مجلة الملحدين العرب / العدد السادس والستون / مايو أيار / 2018

Page 1

‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر يف الثاين عرش من كل شهر‬

‫تهمة إزدراء األديان‬ ‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫حصانة املقدس جـ ‪1‬‬

‫عباس عبود‬

‫هدم أسطورة دين العفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫العدد السادس والستون من مجلة امللحدين العرب ‪ -‬مايو ‪ /‬أيار لسنة ‪.2018‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫اإلهانة العظمى‬ ‫تهدف مجلّة امللحدين العرب إىل نرش وتوثيق أفكار امللحدين العرب املتنوعة وبحريّ ٍة كاملة‪ ،‬وهي مجلّ ٌة رقمي ٌة غري ربح ًّية‪ ،‬مبني ٌة‬ ‫أي توج ٍه سيايس‪ .‬املعلومات واملواضيع املنشورة يف املجلّة متثل آراء كاتبيها فقط‪ ،‬وهي مسؤل ّيتهم من‬ ‫بجهو ٍد طوعي ٍة ال تتبع َّ‬ ‫الناحية األدب ّية ومن ناحية حقوق النرش وحفظ امللك ّية الفكريّة‪.‬‬


‫كلمة تحرير املجلة‬

‫يُعترب اإلعالم بكافة أنواعه املرئية واملسموعة واملقروءة املؤث َر األكرب‬ ‫يف وعي الشعوب وثقافتها‪ ،‬لذلك تُرصف املليارات سنويًا عىل القنوات‬ ‫الفضائية املوجهة وعىل إعالمييها‪ ،‬ناهيك عن املنابر األخرى كالصحف‬ ‫واملجالت والكتب والندوات ومحطات اإلذاعة واإلعالنات‪ ،‬حيث أصبح‬ ‫كل يشء مكشوفًا تقري ًبا‪ ،‬وليس من الصعب أن نعرف من يو ّجه هذه‬ ‫املؤسسة اإلعالمية أو تلك‪ ،‬حتى اإلعالم البديل يف االنرتنت من يوتيوب‬ ‫ووسائل تواصل اجتامعية وصفحات الكرتونية أصبح له لجان إلكرتونية‬ ‫متخصصة ومطبلني ومزمرين يقومون بأدرواهم عىل أكمل وجه‪.‬‬ ‫أصبحنا محارصين باألصوات املأجورة والضامئر املزيفة‪ ،‬وكل هدفهم‬ ‫هو توجيه الرأي العام للشعوب ملا يريدونه من تجهيل وتغييب‬ ‫واستغباء‪.‬‬ ‫حيث أصبح أسهل يشء هو شغل الرأي العام بالتوافه حتى ال يطالب‬ ‫بحقوقه أويلتفت للفساد الذي يحيط به من كل جانب‪.‬‬ ‫لألسف‪ ،‬يف البالد الديكتاتورية ال يوجد ٌ‬ ‫مجال للرأي املختلف‪ ،‬بل‬ ‫يتم تشويهه ومحاربته وإسكاته باللني أو بالعنف‪ ،‬وشعوبنا ما زالت‬ ‫تكافح فقط لتحصل عىل لقمة العيش واملسكن واألمان‪ ،‬أما املثقفني‬ ‫كل يغني عىل‬ ‫واإلعالميني ومشاهري وسائل التواصل فامذا يفعلون؟ ٌ‬ ‫لياله‪ ،‬الصوت الحر ال يؤ ّجر وال يُباع‪ ،‬قل يل من مي ّولك أقُل لك من‬ ‫أنت! أصبح من النادر أن تجد أصواتًا مستقلة‪ ،‬ولكنها موجود ٌة رغم‬ ‫كل يشء‪.‬‬

‫فريق التحرير‬

‫املشارك يف هذا العدد‬

‫رئيس التحرير‬ ‫‪Gaia Athiest‬‬ ‫أعضاء هيئة التحرير وبناء املجلة‬ ‫‪John Silver‬‬ ‫الغراب الحكيم‬ ‫‪Alia’a Damascéne‬‬ ‫غيث جابري‬ ‫‪Ali Alnajafi‬‬ ‫أسامة البني (الوراق)‬ ‫‪Abdu Alsafrani‬‬ ‫‪Raghed Rustom‬‬ ‫‪Johnny Adams‬‬ ‫ليث رواندي‬ ‫‪Yonan Martotte‬‬ ‫إيهاب فؤاد‬

‫قبل التأثر بأي صوت علينا أن نتسلح باملعرفة والبحث وقراءة‬ ‫اإلحداثيات‪ ،‬علينا أن نعرف هل هو صوت مستقل أم ممول! قد يكون‬ ‫يف كالمه بعض الصحة! ولكن تسلحنا املسبق باملعرفة والعلم يقينا من‬ ‫االنزالق يف كثري من األفخاخ‪.‬‬ ‫دور املثقف أو الشخص املؤثر ليس التطبيل للظلم والديكتاتور بل‬ ‫دوره هو توعية الشعب والوعي الجمعي ملا يتهددهم‪ .‬دور املثقف‬ ‫ليس افتعال الفرقعات اإلعالمية وجمع املتابعني‪ ،‬بل الرتكيز عىل‬ ‫القضايا الهامة املهمشة ورفع مستوى الوعي بها‪.‬‬ ‫لنكن دو ًما احرا ًرا غري موجهني وال مؤدلجني‪ ،‬ولرنفض كل محاولة‬ ‫للمتاجرة بقضايا مجتمعاتنا‪ ،‬لنبحث دامئًا عن مصلحة شعوبنا وحقوقها‬ ‫وتطورها‪ ،‬لنحكّم عقولنا قبل عواطفنا ولنعرف أن الكلمة مسؤولية‪،‬‬ ‫والرأي مسؤولية‪ ،‬فالكلمة الواحدة قد تغري الكثري ولو بعد حني‪.‬‬ ‫متويل من أي‬ ‫يكفينا فخ ًرا أننا يف مجلة امللحدين العرب مل ولن نقبل ً‬

‫‪2‬‬

‫جهة‪ ،‬بل عملنا كله تطوعي ومجاين وال أحد له‬ ‫ُسلطة علينا إال ضامئرنا ورسالتنا يف التنوير‪.‬‬ ‫دمتم أحرا ًرا متنورين‪.‬‬ ‫‪Gaia Athiest‬‬


‫الفهرس‬ ‫كلمة تحرير املجلة‬

‫‪2‬‬

‫الفهرس‬

‫‪3‬‬

‫تهمة إزدراء األديان‬

‫‪4‬‬

‫د‪ .‬عبد العزيز القناعي‬ ‫هدم أسطورة دين العفة جـ‪ :7‬محمد ‪8 1 -‬‬ ‫‪Moussa Eightyzz‬‬ ‫حصانة املقدس جـ‪( 1‬تقديم‪ ،‬إله مقدس)‬

‫‪21‬‬

‫عباس عبود‬ ‫اإلهانة العظمى (ترجمة)‬

‫‪38‬‬

‫شادي سليمي‬ ‫سرية محمد بن آمنة‬

‫‪49‬‬

‫ترجمة عن منشورات شاريل إيبدو‬ ‫كاريكاتور‬

‫‪57‬‬

‫‪3‬‬


‫تهمـة ازدراء األديـان‬ ‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫ٍ‬ ‫ونصف بدأت القضايا املرفوعة ضدي يف املحاكم‬ ‫عىل مدى أكرث من سن ٍة‬ ‫الكويتية تأخذ طريقها إىل إصدار األحكام‪ ،‬والتي تنتهي غال ًبا بطلب الحبس‬ ‫ٍ‬ ‫وسنوات وتأييد أحكام القانون الكويتي والجرائم‬ ‫ملد ٍد متفاوت ٍة بني أشه ٍر‬ ‫اإللكرتونية والنيابة العامة بحبس من يتطاول عىل اإلسالم ورموزه وكل ما‬ ‫يتعلق به من تر ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫معمول به يف غالبية الدول العربية‬ ‫اث وأفرا ٍد وغريه‪ ،‬كام هو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫طالبت‬ ‫ومقابالت إعالمي ٍة‬ ‫تغريدات تويرتية‬ ‫واإلسالمية‪ .‬وذلك عىل خلفية عدة‬ ‫ُ‬ ‫ككاتب‬ ‫بها بنقد وإصالح اإلسالم بشكلٍ واض ٍح ورصيح‪ ،‬من منطلق واجبي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وناشط اهتممت منذ صغري مبجال القراءة النقدية واالطالع‬ ‫وإعالمي‬ ‫صحفي‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫عىل مختلف األديان والثقافات واملعرفة‪.‬‬ ‫أيضا طالت الحرب عائلتي بالتهديد‬ ‫ومل تتوقف الحرب ضدي وضد ما أحمله من أفكا ٍر تنويري ٍة يف ساحات املحاكم‪ ،‬بل ً‬ ‫والقتل وإهدار دمي وفصل رأيس عن جسدي‪ ،‬كام تم وصفي بالزنديق واملرتد والكافر وغريها من النعوت املهينة لكرامة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬بعد أن طالب بعض أعضاء مجلس األمة واملحسوبون عىل التيارات اإلسالمية املتطرفة يف عام ‪ 2017‬بتنفيذ‬ ‫أقىس وأقىص العقوبات ضدي عىل خلفية ظهوري عىل قناة الجزيرة مطال ًبا بإصالح اإلسالم وإيقاف تنفيذ العقوبات‬ ‫ٍ‬ ‫الرشعية نظ ًرا ملا تحمله من تفسري ٍ‬ ‫وتأويالت يستخدمها رجال الدين والفقهاء لتهديد خصومهم أو لقتلهم كام‬ ‫ات‬ ‫تستخدمها تيارات اإلسالم السيايس ملامرسة اإلرهاب اإلسالمي وخلق الرصاعات الطائفية يف مختلف الدول العربية‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫تهمـــة ازدراء األديــــان‬ ‫إن األزمة التى نحملها يف مجتمعاتنا‬ ‫العربية اليوم ليست أزمة أفكا ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫ومعتقدات بقدر ماهي أزمة حوار‪،‬‬ ‫أزمة غياب الرأي اآلخر وقبول املختلف‬ ‫حتى لو كانت أفكاره مخالف ًة للعقل‬ ‫الجمعي ‪ ...‬فتاريخنا القديم والحديث‬ ‫حافل بآرا ٍء مخالف ٍة طالبت بإعادة‬ ‫ٌ‬ ‫النظر باإلسالم وإصالحه كاملعتزلة وابن‬ ‫ٍ‬ ‫رشد وإخوان الصفا وفالسفة املسلمني‬ ‫وصول إىل العرص الحديث مع‬ ‫ً‬ ‫األوائل‬ ‫طه حسني وحامد نرص أبو زيد وفرج‬ ‫فودة وغريهم الكثري‪.‬‬ ‫ولكن أمام هذه األفكار إلصالح الدين وتنقية الرتاث اإلسالمي‪ ،‬غاب عن الساحة الفكرية اإلسالمية نقاشها أو تفنيدها‬ ‫رشا‬ ‫أو مراجعتها‪ ،‬بل تم قمعها وتكفري قائليها وهدر دماء الكثري منهم‪ .‬حتى أصبحت فتاوي القتل يف عرصنا الحديث مؤ ً‬ ‫عىل انسداد الثقافة والفكر العريب يف تفكيك الثوابت الدينية ومواجهة الرأي بالرأي‪.‬‬ ‫إن منع حرية الرأي والتعبري يف قضي ٍة من كربى قضايا تاريخنا وواقعنا ومستقبلنا وهي قضية اإلسالم وتجديد رؤيته ليك‬ ‫وقيم إنساني ٍة وعلمي ٍة وحضاري ٍة تحفظ اإلنسان وبنفس الوقت‬ ‫يكون متوافقًا مع العرص الحديث مبا يحويه من مبادئ ٍ‬ ‫تحافظ عىل املعتقدات الدينية من التشدد والشطط‪ ،‬هو الذي أبقى التيارات اإلسالمية نشط ًة وفاعل ًة‪ ،‬وهو الذي أبقى‬ ‫باملقابل أنظمتنا العربية تسري يف مسار االستبداد والجهل والوصاية‪ ،‬فكل الدول العربية اليوم تشهد التحالف املدمر بني‬ ‫رش لكليهام حفاظًا عىل مصالحهام املشرتكة ولتذهب الشعوب إىل الجحيم‪.‬‬ ‫دعم مبا ٍ‬ ‫مؤسسة الدين ومؤسسة الحكم يف ٍ‬ ‫إن الديناإلسالمي تحدي ًدا‪ ،‬وبفعل تجار الدين وتيارات اإلسالم السيايس تحول إىل سياس ٍة مدمر ٍة للتعايش وقبول املختلف‬ ‫وزا ًدا معرف ًيا جاه ًزا ملن يريد القتل والتفجري وتعاليم تدفع إىل الكسل والجمود ومعاقبة املغاير وتصنيفه وازدرائه‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وأمام الهجمة الضارية عىل مفهوم نقد اإلسالم‪ ،‬علينا أن ندرك قيمة النقد يف تغيري العقليات وتجميد الكثري‬ ‫من النصوص الدينية واالعرتاف باألخطاء السابقة ومصالحة األديان مع ال ِعلم ونظرية التطور كام حدث للمسيحية‬ ‫وعي آخر‪ ،‬ففي بعض الدول تعترب السخرية من‬ ‫وعي إىل ٍّ‬ ‫واليهودية‪ .‬إن مفهوم النقد يختلف من مجتمعٍ آلخر ومن ٍّ‬ ‫األديان أم ًرا طبيع ًيا وكوميديًا وال يثري أي حساسية‪ ،‬وهذا بسبب وصول الشعب إىل درج ٍة عالي ٍة من احرتام حرية الرأي‬ ‫ومن اعتبار الكلمة تبقى كلم ًة طاملا ال تدعو إىل العنف والكراهية واإليذاء الجسدي‪ ،‬بينام يف مجتمعاتنا مازالت تحكمنا‬ ‫عالقات إنتا ٍج ضعيف ًة فكريًا وثقاف ًيا يف معرفة وتفسري معنى حرية الرأي وحدود الدين واملعتقد‪ .‬كام أن تعاطي الشعوب‬ ‫العربية يف غالبيتها مع اإلسالم ال يزال تعاط ًياعاطف ًيا خال ًيامن أي تساء ٍل ٍ‬ ‫ونقد وشك‪ ،‬وبالتايل بقينا يف دائرة االستسالم‬ ‫للمجهول والغيبيات والوراثة الدينية‪ .‬وهو ما صنع التطرف وأبقى عىل اإلسالم دي ًنا غري صال ٍح وال قابلٍ لإلصالح‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫تهمـــة ازدراء األديــــان‬ ‫ومع ظهور قضايا اإلرهاب اإلسالمي يف الغرب وظهور الفتاوي الشاذة والبعيدة عن العقل واألخالق‪ ،‬ال تزال تظهر‬ ‫بل وتحظى بحامية املؤسسات الدينية والحكام العرب فتاوي عدم الخروج عىل الحكام وفتاوي إرضاع الكبري وتزويج‬ ‫القارصات واستمرار فتاوي تحجيب املرأة وظلمها وحرصها داخل الترشيعات اإلسالمية املختلفة متا ًما مع مواثيق حقوق‬ ‫اإلنسان واتفاقيات حامية األطفال وحقوق املرأة‪.‬‬ ‫لقد جاء مع انتكاسة عرص النهضة العربية وفشل مشاريع التحديث ومحاربة التيارات العلامنية‪ ،‬التخبط يف القوانني‬ ‫املضادة لحرية الرأي وتحالف الحكام العرب مع التيارات الدينية والقبلية التي هيمنت عىل التعليم والترشيع‪ ،‬فانتج‬ ‫ذلك انغالقًا وجمو ًدا وتراج ًعا يف مستوى الحريات باإلضافة إىل وصول التيارات اإلسالمية إىل الربملانات والبدء يف إصدار‬ ‫قوانني متنع الحريات وتطالب بالرشيعة‪ ،‬بل واستنساخ تجارب ماضوي ٍة غارق ٍة يف التشدد والغلو‪.‬‬ ‫وهو ما يؤكد عىل استمرار تراجع جو الحريات الفكرية وهيمنةالقوى الدينية عىل املشهد السيايس واالجتامعي‪،‬‬ ‫وفشل الربملانات العربية يف مواجهة التشدد اإلسالمي ونواب اإلسالم السيايس‪ ،‬فالحكومات العربية واإلسالمية ترضخ‬ ‫اليوم لدعوات اإلحالة إىل النيابة ومامرسة دو ٍر ال يجب أن يكون دورها‪ .‬فالدول ال دين لها بل يجب أن تكون محايد ًة‬ ‫ومدافع َة عن حرية الكلمة طاملا مل تؤ ِّد إىل العنف‪...‬‬ ‫أما مسألة اإلساءة إىل مشاعر املسلمني من خالل نقد اإلسالم‪ ،‬فهي تهم ٌة ساذج ٌة وبدائي ٌة تهدف إىل قمع اآلراء واستمرار‬ ‫عاطفي ال ميكن قياسه وحرصه ويختلف من فر ٍد آلخر؛ فجرمية اإلساءة‬ ‫فعل‬ ‫اإلسالم بعي ًدا عن اإلصالح‪ ،‬كام أن املشاعر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫إىل املشاعر جرمي ٌة ليست مادي ًة وال يتوفر فيها القصد الجنايئ‪ ،‬بقدر ما تكون مهمة نقد األديان والثقافات واألفكار مهمة‬ ‫ٍ‬ ‫لغايات فكري ٍة ومعرفي ٍة ومستقبلية‪.‬‬ ‫املثقفني واملفكرين والفالسفة منذ بداية وجود اإلنسان عىل األرض‬

‫‪www.facebook.com/M-80-II-941772382615672‬‬

‫‪s‬‬

‫‪6‬‬


‫ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‬ ‫اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﻓﯽ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ‬

‫‪Council of Ex-Muslims of Britain‬‬ ‫‪www.ex-muslim.org.uk‬‬

‫ﻧﺤ‬

‫ﻦﻣ‬ ‫ﺴ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻤ‬ ‫ﻮ‬ ‫نﻧ‬

‫ﺒﺬ‬

‫ﻧﺎ دﻳﻨﻨﺎ‬

‫ﺑﱰﻛﻨﺎ اﻹﺳﻼم ﻧﻜﴪ ﻣﺤ ّﺮﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺪﻋﻴﻢ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺤﻘﻮق واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻧﻧﻴﺔ‪ .‬وﰲ ﻧﺸﺎﻃﻨﺎ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺎﺎ ﻳﲇ‪:‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎوي ﰲ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﺑ اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﻧﻘﺪ اﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻹﻟﺤﺎد‪.‬‬ ‫ﻓﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻨﻈﺎﻣ‪ ،،‬اﻟﻘﺎﻧﻮ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ‬ ‫ﺣﻈﺮ اﳌررﺳﺎت واﻟﻌﺎدات واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺎس وﺗﻀﻴﻖ ﻋﲆ ﺣ ّﺮﻳﺎﺗﻬﻢ‪.‬‬ ‫إزاﻟﺔ ﻛﻞ اﻟﻌﺎدات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻄﻬﺪ اﳌﺮأة وﺗﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ‪ ،‬وﺣﻈﺮ ﻓﺼﻞ اﻟﺠﻨﺴ‪..‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ أو رﺳﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎس‪.‬‬ ‫ﺣﻳﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﻢ واﻹﺳﺎءة إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺳﻮاء اﳌﺎدي أو اﳌﻌﻨﻮي‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪7‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة جـ ‪7‬‬ ‫محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬محمد‬

‫البديهي أن نبي اإلسالم مرتب ٌط بكل العنارص السابقة‪،‬‬ ‫كونه مؤسس اإلسالم‪ ،‬فهو املحور الرئييس لنظرة اإلسالم‬ ‫إىل الجنس‪ ،‬ضمن كل يش ٍء آخر‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫ومحم ٌد هو من حىك قصص القرآن‪ ،‬فأق ّر أن أبناء آدم‬ ‫تناكحوا م ًعا مام جعل البرشية كلهم أبناء نكاح املحارم‬ ‫هذا‪ ،‬وهو الذي أخربنا أن أبا األنبياء إبراهيم قوا ٌد يرسل‬ ‫زوجته إىل رجلٍ ليضاجعها ليك يتجنب رشه‪ ،‬وهو الذي قال‬ ‫إن النبي “لوطًا” عرض بناته عىل رجال القرية‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫قص علينا تعرية الله ملوىس‪ ،‬وكذلك املغامرات‬ ‫أنه هو من ّ‬ ‫للنبيي داود وابنه سليامن‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫الجنسية ْ‬ ‫ومحم ٌد هو من قال إن املرأة متاع (أدا ٌة ينتفع بها)‪ ،‬وإنها ُخلقت من أجل الرجل؛ وهو الذي صاغ العالقة الزوجية‬ ‫عىل أنها متلّك الرجل لبضع املرأة (فرجها) يف مقابل دفعه ملبلغٍ ما ٍّيل (الصداق أو املهر)؛ وهو الذي أباح تعدد الزيجات‬ ‫رغم‬ ‫للرجل‪ ،‬ومنحه الحرية يف الزواج والطالق كيفام شاء؛ وهو الذي سمح بتزويج الطفلة ولو كانت رضيع ًة يف املهد‪ً ،‬‬ ‫عنها بطبيعة الحال‪ ،‬وأباح التمتع بها ومضاجعتها قبل البلوغ‪ ،‬وهو الذي انتهج نه ًجا براغامت ًّيا (نفع ًّيا انتهازيًّا) يف‬ ‫التعامل مع ظاهرة انتشار االنحالل والزنا يف مجتمعه‪ ،‬فعالج األمر بشكلٍ ال عالقة له باألخالق والفضيلة‪ ،‬فرشع عقوب ًة‬ ‫مستحيل إلثباته‪ ،‬وهو شهادة أربعة رجا ٍل ي َرون بأعينهم العملية الجنسية بجميع تفاصيلها‪ ،‬ثم إنه‬ ‫ً‬ ‫للزنا ثم وضع رشطًا‬ ‫تحايَل ليك يتفادى الصدام مع ظاهرة انتشار الفواحش والخيانات يف مجتمعه‪ ،‬فتغافل عن ’’اللمم‘‘ وأمر أصحابه بعدم‬ ‫أول إلعطاء العشاق فرص ًة للخروج‪ ،‬وجعل هو وأتباعه مدة الحمل تطول‬ ‫مفاجأة زوجاتهم بالدخول عليه َّن بل تنبيهه ّن ً‬ ‫لسنوات‪ ،‬وأمر بأ ّن الولد للفراش أي للزوج حتى لو مل يكن ابنه‪.‬‬ ‫ومع السامح بتعدد الزوجات سمح للرجال بأنوا ٍع أخرى من املتعة‪ ،‬منها نكاح املتعة وهو الجنس العابر يف مقابل أج ٍر‬ ‫رسي‪ ،‬وهو اغتصاب أسريات الحرب حتى لو كانت متزوج ًة‪ ،‬األمر الذي كان يغري به‬ ‫(دعار ٌة مقننة)؛ ثم هو من أباح الت ّ‬ ‫جنوده ليك يخرجوا معه يف الحروب؛‬ ‫وهو الذي ف ّرق بني عورة الجارية وعورة الحرة فجعل األوىل تسري مكشوفة عل ًنا؛ ثم إنه هو من أكمل اإلغراء لرجاله بأن‬ ‫وعدهم ‪-‬عىل لسان خالق الكون‪ -‬ببيت دعار ٍة كبريٍ ينشغلون فيه ٍ‬ ‫بجنس متكر ٍر ال ينتهي‪ ،‬إىل جوار أكل اللحم والفواكه‬ ‫ورشب الخمور‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد الجنسية والحقوق التي منحها لنفسه‪ ،‬ليس فقط يف إطار ترشيعاته‪ ،‬وإمنا‬ ‫وهنا سوف نتناول بعض سلوكيات‬ ‫التي تجاوزها بها عند اللزوم‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫النبي و النساء‬ ‫لنبدأ بزيجاته‪ :‬فعدد الزوجات التي‬ ‫عقد عليه َّن ودخل به َّن محم ٌد بعد‬ ‫خديجة هو إحدى عرشة امرأةً‪ .‬ونقرأ‬ ‫من موقع “إسالم ويب”‪ ،‬مركز الفتوى‪،‬‬ ‫فتوى رقم ‪« 1462‬والنساء الاليت عقد‬ ‫عليهن ودخل بهن اثنتا عرشة امرأ ًة‬ ‫وهن عىل الرتتيب‪ :‬خديجة بنت خويلد‬ ‫ـ وسودة بنت زمعة ـ وعائشة بنت أيب‬ ‫بكر الصديق التيمية ـ وحفصة بنت‬ ‫عمر بن الخطاب العدوية ـ وزينب‬ ‫بنت خزمية الهاللية ـ وأم سلمة واسمها‬ ‫هند بنت أيب أمية بن املغرية املخزومية‬ ‫جحش األسدية ـ وجويرية بنت الحارث الخزاعية ـ وريحانة بنت ٍ‬ ‫ـ وزينب بنت ٍ‬ ‫زيد بن عمرو القرظية ـ وأم حبيبة رملة‬ ‫بنت أيب سفيان األموية ـ وصفية بنت حيي بن أخطب النضريية ـ وميمونة بنت الحارث بن حزن الهاللية» وباإلضافة‬ ‫لسبب أو آلخر‪.‬‬ ‫لذلك فهناك عرشاتٌ من النساء األخريات الاليت عقد عليه ّن ولكن مل تشأ الظروف أن يدخل بهن‬ ‫ٍ‬ ‫وحني قام القرآن بتحديد عدد الزوجات بأربع ٍة فقط‪ ،‬أمر النبي الصحابة بتطليق ما زاد عن ذلك العدد‪ ،‬فمن كان‬ ‫بست فعليه أن يطلق اثنتني‪ ،‬وهكذا‪ .‬أما محم ٌد فلم‬ ‫متزو ًجا بخمس‪ ،‬فعليه أن يطلق واحد ًة منهن‪ ،‬ومن كان متزو ًجا ٍّ‬ ‫يفعل ذلك بل احتفظ بجميع زوجاته‪ ،‬وذلك االستثناء يعترب من “خصائص النبي”‪ ،‬وهو ليس االستثناء الوحيد الذي‬ ‫منحه محم ٌد لنفسه كام سرنى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وهذا االنشغال بالنساء سيكون مثار انتقا ٍد ٍ‬ ‫ملحمد‪ ،‬ليس فقط من قبل املسترشقني واملسيحيني والالدينيني يف‬ ‫شديد ج ًّدا‬ ‫خصيصا لتربر كرثة زيجات محمد‪.‬‬ ‫العصور الالحقة‪ ،‬وإمنا يف زمنه هو‪ ،‬حيث نجد آي ًة قرآني ًة نزلت‬ ‫ً‬ ‫صل الله عليه وسلم بكرثة الزوجات وقالوا‪ :‬لو كان‬ ‫ففي تفسري الرازي لآلية ‪ 38‬من سورة الرعد نقرأ‪« :‬عابوا رسول الله ّ‬ ‫مشتغل بالنسك والزهد‪ ،‬فأجاب الله تعاىل عنه‬ ‫ً‬ ‫عرضا عنهن‬ ‫مشتغل بأمر النساء‬ ‫ً‬ ‫رسولً من عند َالله ملا كان‬ ‫بل كان ُم ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ولَ َق ْد أ ْر َسلْ َنا ُر ُس ًل ّمن قبْل َِك َو َج َعل َنا ل ُه ْم أ ْز َو ً‬ ‫بقوله‪َ :‬‬ ‫اجا َوذ ّر َّية﴾»‪.‬‬ ‫‪10‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫صل الله عليه وسلم األزواج‪ ،‬وعريته بذلك وقالوا‪:‬‬ ‫ويف تفسري القرطبي نجد نفس املعنى «قيل‪ :‬إن اليهود عابوا عىل النبي ّ‬ ‫ساء والنكاح‪ ،‬ولو كان نب ًيا لشغله أمر َالنب ّوة عن ال ّنساء‪ ،‬فأنزل الله هذه اآلية‪ ،‬وذكرهم‬ ‫ما نرى لهذا الرجل هم ًة إال ال ّن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اجا َوذ ّر َّ‬ ‫﴿ولَ َق ْد أ ْر َسل َنا ُر ُسل ّمن َقبْل َِك َو َج َعل َنا ل ُه ْم أ ْز َو ً‬ ‫أمر داود وسليامن فقال‪َ :‬‬ ‫ة﴾‬ ‫ي‬ ‫أحل‬ ‫رشا يقضون ما ّ‬ ‫ب‬ ‫جعلناهم‬ ‫أي‬ ‫ً‬ ‫الله من شهوات الدنيا‪ ،‬وإمنا التخصيص يف الوحي»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا منغمسني مع النساء‪ ،‬وبالتايل فهو ليس الوحيد الذي فعل ذلك‪،‬‬ ‫هكذا كان رد القرآن‪ :‬هناك أنبيا ٌء قبل‬ ‫محمد كانوا ً‬ ‫لنبي‬ ‫نبي آخر بنكاح مئات النساء‪ ،‬هي رخص ٌة مفتوح ٌة ٍّ‬ ‫نبي بالزنا مع زوجة قائده‪ ،‬أو قيام ٍّ‬ ‫فياله من جواب‪ ،‬وكأن قيام ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ثالث يك يقوم باملثل!‬ ‫ٍ‬ ‫ومل ِ‬ ‫محمد النسايئ من أعدائه‬ ‫يأت انتقاد سلوك‬ ‫أيضا؛‬ ‫فقط (اليهود واملرشكني)‪ ،‬بل من زوجاته ً‬ ‫ففي “صحيح البخاري”‪ 5666 ،‬و‪ 7217‬نقرأ أن‬ ‫عائشة كانت تتو ّجع‪ ،‬فأخربها محم ٌد أنها لو ماتت‬ ‫فسيستغفر لها ويدعو لها‪ ،‬فأجابته بل أنها لو ماتت‬ ‫فسيفرح ورمبا ينتهي اليوم به يقيض ليلته مع زوج ٍة‬ ‫أخرى‪« :‬واللَّ ِه ِّإن ألظُ ُّن َك ت ُِح ُّب َم ْويت‪ ،‬ولو كان َ‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫لظللت آخ َر ِ‬ ‫يومك ُم َع ِّر ًسا ِ‬ ‫ببعض أزْواج َِك»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ألسباب اجتامعي ٍة وسياسية‪ ،‬وليس ألسباب الشهوة والعياذ‬ ‫وتلك الزيجات املحمدية املفرطة‪ ،‬يردد البعض أنها كانت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات حتى ماتت‪ ،‬كام أن أكرث زيجاته الالحقة كانت‬ ‫مخلصا المرأ ٍة واحدة‪ ،‬خديجة‪ ،‬لعدة‬ ‫بالله‪ ،‬والدليل أن النبي ظل‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شابات جميالت‪.‬‬ ‫سيدات كبا ٍر وغري‬ ‫من‬ ‫أصل‪ ،‬وهو كان الشاب الفقري الذي احتوته تلك املرأة الرثية وكانت‬ ‫أما بشأن خديجة فهل كان بإمكانه أن يتزوج عليها ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد اختلف بالكل ّية‬ ‫تنفق عليه؟ اإلنسان يحكم عىل سلوكياته يف حالة االستطاعة وليس العجز‪ ،‬والواضح أن وضع‬ ‫بعد الهجرة‪.‬‬ ‫أسباب سياسية‪ ،‬كأن تهدف إىل ضامن تآلف قلوب تلك الجامعة‪ ،‬أو ضامن والء‬ ‫وهذا ال مينع أن بعض الزيجات كانت لها‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك الحليف‪ ،‬كام كان الغرض عاد ًة من تلك املصاهرات يف تلك البيئة القبلية‪ ،‬ورمبا كان هناك ٌ‬ ‫هدف آخر مه ٌّم ج ًّدا وهو‬ ‫إنجاب ٍ‬ ‫سيدات كبري ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ات كام‬ ‫ولد يرث حكمه‪ ،‬األمر الذي فشل يف تحقيقه‪ ،‬ولكن غري صحي ٍح أن أكرث زيجاته كانت من‬ ‫‪11‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫مثل وكذلك حفصة وزينب بنت خزمية وزينب بنت جحش وصفية وجويرية وميمونة ك َّن شابات‪،‬‬ ‫يردد البعض‪ ،‬فعائشة ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد النسائية سنجد أنها‬ ‫وهذا بغض النظر عن الجواري الجميالت كامرية وغريها‪ ،‬ولو تتبعنا بعض تفاصيل عالقات‬ ‫أخالقي أو إنسا ٌّين‪ ،‬كام سرنى‪.‬‬ ‫رشعي أو‬ ‫تتمحور حول املتعة الجنسية بشكل ٍكبري‪ ،‬دون اعتبا ٍر ملا هو‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬

‫النساء الاليت أحله ّن الله لنبيه‬ ‫يف “صحيح البخاري”‪ ،5090 ،‬و“صحيح مسلم”‪ ،1466 ،‬و“سنن أيب داود”‪ ،2047 ،‬و“صحيح ابن ماجة”‪ ،1518 ،‬نجد‬ ‫قائل‪« :‬تُنك َُح املرأ ُة ألربَعٍ‪ :‬ملالِها ول َح َسبِها و َجاملِها ولدينها‪ ،‬فاظ َف ْر ِ‬ ‫بذات‬ ‫نبي اإلسالم يقدم نصيح ًة مخلص ًة إىل املؤمنني‪ً ،‬‬ ‫الدِّينِ تَ ِربَ ْت يَ َ‬ ‫أول‪.‬‬ ‫داك»‪ ،‬فاملسلم عليه أال يبحث عن املال والحسب والجامل بقدر ما عليه أن يهتم بدين وأخالق املرأة ً‬ ‫نصيح ٌة ممتاز ٌة ج ًّدا يا رسول الله‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ّ‬ ‫لكن حني خاطب القرآن محم ًدا متحدث ًا عن زوجاته يف سورة األحزاب ‪ ،52‬قال له ﴿ل يِل لك الن ِ َساء مِن َب ْع ُد َول أن‬ ‫َ َ َّ َ َّ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫تبدل ب ِ ِهن مِن أزو ٍاج ولو أعجبك‪،﴾...‬‬

‫فام الذي كان يعجب النبي يف النساء يا ترى‪ :‬دينه ّن؟ حسبه ّن؟ ماله ّن؟‬ ‫َ َ‬

‫﴿‪َ ..‬ول ْو أ ْع َج َب َك ُح ْس ُن ُه َّن﴾‪ ،‬هكذا تقول اآلية‪ ،‬مام يعطينا فكر ًة عن العامل األهم يف اختيار النبي لنسائه من فم كاتب‬ ‫بغض النظر عن نصيحته ألتباعه بأن يختاروا ذات الدين‪.‬‬ ‫القرآن ذاته‪ :‬وهو الجامل والحسن‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫ولكن أال تبدو أن تلك اآلية تضع حدو ًدا عىل النبي‪ ،‬فتمنعه من أن يبدل األزواج‪ ،‬فيطلّق واحد ًة ويتزوج بأخرى؟‬ ‫لنبي اإلسالم من سورة األحزاب‬ ‫ففيها مفاتيح الحقوق النسائية‬ ‫بوضوح‪ ،‬علينا أن َنقرأ اآليات كامل ًة‪،‬‬ ‫ليك نفهم الصورة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُّ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ْ َ ُ َ َّ َ َّ ُ َ ْ َ‬ ‫َْ َ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ات ع ِمك‬ ‫‪﴿ 50-52‬يا أيها انل ِب إِنا أحللنا لك أزواجك الل ِت آتيت أجورهن وما َملكت ي ِمينك مِما أفاء الل عليك وَبن ِ‬ ‫َ‬

‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ً ُّ ْ َ ً‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ّ ْ َ َ‬ ‫َو َب َنات َع َّمات َِك َو َب َنات َخال َِك َو َب َ‬ ‫اد انلَّ ُّ‬ ‫ب أن‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ِلن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ة‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ام‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫اج‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫الل‬ ‫ِك‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫خ‬ ‫ات‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُْ ْ َ َ ْ َ َْ َ َ ْ َ َ َْ ْ َ‬ ‫ْ َ​َ َ َ َ ْ ََْ ُ​ُ ْ ََْ َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ً َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ج ِهم وما ملكت أيمانهم ل ِكيل يكون‬ ‫يستنكِحها خال ِصة لك مِن د ِ‬ ‫ون المؤ ِمن ِني قد عل ِمنا ما فرضنا علي ِهم ِف أزوا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ت فَ َل ُج َناحَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت م َِّم ْن ع َزل َ‬ ‫ِيما ‪ ،‬ت ْر ِج من تشاء مِن ُه َّن َوتؤوي إلْك من تشاء َومن ابتغيْ َ‬ ‫ك َح َر ٌج َو َك َن َّ ُ‬ ‫ورا َّرح ً‬ ‫الل َغ ُف ً‬ ‫علي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫الل َي ْعل ُم َ‬ ‫ك ذل َِك أ ْدن أن َت َق َّر أ ْع ُي ُن ُه َّن َول يْ َز َّن َو َي ْر َض ْ َ‬ ‫ك ْم َوك َن َّ ُ‬ ‫ي ب َما آتَيْ َت ُه َّن ك ُه َّن َو َّ ُ‬ ‫ِيما َحل ً‬ ‫الل َعل ً‬ ‫ِيما‬ ‫وب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫علي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ َ َ َّ َ َّ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ْ ُ ُ َّ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ ّ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫‪ ،‬ل يِل لك النِساء مِن بعد ول أن تبدل ب ِ ِهن مِن أزو ٍ‬ ‫اج ولو أعجبك حسنهن إِل ما ملكت ي ِمينك وكن الل ع ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ش ٍء َّرق ًِيبا﴾‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫هدم أسطورة دين العفّة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬ ‫هنا عدة ٍ‬ ‫كل عىل حدة‪:‬‬ ‫نقاط سنناقشها ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد أزواجه جمي ًعا‪،‬‬ ‫‪ -1‬القرآن يُحل‬ ‫‪ -2‬يُحل له ما ملكت ميينه من الجواري‪،‬‬ ‫‪ -3‬يُحل له بنات عمه وبنات عامته وبنات خاله وبنات خاالته‪،‬‬ ‫‪ -4‬يُحل له أي امرأ ٍة مؤمن ٍة تهب نفسها له‪،‬‬ ‫‪ -5‬يُحل له أن يتعامل مع تلك النسوة كام يشاء‪،‬‬ ‫‪ -6‬يُح ّرم عليه استبدال األزواج بعد ذلك‪ ،‬واالكتفاء مبا ملكت ميينه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد‬ ‫ننتقل إىل التفاسري وأسباب النزول لرنى ما نوعية النساء الاليت أحله ّن الله‬ ‫تحدي ًدا‪.‬‬ ‫أما الزوجات “الاليت آتاهن أجورهن”‪ ،‬فاملعنى واضح‪ .‬ينقل لنا الطربي «كان اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﳌﺆﺳﺴﺔ‬ ‫ٍ‬ ‫كل امرأة آتاها مه ًرا‪ ،‬فقد أحلها الله له»‪ .‬وال يفوتنا التعبري القرآين املنحط الذي اﳊﻮار اﳌﺘﻤﺪن‬ ‫يصف املهر بأنه “أجر” للمرأة؛ نظري ماذا يا ترى؟ الجواب برصاحة يف سورة‬ ‫ﻳﺴﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬دﳝﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ‬ ‫النساء ‪ :24‬نظري املتعة التي يأخذها الرجل‪.‬‬ ‫»ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ‬ ‫أما ملك اليمني فهن السبايا و الجواري الاليت تم أرسهن يف الحروب‪ .‬يقول دﳝﻘﺮاﻃﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻀﻤﻦ اﳊﺮﻳﺔ‬ ‫الطربي « َوقَ ْوله‪َ “ :‬و َما َملَك َْت َيِينك ِم َّم أَفَا َء اللَّه َعلَ ْيك” يَقُول‪َ :‬وأَ ْحلَلْ َنا لَك إِ َما َءك اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ«‬ ‫ص َن لَك ِب َفتْ ِح اللَّه َعلَيْك ِم ْن الْف َْيء»‪.‬‬ ‫اللَّ َو ِات َسبَيْته َّن‪ ،‬فَ َملَكْته َّن ب ِّ‬ ‫ِالسبَا ِء‪َ ،‬و ِ ْ‬ ‫ثم تأيت كل قريباته املهاجرات معه‪ .‬يكمل الطربي (فَأَ َح َّل اللَّه لَ ُه َص َّل اللَّه َعلَ ْي ِه‬ ‫َو َسلَّ َم ِم ْن بَ َنات َع ّمه َو َع َّمته َو َخاله َو َخالَ ته‪ ،‬الْ ُم َها ِج َرات َم َع ُه ِم ْن ُه َّن ُدو َن َم ْن لَ ْم‬ ‫يُ َهاجِر ِم ْن ُه َّن َم َع ُه)‪.‬‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ويخربنا الطربي أن هناك قراء ًة تضيف الواو إىل اآلية َ َ‬ ‫ات خالت ِك َوالل ِت‬ ‫﴿و َبن ِ‬ ‫َه َ‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد ليس فقط بنات أعاممه‬ ‫اج ْر َن َم َع َك﴾)‪ ،‬مام يجعل املعنى أن اآلية ت ُحل‬

‫وعامته وبنات أخواله وخاالته‪ ،‬بل تضيف معهن كل امرأ ٍة مهاجر ٍة عىل اإلطالق!‬ ‫الض َّحاك بْن ُم َز ِ‬ ‫احم يَتَأَ َّول ِق َرا َء َة َع ْبد اللَّه َه ِذ ِه أَنَّ ُه َّن نَ ْوع غ َْي بَ َنات‬ ‫فنقرأ « َوكَا َن َّ‬ ‫َخ َالته‪َ ،‬وأَنَّ ُه َّن ك ُّل ُم َها ِج َرة َها َج َرتْ َم َع ال َّنب ِّي َص َّل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم)‪،‬‬ ‫الل ِت َها َج ْر َن‬ ‫الض َّحاك يَقُول ِف َح ْرف ابْن َم ْس ُعود‪َ “ :‬و َّ‬ ‫(أَ ْخ َ َبنَا ُع َب ْيد‪ ،‬ق َ​َال‪َ :‬س ِم ْعت َّ‬ ‫شء َها َج َر َم َع ُه لَ ْي َس ِم ْن بَ َنات الْ َع ّم َوالْ َع َّمة‪َ ،‬و َل ِم ْن‬ ‫َم َعك” يَ ْع ِني ِب َذلِ َك‪ :‬ك ُّل َ ْ‬ ‫بَ َنات الْ َخال َوالْ َخالَة»‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪http://www.ahewar.org‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫الاليت وهنب أنفسهن له‬ ‫أما عن التي وهبت نفسها ملحمد‪ ،‬فاملعنى أنه يستطيع أن‬ ‫ينكح أي امرأ ٍة بدون مهرٍ‪ .‬يقول الطربي يف تفسريه «‪َ ...‬وقَ ْوله‪:‬‬ ‫’’ َوا ْم َرأَة ُم ْؤ ِم َن ًة إِ ْن َو َهبَ ْت نَف َْس َها لِل َّنب ِِّي‘‘ يَقُول‪َ :‬وأَ ْحلَلْ َنا لَ ُه ا ْم َرأَ ًة‬ ‫ُم ْؤ ِم َن ًة إِ ْن َو َه َب ْت نَفْس َها لِل َّنب ِِّي ِب َغ ْ ِي َص َداق»‪.‬‬ ‫و يكمل « َوقَ ْوله “إِ ْن أَ َرا َد ال َّنب ِّي أَ ْن يَ ْستَ ْن ِك َح َها” يَقُول‪ :‬إِ ْن أَ َرا َد أَ ْن‬ ‫يَ ْن ِك َح َها‪ ،‬فَ َح َل ٌل لَ ُه أَ ْن يَ ْن ِكح َها َوإِذَا َو َه َب ْت نَف َْس َها لَ ُه ِب َغ ْ ِي َم ْهر»؛‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد وحده من دون املؤمنني‬ ‫ويضيف أن تلك خاصي ٌة أخرى‬ ‫«‪َ “ ...‬خالِ َص ًة لَك” يَقُول‪َ :‬ل يَ ِح ّل ِلَ َح ٍد ِم ْن أُ َّمتك أَ ْن يَ ْق َر َب ا ْم َرأَ ًة‬ ‫َو َه َب ْت نَف َْس َها لَ ُه‪َ ،‬وإِنَّ َا َذلِ َك لَك يَا ُم َح َّمد َخالِ َص ًة أَ ْخل َ​َص ْت لَك‬ ‫ِم ْن ُدون َسائِر أُ َّمتك»؛‬ ‫ثم ينقل رواي ًة تفيد بهذا املعنى « َع ْن قَتَا َدة “ َخالِ َص ًة لَك ِم ْن ُدون الْ ُم ْؤ ِم ِن َني” يَقُول ‪ :‬لَ ْي َس ِل ْم َرأَ ٍة أَ ْن تَ َه َب نَف َْس َها لِ َر ُجلٍ‬ ‫ِب َغ ْ ِي أَ ْمر َو ِ ٍّل َو َل َم ْهرٍ‪ ،‬إِلَّ لِل َّنب ِِّي‪ ،‬كَانَ ْت لَ ُه َخالِ َص ًة ِم ْن ُدون ال َّناس‪َ ،‬ويَ ْز ُع ُمو َن أَنَّ َها نَ َزل َْت ِف َم ْي ُمونَ َة ِب ْنت الْ َحارِث أَنَّ َها الَّ ِتي‬ ‫َو َه َب ْت نَفْس َها لِل َّنب ِِّي»‪.‬‬ ‫وبينام ا ّدعى البعض أن النبي مل يطبّق تلك الخاصية اإللهية‪ ،‬فظلت مجرد ح ٍرب عىل ورقٍ ‪ ،‬أكد البعض أنه فعلها مرا ًرا‪،‬‬ ‫فكان ينكح النساء بدون مه ٍر أو شهو ٍد أو و ٍّيل‪ ،‬حتى أنهم اختلفوا فيمن نزلت اآلية‪ .‬فمن الطربي نقرأ‬ ‫شيك‪،‬‬ ‫«‪َ ...‬وأَ َّما ال َِّذي َن قَالُوا‪ :‬قَ ْد كَا َن ِع ْن َد ُه ِم ْن ُه َّن‪ ،‬فَ ِإ َّن بَ ْع َض ُه ْم ق َ​َال‪ :‬كَانَ ْت َم ْي ُمونَة ِب ْنت الْ َحارِث‪َ .‬وق َ​َال بَ ْعضه ْم‪ِ :‬ه َي أُ ّم َ ِ‬ ‫َوق َ​َال بَ ْعضه ْم‪َ :‬زيْ َنب ِب ْنت ُخ َز ْ َي َة»؛ ومن تفسري القرطبي « َو ِق َيل الْ ُمو ِه َبات أَ ْربَ ٌع‪َ :‬م ْي ُمونَة ِب ْنت الْ َحارِث‪َ ،‬و َزيْ َنب ِب ْنت‬ ‫شيك ِب ْنت َجابِر‪َ ،‬و َخ ْولَة ِب ْنت َح ِكيم)»‪.‬‬ ‫ُخ َز ْ َية أُ ّم الْ َم َساكِني الْ َنْ َصا ِريَّة‪َ ،‬وأُ ّم َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد‪ ،‬مام يعني أن املسألة حدثت‬ ‫ومع بقية اآليات سرنى كيف أن عائشة كانت تغار من النساء الاليت وهنب أنفسهن‬ ‫مرا ًرا‪ .‬ويف بعض األحيان كان محم ٌد هو من يطلب من املرأة أن تهب نفسها له‪ ،‬وتحيك لنا املصادر عن إحدى النساء‬ ‫أنها رفضت ذلك ور َّدت عليه بغلظ ٍة وأهانته‪ .‬فنقرأ يف “صحيح البخاري”‪4957 ،‬‬

‫‪14‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫«عن أيب ٍ‬ ‫أسيد ريض الله عنه قال‪ :‬خرجنا‬ ‫صل الله عليه وسلم حتى انطلقنا‬ ‫مع النبي ّ‬ ‫إىل ٍ‬ ‫حائط يقال له‪ :‬الشوط‪ ،‬حتى انتهينا إىل‬ ‫صل الله‬ ‫حائطني‪ ،‬فجلسنا بينهام‪ ،‬فقال النبي ّ‬ ‫عليه وسلم‪“ :‬اجلسوا ها هنا”‪ ،‬ودخل‪ ،‬وقد‬ ‫أُيت بالجونية‪ ،‬فأُنزلت يف ٍ‬ ‫بيت يف نخلٍ يف بيت‬ ‫أميمة بنت النعامن بن رشاحيل‪ ،‬ومعها دايتها‬ ‫صل الله‬ ‫حاضن ًة لها‪ ،‬فلام دخل عليها النبي ّ‬ ‫عليه وسلم قال‪“ :‬هبي نفسك يل”‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬وهل تهب امللكة نفسها للسوقة؟ قال‪:‬‬ ‫فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن‪ ،‬فقالت‪ :‬أعوذ بالله منك‪ ،‬فقال‪’’ :‬قد ِ‬ ‫عذت مبعاذ‘‘‪ ،‬ثم خرج علينا فقال‪“ :‬يا أبا أسيد‪،‬‬ ‫اكسها رازقيتني وألحقها بأهلها”» – والسوقة هم الرعية أو الدهامء‪.‬‬ ‫أما القرطبي فيخربنا يف تفسريه لآلية السابقة أن معنى “استنكحها” أي طلب منها الزواج‪ ،‬أو مامرسة الجنس! فيقول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫صل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫«ال ْس ِت ْنكَاح بِ َ ْع َنى طَلَب ال ِّنكَاح‪ ،‬أَ ْو طَلَب الْ َوطْء»؛ ثم يضيف َو َه َب ْت الْ َم ْرأَة نَفْس َها َوقَ ِبلَ َها ال َّنب ِّي ّ‬ ‫َحل َّْت لَ ُه‪َ ،‬وإِ ْن لَ ْم يَ ْق َبل َها لَ ْم يَلْ َزم َذلِ َك‪ .‬ك َ​َم إِذَا َو َه ْبت لِ َر ُجلٍ شَ ْيئًا ف َ​َل يَجِب َعلَ ْي ِه الْ َق ُبول‪ ،‬بَ ْيد أَ َّن ِم ْن َمكَارِم أَ ْخ َلق نَ ِب ّي َنا‬ ‫أَ ْن يَ ْقبَل ِم ْن الْ َوا ِهب ِهبَته»!‬ ‫يحصل عىل النساء مبهرٍ‪ ،‬حتى أحل الله له املسألة بدون الحاجة إىل مهر‪.‬‬ ‫ويذكر الطربي رواي ًة أخرى َتؤكد أن النبي َ كان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َّ ُّ َّ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ك أ ْز َو َ‬ ‫﴿خال َِصة لك م ِْن ُدون ال ُم ْؤ ِمن َِني﴾ ق َ​َال‪ :‬كَا َن‬ ‫اج َك﴾ ‪ . . .‬إِ َل قَ ْوله‬ ‫«ق َ​َال ابْن َزيْد ِف قَ ْوله‪﴿ :‬يا أيها انل ِب إِنا أحللنا ل‬ ‫ك ُّل ا ْم َرأَة آت َا َها َم ْه ًرا فَ َق ْد أَ َحلَّ َها اللَّه لَ ُه إِ َل أَ ْن َو َه َب َه ُؤ َل ِء أَنْف َُس ُه َّن لَ ُه‪ ،‬فَأُ ْحلِلْ َن لَ ُه ُدو َن الْ ُم ْؤ ِم ِن َني ِب َغ ْ ِي َم ْهر َخالِ َصة لَك‬ ‫ِم ْن ُدون الْ ُم ْؤ ِم ِن َني إِلَّ ا ْم َرأَة لَ َها َز ْوج»‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وحده “ َخالِ َص ًة ل َ​َّك ِمن ُدونِ الْ ُم ْؤ ِم ِن َني” كام يتضح من‬ ‫ويستمر الطربي يف نقل ما يؤكد أن تلك امليزة قارص ٌة عىل‬ ‫اآلية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد نكاح‪ :‬النساء الاليت تزوجهن مبهرٍ‪ ،‬ثم ما ملكت ميينه من الجواري‪ ،‬ثم بنات أعاممه وعامته‬ ‫إذن فتلك اآليات تبيح‬ ‫وبنات أخواله وخاالته‪ ،‬ثم النساء الاليت هاجرن معه‪ ،‬ثم أي امرأ ٍة مؤمن ٍة تهب نفسها له‪.‬‬ ‫‪15‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫ٍ‬ ‫محمد حقوقًا نسائي ًة ضخم ًة كام قد يبدو للقارئ‪،‬‬ ‫لكن املفاجأة الطريفة يف األمر‪ ،‬هي أن تلك اآليات نزلت ليس ملنح‬ ‫وإمنا النتزاع بعض تلك الحقوق!‬ ‫يقول الطربي يف تفسريه « َو ُذكِ َر أَ َّن لِ َر ُسو ِل اللَّه َص َّل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم قَ ْبل أَ ْن تُ َن َّز َل َعلَ ْي ِه َه ِذ ِه ْاليَة أَ ْن يَتَ َز َّو َج أَ ّي ال ِّن َساء‬ ‫َص َسائِ َر أُ َّمته َع َل َمثْ َنى َو�ث ُ َلث َو ُربَاع»‪.‬‬ ‫َص ُه اللَّه َع َل َه ُؤ َل ِء‪ ،‬فَلَ ْم يَ ْع ُد ُه َّن‪َ ،‬وق َ َ‬ ‫شَ ا َء‪ ،‬فَق َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد انزعجن‬ ‫مبعنى آخر‪ ،‬فحقوق النبي النسائية كانت أكرب من ذلك بكثري‪ .‬فالحكاية‪ ،‬كام تخربنا التفاسري‪ ،‬أن زوجات‬ ‫ً‬ ‫وتذمرن مرا ًرا من سلوكياته النسائية السابقة‪ ،‬ولعلها هي ذات املشاجرة الشهرية بينهن وبينه والتي طالت أكرث من‬ ‫شهرٍ‪ ،‬وبعد أن تم الصلح أخ ًريا‪“ ،‬نزل” القرآن يحجم السلوكيات املحمدية ويضع الحدود الصارمة للنبي فيام يخص‬ ‫النساء الاليت يحق له نكاحهن‪ ،‬فال يجب أن تزدن (فقط!) عن زوجاته اإلحدى عرشة وجواريه وبنات عمه وبنات عامته‬ ‫وبنات خاله وبنات خاالته والنساء الاليت هاجرن معه وامرأ ٍة مؤمن ٍة إن وهبت نفسها له‪ ،‬حتى رضني زوجاته أخ ًريا‬ ‫بالنظام املع ّدل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد املسكني أمام ذلك الحرمان القايس الذي ق ّيده ربه به! فامذا كنت تفعل قبل‬ ‫وال منلك إال التعاطف واإلشفاق عىل‬ ‫أيضا؟‬ ‫نزول تلك اآليات املقيِّدة يا رسول الله؟ هل كنت تنكح الرجال والحيوانات والشجر ً‬ ‫الجواب ينقله لنا الطربي « َع ْن ابْن َع َّباس قَ ْوله‪:‬‬ ‫“يَا أَيّ َها ال َّنب ِّي إِنَّا أَ ْحلَلْ َنا لَك أَ ْز َوا َجك” ‪.‬‬ ‫‪ . .‬إِ َل ِ‬ ‫آخر ْاليَة‪ ،‬ق َ​َال‪َ :‬ح َّر َم اللَّه َعلَيْ ِه َما‬ ‫ِس َوى َذلِ َك ِم ْن ال ِّن َساء؛ َوكَا َن قَ ْبل َذلِ َك‬ ‫يَ ْن ِكح ِف أَ ّي ال ِّن َساء شَ ا َء‪ ،‬لَ ْم يُ َح َّرم َذلِ َك‬ ‫َعلَ ْي ِه‪ ،‬فَكَا َن نِ َسا ُؤ ُه يَ ِج ْد َن ِم ْن َذلِ َك َو ْج ًدا‬ ‫شَ ِدي ًدا أَ ْن يَ ْن ِكح ِف أَ ّي ال َّناس أَ َح َّب; فَل ََّم‬ ‫أَنْ َز َل اللَّه‪ :‬إِ ِّن قَ ْد َح َّر ْمت َعلَيْك ِم َن ال َّناس‬ ‫ِس َوى َما ق َ​َص ْصت َعلَ ْيك‪ ،‬أَ ْع َج َب َذلِ َك‬ ‫نِ َسا َء ُه»‪.‬‬ ‫نكرر العبارة املهمة «‪َ ..‬وكَا َن قَ ْبل َذلِ َك يَ ْن ِكح ِف أَ ّي ال ِّن َساء شَ ا َء»‪.‬‬ ‫وبالطبع عىل املسلم املخلص قبول ذلك االنحطاط والعهر النبوي بكل رحابة صدرٍ‪ ،‬باعتبار أن وراءه حكم ًة إلهي ًة عليا‪،‬‬ ‫تعجز عقولنا القارصة عن إدراكها!‬ ‫‪16‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫مسارعة الله يف هوى نبيه‬ ‫أيضا من قيد‬ ‫وكام حرر الله نبيه من قيد تحديد عدد الزوجات بأربع ٍة‪ ،‬وحرره من قيد املهر‪ ،‬والويل‪ ،‬والشهود‪ ،‬حرره ً‬ ‫العدل بني النساء!‬ ‫َ​َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫فاآلية التالية‪﴿ :‬ت ْر ِج َمن تشاء مِن ُه َّن َوتؤوِي‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ت فل‬ ‫إِلك من تشاء وم ِن ابتغيت مِمن عزل‬ ‫َُ َ َ‬ ‫اح َعليْ َك﴾ نزلت لتؤكد أن من حق النبي أن‬ ‫جن‬

‫يتعامل مع نسائه كيفام شاء‪ ،‬ف ُيق ّرب إليه من شاء‬ ‫ويبعد من شاء‪ ،‬حسب املزاج دون حر ٍج ودون‬ ‫التز ٍام بالعدالة املنصوص عليها يف آية التعدد‪.‬‬

‫ومن الطربي‪َ « :‬ع َنى ِب َق ْولِ ِه‪ :‬تُ ْرجِي‪ :‬تُ َؤ ِّخر‪َ ،‬و ِب َق ْولِ ِه‪:‬‬ ‫ت ُ ْؤ ِوي‪ :‬ت َُض ّم»‪ ،‬و« َع ْن ُم َجا ِهد‪ ،‬قَ ْوله‪“ :‬ت ُ ْرجِي َم ْن ت َشَ اء ِم ْن ُه َّن” ق َ​َال‪ :‬ت َ ْعزِل ِب َغ ْ ِي ط َ​َلق ِم ْن أَ ْز َواجك َم ْن تَشَ اء‪َ “ ،‬وت ُ ْؤ ِوي إِلَ ْيك‬ ‫َم ْن تَشَ اء” ق َ​َال‪ :‬تَ ُر ّد َها إِلَ ْيك‪،‬‬ ‫(فَ َم ْع َنى الْك َ​َلم‪ :‬ت ُ َؤ ِّخر َم ْن تَشَ اء ِم َّم ْن َو َه َب ْت نَف َْس َها لَك‪َ ،‬وأَ ْحلَلْت لَك نِكَا َح َها‪ ،‬ف َ​َل تَ ْق َبل َها َو َل تَ ْن ِكح َها‪ ،‬أَ ْو ِم َّم ْن ُه َّن ِف‬ ‫ِح َبالِك‪ ،‬ف َ​َل ت َ ْق َرب َها‪َ ،‬وت َُض ّم إِلَ ْيك َم ْن ت َشَ اء ِم َّم ْن َو َه َب ْت نَف َْس َها لَك‪ ،‬أَ ْو أَ َر ْدت ِم ْن ال ِّن َساء الَّ ِتي أَ ْحلَلْت لَك نِكَا َح ُه َّن‪ ،‬فَتَ ْق َبل َها‬ ‫أَ ْو تَ ْن ِكح َها‪َ ،‬و ِم َّم ْن ِه َي ِف ِح َبالِك فَتُ َجا ِمع َها إِذَا ِشئْت‪َ ،‬وت ْ َُتك َها إِذَا ِشئْت ِب َغ ْ ِي ق َْسم)»‪.‬‬ ‫هنا اآلية أسقطت مبدأ القسمة العادلة التي كان يتبعها محم ٌد وأعفته من ذلك‪ .‬ويكمل الطربي‪..« :‬فَ َج َعلَ ُه اللَّه ِف ِح ّل‬ ‫ِم ْن َذلِ َك أَ ْن يَ َد َع َم ْن يَشَ اء ِم ْن ُه َّن‪َ ،‬ويَأْ ِت َم ْن يَشَ اء ِم ْن ُه َّن ِب َغ ْيِ ق َْسم‪َ ،‬وكَا َن نَب ِّي اللَّه يَق ِْسم»‪.‬‬ ‫ثم يضيف أنه اختار من شاء للعدل بينه ّن (خاصة الجميالت وصاحبات املكانة وبنات أصحابه)‪ ،‬واختار من شاء‬ ‫أيضا‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫لحرمانه ّن من أي حقوقٍ إال حسب املزاج ً‬ ‫«‪..‬فَكَا َن ِم َّم ْن آ َوى َعائِشَ ة َو َحف َْصة َوأُ ّم َسلَ َمة َو َزيْ َنب‪ ،‬فَكَا َن ِق ْس َمته َّن ِم ْن نَفْسه َو َماله َس َواء بَيْنه َّن‪َ .‬وكَا َن ِم َّم ْن أَ ْر َجى‬ ‫َس ْو َدة َو ُج َويْ ِريَة َوأُ ّم َحبِي َبة َو َم ْي ُمونَة َو َص ِف َّية‪ ،‬فَكَا َن يَق ِْسم لَ ُه َّن َما شَ ا َء»‪.‬‬ ‫ومن تفسري القرطبي لآلية‪َ « :‬وأَ َص ُّح َما ِق َيل ِفي َها‪ ،‬التَّ ْو ِس َعة َع َل ال َّنب ِّي َص َّل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ِف تَ ْرك الْق َْسم‪ ،‬فَكَا َن لَ يَجِب‬ ‫‪17‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫َعلَ ْي ِه الْق َْسم بَ ْي َز ْو َجاته‪َ .‬و َهذَا الْ َق ْول ُه َو ال َِّذي يُ َن ِاسب َما َم َض»‪ ،‬و يضيف « َو ِق َيل‪ :‬كَا َن الْق َْسم َوا ِج ًبا َع َل ال َّنب ِّي َص َّل‬ ‫اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ث ُ َّم نُ ِس َخ الْ ُو ُجوب َع ْن ُه ِب َه ِذ ِه ْاليَة»‪.‬‬ ‫أيضا الحديث الوارد يف “صحيح البخاري”‪ 4788 ،‬و‪ ،5133‬و“صحيح مسلم”‪ 1464 ،‬و“صحيح ابن‬ ‫وينقل لنا القرطبي ً‬ ‫تلخيصا دقيقًا للوضع‪ ،‬عىل لسان أم املؤمنني وأقرب زوجات‬ ‫حبان” ‪ 6367‬و“صحيح النسايئ” ‪ ،3199‬والذي يتضمن‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد إليه‪ ،‬حيث تقول‬ ‫فلم َ‬ ‫صل الل ُه علي ِه وسلَّ َم‪ُ ،‬‬ ‫أنزل الل ُه ت َعاىل‪:‬‬ ‫وأقول‬ ‫وهب أنْف َُس ُه َّن لرسو ِل الل ِه َّ‬ ‫ُ‬ ‫«كنت أغا ُر عىل ِ‬ ‫الالت ْ َ‬ ‫أتهب املرأ ُة نفس َها؟ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬ما أُ َرى َربَّ َك إال‬ ‫﴿تُ ْر ِج ُئ م ْن تش ُاء مِن ُه َّن َوتؤوِي إِلك من تشاء ومن ابتغيت مِمن عزلت فل جناح عليك﴾ ‪ُ .‬‬ ‫يُ َسا ِر ُع يف َه َو َاك»‪.‬‬ ‫صدق َْت وهي أعلم الناس به وأقربهم إليه‪.‬‬ ‫واملعروف أن النبي مل يكن يعدل بني زوجاته بل كان يفضل عائشة عليهن؛ ولهذا قمن جمي ًعا بإرسال ابنته فاطمة إليه‪،‬‬ ‫فقالت «أزواجك أرسلنني يسألونك العدل يف ابنة أيب قحافة»‪ ،‬فام كان رده عليها إال أنني أحب عائشة‪ ،‬وبالتايل فعليك‬ ‫أيضا! كام ورد يف ’’مسند أحمد‘‘‪ ،‬باب عائشة‪.‬‬ ‫أن تحبيها ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد املعرتضات وبعض أهلهن‬ ‫املقطع األخري َاملخصص إلرضاء أزواج‬ ‫اآليات‪ ،‬فتكمن يف‬ ‫أما املفاجآت األخرية يف تلك‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫َُْ َ​َ‬ ‫َ َ َّ َ َّ ْ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ ْ ُ ُ َّ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ َ ُ ّ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ّ‬ ‫الن ِ َ‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫اج‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫أ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫اء‬ ‫س‬ ‫﴿ل يِل لك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ش ٍء َّرق ًِيبا﴾‪،‬‬

‫ٍ‬ ‫«ل يَ ِح ّل لَك ال ِّن َساء ِم ْن بَ ْعد اللَّ َو ِات أَ ْحلَلْته َّن‬ ‫ملحمد االستزادة من الجواري‪ ،‬كام يقول الطربي َ‬ ‫فنالحظ أولً أن اآلية تبيح‬ ‫لَك‪ ،‬إِ َّل َما َملَك َْت َيِينك ِم َن ْ ِ‬ ‫ال َماء‪ ،‬فَ ِإ َّن لَك أَ ْن تَ ْلِك ِم ْن أَ ّي أَ ْج َناس ال َّناس ِشئْت ِم َن الْ ِ َماء»‪.‬‬ ‫لكن األهم هو ما ت ُفاجئنا به الروايات‪ ،‬من أن تلك اآلية قد تم نسخها بعد ذلك!‬ ‫ٍ‬ ‫حديث لعائشة «‪ ...‬أَنَّ َها‬ ‫رأي يقول أنها منسوخ ٌة بالس ّنة‪ ،‬استنا ًدا عىل‬ ‫ينقل لنا القرطبي عدة آرا ٍء حول اآلية‪ ،‬منها ٌ‬ ‫ِالس َّن ِة‪َ ،‬وال َّن ِاسخ لَ َها َح ِديث َعائِشَ ة‪ ،‬قَال َْت‪َ :‬ما َماتَ َر ُسول اللَّه َص َّل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َحتَّى أُ ِح َّل لَ ُه ال ِّن َساء»‪،‬‬ ‫َم ْن ُسو َخة ب ُّ‬ ‫والحديث بالفعل موجو ٌد يف “صحيح الرتمذي”‪ ،3216 ،‬و“سنن النسايئ”‪ ،3204 ،‬ويف “البدر املنري”‪ ،440\7 ،‬نقرأ‪« :‬ما‬ ‫مات ُ‬ ‫صل الل ُه علي ِه وسل َم حتى أُ ِح َّل له النسا ُء تعني‪ :‬الاليت ُح ِظ ْرن عليه»‪.‬‬ ‫رسول الل ِه َّ‬ ‫‪18‬‬


‫هدم أسطورة دين الع ّفة‬ ‫جـ ‪ :7‬محمد ‪1-‬‬

‫‪Moussa Eightyzz‬‬

‫أيضا ولكن بالقرآن‪ ،‬اآلية التي سبقتها مبارشةً‪ ،‬ف ُيكمل القرطبي «‪...‬الث َِّان‪ :‬أَنَّ َها َم ْن ُسو َخ ٌة بِآيَ ٍة‬ ‫والرأي الثاين أنها منسوخ ٌة ً‬ ‫صل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َحتَّى أَ َح َّل اللَّه لَ ُه أَ ْن يَتَ َز َّوج ِم ْن ال ِّن َساء‬ ‫أُ ْخ َرى‪َ ،‬ر َوى الطَّ َحا ِو ّي َع ْن أُ ّم َسلَ َمة قَال َْت‪ :‬لَ ْم َ ُي ْت َر ُسول اللَّه ّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َم ْن شَ ا َء‪ ،‬إِلَّ ذَات َم ْح َر ٍم‪َ ،‬و َذلِ َك قَ ْوله َع َّز َو َج َّل‪﴿ :‬تُ ْر ِج َم ْن ت َشاء مِنْ ُه َّن َوتُ ْؤوِي إِلك من تشاء﴾»‪.‬‬ ‫أحل له النساء؛ تعنـي أهل‬ ‫صل الله عليه وسلم حتـى ّ‬ ‫ومن تفسري الطربي لآلية «عن عائشة قالت‪ :‬ما مات رسول الله ّ‬ ‫األرض»!‬ ‫فالنتيجة إذن أن الله أحل لنب ّيه كل ما ميكن أن يخطر ببال ٍ‬ ‫شخص شهوا ٍّين طامعٍ يف النساء‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫َ‬

‫َ‬

‫ٍ‬ ‫هنا نختم بذكر تفسريٍ‬ ‫مختلف إلحدى العبارات الواردة يف اآلية‪ ،‬وهي قوله ﴿‪َ ...‬ول أن َت َب َّدل ب ِ ِه َّن م ِْن أ ْز َو ٍاج﴾‪ ،‬حيث‬ ‫تخربنا الروايات أن املقصود هو ما يسمى بعملية “تبادل الزوجات”‪ ،‬حيث كان العرب واملسلمون ميارسون تلك العادة‬ ‫قبل نزول اآلية!‬ ‫شء كَانَ ْت الْ َع َرب ت َ ْف َعل ُه‪ ،‬يَقُول أَ َحده ْم‪ُ :‬خ ْذ‬ ‫نقرأ من تفسري القرطبي وكذلك ابن كثري لآلية ‪« 52‬ق َ​َال اِبْن َزيْد‪َ :‬هذَا َ ْ‬ ‫َز ْو َج ِتي َوأَ ْع ِط ِني َز ْو َجتك‪َ ،‬ر َوى ال َّدا َرقُطْ ِن ّي َع ْن أَ ِب ُه َريْ َرة ق َ​َال‪ :‬كَا َن اَلْ َب َدل ِف الْ َجا ِهلِ َّية َ أَ ْن يَقُول َال َّر ُجل لِل َّر ُجلِ ‪ :‬اِنْز ِْل ِل‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع ْن اِ ْم َرأَتك َوأَنْزِل لَك َع ْن اِ ْم َرأَ ِت َوأَزِيدك‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللَّه َع َّز َو َج َّل‬ ‫﴿ول أن َت َب َّدل ب ِ ِه َّن م ِْن أ ْز َو ٍاج َول ْو أ ْع َج َب َك ُح ْس ُن ُه َّن﴾)‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد يف شأن عائشة‪ ،‬فاعتذر له بأن األمر لن ينفع بعد اآلن ألن الله حرمه‬ ‫وتضيف الرواية أن أحدهم طلب ذلك من‬ ‫(‪ ...‬ق َ​َال‪ :‬فَ َد َخ َل ُع َي ْي َنة بْن ِح ْصن الْ َف َزار ِّي َع َل َر ُسول اللَّه ّ‬ ‫صل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َو ِع ْنده َعائِشَ ة‪ ،‬فَ َد َخ َل ِب َغ ْ ِي إِذْنٍ ‪ ،‬فَق َ​َال لَ ُه‬ ‫صل اللَّه َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬يَا ُع َي ْي َنة فَأَيْ َن ِال ْس ِتئْذَان؟» فَق َ​َال‪ :‬يَا َر ُسول اللَّه‪َ ،‬ما اِ ْستَأْ َذنْت َع َل َر ُجلٍ ِم ْن ُم َض ُم ْن ُذ‬ ‫َر ُسول اللَّه ّ‬ ‫صل اللَّه َعلَيْ ِه َو َسلَّ َم‪َ « :‬ه ِذ ِه َعائِشَ ة أُ ّم الْ ُم ْؤ ِم ِن َني» ق َ​َال‪ :‬أَف َ​َل‬ ‫أَ ْد َركْت‪ .‬ق َ​َال‪َ :‬م ْن َه ِذ ِه الْ ُح َم ْ َياء إِ َل َج ْنبك؟ ق َ​َال َر ُسول اللَّه ّ‬ ‫أَنْزِل لَك َع ْن أَ ْح َسنِ الْ َخل ِْق؟ فَق َ​َال‪« :‬يَا ُع َي ْي َنة‪ ،‬إِ َّن اللَّه قَ ْد َح َّر َم َذلِ َك»‪.‬‬ ‫ويف تفسري الطربي أن اآلية تح ّرم تبادل الزوجات فقط‪ ،‬كام‬ ‫كان الحال يف الجاهلية‪ ،‬لكنها ال متانع يف استبدال الجواري‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ُّ َ َ ّ‬ ‫الن ِ ُ‬ ‫ساء م ِْن َب ْع ُد َوال أن ت َب َّدل ب ِ ِه َّن م ِْن‬ ‫«فقال‪﴿ :‬ال يِل لك‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ​َْ ْ َ َ َ‬ ‫ك ُح ْس ُن ُه َّن إال ما َملك ْ‬ ‫ينك﴾‪ ،‬ال بأس‬ ‫ت يَـ ِم‬ ‫اج ولو أعجب‬ ‫أزو ٍ‬ ‫أن تبـادل بجاريتك ما شئت أن تبـادل‪ ،‬فأما الـحرائر فال‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وكان ذلك من أعاملهم فـي الـجاهلـية»‪.‬‬

‫‪19‬‬


20


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫مقدس‬ ‫إله ّ‬ ‫ٌ‬

‫عباس ع ّبود‬

‫تقديم‬ ‫املقدسات أشيا ٌء لها مكان ٌة عظيم ٌة لدى‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ولكن يجب أن يعلم الجميع أ ّن‬ ‫ال حصانة ليش ٍء أمام النقد املوضوعي‪،‬‬ ‫وال قيمة ليش ٍء إال القيمة الواقعية‪ ،‬وال‬ ‫يشء يصمد أمام العقالنية‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫نبذ ٌة عن الكتاب‬ ‫يتصدى الكاتب يف هذا الكتاب ألهم مظاهر التقديس يف املجتمع البرشي وأعمها وبطر ٍح يتسم بالجرأة والوضوح‬ ‫ازي أو عدايئ‪.‬‬ ‫واملبارشة واألهم أنه غري استفز ٍّ‬ ‫ففي الجزء األول يتناول تقديس فكرة (الله) ويق ّدم أسلوبًا مختلفًا وجدي ًدا للتعامل املنطقي العقيل مع هذه الفكرة‬ ‫ويحيط بالخطوط العامة لها‪ ،‬ويكشف أسباب وأرسار هذه الفكرة النفسية والفكرية والتأريخية‪ ،‬وكذلك يف ّندها بأدل ٍة‬ ‫دامغ ٍة وخاطف ٍة وبطريق ٍة جدلي ٍة مختلف ٍة عن السياقات املألوفة ألنها منهجي ٌة وليست اعتباطي ًة يف تناول الفكرة‪ ،‬وترتكز‬ ‫عىل جوهر الفكرة مبا يشبه النقد التفكييك‪.‬‬ ‫أما يف الجزء الثاين فيتعرض الكتاب للنظرية الدينية املقدسة باعتبار أنها إسقا ٌط لفكرة الله‪ ،‬يتمظهر بتمظهرات ظرفية‬ ‫شامل ألداء النظرية الدينية وإفرازاتها من خالل ٍ‬ ‫نقاط عام ٍة‬ ‫تقييم موضوع ًيا ً‬ ‫املجتمع واملرحلة واملرتاكَم ويق ّدم باختصا ٍر ً‬ ‫مشرتك ٍة بني الديانات‪ ،‬وكذلك يشري إىل مواطن اإليجابية والسلبية يف أداء هذه النظرية وأبعادها االجتامعية الخطرية‪.‬‬ ‫أما يف الجزء األخري فيق ّدم الكتاب موضو ًعا يندر أن يُطرح بشكلٍ محد ٍد ورصي ٍح كام يف هذا الكتاب‪ ،‬وهذا املوضوع هو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واستدالالت عملي ٍة واقعي ٍة منبثق ٍة‬ ‫استدالالت عقلي ٍة‬ ‫تقديس الواقع‪ ،‬وهنا يرفض الكاتب هذا التقديس ويف ّنده من خالل‬ ‫من التجربة اإلنسانية بكل مرارتها ضمن هذا الواقع وسوداويته الحالكة‪ ،‬ومن منظو ٍر إنسا ٍّين ٍ‬ ‫بحت وملح ٍة إنساني ٍة‬ ‫َخاطب مع الواقع غري مألوف‪.‬‬ ‫خالصة‪ ،‬ومثل هكذا ت‬ ‫ٌ‬ ‫رص ج ًدا حد الجفاف رغم أن املواضيع التي يتناولها معقد ٌة وغاي ٌة‬ ‫تجدر اإلشارة هنا إىل أن هذا الكتاب يُال َحظ أنه مخت ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مفردات ذات أرصد ٍة داللي ٍة خاصة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مصطلحات نخبوي ًة أو‬ ‫أيضا أن لغته بسيط ٌة ال تتضمن‬ ‫يف األهمية‪ ،‬ويُال َحظ ً‬ ‫ٍ‬ ‫مالحظات هي أن الكاتب كتب الكتاب‬ ‫يُال َحظ أن الكاتب مل يستعن بأي مصد ٍر خارجي‪ ،‬واألسباب املوجبة ملا ذكرنا من‬ ‫بطريق ٍة تضمن كونه مفهو ًما من قبل املثقف العادي وينزع إطار التعقيد الذي اعتادت هذه املواضيع أن ت َُّلف به‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مفردات ومفاهي َم ضبابي ٍة تؤدي إىل‬ ‫عمومي سهل التوصيل ودون استخدام‬ ‫بخطاب‬ ‫وكذلك كَتب ليتناول مواضيع النخبة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تشظي املوضوع وظاللة الباحث عن بلوغ القصد‪ ،‬وباستخدام املساحات العامة املشرتكة واملتفق عليها للدالالت اللغوية‬ ‫خارجي وذلك لجعل املتلقي يركز عىل اإلشكاليات‬ ‫للمفردات الواردة يف الكتاب‪ ،‬وكذلك مل يستعن الكاتب بأي مصد ٍر‬ ‫ٍّ‬ ‫فكري معني‪،‬‬ ‫برأي مع ٍني أو محاط ٍة مسبقًا بإطا ٍر‬ ‫ٍّ‬ ‫الفكرية ذاتها ويتعامل معها بطريق ٍة عقلي ٍة مجرد ٍة غري متأثر ٍة مسبقًا ٍّ‬ ‫رش ومجر ٌد بني العقل واملوضوع‪.‬‬ ‫أي‪ٌ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫تفاعل مبا ٌ‬ ‫خصوصا أن‬ ‫رصا ج ًدا وجافًا فالغاية منها هي االكتفاء باملخترص املفيد (عصارةالقضايا)‬ ‫ً‬ ‫أما مسألة كون الكتاب مخت ً‬ ‫ٍ‬ ‫عموميات ال تخصيصات‪ ،‬مع مراعاة الجانب النفيس لإلنسان العرصي الذي يكره اإلطالة واإلسهاب‪،‬‬ ‫أساسا يتناول‬ ‫الكتاب ً‬ ‫لذلك جاء الكتاب مكثفًا ج ًدا وقريبًا من شكل (امللزمة) التي تخترص مواضيع الكتب بعمومياتها وفوائدها‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫إله مق َّدس‬ ‫الجزء األول‪ٌ :‬‬ ‫حلم حلمه اإلنسان‬ ‫الله‪ ،‬أجمل ٍ‬ ‫الله‪ ،‬اإلنسان‪ ،‬من خلق من؟‬

‫مقدمة‬ ‫آالف السنني مرت منذ أن بدأت تتبلور فكرة التأليه‪ ،‬تلك الفكرة التي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورغبات خجول ٍة وساذج ٍة وهامشية‪ ،‬وتحولت فيام‬ ‫تأمالت‬ ‫بدأت مبجرد‬ ‫بعد إىل مجموعة أفكا ٍر راسخ ٍة يف النفوس إىل الدرجة التي أصبحت‬ ‫معها جز ًءا من الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وانتقلت من أطوار الخجل إىل أطوار‬ ‫لشعوب كثرية‪ ،‬بل إنها‬ ‫املباهاة والتبشري‪ ،‬بل تحولت إىل دساتري عملي ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مقياس لصالح الفرد‪ ،‬ولكن املصيبة كانت عندما تحولت إىل‬ ‫تحولت إىل‬ ‫ٍ‬ ‫أرواح كثري ٌة وعانت مجتمعاتٌ‬ ‫مقياس الستحقاق الحياة‪ ،‬ف ُزهقت بسببها ٌ‬ ‫كثرية‪ ،‬فقد دارت معاركًا ومعاركًا بسبب حقيقة وجودها ومعاركًا ومعاركًا‬ ‫بسبب تجزئتها ووحدانيتها ومعاركًا ومعاركًا بسبب إشكالية ماهيتها‪.‬‬ ‫إذا كانت هناك أرصد ٌة حي ٌة للمفردات يف الواقع‪ ،‬فاملعنى العام ملفردة (الله) هو األكرب حضو ًرا يف الواقع‪ ،‬رغم عدم‬ ‫وجود دالل ٍة محدد ٍة لها‪ ،‬واألكرث حيوي ًة منذ بداياتها األوىل ولحد اآلن‪ ،‬وال أحد يستطيع أن ينكر بأن هناك كرث ًة من‬ ‫نفوس عشقتها‬ ‫العقول آمنت بها إىل درج ٍة أصبحت معها هذه العقول ت ُس ِّخر كل دالالت الواقع إلثبات وجودها‪ ،‬وهناك ٌ‬ ‫إىل درج ٍة جعلت معها اإلنسان يهني النفس تواض ًعا لها‪ ،‬ويرتك األبناء طاع ًة لها‪ ،‬بل يهيم اإلنسان يف الصحراء عشقًا بها‬ ‫تاركًا ملذات الحياة وكأنها كوم ٌة من القش‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بسلبيات عظيم ٍة وكذلك‬ ‫نفوسا كثري ًة واقرتنت‬ ‫إن مفردة (الله) سبحت يف دمو ٍع كثري ٍة وأوغلت يف دما ٍء كثري ٍة وأنست ً‬ ‫ٍ‬ ‫بإيجابيات كثرية‪.‬‬ ‫تعشقت‬ ‫طويل وسط الريح فتغري نسيجه ولونه كث ًريا حسب العصور واألزمنة والرضورات‬ ‫إنه باختصا ٍر بساطًا طار عال ًيا وظل ً‬ ‫الظرفية‪.‬‬ ‫لنتساءل بشجاع ٍة وتجر ٍد وموضوعية‪ ،‬هل أن هذه الفكرة حقيق ٌة صامدة‪ ،‬أم أنها مجرد ٍ‬ ‫لحلم‬ ‫طيف يتمدد باستمرا ٍر ٍ‬ ‫جميلٍ قد يطرده نور الصباح أو نواقيس الحقيقة‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫البداية‬ ‫لقد ص ّور لنا علامء اآلثار وعلامء األنرثوبولجي صور ًة معين ًة عن اإلنسان القديم‪ ،‬وهذه الصورة منطقي ًة ج ًدا إذا ما تتبعنا‬ ‫سلسلة تطور اإلنسان رجو ًعا إىل املراحل القدمية‪ .‬ولو تأملنا هذه الصورة مبوضوعي ٍة وعقالني ٍة لوجدنا أنها تحمل أسباب‬ ‫وبذور والدة فكرة التأليه‪ ،‬أي أن هذه الفكرة كانت واجبة الوالدة نسب ًة لتلك الظروف؛ والحقيقة إنني ال أريد الخوض‬ ‫يل يف هذه الظروف ألنها من اختصاص ٍ‬ ‫كم ونو ًعا‪ ،‬وألن التفاصيل‬ ‫ٍّ‬ ‫أناس آخرين طرحوا عنها طر ًحا محرت ًما ًّ‬ ‫بشكل تفصي ٍّ‬ ‫ليست غاية هذا الكتاب‪ ،‬بل ما يكفيني أن أذكره عن تلك املراحل إشار ٍ‬ ‫ات عام ًة جوهري ًة تُربِز اللّبنات األساسية يف بناء‬ ‫أي‪ ،‬سأذكر مجموعة عوامل عام ٍة هي يف الحقيقة دوافع أساسي ٌة ق ّدمت بشكلٍ فعا ٍل لفكرة الله وكانت‬ ‫فكرة التأليه‪ْ .‬‬ ‫ذات نفو ٍذ يف عقول عدة أجيا ٍل موغلٍة يف ال ِقدم‪ ،‬وهذه الدوافع‪:‬‬ ‫الخوف‪ ،‬الحاجة‪ ،‬الفضول‪.‬‬

‫الخوف‬ ‫جس ٌد شبه أعز ٍل يواجه وحوشً ا كارس ًة ال تفهم سوى لغة‬ ‫طعام شهية‪ .‬طبيع ٌة‬ ‫القوة وال متانع يف جعل هذا الجسد وجبة ٍ‬ ‫مجنون ٌة تتقلب بني الجنون واالعتدال‪ .‬مجموعاتٌ صغري ٌة قليلة‬ ‫رش لحياة‬ ‫األفراد وحيد ٌة يف عا ٍمل موحش‪ ،‬إنه تهدي ٌد‬ ‫حقيقي ومبا ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وهنا احتاج اإلنسان وبشد ٍة إىل ٍ‬ ‫أمني قد يشفع‬ ‫رصيد ٍّ‬ ‫له عند الوحوش فتبتعد عنه‪ ،‬أو يشفع له عند الطبيعة فرتأف‬ ‫به‪ .‬أي احتاج اإلنسان إىل (بدي قارد) يقيه رشور الطبيعة‬ ‫ويؤنس وحشته ويكون رصي ًدا روح ًيا كذلك‪.‬‬

‫الحاجة‬ ‫الطبيعة كانت لإلنسان إما كرمي ٌة تشبعه إىل حد التخمة أحيانًا‪ ،‬وإما يف أحيانٍ أخرى بخيل ًة إىل حد املوت من الجوع‪.‬‬ ‫وهنا احتاج اإلنسان مر ًة أخرى إىل شفيعٍ آخر عند الطبيعة ليك تكون كرمي ًة عىل طول الخط‪ ،‬فتمطر عند الحاجة‬ ‫وتشمس عند الحاجة وتهدي إىل الطرائد عند الجوع‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫الفضول‬ ‫انه أبو العلم حقًا‪ ،‬فالتساؤل هو أساس البناء الفكري‪ ،‬واإلنسان كان منذ‬ ‫القدم مجته ًدا حقًا يف فضوله‪ ،‬فهو يتساءل وبإلحا ٍح واستمرا ٍر عن كل أرسار‬ ‫الواقع وأول هذه األرسار هو رس هذه الحياة ورس الفضاء األخاذ‪ ،‬ولكن‬ ‫القدرة الذاتية عنده مل تكن تتناسب مع ِعظم التساؤل وخزينه الرتاكمي‬ ‫من العلم والتجربة مل يكن مبستوى إيصاله إىل عرش اإلجابة الصحيحة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬وجد اإلنسان آنذاك أن االعتقاد بوجود أروا ٍح أو ذوات مع ّينة‪ ،‬قامت‬ ‫خالصا‬ ‫ويغي هو‪ ،‬قد وجد يف هذا كلّه ً‬ ‫بصناعة األشياء كلها‪ ،‬مثلام يصنع ّ‬ ‫خصوصا وأن اإلنسان آنذاك ال يستطيع‬ ‫من هذا الفضول (ولو إىل حني)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أن يقتنع بأنه ال يستطيع أن يكون مبستوى معرفة رس الخلق والوجود‪ ،‬أي‬ ‫أن الجواب السلبي بعدم إمكان ّية املعرفة هذه ال يشبع فضوله مطلقًا‪ ،‬وال‬ ‫أساسا باالرتياح لهكذا جواب‪ ،‬ألنه يريد جوابًا ما‪ ،‬فاإلنسان ويف أغلب‬ ‫يشعر ً‬ ‫األحيان يفضل الجواب الناقص أو املبهم أو حتى الخاطئ عن الال جواب‪.‬‬

‫املالمح‬ ‫أسايس يف حياته واستمرارها‪ ،‬وهذه املفردات متغري ٌة من‬ ‫هناك مفرداتٌ معين ٌة يف حياة اإلنسان القديم كان لها دو ٌر‬ ‫ٌّ‬ ‫بيئ ٍة إىل أخرى من البيئات التي عاش فيها اإلنسان القديم‪ ،‬وكان من الطبيعي أن تتفاعل هذه املفردات‪ ،‬التي تستحوذ‬ ‫عىل معظم تفكريه‪ ،‬مع العوامل الثالثة اآلنفة الذكر‪ ،‬والنتيجة أن اإلنسان بدأ ينظر إىل هذه املفردات بيش ٍء من التعظيم‬ ‫والرهبة؛‬ ‫إن طريقة تفكري اإلنسان يف تلك املراحل كانت بسيط ًة ومتناسب ًة مع تجربته البسيطة يف أبعادها وخزينها‪ ،‬ومن أهم‬ ‫مصاديق هذه البساطة عند اإلنسان يف تلك املرحلة أنه كان يش ّبه األشياء بذاته‪ ،‬فكان مييل إىل تخيل أن األشياء تحس‬ ‫بالواقع وتتفاعل معه مثله متا ًما‪ ،‬لذلك بدأ اإلنسان بتصور وجود ق ًوى غيبي ٍة أو أروا ٍح كامن ٍة يف هذه املفردات أو مسبب ٍة‬ ‫لها‪ ،‬وهذه القوى أو األرواح هي التي تحدد تفاعالت هذه املفردات مع الواقع‪ ،‬ومبرور الوقت وبفعل الرتاكم النفيس‬ ‫تحول هذا التصور عرب األجيال وأصبح اعتقا ًدا بدائ ًيا عند اإلنسان‪ ،‬وهذا االعتقاد البدايئ ميكن اعتباره اللبنة األوىل يف‬ ‫فكر اإلنسان يف مستواه النظري‪ ،‬حيث أن اإلنسان ومن خالل هذا االعتقاد يكون قد خرج من مرحلة التعامل البسيط‬ ‫شمول ملفردات الواقع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مع مفردات الواقع إىل مرحلة التخ ّيل وتكوين األفكار النظرية األكرث‬ ‫‪25‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫عىل العموم ومع تعاقب األجيال بدأ اإلنسان مبحاكاة هذه القوى أو األرواح الكامنة التي تصورها‪ ،‬عن طريق قيامه‬ ‫ٍ‬ ‫بحركات وأفعا ٍل معين ٍة متثل وسائل مفرتض ًة للتأثري عىل هذه القوى من أجل أن يوجهها بالطريقة التي تخدمه‪ ،‬حسب‬ ‫ما اعتقد آنذاك‪ ،‬أو باألصح ما أراد أن يعتقد‪.‬‬ ‫إن تصور وجود هذه القوى أو األرواح الكامنة يف األشياء أو املسببة لها وتقديسها يُعترب األساس لفكرة اآللهة الحقًا‪،‬‬ ‫وفكرة الله أخ ًريا‪ .‬أما الحركات واألفعال التي كان اإلنسان يؤ ّديها آنذاك‪ ،‬فيمكن اعتبارها املرحلة األوىل من مراحل‬ ‫أي أن اإلنسان يف هذه املرحلة يكون قد رسم مالمح (الله) األوىل‪.‬‬ ‫الطقوس الدينية‪ْ .‬‬

‫الصورة‬ ‫مبرور الزمن تزداد املعرفة الرتاكمية التجريبية عند اإلنسان فر ًدا‬ ‫أيضا قدرته عىل التفكري واالستنتاج والربط‬ ‫وجامع ًة‪ ،‬وتنضج ً‬ ‫وتتوسع مخيلته‪ .‬وتزام ًنا مع هذا التطور‪ ،‬تطور اعتقاده السابق‬ ‫بوجود ق ًوى غيبي ٍة أو أروا ٍح كامن ٍة معين ٍة وأصبح اعتقاده أشمل‪،‬‬ ‫وإن كان قد بقي ضمن اإلطار العام‪ ،‬إذ تبلور عند اإلنسان يف‬ ‫املراحل الالحقة اعتقا ًدا جدي ًدا بوجود (ذوات) منفصل ٍة عن‬ ‫ٍ‬ ‫إمكانيات خارق ًة‬ ‫األشياء وليست كامن ًة فيها‪ ،‬وهذه الذوات متلك‬ ‫وتتحكم بع ّدة أشيا ٍء وليس بيش ٍء واحد‪ ،‬وهذه األشياء كلها تكون‬ ‫دامئًا تحت عنوانٍ ٍ‬ ‫مجال واح ًدا من مجاالت الحياة‬ ‫واحد أو تغطّي ً‬ ‫والواقع‪ ،‬وهذه الذوات الجديدة هي اآللهة‪ ،‬فكانت هناك آله ٌة‬ ‫للصيد وآله ٌة للزراعة وآله ٌة للنجوم‪ ....‬وهكذا‪ .‬وعاد ًة ما كان‬ ‫اإلنسان يف هذه املرحلة‪ ،‬كام يف املراحل السابقة‪ ،‬يشبّه هذه اآللهة‬ ‫بنفسه‪ ،‬فكانت تشبهه حتى يف جسمه‪ ،‬أو بأشيا ٍء من محيطه‪ ،‬إذ‬ ‫كانت عىل شكل رجلٍ أو امرأ ٍة أو حيوانٍ أو مس ٍخ هجني األوصاف‪،‬‬ ‫وبالطبع مع إضافة مالمح معين ٍة ليك تبدو اآللهة مميز ًة وخارق ًة‪.‬‬ ‫وألنه مل يجد وسيل ًة للتعامل مع هذه اآللهة عمل ًيا ألنها يف سام ٍء‬ ‫ما أو يف عا ٍمل آخر ما‪ ،‬لذلك صنع متاثيل رمزي ًة لها‪ ،‬وهذه التامثيل‬ ‫مبثابة حلقة وصلٍ مع اآللهة‪ ،‬وتم لذلك بناء املعابد وتم تقديم القرابني وبرز الكهنة يف املجتمع وتطورت الطقوس‪.‬‬ ‫مع اإلشارة إىل ظهور ثقاف ٍة استحوذت عىل عقول الناس وهي ثقافة األساطري التي تحىك عن هذه اآللهة‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫اﳌﻮت ‪ ..‬ﰲ ﺻﻮرﺗني‬ ‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬

‫اآللهة‪،‬اﻟﻨﻮع‬ ‫مناذجأن ﻫﺬا‬ ‫هناﺛﻢبأنﺗﺬﻛﺮت‬ ‫واﻹﻧﺠﻴﻞ؟‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﺔ‬ ‫اﻟﻌﺪو‪ .‬مل تكن‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔسةﻫﻮعمو ًما‪،‬‬ ‫واألش ّيﻣﻦاء املق ّد‬ ‫اﻟﻘﺮآن نالحظ‬ ‫ويجب أن‬ ‫متشابه ًة‪ ،‬فقد كانت تختلف حسب الشعوب واألزمنة والبيئة والرضورات‬ ‫ﺗﺄﺛري اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﺎر ﺟﻬﻨﻢ وﻫﻞ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن‬ ‫لحياةﻫﻮ‬ ‫النسبيةﺗﺮى ﻣﺎ‬ ‫ﻧﻔﴘ ﻳﺎ‬ ‫ﺳﺄﻟﺖ‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫والظروف‬ ‫ﺛﻘﺐ أﺳﻮد ﺑﺴﺒﺐ ازدﻳﺎد ﻛﺘﻠﺘﻬﺎ؟ ﻣﻦ اﳌﻌﺮوف أن اﻟﻜﻔﺎر ﻛ ٌرث وأﻏﻠﺐ‬ ‫ﺗﺘﺤﻮل‬ ‫الفكرة إﱃ ٍ‬ ‫ﺳﻜﺎن اﻷرض ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﻢ اﳌﻄﺎف ﻫﻨﺎ‪ .‬ﻛﻢ ﻣﻠﻴﺎر إﻧﺴﺎنٍ ﺗﺤﺘﺎج ﺟﻬﻨﻢ ﻟﺘﻨﻬﺎر ﻋﲆ‬ ‫احل أﺳﻮد؟‬ ‫ﻟﺜﻘﺐ‬ ‫وﺗﺘﺤﻮلاملر ٍ‬ ‫السابقة رحلة التطور يف فكر اإلنسان عمو ًما‪ ،‬واستمرت‬ ‫ﻧﻔﺴﻬﺎّرت بعد‬ ‫استم‬ ‫خصوصا‪ .‬فبعد وصول اإلنسان إىل‬ ‫أيضا رحلة تطور فكرة التأليه‬ ‫تزام ًنا معها ً‬ ‫ً‬ ‫اﳌﻌﻠﻢ ﺑﻌﻘﻞٍ‬ ‫مرحلةﻣﺤﻤﻮد‪،‬‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻏري‬ ‫ﻫﺬا يفاﻟﻨﻮع ﻣﻦ‬ ‫ﺗﺬﻛﺮت أن‬ ‫ﺛﻢ‬ ‫للواقع‬ ‫ﺧﻠﻘﻨﻲالضيقة‬ ‫االبتعادﻟﻜﻦعنﳌﺎذاالنظرة‬ ‫التفكري وإىل‬ ‫الشمولية‬ ‫مرحلة‬ ‫ﺧﻠﻘﻪ ﱄ؟‬ ‫وبدأتﻫﺬه‬ ‫ﻳﻄﺮح‬ ‫اﺳﺘﺨﺪاماملقﻣﺎ ّدس‪.‬‬ ‫ﻋﲆ املعبود‬ ‫ﻳﻌﺎﻗﺒﻨﻲحول‬ ‫شمولﺛﻢوتعقي ًدا‬ ‫اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‪ً ،‬‬ ‫وﻳﺤﺎﻛﻢ ًجا وأكرث‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔأكرث نض‬ ‫تربز أفكا ٌر‬ ‫ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺣﱰق إﱃ اﻷﺑﺪ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺮﺻ ٌﺔ ﻻ ﺗﻌﻮض أن أﻛﻮن داﺧﻞ‬ ‫ﻛﻔﻰ أﺳﺌﻠ ًﺔ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ﻫﻜﺬااملرحلة ٍ‬ ‫أﻣﻮت‪.‬‬ ‫وأرﺻﺪﻫﺎ دون‬ ‫ﺗﻔﺎﻋﻼت‬ ‫الدين انتقلت باملعبود من التعددية إىل‬ ‫وصل أنإليها‬ ‫التالية التي‬ ‫إن‬ ‫املركزية‪ ،‬حيث اجتمعت اآللهة املتعددة بال ٍه واحد‪ ،‬وهذا اإلله املركزي يرشف‬ ‫وﺟﻮد ﻛﺎﻣريا‬ ‫وأﺗﻌﺬب‪ ،‬ﻟﻜﻨﻲ‬ ‫وأﻧﺎ أﴏخ‬ ‫اآللهةﺟﻬﻨﻢ‬ ‫دﺧﻠﺖ ﻧﺎر‬ ‫وهذه‬ ‫ﻻﺣﻈﺖ(الله)‪.‬‬ ‫املتأخرة حول‬ ‫تبلورت الفكرة‬ ‫اﻟﻌﺬاب أن‬ ‫وﺑﺪأما لبثت‬ ‫كلها‪ ،‬ثم‬ ‫عىل‬ ‫ﻳﺘﻤﺘﻌﻮا‬ ‫ﻷﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ‬ ‫ﺑﻌﺬايب‪.‬وال يحتاج إىل‬ ‫وحي ٌد له‬ ‫للوجودﻟيكومدي ٌر‬ ‫وﺗﺒﺜﻪوحي ٌد‬ ‫خالق‬ ‫ﺗﺼ ّﻮر(الله)‬ ‫ﺟﻬﻨﻢ بأن‬ ‫أﻋﲆ تقول‬ ‫ﰲالفكرة‬ ‫ﻋﺬايب ٌ‬ ‫مساعدين‪.‬‬ ‫اﳌﺆﻣﻨﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻤﻠﻮا ﻣﻘﺎﻻيت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺸﻔﻮا ﻏﻠﻴﻠﻬﻢ‪،‬‬ ‫اﳌﻌﻠﻢ ﻣﻦ‬ ‫ﻣﺘﻜﺌﻮن‪،‬‬ ‫األيديولوجيةراﺋﻚ‬ ‫ضمن وﻫﻢ ﻋﲆ اﻷ‬ ‫وأﺗﻌﺬب‬ ‫أﺣﱰق‬ ‫إن أﻧﺎ‬ ‫ﻫﺎ‬ ‫وإن‬ ‫أﻋﻄﺎﻫﻢاملادية‪،‬‬ ‫ﻓﺮﺣني ًمامبﺎأبعد عن‬ ‫للدين عمو‬ ‫املتأخرة‬ ‫(اإلله)‬ ‫صورة‬ ‫ﻳﺸﺎﻫﺪناإلله بصور ٍ‬ ‫اﻟﺤﻮرﻳﺎت‬ ‫ﻳﻀﺎﺟﻌﻮن‬ ‫وإﺟﺎصا‪ ،‬وﻧﺒﻴﺬ‪،‬‬ ‫ملﻓﺎﻛﻬ ٍﺔ‬ ‫أزواﺟﻬﻦة‬ ‫واﻟﻨﺴﺎءبتصوير‬ ‫اإلنسان أستمر‬ ‫إال أن‬ ‫وفهم‪.‬‬ ‫وأوسع مفهو‬ ‫تفارقها كل ٍ ًّي‬ ‫اﻟﺬﻛﻮرًما ً‬ ‫شكلاﳌﺰﻳﺪ‪.‬‬ ‫قريبﻔ ٍةّﺰﻧﻬﻢ‬ ‫وﻳﺤ‬ ‫ﺳﻌﺪاء؟! ويقرر ويصرب ويعاقب ويرحم ويغضب‪.‬‬ ‫ﻫﻢ إله يعلم‬ ‫ﻛﻢا‪ ،‬فال‬ ‫منه ﻋﲆ ً‬ ‫ومضمونً‬ ‫وﻳﺘﻀﺎﺟﻌﻮنٍ‬ ‫ﺗﻮﻗﻒ‪،‬‬ ‫ﻳﺄﻛﻠﻮن‬ ‫الدينيةاﻷﺑﺪ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﻜﺌني إﱃ‬ ‫منراﺋﻚ‬ ‫ﻋﲆ اﻷ‬ ‫ألديانٍ‬ ‫ني‬ ‫مادي مع ٍ‬ ‫اﻹﺟﺎص (الله)‬ ‫كثري ٍة ت ُصور‬ ‫النصوص‬ ‫ﺳﻴﺒﻘﻮنكث ًريا‬ ‫بل إن‬ ‫بجسد دون ٍّ‬ ‫ﻫﻨﺎ أووذاكغريﻟﻪ ٌ‬ ‫ﻣﻨﺰل‬ ‫ﴫ‬ ‫ﻫﺬا‬ ‫ﻫﻨﺎك‪.‬أن صورة (الله) عمو ًما عبار ًة عن صورة‬ ‫مبارشة‪ .‬أي‬ ‫مبارش ٍة‬ ‫بطريقﻟﻪ ٍةﻗ ٌ‬ ‫(سوبر مان)‪.‬‬ ‫ﻳﻮﺟﺪ أﻧﻬﺎ ٌر ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻴﺬ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﻜﺮ أو ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﻋﺼ ًريا ﻋﲆ اﻷرض‪ ،‬أﻧﻬﺎ ٌر‬ ‫اﻟﻌﺼري‪.‬‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫الخالصة‬

‫(للتأليه)ﺟﻨﺎنٍ‬ ‫أسباب ﻛﻴﻒ‬ ‫ﻟﻠﻤﻀﺎﺟﻌﺔ أنإﱃ اﻷﺑﺪ؟‬ ‫اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ‬ ‫التاريخيﻫﻲ‬ ‫التقديم ﻓﻜﺮة‪ ،‬ﻣﺎ‬ ‫ﺧﻄﺮت ﰲ ﺑﺎﱄ‬ ‫ﻓﺠﺄ ٌة‬ ‫والدة‬ ‫هي لإلشارة إىل‬ ‫املوجز‬ ‫خالصة هذا‬ ‫نزلﻫﺬا‬ ‫ﺗﺬﻛﺮت أن‬ ‫للدليلاﻟﻜﻮن؟‬ ‫منقاد ًةوﻋﻈﻤﺔ‬ ‫فكري ًةاﻟﻮﺟﻮد‬ ‫اﻟﺠﻮاب ﻋﲆ‬ ‫اﻟﺠﻨﺎن‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻫﺬه‬ ‫بها‬ ‫العقيل‪،‬ﺛﻢأو فكر ًة‬ ‫ﻫﻲ ًدا أسبابًا‬ ‫تكن أب‬ ‫(الله) مل‬ ‫فكرة‬ ‫ﻋﲇ‪.‬‬ ‫ﻗﴣ‬ ‫اﻟﺬي‬ ‫ﻫﻮ‬ ‫اﻷﺳﺌﻠﺔ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻨﻮع‬ ‫ٌ‬ ‫أسباب‬ ‫ملك ما عىل نبي ما من سام ٍء ما يف زمنٍ ما‪ ،‬وإمنا أسباب والدة (الله) هي‬ ‫ٌ‬ ‫ظرفي ٌة محضة‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪36‬‬

‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﺴﺒﻮك‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫إن الدوافع األساسية (املوضحة) سابقًا من ٍ‬ ‫خوف وطمعٍ وفضو ٍل هي املواد األولية لصناعة (الله)‪ .‬كام أن هذه الدوافع‬ ‫القدمية هي نفسها اليوم دواف ٌع الستمرار االعتقاد به‪ ،‬ولكن لهذه الدوافع القدمية مصاديق جديد ٌة حسب الواقع‬ ‫الجديد‪.‬‬ ‫إن الحاجة هي أ ُّم االخرتاع‪ ،‬واإلنسان نجح يف اخرتاع ما أراد اخرتاعه (الله)‪ ،‬وهذه املسألة طبيعية‪ ،‬فاإلنسان ويف كل‬ ‫األزمنة م ّي ٌال إىل االعتقاد مبا يَطم ّنئ إىل االعتقاد به‪ ،‬فنحن منيل دامئًا إىل تقريب االحتامالت التي تقرتب من مصالحنا‬ ‫عندما نقوم مبوازنة االحتامالت املمكنة الحدوث يف حياتنا‪.‬‬ ‫أي أن (الله) بدأ بحلم‪ ،‬ثم فكرة‪ ،‬ثم عقيدة‪.‬‬ ‫تذكّر‪ ،‬أن الله فكر ٌة تتحصن خلف أسوار عدم الوضوح‪ ...‬وكذلك التعقيد‪.‬‬ ‫إ ّن تكرار فكرة (الله)‪ ،‬وكذلك حضورها يف النفوس‪ ،‬وانتقالها (عىل إبهامها) عرب األجيال‪ ،‬فرضها واقع‪،‬‬ ‫ولكن كل ذلك ال يفرضها عقل ًيا‪.‬‬

‫الله والعقالنية‬ ‫هائل من الطرح الفلسفي‬ ‫كم ً‬ ‫لقد طرح الكثري من املؤلهني ًّ‬ ‫والعقيل‪ ،‬ولكن املفارقة أن كل هذا الطرح كان أدا ًة للتجهيل‬ ‫بالله بدل التعريف به‪ ،‬ألن هذا الطرح مل يق ّدم لنا صور ًة مشرتك ًة‬ ‫طرح ميل ٌء باالفرتاضات‬ ‫وواضح ًة واحد ًة عىل األقل عن الله‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫والتخيالت واالستحسانات بدل االستدالالت القطعية‪ ،‬فقد‬ ‫أمطروا الذات اإللهية بسيلٍ من الوصف الطوباوي الذي ال‬ ‫يستند إىل حقائق ملموسة‪ ،‬وتنقّلوا برشاق ٍة من استنتا ٍج إىل آخر‬ ‫دون رضور ٍ‬ ‫ات عقلي ٍة واضح ٍة وقطعية‪ ،‬ويف الحقيقة هذه نقط ٌة‬ ‫مهم ٌة تتحصن خلفها فرضية (الله)‪ ،‬إذ أن عدم الوضوح والضبابية‬ ‫دائم من‬ ‫باإلضافة إىل التعقيد قد جعل منها فكر ًة يف حالة‬ ‫ٍ‬ ‫هروب ٍ‬ ‫االشكاالت‪ .‬إن املؤلهني فشلوا يف تقديم دليلٍ ٍ‬ ‫واحد يقتنعون هم‬ ‫وواضح يدل عىل وجود (الله)‪ ،‬بل إن‬ ‫دليل قاط ٌع‬ ‫أنفسهم بأنه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫استحسانات‬ ‫كل ما يس ّوقوه عىل أنه دليل‪ ،‬هو يف الحقيقة مجرد‬ ‫عقلي ٍة ال ترقى إىل مستوى الدليل‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫دليل عىل أن هذه الفكرة ليست حقيق ًة‬ ‫إن هذا االختالف الهائل بني املؤلهني حول (الله) باإلضافة إىل عدم الوضوح‪ٌ ،‬‬ ‫يل يصعب نكرانه‪ ،‬ألن الحقائق الراسخة أهم ما مييزها هو الوضوح الكامل واإلجامع عىل صور ٍة‬ ‫راسخ ًة لها حضو ٌر عق ٌ‬ ‫محدد ٍة لها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتبسيط‬ ‫استدالالت عقلي ٍة جدلي ٍة عن فكرة (الله) باختصا ٍر‬ ‫لذلك كله سأحاول يف هذا الجزء أن أطرح مجموعة‬ ‫ٍ‬ ‫مصطلحات معقد ٍة أو خاص ٍة ب ِع ٍلم معني(قدر اإلمكان)‪ ،‬ألن هذه‬ ‫مرتك ًزا عىل مفاهي َم مشرتك ٍة عام ٍة من دون استخدام‬ ‫املصطلحات غري متفق (بني أهل االختصاص) عىل مع ًنى محد ٍد ٍ‬ ‫أيضا غري واض ٍح البتة‬ ‫واحد للكثري منها‪ ،‬وألن الكثري منها ً‬ ‫ٍ‬ ‫وشفاف ج ًدا‪ ،‬والسبب اآلخر هو أنني أحاول أن أخاطب املثقف العادي والذي هو الهدف الرئييس لهذا الكتاب‪.‬‬ ‫قوي ولكنه غري رشعي‪ ،‬أال وهو التعقيد وعدم الوضوح‪.‬‬ ‫إنني وبهذه الطريقة أحاول أن أج ّرد فكرة(الله) من سال ٍح ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مصطلحات فلسفي ٍة خاصة(بالرضورة)‪ ،‬أي‬ ‫والحقيقة أننا نستطيع أن نشري إىل مفاهيم فلسفي ٍة كثري ٍة دون استخدام‬ ‫نستخدم مفاهيم وإشار ٍ‬ ‫ثابت وطرائق الفهم متعدد ٌة ومختلفة‪ ،‬وهذا‬ ‫ات عام ٍة للوصول إىل مفاهيم خاصة‪ .‬إن املفهوم ٌ‬ ‫كله بهدف الوضوح والتوصيل ألكرب عد ٍد ممكنٍ من القراء‪ ،‬باإلضافة إىل كرس القوالب الفكرية التي تصنعها هذه‬ ‫املصطلحات والتي ت ُج ّمد التفكري واإلبداع الفكري بإطارها املقولب‪.‬‬

‫كيف منتحن الفكرة‬ ‫عندما كنت يف املدرسة االبتدائية ألقى علينا املعلم أحجي ًة فقال‪ :‬لنفرتض أن لديكم ديكًا يف املنزل‪ ،‬وأن هذا الديك‬ ‫يوم عىل الجدار الذي يفصل بينكم وبني جريانكم‪ ،‬فهل أن البيضة ستكون من نصيبكم أم من نصيب‬ ‫باض بيض ًة ذات ٍ‬ ‫جريانكم‪ .‬وهنا بدأت اجتهاداتنا‪ ،‬فمن التالميذ من قال أنها‪ ،‬لنا ألن الديك لنا‪ ،‬ومنهم من قال بتقاسم البيضة‪ ،‬ومنهم من‬ ‫قال غري ذلك‪ ،‬وفجأ ًة رفعت تلميذ ٌة تجلس يف الخلف يدها وقالت ببساط ٍة وثق ٍة وهدوء‪:‬إن الديك ال يبيض‪ .‬وهنا ُصدم‬ ‫أساسا أن الديك ال يبيض‪ ،‬أي انشغل الجميع‬ ‫الجميع وسخر من نفسه‪ ،‬ألن الكل انشغل بالتفكري مبصري البيضة ونيس ً‬ ‫بالنتائج والرتتيبات املفرتضة ونيس األساسيات‪.‬‬ ‫وليك ال نقع يف نفس هذا الصنف من األخطاء الفكرية‪ ،‬والتي كث ًريا ما تحصل يف الواقع ويف مسائل كثري ٍة وقس ٌم منها مه ٌم‬ ‫مثل علينا أن ندقق يف أمو ٍر أساسي ٍة يف هذه الفرضية قبل‬ ‫وخطري‪ ،‬علينا أن ندقق يف أساس األفكار‪ ،‬فح ْول فرضية (الله) ً‬ ‫الخوض يف صفات (الله) وأفعاله‪ ،‬والدخول يف مستنقعٍ من املصطلحات واملفاهيم والفرضيات املعقدة وغري الواضحة‪.‬‬ ‫وليك نحقق ذلك علينا أن ندرس ومنتحن الفكرة األساسية لهذه الفرضية بشكلٍ‬ ‫منهجي مدروس‪ ،‬وليس مناقشة هذه‬ ‫ٍّ‬ ‫الفكرة بشكلٍ‬ ‫اعتباطي انتقايئ‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫‪29‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫منتظم ومنهج ًّيا‪ ،‬علينا أن من ّحص‬ ‫إن الفكرة األساسية لفرضية الله (الله خالق للوجود)‪ ،‬وليك يكون اختبار هذه الفكرة‬ ‫ً‬ ‫عبنا عنها بجمل ٍة مكافئة‪ .‬فكام يجب‬ ‫مفردات هذه الفكرة بشكلٍ تفكي ٍّ‬ ‫يك قبل املفهوم الرتكيبي العام لهذه الفكرة التي ّ‬ ‫اختبار مفردات الجملة منطق ًيا قبل املعنى الشامل لها‪ ،‬لذلك فإننا سنفعل نفس اليشء مع هذه الجملة املكافئة للمعنى‬ ‫العام لفكرة (الله)‪.‬‬

‫منهاج البحث‬ ‫«الله خلق الوجود»‬ ‫فعل مفرد ٌة واضحة املفهوم بحيث تدل عىل ٍ‬ ‫ً‬ ‫ذات معين ٍة محددة‪ ،‬ألنه ال يجوز‬ ‫أول‪( :‬مفردة الله) يف الجملة‪ ،‬هل هي ً‬ ‫منطق ًيا أن نتعامل يف الكالم مع مفرد ٍة ال تدل عىل ٍ‬ ‫مطروح ل(الذات)‬ ‫ذات معين ٍة أو واضحة‪ .‬أي هل هناك مفهو ٌم محد ٌد‬ ‫ٌ‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫اإللهية‪ً ...‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬مفردة (الله) يف الجملة‪ ،‬هل تدل عىل ٍ‬ ‫ذات لها حدو ٌد أو مقاييس تحددها‪ ،‬أم ال‪ .‬ألن مناقشة األفعال غري ممكن ٍة‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫قبل معرفة اإلمكانيات والحدود‪ً ....‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬مفردة (الوجود)‪ ،‬فكام أننا ال نستطيع أن نناقش مصري بيضة الديك(كام يف أحجية املعلم) قبل أن نتأكد من‬ ‫أساسا‪ ،‬كذلك هنا علينا أن نفكر ونخترب‪ :‬هل إن الوجود ممك ٌن أن يُخلق عن طريق عاملٍ خارجي‪...‬‬ ‫أن الديك يبيض‪ً ...‬‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫راب ًعا‪ :‬بنفس الطريقة ولنفس السبب علينا أن نستقرئ وندقق يف الواقع‪ ،‬ونتأكد حول إمكانية وجود مكانٍ بني‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫مخصص‬ ‫جزيئات الواقع‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫لخالق خارجي‪ً ...‬‬ ‫أساسا‪.‬‬ ‫خامسا‪( :‬ال َخلق)‪ ،‬بنفس الطريقة ولنفس السبب نتأكد‪ ،‬هل ميكن أن تكون هناك (عل ٌة أوىل) للوجود‪ً ...‬‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫متاهات معقد ًة ومفاهيم غري واضح ٍة متا ًما حول امتدادات فرضية (الله)‪،‬‬ ‫إننا وبهذه الطريقة املنهجية نكون قد تجنبنا‬ ‫ألننا نكون قد عالجنا الفكرة يف األساس والجوهر‪ ،‬واختربنا إمكانية الحدوث بدل تعقيدات امتدادات الحدث‪ ،‬فكم من‬ ‫ٍ‬ ‫نظريات كبري ٍة بُنيت عىل ٍ‬ ‫أسس ضبابية‪.‬‬ ‫‪30‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫ً‬ ‫أول‪ :‬مفردة (الله)‬

‫ما هي (الذات) اإللهية ؟‬

‫مالحظة‪ :‬هناك ٌ‬ ‫فرق شاس ٌع بني (الله) كأفعا ٍل مفرتضة‪ ،‬وبني (الذات)‬ ‫اإللهية التي يُفرتض أن تكون أفعال (الله) املفرتضة صادر ٌة منها‪ ،‬وهذه‬ ‫(الذات) هي املوضوع هنا‪.‬‬ ‫إن مفردة(الله) يف كل الطروحات التي طُرحت عىل الساحة الفكرية ومن‬ ‫ِقبل كل األيديولوجيات التي تق ّر بها‪ ،‬مفرد ٌة ال تدل عىل مع ًنى محد ٍد‬ ‫مفهوم واضح‪ ،‬واملفردات التي ليست لها معانٍ محدد ًة وواضح ًة هي‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫مجرد ٍ‬ ‫أحرف مجتمع ٍة ال تثبت يف النصوص املفيدة‪.‬‬ ‫أما القول بأن هناك أشيا ًء موجود ًة ولكنها خارج إطار اإلدراك البرشي‪،‬‬ ‫وكونها خارج إطار هذا اإلدراك ال يعني أنها غري موجودة‪ ،‬فالرد هو‪ :‬إن‬ ‫تناقضا واض ًحا‪ ،‬ألن ما كان خارج نطاق اإلدراك البرشي‬ ‫هذا القول فيه ً‬ ‫عب عنه عىل أنه‬ ‫عب عنه بأنه (يشء) محد ٌد أو (ذات) معينة‪ ،‬بل يُ َّ‬ ‫ال يُ َّ‬ ‫استفهام مجرد ٍة تدل عىل واقعٍ مجهول‪ ،‬وهذه ال ميكن التعامل معها عىل أنها (ذات) معلومة‪ .‬إن اإلقرار بوجود‬ ‫عالمات‬ ‫ٍ‬ ‫يش ٍء يلزم أخذ صور ٍة واضح ٍة عنه أو مع ًنى محد ًدا له‪ ،‬أما إذا كنا ال منلك رصي ًدا معنويًا وعقل ًيا عن هذا اليشء‪ ،‬فإننا ال‬ ‫شخصا أخرب آخر حول وجود يش ٍء‬ ‫نستطيع أن نق ّر بوجوده‪ ،‬ألن الرصيد املعنوي أساس وجود املفاهيم يف العقل‪ .‬فلو أن ً‬ ‫بال ماهي ٍة أو زمانٍ أو مكانٍ أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مقياس يالزمه‪ ،‬فكيف يص ّدق اآلخر وجود هذا اليشء‪ ،‬وحتى لو أراد تصديقه‪،‬‬ ‫ظرف أو‬ ‫فسيصدق ماذا؟؟؟؟‬ ‫أي أن املؤلهني يريدون م ّنا أن نؤمن ٍ‬ ‫بذات هم أنفسهم ال يعلمون ما هي‪ .‬وكل الذي يقولونه عنها‪ :‬أنها خلقت الوجود‪.‬‬ ‫والحقيقة أن حتى هذا الخلق (املفرتض) ال يعطي تعريفًا أو مع ًنى محد ًدا ملفردة(الله)‪ ،‬بل كل الذي يعطيه (منطق ًيا)‬ ‫(مفرتضا) قامت به ذاتٌ مفرتضة (مبهمة) ف َخلق الوجود‪ ،‬وهذا بالتأكيد يُبقي مفردة(الله)‬ ‫فعل‬ ‫مع ًنى مفاده‪ :‬إن هناك ً‬ ‫ً‬ ‫منطقي لها وال ميكن التعامل معها كالم ًيا‪ .‬وكيف عسانا نؤمن ٍ‬ ‫بذات هي‬ ‫غري مع ّرف ٍة متا ًما‪ ،‬وما دامت كذلك فال أساس‬ ‫ّ‬ ‫استفهام مفتوح ٍة اسمها (الله)؟‬ ‫عبار ٌة عن عالمات‬ ‫ٍ‬ ‫إن تداول مفردة (الله) كالم ًيا والتعامل معها دون تحديد مع ًنى لهذه املفردة أو مالم ٍح لهذه الذات املفرتضة خطأٌ‬ ‫واضح وقع به الكثريون‪ ،‬إذ تعاملوا معها بأخذها عىل حالها وعىل إبهامها‪.‬‬ ‫منطقي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪31‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫إن عدم وجود مع ًنى محد ٍد ملفردة (الله) أو مالم ٍح محددة (للذات) اإللهية جعل منها مفرد ًة مطلقة الشفافية وقادر ًة‬ ‫عىل التهرب من اإلشكاالت مبطاطي ٍة ومرون ٍة عظيمتني‪ .‬وهذا يحصل بالتأكيد مع أي مفرد ٍة أخرى ال يُعطى لها مع ًنى‬ ‫محد ًدا‪ ،‬إذ أنها ستتحول إىل (شبح) وليس شيئًا حقيق ًيا‪ .‬إن علم الرياضيات يخربنا بعدم وجود إمكاني ٍة للتعامل مع أي‬ ‫ٍ‬ ‫ريايض لها‪ ،‬أو معادل ٍة رياضي ٍة معلوم ٍة وصحيح ٍة تحددها‪.‬‬ ‫تعريف‬ ‫(رموز) دون إعطاء‬ ‫ٍ‬ ‫كسب للمؤمنني به‪،‬‬ ‫إن مجرد الدخول يف متاهات الجدل حول (أفعال) الله أو صفاته دون متحيص (الذات) اإللهية‪ ،‬هو ٌ‬ ‫ألن تكرار هذه املفردة عىل إبهامها يزيد من حضورها ويجعلها أم ًرا شبه واقع (وهذا ما حصل)‪ ،‬واألوىل إجراء (تحقيق‬ ‫هوية) عىل الذات اإللهية نفسها ك(ذات) مستقلة‪.‬‬

‫و باختصار شديد‪:‬‬

‫منطقي قاط ٌع عىل عدم ثبوتها كمفرد ٍة واضحة الداللة‬ ‫دليل‬ ‫مبفهوم محدد ل(الذات) اإللهية املفرتضة ٌ‬ ‫“ إن عدم اإلتيان‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫بحيث تدل عىل ٍ‬ ‫ذات معينة‪”.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬مفردة (الله)‬

‫محددات (الذات) اإللهية‬

‫أمام املؤلهني احتامالن ال ثالث لهام‪:‬‬ ‫إما أن يكون (الله) محد ًدا مباهي ٍة أو زماني ٍة أو مكاني ٍة أو‬ ‫أي ظرفي ٍة أو حدو ٍد أو مقاييس معينة‪ ،‬وحينها سيكون‬ ‫(الله) نسبي الوجود محدود اإلمكانية والتأثري‪ ،‬وهذا‬ ‫يتناقض بالتأكيد مع كونه خالقًا ومحيطًا ومس ًريا مطلقًا‬ ‫للوجود‪ ،‬كام يقول املؤلهون‪ ،‬والتناقض يُلزم بالبطالن‪.‬‬ ‫أو يكون (الله) غري محد ٍد مباهي ٍة أو زماني ٍة أو أي ظرفي ٍة‬ ‫أو حدو ٍد أو مقاييس معينة‪ ،‬وحينها يكون (الله)‪ :‬ال يشء‪،‬‬ ‫ألنه وببساطة هذه صفات الاليشء‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫ثالثًا‪ :‬مفردة (الوجود)‬ ‫الوجود أكرب من الله‬

‫إن القول بأن (الله) موجو ٌد يلزم بالقول بأن (الذات) اإللهية يتضمنها وجو ٌد‬ ‫معني‪ ،‬ألن كل يش ٍء يجب أن يكون ضمن وجو ٍد مع ٍني ليك يقال عنه أنه(موجود)‪.‬‬ ‫ولو كانت الذات اإللهية ضمن وجو ٍد معني‪ ،‬فهي إذًا ضمن الوجود إجاملً ‪ ،‬ألن‬ ‫هناك وجو ًدا واح ًدا ال غري‪ ،‬وعندها يكون من الباطل (منطقيًا) القول بأن (الله)‬ ‫خالق للوجود‪ ،‬ألن (الذات) اإللهية ستكون عندها جز ًءا من الوجود ومحتواه‬ ‫ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬ألن الوجود يشمل كل ما هو موجود‪.‬‬ ‫أما القول بأن (الذات) اإللهية غري موجود ٍة يف وجو ٍد معني‪ ،‬فإنه يعني(من حيث‬ ‫ال يعلمون) أن هذه الذات غري موجودة‪ ،‬ألنها إما أن تكون ضمن الوجود أو‬ ‫ضمن العدم‪ ،‬ولو كانت ضمن العدم‪ ،‬فهي عدم‪.‬‬ ‫(جدل) بأن هناك خالقًا للوجود‪ ،‬فإن عملية الخلق يجب أن‬ ‫ً‬ ‫وحتى لو سلّمنا‬ ‫شامل ل(الذات) اإللهية‪.‬‬ ‫أيضا يوجب كون الوجود ً‬ ‫تحدث يف وجو ٍد معني‪ ،‬وهذا ً‬ ‫أي‪ :‬أن املؤلهني ال يستطيعون أن يخرجوا ب(الذات) اإللهية خارج اإلطار الشامل للوجود‪ ،‬وي ّدعوا خلق هذه (الذات)‬ ‫للوجود‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬الخلق‬

‫هل هناك مكا ٌن ل(الله) بني أجزاء الواقع؟‬ ‫إن تت ّبع أي مفرد ٍة من مفردات الواقع وموجوداته يقودنا إىل سالسل غري منتهي ٍة من األسباب واملفردات واملوجودات‬ ‫ٍ‬ ‫األخرى‪ ،‬أي أن أجزاء الوجود ترتبط مع بعضها البعض بشكلٍ‬ ‫متشابك ومطلق التكامل‪ ،‬وكلام أوغلنا يف جزئيات هذه‬ ‫ٍ‬ ‫وأيضا كلام تتبعنا األسباب التي تسبق‬ ‫املوجودات أو حولها لوجدنا أن هناك‬ ‫امتدادات غري منتهي ٍة ملفردات الوجود‪ً ،‬‬ ‫أي أن هناك‬ ‫هذه املاهيات وكذلك األسباب التي تليها‪ ،‬نجد أنها‬ ‫أسباب مفتوح ٌة ولكنها مرتابط ٌة ومعشق ٌة بعضها ببعض‪ْ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫امتدادات غري منتهي ٍة ممكن ٍة يف داخل املوجودات وحولها وسابق ًة لها والحق ًة‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫أي أن أجزاء الواقع يسبب بعضها البعض بتلقائي ٍة هي جز ٌء من ماهيتها وطبيعتها‪ ،‬لذلك فأجزاء الواقع غري محتاج ٍة إىل‬ ‫يش ٍء يأيت من خارج الوجود ليك يخلقها‪ ،‬فسلسلة األسباب يف هذا الوجود ال مكان فيها للعوامل الخارجية أو لتدخل‬ ‫سبب واحد‪.‬‬ ‫اآللهة‪ ،‬ألنها سلسل ٌة كامل ٌة ومتكامل ٌة وتتجه نحو تعد ٍد مفتو ٍح لألسباب وليس إىل ٍ‬ ‫أيضا مرتبط ٌة مبا حولها من مفردات الواقع املطلقة‪ ،‬وإذا كانت الظروف‬ ‫إن البذرة مكون ٌة من أجزا ٍء غري منتهية‪ ،‬وهي ً‬ ‫البيئية مالمئ ًة‪ ،‬فإن األجزاء األكرث استعدا ًدا يف البذرة للنمو سوف تنمو بطريق ٍة تحددها ماه َية البذرة‪ ،‬وبعد النمو تصبح‬ ‫لدينا نبتة‪ ،‬ثم شجر ٌة تتعشق مبفردات الواقع‪ ،‬فهي مس َّبب ٌة من عوامل ومس ِّبب ٌة لعوامل مفتوحة‪ .‬ويف الحقيقة ال نجد يف‬ ‫بأسباب كثري ٍة ألشيا ٍء كثري ٍة يف الواقع‪،‬‬ ‫كل هذا أي دو ٍر أو مكانٍ ل(الله)‪ ،‬مع اإلشارة إىل أن املؤلهني يستغلون جهل اإلنسان‬ ‫ٍ‬ ‫فيحرشون (الله) مكان هذه األسباب املجهولة‪ ،‬وهكذا يدخلونه يف سلسلة أسباب الواقع بصور ٍة غري رشعية‪ ،‬ألنهم ال‬ ‫ٍ‬ ‫ارتباط يربط (الله) باملوجودات‪.‬‬ ‫ميلكون دليل‬ ‫خالق للوجود‪ ،‬هو قف ٌز فوق الواقع‪ ،‬ألن مفردات الوجود يُك ِّون بعضها البعض‪ ،‬وهذا من صميم‬ ‫أي‪“ :‬إن القول بأن (الله) ٌ‬ ‫طبيعتها وماهيتها وحضورها‪ ،‬لذلك فهي غري محتاج ٍة إىل (إله) وال مكان له بينها”‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الخلق‬ ‫ً‬

‫هل (العلّة األوىل) ممكنة؟‬

‫إن فشل املؤلهني يف إثبات حضور (الله) بني مفردات الواقع ويف ديناميكية الوجود‪ ،‬دفع الكثري منهم للرتويج لفرض َية‬ ‫ٍ‬ ‫أول للوجود‪،‬‬ ‫ووحيد للوجود‪ .‬وهنا نقول‪ :‬لو افرتضنا أن هناك سب ًبا ً‬ ‫سبب أو ٍل‬ ‫(العلّة األوىل)‪ ،‬وهذه الفرضية تعني وجود ٍ‬ ‫سابق له‪ ،‬ألننا افرتضناه سب ًبا أول‪،‬‬ ‫فإن هذا االفرتاض يعطي (حصان ًة) لهذا السبب املفرتض من افرتاض وجود ٍ‬ ‫سبب ٍ‬ ‫باطل وفقًا‬ ‫أول‪ ،‬ولهذا قالوا بأن التسلسل باطل‪ .‬والحقيقة‪ ،‬إن التسلسل ٌ‬ ‫سابق له يناقض كونه ً‬ ‫وافرتاض وجود ٍ‬ ‫سبب ٍ‬ ‫صحيح وفقًا للواقع التجريبي والعقل‪ ،‬فيكون لذلك‪ ،‬االفرتاض السابق هو الباطل‪ ،‬ألنه ناقض‬ ‫لالفرتاض هذا فقط‪ ،‬ولكنه‬ ‫ٌ‬ ‫فرضا وصدقوه وجعلوه ح ّجة عىل الكل‪ ،‬مع أنه مجرد افرت ٍ‬ ‫اض‬ ‫التجربة والعقل‪ ،‬إذ أنه لكل يش ٍء سبب‪ ،‬أي أنهم افرتضوا ً‬ ‫سبب لكل يشء‪ ،‬ولكن عندما وصلت السلسلة إىل (الله)‬ ‫ومع أنه ينايف العقل والتجربة‪ .‬واملفارقة أن هؤالء أق ّروا بوجود ٍ‬ ‫قطعوها بدون أي دا ٍع عقيل‪ .‬إن يف هذا إهان ًة للعقل‪ ،‬وأي عقلٍ يصدق وجود يش ٍء بال سبب‪.‬‬ ‫أسباب ال‬ ‫أي‪ :‬أن فرضية العلّة األوىل تناقض ذاتها‪ ،‬وفشلت يف قطع سلسلة األسباب املفتوحة ملفردات الوجود‪ ،‬فهي‬ ‫ٌ‬ ‫تنقطع‪ ،‬ولكنها تتغري‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫مالحظة‪ :‬القصد باألسباب هو مجمل األسباب‪ ،‬املادية‪ ،‬وما فوق املادية‪ .‬وأن استمرارية التسبيب يف الوجود ِ‬ ‫توصل إىل‬ ‫أسباب موجودة‪ ،‬ولكنها غري مرصودة‪ ،‬وهكذا تستمر السلسلة‬ ‫أسباب هي خارج نطاق تعامالت اإلدراك البرشي‪ ،‬فهي‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫دون انقطاع‪ ،‬حيث ينتهي عاَملٌ من األسباب ثم يبدأ عاملٌ آخر‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫توضيح مهم‬ ‫ٌ‬ ‫اإلنسان يرغب باليشء‪ ،‬ثم يقصد تحقيقه‪ ،‬ثم يخطط لذلك‪ ،‬ثم يفعله‪ ،‬هكذا يتعامل اإلنسان وبشكلٍ‬ ‫أسايس مع الواقع‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫وهذه الكيفية يف التعامل‪ ،‬حارض ٌة وبقو ٍة يف حياته‪ ،‬وهذا الحضور القوي‪ ،‬ألقى بضال ٍل كبري ٍة عىل طريقة نظر اإلنسان‬ ‫ناتج من صانعٍ كان قد خطط لوجودها‪ ،‬وهذا التأثر أم ٌر طبيعي‪،‬‬ ‫لألشياء‪ ،‬ومنها اقتبس اإلنسان فكرة أن وجود األشياء ٌ‬ ‫ولكن الواقع يقول خالف ذلك‪ ،‬إذ يقول بأن الطعام إذا دخل املعدة‪ ،‬فإن املعدة ال تفكر وتقول‪َ :‬لهضم هذا اليشء ثم‬ ‫ٍ‬ ‫متحسسات معين ٍة فيها‪ ،‬ثم‬ ‫أرتاح‪ ،‬ثم تخطط ثم تقرر هضم الطعام‪ ،‬وإمنا وجود الطعام داخل املعدة هو الذي يؤثر عىل‬ ‫ينتقل التأثري إىل األعصاب‪ ،‬ثم إىل األجزاء الالإرادية يف الدماغ‪ ،‬ثم ينتج من ذلك تأث ًريا عىل األعصاب التي تنقل اإلشارات‬ ‫الكهربائية إىل عضالت املعدة‪ ،‬فيبدأ الهضم‪.‬‬ ‫واحد وهو الهضم‪ ،‬مل تأت من ٍ‬ ‫أي أن هذه السلسلة املعقدة من التأثريات والتغيريات والتي تصب يف اتجا ٍه ٍ‬ ‫قصد‬ ‫وتخطيط‪ ،‬وإمنا من تلقائي ٍة طبيعية‪ ،‬بل إن األطرف من ذلك‪ ،‬أن العقل نفسه‪ ،‬والذي ينتج منه القصد والتخطيط‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مفردات مادي ٍة وفوق مادي ٍة تتأثر باملتحسسات ودرجة الحرارة وتركيز املواد يف الدم والعوامل‬ ‫أساسا مك ّون من‬ ‫هو ً‬ ‫ٍ‬ ‫تفاعالت مادي ًة وغري مادية‪ ،‬وتنتج من هذه املعادلة املعقدة‬ ‫النفسية‪ ،‬وغري ذلك من الكثري من العوامل‪ ،‬فتتفاعل كلها‬ ‫ناتج من تلقائي ٍة طبيعي ٍة يف مكونات العقل‬ ‫ج ًدا‪ ،‬األحاسيس واإلدراكات والقرارات واألفعال‪ ،‬أي أن القصد والتخطيط ٌ‬ ‫والظروف املحيطة‪ ،‬أي أن طبيعة األشياء وتلقائية تفاعلها مع الواقع هي جز ٌء من ماهيتها‪ ،‬هي األساس واملرجع يف أي‬ ‫تغيريٍ يف الواقع‪ ،‬يف النهاية‪.‬‬ ‫علم بأن هذه التفاعالت التلقائية منها ما هو معق ٌد وله تأث ٌري كب ٌري ويرتتب عليه سلسل ًة معقد ًة ومركب ًة من التغيريات‬ ‫ً‬ ‫فعل ما واستجاب ًة محدود ًة وغري مركب ٍة مثل‬ ‫أي‪ ،‬بسي ٌط يتضمن ً‬ ‫املنتظمة (مثل عملية الهضم)‪ ،‬ومنها ما هو عكس ذلك‪ْ ،‬‬ ‫تبخر املاء عند تعرضه للحرارة‪ ،‬أما البساطة والتعقيد هنا فهي نسبي ٌة ووفقًا ملقاييس اإلنسان‪ .‬وخالصة املالحظة أن‬ ‫طبيعة استجابة األشياء للمتغريات هي جز ٌء من ماهيتها سوا ًء أكانت هذه استجاب ًة بسيط ًة ومحدود ًة مثل تكرس الزجاج‬ ‫ٍ‬ ‫(كذات‬ ‫كنتيج ٍة واستجاب ٍة للضغط‪ ،‬أو مركّب ٍة ومعقد ٍة ومنتظم ٍة مثل عملية الهضم كنتيج ٍة واستجاب ٍة من ِقبل اإلنسان‬ ‫معقد ٍة ومركبة) عىل دخول الطعام ملعدته‪ ،‬ففي النهاية هي استجاب ٌة تلقائي ٌة تب ًعا ملاهية اليشء ال تستوجب افرتاض‬ ‫ٍ‬ ‫مخطط ومدبر‪ ،‬فمن غري املنطقي أن نسال ملاذا املاء سائل‪ ،‬فسيولته جز ٌء من ماهيته‪.‬‬ ‫وجو ٍد‬ ‫‪35‬‬


‫املقدس‬ ‫حصانة ّ‬ ‫عباس ع ّبود‬

‫يجب أن نشري هنا إىل أن القول بوجود ٍ‬ ‫قول ٌ‬ ‫ذات تجلس لتخطط وتدير الواقع وتفكر وتحس وتتفاعل هو ٌ‬ ‫ركيك ج ًدا‪،‬‬ ‫أول ليست جوابًا عىل التساؤل عن‬ ‫واألكرث ركاك ًة هو القول بأن وجود الوجود جاء نتيج ًة لصدف ٍة اعتباطية‪ ،‬ألن الصدفة ً‬ ‫فرضا) فإنها تعطي جوابًا عن سبب تفاعل أشيا ٍء موجود ٍة فتقول إنها أشيا ٌء تتفاعل مبحض‬ ‫سبب الوجود‪ ،‬ألنها (إن ثبتت ً‬ ‫أي هي مل ِ‬ ‫أصل‪.‬‬ ‫تعط سب ًبا أو توضح صور ًة عن سبب وجود هذه األشياء ً‬ ‫الصدفة لتُنتج واق ًعا معق ًدا‪ْ ،‬‬ ‫سلبي من جه ٍة أخرى‪ ،‬أي خالصتها أنها ال تعرف سبب تفاعل األشياء‪ ،‬ألن الصدفة وفقًا لإلدراك البرشي‬ ‫وثان ًيا هي ٌ‬ ‫جواب ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫لسلوك ما‬ ‫أي القول بالصدفة منطق ًيا معناه‪ :‬ال أستطيع أن أجد سب ًبا‬ ‫سلوك مع ٌني لألشياء غري مف ّ ٍ‬ ‫َس من ِقبل اإلنسان‪ْ ،‬‬ ‫لألشياء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫معادالت‬ ‫إن الواقع ليس مثل اإلنسان‪ ،‬يفكر ويخطط ويحتار ويتعامل بالصدفة ويتخبّط بالعشوائيّة‪ ،‬إمنّا الواقع مجموعة‬ ‫محصل ٌة حتم ّي ٌة واحد ٌة دامئًا‪ .‬لذلك‪ ،‬ما حدث‪ ،‬مل يكن من املمكن أن يحدث غريه‪ ،‬وما سيحدث‪،‬‬ ‫ماديّ ٍة وفوق ماديّة‪ ،‬لها ّ‬ ‫ليس باإلمكان أن يحدث غريه‪.‬‬ ‫إن فكرة (الله) بحد ذاتها‪ ،‬فكر ٌة بريئ ٌة وال تحمل سلبي ًة ملحوظ ًة‪ ،‬رغم كونها خاطئة‪ ،‬ولكن السلبيات ظهرت يف الطرح‬ ‫الديني‪.‬‬ ‫يتبع ‪..‬‬

‫ﻣﻦ ﻧﺤﻦ؟‬ ‫ﻧﺤﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤني ﺳﺎﺑﻘني وﻣﺴﻠﻤني ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻣﺎذا ﻧﺮﻳﺪ؟‬ ‫ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺠﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻣﻬام ﻛﺎﻧﺖ‪ ،‬و أن ﻧﺤﺎرب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻘﻨﺎ ﰲ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺨﻠﻖ ﻣﻜﺎﻧﺎ آﻣ ًﻨﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻟﻴﺘﺒﺎدﻟﻮا ﻓﻴﻪ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ أﻻ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﺴﺎﻧﺪ ﺑﻌﻀﻨﺎ وﻧﺴﺎﻋﺪ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﻮاﺟﻬﺔ أﺳﺌﻠﺔ اﻷﻫﻞ واﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وﺗﻜﻮﻳﻦ إﺟﺎﺑﺎت ﻟﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻌﻄﻲ اﻟﻼدﻳﻨﻴني )ﺳﻮاء ﻣﻠﺤﺪﻳﻦ‪ ،‬رﺑﻮﺑﻴني أو ﻏريﻫﻢ( ﰲ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺻﻮﺗ ًﺎ ﻷﻧﻬﻢ‬ ‫ﺳﻴﻘﺘﻠﻮن إذا ﻋﻠﺖ أﺻﻮاﺗﻬﻢ‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫مسلمش |‬

‫‪www.muslimish.com‬‬


37


‫اإلهانة العظمى‬

‫شادي سليمي‬

‫ترجمة عن فيديو ‪The Greater Insult‬‬ ‫من قناة ‪DarkMatter2525‬‬ ‫التي يتميز إنتاجها بغزارة املعنى‪،‬‬ ‫العمق‪ ،‬الكوميديا والسخرية‬ ‫‪38‬‬


‫يف بداية الفيديو يرِد كال ٌم غري واض ٍح يف اتصاالت اإلسعاف‪...‬‬ ‫كل من ماركوس وصابرينا وصاموئيل‪:‬‬ ‫ثم صوتٌ من بعيد‪ :‬اإلله يحادث ً‬ ‫صوتٌ من مصد ٍر ما‪ :‬ماركوس‪ ...‬افتح عينيك‬ ‫ماركوس‪ :‬أين أنا؟‬

‫أنت عىل بُعد ‪ 27000‬سن ٍة ضوئي ٍة من األرض يف كوكبة الرامي‪ ،‬يف الضواحي الخارجية يف الكتلة الكروية ‪NGC6440‬‬ ‫التي اكتشفها البرش قبل ‪ 232‬سنة‪ .‬استدر للحظة‪ ...‬وانظر إىل األعىل‪.‬‬ ‫هناك حياة بشكل خاليا وحيدة الخلية يف محيطات ذلك الكوكب املوجود فوق‪ ،‬الحياة هناك ستصبح يف النهاية متعددة‬ ‫الخاليا وتذهب إىل اليابسة‪ .‬وكام حدث عىل األرض‪ ،‬ستنقرض ما نسبته ‪ 99%‬من األنواع هناك‪ ،‬قبل أن يصل أحدهم‬ ‫أخ ًريا إىل حيث نقف اآلن‪ ،‬عىل قمر كوكبها‪.‬‬ ‫إذا مل أرد أن يتم ذلك بهذه الطريقة‪ ،‬مل أكن ألفعلها بهذه الطريقة‪.‬‬ ‫كالقالدة الثمينة أو الجوهرة‪ ،‬عىل اليشء أن يكون محدو ًدا إذا أراد أن يكون مثي ًنا‪.‬‬ ‫ال يشء غري محدو ٍد يكون مثي ًنا‪ ،‬مبا يف ذلك الحياة‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫صوتٌ من مصد ٍر ما‪ :‬صابرينا‪ ...‬افتحي عينيك‪.‬‬ ‫صابرينا‪ :‬ماذا يحدث؟‬ ‫انظري إىل األفق‪ِ .‬‬ ‫أنت عىل وشك رؤية رشوق عمالقٍ أحمر ضخم‪.‬‬

‫حتى مع أننا بعيدون عنه‪ ،‬فإن حرارة الصحراء التي‬ ‫تقفني عليها تصل حرارتها إىل ‪ 1100‬درج ٍة مئوية‪.‬‬ ‫ال يشء يعيش هنا‪ .‬وهناك عد ٌد ال محدود من األماكن‬ ‫املشابهة‪ ،‬املنترشة عرب الكون‪ ،‬كدقائق صغري ٍة من‬ ‫الغبار‪ ،‬وبالتايل فإنها مقارنة مبجمل املجرة عبار ٌة عن‬ ‫حبة من الغبار‪.‬‬ ‫وكذلك ذلك األحمر العمالق الضخم مقارن ًة باملجرة‪،‬‬ ‫والذي هو كذلك عبار ٌة عن ذرة ٍ من الغبار يف املجرة‪،‬‬ ‫وكذلك املجرة تعترب دقيق ًة من الغبار عندما نقارنها‬ ‫بغيمة املجرات يف هذه الزاوية الدقيقة من الكون‪.‬‬ ‫ْت مثل هذه التشكيلة الهائلة لنو ٍع ٍ‬ ‫واحد‬ ‫وأنا ما ألف ُ‬ ‫من املخلوقات (البرش)‪ ،‬ليفكروا بطريق ٍة واحدة‪.‬‬ ‫‪40‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫صوتٌ من مصد ٍر ما‪ :‬صاموئيل‪ ...‬افتح عينيك‪.‬‬ ‫أنا أحرضتك إىل هذا املكان بشكلٍ عشوايئ‪ ،‬نحن يف مجر ٍة بعيد ٍة عن مجرتنا األم (درب التبانة)‪.‬‬

‫أنت مل تعرف بوجود هذا املكان حتى رأيتَه‪.‬‬ ‫هذا الفضاء ينتقل أرسع من الضوء الذي مير من خالله‪،‬‬ ‫وبابتعاد املجرات عن بعضهن‪ ،‬يف النهاية لن يصل ضوء‬ ‫كل منهن إىل املجرات األخرى!‬ ‫ٍّ‬ ‫ولهذا‪ ،‬فإن الحضارات املستقبلية التي ستولد يف املستقبل‬ ‫البعيد بعد فناء األرض‪ ،‬لن تعلم بأي يش ٍء عن املجرات‬ ‫األخرى‪ ،‬لن يعرفوا إال كونًا من الظالم التام‪.‬‬ ‫ولكن أنت والكائنات الحية املولودة قبل مليارات السنني‬ ‫منهم‪ ،‬والتي اختفت كل ًيا مع الوقت‪،‬‬ ‫أنتم قد رأيتم جامل الكون وروعته‪ ،‬والذي لن يعرفوه‬ ‫أب ًدا (الحضارات املستقبلية)‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫قوي يف مكانٍ مجهو ٍل يقف فيه ثالثتهم ويظهر يف األفق‬ ‫يشع نو ٌر ٌ‬ ‫ظل رجلٍ مسنٍ مييش باتجاههم جميعا ‪..‬‬ ‫يتقدم منهم ويقابلهم ويقول‪ :‬أنا الرب‪ ،‬إلهكم‬ ‫فيخر اثنان منهم ساجدين إال صاموئيل‬ ‫طوال حياتكم‪ ،‬راقبت أفعالكم‪ ،‬سمعت كالمكم‪ ،‬وشعرت‬ ‫بأحاسيسكم‪.‬‬

‫أنت ِ‬ ‫صابرينا‪ِ ...‬‬ ‫كنت معروف ًة بإسال ِمك‪ ،‬كنت تابع ًة مخلص ًة لإلسالم‬ ‫طوال حياتِك‪ ،‬رجا ًء‪ ...‬قفي (حيث أنها راكعة)‪.‬‬

‫مسيحي‪ ،‬ومع أنك مل تكن دو ًما راسخ اإلميان‪ ،‬إال أن‬ ‫ماركوس‪ ...‬أنت‬ ‫ٌّ‬ ‫إميانك دامئًا يزداد مع تقدمك يف السن‪ .‬وعندما ِمت‪ ،‬كنت حاز ًما يف‬ ‫إميانِك‪ .‬رجا ًء انهض‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫صاموئيل‪ ..‬أنت كنت ملح ًدا‪ ،‬مل تقتنع أب ًدا بوجودي‪ ،‬من أول لحظ ٍة سمعت يب فيها‪ ،‬وحتى موتك‪.‬‬ ‫قمت بجمع ثالثتكم دونًا عن كل البرش؟ هنا‪ ،‬م ًعا بعد موتكم؟!‬ ‫ملاذا ُ‬ ‫يبتسم اإلله‪ :‬كام ترون‪ ...‬كنت أفكر يف بناء مرشب (بار) هناك متا ًما‪ ،‬وأردت أن أرى ماذا سيحدث عندما يدخله مسلم‪،‬‬ ‫مسيحي‪ ،‬وملحد‪( .‬بداية نكتة كالسيكية)‬ ‫تتعاىل الضحكات من الله والثالثة‪.‬‬

‫اإلله بعد أن تغريت لهجته إىل الجدية‪ :‬من منكم يريد تغيري مصريه مع مصري امللحد؟‬ ‫يصمتون جمي ًعا‪ ،‬بينام يكمل اإلله‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تبعات لها‪ ،‬ولسوف تحاسبون‪ .‬ولكن فقط لهذه املرة‬ ‫لقد سمعتموين‪ ..‬انظروا‪ ،‬حياتكم تأيت مع‬ ‫دعونا نرى‪ ،‬إذا ما كنتام مستعدين ملبادلة األماكن مع هذا امللحد الكافر‪- ،‬يحا ِدث ماركوس وصابرينا‪-‬‬ ‫فقط اخطوا لألمام وارفعا يديكام‪ ...‬هل من يجرؤ؟‬ ‫‪43‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫حس ًنا ج ًدا‪ ...‬فهمت ما تريدون ‪.‬‬ ‫معجب بك ‪ ..‬اذهب بسالم‪.‬‬ ‫يقرتب اإلله من صاموئيل ويضع يده عىل كتفه‪ :‬صاموئيل‪ ،‬أنا‬ ‫ٌ‬ ‫يرتقي صاموئيل يف الهواء ويختفي ببطئ ‪..‬‬

‫تتغري لهجة اإلله إىل الغاضبة ويلتفت إىل ماركوس وصابرينا‪:‬‬ ‫أما أنتام من الناحية األخرى‪ ،‬فأنا لدي بعض الكلامت أقولها‬ ‫لكام (وبينام يتحدث بغضب يخر ماركوس وصابرينا مر ًة أخرى‬ ‫ساجدين من الخوف)‪،‬‬

‫ما هو األسوأ‪ ،‬ظنكام أنني وحش؟‬ ‫أم أنكام ال تدركان أنكام تعتقدان أنني وحش؟‬ ‫ملاذا تحسبونني أريد أن يعبدين الناس؟‬ ‫هل هذا ما تريدانه من كل حياتكام؟‬ ‫هل تفضالن املساواة والحب والعالقات؟‬ ‫أم أن يتذلل الناس أمامكام بالخوف والتبجيل؟‬

‫فيأمرهام بنرب ٍة خشن ٍة أن ينهضا ويقول‪:‬‬ ‫هذه هي مشكلتكام األوىل‪.‬‬ ‫هل تعتقدان أنني أريد منكام أن تركعا أمامي؟‬

‫(وتشتد نربته) ألنه ودعاين أخربكام‪،‬‬ ‫ممل ج ًدا‪ ..‬وبرسعة‪.‬‬ ‫ما ما تتمنيانه هذا يصبح ً‬ ‫‪44‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫كل ديكتاتور أراد بغبا ٍء مثل هذه القوة‪ ،‬ينتهي به‬ ‫املصري ليكون أحد أكرث الناس وحد ًة وعزل ًة وتعاس ًة‬ ‫ممن عاشوا عىل األرض‪.‬‬ ‫مسيحيون‪ ،‬مسلمون‪ ،‬يوجد املليارات منكم اآلن ‪...‬‬ ‫املليارات! وجميعكم تحملون كل هذا الخوف؟‬ ‫“الخوف من الله” بات مصطل ًحا شائ ًعا اآلن‪،‬‬ ‫ويستخدم وكأنه صفة إيجابية جيدة !!‪،‬‬ ‫هل هذا ما تعتقدان أين أريد؟ ‪ ..‬الخوف؟‬ ‫صابرينا‪ ،‬ماركوس‪ ،‬كالكام اعتقدمتا فعل ًيا أنني أرسل الناس إىل الجحيم ألعذبهم! يتعذبون؟‬ ‫يتقدم لصابرينا ويسألها‪ :‬صابرينا‪ ...‬ملاذا قد تعبدين أح ًدا ما‪ ،‬يعذب الناس؟‬ ‫فتجيبه صابرينا‪ :‬ما الخيار الذي كان متا ًحا يل غري هذا؟‬ ‫ِ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫فريد اإلله‪ :‬كان لديك الخيار أن تكوين نزيه ًة‪ ،‬وأن تتوقعي أن‬ ‫خالقك نزي ٌه ً‬ ‫وإذا كنت كائ ًنا متنو ًرا كام تؤمنني فلامذا ال تتوقعني أن أكون نزيها أيضا ؟‬ ‫أو بإمكانك أن تثقي بأولئك الذين يتحدثون باسمي‪ .‬ويبدو ِ‬ ‫أنك قمت بهذا الخيار‪.‬‬ ‫ماركوس‪ ...‬ما الذي دفعك لعبادة من يعذب الناس؟‬ ‫فيجيب ماركوس‪ :‬أنا فقط كنت واثقًا بأنك ستعرف ما هو عادل‪ ،‬الله الخري‪،‬‬ ‫الله املحبة‪.‬‬ ‫فيجيب اإلله‪ :‬الحب؟ منذ متى كان للحب أي يش ٍء ليفعله ضد العذاب‬ ‫األبدي؟؟‬ ‫أنت رفضت أن تأخذ مكان صاموئيل ألنه كان ملح ًدا‪ .‬أنت آمنت بأن‬ ‫َ‬ ‫صاموئيل سيذهب للجحيم‪ ،‬أمل تؤمن بذلك؟ وكنت واثقًا بأن إرسال صاموئيل‬ ‫إىل الجحيم هو العدل‪ .‬كل ما اقرتفه صاموئيل ببساط ٍة هو أنه مل يعتقد‬ ‫بوجودي‪ .‬هل يجب أن أشعر باإلهانة بسبب ذلك؟ هل ذلك ييسء يل؟‬ ‫ماركوس (برتدد)‪ :‬ال أعرف‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫أيضا‪ ،‬فهل ذلك يشعركام باإلهانة؟‬ ‫اإلله‪ :‬صاموئيل مل يعرف بوجود أي منكام ً‬ ‫ماركوس‪ :‬ال‪...‬‬ ‫وحش يرسل الناس‬ ‫أيضا اعتقدمتا أنني ٌ‬ ‫اإلله‪ :‬أنتام االثنان (محادث ًا ماركوس وصابرينا) مل تؤمنا يب وحسب‪ ،‬بل كالكام ً‬ ‫ليتعذبوا لألبد‪ ،‬ويستحق العبادة األبدية من كل إنسان‪ .‬أنا أجد ذلك مهي ًنا ج ًدا‪ ،‬أنتام أسأمتا إيل‪.‬‬ ‫فام الذي سيدفعني ألن أريد قرب شخصني مثلكام؟‬ ‫فتجيب صابرينا‪ :‬ألننا‪ ...‬رصنا نعرف الحقيقة ونعي كل هذا اآلن‪.‬‬ ‫اإلله‪ :‬هل حقا تعون ذالك ؟‬ ‫ماركوس‪ :‬أجل‪ ،‬كيف كنا من املفرتض أن نعرف؟ كل ٍ‬ ‫شخص حولنا يصدق هذه األمور‪ ،‬فهي مكتوبة منذ آالف السنني‪.‬‬ ‫كنائسنا‪ ...‬أصدقاؤنا‪ ...‬وكل املجتمع يصدق هذه األشياء‪.‬‬ ‫اإلله‪ :‬صاموئيل مل يصدق ذلك‪ ،‬بالرغم من أنه قوبل بالنفور بسبب ذلك‪ ،‬إال أنه مازال مل يؤمن بهذا‪.‬‬ ‫خارج عن الخط (شا ٌذ عن الطبيعي) لعدم سريه مع الباقني‪ ،‬مثل ما‬ ‫خالل مسرية حياته‪ ،‬هو من اتُهم بأنه ميسء‪ ،‬وبأنه ٌ‬ ‫كان يسوع كذلك‪ .‬وكام يحدث اليوم املؤمنون يب هم من يقومون باإلساءة يل‪ ،‬وهم نفسهم من ثبّتوا املسيح باملسامري‬ ‫عىل الصليب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص مثلكم؟‬ ‫هل تظنان أن هذه الكتب “املقدسة” مل ت ُكتب بواسطة‬ ‫إنهم رشبوا وأكلوا وناموا مثلكم متا ًما‪ .‬كانت لديهم أفكارهم الخاصة عن ماهيتي‪ ،‬وقاموا بإسقاط أنفسهم عيل‪،‬‬ ‫واستخدموين إلضفاء العدل عىل رغباتهم‪ ،‬فقط مثلكام متا ًما‪ ،‬واستغلوا ذلك لي ّدعوا أن آراءهم هي الحقائق املوضوعية‪.‬‬ ‫وأن معتقداتهم هي املعرفة‪ .‬هم مل يعرفوا أين انتهوا‪ ،‬وأنا بدأت‪.‬‬ ‫نصب‬ ‫(حيث ضمري الجمع الغائب يف الكالم السابق الصادر عن اإلله يعود عىل األنبياء الكاذبني ورجال الدين وكل من ّ‬ ‫نفسه متحدث ًا باسم اإلله)‪.‬‬ ‫أنتام عبدمتا إله خيال القدماء‪ ،‬والذين عىل نهجهم أيضا الناس يف وقتكم‪ ،‬قاموا باستغالل أفكا ٍر عن اإلله لنرش تأثريهم‪،‬‬ ‫سياس ًيا وثقاف ًيا وأخالق ًيا‪ ،‬وأنتم سقطتم فيام وضعوه لكم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقعت يف ذلك أيضا‪ ،‬عىل عكس صاموئيل‪ ،‬أنا يف الحقيقة أستطيع الكالم مع صاموئيل بدون أي‬ ‫اإلله‪ :‬صابرينا‪ ،‬أنت‬ ‫‪46‬‬


‫اإلهانة العظمى‬ ‫شادي سليمي‬

‫إعاق ٍة تُسببها هذه البدع‪،‬‬ ‫أستطيع أن أكون عىل عالق ٍة مع صاموئيل‪ ،‬أستطيع أن أكون عىل أرضي ٍة مشرتك ٍة‬ ‫معه‪.‬‬ ‫تشتد نربته بينام يكمل معهام‪ :‬ما املفرتض يب أن أفعله بكل منكام؟‬ ‫صابرينا‪ :‬أرنا الحقيقة!‪.‬‬ ‫اإلله بنرب ٍة غاضبة‪ :‬هل أُ َعلِّم الحقيقة لجبناء مسيئني مثلكم؟ أولستم معطوبني كل ًيا؟‬ ‫(ال أمل منهم)‬

‫صابرينا برد فعل غاضب‪ :‬ال‬ ‫ماركوس‪ :‬نحن لسنا خائفني منك‪.‬‬ ‫يصمت اإلله صمتًا غري ًبا مخيفًا ‪ ...‬وبعد ذلك يبتسم ويقول‪:‬‬ ‫جيد‪ ...‬اآلن وصلنا إىل مكانٍ ما (للداللة عىل اإليجابية وإحراز التقدم)‪.‬‬

‫ٕاﺪﺪاد وﺗﻘﺪﱘ‬

‫ﺣﺎﻣﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ‬ ‫‪HAMED.TV‬‬

‫‪FB.ME/BOXOFISLAM 47‬‬


http://www.thelandofsands.blogspot.com

48


‫ﺳﻴﺮة‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ آﻣﻨﺔ‬

‫اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮة‪ :‬ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ‬

‫ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎب‬ ‫‪LA VIE DE MAHOMET‬‬ ‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬ﺳﺎرة ﺳﺮﻛﺴﻴﺎن‬ ‫إﺧﺮاج‪ :‬أﺳﺮة ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ اﻟﻌﺮب‬

‫‪49‬‬


‫ﻛﺎن ﻳﺨﺮج ﻛﻞ ﻳﻮ ٍم إﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺠﻤﻮع‬ ‫داﻋﻴًﺎ أﻫﻞ ﻗﺮﻳﺶ إﻟﻰ ﺗﺮك ﻋﺒﺎدة اﻷﺻﻨﺎم‬ ‫وﻋﺒﺎدة اﷲ اﻟﻮاﺣﺪ رب إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﻋﻠﻰ أﺣﺪٍ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ادﻋﺎء ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺒﻮة ‪.‬‬

‫وﻋﺪ ﻣﺤﻤﺪٌأﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﺠﻨﺎت ﻋﺪن‪.‬‬

‫وﺗﻮ ّﻋﺪ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺑﺄﺑﺸﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺬاب ﻓﻲ ﺟﻬﻨﻢ‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫)‪(1‬‬


‫ﻗﺮﻳﺶ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ‬ ‫ﻧﻈﺮًا ﻟﺨﻄﻮرة دﻋﻮﺗﻪ‪ ،‬اﺟﺘﻤﻊ أﻋﻴﺎن ٍ‬ ‫أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﺮﻓﻮا ﺗﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ‪.‬‬

‫إﻧﻪ ﻳﺰدري ﻣﻘﺪﺳﺎﺗﻨﺎ‪ ،‬وﻫﺬا أﻣﺮٌ‬ ‫ﻻ ﻧﻘﺒﻞ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮٌ ذو ﺷﺮف وﻫﻴﺒﺔ‬ ‫ﻳﺎ أﺑﺎ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬أﻧﺖ ٌ‬ ‫ﺑﻴﻨﻨﺎ‪ ،‬اﺑﻦ أﺧﻴﻚ ﻳﺸﺘﻢ آﻟﻬﺘﻨﺎ وأﺟﺪادﻧﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ‪.‬‬

‫إن ﻟﻢ ﺗﺮدﻋﻪ ﻋﻦ ﻫﺬا‪،‬‬ ‫ﻓﻠﻦ ﻧﺘﺮدد ﻋﻦ ﻗﺘﺎﻟﻜﻤﺎ ﻣﻌًﺎ‬ ‫ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻮت ‪.‬‬

‫ﻓﻘﺮر اﻟﺘﺤﺪث ﻣﻊ ﻣﺤﻤﺪٍ ﻋﻦ اﺟﺘﻤﺎع ﻗﺮﻳﺶ‪.‬‬

‫ﻏﺎدروا ﺑﻴﺖ اﻟﻌﺠﻮز اﻟﺬي اﺣﺘﺎر ﺑﻴﻦ‬ ‫ﺧﺴﺎرة ﻗﻮﻣﻪ وأﻫﻠﻪ‪ ،‬وﺑﻴﻦ ﺗﻜﺬﻳﺐ‬ ‫ﻣﻦ رﺑﺎه ﻣﺜﻞ اﺑﻨﻪ ‪.‬‬

‫واﷲ ﻳﺎ ﻋﻢ‪ ،‬ﻟﻮ وﺿﻌﻮا اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻳﻤﻴﻨﻲ‬ ‫واﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﻳﺴﺎري ﻋﻠﻰ أن أﺗﺮك ﻫﺬا اﻷﻣﺮ‬

‫ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ وﻋﻠﻰ ﻋﻤﻚ اﻟﻌﺠﻮز‬ ‫ﻻ ﺗﻀﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗ ٍﻒ ﻻ أﺗﺤﻤﻞ ﻋﻮاﻗﺒﻪ‪.‬‬

‫ﻣﺎﺗﺮﻛﺘﻪ‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ !‬

‫اذﻫﺐ ﻳﺎ ﺑﻨﻲّ وﻗﻞ ﻣﺎ ﺗﺸﺎء‪،‬‬ ‫أﻗﺴﻢ أﻧﻲ ﻟﻦ أﺧﺬﻟﻚ ﻣﺎ دﻣ ُﺖ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬وﻟﻦ أﺳﻤﺢ‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ﻟﻬﻢ ﺑﺄذﻳﺘﻚ‪.‬‬

‫ﻫﺬا ﻋﻤﺎرة ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ‪ ،‬وﻫﻮ ﻣﻦ ﺧﻴﺮة ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ‪،‬‬ ‫اﺗﺨﺬه وﻟﺪًا ﻟﻚ وأﻋﻄﻨﺎ اﺑﻦ أﺧﻴﻚ اﻟﺬي ﺗﻤﺮّد‬ ‫ﻋﻠﻰ دﻳﻨﻚ ‪..‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮف أﻋﻴﺎن ﻗﺮﻳﺶ ﺑﺮﻓﺾ أﺑﻮﻃﺎﻟﺐ‬ ‫اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ دﻋﻢ ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻋﺎدوا إﻟﻴﻪ‪.‬‬

‫ودﻳﻦ أﺟﺪادك‪،‬‬ ‫ﻳﻔﺮق ﺑﻴﻨﻨﺎ‬ ‫واﻟﺬي ّ‬ ‫وﻳﻬﻴﻦآﻟﻬﺘﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻧﺮﻳﺪﻗﺘﻠﻪ‬ ‫وﻟﻦ ﻧﺆذﻳﻚ‪.‬‬ ‫أﺗﻌﻄﻮﻧﻲ‬ ‫اﺑﻨﻜﻢ‬ ‫ﻟﻜﻲ أرﻋﺎه‬ ‫وأﺣﺒﻪ ؟‬

‫وأﻋﻄﻴﻜﻢ اﺑﻨﻲ ﻟﺘﻘﺘﻠﻮه؟‬ ‫أﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮن أن اﻟﻨﺎﻗﺔ إذا ﻓﻘﺪت‬ ‫ﺗﺤﻦ ﻟﻐﻴﺮه ؟‬ ‫وﻟﺪﻫﺎ ﻻ ّ‬

‫ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة‪ ،‬ﻣﺎت ﻋﻤﺎرة‬ ‫ﻣﻌﺘﻮ ًﻫﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺎه ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺼﺤﺮاء ‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫اﺳﺘﻤﺮ أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺤﻤّﺪ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻣﻤﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻓﻤﺎت ﻛﺎﻓﺮًا‪.‬‬


‫ﻟﻜﻨﻪ رﻓﺾ ‪.‬‬

‫اﻟﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺒﻴﻊ‬ ‫ﻗﺮﻳﺶ اﻟﻤﺎل واﻟﺴﻠﻄﺔ‬ ‫ﻋﺮض أﻋﻴﺎن ٍ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤّﺪ‪ ،‬ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﺮ‬ ‫دﻳﻨﻬﻢ وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ‪.‬‬

‫أﺧﻴﺮا إﻟﻰ اﻗﺘﺮاح ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﻮﺻﻠﻮا ً‬

‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن أن اﻟﻨﺴﺎء ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ ﻣﺤﻤّﺪ‪ ،‬ﻓﻮﻋﺪوه‬ ‫ﺑﺘﺰوﻳﺠﻪ ﺑﻜﻞ اﻣﺮأةٍ ﻳﺮﻏﺐ ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎزل ‪.‬‬

‫ﺑﻬﺬا ﻟﻦ ﻳﻜﻮن رﺑّﻚ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ آﻟﻬﺘﻨﺎ‪ ،‬وﻻ آﻟﻬﺘﻨﺎ أﻓﻀﻞ‬ ‫ﻣﻦ رﺑﻚ‪ ،‬وﻫﻜﺬا ﻳﺮﺿﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤّﺪ‪ ،‬اﻋﺒﺪ اﻟﻼت‬ ‫ﻟﻌﺰى‬ ‫وا ّ‬ ‫ﺳﻨ ًﺔ‬ ‫واﺣﺪة ‪.‬‬

‫ﺗﺮدد ﻣﺤﻤﺪ‪..‬‬ ‫ﺛﻢ‪.‬‬ ‫ﻳﺠﺐ أن‬ ‫أﻧﺘﻈﺮ اﻟﻮﺣﻲ‬ ‫ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ‬ ‫أﺻﻨﻊ ‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫وﺳﻨﻌﺒﺪ رﺑﻚ‬ ‫ﺳﻨﺔ‪،‬‬ ‫وﻫﻜﺬا ‪..‬‬

‫ﻟﻢ ﻳﺘﺄﺧﺮ رد اﷲ‪ ،‬ﻓﺄرﺳﻞ ﺟﺒﺮﻳﻞ ‪.‬‬

‫ﺑﺴﻢ اﷲ‬ ‫اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‪..‬‬


‫ﻗﻞ ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬ﻻ أﻋﺒﺪ ﻣﺎ‬ ‫ﺗﻌﺒﺪون‪ ،‬وﻻ أﻧﺘﻢ ﻋﺎﺑﺪون ﻣﺎ أﻋﺒﺪ‪.‬‬

‫ﻋﺎﺑﺪ ﻣﺎ ﻋﺒﺪﺗﻢ‬ ‫وﻻ أﻧﺎ ٌ‬ ‫وﻻ أﻧﺘﻢ ﻋﺎﺑﺪون ﻣﺎ أﻋﺒﺪ‪.‬‬

‫ﻟﻜﻢ دﻳﻨﻜﻢ وﻟﻲ دﻳﻦ‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻋﺬّﺑﻬﻢ أﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻮت أﺣﻴﺎﻧًﺎ‪،‬‬ ‫ﺿﺎق اﻟﺨﻨﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤ ٍﺪ وأﺗﺒﺎﻋﻪ‪ّ ،‬‬ ‫)‪(5‬‬ ‫وﻣﻊ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻠّﻮا ﻋﻦ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫)‪(4‬‬


‫(‪ .)1‬الدعوة والتبشري بالجنة والرتهيب بالنار‪:‬‬

‫‪ l‬فجمعهم رسول الله صىل الله عليه وسلم ثانيا وخطبهم ثم قال لهم‪« :‬إن الرائد ال يكذب أهله‪ ،‬والله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم‪ ،‬ولو غررت‬ ‫الناس جميعا ما غررتكم‪ ،‬والله الذي ال إله إال هو إين لرسول الله إليكم خاصة وإىل الناس كافة‪ ،‬والله لتموتن كام تنامون‪ ،‬ولتبعنث كام تستيقظون‪،‬‬ ‫ولتحاسنب مبا تعملون‪ ،‬ولتجزون باإلحسان إحسانا وبالسوء سوآ وإنها لجنة أبدا‪ ،‬أو لنار أبدا‪ ،‬والله يا بني عبد املطلب ما أعلم شابا جاء قومه بأفضل مام‬ ‫جئتكم به؟ إين قد جئتكم بأمر الدنيا واآلخرة»‪.‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)405‬‬

‫(‪ .)2‬لجوء قريش إىل أيب طالب‪:‬‬

‫‪ l‬فقال‪« :‬يا معرش قريش والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم‪ ،‬فقالوا إمنا نعبد األصنام حبا لله لتقربنا إىل الله فأنزل الله تعاىل ق ُْل إِ ْن كُ ْنتُ ْم ت ُِحبُّو َن اللَّ َه‬ ‫ون يُ ْح ِببْ ُك ُم اللَّ ُه [آل عمران‪ :‬اآلية ‪ ]31‬فتناكروه وأجمعوا خالفه وعداوته إال من عصم الله منهم‪ ،‬وجاؤوا إىل أيب طالب وقالوا‪ :‬يا أبا طالب إن ابن‬ ‫فَاتَّ ِب ُع ِ‬ ‫سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحالمنا وعقولنا‪ ،‬ينسبنا إىل قلة العقل‪ ،‬وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا‪ ،‬وإما أن تخيل بيننا وبينه فإنك عىل مثل ما‬ ‫أخيك قد ّ‬ ‫نحن عليه من خالفه‪ ،‬فقال لهم أبو طالب قوال رقيقا وردهم ردا جميال‪ ،‬فانرصفوا عنه‪.‬‬ ‫ثم رشي األمر‪ -‬أي كرث وتزايد وانترش بينهم وبينه حتى تباعد الرجال وتضاغنوا‪ :‬أي أضمروا العداوة والحقد وأكرثت قريش ذكر رسول الله صىل الله عليه‬ ‫وسلم بينها وتذامروا عليه‪ -‬بالذال املعجمة‪ -‬وحض أي حث بعضهم بعضا عليه أي عىل حربه وعداوته ومقاطعته‪ ،‬ثم إنهم مشوا إىل أيب طالب مرة أخرى‬ ‫فقالوا‪ :‬يا أبا طالب إن لك سنا ورشفا ومنزلة فينا وإنا قد طلبنا منك أن تنهي ابن أخيك فلم تنهه عنا‪ ،‬وإنا والله ال نصرب عىل هذا من شتم آبائنا وتسفيه‬ ‫أحالمنا‪ :‬أي عقولنا‪ ،‬وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا‪ ،‬أو ننازله وإياك يف ذلك حتى يهلك أحد الفريقني‪ ،‬ثم انرصفوا عنه‪ ،‬فعظم عيل بن أيب طالب فراق قومه‬ ‫يل وعىل نفسك‬ ‫وعداوتهم‪ ،‬ومل يطب نفسا بأن يخذل رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ ،‬فقال له‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬إن قومك قد جاؤوين فقالوا يل كذا وكذا فأبق ع ّ‬ ‫وال تحملني من األمر ما ال أطيق‪ ،‬فظن رسول الله صىل الله عليه وسلم أن عمه خاذله وأنه ضعف عن نرصته والقيام معه‪ ،‬فقال له‪« :‬يا عم والله لو وضعوا‬ ‫الشمس يف مييني والقمر يف يساري عىل أن أترك هذا األمر حتى يظهره الله تعاىل أو أهلك فيه ما تركته‪ ،‬ثم استعرب رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ :‬أي‬ ‫حصلت له العربة التي هي دمع العني فبىك‪ ،‬ثم قام» فلام وىل ناداه أبو طالب فقال‪ :‬أقبل يا ابن أخي‪ ،‬فأقبل عليه‪ ،‬فقال اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت!‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)408-407‬‬

‫(‪ .)3‬إرصار أبو طالب عىل حامية محمد بدون اإلميان بدينه‪:‬‬

‫‪ l‬فلام عرفت قريش أن أبا طالب قد أىب خذالن رسول الله صىل الله عليه وسلم مشوا إليه بعامرة بن الوليد بن املغرية فقالو له‪ :‬يا أبا طالب هذا عامرة‬ ‫بن الوليد بن املغرية أنهد‪ .‬أي أشد‪ -‬وأقوى فتى يف قريش وأحمله‪ ،‬فخذه لك ولدا‪ :‬أي بأن تتبناه وأسلم إلينا ابن أخيك الذي خالف دينك ودين آبائك‪،‬‬ ‫وفرق جامعة قومك‪ ،‬وسفه أحالمهم فنقتله فإمنا هو رجل كرجل‪ ،‬فقال لهم أبو طالب‪ :‬والله لبئس ما تسومونني أتعطوين ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم‬ ‫ابني تقتلونه؟ هذا والله ال يكون أبدا‪ :‬أي وقال أرأيتم ناقة تحن إىل غري فصيلها قال املطعم بن عدي‪ :‬والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك‪ ،‬وجهدوا عىل‬ ‫التخلص مام تكره‪ ،‬فام أراك تريد أن تقبل منهم شيئا‪ ،‬فقال له أبو طالب‪ :‬والله ما أنصفوين‪ ،‬ولكن قد أجمعت‪ :‬أي قصدت خذالين ومظاهرة القوم‪ :‬أي‬ ‫يل فاصنع ما بدا لك‪ :‬أي وقد مات عامرة بن الوليد هذا عىل كفره بأرض الحبشة بعد أن سحر وتوحش وسار يف الرباري والقفار‪.‬‬ ‫معاونتهم ع ّ‬ ‫وملا رأى أبو طالب من قريش ما رأى دعا بني هاشم‪ ،‬وبني املطلب إىل ما هو عليه من منع رسول الله صىل الله عليه وسلم والقيام دونه فأجابوه إىل ذلك‪.‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)409-408‬‬ ‫‪ ...l‬وعند ذلك قال أبو طالب لرسول صىل الله عليه وسلم‪ :‬والله يا بن أخي ما رأيتك سألتهم شحطا أمرا بعيدا‪ ،‬فلام قال ذلك طمع رسول الله صىل الله‬ ‫يجب ما قبله‪ ،‬فلام‬ ‫عليه وسلم فيه‪ ،‬فجعل يقول‪ :‬أي عم فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة‪ :‬أي لو ارتكبت ذنبا بعد قولها‪ ،‬وإال فاإلسالم ّ‬ ‫رأى حرص رسول الله صىل الله عليه وسلم قال له‪ :‬والله يا بن أخي لوال مخافة السبة‪ :‬أي العار عليك وعىل بني أبيك من بعدي‪ ،‬وأن تظن قريش أين إمنا‬ ‫قلتها جزعا خوفا من املوت‪ ،‬أي ضعفا لقلتها‪ ،‬ويف رواية‪ :‬ألقررت بها عينك ملا أرى من شدة وجدك‪ ،‬لكني أموت عىل ملة األشياخ عبد املطلب وهاشم‬ ‫وعبد مناف‪ ،‬فأنزل الله تعاىل‪ :‬إِن َ​َّك ال ت َ ْه ِدي َم ْن أَ ْح َب ْب َت [القصص‪ :‬اآلية ‪.]56‬‬ ‫‪ ...‬ويرده أيضا ما يف الصحيحني عن العباس ريض الله تعاىل عنه أنه قال‪« :‬قلت يا رسول الله إن أبا طالب كان يحيطك وينرصك فهل ينفعه ذلك؟ قال نعم‪،‬‬ ‫وجدته‪ -‬أي كشف يل عن حاله وما يصري إليه يوم القيامة‪ -‬فوجدته يف غمرات من النار فأخرجته إىل ضحضاح» أي ويف لفظ آخر «قال نعم‪ ،‬هو‪ -‬أي يوم‬

‫‪55‬‬


‫القيامة‪ -‬يف ضحضاح من النار‪ ،‬لوال أنا لكان يف الدرك األسفل من النار» ولو كانت الشهادة املذكورة عند العباس ما سأل هذا السؤال وألداها بعد اإلسالم‪،‬‬ ‫إذ لو أداها لقبلت‪.‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)494-493‬‬

‫(‪ .)4‬عروض قريش عىل محمد للكف عن دعوته‪:‬‬

‫‪ l‬حدث محمد بن كعب القرظي قال‪ :‬حدثت «أن عتبة بن ربيعة‪ .‬وكان سيدا مطاعا يف قريش‪ -‬قال يوما وهو جالس يف نادي قريش‪ :‬أي متحدثهم‬ ‫والنبي صىل الله عليه وسلم جالس يف املسجد وحده‪ :‬يا معرش قريش أال أقوم ملحمد صىل الله عليه وسلم وأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها‪،‬‬ ‫فنعطيه إياها ويكف عنا؟ قالوا‪ :‬يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه‪.‬‬ ‫‪«...‬فقام عتبة حتى جلس إىل رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من البسطة يف العشرية واملكان يف النسب‪ -‬أي‬ ‫من الوسط أي الخيار حسبا ونسبا‪ -‬وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم‪ ،‬فرقت به جامعتهم‪ ،‬وسفهت به أحالمهم‪ ،‬وعبت به آلهتهم ودينهم‪ ،‬وكفرت به‬ ‫من مىض من آبائهم»‪.‬‬ ‫‪«...‬فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‪ ،‬فقال رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ :‬قل يا أبا الوليد أسمع‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن أخي إن‬ ‫كنت إمنا تريد مبا جئت به من هذا األمر ماال جمعنا من أموالنا حتى تكون أكرثنا ماال‪ ،‬وإن كنت تريد رشفا س ّودناك علينا حتى ال نقطع أمرا دونك‪ ،‬وإن‬ ‫كنت تريد ملكا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن تراه ال تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نربئك منه‪،‬‬ ‫فإنه رمبا غلب التابع عىل الرجل‪ ،‬حتى يداوى»‪.‬‬ ‫‪ ...‬ويف رواية أخرى عن ابن عباس ريض الله تعاىل عنهام «دعت قريش النبي إىل أن يعطوه ماال فيكون به أغنى رجل مبكة‪ ،‬ويز ّوجوه ما أراد من النساء‪،‬‬ ‫ويكف عن شتم آلهتهم وال يذكرها بسوء» فقد ذكر «أن عتبة بن ربيعة قال له‪ :‬إن كان أ ّن ما بك الباءة‪ ،‬فاخرت أي نساء قريش فنزوجك عرشا‪ ،‬وقالوا له‪:‬‬ ‫ارجع إىل ديننا‪ ،‬واعبد آلهتنا‪ ،‬واترك ما أنت عليه ونحن نتكفل لك بكل ما تحتاج إليه يف دنياك وآخرتك‪ ،‬وقالوا له‪ :‬إن مل تفعل فإنا نعرض عليك خصلة‬ ‫واحدة لك فيها صالح‪ ،‬قال‪ :‬وما هي؟ قال‪ :‬تعبد آلهتنا الالت والعزى سنة ونعبد إلهك سنة‪ ،‬فنشرتك نحن وأنت يف األمر‪ ،‬فإن كان الذي تعبده خريا مام‬ ‫نعبد كنت أخذت منه بحظك‪ ،‬وإن كان الذي نعبد خريا مام تعبد كنا قد أخذنا منه بحظنا‪ ،‬فقال لهم‪ :‬حتى أنظر ما يأيت من ريب‪ ،‬فجاء الوحي بقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ق ُْل يا أَيُّ َها الْكا ِف ُرو َن (‪ )1‬ال أَ ْعبُ ُد ما ت َ ْعبُ ُدو َن (‪َ )2‬وال أَنْتُ ْم عا ِب ُدو َن ما أَ ْعبُ ُد (‪َ )3‬وال أَنا عا ِب ٌد ما َعبَ ْدت ُّ ْم (‪[ .)4‬النرص‪ :‬اآلية ‪.]4-1‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)430-428‬‬

‫(‪ .)5‬يف أذيّة قريش ملحمد وأتباعه‪:‬‬

‫‪ l‬قال ابن إسحاق‪ :‬ثم إن قريشا تذامروا بينهم عىل من يف القبائل منهم من أصحاب رسول الله صىل الله عليه وسلم الذين أسلموا معه‪ ،‬فوثبت كل‬ ‫قبيلة عىل من فيهم من املسلمني يعذبونهم‪ ،‬ويفتنونهم عن دينهم‪ ،‬ومنع الله رسوله صىل الله عليه وسلم منهم بعمه أيب طالب‪ ،‬وقد قام أبو طالب‪ ،‬حني‬ ‫رأى قريشا يصنعون ما يصنعون يف بني هاشم وبني املطلب‪ ،‬فدعاهم إىل ما هو عليه‪ ،‬من منع رسول الله صىل الله عليه وسلم‪ ،‬والقيام دونه‪ ،‬فاجتمعوا‬ ‫إليه‪ ،‬وقاموا معه‪ ،‬وأجابوه إىل ما دعاهم إليه‪ ،‬إال ما كان من أيب لهب‪ ،‬عدو الله امللعون‪.‬‬ ‫‪ n‬السرية النبوية البن هشام‪ ،‬رشكة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب الحلبي وأوالده مبرص‪ ،‬الطبعة الثانية‪1955 ،‬م‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحة (‪.)269-268‬‬ ‫‪ n‬راجع أيضً ا السرية الحلبية لعيل الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427 -‬هـ‪ ،‬الجزء (‪ ،)1‬الصفحات (‪.)457-412‬‬

‫‪56‬‬


‫‪Rama Salih‬‬

‫‪Allah got talent‬‬

‫‪Rami Coo‬‬

‫وتقول االسطورة إن الله مازال يصفر‬ ‫الشعور بالوحدة قاتل‪ ،‬بدل أن أخلق إل ًها آخر ينافسني‬ ‫القوم بخلق البرش وأتسىل بهم‬

‫بسامبركات‬

‫‪Mussa Salama‬‬

‫يف لحظة ما بعد الكسل وامللل ‪...‬الكسل وامللل ‪..‬طرأ أمر ما ‪..‬خطرت له فكرة ‪ ..‬نفذها عىل عجالة‬ ‫وبترسع ‪ -‬دون تدقيق ‪ -‬تم اإلخراج والتنفيد بكل العيوب الهندسية للفكرة ناقصة التدقيق ‪ ..‬وحني‬ ‫كسل من أن يعالج تلك العيوب‬ ‫اكتشف عيوبها عاد لكسله وملله الالنهايئ النه أكرث ً‬

‫‪57‬‬


‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

Arab Magazine Atheists Magazine a digital publication The ArabThe Atheists is a digitalispublication produced produced by volunteers and committed to promoting by volunteers and committed to promoting the thought and writings of atheistswith of various persuawritingsthe of thought atheists ofandvarious persuasions complete freesions with complete freedom. The Magazine does not adopt dom. The Magazine does not adopt or endorse any form of politiany form of political ideology or affiliation cal ideologyororendorse affiliation Contributors bear responsibility of the content, illustraContributors bear thethe fullfull responsibility of the content, illustrations theyinsofar provideasinsofar as copyright it covers copyright and tions topicsand theytopics provide it covers and issuesand of issues of intellectual property intellectual property Express permission for to publish in the Magazine is provided Express permission for to publish in the Magazine is provided by conby contributors, whether they are members of the Arab Atheists tributors, whether they are members of the Arab Atheists Magazine Magazine Group of other atheists and contributors non-religious contributors Group of other atheists and non-religious Magazine publish material is unethical or that TheThe Magazine doesdoes notnot publish material thatthat is unethical or that inincites racism or bigotry cites racism or bigotry The Editorial Board the reserves right to republish content The Editorial Board reserves right the to republish content originally originally the Magazine’s group, as published on the published Magazine’sonFacebook group, Facebook as publishing there publishing thereconsent implicitly contains consent forMagazine republication implicitly contains for republication in the in the Magazine

:‫موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت‬ www.aamagazine.blogspot.com ‫البريد اإللكتروني‬ el7ad.organisation@gmail.com magazine@arabatheistbroadcasting.org


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.