1 2 31 42 5 3 6 4 51 62 3 41 2 3 4
12 2022 . 2022 . 2015 2005 2020
2019 2015 2005 ) 2022 2019
( 2020
) 2022
(
15 12 17 22 15 24 17 26 22 24 18 26 19 20 18 20 19 20 20
آﺧﺮ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻟﻌﺪاﻟﺔ
ﺳﻠﺴﻠﺔ إﺻﺪارات ﻋﻦ آﻟﯿﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن
!
5
اﻟﺠــﺰء اﻟﺜﺎﻧــﻲ :ﺿﯿــﺎع اﻟﻌﺪاﻟﺔ/اﻟﺤﻘﺎﺋــﻖ ﻣــﺎ ﺑﯿــﻦ اﻟﻄــﺐ ! اﻟﺸﺮﻋﻲ واﻟﻨﯿﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
5
12
1 2
2022 15 17 22 24 26 18 19 20 20
5
.
2015 2005 2020 (
2019 ) 2022
3 4 5 6 1 2 3 4
12
1 2
2022 .
3 4 5 6 1 2 3 4
15 17 22 24 26 6
2015 2005 2019 ) 2022
2020 (
7 18 8 19 20 8 20 9 9 9 10 11 14 14 16 17 19 21 22 23 27 28 29 30 31
آﺧﺮ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻟﻌﺪاﻟﺔ
ﺳﻠﺴﻠﺔ إﺻﺪارات ﻋﻦ آﻟﯿﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن
!
5
اﻟﺠــﺰء اﻷول :ﻣﺪﺧــﻞ ﻟﺘﺤــﻮﻻت /ﺗﻄــﻮر اﻹﻃــﺎر اﻟﻘــﺎﻧﻮﻧﻲ اﻟﺤﺎﮐﻢ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن 4
1I
مقدمة "ال يجوز تشريح جثث األشخاص املشتبه يف وفاتهم وال التصريح بدفنهم إال إذا أذنت النيابة املختصة بذلك”. املادة ( )442بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامة للنيابات.
يف البداية كنا نسعى للحديث عن الطب الشرعي بصورة منفصلة عن كافة العوامل املحيطة به، ظنًا منا أن مجرد تتبع تاريخ مصلحة الطب الشرعي هو أمر كايف ملعرفة الخلل الواضح فيما يتعلق بأدائها وتقاريرها املبتسرة ،إال أننا أدركنا وجود العديد من العوامل املتشابكة واملؤثرة ىلع أداء الطب الشرعي ،ومن أهمها البنية التشريعية ملنظومة العدالة الجنائية ،التي تعطي اليد العليا لوزارة العدل -السلطة التنفيذية -من جهة -باعتبار الطب الشرعي مصلحة تابعة لها -وبذلك السلطة التنفيذية لها القدرة ىلع التأثير ىلع التقارير الصادرة من مصلحة الطب الشرعي .ومن جهة أخرى تؤثر النيابة العامة ىلع أداء مصلحة الطب الشرعي ،لكونها املدخل /حلقة الوصل بين الضحايا والطب الشرعي .إذ تتسبب السلطة التقديرية املمنوحة للنيابة يف كثير من األحيان بندب خبراء الطب الشرعي بشكل انتقائي ،وعدم االستجابة لطلبات األهالي للعرض ىلع الطب الشرعي يف حالة الوفاة أو للضحايا يف حاالت التعذيب ،مستخدمة السلطات املمنوحة لها يف اتخاذ قرار إجراء التشريح/الكشف الظاهري من عدمه .وما ينتج عنه وجود العديد من حاالت الوفاة املشتبه بها جنائيًا دون تدخل من قبل الطب الشرعي للوصول إلى أسباب الوفاة ،مما يزيد من إحتمالية تكرار حاالت الوفاة الخارجة عن إطار القانون ،بسبب عدم معرفة املتسبب وبالتبعية غياب املسائلة واملحاسبة. كنا قد بدأنا هذه السلسلة من خالل الجزء األول الذي قمنا خالله بتتبع التحوالت/التطور يف اإلطار القانوني الحاكم ملصلحة الطب الشرعي ما بين الطب والقانون ،وتقديم رؤية نقدية للبنية التشريعية املؤثرة ىلع عمل املصلحة ،والتي تتعارض بصورة أساسية مع االستقاللية التي من املفترض أن يعمل يف إطارها أطباء املصلحة. نسعى يف الجزء الثاني من سلسلة "آخر منافذ العدالة" إلى تسليط الضوء ىلع آليات عمل النيابة العامة بخصوص طلبات الضحايا/ذويهم يف الوصول إلى الطب الشرعي إلجراء الكشف الظاهري يف حاالت التعذيب ،أو إجراء الصفة التشريحية يف حاالت الوفاة .وذلك من خالل عرض بداية القصة التي قد تبدأ بتعرض أحد الضحايا/املتهمين للتعذيب ،الذي قد يفضي إلى موت ،ومن هنا يظهر حجم السلطة املمنوحة للنيابة العامة ،بموجب التعليمات العامة للنيابات بداية من مناظرة أجساد املتهمين أثناء التحقيق ،مرورًا بإحالة الضحايا للطب الشرعي من عدمه ،وصوالً إلى إتاحة أوراق القضية ،وبالتبعية تقارير الطب الشرعي.
| 3رصفحة
منهجية نستند يف هذا الجزء من السلسة ىلع مقابالت شخصية ألهالي محتجزين حاليين ومحامين لضحايا تعرضوا للمعاملة القاسية داخل أماكن االحتجاز أو توفوا نتيجةَ لتلك املعاملة .باإلضافة إلى قراءة تحليلية ألوراق قضايا تتضمن تعذيب للمتهمين/الضحايا سواء أفضى إلى املوت أ ال .وذلك لرصد كيف كانت استجابة النيابة بخصوص العرض ىلع الطب الشرعي؟.
| 4رصفحة
خلفية •
إبراهيم املصري 1877
بحسب مضابط ضبطية القاهرة ،يف أحد أيام ديسمبر 1877ذهبت سيدة تدعى "أم إبراهيم" لضبطية اإلسكندرية (الشرطة) لإلبالغ عن اختفاء ابنها ،إبراهيم املصري ،الذي كان يف العقد الثالث من عمره .وقالت يف شكواها أنهما حضرا إلى اإلسكندرية قبل عدة أشهر بحثًا عن عمل ،وإنه وفق يف العثور ىلع وظيفة ترزي يف محل يملكه تاجر يهودى اسمه "حنين اصطفان" .واتهمت حنين بمقتل ابنها .وفى تلك األثناء كانت الشرطة قد تلقت إخطارًا بالعثور ىلع جثة شاب مجهول الهوية يف محل سكني يقطنه 22يهوديا .ومع بدء التحقيق تبين أن الجثة بها جروح وكدمات يف الوجه وفى الركبة مع تمزق مالبسه وهو ما يوحي بحدوث عراك قبل الوفاة .وبالتحريات الالحقة تبين وجود خمارة مجاورة ،وبسؤال زبائنها تعرف أحدهم ىلع الجثة وأكد أنها بالفعل جثة إبراهيم املصري املختفي ،وعن شربهما الخمرة سويًا يف الليلة السابقة ،وأن إبراهيم أكثر من الشرب حتى الثمالة.1
أمرت الشرطة بتشريح الجثة ملعرفة أسباب الوفاة .وجاء تقرير الطب الشرعي حينها موضحًا بالتفصيل أسباب الوفاة بشكل ال يفسح املجال ألي احتماالت أخرى" .فبتشريح املخ تبين تغير لون خالياه األمر الذي رجح املوت اختناقا ،وبما أن الرقبة لم يكن عليها أى عالمات تدل ىلع الضغط عليها ،فقد تم تشريح املعدة التي اكتشف فيها قدرًا كبيرًا من الخمر .ثم وبتشريح الرئة وجد بها سائل رغوى تبين من تحليله أنه استفراغ من املعدة .وانتهى تقرير الطب الشرعى إلى أن سبب
الوفاة اختناق ناتج عن غرق املتوفى يف استفراغه" .2وانتهى تقرير الضبطية إلى أنه قد شرب يف الليلة السابقة قدرا كبير من الخمر ،وأنه رحل عن الخمارة منفردًا وهو يف حالة سكر واضحة ،وأنه ترنح يف طريقه وصدم رأسه بالحائط أكثر من مرة وهو ما نتج عنه الجروح الظاهرة ىلع وجهه ،ثم تعثر يف مشيه حتى سقط ومزق جلبابه ،وسقط مغشيًا عليه ومن شدة سكره "استفرغ" ،وهو ما أدى لغرقه يف استفراغه ووفاته نتيجة لذلك .وبعد أن خلصت الضبطية إلى أن "وفاة إبراهيم كانت طبيعية ولم تكن بفعل فاعل ،وأمرت بدفن الجثة وبعدم تحريك الدعوى الجنائية".3
•
أيمن هدهود مارس 2022
يف 9أبريل 2022تلقت أسرة الباحث االقتصادي "أيمن هدهود" اتصاالً من قسم شرطة مدينة نصر ثان ليخبروهم بخبر وفاة أيمن ،والذي كان محتجزًا لدى مستشفى العباسية لألمراض العقلية .تبنت وزارة الداخلية رواية مفادها أن هدهود قبض عليه يف 6فبراير ،2022بناء ىلع بالغ مقدم من حارس أحد العقارات بالزمالك ،بتواجد املذكور داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه
1د .خالد فهمي" ،صعود وإنهيار مصلحة الطب الشرعي" ،2013 ،متاح ىلع الرابط التاليhttps://bit.ly/45DOijW : 2املرجع السابق.
3املرجع السابق.
| 5رصفحة
بتصرفات غير مسؤولة ..وقد تم اتخاذ اإلجراءات القانونية يف حينه وإيداعه بإحدى مستشفيات األمراض النفسية بناءً ىلع قرار النيابة العامة". وجاء بيان النيابة العامة بخصوص الواقعة "هذا ،وقد تلقت النيابةُ العامة تقريرَ مصلحة الطب الشرعي بإجراء الصفة التشريحة ىلع جثمان املتوفى ،والذي أثبت عدم وجود أي آثار أو مظاهر إصابية حيوية بالجثمان تشير لحدوث عنف جنائيٍّ ،أو مقاومة ،أو تماسك ،أو تجاذب ،فضالً عن خلوِّ الجسد من املوادّ املخدرة والسامَّة ،وأن الوفاة حدثت نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب نتج عنها توقف الدورة الدموية والتنفسية ،مما أدى إلى الوفاة". ىلع الجانب اآلخر ،أكدت أسرة هدهود اختفائه منذ 6فبراير ،وبعد مرور أربعة أيام ىلع غيابه ،تم اســـتدعاء أحد إخوته إلى مقر األمن الوطني للسؤال حول عمل أيمن ،وعن كتاباته ىلع موقع التواصــــل االجتماعي "فيســــبوك " ،وقد أبلغهم أحد الضباط حينها بتواجد أيمن بمقر األمن الوطني باألميرية ،وانتهى بهم األمر بعدم معرفة مكان تواجده باستثناء بعض األخبار غير املؤكدة حول وجوده داخل مستشفى العباسية لألمراض العقلية. ومن الجدير بالذكر صدور قرار النيابة بإيداع هدهود مستشفى العباسية لألمراض العقلية يف 7 فبراير ،2022بينما تأخر تنفيذ القرار إلى 13فبراير .هذا باإلضافة إلى احتفاظ املستشفى بجثمان هدهود يف الفترة من 5مارس -تاريخ الوفاة ،-حتى 9إبريل حيث قام ضابط بقسم شرطة مدينة نصر ثان بإبالغ ذويه بوفاته ،وهو ما يثير تساؤالت حول سبب التأخير خاصة مع كون هدهود معلوم الهوية لديهم .مع رفض النيابة السماح لفريق الدفاع الحصول ىلع أوراق القضية أو تقرير الطب الشرعي. وىلع الرغم من كل تلك الشواهد التي ترجح االشتباه يف وفاته جنائيًا ،انتهت تحقيقات النيابة العامة إلى انتفاء الشبهة الجنائية يف وفاة أيمن هدهود ،بعدما تلقت تقرير مصلحة الطب الشرعي-الذي لم تسمح للمحامين باالطالع عليه -بإجراء الصفة التشريحية ىلع جثمانه ،الذي أكد وفاته نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب ،وخلو جسده من أي آثار إصابية تشير لحدوث عنف جنائيٍّ أو مقاومة. ومع االختالف الكبير فيما يخص السياق الزمني لعمل منظومة العدالة الجنائية ما بين الحالة األولى التي تعود إلى بدايات وجود الطب الجنائي /الشرعي يف مصر ،والحالة الثانية التي تجسد الوضع الحالي ملنظومة العدالة الجنائية ويف القلب منها النيابة العامة ومصلحة الطب الشرعي ،إال أنه يمكننا من خالل املقارنة مالحظة الفروق الواضحة فيما يخص أداء منظومة العدالة الجنائية يف مصر ىلع وجه العموم ،وأداء النيابة -جهة التحقيق املختصة -ىلع وجه الخصوص ،وتبعات ذلك ىلع أداء مصلحة الطب الشرعي ،وتدور هذه الورقة حول أسئلة من قبيل :ما حدث لهدهود وغيره؟، هل كان يمكن للنيابة ومن بعدها الطب الشرعي أن يؤثر يف مسار هذه القضية التي انتهت بانتفاء وجود شبهة جنائية وغيرها من القضايا؟.
| 6رصفحة
تمهيد :من أين نبدأ؟ تستخدم السلطات األمنية يف مصر –وزارة الداخلية /األمن الوطني -التعذيب النتزاع االعترافات، وتهديد املتهمين/الضحايا ،أو ملجرد استعراض القوة والترويع ،داخل مقرات االحتجاز غير الرسمية أو أقسام الشرطة والسجون .ثم تبدأ رحلة الضحايا داخل دائرة منظومة العدالة الجنائية ،بداية من النيابة وصوالً إلى املحكمة ،وما بينها من مسارات يمكنها أن تساهم يف إجالء الحقائق ،والوصول إلى العدالة ،ومن أهم هذه املسارات هي اللجوء إلى الطب الشرعي إلثبات التعرض للتعذيب من عدمه -سواء أدى للوفاة أم ال -وبالتبعية إمكانية التشكيك -قانونًا -يف مدى صحة اإلعترافات التي جاءت ىلع لسان املتهمين. ىلع سبيل املثال: بعد تنفيذ أحكام اإلعدام ىلع 3من املحكوم عليهم يف قضية تنظيم أجناد مصر يف مارس ،2022وذلك عقب صدور أحكام نهائية اإلعدام من قبل محكمة النقض املصرية يف عام ،2019 نحلل أوراق تلك القضية ودور الطب الشرعي بها والذي كان من املفترض أن يذهب بالقضية إلى أحكام أكثر عدالة .ومن خالل قراءة أوراق قضية تنظيم أجناد مصر وجدنا أقوال املتهمين -ممن نًفذ فيهم حكم اإلعدام -تدور حول تلك الفرضية السابق ذكرها: "قعدوا يعذبوا فيا يف معسكر الجالء عن طريق انهم يعلقونى خلفى ويعلقونى من األمام وكانوا بيضربونى بشومة وكانوا بيكهربونى يف ذراعي ورجلي وكانوا وكانوا يضربوني باليد والرجل يف كل حتة يف جسمى وكان الضرب ده اول يوم اتقبض عليا فيه واستمر خمسة ايام بعد كدة ،ولكن بعدها كان يف تلطيش عادى وكانوا بيضربونى عشان بيعرضوا عليا صور ناس معرفهمش ويسألونى عليهم وانا اقولهم انى معرفش الناس دي مين ومكنوش مصدقنى يف األول وعرفوا انى بقول الحقيقة وانى معرفش الناس دى ومليش عالقة بجماعة اجناد مصر" "انا بنكر اعترافاتي ألني كنت يف العازولي وقبلها كنت يف االمن الوطني وتعرضت لتعذيبات بدنيه وصعقي بالكهرباء باإلضافة الي اني ملا جيت النيابة وسألت املحقق اذا كنت هرجع العازولي تاني وال ال فقال لي اني ممكن ارجعه تاني" بعد استعراض هذا الجزء من أقوال املتهمين ،الذي يؤكد ىلع اعترافهم بجرائم لم يرتكبونها تحت تأثير/ضغط التعذيب ،وهو ما يبطل –قانونًا -تلك االعترافات ،نتساءل يف هذا الجزء عن أداء النيابة العامة بخصوص مثل تلك األقوال ،وتعاملها مغ ادعاءات التعذيب ،فبحسب التعليمات العامة للنيابات تعتبر النيابة العامة هي البواية الرئيسية للوصول إلى الطب الشرعي ،وهو ما يشير إلى مدى أهمية النيابة يف هذا الصدد.
| 7رصفحة
دور النيابة "جهة التحقيق املختصة" يف إثبات وقوع تعذيب "النيابة العامة جزء ال يتجزأ من القضاء ،تتولى التحقيق ،وتحريك ،ومباشرة الدعوى الجنائيةة عدا ما يستثنيه القانون ،ويحدد القانون اختصاصاتها األخرى .ويتةولى النيابةة العامةة نائةب عام ،يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثالثة يرشحهم مجلس القضاء األىلع، مةةن بةةين نةةواب رئةةيس محكمةةة الةةنقض ،والراسةةاء بمحةةاكم اإلسةةتمنا ،والنةةواب العةةامين املساعدين ،وذلك ملدة أربع سنوات ،أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد ،أيهما أقةرب، وملرة واحدة طوال مدة عمله". مادة ( )189من دستور مصر املعدل عام .2019 النيابة العامة هي من لها اإلشراف ىلع أعمال مأموري الضبط القضائي ،ولها تحريك الدعوى الجنائية ورفعها من عدمه ،ومن ثم ال تصل الدعوى الجنائية إلى القضاء إال بناء ىلع عمل النيابة العامة /أمن الدولة العليا ،كما يكون لعملها دور وتأثير بالغ يف قرار القاضي ،فهو يحكم وفقًا ملا تحت يده من أدلة وبراهين قدمتها النيابة العامة.4
ومع التعديالت الدستورية األخيرة لعام 2019بإضافة سلطات استثنائية لرئيس الجمهورية تتمثل يف تعيين النائب العام أصبحت النيابة العامة تفتقر إلى االستقاللية والحيادية املفترضة فيها كجهة إقامة العدل ،وأدت إلى تداخل واضح فيما بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية ،يؤدي إلى انتهاء الحال بها كأحد أجنحة السلطة التنفيذية عمليًا .خاصة مع نص املادة ( )125من قانون السلطة القضائية" ،والتي تم تعديلها عام بموجب القانون رقم 142لعام 2006باآلتي "أعضاء النيابة يتبعون رؤساءهم والنائب العام ،ولوزير العدل حق الرقابة واإلشراف اإلداري ىلع النيابة وأعضائها". وتتعدد أدوار النيابة يف الكشف وإثبات تعرض املتهمين/الضحايا للتعذيب ،سواء بشكل مباشر من خالل املناظرة للمتهمين أثناء التحقيق ،أو بشكل غير مباشر عن طريق اإلحالة للعرض ىلع الطب الشرعي ،وهو ما يشير إلى أهمية النيابة العامة باعتبارها بوابة الوصول إلى الطب الشرعي من عدمه.
أوالا :املناظرة أثناء التحقيق " املفترض ان النيابة العامة بعد ما تخلص تحقيق تسأل املتهم اللي ثبت تعرضه للتعذيبب كمجني عليه ،لكن يف نيابة أمن الدولة ما بتعملش كدة ،بتناظر املتهم صوربا .وفيه بعض وكالء النيابة مش بيثبتوا آثار التعيبب زي ملا املتهم بقول فيه هنا كدمة أو أثر للتعذيبب - تغير يف اللون -برد وكيل النيابة ال أنا مش شابف ،دة مش أثر .وطبعًا لذو محذامي علذق يف
4املبادرة املصربة للحقوق الشخصية" ،إعاقة املسائلة" ،2013 ،متاح ىلع الرابط التالي: https://eipr.org/publications/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9
| 8رصفحة
نيابة أمن الدولة ،هما نفسهم بيبقوا محتجزبن فيهذا .فيذه بعذض الذزمال علقذت بيتعرضذوا لتهدبدات ،و فيه أحد املحامين مرة طلب إثبذات التعذيبب وااحالذة للطذب الشذرعي ووكيذل النيابة رفض وهدده انه باخد كارنيه النقابة منه". شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب.
يلزم القانون -بحسب التعليمات العامة للنيابات -وكيل النيابة/جهة التحقيق املختصة مناظرة املتهم ،عند إجراء التحقيق .بداية من مناظرة مالبسه وطوله ،واملالمح ،مرورًا بفحص جسده ،فإذا وجد به إصابات يذكرها يف التحقيق ،ويبدأ يف سؤاله كمجني عليه تعرض للتعذيب ،أما إذا كانت هناك إصابات غير ظاهرة وصفها املتهم فعلى وكيل النيابة فحصها وإثباتها ثم عرض املتهم ىلع
الطب الشرعي ،مشفوعًا بمذكرة النيابة املسجل بها شكوى املتهم /املدعي ونتائج املناظرة.5
كما تنص املادة ( )205من تعليمات العامة للنيابات " يجب أن يثبت األسئلة التي توجه للمتهمين والشهود وكذلك اإلجابة عنها يف محضر التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح وذلك تحت إشراف املحقق" إال أنه وبحسب شهادات محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا تعذيب ،أن أداء النيابة أثناء التحقيق قد يختلف ،وبوجه خاص نيابة أمن الدولة العليا ،إذ ال تعير نيابة أمن الدولة العليا ملناظرة املتهم أهمية ،حتى يف حال اعتراف املتهمين بتعرضهم للتعذيب ،قد ال تثبت ذلك يف محضر التحقيقات ،أو تحيله للطب الشرعي ،أو حتى سؤاله كمجني عليه وفقًا لنص املادة 199
مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية رقم 150لسنة ،61950وذكر لنا أحد املحامين "نيابة أمن الدولة ما بتهتمش باملناظرة وال بأقوال املتهمين بوجود كدمات أو تعرضهم للتعذيب ،وممكن تقوله هنبقى نحيلك للطب الشرعي ودة يحصل أو ال ،كدة كدة مفيش إطالع ىلع أوراق القضية /التحقيقات يف
نيابة أمن الدولة فمش بيهتموا".7
كما أن هذا األداء يتفاوت ما بين قضية ألخرى ويف نفس القضية من متهم آلخر ،فبحسب تحليل أوراق القضايا ،قد تتم مناظرة متهم دون اآلخر ىلع الرغم من ادعاء كليهما بالتعرض للتعذيب ،كما قد تثبت مناظرة املتهم /الضحية وجود آثار للتعذيب ،ولكن ال يفضي ذلك إلى إحالته للعرض ىلع الطب الشرعي.
5مركز الندبم للعالج والتأهيل النفسي" ،الوقابة من خالل التوثيق ...دليل األطباء واملحامين لتوثيق حاالت التعيبب وسوء املعاملة ىلع خلفية بروتوكول استنبول" ،مارس ،2009ص.22
6املادة 199مكررًا " ملن لحقه ضرر من الجربمة أن بدّعي بحقوق مدنية أثناء التحقيق يف الدعوى وتفصل النيابة العامة يف قبوله بهيه ض طلبه الطعن يف قرار الرفض أمام محكمة الجنح املستأنفة منعقدة الصفة يف التحقيق خالل ثالثة أبام من تقدبم هيا االدعاء وملن رُفِ َ يف غرفة املشورة خالل ثالثة أبام تسري من وقت إعالنه بالقرار". .
7مقابلة شخصية مع محامي ،أغسطس ،2023القاهرة ،مصر.
| 9رصفحة
فبحسب قضية تنظيم أجناد مصر "تبين لنا أن املناظرات قد ينتج عنها وجود آثار إصابية ولكن ال يلزم ذلك النيابة بإحالة املتهمين/الضحايا للطب الشرعي ،وهو ما جاء يف أوراق القضية: "وبمنــاظرة املــتهم تبــين لنــا وجــود اصــابة بأســفل منطقــة الــبطن واصــابة اخــري بــاالبط االيســر وباالستفسار عــن ســبب اإلصــابات قــال انهــا مــن جــراء تعرضــه لتعــذيبات بدنيــه وتعرضــه للصــعق الكهربائي اثناء احتجازه بسجن العزولي". "وبمناظرة عموم جسده تبين لنا وجود اصابات عبارة عن خدوش متفرقه بالجهة اليسرى من الرقبــة وكذا وجود جروح طولية ملتئمة واخرى غيــر منتظمــة الشــكل بالســاعد االيمــن وكــذا وجــود بعــض الخدوش بالساعد االيسر وكذا وجود اصابة صغيرة ملتئمة بقصبة القدم اليسرى مــن االمــام وخــدش ملتئم بمفصل القدم اليسرى من األمام". وىلع الرغم من إثبــات النيابــة ال عامــة لتلــك اإلصــابات الناتجــة عــن التعــذيب ،وإعتــراف املتهمــين بتعرضهم للتعذيب خــالل فتــرة االختفــاء القســري ،قبــل عرضــهم ىلع النيابــة إال أن ذلــك لــم يــؤد بالضرورة إلى إحالتهم للطب الشرعي .فمن بين 20متهما تبين من مناظرتهم التعرض للتعذيب ،لــم يحال سوى 5فقط ،وهو ما سنتطرق له من زاوية أكثر اتساعًا خالل الجزء القادم من التقرير.
ثانياا :اإلحالة للطب الشرعي "شباب األ ولتراس كانوا بييجوا التحقيق مش عارفين بقفذوا وواقفذين بيترعشذوا واكتشذفت بعد كدة انهم كانوا بيتكهربوا ،لكن هما مذا اتحذالول للطذب الشذرعي وال اتسذألوا كمجنذي عليهم .يف أغلب األوقات نيابة أمن الدولة مش بتحيل للطب الشرعي" شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب. يقوم الطب الشرعي بصورة أساسية ىلع إجراء الكشف الطبي سواء الظاهري يف حال وجود شكوك بتعرض الشخص للتعذيب ،أو أي نوع من أنواع املعاملة القاسية ،أو الصفة التشريحية يف حال وجود شبهة جنائية يف وفاة الشخص ،إال أن األمر يمر بعدد من التعقيدات البيروقراطية للوصول إلى العرض أمام الطب الشرعي ،ومن أهمها هي سلطة النيابة فيما يخص عرض املتهمين أمام الطب الشرعي ،ومن خالل مقابالتنا الشخصية مع محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان ،وتحليل أوراق عدد من القضايا التي حُكم بها ىلع متهمين /نفذ بهم حكم اإلعدام ،الحظنا وجود ثالثة أنماط فيما يخص تعامل النيابة مع املتهمين:
| 10رصفحة
)1إجراءات انتقائية ،وصالحيات مطلقة " ال يجوز تشةريح جثةث األشةخاص املشةتبه يف وفةاتهم وال التصةريح بةدفنهم إال إذا أذنةت النيابة املختصة بذلك".
املادة ( )442بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامة للنيابات
تتسبب تلك السلطة التقديرية للنيابة يف قيامها يف كثير من األحيان بندب خبراء الطب الشرعي بشكل انتقائي ،وعدم االستجابة لطلبات األهالي للعرض ىلع الطب الشرعي– يف حالة الوفاة -أو للضحايا – يف حاالت التعذيب ،مستخدمة السلطة التقديرية املمنوحة لها يف اتخاذ قرار إجراء التشريح/الكشف الظاهري من عدمه .وما ينتج عنه وجود العديد من حاالت الوفاة املشتبه بها جنائيًا دون تدخل من قبل الطب الشرعي للوصول إلى أسباب الوفاة ،مما يزيد من احتمالية تكرار حاالت الوفاة الخارجة عن إطار القانون ،بسبب عدم معرفة املتسبب وبالتبعية غياب املسائلة واملحاسبة. ومن خالل مقابالتنا مع محامين مشتبكين مع قضايا تخص التعذيب ،وجدنا أن االنتقائية يف إحالة الضحايا /املتهمين للعرض ىلع الطب الشرعي هو األساس الحاكم ألداء النيابة العامة/أمن الدول العليا ،دون وجود معايير واضحة لالستجابة للطلبات اإلحالة من عدمها ،خاصة يف نيابة أمن الدولة العليا .وهو ما وثقناه من خالل أوراق القضايا التالية يف قضية تنظيم أجناد مصر ،من بين 20متهمًا يف القضية اعترفوا بتعرضهم للتعذيب ،تم عرض 5متهمين فقط ىلع الطب الشرعي ،بينما تم تجاهل طلبات البقية. يف قضية رقم 451لسنة " 2014كتائب حلوان" :8عدد املتهمين الذين أفادوا بتعرضهم للتعذيب .30 الطلب لإلحالة .17املحالين .10التقارير الصادرة .7 قضية رقم 1300لسنة 2016كلي شرق القاهرة املعروفة إعالميًا بقضية اغتيال النائب العام 38 :من إجمالي 52تم تعذيبهم لإلدالء باالعتراف 8 ،قامت النيابة بمناظرة أثار التعذيب واإلصابات ،وإحالة 18 للطب الشرعي. كما قد تطالب النيابة بإجراء كشف ظاهري دون الصفة التشريحية ،وهو ما جاء يف تقرير للمبادرة املصرية للحقوق الشخصية يف القضية الخاصة بأحداث سجن االستئناف ،يف الفترة ما بين 30و31 يناير -2011وهي جزء من أحداث وقعت داخل السجون املصرية خالل ثورة الخامس والعشرين من يناير ،داخل سجون القطا واالستئناف ووادي النطرون -ىلع سبيل املثال وليس الحصر -جاء يف أوراق القضية اآلتي "وقد بين الطبيب الشرعي يف أقواله أمام النيابة أن تعليمات جاءت من النائب العام بإجراء الكشف الظاهري فقط دون تشريح املتوفَيْنَ ،مع التصريح بدفن الجثث مباشرة .هذا 8الجبهة املصربة لحقوق اانسان " ،غياب ضمانات املحاكمة العادلة بطال الجميع :تقربر حول انتهاكات ضمانات املحاكمة العادلة أثناء مرحلة التحقيق يف القضية 451لسنة 2014أمن دولة املعروفة إعالميًا بقضية كتائب حلوان" ،فبرابر ،2021متاح ىلع الرابط التالي: /https://egyptianfront.org/ar/2021/02/helwan-battalions
| 11رصفحة
ىلع الرغم من طلب ثالثة من ذوي الضحايا إجراء التشريح .وأكد الطبيب ىلع أهمية استخراج الجثث وتشريحها لتحديد نوع العيار الناري املتسبب يف الوفاة ،إال أن النيابة العامة التفتت عن هذا،
ولم تأمر باستخراج الجثث وتشريحها" .9وهو ما يشير بوضوح إلى ضآلة وضعف سلطة الطب الشرعي /األطباء الشرعيين أمام سلطة النيابة التي لها القرار األخير بخصوص إجراءات كشف الظاهري والصفة التشريحية.
)2تأخير العرض ىلع الطب الشرعي" ..األثر املوصو
تغيرت معامله"
"لو نيابة أمن الدولة طلعت قرار لإلحالة للطب الشرعي ،ففيه وقت للعمليذة دي .اول حاجذة القرار بيطلع من النيابة وبعدي ىلع املحامي العام ،وبعد كدة بروح السجن علشذان بتنفذي. وبعدبن بتاخد التقربر من الطب الشرعي علشان بتسلم للنيابة .فالعمليذة دي بتاخذد وقذت كبير جدا ،ودة غالبا بيكون متعمد ،خاصة ان الشخص بيكون محتجز يف سجن اللي مسذوول عنه يف الغالذب ظذابط أمذن وطنذي وظذابط مباحذ ،،فاملوضذوم مذرتبط برضذه بالسذلطة التنفييبة انها تنفي قرار ان املتهم بخرج وبتعرض ىلع الطب الشرعي ".
شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب.
تبدأ اإلجراءات البيروقراطية املطلوبة لعرض املتهم/الضحية ىلع الطب الشرعي من تأشيرة النيابة العامة بالعرض ىلع الطب الشرعي وموافقة املحامي العام ،مرورًا بنقل التأشيرة إلى مقر احتجاز املتهم ونقله من خالل ترحيلة إلى مقر الطب الشرعي .وإلى جانب البيروقراطية الخاصة بنقل املتهمين للعرض ىلع الطب الشرعي ،ومن خالل قراءة أوراق عدد من القضايا باإلضافة إلى املقابالت التي أجريناها مع محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا التعذيب ،الحظنا أن األصل هو تأخر عرض املتهمين /الضحايا ىلع الطب الشرعي ،إلى أن تختفي آثار التعذيب ،وهو ما يمكن إرجاعه إلى أكثر من عامل:
أ) فترات االختفاء القسري "أغلب الناس اللي بتتعرض للضرب خاصة اللي بيتعرضوا لفتذرة اختفذاء قسذري بيكذون فيذه تهدبدات من االمن الوطني ان املتهم لو ثبت يف النيابة تعرضه للتعيبب بانه مش هيطلع من االمن الوطني تاني .ويف قضابا كتير ملا بيوصلوا النيابة ما بيكذونش بذابن علذيهم آثذار تعيبب واضحة ،مش بيطلعوهم من االمن الوطني غير ملا تكون االثار راحت". شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب.
9املبادرة املصربة للحقوق الشخصية" ،إعاقة املسائلة" ،2013 ،متاح ىلع الرابط التالي: https://eipr.org/publications/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9
| 12رصفحة
بالنظر إلى تحول االختفاء القسري إلى ظاهرة ،وممارسة روتينية من قبل الجهات األمنية ألغلب من يقبض عليهم ،وتبعات ذلك من تعرض هؤالء للتعذيب ،فضالً عن احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لفترات متفاوتة ما بين أيام وصوالً إلى شهور -أو ما يزيد عن ذلك -وهو ما قد يؤدي إلى صعوبة إثبات التعذيب ،بسبب طول املدة ما بين وقت القبض والتعرض للتعذيب من جهة وما بين العرض ىلع النيابة من الجهة األخرى ،ناهيك عن املدة ما بين إستجابة النيابة لإلحالة إلى الطب الشرعي وما بين تاريخ العرض الفعلي ىلع الطب الشرعي. وهنا تظهر أهمية عمل تليغرافات للنائب العام ووزير الداخلية إلثبات تاريخ القبض ىلع املتهم وحفظ حقوقه يف العرض ىلع النيابة املختصة خالل املواعيد القانونية وتحميل الجهة التي قامت بالضبط مسئولية سالمة املقبوض عليه وعادة ما يقوم بعمل هذه اإلجراءات ذوي الشخص املوقوف ثم يأتي دور املحامي يف تقديم بالغ للنائب العام إلثبات واقعة القبض وتاريخه ،كواحدة من أهم اإلجراءات القانونية التي تحفظ حقوق املتهم. ومن املفترض أن يأتي دور النيابة العامة للتحقيق يف هذه البالغات وفقًا لقانون اإلجراءات الجنائية ووفقا لتعليمات النيابة العامة .ومن خالل قراءة أوراق عدد من القضايا ،باإلضافة إلى شهادات محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا التعذيب ،لم تباشر النيابة التحقيق يف هذه البالغات وإنما اكتفت بإرفاق البالغات والتلغرافات يف أوراق القضية وهو ما يعد إجراءا ظاهريًا يف جانب جوهري من جوانب الدعوي الذي يفترض فيه قرينة البراءة باألخذ يف االعتبار أن تلك االعترافات انتزعت تحت التعذيب. وتأتي القضية رقم 2103لسنة 2021كمثال واضح ىلع ذلك ،ففي 22سبتمبر 2021أثناء جلسة التحقيق مع املتهم"حسن سيد أحمد" اعترف بتعرضه للتعذيب خالل شهر مايو - 2021أي قبل 4 أشهر من عرضه ىلع النيابة -وتم عرضه ىلع الطب الشرعي يف ديسمبر - 2022أي بعد 6أشهر من التعرض للتعذيب -ناهيك عن خروج تقرير الطب الشرعي يف فبراير ،2022والذي أقر أن "األثر املوصوف باإلبط األيسر باملتهم قد تغيرت معامله األصلية بما طرأ عليه من تطورات التئامية
ومضى وقت مما يتعذر معه تحديد طبيعته أو سببه أو تاريخ حدوثه".10
ب) أداء النيابة
إلى جانب ممارسة االختفاء القسري ،يأتي أداء النيابة ،والذي تحول إلى نمط عام يف تعمد تأخير العرض /إحالة املتهمين /الضحايا للطب الشرعي ،مما يؤدي إلى ضياع آثار التعذيب ،أو عدم وضوحها ،وبالتبعية إفالت الجناة من العقاب ،إذ عادة ما تتحجج مصلحة الطب الشرعي بمرور وقت ىلع اإلصابات مما يؤدي إلى صعوبة إثبات أسباب تلك اآلثار سواء كان تعذيب أم ال ،باإلضافة إلى
صعوبة تحديد األدوات املستخدمة يف إحداث تلك اإلصابات.
10تقربر الطب الشرعي يف القضية رقم 2103لسنة .2021
| 13رصفحة
وهو ما الحظناه من خالل تحليل ألوراق عدد من القضايا فعلى سبيل املثال؛ يف القضية رقم 2278 جنايات أمن الدولة العليا طوارئ لسنة 2018اعتراف ستة متهمين بالتعرض للتعذيب ،أمام النيابة، أحالت النيابة أربعة متهمين فقط ،وتم إحالتهم بعد فترات طويلة ما بين 13يوم إلى 95يوم وهو ما
نتج عنه عدم ظهور أي آثار تعذيب ىلع الضحايا /املتهمين.11
باإلضافة إلى القضية رقم 15255لسنة ،2017التي تتلخص يف قيام أحد ضباط سجن 15مايو شريف صفي الدين يف 29أغسطس 2017بضرب السجين منير يسري منير بماسورة حديدية وإدخالها يف العين اليسرى ،مما أدى النفجارها .بينما تم عرض املجني عليه ىلع الطب الشرعي يف شهر ديسمبر أي بعد مرور ما يزيد عن 3أشهر ىلع وقوع الحادثة.12
ثالثاا :إتاحة أوراق القضية وتقارير الطب الشرعي "احنا كمحامين مش بنعرف هو اتحال وال ال وال التقربر صدر وال ال ،ممكذن نسذأل املذتهم انذت اتعرضت ىلع طبيب وال ال ،لكن ما بنبقال عارفين الدكتور كتب ابه أو قال ابه ،ألن احنا مش بنطلع ىلع القضية يف نيابة أمن الدولة مفذيش تصذوبر وال اطذالم ىلع أوراق القضذية ،لذو حبينا نعرف ممكن نسأل وكيل النيابة هذو اتعذرض ىلع الطبيذب الشذرعي وال ال ،هيقذول اه اتعرض ،حتى لو بيكيب علينا احنا مش عارفين .إنما لو يف نيابة عامة هو لذو اتعذرض أنذت بتعرف تصور أوراق القضية وبالتالي بتشوف تقاربر الطب الشرعي".
شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب.
تنص املادة ( )52من قانون املحاماة رقم 17لسنة 1983واملعدل بالقانون رقم 147لسنة 132019ىلع أحقية املحامين يف اإلطالع ىلع أوراق القضية وضرورة تسهيل النيابة واملحاكم حصول املحامي ىلع املعلومات ،هذا باإلضافة إلى املادة ( )125من قانون اإلجراءات الجنائية ،واملواد ( )605و()612
من تعليمات النيابة العامة.14
إال أننا وثقنا من خالل بحثنا عن أوراق قضايا تعرض املتهمين فيها للتعذيب ،فضالً عن مقابالتنا مع محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان ،وجود نمط ثابت أال وهو رفض اطالع املحامين ىلع أوراق القضية أو تصويرها ،وهو ما حدث يف قضية الباحث االقتصادي أيمن هدهود ،إذ سمحت النيابة ألحد 11وحدة املساعدة القانونية باملفوضية املصربة للحقوق والحربات.
12وحدة املساعدة القانونية باملفوضية املصربة للحقوق والحربات.
13مادة 52من قانون املحاماة "للمحامى حق االطالم ىلع الدعاوى واألوراق القضائية والحصول ىلع البيانات املتعلقة بالدعاوى التى بباشرها .وبجب ىلع جميع املحاكم والنيابات ودوائر الشرطة ومأموربات الشهر العقارى وغيرها من الجهات التى بمارس املحامى مهمته أمامها أن تقدم له التسهيالت التى بقتضيها القابم بواجبه وتمكينه من االطالم ىلع األوراق والحصول ىلع البيانات وحضور التحقيق مع موكله والحصول ىلع البيانات وحضور التحقيق مع موكله وفقًا الحكام القانون وال بجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى .وبجب اثبات
جميع ما بدور يف الجلسة يف محضرها.
14بجب السماح للمحامي بااطالم ىلع التحقيق يف اليوم السابق ىلع االستجواب أو املواجهة ما لم بقرر القاضي غير ذلك .ويف جميع األحوال ال بجوز الفصل بين املتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق
| 14رصفحة
محامي ي الدفاع بقراءة أوراق قضية هدهود بما يشمل تقرير الطب الشرعي ملدة ساعة واحدة ،بينما رفضت النيابة الطلبات املتكررة فيما بعد من بقية محامي الدفاع لإلطالع ىلع ملف القضية ،15وذلك
استنادًا إلى االستثناء املمنوح لها بموجب املادة ( )605من تعليمات النيابة العامة حيث جاء نص املادة "مالم يقرر عضو النيابة املحقق غير ذلك طبقًا ملا يقتضيه صالح التحقيق". متجاهلة تمامًا املادة ( )84من قانون اإلجراءات الجنائية ،التي تمكن املحامين من ذلك ،16ما يؤدي إلى تقييد الحق يف الدفاع ،ومنع املساعدة القانونية الفعالة ،ويساهم ذلك بالتبعية يف إغالق املسارات ،التي من املمكن أن يسلكها الدفاع لكشف املتورطين يف إخفاء وتعذيب واإلهمال الطبي تجاه أيمن هدهود وغيره من ضحايا التعذيب. "ويف القضية رقم 17641لسنة 2019واملقيدة برقم 2153لسنة 2019كلي حلوان لم يتمكن محامي املتهم/الضحية الحصول أو حتى اإلطالع ىلع تقرير الطب الشرعي سوى بعد مرور عدة أشهر.17
وبحسب مقابالتنا مع محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان ،أكدوا لنا أنه خاصة يف القضايا التي تخص التعذيب ويكون املشتبه به -موظف عمومي" -النيابة مش بتتعامل بالقانون ،إنما بناء ىلع تعليمات" ،وقد رصدنا نمطين بخصوص إتاحة املعلومات الخاصة بالقضايا التي تعرض بها املتهمون للتعذيب ،إما أن تكون أوراق القضية بالكامل غير متاحة من قبل النيابة ،وبصفة خاصة نيابة أمن الدولة العليا ،بما فيها تقارير الطب الشرعي والتي تكون بالضرورة جزء من أوراق القضية. أو عدم توفر تقارير الطب الشرعي ضمن أوراق القضية -يف حال إتاحتها -فعلى سبيل املثال يف القضية رقم 451لسنة 2014كتائب حلوان 7 :تقارير من أصل .10
"التعيبب بجميع صوره وأشكاله ،جربمة ال تسقط بالتقادم" مادة ( )52من الدستور املصري. بناءً ىلع ما تم عرضه خالل هذا الجزء من أداء النيابة العامة /أمن الدولة فيما يخص ضحايا التعذيب ،بداية من اإلجراءات االنتقائية يف إحالة ضحايا التعذيب للطب الشرعي ،مرورًا بتعمد التأخير يف عرضهم إلى الحد الذي تختفي معه آثار التعذيب ،وصوالً إلى االمتناع عن إتاحة تقارير الطب الشرعي الصادرة. نستطيع القول بأن النيابة شري ك أساسي يف اإلفالت من عقاب مرتكبي جرائم التعذيب ،السيما مع أهميتها املحورية لكونها حلقة الوصل األساسية بين أجساد الضحايا والطب الشرعي من جهة ،وبين الضحايا والجهات األمنية/األمن الوطني من الجهة األخرى فيما يتعلق بإثبات تعرضهم لالختفاء القسري والتعذيب من قبل الجهات األمنية. 15موسسة حربة الفكر والتعبير" ،الحقيقة ألبمن هدهود" ،بونيو ،2022متاح ىلع الرابط التالي: https://afteegypt.org/advocacy/position-papers/2022/06/17/30960-afteegypt.html
16املادة 84من قانون ااجراءات الجنائية " "للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق املدنية وللمسئول عنها أن بطلبوا ىلع نفقتهم ال بغير حضورهم بناء ىلع قرار صادر بيلك". أثناء التحقيق صورًا من األوراق أبا كان نوعها ،إال إذا كان التحقيق حاص ً
17مقابلة شخصية مع محامي ،أغسطس ،2023القاهرة ،مصر.
| 15رصفحة
لذلك توصي املفوضية املصرية للحقوق والحريات باآلتي: تفعيل املادة 52من قانون املحاماة فيما يخص أحقية املحامي لإلطالع ىلع أوراق القضية كحقمن حقوق الدفاع والتقاضي. تعديل املادة ( ) 442بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامةللنيابات ،من خالل و ضع عدد من اإلجراءات التي تقيد من السلطة التقدريرية الواسعة املمنوحة للنيابة العامة فيما بخص إحالة املتهمين /الضحايا إلى الطب الشرعي. تفعيل املادة 199مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية رقم 150لسنة ،1950حول قيام النيابة بسؤالاملتهم كمجني عليه ،يف حال اعترف بتعرضه للتعذيب.18
استحداث مادة داخل التعليمات العامة للنيابات لوضع حد أقصى للمدة الزمنية املفترضة إلحالةالضحايا للطب الشرعي ،مما يساهم يف تسريع اإلجراءات الخاصة بنقل املتهم/ضحية التعذيب من مكان احتجازه للطب الشرعي. تفعيل املادة ( ) 205من تعليمات النيابة العامة" يجب أن يثبت األسئلة التي توجه للمتهمينوالشهود وكذلك اإلجابة عنها يف محضر التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح وذلك تحت إشراف املحقق" ،وذلك من خالل إثبات أقوال املتهمين يف التحقيقات كاملة ،بما فيها تعرض املتهم للتعذيب ،يف حال اعترافه بذلك ،وإثبات مناظرة النيابة بوجود كدمات/آثار تعذيب.
18املادة 199مكررًا " ملن لحقه ضرر من الجربمة أن بدّعي بحقوق مدنية أثناء التحقيق يف الدعوى وتفصل النيابة العامة يف قبوله بهيه ض طلبه الطعن يف قرار الرفض أمام محكمة الجنح املستأنفة منعقدة الصفة يف التحقيق خالل ثالثة أبام من تقدبم هيا االدعاء وملن رُفِ َ يف غرفة املشورة خالل ثالثة أبام تسري من وقت إعالنه بالقرار".
| 16رصفحة