العدد 88
2019 / 3 / 18
لماذا عدنا
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية
طلعنا عالحرية 2
العدد -
2019 / 3 / 18 - 88
سنتان كاملتان مرتا عىل توقف طلعنا عالحرية عن الصدور يف آذار .2017 ومنذ حينها اكتفى موقع املجلة وصفحاتها عىل االنرتنت بنرش متابعات للمشكلة وتداعياتها والتي كان منها توقف املجلّة .وحتى هذه «املتابعات» ش ّحت وانعدمت بعد أسابيع قليلة. ورغم مطالبات تكررت للفريق القديم ،مل تنجح أو مل حل مناسب للقضية؛ تكتمل عدة محاوالت منه إليجاد ّ كإعادة اإلصدار أو حتى الوصول ملآل الئق للمرشوع. خاصة بعد أن استفتت املجلة جميع الصحافيني والكتّاب ّ الذين كانت لهم مشاركات يف املجلّة منذ صدورها عرب استبيان وصلهم بالربيد اإللكرتوين حول املشكلة وتداعياتها ومصري املجلة. ت ّم نرش نتائج االستبيان عىل موقع املجلّة ،وفيه قال 80باملئة من املشاركني إن الحادثة التي أمل ّت باملجلة متس املجتمع كلّه ،وال تقترص وتبعاتها هي قضية عامة ّ عىل الصحافة أو طلعنا عالحرية وحدها .كام ذهبت لنفس الرأي مجموعة من الناشطني وأصحاب الرأي الذين استفتيتهم بنقاشات شخص ّية عىل م ّر األشهر السابقة. تغيات كثرية وكبرية يف ظروف السوريني والثورة ورغم ّ لعل أبرزها يف هذا السياق السورية يف السنتني األخريتنيّ ، هو تفكيك املنطقة املحررة يف الغوطة الرشقية وتهجري يخص املجلّة يؤخذ باالعتبار الث ّوار منها قرسا ً ..ومبا ّ توقّف التمويل ،وإغالق املنظمة املس ّجلة يف كندا والتي تم إنشاؤها لغرض إصدار املجلة ،باإلضافة لقرب توقف املوقع والخدمات املأجورة املشابهة بسبب توقف الدفع.
كلمة
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة
رغم كل ذلك ،اتفقت دائرة صغرية من الزمالء عىل تول زمام املجلّة ملرحلة (انتقالية) أبرز ما فيها هو ّ إعادة اإلصدار بالطريقة املعتادة قبل توقّف املجلة، ويت ّم نرش اإلصدارات عىل موقع املجلة دون توزيع نسخ مطبوعة حتى حني. ومل ّا بدأ هذا الفريق الصغري مبراسلة الزمالء الستكتابهم ،ملسنا روحاً عالية ومتح ّمسة ،ال تشبه انعدام املبادرات يف السنتني املنقضيتني؛ حيث حورص املرشوع بني طرفني؛ أحدهام يتكلّم عن الظروف ويقف عندها .وطرف آخر يطرح الشعارات املحقّة املنادية بحرية الصحافة لك ّنه يفتقر لآلليات، وتصعب عليه املبادرة.. الروح الجديدة تقول إن املجلّة عادت وانترصت.. وهكذا! سأذكر هنا بواحدة من بديهيات الصحافة ،وهي أن املجلة ال تتب ّنى بالرضورة آراء ما ينرش فيها. للمجلة خط عام .نعم؛ «حرية – كرامة – مواطنة»
يرشفها أن تنحاز له ،وهي تعلنه عىل كل غالف مثلام تعلن البديهية السابقة .وعن مسألة انتصار املجلة بعودتها أو انتصارها بغض النظر عن عودتها ..أتركها تخص طلعنا برسم من يرى أن القضية عامة ،وال ّ عالحرية وحدها. وبناء عىل ذلك ،يوجه الفريق الحايل دعوة مفتوحة للمهتمني ،ملناقشة املوضوع ،واملبادرة القرتاح مآل الئق للعمل عليه .سواءا ً مبتابعة العمل يف هذا املرشوع أو حتى بإعالن إنهائه ،أو بأي طريق ينشد الحقيقة والعدالة وكرامة املهنة وأصحابها. --ال ب ّد من اإلشارة -مع شكر وتحية كبريين -ملجموعة الزمالء املشاركني يف هذا اإلصدار الخاص والروح اإليجابية التي أبدوها ،والتي جعلت بعض الزمالء يتذكر األيام األوىل لطلعنا عالحرية وكذلك لثورة الكرامة وهي تطوي عامها الثامن.. الثورة التي بسببها طلعنا عالحرية!
www.freedomraise.net
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت
املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير
facebook.com/freeraise
املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد
freedomraise@gmail.com
تنويه:
نصار أسامة ّ
twitter.com/freedomraise info@freedomraise.net
ترحب املجلّة مبشاركات القراء والزمالء الصحافيني واإلعالميني ،علامً أن العمل اآلن تطوعي وال توجد مخصصات أو مكافآت مالية.
ديني ..علماني ..خذالن مزدوج !
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
يف محنتنا التي اختربناها ،كان غريباً أن يك ّذب املتطرفون ترصيحي مبسؤوليتي عن نرش املقال ،وذلك رغبة منهم يف ذبح أسامة! بينام صدقت غالبية شلل العلامنيني ومنظامت “املجتمع املدين” نفس الترصيح! وذلك ..يك يغتالوين. الجانبان أرادا كبش فداء ينحرونه ..الجانبان أرادا االنتقام! مل يقترص الظلم الذي عانيته خالل هذه املحنة وبعدها عىل التمييز الطائفي واعتباري ابنة أقلية كافرة تعبث باملعتقدات اإلسالمية ،فعىل الجانب اآلخر مل تكن “األقلية” أقل ظل ًام ،وال كان املعارضني “املثقفني” أقل حامقة ،فعنجهيتهم “العلامنوية” ال تستوعب وال تفهم موقفاً يساير املحظورات الدينية حتى لو جاء حقناً للدماء. ال أريد أن أسهب يف استعراض مظلومية خاصة من الصعب نقل تفاصيلها الدقيقة، لكن من املناسب أن نتحدث عن أزمة عامة تعانيها النخب السورية .أزمة كره املثقفني لبعضهم البعض ،أزمة الغرق يف الذاتوية ،وأزمة انكفاء املؤسسات املتس ّلقة عىل أكتاف السوريني عن القيام بواجباتها ،أزمة انشغالها املفرط باملنح والجوائز، أزمة جبنها ووجع خذالنها لكل من يحتاج إىل دعمها. كنت قد قلت سابقاً يف حديث مع أحد املواقع ال أعرف إن كان قد نرش أم ال إن البقية يف صفحة ...8
مقاالت
عندما قمنا بنرش مقال الكاتب شوكت غرز الدين “يا بابا شيلني” يف العدد 86من مجلتنا “طلعنا عالحرية” قبل نحو العامني ،ثارت زوبعة مفتعلة إىل ح ّد كبري ،يبدو أنه قد تم تضخيمها من “أصدقاء” قبل األعداء! ومل يكن كافياً نرش اعتذارين وسحب املقال من املوقع اإللكرتوين للمجلة ،فلقد وجدت نفيس مع تطورات األحداث املتسارعة ومن موقعي املهني أمام موقف أخالقي دعاين إىل تحمل املسؤولية الكاملة عن هذا “الخطأ” وذلك بدافع حامية كوادر املجلة يف الغوطة الرشقية التي كانت خاضعة لسلطة مستبدة “جيش اإلسالم” ،هذه السلطة التي نصب قادتها أنفسهم “خلفاء الله يف األرض”. مل أتخيل يومها للحظة واحدة أن “أصدقاء” كرث إضافة إىل عدد محدود من زمالء العمل سوف يتلقفون هذا اإلعالن لـ “إدانتي” فعلياً ولتقدميي كبش فداء والتضحية يب دون رفة جفن. بدأت األصوات تتعاىل مطالبة بتحمييل املسؤولية الكاملة ،وبدأ يردين الكالم الجارح من كل حدب وصوب ،من أناس اعتربتهم حتى ذلك الوقت أخوة وأصدقاء ورفاق درب .ورغم اتفاقي مع زمييل أسامة عىل رضورة خوض معركة ّ مرشفة ،وهو الذي كان مياالً إلعالن استقالة جامعية تشبه االحتجاج لكامل فريق املجلة ،إال أنني ضعفت وانهرت وأجربين خويف عىل األصدقاء يف الغوطة من جانب ،ومرارة الخذالن من جانب آخر عىل اتخاذ قرار االستقالة. مل تكن مجلة طلعنا عالحرية يوماً بالنسبة يل ،ولزمييل أسامة بالتأكيد، مجرد عمل أو وظيفة !..كانت تاريخاً للثورة والحلم ،وسنوات من العمل الطوعي الدؤوب ،كانت أيضاً تاريخاً من املعاناة واألمل.. الوجدان واألمل واألصدقاء الرائعني الذين عملنا معهم ،التنسيقيات التي كانت تقود النضال السلمي وتتوىل طباعة املجلة وتوزيعها عدداً تلو اآلخر ،األصدقاء الذين فقدناهم ..من استشهدوا ومن غيبتهم غياهب السجون وجيوش اإلسالم التي تريد أن تحاكمنا اليوم وتكمم أفواهنا ،وها هم “األصدقاء” ،بقصد أو بغري قصد ،يصطفون خلف هذا الجيش! مرت أيام ولحظات كاشفة وموجعة مثل كابوس ،أترفع عن الخوض يف تفاصيلها اليوم ،مثلام آثرت الصمت خالل عامني لرضورات السالمة لفريق الداخل ،وكم من مرة أجهشت وحيدة بالبكاء وأنا أرى ما تبقى من حلمي وهويتي يهويان عىل األرض ركاماً يشبه ركام الوطن. ومل تكن بيانات “االنصياع” التالية التي نرشها “فريق األزمة” الحقاً أقل إيالماً. كنت بأمس الحاجة آنذاك إىل التعاطف الصادق ،كان ميكن لكلامت قليلة من أصدقاء محبني أن تنتشلني من ضعفي ومن خيبتي ،اختفى األصدقاء وغابوا ،إنه بخل “املثقفني” املعروف واستكثارهم ،رمبا كان هذا سمة مالزمة ملجتمعات القهر حيث الكل يرتبص بالكل ..ال فرق يف ذلك بني متطرفني أو معتدلني ..متدينني أو علامنيني ،محافظني أو ليرباليني .يف مجتمع القهر وحدهم الطغاة والقتلة هم الناجون من قسوة املجاميع.
ليلى الصفدي
3
4
لماذا كان علينا أن نعود إليكم؟ آراء لسبعة ُكتاب سوريين عن معنى وجدوى العودة
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
كانت انطالقة “طلعنا عالحرية” يف أوائل عام ،2012من رحم لجان التنسيق املحلية يف الثورة السورية ،لتكون صوت الثوار األحرار ومنرباً حراً ألقالم السور ّيني بحرية من أيّ قيود مرجعية من سلطات األمر الواقع ،أو من بصوت ح ٍر عالٍ ” وهذا رقابة التيارات املتش ّددة املتعددة عىل األرض السورية ،وكان قرارها هو “أنا هنا ألعيش ٍ ما حدث عىل مدار 87عدد صدروا خالل خمس سنوات من عمرها. ُ اليوم بعد توقفنا عن الصدور منذ آذار /مارس ،2017نستعرض آراء سبعة من الكتّاب السور ّيني حول معنى وإمكانية عودتنا إليكم ملحاولة تقديم صحافة ترقى لتطلعاتكم وآمالكم ،ونحن عىل عتبة السنة التاسعة لثورتنا العظيمة بتضحياتكم .فكان هذا التحقيق.. طلعنا عالحرية – غسان نارص
استطالع رأي
الكاتب والباحث األكادميي يف العلوم السياسية والعالقات الدولية سالم الكواكبي( ،رئيس مؤسسة “اتجاهات -ثقافة مجلس أمناء ّ مستق ّلة” ،واملدير التنفيذي للمركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات يف باريس ،ورئيس منظمة “مبادرة من أجل سوريا جديدة”): إعالء مسألة حرية التعبري كهدف أسمى..يقول عبد الرحمن الكواكبي“ :ملّا كان ُ ضبط أخالق الطبقات العليا من النّاس أهم األمور، أطلقت األمم الح ّرة حرية الخطابة والتأليف واملطبوعات مستثني ًة القذف فقط ،ورأت أن تحمل َّ مرضة الفوىض يف ذلك خري التحديد؛ أل َّنه ال مانع للح ّكام ْأن يجعلوا ّ الشعرة من التقييد سلسلة من حديد ،ويخنقون بها عد ّوتهم الطبيعة ،أي الحرية”. أين نحن من هذا القول بعد أكرث من قرن عىل نرشه؟ يف حالة مزرية بالتأكيد .فاإلعالم العريب عموماً والسوري خصوصاً عاش قهراً وقمعاً طوال عقود ما بعد االستقالل .حتى ،وللمفارقة، ميكن القول يف حالة اإلعالم السوري بأ ّنه عرف نوعاً من الحرية النسبية إ ّبان االحتالل الفرنيس مل يعرفها بعد انقالب 8آذار (مارس) .1963
وبينهام ،ازدهرت الصحافة السورية يف فرتات الدميقراطية الجنينية وحتى يف ّ ظل االنقالبات العسكرية التي تتالت عىل البالد قبل صعود الشمولية إىل الواجهة ولغة الحزب الواحد وتهجني التعبري. لقد ش ّكلت مجلة “طلعنا عالحرية” ،كام عدد من وسائل اإلعالم الجديدة التي انبثقت عن جوع حقيقي للتعبري غري املقيد بعد انتفاضة ٍ ً صحية ونتيجة من ،2011جزءا من ظاهرة ّ النتائج اإليجابية لالنتفاضة .وخالل سنوات قليلة ،حظيت مبصداقية مهمة يف ّ ظل تجربة السور ّيني السلبية مع صحافة حكومية أو خاصة مت ّيزت بالخطاب الخشبي وإضافة إىل ّ أ ّنها مارست الكذب والتضليل والنفاق طوال عقود .وكان ملا سامه البعض بالصحافة البديلة مجال واسع ميكن لها أن تخرتقه وتثبت أقدامها
فيه من خالل إعالء مسألة حرية التعبري كهدف أسمى .وقد ب ّينت التجربة ّ بأن هذا املشوار تع ّرض للكثري من الهنات البنيوية وكام أساء إليه ممولوه من حيث تفاوت نسب الدعم املرتبطة بأجندات سياسية معينة. االستبداد وتكميم األفواه صارا يف الفعل السوري منطان لعقليات وليس فقط ألنظمة. فكثري ممن ادعى وص ًال باملعارضة مارس قمعاً شبيهاً وأحياناً أقىس ض ّد حرية التعبري وض ّد ّ كل من خالفه بالرأي .وتصري هذه املامرسات أشد وأقىس عندما تستند إىل مرجعية مقدسة .لقد تعرضت الصحافة الجديدة يف سوريا إىل قمع وعنف “ذوي القرىب” إن جاز التعبري ،وهو أشد مرارة من ظلم الظامل الرسمي واملتعارف عليه. فعدد اإلعالميني الذين قتلوا واعتقلوا يف مناطق تسيطر عليها فصائل إرهابية أو /ومتطرفة يشكل خطراً ماحقاً لحرية التعبري التي ثار بعض السور ّيني من أجلها. مربوك العودة واالستفادة من اللجوء ! كواحة حرية للتعبري بعيداً عن املحر ّمات املدمرة للفكر ولإلبداع مهام كان مصدرها :سلطة سياسية مستبدة أو سلطة دينية ظالمية أو حتى سلطة اقتصادية متحكمة.
العدد - 88 - 2019 / 3 / 18
عىل صفحاتها أسئلة املنكوبني ،وتساؤالت التواقني للحرية والخالص .يدفعها الحس النقدي إىل معاينة الوعي السوري املهجوس بالتغيري ،والذهاب نحو أقىص ممكنات البوح بال قيود ،وتسليط الضوء عىل حيوات ومطارح وهوامش ،تعكس املخاض السوري يف تح ّوالته الكربى ،ما بني عوامل الحرب والحصار ،وما حفرته محنة السور ّيني من دروب اآلالم واألمل. “طلعنا عالحرية” مل تكن مرشوعاً ينزف حرباً بال مثن ،وال مرشوعاً لتدوير الكلامت يف فضاء الال معنى ،ولذلك دفعت رضيبة باهظة عىل مقصلة إسكاتها .ليس عقوبة عىل مقالٍ تجاوز حدود املمكن ،بل أل ّنها أغضبت برسالتها الخارجة عن سلطة اإلذعان ،تلك العقول التي ورثت أزمنة االستبداد وتشوهاته ،وأقامت محاكم التفتيش باسم سلطة القضاء ا ُملكبل بأوهامها وقيودها. اليوم تعاود “طلعنا عالحرية” صدورها ،وهي أكرث مراساً وأشد رسوخاً مبا تؤمن به ،ويف ّ ظل حاجة سورية ُم ّلحة ،ألصوات حرة ومستقلة، تكابد دفاعاً عن الحق املقدس يف حرية الرأي والتعبري ،ومن ض ّمخت أنفاس الحرية رسالتهم النبيلة ال يعرفون دونها سبيال. ّ كل التقدير ملن رفضوا تغييب “طلعنا عالحرية” ،وإسكات دورها يف نرش الكلمة الراعفة بالحق والحقيقة ،والدعم إلرصارهم
استطالع رأي
الكاتب والروايئ عبد الرحمن مطر (مدير مركز الدراسات املتوسطية “نورس”) الحرية أوالً ..ودامئاًيبدو املس ّمى اليوم ،ال لبس فيه ،وال ّمثة تفسري آخر له“ :طلعنا عالحرية” .يف املرة األوىل تعني خطاب السور ّيني :حالتهم وتوقهم األبدي. ويف الثانية اختصت بحالة املجلة التي منعت لقرابة عامني من العمل والصدور ،عامني من الحرمان املجحف بحق املجلة وكادرها .وهو حرمان ال ميكن ألحد وضع أيّ توصيف يشتمل عىل املشاعر التي أملت بفريق العمل ،قبل القراء ومتابعي املجلة .هذا الشعور ،يف غالب األحيان تخون فيه العبارة ،العربة ،واألمل .ومن مل يكتو مبثل هذا الحرمان ،ال ميكنه أن يقف عىل هذه الحالة املريرة :الحرمان من الحرية، ومن حرية التعبري معاً. بال أدىن شك ،كان قرار إيقاف “طلعنا عالحرية”، مبا فيها األحكام التي لحقت برئيسة التحرير وكاتب املقال ،هو مخالف للقواعد القانونية املتعارف عليها ،وفقاً للرشعة الدولية لحقوق اإلنسان ،وهي قواعد آمرة ،باعتبار حق التعبري، والحريات املتصلة به ،هو حق أسايس ،ال يجوز حجبه ،أو الحيلولة دون مامرسته بأيّ وسيلة كانت مبا فيها القضاء ،ومهام تكن األسباب. مبا فيها السبب الذي ذهبت إليه محكمة
“جيش اإلسالم” قبل زوال منظومته وتفككها: أي التعرض للدين اإلسالمي “اإلساءة للذات اإللهية” .وهو رأي ُبني وفقاً لتفسري وفهم مجموعة تحتكم إىل السالح. ليس من حق أحد مصادرة حرية التعبري ،وهي حرية غري محدودة ،مرتبطة باملسؤولية ،وال سقف لها .وليس يف الدين اإلسالمي ما يح ّد منها ،وال يف أيّ دين أو رشعة أخرى ،وليس من حق أيّ سلطة كانت سياسية أم اجتامعية أم خاصة يف حالتنا دينية ،يف أيّ زمان أو مكانّ ، السورية .التعدي عليها وانتهاك حقوق األفراد والجامعات بذلك ،هي جرمية كربى. لقد خرج السور ّيون من أجل الحرية ،ويف سبيلها ما تزال التضحيات ترتَى ،ويف مقدمها حق التعبري :القول والكتابة ،املكاشفة ،قول الحقيقة ،كشف الفساد ،وتعرية االستبداد. مبارك لنا جميعاً استعادة الحرية“ :طلعنا عالحرية” من جديد! الكاتب واملحامي الفلسطيني السوري أمين أبو هاشم (املنسق العام للتجمع الفلسطيني السوري الحر “مصري”): صوت الحقيقة يف مواجهة ثقافة الخوف..منذ صدورها ولغاية توقفها بحكم قضايئ مجحف ،أكدت مجلة “طلعنا عالحرية”، انتامءها إىل الصحافة املستقلة ،وأخذت مكانتها املتميزة ،كمنرب مفتوح أمام أصحاب اآلراء واألقالم الحرة .مل تحد عن رسالتها يف تنمية ثقافة مجتمعية ،تؤمن بحرية الرأي والتعبري وتنافح يك تكون صوت الحقيقة يف مواجهة ثقافة الخوف والتعمية .متسكت طيلة الخاصة يف أعدادها السبعة والثامنني ،بهويتها ّ زمن السري بني حقول األلغام ،وحافظت عىل املوضوعية يف تناول قضايا وهموم الناس، دون أن تهادن أو تجامل عىل حساب مسايرة النزعات الغاشمة .شقت طريقها بال كلل ّ وبكل إرصار عىل اجرتاح أفكار ورؤى مستنرية ،فأثارت
5
6
لماذا كان علينا أن نعود إليكم؟
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
عىل استمرار صوتها الحر رغم تعدد وتعسف الرقباء...
استطالع رأي
الكاتب والصحايف حافظ قرقوط: سوريا بحاجة إىل اإلعالم الحرّإن القرار الذي صدر بحق املجلة واعتباره حينئ ٍذ قراراً قضائياً كان أمراً مؤسفاً من تسلط حكم األمر الواقع ،وقد جاء بعد تقديم مئات آالف الشهداء يف سبيل حرية سوريا ،لقد عشنا عقوداً عجافاً من حكم الديكتاتورية العسكرية وتسلطها عىل ّ يخص حياة كل ما ّ الناس ،ومصادرتها ّ لكل الوسائل اإلعالمية وإبقائها ناطقة باسم السلطة ومسوقة لها فقط ،والجميع يدرك ّأن نظام األسد كان يخون ّ كل من ال يتوافق مع رأيه ،وإذ بالسور ّيني بعد الثورة تتحكم بيومياتهم دكتاتورية جديدة تتسرت بغطاء الدين لتفرض أمراً واقعاً تعطي صكوك اإلميان والكفر عىل طريقة األسد مبا يحقق مصالحها. بغض النظر عن مضمون أيّ مقال إن كنا نوافق كاتبه أم ال ،علينا أن نتعود بأ ّنه مجرد وجهة نظر شخصية ميكن مقابلتها بالكلمة ال بسلطة قانون يحتمي بسالح وسجون قوة األمر الواقع ،فالتلطي خلف مفردات دينية ال يعني ّأن القامئني عليها يتمتعون بصفة الحق والعدل
واإلنصاف ،اآلن من يحاسب من تحكم مبعابر األكل واإلغاثة ومن أنشأ السجون ،كام تسببت حروبهم الداخلية كفصائل بوقوع العديد من الضحايا .لريحلوا أخرياً ويرتكوا الناس ملصريها. جاءت الثورة السورية لرد االعتبار إىل سوريا وإنسانها ووضعها عىل خارطة الفعل الحضاري الحر من جديد ،فتحكمت قوى األمر الواقع لألسف مبصري الناس وأفكارها وقوت يومها، وميكن القول ّإن املحاكم التي أنشأتها غري قانونية ألنها ال تتبع لدستور دولة كام محاكم األسد العرفية ،بل كانت اجتهادات مناطقية لتغطية عيوب أفعال داخلية بعناوين كبرية، وعىل الرغم من ذلك اضطرت هيئة تحرير املجلة لالنصياع لتلك السلطات وقدمت اعتذارها يف حينها خوفاً عىل كادرهاّ ،إل ّأن سلطات األمر الواقع كام النظام مهمتها إقصاء رشائح كبرية من السور ّيني وقد تابعت غيها بالوقوف بوجه أيّ عمل مدين ال ينضوي تحت عباءتها. سوريا بحاجة إىل اإلعالم الحر كحاجتها إىل الهواء وهو الذي ميكنه أن يساهم بتشكيل رأي عام سليم ويقف بوجه ّ كل أشكال الديكتاتورية ،فهي التي ذهبت مبجتمعاتنا إىل الجحيم ،مجلة “طلعنا عالحرية” شكلت حينها خطوة ضمن خطوات السور ّيني كان يجب أن تبقى وتط ّور نفسها ككل التجارب ،تخطئ وتصيب وتنمو وهذا طبيعي لرناكم النجاح، والخطأ هنا بكلمة أو تعبري وليس برصاصة قاتلة. الكاتب واملحلل السيايس أحمد مظهر سعدو: الوقوف يف وجه ّكل أنواع الطغيان.. مل يكن خروج الشعب السوري يف ثورته أواسط آذار /مارس ّ 2011إل يف مواجهة العسف األسدي ،وكم األفواه وكبت األنفاس
التي عمل عليها املقبور حافظ األسد ،ثم تبعه ابنه بشار ،فكانت ثورة الشعب السوري ثورة الحرية والكرامة ،ومل تكن ثورة الجياع ،كام كانت سواها يف غري مكان من العامل .لقد رأينا كيف كانت دموع الفرح السوري تنهمر ،بينام يجد نفسه (هذا السوري) املقموع واملمنوع من إمكانية الكالم أو التعاطي بالسياسة خارج مسموحات النظام ،وبعيداً عن محدداته ذات التابعية ،واالرمتاء يف أحضان الدجل البعثي، واملديح البائس ،لذلك فإن الشعب السوري يدرك أهمية أن يتحرر من العبودية ،وميلك فاعلية الخروج يف مواجهة القمع األسدي، ليكرس حاجز الخوف ،ويحطم ثقافة الخوف التي طاملا منعته ولجمت حراكه وتعبرياته ،إال عرب الرموز والرمزية املفرطة ،التي دأب عىل التعاطي بها ّ كل من يعاقر السياسة يف سورية. كانت دموع الفرح تنهمر من مقلتيه ،وهو يعيش حالة االخرتاق القوية لحاجز الخوف. فهل ميكن وهو كذلك أن يقبل مبامرسات قمعية أو الجمة للحرية ،من أيّ جهة كانت حتى لو كانت بأسامء شتى ،أو ممن يدعون االنتامء للثورة؟ ّ بكل وضوح وتأكيد نقول ال ،ألن من وقف يف وجه الطاغية ،سيقف يف وجه ّ كل أنواع الطغيان ،ولن يسمح لثلة
7
العدد - 88 -
الكاتب والروايئ ضاهر عيطة: االنتصار عىل االستبداد الديني والسيايسأن تتحكم بالفكر والحرية ،جهات تفرتق متاماً عن مثل هذه القيم السامية ،و أال تتحسس وجودها وكيانها ،إال إذا ما متاهت مع القمع واالستبداد والغيبيات واألساطري ،نكون أمام مأساة حقيقية ،تخطط لها جهات خارجة عن نطاق العقل واملنطق ،فام اتخذ من قرارات بغرض إيقاف مجلة “طلعنا عالحرية” حينام
2019 / 3 / 18
ينتج عن هذا الرأي رضر ّبي (رصيح) وأك ّرر مبقياس عامة الناس عرب العصور واملجتمعات، وليس مبقياس فئوية عقائدية دينية مهام كربت! أو مبقياس فرتة تاريخية مهام تطاولت! الجواب الرصيح عىل ذلك :ليس ّمثة رضر يرتتب عىل أيّ إنسان بسبب قول أو نرش تبنّي هكذا آراء. هذه أمور تحتمل االختالف وال ينبغي للدولة أو السلطة مبعناها االعتباري إلزام الناس بأيّ رأي مخصوص بها. عىل النقيض مث ًال من قول أحدهم :يجب منع املساجد أو الكنائس أو يجب عدم توظيف املسلمة املحجبة أو قول أحدهم ّ بأن دين رئيس الدولة يجب أن يكون حرصاً اإلسالم أو املسيحية مث ًال.
أصدرت ما عرف بـ(محكمة بداية الجزاء الثانية) يف دوما يف الغوطة الرشقية بتاريخ ّ 11متوز (يوليو) 2017قراراً بشأنها ،بحجة اإلساءة للذات اإللهيةّ ،إنا كان أصحاب هذا القرار يتخيلون تلك اإلساءة وقد طالتهم هم، بوصفهم أشباه آلهة عىل األرض ،وهم الذين تتلمذوا وتخرجوا من مدارس وسجون األسد، وقد أصبحوا يف خرب كان ،حاملا انتهت مهمتهم، فكيف باإلمكان االحتكام لجهات من هذا النوع ،تتمتع ببنية عقائدية وفكرية ،تعادي يف أساسها الحرية والعقل؟ بينام املنطق يقولّ :إن الرد عىل الحجة ،يكون بالحجة ،وليس باإللغاء، ذلك اإللغاء الذي يثبت ّأن الطرف الذي اعتمده ،ال يستطيع البقاء إال بإعدام الطرف اآلخر ،متاماً كام هو منطق نظام األسد ،ومن هنا ليس مصادفة أن يعادي “جيش اإلسالم”، الذي كان يتحكم بحياة الناس يف غوطة دمشق ،ما كان ،وما زال يعاديه نظام األسد، فكالهام يرى يف ذاته آلهة تستمد وجودها وكيانها ،من خالل استعباد الناس ،وإعدام عقولهم وحريتهم. وحينام تولد مجدداً مجلة “طلعنا عالحرية”، وتعاود تنفسها من تحت الركام ،إمنا يعني ذلك ،انتصارها عىل االستبداد الديني والسيايس، املنايف لجميع القيم واملعاين اإلنسانية والفكرية.
استطالع رأي
هنا أو هناك مبنعه من التعبري عام يجول يف مخياله ،وليس هناك من إمكانية للقبول مبن يهدر إنسانية اإلنسان أو يكم األفواه ،و ُيغ ِّيب من قالوا بالعمل من أجل كشف املستور، وفضح (عرب التوثيق املنهجي)ّ ، كل ما هو مانع للحرية ،وحاجز لها ،ومن ُيغ ِّيب رزان زيتونة ووائل حامدة ورفقاءهام ،ليس غريباً عنه منع صحيفة جاءت لدعم الحرية والكرامة ،ومن ثم منعها من الصدور تحت ذرائع شتى ،غري مقنعة ألحد. الكاتب والشاعر حمزة رستناوي: يف حدود حرية التعبرياألصل يف الحياة هو الحرية ،والتقييد يجب أن يكون لرضورات يقبلها عامة الناس عرب العصور واملجتمعات ،أو ما سوف نصطلح عىل تسميته “مرجعية البداهة الحيوية الكونية للمصالح املشرتكة” وفقاً لنظرية املنطق الحيوي. أولوية الحياة مث ًال سابقة ألولوية الحرية فالخوف عىل حياة صحفي يف ظروف صعبة معي، معينةُ ،ي ّربر متام االمتناع عن نرش مقال ّ كان من ح ّقه يف الظروف االعتيادية كتابته ونرشه دومنا قيود ،وهذا ما حدث متاماً يف قضية مجلة “طلعنا عالحرية” عام 2017 والحكم الصادر غيابياً بإيقافها وسجن الكاتب مع رئيسة التحرير. لنفرتض ّأن شخصاً قال أو صحفياً كتب مقاالً يتضمن رأيه يف عدم وجود الله أو ّأن محمد ليس نبياً ،أو ّأن الصحفي أعلن براءته من اإلسالم ،أو ّأن القرآن مجرد كتابة برشية ،أو ّأن عيل بن أيب طالب ليس إماماً ،أو أن أبو بكر الصديق ارتكب خطأ فيام ُيسمى “حروب الردة” مث ًال! أو ّأن املسيح شخصية غري حقيقية، أو ّأن آدم مجرد أسطورة ..إلخ. هنا يجب أن نسأل أنفسنا السؤال التايل :هل
رحل جيش اإلسالم.. 8
وستبقى طلعنا عالحرية
ديني ..علماني.. خذالن مزدوج ! ليلى الصفدي
نبيل شوفان
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
مقاالت
بدون مقدمات ،أصبح من املؤكد أن ما يسمى “جيش اإلسالم” مل يكن ميتلك أجندات وطنية ،وال حتى إسالمية ،بل كانت أجنداته سياسية ومن النوع ضحوا بحيواتهم الضيق ،وقودها شباب الغوطة الذين ّ معتقدين أنهم يعملون ملا فيه خري البلد ،لكن عىل األرض كنا نرى مامرسات جيش اإلسالم غري األخالقية، وغري الوطنية ،والبعيدة كل البعد عن واقع الثورة ،هي السمة األبرز لحقبته هناك ،وكنا نصمت ،خائفني من فضح أنفسنا ،وكأننا إذا كشفنا مامرساته سنتحمل ذنب فشلٍ محتمل للثورة ،عل ًام أن صمتنا أدى عملياً إىل فشلنا ،وأدى بأولئك إىل تغليب مصالحهم الشخصية الضيقة عىل مصلحة الوطن ،حني مل يعد لديهم خوف من رقيب ،أو ناقل لحقيقتهم. لقد رأى كل الصحفيني السوريني صورة قائد جيش اإلسالم بعد خروجه من الغوطة الرشقية ،وهو من مل ينترص يف أي معركة ،اللهم سوى معركته ض ّد القلم ،حني أغلق بيوم من األيام مجلة “طلعنا عالحرية” بداعي تأثريها السلبي عىل املجتمع ،كيف له أن يقرر بصفقة مخابراتية إقليمية ،االنسحاب من غوطة دمشق إىل تركيا ،ليفتتح هناك سلسلة مشاريع تجارية ،تاركاً وراءه كل هذا الخراب ،وآالف املدنيني الذين اضطروا ملصالحة نظام ثاروا عليه ،وآالف الشباب الذين سيقوا إىل الخدمة العسكرية اإلجبارية ،أي خيانة هذه؟! وكيف للمدافعني عن اإلسالم أن يختزلوه ويخترصوه بالدفاع عن أشخاص متد ّنني كهؤالء ،وجامعات ومنظامت ليس لها من اإلسالم سوى األسامء! لست شامتاً ،وال أحاول التشفي بهذا الجيش ،وال بقادته ،لكن قبل عامني وقبل أن يقوم جيش اإلسالم يف الغوطة الرشقية بإغالق مجلة طلعنا عالحرية ،مل أكن يف هذه الصحيفة بالذات أستطيع تناول جيش اإلسالم بهذه الطريقة لسببني ،أصبح بينهام ارتباطاً وثيقاً؛ األول هو أن جيش اإلسالم كان سيغلقها منذ البداية، فكان الكتاب يراعون وضعه كسلطة أمر واقع ،وبالتايل فإن نقل جزء من الحقيقة أفضل من عدم وصولها إىل هناك ،ما ُأدرك الحقاً أن السكوت عن تفاصيل، يف سبيل الحفاظ عىل العناوين ،خلق طبقات من التجاهل والنكران ،حالت بني الشعب السوري وبني
معرفته الحقيقة ،وك ّرست هذه الطبقات فيام بعد جه ًال كام ًال بطبيعة هذه املجموعات املسلحة ومن يديرها، وماذا كانت متلك من مال وأسلحة ومخازن غذاء ،يف منطقة منكوبة كالغوطة ..أغرقتنا تلك التفاصيل التي مل يعرفها سوى الصحفيون ،ومعها غرقت عناوين الثورة وشعاراتهاالرنانة! حني تهرب الجيوش ،يعود أصحاب األقالم ،ليكونوا األقوى ،ليكملوا الطريق ،ليتعلموا من دروسهم السابقة ،ليطالبوا الشعب بالسري خلف عقله ،ال خلف عاطفته ،للوصول إىل التغيري املقصود ،نكمل نحن ما بدأناه ويتفرغ قائد جيش اإلسالم ملشاريعه التجارية يف اسطنبول الرتكية .إنه مشهد يؤكد أن من قال“ :الكالم أقوى من الرصاص” مل يكن يسفطط ،لذا فعندما يسكت الرصاص وتنفد الذخرية ،أو تباع األوطان ،تبقى الكلمة الحق فص ًال ،وتبقى الفكرة ،وتبقى الطموحات بوطن حر ،ودولة مواطنة ،تحفظ حق الحياة الكرمية للجميع بدون استثناء. بعد كل هذه التضحيات ال يجب عىل السوريني ترهيب أصحاب األقالم ،حتى لو فضحوا الحقيقة عارية ،وال يجب عىل أصحاب األقالم الخوف من إثارة غضب الشعوب ،بتكسري أصنامها وتابوهاتها ،وبالتايل محاباتها. الصحيح هو أن كل يف موقع مسؤولياته ،والحرب بني الدميقراطية والشمولية هي حرب تبدأ بذواتنا وال تنتهي بني الدول .إن الفقراء ما زالوا ميوتون ،والنخبة التي تجلس يف أماكن آمنة ،مل تضطلع مبسؤولياتها الحقيقية حتى اللحظة. لن نستغني عن أفكارنا ،وعن مبادئنا ،لصالح األجندات. إن بقع الضوء التي أنتجتها الثورة السورية ،عكرت وتعكر وستبقى َ الليل الذي يحاول الجميع فرضه عىل السوريني ،وإن أسمى ما ميكن للصحفي مامرسته، هو نقل الحقيقة؛ له أم عليه ،مبا ال يزرع الفتنة بني الشعوب ،أو الحروب بني األخوة ،فالكلمة مسؤولية كبرية ق ّلام يدرك حجمها مامرسو الشتيمة والتخوين والكذابون. رحل جيش اإلسالم ،وتعود اليوم صحيفة طلعنا عالحرية ولسان حالها يقول إنها غري قابلة لالندثار. هل سمع أحدكم برصاصة غاشمة اغتالت فكرة جيدة.
....تتمة من صفحة 3 التفاعل مع قضية طلعنا عالحرية ال يبرش بالخري، ال عىل مستوى الصحافة والصحفيني والناشطني، وال عىل مستوى الثقافة واملثقفني ،وال حتى عىل مستوى ما يسمى “املؤسسات املدنية” وال تلك املنظامت والهيئات التي تدّعي أنها تعمل من أجل حامية الصحفيني بالذات وصيانة حرية التعبري “املقدسة”. “التضامن” الذي حصل ،والذي تم استثنايئ منه، مل يتجاوز عتبة الكلامت ،وانفرط عقده بعد عودة “مؤسسات” الغوطة ملامرسة “أعاملها” ،وانتهى األمر دون أي مبادرة جدية أو دعوة ملموسة قد تعيد ماء الوجه للضحايا أصحاب القضية. كان من األنسب واألكرث احرتاماً أن يتم التضامن عىل مستوى املبدأ والقضية ،قضية الحريات وعىل رأسها حرية التعبري ،وذلك من دون االختباء وراء حجج واهية تتعلق مبستوى املقال مث ًال ،أو البحث والتنقيب عن املسؤول عن هذا “الخطأ”.. أو تقزيم القضية للتضامن مع شخص أسامة بعينه ،والذي يستحق التضامن وأكرث بكل تأكيد.. لكنه يستحق تضامناً يليق به ومبستوى قضيته. هي بضع كلامت كان ال بد يل أن أقولها ،رمبا تعيد للوجه ماءه وترمم يف الروح بعض االنكسارات، والغصات املخنوقة ال ميكن فالجروح العالقة ّ مداواتها إال بالبوح ،رمبا سيغضب البعض مام كتبت ..رمبا سأكسب أعداء جدداً فوق القدماء.. ال ضري يف ذلك فلقد أدمنا نحن السوريني العداء! رغم السوداوية اإلجبارية ،أريد أن أحرص يف الختام عىل أال يفوتني أن أشكر األصدقاء املعدودين ..الذين شعرت حقاً بتضامنهم وقلقهم، شكراً لوجودكم ولدعمكم ،أريد أن أخص بالذكر األصدقاء والزمالء الفلسطينيني السوريني الشباب الذين كانت مقاربتهم للمشكلة مختلفة متاماً، رمبا علينا أن نتعلم منهم فلقد صقلتهم تجربتهم الطويلة مع الظلم والفرقة ،كام أريد أن أشكر كل من ساهم وعمل من أجل أن يرى هذا العدد النور بعد صمت دام عامني كاملني.
مرة ُكنت؟ وكم ً كم ً مرة ُمتّ ،وولدت؟ 9
إبراهيم األصيل
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
مقاالت
ليس عدالً أننا نستخدم األ ّيام والسنني لقياس طول الثورات والحروب ،والحصار واالعتقال ،والحب والفقد والشوق ،فكل ذلك يأخذك لفر ٍاغ ُتبحر فيه وحدك يف عاملٍ يتضاءل فيه كلامت مثل “جرمية” دور الزمن .وليس عدالً أننا نستخدم ٍ لوصف قتل آالف األطفال ،أو “قصف” للحديث عن إبادة مدينة بأحالمها وس ّكانها .الزمن أضيق من الثورات ،وكثرياً ما تخذلك اللغة أمام جرائم الطغاة. يف سنواتنا الثامن ،حلمنا وكربنا بآمالنا حتى غدا الواقع عىل ثم متاهت الوجوه حتى تشابه شكل من نثق بهم الهامشً ، مع مالمح من يخوننا .وتداخلت الكلامت حتى أضحى أي رصاخ مبدأ ال يحتمل الجدل ،وتكاثرت اإلشارات حتى مل يعد لالتجاهات معنى .الهدف غامض والبوصلة ضائعة .فامذا تع ّلمنا بعد أن اقتتنا عىل أشهى أحالمنا؟ ال الر ّقة ألهلها وال عفرين ألهلها ،والغوطة وحلب ودرعا اغرتبت يف مكانها، وتخندقنا يف مواقفنا حتى غبنا عن سطح األرض. كان هدفنا أن نجعل من هذه األرض وطناً .والوطن ليس خبز التنّور وال قهوة الصباح وال كل هذه الرومانسيات عىل جاملها ،ولكنه املكان الذي ميلك فيه أهله حقوقاً متساوية، بغض النظر عن دينهم ودخلهم وعرقهم وجنسهم ،وحكومة منهم تعمل لخدمتهم وتحت رقابتهم .الوطن ليس الهمسات يف الحارات القدمية تحت ضوء القمر ،وال الطعام الشهي وال كؤوس الشاي ،الوطن عقد واتفاق يربط س ّكانه ببعضهم. نحن كسوريني مل نعش هذه التجربة التي تدعى وطن يوماً، طريق كان أشقّ هي فكرة يف مخيلتنا ،حملناها وسعينا لها يف ٍ وأطول من أسوأ كوابيسنا ،ولكن املحزن حقاً ،أننا تركنا من يخرج من بيننا ليقتل هذه الفكرة ويفرض ما يريد ،بالسالح وااليديولوجيا العفنة والتط ّرف. لسنا أول املظلومني وال آخرهم .الحياة ال تقف عند أحد ،مل تقف عند رحيل غياث مطر أو يحيى رشبجي ،مل تقف عند اختطاف رزان زيتونة أو سمرية الخليل ،وال يف تهجري أهل حمص وال حلب ،ولن تقف ال يف شامل سوريا وال جنوبها. الحياة ستميض وتكمل طريقها معنا أو بدوننا ،غري مكرتثة مبيزان الحق والباطل ،أو بالضحايا أو املخطوفني .البرش هم من يحملون امليزان ،وهم من يناضلون ألجل قضاياهم. إذا كان لهذه القصة بقية ،فنحن من يكتبها ،وعندما نروي قصة أحالمنا ،ونعيد هتافات ضحايانا ،ونطالب مبعرفة مصري معتقلينا ومخطوفينا ،فكل هذا ألننا ال نريد أن متيض الحياة بدوننا ،وبدون العدالة ملن أحببنا وشاركنا الحلم وقدّم له كل يشء. لنسأل أنفسنا :كيف سنميض يف هذه الحياة نحن السوريني داخل بالدنا وخارجها؟ أمامنا خياران ال ثالث لهام :إما أن
نكمل الرحلة الشاقة فرادى ،أو نكملها كمجموعة؟ إ ّما أن نبصم عىل أوراق فنائنا، أو أن نوقن بأنه ال ب ّد لنهرنا من أن يشقّ مجراه يف هذا الصخر .وإذا كانت الثانية، فالبداية تكون ّ بأل ننىس مطالبنا وال نساوم عىل أيٍّ من مبادئنا .مل يعد هناك ما نخرسه ،لنقل بوضوح عن امليليشيات التي اعتقلت وعذبت من الناشطني ما استطاعت واختبأت خلف علم الثورة يك نصحح مجرى تاريخنا ،لنذكر مخطويف دوما وكيف كانوا رمزاً للغدر بالثورة وأهلها واغتيالها من الداخل ،ولنعمل عىل الوقوف عىل أرجلنا أينام كنّا ،ليعلم من حولنا أننا ما زلنا هنا ،وليعلم طاغيتنا أننا كالشمس تطلع بشغف الوجود كل صباح. ّ تكس عاد محاوالً، ام ل ك املوج، كعناد ولكن افئ، ر امل تلفظه ني ،وبني ُمبح ٍر ّ متزّقنا بني سج ٍ يوقن أن الشواطئ امتداد البح ِر ال ال ّرمال. تبقيك عندما تعبت ،وال جدار تستندين عليه ،فاجمعي ما تناثر من أحالمك ،وحدها ِ ِ الجمع إلفنائك. يسعى ُ
عمل للفنانة دمية نشاوي
10
المرأة السورية زمن الثورة والحرب في ثالثة كتب طلعنا عالحرية
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
الكتاب األول بعنوان “تسع عرشة امرأة – سور ّيات يروين” للكاتبة والروائية السورية سمر يزبك املقيمة يف باريس .وهو صادر مؤخراً عن ويضم مجموعة “منشورات املتوسط” يف ميالنو، ّ حوارات كانت أجرتها صاحبة ّ “املشاءة” مع خمس وخمسني امرأة يف البلدان التي َ لجأن إليها :تركيا، فرنسا ،أملانيا ،كندا ،لبنان ،بريطانيا وهولندا، وكذلك يف الداخل السوري .لكنها اختارت منها تسع عرشة شهادة فقط ،بسبب الشبه املتكرر يف تجارب النساء ،والذي يظهر جزءاً من الجحيم الذي قاومنّه بشجاعة يف سوريا ،وهو جزء من جحيم تعيشه النساء يف العامل العريب ويف مناطق أخرى من العامل ،فكانت األولوية يف االختيار ملسألة التن ّوع الجغرايف السوري ،لتشكيل مشهدية أوسع عن الذاكرة. إىل الحفيدات“ :مل نغلق الباب وراءنا ،ومل نرتكه للريح” بدأت سمر يزبك كتابها بإهداء مؤمل يرسم ما آل إليه حالنا بعد مثانية سنوات من هذه الثورة املجيدة ،اليتيمة ،إذ كتبت“ :إىل حفيداتنا وأحفادنا :كنا نتطلع إىل قامة مستحيلة ،اسمها العدالة ،مل نغلق الباب وراءنا ،ومل نرتكه للريح!”. اشتغلت صاحبة “جبل الزنابق” عىل توثيق الذاكرة السورية يف كتابيها “تقاطع نريان” ،و”بوابات أرض العدم” .ويشكل كتاب “تسع عرشة امرأة” الجزء الثالث من شغلها عىل هذه الذاكرة. عن اشتغالها عىل هذا الكتاب تقول يزبك“ :ذهب هاجس السؤال عندي إىل مسؤول ّيتنا كأفراد يف تك ّون ذاكرة حقيقية وفعلية ،مضادّة لتلك التي تسعى إىل تربير الجرمية ،ذاكرة قادرة عىل تثبيت رسد ّية موازية تنصف قضيتنا العادلة ،و ُتظهر جزءاً من الحقائق ساطعاً وبليغاً .لقد رأيت ّأن أساس البدايات هو التّحديق والبحث يف صورتنا ا ُملفرتضة كهوية جمعية ،وتفكيكها ،ومكاشفتها .ببساطة كانت هذه ال ّذوات التي ش ّكلتها النساء جزءاً من ذلك البحث املحموم الذي قادين إىل التّحديق املهول يف تلك الهوية”. تشدّد صاحبة “صلصال” ،عىل ّأن “هذا الكتاب هو أحد طرائقي يف املقاومة ،وجزء من إمياين بدورنا كمث ّقفني و ُكتّاب يف تح ّمل مسؤول ّيتنا األخالق ّية والوطن ّية تجاه العدالة وإنصاف الضحايا ،والتي ّ يتجل أهم وجوهها يف حربنا ضد النسيان”.
انخرطت املرأة السورية يف الثورة منذ رصخة الحرية األوىل يف آذار /مارس ،2011متحدية بجسارة قل نظريها مخاطر القمع والقتل اليومي يف ميادين الحراك السلمي كافة .وعىل مدار مثاين سنوات كانت ثورتها ضد النظام الحاكم وضد كل السلطات واملامرسات والقوانني التي قيدتها وأهدرت كرامتها يف العقود الخمسة املاضية ،لكن مع موجات القمع الدموي ً الذي طاول جميع املحتجني يف كل املناطق السورية ،وجدت نفسها تصارع مصرياً مجهول يف السجون ومخيامت اللجوء والنزوح ،أو تحت سامء الوطن النازف لتكون الخارس األكرب يف هذه الثورة التي ح ّولها الطغاة والغزاة إىل حرب طاحنة. عن هذه الحرب التي كلفت نساء سوريا أمثاناً فادحة ،وعن نضاالت وعذابات النساء السوريات التي ح ّول القتلة آمالهنّ إىل آالم ،صدرت يف السنوات املاضية عدّة كتب وثقت لدورهنّ ومكانتهنّ وتضحياتهنّ “ ...طلعنا عالحرية” اختارت ثالثة من هذه الكتب الستعراضها ههنا..
نقرأ من الكتاب ،الذي جاء يف 280صفحة من القطع الوسط ،شهادة جاء فيها“ :يف اليوم األخري وقبل خروجي النّهايئ من حلبُ ، أردت إيصال معونات غذائ ّية إىل مجموعة عائالت ،كانت عىل وشك املوت جوعاًُ . كنت أركض يف منطقة فيها ُ ْ سقطت فرأيت س ّيارة مشتعلة إثر قذيفة قنّاصة، ُ ّ عليها ،وفيها ناس يحرتقون .مل أتوقف ألسعفهم، فقد كانوا موىت ،وأنا أعرف ّأن هناك أطفاالً ُ وصلت إىل مكان وجود جائعني يف انتظاري .عندما العائالت ،وقبل أن ُأس ِّلمها ّ ْ سقطت قذيفة الطعام، فوقنا .يف الدّقائق العرش األوىل ،مل أ َر سوى الدّخان ثم بدأ ما حويل يتّضح شيئاً فشيئاً من األسودّ ، عشت من جديد! ُ ُ وقلت يف نفيس: جثث وأشالء. ُ يا للكارثة! لقد ُ أمضيت ثالثة أرباع الساعة عشت! أبحث عن سيارة لنقل الجرحى .كان املصابون ُ حييت! مات الجرحى ُك ُثاً .لن أنىس ذلك اليوم ما أمامي ،ومل أستطع إنقاذهم .كانوا أفراد عائالت جائعني ،تح ّولوا فجأة خالل دقائق أشالء متناثرة أمامي! حدث هذا يف َح ّي “أغيور” يف ّ الشهر الحادي عرش من عام .2016حتّى اآلن ال أصدّق كيف بقيت عىل قيد الحياة .لقد خرجت عرشات
امل ّرات من تحت األنقاض وال ّركام وانتشلت جثث أصدقايئ”. موجع وصادم ،وهو وثيقة مهمة لتوثيق الكتاب ُ ٌ كاتبة وروائية جريئة ،ال تعرتف بالخطوط الحمراء، شهادات لنساء كنّ شجاعات وصادقات حتى يف رواية “سقطات” الثورة ،وكل من تاجر بها وليس النظام فقط ،ما يجعل من تلك الشهادات الجحيمية ،والتي يصعب تصديقها أحياناً ،رسد ّيات موازية ال تربئ أيّ طرف مام حدث يف سوريا، التي صارت أكرب مسلخ برشي يف العامل يف العرص الحديث. “إىل أن قامت الحرب” ..شهادات ضد االستبداد والطغيان الوطني جوالن الحاجي الكاتب والشاعر واملرتجم الكردي السوري ،املقيم يف فرنسا ،عمل هو اآلخر عىل موضوع النساء يف الثورة السورية ،من خالل تجاربهنّ ،ومآسيهنّ ،وشجاعتهنّ ،وإحباطاتهنّ ، ومفاهيمهنّ ،وآمالهنّ ،التي كثرياً ما قادتهنّ إىل معتقالت النظام واملوت تحت التعذيب. “إىل أن قامت الحرب -نساء يف الثورة السورية” كتاب جاء يف (دار رياض الريس – بريوت /لندن)ٌ ،
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
213صفحة من القطع املتوسط ،وهو مثرة عمل دؤوب ،جامع ،متعدد ،يتناول شهادات لنساء سوريات ،ال يذكر الكاتب أسامءهنّ الحقيقية، عن حياتهنّ ومشاركتهنّ يف الثورة السورية ضد االستبداد والطغيان الوطني ،قبل أن تتح ّول إىل حرب طاحنة تغذيها قوى إقليمية ودولية ما جعلها مستمرة حتى اآلن. أساس الكتاب عبارة عن شهادات ومقابالت أنجزتها منظمة “استيقظت” السورية ،التي تعنى بشؤون النساء السوريات ،مبجموع يصل لستني مقابلة /شهادة ،تحدثنّ فيها هؤالء النسوة عن حياتهنّ ومشاركتهنّ يف الثورة السورية. صاحب “ميزان األذى” ،انتقى من الستني مقابلة/ نصاً فقط ،ليصوغ النصوص شهادة سبعة عرش ّ ً املنتقاة بعناية بأسلوبه األديب ،محتفظا بتفاصيل الشهادات كام روتها النساء السبع عرشة بني دفتي الكتاب. يبدأ الكتاب بجمع الشهادات أو املقابالت يف ربيع عام الثورة األول 2011وينهيها يف ربيع العام ،2013أي خالل املرحلة األوضح لثورة السوريني ،لنتعرف من خالل شهادات لنساء قرويات ومدنيات من مختلف املناطق واملدن السورية ،كداريا ودوما وحرستا وغريها ،عىل املآيس التي عايشها السوريون طيلة نصف قرن من ظلم وفساد وفقر واعتقاالت سياسية وإخفاء قرسي وتعذيب للعقول واألجساد ،بحسب ما ورد يف الكتاب. يف الكتاب تتعدد مناذج نساء الثورة السورية،
إذ ّإن بعضهنّ محافظات وبعضهنّ أكرث انفتاحاً أو “علامنيات” كام يصفن أنفسهنّ ،ويؤكدن يف شهاداتهنّ أنهنّ مل يشاركن يف الثورة طمعاً بنجومية أو شهرة أو الحتالل الشاشاتّ ، وإنا شاركن ،إلكامل ثغرة ما يف إنسانيتهنّ املنقوصة. املتحاورات ،كام ورد يف الكتاب ،أكدن ّأن ثورة تونس ثم مرص ح ّمستا السوريني عىل الثورة عىل الظلم والبطش والعنف الالحق بهم. تنتهي املقابالت بصوتني المرأتني يف املنفى السوري ،واحدة برجوازية توضح دور طبقتها يف سوريا واملعارضة السياسية وأسباب فشلها؛ واملرأة الثانية كردية تظهر الوضع املزري الالحق بأكراد سوريا املحرومني من مامرسة لغتهم وحتى من استخدام أسامئهم ،وتعت ّز بالنساء الكرديات اللوايت حملنّ السالح وحاربن يف سبيل حقوق شعبهنّ . املؤلف س ّلط الضوء عىل دور السوريات يف الثورة منذ الرصخة األوىل ،فيخربنا كيف أصدرت النساء صحفاً ثورية ،وصممن الشعارات وامللصقات، ورسمن صوراً كاريكاتورية و ّزعنها لي ًال مع شح الصحف عىل البيوت واملحالت املغلقة؛ وحني ّ املصل واألدوية والدم وغريها ،عملن عىل تأمينها. ّ أظهرن شجاعة حتى النساء اللوايت فقدن أبناءهنّ نادرة. واقع املرأة السورية زمن الحرب واألفق املنشود.. الكتاب الثالث الذي نتوقف عنده ،هو “املرأة السورية يف ظل النزاع” ،للكاتبة واملحامية السورية سحر حويجة ،التي تناولت فيه بالدراسة
والتحليل ظاهرة العنف ض ّد املرأة ودور األوضاع الراهنة يف انتشاره وازدياد عدد ضحاياه ،وظهور أشكال جديدة منه ،يف ظل ما يحدث يف سوريا. جاء الكتاب الصادر عن دار “الرحبة للنرش” بدمشق عام ،2016يف 167صفحة من القطع املتوسط. ّ يف مقدمته ترى املؤلفة أن “الحروب تعترب أحد أشكال العنف السيايس ،يتولد عنها مبارشة، أشكال متعددة ومختلفة من أشكال العنف األخرى ،لكن ال يوزع املوت بالتساوي يف الحروب، بل ضحايا الحروب من الرجال أكرث من النساء، باعتبارهم الطرف الرئييس يف القتال ،وعليه يف محصلة أيّ حرب ،باألخص الطويلة منها نجد تأثريها الكبري عىل التوزيع الدميغرايف للسكان من حيث الجنس ،وما لذلك من التأثري امللحوظ عىل التوازن االجتامعي يف املجتمع”. تبني حويجة ّأن أبرز نتائج الحرب عىل النساء هو ما تخلفه من نسب كبرية من األرامل ،ما يرتك املرأة منفرد ًة لتحمل عبء تربية األوالد عىل املستوى االقتصادي واالجتامعي وما ينتج عن ذلك من انعكاسات نفسية كبرية عىل املرأة واألوالد. ّ ّ الفتة إىل أنه يف الحرب نجد أن العنف الجسدي وإزهاق األرواح ينال من جميع أفراد املجتمع، لكن العنف املعنوي واإليذاء النفيس ينال من املرأة بشكل أكرب ،إضافة إىل ذلك فإ ّنه أثناء الحرب يظهر وبنسبة كبرية أشد أنواع العنف ضد املرأة ،ومنها :االعتقال والخطف ،واالغتصاب، واالتجار بالنساء والترشد .أضف إىل هذا كله انتشار ظاهرة اللجوء والنزوح هرباً من املوت. تؤكد املؤلفة أ ّنه عندما تنتهي الحرب يف بالدنا، ستكون سوريا عىل أبواب مرحلة جديدة وحاسمة يف انتظار إيجاد حل لجملة من القضايا التي تحقق آمال الشعب السوري والوطن السوري ومنها قضايا املرأة. مشدّدة عىل ّأن قضية حرية املرأة ،ومساواتها مع الرجل ،والعمل عىل تغيري القوانني التمييزية ،هي قضية من صلب القضايا األساسية كالدميقراطية والحرية واملواطنة يف مجتمعاتنا ،وليست شأناً خاصاً تعرب عن مصالح خاصة تتعلق بنضال النساء ،بل ّإن هذه القضية -من وجهة نظرها- ترتبط بعملية بناء الدولة السورية الحديثة املنشودة.
11
12
هل نحتاج إلى ثورة إعالمية؟ حسن عارفة
العدد - 88 - 2019/3/18
مقاالت
يف عام 2015حرضت مؤمتر اإلذاعات السورية مبدينة غازي عنتاب الرتكية ،وقتها، استضافت “حاضنة اإلعالم السوري” أكرث من 15إذاعة نشأت بعد الثورة ،وإذاعات من العراق واليمن واألردن وتونس والبوسنة ورصبيا ،لتبادل الخربات ،واالستفادة من تجارب الجميع. الحاضنة السورية تلك ،كانت مدعومة من الوكالة الفرنسية للتعاون اإلعالمي ،طامحة الستضافة فعاليات كثرية مشابهة للم شمل وسائل اإلعالم السورية الحديثة ،مبختلف أنواعها ،يف مؤمترات وورشات ،وأيضاً ،تنظيم دورات إعالمية ونشاطات مشابهة ،لكن مل تصمد تلك الحاضنة يف غازي عنتاب وأغلقت مكتبها الحقاً! منذ 4أعوام كان هناك أكرث من 35إذاعة سورية محلية ،وأكرث من 350وسيلة إعالمية مطبوعة ،كلها ُولدت بعد الثورة ،لكن حالياً، مل يبقَ من تلك الوسائل إال القليل ،واألسباب كثرية ،فساد ،اعتامد عىل املمول وعدم فهم كيفية متويل الوسيلة اإلعالمية ،قلة مهنية، انتهاكات من أطراف مسيطرة عىل األرض وأسباب أخرى. وبعيداً عن األسباب املذكورة ،فكل منها يحتاج لتحقيق أو أكرث .لنحيك باختصار هنا عن االنتهاكات ،التي قضت عىل وسائل إعالم عديدة يف سوريا ،وكان أبرزها ..قصة مجلة طلعنا عالحرية. يف شهر آذار عام 2017توقفت مجلة
طلعنا عالحرية عن الصدور ،أعدمت بقرار من سلطات األمر الواقع يف غوطة دمشق التي نسقت القرار مع نظرياتها يف الشامل السوري ويف درعا ،إذ نحت تلك السلطات كل خالفاتها جانباً واجتمعت عىل قتل مجلة! وكان التوقف صاعقة عىل الكثري من الصحفيني ،وعىل جمهور الوسيلة .أذكر وقتها اإلحباط الذي أصابني والكثريين غريي، كصحفيني متابعني لهذه املجلة كونها أول مجلة نصف شهرية تنطلق بعد الثورة ،كيف أعدمت وملاذا أعدمت ،يبدو أننا محكومون يف سوريا ،بهذه املصائر! بعد نحو سنتني من اإلعدام ،تعود املجلة، يف فرتة أفول قسم كبري من اإلعالم السوري الذي ُولد بعد الثورة عام .2011تعود طلعنا عالحرية هنا لتعطي أم ًال للصحفيني والناشطني وجميع العاملني يف هذا القطاع، بأن االستمرار بأحالمهم ليس مستحي ًال ،طاملا ملكوا النية واإلرادة لذلك .تعود لتؤكد أن سلطات األمر الواقع التي نابت عن النظام يف رضب األصوات املنادية بالحرية واملدنية واملواطنة ،ال متلك الحق بقتل أي مرشوع وطني مؤمن بالثورة. متر عىل واقع اإلعالم بسوريا حالياً يف مناطق سيطرة النظام السوري وغريها ،فرتة صعبة، هيئة تحرير الشام تسيطر عىل مناطق املعارضة بشاميل وغريب البالد ،ويف مناطق سيطرة ما بقي من الجيش الحر شامالً ،تبدو األمور أقل سوءاً ،ونحن عىل موعد شهرياً مع
توثيق انتهاكات بحق أحد العاملني يف املجال اإلعالمي ،بداية من مناطق النظام مروراً باألماكن األخرى .أحدث هذه التوثيقات لـ (املركز السوري للحريات الصحفية يف رابطة الصحفيني السوريني) الذي وثق خالل شهر شباط املايض 9انتهاكات ضد اإلعالم يف سوريا ،مؤكداً أن هناك ارتفاع ملحوظ عام تم توثيقه خالل شهر كانون الثاين املايض سجل فيه انتهاكني فقط. حيث ّ يف وضع صعب يسجل فيه شهرياً انتهاكات بحق اإلعالم ،مؤسسات وأفراد ،تبدو الحاجة كبرية لعودة الكثري من وسائل اإلعالم السورية التي ُولدت وماتت بعد الثورة ،لعودتها إىل الحياة ،متعلمة من تلك الدروس التي أنهتها أو قتلتها ،ومتحدية ألي جهة كانت سبباً يف حكم اإلعدام عليها ،فثامين سنوات مدة كفيلة بتعليم أي مهنة بطرق احرتافية ومهنية. أذكر أن مؤمتر اإلذاعات الذي حرضته ،خرج بتوصيات لوسائل اإلعالم السورية وللامنحني، منها أن نجاح العمل الصحفي يقوم عىل خطاب إعالمي يركز عىل إحالل قيم العدالة، ووضع خطط اسرتاتيجيات لتطوير العمل اإلعالمي يف كل إذاعة ،وغري ذلك ،فهل تكون عودة مجلة طلعنا عالحرية ،فاتحة لثورة إعالمية جديدة يف سوريا ،يكون فيها اإلعالم السوري محركاً لحلم سوريا التي أردنا ،بعيدة عن االنتهاكات وقمع الحريات واالستفتاءات الرئاسية!؟
5سنوات و 4أشهر ... ُ رزان ووائل وسميرة وناظم! أين هم؟
13
كمال شيخو
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
أما وائل حامدة ،زوج رزان ورشيكها بالنشاط السيايس والحقوقي .اعتُقل وعُ ّذب مرتني لدى املخابرات الج ّوية يف دمشق بداية الثورة ،لكنه بقي يناضل باملجال الحقوقي ،وعمل يف اإلغاثة ويف توثيق االنتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري والفصائل املقاتلة. وائل من مواليد دوما التابعة لغوطة دمشق الرشقية سنة .1976قبل اندالع االنتفاضة كان وائل يحرض غالبية جلسات محاكامت املعارضني السياسيني ويتابع قضاياهم .قرر أن ينتقل إىل دوما برفقة زوجته بعد خروجه من السجن، وتابع نشاطه حتى آخر لحظة قبل اختطافه. بينام ناظم حامدي يعد أحد أبرز الناشطني الحقوقيني الذين عملوا قبل الحراك الشعبي وبعده؛ فهو محام وشاعر عمل يف الحقل املدين والحقوقي منذ بدايات ربيع دمشق مع األلفية الجديدة .كام كان متطوعاً يف فريق الدفاع عن معتقيل ربيع دمشق وإعالن دمشق. ً عمل يف بدايات شبابه ممث ًال مرسحيا ،قدم مرسحيتني قام بدور البطولة فيهام ،لكن مل تلقيا الصدى الذي متنّاه .كام له ديوان شعر مطبوع. بقي ناظم يف دمشق إىل صيف العام ،2013 يعمل ويتنقل بني أزقة دمشق .يلتقي الناشطني والناشطات يف لجان التنسيق .كان مطلوباً للمخابرات السورية ،مام دفعه أخرياً لاللتحاق برفاقه يف الغوطة .وانضم لفريق مركز توثيق االنتهاكات يف دوما .مل يكن قد مىض عىل وصوله إىل دوما سوى خمسة أشهر حني اختطف مع باقي رفاقه. لرفاقي األربعة ،رزان ووائل وسمرية وناظم: الحرية لكم ولكل السوريني والسوريات، املختطفني واملختطفات ،واملغيبني واملغيبات واملختفني واملختفيات.
مقاالت
قبل نحو 5سنوات و 4أشهر وتحديداً يف التاسع من شهر كانون األول (ديسمرب) من العام ،2013 اقتيدت رزان زيتونة وناظم حامدي وسمرية الخليل ووائل حامدة إىل جهة مجهولة .مييض الزمن برسعة دون معرفة أي معلومات عن مصريهم .وال يعلم أحد مكان احتجازهم أو إن كانوا اليزالون عىل قيد الحياة! الرفاق األربعة كانوا ناشطني بارزين يف مجال حقوق اإلنسان .عملوا طوال سنوات اندالع حركة االحتجاجات يف سوريا ومن قبلها ،لكنهم اختطفوا عشية ذكرى اليوم العاملي لحقوق اإلنسان؛ ومع احتفال العامل بهذه الذكرى يف 10كانون األول (ديسمرب) من كل عام .هذا اليوم له رمزية لدى نشطاء وجامعات حقوق اإلنسان ،لكن رمزية تاريخ االختطاف وتوقيته لدى الجامعة أو الجامعات التي قامت بالجرمية، كانت مبثابة رسالة إىل نشطاء حقوق اإلنسان واملجتمع املدين يف سوريا ،مفادهاّ : “أن العدالة والحريات ال مكان لها يف زمن الحروب”. شخصياً ،انتقلت نهاية عام 2005إىل العاصمة السورية دمشق طلباً للدراسة ،آنذاك كنت أنشط مبجال حقوق اإلنسان وتعرفت عىل الشخصيات األربعة. فاملحامية واملدافعة عن حقوق اإلنسان رزان زيتونة ،من مواليد دمشق سنة .1977تخرجت من كلية الحقوق بجامعة دمشق عام ،1999 ويف سنة 2001بدأت عملها كمحامية تحت التدريب. منذ يومذاك ،وهبت رزان نفسها للدفاع عن املعتقلني واملعارضني السياسيني ،كانت ترتافع عنهم أمام املحكمة العسكرية بدمشق ،وتتابع قضاياهم يف دوائر القضاء املدين ومحكمة أمن الدولة العليا. كل يوم إثنني من األسبوع كانت رزان تذهب إىل مقر محكمة أمن الدولة القريب من ساحة السبع بحرات وسط دمشق ،لتستمع إىل شكاوى أهايل املعتقلني املحالني إىل املحكمة
سيئة الصيت ،وتوثق حاالتهم وطريقة االعتقال وتجمع املعلومات الخاصة بهم. وبعد انطالقة االنتفاضة الشعبية املناهضة لنظام الحكم يف سوريا ربيع عام ،2011كانت رزان من بني مؤسيس لجان التنسيق املحلية يف سوريا، وفيام بعد أسست مركز توثيق االنتهاكات يف سوريا. إال أن املالحقة األمنية من قبل أجهزة املخابرات السورية ،أفقدتها قدرتها عىل التحرك والتنقل؛ األمر الذي دفعها للهروب والنزوح إىل مدينة دوما ،مسقط رأس رشيك حياتها وائل حامدة. وبقيت يف دوما قرابة مثانية أشهر ،بعدها اختطفت مع زوجها ورفاقها سمرية وناظم. أما الناشطة سمرية الخليل ،وهي من مواليد قرية املخرم فوقاين ،1961والتي تنحدر من مدينة حمص وسط سوريا ،فقد أمضت أربع سنوات يف سجون نظام األسد األب بني عامي .1987-1991 التقيت بها يف 17ترشين األول (أكتوبر) من العام ،2006يومها كانت ذكرى اليوم الدويل للقضاء عىل الفقر .نظمنا اجتامعاً مبكتب الصحايف والكاتب السوري فايز سارة ،مع عدد آخر من األصدقاء للبحث يف إمكانية إطالق جمعية تعنى بالفقر ،وتقديم مبادرات وأفكار ملشاريع صغرية ومتوسطة لتعيل األرس والعوائل الفقرية ،سيام بالريف السوري .سمرية وبحكم تجربتها بعد خروجها من املعتقل ،كانت لديها عرشات األفكار. بيد ّأن سمرية بقيت متوارية عن األنظار بني عامي 2011و ،2013أل ّنها كانت مطلوبة ألجهزة املخابرات السورية ،ويف 18أيار (مايو) من العام 2013قررت سمرية الهروب إىل غوطة دمشق الرشقية ،لتلتحق بزوجها الكتاب السوري ياسني الحاج صالح ،ورفيقتها رزان زيتونة حيث سبقاها مبدة قصرية. بدأت سمرية تعمل يف غوطة دمشق ،تروج لحملة املشاريع والورش املنزلية الصغرية ،وكانت
نساء وفتيات الغوطة يرتددن إليها مبقر مركز توثيق االنتهاكات يف دوما ،للتدرب والتعلم عىل إنشاء هذه املشاريع.
نشرة ثقافية
14
“مي سلون” تصدر كتاب عن الحاضرة المغيبة رزان زيت
ونة
العدد 2019 / 3 / 18 - 88-
صدر مؤخراً عن دار “مي سلون للطباعة والنرش” التابعة مبن باتت ُتعرف بـ “أيقونة الثورة السورية”. لـ(مركز حرمون للدراسات املعارصة) ال سوري املعارض رزان زيتونة ( 40عاماً) الناشطة الحقوقية ،قبل الثورة ومقره الدوحة ،كتاب عن املناضلة الحقوقية البارزة وخاللها ،ومو ّثقة انتهاكات حقوق اإلنسان التي ض ّيق رزان زيتون ،التي اختفت من غري أثر ليلة 10 - 9كانون عليها النظام السوري الخناق ،فابتعدت إىل مدينة دوما األول /ديسمرب ،2013يف مدينة دوما بضاحية دمشق ،يف الغوطة الرشقية ،وهناك تع ّرضت لالختطاف. حيث لجأت رزان ِ وحسبت أنها مبأمن. وكان أن شاركت مع اندالع الثورة ،يف أوىل التظاهرات كتاب “رزان زيتون ..الحضور والغياب” الذي أعده فادي التي انطلقت من مدينة حرستاُ ،تنادي بالحرية التي كحلوس ،وراجعه حسام السعد ،جاء ضمن (سلسلة نشدتها ،وشاركت مشاركة بنّاءة يف معظم فعاليات شخ صيات سورية) ،وهو يستعرض تفاصيل كثرية من الثورةّ ، ونسقت خططاً للتظاهرات ،وأسهمت يف تأسيس مسرية املناضلة الحارضة ال ُغائبة ،رزان زيتونة ،من خالل عدد من التنسيقيات ،وجمعتها ّ مبسمى (لجان التنسيق كتاباتها ،واملقاالت التي كتبت عنها، وكذلك شهادات املحلية) ،ونقلت أخبار الثورة السورية إىل الرأي العام امل قربني -وغري املقربني -منها ،وال سيام الشهادات التي العاملي ،وإىل املؤس سات الح قوقية و ال دولية وو و ال كاالت دعم، إىل أن اخ ُ ت طفت يف كانون األول /يناير ،2013 ّ خص بها أصحابها هذا ال كتاب ،يف محاولة إلبقاء قصة األنباء ،وأسست (مركز توثيق االنتهاكات يف س وريا)، وهي عىل ر أس عملها مع زوجها و ائل ح امدة، وز مالئها االختطاف حارضة يف وجدان السوريني ،ولتعريف القراء وساعدت عدداً كب ً ريا من التنسيقيات والنشطاء يف العمل ناظم حامدي وسمرية الخليل.
جائزتان للفيلم السوري “يوم أضعت ظلي” في مهرجان للمرأة في كندا
ثقافة
حقق الفيلم السوري الروايئ الطويل “يوم أضعت ظيل” للمخرجة سؤدد كعدان ،فوزاً مزدوجاً هذا األسبوع بحصوله عىل (جائزة أفضل فيلم) ،وحصول بطلته النجمة وسن أرشيد عىل (جائزة أفضل أداء) ،يف “مهرجان املرأة يف الفيلم والتلفاز” يف فانكوفر يف كندا، يف نسخته الرابعة عرش لهذا العام. مشرتك ،ومن بطولة سوسن أرشيد ،وسامر كعدان ،نرشت يف صفحتها عىل موقع إسامعيل ،وتم تصويره عىل الحدود السورية (فيسبوك) ،الخميس 14آذار /مارس الحايل ،اللبنانية عام .2017 خرب حصول الفيلم عىل الجائزتني. ويتناول أحداثاً مفرتضة يف شتاء العام ،2012 وعرض املوقع اإللكرتوين للمهرجان مقطع عن سناء (سوسن أرشيد) التي تعيش أحداث فيديو لخطاب قبول الجائزة الذي أرسلته ٌ كل الحرب وتالحق حلمها الباقي بالحصول عىل من كعدان واملمثلة سوسن أرشيد. أنبوبة غاز للطهي لتتمكن من تحضري وجبة وشكرت املخرجة اللجنة ،متحدثة عن أهمية طعام البنها ،فتعلق عىل طرف مدينة “دوما” دعم املرأة يف اإلنتاج والتمويل لتتمكن من املحارصة ،حيث تكتشف أن الناس يفقدون إنجاز أفالمها. ظاللهم بسبب الحرب. أما املمثلة سوسن أرشيد فقالت“ :إنه من تقول املخرجة سؤدد كعدان عن عملها، الرشف لها إلقاء الضوء عىل معاناة النساء “الفيلم كتب يف بالد فيها الغد هو فكرة غري السوريات خالل الحرب” ،وأشارت إىل أنها قابلة للتخيل ،ما هو الغد إن كنت تعيش “تنحني تواضعاً لنساء سوريا اللوايت علمنها تحت القصف املتواصل ،الغد أصبح رفاهية، القوة واملرونة والشجاعة واألمومة” ،متعهد ًة لهذا ال يحيك الفيلم أو يتنبأ باملستقبل ،إنه بأن تبقى صوتاً لهم. فقط عن ثالثة أيام يف حياة سناء يف اللحظة الفيلم من إنتاج سوري ،لبناين ،فرنيس ،قطري الراهنة من تاريخ دمشق”.
«سيناريو» العمل الروائي الثاني لسليم البيك
صدرت مؤخراً رواية “سيناريو” للكاتب الفلسطيني السوري الشابسليمالبيك،الذييعيش حالياً يف باريس ،وذلك عن دار “األهلية للنرش والتوزيع” يف ّ عمن ،وهي الرواية الثانية له بعد “تذكرتان إىل صفورية”، والكتاب الخامس. يف رواية “سيناريو” ،التي تقع يف 188صفحة ،يواصل البيك طرح أسئلته التي تتع ّلق باملكان والهو ّية واملنفى لدى فلسطيني سوري هشة حيث تكون األسئلة هو الجئ عن البلدين ،إمنا كحالة فردية ّ التي يعيشها كريم شك ًال من أشكال القلق والالطأمنينة التي تتخللّ يومياته وهواجسه ورغباته ،يف األمكنة املذكورة أعاله ومع النّساء كل منهنّ .يجري كل ذلك يف مدينة واحتامالت أن يكون يف عالقة مع ّ باريس ،يف أحد أحيائها ،ويف أيام تك ّثفت فيها اللقاءات والحوارات واألفكار واألحداث. منحتي من مؤسسة “املورد ْ ُيذكر ّأن مرشوع رواية “سيناريو” قد نال الثقايف” ومؤسسة “اتجاهات-ثقافة مستقلة” ،وأتت الرواية بعد “تذكرتان إىل صفورية” ( )2017التي نال مرشوعها منحة من مؤسسة “آفاق” ،واملجموعة القصصية “كرز أو فاكهة حمراء للتشيزكيك” ( )2011التي فازت بجائزة “عبد املحسن القطان” للكاتب الشاب، عليك سوى املاء” (.)2014 واملجموعة الشعرية “ليس ِ
إبداعات ونشاطات سورية طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
4شباب سوريين يحوزون على منح “المورد الثقافي” دورة عام 2019
ومُجتمعاً وحياة ُمرتاكمة ومرتاكبة من عديد األجيال والحساسيات والرؤى .سوريا التي صارت بؤرة ألفظع ما يف العامل املعارص ،واألكرث أملاً فيه ،لذا تستحق أن يُرسد عنها أعمق وأسهل ما ُيكن قوله. نقرأ من ال ِكتاب ،من شهادة الروائية الشابة روزا ياسني حسن“ :فيام كانت الطالبة س ِّيئة ّ الحظ ما تزال ترتجف، كعنزة وقعت يف ساقية ،وشفتاها زرقاوان ،راحت اآلنسة “جهينة” تدور بني صفوفنا املر ّتبة كجيش ذاهب لل ّت ّو إىل املعركة .ليست صفوفنا وحدها التي كان عليها أن تكون كصفوف الجند ،ولكنْ ،أشكالنا أيضاً ،أيّ َملمح أنثوي قد يبدو عىل إحدانا سيكون كفي ًال بجعلها تدفع الثمن غالياً. أيّ َملمح ،وأقصد بالفعل أيّ َملمح :ظفر خرج قلي ًال عن األصبع ستح ّفه اآلنسة “جهينة” بالحائط حتّى ينزل الدم من السالميات! بقايا ال مرئية ُلحمرة شفاه من ليلة البارحة ستُك ّلف صاحبتها صف َعت َْي مهولَت َْي عىل الفم ،تجعله يتو ّرم أل ّيام ،فيبدو كمنقار ّ البطة! جوارب مل ّونة مخف ّية تحت البنطال العسكري الطويل ستُجرب مرتديتها عىل أن تقطع الساحة املكشوفة أربع م َّرات زحفاً عىل أكواعها وركبها!”.
ثقافة
صدر حديثاً عن “منشورات املتوسط” يف مدينة ميالنو اإليطالية ،كتاب بعنوان “صفحات من دفرت قديم ،سبعة ُكتّاب سور ّيني يروون سريهم املدرس ّية” ،من إعداد رستم محمود ،وتقديم الكاتب اللبناين أحمد بيضون ،ومبشاركة كل من :فاروق مردم بك ،ممدوح عزّام ،صالح الحاج صالح ،كوليت بهنا ،سالم كواكبي ،روزا ياسني حسن، ورستم محمود. جاء الكتاب يف 328صفحة من القطع الوسط ،وهو كام ورد يف مقدمة بيضون ،يحاول تقديم قراءة ما عن أحد أوجه تاريخ سوريا ،اجتامعياً وسياسياً واقتصادياً ومعرفياً، من خالل رسد حكايات ورؤى ومشاهدات للحياة املدرس ّية ،لعدد من ُ الكتّاب السور ّيني ،ا ُملنتمني لحساسيات ومناطق وأزمنة سورية مُختلفة .وليس يف ال ِكتاب ُخالصات أو نتائج .لكنه يف املقابل يحبو نحو القول بأن الخطوط الحمراء ،السياسية والدينية واالجتامعية والثقافية، الطائفية واملذهبية والقومية والجامعاتية ،العامة والذاتية منها عىل ح ٍد سواء ،إمنا منعت وكبتت الكثري من املساعي لقول الكثري من األشياء عن سوريا ،باعتبارها ُجغرافيا
سبعة ُكتاب سوريين يروون سيرهم المدرسية في كتاب
حيث يناضلون ض ّد ّ التسلط اإلسالمي الجهادي وقمع النظام يف الوقت نفسه. ويف مجال فنون األداء ،حازت الكاتبة واملخرجة الشابة رامة حيدر ،منحة عن عرض مرسحي بعنوان “أهل الهوى” ،وهو عمل يبحث يف أزمة الهوية واالغرتاب عن طريق تناول قصة فراغ حياة الدكتور نبيل وزوجته ندى وخلوها من أي حدث يُذكر وبقاؤهام وحيدين يف ملجئهام الجديد بعد انزياحهام عن مدينتهام دمشق خالل الحرب .يسعى العمل إىل تسليط الضوء عىل الواقع االجتامعي املعاش اليوم يف دول اللجوء وتصوير حالة البؤس والرتهل الفكري التي أصابت املجتمع نتيجة لكثري من خيبات األمل والعنف الذي تع ّرض له ثقافياً وفكرياً ونفسياً. وكان قد تقدّم لفريق (برنامج املنح اإلنتاجية) مبؤسسة “املورد الثقايف” 371استامرة ،اختارت منها لجان التحكيم 21مرشوعاً.
العدد 2019 / 3 / 18 - 88 -
حاز أربعة من الشباب السوريني املب دعني عىل منحة مختطف يف سجون تنظيم (داعش) منذ آب/ مؤسسة “املورد الثقايف” دورة عام 2019من (برنامج أغسطس ،2013تحاول عائلته معرفة مصريه فتعيش املنح اإلنتاجية) ،الذي يهدف إىل دعم وتشجيع جيل يوميات مرارة االختفاء القرسي .يستخدم أفراد العائلة جديد من الفنانني واألدباء من املنطقة العربية ،وذلك مجموعة كامريات أثناء البحث ،تص ّور حكاياتهم بدعم مشاريعهم اإلبداعية األوىل يف م جاالت املوسيقى وقصصهم يف مدينة الرقة السورية وسجون (داعش) والسينام وفنون األداء والفنون البرصية واألدب. فيها ،وهروبهم إىل تركيا ثم أملانيا ،ثم مواصلة البحث املوسيقي وعازف عود السوري مهند نرص ،حاز عىل داخل الرقة مجدداً بعد خروج مناطق واسعة منها عن منحة عن ألبومه “الحمراء” وهو مجموعة مقطوعات سيطرةالتنظيم. موسيقية أصلية مبنية عىل مكونات ّ املوسيقى العربية كام حازت املخرجة الشابة دانا صالح ،عىل منحة وإمكانيات مزجها مع موسيقى الفالمينكو والجاز .تطوير وإنتاج فيلم وثائقي روايئ بعنوان “يش ويعكس األلبوم رحلة املؤلف من سوريا إىل أوروبا بريفع الراس!” .دانا ،الراوية ،فتاة استثنائية ولدت مروراً بلبنان وإسبانيا ،يف بحث عن تلك التقاطعات يف السعودية ثم انتقلت إىل دمشق ضمن مجتمع الخفية بني موسيقى الشعوب .تبدأ ال رحلة من شارع محافظ ،لتبدأ مواجهة املجتمع يف عام 2011عندما الحمراء يف بريوت كرمز للتنوع والتع ددية ،وتستمر إىل تقوم بزيارة مدينة استثنائية يف الثورة السورية تدعى قرص الحمراء يف غرناطة كرمز لتأثري الثقافة العربية “كفرنبل” .تبدأ بتصوير مسلسل كان قد كتبه وأعدّه التاريخي والتقاطع بني العامل العريب وأوروبا .ويقدّم للعرض شباب املكتب اإلعالمي للمدينة يك ينقلوا من األلبوم ،يف مثانية مقطوعات موس يقية ،نخبة من خالله ،بأسلوب كوميدي ساخر ،معاناتهم مع الطريان املوسيقيني من العامل العريب وإسبانيا. الحريب الذي يقصف املدينة بشكل شبه يومي .يعيد يف املجال السيناميئ ،حاز املخرج ال شاب ميزر مطر ،املسلسل حكاية تفاصيل من الواقع املضطرب الذي عىل منحة إنتاج فيلم وثائقي طويل بعنوان “أزهار تعيشه املدينةّ . يوضح فيلم “يش بريفع ال ّراس!” قصة البالستيك” .الفيلم من إخراج مشرتك مع عامر مطر ،جيل من الشباب السوري الذي وجد نفسه يف دوامة تدور أحداثه حول رحلة بحث طويلة عن صحفي الحرب بعد أحالم الثورة والحرية والعدالة االجتامعية،
15