مجلة الهدى الإسلامية - العدد الحادي والأربعون - شهر ربيع الأوَّل 1438 للهجرة

Page 1


‫‪#‬مجلة_الهدى_اإلسالمية‬ ‫تربوية"‬‫اجتماعية‬‫ثورية‬ ‫"فكرية –‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تأس َست في شهر هللا المحرم من‬ ‫َّ‬ ‫عام ‪1434‬هـ‬

‫َّ‬ ‫الشه ِر الحادي َع َ‬ ‫شر من عام ‪2012‬م‪.‬‬ ‫العام الخامس‬ ‫العدد الواحد واألربعون‬ ‫ربيع األول ‪ 1438‬هـ‬ ‫َّ‬ ‫مؤس ِ‬ ‫سة‬ ‫تصد ُر عن‬ ‫مجل ٌة دوريَّ ة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمية في الغوطة‬ ‫الهدى‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫رقية‪.‬‬ ‫الش ّ‬

‫‪87‬‬

‫ﱟ‬ ‫ﱞ� � � � � �‬ ‫� ﵛﭐ� ﱚ� ﱛ� ﱜ� ﱝ� � �‬

‫ﱢ� �ﱣ� ﱤ� ﱥ� ﱦ� ﱧ‬ ‫ﱡ� � � � � � �‬ ‫ﱠ� � � �‬

‫�ﱨ� ﱩ� ﱪ� ﱫ� ﱬ� ﱭ� � ﱮ‬ ‫�ﱯ� ﱰ� ﱱ� ﱲﱳ� ﱴ� ﱵ� ﱶ‬

‫تُ طبع وتُ نشر في الغوطة َّ‬ ‫رقية‪،‬‬ ‫الش ّ‬ ‫وتُ َو َّزع إلى كافة شرائح المجتمع‪ ،‬ال‬

‫ــم الثّوا ِبــتِ؛ أال وهــو كلمــةُ‬ ‫فالثّابــتُ فــي هــذه اآليــ ِة مــن أع َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ﱷ� ﱸ� ﱹ� ﱺ� ﵚ‬ ‫ـاء والمرســلين‪ ،‬وهــذا مــا د َّل‬ ‫التَّوحيـ ِد التــي دعــا إليهــا ُك ُّل األنبيـ ِ‬ ‫قال ابن كثير‪" :‬هذا‬ ‫ُ‬ ‫اللَ َوالَ نُ ْ‬ ‫تبــاركَ وتعالــى ((أَالَّ نَ ْعبُــدَ ِإالَّ ّ‬ ‫ــركَ‬ ‫الخطاب يع ُّم عليــه قــو ُل ر ِبّنــا‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬ ‫أه َل الكتا ِ‬ ‫ش ـيْئاً))‪ ،‬وهــذا مــا يُح ِقّـ ُ‬ ‫ســواء التــي بيَّنهــا‬ ‫ب من اليهو ِد والنّصارى‪ِ ،‬ب ـ ِه َ‬ ‫ـق ت َحقُّــقَ الكلم ـ ِة ال ّ‬ ‫و َمن جرى مجراهم"‬ ‫ـوار‬ ‫المف ِ ّ‬ ‫ي ِحـ ٍ‬ ‫ـاف‪ ،‬وبالتالــي أ ُّ‬ ‫ســرون؛ أنَّهــا تعنــي العــدل واإلنصـ َ‬ ‫ـن صحيــح؛ أال وهــو‬ ‫ي ِلقــاء ينبغــي أن يُبنــى علــى أسـ ٍ‬ ‫ـاس متيـ ٍ‬ ‫ب تَعَالَــوْ اْ ِإلَــى وأ ُّ‬ ‫((قُ ـ ْل يَــا أ َ ْه ـ َل ْال ِكتَــا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـق كلمـة التَّوحيــد‪ ،‬فــإن شـذ أحـدٌ عنهــا فشــذوذه مرفــوض‪ ،‬والثبــاتُ‬ ‫ُ‬ ‫ـواءٍ ‪ ))...‬والكلم ـة؛ تُطلَـ ُ‬ ‫َكلَ َم ـ ٍة َ‬ ‫سـ َ‬ ‫ـاس فــرض‪ ،‬وهــذا يــد ُّل عليــه قولــه تعالــى فــي‬ ‫علــى هــذا األسـ ِ‬ ‫علــى ال ُجمل ـ ِة ال ُمفيــدة‪.‬‬ ‫ختــام اآليــة ((فَ ـ ِإن ت َ َولَّــوْ اْ فَقُولُــواْ ا ْ‬ ‫ش ـ َهدُواْ ِبأَنَّــا ُم ْ‬ ‫س ـ ِل ُمونَ ))‪.‬‬ ‫ــواءٍ بَ ْينَنَــا‬ ‫صفَهــا (( َ‬ ‫س َ‬ ‫ثُــ َّم َو َ‬ ‫صــفٍ‬ ‫َوبَ ْينَ ُكــ ْم))؛ أي عــد ٍل ونَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نســتوي نحــن وأنتــم فيهــا‪.‬‬ ‫ــت األ ّمــة‪ ،‬وعلــى رأســها‬ ‫ــه‬ ‫دعــوة لحــوا ٍر‬ ‫ٌ‬ ‫ثواب ُ‬ ‫ِ‬ ‫أساس ُ‬ ‫ُ‬

‫نرجو من خاللها أن نُ َبلغ من رسالة‬

‫ســرها بقولــه ((أَالَّ نَ ْعبُـدَ ِإالَّ ّ‬ ‫اللَ‬ ‫ث ُـ َّم ق َ‬ ‫ً‬ ‫َوالَ نُ ْ‬ ‫شـيْئا))‪.‬‬ ‫شـ ِـركَ بِـ ِه َ‬

‫تساهم في بناء المجتمع‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وزرع القيم والمبادئ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتثقيف الناس بثقافة إسالمية‬ ‫منهج ِ‬ ‫والس ّنة‪.‬‬ ‫تاب‬ ‫فق‬ ‫ِو َ‬ ‫الك ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬

‫َّ‬ ‫سيَّ ما ُّ‬ ‫المثقفة‪...‬‬ ‫الن َخب‬

‫تُ عنى مجلة الهدى اإلسالمية‬ ‫وسمو المعنى‪،‬‬ ‫بجمال الكلمة‪،‬‬ ‫ِّ‬

‫ورقي الفكر‪ ،‬لتحاكي واقع الناس‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سه َم في تصحيح‬ ‫وهمومهم‪ ،‬ولتُ‬ ‫ِ‬ ‫الرسالة‪.‬‬ ‫الفكر‪،‬‬ ‫وإحياء ِّ‬ ‫درب الهدى‬ ‫فنمهد‬ ‫الحق ولو آية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫جبارة‪،‬‬ ‫ثورة‬ ‫لجيل َح َم َل على عاتقه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نور هللا تعالى‪ ،‬وتُ ظه َر‬ ‫أتت لتُ ت َّم َ‬ ‫دينَ ه على الدين كله ولو كره‬ ‫الكافرون‪.‬‬ ‫رئيس َّ‬ ‫التحرير‪ :‬أبو فيصل القادري‬ ‫سكرتير َّ‬ ‫التحرير‪ :‬أبو حسن المعلّ م‬ ‫َّ‬ ‫التحرير الفكري‪:‬أ‪.‬أبو ياسر القادري‬ ‫المدقق اللغوي‪ :‬أم جعفر آدم‬ ‫ّ‬ ‫تمت ِّ‬ ‫مؤسسة إبداع‬ ‫الطباعة في‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والنشر‬ ‫للطباعة‬ ‫****‬ ‫المقالة تعبر عن رأي كاتبها وال‬ ‫تعبر بالضرورة عن رأي المجلة‬ ‫****‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ضنَــا بَعْض ـا ً‬ ‫((والَ يَت َّ ِخ ـذَ بَ ْع ُ‬ ‫ث ُـ َّم قــال َ‬ ‫ون ّ‬ ‫اللِ))‪ ،‬قــال ابــن‬ ‫أَرْ بَابــا ً ِ ّمــن دُ ِ‬ ‫ضنــا‬ ‫جريــح‪" :‬يعنــي يُطيــ ُع بع ُ‬ ‫ضــا فــي معصيــة"‪.‬‬ ‫بع ً‬ ‫وبعدهــا جــاءت الخاتمــة بقولــه‬ ‫تعالــى ((فَــ ِإن ت َ َولَّــوْ اْ فَقُولُــواْ‬ ‫ا ْ‬ ‫شـ َهدُواْ ِبأَنَّــا ُم ْ‬ ‫سـ ِل ُمونَ ))؛ أي‪ :‬فإن‬ ‫َّ‬ ‫ـف‪،‬‬ ‫صـ ِ‬ ‫ت َ​َولــوا عــن هــذا العــدل والنَّ َ‬ ‫وهــذه الدَّعــوة؛ فاشــهدوا أنتــم علــى‬ ‫اســتمرارنا علــى اإلســام الــذي‬ ‫ِ‬ ‫عه هللاُ لنــا‪.‬‬ ‫شــر َ‬

‫للت ُّ‬ ‫ودعــوة َّ‬ ‫َّ‬ ‫ــلبية‪،‬‬ ‫التوحيــد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ــع عــن المتعلّ قــات َّ‬ ‫رف ِ‬ ‫الس ّ‬ ‫ظهـ ُـر بقو ِلـ ِـه تعالــى ((تَ َعالَ ــوا)) َّأنهــا جــاءت‬ ‫وهــذا َي َ‬ ‫للمخاطَ بيــن أن‬ ‫العلــو‪ ،‬بمعنــى َّأنهــا‬ ‫مــن‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫دعــوة ُ‬ ‫َّ‬ ‫عمــا هــم فيــه إلــى منزلـ ٍـة أعلــى وأعظَ ــم‪،‬‬ ‫يترفعــوا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أشــياء‬ ‫الحالــة فــوق‬ ‫ــم فــي هــذه‬ ‫الت ُ‬ ‫وليكــون ّ‬ ‫فاه ُ‬

‫ومتعلّ قاتهــا‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الدنيــا ُ‬

‫الخطاب من عدّة جوانب‪:‬‬ ‫ي هذا ِ‬ ‫ويظ َه ُر رق ُّ‬ ‫‪ -1‬أنَّــه دعــوة ٌ‬ ‫ــاس جميعًــا؛ َّ‬ ‫لحــوار مــع النّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ألن رســالةَ النَّبــ ّ‬ ‫يِ‬ ‫صلّــى هللا عليــه وســلَّ َم مــا هــي ّإل رحمــةٌ للعالميــن‪ ،‬قــال تعالــى‬ ‫س ْ‬ ‫ــلنَاكَ إِ َّل َر ْ‬ ‫ح َمــةً ِلّ ْلعَالَ ِميــنَ )) األنبيــاء ‪.107‬‬ ‫((و َمــا أَرْ َ‬ ‫َ‬

‫المفــروض أن‬ ‫ــس ثابِتــ ٍة مــن‬ ‫‪ -2‬ال يكــونُ ِ‬ ‫ــوار ّإل ِوفــقَ أ ُ ُ‬ ‫س ٍ‬ ‫الح ُ‬ ‫ِ‬ ‫تكــونَ ُمشــتركة بيــن الجميــعِ‪ ،‬والجميــ ُع يؤمــنُ بهــا‪ ،‬وال يحيــدُ‬ ‫ي عظيــم‪ ،‬يُأ ِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ِخطــابٌ قُرآنــ ٌّ‬ ‫ــس عنهــا قيــدَ شــعرة‪ ،‬والثّابــتُ فــي اآليــ ِة هــو التَّوحيــدُ‪ ،‬وهــو‬ ‫ي ٍ ُمنصــفٍ مــع مــن‬ ‫ٍ‬ ‫لحــوار قــو ّ‬ ‫والرســاالت‪.‬‬ ‫ب ِّ‬ ‫َ ال ُمشــت َ​َركُ بيــنَ جميــعِ ال ُكتُــ ِ‬ ‫ُ‬ ‫نُخالفــه‪ ،‬يُحافِــظ علــى ثوابِتِنــا‪،‬‬ ‫ـس بقايــا الخيــر عنــد النّــاس‪ ،‬وهــو مــن‬ ‫ويفت َــ ُح المجــا َل بعــد ذلــك لــ ُك ِّل ‪ -3‬هــذا الخطـ ُ‬ ‫ـاب يلت َِمـ ُ‬ ‫النّــاس بلقــاءٍ حــول هــذه الثّوابــت‪ُ .‬مت َعلَّقــات ال ِفطــرةِ السَّــليمة‪.‬‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫كلمـــــــــة العـــــــدد‬

‫‪2‬‬


‫قــد ي ُ‬ ‫ـض َّ‬ ‫ظـ ُّ‬ ‫ـكالم‬ ‫ـن البعـ ُ‬ ‫أن هــذا الـ َ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫مــا هــو ّإل هــروبٌ مــن واج ـ ٍ‬ ‫وهــذا ن َِجـدُ لــه حـ ًّ‬ ‫ب هللا‬ ‫ـا فــي ِكتــا ِ‬ ‫ق قــال‬ ‫تعالــى‪ ،‬فمــن ِ‬ ‫أداء الحقــو ِ‬ ‫تعالــى ((فــا ور ِبّــكَ ال يؤمنــون‬ ‫حتّــى يُح ِ ّكمــوكَ فيمــا شَــ َج َر‬ ‫بينهــم))‪ ،‬ولكنَّنــا نُتبعهــا بقولــه فنقــو ُل ألنفُ ِســنا َّأو ًل ((تعالَــوا إلــى‬ ‫ِ ُ‬ ‫ســبحانه ((والصُّلــ ُح َخيــر))‪ ،‬كلمـ ٍة ســواء‪.))...‬‬ ‫ونُت ِبعُهــا بقو ِل ـ ِه ُ‬ ‫ســبحانه ((فاتَّقــوا ونقــو ُل إلخواننــا ((تعالَــوا إلــى‬ ‫هللا وأص ِلحــوا ذاتَ بينِكــم))‪.‬‬ ‫كلمــ ٍة ســواء‪))...‬‬ ‫فكيــف إذا‬ ‫المفســدة والمصلحــة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كانــت المفســدة ُ عا ّمــةً‬ ‫تخــص‬ ‫ُّ‬ ‫األ ُ ّمــة‪ ،‬وال َمصلحــةُ‬ ‫تخــص‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ّــارا أو جماعــةً أو‬ ‫فصيــا أو تي ً‬ ‫ب أولــى‪.‬‬ ‫ِحزبًــا ِ‬ ‫فمــن بــا ِ‬

‫فال ُمهــ ُّم هــو إرادة ُ ال ُّ‬ ‫ي لنــا جميعًــا ((تعالَوا‬ ‫صلــح ِخطــابٌ إلهـ ٌّ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫والت‬ ‫واإلصــا ُح بيــن اإلخــوة‪،‬‬ ‫إلــى كلمــ ٍة ســواء‪ ))...‬لنُ َحقِّــقَ‬ ‫تولّــدُ‬ ‫قــرارا‬ ‫بتــرك ُمتعلَّقــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫((وا ْعت َ ِص ُمــواْ‬ ‫ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫ي ِ قــول هللاِ ســبحانه َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫خــافٍ ‪ ،‬وتقديـ ِـم المصلحـ ِة األنفعِ‪ِ ،‬ب َح ْبـ ِل ّ‬ ‫ج ِميعـا ً َوالَ تَفَرَّ قــواْ)) آل‬ ‫اللِ َ‬ ‫بــل نــدرأ مفســدة ً تــودي بثــورةِ عمــران‪.103‬‬ ‫ب و ُمســتقبَ ِل أ ُ ّمــة‪.‬‬ ‫شــع ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُح‬ ‫ي‬ ‫لمــا‬ ‫طانــا‬ ‫خ‬ ‫هللا‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫ســ‬ ‫ِ ــبُّ‬ ‫َ‬ ‫فمــن حدَّثَنــا عــن قاعــد ِة‬ ‫ِ‬ ‫ــف بيــنَ قلو ِبنــا‪،‬‬ ‫درء ويرضــى‪ ،‬وألَّ َ‬ ‫ظــم وأرفَــ ُع‪ ،‬المفســدَةِ ُمقــدَّ ُم علــى جلــ ِ‬ ‫ب وهدانــا ســوا َء السَّــبيل‪.‬‬ ‫إلــى مــا هــو أع َ ُ‬ ‫هللا تعالــى فــي المصلَ َحــ ِة فيمــا لــو تســاوت‬ ‫ونُحقِّــقَ سُــننَ‬ ‫النَّ‬ ‫صــر لأل ُ ّمــة‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ف ِعنــدَ التّأ ُّمــ ِل فــي هــذه اآليــ ِة‬ ‫ـن‬ ‫ومعانيهــا العظيمــة‪ِ ،‬مــنَ ال ُممكـ ِ‬ ‫أن نُســ ِق َ‬ ‫ط هــذا علــى حالَنــا‪،‬‬ ‫ب فيمــا‬ ‫فنحــنُ أولــى بهــذا ِ‬ ‫الخطــا ِ‬ ‫الجهــا ِد وحــدة ُ‬ ‫فمــن ثوابِــ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫بَيننــا ع ّمــا هــو بيننــا وبيــنَ غيـ ِـر‬ ‫ُ‬ ‫صداق‬ ‫وم‬ ‫ـف وجمـ ُع الكلمــة‪ِ ،‬‬ ‫صـ ّ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫ا ل ُمســلمين ‪.‬‬ ‫ذلــك قولــه تعالــى‪ِ (( :‬إ َّن َّ‬ ‫اللَ ي ُِحــبُّ‬ ‫صفّ ـا ً‬ ‫ونحــنُ فــي ِظــ ِّل‬ ‫س ـبِي ِل ِه َ‬ ‫ثورتِنــا الَّذِيــنَ يُقَاتِلُــونَ فِــي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ث هــذه َكأنهُــم بُنيَــان مَّرْ صُــوصٌ ))‬ ‫وجهادِنــا‪ ،‬وبعــدَ ُحــدو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفُرق ـ ِة واالختــاف بيــن اإلخــوة‪ ،‬الصّــف‪.4‬‬ ‫أرض غوطتنــا‬ ‫وال ســيَّما علــى‬ ‫ِ‬ ‫ت وحــدة ُ ال َّ‬ ‫ب‬ ‫ومــنَ الثّوا ِبــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شــع ِ‬ ‫المباركــة زادهــا هللا شــرفًا‬ ‫ثــار علــى ُّ‬ ‫لــم بأك َم ِلــ ِه‪،‬‬ ‫الظ ِ‬ ‫الخطــاب لنــا؛ الــذي َ‬ ‫و ِعـ ًّ‬ ‫ـزا؛ نأ ُخ ـذُ هــذا ِ‬ ‫َ‬ ‫وبعيـدًا عــن الفصائِليّــة والمذهبيّــة‬ ‫لنَت َ​َرفَّـ َع ع ّمــا نحــنُ فيـ ِه مــن القيـ ِل‬ ‫والحزبيّــة‪ ،‬فوحدتــه واجبــة‪،‬‬ ‫ـف‬ ‫وجــدا ٍل و ِســجال يُض ِعـ ُ‬ ‫والقــال‪ِ ،‬‬ ‫ـب ّإل بــه فهــو‬ ‫ومــا ال يت ـ ُّم‬ ‫الواجـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ال ُمجاهِــدَ‪ ،‬ويقتُــ ُل الثــورة َ‪،‬‬ ‫واجــب‪.‬‬ ‫مســارها‪...‬‬ ‫ف‬ ‫حــر ُ‬ ‫َ‬ ‫ويَ ِ‬ ‫ـك َّ‬ ‫ال شـ َّ‬ ‫ت فــي الغوطة‬ ‫الخالفــا ِ‬ ‫أن ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ‬ ‫صت‬ ‫نترفــع عــن هــذا ُك ِلــه‪ ،‬ونبحــث أخـذَت من ًحــا خطيــر‪ ،‬واسـت َع َ‬ ‫ـاء لدَ َر َج ـ ِة أنَّهــا‬ ‫عــن ثوا ِبــتَ تجمعنــا وتو ِ ّحــدُ حتّــى علــى العُقـ ِ‬ ‫صفَّنــا‪.‬‬ ‫تُن ـذ ُِر بنِهاي ـ ِة الثَّــورةِ بال ّ‬ ‫ـام ومــا‬ ‫شـ ِ‬ ‫ثوابــتُ ال يســتطيع أحـدٌ أن يحيـد حولَهــا؛ وبالتّالــي ال بُـدَّ مــن نــداءٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مــن الجميــع حتّــى ال ي ُ‬ ‫ظ َّ‬ ‫ــن أحــدٌ‬ ‫ِ‬ ‫عنهــا‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫ـاب مو َّج ـهٌ لآلخــر‪.‬‬ ‫أن هــذا ِ‬ ‫الخطـ َ‬ ‫أســاس‬ ‫و ِلنَنطلِــقَ بعدهــا علــى‬ ‫ٍ‬ ‫ي نقولُــهُ‬ ‫الخ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫طــاب ِخطــابٌ قُرآنــ ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ـوى‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ـر‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ـاو ِن علــى ال ِبـ ِ ّ‬ ‫مــن التَّعـ ُ‬ ‫ألنفسِــنا ّأول‪ ،‬نقــولُ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــع عــن كُ ِّل‬ ‫كلمــة ســواء‪،‬‬ ‫تعالَ ــوا إلــى‬ ‫ــب‬ ‫رواس ِ‬ ‫نترف ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ثواب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحركــة‬ ‫ثور ِتنــا‪،‬‬ ‫ــع إلــى‬ ‫الخ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِفنــة‪ ،‬ونَ ِ‬ ‫ــت َ‬ ‫رج ُ‬ ‫الفــات َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ســمعناها‬ ‫عظيمــة المعانــي‪،‬‬ ‫تافــات‬ ‫به‬ ‫صــد ُح ُ‬ ‫للشــا ِر ِع تَ‬ ‫َ‬ ‫أول َّ‬ ‫الم ِ‬ ‫اونُ ــواْ‬ ‫نطـ ُ‬ ‫ـق علــى أسـ ِ‬ ‫الثــورة‪ ،‬ويكـ ُ‬ ‫((وتَ َع َ‬ ‫ـاس َ‬ ‫ـون َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫اإلثْ ـ ِ‬ ‫ان))‬ ‫اونُ ــواْ َعلَ ــى ِ‬ ‫ـد َو ِ‬ ‫َعلَ ــى الْ بـ ِّـر َوالت ْقـ َـوى َو َال تَ َع َ‬ ‫ـم َوالْ ُعـ ْ‬ ‫مدني ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــب‬ ‫ســات‬ ‫ومؤس‬ ‫ــل‬ ‫شــعبي ٍة‪.‬‬ ‫المائــدة ‪،2‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ــة ونُ َخ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫فصائ َ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫كلمـــــــــة العـــــــدد‬

‫‪3‬‬


‫الد ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ام‬ ‫أسئلة من‬ ‫بعض أهالي ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫والر ُّد عليها من‬ ‫َّ‬ ‫والسماء‬ ‫األرض‬ ‫خالِ ِق‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬

‫؟!!‬

‫هــذه اآليــاتُ هــي َّأو ُل مــا‬ ‫نــزل مــن القــرآن الكريــم‪،‬‬ ‫واختــار هللا ســبحانه أن‬ ‫تبــدأ َ السّــورة ُ األولــى مــن‬ ‫القــرآن باســم هللا‪ ،‬ويو ِ ّجــهُ‬ ‫ي صلــى هللا عليــه‬ ‫النَّبــ َّ‬ ‫وســلم َّأو َل مــا يو ِ ّج ُهــه‬ ‫ت األولــى مــن‬ ‫فــي اللَّحظــا ِ‬ ‫االتّصــا ِل بالمــأ األعلــى‬ ‫إلــى أن يقــرأ باســم هللا‬ ‫ْ‬ ‫ْــم َر ِبّــكَ ))‪.‬‬ ‫ــرأْ بِاس ِ‬ ‫((اق َ‬ ‫إنــه لــم يأمــر ســبحانه‬ ‫بــأن يقــول لــه صــ ِّل أو‬ ‫حــج أو ِّ‬ ‫زك‪ ،‬بــل أمــره‬ ‫والخطــاب‬ ‫بالقــراءة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أل َّمتِــه مــن ورائِــه بأهميَّ ـ ِة‬ ‫القــراءة‪.‬‬ ‫بإقــرار‬ ‫اآليــاتُ تبــدأ‬ ‫ِ‬ ‫َّأو ِل صفــة هلل تعالــى بأنــه‬ ‫((الَّــذِي َخلَــقَ ))‪ ،‬وتب ِيّــنُ‬ ‫م ـ َّم خلــق اإلنســان (( َخلَــقَ‬ ‫ســانَ ِم ْ‬ ‫ــق))‪،‬‬ ‫ــن َ‬ ‫الن َ‬ ‫ِْ‬ ‫عل َ ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫مــن تلــك النطفــ ِة الدَّمويَّــ ِة‬ ‫الجامــدة؛ لتكــون إنســانًا‬ ‫عنــده القــدرة ُ علــى التَّعلُّـ ِـم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ـم هــو أعظـ ُم وأهـ ُّم‬ ‫وأن القلـ َ‬ ‫ــرأْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫أدوا ِ‬ ‫ت التعليــم ((اق َ‬ ‫ـر ُم‪ ،‬الَّـذِي عَلَّـ َم‬ ‫َو َربُّــكَ ْال َ ْكـ َ‬ ‫ســانَ َمــا‬ ‫الن َ‬ ‫بِ ْالقَلَ ِ‬ ‫ــم‪ ،‬عَلَّــ َم ْ ِ‬

‫لَــ ْم يَ ْعلَــ ْم))‪.‬‬ ‫وهــذا مــا تشــير إليــه اآلية‬ ‫التــي دلَّــت َّ‬ ‫مصــدر‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫األو ِل آلدم عليــه‬ ‫العلــم‬ ‫َّ‬ ‫الســام هــو هللا ســبحانه‬ ‫((وعَلَّــ َم آدَ َم األَسْــ َماء‬ ‫َ‬ ‫هــا‪ ))...‬البقــرة‪.31‬‬ ‫ُكلَّ َ‬ ‫وإذا نظرنــا إلــى واقــعِ‬ ‫الحــا ِل اليــوم نج ـدُ َّ‬ ‫أن هــذه‬ ‫األ َّمــةَ أمــةُ اقــرأ ال تقــرأ‪.‬‬ ‫كان المســلمون فيمــا‬ ‫مضــى يقــرؤون‪ ،‬حتّــى‬ ‫َّ‬ ‫إن أحدَهــم يقــرأ وهــو‬ ‫علــى فــراش المــوت‪،‬‬ ‫ت المأثــورة‪:‬‬ ‫ومــن الكلمــا ِ‬ ‫«اطلــب العلــم مــن المهــد‬ ‫إلــى اللَّحــد»‪.‬‬ ‫بعصــر‬ ‫لقــد ابت ُ ِلينــا‬ ‫ٍ‬ ‫نجــدُ فيــه َّ‬ ‫الكثيــر مــن‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫المســلمين ال يعرفــون‬ ‫القــراءة؛ بــل ال يحبّونَهــا‪،‬‬ ‫وكثيــر مــن ال َّ‬ ‫يمــر‬ ‫ب‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫شــبا ِ‬ ‫عليــه العــام والعامــان ولــم‬ ‫يقــرأ كتابًــا‪.‬‬ ‫القــراءة ُ مفتــاح العلــم‪،‬‬ ‫والعلــ ُم كمــا يقولــون ال‬ ‫ضــه حتــى‬ ‫يعطيــكَ بع َ‬ ‫تعطيــه كلَّــك وجهــدَك‪،‬‬

‫((و َمــا أُوتِيتُــم ِ ّمــن‬ ‫ويبقــى َ‬ ‫ــم ِإالَّ قَ ِليــاً)) اإلســراء‬ ‫ْال ِع ْل ِ‬ ‫ضــا‬ ‫‪ ،85‬لكــن ال يكفــي أي ً‬ ‫القــراءة ُ والمعرفــةُ‪ ،‬ثــ َّم ال‬ ‫شــيء‪.‬‬ ‫اإلســا ُم يريــدُ القــراءة َ‬ ‫والعلــم‬ ‫التــي تثمــر العلــم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الــذي يثمــر العمــل‪،‬‬ ‫اإلســا ُم يريــد المعرفــةَ‬ ‫القلــب‬ ‫التــي توصــل‬ ‫َ‬ ‫ق ســبحانه (( ِإنَّ َمــا‬ ‫بالخالــ ِ‬ ‫ْ‬ ‫يَ ْخشَــى َّ‬ ‫اللَ ِمــن ِعبَــا ِد ِه‬ ‫ْ‬ ‫العُلَ َمــاء)) فاطــر‪28‬‬ ‫ي صلــى‬ ‫وقــد اســتعاذ النَّبـ ُّ‬ ‫هللا عليــه وســلم مــن علــم ال‬ ‫ينفــع حيــث قــال‪( :‬اللّهــم‬ ‫علــم‬ ‫إنّــي أعــوُ ذ بــك مــن‬ ‫ٍ‬ ‫ب ال‬ ‫ال ينفــع‪ ،‬ومــن قلــ ٍ‬ ‫يخشــع‪ )....‬رواه مســلم‪.‬‬ ‫ولقــد ضــرب هللا جــ َّل‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫جاللــه‬ ‫مثــا بصاحــ ِ‬ ‫العلــم الــذي ال يعمــ ُل‬ ‫ِ‬ ‫بالحمــار‬ ‫بعلمــه فشــبَّهه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـنَ‬ ‫فقــال (( َمثـ ُل الذِيـ ُح ِ ّملــوا‬ ‫التَّــوْ َراةَ ثُــ َّم لَــ ْم يَحْ ِملُو َهــا‬ ‫ــار يَحْ ِمــ ُل‬ ‫َك َمثَــ ِل ْال ِح َم ِ‬ ‫ارا)) الجمعــة ‪.5‬‬ ‫أَسْــفَ ً‬

‫‪#‬في_ظالل_القرآن‬ ‫قلوبهم بالله‪َّ ،‬‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫رون‬ ‫أرواحهم‬ ‫الن ِديَّ ُة‬ ‫الموصولة‬ ‫فأما المؤمنون‬ ‫بروحه‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫اع َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الكرب‪،‬‬ ‫هم‬ ‫فإنهم ال ييأ‬ ‫الم ِ‬ ‫خية‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫سون من َر ْو ِح هللا ولو أحاطَ ِب ُ‬ ‫بنفحاته ُ‬ ‫حي َي ِة الرَّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫الضيق‪.‬‬ ‫بهم‬ ‫ُ‬ ‫واشتدَّ‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫بربه‪ ،‬وفي‬ ‫ظالل‬ ‫روح من‬ ‫وإن‬ ‫نس من ِصلته ِّ‬ ‫إيمانه‪ ،‬وفي ُأ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المؤمن لفي ٍ‬ ‫ضاي ِق ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫وم ِ‬ ‫طُ‬ ‫مأنينة من ِث َق ِت ِه‬ ‫خان ِق الكُ روب‪.‬‬ ‫بمواله‪ ،‬وهو في َم ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشدَّ ِة َ‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫‪-١‬الكثيــر مــن شــباب ســوريّا ماتــوا فــي هــذه‬ ‫ي‪:‬‬ ‫الثَّــورة‪...‬؟!‬ ‫َّ‬ ‫الــردُّ االلهــ ّ‬ ‫ـرواْ‬ ‫((يَــا أَيُّ َهــا الَّذِيــنَ آ َمنُــواْ الَ ت َ ُكونُــواْ كَالَّذِيــنَ َكفَـ ُ‬ ‫ض أَوْ كَانُــواْ‬ ‫َوقَالُــواْ ِإل ْخ َوانِ ِهــ ْم إِذَا ض َ​َربُــواْ فِــي األَرْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫غـ ًّ‬ ‫ـزى لَّــوْ كَانُــواْ ِعندَنَــا َمــا َماتُــواْ َو َمــا قُتِلــوا ِليَجْ عَـ َل‬ ‫ُ‬ ‫اللُ يُحْ ِيـــي َوي ُِم ُ‬ ‫ْــرةً فِــي قلُو ِب ِهــ ْم َو ّ‬ ‫ّ‬ ‫يــت‬ ‫اللُ ذَ ِلــكَ َحس َ‬ ‫َو ّ‬ ‫يــر))‪.‬‬ ‫اللُ بِ َمــا تعملــونَ بَ ِص ٌ‬ ‫‪-٢‬بــس النظــام وروســيا وأمريــكا وإيــران‬ ‫والمليشــيات المجوســية قويــة‪ ،‬والعيــن ال تُقــاوم‬ ‫المخــرز!!! الــرد اإللهــي‪:‬‬ ‫ــو َوالَّ ِذيــنَ آ َمنُــواْ َمعَــهُ قَالُــواْ الَ‬ ‫ــاو َزهُ ُه َ‬ ‫((فَلَمَّــا َج َ‬ ‫َطاقَــةَ لَنَــا ْاليَــوْ َم بِ َجالُــوتَ َوجُنــو ِد ِه قَــا َل الَّذِيــنَ يَ ُ‬ ‫ظنُّونَ‬ ‫ـرةً‬ ‫اللِ َكــم ِ ّمــن فِئ َـ ٍة قَ ِليلَـ ٍة َ‬ ‫غلَبَـ ْ‬ ‫أَنَّ ُهــم مُّالَقُــو ّ‬ ‫ـت فِئَــةً َكثِيـ َ‬ ‫اللِ َو ّ‬ ‫بِـ ِإ ْذ ِن ّ‬ ‫اللُ َمـ َع الصَّابِ ِريــنَ ))‪.‬‬ ‫‪-٣‬العالَ ـ ُم ُكلّــه يقــف مــع ال ِنّظــام‪ ،‬ومــا زلنــا نُذبَ ـ ُح‬ ‫ـت ســنوات‪ ،‬وال نســم ُع مــن العالَـ ِـم ّإل الــكالم؟!‬ ‫منــذ سـ ّ ِ‬ ‫الــرد االلهــي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ــاس قــ ْد َج َمعُــواْ‬ ‫((الَّ ِذيــنَ قَــا َل لَهُــ ُم الن ُ‬ ‫ــاس إِ َّن الن َ‬ ‫لَ ُكــ ْم فَ ْ‬ ‫اخشَــوْ ُه ْم فَ َزادَ ُهــ ْم إِي َمانــا ً َوقَالُــواْ َحسْــبُنَا ّ‬ ‫اللُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اللِ َوف ْ‬ ‫َونِ ْع ـ َم ْال َو ِكي ـ ُل * فانقَلَبُــواْ ِبنِ ْع َم ـ ٍة ِ ّمــنَ ّ‬ ‫ض ـ ٍل ل ـ ْم‬ ‫اللُ ذُو فَ ْ‬ ‫ســو ٌء َواتَّبَعُــواْ ِر ْ‬ ‫اللِ َو ّ‬ ‫ـوانَ ّ‬ ‫س ْ‬ ‫ضـ ٍل‬ ‫سـ ُه ْم ُ‬ ‫يَمْ َ‬ ‫ضـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ش ـ ْي َط ُ‬ ‫ان يُ َخ ـ ّ ِوفُ أوْ ِليَــاءهُ ف ـاَ‬ ‫ع َِظيـ ٍـم * إِن َمــا ذ ِل ُك ـ ُم ال َّ‬ ‫ــون إِن ُكنتُــم م ُّْؤ ِمنِيــنَ ))‪.‬‬ ‫ت َ َخافُو ُهــ ْم َو َخافُ ِ‬ ‫‪-٤‬هنــاكَ الكثيــر مــن النّــاس ُخ ِربَــت بيوتُهــا‪ ،‬وفَقَـدَت‬ ‫وعــوز؟!‬ ‫قــر‬ ‫مصــاد َِر رزقِهــا‪ ،‬وباتــت فــي حالــ ِة فَ ٍ‬ ‫َ‬ ‫الــرد اإللهــي‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َــيءٍ ِ ّمــنَ ال َخ ِ‬ ‫َ‬ ‫((ولَنَ ْبلُ َونَّ ُكــ ْم بِش ْ‬ ‫ــوف َوالجُــوعِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ــنَ‬ ‫م‬ ‫ــص‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ــر‬ ‫م‬ ‫الث‬ ‫و‬ ‫ــس‬ ‫ف‬ ‫األن‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ــو‬ ‫م‬ ‫األ‬ ‫ــر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َونَ ْق ٍ ِ ّ‬ ‫َ َ ِ َ‬ ‫ِ َ َ َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫الصَّا بِ ِر يــنَ ))‪.‬‬ ‫ـم ُ‬ ‫ظلمــه؟!‬ ‫‪-٦‬مــا زا َل كثيـ ٌ‬ ‫ـر مــن النّـ ِ‬ ‫ـاس ي ِ‬ ‫ُناصــره رغـ َ‬ ‫الــرد اإللهــي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫((فاسْــتخف قوْ مــهُ فأطا ُ‬ ‫عــوهُ إنهُــ ْم كانــوا قوْ مــا‬ ‫فاســقين‪))...‬‬ ‫ب ونجــى‬ ‫‪-7‬الكثيـ ُ‬ ‫ـر مــن النّـ ِ‬ ‫ـر َ‬ ‫ـركَ البَلَــد؛ و َهـ َ‬ ‫ـاس تـ َ‬ ‫بنفسِــ ِه مــن ال َمــوت؟! الــرد اإللهــي‪:‬‬ ‫ت أ َ ِو‬ ‫ار ِإن فَ َررْ تُــم ِ ّمــنَ ْال َمــوْ ِ‬ ‫ــر ُ‬ ‫((لَّــن يَنفَعَ ُكــ ُم ْال ِف َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ْالقَتْــ ِل َوإِذًا َّل ت ُ َمتَّعُــونَ إِل ق ِليــا))‬ ‫‪-8‬طالــت هــذه الثَّــورة‪ ،‬وأرى َّ‬ ‫ـر بــاتَ بعيـدَ‬ ‫أن النَّصـ َ‬ ‫المنــال‪...‬؟! الــرد الشــافي الربانــي‪:‬‬ ‫((حتَّــى إِذَا ا ْ‬ ‫سـ ُل َو َظنُّــوا أَنَّ ُهـ ْم قَـ ْد ُك ِذبُــوا‬ ‫س الرُّ ُ‬ ‫سـت َ ْيأ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َجا َء ُهــ ْم نَ ْ‬ ‫ُــردُّ بَأسُــنَا‬ ‫ّــي َمــن نَّشَــا ُء ۖ َو َل ي َ‬ ‫ص ُرنَــا فَنُ ِج َ‬ ‫ْ‬ ‫ـن ْالقَــوْ ِم ال ُمجْ ِر ِميــنَ ))‬ ‫َ‬ ‫عـ ِ‬ ‫النافذة الشرعية‬

‫‪4‬‬


‫َّ‬ ‫إن اليقيــنَ‬ ‫اآلخــر‪ ،‬واالعتقــادَ بعدالــ ِة‬ ‫باليــوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـوض‪ ،‬ونَفاس ـ ِة األجـ ِـر‪،‬‬ ‫الجـ ِ‬ ‫ـزاء فيــه‪ ،‬وضخام ـ ِة ال ِعـ ِ‬ ‫يُط ِل ُ‬ ‫ســلم طاقاتــ ِه واهتماماتِــه‪ ،‬ويرفــ ُع‬ ‫ــق فــي ال ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق طموحا ِتــه وتطلّعا ِتــه‪ ،‬ويُص ِعّــدُ مــن‬ ‫ــ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫مــن‬ ‫ِ‬ ‫ميو ِلــه ورغباتِــه؛ ليتجــاوزَ الحيــاة َ الدّنيــا الضّيقــ ِة‬ ‫ب واألرقــى‬ ‫المحــدودة‪ ،‬إلــى الحيــاةِ األرفــعِ واألرحـ ِ‬ ‫مســار‬ ‫ِ‬ ‫فــي اآلخــرة‪ ،‬وفــي ذلــك دفــ ٌع لتصحيــحِ‬ ‫الحيــا ِة التــي يعي ُ‬ ‫وإصالحهــا علــى‬ ‫وتقويمهــا‬ ‫شــها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاء اآلخــرة وثوا ِبهــا وجزائِها‪.‬‬ ‫نحـ ٍو ينســج ُم مــع عطـ ِ‬

‫عــن عائشــةَ رضــي هللا عنهــا قالــت‪،‬‬ ‫قــال رســول هللا ‪( :‬أحــبُّ األعمــا ِل إلــى‬ ‫هللاِ أدو ُمهــا وإن قــلَّ) رواه مســلم‬ ‫هــي قاعــدة ٌ نبويَّــةٌ ومنه ـ ٌج لحياتنــا‪ ،‬مــن‬ ‫األفضـ ِل أن يجعـ َل ك ٌّل منّــا برنام ًجــا مناسـبًا‬ ‫لــه وحســب طاقتــه ألعما ِلــه وعباد ِتــه فــي‬ ‫حياتــه اليوميَّــة‪ ،‬وهكــذا كان عمـ ُل النَّبــي‪،‬‬ ‫وأزواجــه مــن بعــدِه‪ ،‬وكان‬ ‫وعمــ ُل أه ِلــه‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ينهــى عــن قطــعِ العمــل‪َ ،‬وقــال َ‪( :‬اِكلفــوا‬ ‫ِمـ ْ‬ ‫طيقُــونَ ) رواه البخــاري‪.‬‬ ‫ـن ْال َ ْع َمــا ِل َمــا ت ُ ِ‬ ‫وذكــر العلمــاء َّ‬ ‫أن أحــبَّ األعمــا ِل إلــى‬ ‫ســوا ِد واالقتصــا ِد‬ ‫هللا مــا كان علــى وجــه ال ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ـف‬ ‫والتَّيســير دون مــا كان علــى وجــه التَّكلـ ِ‬ ‫واالجتهــاد والتَّعســير‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن للدُّعــا ِة إلــى هللا‪ ،‬والعامليــن فــي‬ ‫الهيئــات اإلغاثيَّــة‪ ،‬والمجاهديــن فــي ســبيل‬ ‫هللا توجي ًهــا نبويًّــا يح ِقّـ ُ‬ ‫ـق نتائــج عــدة منهــا‪:‬‬ ‫ي ِ‪ ،‬وهــذه‬ ‫‪1.1‬حصــول التَّأسّــي بالنَّبــ ّ‬ ‫ـر عليهــا المســلم‪ ،‬ويحصـ ُل‬ ‫عبــادة ٌ يُؤجـ ُ‬ ‫ي ِ‪.‬‬ ‫بهــا بركــةُ متابعــ ِة النَّبــ ّ‬ ‫‪2.2‬والعمــ ُل حينهــا يــد ُّل علــى أنَّــه أعــدَّ‬ ‫لــه إعــدادًا ج ِيّــدًا‪ ،‬وأخــذ نصيبَــه مــن‬ ‫الدِّراس ـ ِة والمراجعــة‪ ،‬ولــم يكــن نتــاج‬ ‫فكــر ٍة طائشــ ٍة دون تفكيــر‪.‬‬ ‫‪3.3‬المداومــةُ علــى العمــ ِل تعنــي عمــقَ‬ ‫القناعــ ِة بالعمــل والســعادة َ‬ ‫بالقيــام بــه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪4.4‬المداومــةُ علــى العمــ ِل تقضــي علــى‬ ‫ـف الثَّمــرةِ؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫ظاهــرةِ اســتعجا ِل قطـ ِ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ـك َّ‬ ‫وال شـ َّ‬ ‫عــه‬ ‫ـن باآلخــر ِة وتزعز َ‬ ‫أن ضعـ َ‬ ‫ـف اليقيـ ِ‬ ‫اليــوم اآلخــر يجعــ ُل‬ ‫ســبان‬ ‫وغيــاب ُح‬ ‫فــس‪،‬‬ ‫فــي النَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر هــذه الدّنيــا‬ ‫اإلنســانَ‬ ‫ُ‬ ‫ينحبــس اهتما ُمــه فــي جُحْ ِ‬ ‫كثيـ ً‬ ‫َّ‬ ‫ب علــى‬ ‫ـرا مــن نتائــجِ األعمــا ِل تحتــا ُج إلــى ال َّ‬ ‫ضيّــق‪ ،‬واإلخــا ِد إلــى شــهواتِها‪ ،‬والتكال ـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ـر‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫تظه‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫وق ـ‬ ‫متا ِعهــا المحــدود‪.‬‬ ‫‪5.5‬المداومــةُ تعنــي انضبــا َ‬ ‫ط العمــ ِل‪،‬‬ ‫ـش فــي حيــا ٍة بهيميّ ـ ٍة هزيل ـ ٍة هابط ـ ٍة دونَ‬ ‫والعيـ ُ‬ ‫تفكيــر‬ ‫إذ هــي نتــا ُج‬ ‫ـوض وال أجـ ٍـر إنمــا هــي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هــادئ وعمــ ٍل التَّطلّــعِ إلــى جــزاءٍ وال ِعـ ِ‬ ‫صــص ‪.‬‬ ‫ال َّ‬ ‫متخ ِ ّ‬ ‫شــهوة ُ بــا قيــ ٍد بــا وازعٍ وبــا كابــح؛ إنّمــا هــو‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫صــرا ٌ‬ ‫ـداس بــه ال ِقيَــم‪ ،‬وتنتهــكُ‬ ‫ع مجنــون محمــو ٌم تـ ُ‬ ‫ــدر َج فــي العمــل‪،‬‬ ‫‪6.6‬المداومــةُ تعنــي الت َّ ُّ‬ ‫ـاتُ‬ ‫ـرجٍ وال حيــاء‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫َح‬ ‫ت‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫رم‬ ‫بــه ال ُح‬ ‫ُّ‬ ‫َّــير بخطــوا ٍ‬ ‫ت هادئــ ٍة ثابتــ ٍة‬ ‫والس َ‬ ‫ٌ‬ ‫وحيــاة بهــذا المســتوى مــن الهبــوط‪ ،‬وبهــذا‬ ‫ـن واســع ٍة‬ ‫متَّزنــة تنظـ ُ‬ ‫ـر للمســتقب ِل بعيـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـام‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫ة‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫وحي‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫جحي‬ ‫ة‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫حي‬ ‫ـة؛‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الحيوان‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـتوى‬ ‫ـ‬ ‫المس‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وبصيــرة‪.‬‬ ‫ـان وبكرام ـ ِة اإلنســان‪ ،‬حيــاة ٌ فاســدة ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ـ‬ ‫باإلنس‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫تلي‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـش‬ ‫ـاس تهـ ُ‬ ‫ـار َج الوحــوش‪ ،‬يعيـ ُ‬ ‫‪7.7‬المداومــة تعنــي صعوبــة وصــو ِل آســنةٌ يتهــار ُج فيهــا النّـ ُ‬ ‫الوصوليّيــن أو‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫حدثــاء العهــد فيهــا ّ‬ ‫والطغيــانُ والجهالــةُ‪.‬‬ ‫الظلــ ُم‬ ‫مراكــز‬ ‫ت الدَّعويَّــ ِة إلــى‬ ‫باالهتمامــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫نحــن بحاجــ ٍة ماسّــ ٍة إلــى موا ِعــظ اآلخــرة‪،‬‬ ‫فاالســتمرار بالعمــ ِل يولــدُ‬ ‫القيــادة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اآلخـ ِـر؛ الــذي يكشــف الغطــا َء عــن‬ ‫ـوم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودروس اليـ ِ‬ ‫خبــرة ً ومقــدرة ً إلدارتهــا‪ ،‬والمداومــةُ‬ ‫ـوب‪ ،‬ويوقـ ُ‬ ‫ظ الضَّميــر‪ ،‬ويُع ِبّـدُ‬ ‫العيــون‪ ،‬ويلمـ ُ‬ ‫ـس القلـ َ‬ ‫فــي الدَّعــو ِة تعنــي‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ــر فــي‬ ‫الطريــقَ إلــى اآلخــرة‪ ،‬ليُصبــح العالَــ ُم ِ‬ ‫اآلخ ُ‬ ‫أهــداف واضحــةٌ‬ ‫ •أن تكــونَ هنــاك‬ ‫ٌ‬ ‫ــاس ليــس موصوفــا ً لهــم فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫حيــاةِ النّ ِ‬ ‫ومحــدَّدة ٌ ال تكــون خطــوا ٍ‬ ‫ت مرتجلــة‪.‬‬ ‫صا‪ ،‬وعال ًمــا‬ ‫وبــار ًزا‬ ‫صــورا ً محسوســاً‪،‬‬ ‫ُم‬ ‫ِ‬ ‫شــاخ ً‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ســتقبل فقــط‪.‬‬ ‫ •أال تكــونَ ردودَ أفعــا ٍل بــل لهــا ُمشــاهدًا ليــس ُم‬ ‫برنامج‪ .‬‬ ‫� �‪ 8 7‬ﵛﭐﱑ� ﱒ� ﱓ� ﱔ� ﱕ� ﱖ‬ ‫ـم ومناســبات‪،‬‬ ‫ •أال تكــونَ الدَّعــوة ُ مواسـ َ‬ ‫ﱗ� ﱘ� ﱙ� ﱚ� ﱛ� ﱜ� ﱝ� �ﱞﵚ ق‪٣٧ :‬‬ ‫مســتمرة ٌ فــي ك ِّل‬ ‫بــل هــي‬ ‫زمــان‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ومــكان‪.‬‬ ‫ــف بــه‬ ‫ •المحافظــةُ علــى الموقــعِ المكلَّ ِ‬ ‫وعــد ُم التَّنقُّــل‪.‬‬ ‫ •وال بــدَّ ألصحــاب الدَّعــوةِ أن يكــون‬ ‫وقــدر مــن العمــ ِل‬ ‫ألحدِهــم نصيــبٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وذكــر وتــاوةٍ‬ ‫صالــح مــن صــاةٍ‬ ‫ال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وصدقــةٍ‪ ،‬وإن كان قليــا لكنَّــه يــداوم‬ ‫صلـ ِة بــاهلل‬ ‫ـاس لل ِ ّ‬ ‫عليــه‪ ،‬فهــو أحــو ُج النّـ ِ‬ ‫وفــي رســو ِل هللا أســوة ٌ حســنة‪.‬‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة الشرعية‬

‫‪5‬‬


‫ُ‬ ‫الراشدين‬ ‫النبوة‪،‬‬ ‫زمن‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫والخلفاء ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫رسول الله‪ ‬وفعله‬ ‫قول‬ ‫طهرة من‬ ‫السنة ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫وص َلت ُّ‬ ‫كيف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتقريره إلينا؟‬

‫كتابــة مــا ينــزل مــن القــرآن‬ ‫فــي عهــد الرّ ســول‪‬‬

‫يأمــر النَّبــي‪ ‬أصحابَــه بذلــك‪.‬‬

‫وقــد ذكــر العلمــاء أســبابًا‬ ‫ي ‪ ‬الكتابــةَ عديــدة لعــدم تدويــن السُّــنَّ ِة فــي‬ ‫اســتعمل النَّبــ ُّ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫فــي تدويــن مــا ينــزل مــن العهــد النَّبــو ّ‬ ‫القــرآن‪ ،‬واتَّخــذ لذلــك ُكتّابًــا مــن‬ ‫•منهــا َّ‬ ‫أن النبــي ‪‬عــاش‬ ‫ُكتــب‬ ‫صحابــة‪ ،‬فــكان القــرآن ي‬ ‫ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫بيــن أصحابــه بعــد البعثــة ثالثًــا‬ ‫ُكلُّــه بيــن يــدي رســول هللا‪ ‬علــى‬ ‫وعشــرين ســنة‪ ،‬فــكان تدويــن ك ِّل‬ ‫الرقــاع واألضــاع والحجــارة‬ ‫ِّ‬ ‫كلماتــه وأقوالــه وأفعالــه وكتابتهــا‬ ‫والسَّــعف "أغصــان النَّ‬ ‫خيــل"‪،‬‬ ‫فيــه مــن العسـ ِـر والمشـقَّ ِة ال َّ‬ ‫شــيء‬ ‫وكانــت اآليــة مــن القــرآن تنــزل‬ ‫الكثيــر‪.‬‬ ‫ـب‬ ‫علــى رســول هللا ‪ ‬فيأمــر كاتـ َ‬ ‫ضــا الخــوف‬ ‫•ومــن األســباب أي ً‬ ‫الوحـي ِ بكتابتِهــا فــي موضــعِ كــذا‬ ‫بــس عنــد عا َّمــ ِة‬ ‫ـر مــن حــدوث اللَّ ِ‬ ‫مــن ســورة كــذا‪ ،‬واسـ َّ‬ ‫ـتمر األمـ ُ‬ ‫علــى هــذه الحــال حتّــى وفــاة المســلمين فيختل ـ ُ‬ ‫ط القــرآن بغيـ ِـره‬ ‫صــا فــي‬ ‫ي ِ‪ ،‬فلــم يُقبَــض رســول مــن الحديــث‪ ،‬وخصو ً‬ ‫النَّبــ ّ‬ ‫ظ تلــك الفتــرة المب ِ ّكــرةِ التــي لــم‬ ‫هللا‪ ‬إال والقــرآنُ محفــو ٌ‬ ‫صــه ّإل الجمـ ُع فــي يكتمــل فيهــا نــزول الوحــي‪،‬‬ ‫مكتــوبٌ ال ينق ُ‬ ‫القــرآنُ‬ ‫مفرقًــا‬ ‫فيهــا‬ ‫ينــزل‬ ‫وكان‬ ‫َّ‬ ‫مصحــفٍ واحــد‪.‬‬ ‫حســب الوقائــع واألحــداث‪ ،‬وذلــك‬ ‫أ ّمــا السُّــنَّةُ فلــم يكــن شــأنها‬ ‫ـرغِ لحفظــه واســتذكاره‬ ‫أدعــى للتفـ ُّ‬ ‫ــدون‬ ‫كذلــك‪ ،‬حيــث إنَّهــا لــم ت ُ َّ‬ ‫صدورهــم‪،‬‬ ‫واالحتفــاظ بــه فــي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جميعُهــا تدوينًــا رســميًّا فــي عهــد‬ ‫سـنّة فكانــت كثيــرة َ الوقائــع‪،‬‬ ‫أ ّمــا ال ُّ‬ ‫النَّبــ ّ‬ ‫ي ِ‪ ‬كمــا د ّ ُِونَ القــرآن‪ ،‬ولــم متشــ ِعّبةَ النَّواحــي‪ ،‬شــاملةً‬ ‫الرســو ِل وأقوا ِلــه منــذ‬ ‫ألعمــال َّ‬ ‫ّ‬ ‫الرســال ِة إلــى أن توفــاه هللا‬ ‫بــدء ِ ّ‬ ‫َّ‬ ‫عــز وجــل‪.‬‬ ‫ك ُّل ذلــك وغيــره ‪-‬م ّمــا توسَّــع‬ ‫العلمــا ُء فــي بيانــه ‪-‬كان مــن‬ ‫تدويــن السُّــنَّ ِة فــي‬ ‫أســرار عــدم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر‬ ‫ي‪ ،‬وبهــذا نفهــم سـ َّ‬ ‫العهــد النَّبــو ّ‬ ‫ث‬ ‫النَّه ـي ِ عــن كتابتِهــا فــي الحدي ـ ِ‬ ‫الــوارد فــي صحيــح مســلم عــن‬ ‫أبــي ســعيد الخــدري عندمــا‬ ‫قــال عليــه الصــاة والســام‪( :‬ال‬ ‫دين العمل ال دين االنتظار!!‬ ‫القائد َّ‬ ‫تقبله‬ ‫حسان ّ‬ ‫الشهيد؛ ّ‬ ‫عبود َّ‬ ‫الله تعالى‬

‫تكتبــوا عنّــي‪ ،‬ومــن كتــب عنّــي‬ ‫القــرآن فليَمحُــهُ)‪.‬‬ ‫غيــر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬

‫وهــذا ال يعنــي أبــدًا أن السُّــنَّةَ‬ ‫لــم يُكتــب منهــا شــي ٌء فــي عهــد‬ ‫الرســو ِل ‪ ،‬فقــد وردت آثــار‬ ‫َّ‬ ‫صحيحــةٌ تــد ُّل علــى أنَّــه قــد‬ ‫وقــع كتابــة شــيءٍ مــن السُّــنَّ ِة‬ ‫ي‪ ،‬ولكــن هــذا‬ ‫فــي العصــر النَّبــو ّ‬ ‫التدويــن والكتابــة كان بصفــ ٍة‬ ‫يدونــون فيهــا بعــض‬ ‫خا َّ‬ ‫صــة؛ ّ ِ‬ ‫مــا ســمعوه مــن رســول هللا‬ ‫‪‬كصحيفــ ِة عبــد هللا بــن عمــرو‬ ‫بــن العــاص‪ ،‬وكانــت عنــد علــي‬ ‫رضــي هللا عنــه صحيفــة فيهــا‬ ‫أحــكام الدّيّــة وفــكاك األســير‪ ،‬كمــا‬ ‫ثبــت َّ‬ ‫ي ‪ ‬كتــب لبعــض‬ ‫أن النَّبــ َّ‬ ‫أمرائــه وع َّمالــه كتبًــا حــددَّ لهــم‬

‫ـس مــن ال ُهــدى‬ ‫ِ‬ ‫بالواجــب‪ ،‬وعليــه فليـ َ‬ ‫حاربَتِ ِهــم‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫وم‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـتقدام‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـعي‬ ‫ال َّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫سـ ُ‬ ‫فــي دابِــقَ ‪ ،‬بــل قــد يكــونُ ذلــكَ قاد ًحــا‬ ‫فــي ســام ِة النيّــة‪.‬‬

‫بــإدراك‬ ‫لــم يتعبَّدَنــا هللاُ تعالــى‬ ‫ِ‬ ‫الركــونُ إلــى الغيبيّــات‬ ‫ُ‬ ‫يجــب عــد ُم ُّ‬ ‫ت واســتعجا ِل ُخطــوات‬ ‫الغايــا ِ‬ ‫كالرافضــة‪،‬‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫االنتظ‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫بسيا‬ ‫ء‬ ‫ـوا‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫َ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ـوض‬ ‫القَـدَر‪ ،‬بــل نتعبّــد بالعمـ ِل والنُّهـ ِ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫فيهــا األنصبــة ومقاديــر َّ‬ ‫الــزكاة‬ ‫والجزيــة وال ِدّيّــات‪ ،‬إلــى غيــر‬ ‫ذلــك مــن القضايــا المتع ـدِّدةِ التــي‬ ‫تــد ُّل علــى وقــوع الكتابــ ِة فــي‬ ‫صــاة والسَّــام‪.‬‬ ‫عهــده عليــه ال َّ‬ ‫ــي رســول‬ ‫إذًا؛ فقــد ت ُ ُو ِفّ َ‬ ‫تــدون السُّــنَّةُ تدوينــا ً‬ ‫هللا‪‬ولــم‬ ‫َّ‬ ‫كامــاً كمــا د ّ ُِونَ القــرآن‪.‬‬ ‫ثــم جــاء عهــد الخلفــاء‬ ‫َ‬ ‫الحديــث‬ ‫يدونــوا‬ ‫ّ‬ ‫الراشــدين‪ ،‬فلــم ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ـف كراه ـة أن يتخذهــا‬ ‫صحـ ِ‬ ‫فــي ال ُّ‬ ‫ــاس مصاحــف يضاهــون بهــا‬ ‫النّ ُ‬ ‫صحــف القــرآن‪ ،‬وأحجمــوا عــن‬ ‫كتابــة السُّــنّ ِة وتدوينِهــا مــدَّة َ‬ ‫خال فتِهــم ‪.‬‬

‫أو ترتيــب األجنــدات كال ُمت َصهيِنيــنَ‬ ‫ت‬ ‫الروايــا ِ‬ ‫مــن النّصــارى‪ ،‬فهــذه ِ ّ‬ ‫ي ِ صلــى هللا عليــه وســلم‬ ‫عــن النَّبــ ّ‬ ‫فعدونــا‬ ‫هــا‪،‬‬ ‫ع‬ ‫قو‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ال نــدري‬ ‫ّــانَ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫غــر ٌق فــي‬ ‫يَصــولُ‪ ،‬وبع ُ‬ ‫ضنــا ُم ِ‬ ‫أحالمــه‪ُ ،‬متناســيًا َّ‬ ‫أن ديننــا دِيــن‬ ‫ِ‬ ‫العَ َمــ ِل ال ديــن االنتظــار!!‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة الشرعية‬

‫‪6‬‬


‫مشكـــــــــــات فــي طريــق‬ ‫الحيـــــــــــــاة اإلسالميــــــة‬

‫ما هو مبدأ النظر في المآالت؟‬ ‫نن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫المترت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التشريع"‬ ‫بة عليه‬ ‫نتيجته‬ ‫ضوء‬ ‫عدمها في‬ ‫الفعل بالمشروعيَّ ِة أو‬ ‫تكييف‬ ‫"هو‬ ‫َ‬ ‫وفق ُس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬

‫َّ‬ ‫إن للنَّظـ ِـر فــي المــآال ِ‬ ‫ت شــواهدٌ منهــا‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫فم‬ ‫ـم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الكري‬ ‫ـرآن‬ ‫ـ‬ ‫الق‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ـر‬ ‫كثيـ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ صلــى هللا عليــه‬ ‫قــول النَّبــ ّ‬ ‫ذلــك‪:‬‬ ‫وســلم لعائشــة رضــي هللا عنهــا‪:‬‬ ‫ـك َحدِيـ ٌ‬ ‫قولــه تعالــى‬ ‫ـث‬ ‫َ‬ ‫((والَ تَسُــبُّواْ (يــا عائشــة لَــوْ الَ أ َ َّن قَوْ َمـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الَّ ِذيــنَ يَ ْدعُــونَ‬ ‫الل‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫ــن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ع ْهدُ ُهــ ْم ِب ْال َجا ِه ِليَّــ ِة فَأ َ َخــافُ أ َ ْن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فَيَسُــبُّواْ ّ‬ ‫ـر قلوبُ ُهـ ْم أ ْن أ ْد ِخـ َل ال َجـ ْد َر فِــي‬ ‫ْــر ِعل ٍ‬ ‫اللَ عَــ ْدوا بِغَي ِ‬ ‫ــم)) تُن ِكـ َ‬ ‫األنعــام ‪.١٠٨‬‬ ‫ض)‬ ‫ْالبَ ْيـ ِ‬ ‫ت َوأ َ ْن أ ُ ْل ِصــقَ بَابَـهُ ِبــاألَرْ ِ‬ ‫جائــز رواه البخــاري‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فســبُّ آلهــ ِة المشــركين‬ ‫لمــا فيــه مــن إهانــ ِة ال ّ‬ ‫َّ‬ ‫ِــرك‬ ‫ش ِ‬ ‫ـدم الكعب ـ ِة وإعــادة َ بنائهــا‬ ‫إن هـ َ‬ ‫أن ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحــق‪ّ ،‬إل َّ‬ ‫ع‬ ‫ــار‬ ‫ش‬ ‫ســام‬ ‫ال‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫علي‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫إبراهي‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫عل‬ ‫ونصــرةِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ـاره مصلحــة‪ ،‬ولكنَّــه قــد اعتــرض‬ ‫ـره واعتبـ ُ‬ ‫ـم لــم يقــف نظـ ُ‬ ‫الحكيـ َ‬ ‫بــل‬ ‫القريبــة‪،‬‬ ‫ة‬ ‫الغايــ‬ ‫هــذه‬ ‫عنــد‬ ‫ِ‬ ‫القــوم‬ ‫فتنــة‬ ‫وهــي‬ ‫أكبــر‬ ‫ة‬ ‫بمفســد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نظــر إلــى نتيجــ ِة هــذا العمــ ِل ونفورهــم وذلــك لحداثــ ِة عهدهــم‬ ‫َ‬ ‫المشــروع‪ ،‬ومــا ســينت ُج عنــه مــن‬ ‫آثــار غيــر مشــروعةٍ‪ ،‬فقضــى‬ ‫ٍ‬ ‫بتحريـ ِـم ســبّ ِ اآللهـ ِة سـدًّا لذريعـ ِة‬ ‫س ـ ِبّهم هلل تعالــى انتقا ًمــا آللهتهــم‪،‬‬ ‫إن مبـ َ‬ ‫ـدأ َّ‬ ‫َّ‬ ‫النظَ ـ ِر فــي المــآالت‬ ‫وانتصــارا لباطلهــم‪.‬‬ ‫ً‬

‫خشــيةَ أن يترتَّــب عليــه مــا هــو‬ ‫أبغــض إلــى هللا مــن تعطيلــه‬ ‫وهــو لحـ ُ‬ ‫ـوق صاحبِــه بالمشــركين‬ ‫حميــةً وغضبًــا‪ ،‬وأكثــر مــا فيــه‬ ‫تأخيــر الحــ ِدّ لمصلحــ ٍة راجحــة‪.‬‬

‫الشيخ محمد الغزالي‬ ‫رحمه الله تعالى‬

‫َّ‬ ‫اإلســام ال‬ ‫إن ال ُمدافعيــنَ عــن‬ ‫ِ‬ ‫الحمــاس واإلخــاص‪،‬‬ ‫ص ُهــ ُم‬ ‫ويجــب علــى المجتهــد كذلــك ينقُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عمـ ُ‬ ‫ـق‬ ‫ص ُهــم ُحســنُ ال ِفقـ ِه و ُ‬ ‫مراعــاة ُ تأثيـ ِـر الواقــع واألحــوا ِل إِنَّمــا ينق ُ‬ ‫ِ‬ ‫جربــة‪.‬‬ ‫والظــروف أو المقصــود‪ ،‬الت َّ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫قــرر العلمــاء أن الحكــم‬ ‫فقــد‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أن حــا َل‬ ‫إِنَّ ُهــم يَحسِــبونَ‬ ‫اليــوم وليــدُ ِعلــ ٍل‬ ‫يقــد َُّر زمانًــا ومكانًــا وشــخ ً‬ ‫صا المســلمينَ‬ ‫َ‬ ‫ســه ِل إزالتُهــا فــي‬ ‫ونتيجــةً‪ ،‬فاألحــكام االجتهاديَّــة عارضـ ٍة مــن ال َّ‬ ‫ـام معــدودات‪ ،‬أو علــى األكثـ ِـر‬ ‫تتغي ُ‬ ‫ُّــر الواقــع وأحــوا ِل أيّـ ٍ‬ ‫َّــر بتغي ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫المفت‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫وعل‬ ‫ـكان‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫والم‬ ‫ـان‬ ‫فــي بِضــعِ ســنينَ مــن حياتِهــم‬ ‫الزمـ ِ‬ ‫والمجتهــد أن يكــون محيط ـا ً بفقــه هُــم‪ ،‬ثُــ َّم يعــودُ المســلمونَ إلــى‬ ‫ّــام‬ ‫الواقعــة‪ ،‬بصيـ ً‬ ‫ـرا بما يوجــب تغي َُّر مجدِهــم َّ‬ ‫األول كمــا كانــوا أي َ‬ ‫َّ‬ ‫صحابــ ِة والتابعيــن‪ ،‬فمــا علــى‬ ‫مــان ال ّ‬ ‫الحكــم‪ ،‬مراعيًــا حــال الز ِ‬ ‫وأه ِلــه‪ ،‬فـ َّ‬ ‫َّ‬ ‫تفضي‬ ‫ـإن المــآالت التــي‬ ‫ب إال أن يتقــدَّم ويُقاتِــ َل‬ ‫الشــبا ِ‬ ‫ــع إليهــا األفعــال تتبـدَّ ُل بتبـدُّ ِل الواقع ويُ َح ِ ّ‬ ‫ــم مــا أما َمــه مــن عوا ِئــق‪،‬‬ ‫مهــم جــداً لــكل ُم َو ِّق ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ط َ‬ ‫َّ‬ ‫وســوف يَبتَسِــ ُم لــه النَّ‬ ‫أن‬ ‫د‬ ‫المجته‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫عل‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫فيج‬ ‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫والح‬ ‫ِ‬ ‫صــر بعــد‬ ‫ذلــك‬ ‫الحنيــف‪،‬‬ ‫ــرع‬ ‫الش‬ ‫عــن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫إعطــاء يكــونَ مــدركا للواقــع فقي ًهــا بــه‪َ .‬مرحلــ ٍة أو مرحلت َيــن!‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫االجتهــاد فــي‬ ‫أن‬ ‫َ‬

‫ومــن ذلــك قولــه تعالــى‬ ‫علــى‬ ‫الرجــ ِل ال ّ‬ ‫لســان َّ‬ ‫ِ‬ ‫صالــحِ‬ ‫ب موســى عليــه الســام‬ ‫صاحــ ِ‬ ‫(أَمَّــا السَّــ ِفينَةُ فَكَانَ ْ‬ ‫ســا ِكينَ‬ ‫ِ‬ ‫كمــا َّ‬ ‫أحكامــا‬ ‫فــات المكلفيــن‬ ‫تصر‬ ‫أن هــذا البحــث مهــ ٌّم‬ ‫ــت ِل َم َ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ــر فَــأ َ َر ُّ‬ ‫دت أ َ ْن‬ ‫يَ ْع َملُــونَ فِــي ْالبَ ْح ِ‬ ‫شــرعية يحتــاج إلــى نظــ ٍر للدُّعــاةِ إلــى هللا‪ ،‬فالدّاعيـةُ بحاجـ ٍة‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َانَ‬ ‫صرفــات‪ ،‬لمعرفــ ِة أثــر دعوتِــه علــى‬ ‫أ ِعيبَ َهــا َوك َو َراءهــم َّم ِلــك يَأخــذ إلــى نتائــج هــذه َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫ســ ِفينَ ٍة َ‬ ‫غ ْ‬ ‫صبًــا) الكهــف ‪.79‬‬ ‫ُك َّل َ‬ ‫فيختــار لــك ِّل‬ ‫المدعويــن‪،‬‬ ‫أنــاس‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وعلــى ضــوء هــذه َّ‬ ‫النتائــج‬ ‫المناســب لحا ِلهــم‬ ‫األســلوب‬ ‫َّ‬ ‫لــك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن االعتــدا َء علــى ُم ِ‬ ‫المجتهــد بمنــع‬ ‫ــم‬ ‫يحكُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫األمــور‬ ‫ق مــن‬ ‫الغيــر‬ ‫ولبيئتهــم االجتماعيَّــ ِة والثقافيَّــ ِة‬ ‫بغيــر حــ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫صــر ِ‬ ‫ف أو‬ ‫الت ُّ‬ ‫َّ‬ ‫عا‪ ،‬لكنَّنــا رأينــا‬ ‫المحظــورةِ شــر ً‬ ‫الســماح بــه‪ ،‬والعرفيَّــة‪ ،‬فقــد يكــون أســلوبٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موازنــة‬ ‫الخضــر عليــه الســام يهــوي وذلــك بعــد‬ ‫َ‬ ‫ب مفيــدًا لجماعــ ٍة‬ ‫دقيقــة مــن األســالي ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـب‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫عيي‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ق‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫بالخ‬ ‫ة‬ ‫ـفين‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫علــى ال‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫بيــن المصالــح والمفاســد‬ ‫يقربُهــم مــن الدّيــن وير ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫غبُهــم فــي‬ ‫ِّ‬ ‫ســام‬ ‫ول ّمــا عــاب موســى عليــه ال َّ‬ ‫الناتجـ ِـة عــن تلكــم َّ‬ ‫ــر‬ ‫صرفات‪.‬‬ ‫االلتــزام بتعاليمــه‪ ،‬بينمــا ين ِفّ ُ‬ ‫الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫عليــه ذلــك وذ َّكــره بالجميـ ِل‬ ‫آخريــن ويبعدُهــم عــن هــدى‬ ‫ســفينة‪ ،‬بيَّــن‬ ‫أســداه إليهمــا أه ـ ُل ال َّ‬ ‫هللا‪ ،‬لذلــك علــى الدُّعــاةِ االنتبــاهُ‬ ‫لــه َّ‬ ‫أن المفســدة َ لــم تُرت َكــب ّإل‬ ‫ــاس‬ ‫ُّ‬ ‫لتصرفاتِهــم فــا يكيلــوا النّ َ‬ ‫لمــا فيهــا مــن دفــعٍ لمفســدةٍ أعظــم‬ ‫ومــن ذلــك قولــه صلــى هللا بمكيــا ٍل واحــ ٍد وال يخاطبوهــم‬ ‫وهــي ذهــاب السَّــفين ِة جملــةً‪،‬‬ ‫أن وراءهــم ملــكٌ يأخــذ ك َّل عليــه وســلم‪( :‬ال تقطــع األيــدي فــي خطابًــا واحــدًا‪ ،‬بــل يتفنَّنــوا‬ ‫حيــث َّ‬ ‫‪.‬‬ ‫الغــزو)‬ ‫ّ‬ ‫ــاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ويخاطبــوا‬ ‫باألســاليب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ســفين ٍة صالحــ ٍة غصبًــا‪.‬‬ ‫قــدر عقو ِلهــم وثقافتِهــم‪،‬‬ ‫فقطــ ُع يــ ِد السّــارق حــدٌّ مــن علــى‬ ‫ِ‬ ‫كمــا َّ‬ ‫ت‬ ‫ظــر فــي مــآال ِ‬ ‫أن للنَّ ِ‬ ‫تصرفاتهــم‬ ‫حــدو ِد هللا تعالــى‪ ،‬وقــد نهــى ويراعــوا نتائــ َج‬ ‫ُّ‬ ‫ـر مــن األمثل ـ ِة فــي‬ ‫ـ‬ ‫الكثي‬ ‫األفعــا ِل‬ ‫ُ‬ ‫ع عــن إقامتِــه فــي الغــزو‪ ،‬ووســائلهم‪.‬‬ ‫السُّــنَّ ِة والســيرةِ النَّبويَّــة‪ ،‬نذكــر ال ّ‬ ‫ـار ُ‬ ‫شـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫هــذا االســتعجا ُل كانــت ورا َءه‬ ‫وخســائر ثقيلــة‬ ‫متاعــب كثيــرة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للدَّعــوةِ اإلســاميّة‪ ،‬بــل ُربَّمــا زاد‬ ‫ــراوةً‪.‬‬ ‫ُخصو َمهــا تمكينًــا و َ‬ ‫ض َ‬ ‫إن إقامــةَ‬ ‫َّ‬ ‫ديــن هللاِ شــي ٌء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كــم‬ ‫و ُم ّ‬ ‫جــرد االســتيالء علــى ال ُح ِ‬ ‫بطريق ـ ٍة أو بأخــرى شــي ٌء آخــر‪.‬‬ ‫إننــا ‪-‬نحــن المســلمين‪-‬نتقهقَ ُر‬ ‫ُمنــذ ِعــدَّةِ قُــرون‪ ،‬وال بُــدَّ مــن‬ ‫ب تقهقُ ِرنــا‬ ‫دراســ ٍة شــامل ٍة ألســبا ِ‬ ‫ي؛ لمعرفــ ِة‬ ‫ي ِ والعســكر ّ‬ ‫المدنــ ّ‬ ‫ــر الحيويّــة التــي فقدناهــا‬ ‫ِ‬ ‫العناص ِ‬ ‫حتــى دهانــا مــا دهانــا‪.‬‬ ‫صــ ٍة‬ ‫ال بُــدَّ مــن بصيــرةٍ ِ‬ ‫فاح َ‬ ‫ّ‬ ‫ُمتع ِ ّمقــ ٍة تتدبــر ثقافَت َنــا‪ ،‬وتُنَقــي‬ ‫منابعهــا‪ ،‬وت َنقُــد مســتوانا‬ ‫ِــف‬ ‫الحضــار ّ‬ ‫ي ِ األخيــر‪ ،‬وتستكش َ‬ ‫ُبوطــه‬ ‫أســباب ه ِ‬ ‫َ‬ ‫النافذة الشرعية‬

‫‪7‬‬


‫ـار َّ‬ ‫ُ‬ ‫وري‬ ‫كيــف‬ ‫الث ُّ‬ ‫يدعم المسـ ُ‬ ‫مواقعــه لصناعـ ِـة َّ‬ ‫التغييــر‬ ‫َ‬ ‫تواجهه َّ‬ ‫ورة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المبذولة َد ًّ‬ ‫ياسة‬ ‫والس‬ ‫الفاجرة‬ ‫بالقو ِة‬ ‫وليا‪،‬‬ ‫الجهود‬ ‫تكثيف‬ ‫الشعبيَّ ُة في سورية من خالل‬ ‫ما الذي‬ ‫الث ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫واألمريكي؟‬ ‫وسي‬ ‫الر‬ ‫الغزو‬ ‫تجمع بين‬ ‫محط ٍة‬ ‫الماكرة‪ ،‬وقد وصلت في هذه األثناء إلى‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اإلرهابي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫ولــي لثــور ٍة‬ ‫‪-٣‬البعــدُ الدَّ ُّ‬ ‫األول‪:‬‬ ‫شــعبيَّة منــذ الهتــاف َّ‬ ‫ال َّ‬ ‫ــعب يريــد إســقاط‬ ‫ش ُ‬ ‫ال ِنّظــام ‪-‬فــي ســورية‬ ‫وأخواتهــا‪-‬كان واض ًحــا‬ ‫أن ســقو َ‬ ‫للقــوى األجنبيَّــ ِة َّ‬ ‫ط‬ ‫ي»‬ ‫االســتبدا ِد‬ ‫«المحلــ ّ‬ ‫َ‬ ‫يعنــي ســقوط المصالــحِ‬ ‫المرتبطــ ِة‬ ‫والمطامــعِ‬ ‫ارتباطاتِــه‬ ‫ت‬ ‫بحلقــا ِ‬ ‫نبيل شبيب‬ ‫إقليميًّــا‬ ‫الخارجيَّــة‪،‬‬ ‫وعي ودوليًّــا‪ ،‬أي َّ‬ ‫أن الثَّــورة َ لــم‬ ‫َّ‬ ‫البعـ ُـد َّ‬ ‫والن‬ ‫ـي‬ ‫ُّ‬ ‫الزمنـ ُّ‬ ‫تســتهدف القـ َّـوة َ االســتبداديَّةَ‬ ‫الحالي‪:‬‬ ‫ـهد‬ ‫ـ‬ ‫للمش‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الفاجــرة َ الدّاخليَّــة فحســب‬ ‫بعيدًا عن ردو ِد الفع ِل‬ ‫ـ وقــد تهالكــت ســريعًا‪-‬‬ ‫المتش ِنّج ِة غضبًا‪ ،‬أو‬ ‫ضــا‬ ‫بــل تســتهدف أي ً‬ ‫المتراجع ِة إحبا ً‬ ‫طا‪ ،‬أو‬ ‫المشــروعةَ‬ ‫المصالــ َح‬ ‫ِّ‬ ‫المتصلب ِة حماسة‪ ،‬نعود والمطامــع غيــر المشــروعة‬ ‫إلى المنطل ِ‬ ‫ق الموضوع ّ‬ ‫ي ِ «للقــوى الخارجيَّــة» ذات‬ ‫للتَّفاع ِل في صناع ِة الحدث‪ ،‬العالقــة المباشــرة بتلــك‬ ‫ونجدُ بين أيدينا معالم‬ ‫ا ال ر تبا طــا ت ‪.‬‬ ‫أساسيَّةً وقواعد تتح َّك ُم‬ ‫في توجي ِه ما يجري وفي‬ ‫لعــدو‬ ‫‪-٤‬ال وجــود‬ ‫ٍّ‬ ‫نتائجه‪ ،‬وأه ُّمها‪:‬‬ ‫متجانــس رغــم تالقــي‬ ‫القــوى الخارجيَّــ ِة علــى‬ ‫«القواســم‬ ‫كثيــر مــن‬ ‫ِ‬ ‫المشــتركة» فــي التَّعامــ ِل‬ ‫مــع قضيَّــة ســورية‪ ،‬يوجــد‬ ‫ضــا كثيــر مــن «عناصــر‬ ‫أي ً‬ ‫ّ‬ ‫صــراع» المؤ ِثــرةِ علــى‬ ‫ال ّ‬ ‫عالقاتِهــا وعلــى تعام ِلهــا‬ ‫مــع القضيَّــة‪.‬‬

‫‪-١‬ليــس الحــدث شــار ً‬ ‫عا‬ ‫ـار الثَّــورةِ‬ ‫باتّجــا ٍه واحــد مسـ ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫شــعبيَّ ِة فــي ســورية‬ ‫ُ‬ ‫ومســار التَّعامــ ُل الدَّولــ ّ‬ ‫يِ‬ ‫معهــا عنصــران يتبــادالن‬ ‫بعضهمــا‬ ‫أثيــر علــى‬ ‫ِ‬ ‫الت َّ َ‬ ‫ضــا‪ ،‬والحصيلــة هــي‬ ‫بع ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫غييــر وحج ُمــه‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫َّــ‬ ‫ي‬ ‫نوع‬ ‫ِ‬ ‫ومــدى صالبــ ِة أ ُ‬ ‫سسِــه ‪-٥‬عــدوٌّ ينجــ ُح ويفشــل‬ ‫واســتقراره‪.‬‬ ‫الخارجيَّــةُ‬ ‫القــوى‬ ‫تســتخدم وســائل‬ ‫«القــوةِ‬ ‫َّ‬ ‫‪-٢‬جناحــان لهــدفٍ واحــد العســكريَّة» و»الوســائل‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫سِياســيَّة» والتَّحالُفــات»‬ ‫الثــورة ُ وســيلة التغييــر‪ ،‬ال ّ‬ ‫وهــو‬ ‫ُ‬ ‫المنهجــي‬ ‫الهــدف القائــم علــى و»العمــل‬ ‫َّ‬ ‫وتقتــرب مــن‬ ‫دعامتيــن ال غنــى للثــورةِ المــدروس»‬ ‫ُ‬ ‫ي ٍ منهمــا‪ :‬ال اســتبداد‬ ‫عــن أ ّ‬ ‫أغراضهــا بقــدر‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫تحقيــ ِ‬ ‫محليًّــا وال وصايــة لهيمنــة ارتفــاع نصيــب فعاليَّــ ِة‬ ‫أجنبيَّــة‪.‬‬ ‫هــذه الوســائل‪ ،‬مقابــل‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ب‬ ‫«العقبــات» نتيجــة «أخطاء الجولـ ِة الحاليَّـ ِة إلــى جانـ ِ‬ ‫جســيمة»‬ ‫و»نكســات أدوا ِ‬ ‫ت العمــ ِل الثَّــور ّ‬ ‫يِ‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫غي‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫فع‬ ‫و»ردود‬ ‫كبيــرة»‬ ‫األخــرى‪.‬‬ ‫وتطــورات‬ ‫مدروســة»‬ ‫ُّ‬ ‫‪.‬‬ ‫مفا جئــة »‬ ‫ي‬ ‫الهــدف‬ ‫ُ‬ ‫التَّغييــر ُّ‬ ‫ليــس موضــوع حديــ ٍ‬ ‫ث‬ ‫ٌ‬ ‫‪-٦‬ثــورة تتقــدَّ ُم وتتأخــر هنــا وال ينبغــي أن‬ ‫مــع عــدم إغفــال الفــار ِ‬ ‫ق يكــون‪ ...‬ولكــن لــن نصــل‬ ‫الحــال‬ ‫ي ِ بطبيعــة‬ ‫النَّوعــ ّ‬ ‫إليــه بال ِنّزاعــات حــول‬ ‫يمكــن القــول َّ‬ ‫إن القــوى التَّفاصيــل دون «الجوهــر»‬ ‫الوســائل‬ ‫الثَّوريَّــةَ تســتخدم‬ ‫بمعنــى مواجهــة األســئلة‬ ‫المذكــورة أي ً‬ ‫ضــا‪ ،‬وتواجــهُ ا لجو هر يَّــة ‪:‬‬ ‫عقبا ٍ‬ ‫ت مماثلة‪ .‬‬ ‫‪-٧‬الت َّ‬ ‫غييــر‬ ‫ُ‬ ‫ندعــم‬ ‫باإلنجــاز ‪-١‬كيــف‬ ‫ال ُّ‬ ‫ضعيفــةَ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫ســؤا ُل الحاســم‪ :‬هــل يكون االســتعدادا ِ‬ ‫لفعاليَّ ـ ِة الوســائل أم مفعــول حاليًّــا بالمقارن ـ ِة مــع أهميَّ ـ ِة‬ ‫الراهنــة‪ ،‬لترتفــ َع‬ ‫العقبــات النَّصيــب األكبــر؟ الجولــ ِة ّ‬ ‫ى أفضــل‪...‬‬ ‫فــي مجمــوع الحصيلــة إلــى مســتو ً‬ ‫ق إلــى‬ ‫مــن العمــل الثــوري‪ ،‬أي ولكــن دون االنــزال ِ‬ ‫مــن الوســيلة «الثــورة»‬ ‫الخــوض فــي جــدا ٍل ال‬ ‫ِ‬ ‫الموصلــة لهــدف التَّغييــر‪...‬‬ ‫ي ٍ حــول فــان وفــان‬ ‫نهائ ـ ّ‬ ‫ومعيــار الجــواب هــو وهــذه الخطــوة الجزئيــة‬ ‫«اإلنجــازات التَّغييريــة» وتلــك وهــذا التَّصريــح‬ ‫ذات صفــة الدَّيمومــة‪،‬‬ ‫ي وذاك؟‬ ‫الجانبــ ُّ‬ ‫«البطــوالت‬ ‫وليــس‬ ‫نر ِ ّك ُ‬ ‫ــز‬ ‫والتَّضحيات»‪ ،‬وال يســتهان ‪-٢‬كيــف‬ ‫هنــا باأللــم والمعانــاة‪ .‬موضوعيًّــا علــى «حصــر»‬ ‫والنَّواقــص‬ ‫الميــزات‬ ‫لــم ينقطــع انتقــا ُل مسـ ِ‬ ‫ـار فيمــا يوجــدُ بيــن أيدينــا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الثــورةِ مــن محطــ ٍة إلــى مــن أدوات «أشــخاص‪...‬‬ ‫محطــة‪ ،‬ومــن جولــ ٍة إلــى وســائل‪ ...‬وأجهــزة»‪...‬‬ ‫جولــة‪ ،‬ولعــ َّل أكثــر تلــك للعم ـ ِل علــى رفــعِ مســتوى‬ ‫النَّقــا ِ‬ ‫ت وضو ًحــا للعيــان األداء دون االنــزالق إلــى‬ ‫َّ‬ ‫إضافــةُ العمــ ِل الثــور ّ‬ ‫ق تبــادل االتّهامــات»‬ ‫ي ِ نفــ ِ‬ ‫المســلَّح ‪-‬عنصــر القــوة‪ -‬فــي غيــاب توافــر ال ُّ‬ ‫ـروط‬ ‫شـ ِ‬ ‫ي ِ ال ِ ّ‬ ‫إلــى العمــل الثَّور ّ‬ ‫ســلمي مــن أدلَّــ ٍة وقضــاء» فلــن‬ ‫محاولــة‬‫اإلصــاح‪ ،-‬يوصــل هــذا النَّفــق قطعًــا‬ ‫ونجــد هــذه األيــام بيــن إلــى «التَّالقــي» علــى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ب األخطــاء الحاليَّــة‬ ‫أيدينــا نقلـة مفصليَّـة أخــرى تصوي ـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫بإضافــة العمــل الثــور ّ‬ ‫و»العمــل‬ ‫ي ِ والمتوقَّعــة‪،‬‬ ‫بتعبيــر‬ ‫سِياســي‪ ...‬أو‬ ‫ال ّ‬ ‫ٍ المشــترك» إلضافــ ِة مزيــد‬ ‫أدق‪ :‬االســتعدادُ‬ ‫ِ‬ ‫الســتخدام مــن أســباب القــوة ووســائل‬ ‫فــي‬ ‫ي‬ ‫ِياســ‬ ‫س‬ ‫ب ال ّ‬ ‫أداةِ الجانــ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلنجــاز؟‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫بتعبيـ ٍـر آخر‪:‬‬

‫ـعر ًّ‬ ‫حقــا الخطـ َـر‬ ‫مــن يستشـ ُ‬ ‫الفــارق الكبيــر‬ ‫بســبب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الماديَّ ــة‬ ‫بالمقاييــس‬ ‫ِّ‬ ‫قــوى عســكريَّ ٍة‬ ‫مــا بيــن‬ ‫ً‬ ‫تواجهنــا‪،‬‬ ‫وسياســيَّ ٍة‬ ‫قــو ٍة عســكريَّ ةٍ‬ ‫وأســباب‬ ‫َّ‬ ‫وسياســيَّ ٍة لدينــا‪ ،‬ويريــد‬ ‫إزالــة الخطــر‪،‬‬ ‫مخلصــا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫مقــوالت‬ ‫فليتجنــب‬

‫ً‬ ‫وأفعــال تســاهم فــي‬ ‫الناقــص»‬ ‫ِ‬ ‫تدميــر «القليــل ّ‬ ‫فدليــل‬ ‫إمكاناتنــا‪،‬‬ ‫مــن‬ ‫ُ‬ ‫إضافــة‬ ‫اإلخــاص هــو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المحــدودةِ‬ ‫ِ‬ ‫جهــوده‬ ‫ِ‬ ‫جهــود ســواه فــي‬ ‫إلــى‬ ‫الموضوعــي‬ ‫العمــل‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫لرفع مســتوى «اســتثمار»‬ ‫القليــل الناقــص الــذي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫عــاون ال‬ ‫نملكــه‪ ،‬والت‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫التنابــذُ علــى طريــق‬ ‫ِ‬ ‫إصالحــه وتحســينه مــن‬ ‫ِ‬ ‫أجــل أن‬ ‫ــق إنجــازً ا‬ ‫نحق َ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫تاريخيــا‪،‬‬ ‫تغييــرا‬ ‫كبيــرا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ســمه‬ ‫مــؤز ًرا‪..‬‬ ‫نصــرا‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫كمــا شــئت‪ ،‬فــذاك فــي‬ ‫ِ‬ ‫الحصيلــة هــو مــا تعنيــه‬

‫شــعب ال يملــك‬ ‫ثــورة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــة‬ ‫اإلمكانــات‬ ‫الماديَّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫يشــق‬ ‫التقليديَّ ــة‪ ،‬وهــو‬ ‫طريقــه نحــو تغييــ ٍر‬ ‫َ‬ ‫بأبعــاد دوليَّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ــة‬ ‫تاريخــي‬ ‫ٍّ‬ ‫و حضا ر يَّ ــة ‪.‬‬ ‫دعــم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ــورة‬ ‫الث‬ ‫مــن أراد‬ ‫َ‬ ‫فليرتفــع إلــى مســتوى‬ ‫ِ‬ ‫ومعجــزة‬ ‫شــعبها‬ ‫حتــى حــرك الدُّ نيــا‬ ‫تحر ِكــه ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫كلهــا مــن حولــه‪ ،‬وهــو‬ ‫مســتمرٌّ علــى المعانــاة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ضحيــات والبطــوالت‪.‬‬ ‫والت‬

‫النافذة الفكرية‬

‫‪8‬‬


‫وسائل اإلعالم العالميَّ ِة‬ ‫أعدها المفكّ ر األميركي نعوم تشومسكي‪ ،‬واختزل فيها الطّ رق التي تستعملُ ها‬ ‫مواقع عالميَّ ة‬ ‫عد ُة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫قائمة ّ‬ ‫تناقلت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أساسية‪.‬‬ ‫استراتيجيات‬ ‫الشعوب‪ ،‬عبر وسائل اإلعالم‪ ،‬في‬ ‫للسيطرة على ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪10‬‬

‫ً‬ ‫أول‪ -‬اإللهاء‬

‫هــذه االســتراتيجيَّةُ‬ ‫عنصــر‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ــم‬ ‫فــي‬ ‫ي‬ ‫التحك ِ‬ ‫أساســ ٌّ‬ ‫بالمجتمعــات‪ ،‬وهــي تتمثَّــل في‬ ‫ـرأي العــام عن‬ ‫تحويــل انتبــاه الـ ّ‬ ‫ت‬ ‫المشــاك ِل الها ّمــة والتَّغييــرا ِ‬ ‫سِياسـيَّةُ‬ ‫خب ال ّ‬ ‫تقررهــا النّ ُ‬ ‫التــي ّ‬ ‫واالقتصاديّــة‪ ،‬ويتـ ّم ذلــك عبــر‬ ‫وابـ ٍل متواصـ ٍل مــن اإللهاءات‬ ‫والمعلومــات التّافهــة‪.‬‬ ‫ت اهتمامات‬ ‫“حافــظ علــى تشـت ُّ ِ‬ ‫العا َّمــة‪ ،‬بعيــدًا عــن المشــاك ِل‬ ‫االجتماعيَّـ ِة الحقيقيَّــة‪ ،‬واجعــل‬ ‫هــذه االهتمامــات موجهــة‬ ‫نحــو مواضيــع ليســت ذات‬ ‫أهميــة حقيقيّــة‪ .‬اجعــل ال َّ‬ ‫ـعب‬ ‫شـ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منشــغل‪،‬‬ ‫منشــغل‪،‬‬ ‫منشــغل‪،‬‬ ‫ي وقــت‬ ‫أ‬ ‫لــه‬ ‫يكــون‬ ‫أن‬ ‫دون‬ ‫ُّ‬ ‫للتفكيــر‪ ،‬وحتــى يعــود للضيعة‬ ‫مــع بقيّــة الحيوانــات”‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫ً‬ ‫ثانيا‪-‬ابتكارُ المشاكل َّ‬ ‫ُ‬ ‫تقديم الحلول‬

‫هــذه َّ‬ ‫الطريقــةُ تســ ّمى أيضًــا‬ ‫“المشــكل – ردّة الفعــل –‬ ‫نبتكــر‬ ‫األول‬ ‫الحــل”‪ .‬فــي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫مشــكل أو “موقفًــا” متوقَّــــعًا‬ ‫لنثيــر ردّة َ فعــ ٍل معيّنــة مــن‬ ‫قبــل ال َّ‬ ‫شــعب‪ ،‬وحتــى يطالــب‬ ‫هــذا األخيــر باإلجــراءات التــي‬ ‫ً‬ ‫مثــا‪:‬‬ ‫نريــده أن يقبــل بهــا‪.‬‬ ‫تنظيــم تفجيــرات داميــة؛ حتــى‬ ‫يطالــب ال َّ‬ ‫شــعب بقوانيــن أمنيــة‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫حريتــه‪ ،‬أو‪ :‬فــي الغــد”‪ ،‬وأنّــه ســيكون‬ ‫علــى حســاب ّ‬ ‫ابتــكار أزمــة ماليّــة؛ حتــى يتـ ّم بإمكانــه تفــادي التّضحيــة‬ ‫تقبّــل التَّراجــع علــى مســتوى المطلوبــة فــي المســتقبل‪.‬‬ ‫الحقــوق االجتماعيــة وتــردّي‬ ‫ا‪-‬مخاطبة َّ‬ ‫ُ‬ ‫الشعب‬ ‫خامس‬ ‫ً‬ ‫كشــر ال‬ ‫الخدمــات العموميَّــة‬ ‫ٍّ‬ ‫كمجموعة أطفال صغار‬ ‫بــدّ منــه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تســتعم ُل غالبيَّــةُ اإلعالنــات‬ ‫التدرج‬ ‫ثالثا‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫الموجّهــة لعا ّمــة ال َّ‬ ‫شــعب‬ ‫لكــي يتــم قبــول إجــراء غيــر خطابًــا وحج ًجــا وشــخصيا ٍ‬ ‫ت‬ ‫مقبــول‪ ،‬يكفــي أن يت ـ ّم تطبيقــه ونبــرة ً ذات طابــع طفولــي‪،‬‬ ‫بصفــة تدريجيّــة‪ ،‬مثــل أطيــاف‬ ‫وكثيــرا مــا تقتــرب مــن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫اللــون الواحــد «مــن الفاتــح إلى مســتوى التخلــف الذهنــي‪،‬‬ ‫الغامــق»‪ ،‬على فتــرة تدوم ‪10‬‬ ‫َّ‬ ‫وكأن المشــاهد طفــل صغيــر‬ ‫ســنوات‪ .‬وقــد تــم اعتمــاد هــذه‬ ‫معــوق ذهنيّــا‪ .‬لمــاذا؟ “إذا‬ ‫أو‬ ‫ّ‬ ‫صا كمــا لــو كان‬ ‫الطريقــة لفــرض الظــروف خاطبنــا شــخ ً‬ ‫ّ‬ ‫السوســيو‪-‬اقتصاديّة الجديــدة طفـ ً‬ ‫ـا فــي سـ ِّ‬ ‫ـن الثانيــة عشــر‪،‬‬ ‫بيــن الثمانينــات والتســعينات فســتكون لــدى هــذا ال َّ‬ ‫شــخص‬ ‫ـردة من‬ ‫مــن القــرن الســابق‪ :‬بطالــة إجابــة أو ردّة فعــل مجـ ّ‬ ‫شــاملة‪ ،‬هشاشــة‪ ،‬مرونــة‪،‬‬ ‫الحــس النَّقــدي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تعاقــد خارجــي ورواتــب ال‬ ‫ُ‬ ‫العاطفة‬ ‫استثارة‬ ‫سادسا‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫تضمــن العيــش الكريــم‪ ،‬وهــي‬ ‫بدل الفكر‬ ‫تغييــرات كانــت ســتؤدّي إلــى‬ ‫ثــورة لــو تــ ّم تطبيقهــا دفعــة هــي تقنيــةٌ كالســيكيَّة تُســتعمل‬ ‫لتعطيــل التّحليــل المنطقــي‪،‬‬ ‫واحــدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الحــس النقــدي‬ ‫وبالتالــي‬ ‫ّ‬ ‫لألشــخاص‪ .‬كمــا ّ‬ ‫أن اســتعمال‬ ‫المفــردات العاطفيّــة يســمح‬ ‫بالمــرور لالّوعــي حتّــى يتــ ّم‬ ‫زرعــه بأفــكار‪ ،‬رغبــات‪،‬‬ ‫مخــاوف‪ ،‬نزعــات‪ ،‬أو‬ ‫المؤجل‬ ‫رابعا‪-‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ســلوكيّات‪.‬‬ ‫سابعا‪-‬إبقاء ّ‬ ‫الشعب في‬ ‫وهــي طريقــةٌ يتــ ُّم االلتجــاء‬ ‫ً‬ ‫جهل وحماقة‬ ‫حالة‬ ‫ب‬ ‫إليهــا مــن أجــل إكســا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫القــرارات المكروهــة القبــول‪،‬‬ ‫ويكــون ذلــك بكســب موافقــة العمــل بطريقــة يكــون‬ ‫الشــعب فــي الحاضــر‬ ‫علــى تطبيــق شــيء مــا فــي‬ ‫المســتقبل‪ .‬قبــول تضحيــة‬ ‫مســتقبلية يكــون دائمــا أســهل‬ ‫مــن قبــول تضحية حينيّــة‪ّ .‬أوال‬ ‫ألن المجهــود لــن يتــم بذلــه فــي‬ ‫الحيــن‪ ،‬وثانيــا ألن الشــعب لــه‬ ‫دائمــا ميــل ألن يأمــل بســذاجة‬ ‫أن “كل شــيء ســيكون أفضــل‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫خاللهــا ال َّ‬ ‫شــعب غيــر قــادر‬ ‫علــى اســتيعاب التكنولوجيّــات‬ ‫ّ‬ ‫والطــرق المســتعملة للتح ّكــم‬ ‫بــه واســتعباده‪“ .‬يجــب أن‬ ‫تكــون نوعيّــة التّعليــم المقــدّم‬ ‫َّ‬ ‫للطبقــات السّــفلى هــي‬ ‫النَّوعيّــة األفقــر‪ ،‬بطريقــة‬ ‫الهــوة المعرفيّــة‬ ‫تبقــى إثرهــا‬ ‫ّ‬

‫تعاســته‪ ،‬وأن ســبب مســؤوليّته‬ ‫تلــك هــو نقــص فــي ذكائــه‬ ‫وقدراتــه أو مجهوداتــه‪.‬‬ ‫وهكــذا‪ ،‬عــوض أن يثــور‬ ‫علــى النّظــام االقتصــادي‪،‬‬ ‫ويحــس‬ ‫يقــوم بامتهــان نفســه‬ ‫ُّ‬ ‫بالذَّنــب‪ ،‬وهــو مــا يولّــد دول ـةً‬ ‫اكتئابيّــة يكــون أحــد آثارهــا‬ ‫التحــرك‪.‬‬ ‫االنغــاق وتعطيــل‬ ‫ّ‬ ‫تحــرك ال وجــود‬ ‫ودون‬ ‫ّ‬ ‫للثــورة!‬ ‫عاشرا‪ -‬معرفة األفراد أكثر‬ ‫ً‬ ‫مما يعرفون أنفسهم‬ ‫ّ‬

‫التــي تعــزل ّ‬ ‫ســفلى‬ ‫الطبقــات ال ّ‬ ‫عــن العليــا غيــر مفهومــة مــن‬ ‫قبــل ّ‬ ‫الطبقــات السّــفلى”‬ ‫ثامنــا‪ -‬تشــجيع ّ‬ ‫ً‬ ‫ــعب‬ ‫الش‬ ‫ِ‬ ‫الــرداءة‬ ‫علــى‬ ‫استحســان ّ‬ ‫ِ‬

‫تشــجيع ال ّ‬ ‫شــعب علــى أن يجــد‬ ‫“الرائــع” أن يكــون‬ ‫أنّــه مــن ّ‬ ‫غبيًّــا‪ ،‬همجيًّــا وجاهـ ً‬ ‫ـا‪.‬‬ ‫التمر ِد‬ ‫تاسعا‪ -‬تعويض‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫باإلحساس َّ‬ ‫بالذنب‬

‫خــال الخمســين ســنة‬ ‫الماضيــة‪ ،‬حفــرت التطـ ّـورات‬ ‫هــوة ال‬ ‫العلميّــة المذهلــة‬ ‫ّ‬ ‫تــزال تتّســع بيــن المعــارف‬ ‫العا ّمــة وتلــك التــي تحتكرهــا‬ ‫وتســتعملها النّخــب الحاكمــة‪.‬‬ ‫فبفضــل علــوم األحيــاء‪،‬‬ ‫بيولوجيــا األعصــاب وعلــم‬ ‫صــل‬ ‫النّفــس التّطبيقــي‪ ،‬تو ّ‬ ‫“النّظــام” إلــى معرفــة‬ ‫متقدّمــة للكائــن البشــري‪،‬‬ ‫صعيديــن الفيزيائــي‬ ‫علــى ال ّ‬ ‫والنّفســي‪ .‬أصبــح هــذا‬ ‫ـادرا علــى معرفــة‬ ‫“النّظــام” قـ ً‬ ‫الفــرد المتوسّــط أكثــر م ّمــا‬ ‫يعــرف نفســه‪ ،‬وهــذا يعنــي ّ‬ ‫أن‬ ‫النظــام – فــي أغلــب الحــاالت‬ ‫– يملــك ســلطةً علــى األفــراد‬ ‫أكثــر مــن تلــك التــي يملكونهــا‬

‫ّ‬ ‫يظــن أنّــه‬ ‫جعــل الفــرد‬ ‫عــن‬ ‫الوحيــد‬ ‫المســؤول‬ ‫علــى أنفســهم‪.‬‬

‫النافذة الفكرية‬

‫‪9‬‬


‫بقلــم أ‪ .‬أبو ياســر القادري‬

‫ـظ القــرآن‬ ‫تع َّهــد هللا ســبحانه بحفـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫بقولــه ((إِنَّــا نَ ْح ُ‬ ‫ــر‬ ‫ــن نَ َّز ْلنَــا ِ‬ ‫الذك َ‬ ‫َو ِإنَّــا لَــهُ لَ َحا ِف ُ‬ ‫ظــونَ )) الحجــر‪9‬‬ ‫ضــا بتبيــان مــا فــي‬ ‫وتعهــد أي ً‬ ‫َّ‬ ‫ي ِ صلــى‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫به‬ ‫القــرآن‪ ،‬وذلــك‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هللا عليــه وســلم‪ ،‬وتأكــد ذلــك‬ ‫القــرون المشــهود لهــا‬ ‫ت‬ ‫بتطبيقــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالخيــر‪ ،‬فتشـ َّكلت بذلــك المرجعيَّـةُ‬ ‫لل َّ‬ ‫صحيــ ُح‬ ‫شــرعيَّة‬ ‫والمعيــار ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـان‬ ‫لفهــم آيــا ِ‬ ‫ت القــرآن فــي ك ِّل زمـ ٍ‬ ‫سـنَّ ِة النَّبويَّـ ِة‬ ‫ومــكان‪ ،‬واالقتــداء بال ُّ‬ ‫صحابــ ِة‬ ‫التــي تُرجمــت بحيــاةِ ال َّ‬ ‫رضــوان هللا عليهــم أجمعيــن‪.‬‬ ‫و ِلتبقــى األ َّمــةُ علــى منهــجِ‬ ‫صــ َل فيهــا‬ ‫القــرآن والســنة وال يتأ َّ‬ ‫ـراف والعلــل التــي قــد تطــرأ‬ ‫االنحـ ُ‬ ‫علــى ســلوكها‪ ،‬ولتشــفى مــن ال ِعلـ ِل‬

‫والجديــر بالذكــر َّ‬ ‫أن واقــع‬ ‫ُ‬ ‫اإلمــام الــذي كانــت أيامــه أشــبَه‬ ‫بأيّامنــا لمــا فيهــا مــن جمــو ٍد‬ ‫يٍ‪،‬‬ ‫يٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ووهــن حضــار ّ‬ ‫فكــر ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي والعســكر ُّ‬ ‫والتَّســلط السّياســ ُّ‬ ‫والت َّ ُّ‬ ‫ي‪ ،‬ومــواالة ُ‬ ‫مــز ُق االجتماعــ ّ‬ ‫غيــر المســلمين‪ ،‬واالفتتــانُ بتقلي ـ ِد‬ ‫ب‬ ‫الكفّــار‪،‬‬ ‫وتهميــش قيــم الكتــا ِ‬ ‫ُ‬ ‫والسُّــنَّ ِة فــي حيــاة األ َّمــ ِة وكثــرة ُ‬ ‫ـر بنــا أن يكــون‬ ‫البــدع‪ ،‬لذلــك جديـ ٌ‬ ‫لنــا وقفــاتٌ مــع منهــجِ اإلمــام‬ ‫اإلصالحــي ودراســةُ مدرســتِه‬ ‫الفقهيَّــ ِة والفكريَّــة‪.‬‬ ‫واألميَ ُ‬ ‫ــز فــي هــذه المدرســ ِة‬ ‫أنَّهــا اغترفــت مــن صلــب‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫التــي قــد تُصيبهــا فــي مســيرتها‬ ‫ُ‬ ‫عبــر َّ‬ ‫يبعــث هللا فيهــا مــن‬ ‫مــن‬ ‫الز ِ‬ ‫يجـ ِدّدُ لهــا دينَهــا‪ ،‬فقــد قــال رســول‬ ‫هللا صلــى هللا عليــه وســلم‪َّ :‬‬ ‫(إن هللا‬ ‫ُ‬ ‫يبعــث لهــذه األمَّــ ِة علــى‬ ‫تعالــى‬ ‫رأس ك ِ ّل مائـ ِة ســن ٍة مــن يجـ ِدّدُ لهــا‬ ‫ِ‬ ‫دينَهــا)‪ .‬رواه أبــو داوود والحاكــم‪.‬‬ ‫الرقابــ ِة‬ ‫فــا بــدَّ مــن بقــاء َّ‬ ‫والمراجعــ ِة والتَّصويــب‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا جعــل مــن خــال الحــركات‬ ‫اإلصالحيَّــ ِة والتَّجديــ ِد والنَّمــاذج‬ ‫صالحيــن‬ ‫الربّانَّيِــة ِمــنَ العلمــاء ال ّ‬ ‫لالقتــداء بهــم‪ ،‬وال يخلــو قـ ٌ‬ ‫ـرن مــن‬ ‫قــرون األ َّمــ ِة اإلســاميَّة دونهــم‬ ‫بدليــ ِل الحديــث السّــابق‪ ،‬ومــن‬ ‫ـاء والمجدّديــن اإلمــام‬ ‫هــؤالء العلمـ ِ‬ ‫ابــن تيميــة رحمــه هللا‪.‬‬

‫بفهــم‬ ‫ب والسُّــنَّة‪ ،‬واهتــدت‬ ‫الكتــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـرون المشــهود لهــا بالخي ََّّريــة‪،‬‬ ‫القـ ِ‬ ‫وتميَّــزت بالمحافظــ ِة علــى‬ ‫الثَّقافـ ِة اإلســاميَّ ِة النَّقيَّـ ِة األصيلـ ِة‬ ‫الخاليــ ِة مــن ّ‬ ‫الزيــغ واالنحــراف‬ ‫والضّــال والغلــو‪ ،‬وتنبَّــه اإلمــام‬ ‫ي‬ ‫لخطــر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآثــار االجتيــاح التَّتــر ّ ِ‬ ‫ـر ِك اليهــو ِد‬ ‫للدَّولـ ِة اإلســاميَّ ِة وتحـ ُّ‬ ‫والنَّصــارى‪.‬‬ ‫اهتــ َّم اإلمــا ُم رحمــه هللا ور َّكــزَ‬ ‫علــى اعتمــا ِد اللُّغ ـ ِة العربيَّ ـ ِة لغــة‬ ‫صحابــ ِة‬ ‫القــرآن‪ ،‬وبيَّــن‬ ‫موقــف ال َّ‬ ‫َ‬ ‫مــن ذلــك‪ ،‬وقــد تمثَّــ َل ذلــك‬ ‫بقــو ِل عمــر رضــي هللا عنــه‪:‬‬ ‫«إيّاكــم ورطانــة األعاجــم»‪،‬‬

‫صحابــةُ يكرهــون أن‬ ‫وكان ال َّ‬ ‫يتكلَّــم المســل ُم بغيــر العربيَّــ ِة ّإل‬ ‫للضَّــرورة‪.‬‬ ‫ومــن أبــرز‬ ‫ِ‬ ‫خصائــص منهــجِ‬ ‫اإلمــام َّ‬ ‫ي الذي‬ ‫أن المحـ َ‬ ‫ـور األساسـ َّ‬ ‫ر َّكــزَ عليــه هــو تنقيــةُ التَّوحيــ ِد‬ ‫ـر العبوديَّــة‪ ،‬وكتــب كتابَــه‬ ‫وتحريـ ُ‬ ‫ـم فــي ذلــك «العبوديّــة» وذكــر‬ ‫الق ِيّـ َ‬ ‫َّ‬ ‫أن العبوديَّــة نوعــان‪:‬‬ ‫‪-1‬قســريَّةٌ تتمثَّــل فــي كــون هللا‬ ‫ربّنــا ومالكنــا‪ ،‬وكوننــا خاضعيــن‬ ‫للقوانيــن التــي جــرى عليهــا‬ ‫الكــون‪ ،‬والسُّــنن التــي ّ‬ ‫نظــم بهــا‬ ‫الخلــق والكــون‪ ،‬فنحــن بهــذه عبــاد‬ ‫هللا شــئنا أم أبينــا‪.‬‬ ‫‪-2‬ونــوع آخــر مــن العبوديَّــ ِة‬ ‫نســتطيع أن ندعـ َـوه «ودّ الخضوع‬ ‫اإلرادي» أو «االنقيــاد ال َّ‬ ‫شــرعي»‬ ‫ّ‬ ‫وهــو التَّو ُّجــهُ بالعبــادةِ والطاعــ ِة‬ ‫فيمــا شــرعه هللا لنــا‪.‬‬ ‫والبــن تيميــة ســيرة ٌ حافلــةٌ‬ ‫والعلم والمعانــاةِ والمحن‪،‬‬ ‫بالجهــا ِد‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫وقــد تضافــرت جهــودُ الحــكاِم‬ ‫ـراء فــي عصـ ِـره مــع جهــو ِد‬ ‫واألمـ ِ‬ ‫بعــض علمــاء السَّــاطين وأهــل‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫البــدعِ لمحاربتِــه والنَّيــ ِل منــه‪،‬‬ ‫فتصــدّى لــك ِّل ذلــك بالح َّجــ ِة‬ ‫والبرهــان‪.‬‬ ‫ـف كتبًــا شـتّى فــي العلــوم‬ ‫وصنَّـ َ‬ ‫والمعــارف‪ ،‬وتميَّــز بمعرفتِــه‬ ‫للواقــع الــذي يعيشــه بــك ِّل أبعــاده‪،‬‬ ‫وكانــت لــه معــاركُ ومناظــراتٌ‬ ‫مــع الفالســف ِة وأباطيلهــم‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ومــع علمــاء‬ ‫ِ‬ ‫الــكالم والمنطــ ِ‬ ‫ف المنحــرف‪.‬‬ ‫صــو ِ‬ ‫والت َّ ُّ‬ ‫وتــرك رحمــه هللا العديــد‬ ‫مــن المؤلفــات قــد تصــل إلــى‬ ‫خمســمائة مصنَّــف‪ ،‬فكتــب‬ ‫فــي التَّفســير رســالة فــي منهــج‬ ‫التَّفســير وفــي العقيــدة لــه كتــبٌ‬ ‫عديــدة منهــا كتــاب اإليمــان و‬ ‫صــراط‬ ‫االســتقامة و اقتضــاء ال ِ ّ‬ ‫المســتقيم و الفرقــان‪ ،‬وفــي مناهجِ‬ ‫االســتدالل كتــاب نقــض المنطــق‬ ‫والــرد علــى المنطقييــن و منهــاج‬ ‫الســنة وكتــاب موافقــة صحيــح‬ ‫المنقــول لصريــح المعقــول‪ ،‬وفــي‬ ‫ـب الفتــاوى‪ ،‬ولــه كتــاب‬ ‫الفقــه كتـ َ‬ ‫القيــاس وكتــاب العقــود وغيــره‬ ‫الكثيــر‪.‬‬ ‫النافذة الفكرية‬

‫‪10‬‬


‫ـار عنــده رحمه‬ ‫كان المعيـ ُ‬ ‫هللا هــو تحقيــق مقاصــ ِد‬ ‫الدّيــن ومصالــح العبــاد‪،‬‬ ‫واعتمــد مــا يســ ّمى بالفقــ ِه‬ ‫ي ِ بعي ـدًا عــن األمــور‬ ‫العلم ـ ّ‬ ‫النَّظريَّــة التــي ال حاجــة‬ ‫لهــا‪ ،‬وكانــت لــه فتــاوى‬ ‫واجتهــاداتٌ فقهيَّــةٌ خالــف‬ ‫الجمهــور وحتّــى‬ ‫فيهــا‬ ‫َ‬ ‫ب األربعة‬ ‫ـ‬ ‫المذاه‬ ‫ـاب‬ ‫ـ‬ ‫أصح‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لمــا تبيَّــن لــه مــن دالالت‬ ‫النَّ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫صــوص فــي تحقيــ ِ‬ ‫المقاصــد والمصالــح‪ ،‬مــن‬ ‫أبرزهــا‪:‬‬ ‫‪-1‬جــواز إقــدام الحائــض‬ ‫علــى الطوائــف عنــد‬ ‫الضــرورة وال فديــة عليهــا‪.‬‬ ‫‪-2‬وأن طــاق الثالثــة‬ ‫المجموعــة وفــي طهــر‬ ‫واحــد وال يلــزم منــه إال‬ ‫طلقــة واحــدة‪.‬‬ ‫‪-3‬وأن مــن علــق الطالق‬ ‫علــى شــروط والتــزه ال‬ ‫يقصــد بذلــك إلــى الخطر أو‬ ‫المنــع يجزئــه كفــارة يميــن‪.‬‬ ‫‪-4‬وأن الخلــع ال ينقــص‬ ‫بــه عــدد الطــاق ولــو وقــع‬ ‫بلفــظ الطــاق‪.‬‬ ‫‪-5‬وأنــه يجــوز التضحيــة‬ ‫بمــا كان أصغــر مــن‬ ‫الضــأن‪.‬‬ ‫‪-6‬وأنــه يجــوز قصــر‬ ‫الصــاة فــي كل مــا يســمى‬ ‫ســفراً‪.‬‬ ‫‪-7‬وأن ســجود التــاوة ال‬ ‫يشــترط لــه الوضــوء‪.‬‬ ‫والكثيــر مــن الفتــاوى‬ ‫فــي السياســة واالجتمــاع‪،‬‬ ‫مســتندًا علــى النّــص‪،‬‬ ‫ب‬ ‫وتهــدف إلــى جلــ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ودرء المفاســد‪.‬‬ ‫المصالــح‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والحقيقــة َّ‬ ‫أن فتــاواه فــي‬ ‫ق أنقذت آالف األ َُ‬ ‫َّ‬ ‫سـ ِـر‬ ‫الطــا ِ‬ ‫مــن التَّفـ ُّك ِك والضَّيــاع‪.‬‬

‫ومــن أهــم ســمات‬ ‫منهجــه هــو إعــادة ُ‬ ‫االعتبار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‪ ،‬وأنَّــه‬ ‫للمنهــجِ النَّبــو ّ‬ ‫صحيحـ ِة‬ ‫وســيلةُ المعرفـ ِة ال َّ‬ ‫والهدايــ ِة ومعرفــ ِة هللا‬ ‫تعالــى‪.‬‬ ‫ويمكــن القــو ُل َّ‬ ‫أن ابــن‬ ‫تيميــة حــ َّل المعضلــةَ‬ ‫المزمنــةَ بيــن العقــ ِل‬ ‫والعلــم‬ ‫والوعــي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ب هــذه‬ ‫فصــو‬ ‫واإليمــان‪،‬‬ ‫َّ َ‬ ‫الثُّنائيَّــةَ‬ ‫ليحولَهــا إلــى‬ ‫ِّ‬ ‫تكامــل‪ ،‬فكتــب «تعــارض‬ ‫العقــل والنَّقــل» أو «موافقــة‬ ‫صحيــح المنقــول لصريــح‬ ‫ا لمعقــو ل » ‪.‬‬ ‫ابــنُ تيميــة لــم يقتصــر‬ ‫ـص‬ ‫النَّظــر علــى تحــري النَّـ ِ ّ‬ ‫صحيــح‪ ،‬بــل اجتهــد فــي‬ ‫ال َّ‬ ‫َّ‬ ‫ـص‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫تنزي‬ ‫ـكان‬ ‫ـ‬ ‫إم‬ ‫ـان‬ ‫بيـ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫علــى الواقــع وخصائــص‬ ‫كليف‬ ‫ذلك‪ ،‬وحـدَّدَ وقــوع الت َّ ِ‬ ‫ومــدى االســتطاعة‪ ،‬وفــي‬ ‫ذلــك فيقــول‪« :‬العا ِلــم‬ ‫تــارة يأمــر وتــارة ينهــى‪،‬‬ ‫وتــارة يبيــح وتــارة يســكت‬ ‫عــن األمــر أو النهــي‪...‬‬ ‫كمــا قيــل َّ‬ ‫إن مــن المســائل‬ ‫مســائل جوابهــا السُّــكوت‬ ‫كمــا ســكت ال ّ‬ ‫شــارع فــي‬ ‫َّأول األمــر عــن األمــر‬ ‫بأشــياء‪ ،‬حتــى عال اإلســا ُم‬ ‫وظهــر‪ ،‬فالعلــم فــي البيــان‬ ‫والبــاغ كذلــك قــد يؤخــر‬ ‫البيــان والبــاغ ألشــياء إلــى‬ ‫وقــت التَّمكيــن كمــا أخــر‬ ‫هللا ســبحانه إنــزال اآليــات‬ ‫وبيــان األحــكام وإلــى وقـ ٍ‬ ‫ت‬ ‫تم َّكــن رســول هللا صلــى هللا‬ ‫عليــه وســلم مــن بيانهــا»‪.‬‬ ‫ويتابــع رحمــه هللا‬ ‫فيقــول‪« :‬فالمحيــي لديــن‬ ‫سـنَّة ال يبالــغ‬ ‫هللا والمجـ ِدّدُ لل ُّ‬ ‫ّإل مــا أمكــن علمــه والعمــل‬ ‫بــه‪ ،‬كمــا َّ‬ ‫أن الدّاخــل فــي‬ ‫اإلســام ال يمكــنُ حيــن‬ ‫دخو ِلــه أن يُلقَّــن جميــع‬ ‫ـر بهــا كلّهــا‪،‬‬ ‫شــرائحه ويؤ َمـ َ‬ ‫ُّ‬ ‫كذلــك التّائــب مــن الذنــوب‬

‫والمتعلّــم والمسترشــد ال‬ ‫ِ‬ ‫يمكــن فــي َّأول األمــر‬ ‫أن يأخــذ بجميــع الدّيــن‬ ‫ويُذكــر لــه جميــع العلــم‬ ‫فإنــه ال يطيــق ذلــك‪ ،‬فــإذا‬ ‫لــم يطقــه لــم يكــن واجبًــا‬ ‫عليــه فــي هــذا الحــال‪ ،‬وإذا‬ ‫لــم يكــن واجبًــا لــم يكــن‬ ‫للعالــم واألميــر أن يوجبَــه‬ ‫عليــه ابتــدا ًء‪ ،‬بــل يعفــو‬ ‫عــن األمــر والنَّهــي بمــا ال‬ ‫يمكــن علمــه وعملــه إلــى‬ ‫وقــت اإلمــكان‪ ،‬كمــا عفــا‬ ‫رســول هللا صلــى هللا عليــه‬ ‫وســلم ع َّمــا عفــا عنهــم إلــى‬ ‫وقــت بيانــه‪ ،‬وال يكــون‬ ‫ذلــك مــن بــاب إقــرار‬ ‫المحرمــات‪ ،‬وتــرك األمــر‬ ‫َّ‬ ‫بالواجبــات؛ َّ‬ ‫ألن الوجــوب‬ ‫والتّحريــم مشــروط بإمــكان‬ ‫العلــم والعمــل» مجمــوع‬ ‫الفتــاوى‪.‬‬ ‫هــذ الفقــه يمكــن أن‬ ‫نســ ّميَه «فقــه المرحلــة أو‬ ‫الحالــة»‪ ،‬ومــا أحوجنــا‬ ‫اليــوم إلــى هــذا الفقــه‬ ‫وهــذا الوعــي فــي الدَّعــوة‬ ‫والتَّبليــغ‪ ،‬ويبقــى ضــرورة‬ ‫االرتقــاء بمســتوى الَّتكليــف‬ ‫لبلــوغ نهايــة المطلوب؛ َّ‬ ‫ألن‬ ‫ـكام‬ ‫ـف مســتمرة ٌ ألحـ ِ‬ ‫التَّكاليـ َ‬ ‫ــاس‬ ‫الدّيــن فــي حيــاة النّ ِ‬ ‫مهمــا كانــت اســتطاعتهم‬ ‫ومســتوى تديُّنهــم‪.‬‬ ‫أ َّمــا ح َّجـةُ رفــع ال َّ‬ ‫شــري ِعة‬ ‫بح َّجــ ِة عــدم تأ ُّهــ ِل‬ ‫المجتمــع ألحكامهــا فهــذا‬ ‫أمــر خطيــر؛ َّ‬ ‫ألن تأهيــ َل‬ ‫ٌ‬ ‫المجتمــع يتـ ُّم ضمــنَ أحــكام‬ ‫ال َّ‬ ‫شــريع ِة نفسِــها‪ ،‬وهــي‬ ‫ـاس إلــى‬ ‫تتكفَّـ ُل بإيصــا ِل النّـ ِ‬ ‫ـزام‬ ‫منتهــى العبوديَّ ـ ِة وااللتـ ِ‬ ‫بمحكمتهــا ومــا جــاء فيهــا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن فقــه اإلمــام هــذا كان‬ ‫ـر الكبيــر فــي إعــادة‬ ‫لــه األثـ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ــص‬ ‫ظــر بمقاصــد الن ِ ّ‬ ‫النَّ ِ‬ ‫وفهمــه‪ ،‬وعــدم االقتصــاد‬ ‫ِ‬ ‫علــى الت َّ‬ ‫المجــر ِد‬ ‫فســير‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫البعيــد عــن التنزيــل‪.‬‬

‫وربمــا هــذا معنــى الميــزان‬ ‫انطالقًــا مــن قــول الحــق‬ ‫ً‬ ‫س ْ‬ ‫ــلنَا‬ ‫فمثــا يقــول اإلمــام ســبحانه ((لَقَــ ْد أَرْ َ‬ ‫ت َوأ َ َ‬ ‫نز ْلنَــا‬ ‫السياســة ُرسُــلَنَا ِب ْالبَ ِيّنَــا ِ‬ ‫فــي كتابــه ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــاب َوال ِم َ‬ ‫يــزانَ‬ ‫َمعَهُــ ُم ال ِكت َ َ‬ ‫الشــرعية‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْــط))‬ ‫ــاس بِال ِقس ِ‬ ‫ِليَقــو َم الن ُ‬ ‫"قلــة اجتمــاع األمانــة‬

‫والقــوة فــي النــاس‪:‬‬ ‫فالواجــب‬

‫فــي‬

‫كل‬

‫واليــة األصلح بحســبها‪،‬‬ ‫فــإذا التقيــت رجــان‬ ‫أحدهمــا أعظــم أمانــة‬ ‫واآلخــر أعظــم قــوة‪،‬‬ ‫قــدم أنفعهمــا لتلــك‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫وأقلهمــا‬ ‫الواليــة‪،‬‬ ‫قــدم‬ ‫في َّ‬ ‫ضــررا فيهــا‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫فــي إمــارة الحــرب‬ ‫ـوي ُّ‬ ‫الشــجاع‬ ‫َّ‬ ‫ـل القـ ُّ‬ ‫الرجـ ُ‬ ‫وإن كان فيــه فجــور‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عيــف‬ ‫الض‬ ‫جــل َّ‬ ‫علــى َّ‬ ‫الر ِ‬

‫العاجــز وإن كان أمينً ــا"‬

‫ســئل اإلمــام األحمــد عــن‬ ‫الرجليــن يكونــان أميــران‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫فــي الغــزو وأحدهمــا قــو ٌّ‬ ‫فاجــر واآلخــر صالــح‬ ‫ضعيــف‪ :‬مــع أ ِيّهمــا يُغزى؟‬ ‫ي‬ ‫فقــال‪ :‬أ ّمــا الفاجــر القــو ُّ‬ ‫وفجــوره‬ ‫فقوتُــه للمســلمين‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫صال ـ ُح‬ ‫علــى نف ِســه‪ ،‬وأ ّمــا ال ّ‬ ‫ـف فصال ُحــه لنف ِســه‬ ‫الضَّعيـ ُ‬ ‫وضعفُــه علــى المســلمين؛‬ ‫ي ِ الفاجر‪،‬‬ ‫فيُغــزى مــع القــو ّ‬ ‫وقــد قــال رســول هللا صلــى‬ ‫هللا عليــه وســلم‪َّ :‬‬ ‫(إن هللاَ‬ ‫يؤ ِيّــدُ هــذا الدّيــنَ بالرَّ جــ ِل‬ ‫الفاجــر)‪.‬‬ ‫ومــن القضايــا التــي‬ ‫اهتـ َّم بهــا اإلمــام ابــن تيميــة‬ ‫ـق المعرفــة والعلــم؛ َّ‬ ‫ُخلُـ ُ‬ ‫ألن‬ ‫ــر ال ُخلُــق‬ ‫العلــم بــدون توفُّ ِ‬ ‫َ‬ ‫لــون‬ ‫إلــى‬ ‫ينقلــب‬ ‫ســوف‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫والظلـ ِـم والفســاد‬ ‫مــن البغـي ِ‬ ‫ضــا‬ ‫عو‬ ‫ّيــن‪،‬‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫وتفريــق‬ ‫ً‬ ‫مــن أن يكــون مســ ِبّبًا فــي‬ ‫والقــوةِ‪،‬‬ ‫الوحــدةِ والتَّكامــ ِل‬ ‫َّ‬

‫الحديــد ‪.25‬‬

‫ذلــك َّ‬ ‫ـزان‬ ‫ألن غيــاب الميـ ِ‬ ‫ولــو كان صاحبُــه علــى‬ ‫َّ‬ ‫فــإن‬ ‫شــيءٍ مــن العلــم‬ ‫ي‬ ‫البغــ‬ ‫عل َمــه يقــودُه إلــى‬ ‫ِ‬ ‫ـاس‬ ‫ـس النّـ ِ‬ ‫والتَّطفيــف‪ ،‬وبخـ ِ‬ ‫ق األذى‬ ‫أشــيا َءهم‪ ،‬وإلحــا ِ‬ ‫ّــوء بهــم‪ ،‬ويــؤدّي‬ ‫والس ِ‬ ‫اإلنصــاف وأكل‬ ‫عــدم‬ ‫إلــى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحقــوق وغيــاب ميــزان‬ ‫االعتــدال كمــا يــؤدّي‬ ‫صــب‪،‬‬ ‫ق والتَّع ُّ‬ ‫إلــى التَّفريــ ِ‬ ‫وغلبــ ِة النّــزوعِ الحزبــ ّ‬ ‫يِ‬ ‫ّ‬ ‫والطائفــي‪ ،‬وعنــد فقــدان‬ ‫الميــزان تصبــح الكبائــر‬ ‫المهلكــة مــن الهفــات‬ ‫وتنقلــب الهفّــات‬ ‫واللَّمــم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صغائــر إلــى كبائــر‪،‬‬ ‫وال َّ‬ ‫وهــذا مــن أخطــر‬ ‫األمــراض‪.‬‬ ‫وهــذا ال يعنــي أن‬ ‫ابــن تيميــة ينكــر وجــود‬ ‫االختــاف‪ ،‬فهــو يعتبــره‬ ‫ظاهــرة ً طبيعيَّــة‪ ،‬ومــن‬ ‫ســنن هللا فــي الخلــق‪ ،‬لكــن‬ ‫االختــاف المحمــود الــذي‬ ‫يتحلّــى بــاألدب‪ ،‬واختــاف‬ ‫تنــوع ال اختــاف التَّضــادّ‬ ‫ُّ‬ ‫المذمــوم‪ ،‬لذلــك دافــع عــن‬ ‫أئمــة الهــدى واالجتهــاد‬ ‫وألَّــف رفــع المــام عــن‬ ‫األئمــة األعــام‪.‬‬

‫قليد الجماعي التي َّ‬ ‫حو ِل من َّ‬ ‫منهج َّ‬ ‫بأنه كسر قيود َّ‬ ‫ابن تيمية تميَّ ز َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫قليد‬ ‫الت‬ ‫األم ِة اإلسالميَّ ة‪ ،‬وبيَّ ن‬ ‫عطلت‬ ‫الت‬ ‫َ‬ ‫الت ُّ‬ ‫حركة َّ‬ ‫إن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بكل‬ ‫واالتباع‬ ‫واالبتداع إلى االقتداء‬ ‫والس َّن ِة‪ ،‬ومن خالل فهم القرون‬ ‫الكتاب‬ ‫منطلقا بذلك من فقه‬ ‫شروطه وأبعاده‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫المشهود لها بالخيريَّ ة‪.‬‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة الفكرية‬

‫‪11‬‬


‫•أبرز مشــايخه‪:‬‬

‫ش‪ .‬عدنــانُ بــن مح َّم ـ ِد‬‫ــم لديــه‬ ‫َ‬ ‫عــدَس ◄ تعلَّ َ‬ ‫مبــادئ القــراءةِ والكتابــ ِة‪.‬‬ ‫ش‪ .‬مح َّمــد بــن‬‫عثمــانَ الخطيــ ِ‬ ‫ب الدُّومــ ّ‬ ‫يِ‬ ‫ب‬ ‫ـر بأســلو ِ‬ ‫ي ِ ◄تأثَّـ َ‬ ‫الحنبل ـ ّ‬ ‫شــيخه وطريقتِــه‪ ،‬وقــرأ‬ ‫ِ‬ ‫«مختصــر‬ ‫كتــاب‬ ‫عليــه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫للعالَّمــة‬ ‫اإلفــاداتِ»‬ ‫ي ِ‪.‬‬ ‫البَ ْلبا نِــ ّ‬ ‫ـام العالَّ َم ـةُ‬ ‫ ُمح ـدّ ُ‬‫ِث ال َّ‬ ‫شـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ـدر‬ ‫مح َّمـدُ بـ ِ‬ ‫ِ َ َ ِ ُّ‬ ‫◄ أخــذَ عنــهُ‪ ،‬ومد َحــهُ‪،‬‬ ‫وأثنــى علي ـ ِه فــي ُكتُبِــه‪.‬‬ ‫الفقيــه‬ ‫العالَّمــة‬‫ي مح َّمــد بــن‬ ‫ال َحيْســوبِ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫نطــاو‬ ‫الط‬ ‫مصطفــى‬ ‫ِّ‬ ‫ي ِ ◄ أخــذَ عنــه‬ ‫األزهــر ّ‬ ‫ت‬ ‫ــم الهيئــ ِة والميقــا ِ‬ ‫ِع ْل َ‬ ‫ب‪ ،‬إلــى ْ‬ ‫ع‬ ‫أن بــر َ‬ ‫والحســا ِ‬ ‫َّ‬ ‫وناظــر‬ ‫ــف‬ ‫َ‬ ‫فيهــا‪ ،‬فأل َ‬ ‫بقلــم‪ :‬نــور الدين طالب وتصــدَّى لتدر ِيســها‪.‬‬ ‫العالَّمــة الفقيــه أحمــدُ‬‫شـ ِ ّ‬ ‫ي ِ ◄ أخذَ‬ ‫ـن ال َّ‬ ‫بــنُ َح َ‬ ‫سـ ٍ‬ ‫ـط ّ‬ ‫ـض‪.‬‬ ‫عنــه الفق ـهَ والفَرائِـ ِ‬ ‫العالَّمــةُ‬‫المحــدّ ُ‬ ‫ِث‬ ‫•اسمه‬ ‫ونسب ُه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ســليم بــن ياســينَ العَ َّ‬ ‫طــار‬ ‫الع َّ‬ ‫قيه‬ ‫ال َم ُة َ‬ ‫الف ُ‬ ‫هو َ‬ ‫ي ِ ◄ قــرأ َ عليــ ِه‬ ‫الدِّمشــق ّ‬ ‫ُ‬ ‫المحد ُث‬ ‫صولي‬ ‫األ‬ ‫الحديــث‪ ،‬وأجــازَ هُ إجــازة ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫المفس ُر َّ‬ ‫عبد عا َّمــةً‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ي ُ‬ ‫الن ْح ِو ُّ‬ ‫بن‬ ‫بن‬ ‫اســتمر طلبُــهُ‬ ‫للعلــم‬ ‫َّ‬ ‫أحمد ِ‬ ‫القاد ِر ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ــت‬ ‫فــي دمشــقَ قُرابــةَ ِس ّ ِ‬ ‫ران‪،‬‬ ‫مصطفى َب ْد َ‬ ‫صــ َل خاللَهــا‬ ‫ثم ســنواتٍ‪َ ،‬ح َّ‬ ‫الد ِ‬ ‫ي‪َّ ،‬‬ ‫ي‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫وم ُّ‬ ‫الس ْع ِد ُّ‬ ‫ّ‬ ‫الدم ْش ِقي‪ ،‬الحنبلي‪ ،‬بجــ ِد ِه واجتهــا ِد ِه مــا‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ص ْلــهُ‬ ‫غيــره فــي‬ ‫لــم يح ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي َّ‬ ‫السلَ ف ُّ‬ ‫األثَ ِر ُّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫الطــوا ِل‪ ،‬وكانَ‬ ‫السَّــنوا ِ‬ ‫آثــار ال َم ْن َه ِجيَّــ ِة‬ ‫ذلــكَ مــن‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫العلميَّــ ِة التــي لَقنَــهُ إيَّاهــا‬ ‫•والدتُ ُه ونشأتُ ُه‪:‬‬ ‫شــي ُخه العالَّم ـةُ مح َّم ـدُ بــنُ‬ ‫ران في‬ ‫ـب ـ رحمــه‬ ‫ابن َب ْد َ‬ ‫ُو ِل َد ُ‬ ‫عثمــانَ الخطيـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫هللا تعالــى ـ‪.‬‬ ‫دومة سنة‬ ‫بلدة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪1280‬هـ‪ ،‬ونشأ بها‬ ‫يقتصــر علــى‬ ‫لكنَّــهُ لــم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫مــا أخــذ‪ ،‬وإنمــا أ َكــبَّ‬ ‫تقي ٍة‬ ‫في‬ ‫أسرة َّ‬ ‫بع ـدَ ذلــكَ علــى ال ُمطالع ـ ِة‬ ‫ٍ‬ ‫والده‬ ‫فكان‬ ‫صالحة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫بنفسِــه‪ ،‬حتَّــى بــر َ‬ ‫َّ‬ ‫رجال‬ ‫أحمد‬ ‫يخ‬ ‫الش ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫فــي الكتــاب والسُّــنَّ ِة‪،‬‬ ‫وجده َّ‬ ‫يخ‬ ‫صالحاً ‪،‬‬ ‫الش ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫أل‬ ‫وا‬ ‫ْ‬ ‫ْــن‪ ،‬والمذهــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫مصطفى من‬ ‫ِ‬ ‫ـائر‬ ‫الخـ ِ‬ ‫ومعرفـ ِة ِ‬ ‫ـاف‪ ،‬وسـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫العلم‬ ‫والفضل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأول العُلــوم العقليَّــ ِة واألدبيَّــ ِة‬ ‫َّ‬ ‫الشيخ عبد‬ ‫من تعل َم ّ‬ ‫والرياضيَّــ ِة ‪.‬‬ ‫القادر على يديه‪.‬‬ ‫وعــادَ إلــى دوم ـةَ‪ ،‬وبــدأ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫يُلقــي دروسـا ً منتظ َمـةً فــي‬ ‫الكبيــر‪ ،‬يشــر ُح‬ ‫جامعهــا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي فــي‬ ‫فيهــا الفقــهَ الحنبلــ َّ‬ ‫ب «شــرحِ ُم ْنتهــى‬ ‫كتــا ِ‬ ‫يِ‪.‬‬ ‫اإلرادات» للبهوتــ ّ‬ ‫ـت لــه فتنةٌ‬ ‫إلــى ْ‬ ‫أن حصلَـ ْ‬ ‫ومحْ نَــةٌ عظيمــة؛ٌ‬ ‫كبيــرةٌ‪ِ ،‬‬ ‫فهاجــر إلــى دمشــقَ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وعانــى فيهــا مــن الغُربــ ِة‬ ‫والبُعــدِ‪ ،‬والعُزل ـ ِة والفقـ ِـر‪،‬‬ ‫ل ِك ْ‬ ‫ــف ذلــكَ‬ ‫ــن م َّمــا خفَّ َ‬ ‫عن ـهُ مــا لَ ِقيَ ـهُ مــن الوجي ـ ِه‬ ‫ي‬ ‫التَّاجـ ِـر محمــو ٍد البــارود ّ ِ‬ ‫ْــن‬ ‫مــن ت َرحــا ٍ‬ ‫ب و ُحس ِ‬ ‫ضيافــةٍ‪ ،‬نــز َل عنــدَه مــدَّة َ‬ ‫ســنتين ونصــفٍ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األمــر‬ ‫اســتقر بــ ِه‬ ‫ثــ َّم‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫فــي مدرسـ ِة عبـ ِد هللاِ باشــا‬ ‫العَ ْ‬ ‫جنــوب المســج ِد‬ ‫ــم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫يِ‪ ،‬وســكنَ فيهــا‬ ‫األ ُ َمــ ِو ّ‬ ‫ْ‬ ‫علويَّــةٍ‪ ،‬كانَ فيهــا‬ ‫بغرفــ ٍة ُ‬ ‫ُمقا ُمــهُ وطعا ُمــهُ و َمنامــهُ‬ ‫ســهُ‪ ،‬وبقــي فيهــا‬ ‫وتدري ُ‬ ‫قُرابةَ‬ ‫نصف قَ ْر ٍن ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫* َوظائِ ُفـ ُـه َ‬ ‫وأ ْع ُ‬ ‫مال ُه ‪:‬‬

‫تنقَّــ َل ابــنُ بــدرانَ بيــنَ‬ ‫ـف فــي حياتِ ـ ِه‪،‬‬ ‫ع ـدَّةِ وظائـ َ‬ ‫العلم‬ ‫وهــي ال ت َ ْعـدُو َمجــا َل ِ‬ ‫والتَّعليـ ِـم‪ ،‬ومنهــا‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ الت َّ‬ ‫دريــس‪ :‬تصــد َ​َّر‬ ‫ُ‬ ‫ـس من ـذُ إقامتِــه فــي‬ ‫للتَّدريـ ِ‬ ‫َ‬ ‫دومــةَ‪ ،‬فأقــرأ الفقــهَ فــي‬ ‫ـررا ً‬ ‫«الجامــعِ الكبيـ ِـر»‪ُ ،‬مقَـ ِ ّ‬ ‫كتــاب «شــرحِ ُم ْنت َهــى‬ ‫َ‬ ‫اإلراداتِ» للبُهوتــي‪ ،‬وفــي‬ ‫أثنــاء ذلــكَ وضــع عليــ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫حاشــية مفيــدةً‪.‬‬ ‫بع ـدَ انتقا ِلــه إلــى دمشــقَ‬ ‫ع ِيّــنَ ُمدَ ِ ّرسـا ً تحــتَ‬ ‫بمـدَّةٍ‪ُ ،‬‬ ‫الجامــع‬ ‫فــي‬ ‫ْــر‬ ‫س‬ ‫قُبَّــ ِة النَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫يِ‪ ،‬وكانَ‬ ‫ِّ‬ ‫يــدر ُ‬ ‫األُمــو ّ‬ ‫ـير والحديـ َ‬ ‫ـث‪،‬‬ ‫الفقـهَ والتفسـ َ‬ ‫ويميــ ُل فــي درو ِســه إلــى‬ ‫اإلصــاحِ والتجديـدِ‪ ،‬وم َّما‬ ‫ْــر‬ ‫َّ‬ ‫در َ‬ ‫ســهُ تحــتَ قُبَّــ ِة النَّس ِ‬ ‫األحــكام»‬ ‫كتــاب « ُ‬ ‫ُ‬ ‫ع ْمــدَةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للحافــظ عبــ ِد الغنــ ّ‬ ‫يِ‬ ‫يِ‪.‬‬ ‫المقدســ‬ ‫ّ‬ ‫س ـ أيضــا ً ـ فــي‬ ‫َّ‬ ‫ودر َ‬ ‫ُّميســاطيَّ ِة‪،‬‬ ‫المدرســ ِة الس‬ ‫ِ‬ ‫ُّروس‬ ‫إضافــةً إلــى الــد ِ‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫ــررا ً‬ ‫ص ِ ّححــا ً‬ ‫و ُم َح ِ ّ‬ ‫ُم َ‬ ‫بمطبعـ ِة الواليـ ِة وجريدتِها‬ ‫فــي دمشــقَ ‪ ،‬كمــا‬ ‫بتحريــر جريــد ِة‬ ‫شــاركَ‬ ‫ِ‬ ‫ــس» الدِّمشــقيَّ ِة‪.‬‬ ‫«ال ُم ْقتَبَ ِ‬ ‫وأنشــأ َ‬ ‫مجلَّــةَ‬ ‫الحكمــ ِة» ســنةَ‬ ‫«مــوار ِد ِ‬ ‫( ‪1 3 9 2‬هـــ ) ‪.‬‬ ‫حــف‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫وكتــب فــي ال ُّ‬ ‫َ‬ ‫«المشــكا ِة»‪،‬‬ ‫كـ‬ ‫؛‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫الدِّمشــقيَّ ِ‬ ‫و «ال َّ‬ ‫ـام»‪ ،‬و «الكائناتِ»‬ ‫شـ ِ‬ ‫«الــرأي العــا ِ ّم»‪.‬‬ ‫و‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫آثــار‬ ‫عــن‬ ‫قيــب‬ ‫‪ 5‬ـ الت َّ ْن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫انصــرف ابــنُ‬ ‫دمشــقَ ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫بــدرانَ مــدَّة ً مــن حياتِــ ِه‬ ‫ب عـ ْ‬ ‫ـار دمشــقَ‬ ‫للتَّنقي ـ ِ‬ ‫ـن آثـ ِ‬ ‫بتكليــفٍ من قاضي دمشــقَ‬ ‫ال َّ‬ ‫بــن‬ ‫ِــن ِ‬ ‫شــيخِ عبــ ِد ال ُمحْ س ِ‬ ‫ُ‬ ‫يِ‪،‬‬ ‫عبــ ِد‬ ‫ِ‬ ‫القــادر األسْــطوانِ ّ‬ ‫رأس لجنــةٍ‪،‬‬ ‫إذ كان علــى ِ‬ ‫َّ‬ ‫مــدارس‬ ‫ــواف علــى‬ ‫للط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـف حالتِهــا‪،‬‬ ‫دمشــقَ ‪ ،‬ووصـ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ومــا فيهــا مــن الطــا ِ‬ ‫ومــا قــ ْد تحتــا ُج إليــ ِه مــنْ‬ ‫إصــاحٍ وترميــم‪...‬‬

‫العلــم‪،‬‬ ‫صــ ِة لطلبــ ِة‬ ‫الخا َّ‬ ‫ِ‬ ‫والَّتــي كانَ يقــو ُم بهــا فــي‬ ‫مدرســ ِة عبــ ِد هللاِ باشــا‬ ‫مقــر إقام ِتــ ِه‪.‬‬ ‫العظــم‬ ‫ِّ‬ ‫ـر‬ ‫وكانَ ـ م ـ َع ذلــكَ ـ كثيـ َ‬ ‫التنقُّــ ِل بيــنَ قُــرى غوطــ ِة‬ ‫لتعليــم العا َّمــ ِة‬ ‫دمشــقَ‬ ‫ِ‬ ‫ـن الطلَّبَ ِة‬ ‫ـ‬ ‫وتلقي‬ ‫ِهم‪،‬‬ ‫د‬ ‫وإرشــا‬ ‫ِ‬ ‫الَّذيــنَ ال يقــدِرون علــى‬ ‫الرحلــ ِة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫شــعب ِة‬ ‫ض ِويَّــة‬ ‫ع ْ‬ ‫‪ُ -2‬‬ ‫ـارف بدومـةَ‪ :‬تشـ َّكلَتْ‬ ‫المعـ ِ‬ ‫فــي دومةَ ســنة (‪1309‬هـ)‬ ‫ُ‬ ‫ـارف‪َ ،‬م َه َّمتُهــا‬ ‫شــعبةٌ للمعـ ِ‬ ‫العلــم والثَّقافــ ِة‬ ‫نشــر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ــم‬ ‫والتَّربيــ ِة‪ ،‬وشَــحْ ذُ ِه َم ِ‬ ‫ـاس علــى تعليِــم أطفا ِلهم‬ ‫النَّـ ِ‬ ‫ب‬ ‫وإرســا ِلهم إلــى الكَتاتيــ ِ‬ ‫والمــدارس‪ ،‬وكانَ ابــنُ‬ ‫ِ‬ ‫ـاء هــذ ِه‬ ‫ـ‬ ‫أعض‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫بــدرانَ أح َ‬ ‫ال ُّ‬ ‫شــعب ِة‪.‬‬ ‫ِيــار‬ ‫‪ 3‬ـ ت َ​َو ِلّــي‬ ‫ِ‬ ‫إفتــاء الدّ ِ‬ ‫عيَّــنَ‬ ‫الحجازيَّ ـ ِة بســوريَّةَ‪َ :‬‬ ‫الملــكُ عبــدُ‬ ‫العزيــز آ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ســعو ٍد العالمة ابــنَ بدرانَ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ِيــار الحجازيَّــ ِة‬ ‫ُمفتِيــا للدّ ِ‬ ‫•ر َح ُ‬ ‫الت ُه ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫فــي ســوريَّةَ‪ ،‬وذلــكَ لش ـدَّةِ‬ ‫ابــن‬ ‫ت‬ ‫أُولَــى َر َحــا ِ‬ ‫ُوثوقِـ ِه بـ ِه واعتمــاد ِه علي ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هــي رحلتُــه فــي‬ ‫بــدرانَ‬ ‫َ‬ ‫فــي‬ ‫‪-4‬التَّصحيــ ُح‬ ‫العلــم إلــى دمشــقَ ‪،‬‬ ‫ب‬ ‫تحريــر طلــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المطابــعِ وإدارة ُ‬ ‫ِ‬ ‫واســتقرارهُ بهــا ُمــدَّة ً فــي‬ ‫ا لجر ا ئــ ِد ‪:‬‬ ‫ث األشــرفيَّ ِة‪.‬‬ ‫دار الحديــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمــ َل ابــنُ بــدرانَ‬

‫سير وأعالم‬

‫‪12‬‬


‫باألميــر عبــ ِد‬ ‫ثــ َّم اتَّصــ َل ابــنُ بــدرانَ‬ ‫ِ‬ ‫يِ‪ ،‬ورافقَــهُ فــي رحلتِــه‬ ‫ِ‬ ‫القــادر الجزائــر ّ‬ ‫الجزائــر‪،‬‬ ‫وزار‬ ‫ب وأوربَّــا‪،‬‬ ‫إلــى المغــر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ودامــت‬ ‫وتونــس‪ ،‬وإيطاليــا‪ ،‬وفَ َرنســا‪،‬‬ ‫رحلتُــه سـتَّةَ أشـ ُه ٍر‪ ،‬صــا َ‬ ‫غ مذ ِ ّكراتِـ ِه فيهــا‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ب»‪.‬‬ ‫ع ـهُ ديوانَــه‪« :‬ت َ ْســلية اللبي ـ ِ‬ ‫ِش ـ ْعرا ً أودَ َ‬ ‫•م ْذ َه ُب ُه ‪:‬‬ ‫َ‬

‫نشــأ َ ابــنُ بــدرانَ في بيئـ ٍة حنبليَّـةٍ‪ ،‬وأ َ َّو ُل‬ ‫يِ‪ ،‬كمــا‬ ‫مــا ابتــدأ َ ب ـ ِه دراس ـةُ الفق ـ ِه الحنبل ـ ّ‬ ‫ـر آ ِنفـاً‪.‬‬ ‫حكــى ذلــكَ عــن نف ِســه‪ ،‬وقــد مـ َّ‬ ‫وألجــ ِل ذلــكَ ت َ​َو َّج َه ْ‬ ‫ــت عنايتُــهُ لخدمــ ِة‬ ‫وتوضيــح‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ه‬ ‫عنــ‬ ‫ب‪ ،‬والــذَّبّ ِ‬ ‫هــذا المذهــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقاصــ ِدهِ‪ ،‬وزادَ مــن ه َّمتِــ ِه فــي ذلــك‬ ‫ا ِت ّصــا ُل أهــ ِل نَجْ ــ ٍد بــ ِه‪ ،‬وتشــجيعُهم إيَّــاهُ‬ ‫ت علــى‬ ‫علــى وضــعِ الحواشــي والنُّكَــ ِ‬ ‫ـهر كتبِــه‬ ‫الكت ـ ِ‬ ‫ب المعت َم ـدَةِ‪ ،‬وكانَ مــن أشـ ِ‬ ‫ب كتابُــه «ال َم ْد َخــل إلــى‬ ‫ـ‬ ‫المذه‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫خدم‬ ‫فــي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـن َح ْنبَــل» الــذي لــم‬ ‫مذهـ ِ‬ ‫ب اإلمـ ِ‬ ‫ـام أحمـدَ بـ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ــف فــي موضو ِعــه قبلــه ِمثلــه‪ ،‬وقــد‬ ‫يؤلَّ ْ‬ ‫تحــد َ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫َّث فيــه عــن تاريــخِ نشــأةِ المذهــ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ـي عليهــا‪ ،‬وعـ ْ‬ ‫ـن‬ ‫وعـ ِ‬ ‫ـن األصــو ِل التــي بُنِـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ب؛‬ ‫المذهــ‬ ‫فــي‬ ‫ن‬ ‫المص‬ ‫ت‬ ‫حــا‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫مص‬ ‫ِفيــنَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـر‬ ‫ب‬ ‫ـهر الكت ـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫المدونَ ـ ِة فيــه‪ ،‬ولــذا َكثـ َ‬ ‫وأشـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت العنايــة إليــ ِه‪،‬‬ ‫االنتفــا ُ‬ ‫ع بــه‪ ،‬وتو َّج َهــ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ط ِب ـ َع ِع ـدَّة َ َ‬ ‫طبَعــاتٍ‪ ،‬واســتفادَ من ـهُ خ َْلـ ٌ‬ ‫ـق‬ ‫ـر مــنَ الحنابل ـ ِة‬ ‫وغيرهــم‪ ،‬وكانَ أح ـدَ‬ ‫كثيـ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ـر َر ِة لَـدَى ُمتَفَ ِقّ َهـ ِة الحنابلـ ِة في‬ ‫ـ‬ ‫المق‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫الكتـ ِ‬ ‫بــا ِد ال َّ‬ ‫ـام‪.‬‬ ‫شـ ِ‬ ‫ـي الحنابل ِة؛‬ ‫ووضـ َع ابــنُ بدرانَ حوا ِشـ َ‬ ‫صــراتِ»‪ ،‬و‬ ‫ــر ال ُم ْخت َ َ‬ ‫كـــ «أ َ ْخ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َــرحِ ُم ْنت َهــى اإلرادات»‪ ،‬و‬ ‫«ش ْ‬ ‫ص ِر‬ ‫«الـ َّ‬ ‫ـر ْو ِ‬ ‫ض ال ُم ْر ِبــعِ»‪ ،‬و « ُم ْخت َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اإلفــاداتِ»‪ ،‬وأل َ‬ ‫ــف فــي تاريــخِ‬ ‫ب ورجا ِلــه «ذي ـاً» علــى‬ ‫المذه ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫طبقــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابــن َر َجــ ٍ‬ ‫الحافــظ ِ‬

‫ْ‬ ‫عــن ِذ ْكــرى‬ ‫ب‬ ‫ســ َّماهُ‪« :‬تسْــ ِليَة اللَّبيــ ِ‬ ‫َحبيــب»‪ ،‬كمــا تفـ َّـوقَ فــي النَّثْـ ِـر‪ ،‬فصــا َ‬ ‫غ‬ ‫األدباء‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫كتبَـهُ التاريخيَّـةَ والفقهيَّـةَ بأســلو ِ‬ ‫ت كتبُــه ســهلَةً‬ ‫ـاء‪ ،‬فجــا َء ْ‬ ‫ب الفُقهـ ِ‬ ‫ال بأســلو ِ‬ ‫َّ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫َّــرةً‪ُ ،‬مذَللَــةَ ال ِ ّ‬ ‫صعــا ِ‬ ‫ُميَس َ‬ ‫ومــن شــعره أنــه عندمــا زار بــاد‬ ‫الغــرب برفقــة األميــر عبــد القــادر‬ ‫الجزائــري أرســل ألهلــه فــي دومــا‬ ‫قصيــدة طويلــة يمــدح دومــا وأهلهــا‬ ‫ويفضلهــا علــى بــاد الغــرب‪.‬‬ ‫ومما قال فيها‪:‬‬ ‫َحيَّا ال َحيَا «دُوما» البديعةَ إنها‬ ‫ْ‬ ‫الغراء‬ ‫أضحت جما َل الغوط ِة‬ ‫ِ‬ ‫بلدٌ على‬ ‫ِ‬ ‫اإلنصاف أفض ُل موضعٍ‬ ‫العدو النَّائي‬ ‫أنف‬ ‫رغما ً على ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ودرة ُ تاجها‬ ‫هي جنةُ الدنيا َّ‬ ‫ومعادنُ‬ ‫واألدباء‬ ‫العلماء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫هي دُرة ٌ ما َمسَّها من فاس ٍ‬ ‫إال أتْتهُ‬ ‫الألواء‬ ‫تواتر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ماتَ فيها فاض ٌل إال أتى‬ ‫راء‬ ‫ع ْذ ِ‬ ‫ِمن بع ِد ِه بيتيم ٍة َ‬ ‫َ‬ ‫عاث فيها جاه ٌل إال وقام‬ ‫أو‬ ‫بلواء‬ ‫الحمى‬ ‫ِ‬ ‫مقا َمهُ أ ُ ْسدُ ِ‬ ‫الغرب أحسنَ موطنا ً‬ ‫َم ْن قا َل َّ‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫عمياء‬ ‫فلق ْد رآهُ بمقل ٍة‬ ‫ِ‬ ‫• مكتبته ‪:‬‬

‫ضهــا اآلخ َُر ت َ َملَّ َكهُ لنف ِسـ ِه‪،‬‬ ‫النَّ ْعســان (ت‪1281:‬هـــ)‪ ،‬وبع ُ‬ ‫ِــب لــهُ‪.‬‬ ‫أو ُوه َ‬ ‫•مؤلفاته‪:‬‬

‫تــركَ العَالَّ َمــةُ ابــنُ بــدرانَ ُم َؤلَّفــا ٍ‬ ‫ت كثيــرةً‪ ،‬فــي‬ ‫ش ـتَّى‪ ،‬دلَّـ ْ‬ ‫موضوعــا ٍ‬ ‫ـدرهِ‪ ،‬و َجمي ـ ِل‬ ‫ت َ‬ ‫ـت علــى َجاللَ ـ ِة قـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫عارفِــ ِه‪.‬‬ ‫اطال ِعــ ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ســعَ ِة ِ‬ ‫ُّ‬ ‫فض ِلــ ِه‪ ،‬و َ‬ ‫علومــ ِه و َم ِ‬ ‫وتنــوعِ‬ ‫ـر‬ ‫وألج ـ ِل هــذ ِه ال ُم َؤلَّفــا ِ‬ ‫ت ال َجليلَ ـ ِة ذا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫صيت ُـهُ‪ ،‬وانتشـ َ‬ ‫ـام التَّجدي ـ ِد‬ ‫ق اس ـ ُمهُ‪ ،‬وأصب ـ َح َ‬ ‫علَم ـا ً مــن أعـ ِ‬ ‫فــي اآلفــا ِ‬ ‫َ‬ ‫ـرم‪.‬‬ ‫واإلصــاحِ فــي القـ ْ‬ ‫ـر ِن المنصـ ِ‬ ‫كتــاب ‪ُ #‬منادمة_األطــال فــي‬ ‫أشــهر مؤلَّفاتِــه‬ ‫ومــن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫آثــار دمشــق‪ ،‬وكتــاب ‪#‬المدخل_إلى_مذهب_اإلمــام_‬ ‫أحمد_بن_حنبل‬ ‫•وفاته‪:‬‬

‫ــر َحياتِــه‬ ‫أصيــب العَالَّ َمــةُ ابــنُ بــدرانَ فــي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أواخ ِ‬ ‫شـ َّـوا ٍل ســنة‬ ‫ـف مــن َ‬ ‫ِبـ ِ‬ ‫صـ ِ‬ ‫ـداء الفا ِلــج‪ ،‬وذلــكَ فــي ليل ـ ِة ال ِنّ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـوم التالــي إلى المستشــفى العا ِ ّم‬ ‫(‪1342‬هـــ)‪ ،‬ون ِقـ َل فــي اليـ ِ‬ ‫ــاس عنــهُ‪.‬‬ ‫بدمشــقَ ‪ ،‬وانقطــ َع النَّ ُ‬ ‫ســه‬ ‫وكانَ فــي أَثْ ِ‬ ‫ســلّي نف َ‬ ‫نــاء إقام ِتــه فــي المستشــفى يُ َ‬ ‫بن ْ‬ ‫َظـ ِـم ال ِ ّ‬ ‫ض بذلــكَ يـدَهُ اليُ ْســرى علــى الكتابـ ِة‪،‬‬ ‫ـر ّ ِو ُ‬ ‫ـعر‪ ،‬يُـ َ‬ ‫شـ ِ‬ ‫س ـ َّماه‪« :‬ت َ ْس ـ ِليَةَ اللَّبيــب‬ ‫ـعر ِه ديــوان َ‬ ‫حتَّــى اجتم ـ َع مــن شـ ِ‬ ‫عـ ْ‬ ‫ـن ِذ ْكــرى حبيــب»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقـ ْد مكـ َ‬ ‫ـث فــي المستشــفى نَحْ ـ َـو ِسـت َّ ِة أ ْشـ ُهر‪ ،‬ثـ َّم خــر َج‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫منهــا إلــى غرفتِــه في مدرسـ ِة عب ِد هللاِ باشــا العَظــم‪ ،‬وأكبَّ‬ ‫ـي‬ ‫علــى ال ُمطالعـ ِة حتَّــى أُصيـ َ‬ ‫ـب بضعــفٍ فــي بصـ ِـره‪ ،‬وبقـ َ‬ ‫ث ســنواتٍ‪ ،‬حتَّــى وافــاهُ أجلُـهُ فــي مدين ـ ِة‬ ‫كذلــكَ م ـدَّة َ ثــا ِ‬ ‫دمشــقَ ‪1346/03/29‬هـــ الموافــق ‪1927/09/25‬م‪،‬‬ ‫ـر لهـــ‪.‬‬ ‫ب ال َّ‬ ‫ودُفــن فــي مقبــرةِ البــا ِ‬ ‫صغيــر ـ رح َمـهُ هللاُ وغفـ َ‬

‫امتلــكَ ابــنُ بــدرانَ مكتبـةً علميَّـةً َج ِيّـدَةً‪،‬‬ ‫صـةً في‬ ‫ـس المخطوطــاتِ‪ ،‬وخا َّ‬ ‫تضـ ُّم نفائـ َ‬ ‫َ‬ ‫ضهــا عــن‬ ‫بع‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الحنبلــ‬ ‫ب‬ ‫المذهــ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ِ‬ ‫َجــدَّ ِه أل ُ ِ ّمــ ِه ال َّ‬ ‫شــيخِ الفقيــ ِه أحمــد‬ ‫حســين‬ ‫بــن‬ ‫ٍ‬ ‫بــن مصطفــى ِ‬ ‫ِ‬

‫•شعره‪:‬‬

‫كانَ ابــنُ بــدرانَ أديبًــا‪،‬‬ ‫ــرا‪،‬‬ ‫شــا ِع ًرا‪ ،‬ناظ ًمــا‪ ،‬ناثِ ً‬ ‫فقــد تفـ َّـوقَ فــي مجــا ِل‬ ‫ال ّ‬ ‫ِــعر‪ ،‬فتــركَ لنــا‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬ ‫عــهُ‬ ‫ديوانــا ً ِ‬ ‫كامــاً أ ْودَ َ‬ ‫شــعرهِ‪،‬‬ ‫مقاطــ َع مــن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫سير وأعالم‬

‫‪13‬‬


‫تقرير الهدى‬

‫شــك َّ‬ ‫َّ‬ ‫ب العدوانيَّــ ِة التــي لــم تبدأهــا‬ ‫أن‬ ‫ال‬ ‫ب الحــر ِ‬ ‫تدميــر البُنيــ ِة العلميَّــ ِة للفــرد والمجتمــع كان أحــدَ جوانــ ِ‬ ‫َ‬ ‫ـر‬ ‫ميليشــيات األســد فــي آذار عــام ‪2011‬م بــل كانــت قــد بدأتهــا منــذ أكثــر مــن أربعيــن ســنة؛ حــربٌ تسـ‬ ‫ُ‬ ‫ـتهدف تدميـ َ‬ ‫ســوريّين‪.‬‬ ‫قــدرةِ األجيــا ِل علــى بنــاء الدَّول ـ ِة والمجتمــع مــن خــال تع ُّم ـ ِد حال ـ ِة الجه ـ ِل فــي أوســاط ال ّ‬ ‫ـأن التَّعليـ ِـم قبــل الثَّــور ِة َّ‬ ‫ي ِ مــن قطاعــات‬ ‫وال يغيـ ُ‬ ‫ـم كـ ِ‬ ‫ـب علــى المهت ّميــن بشـ ِ‬ ‫ـوادر هــذا القطــاع الهــا ِ ّم والمفصلـ ّ‬ ‫أن معظـ َ‬ ‫المجتمــع كانــت وافــدة ً علــى الغوطـ ِة ال َّ‬ ‫سـنَّة‪،‬‬ ‫شــرقيَّ ِة مــن مناطــق أخــرى ال يحمــل أهلُهــا ثقافـةَ أهالــي الغوطـ ِة المســلمين ال ُّ‬ ‫ً‬ ‫ـر ســلوكَ‬ ‫لتش ـ ِ ّك َل مدار ُ‬ ‫ســنا ّ ِ‬ ‫بطلبهــا ترب ـةً خصب ـة لــزرعِ ثقافــة أولئــك الوافديــن ‪-‬أو باألحــرى الوافدات‪-‬ثقافــة غريبــة تغ ِيّـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ونمـط تفكيـ ِـر فلــذات أكبادنــا؛ لتــؤدّي بطبيعـ ِة الحــال إلــى تغييـ ٍـر فــي المفاهيـ ِـم والقيـ ِـم وحتــى العقيــدةِ عندهــم‪.‬‬ ‫وعــادا ِ‬ ‫ي‬ ‫ــر وال ّ‬ ‫يقــول المف ِ ّك ُ‬ ‫سِياســ ُّ‬ ‫ال َّ‬ ‫ــهير نعــوم تشومســكي‪« :‬إذا‬ ‫ش ُ‬ ‫ب‬ ‫أن‬ ‫أردت‬ ‫تســيطر علــى شــع ٍ‬ ‫َ‬ ‫مــا‪ ،‬عليــك إغراقُ‬ ‫مســتنقع‬ ‫فــي‬ ‫ــه‬ ‫ِ‬ ‫الجهــل»‪.‬‬ ‫ق الثَّــور ِة وبدايــ ِة‬ ‫مــع انطــا ِ‬ ‫ـار‬ ‫مرحل ـ ِة التَّحريــر‪ ،‬وانقطــاع تيّـ ِ‬ ‫المعلّميــن الوافديــن‪ ،‬ومــع قلــ ِة‬ ‫ِ‬ ‫الكــوادر المؤ َّهلــ ِة فــي الغوطــ ِة‬ ‫ِ‬ ‫وانشــغا ِل كثيـ ٍـر منهــا فــي مختلــف‬ ‫األعمــال الثَّوريَّــة‪ ،‬بــدأ ال ُّ‬ ‫ــعور‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫بوجــو ِد ثغــر ٍة تتَّســ ُع بشــك ٍل‬ ‫مضطــر ٍد إن لــم يتــ ّم تداركهــا‪.‬‬

‫هــذه المعطيــات دفعــت بشــريح ٍة‬ ‫مــن ال َّ‬ ‫الغيــور‬ ‫ــف‬ ‫ب المثقَّ ِ‬ ‫شــبا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـدف‬ ‫ي ٍ يهـ ُ‬ ‫لالنطــا ِ‬ ‫ق بعم ـ ٍل تعليم ـ ّ‬ ‫إلــى ســ ِدّ الثَّغــرةِ وتلبيــ ِة حاجــة‬ ‫ق‬ ‫أبنــاء الغوطــة‪ ،‬لترتف ـ َع فــي أف ـ ِ‬ ‫ت‬ ‫هــذا العمــل جملــةٌ مــن العقبــا ِ‬ ‫تمثَّلــت فــي‪:‬‬ ‫وانعــدام‬ ‫ت‬ ‫‪ )1‬شــ ّحِ اإلمكانيّــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫مصــادر التَّمويــل‪ ،‬م ّمــا جعــل‬ ‫ِ‬ ‫تطوعيًّــا‪.‬‬ ‫ُجــ َّل العمــ ِل ُّ‬ ‫كثيــر مــن المبانــي‬ ‫‪ )2‬خــروج‬ ‫ٍ‬ ‫التَّعليميَّ ـ ِة عــن الخدمــة جزئيًّــا أو‬ ‫ب القصــف‪ ،‬وهــو الــذي‬ ‫ِ‬ ‫كلّيًّــا بســب ِ‬

‫لــم يتن ـ ِه‪ ،‬ومــا زا َل ُمس ـت َِم ًّرا حتــى‬ ‫آخــر هجمــ ٍة‬ ‫اللَّحظــة‪ ،‬ولــم تكــن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ت التعليميَّــ ِة تلــك‬ ‫علــى ال ُمنشــآ ِ‬ ‫التــي شــهدتها بلــدة ُ «حــاس» فــي‬ ‫إدلــب‪ ،‬وكذلــك فــي مدينــةُ دومــا‬ ‫ي‪ ،‬والتي را َح‬ ‫مطلــع العــام الدراسـ ّ‬ ‫أكثــر مــن ‪ 35‬طالبًــا!!‪.‬‬ ‫ضحيتهــا‬ ‫َ‬ ‫ي المتــردّي‬ ‫‪ )3‬الوضــع األمنــ ّ‬ ‫الكثيــف الــذي‬ ‫القصــف‬ ‫بســبب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترافــق ومرحلــة التَّحريــر «نهايــة‬ ‫‪ 2012‬وبدايــة ‪.»2013‬‬ ‫‪ )4‬تكــرار مسلســ ِل النُّــزوحِ‬ ‫عــدم‬ ‫عــا مــن‬ ‫الــذي خلــق نو ً‬ ‫ِ‬

‫ـتقرار لــدى عوائــل الغوط ـ ِة‬ ‫االسـ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫شــرقيَّة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫شــ َّكل مجمــو ُ‬ ‫ع هــذه العقبــا ِ‬ ‫الت َّ‬ ‫األو َل‬ ‫واألكبــر لمســيرةِ‬ ‫حــدي َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الت َّ‬ ‫إقنــاع‬ ‫فــي‬ ‫ل‬ ‫ــ‬ ‫ث‬ ‫والمتم‬ ‫عليــم‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫األهالــي بضــرورةِ الدَّفــعِ بأبنائِهــم‬ ‫ق التَّحصيــ ِل‬ ‫الســتكما ِل طريــ ِ‬ ‫والتَّعلُّــم‪.‬‬ ‫وبالفعـ ِل تـ َّم العمـ ُل علــى تأهيـ ِل‬ ‫بعــض المبانــي واألقبيــ ِة بمــا‬ ‫توفَّــر‪ ،‬وحشــ ِد مــا أمكــن مــن‬ ‫ّ‬ ‫ت والخبــرات‪ ،‬ليبــدأ عــا ٌم‬ ‫الطاقــا ِ‬ ‫ي عنوانُــه التَّحــدي والجــدُّ‬ ‫دراســ ٌّ‬

‫وتدريب ِّ‬ ‫الم ِّ‬ ‫الق ِ‬ ‫بقضية ِ‬ ‫فل عليها‪.‬‬ ‫راءة‬ ‫ين‬ ‫بكر من ِق َب ِل‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫األبو ِ‬ ‫َ‬ ‫هم الوعي ُ‬ ‫ِم َن ُ‬ ‫ّ‬ ‫الم ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫والز ِ‬ ‫والل َع ِب وما إلى‬ ‫ينة‬ ‫س‬ ‫بشراء‬ ‫اهتماما إال‬ ‫تجد‬ ‫عام ِل مع ِّ‬ ‫الواقع‬ ‫حين يرى‬ ‫رء‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الفوضوي في ّ‬ ‫المالب ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الطفل‪ ،‬فال ُ‬ ‫الت ُ‬ ‫َ‬ ‫يتأل ُم َ‬ ‫َّ‬ ‫الم ُ‬

‫ٍ‬ ‫وتجد ُ‬ ‫ّ‬ ‫منسوب‬ ‫مجل ٍت ُمتَ َخ ِّص َص ٍة تَ رفع من‬ ‫تشتري كُ تُ ًبا أو‬ ‫شيء في هذا إال أن‬ ‫األسر تُ َف ِّع ُل كُ َّل‬ ‫ذلك من أمو ٍر ماديَّ ٍة بحتة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الكائ ِن الجديد‪.‬‬ ‫عام ِل مع هذا‬ ‫وضاح بن هادي‬ ‫‪#‬أسرة_تقرأ‬ ‫الوعي في ّ‬ ‫ِ‬ ‫الت ُ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫تقرير الهدى‬

‫‪14‬‬


‫العــام‬ ‫بإنجــاز‬ ‫واالجتهــاد‪ ،‬تكلَّــ َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ ‪ 2013‬كامـ ً‬ ‫ـان‬ ‫ـا وبامتحـ ٍ‬ ‫الدِّراس ـ ّ‬ ‫َّ‬ ‫عــا ٍ ّم لل َّ‬ ‫شــهادَت َين الثانويَّ ـ ِة وشــهادةِ‬ ‫ي‪ ،‬فتكتم ـ َل بذلــك‬ ‫التَّعليـ ِـم األساس ـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫خطــوة ٌ أساســيَّة فــي مســيرةِ‬ ‫لعنصــر‬ ‫عليــم كان‬ ‫التَّربيــ ِة والت َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫األكبــر فــي‬ ‫َّور‬ ‫ُ‬ ‫ب الــد ُ‬ ‫شــبا ِ‬ ‫إتمامهــا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وهنــا التمعــت فكــرة المعاهــ ِد‬ ‫ســط ِة حاملــةً فــي طيّاتهــا‬ ‫المتو ِ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ســها التي‬ ‫الظـ‬ ‫ـروف والتحدِّيــا ِ‬ ‫ت نف َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪ ،‬ونمــت‬ ‫حملَهــا التَّعلي ـ ُم المدرس ـ ّ‬ ‫ـتمرت باألم ـ ِل ذاتِــه‪،‬‬ ‫الفكــرة ُ واسـ َّ‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫وبنــا‬ ‫ألبنــاء‬ ‫ة‬ ‫مانحــةً فرصــ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغوطــ ِة فــي اســتكما ِل المســيرة‪.‬‬ ‫عليــم‬ ‫إرســا ُء قواعــ ِد الت َّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫عليــم‬ ‫ي‪،‬‬ ‫واالنطــاق بالت َّ ِ‬ ‫المدرســ ّ‬ ‫ق مرحل ـ ٍة‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫بانط‬ ‫ي‬ ‫آذنَ‬ ‫ِ‬ ‫األكاديم ـ ّ ِ‬ ‫جديــدةٍ عنوانُهــا الدُّخــو ُل فــي‬ ‫مجــاال ٍ‬ ‫ـر أكاديميًّــا‪ ،‬وترميـ ُم‬ ‫ت أكبـ َ‬ ‫وتدعيــ ُم القواعــ ِد مدرســيًّا وذلــك‬ ‫مــن خــال‪:‬‬ ‫المــدارس‬ ‫‪ )1‬زيــادة عــد ِد‬ ‫ِ‬ ‫فــي الغوطــ ِة ال َّ‬ ‫شــرقيَّ ِة لتصــ َل‬ ‫إلــى أكثــر مــن ‪ 115‬مدرســة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫باإلضاف ـ ِة لعــد ٍد مــن المؤسَّســا ِ‬ ‫صــة «الخيريَّــة» تضــم‬ ‫الخا َّ‬ ‫ً‬ ‫قرابــة ‪ 50000‬طالبًــا وطالب ـة فــي‬ ‫إحصائيَّــ ٍة تقديريَّــ ٍة لبدايــ ِة العــام‬ ‫ي ِ «‪.»2017 _ 2016‬‬ ‫الدِّراســ ّ‬ ‫‪ )2‬إنشــاء مديريَّــ ِة التَّربيــ ِة فــي‬ ‫ريــف دمشــق وإتبــاع المج َّمعــات‬ ‫والمكاتــب الفرعيَّــة لهــا‪.‬‬ ‫‪ )3‬ربــط العمــ ِل فــي الغوطــ ِة‬ ‫ال َّ‬ ‫شــرقيَّ ِة بمســتويا ٍ‬ ‫ت أعلــى مــن‬ ‫الت َّ‬ ‫ق مــن خــال وزار ِة‬ ‫نســي‬ ‫ِ‬ ‫التَّربيــ ِة فــي الحكومــ ِة السّــوريَّ ِة‬ ‫المؤ قَّتــة‪.‬‬ ‫‪ )4‬إقامــة دورا ٍ‬ ‫ت مكثَّفــ ٍة‬ ‫للمــدن‬ ‫ة‬ ‫َّــ‬ ‫ب التَّعليمي‬ ‫ِ‬ ‫فــي المكاتــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبلــدات‪ ،‬تهــدف إلــى رفــع‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫مســتوى الكــوادر علميًّــا وتربويًّــا‬ ‫وإداريًّــا‪ ،‬وقــد عبَّــر األســتاذُ‬ ‫إبراهيــم النّــدّاف لمجلَّــ ِة الهــدى‬ ‫اإلســاميَّ ِة عــن أم ِلــه فــي أن‬ ‫تكــونَ الغوطــةُ ال َّ‬ ‫شــرقيَّةُ ومــع‬ ‫نهايــة العــام ‪2017‬م قــد اكتفــت‬ ‫عليــم‬ ‫بالكــوادر‬ ‫ذاتيًّــا‬ ‫ِ‬ ‫المحلّيَّــ ِة للت َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المدرســي‪.‬‬ ‫ت‬ ‫‪ )5‬توســيع اختصاصــا ِ‬ ‫ســط ِة لتصبـ َح ثالثــة‬ ‫المعاهـ ِد المتو ِ ّ‬ ‫معاهــد‪:‬‬ ‫أ‌) معاهــد تتبـ ُع لــوزارة التَّربيــة‪:‬‬ ‫المدرســين‬ ‫وهــي معاهــدُ إعــدا ِد‬ ‫ِّ‬ ‫الرياضيّــات‪،‬‬ ‫بع ـدَّ ِة فــروعٍ منهــا‪ّ ِ :‬‬ ‫اللُّغــات الثــاث عربيَّــة وإنجليزيَّة‬ ‫وفرنســيَّة‪ ،‬العلــوم العامــة‪ :‬علــم‬ ‫معلّــم صــف‪.‬‬ ‫األحيــاء والكيميــاء‪ِ ،‬‬ ‫ب‌) معاهــد تتب ـ ُع لجامع ـ ِة حلــب‬ ‫فــرع الغوطــ ِة ال َّ‬ ‫شــرقيَّة‪ ،‬والتــي‬ ‫عليــم‬ ‫تشــرف عليهــا وزارة ُ الت َّ ِ‬ ‫العالــي فــي الحكومــ ِة المؤقَّتــة‬ ‫وهــي‪ :‬المعهــد التَّقانــي ِ ّ‬ ‫الطبّــي‪،‬‬ ‫المعهــد المتو ِ ّ‬ ‫ســط لــإدارةِ‬ ‫والمحاســبة‪ ،‬المعهــد التَّقانــي‬ ‫لإللكتــرون‪.‬‬ ‫معهــد القبالــة «التَّوليــد» والــذي‬ ‫ص َّحــ ِة فــي‬ ‫يتبــع لــوزار ِة ال ِ ّ‬ ‫َّ‬ ‫الحكومــ ِة السّــوريَّة المؤقتــة‪.‬‬ ‫صــة‪:‬‬ ‫‪ )6‬األكاديميّــات الخا َّ‬ ‫والتــي ال تتبــع للجامعـ ِة الحكوميَّة‬ ‫«جامعــة حلــب» وعددهــا أربــع‪:‬‬ ‫ع‬ ‫• أكاديميَّــة مســار‪ :‬وفيهــا فــرو ُ‬ ‫سِياســيَّة‪ ،‬المعلوماتيَّــة‪،‬‬ ‫العلــوم ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـوم القضائيَّــة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫العل‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫حاف‬ ‫ص‬ ‫ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫• أكاديميَّــة‬ ‫العلــوم الط ِبّيَّــة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫صيدلــة‪ ،‬المعالجــة‬ ‫بفرو ِعهــا‪ :‬ال َّ‬ ‫صناعيَّــة‪،‬‬ ‫الفيزيائيَّــة‪ ،‬األطــراف ال ِ ّ‬ ‫التَّمريــض‪ ،‬التَّمريــض المســاعد‪،‬‬ ‫دبلــوم تمريــض العنايــة الم َّ‬ ‫شــددة‪.‬‬ ‫كلّيَّــة الدَّعــوةِ اإلســاميَّة‪:‬‬ ‫• ِ‬ ‫عــي الدَّعــوةِ وال َّ‬ ‫شــريع ِة‬ ‫بفر َ‬

‫ا إل ســا ميَّة ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫كلّيَّــة الغوطــ ِة للدِّراســا ِ‬ ‫• ِ‬ ‫ا إل ســا ميَّة ‪.‬‬ ‫صــد ِد يشــير الدكتور‬ ‫وفــي هــذا ال َّ‬ ‫س فــي‬ ‫عبــد القــادر نعنــاع ‪-‬المـ ِ ّ‬ ‫ـدر ُ‬ ‫أكاديميَّــة مســار‪-‬إلى َّ‬ ‫أن الغوطــة‪،‬‬ ‫ورغــم قلَّــ ِة إمكانيّاتهــا مقارنــةً‬ ‫بال َّ‬ ‫المحــرر‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫شــما ِل السّــور ّ‬ ‫يِ‬ ‫فقــد حقَّقــت تقدُّ ًمــا نوعيًّــا وك ِ ّميًّــا‬ ‫فــي ملــف التَّعليـ ِـم علــى مســتوى‬ ‫َّ‬ ‫وإن هــذا‬ ‫المحــررة‪،‬‬ ‫ســوريا‬ ‫َّ‬ ‫يشــير إلــى درجــ ٍة عاليــ ٍة‬ ‫التَّقــد َُّم‬ ‫ُ‬ ‫أبنــاء الغوطــ ِة‬ ‫مــن الوعــي ِ لــدى‬ ‫ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫ـاح‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫وج‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫شــرقيَّ ِة لضــرور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب البندقيَّــ ِة فــي‬ ‫العلــم إلــى جانــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫معركــ ِة التَّحريــر‪.‬‬ ‫ب‬ ‫وال يمكــنُ إغفــا ُل جانــ ِ‬ ‫صــة‬ ‫المؤسَّســات التَّعليميَّــ ِة الخا َّ‬ ‫دور‬ ‫«الخيريــة»‪ ،‬والتــي كان لهــا ٌ‬ ‫ب عــد ٍد ال بــأس بــه‬ ‫فــي اســتيعا ِ‬ ‫مــن ُّ‬ ‫الطـ ّ‬ ‫ـاب‪ ،‬وأضفــى وجودُهــا‬ ‫ت‬ ‫رو ًحــا تنافســيَّةً بيــن المؤسَّســا ِ‬ ‫ب المختلفــة‪ ،‬فــكان مــن‬ ‫والمكاتــ ِ‬ ‫ثمــرات هــذا الت َّ‬ ‫نافــس حصــو ُل‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب الغوطــ ِة ال َّ‬ ‫شــرقيَّ ِة علــى‬ ‫طــا ِ‬ ‫ب األولــى لل َّ‬ ‫شــهادَت َين‬ ‫المراتــ ِ‬ ‫ـررةِ‬ ‫ق المحـ َّ‬ ‫علــى مســتوى المناطـ ِ‬ ‫لألعــوام الثَّالثــ ِة السّــابقة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫آخرهــا حصــو ُل الطالبــ ِة‬ ‫وكان َ‬ ‫الــر ّوا ِد‬ ‫بتــول بللــه مــن‬ ‫مــدارس ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫التَّربويَّــ ِة علــى الدَّرجــ ِة التا َّمــ ِة‬ ‫امتحــان الثَّانويَّــ ِة العا َّمــة‪،‬‬ ‫فــي‬ ‫ِ‬ ‫والمرتبــ ِة األولــى علــى مســتوى‬ ‫المحــررةِ عمو ًمــا‪.‬‬ ‫ســوريا‬ ‫َّ‬ ‫أن الت َّ‬ ‫ّإل َّ‬ ‫ي يفتــح‬ ‫عليــم الخيــر َّ‬ ‫َ‬ ‫مجـ ً‬ ‫ب مــن قِبَ ـ ِل بعــض‬ ‫ـال للتَّالع ـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫الســتجرار المــا ِل‬ ‫قين‬ ‫المتســل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليــم بهدفِــه النَّبيــ ِل‬ ‫وتحويــ ِل الت َّ ِ‬ ‫السّــامي إلــى تجــارة‪ ،‬م ّمــا يُلقــي‬ ‫علــى مديريَّــ ِة التَّربيــ ِة أمانــةَ‬ ‫ضبــط هــذه المؤسَّســات وإيجــا ِد‬ ‫ِ‬ ‫لتنظيــم‬ ‫ت‬ ‫المعاييــر واآلليّــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومتابعــ ِة عم ِلهــا بمــا يتناغــ ُم مــع‬ ‫أبنــاء الغوطــة‪.‬‬ ‫مصلحــ ِة‬ ‫ِ‬ ‫أ ّمــا المشــكلةُ‬ ‫ُ‬ ‫األبــرز التــي‬ ‫عليــم والتــي مــا زالــت‬ ‫تواجــهُ الت َّ َ‬ ‫عالقــةً حتّــى اليــوم هــي مشــكلةُ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫توفيــر الكتــا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب المدرســ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫المدرســ‬ ‫المنهــاج‬ ‫ة‬ ‫فطباعــ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ت المطلوبـ ِة لسـ ِدّ الحاجـ ِة‬ ‫بالك ِ ّميّــا ِ‬ ‫ــف للغايــة‪ ،‬يحتــا ُج‬ ‫ٌ‬ ‫أمــر ُمك ِل ُ‬ ‫ت بشــك ٍل‬ ‫مالييــن الــدّوالرا ِ‬ ‫َّ‬ ‫الكتــب‬ ‫ألن‬ ‫نظــرا‬ ‫مســتمر؛‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫لــف بتقــاد ُِم الزمــن‪،‬‬ ‫ض للت ِ‬ ‫َّ‬ ‫تتعــر ُ‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫ب‬ ‫وال ِنّظــا ُم‬ ‫اعتبــر إدخــا َل الكتــ ِ‬ ‫َ‬ ‫إلــى الغوطــ ِة بمثابــ ِة إدخــا ِل‬ ‫ب‬ ‫ال ِ ّ‬ ‫ســاح‪ ،‬كمــا أحــاط ملـ َّ‬ ‫ـف الكتـ ِ‬ ‫المدرســيَّ ِة بشــروطٍ مجحفــ ٍة‬ ‫بحــق التَّعليــم‪ ،‬وحيــث يســعى‬ ‫ٍّ‬ ‫ب ورقــ ٍة سياســيَّ ٍة فــي هــذا‬ ‫لكســ ِ‬ ‫المجــال‪ ،‬كمــا َّ‬ ‫أن المو ِ ّجهيــن‬ ‫االختصاصيّيــن للمــوا ِدّ الدِّراس ـيَّ ِة‬ ‫ـرروا وبعــد الدِّراسـ ِة والتَّقييـ ِـم َّ‬ ‫أن‬ ‫قـ َّ‬ ‫ـب اليونيســف التــي دخلــت إلــى‬ ‫ـ‬ ‫كت ُ َ‬ ‫ـرا ال تصلــح كمناه َج‬ ‫الغوطـ ِة مؤ َّخـ ً‬ ‫دراســيَّةٍ‪ ،‬فمعلوماتُهــا ســطحيَّةٌ‬ ‫ـوف الحلقـ ِة‬ ‫صــا لصفـ ِ‬ ‫جـدًّا وخصو ً‬ ‫الثانيــة والتعليــم الثانــوي‪.‬‬ ‫ت الثَّوريَّــةَ‬ ‫َّ‬ ‫إن حاجــةَ المؤسَّســا ِ‬ ‫للكــوادر‬ ‫ت‬ ‫بمختلــف المجــاال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّوعيَّــ ِة علميًّــا وثقافيًّــا وفكريًّــا‬ ‫توجــب علــى المؤسَّســ ِة الثَّوريَّــ ِة‬ ‫لتجــاوز‬ ‫َّــعي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تطويــر ذاتِهــا والس َ‬ ‫ــق مصلحــةَ‬ ‫ت بمــا يح ِقّ ُ‬ ‫العقبــا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب ويحفــ ُ‬ ‫ظ ثوريَّــةَ التَّعليــم‪.‬‬ ‫الطالــ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫كمــا‬ ‫أن الواقــ َع الثَّــور َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مختلف‬ ‫ع‬ ‫تض‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫اهن‬ ‫الر‬ ‫ت‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫والتَّح‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ت الثوريَّــ ِة «مــن إغاثيَّــ ٍة‬ ‫الفعاليَّــا ِ‬ ‫وخدميَّــةٍ‪ ،‬وإداريًّــة‪ ،‬وسياســية»‬ ‫تضعُهــا أمــام مســؤوليَّتِها فــي دفــعِ‬ ‫عليــم قُد ًمــا‪ ،‬فاإلنســانُ‬ ‫عجلــ ِة الت َّ ِ‬ ‫هــو الثَّــروة ُ األهــ ُّم أليَّــ ِة أ َّمــة‪،‬‬ ‫والتَّعلي ـ ُم هــو مــن أقــوى عوام ـ ِل‬ ‫فكــر وشــخصيَّ ِة وثقافــ ِة‬ ‫بنــاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُّ‬ ‫شــعوب‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫إرادة ال َتلين‬

‫كُ ُّل ٍ‬ ‫وأطفال سوريَّ َة‬ ‫يوم َمجزرة‪،...‬‬ ‫ُ‬ ‫هم‪...‬‬ ‫ر‬ ‫بإصرا‬ ‫عون‬ ‫تاب‬ ‫تعليم ُ‬ ‫ُي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُهم َي ُ‬ ‫الحياة في‬ ‫رون‬ ‫َ‬ ‫نش َ‬ ‫ِ‬ ‫َمدا ِر ِس ِ‬ ‫هم‬ ‫ويصنعون‬ ‫هم‪،‬‬ ‫مالع َب ُ‬ ‫َ‬ ‫زاوية فا ِرغة‪ُ ،‬هم َي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫في كُ ِّل‬ ‫ون‬ ‫بتك ُر َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الخاص َة للتفكير‪...‬‬ ‫ه ُم‬ ‫وسائلَ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫للن‬ ‫هوض‪ ...‬للحياة‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫هم‬ ‫يقولون بكُ ِّل لُ َغ ٍة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ومكت ِباتنا‬ ‫خر ُج إلى مدا ِر ِسنا‬ ‫سنَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومساج ِدنا ومنا ِز ِلنا‪...‬‬ ‫ومعاه ِدنا‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بالحق الذي َمعنا‪،‬‬ ‫بإراد ِتنا‪،‬‬ ‫لنواج َه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِب ُح ِب َ‬ ‫رض‪...‬‬ ‫األ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ي ما تَ ِ‬ ‫لنَ ِ‬ ‫هدمون‪...‬‬ ‫بن َ‬ ‫ِ‬ ‫عجزَ تنا‬ ‫ُهم لم‬ ‫عد ُم ِ‬ ‫يستوعبوا َب ُ‬ ‫الباقية‪...‬‬ ‫إبادتنا‬ ‫على قد ِر ما ُي ِ‬ ‫حاو َ‬ ‫لون َ‬ ‫حافزً ا ِلنُ ِ‬ ‫ون ِ‬ ‫واصل‪...‬‬ ‫َيخ ِل ُق َ‬ ‫رابطَ‬ ‫عود إلى كُ ِّل ما ُي ُ‬ ‫ِلنَ‬ ‫خيفهم فنُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫سيلة‬ ‫قاو َم ِبكُ ِّل َو‬ ‫ه‪...‬‬ ‫ل‬ ‫وألج‬ ‫فيه‬ ‫نُ‬ ‫ِ‬ ‫ُم ِ‬ ‫مكنَ ة‬

‫إيمان ُمح َّمد‪facebook /‬‬

‫تقرير الهدى‬

‫‪15‬‬


‫الحــق لومــةَ الئــم‪ ،‬ويدعــو‬ ‫فــي‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫تحــر ِر‬ ‫صراحــة إلــى وجــوب‬ ‫ُّ‬ ‫ـتعمار التَّشــريعي‪،‬‬ ‫األ َّمــة مــن االسـ‬ ‫ِ‬ ‫أحــكام ال َّ‬ ‫شــريع ِة‬ ‫بالرجــوعِ إلــى‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ب تمي ُِّزهــا‬ ‫اإلســاميَّة‪ ،‬ووجــو ِ‬ ‫فــي تقاليدِهــا وأزيائِهــا فــا تكــون‬ ‫نســخةً‬ ‫ب فــي‬ ‫مشــوهةً للغــر ِ‬ ‫َّ‬ ‫أفــكاره وتقاليــدِه‪ ،‬وهــو مــا أثــار‬ ‫ِ‬ ‫العلمانيّيــن عا َّمــة والماركســيّين‬ ‫صــةً وجعلَهــم يهاجمــون‬ ‫خا َّ‬ ‫الغزالــي‪.‬‬

‫َّ‬ ‫الثورة‪ ،‬والشــرارة الفكرية‬

‫ُمقتطفات من مقاله‬ ‫للدكتور محمد مختار‬ ‫الشنقيطي في مدونات‬ ‫الجزيره بعنوان‬ ‫"أوراق الربيع"‬ ‫************‬ ‫من َأ َه ِّم الظّ واه ِر في َّ‬ ‫ِ‬ ‫ورات‬ ‫الث‬ ‫ِ‬ ‫اريخ‬ ‫العظيمة التي َغيَّ َرت‬ ‫وجه ّ‬ ‫الت ِ‬ ‫َ‬ ‫الفكري ُة‬ ‫الشرارة‬ ‫لك‬ ‫الب‬ ‫ُ‬ ‫شري ِت َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫الم َم ِّ‬ ‫هدة للثورة‪ ،‬والمصاحبة لها‬ ‫ُ‬ ‫في مسارها‪.‬‬ ‫ذات شأن من غير‬ ‫تكون‬ ‫فال‬ ‫ٌ‬ ‫ثورة ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫شرارة فكريَّ ِة تُ شعلها في البداية‪،‬‬ ‫تكون دليلَ ها في مسارها‪،‬‬ ‫ثم‬ ‫ُ‬ ‫وأفقها إلى المستقبل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫خميرة فك ِريَّ ٍة وأخالقيَّ ٍة‬ ‫ومن غي ِر‬ ‫َّ‬ ‫ورة ً‬ ‫ِ‬ ‫أصل‪ ،‬بل‬ ‫ناضجة ال تنجح الث ُ‬ ‫حرب عدميَّ ٍة‪ ،‬وإن هي‬ ‫تتحو ُل إلى‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإنها‬ ‫معركة‬ ‫نجحت في‬ ‫الهدم‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تَ َ‬ ‫فتضيع‬ ‫البناء‪،‬‬ ‫فش ُل في‬ ‫معركة ِ‬ ‫ُ‬ ‫تضحيات ُّ‬ ‫هدرا‪.‬‬ ‫عوب‬ ‫الش‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ون من َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫رارة‬ ‫فقد امتلَ ك‬ ‫الفرنسي َ‬ ‫ّ‬ ‫الفكريَّ ِة واألخالقيَّ ِة ما يكفي‬ ‫إلشعال َّ‬ ‫الثورة‪ِ ،‬‬ ‫لك َّنهم لم َيمتلكوا‬ ‫ِ‬ ‫دليل َّ‬ ‫ً‬ ‫للث ِ‬ ‫ورة في‬ ‫ِمنها ما يكفي‬ ‫ِ‬ ‫االنزالق‬ ‫وعاص ًما لها من‬ ‫مسا ِرها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والحرب‬ ‫ات‬ ‫است‬ ‫إلى‬ ‫نزاف ّ‬ ‫ِ‬ ‫مية‪...‬‬ ‫األهليَّ ِة َ‬ ‫الع َد ّ‬ ‫ِ‬ ‫العربي‬ ‫بيع‬ ‫انبالج فج ِر‬ ‫إن‬ ‫ثورات الرَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫في ِخ ِ‬ ‫العام ‪2010‬م لم‬ ‫تام‬ ‫زادا‬ ‫نظري‬ ‫بناء ُأ ُف ٍق‬ ‫ُ‬ ‫يكون ً‬ ‫صح ُ‬ ‫َي َ‬ ‫ٍّ‬ ‫به ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وضامنً ا‬ ‫لحم ِتها‪،‬‬ ‫م‬ ‫في‬ ‫عوب‬ ‫للش‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجهادها‬ ‫لعدم وأد ُجهدها ِ‬ ‫ياسي‪.‬‬ ‫الس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫األ ُف ِق َّ‬ ‫بناء هذا ُ‬ ‫ظري‬ ‫الن‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ويستل ِز ُم ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ورات‬ ‫تاريخ الث‬ ‫ميقا في‬ ‫تأم ًل َع ً‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫وف ِ‬ ‫ِ‬ ‫نط ِق‬ ‫ومآالتها‪َ ،‬‬ ‫هم َ‬

‫االجتماع‬ ‫وقوانين‬ ‫اخلي‬ ‫الد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫واستيعاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫العبرة‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫المتَ َح ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫التي تَ َو ُّف ِرها َّ‬ ‫جربة التاريخيَّ ة‪،‬‬ ‫الت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفكري الذي‬ ‫الحصاد‬ ‫وهضم‬ ‫ِّ‬ ‫العقول اإلنسانيَّ ُة في هذا‬ ‫عته‬ ‫أبد ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المضمار‬ ‫************‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫الشــيخ محمــد الغزالي‬ ‫الوطني‬ ‫ومعركـ ُـة المؤتمـ ِـر‬ ‫ّ‬ ‫بقلم أ‪ .‬عامر يوسف‬

‫يعــدُّ ال َّ‬ ‫شــي ُخ مح َّمــد الغزالــي‬ ‫أعــام‬ ‫«‪1996-1917‬م» مــن‬ ‫ِ‬ ‫العصــر الحديــث‪،‬‬ ‫اإلســام فــي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫العالــم‬ ‫فــي‬ ‫ه‬ ‫نظيــر‬ ‫ل‬ ‫قــ‬ ‫ة‬ ‫وداعيــ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ اليــوم‪.‬‬ ‫اإلســام ّ‬ ‫ُولــد فــي قريــة «نــكال العنــب»‬ ‫بمديريــة البحيريَّــة المصريَّــة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ألســرةِ محافظــة‪ ،‬وقــد ســ ّماه‬ ‫ب هــو «محمــد‬ ‫والــده باسـ ٍـم مر َّك ـ ٍ‬ ‫الرســو ِل‬ ‫الغزالــي» تي ُّمنًــا‬ ‫باســم َّ‬ ‫ِ‬ ‫اإلمــام الغزالــي‪.‬‬ ‫وباســم‬ ‫‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فــي ســنة ‪1937‬م‪ ،‬انتقــ َل إلــى‬ ‫ق باألزهــر‪ ،‬ثــ َّم‬ ‫القاهــرةِ لاللتحــا ِ‬ ‫صــص فــي الدَّعــوةِ واإلرشــاد‪،‬‬ ‫تخ َّ‬ ‫ف علــى‬ ‫تعــر‬ ‫األثنــاء‬ ‫هــذه‬ ‫وفــي‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫جماعــ ِة اإلخــوان المســلمين‪،‬‬ ‫وتتلمــذَ علــى يــ ِد ال َّ‬ ‫شــيخِ حســن‬ ‫ـرا‪ ،‬ووضــع‬ ‫البنّــا‪ ،‬وتأثَّــر بــه كثيـ ً‬ ‫ق الدَّعــوة‬ ‫أقدا َمــه علــى طريــ ِ‬ ‫والفكــر واإلصــاح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عمــره كلَّــه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫عــاش الغزالــ ُّ‬ ‫لإلســام‪ ،‬محاربًــا للقــوى‬ ‫المعاديــ ِة لــه فــي الدّاخــ ِل‬

‫ّي لتيّاراتهــا‪،‬‬ ‫والخــارج‪ ،‬والتَّصــ ِد َ‬ ‫والعمــل علــى هــدم أوكارهــا‪،‬‬ ‫وهتــك أســتارها‪ ،‬وكشــف‬ ‫عمالئهــا‪ .‬وهــو هنــا مقاتـ ٌل عنيــد‪،‬‬ ‫ال يستســل ُم وال يطأطــئ‪ ،‬وال‬ ‫يليــن‪ ،‬وكان يشــتدُّ ويحتــدُّ فــي‬ ‫ـدر كالمــوج‪،‬‬ ‫نزا ِلــه الفكــري‪ ،‬فيهـ ُ‬ ‫كالرعــد‪ ،‬ويــزأر‬ ‫ويقصــف‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫كاللَّيــث‪ ،‬حتّــى إنَّــك لتحس ـبُه فــي‬ ‫ً‬ ‫مقاتــا فــي‬ ‫بعــض مــا يكتــب‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫معركــة‪ ،‬ال مجــادل فــي قضيَّــة‪،‬‬ ‫القلــم الــذي فــي يــده‪،‬‬ ‫وتحســب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الرم ـ ُح فــي يــ ِد‬ ‫كأنَّمــا ال َّ‬ ‫ـيف أو ُّ‬ ‫سـ ُ‬ ‫ابــن الوليــد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مواقــف جريئــةٌ فــي‬ ‫ولــه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫معار ِكــه الفكريَّــة تمثِــ ُل معالــم‬ ‫ّ‬ ‫وضيئــةً‬ ‫ومحطــا ٍ‬ ‫ت أساســيَّةً فــي‬ ‫حياتــه‪ ،‬مــن أبرزهــا موقفــه فــي‬ ‫عقــد‬ ‫ي ِ الــذي ُ‬ ‫ِ‬ ‫المؤتمــر الوطنــ ّ‬ ‫ســنة ‪1962‬م فــي القاهــرة أيّــام‬ ‫إقــرار‬ ‫عبــد النّاصــر مــن أجــ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ي ٍ يُفــرض‬ ‫ميثــا ٍ‬ ‫ي ٍ علمانــ ّ‬ ‫ق وطنــ ّ‬ ‫ي‬ ‫علــى األ َّمــة؛ فوقــف الغزالــ ُّ‬ ‫وقفــةَ‬ ‫العالــم العامــل‪ ،‬ال يخشــى‬ ‫ِ‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫تحــرك‬ ‫وبإيعــاز مــن السُّــلط ِة‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫رسَّــام الكاريكاتــور «صــاح‬ ‫جاهيــن» فرســم ‪ 14‬رس ـ ًما تحــت‬ ‫عنــوان «تأ ّمــات كاريكاتوريــة‬ ‫فــي المســألة الغزاليــة» فــي‬ ‫يســخر فيهــا‬ ‫جريــدة األهــرام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ي ِ وعما َمتــه ومبادئــه‪،‬‬ ‫مــن الغزال ـ ّ‬ ‫أن كلمــةَ‬ ‫وهــذا إنَّمــا يــد ُّل علــى َّ‬ ‫ي ِ قلبــت موازينَهــم‪،‬‬ ‫الغزالــ ّ‬ ‫ً‬ ‫وأصابــت منهــم مقتــا‪ ،‬وهــو‬ ‫ســلطانُ‬ ‫ـوف معهــم ال ُّ‬ ‫فــردٌ‪ ،‬وهــم ألـ ٌ‬ ‫صحافــةُ واإلعــام‪.‬‬ ‫وال َّ‬ ‫الجماهيــر المســلمةَ‬ ‫وغــاظ‬ ‫َ‬ ‫ض شــي ُخها وإما ُمهــا‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫يتعــر َ‬ ‫لهــذه السُّــخريا ِ‬ ‫يٍ‬ ‫ت مــن صحفــ ّ‬ ‫أثيــم‪ ،‬فخرجــت مــن الجامــعِ‬ ‫األزهــر بعــد صــاة الجمعــة فــي‬ ‫مظاهــرةٍ شــعبيَّ ٍة غاضب ـ ٍة ض َّمــت‬ ‫عشــرات األلــوف‪ ،‬واتَّجهــت إلــى‬ ‫دار األهــرام تعلــن احتجا َجهــا‬ ‫ِ‬ ‫واضطــرت الدَّولــةُ‬ ‫وســخ َ‬ ‫طها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ــم األوضــاعِ فــي‬ ‫خوفًــا مــن تفاقُ ِ‬ ‫البــاد وخوفًــا علــى حيــاة جاهيــن‬ ‫ـذارا عن‬ ‫للتَّد ُّخـ ِل فجعلتــه يقـ ِدّ ُم اعتـ ً‬ ‫جريمتــه‪ ،‬ومــن ثـ َّم طــوت صفحــة‬ ‫ي بذلــك‬ ‫ميثاقهــا‪ ،‬فنقــ َل الغزالــ ُّ‬ ‫ـوم إلى‬ ‫الحكومـةَ مــن موقـ ِ‬ ‫ـف الهجـ ِ‬ ‫وفــوتَ عليهــا‬ ‫موقــف الدِّفــاع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ـادئ الهدّامــة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫المب‬ ‫ـرض‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫فرصـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لقــد ســخر ال ُّ‬ ‫ي جاهيــن‬ ‫شــيوع ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ولكــن‬ ‫مــن عمامــة الغزالــي‪،‬‬ ‫ي وقــف بعدَهــا فــي‬ ‫الغزالــ َّ‬ ‫ً‬ ‫المؤتمــر قائــا‪َّ :‬‬ ‫«إن تحــت هــذه‬ ‫العمامـ ِة رأس مف ِ ّكــر‪ ،‬كان يحارب‬ ‫ُّ‬ ‫ـم واإلقطــاع‪ ،‬أيــام كان أمثــال‬ ‫الظلـ َ‬ ‫هــذا قواديــن لفــاروق»‪ .‬وخــرج‬ ‫ع الهامــ ِة‬ ‫مــن المعركــ ِة مرفــو َ‬ ‫محفــو َ‬ ‫ظ الكرامــة‪ ،‬مرعيًّــا بتأييــد‬ ‫هللا تعالــى‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫ثقافية فكرية‬


‫ِّ‬ ‫ًّ‬ ‫سياســيا‬ ‫مفك ًــرا وناشــطً ا‬ ‫جمــال الّ ديــن (‪1838-1897‬م)‪ ،‬الــذي ُيعــرف باألفغانــي‪،‬‬ ‫يعــدُّ‬ ‫ُ‬ ‫ومناهضــا لالســتعما ِر‬ ‫ة‪،‬‬ ‫وللجامعــة‬ ‫اخلــي‬ ‫الد‬ ‫لإلصــاح‬ ‫داعيــة‬ ‫ا‪،‬‬ ‫كبيــر‬ ‫اإلســاميَّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫األوربــي‪،‬‬

‫ولــد وترعــرع فــي أســعد‬ ‫أبــاد األفغانيــة‪ ،‬ألســرةٍ محافظــة‪،‬‬ ‫ثــ َّم انتقــ َل إلــى الهنــد فــي ‪1869‬م‬ ‫ب أهليَّــ ٍة فــي‬ ‫علــى خلفيَّــ ِة حــر ٍ‬ ‫أفغانســتان‪ ،‬واضطــر نتيجــةَ‬ ‫ُّغــوط البريطانيَّــ ِة إلــى‬ ‫الض‬ ‫ِ‬ ‫مغادرتهــا لمصــر‪ ،‬ومنهــا إلــى‬ ‫اســطنبول فــي ‪1870‬م‪ ،‬وبعــد‬ ‫انتقــادا ٍ‬ ‫ت شــديدةٍ ُو ِ ّجهــت لــه‬ ‫هنــاك‪ ،‬عــاد إلــى مصــر مجــدَّدًا‬ ‫فــي ‪1871‬م‪ ،‬ليقضــي فيهــا ثمانــي‬ ‫ســنوات تعـدُّ أكثــر فتــرات حياتــه‬ ‫ـف حولَــه حلقٌــة‬ ‫ـرا‪ ،‬حيــث التـ َّ‬ ‫تأثيـ ً‬ ‫ُّ‬ ‫ّان علمــاء وغيــر علمــاء‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫مــن‬ ‫ِ‬ ‫ومســلمين وغيــر مســلمين‪،‬‬ ‫مــن أمثــال محمــد عبــده وســعد‬ ‫زغلــول‪.‬‬ ‫ي مريديــه علــى‬ ‫شــ َّج َع األفغانــ ُّ‬ ‫ي ِ مــن‬ ‫اإلســام‬ ‫قــراء ِة التُّــراِث‬ ‫ّ‬ ‫وجهـ ِة نظـ ٍـر جديــدةٍ ونقديَّــة‪ ،‬وإلى‬ ‫الفكــر‬ ‫ب‬ ‫عــر ِ‬ ‫الت َّ ُّ‬ ‫ف علــى مذاهــ ِ‬ ‫ِ‬

‫ي ِ الحديــث‪ ،‬وإلــى االهتمــام‬ ‫الغربـ ّ‬ ‫صحافــ ِة كأداةٍ وافــدةٍ إلــى‬ ‫بال َّ‬ ‫وزرع فيهــم‬ ‫الحيــاةِ اإلســامية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ت الغربيَّ ـ ِة‬ ‫ـداء للتَّد ُّخــا ِ‬ ‫نزع ـةَ العـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـأن اإلســامي‪،‬‬ ‫المتزايــدة فــي الشـ ِ‬ ‫وحاجــةَ المســلمين للنُّ‬ ‫هــوض‬ ‫ِ‬ ‫والوحــدةِ لمواجهــ ِة األخطــار‬ ‫التــي تته ِدّدُهــم‪.‬‬ ‫ســلطاتُ‬ ‫بعــد أن ضاقــت ال ُّ‬ ‫عــا باألفغانــي‬ ‫المصريَّــة ذر ً‬ ‫سِياســيَّ ِة والدّينيَّــ ِة‪،‬‬ ‫ونشــاطاته ال ّ‬ ‫وطردتــه مــن مصــر؛ عــاد إلــى‬ ‫ــر األوضــاع‬ ‫الهنــد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ونظــرا لتوت ُّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫فــي مصــر مطلــع الثــورة‬ ‫ســلطاتُ‬ ‫العرابيــة‪ ،‬تح َّملــ ِ‬ ‫ت ال ُّ‬ ‫ً‬ ‫البريطانيَّــةُ وجــودَه فيهــا خوفــا‬ ‫مــن محاولتِــه العــودة َ للقاهــرة‪.‬‬ ‫فــي ‪ ،1883‬غــادر إلــى أوروبــا‬ ‫ليبــدأ مرحلـةً جديــدة ً مــن نضالــه‪،‬‬ ‫بعــد أن ســقطت مصــر تحــت‬ ‫وأحــس‬ ‫االحتــا ِل البريطانــي‪،‬‬ ‫َّ‬

‫ص َر ّ‬ ‫يب‬ ‫الل ِه َق ِر ٌ‬ ‫َأال ِإ َّن َن ْ‬

‫تغريدات للدكتور‬ ‫الدين؛‬ ‫عبد المنعم زين ّ‬ ‫منسق عام بين الفصائل‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ومــن‬

‫أشــهر‬

‫اإلصالحييــن‬ ‫ّ‬

‫اإلســاميين‬ ‫ّ‬

‫ي َّ‬ ‫أن مــن واجبــه تصعي ـدَ‬ ‫األفغان ـ ُّ‬ ‫ـض ضــد اإلمبراطوريــات‬ ‫التَّحريـ ِ‬ ‫األوروبيــة‪ ،‬واســتدعى إلــى‬ ‫باريــس محمــد عبــده‪ ،‬وفــي‬ ‫‪1884‬م أصــدر االثنــان العــدد‬ ‫األول مــن مجلــة "العــروة‬ ‫الوثقــى" التــي صــدر منهــا ‪18‬‬ ‫عــددًا فحســب‪ ،‬وكان لهــا األثــر‬ ‫ي ِ فــي‬ ‫العميــق فــي الفكـ ِـر اإلســام ّ‬ ‫القــرن التّاســع عشــر‪.‬‬ ‫نهايــة‬ ‫ِ‬ ‫ت مــا‬ ‫بعــدَ سلســل ٍة مــن التنقُّــا ِ‬ ‫بيــنَ إيــرانَ وروســيا والبَصــرةِ‬ ‫ولنــدن‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫حطــت رحــا ُل األفغانــ ّ ِ‬ ‫فــي اســطنبو َل بنــا ًء علــى دعــوةٍ‬ ‫ـلطان عبــد الحميــد‪ ،‬وكان‬ ‫مــن ال ُّ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ـلطان فــي جع ـ ِل‬ ‫سـ‬ ‫ـرا لل ُّ‬ ‫ســندًا كبيـ ً‬ ‫ِ‬ ‫سياســ ِة الجامعــ ِة اإلســاميَّ ِة‬ ‫سياســةً رســميَّةً للدَّولــة‪،‬‬ ‫ي ِ لأل َّمـ ِة‬ ‫ومواجهـ ِة التَّحـدّي الغربـ ّ‬ ‫ـائس‬ ‫اإلســا َّمية‪ ،‬قبــل أن تُف ِسـدَ دسـ ُ‬ ‫ي ِ عالقتَــه‬ ‫بعـ ِ‬ ‫ـض كارهــي األفغان ـ ّ‬

‫بــر َ‬ ‫طــوا َل‬ ‫يا َمــن َرزَ قَ ُكــ ُم هللا ‪#‬ال َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ّ‬ ‫ت الماضيــة‪ ،‬وأل َه َم ُك ـ ُم الثبــاتَ فيمــا‬ ‫ســنوا ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـور ت َع َجـ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـز‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫عل‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫وأعا‬ ‫ـى‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫َم‬ ‫َ ُّ ِ ُ ٍ‬ ‫‪#‬الجبــال‪# ،‬ال_تقنطــوا مــن‬ ‫عــن َحم ِلهــا‬ ‫ِ‬ ‫رحمــ ِة هللا‪.‬‬ ‫‏ويــا َمــن خرجتُــم عــن ‪#‬قناعــ ٍة تا َّمــ ٍة‬ ‫ـق اثبتــوا واص ِبــروا‪ ،‬فـ َّ‬ ‫ـإن‬ ‫بأنَّ ُكــم علــى ‪#‬الحـ ّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫نجـ ٌ‬ ‫ـز لكــم وع ـدَه‪َّ ،‬‬ ‫وإن هللاَ لــن يتخلــى‬ ‫هللاَ ُم ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـق‪ ،‬وسيس ـ َحق الباط ـ َل ولــو‬ ‫عــن أه ـ ِل الحـ ِ‬ ‫بع ـدَ حيــن‪.‬‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫فــي‬

‫القــرن‬

‫التاســع‬ ‫ّ‬

‫عشــر‪.‬‬

‫بالسُّــلطان‪ ،‬ليفــارق الحيــاة َ بعــد‬ ‫ســرطان فــي‬ ‫ت‬ ‫ذلــك بمضاعفــا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الفــم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عندمــا جــاءت لحظــة وفاتِــه‬ ‫كانــت العزلــةُ والمــرارة ُ قــد‬ ‫أخــذت منــه مأخــذًا‪ .‬حل ُمــه فــي‬ ‫الوحــد ِة اإلســاميَّ ِة لــم يتحقَّــق‪،‬‬ ‫وال اســتطاع المســلمون تحقيــقَ‬ ‫صمــودَ أمــام‬ ‫ٍ‬ ‫نهــوض يســتطي ُع ال ُّ‬ ‫زحــف القــوى األوروبيَّــة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫غــم مــن اال ِت ّهامــا ِ‬ ‫وعلــى َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫وال ُّ‬ ‫البعــض‬ ‫يثيرهــا‬ ‫شــبها ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت التــي ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأبرزهــا انتمــاؤه‬ ‫حــول األفغان ـ ّ‬ ‫يِ‬ ‫ي ِ فــي مصــر‪،‬‬ ‫للمحفــ ِل الماســون ّ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫األفغان‬ ‫أن‬ ‫ُ‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ّإل إَّنــه يمكــن القــو‬ ‫َّ‬ ‫ي علــى‬ ‫افتتــح‬ ‫َّ‬ ‫الــردَّ اإلســام َّ‬ ‫الت َّ‬ ‫ق‬ ‫المســبو‬ ‫َيــر‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫الكبيــر‬ ‫حــدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ـرنُ‬ ‫الــذي ش ـكله القـ التاس ـ ُع عشــر‬ ‫للعقـ ِل وطاقـ ِة الفعــل اإلســاميَّين‪،‬‬ ‫وم َّهــدَ َّ‬ ‫الطريــقَ لمــن جــاء بعــدَه‬ ‫وســار علــى در ِبــه‪.‬‬

‫َّ‬ ‫الطريــق‪،‬‬ ‫‏ويــا َمــن أتعَبَ ُكــم طــو ُل‬ ‫وأرهقَ ُكــم البــا ُء‪ ،‬و َمسَّــ ُك ُم الضَّيــ ُم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وز ِلزلتُــم ِز‬ ‫لــزال شَــديدًا‪ ،‬انتظــروا بَعــدَ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فجــرا ُمشــرقا‪(( ،‬وتِلــكَ األيّــا ُم‬ ‫ــام‬ ‫ً‬ ‫الظ ِ‬ ‫نُدا ِولُهــا بيــنَ النّــاس))‪.‬‬ ‫ض َّرعــوا إلــى هللا فَ ُهــو العَلي ـ ُم بالحــال‪،‬‬ ‫‏ت َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جيــب‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ــو‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫َــكوا‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫إليــ‬ ‫وارفعــوا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للسُّــؤال‪ ،‬وأحســنوا َّ‬ ‫الظ َّ‬ ‫ــن بــاهلل‪ ،‬فلَــن‬ ‫يَخذُلَنــا‪ ،‬ولَــن يُّض ِيّعَنــا‪ ،‬وقــد تكفَّ ـ َل بال ّ‬ ‫ـام‬ ‫شـ ِ‬ ‫وأَه ِلــه‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ثقافية فكرية‬


‫هتافاتُنــا حــدَّ الجنــون‪ ،‬وهــي‬ ‫تعــري فرعونيَّتــه وتهــدم صنميَّت َــه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتتر َكــه قز ًمــا يرعبُــه المــوت ســحقًا تحــت أقدامنــا‪ ،‬ليهــرع مــن‬ ‫ي ِ الباســل» الــذي‬ ‫فــوره مذعـ ً‬ ‫ـورا مســتنجدًا بجيشِــه «العقائــد ّ‬ ‫بتحرير فلســطين‪.‬‬ ‫يشــحذ ســيفَه منــذ خمســين عا ًمــا‪ ،‬متغنيًّــا‬ ‫ِ‬ ‫وإذ بمعرك ِتــه األولــى والوحيــد ِة تكــون مــع شــع ِبه‪.‬‬

‫ت‬ ‫ال‬ ‫أنكــر أنّــي قلَّبــتُ صفحــا ِ‬ ‫ُ‬ ‫خواطــري‪ ،‬مالحقًــا العنــوانَ‬ ‫الــذي ســوف تنســد ُل تحت َــه‬ ‫تدوينتــي األولــى‪.‬‬ ‫وكعادتهــا تطــ ُّل مضيئــةً‬ ‫ُّ‬ ‫تشــق‬ ‫صفــوف أفــكاري بجدائلهــا‬ ‫َ‬ ‫صعـةً‬ ‫َ‬ ‫المرخــاةِ علــى عاتقيهــا‪ ،‬مر َّ‬ ‫بال ُّ‬ ‫ـهداء كأميــرةٍ ينحنــي لجال ِلهــا‬ ‫شـ ِ‬ ‫ك ُّل مــا ســواها‪ ،‬وتهمــس بثقــة‪ :‬هــا‬ ‫أنــا ذا وصلــت‪.‬‬ ‫ت‬ ‫سِــ ِ‬ ‫إنَّهــا اليتيمــةُ ابنــةُ ال ّ‬ ‫ســنوات‪ ،‬إنَّهــا ثورتُنــا‪ ،‬جدليَّــةُ‬ ‫الحيــا ِة والمــوت‪ ،‬والقضيَّــةُ‬ ‫الكبــرى التــي باتــت تتربَّ ـ ُع علــى‬ ‫ـرش اهتماماتنــا‪ .‬ســفينةُ النَّجــاةِ‬ ‫عـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫التــي حملت ثلـة المؤمنيــن األولى‬ ‫ثــوار ‪ ،2011‬وعصمتهــم‬ ‫مــن ّ‬ ‫حضيــض‬ ‫ق فــي‬ ‫ِ‬ ‫مــن الغــر ِ‬ ‫أذكرهــم‬ ‫الخنــوع‪ .‬أولئــك الذيــن‬ ‫ُ‬ ‫جميعًــا بأســمائهم ووجوههــم‪،‬‬ ‫وابتســاماتهم وجراحهــم‪.‬‬ ‫غمرهــم عنفــوانُ‬ ‫أولئــك الذيــن‬ ‫َ‬ ‫التَّكبيــر ِة األولــى‪ ،‬وتملَّكَهــم‬ ‫كبريــا ُء المظاهــرةِ األولــى‪،‬‬ ‫الزال صــدى هتافِهــم يتــردَّدُ فــي‬ ‫ت حناجــر بــات‬ ‫أعماقــي بصــو ِ‬ ‫ـر أصحا ِبهــا اليــوم فــي زمــر ِة‬ ‫أكثـ ُ‬ ‫ال ُّ‬ ‫شــهداء‪.‬‬ ‫فخــر كبيــر ذاك حيــن تُلقــى‬ ‫ٌ‬ ‫عليــك ُحلَّ ـةُ المجــد‪ ،‬وتنــال وســام‬ ‫العـ َّ‬ ‫ـزةِ كثائـ ٍـر‪ ،‬لتكــون عينًــا تقابــل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مخــرز الطاغيــ ِة بــا خــوفٍ‬ ‫فتكســره‪ .‬طاغيــةٌ أغضبتــه‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫حــارا د ُم َّأو ِل شــهي ٍد ارتقــى علــى‬ ‫كــم كان‬ ‫ًّ‬ ‫ت مســج ِد ســعد فــي ذات جمعـ ٍة ثوريَّــة‪،‬‬ ‫عتبــا ِ‬ ‫مشــينا وراءه طويـ ً‬ ‫ـر تمضي‬ ‫ـر خضـ ٌ‬ ‫ـا وطيـ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ق تحــت العــرش‪،‬‬ ‫بــه إلــى قندي ِلــه المعل ـ ِ‬ ‫بينمــا ســنعود نحــن لنكمــ َل معركتنــا‬ ‫قرصــان الممانعــ ِة والمقاومــ ِة‬ ‫مــع‬ ‫ِ‬ ‫المزعومــة‪ ،‬كان مــن الواضــح أنَّــه‬ ‫الب ـدَّ مــن البندقيَّــة‪ ،‬فهديــر هتافاتِنــا‬ ‫ـار‬ ‫العــزالء لــم يكــن كافيًــا لمحـ ِو عـ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫تلطخنــا بــه خمســين عا ًمــا‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫متقطعــةٌ‬ ‫ـاص ليليــةٌ‬ ‫رشــقاتُ رصـ ٍ‬ ‫هنــا وهنــاك‪ ،‬تشــي بقلَّــ ِة ذخيرتِنــا‪،‬‬ ‫وتشــهدُ أنَّنــا أحرقنــا مراكبنــا‪،‬‬ ‫واخترنــا ّ‬ ‫اللرجعــة‪...‬‬ ‫مغادريــن تركنــا مدينت َنــا وأصابــ ُع‬ ‫أرواحنــا تتش ـب ُ‬ ‫الرحي ـ َل‬ ‫ِ‬ ‫َّث بجدرانِهــا‪ ،‬تأبــى َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ت المؤدِّيـ ِة‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫رق‬ ‫والط‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫مداخ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ـالت‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـا‬ ‫بعدمـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت وناقــات الجنــود‪ ،‬حتّــى ظننّــا‬ ‫إليهــا بالدَّبّابــا ِ‬ ‫ـدس التــي وعدونــا يو ًمــا علــى مقاعـ ِد‬ ‫لوهلـ ٍة أنَّهــا القـ ُ‬ ‫الدِّراســ ِة أنَّهــم يُ ِعــدّون العُــدَّة َ لتحريرهــا‪.‬‬ ‫ـرة َ َّ‬ ‫لكـ َّ‬ ‫أن مــن احتـ َّل مدينتــي يو َمهــا هــو ذاتُه‬ ‫ـن الحقيقـةَ المـ َّ‬ ‫ي المقاومــ ِة والممانعــة‪ ،‬الــذي بــاع الجــوالن لمــن يحتــ ُّل‬ ‫دعــ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـوم بعــد‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫ـراء‬ ‫ـ‬ ‫الخض‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫المدين‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫لك‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫د‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ويش‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫الي‬ ‫ـدس‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫القـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـررة‪.‬‬ ‫أربــعِ ســنوات رغــم أن ِفــه محـ َّ‬ ‫هــي بضــ ُع مشــاهد نقشــتُها هنــا؛ ألنَّهــا كانــت البدايــة‪ ،‬بدايــة الحيــاة‬ ‫حريَّتنــا السَّــليبة؛ لذلــك‬ ‫الحقيقيَّــة‪ ،‬هــي خطوتنــا األولــى ســعيًا للوصــو ِل إلــى ِ ّ‬ ‫ِــت ســنوات» هــي تدوينتــي األولــى‪.‬‬ ‫س ِّ‬ ‫أردت أن تكــون «اليتيمــةُ ابنــةُ ال ّ‬ ‫ـر‬ ‫وال أدري كيــف اســتدعيت جيــوش الذِّكريــات المحتشــدة اآلن وراء نصــل قلمــي‪ ،‬تنتظـ ُ‬ ‫ـكب علــى صفحـ ِة البــوح‪ ،‬لعلَّــه الحنيــنُ لل ُّ‬ ‫ـوم‬ ‫شـ ِ‬ ‫ـهداء‪ ،...‬أو لربمــا هــو الخـ ُ‬ ‫أن تنسـ َ‬ ‫ـوف مــن هجـ ِ‬ ‫ت علــى كاتبهــا‪ ،‬فتبقــى حبيسـةً ال تســتطي ُع ال َّ‬ ‫شــهادة َ علــى أجمـ ِل حقبـ ٍة فــي ثور ِتنــا اليتيمــة‪ ،‬لكــن‬ ‫المــو ِ‬ ‫ـف وأكبـ َح جمــا َح القلــم‪.‬‬ ‫مــا أتيقَّنــه اآلن‪ ،‬أنّــي يجـ ُ‬ ‫ـب أن أكـ َّ‬ ‫ـعر بصقيــعِ الوحــدة‪َّ ،‬‬ ‫ألن قائمـةً طويلـةً مــن األســماء التــي ستنســاب‬ ‫وربمــا لــو أنّنــي واصلــت الكتابـةَ سأشـ ُ‬ ‫حلمنــا‬ ‫بيــن ال ُّ‬ ‫ـدران القلــب‪ ،‬أســماء راحليــن كنّــا يو ًّمــا شــركاء فــي ِ‬ ‫ســطور‪ ،‬أســماء منقوشــةٌ بالنّـ ِ‬ ‫ـور علــى جـ ِ‬ ‫ـر اليتيمــة‪ ،‬وهــي البـدَّ منتصــرة ٌ ولــو كــره المتآمــرون‪.‬‬ ‫الكبيــر‪ِ ،‬‬ ‫حلمنــا بــأن تنتصـ َ‬ ‫محمــد طــال بازرباشــي أبو عبد الرحمن الســوري‬ ‫مدونــات الجزيرة‬ ‫عــن تدوينة في‬ ‫ّ‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة الثورية‬

‫‪18‬‬


‫الفجر‬ ‫إني أرى‬ ‫َ‬ ‫بر ً‬ ‫اقا‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫الشاعر األستاذ‬

‫عبد الرحمن صالح العشماوي‬ ‫الرياض ‪١٤٣٨-١-١٨‬‬

‫َأ ِ‬ ‫تبعث بها الحزَ نا‬ ‫قوافيك ال‬ ‫سك ْت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال تَ ِ‬ ‫يمنا‬ ‫شاما وال‬ ‫بك‬ ‫مصرا وال َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حين تُ لْ ِ‬ ‫ه ُبنا‬ ‫فيد القوافي‬ ‫َ‬ ‫ماذا تُ ُ‬

‫َّ‬ ‫ُحزنً ا وتُ ِ‬ ‫والش َجنا‬ ‫جد‬ ‫الو َ‬ ‫شع ُل فينا َ‬

‫المجد َّ‬ ‫واتخذوا‬ ‫قوم َك َع ُّقوا‬ ‫القوم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫لهم من ُّ‬ ‫الذ ِّل في بح ِر الهوى ُس ُفنا‬ ‫للعدو فال‬ ‫تَ َعلْ َمنوا واستكانوا‬ ‫ِّ‬

‫قوما أصبحوا ُج َبنا‬ ‫قوافيك‬ ‫تُ ْس ِم ْع‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫هم‬ ‫قومك قد باعوا‬ ‫القوم‬ ‫كرامتَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ستحصلوا الثّ َمنا‬ ‫بين ولَ م َي‬ ‫للغاص َ‬

‫حو ْل َمسيرتَ ها‬ ‫َأ ْس ِك ْت‬ ‫َ‬ ‫قوافيك أو ّ‬ ‫حسنا‬ ‫حتى ترى َح َسنً ا مالم‬ ‫ْ‬ ‫يكن َ‬

‫ِ‬ ‫تخاذُ لَ ه‬ ‫ف ّأيها‬ ‫الم ْبدي َ‬ ‫الخاط ُر ُ‬ ‫ِق ْ‬ ‫ِ‬ ‫هنا‬ ‫لصوت‬ ‫أراك‬ ‫يامن‬ ‫اليأس ُمرتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أن قافيتي‬ ‫ماذا َدهاك َأتَ نسى ّ‬

‫ِ‬ ‫والفتَ نا‬ ‫قد‬ ‫أقس َمت أن تُ عادي الشرَّ‬ ‫َ‬ ‫وأن تُ ِ‬ ‫رافعة‬ ‫دين هللاِ‬ ‫ً‬ ‫ناص َر َ‬ ‫اإل ِ‬ ‫واإلحنا‬ ‫الحقد‬ ‫باء وتأبى‬ ‫رأس ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بعض قومي في تَ خاذُ ِلهم‬ ‫نعم؛ أرى‬ ‫َ‬ ‫اإلحساس ُم ْمتَ هنا‬ ‫جامد‬ ‫وبعضهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الء الكُ ف ِر قد نفضوا‬ ‫نعم؛ أرى ُع َم َ‬ ‫راب وصاحوا ِّ‬ ‫عاب لنا‬ ‫ريش ُ‬ ‫بالن ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫َ‬ ‫نت‬ ‫رالي ٍة َع َف ْ‬ ‫يب ّ‬ ‫وأشغلونا ب ِل ْ‬ ‫ِ‬ ‫الع َفنا‬ ‫خاب َمن َي‬ ‫ريحا وقد‬ ‫ستحس ُن َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بالله لو ُو ِزنَ ْت‬ ‫ثقة‬ ‫لكن لي ً‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫قلب َمن وزَ نا‬ ‫ألرضت‬ ‫اسيات‬ ‫بالر‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫تخاذُ لَ ه‬ ‫الم‬ ‫بدي َ‬ ‫غدا ترى أيُّ ها ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫الجهاد َدنا‬ ‫أهل‬ ‫نصراً قريباً إلى‬ ‫ِ‬ ‫لوح لنا‬ ‫إني أرى‬ ‫الفجر ّبر ً‬ ‫اقا َي ُ‬ ‫َ‬ ‫أراه ُهنا‬ ‫ُم ِّ‬ ‫الداجي‪ُ ،‬‬ ‫بدداً ليلَ نا ّ‬

‫ٌ‬ ‫أحــداث مؤلمــة فــي‬ ‫تمــر بنــا‬ ‫ٌّ‬ ‫نعيــش اللحظــةَ‬ ‫الحــرب‪،‬‬ ‫أيــام‬ ‫ُ‬ ‫القصــف‬ ‫ونحــنُ تحــتَ وابــ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫والمــو ِ‬ ‫ُّ‬ ‫والرعــ ِ‬ ‫ـاعر علــى‬ ‫ـس هــذ ِه المشـ ُ‬ ‫وتنع ِكـ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫تصرفاتِنــا و ِكتاباتِنــا فــي مواقــعِ‬ ‫ي‪ ،‬ف ُهنــا‬ ‫التّوا ُ‬ ‫صــ ِل االجتماعــ ّ‬ ‫وآخــر يلعَــنُ‬ ‫ــر‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫شــخص يَتَذَ َّم ُ‬ ‫المريــر‪ ،‬ورجــ ٌل ينت ِقــدُ‪،‬‬ ‫الواقــ َع‬ ‫َ‬ ‫شـ ِت ِه‬ ‫ـ‬ ‫يجل‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫آخ‬ ‫وهنــاك‬ ‫ـس خلف شا َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫صغيــرةِ وقــد تولــى َم َه َّمــةَ‬ ‫ال َّ‬ ‫تحويــل الحبّــة إلــى قِبّة‪-‬مــن‬‫ث وتحلي ِلهــا إلــى‬ ‫تهويــ ِل األحــدا ِ‬ ‫ســيناريوها ٍ‬ ‫ت ســودا َء ُمظلمــة‪ ،‬ال‬ ‫ـص األمــل‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫بصي‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫فيه‬ ‫تــكاد تَــرى‬ ‫َ‬ ‫ولألســف؛ نحــن كناشــطينَ‬ ‫ثوريّيــن ُجــز ٌء مــن هــذه‬ ‫صــا ِعندمــا‬ ‫ِ‬ ‫األصنــاف‪ُ ،‬خصو ً‬ ‫منز ِلــه أو‬ ‫فــي‬ ‫ُنــا‬ ‫د‬ ‫أح‬ ‫ُصــاب‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـرتِه ‪َ -‬ح ِفـظ هللاُ الجميـ َع ِمــن ك ِّل‬ ‫أسـ َ‬ ‫ـوء‪-‬يتحو ُل مباشــرة ً إلــى ُمنفَ ِعـ ٍل‬ ‫سـ‬ ‫َّ‬ ‫عفًــا‪.‬‬ ‫ليعيــش‬ ‫األلــم ُمضا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أبــي َح ِف َ‬ ‫ظــهُ هللاُ كانَ دائِ ًمــا‬ ‫ت‬ ‫فــي ســاعا ِ‬ ‫ِ‬ ‫االقتحــام وزَ ّخِ‬ ‫ـونُ‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫لن‬ ‫منز‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫جا‬ ‫ـاص ِب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الرصـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والخــوف بقولــه‪:‬‬ ‫ــم‬ ‫ل‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫علينــا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«ليــش لحتــى نمــوت مرتيــن»؛‬ ‫صــاب َوقَــ َع بنــا فأكثِــروا‬ ‫ال ُم‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ــوك ِل عليــ ِه‪،‬‬ ‫ِمــن ذ ِ‬ ‫ِكــر هللاِ والت َ‬ ‫بالخــوف‬ ‫وال ت ُ ِميتُــوا قلوبَ ُكــم‬ ‫ِ‬ ‫و ا لضَّعــف ‪.‬‬ ‫ث ِقــوا بــاهللِ فهــو ســبحانه معنــا‪،‬‬ ‫ويــرى حالَنــا‪ ،‬ويعلَــ ُم ُمصابَنــا‪،‬‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ربّــي عـ َّ‬ ‫ـز و َج ـلّ) فصــاروا خَلفَــه‬ ‫صفو فًــا‪...‬‬ ‫ُ‬

‫زمن‬ ‫ـي في‬ ‫ِ‬ ‫الوعـ ُ‬ ‫الحرب‬

‫‪#‬التجعل_األلم_مضاعف ًا‬ ‫كتبه‪ :‬منير عبد العزيز‬

‫‪-‬الغوطة الشرقية ‪2016/10/12-‬‬

‫فقــال‪( :‬اللهــم لــكَ الحم ـدُ ُكلُّــه‪،‬‬ ‫ســطت‪ ،‬وال‬ ‫الل ُه ـ َّم ال قابِـ َ‬ ‫ـض لمــا بَ َ‬ ‫ســ َط ِلمــا قَ‬ ‫هــادي‬ ‫وال‬ ‫بضــت‪،‬‬ ‫با ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِلمــن أضللــتَ ‪ ،‬وال ُم ِضــ َّل لمــن‬ ‫ــي لمــا َمنعــتَ ‪،‬‬ ‫هديــتَ ‪ ،‬وال ُم ِ‬ ‫عط َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫وال مانِـ َع لمــا أعطيــتَ ‪ ،‬وال ُمقـ ِ ّ‬ ‫ـر َ‬ ‫عــدتَ ‪ ،‬وال ُمب ِعـدَ لمــا قرَّ بــت‪.‬‬ ‫لمــا با َ‬

‫ســط عَلينــا مــن بَ َركاتِــكَ‬ ‫الل ُهـ َّم اب ُ‬ ‫لخيــر‬ ‫َــب ذلــكَ علينــا إال‬ ‫ومــا َكت َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ورزقِــكَ ‪.‬‬ ‫يعلمــه هــو وحــده ســبحانه‪ ،‬ونحــنُ ورح َمتِــك وفض ِلــكَ ِ‬ ‫ليــس لنــا إال االلتجــاء علــى بابــه‪،‬‬ ‫الل ُهـ َّم إنــي أســأُلَك النَّعيـ َم ال ُمقي َم‬ ‫واليقيــن بأنــه معنــا يســمع ويــرى‪ .‬الــذي ال يحــو ُل وال يــزول‪.‬‬ ‫ب‬ ‫إن‬ ‫ِكــر ال ُمصــا ِ‬ ‫ُ‬ ‫تــداو َل ذ ِ‬ ‫الله ـ َّم إنــي أســألُكَ النّعي ـ َم يــو َم‬ ‫ـوب ويُض ِعـ ُ‬ ‫ـار يُو ِهــنُ القُلـ َ‬ ‫والدَّمـ ِ‬ ‫ـف العيلــة‪ ،‬واألمــنَ يــو َم الخــوف‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫العزيمــة‪ ،‬وكذلــكَ كثــرة التحليــ ِل‬ ‫ـر‬ ‫الل ُه ـ َّم إنــي عا ِئــذٌ ِبــكَ مــن شـ ِ ّ‬ ‫األســو ِد البعيــ ِد عــن أقــدار هللا‬ ‫ِ‬ ‫وشــر مــا َمنَعتَنــا‪،‬‬ ‫ِ ً مــا أعطيتَنــا‬ ‫ِّ‬ ‫ب َموتــا‬ ‫لَيَجعَــ ُل مــن ال ُمصــا ِ‬ ‫الل ُه ـ َّم ح ِبّــب إلينــا اإليمــانَ َ‬ ‫وزيّنــه‬ ‫ُم َحت َّ ًمــا‪.‬‬ ‫فــر‬ ‫فــي قُلوبِنــا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وكــره إلينــا ال ُك َ‬ ‫ـث ُّ‬ ‫ـب علينــا أن نَبُـ َّ‬ ‫الطمأنينـةَ والفُســوقَ والعصيــان‪ ،‬واجعلنــا‬ ‫يَ ِجـ ُ‬ ‫ــاس‪ ،‬ونَربِ َ‬ ‫ط ُهــم ِمــنَ الرّ اشــدين‪.‬‬ ‫فــي‬ ‫نفــوس النّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ـن‬ ‫ـن التـ َـوك ِل علــى هللاِ‪ ،‬واليقيـ ِ‬ ‫بِ ُحسـ ِ‬ ‫الل ُه ـ َّم ت َ َوفَّنــا ُمســلمين‪ ،‬وأحيِنــا‬ ‫ُخطأ َ‬ ‫بـ َّ‬ ‫نا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫يك‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫أصا‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ـأن م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وألحقنــا بالصّالحيــنَ‬ ‫ُمســلمينَ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومــا أخطأنــا لــم يكــن ليصيبَنــا‪.‬‬ ‫غيــر خزايــا وال َمفتونيــن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والقــار ُ‬ ‫ي ِ صلــى‬ ‫ئ لد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُعــاء النَّبــ ّ‬ ‫ــرةَ الذيــن‬ ‫اللهُــ َّم قاتِــ ِل ال َكفَ َ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫بع‬ ‫ـلم‬ ‫ـ‬ ‫وس‬ ‫هللا عليــه‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫يُك َِذّبــونَ ُرسُــلَك ويصــدّونَ عــن‬ ‫غــزوةِ أ ُ ُح ـ ٍد يُـ ِ‬ ‫عليهــم ِر َ‬ ‫جــزكَ‬ ‫ـدركُ هــذه المعانــي ســبي ِلكَ ‪ ،‬واجعــل‬ ‫ِ‬ ‫بحـ ّ‬ ‫ـق‪:‬‬ ‫ــرةَ‬ ‫وعَذابَــك‪ ،‬اللهُــ َّم قاتِــ ِل ال َكفَ َ‬ ‫ـق)‪.‬‬ ‫ل ّمــا كانَ يــو ُم أ ُ ُحــ ٍد وان َكفَــأ الذيــنَ أوتــوا الكتـ َ‬ ‫ـاب إل ـهَ ال َحـ ّ ِ‬ ‫شــركون قــا َل رســو ُل هللاِ ورواه النســائي والحمــد هلل رب‬ ‫ال ُم ِ‬ ‫العالميــن‪.‬‬ ‫صلــى هللا عليــه وســلم‪:‬‬ ‫(اســتووا حتــى أُثنــي علــى‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة الثورية‬

‫‪19‬‬


‫لماذا التاريخ؟؟‬ ‫قــد أنــز َل هللاُ تعالــى هــذه اآليــةَ‬ ‫ـوار‬ ‫الكريم ـةَ ليَ ُحثَّنــا أن نَســبر أغـ َ‬ ‫التّاريــخ‪ ،‬ونَتَدَبّــر مــا جــرى‬ ‫مع ُهــم‪ ،‬ونتعلَّــم مــن أخطائهــم‪،‬‬ ‫ع ِب ِمثلهــا‪ ،‬فقــد‬ ‫فنتفــادى الوقــو َ‬ ‫ُ‬ ‫أمرنــا ديننــا بــأن نَنظــر فــي‬ ‫األوليــن‪ ،‬ثـ َّم أ َ َم َرنــا بمعرفـ ِة‬ ‫ُ‬ ‫سـن َِن َّ‬ ‫تاريــخِ نب ِيّنــا؛ وأن نت َّ ِخــذَه أُســوة ً‬ ‫لنــا فــي حياتِنــا وجهادِنــا؛ لنكــونَ‬ ‫َّ‬ ‫عــز‬ ‫ِم َّمــن يرجــونَ رضــى هللاِ‬ ‫وجــ َّل‪ ،‬ويرجــونَ الفــوزَ‬ ‫باليــوم‬ ‫ِ‬ ‫لماذا التّاريخ؟!‬ ‫اآلخــر‬ ‫ِ‬ ‫الل نعم؛ لماذا التاريخ؟‬ ‫((لَقَــ ْد كَانَ لَ ُكــ ْم فِــي َرسُــو ِل َّ ِ‬ ‫سـنَةٌ ِلّ َمــن كَانَ يَرْ جُو َّ‬ ‫أُ ْ‬ ‫ـوةٌ َح َ‬ ‫سـ َ‬ ‫اللَ ألنــه خَزينَــةُ الماضــي بِــ ُك ِّل‬ ‫ـر َّ‬ ‫ـرا)) تجاربــه و ُ‬ ‫اللَ َك ِثيـ ً‬ ‫ـر َوذَ َكـ َ‬ ‫َو ْاليَــوْ َم ْال ِخـ َ‬ ‫آالمــه‬ ‫طموحــه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ــره‪،‬‬ ‫آخــر وآما ِلــه‪ ،‬بــ ُك ِّل دُرو ِســه و ِعبَ ِ‬ ‫ثُــ َّم أ َم َرنــا فــي موضــع‬ ‫َ‬ ‫ــر‬ ‫المتــاك‬ ‫بات ّبــاع أخبــار األنبيــاء ٍعليهــم فهــو مفتــا ٌح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحاض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫كمــا قــال هللا تعالــى‪(( :‬سُــنَّةَ َّ‬ ‫اللِ‬ ‫ســام حيــن قــال عـ َّ‬ ‫ـز ِمــن قا ِئــل‪:‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الَّتِــي قَــ ْد َخلَ ْ‬ ‫ــت ِمــن قَبْــ ُل َولَــن‬ ‫ســنَّةُ‬ ‫اللِ ت َ ْبد ً‬ ‫((أولئــك الذيــن هــدى هللا ت َ ِجــدَ ِلسُــنَّ ِة َّ‬ ‫ِيــا))‪ ،‬ف ُ‬ ‫هللاِ ثابتــةٌ فــي هــذا الكــون‪ ،‬فــإن‬ ‫اقتــده‪))...‬‬ ‫فبهداهــم‬ ‫ســنَنَهُ فيمــن كان قبلنــا‬ ‫رأينــا ُ‬ ‫ـر مــن ثُغــور‬ ‫فدراس ـةُ التّاريــخِ ثغـ ٌ‬ ‫صيرنــا‪.‬‬ ‫ِ استشــرفنا َم َ‬ ‫ب‬ ‫اإلســام الــذي مــن واجــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ب األ َّم ـ ِة أن يَن ِفــروا لــه كــي‬ ‫شــبا ِ‬ ‫ــر‬ ‫ال يُ َح‬ ‫ف تاريخنــا‪ ،‬وال نَكــونَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ي ِ الــذي‬ ‫ُ‬ ‫عرضــة للغــز ِو ال ِفكــر ّ‬ ‫يَنت َ ِه ُجــه أعــدا ُء األ ُ َّمــ ِة ســبيالً‬ ‫للدُّخــو ِل إلــى ماضينــا؛ فَيُــزَ ّ ِوروا‬ ‫تاريـ َخ أبطا ِلنــا‪ ،‬وتُمحــى ُر ُ‬ ‫موزنــا‬ ‫ــم عــن هــذه‬ ‫مــن‬ ‫ِ‬ ‫غيــر أن نَعلَ َ‬ ‫ً‬ ‫الرمــوز شــيئا‪ ،‬لذلــك علينــا أن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ســؤاالً ها ًّمــا‪:‬‬ ‫ــنا‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫أن‬ ‫نســأل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وكلمات عن‬ ‫ومضات‬ ‫العلماء شيخ‬ ‫سلطان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بن عبد السالم‬ ‫اإلسالم العز ِ‬ ‫«ت‪660‬هـ»‬ ‫وكتبه محمد وائل الحنبلي‬

‫‏قــال اإلمــا ُم النّــووي عــن العـ ِ ّ‬‫ـز‬ ‫ســام‪:‬‬ ‫ـن عبــد ال َّ‬ ‫بـ ِ‬ ‫‏ال َّ‬ ‫شــيخ اإلمــام‪ ،‬المج َمــع علــى‬ ‫إمامتــه وجاللتــه وتم ُّكنِــه فــي‬ ‫أنــواع العلــوم وبراعتِــه ‪...‬‬ ‫‏قــال الذهبــي عــن العـ ِ ّ‬‫ـن عبــد‬ ‫ـز بـ ِ‬ ‫السالم‪:‬‬ ‫‏شــيخ اإلســام‪ ،‬بلــغ رتبــةَ‬ ‫االجتهــا ِد مــع ُّ‬ ‫الزهــ ِد والــورع‪،‬‬ ‫واألمــر بالمعــروف والنَّه ـي ِ عــن‬ ‫صالبــة فــي الدّيــن‪.‬‬ ‫المنكــر‪ ،‬وال َّ‬ ‫‏قال الذهبي‪:‬‬‫‏ل ّمــا ولــي العـ ُّ‬ ‫ســام‬ ‫ـز بــنُ عب ـ ِد ال َّ‬ ‫الخطابــةَ بدمشــق فــرح بــه‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫والتاريــ ُخ عــاوة علــى ذلــك ســيكونُ ركيــزة ً لنــا فــي ال ُمســتقبل‪،‬‬ ‫ي لهــذه األ ُ ّمــة كمــا باقــي العلــوم‪ ،‬فأ ُ َّمــةُ اقــرأ‬ ‫فالتاريــ ُخ أمــر َجوهــر ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ـر أ ُ َّمـ ٍة‬ ‫ـ‬ ‫خي‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫وه‬ ‫ـن‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫العالمي‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫حبي‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫أم‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫هــي أمـةُ ال ِعلـ ِـم وال َمعرفـ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ربّ ِ‬ ‫َــر‪.‬‬ ‫ــر‬ ‫ِ‬ ‫خر َجــت للنّــاس؛ تأ ُم ُ‬ ‫بالمعــروف وت َنهــى عــن ال ُمنك ِ‬ ‫أُ ِ‬ ‫أ ُ َّمــةٌ لهــا تاريـ ٌخ عريـ ٌ‬ ‫األرض إلــى‬ ‫ســا ُم إلــى‬ ‫آدم عليــه ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـق ُمنـذُ نُــزو ِل َ‬ ‫ـام الســاعة‪.‬‬ ‫قيـ ِ‬ ‫المسلم‬ ‫أبو عمر ُ‬

‫المســلمون‪ ،‬وكان ال يخــاف فــي‬ ‫هللا لومـةَ الئــم؛ لقـ َّـوةِ نف ِســه وشــدة‬ ‫تقــواه‪.‬‬

‫والتفنُّن في العلوم ‪.‬‬ ‫أخــذ عــن العـ ِ ّ‬ ‫ســام‬ ‫ـز بــن عبــد ال َّ‬ ‫كثيــرون‪ ،‬ومنهــم‪:‬‬

‫‪-‬‏قال عنه ابن كثير‪:‬‬

‫شــيخ اإلســام ابــن دقيــق العيــد‪،‬‬ ‫وال ّ‬ ‫صاحــب‬ ‫ــهاب القرافــي‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الفــروق‪ ،‬ابــنُ فــرح اإلشــبيلي‪،‬‬ ‫وأخيرا أقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫الحافظــان الدمياطــي وأبــو شــامة‬ ‫ي فــي محبَّتــي وكتابتي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫‏ال‬ ‫المقدســي‪.‬‬ ‫ـوم علـ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بــن‬ ‫ـز عــن ســلطان العلمــاء العــز ِ‬ ‫ـض األمــراء مــن العـ ِ ّ‬ ‫طلــب بعـ ُ‬ ‫ـارا لنــا‪،‬‬ ‫عبــد الســام فقــد كان جـ ً‬ ‫بــن عبــد السَّــام وهــو علــى نشــأ وتربّــى بمنطقــة ّ‬ ‫الكلســة‬ ‫بعــض‬ ‫فــراش المــوت أن تكــون‬ ‫ُ‬ ‫قريبًــا مــن بيتنــا‪.‬‬ ‫وظائفــه ألوالده؟‬

‫العجــب‬ ‫‏جمــع مــن العلــوم‬ ‫َ‬ ‫العجــاب‪ ،‬قيــل‪ :‬إنــه بلــغ رتبــةَ‬ ‫االجتهــاد ورحــل إليــه الطلبــةُ‬ ‫مــن ســائر البــاد‪ ،‬وصنَّــف‬ ‫المصنَّفــات المفيــدة‪ ،‬وقــال عنــه‬ ‫ضــا‪ :‬‏جمــع علو ًمــا كثيــرة‪،‬‬ ‫أي ً‬ ‫مــدارس بدمشــقَ‬ ‫س بعــدَّةِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ودر َ‬ ‫ُ‬ ‫صـدَ بالفتاوى‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫َه‬ ‫ت‬ ‫خطاب‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫وول‬ ‫ِ‬ ‫مــن اآلفــاق‪ ،‬وكان لطيفًــا ظريفًــا‪ .‬‏فقال‪ :‬ما فيهم َمن يصلح لها‪.‬‬ ‫‏قال عنه الحافظ ابن حجر‪:‬‬‫ِّ‬ ‫العــز بــن عبــد‬ ‫ ‏مــن كالم‬‫عالــي الهمــة بعيــدَ الغَــور ا لسَّــا م ‪:‬‬ ‫‏كان‬ ‫َ‬ ‫فــي فهــم العلــوم‪َّ ،‬‬ ‫درس وأفتــى ‏الجهــاد ضربــان‪ :‬ضــرب‬ ‫صــف‬ ‫و‬ ‫حتــى‬ ‫وصنَّــف وبــرع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بالجــدل والبيــان وضــرب‬ ‫بأنَّــه بلــغ رتبــةَ االجتهــاد‪- ،‬كان بالسَّــيف وال ِسّــنان‪.‬‬ ‫قائ ًمــا باألمــر بالمعــروف ال‬ ‫يخــاف بذلــك كبيــرا وال صغيــرا‪ ،‬‏من كالم ِ ّ‬ ‫العز بن عبد السَّالم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مــع ُّ‬ ‫الزهــد والتق ُّ‬ ‫شــف‪ ،‬والــورع ‏ســاح العالــم عل ُمــه ولســانُه‪ ،‬كمــا‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫َّ‬ ‫أن ســا َح الملــك ســيفُه و ِســنانُه‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫العــز بــنُ عبــد السَّــام‬ ‫خــرج‬ ‫كبيــر إلــى القتــال‬ ‫وهــو شــي ٌخ‬ ‫ٌ‬ ‫ســاحات‪ ،‬وحصــل‬ ‫والجهــاد فــي ال ّ‬ ‫لــه بذلــك عــدة ُ كرامــات‪.‬‬

‫النافذة التاريخية‬

‫‪20‬‬


‫الفردي‬ ‫والعمل‬ ‫ـي‬ ‫ـل‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بيــن العمـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫المؤسسـ ِّ‬ ‫لــم يعــد خافيًــا َّ‬ ‫أن العمــ َل‬ ‫خيــر وأولــى مــن‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫المؤسَّســ َّ‬ ‫ي ِ الــذي ال يــزال‬ ‫العمــ ِل الفــرد ّ‬ ‫ـراض المســلمين‪،‬‬ ‫مر ً‬ ‫ضــا مــن أمـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫يــرث الدُّعــاة ُ إلــى هللا شــيئًا‬ ‫وقــد‬ ‫مــن هــذه األمــراض؛ ومنهــا‬ ‫الدَّعــوة ُ الفرديَّــةُ التــي تتضــاء ُل‬ ‫نتائ ُجهــا مقارنــةً بنتائــجِ العمــ ِل‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ي ِ المؤسَّســ ّ‬ ‫الجماعــ ّ‬

‫ي‬ ‫الــذي يســودُ العمــ َل المؤسَّســ َّ‬ ‫يفــرض علــى أصحابِــه أن‬ ‫ُ‬ ‫معاييــر محــدودة ٌ‬ ‫تكــونَ لديهــم‬ ‫ُ‬ ‫وهــذه الموضوعيَّــةُ تنمــو مــع‬ ‫ت والحــوارات‪ ،‬أ ّمــا‬ ‫ـو ال ِنّقاشــا ِ‬ ‫نمـ ّ ِ‬ ‫ي فمــردُّه قناعــة‬ ‫العمــ ُل الفــرد ُّ‬ ‫القائــم بالعمــل‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ي للعمــل‬ ‫ُ‬ ‫‪-4‬االســتقرار ال ِنّســب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫يِ‪ ،‬أ َّمــا العمــل الفــرد ُّ‬ ‫المؤسَّســ ّ‬ ‫ت األفــراد‪،‬‬ ‫ـر بتغيُّـ ِـر اقتناعــا ِ‬ ‫ميّــزات‬ ‫ومــن‬ ‫العمــل فيتغيَّـ ُ‬ ‫كنــتُ فــي خـ ِ ّ‬ ‫ـار إلــى الفُن ـدُق‪،‬‬ ‫ـار لركــو ِ‬ ‫ب ســيارةِ مــن ال َمطـ ِ‬ ‫ـط االنتظـ ِ‬ ‫ومجــيء‬ ‫ب قائــ ٍد‬ ‫ِ‬ ‫ي‪ :‬ويتغي ُ‬ ‫َّــر بذهــا ِ‬ ‫المؤسَّســاتي عــن العمــل الفــرد ّ‬ ‫ـس غايـةً‬ ‫فــكانَ نصيبــي سـيّارة ٌ فــي غايـ ِة النَّظافــة‪ ،‬يَل ِبـ ُ‬ ‫ـس ســائِقُها مالبـ َ‬ ‫آخــر‪.‬‬ ‫‪-1‬أنَّــه يح ِقّ ُ‬ ‫ــق صفــةَ التَّعــاون‬ ‫فــي األناقــة‪.‬‬ ‫التــي حـ َّ‬ ‫ي‬ ‫ـث عليهــا القــرآنُ الكري ـ ُم‬ ‫ُ‬ ‫‪-5‬العمــ ُل المؤسَّســ ُّ‬ ‫ـاب لل ُجلــوس‪ ،‬وقــال‪« :‬اســمي أحمــد‪ ،‬وأنــا‬ ‫أكثــر نَــزَ َل ال ّ‬ ‫ـي البـ َ‬ ‫ســائِ ُق وفَتَـ َح لـ َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اونــوا َ‬ ‫وال ُّ‬ ‫((وتَعَ َ‬ ‫سـنَّةُ النَّبويَّــة َ‬ ‫ق الســيّارةِ‬ ‫علَــى وســطيَّة‪ ،‬إذ هــو يجمــع بيــن كافـ ِة ســائِقُكَ هــذا ال ّ‬ ‫ضــ ُع َحقائِبَــكَ فــي ُ‬ ‫صبــاح‪َ ،‬ريثمــا أ َ َ‬ ‫صنــدو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫او‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ى‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ـر‬ ‫ـاوتُ‬ ‫َ‬ ‫ـ‬ ‫تتف‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ت‬ ‫ـدرا‬ ‫ـ‬ ‫والق‬ ‫ت‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫اق‬ ‫الط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْالبـ ِ ّ َ‬ ‫باتــي ال ُمدَ َّونَــةَ فــي هــذه ال ِبطاقــة»؛ فــإذا بهــا‪:‬‬ ‫واج‬ ‫َقــرأ َ ِ‬ ‫ت َســت َطي ُع أن ت َ‬ ‫َ‬ ‫ـرعِ َ‬ ‫ِ‬ ‫اإلثْـ ِـم َو ْالعُـ ْد َو ِ‬ ‫طريق ـةٍ‪،‬‬ ‫ان)) المائــدة ‪ ،2‬وقولــه فــي اتّجاهاتِهــا‪ ،‬م ّمــا يســاه ُم «أســعدَ هللاَ أوقاتَــكَ ‪ُ ،‬م ِه َّمتــي أَن أ ُ ِ‬ ‫وصلَــكَ إلــى َهدَفِــكَ بأسـ َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫هللا‬ ‫(يــد‬ ‫وســلم‪:‬‬ ‫عليــه‬ ‫هللا‬ ‫صلــى‬ ‫ُ‬ ‫ُّــط‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫نحــو‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الــر‬ ‫ه‬ ‫جــا‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫فــي‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ي ٍ ُمريــح»‪.‬‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫وأقل‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫أما‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫وأك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ٍّ ُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫مــع الجماعــة) صحّحــه األلبانــي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫غالبًــا‪ ،‬أ ّمــا الفــرد ُّ‬ ‫ي فــي المــرآة وقــال‪« :‬هــل‬ ‫ـركَ أحمــد بال َّ‬ ‫ي فهــو نتــا ُج وقَبـ َل أن يتحـ َّ‬ ‫ّارةِ نَظـ َ‬ ‫سـي َ‬ ‫ـر إلـ ّ‬ ‫فــرد‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ــ‬ ‫ج‬ ‫وتو‬ ‫فــرد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫رأ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َر َ‬ ‫ي فــي السـيّارة القهــوة التــي تــودّ‪ ،‬فقلــت‬ ‫غـ ُ‬ ‫ـان قَهــوة؟ فلــد َّ‬ ‫ـب فــي فُنجـ ِ‬ ‫كمــا َّ‬ ‫ـام‬ ‫أن العبــادا ِ‬ ‫ت فــي اإلسـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت البــاردة!‪ ،‬فقــال‪« :‬مرحبًــا‪،‬‬ ‫ضــ ُل ال َمشــروبا ِ‬ ‫ــكرا؛ أنــا أف ِ ّ‬ ‫ماز ًحــا‪ :‬ش ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫تؤ ِ ّكــدُ علــى معنــى الجماعــ ِة‬ ‫ت‬ ‫‪-6‬االســتفادة مــن كافـ ِة الطاقا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ـر بُرتقــال‪.‬‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـرى‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫وأ‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫عاد‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫غاز‬ ‫ه‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫مي‬ ‫ي‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُون ُ‬ ‫ٌ‬ ‫صيـ ُ‬ ‫س ـ َّكر‪ ،‬و َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫والتَّعــاون‪ ،‬وامتــازَ‬ ‫ت البشــريَّ ِة المتاحــة؛‬ ‫الخطــاب والقــدرا ِ‬ ‫ُ‬ ‫صيــر‪ ،‬ثُــ َّم قــال‪:‬‬ ‫ع‬ ‫القرآنــي للمؤمنيــن بصفــ ِة فهــي فــي العم ـل الفــردي مجــرد فقلــتُ ‪ :‬أُفَ ِ ّ‬ ‫ضــ ُل َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫كأس العَ‬ ‫فناولَنــي َ‬ ‫صيــر البرتقــال‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫بســم هللا‪ ،‬وبــدأ المســير‪...‬‬ ‫ا لجما عــة ‪.‬‬ ‫تنتظــر اإلشــارة َ‬ ‫أدوات للتَّنفيــذ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اإلذاعيّــة ألختــار‬ ‫ناولَنِــي بِطاقــة عليهــا قائمــة‬ ‫المحطــا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫أي المحــدودَ مــن فــان‪ ،‬بعــد دقيقَـةٍ‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫والــر َ‬ ‫‪-2‬العمــ ُل المؤسَّســات ُّ‬ ‫ي ال أمــا فــي العمــل المؤسَّســي فهــي مــا أريــد ســماعه!‪ ،‬قــال لــي‪ :‬إن لــم تكــن ترغــب أن تســمع المذيــاع‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫يصطبــ ُغ بصبغــ ِة األفــراد‪ ،‬أ ّمــا طاقــاتٌ تعمــ ُل وتبتكــر وتســهم فممكــن تختــار الدَّردَشـ ِة حــو َل مــا تــراهُ فــي الطريــق‪ ،‬أو عمــا يُم ِكنُــكَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـر عليــه‬ ‫ي فقــد تظهـ ُ‬ ‫العم ـ ُل الفــرد ُّ‬ ‫ـكارك‪.‬‬ ‫ـزورهُ فــي المدين ـ ِة‪ ،‬أو أَتـ ُ‬ ‫أن تَـ َ‬ ‫ـر ُككَ مــع أفـ ِ‬ ‫مالحظــاتٌ أو قصــور‪ ،‬وقــد يُقبـ ُل فــي صنــعِ القــرار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فاختــرت الدردشــة‪ ،‬ث ُـ َّم قــال‪َّ :‬‬ ‫«إن لدينــا حوالَــي أربَعيــنَ دقيقــة‪ ،‬فــإن‬ ‫باعتبــار َّ‬ ‫عزيــز‬ ‫أن الكمــا َل‬ ‫ذلــك‬ ‫ُ‬ ‫يتناســب‬ ‫ي‬ ‫َّســ‬ ‫س‬ ‫المؤ‬ ‫ل‬ ‫‪-7‬العمــ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫صبــاح‪ ،‬ومجلتــا هــذا األســبوع‪.‬‬ ‫ي َجريـدَة هــذا ال ّ‬ ‫ِشــئتَ ال ِقــرا َءة َ فلــد َّ‬ ‫–كــون العمــل فردي‪-‬لكــن ذلــك ال مــع تحدِّيــا ِ‬ ‫ــن ِبهــذه َّ‬ ‫ت الواقــعِ اليــوم‪ ،‬قلــت لــه يــا ســيد أحمــد‪ :‬هــل ت َخــ ِد ُم جميــ َع ّ‬ ‫الطريقــ ِة‬ ‫الزبائِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫يُقبَــ ُل مــن مؤسَّســ ٍة بأكم ِلهــا‪.‬‬ ‫فاألعــدا ُء الذيــن يواجهــون الدّيــنَ دائ ًمــا؟!‬ ‫ي يواجهونَــه مــن خــا ِل عمــ ٍل فقــال‪« :‬لألســف؛ بــدأتُ هــذِه َّ‬ ‫ُ‬ ‫َين فقــط‪ ،‬و ُكنــتُ‬ ‫‪-3‬يمتــاز العمــ ُل المؤسَّســ ُّ‬ ‫الطريقــةَ قَبــ َل َ‬ ‫ســنَت ِ‬ ‫ي ٍ َّ‬ ‫يمكــنُ‬ ‫فهــل‬ ‫ــم‪،‬‬ ‫منظ‬ ‫َّســات‬ ‫س‬ ‫مؤ‬ ‫ّ‬ ‫ب مــن الموضوعيَّــ ِة فــي‬ ‫ـس ســنوات؛ س ـيّاراتهم متّســخة‪،‬‬ ‫بالقــر ِ‬ ‫قَبلهــا ِمث ـ َل ســائِ ِر ال ّ‬ ‫ســائِقينَ ِل ُم ـدَّةِ خَمـ ِ‬ ‫مواجهــةُ‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫بجهــو‬ ‫الكيــان‬ ‫هــذا‬ ‫ِ‬ ‫صرفــونَ ُجــ َّل وقتِهــم بال ّ‬ ‫شــكوى والتَّشــاؤ ُِم‬ ‫اآلراء أكثــر مــن الذّاتيَّــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫ومنظرهــم غيــر أنيــق‪ ،‬ويَ ِ‬ ‫َّــة؟!‬ ‫ي‬ ‫فرد‬ ‫الحــظ‪ّ.‬‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫والحــوار‬ ‫جــو المناقشــ ِة‬ ‫أن‬ ‫ونَــد ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫سـ ِـمعتُ عــن فِكــرةٍ أعجبَتنــي‬ ‫وجــا َء التَّغييـ ُ‬ ‫ـر الــذي قُمــتُ بِــه عندمــا َ‬ ‫ـار أن تكــونَ بَ َّ‬ ‫طـةً‬ ‫اسـ ُمها‪« :‬قُـ َّـوة ُ االختيــار»‪ ،‬وتقــول‪« :‬بإمكانِــكَ أن ت َختـ َ‬ ‫َســرا؛ البَ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ف ُمبته ًجــا‪ ،‬ويُ َح ِل ُ‬ ‫ــق‬ ‫طــةُ تشــكو بُؤســها‪ ،‬والنَّ ُ‬ ‫أو ن ً‬ ‫فــر ُ‬ ‫ســر ي َُر ِ‬ ‫عاليًــا»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صلتُ إلى ما ترى‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫غيير شيئًا فَشَيئًا حتّى َو َ‬ ‫س الت َّ َ‬ ‫فقررتُ أن أ ِ‬ ‫مار َ‬ ‫ســعادة َ علــى ّ‬ ‫ســعادَةِ‪ ،‬وأَن ُ‬ ‫ـف دَخلــي‬ ‫ـر ال َّ‬ ‫أشــعر بال َّ‬ ‫شـ ُ‬ ‫ـن‪ ،‬وت َضا َ‬ ‫عـ َ‬ ‫الزبائِـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ـر دَخلــي هــذا العــام بأربَعَ ـ ِة أضعــاف‪...‬‬ ‫فــي ال َّ‬ ‫س ـنَ ِة األولــى‪ ،‬ويُبَ ِشـ ُ‬ ‫عظيمةٌ‬ ‫إنّها فكرة ٌ َ‬ ‫ُب َح َّ‬ ‫عــن أَن تَكــونَ بَ َّ‬ ‫ــر ال ّ‬ ‫شــكوى‪ ،‬وابــدَأ‬ ‫طــةً ت َنــد ُ‬ ‫ظهــا وتُكثِ ُ‬ ‫توقَّــف َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ســعيدًا ت َح ِل ُ‬ ‫ــق فــوقَ ال َجميــع‪.‬‬ ‫ســيركَ ِلتَكــونَ ن ً‬ ‫َســرا َ‬ ‫َم َ‬ ‫ُ‬ ‫واصــ ِل‬ ‫لــن ت ُ َحقِّــقَ ذلــك َم َّ‬ ‫ــرة ً واحــدة‪ ،‬ابــدأ ال ُخطــوة َ األولــى‪ ،‬ثــ َّم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ســير ُخطــوة ً ُخطــوة‪ ،‬ولــو خطــوة واحــدة كل أســبوع‪.‬‬ ‫ال َم‬ ‫َ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫النافذة التاريخية‬

‫‪21‬‬


‫الكاتب‪ :‬أ‪ .‬نايف القرشي‬

‫إذا أقــدَ َم ابنــك علــى فعــ ٍل‬ ‫خاطــئ فَبَــدَ َل أن ت َمنعــهُ بَ ِيّــن لــه‬ ‫ٍ‬ ‫الخاطــئ‪،‬‬ ‫ئ ذلــكَ ال ِفعــ َل‬ ‫ِ‬ ‫َمســا ِو َ‬ ‫ـف عــن‬ ‫واتركـهُ هــو يختـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـار التوقُّـ َ‬ ‫َخ َ‬ ‫ط ِئــه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن ال ِفعــ َل أو التَّــركَ إذا كانَ‬ ‫عــةٍ‪ ،‬كان أبلَــغ‪،‬‬ ‫ذاتيًّــا وعــن قَنا َ‬ ‫ُ‬ ‫أدوم‪.‬‬ ‫وكانــ ِ‬ ‫ت ال ُمحافظــة عليــ ِه َ‬ ‫تأ َّمــل هــذا الحديــث! روى‬ ‫ــزام‬ ‫ي عــن‬ ‫حكيــم بــن ِح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫البُخــار ُّ‬ ‫قــال‪ :‬ســألتُ رســو َل هللاِ صلــى هللا‬ ‫عليــه وســلم فأعطانــي‪ ،‬ث ُـ َّم ســألتُه‬ ‫فأعطانــي‪ ،‬ث ُ ـ َّم ســألتُه فأعطانــي‪،‬‬ ‫ثُــ َّم قــال‪( :‬يــا حكيــم؛ َّ‬ ‫إن هــذا‬ ‫ـرةٌ حُلــوةٌ‪ ،‬فَ َمــن أَخ ـذَه‬ ‫المــا َل َخ ِضـ َ‬ ‫ُــوركَ لــه فيــه‪،‬‬ ‫ســخاو ِة نَ ٍ‬ ‫َ‬ ‫فــس ب ِ‬ ‫بِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ــس لَــم‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫بإشــراف‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ــ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ــن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ـارك لــه فيــه‪ ،‬كالَّــذي يَــأ ُك ُل وال‬ ‫يُبـ َ‬ ‫ـر ِمــنَ اليَـ ِد‬ ‫يَشـبَع‪ ،‬اليَـدُ العُليــا َخيـ ٌ‬ ‫السُّــفلى) قــال حكيــم‪ :‬فَقُلــتُ ؛ يــا‬ ‫ـق‬ ‫رســو َل هللا! والــذي بَعَثَــكَ بال َحـ ّ ِ‬ ‫ال أَرزَ أ ُ ‪-‬أي‪ :‬ال أســأَلُ‪-‬أحدًا بعـدَكَ‬ ‫أفــارقَ الدُّنيــا‪ ،‬فلــم‬ ‫شــيئًا حتــى‬ ‫ِ‬ ‫ـاس بعـدَ‬ ‫يَــرزأ َحكيـ ٌم أحـدًا مــن النـ ِ‬ ‫رســو ِل هللاِ صلــى هللا عليــه وســلمَّ‬ ‫حتــى توفّــي‪.‬‬

‫نز ِلــه‪ ،‬ووجــد ابنَــه‬ ‫خ َ‬ ‫َــر َج مــن َم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أمــام‬ ‫ع‬ ‫ــار‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫فــي‬ ‫ة‬ ‫ــر‬ ‫ك‬ ‫ال‬ ‫يلعــب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت الجّيــران‪ ،‬وقــد يكــونُ فــي‬ ‫بيــ ِ‬ ‫ذلــك ضــرر عليــه وعلــى بيــوت‬ ‫ــرة َ‬ ‫نــز َ‬ ‫ع ال ُك َ‬ ‫الجيــران‪ ،‬فَبَــدَ َل أن يَ ِ‬ ‫ـرهُ علــى‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ِمــن يــد اب ِنـ ِه بالقـ ّـوة ويَز ُ َ‬ ‫ذ ِلــك أجــرى َمعَــهُ هــذا الحــوار‪:‬‬ ‫ي! لقــد ُكنــتُ أَعش ُ‬ ‫ــب‬ ‫َــق لَ ِع َ‬ ‫بُنــ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫صبيًــا ِمثلــكَ ‪،‬‬ ‫ـرةِ ِعندمــا كنــتُ َ‬ ‫ال ُكـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ولكــن‬ ‫ومــا ِزلــتُ أ ِحــبُّ ذلــك‪،‬‬ ‫ب فــي‬ ‫ت َعلَــ ُم َمــدى ُخ‬ ‫طــورة َ اللَّ ِعــ ِ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ــارعِ‪ ،‬وكميَّــةَ األذى الــذي‬ ‫ش ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بالجيــران‬ ‫ــب‬ ‫يُح ِدثــه هــذا الل ِع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ـارة‪ ،‬وأنــا أعلَ ـ ُم أنَّــكَ ال تَـ َـودُّ‬ ‫والمـ ّ‬ ‫َ‬ ‫َّــرر؛‬ ‫ي ِ نــوعٍ مــن الض َ‬ ‫إحــداث أ ّ‬ ‫وقــد يتبعــكَ أطفــا ٌل آخــرون‬ ‫َّــرر أكبــر‪،‬‬ ‫ليلعبــوا فيُصبِــ ُح الض ُ‬ ‫ب أحــ ِد‬ ‫ُ‬ ‫وربمــا تَعَ َّرضتُــم ِل ِعتــا ِ‬ ‫ـران أو دُعائِــه ‪ .....‬ثــم مضــى‬ ‫الجيـ ِ‬ ‫ب فــي طري ِقــ ِه تــار ًكا االبــن‬ ‫األ َ َ‬ ‫ــر فــي الموضــوع‪.‬‬ ‫يُفَ ِ ّك ُ‬ ‫ســيتر ُكه‬ ‫ــر الــذي‬ ‫ُ‬ ‫كيــف هــو األَث َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ع مــن الحديــث؟‬ ‫هــذا النَّــو ُ‬

‫األب ابنَــهُ‬ ‫لقــد أَشــعَ َر هــذا‬ ‫ُ‬ ‫بال َمســؤوليَّ ِة والكَرامــ ِة‪ ،‬وأتــا َح‬ ‫ـار ولــم يُجبِــرهُ‬ ‫لــه فُر َ‬ ‫ص ـةَ االختيـ ِ‬ ‫ــر‪ .‬إذن‪ ،‬مــا‬ ‫األوام‬ ‫ة‬ ‫طاعــ‬ ‫علــى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫النَّتيجــة المتوقَّعــة؟!‬ ‫ِّ‬ ‫الطفــ ُل‬ ‫ســيختار هــذا‬ ‫حت ًمــا‬ ‫ُ‬ ‫ضــلَ‪ ،‬وسيســت َِم ُّر‬ ‫السّــلوكَ األف َ‬ ‫ّــلوك «بــإذن هللا»‬ ‫علــى هــذا الس‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب وا ِلــدِه؛ ألنــه‬ ‫حتّــى فــي غيــا ِ‬ ‫ـاره هــو وعــن‬ ‫َ‬ ‫شـعَ َر أنّــه مــن اختيـ ِ‬ ‫قناعــة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ـون‬ ‫ـوار اآلبـ ِ‬ ‫إن ِحـ َ‬ ‫ـاء الهـ ِ‬ ‫ـادئ الحنـ ِ‬ ‫ي ِ مــع أبنا ِئهــم حــو َل‬ ‫العقالنــ‬ ‫ّ‬ ‫ِــرةٍ‪،‬‬ ‫ُمشــكالتِهم ي ِ‬ ‫ُثم ُ‬ ‫ــر نتائــ َج باه َ‬ ‫منهــا‪:‬‬ ‫مــدار ِك ِ ّ‬ ‫توســي ُع‬‫ــرةِ‬ ‫الطفــ ِل ودائِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َــره‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫صغ ُ‬ ‫اهتمامــه مهمــا كانَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ـاء‬ ‫ـدرة علــى العَطـ ِ‬ ‫و َجع ِلــه أكثــر قـ َ‬ ‫َصرفاتِــه‬ ‫والت َّ َح ُّكـ ِـم فــي َمشــا ِعره وت ُّ‬ ‫فــي ال ُمســتقبل‪.‬‬ ‫كبيــر‪-‬‬ ‫اإلســها ُم ‪-‬بشــك ٍل‬‫ٍ‬ ‫َبصيــر ِ ّ‬ ‫الطفــ ِل ب ُمشــكلتِه‬ ‫فــي ت‬ ‫ِ‬ ‫تأثيرهــا فــي‬ ‫وأِبعادِهــا‪ ،‬ومــدى ِ‬

‫نالحــ ُ‬ ‫ظ َّ‬ ‫الرســو َل صلــى‬ ‫ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫هللا عليــه وســلم لــم يَطلــب مــن‬ ‫ــزام تَــركَ السّــؤا ِل‬ ‫بــن ِح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حكيــم ِ‬ ‫ئ‬ ‫صراحـةً‪ ،‬بــل بيّــن له مســا ِو َ‬ ‫َــركَ‬ ‫ال َمســأَلَة‪ ،‬وت َ‬ ‫اختيــار‬ ‫لــه‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ـف عنهــا‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫التو‬ ‫ِ‬ ‫مــن‬ ‫مثــال‬ ‫ا لو ا قــع ‪:‬‬

‫حيا تِــه ‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ب ال ِث ّقَــ ِة والقُــر ِ‬ ‫زيــادَة ُ منســو ِ‬‫واألُلفــ ِة بَينَــه وبيــنَ والدَيــ ِه؛ ِم ّمــا‬ ‫ت‬ ‫ب ِوجهــا ِ‬ ‫يُســا ِعدُ فــي تقريــ ِ‬ ‫النَّ َ‬ ‫ــر بين ُهمــا‪.‬‬ ‫ظ ِ‬ ‫االختيــار‪،‬‬ ‫ــدرةِ علــى‬ ‫تنميــةُ القُ َ‬‫ِ‬ ‫وا ِت ّخــا ِذ‬ ‫ق بيــنَ‬ ‫ِ‬ ‫القــرار والتَّفريــ ِ‬ ‫ب وال َخ َ‬ ‫األبنــاء‪،‬‬ ‫طــ ِأ لــدى‬ ‫ِ‬ ‫ال ّ‬ ‫صــوا ِ‬ ‫جــردَ أدوا ٍ‬ ‫ت نُملــي‬ ‫م‬ ‫ليكونــوا‬ ‫ال‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ــب فِعلــه ومــا ال‬ ‫علي ِهــم مــا يَ ِج ُ‬ ‫َ‬ ‫يجــب‪.‬‬ ‫ق حيــنَ تَت َ َحد ُ‬ ‫َّث‬ ‫مــا أج َملَــه ِمــن ُخلـ ٍ‬ ‫شـ ٍـر‬ ‫ب غيـ ِـر ُمبا َ‬ ‫َمــع ِطف ِلــكَ بأُســلو ٍ‬ ‫عــن َخ َ‬‫عنــهُ وهــو‬ ‫طئِه‪ِ -‬ليَ ُك َّ‬ ‫ــف َ‬ ‫ـار ذلــك‪.‬‬ ‫يَشــعر أنّــه هــو الــذي اختـ َ‬ ‫َســتعج َل نتائِــ َج‬ ‫ينبغــي َّأل ن‬ ‫ِ‬ ‫اإلصــاحِ‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫ألن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلصــا َح الحقيق َّ‬ ‫ّاخـ ِل‪ ،‬والبُـدَّ أن يَّكــونَ‬ ‫يَنبُـ ُع مــن الد ِ‬ ‫ع ـ ٍة تا َّم ـةٍ‪ ،‬فــإذا ت َركنــا ألَبنائِنــا‬ ‫بِقنا َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ل‬ ‫ــ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫لل‬ ‫ة‬ ‫ســاح‬ ‫َم‬ ‫فكيــر كانَ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقرارهــم بــإرادةٍ قويَّـةٍ‪،‬‬ ‫اختيارهــم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهــذا الــذي يَــدو ُم بــإذن هللا‪.‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫ـاء ال تَحت َ ِمـ ُل إعطا َء‬ ‫بعــضُ األخطـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫لالختي‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫للط‬ ‫ة‬ ‫صـ‬ ‫ٍ‬ ‫مســاح ٍة وفُر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الطفـ ِل‬ ‫ـع‪ ،‬بَــل يجــبُ إبعــادُ ِ‬ ‫والتَّرا ُجـ ِ‬ ‫عــن َخ َطئِــ ِه ُمباشــرةً‪ ،‬خصوصًــا‬ ‫مــا كانَ فيــه ُخطــورةٌ بالغــةٌ علــى‬ ‫ِّ‬ ‫الطفــ ِل‪ ،‬وال ُمربّــي يُقــدّ ُِر‬ ‫ذلــك‪.‬‬

‫‪#‬قواعد_تربويه‬ ‫األطفال يبدو َأ َ‬ ‫ند ِ‬ ‫الفشل‪ّ ،‬إل َّ‬ ‫الف َ‬ ‫يمرَّ ِبها‬ ‫الكبار‪ ،‬وهو َم‬ ‫يون‬ ‫ٌ‬ ‫أن َ‬ ‫كُ ُّلنا َيكره َ‬ ‫ِ‬ ‫ش َل في ُع ِ‬ ‫رحلة َحتميَّ ٌة ال ُبدَّ أن ُ‬ ‫مما هو ِع َ‬ ‫سوأ بكثي ٍر ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫بالغ فيها عند َف َ‬ ‫فل‬ ‫فرد‪ ،‬وال‬ ‫ش ِل‬ ‫واأل َّمهات أال‬ ‫اآلباء‬ ‫يجب على‬ ‫تكون َردَّ ُة ِفعلهم ُم ٌ‬ ‫فاش ٌل في كُ ِّل شيء‪ ،‬لذا ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يوجد ِط ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حالة‬ ‫واألم ُمساندين البنهما في هذه الحالة‪ ،‬ال أن يزيدا‬ ‫األب‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫يجب‬ ‫بل‬ ‫باألساس‪،‬‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫جته‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫ة‬ ‫خاص‬ ‫األبناء‪،‬‬ ‫أحد‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫سوءا‪.‬‬ ‫فل‬ ‫ريتشارد تمبلر‬ ‫الط ِ‬ ‫ً‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫التربوية االجتماعية‬

‫‪22‬‬


‫رام ُتك؟‬ ‫متى َتسـ ُـق ُط َك َ‬ ‫تســقُ ُ‬ ‫ط إذا ارتَفَــ َع صوتُــك علــى‬ ‫ــب فــي ت َر ِبيَ ِتــك‪.‬‬ ‫َمــن ت َ ِع َ‬ ‫ـام‬ ‫قــال أحدهــم‪ :‬فــي يـ ٍ‬ ‫ـوم مــن األيّـ ِ‬ ‫جا َءنــي قريــبٌ لــي وأ ُ ّمــي جالســة‬ ‫عنــدي‪ ،‬فل ّمــا دَ َخ ـ َل قــال‪ :‬مــا شــاء‬ ‫هللا؛ الوا ِل ـدَة ِعن ـدَك؟ فقلــت‪ :‬ال أنــا‬ ‫عندهــا «مــن بــاب اإلكــرام لهــا»‪.‬‬ ‫فقالــت الوالــدة‪ :‬ال يــا بنــي؛‬ ‫عندمــا كنــتَ صغيــرا ً كنــتَ عندنــا‪،‬‬

‫صرنــا نحــنُ‬ ‫ولكــن لمــا َكبُرنــا ِ‬ ‫ِعن ـدَك‪ ،‬ألــم تقــرأ قــو َل هللا تعالــى‪:‬‬ ‫(إِ َّمــا يَ ْبلُغَـ َّ‬ ‫ـر أ َ َحدُ ُه َمــا‬ ‫ـن ِعنـدَكَ ْال ِكبَـ َ‬ ‫أَوْ ِكالَ ُه َمــا)‪.‬‬ ‫يقــو ُل االبــن‪ :‬كأنّــي لَــم أســ َمع‬ ‫هــذه اآليــةَ ِمــن قَبــل‪...‬‬ ‫ـف‬ ‫ك ُّل َ‬ ‫شــيء فــي الوالديــن يَضعُـ ُ‬ ‫مــع تَقَ ـد ُِّم السـ ِّ‬ ‫ـن ورقّ ـ ِة العظــم‪ ،‬إال‬ ‫عاطفــةَ‬ ‫األبــوة واألمومــة‪ ،‬فــا‬ ‫ّ‬ ‫تــزداد إال قــوة‪.‬‬ ‫فاحــذروا أن تُطفئــوا هــذه‬

‫حول ِم َح َن َت َ‬ ‫ك إلى ِمنحه‬ ‫ِّ‬

‫د‪ .‬جاســم المطوع‬

‫العاطفــةَ ببــرودة مشــاعركم!‬ ‫ال تُرهقــوا آبا َء ُكــم وأ ّمهاتكــم‬ ‫إن دمعــةً‬ ‫بعصيانِكــم‪ ،‬فــو هللا ّ‬ ‫واحــدة ً تجــرى علــى خــ ِدّ أ ٍ ّم أو‬ ‫ّــر؛ لكفيلــةٌ‬ ‫شَــيْب ِة لحيــ ِة أ ٍ‬ ‫ب متحس ٍ‬ ‫ت الحيــاة‬ ‫بإغراقِ ُكــم فــي ظلمــا ِ‬ ‫وبعــدَ الممــات!!‬ ‫ْ‬ ‫((ربّ ِ اغفِــرْ‬ ‫أكثــروا مــن قــول‪َ :‬‬ ‫َي)) ((رَّ بّ ِ ارْ حَمْ ُه َمــا‬ ‫ِلــي َو ِل َوا ِلــد َّ‬ ‫ص ِغيــراً))‬ ‫َك َمــا َربَّيَانِــي َ‬ ‫فإنهــا تجمــع بيــن ثــاث عبــادات‪:‬‬

‫يَ ِجــ ِد ِ ّ‬ ‫الطــبُّ لهــا دواء‪...‬‬ ‫ضــا‬ ‫هللاُ تعالــى أعطانــي َمر ً‬ ‫ســ َّكر»‪.‬‬ ‫حتّــى اســ ُمه حلــو « ُ‬ ‫ضــا‬ ‫هللا تعالــى أعطانــي َمر ً‬ ‫راجــ ُع ِعنــدَ َ‬ ‫ب‬ ‫طبيــ ٍ‬ ‫ِليَجعَلَنِــي أ َ ِ‬ ‫ُحلــ ٍو ِمثلَــك‬ ‫ضــا‬ ‫هللا تعالــى أعطانِــي مر ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫بيــب ك َّل‬ ‫راجــ ُع‬ ‫الط َ‬ ‫يَجعَلُنــي أ ُ ِ‬ ‫أربعــ ِة أشــ ُه ٍر فأتأ َّكــد ِمــن دَمــي‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وص َّحتــي بشــك ٍل دَور ّ‬ ‫ضــا‬ ‫هللا تعالــى أعطانــي َمر ً‬ ‫ـر س ـ ِيّئاتي‬ ‫ـر وأش ـ ُك َر؛ فتُغفَـ ُ‬ ‫ألَص ِبـ َ‬ ‫عنــاء‪.‬‬ ‫ُون تَعَ ـ ٍ‬ ‫بو َ‬ ‫وذُنوبــي ِمــن د ِ‬

‫يقــو ُل طبيــبٌ فــي ُمست َشــفى‬ ‫األحمــدي فــي ال ُكويــت‪ِ :‬مــن‬ ‫راجــ ٌع‬ ‫غــر ِ‬ ‫ب مــا شــا َهدتُ ؛ ُم ِ‬ ‫أَ َ‬ ‫ســنة ِلعيــادَةِ السُّــ َّك ِر‬ ‫ُ‬ ‫ع ُم ُ‬ ‫ــرهُ ‪َ ٦٠‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُراجعُنــي‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ــر‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫نــدي‪،‬‬ ‫ع‬ ‫َ َّ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَقــو ُل مــع ابتســام ٍة كَبيــرةٍ علــى‬ ‫َو ج ِهــه‪:‬‬ ‫يــا ربّ ِ لــك الحمــدُ علــى نِعمــ ِة‬ ‫السُّــ َّكر!!‬ ‫ــرةً‪ :‬ع ّمــي؛ أَنــتَ‬ ‫ســأَلتُهُ َم َّ‬ ‫َ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫ــر يقــول‪ :‬الحمــدُ هلل؛‬ ‫وفــي ِ‬ ‫اآلخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫قيــام الليــل؛‬ ‫أصبَحــتُ أصلــي‬ ‫َ‬ ‫لقضــاء‬ ‫مرتيــن‬ ‫ِ‬ ‫ألنّــي أصحــو َّ‬ ‫الحا َجــة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫غَريــب!؛ َّأو ُل َم َّ َ‬ ‫ــر ٍة أســ َم ُع أ َحــدًا فالفضــ ُل هللِ؛ ثُــ َّم لمــرض‬ ‫يُ َ‬ ‫ــر َ‬ ‫ســ ّمي َم َ‬ ‫ض السُّــ َّكر نِع َمــة! ا لسُّــ َّكر ي ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫قــال‪ :‬يــا ولــدي؛ السُّــكر ِنع َمــة يقــول الطبيــب‪« :‬قــرأتُ العدي ـدَ‬ ‫«ونــص»!‪ ،‬أقــو ُل لــك ال َّ‬ ‫اإليجابيَّــ ِة‪،‬‬ ‫س ـبَب؟‪ :‬مــن ال ُكتُــ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ــن ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫هللاُ تعالــى أعطانِــي َمر ً‬ ‫ضــرتُ العَدي ـدَ ِمــنَ ال ـدَّورات‬ ‫ضــا مــا و َح َ‬ ‫ّ‬ ‫ــاس‬ ‫فِيــه أَلَــ ْم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وكثيــر ِمــنَ الن ِ‬ ‫ــن اإليجابيَّــة‪ ،‬وهللاِ لَــم أَتَعَلَّــم‬ ‫َ‬ ‫ع ِ‬ ‫يَت َألَّ‬ ‫مــون مــن أ َ‬ ‫مراض ِهــم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منهــم كمــا تعلَّمــتُ مــن هــذا الوالــد‬ ‫ضــا أَو َجــدَ فــي دقيقتيــن!!‬ ‫هللاُ أعطانــي َمر ً‬ ‫ِّ‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫وكثي‬ ‫ودواء‪،‬‬ ‫ـب لــه ِعال ًجــا‬ ‫الطـ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫هــذا الوالــد ال َّ‬ ‫حــو َل‬ ‫ــاكر‬ ‫ش ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫مــراض لــم‬ ‫ــاس ِعندَهُــم أ‬ ‫ٌ‬ ‫مــن النّ ِ‬ ‫المحنَــةَ إلــى ِمن َحــة!‬ ‫ِ‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫ال َهزي َم ـةُ ال ت َعنِــي أ َ ْن ت َقت ُـ َل أكثــر‪،‬‬ ‫ســع‪...‬‬ ‫ـيط َر علــى‬ ‫أو تُسـ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أراض أو َ‬ ‫ـدو‬ ‫الهزيمـةُ هــي ت َدميـ ُ‬ ‫ـر َرغبَـ ِة العـ ّ ِ‬ ‫باالســتمرار بال ِقتال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫أمريك‬ ‫ـف‬ ‫ـ‬ ‫أل‬ ‫‪76‬‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ـام؛‬ ‫فــي فيتنـ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ـرت‬ ‫يٍ‪ ...‬وانتصـ َ‬ ‫و‪ِ 4‬مليـ ِ‬ ‫ـون فيتنام ـ ّ‬ ‫فيتنام!‬ ‫األلمــان قَت َلــوا ‪ِ 9‬مليــون َ‬ ‫يٍ‬ ‫عســكر ّ‬ ‫ب العالميَّــ ِة‬ ‫ُ‬ ‫ي ٍ فــي الحــر ِ‬ ‫ســوفييت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الثانيــة‪ ،‬بَينمــا قتِــ َل ‪ِ 2‬مليــون‬ ‫ت‬ ‫كامــ ِل َجبهــا ِ‬ ‫ي ٍ فقــط فــي ِ‬ ‫أَلمانــ ّ‬ ‫ب العالميَّــ ِة الثّانيــة‪ ...‬لكــنَّ‬ ‫ال َحــر ِ‬ ‫السّــوفييت انتصــروا!‬ ‫األمريــكان انتصــروا علــى‬ ‫اليابــان دونَ أن يكــونَ ُهنــاكَ‬ ‫معركــةٌ فاصلــةٌ أو ســيطرة ٌ علــى‬ ‫َيــن‬ ‫أراضــي؛ إنَّمــا بإلقــاء قُنبُلَت ِ‬ ‫ــرت‬ ‫َيــن علــى‬ ‫اليابــان‪ ،‬فَتَدَ َّم َ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ​َو ِويَّت ِ‬ ‫باالســتمرار‬ ‫َرغبَــةُ اليابانِيّيــنَ‬ ‫ِ‬ ‫بال َحــرب‪.‬‬ ‫سبَق‪:‬‬ ‫مغزى ما َ‬ ‫نهزم_هــو مــن يفقــد الرغبــة‬ ‫‪#‬ال ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـر ِل ُوجو ِه‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫َن‬ ‫ن‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫وعندم‬ ‫ـار‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫باالنتص‬ ‫ُ‬ ‫ـون األطفــا ِل فــي‬ ‫ال ُمجاهِديــنَ و ُ‬ ‫عيـ ِ‬ ‫ُســيط ُر عليهــا‬ ‫ق التــي ال ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المناطــ ِ‬ ‫الرغبَــةَ ُمتو ّهِجــة‪ٌ،‬‬ ‫ال ِنّظــا ُم نــرى َّ‬ ‫والعزيمــةَ ُمتأ ِ ّج َجــةٌ‪ ،‬وال ِث ّقَــةَ بــاهلل‬ ‫الرغبَــةَ‬ ‫ُمت َ َجــدِّدة‪ ،‬بــل إِنَّــكَ تجــدُ َّ‬ ‫بالنَّ‬ ‫صــر فــي ال َّ‬ ‫ب واألجيــا ِل‬ ‫شــبا ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت اآلنَ بِ ِفكـ ِـر أمــة‪ ،‬هــذ ِه‬ ‫التــي بَ ـدَأ ِ‬ ‫ـرب َمبــادئ‬ ‫األجيــا ُل التــي لَــم تَت َ َ‬ ‫شـ َّ‬ ‫ث ولَــم ت َس ـ َمع بِهــا‪.‬‬ ‫ب البَع ـ ِ‬ ‫ِحــز ِ‬ ‫لــم يَح ُكمهــا بَ َّ‬ ‫مرت َــه‬ ‫ش ُ‬ ‫ــار أو ُز َ‬ ‫يو ًمــا مــا‪.‬‬ ‫سـ ِـمعَت بِ ِفرعــونَ ولكــن لــم ت َ ِعــش‬ ‫َ‬ ‫ِب َكنَ ِفـ ِه يو ًمــا‪...‬‬ ‫طالمــا هــذا األ َ َم ـ ُل َموجــودٌ فنحــنُ‬ ‫ب النَّصـ ِـر‪...‬‬ ‫نَأ ُخ ـذُ بِأســبا ِ‬ ‫طالمــا هــ ِذ ِه األجيــا ُل َموجــودة ٌ‬ ‫َســير بِ ُخطــى النَّصــر‬ ‫فنحــنُ ن‬ ‫ُ‬ ‫التربوية االجتماعية‬

‫‪23‬‬


‫السمسم من المحاصيل َّ‬ ‫عالية من البروتينات‬ ‫نسبة‬ ‫غذاء ودهنً ا منذ القدم‪ ،‬زيتُ ه يحتوي‬ ‫يتية‪ ،‬حيث استخدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الز َّ‬ ‫يعتبر ّ‬ ‫ً‬ ‫السيرج‪.‬‬ ‫طب َّية‬ ‫واألحماض‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫األمينية وله استخدامات ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وخاصة زيت ّ‬

‫زراعة‬ ‫السمسم‬

‫بقلم‪ :‬م‪ .‬أبو عبادة‬

‫زراعة السمســم‪:‬‬ ‫أهمية‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬

‫ت الكبيــرة‬ ‫فــي ظــ ِّل الخســارا ِ‬ ‫التــي منــي بهــا الفالحــون فــي‬ ‫الغوطــة ال َّ‬ ‫ـرا لزيــادة‬ ‫شــرقيَّة‪ ،‬ونظـ ً‬ ‫َّ‬ ‫صيفيَّـ ِة التقليديَّــة‬ ‫إنتــاج الخضــار ال َّ‬ ‫وبالتّالــي تدنّــي أســعارها فــي‬ ‫األســواق المحلَّيــة‪ ،‬وانخفــاض‬ ‫القــدرة علــى تصريــف الفائــض‬ ‫منهــا‪ ،‬وجــب علينــا لفــتُ نظــر‬ ‫المزارعيــن لزراعــات أخــرى‬ ‫غيــر تقليديَّــة‪ ،‬التــي يمكــن مــن‬ ‫َّــن فــي‬ ‫خال ِلهــا إيجــاد‬ ‫تــوازن معي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األســواق المحليَّــة‪ ،‬وبالتالــي جعــل‬ ‫المشــاريع ّ‬ ‫الزراعيــة اقتصاديَّــة‬ ‫بشــكل عــام‪.‬‬ ‫هــذا مــا يمكــن أن يفيدَنــا فيــه‬ ‫زراعــة السمســم وذلــك مــن خــال‬ ‫الم ِيّــزات التاليــة‪:‬‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫‪-1‬هــو محصــول تصنيعــي‬ ‫بالدَّرجــة األولــى «طحينــة –‬ ‫حــا و ة » ‪.‬‬ ‫‪-2‬يحتــاج ليــد عاملــة خــال مراحل‬ ‫ِّ‬ ‫الزراعــ ِة والحصــاد والدّراســة‬ ‫والتَّصنيــع‪ ،‬وبالتالــي تشــغل أكبــر‬ ‫عــدد ممكــن مــن اليــد العاملــة‪.‬‬ ‫‪-3‬يمكــن زراعتــه بعــد المحاصيــل‬ ‫الشــتوية «فــول‪ ،‬بــازالء‪ ،‬شــعير‪،‬‬ ‫قمــح» وهــذا مــا نطلــق عليــه‬ ‫زراعــةً تكثيفيَّــة وبالتالــي زيــادة‬ ‫االســتفادة مــن األرض «أكبــر إنتــاج‬ ‫مــن وحــدة المســاحة»‪.‬‬ ‫‪-4‬انخفــاض كلفــة إنتاجــه وبالتالــي‬ ‫انخفــاض مخاطــرة الخســارة فــي‬ ‫إنتاجــه‪.‬‬ ‫الوقــت المالئــم للزراعــة‪:‬‬

‫هنــاك عروتــان أساســيتان‪ :‬عــروة‬ ‫منتصــف شــهر‬ ‫صيفيّــة تبــدأ مــن‬ ‫ِ‬ ‫نيســان إلــى منتصــف شــهر أيّــار‪.‬‬ ‫عــروة خريفيَّــة مــن أواخــر شــهر‬ ‫أيّــار إلــى أواخــر شــهر حزيــران‪.‬‬ ‫مد ُة الزراعة‪:‬‬ ‫َّ‬

‫تمتــدُّ مــن أربعــة إلــى خمســة‬ ‫أشــهر‪ ،‬وذلــك باالعتمــاد علــى‬ ‫درجــات الحــرارة‪.‬‬ ‫طريقــة الزراعة‪:‬‬

‫بعــد توزيــع األســمدة البلديــة «فــي‬ ‫حــال فقــر األرض» حوالــي ‪5‬م‪/‬‬ ‫دونــم‪ ،‬وبعــد الفالحــة «خربــوش»‬ ‫وتقســيم األرض إلــى مســاكب‬ ‫يمكــن زراعــة المســاكب نثــرا ً‬ ‫«علــى ســطور» ‪40‬مس‪40 +‬مس‬ ‫بيــن الســطرين‪ ،‬أو تشــتيل السّمســم‬ ‫«بشــك ٍل مشــاب ٍه لتشــتيل الباذنجان»‪،‬‬ ‫وفــي هــذه الحالــ ِة يمكــن زراعــة‬ ‫البــذور بشــكل «دندانــة» فــي‬ ‫منتصــف ال َّ‬ ‫الرابــع «ال نحتــاج‬ ‫شــهر ّ‬ ‫إلــى مســاحة كبيــرة» وبعدهــا يمكــن‬ ‫بعــد ‪ 50‬يــوم خلــع هــذه النباتــات‬

‫وزراعتِهــا فــي األرض الدائمــة‪.‬‬ ‫المعامــات ِّ‬ ‫راعية‪:‬‬ ‫الز َّ‬

‫العزيــق والتَّفريــد حســب طبيعــة‬ ‫األرض‪ ،‬وفــي حــال الزراعــة‬ ‫مرتيــن‪،‬‬ ‫المب ِ ّكــرة نحتــاج إلــى َّ‬ ‫وبشــكل عــام يشــبه إلــى حــ ٍدّ مــا‬ ‫نباتــات الباميــة واللّوبيــة مــن حيــث‬ ‫قدرتِهــا علــى تح ُّمــ ِل العطــش‪.‬‬ ‫السقاية‪:‬‬ ‫ّ‬

‫يحتــاج مــن ‪ 8_6‬ريّــات حســب‬ ‫الت ّ‬ ‫بكيــر فــي ِ ّ‬ ‫الزراعــة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ـميد المعدني‪:‬‬ ‫التسـ‬ ‫ُ‬

‫بمــا َّ‬ ‫أن المحصــول جدي ـدٌ بال ِنّســبة‬ ‫لألراضــي الزراعيــة عندنــا فهــو‬ ‫فــي السَّــن ِة األولــى ال يحتــا ُج إلــى‬ ‫ك ِ ّميّــا ٍ‬ ‫ت كبيــرةٍ مــن السّــماد (مــن‬ ‫‪7-10‬كغ‪/‬دونــم)‪.‬‬ ‫لكــن فــي حــال تكــرار ِ ّ‬ ‫الزراعــ ِة‬ ‫فــي األعــوام القادمــة فيجــب رفــع‬ ‫مع ـدَّالت التَّســميد‪ ،‬كمــا أنَّــه يحتــاج‬ ‫إلــى دفعــ ِة شــيالت حديــد (‪1/2‬‬ ‫‪-1‬لكــغ) للدنــم‪.‬‬ ‫المكافحة‪:‬‬

‫ــر مــن النّباتــات المقاومــ ِة‬ ‫يُعتبَ ُ‬ ‫لقوتــه وســرعتِه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نظــرا َّ‬ ‫ولكــن يمكــن أن يصــاب ب‬

‫«األوكاروســات»‪ ،‬فنقــوم بمكافحــة‬ ‫اإلصابــة بمبــدأ عناكبــي‪ ،‬ويمكــن أن‬ ‫يصــاب بالــدّودةِ الخضــراء فيمكــن‬ ‫َ‬ ‫ي ِ مبيــ ٍد حشــري‬ ‫بــأ‬ ‫هــا‬ ‫ح‬ ‫تكاف‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫«مالمســة»‪.‬‬ ‫الحصاد‪:‬‬

‫اصفــرار النَّباتــات وبــدء‬ ‫عنــد‬ ‫ِ‬ ‫نضــجِ بعــض القــرون «السّــفليّة»‬ ‫نقــوم بحصــاده ووض ِعــه إ ّمــا علــى‬ ‫نايلــون أو ســطحٍ ثابــت يمكــن جمــع‬ ‫البــذور منــه؛ ألنَّــه يســق ُ‬ ‫ط ذاتيًّــا‬ ‫ِ‬ ‫بنســب ٍة ج ِيّــدة‪.‬‬ ‫الدراسة‪:‬‬

‫بعــد الحصــاد والتجميــع بشــكل‬ ‫ِّ‬ ‫بهــزه وضر ِبــه‬ ‫رزم نقــوم‬ ‫الســتخراج البــذور «تُشــ ِبه عمليَّــة‬ ‫اســتخراجِ بــذور الملوخيــة»‪.‬‬ ‫اإلنتاج‪:‬‬

‫يتــراوح مــن ‪100-125‬كلــغ حســب‬ ‫التَّســمي ِد وموعـ ِد ِ ّ‬ ‫الزراعــة‪.‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬

‫أرض ‪ +‬قليــل مــن المــاء ‪ +‬قليــل‬ ‫مــن المبيــدات واألســمدة ‪ +‬عمــل =‬ ‫منتــج يمكــن أن يكــون لوحــده غــذا ًء‬ ‫ج ِيّــدًا مــن حيــث ارتفــاع البروتيــن‬ ‫ّ‬ ‫والطاقــة‪.‬‬

‫قاعدة بسيطة ذهبية لزيادة اإلنتاجية‬ ‫د‪ .‬وائل ّ‬ ‫الشيخ أمين‬

‫عندما تقوم بأي عمل قم به هو فقط‪.‬‬ ‫عندمــا تصلــي‬ ‫صــل فقــط‪ ،‬وعندمــا تقــرأ اقــرأ فقــط‪ ،‬وعندمــا‬ ‫ِّ‬ ‫تتــدرب تــدرب فقــط‪ ،‬وعندمــا تكتــب اكتــب فقــط‪ ،‬وعندمــا تعمــل‬ ‫اعمــل فقــط‪ ،‬وعندمــا تشــاهد مــادة تعليميــة أو فيلمــاً وثائقيــاً‬ ‫شــاهد فقــط‪ ،‬وعندمــا تجلــس مــع عائلتــك اجلــس معهــم فقــط‪،‬‬ ‫وعندمــا تلعــب مــع أبنائــك العــب معهــم فقــط‪.‬‬ ‫ـتطيع القيــام بعمليــن أو أكثــر فــي وقــت‬ ‫ال تنخــدع بوهــم َّأنــك تَ سـ‬ ‫ُ‬ ‫ـك تُ ِ‬ ‫معــا‪.‬‬ ‫واحــد!! فأنـ َ‬ ‫ـد األعمــال جميعهــا ً‬ ‫فسـ ُ‬ ‫ـت بذ ِلـ َ‬ ‫ِ‬ ‫أعمالَ‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫فس‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫خلط‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫موم‬ ‫ع‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫االنترن‬ ‫أو‬ ‫ـوك‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـس‬ ‫ـ‬ ‫الفي‬ ‫جعــل‬ ‫ً‬ ‫تُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وال تَ َ‬ ‫كُ َّلها ‪.‬‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫مشاريع تنموية‬

‫‪24‬‬


‫خــر واآلالم‪ ،‬وتجنُّــ ِ‬ ‫النَّ ِ‬ ‫ب القلــعِ‬ ‫ــر لألســنان‪.‬‬ ‫المب ِ ّك ِ‬ ‫للحفــاظ‬ ‫األمــور المه َّمــ ِة‬ ‫فمــن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أســنان طف ِلــك‪:‬‬ ‫علــى‬ ‫ِ‬ ‫ـنان عــن‬ ‫‪-1‬العنايـةُ اليوميَّـةُ باألسـ ِ‬ ‫ق تفريشــها صبا ًحــا ومســا ًء‬ ‫طري ـ ِ‬ ‫علــى األقــل‪.‬‬ ‫‪-2‬العنايــةُ‬ ‫بغــذاء األ ِ ّم الحامــ ِل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫للكالســيوم‬ ‫بحيــث يكــونُ حاويًــا‬ ‫ِ‬ ‫والغلــوز عل ًمــا َّ‬ ‫أن مشــاك َل‬ ‫ـنان المؤقَّتـ ِة يبــدأ مــن ال َّ‬ ‫ـهر‬ ‫شـ ِ‬ ‫األسـ ِ‬ ‫الرابــع للحمــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـرص علــى أن يكــونَ غــذا ُء‬ ‫‪-3‬الحـ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الطفــ ِل متوازنًــا وحاويًــا علــى‬ ‫الغلــوز‪.‬‬ ‫ـار ال َّ‬ ‫ونقص‬ ‫شــدي ِد‬ ‫ِ‬ ‫فــي ظـ ِّل الحصـ ِ‬ ‫ـذاء الــذي عانت منــه وال زالت‬ ‫الغـ ِ‬ ‫ومــدن‬ ‫ت‬ ‫بلــدا‬ ‫مــن‬ ‫كثيــر‬ ‫تعانــي‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ فــي ســوريا‬ ‫ِ‬ ‫الحــراك الثَّــور ّ‬ ‫ومنهــا الغوطــة ال َّ‬ ‫شــرقية‪ ،‬ظهــرت‬ ‫األمــراض التــي لــم‬ ‫الكثيــر مــن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫تكــن موجــودة مــن قبــل‪ ،‬ومنهــا‬ ‫ـنان المؤقَّت ـ ِة‬ ‫الفقــدانُ المب ِ ّكـ ُ‬ ‫ـر لألسـ ِ‬ ‫«اللَّبنيَّ ـ ِة» عنــد األطفــال‪ ،‬والــذي‬ ‫الكثيــر مــن المشــاك ِل‬ ‫ب‬ ‫يســ ِبّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ازدحــام‬ ‫المســتقبليَّ ِة لديهــم مــن‬ ‫ٍ‬ ‫لألســنان الدّائمــة «الخلــف»‬ ‫ِ‬ ‫وميــان بعضهــا فيــؤدّي إلــى‬ ‫ِ‬ ‫ـض اآلخـ ِـر فــي الفــم‬ ‫ـار البعـ ِ‬ ‫انطمـ ِ‬

‫األســنان فــي‬ ‫ب‬ ‫‪-4‬مراجعــةُ طبيــ ِ‬ ‫ِ‬ ‫آالم عنــد طف ِلــك‬ ‫حــا ِل وجــو ِد ٍ‬ ‫وعــدم إهمــا ِل هــذا األمــر‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وعــدم بروزهــا‪ ،‬يرفقُــه مشــاك ُل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫فــي الفكيــن‪ ،‬تــؤدّي إلــى خلـ ٍل فــي‬ ‫وظيف ـ ِة المضــغ‪ ،‬وخل ـ ٍل فــي بني ـ ِة‬ ‫ب‬ ‫الوجــ ِه وجماليَّتــه‪ ،‬وهــذا يســ ِبّ ُ‬ ‫مشــاكل نفســيَّةً ِ ّ‬ ‫للطفــل وقبولــه‬ ‫فــي المجتمــع‪ ،‬فــكان ال بــدَّ لنــا‬ ‫ـاظ علــى‬ ‫مــن التَّعام ـ ِل الجــا ِدّ للحفـ ِ‬ ‫أســنان أطفا ِلنــا ووقايتِهــا مــن‬ ‫ِ‬

‫مالحظــة‪ :‬لضــرورةِ وجــو ِد‬ ‫أســنان‬ ‫عظــام‬ ‫بنــاء‬ ‫الغلــوز فــي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ســليم ٍة لــدى أفــراد المجتمــع تض ُع‬ ‫الــدُّو ُل والحكومــاتُ هــذه المــوادَّ‬ ‫ضمــنَ ميــا ِه ال ُّ‬ ‫شــرب وهــذا مــا‬ ‫نفتقــده ضمــن هــذه األيّــام‪ ،‬فــا بـدَّ‬ ‫تعويضــه عبــر األغذي ـ ِة‬ ‫لنــا مــن‬ ‫ِ‬ ‫الحاويـ ِة للغلــوز ومنهــا‪ :‬الحليــب‪،‬‬ ‫ملــح َّ‬ ‫ســمك‪،‬‬ ‫الطعــام‪ ،‬البطاطــا‪ ،‬ال َّ‬ ‫والفجــل‪.‬‬

‫‪#‬المخترعون_المسلمون‬

‫ت المســلمين‬ ‫لعلَّها من أه ِ ّم إســهاما ِ‬ ‫صحَّــة‪،‬‬ ‫الحضاريَّــة فــي مجــا ِل ال ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫وأعظمهــا علــى اإلطــاق أنَّهم أ َّول‬ ‫ِ‬ ‫ســس المستشــفيات فــي العالم‪،‬‬ ‫من أ َّ‬ ‫بــل إنَّهــم ســبقوا غيرهــم فــي ذلــك‬ ‫األمــر بأكثــر مــن تســع ِة قــرون!‬ ‫فقــد أ ُ ِ ّ‬ ‫يٍ‬ ‫ســس َّأول مستشــفى إســام ّ‬ ‫فــي عهــد الخليفــة األمــوي الوليــد‬ ‫بــن عبــد الملــك‪ ،‬الــذي حكــم‬ ‫مــن ســنة «‪ 86‬هـــ‪705/‬م» إلــى‬ ‫ســنة «‪ 96‬هـــ‪715/‬م»‪ ،‬وكان‬ ‫صــا فــي‬ ‫هــذا المستشــفى متخ ِ ّ‬ ‫ص ً‬ ‫ُ‬ ‫عــاج مــرض ال ُجــذام‪ ،‬وأنشــئت‬ ‫بعــد ذلــك مستشــفياتٌ عديــدة ٌ‬ ‫فــي العالــم اإلســامي‪ ،‬وكانــت‬ ‫عــا‬ ‫هــذه المستشــفياتُ تُعَــدُّ قال ً‬ ‫ِّ‬ ‫َبــر مــن‬ ‫للعلــم‬ ‫والطــبّ ‪ ،‬وتُعت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت فــي‬ ‫ت والجامعــا ِ‬ ‫الكلّيّــا ِ‬ ‫أوائــل ِ‬ ‫العالم‪ .‬‬ ‫مؤســس علم‬ ‫هــل تعلم‬ ‫ّ‬ ‫الجراحة؟‬

‫ب‬ ‫ي لألعصــا ِ‬ ‫َرســ ٌم َمقطعــ ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ِمــاغ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫يــنَ‬ ‫ال ُمت ِ‬ ‫َقاطعــة بَ‬ ‫ِ‬ ‫والعَينيــن‪ ،‬ويشــرح كيفيَّــةَ‬ ‫ــر ِمــن‬ ‫انتقــا ِل حاسَّــ ِة البَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ـان‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ـن إلــى الدِّمــاغ َ‬ ‫ِ‬ ‫العَينيـ ِ‬ ‫األَقســام ال َمســؤول ِة عــن ذلــك‬ ‫فيــه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ب‬ ‫الطبيــ ِ‬ ‫وهــو ِمــن إبــداعِ‬ ‫«خليفــة بــن أبــي المحاســن‬ ‫ـر مــن ثماني ـ ِة‬ ‫ي ِ ُمن ـذُ أكثـ َ‬ ‫الحلب ـ ّ‬ ‫قــرون‪ ،‬وذلــك فــي كتابــه‬ ‫‪#‬الكافي_فــي_‬ ‫ال ُمســ ّمى‪:‬‬ ‫ال ُكحــل‪.‬‬ ‫وقتهــا كانــت أوروبّــا ت َفت َــ ُح‬ ‫ِل َ‬ ‫طــر ِد‬ ‫ريــض‬ ‫رأس ال َم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ‬ ‫ــياطين مــن َرأ ِســ ِه!!‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫أو َل‬ ‫أن َّ‬ ‫هــل تعلم َّ‬ ‫ـفى في العالــم بناها‬ ‫مستشـ ً‬ ‫المسلمون؟‬

‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الزهــراوي‬ ‫إن أبــا القاســم‬ ‫‪#‬األندلســي «‪1013-936‬م»‪ ،‬هــو‬ ‫علــم الجراحــ ِة‪ ،‬وتآليفُــه‬ ‫ــس‬ ‫مؤ ِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومخترعاتــه كانــت المرجــ َع فــي‬ ‫أوروبــا لعــدَّةِ قــرون‪.‬‬ ‫عملي ِة‬ ‫أول‬ ‫هــل تعلــم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ب قام‬ ‫تخديـ ٍـر في تاريـ ِ‬ ‫ـخ الط ِّ‬ ‫بها مســلم؟‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫َّأو ُل مــن اكتشــف وقــام بعمليَّــ ِة‬ ‫تخديــر فــي تاريــخِ ِ ّ‬ ‫الطــبّ ِ هــو‬ ‫ٍ‬ ‫قــرة «‪-835‬‬ ‫ابــن‬ ‫م‬ ‫المســل‬ ‫العالــ ُم‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪902‬م»‪ ،‬والــذي ُو ِلــدَ فــي بغــداد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫بحــوث عديــدة ٌ ومه َّمــةٌ فــي‬ ‫ولــه‬ ‫ِّ‬ ‫وعلــم‬ ‫الفلــك‪،‬‬ ‫وعلــم‬ ‫الطــبّ ِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الميكانيــكا‪.‬‬ ‫‪25‬‬ ‫النافذة الطبية‬


‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪10 9 8 7 6 5 4 3 2 1‬‬

‫موســى الرضيــع عليــه الســام‬ ‫‪#‬لم_يغــرق فــي اليــ ِ ّم وهــو فــي‬ ‫ضع ِفــه‪ ،‬و ‪#‬غ َِرقَ _فِرعــونُ‬ ‫قِ َّمــ ِة َ‬ ‫وهــو فــي قِ َّمــ ِة َجبروتــه‪.‬‬ ‫أمــركَ للخالــق‬ ‫ســلّم‬ ‫لذلــك؛‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واطمئــن؛ فلــن يَصيبَــكَ إال مــا‬ ‫َكتَبَــهُ هللا لــك‪.‬‬ ‫اإلنســان ِل ُحصونِــه ُمقــدَّ ٌم‬ ‫ بِنــا ُء‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫صــون اآلخَريــن‪،‬‬ ‫ح‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫علــى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫يكــونُ‬ ‫قبــ َل‬ ‫عرفــة‬ ‫فالت َّ َ‬ ‫ســل ُح بال َم ِ‬ ‫الــردود‪.‬‬ ‫ثَقافــ ِة‬ ‫ُّ‬ ‫ــم‬ ‫ قيــل لبعــض الحكمــاء‪ :‬بِ َ‬‫ـدوه؟ فقــالَ‪:‬‬ ‫ينت ِق ـ ُم اإلنســانُ مــن عـ ّ ِ‬ ‫بإصــاحِ نَفســه!‬ ‫توحّــد فصائــل الغوطــة أكبــر‬ ‫انتقــام لمجــازر النّظــام‪.‬‬ ‫ الفاشــلون قِســمان‪ :‬قِســ ٌم فَعَــ َل‬‫ـر ولَــم يَفعــل!‬ ‫ولــم يُفَ ِ ّكــر‪ ،‬وقِسـ ٌم فَ َّكـ َ‬

‫المتقاطعة‬ ‫الكلمات ُ‬ ‫أفقي‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ -01‬ذاتُ ال ِنّطاقَ‬ ‫الموطأ "م"‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ين‪/‬صاح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب كتا ِ‬ ‫ســم‬ ‫لج ِ‬ ‫‪ِ -02‬مــنَ ال َحشــرات "م"‪/‬فا ِكهــة ُمفيــدة ٌ ِجــدًّا ِ‬ ‫ــر منهــا فــي غوطتنــا بفضــل هللا فــي‬ ‫اإلنســان‪ ،‬و َكث ُ َ‬ ‫اآلونــة األخيــرة‪.‬‬ ‫أركان اإلســام "بــدون ال"‪/‬اســ ُم زوجــ ٍة‬ ‫‪ِ -03‬مــن‬ ‫ِ‬ ‫الرســو ِل‪.‬‬ ‫مــن زوجــا ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫ب على السيّئة‪.‬‬ ‫ع ُ‬ ‫‪َ -04‬‬ ‫س َ‬ ‫كس ِعلم "م"‪/‬حا َ‬ ‫‪ِ -05‬ح ٌ‬ ‫أسماء االنترنت‪.‬‬ ‫ي ومتين‪/‬من‬ ‫ِ‬ ‫صن قو ٌّ‬ ‫عملة اليابان‪/‬فولّى "مبعثرة"‪.‬‬ ‫‪-06‬‬ ‫صل‪ُ /‬‬ ‫ٌ‬ ‫ضمير ُمت َّ ِ‬ ‫ّارقون‪/‬لل ِنداء "م"‪.‬‬ ‫‪ -07‬الس ِ‬ ‫"مبعثرة"‪/‬طفل "م"‪.‬‬ ‫سهم‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -08‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ -09‬للتمنّي "م"‪/‬جم ُع السُّلم "م"‪.‬‬ ‫بالجسـ‬ ‫ـر‬ ‫ـم‪-‬عكس ميِّــت "م"‪-‬ضميـ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ي ِ‬ ‫‪ -10‬ســائِ ٌل حيــو ٌّ‬ ‫َص ٌل ‪.‬‬ ‫ُمنف ِ‬

‫اب‬

‫أقوال وحكم‬

‫ت‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‬

‫ت‬ ‫اله‬ ‫د‬ ‫ى‬

‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫عمودي‪:‬‬ ‫ـوم‬ ‫‪ -01‬عمــاد الدّيــن‪َّ ،‬‬ ‫وأو ُل مــا يُســأ ُل عنــه العب ـدُ يـ َ‬ ‫ســام‪.‬‬ ‫القيامة‪/‬مــن األنبيــاء علي ِه ـ ُم ال َّ‬ ‫‪َّ -02‬أو ُل شهيدةٍ في اإلسالم‪/‬ناعمة "م"‪.‬‬ ‫‪ -03‬يُستخرج منها الفحم‪/‬من أدوات الجزم‪.‬‬ ‫‪ -04‬أطــول نهــر فــي العالَــم "بــدول ال"‪/‬اســم مؤنّــث‬ ‫صغيــرة‪.‬‬ ‫بســيط ومعنــاه الغزالــة ال َّ‬ ‫ع ِرفَــت‬ ‫‪ُ -05‬متشــابهان‪-‬مدينة تاريخيّــة جزائريّــة‪ُ ،‬‬ ‫ب ُمقاومــة االســتعمار الفرنســي‪.‬‬ ‫‪ -06‬تُطلَ ُق على ال َم ِلك "م"‪.‬‬ ‫ي "مبعثرة"‪/‬جنس ونوع‪.‬‬ ‫‪َ -07‬كت َق ّ‬ ‫‪ -08‬مدينــة تُعَــدُّ منفــذًا لتجــارة وســط وغــرب‬ ‫ق الجامعــات‬ ‫إنجلتــرا‪ ،‬وتُو َجـدُ فيهــا ِ‬ ‫جامعــة ِمــن أعـ َ‬ ‫ـر ِ‬ ‫البريطانيّة‪/‬نشــتم "م"‪.‬‬ ‫كرر‪/‬يُكمل‪.‬‬ ‫‪ -09‬حرف ُم َّ‬ ‫‪ -10‬عا ِلــ ٌم جليــ ٌل مــن واليــ ِة أدرار فــي الجزائــر‪-‬‬ ‫ـاض البَيــض‪.‬‬ ‫بَيـ ُ‬

‫ب‬ ‫ نحــنُ إلــى قليــ ٍل مــن األد ِ‬‫أحــوج منّــا إلــى كثيـ ٍـر مــن ال ِعلــم!‬ ‫ب أننــا نُدافِــ َع عــن‬ ‫ مــن الغريــ ِ‬‫ُ‬ ‫أكثــر ممــا ندافــ ُع عــن‬ ‫أخطائِنــا‬ ‫َ‬ ‫صوا ِبنــا‪.‬‬ ‫ كانــت ملــوك الفــرس إذا‬‫غضبــت علــى عاقــل حبستـــه مــع‬ ‫جاهـــل!‬ ‫ ال يرتقــي شــعبٌ إلــى أوج العُلى‬‫‪ ...‬مالــم يكــن بَانُــوه مــن أَبنا ِئ ِه‬ ‫ "كفــى الناجحيــن فخــرا ً أنهــم‬‫عدَةِ إلــى‬ ‫يســتطيعون َم ـدَّ يَـدَ ال ُمســا َ‬ ‫غيرهــم"‪.‬‬ ‫د‪ .‬عبد الكريم بكار‪.‬‬ ‫ مــأى الســنا ِبل تنحنــي بتواضــع‬‫ســهن شــوام ُخ‬ ‫‪ ...‬والفارغــاتُ رؤو ُ‬ ‫ـدف بــا ُخ َّ‬ ‫طــة‪ ،‬ال يزي ـدُ عــن‬ ‫ هـ ٌ‬‫ـرد أمنيــة‪.‬‬ ‫كونِــه ُمجـ َّ‬

‫أدركــتَ التّابِعيــنَ فَ َحدِّثنــا‪ ،‬فقــال‪َ :‬حدَّثَنــا ِعكر َمـةُ‬ ‫نقــل األدبــاء عــن أشـعَ َ‬ ‫ب َر ِح َمـهُ هللا تعالــى أنــه قيــل لــه‪ :‬إِنَّــكَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـن دَ َخـ َل ال َجنّــة‪ ،‬فقالــوا‪ :‬ومــا الخَصلَتــان؟‬ ‫ـ‬ ‫َي‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َص‬ ‫خ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ـن‬ ‫َ‬ ‫ـن عبّـ ٍ‬ ‫ـاس أَنّــه َمـ َ‬ ‫ِ‬ ‫عــن ابـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫كر َمة الثانية!‬ ‫قال‪ :‬نَسيتُ أنا ِ‬ ‫ِي ِع ِ‬ ‫واحدة‪ ،‬ونَس َ‬ ‫***‬ ‫ـر مــا أَحســنَ َحـ َّ‬ ‫ي َّ‬ ‫داء‬ ‫ـان لقــد نَجــا مــن ِ‬ ‫أن دا َء ال ُكوليــرا فَشــا َمـ َّ‬ ‫ـر فقــا َل بعـ ُ‬ ‫ـض النّـ ِ‬ ‫ـاس آلخـ َ‬ ‫ـرة ً فــي ِمصـ َ‬ ‫ـظ فُـ ٍ‬ ‫ُر ِو َ‬ ‫ال ُكوليــرا بأُعجوبة!‬ ‫وكيف نَجا ِمنه؟ قال‪ :‬ماتَ قب َل ُ‬ ‫هوره بِسنوات!‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ظ ِ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫سـ ً‬ ‫ـطل فاســتحيا أَن‬ ‫ـن أحم ـدَ ال ُمقـ ِـرئ قــال‪ :‬كانَ لنــا إمــا ٌم‪ ،‬وكانَ شــي ًخا صا ِل ًحــا‪ ،‬وقــد اشــترى َ‬ ‫عــن عب ـ ِد هللاِ بـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ســه‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ـطل؛‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫ف‬ ‫ـه‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫فل‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫د‬ ‫ـج‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫خل‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫قَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يَ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضعَ ـهُ أما َمــه‪ ،‬فَ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ســط ُل خلفــك!‬ ‫ســطل! قــال فقلــت لــه‪ :‬ال بَــأس‪ ،‬ال َّ‬ ‫فقــال‪َ :‬ربَّنــا ولــكَ ال َّ‬ ‫العدد الحادي واألربعون‬

‫استراحة الهدى‬

‫‪26‬‬


‫بقلم ش‪ .‬محمد وائل الحنبلي‬

‫هذا اللباس يسمى‬

‫القنباز‬

‫حلــوى القطايــف‪ ،‬التــي اشــتهر‬ ‫ولــدُه أبــو علــ ٍّ‬ ‫ي بح ِبّهــا وبديــعِ‬ ‫تحضيرهــا‪.‬‬ ‫فأعــدَّ‬ ‫وقــرر‬ ‫ســه‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫األب نف َ‬ ‫الصــدور ِمــن بلــدة دومــا إلــى‬ ‫َ‬ ‫دمشــقَ لــدار ولــدِه أبــي علــي؛‬ ‫ليــزوره ويــأك َل عنــدَه القطايــف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أح ـدُ مؤ ِذّنــي جامــعِ بنــي أمي ـةَ‬ ‫مشــهورا‬ ‫الكبيــر بدمشــق‪ ،‬كان‬ ‫ً‬ ‫ــره لوالدَيــه‪ ،‬وشــدةِ إحســانِه‬ ‫ِب ِب ِ ّ‬ ‫لهمــا‪.‬‬ ‫ضربًــا‬ ‫وهــذه قصــةٌ تــكادُ تكــونُ َ‬ ‫ِمــن الخيــال‪ ،‬ولكنّهــا حقيقــةٌ‪،‬‬ ‫ـحر مــن َجميــل المقــال‪،‬‬ ‫وهــي ِسـ ٌ‬ ‫وإلي ُكموهــا‪:‬‬

‫وبعــدَ عــدَّةِ ســاعا ٍ‬ ‫ت وصــل‬ ‫ي العُقَيبــة‬ ‫ُ‬ ‫األب لبيــت ولــده بحــ ِّ‬ ‫بدمشــق‪ ،‬مقابــ َل بقاليــة "دبــس‬ ‫وزيــت" المشــهورة‪ ،‬وفاجــأ ولـدَه‬ ‫ي وهــو يطــرق بابَــه‪،‬‬ ‫أبــا علــ ٍّ‬ ‫ويقــول لــه‪" :‬يــا ابنــي يــا أبــو‬ ‫ضــر‬ ‫علــي؛ "برضايــي" عليــك ح ِ ّ‬ ‫لــي أكلــةَ قطايــف"‪.‬‬

‫ْ‬ ‫وضاقــت بــه‬ ‫ــر الولــدُ بأبيــه‬ ‫ُ‬ ‫س َّ‬ ‫بــورا‪ ،‬إال أنَّــه فــي‬ ‫ُ‬ ‫األرض ُح ً‬ ‫َ‬ ‫فــي‬ ‫ســقط‬ ‫ي جميــ ٍل ِمــن الوقـ ِ‬ ‫ت نَف ِســه ضــاقَ ذر ً‬ ‫ٍ‬ ‫عــا و ُ‬ ‫يــوم ربيعــ ٍّ‬ ‫اليــوم‬ ‫ق الحــا ِل ذلــكَ‬ ‫ِ‬ ‫أيــام الغوطــة الشــرقية‪ ،‬اســتيقظ بيــدِه‪ِ ،‬لضيــ ِ‬ ‫ســه تتــوق ألكل وقِلَّتِــه‪.‬‬ ‫األبٌ‬ ‫باكــرا ونف ُ‬ ‫ً‬ ‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫نَ َ‬ ‫ــوب البَديــ ُع‪،‬‬ ‫ــره وانتباهَــهُ الث َّ ُ‬ ‫ظ َ‬ ‫فقــا َل ِبنَفسِــه‪ :‬وهللا ال يَ ُ‬ ‫ليــق هــذا‬ ‫نبــاز وال ّ‬ ‫ال ِق ُ‬ ‫يٍ‬ ‫شــا ُل إال بأبــي علــ ّ‬ ‫َولَــدي‪ ،‬وسأشــت َري ِه َمهمــا كانَ‬ ‫ث َ َمنُــه وأُعطيــه مــا معــي‪.‬‬

‫ـب‬ ‫ـوب بعينِــه وذهـ َ‬ ‫فاشــترى الثـ َ‬ ‫إلــى البيــتِ‪ ،‬ودَخَــ َل ُ‬ ‫غرفَــةَ أبــي‬ ‫ــوب وال ّ‬ ‫شــا َل‬ ‫ي َو َو َ‬ ‫ضــ َع الث َّ َ‬ ‫علــ ٍّ‬ ‫فــي ِخزانَ ـ ِة َولَ ـدِه بِموضــعٍ َو َج ـدَهُ‬ ‫مــاذا يفعــل؟!‬ ‫وكيــف يُل ِبّــي فار ً‬ ‫غــا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫طلــب أبيــه ورغبتِــه؟!‬ ‫َ‬ ‫ي بالبائِــعِ وأخـذَ‬ ‫اجتمــع أبــو علـ ٍّ‬ ‫ُــر َ‬ ‫ـف‬ ‫ي إلــى َمخدَ ِعــه المــالَ‪َ ،‬و َوفَّــى بِــه ثمــنَ القَطايِـ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع أبــو علــ ٍّ‬ ‫وأخــر َج‬ ‫ع َمــدَ إلــى ِخزانَتِــه‪،‬‬ ‫وذهــب بهــا إلــى الــد ِّار‪ ،‬وأعــدَّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫منهــا أث َمــنَ ثَــو ٍ‬ ‫ُّــفرة َ لوا ِلــ ِد ِه طالبًــا مــن هللا‬ ‫ب ِعنــدَه وأجــدَّه‪ ،‬الس َ‬ ‫وهــو مــا يُســ ّمى بـــ‪" :‬القنبــاز"‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األوزار‪.‬‬ ‫غفــرانَ‬ ‫ِ‬ ‫مــع ال ّ‬ ‫ُلــف‬ ‫ميــن الــذي ي ُّ‬ ‫شــا ِل الث َّ ِ‬ ‫ـاء َّ‬ ‫ـرور‬ ‫وبع ـدَ انتهـ ِ‬ ‫ـام و ُ‬ ‫الطعـ ِ‬ ‫سـ ِ‬ ‫صــر‪.‬‬ ‫فوقَــه حــو َل الخ ْ‬ ‫األب ِل َولَ ـدِه‪:‬‬ ‫األه ـ ِل جميعًــا‪ ،‬قــا َل‬ ‫ُ‬ ‫ي الثيـ َ‬ ‫ي؛ اذهــب إلــى ِخزانَتِــكَ‬ ‫أخفــى أبــو علـ ٍّ‬ ‫ـاب‪ ،‬وودَّع يــا أبــا علـ ّ‬ ‫وال ـدَه ليُع ـدَّ لــه مــا ل ـذَّ ِمــن أنــواعِ وان ُ‬ ‫ظـ ِـر ال َهديَّـةَ التــي أَت َيتُــكَ ِبهــا‪.‬‬ ‫ـف وطــاب‪.‬‬ ‫القطايـ ِ‬ ‫يٍ‪ ،‬وفَتــح الخزانـةَ‪،‬‬ ‫ـام أبــو علـ ّ‬ ‫قـ َ‬ ‫ــوز‪ ،‬ونَ َ‬ ‫فَبَع ُ‬ ‫فصــار يَبكــي‪،‬‬ ‫داخلَهــا‬ ‫ــر ِ‬ ‫ضــه بال ِق ْشــدَة وال َج ِ‬ ‫َ‬ ‫ظ َ‬ ‫ُ‬ ‫بحجــم‬ ‫صغيــر‬ ‫ضــه‬ ‫وبع ُ‬ ‫ٌ‬ ‫واألب يقــو ُل ُمتع ِ ّجبًــا‪ :‬مــا بالــك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫بحج‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫أكب‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ـور‬ ‫ـ‬ ‫صف‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫يــا ولــدي؟! ِلمــاذا ال تســمعني‬ ‫ُ‬ ‫العُ‬ ‫الســتاتي‪ُ - ،‬جمــع‪ :‬ســتيتيّة‪ ،‬يقولُهــا صوتَــك ورأيَــك‪ ،‬أو َّ‬ ‫ـوب مــا‬ ‫أن الثـ َ‬ ‫أهـ ُل ال ّ‬ ‫ي‪ .-‬أعجبَــك؟!‬ ‫شـ ِ‬ ‫ـام علــى طائِـ ِـر القُمر ّ‬ ‫ي يب َح ُ‬ ‫ــث عــن‬ ‫خ َ‬ ‫َــر َج أبــو علــ ٍّ‬ ‫مالبــس متجــ ّ ِو ٍل‪ ،‬فَ َو َجــدَ‬ ‫َ‬ ‫بائــعِ‬ ‫ُ‬ ‫ي العمــارة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واحــدًا يَ ِ‬ ‫عرفــه بحــ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ــوب وقــال لــه‪ :‬ب ْعــهُ‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫فأعطــا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي ِ بعــدَ بُرهَــ ٍة‬ ‫الحــ‬ ‫فــي‬ ‫وألقــاكَ‬ ‫ّ‬ ‫آلخــذَ ثمنَــه‪.‬‬

‫ي ٍ يقــول‪ :‬بلــى بلــى‬ ‫وأبــو علــ ّ‬ ‫ــررتُ يــا أبتــي‪ ،‬ولكنَّنــي ِمــن‬ ‫ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َّ‬ ‫ب‬ ‫ــرحِ بالثــو ِ‬ ‫ِشــدَّةِ السَّــعادةِ والفَ َ‬ ‫أبكــي ‪...‬‬

‫ــراء‪ ،‬هــذه‬ ‫خوتــي القُ ّ‬ ‫نعــم يــا إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ــمعتها ِمــن‬ ‫س ِ‬ ‫ال ِق َّ‬ ‫صــةُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ابــن أخِ‬ ‫ي‪ ،‬وهــو مــا زا َل علــى‬ ‫علــ‬ ‫ــوب والشــا َل أبــي‬ ‫أخــذَ البائِــ ُع الث َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫الحريــر‪ ،‬فوضعــه قيــ ِد الحيــاة َح ِف َ‬ ‫الــذي يُشــبِهُ‬ ‫وأكر َمنــا‬ ‫ظــهُ هللا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق هللا‪.‬‬ ‫علــى ســا ِعده وأضحــى يصيــ ُح‪ :‬وإيّا ُكــم بِبِـ ِ ّ‬ ‫ـر الوالدَيــن بِت َوفيـ ِ‬ ‫ــب ال َح ِ ّ‬ ‫" َمــن‬ ‫ــظ السَّــعيدِ‪،‬‬ ‫صاح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع َرفـ ْ‬ ‫ي بمــا‬ ‫َ‬ ‫ـت زَ وج ـةُ أبــي عل ـ ٍّ‬ ‫الــذي سيشــتري هــذا الجديــد"‪.‬‬ ‫ــذار ْ‬ ‫أن‬ ‫َجــرى‪ ،‬فقــا َل لهــا‪َ :‬ح ِ‬ ‫ـس بالبي ِ‬ ‫صــة؛ وذلــك‬ ‫ي جالـ ٌ‬ ‫ت تُخبــري والــدي بال ِق ّ‬ ‫ووا ِلـدُ أبــي علـ ٍّ‬ ‫قــد أصابَــه ال َملَــلُ‪ ،‬فقــا َل أله ِلــ ِه ِرعايـةً لمشــا ِع ِره‪ ،‬كــي ال يضيــقَ‬ ‫امكثُــوا‬ ‫ـب أنّــه أثق ـ َل علــى‬ ‫َّ‬ ‫ـدره ويح ِسـ ُ‬ ‫ي العُقيبــة‪ ،‬صـ ُ‬ ‫ســأتجول بحــ ِّ‬ ‫جامــعِ التَّوبــة‪.‬‬ ‫ولَعَلّــي أُصلّــي ِب ِ‬ ‫و ِلــده!‬ ‫صــر ُخ‬ ‫وهــذِه صــورة ُ جــ ِدّ والدتــي‬ ‫ُ‬ ‫وكان البائِــ ُع مــا زال يَ‬ ‫ـارة‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ـن محمــد علــي‬ ‫يِ َ‬ ‫ويَصيـ ُح ماشـيًا ِمــن حـ ّ‬ ‫ي ٍ أحمـدَ بـ ِ‬ ‫أبــي علـ ّ‬ ‫الشــهير بـــ‪:‬‬ ‫ي علــوان ت‪،1400‬‬ ‫إلــى العُقيبــة‪ ،‬فــرآه والـدُ أبــي عل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫عنــدَ ِ‬ ‫جامــعِ التَّوبــة‪ ،‬فاســت َوقَفَهُ "لبنيَّــة"‪ ،‬أحـ ِد مؤذِّنــي جامــعِ بنــي‬ ‫ليــرى مــا معــه ِمــن ال َمبيــعِ‪ ،‬فــرا َ‬ ‫ع أميَّــة‪.‬‬

‫العدد الحادي واألربعون‬

‫استراحة الهدى‬

‫‪27‬‬


‫مجلة الهدى اإلسالمية‬

‫العدد الحادي واألربعون‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.