مجلة الملحدين العرب / العدد الثالث والسبعون / ديسمبر كانون أول / 2018

Page 1

‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر يف الثاين عرش من كل شهر‬

‫القضية األمازيغية بني االستعامر‬ ‫العريب والغزوات اإلسالمية‬ ‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫اإللحاد جـ ‪2‬‬ ‫أسئلة وأجوبة عن اإللحاد‬

‫إنيك‬

‫عفاريت نيوتن‬

‫العدد الثالث والسبعون من مجلة امللحدين العرب ‪ -‬ديسمرب ‪ /‬كانون أول لسنة ‪.2018‬‬

‫راوند دلعو‬

‫اإلسالم‬

‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص ال أز َم ُة شخص‬ ‫زكريا كردي‬

‫تهدف مجلّة امللحدين العرب إىل نرش وتوثيق أفكار امللحدين العرب املتنوعة وبحريّ ٍة كاملة‪ ،‬وهي مجلّ ٌة رقمي ٌة غري ربح ّية‪ ،‬مبني ٌة‬ ‫أي توج ٍه سيايس‪ .‬املعلومات واملواضيع املنشورة يف املجلّة متثل آراء كاتبيها فقط‪ ،‬وهي مسؤول ّيتهم من‬ ‫بجهو ٍد طوعي ٍة ال تتبع َّ‬ ‫الناحية األدب ّية ومن ناحية حقوق النرش وحفظ امللك ّية الفكريّة‪.‬‬


‫كلمة تحرير املجلة‬

‫لطاملا كان امللحدون ضحية التنميط والقولبة والشيطنة عرب التاريخ‬ ‫أسباب أهمها أنهم كانوا مجربين عىل االختفاء متا ًما يف نسيج‬ ‫لعدة‬ ‫ٍ‬ ‫املجتمع ُمكرهني عىل متثيل أدوا ٍر أمام الناس ال يرغبون بتمثيلها‪.‬‬ ‫ولكن البديل كان املوت أو عىل أقل تقدي ٍر خراب البيوت‪.‬‬ ‫إن هذا الواقع لعب دو ًرا كب ًريا يف اختفاء صوت امللحدين عرب الزمن‪،‬‬ ‫وبالتايل كان الجميع يتكلمون عن امللحد وأهدافه ومؤامراته وغاياته‬ ‫ما عدى امللحد نفسه‪ ،‬حيث أن الذي يبحث عن شيطنة ٍ‬ ‫طرف ما‬ ‫يكون آخر همه أن يعرف بصدقٍ ما هو جوهره أو أفكاره‪.‬‬ ‫ولكن ما هي أهداف امللحدين؟ وكيف يستطيع امللحد أن يصحح‬ ‫هذه الصور النمطية واألكاذيب املبنية بعناي ٍة والشيطنة التي تجعل‬ ‫منه أسوأ من الشيطان نفسه يف أعني مجتمعه املغ ّيب؟‬

‫فريق التحرير‬

‫املشارك يف هذا العدد‬

‫رئيس التحرير‬ ‫الغراب الحكيم‬ ‫أعضاء هيئة التحرير وبناء املجلة‬ ‫‪John Silver‬‬ ‫‪Gaia Athiest‬‬ ‫أسامة البني (الوراق)‬ ‫‪Alia’a Damascéne‬‬ ‫غيث جابري‬ ‫‪Abdu Alsafrani‬‬ ‫‪Raghed Rustom‬‬ ‫‪Johnny Adams‬‬ ‫ليث رواندي‬ ‫‪Rama Salih‬‬ ‫‪Sami Jamal‬‬ ‫‪Olga Loutfi‬‬ ‫‪Osama al Abbas‬‬ ‫إيهاب فؤاد‬ ‫‪Yonan Martotte‬‬ ‫‪Liza Paloulian‬‬ ‫‪Saad Taher‬‬ ‫رىب إبراهيم‬

‫ويعب ويخرب العامل عن حقيقته‪ ...‬والتي‬ ‫الحل هو أن يوصل صوته ّ‬ ‫تقول باختصا ٍر أنه ال فرق كبري بني امللحد واملؤمن فكالهام يحزن‬ ‫ويفرح ويحلم ويعمل‪ .‬وأن امللحد ليس شيطانًا يأكل األطفال ويدمر‬ ‫املجتمعات‪ .‬بل لعل «امللحد» هو الوحيد الذي يحمل يف داخله‬ ‫الدافع الحقيقي إلصالح املجتمع وتحقيق العدالة وبناء مستقبلٍ‬ ‫أفضل ألبنائنا جمي ًعا‪.‬‬ ‫وألنه الوحيد الذي يعرف أنه ال يوجد ٍ‬ ‫سحري سيعطي املظلوم‬ ‫قاض‬ ‫ٍّ‬ ‫حقه بعد املوت‪ ،‬وأن الطقوس الوثنية والشعور بالربكة لن يُصلحا ال‬ ‫الفرد وال املجتمع‪ .‬وأن األطفال يف املستقبل لن ينقذهم من الكوارث‬ ‫التي نو ّرثها لهم أي شب ٍح ساموي‪.‬‬ ‫إذن ما الحل وكيف يستطيع هذا امللحد كرس جدار الصمت واإلعالن‬ ‫عن حقيقته؟‬ ‫لحسن الحظ أن الزمن تغري والكلمة أصبحت لها يدان ورِجالن‬ ‫وميكن أن تعرب القارات يف ثوانٍ بفضل ثورة املعلومات‪ ،‬وهذا أعطى‬ ‫الجميع أرضي ًة واحد ًة وحدو ًدا واحد ًة يف الفضاء املعلومايت‪.‬‬ ‫مل يعد باإلمكان تكميم األفواه أو تصفية املخالفني كام يف املايض‪.‬‬ ‫وهذه هي بداية التغيري الحقيقي الذي يجب أن نراه جمي ًعا كأملٍ‬ ‫‪2‬‬

‫ومش ّجعٍ لنا ليك نُظهر صورتنا املرشقة الحقيقية‬ ‫للجميع‪.‬‬ ‫الغراب الحكيم‬


‫الفهرس‬ ‫كلمة تحرير املجلة‬

‫‪2‬‬

‫الفهرس‬

‫‪3‬‬

‫القضية األمازيغية بني االستعامر العريب‬ ‫والغزوات اإلسالمية‬ ‫د‪ .‬عبد العزيز القناعي‬

‫‪4‬‬

‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫‪8‬‬

‫اإللحاد جـ ‪ :2‬أسئلة وأجوبة عن اإللحاد‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪20‬‬

‫اإلسالم‪ :‬أزم ُة ٍ‬ ‫نص ال أز َم ُة شخص‬ ‫زكريا كردي‬

‫‪38‬‬

‫قراءة يف كتاب‪ :‬رواية «بعيدً ا عن البرش»‬ ‫للكاتب پاسكال ديسان ‪RoRo Evil-Girl‬‬

‫‪46‬‬

‫شيوعي‬ ‫أنت ملحدٌ إذن أنت‬ ‫ٌّ‬ ‫‪Mohammed Waleed‬‬

‫‪50‬‬

‫عفاريت نيوتن‬ ‫راوند دلعو‬

‫‪56‬‬

‫سرية محمد بن آمنة‬ ‫ترجمة عن منشورات شاريل إيبدو‬

‫‪59‬‬

‫كاريكاتور‬

‫‪68‬‬ ‫‪3‬‬


‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫القضية األمازيغية بني االستعامر‬ ‫العريب والغزوات اإلسالمية‬

‫من هم األمازيغ‪ ،‬وماهي قضيتهم‪،‬‬ ‫وملاذا ارتفعت أصواتهم يف السنوات القليلة املاضية‬ ‫للمطالبة بحقوقهم واالعرتاف بهم؟‬

‫شعب سكن شامل أفريقيا قبل األمازيغ‪.‬‬ ‫أي ٍ‬ ‫ومل يُع َرف ّ‬ ‫مع الغزو اإلسالمي يف أفريقيا ودخول العرب استعربت أقل ّي ٌة‬ ‫نخبويّ ٌة من األمازيغ بتبنيها اللغة العربية أو باألحرى اللهجة‬ ‫العربية املغاربية‪ ،‬أ ّما أمازيغ جزر الكناري فقد تبنوا اللغة‬ ‫اإلسبانية‪ .‬رغم ذلك الكثري منهم يعتربون أنفسهم أمازيغ‪.‬‬

‫اسئل ٌة البد من اإلجابة عليها حتى نفهم تاريخنا العر ّيب‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وكيف استطاع العرب واملسلمون من احتالل‬ ‫شعوب عديد ٍة مع حضاراتهم وثقافاتهم؛ بأحسن‬ ‫وتغييب‬ ‫ٍ‬ ‫األحوال حافظوا عىل هذه الحضارات والثقافات ونسبوها‬ ‫إىل اإلسالم والعرب باعتبارهم الفاتحني لتلك الدول ومخرجي‬ ‫أهلها من الضالل إىل نور اإلميان‪.‬‬

‫وجاء يف املوسوعة العربية أ ّن األمازيغ كلم ٌة تعني اإلنسان‬ ‫الحر أو كريم النسب‪ ،‬وهو االسم الذي كان ومايزال ِقس ٌم‬ ‫أي ٍ‬ ‫واحد‬ ‫من السكان األصليني يف شاميل أفريقيا يُطلقونه عىل ِّ‬ ‫منهم‪ .‬أ ّما تسميتهم بالرببر فمن املرجح أ ّن الشعوب األخرى‬ ‫هي التي أطلقتها عليهم لرطانتهم‪ .‬يٌقَال أ ّن اإلغريق أطلقوا‬ ‫كل من ال يتكلم اإلغريقية “برباروس”‪،‬‬ ‫كلمة بربر عىل ّ‬ ‫فاستعار الرومان االسم وأطلقوه عىل كل األجانب من‬ ‫القبائل األوروبية واألفريقية‪.‬‬

‫عاش األمازيغ يف شامل أفريقيا‪ ،‬وهو موطنهم األم‪ ،‬وتقري ًبا‬ ‫رص القدمية إىل‬ ‫يف املنطقة الجغرافيّة املمتدة من غرب م َ‬ ‫جزر الكناري‪ ،‬ومن حدود جنوب البحر األبيض املتوسط إىل‬ ‫أعامق الصحراء الكربى يف النيجر ومايل‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫القضية األمازيغية بني االستعامر العريب والغزوات اإلسالمية‬ ‫يُق ّدر عددهم اليوم بحوايل ‪ 30‬مليونًا‪ ،‬وأعىل نسب ًة لتواجدهم‬ ‫يف املغرب ويُشكلون حوايل ‪ 34%‬من مجموع السكان (‪.)1980‬‬ ‫أ ّما يف الجزائز فيشكلون نسبة ‪ 22%‬من مجموع السكان‬ ‫(‪ )1980‬وحوايل ‪ ،)1995( 25%‬يف موريتانيا ‪ ،20%‬النيجر ‪،8%‬‬ ‫مايل ‪ ،7%‬ليبيا ‪ ،9%‬أ ّما يف تونس فهنالك عد ٌد محدو ٌد من‬ ‫القبائل األمازيغية التي تتكلم اللغة العربية وتعيش يف الريف‬ ‫التونيس الشاميل‪.‬‬ ‫بدأت أزمة األمازيغ مع الغزو اإلسالمي ملرص عام ‪641‬م ووصول املسلمني إىل برقة عام ‪669‬م ث ّم طرابلس وفزان‪.‬‬ ‫غري أ ّن مرحلة الغزو املنظمة بدأت عىل يد ُعقبة بن نافعٍ الذي وصل إىل سواحل املحيط األطليس غربًا‪ ،‬ث ّم تبعه حسان بن‬ ‫النعامن فموىس بن نصري‪ ،‬واألخريان هام اللذان استكمال غزو املغرب واألندلس‪.‬‬ ‫وكان موىس بن نصريٍ قد نرش اإلسالم واللغة العربية جنبًا إىل جنب مع الغزو اإلسالمي ألفريقيا‪ ،‬ومنذ ذلك الحني اختلط‬ ‫األمازيغ باملسلمني واعتربوا الدخول يف اإلسالم تحري ًرا لهم من رِبقة الرومان‪.‬‬ ‫وقد استمرت تسميتهم بالرببر والطوارق إىل أن جاء االستعامر الفرنيس وتشكلت بعدها الدول العربية مبسامها الحديث‪.‬‬ ‫خصوصا بعد العديد من‬ ‫ولكن ظلَّت أزمتهم قامئ ًة تحت الرماد ومل تنفع محاوالت احتوائهم أو اعتبارهم أقليّ ًة قوميّ ًة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الترصفات العنرصية ضدهم وتهميشهم وإلغاء لغتهم وهويتهم من غالبية الثقافات والدساتري العربية واإلسالمية عىل طول‬ ‫املغرب العريب‪ .‬والقضية األمازيغية مل تُولد َّإل كر ّدة فعلٍ عىل الخطاب الرسمي املُتبَ ّنى من طرف دول االستقالل يف البلدان‬ ‫املغاربية‪.‬‬ ‫قضت بإبراز هويتهم القومية وخصوصياتهم األدبية واللغوية عرب تنظيم‬ ‫انطالقًا من ذلك‪ ،‬قام األمازيغيون بانتهاج سياس ٍة َ‬ ‫حقيقي بأزمة الهوية األمازيغية‪ ،‬واتّسمت تلك األنشطة‬ ‫وعي‬ ‫ٍّ‬ ‫عد ٍد من التظاهرات واألنشطة املختلفة‪ ،‬الهدف منها خلق ٍّ‬ ‫مبسار ٍ‬ ‫ات مختلف ٍة غري نظامي ٍة غال ًبا‪ ،‬مام ساهم يف تأخري وتراجع موقفهم السيايس‪ ،‬وقدرة بعض األنظمة املغاربية عىل اخرتاق‬ ‫تجمعاتهم وتعطيل توحدههم وحرمانهم من حرية التعبري عن وجودهم وكيانهم‪ ،‬مام جعل بعضهم ينتقل إىل املهجر‪ ،‬حيث‬ ‫تُشكل فرنسا بحكم التاريخ مركز ثقل هذه املسألة‪.‬‬ ‫لب االحتالل وهدف الدين يف التوسع واالمتداد‪ ،‬مام‬ ‫لقد شكلت أزمة الهوية واألمة الواحدة يف تاريخنا العريب اإلسالمي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مسكنات قد تُخمدها يف حينها‪.‬‬ ‫يفرض علينا مواجهتها عن طريق وضع حلو ٍل ف ّعال ٍة وناجحة‪ ،‬وعدم إعطائها مج ّرد‬ ‫حلول عقالنيًة ملثل هذه األزمات‪ ،‬تكون من الجذور‪ ،‬وليس مجرد رفع شعار ٍ‬ ‫ات‬ ‫وعليه الب ّد عىل الدول املغاربية اليوم أن تجد ً‬ ‫‪5‬‬


‫القضية األمازيغية بني االستعامر العريب والغزوات اإلسالمية‬ ‫خصوصا بعد فشل القومية العربية التى كانت السبب األكرب‬ ‫سياسي ٍة أو وطنية‪ ،‬وس ّد الطريق أمام ثقافة العنف والتسلط‬ ‫ً‬ ‫يف تهميشهم‪ ،‬وطباعة اسم املغرب العريب عىل الدول املغاربية الحالية بدلً من الربابرة واألمازيغ‪ ،‬ولن يتحقق ذلك َّإل من‬ ‫خالل تفعيل آليات املشاركة السياسية‪ ،‬وتحقيق الهوية‪ ،‬وإعطائها قيم ًة سياسي ًة واجتامعي ًة يف الدساتري العربية‪ ،‬واالعرتاف‬ ‫بِلغتهم‪ ،‬وتدريس تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم‪.‬‬ ‫أزمة األمازيغ اليوم يجب ألّ تجعلنا نتوقف عندها فقط‪ ،‬بل علينا فتح امللفات العالقة‪ ،‬واملمنوعة التكلم عنها سابقًا‪،‬‬ ‫واملقموعة عرب ًيا وإسالم ًيا بعد عقو ٍد طويل ٍة من االستبداد السيايس الشمويل لصالح األنظمة العربية؛ والذي اتخذ من العربية‬ ‫واللغة العربية هويَّ ًة قمعت التع ّدديات املختلفة يف الوطن العريب‪ ،‬وبالتايل صبغت مجتمعاتنا بهوي ٍة إقصائي ٍة أحادية‪ ،‬فغاب‬ ‫عنها التعايش والتالحم الحضاري‪ ،‬وحرض الوجه العريب البدوي كتعبريٍ عن األمة‪.‬‬ ‫كل ملتقى الحضارات ومعرب اللغات‬ ‫فالشامل األفريقي شأنه شأن ّ‬ ‫والثقافات‪ ،‬شهد مظاهر التعدد العرقي واللغوي لشعوب الرببر‬ ‫أو األمازيغ مقابل األكراد يف العراق وسوريا أو األفارقة والنوبة يف‬ ‫السودان ومرص‪ .‬فالتعدديات العرقية واللغوية تتحول إىل عامل‬ ‫ألق التنوع والتعدد‪،‬‬ ‫إثرا ٍء متمي ٍز يُفيد املجتمع ويُعطي حضارته َ‬ ‫أ ّما يف البيئات األحادية واملؤدلجة دين ًيا فيصبح هذا التعدد عامل‬ ‫حاصل اليوم يف الرشق‬ ‫ٌ‬ ‫تفرق ٍة وسب ًبا لرصا ٍع ال ينقطع‪ ،‬كام هو‬ ‫األوسط بعد امتداده عرب ًيا وإسالم ًيا بعد عصو ٍر من الغزوات‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫إ ّن أخطر الكوارث عىل اإلنسان هي الجمود الفكري والركون‬ ‫فكري عرب وضع الثقة فيه‪ ،‬واإلميان الراسخ يف‬ ‫إىل رؤي ٍة أو تصو ٍر ٍّ‬ ‫لكل زمانٍ ومكان‪ .‬يف الوقت‬ ‫صدقه الكامل واملطلق‪ ،‬وصالحيته ّ‬ ‫الذي يجب أن تكون األولوية للواقع والتاريخ‪ ،‬وتكون السلطة‬ ‫للعقل النقدي الحدايث‪ ،‬أي العقل الذي يبحث يف اإلنسان والعلل‬ ‫الكامنة وراء الظواهر االجتامعية والسياسية والثقافية‪...‬‬ ‫وهكذا يجب علينا أن ندرس اليوم تاريخنا من جديد‪ ،‬أن نفهم‬ ‫الدين اإلسالمي وتأثريه عىل الشعوب التى كانت تسكن منطقتنا‪،‬‬ ‫وتحوالته الجذرية يف التنميط والقولبة‪ ،‬وأن نحاول الخروج عن‬ ‫منطق الثوابت واليقينيات إىل آفاق الحرية اإلنسانية والتعايش‬ ‫مع مختلف الهويات والثقافات‪ ،‬لنصنع إنسان ومجتمع اليوم‬ ‫ومستقبل الغد‪.‬‬ ‫‪6‬‬


http://arabatheistbroadcasting.com/aamagazine https://www.aamagazine.blogspot.com https://www.facebook.com/pages/AAMagazine/498136386890299 https://issuu.com/928738

7


‫النقد القرآين جـ ‪2‬‬

‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬

‫‪Ibn Warraq‬‬

‫عود ًة إىل لفظة «أحمد»‪ ،‬فقد اقرتح املسلمون أن أحمد‬ ‫هي ترجم ٌة لكلمة (‪ ،periklutos)1‬املحتفى به أو املحمود‪،‬‬ ‫وهو تشوي ٌه لكلمة ‪( parakletos‬الفارقليط كام وردت يف‬ ‫إنجيل يوحنا يف اإلصحاحات ‪ ،15 ،14‬و‪ .)16‬وز ْعم املسلمني‬ ‫كل املسيحيني وغالبية الباحثني الغربيني‪.‬‬ ‫هذا قد أنكره ّ‬ ‫من الواضح أن ابن إسحاق اعترب أن محم ًدا هو الفارقليط‬ ‫(ال َ ْ​ْبقَلِ ِ‬ ‫يطس)‪ ،‬لكنه مل يستغل فرصة اإلشارة إىل اآلية ‪ 6‬من سورة‬ ‫الصف‪ .‬لقد تويف ابن إسحاق عام ‪767‬م‪ ،‬وابن هشام من بعده عام‬ ‫ريب يعرفان القرآن معرف ًة جيدة‪،‬‬ ‫‪833‬م أو ‪828‬م وكالهام كانا بال ٍ‬ ‫دعم كب ًريا‬ ‫ولو اقتبسا تلك اآلية يف سياق حجتهام ألعطاهام ذلك ً‬ ‫‪ -1‬يعطي قاموس ليدل وسكوت اليوناين اإلنجليزي تعريفًا لـ ‪« :periklutos‬ذائع الصيت‪ ،‬مشهور‪ ،‬معروف‪ ،‬ومن الالتينية‬ ‫‪ :inclytuss‬املمتاز‪ ،‬النبيل‪ ،‬املجيد»‪heard of all round , famous , renowned , Latin inclytus:of things , ex� .‬‬ ‫‪cellent , noble , glorious “. Rev.James M.Whiton , ed. A Lexicon abridged from Liddell and Scott`s‬‬ ‫‪Greek-English Lexicon. New York:American Book Company , N.D. c.1940s ,p.549.Periklutos occurs‬‬ ‫‪.in The Iliad and The Odyssey , and Hesiod`s Theogony‬‬

‫‪8‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫مام يعني‪ ،‬بحسب‪ ،‬بيشوپ وغرثي (‪ ،Bishop and Guthrie)2‬أنهام مل‬ ‫يعلام شيئًا عن «القراءة التي تخلط ‪ periklutos‬بـ ‪ ،parakletos‬وأن‬ ‫هذا الخلط يؤدي إىل تفسري الكلمة خطأً عىل أنها تعني «أحمد»‪...‬‬ ‫أما كلمة ‪ periklutos‬فهي ال تظهر يف الصورة مطلقًا من ناحية ابن‬ ‫إسحاق وابن هشام‪ .‬فمصدر الخديعة ليس منهام‪ ،‬فهام مل يستغال‬ ‫إمكانية إدخال كلمة أحمد رغم أنهام لرمبا كانا يعلامن أنها تقابل‬ ‫كلمة ‪ ،periklutos‬فلو قاما بذلك لكان ذلك أحكم حجتهام املبنية‬ ‫ٍ‬ ‫اقتباس قرآين»‪ .‬لذا‪ ،‬فال بد أن‬ ‫عىل اإلشارات من إنجيل يوحنا من خالل‬ ‫نسخة القرآن التي كانت متداول ًة يف أيامهم ليست هي نفس نسخة‬ ‫القرآن املتداولة يف أيامنا هذه‪.‬‬

‫آي ة ‪ 26‬من إصحاح ‪ 15‬كم وردت يف مخطوطة سيناء �‪Co‬‬ ‫‪ dex Sinaiticus‬للكتاب املقدس املكتوبة قبل ما يزيد عىل‬ ‫يقوم بيشوپ وغرثي باقتباس اآلية السادسة من سورة الصف‪:‬‬ ‫‪ 1600‬عام‪ ،‬حيث تحوي لفظة ‪ Παράκλητον‬والتي‬ ‫ْ َ َ ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ َّ َ ُ‬ ‫َ ُْ َ َْ​َ َ َ‬ ‫تعني املعزي وليس املحمود‪.‬‬ ‫سائِيل إ ِ ِن َر ُسول اللِ إِلْكم ُّم َص ّدِقا‬ ‫﴿ِإَوذ قال عِيس ابن مريم يا ب ِن إ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اس ُم ُه أَ ْ َ‬ ‫ح ُد فَلَ َّما َج َ ُ ْ ّ َ‬ ‫شا ب َر ُسول يَأْت مِن َب ْعدِي ْ‬ ‫ّ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َّ ْ َ َ ُ َ ّ ً‬ ‫ات قَالوا َه َذا س ِْح ٌر ُّمبِ ٌني﴾‪.‬‬ ‫اءهم بِالَيِن ِ‬ ‫ل ِما بي يدي مِن اتلوراة ِ ومب ِ ِ ٍ ِ‬

‫وعليها يبنيان حج ًة ملفت ًة للنظر‪:‬‬ ‫«ليس من الواضح َمن املقصود يف الشطر األخري من اآلية ﴿فَل ََّم َجا َء ُهم بِالْ َب ِّي َن ِ‬ ‫ات‪ ...‬إلخ»‪ .‬يقول بِل ‪( Bell‬صاحب ترجمة‬ ‫القرآن التي يعتمداها) إن املقصود عىل األرجح هو عيىس‪ ،‬لكنه يُفهم أحيانًا عىل أنه يشري إىل رسو ٍل موعو ٍد تم اعتبار‬ ‫أنه محمد‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬وكنتيج ٍة ملا قيل يف اآلية قبل ذلك‪ ،‬فإن القول «اسمه أحمد» تبدو زائد ًة من الناحية النحوية‪ ،‬وهي‬ ‫ال تفرس من املشار إليه والذي قوبل ما قدمه عىل أنه سح ٌر مبني‪ ،‬إذ لو أزيل الجزء الذي يشري إىل أحمد‪ ،‬فإن السياق‬ ‫بدل من الرسول املنتظر‪ ،‬وسوا ٌء أأبقينا القراءة التقليدية‪ِ ﴿ :‬س ْح ٌر ُّم ِب ٌني» أو اتّبعنا قراءة ابن‬ ‫يصبح إشار ًة أكيد ًة لعيىس ً‬ ‫ُّ‬ ‫مسعو ٍد وغريه التي تراها ﴿ساح ٌِر مبِ ٌني»‪ ،‬فإن تهمة السحر تتناسب مع االفرتاءات اليهودية بحسب إنجيل يوحنا‪ ،‬مثلام‬ ‫تتناسب مع اتهامات ٍ‬ ‫كل من عيىس والرسول املذكور قد جاءا لبني إرسائيل‬ ‫قريش ملحمد‪ .‬وعىل جميع األحوال‪ ،‬فإن ً‬ ‫والذين اعتربوا رسالتيهام سح ًرا‪ .‬ونكرر‪ ،‬لو حذفنا اإلشارة جملة «اسمه أحمد» واعتربنا أن محم ًدا يشري إىل دروس و ِع ٍرب‬ ‫ص َة ‪ ،pentacost‬وحوادث أخرى تم توثيقها يف سفر‬ ‫من التاريخ‪ ،‬فإننا ميكن أن نفهم اآلية كإشار ٍة ملا حدث خالل ال َع ْن َ َ‬ ‫أعامل الرسل‪ .‬وبغياب أي إشار ٍة لهذه اآلية عند ابن إسحاق أو ابن هشام‪ ،‬فلرمبا كانت «اسمه أحمد» هي إضاف ٌة‬ ‫أُدخلت بعد موت محمد»(‪.)3‬‬ ‫‪2- A.Guthrie and E.F.F.Bishop., The Paraclete , Almunhamanna and Ahmad.Muslim World XLI (October , 1951 ), p.253-254.‬‬ ‫‪3- Ibid, pp.254-255 ; italics / emphasis in original.‬‬

‫‪9‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫بدل من‬ ‫لكن الپروفسور واط ‪ Watt‬أشار(‪ )4‬أن اإلضافة األوضح كانت ستكون «محمد» ً‬ ‫«أحمد»‪ .‬ويضيف واط أن كلمة «أحمد» يف القرن األول من اإلسالم مل تكن تستخدم‬ ‫علم وإمنا كصفة‪ ،‬فيقول‪« :‬إن انعدام وجود إشار ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ألشخاص اسمهم أحمد خالل‬ ‫ات‬ ‫كاسم ٍ‬ ‫العصور األوىل من اإلسالم يؤدي إىل افرت ٍ‬ ‫قوي مفاده أن االسم مل يكن مستخد ًما‬ ‫اض ٍ‬ ‫بشكلٍ نها ٍّيئ أو شبه نهايئ‪ ...‬وأن تسمية املواليد الذكور باسم أحمد تيم ًنا بالنبي مل تبدأ‬ ‫إال حوايل عامل ‪125‬هـ (حوايل العام ‪742‬م)(‪ .»)5‬إذًا‪ ،‬فاإلشارة يف اآلية السادسة من سورة‬ ‫رشا برسو ٍل يأيت من بعدي اسمه يستحق الثناء أو الحمد»‪ .‬ويقرتح‬ ‫الصف تعني‪« :‬مب ً‬ ‫واط أن هذه قد تكون إشار ًة مرتبك ًة ملا جاء يف إنجيل يوحنا‪« :‬فَاألَ ْع َم ُل الَّ ِتي أَنَا أَ ْع َملُ َها‬ ‫يَ ْع َملُ َها ُه َو أَيْ ًضا‪َ ،‬ويَ ْع َم ُل أَ ْعظَ َم ِم ْن َها» (يوحنا ‪ ،)12 :14‬لكننا لو فرسنا كلمة «أحمد» عىل‬ ‫أنها صفة‪ ،‬فقد تكون إشار ًة للكلامت‪« :‬ذ َ​َاك ُ َي ِّج ُد ِن» (يوحنا ‪.)6()14 :16‬‬

‫مونتغومري واط‬

‫ويف رأي واط‪ ،‬فإن التفسري السائد لتعبري «اسمه أحمد» مل يتعارف عليه املسلمون قبل النصف األول من القرن الثاين‬ ‫الهجري (أواسط التاسع امليالدي)‪ ،‬حيث يشري إىل حقيقة أن «الطربي يف تفسريه لآلية السادسة من سورة الصف رغم‬ ‫رس سبقه كمرجع‪ .‬فالطربي يشري عاد ًة إىل مراجع حتى يف صغائر‬ ‫تقدميه للتفسري التقليدي يعجز عن اإلشارة ألي مف ٍ‬ ‫األمور‪ ،‬مام يعني أنه مل يكن يعرف عن أي كتاب تفسريٍ موثوقٍ يؤكد هذا الفهم الذي كان قد صار معتم ًدا وبديه ًيا يف‬ ‫عرصه»(‪.)7‬‬ ‫استخدام لالسم‬ ‫مستقل عن أي‬ ‫ً‬ ‫وما يقوله واط هو اعتبار أن محم ًدا هو الفارقليط من الناحية التاريخية لرمبا كان أم ًرا‬ ‫ٍ‬ ‫«أحمد»‪« .‬واآلن نستطيع تكوين صور ٍة لتسلسل األحداث كام ييل‪ :‬يف سياق الرد عىل انتقادات املسيحيني لإلسالم‪ ،‬الحظ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد يف النصوص املسيحية وجود اإلشارات للفارقليط يف األسفار‬ ‫تنبؤات عن‬ ‫بعض املسلمني الذين كانوا يبحثون عن‬ ‫‪ 14‬وحتى ‪ 16‬من إنجيل يوحنا‪ ،‬واعتمدت إحدى الحجج التي قدموها عىل اعتبار أن محم ًدا هو نفسه الفارقليط بنا ًء‬ ‫عىل تشابه معاين الكلمتني (وهو أم ٌر سببه خل ٌط بني كلمتي ‪ parakletos‬و‪ .)periklutos‬وعندما يتم فهم اآلية السادسة‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وأحمد‪ ،‬رغم أن كلمة أحمد يف تلك الفرتة كانت‬ ‫من سورة الصف من هذا املنطلق يصري باإلمكان رؤية الصلة بني‬ ‫تستعمل كصفة»‪.‬‬ ‫‪4- W.M.Watt. His Name is Ahmad, in Muslim World, pp.110-117.‬‬ ‫‪ -5‬يف هذا الصدد‪ ،‬ميكن القول أن املصادر اإلسالمية تحتوي ذك ًرا ملن حملوا االسم أحمد قبل التاريخ املذكور‪ .‬ونذكر هنا من أوائل من حملوه‪ ،‬وعىل رأسهم والد الخليل بن أحمد‬ ‫الفراهيدي‪ ،‬وهنالك مغيث زوج بريرة وهو موىل أيب أحمد بن جحش األسدي‪ ،‬وذلك بحسب اإلصابة يف متييز الصحابة البن حجر‪ .‬وأيضً ا بحسب اإلصابة‪ ،‬أحمد بن جعفر بن أيب‬ ‫طالب الهاشمي‪، ،‬وغريهم‪[ .‬الشكر للزميل املدقق عبده الصفراين الذي ساهم باملالحظة]‬ ‫‪6- W.M.Watt His Name is Ahmad, p.113.‬‬ ‫‪ -7‬نفس املصدر السابق‬

‫‪10‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫حل لكل املشاكل القامئة‪ ،‬إضاف ًة إىل أنه‬ ‫لست عىل ثق ٍة بأن الپروفسور واط قد قدم ً‬ ‫ُ‬ ‫طب ًعا مل يتطرق إىل املصادفة املركزية املتعلقة بالتشابه بني أحمد ومحمد‪ ،‬والتقارب‬ ‫بحق أن أحمد كان نادر االستخدام‬ ‫بني كلمتي ‪ parakletos‬و‪ .periklutos‬فهو يزعم ٍ‬ ‫كاسم علم‪ ،‬لكنه تم تبنيه رغم ذلك(‪ ،)8‬حاملا رأى املسلمون الكلمة يف اآلية السادسة‬ ‫من سورة الصف‪ .‬وال يعطي الطربي (املتوىف عام ‪923‬م) أي مصادر مبكر ٍة للتامهي‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وأحمد‪ ،‬لكن واط رغم ذلك يقتبس ابن سعد(‪( )9‬املتوىف سنة ‪845‬م)‬ ‫بني اسم‬ ‫يف ثالثة مواضع تشري إىل النبي باسم أحمد‪ .‬ال نجد ذك ًرا ألحمد لدى ابن إسحاق‪ ،‬لكننا‬ ‫اسم ملحمد(‪.)10‬‬ ‫نجد ابن هشام يعتربه ً‬ ‫أعتقد أن التفسري املتامسك الوحيد لهذه املعضلة هو أن نراها خارج إطار الرتاث اإلسالمي ككل‪ .‬من املرجح أن اآلية‬ ‫مسيحي‬ ‫نص‬ ‫السادسة من سورة الصف يف القرآن هي يف األصل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫سابق عىل محمد‪ ،‬وأن كلمة أحمد هي بالفعل صفة‪ ،‬وأن اآلية‬ ‫ٌ‬ ‫ككل هي ترجم ٌة إما لآلية ‪ 12 :14‬أو ‪ 14 :16‬من إنجيل يوحنا‪ ،‬وأنها‬ ‫قد متت ترجمتها عىل األرجح من الرسيانية‪ .‬ولرمبا تم تب ّني اسم‬ ‫االسم يسوع مكتوبًا باللغة الرسيانية‬ ‫«محمد» بنا ًء عىل هذا النص املسيحي السابق لإلسالم‪ .‬أو بعبار ٍة‬ ‫أخرى‪ ،‬لرمبا مل يكن «محمد» هو اسم الشخص الذي نعرفه اليوم كنبي اإلسالم‪ ،‬ففي بعض املصادر يشار إليه باسم‬ ‫«قُثَم»(‪ .)11‬أم لعلنا نتعامل هنا مع شخصي ٍة وهمية؟‬ ‫عود ًة إىل ما نقله غيڤوند عن ليو الثالث‪ ،‬إذ قال‪« :‬أما بالنسبة كتابك‪ ،‬فقد أعطيتنا‬ ‫أمثل ًة تثبت هذا الكذب‪ ،‬وقد وصلَنا أن املدعو الحجاج‪ ،‬عا ِملُكم عىل فارس‪ ،‬قد أمر‬ ‫رجاله بجمع نسخ كتابكم القديم ثم قام باستبدالها بنس ٍخ قام هو بتأليفها عىل‬ ‫هواه ثم قام بتوزيعها عىل أ ّمتكم‪ ،‬لسهولة القيام مبهم ٍة كهذه بني ٍ‬ ‫أناس يتحدثون‬ ‫لغ ًة واحدةً‪ .‬وقد نجت من هذا اإلتالف بعض كتابات أيب تراب‪ ،‬إذ عجز الحجاج‬ ‫عن التخلص منها متا ًما»(‪.)12‬‬ ‫‪ -8‬نفس املصدر السابق‪.‬‬ ‫‪ -9‬نفس املصدر السابق‪.‬‬ ‫‪ -10‬نفس املصدر السابق‬ ‫‪11- Ibn al-Jawzi, Wafa,p.32a; idem Talqih (ms. Asir effendi, Istanbul), II, p.3a; Anonymous, Sira(Berlin, no.9602),p.155a; al-Barizi (Berlin, no2569),‬‬ ‫‪p.81b; Maqrizi, Imta, III; Sibt ibn al-Jawzi, Mirat at az-zaman, II (ms.Kuprulu, Istanbul), p.149b.‬‬ ‫‪12- Arthur Jeffery .Ghevond,s Text of the Correspondence Between `Umar II and Leo III. Harvard Theological Review.XXXVII (1944), 269-332.‬‬ ‫‪p.298‬‬

‫‪11‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫نرى اإلشارة لدور الحجاج يف تأليف القرآن وإعادة صياغته ونرشه يف الكثري‬ ‫مسيحي‬ ‫من املناظرات التي تجمع مسيحيني مبسلمني‪ .‬فرنى هذه اإلشارة لدى‬ ‫ٍ‬ ‫باسم الكندي (وهو ليس نفس الفيلسوف الذي يحمل ذات االسم)‪ ،‬كان يكتب‬ ‫ٍ‬ ‫رمبا خالل القرن التاسع امليالدي يف بالط املأمون‪ ،‬ونراها كذلك لدى أبراهام‬ ‫الطربي(‪ .)13‬لكن جفري يقول أننا ال نستطيع استبعاد هذه القصص عىل اعتبار‬ ‫أنها جز ٌء من الخطاب املسيحي‪ ،‬ذلك «أن ابن كثري (‪1176 - 1105‬م)(‪ )14‬يخربنا‬ ‫أن مام أشهر اسم الحجاج كان الدور املحوري الذي لعبه يف نرش القرآن‪ ،‬كام‬ ‫يخربنا ابن دقامق (‪1406 - 1349‬م)(‪ )15‬عن الضجة التي حصلت عندما وصل‬ ‫أحد املصاحف الرسمية التي أمر الحجاج بإنتاجها إىل مرص‪ ،‬حيث كان قد أرسل‬ ‫نُس ًخا من هذه املصاحف إىل املدن الرئيسية يف أرجاء اإلمرباطورية اإلسالمية‪ ،‬كام‬ ‫وتم تداول ٍ‬ ‫قصص عن عالقة الحجاج باملحاوالت األوىل الستعامل التشكيل بهدف‬ ‫مقتبسا أبا‬ ‫جعل القراءات القرآنية أكرث يقيني ًة (ابن خلّكان‪ ،‬الجزء األول‪،183 ،‬‬ ‫ً‬ ‫أحمد العسكري)‪ )16(،‬كام أنه يرتبط كذلك باملحاوالت األوىل لتقسيم النص إىل‬ ‫أجزاء (ابن أيب داود‪ ،‬كتاب املصاحف)‪ )17(،‬ورمبا ميكن القول أن تنقيحه هذا‬ ‫مل يكن أكرث من نسخ ٍة معدل ٍة عن املصحف العثامين‪ ،‬والذي كان قد بعث به‬ ‫أيضا مع ما اقرتحه‬ ‫باعتباره النسخة التي ستُعتمد رسم ًيا‪ .‬يتناسب هذا الطرح ً‬ ‫ابن قتيبة الحقًا يف كتابه «تأويل مشكل القرآن»‪ ،‬الذي مل يكن قد نُرش وقتئذ‬ ‫نصا سابقًا عىل النص العثامين‬ ‫بعد‪ ،‬بأن الحجاج أمر بتدمري املصاحف التي مثّلت ً‬ ‫كان قد ا ُعتمد قبله‪ ،‬هذا باإلضافة إىل عدائه املشهور تجاه نص ابن مسعو ٍد (ابن‬ ‫‪13- Abraham of Tiberias, Dialogue CXXVI, 331. [Giacinto Bulus , ed./tr .Le Dialogue d`Abraham‬‬ ‫]‪de Tiberiade avec Abd al-Rahman al-Hasimi a Jerusalem vers 820 Rome, 1986‬‬ ‫‪14- Ibn `Asakir, Abu`l-Qasim `Ali ibn al-Hasan [1105-1176] Ta`rikh Dimashq. New Haven, Yale‬‬ ‫‪University Library Ms. No 1182; IV,82; Ta`rikh madinat Dimashk , ed. Munajjid , Damascus ,‬‬ ‫‪1951.‬‬ ‫‪15- Ibn Duqmaq [c.1349-c.1406] . Kitab al-intisar li-wasitat `ikd al-amsar , Cairo 1893 , IV, p.72‬‬ ‫‪; K.Vollers , Description de l`Egypte par Ibn Doukmak (Bibliotheque Khediviale ) Vols. 4 and 5‬‬ ‫‪Cairo, 1893; Ibn Shabba [died 876 C.E.] Tarikh al-Madina al-munawwara ed. Fuhaym Muhammad‬‬ ‫‪Shaltut.Mecca, 1979. 1.7 ; Maqrizi , Taqi al-Din Ahmad ibn `Ali [died 1442] Kitab al mawa`iz wa‬‬‫‪l-i`tibar bi-dhikr al-khitat wa-l-athar . 2 Vols , Bulaq , 1853 , II.p.454.‬‬ ‫‪16- Ibn Khallikan. [ died 1282 ] Wafayat al-a`yan (Vitae illustrium virorum) ed. F.Wustenfeld .12‬‬ ‫‪pts. Gottingen 1835-1850 .‬‬ ‫‪17- Ibn Abi Dawud [ died 928 C.E.]Kitab al-Masahif .ed.A.Jeffery, Leiden:E.J.Brill ,1937, p.119.‬‬

‫‪12‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫عساكر‪ ،‬الجزء الرابع‪69 ،‬؛ ابن األثري‪ :‬الكامل يف التاريخ‪ ،‬الجزء الرابع‪ )18(.)463 ،‬أما لدى ابن داود (ص‪ )19(،)49-117 .‬فنجد‬ ‫قامئ ًة تشمل أحد عرش فقر ًة قرآني ًة والتي‪ ،‬بحسب أيب حاتم ِ‬ ‫تالعب بنسخ ٍة أقدم‪.‬‬ ‫السجستاين‪ ،‬قام الحجاج بصياغتها بعد‬ ‫ٍ‬ ‫لذا‪ ،‬يبدو أن الحجاج قد أخضع النص القرآين لعملي ٍة من املراجعة والتوضيح عرب إعادة التقسيم والتنقيط‪ ،‬وكام يبدو‬ ‫فإن هذا األمر كان معروفًا بني مسيحيي ذلك العرص‪ ،‬لكنهم بطبيعة الحال بالغوا يف وصفه ألغراض النقاش والنقد‪ .‬ومبا‬ ‫أن هذا العمل قام به الحجاج كام يبدو يف سياق عمله يف بالط الخليفة عبد امللك بن مروان‪ ،‬املتوىف عام ‪86‬هـ‪705/‬م‪،‬‬ ‫فليس من الصعب أن نفرتض أن ليو قد يكون سمع عام حصل خالل عمله يف الشام»(‪.)20‬‬ ‫ويشري جفري يف موضعٍ آخر إىل قص ٍة موجود ٍة لدى ابن خلّكان وابن ج ّني عن «مصحف الحجاج»(‪.)21‬‬ ‫ونظ ًرا لغنى وتعدد الدالئل عىل مساهمة الحجاج يف إعادة صياغة القرآن‪ ،‬فمن‬ ‫الغريب عدم ذكره يف كتاب «جمع القرآن» ‪ The Collection of the Quran‬لكاتبه‬ ‫ِب ْرتِن (‪ .Burton)22‬إذ يكتفي فيه باإلمياء إىل احتاملية أن يكون الحجاج هو املسؤول‬ ‫عن تشكيل النص‪ ،‬وذلك بحسب ما يرى «ب ِْل» و«واط»(‪ ،)23‬كذلك يل ّمح نولدكه‬ ‫‪ Nöldeke‬يف كتابه «تاريخ القرآن» ‪ Geschichte des Qorâns‬أنه قد يُنسب إىل‬ ‫الحجاج تقسيم القرآن إىل أجزا ٍء وإدخال الحركات عليه‪ ،‬لكنه يكتفي بذلك وال‬ ‫يتحدث عن أي دو ٍر آخر له(‪.)24‬‬ ‫باملقارنة‪ ،‬فإن پول كازانوڤا ‪ Paul Casanova‬يعترب أن تنقيحات الحجاج قد حصلت‬ ‫يف الواقع‪ ،‬بينام كانت تنقيحات عثامن محض أسطورة‪ ،‬وقد أورد ذلك كازانوڤا يف‬ ‫كتابه املعنون «محم ٌد ونهاية العامل‪ :‬دراس ٌة نقدي ٌة يف اإلسالم املبكر» ‪Mohammed‬‬ ‫‪ et la fin du monde, étude critique sur l’Islam primitive‬والذي مل يحصل عىل االهتامم الذي يستحقه(‪.)25‬‬ ‫‪18- Ibn al-Athir , Izz al-Din [died 1233 C.E.].Chronicon (ed.Carl Tornberg), Leiden:1851- 1867 , Vol.IV p.463 .‬‬ ‫‪Ibn `Asakir , Abu`l-Qasim `Ali ibn al-Hasan .[ died 1176 ] Ta`rikh Dimashq. New Haven , Yale University Library Ms. No 1182 ; IV,69 ; Ta`rikh‬‬ ‫‪madinat Dimashk , ed. Salah al-Din al-Munajjid, Damascus, 1951.‬‬ ‫‪19- Ibn Abi Dawud [d.928 C.E.].Kitab al-Masahif .ed.A.Jeffery, Leiden:E.J.Brill,1937, p.49 ,117.‬‬ ‫‪20- Arthur Jeffery .Ghevond`s Text of the Correspondence Between `Umar II and Leo III. Harvard Theological Review.XXXVII (1944) ,269-332.‬‬ ‫‪p.298 footnote.48‬‬ ‫‪21- A.Jeffery. Materials for the History of the Text of the Qur`an .Leiden, E .J.Brill, 1937, p.9; referring to Ibn Jinni [b.before 913 / died 1002],‬‬ ‫‪Nichtkanonische Koranlesarten im Muhtasab des Ibn Ginni , ed. G.Bergstrasser, Istanbul, 1934. p.60; Ibn Khallikan.Wafayat al-a`yan ( Vitae illus‬‬‫‪trium virorum ) ed. F.Wustenfeld 12 pts. Gottingen 1835-1850‬‬ ‫‪22- J. Burton. The Collection of the Qur`an Cambridge: Cambridge University Press, 1977.‬‬ ‫‪23- W. Montgomery Watt and Richard Bell. Introduction to the Qur`an. Edinburgh :Edinburgh University Press, 1977, p.48.‬‬ ‫‪24- T. Noldeke & F. Schwally. Geschichte des Qorans, 2nd Edn. Leipzig, 1909- 38. , Vol.III , pp. 260, 262.; see also Vol..III pp.103ff .‬‬ ‫‪25- P. Casanova. Mohammed et la fin du monde. Paris, 1911-24, p.127.‬‬

‫‪13‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫رسالة الكندي املسيحي‪ :‬القرن التاسع امليالدي‬

‫بحسب كازانوڤا‪ ،‬فإن الكندي يحظى باملكانة األوىل يف النقد القرآين‪ .‬إال أن هنالك خالفًا كب ًريا حول الفرتة التي كتب فيه‬ ‫دفاعه عن املسيحية والذي اتخذ شكل رسال ٍة مو ّجه ٍة إىل صديقه املسلم الذي يشري إليه بأحد نبالء الهاشميني‪ .‬ويعترب‬ ‫وليام ميور ‪ William Muir‬أن تاريخ الكتابة كان العام ‪830‬م‪ ،‬لكن لُو ِْي ِ‬ ‫ماسينيون ‪ Louis Massignon‬يعتقد أن ال‬ ‫وقت ما بعد العامل ‪912‬م‪ ،‬أما پول كروس ‪ِ Paul Kraus‬‬ ‫بد أن يكون يف ٍ‬ ‫فيصل إىل االستنتاج أن الرسالة مل تكتب إال يف‬ ‫مطلع القرن العارش امليالدي‪ .‬وأخ ًريا‪ ،‬يتوصل پاستور جورج تارتار ‪ Pasteur George Tartar‬إىل أن تاريخ الكتابة كان‬ ‫يف الفرتة ما بني ‪819‬م و‪825‬م(‪.)26‬‬ ‫أيًا كان تاريخ كتابة تلك الرسالة‪ ،‬فإن كتابات الكندي عمو ًما كانت مبهرةً‪ .‬يقول ماسينيون بهذا الصدد‪« :‬كتاباته تحتوي‬ ‫ٍ‬ ‫خطوط عريض ٍة للتاريخ النقدي للتطور التدريجي للنص القرآين الحايل»(‪ .)27‬ويزعم الكندي ما ييل(‪:)28‬‬ ‫أول‬ ‫رجل من رهبان النصارى‬ ‫«فنقول إنه ينبغي لك أن تعلم أولً كيف كان السبب يف هذا الكتاب‪ ،‬ذلك أن ً‬ ‫اسمه رسجيوس أحدث َح َدث ًا أنكره عليه أصحابه‪ ،‬فحرموه من الدخول إىل الكنيسة وامتنعوا عن كالمه‬ ‫فعل‬ ‫ومخاطبته‪ ،‬عىل ما جرت به العادة منهم يف مثل هذا املوقف‪ .‬فندم عىل ما كان منه‪ ،‬فأراد أن يفعل ً‬ ‫يكون له حج ٌة عند أصحابه النصارى‪ ،‬فذهب إىل ت ُهامة فجالها حتى بلغ مكة‪ ،‬فنظر البلد غال ًبا فيها صنفان‬ ‫من الديانة‪ :‬دين اليهود وعبادة األصنام‪ ،‬فلم يزل يتلطف ويحتال بصاحبك حتى استامله وتس َّمى عنده‬ ‫نسطوريوس‪ ،‬وذلك أنه أراد بتغيري اسمه إثبات رأي نسطوريوس الذي كان يعتقده ويتديَّن به‪ .‬فلم يزل‬ ‫صيه داع ًيا وتلميذًا له يدعو إىل دين‬ ‫يخلو به ويكرث مجالسته ومحادثته إىل أن أزاله عن عبادة األصنام ثم َّ‬ ‫نسطوريوس‪ .‬فلام أحست اليهود بذلك ناصبته العداوة‪ ،‬فطالبته بالسبب القديم الذي بينهم وبني النصارى‪.‬‬ ‫فلم يزل يتزايد به األمر إىل أن بلغ به ما بلغ‪ .‬فهذا سبب ما يف كتابه من ذكر املسيح والنرصانية والدفاع عنها‬ ‫وتزكية أهلها والشهادة لهم أنهم أقرب مو ّدةً‪ ،‬وأن منهم قسيسني ورهبانًا وأنهم ال يستكربون (املائدة‪.)82 :‬‬ ‫يل بن أيب طالب عن تسليم األمر أليب بكر‪،‬‬ ‫فلام تويف محم ٌد وارت ّد القوم وانتهى األمر إىل أيب بكر‪ ،‬قعد ع ٌ‬ ‫فاندسا‬ ‫سالم وكعب األحبار اليهوديان أنهام ظفرا مبا كانا يطلبان ويريدان يف نفسيهام‪،‬‬ ‫فعلم عبد الله بن ٍ‬ ‫َّ‬ ‫إىل عيل بن أيب طالب فقاال له‪ :‬أال ت َّدعي أنت النب ّوة ونحن نوافقك عىل مثل ما كان يؤدب به صاحبك‬ ‫‪26- One must, of course, examine these scholars’ arguments for their respective conclusions to be able to judge the merits of each : Sir William‬‬ ‫‪Muir , The Apology of al-Kindy, London, 1882; P.Kraus, Beitrage zur islamischen Ketzergeschichte, in Rivista degli studi orientali (Rome), XIV‬‬ ‫‪(1933) , pp.335-41; L.Massignon , Al-Kindi , in Encyclopaedia of Islam. Ist Edn., Leiden :E.J.Brill ,1913-1936 ; Pasteur Georges Tartar .Dialogue‬‬ ‫‪Islamo- Chretien Sous Le Calife al-Ma`mun (813-834) [A translation of al-Kindi into French]. Paris: Nouvelles Editions Latines, 1985.‬‬ ‫‪27- L. Massignon, Al-Kindi, in E.I. Ist Edn. Leiden: E. J. Brill, 1913-1936.‬‬ ‫‪28- What follows is a paraphrase of Tartar`s French translation of al-Kindi : Pasteur Georges Tartar .Dialogue Islamo-Chretien Sous Le Calife al‬‬‫‪Ma`mun (813-834)[ A translation of al-Kindi into French ]. Paris:Nouvelles Editions Latines , 1985., pp.180ff.‬‬

‫‪14‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫نسطوريوس النرصاين‪ ،‬فلست بأقل منه؟ ولكن أبا بك ٍر عرف مبا كان من أمرهام مع عيل‪ ،‬فبعث إىل عيل‪ .‬فلام‬ ‫يل إىل أيب بك ٍر وإىل قوته‪ ،‬فرجع عام كان عليه ووقع بقلبه‪ .‬وكان عبد الله بن‬ ‫صار إليه ذكّره الحرمة‪ .‬ونظر ع ٌ‬ ‫يل بن أيب طالب من الكتاب الذي دفعه إليه صاحبه عىل معنى‬ ‫ٍ‬ ‫سالم وكعب األحبار قد عمدا إىل ما يف يد ع ٍّ‬ ‫اإلنجيل‪ ،‬فأدخال فيه أخبار التوراة‪ ،‬وشيئًا من جل أحكامها‪ ،‬وأخبا ًرا من عندهام بدلها‪ ،‬وش َّنعا فيه وزادا ونقصا‬ ‫َْ ُ ُ َ​َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ‬ ‫شء َوقَالَت انلَّ َص َ َ ْ‬ ‫ودسا تلك الشناعات كقولهام‪َ ﴿ :‬وقَالَ ْ ُ َ ْ‬ ‫ع َ ْ‬ ‫ش ٍء‬ ‫ت الهود‬ ‫ت انلص‬ ‫ارى لي َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت الَ ُهود لي َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ارى ع ْ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬

‫َ َ‬

‫َ َ‬

‫َ‬

‫َ‬

‫َ‬

‫َْ َ‬

‫َ‬

‫َ ُ‬

‫َْ‬

‫َ‬

‫ْ ْ َّ ُ ْ ُ‬ ‫ك ُم بَيْ َن ُه ْم يَ ْو َم الق َي َ‬ ‫َو ُه ْم َيتْلون الك َِت َ‬ ‫امةِ ف َ‬ ‫اب كذل َِك قال ال َ‬ ‫ِيما كنوا فِيهِ ي َتل ُ‬ ‫ِين ل َي ْعل ُمون مِثل قول ِ ِهم فالل ي‬ ‫ِفون﴾‬ ‫ِ‬

‫(سورة البقرة‪.)113 :‬‬

‫كل منهم ينقض قول‬ ‫ومثل األعاجيب والتناقض الذي يجعل الناظر فيه يرى املتكلمني به قو ًما شتّى مختلفني‪ٌّ ،‬‬ ‫صاحبه‪ ،‬ومثل سورة النحل والنمل والعنكبوت وشبهه‪ .‬إال أن عليًا حني يئس من األمر أن يصري إليه‪ ،‬صار إىل‬ ‫أيب بك ٍر بعد أربعني يو ًما (وقال قو ٌم بعد ستة أشهر) فبايعه ووضع يده يف يده‪ .‬وسأله أبو بكر‪ :‬ما حبسك عنا‬ ‫وعن متابعتنا يا أبا الحسن؟ فقال‪ :‬كنت مشغولً بجمع كتاب الله‪ ،‬ألن النبي كان أوصاين بذلك‪ .‬فام معنى شغله‬ ‫أيضا جمع املصاحف وأسقط منها أشيا ًء كثريةً؟ وأنت تعلم‬ ‫بجمع كتاب الله‪ ،‬وأنت تعلم أن الحجاج بن يوسف ً‬ ‫يل بن أيب طالب بأخذها ملا اشتد عليه‬ ‫ً‬ ‫أيضا أنهم رووا أن النسخة األوىل هي التي كانت بني القرشيني‪ ،‬فأمر ع ٌ‬ ‫األمر لئال يقع فيها الزيادة والنقصان‪ ،‬وهي النسخة التي كانت متّفق ًة مع اإلنجيل الذي دفعه إىل نسطوريوس‪،‬‬ ‫يل أليب بك ٍر يف البيعة األوىل‪ :‬إين‬ ‫وكان يسميه عند أصحابه جربيل مر ًة والروح األمني مر ًة أخرى‪ .‬فلام قال ع ٌ‬ ‫شُ غلت يف جمع الكتاب‪ ،‬قالوا‪ :‬معنا ٌ‬ ‫قول ومعك قول‪ ،‬وهل يجمع كتاب الله؟ فاجتمع أمرهم وجمعوا ما كان‬ ‫حفظه الرجال من أجزائه كسورة التوبة التي كتبوها عن األعرايب الذي جاءهم من البادية وغريه من الشاذ‬ ‫رقاق واحدتها لَ ْخف ٌة وهي يف حديث ٍ‬ ‫زيد بن ٍ‬ ‫بيض ٌ‬ ‫ثابت‬ ‫والوافد‪ ،‬وما كان مكتوبًا عىل اللِّخاف (وهي حجار ٌة ٌ‬ ‫جامع القرآن) وال ُع ُسب (وهو جريد النخل) وعىل عظم الكتف ونحو ذلك‪ ،‬ومل يُجمع يف مصحف‪ .‬وكانت لهم‬ ‫اج عىل منهاج أدراج اليهود وذلك من حيلة اليهود‪ .‬وكان الناس يقرأون مختلفني‪ ،‬فقو ٌم يقرأون ما‬ ‫ٌ‬ ‫صحف وأدر ٌ‬ ‫يل بن أيب طالب وهم أتباعه إىل اليوم‪ ،‬وقو ٌم يقرأون بهذا املجموع الذي ذكرنا أمره‪ ،‬وقو ٌم يقرأون بقراءة‬ ‫مع ع ٍّ‬ ‫األعرايب الذي جاء من الربية وقال إن معي حرفًا وآي ًة وأقل وأكرث‪ ،‬فكتب وال يدري ما قصته وال يف ما أُنزل‪،‬‬ ‫غضا طريًا كام أُنزل فليقرأ بقراءة ابن أم‬ ‫وطائف ٌة تقرأ بقراءة ابن مسعو ٍد لقول صاحبك‪ :‬من أراد أن يقرأ القرآن ً‬ ‫عبد‪ .‬وكان يُعرض عليه يف كل سن ٍة مرةً‪ ،‬ويف السنة التي مات فيها ُعرض عليه مرتني‪ .‬وقوم يقرأون قراءة أُ ٍّيب بن‬ ‫كعب‪ ،‬لقوله‪ :‬أقرأكم أ ّيب‪ ،‬وقراءة أُيب وقراءة ابن مسعو ٍد متقاربتان‪ .‬فلام صار األمر إىل عثامن بن عفان واختلف‬ ‫يل بن أيب طالب يتطلَّب العلل عىل عثامن ويتتبع العرثات يف القراءة‪ ،‬ويعيبه‪ ،‬وذلك‬ ‫الناس يف القراءة‪ ،‬أقبل ع ٌ‬ ‫‪15‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫تدب ًريا لقتله‪ .‬فكان الرجل يقرأ اآلية ويقرأها اآلخر قراء ًة مختلف ًة‪ ،‬ويقول الرجل منهم لصاحبه‪ :‬قراءيت خ ٌري من‬ ‫كل منهام لصاحبه بالذي يقرأ بقراءته‪ ،‬ويقع يف ذلك الزيادة والنقصان والتحريف والتبديل‪.‬‬ ‫ويحتج ٌّ‬ ‫قراءتك‬ ‫ّ‬ ‫فقيل ذلك لعثامن‪ ،‬إنهم يختلفون يف القراءة ويزيدون يف الكتاب ويُنقصون ويقع بينهم الرش واألخذ بالعصبية‪،‬‬ ‫وال نأمن أن يتطاول األمر ويتفاقم فيقع بينهم القتل ويفسد الكتاب وترجع ال ّردة‪ .‬فبعث عثامن فجمع كل‬ ‫يل بن أيب طالب من مصحفه وال ملن‬ ‫ما أمكنه من تلك األدراج وال ِّرقاق‪ ،‬وما كتب ً‬ ‫أول‪ .‬ومل يتعرضوا ملا يف يد ع ٍّ‬ ‫كعب فامت قبل هذا التأليف‪ ،‬وأما ابن مسعو ٍد‬ ‫كان يقرأ بقراءته وال دخل معهم يف هذا التأليف‪ .‬فأما أُ ٌّيب بن ٍ‬ ‫فطلبوا منه أن يدفع إليهم مصحفه‪ ،‬فأىت فرصفوه عن الكوفة واستعملوا أبا موىس األشعري(‪ ،)29‬وأمروا زي ًدا بن‬ ‫ٍ‬ ‫ثابت األنصاري وعبد الله بن عباس (وقيل محم ًدا بن أيب بكر) بتأليفه وإصالحه وحذف الفاسد منه‪ .‬وقالوا‬ ‫اسم فاكتباه بلسان قريش‪ .‬فاختلفا يف أشيا ٍء كثرية‪ ،‬منها التابوت‪ .‬قال زي ٌد‬ ‫لهام‪ :‬إذا اختلفتام يف يشء أو لفظة أو ٍ‬ ‫هو التابوه‪ ،‬وقال ابن عباس بل هو التابوت فكتباه بلسان قريش‪ .‬ونظائر هذه كثريةً‪ .‬فلام جمعوا هذا التأليف‬ ‫عىل ما يف هذه املصاحف كُتبت أربعة مصاحف ٍ‬ ‫بخط جليل‪ ،‬و ُو ِّجه أحدها إىل مكة‪ ،‬و ُحفظ آخر يف املدينة‪،‬‬ ‫و ُو ّجه آخر إىل الشام (وهو اليوم مبلطية)‪ .‬ومل يزل ذلك املصحف الذي كان مبكة إىل أيام أيب الرسايا‪ .‬فلام كان يف‬ ‫سلب ُسلبت فيه الكعبة (سنة ‪ 200‬هـ)‪ .‬ليس أن أبا الرسايا سلبها‪ ،‬بل يف تلك الفتنة‪ .‬فقد‬ ‫تلك األيام وهو آخر ٍ‬ ‫قيل‪ :‬احرتق فيام احرتق‪ .‬وأما مصحف املدينة ففُقد يف أيام الحرية‪ ،‬وهي أيام ٍ‬ ‫يزيد بن معاوية‪ .‬و ُو ِّجه باملصحف‬ ‫الرابع إىل العراق‪ ،‬وكان بالكوفة وهي يومئذ قبة اإلسالم ومجمع املهاجرين والصحابة‪ .‬ويقال إن ذلك املصحف‬ ‫فُقد يف أيام املختار‪ .‬ثم أمر عثامن بجمع ما ُجمع من تلك املصاحف واألدراج التي ُجمعت من البالد‪ ،‬وغلوا له‬ ‫يبق يش ٌء إال متفرقًا‪ ،‬مثلام قيل عن سورة النور إنها كانت‬ ‫الخل ورسحوه فيه وتركوه حتى تقطع واهرتى‪ ،‬ومل َ‬ ‫أطول من سورة البقرة‪ )30(،‬وكام قيل إن سورة األحزاب مبتور ٌة ليست بتاممها‪ ،‬وكذلك قالوا يف التوبة إنها مل‬ ‫فصل يُعرف‪ ،‬فلم يفصلوهام بسطر بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬ومثل قول ابن مسعو ٍد‬ ‫يوجد بينها وبني األنفال ٌ‬ ‫يف املع َّوذتني ملّا أثبتوهام يف املصحف‪ :‬ال تزيدوا فيه ما ليس منه‪ .‬ومثل قول عمر عىل املنرب‪ :‬ال يقولُ ّن أحد إن‬ ‫آية الرجم ليست يف كتاب الله‪ ،‬فإنّا كنا نقرأ والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهام البتة‪ .‬فلوال أن يُقال عمر قد‬ ‫زاد القرآن ما ليس فيه لزدت ُها فيه بيدي‪ .‬ومثل قوله يف آخر خطب ٍة خطبها‪ :‬إين ال أعلم أن أح ًدا قال إن املتعة‬ ‫ليست يف كتاب الله‪ ،‬بل قد كنا نقرأ آية املتعة‪ ،‬ولكنها سقطت‪ .‬فال جزى الله من أسقطها خ ًريا‪ ،‬فإنه أؤتُ ن‬ ‫أيضا‪ :‬وما كان‬ ‫فام أ َّدى األمانة‪ ،‬وال نصح الله وال رسوله‪ ،‬فقد أسقط املم َّوه عليه من القرآن شيئًا كث ًريا‪ .‬وقوله ً‬ ‫عليه أن ير ّخص الله للناس‪ ،‬وإمنا بعث محم ًدا بالدين الواسع‪ .‬وقال أ ّيب بن كعب‪ :‬سورتان كانوا يقرأونهام فيه‪،‬‬ ‫وإمنا قال هذا يف التأليف األول‪ ،‬ومل يدرك هذا التأليف‪ ،‬وهام سورتا القنوت والوتر‪ ،‬وهام‪ :‬اللهم إنّا نستعينك‬ ‫‪ -29‬مات أبو موىس حوايل العام ‪42‬هـ‪ ،‬وقد كان ملصحفه املعروف بـ«لُباب القلوب» مكانته يف البرصة‪.‬‬ ‫‪ -30‬أطول سور ٍة يف القرآن اليوم هي البقرة وتعداد آياتها ‪ .286‬أما سورة النور فهي فقط ‪ 64‬آية‪ ،‬أي أن هنالك ‪ 222‬آي ًة مفقود ًة بحسب الكندي‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك إىل آخر الوتر‪ .‬وكذلك آية املتعة فإن عل ًيا كان أسقطها وقال إنه‬ ‫رجل يقرأها عىل عهده فدعاه ورضبه بالسوط‪ ،‬وأمر الناس أالَّ يقرأها أحد‪ ،‬فكان هذا بعض ما ش َّنعت به‬ ‫سمع ً‬ ‫عليه عائشة يوم الجمل‪ ،‬وقد دخلت منزل عبد الله بن ٍ‬ ‫خلف الخزاعي‪ ،‬فقالت يف بعض قولها‪ :‬إنه يجلد عىل القرآن‬ ‫ويرضب عليه وينهى عنه وقد ب َّدل وح َّرف‪ .‬وبقي مصحف عبد الله بن مسعود عنده فهو يُتوارث إىل الساعة‪،‬‬ ‫يل بن أيب طالب عند أهله‪ .‬ثم أن الحجاج بن يوسف مل يدع مصحفًا إال جمعه وأسقط منه أشيا ًء‬ ‫وكذلك مصحف ع ٍ‬ ‫كثري ًة ذكروا أنها كانت نزلت يف بني أمية بأسامء قوم‪ ،‬ويف بني العباس بأسامء قوم‪ ،‬وزاد فيه أشيا ًء‪ :‬وكُتبت نس ٌخ‬ ‫بتأليف ما أراد الحجاج يف ستة مصاحف‪ ،‬ف ُو ّجه واح ًدا إىل مرص وآخر إىل الشام وآخر إىل املدينة وآخر إىل مكة وآخر‬ ‫رسحها فيه فتقطعت‪ ،‬كام فعل عثامن‪.‬‬ ‫إىل الكوفة وآخر إىل البرصة‪ ،‬وعمد إىل املصاحف املتقدمة فغىل لها الزيت و َّ‬ ‫والدليل عىل ما كتبنا أنك الرجل الذي قرأ كتب الله املن ّزلة‪ ،‬وأنت تعلم أن األيدي الكثرية تداولت كتابك واختلفت‬ ‫وكل قال ووضع ما أراد وأسقط ما كره‪ .‬أفهذه عندك رشوط كُتب الله املن ّزلة سيام‬ ‫فيه اآلراء وزِيد فيه ونقص منه‪ٌّ ،‬‬ ‫قوم بَ ْد ٍو فتق َّرب به إليهم‪ ،‬وهم يشهدون‬ ‫وصاحبك أعرا ٌّيب جلْف‪ ،‬فخطر خاط ٌر يف قلبه فس َجعه بلسانه وصار به إىل ٍ‬ ‫رس الله ووحيه وتنزيله عىل نب ّيه ممن هو أشد كف ًرا؟ وأنت‬ ‫يف كتابهم أن األعراب أشد كف ًرا ونفاقًا؟ وكيف يُؤخذ ّ‬ ‫يل وأيب بك ٍر وعم َر وعثام َن من العداوة‪ ،‬فقد زاد هؤالء ونقصوا‪ ،‬وزاد هذا ونقص‪ .‬وإمنا كان كل‬ ‫تعلم ما كان بني ع ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫واحد منهم يريد الخالف عىل صاحبه‪ .‬فمن أين نعلم أي األقوال هو الصحيح؟ وكيف ميكن أن مت ّيزه من السقيم‪،‬‬ ‫وقد زاد فيه الحجاج ونقص منه؟ وأنت ٌ‬ ‫عارف مبذهب الحجاج يف جميع أموره‪ .‬فكيف تأمنه عىل كتاب الله‪ ،‬وقد‬ ‫سبيل؟ هذا وقد خالطهم اليهود‪ ،‬وكان بعضهم منافقني‬ ‫كان الرجل الذي يتقرب إىل بني أمية بكل ما يجد إليه ً‬ ‫دسوا يف كتاب صاحبك مك ًرا منهم وخديع ًة للفساد‪ ،‬وتدبّ ًرا منهم عليهم ليبطلوا أمر املسلمني‪ .‬ولوال أنك الرجل‬ ‫الذي قرأ كتب الله ودرسها حق دراستها‪ ،‬وأن اإلنصاف أصل شيمتك‪ ،‬ملا رشحنا لك هذا الرشح‪ .‬والحق فيه بعض‬ ‫مرار ٍة عاجل ٍة وحالو ٍة كثري ٍة آجلة‪ ،‬فلهذا السبب قد اكتفينا مبا ذكرناه‪ .‬فاصرب للمرارة اليسرية من الدواء تعقبك حالو ٌة‬ ‫كثري ٌة يف العاقبة‪.‬‬ ‫وأنت تعلم أننا مل نكتب إليك بيش ٍء من ذات أنفسنا‪ ،‬ومل نث ّبت إال الصحيح مام نقلَتْ ُه ُرواتكم ال ُعدول عندكم‪،‬‬ ‫املأخوذ بقولهم‪ ،‬املع َّول يف الدين عىل ما نقلوه من هذه األخبار وغريها يف صحتها‪ ،‬وأنهم مل يزيدوا وال مالوا إىل‬ ‫أحد الفريقني‪.‬‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُْ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ُْ‬ ‫ْ ُّ َ َ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫آن ال يأتون ب ِ ِمثلِهِ‬ ‫فأخربين أصلحك الله عن قول صاحبك‪﴿ :‬قل لئ ِ ِن اجت َمع ِ‬ ‫والن ع أن يأتوا ب ِ ِمث ِل هذا القر ِ‬ ‫النس ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َول ْو ك َن َب ْع ُض ُه ْم لِ َ ْع ٍض َظ ِه ًريا﴾ (سورة اإلرساء‪ .)88 :‬أفتقول أفصح ألفاظًا منه؟ فجوابنا لك يف هذا‪ :‬نعم‪ .‬أفصح منه‬ ‫كالم اليونانية عند الروم‪ ،‬والزوبة عند أهل فارس‪ ،‬والرسيانية عند أهل الرها والرسيانيني‪ ،‬وعربانية بيت املقدس‬ ‫فصيح عند أهله من سائر األلسن‪ ،‬ولهم ألفا ٌظ فصيح ٌة يتخاطبون بها‪ ،‬وهي‬ ‫عند العربانيني‪ ،‬فإن كل لسانٍ له كال ٌم‬ ‫ٌ‬ ‫‪17‬‬


‫النقد القرآين جـ ‪:2‬‬ ‫الفرتة ما بني السنوات ‪700‬م و‪825‬م‪.‬‬ ‫‪Ibn Warraq‬‬

‫عندك كلها أعجمية‪ .‬كام أن لسانك العريب الفصيح أعجمي عندهم‪ .‬هذا إذا أطلقنا قولك إن كتابك أفصح ألفاظًا‬ ‫بالعربية‪ ،‬فصاحب فصاحة األلفاظ هو الذي ال يحتاج إىل استعارة ألفاظ غريه‪ ،‬وال يستعني بها يف ُخطبه وكالمه‪ ،‬بل‬ ‫يكون مستغنيًا مبعرفته وفصاحته عن لسان غريه‪ .‬ونحن نرى صاحبك قد افتقر يف كتابه إىل استعامل كلامت غريه‪،‬‬ ‫وهو القائل‪ :‬إنا أنزلناه قرآنًا عرب ًيا ولكنه استعان من الفارس ّية باإلستربق وسندس وأباريق ومنارق‪ ،‬ومن الحبش ّية‬ ‫املشكاة وهي الكوة‪ ،‬ومثل هذا كث ٌري قد استعمله يف كتابه‪ .‬فنقول إن العربية ضاقت عليه فلم يكن فيها من االتساع‬ ‫ما ألجأه إىل لسان غريه يف هذه األشياء‪ ،‬سيام وأنت ترى أنها ُمنزل ٌة من عند رب العاملني عىل يد جربيل امللك األمني‪.‬‬ ‫فأنت توقع النقص ِ‬ ‫باملرسل أو بالرسول‪ .‬فإن كان من عند صاحبك فوقع النقص به ألنه مل يكن يعرف هذه األسامء‬ ‫بالعربية‪ ،‬فلذلك أعجزته‪ .‬فهذه ألفاظ امرؤ القيس وغريه من الشعراء والفصحاء املتقدمني واملتأخرين الذين ال‬ ‫يُحىص عددهم‪ ،‬وكالم الخطباء والبلغاء الذين كانوا قبل مجيء صاحبك أفصح ألفاظًا منه وأرق وأدق معانٍ بإقراره‬ ‫بأصح‬ ‫ألهلها حيث حا ّجوه فقطعوه فقال‪ :‬بَ ْل ُه ْم قَ ْو ٌم َخ ِص ُمو َن (سورة الزخرف‪ )58 :‬ألنهم خصموه فكانوا ً‬ ‫خصم ّ‬ ‫حجة‪ .‬وكانوا أبلغ يف الخطابة منه‪ ،‬وهو القائل إن من البيان لسح ًرا فال يخلو إذًا أمر هذا الكتاب مام ُوضع فيه من‬ ‫األلفاظ األعجمية من أن يكون قد ضاق عىل صاحبك اللسان العريب‪ ،‬مع علمنا أن لساننا العريب أوسع األلسن كلها»‪.‬‬ ‫بأي معيار‪ ،‬وهو إن كان من القرن التاسع امليالدي بالفعل‪ ،‬فلذلك منطوياتٌ هام ٌة‬ ‫أعتقد أن هذا نق ٌد مبه ٌر للقرآن ّ‬ ‫عىل دراسة تاريخ النص القرآين‪ ،‬وكلام أوغل تأريخه يف القدم‪ ،‬كلام ازداد إلحاح الحاجة للسؤال عن املصادر التي‬ ‫اعتمدها الكندي يف الوصول إىل مالحظاته‪ .‬نلح ُظ فيه تكرار اإلشارة إىل دور الحجاج يف عملية جمع القرآن‪ ،‬بل‬ ‫وحتى يف إعادة كتابة بعض أجزائه‪ ،‬وقد كان لرسالة الكندي عميق األثر عىل مدى العصور الوسطى عندما متت‬ ‫ترجمتها إىل الالتينية‪ ،‬فصار يُرجع إليها باستمرار عند وقوع املناظرات املهاجمة لإلسالم ويف النقد القرآين(‪.)31‬‬

‫قام بالرتجمة من اإلنجليزية‪ :‬أسامة البني (الوراق)‬ ‫مراجع ٌة علمي ٌة بعد الرتجمة‪ :‬محمد املسيّح‬ ‫النص األصيل جاء من كتاب ‪ Virgins, what virgins? And Other Essays‬البن و ّراق‪ ،‬وهو يحمل نفس عنوان‬ ‫املقال الحايل‪.Koranic Criticism - 700 C.E. to 825 C.E :‬‬ ‫مالحظة‪ :‬املرتجم والكاتب شخصان مختلفان رغم تبنيهام لقب «الو ّراق»‪ ،‬نسب ًة للملحد أيب عيىس الوراق الذي عاش‬ ‫يف القرن التاسع امليالدي‪.‬‬ ‫‪31- Norman Daniel. Islam and the West. The Making of an Image. Edinburgh: The University Press, 1962, p.6, 287, passim.‬‬

‫‪18‬‬


‫قناة جسور | ‪Bridges.TV‬‬

‫رب ملن ال منرب له‪ ،‬وقنا ٌة لحرية التعبري والتواصل والتعايش مع‬ ‫قناة جسور هي من ٌ‬ ‫املختلف ولتالقح األفكار بصور ٍة حضارية‪ ..‬صوتك مقبول هنا مهام كان‪.‬‬ ‫عنوان القناة عىل اليوتيوب‪:‬‬

‫‪https://www.youtube.com/channel/UChuvYgfSwGXkLtZYmSGc8eQ‬‬ ‫صفحة جسور عىل الفيسبوك‪:‬‬

‫‪https://www.facebook.com/Bridgestv2‬‬ ‫انضموا إلينا يف مجموعة جمهورية الردة‪:‬‬

‫‪https://www.facebook.com/groups/186192008960773/‬‬ ‫إمييل القناة‪:‬‬

‫للتواصل عرب سكايب‪:‬‬

‫‪Bridgestv1‬‬

‫‪bridgestv1@gmail.com‬‬

‫لدعم القناة عىل الـ‪:PayPal‬‬

‫‪https://www.paypal.me/SalBridgesTV‬‬

‫‪19‬‬


‫اإللحاد جـ ‪2‬‬

‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬

‫‪Enki‬‬

‫يف الفرتة التي سبقت ظهور امللحدين‬ ‫العرب عىل وسائل التواصل االجتامعي‪،‬‬ ‫تواجد عىل منتديات اإلنرتنت‪.‬‬ ‫كان لهم‬ ‫ٌ‬ ‫وأحد أهم املنتديات يف تلك الفرتة‪ ،‬منتدى‬ ‫شبكة امللحدين العرب‪ ،‬وهو الذي متخض‬ ‫عنه منتدى وشبكة امللحدين العرب عىل‬ ‫الفيسبوك‪ ،‬وهو مع مجلة امللحدين العرب‪،‬‬ ‫ميثالن جانبني متكاملني لنفس املرشوع‪.‬‬ ‫أحد أبرز الناشطني يف املنتدى القديم كان‬ ‫اسمه إنيك ‪ ،Enki‬بدأنا يف العدد السابق‬ ‫سلسل ًة لنرش كتابه املعنون «اإللحاد»‪،‬‬ ‫وقد قام بنرشه عام ‪ 2008‬كملف ‪pdf‬‬ ‫يقع يف ‪ 98‬صفح ًة و‪ً 19‬‬ ‫فصل حيث‬ ‫نرشنا أول ثالثة فصول‪ ،‬واليوم ننرش‬ ‫الرابع‪ ،‬وفيام ييل عناوين الفصول‪:‬‬ ‫‪20‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -1‬بؤس اإللحاد التقليدي (‪.)1‬‬ ‫‪ -2‬بؤس اإللحاد التقليدي (‪.)2‬‬ ‫‪ -3‬بؤس اإللحاد التقليدي (‪.)3‬‬ ‫‪ -4‬أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪ -5‬مفاهيم يف اإللحاد‪ :‬العلم‪.‬‬ ‫‪ -6‬مفاهيم يف اإللحاد‪ :‬كليات العامل‪.‬‬ ‫‪ -7‬مفاهيم يف اإللحاد‪ :‬الصدفة‪.‬‬ ‫‪ -8‬يف استحالة إعادة املعدوم بعينه‪.‬‬ ‫فاعل طبعي‪.‬‬ ‫‪ -9‬يف إن العلة األوىل هي ٌ‬ ‫‪ -10‬لهذه األسباب فإن اإلله ليس هو العلة األوىل‪.‬‬ ‫‪ -11‬نظر ٌة عىل حجج الفالسفة اإللهيني يف إثبات أزل العامل‪.‬‬ ‫‪ -12‬ملاذا ال نؤمن بالخلق من العدم؟‬ ‫‪ -13‬حول إمكان التسلسل الالنهايئ‪.‬‬ ‫‪ -14‬املعتزلة يهدونا حج ًة إلحادي ًة‪.‬‬ ‫‪ -15‬أنا موجو ٌد إذن اإلله غري موجود!‬ ‫‪ -16‬نق ٌد لدليل الحدوث عند املتكلمني‪.‬‬ ‫‪ -17‬حتى يف املطاعم تدل البعرة عىل البعري!!!‬ ‫رشا سويًا؟‬ ‫‪ -18‬هل ميكن أن يكون النبي ب ً‬ ‫صحفي مع الله‪.‬‬ ‫‪ -19‬لقا ٌء‬ ‫ٌّ‬

‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‬ ‫بـس ٍط و ُمختز ٍل ج ًّدا عنها‪ ،‬إ ّن األجوبة‬ ‫يف هذا املوضوع سأحاول أن أعرض األسئلة األكرث طر ًحا حول اإللحاد مع‬ ‫ٍ‬ ‫جواب ُم ّ‬ ‫فـصل املتـض ّمن لالعرتاضات التي ميكن أن تُو ّجه إليه ولذا سأحاول جاه ًدا أن‬ ‫التـي سـتقرؤها ال متثـّل الجـواب امل ُ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ملعلومـات إضاف ّي ٍة تتض ّمن ذلك‪.‬‬ ‫أضـيف روابـط‬ ‫‪21‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫أي ٍ‬ ‫ذات عاقلة‪.‬‬ ‫اهيمي وإن منها ّ‬ ‫أرجو منكم أن تالحظوا أ ّن كلمة «الله» س ُيقصد منها اإلله اإلبر ّ‬ ‫فهرس األسئلة‪:‬‬ ‫‪ -1‬ما هو اإللحاد؟‬ ‫‪ -2‬ولكن أليس امللحدون شياطني ال أخالق ّية؟‬ ‫‪ -3‬ال ميكن أن تكون ملح ًدا ألنه ال بُ ّد لك من أن تؤمن بيش ٍء ما!‪.‬‬ ‫أصبحت ملح ًدا فام الذي مينعني من الرسقة والقتل طاملا أنه ليس هناك من يـوم حساب؟!‬ ‫‪ -4‬إذا‬ ‫ُ‬ ‫‪ -5‬مباذا يأمرنا اإللحاد؟‬ ‫‪ -6‬امللحدون ماديّون ج ًّدا وال يؤمنون ّإل بامللموس!‬ ‫‪ -7‬إذا مل يكن هناك إل ٌه فإ ّن حياتنا ستصبح فارغ ًة من املعنى‪.‬‬ ‫‪ -8‬كيف جاز لكم أن تؤمنوا بأ ّن هذا الكون موجو ٌد بال سبب؟‬ ‫‪ -9‬وكيف تريدين أن أص ّدق بأ ّن الكون نشأ بالصدفة؟‬ ‫‪ -10‬كيف ميكن لليشء أن يس ّبب نفسه؟‬ ‫‪ -11‬نعرف بأ ّن الكون ُمركّب‪ ،‬إذن فهو حادثٌ وال بُ ّد له من ِ‬ ‫محدث!‪.‬‬ ‫‪ -12‬ولك ّن تفسريكم هذا ال يقبله العقل إذ كيف جئنا إىل هذا العامل هكذا بال إله وبال ُخطّ ٍة إله ّية؟‬ ‫‪ -13‬أنظروا حولكم أال ّ‬ ‫كل هذه املوجودات الجميلة علـى وجـود إلـ ٍه صـ ّممها وأبدعها بهذه الروعة؟‬ ‫تدل ّ‬ ‫عاقل إىل جسم اإلنسان وي ّدعي أنه نشأ بالصدفة؟ ومل يقم إلـ ٌه ال ح ّد لعلمه بخلقه؟‬ ‫‪ -14‬هل ميكن أن ينظر ٌ‬ ‫‪ -15‬من ينظر إىل الجرائم التي ارتكبتها الشيوع ّية يعـرف حقيقة مـا هـو اإللحـاد!‬ ‫كل يشء‪ ،‬أ ّمـا إذا ك ّنا مخطئني فلن تخرس شيئًا‪.‬‬ ‫صحيح فستخرس ّ‬ ‫املنطقي أن تكون مؤم ًنا ألنه إذا ات ّضح أ ّن كالمنا‬ ‫‪ -16‬من‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫متغية‪ ،‬فام أدراك؟ قد يكتشف العلم وجود الله مبا ال يقبل ّ‬ ‫الشك‪.‬‬ ‫‪ -17‬أنتم مغرورون بالعلوم الحديثة مع أنها ّ‬ ‫‪ -18‬ما هي الحجج الفلسفيّة التي يعتمد عليها اإللحاد اإليجا ّيب يف إثبات أنه ال ميكـن أن يكون اإلله موجو ًدا؟‬ ‫كل ما ذكرت‪ .‬فام هي أه ّمية هذه الحجج؟‬ ‫‪ -19‬نحن لدينا ردو ٌد عىل ّ‬ ‫أيضا لهم ُحججهم فلِم تص ّدق بهذه وتكذّب تلك؟‬ ‫‪ -20‬املؤمنون ً‬ ‫‪ -21‬آينشتاين كان مؤم ًنا فهل أنتم أذىك من آينشتاين؟‬ ‫‪ -22‬هناك حوايل ‪ 95%‬من البرش مؤمنني باإلله! فهل سـتقولون بـأ ّن هـؤالء كلّهـم أغبياء؟‬ ‫‪ -23‬األنبياء هم الدليل عىل وجود الله ألنهم جاؤوا مبعجز ٍ‬ ‫ات ال يستطيع البرش أن يأتوا بها!‬ ‫‪ -24‬ولكن هل هؤالء األنبياء كذبة؟ وملاذا يكذبون وقد ُعرضت عليهم الدنيا فرفضوها؟‬ ‫تفضلون أن يكون العامل كلّه ملح ًدا؟‬ ‫‪ -25‬هل ّ‬ ‫‪22‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫أي نو ٍع من األدلّة تريد حتى تقتنع بأ ّن اإلله موجود؟‬ ‫‪ -26‬ولكن ّ‬ ‫دليل عىل وجود‬ ‫‪ -27‬العلم يعجز عن إيجاد تفسريٍ لهذه الظاهرة‪ ،‬إذن هذا ٌ‬ ‫اإلله!‬ ‫‪ -28‬ملاذا ال ميكن أن يكون الله هو السبب األ ّول؟‬ ‫‪ -29‬الكتاب املُق ّدس أو القرآن اكتشف هذا قبل العلم‪ ،‬لذا فهو من الله‪.‬‬ ‫الديني وتجعلونه أث ًرا بعد عني؟‬ ‫‪ -30‬هل تظ ّنون أنكم ستنترصون عىل الفكر‬ ‫ّ‬ ‫‪ -31‬أنا رأيت املعجزة بأ ّم عيني‪ ،‬ورأيت حوادث غريب ًة ال ميكن أن تكون‬ ‫كل هذا؟‬ ‫طبيع ّية‪ ،‬فهل تنكر ّ‬ ‫النبي مح ّم ًدا؟‬ ‫‪ -32‬ملاذا تشتمون ّ‬ ‫‪-33‬ال ميكن أن يكون العر ّيب الدينيًّا ألنه ال بُ ّد أن يكون قد سمع باإلسالم!‬

‫‪ -1‬ما هو اإللحاد‪:‬‬

‫سلبي‬ ‫اإللهي‬ ‫فكري يناقش مسأل ًة واحد ًة فقط هي الوجود‬ ‫موقف‬ ‫اإللحاد ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ويتوصل إىل عدم وجود إله‪ ،‬واإللحاد إ ّما ّ‬ ‫ّ‬ ‫(ضعيف) وهو عدم االعتقاد بوجود إل ٍه بسبب عدم وجود دليـلٍ عليـه‪ ،‬إذ يفرتض امللحدون السلب ّيون أ ّن اإللحاد هو‬ ‫ايض ألنهم ال يـ ّدعون شـيئًا بينمـا املؤمن هو من ي ّدعي لذا هو من يجب عليه أن يثبت أو كام يُقال‬ ‫املوقف االفرت ّ‬ ‫‪.He who asserts must prove‬‬

‫خارطة بالدول التي تعاقب اإللحاد باإلعدام‬

‫‪23‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫السلبي بكونه قامئًا عىل‬ ‫أيضا ولكنه يختلف عن اإللحاد‬ ‫أيضا عدم االعتقاد بوجود إل ٍه ً‬ ‫(قوي) وهو ً‬ ‫أو إلحا ٌد إيجا ٌيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مناقشات فلسف ّي ٍة وعلمي ّـ ٍة تثبـت اسـتحالة وجـود اإللـه‪.‬‬

‫‪ -2‬ولكن أليس امللحدون شياطني ال أخالقية؟‬ ‫محق نحن الأخالق ّيـون! أما إذا كنت تقصد التمييز‬ ‫إذا كنت تقصد باألخالق هنا هو ات ّباع آراء األديان بال تفكريٍ فأنت ٌّ‬ ‫متغيات الـزمن وحـسب املنظومة األخالقيّة ملجتمعٍ ما فامللحد ال يختلف عن‬ ‫صحيح وما هو‬ ‫بني ما هو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خاطئ حسب ّ‬ ‫أخالقي مثله مثلهم‪.‬‬ ‫غريه وهو‬ ‫ٌّ‬

‫‪ -3‬ال ميكن أن تكون ملح ًدا ألنه ال بُ ّد لك من أن تؤمن بيش ٍء ما‪.‬‬ ‫كل الناس سيكونون مرشكني ألنه ال بُ ّد لك من أن تـؤمن بقـدرة املال عىل الرشاء وبقدرة‬ ‫إذا كان كالمك صحي ًحا فإ ّن ّ‬ ‫رفض لفكرة وجود اإلله‪.‬‬ ‫الكهرباء عىل إنارة املصابيح وقدرة الطائر عىل الطريان وغريهـا‪ .‬واإللحاد كام قلنا لك هو ٌ‬

‫أصبحت ملح ًدا فام الذي مينعني من الرسقة والقتل طاملا أنه ليس هناك من يـوم حساب!‬ ‫‪-4‬إذا‬ ‫ُ‬ ‫أي رض ٍر نتج عن فكر ٍة برشيّة‪ ،‬مئات ماليني البرش الذين ماتوا أو قُطّعوا‬ ‫يف البداية إ ّن الرضر الذي نتج من األديان أكرب من ّ‬ ‫مزعوم يأمرنا أن نقتل‬ ‫حق! فقط إلرضاء إل ٍه‬ ‫ٍ‬ ‫وسقت أموالهم و ُه ّدمت دورهم وآمالهم بال ّ‬ ‫أو أُحرقوا أو تع ّرضوا لالغتصاب ُ‬ ‫بعضا ُسخريًّا‪ ،‬إ ّن املؤمن يح ّرم الرسقة ولكنه يرجع ويحلّل الغنيمة وما هي ّإل رسق ٌة ُمق ّنعة‪.‬‬ ‫بعضا ويتّخذ بعضنا ً‬ ‫بعضنا ً‬ ‫أما بالنسبة لإللحاد فهو ال يناقش السلوكيّات االجتامعيّة للبرش بل‬ ‫يرتكها لذوي االختصاص من علامء النفس واالجتامع وهم يخربونا‬ ‫اجتامعي يسعى دامئ ًـا للتم ّيـز فـي مجتمعه عن‬ ‫أ ّن اإلنسان حيوا ٌن‬ ‫ٌّ‬ ‫طريق التنافس وتبادل املنفعة (التعاون)‪ ،‬ولذا فنحن ال نرسق أو‬ ‫نقتل حتـى ال نسقط اجتامع ًيا من أعني الناس من حولنا ونعيش‬ ‫ُحل فيه كل الجرائم باستخدام‬ ‫منعزلني وأن نتطلّع لبناء مجتمعٍ ت ّ‬ ‫املوضوعي‪ ،‬لهو أفضل من أن تسند ظهرك‬ ‫الوسائل العلم ّية والبحث‬ ‫ّ‬ ‫وهمي غري موجود‪.‬‬ ‫عىل إل ٍه‬ ‫ٍّ‬ ‫‪24‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -5‬مباذا يأمرنا اإللحاد؟‬ ‫اإللحاد ليس دي ًنا جدي ًدا حتى تكون فيه أوام ُر ونوا ٍه وليس عندنا حقـائق ُمطلقـ ٌة أو أنبيـا ٌء واجِبو االت ّباع وال نريد من‬ ‫حقيقي‪.‬‬ ‫بكل ما هو‬ ‫الناس أن يتبعونا وال ندعو أح ًدا إىل رأينا ولكن إذا كان ال بُ ّد مـن اإلجابة فإنه يأمرك أن تؤمن ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -6‬امللحدون ما ّديون ج ًّدا وال يؤمنون ّإل بامللموس!‬ ‫دليل عىل وجود إلههم وال ميكننا أن نؤمن بيش ٍء بال دليلٍ وليس‬ ‫هذا ا ّدعا ٌء غري صحي ٍح بل فشل املؤمنون بإعطائنا ً‬ ‫كل الفالسفة امللحدين ما ّديون‪ ،‬فالفالسفة امللحدون غال ًبا ما يتب ّنون وجهات نظ ٍر ثاني ٍة غري املا ّدية ‪ Materialism‬مثل‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعـي‪.‬‬ ‫املذهب اإلنسا ّين واملذهب‬ ‫ّ‬ ‫‪ -7‬إذا مل يكن هناك إل ٌه فإ ّن حياتنا ستصبح فارغ ًة من املعنى‪.‬‬ ‫كبي فإ ّن اإلنسان إذا مل ينجح بتحقيق الخلود بذاته اندفع لنيل املطلب عـن طريق غريه من األبناء‬ ‫إ ّن حياتك لها مع ًنى ٌ‬ ‫أيضا لوضع البسمة عىل‬ ‫رضوري لتجعل من الغد أفضل‬ ‫البرشي وهو‬ ‫رضوري لدوام الجنس‬ ‫واألحفاد فوجودك‬ ‫ورضوري ً‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫االجتامعي واملطالبة بحقوق اإلنسان االجتامع ّية من حريّـ ٍة ومـساوا ٍة‬ ‫وجـه األطفـال واملـساكني والفقراء وإزالة الظلم‬ ‫ّ‬ ‫وسالم‪ ،‬إ ّن وجودنا يجعل من الغد أفضل ومن أجل ٍ‬ ‫غد أفضل نعمل‪.‬‬

‫أهداف األمم املتحدة التنمية املستدامة‪ ،‬مستقلة عن الدين وتعمل يف إطارها دول بتوجهات دينية مختلفة‬

‫‪25‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -8‬كيف جاز لكم أن تؤمنوا بأ ّن هذا الكون موجو ٌد بال سبب؟‬ ‫ألننا نف ّرق بني الجزئ ّيات والكلّيات‪ ،‬فالجزئ ّيات مثالها الشمس والقمـر والكواكـب واإلنـسان واملج ّرات وغريها من‬ ‫املادي وهي ما نس ّميه كلّيات العامل وهذه الكلّيات هي سبب‬ ‫تشكيالت العامل وهذه تستند عىل بنيانٍ ميثّل أركان العامل‬ ‫ّ‬ ‫وجود الجزئ ّيات ولكن بدورها بال سبب‪.‬‬

‫‪ -9‬وكيف تريدين أن أص ّدق بأ ّن الكون نشأ بالصدفة؟‬ ‫يف البداية من قال أ ّن الكون نشأ؟ نحن نؤمن بأ ّن كلّيات العامل أو الكون أزل ّي ٌة غري حادث ٍة‪ ،‬كام أ ّن هناك ترتي ًبا عقالن ًّيا‬ ‫فاعل‬ ‫فاعل طبيع ًّيا وليس ً‬ ‫وفلسف ًّيا للكيف ّية التي صدرت منها املوجودات من بعـضها الـبعض‪ ،‬فواجب الوجود الذي نراه ً‬ ‫باإلرادة يصدر منه الصادر األ ّول والـذي تكون له حيث ّيتان‪ :‬حيث ّية الوجود وحيث ّية املاه ّية وبسبب تع ّدد جهات وحيث ّيات‬ ‫الـصادر األول فإ ّن الصادر الثاين يكون أكرث تعقي ًدا والثالث ُمع ّق ًدا بدرج ٍة أكرب من األ ّول والثاين وهكذا حتـى نصل إىل‬ ‫درجة تعقيد العامل‪.‬‬

‫‪ -10‬كيف ميكن لليشء أن يس ّبب نفسه؟‬ ‫صح كالمك لجاز لنا أن نسأل من الذي س ّبب الله؟ فإن كان كالمك قاعـد ًة عا ّمـ ًة فهـي منطبق ٌة عىل الله وان كانت‬ ‫لو ّ‬ ‫سبب حتى نفرتض أنه هو من سبب نفسه‪.‬‬ ‫خاص ًة فإ ّن بإمكاننا أن نخرج الكون منها والكون غري محتا ٍج إلـى ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وجودي حتى تحتاج إىل علّ ٍة ومس ّبب‪.‬‬ ‫الوجـودي وليس يف كلّيات الكون فق ٌر‬ ‫فمناط الحاجة إىل علّ ٍة عندنا هو الفقـر‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -11‬نعرف بأ ّن الكون ُمركّب‪ ،‬إذن فهو حادثٌ وال بُ ّد له من ِ‬ ‫محدث‪.‬‬

‫هذا الكالم مثل سابقه ينطبق عىل الجزئ ّيات فقط أ ّما كلّيات العامل فهي غري ُمركّب ٍة ولو كانـت ُمركّب ًة الستحالت جزئ ّي ٍ‬ ‫ات‬ ‫بينام املفروض أنها كلّيات‪.‬‬

‫‪-12‬ولك ّن تفسريكم هذا ال يقبله العقل إذ كيف جئنا إىل هذا العامل هكذا بال إله؟ وبال ُخطّ ٍة إله ّية؟‬ ‫كل فرض ّي ٍة نضيفها لتفسري يش ٍء ما‬ ‫فعل‪ .‬ونحن نعرف بنا ًء عىل موس أوكـام ‪ :Occam’s razor‬إ ّن ّ‬ ‫حس ًنا‪ ،‬هذا ما حصل ً‬ ‫فإنها تحتمل نسبة خطأٍ بدرج ٍة ما وكلّام كرثت الفرض ّيات التي نضيفها لتفسري يش ٍء ما زادت نسبة الخطأ الكلّية املُضافة‬ ‫‪26‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫إىل نظريّتنا النهائ ّية عـن تلك الظاهرة‪ ،‬ولذا فإ ّن تلك النظريّات التي تحوي فرض ّي ٍ‬ ‫أقل تكون أكرث ص ّح ًة أل ّن البـساطة‬ ‫ات ّ‬ ‫قيمة!‬ ‫وميكن أن نكتب قانون موس أوكام عىل أساس أ ّن الفرض ّيات الزائدة ال ب ُـ ّد أن تُقتطـع لتقليل الخطأ املُحتمل يف النظريّة‬ ‫إىل أقىص ح ّد‪.‬‬ ‫يخص اإلنسان فبإمكانـك أن تقـول‪:‬‬ ‫وفيام ّ‬ ‫حي ٍ‬ ‫بسيط عرب (‪ )2‬طفر ٍ‬ ‫ات صغري ٍة ج ًّدا (‪ )3‬وبصور ٍة تدريج ّي ٍة (‪ )4‬وإ ّن هذه الطفرات‬ ‫(أ) إ ّن اإلنسان تط ّور من (‪ )1‬كائنٍ ٍّ‬ ‫الطبيعي‪.‬‬ ‫ُو ّجهت من قبل االنتخاب‬ ‫ّ‬ ‫(ب) إ ّن اإلنسان (‪ُ )1‬خلق (‪ )2‬من خالق بال قبل أو بعد (‪ )3‬ال ح ّد لقدرته (‪ )4‬وال ح ّد لعلمـه (‪ )5‬وال ح ّد لحكمته (‪)6‬‬ ‫سمي ٌع (‪ )7‬وبص ٌري (‪ )8‬وإ ّن الهدف من الخلق مل يكن العبث (‪ )9‬بـل االبتالء (‪ )10‬وإ ّن اإلله خارج عن الزمان واملكان‬ ‫(‪ )11‬وإنه أرسل األنبيـاء (‪ )12‬وأي ّـدهم باملعجزات (‪ )13‬وإنه‬ ‫سيعيد خلقنا يوم القيامة (‪ )14‬ليحاسبنا (؟) وإننا ال نعرف‬ ‫الكيف ّية التـي خلقنا بها (؟) أو غرينا (؟) وإننا ال نعرف أين هو‬ ‫(؟) أو كيف هو (؟) أو مـن أيـن جـاء!‬ ‫األقل من الفروض؟‬ ‫واآلن أنا أسأل‪ :‬أيّة نظريّ ٍة تحوي ّ‬ ‫كل فرض ّي ٍة تتض ّمن عج ًزا عن التفسري (وهو ما أرشت‬ ‫الحظ أ ّن ّ‬ ‫إليه بعالمة االستفهام) تعني أنها بحاج ٍة إىل عـد ٍد ال نهـا ٍّيئ‬ ‫مـن الفروض ليك تكون مقبولة‪ ،‬ولذا فإ ّن النظريّة الدين ّية‬ ‫الطبيعي بل إ ّن‬ ‫فروضا ليس فقط أكرث مـن الفرض‬ ‫تحوي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فروضها النهائيّة! ولذا فنسبة الخطأ فيها أكرب بكثريٍ من نسبة‬ ‫الطبيعي‪ .‬ومن عجائب األمور أ ّن الفكر‬ ‫الخطـأ يف التفسري‬ ‫ّ‬ ‫الديني هو من بنى هذه الح ّجة إلثبات وجود اإلله باعتبار أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫كل ما يعجز العلم عن تفسريه يحتاج إىل عد ٍد غري نها ٍّيئ من‬ ‫ّ‬ ‫الفرض ّيات! ولك ّن املشكلة أ ّن العلم مل ي ّد ِع أب ًدا عجزه!‬ ‫‪27‬‬

‫ﻣﻌﻘﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﺰوم ﻣﺴﻠﺘﺰﻣﺎت اﳊﻼﻗﺔ‬ ‫ﺟﺪﻳﺪ‬ ‫ﺗﻴﺘﺎﻧﻴﻮم‬ ‫ﺷ‬ ‫ﻔ‬ ‫ﺮ‬ ‫ة‬ ‫رﺑ‬ ‫ﺎ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻴﺔ‬

‫أوﻛﺎم ﻳﺨﺘﺎر ﺷﻔﺮة‬


‫اإللحاد‬ ‫اﳌﻮتجـ‪:2..‬ﰲ ﺻﻮرﺗني‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬

‫املوجوداتاﻷﺳﺌﻠﺔ ﻫﻮ‬ ‫ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﺔ أُاﻟﻘﺮآن‬ ‫واﻹﻧﺠﻴﻞ؟أالﺛﻢ ّ‬ ‫اﻟﻌﺪو‪ .‬وجـود‬ ‫الجميلة علـى‬ ‫كلأنهذه‬ ‫ﺗﺬﻛﺮت ّ‬ ‫تدل‬ ‫نظروا حولكم‬ ‫‪-13‬‬ ‫إلـ ٍه صـ ّممها وأبدعها بهذه الروعة؟‬ ‫ﺳﺄﻟﺖ ﻧﻔﴘ ﻳﺎ ﺗﺮى ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﺛري اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﺎر ﺟﻬﻨﻢ وﻫﻞ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن‬ ‫ﺛﻘﺐ أﺳﻮد ﺑﺴﺒﺐ ازدﻳﺎد ﻛﺘﻠﺘﻬﺎ؟ ﻣﻦ اﳌﻌﺮوف أن اﻟﻜﻔﺎر ﻛرث‬ ‫ﺗﺘﺤﻮل إﱃ‬ ‫ولكن ٍ‬ ‫أي إلـ ٍ‬ ‫وأﻏﻠﺐه‬ ‫عذ ًرا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫التفت إىل الجانب اآلخر إىل املوجودات القبيحة وأخربنـي‪ّ ٌ:‬‬ ‫إﻧﺴﺎنٍ‬ ‫ﺗﺤﺘﺎج ﺟﻬﻨﻢ ﻟﺘﻨﻬﺎر ﻋﲆ‬ ‫اﻷرض ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻢ اﳌﻄﺎف ﻫﻨﺎ‪ .‬ﻛﻢ ﻣﻠﻴﺎر‬ ‫ﺳﻜﺎنمها؟‬ ‫صـ ّم‬ ‫ﻟﺜﻘﺐ أﺳﻮد؟‬ ‫ﻧﻔﺴﻬﺎ وﺗﺘﺤﻮل ٍ‬

‫عاقل إىل جسم اإلنسان وي ّدعي أنه نشأ بالصدفة؟‬ ‫‪ -14‬هل ميكن أن ينظر ٌ‬ ‫ﺛﻢ ﺗﺬﻛﺮت أن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻏري ﻣﺤﻤﻮد‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﳌﺎذا ﺧﻠﻘﻨﻲ اﳌﻌﻠﻢ ﺑﻌﻘﻞٍ‬ ‫لعلمه بخلقه؟‬ ‫ﻳﻄﺮحيقمﻫﺬهإلـ ٌه ال‬ ‫ومل‬ ‫اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻌﺎﻗﺒﻨﻲ ﻋﲆ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺎ ﺧﻠﻘﻪ ﱄ؟‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔح ّدوﻳﺤﺎﻛﻢ‬

‫ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺣﱰق إﱃ اﻷﺑﺪ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺮﺻ ٌﺔ ﻻ ﺗﻌﻮض أن أﻛﻮن داﺧﻞ‬ ‫ﻛﻔﻰ أﺳﺌﻠ ًﺔ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والتط ّور ليس عشوائ ًّيا فهـذا ي ُـسقط الجـزء‬ ‫اإلنسان هو‬ ‫يف‬ ‫البداية ٍ‬ ‫وأرﺻﺪﻫﺎابندونالتطأن ّورأﻣﻮت‪.‬‬ ‫ﺗﻔﺎﻋﻼت‬ ‫ﻫﻜﺬا‬ ‫األ ّول مـن اعرتاضك‪ ،‬وأ ّما الجزء الثاين فنحن نعرف أ ّن التصميم هو التجميع‬ ‫ٍ‬ ‫مجموعة‬ ‫ضمن‬ ‫ﻟﻜﻨﻲوظيف ًة‬ ‫وأﺗﻌﺬب‪،‬جز ٍء‬ ‫كل‬ ‫أﴏخيؤ ّدي ّ‬ ‫اﻟﻌﺬاباءوأﻧﺎبحيث‬ ‫مـن األجز‬ ‫وﺟﻮد ﻛﺎﻣريا‬ ‫ﻻﺣﻈﺖ‬ ‫ملجموعـةوﺑﺪأ‬ ‫املقصودﻧﺎر ﺟﻬﻨﻢ‬ ‫دﺧﻠﺖ‬ ‫من الـ ‪DNA‬غري‬ ‫‪97%‬‬ ‫حوايل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫وجدنا‬ ‫لإلنـسان‬ ‫نظرنا‬ ‫فلم‬ ‫املنظومة‪.‬‬ ‫وظائف‬ ‫ّ‬ ‫ﰲ أﻋﲆ ﺟﻬﻨﻢ ﺗﺼ ّﻮر ّﻋﺬايب وﺗﺒﺜﻪ ﻷﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻟيك ﻳﺘﻤﺘﻌﻮا ﺑﻌﺬايب‪.‬‬ ‫ُمشفّر ٍة وال تؤ ّدي أيّة فائد ٍة عىل اعتبار أ ّن املؤمن ينكر نظريّة التط ّور فكيف‬ ‫موجو ًدا بال‬ ‫كان ‪97%‬‬ ‫اﻟﺬﻳﻦم إذا‬ ‫اﳌﺆﻣﻨﻮن ُمص ّم‬ ‫نقول أنه‬ ‫فائـدة؟!‪.‬ﻳﺸﻔﻮا ﻏﻠﻴﻠﻬﻢ‪،‬‬ ‫ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن‬ ‫الـ‪DNA‬اﻟﻴﻮم‬ ‫ﻣﻘﺎﻻيتمناﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ﺗﺤﻤﻠﻮا‬ ‫ﻫﺎ أﻧﺎ أﺣﱰق وأﺗﻌﺬب وﻫﻢ ﻋﲆ اﻷراﺋﻚ ﻣﺘﻜﺌﻮن‪ ،‬ﻓﺮﺣني مبﺎ أﻋﻄﺎﻫﻢ اﳌﻌﻠﻢ ﻣﻦ‬ ‫أزواﺟﻬﻦاء‬ ‫ﻳﺸﺎﻫﺪن من أجز‬ ‫واﻟﻨﺴﺎءأ ّن ‪97%‬‬ ‫فتكتشف‬ ‫ﻳﻀﺎﺟﻌﻮن ُمحرتم ٍة‬ ‫اﻟﺬﻛﻮر من رشك ٍة‬ ‫وﻧﺒﻴﺬ‪،‬حاسوبًا‬ ‫وإﺟﺎصتشرتي‬ ‫تص ٍ ّﺔور أنك ٍ‬ ‫اﻟﺤﻮرﻳﺎت‬ ‫ﻓﺎﻛﻬ‬ ‫رش قادرون عىل متييز التصميم الج ّيد‬ ‫ﻛﻢ ا ّدﻫﻢعيت بأننا‬ ‫اﳌﺰﻳﺪ‪.‬وإذا‬ ‫ﻋﲆفائد ٍة‬ ‫ّﺰﻧﻬﻢ بـال‬ ‫الحاسوب‬ ‫ﺳﻌﺪاء؟!كب ٍ‬ ‫وﻳﺤﻔ‬ ‫ٍ‬ ‫فاشلٍ‬ ‫ذاك الذي‬ ‫فأي مهندس‬ ‫فإننا ً‬ ‫أيضا قادرون عىل متييـز التصميم الرديء لذا ّ‬ ‫الفقـري أو قنـاة الـوالدة أو موضع غ ّدة الربوستات أو البلعوم أو‬ ‫ص ّمم‬ ‫العموداﻷراﺋﻚ ّﻣﺘﻜﺌني إﱃ اﻷﺑﺪ‪ ،‬ﻳﺄﻛﻠﻮن اﻹﺟﺎص وﻳﺘﻀﺎﺟﻌﻮن دون ﺗﻮﻗﻒ‪،‬‬ ‫ﺳﻴﺒﻘﻮن ﻋﲆ‬ ‫الشبك ّية أو الزائدة‬ ‫الدودﻟﻪيّة؟ ٌ‬ ‫ﻣﻨﺰل ﻫﻨﺎك‪.‬‬ ‫ﴫ ﻫﻨﺎ وذاك‬ ‫ﻫﺬا ﻟﻪ ﻗ ٌ‬

‫هـو‬ ‫حقيق ًة‬ ‫الشيوع ّية‬ ‫الجرائم‬ ‫ﻣﻦإىل‬ ‫‪-15‬منأﻧﻬﺎ ٌرينظر‬ ‫اﻟﺬي ﻻالتيﻳﺴﻜﺮ أو‬ ‫اﻟﻨﺒﻴﺬ‬ ‫ﻳﻮﺟﺪ‬ ‫مـا أﻧﻬﺎ ٌر‬ ‫اﻷرض‪،‬‬ ‫يعـرفﻋﲆ‬ ‫ﻧﺴﻤﻴﻪ ﻋﺼ ًريا‬ ‫ارتكبتهاﻣﺎ ﻛﻨﺎ‬ ‫اإللحـاد!‬ ‫اﻟﻌﺼري‪.‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺑﺪ؟ ٌة قامئ ٌ‬ ‫ﻛﻴﻒة‬ ‫إطالقيّ ٌةإﱃجامد‬ ‫نظريّ ٌةﺟﻨﺎنٍشموليّ ٌة‬ ‫وإمنا هي‬ ‫ﺑﺎﱄج ّرد‬ ‫ليست ُم‬ ‫الشيوعيّة‬ ‫ﻟﻠﻤﻀﺎﺟﻌﺔ‬ ‫اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﻓﻜﺮة‪،‬إلحاﻣﺎ ٍد ﻫﻲ‬ ‫ﺧﻄﺮت ﰲ‬ ‫ﻓﺠﺄ ٌة‬ ‫فشل‬ ‫ﺛﻢ هو‬ ‫وهذا‬ ‫اإلنسا ّين‬ ‫التاريخ‬ ‫اﻟﺠﻮابيفﻋﲆتفسري‬ ‫االقتصادي‬ ‫ﺗﻜﻮنأه ّم‬ ‫عىل‬ ‫ّ‬ ‫سببأن ﻫﺬا‬ ‫ﺗﺬﻛﺮت‬ ‫اﻟﻜﻮن؟‬ ‫وﻋﻈﻤﺔ‬ ‫اﻟﻮﺟﻮد‬ ‫العاملﻫﻲ‬ ‫ﻫﺬهية اﻟﺠﻨﺎن‬ ‫زمنٍﻫﻮقصريٍ‬ ‫ﻋﲇ‪.‬يدعو للجرمية وال يدعو لقتل اإلنـسان‪ ،‬إنـه‬ ‫واإللحاد ال‬ ‫النظريّةﻣﻦخالل‬ ‫اﻟﺬي ﻗﴣ‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔ‬ ‫اﻟﻨﻮع‬ ‫يبـش مبجـد اإلنـسان فكيـف ينكـره؟!‬ ‫ّ‬ ‫‪28‬‬ ‫‪36‬‬

‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺴﺒﻮك‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫كل الشيوع ّيني ملحدون‪ .‬الكثري من الشيوع ّيني يف بلداننا العربي ّـة ال ينكـرون وجود اإلله‪.‬‬ ‫كام أنه ليس ّ‬

‫صحيح فستخرس كل يش ٍء أ ّمـا إذا ك ّنا مخطئني فلن‬ ‫املنطقي أن تكون مؤم ًنا ألنه إذا اتّضح أ ّن كالمنا‬ ‫‪ -16‬من‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫تخرس شيئًا‪.‬‬ ‫فأي ديـنٍ سـأتّبع؟ إين إذا اخرتتُ الدين الخاطئ‬ ‫أي دينٍ هو الذي عىل ّ‬ ‫حق؟ حس ًنا أستغفر اإلله‪ ،‬أنا مؤمن اآلن ّ‬ ‫ولكن ّ‬ ‫الـديني اآلالف من اآللهة ومئات األديان وإذا قضيت عمري‬ ‫فالنتيجة هي النار وال فرق عن امللحد‪ ،‬وهناك يف الفكر‬ ‫ّ‬ ‫وأي‬ ‫أي دينٍ هو الصحيح ّ‬ ‫أتقلّب يف هذه األديان وأدرسها بـصور ٍة دقيق ٍة فإ ّن عمري سينتهي قبل أن أدرسها كلها وأعرف ّ‬ ‫يل أن أعبد!‬ ‫إلـ ٍه يجـب ع ّ‬ ‫يل أن‬ ‫اإلسالم يقول «ومن يبتغ غري اإلسالم دي ًنا فلن يقبل منه وهو يف اآلخرة مـن الخاسـرين»‪ ،‬اآلن هل يتو ّجب ع ّ‬ ‫حق فسأكون‬ ‫أختار اإلسالم؟ ولكن بهذا فأنا أرفض املسيح وأرفض َخالصه وأرفض الثالوث األقدس فإذا كانوا هـم علـى ّ‬ ‫رسا يف نظر بق ّية‬ ‫أيضا ففي ّ‬ ‫حق لخرستُ ً‬ ‫من الخارسين‪ .‬ولو اخرتتُ املسيح ّية وكان اإلسالم عىل ٍّ‬ ‫كل دينٍ أختاره أكون خا ً‬ ‫فأي دينٍ سأختار حتى أضمن النجاة؟‬ ‫األديان‪ّ ،‬‬ ‫كل األحوال من وجهة‬ ‫ضعيف ج ًّدا فأنا خاسـ ٌر يف ّ‬ ‫وملّا كان هناك اآلالف من اآللهة فإ ّن احتامل اختياري لإلله الصحيح‬ ‫ٌ‬ ‫نظر باقي األديان‪ .‬أضف إىل هذا فإ ّن األديان ال تطلب م ّني ُمج ّرد اإلميان بل تطلب من ّـي عـرشات العبـادات والشعائر‬ ‫والرضائب املال ّية فإذا ات ّضح أنه ال يوجد إل ٌه فقد أضعت وقتي ومايل الذي كان من املُفرتض أن أرصفه مبا هو أكرث فائدةً‪،‬‬ ‫كـل شـي ٍء وحيايت ضاعت ُس ًدى يف انتظار وعبادة يش ٍء غري موجود‪.‬‬ ‫إذن إذا مل يكن اإلله موجو ًدا فقد خـرستُ ّ‬

‫متغية‪ ،‬فام أدراك؟ قد يكتشف العلم وجود الله مبا ال يقبل‬ ‫‪ -17‬أنتم مغرورون بالعلوم الحديثة مع أنها ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشك‪.‬‬ ‫يصح أن ت ُس ّمى هكذا‬ ‫تغيت اآلل ّيات العلم ّية أل ّن الله ال ميكن أن يكون نظريّ ًة فالنظريّة حتـى ّ‬ ‫هذا غري ممكنٍ ّإل إذا ّ‬ ‫ال بُ ّد لها من رشوط‪ ،‬ووجود اإلله ال ميكن أن يحقّق رشوطًا كونـه نظريّ ًة من حيث‪:‬‬ ‫ أنها غري قابل ٍة للتخطئة ‪ Falsifiable‬من حيث أ ّن آل ّيات عمل اإلله وكيف ّياتـه غيـر معلومة‪.‬‬‫ ال ميكنها أن تتنبّأ بنتائج قابل ٍة لالختبار‪.‬‬‫‪29‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫ ال تخضع ملبدأ االقتصاد ‪ parsimony‬من حيث أنها ال متثّل أبسط الحلول فأصل الخالق غري معروف‪.‬‬‫توضح الرابط الفيزيا ّيئ ‪ Physical Connection‬بـني الخـالق وبـني خلقـه وبالتـايل فهـي تفـشل فـي كونهـا‬ ‫ أنها ال ّ‬‫منطقي ّـ ًة ‪ Reasonable‬ومتّـصلة ‪.Consistent‬‬

‫‪ -18‬ما هي الحجج الفلسفيّة التي يعتمد عليها اإللحاد اإليجا ّيب يف إثبات أنه ال ميكـن أن يكون اإلله موجو ًدا؟‬ ‫وحجج علم ّية‪ ،‬سنذكر‬ ‫حجج منطق ّي ٌة‬ ‫تبي استحالة وجود إل ٍه وت َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُقسم إىل قسمني‪ٌ :‬‬ ‫هناك الكثري من الحجج الفلسف ّية التي ّ‬ ‫فقط الحجج املنطق ّية املشهورة (يف النص األصيل يضع إنيك روابط للويكيپيديا لكل واحد ٍة من الحجج)‪:‬‬ ‫رش أو األمل واملعاناة ‪.Problem of evil‬‬ ‫معضلة وجود ال ّ‬ ‫الكل القدرة ‪.Omnipotence‬‬ ‫معضلة اإلله ّ‬ ‫بكل يشء ‪.Omniscience‬‬ ‫معضلة اإلله العامل ّ‬ ‫معضلة العدالة اإلله ّية ‪.Justice‬‬ ‫معضلة الخلود ‪.Immortality‬‬ ‫ح ّجة االستقالل ّية ‪.Autonomy‬‬ ‫معضلة اإلرادة الح ّرة ‪.Free will‬‬ ‫الح ّجة من صفات اإلله املتناقضة‪.‬‬ ‫معضلة اختباء اإلله ‪.Argument from divine hiddenness‬‬

‫كل ما ذكرت فام هي أه ّمية هذه الحجج؟‬ ‫‪ -19‬نحن لدينا ردو ٌد عىل ّ‬ ‫هناك ٌ‬ ‫سليم من حيث مادتّه (ص ّحة املُق ّدمات العقليّة) والصورة‬ ‫فرق بني أن يكون عندك ر ٌّد وبني أن يكون ر ّدك منطقيًّا ً‬ ‫منتج أو ال ‪,‬وخل ّوه مـن املغالطـات)‪.‬‬ ‫(شكل القياس وهل هو ٌ‬

‫أيضا لهم حججهم فلم تص ّدق بهذه وتكذّب تلك؟‬ ‫‪ -20‬املؤمنون ً‬ ‫ٍ‬ ‫مبغالطـات سأذكر منها ما ييل‪:‬‬ ‫كل الحجج اإلميان ّية التي سمعناها غري صحيح ٍة وغال ًبا ما يقـع املـؤمن‬ ‫لألسف ّ‬ ‫مثل يف ح ّجة السبب األ ّول‬ ‫الدليل أع ّم من امل ُ ّدعى‪ :‬فغالبًا ما تكون النتيجة املنطقيّة للح ّجة أعـ ّم مـن االسـتنتاج النها ّيئ‪ً ،‬‬ ‫سبب أ ّو ٍل وهي النتيجة املنطق ّية ث ّم يقفز فجأ ًة لالستنتاج بأ ّن هذا السبب‬ ‫فإ ّن الفكر‬ ‫الديني يستنتج أنه ال بُ ّد من وجود ٍ‬ ‫ّ‬ ‫توضح لنا‬ ‫هو اإلله! إ ّن ح ّجة الـسبب األ ّول إذا اعتربناها صحيح ًة فإنها تثبت وجود ٍ‬ ‫سبب أ ّو ٍل ال غري ولك ّن هذه الح ّجة ال ّ‬ ‫صـفات السبب األ ّول‪ ،‬فهي ال تخربنا أ ّن السبب األ ّول ال بُ ّد أن يكون مري ًدا وعاملـًا وحكيمـًا‪...‬إلـخ‪ ،‬وبالتايل فإ ّن االستنتاج‬ ‫‪30‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫تخصيص غري ُم ّرب ٍر وقف ٌز من نتيج ٍة إىل أخرى بال تر ٍ‬ ‫منطقي‪.‬‬ ‫ابط‬ ‫بأ ّن السبب األ ّول ال بُ ّد أن يكون اإلله وال يشء غريه هو‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الحل الذي‬ ‫املحتج أن يستبعد صف ًة ما من ّ‬ ‫الخاص‪ :‬تظهر هذه املغالطة عندما يحاول‬ ‫تخصيص املرافعة أو االلتامس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديني أ ّن الكون حادثٌ‬ ‫ومتغي لذا‬ ‫مثل يخربنا الفكر‬ ‫الحل الذي يقرتحه! ً‬ ‫يقرتحه بينام تكون تلك الصفة موجود ًة يف ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محدث يكون غيـر ّ ٍ‬ ‫ال بُ ّد له من‬ ‫املتغي‬ ‫متغي وغري‬ ‫حادث وهو اإلله‪ ،‬ولك ّن املشكلة أ ّن القاعدة الفلسفيّة تقول أ ّن علّة ّ‬ ‫املتغية ونقول أنـه ال بُ ّد لها‬ ‫متغي ًة ومن ث ّم ننقل الحديث إىل تلك العلّة‬ ‫ّ‬ ‫متغي ٌة فإذا كان للكون علّ ٌة فال بُ ّد أن تكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحل الذي اقرتحه خاض ًعا لنفس‬ ‫الحل بينام كـان ّ‬ ‫حتج التمس خصوص ّية ّ‬ ‫من علّ ٍة وهكذا إىل ما ال نهاي ٍة‪ ،‬وبالتايل فإ ّن امل ُ ّ‬ ‫مبدأ االستبعاد الذي أق ّره‪ٌ .‬‬ ‫كل هذا التعقيد املوجود حولنا ال ميكنه‬ ‫مثال آخر عىل نفس املغالطة هي ا ّدعاء الدين ّيني أ ّن ّ‬ ‫أن يكون بال سبب! ومع هذا نجده يص ّدق بوجود كينون ٍة ُمعقّد ٍة أكرث من الكون وبـال سـبب‪.‬‬ ‫الكل‪ ،‬ففي مناقشات‬ ‫مغالطة تركيب املفصل‪ :‬مضمون املغالطة هو أ ّن صفات الجزء ليست هـي بالرضورة صفات ّ‬ ‫ككل باالعتامد‬ ‫فأي محاول ٍة إلثبات صف ٍة للكون ٍّ‬ ‫الدين ّيني يكون ّ‬ ‫الكل هو الكون والجزء هـو الكينونـات التي حولنا ولذا ّ‬ ‫عىل صفات الكينونـات التـي تحيط بنا (األجزاء) يكون منطق ًّيا غري ٍ‬ ‫كاف‪ ،‬ففي ح ّجة السبب األ ّول أو املح ّرك األ ّول يالحظ‬ ‫كل ما حوله يكون سب ًبا لغريه وال ميكن أن يس ّبب نفسه فينطلق للتعميم بأ ّن الكون ال ميكن أن يس ّبب نفسه‬ ‫املحتج أ ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكل صفات الجزء بال دليل‪.‬‬ ‫أو أ ّن سبب الكون ال ميكن أن يكون من جنسه فتكون املغالطة هي أنـه ع ّمم عىل ّ‬

‫‪ -21‬آينشتاين كان مؤم ًنا فهل أنتم أذىك من آينشتاين؟‬ ‫خاص واإللحاد ال‬ ‫اهيمي بل كان ألوه ًّيا باإلله ّية الضعيفة يؤمن بإلـ ٍه ٍّ‬ ‫نعم ولك ّن آينشتاين مل يكن يؤمن باإلله اإلبر ّ‬ ‫كل اآللهة بسبب كرثتها وال يناقش آراء الناس الشخص ّية حول اإللـه الذي يعتقدون بوجوده وأغلب النقاشات‬ ‫يناقش ّ‬ ‫اهيمي يف الديانات الرئيسيّة (اليهوديّة واملسيحيّة واإلسالم)‪ ،‬هكذا بإمكاننا أن نقلب الح ّجة عليكم‬ ‫تكون حول اإلله اإلبر ّ‬ ‫فنقول إ ّن آينشتاين لـم يكن يؤمن بإلهكم فهل أنتم أذىك منه حتى تعتقدوا بوجوده؟ ومن املناسب هنا أن أذكر بعض‬ ‫االقتباسات من آراء آينشتاين حول اإلله‪:‬‬ ‫«لقد كان‪ ،‬بالطبع‪ ،‬كذبة ما قرأمتوه عن اعتقادايت الدين ّية‪ ،‬كذب ًة تتك ّرر بانتظـام‪ .‬أنـا ال أؤمن باإلله الشخصا ّين ومل أنكر‬ ‫بكل وضوح‪ .‬إذا كان هناك يش ٌء يف داخيل ميكن أن يُس ّمى دي ًنا‪ ،‬فهو اإلعجاب الالمحدود لبُنية‬ ‫عبتُ عنه ّ‬ ‫هذا أب ًدا بل ّ‬ ‫العـامل التـي اسـتطاع العلـم اكتشافها حتى اآلن»‪ .‬حس ًنا يا آينشتاين إذا كان إلهك هو «بُنية الكون» فهنيئًا لك! فإلهك‬ ‫اقتباسا ثان ًيا له‪:‬‬ ‫موجود!!! ولنسمع‬ ‫ً‬ ‫«أنا ال أؤمن بخلود اإلنسان وأعترب األخالق اهتام ًما مقصو ًرا عىل البرش بال مرجع ّي ٍة فـوق برشيّة خلقه»‬ ‫‪31‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫ٌ‬ ‫هولندي اعتقد بوحـدة الوجـود) الذي يوحي بنفسه يف التناغم‬ ‫فيلسوف‬ ‫«انأ أؤمن بإله سپينوزا» (سپينوزا ‪Spinoza‬‬ ‫ُّ‬ ‫املُنظّم ملا هو موجو ٌد ال باإلله الذي يقـرص اهتاممـه علـى املصري وعىل أفعال البرش‬ ‫أي غائ ّي ٍة يف الكون أو‬ ‫يفس مقولته املشهورة «اإلله ال يلعب الرند» ولك ّن آينشتاين مل يكن يظ ّن أ ّن هناك ّ‬ ‫(إ ّن هذا ّ‬

‫دقيق من إل ٍه خارج الكون وكانت كتاباته عن رأيه يف اإلله املكتوبة باللغـة األملاني ّـة غالب ًـا مـا ي ُـساء ترجمتهـا‪:‬‬ ‫تصميم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫النص األملا ّين‪ ،‬وبالتحديد يف استخدام كلمة روحا ّين‪ ،‬أنا مل ألصق‬ ‫«إ ّن سوء الفهم هنا يعود إىل خطأٍ يف الرتجمة من ّ‬ ‫بالطبيعة أيّة غاي ٍة أو ٍ‬ ‫أي يش ٍء يُفهم منه علـى أنـه صف ٌة برشيّة‪ ،‬ما أراه يف الطبيعة هو بني ٌة رائع ٌة ال نستطيع‬ ‫هدف أو ّ‬ ‫إحساس رهبـا ٌّين باألصـل وال عالقة‬ ‫أن نفهمها إلّ بصور ٍة ناقـص ٍة وإ ّن هذا يجب أن ميأل اإلنسان املفكّر بالتواضع‪ .‬إ ّن هذا‬ ‫ٌ‬ ‫له بالروحان ّيات»‪.‬‬ ‫واآلن ما رأيك؟ أظ ّنك ستقول إ ّن آينشتاين ال يعنينا بيشء!‬

‫‪ -22‬هناك حوايل ‪ 95%‬من البرش مؤمنني باإلله! فهل سـتقولون بـأ ّن هـؤالء كلّهـم أغبياء؟‬ ‫الخاصة عن اإلله فمنهم من يحمـل إلهـه فـي محفظته ومنهم من يقول‬ ‫كل إنسانٍ منهم عنده فكرته‬ ‫كل طب ًعا! ولكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنه خارج الزمان واملكان فإذا أردنا أن نـص ّدقهم فـسيكون عنـدنا مليارات اآللهة! إ ّن تجارب اإلنسان الشخص ّية التي‬ ‫يُستنتج منها أ ّن هناك ق ًوى غري طبيع ّي ٍة ال تشكّل ح ّج ًة يف املنطق وال ميكن االعتامد عليها كدليل‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -23‬األنبياء هم الدليل عىل وجود الله ألنهم جاؤوا مبعجز ٍ‬ ‫ات ال يستطيع البرش أن يأتوا بها!‬ ‫ٍ‬ ‫بشاهد منحاز؟‬ ‫ليس هناك شاه ٌد محاي ٌد شهد لهم بهذا إمنا شهد اتّباعهم بأنهم رأوا املعجزات فكيف سنـص ّدق‬ ‫فالوثائق املرصيّة مل تذكر لنا شيئًا عن معجزات املدع ّو موىس عىل الـرغم من كرثتها وقد وجدنا اليهود يصفون املسيح‬ ‫مم ي ّدعيه هو‬ ‫باملخادع ووجدناه يرفض أن يعطـيهم معجـز ًة عندما سألوه واحد ًة عىل رؤوس األشهاد وعىل الرغم ّ‬ ‫وأنصاره عن السبب فـال ميكنني أن أقبل ّإل أنه خاف من انكشاف أمره ألنهم مل يكونوا بالسذّج الذين تنطلـي علـيهم‬ ‫والطب والشعوذة التي يجيدها األنبياء!!!‬ ‫املخاريق وألعاب الخفّة‬ ‫ّ‬ ‫وختا ًما وجدنا مح ّم ًدا يغالط املنطق عندما يطلب من قومه أن يقلّدوا اإلبداع األد ّيب مع أ ّن اإلبداع األد ّيب ال يُقلّد!‬ ‫فالكالم صفة املتكلّم‪ .‬هيهات هيهات يا مسلمني! مل يستطع أح ٌد أن يكتب مثل أشعار امرئ القيس أو املتن ّبي‪ ،‬كام‬ ‫وجدنا «نيتشه» يتح ّدى فالسفة العامل وشعراءه أن يكتبوا خطب ًة واحد ًة مـن ُخطـب زرادشت فعجزوا كلّهم! إ ّن االلتجاء‬ ‫إىل التعجيز لهو مغالط ٌة وليس حج ًة! إنني أتح ّداكم كلّكم أن تكتبوا لـي عـرشة أسط ٍر من نفس الكالم الذي أكتبه فهل‬ ‫تستطيعون؟!‬

‫‪ -24‬ولكن هل هؤالء األنبياء كذبة؟ وملاذا يكذبون وقد ُعرضت عليهم الدنيا فرفضوها؟‬ ‫أيضا ُعرضت عليه الدنيا ورفضها! واختار أن يكون ُمعد ًما فق ًريا مع أنه يوصف دامئًا بامللحد! وإ ّن أفعال البرش‬ ‫البوذا ً‬ ‫صواب أو خطأٍ‪ ،‬صدقٍ أو كذب‪ .‬وهو ما يُعرف‬ ‫كام أرشنا سابقًا ال تخضع للمنطق العقال ّين بحيث ميكن تقسيمها إ ّما إىل‬ ‫ٍ‬ ‫باملعضلة الكاذبـة ‪ False Dilemma‬أو الرتديد بني أمرين يحتمالن ثالثًا وراب ًعا وهو جز ٌء من التشنيع عىل الخصم‪ ،‬إ ّن‬ ‫لكل هذه األفعال ونحن ال نلوم األنبياء عىل ذلك فهذا هو مستوى املعرفة فـي زمـانهم وقد كان‬ ‫نفيس ّ‬ ‫هنـاك‬ ‫ٌ‬ ‫سـبب ٌّ‬ ‫الكاهن يف ذاك الزمان مبنزلة الطبيب يف زماننا إمنا نلوم من يتّبعهم فـي زماننـا!‬

‫تفضلون أن يكون العامل كلّه ملح ًدا؟‬ ‫‪ -25‬هل ّ‬ ‫كل‪ ،‬فاإللحاد ليس دي ًنا جدي ًدا كام قلت‪ ،‬كام أن بعض الناس بحاج ٍة للدين ألنه ال ميكـنهم أن يحيوا بدونه‪ ،‬إننا مثل‬ ‫ّ‬ ‫رشا بني البرش بدل أن يظ ّن الناس ‪-‬شك ًرا لفقهاء الدين‪ -‬أننا شياطني‬ ‫غرينا من الناس نسعى إلثبات وجودنا ألن نكون ب ً‬ ‫ال أخالقي ٌة نرسق ونقتل ونغتصب أخواتنا!‬ ‫إ ّن امللحد مثله مثل املؤمن له عائل ٌة يح ّبها ٌ‬ ‫وآمال يسعى لتحقيقها وهو مثلك يرى السعادة والبهجة يف فرحة أطفاله‬ ‫‪33‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫وابتسامة زوجه وطأمنينة والديه وإخوته ومح ّبة جريانه والناس من حوله‪ .‬إننا ندعوا إىل تأسيس دول ٍة حداث ّي ٍة قامئ ٍة عىل‬ ‫التع ّددية والشفافيّة والحريّة االجتامعيـّة والـسياسيّة والدميقراطيّة والليرباليّة االجتامعيّة واملساواة والسالم‪.‬‬

‫أي نو ٍع من األدلّة تريد حتى تقتنع بأ ّن اإلله موجود؟‬ ‫‪ -26‬ولكن ّ‬

‫طبيعي ليك يثبت‬ ‫طبيعي ال بُ ّد له من دليلٍ فوق‬ ‫طبيعي ‪ Supernatural‬والسبب الفوق‬ ‫سبب فوق‬ ‫نحن نتكلّم عن ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫طبيعـي‪ Supernatural evidence‬ليك أص ّدق بوجود ٍ‬ ‫ذات فوق طبيع ّية!‬ ‫دلـيل فـوق‬ ‫وجـوده إذن أعطـوين ً‬ ‫ّ‬

‫دليل عىل وجود اإلله!‬ ‫‪ -27‬العلم يعجز عن إيجاد تفسريٍ لهذه الظاهرة‪ ،‬إذن هذا ٌ‬ ‫عم يُس ّمى مبغالطة االحتجاج بالجهل ٌ‬ ‫هذا ٌ‬ ‫كل القوى‬ ‫ومثال عن إله الفراغات أل ّن العلـم لـم يكتشف حتى اآلن ّ‬ ‫مثال ّ‬ ‫يوم شيئًا جدي ًدا وال‬ ‫الطبيع ّية حتى نعرف أ ّن هذه الظاهرة ال ميكن أن تكون طبيعي ّـ ًة وألننا رأينا أ ّن العلم يكتشف ّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫البرشي أن يحيط به‪ ،‬باإلضافة إىل كون الله ال ميكن أن يتض ّمن بنظريّ ٍة علم ّي ٍة‬ ‫ي ّدعي أ ّن هناك شيئًا ال يستطيع العقـل‬ ‫ّ‬ ‫طبيعي لهذه الظاهرة أو تلك سيصبح مسألة ٍ‬ ‫وقت ال أكرث‪.‬‬ ‫سبب‬ ‫فإ ّن إيجاد ٍ‬ ‫ٍّ‬

‫‪ -28‬ملاذا ال ميكن أن يكون الله هو السبب األ ّول؟‬ ‫ألنه بنا ًء عىل قانون السبب ّية ال ب ّد أن تكون هناك رابط ٌة بني املس ِّبب واملُس َّبب أو بني السبب والنتيجة فإذا كانت نظريّة‬ ‫مسؤول عن (إشعال فتيل‬ ‫ً‬ ‫االنفجار العظيم صحيح ًة فال بُـ ّد مـن وجود عالق ٍة بني الله وبني االنفجار العظيم ال باعتباره‬ ‫لكل حال ٍة من حاالت الكون الذي خلقه‪ ،‬وهكذا فإ ّن الله سيكون مرتبطًا بوجود‬ ‫االنفجار) فقط بل باعتباره سب ًبا مستم ًّرا ّ‬ ‫ما ّدة االنفجار وحدوث االنفجار نفسه!‬ ‫الديني ال بُ ّد أن يكون‬ ‫ولك ّن الله يف الفكر‬ ‫ّ‬ ‫معزولً عن املوجودات وخار ًجا عن الزمان‬ ‫واملكان وهكذا لن تكون هنـاك أيّة صـل ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫وبكلامت أخرى‬ ‫بينـه وبـني االنفجار العظيم‪.‬‬ ‫إ ّن العلّة ال بُ ّد أن تكون مجاور ًة ملعلولهـا‪،‬‬ ‫ووجـود اإلله خارج الزمان واملكان معناه‬ ‫انفكاك العلّة عن املعلول بينام ال ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫تنفك العلّة عـن املعلول‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -29‬الكتاب املُق ّدس أو القرآن اكتشف هذا قبل العلم‪ ،‬لذا فهو من الله‪.‬‬ ‫رص‬ ‫هذا نو ٌع من مغالطة التخصيص ألننا وجدنا أ ّن اآليات التي ّ‬ ‫يحتج بها املؤمنون تحتمل أكثـر من مع ًنى ومع هذا ي ّ‬ ‫املحتج عىل مع ًنى ٍ‬ ‫يبي فيها فساد‬ ‫منطقـي وطاملا أ ّن‬ ‫واحد ويهمل باقي املعاين بـال مبـ ّر ٍر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املحتج مل يق ّدم أدلّ ًة مقنع ًة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألي حقيقـ ٍة علمي ّـ ٍة‬ ‫واستحالة باقي االحتامالت التي تحتملهـا آي ٌة أو عبار ٌة ُمع ّين ٌة فال ميكننا االستدالل عىل سبق ّ‬ ‫النص ّ‬ ‫ُمكتـشف ٍة أل ّن االحتامل يبطل االستدالل‪.‬‬

‫الديني وتجعلونه أث ًرا بعد عني؟‬ ‫‪ -30‬هل تظ ّنون أنكم ستنترصون عىل الفكر‬ ‫ّ‬

‫حل ٍ‬ ‫وسط من‬ ‫التوصل إىل ٍّ‬ ‫الديني والفكر‬ ‫بحسب فلسفة الديالكتيك فإ ّن الرصاع بني الفكر‬ ‫الالديني سيـستم ّر حتـى يـت ّم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(كل فكر ٍة تولد ومعهـا نقيضها)‪ ،‬وهذه املعارضة ستبدأ رصا ًعا معه ويستم ّر‬ ‫الحل الوسط سيولّد معارضة ّ‬ ‫نو ٍع ما وهذا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حل ٍ‬ ‫جديد وهذا بدوره سيولّد معارض ًة وهكذا‪ ،‬لذا فنحن نظ ّن أ ّن الرصاع اإلنسا ّين‬ ‫وسط‬ ‫التوصل إىل ٍّ‬ ‫الرصاع حتى يت ّم ّ‬ ‫ٍ‬ ‫متوسط ٍة بني األفكار املتصارعة وهذا ما بدأنا نراه حاليًا فكم مـن مـؤمنٍ باإلله ولكنه‬ ‫البرشي بات‬ ‫يجرف الفكـر‬ ‫ّ‬ ‫ّجاهات ّ‬ ‫مـسيحي ولكن ال يرتاد الكنيسة بانتظام‪ .‬لقد بدأ‬ ‫يصل! أو‬ ‫مثل يؤمن باإلسالم ولكن ال ّ‬ ‫ال يط ّبق دينه بحذافريه! فتجده ً‬ ‫ِّ‬ ‫البرشي باتّجا ٍه ما بني األفكار املتصارعة‪.‬‬ ‫كل فكر ٍة جديـد ٍة ينجرف الفكر‬ ‫الناس يصبحون أشباه ألوه ّيني! ومع ّ‬ ‫ّ‬

‫كل هذا؟‬ ‫‪ -31‬أنا رأيت املعجزة بأ ّم عيني‪ ،‬ورأيت حوادث غريب ًة ال ميكن أن تكون طبيع ّية‪ ،‬فهل تنكر ّ‬ ‫عرفت أ ّن ما رأيته كان معجز ًة وليس سببًا طبيعيًّا؟ فإ ّن غرابة األحداث ال تعني بالرضورة أ ّن هناك قو ًة‬ ‫بالضبط كيف‬ ‫َ‬ ‫فهل ذكرت لنا بالضبط كيف ميكن أن تكون هناك‬ ‫مـادي ّ‬ ‫الديني غيـر‬ ‫خف ّي ًة فوق طبيع ّي ٍة تدير األمور‪ ،‬إ ّن الله يف الفكر‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫املادي؟ فإنه ُمبقتىض قانون السبب ّية‬ ‫ب)الالمادي األسباب يف العامل‬ ‫مـادي بحيث(يس ّب‬ ‫مادي وما هو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫صل ٌة بني ما هو غري ٍّ‬ ‫ال بُـ ّد مـن وجود صل ٍة أو ٍ‬ ‫باملادي؟‬ ‫املادي‬ ‫ربط بني السبب والنتيجة‪ ،‬فكيف يرتبط غري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫النبي مح ّم ًدا؟‬ ‫‪ -32‬ملاذا تشتمون ّ‬ ‫نحن بالتأكيد ض ّد الشتيمة ومع ح ّرية الفكر ولك ّن بعض امللحدين يعانون الكبت ألنهم ممنوعون من الكالم وال بُ ّد‬ ‫وكلب‬ ‫لكل من به‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫عطاس أن يعطس‪ ،‬وماذا يفعل أحدنا إذا كان يصحو صبا ًحا عىل صوت قارئ القرآن يصفه بأنه حام ٌر ٌ‬ ‫ونجـس وابـن عـاهر؟‬ ‫وساذج ودابّـ ٌة‬ ‫وغبي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪35‬‬


‫اإللحاد جـ ‪:2‬‬ ‫أسئل ٌة وأجوب ٌة عن اإللحاد‪.‬‬ ‫‪Enki‬‬

‫‪ -33‬ال ميكن أن يكون العر ّيب الدين ًّيا ألنه ال بُ ّد أن يكون قد سمع باإلسالم!‬ ‫مسلم بالحقيقة ولك ّن تجارب اإلنسان الشخـص ّية واطّالعـه الثقا ّيف وفشلنا يف إيجاد اإلله‬ ‫بىل سمعنا باإلسالم وبعضنا كان ً‬ ‫محب ومع هذا ال ينرص املظلومني‬ ‫ونظرتنا إىل عا ٍمل ميل ٍء بالبؤس والظلم واملعاناة جعلنا ال نص ّدق بوجود إل ٍه ي ّدعي أنه ٌّ‬ ‫والبائسني م ّمـن سـحقتهم األقـدام والدبّابات!‬ ‫ولِم كان ينرص الناس يف املايض بينام توقّف عن ذلك اآلن؟‬ ‫أين يختفي هذا اإلله ومل ال يرينا معجزةً؟ ما الفائدة من إل ٍه يهمل مخلوقاته؟ ما الفائدة من إل ٍه ال ينرص من ينرصه؟‬ ‫ما الفائدة من إل ٍه يسمع دعاء رجلٍ يرى كيف يقوم اإلرهابيّون يف العراق بقطع رؤوس أطفاله الصغار أمام عينيه واح ًدا‬ ‫أليم؟‬ ‫تلو اآلخر دون أن يسقط عليه كسفًا من السامء أو يأتيهم‬ ‫ٍ‬ ‫بعذاب ٍ‬ ‫نعم لقد رأينا كيف أ ّن اإلرهاب ّيني بقروا بطن األب ووضعوا رؤوس أطفاله يف داخلها‪ .‬فأين كان الله من هذا؟‬

‫ٕاﺪﺪاد وﺗﻘﺪﱘ‬

‫ﺣﺎﻣﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ‬ ‫‪HAMED.TV‬‬

‫‪36‬‬

‫‪FB.ME/BOXOFISLAM‬‬


‫اﺷﺘﺮك اﻵن‬ ‫ﻓﻲ ﻗﻨﺎﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻮﺗﻴﻮب‬ ‫‪https://www.youtube.com/c/ahmedzayedchannel‬‬

‫ﻗﺮاﺑﺔ ‪ 10‬ﻣﻠﻴﻮن ﻣﺸﺎﻫﺪة‬ ‫ﻣﺸﺘﺮك‬ ‫أﻟﻒﻣﺸﺎﻫﺪة‬ ‫و‪70‬ﻣﻠﻴﻮن‬ ‫ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﻌﴩة‬

‫أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪ زاﻳﺪ‬

‫ﻗﻨﺎة أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪ زاﻳﺪ ﻋﲆ اﻟﻴﻮﺗﻴﻮب ﻫﻲ ﻗﻨﺎة ﻣﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻳﺮ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺜﻘﺎﰲ وﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜ اﳌﻮﺿﻮﻋﻲ اﻟﻌﻘﻼ ﻣ ًﻌﺎ‪.‬‬ ‫وﺗﺠﺪون ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻼﺳﻞ وﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫أﻟﻒ ﺑﺎء ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻟﺘﺒﺴﻴﻂ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ‬

‫ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻋﲆ ﺻﻔﺤﺔ اﻟﻘﻨﺎة ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺴﺒﻮك‪:‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/aszayedtv‬‬

‫ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻻﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺗﻌﺮﻳﻔﻴﺔ ﺑﺮﻣﻮز ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وﻏﺮﺑﻴﺔ‬

‫ﺻﻔﺤﺔ أﺣﻤﺪ ﺳﻌﺪ زاﻳﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‪:‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/ahmedsaadzayed‬‬

‫ﻛﺎﳌﻌﺮي واﻟﺮازي وأرﺳﻄﻮ وﻣﺎرﻛﺲ وراﺳﻞ‬

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺧﻼﻓﺎت اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻗﺘﺎﻟﻬﻢ‬

‫ﺳﻠﺴﺔ ﺗﻄﻮر ﺗﺎرﻳﺦ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﺎت‬

‫وﻏ ذﻟﻚ ﻛﺜ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﴐات وﻣﻘﺎﺑﻼت ﻟﺮﻣﻮز ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻓﺎﻟﻘﻨﺎة ﺑﻬﺎ أﻛ ﻣﻦ ‪ 700‬ﻣﺤﺎﴐة‪ ،‬وﻫﻲ ﺟﻬﺪ ﻃﻮﻳﻞ وﻣﺘﻮاﺿﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﰲ وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻧﴩ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻗﺪر اﳌﺴﺘﻄﺎع ﻟﻠﻤﺘﺤﺪﺛ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻨﺎة‪:‬‬

‫‪https://www.patreon.com/ahmedzayed‬‬

‫‪37‬‬

‫‪https://www.paypal.me/ahmedsaadzayed/100‬‬


‫اإلسالم‪ :‬أزم ُة ٍ‬ ‫نص ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫عندما تُثب ُِت الت ْج ُربة خطأَ أيديولوجيا معين ٍة أو عقيد ٍة ما‪ ،‬أو عندما ُيك ِّذب الواقع العلمي‬ ‫عيد النظر فيام يعتقد ويفكر‪،‬‬ ‫يتعي حينئ ٍذ عىل الباحث الحصيف أن ُي َ‬ ‫نظري ًة أو فك ًرا ما‪ّ ،‬‬ ‫رص عىل صحة تلك‬ ‫وأن يبحث عن أصل الخلل يف أركان نظريته أو فكرته‪ .‬ولكن إذا أ ّ‬ ‫رص ابتعا ًدا عن حرم‬ ‫النظرية لديه‪ ،‬رغم وجود تجربة ‪ -‬ولو واحدة ‪ -‬تُخطّئها‪ ،‬ازداد امل ُ ُّ‬ ‫العقل العلمي وخرج عن البحث التجريبي القويم عىل حد تعبري كارل بوبر(‪.)1‬‬ ‫‪ -1‬كارل بوبر ‪ ،Karl R. Popper‬منطق الكشف العلمي ‪ ،The Logic of Scientific Discovery‬ترجم ٌة وتحقيق‪ :‬ماهر عبد القادر محمد عيل‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة‬ ‫والنرش‪ ،‬بريوت‪.1997 ،‬وأعاد التلميح للفكرة املكتوبة يف املقال يف كتابة بؤس األيديولوجيا‪ -‬البجعة السوداء‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫وأما إذا وصل األمر به إىل العناد‪ ،‬واإليغال يف عواطف االعتقاد املُطلق بالنظرية‪،‬‬ ‫والهروب من حقيقة خطأ التجربة‪ ،‬والتش ّدق بالدعوة إىل انتظار الواقع املناسب‬ ‫ٍ‬ ‫رش ِك التفكري الساذج‬ ‫للنظرية يك تتحقق صحتها املزعومة‪.‬‬ ‫عندئذ سيقع يف َ‬ ‫واملُضلّل‪ ،‬وقد تنقلب تلك النظرية الخاطئة لديه دي ًنا جدي ًدا‪ ،‬أو نسقًا فكريًا ُم ْغلقًا‬ ‫تعص عىل الفهم والعقل خلعه أو التخلّص من تأثريه‪ ،‬وهنا يُطلق عىل ُمريديه‬ ‫يَ ْس َ‬ ‫واملدافعني عنه برغوة الكالم‪« :‬أهل اإلميان أو النقل أو الفقهاء‪،‬إلخ‪...‬‬ ‫وأيًّا كانت تسميتهم‪ ،‬إال أن وظيفتهم تبقى واحد ًة وهي تجارة رغوة الكالم وشحذ‬ ‫الهمم واإلقدام للدفاع عن موضوع إميانهم الخاطئ ونظريتهم املكذوبة‪ ،‬ومثابرة‬ ‫الدجل عىل الناس مبختلف األشكال‪ ،‬حتى ولو ادعوا البحث العلمي أو اختبئوا‬ ‫وراء عقالني ٍة بحثي ٍة ب ّراق ٍة كذوبة‪ ،‬عىل شاكلة األفّاق الظريف «زغلول النجار»‪.‬‬ ‫ليصبح بعد ذلك‪ ،‬موضوع اإلميان بحد ذاته‪ ،‬عائقًا آخر أمام الحقيقة يك تظهر‪،‬‬ ‫وأغاللً جديدة تزيد من اختناق العقل فيهم‪ ،‬ومتنع عنه دهشة السؤال‪ ،‬وهو‬ ‫أصل بتاري ٍخ ُم ْضنٍ للطبيعة البرشية وتطورها‪.‬‬ ‫العقل املثقل ً‬ ‫تاريخ ًيا‪ ،‬لقد ظهر الفكر النقدي يف التاريخ اإلسالمي‪ ،‬يف بداية القرن الثاين الهجري‪،‬‬ ‫ّبت إعامل‬ ‫حيث نشأت ما تسمى الحركات الفكرية العقلية كاملعتزلة‪ ،‬التي َغل ْ‬ ‫العقل عىل إجالل النقل يف فهم الكثري من أركان العقيدة اإلسالمية‪ ،‬مثل مرتكب‬ ‫الكبرية – العدل ‪ -‬التوحيد – الثواب والعقاب‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫وقد شكّل الفكر االعتزايل‪ ،‬برأيي‪ ،‬محاول ًة حقيقي ًة أوىل لحل اإلشكال الذي يُسببه‬ ‫النص اإلسالمي الرئيس (القرآن) يف االفرتاق عن الواقع‪ ،‬وكان لتالميذ أيب الهذيل‬ ‫العالف(‪ )2‬والنظّام(‪ )3‬وسواهام‪ ،‬إدراكهم العبقري والجريء آنذاك‪ ،‬يف أن االعتامد‬ ‫ٌ‬ ‫مفارق للحقيقة‪ ،‬و ُمخالف ٌة‬ ‫عىل ال َح ْرفية يف التطبيق والفهم النقيل للقرآن‪ ،‬هو أم ٌر‬ ‫واضح ٌة ألبسط قواعد املنطق واإلميان‪.‬‬

‫‪ -2‬أبو الهذيل العالف‪850 - 752( :‬م) ُولد يف البرصة يف العراق‪ ،‬وكان شيخ البرصيّني يف االعتزال ومن أكرب علامئهم وهو‬ ‫ٍ‬ ‫مقاالت يف مذهبهم ومجالس ومناظرات‪.‬‬ ‫صاحب‬ ‫العلف‪ ،‬ثم انفرد‬ ‫‪ -3‬إبراهيم النظّام‪836 - 777( :‬م) ُولد يف البرصة‪ ،‬وتويف يف بغداد‪ .‬تتلمذ يف االعتزال عىل يد أيب الهذيل ّ‬ ‫خاصا (النظّامية)‪ ،‬وكان أستاذ الجاحظ‪.‬‬ ‫عنه وك ّون له مذه ًبا ً‬

‫‪39‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫فقد رأوا أن هذا التطبيق الحريف األصويل إذا استمر ‪-‬وقد استمر لألسف‪ -‬سيتس ّبب بالرضورة يو ًما ما‪ ،‬باإلرباك والتشوش‬ ‫الفكري أو البلبلة العقلية للمؤمنني بهذا النص‪ ،‬مام سيبعدهم عن فهم حال العلم وأحوال العامل‪ ،‬ويجعلهم مح َّط‬ ‫كل ما يقولونه أو يأتون به من هذرات رشو ٍح ومربر ٍ‬ ‫ات لتعاليم هذا الدين‪ ،‬وقد يُصبحون يو ًما ما‪،‬‬ ‫ُس ْخرية األمم‪ ،‬يف ُّ‬ ‫بالفعل‪ ،‬كالق َْصعة التي تتداعى عليها أكَلَ ُة األمم‪.‬‬ ‫عىل الرغم من أن أصحاب االتجاه العقيل من املسلمني‪ ،‬مل يستطيعوا أن يُحققوا انتصا ًرا مطلقًا عىل أصحاب الفكر‬ ‫النقيل‪ ،‬مبن فيهم أولئك الذين ُس ّموا زو ًرا بالفرقة الوسطية من «األشاعرة»‪ ،‬الذين هم أقرب يف توفيقياتهم إىل أهل‬ ‫هام يف مسار الفكر الديني اإلسالمي ككل‪ ،‬امتدت آثاره إىل‬ ‫النقل‪ .‬إال أنهم ‪-‬أي العقليون‪ -‬استطاعوا‪ ،‬وبحق‪ ،‬تَ ْر َك أث ٍر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أمد بعيد‪.‬‬ ‫أ ّما اآلن‪ ،‬وقد أصبح املسلمون عىل أعتاب القرن الحادي والعرشين بتعدا ٍد‬ ‫ٍ‬ ‫تخلف واض ٍح‬ ‫يفوق املليار‪ ،‬وبعد ما وصل حالهم إىل ما وصل إليه‪ ،‬من‬ ‫عن ركب الحضارة والعلم والتقدم االجتامعي‪ ،‬وما يعانونه من انقسامات‬ ‫طائفي ٍة ومذهبي ٍة وتشظ ٍ‬ ‫كل منها تناحر‬ ‫ّيات تفوق االثنتي وسبعني فرقة‪ٌ ،‬‬ ‫بعضا‪ ،‬بل وتسابق كل فرق ٍة أختَها يف الغلو وعنف‬ ‫وتناكف وت ُكفّر بعضها ً‬ ‫التط ّرف‪ ،‬أو يف اصطناع األوهام والتخلف والعدوان إىل درج ٍة بدا للعاملني‬ ‫وكأن املسلمني يُ َعادون البرشية قاطب ًة‪ ،‬ويحاربون كل معتقداتها ومللها‪،‬‬ ‫حتى بات العامل وكأنه ُمقبل ‪ -‬ال محالة ‪ -‬عىل معركة أهرمجدون حاسم ًة‬ ‫قاصم ًة‪ ،‬ضد أتباع الدين اإلسالمي‪.‬‬ ‫(مسلم أو غري مسلم) االلتفات الفوري إىل السؤال متعدد األوجه‪ ،‬الذي بات‬ ‫األمر الذي يتطلّب من كل ذي عقلٍ رشيد‬ ‫ٍ‬ ‫يُؤ ّرق دوائر البحث الثقايف يف املرشق واملغرب‪:‬‬ ‫هل استحال دين اإلسالم س ًدا مني ًعا أمام أتباعه‪ ،‬يعيقهم عن اللحاق بركب الحياة اإلنسانية املعارصة؟‬ ‫ومسلم‬ ‫وهل القرآن الذي بني أيدينا (مصحف عثامن) وكذلك ما نقول عنه صحيح الحديث من السنة النبوية (بخاري‬ ‫ٍ‬ ‫وغريهام) يجب أن يُطبق كله كام هو حرفيًا؟‬ ‫أم ال ب ًّد من فتح باب االجتهاد وتفعيل آلية التأويل العقيل؟‬ ‫‪40‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫وهل يا ترى يكفي أو ينفع التأويل العقيل مع ٍ‬ ‫آيات بعينها‪ ،‬مثل سورة التوبة؟‬ ‫التي يراها كثريون تيسء للعالقة بني املسلمني من جهة‪ ،‬وبني املسلمني والعاملني من جه ٍة أخرى؟‬ ‫مثل آيات الجهاد والقتل والذبح والغنائم والنكاح‪ ...‬إلخ! والتي يظهر للعيان متظهرها ومتثلها (أقصد تلك اآليات) يف‬ ‫سلوك الجامعات اإلسالمية الجهادية (دولة اإلسالم والقاعدة)!‬ ‫ٍ‬ ‫بإنصاف األسباب البعيدة يف املعاملة الالإنسانية حتى للموىت من األعداء من ِقبل‬ ‫عىل سبيل املثال ال الحرص‪ ،‬لو تفحصنا‬ ‫املسلمني امللتزمني بأصول الدين‪ ،‬نجدها ‪ -‬يف الحقيقة ‪ -‬تعود إىل أصول العقيدة الحرفية من ٍ‬ ‫ُرست يف‬ ‫آيات وأحاديث غ َ‬ ‫وعيهم اإلمياين‪ ،‬وهي التي جعلت بالتايل هذا املسلم املُتشدد‪ ،‬مييل إىل معاملة أعضاء مجتمعه الخاص (املسلمني) عىل‬ ‫علمبأن تلك النصوص هي التي منحته الشعور بأن أغلب الجنس البرشي من الكفار الغرباء‪ ،‬هم‬ ‫أنهم كاملو اإلنسانية‪ً ،‬‬ ‫أقل إنساني ًة عىل نح ٍو كبري‪ ،‬وهم بنا ًء عىل ذلك ال يستأهلون متا ًما – حسب إسالمه ‪ -‬أن يتمتعوا بالحقوق اإلنسانية‬ ‫الكاملة‪ ،‬ليس ألنهم كفا ٌر من أوالد القردة والخنازير وحسب‪ ،‬بل هم كام وصفتهم فاتحة الكتاب‪ ،‬من املغضوب عليهم‬ ‫أو الضالني‪ ،‬وهي السورة التي يرددها املسلم سبعة عرش مر ًة عىل األقل يوم ًيا‪.‬‬ ‫والذي يفيد عنها الحديث الصحيح وأكرث املُفرسين (الطربي وابن كثريٍ والسيوطي وغريهم) بأن الكفار هم‪ :‬أهل الذمة‬ ‫وكل من هو غري مسلم‪.‬‬ ‫(املسيحيون واليهود) ُّ‬ ‫من هنا يبدوا املسلمون املعتدلون‪ ،‬الذين يدأبون ويتعبون دامئًا عىل تجميل الصورة للنص‪ ،‬هم من يُح ّرفون ال َكلِ َم‬ ‫عن مواضعه‪ ،‬بينام املسلمون الحرفيون أو كام يطيب للبعض تسميتهم باملتشددين (الدواعش)‪ ،‬هم الصادقون مع‬ ‫النص ومع أنفسهم‪ ،‬وهم من يلتزم بفحوى فهم النص القرآين عندهم وأحكام السنة النبوية التي وصلتهم‪ .‬وبالتايل هم‬ ‫املسلمون الوحيدون الذين يتجىل يف سلوكهم (العنيف وغري العنيف) ذاك املبنى واملعنى لنص اآليات وصحيح الحديث‪.‬‬ ‫رفض املعتدلني لهم ولسلوكهم وفهمهم لحقيقة اإلسالم سوى تفكريٍ‬ ‫وهمي كبريٍ َم َر ّده إىل أمرين اثنني‪:‬‬ ‫وما ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫بأل يكون الدين هكذا‪.‬‬ ‫أولهام‪ :‬التفكري الرغائبي فيهم‪ ،‬والتم ّني الساذج عندهم ّ‬ ‫جاهل بنصوص دينه‪ ،‬وال يعرف عنها يف الحقيقة سوى بعض املرويات الشفهية من‬ ‫وثانيهام‪ :‬أنه ‪ -‬أي املسلم املعتدل ‪ٌ -‬‬ ‫هنا وهناك‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫ٍ‬ ‫مغالطات‬ ‫ولذا تجده يف الحوار أو املحا ّجة العقلية‪ ،‬غال ًبا ما تكون حججه هش ًة‪ ،‬وعباراته انفعالي ًة مج ًة‪ ،‬تتكئ عىل‬ ‫جاهزة‪ ،‬مثل قوله املعتاد‪ :‬الدين مل يقل هذا‪ ،‬والدين ال يقصد هكذا‪،‬حس ًنا أكمل يل اآلية و‪...‬و إلخ‪ ،‬وبهذا يهرب من‬ ‫مواجهة حقيقة األمر الخطري حول ال منطقية و إشكالية النص بحد ذاته‪ ،‬وعدم االعرتاف باملشكلة يعني تأخ ًريا أكرث‬ ‫فأكرث‪ ،‬لحضور قاطرة اإلصالح لحال الناس واملجتمع ‪،‬وتغيي ًبا تا ًما إلرادة التطور ألصحاب هذا الدين وتلك العقيدة‪.‬‬ ‫أ ّما عن جانب السؤال ملاذا تفاقمت هذه املشكلة اآلن؟ وملاذا يف الدين اإلسالمي بالذات؟‬ ‫اإلجابة ببساط ٍة العجالة‪ ،‬وبعي ًدا عن الكوامن السياسية الحقيقية للمسألة‪:‬‬ ‫ألن اإلسالم ‪-‬حسب زعمي‪ -‬يُعترب أكرث األديان اإلبراهيمية شمولي ًة‪ ،‬التي يصل تأثريها إىل درجة تغيري الجبلّة والطباع‪ ،‬وهو‬ ‫مبنى ومع ًنى‪ ،‬وبالتايل‬ ‫أي اإلسالم‪ -‬عقيد ٌة خطرةٌعىل فك ِر معتنقيها‪ ،‬ألنها مازالت تُق ّدم النص القرآين عىل أنه كالم الله ً‬‫سيُصبح ُّ‬ ‫مسلم مؤمنٍ بهذه الحقيقة اإلسالمية أصوليًا بالرضورة‪ .‬عىل حد تعبري الباحثة الفلسفية ح ّنة أرندت(‪.)4‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫وأظن كلنا يعلم‪ ،‬أنه كلام أوغل الدين يف الشمولية السلطوية عىل حياة معتنقيه‪ ،‬كلام ابتعد هؤالء أكرث فأكرث عن تقبل‬ ‫تقدم أو تنوير‪.‬‬ ‫العلم أو الحداثة‪ ،‬سوا ًء الفكرية أو الثقافية بل حتى األخالقية‪ ،‬مام يُص ِّعب بالتايل ولوجهم إىل رحاب أي ٍ‬ ‫وهذا هو متا ًما حال دين املسلمني الحايل‪ ،‬إذ أن اإلسالم ‪-‬كام قلنا‪ -‬دي ٌن شمو ٌيل بامتياز‪ ،‬ال يرتك شارد ًة وال وارد ًة يف حياة‬ ‫اإلنسان املسلم‪ ،‬إال ويُديل بدلوه فيها‪ .‬بد ًءا من استيقاظه مرو ًرا مبأكله ومرشبه وكالمه وتفكريه ونكاحه وغسله ونتفه‬ ‫وقضاء حاجته حتى غفوته‪.‬‬ ‫أيضا أن مؤسيس وفقهاء اإلسالم‪ ،‬يُق ّدمون دامئًا فه َمهم للنص‪ ،‬عىل أنه عني الحقيقة‪ ،‬وسدرة املنتهى يف الرأي‬ ‫ومن املعلوم ً‬ ‫الصواب‪ .‬اذ يكفي أن يذكر أحدهم جز ًءا من صحيح الحديث أو الذكر الحكيم‪ ،‬حتى يُلجم عقل السامع‪ ،‬وتخ ّر عاقليته‬ ‫نصا يف الكتاب أو السنة‪.‬‬ ‫رصعى أمام أية حقيق ٍة ُذكرتْ ً‬ ‫أما عن أضلولة الرأي الثالث عند أولئك الفقهاء فهو مرفو ٌع بشد ٍة لديهم‪« ،‬ألنه دي ٌن وليس تني»‪ ،‬كام كان يُقال لنا يف‬ ‫عبون عن امتعاضهم من أي تساؤ ٍل أو نقد‪ .‬ال يوافق هوى النص مهام‬ ‫مراحل دراستنا الرشعية‪ ،‬إذ كان مشايخنا األكارم يُ ِّ‬ ‫كان بسيطًا‪ ،‬فالعاقل لديهم إما شاك ًرا وإما كفو ًرا‪.‬‬ ‫‪ -4‬حنة أرندت (‪ Hannah Arendt (1975-1906‬فيلسوف ٌة ومفكر ٌة أمريكي ٌة من أصلٍ أملا ٍّين وجذو ٍر يهودية‪ .‬من أبرز علامء االجتامع السيايس يف القرن العرشين‪ .‬من مؤلفاتها‪:‬‬ ‫أسس الشمولية‪ ،‬والوضع البرشي‪ ،‬وما السياسة‪ ،‬ويف الثورة‪ ،‬ورسالتها مع هايديغر‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫واالجتهاد يف أبسط املسائل أم ٌر عس ٌري للغاية‪ ،‬خاص ًة إذا ما ابتغى االنفتاح والحياة األفضل‪.‬بينام يُصبح عندهم ‪-‬أي‬ ‫سهل ج ًدا‪ ،‬لطاملا يُفيض إىل تش ّد ٍد أعظم و تعصب أعمى وانغالقٍ أكرث‪.‬‬ ‫االجتهاد‪ً -‬‬ ‫مثل‪ ،‬بالرغم من مرور مئات السنني عىل وعي البرشية بأن األرض ليست مركز الكون‪ ،‬وأن هذا الكائن الكربوهيدرايت‬ ‫ً‬ ‫املُس ّمى باإلنسان‪ ،‬مل يعد محور هذا الوجود الذي ندركه‪ ،‬كام هدانا إىل ذلك بالطبع العظيم كوبرنيكوس‪ ،‬ومن بعده‬ ‫أولياء العلم الصالحني‪.‬‬ ‫رص عىل منارصة‬ ‫نجد أنّه ‪-‬ومع كل أسف‪ -‬مازالت بعض األديان اإلشكالية ت ُ ُّ‬ ‫السذج من أتباعها بأن يترصفوا بإستعالء وصلف‪،‬‬ ‫بطليموس وإقناع املُؤمنني ُ‬ ‫وكأنّهم الكائنات األعظم أهمية بني كل كائنات كوكب األرض‪،‬‬ ‫واألدهى أنّهم ما انفكوا يتدافعون ألن يثبتوا بدوغامئياتهم البالية ومسالكهم‬ ‫الحق املُبني والذكر الحكيم كل ُه‬ ‫ال ّرث ّة‪ ،‬أن الوجود بر ّمته ُم ّسخ ٌر لهم‪ ،‬وأ ّن َّ‬ ‫محصو ٌر فيام ُسطّ ّر لهم وحدهم دون العاملني‪ ،‬وأن ما قيل من أساطرياألولني‬ ‫تنزيل عليهم هو عني الصواب‪ ،‬وأن ما يتناقلوه توات ًرا هو ما يجب عىل جميع الناس‬ ‫ً‬ ‫أن يفعلوه أو يؤمنوا به‪.‬‬ ‫لب‬ ‫ورمبا املُحزن يف األمر‪ -‬يف ظني‪ -‬أنهم ال يقفون يف آخر ّ‬ ‫الصف من خصوم الحداثة والتنوير والعلم وحسب‪ ،‬بل ُّ‬ ‫أي من األقوام‬ ‫املشكلة معهم‪ ،‬يقع يف كونهم ليسوا حتى ً‬ ‫أهل ألية خصوم ٍة علمي ٍة أو حضاري ٍة أو حتى ثقافية‪ ،‬مع ٍّ‬ ‫األخرى‪ ،‬وال هم حتى بأندا ٍد ألبسط األفهام التي من حولهم يف هذا العامل املعارص‪ ،‬والذي بدأ يتأفف من عبئ وجودهم‬ ‫الفعيل عىل الحضارة اإلنسانية ككل‪.‬‬ ‫وبات كث ٌري من شعوب األرض يرونهم ليس غبا ًرا يزكم األنوف وحسب‪ ،‬بل ويعون وببساطة‪:‬‬ ‫أ ّن املشكلة مع هؤالء تكمن يف أنّهم ال يشء‪.‬‬ ‫عىل العموم لرمبا يبقى السؤال األهم يف قصارى هذا القول‪:‬‬ ‫مفس‬ ‫إىل متى ستبقى تلك النصوص بعيدةًعن االنتقاد أو التفنيد والتمحيص‪،‬مختبئ ًة وراء عقول املؤمنني الصلدة‪ ،‬بني ّ ٍ‬ ‫مكذب ومد ّجل؟‬ ‫وم ّرب ٍر أو بني‬ ‫ٍ‬ ‫أما آن لنا أن نعلم أنه من غري املعقول واملمكن أن يستمر أح ٌد يف دراسة وتلقني النصوص اإلسالمية الحالية‪ ،‬وأن يبقى‬ ‫رشا سويًا! وأنه لطاملا بقيت تلك األصول النصية بعيد ًة عن أي تغيريٍ يجعلها‬ ‫العقل منه متوازنًا‪ ،‬أو أن يكون معها ب ً‬ ‫‪43‬‬


‫أزم ُة ٍ‬ ‫نص‬ ‫ال أز َم ُة شخص‬

‫زكريا كردي‬

‫تناسب ما وصلت إليه قيم العرص اإلنساين الحديث من‬ ‫تكريم ومساوا ٍة لجميع بني اإلنسان‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولطاملا بقي املسلمون يبددون طاقاتهم يف التصدي لحقائق‬ ‫العلم‪ ،‬التي تتوضح مخالفتها للدين أكرث فأكرث‪ ،‬ولطاملا‬ ‫بقيت تلك النصوص يف عقول املؤمنني بها تحارب ما وصل‬ ‫إليه الوعي اإلنساين من إدراك حريات وحقوق اإلنسان ويف‬ ‫مقدمتها حرية التعبري واالعتقاد وحرية املرأة‪ ...‬إلخ‪ ،‬فلن‬ ‫تقوم للمسلمني قامئ ٌة‪ ،‬بل عىل األغلب لن يكون لهم موطئ‬ ‫أي من األمم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫قدم يف صدارة ٍّ‬ ‫ولرمبا يواجه املسلمون خطر االنتحار األكيد‪ ،‬مبواجهتهم لكل‬ ‫شعوب األرض ومللها‪ ،‬بهذه النصوص الخطرة وهذه األفهام‬ ‫السقيمة كام يحدث اليوم‪.‬‬ ‫ليتنا نعلم بأن األديان متوت‪ ،‬واألفكار والنظريات العلمية‬ ‫أيضا‪ ،‬لكن الفارق بينهام‪ ،‬أن النظريات العلمية واألفكار‬ ‫متوت ً‬ ‫تام لها ضمن سم ٍة تراكمي ٍة مفتوحة‪.‬‬ ‫تتبدل‪ ،‬ويتخىل عنها العلامء ً‬ ‫برض وسهولة‪ ،‬إ ّما بإضافتها وإ ّما باستبدا ٍل ٍ‬ ‫نسق مغلق‪ ،‬ينهض عىل اإلميان الرديء وعقلنة الواقع‪.‬‬ ‫أي دين‪ ،‬هو ٌ‬ ‫لكن الدين‪ُّ ،‬‬ ‫بدل م ْن أن تكون األفكار ره ًنا مبجرى الواقع‪ ،‬يصبح الواقع بر ّمته مرهونًا لألساطري واألوهام املقدسة وترهات األفكار‬ ‫أي ً‬ ‫املكدسة يف دهاليز تاريخ هذا الدين‪ ،‬وهنا تكمن خطورته عىل حياة املؤمنني به‪.‬‬ ‫لنتذكر جي ًدا‪ ،‬أن األديان التي تأىب أن تتج ّدد أو تفتح النوافذ ليستنشق اإلنسان دونها هواء الواقع النقي‪ ،‬غال ًبا ما تأكل‬ ‫مؤمنيها قبل الفناء‪.‬‬ ‫نص ال أزمة شخص‪.‬‬ ‫أيها السادة العقالء من بقايا نُ َخ ِب املُسلمني! مر ًة أخرى‪ ،‬نح ُن نواجه أزمة ٍّ‬ ‫رش مسلمني أن نبقى أو نحافظ عىل مقعدنا املتآكل يف عربة قيم‬ ‫وعلينا التحيل بالجرأة ملواجهة الخلل‪ ،‬إذا ما أ َردنا كب ٍ‬ ‫اإلنسانية املعارصة‪.‬‬ ‫‪44‬‬


‫ﻣﺴﻠﻤﻮ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ‬

Ex-Muslims of North America NO BIGOTRY, NO APOLOGY

‫دون ﺗﻌﺼﺐ أو اﻋﺘﺬار‬ ‫ﻧﺒﻨﻲ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﺩﺍﻋﻤﺔ‬

Building Communities

‫ﻧﻨﺸﺮ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ‬

Promoting Secular Values

‫ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺍﻟﺮﺩﺓ‬

Mitigating Costs of Apostasy

‫ﻧﺴﻌﻰ ﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﺍﻻﻧﺸﻘﺎﻕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ‬

Normalizing Religious Dissent

facebook.com/exmna

exmna.org

@exmuslimsofna

theexmuslim.com

E MNA 45


‫صفحة ثابتة‬ ‫نقدم فيها قراءة‬ ‫ألحد الكتب‬ ‫القيمة‬

‫رواية‬

‫«بعي ًدا عن البرش»‬ ‫للكاتب پاسكال ديسان‬

‫قصصا مختلف ًة وس ًريا ذات ّي ًة‬ ‫رواي ٌة مذهل ٌة تض ّم ً‬ ‫متع ّدد ًة لشخص ّي ٍ‬ ‫تصب يف حكاي ٍة واحدة‪...‬‬ ‫ات مختلف ٍة ّ‬ ‫تهت ّم جمي ًعا بحياة جاك الفلور‪...‬‬ ‫‪RoRo Evil-Girl‬‬ ‫‪46‬‬


‫بعيدً ا عن البرش‬

‫پاسكال ديسان‬

‫لقص جز ٍء من أشجار العلّيق التي كانت تعيق‬ ‫كان جاك قد جهز ّ‬ ‫مدخل الحديقة‪...‬‬ ‫قتيل عىل الفور‪ ،‬وما كان من فيليكس ورميي ومارك‬ ‫لكنه سقط ً‬ ‫كل من فيليكس‬ ‫وماغايل سوى التحقيق والبحث يف مقتله أل ّن ًّ‬ ‫وماغايل ومارك كانوا من الرشطة‪...‬‬ ‫كانت القض ّية فيها من التعقيد والتشويق بحيث كان يصعب عىل‬ ‫األربعيني‬ ‫املحقّق كونان نفسه أن يكشف أجحارها‪ ،‬فقد كان جاك‬ ‫ّ‬ ‫مقيم يف بيت أخته جني‪ -‬أو قُل مؤ ّخ ًرا‪ -‬بحيث ترصفنا‬ ‫العازب ً‬ ‫أصبحت ُمختلّ ًة‬ ‫الرواية ملتابعة سلوكات املرأة التي أظهرت أنها‬ ‫ْ‬ ‫عقل ًّيا مع مرور الزمن وقد رمت ك ّراسات جاك ووقعت بني يدي‬ ‫لب القض ّية‪،‬‬ ‫رميي الذي شكّل بنفسه ّ‬ ‫رجل ويقف يف طريق أبيه القايس وينتقم منه لنفسه وأل ّمه ويجعله ُمقع ًدا غري‬ ‫وقد تغذّى من كلامت القتيل ليصبح ً‬ ‫قاد ٍر عىل الحركة‪ ،‬ولو أ ّن أ ّمه الغبيّة قد رفعت دع ًوى قضائيّة ض ّده فيام بعد بسبب اعتدائه عىل أبيه‪...‬‬ ‫أ ّما فيليكس الذي تص ّدر العناوين وكان محطًّا الهتامم الراوي فهو اآلخر يشكّل مع ماغايل الذي ات ّخذته عشيقًا ٍ‬ ‫لوقت‬ ‫كل منهام إىل أن يعرف الحقيقة بنفسه‪...‬‬ ‫قصريٍ ثنائ ًّيا تنافس ًّيا بامتيا ٍز بحيث كان يطمح ٌّ‬ ‫تبي أ ّن ﭘيري قد خطّط مع‬ ‫وأكرث ما يعزي عىل الدهشة هو الحقيقة التي اكتشفها ّ‬ ‫كل محق ٍّق عىل طريقته‪ ...‬وقد ّ‬ ‫طفل هو غري قاد ٍر عىل إنجابه ألنه ببساط ٍة عاقر‪...‬‬ ‫زوجته أن تعارش أخيه جاك لتنجب منه ً‬ ‫وإ ّن موت الطفل يف النهاية جعله يعرتف‪ ،‬عدا عن وقوع األخ الضح ّية يف ح ّبها ح ّد الجنون ث ّم صدمته بخداعهام له‬ ‫الرئييس يسأم من حياته ويذهب بعي ًدا إىل الرباري والجبال ناش ًدا السكينة والعزلة بعي ًدا‬ ‫وهذا ما أ ّدى لجعل بطلنا‬ ‫ّ‬ ‫عن البرش مف ّك ًرا بالتخلّص من حياته ث ّم معتم ًدا يف النهاية عىل جاره أرنو بوجيه الذي اعرتف بفعلته بعدما أطلق‬ ‫النار عىل متثال الحديقة!‬ ‫‪47‬‬


‫بعيدً ا عن البرش‬

‫پاسكال ديسان‬

‫وحقيق ًة مل تكن قض ّية موت جاك الفلور هي الفكرة األساس ّية التي أرادها كاتبنا پاسكال ديسان‪ ،‬ألنه مل يعتمد‬ ‫البولييس يف الرسد‪ ،‬بل طغت البيوغراف ّية الوجدان ّية بحيث أنّنا مل نسمع صفّارة س ّيارة رشطة!‬ ‫األسلوب‬ ‫ّ‬ ‫بكل ٍ‬ ‫خبث ودناءة‪،‬‬ ‫مرفوضا لفظته الحياة ّ‬ ‫لقد كانوا األقرب لذات جاك حتى من شقيقيه جني وﭘيري‪ ،‬كان منبوذًا‬ ‫ً‬ ‫النفيس والكآبة واالبتعاد عن البرش‪ ،‬عن تلك الحيوانات الضارية التي كانت تفرتسه عىل‬ ‫الوحدة واليأس والتخبّط‬ ‫ّ‬ ‫الدوام‪...‬‬ ‫لتستحق تلك النهاية العادلة‪ ،‬فليس القانون‬ ‫لقد قاىس وعاىن ما ملس أعامق رميي فام كان منه ّإل قتل العاهرة ڤالريي‬ ‫ّ‬ ‫قاد ًرا دو ًما عىل منح العدالة وأخذ حقوق األفراد‪ ،‬رميي الذي مل يكن يعرف جاك قبل موته قد قرأ ك ّراساته وعايش‬ ‫كل قارئٍ لهذه الرواية أن يصبح جاك آخر!‬ ‫أيضا أن يصبح ّ‬ ‫كامل تفاصيل حروفها وصار جاك ثانيًا‪ ،‬وال مانع ً‬

‫كتاب أخطاء القرآن حيصر أكثر من‬ ‫ألفني ومخسمائة خطأ لغوي يف القرآن‬ ‫ويرتجم النص القرآني لثالث لغات‬ ‫ويقدمه ألول مرة بالرتتيب التارخيي‬ ‫الصحيح‬ ‫ً‬ ‫متوفر اآلن على موقع أمازون وجمانا‬ ‫على الرابط التايل‬ ‫‪goo.gl/emoQDp‬‬

‫األخطاء اللغوية يف‬

‫ال���� ال��ي�‬ ‫د‪ .‬سامي الذيب‬

‫‪48‬‬


https://www.facebook.com/groups/arbangroup/

49


‫شيوعي‬ ‫ملحد إذن أنت‬ ‫أنت ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫يف الكثري من البلدان العربية ومنها‬ ‫العراق يتم ربط اإللحاد بالشيوعية‬ ‫ٍ‬ ‫لظروف‬ ‫تلقائ ًيا يف عقول الناس‪ ،‬نتيج ًة‬ ‫تاريخي ٍة وسياسي ٍة مرت بها املنطقة‬ ‫العربية طوال القرن العرشين‪ ،‬مام‬ ‫ولّد هذا الرتابط الخاطىء بني‬ ‫اإللحاد والشيوعية عند الناس‪.‬‬

‫‪Mohammed Waleed‬‬ ‫‪50‬‬


‫شيوعي‬ ‫ملحد إذن أنت‬ ‫أنت ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪Mohammed Waleed‬‬

‫ويحاول بعض منتقدي اإللحاد الرتكيز عىل هذه النقطة يف هجومهم‪،‬‬ ‫نظم سياسي ًة واقتصادي ًة غري‬ ‫وال سيام أن الشيوعية يف العامل أنتجت ً‬ ‫ٍ‬ ‫وشخصيات ديكتاتوري ٍة سيئة السمعة أمثال ستالني وماو‪،‬‬ ‫ناجح ٍة‬ ‫وهذا بالضبط ما يحاول إيصاله هؤالء بأن اإللحاد إذا ما تم تبنيه يف‬ ‫املجتمع والدولة سوف يقود إىل نفس هذه التجارب الفاشلة‪ .‬وشخص ًيا‬ ‫عندما كنت انتقد يف العراق بعض األفكار واملامرسات الدينية يتم‬ ‫اتهامي مبارش ًة هل أصبحت شيوع ًيا؟‬

‫ماو‬ ‫ستالني‬

‫سأتكلم بالتفصيل عن التجربة الشيوعية يف العراق والتفاصيل التاريخية لربطها باإللحاد‪ ،‬لكوين ببساط ٍة عراقي‪ ،‬حيث‬ ‫بدأتْ أوىل األفكار الشيوعية يف الدخول إىل العراق يف عرشينات القرن العرشين‪ ،‬وهذا ما أدى يف النهاية إىل تأسيس‬ ‫الحزب الشيوعي العراقي عام ‪ ،1937‬وكان له دو ٌر ٌ‬ ‫فعال يف إدخال أفكا ٍر تقدمي ٍة وتحرري ٍة وبالطبع معها األفكار‬ ‫اإللحادية‪ ،‬رغم أن اإللحاد موجو ٌد قبل دخول األفكار الشيوعية كام يف حالة الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي‬ ‫ولكنه مل يكن بهذا االنتشار الكبري‪ ،‬نقطة االنعطاف الكربى هي مشاركة الحزب الشيوعي العراقي يف انقالب ‪1958‬‬ ‫الذي أطاح بالحكم املليك يف العراق وأدى إىل مقتل امللك فيصل الثاين وإقامة الجمهورية‪ ،‬يف هذه الفرتة كانت للحزب‬ ‫الشيوعي اليد الطوىل يف املجتمع العراقي شعب ًيا وينافس سياس ًيا وبقو ٍة بقية األحزاب‪ ،‬باإلضافة إىل أنه كان مدعو ًما من‬ ‫ِقبل زعيم االنقالب ورئيس الوزراء عبد الكريم قاسم‪،‬‬ ‫اب تقدمي ٌة وعلامني ٌة مثل األحزاب القومية وعىل رأسها حزب‬ ‫وهذا ما دفع بقية األحزاب حتى التي ت ّدعي أنها أحز ٌ‬ ‫البعث العدو اللدود للشيوعيون‪ ،‬إىل مهاجمة الشيوعيني باعتبارهم ملحدين خارجني عن الدين اإلسالمي‪ ،‬وهذا ما‬ ‫شجع األحزاب القومية يف العراق بالضد فقط من الفكر الشيوعي‪ ،‬إىل تب ّني بعض األفكار اإلسالمية باعتبار أن القومية‬ ‫العربية واإلسالم من منبعٍ واحد‪،‬‬ ‫ومع األسف أن قام ًة كبري ًة مثل الشاعر بدر شاكر السياب انجرف مع هذا‬ ‫األمر حيث كتب كتابًا اسمه «كنت شيوع ًيا» هاجمهم فيه ‪-‬بعد أن كان واح ًدا‬ ‫أيضا عىل نقطة اإللحاد رغم أن خالفه معهم وخروجه‬ ‫منهم‪ -‬وركز يف هجومه ً‬ ‫ألسباب شخصي ٍة وسياسي ٍة وال تتعلق بكون الحزب إلحاديًا‬ ‫من الحزب كان‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه ببساط ٍة يف بداية شبابه عىل األقل مل يكن أقل إلحا ًدا منهم‪،‬‬

‫‪51‬‬

‫بدر شاكر السياب‬


‫شيوعي‬ ‫ملحد إذن أنت‬ ‫أنت ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪Mohammed Waleed‬‬

‫ٍ‬ ‫وتقديس كالذي عند املؤمن ومنها هذا املقطع الشعري‪:‬‬ ‫وكان يوظف رموزًا ديني ًة يف أشعاره واليتعامل معها باحرت ٍام‬ ‫وأنا ومحم ٌد والله‬ ‫وهذا قربنا أنقاض مئذن ٍة معفر ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫محمد والله‬ ‫عليها يكتب اسم‬ ‫رس مبعرث ٍة‬ ‫عىل ك ٍ‬ ‫من اآلج ّر والف ّخار‬ ‫فيا قرب اإلله عىل النهار‪.‬‬ ‫وبالعودة لكتابه «كنت شيوعيًا» حيث يصفهم بكونهم ملحدين منحلني أخالقيًا بوصفه للعالقة بني الشيوعيني‬ ‫والشيوعيات التي التتسم بالعفاف‪ ،‬ويف الحلقة الثامنة من الكتاب‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫معلل ذلك يف‬ ‫«إن الشيوعيني أجنب خلق الله‪ ،‬وتفسريه لهذا الجنب هو بسبب عدم إميان الشيوعيني بالحياة األخرى‪ً ،‬‬ ‫الفَرق بني الجربية والقدرية‪ ،‬حيث أن الجربية تقول إن األنسان يستطيع التحكم بحياته واتقاء الرش واملوت‪ ،‬أما القدرية‬ ‫فهي تؤمن بأن الرش يأيت لإلنسان ولو كان يف برو ٍج مشيّدة‪ ،‬ولذلك كان املسلمون أشدا ًء أقويا ًء يف الحروب ألنهم يعرفون‬ ‫أن لكلٍ قدره يف املوت»‪.‬‬ ‫وبالتأكيد‪ ،‬املراجع الدينية كانت متصدر ًة ملشهد الهجوم ضد الحزب‬ ‫الشيوعي بوصفه ملح ًدا حيث قامت بتكفري الفكر الشيوعي رصاح ًة كام‬ ‫فعل املرجع الديني األعىل للشيعة عبد املحسن الحكيم باإلعالن اآليت‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫عمل غري رشعي‪ ،‬وأن ارتباطًا كهذا‬ ‫ارتباط بالحزب الشيوعي يعد ً‬ ‫«أي‬ ‫ينطوي يف جوهره عىل اإللحاد والكفر أو أنه داع ٌم لإللحاد والكفر»‪،‬‬ ‫ونتيج ًة لهذا اإلعالن توالت رسائل التوبة التي و ّجهها العديد من الشيعة‬ ‫ممكن كانوا قد انضموا إىل الحزب الشيوعي العراقي‪ .‬وعرب ميزرا مهدي‬ ‫قصاب‬ ‫حكم بأن عىل املسلمني االمتناع عن رشاء اللحم من‬ ‫ٍ‬ ‫الشريازي ً‬ ‫شيوعي‪ ،‬وأن االبن الشيوعي ال يحق له أن يرث أباه املسلم‪.‬‬ ‫عبد املحسن الحكيم‬

‫‪52‬‬


‫شيوعي‬ ‫ملحد إذن أنت‬ ‫أنت ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪Mohammed Waleed‬‬

‫أيضا‪ ،‬حيث أصدر الشيخ مرتىض الياسني فت ًوى تنص عىل أن الوالء‬ ‫ولَم يقترص األمر عىل الجانب الشيعي بل السني ً‬ ‫للحزب الشيوعي يعد واح ًدا من أعظم اآلثام وأكربها‪ ،‬وقد أدى هذا يف النهاية إىل تأسيس حزب الدعوة اإلسالمي‬ ‫الشيعي والحزب اإلسالمي العراقي ‪-‬فرع اإلخوان املسلمني يف العراق‪ -‬كرد فعلٍ عىل التمدد الشيوعي يف العراق‪.‬‬ ‫هذا الرصاع السيايس يف العراق أدى إىل تشويه صورة اإللحاد ونعته مبختلف التسميات السيئة والتي امتدت إىل أيامنا‬ ‫هذه‪ ،‬حيث كانت للتجربة الشيوعية الفاشلة عرب ًيا وعامل ًيا أن تُلقي بظاللها عىل الفكر اإللحادي‪ ،‬باالضافة إىل فشل‬ ‫األنظمة العسكرية واألحزاب القومية أن تدفع العرب إىل الفكر والتشدد اإلسالمي‪.‬‬ ‫أيضا عانت من ذلك حيث متت مهاجمة الشيوعيني‬ ‫التجربة املرصية ً‬ ‫عن طريق مهاجمة الفكر اإللحادي‪ ،‬وهذا ما أدى مبرص إىل أن تسقط‬ ‫يف أحضان اإلسالميني‪ ،‬نتيجة تهور السادات برتكه الحرية لإلسالميني‬ ‫من أجل رضب اليسار املرصي وعىل رأسه الشيوعي‪ ،‬وكلنا نعرف ما‬ ‫حصل بعد ذلك بداي ًة من قتل السادات عىل أيديهم إىل استفحال‬ ‫الحركات املتشددة يف املجتمع املرصي‪.‬‬ ‫اغتيال السادات‬

‫واألمر بالنسبة للسعودية واضح‪ ،‬حيث أنهم حلفا ٌء اسرتاتيجيون ألمريكا العدو األول للشيوعية‪ ،‬باإلضافة لخوف نظام‬ ‫الحكم من هذه األفكار التي تهدد أمنهم‪ ،‬لذلك بادر مفتي اململكة ابن باز بتكفري الشيوعية بوصفها إلحا ًدا ويدعو إىل‬ ‫محاربتها عسكريًا يف أفغانستان‪.‬‬ ‫هذا األمر مل يحدث يف العراق أو العامل العريب فقط بل حتى أمريكا استغلت قضية اإللحاد يف حربها الباردة ضد االتحاد‬ ‫املؤسسون كانوا الدينيني أمثال جيفرسون وغريه‪.‬‬ ‫السوفيتي‪ ،‬رغم أن الواليات املتحدة رجالها ّ‬ ‫يأيت اآلن وقت وضع النقاط عىل الحروف‪ ،‬اإللحاد ببساط ٍة هو عدم اإلميان بوجود اآللهة فقط ال غري‪ ،‬وال يستدعي ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫سيايس أو حز ٍيب أو نظري ٍة اقتصادي ٍة محددة‪ ،‬فامللحد ممكن أن يكون شيوع ًيا أو ليربال ًّيا وممكن أن يكون‬ ‫موقف‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫اشرتاكيّا أو رأسامليًّا وممكن أن يكون قوميًا أو مؤم ًنا بقيم العوملة والحداثة‪،‬‬ ‫حيث أن من األشياء القليلة التي يتفقون عليها سياس ًيا هي رضورة قيام دول ٍة علامني ٍة بعيد ٍة عن الدين‪ ،‬وبعد هذا هم‬ ‫ٍ‬ ‫مقدس أو شخصي ٍة مقدس ٍة‬ ‫بكتاب‬ ‫يف كل يش ٍء مختلفني سياس ًيا تقري ًبا‪ ،‬ألنهم ببساط ٍة ليسوا قطي ًعا يرتهنون عقولهم‬ ‫ٍ‬ ‫رأي واح ٌد‪،‬‬ ‫ليكون لهم ٌ‬ ‫‪53‬‬


‫شيوعي‬ ‫ملحد إذن أنت‬ ‫أنت ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪Mohammed Waleed‬‬

‫وعم فعله بعض حكامهم‪ ،‬ألن هذه الدول قامت عىل‬ ‫عم حصل يف الدول الشيوعية ّ‬ ‫لذلك فإن اإللحاد غري مسؤو ٍل ّ‬ ‫واقتصادي هدفه إقامة دول ٍة شيوعي ٍة مناهض ٍة للرأساملية وليست إقامة دول ٍة إلحادي ٍة مناهض ٍة للدول‬ ‫سيايس‬ ‫أساس فك ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املؤمنة‪.‬‬ ‫بالنهاية أنا يف هذا املقال مل أحاول أن أنتقد الفكر الشيوعي ونظريته االقتصادية التي بطبيعة الحال لديها الكثري من‬ ‫املؤيودين يف العامل العريب (رغم عدم قناعتي الشخصية بها)‪ ،‬لكن الهدف هو فض االشتباك بني اإللحاد والشيوعية‪ ،‬بغض‬ ‫النظر عام إذا كانت هذه الدول الشيوعية متثل النظرية الشيوعية الصحيحة أم ال‪ ،‬ألين أتكلم هنا عن الواقع وفقط‬ ‫الواقع‪.‬‬ ‫وبالنسبة يل أنا أؤمن مبا يقوله الفيلسوف هيغل أنه‪:‬‬ ‫حتم توت ٌر بني أسلوبني مختلفني‬ ‫ومييني عىل طاول ٍة واحدة‪ّ ،‬‬ ‫«عندما يجلس اشرتايكٌ‬ ‫ليحل مشكل ًة اجتامعي ًة‪ ،‬يكون هناك ً‬ ‫ٌ‬ ‫مصيب كل ًيا‪ ،‬وإمنا العكس‪ ،‬فلدى كل منهام بعض‬ ‫يف النظر إىل الحياة‪ ،‬وهذا ال يعني أن أحدهام مخطى ٌء كل ًيا واآلخر‬ ‫ٌ‬ ‫الخطأ وبعض الصواب‪ ،‬ولذلك فإننا ال نحفظ من املناقشة إال العنارص اإليجابية يف وجهة نظر كل منهام‪ ،‬عىل أنه ال‬ ‫توجد ضامنات‪ ،‬عندما نحاول اتخاذ موقف‪ ،‬أن نتخذ موقف املصيب‪ ،‬لكن التاريخ هو الذي يثبت يف النهاية من كان‬ ‫صواب والصحيح هو وحده الذي يبقى القادر عىل الحياة‪».‬‬ ‫عىل خطأٍ ومن كان عىل‬ ‫ٍ‬

‫‪www.facebook.com/M-80-II-941772382615672‬‬

‫‪s‬‬

‫‪54‬‬


‫راوند دلعو‬

‫عفاريت نيوتن‬ ‫‪55‬‬


‫عفاريت نيوتن‬ ‫راوند دلعو‬

‫مل تكن قوانني نيوتن بحاج ٍة إىل حمالت تبشريٍ ومراكز دعو ٍة النتشارها!!!‬ ‫أي شخص‪....‬‬ ‫مل ميت من أجل نرشها ّ‬ ‫أي ٍ‬ ‫شخص مبعارضة انتشارها وتجييش الحمالت العنفيّة املُق ّدسة ض ّدها !!‬ ‫مل يفكّر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مل يتم فهمها بع ّدة طرقٍ‬ ‫وتأويالت ينشأ عنها مذاهب تتحارب وتقتل بعضها تق ّربًا‬ ‫إىل الله‪!!!...‬‬ ‫كل بقاع األرض وت ّم اعتامدها‬ ‫انترشت هذه القوانني واألبحاث برسع ٍة رهيب ٍة يف ّ‬ ‫كل جامعات العامل‪ ،‬يف حني استغرقت أرسع األفكار امليتافيزيق ّية‬ ‫وتدريسها يف ّ‬ ‫والدين ّية انتشا ًرا إىل مئات السنني ومئات آالف الجثث وعرشات الحروب واملذاهب‬ ‫العرقي والفتوحات!!!‬ ‫لتنترش باإلكراه والتطهري‬ ‫ّ‬

‫كتاب املبادئ لنيوتن‬

‫حق واتباع باطل‪ ،‬كام أنها‬ ‫أضف إىل ذلك أ ّن قوانني نيوتن خالي ٌة من العنرصيّة والتصنيف والتفريق بني البرش إىل اتباع ٍّ‬ ‫بغض النظر عن الجغرافية والتاريخ والعرق!!! كام أنك لن تُس ّمى كاف ًرا إن أنكرتها ُمكابرةً‪ ،‬بل ستحرم‬ ‫قابل ٌة للتطبيق ّ‬ ‫نفسك حقيق ًة علم ّي ًة ها ّم ًة وستبقى أسري البدائ ّية والتخلّف!!!‬ ‫وبالتايل أعترب قوانني الفيزياء مبثابة (الفطرة) التي طاملا ح ّدثونا عنها وص ّدعوا رؤوسنا بها‪.‬‬ ‫خي بني أن تقوم بتطبيق قوانني نيوتن مع إخوتها من قوانني الفيزياء األخرى لتحصل عىل الجنة هنا عىل األرض‬ ‫فأنت ُم ّ ٌ‬ ‫كامل للام ّدة والطاقة لخدمتك)‪ ،‬أو أن تهجر قوانني نيوتن‬ ‫أقل‪ ،‬تكنولوجيا‪ ...‬إلخ‪ ،‬أي تطوي ٌع ٌ‬ ‫(رخاء‪ ،‬سعادة‪ ،‬رفاه ّية‪ ،‬جه ٌد ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وتنكرها مع إخوتها من قوانني الفيزياء وستعيش عندها يف ٍ‬ ‫كامل‬ ‫وتعب وستستغرق حاممتك الزاجلة شه ًرا ً‬ ‫وجهد‬ ‫ضنك‬ ‫ٍ‬ ‫قاب أو سه ٌم من سهام الحروب الطائف ّية املنترشة‬ ‫رس أو ُع ٌ‬ ‫بل أكرث إليصال رسالتك أل ّمك يف الغربة‪ ،‬هذا إن مل يفرتسها ن ٌ‬ ‫بكرث ٍة عىل الطريق بني أتباع األديان واملذاهب هذه األيّام‪.‬‬ ‫عفريت غري مر ٍّيئ‬ ‫الحق أقول لكم‪ ،‬لو افرتضنا أ ّن نيوتن قال يف قانونه األول‪« :‬يبقى الجسم ساك ًنا إىل أن يأيت‬ ‫ٌ‬ ‫والحق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عندئذ سيحتاج نيوتن إىل إثبات وجود العفاريت ولن يستطيع‪ ،‬فس ُيضط ّر إىل اللجوء للق ّوة وتشكيل ٍ‬ ‫جيش من‬ ‫يُح ّركه»؛‬ ‫فدائ ّيي نيوتن إلقناع الناس بوجود العفاريت باستخدام العنف والق ّوة‪ ،‬والضطُ ّر عندها لفربكة بعض النصوص العفاريت ّية‬ ‫ٍ‬ ‫عندئذ ترنيامت‬ ‫التي تؤث ّر يف عواطف الناس‪ ،‬ثم نسبتها إىل تلك العفاريت وإسباغ نكهة التقديس عليها‪!...‬والنترشت‬ ‫‪56‬‬


‫عفاريت نيوتن‬ ‫راوند دلعو‬

‫(لكل فعلٍ ر ّد فعلٍ‬ ‫الطبيعي وحسب قانون نيوتن الثالث ّ‬ ‫عفاريت نيوتن ونصوصه املؤكّدة عىل وجود العفاريت‪ ،‬ث ّم من‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ومعاكس له باالت ّجاه) أن تنترش ترنيامتٌ معاكس ٌة ومضا ّد ٌة لرتنيامت عفاريت نيوتن‪ ،‬لتؤكّد عدم وجود‬ ‫مسا ٍو له باملقدار‬ ‫العفاريت أو وجود عفاريت من نو ٍع آخر‪ ،‬و بالتايل الستفحلت املذابح والحروب يف بريطانيا بني النيوتن ّيني والالنيوتن ّيني‬ ‫حول طبيعة العفاريت ووجودها من عدمه‪ ،‬ولوجدنا النيوتن ّيني اليوم مختلفني حول طبيعة العفاريت إىل ‪ 40‬مذهب‪،‬‬ ‫كل منهم ي ّدعي أنه صاحب الصلة الحقيقيّة بعفاريت نيوتن‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫و مبا أ ّن إسحاق نيوتن ‪-‬وفق السيناريو أعاله‪ -‬مل يرتك منظوم ًة فكريّ ًة عقالن ّي ًة واضح ًة عن طبيعة هؤالء العفاريت‬ ‫وكيف ّية تح ّرك الجسم بنا ًء عىل تد ّخلها به‪ ،‬فس ُيضط ّر الربيطان ّيون إىل البحث عن ٍ‬ ‫شخص يتواصل مع هذه العفاريت بعد‬ ‫نيوتن‪ ....‬وسيختلفون عىل الشخص ّية األجدر بخالفة نيوتن‪ ،‬ث ّم سيقتتلون فيام بينهم عىل تحديد هذه الشخص ّية!‬ ‫الرببري الثاين‪ ...‬ظلامت ما بعد عرص الظلامت‪...‬‬ ‫ولوجدنا أوروبا اليوم تعيش يف عرصها‬ ‫ّ‬ ‫ولكنت أكتب هذه املقالة اليوم عىل جلد املاعز تحت ضوء‬ ‫ولس ّميناه عرص الحروب حول طبيعة عفاريت نيوتن‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫مستلق يف خيمتي املنصوبة يف العراء‪!...‬‬ ‫الشموع وأنا‬ ‫ٍ‬

‫الخالصة‪:‬‬ ‫إىل جميع املؤمنني بالعنف كوسيل ٍة لنرش األفكار وفرضها عىل اآلخرين أقول‪:‬‬ ‫لألفكار أجنح ٌة تحلّق بها بقدر منطق ّيتها وعقالن ّيتها‪ ...‬فال تحاولوا نرش األفكار‬ ‫املنطقي والجرب الالعقال ّين بواسطة العنف واملدفع‪ ...‬فالفكرة‬ ‫املُصابة بالكساح‬ ‫ّ‬ ‫البرشي‬ ‫القويّة املنطق ّية تثبت نفسها وتدوم بل تطري وتحلّق وت ُث َّبت يف عمق الوعي‬ ‫ّ‬ ‫مبُج ّرد تحريك الشفاه بها‪ ....‬فال داعي للسيوف أو للمدافع أو للمنجنيقات‪ ...‬وال‬ ‫الصليبي‪ ...‬وال‬ ‫داعي لفتح القسطنطين ّية أو الستعادة القدس واألندلس للبيت‬ ‫ّ‬ ‫داعي ملغامرات هوالكو من جديد‪...‬‬ ‫فالله العظيم ليس بحاج ٍة إىل من يدافع عنه‪....‬‬

‫‪57‬‬


‫ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‬ ‫اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﻓﯽ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ‬

‫‪Council of Ex-Muslims of Britain‬‬ ‫‪www.ex-muslim.org.uk‬‬

‫ﻧﺤ‬

‫ﻦﻣ‬ ‫ﺴ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻤ‬ ‫ﻮ‬ ‫نﻧ‬

‫ﺒﺬ‬

‫ﻧﺎ دﻳﻨﻨﺎ‬

‫ﺑﱰﻛﻨﺎ اﻹﺳﻼم ﻧﻜﴪ ﻣﺤ ّﺮﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺪﻋﻴﻢ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺤﻘﻮق واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻧﻧﻴﺔ‪ .‬وﰲ ﻧﺸﺎﻃﻨﺎ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺎﺎ ﻳﲇ‪:‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎوي ﰲ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﺑ اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﻧﻘﺪ اﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻹﻟﺤﺎد‪.‬‬ ‫ﻓﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻨﻈﺎﻣ‪ ،،‬اﻟﻘﺎﻧﻮ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ‬ ‫ﺣﻈﺮ اﳌررﺳﺎت واﻟﻌﺎدات واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺎس وﺗﻀﻴﻖ ﻋﲆ ﺣ ّﺮﻳﺎﺗﻬﻢ‪.‬‬ ‫إزاﻟﺔ ﻛﻞ اﻟﻌﺎدات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻄﻬﺪ اﳌﺮأة وﺗﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ‪ ،‬وﺣﻈﺮ ﻓﺼﻞ اﻟﺠﻨﺴ‪..‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ أو رﺳﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎس‪.‬‬ ‫ﺣﻳﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﻢ واﻹﺳﺎءة إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺳﻮاء اﳌﺎدي أو اﳌﻌﻨﻮي‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫ﺳﻴﺮة‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ آﻣﻨﺔ‬ ‫اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﺸﺮون‪ :‬اﻟﻤﻌﺮاج‬

‫ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎب‬ ‫‪LA VIE DE MAHOMET‬‬ ‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬ﺳﺎرة ﺳﺮﻛﺴﻴﺎن‬ ‫ﺗﺪﻗﻴﻖ ﺗﺮﺟﻤﺔ وﺗﺪﻗﻴﻖ ﻣﺼﺎدر وإﺧﺮاج‪:‬‬ ‫أﺳﺮة ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ اﻟﻌﺮب‬ ‫‪59‬‬


‫اﻟ ِﻤﻌﺮاج‬

‫ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻷوﻟﻰ‪:‬‬ ‫ﺷﺎﻫﺪ ﻗﺒﺮ ﻣﺎﺷﻂة ﺑﻨﺖ ﻓﺮﻋﻮن‪،‬‬ ‫وﻗﺺ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺘﻬﺎ‪:‬‬ ‫ّ‬

‫ﻋﺎﺷﺖاﻟﻮﺻﻴﻔﺔاﻟﻤﺆﻣﻨﺔ‬ ‫ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻔﺮﻋﻮن اﻟﺬي ﻗﺘﻞ‬ ‫زوﺟﺘﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮف أﻧﻬﺎ‬ ‫ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺑﺎﷲ اﻟﻮاﺣﺪ‪.‬‬

‫ﺑﻌﺪ اﻹﺳﺮاء ﻣﻦ ﻣﻜّﺔ إﻟﻰ‬

‫اﻟﻘﺪس‪ ،‬ﻋﺮج اﻟﺼﺎدق‬

‫اﻷﻣﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‬ ‫اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺻﺨﺮة اﻷﻗﺼﻰ‪.‬‬

‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺸﻂ ﺷﻌﺮ اﺑﻨﺔ ﻓﺮﻋﻮن‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻘﻂ اﻟﻤﺸﻂ ﻓﺠﺄة ﻓﻘﺎﻟﺖ‪:‬‬

‫ﺑﺴﻢ اﷲ!‬

‫اﷲ؟‬ ‫ﻫﻞ ﺗﻘﺼﺪﻳﻦ أﺑﻲ؟‬

‫رب‬ ‫ﻻ‪ ،‬اﷲ ﻫﻮ ُّ‬ ‫ورب ِ‬ ‫ّ‬ ‫أﺑﻴﻚ‪.‬‬ ‫ﻛﻞ اﻟﺒﺸﺮ ُّ‬

‫ﻣﻦاﻟﻤﻨﺎدي؟‬

‫ﺛﻢ ﻧﺎدى رﺟ ٌﻞ ﻣﺤﻤﺪ‪.‬‬ ‫ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬اﻧﺘﻈﺮ‪ ،‬أرﻳﺪ اﻟﺘﺤﺪث إﻟﻴﻚ!‬

‫أن ﻓﻲ ﻗﺼﺮه‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮف ﻓﺮﻋﻮن ّ‬ ‫ﺑﺮب ﻏﻴﺮه‪ ،‬رﻣﻰ أﺑﻨﺎءﻫﺎ‬ ‫اﻣﺮأ ًة ﺗﺆﻣﻦ ٍ‬ ‫اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻓﻲ ٍ‬ ‫واﺣﺪا ﺗﻠﻮ‬ ‫زﻳﺖ ﻳﻐﻠﻲ ً‬ ‫اﻵﺧﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬﺎ رﻓﻀﺖ اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻦ‬ ‫إﻳﻤﺎﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﻲ وأﺑﻨﺎؤﻫﺎ أول‬ ‫)‪(1‬‬ ‫اﻟﺸﻬﺪاء‪.‬‬

‫إﻧﻪ ﻳﺪﻋﻮ ﻻﻋﺘﻨﺎق اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﻟﻮ أﺟﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻻﻋﺘﻨﻖ ﻗﻮﻣﻚ ﻣﺎ‬ ‫ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺘﻮراة‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫ﻣﺤﻤﺪا ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ‪.‬‬ ‫ﻟﻜﻦ ً‬ ‫ﻧﺎداه رﺟ ٌﻞ آﺧﺮ‪ّ ،‬‬

‫ﻟﻮ أﺟﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻻﻋﺘﻨﻖ ﻗﻮﻣﻚ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ‪.‬‬

‫إﻧﻪ ﻳﺪﻋﻮ‬ ‫ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻗﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎل واﻷﻧﺎﻗﺔ‪.‬‬ ‫ﺛﻢ ﻧﺎدﺗﻪ اﻣﺮأٌة ﻓﻲ ّ‬

‫ﻳﺎﻣﺤﻤﺪ!‬ ‫إﻟﻲ‪.‬‬ ‫اﻧﻈﺮ ّ‬

‫ﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎة‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪،‬ﻓﻬﻲﺳﺮﻳﻌﺔ‬

‫ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﺘﻨﺔ‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻨﻬﻤﺎ‪.‬‬ ‫وﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك اﻣﺮأ ٌة ﻋﺠﻮز ﻋﻠﻰ‬

‫ﻳﺎﻣﺤﻤﺪ!‬ ‫ﻟﻮ ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻷﺻﺒﺢ ﻗﻮﻣﻚ ﻳﺴﻌﻮن اﻧﺘﻈﺮ‪ ،‬أرﻳﺪ أن أﻃﺮح‬ ‫وراء ﻣﻠﺬات اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻟﻨﺴﻮا‬ ‫ﻋﻠﻴﻚﺳﺆا ًﻻ‪.‬‬

‫ﻳﺒﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة‬ ‫ﻟﻢ ّ‬ ‫اﻟﺪﻧﻴﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻟﻬﺬه‬ ‫اﻟﻌﺠﻮز ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ‪.‬‬

‫اﻵﺧﺮة‪.‬‬

‫ﺛﻢ رأى ً‬ ‫رﺟﻼ ﻳﺤﻤﻞ ً‬ ‫أﺛﻘﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﺤﻄﺐ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺣﻤﻠﻬﺎ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ‬ ‫ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺟﻤﻊ اﻟﻤﺰﻳﺪ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﻫﺬا؟‬

‫اﻟﺰوال‪.‬‬

‫)‪(2‬‬

‫ﻫﺬا اﻟﺬي ﻋﻨﺪه اﻷﻣﺎﻧﺔ ﻻ ﻳﺆدﻳﻬﺎ وﻫﻮ‬ ‫ﻳﻄﻠﺐأﺧﺮى‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫ُﻘﻄﻊ رؤوﺳﻬﻢ ﺛﻢ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ‪.‬‬ ‫ورأى ً‬ ‫رﺟﺎﻻ ﺗ ّ‬

‫إﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﻌﻬﻢ‬ ‫اﻟﻜﺴﻞ ﻋﻦ إﻗﺎﻣﺔ‬ ‫اﻟﺼﻼة‪.‬‬

‫أﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﺮﻛﻮن اﻟﻠﺤﻢ اﻟﻄﺎزج‪،‬‬ ‫ورأى ً‬ ‫وﻳﺸﺘﻬﻮن أﻛﻞ اﻟﻠﺤﻮم اﻟﻔﺎﺳﺪة‪.‬‬ ‫ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﺘﺮﻛﻮن ﻓﺮاش اﻟﺰوﺟﻴﺔ‬ ‫وﻳﻤﺎرﺳﻮن‬ ‫اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ‪.‬‬

‫أﻧﺎﺳﺎﺗُﻘﺘﻠﻊأﻟﺴﻨﺘﻬﻢوﺷﻔﺎﻫﻬﻢ‬ ‫وﺷﺎﻫﺪ ً‬ ‫ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﻮد ﻟﻤﻜﺎﻧﻬﺎ‪.‬‬

‫أﻧﺎﺳﺎ ﻳﻠﺒﺴﻮن ﻓﻘﻂ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮ ﻋﻮراﺗﻬﻢ‪،‬‬ ‫ورأى ً‬ ‫وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺜﻞ ﻗﻄﻌﺎن اﻟﻤﺎﺷﻴﺔ‪ ،‬ﻳﺘﻐﺬون ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺷﻮك ﻳﺎﺑﺲ‪.‬‬ ‫ﺷﺠﺮة اﻟﺰﻗﻮم‪ ،‬وﻫﻲ ٌ‬

‫ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا‬ ‫ﻻ ﻳﻌﻄﻮن اﻟﺼﺪﻗﺔ‪.‬‬

‫رﺟﻼ ﻳﺴﺒﺢ ﻓﻲ ﻧﻬ ٍﺮ ﻣﻦ اﻟﺪم‪ ،‬وﻳﺄﻛﻞ اﻟﺤﺠﺎرة‪.‬‬ ‫وﺷﺎﻫﺪ ً‬

‫ﻛﺎن ﻳﺄﻛﻞ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫اﻟﺮﺑﺎ‪.‬‬

‫وﺷﺎﻫﺪ ً‬ ‫رﺟﺎﻻ ﻟﻬﻢ ﺷﻔﺎه اﻟﺒﻌﻴﺮ‪ ،‬ﻳﺄﻛﻠﻮن اﻟﺠﻤﺮ‪ ،‬ﻟﻴﺨﺮج‬ ‫ﻣﻦ أدﺑﺎرﻫﻢ‪.‬‬ ‫ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺒﺎﺣﻮا‬ ‫)‪(4‬‬ ‫أﻣﻮالاﻟﻴﺘﺎﻣﻰ‪.‬‬

‫إﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﺰرﻋﻮناﻟﻔﺘﻨﺔ‬ ‫ﺑﺄﺣﺎدﻳﺜﻬﻢ‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫ﻧﺴﺎءا ﻣﻌﻠﻘ ًﺔ ﻣﻦ أﺛﺪاﺋﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﺷﺎﻫﺪ ً‬

‫أﻧﺎﺳﺎ ﺗُﺴﻠﺦ ﺟﻠﻮدﻫﻢ وﻳُﺠﺒﺮون ﻋﻠﻰ أﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬ ‫وﺷﺎﻫﺪ ً‬ ‫ُﻛﻞ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ‬ ‫ﺗﺄﻛﻞ ﻟﺤﻢ أﺧﻴﻚ‪.‬‬

‫ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻧَﺴﺒﻦ‬ ‫ﻷزواﺟﻬﻢأﺑﻨﺎء‬ ‫اﻟﺰﻧﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺮوا ٍ‬ ‫ﺑﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬ ‫ﺛﻢ ّ‬ ‫ﻳﺎﻣﺤﻤﺪ‪،‬‬ ‫ﺗﻌﺎل إﻟﻲ!‬

‫أﻛﻤﻞ ﻃﺮﻳﻘﻚ!‬

‫ﻓﻲاﻟﺴﻤﺎءاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻣﻦ ﻣﻌﻚ ؟‬

‫اﺳﺘﺄذنﺟﺒﺮﻳﻞﻟﻔﺘﺢ‬ ‫ﺑﺎباﻟﺴﻤﺎءاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا‬ ‫ﻳﻐﺘﺎﺑﻮناﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫إﻧﻪ إﺑﻠﻴﺲ‪ ،‬ﻋﺪو اﷲ‬ ‫اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪك أن ﺗﺘﺒﻊ ﻃﺮﻳﻘﻪ‪.‬‬


‫ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻠﻮا‪ ،‬وﺟﺪوا ﻳﺴﻮع وﻳﻮﺣﻨﺎ اﻟﻤﻌﻤﺪان‪ ،‬اﻟﻤﻌﺮوف ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ زﻛﺮﻳﺎ‪.‬‬

‫ﻓﻲاﻟﺴﻤﺎءاﻟﺜﺎﻟﺜﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ‪.‬‬ ‫ﻗﺎﺑﻞ ٌ‬

‫ﺻﻠﻰ اﻹﺛﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﻴﺎء‪.‬‬

‫ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺮاﺑﻌﺔ‪:‬‬ ‫ﻗﺎﺑﻞ ﻣﺤﻤﺪ إدرﻳﺲ‪.‬‬

‫إﻧﻪ ﺟﻤﻴ ٌﻞ ﻛﺎﻟﺒﺪر‪،‬‬ ‫ﻟﻘﺪ ُأﻋﻄﻲ وﺣﺪه ﻧﺼﻒ‬ ‫ﺟﻤﺎل اﻟﺒﺸﺮ‪ ،‬واﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ‬ ‫ُوّزع ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻓﻲاﻟﺴﻤﺎءاﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎرون ﺑﻦ ﻋﻤﺮان‪ ،‬وﻛﺎن ﻣُﺤﺎﻃًﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻗﻮم إﺳﺮاﺋﻴﻞ‪.‬‬ ‫ﻗﺎﺑﻞ ٌ‬

‫‪64‬‬

‫ً‬ ‫أﻫﻼ ﺑﺎﻷخ اﻟﺼﺎﻟﺢ‬ ‫واﻟﻨﺒﻲاﻟﺼﺎﻟﺢ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻴﺘﻪ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﺳﺮﺗﻪ‪ ،‬وﻛﺎن‬ ‫أﻳﻀﺎ‬ ‫ﻧﺼﻔﻬﺎ أﺑﻴﺾ‪ ،‬واﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺳﻮد‪ً ،‬‬ ‫رﺣﺐ ﺑﻪ وﺻﻠﻰ ﻷﺟﻠﻪ‪.‬‬ ‫ّ‬


‫ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎدﺳﺔ‪:‬‬ ‫وﺟﺪ ﻣﻮﺳﻰ وﺳﻂ ٍ‬ ‫ﺟﻤﻊ‬ ‫ﻏﻔﻴ ٍﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪.‬‬

‫ﻓﻲاﻟﺴﻤﺎءاﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪:‬‬ ‫ﻗﻤﺔ اﻟﺴﻤﺎء‪،‬‬ ‫وﺻﻠﻮا إﻟﻰ ّ‬ ‫ﺣﻴﺚ رأى اﻟﺼﺎدق اﻷﻣﻴﻦ‬ ‫ﻧﻮرًا ﻳﻤﻸ اﻟﻤﻜﺎن‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ‬ ‫ﻓﻴﻪﻏﻴﺮاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ‪.‬‬

‫ﻫﺆﻻء ﺳﺒﻌﻮن أﻟ ًﻔﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻚ‪،‬‬ ‫ﻳﺪﺧﻠﻮن اﻟﺠّﻨﺔ ﺑﺪون ﺣﺴﺎب‬ ‫وﺑﺪون ﻋﺬاب‪.‬‬

‫ﻫﺆﻻء أﻃﻔﺎ ٌل ﻣﺎﺗﻮا‬ ‫ﻓﻲ ٍ‬ ‫ﺳﻦ ﻣﺒﻜّﺮ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺤﺖ رﻋﺎﻳﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬اﻟﺬي أﺧﺬ اﺑﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﻣﻦ ﻳﺪه إﻟﻰ ﺳﺪرة اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ‪ ،‬وﻫﻲ ﺷﺠﺮٌة ﻋﻠﻰ‬ ‫)‪(5‬‬ ‫اﻟﺤﺪود اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣ ٍﺪ أن ﻳﺼﻒ روﻋﺔ وﺟﻤﺎل ﻣﺎ رآه ﻣﺤﻤﺪ‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫(‪ .)1‬قصة مصففة شعر بنت فرعون‪:‬‬

‫‪ l‬عن ابن عباس‪ - ،‬ريض الله عنهام‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله‪ :‬ملا أرسي يب مرت يب رائحة طيبة‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذه الرائحة؟ فقالوا‪ :‬هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون‬ ‫وأوالدها كانت متشطها فوقع املشط من يدها‪ ،‬فقالت‪ :‬بسم الله‪ ،‬فقالت ابنته‪ :‬أيب؟ فقالت‪ :‬ال‪ ،‬بل ريب وربك ورب أبيك‪ ،‬فقالت‪ :‬أخرب بذلك أيب؟ قالت‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬فأخربته فدعا بها وبولدها فقالت‪ :‬يل إليك حاجة‪ .‬فقال‪ :‬ما هي؟ قالت‪ :‬تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنه جميعا‪ .‬فقال‪ :‬ذلك لك علينا من الحق‪.‬‬ ‫فأىت بأوالدها فألقى واحدا واحدا حتى إذا كان آخر ولدها وكان صبيا مرضعا‪ ،‬فقال‪ :‬اصربي يا أماه فإنك عىل الحق‪ ،‬ثم ألقيت مع ولدها ‪ ،‬قال رسول الله‪:‬‬ ‫تكلم أربعة وهم صغار‪ :‬هذا وشاهد يوسف‪ ،‬وصاحب جريج وعيىس ابن مريم ‪ -‬عليه السالم ‪ .-‬هذا حديث صحيح اإلسناد ومل يخرجاه‪.‬‬ ‫‪ n‬املستدرك عىل الصحيحني‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬سنة النرش‪1418 :‬هـ ‪1998 /‬م‪ .‬صفحة ‪ .320‬الجزء الثالث‪،‬‬ ‫كتاب التفسري‪ ،‬تفسري سورة التحريم‪ ،‬شهادة ماشطة ابنة فرعون مع ولدها وتكلم أربعة وهم صغار‪ .‬حديث رقم ‪.3888‬‬

‫(‪ .)2‬يف الطريق إىل السامء األوىل‪:‬‬

‫‪ l‬حدثني يونس عن أنس بن مالك‪ ،‬قال‪ :‬فسار رسول الله‪ ،‬فإذا هو بعجوز ناء عن الطريق‪ :‬أي عىل جنب الطريق‪ .‬فقال‪ :‬ما هذه يا جربائيل؟ قال‪ :‬رس يا‬ ‫محمد‪ ،‬فسار ما شاء الله أن يسري‪ ،‬فإذا يشء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول‪ :‬هلم يا محمد‪ ،‬قال جربائيل‪ :‬رس يا محمد‪ ،‬فسار ما شاء الله أن يسري; قال‪:‬‬ ‫ثم لقيه خلق من الخالئق‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬السالم عليك يا أول‪ ،‬والسالم عليك يا آخر‪ ،‬والسالم عليك يا حارش‪ ،‬فقال له جربائيل‪ :‬اردد السالم يا محمد‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فرد السالم‪ ،‬ثم لقيه الثاين‪ ،‬فقال له مثل مقالة األولني حتى انتهى إىل بيت املقدس‪ ]...[ ،‬ثم قال له جربائيل‪ :‬أما العجوز التي رأيت عىل جانب الطريق‪،‬‬ ‫فلم يبق من الدنيا إال بقدر ما بقي من عمر تلك العجوز‪ ،‬وأما الذي أراد أن متيل إليه‪ ،‬فذاك عدو الله إبليس‪ ،‬أراد أن متيل إليه; وأما الذين سلموا عليك‪،‬‬ ‫فذاك إبراهيم وموىس وعيىس‪.‬‬ ‫‪ n‬تفسري الطربي‪ ،‬محمد بن جرير الطربي‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬تفسري سورة اإلرساء‪ ،‬القول يف تأويل قوله تعاىل‪ :‬سبحان الذي أرسى بعبده ليال من املسجد الحرام‬ ‫إىل املسجد األقىص الذي باركنا حوله‪ .‬الجزء السابع عرش‪ .‬الصفحة ‪.328‬‬

‫(‪ .)3‬الرجل الذي يأكل الحجارة‪:‬‬

‫‪ l‬وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب قال‪ :‬قال رسول الله‪ :‬رأيت ليلة أرسي يب رجال يسبح يف نهر يلقم الحجارة‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا؟ فقيل يل‪ :‬هذا‬ ‫آكل الربا‪.‬‬ ‫‪ n‬فتح الباري يف رشح صحيح البخاري‪ ،‬أحمد بن عيل بن حجر العسقالين‪ ،‬دارالريان للرتاث‪ ،‬سنة النرش‪1407 :‬هـ ‪1986 /‬م‪ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب مناقب‬ ‫األنصار‪ ،‬باب حديث اإلرساء‪ .‬صفحة ‪.239‬‬

‫أناسا يع ّذبون‪:‬‬ ‫(‪ .)4‬محمد يرى ً‬

‫‪ l‬يف رواية عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة عن أنس عند البيهقي يف الدالئل أنه مر بيشء يدعوه متنحيا عن الطريق‪ ،‬فقال له جربيل‪ :‬رس‪ .‬وأنه مر عىل‬ ‫عجوز فقال‪ :‬ما هذه‪ :‬فقال‪ :‬رس‪ ،‬وأنه مر بجامعة فسلموا فقال له جربيل‪ :‬اردد عليهم ‪ -‬ويف آخره ‪ -‬فقال له‪ :‬الذي دعاك إبليس‪ ،‬والعجوز الدنيا‪ ،‬والذين‬ ‫سلموا إبراهيم وموىس وعيىس‪ .‬ويف حديث أيب هريرة عند الطرباين والبزار أنه مر بقوم يزرعون ويحصدون‪ ،‬كلام حصدوا عاد كام كان‪ ،‬قال جربيل‪ :‬هؤالء‬ ‫املجاهدون‪ .‬ومر بقوم ترضخ رءوسهم بالصخر كلام رضخت عادت‪ ،‬قال‪ :‬هؤالء الذين تثاقل رءوسهم عن الصالة‪ .‬ومر بقوم عىل عوراتهم رقاع يرسحون‬ ‫كاألنعام‪ ،‬قال‪ :‬هؤالء الذين ال يؤدون الزكاة‪ .‬ومر بقوم يأكلون لحام نيئا خبيثا ويدعون لحام نضيجا طيبا قال‪ :‬هؤالء الزناة‪ .‬ومر برجل جمع حزمة حطب‬ ‫ال يستطيع حملها ثم هو يضم إليها غريها‪ ،‬قال‪ :‬هذا الذي عنده األمانة ال يؤديها وهو يطلب أخرى‪ .‬ومر بقوم تقرض ألسنتهم وشفاههم‪ ،‬كلام قرضت‬ ‫عادت قال‪ :‬هؤالء خطباء الفتنة‪ .‬ومر بثور عظيم يخرج من ثقب صغري يريد أن يرجع فال يستطيع‪ ،‬قال‪ :‬هذا الرجل يتكلم بالكلمة فيندم فرييد أن يردها‬ ‫فال يستطيع‪.‬‬ ‫‪ n‬الدر املنثور يف التفسري باملأثور‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬النارش‪ :‬مركز هجر‪ ،‬سنة النرش‪2003 :‬م – ‪1424‬هـ‪ ،‬الطبعة األوىل‪ .‬تفسري سورة بني إرسائيل‪،‬‬ ‫تفسري قوله تعاىل‪ :‬سبحان الذي أرسى بعبده ليال من املسجد الحرام‪ .‬الجزء التاسع‪ ،‬صفحة ‪.199‬‬

‫‪66‬‬


‫(‪ .)5‬زيارة محمد للسموات السبع‪:‬‬

‫‪ ...l‬ثم صعد يب حتى أىت السامء الثانية فاستفتح قيل من هذا قال جربيل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم‬ ‫املجيء جاء ففتح فلام خلصت إذا يحيى وعيىس وهام ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيىس فسلم عليهام فسلمت فردا ثم قاال مرحبا باألخ الصالح والنبي‬ ‫الصالح‪.‬‬ ‫ثم صعد يب إىل السامء الثالثة فاستفتح قيل من هذا قال جربيل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم املجيء جاء‬ ‫ففتح فلام خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا باألخ الصالح والنبي الصالح‪.‬‬ ‫ثم صعد يب حتى أىت السامء الرابعة فاستفتح قيل من هذا قال جربيل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم املجيء‬ ‫جاء ففتح فلام خلصت إىل إدريس قال هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا باألخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد يب حتى أىت السامء‬ ‫الخامسة فاستفتح قيل من هذا قال جربيل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم املجيء جاء فلام خلصت فإذا‬ ‫هارون قال هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا باألخ الصالح والنبي الصالح‪.‬‬ ‫ثم صعد يب حتى أىت السامء السادسة فاستفتح قيل من هذا قال جربيل قيل من معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم املجيء‬ ‫جاء فلام خلصت فإذا موىس قال هذا موىس فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا باألخ الصالح والنبي الصالح فلام تجاوزت بىك قيل له ما يبكيك‬ ‫قال أبيك ألن غالما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكرث ممن يدخلها من أمتي‪.‬‬ ‫ثم صعد يب إىل السامء السابعة فاستفتح جربيل قيل من هذا قال جربيل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم‬ ‫املجيء جاء فلام خلصت فإذا إبراهيم قال هذا أبوك فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السالم قال مرحبا باالبن الصالح والنبي الصالح‪.‬‬ ‫ثم رفعت إيل سدرة املنتهى فإذا نبقها مثل قالل هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سدرة املنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران‬ ‫فقلت ما هذان يا جربيل قال أما الباطنان فنهران يف الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات‪.‬‬ ‫‪ n‬صحيح البخاري‪ ،‬محمد بن إسامعيل البخاري الجعفي‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬سنة النرش‪1414 :‬هـ ‪1993 /‬م‪ .‬باب املعراج‪ ،‬حديث ‪ ،3674‬صفحة ‪.1410‬‬

‫‪67‬‬


‫‪Saed Alaswad‬‬

‫إسالم املستقبل سوف يكون كمسيحية اليوم ‪ ،‬الوقت كفيل بتحويل كل‬ ‫‪ ...‬يشء ‪ ،‬فقط ‪ ،‬أمتنى أال يظهر دين جديد ويكرر التاريخ ويالته‬

‫‪Abdulaziz Ahmad Junaid‬‬

‫الرصاع مستمد من الهدف الذي تم صناعة اإلسالم من أجله وهو صناعة الدولة الدينية‬ ‫التي تنتهك حقوق من ال ينتمي لإلسالم وتعتربه مواطن من الدرجة الثانية‬

‫‪Ermac Astaroth‬‬

‫ينغ يانغ االسالم‪ ٬‬السنة والشيعة‪ .‬واحد معادي لالخر لكن كل‬ ‫واحد منهم مربر وجوده بعداوة اآلخر‪ .‬رائع جدا‬

‫‪Ayman Pheidias‬‬

‫الرصاع بني الطائفتني ضمن اإلسالم هو استمرار بتوضيب جديد واختزال وتكثيف للرصاعات‬ ‫املناطقية والعرقية التي كانت قبل اإلسالم‪ .‬جوهر الرصاع اقتصادي وجيوسيايس‪ ،‬أ ّما اإلسالم‬ ‫كمنظومة ومذاهب وخطاب فهو التوضيب ال أكرث‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

The Arab MagazineMagazine is a digital produced TheAtheists Arab Atheists is apublication digital publication by volunteers andbycommitted and produced volunteerstoandpromoting committedthetothought promoting writingstheofthought atheists and of various complete freewritingspersuasions of atheists with of various persuadom. Thewith Magazine doesfreedom. not adoptThe or endorse formnotof adopt politisions complete Magazineanydoes cal ideology affiliation or or endorse any form of political ideology or affiliation Contributors of of thethe content, illustrations Contributorsbear bearthethefullfullresponsibility responsibility content, illustraandtions topicsandthey provide insofar as it covers copyright and issues topics they provide insofar as it covers copyright andof intellectual property issues of intellectual property Express permission for tofor publish in the in Magazine is provided by conExpress permission to publish the Magazine is provided tributors, whether they are members of the Arab Atheists by contributors, whether they are members of the Arab Magazine Atheists Group of other atheists and non-religious contributors Magazine Group of other atheists and non-religious contributors TheTheMagazine does notnot publish material thatthat is unethical or or thatthat inMagazine does publish material is unethical cites racism or bigotry incites racism or bigotry The Editorial Board reserves the rightthe to republish content originally The Editorial Board reserves right to republish content published on the Magazine’s Facebook group, as publishing originally published on the Magazine’s Facebook group,there as implicitly contains consent for republication in the Magazine publishing there implicitly contains consent for republication in the Magazine

:‫موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت‬ www.aamagazine.blogspot.com ‫البريد اإللكتروني‬ el7ad.organisation@gmail.com magazine@arabatheistbroadcasting.org


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.