pdf giştî beşa erebî hejmara 23

Page 1

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫آب شه ُر ابادة االيزيديني‬ ‫اسم املدينة إىل اآلرامية حيث تعين كلمة نونا السمك‬ ‫املثقف ضد السلطة‪!...‬‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬


‫شهيد‪ :‬ابراهيم الياس(تكوشر بوطان)‬


‫دجلة‬

‫البحث و التوثيق و التحليل‬ ‫العدد‪23 :‬‬

‫تموز‪2021 :‬‬

‫رئيس تحرير و صاحب االمتياز‪:‬‬ ‫فارس حربو خدر‬ ‫نائيب رئيس تحرير‪:‬‬ ‫سكران رديين مسهوج الشمري‬ ‫سكرتير التحرير‪:‬‬ ‫آزاد عبدال كريت‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫ـ خليل مراد شلو‬ ‫ـ عمران سكران رديين‬ ‫ـ ابراهيم عمو كجي‬ ‫االخراج فني و تصميم‪:‬‬ ‫قاسم خلف عبدالله‬

‫العنوان‪ :‬شنكال(سنجار)‬ ‫تلفون‪:‬‬

‫‪07504197663‬‬ ‫‪07500496100‬‬

‫‪E. mail: Diclepress13@gmail.com‬‬ ‫رقم االيداع دار اكتب و الوثائق ببغداد‬

‫(‪)1773‬‬

‫«يف هذا العدد»‬ ‫قضية املرأة والساللة واألسرة‬ ‫من هو املثقف؟‬ ‫سيادة الدولة يف ظل املتغريات الدولية املعاصرة‬ ‫املثقف ضد السلطة‪!...‬‬ ‫الصحة أفضل النعم‬ ‫الثنائية اهلدامة‬ ‫الدفاع املشروع كحق أساسي‬ ‫اسم املدينة إىل اآلرامية حيث تعين كلمة نونا السمك‬ ‫رمزية خيط “البامسباري” يف عيد الباتزمية‬ ‫نهري الفرات ودجلة ‪ ...‬وابتزاز النظام الرتكي للعراق وسوريا‬ ‫شريهان قصة اسرتقاق أودت بها إىل سجن “عقاب”يف ادلب السورية‬ ‫أسطورة أخراج املاء من الصخر ميثرائية األصل ‪...‬‬ ‫آب شه ُر ابادة االيزيديني‬ ‫ماذا حيدث يف افغانستان بعد االنسحاب االمريكي منها ومن سيملئ الفراغ هناك؟‬

‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪40‬‬


‫قضية املرأة والساللة واألسرة‬ ‫والسكان‪ ،‬وثورة املرأة يف‬ ‫الشرق األوسط‬

‫«خذ اخلربَ اليقني من فم الطفل»‪ ،‬إنه ٌ‬ ‫قول‬ ‫شعيب مأثور يُقال لدىِ‬ ‫لالستعالم‬ ‫السعي‬ ‫ٌّ ٌ‬ ‫الصحيح‪ .‬إني مضطر مرةً أخرىِ‬ ‫عن النبأ‬ ‫ٌّ‬ ‫تفسري تصوراتي وانطباعاتي‬ ‫إلعادةِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫جلميع األطفال‪،‬‬ ‫الطفولية‪ ،‬احرتاما‬ ‫ِ‬ ‫نفس‬ ‫وللغوص يف‬ ‫مصدر اخلرب اليقني يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقت‪.‬‬ ‫مسعت بأ ّن أمني‪ ،‬ابن عائل ِة‬ ‫عندما‬ ‫ُ‬ ‫كتاب»علم‬ ‫اجلريان‪ ،‬قد بدأ مبطالع ِة‬ ‫ِ‬ ‫احلال»؛ ازدا َد اهتمامي باإلسالم واجلامع‪.‬‬ ‫جنحت يف‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫ومقابل حف ِظ عدةِ أدعية‪ُ ،‬‬ ‫التسلل إىل الصفوف األمامية َ‬ ‫خلف اإلمام‬ ‫مسعت بعد ذلك‬ ‫مسلم مباشرة‪ .‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قول مسلم عين»إذا استمر عبد اهلل بهذه‬ ‫َ‬ ‫الوترية‪ ،‬فسوف يطري»‪ ،‬مَل أن َسه أبداً‪ .‬فهذا‬ ‫قمت ببداي ٍة صحيحة‪.‬‬ ‫كنت ُ‬ ‫ما معناه أني ُ‬ ‫كنت أحتضن جذ َع‬ ‫كما ال أزال أذكر كيف ُ‬ ‫شجرةِ الزيتون وأنا أسأل كيف ميكن أ ّن‬ ‫تَ ُكو َن املَدرَ َس ُة واملَُعلِّم‪ ،‬وأناقش ذلك مع‬ ‫عزيز‪ ،‬الذي سيكون فيما بعد زميالً لي يف‬ ‫االبتدائية(مسعت الحقاً أنه صار‬ ‫املرحلة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهندسا خامال يف املساحة ومديرا يف إدارة‬ ‫الطابو والعقارات)‪ .‬كانت املدرس ُة تبدو لي‬ ‫أقرب ما تَ ُكون إىل صورةِ وحش(اللوياثان‬ ‫َ‬ ‫املعاصر)‪ .‬ومل أكن خمطئاً‪ ،‬ألنها كانت‬ ‫املكا َن الذي يتم فيه حَتفي ُظ وتلق ُ‬ ‫ني اإلل ِه‬ ‫اجلديد‪ ،‬الذي هو الدولة القومية‪ .‬وعندما‬ ‫طالعت يف فلسفة هيغل بعد مدةٍ طويلة‬ ‫ُ‬ ‫كيف أ ّن اإلله اجلدي َد قد هبط على األرض‬ ‫شكل الدولة القومية‪ ،‬وأنه بدأ باملسري‬ ‫على ِ‬

‫على البسيطة يف هيئ ِة نابليون‪ ،‬وعندما‬ ‫قيام املعلمني ـ‬ ‫بتفسري كيفي ِة‬ ‫شرعت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تلقني ذلك لألطفال منذ مرحل ِة‬ ‫الرهبان بِ ِ‬ ‫انتبهت إىل أني قد‬ ‫الدراسة االبتدائية؛‬ ‫ُ‬ ‫أخذت اخلربَ اليق َ‬ ‫ني منذ طفوليت‪ .‬فبينما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مَ‬ ‫جامع مسلم‪ ،‬كانت‬ ‫َم َش وخل إل ُه‬ ‫تَه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ألوهية املدرس ِة االبتدائية للمعلم حممد‬ ‫املنتمي إىل جورمِ ‪ ÇORUM‬قد ارتقت‪.‬‬ ‫أما أنوا ُر مصابيح شاحن ِة السائق حيدر‬ ‫ـ وهو من قري ِة آركل ‪ ARGIL‬اجملاورة‬ ‫ضرب عينيَ َّ الناعستَني‬ ‫ـ فعندما كانت تَ ُ‬ ‫بزوغ الفجر‪ ،‬وأنا‬ ‫مرات يف السنة مع‬ ‫عدةَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أنتظر على مصطب ِة حراس ِة الكروم؛ حينها‬ ‫ترسخت ساحري ُة األل ِة يف خميليت جيداً‬ ‫ك ِشبه إله‪ .‬لقد كانت سيارةَ اإلل ِه اجلديد‪.‬‬ ‫زمن‬ ‫بدأت‬ ‫وعندما ُ‬ ‫بتفسري الصناعوية بعد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ركائز اللوياثان اجلديد‪،‬‬ ‫طويل بأنها أقوى ِ‬ ‫أيقنت‬ ‫أو أنها إحدى صفاته األساسية؛ ُ‬ ‫أخذت اخلرب الصحي َح مرةً أخرى من‬ ‫أني‬ ‫ُ‬ ‫خياالتي الطفولية‪.‬‬ ‫علي التنويه فوراً إىل أ ّن أي َة ألوهي ٍة مل‬ ‫َّ‬ ‫بقدر الصناعوية‪ .‬كانت قريتنا‬ ‫تتوحش‬ ‫ِ‬ ‫كيلومرت تقريباً من‬ ‫مخسني‬ ‫على بُع ِد‬ ‫ٍ‬ ‫احلدود السورية‪ .‬ولطاملا أتذكر أنوا َر أجهز ِة‬ ‫املِسالط(األضواء الكاشفة ‪)PROJECTOR‬‬ ‫املشعة إلنارةِ احلدود‪ ،‬عندما كانت‬ ‫تَنعكس على عي ّ‬ ‫ين بني الفينة واألخرى‬ ‫كربيق صاعقة‪ ،‬فتتشكل لدي صور ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫خرب يف طفوليت‪.‬‬ ‫كثالث‬ ‫اإلله‬ ‫ـ‬ ‫الدولة‬ ‫خلي ِط‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫مجهورية تركيا هي إحدى أوىل أمثل ِة‬

‫عبداهلل أوجآالن‬

‫احلداثة الرأمسالية حُ َ‬ ‫امل َّول ِة إىل دول ٍة‬ ‫قومية‪ ،‬واملتطورةِ يف البلدان شب ِه املستع َمرة‪.‬‬ ‫حيث حَتمل مجهوري ُة تركيا آثارَ مجهوري ِة‬ ‫غرارها‬ ‫فرنسا أثناء تأسيسها‪ ،‬فعلى‬ ‫ِ‬ ‫تداخلت الدميقراطي ُة والدول ُة يف بداياتها؛‬ ‫متاماً مثلما حصل يف اجلمهورية اإليرانية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ومجهوري ِة املدينة املنورة‬ ‫اإلسالمية األوىل‪ ،‬بل وحتى مث َل أو ِل‬ ‫احتاد اجلمهوريات السوفييتية االشرتاكية‬ ‫أيضاً‪ .‬فجميعها ُش ِّذبَت ُ‬ ‫وش ِح َذت مع الزمن‬ ‫كشكل من أشكال‬ ‫بالعناصر الدميقراطية َ ٍ‬ ‫لتتحول إىل دو ٍل قومي ٍة‬ ‫السلطة الرأمسالية‪،‬‬ ‫لتحليل وتناو ِل هذه‬ ‫جمردةٍ وهزيلة‪ .‬سأجهد‬ ‫ِ‬ ‫بإسهاب يف الفصول املعنية‪ .‬رمبا‬ ‫املواضيع‬ ‫ٍ‬ ‫البدايات‪ .‬بالتالي‪ ،‬فاألمثلةُ‬ ‫كانت متثل‬ ‫َ‬ ‫واحلريص‬ ‫ق‬ ‫الدقي‬ ‫ري‬ ‫التفس‬ ‫تستوجب‬ ‫األوىل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت أود سر َد تصوراتي حول‬ ‫دائماً‪ .‬كم ُ‬ ‫شكل قص ٍة‬ ‫بشكل‬ ‫منفصل على َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اجلمهورية ٍ‬ ‫يلي‬ ‫روائي ٍة مطولة‪ .‬ولكين أرغب‬ ‫قولة ما ِ‬ ‫دخلت سن َ‬ ‫التخرج‬ ‫جبمل ٍة واحدة‪ :‬عندما ُ‬ ‫من كلي ِة العلوم السياسية‪ ،‬اليت هي أفضل‬ ‫كليات مدرس ِة اجلمهورية(مكتب املُل ِكية ـ‬ ‫ِ‬ ‫غدوت شخصاً مشلوالً‬ ‫رأيت أني ُ‬ ‫الدولة)‪ُ ،‬‬ ‫يف ذكائه التحليلي والعاطفي‪ ،‬ال يشعر‬ ‫وصرت جاهالً أعمى‬ ‫وال يعي شيئاً البتة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صوت اللوياثان‬ ‫عاجزاً حتى عن‬ ‫إصدار ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلديد الذي صنعه من الصفيح التنك‪.‬‬ ‫أستطيع َ‬ ‫قول ذلك حسب مفهومي الذي‬ ‫بر َز الحقاً‪.‬‬ ‫تأثريات الدين القديم املُلَقَّن يف القرية‪،‬‬ ‫أما‬ ‫ُ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫جنحت يف حتطيمها بعد سنني‬ ‫فكنت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫طويلة‪ ،‬وخاص ًة مبا حفظتُه يف مدرس ِة‬ ‫وعلي التنويه‬ ‫مذهب االشرتاكي ِة املشيدة‪َّ .‬‬ ‫ِ‬ ‫وقعت يف ريبي ٍة مروع ٍة يف تلك‬ ‫إىل أني ُ‬ ‫كنت‬ ‫السنني‪ .‬فكلما‬ ‫ازددت يف التفكري‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أغرق فيها وكأني أختنق‪ .‬ومل أستطع لمَ​َّ‬ ‫مشلي بعض الشيء‪ ،‬إال بعد فرتةٍ طويلة‪،‬‬ ‫وانتبهت إىل أ ّن ما يَفرض‬ ‫أدركت‬ ‫عندما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مَ‬ ‫نف َسه ل يَكن سوى اللوياثان العصري‪ ،‬سواءً‬ ‫يف هيئ ِة اجلمهورية الرتكية أو االشرتاكية‬ ‫بدأت أشعر‬ ‫السوفييتية املشيدة‪ .‬حينها ُ‬ ‫وأدرك أني وجهاً لوج ٍه أمامَ إل ِه الدين‬ ‫األكثر هيب ًة وفظاع ًة من آهل ِة ِّ‬ ‫كل‬ ‫العصري ِ‬ ‫األديان األخرى(من خال ِل صوره وأصنامه‬ ‫الالمعدودة اليت حتيطين من ِّ‬ ‫كل طرف)‪.‬‬ ‫ولدى استيعابي والدتَه وصعودَه لدرج ِة‬ ‫وعلمت أنه ليس الدي َن‬ ‫أحسست‬ ‫اهليمنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بقدر ما أجنح يف تاليف‬ ‫وأنه‬ ‫لي‪،‬‬ ‫املناسب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بقدر ما‬ ‫االحنراف‪،‬‬ ‫أو‬ ‫الدين‬ ‫بهذا‬ ‫التعلق‬ ‫ِ‬ ‫سيتنامى خياري يف احلياة احلرة‪ .‬وألو ِل‬ ‫مرةٍ يتعاضد الذكاءان التحليلي والعاطفي‬ ‫يف ذهين‪ ،‬ليُعيداني إىل نفسي‪ .‬إني أعمل‬ ‫تفسري تلك املرحلة عرب هذه السطور‪.‬‬ ‫على ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫عندما يُفَ ِّسر كل من كارل ماركس‬ ‫وفريدريك أجنلز «االشرتاكي َة العلمية»‪،‬‬ ‫اخلاص بهما‪ ،‬يقوالن‬ ‫أي عل َم االجتماع‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫أنهما « َك َّونّا تركيبة جديدةً من االقتصاد‬ ‫السياسي اإلنكليزي‪ ،‬والفلسفة األملانية‪،‬‬ ‫واالشرتاكية الفرنسية»‪ .‬وهذه املدارس‬

‫فكرية‬

‫‪5‬‬

‫الثالث تعمل على صياغ ِة التحليالت‬ ‫مبسار‬ ‫النظرية للحداث ِة الساعية للتحكم‬ ‫ُِ‬ ‫حياةِ أوروبا برمتها‪ .‬فبينما جَت َه ُد مدرسة‬ ‫االقتصاد السياسي اإلنكليزي للربهنة على‬ ‫أ ّن ما حيدث ليس سوى النجاح املظفر‬ ‫اإلقناع بأنه‬ ‫لالقتصاد اجلديد(أو على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الدي ُن اجلديد)‪ ،‬تَعمل الفلسفة األملانية‬ ‫على اإلشارة إىل أ ّن العام َل الرئيس الواجب‬ ‫األخذ به أساساً هو الدولة القومية(الشكل‬ ‫اجلديد لل َملِك ـ اإلله)‪ .‬يف حني تواظب‬ ‫االشرتاكي ُة الفرنسية أساساً(باعتبارها‬ ‫احتاد املدنية والدميقراطية) على التنظري‬ ‫باسم اجملتمع سائرةً‪ ،‬وذلك‬ ‫للمجريات‬ ‫بالقول بأ ّن َّ‬ ‫كلِ السرو ِد الدينية القدمية‬ ‫قد تراجعت‪ ،‬ليتحقق جنا ُح اجملتمع‬ ‫العلماني الوضعي(الدين اجلديد للنظام‬ ‫القائم)‪ ،‬وتَقُوم بالتنظري له‪.‬‬ ‫لالحتكار الرأمسالي‪،‬‬ ‫يكمن َ​َالتأثري َّاهلائل ً ِ‬ ‫الذي قل َب كل شيءٍ رأسا على عقب‪ ،‬يف‬ ‫أساس الثورة الفكرية املتنامية يف أوروبا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫القرن السادس عشر‪ .‬من‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫اعتبار‬ ‫ِ‬ ‫بعض األمثلة التارخيية‬ ‫الضروري ذكر ِ‬ ‫تعريف‬ ‫املشابهة مراراً‪ ،‬لدى العمل على‬ ‫ِ‬ ‫هذه الثورة الفكرية‪ .‬ويتعلق مثالنا األول‬ ‫رحم‬ ‫بوالدةِ دول ِة الرهبان السومريني‬ ‫بروز يف ِ‬ ‫الثورة‬ ‫املعبد(الزقورات)‪ .‬فمع‬ ‫ِ‬ ‫تنظيم منوذجِ‬ ‫ُ‬ ‫ظروف‬ ‫الفكرية‪ُ ،‬قيِّ َمت‬ ‫ِ‬ ‫فائض اإلنتاج‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫الدولة اعتماداً على ِ‬ ‫فائض‬ ‫بأي ِة آلي ِة رقاب ٍة ميكن التسرت على ِ‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫وسائل‬ ‫َ‬ ‫اإلنتاج؟ كيف جيب تطويرَ‬ ‫وترتيب ِ‬ ‫الشرعنة األساسية(إقناع اجملتمع بالنظام‬ ‫ُ‬ ‫اجلديد)؟‬ ‫احللول املبتَ َكرةُ كانت تنظيمَ‬ ‫الدولة‪ ،‬وإنشاءَ اآلهل ِة اجلديدة كأو ِل مثا ٍل‬ ‫جواب‬ ‫أديان املدنية‪ .‬لقد ِصي َغ‬ ‫ٌ‬ ‫جلميع ِ‬ ‫ِ‬ ‫راديكالي للغاية‪ .‬فألو ِل مرةٍ تنتظم الدول ُة‬ ‫يف هيئ ِة الراهب ـ املَلِك‪ .‬وألو ِل مرةٍ يُنَ َّظم‬ ‫االقتصاد بالتداخل مع الدولة وكاشرتاكي ِة‬ ‫َ‬ ‫لينضوي حتت املراقبة‪ .‬يف حني‬ ‫الدولة‪،‬‬ ‫أ ّن القوى اهلرمي َة الكالسيكي َة تُن َشأ وتُقَنَّع‬ ‫شكل اآلهل ِة اجلديدة للسماء واألرض‬ ‫على ِ‬ ‫واهلواء واملاء واملدينة‪ .‬ويُر َمز إىل أو ِل‬ ‫استعبا ٍد لإلنسان يف ملحم ِة ا َ‬ ‫خللق بتصويره‬ ‫ُراز اإلهلة‪ .‬أما مكا ُن ِّ‬ ‫كل‬ ‫خملوقاً من ب ِ‬ ‫هذه االخرتاعات‪ ،‬فهو الزقورات‪ .‬الطاب ُق‬ ‫األعلى يف الزقورات‪ ،‬أي املعبد‪ ،‬هو جمم ُع‬ ‫اآلهلة(احتاد اآلهلة‪ ،‬صالحيات وسلطات‬ ‫الطبقة العليا اهلرمية)‪ .‬والطاب ُق األوسط هو‬ ‫مكا ُن الراهب ـ املَلِك( ُمب ِدع النظام وأول‬ ‫حاكم مهيمن)‪ .‬أما الطابق األسفل‪ ،‬فقد‬ ‫حلرَفِيّني املنتجني‬ ‫ُخ ِّص َ‬ ‫ص للعبيد األرقاء وا ِ‬ ‫لفائض القيمة واإلنتاج‪ .‬ولدى قولنا بأ ّن‬ ‫املعب َدِ هو رح ُم ُ‬ ‫بدائي َّ‬ ‫مصغ ٍر‬ ‫منوذج‬ ‫وأول‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫والطبقات‪ ،‬نَ ُكون بذلك‬ ‫للمدينة والدولة‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫قد حددنا صياغة كل النظم والرتتيبات‬ ‫املدنية‪ .‬فجميعها تحَ ِمل آثا َر هذا املثال‪،‬‬ ‫وألجل‬ ‫إىل أ ْن تص َل منوذ َج أوروبا األخري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اعتبار املثا ِل السومري‬ ‫ذلك أدافع عن صح ِة ِ‬ ‫األصلي األبهى‪ ،‬وأقول أنه من‬ ‫املصدرَ‬ ‫َّ‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫املستحيل أ ْن تَ ُكو َن أي ُة نسخ ٍة أو ُّ‬ ‫أي‬ ‫اشتقاق جذاباً ومؤثراً‬ ‫بقدر املثا ِل األصلي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫النموذ ُج اإليوني ـ اإلغريقي هو النسخ ُة‬ ‫الثالثة‪ .‬يف حني أ ّن النسخ َة الثانية هي‬ ‫حضارةُ اهلوريني‪ ،‬وكذلك احلثيني‬ ‫املتداخلني معهم‪ ،‬والنابع ُة من ميزوبوتاميا‬ ‫العليا‪ .‬يكمن فَر ُق اإلغريق يف ختطيهم‬ ‫لألقاويل امليثولوجية الكالسيكية‪ ،‬وإنشائهم‬ ‫السبب األساسي يف‬ ‫الطرا َز الفلسفي‪ .‬ويَ ُعو ُد ُ‬ ‫ضعف‬ ‫إنشائهم فلسف َة الطبيعة واجملتمع إىلِ ِ‬ ‫اإلقناع بامليثولوجيا لدى إيضاح تَد َُّو ِل‬ ‫قدرةِ‬ ‫ِ‬ ‫البارزة على مستوى أرقى‪ .‬فرغ َم‬ ‫املدن‬ ‫استمرار قوةِ شرعن ِة السر ِد امليثولوجي بني‬ ‫ِ‬ ‫الطبقات السفلى‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫العبارات األكثرَ‬ ‫ِ‬ ‫إقناعاً‬ ‫احلكم‬ ‫مبشاكل‬ ‫ألجل املنهمكني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تفرض نفسهاِ‬ ‫امللموسة غدت حاج ًة ماس ًة‬ ‫شيئاً فشيئاً‪ .‬فاملمارس ُة العملية للحياة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واملشاك ُل املتمخض ُة عن املدن‬ ‫تستوجب طرازاً فلسفياً يف اإليضاح‪ .‬لك ّن‬ ‫جمم َع اآلهل ِة األوملبية املبتدئة مع زيوس‬ ‫ال تزال مؤثرةً للغاية‪ .‬وبينما ضحى سقراط‬ ‫سبيل مواقفه التشكيكية الريبية‬ ‫حبياته يف ِ‬ ‫األوىل‪ ،‬جنح تالمذته يف‬ ‫حتويل مسودةِ‬ ‫ِ‬ ‫أولي للفلسفة‪ .‬ولن يَ ُكون‬ ‫مصدر ٍّ‬ ‫تعاليمه إىل ٍ‬ ‫كل من أفالطون وأرسطو‬ ‫خطأً تسمية ٍّ‬ ‫خاص ًة بـ أبو الفلسفة‪.‬‬ ‫باملقدور تعريف العربانيني بأنهم ُ‬ ‫أول‬ ‫قبيل ٍة انتقلت من امليثولوجيات السومرية‬ ‫واملصرية إىل السرود الدينية التوحيدية‪.‬‬ ‫إنها نسخ ٌة من راف ٍد خمتلف‪ .‬وبإضاف ِة‬ ‫العديد من الرواف ِد اجلانبية األخرى(ويف‬ ‫مقدمتها الفلسفة اليونانية والزرادشتية)‪،‬‬ ‫فإنها تُوَلِّ ُد مشتقاتها من الديانات املوسوية‬ ‫والعيسوية واحملمدية‪.‬‬ ‫إ ّن الزخمَ الثقايفَّ املادي واملعنوي اجلديدَ‪،‬‬ ‫الذي اكت َس َب قدرةَ‬ ‫القيام حبمل ٍة جديدةٍ‬ ‫ِ‬ ‫عظمى يف أوروبا يف القرن السادس عشر‪،‬‬ ‫األصل التارخيي‬ ‫يرتكز أساساً إىل ذاك‬ ‫ِ‬ ‫ري‬ ‫النسخ املعدلة املشتقة منه‪ .‬أما التفك ُ‬ ‫وتلكل ِ‬ ‫عنها‪ ،‬وابتداءُ التاريخ من أوروبا‪،‬‬ ‫مبعز ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ابتكار امليثولوجيات‬ ‫فلن يَكون إال من خال ِل ِ‬ ‫ً‬ ‫واألديان اجلديدة‪ ،‬اليت تبدو عاجزة عن‬ ‫اإلقناع منذ البداية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فعمليات اإلنشاءِ‬ ‫ُ‬ ‫املعمول بها حتت اسم الوضعية‬ ‫الفكري‬ ‫والعلمانية والليربالية‪ ،‬بل وحتى‬ ‫االشرتاكية‪ ،‬ورغمَ احتضانها اجلدي َد يف‬

‫‪6‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الحت وكأنها ٌ‬ ‫قوية‬ ‫فمهما َ‬ ‫عظيمة‪ ،‬فجمي ُع اجملتمع الذي‬ ‫َر َضته لالنهيار إمنا خيوض‬ ‫ع َّ‬ ‫َ‬ ‫نضال محاي ِة البيئ ِة أيكولوجياً‬ ‫زمن سحيق‪.‬‬ ‫بتعددياته منذ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫املدنية‬ ‫وبقدر ما تتحول‬ ‫أي‪ِ ،‬‬ ‫إىل إمرباطورية‪ ،‬فالدميقراطية‬ ‫أيضاً تستمر يف التحول إىل‬ ‫كونفدرالية بالقدر نفسه‬

‫ثناياها؛ إال أنها أُن ِشئَت يف ِّ‬ ‫ظل التأثري‬ ‫الغائر للمصدر التارخيي األم‪ .‬فالغالبي ُة‬ ‫الساحقة من اصطالحاتها ومضامينها قد‬ ‫ِصي َغت يف النماذج والطبعات السابقة هلا‪.‬‬ ‫عصر النهضة‬ ‫بالتالي‪ ،‬ال ميكن إيضا َح ِ‬ ‫واإلصالح والتنوير يف أوروبا‪ ،‬باالقتصار‬ ‫على الفلسفة اإلغريقية ـ الرومانية وعلومها‬ ‫وفنونها وحقوقها‪ ،‬بل يستحيل ذلك دون‬ ‫االعتماد على اإلرث السومري واملصري‪.‬‬ ‫ال شك يف أ ّن ألوروبا مساهماتُها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫مستهل‬ ‫ُر مثارها يف‬ ‫وباألصل‪ ،‬فقد بدأت تَد ُّ‬ ‫القرن السادس عشر‪ ،‬فالسرود املؤلَّفة من‬ ‫لكل من‬ ‫خلي ِط العلم والفلسفة والدين ٍّ‬ ‫فرانسيس بيكون‪ ،‬مونتايغن ‪ ،‬مكيافيلي‪،‬‬ ‫وكوبرنيكوس بالدرجة األوىل؛ إمنا حتدد‬ ‫مالم َح النسخ ِة اجلديدة‪ .‬مل تقتصر‬ ‫ما منحته املدني ُة على املدينة والدولة‬

‫والطبقة والتاجر واملال والسوق فحسب‪،‬‬ ‫بل ومنحت أيضاً الفلسف َة والدين والعلم‬ ‫والفن‪ .‬لقد برهنت أوروبا امتال َكها أكثرَ من‬ ‫غريها ملهارةِ االنتهال من الثقافة املادية‬ ‫واملعنوية للتاريخ القديم‪ ،‬وتَفَ ُّح ِصها بدق ٍة‬ ‫وصهرها يف‬ ‫أقرب إىل دق ِة املختربات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتكوين مجيع ٍة جديدة منها‪ .‬يف‬ ‫بوتقتها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حني عجزت املدني ُة اهلندية والصينية عن‬ ‫النجاح يف ذلك‪ ،‬مثلما بقيت املدني ُة الشرق‬ ‫حتقيق‬ ‫أوسطية قاصرةً عن إبداءِ قوتها يف‬ ‫ِ‬ ‫ألسباب ذلك‬ ‫تطرقت‬ ‫محلتها األخرية‪ .‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مراراً‪.‬‬ ‫سيكون من املفي ِد التذكري املختصر بهذه‬ ‫احلقائق التارخيية‪ ،‬لدى القول بأن ما‬ ‫قامت به أوروبا هو النسخ ُة الثالث ُة العظمى‬ ‫يف التاريخ احلضاري‪.‬‬ ‫مساهمات‬ ‫لقد اصطل َح أنطوني غيدنز‬ ‫ِ‬ ‫أوروبا على شكل «املتقطعات»(الفرتات‬ ‫غري املستمرة)‪ ،‬حيث يسعى عرب ذلك‬ ‫لتحدي ِد األصل‪ .‬ال ريب يف أ ّن للمدنية‬ ‫متقطعات أنطوني‬ ‫األوروبية أصولهُ ا‪ ،‬لك ّن‬ ‫ِ‬ ‫يب(الرأمسالية‪ ،‬الدولة القومية‪،‬‬ ‫برها ٌن نس ّ‬ ‫والصناعوية)‪ .‬سأعمل يف الفصول الالحقة‬ ‫تقييم سوسيولوجيا غيدنز اليت‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫تتضمن معاني إنقا ِذ الرأمسالية الراهنة‪،‬‬ ‫إال أ ّن املواضي َع الثالث َة األساسي َة اليت‬ ‫شرحها تستلزم التحلي َل الغائرَ يف العمق‪.‬‬ ‫وهلذا السبب‪ ،‬من املهم عقد الروابط معها‪.‬‬ ‫لِنَ ُعد مرةً أخرى إىل املصادر الثالثة اهلامة‬ ‫تيارات أمر‬ ‫للماركسية‪ .‬فالتمييز بني ثالث ِة‬ ‫ٍ‬ ‫مصادر أوروبا‬ ‫مشل‬ ‫ُّ‬ ‫هام بالنسبة إىل لمَِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفكرية‪ .‬لكنها(املاركسية) عجزت عن‬ ‫وضع اليد على التشابه الكامن بني ثالثتها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ألنها لو كانت فعلت‪ ،‬لكانت ستكشف عن‬ ‫نفسها أيضاً‪ .‬أيديولوجي ُة التنوير هي اليت‬ ‫مجعت بني االقتصاد السياسي اإلنكليزي‬ ‫والفلسفة األملانية واالشرتاكية الفرنسية‪،‬‬ ‫الواجب حتليله‬ ‫مبا فيها املاركسية أيضاً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أساساً هو هذه األيديولوجية‪ ،‬اليت ال تزال‬ ‫مهيمن ًة ومؤثرةً بقوة يف العالمَ ‪ .‬وبالرغم من‬ ‫َد ذاته‪،‬‬ ‫تقديم السوسيولوجيا‬ ‫كعلم بحِ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫نطاق‬ ‫إال أنها تفتقر ألي جتدي ٍد خار َج ِ‬ ‫األيديولوجيا عينها‪ .‬وإ ْن مل أكن خمطئاً‪،‬‬ ‫فعندما يقوم عالمِ االجتماع األمريكي‬ ‫بتحليل‬ ‫الشهري الراهن آلربت واللريشتاين‬ ‫ِ‬ ‫الفكر األوروبي‪ ،‬مبا فيه املاركسية‪ ،‬فكأنه‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ي َّل‬ ‫عتف مبا مفاده‪»:‬خويف من أن حَ ِ‬ ‫يَ رَ ِ‬ ‫غضب اآلهلة عندما نتكلم ونناقش‬ ‫علينا ُ‬ ‫احلري َة واالشرتاكية‪ ،‬ألننا قد شربنا من‬ ‫نفس املنبع املسموم»‪ .‬والفكر املذكور هو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫االعرتاف‬ ‫أيديولوجي ُة التنوير‪ .‬يف حني أ ّن‬ ‫املمثل النابغ ِة ملدرس ِة‬ ‫الشهريَ ألدورنو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فرانكفورت الفلسفية‪ ،‬قد صاغه بنفسه‬ ‫حني قال «احلياة اخلاطئة ال تُعاش‬ ‫بصواب»‪.‬‬ ‫أما نيتشه وأتباعه املشابهون‪ ،‬فينتقدون‬ ‫بشكل أكث َر عالني ًة‪،‬‬ ‫أيديولوجي َة التنوير‬ ‫ٍ‬ ‫مصطلحات‬ ‫حيث يقول نيتشه أ ّن مجي َع‬ ‫ِ‬ ‫التنوير قد انتُ ِهلَت من الدين‪ .‬كما سلط‬ ‫كارل مشيث الضوءَ على اجلذور الدينية‬ ‫وفرضيات فلسف ِة‬ ‫اصطالحات‬ ‫جلميع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السياسة‪ .‬هذا ومثة مراجع غنية والئحةٌ‬ ‫ُمق‬ ‫من الشخصيات القدوة ِ‬ ‫بشأن مدى ع ِ‬

‫فكرية‬

‫‪7‬‬

‫طراز الفكر األوروبي ذاته‪.‬‬ ‫الريبة َوالشك يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫إ ّن حال املدنية يف أوروبا كثرية التعقيد‪،‬‬ ‫وتبعث على اجلفو ِل واالرتعاد‪ .‬حيث بَلَ َغت‬ ‫ِع َظماً يف احلجم مبا ال يُقاس بأي ِة مرحل ٍة‬ ‫أخرى يف التاريخ؛ ليس فقط حبروبها‬ ‫الديني ِة والقومية االستعمارية واإلمربيالية‬ ‫الرهيبة‪ ،‬بل وبالسيطرة على االقتصاد‬ ‫وتوجيهه‪ ،‬وبسلطاتها وتَد َُّولهِ ا أيضاً‪ .‬ال‬ ‫ميكن إنكارَ العدي ِد من»املتقطعات» يف هذه‬ ‫النقطة‪ .‬بل وتَ‬ ‫عرض الرأمسالي ُة والصناعوي ُة‬ ‫ِ‬ ‫والدولة القومية «متقطعات» بالغ َة األهمية‬ ‫من بعض النواحي‪.‬‬ ‫إال أ ّن َّ‬ ‫كل تلك السرود‪ ،‬ويف مقدمتها‬ ‫أيديولوجي ُة التنوير‪ ،‬ال توضح»متقطعات»‬ ‫املدنية األوروبية‪ .‬فكيفما يبقى معتنِ ُق ِّ‬ ‫كل‬ ‫دين مضطراً للدعاية لدينه‪ُ ،‬‬ ‫أصحاب‬ ‫فحال‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫غري وعي‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ن‬ ‫وإ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مشابه‬ ‫السرود‬ ‫تلك‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫بحَِد ذاته‪،‬‬ ‫وذلك بهضمهم هلا‬ ‫كدين ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫وإبداءِ ارتباطهم بها يف آخر املطاف‪ .‬أود‬ ‫التذكري هنا أ ّن إمكاني َة وجو ِد االستثناءات‬ ‫يف ِّ‬ ‫احلكم العام‪،‬‬ ‫وقت ال يدحض صح َة‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بل يؤيده‪ .‬جيب عدمَ التغاضي بتاتاً عن‬ ‫املاهي ِة الدينية وامليتافيزيقية للبني ِة الفكرية‬ ‫أغوار‬ ‫األوروبية‪ ،‬واليت متتد جبذورها إىل ِ‬ ‫لالستنساخ‬ ‫التاريخ السحيق‪ ،‬وتَ َع َّر‬ ‫ضت ا يف أوساطِ‬ ‫لهُ‬ ‫عدة ِمرات‪ ،‬وتشكلت أصو‬ ‫ٍ‬ ‫مدني ٍة مادي ٍة ُمثقَل ٍة باإلشكاليات العضال‪.‬‬ ‫وهي ـ ِّ‬ ‫كأي دين ـ ُم َكلَّفة بالدفاع عن‬ ‫الظروف الثقافية املادية اليت تُعَبرُِّ عنها‪،‬‬ ‫َمتُها‬ ‫وإضفاءِ مسح ِة األبدي ِة عليها‪ .‬و َمه َّ‬ ‫االسرتاتيجية تتجسد يف نشرها يف كاف ِة‬ ‫التحفَت اجملتم َع‬ ‫أرجاءِ املعمورة‪ .‬لقد َ‬ ‫بتقنياتها السلطوية السياسية وبالعنف‬ ‫العسكري كالدرع املنيع‪ ،‬مثلما غزت‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫ميادين اجملتمع الذهنية‪ ،‬سواء على‬ ‫مجي َع‬ ‫ِ‬ ‫الصعيد الكوني أو احمللي‪ ،‬وباألخص على‬ ‫األوائل إىل‬ ‫الرهبان‬ ‫الصعيد القومي؛ بدءاً من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مجيع اجلامعات الرمسية بشتى مدارسها‬ ‫ِ‬ ‫وأكادميياتها‪ ،‬ومن املدارس االبتدائية إىل‬ ‫مراكز األسواق‬ ‫الثكنات‪ ،‬من املعامل إىل‬ ‫ِ‬ ‫املتاحف وصوالً‬ ‫التجارية‪ ،‬من اإلعالم إىل‬ ‫ِ‬ ‫إىل بقايا األديان القدمية‪ ،‬ومن املشايف إىل‬ ‫السجون وحتى املقابر؛ وبات اجملتمع‬ ‫برمته «حمكوماً عليه بالقفص احلديدي»‪.‬‬ ‫كلما اكتسبَت األديا ُن واألفكا ُر اليت حتمل‬ ‫آثارَها الصف َة الرمسي َة‪ ،‬تَ ُكو ُن قد تَ​َ لجَ َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫مبادئأدالربامجِ‬ ‫ُ‬ ‫أما األيديولوجيات‪ ،‬فهي‬ ‫واملناهج املدافعة عن اجلماعات البشرية‬ ‫بشكل ملموس‪ .‬إ ّن الفك َر أو‬ ‫ومصاحلها‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫الدي َن األوروبي الذي أصبح رمسيا على‬ ‫الصعيد العاملي قد بات أيديولوجية‪.‬‬ ‫وكمدنية‪ ،‬فهي مرغم ٌة على الدفاع عن‬ ‫طبقتها العليا‪ ،‬وتأمني أبديتها‪ ،‬وبسط‬ ‫هيمنتها بكل ما أوتيَت من قوة‪ .‬عالوة‬ ‫على ذلك‪ ،‬وتالفياً لسوء الفهم‪ ،‬فإن هذه‬ ‫االنتقادات ليست موجهة إىل اإلنسان‬ ‫وجلميع‬ ‫األوروبي املركز فحسب‪ ،‬بل‬ ‫عليها‪ ،‬مبا فيهاِ‬ ‫البشرية املغزوة املستوىل‬ ‫أنا‪ ،‬ومنطقيت‪ ،‬وعالمَ ي‪.‬‬ ‫والقول‪ :‬ملاذا أَثَّرت أيديولوجيا التنوير‬ ‫ٌ‬ ‫تساؤل يف حمله‪.‬‬ ‫هلذه الدرجة؟ إمنا هو‬ ‫إنها مبثاب ِة الدين الكوزموبولييت األرقى‪،‬‬ ‫وتُوَ ِّجه نداءاتِها ملعتنقي ِّ‬ ‫كل األديان السابقة‬ ‫هلا‪ .‬إنها قومي ٌة‪ ،‬حبيث بات التفكري يف‬ ‫قومي ٍة أو جمتمعي ٍة ال تَعبد الدول َة القومية‬ ‫شبه مستحيل‪ .‬لقد بات اإلنسا ُن املفتق ُر‬ ‫بإنسان بال‬ ‫للدولة القومية أشبه ما يكون‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دين‪ .‬إنها أكث ُر األديان ضعفا وخورا‪،‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬لن يكون صعباً قبولهُ ا واعتناقها‬ ‫بقدر األديان السابقة‪ .‬وهي تتغذى‬ ‫ِ‬ ‫دائماً من العلموية‪ ،‬وتحُ َ ِّول من َط حياتها‬ ‫ضروب الشعائر‬ ‫ضرب من‬ ‫املادية إىل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫والطقوس الدينية‪ .‬يف حني تعمل وسائ ُل‬ ‫الثقافة املعنوية‪ ،‬ويف صدارتها األجهزةُ‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬على الدعاية الدائمة هلا‪ .‬أما‬ ‫احلياةُ السياسية واالقتصادية‪ ،‬فهي حتت‬ ‫قبضتها املحُ َكمة كلياً‪ .‬لقد باتت عاملية‪.‬‬ ‫بسطت صورةً لعالمَ‬ ‫إني منتب ٌه لِ َكوني‬ ‫ُ‬ ‫لدى سردي هلذهٍ‬ ‫مسدو ٍد ال نفا َذ منه‪،‬‬ ‫مضطر لإلضاف ِة على‬ ‫التعميمات‪ .‬وأنا‬ ‫ٌّ‬

‫‪8‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الفور بالقول بأ ّن مدني ًة تَ ُ‬ ‫عرض نف َسها‬ ‫َ‬ ‫بعصر اضمحال ِل‬ ‫على هذه الشاكلة أشبَ ُه ِ‬ ‫اإلمرباطورية الرومانية األخري‪ ،‬حيث‬ ‫الحت وكأنها‬ ‫فقدَت الثقة بذاتها‪ .‬فمهما َ‬ ‫قوي ٌة عظيمة‪ ،‬فجمي ُع اجملتمع الذي‬

‫َر َضته لالنهيار إمنا خيوض َ‬ ‫نضال محاي ِة‬ ‫ع َّ‬ ‫ً‬ ‫زمن‬ ‫البيئ ِة أيكولوجيا بتعددياته منذ ٍ‬ ‫وبقدر ما تتحول املدني ُة إىل‬ ‫سحيق‪ .‬أي‪ِ ،‬‬ ‫ً‬ ‫إمرباطورية‪ ،‬فالدميقراطية أيضا تستمر يف‬ ‫التحول إىل كونفدرالية بالقدر نفسه‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مقالة‬

‫من هو املثقف؟‬

‫عارف شنكالي‬

‫أولئك األشخاص الذين جتاوزوا حدود‬ ‫مفهوم (انا) ويتصرفون يف إطار مفهوم‬ ‫(حنن)‪ ،‬أي حدود املصاحل الشخصية‪،‬‬ ‫العائلية‪ ،‬العشائرية واحمللية‪ ،‬مبعنى‬ ‫أوضح‪ ،‬أولئك األشخاص الذين لديهم‬ ‫آراء عميقة وواسعة وغري حمدودة حول‬ ‫القضايا االجتماعية‪ ،‬ألن مرآة املثقفني‬ ‫هي الرأي العام‪.‬‬ ‫ال ميكن لإلنسان وضع حد لطريق‬

‫‪9‬‬

‫املثقفني (اجتاهاتهم) وال يوجد دور‬ ‫حمدد للمثقفني‪ ،‬ألن املثقفني مقاتلون‬ ‫يف عقول اجملتمع‪ ،‬وليس هلم دور‬ ‫حمدود‪ ،‬بل كل أدوارهم ومهماتهم‬ ‫غري حمددة‪ ،‬واجبهم هو كسر كل حد‬ ‫وحاجز ال يتماشى مع روح العصر ويعيق‬ ‫تقدم اجملتمع وتطوره وجتديده‪ ،‬وكذلك‬ ‫دورهم هو نقد عقل اجملتمع لتحسينه‪،‬‬ ‫ومناقشة واقع اجملتمع‪ ،‬وتقديم‬ ‫مقرتحات سياسية‪ ،‬وممارسة السياسية‬ ‫معه‪ ،‬ووضع رؤية‪ ،‬وتقديم أفكار‬ ‫جديدة له‪ ،‬وإعطاء الشجاعة‪ ،‬والثقة‪،‬‬ ‫والتمسك‪ ،‬واحلفاظ عليه وإيقاظه‪.‬‬ ‫فلهذا وضع حد لدور املثقف هو هدم‬ ‫عملية التثقيف والتنوير احلرة اليت‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫ليس هلا حدود فيجب ان ال يضعون‬ ‫هلا حد‪ ،‬ليس هناك من حيدد اجتاههم‬ ‫ويشرتط عليهم وال حيددوا أعماهلم الن‬ ‫املثقفني هم من مؤيدي الوعي واملعرفة‬ ‫احلرة فليظهروا ذلك ويتحركون‪.‬‬ ‫بهذا الشكل تتكون الثقافة واملعرفة‪ ،‬كل‬ ‫هذه األشياء مرتابطة ببعضها وال ميكن‬ ‫التفريق بينها‬ ‫من املهم ان نفرق بني املثقفني الذين‬ ‫لديهم مبدأ وهم من اجملتمع ويرون‬ ‫أنفسهم من اجملتمع ويرون مصاحل‬ ‫وخدمة اجملتمع فوق كل شيء عن‬ ‫الذين يبيعون اقالمهم ويستغلون آالم‬ ‫ومطالب ومصاحل اجملتمع‪.‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪10‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫سيادة الدولة يف ظل املتغريات الدولية املعاصرة‬

‫آزاد شيخ عبدال‬

‫شهد العامل خالل العقدين األخريين‬ ‫حتوالت جذرية عميقة يف النظام السياسي‬ ‫الدولي مل يسبق له أن عايش مثل هذا‬ ‫الزخم من التحوالت وهذا القدر من‬ ‫التداخل يف قوى التغيري اليت أسست ملا‬ ‫أصبح يعرف بالنظام العاملي اجلديد‪.‬‬ ‫وتارخييا مل تكن الدولة مبعزل عن مؤثرات‬ ‫النظام الدولي كونها الفاعل الرئيس فيه‪،‬‬ ‫وان اختلفت حدود وجماالت تأثريه من‬ ‫دولة إىل أخرى ومن وقت آلخر‪.‬‬ ‫ومنذ انتهاء احلرب الباردة برزت يف‬ ‫العالقات الدولية املعاصرة متغريات‬ ‫كانت من احلدة حبيث يصعب على‬ ‫أية دولة املراهنة على املربرات التقليدية‬ ‫للسيادة فسحر الليربالية أعطى للحريات‬ ‫العامة وحقوق اإلنسان قدسية أعلى من‬ ‫قدسية السيادة‪ ،‬ومفاهيم وآليات العوملة‬ ‫االقتصادية جاءت لتؤكد بان تنمية قدرات‬ ‫أية دولة ال ميكن أن تتم باالعتماد على‬ ‫نفسها دون االنفتاح على الدول األخرى‪،‬‬ ‫وربط نفسها مبعطيات االقتصاد العاملي‬ ‫وشروطه‪ ،‬أما ثورة املعلومات واالتصاالت‬ ‫فكانت أمضى من قوة السالح يف اخرتاق‬ ‫سيادة الدولة وإحداث تغري فيها‪.‬‬ ‫وقد تقبلت العديد من الدول هذه املتغريات‬ ‫كرها أم قناعة منها‪ ،‬طاملا أن سيادتها‬ ‫ستكون بفعل هذه املتغريات خمرتقة أو‬ ‫مقيدة‪ ،‬وليست منتهكة‪ ،‬وطاملا أن ذلك‬ ‫يعد ضروريا الستمرار وجودها ودميومتها‪،‬‬ ‫مما يسمح بالقول أن عامل اليوم مل يعد‬ ‫عامل الدولة الوطنية ذات السيادة املطلقة‪،‬‬ ‫فاملربرات الفكرية والقانونية اليت عززت‬ ‫من فكرة السيادة قد تصدعت وجعلت من‬ ‫مفهوم السيادة مفهوما مرنا‪.‬‬ ‫تبدو أهمية هذه الدراسة من خالل حماولتها‬ ‫توضيح املفاهيم املتعلقة بالسيادة وفقا‬ ‫لقواعد القانون الدولي والقواعد الدستورية‬

‫املعمول بها داخل الدولة‪ ،‬والكشف عن‬ ‫طبيعة السيادة بناءً على النظريات اليت‬ ‫وضعها فقهاء القانون كونها ركنا أساسيا‬ ‫من أركان الدولة وكيف أن الدول كانت‬ ‫تتمسك حبقها يف إدارة شؤونها الداخلية‬ ‫دون السماح ألي جهة مهما كانت‬ ‫بالتدخل يف تلك الشؤون انطالقا من مبدأ‬ ‫عدم التدخل يف الشؤون الداخلية الذي‬ ‫قرره القانون الدولي وسارت عليه الدول يف‬ ‫عالقاتها بعضها مع البعض اآلخر‪.‬‬ ‫كما وتبدو إشكالية الدراسة هلذا املوضوع‬ ‫من خالل التغري الذي طرأ على مفهوم‬ ‫سيادة الدولة اليت لطاملا اعتربت حقا‬ ‫مقدسا للدولة يف عالقاتها مع غريها من‬ ‫الدول‪ ،‬وسعى القانون الدولي التقليدي إىل‬ ‫تأكيد ذلك احلق ووضع الضوابط القانونية‬ ‫حلمايته من خالل إقراره مبدأ التدخل يف‬ ‫الشؤون الداخلية للدولة‪ ،‬باعتبار التدخل‬ ‫يشكل انتهاكا لسيادة الدولة يعاقب عليه‬ ‫القانون الدولي كونه يشكل تهديدا لألمن‬ ‫والسلم الدوليني‪ ،‬غري أن التغريات اليت‬ ‫شهدها النظام السياسي الدولي املعاصر‬ ‫جعلت ذات القانون يعيد تفسري مبدأ عدم‬ ‫التدخل نظرا النتشار قيم حقوق اإلنسان‬ ‫والدميقراطية وانعكس ذلك على مفهوم‬ ‫السيادة املطلق ليجعل منه مفهوما مرنا‪،‬‬ ‫حبيث مل يعد بإمكان الدولة أن حتتج‬ ‫به جتاه احتجاجات اجملتمع الدولي يف‬ ‫تعاملها السليب مع مواطنيها‪.‬‬ ‫ومن هذه اإلشكالية تربز جمموعة من‬ ‫األسئلة لعل من أهمها ما يلي‪:‬‬ ‫* ما هي السيادة وما هي مظاهرها‬ ‫وخصائصها؟‬ ‫* ما هي أهم املتغريات اليت حصلت على‬ ‫مستوى العالقات الدولية املعاصرة؟‬ ‫* كيف انعكست تلك املتغريات على‬ ‫سيادة الدولة؟‬ ‫* ما هي طبيعة العالقة بني القانون الدولي‬ ‫والقانون الداخلي؟‬ ‫لغرض حل اإلشكالية هذه واإلجابة عن‬ ‫األسئلة املتفرعة منها فإنها تنطلق من‬ ‫فرضية مفادها إن مجلة تغريات طرأت‬ ‫على العالقات الدولية املعاصرة انعكست‬ ‫سلبا على سيادة الدولة ومسحت للمنظمات‬

‫الدولية بإقرار حق التدخل يف شؤون الدولة‬ ‫الداخلية مما جعل السيادة مفهوما هشا‬ ‫وأكثر عرضة لالخرتاق‪...‬‬ ‫ولغرض التحقق من فرضية الدراسة‬ ‫هذه واإلجابة على األسئلة اليت تثريها‬ ‫اشكاليتها‪ ،‬فقد مت االعتماد على منهج‬ ‫التحليل النظمي كونه األكثر مالئمة‬ ‫للوصول إىل نتائج خبصوص مصري سيادة‬ ‫الدولة يف ظل املتغريات الدولية املعاصرة‬ ‫كما مت االعتماد على املنهج التارخيي‬ ‫لتتبع التطورات احلاصلة يف مفهوم السيادة‬ ‫وكذلك ملتابعة تطور النظام السياسي‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫أن السيادة باعتبارها السلطة العليا اليت‬ ‫تتمسك بها الدولة إلدارة شؤونها يف داخل‬ ‫إقليمها أو يف إطار عالقاتها الدولية‪،‬‬ ‫هلا معنيني احدهما اجيابي يتمثل بقدرة‬ ‫الدولة على التصرف املطلق دون أي قيد‬ ‫باستثناء تلك القيود اليت ترتضيها الدولة‬ ‫ذاتها‪ ،‬واآلخر سليب يتمثل بعدم إمكانية‬ ‫الدولة اخلضوع ألي سلطة أخرى غري‬ ‫سلطتها مما يرتب ذلك نطاقني للسيادة‬ ‫األول داخلي حيدد نطاق تطبيقه على‬ ‫عالقات الدولة مبواطنيها وفقا للسياسة‬ ‫العامة للدولة‪ ،‬والثاني خارجي ينصرف‬ ‫نطاق تطبيقه على عالقة الدولة بغريها من‬ ‫الدول والقائم على وجوب احرتام استقالل‬ ‫كل دولة وعدم جواز التدخل يف شؤونها‬ ‫الداخلية وهذا ما اقره القانون الدولي العام‬ ‫وأخذت به مواثيق املنظمات الدولية‪.‬‬ ‫ومنذ انتهاء احلرب الباردة شهدت العالقات‬ ‫الدولية املعاصرة مجلة من املتغريات وعلى‬ ‫خمتلف اجملاالت انعكس سلبا على سيادة‬ ‫الدولة ففي اجملال السياسي تغريت بنية‬ ‫النظام الدولي بعد انهيار االحتاد السوفييت‬ ‫مما أدى إىل بروز القطب األمريكي منفردا‬ ‫يف قمة اهلرم السياسي الدولي ليتشكل‬ ‫النظام الدولي على األحادية القطبية‪ ،‬ويف‬ ‫اجملال االقتصادي اشتد ساعد الشركات‬ ‫املتعددة اجلنسية‪ ،‬مستفيدة من طروحات‬ ‫العوملة االقتصادية اليت فرضت االنفتاح‬ ‫االقتصادي على اغلب دول العامل‪ ،‬ويف‬ ‫اجملال التكنومعلوماتي حدثت ثورة هائلة‬ ‫أدت إىل خلق عامل تتداخل فيه احلدود‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫وتنهار فيه احلواجز السيادية السابقة‬ ‫وفسح اجملال لرتابط عاملي يتجاوز األطر‬ ‫الوطنية ويلغي املسافات بني الوحدات‬ ‫السياسية‪ .‬كل ذلك اثر بشكل مباشر‬ ‫على مفهوم سيادة الدولة مبعناه القديم أو‬ ‫التقليدي حبيث مل تعد للمفاهيم الوطنية‬ ‫نفس اآلثار اليت كانت هلا سابقا‪ ،‬فسرعة‬ ‫التغيري يف االقتصاد والتقنية واإلمكانيات‬ ‫العسكرية عملت على ختلخل أساسيات‬ ‫السيادة الوطنية‪.‬‬ ‫وجاءت املمارسات الدولية حافلة بالعديدة‬ ‫من السلوكيات يف جمال العالقات الدولية‬ ‫املعاصرة انعكاسا جململ التغريات اليت‬ ‫شهدتها تلك العالقات‪ ،‬واليت أثرت يف‬ ‫جمملها على مبدأ عدم التدخل يف الشؤون‬ ‫الداخلية والذي اعترب سابقا احلصن الذي‬ ‫تعتمد عليه الدولة لضمان سيادتها‪،‬‬ ‫فاملمارسات الدولية املعاصرة‪ ،‬الفردية‬ ‫واجلماعية‪ ،‬أفرزت تدخالت متعددة‬ ‫األشكال‪ ،‬عسكرية وسياسية واقتصادية‬ ‫وثقافية‪ ،‬وبأبعاد خمتلفة أيضا‪ ،‬إنسانية‬ ‫ودميقراطية وبيئية أو بذريعة مكافحة‬

‫مقالة‬

‫‪11‬‬

‫ونستنتج من كل ما تقدم انه‬ ‫يف ظل املتغريات العديدة اليت‬ ‫طرأت على مستوى العالقات‬ ‫الدولية املعاصرة يف ظل النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬تراجع‬ ‫مفهوم سيادة الدولة وأصبح‬ ‫عرضة لالخرتاق وسقط عنه‬ ‫صفة اإلطالق والقدسية الذي‬ ‫كان يتمتع بها يف ظل القانون‬ ‫الدولي التقليدي‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫اإلرهاب واحلد من انتشار أسلحة الدمار‬ ‫الشامل‪ ،‬تلك التدخالت أصبحت من أهم‬ ‫املتغريات اليت انتهكت سيادة الدولة‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر أدى االهتمام املتزايد‬ ‫حبقوق اإلنسان إىل إنشاء نظاما قانونيا‬ ‫جديدا يلغي املتميز التقليدي بني النظام‬ ‫الداخلي والنظام الدولي‪ ،‬فقد توىل األخري‬ ‫املسؤولية األوىل يف محاية حقوق األفراد‬ ‫عندما تقوم الدولة بانتهاك تلك احلقوق‪،‬‬ ‫مما أعطى للفرد مكانة يف القانون الدولي‬ ‫وأدى ذلك إىل نوع من التداخل بني‬ ‫االختصاص الداخلي واالختصاص الدولي‬ ‫وقد انعكس ذلك على سيادة الدولة‪،‬‬ ‫حيث مل يعد بإمكان األنظمة الشمولية‬ ‫واليت إذا ما انتهكت حقوق األفراد قادرة‬ ‫على التذرع باالختصاص الداخلي‪ ،‬وحقها‬ ‫السيادي يف شؤونها الداخلية‪ ،‬فان مثل‬ ‫هذه االنتهاكات تصبح ذريعة للتدخل‬ ‫الدولي اإلنساني حلماية تلك احلقوق‬ ‫جييزها اجملتمع الدولي والقانون الدولي‬ ‫املعاصر‪.‬‬ ‫إن تقلص مفاهيم مثل االستقالل والسيادة‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪12‬‬

‫على الرغم من ارتباطها باملتغريات الدولية‬ ‫املعاصرة‪ ،‬إال أنها ترتبط أيضا باألسس‬ ‫اليت قام عليها ميثاق األمم املتحدة واليت‬ ‫تؤكد على محاية حق الشعوب واألفراد‬ ‫ومنع انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬وهي‬ ‫بذلك جتيز للمنظمات الدولية للقيام بدورها‬ ‫بالتصدي هلذه االنتهاكات واليت تعترب‬ ‫تهديدا لألمن والسلم الدوليني‪ ،‬وبالتالي‬ ‫أجاز ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬والقانون الدولي‬ ‫معه‪ ،‬التدخل اإلنساني حلماية حقوق‬ ‫اإلنسان من االنتهاكات اليت تقوم بها‬ ‫الدولة ضد مواطنيها‪ ،‬وبذلك فقد مت تقليص‬ ‫مفهوم مبدأ عدم التدخل يف الشؤون‬ ‫الداخلية‪ ،‬والذي طاملا اعترب أساسا يف‬ ‫العالقات الدولية‪ ،‬لصاحل التدخل وهذا‬ ‫بدوره انعكس سلبا على سيادة الدولة‬ ‫وقلص من اطالقيتها‪ .‬وبذلك تراجع مفهوم‬ ‫سيادة الدولة‪ ،‬بفعل املتغريات اليت طرأت‬ ‫على العالقات الدولية املعاصرة من صفته‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تغريات طرأت على العالقات‬ ‫الدولية املعاصرة انعكست سلبا‬ ‫على سيادة الدولة ومسحت‬ ‫للمنظمات الدولية بإقرار‬ ‫حق التدخل يف شؤون الدولة‬ ‫الداخلية مما جعل السيادة‬ ‫مفهوما هشا وأكثر عرضة‬ ‫لالخرتاق‬

‫االطالقية ليتخذ مفهوما أو صيغة مرنة‪.‬‬ ‫ونستنتج من كل ما تقدم انه يف ظل‬ ‫املتغريات العديدة اليت طرأت على مستوى‬ ‫العالقات الدولية املعاصرة يف ظل النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬تراجع مفهوم سيادة‬ ‫الدولة وأصبح عرضة لالخرتاق وسقط‬ ‫عنه صفة اإلطالق والقدسية الذي كان‬ ‫يتمتع بها يف ظل القانون الدولي التقليدي‬ ‫والعالقات الدولية اليت سبقت قيام النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪.‬إال أن هذه املتغريات‬ ‫الدولية املعاصرة مل تنهي سيادة الدولة‬ ‫متاما‪ ،‬حيث سيظل جزاً مهما من مكونات‬ ‫الدولة‪ ،‬وكل ما فعلته هذه املتغريات هو‬ ‫تأثريها على طبيعة الوظائف أو األدوار‬ ‫اليت تضطلع الدولة بها باملقارنة مبا كانت‬ ‫عليه يف ظل النظام الدولي يف مرحلة ما‬ ‫قبل انتهاء احلرب الباردة والعالقات‬ ‫الدولية اليت سادت فيه‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مقالة‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫املثقف ضد السلطة‪!...‬‬

‫مصطفى عبدو‬

‫مل حيدث أن قامت ثورة يف التاريخ دون‬ ‫مثقفني‪ ،‬فقد كانوا دوماً هم الشرارة اليت‬ ‫أشعلت الثورات…‬ ‫ً‬ ‫وعليه فأن نظرة اجلماهري معلقة دوما على‬ ‫املثقف باعتباره(حبل جناة) يف أوقات‬ ‫الشدة فهو أفضل من يقوم بتمثيل معاناتها‬ ‫والدفاع عنها‪ ،‬كونه الوحيد القادر على‬ ‫إضفاء طابعاً متميزاً وأبعاد إنسانية ملعاناتهم‬ ‫وأزماتهم‪ ،‬وتقع املصيبة عندما تكتشف‬ ‫اجلماهري أن من كانوا يعتربونهم مثقفني‬ ‫وضد السلطة ومع اجلماهري وبعد أن انزاح‬ ‫الغمام عنهم مل يكونوا سوى سراباً‪ ،‬وال‬ ‫يرون أبعد من أنوفهم‪ ..‬وأمثال هؤالء كثر‬ ‫بني املثقفني السوريني على األقل‪.‬‬ ‫يرى املفكر اإليطالي(غرامشي) أن مجيع‬ ‫الناس مثقفون ولكن وظيفة املثقف يف‬ ‫اجملتمع ال يقوم بها كل الناس‪ .‬وهناك‬ ‫طبقة من املثقفني املنسقني املرتبطني مباشرة‬ ‫بالطبقات أو املشروعات اليت تستخدم‬ ‫املثقفني يف تنظيم مصاحلها‪.‬‬ ‫من جانبه ينظر الفيلسوف الفرنسي(جوليان‬ ‫بندا) إىل املثقفني باعتبارهم ميلكون مواهب‬ ‫فائقة وأخالق رفيعة ويشكلون ضمري األمة؛‬ ‫ولذا فإن عددهم قليل جدا‪ .‬ويؤمن(بندا)‬ ‫باملثقفني احلقيقيني الذين هم أقرب‬ ‫ما يكونون إىل الصدق مع أنفسهم حني‬ ‫تدفعهم املشاعر اجلياشة واملبادئ السامية‬ ‫إىل فضح الفساد‪ ،‬والدفاع عن اجلماهري‬ ‫وحتدي السلطة‪.‬‬ ‫فاحلديث عن املثقف والسلطة يطرح‬ ‫تساؤالت عدة منها هل أخلى املثقف‬ ‫مكانه يف جمتمعاتنا؟‬ ‫إن مجيع األنظمة القائمة وخاصة الشرق‬ ‫األوسطية منها تسلب شرعيتها باستقطاب‬ ‫املثقفني وأدجلتهم وفق ما تتطلبه مصاحلها‪.‬‬ ‫لكن باعتبار املثقفون أفراد تؤهلهم قدرتهم‬

‫على التفكري والعيش يف روح عصرهم‬ ‫وهم قادرون على توقع أسباب ما جيري‬ ‫وسيجري حوهلم وبإمكانهم املساهمة عرب‬ ‫كلماتهم يف بناء الرؤى وصياغة املفاهيم‬ ‫ووضع األفكار والنظريات وحتليل الظواهر‬ ‫واألزمات واألحداث وإجياد أفضل األفكار‬ ‫ومتكينها ملصلحة ونفع اجملتمعات فمهمة‬ ‫املثقف تقتضي أن يكون مع اجلماهري‬ ‫نفع للمجتمع‪ ،‬ال أن ينساق وراء‬ ‫ومع كل‬ ‫ٍ‬ ‫السياسات واملصاحل الشخصية‪ ،‬عليه أن‬ ‫ميارس دوره وسط اجللبة يف عملية بناء‬ ‫األفكار ونقدها حبرية تامة دون أن يكون‬ ‫هناك رادع من سلطة أو حكومة ألفكاره‪،‬‬ ‫عليه أن ينتقد اجملتمع واألشخاص‬ ‫واألفكار والسلطة‪ ،‬لكن بشرط أن يكون‬ ‫نقده بناء يساهم يف طرح اإلشكاليات‬ ‫واإلجابة عنها وتقديم احللول واالخنراط‬ ‫يف قضايا اجملتمع دون االكتفاء مبجرد‬ ‫التنظري‪.‬‬ ‫باحملصلة‪ ،‬كلنا نعلم إن عامل املثقفني‬ ‫اليوم يزداد تسخريه لتلبية متطلبات‬ ‫السياسة والسياسيني‪ ،‬لكن ذلك جيب أال‬ ‫مينع املثقف من االرتباط بقيمه احلقيقية‬ ‫وأال ينسلخ عن واقع اجملتمع‪ ،‬جيب أال‬ ‫يُست ًغل بل يَست ِغل هذه العالقة للتأثري‬ ‫على السياسة والسياسيني يف الوصول إىل‬ ‫األهداف املنوطة به‪ ،‬كونه ضمري اجملتمع‪.‬‬

‫ويبقى هناك من املثقفني من نرفع هلم‬ ‫القبعة لتمسكهم مبواقفهم وبوقوفهم إىل‬ ‫جانب قضايا الشعوب والنطق باحلقيقة‪،‬‬ ‫ينطبق عليهم حديث(كلما مسعت كلمة‬ ‫املثقف حتسست مسدسي)…‬

‫ويؤمن(بندا) باملثقفني‬ ‫احلقيقيني الذين هم أقرب ما‬ ‫يكونون إىل الصدق مع أنفسهم‬ ‫حني تدفعهم املشاعر اجلياشة‬ ‫واملبادئ السامية إىل فضح‬ ‫الفساد‪ ،‬والدفاع عن اجلماهري‬ ‫وحتدي السلطة‪.‬‬ ‫فاحلديث عن املثقف والسلطة‬ ‫يطرح تساؤالت عدة منها‬ ‫هل أخلى املثقف مكانه يف‬ ‫جمتمعاتنا؟‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪14‬‬

‫صحة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الصحة أفضل النعم‬

‫آ‪ :‬شريين مجال‬ ‫فوائد املشمش‬ ‫حمتواه من العناصر الغذائية‬ ‫األلياف الغذائية‪ :‬يُع ّد املشمش مصدراً جيداً‬ ‫لأللياف الغذائية‪ ،‬إذ حيتوي على األلياف‬ ‫الغذائية بنَوعَيها‪ ،‬وهي األلياف الغذائية‬ ‫القابلة للتحلل (باإلجنليزية‪SOLUBLE :‬‬ ‫‪ ،)FIBER‬واليت تساعد على تنظيم مستويات‬ ‫الكوليسرتول يف الدم‪ ،‬واأللياف غري القابلة‬ ‫للتحلل (باإلجنليزية‪INSOLUBLE :‬‬ ‫‪ ،)FIBER‬وهو النوع الذي يُساهم يف احلفاظ‬ ‫على صحة اهلضم واجلهاز اهلضم ّي‪.‬‬ ‫فيتامني ج‪ :‬يُع ُّد املشمش مصدراً جيداً لفيتامني‬ ‫ج‪ ،‬الذي يُساهم يف تعزيز مناعة اجلسم‪،‬‬ ‫وعملية التئام اجلروح‪ ،‬ولكن يفقد املشمش‬ ‫جُ‬ ‫املفّف معظم حمتواه من هذا الفيتامني‬ ‫أثناء عملية التجفيف‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل‬ ‫أ ّن احتواء النظام الغذائي على ك ّميات عالية‬ ‫من فيتامني ج ميكن أن يُساعد على الوقاية‬ ‫من ظهور التجاعيد‪ ،‬إذ إنَّه يُساهم يف عملية‬ ‫تكوين الكوالجني املسؤول عن مرونة اجللد‪،‬‬ ‫امللوثات‬ ‫وق ّوته‪ ،‬كما يُساعد على احلماية من ِّ‬ ‫البيئية‪ ،‬ومن التلف الذي قد حيدث نتيجة‬

‫التعرض لألشعة فوق البنفسجية‪.‬‬ ‫يات‬ ‫البوتاسيوم‪ :‬حيتوي املشمش على ك ّم ٍ‬ ‫عالي ٍة من البوتاسيوم‪ ،‬والذي يُساهم يف‬ ‫ٌ‬ ‫مسؤول عن‬ ‫العديد من وظائف اجلسم‪ ،‬وهو‬ ‫تنظيم انقباض العضالت‪ ،‬وإرسال اإلشارات‬ ‫العصبية‪ ،‬كما أنَّه يحُ افظ على توازن السوائل‬ ‫يف اجلسم إىل جانب الصوديوم‪ ،‬ويُساهم‬ ‫ات كافي ٍة منه يف التقليل‬ ‫احلصول على كميّ ٍ‬ ‫صحة ضغط الدم‪،‬‬ ‫من االنتفاخ‪ ،‬واحلفاظ على ّ‬ ‫وقد أظهرت مراجع ٌة منهجيّ ٌة نُشرت يف جملة‬ ‫‪ BRITISH MEDICAL JOURNAL‬عام‬ ‫‪ ،2013‬تضم ‪ 11‬دراسة‪ ،‬أ َّن زيادة استهالك‬ ‫البوتاسيوم يمُ كن أن خيفض ضغط الدم بشكل‬ ‫ملحوظ لدى األشخاص املصابني بارتفاعه‪،‬‬ ‫كما يُقلل من خطر اإلصابة بالسكتة الدماغية‬ ‫بنسبة ‪.%24‬‬ ‫لكاروتينات‪ :‬يُع ّد املشمش من املصادر الغنيّة‬ ‫بالكاروتينات‪ ،‬وهي أحد أنواع الكيميائيّات‬ ‫النباتيّة املوجودة يف كافّة الكائنات احلية اليت‬ ‫تعتمد على الرتكيب الضوئي باإلجنليزية‪:‬‬ ‫‪ ،PHOTOSYNTHESIS‬وهي جمموعة‬ ‫األصباغ األكثر انتشاراً يف الطبيعة‪ ،‬إذ إنَّها‬ ‫مسؤول ٌة عن تل ّون الثمار واألزهار باأللوان من‬ ‫األصفر‪ ،‬وحتى األمحر‪ ،‬حُ‬ ‫وتافظ الكاروتينات‬ ‫على صحة اجلسم‪ ،‬إذ تُع ّد من أنواع مضادات‬ ‫األكسدة اليت تُقلل من اإلصابة بالعديد‬ ‫من االضطرابات التن ّكسية‪ ،‬ومن اجلدير‬

‫بالذكر أ َّن املشمش حيتوي على عدّة أنواع‬ ‫من الكاروتينات‪ ،‬مثل‪ :‬البيتا كاروتني‪،‬‬ ‫والغاما كاروتني‪ ،‬والليكوبني (باإلجنليزية‬ ‫‪.)LYCOPENE‬‬ ‫مضادات األكسدة األخرى‪ :‬ترتبط السمنة‪،‬‬ ‫والعديد من األمراض املُزمنة يف جسم اإلنسان‬ ‫حبدوث اإلجهاد التأكسدي (باإلجنليزية‪:‬‬ ‫‪ ،)OXIDATIVE STRESS‬والذي حيدث‬ ‫نتيج ًة لنشاط جمموعة من املركبات الضارة‬ ‫اليت تُعرف باجلذور احلرة‪ ،‬واليت تسبّب‬ ‫التلف خلاليا اجلسم‪ ،‬ولكن حيتوي املشمش‬ ‫على كميات كبرية من مضادات األكسدة‬ ‫مبا فيها الفالفونويدات (باإلجنليزية‪:‬‬ ‫‪ ،)FLAVONOIDS‬وهي أحد أنواع متعدد‬ ‫الفينول‪ ،‬باإلضافة إىل فيتامني أ‪ ،‬وفيتامني‬ ‫هـ‪ ،‬اليت تُعادل اجلذور احلرة وتوقف‬ ‫مما قد حيمي من اإلصابة بأمراض‬ ‫نشاطها‪ّ ،‬‬ ‫القلب‪ ،‬والسكري وغريها من األمراض‪.‬‬ ‫فوائد املشمش للحامل‬ ‫حتتاج النساء خالل فرتة احلمل إىل تناول‬ ‫أنواع خمتلف ٍة ومتنوعة من األطعمة‪ ،‬وجيب‬ ‫أن حيتوي نظامها الغذائي على الفواكه‬ ‫واخلضراوت‪ ،‬إذ تُنصح بتناول حصتني من‬ ‫الفواكه يومياً‪ ،‬وجيدر الذكر أ ّن مثرتني من‬ ‫حص ًة واحدةً من الفواكه‪،‬كما‬ ‫املشمش تش ّكالن ّ‬ ‫جتدر اإلشارة إىل أ ّن املشمش يُع ّد من الفواكه‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الغنيّة بالعديد من العناصر الغذائيّة املفيدة‬ ‫للحامل‪ ،‬واليت تساعد على من ّو اجلنني‪،‬‬ ‫ومن هذه العناصر‪ :‬فيتامني أ‪ ،‬وفيتامني‬ ‫ج‪ ،‬وفيتامني هـ‪ ،‬والبوتاسيوم‪ ،‬والكالسيوم‪،‬‬ ‫والفسفور‪ ،‬والبيتا كاروتني‪ ،‬وباإلضافة إىل‬ ‫ذلك حيتوي املشمش على احلديد الذي يقي‬ ‫من خطر اإلصابة بفقر الدم‪.‬‬ ‫‪..........‬‬ ‫فوائد البطيخ األمحر‬ ‫حمتواه من العناصر الغذائية‬ ‫حيتوي البطيخ على عدّة عناصر غذائية مفيدة‬ ‫للجسم‪ ،‬ونذكر من أه ّم هذه العناصر ما يأتي‪:‬‬ ‫املاء‪ :‬إ ّن تناول األغذية اليت حتتوي على‬ ‫نسبة عالية من املاء‪ ،‬مثل اخلضروات‪،‬‬ ‫والفواكه ومنها البطيخ‪ ،‬يُساهم يف احلفاظ‬ ‫على رطوبة اجلسم‪ ،‬وتعزيز الشعور بالشبع؛‬ ‫ُ‬ ‫حيث إ ّن املزيج املُك ّون من املاء واأللياف‬ ‫يساعد على تناول كمي ٍة جيدةٍ من الطعام‬ ‫بسعرات حراري ٍة أقل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الليكوبني‪( :‬باإلجنليزية‪:)LYCOPENE‬‬ ‫يُع ّد الليكوبني مادة كيميائية طبيعية‬ ‫تعطي الفواكه واخلضروات اللون األمحر‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬البندورة والبطيخ‪ ،‬وهي نوع‬

‫صحة‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫من أصباغ الكاروتينات (باإلجنليزية‪ :‬السموم من اجلسم‪ ،‬وبالتالي التقليل من ظهور‬ ‫‪ ،)CAROTENOID‬وتُع ّد هذه املادة من التجاعيد‪.‬‬ ‫مضادات األكسدة القوية اليت من املمكن‬ ‫أن تساعد على تقليل خطر تلف اخلاليا يف فوائد متتلك دالئل علمية أقل قوة‬ ‫اجلسم‪ ،‬وقد تُستخدم للتقليل من ضغط الدم‪ ،‬ختفيف آالم العضالت بعد التمارين‪ :‬حيث‬ ‫ومستويات الكوليسرتول يف الدم‪ ،‬وأمراض يُساهم حُمتوى البطيخ العالي من املاء‪،‬‬ ‫القلب‪ ،‬والسرطانات‪ ،‬والعديد من احلاالت ومضادات األكسدة‪ ،‬واألمحاض األمينيّة‬ ‫األخرى‪ ،‬وباإلضافة إىل ذلك فإ َّن خصائص يف حتسني األداء الرياضي‪ ،‬كما يُساعد‬ ‫الليكوبني املضادة لألكسدة وااللتهابات قد حمتواه املُرتفع من البوتاسيوم على تقليل‬ ‫تُساعد على تقليل خطر اإلصابة مبرض التشنجات خالل ممارسة الرياضة‪ ،‬وقد‬ ‫التنكس البُقعي (باإلجنليزيّة‪ُ MACULAR :‬وجد أ ّن تناول البطيخ وشرب عصريه قد‬ ‫يساعد على تقليل آالم العضالت‪ ،‬ووقت‬ ‫‪ )DEGENERATION‬وإبطاء تطوره‪.‬‬ ‫مضادات األكسدة‪ :‬تُع ّد مضادات األكسدة التعايف بعد التمارين لدى الرياضيني‪ ،‬ففي‬ ‫املوجودة يف البطيخ‪ ،‬مثل‪ :‬فيتامني أ‪ ،‬دراس ٍة أولية نُشرت يف جملة ‪JOURNAL‬‬ ‫وفيتامني ج‪ ،‬ذات أهميّة للحفاظ على صحة ‪OF AGRICULTURAL AND FOOD‬‬ ‫اجللد والشعر؛ ُ‬ ‫حيث يُساعد فيتامني ج على ‪ CHEMISTRY‬عام ‪ ،2013‬مت تزويد ‪7‬‬ ‫إنتاج الكوالجني؛ وهو بروتني حيافظ على رياضيني مبا مقداره ‪ 500‬مليلرتاً من عدة‬ ‫أنواع من عصري البطيخ‪ ،‬وساعد ذلك يف تقليل‬ ‫نضارة البشرة والشعر‪ ،‬كما يُساعد فيتامني‬ ‫ٍ‬ ‫أ على جتديد وإصالح خاليا اجللد‪ ،‬وجيدر الوقت الالزم لرجوع ُمعدّل ضربات القلب إىل‬ ‫الذكر أ ّن عدم احلصول على كميّة كافية من وضعه الطبيعي‪ ،‬وتقليل آالم العضالت بعد‬ ‫هذا الفيتامني قد يؤدي إىل جفاف وتشقق التمارين‪ ،‬ولكن ما زالت هناك حاج ٌة إلجراء‬ ‫البشرة‪ ،‬ومن اجلدير بالذكر أ ّن ُمضادات املزيد من الدراسات لتأكيد ذلك‪.‬‬ ‫األكسدة قد تُساعد أيضاً على تقليل اجلذور التقليل من االلتهابات‪ :‬قد يُساعد حمتوى‬ ‫احلرة‪ ،‬اليت قد تتسبب بظهور عالمات البطيخ من مادة الليكوبني‪ ،‬وفيتامني ج على‬ ‫الشيخوخة املبكرة؛ كالبقع‪ ،‬والتجاعيد‪ ،‬كما التقليل من مؤشرات االلتهابات‪ ،‬وزيادة‬ ‫أ ّن وجود املاء يف البطيخ‪ ،‬يُساهم يف إزالة نسبة ُمضادات األكسدة يف اجلسم‪ ،‬ففي‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪16‬‬

‫دراس ٍة أوليّ ٍة نُشرت يف جملة ‪NUTRITION‬‬ ‫‪ RESEARCH‬عام ‪ ،2015‬متّ فيها تزويد‬

‫بنظام غذائ ّي غري صح ّي‪،‬‬ ‫بعض فئران املخترب ً ٍ‬ ‫ً‬ ‫مع إعطائهم مسحوقا ُمستخلصا من البطيخ‪،‬‬ ‫فيما مل يُز ّود البعض اآلخر منهم بهذا‬ ‫املسحوق‪ ،‬نّ‬ ‫وتبي أ ّن الفئران اليت تناولت‬ ‫مسحوق البطيخ كانت لديها مستويات‬ ‫أق ّل من الدهنيات يف الدم‪ ،‬وااللتهابات‪،‬‬ ‫كما اخنفض خطر إصابتها بأمراض القلب‬ ‫واألوعية الدمويّة‪ ،‬كما قد تُساهم مادة‬ ‫الليكوبني يف حتسني صحة الدماغ؛ إذ قد‬ ‫تُساعد على تأخري ظهور مرض ألزهامير‬ ‫وتط ّوره‪ ،‬إلاّ أ ّن هذه الدراسات ما زالت غري‬ ‫كافية لتأكيد فوائد البطيخ يف التقليل من‬ ‫االلتهابات‪.‬‬ ‫التقليل من مقاومة اإلنسولني‪( :‬باإلجنليزية‬ ‫‪ )INSULIN RESISTANCE‬وهي حال ٌة‬ ‫تصبح فيها خاليا اجلسم ُمقاوم ًة لتأثري‬ ‫مما قد يزيد من مستويات‬ ‫هرمون اإلنسولني؛ ّ‬ ‫السكر يف الدم‪ ،‬وترتبط هذه احلالة باملتالزمة‬ ‫األيضية (‪F‬اإلجنليزيّة‪METABOLIC :‬‬ ‫‪ ،)SYNDROME‬ومرض السكري من النوع‬ ‫الثاني‪ ،‬وقد أظهرت ُمراجع ٌة لعدّة دراسات‪،‬‬ ‫نُشرت يف جملة ‪WORLD JOURNAL‬‬ ‫‪ OF DIABETES‬عام ‪ ،2014‬أ ّن مركبات‬ ‫الليكوبني‪ ،‬والكاروتينات‪ ،‬والسيرتولني‬ ‫املوجودة يف البطيخ قد تُساعد على التقليل من‬ ‫مقاومة اإلنسولني‪ ،‬كما أظهرت دراس ٌة أُجريت‬ ‫على الفئران‪ ،‬ونُشرت يف جملة ‪JOURNAL‬‬ ‫‪ OF NUTRITION‬عام ‪ ،2007‬أ ّن تناول‬ ‫عصري البطيخ قد حُيسن من السيطرة على‬ ‫مستويات السكر يف الدم‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫ذلك فإ ّن هذه الدراسات ما زالت غري كافية‬ ‫لتأكيد تأثري البطيخ يف التقليل من مستويات‬ ‫اإلنسولني والسكر يف الدم‪ .‬وجتدر اإلشارة‬ ‫إنّه وعلى الرغم من أ ّن البطيخ ميتلك مؤشر‬ ‫ٍّ‬ ‫سكري مرتفعاً (باإلجنليزية‪HIGH :‬‬ ‫جه ٍد‬ ‫‪ )GLYCEMIC INDEX‬يساوي ‪ ،76‬أي‬ ‫سريع يف مستويات‬ ‫أ ّن تناوله‬ ‫يؤدي إىل ّ ٍ‬ ‫ارتفاع ٍ‬ ‫لاّ‬ ‫سكر الدم‪ ،‬إ أنه يُعد منخفض احلمل‬ ‫ي (باإلجنليزية‪GLYCEMIC :‬‬ ‫اجلاليسيم ّ‬ ‫‪ ،)LOAD‬وعليه فإ ّن األشخاص املصابني‬ ‫بالسكري ميكنهم تناول البطيخ‪ ،‬ولكن‬ ‫ات معتدلة‪.‬‬ ‫بكميّ ٍ‬ ‫التقليل من خطر اإلصابة بالسرطان‪ :‬إذ‬ ‫يُساعد حمتوى البطيخ العالي مبضادات‬

‫صحة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫يعزز مجال وصحة الشعر‪،‬‬ ‫ويزيد منوه‪ ،‬ومينع تساقطه؛‬ ‫بسبب احتوائه على العديد من‬ ‫العناصر كالنحاس‪ ،‬والزنك‪،‬‬ ‫واملنغنيز‪ ،‬والبوتاسيوم‪،‬‬ ‫واحلديد‪ ،‬كما أنه حيمي فروة‬ ‫الرأس من القشرة اليت تنتج‬ ‫بسب جفاف اجللد‪ ،‬حيث‬ ‫تغ ّذيها وتر ّطبها‬ ‫األكسدة‪ ،‬مثل‪ :‬فيتامني ج‪ ،‬على التقليل من‬ ‫تك ّون اجلذور احل ّرة (باإلجنليزية‪FREE :‬‬ ‫‪ )RADICALS‬اليت من شأنها زيادة خطر‬ ‫اإلصابة بعدة أنواع من السرطان‪ ،‬كما يُعتقد‬ ‫أ ّن حمتواه من الليكوبني قد يُساهم يف التقليل‬ ‫من خطر اإلصابة بسرطان الربوستاتا‪ُ ،‬‬ ‫حيث‬ ‫وجدت ُمراجع ٌة لعدّة دراسات‪ ،‬نُشرت يف‬ ‫جملة ‪ EXCLI JOURNAL‬عام ‪ ،2014‬أ ّن‬ ‫مادة الليكوبني تُقلل من تلف املادة الوراثية‬ ‫للخاليا املُس ّماة اختصاراً ب ‪ ،DNA‬كما‬ ‫بيّنت أ ّن هناك عالق ًة عكسيّ ًة بني استهالك‬ ‫الليكوبني وخطر اإلصابة بسرطان الربوستاتا‪،‬‬ ‫ات‬ ‫فقد لوحظ أ ّن الرجال الذين يتناولون كميّ ٍ‬ ‫عالي ًة من هذه املادة‪ ،‬ينخفض لديهم خطر‬ ‫اإلصابة بسرطان الربوستاتا بنسبة ‪،%25‬‬ ‫والسرطانات األخرى بنسبة ‪ ،%44‬ولكن‬ ‫جيدر التنبيه إىل أ ّن هذه الدراسات غري كافية‬ ‫لتأكيد تأثري البطيخ يف السرطان‪ ،‬وما زالت‬ ‫هناك حاج ٌة إىل املزيد من األدلة لتأكيد ذلك‪.‬‬ ‫فوائد البطيخ لألطفال‬ ‫كما ُذكر سابقاً؛ فإ ّن البطيخ يُع ّد غنيّاً بالعديد‬ ‫من الفيتامينات ومضادّات األكسدة املفيدة‬ ‫للصحة‪ ،‬وهو من الفواكه املنعشة اليت ميكن‬ ‫اعتبارها بديالً صحيّاً عن املشروبات عالية‬ ‫السكر‪ ،‬وقد يتساءل البعض عن مدى سالمة‬

‫تقديم البطيخ لألطفال ال ُّر ّضع‪ ،‬وميكن القول‬ ‫إ ّن من اآلمن تقدميه لألطفال بعمر ‪10-8‬‬ ‫طفل‬ ‫أشهر‪ ،‬ولك ّن ذلك قد خيتلف بني ٍ‬ ‫وآخر‪ ،‬إذ يعتمد ذلك على عدة عوامل‪ ،‬كقدرة‬ ‫الطفل على املضغ والبلع‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل‬ ‫أ ّن البطيخ يتميّز بامتالكه قواماً طريّاً وسهل‬ ‫اهلضم والبلع بالنسبة لألطفال‪ ،‬ولكن جيدر‬ ‫االنتباه إىل أ ّن من املهم تقطيع البطيخ إىل‬ ‫قطع صغريةٍ قبل تقدميه للطفل لتجنّب‬ ‫ٍ‬ ‫إصابته باالختناق‪ ،‬ومراقبة الطفل جيداً أثناء‬ ‫إعطائه البطيخ للتأكد من أنّه ميضغه قبل‬ ‫بلعه‪ ،‬باإلضافة إىل أهميّة إجالسه بطريق ٍة‬ ‫مستقيمة‪ ،‬والتأكد من خل ّو البطيخ من البذور‬ ‫قبل تقدميه للطفل‪ ،‬كما جيدر التنبيه إىل أ ّن‬ ‫بعض األطفال قد يكونون مصابني حبساسي ٍة‬ ‫جتاه البطيخ‪ ،‬وللقراءة املزيد حول هذه‬ ‫احلساسية ميكن قراءة فقرة احملاذير املرتبطة‬ ‫باستهالك البطيخ‪ ،‬واملوجودة أسفل املقال‪.‬‬ ‫‪..........‬‬ ‫ما فوائد التفاح األخضر‬ ‫التفاح األخضر‬ ‫التفاح بألوانه املختلفة (األمحر‪ ،‬واألصفر‪،‬‬ ‫واألخضر) ذو فائدة صحيّة عظيمة‪ ،‬حيث‬ ‫يُع ّد غنياً بالقيمة الغذائية وفقرياً بالسعرات‬ ‫احلرارية‪ ،‬كما حيتوي على الكثري من‬ ‫الفيتامينات املهمة كفيتامني ب بأنواعه‪،‬‬ ‫وفيتامني ج‪ ،‬والكثري من املعادن كالبوتاسيوم‬ ‫واملنجنيز واحلديد والنحاس وغريها‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل غناه باأللياف واملاء‪ ،‬وما مييز التفاح‬ ‫األخضر احتواؤه على كميّة أقل من السكر‬ ‫مقارنة مع ألوان التفاح األخرى‪ .‬بشكل عام‬ ‫فإ ّن الفواكه اخلضراء تساعد على خفض خطر‬ ‫بعض أنواع السرطانات واحلد من خماطر‬ ‫أمراض القلب واحلفاظ على صحة البصر‪،‬‬ ‫واحلماية من العيوب اخللقيّة اليت قد تتع ّرض‬ ‫هلا األجنة‪ ،‬كما حيافظ على قوة الدم‪ ،‬وعدد‬ ‫الكريات الدموية احلمراء‪ ،‬وعلى قوة العظام‬ ‫واملفاصل‪.‬‬ ‫الفوائد الصحية للتفاح األخضر أجرى خرباء‬ ‫الصحة والتغذية الكثري من الدراسات على‬ ‫التفاح األخضر‪ ،‬واستخلصوا الفوائد الصحية‬ ‫اليت متيز عصري التفاح األخضر ومنها‪:‬‬ ‫ـ خيلّص التفاح األخضر من السموم يف جسم‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اإلنسان‪ ،‬حيث حيتوي على كميات جيدة من‬ ‫مضادات األكسدة اليت تثبط عمل اجلذور احلرة‬ ‫وحتمي الكبد منها‪ ،‬مما يعزز وظائف الكبد‪،‬‬ ‫وأهما ختليص اجلسم من السموم‪ .‬كما حيمي‬ ‫خاليا اجلسم‪ ،‬وحيافظ عليها من التلف؛‬ ‫بسبب احتوائه على العديد من املركبات‬ ‫الفالفونويدية‪ ،‬مثل السيادين وااليبيكاتشني‪،‬‬ ‫حيث تزيد مناعة اجلسم وتقيه من االلتهابات‬ ‫امليكروبية وختفف من احتمالية اإلصابة‬ ‫بأمراض القلب والسكري‪.‬‬ ‫ـ حيمي اجلسم من االلتهابات املسببة لألمل‬ ‫كالروماتيزم والتهاب املفاصل بسبب احتوائه‬ ‫على كميّة جيّدة من مضادات األكسدة‪.‬‬ ‫ـ حيمي البصر بسبب احتوائه على صبغة‬ ‫الكلوروفيل اخلضراء‪ ،‬وبعض املركبات‬ ‫الكيميائية كاللوتني والزياكسانثني‪.‬‬ ‫ـ حيمي اجلسم من بعض أنواع السرطانات؛‬ ‫بسبب احتوائه على بعض املركبات الكيميائية‬ ‫كالثيوسيانات‪ ،‬باإلضافة إىل مضادات األكسدة‪.‬‬ ‫ـ حيافظ على صحة البشرة ومجاهلا ونضارتها‪،‬‬ ‫حيث يدخل يف بناء اخلاليا وجتديدها‪،‬‬ ‫ومكافحة عالمات تقدم البشرة كالتجاعيد‪،‬‬ ‫وخطوط البشرة؛ بسبب احتوائه على مضادات‬ ‫األكسدة‪ ،‬وأهمها فيتامني ج الذي يدعم عمل‬ ‫الكوالجني الذي حيمي البشرة وحيافظ على‬ ‫شبابها‪ ،‬كما أن مضادات األكسدة تقي من بثور‬ ‫البشرة وحب الشباب‪ ،‬والعديد من مشاكل‬ ‫البشرة‪.‬‬ ‫ـ خيفف من أعراض الربو كاحلساسية وصعوبة‬ ‫التنفس‪ ،‬لذلك يُنصح مرضى الربو بإدراجه‬ ‫ضمن برناجمهم الغذائي اليومي‪ ،‬كما يقلل نسبة‬

‫صحة‬

‫‪17‬‬

‫إصابة الطفل الحقاً مبرض الربو إذا تناولته أمه‬ ‫احلامل باستمرار‪ ،‬وهذا ما أثبتته الدراسات‬ ‫اليت أُجريت على جمموعة من األطفال كانت‬ ‫أمهاتهم يلتزمن بتناول التفاح األخضر‪.‬‬ ‫ـ يعزز مجال وصحة الشعر‪ ،‬ويزيد منوه‪،‬‬ ‫ومينع تساقطه؛ بسبب احتوائه على العديد‬ ‫من العناصر كالنحاس‪ ،‬والزنك‪ ،‬واملنغنيز‪،‬‬ ‫والبوتاسيوم‪ ،‬واحلديد‪ ،‬كما أنه حيمي فروة‬ ‫الرأس من القشرة اليت تنتج بسب جفاف‬ ‫اجللد‪ ،‬حيث تغ ّذيها وتر ّطبها‪.‬‬ ‫ـ حيمي خاليا الدماغ واخلاليا العصبيّة‬ ‫ويعزز وظائفها‪ ،‬مما يقي من مرض الزهامير‬ ‫الذي يصيب كبار السن؛ بسبب احتوائه‬ ‫على مضادات األكسدة املختلفة‪ ،‬وفيتامينات‬ ‫ب اليت حتافظ على صحة وسالمة اخلاليا‬ ‫العصبية‪.‬‬ ‫ـ حيافظ على صحة العظام ومنوها؛ بسبب‬ ‫احتوائه على العناصر اليت تدخل يف تكوين‬ ‫العظام كالكالسيوم‪.‬‬ ‫ـ يدخل يف تسهيل عمليّة اهلضم؛ بسبب‬ ‫احتوائه على نسبة عالية من األلياف اليت‬ ‫تسهل حركة األمعاء‪ ،‬مما يزيد من عمليّات‬ ‫التمثيل الغذائي‪ ،‬كما أ ّن األلياف تزيل مسوم‬ ‫اجلسم‪ ،‬وتدعم اجلهاز اهلضمي للقيام بهذه‬ ‫الوظيفة‪ ،‬كما أ ّن غنى التفاح األخضر باحلديد‬ ‫يرفع مستويات األكسجني يف الدورة الدمويّة؛‬ ‫مما يعين تعزيز تك ّون كريات الدم احلمراء‬ ‫اليت حتمل وتنقل األكسجني إىل خاليا اجلسم‬ ‫املختلفة‪ ،‬مما يرفع معدالت األيض‪ ،‬وخيلص‬ ‫اخلاليا واجلسم من السموم‪ ،‬وحيارب اجلذور‬ ‫احلرة‪.‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫ـ يعزز عملية ختفيف الوزن إذا مت إدراجه‬ ‫ضمن الربنامج الغذائي اليومي املخصص إلنقاص‬ ‫الوزن؛ بسبب فقره بالسعرات احلراريّة‪ ،‬وغناه‬ ‫باأللياف الغذائيّة اليت تعطي الشعور باالمتالء‪،‬‬ ‫كما ميد اجلسم بالكثري من العناصر الغذائيّة‬ ‫اليت ميكن أن يتع ّرض الفرد إىل نقصها إذا كان‬ ‫يتبع محية غذائية خاصة إلنقاص الوزن‪.‬‬ ‫ـ يعزز صحة األم احلامل واجلنني حيث‬ ‫يق ّوي املفاصل والعظام لألم وجنينها؛ بسبب‬ ‫غناه بعناصر الكالسيوم‪ ،‬والبوتاسيوم‪ ،‬وغريها‬ ‫من العناصر اليت تدخل يف تكوين العظام‪ ،‬كما‬ ‫حيمي من اإلصابة باألنيميا وفقر الدم بسبب‬ ‫غناه باحلديد‪ ،‬ويسهل عمليّة اهلضم وخيفف‬ ‫من مشكلة اإلمساك اليت عادة ما تصيب النساء‬ ‫احلوامل‪ ،‬كما يسهم يف السيطرة على مستويات‬ ‫السكر والضغط‪ ،‬وحيافظ على انتظام معدل‬ ‫ضربات القلب‪.‬‬ ‫ـ ينظم السكر يف الدم؛ بسبب احتوائه على‬ ‫األلياف الغذائيّة اليت تبطئ من عملية امتصاص‬ ‫السكر يف األمعاء‪ ،‬مما يعزز عمليات التمثيل‬ ‫الغذائي يف اجلسم‪ ،‬لذلك يُنصح مرضى السكري‬ ‫بتناوله يف الصباح‪.‬‬ ‫ـ يعزز عمل األوعية الدمويّة والقلب‪ ،‬وينظم‬ ‫ضغط الدم؛ بسبب احتوائه على البوتاسيوم‪.‬‬ ‫ـ حيافظ على صحة الفم واألسنان؛ بسبب‬ ‫احتوائه على األلياف اليت حتتاج إىل فرتة‬ ‫للمضغ‪ ،‬مما يزيد من إفراز اللعاب الذي يقلل‬ ‫اجلفاف وحيارب بكترييا الفم‪ ،‬مما يقلل‬ ‫احتمالية تسوس األسنان ويقلل رائحة الفم‬ ‫الكريهة‪ ،‬وحيمي من التهابات اللثة وخاصة‬ ‫إذا مت تناوله يف الصباح‪.‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪18‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الثنائية اهلدامة‬

‫حسين شاويش‬

‫ما عدا بعض االستثناءات اليت ال تتجاوز‬ ‫أصابع اليد‪ ،‬كل الفالسفة واملفكرين‬ ‫واألنبياء ورجال العلم وقعوا يف نفس اخلطأ‬ ‫وسلكوا نفس املنهج ووصلوا إىل نفس‬ ‫النتيجة! هذا املنهج اخلاطئ واملتناقض‬ ‫مع طبيعة الوجود هو اعطاء الشرعية‬ ‫لثنائية التناحر اهلدام والقائم على إنكار‬ ‫الفرو قات أو تصفيتها لبعضها البعض‪،‬‬ ‫وبالتالي النظر إىل ثنائية القوي والضعيف‬ ‫كأمر شرعي‪ .‬كأن مثل هذه املعادلة هي من‬ ‫طبيعة األمور‪ .‬مع العلم أن هذه الثنائية‬ ‫اهلدامة‪ ،‬هي من صنع الرهبان السومريون‬ ‫وأرستقراطيتها املدنية تصاعدت هيمنة هذه‬ ‫الثنائية ذهنياً ومؤسساتياً مع توسع نفوذ‬ ‫الدولة أفقيا وعاموديا السيد والعبد‪،‬‬ ‫اإلقطاعي والقن الرأمسالي والربوليتاري‪،‬‬ ‫واملرأة اخلاضعة والرجل احلاكم‪ ،‬احلاكم‬ ‫واحملكوم‪ ،‬املؤمن والكافر‪....،‬الفاعل‬ ‫واملفعول‪ ،‬كل هذه التناحرات املختلقة‬ ‫واملصطنعة ليست طبيعية وليست منسجمة‬ ‫مع جوهر الكون واجملتمع والوجود برمته‪.‬‬ ‫واجلزيئات‬ ‫واجلسيمات‬ ‫الذرات‬ ‫والفوتونات تعرب عن التنوع والتعدد‬ ‫واالنسجام والتناغم وليس التناحر‬ ‫والعبودية واإلنكار والتصفية‪.‬‬ ‫طبيعة احلياة هي احلرية‪ .‬واحلرية ليست‬ ‫هدامة بل على العكس متاماً‪ ،‬احلرية هي‬ ‫االنسجام والتكامل يف إطار الوحدة الكونية‬ ‫‪ .‬طاملا هناك وحدة وترابط شامل فيما بني‬ ‫كل الظواهر واحلوادث بشكل مرئي أحياناً‬ ‫وبشكل غري مرئي لنا يف أحيان أخرى‪،‬‬ ‫إذاً هناك تكامل وتناغم فيما بني الفرو قات‬ ‫واالختالفات الطبيعية‪ .‬ولكن ما أشرنا إليه‬

‫هو الفرو قات واالختالفات املتناقضة مع‬ ‫طبيعة اجملتمع والكون والطبيعة والثنائيات‬ ‫املتناقضة مع جوهر احلرية ألن الفرو قات‬ ‫واالختالفات فيما بني اهلويات والثقافات‬ ‫واللغات ظهرت بشكل طبيعي يف مسرية‬ ‫تطور اجملتمع وليس بشكل مصطنع ولكن‬ ‫تقسيم اجملتمع إىل طبقات وفئات حاكمة‬ ‫وحمكومة هو تقسيم وتصنيف غري طبيعي‬ ‫وغري شرعي ومتناقض مع جوهر وحقيقة‬ ‫الوجود االجتماعي‪ .‬كما أن ظهور السلطة‬ ‫والدولة والطبقة احلاكمة أمر غري طبيعي‬ ‫وغري شرعي‪ .‬ال توجد يف الذرة الكرتون أو‬ ‫نرتون أو بروتون حاكم وآخر حمكوم‪ ،‬بل‬ ‫هناك الكرتون إجيابي ونرتون أو بروتون‬ ‫سليب كأمر طبيعي يعرب عن التناغم فيما بني‬ ‫أجزاء الذرة‪ .‬ثنائية املادة واملعنى أو املادة‬ ‫والطاقة هو انعكاس عن التنوع واالنسجام‬ ‫والتكامل‪ ،‬ألن الوجود معنوي بقدر ما هو‬ ‫مادي وحتى أكثر‪ .‬املادة هلا معنى عندما‬ ‫حتمل يف طياتها طاقة فعالة متدفقة هذه‬

‫املعادلة متثل جوهر احلياة والوجود ‪.‬املادة‬ ‫هلا معنى مع الروح اليت متثل الطاقة‬ ‫وعقل الكون‪ .‬الصفة التشاركية القائمة‬ ‫على اإلرادة احلرة والتوازن واملساواة هي‬ ‫صفة طبيعية وجوهرية للذرة واجلزيئات‬ ‫واجلسيمات والفوتونات واملوجة الضوئية‬ ‫وخاليا اإلنسان‪ .‬حتى البنية البيولوجية‬ ‫املعقدة لذهن اإلنسان تتجسد يف العمليات‬ ‫العقلية املنسجمة مع بعضها البعض‬ ‫كخيال وكعاطفة وكمعرفة تعرب عن العالقة‬ ‫فيما بني املادة والطاقة يف أرقى أشكاهلا‬ ‫اليت متثلها مخ اإلنسان‪ .‬طبيعة املخ‬ ‫كوانتومي‪ ،‬ال تستطيع أيه قوة أن تتحكم‬ ‫بعملية تطور الوعي واملعرفة كنتاج للذكاء‬ ‫العاطفي والتحليلي‪ .‬ألن طبيعة الذهن‬ ‫وخصوصية طاقتها املوجية هي احلرية‬ ‫والتنوع والتعدد الرافضة للمطلقية واحلتمية‬ ‫أو القدرية‪ ،‬أن موجات الطاقة املعرفية ال‬ ‫تقبل احلدود وال املشاريع املسبقة الصنع‬ ‫وال تقبل اجلمود! هذه املوجات تتدفق يف‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مقالة‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫إطار التنوع والتعدد وال تقبل لوناً واحداً أو‬ ‫خصوصية مطلقة واحدة ‪.‬كل شيء فيها‬ ‫طاقة وروح‪ ،‬هذه احلقيقة ال تقبل التقسيم‬ ‫العلموي لألشياء على أساس جامد وحي‪.‬‬ ‫طبيعة احلياة هي احلرية‪ .‬واحلرية ليست هدامة بل على‬ ‫ال يوجد شيء جامد‪ ،‬بل كل املوجودات‬ ‫ً‬ ‫حتوي يف داخلها طاقة(روح)فعالة متثل العكس متاما‪ ،‬احلرية هي االنسجام والتكامل يف إطار الوحدة‬ ‫جوهر ذلك املوجود‪ .‬من هذا املنطلق فإن‬ ‫ثنائية اجلامد غري الفعال واحلي الفعال الكونية ‪ .‬طاملا هناك وحدة وترابط شامل فيما بني كل الظواهر‬ ‫ال جتسد احلقيقة‪ .‬كما أن ثنائية‬ ‫السيد واحلوادث بشكل مرئي أحياناً وبشكل غري مرئي لنا يف أحيان‬ ‫الفعال العاقل والعبد الغري فعال واجلاهل‬ ‫ً‬ ‫ال متثل احلقيقة ‪.‬ثنائية احلاكم واحملكوم أخرى‪ ،‬إذا هناك تكامل وتناغم فيما بني الفرو قات واالختالفات‬ ‫ليست ضرورة تارخيية وال متثل سريورة‬ ‫الطبيعية‬ ‫اجملتمع الطبيعية‪ ،‬بل احنراف يف مسرية‬ ‫اجملتمع البشري‪ .‬متكن القائد آبو من‬ ‫الوصول إىل النتائج اليت توضح عدم وجود‬ ‫الضرورة لظهور الدولة والسلطة من خالل‬ ‫يف إطار التشاركية الطبيعية دون أن ينفي‬ ‫انتقاداته اجلذرية هلذه الثنائية اهلدامة األوروبية باالعتماد على مرياث األسطورة أحداً منها اآلخر على أساس أطروحة‬ ‫اليت قسمت اجملتمع إىل‬ ‫طبقات وفئات الرهبانية السومرية‪ ،‬قدم القائد آبو ثنائية جديدة بعد جتاوز الدوغمائية الشرقية‬ ‫ً‬ ‫معادية ومتناحرة ومتحاربة ‪ .‬بدال من هذا املادة والطاقة املتعددة واملتناغمة واملتجانسة واملنطق العلموي الغربي‪.‬‬ ‫الثنائية السلبية اليت فرضتها العلموية‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪20‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الدفاع املشروع كحق أساسي‬

‫علي فرات‬

‫لقد تطرقت االشرتاكية املشيدة والكثري من‬ ‫حركات التحرر الوطين اليت سارت على‬ ‫نهجها يف ممارسة العنف بشكل واسع ومل‬ ‫تستطع التخلص من أن تكون حمكومة‬ ‫بنظام محاية يعتمد على العنف فقط‪ ،‬إن‬ ‫هذا املوقف يعكس قطعاً طابع الفئات‬ ‫املهيمنة املستغلة‪ ،‬وألن استخدام العنف‬ ‫كان باسم االشرتاكية والتقدمية فقد جلب‬ ‫معه احنالالً جاداً‪ ،‬ولقد تأكد مرة أخرى‬ ‫من خالل النماذج اليت قدمتها االشرتاكية‬ ‫املشيدة أنه ال ميكن أن يكون العنف أسلوباً‬ ‫للطبقة العاملة وللشعوب املسحوقة‪ ،‬أما‬ ‫الدفاع املشروع فهو عمل مقدس وحق جيب‬ ‫ممارسته لتحقيق احلرية ومحاية الكيان‬ ‫ضد كافة االعتداءات الظاملة اليت تستهدف‬ ‫القيم احلياتية مهما كانت الظروف اليت‬ ‫جيري فيها ودون النظر إىل زمانها‬ ‫ومكانها‪.‬‬ ‫ان استخدام العنف يف الدفاع املشروع يتم‬ ‫فقط عند مواجهة هجمات تهدف النيل‬ ‫من املبادئ املادية واإليديولوجية للكيان‬ ‫االجتماعي ويف مراحل تطور احلرية‬ ‫وخاصة يف حلظات التحول النوعي‪،‬‬ ‫أي أن هذا النوع من العنف يظهر يف‬ ‫مواجهة العنف الذي متارسه القوى اليت‬ ‫تعمل على إعاقة التطورات أثناء الوالدة‬ ‫الثورية‪ ،‬فاستخدام العنف ضمن هذا اإلطار‬ ‫يكون مشروعا بل وضرورياً‪ ،‬وكل شكل‬ ‫من أشكال العنف يتجاوز هذا التعريف‬ ‫سيؤدي إىل وضع غري عادل وخسائر غري‬ ‫ضرورية وإىل حتريفات جادة‪ ،‬وهناك‬ ‫الكثري من األمثلة اليت تشري إىل أنه مل‬ ‫يتم تقديم الدعم الالزم للقوى اليت ختوض‬ ‫حرباً حلماية نفسها وتطوير حريتها بالقدر‬ ‫الذي حدث يف املمارسات اليت بولغ فيها‬ ‫باستخدام العنف بهذا املعنى يف العديد من‬ ‫التطورات املرتبطة باالشرتاكية العلمية‪،‬‬

‫فنظرية العنف تأتي يف مقدمة املواضيع‬ ‫اليت أخطأت فيها االشرتاكية املشيدة‪،‬‬ ‫وكان هلذا اخلطأ تأثري حاسم يف انهيار‬ ‫االشرتاكية املشيدة‪.‬‬ ‫الدفاع املشروع‪ :‬حق شعب يف الدفاع عن‬ ‫ذاته جتاه ثقافة اإلبادة واإلنكار‪...‬‬ ‫يدخل الكرد مرحلة الفوضى على الدوام‬ ‫وهم مثقلني بوطأة تقاليد ثقافة اجملازر‬ ‫السلبية الساحقة‪ ،‬حيسونها تطأ رقابهم يف‬ ‫يوجهوا بسلوك‬ ‫األزمات املتفاقمة‪ .‬وإذا مل َّ‬ ‫بَنَّاء ونبي ٍه للغاية ومفعم باملعاني السامية‪،‬‬ ‫عنصر‬ ‫فقد يتحولون ـ وبكل سهولة ـ إىل ِ‬ ‫صراع واشتباك يفوق يف حدته ما هي‬ ‫ٍ‬

‫عليه مأساة الصراع العربي ـ اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فخصائصهم االجتماعية املشوهة واملشلولة‬ ‫واملتمزقة إرباً إرباً حتت وطأة الدول‬ ‫السلطوية االستبدادية‪ ،‬جتعلهم قابلني‬ ‫للتأثر بأي عامل خارجي‪ .‬وقد باتوا‬ ‫يفهمون توجيههم على هذا املنوال بأنه‬ ‫قدَر تقليدي حمتوم‪ ،‬أو براديغما ثابتة‬ ‫ال تتغري‪ .‬إال أن املرحلة تزداد حساسية‬ ‫وحرجاً مع بدء إدراج الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية ـ كقوة حاكمة ترتأس وترود محلة‬ ‫العوملة اجلديدة ـ الكر َد يف جدول أعماهلا‬ ‫كعنصر أساسي يف مشروعها اجلديد املتعلق‬ ‫بالشرق األوسط‪ .‬وكأن الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية بسياساتها االنعطافية وامللتوية‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الفظة تلك‪ ،‬تفرض حدثاً جمهول النهاية ـ‬ ‫سواء بوعي أو بدونه ـ مثلما فتحت الطريق‬ ‫ملآسي متعاقبة يف كل خطوة خطتها يف‬ ‫اجملتمع الشرق أوسطي‪ .‬وال يتبقى أمام‬ ‫االحتاد األوروبي خيار سوى اقتفاء هذه‬ ‫املرحلة ببطء شديد وبعقالنية أكرب‪ ،‬حسب‬ ‫متطلبات الربح واملنفعة‪ .‬ذلك أن مفهوم‬ ‫الدولة التسلطية االستبدادية ال حيتوي‬ ‫تقاليد النظر إىل الكرد بعني الصداقة أو‬ ‫كظاهرة منفردة بذاتها‪ .‬فالسياسة الوحيدة‬ ‫الراسخة يف األذهان هي‪»:‬اسحقه إذا رفع‬ ‫رأسه»‪ .‬هذا إىل جانب وجود تقاليد الكرد‬ ‫الغائرين حتى حلوقهم يف اخليانة والتواطؤ‬ ‫وتأجيجهم النزعة «العائلية» على الدوام‪.‬‬

‫مقالة‬

‫‪21‬‬

‫ومن ضرورات مساتهم تلك أن يؤازروا‬ ‫مفاهيم الدولة السلطوية احمللية‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يتواطئون مع األسياد اإلمربياليني اجلدد‬ ‫بشكل غري مبدئي‪ ،‬ودون أي تردد‪.‬‬ ‫مل َّ‬ ‫يتبق يف الواقع سوى ظاهرة كردية‬ ‫مشتتة إىل أشالء وحمدودة إىل أبعد احلدود‪.‬‬ ‫ظاهرة ليست سوى عبارة عن عناصر‬ ‫عائلية تعرضت جملازر يف الذهن والبنية‪،‬‬ ‫جعلتها تتجاوز حدود اجلهالة املألوفة‪ .‬مل‬ ‫يَ ُع ْد هذا العنصر الكردي مييز»كيف يصبح‬ ‫ذاته»‪ ،‬حبيث ميكن االستفادة منه ألجل‬ ‫أي هدف كان‪ ،‬يف خضم الفوضى السائدة‬ ‫يف الشرق األوسط‪ .‬فبقدر ما ميكن استغالله‬ ‫بأسلوب وحشي‪ ،‬يُ َع ُّد يف نفس الوقت‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫وسيلة مساعدة ومساندة قصوى يف بناء‬ ‫الشرق األوسط مبا يستحق العيش فيه‪ .‬وإذا‬ ‫ما فلح الكرد يف إعطاء اجلواب على سؤال‬ ‫«كيف أكون ذاتي؟» مبضمون دميقراطي‪،‬‬ ‫فسيكونون ـ بال شك ـ أحد أهم القوى‬ ‫الريادية يف النفاذ من الفوضى العارمة‬ ‫بتفوق وجناح‪ .‬وحينها لن يتغلبوا على‬ ‫سوء طالعهم فحسب‪ ،‬بل وعلى كل‬ ‫تهاويات شعوب املنطقة ومساراتها املقلوبة‪.‬‬ ‫وسيتمكنون عندئذ من وضع حد‬ ‫لإلحصائيات الدموية النامجة عن تقاليد‬ ‫احلضارة الظاملة القائمة منذ مخس آالف‬ ‫سنة‪ .‬وسيجتثون جذور أسياد احلضارة‪،‬‬ ‫الذين طاملا مهدوا الطريق لظهورهم‪،‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪22‬‬

‫إن اآلليات الدفاعية‪ ،‬الفن‪،‬‬ ‫العلم والتقنية عاجزة عن لعب‬ ‫دورها بسبب االحتكار املفرط‬ ‫للسلطة الرمسية إياها؛ رغم أنه‬ ‫من الواجب أن تؤدي وظائفها‬ ‫أكثر من غريها يف مثل هذه‬ ‫املراحل داخل أنظمة اجملتمع‬ ‫التارخيية‪ .‬وكلما انهار التعاضد‬ ‫املشاعي‪ ،‬كلما خارت قوة‬ ‫الدفاع التقليدي‪ ،‬لتتخلى عن‬ ‫مكانها للعنف الفردي والعنف‬ ‫العصاباتي‬ ‫وخدموهم بكل عمى سابقاً؛ ليقدموا أهم‬ ‫املساهمات يف منو وازدهار عصر حرية‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫ويف حال العكس‪ ،‬أي إذا فشلوا يف ذلك‪،‬‬ ‫وطال عمر محالت األسياد اإلمربياليني‬ ‫وجتذرت يف املنطقة؛ فلن ينجوا حينئذ من‬ ‫لعب دورهم كقوة ملحوظة يف سياسة»القتل‬ ‫واالقتتال» يف عموم املنطقة‪ ،‬مبا يفوق حدة‬ ‫الصراع الفلسطيين ـ اإلسرائيلي‪ .‬ولن تعين‬ ‫األحداث املعاشة حينئذ سوى شرارات تضرم‬ ‫نريان االشتباكات األشد واألفتك ذرعاً‪.‬‬ ‫وإذا ما ألقينا نظرة على األالعيب املمارسة‬ ‫يف الدولتني اإلسرائيلية والفلسطينية‪ ،‬فإن‬ ‫التنبؤ مبستقبل أالعيب»الدولة الكردية» لن‬ ‫يتطلب من املرء أن يكون كاهناً‪ .‬من الضروري‬ ‫التمييز جيداً للفرق املبدئي املوجود بني كل‬ ‫من الدفاع املشروع املسلح من جانب‪ ،‬والعنف‬ ‫اهلادف إىل الدولة كأداة حل من جانب آخر‪.‬‬ ‫لذا يعد اعتماد طراز احلل الواقعي»بأساليب‬ ‫دميقراطية وسلمية» أمراً مصريياً‪ ،‬حبيث ال‬ ‫يتمركز حول الدولة‪ ،‬وال يقبل إطالقاً البقاء‬ ‫يف الفوضى العمياء كطراز حياة طويلة األمد‪.‬‬ ‫ويبدو أن أمسى احملاوالت تتجسد يف التفكري‬ ‫العميق والسامي حول بُناه اخلالقة ومعانيه‬ ‫العميقة‪ ،‬والكفاح ألجلها حبماس وشغف‪.‬‬ ‫سأجهد يف هذه املرافعة للتخفيف من حدة‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اآلالم الكربى املنبثقة عن مسؤولية ب ب ك‬ ‫من جهة‪ ،‬ولإلسهاب قدر املستطاع يف شرح‬ ‫خيار احلل املرتقب‪ ،‬بعد استنباطي الدروس‬ ‫الالزمة يف موضوع تقديم نقد ذاتي حقيقي من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬

‫الدفاع املشروع وطريق اخلروج من األزمة‬ ‫يف القضايا االجتماعية‪...‬‬ ‫احلالة النادرة جداً لألخالق االجتماعية‬ ‫مؤشر آخر على الالأخالقية العامة‪ .‬فحالة‬ ‫األخالق املستهلَكة تكاد تؤدي إىل فردية‬ ‫حمررة من قيودها وضوابطها‪ ،‬وإىل فساد‬ ‫َّ‬ ‫ودمار القيم االجتماعية‪َ .‬‬ ‫توضع األخالقية‬ ‫بالنسبة للرأمسالية يف كفة مساوية لـ»احلماقة‬ ‫والسذاجة»‪ .‬إن جمتمعاً مفتقداً ملقوماته‬ ‫األخالقية(أي ضمريه)‪ ،‬ال يعين سوى حالة‬ ‫من الفوضى‪ .‬وال ميكن تعريفه على حنو آخر‪.‬‬ ‫إن املشاكل االجتماعية اليت تسعى الدولة‬ ‫إلعاقتها عرب سياساتها االجتماعية‪ ،‬عاجزة‬ ‫عن العثور على حل هلا‪ .‬بل وتتفاقم أكثر‬ ‫بسبب ندرة املوارد‪ ،‬وبسبب البنية العامة‬ ‫للرأمسالية‪ .‬أما»املنفعة العامة»‪ ،‬واليت تعترب‬ ‫النشاط الوحيد املفعم باملعاني للدولة‪ ،‬فهي‬ ‫تفقد مضمونها كلياً‪ .‬و»األمن العام» للمجتمع‬ ‫أيضاً يعاني من مهالك مشابهة‪ .‬فتقرب‬ ‫ذئب‬ ‫الرأمسالية على أساس»جعل كل واحد َ‬ ‫اآلخر» يقود إىل بروز مشكلة أمنية عامة‪ .‬فاألمن‬ ‫االجتماعي ال يُف َسد من اخلارج فحسب‪ ،‬أي‬ ‫من األشقياء أو من اجلرائم اليت تنص عليها‬ ‫القوانني؛ بل إن ما أدى إليه النظام جيلب‬ ‫معه الدوافع األساسية لألمن‪ ،‬وعلى رأسها‬ ‫اجملاعة والبطالة‪ .‬ميدان التعليم والصحة‬ ‫أيضاً عاجز عن العثور على حلول لذاته‪،‬‬ ‫بسبب ارتفاع األسعار من جانب‪ ،‬والتزايد‬ ‫السكاني من جانب آخر‪ .‬وتتكاثر أمراض‬ ‫متسمة بالفوضى‪ ،‬وعلى رأسها داء السرطان‪،‬‬ ‫األيدز‪ ،‬واألرق واإلجهاد‪ .‬واجملتمع الذي‬ ‫بات وجهاً لوجه أمام االنقطاع عن كافة‬ ‫أنواع عناصر احلياة اليت ال غنى عنها‪ ،‬ويف‬ ‫مقدمتها البيئة‪ ،‬السكن‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعليم‪،‬‬ ‫العمل‪ ،‬واألمن؛ أصبح ـ وألول مرة يف التاريخ‬ ‫ـ منتبهاً إىل عجزه عن إجياد احللول اجلذرية‬ ‫ملشاكله‪ ،‬أي إىل ولوجه يف مكبس الفوضى‪.‬‬ ‫إنها مرحلة تدوخ فيها العقول وتصاب بالدوار‬ ‫بسبب عقم احلل‪.‬‬ ‫إن اآلليات الدفاعية‪ ،‬الفن‪ ،‬العلم والتقنية‬ ‫عاجزة عن لعب دورها بسبب االحتكار املفرط‬ ‫للسلطة الرمسية إياها؛ رغم أنه من الواجب‬ ‫أن تؤدي وظائفها أكثر من غريها يف مثل هذه‬

‫املراحل داخل أنظمة اجملتمع التارخيية‪.‬‬ ‫وكلما انهار التعاضد املشاعي‪ ،‬كلما خارت‬ ‫قوة الدفاع التقليدي‪ ،‬لتتخلى عن مكانها‬ ‫للعنف الفردي والعنف العصاباتي‪ .‬فمقابل‬ ‫يؤجج إرهاب القبيلة‬ ‫إرهاب السلطة‪َّ ،‬‬ ‫عرت قوة السلطة القتالية‬ ‫والعشرية‪ .‬وكلما تَ َّ‬ ‫يف بنية الدولة‪ ،‬كلما تولَّدت حالة من الدفاع‬ ‫املشروع للمجتمع‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬كلما غاب‬ ‫تطبيق قواعد املساواة بأعم أشكاهلا يف دولة‬ ‫القانون‪ ،‬وكلما ُف ِرض الطوق واحلصار على‬ ‫حقوق اإلنسان وأساليب التعبري الدميقراطي‬ ‫عن الذات؛ فستتشكل بالضرورة قوى الدفاع‬ ‫عن احلقوق‪ .‬مما ين ّم ذلك عن إقحام األجواء‬ ‫يف قوقعة العنف املتبادل احللزونية‪ .‬سيساهم‬ ‫ذلك يف زيادة حدة األزمة‪ ،‬عوضاً عن اخلروج‬ ‫منها‪ .‬ولدى التصعيد املفرط من قوموية‬ ‫الدولة‪ ،‬ستتطور القوموية اإلثنية‪ .‬هذا بالذات‬ ‫ما يشكل قناة أخرى للعنف‪.‬‬ ‫الدفاع املشروع يف الدميقراطية اليت‬ ‫هي الوسيلة الوحيدة حلل القضايا‬ ‫االجتماعية‪...‬‬ ‫ال جدال يف أن الدميقراطية هي الوسيلة األكفأ‬ ‫يف حل القضايا االجتماعية‪ ،‬وعلى رأسها‬ ‫مسألة السالم‪ .‬وتستنهل قدرتها وكفاءتها من‬ ‫قابليتها يف اإلقناع‪ ،‬ال من احلروب(عدا حاالت‬ ‫الدفاع املشروع االضطرارية)‪ .‬إذ مبقدورها يف‬ ‫كل األوقات صياغة احللول املناسبة ملصاحل‬ ‫الشعوب الذاتية‪ ،‬عرب مقايستها بني القيم‬ ‫املمكن خسارتها مع احلرب‪ ،‬والقيم املمكن‬ ‫اكتسابها على خلفية اإلقناع‪ .‬فالنقاشات‬ ‫تنور املشاكل‪ .‬أما املشاكل‬ ‫اجلريئة والواقعية ِّ‬ ‫املنورة‪ ،‬فيمكن ولوجها يف درب احلل عرب‬ ‫َّ‬ ‫الوفاقات اجلذرية املتمخضة من املشاركات‬ ‫الواسعة لألطراف املعنية‪ .‬ما من نظام‬ ‫تكثر فيه اجلداالت والنقاشات‪ ،‬وينجح‬ ‫يف إبراز احلقائق على وجه املاء؛ بقدر ما‬ ‫هي عليه الدميقراطية‪ .‬الدميقراطية هي‬ ‫الواحة احلقيقية لتطور العلم والفن‪ .‬شكلت‬ ‫الدميقراطية يف أثينا أفضل األوساط من أجل‬ ‫الفلسفة‪ .‬ال ميكن التفكري بأرسطو أو أفالطون‬ ‫أو سقراط دون دميقراطية أثينا‪ .‬ولوال وجود‬ ‫دميقراطيات املدن يف النهضة‪ ،‬ملا تطورت‬ ‫الثورات العلمية والفنية‪.‬‬ ‫من الصعب سريان مفعول آليات نظام‬ ‫الدميقراطيات‪ ،‬دون استيعاب طرازها‬ ‫العملياتي‪ .‬فالدميقراطية املفتقرة إىل‬ ‫العملية أشبه باإلنسان األبكم‪ .‬العملية لغة‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ال تهدف كل انتفاضة أو حرب‬ ‫مندلعة إىل االنفصال‪ .‬بل خالفاً‬ ‫لذلك‪ ،‬إنها تقود باألرجح‬ ‫إىل التكامل الدميقراطي‪ .‬لقد‬ ‫مر الزمن على االنتفاضات‬ ‫واحلروب التحررية الوطنية‬ ‫القدمية اهلادفة إىل بناء الدولة‪،‬‬ ‫وعفا الدهر عليها‪ .‬فاالنتفاضات‬ ‫واحلركات التحررية الوطنية‬ ‫اهلادفة إىل الدولة‪ ،‬ليس من‬ ‫حمصلتها سوى إضافة ملحق‬ ‫صغري آخر إىل الدولة الرأمسالية‬ ‫الدميقراطية‪ .‬كل حترك للشعب‪ ،‬وكل‬ ‫نشاط للتنظيمات هو عملية‪ .‬ال ميكن تسيري‬ ‫الدميقراطيات دون القيام بالعمليات املتتالية‬ ‫يف زمانها ومكانها املناسبني؛ من أبسطها‬ ‫إىل أعقدها‪ :‬املظاهرات‪ ،‬االجتماعات‪،‬‬ ‫املسريات‪ ،‬االنتخابات‪ ،‬التظاهرات‬ ‫واالعتصامات‪ ،‬االحتجاجات‪ ،‬اإلضرابات‪،‬‬ ‫وحتى املقاومات واالنتفاضات القانونية‬ ‫أثناء الظروف املالئمة‪ .‬خنص بالذكر هنا‬ ‫أن العمليات وسائل ضرورية للحل يف حال‬ ‫التغاضي عن املطاليب األولية للشعب‪ ،‬أو‬ ‫تدمري وإفساد الكثري من مؤسسات وقواعد‬ ‫وأهداف الدميقراطية‪ .‬ال ميكن ألي شعب(أو‬ ‫تنظيم) عاجز عن القيام بالعمليات‪ ،‬أن حيقق‬ ‫دمقرطته‪ .‬حينها يكون يف احلقيقة قد مات‬ ‫وزال‪ .‬هذا وجلي جالء النهار أن العمليات‬ ‫تكون عرب التنظيمات‪ ،‬وأن العمليات املفتقرة‬ ‫إىل التنظيم ستبقى جوفاء وفاشلة‪ .‬بقدر‬ ‫ما تكون الشعوب منظمة‪ ،‬تكون حينئذ‬ ‫عملياتية‪ .‬جيب عدم النظر إىل العمليات على‬ ‫أنها جمرد احتجاجات ومقاومات‪ .‬فأغلب‬ ‫عمليات اجملتمع املدني بنّاءة‪ .‬أي أن مفهوم‬ ‫العملية اإلجيابية هو األساس‪.‬‬ ‫متى ميكن لالنتفاضات واحلروب الشعبية‬ ‫أن تفرض ذاتها؟ يرتبط إعطاء الرد الصحيح‬ ‫على أساليب وظروف هذه العمليات األساسية‬ ‫املستث َمرة واملستخدَمة على حساب الشعوب‪،‬‬

‫مقالة‬

‫‪23‬‬

‫بعبور أهم املنعطفات يف تاريخ الشعوب‬ ‫بإحراز النجاح املظفر‪ .‬ال ميكن لالنتفاضات‬ ‫واحلروب أن جتد معناها‪ ،‬إال يف حال عدم‬ ‫إمثار كافة أشكال العمليات األخرى‪ ،‬ولدى‬ ‫معاناة املشاكل القائمة من العقم اجلذري‪.‬‬ ‫خنص بالذكر هنا ضرورة إبداء الشعوب‬ ‫قدرتها على القيام باالنتفاضات واحلروب يف‬ ‫سبيل مصاحلها احليوية واملصريية؛ عوضاً‬ ‫امل ّطة للقدر‪،‬‬ ‫عن العيش يف ظل العبودية حُ ِ‬ ‫عندما ال ترتك قوى السلطة القتالية أي خيار‬ ‫للحل سوى اللجوء إىل العنف‪ .‬إذ ال مناص‬ ‫من الرتكيز احلقيقي واجلدي على انتفاضات‬ ‫الشعوب وحروبها‪ ،‬عندما ال تطبَّق القوانني‬ ‫بالتساوي‪ ،‬ويُه َمل دور الدميقراطية يف احلل‪،‬‬ ‫وتُف َرغ كافة العمليات السلمية من حمتواها‪.‬‬ ‫مبقدور اإلطارَين التاليَني إعطاء اجلواب‬ ‫الالزم‪ :‬عندما ال ترتك الدولة أي جمال‬ ‫للحل الدميقراطي‪ ،‬وال تهتم به باحلساسية‬ ‫املطلوبة‪ ،‬وعندما ال يبقى حبوزة الشعب أي‬ ‫عامل آخر للتأثري على الدولة؛ حينها تبدأ‬ ‫فعالية االنتفاضات الدموية ـ بنسبة منخفضة‬ ‫كانت أم مرتفعة ـ أو احلروب الشعبية‬ ‫الدائمة ـ عالية النسبة كانت أم منخفضة ـ‬ ‫مثلما شوهد لدى العديد من الشعوب‪.‬‬ ‫ال تهدف كل انتفاضة أو حرب مندلعة‬ ‫إىل االنفصال‪ .‬بل خالفاً لذلك‪ ،‬إنها تقود‬ ‫باألرجح إىل التكامل الدميقراطي‪ .‬لقد مر‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫الزمن على االنتفاضات واحلروب التحررية‬ ‫الوطنية القدمية اهلادفة إىل بناء الدولة‪،‬‬ ‫وعفا الدهر عليها‪ .‬فاالنتفاضات واحلركات‬ ‫التحررية الوطنية اهلادفة إىل الدولة‪ ،‬ليس‬ ‫من حمصلتها سوى إضافة ملحق صغري آخر‬ ‫إىل الدولة الرأمسالية‪ .‬وكيفما ال جيلب هذا‬ ‫أي حل ألية مشكلة تعانيها الشعوب‪ ،‬فهو‬ ‫يُزيد من وطأتها أيضاً‪ .‬فمشاكل الشعب‬ ‫العربي‪ ،‬صاحب االثنني وعشرين دولة‪،‬‬ ‫مل تق ّل ـ حسب الظن ـ بل تكاثرت‪ .‬من‬ ‫هنا‪ ،‬باإلمكان تعريف االنتفاضات واحلروب‬ ‫الشعبية للمرحلة اجلديدة‪ ،‬بأنها ال تكون‬ ‫هادفة إىل الدولة‪ ،‬بل إىل التفعيل التام‬ ‫للدميقراطية‪ ،‬شكالً ومضموناً‪ .‬هكذا ميكن‬ ‫رسم أدوارها الرئيسية‪ .‬فاالنفصال لن جيد‬ ‫معناه‪ ،‬إال إن كان ال مناص منه‪ .‬يستدعي‬ ‫خيار الشعوب على الدوام االحنياز للتكامل‬ ‫أصحاب النعرات‬ ‫الدميقراطي‪ .‬مهما فرض‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القوموية املفرطة االنفصال والعنف لدى كال‬ ‫الطرفني‪ ،‬إال إنه من الضروري أن يكون‬ ‫التكامل الدميقراطي ُّ‬ ‫وأقل درجة من العنف‬ ‫هو خيار الشعوب يف هذه الظروف‪ .‬فبقدر ما‬ ‫يكون اللجوء إىل االنتفاضات واحلروب قبل‬ ‫نضوج ظروفها وزمانها املناسبني أمراً خطرياً؛‬ ‫م ّط من القدر ومميت‬ ‫فعدم اللجوء إليها حُ ِ‬ ‫بنفس النسبة من اخلطورة‪ ،‬لدى انعدام كافة‬ ‫اخليارات األخرى‪.‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪24‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫املوصل‬

‫اسم املدينة إىل اآلرامية حيث تعين كلمة نونا السمك‬

‫املوصل مدينة ومركز حمافظة نينوى وتعترب‬ ‫ثاني أكرب مدينة يف العراق من حيث السكان‬ ‫واملساحة بعد بغداد‪ ،‬حيث يبلغ تعداد‬ ‫سكانها حوالي ثالث ماليني و سبعة مئة و‬ ‫مخسون الف نسمة‪ .‬تبعد املوصل عن بغداد‬ ‫مبسافة تقارب حوالي ‪ 465‬كم‪.‬‬ ‫تشتهر املدينة بالتجارة مع الدول القريبة مثل‬ ‫سوريا وتركيا‪ .‬يتحدث سكان املوصل اللهجة‬ ‫املوصلية(املصالوية) اليت تتشابه بعض الشيء‬ ‫مع اللهجات السورية الشمالية‪ ،‬وهلذه‬ ‫اللهجة املوصلية الدور األكرب يف احلفاظ على‬ ‫هوية املدينة‪ .‬أغلبية سكان املوصل عرب‬ ‫مسلمون من طائفة السنة على املذهب احلنفي‬ ‫وينحدرون من ست قبائل رئيسية وهي مشر‬ ‫واجلبور البومحدان والدليم وطيء والسادة‬ ‫السبعاويني(بين سبعة) والسادة احلياليني‪.‬‬ ‫وتتواجد فيها فروع بين هالل اليت جاءت‬ ‫من مناطق جبال ماردين وطور عابدين يف‬ ‫اإلقليم احمللمي يف جنوب شرق تركيا‪ ،‬وفيها‬ ‫طوائف متعددة من املسيحيون الذين ينتمون‬ ‫إىل كنائس عدة ويوجد فيها االيزيديون‬ ‫واليارسانيون(الكاكائية) والبهائيون‪ ،‬وأقلية‬ ‫من الكرد والرتكمان والشبك واجلرجرية‬ ‫وهم ال يشكلون سوى ‪ %20‬من جمموع‬ ‫سكان املوصل‪ ،‬أنشئ أكرب سد يف العراق يف‬ ‫املوصل(سد املوصل)‪.‬‬ ‫ومل يكن للدولة العراقية احلديثة أن تتشكل‬ ‫يف بداية العشرينيات من القرن العشرين لو مل‬ ‫تلحق بها املوصل اليت ظلت موضوع جتاذب‬ ‫حاد بني بريطانيا وفرنسا منذ احلرب العاملية‬ ‫األوىل‪ ،‬وبني سلطات االنتداب الفرنسي‬ ‫وتركيا اليت مل تتنازل عن املوصل إال عام‬ ‫‪ ،1926‬بعد التوقيع على معاهدة أنقرة‪.‬‬ ‫أصل التسمية‬ ‫وحسب البلداني ياقوت احلموي املوصل‪:‬‬ ‫بالفتح‪ ،‬وكسر الصاد‪ :‬املدينة املشهورة‬ ‫العظيمة إحدى قواعد بالد اإلسالم قليلة‬ ‫النظري كربا وعظما وكثرة خلق وسعة رقعة‬

‫فهي حم ّط رحال الركبان ومنها يقصد إىل‬ ‫مجيع البلدان فهي باب العراق ومفتاح‬ ‫خراسان ومنها يقصد إىل أذربيجان ومسيت‬ ‫املوصل ألنها وصلت بني اجلزيرة والعراق‪،‬‬ ‫وقيل وصلت بني دجلة والفرات‪ ،‬وقيل ألنها‬ ‫وصلت بني بلد سنجار واحلديثة‪ ،‬وقيل بل‬ ‫امللك الذي أحدثها كان يس ّمى املوصل‪ ،‬وهي‬ ‫األس على طرف دجلة ومقابلها‬ ‫مدينة قدمية ّ‬ ‫من اجلانب الشرقي نينوى‪ ،‬ويف وسط مدينة‬ ‫املوصل قرب جرجيس النيب‪ ،‬وقال أهل‬ ‫السري‪ :‬إن أول من استحدث املوصل راوند‬ ‫بني بيوراسف االزدهاق‪ .‬كلمة موصل هي‬ ‫من كلمة(أصل) وينشأ من ظرف مكان الفعل‬ ‫وصل‪ .‬وكلمة «موصل» يعين مكان فيها يصل‬ ‫كل شيء التجارة واملعاشرة والبيع‪.‬‬ ‫ال يعرف بالتحديد معنى تسمية نينوى‪ ،‬وهو‬ ‫اسم املدينة يف زمن األكديني غري أنه يرجح أن‬ ‫يكون له عالقة باآلهلة عشتار إله اخلصوبة يف‬ ‫بالد الرافدين وكون امسها القديم كان نينا‪.‬‬ ‫وفرضية أخرى تُرجع اسم املدينة إىل اآلرامية‬ ‫حيث تعين كلمة نونا(נונא) السمك‪ .‬وال تزال‬ ‫املدينة بأكملها تعرف أحيانا بنينوى(ܢܝܢܘܐ)‬ ‫أو آثور(ܐܬܘܪ) لدى السريان‪ .‬يعود أول‬ ‫ذكر للتسمية احلديثة إىل كسينوفون‪ ،‬املؤرخ‬ ‫اإلغريقي‪ ،‬يف القرن اخلامس قبل امليالد‬ ‫حيث ذكر وجود مستوطنة صغرية حتت اسم‬ ‫مبسيال (باليونانية‪)ΜΈΠΣΙΛΑ‬‏‪ .‬غري أن‬ ‫كون هذه التسمية تعود لنفس املدينة احلديثة‬ ‫مشكوك به ألنها كانت تقع على الضفة‬ ‫الشرقية لنهر دجلة‪ .‬يرجح من جهة أخرى‬ ‫أن تكون الكلمة ذات أصل عربي مبعنى»ما‬ ‫يوصل بني شيئني» ألنها وصلت بني اجلزيرة‬ ‫والعراق‪ ،‬وقيل ألنها تصل بني نهري دجلة‬ ‫والفرات‪.‬‬ ‫كما أن للمدينة عدة ألقاب تعرف بها؛ مثل‬ ‫أم الربيعني العتدال الطقس بها يف الربيع‬ ‫واخلريف‪ ،‬واحلدباء الحتداب دجلة لدى‬ ‫مروره بها أو الحتداب منارة اجلامع النوري‪.‬‬

‫التاريخ‬ ‫الفرتة اآلشورية‬ ‫يعود تاريخ االستيطان البشري يف املنطقة إىل‬ ‫ما قبل العصر احلجري (‪ 6,000‬ق‪.‬م‪،).‬‬ ‫حيث استوطن البشر يف السهل املمتد شرقي‬ ‫املوصل وخاصة ملتقى نهري اخلوصر ودجلة‬ ‫وذلك خلصوبة املنطقة ومرور القوافل التجارية‬ ‫بها‪.‬‬ ‫ال يعرف بالضبط تاريخ بناء املدينة؛ فأول‬ ‫ذكر ملدينة نينوى جاء حوالي ‪ 1800‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫حيث عرفت عبادة اإلهلة عشتار يف تلك‬ ‫املنطقة‪ ،‬فذاع صيت املدينة آنذاك وانتشرت‬ ‫أخبار معجزات عشتار يف مدينة نينوى يف‬ ‫العديد من أحناء العامل القديم‪ .‬ويعزو املؤرخ‬ ‫اإلغريقي قطيسياس والذي كان طبيباً للملك‬ ‫األمخيين أحشريوش الثاني بناء املدينة إىل‬ ‫القائد اآلشوري األسطوري نينوس اعتماداً‬ ‫على معلومات استقاها من دراسته الوثائق‬ ‫امللكية اآلشورية‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫قلعة بشطابيا االثرية‬ ‫بوابة أدد شرقي املدينة‪ ،‬إحدى اآلثار‬ ‫املتبقية من سور مدينة نينوى‪ .‬بالرغم من‬ ‫توسعات اإلمرباطورية اآلشورية احلديثة‪،‬‬ ‫إال أن املدينة ظلت مهملة فعلياً وذلك لكون‬ ‫ملوكها قد فضلوا اإلقامة يف مدينة آشور ومن‬ ‫ثم بكاحل‪ .‬إال أن الوضع تغري مبجيء آشور‬ ‫بانيبال الثاني(حكم ما بني ‪ 883‬ـ ‪ 859‬ق‪.‬م‪).‬‬ ‫فقام األخري بتوسيع املدينة عمرانياً‪ ،‬كما قام‬ ‫خلفاه ببناء العديد من القصور واملعابد‪ .‬ويعترب‬ ‫سنحاريب هو امللك الذي أوصل املدينة إىل‬ ‫أوج جمدها حوالي ‪ 700‬ق‪.‬م‪.‬؛ فقام ببناء‬ ‫قصر ضخم مكون من ‪ 80‬غرفة من الرخام‬ ‫والطوب استعمل فيه أكثر من ‪ 160‬مليون‬ ‫قطعة طابوقة‪ ،‬وزينه بتماثيل لثريان جمنحة‬ ‫بلغ وزن الواحد منها ما بني ‪ 9‬إىل ‪ 27‬طناً‪.‬‬ ‫كما صمم سنحاريب قنوات جللب املياه إىل‬ ‫املدينة وقام بتبليط الشوارع بالرخام‪ .‬وبلغت‬ ‫مساحة نينوى يف أوج عظمتها حوالي ‪ 7‬كم‬ ‫مربع‪ ،‬وقطن بها أكثر من ‪ 100,000‬نسمة الفرتة الفارسية واهليلينية‬

‫تاريخ‬

‫‪25‬‬

‫ما جعلها أكرب مدينة بالعامل آنذاك‪.‬‬ ‫وخالل تلك الفرتة مت سيب اليهود والبابليني‬ ‫وتوطينهم يف املدينة‪ ،‬غري أن اجملموعة‬ ‫العرقية األكرب اليت تعرضت للرتحيل كانت‬ ‫اآلراميني‪ ،‬حيث قام اآلشوريون بتوطني أكثر‬ ‫من ‪ 4.5‬منهم يف أحناء اإلمرباطورية وخاصة‬ ‫يف املناطق السهلية احمليطة بنينوى‪ ،‬ما أدى‬ ‫إىل استعمال اآلشوريني لآلرامية بدالً من‬ ‫األكادية لغتهم األصلية‪.‬‬ ‫بدأت اإلمرباطورية اآلشورية بالوهن بعد وفاة‬ ‫آشور بانيبال حوالي ‪ 627‬ق‪.‬م‪ ،.‬فقامت‬ ‫حروب أهلية بني خلفائه للسيطرة على‬ ‫مقاليد احلكم بها فاستغل البابليون وامليديون‬ ‫هذا الضعف فعقدوا حتالفاً وهامجوا نينوى‬ ‫وأسقطوها يف ‪ 612‬ق‪.‬م‪ .‬بعد حصار دام عامني‬ ‫كاملني‪ ،‬كما قاموا بقتل معظم سكانها وحرق‬ ‫املدينة بكاملها فلم يبق منها سوى بعض‬ ‫أسوارها‪.‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫بسقوط نينوى ودمارها أصبحت املدينة خراباً‬ ‫بعد أن هجرها أهلها‪ .‬غري أن اآلشوريني‬ ‫استمروا بزراعة األراضي الواقعة شرقي املدينة‪.‬‬ ‫وبسقوط بابل وسيطرة اإلمرباطورية األمخينية‬ ‫على املنطقة أصبح ساتراب آثورا(االسم‬ ‫الفارسي القديم آلشور) من أكثر مناطق‬ ‫اإلمرباطورية ازدهاراً‪ ،‬وانتشرت التجارة مع‬ ‫بالد فارس وأرمينيا‪ .‬غري أن املدينة اليت برزت‬ ‫خالل تلك الفرتة كانت أربيل حيث أصبحت‬ ‫عاصمة هلذا الساتراب‪ .‬على أن مدينة نينوى‬ ‫مل تبق مهجورة لفرتة طويلة؛ يروي زينوفون‬ ‫لدى زيارته للمنطقة عام ‪ 401‬ق‪.‬م‪ .‬عن‬ ‫وجود بلدة حتت اسم م‪ .‬بسيال(باليونانية‬ ‫‪)ΜΈΠΣΙΛΑ‬‏ يف موقع املوصل احلالية‪.‬‬ ‫متكن اإلسكندر املقدوني من فرض سيطرته‬ ‫على املنطقة بعد هزمية األمخينيني يف معركة‬ ‫غوغميال سنة ‪ 331‬ق‪.‬م‪ ،.‬فخلفه السلوقيون‬ ‫بعد وفاته واتسمت الفرتة اهليلينية بالتبادل‬ ‫احلضاري والثقايف بني اجملموعات العرقية‬ ‫املكونة هلا‪ ،‬كما انتشرت اللغة اليونانية يف‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪26‬‬

‫كافة أحناء اإلمرباطورية‪ ،‬غري أن اآلرامية‬ ‫بقيت هي اللغة األكثر شيوعاً يف املنطقة‪.‬‬ ‫استمرت سيطرة السلوقيني حتى حوالي ‪129‬‬ ‫ق‪.‬م‪ .‬عندما متكن األشكانيون من هزميتهم‬ ‫ومد نفوذهم على املوصل‪.‬‬ ‫دير مار إيليا الذي يبعد ‪ 5‬كم جنوب‬ ‫املوصل‪ .‬يف مطلع األلفية األوىل‪ ،‬بدأت قوة‬ ‫روما تتعاظم يف الغرب فلجأ األشكانيون إىل‬ ‫دعم احلكام احملليني يف ختومها الغربية‬ ‫لدرء خطر الرومان‪ ،‬فنشأت مملكة حدياب‬ ‫إىل الشرق من املوصل واحلضر إىل اجلنوب‬ ‫الغربي‪ .‬إال أن اإلمرباطور الروماني تراجان‬ ‫شن محلة على بالد ما بني النهرين عام‬ ‫‪ 116‬متكن خالهلا من السيطرة على املوصل‬ ‫وما حوهلا‪ .‬واستمرت االشتباكات خالل‬ ‫السنوات الالحقة بني األشكانيني والرومان‬ ‫حتى ضعفت اإلمرباطورية الرومانية فسيطر‬ ‫الساسانيون على املنطقة بعد انهيار الدولة‬ ‫األشكانية عام ‪ 224‬م‪ .‬اتسم الساسانيون‬ ‫بعدائهم للغرب فقاموا جبعل الزرادشتية‬ ‫ديانة رمسية للدولة وحاولوا فرضها بالقوة‪،‬‬ ‫إال أن املسيحية أصبحت األكثر انتشاراً يف تلك‬ ‫األحناء‪ ،‬وغالباً ما جلأ الساسانيون إىل عمل‬ ‫مذابح ملعاقبة سكان املدينة من املسيحيني؛‬ ‫فبعد هزائمه املتكررة أمام البيزنطيني قام‬ ‫شابور باضطهاد مسيحيي نينوى يف الفرتة‬ ‫‪ 346- 341‬فقتل أسقفها مسعان بار صباعي‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بعد انتهاء فرتة اخللفاء‬ ‫الراشدين وسيطرة األمويني‬ ‫على زمام احلكم يف الشام‪،‬‬ ‫بويع عبد اهلل بن الزبري‬ ‫للخالفة يف احلجاز سنة ‪683‬‬ ‫م‪ .‬وهي نفس السنة اليت توىل‬ ‫فيها يزيد بن معاوية اخلالفة‬ ‫األموية بالشام وقام بالسيطرة‬ ‫على العراق ووىل حممد بن‬ ‫أشعث بن قيس على املوصل‬ ‫إىل جانب العديد من أهلها‪.‬‬ ‫أصبحت نينوى مركزاً هاماً للفرع النسطوري‬ ‫من الكنيسة السريانية بعد انفصاهلا عن‬ ‫جممع أفسس عام ‪ ،431‬كما انتشر الرهبان يف‬ ‫جبل األلفاف الذي يبعد حبوالي ‪ 25‬كيلومرت‬ ‫شرقي املوصل‪ ،‬واشتهرت املنطقة احمليطة‬ ‫بها بكثرة األديرة اليت شيدت منذ القرن‬

‫اخلامس ومنها دير مار بهنام ومار إيليا ومار‬ ‫ميت ودير مار اوراها‪ .‬سقطت املنطقة حتت‬ ‫سيطرة البيزنطيني بعد احلرب الساسانية ـ‬ ‫البيزنطية يف أوائل القرن السابع‪.‬‬ ‫وحبسب رواية ذكرت يف خمطوطة سعرت‬ ‫اليت تعود إىل القرن العاشر‪ ،‬فإن أول من‬ ‫استوطن غرب دجلة كان راهباً نسطورياً‬ ‫يدعى مار إيشوعياب‪ .‬وتذهب الرواية أن‬ ‫إيشوعياب نذر أن ال يأكل حلماً غري أنه‬ ‫نقض نذره عندما دعي ألكل حلم من قبل‬ ‫رعاة أثناء ترحاله‪ ،‬فصغر يف عني رفاقه‬ ‫الرهبان فعرب دجلة وذلك بأن ألقى معطفه‬ ‫على النهر ومشى عليه برفقة رهبان آخرين‬ ‫وقام ببناء دير له على الضفة الغربية جبانب‬ ‫إحدى الساعني‪ .‬وقد كرب الدير وازدهر بعد أن‬ ‫جلأت إليه عدة عوائل هرباً من غارات البدو‪.‬‬ ‫كما بنى خسرو الثاني مباني حول اجلنينة‪.‬‬ ‫اخلالفة العربية اإلسالمية‬ ‫بعد انتصار املسلمني على الساسانيني يف معركة‬ ‫القادسية توجه قسم منه وشن حصاراً على‬ ‫تكريت اليت كانت حتت سيطرة البيزنطيني‬ ‫ومتكنوا من دخوهلا واجته ربعي بن األفكل‬ ‫العنزي إىل املوصل(عرفت يف املصادر اإلسالمية‬ ‫باحلصنني آنذاك) وفتحها‪ ،‬وهناك اختالف‬ ‫على تاريخ استسالم املدينة‪ ،‬فريوي البعض‬ ‫أن ربعي بن األفكل دخلها عام ‪ 16(637‬هـ)‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بينما يرجئه آخرون حتى ‪ 21(641‬هـ)‪ .‬كما‬ ‫ختتلف املصادر التارخيية حول هوية حاكمها‬ ‫األول؛ فهناك من املصادر اإلسالمية من يذكر‬ ‫أن عتبة بن فرقد السلمي كان أول حكامها‬ ‫حيث قام بقتال أهل نينوى(اجلانب الشرقي)‬ ‫وفتحها عنوة ثم عرب دجلة فصاحله أهل‬ ‫احلصن اآلخر على اجلزية واإلذن يف اجلالء‬ ‫ملن أراد اجلالء‪ ،‬ويرى آخرون أن ربعي بن‬ ‫األفكل أو عبد اهلل بن املعتم أو عرفجة بن‬ ‫هرمثة البارقي كان أول من حكمها‪ .‬وبغض‬ ‫النظر عن هوية فاحتها أو أول حاكمها فإنه‬ ‫من املسلم به أن املوصل مل تكن سوى ثغر‬ ‫من ثغور الكوفة وظلت تابعة هلا طول فرتة‬ ‫اخللفاء الراشدين‪ ،‬ومل تكن هناك مستوطنة‬ ‫ذات أهمية على اجلانب الغربي من دجلة‪.‬‬ ‫وقام هرمثة بن عرفجة البارقي بتوطني قبائل‬ ‫عربية من أزد وطي وكندة وعبد قيس بالضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬وبنى داراً لالمارة واملسجد اجلامع‬ ‫وهو أول جامع بناه املسلمون يف املوصل‪،‬‬ ‫والذي بقي حتى سنة ‪ .1148‬إال أن املدينة‬ ‫مل تزدهر حتى النصف الثاني من القرن‬ ‫السابع امليالدي عندما توالها األمويون فجعلوا‬ ‫منها مركزاً ملنطقة اجلزيرة‪ .‬ازدادت مساحة‬ ‫املوصل يف عهد سعيد بن عبد امللك بن مروان‬ ‫حيث قام بتعمريها وحتصينها وأحاطها بسور‬ ‫نصب هلا‬ ‫ورصف طرقها باحلجارة‪ .‬كما ّ‬ ‫مروان بن حممد آخر اخللفاء األمويني جسراً‬ ‫وبنى قلعتها‪ ،‬وشق احلر بن يوسف األموي‬ ‫نهراً عرف بنهر احلر وكان مير قرب سور‬ ‫نينوى وتقع عليه بوابة املسقى‪ .‬واستمرت‬ ‫هجرة القبائل العربية يف هذه الفرتة وهي‬ ‫قبائل تغلب وربيعة وشيبان وطيء‪.‬‬ ‫بعد انتهاء فرتة اخللفاء الراشدين وسيطرة‬ ‫األمويني على زمام احلكم يف الشام‪ ،‬بويع عبد‬ ‫اهلل بن الزبري للخالفة يف احلجاز سنة ‪683‬‬ ‫م‪ .‬وهي نفس السنة اليت توىل فيها يزيد بن‬ ‫معاوية اخلالفة األموية بالشام وقام بالسيطرة‬ ‫على العراق ووىل حممد بن أشعث بن قيس‬ ‫على املوصل‪ .‬غري أن والي الكوفة انقلب على‬ ‫عبد اهلل وأرسل عبد الرمحن بن سعيد بن‬ ‫قيس لوالية املوصل‪ .‬فهاجم األمويون بقيادة‬ ‫عبيد اهلل بن زياد املوصل وسيطروا عليها‬ ‫فبعث والي الكوفة جيشا الستعادتها‪،‬‬ ‫وتشابك مع األمويني يف برطلة غري أنه هزم‬

‫تاريخ‬

‫‪27‬‬

‫كانت املوصل ضمن واليات‬ ‫الدولة العثمانية لفرتة طويلة‬ ‫واستوىل عليها السلطان سليمان‬ ‫القانوني عام ‪ ،1534‬ووىل‬ ‫عليها حاكماً يدعى حممد باشا‬ ‫بكلربكي ومن بعد ِه حديد‬ ‫سليمان احملمدي وتوىل بعدهُ‬ ‫عدة والة حتى سنة ‪1730‬‬ ‫حيث توالها أحد أبنائها وهو‬ ‫حسني باشا ابن إمساعيل باشا‬ ‫اجلليلي‬ ‫سنة ‪ .686‬فأرسل والي الكوفة جيشا ثانيا‬ ‫متكن هذه املرة من استعادة املدينة‪ .‬عاد ابن‬ ‫الزبري إىل املوصل ومتكن من إخضاعها جمددا‬ ‫سنة ‪ .687‬غري أن سيطرته مل تطل فتمكن‬ ‫عبد امللك بن مروان من هزميته نهائيا‬ ‫والسيطرة على كافة أحناء العراق واجلزيرة‪.‬‬ ‫أصبحت مدينة املوصل أهم مراكز انطالق‬ ‫للفتوحات اإلسالمية بعد استقرار القبائل‬ ‫العربية فيها خصوصاً إبان الدولة األموية‪.‬‬ ‫كما قام الوالة األمويون بتوسيع املدينة وحفر‬ ‫قناة جللب املياه إليها‪ .‬غري أن أواخر الفرتة‬ ‫األموية شهدت كثرة القالقل يف اجلزيرة‬ ‫وكانت أهمها ثورة الضحاك اليت باءت‬ ‫بالفشل‪ .‬فمالت املوصل إىل بين عباس ملا‬ ‫قويت شوكتهم؛ فتعاون أهلها مع العباسيني‬ ‫لدى انتصارهم يف معركة الزاب احلامسة سنة‬ ‫‪ 749‬ورفض أهلها إيواء مروان بن حممد‬ ‫آخر اخللفاء األمويني بل وسارت فرقة من‬ ‫املوصل إىل أبو صري حيث متكنت من قتله‪.‬‬ ‫غري أن عالقة املوصل مع العباسيني متيزت‬ ‫يف الغالب بالتوتر؛ وقام حييى ابن حممد أخ‬ ‫أبو العباس عبد اهلل السفاح بتعيني حممد ابن‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫صول حاكما على املدينة‪ ،‬غري أنه توجس‬ ‫من حدوث ثورة بها فأمر حممد ابن صول‬ ‫بتصفية بعض أعيانها خلسة‪ ،‬فدعاهم إىل‬ ‫قصره وقطع رؤوسهم وأرسلها إىل حييى‪ .‬إال‬ ‫أن أمره انكشف‪ ،‬فثار سكان املدينة عليه‬ ‫فدعاهم حييى للصلح والعفو عن احملتجني‬ ‫بشرط مالقاته يف جامع املدينة‪ ،‬غري أنه غدر‬ ‫بهم فقام حرسه اخلراسانيني مبذحبة مشلت‬ ‫عوائل بأكملها مبا يف ذلك النساء واألطفال‬ ‫راح ضحيتها عشرات اآلالف‪ .‬ساءت أحوال‬ ‫املوصل يف أواخر القرن الثامن امليالدي وأوائل‬ ‫القرن التاسع فحاول اخلوارج من البدو‬ ‫احمليطني بها السيطرة عليها‪.‬‬ ‫بعد وفاة اخلليفة املتوكل متكن اخلارجي‬ ‫مصاور من االستيالء على املدينة وجعلها‬ ‫جزءا من إمارته‪ .‬وكرد على ذلك عني املعتضد‬ ‫باهلل أحد قادته حاكما على املدينة فأرسل‬ ‫هذا األخري جيشا قوامه ‪ 20,000‬متكن‬ ‫من احتالل املدينة‪ .‬قام أهالي املدينة بطرد‬ ‫احلاكم العباسي سنة ‪ 892‬م‪ .‬فطلب هذا‬ ‫املعونة من بين شيبان‪ .‬بعد انتصار األهالي‬ ‫يف البداية بقيادة محدان بن محدون‪ ،‬متكن‬ ‫الشيبانيون من السيطرة على املدينة‪ .‬متكن‬ ‫محدان‪ ،‬جد احلمدانيني‪ ،‬االستقالل باملدينة‬ ‫سنة ‪ .895‬غري أنه سرعان ما فر لدى وصول‬ ‫جيش اخلليفة العباسي‪ ،‬وأسر الحقا يف حني‬ ‫سلم ابنه حسني املدينة‪.‬‬ ‫اإلمارات املوصلية‬ ‫اتسمت أواخر القرن التاسع امليالدي بالصراع‬ ‫بني احلكام العباسيني واخلوارج؛ فاستعان‬ ‫اخلليفة حبسني ابن محدان الذي أدى‬ ‫جناحه يف القضاء على اخلوارج سنة ‪ 896‬إىل‬ ‫زيادة حضوة احلمدانيني‪ .‬ازداد اعتماد‬ ‫العباسيني على احلمدانيني يف العقد الالحق‬ ‫بازدياد غارات األكراد على أطراف املدينة‪،‬‬ ‫وبدورهم اعتمد احلمدانيون على التغالبة‪،‬‬ ‫الذين شكل بنو محدان أحد بطونهم‪ ،‬يف‬ ‫إخضاع األكراد‪ .‬حكم احلمدانيون املوصل‬ ‫كمندوبني للخليفة وزادت استقالليتهم‬ ‫تدرجييا بضعف العباسيني حتى أصبحت‬ ‫املوصل إمارة مستقلة بشكل فعلي بوصول‬ ‫ناصر الدولة حسن لسدة احلكم سنة ‪.929‬‬ ‫حكم العقيليون‪ ،‬أحد بطون بين كعب‪،‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪28‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بدأت اإلمرباطورية اآلشورية‬ ‫بالوهن بعد وفاة آشور‬ ‫بانيبال حوالي ‪ 627‬ق‪.‬م‪،.‬‬ ‫فقامت حروب أهلية بني‬ ‫خلفائه للسيطرة على مقاليد‬ ‫احلكم بها فاستغل البابليون‬ ‫وامليديون هذا الضعف فعقدوا‬ ‫حتالفاً وهامجوا نينوى‬ ‫وأسقطوها يف ‪ 612‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫املوصل يف الفرتة ‪ 1096 - 996‬م‪ .‬ويعترب‬ ‫حسام الدولة املقلد املؤسس الفعلي هلذه‬ ‫اإلمارة اليت امتدت جنوبا حتى مشلت داقوق‬ ‫والكوفة يف أوج قوتها‪.‬‬ ‫أدت سيطرة احلمدانيني والعقيليني إىل ازدهار‬ ‫املوصل فازداد بنيانها وحسن منظرها للرحالة‪،‬‬ ‫فوصفها ابن حوقل بأنها مدينة مجيلة ذات‬ ‫ريف خصب واصفا أغلب سكانها باألكراد‪.‬‬ ‫كما زارها املقدسي ووصفها بأنها مبنية على‬ ‫شكل نصف دائرة وبها قلعة داخل أسوارها‬ ‫عرفت ب ـ املربعة(باشطابيا)‪ ،‬كما حوت‬ ‫أسوار املدينة سوق األربعاء وجامعا رئيسياً‪.‬‬ ‫على الضفة الشرقية من دجلة وقعت مدينة‬ ‫نينوى القدمية اليت هجرها أهلها بعد توسع‬ ‫املوصل‪ ،‬غري أنها حوت قصر اخلليفة على‬ ‫نهر اخلوصر‪ .‬سيطر السالجقة على املدينة‬ ‫سنة ‪ ،1096‬اتسم حكمهم بإهمال املدينة‬ ‫اليت أصبحت شبه مهجورة حتى متكن عماد‬ ‫الدين زنكي من االستقالل بها سنة ‪.1127‬‬ ‫ويعود إليه الفضل يف إعادة إعمار املوصل‬ ‫حيث رمم أسوارها ومبانيها ونسق البساتني‬ ‫حول املدينة‪ .‬خالل فرتة حكم خلفه عز الدين‬

‫مسعود األول حاصر صالح الدين األيوبي‬ ‫املدينة مرتني يف ‪ 1182‬و‪ 1185‬دون جدوى‪.‬‬ ‫غري أن الصراع بني الزنكيني واأليوبيني اضطر‬ ‫عز الدين إىل االعرتاف بسيادة األيوبيني مقابل‬ ‫استمراره حاكما على املوصل‪ .‬يروي ابن جبري‬ ‫لدى زيارته للمدينة قبيل بناء جامع النوري‬ ‫أن املدينة احملصورة داخل السور اخلارجي‬ ‫انقسمت إىل جزئني علوي وسفلي ربطهما‬ ‫شارع عريض‪ ،‬وحوت على مارستان(مشفى)‬ ‫وقيصرية(سوق مسقف)‪ .‬بينما انتشت‬ ‫الضواحي املأهولة على مرمى البصر ومشلت‬ ‫العديد من املساجد واخلانات واحلمامات‪.‬‬ ‫بنيت معظم املباني من الرخام الذي جلب‬ ‫خصيصا من جبل مقلوب مشال شرق املدينة‪،‬‬ ‫كما عرف عنها شكلها املقبب املميز‪ .‬توسعت‬ ‫املدينة أوائل القرن الثالث عشر وقام الوزير‬ ‫جماهد الدين قيمز ببناء مساكن يف الضاحية‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬وحكم ابنه بدر الدين لؤلؤ كوزير‬

‫للزنكيني قبل أن يستقل باملدينة ابتداءً من‬ ‫‪ 1234‬م‪ .‬كما استسلم بدون قتال هلوالكو‬ ‫سنة ‪ 1244‬ورافقه يف محالته؛ غري أن املغول‬ ‫اإليلخانيني نهبوا املدينة سنة ‪ 1261‬بعد أن‬ ‫حتالف ابنه امللك الصاحل إمساعيل مع الظاهر‬ ‫بيربس ضدهم‪.‬‬ ‫املغول والرتكمان والصفويون‬ ‫استمر حكم اإلخلانات أكثر من ‪ 50‬عاما إىل‬ ‫أن بدأت دولتهم تتهاوى يف العقد الثالث من‬ ‫القرن الرابع عشر‪ .‬فتمكن اجلالئريون‪ ،‬الذين‬ ‫ينتمون بدورهم إىل قبيلة منغولية أخرى‪ ،‬من‬ ‫ضم املوصل إىل مملكتهم سنة ‪ 1364‬واليت‬ ‫مشلت أجزاء من وسط العراق ومشال شرق‬ ‫إيران احلالية‪ .‬غري أن حكم اجلالئريني مل‬ ‫يستمر طويال‪ ،‬فسرعان ما غزا تيمور املدينة‬ ‫غري أنه عفاها من السلب بل وقام مبنح العطايا‬ ‫لضرحيي النبيني يونس وجرجس‪ .‬توىل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تاريخ‬

‫‪29‬‬

‫االستيالء على والية املوصل سنة ‪،1733‬‬ ‫واليت كانت يف تلك الفرتة نقطة دفاع مهمة‬ ‫للجبهة الشرقية لدولة آل عثمان ضد الدولة‬ ‫الصفوية‪ ،‬لكن احملاولة باءت بالفشل بعد‬ ‫أن ُقتل القائد الصفوي نركزخان على أيدي‬ ‫قبائل من البدو يف قرية الغزالني‪.‬‬

‫املوصل بعد وفاة تيمور حاكم آمد الرتكماني‬ ‫بهاء الدين قرة عثمان وضمها لإلمارة ابتداءً‬ ‫من القرن اخلامس عشر‪ .‬وشهدت هذه الفرتة‬ ‫تناوب قبيليت اخلرفان البيض والسود الرتكية‬ ‫على املنطقة‪ .‬آلت املوصل إىل الدولة الصفوية‬ ‫بعد ضمها لبغداد سنة ‪ .1508‬غري أن احلكم‬ ‫الصفوي مل يطل حيث فتح العثمانيون بقيادة‬ ‫الدولة العراقية‬ ‫سليمان القانوني املدينة سنة ‪.1535‬‬ ‫استمرت اهليمنة العثمانية على املوصل حتى‬ ‫نهاية احلرب العاملية األوىل‪ .‬وكانت بريطانيا‬ ‫الفرتة العثمانية‬ ‫كانت املوصل ضمن واليات الدولة العثمانية وفرنسا قد عقدتا اتفاقية سرية عرفت باسم‬ ‫لفرتة طويلة واستوىل عليها السلطان سليمان اتفاقية سايكس بيكو مت فيها تقسيم الواليات‬ ‫القانوني عام ‪ ،1534‬ووىل عليها حاكماً العثمانية العربية بني الدولتني‪ ،‬فكانت والية‬ ‫يدعى حممد باشا بكلربكي ومن بعدهِ حديد املوصل جزءاً من منطقة النفوذ الفرنسي‪.‬‬ ‫سليمان احملمدي وتوىل بعد ُه عدة والة حتى احتلت بريطانيا املوصل يف ‪ 7‬تشرين الثاني‬ ‫سنة ‪ 1730‬حيث توالها أحد أبنائها وهو ‪ 1918‬وذلك بالرغم من عقد اهلدنة مع‬ ‫حسني باشا ابن إمساعيل باشا اجلليلي‪ .‬العثمانيني يف ‪ 30‬تشرين األول‪ .‬وبعد اكتشاف‬ ‫ويف عهده حاول الصفويون بقيادة نادر شاه النفط يف والية املوصل متكنت بريطانيا من‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫إقناع فرنسا بالتنازل عن املوصل يف معاهدة‬ ‫سيفر سنة ‪ ،1920‬غري أن تركيا استمرت‬ ‫باملطالبة بأحقيتها حتى سنة ‪ 1925‬عندما‬ ‫قررت عصبة األمم عودة املوصل إىل العراق‪.‬‬ ‫انضمت املوصل رمسياً إىل اململكة العراقية‬ ‫عند إعالنها يف ‪ 3‬تشرين األول ‪ .1932‬وقد‬ ‫شهدت املناطق عدة أحداث منها عصيان‬ ‫الربزجني أوائل الثالثينات وجمزرة مسيل‬ ‫اليت جلأ بعدها أعداد كبرية من اآلشوريني‬ ‫إىل خميم لالجئني داخل املوصل قبل نزوحهم‬ ‫إىل سوريا سنة ‪.1934‬‬ ‫اجلمهورية العراقية‬ ‫بعد ثورة ‪ 1958‬أعلن عبد الكريم قاسم قيام‬ ‫اجلمهورية العراقية وكانت من أوىل قراراته‬ ‫تأمني املؤسسات غري احلكومية وإلغاء النظام‬ ‫اإلقطاعي‪ ،‬وقد أدى هذا باإلضافة إىل نهجه‬ ‫املعادي للقوميني العرب واملقارب من‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪30‬‬

‫يعود تاريخ االستيطان البشري‬ ‫يف املنطقة إىل ما قبل العصر‬ ‫احلجري (‪ 6,000‬ق‪.‬م‪،).‬‬ ‫حيث استوطن البشر يف السهل‬ ‫املمتد شرقي املوصل وخاصة‬ ‫ملتقى نهري اخلوصر ودجلة‬ ‫وذلك خلصوبة املنطقة ومرور‬ ‫القوافل التجارية بها‬

‫الشيوعيني إىل قيام عصيان قاده عبد الوهاب‬ ‫الشواف قائد الفيلق اخلامس باجليش العراقي‬ ‫بالتحالف مع شيوخ عشرية مشر واإلقطاعيني‬ ‫الذين فقدوا أراضيهم‪ ،‬فأعلن الشواف يف ‪8‬‬ ‫آذار ‪ 1959‬من خالل راديو املوصل العصيان‬ ‫على عبد الكريم قاسم ودعى الشعب إىل محل‬ ‫السالح ضده‪ .‬فقام عبد الكريم بتجنيد الكوادر‬ ‫الشيوعية يف املوصل للرد على هذا العصيان‬ ‫وقد عاونهم يف ذلك العمال واحلرفيون يف‬ ‫املوصل والفالحون يف القرى املسيحية‬ ‫احمليطة بها‪ .‬وبالرغم من النجاح األولي‬ ‫للقوميني غري أن الشيوعيني قاموا بهجوم‬ ‫مضاد قتل خالله الشواف‪ ،‬واستمرت املعارك‬ ‫الدموية كما قامت القوات اجلوية العراقية‬ ‫بقصف ثكنات الفيلق اخلامس وجابت‬ ‫الدبابات شوارع املدينة‪ .‬استمرت املعارك‬ ‫الطاحنة بني القوميني والعشائر العربية‬ ‫والكردية ومالك األراضي من جهة والقوميني‬ ‫واملسيحيني والطبقات الفقرية من العرب‬ ‫واألكراد عدة أيام انتهت بهزمية القوميني‪،‬‬ ‫فقام الشيوعيون بإعدامات استهدفت أعضاء‬ ‫األحزاب القومية راح ضحيتها املئات‪ .‬تركت‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫هذه األحداث أثرها العميق يف املوصل ونزح‬ ‫العديد من سكانها إىل بغداد هرباً من االنفالت‬ ‫األمين الذي اتسمت به الفرتة اليت تلت‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫بعد ثورة ‪ 30/17‬متوز بقيادة حزب البعث‬ ‫العربي االشرتاكي‪ ،‬أصبح العراق حتت‬ ‫سيطرة احلزب املذكور ويف أيدي أمحد حسن‬ ‫البكر ثم تسلم السلطة صدام حسني‪ .‬مت عمل‬ ‫بعض اخلطط التنموية الصناعية والزراعية يف‬ ‫املدينة باإلضافة إىل بعض املشاريع التجارية‪.‬‬ ‫ومن املشاريع املهمة بناء سد املوصل الذي‬ ‫مسي حينها بسد صدام‪.‬‬

‫حرب العراق‬ ‫استطاعت طالئع البيشمركة الكردية بالتعاون‬ ‫مع الفرقة املظلية ‪ 101‬من اجليش األمريكي‬ ‫من احتالل املدينة يف ‪ 21‬نيسان ‪ 2003‬إبان‬ ‫االحتالل األمريكي للعراق وذلك بعد استسالم‬ ‫القوات العراقية يف املدينة‪ .‬وشهدت األيام‬ ‫األوىل من االحتالل نهب العديد من املصارف‬ ‫واملنشآت الرمسية بها‪ .‬كما مت تعيني أول‬ ‫جملس للمحافظة يف ‪ 5‬أيار وسط اتهامات‬ ‫أطراف متعددة لألكراد مبحاولة االستئثار‬ ‫بالسلطة‪ .‬وعني أسامة كشمولة الحقا حمافظا‬ ‫لنينوى غري أنه اغتيل من قبل جمهولني يف‬ ‫أيلول ‪ 2003‬فاستلم ابن عمه دريد كشمولة‬ ‫منصب احملافظة وسط اعرتاض عدد من‬ ‫وجهاء العرب السنة الذين انسحبوا بشكل‬ ‫شبه كامل من جملس احملافظة‪ .‬كما‬ ‫تدهور الوضع األمين باملوصل عندما متكنت‬ ‫جمموعات إسالمية أصولية تنسب إىل تنظيم‬ ‫القاعدة من فرض سيطرتها على أجزاء من‬ ‫املدينة ما دفع احلكومة العراقية إىل إرسال‬ ‫لواء الذيب إليها كما دارت معارك شرسة‬ ‫بني املسلحني وقوات أمريكية أواخر ‪.2004‬‬ ‫قاطع العرب االنتخابات الربملانية يف‬ ‫كانون الثاني ‪ 2005‬ما أدى إىل التحالف‬ ‫الكردستاني ب ـ ‪ 31‬من أصل ‪ 41‬مقعدا يف‬ ‫جملس احملافظة‪ .‬وشهدت السنوات األربع‬ ‫الالحقة موجات عنف استهدفت األقليات‬ ‫الدينية كان أهمها سلسلة عمليات القتل‬ ‫استهدفت مسيحييها بأواخر سنة ‪2008‬‬ ‫أدت إىل نزوح أغلبهم إىل مناطق سهل نينوى‬ ‫شرقي املوصل‪ .‬وخالل االنتخابات احمللية‬

‫الالحقة فازت قائمة احلدباء املمثلة للعرب‬ ‫السنة بقيادة أسامة النجيفي ب‪ 19-‬من أصل‬ ‫‪ 37‬مقعدا يف انتخابات جمالس احملافظات‬ ‫سنة ‪ 2009‬مسيطرة بذلك على جملس‬ ‫احملافظة‪ .‬يف حني متكنت قائمة التحالف‬ ‫الكردستاني من الفوز باملركز األول ب ـ ‪11‬‬ ‫مقعد خالل انتخابات احملافظة لعام ‪2013‬‬ ‫بينما حازت قوائم العرب السنة وعلى رأسها‬ ‫ائتالف متحدون لإلصالح بقيادة أسامة‬ ‫النجيفي على ‪ 22‬مقعد‪.‬‬ ‫شهدت املوصل احتجاجات مطالبة خبروج‬ ‫القوات األمريكية بشكل كامل واستقالة‬ ‫حكومة املالكي ضمن سلسة االحتجاجات‬ ‫اليت شهدها العراق سنة ‪.2011‬‬ ‫سقوط مدينة املوصل‬ ‫سقطت املدينة بالكامل بيد تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية(داعش) وقوات حملية متحالفة‬ ‫معها يوم ‪ 10‬حزيران ‪ 2014‬خالل محلها‬ ‫شنها بشمال العراق‪ .‬وشهدت املدينة موجة‬ ‫نزوح نتيجة املعارك اليت حدثت حيث‬ ‫اقتحم اآلالف من مقاتلي تنظيم داعش‬ ‫مطار املوصل وقواعد ومعسكرات عسكرية‬ ‫ومقر حمافظة نينوى؛ مما أدى إىل انهيار‬ ‫جنود اجليش العراقي وانسحاب القوات إىل‬ ‫كردستان‪ .‬ومتكن التنظيم من السيطرة على‬ ‫املدينة وأغلب مدن حمافظة نينوى ومن‬ ‫ضمنها املنشآت احليوية يف املدينة من أهمها‬ ‫مبنى حمافظة نينوى واملطار‪ ،‬والقنوات‬ ‫التلفازية‪ ،‬وأعقب ذلك إطالق ثالثة آالف‬ ‫سجني من السجون واملعتقالت يف املوصل‪،‬‬ ‫وسيطر التنظيم على كامل حمافظة نينوى‬ ‫وأطلق على املعارك اليت خاضها اسم غزوة‬ ‫أسد اهلل البيالوي وأطلق على حمافظة نينوى‬ ‫اسم والية نينوى‪ .‬انسحبت البيشمركة من‬ ‫بلدات سنجار وزمار ووانة وربيعة اليت سيطر‬ ‫عليها تنظيم داعش بعد القتال‪ ،‬ومع بداية‬ ‫عام ‪ 2015‬أعلنت قوات التحالف عن شن‬ ‫ضربات جوية على مدينة املوصل واملناطق‬ ‫اليت يسيطر عليها املتطرفون‪ ،‬وقبل ذلك قام‬ ‫تنظيم داعش بإزالة بعض األضرحة واملراقد‬ ‫يف مدينة املوصل وباقي املناطق اليت يسيطر‬ ‫عليها‪ ،‬مثل جامع النيب يونس ومتحف‬ ‫املوصل‪ ،‬مما اعترب إرهاباً فكرياً‪ ،‬ونفذت‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫هذه العمليات مبا يتماشى مع العقيدة السلفية‬ ‫للتنظيم وحسب إيديولوجية التنظيم اليت‬ ‫تعترب هذه األضرحة واملراقد أماكن تعبد لغري‬ ‫اهلل‪ ،‬وكانت املدينة منذ احلرب الطائفية‬ ‫قد حصلت فيها عمليات تغيري دميغرايف‬ ‫للمسيحيني والشيعة واأليزيديني وباقي‬ ‫األقليات‪.‬‬ ‫يف يوم ‪ 17‬آب ‪ 2015‬أحال الربملان العراقي‬ ‫ملف سقوط املوصل إىل اإلدعاء‪ .‬فقد محّلت‬ ‫جلنة حتقيق برملانية عراقية حمافظة نينوى‬ ‫أثيل النجيفي ورئيس الوزراء السابق نوري‬ ‫املالكي و‪ 35‬مسؤوال آخرين مسؤولية سقوط‬ ‫مدينة املوصل بيد تنظيم داعش‪.‬‬ ‫حترير املدينة‬ ‫أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي‬ ‫يوم ‪ 17‬أكتوبر انطالق معركة استعادة‬ ‫املوصل من قبضة تنظيم داعش‪ ،‬بقيادة قوات‬ ‫اجليش العراقي‪ ،‬ومبشاركة قوات البيشمركة‬ ‫الكردية‪ ،‬وبإسناد من قوات احلشد الشعيب‬ ‫وكذلك بإسناد جوي من طائرات قوات‬ ‫التحالف الدولي حملاربة تنظيم الدولة‪،‬‬ ‫وبعد محلة استمرت لنحو تسعة أشهر ويف‬ ‫‪ 10‬يوليو ‪ 2017‬أعلن رئيس الوزراء العراقي‬ ‫حيدر العبادي حترير املوصل من سيطرة‬ ‫تنظيم داعش بالكامل‪.‬‬ ‫حترير املوصل‬ ‫أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن حترير املوصل‬ ‫يف يوم اخلميس ‪ 29‬حزيران ‪ ،2017‬وعن‬ ‫نهاية وجود قوات داعش يف مدينة املوصل‬ ‫بعد وصول وحدات من اجليش العراقي إىل‬ ‫جامع النوري الكبري الذي هدم وفجرت‬ ‫منارته احلدباء الشهرية يف يوم ‪ 21‬حزيران‬ ‫‪ ،2017‬إثر حدوث معارك طاحنة بينه وبني‬ ‫قوات داعش راح ضحيتها العديد من أفراد‬ ‫اجليش العراقي‪ ،‬وذكر قائد عسكري عراقي‬ ‫أن قواته سيطرت على جممع اجلامع النوري‬ ‫الشهري واملناطق احمليطة به‪ .‬علما أن زعيم‬ ‫التنظيم أبو بكر البغدادي كان قد أعلن يف عام‬ ‫‪ 2014‬عن إقامة دولة «اخلالفة» على أراض‬ ‫تشمل مناطق من سوريا والعراق من خطبة له‬ ‫من على منرب اجلامع النوري‪.‬‬

‫تاريخ‬

‫‪31‬‬

‫السكان‬ ‫التعداد‬ ‫يبلغ عدد سكان املوصل حبسب تقديرات‬ ‫‪ 2003‬حوالي ‪ 1,400,000‬نسمة بينما يعتقد‬ ‫أن العدد احلالي ‪ 3,5‬مليون نسمة‪ .‬وهي ثاني‬ ‫كربى مدن العراق‪ ،‬بعد أن ختطت البصرة‬ ‫قبل عدة أعوام‪.‬‬ ‫بلغت زيادة عدد سكان املوصل حوالي ‪20,3‬‬ ‫مرة منذ بداية القرن العشرين مقابل ‪ 1,7‬مرة‬ ‫فقط خالل القرن التاسع عشر؛ فقد ارتفع‬ ‫عدد سكان املدينة من ‪ 35,000‬نسمة يف بداية‬ ‫القرن التاسع عشر إىل ‪ 40,000‬يف منتصف‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬ثم إىل ‪ 60,000‬نسمة‬ ‫عام ‪ 1900‬وتضاعفوا بعد ذلك ثالث مرات‬ ‫ليصلوا إىل ‪ 178,000‬نسمة عام ‪ .1965‬ويعد‬ ‫الربع الثالث من القرن العشرين أسرع فرتات‬ ‫منو سكان املوصل حيث تضاعف عدد السكان‬ ‫أكثر من تسع مرات‪ .‬وقد بلغ معدل النمو‬ ‫السكاني ملدينة املوصل ‪ %30‬سنويًا مما تسبب‬ ‫يف مضاعفة عدد سكانها مرة واحدة كل ثالث‬ ‫سنوات تقريبًا بني عامي ‪.1977 - 1950‬‬

‫العرقيات واألديان‬ ‫يشكل العرب السنة معظم سكان مدينة‬ ‫املوصل‪ ،‬وتنتشر بها أقلية من األكراد الذين‬ ‫ينتمون للمذهب السين يف الغالب‪ ،‬ويتواجد‬ ‫مجيعهم يف اجلانب الشرقي من املدينة أو ما‬ ‫يسمى بالساحل األيسر‪ ،‬أما بقية الطوائف‬ ‫من تركمان مسلمني‪ ،‬أو ديانات أخرى تشمل‬ ‫املسيحيني والصابئة املندائيني واليزيديني‬ ‫والشبك فيشكلون مبجموعهم نسبة قليلة ال‬ ‫تتجاوز ‪ ٪5‬من جمموع سكان املوصل‪.‬‬ ‫كانت املوصل قلعة صغرية نشأت قدمياً‬ ‫على الساحل األمين من دجلة‪ ،‬يف املكان‬ ‫الذي يُعرف مبحلة القلعة‪ .‬وقد عُرفت هذه‬ ‫احمللة يف السريانية باسم «حصنا عربايا»‪،‬‬ ‫أي احلصن العبوري‪ .‬توسع هذا احلصن يف‬ ‫العصر اإلسالمي وباتت املوصل املعرب الذي‬ ‫مير به كل قاصد‪ .‬وهي حلقة الوصل بني بالد‬ ‫الرافدين وحميطها‪.‬‬ ‫كانت مدينة نينوى التارخيية مركزا هاما‬ ‫لتجمع السريان الذين انتموا يف الغالب إىل‬ ‫الكنيسة الكلدانية وكنيسة املشرق اآلشورية‬ ‫والكنيسة السريانية األرثوذكسية وكذلك‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫إن أول من استحدث املوصل‬ ‫راوند بني بيوراسف‬ ‫االزدهاق‪ .‬كلمة موصل هي من‬ ‫كلمة(أصل) وينشأ من ظرف‬ ‫مكان الفعل وصل‪ .‬وكلمة‬ ‫«موصل» يعين مكان فيها يصل‬ ‫كل شيء التجارة واملعاشرة‬ ‫والبيع‬

‫بعض األرمن‪ .‬حيث زاد تعدادهم بعد احلرب‬ ‫العاملية األوىل فيها‪ ،‬غري أن أعدادهم قلت منذ‬ ‫الثمانينات بسبب اهلجرة إىل خارج القطر‪،‬‬ ‫كما أدت موجات من العنف بعد حرب‬ ‫العراق إىل نزوح أغلبية من تبقى إىل داخل‬ ‫وخارج العراق ومل يتبقى سوى ألفي سرياني‬ ‫يف املوصل وقد فضلوا الرحيل إىل كردستان‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫يعود الوجود اليهودي يف مدينة نينوى‬ ‫التارخيية إىل فرتة سبيهم من قبل اآلشوريني‬ ‫يف القرن السابع قبل امليالد‪ ،‬واستمر وجودهم‬ ‫حتى القرن العشرين حيث وصل تعدادهم‬ ‫يف مطلعه إىل ‪ 1100‬نسمة‪ .‬غري أنهم‬ ‫نزحوا بشكل مجاعي إىل إسرائيل يف أوائل‬ ‫اخلمسينات‪.‬‬

‫آ‪ :‬خنساء براهيم حسن‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪32‬‬

‫ثقافة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫رمزية خيط “البامسباري” يف عيد الباتزمية‬

‫حيدر عربو اليوسفاني‬

‫لاليزيدية اعياد دينية ذات طابع خاص‬ ‫ومنها عيد “الباتزمية” وهو عيد خاص‬ ‫لعشائر “جيلكا”‪ ،‬حيتفل به ملدة سبعة ايام‪،‬‬ ‫تعود جذور هذا العيد اىل آالف السنني ويسمى‬ ‫ايضاً(بعيد سارسال‪ ،‬طاؤوس ملك‪ ،‬عيد بري‬ ‫آلي) وقد قام “بري آلي” احد اصحابنا بإحياء‬ ‫هذا العيد بني أبناء عشائر جيلكا واوصى‬ ‫مريديه‪ ،‬اي اتباعه‪ ،‬االستمرار يف احيائه‬ ‫سنوياً‪.‬‬ ‫يوافق هذا العيد يف فرتة اربعانية الشتاء‪ ،‬ففي‬ ‫الغالب ينتهي يف ‪ 20/19‬من اربعانية الشتاء‬ ‫اي ما يعادل ‪ 12/13‬من االربعينية حسب‬ ‫التقويم الشرقي‪.‬‬ ‫واحد من اقدس مراسيم وطقوس هذا العيد‬ ‫هو خيط البامسباري‪ ،‬يسرني ان اتطرق اىل‬ ‫توضيح مفهومية هذا الرمز الديين املقدس‪،‬‬ ‫كما جيب علينا ان نعطي تعريفاً ملعنى هذا‬

‫اخليط‪ ،‬علماً ان معظم شبابنا يف الوقت‬ ‫احلاضر ال يدركون متاماً مفهوم ومعنى هذا‬ ‫اخليط و قدسيته لدى االيزيدية‪.‬‬ ‫معان ودالالت خمتلفة دينية‬ ‫لرمزية اخليط ٍ‬ ‫وادبية وسيكولوجية وفلسفية‪ ،‬وقد استخدم‬ ‫منذ آالف السنني للتعبري عما يدور يف العقل‬ ‫من تصورات‪.‬‬ ‫يربط هذا اخليط يف عيد وطقوس الباتزمية‬ ‫واخليط هو “خيطني ملونني متعانقني كالعاشق‬ ‫واملعشوق”‪ ،‬ففي اليوم السادس من العيد‬ ‫والذي يوافق يوم السبت‪ ،‬تقوم النسوة بطبخ‬ ‫الباجة (شيالنا شيشم) وجتلسن جبانب النار‬ ‫وتقوم ّن بابرام وغزل لونني من اخليط(امحر‬ ‫وابيض) بآلة خشبية تسمى(ته شى) ويطلق‬ ‫على اخليط االمحر خبيط(ايزداني سور)‬ ‫واخليط االبيض خبيط(طاؤوسي ملك)‪ ،‬واالهم‬ ‫تصنعهن مع عمل اخلورا وتعين الشمس‪،‬‬ ‫وهلذا خيتار اللونني املميزين للشمس(االبيض‬ ‫كلون طبيعي للنور واالمحر كبداية اشراقتها‬ ‫عند الفجر‪ ،‬وهو اقدس االوقات عند‬ ‫االيزيدية ويربط على شكل طوق او دائرة كي‬ ‫ميثل قرص الشمس‪ ،‬وهلذا السبب مت اختيار‬ ‫اللونني املذكورين ورمز الشمس لعمل الراية‬

‫اليت متثل الشعب االيزيدي‪.‬‬ ‫بعد اكمال اخليوط‪ ،‬يتم تقطيعها وتوزيعها‬ ‫على الناس واملعايدين يف يوم االحد واالخري‬ ‫من العيد‪ ،‬ي ّشد تلك اخليوط يف ساعد االطفال‬ ‫او يوضع يف رقبتهم وحيمله الرجال ايضاً‪،‬‬ ‫كما انه مبثابة(التوك ـ كريفان ـ زيق)‪،‬‬ ‫وسبب محل هذا اخليط هو التقاء االطفال من‬ ‫االمراض واالرواح الشريرة والعيون احلاسدة‪،‬‬ ‫كما هناك اعتقاد شائع لدى ايزيدية شنكال‬ ‫بأن من حيمل خيط البامسباري يف عنقه او‬ ‫زنده ملدة سنة كاملة دون ان ينقطع خيطه‬ ‫فيتحقق امنيته اليت حيلم بها‪.‬‬ ‫ويعتقد ان مصطلح بامسباري يتكون من‬ ‫مقطعني (باسم ـ باري) اي بأسم الرب‬ ‫ويسمى ايضاً(ته سكه ره) اي اهلوية وعليه‬ ‫جيب على االيزيدي محل هذا اخليط يف‬ ‫عنقه او ساعده باعتباره اهلوية الشخصية‬ ‫لاليزيدي الذي يعرب عن االيزيدياتي وايضاً‬ ‫يعرب عن رفعة ومسو طاؤوس ملك عندما كرمه‬ ‫اهلل ووضع طوقاً نورانياً يف عنقه بعد ان اجتاز‬ ‫االختبار الرباني اثناء خلق ادم وعدم سجوده‬ ‫ألدم باعتبار ذلك احلاد والشراكة يف عبادة‬ ‫اهلل‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تحليل‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫نهري الفرات ودجلة ‪ ...‬وابتزاز النظام الرتكي للعراق وسوريا‬

‫أرجان أيبوكا‬

‫بعد احلرب العاملية األوىل‪ ،‬عندما مت إنشاء‬ ‫دوليت العراق وسوريا‪ ،‬كان متوقعاً أن تواجه‬ ‫هاتان الدولتان مشكلة مائية مع تركيا‪ ،‬حيث‬ ‫ينبع أكرب األنهار يف غرب آسيا‪ ،‬وهما دجلة‬ ‫والفرات من مشال كردستان(شرق تركيا)‪،‬‬ ‫وتتدفق مياههما إىل سوريا ثم العراق‪ .‬السبب‬ ‫الرئيسي للمشكلة هو أن سلطات الدول الثالث‬ ‫ليست لديها نوايا طيبة ودميقراطية للتقاسم‬ ‫املوارد املائية‪ ،‬فمنذ إنشاء السدود وأكرب أنظمة‬ ‫الري يف العامل‪ ،‬كان كل من يهتم باملوضوع‬ ‫يعلم أن هذه الدول ستواجه مشكلة تقاسم‬ ‫املياه‪.‬‬ ‫مل يكن من املمكن بناء املدن وتطوير الزارعة‬ ‫يف وسط وأسفل ميزوبوتاميا منذ آالف السنني‬ ‫من دون وجود نهري دجلة والفرات‪ ،‬مبا‬ ‫فيها العراق وسوريا‪ ،‬وعلى الرغم من اخنفاض‬ ‫معدل هطول األمطار يف هذه املنطقة‪ ،‬فإن‬ ‫أعالي ميزوبوتاميا(غرب إيران أي كردستان‬ ‫الشرقية)‪ ،‬ونظراً هلطول كميات كافية من‬ ‫األمطار‪ ،‬استطاعت البدء بالزراعة وتربية‬ ‫احليوان حتى لو مل تكن متلك نظام ري خاص‪.‬‬ ‫ومتكنت شعوب ميزوبوتاميا الوسطى والسفلى‬ ‫من االستمرار يف احلياة من خالل االعتماد‬ ‫على املياه املتدفقة من جبال زاغروس وشرق‬ ‫طوروس من املناطق العليا يف جنوب وشرق‬ ‫تركيا وشرق إيران‪ ،‬واملارة بسوريا والعراق‪.‬‬ ‫ولكن بسبب بناء تركيا وإيران سدود كبرية‬ ‫وأنظمة ري متطورة على مياه األنهار‪ ،‬فإن‬ ‫املياه تنقطع أو تنخفض عن نسبة التدفق‪،‬‬ ‫لذلك ميكن القول إن هذا التصرف هو انتهاك‬ ‫واضح حلقوق اجلوار‪.‬‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬شرعت الدول يف‬ ‫ميزوبوتاميا إىل بناء أنظمة مائية كبرية وبدأت‬ ‫خططاً ومشاريع صغرية‪ ،‬وعندما خرجت‬ ‫مجهوريتا العراق وسوريا عن سيطرة فرنسا‬ ‫واململكة املتحدة وحصلتا على االستقالل‬

‫الكامل‪ ،‬دخلت يف عالقات مع اجلمهورية‬ ‫الرتكية وطالبتا بتقسيم عادل لنهري دجلة‬ ‫والفرات‪ ،‬يف هذا السياق‪ ،‬مت التوقيع على‬ ‫بروتوكول املياه يف عام ‪ ،1947‬حينما مل تكن‬ ‫تركيا والعراق يف حالة عداوة‪ ،‬ووفقاً هلذا‬ ‫الربوتوكول‪ ،‬يف حالة عدم وجود اتفاق بشأن‬ ‫املياه وبعض القضايا األخرى‪ ،‬حيق للطرفني‬ ‫التقدم بطلب إىل جملس األمن التابع لألمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬وألن تركيا مل يكن لديها سدود‬ ‫مهمة على نهري دجلة والفرات مثل العراق‬ ‫وسوريا‪ ،‬فإن أنظمة املياه على نهري دجلة‬ ‫والفرات كانت مملوكة للعراق وسوريا حتى‬ ‫بداية السبعينيات‪ ،‬وحتى ذلك احلني مل‬ ‫حتدث مشاكل خطرية مع النظام تركيا‪ ،‬لكن‬ ‫عندما بدأت تركيا يف بناء سدود كبرية يف بداية‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬وصلت قضية املياه بني الدول‬ ‫الثالث إىل مستوى خطري‪.‬‬ ‫مل تتشاور احلكومة الرتكية مع احلكومتني‬ ‫العراقية والسورية فيما يتعلق ببناء السدود‬ ‫الكبرية(حمطات الطاقة الكهرومائية)‬ ‫وأنظمة الري يف إطار مشروع جنوب شرق‬ ‫األناضول(‪ ،)GAP‬وعلى مدى عقود‪ ،‬متت‬ ‫مشاركة معلومات حمدودة للغاية مع الرأي‬ ‫العام‪ ،‬ومت بناء مجيع السدود على نهر الفرات‬ ‫وبعد فرتة على نهر دجلة‪ ،‬مت تأجيله أيضاً‬ ‫نتيجة احتجاجات السكان احملليني‪ ،‬لكنه‬ ‫مل يتوقف‪ ،‬ويف عام ‪ 2020‬مت االنتهاء من‬ ‫أكرب مشروع لسد إليسو‪ ،‬إضافة للعديد من‬ ‫مشاريع الري يف تركيا‪ ،‬اليت تهدد الفالحني‬ ‫يف العراق‪ ،‬ويسبب نقص يف املياه املتدفقة لفرتة‬ ‫طويلة‪ ،‬ورغم من أن نصف مشاريع الري فقط‬ ‫حول نهر الفرات قد اكتملت‪ ،‬إال أن هناك‬ ‫اخنفاضاً بنسبة ‪ ٪40‬يف املياه املتدفقة إىل سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬ووفقاً لبعض الدراسات املستقلة اليت‬ ‫أجريت يف وادي دجلة‪ ،‬من الواضح أيضاً أنه‬ ‫إذا مت تنفيذ مجيع مشاريع الري‪ ،‬فإن النقص‬ ‫سيتجاوز ‪.٪40‬‬ ‫سبب آخر الخنفاض مياه األنهار هو أنه مل‬ ‫يتم التنبؤ به من قبل‪ ،‬وهو التغري املناخي‪،‬‬ ‫حيث بدأ الشعور بأزمة املياه يف الشرق األوسط‬ ‫منذ عام ‪ ،1999‬كما سبب االخنفاض يف‬ ‫معدل هطول األمطار بنسبة ‪ ٪ 10‬إىل اخنفاض‬ ‫كبري يف مياه األنهار‪ ،‬فإذا اخنفض معدل‬

‫جملة دجلة‬

‫هطول األمطار‪ ،‬سينخفض معدل تدفق املياه‬ ‫إىل سوريا والعراق‪ ،‬ووفقاً للتدفق األصلي‬ ‫بسبب أزمة السد وأزمة الري واملناخ‪ ،‬فقد‬ ‫اخنفض تدفق املياه بنسبة ‪ ،٪ 70-60‬وميكن‬ ‫أن نعاين اخنفاض نهر الفرات يف نهر دجلة‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫كان ‪ GAP‬مشروعاً غري اجتماعي ومعا ٍد‬ ‫للبيئة‪ .‬وجلب معه سياسة حتكمية مائية‪،‬‬ ‫ومل يكن من أجل التنمية االقتصادية لشمال‬ ‫كردستان‪ ،‬بل للسيطرة على الكرد وإجبارهم‬ ‫للخضوع للدولة‪ ،‬ولقمع الشعب‪ ،‬كما يستخدم‬ ‫مشروع ‪ GAP‬أيضاً كسالح مائي ضد العراق‬ ‫وسوريا‪.‬‬ ‫على الرغم من أن نطاق حماوالت إيران صغري‪،‬‬ ‫إال أنها تأتي يف نفس السياق‪ ،‬ألن املعطيات‬ ‫اليت ظهرت يف السنوات العشر املاضية تشري‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬وبسبب بناء السدود وأنظمة الري‬ ‫على الرافدين الرئيسيني املتدفقني إىل دجلة‪،‬‬ ‫اخنفض تدفق املياه إىل العراق‪.‬‬ ‫مل تشارك تركيا يف أي مفاوضات شاملة منذ‬ ‫بناء أكرب وأول سد على نهر الفرات حلماية‬ ‫حقوق سوريا والعراق وتقاسم مياه األنهار‬ ‫واملياه اجلوفية‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬أصرت‬ ‫اجلمهورية الرتكية على احلق يف استخدام‬ ‫املوارد داخل حدودها‪ ،‬ترافق مع ادعاء العراق‬ ‫وسوريا بانتهاك حصتهما اإلقليمية وحقهما‬ ‫التارخيي يف املياه‪.‬‬ ‫واقرتحت الدولة الرتكية اتفاقيات أحادية‬ ‫اجلانب للدولتني قبل اكتمال سد أتاتورك‬ ‫يف عام ‪ ،1987‬ومت التوصل إىل اتفاق سنوي‬ ‫لتدفق ‪ 500‬مرت مكعب حنو احلدود‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك‪ ،‬مت االتفاق يف عام ‪ 1990‬على أن حتصل‬ ‫سوريا على ‪ 42‬يف املائة من مياه نهر الفرات‬ ‫الذي يتدفق من تركيا لنفسها ونسبة ‪ 58‬يف‬ ‫املائة املتبقية للعراق‪ .‬لكن بدالً من تضامن‬ ‫العراق وسوريا ضد تركيا على حقهما يف املياه‪،‬‬ ‫اختلفوا على الـ ‪ 500‬مرت مكعب من املياه‬ ‫املتدفقة من تركيا‪.‬‬ ‫ميكننا القول إن السياسة املائية لسوريا والعراق‬ ‫جتاه تركيا ضعيفة للغاية‪ ،‬ال ميكن التفاقية‬ ‫األمم املتحدة بشأن املمرات املائية الدولية لعام‬ ‫‪ 1997‬أن تغلق الطريق أمام تركيا قانونياً‬ ‫ومع ذلك ميكن للعراق وسوريا الدخول يف‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪34‬‬

‫جهود جادة ضد تركيا يف إطار املؤسسات‬ ‫الدولية(خاصة األمم املتحدة)‪ .‬العراق‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬ميكن أن يتحرك ضد تركيا يف‬ ‫إطار اتفاقية عام ‪.1947‬‬ ‫ومع قرب نهاية العقد األول من القرن‬ ‫احلادي والعشرين‪ ،‬كانت املرة األوىل منذ بداية‬ ‫الستينيات من القرن املاضي اليت بدأت فيها‬ ‫اجتماعات اخلرباء ملياه نهري دجلة والفرات‪.‬‬ ‫وكان اهلدف الرئيسي لتحرك تركيا هو إشغال‬ ‫كل من العراق وسوريا وقيلت كلمات لطيفة‪،‬‬ ‫لكن مل يتغري شيء من الناحية العملية‪.‬‬ ‫وعندما اندلعت االنتفاضة الشعبية واحلرب يف‬ ‫عام ‪ ،2011‬علقت تركيا احملادثات بشأن املياه‬ ‫واستمرت يف سياستها األساسية‪ .‬بعد سنوات‪،‬‬ ‫دخل العراق يف حرب أهلية مع داعش‪ .‬على‬ ‫الرغم من دعم تركيا لداعش‪ ،‬مل تكن هناك‬ ‫حماوالت النتقادها يف قضية املياه‪ ،‬وبعد هزمية‬ ‫التنظيم اإلرهابي‪ ،‬بل حاول العراق حتسني‬ ‫عالقاته مع تركيا منذ عام ‪ .2016‬كما ألغى‬ ‫اعرتاضه على سد إليسو ودخل يف حماولة‬ ‫للتوافق على حصة املياه مع النظام الرتكي‪.‬‬ ‫كما هو معلوم فإن سوريا يف حالة حرب مع‬

‫تحليل‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تركيا ومن املستحيل االتفاق على قضية املياه‬ ‫اآلن‪ ،‬لكن النظام الرتكي خفّض معدل تدفق‬ ‫املياه حنو سوريا إىل ‪ 250‬مرتاً مكعباً منذ‬ ‫ربيع وصيف ‪ ،2016‬دون اإلدالء بأي تصريح‬ ‫أو حماولة لتفسري ذلك‪ ،‬كما يؤثر انقطاع املياه‬ ‫هذا أيضاً على إدارة روجافا ومشال شرق سوريا‬ ‫واملنطقة اخلاضعة إلدارتها يف دير الزور‪ ،‬يف حني‬ ‫مل تُظهر احلكومة السورية أيضاً أي استياء جتاه‬ ‫قضية املياه وتصرفات النظام الرتكي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اختار العراق منذ عام ‪ 2017‬التوافق بدال من‬ ‫انتقاد تركيا بشأن قضية املياه‪ ،‬اليت تعد جزءاً‬ ‫من مفاوضات أوسع نطاقاً‪ .‬أكملت تركيا ختزين‬ ‫املياه يف سد إليسو يف عام ‪ ،2020‬كما قطعت‬ ‫تدفق املياه عن سوريا ومل تقطع عن العراق‪،‬‬ ‫مدعية أنها ستأخذ مطالب العراق بعني‬ ‫االعتبار‪ .‬لكن يف اجتماعات سرية أجرب العراق‬ ‫على الرضوخ ملطالب تركية مقابل املياه وتشمل‬ ‫هذه املصاحل االقتصادية مثل اإلنشاءات واملياه‬ ‫واستثمارات أخرى للشركات الرتكية‪ ،‬أو فتح‬ ‫السوق العراقي أمام املنتجات الرتكية‪ .‬عالوة‬ ‫على ذلك مت حث العراق على التزام الصمت‬ ‫يف وجه هجمات االحتالل الرتكي على جنوب‬

‫كردستان؛ فيدلي ببعض التصرحيات الرمسية‬ ‫حول املقاومة الكردية ضد االحتالل الرتكي‬ ‫لكنه ال حيتج‪ .‬ميكن قول املزيد عن حقيقة‬ ‫أنه نتيجة الحتجاجات بعض الدوائر داخل‬ ‫احلكومة العراقية‪ ،‬يضطر العراق النتقاد تركيا‬ ‫يف بعض األحيان‪.‬‬ ‫مت تقديم اتفاقية املياه بني العراق وتركيا‬ ‫إىل برملاني البلدين يف عام ‪ .2019‬يوضح‬ ‫هذا النص نتائج االجتماعات بني الدولتني‪.‬‬ ‫املصاحل االقتصادية والتعاون الفين يف اخلطط‬ ‫املستقبلية ال يعاجل بأي شكل من األشكال‬ ‫حقوق املواطنني الذين يعيشون على طول هذه‬ ‫األنهار‪.‬‬ ‫ومرة أخرى مل تقال كلمة واحدة فيما خيص‬ ‫احلفاظ على الطبيعة‪ ،‬ومل تشارك احلكومتان‬ ‫هذا املوضوع مع الرأي العام وحاولتا سراً‬ ‫متريره يف الربملان‪ ،‬ولكن على ما يبدو ألن‬ ‫تفاصيلها مل يتم االتفاق عليها بشكل جيد بعد‬ ‫أو لسبب سياسي آخر‪ ،‬فقد مت تعليقها يف‬ ‫اللحظة األخرية‪ ،‬إن هذا التعليق أمر جيد‪،‬‬ ‫ولكن ألن العقلية ال تتغري‪ ،‬فقد مترر مرة‬ ‫أخرى يف الربملان‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫المراة‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫شريهان قصة اسرتقاق أودت‬ ‫بها إىل سجن “عقاب”يف ادلب‬ ‫السورية‬

‫آ‪ :‬نازدار دخيل‬

‫عندما نتابع قصة شريهان رشو االيزيدية‬ ‫اليت ُسبِيَت من موطنها قرية خانصوري‬ ‫يف شنكال‪ ،‬قدس الكرد االيزيديني‪ ،‬على‬ ‫يد ارهابيي داعش حتى وصل بها األمر‬ ‫إىل سجن “عقاب”‪ ،‬الذي يستعبد داخله‬ ‫كرديات عفرين والعلويات واملسيحيات‪،‬‬ ‫الواقع يف جبل الزاوية بادلب السورية‪،‬‬ ‫واملسيطر عليها من االحتالل الرتكي‬ ‫ومرتزقتها من جبهة النصرة وباقي الفصائل‬ ‫اجلهادية االرهابية‪ ،‬ندرك مدى االرتباط‬ ‫العضوي بني كل من تركيا وارهابيي‬ ‫داعش وجبهة النصرة وكل شذاذ اآلفاق‬ ‫من ارهابيني‪.‬‬ ‫وهكذا تبدأ القصة‪:‬‬ ‫بعد اختطافها من سنجار بالعراق على‬ ‫يد تنظيم داعش اإلرهابي يف أغسطس‬ ‫‪ ،2014‬انتهى املطاف بالناجية األيزيدية‬ ‫شريهان رشو‪ ،‬إىل االحتجاز يف غياهب‬ ‫سجن“عقاب”يف مدينة إدلب السورية‪.‬‬ ‫“عقاب”مل يكن سجنا عاديا‪ ،‬بل عبارة‬ ‫عن سوق خناسة تديره تركيا‪ ،‬حيث‬ ‫عاشت شريهان عيشة “السبايا”‪ ،‬وعانت‬ ‫من الرعب خلف قضبان سجونه املمتدة من‬ ‫بلدة كنصفرة حتى دير سنبل واحسم وسط‬

‫جبل الزاوية‪ ،‬حيث تديره جبهة النصرة‬ ‫واملعروف بهيئة حترير الشام‪ ،‬املدعومة من‬ ‫تركيا وقطر‪.‬‬ ‫تفاصيل صادمة ترويها شريهان “‪23‬‬ ‫عاما”بعد اسرتقاقها وشقيقها املعاق‬ ‫وجارتها‪ ،‬على يد جريان عراقيني‬ ‫انضموا لتنظيم داعش اإلرهابي‪ ،‬وصوبوا‬ ‫رصاصاتهم األوىل لصدور من عاشوا معهم‬ ‫يف مدينة سنوني‪ ،‬اليت تتحدر منها الشابة‬ ‫األيزيدية‪.‬‬ ‫وتستذكر الفتاة الكردية األيزيدية يف‬ ‫حديثها‪ ،‬رحالت املوت اليت عاشتها‬ ‫مع التنظيم اإلرهابي بني سوريا والعراق‪،‬‬ ‫لتعصف بها األقدار يف سجن املوت الذي‬ ‫يرعب امسه مدينة إدلب‪.‬‬ ‫البداية من العراق‬ ‫متدد داعش قبل ‪ 6‬سنوات يف قرى وبلدات‬ ‫شنكال الكردية و موطن األيزيديني يف‬ ‫العراق‪ ،‬ودفعتهم عمليات اإلبادة الدموية‬ ‫املروعة إىل االحتماء باجلبل هرباً من املوت‬ ‫واجملازر كما تقول شريهان‪.‬‬ ‫البداية كما ترويها شريهان كانت على‬ ‫يد“الشيخ سامل اجلزراوي”جارها العراقي‬ ‫الذي انضم إىل تنظيم داعش اإلرهابي‪،‬‬ ‫مضيفة‪“:‬كانت أصوات الرصاص والتكبري‬

‫تعم يف كل مكان ببلدتي‪ ،‬هرعنا من‬ ‫اخلوف أنا وأمي وشقيقي املعاق سامل‪،‬‬ ‫وجارتي شريين باجتاه اجلبل لنحتمي‬ ‫به‪ ،‬لكن دورية ملسلحي لداعش بينهم‬ ‫جرياننا كانت ترتبص بنا‪ ،‬وأخذتنا رهائن‬ ‫بعد قتل أمي‪ ،‬إىل قرية خانصور”‪.‬‬ ‫أسواق الرق‬ ‫بالسياط والعصي واحلرمان واجلوع‬ ‫واخلوف قضت شريهان اليت كانت يف‬ ‫السادسة عشر من عمرها آنذاك‪ ،‬أيامها‬ ‫مع آالف األيزيديات اللواتي مت مجعهن‬ ‫من عدة قرى منها‪ :‬تل قصب‪ ،‬ورمبوسي‪،‬‬ ‫وكوجو‪ ،‬وتل بنات‪ ،‬وخانصور‪ ،‬ليتم‬ ‫اقتيادهن عرب حافالت إىل املوصل والرقة‪.‬‬ ‫وتقول شريهان‪”:‬إن ‪ 3‬جتار رقيق تذكرهم‬ ‫بألقابهم وهم‪ :‬أبو محزة‪ ،‬وأبو موسى‪،‬‬ ‫وأبو هاجر‪ ،‬كانوا أول من باعوهم يف أسواق‬ ‫النخاسة بالعراق‪ ،‬بعد إجبارها و‪ 19‬شابة‬ ‫أيزيدية على ارتداء ثياب غري حمتشمة”‪.‬‬ ‫واقتيدت شريهان إىل مزرعة كان يتملكها‬ ‫أبو سعيد‪ ،‬وهو أول من اشرتاها واغتصبها‪،‬‬ ‫وتابعت قائلة‪“:‬حني علم حبملي‪،‬‬ ‫لكم بطين حبذائه العسكري لكمة قوية‬ ‫أجهضت اجلنني بعدها‪ ،‬وكدت أن أفقد‬ ‫حياتي من شدة النزف‪ ،‬ومتنيت املوت‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪36‬‬

‫كي ارتاح من عذاباتي”‪.‬‬ ‫وتواصل الناجية الكردية األيزيدية سرد‬ ‫قصتها‪ ،‬وتقول‪“:‬باعين أبو سعيد مرة‬ ‫أخرى ألبو عبد اهلل وأبو خطاب اجلزراوي‬ ‫وبعدها ألبو أنس العراقي‪ ،‬لتنتهي بها‬ ‫صفقات البيع يف منزل أبو ناصر الشامي‬ ‫كخادمة وعبدة جنس”‪.‬‬ ‫سجن العقاب ‪ ...‬سوق النخاسة الرتكي‬ ‫عمليات بيع مل تعد حتصيها الناجية‬ ‫شريهان بني العراق واملوصل‪ ،‬لكن آخرها‬ ‫كانت رحلة العبور من الرقة باجتاه مناطق‬ ‫جبهة النصرة يف مدينة إدلب‪.‬‬ ‫هذه املرة اشرتاها جتار الرقيق من اجلبهة‬ ‫وهما‪ ،‬أبو عبد اهلل الداغستاني وأبو خالد‬ ‫العراقي اللذان قدما من إدلب إىل الرقة‪ ،‬ثم‬ ‫توجهوا عرب ريف محاة إىل جبل الزاوية‪.‬‬ ‫وحبسب رواية شريهان‪ ،‬فقد باعها‬ ‫مالكها إىل الداغستاني والعراقي‪ ،‬واألخري‬ ‫احتجزها يف سجن“العقاب”الذي وصفته‬ ‫باجلحيم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتضيف قائلة‪“:‬كان سجنا كبريا جدا‬ ‫بغرف كثرية ومعتمة‪ ،‬ال صوت يعلو‬ ‫فوق أصوات صرخات املعذبني داخله‪،‬‬ ‫السيما النساء(الكافرات امللحدات) بنظر‬

‫المراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫السجانني”‪ ،‬متابع ًة‪“ :‬كان سوق خناسة‬ ‫تباع وتشرتى فيه النساء الكرديات‬ ‫واأليزيديات واملسيحيات‪ ،‬وحتى نساء‬ ‫عربيات سوريات كن حمتجزات خلف‬ ‫قضبانه”‪.‬‬ ‫ويقع سجن “عقاب”األثري حتت األرض‬ ‫بني منطقيت كفرنبل والبارة يف جبل‬ ‫الزاوية‪ ،‬وحبسب نشطاء من مدينة إدلب‬ ‫كشفوا لـ”سكاي نيوز عربية”عن وجود‬ ‫سجون عدة جلبهة النصرة اإلرهابية يف‬ ‫املدينة‪ ،‬لكن سجن “عقاب”تشرف عليه‬ ‫وتديره االستخبارات الرتكية‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬حتدث أبو عمر األدليب‪،‬‬ ‫قائد لواء الشمال الذي ينحدر مقاتلوه‬ ‫من مدينة إدلب وريفها‪ ،‬واصفاً“سجن‬ ‫عقاب”بـ”سجن املوت”‪.‬‬ ‫وأوضح قائد لواء الشمال اإلدليب‪ ،‬الذي‬ ‫ينضوي حتت قوات سوريا الدميقراطية‬ ‫لـوسائل اعالم‪ ،‬أن‪“:‬سجن عقاب‬ ‫مبنى قديم أثري له العديد من الغرف‪،‬‬ ‫تستخدم كزنزانات لسجن أشخاص‬ ‫تنتقيهم االستخبارات الرتكية داخلها‪،‬‬ ‫ويضم ساحة كبرية حتت األرض للتحقيق‬ ‫واالستجواب‪ ،‬حتت أبشع وأقذر أنواع‬ ‫التعذيب يف حق اإلنسانية”‪.‬‬

‫وأشار اإلدليب إىل أن“هذا السجن يرتأسه‬ ‫شخص يدعى(أبو تراب جبهة) وهو‬ ‫سوري اجلنسية‪ ،‬ومن األشخاص املعروفني‬ ‫بالتشدد واإلرهاب”‪.‬‬ ‫وكشف عن “وجود حوالي ‪ 50‬سيدة‬ ‫حمتجزة يف السجن”‪ ،‬موضحاً‪“ :‬بينهن‬ ‫كرديات من عفرين وأيزيديات وعلويات‬ ‫ومسيحيات‪ ،‬يعذبن كنزالء السجن من‬ ‫الرجال بالصعق الكهربائي‪ ،‬كما يتم‬ ‫اغتصابهن باعتبارهن كافرات”‪.‬‬ ‫وحتدث اإلدليب عن وجود حمتجزين يف‬ ‫“عقاب”منذ ‪ 2013‬مبيناً أنه سجن مدعوم‬ ‫من مجاعة اإلخوان واحلكومة الرتكية‬ ‫اليت تعطي األوامر بقتل أشخاص أو متديد‬ ‫حجزهم إىل أجل غري مسمى‪.‬‬ ‫وحبسب تقارير دولية فإن تنظيم داعش‬ ‫اإلرهابي اسرتَ َّق يف أغسطس ‪ ،2014‬أكثر‬ ‫من ‪ 6‬آالف من النساء واألطفال‪.‬‬ ‫وأشارت التقارير أيضا إىل أن هناك أكثر من‬ ‫‪ 8‬آالف من األيزيديني يف عداد املفقودين‪،‬‬ ‫جبانب تشريد حنو ‪ 350‬ألف منهم يف‬ ‫خميمات النزوح اقليم باشور‪ /‬جنوب‬ ‫كردستان‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تحليل‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫أسطورة أخراج املاء من الصخر ميثرائية األصل ‪...‬‬

‫سليمان ابو سيف‬

‫في عقيدة األيزيدية إن(ينبوع زمزم)‬ ‫املوجود يف كهف باللش هو إحدى‬ ‫املعجزات حسبما جاء يف ذلك(القصيدة)‬ ‫املنسوبة إىل الشيخ عدي بن مسافر(ع)‬ ‫حني ضرب عكازته يف الصخرة وقال زمزم‬ ‫تعال فتدفقت املياه كي يتوضى ضيوفة من‬ ‫شيوخ بغداد الذين كانوا قد زاروه‪ ،‬ويعتقد‬ ‫البكتاشيون إن من معجزات(حاجي‬ ‫بكتاش) تفجريه ينبوعا من الصخرة قرب‬ ‫قرية(حاجي بكتاش) يف تركيا‪.‬‬ ‫والشيء الغريب هو إنهم يسمونه(اق بوناز)‬ ‫ومعناها باللغة الرتكية(الينبوع األبيض) ويف‬ ‫الكردية(كانيا سيب)‪ ،‬ويرجع أصل هذه‬ ‫األسطورة إىل امليرتائية‪ ،‬إذ صوب(ميثرا)‬ ‫سهما إىل صخرة فانبثق منها املاء وأراد‬ ‫بذلك إنقاذ البشر من اجلدب الذي عم‬ ‫الدنيا‪ ،‬وتعتقد الباطنية يف إيران بوجود‬ ‫ينابيع جارية فجرها(اإلمام علي) ويف‬ ‫عقيدة سكان مدينة السليمانية واملناطق‬ ‫اجملاورة هلا إن ينبوع(سرجنار) الذي هو‬ ‫أغزر الينابيع املوجودة إىل جوار املدينة‬ ‫كان قد فجره اإلمام علي بضربه من سيفه‬ ‫ذي الفقار‪ ،‬وهذا االعتقاد بقى سائدا منذ‬ ‫أن انتشرت الباطنية يف منطقة(شهرزور)‬ ‫لقد كانت عني سرجنار يف قديم الزمان‬ ‫مكان مقدسا ويغلب الظن بأنه كان يف زمن‬ ‫ما قبل اإلسالم معبداً إلهلة(اناهيتا) اهلة‬ ‫الينابيع واملياه املتدفقة واألراضي اخلصبة‪،‬‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫كما فجر موسى عيون املاء بضربة عصا‬ ‫يف الصخر(‪ )2‬وكذلك أبراهيم اخلليل‪،‬‬ ‫(وفجأة ملا كانت تركض هاجر ما بني‬ ‫اجلبلني جاءها امللك جربيل ـ عليه‬ ‫السالم ـ وأخذها إىل املكان الذي فيه‬

‫عني زمزم‪ ،‬وضرب األرض برجله فنبع‬ ‫املاء‪ ،‬فصارت حتمل من ذلك املاء وتضعه‬ ‫يف قربتها حُ‬ ‫وتيطه باحلصى؛ خمافة أن‬ ‫يضيع يف الرتاب‪ ،‬فقال امللك هلاجر‪ :‬ال‬ ‫ختايف العطش يا هاجر‪ ،‬فحمدت هاجر‬ ‫ربها وشكرته؛ فهو وحده الذي أنقذ‬ ‫حياتها وحياة ابنها(‪ )3‬يف احلقيقة كل‬ ‫هذه املعجزات أو األساطري مصدرها اآلله‬ ‫ميرتا امليتاني‪.‬‬ ‫املصادر ‪:‬‬ ‫‪1‬ـ توفيق وهيب ـ اآلثار الكامله ـ أعداد‬ ‫رفيق صاحل ـ اجلزء األول ص‪. 115‬‬ ‫‪2‬ـ القرآن الكريم ـ سورة البقرة ـ آية ‪. 60‬‬ ‫‪3‬ـ ^ أ ب ت ث ج ح خ مكي بن أبي‬ ‫طالب‪ ،‬اهلداية اىل بلوغ النهاية‪ ،‬صفحة‬ ‫‪.3826‬‬

‫وهذا االعتقاد بقى سائدا‬ ‫منذ أن انتشرت الباطنية‬ ‫يف منطقة(شهرزور) لقد‬ ‫كانت عني سرجنار يف قديم‬ ‫الزمان مكان مقدسا ويغلب‬ ‫الظن بأنه كان يف زمن ما قبل‬ ‫اإلسالم معبداً إلهلة(اناهيتا)‬ ‫اهلة الينابيع واملياه املتدفقة‬ ‫واألراضي اخلصبة‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪38‬‬

‫رابورت‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫آب شه ُر ابادة االيزيديني‬

‫بعد ايام قليلة على ذكرى الكارثة‬ ‫الكربى(االبادة على يد داعش)‪ ،‬حيل على‬ ‫االيزيدين اليوم ‪ 14‬اب الذكرى السنوية‬ ‫ال‪ 14‬جملزرة تلعزيز وسيبا شيخ خدر نتيجة‬ ‫انفجارات حصدت ارواح املئات من املدنيني‪.‬‬ ‫اليوم ‪ 14‬اب من عام ‪ ، 2007‬انفجرت‬ ‫شاحنات مفخخة يف قرييت سيبا شيخ خدر‬ ‫و تل عزيز يف شنكال و اسفرت عن فقدان‬ ‫اكثر من ‪ 400‬مدني ايزيدي حلياته و اصابة‬ ‫املئات االخرين‪.‬‬ ‫القريتان انذاك كانتا حتت سيطرة حزب‬ ‫الدميقراطي الكردستاني اىل جانب قوات‬ ‫عراقية‪ ،‬و كان التفجري نامجاً عن ‪ 4‬شاحنات‬

‫مفخخة مرت من نقاط تفتيش السلطات اىل‬ ‫القريتني دون تدقيق امين‪.‬‬ ‫ودخلت الشاحنات املفخخة اىل القريتني‬ ‫حبجة توزيع املساعدات على الشعب‪،‬‬ ‫لتسقط اكرب قدر ممكن من االرواح‪ ،‬ويف ظهر‬ ‫‪ 14‬اب ‪ 2007‬انفجرت الشاحنات وسط‬ ‫جتمع املواطنني‪ ،‬لتخلف جمزرة كبرية حبق‬ ‫املكون االيزيدي وتضاف اىل سلسة اجملازر‬ ‫حبق هذه املكون الذي الزال يلملم جرائحه‬ ‫االخرية من االبادة اليت حلت به قبل ‪6‬‬ ‫سنوات على يد داعش‪.‬‬ ‫ويؤكد اهالي القرية ان مجيع الطرق اليت‬ ‫كانت تؤدي اىل القريتني حينها كانت حتت‬

‫سيطرة الدميقراطي الكردستاني الذي نشر‬ ‫بدروه تفتيش على مفارقها‪ ،‬لذا يؤكدون على‬ ‫ان حدوث اجملزرة هو ناجم عن تقصري كبري‬ ‫من عناصر االمن التابع للحزب املسيطر‪،‬او قد‬ ‫يصل اىل مستوى الضلوع فيه‪.‬‬ ‫حسني خليل وهو احد الشهود العيان اثناء‬ ‫احلادثة اليت جرت يف قرية سيبا شيخ خدر‪،‬‬ ‫قال ان شهر اب بالنسبة هلا شه ٌر مأساوي‬ ‫فقد حدثت فيها االبادة على يد داعش عام‬ ‫‪ ،2014‬ووقبلة جمزرة سيبا شيخ خدر اليت‬ ‫حصدت ارواح املئات من اجملتمع االيزيدي‬ ‫رجال ونساء و اطفال‪.‬‬ ‫و اشار اىل ان احد الساجنات انفجرت مبكان‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫قريب من منزله يف القرية‪،‬وقال انها جمزرة‬ ‫مروعة حبق االيزيديني‪.‬‬ ‫وقال انه و عدد من سكان القرية شعر باخلطر‬ ‫الذي حتمله احدى الشاحنات عندمنا حاولت‬ ‫الدخول بشكل مسرع يف القرية‪ ،‬و قد حاولوا‬ ‫االستفسار من سائقها‪ ،‬لكن الشاحنة احنرف‬ ‫حنو ساحة القرية و افجرت هناك‪ ،‬وبعهدها‬ ‫مباشرة دخلت شاحنة اخرى وعرف الناس‬ ‫املروعني من االنفجار االول ان الثانية ايضاً‬ ‫مفخخة‪ ،‬وقد اطلق عليها بعض الرصاصات‬ ‫من قبل الناس‪ ،‬فاصطمت باحدى عواميد‬ ‫الكهرباء فقي القرية و انفجرت‪.‬‬ ‫و قال ان الشاحنتني املفخختني حصدت‬

‫رابورت‬

‫‪39‬‬

‫ارواح ‪ 44‬شخص‪ ،‬وقد مر على هذه احلادثة‬ ‫كل هذه السنوات دون التحقيق فيها وكشف‬ ‫املسؤولني عنها‪ ،‬بينما الزال الشعب االيزيدي‬ ‫يطالب مجيع املنظمات الدولية بالكشف عن‬ ‫منفذي هذه اجملزرة وحماسبتهم‪.‬‬ ‫و اشاد خليل جبهود و تضحيات وحدات‬ ‫مقاومة شنكال اليت زرعت فيهم روح التنظيم‬ ‫و الدفاع عن انفسهم ملنع تكرار اجملازر‬ ‫حبقهم‪.‬‬ ‫اما يف قرية تل عزيروالذي شهدت انفجار‬ ‫شاحنتني بالتزامن مع شاحنيت قرية سيبا‬ ‫شيخ خدر‪ ،‬فقد حتدث عنها مشو حجي‬ ‫وقال انها خلفت ‪ 400‬شهيد‪ ،‬حيث جتمع‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫الناس عند الشاحنتني املفختني ومل يشعروا‬ ‫مبا يف الشاحنتني من متفجرات اودت‬ ‫حبايتهم مجيعهاً‪.‬‬ ‫وقال ان القوات احلكومية العراقية و التابعة‬ ‫القليم كردستان ايضاً انذاك مل تقم بواجبها‬ ‫ومسؤولياتها و اال ملا مسحت هلذه الشاحنتني‬ ‫بالدخول اىل القرية‪.‬‬ ‫وبسبب االهمال وعدم املتابعة من جانب‬ ‫احلكومة العراقية بقيت سجالت اجملزرة يف‬ ‫زاوية شبه غامضة‪ ،‬ومرت عليها السنوات‬ ‫دون حتقيق وحماسبة‪.‬‬ ‫مأخذ‪:‬‬

‫‪ÇIRA TV‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪40‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ماذا حيدث يف افغانستان بعد االنسحاب االمريكي منها ومن سيملئ الفراغ هناك؟‬ ‫اعداد‪ /‬مجال شنكالي‬

‫من هو املسؤول عما حيدث للجيش االفغاني؟‬ ‫وماهو السيناريو الذي كتبه االمريكيون‬ ‫ألفغانستان من جديد؟ وماهو دور حركة‬ ‫طالبان يف هذا السيناريو؟‬ ‫وما هو طبعية الدور الرتكي والباكستاني‬ ‫وااليراني يف افغانستان؟‬ ‫وماهي تأثريات التطورات االخرية على دول‬ ‫اسيا الوسطى ومناطق القوقاز وروسيا؟‬ ‫من جديد يبدو ان افغانستان يراد هلا ان‬ ‫تكون ساحة للفوضى واحلروب االهلية‬ ‫على نطاق واسع وكمعرب يزعزع أمن منطقة‬ ‫اسيا الوسطى والقوقاز ومناطق غرب الصني‬ ‫وغريها‪ ،‬وكساحة للصراع واملواجهة الغري‬ ‫مباشرة بني واشنطن وموسكو؟‬ ‫فبمجرد إعالن االمريكيون سحب جيشهم‬ ‫والقوات االطلسية احلليفة هلم من افغانستان‬ ‫وتصرحياتهم بانهم إتفقوا مع تركيا إستالم‬ ‫وإدارة مطار كابول ومناطق اخرى نظرا‬ ‫ملاتتمتع بها تركيا مـــِن مميزات تسمح‬ ‫لـٍهآ بذالك‪ ،‬منها انها دولة إسالمية وهلا‬ ‫عالقات تارخيية و حتالفية ونفوذ مع بعض‬ ‫املكونات االجتماعية االفغانية‪ ،‬كما تعترب‬ ‫تركيا دولة إقليمية كربى‪ ،‬وتتمتع بإقتصاد‬ ‫قوي تعول عليها واشنطن يف إستخدامها يف‬ ‫مد نفوذها داخل االحتاد الروسي وخاصة يف‬ ‫مناطق القوقاز واسيا الوسطى ذات االغلبية‬ ‫االسالمية ضمن املخطط واالسرتاتيجية‬ ‫االمريكية يف إضعاف روسيا او تفكيكها‪،‬‬ ‫لكن حركة طالبان اعلنت يف حينه معارضتها‬ ‫للطرح االمريكي وقالت ان بقاء اي قوات‬ ‫اجنبية سوا تركية او غري تركية ستعتربها‬ ‫قوات إحتالل ولن تسمح به‪.‬‬ ‫فبالتزامن مع إنسحاب القوات االمريكية‬ ‫واالطلسية نفذت قوات طالبان هجوم كبري‬ ‫وشامل اسقطت فيه الكثري من االراضي واملدن‬ ‫واملعابر احلدودية الشمالية وبوترية متسارعة‬ ‫وسط عجز اجليش االفغاني عن وقف تقدمها‪.‬‬ ‫ويبدو ان هجومها كان مدروسا ويهدف إىل‬ ‫إفشال اي تواجد تركي يف افغانستان‪ ،‬حيث‬ ‫ان قوات احلركة هامجت املناطق االزبكية‬ ‫والشمالية اليت ترتبط بعالقات تارخيية‬

‫وحتالفية مع تركيا باالضاقة اىل ان سكان‬ ‫هذه املناطق يتحدثون اللغة الرتكية‪ ،‬وان قائد‬ ‫املليشيات االزبكية اجلنرال عبد الرشيد دستم‬ ‫يعترب احد اهم حلفاء االتراك‪ ،‬وقد سبق له‬ ‫وأن جلأ اىل تركيا بعد خروج قوات االحتاد‬ ‫السوفييت من افغانستان وسيطرة قوات‬ ‫اجملاهدين االفغان عليها‪ ،‬ودخول قوات‬ ‫القائد قلب الدين حكمة يار زعيم احلزب‬ ‫االسالمي وقوات امحد شاه مسعود اىل‬ ‫العاصمة كابول انذاك‪ ،‬وقبل ان تنفذ حركة‬ ‫طالبان إنشقاقا عن قوات حكمة يار وحتكم‬ ‫سيطرتها على كل االراضي االفغانية‪.‬‬ ‫** سيطرة قوات طالبان على اهم املعابر‬ ‫احلدوديةملرور البضائع مع مجهورية‬ ‫طجاكستان يعد أمر خطري بالنسبة للدول‬ ‫اإلسالمية يف اسيا الوسطى ومنطقة القوقاز‬ ‫وللنفوذ واالمن القومي لإلحتاد الروسي‬ ‫وإستقرار هذه الدول‪ ،‬فقد سبق وان كانت‬ ‫افغانستان معربملعظم املقاتلني والسالح خالل‬ ‫االحداث واحلرب اليت حدثت يف مجهورية‬ ‫الشياشان عندما ارادت االنفصال عن روسيا‬ ‫وغريها من اجلمهوريات االسالمية اليت‬ ‫تتمتع باحلكم الذاتي يف روسيا أثناء حكم‬ ‫حركة طالبان إلفغانستان‪ ،‬قبل ان يقوم‬ ‫اجليش االمريكي بإحتالهلا وإسقاط حكم‬ ‫احلركة على خلفية احداث احلادي عشر من‬ ‫سبتمرب وإتهام احلركة بدعم ومحاية(القاعدة)‬ ‫وزعيمها إسامة بن الدن‪.‬‬ ‫التطورات يف افغانستان تسري بوترية متسارعة‬ ‫وحركة طالبان تواصل زحفها مشاال وشرقا‬ ‫وتفرض حصارها على مدينة قوندز املهمة‬ ‫واليت متثل بوابة الرئيسية يف السيطرة على‬ ‫مدينة مزار شريف عاصمة مشال افغانستان‪،‬‬ ‫وتفرض احلصار ايضا على حميط الكثري من‬ ‫عواصم املقاطعات االفغانية ومن املتوقع ان‬ ‫يستمر هذا التوسع وصوال اىل حصار العاصمة‬ ‫االفغانية كابول نفسها‪.‬‬ ‫حيدث هذا التدهور االمين الواسع بعد‬ ‫عشرين سنة من احلرب االمريكية واالطلسية‬ ‫على حركة طالبان األفغانية واإلحتالل‬ ‫االمريكي للدولة األفغانية حتت راية القوات‬ ‫الدولية(لدعم احلكومة االفغانية وبناء املؤسسة‬ ‫العسكرية واالمنية وتكوين جيش قوي يكون‬

‫قادر على الدفاع عن افغانستان وحفظ امنها‪،‬‬ ‫والقضاء اعلى تنظيم لقاعدة و على قوة‬ ‫طالبان وإجتثاثها او إضعافها على االقل‪،‬‬ ‫وإخراجها من امللعب السياسي والعسكري‪،‬‬ ‫واملساعدة على إحالل السالم يف أفغانستان‬ ‫وإعادة إعمارها‪ ،‬ورعاية مفاوضات سياسية‬ ‫بني االطراف االفغانية وتشكيل حكومة‬ ‫وحدة وطنية مشرتكة ودعم إجراء االنتخابات‬ ‫الرئاسية والنيابية جمللس الليوجارجا)‪.‬‬ ‫هذه هي كانت اهم االهداف اليت اعلنتها‬ ‫واشنطن ودول حلف الناتوا عندما ارسلوا‬ ‫مئات االالف من جنود جيوشهم عند‬ ‫إحتالهلم ألفغانستان يف عام ‪.2001‬‬ ‫** بإعتقادي مايشاهده العامل حيدث اليوم‬ ‫يف إفغانسان هو املشهد الواقعي واحلقيقي‬ ‫الذي يعكس الصورة احلقيقية لإلسرتاتيجية‬ ‫والعقيدة السياسية االمريكية جتاه دول العامل‬ ‫االسالمي‪.‬‬ ‫فاالمريكيون يف تدخلهم السياسي والعسكري‬ ‫واالقتصادي يف دول العامل االسالمي تكون‬ ‫اهدافهم اخلفية ليس بغرض إعادة االمن‬ ‫واالستقرار والسالم إىل هذه الدول‪ ،‬او‬ ‫مساعدتها يف بناء مؤسساتها االمنية والدفاعية‬ ‫بشكل حقيقي وفاعل لكي تستطيع منع اي‬ ‫تدهور امين وحفظ وحدة وإستقرار البالد‪،‬‬ ‫واملقدرة على الدفاع عن الوطن‪.‬ولكن تتدخل‬ ‫لكي تبقي دول العامل االسالمي يف حالة من‬ ‫الفوضى والتدهور االمين وعدم االستقرار‬ ‫بل وتقوم نفسها بإذكاء الفنت والصراعات‬ ‫الداخلية فيها‪ ،‬واهلدف هو منع قيام دولة‬ ‫كربى يف العامل االسالمي كما قلنا وكررنا‪،‬‬ ‫وإستخدام هذه الدول يف صراعها ضد الدول‬ ‫الكربى املنافسة هلا مثل روسيا والصني‪.‬‬ ‫** الحظوا بعد اكثر من عشرين سنة من‬ ‫االحتالل االمريكي إلفغانستان كيف تركت‬ ‫امريكا هذا البلد؟‬ ‫ـ تركته بلدا ضعيفا فقريا مدمرا مل تقم بأي‬ ‫جهد يذكر إلعادة إعماره‪.‬‬ ‫ـ تركته بال جيش قوي وموحد وميثل كل‬ ‫فئات ومناطق الشعب االفغاني وحبيث يكون‬ ‫قادر على محاية البالد وحفظ االمن واالستقرار‬ ‫فيها إذا إنسحبت منه‪ ،‬ومل تقم ببنائه او‬ ‫تدريبة او تسليحة بشكل صحيح‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فاالمريكيون يف تدخلهم السياسي‬ ‫والعسكري واالقتصادي يف دول‬ ‫العامل االسالمي تكون اهدافهم‬ ‫اخلفية ليس بغرض إعادة االمن‬ ‫واالستقرار والسالم إىل هذه‬ ‫الدول‪ ،‬او مساعدتها يف بناء‬ ‫مؤسساتها االمنية والدفاعية‬ ‫بشكل حقيقي وفاعل لكي تستطيع‬ ‫منع اي تدهور امين وحفظ وحدة‬ ‫وإستقرار البالد‬ ‫وفاعل‪ ،‬وإمنا تركته جيش ضعيف ينخره‬ ‫الفساد وجنوده مل يستلموا مرتباتهم لعدة‬ ‫اشهر‪ ،‬ومن الطبيعي ان تكون النتيجة كما‬ ‫نراها اليوم‪.‬‬ ‫فبمجرد إنسحاب اجليش االمريكي واالطلسي‬ ‫من افغانستان سقطت الكثري من مقاطعات‬ ‫ومدن البالد حتت سيطرة طالبان بكل سهولة‬ ‫ومين هذا اجليش بهزائم كبرية مستمرة‪.‬‬ ‫ـ تركت افغانستان تنزلق حنو التدهور االمين‬ ‫واحلروب االهلية والداخلية على نطاق واسع‬ ‫من جديد بعدما إشتغلت على تهيئة الساحة‬ ‫االفغانية لتكون مسرحا للخالفات املستمرة‪.‬‬ ‫ـ مل حتقق امريكا داخل افغانستان أي من‬ ‫إإلجنازات سوا كانت مشاريع سياسية او‬ ‫إقتصادية او عسكرية او إجتماعية او زراعية‬ ‫او صناعية او تعليمية او ثقافية اوصحية‬ ‫إستفاد منها الشعب االفغاني؟‬ ‫ـ تركت امريكا افغانستان بعد ما قتلت‬ ‫وجرحت مئات االالف من الشعب االفغاني‪،‬‬ ‫وهجرت املاليني‪ ،‬ودمرت مدنهم وقراهم‬ ‫ومنازهلم ومزارعهم وكل ومقدراتهم‪.‬‬ ‫ـ تركت إمريكا مئات االالف من االيتام‬ ‫واالرامل واملعاقني‪.‬‬ ‫** باملختصر املفيد إنظروا لالوضاع املزرية‬ ‫يف افغانستان اليوم وماحيدث داخلها وانتم‬ ‫ستتعرفون وستشاهدون بأنفسكم الصورة‬

‫مقالة‬

‫‪41‬‬

‫القبيحة حلكومة الواليات املتحدة االمريكية‬ ‫على حقيقتها‪ ،‬بعكس ما تدعيه على إنها‬ ‫زعيمة العامل احلر‪ ،‬و تبجحها املستمر بإنها‬ ‫متتلك قيم ومبادئ إنسانية وعظيمة تسعى‬ ‫لنشرها وتعميمها لكل شعوب العامل تؤهلها‬ ‫لقيادة العامل‪ ،‬وتعطي لنفسها احلق بإنها‬ ‫هي املدافعة و احلامية عن حرية وحقوق‬ ‫االنسان لكل شعوب العامل‪ ،‬وتتخذ من هذا‬ ‫املربر يف تسلطها وتدخلها السافر يف الشؤون‬ ‫الداخليةرللدول‪ ،‬من خالل التقارير الدورية‬ ‫اليت تصدرها وزارة اخلارجية االمريكية عن‬ ‫حالة حرية التعبري وحقوق االنسان يف كل دول‬ ‫العامل‪ ،‬وتصنفها وتنتقدها وتفرض العقوبات‬ ‫عليها كمدخل وبوابة ومربر لتدخلها العسكري‬ ‫والسياسي فيها‪ ،‬يف اكرب تناقض مع ما تقوم‬ ‫بها على ارض الواقع من إنتهاكات بشعة‬ ‫و مهولة حلرية الشعوب وحقوق االنسان يف‬ ‫معظم دول العامل بعد التآمر على تفتيتها من‬ ‫الداخل وتدمريها وإفقار وجتويع شعوبها‬ ‫ونهب ثرواتهم وإذالهلم واإلنتقاص من‬ ‫حريتهم وكرامتهم وإستقالل ووحدة اوطانهم‬ ‫كما فعلت وتفعل اليوم يف(اليمن و افغانستان‪،‬‬ ‫والعراق‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وليبيا‪ ،‬ولبنان وغريها)‪.‬‬ ‫** اجلدير بالذكر ان اجملتمع االفغاني‬ ‫يتكون من عدة طوائف اهمها(الباشتون‪،‬‬ ‫والطاجيك‪ ،‬واالزبك‪ ،‬واهلزار وغريها)‬ ‫فالطائفة الباشتونية متثل اغلبية الشعب‬ ‫ويرتكز معظم افرادها يف جنوب ووسط‬ ‫افغانستان‪ ،‬فيما الطائفة الطاجيكية يرتكز‬ ‫معظم افردها يف شرق ومشال افغانستان‪،‬اما‬ ‫الطائفة االزبكية يرتكز معظم افرادها يف‬ ‫الشمال …اخل‪.‬‬ ‫** تعترب الدولة الباكستانية والرتكية‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫وااليرانية من اهم الدول االقليمية املؤثرة يف‬ ‫االوضاع الداخلية االفغانية فحركة طالبان‬ ‫معظم قياداتها وعناصر جيشها من الباشتون‬ ‫وهذه الطائفة ميتد إنتشارها على دوليت‬ ‫باكستان وافغانستان بشكل كبري فمعظم‬ ‫املناطق اليت تقع على جانيب احلدود االفغانية‬ ‫والباكستانية تسكنها الطائفة الباشتونية‪.‬‬ ‫واعتقد أن حركة طالبان إستفادت من هذه‬ ‫املميزات يف محاية معظم افرادها وسالحها‬ ‫من القتل والتدمري طوال احلرب االمريكية‬ ‫االطلسية عليها منذ عام ‪ ،2001‬إذ جنحت‬ ‫احلركة يف جتنب املواجهة التقليدية مع‬ ‫اجليش االمريكي املتفوق عليها جويا وبريا‬ ‫يف السالح ونفذت إنسحابا اىل داخل االراضي‬ ‫احلدودية الباكستانيا وساعدها يف ذلك‬ ‫إحتضان الباشتون الباكستانني هلا ومبساعدة‬ ‫االستخبارات الباكستانية على مااعتقد‪،‬‬ ‫وإستبدلته حبرب العصابات اليت كانت‬ ‫تشنها ضد قوات اجليش االمريكي وقوات‬ ‫احلكومة االفغانية احلليفة هلم‪.‬‬ ‫وبهذه االسرتاتيجية جنحت احلركة يف‬ ‫محاية معظم سالحها ومسلحيها كما ان‬ ‫هذه الظروف اعطتها هامش كبري من العمق‬ ‫االسرتاتيجي الباكستاني يف إعادة االستقطاب‬ ‫والتجنيد والتدريب لقواتها‪.‬‬ ‫** ومانقوله جييب على تساؤالت الكثريين‬ ‫واملتابعني للتطورات االفغانية االخريه حول‬ ‫كيفية جناح حركة طالبان بتجهيز كل هوالء‬ ‫املقاتلني وحشدهم وكل هذا السالح واملعدات‬ ‫بوقت قياسي‪ ،‬و اليت تستخدمها هذه االيام‬ ‫يف إجتياح املقاطعات االفغانية وبشكل واسع‬ ‫وشامل ومتسارع بعد إنسحاب القوات‬ ‫االمريكية واالطلسية حيث إستطاعت بهذا‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/7/30‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪42‬‬

‫إيران حتتفظ هلا يدور‬ ‫وتأثري يف امللف االفغاني بفعل‬ ‫نفوذها اليت متلكه يف اوساط‬ ‫االقلية(الشيعية) يف أفغانستان‬ ‫ودعم مليشياتها املسلحة حتت‬ ‫قيادة حزب الوحدة(الشيعي)‬ ‫وهذه املميزات‪ ،‬اهل إيران‬ ‫للعب دور كبري وتنسيقي‬ ‫وحتالفي مع الواليات املتحدة‬ ‫االمريكية‬ ‫الوقت القصري إسقاط اكثر من ‪ 60‬مقاطعة‬ ‫افغانية وبرآي فعلت ذلك بدعم الدولة‬ ‫الباكستانية بطريقة غري مباشره‪.‬‬ ‫ـ باكستان تعترب من الدول االسالمية الكربى‬ ‫وهي من الدول النووية‪ ،‬ولكنها تعاني من‬ ‫عدة عوامل وعراقيل اعاقتها من التوسع‬ ‫يف نفوذها جغرافيا‪ ،‬مما منع حتوهلا إىل‬ ‫إمرباطورية إسالمية إقليمية‪ ،‬فاهلند والصني‬ ‫وإيران عمالقة حيدونها من الشرق واجلنوب‬ ‫والشمال ووقوع هذه الدول على حدودها‬ ‫منعتها من هامش التوسع والنفوذ وعرقلة‬ ‫حتوهلا إىل امرباطورية أقليمية كربى‪ ،‬ومل‬ ‫يتبق لـٍهآ إال اهلامش االفغاني لتمد نفوذها‪،‬‬ ‫واللعب بالورقة االفغانية يف مواجهة الدول‬ ‫الكربى مثل امريكا وروسيا والصني من اجل‬ ‫حتقيق املزيد من املكاسب واملصاحل‪ ،‬وفرض‬ ‫نفسها كدولة فاعلها يف امللف االفغاني‬ ‫حتتاج لـٍهآ هذه الدول‪ ،‬كما تهدف السياسة‬ ‫الباكستانية إىل منع الدول االقليمة مثل إيران‬ ‫وتركيا وعرقلة طموحاتها ووجودها ونفوذها‬ ‫يف افغانستان اليت حتاول كال متهما احلصول‬ ‫عليه هناك على حساب الدور الباكستاني‪،‬‬ ‫وبالتالي تكون بكاستان هي الوحيدة املؤهلة‬ ‫يف ملئ الفراغ الذي سببه خروج القوات‬ ‫االمريكية واالطلسية من افغانستان‪.‬‬ ‫ـ إيران حتتفظ هلا يدور وتأثري يف امللف‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫االفغاني بفعل نفوذها اليت متلكه يف اوساط‬ ‫االقلية(الشيعية) يف أفغانستان ودعم مليشياتها‬ ‫املسلحة حتت قيادة حزب الوحدة(الشيعي)‬ ‫وهذه املميزات‪ ،‬اهل إيران للعب دور كبري‬ ‫وتنسيقي وحتالفي مع الواليات املتحدة‬ ‫االمريكية عند غزوها آلفغانستان وخالل‬ ‫تواجد اجليش االمريكي خالل ال‪ 20‬السنة‬ ‫السابقة كما قال الدكتور عبادة حممد التامر يف‬ ‫كتابه(سياسة الواليات املتحدة وازمات الشرق‬ ‫االوسط)‪.‬‬ ‫ـ السعودية وقطر وغريها من االنظمة‬ ‫العربية(السنية) كانت تستطيع ان تلعب‬ ‫ادور مهمة يف افغانستان الن اغلبية الشعب‬ ‫االفغاني من(السنة) هذا الدور كان فاعل‬ ‫بفعل الرضى واملوافقة االمريكية‪ ،‬ولكين‬ ‫اعتقد هذا الوضع إختلف االن ألن هذه الدول‬ ‫العربية مل تعد يف الوقت احلاضر حتضى‬ ‫بالرضى واملوافقة االمريكية‪ ،‬والسبب يرجع‬ ‫إىل ان االمريكني انفسهم منغمسني بالتنسيق‬ ‫والتحالف والتقاسم ملنطقة الشرق العربي مع‬ ‫إيران والدول االقليمية احمليطة بها بعد‬ ‫تفتيتها وتدمريها مثل ما جيري يف اليمن‬ ‫والعراق ولبنان وسورية وإبقاء بقية انظمة دول‬ ‫شبه اجلزيرة العربية حتت تهديد التفتت‬ ‫والتقسيم ومن بينها السعودية‪.‬‬ ‫** اخلالصة‬ ‫ـ قال بايدن(ليس من مصلحة روسيا ان يعود‬ ‫اإلرهاب إىل افغانستان بعد إنسحاب القوات‬ ‫الدولية من هناك)‪.‬‬ ‫قال الرئيس االمريكي ذلك يف مؤمتره الصحفي‬ ‫بعد لقائه االخري مع بوتن يف جنيف‪ ،‬وكأن‬ ‫يرسل رساله واضحة ملا ستكون عليها االوضاع‬ ‫يف افغانستان ايام قليلة‪،‬والذي نشهد تداعياته‬ ‫هذه االيام‪ ،‬وهي رسالة مبطنة تقول للروس‬ ‫سوف نغرقكم ونستنزفكم يف املستنقع االفغاني‬ ‫مرة اخرى‪ ،‬ونزعزع امنكم يف منطقة القوقاز‬ ‫ونضرب‪ ،‬نفوذكم يف دول اسيا الوسطى‪.‬‬ ‫ـ رغم أن سياسة الواليات املتحدة االمريكية‬ ‫جتاه دول العامل االسالمي تقوم على منعها‬ ‫من إمتالك القوة واالقتصاد والتقنية والتوسع‬ ‫‪ ،‬لكنها يف بعض االحوال تستثين بعض‬ ‫سياساتها من هذه القاعدة جتاه بعض الدول‬ ‫االسالمية عندما تكون حمتاجة إىل إستخدامها‬ ‫يف خططها ومشاريعها وإسرتاتيجياتها اليت‬ ‫وضعتها يف مواجهة الدول العظمى مثل‬

‫االحتاد الروسي والصني‪ ،‬واليت تهدف منها‬ ‫إضعافها او إسقاطها و فكفكتها مثلما قامت‬ ‫بفكفكة االحتاد السوفييت سابقا‪.‬‬ ‫وبالتالي المتانع الواليات املتحدة االمريكية‬ ‫عن غض النظر عن قيام دول إسالمية‬ ‫بالتوسع يف نفوذها مثلما تدعم وتغض النظر‬ ‫عن الطموحات الرتكية يف التوسع والتوغل يف‬ ‫نفوذها يف منطقة القوقاز ودول اسيا الوسطى‬ ‫اإلسالمية والبلقان والعمق العربي احيانا ‪،‬‬ ‫وكما تفعل مع إيران وتدعم حتركها وتوسع‬ ‫نفوذها يف دول املشرق العربي ‪ ،‬وكما تفعل‬ ‫وتغض النظر عن توسع النفوذ الباكساني‬ ‫داخل افغانستان عرب حركة طالبان وبقية‬ ‫االحزاب الباشتونية‪.‬‬ ‫وهذا اليعين ان هذه السياسة الختضع للرقابة‬ ‫وحتديد اسقف مسموح بها وحبيث التتخطى‬ ‫هذه الدول احلدود املسموح بها واحلصول‬ ‫على الضمانات الكافية واوراق الضغط على‬ ‫هذه الدول االسالمية اليت متكنها من كبحها‬ ‫يف حالة خرجت عن دائرة السيطرة االمريكية‪.‬‬ ‫وممكن ان نورد مثال بسيط لذلك فاالمريكيون‬ ‫جبرة قلم ميكن ان يغرقوا إيران حبرب‬ ‫واسعة وإستنزافية مع حركة طالبان إذا لعب‬ ‫اإليرانيون(بذيلهم) مع االمريكني‪ ،‬هذه ورقة‬ ‫واحدة من مئات االوراق اليت متلكها واشنطن‬ ‫ضد إيران وتركيا وباكستان تستخدمها متى‬ ‫شائت ويف حالة إحتواء وفرملة حترك هذه‬ ‫الدول عندما تسري بعكس إجتاه مصاحلها‬ ‫وهكذا‪.‬‬ ‫** التوقعات‬ ‫نتوقع ان تشهد افغانستان مزيد من الفوضى‬ ‫والتدهور االمين واالستقطاب‪ ،‬ونتوقع ايضا‬ ‫تكون املزيد واملزيد من احلركات واجلماعات‬ ‫واملليشيات املسلحة داخل افغانستان‪ ،‬الن‬ ‫كل دولة من الدول احمليطة بها والدول‬ ‫الكربى ستقوم بدعم حركة من هذه احلركة‬ ‫رغبة منها يف إمتالك التأثري على جمريات‬ ‫االوضاع داخل افغانستان لتحمي امنها‬ ‫القومي ومصاحلها وعلى رأسها(امريكا‬ ‫والصني و روسيا وباكستان وتركيا وإيران)‬ ‫وغريها‪ ،‬طاملا متسكت الواليات املتحدة‬ ‫خبططها اإلسرتاتيجية يف إضعاف وعرقلة‬ ‫نهوض الصني وروسيا والرغبة اجلاحمة‬ ‫لواشنطن يف إستمرارها كقطبية آحادية يف‬ ‫قيادة العامل‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.