2011 05 13 سقط مبارك فهل حقا سقط النظام

Page 1

‫العدد ‪ 832‬ـ اجلمعة ‪ 13‬من مايو ‪2011‬‬

‫خاص‬

‫‪Issue 832 – 13 May. 2011‬‬

‫‪15‬‬

‫أمين الصياد يگتب‪:‬‬

‫سقط مبارك‪ ..‬فهل حقا سقط النظام ؟‬ ‫س ـ ـ ـ ــؤال اليـ ـ ـ ــوم التال ـ ـ ــى‬

‫سقط الرجل إذن غير مصدق «وإن انفلق البحر‪ »..‬وكان طبيعيا ومنطقيا أن يصبح سؤال اليوم التالى‪ :‬إن كان مبارك قد سقط فهل سقط النظام؟‬ ‫وحدهم املاليني الذين كانوا فى امليدان كتلة «واحدة» من البشر بطوائفها وتياراتها وألوانها حتت علم واحد‪ ،‬كانوا يعرفون طريقهم أو على األقل كانوا يعرفون ما يطلبون‪« :‬الشعب يريد إسقاط النظام»‬ ‫«الصندوق األسود» ما زال فى أعماق بحر التاريخ العميق‪ ..‬ورمبا «ليس كل ما يعرف يقال أو ليس كل ما يقال جاء أوانه» إلى آخر حكمة اإلمام على رضى الله عنه‬ ‫ك��ان ال �ي��وم ال �ث��اث��ون م��ن ي�ن��اي��ر‪ ،‬السادس‬ ‫من أي��ام ث��ورة متيزت فى مامحها وصورها‬ ‫وتفاصيلها الصغيرة‪ .‬وكان الشعا ُر الذى أصبح‬ ‫جتسيدا و«تلخيصا» لكل الشعارات واملطالب‪،‬‬ ‫ق��د أخ��ذ مكانه ف��ى ص ��دارة املشهد أصواتا‬ ‫تهتف‪ ،‬والفتات حتسم «الشعب يريد إسقاط‬ ‫النظام»‪.‬‬ ‫يومها لم يكن أحد يعرف إلى أين ستصير‬ ‫األم ��ور ب��ن ع�ن��اد قصر ال ي��ري��د أن يصدق‪،‬‬ ‫وصمود شارع ال ميكنه أن يتراجع‪.‬‬ ‫ك��ان ق��رار جل��وء القصر إل��ى اعتماد القوة‬ ‫أيا ماكان مداها غير املسبوق أو نتائجها غير‬ ‫احملسوبة‪ ،‬قد ب��ات واضحا مكتوبا بالدماء‪،‬‬ ‫وكان قرار اخلارجن إلى الشوارع فى اعتماد‬ ‫«الطريق ذى االجت��اه ال��واح��د» تسهل قراءته‬ ‫لكل من يتابع ‪ twitter‬أو يشاهد «اجلزيرة‬ ‫مباشر» أو يطل على امليدان املزدحم من نافذة‬ ‫«مروحية» لم حتلق فى سمائه بالتأكيد ظهيرة‬ ‫هذا اليوم لغير هذا الغرض‪.‬‬ ‫يومها كانت األجواء على كل صعيد متوترة‪.‬‬ ‫كان الكثيرون � هنا وهناك � ال يعرفون أين‬ ‫يضعون أقدامهم‪ ،‬إن فى وسائل إعام تخبطت‬ ‫رسائلها‪ ،‬أو فى عواصم العالم‪ ،‬التى لم تكن‬ ‫تعرف �� أو تصدق �� إل��ى أي��ن تسير األمور‪،‬‬ ‫فترددت‪ ،‬وتباطأت‪ ..‬وتأخرت‪.‬‬ ‫وحدهم املاين الذين كانوا فى امليدان كتلة‬ ‫«واحدة» من البشر بطوائفها وتياراتها وألوانها‬ ‫حتت علم واحد‪ ،‬كانوا يعرفون طريقهم أو على‬ ‫«الشعب يريد‬ ‫األقل كانوا يعرفون ما يطلبون‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫إسقاط النظام»‪.‬‬ ‫أي � ��ام م� �ض ��ت‪ ..‬ن��ع��رف ق � ��درا ض �ئ �ي��ا من‬ ‫تفاصيلها‪ .‬وف��ى ال�ي��وم احل��ادى عشر للعناد‬ ‫واالس�ت�ك�ب��ار «واإلن��ك��ار» ذه��ب م �ب��ارك‪ ،‬بغض‬ ‫النظر عن التباينات فى توصيف هذا الذهاب‪،‬‬ ‫خروجا أم إخراجا‪ ،‬توافقا أم اتفاقا‪ ..‬إجبارا‬ ‫أم امتثاال للبديل الذى البديل له‪ .‬لم يكن هذا‬ ‫وق��ت التفاصيل على أى ح��ال‪ .‬ف�«الصندوق‬ ‫األسود» ما زال فى أعماق بحر التاريخ العميق‪،‬‬ ‫ورمبا «ليس كل ما‬ ‫يُ� �ع���رف يُ� �ق���ال أو‬ ‫ليس ك��ل م��ا يُقال‬ ‫ج� ��اء أوان � � ��ه» إلى‬ ‫آخر حكمة اإلمام‬ ‫على رضى الله عنه‪.‬‬ ‫أيا ما كان األم��ر‪ ،‬وأي��ا ما كانت التفاصيل‬ ‫التى سيأتى وق��ت روايتها يوما م��ا‪ ،‬فالرجل‬ ‫«سقط» مساء ذلك اليوم الذى ردد فيه أربعة‬ ‫ماين‪ ،‬مسلمن ومسيحين «دع��اء القنوت»‬ ‫خلف شيخ � رغم شهرته � لم يتخيل يوما أنه‬ ‫سيقف من الله والناس هذا املوقف‪.‬‬ ‫سقط الرج ُل إذن غي َر مصدق «وإن انفلق‬ ‫البحر» لتحل األهازي ُج ليلتها محل الهتافات‪،‬‬ ‫واألغ� ��ان� ��ى م �ح��ل ال� �ش� �ع���ارات‪ ..‬وم� ��ن بينها‬ ‫بالضرورة شعار املطلب األه��م‪ ،‬اجلامع لكل‬ ‫«الشعب يري ُد اسقاط‬ ‫املطالب وال�ش�ع��ارات‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ال�ن�ظ��ام»‪ ،‬وك��ان طبيعيا ومنطقيا أن يصبح‬ ‫سؤال اليوم التالى‪ :‬إن كان مبارك قد سقط‪،‬‬ ‫فهل سقط النظام؟‬ ‫<<<<‬ ‫ال�ق��ارئ ل�«دفتر أح ��وال» مصر ف��ى العقود‬ ‫الثاثة املاضية البد وأن يستشعر خطر الركون‬ ‫إل��ى إجن��از متثل فى إخ��راج الرئيس‪ ،‬وخطر‬ ‫اختزال القضية فى خطوة على أهميتها ليست‬ ‫كافية لانتقال مبصر إلى عصر جديد‪ .‬أنا من‬ ‫الذين يعتقدون بعمق «حكمة فطرية» تتبدى‬ ‫فى ما ينتجه هذا الشعب من عبارات ونكت‬ ‫وأم �ث��ال شعبية‪ .‬وال ��ذى يجلس ف��ى املقاهى‪،‬‬ ‫ويركب املواصات العامة‪ ،‬ويتصفح اإلنترنت‪،‬‬ ‫سيدرك بالضرورة أن الذى طالب به احملتجون‬ ‫من أسوان جنوبا إلى اإلسكندرية شماال‪ ،‬ومن‬ ‫«الشيخ زويد» شرقا إلى الوادى اجلديد غربا‬ ‫لم يكن فقط اخ��راج الرئيس «على أهميته»‪،‬‬ ‫وإمنا إسقاط النظام‪ ،‬الذى صنعه الرئيس‪ ،‬أو‬ ‫سمح به‪ ،‬تدبيرا‪ ،‬أو غفلة‪ ..‬أو بغض الطرف‬ ‫مامحه على‬ ‫طمعا أو جها‪ .‬والذى تراكمت‬ ‫ُ‬ ‫مدى ثاثة عقود كاملة‪:‬‬ ‫النظام ال��ذى بناه ب��دأب «كهن ُة الفرعون»‪،‬‬ ‫يعدلون الدستور ع��ام ‪ ،١٩٨٠‬ليسمح بتأبيد‬ ‫احلكم فى شخص الرئيس (السادات وقتها)‪،‬‬ ‫ثم � العتبارات املظهر «اخلارجى» � يُجرون‬ ‫له جراحة جتميلية (فى ‪ ،٢٠٠٥‬ثم ‪ )٢٠٠٧‬ال‬ ‫تُخفى رغ��م املساحيق حقيقة أنها «حيكت»‬ ‫الرئيس رئيسا»‪.‬‬ ‫مبهارة تضمن أن «يظل‬ ‫ُ‬ ‫النظام الذى خرج ثوار يناير إلسقاطه‪ ،‬هو‬ ‫النظام ال��ذى سمح ب��االع�ت��داء على القضاة‬ ‫(‪ )٢٠٠٦‬ألن�ه��م طالبوا باستقال القضاء‪.‬‬

‫«خاص الشروق»‬

‫االس�ت�ع�م��اري��ة ال�ب��راج�م��ات�ي��ة ال�ق��دمي��ة «فرق‬ ‫ت�س��د»‪ ،‬دون إدراك ملعنى أن يكون «الوطن‬ ‫للجميع»‪ ،‬دون إقصاء أو متييز‪.‬‬ ‫نظام اختار أن يغيب فيه القانون «املجرد»‬ ‫ليفسح املجال ملا يتصوره سياسة‪ ،‬وهى بحكم‬ ‫التعريف غير مجردة من حسابات «وال نقول‬ ‫أه��واء»‪ .‬فنرى من رجال السلطة من يتباهى‬ ‫علنا بالتزوير فى أوراق رسمية «بدعوى درء‬ ‫الفنت»‪ .‬و«التزوير» فى القانون املجرد جرمية!‬ ‫فرط‪،‬‬ ‫ونرى من رجال التحقيق من يُفْرط أو يُ ِ ّ‬ ‫م��واءم��ة أو استجابة أو إرض��اء‪ .‬ونسمع من‬ ‫رج��ال الدين من كانت فتواه عن سياسة‪ ،‬ال‬ ‫عن قرآن أو سنة أو كتاب مقدس‪.‬‬ ‫النظام ال��ذى يصبح فيه «ن�ف��اق السلطة»‬ ‫أي ��ا م��ا ك��ان��ت هذه‬ ‫إن الذى طالب‬ ‫ال� �س� �ل� �ط ��ة‪ ،‬رئيسا‬ ‫به احملتجون لم‬ ‫ل� �ل� �ج� �م� �ه ��وري ��ة‪ ،‬أو‬ ‫يكن فقط اخراج‬ ‫م ��دي ��را ل �ل �ع �م��ل‪ ،‬أو‬ ‫الرئيس «على‬ ‫ح� �ت���ى وال�� � � ��دا فى‬ ‫أهميته»‪ ،‬وإمنا‬ ‫امل � �ن� ��زل‪ ،‬أو قارئا‬ ‫اسقاط النظام‪،‬‬ ‫ل�ل�ص�ح�ي�ف��ة‪ ،‬األداة‬ ‫الذى صنعه‬ ‫ال��وح �ي��دة للحفاظ‬ ‫الرئيس أو سمح به‪،‬‬ ‫ع��ل��ى امل�� �ك� ��ان‪ ..‬أو‬ ‫تدبيرا‪ ،‬أو غفلة أو‬ ‫بغض الطرف طمعا ل� �ل� �ف ��وز باملكانة‪.‬‬ ‫ي �ت �س��اوى ف ��ى ذلك‬ ‫أو جهال‪ ،‬والذى‬ ‫وزراء وخ�� �ف� ��راء‪،‬‬ ‫مالمحه‬ ‫تراكمت‬ ‫ُ‬ ‫ورجا ُل دين وسياسة‬ ‫على مدى ثالثة‬ ‫وفكر‪ ..‬ليبدو األمر‬ ‫عقود كاملة‬ ‫ك � �ل� ��ه ف� � ��ى نهاية‬ ‫امل � �ط� ��اف «ثقافة‬ ‫شعب» أو باألحرى‬ ‫«ثقافة مرحلة»‪.‬‬ ‫ال� �ن� �ظ ��ام ال���ذى‬ ‫ي�ئ��س ف�ي��ه الناس‬ ‫م ��ن ال �ت �غ �ي �ي��ر عن‬ ‫ط ��ري ��ق صناديق‬ ‫االق �ت��راع‪ ،‬وم��ن احل�ص��ول على حقوقهم عن‬ ‫طريق القانون واالحتكام إلى عدالة القضاء‪،‬‬ ‫وم��ن التطلع إل��ى مستقبل أفضل عن طريق‬ ‫بوابة التعليم والتفوق واالجتهاد‪.‬‬ ‫نظام لم يبد مكترثا يوما بأنه لم يدع للناس‬ ‫غير اليأس‪.‬‬ ‫<<<<‬ ‫النظام الذى خرج الكل يطلبون إسقاطه‪ ،‬هو‬ ‫ذلك الذى كانت سمته الرئيسة هى «السلطة‬ ‫املطلقة» التى هى بالضرورة «مفسدة مطلقة»‪.‬‬ ‫حن يصب ُح طبيعيا أن يكو َن ك ُل رجال األعمال‬ ‫� تقريبا � منتسبن بالعضوية واملساندة والدعم‬ ‫املالى واإلع��ان��ات الصحفية املدفوعة إلى‬ ‫حزب السلطة املطلقة‪ .‬رغم أنه لم يدع يوما‬ ‫� فيما نعرف � أنه حزب «رأسمالى» ليصبح‬ ‫معه ذل��ك «ال ��زوا ُج شرعيا»‪ .‬ولكنه ببساطة‬ ‫حزب النفوذ و «السلطة املطلقة»‪ ،‬مجموعات‬ ‫من املصالح «املتشابكة» ‪ ،Oligarchy‬التى‬ ‫تستولى بسلطتها أو بأموالها أو بنفوذها على‬ ‫اإلدارة ثم على احلكومة ثم على الدولة كلها‪.‬‬ ‫متشابكة خيوطها العنكبوتية‪ .‬والتى هى مثل‬ ‫كل بيوت العنكبوت ال تتمدد إال حيث يكون‬ ‫ال��رك��ود وال �ك �م��ون‪ .‬بعيدا ع��ن احل��رك��ة‪ ،‬وما‬ ‫تستوجبه � تعريفا � من تغيير‪.‬‬ ‫النظام الذى ما زالت أصابعه تلعب مبهارة‬ ‫فى «امليدان» � حتاول سرقته حلسابها تارة‪ ،‬أو‬ ‫إجهاض حركته «املوحدة» النبيلة تارة أخرى‬ ‫� أحزابا «ورقية» قدمية‪ ،‬وساسة با سياسة‪،‬‬ ‫متلونن ومتحولن ومتسلقن عاشوا حيواتهم‬ ‫كلها ملتصقن بشبكة العنكبوت‪ ،‬التى يخشون‬ ‫أن تسقط فيسقطون‪ .‬بعضهم ي �ح��اول أن‬ ‫يجد لقدمه «القذرة» موضعا فى نظام جديد‬ ‫ينبغى أن يتطهر‪ .‬وبعضهم ي�ح��اول بغريزة‬ ‫مبال بأن يكون‬ ‫وحش جريح أن ينتقم‪ ،‬غير ٍ‬ ‫الوطن ذاته الثمن‪ .‬وبعضهم يحاول عزل ثورة‬ ‫الشعب عن العالم «املتوجس والقلق» مبحاولة‬ ‫إلباسها جلبابا وحلية‪.‬‬ ‫بعضهم خ��رج من جحوره‪ ،‬وبعضهم يبدو‬ ‫قد جرى إعداده لهذا اليوم‪.‬‬ ‫<<<<‬ ‫هذا هو «النظام» الذى خرج الشعب وسقط‬ ‫الشهداء إلسقاطه‪ ..‬وهذه ببساطة هى مامح‬ ‫«النظام» الذى إن لم ننتبه‪ ،‬فلست متأكدا‬ ‫أنه «متسلا» لن يعود‪.‬‬ ‫ف��ى ريفنا حيث يختبئ الصمت‬ ‫واحلكمة فى عيون فاحينا البسطاء‪،‬‬ ‫كان الكبار يحرصون على تنبيهنا دائما‬ ‫إلى أنه «ال يكفى أبدا أن تقطع رأس‬ ‫احلية»‪.‬‬

‫سقط الرجل مساء ذلك اليوم الذى ردد فيه أربعة ماليني مسلمني ومسيحيني «دعاء القنوت» خلف شيخ رغم شهرته لم يتخيل يوما أنه سيقف من الله والناس هذا املوقف‬

‫ما زالت أصابعه تلعب مبهارة فى «امليدان» حتاول سرقته حلسابها تارة أو إجهاض حركته «املوحدة» النبيلة تارة أخرى‬

‫يحكى لى مفتى مصر «املعتدل» أنه استمر لسنوات غير قادر على الصعود إلى املنبر للخطابة «لعدم وجود تصريح أمنى» رغم أنه وقتها كان مستشارا لوزير األوقاف‬

‫وس �م � َح ب��االع �ت��داء على أس��ات��ذة اجلامعات‪،‬‬ ‫ألنهم طالبوا باستقال اجلامعات‪ ،‬وكوفئ فيه‬ ‫رئيس جامعة فأصبح وزيرا‪ ،‬ال لشىء إال ألنه‬ ‫سمح لألمن بإحضار «بلطجية» ليعاقبوا طلبة‬ ‫جامعته‪ .‬وه��و النظام ال��ذى أس��س بقراراته‬ ‫وس�ل��وك��ه ال�ي��وم��ى ل��دول��ة «بوليسية» بامتياز‪،‬‬ ‫يتولى فيها ال �ل��واءات كل املناصب القيادية‪،‬‬ ‫وتتحكم فيها ت �ق��اري � ُر األم ��ن ف��ى ك��ل شىء‪،‬‬ ‫من تعين السعاة فى املكاتب‪ ،‬وحتى اختيار‬ ‫العاملن فى معامل اجلامعات‪ .‬يحكى لى مفتى‬ ‫مصر «املعتدل» أنه استمر لسنوات غير قادر‬ ‫على الصعود إلى املنبر للخطابة (لعدم وجود‬ ‫تصريح أمنى)‪ .‬رغم أنه وقتها كان مستشارا‬ ‫لوزير األوقاف (!)‬ ‫النظام الذى كان هو النظام الذى لم يسمح‬ ‫أبدا لألحزاب احلقيقية أن تقوم‪ ،‬وإذا أفلتت‬ ‫فقامت بحكم قضائى‪ ،‬عمل على تفجيرها‬ ‫من الداخل‪ .‬فى حن شكل بنفسه � استيفاء‬ ‫للشكل واملظهر � أحزابا «كارتونية»‪ ،‬ما زالت‬ ‫� رغم الثورة لألسف � تدعى شرعية نعرف‬ ‫جميعا أنها مزيفة‪ .‬وحتظى بفرصة «رسمية»‬

‫الحتظى بها قوى الثورة السياسية «احلقيقية»‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫النظام ال��ذى رغم سماحه بحرية الصراخ‬ ‫� لم يكن يعر اهتماما أبدا لكل ماتتحدث به‬ ‫الصحف مستندة إلى شهادات وأدلة وتقارير‪،‬‬ ‫م�ن�ه��ا م��ا ه��و رس �م��ى (م �ث��ل ت �ق��اري��ر املجلس‬ ‫ال �ق��وم��ى حل �ق��وق اإلن� �س���ان) ع ��ن اعتقاالت‬ ‫واح �ت �ج��از مل��واط�ن��ن دون س�ن��د م��ن القانون‪،‬‬ ‫وحاالت مؤكدة للتعذيب‪ ،‬وعدم احترام ألحكام‬ ‫القضاء‪ ..‬بل وحاالت انتقام لذوى نفوذ يسقط‬ ‫ضحيتها حتى رج��ال أعمال كبار‪ ..‬إل��ى آخر‬ ‫قائمة طويلة من جتاوزات وانتهاكات‪ .‬صارت‬ ‫من تكرارها اعتيادا وخبرا يوميا للمانشيتات‬ ‫وبرامج التليفزيون احلوارية‪.‬‬ ‫النظام ال��ذى طالب اجلميع بإسقاطه هو‬ ‫ذلك ال��ذى لم ير ض��ررا فى أن تعاند الدولة‬ ‫ال �ق��ان��ون‪ ،‬بتجاهل األح �ك��ام ال �ص��ادرة بشأن‬ ‫تزوير االنتخابات مثا أو اإلفراج عن املعتقلن‬ ‫أو إح��ال��ة املدنين إل��ى محكمة عسكرية أو‬ ‫الغاء احلراسة على النقابات املهنية إلى غير‬ ‫ذل��ك من قائمة تطول بطول ثاثن سنة من‬

‫جبروت نظام لم يكترث سدنته يوما خلطورة‬ ‫أن يتعمق لدى املواطن العادى شعور باليأس‬ ‫من اللجوء إلى التقاضى «سبيا سلميا حلل‬ ‫املنازعات»‪ .‬غير مدركن أن��ه عندما تُغل يد‬ ‫القضاء فى رد املظالم ألصحابها يصبح األمن‬ ‫االجتماعى مهددا‪ .‬كما يصبح مفهوم الدولة‬ ‫ذاته فى خطر‪.‬‬ ‫النظام ال��ذى قضى بفساده وإف�س��اده على‬ ‫قاعدة أن «م��ن جد وج��د»‪ ،‬بعد أن أصبحت‬ ‫البطالة بسياساته «ق��درا» فقد معه التعليم‬ ‫دوره ك ��أداة م�ش��روع��ة ل�ل�ح��راك االجتماعى‪،‬‬ ‫وبعد أن ضاقت ف��رص العمل لتصبح حكرا‬ ‫على ال��وارث��ن أو على أول�ئ��ك ال��ذي��ن اشتروا‬ ‫«بأموالهم» فرص تعليم متميز‪ .‬هل تذكرون‬ ‫«ع �ب��د احل�م�ي��د ش �ت��ا»‪ ،‬ذل��ك ال �ش��اب املكافح‬ ‫املتفوق ال��ذى رف�ض��وا تعيينه ملحقا جتاريا‬ ‫(‪ )٢٠٠٥‬رغ��م حصوله على املركز األول بن‬ ‫كل من تقدموا للوظيفة‪ ،‬ال لسبب إال ألن والده‬ ‫م��زارع بسيط‪ .‬يومها لم يجد الشاب املتفوق‬ ‫أمامه غير االنتحار‪.‬‬ ‫النظام الذى نسمع فيه من أحد البرملانين‬ ‫أنه أنفق ‪ ٢٥‬مليونا للفوز مبقعده البرملانى‪،‬‬ ‫دون أن يسأله أحد عن ماذا يبحث هناك؟ أو‬ ‫باألحرى ماذا «يطمع» فيه هناك؟!‬ ‫رئيس‬ ‫النظام ال��ذى يخرج فيه‬ ‫ُ‬ ‫الدولة فى كل مناسبة ليتساءل‪:‬‬ ‫«م ��ن أي ��ن ي�ط�ع��م ش �ع �ب��ه؟»‪ ،‬ثم‬ ‫يفاجأ أول�ئ��ك اجل�ي��اع بأنه‬ ‫َ‬ ‫ك ��ان ي �ع��وم ع �ل��ى ب �ح��ر من‬ ‫الفساد واملليارات املنهوبة‪.‬‬ ‫<<<<‬ ‫ال �ن �ظ��ام ال���ذى أضاع‬ ‫رص�ي��دا اقليميا ودوليا‬ ‫كانت مصر قد صنعته‬ ‫ف��ى س�ن��وات الصعود‬ ‫م��ن��ت��ص��ف ال� �ق ��رن‬ ‫املاضى ليتاشى‬ ‫ف� ��ى الثاثن‬ ‫سنة األخيرة‪.‬‬ ‫ب � � � �ع� � � ��د أن‬ ‫ح� �س� �ب ��ت أن‬ ‫أمنها وأمانها‬ ‫م�� � ��ره�� � ��ون‬

‫فقط برضا واشنطن‪ .‬وبعد أن ُشغلت‪ ،‬أو‬ ‫باألحرى انشغلت نخبتها احلاكمة بحسابات‬ ‫املقاعد استمرارا أو استقرارا أو «استنساخا‬ ‫جينيا»‪.‬‬ ‫ال �ن �ظ��ام ال ��ذى ل��م ي �ت��ردد (ف ��ى انتخابات‬ ‫‪ )٢٠٠٥‬فى اللجوء إلى بلطجة سافرة غير‬ ‫مسبوقة‪ ،‬بحماية � أو مبشاركة‪ ،‬لألسف � من‬ ‫الذين من املفترض أن املجتمع أوك��ل إليهم‬ ‫� بحكم وظيفتهم � مهمة حماية أمنه‪ .‬غير‬ ‫مدرك خطورة أن يشيع فى املجتمع مفهوم‪:‬‬ ‫أن القوة‪ /‬العنف هى السبيل «الوحيد» لكى‬ ‫تصل إلى هدفك (حقا كان أو باطا)‪.‬‬ ‫النظام ال��ذى لم يتردد أيضا � حلسابات‬ ‫سياسية ضيقة � فى أن يقحم الرقم القبطى‬ ‫فى حسابات السياسة‪ ،‬لعبا بالنار فى غير‬ ‫موضعها‪( .‬راج��ع كيف ظلت «الفتنة صناعة‬ ‫رسمية» تخطيطا ومراهنة وتوظيفا � «وجهات‬ ‫نظر» � � فبراير ‪.)٢٠١٠‬‬ ‫النظام ال��ذى يرحب ب��اإلخ��وان املسلمن‪،‬‬ ‫ويصنع اجلماعة اإلسامية فى السبعينيات‬ ‫ليضرب بها الناصرين والشيوعين‪ ،‬ثم تدور‬ ‫الدوائر فيساند السلفين (ويجندهم) ليضرب‬ ‫ب�ه��م اإلخ� ��وان امل�س�ل�م��ن ت� ��ارة‪ ،‬وي�ك�س��ر بهم‬ ‫«شوكة الكنيسة» تارة أخرى‪ .‬مستمتعا‬ ‫بعراك اخلصوم‪ ،‬أو باألحرى‬ ‫ب� �ص� �ن���ع اخل � �ص� ��وم� ��ة‪،‬‬ ‫م �ط �م �ئ �ن��ا للعبة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.