ ‫من أجل التصدير كنخيل الزيت وجوز الهند‪.‬‬ ‫وكان من مزايا دخول الغالت النقدية إن ظهرت مشروعات الري‬ ‫الدائم واملشروعات الزراعية الكبرى فأنشئت في مصر من أوائل‬ ‫القرن التاسع عشر القناطر لرفع مياه النيل لتغذية ترع الري الدائم‪،‬‬ ‫ثم السدود‪ :‬سد أسوان والسد العالي لتوفير املياه لعمليات التوسع‬ ‫واالستصالح الزراعي وفي السودان مت إنشاء السدود على النيل‬ ‫الزرق والنيل األبيض وأقيمت مشروعات الزراعة في أرض اجلزيرة‬ ‫ودلتا اجلاسن‪.‬‬ ‫ ‬ ‫التعدين‬ ‫رغم أن التعدين ميارس في إفريقيا منذ القدم إال أن إنتاج املعادن على‬ ‫نطاق واسع وبكميات كبيرة بدأ بعد االستعمار األوروبي لقارة إفريقيا‬ ‫فأول إنتاج للتعدين بدأ بعد االحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬وكان أول‬ ‫معدن ينتج فيها هو احلديد في عام ‪ 1965‬م ثم الفوسفات في عام‬ ‫‪ 1886‬م وفي أجزاء إفريقيا األخرى بدأت الصناعات االستخراجية‬ ‫احلديثة في خالل هذا القرن‪ ،‬أما البحث عن البترول وإنتاجه فقد‬

‫الزراعةالكثيفة‬ ‫ظهر هذا النوع من الزراعة في وادي النيل مبصر وفي شمال إفريقيا‬ ‫املطل على البحر املتوسطالسكر‪،‬د طويل‪ ،‬ومرجع ذلك خلصوبة التربة‬ ‫وجتددها بالطمي الذي يأتي به النيل زمن الفيضان وبسبب استخدام‬ ‫احملراث واألسمدة العضوية باإلضافة إلى استقرار املزارعني‬ ‫وي��زرع القمح ويليه في األهمية ال��ذرة والشعير والبقول والنباتات‬ ‫الدرنية واخلضروات وقصب السكر‪ ،‬ونظراً الستخدام طرق زراعية‬ ‫متقدمة ونظم الري متباينة كانت كمية اإلنتاج كبيرة تفي باحتياجات‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬ ‫احلديد والفوسفات والرصاص‪ ،‬وجنوب إفريقيا الذي ينتج الذهب‬ ‫واالسبستوس والفحم‪ ،‬وغانا التي تنتج الذهب وامل��اس واملنجنيز‪،‬‬ ‫ونيجيريا التي تعدن القصدير‪ ،‬وسيراليون التي تنتج خام احلديد‬ ‫واملاس‪ ،‬وأجنوال وتنزانيا حيث يعدن الذهب‪ ،‬ويدخل في حقل التعدين‬ ‫كل عام دولة إفريقية جديدة‪.‬‬ ‫وقد كان الذهب واملاس ميثالن أكثر من (‪ )60%‬من اإلنتاج املعدني‬ ‫بإفريقيا حتى عام ‪ 1956‬م ومتد إفريقيا العالم باملعادن النادرة فهي‬ ‫حتتوي على (‪ )90%‬من احتياطي الكروم وتنتج سنوياً نحو ثلث‬ ‫اإلنتاج العاملي كما تنتج ربع اإلنتاج العاملي من املنجنيز وأكثر من ثلثي‬ ‫إنتاج الكوبالت وأربعة أخماس إنتاج التيتانيوم‬ ‫« وتنتج إفريقيا أكثر من نصف إنتاج العالم من الذهب وخمس إنتاجه‬ ‫من البالتني ومعظم إنتاجه من املاس «‪)6(.‬‬

‫تهريب العاج من إفريقيا‬

‫تأخر حتى اخلمسينيات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫وكانت عمليات الكشف عن مصادر الثروة املعدنية بإفريقيا خالل‬ ‫العقود األولى من القرن املاضي بطيئة ومبعثرة وكان هذا من بني‬ ‫أسباب تأخر توسيع أعمال التعدين‪ ،‬يضاف إل��ى ذل��ك صعوبات‬ ‫أخ��رى تختص بصعوبة النقل وارتفاع تكاليفه ومشكالت استثمار‬ ‫املال األجنبي وذبذبات األسعار في السوق العاملي وسرعة استهالك‬ ‫اآلالت ثم النقص في األيدي العاملة املدربة‪.‬‬ ‫وق��د تكونت ش��رك��ات أجنبية ضخمة معظمها مستقل ال يرتبط‬ ‫مالياً بالدول اإلفريقية حملت على عاتقها مسؤولية الصناعات‬ ‫اإلستخراجية بإفريقيا «وما تزال املناصب الكبرى إدارية وفنية في‬ ‫أيدي غير اإلفريقيني ومع هذا فإن دول القارة حتاول إدخال العناصر‬ ‫الوطنية بالتدريج وإحاللهم محل األجانب»‪)5(.‬‬ ‫و يعمل بأعمال املناجم نحو مليون وربع إفريقي يعمل منهم نصف‬ ‫مليون في مناجم جنوب إفريقيا‪ ،‬حيث يعدن الذهب واملاس وكميات‬ ‫كبيرة من اليورانيوم والفحم و االسبستوس واحل��دي��د واملنجنيز‬ ‫والكروم‪ ،‬وقد أنتج جنوب إفريقيا وحده من املعادن ما يوازي خمس‬ ‫قيمة اإلنتاج املعدني في القارة في اخلمسينيات وما يزال ينتج أكثر‬ ‫من اخلمس‪.‬‬ ‫ومن املناطق الرئيسية في اإلنتاج املعدني بإفريقيا إقليم كاتنجا‬ ‫املعدني بجمهورية زائير الذي يجد له امتداداً في شمال روديسيا‬ ‫وال��ذي ينتج النحاس بكميات كبيرة‪ ،‬كما ينتج الكوبالت اليورانيوم‬ ‫والفضة والذهب والبالتني والقصدير ومعادن أخرى نادرة‪ ،‬وال يتفوق‬ ‫على زامبيا وزائير من دول العالم سوى شيلي في إنتاج النحاس‪،‬‬ ‫وزائير غنية أيضا باملنجينز والقصدير والذهب وتنتج غانا كميات‬ ‫كبيرة من املنجنيز ولديها احتياطي كبير منه‪.‬‬ ‫واملغرب من أقاليم إفريقيا الهامة في اإلنتاج املعدني الذي ينتج خام‬

‫موارد الطاقة‬ ‫تعاني إفريقيا نقصاً في مصادر القوى والوقود خصوصاً في الفحم‬ ‫وإلى حد متوسط في البترول لكن يعوض فقرها في إنتاج الفحم‬ ‫إمكانيات ضخمة من القوى املائية تقدر بنحو (‪ )23.1%‬من إمكانيات‬ ‫العالم ‪.‬‬ ‫وتنتج إفريقيا من الفحم ما يقارب (‪ )3%‬من إنتاج العالم وهو ما‬ ‫يعادل نحو (‪ )60‬مليون طن سنوياً ويتركز القارة‪ ،‬النصف اجلنوبي من‬ ‫القارة‪ ،‬وتأتي جمهورية جنوب إفريقيا في املقدمة فهي تنتج وحدها‬ ‫ما يزيد على (‪ )51.5%‬أو ما يناهز (‪ )55‬مليون طن من أنواع الفحم‬ ‫اجليد وهو القطراني الصالح للكوك واحتياطي الفحم في هذه الدولة‬ ‫يزيد على (‪ )72‬مليار طن وتأتي زامبيا و زميبابوي و روديسيا بعد‬ ‫جنوب إفريقيا في إنتاج الفحم فهي تنتج أكثر من ثالثة ماليني طن‬ ‫كل سنة من حقلهاالبترولية‪،‬انكي‪ ،‬وتعتبر زامبيا الدولة الثالثة في‬ ‫إفريقيا في إنتاج الفحم بكمية سنوية مقدارها حوالي ثلثي مليون طن‬ ‫ويقل اإلنتاج في املغرب عن نصف مليون طن‪.‬‬ ‫وإذا كان النصف اجلنوبي من قارة إفريقيا غنياً مبعادنه فإن نصفها‬ ‫الشمالي خاصة أطرافه الشمالية الغربية غني بثروته البترولية‪ ،‬وقد‬ ‫كانت مصر أكبر دولة إفريقية منتجة للبترول حتى نهاية اخلمسينات‬ ‫وتونس‪ .‬كل من اجلزائر وبعدها ليبيا ميدان اإلنتاج بعد عام ‪ 1960‬م‪.‬‬ ‫وفي غرب إفريقيا بدأت نيجيريا منذ عام ‪ 1963‬تدخل في عداد‬ ‫الدول املنتجة للنفط وهي األولى في اإلنتاج بني دول إفريقيا بعد‬ ‫أن خفضت ليبيا إنتاجها ويوجد البترول بكميات ضئيلة في أجنوال‬ ‫وجابون وزائير وتونس‪.‬‬ ‫وميثل ال�غ��از الطبيعي مصدر آخ��ر للطاقة التي تنتجها إفريقيا‬ ‫وباجلزائر أكثر من نصف احتياطي الغاز اإلفريقي تليها نيجيريا وبها‬ ‫خمس االحتياطي ثم ليبيا (‪ )14%‬وينقل الغاز اجلزائري مباشرة إلى‬ ‫أوروبا «ويشكل االحتياطي اإلفريقي من الغاز الطبيعي نحو (‪)1%‬‬ ‫من االحتياطي العاملي بينما يصل احتياطي إفريقيا من البترول نحو‬ ‫(‪ )15%‬من املجموع العاملي “‪)7(.‬‬ ‫وبإفريقيا إمكانيات ضخمة من القوى املائية متثل نحو (‪ )23%‬من‬ ‫إمكانيات العالم لكن ما استغل منها حتى اآلن قدر ضئيل وترتبط‬ ‫مواقع القوى املائية بأشكال السطح وظروف البالقارة‪.‬انيات القوى‬ ‫املائية في إفريقيا تتركز على اخلصوص في النطاق االستوائي‬ ‫حيث الظروف املناخية غير مالئمة وحيث يقل السكن وبعيداً عن‬


‫ميثل الرعي التقليدي أحد أهم أركان االقتصاد في القارة السمراء‬

‫مناطق الصناعة والعمران‪ ،‬وقد مت إنشاء عدة مشروعات ضخمة‬ ‫لتوليد لقوى الكهرومائية تعتمد على تخزين املياه خلف السدود وذلك‬ ‫لضمان تدفق املياه وبالتالي استمرار احلصول على الكهرباء طوال‬ ‫السنة وتزايد بذلك إنتاج الكهرباء منذ بداية الستينات تزايداً كبيراً‬ ‫خاصة بعد إنشاء السد العالي مبصر وتوجد خزانات أخرى لتوليد‬ ‫القوى الكهرومائية بأماكن عديدة على النيل بالقارة‪.‬‬ ‫الصناعة‬ ‫ليس م��ن السهل التمييز ب�ين الصنائع (‪ )Crefts‬والصناعات‬ ‫(‪ )Industries‬لكن بينالزراعية‪،‬ت قد دخلت إفريقيا في وقت‬ ‫حديث بصورة عامة فإن الصنائع تقليدية وتنتشر في أرجاء القارة‪،‬‬ ‫فالبد من وجود قبائل أو جماعات أو قرى تتخصص في صنعة معينة‬ ‫كاحلدادة أو النسيج واحلياكة أو اخلزف والفخار أو تتخصص في‬ ‫صنع األغطية واحلصير واجللود أو بناء القوارب أو حتى الشعوذة‬ ‫واملوسيقى‪ ،‬وكثير من هؤالء يحتشدون في أسواق املدن وميادينها‬ ‫لكن اإلنتاج في العادة قليل وغير منظم‪.‬‬ ‫وتقوم الصناعات ذات اإلنتاج الكبير في معظمها على تصنيع املعادن‬ ‫واملنتجات الزراعية‪ ،‬وقد كان ملناطق توزيع املواد اخلاوالزيوت‪،‬واجد‬ ‫وتأثير األوروبيني األثر األكبر في توطني الصناعات‪ ،‬فالصناعة في‬ ‫جنوب إفريقيا متثل صناعة اإلنتاج الكبير باملفهوم األوروب��ي حيث‬ ‫يتوافر رأس امل��ال واخلبرة وامل��واد اخل��ام‪ ،‬أما الصناعة في مصر‬ ‫فقدمية وهي من أق��دم الصناعات احلديثة في القارة وفي مصر‬ ‫تتوفر اخلبرة ورأس املال الوطني في معظمه وإن كانت تنقصها بعض‬ ‫اخلامات وهناك صناعات حديثة أدخلها األوروبيون في روديسيا‬ ‫وزائير ودول املغرب‪.‬‬ ‫وقد مول األوربيون كثيراً من الصناعات االستهالكية وتنمو وتزداد‬ ‫باستمرار صناعات كالصابون والطباق واملنسوجات القطنية والزيوت‪،‬‬

‫وق��د كانت احلكومات االستعمارية تعتمد على استثمار األم��وال‬ ‫األجنبية فقط وتلك لم تكن كافية وتساهم احلكومات املستقلة اآلن‬ ‫في الصناعة في محاوالت منها إليجاد فرص عمل للسكان احملليني‪،‬‬ ‫ونظراً الرتباط النمو الصناعي بارتفاع مستوى املعيشة وطبيعي أن‬ ‫تكون األولوية للصناعات القائمة على اخلامات احمللية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫منها خامات التصدير إلنقاص تكاليف نقلها ورفع قيمتها وصناعة‬ ‫استخراج الزيت من الفول السوداني في غ��رب إفريقيا وصناعة‬ ‫استخراج زيت النخيل في زائير ونيجيريا وزي��ت الزيتون في دول‬ ‫املغرب العربي‪.‬‬ ‫كما يتم اآلن تصدير النحاس بعد تكريره واستخالصه من الشوائب‬ ‫وذلك في زائير وزامبيا وروديسيا ونظراً لكثرة املنشآت وأعمال البناء‬ ‫والتعمير كثرت مصانع األسمنت في دول القارة فض ً‬ ‫ال عن الصناعات‬ ‫املرتبطة بامللبس وخاصة املنسوجات القطنية وزاد االهتمام أخيراً‬ ‫بصناعة األسمدة «ويتم تكرير حصة ال بأس بها من إنتاج البترول‬ ‫خاصة في جنوب إفريقيا ومصر واجلزائر ونيجيريا وليبيا»‪)8(.‬‬ ‫هوامش ‪:‬‬

‫*‬

‫( ) الدكتور محمد الساعدي رئيس جامعة سرت سابقاً‪.‬‬ ‫‪ .1‬جودة حسنني جودة‪ .‬جغرافية إفريقيا األقليمية‪ .‬األسكندرية‪ ،‬املكتب‬‫اجلامعي احلديث‪ ،‬ص ‪ ،35‬وأنظر في ذلك أيضا‪ :‬جودة حسنني جودة‪ .‬دراسات‬ ‫في اجلغرافيا الطبيعية للصحاري العربية‪ .‬األسكندرية‪ ،‬منشأة ملصارف‪1980 ،‬‬ ‫‪ 2‬جودة حسنني جودة‪ ،‬املرجع السابق نفسه ص ‪42‬‬‫‪ 3‬جودة حسنني جودة‪ ،‬مرجع السابق نفسه ص ‪.136‬‬‫‪ 4‬جودة حسنني جودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬‫‪ 5‬جودة حسنني جودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬‫‪ 6‬جودة حسنني جودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬‫‪ 7‬جودة حسنني جودة‪ ،‬مرجع سابق ذكره‪ ،‬ص ‪144‬‬‫‪ 8-‬جودة حسنني جودة‪ ،،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫قريب ًا‪ ..‬فتنة الوراق‬ ‫في طبعته الثانية‬

‫أول كتاب بالعربية‬ ‫مخصص لسيرة‬ ‫أبي عيسى الوراق‬

‫يصدر قريباً عن دار تانيت للنشر والدراسات الطبعة الثانية من كتاب‬ ‫«فتنة ال��وراق» تأليف‪ :‬عبداملنعم احملجوب‪ ،‬وكانت الطبعة األول��ى قد‬ ‫صدرت بطرابلس سنة ‪ 2012‬عن «دار ليبيا الوطن» ‪.‬‬ ‫فتنة ال��وراق كتاب حول نقد الفكر الديني في القرن الثالث الهجري‪،‬‬ ‫مخصص لسيرة أبي عيسى الوراق‬ ‫ويعتبر أول كتاب يصدر باللغة العربية‬ ‫ّ‬ ‫الذي يعتبر أول ناقد ملفهوم الدين وفكرة التد ّين في تاريخ اإلسالم‪ ،‬والذي‬ ‫ُوصف بامللحد وصنّفت الكثير من الكتب رداً عليه وعلى انتقاده لإلسالم‬ ‫واملسيحية واليهودية‪.‬‬ ‫كان الو ّراق نباتياً‪ ،‬وقريباً من الشيعة‪ ،‬ودارساً للمانوية‪ ،‬ومحاوراً للثقافات‬ ‫التي كانت سائدة آنذاك‪ ،‬وقد توفي في سجنه بعد أن تع ّرض ملكيدة من‬ ‫املعتزلة الذي وشوا به لدى اخلليفة‪.‬‬ ‫من فصل بعنوان (أبولوجيا) يقول املؤلف‪ :‬الدين ظاهرة لغوية‪ ،‬فاللغة‬

‫– اللغة وحدها – جتعل الدين حقيقة واقعية‪ .‬وليتم ّكن أبوعيسى الوراق‬ ‫من إثبات ذلك عمد إلى «الطعن» في إتقان وإحكام بعض اآليات‪ ،‬وأظهر‬ ‫تناقضها‪ ،‬وش ّكك – بالتالي – في اإلعجاز التخييلي للقرآن‪ ،‬مفترضاً‬ ‫أن محمداً (الذي لم يكن أم ّياً على اإلطالق) كان األكثر بالغ ًة لقدرته‬ ‫على تأليف هذا النص‪ ،‬بينما كان العرب منشغلني باحلروب واستباق‬ ‫ذواتهم هرباً من وصمة اجلاهلية‪ .‬لكن اإلسالم لم يكن هو الصنم الوحيد‬ ‫بالنسبة للوراق‪ .‬اليهودية واملسيحية كانتا صنمني كبيرين أيضاً يحتالن‬ ‫ساحات بغداد‪ ،‬هكذا انتقد أه ّم ما تقومان عليه من أسس‪ ،‬وأحلق بهما‬ ‫املجوسية‪ ،‬بل وكل دين آخر دون حتديد‪ ،‬ليتح ّول إلى أول ناقد ملفهوم‬ ‫الدين‪ .‬ولسوف يعمل – طوال حياته – على إنقاذ مشروعه النقدي هذا‬ ‫من املطاردة واملالحقة واالتهامات التي لم يستطع ص ّدها‪ ،‬ليقع أخيراً في‬ ‫يد املعتزلة‪ ..‬خصومه األيديولوجيني املتحالفني مع السلطة‪.‬‬

‫الزويك في مصر للعالج والفن‬ ‫طمأن األطباء الفنان التشكيلي الليبي علي‬ ‫ال��زوي��ك على صحته بعد خضوعه مؤخرا‬ ‫لعدد من الفحوصات الطبية الدقيقة أجراها‬ ‫بأحد مشافي اإلسكندرية ‪ ..‬و ف��ور إجناز‬ ‫مهمته الصحية بنجاح ش��رع ال��زوي��ك في‬ ‫زي��ارة أصدقائه التشكيليني املصريني بغية‬ ‫اإلطالع على نتاجاتهم اجلديدة في اإلبصار‬ ‫الفني‪،‬وعقد ح ��وارات مفتوحة معهم حول‬ ‫التجربة التشكيلية‪ ،‬وما يحاصر لوحة اليوم‬ ‫من أسئلة صادمة تنتهي بالسؤال املفتوح ‪:‬‬ ‫هل باتت لوحة املسند حاليا في حكم امليت‬ ‫بعد استنفاذها ملمكنات التجريب واملمارسة؟‬ ‫أول التشكيليني الذين ألتقى بهم الزويك‬ ‫كان الفنان املصري فتحي عفيفي الذي أقام‬ ‫مؤخرا معرضا بالزمالك‪ ،‬وحظي مبتابعة‬ ‫م��ن مجلة املستقل‪ ،‬فيما م��ازال��ت لقاءاته‬ ‫متواصلة مع بقية الفنانني األخرين الذين‬ ‫جتمعهم بعلي ال��زوي��ك ع�لاق��ات إنسانية‬ ‫ف �ي��اض��ة دف �ع��ت ب��أح��ده��م إل ��ى اس�ت�ض��اف��ة‬ ‫الزويك ببيته في حلوان ‪.‬‬ ‫الزويك الذي يوصف في ليبيا بالفنان املتمرد‬

‫علي الزويك‬

‫لم تأسره مدرسة فنية بعينها‪ ،‬ولم يطرباً‬ ‫يوما للوحة التزيينية‪ ،‬ولم ينظر إلى ثنائية‬ ‫األص��ال��ة وامل�ع��اص��رة م��ن امل��وق��ع اإليدلوجي‬ ‫أو املوقع الذرائعي‪ ،‬بل ك��ان دائما منحازا‬ ‫إلى روح املغامرة في األداء التشكيلي متكئاً‬ ‫على ق ��راءات وإب �ص��ارات ثرية ف��ي املنتوج‬ ‫التشكيلي على مستوى العالم ‪ .‬لهذا لم يكن‬ ‫مستغربا ذهابه منذ مرحلة القرية البيضاء‬ ‫والغابة الزرقاء إلى البحث عن نص بصري‬ ‫متفرد ال يوجد شبيها له على املساند ‪.‬‬ ‫ال��زوي��ك حاليا ف��ي ان�ت�ظ��ار كتابه اجلديد‬ ‫« شعرية النظر» ال��ذي يحوي آراءا جريئة‬ ‫في التشكيل والتطبيقات الفنية عبر حلقة‬ ‫نقاش جمعته مع الراحل وجيه مطر‪ ،‬وعبد‬ ‫املنعم احملجوب قبل ‪ 15‬عاما تقريبا‪.‬‬ ‫اجلذير ذكره هنا أن االستاذ الكاتب محمود‬ ‫البوسيفي كان سباقا إلى نقل مائيات الزويك‬ ‫من خوابيها إلى العلن عندما بادر قبل أعوام‬ ‫بطباعة ك �ت��اب يحمل ب�ين غ�لاف�ي��ه جتربة‬ ‫الزويك املثيرة للجدل في الرسم حتت عنوان‬ ‫« فيوض السرد ‪ ..‬فن اخللية «‬


‫مجلة بانيبال تنحاز إلى ربيع السرد‬

‫فصول من روايات ‪ ..‬مراجعات في‬ ‫كتب من بينها « تيتانيكات إفريقية»‬ ‫ك� � ّرس ��ت م �ج �ل��ة «ب��ان��ي��ب��ال»‪ ،‬ال �ت��ي ت�ص��در‬ ‫باإلجنليزية م��ن ل�ن��دن‪ ،‬ملف ع��دده��ا الثاني‬ ‫واخلمسني للرواية ىالعربية اجلديدة ‪.‬‬ ‫وت �ض �م��ن امل �ل��ف ف �ص��والً م��ن رواي � ��ات «اب �ن��ة‬ ‫سوسلوف» لليمني حبيب عبد الرب سروري‪،‬‬ ‫و»صنعائي» ملواطنته نادية الكوكباني‪ ،‬و»رحلة‬ ‫الضباع» للمصرية سهير املصادفة‪ ،‬و»ب��اب‬ ‫الليل» ملواطنها وحيد الطويلة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫فصل من رواية قيد اإلجناز بعنوان «األرملة‬ ‫تتزوج» للعمانية جوخة احلارثي‪.‬‬ ‫لكن قبل امللف‪ ،‬نقرأ في العدد حكايات من‬ ‫كتاب «غفوة عند الذئاب» للكاتب اإلماراتي‬ ‫محمد عبيد غباش‪ ،‬وقصائد للشاعر املصري‬ ‫محمد متولي بعنوان «قصائد إزمير»‪.‬‬ ‫كما نقرأ ف��ي ال�ع��دد مقاطع ل�ل��رواي��ات الست‬ ‫الفائزة بالقائمة القصيرة لـ»جائزة البوكر للرواية‬ ‫ال�ع��رب�ي��ة»‪ ،‬نشرتها املجلة ب��االت�ف��اق م��ع إدارة‬ ‫اجلائزة‪ ،‬وهي «حياة معلقة» للفلسطيني عاطف أبو سيف‪ ،‬و»ممر الصفصاف» للمغربي‬ ‫أحمد املديني‪ ،‬و»طابق ‪ »99‬للبنانية جنى فواز احلسن‪ ،‬و»أملاس ونساء» للسورية لينا‬ ‫هويان احلسن‪ ،‬و»شوق الدرويش» للسوداني ح ّمور زيادة‪ ،‬و»الطلياني» للتونسي شكري‬ ‫املبخوت‪ .‬أما في زاوية «مراجعات الكتب»‪ ،‬فتطالعنا قراءات ملجموعة من األعمال‬ ‫األدبية‪ ،‬منها مراجعة لسوزانا طربوش في ثالث روايات هي «ساق البامبو» لسعود‬ ‫السنعوسي‪ ،‬و»خمارة املعبد» لبهاء عبد املجيد و»تيتانيكات أفريقية» ألبو بكر كهال‬ ‫األريتري الذي كان مقيما بليبيا ؛ وقراءة لروبن أوستل في كتاب الشاعر خالد مطاوع‬ ‫«محمود درويش‪ :‬فن الشاعر وقضايا أمته»‪ ،‬فيما كتبت مارغريت أوبانك عن رواية‬ ‫يوسف رخا «التماسيح»‪ ،‬وعن كتاب جديد للعراقي محسن جاسم املوسوي «جمهرة‬ ‫اآلداب في العصر اإلسالمي الوسيط‪ :‬البناء العربي للمعرفة»‪.‬‬ ‫ومبناسبة إعادة طباعتها من جديد في نيويورك‪ ،‬كتب أندرو يونغ عن أول رواية عربية‬ ‫ُكتبت باإلجنليزية في العام ‪ 1911‬وهي رواية «كتاب خالد» لألديب والباحث اللبناني‬ ‫أمني الريحاني‪ .‬واستكملت املجلة في عددها اجلديد ملفها السابق «الكاتب والسجن»‪،‬‬ ‫إذ نشرت شهادتني‪ ،‬األولى بعنوان «من السجن إلى احلياة» للكاتب املغربي عبد القادر‬ ‫الشاوي‪ ،‬والثانية بعنوان «خارج السجن‪ ،‬داخل السجن» للشاعر اليمني منصور راجح‪.‬‬ ‫كما نشرت دراس��ة بعنوان «ترجمة األدب العربي في اليابان» للباحثة واملترجمة‬ ‫اليابانية كاورو ياماموتو‪ ،‬ومقالني أحدهما حتية للكاتبة املصرية الراحلة رضوى‬ ‫عاشور وضعته مارغريت أوبانك‪ ،‬واآلخر عن الباحث التونسي الراحل عبد الوهاب‬ ‫املؤدب كتبه بيير جوريس‪.‬‬

‫استرداد ‪ 239‬قطعة أثرية من فرنسا‬

‫أعلنت وزارة اآلثار املصرية عن استرداد ‪ 239‬قطعة أثرية من فرنسا بعد يوم واحد‬ ‫من استعادة ‪ 140‬قطعة من أميركا‪.‬‬ ‫وكان وزير اآلث��ار املصري‪ ،‬ممدوح الدماطي‪ ،‬أعلن اجلمعة « ‪ 24‬ـ ‪ « 4‬في مؤمتر‬ ‫صحفي مبطار القاهرة عقب استقبال ‪ 140‬قطعة أثرية من الواليات املتحدة عن‬ ‫مؤمتر دولي مبشاركة منظمة األمم املتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) ملكافحة‬ ‫تهريب اآلثار املصرية‪ ،‬إال أنه لم يحدد موعدا للمؤمتر أو عدد الدول أو املؤسسات‬ ‫العلمية التي ستشارك فيه‪.‬‬ ‫والقطع املستردة من أميركا وفرنسا خرجت من مصر بطرق غير شرعية ومتت‬ ‫استعادتها بتضافر جهود قانونية ودبلوماسية أثبتت أحقية مصر في هذه القطع‪ ،‬التي‬ ‫ال يدرج بعضها في سجالت اآلثار املصرية ألنها استخرجت بطريقة احلفر خلسة‪.‬‬ ‫وتنتشر أعمال البحث عن اآلثار خلسة في أماكن كثيرة يتوقع األهالي أنها كانت مقابر‬ ‫أو مواقع أثرية ويهدف هؤالء إلى حتقيق ثراء سريع‪ .‬وبالرغم من عدم تسجيل هذه‬ ‫اآلثار إال أن الوزارة تتعقب قاعات البيع حول العالم إلثبات خروج القطع بشكل غير‬ ‫مشروع متهيدا الستردادها‪.‬‬

‫«اآلن» تصدر‬ ‫«البيانو السحري»‬ ‫لسيرين الغصاونة‬ ‫ص��در ع��ن دار «اآلن» للنشر وال�ت��وزي��ع م��ؤخ��راً مجموعة‬ ‫قصصية موجهة لألطفال بعنوان «البيانو السحري» للكاتبة‬ ‫سيرين الغصاونة‪ ،‬واشتملت باكورة أعمال الغصاونة على‬ ‫خمسة ن�ص��وص‪« :‬ه��د ّي��ة ح�ي��اة‪ ،‬رام��ي يكره الفطور‪ ،‬أين‬ ‫اختفت الدمية؟‪ ،‬البيانو السحري‪ ،‬حرب الس ّيارات»‪.‬‬ ‫واح�ت��وت املجموعة رس��وم��ات ملونة مزركشة تسعى إلى‬ ‫تقريب ال�ص��ورة إل��ى ذه��ن الطفل‪ ،‬ومساعدته في تصور‬ ‫املشهد‪ ،‬وحتقق املجموعة هد ًفا تعليم ًيا‪ ،‬وتنمي الناحية‬ ‫املعرفية عند الطفل من خالل إثرائه باخلبرات اجلديدة‬ ‫في البيئة احمليطة به‪.‬‬ ‫وكتب الناشر جعفر العقيلي‪ ،‬على الغالف اخلارجي‪« :‬تكتب‬ ‫سيرين أحمد الغصاونة بحس الطفولة‪ ،‬تذهب إلى الطفولة‬ ‫بقلمها‪ ،‬وتستعيد عواملها وأجوا َءها وهي تكتب عن براءة‬ ‫الصغار ولهوهم وأحالمهم التي كلّما استيقظوا ظنّوا أنها‬ ‫ّ‬ ‫قد حتقّقت»‪.‬‬ ‫من أجواء املجموعة‪ ،‬من قصة «أين اختفت الدمية؟»‪« ،‬بعد‬ ‫َ‬ ‫تساقط ال ّثل ُج ّ‬ ‫األرض باللّون األبيض البهيج‪ ،‬خر َج‬ ‫ليغطي‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫الشقيقان «راشد» و»سلمى» للّعب مع األطفال‪.‬‬ ‫اخلاصة بها‪ ،‬والتي‬ ‫اصطحبت «سلمى» معها دمية األرنب‬ ‫ّ‬ ‫ناد ًرا ما كانت تفارقها‪ ،‬أ ّما «راشد» فاكتفى بحمل ز ّالجته‪..‬‬ ‫قالت «سلمى» تحُ ّدث «راش��د» الذي يكبرها ببضع سنني‪:‬‬ ‫أحب ال ّثلج‪ ،‬فهو جمي ٌل جدًا رغم برودته»‪.‬‬ ‫«كم ّ‬ ‫ه ّز «راشد» رأسه وهو يقول‪« :‬نعم‪ ،‬فجماله يُنسينا برودته‪..‬‬ ‫ثم إن اللّعب به ممتع جدًا»‪.‬‬ ‫اقترحت «سلمى»‪« :‬ما َ‬ ‫رأيك أن نصن َع رجل ال ّثلج؟!»‪.‬‬ ‫ر ّد «راشد»‪« :‬حسنًا‪ ،‬ه ّيا جنمع الثلج على شكل ٍ‬ ‫كرات كبيرة‪،‬‬ ‫ونبدأ العمل»‪.‬‬ ‫ر ّددت «سلمى» بسرور وه��ي تقفز من السعادة‪« :‬ه ّيا يا‬ ‫أرنوبي‪ ..‬ه ّيا»‪.‬‬ ‫تعاون االثنان على جمع ال ّثلج‪ ،‬ولم يكن األم ُر صع ًبا ألن الثلج‬ ‫كان يتساقط بكثافة‪..‬‬ ‫وضعت «سلمى» دميتَها في مكان قريب منها ريثما تنتهي‬ ‫صنع رجل ال ّثلج‪.‬‬ ‫من ِ‬ ‫ص�ن� َع رج��ل ال� ّث�ل��ج‪ ،‬وخلعت‬ ‫انتهى «راش ��د» و»س�ل�م��ى» م��ن ُ‬ ‫«سلمى» ق ّبعتها احلمراء ووضعتها على رأسه‪ ،‬بينما وض َع‬ ‫وشاح ُه األسود عليه‪ ..‬وكم كانت سعادتهما كبيرة‬ ‫«راشد»‬ ‫َ‬ ‫وهما يتأ ّمالن ما صنعت أيديهما‪ ،‬لقد بدا رجل ال ّثلج جميلاً‬ ‫الصنع‪ ،‬فتج ّمع األطفا ُل ليتأ ّملوه ويدوروا حوله مبرح‪.‬‬ ‫ومتق َن ّ ُ‬ ‫وبعد أن انتهى األط �ف��ا ُل م��ن اللّعب‪ ،‬وق ��رروا ال �ع��ودة إلى‬ ‫منازلهم‪ ،‬تذ ّكرت «سلمى» دميتَها التي نسيت أمرها متا ًما‬ ‫وانشغلت باللّعب‪ ،‬فسألت بحيرة‪« :‬أي��ن وضعت أرنوبي‬ ‫احلبيب؟! أين اختفى أرنوبي؟!»‪.‬‬ ‫ح ��اول «راش� ��د» م �نْ � َع «س�ل�م��ى» م��ن ال�ب�ك��اء‪ ،‬ووع � َده��ا بأن‬ ‫يساعدها في البحث عن دميتها»‪.‬‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫الكتاب الذي بني يدينا االن هو االصدار احلادي عشر عن مجلة املستقل وعنوانه‬ ‫{ الدولة البيزنطية في ضوء اصداراتها القانونية ـ خالل القرنني السادس والسابع‬ ‫امليالدي (‪ 518‬ـ‪ 610‬م )} وهو رسالة تقدمت بها االستاذة خيرية فرج حفالش لنيل‬ ‫درجة املاجستير وقد جاءت في ‪ 273‬صفحة من القطع املتوسط‪..‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫الدولة البيزنطية في ضوء إصداراتها القانونية‬ ‫أطروحة متكاملة ال تخلو من متعة السرد‬ ‫قدم للكتاب الكاتب والشاعر الليبي ادري��س ابن الطيب زوج الباحثة والذي‬ ‫حتدث في مقدمته عن الصعوبات التي واجهت الباحثة في اعداد هذه الرسالة‬ ‫‪ ..‬بينما قدمت الباحثة لرسالتها بتوضيح الغرض من الرسالة واالسئلة التي‬ ‫تسعى اليجاد اجابات لها واملباحث التي ستتناولها ‪ ،‬حيث انطلقت من املبحث‬ ‫االول وهو ‪ :‬اسباب سقوط االمبراطورية الرومانية ‪ ..‬حيث بدأته بأستعراض‬ ‫طبيعة تكوين ايطاليا ومناخها واالحوال السياسية والعسكرية التي كانت سائدة‬ ‫في اواخ��ر القرن الثالث امليالدي في االمبراطورية الرومانية لتصل بينا الى‬ ‫اجابة السؤال ‪..‬مل��اذا سقطت روما ؟ والذي اجابت عليه بشرح مجموعة من‬ ‫االسباب كسوء االوضاع االدارية وتدهور الوضع االقتصادي وزيادة الضرائب‬ ‫وانهيار العملة النقدية وزيادة الهوة بني الطبقات الغنية والفقيرة واهمال الفنون‬ ‫واالداب والعلم والفلسفة وكذلك اضعاف االس��س احلربية لالمبراطورية‬ ‫الرومانية وضعف صلة اجليش بالسكان املواطنني لتليها الغزوات اجلرمانية‬ ‫حتى قيام االمبراطور «دقلديانوس» بتقسيم االمبراطورية الى ارب��ع واليات‬ ‫وجعل لالمبراطورية قيصرين ليأتي بعدها االمبراطور قسطنطينوس الكبير‬ ‫الذي اعترف باملسيحية واعتنقها ليبني بعد ذلك مدينة القسطنطينية كعاصمة‬ ‫جديدة لالمبراطورية البيزنطية املسيحية بديال عن روما الوثنية ‪.‬‬ ‫املبحث الثاني ‪ :‬ظهور الدولة البيزنطية‪ ..‬وفيه استعرضت الباحثة اختالف‬ ‫املؤرخني على حتديد زمن بداية ظهور الدولة البيزنطية لتخلص في النهاية‬ ‫الى « ان الواقع البيزنطي ليس االمرحلة جديدة في التاريخ الروماني والدولة‬ ‫البيزنطية ليست اال امتدادا لالمبراطورية الرومانية ‪ ...‬ويرى جل املؤرخني ان‬ ‫سنة ‪ 476‬م بداية الدولة البيزنطية ألن هذه السنة تعتبر آخر عهد االمبراطورية‬ ‫الرومانية في الغرب « ص‪. 44‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬مالمح القانون الروماني ‪ ..‬وفيه اعطت الباحثة حملة موسعة‬ ‫عن القانون الروماني بداية من تعريفه الى مالمحه ووجهته التاريخية والقانونية‬ ‫ودور كل من الدين واالخ�لاق في تشكيل مالمح القانون الروماني ‪ ..‬لتطرح‬ ‫بعدها اقسام القانون حيث قسمته الى عام وخاص ‪ ..‬ومقسمة تاريخ القانون‬ ‫الروماني الى اربعة عصور هي‪( :‬العصر امللكي ‪/‬عصر القانون القدمي‪ /‬العصر‬ ‫العلمي‪ /‬عصر االمبراطورية السفلى) مع تفصيل لكل منهم حتى تصل الى‬ ‫قانون االلواح االثنى عشر والذي يعتبر اهم حدث في نطاق القانون عند الرومان‬ ‫شارحة لنا مميزاته ومحتوياته ‪ ..‬لتختتم هذا املبحث بتوضيح مفصل ملصادر‬ ‫القانون الروماني ‪ ..‬حتى تصل الى عصر جتميع القانون الروماني ‪.‬‬ ‫هذه املباحث الثالثة السابقة كان البد منها للباحثة كتمهيد لتنطلق بعدها الى‬

‫صلب موضوع دراستها وهي الدولة البيزنطية في ضوء اصداراتها القانونية‬ ‫لتقسم بحثها الى ثالث فصول كالتالي ‪:‬‬ ‫الفصل االول ‪ :‬القانون البيزنطي‪..‬‬ ‫املبحث االول ‪ ..‬مراسيم االباطرة ‪ :‬حيث استعرضت الباحثة املراسيم التى‬ ‫اصدارها االباطرة الرومان بداية من مرسوم دقلديانوس بتقسيم االمبراطورية‬ ‫الى اربعة اقسام ثم اص��داره ملرسوم االثمان سنة ‪ 301‬م وال��ذي ح��اول فيه‬ ‫ضبط اسعار السلع واجور العمال لتنظيم النشاط االقتصادي في االمبراطورية‬ ‫املترامية االطراف كل ذلك في ظل املرسوم السابق الذي يحرم اعتناق املسيحية‬ ‫ويقضى باملوت لكل معتنقيها حتى صدور مرسوم جالريوس عام ‪ 311‬م والذي‬ ‫منع فيه اضطهاد املسيحيني وعفا عنهم واعلن عن حقهم في الوجود ليليه‬ ‫مرسوم ميالن او مرسوم التسامح الذي اص��دره االمبراطور قسطنطينوس»‬ ‫والذي اعاد السالم والهدوءالى الكنيسة املسيحية ‪ ،‬وعد هذا املرسوم قانونا‬ ‫اساسا من قوانني العالم الروماني «ص ‪ .94‬حتى وصول االمبراطور ثيودسيوس‬ ‫االول للحكم واتخاذه للديانة املسيحية الديانة الرسمية لالمبراطورية ‪ ..‬ومن ثم‬ ‫قيام ثيودسيوس الثاني باصدار مرسوم يأمر بجمع القوانني واصداره ملرسوم‬ ‫تنظيم جامعة القسطنطينية ‪ ..‬لتختتم مراسيم االباطرة في هذا املبحث بالدور‬ ‫الذي قام به االمبراطور جستينانوس في االهتمام بعلم الفقه الروماني وقواعده‬ ‫والتى نشرها مع القوانني التي اصدرها حتت اسم املجموعة القانونية اجلديدة‬ ‫والذي جمع فيه الدساتير االمبراطورية والقانون القدمي لتيسير الرجوع الى‬ ‫القواعد القانونية وتخليدا للقانون الروماني بوصفه تراثا عامليا ينطق بعظمة‬ ‫الرومان وعبقريتهم القانونية ‪.‬‬ ‫املبحث الثاني ‪ ..‬قرارات مجلس الشيوخ ‪:‬حيث شرحت الباحثة تكوين املجلس‬ ‫عبر عصور االمبراطورية وقسمته الى ثالث مراحل اختلف فيها دور املجلس‬ ‫التشريعي باختالف ه��ذه امل��راح��ل ‪ ..‬ففي املرحلة االول��ى والتي متتد حتى‬ ‫اواخر العصر اجلمهوري وبداية الدور العلمي لم يكن ملجلس الشيوخ اي صفة‬ ‫تشريعية بل توجيهات لكبار املوظفني املنتخبني‪ ...‬وفي املرحلة الثانية منذ عهد‬ ‫االمبراطور هادريان الذي اعترف رسميا ملجلس الشيوخ بسلطته التشريعية ‪،‬‬ ‫غير ان اراء مجلس الشيوخ كانت تصدر إما بناء على اقتراح كبار املوظفني‬ ‫او االمبراطور نفسه ‪ ..‬املرحلة الثالثة ذابت شخصية املجلس في شخصية‬ ‫االمبراطور واصبح االمبراطور هو املشرع الوحيد ‪.‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ ..‬دور فقهاء القانون البيزنطي ‪ :‬تستعرض الباحثة في هذا‬ ‫املبحث تطور دور الفقهاء في االمبراطورية الرومانية ووظائفهم الثالث وهي‬


‫االفتاء والتوثيق واملقاضاة موضحة لنا طبيعة املدرستني الفقهيتني السائدتني‬ ‫في الفقه الروماني ومرجعياتهما ‪ ،‬ومن ثم توضح التصنيف الذي انقسم له‬ ‫الفقهاء وفق املرسوم الذي عرف بقانون املراجعات الى فقهاء درجة اولى على‬ ‫رأسهم الفقيه الكبير بابينيان وفقهاء درجة ثانية ‪ ..‬وشمل املبحث ايضا احلديث‬ ‫عن املدارس الفقهية املهمة والتي اخرجت العديد من الفقهاء ومن اهمها مدرسة‬ ‫بيروت للحقوق ومعهد القسطنطينية ‪ ..‬ختام هذا املبحث الثالث من الفصل‬ ‫االول كان مجموعة من القواعد القانونية التي وضعها فقهاء الرومان في اصول‬ ‫الفقه وفروعه املختلفة والتي جتاوزت ‪ 130‬قاعدة فقهية جديرة بالقراءة ‪.‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬املؤثرات الداخلية في القانون البيزنطي ‪..‬‬ ‫املبحث االول ‪ ..‬املوثرات الداخلية في العصر البدائي ‪ :‬وفيه تناولت الباحثة‬ ‫احلالة االجتماعية والسياسية واالقتصادية ‪ ،‬حيث كانت العشيرة هي الوحدة‬ ‫االجتماعية االساسية للشعب الروماني وكل عشيرة لها نظام داخلي ينظمها ولها‬ ‫رئيس ومجلس من شيوخ العشيرة ولها ديانتها اخلاصة ولكل عشيرة مراعيها‬ ‫التي تزرعها وترعى ماشيتها بها ‪ .‬ومع بداية االقتصاد الزراعي بدأ الرومان‬ ‫بوضع بعض القوانني لتنظيم عملية تبادل السلع وتقسيم االراضي ‪..‬وفي هذا‬ ‫املبحث تناولت الباحثة ايضا الديانة الرومانية القدمية التي كانت النظم القانونية‬ ‫مرتبطة بها ارتباطا وثيقا‪ ..‬مع توضيح للنظام السياسي في العصر البدائي‬ ‫او امللكي والذي يتكون من امللك وهو صاحب السلطة العامة ومجلس الشيوخ‬ ‫وهو مجلس رؤساء العشائر وهو مجلس استشاري للملك يستشريه في االمور‬ ‫اخلطيرة دون ان يكون ملتزما باتباع رأيه ‪ ..‬ثم مجلس الشعب املكون من سكان‬ ‫املدينة االحرار ويقتصر دوره على املصادقة على قرارات امللك التي من شأنها‬ ‫احداث تغيير في نظام املدينة او العشائر‪.‬‬ ‫املبحث الثاني ‪ ..‬املؤثرات الداخلية في العصر اجلمهوري ‪:‬‬ ‫وهو عصر الفتوحات والتوسع وال��ذي استمر ثالث ق��رون وفيه صدر قانون‬ ‫االل��واح االثنى عشر التي حققت املساواة بني طبقتي االش��راف والعامة التي‬ ‫يتكون منها املجتمع الروماني وانتقلت فيها الدولة الرومانية من مجتمع زراعي‬ ‫الى دخول عالم التجارة البرية والبحرية والصناعة وظهرت النقود البرونزية‬ ‫والفضية وتغيير النظام السياسي بقيام النظام اجلمهوري فحل محل امللك حكام‬ ‫ينتخبهم الشعب ملدة سنة واحدة وهما القناصل وبصالحيات مقيدة وظهر كذلك‬ ‫موظفون لديهم صالحيات مبثابة احلكام مثل ‪:‬حاكم االحصاء‪/‬احلاكم احملقق‪/‬‬ ‫حكام االس��واق‪ /‬احلاكم القضائي ‪ .‬كما حدث تغير في مجلس الشيوخ حيث‬ ‫اصبح يتكون ممن سبق وتولى مناصب عامة وازدادت سلطته واصبح له حق‬ ‫اجازة مشروعات القوانني ‪ .‬اما مجالس الشعب فقد تعددت وتنوعت الختالف‬ ‫تكوينها واختصاصاتها بسبب انقسام الشعب الى اشراف وعامة حيث وجدت ‪:‬‬ ‫مجالس الشعب الثالثينية القدمية ‪ /‬مجالس القبائل‪ /‬مجالس الوحدات املئوية‬ ‫اجلديدة‪ /‬مجالس العامة ‪..‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ ..‬املؤثرات الداخلية في عصر االمبراطورية العلمي والسفلي‬ ‫‪ :‬ويعتبر العصر من اهم عصور القانون الروماني وفيه ازدادت سلطة مجلس‬ ‫الشيوخوتغير التقسيم الطبقي للمجتمع وتعرف الرومان على الفلسفة االغريقية‬

‫التى كان لها اثر كبير على القانون الروماني وخاصة الفلسفة الرواقية مما‬ ‫ساعد على ظهور ما اسمته الباحثة بفلسفة القانون الروماني وتنوعت مصادر‬ ‫القانون الروماني واصبح لفقهاء القانون دور كبير في صياغة وتفسير القوانني‬ ‫الرومانية ‪..‬‬ ‫لتتناول الباحثة بعد ذلك العصر السفلي الذي يبدأ من تقسيم االمبراطورية‬ ‫الى جزئني وبه انتهت الثقافة القانونية في روما وانتقلت الى العاصمة اجلديدة‬ ‫القسطنطينية ‪.‬واختفت فيه مجالس الشعب نهائيا واصبح مجلس الشيوخ‬ ‫هيئة استشارية فقط ‪ ،‬وشهد هذا العصر اصدارمرسوم ميالن الذي انهى‬ ‫اضطهاد املسيحيني وب��دأت تظهر فيه بعض ثأثيرات الديانة املسيحية على‬ ‫القانون الروماني خاصة فيما يختص بدائرة االحوال الشخصية وظهر بعض‬ ‫ذلك القانون الكنسي الى جانب القانون الروماني ‪.‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬احلقوق الرومانية وأثرها في التشريع االسالمي ‪.‬‬ ‫املبحث االول ‪ ..‬تاريخ القانون في عصر ماقبل االسالم ‪ :‬وفيه تناولت الباحثة‬ ‫النواحي السياسية والدينية والعقائدية واحلالة االجتماعية والطبيعة االقتصادية‬ ‫التي كانت سائدة لدى العرب في شبه اجلزيرة العربية قبل االسالم وافردت فيه‬ ‫عنوانا عن تاريخ القانون في عصر الشريعة االسالمية موضحة اهمية دراستها‬ ‫شارحة خصائص الفقه االسالمي ومصادر التشريع فيه ‪.‬‬ ‫املبحث الثاني ‪ ..‬املبادئ العامة لنظام احلكم في االسالم ‪ :‬والتي اوردتها الباحثة‬ ‫في مجموعة من املفاهيم وهي العدالة ‪/‬املساواة ‪/‬الشورى ‪ ...‬متناولة بالشرح‬ ‫كل منها مع تركيزها على اهمية الشورى ‪ .‬لتستعرض بعدها بشكل سريع‬ ‫النظام القضائي في االسالم وانواع القضاء‪ ..‬وقد نوهت الباحثة في مبحثها‬ ‫السابق انها « ال تستطيع في هذه الدراسة استيعاب تاريخ التشريع االسالمي‬ ‫وتفصيالته الن ذلك يحتاج الى جهد كبير ومجلدات ضخمة « ص‪.219‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ ..‬احلقوق الرومانية واث��ره��ا في التشريع االس�لام��ي عند‬ ‫املستشرقني ‪ :‬وفيه اوردت الباحثة مجموعة من االدعاءات التى اوردها بعض‬ ‫املستشرقني من ثأثر التشريع االسالمي باحلقوق الرومانية ‪ ،‬لترد عليها داحضة‬ ‫كل حجة منها في محاولة منها الثبات ان التشريع االسالمي قائم بذاته ولم‬ ‫يثأثر باحلقوق الرومانية ‪..‬‬ ‫نصل الي خامتة الدراسة التي حاولت فيها الباحثة وضع ملخص عام ملا تناولته‬ ‫في رسالتها بالبحث ‪ ..‬وهنا اجد لزاما علي ان اقول ان هذه الدراسة التي قد تبدو‬ ‫مملة للوهلة االولى كونها تختص بجانب قانوني قد ال يفهمه اال املتخصص في‬ ‫القانون اال انها اتسمت بسالسة العبارات ووضوح الطرح وال تخلو من متعة السرد‬ ‫كونها في مجملها دراسة تاريخية تسلط الضوء على تاريخ االمبراطورية الرومانية‬ ‫بكامله ‪ ،‬واعتبره مرجعا مهما يضاف الى املراجع املختصة بالتاريخ الروماني‬ ‫والذي استفدت منه الكثير من املعلومات عن هذه احلضارة التي سيطرت على‬ ‫العالم قرونا عديدة والزلنا نتماس مع بعض اثارها ومنجزاتها احلضارية والقانونية‬ ‫حتي وقتنا هذا ‪ ..‬اود ان اشكر الباحثة على اجلهد الصادق املبذول في هذه‬ ‫الرسالة ‪ ..‬وان نرى منها املزيد من هذه الدراسات املمتعة واملفيدة ‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫محاضرة‪:‬‬

‫المواطنة والمساهمة والمجاورة‬

‫(‪)2–2‬‬

‫النص الكامل لمحاضرة المفكر والمؤرخ عبداهلل العروي ( *)‬

‫اخ���ت���رت ل���ه���ذه احمل���اض���رة ع���ن���وان «امل���واط���ن���ة وامل��س��اه��م��ة‬ ‫وامل���ج���اورة»‪ ،‬وس��أح��اول أن أب�ين ال��ف��رق ب�ين ه��ذه املفاهيم‬ ‫الثالثة‪.‬‬ ‫ف��ي االس��ت��ع��م��ال احل��ال��ي‪ ،‬لفظة «م��واط��ن» ت���رادف الكلمة‬ ‫الفرنسية ‪ citoyen‬أو اإلجنليزية ‪ citizen‬لكن املعنى‬ ‫االشتقاقي مختلف‪ ،‬ولهذا داللة يجدر بنا أن نقف قليال‬ ‫ع��ن��ده��ا‪ .‬ف��ي ال��ل��غ��ة ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬ال��وط��ن رق��ع��ة أرض��ي��ة واض��ح‬ ‫املعالم‪ ،‬مواطنها ‪ -‬أو مستوطنها – ساكنها‪ ،‬وامل��واط��ن من‬ ‫يقاسم هذا القاطن الوطن نفسه‪.‬‬ ‫أم��ا لفظ ‪ ،citoyen‬وكذلك لفظ ‪ ،citizen‬فمشتقان من‬ ‫لفظ ‪cité‬؛ أي مدينة باملعنى السياسي‪ .‬يقول روس��و إن‬ ‫الفرنسيني ‪ -‬في زمنه ‪ -‬ال يعرفون معنى كلمة ‪،citoyen‬‬ ‫وال يفرقون بينها وبني كلمة «بورجوا»‪ ،‬األولى تطلق على‬ ‫املساهم في احلياة السياسية‪ ،‬فيما تصف الثانية حالة‬ ‫املقيم في املدينة‪ ،‬أي املواطن باملعنى االشتقاقي العربي‬ ‫للكلمة‪.‬‬ ‫عبدالله العروي‬

‫هناك اإلنسان املجرد من كل صفة ملموسة‪ ،‬وهناك اإلنسان الذي‬ ‫يسير في األسواق‪ .‬وال أحد من املنظرين ادعى أال فرق بني االثنني‪.‬‬ ‫حتى روسو أكثرهم غلوا في التجريد‪ ،‬يحلق طويال في سماء املثل‪،‬‬ ‫ثم يعود إلى الواقع‪ ،‬ليتساءل مع مونتيسكيو عن أي نظام أصلح‬ ‫ألي شعب في محيطه اجلغرافي‪ ،‬ومبعطياته التاريخية والثقافية‬ ‫والعقائدية‪.‬‬ ‫عندئذ‪ ،‬يتضح لنا في البحث في األصول من له حق التشريع‪ ،‬من‬ ‫له حق اإلمارة‪ ،‬من له حق فض النزاعات‪ ،‬إمنا هو بهدف ر ّد ادعاء‪:‬‬ ‫أصحاب النفوذ من رجال الدين والنبالء واملستبدين بالسلطة‪ ،‬أي كل‬ ‫من يعتقد أن حتكمه في غيره أمر طبيعي‪.‬‬ ‫التحليل النظري اجلذري هو متهيد وتأصيل إلرادة التغيير‪ .‬من يحبذ‬ ‫التغيير‪ ،‬وأحيانا يستبطئه‪ ،‬ال يعيب على التحليل املذكور إفراطه في‬ ‫التجريد‪ .‬إذ الغرض منه بالضبط هو تنقيح الذهن من كل األفكار‬ ‫املوروثة‪ .‬وأما من يفضل االستقرار واحملافظة على ما هو قائم‪ ،‬ولو‬ ‫مقابل إصالحات‪ ،‬كأنه يستبشع الفرضية األساس‪ ،‬أي كون الفرد‬ ‫سيد نفسه‪ ،‬ف ّعال ملا يريد‪.‬‬ ‫هذا الفرد الواعي بذاته‪ ،‬العاقل‪ ،‬الكابح لنزوات نفسه‪ ،‬املستقل عن‬ ‫غيره‪ ،‬املتعاقد مع نفسه‪ ،‬أليس غافال عن واقعه‪ ،‬متنكرا حلقيقته؟‬ ‫قبل أن يتعاقد مع نفسه‪ ،‬أو لم يتعاقد مع خالقه؟ هذا املعارض لتحليل‬ ‫روسو‪ ،‬وألفكار القرن الثامن عشر‪ ،‬يجدها عند املتدين‪ ،‬املسلم وغير‬ ‫املسلم‪ ،‬عند الشرقي والغربي‪ .‬جندها عن مفكر كاملودودي‪ ،‬وجندها‬ ‫عند املعارض للثورة الفرنسية كاملفكر لوي بونات‪.‬‬ ‫هكذا نرى كيف ميكن تقويض حتليل روسو‪ ،‬وبالتالي مفهوم املواطنة‬ ‫الكاملة‪ ،‬من األساس دون العودة إلى وضع يتصف باحلجر والعبودية‪.‬‬ ‫هذه هي النقطة‪ ،‬أي أن نقوض األسس املنطقية واملعرفية لتحليالت‬ ‫القرن الثامن عشر‪ ،‬خاصة حتليالت روس��و‪ ،‬دون العودة إلى فكر‬ ‫وسطوي‪.‬‬ ‫يقول املعارض‪ -‬أي كان‪ :‬اإلنسان حر‪ ،‬ولكن بعد عتق‪ ،‬اإلنسان مخلق‪،‬‬ ‫ولكن بتكليف‪ ،‬اإلنسان صاحب عقل‪ ،‬ولكن عن منة‪ .‬الحظنا أن‬ ‫روسو قلب املفاهيم الثيولوجية إلى سياسية‪ .‬ونرى هنا أن خصومه‬ ‫يكتفون بقلب مضاد‪ ،‬أي بربط حقوق سياسية مبجال غير سياسي‪.‬‬ ‫واض��ح مما سبق أن مفهوم املواطنة التامة الكاملة‪ ،‬املضمن في‬ ‫الوثائق األمريكية والفرنسية‪ ،‬التي ص��درت أواخ��ر القرن الثامن‬ ‫عشر‪ ،‬يتجاوب مع حتليل روسو‪ .‬أما الوثائق اإلجنليزية‪ ،‬التي تتابعت‬ ‫من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر‪ ،‬فإنها تعتمد مبادئ‬ ‫مخالفة‪ ،‬كما أوضحنا ذلك‪ .‬في األولى حياد روسو وتالمذته‪ .‬نالحظ‬ ‫تناقضا بني املواطنة والوالء‪ .‬وهو تناقض ال وجود له في الثانية‪.‬‬ ‫يُعنون طوماس هوبز مؤلفه الشهير «في املواطن»‪ .‬هذا عنوان كتاب‪،‬‬


‫توماس هوبز‬

‫أرسطو‬

‫مع أن املضمون هو تبرير االستبداد امللكي‪.‬‬ ‫متزج وثائق األمم املتحدة بني حتليلني‪ ،‬النظري امليتافيزي والقانوني‬ ‫التاريخي‪ .‬هل يجوز اعتماد هذا املفهوم بكل خلفياته املعرفية للحكم‬ ‫على احلالة التي نعيشها اليوم في وطننا؟ هذا هو السؤال املطروح‬ ‫علينا من أمد‪.‬‬ ‫أنصار اخلصوصية‪ ،‬أي األصالة الثقافية‪ ،‬ي��ردون بـ «ال»‪ .‬حينئذ‬ ‫نقول‪ ،‬في ه��ذه احلالة‪ ،‬ما هو احل��ل؟ أنصار العوملة‪ ،‬على األقل‬ ‫في هذا املوضوع‪ ،‬يجيبون بـ «نعم»‪ .‬حينئذ نقول‪ :‬مبا أن الفروق‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والثقافية تظل قائمة‪ -‬ال أحد يقول إن‬ ‫املجتمع املغربي هو املجتمع الفنلندي‪ -‬فكيف نك ّيف التحليل حتى‬ ‫موال إلى مواطن‪،‬‬ ‫يصبح موافقا للحال؟ نتصور انتقال املغربي من ٍ‬ ‫مع اعتبار الفارق الثقافي‪.‬‬ ‫قبل متابعة النقاش‪ ،‬يجدر بنا هنا أن نذكر بأمرين‪ :‬أوال‪ ،‬ملاذا شرط‬ ‫في مؤسس املدينة اإلل�ه��ام؟ (ف��ي فصل بعنوان «امل �ش��رع»‪ ،‬شرط‬ ‫اإللهام‪ ).‬ثانيا‪ ،‬ملاذا ض ّم إلى كتاب «العقد االجتماعي»‪ ،‬بعد تردد‪،‬‬ ‫فصال عن الدين املدني؟ في هاتني النقطتني يتستر العائق املعرفي‬ ‫الذي أحملنا إليه‪.‬‬ ‫يقال عادة إن العائق ديني‪ .‬لكن ما هو؟ ومن أي نوع هو؟ هل هو دين‬ ‫مدني؟ أم دين منزل؟ لم يلغ روسو العامل الديني‪ ،‬بقدر ما قلبه رأسا‬

‫على عقب‪ .‬أبدل الوازع اخلارجي بآخر داخلي‪ .‬وما ملح إليه هو جهر‬ ‫به أتباعه‪ :‬كانط‪ ،‬وهيغل‪ ،‬وفيورباخ‪ .‬عنذئد‪ ،‬لم يعد النقاش في هذا‬ ‫املستوى يدور حول ماهية اإلنسان وحقوقه‪ ،‬بل حول أصل األصول؛‬ ‫أي مرجعية هذه احلقوق‪.‬‬ ‫يقول اخلصم إن اإلنسان حر ومستقل عن غيره‪ .‬يرد اخلصم‪ :‬ممن؟‬ ‫يجيب روسو‪ :‬عن أخيه اإلنسان‪ .‬يرد اخلصم‪ :‬صحيح‪ ،‬إذ ال سلطان‬ ‫ملخلوق على مخلوق‪ .‬والسلطة‪ ،‬كل السلطة‪ ،‬هي للخالق وحده‪ .‬ال‬ ‫ضمان حلرية اإلنسان‪ ،‬دون االعتراف بربوبية اخلالق‪ .‬يقول روسو‪:‬‬ ‫ال فرق بني بني البشر‪ .‬يرد اخلصم‪ :‬نعم‪ ،‬ال أدل على املساواة من‬ ‫الشعائر األربعة‪ :‬الصوم‪ ،‬الصالة‪ ،‬الطواف‪ ،‬والزكاة‪ .‬هذه الشعائر‬ ‫األربع هدفها هو تشخيص املساواة (عندما أقول اخلصم‪ ،‬فإنني‬ ‫أقصد خصم أفكار روس��و‪ ،‬خصم حتليالت القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫خصم املفهوم اإلشكالي للمواطن املساهم‪).‬‬ ‫حسب اخلصم‪ ،‬ال مسوغ ألي تعارض بني الوالء‪ ،‬أي الوفاء للذات‪،‬‬ ‫واملواطنة املدنية التي متنح الفرد حقوقا سياسية محددة‪ .‬بل إن‬ ‫الوالء هو الشرط الضامن للحقوق السياسية‪ .‬من يريد أن يتحقق من‬ ‫هذا القول‪ ،‬يعود إلى كتاب املودودي «نحو دستور إسالمي»‪ ،‬في املادة‬ ‫‪ ،8‬سيجد أن كل احلقوق التي تتكلم عنها الوثائق األولى موجودة‪،‬‬ ‫ولكن مبنية على أسس مختلفة متاما عن األسس التي تكلمت عنها‬ ‫اعتمادا على روسو‪.‬‬ ‫قد يقال إن ه��ذا ان�ح��راف املفهوم عن معناه ومنحاه‪ .‬لكن لهذا‬ ‫االن�ح��راف‪ -‬إن ك��ان هناك ان�ح��راف‪ -‬ما يبرره منطقيا‪ :‬انحراف‬ ‫مييني يوازي ما سبقه من انحراف يساري‪.‬‬ ‫رغم االنتقادات املوجهة إلى حتليل روسو‪ ،‬ميكن اعتبار هذا التحليل‬ ‫النظري‪ ،‬املغالي في النظرية‪ ،‬عند روسو وغيره‪ ،‬آلة معيارية نقيس‬ ‫بها املسافة بني ما نعيشه‪ ،‬وما نتخيله في مجتمع ما‪ .‬لتفعيل مفهوم‬ ‫املواطنة الكاملة احملصورة في أقلية محدودة‪ ،‬ال بد من مقدمات‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫تاريخية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬عقائدية‪ .‬إن هي تواجدت‪ ،‬تصورنا إمكانية‬ ‫جتسيد املفهوم‪ ،‬ولو على مراحل‪ .‬في حال العكس‪ ،‬لعب املفهوم‪ ،‬كما‬ ‫أشرنا إلى ذلك في مستهل هذا احلديث‪ ،‬دور الضد‪ ،‬عمال بالقاعدة‬ ‫املعروفة‪ :‬الشيء يُعرف بضده‪.‬‬ ‫الستحضار املفهوم‪ ،‬يتحضر التعبير عما نشعر به من غنب‪ .‬وهذا هو‬ ‫وضعنا اليوم‪ .‬نقرأ روسو‪ ،‬نستحسن أفكاره‪ ،‬نوظفها لإلفصاح عن‬ ‫مشاعرنا‪ .‬لكن ال أحد‪ ،‬في وضعنا احلالي‪ ،‬يسايره إلى آخر املطاف‪.‬‬ ‫كلنا يرى أن احلرية مطلب ملح‪ ،‬وليس صفة قائمة‪ ،‬وأن ما نعيشه‬ ‫في أحسن الظروف هو عملية حترير النهائي‪ .‬كلنا يرى أن املساواة‬ ‫بني البشر فرضية أخالقية‪ ،‬وليس معطى بديهيا‪ ،‬فرضية محتملة‬ ‫التحقيق إن صاحبها علم‪ ،‬بجانب امتيازات مجانية التي يرفضها‬ ‫اجلميع‪ .‬لدى كل واحد منا خصائص محببة‪ :‬نفس‪ ،‬عقيدة‪ ،‬ميزة‬ ‫اجتماعية‪ ،‬مهارة ذهنية يستميت في الدفاع عنها‪.‬‬ ‫كان الهدف من هذا البحث شرح املواطنة التامة‪ ،‬اعتمادا على أقوال‬ ‫أكثر احملللني عمقا واتساقا‪ ،‬أعني جون جاك روسو‪ ،‬وطرح مسألة‬ ‫ش��رح استيراد املفهوم لفهم حياة بعينها‪ ،‬كما هي حالة املغرب‪.‬‬ ‫املواطنة تعني املساهمة‪ ،‬حيازة سهم من السيادة‪ .‬ليست صفة تنسب‬ ‫إلى نظام سياسي‪ ،‬فنقول‪ :‬هذه دولة مواطنة‪ ،‬وإن يجوز القول إن‬ ‫هذه دولة شرعية‪ ،‬أو هذه دولة مواطنني‪ .‬املفهوم يضاف إلى فرد‪:‬‬ ‫هذا مواطن في زمن محدد وفي دولة معينة‪ .‬حتى في دولة الطاغية‪،‬‬ ‫يوجد مواطن واحد‪ ،‬هو الطاغية نفسه‪ .‬وحتى في دولة اجلمهور‪،‬‬ ‫مييز املواطن املساهم عن املجاور املعاهد‪ ،‬الذي هو مواطن باملعنى‬ ‫اللغوي‪ ،‬أي املساكن‪.‬‬ ‫املواطن مبعنى روسو غاية في التجريد‪ .‬فهو لهذا السبب بالذات‬ ‫قابل للتجسيد في أنظمة مختلفة؛ في قبيلة كحال مكة اجلاهلية‪،‬‬ ‫في مدينة كحال جنيف‪ ،‬في الزاوية كحال املدينة أيام النبي أو حال‬ ‫الكنيسة املسيحية‪( ،‬تالحظون أن نظام البابا هو نظام دميقراطي‪،‬‬ ‫فيه انتخابات وحرية وخاليا نقاش‪ ،‬إل��خ‪ ).‬وح��ال الدولة العبرية‬ ‫القدمية‪ ،‬والدولة القومية احلديثة‪ ،‬كحال فرنسا إبان الثورة الكبرى‪،‬‬ ‫واإلم�ب��راط��وري��ة كحال روم��ا القيصرية (عندما عممت املواطنة‬ ‫الرومانية على جميع سكان اإلمبراطورية‪ ،‬حيث أصبح كل ساكن‬ ‫في اإلمبراطورية الرومانية يتمتع باحلقوق نفسها‪ ،‬التي كان يتمتع‬ ‫بها في البداية شيوخ روما فقط)‪ ،‬والدولة االحتادية كحال االحتاد‬ ‫األوروبي (توجد مواطنة أوروبية)‪.‬‬ ‫ومبا أن املفهوم غير مرتبط بهيأة محددة‪ ،‬بل يصف حالة فردية‬ ‫(مواطن مكة‪ ،‬مواطن روما‪ ،‬مواطن اجلمهورية الفرنسية‪ ،‬مواطن‬ ‫مدينة جنيف‪ ،‬إلخ)‪ ،‬فإنه يكتسي مظاهر شتى‪ ،‬حيث ميكن النظر‬ ‫إليه من جوانب مختلفة‪ .‬اجلانب األول قانوني‪ :‬من هو املواطن؟ ما‬ ‫هي شروطه ومؤهالته؟ ما هي احلقوق والواجبات املرتبطة به؟ كل‬ ‫ذلك مضمن في الدستور‪ ،‬أكان عرفا أم مكتوبا (الدستور اإلجنليزي‬ ‫عرفي)‪ ،‬وما يتفرع عنه من قوانني مدنية وجنائية‪ .‬ما هي األفعال‬ ‫التي تسقط اجلنسية‪ ،‬وبالتالي املواطنة؟ جند اجلواب في القانون‬ ‫اجلنائي‪ .‬ما هو‪ ،‬مثال‪ ،‬وضع الزنا؟ جند ذلك في القانون املدني‪.‬‬ ‫(نذكر هذا‪ ،‬ألن املشكل مطروح اآلن في فرنسا‪ .‬هناك مواطنة‪،‬‬ ‫باخلصوص‪ ،‬تذهب إلى بلد‪ ،‬تنجب بالتلقيح‪ .‬هذا املولود يسجل لها‬ ‫في البلد الذي أجنبت فيه‪ .‬وعندما تعود إلى فرنسا‪ ،‬ال يكون لهذا‬ ‫املولود وجود قانونا‪ ،‬حيث ال يسجل في احلالة املدنية‪ .‬يحدث هذا‬

‫صامويل بوفندورف‬

‫في بلد يقال عنه إنه بلد حقوق اإلنسان‪ ).‬إذن‪ ،‬على هذا املستوى‪،‬‬ ‫ال فرق بني مضمون ‪ citoyen‬و‪ citizen‬وكلمة ‪ national‬حامل‬ ‫اجلنسية‪ .‬لذلك‪ ،‬ال يكاد يوجد فرق في اللغة اإلجنليزية بني‪citizen‬‬ ‫و‪ ،national‬في االستعمال العام‪ .‬في حني‪ ،‬في فرنسا‪ ،‬هناك فرق‪.‬‬ ‫لكن هذا على املستوى القانوني فقط‪.‬‬ ‫اجل��ان��ب ال�ث��ان��ي س��وس�ي��ول��وج��ي‪ .‬جن��د ه��ذا مبسوطا ف��ي امل��دون��ة‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وما يتعلق باملشاركة في النشاط السياسي من تسجيل‬ ‫وترشح وتزكية‪ ،‬إلخ‪ .‬وهنا تطرح قضية امللكية اخلاصة‪ .‬املعوز من‬ ‫ال ميلك شيئا‪ .‬كيف يكون مشاركا في شركة الدولة‪ ،‬إذ ليس فيها‬ ‫سهم؟ روسو منظر املواطنة التامة يلغي امللكية اخلاصة‪ ،‬كما ألغاها‬ ‫من قبل أفالطون‪ ،‬بالنسبة إلى حماة اجلمهورية‪ ،‬الذين هم مواطنون‬ ‫بامتياز‪ .‬في حني أن املنظرين اإلجنليز‪ ،‬مثل هوبز ولوك‪ ،‬يجعلون‬ ‫من امللكية هدفا‪ .‬وأوض��ح عبارة عن هذا االختبار الدستور الذي‬ ‫صادقت عليه اللجنة التأسيسية الفرنسية سنة ‪ ،1791‬وهي نفس‬ ‫اجلمعية التي صادقت على إعالن حقوق اإلنسان واملواطن‪ ،‬حيث‬ ‫م ّيز بني املواطن النشيط واملواطن اخلامل أو السلبي على أساس‬ ‫مستوى ما يؤديه للدولة من ضريبة‪ .‬وهذه املسألة هي اآلن في عمق‬ ‫أزمة الدميقراطية التمثيلية في أوروبا‪ ،‬مع أن الكالم ال يفسح على‬ ‫هذا‪ ،‬ولكن النقاش املغلف هو من له احلق في تسيير السياسة‪ ،‬من‬ ‫ميلك شيئا‪ ،‬من يخلق الثورة‪ ،‬من ميكن الدولة من أن تعيش‪ ،‬أم من‬ ‫ال يفعل شيئا من ذلك‪ ،‬بل ينتظر كل شيء من اآلخرين‪ .‬فهذا الوعي‬ ‫بأن هناك مواطنا مشاركا فعليا‪ ،‬ومواطنا مستهلكا فقط يطرح‬ ‫اآلن سؤاال عويصا‪ ،‬وال ميكن بدون شك إيجاد حل له‪ .‬وهذا وجه‬ ‫النقد االشتراكي الذي يؤكد أن ال مواطنة كاملة شاملة دون ملكية‬ ‫جماعية‪ ،‬أو على األقل املشاركة في امللك العام‪ .‬وهو مغزى احلقوق‬ ‫االجتماعية التي أضيفت إلى احلقوق السياسية في فترة الحقة‪.‬‬ ‫ميكن اعتبار أن احلقوق االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬التي منحت لقسم‬ ‫كبير من املواطنني‪ ،‬الهدف منها استدراجهم إلى املشاركة السياسية‪،‬‬ ‫حتى يكون لهم سهم في السياسة‪ .‬إذا كنت تنتظر شيئا من املنظمة‪-‬‬ ‫من التنظيم السياسي‪ -‬البد أن تهتم به‪ ،‬خللق هذا االهتمام‪ .‬لكي‬ ‫أستدرجك إلى املشاركة في احلياة السياسية‪ ،‬فإني أمنحك حقوقا‬ ‫اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬إلخ‪ .‬وهذه النقطة بالذات هي التي أوضحها‬


‫جان جاك روسو‬

‫اميانويل كانط‬

‫وفسرها من يطلق عليهم اسم «فالسفة املنفعة» (ستيوارت ميل‬ ‫مثال) في بداية القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬هذه احلقوق االجتماعية التي أضيفت إلى احلقوق السياسية‬ ‫في فترة الحقة كانت مبثابة إع�لان للجميع للمشاركة واحترام‬ ‫ضمني أن ال املساهمة في احلياة السياسية دون شعور باملصلحة‬ ‫الشخصية‪ .‬هذه املسألة مطروحة اليوم بإحلاح بسبب العزوف عن‬ ‫السياسة؛ أي حتول املواطن من نشيط إلى سلبي‪ ،‬وتكاثر الالجئني‬ ‫األج��ان��ب‪ ،‬ال��ذي يربطون تلقائيا احل�ق��وق االجتماعية املمنوحة‬ ‫لهم حتت تأثير قانون دول��ي غير مقبول مجتمعيا في عدة بلدان‬ ‫دميقراطية بحقوق املواطنة في إطار سيادة وطنية‪.‬‬ ‫اجلانب الثالث تك ّوني‪ /‬جينيالوجي‪ :‬ما هي ظ��روف نشأة الفرد‬ ‫املؤهل للمواطنة؟ املنظر السياسي الكالسيكي أق��رب إل��ى فقيه‬ ‫قانوني منه إلى امل��ؤرخ‪ ،‬كما هو واضح في كتابات هوبزوسبينوزا‪،‬‬ ‫يستهل حتليالته بتعريف مفاهيم‪ ،‬وليس برصد ح��االت واقعية‪.‬‬ ‫ينطلق من نقطة معينة‪ ،‬وال يعود إلى ما قبلها إال نادرا‪ .‬فالسياسة‬ ‫عند هؤالء ال تبدأ في حياة البشرية إال عندما يعي املرء أنه ح ّر‬ ‫مستقل‪ .‬فبالنسبة إلى البشرية جمعاء‪ ،‬يعتبر ما سميته بالفطام‬ ‫مبثابة سن الرشد بالنسبة إلى الفرنسي‪.‬‬ ‫اجلانب الرابع أخالقي‪ .‬ال يوجد مفكر كبير اهتم بالسياسة وأهمل‬ ‫التربية؛ أي إن ه��ؤالء احملللني كلهم ربطوا املواطنة بالفضيلة‪ .‬ال‬ ‫ميكن أن تكون املواطنة مع الدناءة واخلسة‪ .‬كل حتليل يدور حول‬ ‫العقل واحلرية والعدل واملصلحة‪ ،‬إلخ‪ ،‬يفترض في الفرد الفضيلة‬ ‫واالستقامة والصدق واألمانة‪ .‬هذا ما أملح إليه «كانط» في تعليقاته‬ ‫على كتابات «هوبز»‪ .‬وعي اإلنسان بإنسانيته‪ ،‬الطفرة من العنف‬ ‫والتقاتل على حساب التعايش واملساملة هو في آن واح��د مفهوم‬

‫نفساني وأخالقي‪ .‬وعي بالذات ووعي بالواجب‪ .‬ال انفصام أبدا‬ ‫بني احلرية والتعقل‪ ،‬وال مواطنة مع الدناءة والكذب واخليانة‪ .‬هذه‬ ‫اخلصال مطلوبة في كل حال‪ :‬في إطار األسرة‪ ،‬واحلرفة‪ ،‬والقبيلة‪،‬‬ ‫فأحرى أن تكون ضرورية الستمرار الدولة‪ ،‬التي هي النظام األسمى‪.‬‬ ‫اجلانب اخلامس واألخير سياسي‪ .‬قلنا إن روس��و ح��ول مفاهيم‬ ‫الثيولوجيا إلى مفاهيم سياسية‪ .‬لكن خصومه الذين عاشوا مآسي‬ ‫الدولة الفرنسية قلبوا بدورهم مفاهيمهم دون أن يعودوا إلى تأثير‬ ‫أمناط التفكير القدمية‪ .‬هذه العملية الثنائية هي التي عرفها هيغل‬ ‫بالديالكتيك‪ .‬اللحظة الثيولوجية هي عندما يتصور اإلنسان الكمال‬ ‫في فكرة متعالية‪ .‬اللحظة السياسية هي جتسيد الصورة املثالية في‬ ‫العقل البشري‪ .‬اللحظة التوفيقية التجانسية هي التي تتوحد فيها‬ ‫اإلرادة البشرية واملشيئة الربانية‪ .‬اللحظة التالية لم تتبلور إال عند‬ ‫هيكل‪ .‬فتظل اللحظتان‪ ،‬األولى والثانية‪ ،‬متقابلتني متنافرتني‪ ،‬على‬ ‫مستوى األصول‪ ،‬ال مستوى التدابير اإلجرائية‪ .‬وال يبدو أن الصراع‬ ‫القائم بني املوقفني ينتهي عن قريب‪ ،‬ما دام مستعرا في قلب البشر‪.‬‬ ‫حتى من يتحاشى التوسع في املوضوع‪ ،‬كما فعلنا‪ ،‬ويطالب فقط‬ ‫برفع كل أنواع احليف‪ ،‬لكي يعم املفهوم‪ ،‬ويصبح كل مواطن مجاور‬ ‫مواطنا مساهما في املؤسسة اجلماعية‪ ،‬يصطدم‪ ،‬عاجال أم آجال‪،‬‬ ‫باعتراضات قوية‪ :‬اجتماعية (عدم الكفاءة)‪ ،‬تاريخية (اخلصوصية‬ ‫الثقافية)‪ ،‬أخالقية (الرشوة)‪ ،‬وأخيرا وليس آخرا‪ ،‬عقائدية‪ .‬ال حرية‬ ‫بدون وفاء‪ .‬ال حق بدون وعي‪.‬‬

‫*‬

‫( ) ألقيت هذه احملاضرة في الدورة الثامنة من ملتقيات التاريخ‬ ‫التي تنظمها اجلمعية املغربية للمعرفة التاريخية‪ ،‬وذلك يوم ‪07‬‬ ‫ديسمبر ‪.2014‬‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫(( تـوفى بعد عصر ي��وم ال��ث�لاث��اء امل��واف��ق ‪ 21‬أبريل‬ ‫‪ ، 2015‬وذلك بسبب كثرة تدخينه مما تسبب بضرر‬ ‫فى رئتيه )) ‪..‬‬ ‫شخصي ًا ‪ ،‬لم أقرأ في حياتي خبر ًا يتكيء كالعاجز على‬ ‫تقرير طبي أكثر منه عجز ًا ‪ ،‬كهذا اخلبر ‪ .‬واملفارقة أن‬ ‫ٍ‬ ‫األمر يتعلق بخبر وفاة شاعر العامية املصري العظيم «‬ ‫عبد الرحمن األبنوي « ‪ ،‬فكيف ميكن أن نصف بالعجز‬ ‫خبر ًا يتعلق مببدع لم يعرف العجز إليه طريق ًا طيلة‬ ‫سبعة وسبعني عام ًا ‪ ،‬هي كل عمره املديد ‪ ،‬ذلك الذي‬ ‫ً‬ ‫أغنية نترمن بكلماتها اآلن ‪ ،‬بعض البشر هم من‬ ‫صار‬ ‫الروعة مبكان ‪ ،‬إلى احلد الذي يجعلنا نغنيهم أحلان ًا‬ ‫ومعان تؤنس وحشة أعوامنا الكئيبة ‪ ،‬حتى وإن صاروا‬ ‫ً‬ ‫كهوال تبلغ أعمارهم السابعة والسبعني ‪.‬‬

‫الصديق بودوارة‬

‫«أبنود» تودع «شاعر الغالبة»‬

‫«عيون القلب»‪..‬‬ ‫التي أغمضـــــــــــ‬


‫ــــت عينيها اآلن‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫كيف نريد من شاعر مدهش كاألبنودي أن‬ ‫يرضى باإلقامة في هذا الفندق الكئيب الذي‬ ‫نسميه بالدنيا ؟!!‬

‫((توفى بعد عصر يوم الثالثاء‬ ‫املوافق ‪ 21‬أبريل ‪ 2015‬وذلك‬ ‫بسبب كثرة تدخينه مما تسبب‬ ‫بضرر فى رئته)) ‪..‬‬ ‫خبر عاجز ‪ ،‬يتكيء على تقرير‬ ‫أك�ث��ر ع �ج��زاً م��ن ك��ل التقارير‬ ‫الطبية في الدنيا ‪ ،‬فاألبنودي لم‬ ‫يغادر احلياة ألن رئتيه تضررتا‬ ‫من التدخني ‪ .‬لقد مات الرجل‬ ‫ألن ه��ذه الدنيا ل��م تعد الئق ًة‬ ‫باستقبال الرائعني بني أهلها ‪،‬‬ ‫الدنيا أيها الطبيب العاجز ‪ ،‬لم‬ ‫تعد مدهش ًة وغامض ًة ومليئ ًة‬ ‫بالدهشةِ واألل��وان كما كانت ‪،‬‬ ‫مدهش‬ ‫شاعر‬ ‫فكيف تريد من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كاألبنودي أن يرضى باإلقامة‬ ‫في ه��ذا الفندق الكئيب الذي‬ ‫نسميه نحن بالدنيا ؟ وكيف‬ ‫تتهم ع�ل��ب ال�س�ج��ائ��ر ال��رائ�ع��ة‬ ‫باغتيال روعة األبنودي ؟ وبأي‬ ‫ح� ٍ�ق تنسب إل��ى التدخني تهمة‬ ‫اإلض��رار برئتي شاعر ؟ أليس‬ ‫مدهش كاألبنودي‪ ،‬بعد أن امتأل هواء‬ ‫كائن‬ ‫ٍ‬ ‫منطقياً أن متوت رئة ٍ‬ ‫العالم باألكاذيب ورائحة الدم احلرام ؟‬ ‫لقد مات «األبنودي» ألن الزمن اجلميل يلفظ اآلن أنفاسه األخيرة‬ ‫‪ ،‬وصار لزاماً أن يلملم حاجياته استعداداً للرحيل ‪ ،‬وهل يعقل أن‬ ‫يترك الزمن اجلميل متاعاً جمي ً‬ ‫ال كعبد الرحمن األبنودي وراءه‬ ‫ويرحل دون أن يصطحبه معه ؟‬ ‫مات إذاً صانع الكلمات ‪ ،‬ومبدع األغاني العظيمة ‪ ،‬وترك لنا كوناً‬ ‫ب��ارداً ميأله الصقيع ويصفعه االسفاف والتدني في كل شيء ‪،‬‬ ‫ويزدريه هبوط االبداع والكلمة واللحن واملعنى اجلميل ‪.‬‬

‫« اجلازية‬ ‫في حضرة فتنة‬ ‫« ‪ ،‬حكيمة بني هالل وأسطورة‬ ‫ج�م��ال�ه��م امل�س�ت�ب��د امل�س�ي�ط��ر ‪،‬‬ ‫وحيث تئن األم�ه��ات ويتوجعن‬ ‫مع وج��ع « اخل�ض��رة» الهاللية‬ ‫وه��ي تُتهم ظلماً باخلطيئة ‪،‬‬ ‫ومع حزن «شيحة» وهي تُفجع‬ ‫ب��أوالده��ا ال �ث�لاث��ة دون سابق‬ ‫إنذار ‪ ،‬وحيث الصدور الهزيلة‬ ‫املنهكة ترتاح قلي ً‬ ‫ال على صدر‬ ‫«ع� ��زي� ��زة» ‪ ،‬ع��اش �ق��ة «ي��ون��س‬ ‫الهاللي» ومعشوقته األث�ي��رة ‪،‬‬ ‫وحيث تهرب خواطر املقهورين‬ ‫وال� �غ�ل�اب ��ة إل� ��ى ح �ي��ث س �ط��وة‬ ‫فرسان بني ه�لال على ظهور‬ ‫جيادهم األسطورية السريعة‬ ‫كالبرق ‪ ،‬اجلريئة كعيون صبايا‬ ‫ب�ن��ي ه�ل�ال وه��ن يتطلعن إل��ى‬ ‫الدنيا من خالل ملحمة عطش‬ ‫طويلة خاض غمار معاملها وفد‬ ‫«ال�ت�غ��ري�ب��ة» األك �ث��ر ش �ه��رة في‬ ‫ال��دن�ي��ا ‪ ،‬تغريبة ب�ن��ي ه�ل�ال ‪،‬‬ ‫وهل نحن إال إحدى حكاياتها التي لم تنته بعد ؟‬ ‫إن وع��ي « األب �ن��ودي « يتشكل اآلن على ن��ار ه��ادئ��ة ‪ ،‬حطبها‬ ‫احلكايات ‪ ،‬وألسنة لهيبها املشاعر ‪ ،‬ووقودها دهشة اخللق وفتنة‬ ‫االبتكار ‪ ،‬إن شاعراً ف��ذاً يولد اآلن على مهل ‪ ،‬فلتنتظر الدنيا‬ ‫ميالد أروع القصائد إذن ‪:‬‬ ‫(( وانا رمشي ما ذاق النوم ‪..‬‬ ‫وهو عيونه تشبع نوم ))‬ ‫ال مجال للهروب من أسر كلمات األبنودي ‪ ،‬فهل تعرفون ملاذا‬ ‫ٍ‬ ‫كلمات كهذه الكلمات ؟‬ ‫يستحيل الهروب من أسر‬ ‫ألنها ال تهادن ‪ ،‬وألنها ‪ ،‬وببساطة متناهية ‪ ،‬ال تتكلف ‪ ،‬وال تتصنع‪،‬‬ ‫وال تضع األقنعة ‪ ،‬إنها تتجه إلى قلبك مباشر ًة ‪ ،‬حتضنك فتبكيك‬ ‫وتبكي معك ‪ ،‬هذه هي قصائد «عبد الرحمن األبنودي» ‪ ،‬تبكيك‬ ‫وتبكي معك ‪.‬‬

‫مات صانع الكلمات ومبدع األغاني العظيمة‬ ‫تارك ًا لنا كون ًا بارد ًا ميأله الصقيع ويصفعه‬ ‫اإلسفاف والتدني‬

‫نار هادئة ‪ ..‬حطبها‬ ‫وعي األبنودي يتشكل على ٍ‬ ‫احلكايات وألسنة لهيبها املشاعر ووقودها‬ ‫دهشة اخللق وفتنة االبتكار‬

‫البداية‬ ‫عام ‪ ، 1938‬وقرية منسية في أطراف صعيد مصر ‪ ،‬اسمها «‬ ‫أبنود» ‪ ،‬تسمع للمرة األول��ى ص��راخ مولود حديث العهد بالدنيا‬ ‫ومواجعها وأحزان أهلها ‪ ،‬إن «عبد الرحمن « يولد في تلك اللحظة‬ ‫‪ ،‬وينتسب إلى قريته الهادئة باإلسم ‪ ،‬وإلى مواجع صدور الفقراء‬ ‫باملعنى ‪ ،‬وإل��ى جدلية احلبر على وجه ال��ورق األبيض باالنتماء‬ ‫كمأذون شرعي ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حيث مهنة أبيه‬ ‫ٍ‬ ‫مساحة أك�ب��ر م��ن اجلغرافيا ‪ ،‬إن «‬ ‫يكبر ال��ول��د ‪ ،‬وينتقل إل��ى‬ ‫األب�ن��ودي» يسكن اآلن مدين ًة تُس ّمى «قنا» ‪ ،‬ويقطن مع أسرته‬ ‫«شارع بني علي» ‪ ،‬حيث الزجالون واحلكواتية يروون على مسامع‬ ‫الكادحني تفاصيل السيرة الهاللية الغنية بكل ما هو مدهش‬ ‫وملون ورائع ‪.‬‬ ‫يشب خيال «األب �ن��ودي» هناك ‪ ،‬حيث سحابات ال��دخ��ان حتني‬ ‫هاماتها « ألبي زيد الهاللي سالمة « ‪ ،‬فارس بني هالل ومنقذهم‬ ‫ومقيل عثراتهم ‪ ،‬وحيث يدفن الفقراء والباعة املتجولون أوجاعهم‬

‫الهزمية‬ ‫الزمن ‪ :‬كالح ومتجهم ‪ ،‬السنة ‪ . 1967 :‬األيام ‪ :‬صعبة ومضنية‬ ‫‪ .‬الوجوه ‪ :‬مطرقة متجهمة املالمح ‪ .‬الصدور‪ :‬منقبضة موحشة‬ ‫مهجورة ‪ .‬املعنويات ‪ :‬في احلضيص ‪.‬‬ ‫إنها مواصفات النكسة الكبرى ‪ ،‬هزمية «‪ »67‬سيئة الذكر ‪ ،‬ومصر‬ ‫ٍ‬ ‫ضربة موجعة إثر هزمية جيشها في حربه‬ ‫العظيمة تترن ُح من أثر‬ ‫الكبرى مع «إسرائيل» ‪ ،‬العدو التاريخي القدمي ‪.‬‬ ‫كل شيء كان يتهاوى في مصر ‪ ،‬اخلطب « التاريخية» ‪ ،‬واإلعالم‬ ‫الكاذب ‪ ،‬والبالغات العسكرية اجلوفاء ‪ ،‬واألكاذيب التي أودت‬ ‫بيقني املاليني من البشر ‪.‬‬ ‫كل شيء كان يسقط ويتهاوى ‪« ،‬مصر» ‪ ،‬كلها ‪ ،‬بأهراماتها اخلالدة‬


‫اخلال كما عرفته‪ ..‬مزيج بني الصراحة والغموض‬ ‫اجلميل ‪ ..‬بني الفن والفلسفة ‪ ..‬بني غاية التعقيد‬ ‫وقمة البساطة ‪ ..‬بني مكر الفالح وشهامة الصعيدي ‪..‬‬ ‫«محمد توفيق»‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫محمد منير ينهار عند تلقيه خبر وفاة األبنودي‬

‫الرئاسة املصرية أول من يبادر بتقدمي واجب العزاء‬

‫ونيلها العظيم وتاريخها املوغل في القدم ‪ ،‬كل هذا التاريخ الشاهق‬ ‫كان يُطرق برأسه حزناً وأملاً ولوعة ‪ ،‬هر ٌم واح ٌد لم يكن مستعداً‬ ‫للسقوط بعد ‪ ،‬هر ٌم واح ٌد صغير ‪ ،‬شاع ٌر مذهل ‪ ،‬علمته «سيرة‬ ‫بني ه�لال» أن غبار الطريق ووع��ورة املسالك وع��واء ال��ذئ��اب ‪،‬‬ ‫التثني القوافل عن مسيرها ‪ ،‬وأن متاهة الرمال املوحشة ال تسلب‬ ‫من يقني املؤمن بذاته إال كما تسلب الريح من لوح رخام ‪ ،‬وهل‬ ‫تسلب الريح شيئاً من لوح رخام ؟‬ ‫إن «عبد الرحمن األبنودي» ال يندب حظه كما يفعل الكثيرون ‪،‬‬ ‫وال ينزوي بعيداً يتجر ُع كأس الهزمية ويصمت ‪ ،‬إنه اآلن ‪ ،‬في‬ ‫مبنى االذاعة املصرية يكتب األغاني ليغنيها « العندليب األسمر»‪،‬‬ ‫فاألغنية ه��ي ال�س�لاح الوحيد‬ ‫الذي لم يلق سالحه بعد ‪.‬‬ ‫�ب األب� � �ن � ��ودي أغ ��ان� �ي ��ه ‪،‬‬ ‫ي��ك��ت� ُ‬ ‫�ض ال �ه �م��م ب��أص��وات‬ ‫وي �س �ت �ن �ه� ُ‬ ‫ٍ‬ ‫نخبة م��ن أروع مبدعي مصر‬ ‫في الغناء ‪ ،‬إن أهرامات جديدة‬ ‫تنهض اآلن ‪ ،‬وذل��ك ألن تراب‬ ‫م �ص��ر ل��م ي �ع��رف ي��وم��اً س��وى‬ ‫أن ينبت األف��ذاذ من البشر ‪،‬‬ ‫وتراب مصر ال يجيد سوى لغة‬ ‫اخللق ومنهج والدة احل��ي من‬ ‫التراب ميتاً يل ُد‬ ‫امليت ‪ ،‬أليس‬ ‫ُ‬ ‫دائماً بذرة احلياة ؟‬ ‫وهكذا ك��ان ‪ ،‬يرف ُع املصريون‬ ‫وتتسرب‬ ‫وجوههم من جديد ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إل ��ى م�س��ام�ع�ه��م أغ��ان��ي «عبد‬ ‫ال��رح �م��ن األب � �ن� ��ودي» ب�ص��وت‬ ‫«عبد احلليم حافظ» وأحل��ان‬

‫األبنودي مع زوجته وابنتيه‬

‫«كمال الطويل» ‪ ،‬فيرددون أغاني «ابنك يقولك يا بطل»‪« ،‬اضرب‪..‬‬ ‫اضرب»‪ ،‬و«راية العرب»‪ ،‬ويرددون ببطء وتصميم وعناد مذهل ‪:‬‬ ‫(( ابنك يقول أنا حواليه ‪ ..‬امليت مليون العربية ‪ ، )).‬ويرددون‬ ‫والهمم تُشح ُذ من جديد ‪:‬‬ ‫(( ما تغيب الشمس العربية ‪ ..‬طول ما نا واقف فوق الدنيا )) ‪.‬‬ ‫الكل هنا ينادي الكل ‪ ،‬والضعف يسند ضعفه ليعود قوياً من جديد‬ ‫‪ ،‬من قال إن األغاني مجرد كالم ال طائل من وراءه ؟‬ ‫إن « األب�ن��ودي» يرفض أن يُذعن للهزمية ‪ ،‬ويستنهض بأغانيه‬ ‫الهمم بصوت «عبد احلليم» ‪:‬‬ ‫(( وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها‪ ..‬جانا نهار مقدرش يدفع‬ ‫م� �ه ��ره ��ا‪ ..‬ي ��اه ��ل ت� ��رى ال�ل�ي��ل‬ ‫احلزين أبو النجوم الدبالنني‪..‬‬ ‫ابو الغناوي املجروحيني‪ ..‬يقدر‬ ‫ينسيها ال�ص�ب��اح ‪ ،‬اب��و شمس‬ ‫بترش احلنني‪ ..‬اب��دا‪ ...‬بلدنا‬ ‫للنهار‪ ...‬بتحب م��وال النهار‪..‬‬ ‫ملا يعدي فى ال��دروب‪ ..‬ويغني‬ ‫ق � � ّدام ك��ل دار‪ ..‬وال�ل�ي��ل يلّف‬ ‫ورا ال� �س ��واق ��ي زي م ��ا يلف‬ ‫ال��زم��ان‪ ..‬وعلى النغم ‪...‬حتلم‬ ‫ب �ل��دن��ا ب��ال�س�ن��اب��ل وال��ك �ي��زان‪..‬‬ ‫حت�ل��م ب�ب�ك��رة وال �ل��ى ح يجيبه‬ ‫م�ع��اه‪ ..‬تنده عليه ف��ى الظلمة‬ ‫وبتسمع ن��داه‪ ..‬تصحى له من‬ ‫ق �ب��ل االدان‪ ..‬ت� ��روح تقابله‬ ‫ف ��ى ال �غ �ي �ط��ان‪ ..‬ف ��ي امل �ت��اج��ر‬ ‫ف��ى امل��ص��ان��ع‪ ..‬ف��ى امل� ��دارس‬ ‫و ال �س��اح��ات‪ ..‬طالعة صحبة‬

‫كلماته ال تهادن ‪ ..‬ال تتكلف ‪ ..‬ال تضع األقنعة‬ ‫‪ ..‬إنها تتجه إلى قلبك مباشرة حتضنك‬ ‫فتبكيك وتبكي معك‬ ‫يلق سالحه‬ ‫األغنية هي السالح الوحيد الذي لم ِ‬ ‫في النكسة ‪ ..‬واملصريون يرفعون وجوههم من‬ ‫جديد بأغاني األبنودي‬


‫صفوف جنود‪ ..‬طالعة له رجال اطفال بنات‪ ..‬كل الدروب واخدة‬ ‫بلدنا للنهار‪ ..‬واحنا بلدنا للنهار بتحب موال النهار‪ ..‬ملا يعدي فى‬ ‫الدروب‪)) .‬‬ ‫مختصر مفيد‬ ‫(( هذا هو «اخل��ال» كما عرفته‪ ..‬مزيج بني الصراحة الشديدة‬ ‫والغموض اجلميل‪ ،‬بني الفن والفلسفة‪ ،‬بني غاية التعقيد وقمة‬ ‫البساطة‪ ،‬بني مكر الفالح وشهامة الصعيدي‪ ،‬بني ثقافة املفكرين‬ ‫وطيبة البسطاء‪ ..‬هو السهل املمتنع‪ ،‬الذي ظن البعض ‪ -‬وبعض‬ ‫الظن إثم ‪ -‬إن تقليده سهل وتكراره ممكن‪)) .‬‬ ‫إنه الكاتب «محمد توفيق»‪ ،‬يصف « عبد الرحمن األبنودي» في‬ ‫كتابه « اخلال» ‪ ،‬الذي تناول فيه سيرة «األبنودي» الذاتية ‪ ،‬وهو‬ ‫وصف في منتهى االيجاز والبالغة واالتقان والصدق معاً ‪ ،‬إنك ال‬ ‫حتتاج إلى الكثير من اللغة لتصف الشمس ‪ ،‬فقط يكفيك أن ّ‬ ‫تذكر‬ ‫الناس بنعمة الدفء لكي يتذكروا معك كل شيء‪.‬‬

‫سر متيزه ‪ ..‬إنه يرسم‬ ‫تفاصيل األبنودي هي ّ‬ ‫لك مجتمع ًا كام ًال في كلمات أغنية‬

‫أليس رائع ًا أن يوجد في الكون كائن مبهج كعبد‬ ‫الرحمن األبنودي ‪ ..‬الوهج‬ ‫وأليس موجع ًا أن ميوت‬

‫فجأة ـ تكتشف مصر هرماً جديداً ‪ ،‬وكأن قدر هذه األرض أن‬ ‫تلد األهرامات ‪ ،‬وأن تنجب العمالقة ‪ ،‬هاهو «األبنودي» ينهض‬ ‫ٍ‬ ‫جديد يفتح كنز‬ ‫�داع‬ ‫عمالقاً في زمن الهزمية ‪ ،‬وهاهو منجم إب� ٍ‬ ‫بأغان ال متوت ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أسراره ملن يرغب في اخللود‬

‫أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة‬ ‫التقديرية‬

‫إن شاعرنا يصبح اآلن شمساً متن ُح نو َرها للجميع ‪ ،‬هاهو يكتب‬ ‫لعبد احلليم حافظ ‪ :‬عدى النهار‪ ،‬املسيح‪ ،‬أحلف بسماها وبترابها‪،‬‬ ‫إبنك يقول لك يا بطل‪ ،‬أنا كل ما أقول التوبة‪ ،‬أحضان احلبايب‪،‬‬ ‫اضرب اضرب‪ ،‬إنذار‪ ،‬بالدم‪ ،‬بركان الغضب‪ ،‬راية العرب‪ ،‬الفنارة‪،‬‬ ‫يا بلدنا ال تنامي‪ ،‬صباح اخلير يا سينا‪. ،‬‬ ‫ويكتب لنجاة الصغيرة رائعته املذهلة ‪ ،‬عيون القلب ‪ ،‬وكذلك ‪،‬‬ ‫قصص احل��ب اجلميلة ‪ ،‬ويكتب حملمد رش��دي‪ :‬حتت الشجر‬ ‫يا وهيبة‪ ،‬عدوية‪ ،‬وس��ع للنور‪ ،‬عرباوى ‪ ،‬ويكتب لفايزة أحمد‪:‬‬ ‫ميا‪ ،‬مال علي مال‪ ،‬قاعد معاي‪ .‬ويكتب لشادية‪ :‬آه‬ ‫ميا يا هوايا ّ‬ ‫ّ‬ ‫يا اسمراني اللون‪ ،‬قالى ال��وداع‪ ،‬أغانى فيلم شيء من اخلوف‪.‬‬ ‫ويكتب لصباح واحد ًة من أشهر أغانيها ‪ :‬ساعات ساعات‪.‬ولوردة‬ ‫اجلزائرية‪ :‬طب ًعا أحباب‪ ،‬قبل النهاردة ‪ ،‬وحملمد قنديل‪ :‬شباكني‬ ‫على النيل عنيكي ‪ ،‬وملاجدة الرومي‪ :‬جايي من بيروت‪ ،‬بهواكي‬ ‫يا مصر‪ .‬وحملمد منير‪ :‬شوكوالتة‪ ،‬كل احلاجات بتفكرني‪ ،‬من‬ ‫حبك مش بريء‪ ،‬برة الشبابيك‪ ،‬الليلة ديا‪ ،‬يونس‪ ،‬عزيزة‪ ،‬قلبى‬ ‫مايشبهنيش‪ ،‬يا حمام‪ ،‬يا رمان‪ ،‬ولنجاح سالم‪ :‬شئ من الغضب‪.‬‬ ‫مصر ‪ ،‬كلها تغني اآلن لذلك الصعيدي األسمر ‪،‬صاحب املالمح‬ ‫احلادة املتعبة ‪ ،‬واألغنية تلد األغنية ‪ ،‬واملعنى الواحد ميد يده‬ ‫اخلفيه ليداوي ماليني الصدور املتخمة بالوجع ‪ ،‬إن «األبنودي»‬ ‫يولد اآلن من جديد ‪.‬‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫صوت عبد احلليم كان ملهمه في كتابة األغاني الوطنية‬

‫جناة الضغيرة شذت برائعته عيون القلب‬

‫سيرة التفاصيل‬ ‫ُ‬ ‫ميسك باللحظة ‪ ،‬يحنو‬ ‫تفاصيل «األبنودي» هي سر متيزه ‪ ،‬إنه‬ ‫عليها ‪ ،‬ي ّربت على رأسها بهدوء ‪ ،‬ويبدأ بأزميله اخلفي في تشكيل‬ ‫مالمحها ‪ ،‬مينحها عمام ًة صعيدية ‪ ،‬أو يلبسها جلباب فالح ‪ ،‬أو‬ ‫طرحة فالحة ‪ ،‬وقد يجعلها ولداً يستح ُم في مياه الترعة ‪ ،‬أو بنتاً‬ ‫تطارد أسراب احلمام ‪.‬‬ ‫هذه هي روعة «األبنودي»‪ ،‬في تفاصيله ‪ ،‬إنه يرسم لك مجتمعاً‬ ‫كام ً‬ ‫ال في كلمات أغنية ‪ ،‬حتى أنك تكاد ترى وج��وه الناس من‬ ‫خالل ما يكتبه من حروف ‪:‬‬ ‫(( شباكني ع النيل عنيكي ‪ ..‬يا حبيبتي يا حبيبتي‪ ..‬شفت في‬ ‫العني الشمال‪ ..‬ألف عم و ألف خال‪ ..‬يا حبيبتي يا حبيبتي‪ ..‬شفت‬ ‫في العني اليمني‪ ..‬الشاكوش واملسطرين‪ ..‬واملراكب واحلبال‪..‬‬ ‫والعساكر والنضال‪ ..‬والتعب والعرقانني‪ ..‬والعرق واملرتاحني ))‬ ‫في شعر «األبنودي» ثمة حكايات ُتروى ‪ ،‬ومواجع ال يبوح بها لسان‬ ‫‪ ،‬وال يتسع لها صدر ‪ ،‬ثمة فقر وغبار وحاجة وصمت وشكوى‬ ‫وألم وعشق وقصة غرام تنضج على أقل من مهلها ‪ ،‬لكنها تُصبح‬ ‫حياة كاملة في نهاية املطاف ‪ ،‬أليس رائعاً أن يوجد في الكون كائن‬ ‫مبهج كعبد الرحمن األبنودي؟ وألـيس موجعــاً أن ميوت ؟‬

‫قصصاً وأحداثاً مختلفة من حياته في صعيد مصر‪.‬‬ ‫كما صدرت له الكثير من الدواوين منها ‪:‬‬ ‫األرض والعيال ‪ .1985 - 1975 - 1964‬الزحمة ‪- 1967‬‬ ‫‪ .1985 – 1976‬عماليات ‪.1968‬جوابات حراجى القط ‪1969‬‬ ‫ ‪.1985 – 1977‬الفصول ‪.1985 – 1970‬أحمد سماعني‬‫‪.1985 – 1972‬انا والناس ‪.1973‬بعد التحية والسالم ‪.1975‬‬ ‫وج��وه على ال�ش��ط ‪« .1978 – 1975‬قصيدة طويلة»‪.‬صمت‬ ‫اجلرس ‪.1985 – 1975‬املشروع واملمنوع ‪.1985 – 1979‬املد‬ ‫واجلزر ‪« .1981‬قصيدة طويلة» ‪.‬األحزان العادية ‪. 1981‬السيرة‬ ‫الهاللية ‪ .1978‬دراس��ة مترجمة ‪.‬امل��وت على األسفلت ‪1988‬‬ ‫ ‪ 1995‬قصيدة طويلة‪.‬سيرة بنى هالل اجلزء األول (‪.1988‬‬‫سيرة بنى ه�لال اجل��زء الثاني ‪.1988.‬سيرة بنى ه�لال اجلزء‬ ‫الثالث ‪ .1988.‬سيرة بنى هالل اجلزء الرابع ‪.1991‬سيرة بنى‬ ‫هالل اجلزء اخلامس ‪.1991‬االستعمار العربي ‪1992 – 1991‬‬ ‫قصيدة طويلة‪.‬املختارات اجلزء األول ‪.1995 – 1994‬‬ ‫وألن للتوهج زمناً ال ينام فيه ‪ ،‬وال يغمض له جفن ‪ ،‬فقد استمر‬ ‫«األبنودي « في توهجه مجتازاً األغنية إلى األعمال الفنية األكثر‬ ‫ازدحاماً بالتفاصيل ‪ ،‬فهاهو يكتب أغاني العديد من املسلسالت‬ ‫مثل «الندمي»‪ ،‬و(ذئاب اجلبل)وغيرها ‪ ،‬ويكتب حوار وأغاني فيلم‬ ‫«شيء من اخلوف»‪ ،‬وحوار فيلم «الطوق واإلسورة»‪ ،‬وكتب أغاني‬ ‫فيلم «ال �ب��ريء»‪ ،‬وق��د ق��ام ب��دوره في مسلسل «العندليب حكاية‬ ‫شعب» الفنان محمود البزاوي‪ .‬و شارك الدكتور يحيى عزمي في‬ ‫كتابة السناريو واحلوار لفيلم «الطوق واألسورة» عن قصة قصيرة‬ ‫للكاتب يحيى الطاهر عبد الله‪.‬‬

‫األعمال واجلوائز‬ ‫من أشهر أعماله السيرة الهاللية التي جمعها من شعراء الصعيد‬ ‫ولم يؤلفها‪ .‬ومن أشهر كتبه كتاب (أيامي احللوة) وال��ذي نشره‬ ‫في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا احللوة بجريدة األهرام مت‬ ‫جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثالثة‪ ،‬وفيه يحكي األبنودي‬


‫جوائز األبنودي ال تناسب إبداعه ‪ ،‬فمنذ بداياته املبكرة ‪ ،‬ورغم‬ ‫مخزونه الهائل من اإلبداع ‪ ،‬فإن جائزته األولى الكبيرة لم تأت إال‬ ‫في عام ‪ ، 2001‬عندما مت منحه جائزة الدولة التقديرية ليكون‬ ‫بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة التقديرية‪.‬‬ ‫وكان االحتفاء العربي به متأخراً جداً ‪ ،‬كعادة العرب عندما يتخذون‬ ‫قرارتهم ‪ ،‬فقد مت منحه عام ‪ ، 2014‬أي قبل عام واحد فقط من‬ ‫وفاته ‪ ،‬جائزة «محمود درويش» لإلبداع العربي للعام ‪.2014‬‬ ‫نتأخر دائماً في تكرمي املبدع ‪ ،‬لكننا ال نتأخر أبداً في إحباطه ‪،‬‬ ‫قد ٌر هو أم سوء تدبير ؟ ال أحد يعرف‪.‬‬ ‫عيون القلب‬ ‫واآلن ‪ ..‬هل وصلكم النبأ ؟‬ ‫مات صاحب تلك الرائعة التي طاملا ترمن بها العشاق ‪ « ،‬وانا كل‬ ‫ما قول التوبة يابوي ‪ ،‬ترميني املقادير» ‪ ،‬رحل عنا حام ً‬ ‫ال ألوان‬ ‫أغانيه وبهجة كلماته ‪ ،‬وترك لنا هذا الرماد الذي ميأل صدورنا‬ ‫بالغبار والعجز ‪.‬‬ ‫واآلن ‪ ..‬هل وصلكم النبأ ؟‬ ‫�ت أق��ول إن األحبة‬ ‫ض��وء آخ��ر انطفأ ف��ي ص��دورن��ا ‪ ،‬دائ �م �اً ك�ن� ُ‬ ‫والرائعني ‪ ،‬هم أضواء تزدهر بها صدورنا وتنير بها جوانحنا ‪،‬‬ ‫فنقهر بها سواد الليل وعتمة الدرب ووحشة املسالك ‪ ،‬وكلما مات‬ ‫أحدهم ‪ ،‬كلما انطفا في صدورنا مصباح من هذه املصابيح التي‬ ‫تؤنس وحدتنا بنورها ‪.‬‬ ‫نور آخر يخبو ‪ ،‬وضوء آخر ينطفيء ‪ ،‬وهرم آخر يغلق الباب وراءه‬ ‫وميضي ‪ ،‬فيما يتردد في فراغ فجيعتنا كالم من القلب أصاب به‬

‫قلوبنا ذات يوم ‪:‬‬ ‫عدى النهار واملغربية جاية‬ ‫(( ّ‬ ‫تتخفى ورا ظهر الشجر‬ ‫وعشان نتوه فى السكة شالت من ليالينا القمر ))‬ ‫وهذا بالضبط ما فعله بنا « األبنودي» عندما رحل ‪ ،‬لقد قرر أن‬ ‫يرحل قمره معه ‪،‬وفعل ما فعله الغروب من ليالي العشاق ذات‬ ‫يوم ‪:‬‬ ‫(( وعشان نتوه فى السكة شالت من ليالينا القمر )) !!‬ ‫واآلن ‪ ..‬هل وصلكم النبا ؟‬ ‫كاتب األغاني املوجوعة ‪ ،‬وشاعر الغالبة ‪ ،‬ومبدع كلمات تلك‬ ‫األغنية الشجية ‪ « ،‬عيون القلب ‪ ،‬سهرانة ‪ ،‬ما بتنامش « ‪ ..‬هذا‬ ‫املذهل املسكون بالدهشة ‪ ،‬أغمض عينيه اآلن ‪ ،‬لم تعد عيناه‬ ‫تسهران من أجل أحد ‪ ،‬نام قلبه ‪ ،‬ونامت عيون قلبه ‪ ،‬وصار علينا‬ ‫أن نستعد لقضاء ليل آخر طويل ‪ ،‬نعد ساعاته بال ٍ‬ ‫مدد من ذهب‬ ‫ٍ‬ ‫حلية من فضة املعنى ‪ ،‬فقط أغمض « األبنودي»‬ ‫الكالم ‪ ،‬وال‬ ‫عينيه وانتهى األمر ‪.‬‬ ‫واآلن‪..‬‬ ‫ه��ل عرفتم مل��اذا ك��ان ذل��ك التقرير الطبي ع��اج��زاً وبعيداً عن‬ ‫إحساسنا باحلدث ‪ ،‬عندما كتب عن وفاة األبنودي قائ ً‬ ‫ال ‪:‬‬ ‫(( تـوفى عصر يوم الثالثاء املوافق ‪ 21‬أبريل ‪ 2015‬وذلك بسبب‬ ‫كثرة تدخينه مما تسبب بضرر فى رئته ‪)) .‬‬ ‫تقرير‬ ‫شخصياً ‪ ،‬لم أقرأ في حياتي خبراً يتكيء كالعاجز على‬ ‫ٍ‬ ‫طبي أكثر منه عجزاً ‪ ،‬كهذا اخلبر!!‬ ‫ولكي تعرف السبب عليك بقراءة هذا املقال من جديد ‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫متابعة‬

‫المخرج صالح الزروق‪:‬‬

‫نقطة ضعفي ضحكة‬ ‫طفل‬

‫المستقل تشهد تنفيذ البرنامج‬

‫ّ‬ ‫حنة‬ ‫أمي دارت فيدي‬ ‫مدينة طبرق تشهد منذ عدة أشهر حركة فنية متميزة‪ ،‬خصوص ًا في مجال الطفولة من خالل أنشطة عدة‬ ‫مؤسسات تعليمية عامة وخاصة‪ ،‬غير أن مستوى اإلبداع قفز بشكل واضح وأرتقى إلى مستوى احترافي عندما‬ ‫شرعت املنظمة اللليبية الدولية للطفولة‪ ،‬من خالل رئيسها ومبدعها الشاعر واملخرج صالح الزروق وأيضا جهود‬ ‫املبدع صابر الطيب الشاعري وبقية فريق العمل‪ ،‬على تقدمي أكثرمن ستة أعمال مصورة بثت أغلبها في بعض‬ ‫الفضائيات مجان ًا ‪ ،‬وخالل األيام املاضية مت االنتهاء من تصوير عمل جديد بعنوان ( أمى دارت في يدي حنة‬ ‫يوم الوقفة ) من كلمات وأحلان إخراج املبدع صالح الزروق ‪ ،‬حتت اشراف املنظمة الليبية الدولية للطفولة ‪.‬ومن‬ ‫انتاج روضة طريقى وروضة طبرق وتنفيذ املركز الدولي ميديا اتش دي لإلنتاج الفني وهذا العمل يجسد فيه‬ ‫األطفال أع��راس األج��داد ألول مرة في ليبيا وملزيد من املعلومات حول هذه األعمال ألتقينا املبدع الشاعر‬ ‫واملخرج صالح الزروق وسألناه عن هذه األعمال ‪..‬‬

‫متابعة وتصوير ‪ :‬عبد الرحمن سالمة‬


‫عدسة تتجه للجمال والبراءة‬

‫الزروق‪ :‬بداية أود أن أحيي كل اجلهود‬ ‫التي تبذل من أجل الطفل الليبي داخل‬ ‫وخ���ارج ليبيا خ�ل�ال ه��ذه ال�ف�ت��رة التي‬ ‫يتعرض فيها الوطن إلى محنة كبيرة بعد‬ ‫أن تخلى عنه كثير من الذين كنا نظنهم‬ ‫وطنيني وأل �ق��وا بأنفسهم ف��ي أحضان‬ ‫أجندات ومخططات هدفها إذالل العرب‬ ‫وتركيعهم والعبث مبقدراتنا واالستفادة‬ ‫من خيراتنا ‪ ،‬وفي ظل الفوضى احلالية‬ ‫أصبح الطفل الليبي ضحية هذا النزاع‬ ‫امل�س�ل��ح ع�ل��ى ال�س�ل�ط��ة ون �ح��ن املنظمة‬ ‫الليبية الدولية للطفولة آلينا على أنفسنا‬ ‫تقدمي مثل هذه األعمال للطفل الليبي‬ ‫وقمنا بتصوير هذه األعمال في مدينة‬ ‫طبرق ونحن منذ سنوات قمنا بالعديد‬ ‫من األنشطة التي ترفع من شأن الطفل‬ ‫الليبي وت�س�م��و ب��ه س ��واء ف��ي ليبيا أو‬ ‫خارجها ‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ق��ب��ل احل���دي���ث ع���ن ه��ذا‬ ‫العمل األخير نود منك أن تعطينا‬ ‫نبذة عن املنظمة الليبية الدولية‬ ‫للطفولة ؟‬ ‫الزروق‪ :‬املنظمة الليبية الدولية للطفولة‬ ‫هى منظمة أهلية إنسانية عاملية تعمل‬

‫ب��ال �ش��راك��ة م ��ع ص� �ن ��دوق «ت �ش��رن��وب �ي��ل‬ ‫‪..‬أط �ف��ال م��ن أج��ل ال�ب�ق��اء» بجمهورية‬ ‫أوكرانيا ولها اتفاقيات تعاون مع جمعية‬ ‫الطفل والبيئة بقليبة بجمهورية تونس‬ ‫وجمعية أحباء الكتاب التونسية واتفاقية‬ ‫حسن نوايا مع املنظمة العربية اإلفريقية‬

‫الطفل الليبي أصبح ضحية‬ ‫النزاع املسلح على السلطة‬ ‫يكفي عبث ًا بتراب الوطن‬ ‫املنظمة الليبية الدولية‬ ‫للطفولة تعمل بالشراكة مع‬ ‫صندوق «تشرنوبيل»‬

‫الدولية حلقوق امل��رأة ومنظمة الكوكب‬ ‫األخضر ‪ ،‬وتسعى منذ إنشائها لتقدمي‬ ‫العديد من املساعدات اإلنسانية على‬ ‫مختلف الساحات العاملية التي تعرضت‬ ‫ل�ل�ك��وارث الطبيعية أو نتيجة حل��روب‬ ‫وصراعات ‪ ،‬وتهدف هذه املنظمة إلى‬ ‫العمل اإلن�س��ان��ي ال ��ذي يلتقي فيه كل‬ ‫ال�ب�ش��ر وم �س��ان��دة وم �س��اع��دة األط �ف��ال‬ ‫املتضررين في الكوارث الطبيعية وغير‬ ‫ال�ط�ب�ي�ع�ي��ة وت ��دري ��ب وت��أه �ي��ل وت��وع�ي��ة‬ ‫األط��ف��ال ع�ل��ى ك��اف��ة وس��ائ��ل احل�م��اي��ة‬ ‫املدنية والسعي لتقنني عمالة األطفال‬ ‫دول� �ي� �اً وت��أس��ي��س م �ك �ت �ب��ات ل�لأط �ف��ال‬ ‫تشجيعاً على االطالع واملطالعة والتأكيد‬ ‫على مبدأ عدم التمييز بني أطفال العالم‬ ‫إنسانياً ‪ ،‬فكل عمل من شأنه أن يبني‬ ‫طفال سوياً خلوقاً مبدعاً معطا ًء ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هذا العمل الذي اجنزمتوه‬ ‫والذي يحاكي التراث الليبي ‪ ،‬كيف‬ ‫جاءت هذه الفكرة ؟‬ ‫ال���زروق‪ :‬بصراحة أن��ا دائماً أفكر في‬ ‫رسم هذه اللوحة على أرض الواقع بعد‬ ‫أن رسمتها ف��ي خيالي وجسدتها في‬ ‫كلمات ه��ذه األغنية بعد ذل��ك ‪ ،‬ورمب��ا‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫متابعة‬

‫لوحات متزج بني البراءة والتراث‬

‫أج � ��واء م��دي �ن��ة ط �ب��رق وك��ذل��ك س��رع��ة‬ ‫ال �ب��دي �ه��ة ل ��دى أب��ن��اء ط �ب��رق ه��ى ال�ت��ي‬ ‫شجعتني على تنفيذ ه��ذا العمل وهو‬ ‫من كلماتي وأحلاني أيضاً ‪ ،‬وبصراحة‬ ‫قمنا بجهد ح�ت��ى ن �ق��وم بتصوير ه��ذا‬ ‫العمل ولوال الطاقم الذي يعمل معي ملا‬ ‫حظينا بثقة اآلخ��ري��ن ورمب��ا سر جناح‬ ‫ه���ذه األع� �م ��ال ه��و االح� �ت���رام واحل��ب‬ ‫املتبادل بني طاقم العمل ‪ ،‬ويظل هذا‬ ‫العمل ريادي فيما يتعلق بتجسيد الطفل‬ ‫الليبي للعرس الليبي ونأمل أن ينال رضا‬ ‫اجلميع ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬انت شاعر وملحن و مصور‬ ‫ومخرج ‪ ..‬رتب هذه الصفات بحسب‬ ‫قربها إليك ؟‬ ‫ال������زروق‪ :‬أن ��ا إن �س��ان تخرج‬ ‫ال �ك �ل �م��ات م ��ن ق �ل �ب��ي حتمل‬ ‫احل��ب وتنثر ال��زه��ور وحتلق‬ ‫في سماء الوطن وتدعو الله‬ ‫أن ال ي �ط��ال ال�ق�ب��ح ال �ب��راءة‬ ‫‪ ،‬ع �ن��دم��ا أح��م��ل ال �ك��ام �ي��را‬ ‫اللتقط صورة وتفتح العدسة‬ ‫على قبح داخل الكادر يصاب‬ ‫عندها إصبعي بشلل مؤقت‬

‫سرعة بديهة أطفال طبرق‬ ‫هي من شجعتني على تنفيذ‬ ‫هذا العمل‬ ‫«أمي دارت فيدي حنّة» له‬ ‫الريادة في جتسيد العرس‬ ‫الليبي القدمي‬

‫وال يستطيع أن ي��رت �ك��ب ه ��ذا اجل��رم‬ ‫حينها أبحث في مكان آخر عن مواطن‬ ‫الدهشة واجلمال ورمبا في هذه األوقات‬ ‫املكان األق��رب هو قلوب أطفالنا الذين‬ ‫دائماً ندعو الله أال يصيبهم قبح الكبار‬ ‫‪ ،‬أحاول دائماً أن أبذل جهدي في إخراج‬ ‫الكلمة احلقيقية الصادقة ذات اجلرس‬ ‫املوسيقي الذي يصل إلى القلب بسالسة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما هي نقطة ضعف صالح‬ ‫الزروق ؟‬ ‫الزروق‪ :‬نقطتي ضعفي ضحكة طفل ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كيف ت��رى مستقبل الفن‬ ‫في ليبيا ؟‬ ‫ال�����زروق‪ :‬مستقبل ال�ف��ن م�ت��وق��ف على‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي�ين ف �ل��و ن��زع��وا م��ا ب�ق�ل��وب�ه��م من‬ ‫غ��ل فإنهم سيعانقون الفن‬ ‫واإلب� ��داع وال�ت��أل��ق وف��ي زمن‬ ‫ق� �ي ��اس ��ي وس� �ي� �ه� �ت ��دون ال ��ى‬ ‫وض� ��ع ل��ب��ن��ات م �ه �م��ة ج���داً‬ ‫كبناء املسارح ودور السينما‬ ‫وامل��راس��م الفنية وااله�ت�م��ام‬ ‫باملتاحف وبالسياحة الفنية ‪،‬‬ ‫كل ذلك وأكثر لو نزع الليبيون‬ ‫ما بقلوبهم من غل ‪.‬‬


‫حوار األطفال بلغة الكبار‬

‫املستقل‪ :‬ه��ل لديكم أع��م��اال فنية‬ ‫في الفترة القادمة ؟‬ ‫الزروق‪ :‬نعم نحن جنهز ألكثر من عشرة‬ ‫أع �م��ال ل�لأط�ف��ال إض��اف��ة إل��ى برنامج‬ ‫أطفال ليبيا وال��ذي بدأنا في تصويرة‬ ‫وه ��و ب��رع��اي��ة ش��رك��ة ال �ك �ت��اب ال�ع��رب��ي‬ ‫التعليمية بطبرق وهو أول برنامج مصور‬ ‫لألطفال في طبرق أيضا لدينا برنامج‬ ‫آخر ياال شباب وكذلك برنامج فنجان‬ ‫قهوة ‪ ،‬كما أننا نسعى لتقدمي مجموعة‬ ‫ك�ب�ي��رة م��ن األع �م��ال اخل��اص��ة بالطفل‬ ‫من خالل قناة ليبيا لألطفال وكل هذه‬

‫قبح‬ ‫عندما أفتح العدسة على ٍ‬ ‫داخل الكادر يصاب إصبعي‬ ‫بشلل مؤقت‬ ‫لو نزع الليبيون ما بقلوبهم من‬ ‫غل لعانقوا الفن واإلبداع‬ ‫ٍ‬

‫األع �م��ال ستكون ضمن ان �ت��اج وتنفيذ‬ ‫املركز الدولي ميديا اتش ميديا لإلنتاج‬ ‫الفني والذي قمنا بتأسيسه مؤخراً ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كلمة أخيرة ‪:‬‬ ‫ال������زروق‪ :‬ف��ي اخل �ت��ام ش �ك��راً ل��ك أخ��ي‬ ‫ع�ب��دال��رح�م��ن وأق���ول لليبيني إذا كنتم‬ ‫مصرين على شحذ السكاكني ألنفسكم‬ ‫ف��دع��وا أط �ف��ال ليبيا يعيشون حياتهم‬ ‫بعيداً ع��ن غبائكم وال تذبحوا وطنهم‬ ‫البريء بإصراركم على العبث ‪ ،‬عودوا‬ ‫إلى رشدكم ويكفي عبثاً بتراب الوطن‬ ‫الذي روته دماء املجاهدين‪.‬‬

‫إيقاعات وألوان من صميم التراث‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار‬ ‫«زبيدة قاسم» فنانة أثبتت وبجدارة وجودها على الساحة الفنية‪,‬‬ ‫أستطاعت اجتياز مراحل كثيرة وكانت ق��ادرة على وضع أقدامها في‬ ‫املكان الصحيح لتبدأ شق الطريق بالشكل الذي تطمح إليه ‪ ..‬ولدت في‬ ‫مدينة طرابلس في حي السوالم بسوق اجلمعة عام ‪ ..1962‬درست في‬ ‫نفس املنطقة وكانت إحدى عضوات فرقة املسرح الليبي ‪ ..‬دخلت املسرح‬ ‫مبحض الصدفة عندما كانت تعمل موظفة طباعة في الهيئة العامه‬ ‫للمسرح واملوسيقى والفنون الشعبية وك��ان حينها املخرج «عبدالله‬ ‫الزروق» يبحث عن شخصية نسائية ملسرحية (زينب) بطولة «حميدة‬ ‫اخلوجة» و «منصور عاكف» ‪ ..‬طلبت منها إح��دى زميالتها بالذهاب‬ ‫ملقر الفرقة بعد حديثها عن العمل املسرحي «زينب»‪ ..‬في تلك الفترة‬ ‫كانت «زبيدة» طالبة في مرحلة الشهادة اﻻعدادية إضافة لوظيفتها‬ ‫بهيئة املسرح‪ ,‬وعند ذهابها للفرقة أطلّعت على النص وأعجبها وكانت‬ ‫سعيدة بوجودها بني فنانني كبار رمبا تراهم ألول مرة خارج الشاشات‬ ‫‪ ..‬في البداية كانت خائفة جد ًا بخوض التجربة لصغر سنها وعدم‬ ‫خبرتها ف��ي م��ج��ال التمثيل ول��ك��ن ب��دع��م أصدقائها وتشجيعهم لها‬ ‫وحبها للفن أتخذت قرار املغامرة وشاركت في مسرحية «زينب» وكانت‬ ‫االكتشاف املفاجىء للعديد من الفنانني ‪ ..‬في «زينب» ظهرت «زبيدة»‬ ‫تتعد اخلمسة عشر عام ًا‬ ‫بشخصية أم «حلميدة اخلوجة» رغم أنها لم‬ ‫َ‬ ‫ولكن ُبنيتها اجلسدية أخفت عمرها احلقيقي وجعلتها شخصية‬ ‫مقنعة للجمهور دون التركيز على فارق السن بينهما‪ ،‬وأثنى اجلميع‬ ‫على أدائها‪.‬‬ ‫وبعد مسرحية «زي��ن��ب» واصلت امل��ش��وار ودخلت لتجربة أخ��رى وهي‬ ‫ً‬ ‫مشاركة في العديد من األعمال الدرامية فترة « األبيض‬ ‫التلفزيون‬ ‫واألسود» منها مسلسل (اللي يركبها يعرف كيف يسيرها) مع املرحوم‬ ‫«مختار اﻻس��ود» وكذلك مسلسل (شموع مضيئة) باإلضافة ملسلسل‬ ‫(حروف بارزة) من إخراج الهادي راشد ‪ ..‬ثم بعد ذلك انقطعت لفترة‬ ‫ع��ن الفن بعد زواج��ه��ا م��ن امللحن «أبوالقاسم النايلي» إل��ى أن رجعت‬ ‫مبسرحية «بعد العشرة تبان الناس» للفنان مصطفى املصراتي‪ ,‬ومنذ‬ ‫ً‬ ‫مقدمة العديد‬ ‫تلك الفترة لم تتوقف «زبيدة» عن العمل وبذل اجلهد‬ ‫من األعمال الدرامية واملنوعة التي التزال في ذاكرة كل مشاهد ليبي‬ ‫ولعل آخرها منوعة «قيموها يا عقالها» في رمضان املاضي‪.‬‬ ‫الفنانة «زب��ي��دة ق��اس��م» ضيفة املستقل الفني ف��ي ه��ذا ال��ع��دد رغم‬ ‫انشغالها ف��ي بعض األم���ور إال أننا استطعنا محاورتها بشكل سريع‬ ‫لنتعرف عليها أكثر وعن مسيرتها الفنية‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬علي خويلد‬

‫الفنانة «زبيدة قاسم» تبحث عن الهدوء واألمن واالستقرار‬

‫ٌ‬ ‫مسؤول عــــــــ‬ ‫اإلعــالم‬


‫املستقل‪ :‬متى كانت نقطة التحول في‬ ‫مسيرتك الفنية وش��ع��ورك باجتياز‬ ‫مرحلة التقييم؟‬ ‫زب��ي��دة‪ :‬نقطة التحول ك��ان��ت م��ن خالل‬ ‫العمل الدرامي (بنات مختار) من إخراج‬ ‫«محمد الزنتاني» فبعد هذا العمل شعرت‬ ‫بأنني ف�ع� ً‬ ‫لا اج�ت��زت مرحلة اخل�ط��ر في‬ ‫األداء‪ ,‬باإلضافة ملسلسل (الكنة) الذي‬ ‫جعلني أت �ق��دم أك�ث��ر فأكثر وأن اكتسب‬ ‫املزيد من اخلبرة وهو من إخراج املرحوم‬ ‫«محمد الكامل»‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬مل��اذا اليوجد لدينا مسرح‬ ‫نسائي مثل بعض ال���دول الكتشاف‬ ‫وجوه نسائية جديدة في عالم الفن‬ ‫بني احلني واآلخر؟‬ ‫زبيدة‪ :‬املشكلة االساسية تكمن في هذا‬

‫ال��رك��ود ال��ذي تشهده احل��رك��ة املسرحية‬ ‫خصوصاً مبدينة طرابلس‪ ,‬رغم محاوﻻت‬ ‫العديد من املسرحيني مثل الفنان فتحي‬ ‫كحلول إث��راء احلركة املسرحية وتقدميه‬ ‫للعديد م��ن األع �م��ال وامل �ش��ارك��ة بها في‬ ‫الكثير من املهرجانات العربية واحمللية‪,‬‬ ‫وقد سبق لي وأن شاركت معه في مسرحية‬ ‫(السندباد) التي مت عرضها في مهرجان‬ ‫قرطاج الدولي وكذلك في القاهرة‪.‬‬ ‫واعتقد ب��أن املسرح دائما يقدم الوجوه‬ ‫الشابة اجلديدة وسبق أن قدم العديد من‬ ‫الشابات حتى في مجال الدراما من خالل‬ ‫اكتشافهن مسرحياً‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��ن «فتحية زب��ي��دة» إل��ى‬ ‫«زبيدة قاسم» من غير ه��ذا االس��م؟‬ ‫وه��ل تغيير االس��م لدخول الفن كان‬

‫حتاشي ًا إلح��راج العائلة التي تعيش‬ ‫في مجتمع يرى التمثيل عيب ًا‬ ‫زبيدة‪ :‬الفنان مصطفي املصراتي هو من‬ ‫كان وراء هذه النقلة بالنسبة لي وهو من‬ ‫غ ّير اسمي من فتحية زبيدة إل��ى زبيدة‬ ‫ق��اس��م‪ ،‬وأرى ب��أن اس��م زب�ي��دة ه��و االس��م‬ ‫األن �س��ب ف�ن�ي�اً‪ ,‬ول��م اع �ت��رض على تغيير‬ ‫االس���م ب��ل ع �ل��ى ال �ع �ك��س أع�ج�ب�ن��ي ج��داً‬ ‫واقتنعت به وشعرت بأنه حركي أكثر من‬ ‫فتحية‪ ,‬ولم يكن سبب التغيير له عالقة‬ ‫باسم العائلة‪.‬‬ ‫قدمت العديد من األعمال‬ ‫املستقل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الدرامية‪ ,‬فهل أنت راضية على كل ما‬ ‫قدمت؟ وما هو العمل األقرب إليك؟‬ ‫ِ‬ ‫زبيدة‪ :‬لم أندم على أي عمل شاركت فيه‬ ‫سواء أكان في املسرح أو في التلفزيون أو‬

‫ـــــن تأخر الدراما الليبية‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫قدرة على جتسيد األدوار املختلفة‬

‫مع رفيق الفن عبد الباسط بوقندة‬ ‫مع الفنان الكوميدي خالد كافو‬

‫حتى في املسموعة‪ ,‬واحلمد لله أنا راضية‬ ‫عن كل األعمال التي قدمتها‪ ,‬وجميعها‬ ‫اعتبرها نقطة حتول في حياتي الفنية‪,‬‬ ‫أم��ا العمل األق��رب إل��ى نفسي دائ�م�اً هو‬ ‫مسلسل (الكنة) ألنه كان قريباً للمشاهد‬ ‫وموضوعه اجتماعي ‪.100%‬‬ ‫املستقل‪« :‬قيموها يا عقالها» عمل‬ ‫����ك ف��ي��ه ن��ص��ي��ب امل���ش���ارك���ة مع‬ ‫ك����ان ل ِ‬ ‫الفنان «عبدالباسط بوقندة» فكيف‬ ‫تصفني هذه املشاركة بعد سنوات من‬ ‫االنفصال عن بعضكما؟‬ ‫زب����ي����دة‪ :‬أن� ��ا ل ��م ان �ف �ص��ل ع ��ن ال �ف �ن��ان‬ ‫عبدالباسط بوقندة مند ‪ 20‬عاماً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫امل����س����ت����ق����ل‪ :‬أق����ص����د ان����ف����ص����اال ف��ي‬ ‫ً‬ ‫انفصاال في العالقة‬ ‫األعمال وليس‬ ‫الشخصية؟‬ ‫زبيدة‪ :‬كل سنة من السنوات التي عملنا‬ ‫فيها مع بعض لها طعمها ونكهتها املختلفة‬ ‫ع��ن األخ ��رى‪ ,‬ف��أن��ا وب��اس��ط اشتغلنا في‬ ‫م �ن��وع��ة «ق ��ال ��وه ��ا» مل� ��دة ‪ 3‬س� �ن ��وات ثم‬ ‫ف��ي منوعة «ه��ي ه�ك��ي» وب�ع��ده��ا رجعنا‬ ‫«بقالوها» مرة أخري وأخيراً في منوعة‬ ‫«قيموها يا عقالها» التي ُعرضت العام‬ ‫املاضي وهي عمل اجتماعي فكاهي يعالج‬ ‫بعض املشاكل اليومية التي ط��رأت علي‬ ‫حياة املواطن الليبي بعد الثورة واعتبرها‬ ‫جتربة ناجحة جاءت في وقتها املناسب‪,‬‬ ‫ولن انفصل عن عبد الباسط اب��داً سواء‬ ‫فنياً أو اجتماعياً إﻻ باملوت‪ ,‬فعبد الباسط‬ ‫إنسان رائع جداً وفنان مثابر ويستحق كل‬ ‫التقدير واالحترام‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��س��ل��س��ل «ال���ش���رمي���ة» مت‬ ‫تصويره ولم يتم عرضه‪ ,‬فهل السبب‬ ‫يعود لسوء التسويق أم في مضمون‬ ‫العمل؟‬ ‫زبيدة‪ :‬ﻻ سوء تسويق وﻻ مضمون العمل‬ ‫هما السبب في تأخر عرضه‪ ,‬ولكن العمل‬ ‫مت ت�ص��وي��ره باملجهود ال��ذات��ي دون دعم‬ ‫أي جهة أو مؤسسة س ��وا ًء ك��ان��ت عامة‬ ‫أو خاصة فهو أُجن��ز بتعاون جماعي من‬ ‫فريق العمل ومت تصويره في األيام األولي‬ ‫من شهر رمضان ول��م يكن هناك الوقت‬ ‫الكافي إلمتام عملية املونتاج ولهذا السبب‬ ‫تأخر العرض‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل ترين بأن الدراما حالي ًا‬ ‫أصبحت تدار بشكل جتاري أكثر من‬ ‫كونها رسالة؟‬


‫مسلسل «بنات مختار» جعلني‬ ‫أجتاز مرحلة اخلطر في األداء‬ ‫هناك ممثالت شابات في الدراما‬ ‫متّ اكتشافهن عن طريق املسرح‬ ‫ال عالقة للعائلة بتغيير اسمي‬ ‫‪ ..‬ومصطفى املصراتي كان وراء‬ ‫استبدال فتحية زبيدة باسم‬ ‫زبيدة قاسم‬ ‫لم أندم على أي عمل شاركت‬ ‫فيه ‪ ..‬ومسلسل «الكنّة» هو‬ ‫األقرب إلى نفسي‬ ‫تأخر عرض «الشرمية» ألن الوقت‬ ‫لم يكن كافي ًا إلمتام عملية املونتاج‬ ‫لن انفصل عن عبد الباسط‬ ‫بوقندة فني ًا أو اجتماعي ًا‬ ‫إال باملوت‬ ‫زبيدة‪ :‬الدراما الليبية منذ زمن مفقودة‬ ‫في ليبيا والسبب ليس ع��دم اإلمكانيات‬ ‫املادية أو البشرية ‪ ..‬النص مفقود‪ ،‬وكتاب‬ ‫الدراما اجليدون قليلون‪ ..‬إن لم يكونوا‬ ‫مفقودين‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م���ا وج����ه االخ���ت�ل�اف بني‬ ‫مسلسالت زم���ان وامل��س��ل��س�لات اآلن؟‬ ‫وأيهما أصدق في مضمونه؟‬ ‫زب����ي����دة‪ :‬ف ��ي ال��س��اب��ق ل ��م ت �ك��ن ه �ن��اك‬ ‫اإلمكانيات الفنية والتقنية‪ ،‬ورغ��م ذلك‬

‫ك��ان��ت ه �ن��اك أع��م��ال تُ��ق��دم ب�ي�ن احل�ين‬ ‫واألخ���ر‪ ,‬ام��ا اآلن فاإلمكانيات متوفرة‬ ‫ب�ش�ك��ل ك�ب�ي��ر مم��ا ج�ع��ل األع��م��ال تظهر‬ ‫أف �ض��ل بكثير م��ن أع �م��ال زم ��ان وك��ذل��ك‬ ‫أفضل حتى ف��ي مضمونها‪ ,‬ولكن يبقى‬ ‫املؤلفون في السابق عددهم أكثر من اآلن‬ ‫على الساحة الفنية‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م���ا ه���و ال��ع��م��ل ال�����ذي ن��ال‬ ‫إعجابك خالل شهر رمضان املاضي؟‬ ‫زبيدة‪ :‬لألسف لم أتابع أي عمل خالل‬ ‫شهر رم�ض��ان امل��اض��ي ول��ذل��ك ﻻاستطيع‬ ‫التقييم لكي ال أظلم احد‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬من املمثلة التي تعتبرينها‬ ‫مدرسة في الدراما الليبية؟‬ ‫زبيدة‪ :‬عمالقة الشاشة الليبية الفنانة‬ ‫القديرة «حميدة اخلوجة» هي من اعتبرها‬ ‫مدرسة للدراما الليبية قبل انقطاعها عن‬ ‫الفن‪ ,‬باإلضافة لبعض الفنانات االخريات‬ ‫اللواتي لهن دور كبير في جن��اح الدراما‬ ‫منهن الفنانة املتميزة «خدوجة صبري»‬ ‫والفنانة «زه��رة مصباح» التي تعتبر قمة‬ ‫اإبداع الدرامي‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��ا ه��و تقييمك ل�لأع��م��ال‬ ‫الدرامية كممثلة ومتابعة؟‬ ‫زبيدة‪ :‬عندما توجد دراما في ليبيا حينها‬ ‫نستطيع تقييمها ألن في الوقت احلالي ال‬ ‫استطيع التمييز بني اجليد وال��رديء ألن‬ ‫ال��درام��ا غ�ي��ر م��وج��ودة اص�ل� ً‬ ‫ا‪ ,‬فعمالقة‬ ‫الدراما الليبية منهم من انتقل إلى رحمه‬ ‫الله ومنهم من انقطع عن العمل‪.‬‬

‫تلقائية عالية في األداء‬

‫مع املرحوم بلقاسم واملرحوم احلريري‬

‫مع املرحوم محمد شرف الدين‬

‫املستقل‪ :‬كيف نستطيع منح املشاهد‬ ‫ً‬ ‫عمال درامي ًا في املستوى؟‬ ‫زب���ي���دة‪ :‬ع�ن��دم��ا ت�ت��وف��ر ك��ل امل��واص �ف��ات‬ ‫نستطيع أن نقدم عم ً‬ ‫ال درامياً في املستوي‬ ‫الذي يرغبه املشاهد‪ ,‬وحني تكتمل الصورة‬ ‫الفنية ب��داي��ة م��ن ال�ن��ص اجل�ي��د وامل�خ��رج‬ ‫اجل �ي��د ومم�ث�ل�ين ف��ي امل �س �ت��وى نستطيع‬ ‫تقدمي دراما حقيقية وقتها‪ ,‬باإلضافة لكل‬ ‫ذلك الهدوء واألم��ن واالستقرار من أهم‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫الدراما الليبية مفقودة ‪ ..‬النص مفقود ‪ ..‬وكتاب الدراما اجليدون مفقودون‬ ‫حميدة اخلوجة هي مدرسة الدراما الليبية قبل انقطاعها عن الفن‬ ‫حكاية اإلقصاء انتهت ‪ ..‬والفنان ليس له عالقة بالسياسة‬

‫اسباب العمل والنجاح‪.‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬م���ن امل���س���ئ���ول ع���ن ت��أخ��ر‬ ‫االعمال الدرامية الليبية في الوصول‬ ‫للمشاهد العربي؟‬ ‫زب��ي��دة‪ :‬اعتقد بأنها مسؤولية وسائل‬ ‫اإلعالم وليس مسؤولية الفنانني‪.‬‬

‫املستقل‪ :‬يظل اس��م عيسى بلقاسم‬ ‫وج���م���ال احل���ري���ري وع��ل��ي ال��ق��ب�لاوي‬ ‫رحمهم ال��ل��ه مرتبطني ب��اس��م زبيدة‬ ‫قاسم خصوص ًا في املنوعات‪ ,‬فكيف‬ ‫تلقيت خبر‬ ‫كان العمل معهم؟ وكيف‬ ‫ِ‬ ‫كل منهم في تلك الفترة؟‬ ‫وفاة ٍ‬ ‫مع فتحي كحلول والقديرة مهيبة جنيب‬

‫زبيدة‪ :‬جمال وعيسي والقبالوي رحمهم‬ ‫لكل منهم لونه اخل��اص في التمثيل‪,‬‬ ‫الله ٍ‬ ‫ف�ج�م��ال وع�ي�س��ي جمعتني بهما أع�م��ال‬ ‫رمضانية ألكثر من ‪ 20‬عاماً وكنا نشكل‬ ‫فريقاً فنياً رائعاً جداً مع زمالئنا الفنانني‪,‬‬ ‫أما الفنان علي القبالوي اعتبره شخصية‬ ‫ف �ن �ي��ة ل �ه��ا م ��ا مي �ي��زه��ا ع ��ن غ �ي��ره��ا من‬ ‫الشخصيات‪ ,‬وخبر وفاتهم كان كالصاعقة‬ ‫بالنسبة لي وهم من ضمن أفضل الفنانني‬ ‫الذين افتقدتهم الساحة الفنية في ليبيا‬ ‫ولكن هذا قضاء الله وقدره وكل نفس ذائقة‬ ‫املوت ونسأل الله أن يغفر لهم ويرحمهم‪.‬‬ ‫امل�����س�����ت�����ق�����ل‪ :‬ب����ع����ض ال����ف����ن����ان��ي�ن مت‬ ‫استبعادهم من املشهد الفني ألسباب‬ ‫م��خ��ت��ل��ف��ة‪ ,‬أال ت��ري��ن ب��أن��ك��م م�لام��ون‬ ‫كفنانني لعدم العمل على املصاحلة‬ ‫فيما بينكم؟‬ ‫زبيدة‪ :‬فترة وستنتهي‪ ,‬بل اعتبر حكاية‬ ‫اﻻق��ص��اء ق��د ان �ت �ه��ت‪ ,‬ألن ك��ل الفنانني‬ ‫مجتمعون علي قلب واح ��د ف��ي ال�س��راء‬ ‫وال�ض��راء وﻻيوجد دخ�لاء بيننا‪ ,‬وم��ن مت‬ ‫إقصاؤهم باألمس سيرجعون ب��أذن الله‪،‬‬ ‫ألن��ه ل�ي��س ل�ل�ف�ن��ان ع�لاق��ة ب��ال�س�ي��اس��ة ‪..‬‬ ‫الفنان يعاصر كل األزمنة ويعمل في كل‬


‫عدد املؤلفني في السابق أكثر من‬ ‫عددهم اآلن‬ ‫عمل خالل رمضان املاضي‬ ‫لم أتابع أي ٍ‬ ‫علي‬ ‫خبر وفاة الفنانني الثالثة نزل ّ‬ ‫كالصاعقة ‪ ..‬وجمال وعيسى جمعتني‬ ‫بهما أعمال رمضانية ألكثر من‬ ‫عشرين عام ًا‬ ‫مصر وتونس لم تقصيا الفنانني بعد‬ ‫ثورتيهما ‪ ..‬واالستثناء كان في ليبيا‬ ‫التي اختلطت فيها األمور‬ ‫زوجي «أبو القاسم النايلي» كان وراء‬ ‫جناحي واستمراري وحبي لرسالة الفن‬ ‫السامية‬ ‫بالفراشية الليبية‬

‫مع املصور واملخرج محمد عاشور‬

‫ال�ظ��روف السياسية وال عالقة بني الفن‬ ‫والسياسة نهائياً والب��د الفصل بينهما‪,‬‬ ‫ولعل ه��ذا نشاهده في دول اجل��وار مثل‬ ‫تقص فنانينها بعد‬ ‫تونس ومصر التي لم‬ ‫ِ‬ ‫ال �ث��ورة ب��ل م��ازال��وا مستمرين ف��ي العمل‬ ‫والعطاء باستثناء ليبيا التي اختلطت فيها‬ ‫األمور‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬متى سنشهد ه��ذه الفرحة‬ ‫اجل��م��اع��ي��ة ل��رج��وع��ه��م‪ ،‬وال��ع��م��ل على‬ ‫تفعيل احلركة الفنية بشكل جيد؟‬ ‫زبيدة‪ :‬بإذن الله سيعود كل فنان لإلبداع‬ ‫وال �ع �ط��اء‪ ،‬للرقي بالفن ف��ي ب�لادن��ا ليبيا‬ ‫احلبيبة‪ ,‬ويعم احلب بني كل أبناء وطننا‬ ‫الغالي وننسى أحقادنا ونكون يداً واحدة‬ ‫من أجل الدفع بعجلة الفن واإلبداع‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬رسالة شكر وتقدير إلى من‬ ‫ترسلينها؟‬ ‫زبيدة ‪ :‬أرسلها للرجل العظيم الذي كان‬ ‫وراء جن��اح��ي واس �ت �م��راري وك ��ان ال��داف��ع‬ ‫حل �ب��ي ل �ه��ذه ال��رس��ال��ة ال �س��ام �ي��ة‪ ،‬رس��ال��ة‬ ‫ال�ف��ن‪ ،‬وه��و زوج��ي ورف�ي��ق ع�م��ري الفنان‬ ‫(أبوالقاسم النايلي) أط��ال الله في عمره‬ ‫وم��ده بالصحة والعافية‪ ,‬وكذلك أرسلها‬ ‫لكل زمالئي الفنانني‪.‬‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫غدامس‬ ‫‪..‬مدينة القـــــوافل‬ ‫غدامس‪ . .‬مناخ اإلبل‪ . .‬أو مدينة اجللود‪ . .‬أيا كانت التسمية فقد وجدت منحوتات ونقوش حجرية تدل‬ ‫على وجود حياة في هذه املنطقة منذ ‪ 10000‬سنة احتلها القرطاجنيون سنة ‪ 795‬ق‪ .‬م ثم احتلها الرومان‬ ‫سنة ‪ 19‬ق‪ .‬م وافتتحها العرب بقيادة عقبة بن نافع سنة ‪ 42‬هـ‪.‬‬


‫غدامس مدينة ليبية تقع في اجل��زء الغربي من البالد على خط عرض‬ ‫‪ 30،08‬شماال وخط طول ‪ 9،03‬شرقا‪ ،‬وترتفع عن مستوى سطح البحر‬ ‫‪ 357‬مترا‪ .‬وتبعد ‪ 543‬كيلومت ًر جنوب غرب العاصمة طرابلس‪.‬‬ ‫وغدامس عبارة عن واحة على احلدود التونسية واجلزائرية‪ .‬سكانها ‪25‬‬ ‫ألف نسمة‪ ،‬ويقال لها مدينة القوافل حملطتها الرئيسية من الزمن البعيد‪.‬‬ ‫ترتبط مدينة غدامس بالعاصمة طرابلس بطريق بري ميتد ملسافة ‪600‬‬ ‫كم ومير حتت جبل نفوسة وهي السلسلة اجلبلية املمتدة من اخلمس إلى‬ ‫نالوت ويوجد بالقرب من املدينة مهبط للطائرات (مطار محلي) تربطها‬ ‫رحالت دورية مع مدينة طرابلس وسبها‪ .‬ومن أهم مقومات مدينة غدامس‬ ‫السياحة حيث تشتهر املدينة بطبيعتها الصحراوية والعديد من الشواهد‬ ‫االثارية على احلضارة التي كانت قائمة بهذه املدينة‪ ،‬هذا باإلضافة لعدة‬ ‫صناعات تقليدية كصناعة السعف واملشغوالت اليدوية‪.‬‬ ‫وصنّفت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لألمم املتحدة «اليونسكو»‬ ‫غدامس القدمية مدينة تاريخية ومحمية من قبل املنظمة‪ ،‬وق��د كانت‬ ‫غدامس قدمياً واحدة من أشهر املدن األفريقية الشمالية التي لعبت دورا‬ ‫جتارياً مهماً بني شمال وجنوب الصحراء الكبرى بكونها محطة للقوافل‪،‬‬ ‫ودخل اإلسالم غدامس سنة ‪ 44‬هجرية على يد الفاحت الصحابي عقبة بن‬ ‫نافع الفهري‪ .‬وكانت الوثنية سائدة قبل ذلك‪ .‬أما اسمها فروماني األصل‬ ‫ويعني بلد اجللود‪ .‬وهي اآلن واحة نخيل تقع على املثلث احل��دودي ليبيا‬ ‫وتونس واجلزائر‪.‬‬ ‫وقد خضعت املدينة قدمياً لسيطرة االغريق ثم الرومان‪ ،‬إلى أن دخلها‬ ‫العرب ألول مرة بقيادة عقبة بن نافع‪ ،‬وبلغت ذروة مجدها في القرن الثامن‬ ‫عشر عندما خضعت للحكم العثماني املوجود آنذاك في ليبيا‪ ،‬وأصبحت‬ ‫مركزاً مهماً للقوافل ونقطة للتجارة بني حواضر القارة اإلفريقية‪ ،‬واحتلها‬ ‫اإليطاليون عام ‪ 1924‬م‪ ،‬وأخضعوها لسلطتهم حتى اندحارهم منها ودخول‬ ‫القوات الفرنسية إليها سنة ‪ 1940‬م وظل الفرنسيون في غدامس حتى‬ ‫‪.1955‬‬ ‫تنقسم غدامس إلى ثالثة أقسام‪ :‬املدينة العتيقة حيث السور واجلامع‪ ،‬وغابة‬ ‫النخيل‪ ،‬واملدينة احلديثة حيث املباني املستحدثة‪ .‬وفي وسط املدينة عني‬ ‫الفرس‪.‬‬ ‫أصل التسمية قداموس ‪ Cidamos‬أي بلد اجللود باللغة الرومانية‪ ،‬أو‬ ‫اغداميس أي مناخ اإلبل كما يسميها الطوارق‪ ،‬وهي واحة نخيل تقع جنوب‬ ‫غرب ليبيا في خط عرض ‪ 29 .3‬شرقاً ‪ 07 .70‬شماالً ويحدها من جهة‬ ‫الشمال احلدود الليبية التونسية على بعد حوالي ‪ 9‬كيلومتر وغرباً احلدود‬ ‫الليبية اجلزائرية على بعد ‪ 15‬كيلومتر‪.‬‬ ‫وغ��دام��س قدميا من أشهر امل��دن على خط التجارة بني شمال وجنوب‬ ‫الصحراء الكبرى ولها عالقة تاريخية مزدهرة في التجارة مع متبكتو في‬ ‫مالي‪ .‬دخل اإلسالم غدامس سنة ‪ 44‬هجرية على يد الفاحت عقبة بن عامر‬ ‫الفهري وما زال بها عدد من قبور الصحابة الفاحتني لها ومن بينهم القير‬ ‫سيدي البدري‬ ‫الرحالة‬ ‫في وصف ّ‬ ‫وص��ف كثير من اجلغرافيني والرحالة العرب وغيرهم مدينة غدامس‪،‬‬ ‫فصاحب كتاب االستبصار وصفها في القرن السادس الهجري بقوله «‬ ‫مدينة غدامس مدينة لطيفة قدمية أزلية‪ ،‬واليها ينسب اجللد الغدامسي‪.‬‬ ‫وبها دوامس وكهوف كانت سجونا للملكة الكاهنة التي كانت بأفريقية‪ ،‬وهذه‬ ‫الكهوف من بناء األولني‪ ،‬فيها غرائب من البناء واألزاج املعقودة حتت األرض‬ ‫ما يحار الناظر إليها إذا تأملها‪ ،‬تنبئ أنها ملوك سالفة وأمم دراسة‪ ،‬والكمأة‬

‫غدامس في معجم آمون‬ ‫قلعة غدامس ‪Gdames (Cidamous) Castle‬‬ ‫إحدى قالع خط الدفاع السڤيري الثالثة‪ ،‬أش��ارت لها‬ ‫املصادر الرومانية‪ ،‬ولم يعثر عليها حتى االن‪.‬‬

‫ليبوأثيوبيون‬ ‫ّ‬ ‫‪Libyaethiopes‬‬ ‫خ��ل��ي��ط م���ن ال��ل��ي��ب��ي�ين واألث��ي��وب��ي�ين ي���رد ذك���ره���م في‬ ‫ال��ك��ت��اب��ات ال��ت��اري��خ��ي��ة‪ ،‬رمب���ا ك��ان��وا ن��وب ّ��ي�ين أو قبائل‬ ‫أخ��رى تقع جنوبها أو شرقها‪ .‬والليبوأثيوبيون شبه‬ ‫مجهولني ف��ي ت��اري��خ الصحراء الكبرى‪ ،‬واألرج���ح أنهم‬ ‫أصل السلطنات النائية املعزولة في جنوب الصحراء‪،‬‬ ‫كقبيلة التدامنسي التي تشير ال��دالئ��ل إل��ى نزوحها‬ ‫من الشمال حيث كانت تتوطن غدامس احلالية إلى‬ ‫اجل��ن��وب حيث تقع مرتفعات تبستي (ج��ن��وب ليبيا‬ ‫وشمال تشاد)‪ ،‬أو كاألجزاء التابعة لليبيني من مملكة‬ ‫يام (وادي حلفا في السودان) والتي ال ُيعرف شيء عن‬ ‫سكانها سوى بعض اإلشارات النادرة كوصف كاتب نص‬ ‫ً‬ ‫قائال أنها‪:‬‬ ‫رحلة الفرعون امنحتب إل��ى ه��ذه اململكة‬ ‫«تابعة حلقول قهق»‪ ،‬وقهق قبيلة ليبية قدمية قريبة‬ ‫م��ن ال��ن��وب��ة‪ ،‬ورد ذك��ره��ا ف��ي ن��ص��وص مرنبتاح بوصف‬ ‫رجالها أسرى لديه‪ ،‬كما ذكرت بردية هاريس اسم هذه‬ ‫القبيلة بوصف رجالها جنود ًا في اجليش‪.‬‬

‫تعظم بتلك البالد حتى تتخذ فيها اليرابيع واألرانب أجحارا‪ .‬وذكر ياقوت‬ ‫احلموى في كتابة معجم البلدان بأن في وسطها عينا أزلية وعليها أثر بنيان‬ ‫عجيب رومى يفيض املاء فيها‪ ،‬ويقسمه أهل البلدة بأقساط معلومة ال يقدر‬ ‫أحد يأخذ أكثر من حقه وعليها يزرعون ويقصد ياقوت بذلك عني الفرس‪.‬‬ ‫شواهد أثرية‬ ‫من أهم الشواهد األثرية التي لها قيمة من الناحية السياحية متسمودين‬ ‫وهي أثار رومانية على هيئة أصنام وشبه أصنام مبنية باألحجار اجلبس‬ ‫ويذكر أنها بقايا معابد رومانية قدمية كما توجد بغدامس بقايا قصور أو‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫شبه قصور أو لعلها حصون مهجورة منها قصر الغول شمالي غدامس وقصر‬ ‫بن عمير وقصر مقدول إضافة إلى القلعة العثمانية التي خصص جزء منها‬ ‫ملتحف غدامس‪ ،‬ومتثل عني الفرس ذات الشهرة التاريخية القدمية وبحيرة‬ ‫مجزم ومنطقة الرملة أهم املعالم السياحية باملنطقة‪.‬‬ ‫عني الفرس‬ ‫إن عني الفرس بغدامس من أهم معاملها على اإلطالق باعتباره النواة األولى‬ ‫لتكون املدينة والينبوع الوحيد الذي جعل املدينة تستمر في عطائها ولكن‬ ‫األكثر من ذلك أن السكان أضفوا أهمية أخرى على العني وذلك من خالل‬ ‫النظام املتبع في توزيع مياهه فقد استطاع األهالي استغالل كل قطرة ماء‬ ‫تخرج من تلك العني بوضع ‪ 5‬سواقي للعني تتفاوت حجما وسعة متوالية‬ ‫حسابية عجيبة يعرف بالقادوس‪.‬‬ ‫قصر مقدول‬ ‫يوجد قصر مقدول غربي سور املدينة يتضح أنه روماني فهو دائ��ري ذو‬ ‫باب خفي وقد استعمل للمراقبة يعتقد أن اإلمبراطور كركال بنى حصوناً‬ ‫في مدينة غدامس وذل��ك لتأمني هجمات اجلرمنتني على مستعمرات‬ ‫األمبراطورية الرومانية‬ ‫اآلثار(متسمودين)‬ ‫ال زالت بقاياها موجودة في اجلهة اجلنوبية الغربية من غدامس القدمية‬

‫وهي آثار رومانية إال أن البعض من الدارسني يرى أنها من بقايا حضارة‬ ‫اجلرمنت التي سادت جنوب ليبيا لفترة من الزمن قبل مجئ الرومان ليدخل‬ ‫اجلرمن في صراع مع الرومان‪ ،‬أدى إلى حملة كورنيليوس على املنطقة وذلك‬ ‫في سنة ‪ 19‬ق‪ .‬م‪.‬‬ ‫لقد أجريت بعض الدراسات على تلك البقايا فالبعض يعتقد أنها مقابر وذلك‬ ‫للعثور على جماجم أسفلها ويرى البعض أنها أعمدة لبنايات دينية قدمية‪.‬‬ ‫بحيرةمجزم‬ ‫وهي بحيرتان شديدتا امللوحة احداها عميقة ويقدر عمقها أكثر من ‪ 70‬م‪.‬‬ ‫رأس الغول‬ ‫وهو نتوء جبلي بالقرب من احلدود اجلزائرية وحسب احلكايات الشعبية‬ ‫باملدينة هو اخر معقل للكفار قبل استسالمهم للفتح اإلسالمي علي يد‬ ‫عقبة بن نافع‪.‬‬ ‫شخصياتغدامسية‬ ‫من علماء غدامس املعاصرين الشيخ عبد الرحمن البوصيري والشيخ‬ ‫أحمد عز الدين وال ننسى رجل التاريخ بغدامس أحمد قاسم ضوي‬ ‫وكذلك شيوخ الكتاتيب التي يدرس فيها القران وعلومه من امثال الشيخ‬ ‫مصطفى باعيسى والشيخ محمد بشير فياض‪ .‬رئيس الوزراء بالوكالة‬ ‫عبدالله الثني‪.‬‬

‫التركيب االجتماعي في مدينة غدامس‬

‫التركيب اجليولوجي حلوض غدامس‬

‫مي��ث��ل س��ك��ان واح����ة غ��دام��س ف��ي جملتهم مجموعة‬ ‫من البرابرة امللثمني ولكنهم ليسوا من ال��ط��وارق فهم‬ ‫يختلفون عنهم ف��ي األص���ل وال��ل��غ��ة ب��ل وف���ي أس��ل��وب‬ ‫املعيشة‪ ،‬فبينما يغلب على ال��ط��وارق أسلوب البداوة‪،‬‬ ‫زراع مستقرين‪ ،‬واحملاصيل التي‬ ‫جند أن سكان غدامس ّ‬ ‫يزرعونها ه��ي تقريبا نفس احملاصيل التي ت��زرع في‬ ‫الواحات الليبية األخرى‪.‬‬ ‫ويتكون سكان الواحة في ثالث مجموعات‪:‬‬ ‫‪ 1‬أهل غدامس األصليون وهم مكونون من قبيلتني‬‫كبيرتني تعيش كل منها في حي خاص بها وهما قبيلة‬ ‫بني وليد وقبيلة وازيت‪.‬‬ ‫‪ 2‬العطارة‪ :‬وهم زنوج انحدر بعضهم من نسل الرقيق‬‫ون��ش��ا ال��ب��ع��ض اآلخ����ر م��ن ت����زاوج ال��غ��دام��س��ي�ين ال��ع��رب‬ ‫بالنساء الزجنيات‪.‬‬ ‫‪ 3‬أوالد بالليل‪ :‬وه��م ع��رب وص��ل��وا إل��ى ال��واح��ة من‬‫س��ن��اون‪ .‬ويتكلم سكان غ��دام��س أكثر م��ن لغة واح��دة‪،‬‬ ‫ب��ع��ض��ه��م ي��ت��ك��ل��م��ون ال��ل��غ��ة ال��ع��رب��ي��ة م���ع ال���ع���رب‪ ،‬ول��غ��ة‬ ‫البنجاق م��ع ال��ط��وارق‪ ،‬ولغة ال��ه��اوز م��ع أح��ف��اد العبيد‬ ‫فضال عن اللغة البربرية اخلاصة بهم‪.‬‬ ‫وت��ن��ق��س��م ك����ل م��ج��م��وع��ة م����ن م���ج���م���وع���ات غ���دام���س‬ ‫اجتماعيا وعائليا إلى مجموعة من الشوارع‪ ،‬والشارع‬ ‫في غدامس هو مجموعة من الناس ان��ح��دروا من أب‬ ‫واح��د ويسكنون بالقرب من بعضهم البعض‪ ،‬ويفصل‬ ‫بني الشوارع عادة ساحة من الساحات‪.‬‬

‫ن��ش��أت غ���دام���س ف���وق م��ن��خ��ف��ض م��ف��ت��وح ن��ح��و ال��غ��رب‬ ‫ويتصل مباشرة مع منطقة العرق الكبير املمتد جنوبي‬ ‫تونس وشمال شرق اجلزائر وهذا احلوض يعرف باسم‬ ‫(ح���وض غ��دام��س)ح��ي��ث ي��ك��ون ج��ب��ل ن��ف��وس��ة احل��اف��ة‬ ‫الشمالية للحوض وال���ذي ميتد جنوبا حتى منطقة‬ ‫مرتفع قرقان ال��ذي يفصله ح��وض م��رزق‪ ،‬وميتد إلى‬ ‫الغرب داخل احلدود اجلزائرية والتونسية وشرقا إلى‬ ‫تصدع هون اخلسفي‪.‬‬ ‫وت��ش��ك��ل ص��خ��ور ال��ع��ص��ر ال��ك��ري��ت��اس��ي اىم التكوينات‬ ‫اجليولوجية انتشارا في غدامس واحل��م��ادة احلمراء‬ ‫وت��ت��ك��ون ال��ب��ن��ي��ة اجل��ي��ول��وج��ي��ة للمنطقة م��ن أح��ج��ار‬ ‫مختلفة تضم أح��ج��ار ال��دول��وم��ي��ت‪ ،‬ال��ط�ين‪ ،‬احل��ج��ارة‬ ‫ال���س���وداء وال��ب��ي��ض��اء‪ ،‬إض��اف��ة إل���ى األح���ج���ار اجل��ي��ري��ة‬ ‫التي تشكل الطبقات األفقية والتي تعود إل��ى العصر‬ ‫الطباشيري العموي وتغطي ه��ذه الطبقات بأحجار‬ ‫منحدرة أو ترابية برواسب رملية تكونت بفعل الرياح‬ ‫واملياه‪.‬‬



‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫غدامس‬ ‫مدينة‬


‫هبـة‬ ‫َِ‬ ‫«عين الفرس»‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫تتميز مدينة غدامس بخصائص امل�دن الصحراوية بشكل عام‪ .‬وهي تقع على احلافة الغربية للحمادة احلمراء على‬ ‫ارتفاع ‪ 360‬متر فوق سطح البحر‪ .‬وهي أقصى مدن الواحات الليبية تطرفا ناحية الغرب وأقصاها أيض ًا في اجتاه الشمال‬ ‫وتلتقي عندها حدود ليبيا واجلزائر وتونس‪ ،‬ولقربها النسبي من مدن اجلبل الغربي واملراكز احلضرية الساحلية الغربية‬ ‫وحجم سكانها الذي وصل إلى حوالي ‪ 7750‬نسمة سنة ‪ 1988‬م‪ .‬فهي تعتبر من الواحات الرئيسية ومركز حضري مهم في‬ ‫اجلزء الشمالي الغربي من ليبيا‪.‬‬

‫خالد مصطفي افتيته‬ ‫وتدل اآلث��ار املوجودة بالواحة على تعاقب احلضارات على املوقع احلالي‬ ‫للمدينة فترة ما قبل التاريخ (اجلرمنتي) مروراً بالعهد الروماني وحتى فترة‬ ‫العصور الوسطى عندما ضمت الواحة مثل بقية مدن شمال أفريقيا إلى‬ ‫الدولة اإلسالمية في منتصف القرن السابع امليالدي‪ .‬وبعد وقوعها لفترة‬ ‫من الزمن ضمن نفوذ الدولة العثمانية‪ ،‬مرت بها جتربة االستعمار األوروبي‬ ‫احلديث (االيطالي والفرنسي) الذى استمر حتى منتصف القرن احلالي‪.‬‬ ‫مدينة غدامس القدمية من األمثلة القليلة الباقية في ليبيا التي تعتبر منوذجاً‬ ‫للمدينة اإلسالمية التقليدية والتي قاومت الزمن محتفظة بطابعها األصيل‬ ‫املستمد من التراث العربي اإلسالمي الذى يظهر في شكلها العام املتميز‬ ‫بالتماسك ووحدة األجزاء‪ ،‬كما يظهر في تكويناتها املكانية الداخلية‪ .‬فاملدينة‬ ‫بأكملها محاطة بسور تتخلله عدة بوابات ومقسمة إلى دورين لكل منهما‬ ‫وظيفة محددة‪ .‬فقد شبهها البعض مبنزل وأح��د كبير تتخلله في جزئه‬ ‫األرضي الشوارع الضيقة املسقوفة التي هي شبيهة باأل ّنفاق‪.‬‬ ‫تنقسم مدينة غدامس القدمية اجتماعياً ومكانياً إلى عشيرتني رئيسيتني‬ ‫هما (بنو وليد) و(وبنو وازت)‪ ،‬تقيم كل منهما في محلة منفصلة وتتفرع‬ ‫كل عشيرة إلى مجموعة من القبائل تتوزع على عدد مماثل من الشوارع أو‬ ‫األحياء السكنية التي تسمى بأسماء القبائل التي تسكنها وتتوزع املساجد‬ ‫في هذه األحياء السكنية مع وجود املسجد اجلامع (املسجد العتيق) والسوق‬ ‫والساحة الفضاء احمللقة بهما في موقع متوسط هو مبثابة نواة املدينة أو‬ ‫مركزها الذى تتفرع منه الشوارع والطرق امللتوية‪ ،‬كما يشكل أيضاً احلد‬ ‫الفاصل بني أحياء العشيرتني الرئيسيتني‪ .‬وإذا كانت مصر هبة النيل كما‬ ‫يقال‪ ،‬فمما الشك فيه أيضاً أ ّن غدامس هي هبة العني التي باتت تعرف‬ ‫باسم (عني الفرس)‪ ،‬فقيام نواة املركز العمراني الذى قامت حولة مدينة‬ ‫غدامس األثرية‪ ،‬ما كان له أن يرى النور لوال ذلك النبع الذى نشأ لسبب‬ ‫جيولوجي‪ .‬رمبا ارتكز اساساً حول توفر نقطة ضعف أو شرخ في الطبقة‬ ‫الكريتاسية‪ ،‬والتي تعلو سطح منسوب املاء اجلوفي‪ ،‬الذى ثبت أ ّنه ال يتوفر‬ ‫بوفرة إ ّال على عمق كبير من مستوى الطبقات احلاوية للمياه السطحية في‬ ‫العديد من األراضي الليبية‪.‬‬

‫‪‎‬عني الفرس‬

‫تخطيط مدينة غدامس‬

‫‪ -1‬املركز‪:‬‬ ‫يظهر جل ّياً التكوين العضوي في مدينة غدامس وبشكل قوي‪ .‬وقوة سيطرة‬ ‫ووض��وح املركز واملتمثل في الساحة( ساحة السوق ال�ع��ام) أو ما تعرف‬ ‫باسم ( ميدان القادوس) ويقع هذا املركز في قلب الهيكل العام للمدينة‬ ‫وهو عبارة عن ساحة كبيرة نسب ّياً مقارنة ببقية الساحات‪ ،‬وهي أي الساحة‬ ‫غير مسقوفة وعندها تلتقي الشوارع الرئيسية للمدينة‪ ،‬فهي تعتبر املركز‬ ‫التجاري الرئيسي الذى يخدم املدينة مبجموعها‪ ،‬وموقعها في قلب املدينة‬ ‫زاد من اهميتها‪ ،‬وهذه الساحة مرتبطة ارتباطا وثيقا باجلوامع واملجالس‪،‬‬ ‫فهي شماالً مرتبطة بساحة جلوس للشيوخ وهي مبثابة اجليب لهذه الساحة‬ ‫العامة‪ ،‬ومن الركن الشمالي الغربي يوجد مباني سكنية يفصل بينها وبني‬ ‫شارع ( امزى)‪ ،‬ومن اجلهة الغربية يوجد جامع يونس الذى يتميز مبأذنته‬ ‫العالية نسب ّياً والتي تعتبر أعلى بناء باملدينة و نقطة مميزة ومن اجلهة‬

‫‪‎‬مدينة غدامس من اجلو‬


‫الشرقية يوجد اجلامع العتيق وهو أقدم بناء باملدينة مما يدل على أ ّن املدينة‬ ‫قد انطلقت في توسعها من هذه النقطة‪ ،‬ومن اجلنوب الشرقي تلتحم مببان‬ ‫سكنية‪ ،‬أ ّما اجلنوب فهناك أيضاً مجمع أو ساحة ملحقة بالساحة العامة‬ ‫ومفتوحة أيضاً وهي امتداد للشارع الرئيسي وهي للجلوس ومنها يتفرع‬ ‫شارع فرعى يسمى ( فم اجلامع ) والشارع الرئيسي يتجه شماالً و جنوباً‬ ‫ويربط كل املدينة ومنه يتفرع بقية الشوارع الفرعية‪.‬‬ ‫ال مستطي ً‬ ‫وساحة السوق تأخذ شك ً‬ ‫ال بامتداد الشارع و أبعادها ‪14‬م ×‪12‬م‬ ‫تقريباً على احملور‪ .‬وقد ارتبطت ساحة السوق ارتباطاً قوياً بالعنصر الديني‬ ‫وهو اجلامع‪ ،‬فالسوق و اجلامع مرتبطان جدا متاماً كأي مدينة إسالمية‪،‬‬ ‫كما أ ّن املأذنة تظهر وكأنها تعانق السماء وهذا يظهر البعد الروحي و العمق‬ ‫الفلسفي وراء التخطيط‪ .‬كما أ ّن هذه الساحة وبوجودها في هذا الوضع‬ ‫بالذات قد جاء حتت تأثير وجود منبع املاء الرئيسي وهو عني الفرس فهي‬ ‫تقع غرب الساحة بأمتار‪ ،‬كما أ ّن هذه الساحة تتميز بوجود القادوس الذى‬ ‫منه استمدت اسمها‪ .‬والقادوس مقياس أو ساعة مائية بها يتم تقسيم و‬ ‫توزيع املياه على املساهمني‪ .‬وهو عبارة عن بناء قبوي صغير يقع حتت جامع‬ ‫يونس مباشرة وهو جتويف متر حتته املياه ومنه تتفرع على السواقي وهي‬ ‫خمسة سواقي لسقاية املزارع و شرب السكان و الدواب و الغسيل ولكل من‬ ‫هذه مكان مخصص حسب األهمية لشرب اإلنسان أوال ثم احليوان ثم‬ ‫السقاية والغسيل‪ ،‬بترتيب منظم و مراعى فيه النظافة‬ ‫‪ -2‬الشوارع املغطاة‬ ‫شوارع مدينة غدامس عبارة فراغات مسقوفة تشكل ممرات ضيقة تتسع‬ ‫أحياناً‪ ،‬فعرضها يتراوح ما بني ‪ 5 .1‬إلى ‪ 3‬متر وهذا يعتمد على موقع‬ ‫الشارع ونوعيته وهي تتميز بتعرجاتها وتكسراتها الشديدة في بعض األ ّماكن‪،‬‬ ‫وهذه التعرجات العتبارات التهوية لتتحول الرياح الشديدة إلى نسمة مرغوبة‪.‬‬ ‫وبسقف الشارع توجد فتحات للتهوية واإلضاءة بعد كل مسافة متقطعة تصل‬ ‫إلى ‪ 15‬متر بني الفتحة واألخرى ‪ ،‬وعلى حافة الشارع توجد مباني‪ ،‬التي‬ ‫يشكل امتدادها فوق الشارع عنصر التغطية‪ ،‬وامتداد الشارع يتخلله مجموعة‬ ‫من املجالس والساحات املفتوحة واملغطاة‪ .‬ومن هنا ميكن لنا أ ّن نصنف‬ ‫الشوارع إلى‪:‬‬ ‫الشارع الرئيسي‪ :‬وهو الوحيد ويتجه شماالً و جنوباً ليربط أجزاء املدينة‬ ‫ببعضها‪ .‬وتعتبر ساحة السوق نقطة االنطالق ليتجه منها جنوباً ليرتبط‬ ‫مبحلة وازيت‪ .‬وينتهي بباب النادر وشارع حودة‪ .‬ويتجه شماالً ويربطها مبحلة‬ ‫وليد وينتهي عندها بتفرعني الشمال الشرقي و ينتهي أيضاً بتفرعني هما‬ ‫شارع تعدوين وشارع أندعالد‪ .‬والشمال الغربي الذى ينتهي بزنقة حودة‪.‬‬ ‫> لشوارع املغذية‪ /‬وهي تتفرع من الشارع الرئيسي بشكل غير منتظم‪.‬‬ ‫> الشوارع املوصلة‪ /‬وهي تتفرع من الشوارع املغذية لتخدم مجموعة من‬ ‫املنازل يصل عددها من ‪ 3‬إلى ‪ 9‬منازل‪ ،‬وهي مسدودة النهايات وهذا ما‬

‫يعطيها اخلصوصية‪.‬‬ ‫االنطالق النجمي حملاور الشوارع‪:‬‬ ‫يتكون الشارع الرئيسي من أربع محاور رئيسية هي‪:‬‬ ‫> احملور األول‪ ،‬يبدأ من باب النادر وينتهي بباب جرسان ويأخذ اجتاه من‬ ‫اجلنوب الشرقي إلى الشمال الغربي‪.‬‬ ‫> احملور الثاني‪ ،‬ويبدأ بباب جرسان لينتهي عند املركز ويأخذ اجتاه من‬ ‫اجلنوب إلى الشمال‪.‬‬ ‫> احملور الثالث‪ ،‬ويبدأ من املركز لينتهي بزنقة( حودة ) ويأخذ اجتاه من‬ ‫اجلنوب الشرقي إلى الشمال الغربي‪.‬‬ ‫> احملور الرابع‪ ،‬ويبدأ من املركز لينتهي بشارع( أندعالد ) ويأخذ اجتاه من‬ ‫اجلنوب الغربي إلى الشمال الشرقي‪.‬‬ ‫مميزات الشوارع‪:‬‬ ‫هذا وتتفرع الشوارع الفرعية من محاور الشارع الرئيسي وتأخذ في التعريج‬ ‫وااللتواء بعد نقطة التفرع مبسافة قصيرة وهي غالباً تنتهي ببوابة داخلية‪،‬‬ ‫كذلك هي الشوارع املوصلة إ ّال أ ّن قصر املسافة ما بني بدايتها و نهايتها‬ ‫املسدودة ال تسمح عادة بتعرجها أو انكسارها وبهذا حافظت على أشكالها‬ ‫القائمة واملتعامدة على محورها‪ .‬وقد اثرت أشكال التفرعات وكيفيتها على‬ ‫توزيع الكتل البنائية وأشكالها واحجامها‪.‬‬ ‫كما تتميز الشوارع بوجود جلسات على طول الطريق‪ ،‬بها قاعدة ثابتة من‬ ‫احلجر لالستراحة أثناء املسير وهي مناسبة ج��داً لكبار السن الذين ال‬ ‫يستطيعون مواصلة السير دفعة وأحدة‪ .‬امليزة األخرى وهي نتيجة للتأثير‬ ‫الديني وانعكاسه على أسلوب التخطيط هو تخصيص ش��وارع وممرات‬ ‫خاصة بالنساء فوق أسطح املنازل حتى مينع االختالط بني الرجال و النساء‬ ‫وال تنزل املرأة للشوارع األرضية إ ّال في أوقات محددة من النهار‪ .‬ولكن ميكن‬ ‫للنساء االتصال ببعضهن البعض من جميع األطراف عن طريق هذه املمرات‬ ‫وعلى أسطح املنازل التي تلعب دور الساحة أو املجلس‪.‬‬ ‫وم��ن هنا جند أ ّن ال�ش��وارع قد خصصت للمشاة فقط ول��م يكن للمركبة‬ ‫(السيارة) أي نصيب فيها وذلك العتمادهم على األقدام و الدواب كوسائل‬ ‫نقل‪.‬‬ ‫الطرق املستخدمة في ربط الكتل البنائية‬ ‫عندما ترى هيكل املدينة بوجه عام ومن منظور علوي جتده في مجمله‬ ‫جسماً وأح��داً مترابط األج��زاء ال تعرف له إ ّال احل��دود اخلارجية فالكتل‬ ‫البنائية املكونة له غير واضحة احلدود وذلك بسبب تغطية الشوارع‪ .‬كما‬ ‫أ ّن املباني فيما بينها قد تداخلت و تشابكت بشكل معقد وغير منتظم وهذه‬ ‫الكتل قد تالحمت مع بعضها على مستويني‪ ،‬مستوى أرضي ومستوى علوي‪،‬‬ ‫فاملستوى األرضي عن طريق التالصق املباشر والتسلسل على طول ممرات‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫الشارع أ ّما املستوى العلوي فعن طريق تغطية الشوارع أل ّن هذه الشوارع‬ ‫مغطاه بفعل املباني التي بنيت فوقها مباشرة‪.‬‬ ‫املصاطب و اجللسات‪:‬‬ ‫وهي توجد بكل شارع تقريباً عالوة على وجودها باملجلس والساحات ويكون‬ ‫موقعها قريباً من فتحة سماوية ألجل اإلضاءة ولكن هذه املصاطب ال توجد‬ ‫بالشوارع املوصلة وذلك لضيقها كذلك قصر مسافة الشارع كذلك عامل‬ ‫اخلصوصية للمنازل‪.‬‬ ‫وهي أي املصاطب أجسام حجرية ثابتة يتراوح ارتفاعها ما بني ‪ 30‬إلى ‪40‬‬ ‫سم أ ّما عرضها فقد يستمر عدة أمتار‪ ،‬واحملدد األساسي ألبعاد املصطبة‬ ‫هو سن مستخدميها‪.‬‬ ‫تسلسل فراغات الساحة العامة‪:‬‬ ‫الساحات باملدينة عبارة عن فراغات مفتوحة بها جلسات من األحجار‬ ‫باإلضافة لوجود حجرة تعرف بحجرة األعيان كما أ ّنها حتوى العديد من‬ ‫احمل�لات التجارية وه��ي موجودة بكل ش��ارع وت��ؤدى دور السوق كما أ ّنها‬ ‫تستخدم في املناسبات واألفراح ألبناء الشارع ألواحد أ ّما الساحة العامة فهي‬ ‫تخص كل املدينة ومثال ذلك ساحة السوق وساحة األلعاب وساحة غاسوف‬ ‫وساحة تيلوان‪ .‬أ ّما املجالس اخلاصة فهي في كل شارع وغالبا ما تكون‬ ‫مسقوفة‪ ،‬وهي منظمة حيث لكل فئة من الكهول والشيوخ والشباب واالطفال‬ ‫مجلسها اخلاص بها‪ .‬حيث جند أ ّن اجلامع هو املتحكم في عملية التوزيع‪،‬‬ ‫حيث تكون مجالس الشيوخ هي األقرب للجامع ثم الشباب ثم االطفال‪.‬‬ ‫التوجيهوعالماتالتمييز‪:‬‬ ‫إ ّن ما يزيد في حيوية وقوة ظهور الفراغ هو وجود األبواب الداخلية التي‬ ‫تقسم الشارع الطويل إلى فراغات عديدة‪ ،‬كذلك بتكرار األبواب القوسية‬ ‫واملترادفة خلف بعضها البعض كذلك عن طريق الفتحات السماوية التي‬ ‫تعطى بقعة مضيئة‪ .‬ومن نقاط التمييز وجود عالمات التنبيه مثل خروج كتلة‬ ‫بنائية محيطة بالشارع على النظام اخلطي و املنتظم وبروزها في الشارع قبل‬ ‫أن يتغير مساره‪ ،‬كذلك الدرجات التي تظهر كمدرج في ساحات الشوارع‪.‬‬ ‫‪ -3‬األسوار و البوابات‬ ‫كانت مدينة غدامس في السابق محاطة بسور من جميع اجلهات مبا في‬ ‫ذلك املزارع املتاخمة للمدينة ويبلغ طول هذا السور ‪ 6‬كيلو مترات وهو يأخذ‬ ‫شكل دائري وقد أزيل هذا السور مع مرور الزمن ولم يبقى منه إ ّال بعض‬ ‫اآلثار التي منها ما يحيط بجزء من شارع أوالد دليل من باب جرسان إلى‬ ‫باب النادر‪ ،‬وقد أزيل جزء كبير من هذا السور في أواخر عهد االستعمار‬ ‫االيطالي‪.‬‬ ‫وعالوة على األبواب الرئيسية اخلارجية هناك أبواب أخرى كأبواب ثانوية‬ ‫داخلية وهي غالباً ما تقع عند بدايات ونهايات الشوارع الفرعية و الرئيسية‬ ‫ومنها باب البرج و باب أندعالد وغيرها كثير‪.‬‬ ‫‪ -4‬البيت الغدامسي‬ ‫يعتبر البيت الغدامسي أحد النماذج النادرة التي عمرت منذ القرن اخلامس‬ ‫عشر ورغم التطور العام فأ ّن هذا النموذج من الطرز املعمارية التي لم تتأثر‬ ‫مبا يجرى حولها من تغيير وحتديث‪.‬‬ ‫املظهراخلارجي‬ ‫يتراوح ارتفاع املنزل من ‪ 10‬إلى ‪ 13‬متر‪ .‬وتطلى اجلدران اخلارجية بالون‬ ‫االبيض‪ ،‬أما املنطقة العلوية من اجلدار فتغطى باجلبس ثم تب ّيض وتش ّكل‬ ‫باألشكال املثلثة‪ ،‬للمنزل الغدامسي عدد قليل من الفتحات يتراوح من ‪ 2‬إلى‪3‬‬

‫لكل واجهة على األكثر‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ ،‬فراغات البيت‬ ‫(مغلقة)‪ :‬وهي متمثلة في فراغ احلجرات الداخلية و املمرات واملطبخ‪.‬‬ ‫(مفتوحة)‪ :‬وهي متمثلة في فراغ السطح الذى ال تقل ارتفاعات جدرانه عن‬ ‫املترين وكذلك حجرة الشرفة و ممرات النساء‪.‬‬ ‫عناصراإلنشاء‬ ‫احلوائط‪ :‬املادة االساسية لبناء احلوائط هي الطوب ويعتبر سمك احلائط‬ ‫ومادته عند البناء وحسب االرتفاع فعند سطح االرض يكون بسمك ‪ 75‬سم‬ ‫وبعد ارتفاع ‪ 3‬متر يتم تغيير الطوب ليصبح سمكه ‪ 60‬سم ومن ‪ 5‬إلى ‪6‬‬ ‫أمتار يصبح سمكه ‪ 50‬سم فقط‪.‬‬ ‫السقف‪ :‬يصنع من أخشاب النخيل واجلريد عدا بعض األسطح البسيطة‬ ‫التي يصنعونها باألحجار اجليرية اخلفيفة واجلبس‪.‬‬ ‫األبواب‪ :‬عادة تصنّع من خشب النخيل ( السنور ) ويرص على هيئة ألواح‬ ‫متتالية ومثبتة على ألواح من اخلشب احمللي وتكون جميعها مربوطة بواسطة‬ ‫احلبال‪.‬‬ ‫مدخل أحد البيوت الغدامسية املصنوع من السنور‬ ‫الشبابيك‪ :‬عبارة عن فتحات صغيرة ومرتفعة في اجل��دار‪ ،‬وتأخذ عدة‬ ‫أشكال منها ما هو مستطيل أو مربع ومنها ما هو مثلث‪.‬‬ ‫الطاقات‪ :‬وه��ي عبارة عن فتحة داخلية في احلائط غير نافذة ولكنها‬ ‫مستخلصة من احلائط ولها عدة استعماالت كوضع وسائل اإلضاءة فيها أو‬ ‫جرار املاء أو املباخر وغيرها‪.‬‬ ‫األثاث‪ :‬يتميز األثاث بالبساطة واألناقة وكثيرة الزخارف وهو عبارة عن(‬ ‫البساط الغدامسي – الوسائد – احلصير)‪.‬‬ ‫الزينة و الزخارف الداخلية‪:‬‬ ‫الزينة عبارة عن رسومات نباتية أو هندسة كذلك تأخذ أشكال كتابات دينية‬ ‫وغيرها كما يتم استخدام األواني النحاسية واألعمال اجلبسية‪ ،‬ا ّما املرايات‬


‫التي تستخدم بكثرة فهي لها عدة وظائف باإلضافة لكونها عنصر زينة فهي‬ ‫تعكس الضوء الساقط عليها من فتحة السقف وتنشره في الفراغ الداخلي‬ ‫ليكون أكثر إضاءة‪.‬‬ ‫مواد البناء‬ ‫تبنى املباني في غدامس من مواد أغلبها متوفرة محليا ومن نفس البيئة‬ ‫وأهمها‪:‬‬ ‫> احلجارة‪ :‬تستخدم بقلة في البناء حيث استخدمت في القواعد أو في‬ ‫املنطقة السفلى من اجلدران حتى ارتفاع متر ونصف‪.‬‬ ‫> الطوب الطيني‪ :‬وه��و ال��ذى يستخدم في بناء اجل��دران و التقسيمات‬ ‫والساللم واالقبية‪.‬‬ ‫الطوبالطيني‬ ‫> اجلبس‪ :‬ويستخدم في األرضيات وفي اجلدران وكذلك في بناء القباب‪.‬‬ ‫> اجلير‪ :‬يستخدم في تبييض اجلدران‪.‬‬ ‫> النخيل‪ :‬وتستخدم جذوعه في السقف كما تستخدم في لوحات األبواب‬ ‫واخلزائن احلائطية‪ ،‬كما يستخدم اجلريد في األرضيات وبعض األبواب‪،‬‬ ‫أ ّما سعف النخيل فيستخدم وحده ملنع تسرب اجلبس إلى الطابق األسفل‪.‬‬ ‫مواد البناء املستخدمة في مدينة غدامس‬ ‫‪ -5‬اجلوامع و املساجد‬ ‫مبدينة غدامس القدمية أكثر من سبع جوامع رئيسية هي ( العتيق‪ ،‬يونس‪،‬‬ ‫عمران الفقيه‪ ،‬تندرين‪ ،‬أوالد بليل‪ ،‬السنوسية‪ ،‬الظهرة) باإلضافة إلى جامع‬ ‫عقبة الذى يعتبر شبة مهجور‪ ،‬وجميع املباني بنيت بنفس امل��واد و بنفس‬ ‫الطريقة التي بنى بها البيت‪.‬‬ ‫‪ -6‬الزوايا‬ ‫يوجد مبدينة غدامس ثالث زوايا كبيرة للشيخ عبد القادر اجليالني وزاويتان‬ ‫للشيخ محمد بن عيسى وزاوية للشيخ موالي الطيب وأخرى للشيخ املدني‬ ‫وثانية للشيخ عبد السالم األسمر وأخرى للشيخ محمد السنوسي رحمهم‬ ‫الله جميعهم ‪ ،‬وكانوا يتلون القرأ ّن ويقيمون الشعائر الدينية والزاوية عبارة‬ ‫عن حجرة أو صالة قد يوجد بها قبة ولكن ليس لها صومعة أو مأذنة كما‬ ‫للمسجد‪ ،‬فهي مجرد فراغ مغروس‪.‬‬ ‫مالمحغدامسية‬ ‫يقول ( بشير قاسم يوشع ) في كتاب «غدامس … مالمح وص��ور‪ « :‬أ ّن‬ ‫الذى اختار موقع غدامس و أنشأ فيه املدينة اخلالدة‪ ،‬ال يعدو أ ّن يكون‬ ‫أحد رجلني إ ّما مهندساً بارعاً و مفكراً ناضجاً‪ ،‬أو رج ً‬ ‫ال صاحلاً ألهمه الله‬

‫سبحانه وتعالى الصواب ليسكن بهذه االرض اخلصبة اآلمنة من العوارض‬ ‫الطبيعية الشديدة»‪.‬‬ ‫‪ -7‬عني الفرس‬ ‫أحملنا إلى أ ّن عني الفرس هي سبب إنشاء مدينة غدامس‪ ،‬وقد أوردن��ا‬ ‫أسطورة تكوينها‪ ،‬وهذا ليس بغريب فإ ّن هذه العني األثرية القدمية ال تذكر‬ ‫غدامس إ ّال وذكرت معها بحيث ظل اسمها مقترناً باسم البلد مدى الدوام‪.‬‬ ‫سواقي عني الفرس‪:‬‬ ‫فيما مضى ك��ان لها خمس س��واق��ي (م �ص��ارف) وه��ي (تصكو‪ ،‬ت��اروط‪،‬‬ ‫أو تبلروط‪ ،‬تنقبشني‪ ،‬تندفران‪ ،‬تنجناون)‪ .‬هذه السواقي اخلمس لم يبق‬ ‫منها اآلن سوى (تصكو) وقبل فترة قريبة من القرن املاضي كانت (تاروط‬ ‫وتنقبيشني) جتريان‪ ،‬وتصكو هي األقوى ثم تاروط فتنقبيشني‪ ،‬أ ّما تندفران‬ ‫وتنجناون فقد انخفضت عنها املياه منذ زمن بعيد‪ .‬إ ّن العني تقلصت وهي‬ ‫ال تزال تتقلص مبر األيام‪.‬‬ ‫طريقة ضبط حسابات عني الفرس‪:‬‬ ‫كان األوائ��ل يضبطون حسابات مياه عني الفرس بواسطة القادوس‪ ،‬وهو‬ ‫سطل متوسط احلجم في وسطة ثقبة صغيرة‪ ،‬ويقيسونه بعد ثالثمائة عدة‬ ‫يتنفس العاد بعد عشر ع ّدات‪ ،‬وإذا لم يفرغ السطل في العدة األخيرة يزيدون‬ ‫توسيع الثقب شيئا قليال‪ ،‬وهكذا حتى تكون الثقبة على الوضع الذى يريدونه‪.‬‬ ‫ولديهم قياس آخر لصحة هذا القياس وهو أن ميال السطل ويف ّرغ عشرين‬ ‫مرة في الساعة الواحدة‪ .‬والقادوس هو طريقة قدمية حلساب توزيع املياه‪،‬‬ ‫وقد ذكرها األب لويس معلوف في املنجد‪ .‬ومكانه بسوق غدامس القدمي‬ ‫(ميدان احلرية) اآلن وهو يقع بجانب حائط جامع يونس و حتت الصومعة‬ ‫مباشرة‪.‬‬ ‫‪.................................................................................‬‬

‫املراجع‬ ‫> كتاب غدامس منشورات جامعة قاريونس‬ ‫> كتاب غدامس مالمح وصور‬ ‫> منهج تاريخ العمارة بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة قاريونس‬ ‫> شكر لألستاذة عزيزة صفور أستاذة مادة تاريخ العمارة بكلية الهندسة‬ ‫جامعة قاريونس كذلك الشكر مصول لألستاذ فتحي رمضان بدر‪.‬‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬ ‫من ذاكرة التقنيات‬

‫العرب واختراع الكاميرا‬

‫هل تريد أن تطبع‬ ‫جميع مواد االنترنت؟‬

‫أنت في حاجة إلى ‪ 136‬مليار ورقة‬

‫من الصعب أن نتخيل العالم من دون التصوير الفوتوغرافي‪ .‬نشأت الشركات‬ ‫مبليارات الدوالرات مثل إينستاجرام وكانون على فكرة التقاط الضوء من‬ ‫مشهد‪ ،‬وخلق صورة منه‪ ،‬وإعادة إنتاج تلك الصورة‪ .‬ولكن ذلك كان سيصبح‬ ‫مستحي ً‬ ‫ال بدون العمل االستكشافي الرائد للعالم العربي في القرن احلادي‬ ‫عشر‪ ،‬ابن الهيثم‪ ،‬ال��ذي طور مجال البصريات ووص��ف كيف تعمل أول‬ ‫الكاميرات‪.‬‬ ‫املبدأ األساسي للكاميرا‬ ‫كان ابن الهيثم يعمل في القاهرة في وقت مبكر من القرن احلادي عشر‪ ،‬و‬ ‫كان واحدا من أعظم العلماء في كل العصور‪ ،‬وقد طور املنهج العلمي‪ ،‬وهي‬ ‫العملية األساسية التي يتم من خاللها إجراء جميع البحوث العلمية‪.‬‬ ‫عندما مت وضعه حتت اإلقامة اجلبرية من قبل الفاطميني‪ ،‬كان لديه الوقت‬ ‫والقدرة على دراسة كيفية عمل الضوء‪ .‬تركزت أبحاثه جزئياً على كيفية‬ ‫عمل الكاميرا ذات الثقب‪ .‬وكان ابن الهيثم أول عالم يدرك أنه عندما يتم‬ ‫وضع ثقب صغير على إحدى اجلوانب من صندوق ال يدخل الضوء إليه‪،‬‬ ‫فإن أشعة الضوء من اخلارج تظهر من خالل هذا الثقب داخل إحدى جوانب‬ ‫الصندوق من الداخل‪ .‬كما أدرك أنه كلما كان الثقب أصغر كانت الصورة‬ ‫أوضح‪ ،‬مما أتاح له القدرة على بناء الكاميرات تلتقط صور عالية الوضوح‪.‬‬ ‫أدت اكتشافات ابن الهيثم بشأن الكاميرات وكيفية تسليط الضوء والتقاط‬ ‫الصور إلى التنمية احلديثة في حقل الكاميرات حول نفس املفاهيم التي‬ ‫اخترعها‪ ،‬وبدون أبحاثه فإن اآلليات احلديثة داخل جميع الكاميرات لن‬ ‫يكون هناك وجود لها‪.‬‬

‫هل فكرت يوماً ما كم من األوراق قد نحتاج لطباعة كل شيء على اإلنترنت‬ ‫بأكمله؟‪ ..‬سؤال مثل هذا قد يبدو من املستحيل أن يكون له جواب ولكن‬ ‫جامعة طالب ليستر جورج هاروود وإيفاجنلني وكر نشروا النتائج لهذا‬ ‫السؤال الذي لم يسأله أحد من قبل‪ ،‬فإلى ماذا توصلوا؟‬ ‫يبدو أن طباعة كل ما هو على االنترنت يتطلب ‪ 136‬مليار ورقة من ورق‬ ‫الطابعة العادي‪ .‬وقد توصلوا إلى هذا العدد من خالل الكشف أوال على‬ ‫كم تتطلب الويكيبديا من ورق��ة لكي تطبع كلها‪ ،‬اجل��واب؟ أكثر من ‪70‬‬ ‫مليون ورقة لطباعة كل ويكيبيديا‪ ،‬ومن هذا اإلحصاء األول تابعوا البحث‬ ‫إلى أن توصلوا إلى عدد الصفحات النهائي‪.‬‬ ‫صنع كل ذلك ال��ورق يحتاج إلى استخدام ‪ 16‬مليون شجرة‪ ،‬وهو ليس‬ ‫بكثير إذا أردن��ا أن نكون منصفني‪ ،‬ألن ذلك ليس سوى جزء صغير من‬ ‫األربعمائة مليار شجرة التي تقدر في غابات األمازون املطيرة وحدها!!‬


‫واي فاي بـ‪ 10‬أضعاف سرعته المعتادة‬ ‫حصل واي فاي على دفعة مبساعدة ‪Light‬‬ ‫‪ Emitting Diode‬أو ‪( LED‬ال �ض��وء‬ ‫اإلشاري)‪ ،‬مع هذا النظام اجلديد يقوم ‪LED‬‬ ‫بزيادة عرض النطاق الترددي (سرعة النت)‬ ‫بعشرة أضعاف‪.‬‬ ‫هذا ما توصل إليه باحثون في جامعة والية‬ ‫أوري �غ��ون ال��ذي��ن اخ�ت��رع��وا ه��ذه التكنولوجيا‬ ‫اجلديدة التي ميكن أن تكون مناسبة ألنظمة‬ ‫الواي الفاي في الوقت احلاضر‪ ،‬وهي التقنية‬ ‫التي تساعد على زيادة عرض النطاق الترددي‬ ‫الذي يعاني العبء في األماكن العامة املزدحمة‪،‬‬ ‫كاملقاهي أو املكاتب على سبيل املثال‪ ،‬حيث‬ ‫العديد من األجهزة تشتغل على اإلنترنت في‬ ‫وقت واحد‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى حتسني جتربة املستخدمني‪،‬‬ ‫ف ��إن امل ��زاي ��ا اجل��ي��دة ل �ه��ذا ال �ن �ظ��ام هي‬ ‫استخدامه ملكونات غير مكلفة‪ ،‬و ميكن‬ ‫اس �ت �خ��دام��ه م��ع أي ج �ه��از واي ف��اي‪،‬‬ ‫هكذا قال ثينه جنوين‪ ،‬أستاذ مشارك‬ ‫من جامعة والية أوهايو في الهندسة‬ ‫الكهربائيةوالكمبيوتر‪.‬‬

‫هذه التكنولوجيا الالسلكية اجلديدة‪ ،‬ميكن‬ ‫أن تنقل ‪ -‬من الناحية النظرية ‪ -‬البيانات‬ ‫بسرعة تصل إلى ‪ 100‬ميغابايت في الثانية‪،‬‬ ‫وهي سرعة متوافرة ج��داً في هذه األي��ام‪.‬‬ ‫ولكن ه��ذه التكنولوجيا ق��ادرة على توصيل‬ ‫‪ 50‬إلى ‪ 100‬ميغابت في الثانية للمستخدم‬ ‫الواحد بدال من ‪ 100‬ميغابايت كإجمالي‪.‬‬ ‫الفائدة في نهاية املطاف هي جتربة أفضل‬ ‫للمستخدم من جميع النواحي‪ .‬أيضا يزعم‬ ‫ان ��ه مي�ك��ن ل �ه��ذه التكنولوجيا أن تُصنع‬ ‫باستخدام مكونات بسيطة نسبياً‪ ،‬جهاز‬ ‫(ف��وت��ودي��ودي��س) وتكلفته أق��ل من دوالر‬ ‫واح��د فقط‪ ،‬وال ��ذي يتم توصيله عبر‬ ‫منفذ الـ‪ USB‬لألنظمة احلالية‪ .‬كل‬ ‫هذا يعني أن الوقت الذي يتطلبه هذا‬ ‫اجلهاز ليكون متوافر في األس��واق‬ ‫سيكون قصير جداً‪.‬‬ ‫ق��ري�ب�اً سيكون ك��ل ج�ه��از حاسب‬ ‫محمول أو هاتف ذكي مزوداً بهذا‬ ‫اجلهاز الذي سيضاعف السرعة‬ ‫عشرة مرات‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫االستقالل في مجال الطاقة المتجددة‬

‫يمكنك تخزين الطاقة‬ ‫واستخدامها أو حتى‬ ‫بيعها للجيران‬

‫حتى اآلن‪ ،‬التفاصيل م �ح��دودة ب�ش��أن ال�ب�ط��اري��ة اجل��دي��دة املصممة‬ ‫لالستخدام املنزلي‪ ،‬والتي ستعلن عنها شركة «تسال» األسبوع املقبل‪.‬‬ ‫واستناداً فقط على ما نعرفه‪ ،‬سيكون هذا األمر ضخماً جداً‪ .‬فالسعي‬ ‫لبطارية جيدة ميكن أن تخزن الكهرباء ملنزل كامل هو شيء ليس بسهل‬ ‫وال بسيط ملستقبل الطاقة املتجددة‪ ،‬هذا املنتج ميكن أن يغير كل شيء‪.‬‬ ‫مت نشر مقال لنيويورك تاميز في وقت سابق هذا األسبوع وهو يوضح‬ ‫أساسا املشكلة التي ميكن لبطارية تسال أن حتلها‪.‬‬ ‫في هاواي‪ 12 ،‬في املائة من املنازل تعتمد على الطاقة الشمسية‪ ،‬وهو‬ ‫حتى اآلن أعلى معدل ألي مكان في الواليات املتحدة في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬يزيد معدل منو استعمال الطاقة الشمسية بسرعة‪ ،‬ويلقي‬ ‫مستخدمو الطاقة الشمسية بكل الطاقة التي لم تخزن عندهم بسبب‬ ‫امتالء بطارياتهم إلى الشبكة الكهربائية والتي هي قدمية جدا في أغلب‬ ‫األحيان وقد مت تصميمها فقط لتزويد ديارهم بالطاقة ال أكثر‪.‬‬ ‫ما يحدث في ه��اواي هو في الواقع ي��دل على أن��ه س��وف تكون هناك‬ ‫مشكلة في كل مكان مع ب��دء العديد من امل��دن بالزيادة في استخدام‬ ‫الطاقة الشمسية على نطاق أوس��ع‪ ،‬وسيكون هناك الكثير من الطاقة‬ ‫املولدة ولكن ال مكان لتخزينها‪ .‬شركات املرافق العامة قد تنفق املال لرفع‬ ‫مستوى الشبكة الكهربائية‪ ،‬ولكن حتى بذلك سيكون من الصعب بالنسبة‬ ‫لهم التنبؤ بحجم الزيادة في قطاع الطاقات املتجددة وبالطبع سوف تكون‬ ‫هذه التكاليف اإلضافية للصيانة قد مت حتميلها على املستهلك‪.‬‬

‫إذاً أفضل طريقة ألصحاب املنازل هي البدء بتركيب البطاريات التي‬ ‫ميكن أن تخزن الطاقة الستخدامها الحقاً بدالً من تدفقها إلى الشبكة‬ ‫الكهربائية التي ال ميكن أن تتحمل هذا التدفق الهائل من الكهرباء‪.‬‬ ‫وهذا ال ينحصر فقط على الطاقة الشمسية فحسب‪ ،‬بل أيضا توربينات‬ ‫الرياح أو الطاقة الكهرومائية‪.‬‬ ‫«تسال» في سعيها لتصميم السيارة الكهربائية املثالية‪ ،‬قد متكنت من‬ ‫صنع أفضل بطارية في السوق‪ .‬واآلن فإن تسال تقوم بتصنيع بطارية‬ ‫السيارة الكهربائية لالستخدام املنزلي‪ .‬وقد مت حتى اآلن تركيب حوالي‬ ‫‪ 400‬بطاريات في مواقع مختلفة‪.‬‬ ‫وبفضل شركات مثل «تسال»‪ ،‬فإن التكلفة لهذه البطاريات منخفضة وال‬ ‫تزال تنخفض بشكل كبير‪ ،‬بل أسرع بكثير من توقعات اخلبراء‪.‬‬ ‫وتشابك ه��ذه التكاليف مع انتشار الطاقة املتجددة يعني بأنه كلما‬ ‫رخصت البطاريات قل سعر اقتناء شيء مثل ألواح الطاقة الشمسية‪.‬‬ ‫وهو ما يعني أن املزيد من الناس سوف يكونون قادرين على احلصول‬ ‫على ألواح الطاقة الشمسية أو تربينات الرياح‪.‬‬ ‫أهم األخبار هنا يتعلق باألمر الذي يقلق شركات املرافق العامة من حيث‬ ‫رخص الطاقة املتجددة‪ ،‬وهو أن أصحاب املنازل اآلن ميكنهم بسهولة‬ ‫حتقيق االستقالل في مجال الطاقة بالكامل‪ .‬حيث ميكن تخزين الطاقة‬ ‫اخلاصة بك لالستخدام في أوقات الذروة‪ ..‬أو حتى إن أردت أن تبيع‬ ‫بعض الطاقة الزائدة ألحد جيرانك‪.‬‬


‫ويندوز على الماك‪ ..‬ولكن لماذا؟!‬

‫اإليجابيات والسلبيات في مزاوجة أنظمة التشغيل‬

‫ميكن تشغيل الويندوز على جهاز املاك بواسطة البوت كامب (‪Boot‬‬ ‫‪ )camp‬وأسباب فعل ذلك جيدة في ما يبدو‪ .‬ولكن ملاذا قد يرغب أي‬ ‫شخص في تشغيل الويندوز على املاك؟‬ ‫السبب األول‪ ،‬هو ببساطة ألن ويندوز ال يزال لديه عدد مستخدمني‬ ‫أكبر بكثير من مستخدمي أي نظام تشغيل أخر مما يسمح لهم بالتفاعل‬ ‫بطريقة أفضل مع بعضهم البعض‪ .‬وهناك أوقات عندما تكون في حاجة‬ ‫إلى استخدام برنامج يعمل على اليندوز فقط‪.‬‬ ‫أما السبب الثاني هو أنه في رأي العديد من الناس أن أجهزة أبل متفوقة‬ ‫من ناحية التصميم‪ ،‬وفي كل مراجعة ألي جهاز ماك‪ ،‬سواء كان كمبيوتر‬ ‫محموالً أو مكتبياً‪ ،‬يكون واض��ح ج��داً أن ألتصميم من شركة أبل هو‬ ‫أفضل بكثير من معظم الشركات األخرى‪.‬‬ ‫إذا يبدو أن تشغيل الوندوز على أجهزة أبل أمر مثالي‪ .‬وهناك إعدادات‬ ‫أيضا لكي يعمل احلاسوب تلقائياً على نظام الوندوز إن شئت في ذلك‪.‬‬ ‫ه� �ن ��اك س �ل �ب �ي��ات ل �ه��ذا‬ ‫أي� �ض� �اً‪ .‬إذا ك ��ان ل��دي��ك‬ ‫قرص صلب قليل السعة‬ ‫ألن ال�ك�ث�ي��ر م��ن أج�ه��زة‬ ‫األب ��ل ال ت �ك��ون ذا سعة‬ ‫ف��ائ�ق��ة ك��امل��اك ب��وك إي��ر‬ ‫مثال الذي يأتي مع ‪128‬‬ ‫جيجا بايت فقط‪ ،‬لذلك‬ ‫ت �خ �ص �ي��ص ‪ 30‬ج�ي�ج��ا‬ ‫بايت لنظام الوندوز قد‬ ‫ي�ك��ون أم ��راً ص�ع�ب�اً‪ ،‬ألن‬

‫ذلك لن يترك الكثير من املجال لتثبيت البرامج على ويندوز‪.‬‬ ‫مشكالت في األداء والبطارية‬ ‫هناك أيضا قضية األداء وعمر البطارية مع ويندوز املثبت على حهاز‬ ‫املاك‪ .‬مت جتريب عمر البطارية ومت التوصل إلى أن عمر البطارية هو‬ ‫أسوأ في ويندوز الذي يعمل على املاك أي أن البطارية فرغت أسرع‬ ‫بأكثر من مرتني مقارنتا مع نظام أبل يعمل على املاك‪.‬‬ ‫وال توجد وسيلة لتحميل ‪( OS X‬نظام التشغيل على املاك) على جهاز‬ ‫ويندوز أو أي جهاز أخر غير مصنع من أبل‪...‬على األقل من الناحية‬ ‫القانونية‪ ،‬ولهذا فإن كنت تريد نظام التشغيل من أبل عليك شراء ماك‬ ‫من أبل‪ .‬ولكن‪ ،‬عندما يتم تثبيت ويندوز على املاك‪ ،‬لديك حقاً جهازين‬ ‫في جهاز واحد‪ ،‬و ميكنك احلصول على املزايا من االثنني‪.‬‬ ‫و لكن مع هذه العيوب تبقى هذه الطريقة عملية ومفيدة للكثير من‬ ‫الناس‪ ،‬كل ما عليك فعله هو شراء نسخة من الويندوز وببساطة عليك‬ ‫أن ت��ت��ب��ع ال �ت �ع �ل �ي �م��ات‬ ‫املقدمة من اآلبل إلنشاء‬ ‫ج�ه��از كمبيوتر وي�ن��دوز‬ ‫داخ� � ��ل امل� � ��اك اخل� ��اص‬ ‫ب��ك‪ .‬وإذا ك�ن��ت بحاجة‬ ‫إل��ى تشغيل التطبيقات‬ ‫ع�ل��ى ال��وي �ن��دوز ف�ق��ط و‬ ‫كنت منجذباً إلى تصميم‬ ‫جهاز املاكنتوش من أبل‬ ‫إذا ال تقلق ألن هذا هو‬ ‫احلل األمثل لك‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫خوجة‬

‫‪‎‬العداء محمد اخلوجة‬

‫يخفق في المنامة ‪ ..‬والع ّلة في التأشيرة !‬

‫ح َّل العداء الليبي محمد عاشور خواجة‪ ،‬باملركز السادس في منافسات‬ ‫الدور النهائي لسباق ‪ 400‬متر ضمن البطولة العربية التاسعة عشرة‬ ‫أللعاب القوى التي احتضنتها العاصمة البحرينية (املنامة)‪ّ ِ ،‬‬ ‫محق ًقا‬ ‫زمنًا قدره ‪ 47.21‬ث‪.‬‬ ‫وليد املبروك‪ ،‬األمني العام لالحتاد الليبي أللعاب القوى رئيس الوفد‬ ‫في تصريح صحفي «لبوابة الوسط» أرجع عم حصول خواجة على‬ ‫أي ترتيب من التراتيب الثالثة األولى إلى الوضع األمني املتدهور في‬ ‫ليبيا وتأخر وصول تأشيرة الرياضي حتى مبدربه في توقيت يسمح‬ ‫له باالستعداد اجلدي للبطولة‬ ‫�در ٌب مع العداء خواجة‪ ،‬ولم‬ ‫وأض��اف‪« :‬خالل هذه املدة ال يوجد م� ِ ّ‬

‫المسماري‬ ‫يتوج في السويد‪..‬‬ ‫وينسى في ليبيا‬

‫الليبي مسعود املسماري املغترب في السويد كان له موعد مع التتويج‬ ‫مؤخراً عندما تفوق فريقه أدمونيت في املباراة النهائية على فريق‬ ‫نورالند بنتيجة ‪ .. 84/82‬ويعد هذا التتويج هو الثاني له في مسيرته‬ ‫التدريبية مع كرة السلة النسائية حيث سبق له احلصول على البطولة‬ ‫السويدية مع ذات الفريق في املوسم املاضي وه��و يشغل وظيفة‬ ‫مساعد املدرب ‪ ..‬ولم يكتف املسماري بتذوق انتصار فريقه فحسب ‪،‬‬ ‫بل تذوق أيضا طعم اجلائزة الفردية حيث حتصل على الترتيب الثاني‬ ‫في قائمة أفضل املدربني املساعدين ‪ ،‬عالوة على جائزة أحسن معد‬

‫يدخل أي سباق منذ العام املاضي بعد السباق األفريقي باملغرب‪،‬‬ ‫سجل فيه زمن ‪ ،45.45‬مشي ًرا إلى أ َّن هذا الزمن يؤهله إلى‬ ‫الذي َّ‬ ‫بطولة العالم‪ ،‬ويؤهله أيضا للحصول على فضيةا لبطولة العربية على‬ ‫اعتبار أن املصري أنيس عبد الله الذي خطف املركز الثاني سجل‬ ‫زمن ‪ 45.61‬ولفت املبروك في تصريحه إلى إ َّن غالبية املشاركني في‬ ‫سباقات ألعاب القوى هم من األجانب ويحملون اجلنسية العربية ‪.‬‬ ‫يشار هنا أن قطر التي اعتادت جتنيس الالعبني األجانب في مختلف‬ ‫األلعاب وخاصة في ألعاب القوى واليد واملصارعة دفعت في هذه‬ ‫البطولة بعدد من األجانب املجنسني ‪ ،‬ومنهم عبد اإلله هارون الذي‬ ‫أحرز الذهبية في سباق ‪ 400‬متر بزمن ‪ 44.48‬ثانية‬

‫بدني ونفسي ‪ .‬وال ندري هنا إن كان طيف جوائز املسماري في بالد‬ ‫الغربة قد م ّر على وطنه اجلريح أم ال ‪ ،‬كما ال نعلم مدى وقع هذه‬ ‫النجاحات الليبية في السلة النسوية على بنات حواء في ليبيا ‪.‬‬ ‫ما يدركه محبو السلة أن نساءنا مازلن مغيبات عن هذه اللعبة ‪ ،‬وأن‬ ‫نشاطها يكاد يقتصر على املدارس أو التجمعات احملدودة التي تقام‬ ‫بني الفينة واألخرى لعدد محدود من املمارسات للسلة بغية املشاركة‬ ‫« الشرفية» في املنافسات العربية واألفريقية‪ ،‬وإذا ما رصدنا تللك‬ ‫املشاركة‪ ،‬فإن عددها ال يساوي أصابع اليد الواحدة ‪ ..‬مبعنى أن كرة‬ ‫السلة الليبية ال حتتفظ بأي تاريخ ميكن أن يذكر ‪ ..‬ومع ذلك أال يحق‬ ‫لنا أن نسأل احتاد السلة إن كان موجودا ‪ ..‬هل يفكر في إعادة إحياء‬ ‫السلة النسائية على أسس سليمة بعد عودة االستقرار للوطن ‪.‬‬ ‫إذا كانت اإلجابة بنعم ‪ ..‬فما الذي مينعهم إذاً من متابعة مسعود‬ ‫املسماري‪ ،‬واالتصال به ملعرفة رؤيته حول تطوير السلة الليبية‪ ،‬وما‬ ‫الذي يضيرنا لو طرقنا بابه وعرضنا عليه فكرة تأسيس مدرسة‬ ‫للكرة السلة النسائية ‪ .‬ال نعتقد أن اجللوس مع هذه الكفاءة سيكلفنا‬ ‫الكثير‪ ،‬وال نعتقد أن االستماع إلى نصائحه وآرائه الفنية يصنف حتت‬ ‫بند هدر الوقت ‪.‬‬


‫«الفوتغولف» تغازل كرة القدم بالنجوم‬ ‫يقال أن سحر كرة القدم‪ ،‬التي وصفت ذات يوم ظلما «بأفيون‬ ‫ال�ش�ع��وب»‪ ،‬ال ي�ق��اوم‪ ،‬وأن سلطتهاعلى املشهد اإلع�لان��ي تدفع‬ ‫الباحثني عن الثراء والشهرة إلى االستفادة من ولع اجلماهير بها‬ ‫عبر ابتكار ألعاب متتح من معني كرة القدم ‪ ،‬ولنا في كرة الطائرة‬ ‫التي تلعب باألقدام شاهد أول على ذلك ‪.‬‬ ‫لكن الشاهد الثاني ظهر مؤخرا حيث عرفت ميادين الغولف‬ ‫األميركية واألوروب ّية في اآلونة األخيرة إقباالً متنام ًيا على رياضة‬ ‫هجينية باتت تسمى بــ غولف كرة القدم «الفوتغولف»‪ ،‬وتزاوج هذه‬ ‫الرياضة بني لعبة الغولف وكرة القدم‪.‬‬ ‫قوانني اللعبة اجلديدة في أغلبها مستمدة من الغولف ولكنها‬ ‫تستبدل املضرب بالقدم‪ ،‬والفرق أنّ حفر الكرات أكبر مقارنة‬ ‫بحفرات رياضة الغولف‪.‬‬ ‫وتُلعب «غ��ول��ف ال�ق��دم» بركل ك��رة ال�ق��دم ف��وق مساحات واسعة‬ ‫ومم��رات وحفر لكي تسقط في النهاية في حفر كبيرة‪ ،‬وتبنّى‬ ‫احتاد الغولف األميركي رياضة «غولف القدم» بعد أن شهد إغالق‬ ‫العديد من األنشطة في السنوات األخيرة‪ ،‬وأول مسابقة رسمية‬ ‫للرياضة اجلديدة مت إطالقها في هولندا عام ‪ 2008‬ومنذ ذلك‬ ‫التاريخ‪ ،‬والنمو يطرد يو ًما بعد يوم‪.‬‬ ‫وتشكل االحت��اد الدولي لرياضة «الفوتغولف» الذي تأسس قبل‬ ‫عامني مبناسبة أول بطولة عاملية في العاصمة املجرية بودابيست‪،‬‬ ‫من ثالث دول‪ ،‬لكنه يضم اآلن ‪ 22‬دولة‪.‬‬ ‫دعم النجوم‬ ‫وتل َقّت الرياضة اجلديدة دع ًما قو ًيا من جنوم سابقني في كرة‬

‫القدم‪ ،‬حتى أن ‪ % 70‬ممن ميارسون هذه الرياضة كانوا العبي‬ ‫كرة قدم سابقني‪ ،‬من ضمنهم مدرب أياكس أمستردام احلالي‬ ‫فرانك دي بوير‪ ،‬ومن أبرزهم النجم األرجنتيني خوان سيباستيان‬ ‫فيرون‪ ،‬ومن ضمن جنومها ً‬ ‫أيضا‪ ،‬الفرنسي سيلفان ويلتورد‪ ،‬الذي‬ ‫أصبح سفير الرياضة اجلديدة في ب�لاده‪ ،‬أم��ا مدير أكادميية‬ ‫تدريب الناشئني في هذه الرياضة في إجنلترا فليس سوى الالعب‬ ‫السابق براين هيوز‪.‬‬

‫متى يعلن نجم عن خطته ؟!‬

‫سالم يصافح التألق في تونس‬

‫اختار املدرب الليبي الشاب سالم ميالد اجلارة تونس كي يوقع‬ ‫مغامرته اجلرئية على مالعبها ‪ ،‬حيث جن��ح ف��ى ق�ي��ادة فريق‬ ‫األفريقي التونسي لفئة الشباب لسلسلة من النتائج اإليجابية‬ ‫والعروض القوية والتقدم على الئحة الترتيب هذا املوسم‪ ،‬ضمن‬ ‫بطولة الدوري التونسي للشباب لكرة القدم حتت الـ ‪17‬عا ًما‪.‬‬ ‫ويعد سالم ميالد سفي ًرا فوق العادة للمدربني الليبيني الشباب‬ ‫ومنوذجا رائ ًعا في االجتهاد ألبناء جيله من املدربني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ي�خ��وض م�ي�لاد جت��رب��ة ف��ري��دة ه��ي األول ��ى م��ن نوعها للمدربني‬ ‫احملليني في ك��رة ال�ق��دم بالعمل خ��ارج الوطن مع أب��رز وأع��رق‬ ‫األن��دي��ة التونسية‪ .‬م�ي�لاد م��ن امل��درب�ين امل��ؤه�ل�ين حيث ميتلك‬ ‫مؤهالت عالية في مجاله من خالل حضوره عد ًدا من الدورات‬ ‫التدريبية التأهيلية املتقدمة‪ .‬ويبقى السؤال هل يتوقف سالم‬ ‫ميالد في محطته التدريبية عند فئة األشبال‪ ،‬أم سيمتد طموحه‬ ‫نحو تدريب الكبار‪ ،‬وهل سيظل في األفريقي أم سيشد الرحال‬ ‫إلى ٍ‬ ‫ناد آخر رمبا يكون خارج الديار التونسية ‪ ..‬اإلجابة قطعا‬ ‫مخبأة في املوسم القادم أو املوسم الذي يليه ‪.‬‬

‫جاء في األخبار أن رئيس الهيئة العامة للرياضة باحلكومة الليبية‬ ‫املوقتة‪ ،‬سعد غفير سعد‪ ،‬كلف مؤخرا فرج مفتاح جنم مبنصب‬ ‫مدير إدارة واستثمار املرافق واملنشآت الرياضية بالهيئة العامة‬ ‫للرياضة‪.‬‬ ‫و مبوجب هذا القرار ستتولى اإلدارة اجلديدة اإلش��راف على‬ ‫املرافق باملدن الرياضية كافة في ليبيا ورعايتها واستثمارها‬ ‫وصيانتها وتطويرها‪ ،‬حتى تؤدي دوره��ا في استقبال األنشطة‬ ‫واملسابقات الرياضية‪.‬‬ ‫جنم ‪ ،‬كما تقول سيرته الرياضية‪ ،‬يع ّد من العناصر والكوادر‬ ‫الشابة واملؤهلة‪ ،‬وكان أحد حكام كرة القدم خالل املواسم األخيرة‪،‬‬ ‫وعقب االعتزال تولى عدداً من املهام واملناصب القيادية في قطاع‬ ‫الشباب والرياضة على مستوى ليبيا‪.‬‬ ‫لكن السؤال الذي يواجهنا اليوم هل يستطيع جنم تسخير إمكاناته‬ ‫وخبرته في القيام بصيانة وتطوير وم��ن ثم استثمار املنشآت‬ ‫الرياضية التي في أغلبها خارج اخلدمة وحتتاج إلى ثورة حقيقية‬ ‫في الصيانة والتجديد ‪ .‬في ظل الظرف األمني العسير الذي‬ ‫ت��رزح حتت نيره البالد‪ ،‬ال نعتقد أن عجلة صيانة تلك املرافق‬ ‫في ظل ب��روز أولويات ثقيلة على املشهد جتعل من مهمة جنم‬ ‫مصنفة ضمن سلم الثانويات‪ ،‬ولكن يستطيع جنم أن يعيد هيلكة‬ ‫إدارت��ه على أسس علمية ويدفع بالعناصر املؤهلة واملتخصصة‬ ‫لتبوأ العمل التنفيذي واالستشاري داخل هذه اإلدارة احليوية ‪..‬‬ ‫وسيكون من املناسب جدا له لو قدم على العلن خطة متكاملة‬ ‫لتطوير وصيانة واستثمار املرافق الرياضية مبنية على أرقام‬ ‫وأحصائيا ت وحسابات دقيقة ‪.‬‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫هل أفسد املنصب الرفيع الظاهرة الكروية ميشيل‬ ‫بالتيني ؟‬ ‫سؤال بات يتردد بقوة منذ أن اعتلى الديك الفرنسي‬ ‫س��دة الويفا األوروب��ي��ة‪ ،‬وأص��ب��ح صاحب ال��ق��رار األول‬ ‫ف���ي ال��ب��ي��ت ال���ك���روي األوروب������ي ‪ ..‬ه��ن��اك م���ن يتهمه‬ ‫بالدكتاتورية‪ ،‬وهناك من يضعه في دائرة العنصرية‪،‬‬ ‫وهناك من ينعته بالنفاق ‪ ..‬وكل تهمة من الثالث لها‬ ‫شواهدها بحسب كالمهم‬ ‫قبل أيام وقف أمام اجلميع ليعلن بأن القارة العجوز‬ ‫لها احلق في مقعد إضافي في مونديال روسيا القادم‬ ‫مرتكزا في مطالبته على أن أوروبا لديها ‪ 19‬منتخبا‬ ‫ٌ‬ ‫مصنف ضمن أحسن ‪ 30‬منتخب ًا على مستوى العالم‪،‬‬ ‫وأن روسيا متأهلة سلفا باعتبارها البلد املنظم ‪.‬‬

‫قائد جبهة التصريحات‬

‫الالعب الديمقراطي ‪..‬‬ ‫هذا االنحياز الصارخ ألوروبا كان مبعثه‪ ،‬في نظر األفريقيني‪ ،‬هو‬ ‫النيل من القارة السمراء التي حتظى حاليا بخمس مقاعد‪ ،‬ولم‬ ‫حتقق في دورات كأس العالم أية نتائج متقدمة ‪ ،‬في حني كان‬ ‫تفسيره عند أهل الكونكاكاف هو االفتئات على قارتهم التي لم تبلغ‬ ‫سوى مرة واحدة دورالثمانية في الكؤوس املاضية ‪.‬‬ ‫العجوز بالتر‪ ،‬الذي يستعد للوالية اخلامسة في انتخابات الفيفا‬ ‫القادمة‪ ،‬وقف بقوة ضد اقتراح بالتيني مذكرا أياه بأن العالم ال‬ ‫يدور على أوروب��ا فقط‪ ،‬وأن هدف الفيفا هو تصدير فرحة كرة‬ ‫القدم إلى العالم أجمع ‪.‬‬ ‫حرب التصاريح بني بالتر وبالتيني لم تتوقف منذ أن تقلد الثاني‬ ‫مقاليد األمور في االحتاد األوروبي لكرة القدم قبل ثمان سنوات‪،‬‬ ‫ولعلنا نتذكر آخر رد لبالتيني على مطالبة بالتر مبقعد رابع إضافي‬ ‫للكونكاف في كأس العالم عندما قال باحلرف الواحد ‪ :‬إذا رغب‬ ‫في منح أحد املقاعد الحتاد بلغ يوما دور الثمانية فقط‪ ،‬فما هو‬ ‫الشىء الذي سيعطيه لنا بعدما فزنا بآخر ثالث نسخ لكأس العالم ‪.‬‬ ‫صوت بالتيني ملن ؟!‬ ‫الوسط الرياضي العاملي مشغول بانتخابات الفيفا التي ستجرى‬


‫‪ ..‬اإلداري الدكتاتوري‬ ‫يوم ‪ 29‬مايو املقبل‪ ،‬وما رشح في اإلعالم الرياضي أن بالتيني‬ ‫سيقف مساندا للمرشح فان برج الذي يشغل حاليا رئيسا لالحتاد‬ ‫الهولندي واملرشح البرتغالي لويس فيغو الالعب الشهير السابق‪،‬‬ ‫وال يلوح في األفق أن هناك أى تعاطف من بالتيني جتاه بالتر‪،‬‬ ‫بل على العكس مازال اجلوهرة الفرنسية يواصل تشجيعه على‬ ‫اإلطاحة بالسويسري العجوز رائيا في إحدى مقابالته الصحفية‬ ‫أن رحيل بالتر مهم من أجل كرة القدم التي باتت حتتاج ألفكار‬ ‫جديدة وطرق حديثه في التسيير على حد قوله‪ ،‬معتبراً التغيير‬ ‫الرئاسي في فيفا دلي ً‬ ‫ال على تواجد نوع من الدميقراطية في أهم‬ ‫مؤسسة في كرة القدم‪.‬‬ ‫وأضاف في تلك املقابلة قائال ‪« :‬من املهم للغاية حصول بعض‬ ‫التغييرات في الفيفا‪ ،‬فهذه اللعبة أصبحت بحاجة ماسة ألفكار‬ ‫جديدة ومشاريع خالقة للنهوض بها»‪.‬‬ ‫وختم بقوله‪« :‬نحن أمام فرصة مثالية لفتح نقاش هادف حول‬ ‫مستقبل كرة القدم‪ ،‬التغيير أصبح ضرورياً إلثبات نهج الفيفا‬ ‫لنظام دميقراطي‪ ،‬فهناك أربعة أشخاص مترشحون للمنصب‪،‬‬ ‫وسنرى برنامج كل مرشح‪ ،‬لكن من املهم جداً أن يحصل تغيير‬ ‫في رئاسة الفيفا»‬

‫كلمات بالتيني ضد بالتر جعلت لويس فيجو يسارع بانتقاد‬ ‫رئيس الفيفا واالحتفاء أكثر برئيس الويفا وإجنازاته ألجل غاية‬ ‫بات يعلمها القاصي والداني ‪.‬‬ ‫يقول فيجو في في سياق حملته الدعائية ‪« :‬انتم تعلمون أن‬ ‫الفيفا في الفترة األخيرة وقفت في مكانها ولم تعد تتقدم إلى‬ ‫األمام وهذا يدعو للقلق حقاً‪ ،‬فيما يقوم الفرنسي ميشيل بالتيني‬ ‫بعمل خيالي في رئاسة االحتاد األوروبي لكرة القدم خالل فترة‬ ‫وجيزة‪ ،‬قياساً بالفترة التي قضاها في املنصب‪ ،‬واإلمكانيات التي‬ ‫احتيت له‪ ،‬والتي استطاع بها أن يزيد االهتمام بتطوير اللعبة‬ ‫والالعبني على حد سواء‪ ،‬وهو أمر أثر بصورة كبيرة على التطور‬ ‫الذي نشاهده حالياً في الكرة األوروبية»‪.‬‬ ‫لكن في الطرف املقابل يوجد من له ص��وت مختلف ‪ ،‬ويرى‬ ‫أن هناك اتفاقا ضمنيا بني بالتر وبالتيني على الظهور مبظهر‬ ‫املختلفني في املناسبات الصحفية‪ ،‬واإليحاء للرأي العام الرياضي‬ ‫بأن نظرتيهما للكثير من القضايا الرياضية متباينة في الغالب ‪.‬‬ ‫فهذا مثال الفرنسي دافيد غينوال جنم توتنهام و منتخب “الديكة”‬ ‫السابق يتهم ف��ي تصريحات خطيرة مواطنه ميشال بالتيني‬ ‫مبساندة نظيره السويسري جوزيف بالتر سرا في حملته للفوز‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫بعهدة جديدة في رئاسة “الفيفا” مشيرا إلى أنه انسحب رسميا‬ ‫من سباق الترشح لالنتخابات القادمة بسبب لعبة الكواليس التي‬ ‫ال يجيدها‪.‬‬ ‫وقال غينوال في تصريحات إذاعية “‪ :‬من يعتقد أنّ بالتيني يكره‬ ‫بالتر و يريد رحيله عن الفيفا فهو مخطئ ميشال أكثر من يدعم‬ ‫العجوز السويسري و قد انسحبت من االنتخابات ألنني أعرف أن‬ ‫الفوز مبنصب الرئيس مستحيل مع هؤالء األشخاص‬ ‫حتى ال نظلم بالتيني‬ ‫عبارة أطلقها أحد الصحفيني بعدما اشتدت حملة النقد ضد‬ ‫بالتيني مذكرا أياهم بأثر « النظر إل��ى نصف الكأس اململوء‬ ‫أي � �ض� ��ا « ف� �ف ��ي خ��ط��اب‬ ‫األس�ط��ورة الفرنسية بعد‬ ‫إعادة انتخابة للمرة الثالثة‬ ‫ك��رئ �ي��س ل �ل��وي �ف��ا ث �م��ة ما‬ ‫مي�ك��ن أن ي �ق��ال ع��ن ه��ذا‬ ‫ال��رج��ل ال��ذي يعمل بحزم‬ ‫على إع��ادة ترتيب البيت‬ ‫الكروي األوروبي ‪ ،‬وتطوير الكرة في القارة العجوز ‪.‬‬ ‫الرجل طالب بقوة بانشاء شرطة خاصة بكرة القدم للسيطرة على‬ ‫اجلماهير التي تورط بعضها في أعمال عنف مؤخرا كادت أن‬ ‫تعيد السيناريو التراجيدي في ملعب هيسيل ببلجيكا عام ‪1985‬‬ ‫في نهائي كأس أوروبا بني اليوفنتوس وليفربول‪ ،‬وكما نعلم كان‬ ‫بالتيني مشاركا في تلك املباراة املاساوية التي راح ضحيتها ‪39‬‬ ‫مشجعا للبيانكونيري « اليوفنتوس «‬ ‫وال ننسى في جانب آخ��ر أن بالتيني ك��ان من أش��د املتحمسني‬ ‫لقانون ‪ 5+6‬الذي يسعى لتقنني االحتراف ويرغم األندية على‬

‫هناك من يتهمه بالدكتاتورية ‪ ..‬هناك من يضعه‬ ‫في دائرة العنصرية ‪ ..‬وهناك من ينعته بالنفاق‬ ‫طالب مبقعد إضافي للقارة العجوز في‬ ‫مونديال روسيا‬

‫تشارلتون ‪ :‬بالتيني يستطيع دفع الكرة من عني إبرة‬ ‫وينتهي أمرها في الشباك‬

‫ما حقيقة دعم بالتيني ملرشحي أوروبا للفيفا‬ ‫الهولندي فان برج والبرتغالي لويس فيغو‬

‫يرى رحيل بالتر مهما من أجل كرة قدم حتتاج‬ ‫ألفكار وطرق حديثة في التسيير‬


‫ما السر وراء دفاعه الدائم عن الكيان اإلسرائيلي؟‬

‫تواجد خمسة العبني محليني في بداية أية مباراة تخوضها في‬ ‫الدوري أو املنافسات القارية والدولية‪ ،‬لكن باملقابل مازال بالتيني‬ ‫على موقفه السابق الرافض الستخدام تكنولوجيا خط املرمى‬ ‫مكررا م��رارا بأنها تقضي على روح اللعبة رغم أن هذه التقنية‬ ‫استخدمت بنجاح في كأس العالم األخيرة بالبرازبل‪ ،‬و هناك‬ ‫دول أوروبية تسعى لتطبيقها في املوسم الكروي القادم بعد جناح‬ ‫التجربة في أجنلترا ‪.‬‬ ‫ضد رونالدو !!‬ ‫هل كان بالتيني ضد رونالدو عندما رشح أحد العبي املنتخب‬ ‫األملاني الفائز بكأس العالم األخيرة بجائزة الكرة الذهبية ؟‬ ‫سؤال له مايبرره في ظل خروج رئيس الويفا عن حياديته‪ ،‬وإقحام‬ ‫نفسه في تصريحات غير مهنية فهو أدرى أكثر من غيره أن‬ ‫الكرة الذهبية متنح عادة على إجنازات الالعب الفردية وليست‬ ‫اجلماعية ‪ ،‬وأنه بهذه املغازلة للمنتخب األملاني قد ينال من هيبة‬ ‫اجلائزة التي لم تخرج يوما عن معيار اإلجناز الفردي لالعب عند‬ ‫الترشيح لنيلها ‪.‬‬ ‫لكن هذا هو بالتيني الذي يبحث دائما عن خرم اإلبرة كي يسدد‬ ‫عبره طلقته نحو الهدف ‪ ..‬ألم يكسب من خالل تلك التصريحات‬ ‫و ّد االحت��ادات األوروبية األهلية واستمالة اص��وات رؤسائها في‬ ‫انتخابات الويفا ‪ ..‬أال ينظر له األوروبيون كبطل قومي يدافع عن‬ ‫مصالح الكرة األوروبية وحقوقها وفقا ملنظور القارة العجوز ؟!!‬ ‫بالتيني الالعب‬ ‫لنترك بالتيني القيادي اإلداري جانبا‪ ،‬فهناك آراء ووجهات نظر‬ ‫مختلفة في مسألة تقييمه ‪ ،‬ونتجه مباشرة إلى بالتيني الالعب‬ ‫الفذ الذي يكاد يتفق اجلميع على أنه كان ظاهرة كروية فريدة‬ ‫حامال كأس أوروبا ‪1984‬‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫تألقه وراء تصدره ألغلفة املجالت‬

‫‪ ،‬وأن��ه أض��اف ل�ك��رة ال �ق��دم امل��زي��د من‬ ‫السحر واملتعة ‪.‬‬ ‫ي �ق��ول ع�ن��ه ال�س�ي��ر ب��وب��ي ت �ش��ارل �ت��ون ‪:‬‬ ‫بالتيني يستطيع دف��ع الكرة عبر عني‬ ‫إب� ��رة‪ ،‬وي�ن�ت�ه��ي أم��ره��ا ف��ي ال �ش �ب��اك ‪،‬‬ ‫ويقول عنه كل من درب��ه في فرنسا أو‬ ‫في اليوفنتوس بإيطاليا أن بالتيني كان‬ ‫العبا ميتلك رؤي��ة بانورامية للملعب‪،‬‬ ‫ويتمتع بكاريزما القيادة‪ ،‬وهو جاد في‬ ‫ال �ت��دري �ب��ات‪ ،‬وم��واظ��ب على تنفيذ كل‬ ‫ما يطلب منه في امللعب‪ ،‬بل إن��ه على‬ ‫ال �ص �ع �ي��د ال �ش �خ �ص��ي غ��ال �ب��ا م ��ا مينح‬ ‫نفسه وقتاً إضافيا بعد نهاية كل حصة‬ ‫تدريبية للتمرن على تسديد الركالت‬ ‫احلرة املباشرة ‪ ...‬ومبراجعتنا للسجل‬ ‫التهديفي لبالتيني سنجد أن أهدافه‬ ‫عن طريق تلك ال��رك�لات كانت منفذه بحرفنة وده��اء ‪ ..‬ولعلنا‬ ‫نتذكر هدفه في النهائي األوروبي ضد أسبانيا عام ‪ 1984‬عندما‬ ‫سدد كرة زاحفة بطريقة ذكية تؤكد ما قاله تشارلتون عن الطريقة‬ ‫البالتينية في ركل الكرة ‪.‬‬ ‫سيرة ذاتية‬ ‫ميشيل بالتيني (بالفرنسية‪ )Michel Platini :‬ولد في ‪21‬‬ ‫يونيو ‪ )1955‬من أصل إيطالي نسبة إلى جده فرانشيسكو الذي‬ ‫هاجر م��ن إيطاليا إل��ى فرنسا لتأسيس نفسه اقتصاديا‪ ،‬يعد‬ ‫بالتيني أحد أعظم وأفضل مناولي الكرات في تاريخ كرة القدم‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من أنه يلعب في خط الوسط إال أنه أيضا برز بشكل‬ ‫كبير في التهديف‪ .‬ومتيز في تنفيذ الركالت احلرة‪.‬‬ ‫لعب مع العديد من األندية منها “آس – نانسي – لوراني” و”آس‬

‫– سانت‪ -‬إيتيني” و”جوفنتس”‪،‬‬ ‫ت��أل��ق ب�لات�ي�ن��ي ك �ث �ي��راً ف��ي ك ��أس األمم‬ ‫األوروبية لكرة القدم ‪,1984‬حيث حصل‬ ‫الفريق الفرنسي على الكأس‪ .‬وأح��رز‬ ‫بالتيني أه��داف �اً ف��ي جميع امل�ب��اري��ات‬ ‫التي لعبها الفريق الفرنسي في الكأس‪،‬‬ ‫ليحقق رقماً قياسياً في بطولة أوروبا لم‬ ‫يحققه العب على اإلطالق وهو إحراز‬ ‫‪ 9‬أهداف في بطولة واحدة من بطوالت‬ ‫األمم األوروبية‪ .‬حيث افتتح هدف الفوز‬ ‫على الدامنارك‪ ،‬ثم تبعها بثالثة أهداف‬ ‫«هاتريك» على بلجيكا وثالثة أهداف‬ ‫أخرى على يوغوسالفيا‪ ،‬ثم هدف الفوز‬ ‫في الدقيقة األخ�ي��رة من عمر املباراة‬ ‫ض��د ال �ب��رت �غ��ال ف��ي م�ل�ع��ب مارسيليا‪،‬‬ ‫وأخيراً هدف الركلة احلرة ضد إسبانيا‬ ‫في ملعب باريس‪ .‬والفرق بينه وبني ثاني أفضل هداف في تلك‬ ‫البطولة ستة أهداف أي سجل الهداف الثاني ‪ 3‬أهداف فقط‪.‬‬ ‫كان بالتيني يلعب في عصره في خط الوسط مع لويس فيرنانديز‬ ‫وج�ين تيغانا وأالي��ن غيريس‪ ,‬حيث اشتهر ه��ذا الرباعي باسم‬ ‫«األملاسة السحرية» وقد اعتبر واحد من أعظم خطوط الوسط‬ ‫في تاريخ كرة القدم‪.‬‬ ‫مت التصويت له كأفضل العب أوروبي في األعوام ‪ 1983‬و‪1984‬‬ ‫و‪ 1985‬وحصل على جائزة أفضل العب في العالم والتي متنحها‬ ‫مجلة الكرة العاملية عامي ‪ 1984‬و‪.1985‬‬ ‫ترأس بالتيني جلنة تنظيم كأس العالم ‪ 1998‬التي أقيمت في‬ ‫وطنه فرنسا‪ .‬استمر بالتيني في تقدمه وتطلعه وراء السلطات‬ ‫اإلدارية للفيفا واالحتاد األوروبي لكرة القدم ‪ ,UEFA‬وهو في‬ ‫الوقت الراهن رئيس االحتاد األوروبي لكرة القدم للمرة الثالثة بعد‬

‫التعبير عن تسجيل الهدف باالسترخاء‬


‫ضربة مقصية مع املنتخب‬

‫إعادة انتخابه مطلع العام اجلاري‬

‫جنم الديكة السابق غينوال يكشف املستور عن‬ ‫عالقة بالتيني ببالتر‬ ‫من أشد املتحمسني لقانون ‪ 6+5‬ومن أوائل‬ ‫الرافضني الستخدام تكنولوجيا خط املرمى‬

‫اجلوائز وامليداليات‬ ‫في عام ‪ 1985‬مت االتفاق على إطالق لقب الفارس أو النبيل على‬ ‫بالتيني‪ ،‬وفي عام ‪ 1988‬نال لقب القائد‪.‬‬ ‫كأس فرنسا ‪ 1978‬مع نادي نانسي لورين‬ ‫لقب االحتاد الفرنسي في ‪ 1981‬مع نادي سانت أتيان‬ ‫مشترك في نهائيات كأس فرنسا ‪ 1981‬نادي سانت أتيان‬ ‫مشترك في نهائيات كأس فرنسا عام ‪ 1982‬مع سانت أتيان‬ ‫الفائز بكأس إيطاليا ‪ 1983‬مع نادي يوفنتوس‬ ‫الفائز بكأس أوروبا ‪ 1983‬مع يوفنتوس‬ ‫في ‪ 1984‬صنف ضمن السلسلة ‪ A‬ألفضل الهدافني(‪ 16‬هدفا)‬ ‫الفائز بلقب االحتاد اإليطالي ‪ 1984‬مع يوفنتوس‬ ‫الفائز بلقب كأس عابر القارات مع نادي يوفنتوس‬ ‫في ‪ 1985‬صنف ضمن السلسلة ‪ A‬ألفضل الهدافني(‪ 18‬هدفا)‬ ‫الفائز بلقب االحتاد اإليطالي في عام ‪ 1986‬مع يوفنتوس‬ ‫م��ي��دال��ي��ات ال� �ش ��رف م��ع‬ ‫منتخبه الفرنسي‪:‬‬ ‫كأس العالم ‪ 1978‬اجلولة‬ ‫األولى‬ ‫كأس العالم ‪ 1982‬املركز‬ ‫الرابع‬ ‫ب��ط��ول��ة أوروب� � � ��ا ‪1984‬‬ ‫الفائز باملركز األول‬ ‫كأس العالم ‪ 1986‬املركز الثالث‬

‫بالتر يقف بقوة ضد بالتيني ويذكره بأن العالم ال‬ ‫يدور على أوروبا فقط‬ ‫حقق رقم ًا قياسي ًا في التهديف خالل بطولة‬ ‫أوروبا ‪1984‬‬ ‫كان ضمن أعظم خط وسط في العالم أطلق عليه‬ ‫لقب « األملاسة السحرية»‬

‫إحصائيات‪:‬‬

‫لعب ‪ 72‬مباراة‬ ‫أحرز ‪ 41‬هدفا‬ ‫الكابنت ‪ 49‬مرة‬ ‫يعد ثاني أعظم الهدافني الفرنسيني بعد الفرنسي تييري هنري‪،‬‬ ‫وقد سجل بالتيني ‪ 41‬هدفا خالل ‪ 72‬مباراة‪.‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬

‫التفكير في الكتابة‬ ‫(‪)3 – 2‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫‪8‬‬ ‫العماء جذر تنبثق عنه كتابة حاسمة جتاه مراوغات القراءة‪،‬‬ ‫كتابة صارمة في تشكيل االستجابات‪ .‬بهذه الصفة ال تنطرح‬ ‫للمقارنة‪ ،‬هكذا كل كتابة مقدسة‪ ،‬مؤسسة على إنكار األسئلة‪،‬‬ ‫وعلى تنميط السلوك إزاءها‪ ،‬هي كتابة تفترض مؤمنني بها‪،‬‬ ‫وألجل ذلك فإنها ال تشكل نصاً بقدر ما حتافظ على نفسها‬ ‫باعتبارها كالماً ي��ؤ َّدي طقسياً‪ :‬ميزة كل كالم يُس َمع ويصدع‬ ‫له املنصتون‪ ،‬لنتذكر ال�ق��رآن‪ ،‬أن��ه ال يحضر ككتابة مقدسة‪،‬‬ ‫كهيروغليف أول فحسب‪ ،‬بل كصوت قوي ال ميكن عزله عن‬ ‫العالمات احملققة إلمكان تصويته‪ ،‬هنا تفشل الكتابة في خنق‬ ‫الكالم وإعاقته(‪ ،)13‬وأكثر من ذلك فإنها متثلّه‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫كل تفكير في الكتابة هو كتابة أيضاً‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ليس النص م�ع��ادالً لرقاقة تُ��رى فيها الكلمات واجل�م��ل‪ ،‬قد‬ ‫يكون الظهور صفته األشهر‪ ،‬لكنها ليست الوحيدة‪ ،‬كما أنها‬ ‫ليست األكثر إمتاعاً من بني صفات أخرى عديدة‪ ،‬لع ّل أهمها‬ ‫«الرفع»‪ .‬النص مرفوع ‪ .1‬مبا هو إظهار‪ ،‬مبا هو حركة تخريج‬ ‫(هيدغر) ‪ .2‬ومبا هو غوص باجتاه أصل يُنشد وال يتموقع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يكف عن‬ ‫نستقبل حزماً من النكوصات املتناوبة‪ ،‬فالنص ال‬ ‫التجلي والتخفي‪ ،‬إنه ليس كل ما هو قابل لإلفراد واملد‪ ،‬أحياناً‬ ‫شرط وجوده قابليته لالنقالب والدوران واجلزْر‪ ،‬أحياناً فعل‬ ‫القراءة يبدأ من حتت ‪ -‬النص إلظهار طبقـ(ـا)ته‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫النسخة األخ�ي��رة‪ ،‬املش ّذبة‪ ،‬امل�ق��روءة م��رارا‪ ،‬املشطبة (لطاملا‬ ‫كانت الكتابة ف ّناً للشطب‪ ،‬ثم لنتذكر املعنى امل��زدوج للشطب‬ ‫في اللغة اليومية‪ .1 :‬اإللغاء ‪ .2‬التتميم) النص ال��ذي أبدل‬ ‫الكاتب مواقع قراءته محفوفاً بكل تبدالت الرغبة‪ ،‬وأخيراً‬ ‫أعلنه متخلصاً من هوس الشطب ملرة أخ��رى‪ .‬النص الكامل‪:‬‬ ‫يوتوبيا الكتابة‪.‬‬ ‫الكاتب يرضى بنسخة أخيرة‬ ‫ر‬ ‫الضج‬ ‫يجعل‬ ‫كثيرة‬ ‫في حاالت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫النسخ وإعادة‬ ‫على‬ ‫حياته‬ ‫يوقف‬ ‫أن‬ ‫يستطيع‬ ‫ال‬ ‫ألنه‬ ‫من عمله‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫النسخ‪ ،‬وإال فكم من املرات املستحيلة سوف ينجز الكاتب نصاً‬ ‫ال ٍ‬ ‫منتهـ؟! رمبا يجيب هذا على حيرة ماركيز‪« :‬لطاملا اعتقدت‬ ‫أن كل نسخة حلكاية هي أجود من سابقتها‪ .‬إذاً كيف لي أن‬ ‫أعلم أنها ينبغي أن تكون األخيرة؟» احليرة التي نستبعد فيها‬ ‫إميان العماد األصفهاني بأن الكاتب قد يعيش إلى األبد في‬ ‫أس ْر نص واحد ال يكتمل‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫كلما ينفتح التأويل على الكتابة ف��إن ال��دالالت تتحول ضمناً‬ ‫إلى دوال‪ ،‬وفي الشعر حتديداً فإن احلقيقة املمتلكة فردياً‪،‬‬ ‫املم ّوهة فردانياً هذا هو استعصاؤها‪ ،‬وفيه تكمن قيمتها تبدأ‬ ‫تدريجياً تصير عالمات أولية‪ ،‬عتبات ومطالع‪ ،‬وفي تصاعدها‬ ‫فإن القراءة الدقيقة (‪:‬البارعة) هي انتهاك‪ ،‬وهي إلغاء ما هو‬ ‫مشدد عليه‪ ،‬وإظ�ه��ار ما هو مهمل وملقى جانباً‪ .‬وبقدر ما‬ ‫ّ‬ ‫ينجح التأويل في جعل املهمل يتكلم‪ ،‬ويتولى تأدية املعنى‪ ،‬عبر‬ ‫سلسلة متصلة متساوقة من الدقائق فإنه يظل ميتح ذاتياً من‬ ‫االستمرار‪« ،‬ال تتوقف اللعبة»‪ ،‬حتى يتم العثور على نص آخر‪،‬‬ ‫متوار‪ .‬منجز املؤ ّول يتعينّ في اإلحالة والتحويل‪،‬‬ ‫حتتي‪ ،‬كامن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫في دفع النص لالعتراف مبضمراته‪ ،‬وأخيراً في جعل النص‪/‬‬ ‫الناص يصبح آخر‪.‬‬ ‫التأويل‪ ،‬إذن‪ ،‬مبا هو محيل على الدوام إلى نص الحق يُفقد‬ ‫النص قارئه‪ .‬القارئ الذي افتراضه كان جزءاً من استراتيجيا‬ ‫َّ‬ ‫اإلنكتاب‪.‬‬ ‫لكن الكتابة أيضاً إذ تغدو ذكي ًة وذات ق��درة على ال��زوغ��ان‪،‬‬ ‫أو سامح ًة بانتهاكات التحليل في حدود مرسومة في األثناء‬ ‫فإنها تنقل التأويل ليلعب متزوداً بأدواتها‪ .‬لكن‪ ،‬في سعيها أن‬ ‫تكتمل وتكتفي بذاتها‪ ،‬أال تصبح الكتابة أيضاً ذكية أكثر مما‬ ‫يجب‪ .‬مما يُحتمل؟‬ ‫يعمد التأويل إلى أن يُفقد النص مقروئيته‪ ،‬يسلبه ق ّراءه‪ ،‬في‬ ‫األثناء يكون قد التبس عليه األمر‪ ،‬وتظهر عليه األعراض التي‬ ‫يتجنّبها‪ ،‬يصير‪ ..‬مأخوذاً باالنكتاب‪ ..‬نصاً موازياً‪.‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫يوزع هذا الكتاب مجان ًا‬ ‫مع العدد ( ‪ )10‬من مجلة املستقل‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪13‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «اليد الواحدة»‬ ‫تأليف‪ :‬عبد الباسط أبوبكر محمد‬ ‫(قراءات)‬


‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪13‬‬ ‫‪ 3‬مايو ‪2015‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.