طلعنا عالحرية / العدد 94

Page 1

‫حرية ‪ ،‬كرامة‪ ،‬مواطنة‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬

‫ّ‬ ‫أم القضايا‬ ‫فلسطني‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫مجلة شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬


‫ّ‬ ‫أم القضايا‬ ‫فلسطني‬

‫‪2‬‬

‫افتتاحية بقلم ليلى الصفدي‬ ‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫ليست مصادفة أن يرفع املقدسيون أعالم الثورة السورية‪،‬‬ ‫فهم يدركون عمق التالحم بني الشعبني والقضيتني‪،‬‬ ‫ويدركون بحسهم العفوي من هم أعداءنا املشرتكني‪ ..‬حلفاء‬ ‫الدم والنار اللدودين‪.‬‬ ‫ال ريب يف أن كل ما يجري اآلن يف فلسطني من القدس‬ ‫املحتلة إىل غزة والضفة وأرايض ‪ ،48‬وكل ما جرى ألشقائنا‬ ‫الفلسطينني من قتل وتهجري ونزوح ولجوء ومجازر‪ ،‬هو‬ ‫صناعة إرسائيلية وصهيونية‪.‬‬ ‫وكل ما جرى لنا نحن السوريني من ويالت‪ ،‬كانت خيوطه‬ ‫وال زالت متر بأيا ٍد صهيونية‪ ،‬وال نرتدد يف القول إن األروقة‬ ‫الصهيونية كانت وال زالت ممرات أساسية لطبخ املؤامرات‬ ‫التي رشدت الشعبني وال زالت متعن يف قتلهام‪ ،‬هذا باإلضافة‬ ‫إىل التخريب السيايس املمنهج يف دول الجوار ودعم األنظمة‬ ‫املستبدة والتابعة‪ ..‬واملط ِّبعة!‬ ‫ليس يف مقدورنا يف هذا السياق أن نتجاهل املقارنات‪،‬‬ ‫الساذجة حيناً والخبيثة أحياناً‪ ،‬التي يعقدها الكثريون بني‬ ‫قمع إرسائييل “متحرض!” والقمع الوحيش الذي ميارسه‬ ‫النظام األسدي‪.‬‬ ‫فكثرياً ما يرتدد عندما ننتقد همجية االحتالل وعنرصيته‬ ‫تجاه السكان األصليني للبالد‪“ :‬يبقى أرحم من األسد”‪،‬‬ ‫وكأنه قدر عىل كل من ينتمي لهذه األوطان البائسة أن‬ ‫يقبل بظلم املحتل ألن حاكميه مستبدون ويحاربون الكلمة‬

‫بالرصاص‪.‬‬ ‫وهنا ال بد من الدعوة إىل طي صفحة هذه املقارنات‪ ،‬سواء‬ ‫الساذجة أو الخبيثة‪ ،‬ونحن نتابع التدمري اإلرسائييل الوحيش‬ ‫عىل الهواء مبارشة‪ ،‬هذا التدمري الذي يبدو بنيوياً يف هذا‬ ‫الكيان القائم أص ًال عىل مبدأ العنف والتهجري والبلطجة‪.‬‬ ‫ثم أنه كيف يستوي أن نفهم الرغبة اإلرسائيلية والدور‬ ‫اإلرسائييل األسايس يف صنع مأساتنا السورية‪ ،‬واملصالح‬ ‫املتبادلة بينها وبني نظام األسد‪ ،‬والحامية التي وفرتها‬ ‫“إرسائيل” للنظام والحامية التي يوفرها لها النظام عىل‬ ‫حدود”ـها” الشاملية‪ ،‬ويف نفس الوقت نرى صبيان من‬ ‫املعارضة ميتدحون قمعها الرقيق وإنسانيتها واحرتامها‬ ‫للقانون وحقوق اإلنسان!!‬ ‫خالصة القول إن من حق أي إنسان أن يعيش بكرامة ومن‬ ‫حقه أن يرفض كل أشكال القمع واإلذالل؛ سواء كان مصدر‬ ‫هذا الظلم املحتل أو الحاكم الدكتاتوري املستبد‪ ،‬وطريق‬ ‫الخالص للشعبني السوري والفلسطيني رمبا يبدأ ّ‬ ‫بفك حلقة‬ ‫االرتباط املصلحي بني األسد و”إرسائيل”‪.‬‬ ‫قلوبنا معكم يا أهلنا يف فلسطني‪ ،‬يف القدس والضفة وغزة‬ ‫وعموم الداخل الفلسطيني‪ ،‬ورمبا قد حان الوقت ألن‬ ‫نعرتف جميعاً أن القضية الفلسطينية هي أم القضايا‪ ،‬وأن‬ ‫املنطقة لن تصل إىل استقرارها املنشود إال بعد تحجيم‬ ‫الدور اإلرسائييل وإيجاد حل عادل يقبله شعبنا الفلسطيني‪.‬‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫افتتاحية‬

‫املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً‬ ‫وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير‬ ‫املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد‬

‫مجلة شهرية تعنى بالشأن السوري‬ ‫ثقافية‪ ،‬اجتامعية‪ ،‬سياسية‬ ‫محرر ثقايف‬ ‫غسان نارص‬ ‫ّ‬

‫محررون‬ ‫كامل شيخو ‪ -‬حسن عارفة‬

‫نصار‬ ‫رئيس التحرير أسامة ّ‬

‫نائب رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املدير اإلداري معتصم أبو الشامات‬

‫الغالف‬ ‫سمري خلييل‬

‫كاريكاتري‬ ‫سمري خلييل ‪ /‬هاين ع ّباس‬

‫تفاعل معنا عرب صفحاتنا عىل اإلنرتنت‬ ‫‪facebook.com/rising4freedom‬‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫أمن رقمي ومحاسبة‬ ‫وائل موىس‬

‫زمالء مختطفون يف سوريا‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫الفلسطينيون يف الداخل‬ ‫زمن الوعي العابر للتقسيمات‬

‫‪3‬‬

‫مرزوق الحلبي‬ ‫دالية الكرمل ‪ -‬فلسطين ‪48‬‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫هويت ًّيا منقطع النظري‪ ،‬عجزت حتى القيادة العربية‬ ‫الفلسطينية يف الداخل عن فهمها‪ ..‬وليس للمرة‬ ‫األوىل‪ .‬فقد ّ‬ ‫تكشفت هذه الطاقات من قبل يف املدن‬ ‫الساحلية نفسها‪ ،‬والبلدات الجبل ّية‪ ،‬حني انطلقت‬ ‫يف سلسلة أعامل احتجاج‪ ،‬كانت أشهرها قبل ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬ض ّد مرشوع تهجري للعرب يف منطقة النقب‬ ‫جنوب فلسطني‪.‬‬ ‫ليست ُصدفة أن القمع السلطوي املدعوم من اليمني‬ ‫ّ‬ ‫الفايش وميليشيات مس ّلحة غري معروفة الهو ّية‬ ‫يستهدف يف األيام األخرية قمع العرب الفلسطينيني‬ ‫يف مدن الساحل الفلسطيني‪ .‬وأن موجة االعتقاالت‬ ‫تستهدف هذا الجيل الشاب تحديداً‪.‬‬ ‫الوعي العابر للتقسيامت‬ ‫يف محاولة أوىل يل لقراءة ما حصل من زخم نضايلّ‬ ‫ُ‬ ‫خلصت إىل أن هذا‬ ‫فلسطيني يف مواقع الداخل‪،‬‬ ‫الهويتي املرحلة التي‬ ‫الجيل الشاب تجاوز يف وعيه‬ ‫ّ‬ ‫بلورت وعي آبائه وأجداده‪ .‬فهو ولد وترعرع يف‬ ‫سنوات ما بعد فشل اتفاقيات أوسلو‪ .‬وبعد أن تك ّرس‬ ‫االحتالل واالستيطان يف املناطق املحتلة‪ ،‬وصار نظام‬

‫أبرتهايد واضح املعامل‪ .‬مبعنى أن هذا الجيل محرر‬ ‫الدولتي” وتقسيم الفلسطينيني‬ ‫متا ًما من وعي “خيار‬ ‫ْ‬ ‫رشقي الخط األخرض‬ ‫جغراف ًيا؛ بني فلسطينيني‬ ‫ّ‬ ‫وفلسطينيني غريب الخط األخرض (خط الحدود بني‬ ‫إرسائيل واألردن حتى حزيران ‪ .)1967‬وهو تقسيم‬ ‫السيايس أيضاً‪ .‬فكانت املشاريع‬ ‫أقام فوارق يف السلوك‬ ‫ّ‬ ‫السياس ّية للفلسطينيني يف إرسائيل تقول بأنهم‬ ‫إرسائيليون يف املواطنة وفلسطينيون يف القومية‪ ،‬وإن‬ ‫نضاالتهم تحصل ضمن القانون اإلرسائييل وضمن‬ ‫لعبته السياسية‪ ،‬ال سيام يف الربملان‪.‬‬ ‫خال ًفا لهذا الوعي املسقوف إرسائيل ًيا‪ ،‬نشأ وضع يرى‬ ‫فيه الجيل كل فلسطني وليس جز ًءا منها‪ .‬ونقلوا‬ ‫وعيهم وطاقتهم من فهم الوضع عىل أنه احتالل إىل‬ ‫فهمه عىل أنه نظام أبرتهايد واحد‪ ،‬من البحر إىل النهر‪.‬‬ ‫وهذا يعني أن ال فرق بني ما يحدث يف الضفة وبني‬ ‫ما يحدث يف الساحل الفلسطيني‪ .‬السلطة واحدة‬ ‫والقمع واحد واملنظومة واحدة‪ .‬وأن األمل بكنس‬ ‫البقية في الصفحة ‪........12‬‬

‫مقاالت‬

‫سأس ّميها “واقعة الشيخ ج ّراح” متع ّمدًا وإن كانت‬ ‫غابت لبعض الوقت يف أحداث األقىص الرشيف ومن‬ ‫ثم يف معمعان الطحن الذي تتع ّرض له غزة اآلن‪،‬‬ ‫واالنقضاض غري املسبوق للسلطة اإلرسائيلية مدعّمة‬ ‫باليمني االستيطاين وميليشيات ظهرت يف بعض املواقع‬ ‫عىل العرب الفلسطينيني يف املدن الساحلية‪( .‬عند‬ ‫هذه النقطة دخلت ع ّ‬ ‫يل ابنتي لتخربين أن قوات‬ ‫االحتالل اقتحمت أحد بيوت حي الشيخ جراح‬ ‫واعتدت عىل أهله بوحش ّية)!‬ ‫رشقي القدس العربية يتع ّرض منذ‬ ‫الحي الواقع‬ ‫ّ‬ ‫سنوات طويلة إىل محاوالت تهجري أصحابه‬ ‫الفلسطينيني ووضع اليد عليه بكل الطرق املمكنة‪،‬‬ ‫وغالباً باالحتيال والتزوير‪ .‬هذه املرة حاولت جمعية‬ ‫استيطانية احتاللية استصدار أمر إخالء لحوايل ثالثني‬ ‫عائلة دفعة واحدة‪ .‬األمر الذي تح ّول إىل معركة عىل‬ ‫املكان‪ ،‬شارك فيها يهود يساريون من خالل وقفة‬ ‫احتجاجية متواصلة‪ ،‬استقطبت الرأي العام واهتامم‬ ‫قصة صمود‬ ‫األهم أنها تح ّولت إىل ّ‬ ‫املمثليات األجنبية‪ّ .‬‬ ‫بطولية ألهلها وحشود املتضامنني‪.‬‬ ‫تزامنت “واقعة الشيخ ج ّراح” مع فتح االحتالل‬ ‫لجبهة ثانية يف مدينة القدس العربية‪ ،‬انتقلت من‬ ‫باب العامود ملتقى األهل‪ ،‬الذي أقفله االحتالل‬ ‫بالحواجز أيام عيد الفطر‪ ،‬إىل باحات الحرم القديس‪،‬‬ ‫الذي اقتحمته قوات االحتالل مرات عديدة‪ ،‬واعتدت‬ ‫فيها عىل البرش والحجر واملعامل‪.‬‬ ‫يف كل هذه املواقع خرس االحتالل الرهان‪ ،‬وتراجع‬ ‫أمام عنفوان الناس‪ ،‬وأدّت اعتداءاته إىل موجة‬ ‫احتجاجات طالت مدن الساحل الفلسطينية‪ ،‬حيث‬ ‫خرجت تظاهرات حاشدة برتتيب الجيل الشاب‪،‬‬ ‫وأربكت السلطة اإلرسائيلية‪ ،‬وش ّوشت حساباتها‬ ‫التي مل تنتبه إىل هذه الطاقة الشباب ّية التي ش ّبت‬ ‫عىل طوق التو ّقعات الرسمية‪ ،‬وأبدت وع ًيا سياس ًّيا‬


‫ه ّبة القدس ّ‬ ‫توحد شعب فلسطني‬ ‫من حيفا إىل غزة‬

‫‪4‬‬ ‫ماجد كيالي‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫مقاالت‬

‫ال أحد يستطيع التك ّهن بتطورات الوضع عىل ضوء‬ ‫املواجهات الفلسطينيةـ اإلرسائيلية‪ ،‬التي من أهم‬ ‫ميزاتها هذه املرة دخول فلسطينيي ‪ 48‬بقوة يف مشهد‬ ‫الرصاع الجاري‪ ،‬ثم دخول غزة‪ ،‬من خالل الصواريخ‬ ‫التي متتلكها فصائل املقاومة يف القطاع املحارص‪ ،‬والتي‬ ‫قصفت عديداً من املدن اإلرسائيلية يف األيام املاضية‪.‬‬ ‫وكانت بداية املواجهات يف مدينة القدس‪ ،‬رداً عىل‬ ‫محاولة إرسائيل تكريس سلطتها عىل املدينة املقدسة‪،‬‬ ‫وتغيري طابعها الدميوغرايف‪ ،‬سيام انتهاكها حرمة‬ ‫املسجد األقىص‪ ،‬ومحاولتها وضع بوابات عند باب‬ ‫العمود‪ ،‬ومحاولتها اقتالع الفلسطينيني من مساكنهم‬ ‫يف حي الشيخ جراح‪.‬‬ ‫ومعلوم أن مدينة القدس ظ ّلت مبثابة بؤرة‪ ،‬أو مفجرة‪،‬‬ ‫لعديد من االنتفاضات واله ّبات؛ يأيت ضمن ذلك اندالع‬ ‫هبة النفق (‪ ،)1996‬نتيجة قيام إرسائيل‪ ،‬يف أول عهد‬ ‫لبنيامني نتنياهو يف رئاسة الحكومة‪ ،‬بحفر نفق تحت‬ ‫املسجد األقىص‪ ،‬وقد نجم عن هذه املواجهات مرصع‬ ‫‪ 65‬فلسطينياً مقابل ‪ 17‬إرسائيلياً‪ ،‬وهي هبة شاركت‬ ‫فيها قوات األمن الفلسطينية‪ ،‬وكانت أول مواجهة‬ ‫فلسطينيةـ إرسائيلية بعد اتفاق أوسلو وإقامة‬ ‫السلطة (‪ .)1993‬ويف العام ‪ 2000‬تسبب انتهاك‬ ‫أريئيل شارون حرمة املسجد األقىص‪ ،‬بحامية قوات‬ ‫االحتالل‪ ،‬يف اندالع االنتفاضة الثانية (‪ 2000‬ـ ‪،)2004‬‬ ‫التي نجم عنها مرصع حوايل ‪ 5000‬من الفلسطينيني‬ ‫مقابل ‪ 1040‬من اإلرسائيليني‪ .‬ويف العام ‪ 2015‬حصلت‬ ‫مواجهات دامية بسبب قيام مستوطنني بحرق منزل‬ ‫عائلة الدوابشة‪ ،‬وحرق الطفل محمد أبو خضري‪.‬‬ ‫ويف األعوام التالية ‪ 2017‬و‪ 2018‬شهدت القدس‬ ‫هبة فلسطينية جديدة ض ّد رشوع سلطات االحتالل‬ ‫بنصب بوابات إلكرتونية وكامريات مراقبة عند مداخل‬ ‫املسجد األقىص‪ ،‬وأفضت تلك الهبة إىل إجبار سلطات‬ ‫االحتالل عىل وقف هذا املرشوع‪.‬‬ ‫ويف التاريخ الفلسطيني كان حصل مثل ذلك يف‬ ‫العام ‪ ،1929‬فيام عرف بثورة “الرباق”‪ ،‬إذ شهدت‬

‫القدس وباقي املدن الفلسطينية مواجهات دامية بني‬ ‫الفلسطينيني واملستوطنني اليهود املتطرفني‪ ،‬الذين‬ ‫اعتربوا أن “حائط الرباق” (الجزء الجنويب من الجدار‬ ‫الغريب للقدس)‪ ،‬الذي يسمونه “حائط املبىك”‪ ،‬ملكهم‬ ‫وأنه جزء من “هيكل سليامن”‪ ،‬وقد نجم عن تلك‬ ‫املواجهات مرصع ‪ 116‬من الفلسطينيني مقابل ‪133‬‬ ‫يهودياً؛ إذ تدخلت سلطات االنتداب الربيطاين لصالح‬ ‫املستوطنني وقتها‪ .‬وكانت حصلت مجزرة يف باحات‬ ‫املسجد األقىص لدى محاولة مجموعة من املستوطنني‬ ‫اقتحام املسجد األقىص (ترشين األول‪ /‬أكتوبر من عام‬ ‫‪ ،)1990‬لوضع حجر األساس لبناء الهيكل الثالث‪،‬‬ ‫بحامية قوات الجيش اإلرسائييل‪ ،‬حيث تصدى لهم‬ ‫الفلسطينيون‪ ،‬ما أدى إىل مرصع ‪ 21‬منهم‪.‬‬ ‫ومعلوم إنه يؤخذ عىل القيادة الفلسطينية‪ ،‬التي ظلت‬ ‫تويل القدس مكانة خاصة‪ ،‬يف أطروحاتها املتعلقة‬ ‫بالتحرير أو بالتسوية‪ ،‬بخاصة مع اعتبارها عاصمة‬ ‫لدولة فلسطني القادمة‪ ،‬رضوخها يف اتفاق أوسلو‬ ‫(‪ ،)1993‬وتأجيل ّ‬ ‫البت مبصري هذه املدينة (مثل قضية‬ ‫الالجئني والحدود واملستوطنات)‪ ،‬كام قدمنا‪ .‬ويف‬ ‫الواقع فإن هذا التأجيل‪ ،‬مقابل اعرتاف إرسائيل مبجرد‬ ‫سلطة فلسطينية‪ ،‬هي يف حدود الحكم الذايت‪ ،‬كان يف‬ ‫صالح إرسائيل‪ ،‬بحسب ما بينت التجربة‪ ،‬إذ استغلته‬ ‫لتكريس وجودها وهيمنتها عىل حياة الفلسطينيني‬ ‫وأراضيهم‪ ،‬ويف تعزيز االستيطان وتهويد القدس‪،‬‬ ‫وضمن ذلك وضع مسألة االنتخابات يف القدس رهناً‬ ‫مبوافقة إرسائيل‪ ،‬كام شهدنا مؤخراً‪.‬‬ ‫يف هذا اإلطار فإن التعاطي الفلسطيني مع مدينة‬ ‫القدس يشتمل عىل ثالثة مسائل‪ :‬األوىل‪ ،‬تتعلق‬ ‫باعتبار القدس كمدينة مقدسة يقع فيها املسجد‬ ‫األقىص‪ ،‬أوىل القبلتني وثالث الحرمني‪ ،‬وكمدينة‬ ‫مقدسة لكل األديان الساموية‪ .‬والثانية‪ ،‬تتعلق بالبعد‬ ‫الوطني‪ -‬السيايس‪ ،‬إذ يتكثف الرصاع يف هذه املدينة‪،‬‬ ‫التي تعتربها إرسائيل عاصمة لها‪ ،‬سيام مع محاوالتها‬ ‫تغيري طابعها الدميوغرايف‪ ،‬وتغيري معاملها‪ ،‬وتعزيز‬ ‫استيطان اليهود فيها‪ .‬والثالثة‪ ،‬يف الجانب الحقوقي‬

‫املتع ّلق بكشف سياسات إرسائيل ومقاومتها‪،‬‬ ‫بخصوص مساعيها الدؤوبة للتضييق عىل فلسطينيي‬ ‫القدس‪ ،‬لتهجريهم منها‪ ،‬والسيطرة عىل بيوتهم‬ ‫وأراضيهم‪ ،‬وتبنيها سياسة هدم املنازل‪ .‬وكانت أعىل‬ ‫تجليات الكفاح الفلسطيني من أجل القدس تج ّلت‬ ‫يف االنتفاضة األوىل (‪1987‬ـ‪ ،)1993‬إذ أضحت مبثابة‬ ‫عاصمة فعلية للفلسطينيني ومركزاًقيادياًالنتفاضتهم‪،‬‬ ‫سيام مع وجود القيادة الرسمية يف الخارج (وقتها)‪،‬‬ ‫ومع بروز شخصيات مقدسية ذات مصداقية‪ ،‬كان‬ ‫عىل رأسها املرحوم فيصل الحسيني‪.‬‬ ‫تبعاً ملكانتها تلك‪ ،‬فإن الرصاع عىل القدس أثار‬ ‫فلسطينيي ‪ 48‬الذين ه ّبوا من كافة مدنهم وقراهم‬ ‫للدفاع عنها‪ ،‬يف تح ٍّد صارخ إلرسائيل‪ ،‬ويف تطور بارز‪،‬‬ ‫ومبشاركة واسعة مل ُيشهد مثلها من قبل‪ ،‬مبا ميكن‬ ‫اعتباره كرساًللصورة النمطية التي أرادتها لهم إرسائيل‪،‬‬ ‫التي اعتقدت أنها طوعتهم‪ ،‬وفيام ميكن اعتباره مدخ ًال‬ ‫النخراطهم يف إطار املعادلة الوطنية الفلسطينية‪ ،‬التي‬ ‫استُبعدوا عنها طوال العقود املاضية‪ ،‬بدعوى الحفاظ‬ ‫عىل مواطنيتهم يف إرسائيل‪ .‬أيضاً‪ ،‬فإن قضية الدفاع‬ ‫عن القدس حركت فصائل املقاومة يف قطاع غزة‪ ،‬التي‬ ‫وجدت نفسها معنية بفرض معادالت جديدة‪ ،‬عرب‬ ‫التدخل يف املواجهات من مدخل القصف الصاروخي‬ ‫الذي طاول مدناً إرسائيلية‪ ،‬بأكرث من أي فرتة مضت‪،‬‬ ‫وبالنتيجة فإن مشاركة ‪ 48‬والقصف الصاروخي أديا‬ ‫إىل خلق معادالت جديدة‪ ،‬يبدو من املبكر التكهن‬ ‫مبداها أو بتداعياتها‪ ،‬وكيفية الرد اإلرسائييل عليها‪.‬‬ ‫قصارى القول‪ ،‬فإن الفلسطينيني يف مختلف املجاالت‬ ‫يواجهون تحديات صعبة‪ ،‬يف ظروف صعبة‪ ،‬سواء‬ ‫إزاء التحديات التي تفرضها السياسات اإلرسائيلية‬ ‫الرامية إىل تطويعهم‪ ،‬والحفاظ عىل الوضع القائم‪ ،‬مع‬ ‫تعزيز االستيطان‪ ،‬ونظام التمييز العنرصي ضدهم‪ ،‬أو‬ ‫إزاء وجود سلطة‪ ،‬يف ظل سلطة االحتالل‪ ،‬تعيق أي‬ ‫إمكانيات إلحداث تغيري سيايس فلسطيني حقيقي‪،‬‬ ‫وهو ما تم التعبري عنه مؤخراً يف تأجيل العملية‬ ‫االنتخابية‪.‬‬


‫احنسار الفرات يغرق سكان‬ ‫شرق سوريا باملشقات‬

‫‪5‬‬

‫الرقة – عبد اهلل الخلف‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫ويضيف املهندس شريوان‪“ :‬عاد ًة يف مثل هذا‬ ‫الوقت من السنة يجب أن يزيد الجانب الرتيك‬ ‫حصتنا من املياه‪ ،‬فبحسب االتفاقات السابقة‬ ‫بني سوريا وتركيا يجب أن يكون املعدل الوارد‬ ‫‪ 500‬مرت مكعب بالثانية‪ ،‬ولكن حالياً الوارد هو‬ ‫‪ 200‬مرت مكعب يف الثانية فقط! وهذا املنسوب‬ ‫املنخفض جداً غري مسبوق‪ ،‬وبذلك فنحن نقرتب‬ ‫من (املعدل امليت) يف السدود‪ ،‬وعند الوصول‬ ‫للمعدل امليت تخرج السدود عن الخدمة”‪.‬‬ ‫وتقدر املساحات املزروعة عىل ضفاف الفرات‬ ‫من جرابلس عىل الحدود الرتكية وحتى البوكامل‬ ‫عىل الحدود العراقية بنحو ‪ 400‬ألف هكتار‪،‬‬ ‫تش ّكل هذه املساحات املهددة بالعطش السلة‬ ‫الغذائية للمنطقة‪ ،‬و”مع استمرار انخفاض‬ ‫منسوب مياه النهر فإن األمن الغذايئ يف مناطق‬ ‫شامل ورشق سوريا مهدد بالخطر بحسب شدو”‪.‬‬ ‫وينوه شدّو إىل أن الوضع الحايل سيؤدي إىل‬ ‫زيادة تركيز امللوثات يف النهر والبحريات وستصبح‬ ‫بحاجة ملعالجة وتصفية‪ ،‬ويتابع “سينعكس‬ ‫ذلك عىل الصحة العامة للسكان يف املنطقة‪،‬‬ ‫وأيضاً عىل البيئة‪ ،‬ألن امللوثات سترض الرثوة‬ ‫السمكية والنباتات املائية‪ ،‬وستتشكل العديد من‬ ‫املستنقعات عىل ضفاف النهر مام يؤدي النتشار‬ ‫أمراض مثل اللشامنيا وغريها”‪.‬‬ ‫وعن توليد الكهرباء يقول شدو‪“ :‬التوليد الحايل‬ ‫للسدود الثالثة انخفض من ‪ 450‬ميغاواط إىل‬ ‫‪ 120‬ميغاواط فقط‪ .‬وإذا وصلنا للمنسوب امليت‬ ‫فستنقطع الكهرباء بشكل نهايئ”‪.‬‬

‫ويف عام ‪ 1987‬أبرمت سوريا اتفاقاً مع تركيا حول‬ ‫وينص االتفاق عىل وجوب‬ ‫مياه نهر الفرات‪ّ ،‬‬ ‫أال يقل الوارد املايئ عند نقطة الحدود السورية‬ ‫الرتكية عن ‪ 500‬مرت مكعب بالثانية كوسطي‬ ‫شهري‪ ،‬ويف حال النقص يجب التعويض يف الشهر‬ ‫الذي يليه حسبام أفاد شدو‪.‬‬ ‫ويف بداية أيار الحايل أصدرت ‪ 124‬جمعية‬ ‫ومنظامت مجتمع مدين محلية يف شامل ورشق‬ ‫سوريا بياناً مشرتكاً بعنوان “السوريون يفقدون‬ ‫مياه الفرات” أدانوا فيه قطع املياه من الجانب‬ ‫الرتيك‪ ،‬وطالبوا األمم املتحدة واملجتمع الدويل‬ ‫بالضغط عىل الحكومة الرتكية لاللتزام بقواعد‬ ‫تقاسم املياه‪.‬‬ ‫ويقول محمود الهادي مدير منظمة “صناع‬ ‫األمل” يف الرقة وهي إحدى املنظامت املوقعة‬ ‫عىل البيان إن “هناك أربعة ماليني إنسان‬ ‫يعيشون يف منطقة الجزيرة السورية‪ ،‬وميثل نهر‬ ‫الفرات رشيان الحياة بالنسبة لهم‪ ،‬يعتمدون عليه‬ ‫يف مختلف نواحي حياتهم املعيشية والزراعية‬ ‫والصناعية كذلك”‪ .‬مضيفاً‪“ :‬يف ظل الجفاف الذي‬ ‫تسبب به نقص معدل األمطار هذا العام‪ ،‬فإن‬ ‫تجاوز الحكومة الرتكية عىل مخصصات سوريا‬ ‫والعراق من مياه الفرات سينعكس بشكل كاريث‬ ‫عىل سكان هذه املناطق‪ ،‬خاص ًة أن السكان‬ ‫يعانون أص ًال من كوارث كربى تسببت بها الحرب‪،‬‬ ‫باإلضافة لتفيش فريوس كورونا‪ ،‬وعجز املؤسسات‬ ‫الصحية يف مناطقهم‪ ،‬لتزيد مشكلة نقص املياه‬ ‫من معاناتهم املتفاقمة منذ سنوات”‪.‬‬

‫تقارير‬

‫عىل قارعة الطريق قرب قرية “سويدية صغرية” يف ريف‬ ‫الرقة الغريب‪ ،‬يقف الشاب سفيان املربوك تحت أشعة الشمس‬ ‫الحارقة‪ ،‬يرتقب مرور صهريج مياه بعد أن فرغت مياه الرشب‬ ‫يف بيته‪.‬‬ ‫معاناة سفيان والكثري من سكان ريف الرقة الغريب بدأت‬ ‫منذ نحو شهر‪ ،‬بعد أن انقطعت مياه الرشب عن العرشات‬ ‫من القرى هناك‪ ،‬نتيجة االنخفاض الكبري ملنسوب مياه نهر‬ ‫الفرات‪ ،‬ما أدى إىل توقف محطات ضخ مياه الرشب عن‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫يشري سفيان إىل أن تكلفة تعبئة املياه التي يستخدمونها‬ ‫للرشب والغسيل يف منزلهم ترتاوح بني خمسة وستة آالف‬ ‫لرية سورية يف اليوم الواحد‪ ،‬الفتاً إىل أن “بلدية منطقة الطبقة‬ ‫تقوم بتوزيع خمسة براميل مياه مجاناً لكل أرسة‪ ،‬ولكن‬ ‫بعد انتظار لساعات‪ ،‬لذلك يلجأ البعض لرشاء املياه من ماله‬ ‫الخاص يك ال ينتظر طوي ًال”‪.‬‬ ‫وينوه سفيان إىل أن األرضار مل تقترص فقط عىل انقطاع املياه‪،‬‬ ‫بل وصلت إىل القطاع الزراعي أيضاً‪ ،‬فيقول‪“ :‬أشجار الزيتون‬ ‫يف بستاننا تعاين من الجفاف والعطش‪ ،‬وهي تحتاج للكثري‬ ‫من املياه يف هذا الوقت من السنة‪ ،‬ويف حال استمر الوضع‬ ‫عىل حاله فسيؤدي ذلك إىل خسائر كبرية بالنسبة للمزارعني”‪.‬‬ ‫مضيفاً‪“ :‬نقص منسوب مياه الفرات أ ّثر عىل توليد الكهرباء‬ ‫كذلك‪ ،‬قبل قطع املياه من الجانب الرتيك كانت ساعات عمل‬ ‫الكهرباء نحو ‪ 14‬ساعة يومياً‪ ،‬أما يف الشهرين املاضيني زادت‬ ‫ساعات التقنني وأصبحت تأيت ملدة ال تتجاوز ‪ 4‬ساعات يف‬ ‫اليوم”‪.‬‬ ‫وتوجد عىل نهر الفرات يف سوريا ثالثة سدود؛ وهي س ّد‬ ‫الفرات وس ّد املنصورة غريب الرقة‪ ،‬وس ّد ترشين قرب منبج‪،‬‬ ‫و ُيعتمد عىل مياه بحرياتها يف توليد ‪ 90%‬من احتياجات‬ ‫مناطق شامل ورشق سوريا من الكهرباء‪ ،‬باإلضافة لريّ‬ ‫األرايض الزراعية ّ‬ ‫وضخ مياه الرشب‪.‬‬ ‫وبحسب املهندس شريوان شدو اإلداري يف س ّد الفرات‪ ،‬فإن‬ ‫تخفيض وارد املياه من تركيا بدأ منذ مطلع العام الحايل‪ ،‬وما‬ ‫يزال املنسوب منخفضاً حتى اآلن‪ ،‬مشرياً‪“ :‬كان املنسوب‬ ‫يف بحرية س ّد الفرات ‪ 302.50‬مرت مكعب‪ ،‬وحالياً تراجع إىل‬ ‫‪ ،298.75‬أما منسوب بحرية سدّترشين كان ‪ 325‬وحالياً ‪321‬‬ ‫وهذه مناسيب منخفضة للغاية”‪.‬‬


‫انتخابات “سورية األسد”‬ ‫(مجهورية الطوابري)‬

‫‪6‬‬ ‫طلعنا عالحرية‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫يخوض األسد “عرسه الدميقراطي” اليوم إىل جانب اثنني‬ ‫من الكومبارس من السوريني املوالني لنظامه الوحيش‬ ‫الفاسد‪ ،‬بعد عرش سنوات من عدوانه الغاشم عىل‬ ‫املنتفضني من أبناء وبنات سوريا التي أنهكتها آلة القتل‬ ‫األسدية – الروسية – اإليرانية – امليليشاوية الطائفية‪.‬‬ ‫وزادت من مأساتها كوارث اقتصادية ح ّولت سوريا من‬ ‫دولة نامية يف تاريخها الحديث إىل (جمهورية الطوابري)‬ ‫يف حكم آل األسد؛ جمهورية كافة قطاعاتها منهارة ونحو‬ ‫‪ 90%‬من رعاياها ال يجدون اليوم ما يسدُّ رمق بطونهم‬ ‫الجائعة‪ ،‬ويعيشون أزمات معيشية ال حرص لها؛ فال‬ ‫كهرباء وال وقود وال غاز وال وسائل تدفئة و و‪ ..‬وتبقى‬ ‫أزمة الخبز األزمة األش ّد خطورة يف البالد املنهوبة من آل‬ ‫األسد وأركان حكمهم‪.‬‬

‫تقارير‬

‫األسد أوصل البلد إىل جحيم أريض‪..‬‬ ‫األسد صانع (جمهورية الطوابري)‪ ،‬مل يكرتث عرب سنوات‬ ‫حكمه الـواحدة والعرشين إطال ًقا ملا جرى ويجري يف‬ ‫سوريا أو حولها‪ ،‬وال يهمه أن يكون االستحقاق الرئايس‬ ‫الحايل جز ًءا من عملية سياسية تخرج من رحم ّ‬ ‫حل‬ ‫سيايس تتفاوض ألجله األطراف السورية املتنازعة منذ‬ ‫سنوات يف جنيف وغريها من مسارات التفاوض يف‬ ‫أستانة وسوتيش‪ّ ،‬إل أنه (أي االبن الوريث) عمل بدعم‬ ‫رويس منذ انطالق املفاوضات عىل وضع العقبات تلو‬ ‫العقبات إلفشال املسارات التفاوضية‪ ،‬دون أن يكرتث‬ ‫لهموم السوريني (مواالة ومعارضة) وتط ّلعاتهم‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أوصل البلد إىل جحيم أريض بكل ما يف الكلمة من‬ ‫معنى‪ .‬ويكفي أن نعلم ّأن سوريا اليوم تعيش‪ ،‬بحسب‬ ‫تقارير حقوقية وأممية‪ ،‬ثالثة أنواع من الظلم‪ :‬أحدها‬ ‫بأثر رجعي‪ ،‬والثاين بأثر حايل‪ ،‬والثالث بأثر مستقبيل‪.‬‬ ‫وكان أحد تجلياته ارتفاع قيمة الخسائر االقتصادية إىل‬ ‫أكرث من نصف تريليون دوالر أمرييك‪ ،‬وإلحاق الرضر بنحو‬ ‫‪ 40%‬من البنية التحتية‪ ،‬إضافة إىل انحدار ‪ 86%‬من‬ ‫املواطنني داخل سوريا‪ ،‬البالغ عددهم نحو ‪ 20‬مليو ًنا‪ ،‬إىل‬ ‫ما دون خط الفقر‪ .‬أما املفاجأة املؤملة األخرى فتتم ّثل ّ‬ ‫بأن‬ ‫إحصائية جديدة لعدد الضحايا كشفت ارتفاع عددهم‬ ‫إىل نحو ‪ 700‬ألف شخص‪ ،‬ما يعني ضعف العدد املتداول‬

‫من مؤسسات أممية‪ ،‬استنادًا إىل أرقام صدرت قبل‬ ‫سنتني‪ .‬هذه األرقام ‪ -‬الضحايا تتعلق باملايض‪.‬‬ ‫أما املفاجأة األخرى‪ ،‬فهي تتعلق باملستقبل‪ ،‬وتأيت‬ ‫من الكشف عن وجود أكرث من ‪ 3‬ماليني طفل‬ ‫سوري (داخل وخارج سوريا) خارج املدارس‪ .‬وهذا‬ ‫يساوي تقري ًبا نصف عدد األطفال السوريني الذين‬ ‫هم يف عمر التعليم؛ نصف هؤالء يعيشون مع‬ ‫تضم نحو‬ ‫أهلهم يف مناطق النزوح واللجوء التي ّ‬ ‫‪ 13‬مليو ًنا‪.‬‬ ‫ويف ّ‬ ‫ظل ّأن سوريا هي “الكارثة اإلنسانية األكرب”‬ ‫منذ الحرب العاملية الثانية‪ ،‬حسب تصنيف أممي‪،‬‬ ‫ليس غري ًبا أن تكون مؤرشاتها تدل عىل ذلك‪ ،‬إذ‬ ‫تقع يف املرتبة ‪( 128‬من أصل ‪ 129‬دولة) يف مؤرش‬ ‫“التح ّول لقياس الحوكمة”‪ ،‬ويف املرتبة ‪( 180‬من‬ ‫‪ )189‬يف مؤرش “التنمية البرشية”‪ ،‬وهي “يف أسوأ‬ ‫ترتيب يف مجال حامية الطفل”‪ ،‬ويف املوقع ‪174‬‬ ‫(من أصل ‪ )180‬بالنسبة إىل حرية الصحافة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫انخفاضا حادًا يف أثناء‬ ‫سجل إجاميل العاملة‬ ‫كام ّ‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬من ‪ 5.184‬مليون عامل إىل‬ ‫‪ 3.058‬مليون‪ ،‬وارتفع معدل البطالة من ‪ 14.9‬يف‬ ‫املائة إىل ‪ 42.3‬يف املائة‪ ،‬وفقد سوق العمل ‪3.7‬‬ ‫مليون فرصة عمل‪ ،‬ورفعت الخسارة الضخمة‬ ‫لفرص العمل نسبة اإلعالة االقتصادية من ‪4.13‬‬

‫شخص لكل مشتغل يف عام ‪ 2010‬إىل ‪ 6.4‬شخص‬ ‫يف عام ‪.2019‬‬ ‫وقدر “البنك الدويل” كلفة إعامر سوريا بنحو ‪300‬‬ ‫مليار دوالر قبل ‪ 3‬سنوات‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت‪،‬‬ ‫توقفت الدراسات عن امللف السوري‪ ،‬مع تراجع‬ ‫االهتامم الدويل به‪ ،‬وإن كان الرصاع قد تفاقم‪،‬‬ ‫واستمرت العمليات العسكرية فيه‪ ،‬وهي بني‬ ‫صعود وهدوء يضبطه تفاهم الفاعلني الخارجيني‬ ‫من قوى إقليمية ودولية‪.‬‬ ‫ّإن ما ذكر آن ًفا‪ ،‬هو بعض خالصات بحث أعده‬ ‫“املركز السوري لبحوث السياسات”‪ ،‬بعنوان‪:‬‬ ‫«العدالة لتجاوز النزاع ‪ -‬تقرير آثار النزاع‬ ‫السوري»‪ ،‬بعد سنوات من العمل‪ ،‬ليكون مرجع ًيا‬ ‫للمؤسسات األممية والحكومات العربية واألجنبية‬ ‫عن آثار النزاع يف العقد السوري األخري‪.‬‬ ‫يضاف إىل حصاد الجحيم السوري‪ ،‬أن سجلت‬ ‫قيمة اللرية بد ًءا من عام ‪ ،2011‬عندما كانت ‪46‬‬ ‫لرية تساوي دوالراً أمريكياً واحداً‪ ،‬موجات من‬ ‫االنخفاض‪ ،‬كان أكرثها تسارعًا يف الشهور الثالث‬ ‫األخرية؛ حيث صار الدوالر الواحد يرتاوح ما بني‬ ‫‪ 3200‬إىل ‪ 4700‬لرية سورية‪،‬األمر الذي أدّى إىل‬ ‫ارتفاع جنوين يف أسعار السلع الغذائية واألدوية‬ ‫وغريها من احتياجات أساسية‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬

‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫كاريكاتري‬


‫انتخابات الغوطة الشرقية‪،‬‬ ‫من القسر إىل احلرية‬

‫‪8‬‬ ‫أوس المبارك‬

‫العدد‬ ‫‪94‬‬

‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫مقاالت‬

‫مدخل‬ ‫ُس ُ‬ ‫ئلت كثرياً عن االنتخابات العامة التي جرت يف عدة‬ ‫ُ‬ ‫وكتبت‬ ‫مدن وبلدات يف الغوطة الرشقية عام ‪،2017‬‬ ‫عدة مقاالت وتقارير لإلعالم ومنظامت املجتمع‬ ‫يهمني قوله هنا هو إن تلك االنتخابات‬ ‫املدين‪ .‬ما ُّ‬ ‫كانت خاضعة للتطور الطبيعي للمجتمعات‪ .‬أي أنها‬ ‫كانت تسري عىل الطريق الذي يوصلنا إىل مجتمع‬ ‫دميقراطي ال تقترص فيه الدميقراطية عىل صندوق‬ ‫االنتخابات‪ .‬كانت يف تلك االنتخابات مؤرشات لتجاوز‬ ‫البنى األهلية وصعود “للتكنوقراطي”‪ ،‬وبشكل أقل‬ ‫“للسيايس”‪ .‬بينام كانت االنتخابات لدى األسد‪،‬‬ ‫وكبح لتطوره‪ .‬إنه‬ ‫وما زالت‪ ،‬أداة تشويه مجتمعي ٍ‬ ‫تقابل القرس ض ّد الحرية بكل ما يتشعب منهام‪.‬‬ ‫وسنستعرض هنا األمثلة للداللة عىل ذلك‪.‬‬ ‫الطاعة والتطويع‬ ‫متنح انتخابات النظام للمنخرطني فيها فرصة التق ّرب‬ ‫من املنظومة العليا‪ ،‬وتحويلهم إىل أدوات استتباع‬ ‫وسيطرة‪ ،‬مقابل نيلهم فتاتاً من الفساد والتقرب من‬ ‫مراكز النفوذ‪ .‬الكلمة الفصل هنا ملن هم “فوق”‪،‬‬ ‫وعىل من “تحت” أن يتكيفوا مع ذلك! إنها أداة‬ ‫لرتسيخ “السيطرة املركزية” ال ألي هدف آخر؛ ال‬ ‫التنمية وال لتمثيل السكان وال الالمركزية وال غريها‪.‬‬ ‫أما االنتخابات العامة للغوطة الرشقية فقد منحت‬ ‫صعوداً‬ ‫َ‬ ‫للمنتخبني إىل أماكن صنع القرار‪ .‬بعضهم مل‬ ‫يكن لديه أي تجربة سابقة يف الرتشح أو خوض غامر‬ ‫العمل العام‪ .‬وقد تكرر عدة مرات قول أحدهم إىل‬ ‫السلطات الدينية والعسكرية “أنا انتخبني الشعب”‪،‬‬ ‫بينام يصعب حد االستحالة لدى األسد أن تجد‬ ‫نائباً يف الربملان أو عضواً يف مجالس البلديات يقول‬ ‫لضابط مخابرات أو ملن هم فوقه ذلك‪ .‬االنتخابات‬ ‫لدى األسد هي عامل طاعة ملن هم “فوق” وتطويع‬ ‫ملن هم “تحت”‪ .‬بينام االنتخابات العامة يف الغوطة‬ ‫أنتجت ق ّوة ض ّد من هم “فوق”‪ ،‬كام يجب أن يكون‬ ‫الحال يف الدميقراطية‪.‬‬ ‫سيادة “القيادة” وسيادة القانون‬ ‫تظهر “االنتخابات” التي يجريها األسد “صورية‬

‫القانون” لديه‪ .‬ففي مثال فج‪ ،‬تبقى لحزب البعث‬ ‫الحصة الساحقة دوماً‪ ،‬برغم إلغاء املادة ‪ 8‬من‬ ‫تنصبه “قائداً عىل الدولة‬ ‫الدستور التي كانت ّ‬ ‫واملجتمع”‪ ،‬دون معرفة أي قانون ضمن له هذه‬ ‫الحصة‪ .‬بدءاً من انتخابات املجالس البلدية‪ ،‬مروراً‬ ‫مبجلس الشعب ووصوالً إىل “انتخابات الرئاسة”‪ .‬لقد‬ ‫كان القانون دوماً موضوعاً يف سوريا ليتم تجاوزه‬ ‫ال تطبيقه؛ سواء بالرشوة والفساد أو املحسوبية أو‬ ‫طغيان املمسكني برقبة الدولة‪ .‬ويف حني أن ضعف‬ ‫مأسسة القانون بالعموم يف الغوطة حينها يجعل‬ ‫تجريد املقارنة القانونية العامة أمراً غري حصيف‬ ‫لحيثيات ليس هنا مكان رشحها‪ ،‬لكن ميكن القول‬ ‫إن االنتخابات العامة التي جرت خضعت لقوانني‬ ‫وضعتها كل “لجنة انتخابية” وتم االلتزام بها‬ ‫وبنتائجها التي كانت يف بعض الحاالت غري مرضية‬ ‫للقوى العسكرية والدينية‪.‬‬ ‫تثبيت البنى األهلية وتجاوزها‬ ‫مل يكن لدى األسدين األب واالبن أي اهتامم بدفع‬ ‫البنى األهلية إىل تكوين وطني‪ ،‬برغم الشعارات‬ ‫التي تتكلم عن إلغاء البنى العشائرية وغريها‪ .‬يقول‬ ‫“ذياب املايش” يف فلم “طوفان يف بالد البعث” إن‬ ‫حافظ األسد قال مرة مشرياً إليه‪“ :‬إن هذا الرجل معنا‬ ‫وهو زعيم عشرية”‪ .‬فقد تحرى األسد دوماً أن يتعامل‬ ‫مع البنى القامئة كأدوات لدوام حكمه‪ .‬وهو ما يأخذ‬ ‫مكانه يف جميع االنتخابات املقررة‪ .‬ويتضح أن األسد‬ ‫يف االنتخابات الرئاسية يختار “مرشحني منافسني” ال‬ ‫يكون لهم وزن سيايس أو اجتامعي‪ .‬وقد نقلت عدة‬ ‫مصادر خرب اعتقال تسعة من أقارب “جهاد الشخري”‬ ‫الذي رشح نفسه للرئاسة‪ .‬ينحدر الشخري من دير‬ ‫الزور التي متتاز بحضور العامل العشائري‪ ،‬وهو ما‬ ‫يخشاه األسد الذي ال يريد أن يربز يف أيِّ وقت أيُّ‬ ‫تجمع‪ ،‬ولو محدود‪ ،‬عىل شخص غريه‪.‬‬ ‫يف الغوطة الرشقية‪ ،‬نجح مرشحون أمام آخرين‬ ‫كانوا من أكرب العائالت‪ .‬وكذلك نجح مرشحون من‬ ‫عائالت كبرية بأصوات يتضح أنها تتجاوز أعداد‬ ‫مصويت عائالتهم بكثري‪ .‬كانت هناك محددات‬

‫لالختيار تتجاوز الحساسيات األهلية‪ .‬ولعب الجانب‬ ‫التكنوقراطي والسيايس دوراً أكرب منها بكثري‪ .‬يف مقايل‬ ‫عن انتخابات سقبا رشح أكرب لذلك‪.‬‬ ‫خامتة‬ ‫ُبنيت فكرة التمثيل السيايس لسكان الغوطة الرشقية‬ ‫بخطوات بطيئة‪ ،‬لكن ثابتة‪ ،‬عرب مجالسهم املحلية‪.‬‬ ‫ورافق ذلك تطور يف طريقة متثيلهم يف تلك املجالس‪،‬‬ ‫وتطور بنيوي داخلها عرب تطوير إجراءات الحوكمة‬ ‫اإلدارية‪ .‬فبعد خروج الغوطة عن سيطرة األسد‬ ‫نشأت معظم املجالس املحلية التي كانت تؤسس‬ ‫عىل التعيني من قبل حلقة ضيقة من الفاعلني‪ .‬ثم‬ ‫تطورت ليصبح انتخاب املجلس عرب “هيئة عامة”‬ ‫يجتمع فيها النشطاء والوجهاء يف املدينة أو البلدة‬ ‫النتخاب مجلس جديد كل سنة‪ .‬إىل أن وصلت‬ ‫يف خمسة مجالس محلية إىل االنتخاب العام لكل‬ ‫السكان صيف ‪ 2017‬وخريفه‪ .‬وبدأ حينها التشاور‬ ‫حول متديد فرتة الدورة أكرث من سنة (كان املقرتح‬ ‫سنتني) للقدرة عىل إيجاد تراكم يبني عليه َ‬ ‫املنتخبون‬ ‫تالياً‪ .‬وحددت القدرة عىل الرتشيح يف بعض املجالس‬ ‫إيل فرتتني وحسب‪ .‬وبرز ثقل داخيل لتلك املجالس‬ ‫املحلية املنتخبة من العموم ضمن مجلس املحافظة‪.‬‬ ‫وكذلك يف تقوية العالقات الخارجية‪ .‬وكان واضحاً‬ ‫أن كثرياً من املجالس كانت تريد حذو خيارهم يف‬ ‫االنتخاب العام‪.‬‬ ‫ورغم أن التجربة مل يكتب لها االستمرار لرصد‬ ‫نتائجها وتحوالتها عىل املدى البعيد‪ ،‬لسقوط الغوطة‬ ‫يف يد قوات األسد بعد أشهر قليلة‪ ،‬إال أنه ميكن القول‬ ‫إنها كانت سريورة تطور طبيعي ال تؤثر عليها قرساً‬ ‫“قوة فوق املجتمع”‪ ،‬كانت سريورة تحول دميقراطي‬ ‫مجتمعي منشود‪.‬‬


‫ماذا جيري يف الدمنارك؟‬

‫‪9‬‬

‫مصعب الحمادي‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫الناشطة السورية يف الدمنارك “هيا ترمانيني”‬

‫من الواضح أن السوريني عموماً مل تعد لديهم ثقة‬ ‫باملجتمع الدويل‪ ،‬وصاروا يرون من العبث وضع‬ ‫بيضهم يف س ّلة أي دولة‪ ،‬ألن املجتمع الدويل لو‬ ‫كان صادقاً يف مساعدة السوريني ملا أبقى عىل‬ ‫الرسي‬ ‫اعرتافه‬ ‫الضمني ببشار األسد وتعامله ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملفضوح مع نظامه حتى اليوم‪.‬‬ ‫تعتقد “هيا” أن عىل السور ّيني يف الدمنارك أن‬ ‫يتفقوا بني بعضهم أوالً أن سوريا ليست آمنة حتى‬ ‫يكون موقفهم أقوى يف مواجهة قرارات الحكومة‬ ‫الدمناركية‪ .‬وهي ترى رضورة تشجيع السوريني‬ ‫هناك عىل الترصيح مبخاوفهم من بطش النظام‬ ‫وانتقامه يف حال متت إعادتهم إىل سوريا‪ .‬كام‬ ‫تشجع هيا الالجئني السور ّيني نسا ًء ورجاالً عىل‬ ‫ّ‬ ‫االندماج أكرث يف الحياة العامة‪ ،‬وخصوصاً لناحية‬ ‫اقتحام سوق العمل‪ ،‬فهذا من شأنه كام تظنّ أن‬ ‫ُيضعف األصوات املتط ّرفة التي تنادي برتحيل‬ ‫السوريني من الدمنارك‪ ،‬ويق ّوي موقف النشطاء‬ ‫واملنظامت الذين يعملون عىل مواجهة اإلجراءات‬ ‫الحكومية الظاملة‪.‬‬

‫تقارير‬

‫حدثت ضجة إعالمية مؤخراً بسبب قيام دولة من املهدّدين بالرتحيل ُمعارضون مطلوبون للنظام‪،‬‬ ‫الدمنارك يف شامل أوروبا بوقف متديد إقامات ومهددون باالعتقال يف حال عادوا إىل سوريا‪.‬‬ ‫ثالمثئة الجئ سوري من أبناء دمشق وريفها‪ ،‬بغية لكن باملقابل‪ ،‬فإن كثرياً من املهدّدين بالرتحيل‬ ‫التمهيد لرتحيلهم وإعادتهم إىل مناطقهم يف سوريا قدّموا باألصل رسديات ضعيفة حني حصلوا عىل‬ ‫بحجة أنها أصبحت آمنة‪ .‬باإلضافة لهؤالء هناك الحق باللجوء‪ .‬فحسب مكتب املحامي الدمناريك‬ ‫ّ‬ ‫ستمئ ٍة آخرين ُوضعت مل ّفاتهم قيد إعادة التقييم‪“ .‬نيلز إيريك” هانسن املختص بقضايا الهجرة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تواصلت معه عرب الفيسبوك‪ ،‬فإن كثرياً من‬ ‫واألساس الذي تستند إليه الحكومة هناك هو والذي‬ ‫تقييم داخيل توصلت إليه دائرة الهجرة‪ ،‬خ ُلص املهدّدين بالرتحيل “قالوا إنهم هربوا من سوريا‬ ‫إىل أن الوضع الراهن يف دمشق مل يعد ي ّربر منح (فحسب) ومل يكونوا عىل معرف ٍة أنهم يجب أن‬ ‫ترصيحات إقامة جديدة أو متديد القدمية منها‪ ،‬ألن يرشحوا وضعهم بالكامل‪ ..‬قالوا نحن هربنا من‬ ‫األعامل القتالية انتهت يف املدينة وضواحيها منذ سوريا والوضع يسء‪ ،‬وعىل هذا األساس أخذوا‬ ‫الحامية”‪.‬‬ ‫ثالث سنني‪.‬‬ ‫تسييس واستجاب ٍة إذاً فعددٌ ال بأس به من املهدّدين بالرتحيل حسب‬ ‫رمبا ال يخلو قرار الدمنارك من‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص مل يقولوا كلم ًة سيئة‬ ‫ألصوات ميين ّية متشدّدة يف هذا البلد‪ .‬كام يعتقد املحامي الدمناريك هم‬ ‫ٌ‬ ‫البعض أنه ال يخلو من رائحة تواطؤ مع النظام واحدة بحقّ النظام السوري‪ ،‬وجعلوا الحكومة‬ ‫الدمناركية تفهم أنهم جاؤوا يطلبون اللجوء بسبب‬ ‫السوري والحكومة الروسية‪.‬‬ ‫ولو قرأنا بني السطور يف التقييم الذي انتهت إليه كارث ٍة ح ّلت بحياتهم الخاصة فحسب‪ ،‬بحيث يبدو‬ ‫الدمنارك لفهمنا أن الحكومة هناك تأخذ بعني األمر كام لو ّأن ما حصل يف سوريا هو زلزال أو‬ ‫االعتبار نجاح النظام السوري يف إبعاد “الجامعات كارثة طبيعية ليس ّإل‪ّ .‬‬ ‫ولعل السبب يف هذا الفشل‬ ‫املس ّلحة” عن محيط دمشق عن طريق ا ُملصالحات‪ ،‬بتقديم رواية حقيقية لقصة هروب السوريني‬ ‫وبالتايل مل تعد قذائف “املتمردين” الطائشة تنزل هو خوف األشخاص املعنيني من النظام السوري؛‬ ‫عىل رؤوس املدنيني يف العاصمة‪ .‬فهل هذا هو فمعظم الذين وصلوا أوروبا لهم أقارب بالداخل‬ ‫ح ّقاً سبب بداية رحلة العذاب السوري يف بلدان ومل ينبسوا ببنت شفة ض ّد النظام خوفاً من انتقام‬ ‫اللجوء؟ أم أن السبب هو نظام األسد نفسه الذي النظام من أقاربهم‪.‬‬ ‫وهناك من الالجئني السوريني يف الدمنارك‪،‬‬ ‫ما يزال رابضاً فوق قلوب السور ّيني؟‬ ‫تتعارض الرؤية الدمناركية لألوضاع يف سوريا مع وخصوصاً م ّمن وصلوا البالد بطريق ّمل الشمل‪ ،‬من‬ ‫تقييم املفوضية األممية لشؤون الالجئني بخصوص يقومون بزيارة دمشق بني الفينة واألخرى بعد أن‬ ‫تطورات األوضاع يف هذا البلد‪ .‬فسوريا ما تزال حصلوا عىل أوراق اللجوء‪ ،‬إذ ال يشء مينعهم من‬ ‫غري آمنة! ولذلك فقد تعرضت الدمنارك النتقادات ذلك‪ ،‬ال الحكومة الدمناركية وال وضع خاص لهم يف‬ ‫أوروبية وأممية‪ ،‬ووصفت منظمة العفو الدولية سوريا‪ ،‬فهم ليسوا معارضني للنظام إطالقاً‪ ،‬وليسوا‬ ‫باب كان‪.‬‬ ‫تح ّرك الدمنارك بأنه “قرار مر ّوع وانتهاك طائش”‪ .‬مطلوبني من أي ٍ‬ ‫لكن الخرب املطمنئ اليوم‪ ،‬وبعد ّ‬ ‫الضجة‪ ،‬هو لقد سمعت من الجئني ونشطاء يف الدمنارك أن‬ ‫كل هذه ّ‬ ‫نقاشات حادّة تدور بني أبناء الجالية هناك بخصوص‬ ‫ٍ‬ ‫أن الحكومة الدمناركية اكتفت بعدم تجديد ترصيح‬ ‫ترحل أحداً منهم‪ ،‬بل زيارة دمشق‪ ،‬أو حول امتناع البعض عن ذكر‬ ‫اإلقامة لألشخاص املعنيني‪ ،‬ومل ّ‬ ‫وت ّعهدت أمام الضغوطات الخارجية بعدم القيام النظام بسوء‪ ،‬وهو ما رأى به النشطاء املعارضون‬ ‫بأي عملية ترحيل قرسي يف املستقبل‪ .‬وهذا األمر تحديداً شيئاً من الطيش من طرف البعض واألنانية‪،‬‬ ‫خوف زائد‪.‬‬ ‫يبعث مبدئياً عىل االطمئنان ألن هناك عدداً صغرياً ويف أحيانٍ أخرى مج ّرد ٍ‬

‫فمث ًال‪ ،‬أخربتني الناشطة السورية يف الدمنارك “هيا‬ ‫ترمانيني” أن الكثري من بني األشخاص املهدّدين‬ ‫بالرتحيل يرفضون مكاشفة الحكومة الدمناركية‬ ‫بخشيتهم عىل سالمتهم الشخصية من انتقام‬ ‫النظام لو عادوا‪ .‬فهم ما يزالون يخشون معارضة‬ ‫النظام بكلمة حتّى وهم يف أحلك الظروف‪.‬‬


‫يف إدلب‪ ..‬نساء تقتلن برصاص طائش‬ ‫‪10‬‬

‫‪ 67‬إمرأة قتلن والعديد من اإلصابات إحداهن ُحرمت من‬ ‫اإلجناب وثانية أصبحت مقعدة‬ ‫هاديا منصور‪ :‬إدلب‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫قضايا املرأة‬

‫ال تغيب عن مخيلة “أمل العلوش” تفاصيل إصابتها أثناء‬ ‫الشجار الذي نشب بني أخيها وأحد رجال قريتها‪ ،‬والذي‬ ‫تطور إلطالق النار من قبل األخري‪ ،‬مام أدى إلصابتها‬ ‫بثالث طلقات‪ ،‬استؤصلت عىل إثرها الكلية والرحم‪..‬‬ ‫لكنها تعاين األمل منذ وقوع الحادثة‪ ،‬حيث ازداد انتشار‬ ‫السالح بني املدنيني يف إدلب وشامل غريب سوريا بعد‬ ‫سنوات من الحرب دون رادع‪ ،‬مام كان له أثره الواضح‬ ‫عىل جميع الفئات االجتامعية‪ ،‬وخاصة النساء اللوايت‬ ‫واجهن إصابات متعددة‪ ،‬أولها الجروح والحروق وليس‬ ‫آخرها القتل واإلعاقة!‬ ‫تروي أمل البالغة من العمر (‪ 26‬سنة) املتحدرة من‬ ‫معرة النعامن بريف إدلب‪ ،‬ونازحة مبخيامت أطمة‬ ‫الحدودية مع تركيا‪ ،‬تفاصيل الحادثة لتقول‪“ :‬كنت‬ ‫يف حديقة املنزل أتفقد بعض الشجريات واألزهار حني‬ ‫سمعت صوت شجار بني أخي ورجل آخر‪ ،‬دفعني‬ ‫الخوف عىل أخي والفضول ملعرفة ما يجري لإلرساع‬ ‫إىل مكان الشجار” وتتابع‪“ :‬فوجئت بإشهار السالح‬ ‫والرضب بشكل عشوايئ‪ ..‬ما أدى إلصابتي عىل الفور”‪.‬‬ ‫وبصوت مبحوح وكلامت بالكاد تسمع تضيف قائلة‪:‬‬ ‫“استئصال الرحم‪ ..‬هذا يعني حرماين من اإلنجاب مدى‬ ‫الحياة‪ ..‬حني شعرت بأمل فظيع يف أحشايئ‪ِ ،‬خلت أنها‬ ‫النهاية‪ ..‬واستيقظت من جديد يف غرفة العناية املشددة‬ ‫ألفاجئ باستئصال أكرث من عضو داخيل”!‬ ‫وأمل متزوجة ولديها طفلة وحيدة‪ ،‬كانت تحلم بإنجاب‬ ‫أخ أو أخت البنتها‪ ،‬غري أن إصابتها حرمتها ذاك الحلم‪.‬‬ ‫أما “فاطمة القاسم” الفتاة العرشينية من قرية الدير‬ ‫الرشقي‪ ،‬مازالت تكابد عواقب إصابتها بالشلل‪ ،‬بعد‬ ‫استقرار طلقة طائشة من زوجها يف عمودها الفقري‪،‬‬ ‫أثناء شجاره مع أقربائه‪ .‬تقول فاطمة واألمل يعترص قلبها‬ ‫إن أكرث أمل إصابتها هو تخيل زوجها عنها وتنصله من‬ ‫مسؤولية االهتامم بها وعالجها‪“ :‬واألنىك من ذلك كله‬ ‫تربئته من قبل املحاكم القامئة‪ ،‬وعدم إلزامه بأي نفقة‬ ‫أو مسؤولية‪ ،‬بعد اعتبار األمر (حادثة غري مقصودة)”‪..‬‬ ‫وتتابع‪“ :‬وها هو ينعم بحياته بعد زواجه بأخرى‪،‬‬ ‫بينام أنا أعيش اإلعاقة بكل تفاصيلها بعد أن قىض عىل‬ ‫مستقبيل وأحالمي”‪.‬‬ ‫ومل يقف أمر انتشار السالح عند إصابة بعض النساء‬

‫بآالم وعاهات مستدامة‪ ،‬بل أودى بحياة‬ ‫أخريات‪ ،‬كمصري نهلة العمر (‪ 28‬عاماً) املأساوي‪،‬‬ ‫والتي تعرضت لحروق قاتلة من الدرجة الثالثة‪،‬‬ ‫أودت بحياتها بعد رحلة عالج يف تركيا دامت‬ ‫شهرين‪ ،‬ولكن دون جدوى‪.‬‬ ‫وعن وفاتها تقول والدتها إنه عىل إثر اشتعال‬ ‫“بودرة الديناميت” التي يحتفظ بها زوجها‬ ‫املنتسب إلحدى الفصائل العسكرية أعىل‬ ‫الخزانة‪“ ،‬حدث ماس كهربايئ‪ ،‬ما أدى الشتعال‬ ‫املنزل الذي راحت ضحيته نهلة‪ ،‬وترك تشوهات‬ ‫البنها الصغري حسام البالغ من العمر سنة‬ ‫واحدة”‪.‬‬ ‫وبلهجة حزينة تعكس إحساس األم املفجوعة‬ ‫بفقدان فلذة كبدها تقول والدة نهلة‪“ :‬فقدان‬ ‫ابنتي ترك جرحاً بقلبي لن يندمل‪ ،‬وأكرث ما يح ّز‬ ‫يف نفيس هم أطفالها الخمسة الذين فقدوا‬ ‫أمهم‪ ،‬وباتوا يتامى يعيشون تحت رحمة زوجة‬ ‫األب‪ ،‬الذي رسعان ما نيس زوجته التي راحت‬ ‫ضحية إهامله واستهتاره‪ ،‬وتزوج بأخرى وكأن‬ ‫شيئاً مل يكن”‪.‬‬ ‫ومل تقف نتائج انتشار السالح وتدهور األوضاع‬ ‫األمنية عند حدود اإلصابات الجسدية والقتل‪،‬‬ ‫وإمنا تتجىل أيضاً يف التأثريات النفسية بالنسبة‬ ‫للنساء‪ ،‬وأضيفت أنواع وأمناط جديدة من‬ ‫العنف إىل قامئة طويلة‪ ،‬والتي تهدد أمنها األرسي‬

‫واالقتصادي واالجتامعي‪.‬‬ ‫وترى املرشدة النفسية “عال الخطيب” يف حديث‬ ‫إىل (مجلة طلعنا عالحرية) أن امتالك األفراد‬ ‫لألسلحة النارية واستخدامها يؤدي إىل “انتهاك‬ ‫حقوق اإلنسان األساسية األكرث أهمية وهو الحق‬ ‫يف الحياة‪ ،‬ويساهم يف تفيش مستويات مرتفعة‬ ‫من الجرائم التي تطال الفئات املستضعفة‬ ‫وخاصة النساء”‪.‬‬ ‫ووثقت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان يف‬ ‫تقرير صدر لها مبناسبة اليوم الدويل للمرأة‪َّ ،‬إن‬ ‫هناك ما ال يقل عن ‪ 67‬حادثة استهدفت النساء‬ ‫يف الشامل الغريب والشامل الرشقي من سوريا‬ ‫منذ آذار ‪ 2020‬حتى آذار ‪.2021‬‬ ‫واعتربت الخطيب أن اآلثار النفسية النتشار‬ ‫السالح بني املدنيني ال تقل أهمية عن اآلثار‬ ‫الجسدية ومن تلك اآلثار الشائعة‪“ :‬الخوف‬ ‫والهلع طويل األمد‪ ،‬واضطرابات ما بعد الصدمة‪،‬‬ ‫والكآبة والقلق والهذيان‪ ،‬كلها أعراض نفسية‪-‬‬ ‫عصبية مختلفة‪ ،‬تصيب النساء وتدفعهن للشعور‬ ‫باليأس من املستقبل”‪ ،‬مشرية إىل أن املرأة مل‬ ‫تعد تشعر باألمان حتى يف منزلها‪ ،‬بعد اقتناء‬ ‫الزوج للسالح الذي من املمكن أن يقع أبناؤها‬ ‫أو هي ذاتها ضحيته‪ ،‬وهو ما يؤثر سلباً عىل‬ ‫أدائها لواجباتها‪ ،‬ورعاية أطفالها نتيجة إصابتها‬ ‫بالعصبية واضطرابات النوم والخوف والتوتر‪.‬‬


‫بكادر نسائي خمتص‪ ..‬مركز لصيانة اهلواتف اجلوالة يف مدينة إدلب السورية‬

‫دخول النساء سوق العمل واحلفاظ على اخلصوصية‬

‫‪11‬‬

‫سونيا العلي‪ :‬إدلب‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫وبحسب القامئني عىل املنظمة افتتح مركز‬ ‫الصيانة بعد انتهاء التدريب لتوسيع املرشوع‬ ‫والحفاظ عىل دميومته‪ ،‬وإلفادة أكرب عدد من‬ ‫النساء يف املنطقة؛ حيث يحوي املركز حالياً‬ ‫‪ 14‬امرأة ضمن قسم التسويق اإللكرتوين‪،‬‬ ‫و‪ 12‬امرأة ضمن قسم الصيانة‪ ،‬ويعود ريع‬ ‫العمل ضمن املركز عىل العامالت به‪ ،‬يف حني‬ ‫يقترص دور املنظمة عىل اإلرشاف ومتابعة‬ ‫سري العمل‪.‬‬ ‫ومل يقترص التدريب عىل تع ّلم صيانة‬ ‫الهواتف املحمولة فحسب؛ بل شمل أيضاً‬ ‫التسويق اإللكرتوين‪ .‬وذكرت السعيد أن “هذا‬ ‫املجال يعترب من األفكار الجديدة يف محافظة‬ ‫إدلب”‪ ،‬وفيه تأخذ العامالت دور الوسيط‬ ‫بني املنتج والعميل‪ ،‬والرتويج ألي منتج أو‬ ‫خدمة عرب نرش إعالنات عىل مواقع التواصل‬ ‫االجتامعي‪ ،‬تقول السعيد‪“ :‬أمست الوسيلة‬ ‫األكرث تداوالً واألرسع للوصول للمستهلك‪،‬‬ ‫حيث خضع فريق التسويق لتدريبات حول‬ ‫كيفية إنشاء اإلمييالت والصفحات واملواقع‬ ‫والرتويج عرب مواقع التواصل‪ ،‬وأنواعه‪،‬‬ ‫وكيفية إنشاء املنشورات بطرق مختلفة‬ ‫وربط الحسابات والربح عرب اإلنرتنت”‪.‬‬ ‫الصيانة فتد ّربت املستفيدات‬ ‫أ ّما يف مجال ّ‬ ‫عىل “صيانة (الهاردوير) وإصالح كافة أعطال‬ ‫الجوال‪ ،‬وحل مشكالت (السوفتوير) وتنزيل‬ ‫وتفعيل الربامج والخطوط”‪ ،‬بحسب دعاء‬ ‫رمضان البالغة من العمر (‪ 23‬عاماً) إحدى‬ ‫املستفيدات من املرشوع‪.‬‬ ‫دعاء درست العلوم اإلدارية يف الجامعات‬ ‫السورية‪ ،‬لكنها اختارت مجال صيانة الهواتف‪،‬‬ ‫وعن سبب ذلك تقول إنها‪“ :‬خضعت مع‬

‫بقية النساء لفرتة تدريب بقسميه النظري‬ ‫والعميل‪ ،‬وبفرعيه السوفتوير والهاردوير‪ ،‬مبا‬ ‫فيه قواعد اإللكرتون‪ ،‬والتعرف عىل جميع‬ ‫مكونات املوبايل وقطعه‪ّ ،‬‬ ‫وفك وتركيب‬ ‫واستبدال جميع القطع املوجودة”‪.‬‬ ‫وعربت عن مشاعرها قائلة‪“ :‬اخرتت هذا‬ ‫املجال ملا يحققه من تلبية احتياجات النساء‬ ‫دون إحراج أو مشاكل‪ ،‬إضافة إىل كونه‬ ‫مصدر دخل يضمن يل االستقاللية املادية”‪.‬‬ ‫وتؤكد أن التدريب كان ممتعاً‪ ،‬وحدثاً فريداً‬ ‫من نوعه‪ ،‬واستطاعت املتدربات خالله‬ ‫إثبات قدرة وكفاءة بحسب شهادة املدربني‪،‬‬ ‫وأعربت دعاء عن سعادتها بدخولها مع‬ ‫زميالتها سوق العمل والوصول ملرحلة‬ ‫التطبيق العميل‪ ،‬من خالل عملهن يف مركز‬ ‫الصيانة والتسويق اإللكرتوين لصقل خرباتهن‬ ‫املعرفية‪.‬‬ ‫غري إن األمر ليس بهذه البساطة يف مجتمع‬ ‫يعد محافظاً؛ حيث مل تخفي دعاء ما تعرضت‬ ‫له مع زميالتها من انتقادات متالحقة من‬ ‫محيطها‪ ،‬وأنهن غري قادرات عىل خوض‬ ‫التجربة واقتحام املجال‪ ،‬والذي دفعها‬ ‫للتمسك بكل ثقة يف املتابعة واالستمرار‪،‬‬ ‫وعن ذلك تقول‪“ :‬هناك من راهن عىل‬ ‫فشلنا‪ ،‬لكن هذا دافع للنجاح ومحفز لنثبت‬ ‫العكس‪ ،‬وسنظل نكافح إلثبات كفاءتنا وتغيري‬ ‫نظرة املجتمع الذي ينتقد عملنا‪ ،‬ويستهجن‬ ‫فكرة دخولنا يف مجال عمل”‪ ،‬واختتمت‬ ‫حديثها الفتة أن هذا القطاع كان فيام مىض‬ ‫حكراً عىل الرجال‪“ ،‬أما اليوم هدفنا يف ذلك‬ ‫تحقيق التمكني االقتصادي وخدمة النساء يف‬ ‫مجتمعنا وكرس الصورة النمطية السائدة”‪.‬‬

‫قضايا املرأة‬

‫مل تعد منار مضطرة لحذف صورها الشخصية ومقاطع الفيديو‬ ‫من هاتفها الجوال عند إرساله للصيانة أو عند بيعه؛ حيث‬ ‫باتت تشعر باألمان بعد افتتاح أول مركز للصيانة بإرشاف كادر‬ ‫نسايئ يف إدلب‪ ،‬وقامت منظمة “بارقة أمل” الخاصة بتمكني‬ ‫املرأة بافتتاح مركز الصيانة النسايئ يف املدينة‪ ،‬األمر الذي يعترب‬ ‫حدثاً جديداً ومميزاً يف املنطقة‪ ،‬يهدف إىل متكني املرأة يف مجال‬ ‫الصيانة إىل جانب حفظ خصوصية هواتف النساء‪.‬‬ ‫وأعربت منار السلوم (‪ 31‬عاماً) املتحدرة من إدلب وشاركت‬ ‫يف افتتاح مركز الصيانة‪ ،‬أنه خطوة إيجابية وفعالة‪ ،‬وعن سبب‬ ‫ذلك تقول‪“ :‬كثرياً ما تضطر املرأة لحذف كل ما يحويه هاتفها‬ ‫من بيانات عند إرساله للصيانة‪ ،‬خوفاً من استباحة خصوصيتها‬ ‫من متطفلني أو (هاكرز) ووقوعه بأيدي غري أمينة”‪ ،‬وبعد افتتاح‬ ‫املركز النسايئ تضيف قائلة‪“ :‬اليوم يعترب أكرث أماناً يف تقديم‬ ‫خدمات الصيانة والربمجة”‪.‬‬ ‫ولدى حديثها ملجلة (طلعنا عالحرية) تقول املرشفة عىل املرشوع‬ ‫سوسن السعيد إن الهدف يف “منظمة بارقة أمل” ملساعدة املرأة‬ ‫ومتكينها “لتكون ركيزة أساسية يف املجتمع وتفعيل طاقاتها‪،‬‬ ‫والوصول بها إىل طور العمل واإلنتاج وتحسني واقعها االقتصادي‬ ‫بعد مرور ‪ 10‬سنوات صعبة”‪ ،‬والتي أثرت بالدرجة األوىل عىل‬ ‫هذه الرشيحة من املجتمع‪.‬‬ ‫وتشري السعيد إىل أنهم درسوا احتياجات النساء يف املجتمع‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع املنظمة الفتتاح مركز صيانة الجواالت والتسويق‬ ‫اإللكرتوين يف مدينة إدلب بتاريخ ‪ 8‬من شهر نيسان املايض‪،‬‬ ‫“لتأمني فرص عمل لعدد من النساء املعيالت‪ ،‬ومساعدة النساء‬ ‫عىل صيانة هواتفهن بأريحية”‬ ‫ونقلت أن الكثري من النساء يفضلن إتالف جهاز املوبايل وعدم‬ ‫بيعه أو إصالحه عىل أن يكشف أحد الغرباء العاملني يف الصيانة‬ ‫عىل صورهنَّ واقتحام خصوصيتهنَّ ‪“ ،‬نظراً لتعاليم ديننا وطبيعة‬ ‫مجتمعنا املحافظ‪ ،‬ومن هنا برزت فكرة املرشوع برضورة‬ ‫الحفاظ عىل خصوصية النساء‪ ،‬وإمكانية وصولهنَّ إىل هذه‬ ‫الخدمة بشكل مريح”‪.‬‬ ‫وأكدت السعيد أن املستفيدات خضعن لفرتة تدريب استمرت‬ ‫شهرين متتابعني‪ ،‬مع اعتامد معياري العمر والخربة وفق معايري‬ ‫ورشوط محددة‪“ ،‬منها حصول املتدربة عىل شهادة الثانوية كحد‬ ‫أدىن‪ ،‬ووجود الرغبة بالتعامل مع اإللكرتونيات‪ ،‬وإتقان املتدربة‬ ‫للغة اإلنكليزية مبستوى جيد‪ ،‬وكونها مسؤولة عن إعالة أشخاص‬ ‫آخرين”‪.‬‬


‫‪....‬تتمة من صفحة ‪3‬‬

‫‪12‬‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫مقاالت‬

‫االحتالل أخىل دوره لألمل بتفكيك نظام األبرتهايد‬ ‫عرب تحدّيه بوعي يربط بني كل مواقع الفلسطينيني يف‬ ‫املساحة بني البحر والنهر‪.‬‬ ‫عىل مستوى آخر من الوعي الجديد هذا يكمن‬ ‫الطائفي البغيض‪ .‬فقد شوهد‬ ‫الرفض القاطع للتقسيم‬ ‫ّ‬ ‫أبناء املجتمع الفلسطيني يه ّبون إىل نشاطاتهم بعلم‬ ‫موحد‪ .‬وهو فعل واع يتحدّى الترشذم‬ ‫فلسطيني واحد ّ‬ ‫الداخيل‪ ،‬وتهافت العقائد القدمية العلامنية منها‬ ‫والدينية‪ّ ،‬‬ ‫املؤطرة يف تشكيالت سياسية يبدو أنها يف‬ ‫نهاية أيامها‪ .‬بداللة أن ‪ 50%‬من العرب الفلسطينيني‬ ‫يف االنتخابات الرشعية األخرية يف إرسائيل قاطعوا‬ ‫االنتخابات‪ .‬وقد برزت فئة الشباب بني املقاطعني‪.‬‬ ‫من وعي املكان إىل وعي املعنى!‬ ‫أمكننا أن نرى ما يحصل بني العرب الفلسطينيني يف‬ ‫الداخل عىل أنه ذاك االنتقال من الوعي باملكان‪ ،‬عىل‬ ‫اعتبار أنه الذي ُيش ّكل الهوية‪ ،‬إىل الوعي بالجامعة‬ ‫ككيان ذي معنى ينبغي حاميته وتعزيزه‪ .‬أي إىل‬ ‫تحويل الكرامة اإلنسانية الجامع ّية‪ ،‬ورفض القهر‪،‬‬ ‫إىل محور النضال والخطاب‪ .‬وهو رفض للقهر يف غزة‬ ‫وحيفا وجنني والخليل والنقب والجليل‪ .‬هو الرفض‬ ‫ذاته لنظام املستع ِمرين الذين لن يستطيعوا بعد‬ ‫اآلن تقسيم الوعي الفلسطيني جغراف ًيا والسيطرة‬ ‫عليه‪ .‬أو لنقلها بكلامت أخرى‪ :‬هو عدم الوقوع يف ّ‬ ‫فخ‬ ‫“ثقافة الحاجة” أو إغراء “الخالص الفردي” يف “جنّة‬ ‫إرسائيل”‪.‬‬ ‫فإرسائيل الرسمية التي اجتهدت يف العقود األخرية‬ ‫ّ‬ ‫للبث يف وعي الفلسطينيني بأن قضيتهم خارسة‪ ،‬وأن‬ ‫قدرهم أن يكونوا أيدي عاملة رخيصة يف املستوطنات‪،‬‬ ‫وجدت نفسها أمام جيل يؤ ّكد أن السالم مع اإلمارات‬ ‫ال ُينقذها‪ ،‬وكذلك التطبيع مع املغرب‪ ،‬ألن يف الباب‬ ‫ستة ماليني فلسطيني يطالبون بحقوقهم كجامعة‪،‬‬ ‫ال س ّيام الحقّ يف املدينة والكرامة اإلنسانية‪ ،‬وأنهم‬ ‫ليسوا أفضل من أبناء شعبهم يف الض ّفة وغزة‪ .‬ولننتبه‬ ‫إىل الحراك الذي بدأ يف مدن الضفة وريفها يف األ ّيام‬ ‫األخرية‪ ،‬وهو يتالقى مع النضال الشبا ّيب يف مدن‬ ‫الساحل‪.‬‬ ‫لقد أدرك هذا الجيل أن مسألة التحرير والتح ّرر ال‬

‫الفلسطينيون يف الداخل‬ ‫زمن الوعي العابر للتقسيمات‬

‫ُيكن أن تقع عىل عاتق الشعب الفلسطيني يف‬ ‫املناطق الخاضعة لالحتالل فقط‪ ،‬بل هو شأنهم‬ ‫هم عىل املستوى نفسه‪ .‬هم كأشقائهم ملزمون‬ ‫بنضال ألجل التح ّرر‪ ،‬خاصة وأن “حرياتهم” املكتسبة‬ ‫اتضحت كوهم‪ ،‬خاصة يف املواجهات التي حصلت بني‬ ‫الفلسطينيني يف الداخل وبني السلطات اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫وأوقعت ‪ 13‬شهيداً ومئات اإلصابات‪ .‬يومها أيضاً‪،‬‬ ‫كانت اله ّبة عىل خلفية اقتحام االحتالل لألقىص‪،‬‬ ‫واندالع االنتفاضة الثانية‪ .‬يومها حسب اعتقادي وقع‬

‫تعادل دميوغرايف يف املساحة بني البحر والنهر‪ ،‬وهو‬ ‫تعادل أخاف املؤسسني‪ ،‬فعمدوا إىل التهجري والتطهري‬ ‫العرقي‪ ،‬أو رسم حدود “البيت القومي لليهود” مع‬ ‫ضامن أكرثية ُمطلقة لليهود يف داخلها‪ .‬والثانية ـ مل‬ ‫وحدوا الفلسطينيني‬ ‫ينتبهوا إىل أ ّنهم بهذه الخطوة إمنا ّ‬ ‫وأنقذوهم من الجغرافيا ووهمها‪.‬‬ ‫مل تبدأ هذه السريورة يف السنتني األخريتني‪ ،‬بل كانت‬ ‫نواتها يف فشل اتفاقيات أوسلو‪ ،‬وتبلور وعي أن خيار‬ ‫الدولتني غري قابل للحياة‪ ،‬وأن هناك رضورة السترشاف‬

‫حدث مصمم‪ ،‬أدرك فيه الفلسطينيون يف الداخل‬ ‫أنهم مل يعودوا “مواطنني” أصحاب حقوق وامتيازات‬ ‫قياساً بأشقائهم‪ ،‬وأن عليهم أن يتحملوا قسطهم من‬ ‫املسؤولية والثمن ألجل التح ّرر‪.‬‬

‫التوسع‪ .‬وكان هذا‬ ‫خيار آخر‪ ،‬يتحدى خيار ّ‬ ‫الضم و ّ‬ ‫الوعي أن معركة الفلسطينيني يف الداخل ال تقترص‬ ‫عىل الداخل‪ ،‬ألنه مل يعد هناك داخل وخارج بحكم‬ ‫السياسات اإلرسائيلية وما أنجزته‪ .‬وبات من الالزم‬ ‫تحرير الوعي من إسار الخيار الذي مات‪ ،‬وتطويره‬ ‫ضمن الخيار الذي ولد‪ .‬وهو خيار الدولة الواحدة‬ ‫املفرتض أن تكون بديلة ملنظومة القهر والتمييز‬ ‫العنرصي القامئة اآلن‪.‬‬ ‫لهذه املسالة جوانب أخرى مل أطرقها لضيق املجال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مثل‪ :‬زيادة أعداد الشبان العرب امللتحقني بالجيش‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬أو تحقيق الحركة اإلسالمية بعض اخرتاق‬ ‫لإلجامع الوطني ومحاولتها املكشوفة لتزكية حكومة‬ ‫ميني إرسائيلية صقر ّية‪ .‬هذه جوانب للسريورات‬ ‫العميقة ذاتها وباتجاهات أخرى قد نخصص لها مقاال‬ ‫آخر يف وقت الحق‪.‬‬ ‫يف هذه األثناء يقود الجيل الشاب يف كثري من مواقع‬ ‫التامس معركة حامية األحياء والناس واملمتلكات‪ ،‬وال‬ ‫املدججة‪ ،‬وال املليشيات‬ ‫يرتدد يف مواجهة الرشطة ّ‬ ‫الداعمة لها‪.‬‬

‫محاولةللتلخيص‬ ‫أمكننا القول موضوع ًيا إن الثورات املضادة يف‬ ‫اإلقليم العريب املجاور إلرسائيل منحت إرسائيل‬ ‫تف ّو ًّقا اسرتاتيج ًّيا عىل العرب جميعاً‪ .‬ساعد يف ذلك‬ ‫استعامل “الخطر اإليراين” يف اخرتاق العمق العريب يف‬ ‫الخليج‪ .‬ومن هنا فكرت قياداتها باستثامره من خالل‬ ‫تغيريات ترشيعية مت ّهد لالستحواذ عىل كل فلسطني‬ ‫ضم املناطق املحتلة ك ّلها‪ ،‬وتحويل نهر‬ ‫التاريخية؛ عرب ّ‬ ‫األردن إىل الحدود الرسمية الرشقية إلرسائيل‪ .‬ويف‬ ‫القانون الدستوريّ من العام ‪ ،2018‬املس ّمى بـ”قانون‬ ‫القومية”‪ ،‬قرر الربملان اإلرسائييل أن حقّ تقرير املصري‬ ‫يف أرض إرسائيل هو حرص ًّيا للشعب اليهودي‪ .‬وإن‬ ‫جاء القانون من تف ّوق اسرتاتيجي ّإل أنه انطوى عىل‬ ‫ثغرتني يف املرشوع اإلرسائييل‪ :‬األوىل ـ أنه أفىض إىل‬


‫جائزة القدم يف الفم‬ ‫‪13‬‬ ‫بشرى البشوات‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫مقاالت‬

‫“أنا أعرف من أنا‪ ،‬وال أحد يعرف من أنا‪ ،‬فإذا‬ ‫كنت زرافة‪ ،‬وقال أحد إنني ثعبان‪ ،‬فأنا أعتقد ال‪،‬‬ ‫أنا زرافة”‬ ‫جملة قالها املمثل األمرييك “ريتشارد غري”‪ ،‬فحصل‬ ‫من خاللها عىل جائزة “القدم يف الفم”‪.‬‬ ‫متنح جائزة القدم يف الفم ألسخف وأغبى التعليقات‬ ‫والترصيحات التي تصدر عن شخصية عامة‪،‬‬ ‫سياسية كانت أم فن ّية أو إعالم ّية‪ ،‬وقد تأسست‬ ‫الجائزة يف العام ‪.1993‬‬ ‫ما من حاجة لرشح معنى الجائزة فحني تطلق‬ ‫شخصية عامة ترصيحاً أو تعليقاً سخيفاً يوضح‬ ‫بجالء تام مدى غباء وسخف هذه الشخصية‬ ‫وضحالتها الفكر ّية واملعرف ّية‪ ،‬فهذا يعني بأن هذا‬ ‫الشخص قد وضع قدمه يف فمه‪.‬‬ ‫تم تقديم الجائزة عرشين مرة‪ ،‬وقد حصل‬ ‫السياسيون عىل الجائزة مرات أكرث من أي مجموعة‬ ‫أخرى من األشخاص‪ ،‬حيث حصلوا عليها يف ‪14‬‬ ‫مناسبة!‬ ‫ً‬ ‫يبدو الرقم كبريا مقارنة مع مرات تقديم الجائزة‪.‬‬ ‫يتحدث الطب عن مرض يصيب الحيوانات يدعى‬ ‫“الحمى القالعية” (الفم والقدم) تصاب به‬ ‫حيوانات مثل األبقار واألغنام والغزالن‪ ،‬وهو مرض‬ ‫فريويس مع ٍد‪ .‬تبدأ شفاه الحيوان يف التورم‪ ،‬وتنترش‬ ‫الفقاعات باللثة والبلعوم‪ ،‬وقد تنفجر مسببة قروحاً‬ ‫ملتهبة ومؤملة‪ .‬وبالتايل ميتنع الحيوان املصاب عن‬ ‫تناول العالئق‪ ،‬ويف بعض الحاالت تظهر الفقاعات‬ ‫يف األقدام ف ُيصاب الحافر بااللتهابات الشديدة‪ ،‬فال‬ ‫يستطيع الحيوان امليش ويسري وهو يعرج قلي ًال‪.‬‬ ‫يشرتك اإلنسان مع الحيوان يف هذا املرض‪ ،‬فيصاب‬ ‫املرء بالقالع الفموي‪ ،‬ويصري من الصعب عليه‬ ‫األكل‪ ،‬ويف مرات قليلة يشعر بالضيق حني يتكلم‪.‬‬ ‫لكن الحيوان ال يشرتك مع اإلنسان يف حفلة‬ ‫التفاهة؛ فهام يصالن إىل عتبة األمل دون أن يقطعا‬ ‫خط الضحالة سو ّيا‪.‬‬ ‫تكون التعليقات التي يتفوه بها أشخاص مهمون‬ ‫دامئاً موضع اهتامم‪ ،‬ولطاملا ُس ّلط عليها الضوء‪،‬‬ ‫خصوصاً يف عرص اإلعالم وتنامي وسائل االتصال‬ ‫برسعة مهولة‪ ،‬تستطيع الكامريات وأجهزة تسجيل‬ ‫الصوت أن تلتقط ّ‬ ‫أدق التفاصيل التي تصدر عن‬

‫هذه الشخصيات‪.‬‬ ‫وقد استطاع اإلعالم يف‬ ‫السنوات األخرية أن‬ ‫ينصب نفسه حارساً وناق ًال‬ ‫ّ‬ ‫للحدث‪ ،‬ال وبل محاك ًام‬ ‫أيضاً؛ مفرساً ومعل ًال‪ ،‬وهذا‬ ‫ما م ّهد الطريق أمام هذه‬ ‫الجائزة والتي يبدو بأن‬ ‫صورة لقرية مهجرة من الجوالن املحتل‬ ‫اإلعالم ذاته مل يحفل بها‬ ‫ً‬ ‫تلفظ لها اسام أخر‪.‬‬ ‫بالقدر املطلوب لكنها موجودة عىل أي حال‪.‬‬ ‫يف النصف الثاين من سنة ‪ 2011‬يف تجمع من تقول فيام تقول‪“ :‬يف ذلك العام وحني كنا يف‬ ‫تجمعات النازحني (نازحي الجوالن السوري) يف البالد‪ ”..‬وتقصد يف تلك السنوات التي خلت‬ ‫جنوب دمشق‪ ،‬وتحديداً يف منطقة الذيابية‪ ،‬رضب قبل أربع وخمسني عاماً‪ ..‬قبل أن ّ‬ ‫تحل النكسة‬ ‫ضابط األمن بقدمه ظهر األرض‪ ،‬وبجهل كامل ألكرث وتحملها وعائلتها الكبرية إىل أطراف دمشق‪ ،‬حيث‬ ‫القضايا السورية حساسية عىل مدى عقود مضت‪ ،‬تعيش إىل اآلن‪ ،‬متتلك جديت ذاكرة عبقرية عن تلك‬ ‫خاطب الرجل الذي تخطى الثامنني من عمره‪ ،‬البالد‪ ،‬بالد الريح والرتاب والحجارة السوداء‪.‬‬ ‫والذي يقف بباب دكانه بعد أن سحب منه بطاقته وأجزم لو أنها سمعت بجائزة القدم بالفم‬ ‫الشخصية‪ ،‬نظر الضابط إىل الرجل مندهشاً‪ ،‬بعد أن لطالبت مبنحها لهذا العنرص بكل ترحيب‪ ،‬أوعىل‬ ‫ّ‬ ‫وصف األقل ستطالب مبنحها لسيده الرئيس عن مجمل‬ ‫نطق العجوز بجملة قصرية‪ ،‬فانربى العنرص‬ ‫جملة حملت يف طياتها مغالطة تاريخ ّية وسياس ّية ترصيحاته العبقر ّية‪ ،‬لينتظم يف ّ‬ ‫صف الحاصلني‬ ‫وجغرافية عظيمة‪ ،‬وقد أنشأ تصوره بناء عىل لهجة عليها من جورج بوش االبن‪ ،‬إىل رامسفيلد‪،‬‬ ‫وسيلفيو برلسكوين ودونالد ترامب إىل جانب‬ ‫العجوز التي بدت له معروفة متاماً‪.‬‬ ‫قال العنرص للرجل‪“ :‬أنتم الفلسطينية ال تخجلون عارضة األزياء ناعومي كامبل‪.‬‬ ‫من ترصفكم هذا‪ ،‬سورية فتحت لكم أبوابها إنها البالد‪ ..‬البالد التي مألت أفواهنا وأقدامنا‬ ‫واحتضنتكم وربتكم وعلمتكم لتخرجوا إلينا اآلن ُقالعاً‪.‬‬ ‫إنه الظلم وال يشء عداه‪ ،‬ونحن الضحية التي‬ ‫باملظاهرات”‪..‬‬ ‫سقطت املفاجأة عىل صاحب الدكان الذي مل يعرف تتلقى املالمة دامئا‪ً.‬‬ ‫كيف يكتم دهشته وخوفه يف آن‪ ،‬يبدو بأن ُقالعا الجمهور الذي يتكون من جديت وهذا العجوز‪،‬‬ ‫يقفان أمام هذا الضابط الذي يس ّمي البالد كيفام‬ ‫قد ظهر فجأة يف فمه!‬ ‫يغي يف خارطتها ومتوضعها‪ ،‬يريد أن يشطب‬ ‫وظهر يف قدمه أيضاً جعله عاجزاً للحظة عن يشاء‪ّ ،‬‬ ‫يف لحظة متعمدة تاريخ منطقة ورد ذكرها ما قبل‬ ‫الحركة‪.‬‬ ‫اإلسالم وحتى يف العهد القديم‪.‬‬ ‫“لكنني لست فلسطينياً‪ ..‬أنا من الجوالن!”‪.‬‬ ‫ر ّد الضابط‪“ :‬أعرف أنك من الجوالن‪ ..‬أقرأ هذا ‏‪‎‬يف كتابه “الحياة السائلة” تحدث عامل االجتامع‬ ‫هنا‪ ..‬وواضح من لهجتك أيضاً‪ ،‬وأعرف بأن الجوالن البولندي “زيكموند باومان” عن هذه النقطة‬ ‫يف فلسطني ومع إرسائيل‪ ،‬وبسببكم أنتم نعاين نحن قائ ًال‪“ :‬إن الناس عندما يعلمون أن هناك ظل ًام‬ ‫يقع وأنهم ال ميلكون القدرة عىل رفع هذا الظلم‪،‬‬ ‫من إرسائيل طوال عقود مضت”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الريح عىل وجه األرض من فإنهم يلقون تلقائياً باللوم عىل الضحية”‪.‬‬ ‫الجوالن ما َتجول به ُ‬ ‫وح ًص هكذا هي يف اللغة‪ ،‬بينام تسم ّيها فكيف إذا كان “الناس” هم الجالد‪ ،‬ويعرفون‬ ‫ُتراب َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جديت التي تجاوزت السبعني عاما‪ ،‬تسم ّيها البالد‪ ،‬ال الضحية متاما‪ ،‬ويعرفون متى وكيف رسقت البالد؟!‬


‫‪14‬‬

‫ّ‬ ‫قاس‬ ‫بعام‬ ‫ينذر‬ ‫األمطار‬ ‫شح‬ ‫ٍ‬ ‫تراجع موسم القمح وتوقعات بربع قيمة اإلنتاج‬ ‫القطاع الزراعي دخل مرحلة املوت السريري!‬ ‫القامشلي‪ :‬هديل سالم‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫تقارير‬

‫بلغت مساحة األرايض الزراعية يف منطقة الجزيرة‬ ‫السورية بني مروية ومزروعة هذا العام‪ ،‬أكرث من‬ ‫مليون و‪ 800‬ألف هكتار‪ ،‬منها مليون و‪ 200‬ألف‬ ‫هكتار كانت مزروعة بع ًال‪ ،‬بينام بقيت ‪ 300‬ألف‬ ‫هكتار فقط مروية عىل اآلبار واملياه الجوفية‪.‬‬ ‫وبلغ إنتاج مناطق اإلدارة الذاتية من محصول‬ ‫القمح ‪ 900‬ألف طن تقريباً عامي ‪ 2019‬و ‪،2020‬‬ ‫منها ‪ 600‬ألف طن كمخزون للبذار وصناعة الخبز‪،‬‬ ‫أما موسم هذا العام وبحسب تقديرات خرباء‬ ‫اقتصاديني ومسؤويل اإلدارة الذاتية سيكون ثلث‬ ‫إنتاج كل عام‪ ،‬بعد خروج املساحات املزروعة‬ ‫جراء انخفاض كميات األمطار املوسمية‪ ،‬والتي‬ ‫باتت مرعى لألغنام‪ ،‬وتحولت ملساحات جافة تنذر‬ ‫قاس‪ ،‬األمر الذي سيزيد حاجة سوريا إىل رشاء‬ ‫بعام ٍ‬ ‫القمح‪ ،‬ما يعني غالء أسعار الخبز‪ ،‬وتفاقم أزمة‬ ‫الرغيف‪.‬‬ ‫وتخضع الجزيرة السورية إىل نفوذ اإلدارة الذاتية‬ ‫وجناحها العسكري (قوات سورية الدميقراطية)‬ ‫(قسد) املدعومة من تحالف دويل تقوده الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ .‬ولدى حديثه إىل مجلة (طلعنا‬ ‫عالحرية) يقول سلامن بارودو رئيس هيئة الزراعة‬ ‫واالقتصاد باإلدارة عن الخطط االسرتاتيجية التي‬ ‫وضعتها اإلدارة إلنقاذ العجز يف القطاع الزراعي من‬ ‫خالل‪“ :‬تأمني كافة املستلزمات الزراعية للفالحني‬ ‫واملزارعني من بذار وأسمدة ومحروقات بأسعار‬ ‫مدعومة تنافس سعر السوق‪ ،‬خاصة محصول‬ ‫القمح كون هذه املادة من دعائم األمن الغذايئ”‪.‬‬ ‫وعن اإلجراءات اإلسعافية التي قدمتها اإلدارة‬ ‫الستدراك تلف القسم املروي من املحاصيل‪،‬‬ ‫يضيف‪“ :‬سنقدم املحروقات بزيادة سقوتني عن‬ ‫املوسم السابق”‪.‬‬ ‫وكشفت منظمة األمم املتحدة لألغذية والزراعة‬ ‫“الفاو” يف تقرير صدر عنها نهاية العام املايض‪ ،‬أن‬ ‫سوريا باتت تنتج من القمح ثلث الكمية مقارنة‬ ‫مع إنتاج القمح يف عام ‪ 2019‬والذي قدر بنحو ‪2.2‬‬

‫مليون طن مقابل ‪ 1.2‬مليون‬ ‫طن لعام ‪ ،2018‬بينام قدر إنتاج‬ ‫سوريا من القمح قبل عام ‪2010‬‬ ‫بنحو ‪ 4.1‬ماليني طن‪.‬‬ ‫ويهدد الجفاف هذا العام إنتاج‬ ‫القمح يف سوريا عموماً‪ ،‬ويف‬ ‫منطقة الجزيرة بشكل خاص‪.‬‬ ‫وح ّمل السيايس الكردي “أكرم‬ ‫حسو” والذي شغل رئيس املجلس التنفيذي إلقليم‬ ‫الجزيرة لعدة سنوات‪ ،‬املسؤولية كاملة عىل كاهل‬ ‫اإلدارة الذاتية‪“ :‬بسبب عجزها عن دعم القطاع‬ ‫الزراعي ودخوله مرحلة “املوت الرسيري””‪،‬‬ ‫بحسب وصفه ملجلة (طلعنا عالحرية)‪.‬‬ ‫داعياً سلطات اإلدارة برضورة دعم املساحات‬ ‫املروية املزروعة مبحصول القمح‪“ ،‬ورفع سعر رشاء‬ ‫القمح لعتبة ‪ 50‬سنتاً لتعويض التكاليف والخسائر‬ ‫التي يتكبدها املزارع”‪.‬‬ ‫إذ وصل معدل هطول األمطار هذا العام بشكل‬ ‫نسبي إىل ما يقارب ‪ 140‬ملم‪ ،‬وهي كمية غري كافية‬ ‫إلنتاج موسم زراعي جيد‪ ،‬بينام كانت معدالت‬ ‫هطول األمطار يف األعوام السابقة ‪ 400‬ملم‪ ،‬حسب‬ ‫إحصائيات هيئة الزراعة‪.‬‬ ‫وتحولت سوريا من دولة مكتفية ذاتياً بالقمح‬ ‫والخبز إىل دولة جائعة تقرتب من مستويات الفقر‬ ‫املدقع‪ ،‬بعدما دمرت ثروتها الزراعية والحيوانية‪.‬‬ ‫ووفق إحصاءات منظمة الصحة العاملية‪ :‬يعيش‬ ‫أكرث من ‪ 90%‬من السكان تحت خط الفقر‪.‬‬ ‫وكان اآلالف من الفالحني والعامل املياومني‬ ‫يكسبون عيشهم من خالل العمل يف املواسم‬ ‫الزراعية‪ ،‬يف سقاية وجني املحاصيل‪ ،‬ومنها العطرية‬ ‫والبقوليات والعمل يف التعبئة والنقل‪ ،‬أو كعامل‬ ‫وسائقني للحصادات الزراعية‪.‬‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬كان لسوء الواقع الزراعي أثره السلبي‬ ‫عىل الصيدليات الزراعية أيضاً‪ ،‬وضعف الطلب عىل‬ ‫رشاء أنواع من األسمدة واملبيدات‪ ،‬واقتصاره عىل‬

‫كميات محدودة للمحاصيل املروية‪.‬‬ ‫يقول املهندس الزراعي “محمد فتاح” ملجلة (طلعنا‬ ‫عالحرية)‪“ :‬كان من املمكن تدارك خسارة املواسم‬ ‫الزراعية لهذا العام‪ ،‬لو بذل جهد إضايف لوضع‬ ‫خطة اسرتاتيجية بعيدة املدى‪ ،‬وتخزين كميات‬ ‫من املياه خلف السدود‪ ،‬واالستفادة منها خالل‬ ‫سنوات الجفاف”‪ ،‬ومن األسباب التي زادت من‬ ‫احتاملية تهديد األمن الغذايئ للمنطقة‪ ،‬ويضيف‬ ‫فتاح‪“ :‬توجه املزارعون يف السنوات السابقة إىل‬ ‫زراعة األنواع العطرية والطبية كـ(حبة الربكة‪،‬‬ ‫اليانسون‪ ،‬الكمون‪ ،‬الكزبرة) والتي تحدد قيمتها‬ ‫بالعملة األجنبية‪ ،‬وبالتايل االبتعاد عن املحاصيل‬ ‫االسرتاتيجية كالقمح والشعري”‪.‬‬ ‫وبشتى الوسائل حاول املزارعون إنقاذ املحاصيل‬ ‫من الجفاف‪ ،‬ومنهم من اضطر لتشغيل اآلبار‬ ‫االرتوازية‪ ،‬وتكبد خسائر مالية لن يعوضها بيع‬ ‫املحصول‪ ،‬ويعزو فتاح السبب إىل‪“ :‬عدم سقاية‬ ‫املزروعات البعلية بعد رشها باملبيدات خالل فرتة‬ ‫وجيزة”‪ ،‬وعرب عن أمله أن تكون املساحات املروية‬ ‫طوق النجاة للقطاع الزراعي‪.‬‬ ‫أما سلامن بارودو املسؤول باإلدارة الذاتية فأكد‬ ‫أن األخرية ألقت عىل عاتقها تسهيل كافة إجراءات‬ ‫إنشاء معامل ومصانع لتدارك خسارة هذا املوسم‪،‬‬ ‫من معامل األعالف ومحالج األقطان‪ ،‬أو أي منشأة‬ ‫زراعية ذات جدوى اقتصادية‪ ،‬واختتم حديثه‪:‬‬ ‫“نعمل وفق اإلمكانيات املوجودة وتسهيل كافة‬ ‫املواد املستوردة يف سبيل تطوير القطاع الزراعي”‪.‬‬


‫اخنفاض منسوب املياه اجلوفية يزيد من‬ ‫معاناة السكان يف ريف حلب الشمالي‬

‫‪15‬‬ ‫حسين الخطيب‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫حيث أشرتي كل أسبوع صهريجاً كام ًال من املياه‬ ‫(‪ 5‬أالف ليرت) ويبلغ مثنه ‪ 40‬لرية تركية‪ ،‬أي أنا‬ ‫بحاجة إىل ‪ 160‬لرية تركية يف الشهر لتعبئة‬ ‫املاء”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬مرصوفنا من املياه يزداد خالل فصل‬ ‫الصيف‪ ،‬وحاجتنا إىل املياه رضورية ال ميكن‬ ‫التخيل عنها‪ ،‬ولذلك أدفع حوايل ثلث راتبي‬ ‫شهرياً لتعبئة مياه الرشب”‪ ،‬وأوضح‪“ :‬قدمنا‬ ‫الكثري من الطلبات ملكتب الخدمات لتزويدنا‬ ‫باملاء‪ ،‬إال أنهم يضعون الكثري من العواقب‬ ‫أبرزها انخفاض منسوب املياه وعدم إمكانية‬ ‫ضخها إىل مسافات محيط املدينة‪ ،‬ألنها مربوطة‬ ‫بأحياء كاملة وال يصلنا إال القليل منها”‪.‬‬ ‫أما عبد الرحمن حاج عمر إنه بدأ يرشب من‬ ‫املياه التي تحتوي عىل ترسبات كلسية‪ ،‬والتي‬ ‫تصل إىل منزله من رشكة املياه عرب أنابيب املياه‪،‬‬ ‫مام سيزيد من معاناته فهو يعاين من مرض‬ ‫مزمن يف الكىل‪ .‬وأضاف‪“ :‬املياه التي تصلنا عرب‬ ‫األنابيب غري صح ّية‪ ،‬وهي ليست مشكلة يوم‬ ‫أو اثنني وينتهي األمر‪ ،‬وإمنا مشكلة قد تستمر‬ ‫طوال العام‪ ،‬ألن املياه يتم استجرارها من‬ ‫أعامق اآلبار‪ ،‬وغالباً سننتظر حتى الشتاء املقبل‬ ‫من أجل هطول األمطار بالكم الكايف‪ ،‬لتزويد‬ ‫املياه الجوفية”‪.‬‬ ‫مسؤول رشكة املياه التابعة للمجلس املحيل‬ ‫يف مدينة مارع بريف حلب الشاميل يوسف‬ ‫الحجي يقول خالل حديثه ملجلة (طلعنا‬ ‫عالحرية)‪“ :‬إن انخفاض منسوب املياه بشكل‬ ‫عام يف ريف حلب ساهم يف تردي خدمة املياه‬ ‫وتعكرها‪ ،‬حيث أصبحت املضخات تسحب‬

‫املياه من النبع‪ ،‬حيث وجود (الحوارة) املياه‬ ‫الكلسية”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬إن ارتفاع أعداد السكان يف مدن ريف‬ ‫حلب‪ ،‬حيث بلغ عدد النازحني واملهجرين أكرث‬ ‫من الضعف‪ ،‬باإلضافة إىل التوسع العمراين الذي‬ ‫تشهده املنطقة‪ ،‬وسوء تصميم شبكات املياه‬ ‫القدمية والتي نفذت بطريقة غري مدروسة‬ ‫لفرتات طويلة‪ ،‬بحيث ال ميكنها تغطية كافة‬ ‫أحياء املدينة”‪.‬‬ ‫وأوضح‪“ :‬املخالفات كثرية من قبل األهايل؛ حيث‬ ‫يقوم البعض منهم بوصل املياه إىل منازلهم دون‬ ‫مراجعة مكتب املياه‪ ،‬كام ال توجد رقابة فعلية‪،‬‬ ‫عىل هذا املوضوع من قبل السلطات املحلية‬ ‫بسبب تردي الوضع األمني يف املنطقة والتعدي‬ ‫املبارش عىل األمالك العامة‪ ،‬دون التقيد بوجوب‬ ‫عملية دفع فواتري املياه شهرياً”‪.‬‬ ‫وتبحث املجالس املحلية تقديم حلول عديدة‪،‬‬ ‫منها حفر “آبار عربية” التي تتميز بعمقها‬ ‫داخل املدن‪ ،‬إىل جانب وعود من الحكومة‬ ‫السورية املؤقتة التي تتخذ من مدينة اعزاز‬ ‫مقراً لها‪ ،‬ومنظامت غري حكومية عديدة من‬ ‫أجل توسعة شبكات املياه وإصالحها‪.‬‬ ‫وتقدم املجالس املحلية الخدمات اللوجستية‬ ‫والتشغيلية لرشكات املياه‪ ،‬من حيث الرواتب‬ ‫ومصاريف الكهرباء‪ ،‬وتشتغل مضخات املياه‬ ‫ملدة ‪ 20‬ساعة يومياً لتضخ املياه إىل منازل‬ ‫األهايل عرب شبكات املياه‪ ،‬حيث تقسم عىل‬ ‫األحياء ملدة أربع ساعات أسبوعياً‪ ،‬عىل دورتني‪،‬‬ ‫كل دورة ساعتني‪ ،‬وتبقى عىل الرغم من ذلك‬ ‫املياه الواصلة إىل املنازل غري كافية لألهايل‪.‬‬

‫تقارير‬

‫بدأ منسوب املياه الجوفية (ماء الرشب) باالنخفاض‬ ‫تدريج ًيا بريف حلب الشاميل بالتزامن مع ارتفاع‬ ‫درجات الحرارة واقرتاب فصل الصيف‪ ،‬وحاجة األهايل‬ ‫الرضورية ملياه الرشب‪ ،‬حيث بدأ األهايل يشتكون من‬ ‫انعدام توفر مياه الرشب التي تصل إىل منازلهم عرب‬ ‫مضخات املياه الخاصة بالخدمات البلدية املقدمة‬ ‫لهم بشكل دوري أسبوع ًيا‪ ،‬بينام يشتيك آخرون من‬ ‫احتواء املياه عىل ترسبات كلسية‪ ،‬يف حال وصولها إىل‬ ‫منازلهم عرب أنابيب املياه‪ ،‬حيث يظهر تغيري واضح‬ ‫بلونها‪.‬‬ ‫ويبدو أن شح الهطوالت املطرية والثلجية يف فصل‬ ‫الشتاء من أبرز األسباب التي ساهمت يف انخفاض‬ ‫منسوب املياه‪ ،‬إىل جانب ارتفاع أعداد اآلبار‬ ‫العشوائية الزراعية وغري الزراعية‪ ،‬واعتامد الفالحني‬ ‫عىل مياه اآلبار لري محاصيلهم بسبب ندرة الهطوالت‬ ‫املطرية شتا ًء‪ ،‬والتي ساهمت بدورها يف تراجع إنتاج‬ ‫املحاصيل الزراعية‪.‬‬ ‫املهندس الزراعي قيس حالوة‪ ،‬يقول خالل حديثه‬ ‫ملجلة (طلعنا عىل الحرية)‪ :‬إن “عشوائية حفر آبار‬ ‫املياه الزراعية يف محيط البلدات‪ ،‬وعدم خضوعها‬ ‫لرقابة فعلية من السلطات املحلية واعتامد الفالحني‬ ‫عىل ري محاصيلهم الزراعية عرب اآلبار بسبب شح‬ ‫هطول األمطار ساهم بانخفاض منسوب املياه‬ ‫الجوفية”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬االنخفاض الذي جرى يف منسوب املياه‬ ‫الجوفية أجرب عامل قطاع املياه عىل استجرار املياه من‬ ‫قاع اآلبار حيث كان بالسابق يتم استجرارها عىل بعد‬ ‫‪ 60‬مرتاً حيث املياه الراقدة‪ ،‬أما اآلن فيتم استجرارها‬ ‫عىل بعد يفوق الـ ‪ 100‬مرت‪ ،‬مام جعل املاء تحتوي‬ ‫عىل ترسبات كلسية”‪.‬‬ ‫ويشتيك األهايل بريف حلب الشاميل من تغري لون‬ ‫كاف إىل منازلهم‬ ‫املياه‪ ،‬إىل جانب ندرة وصولها بشكل ٍ‬ ‫وخاصة خالل فصل الصيف‪ ،‬مام يدفعهم إىل رشاء‬ ‫املاء من خالل صهاريج املياه التي يتم نقلها من اآلبار‬ ‫الخاصة من محيط املدن والبلدات‪.‬‬ ‫ويقول حسان الخطيب أحد أهايل مدينة مارع بريف‬ ‫حلب الشاميل ملجلة (طلعنا عالحرية)‪“ :‬ال تصل املياه‬ ‫إىل منزيل الكائن يف محيط املدينة عىل اإلطالق‪ ،‬مام‬ ‫يضطرين إىل رشاء صهريج مياه الرشب بشكل دوري؛‬


‫ّ‬ ‫حسان ع ّباس يف كتابني‬ ‫ً‬ ‫حمتفيا باجلسد السوري وحمتفى به حبياته‬

‫‪16‬‬ ‫غسان ناصر‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬ ‫ثقافة‬

‫قبل أيام من رحيله املبكر‪ ،‬املوجع‪ ،‬أعلن الكاتب‬ ‫والباحث األكادميي واملثقف املوسوعي السوري‬ ‫حسان ع ّباس‪ ،‬يف منشور له عىل جدار‬ ‫الدكتور ّ‬ ‫ّ‬ ‫صفحته يف موقع “فيسبوك”‪ ،‬أن كتابه األخري‬ ‫املوسوم بـ “الجسد يف رواية الحرب السورية”‪،‬‬ ‫صدر عن “املعهد الفرنيس للرشق األدىن” ‪IFPO‬‬ ‫يف بريوت‪ ،‬وفيه يدرس ‪-‬كام ذكر يف منشوره‪-‬‬ ‫“كيف يتم ّثل الجسد يف خمس عرشة رواية سورية‬ ‫صدرت يف السنوات املاضية”‪.‬‬ ‫حسان ع ّباس‪ ،‬املناضل الصلب من أجل قضايا‬ ‫ّ‬ ‫املجتمع املدين السوري‪ ،‬الذي غادرنا قبيل السنو ّية‬ ‫العارشة للثورة السورية‪ ،‬يف السابع من شهر آذار‪/‬‬ ‫مارس املايض‪ ،‬حظي يف األسابيع األخرية من حياته‬ ‫بتكريم نخبة من رفاق دربه وأصدقائه وتالمذته‬ ‫من مفكرين وكتّاب وشعراء بإصدار كتاب احتفايئ‬ ‫“حسان ع ّباس‬ ‫بسريته ومسريته‪ ،‬حمل عنوان‬ ‫ّ‬ ‫بعيون معارصة”‪ ،‬أرشف عىل تحريره وقدّم له‬ ‫منصة‬ ‫املعارض البارز فايز سارة‪ ،‬وصدر عن ّ‬ ‫“رشكاء” اإللكرتونية‪.‬‬ ‫الجسد السوري يف روايات بنت حكاياتها‪..‬‬ ‫يف مقدمة كتابه “الجسد يف رواية الحرب السورية”‬ ‫حدد د‪ .‬ع ّباس مجموعة تعريفات ملفردات دراسته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مستعرضا أسباب اختيار الروايات املدروسة (عينة‬ ‫البحث التطبيقية)‪ ،‬وأسئلة البحث وأهميته‪،‬‬ ‫إضافة إىل اختياره (املنهج السوسيونقدي) ليكون‬ ‫تأسيس ًيا يف تحديد مسارات البحث التحليلية‬ ‫بأسلوب ّيات شعر ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف استهالل دراسته يؤكد املؤلف أنه “ال أدب‬ ‫بدون جسد‪ ،‬بدون أجساد‪ ،‬ما دام األدب يحيك‪،‬‬ ‫حكايات تحتاج إىل فاعلني ال ميكنهم ّإل أن‬ ‫يروي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يتم ّثلوا بوجود مادّي”‪.‬‬ ‫ويف تعريفه لـ “رواية الحرب”‪ ،‬يلفت صاحب‬ ‫“املوسيقى التقليدية يف سوريا”‪ ،‬أنه ال يقصد‬ ‫رواية محددة‪ ،‬إمنا هي “الرواية السورية التي بنت‬ ‫حكاياتها عىل أرضية الحرب يف سوريا‪ ،‬والتي ال‬ ‫ميكن فهم وقائعها ودقائقها وطبائع شخصياتها ّإل‬ ‫بداللة هذه الحرب”‪ ،‬مع بيانه صعوبة توسيمه‬

‫“الحرب السورية”‪ ،‬ورفضه ملا ُأطلق عليها دعائ ًيا‬ ‫وبحث ًيا كـ”الحرب الطائفية” أو “الحرب املذهبية”‪،‬‬ ‫بل يراها حر ًبا بدأها نظام ض ّد شعبه‪ ،‬ما لبثت‬ ‫أن تح ّولت إىل “مشهدية حربية عبثية شديدة‬ ‫املأساوية‪ ،‬لتعدد املشاركني فيها من جيوش‬ ‫مختلفة ومرتزقة وجامعات جهادية‪.”..‬‬ ‫الروايات الخمس عرشة املختارة للدراسة والتحليل‪،‬‬ ‫ُكتبت يف سنوات الجمر السورية الدامية؛ سنوات‬ ‫حرب الطاغية عىل الثائرين السوريني ض ّد حكمه‬ ‫الشمويل االستبدادي الطائفي‪ ،‬وهذه الروايات‬ ‫هي‪“( :‬الذئاب ال تنىس” للينا هويان الحسن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫“املشاءة” لسمر يزبك‪“ ،‬بانسيون مريم” لنبيل‬ ‫امللحم‪“ ،‬السوريون األعداء” لفواز حداد‪“ ،‬أيام يف‬ ‫بابا عمرو” و”عائد إىل حلب” لعبد الله مكسور‪،‬‬ ‫“املوت عمل شاق” لخالد خليفة‪“ ،‬الخائفون”‬ ‫مسهم السحر” لروزا ياسني‬ ‫لدمية و ّنوس‪“ ،‬الذين ّ‬ ‫حسن‪“ ،‬نزوح مريم” ملحمود حسن الجاسم‪،‬‬ ‫“موسم سقوط الفراشات” لعتاب شبيب‪“ ،‬مفقود”‬ ‫لحيدر حيدر‪“ ،‬جهنم صغرية لهذه الجنة” لعادل‬

‫محمود‪“ ،‬بائع الهوا” لجميل نهرا‪ ،‬و”طابقان يف‬ ‫عدرا العاملية” لصفوان إبراهيم)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف هذا السياق يوضح د‪ .‬ع ّباس أن خياره لهذه‬ ‫الروايات انتقايئ ال يخلو من “القصد ّية اإلرادو ّية”‬ ‫تم لعدة أسباب هي‪-1( :‬اعتامد‬ ‫وفق تعبريه‪ ،‬وأنه ّ‬ ‫البحث املنت النموذجي وليس البانورامي‪.‬‬ ‫‪ -2‬مرحلية البحث لعدم اكتامل املشهد النهايئ‬ ‫للرواية كون أحداث الحرب مل تنته‪ 3- .‬شمولية‬ ‫االختيار عرب تجنّب التأثريات العاطفية أو النقدية‬ ‫أو السياسية أو الدعائية)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُيقسم د‪ .‬ع ّباس دراسته لتمثالت الجسد أدب ًيا إىل‬ ‫خصائص مادّية متعلقة باملظهر العام املمنوح‬ ‫للشخصيات‪ ،‬وخصائص المادّية متعلقة بالبنية‬ ‫مستخلصا يف محور حمل‬ ‫الداخلية للشخصيات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عنوان “البدانة والنحول”‪ ،‬أن الكثري من الروايات‬ ‫ُتط ّبق نوعًا من التصنيف الذي يربط بني حجم‬ ‫جسد الشخصية وسلوكياتها‪.‬‬ ‫وير ّكز الباحث األكادميي يف بحثه هذا عىل دراسة‬ ‫الوجوه كعنرص رئيس يف مت ّثل الجسد يف الروايات‬ ‫السورية‪ ،‬وذلك من خالل الرتكيز عىل عنرصين‬ ‫اثنني من عنارص الوجه هام‪ :‬العيون وال ّلحى‪،‬‬ ‫التي تظهر تارة يف إشارة إىل اإلسالميني و”أس َل َمة‬ ‫املعارضة” يف روايات معينة‪ ،‬وتارة أخرى ترمز إىل‬ ‫شبيحة النظام‪.‬‬ ‫ّإن آخر مؤ ّلفات الباحث األكادميي السوري‬ ‫الراحل‪ ،‬بحاجة إىل أكرث من وقفة ومراجعات‬ ‫نقدية ستتيحها لنا مساحات أرحب‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫جدير بالقراءة واالهتامم ملن يريد فهم خارطة‬ ‫اإلبداع الروايئ السوري يف سنوات ثورة الحرية‬ ‫والكرامة‪.‬‬ ‫حارس املواطنة يف “مملكة الصمت األسدية”‪..‬‬ ‫املؤسس‬ ‫حسان ع ّباس (‪ ،)2021 – 1955‬الرئيس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومؤسس دار‬ ‫لـ (الرابطة السورية للمواطنة)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نرش “بيت املواطن” ومديرها‪ ،‬الحائز عىل وسام‬ ‫“السعفة األكادميية برتبة فارس” من فرنسا عام‬ ‫‪ .2001‬استحق بجدارة فرسان الكلمة واملواقف‬


‫‪17‬‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬ ‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫خفيف عىل الرأس ونظارتني مستديرتني‪ ،‬بعد إحدى‬ ‫عرشة سنة هناك‪ ،‬وعاد يحمل شهادة دكتوراه يف النقد‬ ‫األديب‪ .‬لكن ما م ّيزه‪ ،‬إمنا حمله لرسالة التنوير الفرنسية‬ ‫بعقالنيتها وبعدها اإلنساين ممزوجة باملبادئ العليا‬ ‫حسان للنظام‬ ‫لإلنسانية والعدالة االجتامعية‪ .‬وبدا ّ‬ ‫عد ًوا مبينًا‪ .‬كان حافظ األسد قد خرج للت ّو من عزلة‬ ‫مقيتة‪ ،‬امتدت سنوات‪ ،‬وشارك يف مؤمتر مدريد‪ ،‬وأفرج‬ ‫عن بعض املعتقلني الذين أمضوا سنوات طويلة يف‬ ‫سجونه‪ ،‬ولكنه مل يكن مهيأ لقبول أفكار املواطنة‬ ‫حسان يف العثور عىل وظيفة‬ ‫والحريات‪ .‬ولذلك فشل ّ‬ ‫أستاذ يف جامعة دمشق‪ ،‬بقرار من وزير التعليم العايل‬ ‫وقتها هاين مرتىض‪ ،‬الذي كان يحايب قرا ًرا أمن ًيا وحزب ًيا‬ ‫لحسان بالتدريس يف الجامعة‪ّ ،‬‬ ‫ولعل‬ ‫بعدم السامح ّ‬ ‫حسان يف املعهد الفرنيس‬ ‫يف الرفض خ ًريا‪ .‬فقد عمل ّ‬ ‫للدراسات العربية‪ ،‬وأدار منه حراكا ثقاف ًيا متم ّيزًا يف‬ ‫مرحلة التسعينات وما تالها‪ ،‬متركز يف دمشق‪ ،‬وامتد‬ ‫إىل أنحاء سورية أخرى”‪.‬‬ ‫فيام كتب الشاعر واملعتقل السيايس السابق فرج‬ ‫بريقدار‪ ،‬املقيم يف السويد‪ ،‬شهادة بعنوان “بشارة‬ ‫“حسان ع ّباس أحد الرموز الذين‬ ‫الحرية”‪ ،‬جاء فيها‪ّ :‬‬ ‫عربوا كل ما أحاط بالسوريني من حواجز ومراصد‬ ‫وأجهزة رقابة وقمع ومصادرة‪ ،‬إىل أن ّ‬ ‫احتل مكانه‬

‫ثقافة‬

‫“حسان ع ّباس بعيون‬ ‫الوطنية النبيلة‪ ،‬كتاب ّ‬ ‫معارصة”‪ ،‬الذي جاء يف (‪ 165‬صفحة من القطع‬ ‫املتوسط)‪ ،‬والذي احتوى بني دفتيه عىل مقاالت‬ ‫وشهادات لعدد من أبرز كتّاب وشعراء سوريا‬ ‫يف العقود األخرية‪ ،‬ممن عرفوا الدكتور ع ّباس أو‬ ‫منصات النرش‬ ‫تعرفوا عىل منجزه اإلبداعي عرب ّ‬ ‫واإلعالم اإللكرتوين والصحافة‪.‬‬ ‫ضم الكتاب مجموعة من املقاالت املختارة‬ ‫كام ّ‬ ‫لصاحب “سوريا‪ ،‬رؤية من السامء”‪ ،‬تناولت‬ ‫أوضاع سوريا والسوريني يف سنوات الثورة‪،‬‬ ‫مع ملحق لنشاطاته ومسارات حياته الزاخرة‬ ‫بالعطاء‪.‬‬ ‫الكتاب التكرميي‪ ،‬أهداه مح ّرره األستاذ فايز‬ ‫سارة “إىل سوريات وسوريني قدموا الكثري من‬ ‫حسان ع ّباس واحدًا‬ ‫أجل مواطنيهم وبلدهم؛ إىل ّ‬ ‫من هؤالء‪ ،‬ما قمنا به اعرتاف وتقدير لبعض ما‬ ‫قمت به”‪.‬‬ ‫من املشاركني يف الكتاب‪ ،‬يف فصله األول‪ ،‬إىل‬ ‫جانب سارة‪ ،‬املفكر ميشيل كيلو الذي غادرنا يف‬ ‫‪ 19‬نيسان‪ /‬أبريل املايض‪ .‬إضافة إىل الشاعرين‬ ‫فرج بريقدار‪ ،‬وإبراهيم اليوسف‪ .‬والكتّاب؛ وائل‬ ‫الس ّواح‪ ،‬وعيل الكردي‪ ،‬وبدر الدين عروديك‬ ‫وآخرين‪.‬‬ ‫نقرأ يف الفصل الثاين مجموعة من املقاالت‬ ‫بقلم د‪ .‬ع ّباس‪ ،‬منها‪“( :‬جدران الوهم”‪“ ،‬ح ّراس‬ ‫الذاكرة”‪“ ،‬صناعة التفاؤل”‪“ ،‬املواطنة أمام‬ ‫امتحان الوباء”‪ ،‬و”سوريا ال أ ّم لها”)‪ .‬فيام جاء‬ ‫حسان ع ّباس يف‬ ‫الفصل الثالث بعنوان “مسارات ّ‬ ‫دروب الحياة”‪ .‬يليه فصل خاص بـ “روابط من‬ ‫حسان ع ّباس ومقابالت معه وكتاباته”‪.‬‬ ‫نشاطات ّ‬ ‫إضافة إىل الهوامش والتعليقات‪.‬‬ ‫من بني مساهامت الكتّاب السوريني التي‬ ‫حاولت إنصاف الرجل يف حياته‪ ،‬نتوقف عند‬ ‫مساهمة الكاتب واملعتقل السيايس السابق وائل‬ ‫“حسان ع ّباس وربيع دمشق‪..‬‬ ‫الس ّواح‪ ،‬وعنوانها ّ‬ ‫الق ّوة الناعمة”‪ ،‬تحدث فيها عن دور صاحب‬ ‫“دليل املواطنة”‪ ،‬يف بناء مجتمع مدين سوري‬ ‫يف “مملكة الصمت األسدية”‪ ،‬كتب الس ّواح‪“ :‬يف‬ ‫مطلع التسعينات‪ ،‬عاد إىل سوريا من باريس‬ ‫رجل يف الثالثينات‪ ،‬بشاربني أسودين ك ّثني‪ ،‬وشعر‬

‫وصار واق ًعا يصعب إلغاؤه كام يصعب تجاهله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا يصعب وضعه عند حدوده‪ ،‬التي تحاول‬ ‫السلطات فرضها كلام وأينام استطاعت”‪.‬‬ ‫حسان‪ ،‬وما زال يشتغل عىل‬ ‫وأردف‪“ :‬كان ّ‬ ‫التأسيس وعىل األسس باملعنى املعريف الثقايف‬ ‫والحقوقي والنقدي واملرسحي والغنايئ والرتايث”‪.‬‬ ‫أما الكاتب واملرتجم بدر الدين عروديك‪ ،‬املقيم يف‬ ‫باريس‪ ،‬فجاءت مساهمته تحت عنوان “سورية‬ ‫حسان ع ّباس املوسيقية”‪ ،‬واستهلها بالقول‪“ :‬ليك‬ ‫ّ‬ ‫يقول سورية التاريخية وسورية اليوم م ًعا‪ ،‬اختار‬ ‫حسان ع ّباس‪ ،‬أن يضع كتا ًبا حول موضوع يقولها‬ ‫ّ‬ ‫مبنتهى البالغة‪“ :‬املوسيقى التقليدية يف سوريا”‪،‬‬ ‫وهو ما صار عنوان ومضمون كتابه الذي صدر‬ ‫عن منظمة اليونسكو قبل ما يقارب السنتني‪ ،‬يف‬ ‫إطار مرشوعها الذي يستهدف “الصون العاجل‬ ‫للرتاث الثقايف السوري” تحت وطأة املأساة‬ ‫الكربى التي تعيشها سورية والسوريون‪ ،‬والتي‬ ‫تعصف ببالدهم وبرتاثهم املادي والالمادي‪.‬‬ ‫وهو موضوع استثنايئ‪ ،‬عابر لألزمنة‪ ،‬ولألمكنة‪،‬‬ ‫ولألنظمة السياسية‪ ،‬ولأليديولوجيات‪ ،‬مبا أنه‬ ‫التعبري األسمى عن أعمق املشاعر اإلنسانية‬ ‫روحا ومادة‪ .‬موضوع تفاعيل أ ًيا كانت طبيعته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وعفوي ال يحتاج إىل اعرتاف منظومة أو مؤسسة‬ ‫مبا أنه ميس شغاف القلوب‪ ،‬البصرية منها بوجه‬ ‫خاص‪ :‬ذلك أنه‪ ،‬يؤ ِّث ُر ويتأثر‪ُ ،‬ي ْغني و َي ْغتَني‪،‬‬ ‫وينتهي إىل أن يجمع‪ ،‬وال يف ِّرق”‪.‬‬ ‫حسان ع ّباس ولد يف‬ ‫جدير بالذكر ّأن الدكتور ّ‬ ‫‪ 15‬نيسان‪ /‬أبريل عام ‪ ،1955‬يف مدينة مصياف‬ ‫بريف حامة الغريب‪ ،‬وحصل عىل شهادة الدكتوراه‬ ‫يف النقد األديب من جامعة السوربون الجديدة‬ ‫يف فرنسا‪ ،‬عام ‪ .1992‬ومنذ منتصف تسعينات‬ ‫القرن العرشين ساهم يف تأسيس وإدارة عدد‬ ‫من الجمعيات املدنية العاملة يف مجاالت‬ ‫الثقافة واملواطنة وحقوق اإلنسان‪ً ،‬‬ ‫فضل عن‬ ‫نشاطه االستثنايئ خالل حقبة “ربيع دمشق”‬ ‫التي أعقبت موت األسد األب‪ .‬وكان من أوائل‬ ‫الثائرين ضد نظام بشار األسد مبجرد اإلعالن‬ ‫عن وصول رياح الربيع العريب إىل سوريا‪ّ .‬‬ ‫تجل‬ ‫ذلك عرب إنجازه األهم وهو “الرابطة السورية‬ ‫للمواطنة” التي أسسها وأدارها حتى آخر أيامه‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫‪18‬‬

‫رحيل “ظريف دمشق”‪ ..‬نصر الدين البحرة‬

‫العدد‬

‫‪94‬‬

‫رحل عن عاملنا يوم الخميس‬ ‫‪ 29‬نيسان‪ /‬أبريل املايض‪ ،‬الكاتب واألديب واإلعالمي السوري‪،‬‬ ‫نرص الدين البحرة‪ ،‬الشهري بـ “ظ‬ ‫ريف دمشق”‪ ،‬عن عمر ناهز الـ ‪ 87‬عاماً‪ ،‬بعد إصابته بفايروس‬ ‫كورونا املستجد (كوفيد‪.)-19‬‬ ‫يع ّد البحرة من الصحفيني الس‬ ‫وريني األوائل‪ ،‬فضالً عن عمله كمد ّرس ملاديت الفلسفة واللغة‬ ‫العربية يف مدارس وثان‬ ‫ويات دمشق وبريوت‪ ،‬وهو شاعر وكاتب قصة من جيل الرواد‪.‬‬ ‫ولد الراحل يف حي “مئذنة ال‬ ‫شحم” الدمشقي‪ ،‬يف ‪ 15‬آب‪ /‬أغسطس ‪ ،1934‬وتخرج يف جامعة‬ ‫دمشق‪ ،‬قسم الفلسفة والدراسات االجتامعية‪.‬‬ ‫قدم العديد من الربامج اإل‬ ‫ذاعية منذ عام ‪ ،1952‬يف إذاعة دمشق‪ ،‬وكان من بني املؤسسني‬ ‫للمرسح القومي وممثالً فيه‪.‬‬ ‫أخرج بعض األعامل املرسحية عىل مرسح معرض دمشق الدويل‬ ‫وأعدها عام ‪ .1960‬له العديد‬ ‫من املؤلفات بني قصة وشعر ودراسات‪ ،‬منها‪“ :‬األدب الفلسطيني‬ ‫املعارص بني‬ ‫التعبري والتحريض”‪“ ،‬دمشق األرسار”‪ ،‬و”الضحك‪ :‬تاريخ وفن”‪.‬‬

‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫«الشظايا اخلمسمئة‪ »..‬جمموعة‬ ‫شعرية جديدة لسليم بركات‬

‫ثقافة‬

‫صدر عن “دار املدى” العراقية‪ ،‬مجموعة شعرية جديدة للشاعر‬ ‫الكردي السوري سليم بركات‪ ،‬املقيم يف السويد‪ ،‬بعنوان “الشظايا‬ ‫الخمسمئة (أين مييض الذي ال تلمسه يداي؟)”‪.‬‬ ‫جاءت املجموعة يف (‪ 135‬صفحة من القطع املتوسط)‪ .‬وهي‬ ‫املجموعة الـ‪ ،21‬ضمن نتاج بركات الشعري الذي بدأ بـ “كل‬ ‫داخل سيهتف ألجيل ّ‬ ‫وكل خارج أيضاً” ‪1973‬؛ وصدرت املجموعة‬ ‫الشعرية ما قبل األخرية تحت عنوان “مغانم الرياضيني والتعاليم‬ ‫كام التزموها” ‪.2020‬‬ ‫ومام جاء يف تقديم املجموعة‪“ :‬لقد تعودنا من بركات قصائده‬ ‫الطويلة جدًا‪ ،‬التي تكون الواحدة منها أحيا ًنا كتا ًبا ً‬ ‫كامل‪ .‬هنا األمر‬ ‫مختلف جدًا‪ :‬إنها قصائد ومضات بعضها من عدة سطور‪ ،‬وبعضها‬ ‫من سطر واحد ال غري مكثف‪ .‬يبلغ مجموع الومضات ‪ 500‬ومضة‪.‬‬ ‫لذلك رمبا جاء عنوان الكتاب متواف ًقا مع ما فيه من عددها”‪.‬‬

‫ً‬ ‫حديثا‪ ..‬رواية «يوم‬ ‫صدر‬ ‫احلساب» لفواز حداد‬ ‫عن “دار رياض الريس‬ ‫للكتب والنرش” يف بريوت‪،‬‬ ‫صدر حدي ًثا‪ ،‬رواية “يوم‬ ‫الحساب” للكاتب السوري‬ ‫فواز حداد‪.‬‬ ‫جاء يف تعريف الرواية بقلم‬ ‫حداد‪“ :‬لن تذهب الرواية‬ ‫إىل النهايات‪ ،‬إنها عالقة يف‬ ‫زمن صعب‪ .‬ولن نتنبأ يف‬ ‫عامل تغيب عنه العدالة‪ ،‬وبلد‬ ‫هو ساحة قتل وقتال‪ ،‬ونظام‬ ‫موبوء بالفساد حتى العظم‪،‬‬ ‫يرسي النهب يف دمه‪ .‬رواية‬ ‫عن توثيق األمل‪ ،‬تغوص يف مجاهل النظام الشمويل وتخرتق خطوطه الخلفية‪.‬‬ ‫رواية عن هذا الزمان‪ ،‬ال تنزاح عنه‪ ،‬وجها لوجه‪ ،‬ال يغيب الله عن السامء املدلهمة‪ ،‬وال‬ ‫عن األرض الدامية‪ ،‬حيث تتساوى املقابر‪ ،‬مثلام تتساوى الضحايا‪.‬‬ ‫رواية ال تنتظر التاريخ واملؤرخني‪ ،‬مضادة لرسدية النظام‪ ،‬تكتب نفسها بنفسها‪ ،‬تنقب‬ ‫يف حقائق مضيعة‪ ،‬وأنصاف الحقائق‪ ،‬وما نالها من تشويه وشبهات‪ ،‬يف أوساط تعمل‬ ‫عىل تصنيع بدائل عنها‪.‬‬ ‫ترى ما تكون الحقيقة؟ إنها يف البحث عنها”‪.‬‬ ‫وحداد كاتب من مواليد دمشق عام ‪ ،1947‬حائز عىل إجازة يف الحقوق من جامعة‬ ‫دمشق‪ .‬كتب القصة القصرية واملرسح والرواية‪ ،‬لكنه مل ينرش أياً منها حتى عام ‪.1991‬‬


‫إبداعات ونشاطات سورية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫ً‬ ‫“املتوسط” تطلق مركزا لدراسات بني‬ ‫ثقافات حوض حبر املتوسط (ميسك)‬

‫العدد‬

‫أطلق عدد من الفنانني يف‬ ‫والية نيويورك األمريكية‪،‬‬ ‫مزاداً فنياً حمل عنوان “الفن‬ ‫والصمود”‪ ،‬بهدف جمع أموال‬ ‫لدعم الالجئني السوريني‪.‬‬ ‫وذكرت وسائل إعالم أمريكية‪،‬‬ ‫ّأن املزاد ُفتح ملدة يومني‬ ‫‪ 28‬و‪ 29‬من نيسان‪ /‬أبريل‬ ‫الفائت‪ ،‬مشري ًة إىل أنه ّ‬ ‫ضم مجموعة واسعة من الفنانني‪ ،‬العرب واألجانب‪ ،‬من بينهم‬ ‫األمريكيان جوديث برينشتاين ووريكو جاتسون‪ ،‬والربيطانيان جون أكومفرا وإسحاق‬ ‫جوليان‪ ،‬باإلضافة إىل اإليرانية تاال مدين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقال الفنانون يف بيان‪“ :‬أمنيتنا للجميع أل يتعرضوا لتجربة اللجوء املريرة‪ ،‬فالكثري منا‬ ‫ال يعرفون شخصاً ف ّر من بلده يف مناورة يائسة للبقاء عىل قيد الحياة‪ّ ،‬إل ّأن لدينا‬ ‫جميعاً قوة التخ ّيل التي يتمتع بها البرش‪ ،‬ومن خاللها‪ ،‬ميكننا استيعاب تلك املعاناة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬حتى لو حدثت يف مكان قيص وبعيد جداً عنا”‪ .‬وأضاف البيان‪“ :‬بعد مرور‬ ‫عرش سنوات عىل النزاع (الثورة السورية)‪ ،‬أصبح نحو ‪ 13‬مليون سوري اليوم بحاجة‬ ‫ّ‬ ‫ماسة إىل املساعدة للبقاء عىل قيد الحياة‪ ،‬نصفهم نزحوا داخل بلدهم‪ ،‬يف حني يعيش‬ ‫النصف اآلخر يف املخيامت واملدن املوجودة يف دول الجوار”‪.‬‬ ‫وأكد البيان‪ :‬عىل ّأن “ما يرض بالسوريني يرض باإلنسانية جمعاء‪ ،‬وبوجود كل مساهمة‬ ‫نقدمها اليوم ملساعدة ضحايا النزاع الذي امتد لعقد من الزمان‪ ،‬نقف وقفة تضامن‬ ‫ضد هذا الظلم املريع”‪ .‬وختم الفنانون بدعوة ّ‬ ‫وجهوها للمهتمني بتقديم املساعدة‪:‬‬ ‫“قمنا بتنظيم مزاد الفن واملقاومة ليتح ّول إىل احتفالية مفتوحة بشكل كامل‪ ،‬ما يعني‬ ‫أنه بوسع أي شخص أن يتابع الحدث ويشارك فيه‪.”..‬‬

‫ثقافة‬

‫صدر مؤخ ًرا‪ ،‬عن “دار‬ ‫الساقي” البريوتية‪،‬‬ ‫للكاتبةالسوريةالشابة‬ ‫ماريا دعدوش‪ ،‬كتاب‬ ‫لألطفال واليافعني‬ ‫بعنوان “ماذا يخفي‬ ‫يارس؟ مغامرات تيم‬ ‫وسامي”‪ ،‬رسوم الفنانة‬ ‫السورية لينا عبود‪.‬‬ ‫تدور مغامرة “يارس‬ ‫وتيم وسامي” حول‬ ‫مدرسة أكادمييا التي‬ ‫ت‬ ‫ستعد للمشاركة يف منافسات اللغة العربية والفوز برحلة إىل نادى‬ ‫“فورتن‬ ‫ايت” األسطوري‪ ،‬لكن يبدو ّأن يارس غري‬ ‫ّ‬ ‫متحمس لسبب‬ ‫م‬ ‫جهول وغامض‪ ،‬ما يسبب له مشكالت مع زمالئه يف الصف‪ .‬وهكذا‬ ‫ي‬ ‫حاول‬ ‫تيم وسامي معرفة الرس الذي يخفيه يارس‪ ،‬ويحاول صديقهام‬ ‫فارس مساعدتهام لفك اللغز‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫ويذكر أن الكاتبة ماريا دعدوش‪ ،‬ولدت يف دمشق عام ‪،1970‬‬ ‫وت‬ ‫عيش حال ًيا يف مدينة سان دييغو جنوب والية كاليفورنيا بالواليات‬ ‫املت‬ ‫حدة‪.‬‬ ‫حازت شهادة الكتابة اإلبداعية من جامعة “لوس أنجلوس”‬ ‫يف‬ ‫كاليفورنيا‪ .‬ونالت عدة جوائز منها‪“ ،‬جائزة شومان” عام ‪،2019‬‬ ‫و”‬ ‫جائزة‬ ‫كتارا” عن فئة “أدب اليافعني” عام ‪.2018‬‬

‫مزاد جلمع تربعات لالجئني السوريني‬ ‫حتت عنوان “الفن والصمود”‬

‫‪2021 / 5 / 15‬‬

‫«ماذا خيفي ياسر؟‬ ‫مغامرات تيم وسامي»‬ ‫ملاريا دعدوش‬

‫واجتامعياً ودينياً جديراً بالدراسة‪.‬‬ ‫ومن أهداف املركز إنتاج بحوث ودارسات تتناول ثقافات منطقة املتوسط يف‬ ‫جميع املجاالت‪ ،‬األنرثوبولوجية‪ ،‬ودراسة األقليات العرقية والدينية‪ ،‬والدراسات‬ ‫الجنسانية‪ ،‬والنامذج الثقافية‪ ،‬ودراسة األسس والكفاءات وإمكانيات التواصل‬ ‫واالتصال والتك ّيف الثقافية‪ ،‬ودراسة جوانب سوء الفهم الثقايف‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫أطلقت “منشورات املتوسط” يف مدينة ميالنو اإليطالية‪ ،‬لصاحبها الشاعر‬ ‫والنارش الفلسطيني السوري خالد سليامن النارصي‪ ،‬هذا الشهر‪ ،‬مركز‬ ‫دراسات بني‪-‬ثقافات املتوسط ‪-‬س ّمي اختصاراً بـ (ميسك)‪. MISC -‬‬ ‫وتسعى “منشورات املتوسط” من خالل تأسيس هذا املركز‪ ،‬بحسب النارش‪،‬‬ ‫إىل املساهمة يف تعميق األبحاث النظرية والتطبيقية البني‪-‬ثقافية يف منطقة‬ ‫حوض املتوسط‪ .‬حيث تنظر الدار املؤسسة إىل منطقة البحر املتوسط بوصفها‬ ‫ميداناً كبرياً ُصنع فيه تاريخ العامل‪ ،‬وما تزال هذه املنطقة حتى اآلن منطقة‬ ‫رسيعة ّ‬ ‫التغي وكبرية التأثري‪ ،‬وهي قد تكون املنطقة األكرث تنوعاً يف العامل‬ ‫عىل جميع األصعدة‪ ،‬وخاصة ال ِعرقية منها‪ ،‬والتي تفرض تنوعاً هائ ًال ثقافياً‬

‫‪19‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.