“آخر منافذ العدالة” (الجزء الثاني) .. ضياع العدالة/ الحقائق ما بين الطب الشرعي والنيابة العامة

Page 1

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪2015 2005‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪2015 2005‬‬ ‫‪) 2022‬‬ ‫‪2019‬‬

‫(‬ ‫‪2020‬‬

‫‪) 2022‬‬

‫(‬

‫‪15‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬

‫آﺧﺮ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻟﻌﺪاﻟﺔ‬

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ إﺻﺪارات ﻋﻦ آﻟﯿﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن‬

‫!‬

‫‪5‬‬

‫اﻟﺠــﺰء اﻟﺜﺎﻧــﻲ ‪ :‬ﺿﯿــﺎع اﻟﻌﺪاﻟﺔ‪/‬اﻟﺤﻘﺎﺋــﻖ ﻣــﺎ ﺑﯿــﻦ اﻟﻄــﺐ‬ ‫! اﻟﺸﺮﻋﻲ واﻟﻨﯿﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬

‫‪5‬‬


12

1 2

2022 15 17 22 24 26 18 19 20 20

5

.

2015 2005 2020 (

2019 ) 2022

3 4 5 6 1 2 3 4


‫‪12‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2022‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪2015 2005‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪) 2022‬‬

‫‪2020‬‬ ‫(‬

‫‪7‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬

‫آﺧﺮ ﻣﻨﺎﻓﺬ اﻟﻌﺪاﻟﺔ‬

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ إﺻﺪارات ﻋﻦ آﻟﯿﺎت ﻋﻤﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن‬

‫!‬

‫‪5‬‬

‫اﻟﺠــﺰء اﻷول ‪ :‬ﻣﺪﺧــﻞ ﻟﺘﺤــﻮﻻت‪ /‬ﺗﻄــﻮر اﻹﻃــﺎر اﻟﻘــﺎﻧﻮﻧﻲ‬ ‫اﻟﺤﺎﮐﻢ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺐ واﻟﻘﺎﻧﻮن‬ ‫‪4‬‬

‫‪1I‬‬


‫مقدمة‬ ‫"ال يجوز تشريح جثث األشخاص املشتبه يف وفاتهم وال التصريح بدفنهم إال إذا أذنت النيابة‬ ‫املختصة بذلك‪”.‬‬ ‫املادة (‪ )442‬بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامة للنيابات‪.‬‬

‫يف البداية كنا نسعى للحديث عن الطب الشرعي بصورة منفصلة عن كافة العوامل املحيطة به‪،‬‬ ‫ظنًا منا أن مجرد تتبع تاريخ مصلحة الطب الشرعي هو أمر كايف ملعرفة الخلل الواضح فيما يتعلق‬ ‫بأدائها وتقاريرها املبتسرة‪ ،‬إال أننا أدركنا وجود العديد من العوامل املتشابكة واملؤثرة ىلع أداء‬ ‫الطب الشرعي‪ ،‬ومن أهمها البنية التشريعية ملنظومة العدالة الجنائية‪ ،‬التي تعطي اليد العليا‬ ‫لوزارة العدل ‪-‬السلطة التنفيذية‪ -‬من جهة ‪-‬باعتبار الطب الشرعي مصلحة تابعة لها‪ -‬وبذلك‬ ‫السلطة التنفيذية لها القدرة ىلع التأثير ىلع التقارير الصادرة من مصلحة الطب الشرعي‪ .‬ومن‬ ‫جهة أخرى تؤثر النيابة العامة ىلع أداء مصلحة الطب الشرعي‪ ،‬لكونها املدخل‪ /‬حلقة الوصل بين‬ ‫الضحايا والطب الشرعي‪ .‬إذ تتسبب السلطة التقديرية املمنوحة للنيابة يف كثير من األحيان بندب‬ ‫خبراء الطب الشرعي بشكل انتقائي‪ ،‬وعدم االستجابة لطلبات األهالي للعرض ىلع الطب الشرعي‬ ‫يف حالة الوفاة أو للضحايا يف حاالت التعذيب‪ ،‬مستخدمة السلطات املمنوحة لها يف اتخاذ قرار‬ ‫إجراء التشريح‪/‬الكشف الظاهري من عدمه‪ .‬وما ينتج عنه وجود العديد من حاالت الوفاة املشتبه بها‬ ‫جنائيًا دون تدخل من قبل الطب الشرعي للوصول إلى أسباب الوفاة‪ ،‬مما يزيد من إحتمالية تكرار‬ ‫حاالت الوفاة الخارجة عن إطار القانون‪ ،‬بسبب عدم معرفة املتسبب وبالتبعية غياب املسائلة‬ ‫واملحاسبة‪.‬‬ ‫كنا قد بدأنا هذه السلسلة من خالل الجزء األول الذي قمنا خالله بتتبع التحوالت‪/‬التطور يف اإلطار‬ ‫القانوني الحاكم ملصلحة الطب الشرعي ما بين الطب والقانون‪ ،‬وتقديم رؤية نقدية للبنية‬ ‫التشريعية املؤثرة ىلع عمل املصلحة‪ ،‬والتي تتعارض بصورة أساسية مع االستقاللية التي من‬ ‫املفترض أن يعمل يف إطارها أطباء املصلحة‪.‬‬ ‫نسعى يف الجزء الثاني من سلسلة "آخر منافذ العدالة" إلى تسليط الضوء ىلع آليات عمل النيابة‬ ‫العامة بخصوص طلبات الضحايا‪/‬ذويهم يف الوصول إلى الطب الشرعي إلجراء الكشف الظاهري يف‬ ‫حاالت التعذيب‪ ،‬أو إجراء الصفة التشريحية يف حاالت الوفاة‪ .‬وذلك من خالل عرض بداية القصة‬ ‫التي قد تبدأ بتعرض أحد الضحايا‪/‬املتهمين للتعذيب‪ ،‬الذي قد يفضي إلى موت‪ ،‬ومن هنا يظهر‬ ‫حجم السلطة املمنوحة للنيابة العامة‪ ،‬بموجب التعليمات العامة للنيابات بداية من مناظرة أجساد‬ ‫املتهمين أثناء التحقيق‪ ،‬مرورًا بإحالة الضحايا للطب الشرعي من عدمه‪ ،‬وصوالً إلى إتاحة أوراق‬ ‫القضية‪ ،‬وبالتبعية تقارير الطب الشرعي‪.‬‬

‫‪| 3‬رصفحة‬


‫منهجية‬ ‫نستند يف هذا الجزء من السلسة ىلع مقابالت شخصية ألهالي محتجزين حاليين ومحامين لضحايا‬ ‫تعرضوا للمعاملة القاسية داخل أماكن االحتجاز أو توفوا نتيجةَ لتلك املعاملة‪ .‬باإلضافة إلى قراءة‬ ‫تحليلية ألوراق قضايا تتضمن تعذيب للمتهمين‪/‬الضحايا سواء أفضى إلى املوت أ ال‪ .‬وذلك لرصد‬ ‫كيف كانت استجابة النيابة بخصوص العرض ىلع الطب الشرعي؟‪.‬‬

‫‪| 4‬رصفحة‬


‫خلفية‬ ‫•‬

‫إبراهيم املصري ‪1877‬‬

‫بحسب مضابط ضبطية القاهرة‪ ،‬يف أحد أيام ديسمبر ‪ 1877‬ذهبت سيدة تدعى "أم إبراهيم"‬ ‫لضبطية اإلسكندرية (الشرطة) لإلبالغ عن اختفاء ابنها‪ ،‬إبراهيم املصري‪ ،‬الذي كان يف العقد الثالث‬ ‫من عمره‪ .‬وقالت يف شكواها أنهما حضرا إلى اإلسكندرية قبل عدة أشهر بحثًا عن عمل‪ ،‬وإنه وفق‬ ‫يف العثور ىلع وظيفة ترزي يف محل يملكه تاجر يهودى اسمه "حنين اصطفان"‪ .‬واتهمت حنين‬ ‫بمقتل ابنها‪ .‬وفى تلك األثناء كانت الشرطة قد تلقت إخطارًا بالعثور ىلع جثة شاب مجهول الهوية‬ ‫يف محل سكني يقطنه ‪ 22‬يهوديا‪ .‬ومع بدء التحقيق تبين أن الجثة بها جروح وكدمات يف الوجه‬ ‫وفى الركبة مع تمزق مالبسه وهو ما يوحي بحدوث عراك قبل الوفاة‪ .‬وبالتحريات الالحقة تبين‬ ‫وجود خمارة مجاورة‪ ،‬وبسؤال زبائنها تعرف أحدهم ىلع الجثة وأكد أنها بالفعل جثة إبراهيم‬ ‫املصري املختفي‪ ،‬وعن شربهما الخمرة سويًا يف الليلة السابقة‪ ،‬وأن إبراهيم أكثر من الشرب حتى‬ ‫الثمالة‪.1‬‬

‫أمرت الشرطة بتشريح الجثة ملعرفة أسباب الوفاة‪ .‬وجاء تقرير الطب الشرعي حينها موضحًا‬ ‫بالتفصيل أسباب الوفاة بشكل ال يفسح املجال ألي احتماالت أخرى‪" .‬فبتشريح املخ تبين تغير لون‬ ‫خالياه األمر الذي رجح املوت اختناقا‪ ،‬وبما أن الرقبة لم يكن عليها أى عالمات تدل ىلع الضغط‬ ‫عليها‪ ،‬فقد تم تشريح املعدة التي اكتشف فيها قدرًا كبيرًا من الخمر‪ .‬ثم وبتشريح الرئة وجد بها‬ ‫سائل رغوى تبين من تحليله أنه استفراغ من املعدة‪ .‬وانتهى تقرير الطب الشرعى إلى أن سبب‬

‫الوفاة اختناق ناتج عن غرق املتوفى يف استفراغه"‪ .2‬وانتهى تقرير الضبطية إلى أنه قد شرب يف‬ ‫الليلة السابقة قدرا كبير من الخمر‪ ،‬وأنه رحل عن الخمارة منفردًا وهو يف حالة سكر واضحة‪ ،‬وأنه‬ ‫ترنح يف طريقه وصدم رأسه بالحائط أكثر من مرة وهو ما نتج عنه الجروح الظاهرة ىلع وجهه‪ ،‬ثم‬ ‫تعثر يف مشيه حتى سقط ومزق جلبابه‪ ،‬وسقط مغشيًا عليه ومن شدة سكره "استفرغ"‪ ،‬وهو ما‬ ‫أدى لغرقه يف استفراغه ووفاته نتيجة لذلك‪ .‬وبعد أن خلصت الضبطية إلى أن "وفاة إبراهيم كانت‬ ‫طبيعية ولم تكن بفعل فاعل‪ ،‬وأمرت بدفن الجثة وبعدم تحريك الدعوى الجنائية"‪.3‬‬

‫•‬

‫أيمن هدهود مارس ‪2022‬‬

‫يف ‪ 9‬أبريل ‪ 2022‬تلقت أسرة الباحث االقتصادي "أيمن هدهود" اتصاالً من قسم شرطة مدينة نصر‬ ‫ثان ليخبروهم بخبر وفاة أيمن‪ ،‬والذي كان محتجزًا لدى مستشفى العباسية لألمراض العقلية‪ .‬تبنت‬ ‫وزارة الداخلية رواية مفادها أن هدهود قبض عليه يف ‪ 6‬فبراير ‪ ،2022‬بناء ىلع بالغ مقدم من‬ ‫حارس أحد العقارات بالزمالك‪ ،‬بتواجد املذكور داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه‬

‫‪ 1‬د‪ .‬خالد فهمي‪" ،‬صعود وإنهيار مصلحة الطب الشرعي"‪ ،2013 ،‬متاح ىلع الرابط التالي‪https://bit.ly/45DOijW :‬‬ ‫‪ 2‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪ 3‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪| 5‬رصفحة‬


‫بتصرفات غير مسؤولة‪ ..‬وقد تم اتخاذ اإلجراءات القانونية يف حينه وإيداعه بإحدى مستشفيات‬ ‫األمراض النفسية بناءً ىلع قرار النيابة العامة"‪.‬‬ ‫وجاء بيان النيابة العامة بخصوص الواقعة "هذا‪ ،‬وقد تلقت النيابةُ العامة تقريرَ مصلحة الطب‬ ‫الشرعي بإجراء الصفة التشريحة ىلع جثمان املتوفى‪ ،‬والذي أثبت عدم وجود أي آثار أو مظاهر‬ ‫إصابية حيوية بالجثمان تشير لحدوث عنف جنائيٍّ‪ ،‬أو مقاومة‪ ،‬أو تماسك‪ ،‬أو تجاذب‪ ،‬فضالً عن خلوِّ‬ ‫الجسد من املوادّ املخدرة والسامَّة‪ ،‬وأن الوفاة حدثت نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب نتج عنها‬ ‫توقف الدورة الدموية والتنفسية‪ ،‬مما أدى إلى الوفاة"‪.‬‬ ‫ىلع الجانب اآلخر‪ ،‬أكدت أسرة هدهود اختفائه منذ ‪ 6‬فبراير‪ ،‬وبعد مرور أربعة أيام ىلع غيابه‪ ،‬تم‬ ‫اســـتدعاء أحد إخوته إلى مقر األمن الوطني للسؤال حول عمل أيمن‪ ،‬وعن كتاباته ىلع موقع‬ ‫التواصــــل االجتماعي "فيســــبوك "‪ ،‬وقد أبلغهم أحد الضباط حينها بتواجد أيمن بمقر األمن‬ ‫الوطني باألميرية‪ ،‬وانتهى بهم األمر بعدم معرفة مكان تواجده باستثناء بعض األخبار غير املؤكدة‬ ‫حول وجوده داخل مستشفى العباسية لألمراض العقلية‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر صدور قرار النيابة بإيداع هدهود مستشفى العباسية لألمراض العقلية يف ‪7‬‬ ‫فبراير‪ ،2022‬بينما تأخر تنفيذ القرار إلى ‪ 13‬فبراير‪ .‬هذا باإلضافة إلى احتفاظ املستشفى بجثمان‬ ‫هدهود يف الفترة من ‪ 5‬مارس ‪-‬تاريخ الوفاة‪ ،-‬حتى ‪ 9‬إبريل حيث قام ضابط بقسم شرطة مدينة‬ ‫نصر ثان بإبالغ ذويه بوفاته‪ ،‬وهو ما يثير تساؤالت حول سبب التأخير خاصة مع كون هدهود معلوم‬ ‫الهوية لديهم‪ .‬مع رفض النيابة السماح لفريق الدفاع الحصول ىلع أوراق القضية أو تقرير الطب‬ ‫الشرعي‪.‬‬ ‫وىلع الرغم من كل تلك الشواهد التي ترجح االشتباه يف وفاته جنائيًا‪ ،‬انتهت تحقيقات النيابة‬ ‫العامة إلى انتفاء الشبهة الجنائية يف وفاة أيمن هدهود‪ ،‬بعدما تلقت تقرير مصلحة الطب‬ ‫الشرعي‪-‬الذي لم تسمح للمحامين باالطالع عليه‪ -‬بإجراء الصفة التشريحية ىلع جثمانه‪ ،‬الذي أكد‬ ‫وفاته نتيجة حالة مرضية مزمنة بالقلب‪ ،‬وخلو جسده من أي آثار إصابية تشير لحدوث عنف جنائيٍّ‬ ‫أو مقاومة‪.‬‬ ‫ومع االختالف الكبير فيما يخص السياق الزمني لعمل منظومة العدالة الجنائية ما بين الحالة األولى‬ ‫التي تعود إلى بدايات وجود الطب الجنائي‪ /‬الشرعي يف مصر‪ ،‬والحالة الثانية التي تجسد الوضع‬ ‫الحالي ملنظومة العدالة الجنائية ويف القلب منها النيابة العامة ومصلحة الطب الشرعي‪ ،‬إال أنه‬ ‫يمكننا من خالل املقارنة مالحظة الفروق الواضحة فيما يخص أداء منظومة العدالة الجنائية يف‬ ‫مصر ىلع وجه العموم‪ ،‬وأداء النيابة ‪-‬جهة التحقيق املختصة‪ -‬ىلع وجه الخصوص‪ ،‬وتبعات ذلك‬ ‫ىلع أداء مصلحة الطب الشرعي‪ ،‬وتدور هذه الورقة حول أسئلة من قبيل‪ :‬ما حدث لهدهود وغيره؟‪،‬‬ ‫هل كان يمكن للنيابة ومن بعدها الطب الشرعي أن يؤثر يف مسار هذه القضية التي انتهت بانتفاء‬ ‫وجود شبهة جنائية وغيرها من القضايا؟‪.‬‬

‫‪| 6‬رصفحة‬


‫تمهيد‪ :‬من أين نبدأ؟‬ ‫تستخدم السلطات األمنية يف مصر –وزارة الداخلية‪ /‬األمن الوطني‪ -‬التعذيب النتزاع االعترافات‪،‬‬ ‫وتهديد املتهمين‪/‬الضحايا‪ ،‬أو ملجرد استعراض القوة والترويع‪ ،‬داخل مقرات االحتجاز غير الرسمية أو‬ ‫أقسام الشرطة والسجون‪ .‬ثم تبدأ رحلة الضحايا داخل دائرة منظومة العدالة الجنائية‪ ،‬بداية من‬ ‫النيابة وصوالً إلى املحكمة‪ ،‬وما بينها من مسارات يمكنها أن تساهم يف إجالء الحقائق‪ ،‬والوصول‬ ‫إلى العدالة‪ ،‬ومن أهم هذه املسارات هي اللجوء إلى الطب الشرعي إلثبات التعرض للتعذيب من‬ ‫عدمه ‪-‬سواء أدى للوفاة أم ال‪ -‬وبالتبعية إمكانية التشكيك ‪-‬قانونًا‪ -‬يف مدى صحة اإلعترافات التي‬ ‫جاءت ىلع لسان املتهمين‪.‬‬ ‫ىلع سبيل املثال‪:‬‬ ‫بعد تنفيذ أحكام اإلعدام ىلع ‪ 3‬من املحكوم عليهم يف قضية تنظيم أجناد مصر يف مارس‬ ‫‪ ،2022‬وذلك عقب صدور أحكام نهائية اإلعدام من قبل محكمة النقض املصرية يف عام ‪،2019‬‬ ‫نحلل أوراق تلك القضية ودور الطب الشرعي بها والذي كان من املفترض أن يذهب بالقضية إلى‬ ‫أحكام أكثر عدالة‪ .‬ومن خالل قراءة أوراق قضية تنظيم أجناد مصر وجدنا أقوال املتهمين ‪-‬ممن نًفذ‬ ‫فيهم حكم اإلعدام‪ -‬تدور حول تلك الفرضية السابق ذكرها‪:‬‬ ‫"قعدوا يعذبوا فيا يف معسكر الجالء عن طريق انهم يعلقونى خلفى ويعلقونى من األمام‬ ‫وكانوا بيضربونى بشومة وكانوا بيكهربونى يف ذراعي ورجلي وكانوا وكانوا يضربوني‬ ‫باليد والرجل يف كل حتة يف جسمى وكان الضرب ده اول يوم اتقبض عليا فيه واستمر‬ ‫خمسة ايام بعد كدة‪ ،‬ولكن بعدها كان يف تلطيش عادى وكانوا بيضربونى عشان بيعرضوا‬ ‫عليا صور ناس معرفهمش ويسألونى عليهم وانا اقولهم انى معرفش الناس دي مين‬ ‫ومكنوش مصدقنى يف األول وعرفوا انى بقول الحقيقة وانى معرفش الناس دى ومليش‬ ‫عالقة بجماعة اجناد مصر"‬ ‫"انا بنكر اعترافاتي ألني كنت يف العازولي وقبلها كنت يف االمن الوطني وتعرضت‬ ‫لتعذيبات بدنيه وصعقي بالكهرباء باإلضافة الي اني ملا جيت النيابة وسألت املحقق اذا‬ ‫كنت هرجع العازولي تاني وال ال فقال لي اني ممكن ارجعه تاني"‬ ‫بعد استعراض هذا الجزء من أقوال املتهمين‪ ،‬الذي يؤكد ىلع اعترافهم بجرائم لم يرتكبونها تحت‬ ‫تأثير‪/‬ضغط التعذيب‪ ،‬وهو ما يبطل –قانونًا‪ -‬تلك االعترافات‪ ،‬نتساءل يف هذا الجزء عن أداء النيابة‬ ‫العامة بخصوص مثل تلك األقوال‪ ،‬وتعاملها مغ ادعاءات التعذيب‪ ،‬فبحسب التعليمات العامة‬ ‫للنيابات تعتبر النيابة العامة هي البواية الرئيسية للوصول إلى الطب الشرعي‪ ،‬وهو ما يشير إلى‬ ‫مدى أهمية النيابة يف هذا الصدد‪.‬‬

‫‪| 7‬رصفحة‬


‫دور النيابة "جهة التحقيق املختصة" يف إثبات وقوع تعذيب‬ ‫"النيابة العامة جزء ال يتجزأ من القضاء‪ ،‬تتولى التحقيق‪ ،‬وتحريك‪ ،‬ومباشرة الدعوى الجنائيةة‬ ‫عدا ما يستثنيه القانون‪ ،‬ويحدد القانون اختصاصاتها األخرى‪ .‬ويتةولى النيابةة العامةة نائةب‬ ‫عام‪ ،‬يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثالثة يرشحهم مجلس القضاء األىلع‪،‬‬ ‫مةةن بةةين نةةواب رئةةيس محكمةةة الةةنقض‪ ،‬والراسةةاء بمحةةاكم اإلسةةتمنا ‪ ،‬والنةةواب العةةامين‬ ‫املساعدين‪ ،‬وذلك ملدة أربع سنوات‪ ،‬أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد‪ ،‬أيهما أقةرب‪،‬‬ ‫وملرة واحدة طوال مدة عمله"‪.‬‬ ‫مادة (‪ )189‬من دستور مصر املعدل عام ‪.2019‬‬ ‫النيابة العامة هي من لها اإلشراف ىلع أعمال مأموري الضبط القضائي‪ ،‬ولها تحريك الدعوى‬ ‫الجنائية ورفعها من عدمه‪ ،‬ومن ثم ال تصل الدعوى الجنائية إلى القضاء إال بناء ىلع عمل النيابة‬ ‫العامة‪ /‬أمن الدولة العليا ‪ ،‬كما يكون لعملها دور وتأثير بالغ يف قرار القاضي‪ ،‬فهو يحكم وفقًا ملا‬ ‫تحت يده من أدلة وبراهين قدمتها النيابة العامة‪.4‬‬

‫ومع التعديالت الدستورية األخيرة لعام ‪ 2019‬بإضافة سلطات استثنائية لرئيس الجمهورية تتمثل‬ ‫يف تعيين النائب العام أصبحت النيابة العامة تفتقر إلى االستقاللية والحيادية املفترضة فيها‬ ‫كجهة إقامة العدل‪ ،‬وأدت إلى تداخل واضح فيما بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية‪ ،‬يؤدي‬ ‫إلى انتهاء الحال بها كأحد أجنحة السلطة التنفيذية عمليًا‪ .‬خاصة مع نص املادة (‪ )125‬من قانون‬ ‫السلطة القضائية"‪ ،‬والتي تم تعديلها عام بموجب القانون رقم ‪ 142‬لعام ‪ 2006‬باآلتي "أعضاء النيابة‬ ‫يتبعون رؤساءهم والنائب العام‪ ،‬ولوزير العدل حق الرقابة واإلشراف اإلداري ىلع النيابة وأعضائها"‪.‬‬ ‫وتتعدد أدوار النيابة يف الكشف وإثبات تعرض املتهمين‪/‬الضحايا للتعذيب‪ ،‬سواء بشكل مباشر من‬ ‫خالل املناظرة للمتهمين أثناء التحقيق‪ ،‬أو بشكل غير مباشر عن طريق اإلحالة للعرض ىلع الطب‬ ‫الشرعي ‪ ،‬وهو ما يشير إلى أهمية النيابة العامة باعتبارها بوابة الوصول إلى الطب الشرعي من‬ ‫عدمه‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬املناظرة أثناء التحقيق‬ ‫" املفترض ان النيابة العامة بعد ما تخلص تحقيق تسأل املتهم اللي ثبت تعرضه للتعذيبب‬ ‫كمجني عليه‪ ،‬لكن يف نيابة أمن الدولة ما بتعملش كدة‪ ،‬بتناظر املتهم صوربا‪ .‬وفيه بعض‬ ‫وكالء النيابة مش بيثبتوا آثار التعيبب زي ملا املتهم بقول فيه هنا كدمة أو أثر للتعذيبب ‪-‬‬ ‫تغير يف اللون‪ -‬برد وكيل النيابة ال أنا مش شابف‪ ،‬دة مش أثر‪ .‬وطبعًا لذو محذامي علذق يف‬

‫‪ 4‬املبادرة املصربة للحقوق الشخصية‪" ،‬إعاقة املسائلة"‪ ،2013 ،‬متاح ىلع الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪https://eipr.org/publications/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A9‬‬‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9‬‬

‫‪| 8‬رصفحة‬


‫نيابة أمن الدولة‪ ،‬هما نفسهم بيبقوا محتجزبن فيهذا‪ .‬فيذه بعذض الذزمال علقذت بيتعرضذوا‬ ‫لتهدبدات‪ ،‬و فيه أحد املحامين مرة طلب إثبذات التعذيبب وااحالذة للطذب الشذرعي ووكيذل‬ ‫النيابة رفض وهدده انه باخد كارنيه النقابة منه"‪.‬‬ ‫شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪.‬‬

‫يلزم القانون ‪ -‬بحسب التعليمات العامة للنيابات‪ -‬وكيل النيابة‪/‬جهة التحقيق املختصة مناظرة‬ ‫املتهم‪ ،‬عند إجراء التحقيق‪ .‬بداية من مناظرة مالبسه وطوله‪ ،‬واملالمح‪ ،‬مرورًا بفحص جسده‪ ،‬فإذا‬ ‫وجد به إصابات يذكرها يف التحقيق‪ ،‬ويبدأ يف سؤاله كمجني عليه تعرض للتعذيب‪ ،‬أما إذا كانت‬ ‫هناك إصابات غير ظاهرة وصفها املتهم فعلى وكيل النيابة فحصها وإثباتها ثم عرض املتهم ىلع‬

‫الطب الشرعي‪ ،‬مشفوعًا بمذكرة النيابة املسجل بها شكوى املتهم‪ /‬املدعي ونتائج املناظرة‪.5‬‬

‫كما تنص املادة (‪ )205‬من تعليمات العامة للنيابات " يجب أن يثبت األسئلة التي توجه للمتهمين‬ ‫والشهود وكذلك اإلجابة عنها يف محضر التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح وذلك تحت‬ ‫إشراف املحقق" إال أنه وبحسب شهادات محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا تعذيب‪ ،‬أن أداء‬ ‫النيابة أثناء التحقيق قد يختلف‪ ،‬وبوجه خاص نيابة أمن الدولة العليا‪ ،‬إذ ال تعير نيابة أمن الدولة‬ ‫العليا ملناظرة املتهم أهمية‪ ،‬حتى يف حال اعتراف املتهمين بتعرضهم للتعذيب‪ ،‬قد ال تثبت ذلك‬ ‫يف محضر التحقيقات‪ ،‬أو تحيله للطب الشرعي‪ ،‬أو حتى سؤاله كمجني عليه وفقًا لنص املادة ‪199‬‬

‫مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية رقم ‪ 150‬لسنة ‪،61950‬وذكر لنا أحد املحامين "نيابة أمن الدولة ما‬ ‫بتهتمش باملناظرة وال بأقوال املتهمين بوجود كدمات أو تعرضهم للتعذيب‪ ،‬وممكن تقوله هنبقى‬ ‫نحيلك للطب الشرعي ودة يحصل أو ال‪ ،‬كدة كدة مفيش إطالع ىلع أوراق القضية‪ /‬التحقيقات يف‬

‫نيابة أمن الدولة فمش بيهتموا"‪.7‬‬

‫كما أن هذا األداء يتفاوت ما بين قضية ألخرى ويف نفس القضية من متهم آلخر‪ ،‬فبحسب تحليل‬ ‫أوراق القضايا‪ ،‬قد تتم مناظرة متهم دون اآلخر ىلع الرغم من ادعاء كليهما بالتعرض للتعذيب‪ ،‬كما‬ ‫قد تثبت مناظرة املتهم‪ /‬الضحية وجود آثار للتعذيب‪ ،‬ولكن ال يفضي ذلك إلى إحالته للعرض ىلع‬ ‫الطب الشرعي‪.‬‬

‫‪ 5‬مركز الندبم للعالج والتأهيل النفسي‪" ،‬الوقابة من خالل التوثيق‪ ...‬دليل األطباء واملحامين لتوثيق حاالت التعيبب وسوء املعاملة ىلع‬ ‫خلفية بروتوكول استنبول"‪ ،‬مارس ‪ ،2009‬ص‪.22‬‬

‫‪ 6‬املادة ‪ 199‬مكررًا " ملن لحقه ضرر من الجربمة أن بدّعي بحقوق مدنية أثناء التحقيق يف الدعوى وتفصل النيابة العامة يف قبوله بهيه‬ ‫ض طلبه الطعن يف قرار الرفض أمام محكمة الجنح املستأنفة منعقدة‬ ‫الصفة يف التحقيق خالل ثالثة أبام من تقدبم هيا االدعاء وملن رُفِ َ‬ ‫يف غرفة املشورة خالل ثالثة أبام تسري من وقت إعالنه بالقرار"‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪ 7‬مقابلة شخصية مع محامي‪ ،‬أغسطس ‪ ،2023‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪| 9‬رصفحة‬


‫فبحسب قضية تنظيم أجناد مصر‬ ‫"تبين لنا أن املناظرات قد ينتج عنها وجود آثار إصابية ولكن ال يلزم ذلك النيابة بإحالة‬ ‫املتهمين‪/‬الضحايا للطب الشرعي‪ ،‬وهو ما جاء يف أوراق القضية‪:‬‬ ‫"وبمنــاظرة املــتهم تبــين لنــا وجــود اصــابة بأســفل منطقــة الــبطن واصــابة اخــري بــاالبط االيســر‬ ‫وباالستفسار عــن ســبب اإلصــابات قــال انهــا مــن جــراء تعرضــه لتعــذيبات بدنيــه وتعرضــه للصــعق‬ ‫الكهربائي اثناء احتجازه بسجن العزولي"‪.‬‬ ‫"وبمناظرة عموم جسده تبين لنا وجود اصابات عبارة عن خدوش متفرقه بالجهة اليسرى من الرقبــة‬ ‫وكذا وجود جروح طولية ملتئمة واخرى غيــر منتظمــة الشــكل بالســاعد االيمــن وكــذا وجــود بعــض‬ ‫الخدوش بالساعد االيسر وكذا وجود اصابة صغيرة ملتئمة بقصبة القدم اليسرى مــن االمــام وخــدش‬ ‫ملتئم بمفصل القدم اليسرى من األمام"‪.‬‬ ‫وىلع الرغم من إثبــات النيابــة ال عامــة لتلــك اإلصــابات الناتجــة عــن التعــذيب‪ ،‬وإعتــراف املتهمــين‬ ‫بتعرضهم للتعذيب خــالل فتــرة االختفــاء القســري‪ ،‬قبــل عرضــهم ىلع النيابــة إال أن ذلــك لــم يــؤد‬ ‫بالضرورة إلى إحالتهم للطب الشرعي‪ .‬فمن بين ‪ 20‬متهما تبين من مناظرتهم التعرض للتعذيب‪ ،‬لــم‬ ‫يحال سوى ‪ 5‬فقط‪ ،‬وهو ما سنتطرق له من زاوية أكثر اتساعًا خالل الجزء القادم من التقرير‪.‬‬

‫ثانياا‪ :‬اإلحالة للطب الشرعي‬ ‫"شباب األ ولتراس كانوا بييجوا التحقيق مش عارفين بقفذوا وواقفذين بيترعشذوا واكتشذفت‬ ‫بعد كدة انهم كانوا بيتكهربوا‪ ،‬لكن هما مذا اتحذالول للطذب الشذرعي وال اتسذألوا كمجنذي‬ ‫عليهم‪ .‬يف أغلب األوقات نيابة أمن الدولة مش بتحيل للطب الشرعي"‬ ‫شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪.‬‬ ‫يقوم الطب الشرعي بصورة أساسية ىلع إجراء الكشف الطبي سواء الظاهري يف حال وجود شكوك‬ ‫بتعرض الشخص للتعذيب‪ ،‬أو أي نوع من أنواع املعاملة القاسية‪ ،‬أو الصفة التشريحية يف حال‬ ‫وجود شبهة جنائية يف وفاة الشخص‪ ،‬إال أن األمر يمر بعدد من التعقيدات البيروقراطية للوصول‬ ‫إلى العرض أمام الطب الشرعي‪ ،‬ومن أهمها هي سلطة النيابة فيما يخص عرض املتهمين أمام‬ ‫الطب الشرعي‪ ،‬ومن خالل مقابالتنا الشخصية مع محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان‪ ،‬وتحليل‬ ‫أوراق عدد من القضايا التي حُكم بها ىلع متهمين‪ /‬نفذ بهم حكم اإلعدام‪ ،‬الحظنا وجود ثالثة‬ ‫أنماط فيما يخص تعامل النيابة مع املتهمين‪:‬‬

‫‪| 10‬رصفحة‬


‫‪ )1‬إجراءات انتقائية‪ ،‬وصالحيات مطلقة‬ ‫" ال يجوز تشةريح جثةث األشةخاص املشةتبه يف وفةاتهم وال التصةريح بةدفنهم إال إذا أذنةت‬ ‫النيابة املختصة بذلك"‪.‬‬

‫املادة (‪ )442‬بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامة للنيابات‬

‫تتسبب تلك السلطة التقديرية للنيابة يف قيامها يف كثير من األحيان بندب خبراء الطب الشرعي‬ ‫بشكل انتقائي‪ ،‬وعدم االستجابة لطلبات األهالي للعرض ىلع الطب الشرعي– يف حالة الوفاة‪ -‬أو‬ ‫للضحايا – يف حاالت التعذيب‪ ،‬مستخدمة السلطة التقديرية املمنوحة لها يف اتخاذ قرار إجراء‬ ‫التشريح‪/‬الكشف الظاهري من عدمه‪ .‬وما ينتج عنه وجود العديد من حاالت الوفاة املشتبه بها‬ ‫جنائيًا دون تدخل من قبل الطب الشرعي للوصول إلى أسباب الوفاة‪ ،‬مما يزيد من احتمالية تكرار‬ ‫حاالت الوفاة الخارجة عن إطار القانون‪ ،‬بسبب عدم معرفة املتسبب وبالتبعية غياب املسائلة‬ ‫واملحاسبة‪.‬‬ ‫ومن خالل مقابالتنا مع محامين مشتبكين مع قضايا تخص التعذيب‪ ،‬وجدنا أن االنتقائية يف إحالة‬ ‫الضحايا‪ /‬املتهمين للعرض ىلع الطب الشرعي هو األساس الحاكم ألداء النيابة العامة‪/‬أمن الدول‬ ‫العليا‪ ،‬دون وجود معايير واضحة لالستجابة للطلبات اإلحالة من عدمها‪ ،‬خاصة يف نيابة أمن الدولة‬ ‫العليا ‪ .‬وهو ما وثقناه من خالل أوراق القضايا التالية يف قضية تنظيم أجناد مصر‪ ،‬من بين ‪ 20‬متهمًا‬ ‫يف القضية اعترفوا بتعرضهم للتعذيب‪ ،‬تم عرض ‪ 5‬متهمين فقط ىلع الطب الشرعي‪ ،‬بينما تم‬ ‫تجاهل طلبات البقية‪.‬‬ ‫يف قضية رقم ‪ 451‬لسنة ‪" 2014‬كتائب حلوان"‪ :8‬عدد املتهمين الذين أفادوا بتعرضهم للتعذيب ‪.30‬‬ ‫الطلب لإلحالة ‪ .17‬املحالين ‪ .10‬التقارير الصادرة ‪.7‬‬ ‫قضية رقم ‪ 1300‬لسنة ‪ 2016‬كلي شرق القاهرة املعروفة إعالميًا بقضية اغتيال النائب العام‪ 38 :‬من‬ ‫إجمالي ‪ 52‬تم تعذيبهم لإلدالء باالعتراف‪ 8 ،‬قامت النيابة بمناظرة أثار التعذيب واإلصابات‪ ،‬وإحالة ‪18‬‬ ‫للطب الشرعي‪.‬‬ ‫كما قد تطالب النيابة بإجراء كشف ظاهري دون الصفة التشريحية‪ ،‬وهو ما جاء يف تقرير للمبادرة‬ ‫املصرية للحقوق الشخصية يف القضية الخاصة بأحداث سجن االستئناف‪ ،‬يف الفترة ما بين ‪ 30‬و‪31‬‬ ‫يناير ‪ -2011‬وهي جزء من أحداث وقعت داخل السجون املصرية خالل ثورة الخامس والعشرين من‬ ‫يناير‪ ،‬داخل سجون القطا واالستئناف ووادي النطرون ‪-‬ىلع سبيل املثال وليس الحصر‪ -‬جاء يف‬ ‫أوراق القضية اآلتي "وقد بين الطبيب الشرعي يف أقواله أمام النيابة أن تعليمات جاءت من النائب‬ ‫العام بإجراء الكشف الظاهري فقط دون تشريح املتوفَيْنَ‪ ،‬مع التصريح بدفن الجثث مباشرة‪ .‬هذا‬ ‫‪ 8‬الجبهة املصربة لحقوق اانسان‪ " ،‬غياب ضمانات املحاكمة العادلة بطال الجميع‪ :‬تقربر حول انتهاكات ضمانات املحاكمة العادلة أثناء‬ ‫مرحلة التحقيق يف القضية ‪ 451‬لسنة ‪ 2014‬أمن دولة املعروفة إعالميًا بقضية كتائب حلوان"‪ ،‬فبرابر ‪ ،2021‬متاح ىلع الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪/https://egyptianfront.org/ar/2021/02/helwan-battalions‬‬

‫‪| 11‬رصفحة‬


‫ىلع الرغم من طلب ثالثة من ذوي الضحايا إجراء التشريح‪ .‬وأكد الطبيب ىلع أهمية استخراج‬ ‫الجثث وتشريحها لتحديد نوع العيار الناري املتسبب يف الوفاة‪ ،‬إال أن النيابة العامة التفتت عن هذا‪،‬‬

‫ولم تأمر باستخراج الجثث وتشريحها"‪ .9‬وهو ما يشير بوضوح إلى ضآلة وضعف سلطة الطب‬ ‫الشرعي‪ /‬األطباء الشرعيين أمام سلطة النيابة التي لها القرار األخير بخصوص إجراءات كشف‬ ‫الظاهري والصفة التشريحية‪.‬‬

‫‪ )2‬تأخير العرض ىلع الطب الشرعي‪" ..‬األثر املوصو‬

‫تغيرت معامله"‬

‫"لو نيابة أمن الدولة طلعت قرار لإلحالة للطب الشرعي‪ ،‬ففيه وقت للعمليذة دي‪ .‬اول حاجذة‬ ‫القرار بيطلع من النيابة وبعدي ىلع املحامي العام‪ ،‬وبعد كدة بروح السجن علشذان بتنفذي‪.‬‬ ‫وبعدبن بتاخد التقربر من الطب الشرعي علشان بتسلم للنيابة‪ .‬فالعمليذة دي بتاخذد وقذت‬ ‫كبير جدا‪ ،‬ودة غالبا بيكون متعمد‪ ،‬خاصة ان الشخص بيكون محتجز يف سجن اللي مسذوول‬ ‫عنه يف الغالذب ظذابط أمذن وطنذي وظذابط مباحذ‪ ،،‬فاملوضذوم مذرتبط برضذه بالسذلطة‬ ‫التنفييبة انها تنفي قرار ان املتهم بخرج وبتعرض ىلع الطب الشرعي "‪.‬‬

‫شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪.‬‬

‫تبدأ اإلجراءات البيروقراطية املطلوبة لعرض املتهم‪/‬الضحية ىلع الطب الشرعي من تأشيرة النيابة‬ ‫العامة بالعرض ىلع الطب الشرعي وموافقة املحامي العام‪ ،‬مرورًا بنقل التأشيرة إلى مقر احتجاز‬ ‫املتهم ونقله من خالل ترحيلة إلى مقر الطب الشرعي‪ .‬وإلى جانب البيروقراطية الخاصة بنقل‬ ‫املتهمين للعرض ىلع الطب الشرعي‪ ،‬ومن خالل قراءة أوراق عدد من القضايا باإلضافة إلى‬ ‫املقابالت التي أجريناها مع محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪ ،‬الحظنا أن األصل‬ ‫هو تأخر عرض املتهمين‪ /‬الضحايا ىلع الطب الشرعي‪ ،‬إلى أن تختفي آثار التعذيب‪ ،‬وهو ما يمكن‬ ‫إرجاعه إلى أكثر من عامل‪:‬‬

‫أ) فترات االختفاء القسري‬ ‫"أغلب الناس اللي بتتعرض للضرب خاصة اللي بيتعرضوا لفتذرة اختفذاء قسذري بيكذون فيذه‬ ‫تهدبدات من االمن الوطني ان املتهم لو ثبت يف النيابة تعرضه للتعيبب بانه مش هيطلع‬ ‫من االمن الوطني تاني‪ .‬ويف قضابا كتير ملا بيوصلوا النيابة ما بيكذونش بذابن علذيهم آثذار‬ ‫تعيبب واضحة‪ ،‬مش بيطلعوهم من االمن الوطني غير ملا تكون االثار راحت"‪.‬‬ ‫شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪.‬‬

‫‪ 9‬املبادرة املصربة للحقوق الشخصية‪" ،‬إعاقة املسائلة"‪ ،2013 ،‬متاح ىلع الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪https://eipr.org/publications/%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A9‬‬‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9‬‬

‫‪| 12‬رصفحة‬


‫بالنظر إلى تحول االختفاء القسري إلى ظاهرة‪ ،‬وممارسة روتينية من قبل الجهات األمنية ألغلب من‬ ‫يقبض عليهم‪ ،‬وتبعات ذلك من تعرض هؤالء للتعذيب‪ ،‬فضالً عن احتجازهم بمعزل عن العالم‬ ‫الخارجي لفترات متفاوتة ما بين أيام وصوالً إلى شهور ‪-‬أو ما يزيد عن ذلك‪ -‬وهو ما قد يؤدي إلى‬ ‫صعوبة إثبات التعذيب‪ ،‬بسبب طول املدة ما بين وقت القبض والتعرض للتعذيب من جهة وما بين‬ ‫العرض ىلع النيابة من الجهة األخرى‪ ،‬ناهيك عن املدة ما بين إستجابة النيابة لإلحالة إلى الطب‬ ‫الشرعي وما بين تاريخ العرض الفعلي ىلع الطب الشرعي‪.‬‬ ‫وهنا تظهر أهمية عمل تليغرافات للنائب العام ووزير الداخلية إلثبات تاريخ القبض ىلع املتهم‬ ‫وحفظ حقوقه يف العرض ىلع النيابة املختصة خالل املواعيد القانونية وتحميل الجهة التي‬ ‫قامت بالضبط مسئولية سالمة املقبوض عليه وعادة ما يقوم بعمل هذه اإلجراءات ذوي الشخص‬ ‫املوقوف ثم يأتي دور املحامي يف تقديم بالغ للنائب العام إلثبات واقعة القبض وتاريخه‪ ،‬كواحدة‬ ‫من أهم اإلجراءات القانونية التي تحفظ حقوق املتهم‪.‬‬ ‫ومن املفترض أن يأتي دور النيابة العامة للتحقيق يف هذه البالغات وفقًا لقانون اإلجراءات‬ ‫الجنائية ووفقا لتعليمات النيابة العامة‪ .‬ومن خالل قراءة أوراق عدد من القضايا‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫شهادات محامين منخرطين يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪ ،‬لم تباشر النيابة التحقيق يف هذه‬ ‫البالغات وإنما اكتفت بإرفاق البالغات والتلغرافات يف أوراق القضية وهو ما يعد إجراءا ظاهريًا يف‬ ‫جانب جوهري من جوانب الدعوي الذي يفترض فيه قرينة البراءة باألخذ يف االعتبار أن تلك‬ ‫االعترافات انتزعت تحت التعذيب‪.‬‬ ‫وتأتي القضية رقم ‪ 2103‬لسنة ‪ 2021‬كمثال واضح ىلع ذلك‪ ،‬ففي ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2021‬أثناء جلسة‬ ‫التحقيق مع املتهم"حسن سيد أحمد" اعترف بتعرضه للتعذيب خالل شهر مايو ‪- 2021‬أي قبل ‪4‬‬ ‫أشهر من عرضه ىلع النيابة‪ -‬وتم عرضه ىلع الطب الشرعي يف ديسمبر ‪- 2022‬أي بعد ‪ 6‬أشهر‬ ‫من التعرض للتعذيب‪ -‬ناهيك عن خروج تقرير الطب الشرعي يف فبراير ‪ ،2022‬والذي أقر أن "األثر‬ ‫املوصوف باإلبط األيسر باملتهم قد تغيرت معامله األصلية بما طرأ عليه من تطورات التئامية‬

‫ومضى وقت مما يتعذر معه تحديد طبيعته أو سببه أو تاريخ حدوثه"‪.10‬‬

‫ب) أداء النيابة‬

‫إلى جانب ممارسة االختفاء القسري‪ ،‬يأتي أداء النيابة‪ ،‬والذي تحول إلى نمط عام يف تعمد تأخير‬ ‫العرض‪ /‬إحالة املتهمين‪ /‬الضحايا للطب الشرعي‪ ،‬مما يؤدي إلى ضياع آثار التعذيب‪ ،‬أو عدم‬ ‫وضوحها‪ ،‬وبالتبعية إفالت الجناة من العقاب‪ ،‬إذ عادة ما تتحجج مصلحة الطب الشرعي بمرور وقت‬ ‫ىلع اإلصابات مما يؤدي إلى صعوبة إثبات أسباب تلك اآلثار سواء كان تعذيب أم ال‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫صعوبة تحديد األدوات املستخدمة يف إحداث تلك اإلصابات‪.‬‬

‫‪ 10‬تقربر الطب الشرعي يف القضية رقم ‪ 2103‬لسنة ‪.2021‬‬

‫‪| 13‬رصفحة‬


‫وهو ما الحظناه من خالل تحليل ألوراق عدد من القضايا فعلى سبيل املثال؛ يف القضية رقم ‪2278‬‬ ‫جنايات أمن الدولة العليا طوارئ لسنة ‪ 2018‬اعتراف ستة متهمين بالتعرض للتعذيب‪ ،‬أمام النيابة‪،‬‬ ‫أحالت النيابة أربعة متهمين فقط‪ ،‬وتم إحالتهم بعد فترات طويلة ما بين ‪ 13‬يوم إلى ‪ 95‬يوم وهو ما‬

‫نتج عنه عدم ظهور أي آثار تعذيب ىلع الضحايا‪ /‬املتهمين‪.11‬‬

‫باإلضافة إلى القضية رقم ‪ 15255‬لسنة ‪ ،2017‬التي تتلخص يف قيام أحد ضباط سجن ‪ 15‬مايو شريف‬ ‫صفي الدين يف ‪ 29‬أغسطس ‪ 2017‬بضرب السجين منير يسري منير بماسورة حديدية وإدخالها يف‬ ‫العين اليسرى‪ ،‬مما أدى النفجارها‪ .‬بينما تم عرض املجني عليه ىلع الطب الشرعي يف شهر‬ ‫ديسمبر أي بعد مرور ما يزيد عن ‪ 3‬أشهر ىلع وقوع الحادثة‪.12‬‬

‫ثالثاا‪ :‬إتاحة أوراق القضية وتقارير الطب الشرعي‬ ‫"احنا كمحامين مش بنعرف هو اتحال وال ال وال التقربر صدر وال ال‪ ،‬ممكذن نسذأل املذتهم انذت‬ ‫اتعرضت ىلع طبيب وال ال‪ ،‬لكن ما بنبقال عارفين الدكتور كتب ابه أو قال ابه‪ ،‬ألن احنا مش‬ ‫بنطلع ىلع القضية يف نيابة أمن الدولة مفذيش تصذوبر وال اطذالم ىلع أوراق القضذية‪ ،‬لذو‬ ‫حبينا نعرف ممكن نسأل وكيل النيابة هذو اتعذرض ىلع الطبيذب الشذرعي وال ال‪ ،‬هيقذول اه‬ ‫اتعرض‪ ،‬حتى لو بيكيب علينا احنا مش عارفين‪ .‬إنما لو يف نيابة عامة هو لذو اتعذرض أنذت‬ ‫بتعرف تصور أوراق القضية وبالتالي بتشوف تقاربر الطب الشرعي"‪.‬‬

‫شهادة محامي منخرط يف قضايا تخص ضحايا التعذيب‪.‬‬

‫تنص املادة (‪ )52‬من قانون املحاماة رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 1983‬واملعدل بالقانون رقم ‪ 147‬لسنة ‪132019‬ىلع‬ ‫أحقية املحامين يف اإلطالع ىلع أوراق القضية وضرورة تسهيل النيابة واملحاكم حصول املحامي‬ ‫ىلع املعلومات‪ ،‬هذا باإلضافة إلى املادة (‪ )125‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬واملواد (‪ )605‬و(‪)612‬‬

‫من تعليمات النيابة العامة‪.14‬‬

‫إال أننا وثقنا من خالل بحثنا عن أوراق قضايا تعرض املتهمين فيها للتعذيب‪ ،‬فضالً عن مقابالتنا مع‬ ‫محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان‪ ،‬وجود نمط ثابت أال وهو رفض اطالع املحامين ىلع أوراق‬ ‫القضية أو تصويرها‪ ،‬وهو ما حدث يف قضية الباحث االقتصادي أيمن هدهود‪ ،‬إذ سمحت النيابة ألحد‬ ‫‪ 11‬وحدة املساعدة القانونية باملفوضية املصربة للحقوق والحربات‪.‬‬

‫‪ 12‬وحدة املساعدة القانونية باملفوضية املصربة للحقوق والحربات‪.‬‬

‫‪ 13‬مادة ‪ 52‬من قانون املحاماة "للمحامى حق االطالم ىلع الدعاوى واألوراق القضائية والحصول ىلع البيانات املتعلقة بالدعاوى التى‬ ‫بباشرها‪ .‬وبجب ىلع جميع املحاكم والنيابات ودوائر الشرطة ومأموربات الشهر العقارى وغيرها من الجهات التى بمارس املحامى مهمته‬ ‫أمامها أن تقدم له التسهيالت التى بقتضيها القابم بواجبه وتمكينه من االطالم ىلع األوراق والحصول ىلع البيانات وحضور التحقيق مع‬ ‫موكله والحصول ىلع البيانات وحضور التحقيق مع موكله وفقًا الحكام القانون وال بجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى‪ .‬وبجب اثبات‬

‫جميع ما بدور يف الجلسة يف محضرها‪.‬‬

‫‪ 14‬بجب السماح للمحامي بااطالم ىلع التحقيق يف اليوم السابق ىلع االستجواب أو املواجهة ما لم بقرر القاضي غير ذلك‪ .‬ويف جميع‬ ‫األحوال ال بجوز الفصل بين املتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق‬

‫‪| 14‬رصفحة‬


‫محامي ي الدفاع بقراءة أوراق قضية هدهود بما يشمل تقرير الطب الشرعي ملدة ساعة واحدة‪ ،‬بينما‬ ‫رفضت النيابة الطلبات املتكررة فيما بعد من بقية محامي الدفاع لإلطالع ىلع ملف القضية‪ ،15‬وذلك‬

‫استنادًا إلى االستثناء املمنوح لها بموجب املادة (‪ )605‬من تعليمات النيابة العامة حيث جاء نص‬ ‫املادة "مالم يقرر عضو النيابة املحقق غير ذلك طبقًا ملا يقتضيه صالح التحقيق"‪.‬‬ ‫متجاهلة تمامًا املادة (‪ )84‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬التي تمكن املحامين من ذلك‪ ،16‬ما يؤدي‬ ‫إلى تقييد الحق يف الدفاع‪ ،‬ومنع املساعدة القانونية الفعالة‪ ،‬ويساهم ذلك بالتبعية يف إغالق‬ ‫املسارات‪ ،‬التي من املمكن أن يسلكها الدفاع لكشف املتورطين يف إخفاء وتعذيب واإلهمال الطبي‬ ‫تجاه أيمن هدهود وغيره من ضحايا التعذيب‪.‬‬ ‫"ويف القضية رقم ‪ 17641‬لسنة ‪ 2019‬واملقيدة برقم ‪ 2153‬لسنة ‪ 2019‬كلي حلوان لم يتمكن محامي‬ ‫املتهم‪/‬الضحية الحصول أو حتى اإلطالع ىلع تقرير الطب الشرعي سوى بعد مرور عدة أشهر‪.17‬‬

‫وبحسب مقابالتنا مع محامين مدافعين عن حقوق اإلنسان‪ ،‬أكدوا لنا أنه خاصة يف القضايا التي‬ ‫تخص التعذيب ويكون املشتبه به ‪-‬موظف عمومي‪" -‬النيابة مش بتتعامل بالقانون‪ ،‬إنما بناء ىلع‬ ‫تعليمات"‪ ،‬وقد رصدنا نمطين بخصوص إتاحة املعلومات الخاصة بالقضايا التي تعرض بها‬ ‫املتهمون للتعذيب‪ ،‬إما أن تكون أوراق القضية بالكامل غير متاحة من قبل النيابة‪ ،‬وبصفة خاصة‬ ‫نيابة أمن الدولة العليا‪ ،‬بما فيها تقارير الطب الشرعي والتي تكون بالضرورة جزء من أوراق القضية‪.‬‬ ‫أو عدم توفر تقارير الطب الشرعي ضمن أوراق القضية ‪-‬يف حال إتاحتها‪ -‬فعلى سبيل املثال يف‬ ‫القضية رقم ‪ 451‬لسنة ‪ 2014‬كتائب حلوان‪ 7 :‬تقارير من أصل ‪.10‬‬

‫"التعيبب بجميع صوره وأشكاله‪ ،‬جربمة ال تسقط بالتقادم"‬ ‫مادة (‪ )52‬من الدستور املصري‪.‬‬ ‫بناءً ىلع ما تم عرضه خالل هذا الجزء من أداء النيابة العامة‪ /‬أمن الدولة فيما يخص ضحايا‬ ‫التعذيب‪ ،‬بداية من اإلجراءات االنتقائية يف إحالة ضحايا التعذيب للطب الشرعي‪ ،‬مرورًا بتعمد‬ ‫التأخير يف عرضهم إلى الحد الذي تختفي معه آثار التعذيب‪ ،‬وصوالً إلى االمتناع عن إتاحة تقارير‬ ‫الطب الشرعي الصادرة‪.‬‬ ‫نستطيع القول بأن النيابة شري ك أساسي يف اإلفالت من عقاب مرتكبي جرائم التعذيب‪ ،‬السيما مع‬ ‫أهميتها املحورية لكونها حلقة الوصل األساسية بين أجساد الضحايا والطب الشرعي من جهة‪ ،‬وبين‬ ‫الضحايا والجهات األمنية‪/‬األمن الوطني من الجهة األخرى فيما يتعلق بإثبات تعرضهم لالختفاء‬ ‫القسري والتعذيب من قبل الجهات األمنية‪.‬‬ ‫‪ 15‬موسسة حربة الفكر والتعبير‪" ،‬الحقيقة ألبمن هدهود"‪ ،‬بونيو‪ ،2022‬متاح ىلع الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪https://afteegypt.org/advocacy/position-papers/2022/06/17/30960-afteegypt.html‬‬

‫‪ 16‬املادة ‪ 84‬من قانون ااجراءات الجنائية " "للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق املدنية وللمسئول عنها أن بطلبوا ىلع نفقتهم‬ ‫ال بغير حضورهم بناء ىلع قرار صادر بيلك‪".‬‬ ‫أثناء التحقيق صورًا من األوراق أبا كان نوعها‪ ،‬إال إذا كان التحقيق حاص ً‬

‫‪ 17‬مقابلة شخصية مع محامي‪ ،‬أغسطس ‪ ،2023‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪| 15‬رصفحة‬


‫لذلك توصي املفوضية املصرية للحقوق والحريات باآلتي‪:‬‬ ‫ تفعيل املادة ‪ 52‬من قانون املحاماة فيما يخص أحقية املحامي لإلطالع ىلع أوراق القضية كحق‬‫من حقوق الدفاع والتقاضي‪.‬‬ ‫ تعديل املادة (‪ ) 442‬بالفرع الثاني عشر من الفصل الثاني من الباب الثالث من التعليمات العامة‬‫للنيابات‪ ،‬من خالل و ضع عدد من اإلجراءات التي تقيد من السلطة التقدريرية الواسعة املمنوحة‬ ‫للنيابة العامة فيما بخص إحالة املتهمين‪ /‬الضحايا إلى الطب الشرعي‪.‬‬ ‫ تفعيل املادة ‪ 199‬مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية رقم ‪ 150‬لسنة ‪ ،1950‬حول قيام النيابة بسؤال‬‫املتهم كمجني عليه‪ ،‬يف حال اعترف بتعرضه للتعذيب‪.18‬‬

‫استحداث مادة داخل التعليمات العامة للنيابات لوضع حد أقصى للمدة الزمنية املفترضة إلحالة‬‫الضحايا للطب الشرعي‪ ،‬مما يساهم يف تسريع اإلجراءات الخاصة بنقل املتهم‪/‬ضحية التعذيب من‬ ‫مكان احتجازه للطب الشرعي‪.‬‬ ‫تفعيل املادة (‪ ) 205‬من تعليمات النيابة العامة" يجب أن يثبت األسئلة التي توجه للمتهمين‬‫والشهود وكذلك اإلجابة عنها يف محضر التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح وذلك تحت‬ ‫إشراف املحقق"‪ ،‬وذلك من خالل إثبات أقوال املتهمين يف التحقيقات كاملة‪ ،‬بما فيها تعرض‬ ‫املتهم للتعذيب‪ ،‬يف حال اعترافه بذلك‪ ،‬وإثبات مناظرة النيابة بوجود كدمات‪/‬آثار تعذيب‪.‬‬

‫‪ 18‬املادة ‪ 199‬مكررًا " ملن لحقه ضرر من الجربمة أن بدّعي بحقوق مدنية أثناء التحقيق يف الدعوى وتفصل النيابة العامة يف قبوله بهيه‬ ‫ض طلبه الطعن يف قرار الرفض أمام محكمة الجنح املستأنفة منعقدة‬ ‫الصفة يف التحقيق خالل ثالثة أبام من تقدبم هيا االدعاء وملن رُفِ َ‬ ‫يف غرفة املشورة خالل ثالثة أبام تسري من وقت إعالنه بالقرار"‪.‬‬

‫‪| 16‬رصفحة‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.