عدد الجمعة 7 يونيو 2024

Page 1

‫واتـس أب‬ ‫صور واكتب‬ ‫ّ‬

‫‪www.almasryalyoum.com‬‬

‫أهم األحداث اليومية‬ ‫وابعتها على‬

‫اقرأ أكثر‪..‬‬

‫‪0111 600 600 7‬‬

‫ً‬ ‫يوميا‬ ‫بأقل من جنيه‬

‫‪a mro s e lim@ h o tma il.c o m‬‬

‫عبداهلل عبدالسالم‬ ‫‪a a b d e l sa l a m 6 5 @g m a i l .co m‬‬

‫أحفاد يحيى حقى‬ ‫والطيب صالح‪ ..‬الالمنتمون!‬

‫نجا من الموت ‪ ١٥‬مرة ويوثق نزوحه بمقاطع فيديو‬

‫«الديب»‪ ..‬فلسطينى يواجه المأساة بالكوميديا السوداء‬

‫كتبت‪ -‬رضوى فاروق‪:‬‬

‫اختار الكوميديا السوداء لرصد‬ ‫واق ــع ــه املـ ــأسـ ــاوى‪ ،‬ف ــب ـ ً‬ ‫ـدل م ــن أن‬ ‫يعكس جحيم النزوح وضياع األرض‬ ‫واحلياة‪ ،‬قاوم بحس فكاهى ساخر‬ ‫لرصد ما يحدث فى يومه‪ ،‬ليخبئ‬ ‫دموعا حتجرت مبقلة العني‪ ،‬تقاوم‬ ‫حــتــى ال تــلــقــى مــصــيــرهــا املــحــتــوم‬ ‫باالنهيار‪ ،‬ملمال فيها شتات عقله‬ ‫حتى ال يجن مــن هــول األحـــداث‪،‬‬ ‫فاستخدم النكات والسخرية من‬ ‫واق ــع مــأســاوى ال يعلو صــوت فيه‬ ‫على األنني واآلهات التى تصرخ بها‬ ‫صدور آالف من الغزاوية‪ ،‬فاستمد‬ ‫مــن اسمه «الــديــب» خصلة الذئب‬ ‫باعتباره «األشد صب ًرا على اجلوع»‪،‬‬ ‫ورغــم كــل مــا مــر بــه إال أنــه مــازال‬ ‫يحاول البسمة والعيش‪.‬‬ ‫محمد الديب‪ ،‬فلسطينى من غزة‪،‬‬ ‫عمره ‪ 21‬عا ًما‪ ،‬ينشر مقاطع فيديو‬ ‫حتت اســم «يوميات ن ــازح»‪ ،‬يوضح‬ ‫فيها ما يواجهه من صعوبات مثل‬ ‫اضطراره وأسرته لالنتقاالت بشكل‬ ‫دائـــم‪ ،‬وصــعــوبــة الــعــثــور عــلــى مــاء‪،‬‬ ‫لكن بطريقة كوميدية حيث يعرض‬ ‫مشاهد فى الفيديو ويتحدث بعكس‬ ‫الصورة‪ ،‬أو يلقى النكات ويسخر من‬ ‫حالهم‪ ،‬يوضح فى حديثه لـ«املصرى‬ ‫الـــيـــوم»‪ ،‬أنـــه كـــان مــثــل أى شــاب‬ ‫يحلم مبستقبل وردى‪ ،‬ورغــم صغر‬ ‫ســنــه ودراســتــه «نــظــم ومــعــلــومــات»‬

‫«الديب» أثناء تصوير فيديوهاته بني األنقاض‬

‫باجلامعة‪ ،‬إال أنه كان يعمل ليعول‬ ‫أسرته بجانب والده ويعالج والدته‬ ‫وشقيقته‪ ،‬فعمل كمسوق ومصمم‬ ‫إلكترونى‪« :‬كنا مستورين وميسورين‪،‬‬ ‫عنا بيت من ‪ 5‬طوابق وورشة تصليح‬ ‫سيارات كله راح بغمضة عني وما‬ ‫ضل لبيتنا أثر»‪ ،‬هكذا قال حول ما‬ ‫ألم به وقت بداية احلرب على غزة‪.‬‬ ‫أســــرة «الـ ــديـ ــب» تــتــكــون م ــن ‪7‬‬ ‫أشقاء‪ 4 ،‬فتيات‪ ،‬و‪ 3‬شباب‪ ،‬الوالد‬ ‫جتــاوز الستني واألم على مشارف‬ ‫اخلمسني‪ ،‬فى بداية احلرب افترق‬

‫شــمــل األســـــرة بــحــســب م ــا حــكــاه‬ ‫«محمد»‪ ،‬متاب ًعا «أول احلــرب كلنا‬ ‫تشتتنا‪ ،‬عيلتى فكرتنى استشهدت‬ ‫وأنا ما كنت أعرف أخبار عن عيلتى‪،‬‬ ‫حــتــى وجــدتــهــم‪ ،‬وم ــا لقينا مكان‬ ‫ننزح فيه‪ ،‬مننا شهر فى مستشفى‬ ‫الشفاء بالشارع‪ ،‬وبعدها هجرونا‬ ‫على اجلنوب ولألسف كل أموالنا‬ ‫وفلوسنا كانت بالبيت وما ضل معنا‬ ‫غير رحمة اهلل»‪ ،‬حاولت األسرة أن‬ ‫تعيش فباعت األم ذهبها لعمل خيمة‬ ‫لكن األموال نفدت‪ ،‬فاضطر اإلخوة‬

‫إلى بيع أجهزة البتوب كانوا يعملون‬ ‫من خاللها حتى يفروا مسكن وقليل‬ ‫مــن الــطــعــام‪ ،‬األم ــر ال ــذى اضطره‬ ‫لــعــمــل حــســاب عــلــى «جـــو فــانــد»‪،‬‬ ‫جلمع أى أمــوال‪ ،‬مع سعيه املستمر‬ ‫الكتساب أى رزق‪.‬‬ ‫«جنوت من املوت ‪ 15‬مرة تقريبا‪،‬‬ ‫كــان بينى وبينه خــطــوات‪ ،‬خاصة‬ ‫فــى بــدايــة احل ــرب عــنــدمــا ٌقصف‬ ‫منزلنا بــحــزام نــارى‪ ،‬ومــرة أخــرى‬ ‫وأنــا بشترى أغــراض قصف مكان‬ ‫على بعد خطوات بسيطة منى‪ ،‬اهلل‬

‫جنــانــى فــى مــرات كثيرة ال تُــعــد»‪،‬‬ ‫كلمات قالها الــشــاب الفلسطينى‬ ‫بــأســى وغــصــة وشــمــوخ فــى نفس‬ ‫الـ ــوقـ ــت فـ ــى أن ـ ــه مــــــازال داخـ ــل‬ ‫بــلــده رغ ــم كــل مــا ميــر ب ــه‪ ،‬وتــابــع‬ ‫«اضطررنا إلــى االنتقال فى رفح‬ ‫ومــررت بأصعب أيــام حياتى وقت‬ ‫املذبحة‪ ،‬لكن اهلل جنانا وانتقلت‬ ‫أنا وبعض أفراد األسرة إلى منطقة‬ ‫ديــر الــبــلــح»‪ ،‬هــكــذا أوضــح الديب‬ ‫كيف مر بصعوبات قاسية خاصة‬ ‫وقت مذبحة رفح حيث يسرد أنه‬

‫كان يهرول وسط القذائف وجثث‬ ‫الشهداء واألشالء واملصابني‪.‬‬ ‫وعــن كيفية قــضــاء يــومــه أوضــح‬ ‫أنه فى كل األماكن التى نزح إليها‬ ‫لم يجدوا مقومات احلياة من مياه‬ ‫صاحلة للشرب أو حتى لالستحمام‪،‬‬ ‫منوهً ا بأنه يوم ًيا ميشى ‪ 2‬كيلو حتى‬ ‫يحضر ‪ 20‬لترا من املــاء‪ ،‬والــذى ال‬ ‫يكفى حتى نصف اليوم‪ ،‬وأكــد أنه‬ ‫يظل فى هذا احلر أياما قد تصل‬ ‫إلــى ‪ 11‬يو ًما بال استحمام بسبب‬ ‫نقص املياه‪.‬‬ ‫أما عن املحتوى الساخر واملزاح‬ ‫حــول املــأســاة قــال «كتير منصات‬ ‫تعرض حجم املعاناة‪ ،‬حبيت أعرض‬ ‫بطريقة أنا بحبها‪ ،‬ليس ضرورى أن‬ ‫أنشر صورتى وأنا مبوت‪ ،‬أنا صابر‬ ‫وبعرض للناس صبرى والناس عارفة‬ ‫فــعــا إن ــه الــشــخــص يــلــى ورا هــاد‬ ‫الفيديو ليس بخير إطــا ًقــا»‪ ،‬لكن‬ ‫فيديوهاته لم يستقبلها الناس كما‬ ‫توقع‪ ،‬على العكس هاجموه حسبما‬ ‫قال «كمية شتائم وسب تعرضت له‬ ‫واتهامات بأننى ال أشعر باملعاناة‬ ‫وانتقص منها‪ ،‬واهلل حسيت بقهر‬ ‫أكبر»‪ ،‬واختتم صاحب الـــ‪ 21‬ربي ًعا‬ ‫حديثه برسالة أمل وطمأنة لعائلته‬ ‫«مــا تعبت وال يــأســت وال هيأس‪،‬‬ ‫هــطــرق كــل األبـــواب وأض ــل أعافر‬ ‫وهسعى واعمل كل يلى بقدر عليه‬ ‫عشان يعيشو أهلى بسالم وأمان»‪.‬‬

‫«زعقت له»‬

‫«ظاهرة غريبة»‬

‫«ال يجوز السؤال»‬

‫«نرحب»‬

‫البابا تواضروس‬ ‫الثانى‪ ،‬عبر إكسترا‬ ‫نيوز‪ ،‬عن ردة‬ ‫فعله مع شاب تنبأ‬ ‫بوصوله للكرسى‬ ‫البابوى‪ ،‬أثناء جنازة‬ ‫البابا شنودة‪.‬‬

‫سمير عطااهلل‪ ،‬فى‬ ‫الشرق األوسط‪،‬‬ ‫عن العالقة بني‬ ‫تدشني رؤساء العالم‬ ‫املكتبات وعدم‬ ‫اهتمامهم بالثقافة‪.‬‬

‫يوسف زيدان‪،‬‬ ‫عضو مجلس أمناء‬ ‫مؤسسة تكوين‬ ‫الفكر العربى‪ ،‬عبر‬ ‫‪ ،BBC‬عن مصدر‬ ‫متويل املؤسسة‪.‬‬

‫خالد اجلندى‪،‬‬ ‫عضو املجلس‬ ‫األعلى للشؤون‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬عبر‬ ‫‪ ،Dmc‬عن نقد‬ ‫التراث‪.‬‬

‫أحمد عيد‪،‬‬ ‫لـ القاهرة‬ ‫اإلخبارية‪ ،‬عن‬ ‫الشخصية التى‬ ‫يجسدها فى فيلم‬ ‫أهل الكهف‪.‬‬

‫أحمد حسام ميدو‪،‬‬ ‫عبر ملعب الشمس‪،‬‬ ‫عن التزامه فى‬ ‫الصالة منذ ‪ 8‬شهور‪،‬‬ ‫بعد آخر زيارة‬ ‫للمسجد احلرام‪.‬‬

‫‪tarekelshinnawi@yahoo.com‬‬

‫«األخ احلبيب األستاذ كامل الشناوى‬ ‫دار أخبار اليوم‬

‫‪CAIRO EGYPT‬‬ ‫‪U.A.R‬‬

‫مــن أمــريـكــا عبر املحيط أكـتــب لــك مـعـبـ ًـرا عــن شوقى‬ ‫وحبى وشكرى على كلمتك احللوة الرقيقة‪ ،‬وألقول لك‬ ‫كل سنة وأنت طيب وأنت سعيد وأنت بكامل صحتك وكل‬ ‫شعرا وحياة‪ ،‬وكل سنة وأنت معنا‬ ‫سنة وأنت متأل الدنيا ً‬ ‫نحبك وحتبنا ومتأل حياتنا بكلماتكم احللوة‪..‬‬ ‫أقبلك وإلى اللقاء القريب إن شاء اهلل‬ ‫أخوك عبداحلليم»‬ ‫ما تقرأه هو تلك الرسالة التى بعث بها «عبداحلليم‬ ‫حــافــظ» إلــى «كــامــل الـشـنــاوى» فــى مطلع شهر ديسمبر‬ ‫‪ 1963‬لكى يشاركه احتفاله بعيد ميالده‪ ،‬واحتفظت بها‬ ‫ضمن أوراقــى اخلاصة ووجدتها تصلح لكى نستعيدها‬ ‫فى هذا الزمن الذى اختلطت فيه العديد من األوراق‪.‬‬ ‫حريصا على أن تتأكد أواصر‬ ‫كان «عبداحلليم حافظ»‬ ‫ً‬ ‫صداقته بكبار الكتاب وعلى متابعة ما يكتبونه حتى لو‬ ‫كانت كلماتهم نشرت فى غيابه‪.‬‬ ‫أتوقف أمام رسالة يزيد عمرها على ستني عاما‪ ،‬تؤكد‬ ‫دائما فى حالة يقظة بكل‬ ‫إلى أى مدى كان «عبداحلليم» ً‬ ‫ما يجرى حوله حتى وهو خارج احلدود‪ ،‬جتد فى كلمات‬ ‫الــرســالــة شـيـئــا خ ــاص وحميميا يـعـبــر عـمــا ك ــان يجمع‬

‫متوفر على جميع التطبيقات‬

‫قــدم رئــيــس اجلامعة األمريكية صــحــفــيــة‪ ،‬رص ــد لــهــا مــبــلــغ مليون‬ ‫بــالــقــاهــرة‪ ،‬د‪ .‬أحــمــد دالل‪ ،‬تهنئة جنيه‪ ،‬تتضمن جائزة كبرى قدرها‬ ‫ملؤسسة «املــصــرى الــيــوم»‪ ،‬مبــرور ‪ 500‬ألف جنيه حتمل اسم الصحفى‬ ‫الـــــرائـــــد تــوفــيــق‬ ‫‪ 20‬ع ــا ًم ــا على‬ ‫ديـــــــاب‪ُ ،‬‬ ‫وت ــن ــح‬ ‫تـــأســـيـــســـهـــا‪،‬‬ ‫لشخصية كبيرة‬ ‫والـــــذى يــوافــق‬ ‫كل عام كانت لها‬ ‫الــيــوم ‪ 7‬يونيو‬ ‫بــصــمــة واضــحــة‬ ‫‪.2024‬‬ ‫ومؤثرة فى مجال‬ ‫وأثـــــــــنـــــــــى‬ ‫تخصصها‪.‬‬ ‫«دالل» خــال‬ ‫أمـــــــــا بـ ــاقـ ــى‬ ‫تــهــنــئــتــه‪ ،‬على‬ ‫اجلـــــــــــوائـــــــــــز‬ ‫دور «املــصــرى‬ ‫اخلــمــس فتبلغ‬ ‫الــيــوم» املميز‬ ‫قــيــمــة كــل منها‬ ‫فــى الصحافة‬ ‫مـــــــائـــــــة ألــــــف‬ ‫املــصــريــة على‬ ‫ج ــن ــي ــه لــشــبــاب‬ ‫مــدار العقدين‬ ‫الصحفيني دون‬ ‫املاضيني‪.‬‬ ‫سـ ــن األربـ ــعـ ــن‪،‬‬ ‫ومتــــــــنــــــــى‬ ‫وذلــــــــــــــــك فـ ــى‬ ‫لـــــ«املــــصــــرى‬ ‫مجاالت التحقيق‬ ‫الــيــوم»‪ ،‬مزي ًدا‬ ‫الــــــصــــــحــــــفــــــى‬ ‫م ـ ــن ال ــن ــج ــاح‬ ‫واحلـ ــوار واملــقــال‬ ‫والـــتـــقـــدم فــى‬ ‫صورة زنكوغرافية من التهنئة‬ ‫والــقــصــة اخلــبــريــة‬ ‫ك ــاف ــة املـــجـــاالت‪،‬‬ ‫واســتــمــرار الــتــعــاون مــع اجلــامــعــة والكاريكاتير‪ ،‬وحتمل كل منها اسم‬ ‫أحد املؤسسني فى «املصرى اليوم»‪،‬‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫ومــن املــقــرر أن تعقد «املــصــرى وهم‪ :‬صالح دياب وجنيب ساويرس‬ ‫اليوم» احتفالية كبرى‪ ،‬يوم ‪ 10‬يونيو وأحمد بهجت وكامل ديــاب وأكمل‬ ‫اجلــــارى‪ ،‬تــقــدم خــالــهــا ‪ 6‬جــوائــز قرطام‪.‬‬

‫«ذكرت بالقرآن»‬

‫طارق الشناوى‬ ‫يكتب‪:‬‬

‫يوما‬ ‫لمدة ‪ً ٣٠‬‬

‫الجامعة األمريكية تهنئ «المصرى‬ ‫اليوم» بمرور ‪ 20‬عا ًما على تأسيسها‬

‫«بتخلينى أهدى»‬

‫أنا والنجوم‬

‫لكل القراء‬

‫‪Al Masry Al Youm - Friday - June 7 th - 2024 - Issue No. 7298 - Vol.21‬‬

‫اجلمعة ‪ ٧‬يونيو ‪٢٠٢٤‬م ‪ -‬غرة ذى احلجة ‪ 14٤٥‬هـ ‪ ٣٠ -‬بشنس ‪ - 17٤٠‬السنة احلادية والعشرون ‪ -‬العدد ‪٧٢٩٨‬‬

‫«هــذا الرضا عجز‪ ،‬وهــذه الطيبة بالهة‪ ،‬وهــذا الصبر ُجــن»‪ ،‬هكذا‬ ‫صرخ إسماعيل ابن حى السيدة زينب بطل قصة‪« :‬قنديل أم هاشم»‬ ‫ال ـص ــادرة ع ــام ‪ 1940‬للكاتب العظيم يحيى حـقــى (‪،)1992 -1905‬‬ ‫عندما عاد طبي ًبا من الغرب ليصطدم بالطرق التقليدية واخلرافة‬ ‫فى العالج وتعهد بأنه «لن ينكص عن أن يطعن اجلهل فى الصميم‬ ‫ً‬ ‫محمل باحلنني للوطن‬ ‫طعنة جنالء ولو فقد روحه»‪ .‬رجع إسماعيل‬ ‫وبتفكير جديد أشعره أنه غريب بني أهله‪ .‬فى النهاية حاول التوفيق‬ ‫بني العلم واإلميان وانحاز ألبناء وطنه ولم يغادره‪.‬‬ ‫أم ــا مصطفى سـعـيــد بـطــل روايـ ــة «مــوســم ال ـه ـجــرة إل ــى الـشـمــال»‬ ‫(‪ )1966‬للروائى الـســودانــى العمالق الطيب صــالــح‪ ،‬فقد تبنى قيم‬ ‫املجتمع البريطانى وأصـبــح أسـتــاذً ا باجلامعات البريطانية وتــزوج‬ ‫جني موريس لكن عقليته الشرقية حالت بينه وبني االندماج‪ ،‬فعاش‬ ‫حالة انقسام بني االنبهار بالغرب والــرفــض لــه‪ ،‬لينتهى أمــره بقتل‬ ‫أخيرا إلى السودان ليموت ً‬ ‫غرقا رمبا عقا ًبا‬ ‫زوجته وسجنه وعودته‬ ‫ً‬ ‫على خروجه على األنساق الثقافية واالجتماعية التى ينتسب إليها‪.‬‬ ‫شغلت أسئلة الهوية ومن نحن وعالقتنا مع الغرب‪ ،‬مفكرين وأدباء‬ ‫كثيرين مــن الـعــالــم الـثــالــث خ ــال ال ـقــرن الـعـشــريــن‪ .‬يـقــول الطيب‬ ‫صالح‪« :‬يا للسخرية‪ ..‬اإلنسان ملجرد أنه ُخلق عند خط االستواء‪،‬‬ ‫إلها‪ ..‬أين االعتدال‬ ‫بعض املجانني يعتبرونه ً‬ ‫عبدا وبعضهم يعتبره ً‬ ‫واالسـتــواء؟»‪ .‬ويواصل‪« :‬نحن مبقاييس العالم الصناعى األوروبــى‪،‬‬ ‫فالحون فقراء‪ ،‬لكننى حني أعانق جدى أحس بالغنى‪ ،‬كأننى نغمة‬ ‫من دقات قلب الكون نفسه»‪.‬‬ ‫هل مازالت تلك األفكار واألسئلة واملشاعر قائمة لدى عشرات آالف‬ ‫الشرقيني الذين يسافرون إلى الغرب للتعليم؟ قبل أيام قرأت حتقيقً ا‬ ‫استقصائ ًّيا بصحيفة بريطانية عن مئات الكينيني الذين يدرسون‬ ‫سـنــو ًّيــا بــاخلــارج‪ ،‬لكن عند التخرج يجد الكثير منهم أنفسهم فى‬ ‫وضع غريب‪ ..‬غير قادرين على التأقلم هناك‪ ،‬ومع ذلك ال يرجعون‬ ‫لبالدهم ألنهم لم يعودوا يشعرون باالنتماء إليها‪ .‬منذ القرن ‪،19‬‬ ‫تعليما غرب ًيا نخبو ًيا لعدد مختار من‬ ‫قدمت القوى االستعمارية‬ ‫ً‬ ‫أبناء الدول التى احتلتها‪ ،‬على أمل أنهم سيتولون بعد ذلك احلكم‬ ‫نيابة عنها‪ .‬املفارقة أن الطالب رفضوا االستعمار وهيمنته بل قادوا‬ ‫حركات االستقالل ضده‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬لم تعد الدراسة بالغرب نادرة‪ .‬عشرات آالف الطالب األفارقة‬ ‫والعرب واآلسيويني يسافرون للتعليم هناك‪ .‬وبعد التخرج‪ ،‬جتتذب‬ ‫اجلامعات بعضهم للعمل ضمن الكادر العلمى‪ ،‬والبعض اآلخر تغريه‬ ‫الشركات مبرتبات كبيرة ومزايا أخرى‪ .‬يصبحون من أصحاب الدخول‬ ‫املــرتـفـعــة‪ .‬مسألة الـهــويــة لــم تعد شاغلهم خــاصــة مــع تفاقم الفقر‬ ‫واألزم ــات االقتصادية وعــدم تــوافــر اإلمـكــانــات العلمية فــى بلدانهم‬ ‫أياما معدودات ثم يرجعون‬ ‫األم‪ ،‬فلماذا يعودون؟ إنهم يزورون أقاربهم ً‬ ‫متاما‬ ‫للغرب الذى أصبح موطنهم اجلديد‪ .‬ال يعنى ذلك أنهم تكيفوا ً‬ ‫مــع حياتهم اجلــديــدة‪ ،‬إال أن الفجوة بينهم وبــن أوطانهم تتزايد‪.‬‬ ‫يشعر بعضهم أنهم غرباء‪ .‬حتى الذين عــادوا‪ ،‬يتساءلون باستنكار‪:‬‬ ‫ملــاذا عدنا‪ ،‬ألم يكن من األفضل البقاء فى الغرب حيث احلياة أكثر‬ ‫راحة وسهولة؟!‪.‬‬ ‫مصر ًّيا‪ ،‬ارتفع عدد طالب الدراسات العليا فى الغرب‪ .‬فى أمريكا‬ ‫ً‬ ‫مثل‪ ،‬وصل إلى ‪ 1615‬طال ًبا عام ‪ ،2020‬بعد أن كان ‪ 1281‬عام ‪.2011‬‬ ‫هـنــاك ت ـقــديــرات بــرملــانـيــة ب ــأن هـنــاك حــال ـ ًّيــا ‪ 73‬أل ــف طــالــب مصرى‬ ‫يدرسون باخلارج‪ .‬لألسف‪ ،‬ليست هناك دراسات ميدانية أو بحثية عن‬ ‫املصريني الذين تعلموا بالغرب خالل العقود األخيرة‪ ..‬كم نسبة من‬ ‫عاد منهم ومن بقى هناك‪ ،‬وكيف ينظرون للعالقة بني الشرق والغرب‪،‬‬ ‫وهل تساؤالت الهوية وصورة اآلخر مازالت تشغلهم؟ مؤشرات عديدة‬ ‫تكشف أن الــرغـبــة فــى الـتـقــدم الشخصى وحتقيق مستقبل أفضل‬ ‫لألوالد وإغــراءات الغرب العلمية واملالية هى العوامل احلاكمة‪« .‬كى‬ ‫جزءا من ذاتك»‪ ،‬هكذا قال‬ ‫تتكيف مع الغرب‪ ،‬عليك ً‬ ‫حتما أن تخسر ً‬ ‫الطيب صالح فى روايته اخلالدة‪ .‬كان ذلك فى املاضى‪ .‬نحن بحاجة‬ ‫حال ًّيا إلى رؤية جديدة لتفكيك تعقيدات عالقة الشرق بالغرب‪ .‬مع‬ ‫هجرة آالف العقول املبدعة واملتعلمة سنو ًّيا‪ ،‬يثور التساؤل‪ :‬هل أصبح‬ ‫االنتماء من املاضى؟!‪.‬‬

‫ً‬ ‫مجانا‬

‫خطاب عبدالحليم إلى كامل الشناوى‬

‫وثيقة نموذجية للعالقة بين النجم االستثنائى والشاعر الكبير‬ ‫بني «كامل الشناوى» و«عبداحلليم حافظ»‪ .‬منح «كامل‬ ‫الشناوى» قوة دفع لعبداحلليم فى بداية مشواره‪ ،‬بعد أن‬ ‫قدم أغنية (على قد الشوق اللى فى عيونى) عام ‪،1954‬‬ ‫اعتبرها «كامل الشناوى» فى مقال نشره على صفحات‬ ‫جريدة «األخبار» مبثابة الطائر الذى حلق بعبداحلليم‬ ‫إلــى سـمــاء الـنـجــومـيــة‪ ..‬وك ــان «كــامــل الـشـنــاوى» صديقً ا‬ ‫لــأرب ـعــة ال ـك ـبــار فــى دن ـيــا ال ـن ـغــم‪ ..‬ك ـث ـيـ ًـرا مــا ك ــان بينهم‬ ‫صــراعــات معلنة ومـسـتـتــرة‪« :‬أم كـلـثــوم»‪« ،‬عـبــدالــوهــاب»‪،‬‬ ‫«فريد»‪« ،‬عبداحلليم»‪ ،‬ورغم ذلك كان لكل منهم فى قلب‬ ‫«كامل الشناوى» مساحة خاصة!!‪.‬‬ ‫ف ــى ح ـيــاة «ع ـبــداحل ـل ـيــم» ك ــان حــريـ ًـصــا عـلــى أن يظل‬ ‫م ـحـ ً‬ ‫ـاطــا بــال ـك ـبــار «ك ــام ــل الـ ـشـ ـن ــاوى»‪« ،‬مـصـطـفــى وعـلــى‬ ‫أم ـ ــن»‪« ،‬إح ـس ــان ع ـب ــدال ـق ــدوس»‪« ،‬أح ـم ــد ب ـهــاء ال ــدي ــن»‪،‬‬ ‫«ص ــاح ج ــاه ــن» ث ــم يـنـتـقــل إل ــى اجل ـيــل ال ـتــالــى «مفيد‬ ‫فوزى»‪« ،‬وجدى احلكيم»‪« ،‬منير عامر»‪« ،‬محمود عوض»؛‬ ‫ليظل فــى بــؤرة اإلع ــام‪ .‬ونكتشف أن اإلع ــام كــان مينح‬ ‫«عبداحلليم» مساحات تتجاوز حتى مــا هــو ممنوح ألم‬ ‫كلثوم‪ ..‬ال ميكن أن نعزى ذلك سوى للذكاء االجتماعى‬ ‫الــذى متتع به مستلهما فى العديد من املواقف أستاذه‬ ‫محمد عبدالوهاب‪.‬‬ ‫نـعــم‪ ،‬فــى حياته كــان ق ــاد ًرا على أن يظل هـنــاك خيط‬ ‫ـروءا‪..‬‬ ‫س ـحــرى يــربـطــه ب ــاإلع ــام مــرئـ ًـيــا ومـسـمـ ً‬ ‫ـوعــا ومـ ـق ـ ً‬ ‫املوهبة ال تكفى‪ ..‬لكى حتافظ على جناحك‪ ،‬ينبغى أن‬ ‫تتوفر لها حماية أخــرى من خــال اإلع ــام‪ ،‬ناهيك عن‬

‫عبداحلليم حافظ وكامل الشناوى‬

‫ضرورة معايشة الزمن‪.‬‬ ‫قبل نحو ربــع قــرن فــى زمــن انـتـشــار (الـفـيــديــو كليب)‬ ‫نهاية التسعينيات ســألــت املوسيقار كـمــال الـطــويــل‪ :‬ما‬ ‫ال ــذى ك ــان سيفعله عبداحلليم لــو ك ــان بيننا اآلن وقــد‬ ‫جتاوز السبعني من عمره؟ أجابنى سيغنى فيديو كليب‬ ‫على طريقة عمرو دي ــاب‪ ،‬وسيقدم أغــانــى فــى احلفالت‬ ‫تشبه ما يقدمه كاظم الساهر‪ ،‬ستشاهد على املسرح أداء‬ ‫وليس مجرد غناء!!‬ ‫عندما نسأل فنانا عن مكانته بني زمالئه‪ ،‬يقول لك‬ ‫تـلــك اإلج ــاب ــة ال ـتــى ص ــارت (كـلـيـشـيــه)‪« :‬ل ـيــس لــى دخــل‬ ‫باآلخرين‪ ،‬أنا فقط ال أفكر إال فى اختياراتى وربنا يوفق‬ ‫اجلميع»‪.‬‬ ‫«ع ـبــداحل ـل ـيــم» ك ــان ي ــراق ــب اجل ـم ـيــع‪ .‬ال ـن ـجــاح ال ــذى‬ ‫يحققه أى فنان يتابعه ويتأمله ويحاول أن يعثر على‬ ‫أسبابه‪ ،‬ال َيعتبر اآلخرين غير متواجدين على الساحة‬ ‫وال ينكر أنــه يتابعهم‪ ،‬وكــان أحـيــا ًنــا يتدخل بــذكــاء فى‬ ‫إشـعــال التنافس بــن منافسيه‪ ،‬حتى يـبــددوا طاقاتهم‬ ‫فــى الـصــراع فيما بينهم مثلما كــان يـحــدث بــن محرم‬ ‫فؤاد ومحمد رشدى‪ ،‬بينما هو يواصل التقدم مبفرده‪..‬‬ ‫ن ـع ــم‪ ،‬ل ــم ي ـكــن «ع ـبــداحل ـل ـيــم ح ــاف ــظ» ه ــو ه ــذا الـفـنــان‬ ‫احلــالــم كما كنا نشاهده دائـ ًـمــا مــن خــال تلك الصورة‬ ‫الذهنية التى صدرها لنا فصارت راسخة فى الوجدان‪،‬‬ ‫وكان يعلم متى يخوض املعركة ومع َمن‪ .‬عندما سألوا‬ ‫شريفة فاضل فى أحد البرامج اإلذاعية أن متنح صوت‬

‫عبداحلليم درجة من عشرة قالت (‪ 7‬من ‪ ،)10‬سألوه فى‬ ‫نـفــس الـبــرنــامــج عــن درج ــة شــريـفــة فــاضــل أجــابـهــم (‪10‬‬ ‫من ‪ ،)10‬ولم يدخل أبدا فى تلك املعركة التى حتى لو‬ ‫انتصر فيها تنال منه‪.‬‬ ‫أيضا القدرة على أن يرسموا‬ ‫كبار الكتاب كانت لديهم ً‬ ‫بــدقــة ص ــورة «عـبــداحلـلـيــم ح ــاف ــظ»‪ ،‬يكتشفون املناطق‬ ‫التى يصدرها واألخرى املمنوعة التى يخفيها‪ ،‬وهذا هو‬ ‫ما دفع «كامل الشناوى» إلى أن يطلق عليه تعبيرا صار‬ ‫لصيقً ا به وكأنه مفتاح لشخصيته (عبداحلليم يصدق‬ ‫إذا غنى ويكذب إذا تكلم)‪ ،‬البعض يرى فيها نصف الكوب‬ ‫الفارغ فهو إنسان كاذب‪ ،‬ولكنك لو تأملت النصف الثانى‬ ‫ستجده مــآ ًنــا‪ ،‬يؤكد أن «عبداحلليم » فنان صــادق وأنه‬ ‫خلق لكى يبدع فنًا‪ ،‬كل شــىء بالنسبة لعبداحلليم كان‬ ‫لديه وظيفة واحــدة ووحيدة وهى أن يضع «عبداحلليم‬ ‫حافظ» فى مكانة (األلـفــة)‪ ..‬قد يضحى بصداقة‪ ..‬قد‬ ‫يلجأ إلى الضرب حتت احلزام كى يستحوذ على حلن أو‬ ‫ملحن أو شاعر‪ ..‬من املمكن أن يستخدم سالح السخرية‬ ‫أو حتى التشنيع‪ ..‬قد تبدو مثل هذه الكلمات حتمل قد ًرا‬ ‫من القسوة‪ ،‬وتخاصم الصورة الذهنية الراسخة‪.‬‬ ‫دعــونــا نتفق على أن كــل العمالقة فــى حياتنا ليسوا‬ ‫مالئكة ولهم مساحات تتفاوت أحجامها‪ ،‬يلعبون فيها‬ ‫دور الشيطان وتصبح كل الكلمات قبل وبعد ذلك مجرد‬ ‫ص ــواري ــخ م ـلــونــة يــرسـلـهــا ف ــى ال ـس ـمــاء ل ـكــى تـلـفــت إلـيــه‬ ‫االنتباه واألنظار‪ ،‬لنتابعه بشغف مبجرد أن يغنى!!‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.