مل تعرف جوازات ال�سفر واحلدود ،ونقط املرور والتفتي�ش� ،إال منذ عهد قريب ،وملا متليه علينا اهتماماتنا احلالية من العناية والرتكيز على الع�صر احلديث ،مبا فيه من �أح��داث ج�سام �أدت �إىل تغريات حمورية يف العالقات االجتماعية واالقت�صادية وال�سيا�سية ،رمبا كان �أهمها فرتة االحتالل التي انتهت منذ عهد قريب ،والتي كان مل�صر دور هام يف دعم حركات التحرير واال�ستقالل يف عهد الرئي�س جمال عبد النا�صر .وقد �أدى االحتالل �إىل خلخلة التنظيمات االجتماعية وال�سيا�سية ،وتعويق م�سرية التطور االجتماعي الداخلي ب�صورة م�ستقلة فكري ًا وعملي ًا ،وخلق مفارقات ذهنية وخالفات عقائدية ،ناهيك عن ما ترتب على االحتالل من ف�صم �أو �إ�ضعاف عالقات اجلوار والتوا�صل بني دول �أفريقيا ،وعزز من ذلك اختالف هوية املحتلني والذين �سادت لغاتهم يف البالد التي احتلوها؛ مما �أدى �إىل انق�سام بني من يتحدثون بالإجنليزية ، Anglophoneو�أولئك الذين يتحدثون بالفرن�سية . francophone ولكن هذه الفوارق مل تتمكن من �أن متحى� ،أو ت�ضعف من الروابط احل�ضارية العميقة ،والتي ما زال الرتاث والفن ي�شهدان عليه . ظهر الإن�سان يف �أفريقيا منذ � 200ألف عام ثم انت�شر يف العامل ومن امل�ؤكد �أن هذه العالقات تعود �إىل بداية ظهور الإن�سان يف �أفريقيا منذ � 200ألف عام ،ثم انت�شاره من �أفريقيا �إىل جميع �أنحاء العامل ،بداية ب�آ�سيا عن طريق م�ضيق باب املندب، و�آ�سيا و�أوروبا عن طريق م�صر �إىل �سيناء وال�شام ،وعن طريق م�ضيق جبل طارق �إىل �أوروبا ،خا�صة عندما �أدى تغري مناخي �إىل خف�ض من�سوب م�ستوى البحر .كما �أدت التغريات املناخية �إيل هجرات متكررة من و�إىل القارة الأفريقية �إيل �آ�سيا و�أوروبا ،كما �أدت �إىل هجرات وتوا�صل ح�ضاري بني القبائل وال�شعوب الأفريقية . ورمبا كان �أهم التغريات املناخية التي �أدت �إىل توحد �أفريقيا ح�ضاري ًا ،هو ظهور ا�ستئنا�س رعي البقر يف فرتات اجلفاف التي تزايدت بانتهاء ع�صر مطري دام من � 10000إىل 5000عام وتدل الدرا�سات االركيولوجية �أن ا�ستئنا�س البقر الأفريقي ظهر �أول ما ظهر يف اجلنوب الغربي لل�صحراء الكربى يف جنوب م�صر و�شمال ال�سودان ،ولكنه ما لبث �أن انت�شر غرب ًا نتيجة لتزايد الت�صحر نحو الغرب ،ويف املنخف�ضات ال�صحراوية يف ليبيا واجلزائر ،حيث تتجمع الأنهار ظهر رعي الأبقار كما واكب ذلك ظهور القبائل الرعوية ،وبعد ذلك انت�شر الرعي غرب ًا حتى موريتانيا . ويف �شمال �شرق �أفريقيا انت�شر رعي الأبقار عن طريق ال�سودان و�ساحل البحر الأحمر �إىل اجلنوب .وتال رعي الأبقار انت�شار رعي الأغنام واملاعز ( عن طريق ال�شام ) بني القبائل التي عانت من الت�صحر لقدرة هذه احليوانات على حتمل العط�ش باملقارنة بالأبقار واحلياة يف ال�صحراء .كما واكب دخول الأغنام واملاعز من غرب �أ�سيا انت�شار زراعة القمح وال�شعري والبقول ،ومتكنت بذلك م�صر من االنتقال �إىل جمتمعات زراعية م�ستقرة� ،ساهم نهر النيل يف احتادها فيما بعد ل�سهولة النقل النهري .وخارج وادي النيل ظهرت �أمناط من الزراعة – تعتمد �أ�سا�س ًا على الأمطار يف غرب و�شرق �أفريقيا ،ي�سود فيها تدجني احلبوب الأفريقية مثل الدخن milletوال��ذرة العويجه ، sorghumوبذلك متيزت �أفريقيا – خارج وادي النيل – باملجتمعات القبلية والرعوية واملجتمعات التي اختلط وتزاوج فيها الرعي مع الزراعة املطرية ،كما ظهرت يف �أفريقيا ممالك و�إمارات توحدت فيها القبائل ،خا�صة عندما ارتبط الن�شاط االقت�صادي بالتجارة يف اخلامات الطبيعية وال�صناعات املرتتبة عليها ،ولعل �أهمهما فيما �سبق الذهب النحا�س واحلديد ،كما كان منها امللح – ولعبت �أفريقيا دور ًا هام ًا يف حركة التجارة العاملية خالل املوانئ يف تون�س ( قرطاجة ) �أيام الفينيقيني والإ�سكندرية �إىل بلدان البحر الأبي�ض املتو�سط ،ومواين البحر الأحمر يف م�صر وال�سودان ،واحلب�شة و�أريرتيا �إىل املحيط الهندي ،وظهرت لذلك دول وممالك �أفريقية يف البلدان التي ت�شمل حالي ًا كينيا وتنزانيا و�أوغندا من دول حو�ض النيل ،ومع دخول الإ�سالم واالنتقال باجلمال يف ال�صحراء مت v
73