ملفات بكرا - العدد الثالث: الجولان ..معاً ضد الاحتلال والاستبداد

Page 1

‫الملف الثالث ‪ -‬يناير ‪2012‬‬

‫م‬ ‫ً‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫�‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫الس�تبداد‬


‫ملف‬

‫‪:‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل واال�ستبداد‬

‫الملف الثالث ‪ -‬يناير‬

‫ملف ‪:‬‬ ‫الجوالن‪..‬‬

‫مع ًا �ضد االحتالل‬ ‫واال�ستبداد‬

‫‪2012‬‬

‫الجوالن بين هزيمة حزيران ‪67‬‬ ‫وكذبة ت�شرين ‪73‬‬ ‫المهجرين مثاال‬ ‫هواج�س جوالنية‪ ..‬م�أ�ساة‬ ‫ّ‬

‫الأ�سرى و الحركة الوطنية‬ ‫�سوريون‪..‬و�أ�سرى‪ ...‬وجوالن‬ ‫قرار ال�ضم والإ�ضراب الكبير ‪1982‬‬ ‫تجربة ن�ضـال مـدني‬

‫الجوالن في قب�ضة النظام‪ :‬ورقة لعب �سيا�سي‪،‬‬ ‫مبرر لقمع الحريات‪ ،‬وق�ضية �شـعب متروك‬

‫�أيها الأ�صدقاء ‪..‬‬ ‫في ظل مخا�ض التغيير الذي تعي�ش ��ه �س ��وريا‪ ،‬وانطالقا من �أهمية �أن الحل يجب �أن يكون نتاجا لأفكار و ر�ؤى ال�س ��وريين‬ ‫�أنف�س ��هم على مختلف �أطيافهم و اتجاهاتهم الفكرية‪ ،‬بحيث يت�ش ��اركون في �إيجاد �أر�ض ��ية م�ش ��تركة ت�ؤ�س�س لر�ؤية م�ستقبلية‬ ‫وا�ضحة ‪.‬‬ ‫تطلق مجموعة «�شباب بكرا �سوريا « مجلة الكترونية دورية با�سم «بكرا» تطرح في كل عدد منها محورا رئي�سيا لموا�ضيع‬ ‫تم�س المواطن ال�س ��وري يتم مناق�ش ��ته من مختلف النواحي ال�سيا�س ��ية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬واالقت�ص ��ادية‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫البحث عن مخارج للأزمات المتجذرة في الواقع ال�س ��وري‪ ،‬وبلورة تعريف محدد ووا�ض ��ح عن المواطنة‪ ،‬دعم ثقافة الحوار‪،‬‬ ‫تقديم م�صدر للمعلومات و التحليل‪ ،‬و توثيق ما يجري حاليا في �سوريا‪.‬‬ ‫تمت كتابة الكثير من الدرا�س ��ات والتحليالت حول الواقع ال�س ��وري و لكن القا�س ��م الم�ش ��ترك بين جميع هذه الدرا�سات‬ ‫انها كانت موجهة ل�شريحة معينة من �شرائح المجتمع ال�سوري وهي �شريحة المثقفين والمهتمين بال�ش�أن العام‪ ،‬وهذا ما خلق‬ ‫فجوة كبيرة في معرفة تفا�صيل هذا الواقع وم�سببات ازماته لدى جيل ال�شباب وذلك ب�سبب اال�سلوب الكتابة االكاديمي غالبا‬ ‫واللغة المتعالية في معظم االحيان‪ .‬ال�ش ��باب اليوم بحاجة الى طرح كافة الآراء والتجارب بلغة ب�س ��يطة ومبا�ش ��رة وبجرعات‬ ‫مخت�صرة‪.‬‬ ‫كيفية الم�شاركة‬ ‫يتم تحديد المحور و جوانب الم�ش ��اركة فيه في ورقة عمل تعمم على الم�ش ��اركين و الم�شاركات وتتم الم�شاركة ب�إر�سال ما‬ ‫ال يزيد عن ‪ 1000 - 500‬كلمة تعبر عن �آراء و ر�ؤى ‪� ،‬أو تجارب و خبرات �شخ�صية ‪� ،‬أو ر�أي اخت�صا�صي �أو درا�سات فيما‬ ‫يتعلق بمحور الملف و يترك للم�ش ��اركين الخيار في التوقيع بالأحرف الأولى من �أ�س ��مائهم ‪� ،‬أو ب�أ�س ��مائهم الكاملة ‪،‬و�ستحمي‬ ‫�أ�سرة التحرير الأ�سماء الحقيقة بكل ال�سبل الممكنة‪ ،‬ويمكن للم�شاركين اختيار مو�ضوع �أو �أكثر من موا�ضيع المحور للم�شاركة‬ ‫به ‪ .‬علما ب�أن جميع الم�شاركات تطوعية‪.‬‬ ‫�أما فيما يخ�ص حقوق الت�أليف و الن�ش ��ر ف�س ��تعتمد المجلة على حقوق «الم�ش ��اع الجماعي» ‪� ،‬أي �أن المجلة �س ��تكون قابلة‬ ‫لإعادة الن�شر و الن�شر الورقي مع الحفاظ على ال�شكل و المحتوى الأ�صلي دون تجزئة �أو �إعادة تحرير ‪ .‬علما �أن �أ�سرة التحرير‬ ‫لن تقوم بممار�سة �أي نوع من �أنواع الرقابة �أيا كانت ويعود قرار ن�شر اي م�شاركة او عدمه لأ�سرة التحرير علما ان عدم ن�شر‬ ‫اي مادة ال يعد تقييما لجودتها‪.‬‬ ‫في حال عبرت م�شاركات الأفراد عن ر�ؤي المنظمات �أو الأحزاب �أو الم�ؤ�س�سات التي ينتمون �إليها ‪ ،‬ف�إن ذلك ي�أتي �ضمن‬ ‫�إطار الحوار و لي�س �ضمن تبني المجلة لر�أي �أو �آخر ب�شكل ح�صري‪.‬‬ ‫�شباب بكرا �سوريا ‪:‬‬ ‫مجموعة تفكير و ر�أي حر ‪ ،‬تعمل على الم�س ��اهمة في الو�ص ��ول �إلى مجتمع مدني ديمقراطي يحكمه القانون ‪.‬و ذلك من‬ ‫خالل �صفحة «بحب �سوريا‪.‬وب�س» على موقع الفي�س بوك ويتم توزيع موا�ضيع ال�صفحة اليومية بالبريد االلكتروني على �شكل‬ ‫ن�شرة اوف الين با�سم «بحب �سوريا و ب�س» ‪ .‬و من خالل مجلة دورية با�سم «بكرا» ‪.‬‬ ‫ال ترتب��ط المجموع��ة ب���أي منظم��ة �أو حزب �أو م�ؤ�س�س��ة ‪ ،‬علم��ا ب�أنها ترحب ب���أي تعاون بي��ن الأفراد �أو‬ ‫الم�ؤ�س�سات بهدف تطوير و �إثراء الحوار الوطني ال�سوري‪ .‬تعتمد مجموعة بكرا �سوريا على المجهود التطوعي‬ ‫‪ ،‬و يتم تغطية النفقات الخا�صة بالموقع �أو الخدمات المرافقة من الدخل ال�شخ�صي للأفراد الم�ؤ�س�سين ‪.‬‬ ‫يرجى �إر�سال الم�شاركات على العنوان ‪:‬‬ ‫‪files@bukrasyria.com‬‬ ‫�شباب بكرا �سوريا‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫‪1967 War‬‬

‫الجـوالن بين‬ ‫هزيمة حزيران ‪67‬‬ ‫وكذبة ت�شرين ‪73‬‬

‫‪5 June 1967: the occupying Israeli forces invaded‬‬ ‫‪Syrian Golan Height’s.‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫من كذبة كبيرة �إلى �أخرى �أكبر �س ��ارت تلك الأعوام ال�س ��ت التي ف�ص ��لت بين ما ي�س ��مى‬ ‫نك�س ��ة حزيران‪/‬يونيو ‪ 1967‬و حرب ت�ش ��رين الأول‪�/‬أكتوبر ‪ 1973‬و التي تعرف بحرب ت�شرين‬ ‫التحريرية‪ ،‬فال كانت الأولى نك�سة و ال الثانية تحرير‪..‬‬ ‫الهزيم ��ة بمعنى االنهزام و الهرب هو التو�ص ��يف الأدق لما حدث ف ��ي جبهة الجوالن بين‬ ‫القوات ال�سورية و القوات الإ�سرائيلية في حرب الأيام ال�ستة ‪ ،‬من ال�ساعة ال�سابعة والن�صف‬ ‫�صباحا من يوم ‪ 5‬حزيران‪/‬يونيو وحتى ال�ساد�سة والن�صف م�ساء ‪ 10‬حزيران ‪.1967‬‬ ‫تتح ��دث الوثائ ��ق العدي ��دة التي تو�ص ��ف يوميات هذه الح ��رب على الجبهة ال�س ��ورية عن‬ ‫“ ق�ص ��ف م�ص ��افي البترول في حيفا وقاعدة مجيدو الجوية الإ�سرائيلية‪ )....( ،‬ق�صف‬ ‫ج ��وي ومدفع ��ي متبادل بين الجانبي ��ن ومحاولة اختراق م ��ن جانب �س ��وريا �أحبطها الجي�ش‬ ‫الإ�س ��رائيلي‪ )1(”.‬و ذلك في اليوم الأول ‪،‬و �أن اال�شتباكات ا�ستمرت من دون �أي جديد على‬ ‫الأر� ��ض خ�ل�ال اليوم الثان ��ي و الثالث و الرابع ‪ ،‬و ف ��ي اليوم الخام� ��س “ (‪ )....‬بد�أ الهجوم‬ ‫الإ�س ��رائيلي على �سوريا واختراق الدفاعات ال�سورية �شمال ه�ضبة الجوالن‪ )2(”.‬وفي اليوم‬ ‫الأخي ��ر “وا�ص ��لت القوات الإ�س ��رائيلية اختراقها للدفاعات ال�س ��ورية على ط ��ول الجبهة في‬ ‫الجوالن وو�صلت �إلى القنيطرة‪ ،‬ف�أعلنت �سوريا قبولها وقف �إطالق النيران ال�ساعة ال�ساد�سة‬ ‫والن�صف م�ساء ذلك اليوم‪)3(”.‬‬ ‫بينما ي�ؤكد الرائد خليل م�صطفى و الذي ا�ضطلع ا�ضطالعا دقيقا بكافة الملفات ال�س ّرية‬ ‫والعلنية في تلك المنطقة بحكم عمله‪( ،‬فقد كان �ض ��ابط المخابرات ال�س ��ورية في الجوالن‬ ‫�آنذاك‪ ،‬و �ش ��غل وظيفة “رئي�س ق�سم اال�ستطالع في قيادة الجبهة في الجوالن)‪ ،‬ي�ؤكد الرائد‬ ‫�أ ّنه “منذ م�ساء الخمي�س الثامن من حزيران ‪ ،‬بد�أت الإ�شاعات ت�سري �سريان النار باله�شيم‬ ‫عن �أوامر قد �صدرت من وزير الدفاع حافظ الأ�سد للجي�ش ال�سوري باالن�سحاب من الجوالن‬ ‫كيفي ��ا “(‪� ، )4‬أي �أنّ كل قائ ��د وحدة �أو كتيبة ين�س ��حب بالطريقة التي تحل ��و له ‪.‬و الكثيرون‬ ‫هربوا بعد �أن �أعطوا الأوامر لجنودهم بالهروب‪..‬‬ ‫و يقول باتريك �س ��يل في كتابه “ الأ�سد ال�ص ��راع على ال�شرق الأو�سط “ �أن موقف �سوريا‬ ‫ظ ��ل �س ��لبيا ط ��وال الأيام الأربع ��ة الأولى من الح ��رب “ فقد اكتفت بق�ص ��ف الم�س ��توطنات‬ ‫الإ�س ��رائيلية عل ��ى الحدود كما كانت تفعل في الما�ض ��ي ب�ش ��كل متك ��رر(‪ )...‬و كان الجمود‬ ‫ال�س ��وري فيما بعد �س ��ببا من �أ�س ��باب المرارة لدى م�ص ��ر و الأردن‪ ،‬و جلب على �سوريا تهمة‬ ‫�أنها قد تخلت عنهما”(‪)5‬‬ ‫و يعتب ��ر الرائ ��د خليل م�ؤلف كتاب “�س ��قوط الج ��والن” �أن حركة الثامن م ��ن �آذار ‪1963‬‬ ‫كانت تمهيدا للهزيمة ‪:‬‬ ‫“ �إن مث ��ل ه ��ذه الحركة ‪ ،‬ما كان ليتاح لها �أن ت�ؤدي دورها في ت�س ��ليم البالد للعدو‪،‬‬ ‫مقابل ثمن بخ�س‪ ،‬لو �أنها حققت �ش ��يئا حقيقيا – مهما كان �ض ��ئيال‪ -‬من ممار�س ��ة الحرية‬ ‫الفعلية ‪ ،‬ب�صورة من �صورها �أو �أكثر‪)6(”.‬‬ ‫فقد ر�سخت حركة الثامن من �آذار خالل �ست �سنوات �أ�س�س االنف�صال بدال من الوحدة ‪ ،‬و‬ ‫خنقا للحرية بدال من �إطالقها‪ ،‬وتعطيل الم�شاريع الإنمائية‬ ‫و الق�ض ��اء على النمو االقت�ص ��ادي بدال من اال�شتراكية ‪� .‬أما‬ ‫فيم ��ا يتعلق بالجي�ش فقد تمت ت�ص ��فيته و �ش ��لت فعاليته من‬ ‫خالل الت�ص ��فية و االعتقال و الت�سريح و الإحالة �إلى التقاعد‬ ‫و النق ��ل �إل ��ى الوظائ ��ف المدني ��ة “ حت ��ى بلغ ع ��دد مجموع‬ ‫ال�ض ��باط الذين اخرج ��وا من الجي� ��ش ‪ ،‬حتى �أي ��ار (مايو)‬ ‫‪ ، 1967‬ال يقل عن �ألفي �ض ��ابط ‪ ،‬مع عدد ال يقل عن �ض ��عفه‬ ‫من �ض ��باط ال�ص ��ف القدامى ‪ ،‬و الجنود المتطوعين الذين‬ ‫ي�ش ��كلون المالك الحقيقي الفعال لمختلف االخت�صا�ص ��ات‬ ‫في الجي�ش”(‪ . )7‬و تم ا�س ��تبدال ه�ؤالء ب�أعداد كبيرة جدا‬ ‫م ��ن �ض ��باط االحتي ��اط �أغلبيتهم م ��ن البعثيين و م ��ن �أبناء‬ ‫طـــائفة معينـــة حتى �أ�صبح الجي�ش “م�ؤ�س�سة لقمع الحريات‬ ‫و التنكي ��ل بال�ش ��عب ‪ ،‬ال جي�ش ��ا قادرا على �ص ��ون الحدود‪ ،‬و‬ ‫الدفاع عن �أر�ض الوطن”(‪)8‬‬ ‫�إن كل من نزح من القنيطرة �إلى دم�ش ��ق يوم العا�شر من‬

‫حزيران (و هم �أنا�س ما زالوا يعي�ش ��ون بيننا) ‪ ،‬ي�ؤكد �أن الجي�ش ال�س ��وري �أطلق تحذيرا لهم‬ ‫بمغادرة قراهم و النجاة ب�أرواحهم‪ ،‬بينما لم ير واحد منهم الجي�ش الإ�سرائيلي و هو يدخل‬ ‫المدينة‪ ،‬في نف�س الوقت �صدحت �إذاعة دم�شق ببيان وزير الدفاع حافظ الأ�سد رقم ‪ 66‬الذي‬ ‫“�أعلن �سقوط القنيطرة‪ ،‬ولم يكن جند العدو قد ر�أوها ب�أعينهم بعد بل لم تكن �أقدامهم‬ ‫وطئت �أر�ض ��ها‪ )9(“.‬فقد دخلت قوات الجي�ش الإ�س ��رائيلي �إلى القنيطرة بعد �سبعة ع�شرة‬ ‫�س ��اعة من البيان ‪ ،‬و ذلك حين ت�أكدت من ان�س ��حاب و فرار قوات الجي�ش ال�س ��وري و�أ ّنها لن‬ ‫تواجه �أية مقاومة من �أي نوع‪ .‬و منذ ذلك الوقت و حتى اليوم “تدعي الحكومة ال�س ��ورية �أن‬ ‫المدينة تعر�ض ��ت لتدمير متعمد من قبل �إ�س ��رائيل في الأيام القليلة التي �س ��بقت ان�سحابها‬ ‫منها‪ ،‬بينما تنفي �إ�س ��رائيل هذا االتهام (‪)....‬وبغ�ض النظر عن الطرف الذي ت�سبب بدمار‬ ‫المدينة ف�إن الجزء الأكبر من ذلك الدمار كان متعمدًا لذاته ال عر�ض ًيا‪)10( ”.‬‬ ‫و هك ��ذا ح�ص ��لت �إ�س ��رائيل على “ ‪ 1260‬كم‪ 2‬من م�س ��احة اله�ض ��بة بما ف ��ي ذلك مدينة‬ ‫القنيط ��رة‪ )11(”.‬وه ��ي المرك ��ز الإداري والتج ��اري لمنطقة الجوالن‪ .‬وق�ض ��ت �إ�س ��رائيل‬ ‫ال�س ��نوات ال�س ��ت التي تلت الحرب في تح�ص ��ين مراكزها في الجوالن و في دعم �سل�سلة من‬ ‫التح�ص ��ينات على مواقعها في خط �آلون ‪ ،‬و ا�س ��تخدمت مدينة القنيطرة ك�س ��احة لتدريبات‬ ‫قواته ��ا‪ .‬حت ��ى اندلعت الحرب ف ��ي ‪ 6‬ت�ش ��رين الأول‪�/‬أكتوبر ‪ 1973‬و التي تعرف با�س ��م حرب‬ ‫ت�ش ��رين التحريري ��ة في �س ��ورية ‪ ،‬حيث خطط ��ت القيادتان الم�ص ��رية وال�س ��ورية لمهاجمة‬ ‫�إ�سرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف ا�ستعادة �شبه جزيرة �سيناء والجوالن‪.‬‬ ‫ا�س ��ترجع الجي�ش ال�س ��وري “م�س ��احة قدرها ‪ 684‬كم‪ 2‬من �أرا�ض ��ي اله�ض ��بة لمدة ب�ضعة‬ ‫الأيام‪ ،‬ولكن الجي�ش الإ�س ��رائيلي �أعاد احتالل هذه الم�س ��احة قبل نهاية الحرب” (‪ . )12‬و‬ ‫يقول باتريك �س ��يل وا�صفا الخ�سائر التي تكبدها الجي�ش ال�س ��وري في الأيام الأولى للحرب‪:‬‬ ‫“ في تلك الأيام القليلة‪ ،‬من الثامن �إلى الثالث ع�ش ��ر من ت�ش ��رين الأول‪ ،‬تبخرت �أحالم‬ ‫الأ�س ��د في تحرير الجوالن و قلب ميزان القوى في المنطقة بالقوة‪ .‬فكانت ال�ض ��ربة مريرة‪،‬‬ ‫�إذ فقد ثمانمائة دبابة و مئات من ال�س ��يارات الم�ص ��فحة‪ ،‬و �س ��تة �آالف رجل‪ ،‬و �أ�شياء كثيرة‬ ‫�أخ ��رى‪ ..‬و قدرت �أ�ض ��رار الحرب بثالثة مليارات و ن�ص ��ف ملي ��ار دوالر‪ )...( .‬و بدال من �أن‬ ‫تكون �سوريا قادرة على تهديد �إ�سرائيل‪ ،‬فقد وجدت عا�صمتها تقع في مدى مرمى المدفعية‬ ‫الإ�سرائيلية”(‪.)13‬‬ ‫انته ��ت الح ��رب ر�س ��ميا ف ��ي ‪� 31‬أيار‪/‬ماي ��و ‪ 1974‬و “�أعادت �إ�س ��رائيل ل�س ��وريا م�س ��احة‬ ‫‪ 60‬ك ��م‪ 2‬م ��ن الجوالن ت�ض ��م مدينة القنيطرة وجواره ��ا وقرية الرفيد في �إط ��ار اتفاقية فك‬ ‫اال�ش ��تباك‪)14(”.‬التي تلت ما ي�سمى بحرب اال�س ��تنزاف‪ .‬و كان المقابل هو االلتزام ب�إبعاد‬ ‫الجي�ش ال�سوري وراء �شريط يخ�ضع لمراقبة قوات هيئة الأمم المتحدة ‪ ،‬و “ ت�ضم االتفاقية‬ ‫بندًا يدعو �إلى �إعادة المدنيين ال�س ��وريين �إلى المناطق التي ان�سحبت �إ�سرائيل منها‪ ،‬وين�ص‬ ‫ملحق �أ�ض ��يف �إلى االتفاقيـة على �إر�س ��ال قوة خا�ص ��ة للأمم المتحدة (‪ )UNDOF‬لمراقبة‬ ‫الهدن ��ة وتطبي ��ق الجانبين لالتفاقي ��ة‪ ،‬وما تزال هذه القوة متواجدة ف ��ي المنطقة منذ ذلك‬ ‫الوقت وحت ��ى الآن‪ ،‬ويقوم مجل�س الأم ��ن بتمديد مهمتها مرة‬ ‫كل �ستة �أ�شهر‪)15(”.‬‬ ‫�أما الكني�س ��ت الإ�س ��رائيلي فق ��د قرر ما ي�س ��مى بـ “قانون‬ ‫الج ��والن” ف ��ي ‪ 14‬كان ��ون الأول‪/‬دي�س ��مبر‪ ،1981‬حيث ين�ص‬ ‫القانون “فر�ض القانون والق�ض ��اء والإدارة الإ�س ��رائيلية على‬ ‫ه�ض ��بة الج ��والن (‪)...‬وتبلغ م�س ��احة المنطقة التي �ض ��متها‬ ‫�إ�س ��رائيل ‪ 1200‬كم‪ 2‬من م�ساحة �س ��ورية بحدود ‪ 1923‬البالغة‬ ‫‪� 185،449‬ألف كم‪ 2‬وهو ما يعادل ‪ %0،65‬من م�س ��احة �س ��ورية‬ ‫ولكنه يمثل ‪ %14‬من مخزونها المائي قبل ‪ 4‬يونيو ‪)16(”1967‬‬ ‫وحاولت فر�ض ��ت الجن�سية الإ�س ��رائيلية على �سكان المنطقة‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫�أما مدين ��ة القنيطرة فقد بقيت مدمرة من ��ذ �إعادتها �إلى‬ ‫�س ��ورية في ‪ 1974‬و “ لم تقم الحكومة ال�سورية ب�أعمال ترميم‬ ‫�أ�سا�س ��ية للمدينة‪ ،‬وما تزال المدينة خرب ��ة حتى الآن تعر�ض‬ ‫فيه ��ا الحكومة ال�س ��ورية ما تراه تدمي ًرا متعم� �دًا على زوارها‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫وترف�ض �إعادة بنائها ‪ -‬بالرغم من ا�س ��تدعائها لإعادة النازحين في اتفاقية الهدنة‪ -‬وتقول‬ ‫ب�أنه ��ا لن تعيد اعمار المدينة حتى ان�س ��حاب �إ�س ��رائيل الكامل �إلى ح ��دود ‪ 4‬حزيران‪/‬يونيو‬ ‫‪�( 1967‬شرط ال يرد في اتفاقية الهدنة)‪ .‬من جانب �آخر‪ ،‬عملت ال�سلطات ال�سورية على بناء‬ ‫مدينة �ص ��غيرة ب�ض ��واحي القنيطرة و�أطلقت عليها ا�س ��م “مدينة البعث” كما �أعادت اعمار‬ ‫القرى الجوالنية الأخرى التي ا�ستعادتها‪)17( ”.‬‬ ‫تنق�ض المعطيات ال�سابقة كل الإدعاءات التي بنى عليها النظام ال�سوري وجوده وا�ستمراره‬ ‫ف ��ي الحكم و التي تتلخ�ص بكلمتين هما‪“ :‬الممانع ��ة” و “المقاومة” و اللتان رفعهما النظام‬ ‫راي ��ة عل ��ى جب ��ل من الخ�س ��ائر ال المنجزات كما يدع ��ي الآن و ادعى وقتها م ��ن خالل “ ما‬

‫(‪ ، )1‬يوميات حرب ‪1967‬‬

‫ردّده �إعالم حافظ الأ�سد �آنذاك حرفيا‪� ( :‬إن العدو الإ�سرائيلي رغم احتالله له�ضبة الجوالن‬ ‫بالكامل‪� ،‬إال �أ ّنه لم يحقق هدفه الذي هو �إ�سقاط النظام البعثي القومي العربي )”(‪.)18‬‬ ‫فمن حيث الممانعة فقد �أخر�ست �أ�صوات الر�صا�ص على خط المواجهة في الجوالن المحتل‬ ‫منذ ‪ .1973‬و من حيث المقاومة ف�إن “ منجزات الأ�س ��د ال تزال بادية اله�شا�ش ��ة‪ )...( .‬فلقد‬ ‫ف�شل في منع �إ�سرائيل و الواليات المتحدة من �سلخ و تحييد م�صر‪� ،‬أقوى بلد عربي‪ ،‬و �أخفق في‬ ‫طرد �إ�س ��رائيل من الأرا�ضي الفل�سطينية بل حتى ال�س ��ورية‪ ،‬بحيث بقيت المع�ضلة الفل�سطينية‬ ‫برمتها دون حل‪ .‬كما �أن ر�ؤيته لت�س ��وية �إقليمية تتحجم فيها �إ�س ��رائيل وراء حدود ما قبل حرب‬ ‫حزيران‪/‬يوينو‪ ،‬على يد عالم عربي يعادلها في القوة‪ ،‬ال تزال مجرد حلم‪)19(“ .‬‬

‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/4DE6AF2F-29A1-4A04-BC59-A980FE58CD73.htm‬‬

‫(‪ )2‬نف�سه‬ ‫(‪ )3‬نف�سه‬ ‫(‪� )4‬سقوط الجوالن ‪ ،‬خليل م�صطفى‪ ،‬دار الن�صر للطباعة الإ�سالمية‪� ، 1975،‬ص ‪100‬‬ ‫(‪ )5‬الأ�سد ال�صراع على ال�شرق الأو�سط‪ ،‬باتريك �سيل‪� ،‬شركة المطبوعات للن�شر و التوزيع‪ ،‬الطبعة العا�شرة ‪� ،2007‬ص ‪227‬‬ ‫(‪� )6‬سقوط الجوالن ‪ ،‬خليل م�صطفى‪ ،‬دار الن�صر للطباعة الإ�سالمية‪� ، 1975‬ص ‪25‬‬ ‫(‪ )7‬نف�سه �ص‪28‬‬ ‫(‪ )8‬نف�سه �ص ‪28‬‬ ‫(‪ )9‬نف�سه �ص ‪102‬‬ ‫(‪ )10‬ه�ضبة الجوالن‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%B6%D8%A8%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9 ،‬‬ ‫‪%84%D8%A7%D9%86‬‬

‫(‪ )11‬نف�سه‬ ‫(‪ )12‬نف�سه‬ ‫(‪ )13‬الأ�سد ال�صراع على ال�شرق الأو�سط‪ ،‬باتريك �سيل‪� ،‬شركة المطبوعات للن�شر و التوزيع‪ ،‬الطبعة العا�شرة ‪� ،2007‬ص ‪341-340‬‬ ‫(‪ )14‬نف�سه‬ ‫(‪ )15‬ه�ضبة الجوالن‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%B6%D8%A8%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9 ،‬‬ ‫‪%84%D8%A7%D9%86‬‬

‫(‪ )16‬نف�سه‬ ‫(‪ )17‬نف�سه‬ ‫(‪ )18‬هل باع حافظ الأ�سد الجوالن كما هو من�سوب لل�سادات؟‪ ،‬د‪�.‬أحمد �أبو مطر‪http://www.dr-abumatar.net ،‬‬ ‫(‪ )19‬الأ�سد ال�صراع على ال�شرق الأو�سط‪ ،‬باتريك �سيل‪� ،‬شركة المطبوعات للن�شر و التوزيع‪ ،‬الطبعة العا�شرة ‪� ،2007‬ص ‪799-798‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫هواج�س جوالنية‪..‬‬ ‫المهجرين مثاال‬ ‫م�أ�ساة‬ ‫ّ‬

‫النازحون‪ ..‬من �أ�صحاب الأر�ض‬ ‫�إلى �أحزمة الفقـر حول دم�شـق‬

‫ح�سان �شم�س‬

‫�صحافي من الجوالن ال�سوري المحتل‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫�إنه لمن دواعي �س ��روري �أن يح ّل الجوالن �ض ��يف ًا على “منتدى جمال الأتا�سي للحوار‬ ‫الديموقراطي”‪ .‬وبداية‪ ،‬ال ب ّد لي من ت�س ��جيل خال�ص امتناني للعزيزة �س ��هير الأتا�سي‪،‬‬ ‫عل ��ى اهتمامها ون�ش ��اطها‪ ،‬ثم لفتته ��ا الكريمة بدعوتي تقديم هذه الورقة‪ ،‬والمت�ض� � ّمنة‬ ‫يتم التحاور فيه ��ا‪ ،‬تتعلق بهموم �أبناء الج ��والن المحتل‪ ،‬بانتظار‬ ‫اقت ��راح فكرة مو�ض ��وع ّ‬ ‫عودتهم �إلى وطنهم‪� ،‬أو عودة وطنهم �إليهم‪� ،‬إذا ا�ستقام القول‪.‬‬ ‫ما �س� ��أطرحهُ‪ ،‬لي�س بحث ًا علمي ًا وال هو درا�سة‪� ،‬إنما �أ�شبه بمجموعة خواطر وهواج�س‬ ‫وت�س ��ا�ؤالت ت ��دور ف ��ي ذهن َجوالن ��ي‪ ،‬كان قدره االغتراب ث�ل�اث م ّرات‪� .‬أول ��ى‪� ،‬أنه ُخ ِلق‬ ‫واالحتالل فوق ر�أ�س ��ه وعا�ش معظم حياته تحت حكمه‪ ،‬وثانية في وطن عاي�شه عن قرب‬ ‫ليجد ُه ي�شبه كل الأ�شياء �إال الأوطان؛ وثالثة اختيارية في رحلة بحث عن الذات‪.‬‬ ‫ق�ضية الجوالن‪ ،‬رغم كل ما ُك ِتب عنها‪ ،‬تبقى ِبكرا و�أكبر ِمن �أن تُخت�صر بهذه العجالة‪.‬‬ ‫�إنه ��ا مرتبطة في الدرجة الأول ��ى بطبيعة و�أر�ض ومياه وتهجي ��ر‪ ،‬وب�أجيال كاملة‪ُ ،‬خ ِلقت‬ ‫تح ��ت االحت�ل�ال‪ ،‬وكبرت بعي ��د ًا عن وطنها‪ ،‬في ظل قطيعة �ش ��به كامل ��ة‪� .‬أجيال‪ ،‬يحمل‬ ‫كثيرون منهم �أ�سماء مدن وطنهم وقراه و�أنهاره‪ .‬وطن‪ ،‬يهتفون با�سمه ليل نهار‪ ،‬ويتغ ّنون‬ ‫بانتمائهم �إليه‪ ،‬لكنهم مدركون في �أعماقهم حجم م�أ�ساته وكبر فجيعته‪.‬‬ ‫�أ�س ��ئلة وا�ستف�س ��ارات ال ح�ص ��ر لها‪� ،‬أثي َرت‪ ،‬وتُثار‪ ،‬و�س ��وف تُثار حول ما ّ‬ ‫لف ق�ض ��ية‬ ‫الجوالن‪ ،‬بكل ت�ش� � ّعباتها‪ ،‬من غمو�ض‪...‬؛ دفع �أهالي الجوالن خاللها‪� ،‬سواء َمن بقوا في‬ ‫�أر�ضهم‪� ،‬أو َمن هُ ِّجروا �إلى الداخل ال�سوري بعد هزيمة حزيران‪ ،‬دفعوا �أغلى الت�ضحيات‬ ‫و�أعز ما يملكون من �أرواح وممتلكات‪.‬‬ ‫وع ��و ُد التحري ��ر الم�ؤجلة‪ ،‬وا�س ��تمرار التعامل م ��ع االحتالل على �أن ��ه ظاهرة موقتة‪،‬‬ ‫دون القي ��ام ب�أي تحرك فعل ��ي �أو ذي جدوى على الأر�ض‪ ،‬كان له ��ا �آثارها المدم ّرة على‬ ‫ال�س ��احة الجوالنية‪ .‬فجثوم االحتالل فوق �ص ��دور الأهالي لأكثر من اثنين و�أربعين عام ًا‬ ‫متوا�صلة‪ ،‬لم يو ّلد فقط �صمود ًا ورف�ض ًا ومقاومة‪ ،‬بل �أفرز م�شاكل وهموم ًا ينبغي �أخذها‬ ‫في الح�سبان و�إعادة النظر في كيفية التعامل معها‪.‬‬ ‫ونظ ��ر ًا ل�ض ��خامة ملف الجوالن وكث ��رة تفرعاته‪ ،‬ارت�أي ��تُ �أن تك ��ون البداية مع ملف‬ ‫التهجي ��ر‪ ،‬عل ��ى �أن ُي�س ��تكمل الح ��وار الحق� � ًا‪� ،‬أو ربما يمت ّد �إل ��ى الداخ ��ل الجوالني عبر‬ ‫التوا�ص ��ل مع الأهل هناك‪ ،‬لي�ش ��مل جوانب �أخرى تحاكي هذا الجرح النازف منذ �أربعة‬ ‫عقود ويزيد‪.‬‬ ‫�إ�ش ��كالية التهجير هذه‪ ،‬كما �أراها‪ ،‬تبد�أ من الت�س ��مية‪ ،‬بعد �أن ا�ص � ُ�ط ِلح على تعريف‬ ‫�ض ��حاياها بـ “نازحي الجوالن”‪ .‬والحقيقة والإن�صاف يقت�ض ��يان ت�صحيح هذا الخلل؛‬ ‫فما ح�ص ��ل ه ��و عملية تهجي ��ر فعلي وق�س ��ري ولي�س نزوح� � ًا اختياري ًا �أو طوعي� � ًا‪ .‬فكلمة‬ ‫مهجري الجوالن المحتل‬ ‫“نازح” ظ ّلت على مدار كل هذه ال�سنوات الطويلة‪ ،‬لعنة تالحق ّ‬ ‫و�س ��ط �أهليه ��م؛ فوق كل ما ح ّل بهم ِم ��ن هالك ج ّراء �إجبارهم على ترك �أر�ض ��هم‪ ،‬في‬ ‫واحدة ِمن �أ�شنع الهزائم و�أكثرها غمو�ض ًا والتبا�س ًا و�ضبابية!!!‬ ‫هجر هو َمن هُ ِّج َر‪� ،‬أي‬ ‫هجر والنازح‪ ،‬نرى �أن ال ُم ّ‬ ‫وبالعودة �إلى المعجم للتفريق بين ال ُم ّ‬ ‫هاجر‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫يختلف‬ ‫وهو‬ ‫ونا�سه‪..‬‬ ‫أهله‬ ‫و�‬ ‫أر�ضه‬ ‫أخر َج من البالد �أو الدار و�أب ِعد ق�سر ًا عن �‬ ‫ُ ِ‬ ‫� ِ‬ ‫الذي ترك بلده �إلى �آخر غيره بق�صد اال�ستقرار لأمر �أو �سبب دفعه للهجرة‪.‬‬ ‫فيم ��ا الن ��ازح تعني‪ُ ،‬بعد ال�ش ��خ�ص ع ��ن داره �أو �أر�ض ��ه‪ .‬ويقال‪ ،‬نزح م ��ن الريف �إلى‬ ‫المدين ��ة‪� ،‬أي انتقل �إليها‪ .‬ومقاومة النزوح تكون بتوفير فر�ص عمل وخلقها‪ .‬والفعل نزح‬ ‫ال يتح ��دث عن الفرد كما تجم ُهر القوم‪� ،‬إذ هو رحيل ق�س ��ري بق�ص ��د ترك حال �س ��لبية‬ ‫لحال �أف�ض ��ل‪ ،‬وهو ترك يعني �أال عودة �إال بتغير ال�ش ��روط والظروف التي دفعت للنزوح‬ ‫مع متغيرات جدية م�شجعة‪.‬‬

‫مهجرون �إذن ولي�سوا نازحين!‬ ‫هم ّ‬ ‫بعد اتفاقية ف�ص ��ل القوات المو ّقعة بينهما عام ‪ ،1974‬بقي ل�س ��وريا في ذ ّمة �إ�سرائيل‬ ‫ما مجموعه ‪ 1250‬كم‪ 2‬من م�ساحة ه�ضبة الجوالن الك ّلية المقدّرة بـ‪ 1860‬كم‪ .2‬ما تبقّى‬ ‫م ��ن المواطنين ال�س ��وريين في الج ��زء المحتل‪ ،‬كان ��وا يقدّرون بـ‪ 7000‬ن�س ��مة‪ ،‬يتوزعون‬ ‫على �س ��ت قرى هي‪ :‬مجدل �شم�س‪ ،‬م�س ��عدة‪ ،‬بقعاثا‪ ،‬عين قنيا‪ ،‬الغجر‪ ،‬و�سحيتا‪ .‬الحق ًا‪،‬‬ ‫قامت �إ�سرائيل بتدمير قرية �سحيتا وتهجير �سكانها �إلى قرية م�سعدة المجاورة‪ ،‬وه�ؤالء‬

‫يتر ّكزون فقط على خم�سة بالمئة من م�ساحة الجزء المحتل من الجوالن‪.‬‬ ‫ال ُملفت‪� ،‬أنّ معظم َمن كتبوا عن الجوالن وتع ّر�ضوا لق�ضية ه�ؤالء المهجرين‪ ،‬تناولوا‬ ‫�أ�س ��باب بق ��اء �أهالي هذه القرى‪ ،‬والذي ��ن يبلغ تعدادهم راهن ًا حوال ��ي ‪� 20‬ألف مواطن‪.‬‬ ‫فيما المنطق كان يقت�ض ��ي عدم التركيز على هذه الم�س� ��ألة‪ ،‬على �أهميتها‪ ،‬وح�سب‪ ،‬كون‬ ‫بقائهم في �أر�ض ��هم هو الطبيعي والقاعدة‪ ،‬بينما التهجير هو اال�ستثناء‪ ،‬وهو ما ي�ستحق‬ ‫البحث والتنقيب في �أ�س ��بابه‪ .‬وخال محاولة يتيمة بادر �إليها الباحث والنا�شط الجوالني‬ ‫ب�شار طربيه‪ ،‬في درا�سة له بعنوان “التطهير العرقي في الجوالن”‪ ،‬في م�ؤتمر انعقد في‬ ‫مدينة حيفا ‪/‬حزيران ‪ /2008‬لأجل حق العودة والدولة العلمانية في فل�س ��طين‪ ،‬ف�إنه لم‬ ‫يتم التطرق �إلى هذا الأمر ب�شكل جدّي حتى الآن‪ ،‬و�إيال�ؤه الأهمية التي ي�ستحق‪.‬‬ ‫ّ‬

‫م�أ�ساة التهجير هذه تنق�سم �إلى نوعين‪:‬‬ ‫الأول ��ى‪ ،‬تمثلت بعملية التهجير الجماعي التي طالت �أكثر ِمن ‪� 130‬ألف ن�س ��مة‪ ،‬حيث‬ ‫�أزالت قوات االحتالل الإ�س ��رائيلي �أماكن �سكناهم عن بكرة �أبيها و�أقامت الم�ستعمرات‬ ‫اليهودية على �أنقا�ض ��ها‪ .‬وتعدادهم راهن ًا يقارب ن�صف مليون ي�شكلون �أحزمة فقر حول‬ ‫العا�ص ��مة دم�ش ��ق وغير مدينة �س ��ورية‪ ،‬و�أعتقد �أن ذل ��ك يرقى �إلى مرتبة جريمة �ض ��د‬ ‫الإن�سانية‪.‬‬ ‫والثاني ��ة‪ ،‬تمثل ��ت بالتهجير الفردي لبع�ض المواطنين م ��ن القرى الخم�س التي بقيت‬ ‫�آهلة ب�س ��كانها‪ .‬وه�ؤالء‪� ،‬إما كان ��وا ي�ؤدون خدمة العلم في الجي�ش ال�س ��وري‪� ،‬أو موظفين‬ ‫في محافظات �أخرى‪� ،‬أو لأ�س ��باب متفرقة‪ ،‬حيث نتج عن ذلك ت�ش ��ظي ق�سم من عائالت‬ ‫الجوالن بين �ش ��رقي خط وقف النار وغربه‪ ،‬والذين يتوا�صلون راهن ًا عبر الميكروفونات‬ ‫على خط الف�صل المزروع بالألغام والأ�سالك ال�شائكة �أو ما ُيعرف بـ “تلة الدموع”‪.‬‬ ‫فيم ��ا يتعلق ب َمن ثبتوا على �أر�ض الجوالن‪ ،‬ف�إنه رغم الإحكام المطبق الذي مار�س ��ته‬ ‫�سلطات االحتالل الإ�سرائيلي‪ ،‬وانعدام �أي نوع ِمن الدعم الع�سكري �أو اللوج�ستي‪� ،‬أو حتى‬ ‫المادي‪ِ ،‬من الوطن �أو �سواه‪ ،‬لب�ضعة �آالف ال يتجاوز تعدادهم ع�شرين �ألف ن�سمة‪ ،‬راهن ًا‪،‬‬ ‫فه ��م قام ��وا بواجبهم على �أكمل وجه‪ ،‬و�أثبتوا كفاءة عالي ��ة َق ّل نظيرها في الحفاظ على‬ ‫�أر�ض ��هم وهويتهم ال�سورية في زمن االنك�س ��ارات والخيبات العربية‪� ،‬سواء في �إ�ضرابهم‬ ‫ال�شهير عام اثنين وثمانين ورف�ضهم قانون �ضم الجوالن والجن�سية الإ�سرائيلية‪� ،‬أو عبر‬ ‫تعاملهم مع االحتالل طوال �أكثر ِمن �أربعة عقود بمقت�ض ��ى ال�ضرورة وانعدام البديل‪ ،‬ال‬ ‫النفع والم�صلحة‬ ‫الأمر الم�س ��تهجن هنا‪� ،‬أن النظام ال�س ��وري لم يعمل على ا�س ��تثمار ق�ضية المهجرين‬ ‫هذه‪ ،‬ال محلي ًا وال حتى على �ص ��عيد طرحها في المحافل الدولية رغم ما تم ّثله من ثقل‪،‬‬ ‫كونه ��ا تُع َت َب ��ر بمثاب ��ة َف َر�س رابح ف ��ي جميع الميادي ��ن واالتجاهات‪ ،‬حتى �أنه لم ُي�س ��مح‬ ‫لأ�ص ��حاب هذه الم�أ�س ��اة التعبير عن وجعهم؛ و�أكثر ما م ّيز هذه الق�ض ��ية الخطيرة‪ ،‬هو‬ ‫التعتيم ثم التعتيم ثم التعتيم‪ !...‬مج ّرد احت�شاد مئات الألوف من ه�ؤالء المهجرين على‬ ‫خط وقف النار مع �إ�س ��رائيل‪ ،‬ولو م ّرة واحدة‪ ،‬في ذكرى اقتالعهم ِمن �أر�ض ��هم لم يتم!‬ ‫رغم ما قد يحمل ذلك ِمن ر�سائل ودالالت‪.‬‬ ‫في ظل وجود نظام (�ص ��نديد ممانع) في دم�شق‪ ،‬و�ض� � َع ن�صب عينيه (وحدة العرب‬ ‫وحريتهم وا�شتراكيتهم‪� ،‬إ�ضافة �إلى ّ‬ ‫دك معاقل الإمبريالية وال�صهيونية وح�صونها حيث‬ ‫ُو ِجدَ ت؛) يلحظ �أي متابع �أن قانون الطوارئ ُع َّد ِمن (موجبات ال�صراع مع العدو؛) و�أنّ‬ ‫ود�س الد�س ��ائ�س على الوطن)‬ ‫ُته ��م (د َّب الوهن في عزيمة الأم ��ة والتحري�ض الطائفي ّ‬ ‫تقف بالمر�ص ��اد لكل دعاة تحرير هذا الوطن ِمن منظومة الهالك والقمع والفقر الذي‬ ‫ي ��رزح تحته‪ ،‬و�أن ال�ش ��عب ال�س ��وري �أج ِب� � َر على ابتالع ه ��ذا الطعم الم�س ��موم؛ لكنه ِمن‬ ‫ال�صعوبة بمكان �إيجاد م�س ّوغ �أوعذر لم�س�ألة الإحجام عن االحتجاج‪ ،‬داخل الوطن‪ ،‬على‬ ‫هجر بع�ض ال�شعب ِمن �أر�ضه و�سلبه ما يملك‪ ،‬ولو ا�ستعرا�ضي ًا!‬ ‫عد ّو ّ‬ ‫ِم ��ن هن ��ا‪ ،‬ف�إنه ِمن ال�ض ��رورة العودة �إلى درا�س ��ة ما حدث �آنذاك‪ ،‬من ��ذ ذلك البالغ‬ ‫ال�ش ��هير (‪ )66‬والإع�ل�ان ع ��ن �س ��قوط مدين ��ة القنيط ��رة قب ��ل �أن تط�أها �أق ��دام جنود‬ ‫االحتالل‪ ،‬و�إعطاء الجي�ش ال�س ��وري قرار االن�س ��حاب الكيفي م ��ن المعركة‪ ،‬والمقدمات‬ ‫التي ه ّي�أت لتلك القرارات الملتب�سة‪.‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫حت ��ى نتمك ��ن ِمن فه ��م ما جرى‪ ،‬وال ��كل مدعو لذلك‪ ،‬ال ب ��د لنا من الع ��ودة �إلى تلك‬ ‫الأ�ص ��ول‪� ،‬أو اال�س ��تعانة ب�ش ��هود �أحياء من تلك المرحلة‪� ،‬س ��واء من �أ�ص ��حاب الم�أ�س ��اة‬ ‫�أنف�س ��هم‪� ،‬أو الجنود وال�ض ��باط الذين عاي�ش ��وا تلك الأيام ال�س ��وداء‪� .‬أو بما �أورده‪ ،‬على‬ ‫�سبيل المثال‪ ،‬كل ِمن ال�ضابط ال�سوري خليل م�صطفى (ال ُمختفية �آثاره)‪� ،‬صاحب كتاب‬ ‫“�سقوط الجوالن”‪� ،‬أو �سامي الجندي في “ك�سرة خبز”‪� ،‬أو �سعد جمعة في “الم�ؤامرة‬ ‫ومعركة الم�صير”‪ ،‬وذلك ريثما يفرج العبو تلك المرحلة‪ ،‬ال�سيا�سيون والع�سكريون‪ ،‬في‬ ‫�إ�سرائيل و�سوريا‪ ،‬على حد �سواء‪ ،‬عما في �أدراجهم من وثائق ومعلومات‪.‬‬ ‫ِمن دون �أدنى �ش ��ك‪� ،‬أنّ م�س�ؤولية ما ح�ص ��ل‪� ،‬إ�ضافة �إلى الآلة الإجرامية الإ�سرائيلية‬ ‫تق ��ع‪ ،‬بالدرج ��ة الأولى‪ ،‬على عاتق َمن خ�س ��روا الأر� ��ض ويتح ّملون‪ ،‬في �أ�ض ��عف تقدير‪،‬‬ ‫جزء ًا كبير ًا من الم�س�ؤولية الأخالقية والتاريخية‪� ،‬س ّيما و�أنهم ما زالوا يم�سكون بنا�صية‬ ‫بحجة تحري ��ر الأر�ض‪ ،‬ويحكمونه‬ ‫الحكم منذ ذلك التاريخ‪ ،‬ويجلدون ال�ش ��عب ال�س ��وري ّ‬ ‫بقوة قانون الطوارئ‪ ،‬دون �أن ُيخ�ضعوا �أنف�سهم لأي نوع من المراجعة �أو المحا�سبة‪.‬‬ ‫والأخطر ِمن هذا وذاك‪ ،‬هو التفريغ الم ّنظم والممنهج الذي ح�صل بعد ذلك‪ ،‬وعلى‬ ‫امت ��داد �أكثر من �أربعة عقود‪ ،‬لمفهوم الدولة ِمن كل محتوى �أو م�ض ��مون دولتي‪ ،‬لدرجة‬ ‫�ص ��ار من الم�س ��تحيل معها لكل عل ��وم ال�سيا�س ��ة واالجتماع اجتراح تعري ��ف علمي لهذا‬ ‫الكيان ال�سيا�سي �أو الجغرافي الذي يدعى �سوريا‪ .‬فعندما يكون القانون معلق ًا عبر حالة‬ ‫طوارئ م�س ��تمرة �إلى ما �ش ��اء اهلل‪ ،‬ف�إنها توفر �أر�ض� � ًا خ�صبة لف�س ��اد الطبقة الحاكمة‪،‬‬ ‫وهذا الف�س ��اد ي�صبح قاعدة ويح ّول الدولة �إلى كيان ع�شوائي ومت�آكل من الداخل‪ ،‬وهذه‬ ‫كارثة وطنية بكل مقيا�س‪.‬‬ ‫المطروح هو‪:‬‬ ‫هل ت�ش ّكل‪ ،‬حق ًا‪ ،‬ق�ضية الجوالن �أولوية للمواطن ال�سوري الذي يرزح تحت نير �أحكام‬ ‫الطوارئ منذ ما يقارب الخم�سة عقود؟‬ ‫هل بمقدور ال�ش ��عب ال�س ��وري وقواه الحية ك�سر احتكار ال�س ��لطة ق�ضية الجوالن‪ ،‬في‬ ‫وقت يعجزون فيه عن ت�س ��يير م�س ��يرة �سلمية‪ ،‬بالع�ش ��رات‪ ،‬حتى لو كانت لغر�ض مطلبي‬ ‫�أو معي�ش ��ي؟ وتالي ًا‪ ،‬هل ي�ستطع‪ِ ،‬من الأ�سا�س‪� ،‬شعب مغ ّيب محتل ِمن الداخل العمل على‬ ‫تحرير جزئه المحتل في الجوالن‪� ،‬أو حتى البتّ في ق�ضاياه‪ ،‬الكبرى منها وال�صغرى؟‬ ‫وبكثي ��ر ِم ��ن المرارة واللوعة‪ ،‬انتقل هنا �إلى الت�س ��ا�ؤل‪ :‬هل ِم ��ن العدالة والنزاهة �أن‬ ‫يرمي ال�ش ��عب ال�س ��وري همومه و�أوجاعه على ثل ��ة قليلة ِمن �أبنائه البررة‪ ،‬ي�س ��تفرد بها‬ ‫النظام وي�ش ��بعها قمع ًا وتنكي ًال‪ ،‬فيما ال�ش ��عب هانئ بذ ّله كما لو �أنه حجز لنف�س ��ه مقعد ًا‬ ‫ل ��دى مجموعة ع ��دم االنحياز!؟ فهل الع ّلة تكم ��ن في خمول ال�ش ��عب‪� ،‬أو هل هناك‪ِ ،‬من‬ ‫حي و�شعب خامل‪� ،‬أم �أنّ ذلك مردّه �إلى ق�ص ��ور ر�ؤية لدى َمن ُيفتَر�ض‬ ‫الأ�س ��ا�س‪� ،‬ش ��عب ّ‬ ‫�أنهم يحملون م�شروعه التغييري �أو يقودونه وعجزهم عن �إقناعه؟‬ ‫التهجير الذي ح�صل بحق �أكثر من ‪� 130‬ألف �سوري في الجوالن ال يختلف بم�ضامينه‬ ‫و�أبع ��اده عن تهجي ��ر الفل�س ��طينيين �إال بتفاوت العدد‪ .‬كيف ال�س ��بيل �إلى ا�س ��تثمار هذه‬ ‫(المهجرين) الح�سا�سة‪ ،‬الحيوية‪ ،‬الهامة والرابحة والتعامل معها؟‬ ‫الق�ضية‬ ‫ّ‬ ‫هل ِمن المنطق التعامل مع النظام على �أ�سا�س �أن َمن خ�سر الأر�ض تقع عليه م�س�ؤولية‬ ‫خ�ص ق�ضية‬ ‫ا�س ��ترجاعها‪ ،‬وبالتالي بقاء المعار�ضة ال�سورية م�ستقيلة عن مقاربة كل ما ّ‬ ‫الجوالن واحتالله �إال خ�شوع ًا؟‬ ‫هل �صحيح �أنّ تحرير الجوالن ِمن محتليه م�شروط �أوال بتحرير دم�شق ِمن طغاتها �أم‬ ‫العك�س؟ بمعنى‪ ،‬هل ِمن الأف َيد لنا تجميد ال�ص ��راع مع العدو الإ�س ��رائيلي‪ ،‬ريثما نتمكن‬ ‫م ��ن بن ��اء دولة علماني ��ة ديموقراطية؟ وفي هذه الحالة‪ ،‬ما هو ال�س ��بيل الأمثل لتو�س ��يع‬ ‫دائرة التوا�ص ��ل مع �أهالي الجوالن المحتل ومدّهم ب�أ�س ��باب البقاء وال�ص ��مود لو طالت‬ ‫�سنوات االحتالل �أكثر؟‬ ‫وال�س� ��ؤال الأخير بر�سم الجميع‪� ،‬ش ��عب ًا‪ ،‬مثقفين‪ ،‬قوى ح ّية‪ ،‬معار�ضة‪ ،‬وحتى نظام ًا‪:‬‬ ‫اثن ��ان و�أربع ��ون عام ًا م�ض ��ى على احت�ل�ال الجوالن‪� .‬أكثر ِم ��ن ثلثي �س ��كانه ُولدوا تحت‬ ‫االحتالل ِلمن بقوا‪ ،‬وفي ال�ش ��تات ِلمن هُ ِّجروا‪� .‬إلى متى يبقى الجوالن و�أهله‪ ،‬المقيمون‬ ‫والمهجرون‪ ،‬متروكين لم�صيرهم؟‬ ‫منهم‬ ‫ّ‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫هم الحياة وخلّفاه ذليال‬ ‫لي�س اليتيم من انتهى �أبواه مِن‪ّ /‬‬ ‫ف�أفاد بالدنيا الحكيمة منها ‪ /‬عا�ش تعليم الزمان بديال‬ ‫�إن اليتيم هو الذي تلقى له ‪� /‬أ ّما تخلّت �أو �أبا م�شغوال �أحمد �شوقي‬

‫الأ�سرى و الحركة الوطنية‬ ‫المقاومـة‪ ..‬بين مطـرقة االحتـالل‬

‫و�سندان النظام ‪�..‬أ�ضواء على ظالل‬ ‫الحركة الأ�سيرة في الجوالن المحتل‬

‫م ��ا �إن ّ‬ ‫حطت هزيمة حزيران �أوزارها على المنطقة العربية عموم ًا‪ ،‬و�أهالي الجوالن‬ ‫ب�ص ��ورة خا�ص ��ة‪ ،‬حتىانطلقت خاليا الكفاح الم�س ��لح والعمل ال�س� � ّري في قرى اله�ضبة‬ ‫المحتلة‪ .‬تلك الخاليا‪،‬كان لها ف�ض ��ل كبير في االنت�ص ��ار الجزئي الذي حققه ال�سوريون‬ ‫والم�ص ��ريون في ح ��رب ت�ش ��رين الأول‪�/‬أكتوبر ع ��ام ‪ ،1973‬وذلك عبر نق ��ل المعلومات‬ ‫الدقيقة والخرائط عن تح�ص ��ينات العدو على جبهتي الجوالن و�س ��يناء‪ ،‬وتمكنت بف�ضل‬ ‫العم ��ل الج ��اد والد�ؤوب من تمرير �أدق التفا�ص ��يل عن تحركات الجي�ش الإ�س ��رائيلي في‬ ‫ّ‬ ‫خطي بارليف و�آلون الع�س� � َكريين‪ ،‬التي اعتمدت �إ�س ��رائيل في بنائهما ب�ش ��كل كبير على‬ ‫الأي ��دي العامل ��ة الجوالني ��ة‪ ،‬حيث تبي ��ن لها الحق� � ًا �أن نف�س الأي ��دي التي تبن ��ي‪ ،‬تنقل‬ ‫المعلومات �إلى �أجهزة اال�ستخبارات ال�سورية‪ ،‬ومنها �إلى الم�صرية‪.‬‬ ‫ففي الأ�ش ��هر الأخيرة من عام ‪� ،1967‬ألقت ق ��وات االحتالل القب�ض على مجموعة من‬ ‫ال�ش ��بان بتهمة االت�ص ��ال مع ال�سوريين‪ .‬كذلك في �أواخر عام ‪ 1969‬اكتُ�شفت خلية فدائية‬ ‫�أخرى‪ ،‬راح �ض ��حيتها م ��ا يزيد على ‪ 140‬معتق ًال‪ ،‬وفي حزيران ع ��ام ‪� 1971‬ألقي القب�ض‬ ‫على خلية فدائية‪ ،‬ثم تلتها �شبكة �أخرى في ت�شرين �أول عام ‪ ،1972‬بلغت �أحكام بع�ضهم‬ ‫ع�شرين عام ًا‪ .‬تالها‪ ،‬في �صيف عام ‪ 1974‬اكت�شاف تنظيم جديد �آخر‪.‬‬ ‫لم تت�أثر م�س ��يرة الأهالي الكفاحية والن�ضالية �ض ��د االحتالل بنتيجة اكت�شاف بع�ض‬ ‫خالياه ��ا‪ ،‬بل �أعادت تنظيم نف�س ��ها م ��ن جديد‪ ،‬حيث ا�ستُ�ش ��هد بع� ��ض �أفرادها خالل‬ ‫القيام بواجبهم الوطني‪� ،‬إما بحقول الألغام التي تف�صل قراهم المحتلة عن باقي �أجزاء‬ ‫الوطن‪� ،‬أو بكمائن م�سلحة ن�صبها الجي�ش الإ�سرائيلي‪.‬‬ ‫بداي ��ة ثمانينات القرن المن�ص ��رم‪� ،‬ش� � ّكلت انطالقة جديدة لأهال ��ي الجوالن‪ ،‬تميزت‬ ‫ب�ص � َ�خبها الإعالمي على كافة الم�س ��تويات المحلية‪ ،‬الإقليمية والدولية‪ ،‬وذلك بعد �إقرار‬ ‫َ‬ ‫الكني�س ��ت الإ�س ��رائيلي قان ��ون �ض ��م الجوالن في الرابع ع�ش ��ر م ��ن كان ��ون �أول عام واحد‬ ‫وثماني ��ن‪ ،‬واالنتفا�ض ��ة �أو الإ�ض ��راب الكبي ��ر الذي نف ّذه الأهالي لأكثر من خم�س ��ة �أ�ش ��هر‬ ‫متوا�ص ��لة في الرابع ع�شر من �ش ��باط عام اثنين وثمانين‪ ،‬وما ترتّب على ذلك ِمن رف�ض‬ ‫الأهالي تطبيق القانون المدني الإ�سرائيلي وفر�ض الجن�سية الإ�سرائيلية عليهم‪ ،‬مع كل ما‬ ‫وجملة �سيا�سات تنكيلية بحقهم‪.‬‬ ‫رافق ذلك ِمن عنف ُم�س ّلح واعتقاالت وم�صادرات � ٍ‬ ‫أرا�ض ُ‬ ‫في منت�ص ��ف الثمانينات‪� ،‬ألقت �س ��لطات االحتالل القب�ض على خلية �س� � ّرية �أخرى‪،‬‬ ‫تو ّلت مداهمة بع�ض المع�سكرات الإ�سرائيلية وتفجير مخازن �أ�سلحة وزرع عبوات نا�سفة‬ ‫�أمام الدوريات الع�س ��كرية‪ ،‬و�صلت �أحكام ه�ؤالء ‪ 27‬عام ًا‪� .‬أحد ه�ؤالء‪ ،‬كان ال�شهيد هايل‬ ‫�أب ��و زي ��د الذي توفي قبل �أكثر من عامين بعد ع�ش ��رين عام ًا ق�ض ��اها خلف الق�ض ��بان‪،‬‬ ‫و�ص ��راع مع �سرطان الدم‪ ،‬دف َع �سلطات ال�سجن لنقله �إلى م�ست�شفى “ َرمبام” في حيفا‪،‬‬ ‫حي ��ث توفي في ��ه‪ .‬وذلك بالتزام ��ن مع توديع منتدى الأتا�س ��ي في دم�ش ��ق َم ��ن بقي من‬ ‫�أع�ضائه خارج المعتقالت‪.‬‬ ‫� َّإن مقاومة االحتالل واالعتقاالت الأمنية وال�سيا�س ��ية‪ ،‬لم تتوقف في عقد الت�سعينات‬ ‫وحت ��ى يومنا هذا‪ ،‬حيث اعتُقل العديد من �أبناء اله�ض ��بة ال�س ��ورية بته ��م عديدة‪ ،‬تتعلق‬ ‫بمهاجمة المواقع الإ�س ��رائيلية‪ ،‬كان �آخرها اعتقال �أحد ال�ش ��بان والحكم عليه ‪ 20‬عام ًا‪.‬‬ ‫�أربعة منهم ُيعدّون بين �أقدم ‪ 25‬معتق ًال �أمني ًا و�سيا�سي ًا في �سجون االحتالل الإ�سرائيلي‪،‬‬ ‫حيث م�ضى على اعتقالهم �أكثر من ع�شرين عام ًا‪.‬‬ ‫ال نمل ��ك �إح�ص ��اءات علمي ��ة دقيقة عن ع ��دد المعتقلي ��ن ال�سيا�س ��يين والأمنيين في‬ ‫الج ��والن‪ ،‬م ّمن دخلوا �س ��جون الع ��دو‪ ،‬لكن هذه االعتق ��االت طاولت الآالف من �س ��كان‬ ‫اله�ضبة البالغ تعدادهم راهن ًا ‪� 19‬ألف ن�سمة‪ ،‬بين حب�س فعلي �أو اعتقال �إداري‪.‬‬ ‫�أعلم يقينا �أن طرح هذا المو�ض ��وع للنقا�ش المفتوح �س ��يو ّلد الكثير من الح�سا�سيات‪،‬‬ ‫ويف ّت ��ق العديد من الأح ��زان والجروح؛ وقد يخلق �إ�ش ��كاالت ال تنتهي عن ��د ح ّد التخوين‬ ‫والوعيد والتهديد؛ فلي�س �س ��هال‪ ،‬ال على الأ�س ��رى �أنف�س ��هم‪ ،‬وال على ذويهم م ّمن ذاقوا‬ ‫الوالي ��ات وكل �أن ��واع القه ��ر والعذاب‪ ،‬تقبل فك ��رة �أن ذلك ل ��م يكن �إال هب ��اء منثورا �أو‬

‫�س ��رابا؛ لكني و�إذ �أحــــاول �إلقاء بع�ض ال�ضوء على هذه الق�ضية ال�شائكة‪ ،‬ا�ستذكر حوار ًا‬ ‫تلفزيونيا دار قبل نحو عامين مع �أحد ال�شعراء‪ ،‬وربما هو محمد علي �شم�س الدين‪ ،‬قال‬ ‫في ��ه ما معناه‪ ،‬عندما يتوقف النقــــّاد عن التع ّر�ض لكتاباتــه �س� �ــــيلج�أ حينها �إلى حرقها‬ ‫ويعتزل الم�صلحة‪.‬‬ ‫دعــون ��ا نتف ��ق �إذن � َّأن كل ظاه ��رة في هذه الحي ��اة ال تتعر�ض للمراجعــــ ��ة والنقد‪ ،‬ال‬ ‫تفقـــد قدرتها على االرتقـــاء والتطور وح�س ��ب‪ ،‬بل �إنها تنحدر ب�ش ��كل قاطع �إلى الهالك‬ ‫المح َتّم؛ تمام ًا كما تفعل الأنظمة ال�شمولية والطاغية ب�أوطانها‪ ،‬العراق نموذجا‪ ،‬و�سوريا‬ ‫على الطريق!‬ ‫لتكن البداية مع الت�س ��مية‪ :‬ففي حين �أن جميع الأ�سرى الذين يتحررون من االعتقال‬ ‫الإ�س ��رائيلي هم “�أ�س ��رى محررون” من منظورنا ال�سيا�سي والأخالقي‪� ،‬إال �أنه يجب �أن‬ ‫نم ّيز بين التحرير عبر اتفاقيات تبادل �أ�س ��رى �أو االنعتاق من الأ�سر بفعل بطولي ذاتي‪،‬‬ ‫م ��ن جهة‪ ،‬وبين التحرر عبر �إنهاء م ��دة المحكومية‪ ،‬من جهة �أخرى‪ .‬فهذا التمييز يتيح‬ ‫لنا الإ�ش ��ارة �إلى م�س� ��ؤولية الدول ��ة الأم (�أو بالأحرى �إهمالها لم�س� ��ؤوليتها) عن تحرير‬ ‫مواطنيها الواقعين تحت الأ�س ��ر‪ ،‬خا�صة و�أن بع�ض الأ�سرى ُخدعوا بخطاب الم�س�ؤولين‬ ‫الم ��زدوج‪ ،‬ذل ��ك الخط ��اب الذي يقول م ��ا ال يعني؛ يتباه ��ى بالتحري ��ر ويطنطن العالم‬ ‫ب�ش ��عارات المقاومة‪ ،‬بينما ي�ض ��مر خالف ذلك خلف الكوالي�س‪� .‬إن الم�أ�ساة الكامنة في‬ ‫ذل ��ك تدعونا �إلى التمييز بين “�أ�س ��رى محررين” و”�أ�س ��رى مخدوعي ��ن”؛ رغم ما في‬ ‫هذا الو�ص ��ف من مرارة‪ ،‬ومع حفظ االحترام والتقدير كله له�ؤالء الأ�س ��رى ك�أ�ش ��خا�ص‬ ‫يفكرون ويت�ص ��رفون انطالقا من �ض ��مائرهم الوطنية الفذة‪ ،‬ولي�س ب�أوامر من �سلطات‬ ‫عليا وبيروقراطية تعمل بلغة مزدوجة وم�ض ��للة‪ .‬حين نعالج م�س�ألة ح�سا�سة كهذه ينبغي‬ ‫�أال نت ��رك م�ش ��اعرنا ال�شخ�ص ��ية تحكم عقولنا‪ ،‬فنتنا�س ��ى الإهمال الخطير للم�س� ��ؤولية‬ ‫ال�سيا�سية والأخالقية المترتبة على كل من يقود‪ ،‬هذا �إن لم نقل‪ ،‬ي�ستقطع وطنا!!‬ ‫كان ��ت الفت ��رة الممتدة بين حربي عام ‪ 1967‬و ‪� 1973‬أكثر المراحل التي �ش ��هدت فيها‬ ‫ال�س ��احة الجوالنية ما يمكن ت�س ��ميته كفاحا فعليا �ضد القوات الإ�سرائيلية المحتلة‪ ،‬عبر‬ ‫الخاليا والتنظيمات ال�س ��ر ّية التي وج ّهت �ض ��ربات موجعة �إلى �إ�س ��رائيل‪ ،‬بنقلها �أ�سرار‬ ‫تح�ص ��يناتها �إلى الجانب ال�سوري‪ ،‬كما �سبق ذكره‪ .‬كما �أن النظام ال�سوري ذلك الزمان‬ ‫كان ب�أم�س الحاجة �إلى �إراحة ظهره مما و�ص ��فه باتريك �سيل في كتابه ال�شهير”الأ�سد‪-‬‬ ‫حمل �صليب �ضياع ه�ضبة الجوالن‪.‬‬ ‫ال�صراع على ال�شرق الأو�سط” ِمن ِ‬ ‫م ��ن هنا‪ ،‬ف�إن التعامل ال�س ��وري الر�س ��مي في تلك الفترة ات�س ��م باالحت ��رام والجد ّية‬ ‫المطلق ��ة ف ��ي تعاطيه م ��ع خالياه العاملة في الج ��والن المحتل‪ .‬وربما هذا ما يف�س ��ر �أن‬ ‫النظام ال�س ��وري لم يجتهد الحقا �إال في تحرير هذه المجموعة عام ‪ ،1984‬التي اعتقلت‬ ‫ف ��ي تل ��ك المرحلة من التخطيط لحرب ت�ش ��رين وم ��ا تالها‪ ،‬حتى توقيع اتفاقية ف�ص ��ل‬ ‫القوات عام ‪.1974‬‬ ‫هن ��ا يكمن مرب ��ط ال َفر�س‪ ،‬كما ُيق ��ال؛ فالنظام ال�س ��وري‪ ،‬لم يمتلك الج ��ر�أة الحقا‬ ‫لالعت ��راف لمواطنيه �أنه بعد اتفاقية الف�ص ��ل �أ�س ��قط من ح�س ��اباته‪ ،‬و�إلى غير رجعة‪،‬‬ ‫الخيار الم�س ��لح!! ال�ش ��عب ال�س ��وري‪ ،‬فهم تلك المعادلة من دون عن ��اء‪ ،‬عبر الإجراءات‬ ‫المعق ��دة التي �ص ��ار المواطن في الداخل ال�س ��وري يحتاجها لبل ��وغ محافظة القنيطرة‪،‬‬ ‫والجزء المحاذي للأرا�ض ��ي ال�س ��ورية المحتلة على وجه التحديد؛ كحاجته �إلى ت�صريح‬ ‫خط � ّ�ي من فرع فل�س ��طين (�س ��يء الذك ��ر)‪ ،‬والمرور على ع ��دة نقاط للأمن الع�س ��كري‬ ‫لم�شاهدة هذا الت�صريح‪ ،‬ذهابا و�إيابا‪.‬‬ ‫الم�ش ��كلة التي واجهت النظام‪ ،‬هي في كيفية �إي�ص ��ال هذا “المر�سوم الرئا�سي”‪ ،‬غير‬ ‫ال ُمع َلن‪� ،‬إلى �أهالي الجوالن المحتل‪ِ ،‬من دون �أن يترك ذلك في �أذهانهم مئات‪� ،‬إن لم نقل‬ ‫�آالف ال�ش ��كوك حول حيثيات هذا القرار وتبعاته؛ هنا‪ّ ،‬‬ ‫ف�ض ��ل النظ ��ام على ما يبدو العمل‬ ‫بهدي منطق التق ّية واال�ستتار بالم�ألوف‪ ،‬ريثما يق�ضي اهلل �أمرا كان مفعوال‪ ،‬وهذا ما ّتم!‬ ‫بع� ��ض �أهالي الجوالن المحتل فهموا الر�س ��الة‪ ،‬لكن العتب ��ارات تتعلق بالحر�ص على‬ ‫ع ��دم �ش ��رخ الموق ��ف الوطني‪ ،‬وتركي ��ز كافة الجه ��ود على مقاوم ��ة االحتالل‪ّ ،‬‬ ‫ف�ض ��لوا‬ ‫ع ��دم تعوي ��م تلك الق�ض ��ية‪ .‬لك ��ن البع�ض الآخر بل� � َع الطعم ل�س ��ببين‪� ،‬إما لأن من�س ��وب‬ ‫النق ��اء الوطن ��ي كان مرتفعا عندهم لدرجة كان ِمن الم�س ��تحيل معها ت�ص ��ديق �أو قبول‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫تل ��ك المعادلة‪ ،‬وبالتالي رف�ض االمتثال لها؟ �أو ل�ض ��عف مق ��درة ربط الأحداث وتحليلها‬ ‫وو�ضعها في �سياقها المنطقي ال�سليم‪ ،‬وربما الإثنين معا؛ رغم �أن الكثير من المجريات‬ ‫يت�سع المجال هنا لعر�ض ع�شرات‪� ،‬إن لم‬ ‫والمعطيات كانت وا�ض ��حة ال لب�س فيها! ولي�س ّ‬ ‫نق ��ل مئات ال�ش ��واهد والعبر التي ت�ؤ ّكد ذلك‪ ،‬ابتدا ًء من ا�س ��تثناء �أولئ ��ك المعتقلين من‬ ‫عمليات تبادل الأ�س ��رى‪ ،‬ال �س ّيما التي كانت تتم بالو�ساطة بين “حزب اهلل” و�إ�سرائيل‪،‬‬ ‫وعدم بذل �أي م�س ��عى جدي في هذا ال�سياق‪ ،‬رغم منا�شدات الأهالي التي ال تُح�صى في‬ ‫هذا ال�سياق‪ ،‬و�صو ًال �إلى الف�ضيحة التي ت ّمت لفلفتها قبل عدة �أعوام‪ ،‬والمتم ّثلة ب�سرقة‬ ‫مخ�ص�صاتهم ِمن قبل بع�ض عنا�صر الأمن ال�سوريين الق ّيمين على هذه الم�س�ألة‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫ِمن الأ�ص ��ل لم تكن تتجاوز مائة دوالر لكل ُمعتَقل �ش ��هريا؛ بكالم �آخر‪ ،‬لم تكن ت�س ��اوي‬ ‫أنحي كل تلك الق�ضايا جانبا حتى ال ا ّت َهم بالتج ّني‪ُ ،‬مكتفي ًا با�ستعارة‬ ‫قيمة �إر�س ��الها! �س� ّ‬ ‫واحدة‪ ،‬فقط ال غير‪ ،‬وهي من جريدة “الوطن” ال�س ��ورية‪� ،‬شبه الر�سمية‪ .‬تكون بمثابة‪،‬‬ ‫“و�شهد �شاهد ِمن �أهله”‪.‬‬ ‫فف ��ي مقال له ��ا بعنوان‪“ :‬ما نفع الذكرى‪ ...‬عندما نت�ص ��فح �س ��جل �ش ��هداء الوطن‬ ‫الخالدين وال نجد فيه ا�س ��م نزيه �أبو زيد”‪ ،‬تاريخ ‪ .2008/1/23‬تقول �ش ��قيقة ال�ش ��هيد‬ ‫نزي ��ه �أبو زيد الذي ق�ض ��ى بتاريخ ‪ 1976/12/27‬ف ��ي المنطقة المزروع ��ة بالألغام التي‬ ‫تف�ص ��ل قري ��ة مجدل �ش ��م�س المحتلة ع ��ن امتدادها ال�س ��وري‪� ،‬أثناء نقل ��ه معلوات عن‬ ‫التح�ص ��ينات الع�سكرية الإ�سرائيلية في الجوالن �إلى الأجهزة ال�سورية‪ ،‬تقول في مقابلة‬ ‫م ��ع جري ��دة الوط ��ن‪ ،‬حرفيا‪“ :‬ه ��ل يعقل �أن يبق ��ى �أخي نزي ��ه حتى اليوم خارج �س ��جل‬ ‫ال�شهداء ال�س ��وريين الخالدين الذين كرمهم رئي�سنا الخالد حافظ الأ�سد وجعلهم �أنبل‬ ‫بني الب�شر‪� ،‬ألم ي�ست�شهد نزيه وهو ي�ؤدي واجبه الوطني؟ ما المطلوب حتى يو�ضع ا�سمه‬ ‫في �سجل ال�شهداء؟”‪.‬‬ ‫وحتى نتم ّكن من �س ��بر �أغوار هذه الم�س�ألة البالغة الح�سا�سية‪ ،‬كما �أ�سلفت‪ ،‬ال بد من‬ ‫التوقف عند بع�ض التفا�صيل‪ ،‬التي ال غنى عنها في �أي اجتهاد بحثي �أو علمي‪ ،‬رغم �أنها‬ ‫م�س ��ا بقد�س الأقدا�س‪....‬؛ ال �ض ��ير في‬ ‫قد تزعج البع�ض‪� ،‬أو ربما يعتبرها البع�ض الآخر ّ‬ ‫ذل ��ك‪ ،‬طالما �أن البحث يلتزم معايير تحليلي ��ة وعلمية‪ ،‬وال يحمل في بواطنه �أي نوع من‬ ‫الخبث �أو التج ّني‪ ،‬ال قدر اهلل‪.‬‬ ‫ي�أت ��ي ف ��ي مقدمة هذه التفا�ص ��يل‪� ،‬أن الغالبي ��ة العظمى من معتلق ��ي الموجة الثانية‬ ‫الت ��ي ب ��د�أت مطلع الثمانيني ��ات‪� ،‬إما �أنهم كان ��وا مراهقين‪� ،‬أو في مقت َبل �ش ��بابهم‪ ،‬ولم‬ ‫يتع ّد ن�ش ��اطهم اقتحام بع�ض مخازن الأ�س ��لحة �أو زرع عبوات نا�س ��فة �أمام دويات قوات‬ ‫االحتالل‪ّ ،‬تم اكت�شلف معظمها‪ ،‬ولم ت�سفر في مح�صلتها عن �إراقة نقطة دم واحدة من‬ ‫جندي �إ�سرائيلي‪� ،‬أو حتى �إحداث خ�سائر مادية تُذ َكر‪.‬‬ ‫ف�ص ��غر ال�س ��ن‪ ،‬لم ي�س ��عف هوالء ال�ش ��بان المفعمين بم�ش ��اعر وطنية في ا�س ��تيعاب‬ ‫مقومات الكفاح الم�س ّلح‪ ،‬الذي يعتمد بالدرجة الأولى على قرار �سيا�سي‪ ،‬و�أجهزة �أمنية‬ ‫ذات كف ��اءة عالية‪ ،‬ومقدرة فذة على توجيه العم ��ل المقاوم وتنظيمه‪ ،‬ال تتمتع بها عادة‬ ‫�إال الدول �أو حركات المقاومة التي المدعومة من الدول‪.‬‬ ‫ففي ظل الإحكام المطبق الذي مار�س ��ته �س ��لطات االحتالل الإ�سرائيلي‪ ،‬وانعدام �أي‬ ‫نوع ِمن الدعم الع�سكري �أو اللوج�ستي‪� ،‬أو حتى المادي‪ِ ،‬من الوطن �أو �سواه‪ ،‬لب�ضعة �آالف‬ ‫ال يتج ��اوز تعدادهم ع�ش ��رين �ألف ن�س ��مة‪ ،‬راهنا‪ ،‬في �أبعد تقدير‪ ،‬كان االن�ص ��راف �إلى‬ ‫العمل ال�سيا�س ��ي وحده كاف لأهالي اله�ضبة ال�سورية المحتلة‪ ،‬الذين �أثبتوا كفاءة عالية‬ ‫َق ّل نظيرها في الحفاظ على �أر�ض ��هم وهويتهم ال�سورية في زمن االنك�سارات والخيبات‬ ‫العربي ��ة‪ ،‬عبر �إ�ض ��رابهم ال�ش ��هير عام اثنين وثمانين‪ ،‬ورف�ض ��هم قانون �ض ��م الجوالن‬ ‫والجن�س ��ية الإ�س ��رائيلية‪ ،‬وتعاملهم مع االحتالل طوال �أربعة عقود بمقت�ض ��ى ال�ضرورة‬ ‫تغنى ببطوالتهم و�ص ��مودهم كبار الأدباء‬ ‫وانعدام البديل‪ ،‬ال النفع والم�ص ��لحة‪ ،‬لدرجة ّ‬ ‫وال�شعراء‪� ،‬أذكر منهم حيدر حيدر‪ ،‬وفوزي البكري‪ ،‬وكثيرون غيرهم‪.‬‬ ‫ل ��ن اتوق ��ف كثيرا عن ��د بع�ض الظواه ��ر الن�ض ��الية‪ ،‬التي اتّ�س ��مت بالطي� ��ش والتهور‬ ‫والفانتازي ��ا‪ ،‬ك�إقدام بع�ض ال�ش ��باب حديثي ال�س ��ن‪ ،‬م ّمن �أغراهم االن�ض ��مام �إلى باقي‬ ‫المعتقلين‪ ،‬على �إحراق من�ش�أة هنا و�أخرى هناك‪ ،‬ثم ت�سليم �أنف�سهم ل�سلطات االحتالل‬ ‫بحجة حر�صهم على �أال تعتقل �إ�سرائيل �آخرين بجريرة فعلهم؛ وكل ذلك من �أجل حيازة‬

‫مح َرر” بعد خروجه‪� ،‬أو �إر�س ��ال ب�ضعة ر�س ��ائل من خلف الق�ضبان‬ ‫�ش ��رف لقب”�أ�س ��ير ّ‬ ‫لأهاليه ��م و�أ�ص ��دقائهم‪ ،‬ممه ��ورة بتواقيع فخمة‪ ،‬مث ��ل‪“ :‬ح‪.‬م‪�� �.‬س” �أي حركة مقاومة‬ ‫�س ��ر ّية‪ ،‬وم ��ا �إلى ذل ��ك! �أو البع�ض ال ��ذي لج�أ �إل ��ى الإنترنت و�أجهزة الهات ��ف المحمول‬ ‫للترتي ��ب لعملي ��ات خطف جن ��ود و�أعمال �أخرى!؟ �إ�ض ��افة �إلى عدم �ص ��قل �شخ�ص ��يات‬ ‫البع�ض من خ ّريجي المعتقالت الإ�س ��رائيلية‪ ،‬بدليل خروج ق�سم منهم من خلف زنازين‬ ‫يزج منذ‬ ‫الع ��دو مبا�ش ��رة �إلى تقدي ��م قرابين الطاعة وال ��والء �إلى نظام دولتهم‪ ،‬ال ��ذي ّ‬ ‫عقود طويلة زمالء لهم في �أقبيته المظلمة‪ ،‬لق�ض ��ايا ال تقل عدالة ونزاهة وقدا�س ��ة عن‬ ‫الأ�س ��باب التي اعتقلتهم �س ��لطات االحتالل بموجبها!؟ وكذلك احت ��راف البع�ض منهم‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫بكل ت�ش� � ّعباتها‪ ،‬من غمو�ض‪...‬؛ دفع �أهالي الجوالن خاللها‪� ،‬سواء َمن بقوا في �أر�ضهم‪� ،‬أو‬ ‫مهنة توزيع نيا�شين الوطنية وتهم التخوين على هذا وذاك َمن المواطنين‪.‬‬ ‫�أخيرا‪ ،‬لي�س بو�س ��ع �أي مراقب �أو مح ّلل لما يدور على ال�س ��احة الجوالنية‪� ،‬إال االنحناء َم ��ن نزح ��وا �إلى الداخل ال�س ��وري بعد هزيمة حزي ��ران‪ ،‬دفعوا �أغلى الت�ض ��حيات و�أعز ما‬ ‫ي�ضجون بالم�شاعر الوطنية الخال�صة والنبيلة‪ ،‬و�أمام يملك ��ون من �أرواح و�أمالك؛ ِف ��داء َمن‪...‬؟ اهلل �أعلم!! ربما‪ ،‬يج ��در بنا جميعا البحث عن‬ ‫�أمام ت�ضحية هوالء ال�شبان الذين ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عذاب ��ات �أهلهم وت�ض ��حياتهم‪ ،‬التي ال يمك ��ن للحبر مهما �أوتي من بالغة ت�ص ��ويرها �أو �ضابط �سوري ا�سمه خليل م�صطفى‪� ،‬ألف كتابا بعنوان‪�“ :‬سقوط الجوالن”‪ ،‬واختفى!!!؟‬ ‫اخت�ص ��ارها‪ ،‬لكن ��ه بالت�أكيد لن يقف على الحياد في م�س� ��ألة �ض ��عف مقدرتهم على فك‬ ‫ح�سان �شم�س‬ ‫�ش ��يفرات النظ ��ام ال�س ��وري‪ ،‬غير المع ّق ��دة‪ ،‬في عدم دعم ��ه وت�ش ��جيعه �أي عمل مقاوم‬ ‫منقول عن موقع “ثروة” ‪�/‬شباط‪2008/‬‬ ‫لإ�سرائيل‪� ،‬سواء انطالقا ِمن �أرا�ضيه‪� ،‬أو في الجزء المحتل من الجوالن على ال�سواء!‬ ‫‪http://syrianelector.com/index.php?option=com_content&ta‬‬ ‫�أ�سئلة وا�ستف�سارات ال ح�صر لها‪� ،‬أثي َرت‪ ،‬و ُتثار‪ ،‬و�سوف ُتثار حول ما ّ‬ ‫لف ق�ضية الجوالن‪،‬‬ ‫‪sk=view&id=628&Itemid=111‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الإعالم الف�ضيحة‪:‬‬ ‫ماذا فعلت جريدة ‪-‬ت�شرين‪ -‬بالحوار مع الأ�سير المحرر هايل ابو زيد؟‬ ‫و�ص ��لت كاتب هذه ال�س ��طور الر�سالة التالية من �ص ��ديق في الجوالن المحتل‪« :‬مرفق‬ ‫م ��ادة تعر�ض ��ت الى الحذف واال�ض ��افة والتزوير ن�ش ��رت ي ��وم ‪ 2005/2/28‬في جريدة‬ ‫«ت�ش ��رين» بالزاوية ال�سيا�س ��ية‪ .‬ار�س ��ل لك‪ ،‬بناء على طلب رفيقي هايل‪ ،‬الن�ص الحرفي‬ ‫للقاء اتمنى ان يعمم وين�شر على كافة المواقع التي ن�ستطيع الو�صول اليها فهذه الطريقة‬ ‫اللوحيدة للرد على هذا الت�شويه والتزوير الحا�صل»‪.‬‬ ‫‪.‬ي�ص ��عب العثور على كلمات منا�س ��بة لو�صف ما فعلته جريدة ت�ش ��رين بالحوار الذي‬ ‫�أجراه با�سمها ال�صحفي علي الأعور مع الأ�سير ال�سوري المحرر من ال�سجون الإ�سرائيلية‬ ‫هايل �أبو زيد‪ .‬الأمر ال يرتد �إلى خلل �ص ��حفي فادح فقط و�إنما يتعداه �إلى خط�أ �سيا�س ��ي‬ ‫�ش ��نيع‪ .‬في عالم �سيا�سي و�إعالمي يحترم نف�سه يعتبر ما اقدمت عليه الجريدة ف�ضيحة‬ ‫�أخالقية و�سيا�سية ومهنية‪ ،‬ي�ستقيل ب�سببها ر�ؤ�ساء تحرير ومحررون‪.‬‬ ‫ق�ض ��ى هاي ��ل ابو زيد ‪ 20‬عاما في ال�س ��جون الإ�س ��رائيلية من عمره البال ��غ ‪ 36‬عاما‪،‬‬ ‫لأنه وا�ص ��دقاء له من مواطني الجوالن ا�س�س ��وا مجموعة �أطلقوا عليها «حركة المقاومة‬ ‫ال�سرية» تقوم بعمليات مقاومة �ضد قوات االحتالل‪ .‬وقد نجحوا في العديد منها يذكرها‬ ‫هاي ��ل في حديثه الأ�ص ��لي وفي الق�س ��م الذي ن�ش ��رته «ت�ش ��رين» منه (تجدون الن�ص ��ين‬ ‫هنا)‪� .‬إثر اعتقاله حكم عليه بال�س ��جن ‪ 27‬عاما‪ ،‬ولم يفرج عنه �إال ب�س ��بب تدهور و�ضعه‬ ‫ال�ص ��حي‪ .‬فقد خرج في ال�ش ��هر الأخير من العام الما�ض ��ي م�ص ��ابا ب�س ��رطان الدم مع‬ ‫تراجع في قدرته الب�ص ��رية حتى ‪ %10‬فقط و�ش ��كايات في العم ��ود الفقري‪ ..‬وهو يعالج‬ ‫الآن في م�ش ��فى بحيفا‪ ،‬ويجمع مواطنوه و�أ�ص ��دقائه ما ي�س ��تطيعون من مال ال�س ��تكمال‬ ‫عالجه(مرف ��ق نداء لجمع التبرعات مع رقم ح�س ��اب لتر�س ��ل �إلي ��ه)‪ .‬نتحدث �إذن عن‬ ‫واحد من �أبطال ال�شعب ال�سوري ولي�س عن �أحد المت�سكعين �أو «الم�س�ؤولين»‪.‬‬ ‫ماذا فعلت جريدة «ت�شرين»؟‬ ‫‪ -1‬ن�شرت ‪ 1272‬كلمة من الحوار الأ�صلي المكون من ‪� ،3642‬أي �أنها حذفت �أكثر من‬ ‫‪ %65‬منه‪ .‬وهي بالطبع لم ت�ست�أذن هايل‪ ،‬وفقا لما �أ�شارت �إليه ر�سالة ال�صديق الجوالني‬ ‫في م�ستهل هذه الكلمات‪.‬‬ ‫‪ -2‬و�ضعت العنوان التالي للحوار مع هايل‪« :‬الأ�سير المحرر هايل ابو زيد لـ»ت�شرين»‪:‬‬ ‫�أعتز بعروبتي وانتمائي الوطني وقيادة الرئي�س ب�شار الأ�سد»‪ .‬في الحوار مع هايل اعتزاز‬ ‫بوطنه �سوريا و�شعبها‪ ،‬ولم يذكر «قيادتنا العربية ال�سورية وكافة الم�س�ؤولين عن �ش�ؤوننا‬ ‫المحلي ��ة في الجوالن المحتل» �إال في �س ��ياق نداء وجهه �إلى �ش ��عبنا و�إليهم كيال ين�س ��وا‬ ‫�أ�س ��رانا‪ :‬قال هايل‪�« :‬أ�س ��رانا هم �أمانة في اعناقنا‪ ،‬فهم �أولئك الجنود البوا�س ��ل الذين‬ ‫م�ض ��وا �إلى الواجب متى طلبتهم �أر�ض ��نا المباركة‪ ،‬وهم �أولئ ��ك الرجال الذين اخترقوا‬ ‫جدار الخوف وال�ص ��مت‪ ،‬و�ص ��نعوا ماثرا في البطولة والكبرياء التي �صانها لنا الأجداد‬ ‫والآباء من ابناء �ش ��عبنا العربي ال�س ��وري العريق»‪ .‬اال�س ��م الوحيد الذي نوه به هايل هو‬ ‫ال�س ��يد نواف الفار�س محافظ القنيطرة «على ما بذله ويبذله من جهود لن�ص ��رة ق�ضية‬ ‫الأ�سرى»‪ .‬لكن من الوا�ضح �أن الجريدة مهتمة بوالءاتها هي ولي�س بتو�صيل �صوت البطل‬ ‫الجوالني‪ .‬الجوالن و�أ�سرى الجوالن وق�ضية الجوالن هي مح�ض منا�سبة �إ�ضافية للتعبير‬ ‫عن الوالء لل�سلطة‪.‬‬ ‫‪ - 3‬حذفت الجريدة كالما لهايل يظهر توا�ضعه وحر�صه على �أن ال يميز نف�سه ب�شيء‬ ‫عن رفاقه؛ حذفت كالما يقول �إنه ورفاقه «رف�ض ��وا الوقوف لق�ض ��اة محكمة الغا�ص ��بين‬ ‫على امتدادا كل الجل�س ��ات»؛ �ش ��طبت كالما م�ؤثرا لهايل عن فقدان ��ه لأبيه وعن «رف�ض‬ ‫ه� ��ؤالء الجالدي ��ن كل الطلبات التي تقدم بها رفاقي من �أجل ال�س ��ماح ل ��ي ب�إلقاء نظرة‬ ‫ال ��وداع الأخير على ج�س ��ده»؛ حذف ��ت �إجابته على ال�س� ��ؤال الخام�س كل ��ه الذي يتحدث‬ ‫في ��ه ع ��ن اعتقال �أخيه حمد الذي كان ال�ساد�س ��ة من عمره حي ��ن اعتقل هو عام ‪1984‬؛‬ ‫حذف ��ت كالم ��ا رائعا عن ا�س ��تقباله عند و�ص ��وله �إلى الج ��والن وعن �ض ��حكته المبتورة‬ ‫مرتي ��ن‪ :‬م ��رة لأنه خلف رفاق ��ه وراءه في �س ��جون المحتلين‪ ،‬ومرة «الني ل ��ن �أتمكن من‬

‫معانقة �أو تقبيل �أي واحد من �أ�ص ��دقائي �أو �أخوتي �أو �أي �إن�س ��ان �أتى فقط ليقول �ش ��يئا ‪،‬‬ ‫ب�سبب المر�ض الذي �أ�صابني» (�ألي�س تعبيرا عن انعدام الح�س الإن�ساني والإخالقي فوق‬ ‫ح�س االلتزام بالحقيقة حذف هذه العبارت الم�ؤثرة التي يفتر�ض �أن تت�ش ��رف ال�صحف‬ ‫المحترمة بالتقاطها وتنقلها لقرائها على �ص ��در �صفحتها الأولى؟)؛ حذفت كالم هايل‬ ‫عن م�ش ��اعره لحظة �إبالغه خبر الإفراج عنه م ��ن «رفيق دربي وزنزانتي �أيمن ابو جبل»‬ ‫الذي «�ش ��اخت عيونه قبل موعدها» وبح�ض ��ور رفيق زنزانته الآخر كنج �أبو �ص ��الح؛ ولم‬ ‫ت�ش ��عر بالحاجة �إلى نقل كلماته عن ال�س ��اعات الأربعة التي لبثها مقيدا وال�سجان يعتدي‬ ‫بوجوده على حريته بعد علمه بقرار الإفراج عنه لأن خبر حكم الق�ضاء ب�إطالق �سراحه‬ ‫�س ��بق تبليغ �إدراة ال�سجون الإ�سرائيلية بالحكم؛ حذفت بكل وح�شية الكلمات التالية التي‬ ‫ت�شع بالنبل وال�شهامة‪« :‬و�أنا لن �أتحرر من عبء انتظار رفاقي هناك في الأ�سر �إال ر�ؤيتي‬ ‫لهم جميعا هنا معي‪ ،‬ولكن لن اغفر لأحد بما فيهم نف�س ��ي �إن رايتهم ي�ص ��لون �إلى مثل‬ ‫الحالة التي و�ص ��لتها‪ ،‬وتحررت بموجبها من االعتقال‪� ،‬إ�صابتي ب�سرطان الدم‪� .‬أقول �إذا‬ ‫ا�س ��تمر ن�س ��يانهم كما هو الآن �أخ�ش ��ى �أن يحررهم المر�ض �إن ن�س ��يانهم ال يقل ب�ش ��اعة‬ ‫عن الأ�س ��ر نف�س ��ه» (ربما �أخذت الجريدة على خاطرها من �إ�ش ��ارة هايل �إلى الن�سيان‪،‬‬ ‫�أو ربما خد�ش ��ت كلماته النبيلة حياء �أخالقياتها المهني ��ة والإيديولوجية)؛ حذفت قوله‬ ‫�إنه كان يتمنى لو ان اول �شخ�ص عانقه هو ابيه؛ حذفت دعوته «للمزيد من هذا الر�صد‬ ‫ل�س ��احة الجوالن تعزيزا لمحاربة الن�س ��يان الذي يجرحنا وتوا�صال مع �أبنائنا و�أهلنا في‬ ‫الوطن‪ ،‬خا�صة الجيل النا�شئ الذي قد ال ت�سمح له الظروف للتعرف على جزء من وطنه‬ ‫يقاوم االحتالل ال�ص ��هيوني الب�ش ��ع‪ ،‬كل التحية واالحترام والتقدي ��ر لكل الأقالم الحرة‬ ‫التي تحارب ال�صمت وتحارب الن�سيان»‪ ،‬حذفت هذه الكلمات رغم �أنها وردت في �سياق‬ ‫تعبي ��ره عن االمتنان لجريدة «ت�ش ��رين» بعد �أن �أخبره ال�ص ��حفي المح ��اور �أن الجريدة‬ ‫خ�ص ��ت الجوالن ب ‪ 73‬مقاال عام ‪ 2004‬بينها ‪ 7‬عنه (هايل) هو نف�س ��ه‪ ،‬حذفت كلماته‬ ‫الموجهة ل�ش ��قيته هدية المتزوجة في �سوريا من الأ�سير ال�سابق وع�ضو «مجل�س ال�شعب»‬ ‫الحال ��ي مدحت �ص ��الح الذي قال هايل �إنه «ا�ش ��تاق ج ��دا �إلى م�شاك�س ��ته» على مواقفه؛‬ ‫حذفت عبارته الرقيقة‪« :‬لم القي بر�أ�س ��ي على كتفها ولم �أ�شم رائحة �شعرها»‪ ،‬و�إهدائه‬ ‫«�أل ��ف قبلة» لها ولزوجاه ول�ص ��غيرهما ج ��والن؛ وبلغت ذروة انعدام الح� ��س والذوق معا‬ ‫حين حذفت ا�ستح�ض ��ار هايل وتحيته �إلى رفاقه‪� ،‬سجناء �سوريا و�أبطالها‪ ،‬واحدا واحدا‬ ‫وباال�س ��م في �س ��جون االحتالل‪« :‬تحية اليكـم‪ ،‬يا عا�صم و�سيطان و�صدقي وب�شر وعبا�س‬ ‫وكميل وكمال و�س ��ميح ووئام و�أمال و�ش ��ام‪ .‬وعميق التحية الى �أ�س ��رى الجوالن من ابناء‬ ‫قرية الغجر ال�س ��ورية ابو يو�س ��ف �س ��عد قهموز‪ ،‬واحمد ويو�س ��ف قهموز‪ ،‬وحاتم وح�سين‬ ‫الخطيب‪ ،‬ور�ؤوف عي�سى‪ ،‬وح�سين قهموز‪ ،‬على �أمل اللقاء بكم قريبا على ار�ض الجوالن‬ ‫المحرر �إن�ش ��اء اهلل»‪ .‬وحذفت تذكره النبيل لفاقه و�إخوته من الأ�س ��رى غير ال�س ��وريين‪:‬‬ ‫«لن ان�س ��ي رفاقي من الأ�س ��رى الفل�س ��طينين وخا�ص ��ة عرب ال‪ ،48‬والى عميد الأ�سرى‬ ‫اللبنانيين �س ��مير القنطار»‪ .‬ويختم الأ�س ��ير المحرر‪« :‬تحياتي لجميع ا�سرى الحرية في‬ ‫العالم»‪� .‬سلمت يا هايل!‬ ‫ً‬ ‫�أما جريدة ت�ش ��رين فتختم الحوار كالتالي‪« :‬في النهاية ا�س ��محوا لي �أي�ض� �ا ان �أوجه‬ ‫التحيات لأ�س ��رة جريدة ت�شرين الغراء انطالق ًا من التزاماتها الوطنية والقومية‪ ..‬بدء ًا‬ ‫برئي�س تحريره ��ا د‪ .‬خلف الجراد ومرور ًا بمديري و�أمن ��اء التحرير الأعزاء ومحرريها‬ ‫الأخوة الأوفياء ومعهم و�سائل اعالمنا المحلية والتلفزيون ال�سوري»‪ .‬ثم ختام كل ختام‪:‬‬ ‫«وكل الوفاء والوالء واالعتزاز والتقدير �أحمله لقيادتنا ال�سيا�س ��ية الحكيمة وعلى ر�أ�سها‬ ‫قائد الوطن ال�س ��يد الرئي�س ب�ش ��ار الأ�س ��د»‪ .‬وكانت الجريدة قد و�ضعت على ل�سان هايل‬ ‫ه ��ذه العبارات‪ّ �« :‬‬ ‫أف�ض ��ل الموت عزيز ًا كريم ًا مرفوع الر�أ�س كح ��ال �أبناء الجوالن و�أبناء‬ ‫�فتاي كلمة خنوع واحدة‪ ..‬ف�أنا عربي‬ ‫�س ��ورية العروبة‪� ..‬س ��ورية الأ�س ��د على �أن تلفظ �ش � ّ‬ ‫�س ��وري‪ ..‬وهويتي عربية �س ��ورية‪ ..‬و�أر�ض ��ي منذ الأزل عربية �س ��ورية»‪ .‬واعتبرت �أن من‬

‫حقها �أن تن�س ��ب �إليه ما يلي‪« :‬وجه هايل ابو زيد �أول ر�س ��الة �إعالمية من خالل جريدة‬ ‫«ت�ش ��رين» �أك ��د فيه ��ا اعتزازه ورفاقه الأ�س ��رى خل ��ف الق�ض ��بان و�أبناء الج ��والن الوفي‬ ‫بالمواقف القومية والوطنية للقائد المفدى ب�ش ��ار الأ�س ��د الذي ي�ض ��ع الجوالن في �أولى‬ ‫�سلم الأولويات‪»..‬‬ ‫طي ��ب‪ .‬هايل لم يقل ذلك! ربما ن�س ��ي‪� ،‬أو ربما ال يحب �أن يق ��ول كالما كهذا‪ .‬الواقعة‬ ‫ال�صلبة التي ال تقبل الحذف والتالعب �أنه لم يقل هذا الكالم‪ .‬وحين ين�سب �إلى �شخ�ص‬ ‫كالما لم يقله ف�إن هذا ي�سمى تزويرا �أو كذبا‪.‬‬ ‫تبره ��ن «جري ��دة ت�ش ��رين الغراء ب ��دء ًا برئي� ��س تحريره ��ا د‪ .‬خلف الج ��راد ومرور ًا‬ ‫بمديري و�أمناء التحرير الأعزاء ومحرريها الأخوة الأوفياء» �أن عالقتها بق�ضية الجوالن‬ ‫ال تتفوق في �شيء على عالقتها بالحقيقة‪ .‬تبرهن كذلك �أنها لفرط ما تحدثت زورا عن‬ ‫الن�ض ��ال والكفاح والبطولة وال�ص ��مود والكرامة والت�ضحية لم تتعرف عليها حين التقت‬ ‫بها فعال‪ ،‬مج�سدة في �شخ�ص هايل ابو زيد‪ .‬تبرهن �أنها معنية ب�أر�ضنا المحتلة ال كحياة‬ ‫ملمو�سة لب�شر ملمو�سين‪ ،‬بل كتجريد بر�سم الدعاية لل�سلطة وتمجيدها‪ .‬بالمنا�سبة‪ ،‬اية‬ ‫جدارة �أخالقية ووطنية في �أن تمتدح ال�سلطة ذاتها ورجالها في و�سائل �إعالم تحتكرها‬ ‫هي؟ من وجهة نظر ال�سيا�سة المدنية‪ ،‬بل المروءة فح�سب‪ ،‬هذا المديح الذي ال يكل وال‬

‫يم ��ل �إهان ��ة للدولة وللحكام‪ ،‬تمام ��ا كما يهينك �أو يزعجك من يمتدحك في ح�ض ��ورك‪،‬‬ ‫وبالخ�صو�ص �إن كان خائفا منك �أو تابعا لك‪ .‬هذه النرج�سية المطلقة تتعار�ض تعار�ضا‬ ‫تاما مع الغيرية والإيثار الذين �أظهرهما هايل ابو زيد في كلماته‪ ،‬وقبل ذلك في ت�ضحيته‬ ‫ال�سامية‪ .‬هل ي�شعر كادر جريدة ت�شرين انه يعبث بق�ضية منا�ضل ق�ضى اكثر من ن�صف‬ ‫عمره �س ��جينا دفاعا عن بلده وحياته مهددة بالخطر‪ ..‬حين ي�ض ��عها في �س ��ياق تمجيد‬ ‫ال�سلطة والدعاية لها! هل ي�شعر؟ �أم انه ف�ضيحة �إثر ف�ضيحة فقد الح�س وال�شعور؟‬ ‫يا �إخوان‪ ،‬لديكم «�ألف �شغلة» لتع�شقوا انف�سكم وتحتفوا بمجدكم! لكن ارفعوا ايديكم‬ ‫عن ت�ضحيات ال�سجناء وال�شهداء‪ ،‬رجاء!‬ ‫لي�س هكذا تعاملت و�س ��ائل الإعالم الإ�س ��رائيلية مع عزام عزام وهو جا�س ��و�س ولي�س‬ ‫ا�س ��يرا‪ ،‬ولم يق�ض ع�ش ��رين عاما مثل هايل‪ ،‬ولم يخرج من ال�سجن في حالة �صحية مثل‬ ‫حالة هايل‪.‬‬ ‫هايل �أبو زيد‪� ...‬سامحنا! نحن نت�شرف بك وبرفاقك‪ ،‬واحدا واحدا!‬ ‫يا�سين الحاج �صالح ‪ -‬دم�شق ‪� 1‬آذار ‪2005‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫المحرف لللقاء ال�صحفي الذي �أجرته جريدة ت�شرين‬ ‫الن�ص‬ ‫ّ‬

‫الأ�سير المحرر هايل �أبو زيد لـ «ت�شرين»‪..‬‬ ‫اعتز بعروبتي وانتمائي الوطني وقيادة الرئي�س ب�شار الأ�سد‬ ‫دم�شق ‪� -‬صحيفة ت�شرين ‪ -‬االثنين ‪� 28‬شباط ‪� -2005‬أجرى اللقاء‪ :‬علي الأعور عبر «االنترنت»‬ ‫حاولت �س ��لطات االحتالل اال�س ��رائيلي طيلة �ستة �آالف وت�س ��عمئة و�ستة و�سبعين يوم ًا‬ ‫النيل من االرادة الوطنية ال�ص ��لبة للأ�سير المحرر هايل ح�سين �أبو زيد م�ستخدمة �شتى‬ ‫اجراءاتها وو�س ��ائلها التع�سفية والالان�س ��انية من قهر وتعذيب وحرمان‪ ..‬ولكنها ف�شلت‬ ‫ف�ش�ل ً�ا «ذريع ًا»‪ ،‬وقبل اطالق �س ��راحة ب�أيام قليلة اثبت اال�س ��ير �أبو زيد �أ�ص ��الة االنتماء‬ ‫لوطنه الأم �س ��ورية بعدما رف�ض طلب ًا «�إ�س ��رائيلي ًا» وهو على �سرير المر�ض القاتل داخل‬ ‫زنزانته حيث عر�ض ��ت عليه جنراالت االرهاب االعتذار عن مواقفه الوطنية الم�شروعة‬ ‫�ض ��د المغت�ص ��بين مقابل االفراج عنه‪ ..‬ولكنه �أجاب بكل عزيمة رغم تمكن «اللوكيميا»‬ ‫م ��ن دم ��ه لدرجة خطرة فقال‪ّ � :‬‬ ‫أف�ض ��ل الموت عزي ��ز ًا كريم ًا مرفوع الر�أ� ��س كحال �أبناء‬ ‫�شفتاي كلمة خنوع واحدة‪..‬‬ ‫الجوالن و�أبناء �سورية العروبة‪� ..‬سورية الأ�سد على �أن تلفظ‬ ‫ّ‬ ‫ف�أنا عربي �سوري‪ ..‬وهويتي عربية �سورية‪ ..‬و�أر�ضي منذ الأزل عربية �سورية»‪.‬‬ ‫«و�أق ��ول لأبناء وطني و�أهلنا في الج ��والن‪� ..‬أن معنوياتي كفوالذ �إرادتكم واعدكم ب�أن‬ ‫ق�ضبان ال�سجن �ست�صد�أ قبل �أن ت�صد�أ �إرادتي وعظامي‪.»..‬‬ ‫اليوم وبعد �شهر ون�صف من �إطالق �سراحه‪ ..‬بل تحريره من الأ�سر خرج البطل �أبو‬ ‫زيد من الزنزانة المظلمة والظالمة الى ال�س ��جن الأكب ��ر وهو الجوالن المحتل وفي قلبه‬ ‫ووجدانه �ش ��وق كبير لتقبيل ثرى دم�ش ��ق العروبة وكل بقعة من الوطن الحبيب متنا�س ��ي ًا‬ ‫ال�سجن المتنقل في دمه «اللوكيميا»‪.‬‬ ‫‪ .‬وقفت مع رفاقك الأ�سرى ال�شجعان‪ ،‬وقفة عز و�إباء في قاعة المحكمة‬ ‫ورغم الحجر ال�ص ��حي عليه وظروفه ال�ص ��حية والج�سدية ال�ص ��عبة وجه �أول ر�سالة الإ�سرائيلي��ة ورددعم الن�شيد الوطني ال�سوري‪ ،‬رد ًا على التهم الموجهة من‬ ‫�إعالمية من خالل جريدة «ت�ش ��رين» �أكد فيها اعتزازه ورفاقه الأ�س ��رى خلف الق�ض ��بان قبل الق�ضاة الجزارين‪ ،‬كيف ت�صف ذاك اليوم وتلك اللحظة؟‬ ‫و�أبناء الجوالن الوفي بالمواقف القومية والوطنية للقائد المفدى ب�شار الأ�سد الذي ي�ضع‬ ‫‪ ..‬لقد مار�س ��نا حقن ��ا المطلق ونحن في قب�ض ��تهم‪ ،‬في رف�ض االحت�ل�ال ومحاكمه‪،‬‬ ‫الجوالن في �أولى �سلم الأولويات‪..‬‬ ‫ورف�ض القانون الغا�صب الذي يحاكموننا بموجبه‪ ،‬قلنا لهم وعلى مر�أى وم�سمع ق�ضاتهم‬ ‫و�ض ��باطهم وكافة و�س ��ائل الإعالم اال�س ��رائيلية التي جاءت لتحتفل بمحاكمتنا‪� :‬إننا لم‬ ‫‪ .‬ف��ي البداية حدثنا عن دورك الن�ضالي مع رفاقك في حركة المقاومة ول ��ن نكون �إال عرب ًا �س ��وريين‪ ،‬ولم ول ��ن يمثلنا �إال القانون ال�س ��وري‪ ،‬ولنفهمهم‪� ،‬أننا هنا‬ ‫ال�سري��ة والعلنية �ض��د االحتالل‪ ،‬ب�شكل عام في انتفا�ض��ة الرابع ع�شر من فوق �أر�ضنا باقون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�شباط ‪ 1982‬واال�ضراب المفتوح؟‬ ‫‪ .‬معاناتك في زنازين ومعتقالت العدو‪ ،‬خالل الع�شرين عاما‪ ،‬كيف كانت؟‬ ‫‪ ..‬كان ��ت انتفا�ض ��ة الجماهي ��ر الجوالنية ع ��ام ‪ 1982‬هي الحا�ض ��نة الحية والمولدة‬ ‫‪� ..‬إن المعان ��اة في ظروف االحتالل تمتزج بالغ�ض ��ب‪ ،‬كل ج ��رح يزهر ثورة‪ ،‬وداخل‬ ‫الحقيقي ��ة ل ��كل ما تالها من �أعم ��ال مقاومة علنية كانت �أم �س ��ريه‪ .‬وبالتالي ف�إن حركة �أ�س ��وار ال�س ��جون تزداد هذه المعاناة ويزداد معها الغ�ضب‪� ،‬إن �س ��لطة ال�سجون القمعية‬ ‫المقاوم ��ة ال�س ��رية كتنظي ��م ع�س ��كري جوالني‪ ،‬و�ض ��ع ن�ص ��ب عينيه مقاوم ��ة االحتالل امتداد تنفيذي لقوات االحتالل الغا�ش ��م‪ ،‬وتحاول جهدها �أن تك�سر �إرادة الأ�سير الثائر‪،‬‬ ‫بالطرق الكفاحية الم�س ��لحة‪ ،‬ك�أحد �أرقى ا�شكال الن�ضال �ضد عدو ال يفهم �إال لغة القوة و�إن تنال من �صموده وتلج�أ للح�صول على هدفها الى �أب�شع الطرق‪.‬فمث ًال تحاول الت�ضييق‬ ‫المعتمدة‪ ،‬على �إيقاع اكبر قدر ممكن من الخ�سائر المادية والب�شرية في �صفوفه‪ .‬وعلى على المعتقل و�أ�س ��رته‪ ،‬تحاول �إذالله عن طريق ا�ستخدام القوة للتفتي�ش العاري‪ ،‬ومنعه‬ ‫هذا الأ�س ��ا�س و�ضعت حركة المقاومة ال�سرية على ر�أ�س �س ��لم �أولوياتها هدف الت�صدي م ��ن لقاء �أهل ��ه وزيارتهم‪ ،‬والعب ��ث الدائم بحاجياته الخا�ص ��ة‪ ،‬و�أي�ض� � ًا �سيا�س ��ة القتل‬ ‫للقوات الع�س ��كرية اال�سرائيلية المحتلة الموجودة على امتداد الجوالن المحتل‪ ،‬وتكبيده البط ��يء واالهم ��ال الطبي المتعمد‪ ،‬الذي كنت �أحد �ض ��حاياه‪ ،‬كل ذلك بهدف واحد هو‬ ‫خ�سائر معنوية ومادية وج�سدية قدر الإمكان‪.‬‬ ‫ك�سر �شموخنا و�إرادتنا‪ ،‬ان الحديث عن معاناة الأ�سير في �سجون االحتالل اال�سرائيلي‪،‬‬ ‫كن ��ا مجموعة من ال�ش ��باب الوطن ��ي الذين انجبتهم ه ��ذه االنتفا�ض ��ة المباركة‪ ،‬لم تحتاج الى �أكثر من اجابة مح�ص ��ورة ب�س� ��ؤال محدد‪� ،‬إننا لن ن�س ��تطيع فهم �أ�سباب هذا‬ ‫حب الوطن وع�ش ��قه‪ ،‬وتقدي�س هذه الع ��ذاب والتعذي ��ب‪ ،‬والتنكي ��ل �إن لم ن�س ��تطع فه ��م و�إدراك الطبيع ��ة االجرامية لقادة‬ ‫نتجاوز الثامنة ع�ش ��رة من العمر بعد‪ ،‬ترعرعنا على ّ‬ ‫الأر� ��ض المبارك ��ة التي يدن�س ��ها الجنود الغزاة‪ ،‬لم نك ��ن جنود ًا‪� ،‬أو تابعين لميلي�ش ��يات «�إ�س ��رائيل»‪ ،‬فالحقد والكراهية‪ ،‬وتدري�س احدث فنون التعذيب النف�س ��ي والج�سدي‪ ،‬في‬ ‫ع�س ��كرية مدرب ��ة‪ ،‬و�إنما �أبناء لفالحي ��ن ومزارعين‪ ،‬جبلتهم ار�ض ��نا‪ ،‬فجبلوها بعرقهم دورات خ�ص�ص ��ت لذلك‪ ،‬هي و�س ��يلة من الو�س ��ائل التي تنفذ لغاية اليوم بحق الأ�س ��رى‬ ‫ودمهم وكبريائهم الوطني الأ�صيل‪.‬‬ ‫والمعتقلي ��ن في �س ��جون االحتالل اال�س ��رائيلي‪ ،‬عدا عن �إخ�ض ��اع اال�س ��رى الى تجارب‬ ‫لق ��د كان دوري في هذا ال�س ��ياق جزء ًا مكم ًال ومتوا�ص�ل ً�ا م ��ع دور الرفاق الآخرين‪ ،‬طبية وعالجية‪ ،‬وتخ�ص ��ي�ص حلقات درا�س ��ية لطواقم الهند�سة الب�شرية داخل ال�سجون‬ ‫لتحقيق الهدف المن�ش ��ود‪ .‬حيث قمنا باال�س ��تيالء على مخازن ا�سلحة وذخيرة ع�سكرية لإجراء التجارب والبحوث على الإن�س ��ان داخل المعتقالت �إ�ض ��افة الى التقليل من �شان‬ ‫متنوع ��ة‪ ،‬كان ��ت موجودة ف ��ي مالجئ تابع ��ة للم�س ��تعمرات اال�س ��رائيلية ف ��ي الجوالن‪ ،‬الإن�سان واهانته‪ ،‬و�إذالله‪ ،‬وجعله مجرد كم مهمل على �شعبه ومجتمعه‪ ،‬هذه االنتهاكات‬

‫ا�س ��تخدمنا ه ��ذه الأ�س ��لحة والمعدات الع�س ��كرية‪ ،‬بعدة عمليات ن�ض ��الية‪ ،‬ا�ض ��افة الى‬ ‫عملي ��ات نوعية اخرى‪ ،‬نجحن ��ا فيها من اختراق مواقع ع�س ��كرية تابعة لجي�ش االحتالل‬ ‫اال�س ��رائيلي‪ ،‬حي ��ث نزعنا حقول الألغام الأر�ض ��ية من محيطها المطل والم�ش ��رف على‬ ‫بيوتنا وقرانا وخا�ص ��ة في منطقة «تل الريحان» داخل مجدل �ش ��م�س‪ ،‬وا�س ��تخدمنا هذه‬ ‫الألغ ��ام في عملياتنا اي�ض� � ًا‪ ،‬فقمنا بزرعها‪ ،‬وتركيب عب ��وات متفجرة �أخرى الى جانبها‬ ‫على الطرق الع�سكرية‪ ،‬على امتداد مناطق خط وقف �إطالق النار‪ ،‬ونفذنا عملية تفجير‬ ‫كبرى في �أحد المخازن الع�س ��كرية اال�س ��رائيلية في الجوالن المحتل‪ ،‬حيث احتوى هذا‬ ‫المخ ��زن عل ��ى قذائف دبابات بلغت حوالي ‪ 1400‬قذيفة‪ ،‬لقد �ش� � ّكلت عملية تفجير هذا‬ ‫المخ ��زن الواقع ق ��رب قرية بقعاثا في منطقة «بئر الحديد» قلق� � ًا بالغ ًا‪ ،‬وهلع ًا كبير ًا في‬ ‫�صفوف قوات الجي�ش الإ�سرائيلية‪ ،‬و�أجهزة اال�ستخبارات الع�سكرية‪ ،‬وتفجير عدة �آليات‬ ‫وم�صفحات ع�سكرية وجدت في المكان الذي احترق ودمر تمام ًا‪ ،‬و�ساهمت مع عدد �آخر‬ ‫من رفاقي في المقاومة ال�سرية‪ ،‬في عدة عمليات ا�ستهدفت المجال�س المحلية العميلة‪،‬‬ ‫واعوان �سلطة االحتالل‪ ،‬هذا باال�ضافة الى العديد من الن�شاطات الن�ضالية الجماهيرية‬ ‫التي �شملت رفع العلم ال�سوري وتوزيع المنا�شير والبيانات المنددة باالحتالل‪.‬‬

‫التي تجاوزت كل ال�ش ��رائع والقوانين والمعاهدات‪ ،‬هي اليوم ا�س ��ا�س لمعركة ال�ص ��مود‬ ‫والبقاء والتحدي بين مديرية ال�سجون بمختلف طواقمها وبين الحركة الوطنية الأ�سيرة‬ ‫بمختل ��ف تنظيماتها �أ�س ��راها داخل ال�س ��جون والمعتقالت الإ�س ��رائيلية‪ ،‬ه ��ذه الحركة‬ ‫الوطني ��ة االعتقالي ��ة �أثبتت وتثبت كل يوم‪� ،‬أنه ��ا على قدر كبير من ال�ص ��مود والكبرياء‬ ‫والبطولة الفردية والجماعية في معارك الإرادة داخل زنازين و�سجون االحتالل‪..‬‬

‫وطني ًا عربي ًا �س ��وري ًا‪ ،‬حركة المقاومة ال�س ��رية‪ ،‬بعد مرحلة االعتق ��ال‪ ،‬وكان هذا الإطار‬ ‫العربي ال�س ��وري جزء ًا مكم ًال لل�س ��احات الن�ض ��الية العربية داخل المعتقالت وال�سجون‬ ‫اال�س ��رائيلية‪ ،‬فحرك ��ة المقاوم ��ة ال�س ��رية �إطار وطن ��ي يمثل الهوية ال�س ��ورية لل�س ��احة‬ ‫الجوالني ��ة الى جانب الهوية اللبنانية التي تمثلت ب�أ�س ��رى المقاوم ��ة الوطنية اللبنانية‪،‬‬ ‫و�أ�س ��رى المقاومة اال�سالمية‪ ،‬وتمثلت الهوية الفل�سطينية‪ ،‬عبر ف�صائل منظمة التحرير‬ ‫الفل�س ��طينية‪ ،‬حيث توحدت ال�س ��احات العربية في الخندق الأمامي في مواجهة مديرية‬ ‫ال�س ��جون ومختلف �أجهزتها‪ ،‬للحفاظ على الإن�س ��ان الوطني الملتزم‪ ،‬الذي يتعر�ض الى‬ ‫جرائ ��م وانتهاكات خطرة بحقه وكيان ��ه وكرامته داخل هذه المعتقالت‪ ،‬وقد تج�س ��دت‬ ‫هذه ال�س ��احات في بوتقة ن�ض ��الية واحدة موحدة �ض ��د �إدارة ال�س ��جون‪ .‬ونحن ك�أ�س ��رى‬ ‫جوالن عرب �سوريين جمعنا الهم الوطني‪ ،‬فقد كنا جميع ًا ومعنا الرفيق مدحت ال�صالح‬ ‫�شركاء في الن�ضال من �أجل كرامة وحرية جوالننا‪.‬‬

‫‪ .‬كيف تلقيت نب�أ وفاة والدك داخل ال�سجن؟‬ ‫‪ ..‬ان وف ��اة وال ��دي كان ��ت �أكبر جرح يدمين ��ي‪ ،‬و�أنا في الأ�س ��ر �أن �أ�س ��مع من عدوي‬ ‫تل ��ك الكلم ��ات التي مازلت �أح� ��س بثقلها في �ص ��دري‪ ،‬تلك الكلمات التي رف�ض ��ت دائم ًا‬ ‫�أن �أ�ص ��دقها �أو تمنيت �أن ال �أ�ص ��دقها‪ ،‬كانت �صدمة موجعة و�ش ��عرت للحظة طويلة جد ًا‬ ‫بالبرد والفراغ‪ ،‬لم ينت�شلني من هذا ال�ضيق �إال �إ�صراري على �أال �أترك لعدوي فر�صة �أن‬ ‫يراني انهار �أو ي�ش ��مت من �ض ��عفي �أمام فقداني لأقد�س �إن�سان‪ .‬كان �أبي المحب الحنون‬ ‫في النهاية ا�سمحوا لي �أي�ض ًا ان �أوجه التحيات لأ�سرة جريدة ت�شرين الغراء انطالقاً‬ ‫وال�ص ��ديق الوفي حين �سرقه الغياب‪ ،‬خ�س ��ر الجوالن رمز ًا منا�ض ًال وثائر ًا‪ ،‬وخ�سرت �أنا‬ ‫م ��ن التزاماته ��ا الوطني ��ة والقومية‪ ..‬ب ��دء ًا برئي�س تحريره ��ا د‪ .‬خلف الج ��راد ومرور ًا‬ ‫ظهري الذي كنت ا�ستند عليه‪ ،‬ولم �أتمكن من �أن �أقول له اخر كلمات الوداع‪.‬‬ ‫بمدي ��ري و�أمن ��اء التحرير الأع ��زاء ومحرريها الأخ ��وة الأوفياء ومعهم و�س ��ائل اعالمنا‬ ‫‪ .‬الأ�سي��ر مدح��ت ال�صالح‪ ،‬رفيق دربك في الن�ض��ال‪ ،‬وزميلك في الزنزانة المحلية والتلفزيون ال�سوري‪.‬‬ ‫لفت��رة طويل��ة‪ ،‬حبذا لو تحدثنا ع��ن دوركما في تعزي��ز الموقف الن�ضالي‬ ‫وكل الوف ��اء وال ��والء واالعت ��زاز والتقدير �أحمل ��ه لقيادتنا ال�سيا�س ��ية الحكيمة وعلى‬ ‫لأ�سرى الجوالن واخوانكم �أ�سرى لبنان وفل�سطين؟‬ ‫‪ ..‬لقد �ش� � ّكل �أ�س ��رى الجوالن العرب ال�س ��وريون داخل ال�سجون اال�س ��رائيلية‪� ،‬إطار ًا ر�أ�سها قائد الوطن ال�سيد الرئي�س ب�شار الأ�سد‪.‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الن�ص الحرفي لللقاء ال�صحفي الذي �أجرته جريدة ت�شرين‬

‫تلقينا ر�سالة من الأ�سير‬ ‫المـحـرر هــايل �أبو زيـد‬ ‫يطلـب مـنـا فيهـا مـا يلي‪:‬‬ ‫االخوة والأخوات االعزاء في موقع الجوالن‪� ،‬أر�سل‬ ‫اليك��م هذا اللقاء ال�صحفي‪ ،‬بن�ص��ه الأ�صلي‪ ،‬ولي�س كما‬ ‫ورد على �صفحات جريدة ت�شرين في عددها الذي يحمل‬ ‫تاري��خ ‪ .2005\02\28‬وهن��ا �أ�سج��ل ا�ستغراب��ي‬ ‫وا�ستنكاري ال�شديد لكل �إ�ضافة وحذف وتعديل �أجري‬ ‫بالنياب��ة عني‪ ،‬ودون موافقتي‪ ،‬في الن�ص الذي ن�شر في‬ ‫جريدة ت�شرين في عددها المذكور‪.‬‬

‫اللقاء ال�صحفي الذي �أجرته جريدة ت�شرين‪ ،‬مع الأ�سير المحرر هايل �أبو زيد عبر االنترنت‪.‬‬ ‫اجرى اللقاء‪ :‬اال�ستاذ ال�صحفي علي االعور ‪.‬‬

‫فيما يلي ن�ص اللقاء الحرفي ‪:‬‬ ‫بي ��ن الجوالن ودم�ش ��ق م�س ��افات ‪ ،‬م�س ��افات طويل ��ة تخت�ص ��رها الآم ��ال والأحالم‬ ‫والتطلعات‪ ،‬بعد خروجي من المعتقل الإ�س ��رائيلي‪ ،‬وعودتي بعد �أ�س ��بوعين من تحرري‬ ‫�إلى م�س ��قط ر�أ�س ��ي‪ ،‬مرتفعات الجوالن العربية ال�س ��ورية المحتلة‪،‬لم يخطر ببالي قط‬ ‫�إنني �س� ��أكتب ومن وراء الأ�س�ل�اك والق�ض ��بان مرة �أخرى‪ ،‬الخاطب واتوا�صل مع ابناء‬ ‫وطني‪ ،‬واخوانني في الوطن الحبيب‪ ،‬وهذه المرة لي�س مع مدحت وهدية الذين �أتحادث‬ ‫معهما هاتفيا لب�ض ��عة دقائق بعد ان تحررت‪ ،‬ولي�س مع �أعمامي فار�س وا�سعد ابو زيد ‪،‬‬ ‫الذي ��ن لم التقيهم‪ ،‬في حياتي �أبدا‪ ،‬لكن هذه المرة مع واحد من ابناء الوطن الحبيب‪،‬‬ ‫لم التقيه وال اعرفه ولم يجمعني به ‪� ،‬س ��وى هذا االنتماء الأ�ص ��يل‪ ،‬وهذا الوجدان الحر‬ ‫الذي ي�ؤجج م�ش ��اعره تجاه اخوته واهله في ار�ض المحتلة‪ ،‬وهنا ال ي�س ��عني اال ان اقف‬ ‫�ش ��اكرا ومحيي ��ا كل تلك الجه ��ود التي بذله ��ا االخ العزيز على الأعور‪ ،‬و�أ�س ��رة جريدة‬ ‫ت�شرين على مواقفها والتزاماتها الوطنية تجاه االهل في الأر�ض المحتلة حين ا�ستلمت‬ ‫الأ�س ��ئلة‪ ،‬وقراتها ل ��م اعرف كيف �س� ��أبد�أ‪ ،‬ولكنني بد�أت حيث انطلق ��ت اولى الكلمات‬ ‫الم�ستوحاة‪ ،‬من هذا المجهود الرائع الذي بذله االخ على االعور‪ ،‬لت�صل جريدة ت�شرين‬ ‫الى الجوالن وي�ص ��ل الجوالن الى كل �سوريا وانحاء الوطن العريق‪ .‬ف�شكرا لكم‪ ،‬وعميق‬ ‫التقدي ��ر والمحب ��ة الخي علي االع ��ور على هذه اللفته الكريمة‪.‬وكل ال�ش ��كر ومن خالل‬ ‫جريدة ت�ش ��رين الى كافة و�س ��ائل االعالم المحلية والعربية الت ��ي وقفت جانبنا‪ ،‬وتبنت‬ ‫ق�ض ��يتنا العادل ��ة‪ ،‬ون�ش ��رت مق ��اال او تقريرا او بيانا‪ ،‬يك�ش ��ف حجم معاناتنا‪ ،‬ويف�ض ��ح‬ ‫االنتهاكات الإ�سرائيلية بحق �أ�سرانا في �سجون ومعتقالت االحتالل ال�صهيوني‪.‬‬ ‫ال�س�ؤال الأول‪:‬‬ ‫الأ�سير هايل ابو زيد‪ ،‬حبذا لو تطلعنا عن دورك الن�ضالي مع رفاقك في‬ ‫حرك��ة المقاومة ال�سرية والعلنية �ضد االحتالل‪ ،‬ب�شكل عام في انتفا�ضة‬ ‫الرابع ع�شر من �شباط‪ 1982‬والإ�ضراب المفتوح؟‬ ‫كان ��ت انتفا�ض ��ة الجماهي ��ر الجوالنيه ع ��ام ‪ 1982‬هي الحا�ض ��نة الحي ��ة والمولدة‬ ‫الحقيقي ��ة لكل م ��ا تالها من �أعمال مقاومة علنية كانت �أم �س ��ريه‪ .‬وبالتالي فان حركة‬

‫المقاوم ��ة ال�س ��رية كتنظيم ع�س ��كري جوالني‪ ،‬و�ض ��ع ن�ص ��ب عينيه مقاوم ��ة االحتالل‬ ‫بالطرق الكفاحية الم�سلحة‪ ،‬ك�أحد ارقي �إ�شكال الن�ضال �ضد عدو ال يفهم �إال لغة القوة‬ ‫المعتمدة‪ ،‬على �إيقاع اكبر قدر ممكن من الخ�سائر المادية والب�شرية في �صفوفه‪ .‬وعلى‬ ‫هذا الأ�س ��ا�س و�ض ��عت حركة المقاومة ال�سرية على ر�أ�س �سلم �أولوياتها هدف الت�صدي‬ ‫للقوات الع�سكرية اال�سرائيلية المحتلة المتواجدة على امتداد الجوالن المحتل‪ ،‬وتكبيده‬ ‫خ�سائر معنوية ومادية وج�سدية قدر الإمكان‪.‬‬ ‫كن ��ا مجموع ��ة من ال�ش ��باب الوطني الذي ��ن �أنجبتهم هذه االنتفا�ض ��ة المباركة‪ ،‬لم‬ ‫نتجاوز الثامنة ع�ش ��رة من العمر بعد‪ ،‬ترعرنا على حب الوطن وع�ش ��قه‪ ،‬وتقدي�س هذه‬ ‫االر� ��ض المباركة التي يدن�س ��ها الجنود الغ ��زاة‪ ،‬لم نكن جنودا‪ ،‬او تابعين لميلي�ش ��يات‬ ‫ع�س ��كرية مدربة‪ ،‬وانما �أبن ��اء لفالحين ومزارعين‪ ،‬جبلتهم ار�ض ��نا‪ ،‬فجبلوها بعرقهم‬ ‫ودمهم وكبريائهم الوطني اال�صيل ‪.‬‬ ‫ان كنت �س� ��أتحدث عن الدور ال�شخ�ص ��ي في عمل المقاومة ال�س ��رية �ضد االحتالل‪،‬‬ ‫فانن ��ي �س ��ارتكب ظلم ��ا كبيرا بح ��ق رفاق ��ي واالالف من النا� ��س والن�ش ��طاء هنا داخل‬ ‫جوالننا الحبيب‪ ،‬لكن �سانح�ص ��ر بطبيعة ال�س� ��ؤال واقول‪ :‬دوري في هذا ال�س ��ياق كان‬ ‫جزءا مكمال ومتوا�ص�ل�ا مع دور الرفاق الآخرين‪ ،‬لتحقيق الهدف المن�شود‪ .‬حيث قمنا‬ ‫باال�س ��تيالء على مخازن �أ�سلحه وذخيرة ع�س ��كرية متنوعة‪،‬كانت متواجدة في مالجئ‬ ‫تابعة للم�س ��تعمرات اال�س ��رائيلية في الجوالن‪ ،‬التي بنيت بحيث تحا�صر القرى العربية‬ ‫المتبقية في الجزء المحتل من الجوالن‪ ،‬ا�ستخدمنا هذه الأ�سلحة والمعدات الع�سكرية‬ ‫في عدة عمليات ن�ض ��الية‪ ،‬ا�ض ��افة الى عمليات نوعية اخ ��رى‪ ،‬نجحنا فيها من اختراق‬ ‫مواقع ع�س ��كرية تابع ��ة للجي�ش اال�س ��رائيلي‪ ،‬حيث نزعن ��ا حقول االلغام االر�ض ��ية من‬ ‫محيطها المطل والم�ش ��رف على بيوتنا وقرانا وخا�ص ��ة في منطقة « تل الريحان» داخل‬ ‫مجدل �ش ��م�س‪ ،‬وا�س ��تخدمنا هذه الألغام في عملياتنا اي�ض ��ا‪ ،‬فقمن ��ا بزرعها‪ ،‬وتركيب‬ ‫عب ��وات متفجرة �أخ ��رى �إلى جانبها على الطرق الع�س ��كرية‪ ،‬على امت ��داد مناطق خط‬ ‫وقف �إطالق النار‪ ،‬ونفذنا عملية تفجير كبرى في �أحد المخازن الع�س ��كرية الإ�سرائيلية‬ ‫ف ��ي الج ��والن المحتل‪ ،‬حي ��ث احتوى هذا المخزن عل ��ى قذائف دباب ��ات بلغت حوالي‬ ‫‪ 1400‬قذيف ��ة كانت مع ��دة كاحتياطي لدبابات العدو عند ح ��دوث �أي طارئ بين العدو‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫وقواتن ��ا العربية ال�س ��ورية‪ ،‬لقد �ش ��كلت عملية تفجير ه ��ذا المخزن الواق ��ع قرب قرية‬ ‫بقعاث ��ا في منطق ��ة «بئر الحدي ��د» قلقا بالغا‪ ،‬وهلعا كبيرا في �ص ��فوف ق ��وات الجي�ش‬ ‫الإ�سرائيلي‪ ،‬و�أجهزة اال�ستخبارات الع�سكرية‪ ،‬وتفجير عدة اليات وم�صفحات ع�سكرية‬ ‫تواج ��دت في المكان الذي احترق ودمر تماما‪ .‬و�س ��اهمت مع ع ��دد اخر من رفاقي في‬ ‫المقاومة ال�سرية‪ ،‬في عدة عمليات ا�ستهدفت المجال�س المحلية العميلة‪ ،‬واعوان �سلطة‬ ‫االحتالل‪ ،‬هذا باال�ضافه �إلى العديد من الن�شاطات الن�ضالية الجماهيرية التي �شملت‬ ‫رفع العلم ال�س ��وري وتوزيع المنا�ش ��ير والبيانات المنددة باالحتالل‪ .‬وال بد من الإ�شارة‬ ‫�إلى �إن الن�ض ��ال في �ص ��فوف حرك ��ة المقاومه �أل�س ��ريه ي�س ��تند �إلى الجماعي ��ة وتوزيع‬ ‫الأدوار بطريقة تنا�س ��ب كل رفيق وظروفه‪ .‬كنا نمار�س العمل التنظيمي المنظم �ض ��من‬ ‫قواعد العمل ال�س ��ري‪ ،‬التي حكمت علينا بالكثير من الم�ص ��اعب والعراقيل‪ ،‬مع الأخذ‬ ‫بعي ��ن االعتبار العمر الزمني له ��ذه المجموعة الجريئة‪ ،‬والتجربة الب�س ��يطة في العمل‬ ‫التنظيمي‪ ،‬لكن ما �س ��بب لنا بع�ض النجاحات هو ذلك الأيمان الرا�سخ بق�ضية الجوالن‬ ‫وعدالتها و�ش ��رعية الكفاح بكل المتاح من و�سائل في �سبيل تحريره‪ ،‬وعودته �إلى ح�ضن‬ ‫الوطن االم �س ��وريا الخالدة‪ .‬ولكل رفيق من رفاقنا م�آثره ال�شخ�ص ��ية �ضمن المجموع‪،‬‬ ‫الذي �سطر هذا العمل ب�آيات من العز والفخار‪.‬‬

‫فمثال تحاول الت�ض ��ييق على المعتقل و�أ�س ��رته‪ ،‬تحاول �إذالله عن طريق ا�ستخدام القوة‬ ‫للتفتي� ��ش العاري‪ ،‬ومنعه من لق ��اء �أهله وزيارتهم‪ ،‬والعبث الدائم بحاجياته الخا�ص ��ة‪،‬‬ ‫و�أي�ض ��ا �سيا�س ��ة القتل البط ��يء و الإهمال الطب ��ي المتعمد‪،‬الذي كنت احد �ض ��حاياه‪،‬‬ ‫كل ذلك بهدف واحد هو ك�س ��ر �ش ��موخنا و�إرادتنا‪ .‬ان الحديث عن معاناة الأ�س ��ير في‬ ‫�س ��جون االحتالل الإ�س ��رائيلي‪ ،‬تحتاج �إلى اكثر من �إجابة مح�صورة ب�س�ؤال محدد‪� .‬إننا‬ ‫لن ن�س ��تطيع فهم �أ�س ��باب هذا الع ��ذاب و التعذيب والتنكيل �إن لم ن�س ��طع فهم و�إدراك‬ ‫الطبيعي ��ة الإجرامية لقادة الدول ��ة العبرية‪ .‬فالحقد والكراهي ��ة وتدري�س احدث فنون‬ ‫التعذيب النف�س ��ي والج�س ��دي‪ ،‬في دورات خ�ص�ص ��ت لذلك‪ ،‬هي و�س ��يلة من الو�س ��ائل‬ ‫التي تنفذ لغاية اليوم بحق الأ�س ��رى والمعتقلين في �س ��جون االحتالل الإ�سرائيلي‪ .‬عدا‬ ‫عن �إخ�ض ��اع الأ�س ��رى �إلى تجارب طبية وعالجية‪ ،‬وتخ�صي�ص حلقات درا�سية لطواقم‬ ‫الهند�س ��ة الب�ش ��رية داخ ��ل ال�س ��جون لإج ��راء التجارب والبح ��وث على الإن�س ��ان داخل‬ ‫المعتق�ل�ات‪� .‬إ�ض ��افة �إلى التقليل من �ش ��ان الإن�س ��ان واهانته‪ ،‬و�إذالل ��ه‪ ،‬وجعله مجرد‬ ‫كم مهمل على �ش ��عبه ومجتمع ��ه‪ .‬هذه االنتهاكات التي تجاوزت كل ال�ش ��رائع والقوانين‬ ‫والمعاهدات‪ ،‬هي اليوم �أ�سا�س لمعركة ال�صمود والبقاء والتحدي بين مديرية ال�سجون‬ ‫بمختل ��ف طواقمها وبين الحركة الوطنية الأ�س ��يرة بمختلف تنظيماتها �أ�س ��راها داخل‬ ‫ال�س ��جون والمعتقالت الإ�س ��رائيلية‪ .‬هذه الحركة الوطنية االعتقالية �أثبتت‪ ،‬وتثبت كل‬ ‫ي ��وم‪ ،‬انها عل ��ى قدر كبير من ال�ص ��مود والكبري ��اء والبطولة الفردي ��ة والجماعية‪ ،‬في‬ ‫معارك الإرادة داخل زنازين و�سجون االحتالل ‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الثاني‪:‬‬ ‫وقفت مع رفاقك اال�سرى ال�شجعان‪ ،‬وقفة عز واباء في قاعة المحكمة‬ ‫الإ�سرائيلية‪ ،‬ورددتم الن�شيد الوطني ال�سوري‪ ،‬ردا على التهم الموجهة من‬ ‫قبل الق�ضاة الجزارين‪ ،‬كيف ت�صف ذاك اليوم وتلك اللحظة؟؟‬ ‫نحن طالب حق‪ ،‬ول�س ��نا مجرمين‪ .‬نحن ورثة تاريخ �شعب وح�ضارة مجيدة وعريقة‪،‬‬ ‫نعت ��ز ونفخ ��ر بكوننا م ��ن �أبنائه ��ا‪ .‬وتاري ��خ �س ��وريا‪ ،‬ومنطقة الج ��والن خا�ص ��ة‪ ،‬مليئة‬ ‫بال�ص ��فحات المنيرة والم�شرقة‪ ،‬نحن �أ�ص ��حاب حق‪ ،‬لق�ضية عادلة‪ ،‬كيف نقر ونعترف‬ ‫ب�شرعية هذه المحاكم التي ال تمثل �إال قانون �أ�سيادها القتلة الغا�صبين‪ .‬هذه المحاكم ال‬ ‫تملك �شرعية �أخالقية او قانونية او ان�سانية بمحاكمتنا‪ ،‬فنحن حاربنا ونحارب قانونهم‬ ‫الباطل فكيف نتعامل ب�ش ��رعيتها‪ .‬لقد ذكرت �سابقا اننا كنا مجموعة من ال�شباب التي‬ ‫لم تتجاوز الثامنة ع�ش ��ر من العمر بعد‪ ،‬يعن ��ي غريزتنا ووعينا الوطني‪ ،‬وهذا االندفاع‬ ‫الثوري في نفو�س ��نا تج�سد برف�ضنا االعتراف ب�شرعية هذه المحاكم‪ ،‬فوقفنا وقفة تليق‬ ‫بهذا الحمل الذي ورثناه‪ ،‬و�آمنا به‪ .‬لقد مار�س ��نا حقنا المطلق ونحن في قب�ض ��تهم‪ ،‬في‬ ‫رف�ض االحتالل ومحاكمه‪ ،‬ورف�ض القانون الغا�صب الذي يحاكموننا بموجبه‪ ،‬قلنا لهم‬ ‫وعلى مر�أي وم�س ��مع ق�ضاتهم و�ضباطهم وكافة و�سائل الإعالم الإ�سرائيلية التي جاءت‬ ‫لتحتف ��ل بمحاكمتن ��ا‪ .‬اننا ل ��م ولن نكون �إال عربا �س ��وريين‪ ،‬ولم ولن يمثلن ��ا �إال القانون‬ ‫ال�س ��وري‪ ،‬ولنفهمه ��م‪� ،‬أننا هنا فوق �أر�ض ��نا الباقون‪ .‬رف�ض ��نا الوقوف لق�ض ��اة محكمه‬ ‫الغا�ص ��بين على امتداد كل الجل�س ��ات‪ ،‬التي ا�س ��تغرقت اكثر من �س ��تة ا�ش ��هر‪ ،‬و�أن�شدنا‬ ‫الن�ش ��يد العربي ال�س ��وري في الجل�س ��ة المقررة الق ��رار حكمهم الجائر الغير �ش ��رعي‪،‬‬ ‫ت�أكيدا على انتمائنا لما يمثله هذا الن�ش ��يد‪ ،‬وم ��ا يمثله هذا الموقف الذي عبرنا به انا‬ ‫ورفاقي في قاعة المحكمة اال�سرائيلية‪ .‬و�أالن عندما �أتذكر تلك اللحظات �أح�س بهامتي‬ ‫وهامة الجوالن ت�س ��مو فوق كل الأ�س�ل�اك لتعانق �سماء �س ��وريا وطننا الحر ال�شامخ‪ .‬ان‬ ‫رفعة �شان الوطن هو بالأ�سا�س ارتفاع من �شان الفرد‪ ،‬فمتى حافظنا نحن االفراد على‬ ‫قد�سية هذا االنتماء لهذا الوطن‪� ،‬سيعلو ويرتفع وي�سمو هذا الوطن الحبيب‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الرابع‪:‬‬ ‫كيف تلقيت نب�أ وفاة والدك داخل ال�سجن؟‬ ‫واحدة من �أكثر الأفكار المرعبة التي تقلق الأ�س ��ير هي فقدان �أي عزيز خا�ص ��ة وان‬ ‫الأ�س ��ير قد «فقد» ب�شكل �أولي وم�ؤقت �أهله ووطنه و�أ�صدقاءه‪� .‬أن وفاة والدي كانت اكبر‬ ‫جرح يدميني و�أنا في الأ�سر‪� ،‬أن ا�سمع من عدوي تلك الكلمات التي مازلت �أح�س بثقلها‬ ‫في �صدري‪ ،‬تلك الكلمات التي رف�ضت دائما �أن �أ�صدقها‪� ،‬أو تمنيت �أن ال �أ�صدقها‪ ،‬كانت‬ ‫�ص ��دمة موجعة و�شعرت للحظة طويلة جدا بالبرد والفراغ‪ .‬لم ينت�شلني من هذا ال�ضيق‬ ‫�إال �إ�ص ��راري على �أن ال اترك لعدوي فر�ص ��ة �أن يراني انهار �أو ي�ش ��مت من �ضعفي �أمام‬ ‫فقداني لأقد�س �إن�س ��ان‪ .‬كان �أبي المحب الحنون وال�صديق الوفي حين �سرقه الغياب‪،‬‬ ‫خ�س ��ر الجوالن رمزا منا�ض�ل�ا وثائرا‪ ،‬وخ�س ��رت �أنا ظهري الذي كنت ا�ستند �إليه‪ ،‬ولم‬ ‫�أتمكن من �أن �أقول له �أخر كلمات الوداع‪ ،‬لم اقل له كم �س�أفتقده اليوم حين �أعانق �أمي‬ ‫و�أخوتي و�أخواتي وانظر �إليه فال �أجد �إال �صوته البعيد ورائحته التي تمال روحي‪« .‬ها قد‬ ‫ع ��دت �إلى البيت يا �أبي‪ ،‬ولم �أجدك بانتظاري كما وعدتني منذ ‪� 20‬س ��نة‪ ،‬فافخر باني‬ ‫ابنك كما افخر ب�أنك �أبي»‪.‬‬ ‫�س ��يبقى هذ‪ 1‬الجرح مفتوحا‪ ،‬كلما �س ��رحت عيناي في جدران المنزل الذي ما زال‬ ‫يفوح برائحة ج�س ��ده‪ ،‬و�أزقة الح ��ارة‪ ،‬التي عرفته وجبلته‪� .‬س� ��أبقى افتقده‪ ،‬كلما �أت�أمل‬ ‫عين ��اي والدت ��ي و�أخواتي واخوتي‪ .‬لقد رف�ض ه�ؤالء الجالدي ��ن‪ ،‬كل الطلبات التي تقدم‬ ‫بها رفاقي‪ ،‬من اجل ال�س ��ماح لي ب�إلقاء نظرة الوداع الأخير على ج�س ��ده الطاهر‪ ،‬لكن‬ ‫عزائي بان والدي فخور بي‪.‬‬ ‫لقد انت�صرت ارادتي على عوامل ال�سجن القاهرة وعامل الزمن‪ .‬هذا االنت�صار‪ ،‬في‬ ‫انتزاع حريتي �أقدمه �إلى روحه الطاهرة‪ ،‬هناك حيث ترقد ب�سالم‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الثالث‪:‬‬ ‫معانات��ك ف��ي زنازين ومعتق�لات العدو‪ ،‬خ�لال الع�شرين عام��ا‪ ،‬حبذا لو‬ ‫تطلعنا عليها؟‬ ‫�إن المعان ��اة في ظ ��روف االحتالل تمت ��زج بالغ�ض ��ب‪ .‬كل جرح يزهر ث ��وره‪ .‬وداخل‬ ‫�أ�س ��وار ال�س ��جون تزداد هذه المعانات ويزداد معها الغ�ضب‪� .‬إن �سلطة مديرية ال�سجون‬ ‫القمعي ��ة امت ��داد تنفي ��ذي لقوات االحتالل الغا�ش ��م‪ ،‬وتح ��اول جهدها �أن تك�س ��ر �إرادة‬ ‫الأ�س ��ير الثائر‪ ،‬وان تنال من �ص ��موده وتلج�أ للح�ص ��ول على هدفها �إلى �أب�ش ��ع الطرق‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الخام�س‪:‬‬ ‫�أ�س��رت �إ�سرائيل ‪� ،‬شقيقك الأ�صغر حمد‪ ،‬بماذا ت�صف لنا �شعورك عندما‬ ‫التقيته وراء الق�ضبان‪ ،‬وكيف تعاملت مع الموقف ؟؟‬ ‫ا�س ��تطاعت ا�س ��رائيل‪ ،‬من �س ��جن الج ��والن كله‪ ،‬وعزل ��ه جغرافيا ع ��ن وطنه االم‬ ‫�س ��وريا‪ ،‬لكنها لن ت�ستطع حب�س االنتماء والتوا�صل واال�ستمرارية والقناعة‪ .‬حين علمت‬ ‫ان �آخ ��ى الأ�ص ��غر حمد قد اعتقلته �س ��لطات االحت�ل�ال بتهمة االنتماء ال ��ى المقاومة‪،‬‬ ‫�ش ��عرت بتناق�ض اال�شياء والم�ش ��اعر في �أعماقي‪ .‬حمد �آخى ابن الـ ‪ 6‬اعوام ا�صبح من‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫رجال المقاومة في الجوالن‪� ،‬أح�س�س ��ت فج�أة بطول الزمن الذي ق�ض ��يته متنقال داخل‬ ‫المعتقالت الإ�س ��رائيلية‪ ،‬و�أح�س�ست ببعد الم�سافة بين اعتقالي واعتقال اخي اال�صغر‪.‬‬ ‫هكذا‪ ...‬فج�أة‪� ...‬أرى �أخي منت�ص ��با �إمامي حامال ذات الجرح وال�ش ��موخ الذي احمل‪،‬‬ ‫تاركا في بيتنا ورائه دمعة اخرى ت�س ��يل على وجه امي‪ ،‬التي انهكتها �س ��نوات االنتظار‬ ‫وال�ص ��بر ‪ 20‬عاما‪ ،‬تتنقل من �سجن الى �سجن اخر‪ ،‬ومن �شارع الى �شارع اخر‪ ،‬لتراني‬ ‫ولو للمحة ب�ص ��ر خلف الق�ض ��بان‪ .‬كان اعتقال �أخي يحمل لي تناق�ضا فمن جهة اعرف‬ ‫ان ��ه مثل كل الأ�س ��رى يرف�ض القيد والأ�س ��ر ومكانه الطبيعي خارج هذه الأ�س ��وار‪ ،‬ومن‬ ‫جهة ثانية‪� ،‬إن اعتقاله �سي�ش ��بع في نف�س ��ي عط�ش لقائة والتعرف عليه‪ ،‬و�س�أتمكن بعد‬ ‫‪� 18‬س ��نة �أن �أ�ض ��مه �إلى �ص ��دري‪� ،‬أن اقبله واعانقه‪ ،‬وا�س ��اله عن كل �شئ‪ ،‬ال �أخفى عنه‬ ‫م�ش ��اعري وعواطفي واو�ض ��اعي‪ ،‬و�س ��يخبرني عن امي واخوتي واخوات ��ي دون حواجز‬ ‫وق�ضبان وخوف‪،‬‬ ‫�سيت�س ��نى ل ��ي التع ��رف اليه عن ق ��رب‪ ،‬فقد كان عم ��ر �أخي حمد عندم ��ا اعتقلت ‪6‬‬ ‫�س ��نوات كب ��ر دون �أن �أتمكن م ��ن مواكبة �أحالمه و�أفكاره وهمومه‪� 18 .‬س ��نه لم �أتمكن‬ ‫مرة واحده �أن �أ�س ��اله عن الأ�ش ��ياء الت ��ي يحبها �أو يكرهها‪ ،‬لأني ل ��م �أره �إال من خالل‬ ‫�ش ��بك الزيارة ولدقائق قليلة‪ ،‬في فترات متباع ��دة‪� .‬إن اعتقاله كان هما ي�ؤرقني لأني‬ ‫اعرف كم �س ��يتعب وكم �ستتعب �أمي معه «معنا»‪ ،‬وكان �أي�ضا فخر ًا لي الني �أح�س�ست به‬ ‫ذاتي ورايته رجال ثائرا يمكن �أن يعتمد عليه ‪.‬‬

‫الجوالن‪ ،‬وخا�صة لحظة ترى فيها منزل والدك‪ ،‬الذي ترعرعت فيه على‬ ‫حب الوطن والذود عن حماه؟‬ ‫للحظ ��ات طويل ��ة كنت احب� ��س دموعي‪ ،‬بعد غياب ‪� 20‬س ��نه ها �أنا م ��رة �أخرى اعبر‬ ‫فوق تراب الجوالن ال�س ��وري المقد�س‪ .‬لم �أتمالك نف�س ��ي حين �س ��معت �ص ��وت �أخ�شاب‬ ‫ج�س ��ر بنات يعقوب تهتف تحت عجالت ال�س ��يارة التي كانت تقلني ففا�ضت الدموع من‬ ‫عيون ��ي لأني �ص ��دقت �أخيرا حلم ��ي الذي طال لـ ‪� 20‬س ��نه وحين التقي ��ت بعيون الآالف‬ ‫الذي ��ن انتظرون ��ي بكيت ثاني ��ة الن رفاقي الذين حلم ��ت معهم �أن نكون �س ��وية في مثل‬ ‫هذه اللحظة لي�س ��وا معي «هل علينا دائما �أن نخت�صر �شيئا من الحلم لنبكي حين يجب‬ ‫�أن نفرح؟ �إلى متى �س ��تظل �ض ��حكتنا مبتورة»‪ ،‬وفي حالتي فان �ض ��حكتي مبتورة مرتين‬ ‫لغي ��اب رفاق ��ي والني لن �أتمكن من معانق ��ة �أو تقبيل �أي واحد من �أ�ص ��دقائي �أو �أخوتي‬ ‫�أو �أي �إن�س ��ان �أتى فقط ليقول �ش ��يئا‪ ،‬ب�س ��بب المر�ض الذي �أ�ص ��ابني‪ .‬ان تكريم االهل‬ ‫ف ��ي الج ��والن‪ ،‬واحتفالهم بتحرري م ��ن المعتقالت اال�س ��رائيلية‪ ،‬ه ��و تكريم لظاهرة‬ ‫�سيا�س ��ية وطنية �أخالقية من الدرجة العليا‪ ،‬تلك الظاهرة التي مثلها المئات من قافلة‬ ‫اال�سرى والمعتقلين منذ �سنوات االحتالل االولى في الجوالن‪ .‬ان هذا التكريم هو لي�س‬ ‫�شخ�ص ��يا‪ ،‬بقدر ما ه ��و تكريم لهذه الظاهرة االخالقية ال�س ��امية‪ ،‬ظاه ��رة االعتقال‪،‬‬ ‫وظاهرة المقاومة التي حتما يجب ان تدخل في الوعي الوطني واالجتماعي وال�سيا�س ��ي‬ ‫لكافة ابناء �شعبنا في المحتل من الجوالن وكافة انحاء الوطن ال�سوري الحبيب‪.‬‬

‫ال�س�ؤال ال�ساد�س‪:‬‬ ‫الأ�سي��ر مدح��ت ال�صالح‪ ،‬رفيق درب��ك في الن�ضال‪ ،‬وزميل��ك في الزنزانة‬ ‫لفت��رة طويلة‪ ،‬حبذا ل��و تحدثنا عن دوركما في تعزي��ز الموقف الن�ضالي‬ ‫ال�سرى الجوالن و�إخوانكم �أ�سرى لبنان وفل�سطين؟؟‬ ‫لقد �ش ��كل �أ�س ��رى الج ��والن العرب ال�س ��وريين داخ ��ل ال�س ��جون الإ�س ��رائيلية �إطارا‬ ‫وطنيا عربيا �س ��وريا‪ -‬حركة المقاومة ال�س ��رية‪ ،‬بعد مرحلة االعتقال‪ .‬وكان هذا الإطار‬ ‫العربي ال�سوري‪ ،‬جز ًءا مكمال لل�س ��احات الن�ضالية العربية داخل المعتقالت وال�سجون‬ ‫الإ�س ��رائيلية‪ .‬فحرك ��ة المقاوم ��ة ال�س ��رية �إط ��ار وطني يمثل الهوية ال�س ��ورية لل�س ��احة‬ ‫الجوالني ��ة �إلى جان ��ب الهوية اللبنانية التي تمثلت ب�أ�س ��رى المقاومة الوطنية اللبنانية‪،‬‬ ‫وا�سرى المقاومة الإ�سالمية‪ ،‬وتمثلت الهوية الفل�سطينية‪ ،‬عبر ف�صائل منظمة التحرير‬ ‫الفل�س ��طينية‪ ،‬حيث توحدت ال�ساحات العربية في الخندق الأمامي في مواجهة مديرية‬ ‫ال�س ��جون ومختلف �أجهزتها‪ ،‬للحفاظ على الإن�سان الوطني الملتزم‪ ،‬الذي يتعر�ض الى‬ ‫جرائ ��م وانتهاكات خطيرة بحقه وكيانه وكرامته داخل هذة المعتقالت‪ .‬وقد تج�س ��دت‬ ‫هذه ال�س ��احات في بوتقة ن�ض ��الية واحدة موحدة �ض ��د ادارة ال�س ��جون‪ .‬ونحن ك�أ�سرى‬ ‫ج ��والن عرب �س ��وريين جمعن ��ا الهم الوطن ��ي‪ ،‬فقد كنا جميع ��ا ومعن ��ا الرفيق مدحت‬ ‫ال�ص ��الح �ش ��ركاء في الن�ض ��ال من اجل كرامة وحرية جوالننا‪ .‬و�ش ��ركاء في الم�صير‬ ‫والهدف والحلم والآمال والتطلعات ال�شخ�ص ��ية والوطنية والإن�س ��انية‪ .‬لقد ا ان�ض ��وينا‬ ‫تحت راية المقاومة الم�سلحة‪ ،‬والن�ضال الجماهيري على ال�ساحة الجوالنية‪ ،‬وا�شتركنا‬ ‫ف ��ي عدة عمليات للمقاومة‪ ،‬حتى مرحلة االعتقال‪ ،‬ثم خ�ض ��نا معارك وجودنا‪ ،‬الوطني‬ ‫والن�ض ��الي والإن�س ��اني‪ ،‬عبر رحلة االعتقال الطويلة والأليمة‪� .‬إن وجود ع�شرات الرفاق‬ ‫ومئات اال�ص ��دقاء‪ ،‬الذين ينا�ض ��لون من اجل رفع معاناتك‪ ،‬والمطالبة باالفراج عنك‪،‬‬ ‫وتخفيف وط�أة االعتقال ولد لدينا �ش ��عورا باالمان والراحة‪ ،‬و�س ��اهم في رفع معنوياتنا‬ ‫على �إننا ل�س ��نا وحدنا في المعركة فهناك الع�ش ��رات والمئات من الرفاق معنا‪ .‬مدحت‬ ‫ال�ص ��الح �أ�س ��وة بباقي الرق ��اق وع�ش ��رات المئات م ��ن المدافعين عن حقوق الأ�س ��رى‬ ‫والمعتقلين‪ ،‬هذا يجعلنا نتم�سك ب�أيماننا‪ ،‬ويخفف من �شدة ال�ضغوطات والعقوبات التي‬ ‫تفر�ضها �إدارة ال�سجون علينا ك�أ�سرى‪ .‬الرفيق ال�صديق مدحت ال�صالح رفيق لم نعرفه‬ ‫�سوى ثابتا على ايمانه‪ ،‬ورا�سخا في مواقفه‪ ،‬التي ا�شتاق جدا الى م�شاك�سته بها كثيرا‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الثامن‪:‬‬ ‫عندم��ا و�صلك نب�أ الإفراج عنك‪ ،‬بماذا �شعرت؟ وهل تحن الى رفاقك في‬ ‫المعتقالت الذين ال يزالون تحت قب�ضة ال�سجان؟‬ ‫هن ��اك حين تم نقلي �إلى م�ست�ش ��فى رمبام‪ ،‬بمرافقة حرا�س ال�س ��جن‪ ،‬لم اكن اعلم‬ ‫ماذا يدور خارج الق�ض ��بان‪ ،‬بعد �أن ا�س ��تطاع الأهل والرفاق من زيارتي بالم�ست�ش ��فى‪،‬‬ ‫علمت منهم انهم �أطلقوا حملة قانونية و�إعالمية للإفراج عني‪ .‬لم اكن �أتوقع �أن يحدث‬ ‫هذا الأمر ب�سرعة مذهلة‪ ،‬كنت ا�ستمع �إلى وعوداتهم وتحركاتهم وات�صاالتهم العديدة‪،‬‬ ‫لكنني في داخلي كنت على قدر كبير من ال�ش ��ك في ا�س ��تجابة ال�س ��لطات الإ�س ��رائيلية‬ ‫لطل ��ب الإف ��راج عن ��ي‪ ،‬الذي تق ��دم به محام ��و الدفاع‪ ،‬وه ��ذا يعود لع�ش ��رات التجارب‬ ‫والحاالت التي رف�ضها الإ�سرائيليون لمعتقلين �آخرين ‪.‬‬ ‫لك ��ن حين اقتحم غرفة الم�ش ��فى رفيق درب ��ي وزنزانتي ايمن ابو جب ��ل‪ ،‬وفي عيونه‬ ‫التي �ش ��اخت قبل موعدها غيوم تنتظر لفتة مني لتمطر على ج�س ��دي ووجهي وروحي‪،‬‬ ‫كلماته الأولى و�سط دموعه المنهمرة وغير �آبه لوجود ال�سجانين و�أفراد ال�شرطة الذين‬ ‫تفاجئ ��وا م ��ن هذا االقتح ��ام «هايل انت�ص ��رنا‪� ،‬أنت حر‪ ،‬حر»!!! «�ض ��مني �إلى �ص ��دره‬ ‫الداف ��ئ مبلال خ ��دودي بدمعه‪ ،‬وعلى بعد خطوة واحده وقف ورائه رفيق زنزانتي الآخر‬ ‫كنج ابو �ص ��الح‪ ،‬ال ��ذي اخفى عينيه عن ناظ ��ري‪ ،‬ربما لأنه كان يح ��اول �أن يخبئ وراء‬ ‫كفه تعب �س ��نين طويلة‪ ،‬وربما الن عيوني متعبة لم �أتمكن من ر�ؤية مالمح وجهه‪ ،‬لكني‬ ‫كنت ا�س ��مع لهفته وهو ي�ش ��هق من فرح غير ملمو�س لي منذ �سنوات ‪...‬كان ذلك للحظة‬ ‫ثم بد�أت �أ�ش ��عر بال�ض ��يق‪ ..‬برغبة �أن ا�صرخ ك�أني ال ا�ص ��دق‪ ,‬فما زالت �سال�سل القيود‬ ‫تنه� ��ش ي ��دي ورجلي‪ ،‬وما زال ظل ال�س ��جان �أمام وجهي على بعد هم�س ��ه ي�ص ��غي لهذه‬ ‫ال�ص ��ور‪ ،‬وهو م�شتت ي�سمع انت�ص ��ارنا في المعركة الق�ض ��ائية التي �شهدتها المحكمة‪،‬‬ ‫حيث خا�ض ��ها المحاميان نبيه خنجر ومجد �أبو �ص ��الح‪ ،‬وهذا ال�س ��جان ال يعرف �شيء‬ ‫عما يدور‪ .‬و�أنا بد�أت ا�ش ��عر بالغ�ض ��ب �إذا تحررت‪ ،‬فلماذا ما زالت يدي الحرة مقيدة‪،‬‬ ‫ولماذا ال يخرج ال�سجان ‪ -‬الغير مرغوب به‪ -‬من هذه الغرفة في م�ست�شفى رمبام‪ .‬لقد‬ ‫�س ��تغرقهم الأمر �أكثر من �أربع �ساعات‪ ،‬ليت�أكدوا من قادتهم و�إدارة ال�سجون‪� ،‬أنني قد‬ ‫تح ��ررت فعال منهم‪ .‬و�أنا لن �أتحرر من عبء انتظار رفاقي هناك في الأ�س ��ر �إال ر�ؤيتي‬ ‫لهم جميعا هنا معي‪ ،‬ولكن لن اغفر «لأحد بما فيهم نف�سي «�إن رايتهم ي�صلون �إلى مثل‬ ‫الحالة التي و�صلتها‪ ،‬وتحررت بموجبها من االعتقال‪� ،‬إ�صابتي ب�سرطان الدم‪� .‬أقول �إذا‬ ‫ا�س ��تمر ن�س ��يانهم كما هو الآن �أخ�ش ��ى �أن يحررهم المر�ض «�إن ن�سيانهم ال يقل ب�شاعة‬ ‫عن الأ�سر نف�سه‪.‬‬

‫ال�س�ؤال ال�سابع‪:‬‬ ‫بم��اذا ت�صف �شع��ورك و�أن��ت ت�ستقبل ا�ستقب��ال الأبطال من قب��ل �أبناء‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫للم�س ��افة‪ ،‬ه ��ذه الم ��رة �أ�س ��يرا له ��ذه الأ�س�ل�اك التي‬ ‫ال�س�ؤال التا�سع‪:‬‬ ‫تحرمن ��ي م ��ن عناق �أختي و�ض ��مها �إلى �ص ��دري‪ ،‬هي‬ ‫م��ن ه��و اول �شخ���ص تمني��ت ان تلق��اه‪ ،‬وت�ضمه‬ ‫التي انتظرتني طويال ولم نلتق بعد‪� ،‬أين الحرية �إذا‪...‬‬ ‫لحظ��ة اط�لاق �سراح��ك او عودت��ك ال��ى م�سقط‬ ‫كلنا �أ�س ��رى ولكن يعزيني ثقت ��ي ب�أنها هناك في �أجمل‬ ‫را�سك ؟‬ ‫و�أقد�س ار�ض‪ ،‬مع �إن�سان عزيز جدا وغالي على قلبي‪،‬‬ ‫تمني ��ت �أن �أ�ض ��م �أبي �إلى �ص ��دري‪ ،‬ولكن ��ي رجعت �إلى‬ ‫يبذل ما ا�ستطاع لي�س ��عدها ومعهما طفل با�سم روحي‬ ‫الج ��والن ولم �أجده‪ ،‬بحثت عنه كثي ��را في كل تلك الأماكن‬ ‫با�س ��م الجوالن ال ��ذي افديه ب�ش ��بابي كل ��ه‪� .‬أقول لك‬ ‫التي اعرف انه يحبها‪ ،‬بحثت عنه بين �أ�ش ��جار التفاح فلم‬ ‫�أيته ��ا الأخت الحبيبة الغالية �إن الطريق الذي تعبرين‬ ‫�أجد �إال و�ص ��اياه �أن نحب الأر�ض لأنه ��ا تحبنا‪ .‬رائحته ما‬ ‫عليه �سماءه عالية‪ ،‬وان ال�ضوء في �آخر الطريق يطلب‬ ‫زالت عالقة في زوايا البيت و�ص ��وته �أي�ضا‪ ،‬لكني لم �أتمكن‬ ‫من ��ا �أن نتعب كي ي�س ��مع كل من ال ي�س ��مع �ص ��راخاتنا‬ ‫من �ض ��مه‪ ،‬وحدها �أمي تعو�ض ��ني عن غيابه و�أخوتي �أي�ضا‬ ‫وهم�س ��اتنا و�آهاتنا ودموعنا و�أحالمنا‪ ،‬ال تي�أ�س ��ي من‬ ‫و�أ�صدقائي لأنهم ي�شبهونه قليال ويحفظون و�صاياه كثيرا‪.‬‬ ‫�ص ��متهم‪ ،‬ال تبك ��ي �أيتها الغالية عل ��ى اغترابنا‪ ،‬وثقي‬ ‫�أن ��ى �أقد�س خط ��اك و�أدرك كم تتعبين‪ ،‬وان�ش ��د معك‬ ‫ال�س�ؤال العا�شر‪:‬‬ ‫ن�ش ��يد الحري ��ة �إل ��ى �أن تع ��م الحري ��ة ‪ ،‬رفاقن ��ا �أوال‪،‬‬ ‫جري��دة ت�شري��ن ن�شرت ع��ن الج��والن المحتل‬ ‫وجوالنن ��ا‪ ،‬وفل�س ��طيننا‪ ،‬وعراقنا‪ ،‬وكل م ��ن يقف في‬ ‫خ�لال الع��ام ‪ 2004‬اكثر من ‪ 73‬مق��اال‪ ،‬عن ن�ضال‬ ‫وجه الظلم راف�ض ��ا الذل‪� .‬أخت ��ي ارغب جدا بتقبيلك‬ ‫�أبن��اء الج��والن ومعاناته��م‪ ،‬وعن��ك اكث��ر م��ن ‪7‬‬ ‫وعناقك وارغب �أي�ضا �أن �أراك منت�صرة قبلي‪ ،‬جوالن‬ ‫مقاالت‪ ،‬م��اذا تقول الدارة الجري��دة والمحررين‬ ‫ال�ص ��غير الذي ال يعرفني بعد‪ ،‬وال اعرفه �أي�ضا‪ ،‬علميه‬ ‫الذين يواكبون ن�ض��ال ابناء الجوالن علما انه من‬ ‫كل م ��ا �آمنت به‪ ،‬و�أمن ب ��ه والدنا‪ ،‬هذا الفالح القروي‬ ‫واجبهم؟‬ ‫ال�سوري الأ�صيل‪ ،‬وكل الأحرار الثائرين‪ ،‬من فوق هذه‬ ‫ه ��ذه معان ��اة �أخ ��رى‪ ..‬جميل ��ة وقا�س ��ية ‪ 73‬مق ��ال عن‬ ‫الأ�س�ل�اك التي تك�س ��ر حلمنا‪ ،‬ابعث لك م ��ع �أول فجر‬ ‫الج ��والن و‪ 7‬عني تحدي ��دا دون �أن �أتمكن من متابعتها الن‬ ‫لهفتي و�ش ��وقي وغمر �س ��نابل يدلنا �إل ��ى طريق اللقاء‬ ‫االحت�ل�ال يمنع و�ص ��ولها �إلينا‪ .‬حتى ولو و�ص ��لت فان �إدارة‬ ‫القريب‪� ،‬ألف قبلة لك ولمدحت وجوالن‪ ،‬الذي اعرف‬ ‫ال�س ��جن ال ت�س ��مح بدخولها �إلى المعتقل لأنهم يخافون من ن�س ��ج هذه العالقة الثقافية كم �سي�ش ��بهك وي�ش ��به مدحت وي�ش ��بهني وي�ش ��به و�ص ��ايا �أبي‪ .‬لك منى دعواتي بالخير‬ ‫بيننا‪ .‬هم يعتقدون �إنهم قادرين على حرماننا من التوا�ص ��ل مع �أهلنا و�ش ��عبنا العربي و�صلواتي بال�صبر‪ ،‬ومن قلبي اعمق الأمنيات باللقاء القريب على ثرى جوالننا الجريح‪.‬‬ ‫ال�س ��وري وين�س ��ون �أن كل �شيء فينا �سوري‪� :‬أنفا�س ��نا كلماتنا‪� ،‬أفكارنا‪ ،‬همومنا‪ ،‬لم ولن‬ ‫تك ��ون �إال عربية �س ��ورية حرة‪� .‬إنني ا�ش ��عر بفرح غامر الن �أحد ًا م ��ا زال يذكر الجوالن‬ ‫ال�س�ؤال الثاني ع�شر ‪:‬‬ ‫ومعان ��ات �أهله الأح ��رار ال�ص ��امدين‪ ،‬و�أوجه دعوتي للمزيد من هذا الر�ص ��د ل�س ��احة‬ ‫الأخ هايل هل ترغب في توجيه �أي كلمة �أخيرة ؟‬ ‫الجوالن تعزيزا لمحاربة الن�سيان الذي يجرحنا وتوا�صال مع �أبنائنا و �أهلنا في الوطن‪،‬‬ ‫نع ��م �آخ ��ي العزيز‪ ،‬ارغب ف ��ي توجيه نداء احمل ��ه �أمانة في عنقي‪� ،‬إلى �ش ��عبنا والى‬ ‫خا�صة الجيل النا�شئ الذي قد ال ت�سمح له الظروف للتعرف على جزء من وطنه‪ ،‬يقاوم قيادتن ��ا العربية ال�س ��ورية‪ ،‬وكافة الم�س� ��ؤولين عن متابعة �ش� ��ؤوننا المحلية في الجوالن‬ ‫االحتالل ال�ص ��هيوني الب�ش ��ع‪ .‬كل التحية واالحترام والتقدير ل ��كل الأقالم الحرة التي المحت ��ل‪� ،‬أ�س ��رانا ه ��م �أمانة في �أعناقن ��ا جميعا‪ ،‬فه ��م �أولئك الجنود البوا�س ��ل الذين‬ ‫تحارب ال�صمت وتحارب الن�سيان‪ ،‬وفية لفكرها الحر ومعبرة عن‬ ‫م�ض ��وا �إلى الواجب متى طلبتهم �أر�ض ��نا المباركة‪ ،‬وهم �أولئك الرجال الذين اخترقوا‬ ‫ال�ض ��مير الحي في هذا الوطن‪ ،‬تحية لكم في ت�ش ��رين ولكل من يكتب حر�ص ��ا على جدار الخوف وال�ص ��مت‪ ،‬و�صنعوا ماثرا في البطولة والكبرياء التي �صانها لنا الأجداد‬ ‫رفعة و�شموخ وطننا‪ ،‬في ت�شرين وفي باقي ال�صحف التي تحمل �أنفا�س الحرية‪ .‬ولكنني والآباء من ابناء �ش ��عبنا العربي ال�س ��وري العريق‪ .‬ارغب بتوجيه �أحر التحيات �إلى كافة‬ ‫ومن منطلق االخوة‪ ،‬ان ت�س ��تثمروا كل الأقالم وكل الطاقات من اجل رفعة الجوالن الن الأ�ص ��وات والأقالم والحناجر التي رافقت وما زالت ترافق معاناة الأ�س ��رى والمعتقلين‬ ‫في ��ه رفعة ل�س ��وريا والعرب جميعا‪ .‬نحن ن ��درك ان الحرب اليوم �أي�ض ��ا حرب �إعالمية وق�ضية الجوالن‪ ،‬وتجعله يدخل وعي و�إدراك الأجيال ال�شابة من ابناء �شعبنا‪ .‬وفي هذا‬ ‫وثقافية وح�ضارية ونحن رواد ح�ضارة عريقة مجبولة بالكبرياء‪.‬‬ ‫ال�س ��ياق اح ��ي جهود الأخ ن ��واف الفار�س محاف ��ظ القنيطرة‪ ،‬على ما بذل ��ه ويبذله من‬ ‫جهود لن�صرة ق�ضية الأ�سرى‪.‬‬ ‫ال�س�ؤال الحادي ع�شر‪:‬‬ ‫وا�س ��محوا ل ��ي �أن اوج ��ه عمي ��ق التحي ��ات والمحب ��ة وال�ش ��وق ال ��ى رفاقي اال�س ��رى‬ ‫م��اذا تق��ول لأختك هدية المقيم��ة في الوطن‪ ،‬وزوج��ة الأ�سير ال�سابق والمعتقلي ��ن م ��ن ابناء الجوالن ال�س ��وري المحتل الذي ��ن ما زالوا هناك خلف ق�ض ��بان‬ ‫مدح��ت ال�صال��ح‪ ،‬والت��ي ال ي�سم��ح له��ا االحت�لال بالذه��اب �إل��ى الجوالن المعتقالت الإ�س ��رائيلية‪ ،‬وا�سمحوا لي با�ستح�ضارهم جميعا‪ :‬تحياتي �إليكم في �سجون‬ ‫المحت��ل‪ ،‬م��ع العلم �إنه��ا كانت طالب��ة في جامع��ة دم�شق‪ ،‬م��اذا تقول وهي االحتالل ايها الرفاق الأ�ص ��دقاء‪ ،‬تحية اليك يا عا�صم و�سيطان و�صدقي وب�شر وعبا�س‬ ‫المت�شوقة لك كثيران وماذا تقول البنها جوالن؟‬ ‫وكميل وكمال و�س ��ميح ووئام و�أمال و�ش ��ام‪ .‬وعميق التحية الى �أ�سرى الجوالن من ابناء‬ ‫�إن ��ي افتقده ��ا كثيرا ك�أخت و�ص ��ديقة‪ ،‬اتوق جدا الى معانقتها‪ ،‬و�ض ��مها‪ ،‬ف�س ��نوات قرية الغجر ال�س ��ورية ابو يو�س ��ف �سعد قهموز‪ ،‬واحمد ويو�س ��ف قهموز ‪ ،‬وحاتم وح�سين‬ ‫االعتق ��ال الطويلة �س ��رقت م ��ن وجهها البرئ الكثي ��ر‪ ،‬اختى ال�ص ��غرى هديية اعرفها الخطيب‪ ،‬ور�ؤوف عي�سى‪ ،‬وح�سين قهموز على �آمل اللقاء بكم قريبا على ار�ض الجوالن‬ ‫واعرف انها �ص ��احبة ر�س ��الة مقد�س ��ة في الحياة‪ ،‬هديه القريبة لي ك�أحالمي وحدها المحرر �إن�ش ��اء اهلل‪ .‬ولن ان�س ��ي رفاقي من الأ�سرى الفل�س ��طينين وخا�صة عرب ال‪،48‬‬ ‫من �أ�س ��رتي ل ��م �أعانقها بع ��د‪ ..‬لم القي بر�أ�س ��ي على كتفها ولم �أ�ش ��م رائحة �ش ��عرها والى عميد الأ�سرى اللبنانيين �سمير القنطار‪ .‬تحياتي لجميع ا�سرى الحرية في العالم‪.‬‬ ‫عندما ا�س ��مع �صوتها القادم من وراء هذه الأ�سالك‪ ،‬ا�شعر ب�ألم وك�أنني ما زلت �أ�سيرا‬ ‫و�شكرا لكم ‪.‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫روح �سيطان الولي‬ ‫بعد ‪� 23‬س ��نة ق�ضاها في �سجون الإحتالل الإ�سرائيلي‪ ،‬عاني خاللها مرارات الأ�سر‬ ‫و�آالم �سل�س ��لة من الأمرا�ض (المعدة والمفا�ص ��ل وت�آكل العظام و�أوجاع الظهر‪ ،‬ف�ض�ل ً�ا‬ ‫عن داء ع�ض ��ال)‪ ،‬نجمت في الإجمال عن ظروف احتجاز بربرية‪ ،‬ا�س ��تجابت �سلطات‬ ‫الإحتالل �إلي التقارير الطبية الخطيرة التي قدّمها المحامي مجد كمال‪ ،‬ف�أفرجت عن‬ ‫الأ�س ��ير ال�سوري الجوالني �سيطان نمر الولي (‪� 42‬سنة)‪ ،‬مخت�صرة بذلك �أربع �سنوات‬ ‫فق ��ط من م� �دّة حكمه‪ .‬وكان الولي ق ��د اعتُقل يوم ‪ ،1985/8/23‬بتهمة الم�ش ��اركة في‬ ‫ت�أ�س ��ي�س حركة المقاومة �ض� � ّد االحتالل الإ�س ��رائيلي‪ ،‬وهو من �أبناء بلدة مجدل �شم�س‬ ‫البديعة العريقة‪ ،‬و�أحد �أبرز الأ�سماء في �صفوة من ال�سوريين الجوالنيين الأ�سري (ب�شر‬ ‫المقت‪� ،‬ص ��دقي المقت‪ ،‬كميل خاطر‪� ،‬شام �شم�س‪ ،‬محمد عبدو �شمالي‪ ،‬وئام عما�شة‪،‬‬ ‫جوالن �أبو خير‪ ،‬ل�ؤي مرعي‪ ،‬نديم ق�ضماني‪ ،‬عا�صم الولي‪ ،‬محمود الخطيب…)‪.‬‬ ‫و� ْإذ �أه ّنئ ابن بلدي بمالقاة الأهل وال�ص ��حب والح ّرية‪ ،‬متمني ًا له ال�شفاء والعافية‪،‬‬ ‫واثق ًا من �أنّ ت�ض ��حيات �أمثاله لم تذهب هدر ًا‪ ،‬ولن ّ‬ ‫تكف عن �صناعة الأمثولة‪ ،‬وتر�سيخ‬ ‫الجوالن ال�س ��ليب في �ص ��ميم الوجدان الوطني ال�س ��وري؛ ف�إني ل�س ��ت علي الثقة ذاتها‬ ‫م ��ن �أنّ النظام ال ��ذي يحكم بلدنا �س ��وف يحفظ القيم ��ة ال�سيا�س ��ية والأخالقية لهذه‬ ‫الإن�س ��حاب منها وت�سليمها �إلي ال�سيادة ال�س ��ورية‪ .‬وقد يجهل الكثيرون �أنّ �أبناء القنيطرة‬ ‫الت�ض ��حيات‪ ،‬حين �س ��يفاو�ض‪ّ ،‬ثم يقبل‪ ،‬ما �ستعر�ض ��ه عليه الدولة العبرية من � ٍ‬ ‫أرا�ض في ممنوعون من زيارتها‪ ،‬لأ�سباب �أمنية وع�سكرية كما ُيقال‪ ،‬وز ّوارها الوحيدون كانوا �ضيوف‬ ‫ً‬ ‫إلي‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫تمام‬ ‫الج ��والن‪ .‬والأرجح �أنّ بلدات وقري وينابيع ومزارع وب�س ��اتين الج ��والن لن تعود‬ ‫�سورية الر�سميين العرب والأجانب‪ ،‬الذين كان النظام ي�ستطيب ا�صطحابهم �إلي المدينة‬ ‫يحب المح�سنين!‬ ‫�أهل الجوالن الذين كانوا هناك قبل ال�ساد�س من حزيران (يونيو) ‪ ،1967‬حتي �إذا رفرف ال�شهيدة لكي ي�شهدوا علي البربرية الإ�سرائيلية‪ ،‬ولكي يتب ّرعوا‪ ،‬واهلل ّ‬ ‫العلم ال�س ��وري في ما �س ��تطلق عليه �آلة �إعالم النظام �ص ��فة الأرا�ض ��ي المح� � ّررة ‪ .‬وهذا‬ ‫الق ��ري الأخري التي �أعادتها الدولة العبرية �إلي �س ��ورية بموجب اتفاقية �سع�س ��ع‪ ،‬مثل‬ ‫الإفترا�ض الأليم ينه�ض علي حقيقة ب�س ��يطة قا�س ��ية تقول �إنّ الجوالن �س ��وف يكون �إقليم ًا الرفي ��د و خ ��ان �أرنب ��ة و نبع الف ّوار و مزرعة بي ��ت جان ‪ ،‬ال تقطنها اليوم �س ��وي �أعداد من‬ ‫منزوع ال�سالح ومنزوع الحياة في �آن مع ًا‪ :‬م�ساحات من الـ‪ ،No Man’s Land‬مقفرة ال�س ّكان تُقدّر �أحيان ًا بالمئات ولي�س بالآالف‪ .‬وفي ظ ّل غياب �أيّ برنامج لإعادة �إعمار قري‬ ‫�إال من عنا�صر حفظ ومراقبة ال�سالم ‪.‬‬ ‫الجوالن المح ّررة هذه‪ ،‬لم يبق �أمام ع�ش ��رات الآالف من النازحين �سوي خيار الإ�ستيطان‬ ‫الجوالن‬ ‫إدارة‬ ‫�‬ ‫في‬ ‫ال�سوريالية‬ ‫المعجزات‬ ‫�به‬ ‫�‬ ‫ش‬ ‫ي�‬ ‫ما‬ ‫وللمرء‪ ،‬في هذا ال�ص ��دد‪� ،‬أن يتخ ّيل‬ ‫(نع ��م‪ ،‬وال منا�ص من ا�س ��تخدام هذه المفردة!) في ّ‬ ‫مخيمات ومدن �ص ��فيح علي هوام�ش‬ ‫ً‬ ‫ما بعد �أيّ �إتفاقية �سالم �سورية ـ �إ�سرائيلية‪ ،‬ك�أنْ ت�صير الأر�ض �سورية دون �أن تعود تماما العا�ص ��مة ال�س ��ورية‪ .‬ولق ��د م ّر زمن كانت فيه �أحي ��اء كاملة‪ ،‬مثل ب ��رزة و جرمانا ‪ ،‬موطن ًا‬ ‫�إلي ال�س ��يادة ال�س ��ورية؛ و�أن تنتقل مواقع مثل جبل ال�ش ��يخ و ت ّل �أبو الندي و ت ّل الفر�س �إلي للنازحين من الجوالن‪.‬‬ ‫�س ��ورية �إ�س ��م ًا فقط‪ ،‬علي �أنّ تكون تحت التدوي ��ل الأمريكي �أو الياباني �أو الفرن�س ��ي‪ .‬هذه‬ ‫وفي منا�س ��بة �إطالق �سراح �س ��يطان الولي‪ ،‬ابن مجدل �شم�س‪� ،‬أ�ستعيد حكاية �سبق لي‬ ‫ُد َرر الجوالن ال ّ‬ ‫أهم �س ��تراتيجي ًا‪ ،‬وبافترا�ض �أنّ �إ�سرائيل �سوف تتنازل عنها تحت �أيّ ثمن‪� ،‬أن �س ��ردتها �أواخ ��ر الع ��ام ‪ ،1999‬حين الح �أنّ اتفاقية �س ��ورية ـ �إ�س ��رائيلية تُطبخ علي نار‬ ‫ف�إنّ المع�ض ��لة لن تتوقف عند �إ�صرار الإ�س ��رائيليين علي تحييدها وتجريدها من ال�سالح هادئة‪ ،‬وقد تن�ض ��ج في �أيّ وقت قريب‪� ،‬آنذاك‪ .‬ففي �أواخر ال�س ��بعينيات‪ ،‬وبحكم عملي مع‬ ‫وو�ض ��عها في قب�ض ��ة فريق ثالث �ض ��امن وحليف‪ ،‬بل علي �أن توا�ص ��ل هذه الجبال والتالل الأمم المتحدة حينئذ‪� ،‬أتيحت لي فر�ص ��ة ن�صف �شهرية للإطالل علي مجدل �شم�س‪ ،‬من‬ ‫خدمة الأمن الإ�سرائيلي‪.‬‬ ‫خ�ل�ال الطق�س العجي ��ب الذي يدعي لقاء العائالت ‪ ،‬والذي ت�ش ��رف عل ��ي تنظيمه (حتي‬ ‫‪،1974‬‬ ‫�نة‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫�‬ ‫�ع‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫�سع�‬ ‫اتفاقية‬ ‫توقيع‬ ‫بعد‬ ‫‪،‬‬ ‫رت‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫التي‬ ‫�رة‪،‬‬ ‫�‬ ‫ط‬ ‫القني‬ ‫ولدين ��ا مث ��ال مدينة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اليوم) ق ّوات الف�ص ��ل وال�ص ��ليب الأحمر الدولي‪ .‬كان �أبناء البلدة المحتلة يحت�شدون علي‬ ‫ً‬ ‫ولكنها بقيت مدينة �أطالل وخرائب و�أ�ش ��باح‪ ،‬تماما كما تركتها الق ّوات الإ�س ��رائيلية عند �أطرافها ال�س ��فلية‪ ،‬حاملين مكبرات ال�ص ��وت اليدوية‪ ،‬فيتحاورون مع �أهلهم المحت�شدين‬ ‫علي اله�ضبة الثانية المواجهة في الأر�ض ال�سورية‪ ،‬وتختلط‬ ‫المو�ضوعات والأخبار والحكايا والهموم‪ ،‬ويتح ّول الم�شـــــهد‬ ‫�إل ��ي جوقة �ص ��وتية معقـــــــــدة ال ي�س ��تطيع فرزه ��ا والتقاط‬ ‫المعني بالجملة المنطوقة علي الجانبين‪.‬‬ ‫تفا�صيلها �سوي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن كان يحدث �أن تتوقف الأ�صوات بغتة‪ ،‬وتحل محلها‬ ‫�أهزوج ��ة م�ش ��تركة ت�ؤديها الن�س ��اء علي الطريق ��ة الدرزية‬ ‫الفري ��دة‪ .‬وذات م� � ّرة �س� ��ألني �ض ��ابط نم�س ��اوي‪ ،‬كان ق ��د‬ ‫ان�ض ��م حديث ًا �إلي ق ّوات الف�صل‪ :‬لماذا ي�صـــــدرون �أ�صوات‬ ‫الفرح هذه فج�أة ؟ ف�أجبته‪ :‬كلما ز ّفت �أ�س ��رة الب�شـــري ب�أنّ‬ ‫�أح ��د �أبنائها بلغ �س ��نّ الر�ش ��د‪ ،‬و�أحرق الهوية الإ�س ��رائيلية‬ ‫ف ��ي احتف ��ال جماعي �أق ��رب �إلي تد�ش ��ين ط ��ور الرجولة ‪.‬‬ ‫�آنذاك �أطرق ال�ض ��ابط النم�س ��اوي‪ّ ،‬ثم غام ��ر بالتخ ّلي عن‬ ‫الحياد الدبلوما�س ��ي المفرو�ض عليه‪ ،‬وقال‪� :‬أيّ غباء يجعل‬ ‫الإ�سرائيليين يعتقدون �أنّ في و�سعهم تقوي�ض هذه الروح؟ ‪.‬‬

‫�صبحي حديدي‬

‫وهو الذي �س ��يروي لنا كيف تدرب على الإقامة الطويلة في ذلك الليل الموح�ش‬ ‫دون �أن يفق ��د الر�ؤي ��ا ت ��اركا للأر� ��ض �أن تجري في دمه‪ ،‬وال�س ��ماء تمل ��ي عليه كل‬ ‫الكلمات‪.‬‬ ‫وهو الطليق في الأبي�ض ملفوفا بالعكوب والزنبق وهواء الجليل‪ ،‬ال يوجعه الموت‬ ‫المجرة‬ ‫ك�أنه �ص ��فة من �ص ��فات الحياة واللقاءات الدائمة‪ ،‬ونجمة ظل ��ت تدور في ّ‬ ‫وعادت روحا تحلق ب�أحالم المحرومين والمعذبين‪ ،‬م�شدودة الى طاقة من الإن�شاد‬ ‫ت�أخذه الى ب�ساتين معلقة فوق الغيوم‪.‬‬ ‫�س ��يطان الولي وداعا‪� ،‬أيها الأ�س ��ير العري�س الجليلي القادم من �س ��احة �سلطان‬ ‫با�ش ��ا الأطر�ش الى �س ��احة الإ�سراء والمعراج‪ ،‬علما و�ص ��وتا وناطقا با�سم ال�شهيد‬ ‫والآيات والأ�سرى والمالئكة الم�ص ��لوبين على كتفيك قتلى ومجروحين و�صابرين‬ ‫يدقون في ج�سدك بوابات الحديد‪.‬‬ ‫�سيطان الولي وداعا‪� ،‬أيها المقتول بالقهر علنا‪ ،‬وقد �صبرت على حافة القيامة‬ ‫طويال ريثما تنتهي �أن�ش ��ودة ع�سقالن‪ ،‬ويرحل ال�سجان من وعيك كي ت�شرب الماء‬ ‫من ينابيع الجليل وي�ستريح التاريخ في رئتيك‪.‬‬ ‫توفي �س ��يطان نمر الولي يوم الأحد ‪ ،2011/4/24‬عن عمر ناهز الخام�س ��ة‬ ‫والأربعين‪ ،‬بعد �صراع طويل مع مر�ض ع�ضال �أ�صابه خالل فترة �أ�سره التي امتدت‬ ‫على ‪ 22‬عام ًا‪.‬‬ ‫عن موقع القد�س‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫�س‪ -‬كم �أ�سير من الجوالن المحتل يوجد في �سجون االحتالل الإ�سرائيلي؟؟‬ ‫ج‪ -‬وهل يوجد حقا �أ�سرى جوالنيين في �سجون االحتالل؟‬ ‫ج‪ -‬كيف يكون هناك �أ�سرى وال يوجد مقاومة في الجوالن؟‬ ‫ج‪� -‬أنا �أعرف عدد المعتقلين ال�سوريين في ال�سجون ال�سورية‪.‬‬ ‫ج‪-‬الج��والن؟ �أهلها يعي�شون �أف�ضل منا‪� ،‬شبابه��ا يدر�سون في دم�شق �شتاء‪ ،‬ويعملون‬ ‫في �إ�سرائيل �صيفا‪ ،‬معظم �أهل الجوالن يحملون الجن�سية الإ�سرائيلية!!!‬ ‫ج‪�.......... -‬أنت تعملين مع �شركة “�أريبا” لالت�صاالت؟!!!‬

‫�سوريون‪..‬و�أ�سرى‪ ...‬وجوالن‬

‫***‬ ‫كان الن ��داء الذي وجهه مركز الخيام لت�أهيل �ض ��حايا التعذيب م ��ن �أجل �إنقاذ حياة‬ ‫الأ�سير المحرر هايل �أبو زيد �أوائل هذا العام‪،‬بداية لإثارة ق�ضية بقيت بعيدة عن دائرة‬ ‫االهتم ��ام �س ��نوات طويلة‪..‬م ��ع توجيه هذا النداء‪ ،‬تنب ��ه كثيرون �إلى وجود �س ��وريين في‬ ‫�س ��جون االحتالل منذ حوالي العقدين‪ ،‬ده�ش كثيرون لكون النداء موجه لجمع تبرعات‬ ‫لأ�س ��ير محرر من �أجل �إنقاذ حياته المهددة بالخطر ‪ ..‬رغم �أنه من البديهي �أن تتحمل‬ ‫الدولة م�س�ؤولية هكذا ق�ضية ال تحتمل الت�أخير‪..‬ومع ذلك فلم ت�أخذ ردود الأفعال �أبعادا‬ ‫�أكث ��ر م ��ن عدة مقاالت م ��ن قبل بع�ض الكت ��اب ال�س ��وريين‪ ،‬والقيام بعدد من الأن�ش ��طة‬ ‫المتوا�ضعة ك�إر�سال ر�سائل الت�ضامن للأ�سرى‪..‬‬ ‫وفيما �ش ��كل م�ؤخرا عدد من الن�ش ��طاء لجنة لدعم �أ�س ��رى الج ��والن‪ ،‬انطلقت حملة‬ ‫دعم �أهالي الأ�س ��رى بالتعاون ما بين �ش ��ركة �أريبا لالت�ص ��االت ووزارة العمل وال�ش� ��ؤون‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فيما اعتبره البع�ض بداية ا�س ��تجابة لل�سجاالت التي دارت حول �إهمال هذه‬ ‫الق�ضية على الم�ستويين الر�سمي وال�شعبي‪..‬‬ ‫يوجد حاليا �أحد ع�شر �أ�سيرا بينهم امر�أة‪ ،‬في �سجون االحتالل‪� ،‬أربعة منهم معتقلون‬ ‫من ��ذ ع ��ام ‪ 1985‬والبقية على فت ��رات مختلفة منذ عام ‪ 1999‬وحتى ع ��ام ‪ ،2003‬وتتراوح‬ ‫�سنوات الحكم ما بين �سنتين و‪ 27‬عاما‪..‬‬ ‫بالإ�ض ��افة �إلى ت�س ��عة معتقلين من قرية الغجر‪ ،‬تختلف النظرة �إليهم‪ ،‬ما بين كونهم‬ ‫معتقلي ��ن بتهم ��ة التعاون مع ح ��زب اهلل‪ ،‬وتزوي ��ده بالمعدات الع�س ��كرية مقاب ��ل تزويد‬ ‫الم�ستوطنين بالمخدرات‪ ،‬وما بين كونهم اعتقلوا لأ�سباب جنائية ال �أكثر‪..‬‬ ‫عب ��ر عدد م ��ن اللقاءات “االلكترونية” مع بع�ض الن�ش ��طاء والأ�س ��رى المحررين في‬ ‫الجوالن‪ ،‬حاولنا �إلقاء ال�ض ��وء على ق�ض ��ية وطنية يعتقد �أنها مهمل ��ة بامتياز‪..‬متناولين‬ ‫على التوالي المحاور التالية‪ :‬تعاطي كل من ال�سلطة الر�سمية والمجتمع المدني ال�سوري‬ ‫مع ق�ض ��ية الجوالن و�أ�س ��راه‪ ،‬م ��دى �إحاطة �أهل الجوالن بالأو�ض ��اع الداخلية ال�س ��ورية‪،‬‬ ‫الموقف من مبادرة ابنة الجا�س ��و�س كوهين لتحرير الأ�س ��رى‪ ،‬بالإ�ض ��افة �إلى جملة من‬ ‫النقاط الأخرى ذات ال�صلة‪..‬‬

‫الجن�سية غير معروفة!!‬ ‫ي�شاع خط�أ ب�أن معظم �أهالي الجوالن المحتل يحملون الجن�سية الإ�سرائيلية‪ ،‬كان من‬ ‫نتائج ذلك �أن ا�ستثني الأ�سرى ال�سوريون من �صفقة تبادل الأ�سرى الأخيرة‪ ،‬بحجة �أنهم‬ ‫يحملون الجن�س ��ية الإ�سرائيلية‪..‬وقد ثار الكثير من اللغط حول هذا المو�ضوع‪ ،‬ف�إذا كان‬ ‫ال�س ��يد ن�ص ��ر اهلل ال يعلم تماما �أو�ضاع الأ�سرى ال�س ��وريين‪ ،‬ف�أين دور الحكومة ال�سورية‬ ‫في هذا المو�ضوع‪...‬‬ ‫تق ��ول ال�س ��يدة ليلى ال�ص ��فدي(*) ح ��ول ه ��ذه النقطة ‪”:‬ربم ��ا تكون ه ��ذه الفكرة‬ ‫الخاطئة لدى العديد من ال�س ��وريين هي خير دليل على �أن ق�ض ��ية الجوالن ق�ضية مغيبة‬ ‫ومن�سية من وعي ال�سوريين‪ ،‬فلو علم ال�سوريون قليال عن تاريخ الجوالن القريب‪ ،‬لو كان‬ ‫هن ��اك اهتمام �إعالمي حقيقي‪ ،‬لعرفوا �أن الإ�ض ��راب الذي قام به �س ��كان الجوالن عام‬ ‫‪ 1982‬والذي ا�ستمر قرابة �ستة �أ�شهر قد جاء نتيجة لمحاولة ال�سلطة الإ�سرائيلية فر�ض‬ ‫الجن�سية الإ�س ��رائيلية بالقوة على ال�سكان‪ ،‬وبالتالي فر�ض القوانين المتعلقة على حملة‬ ‫الجن�س ��ية ومن �أخطرها الخدمة الإجبارية في الجي�ش الإ�سرائيلي‪ ،‬وقد حقق الإ�ضراب‬ ‫�أهدافه الأ�سا�س ��ية‪ ،‬وما يحمله الجوالنيون الآن ه ��و عبارة عن بطاقة تعريف فقط ُكتب‬ ‫عليها في خانة الجن�س ��ية‪“ :‬الجن�س ��ية غير معروفة”!! وهي التي ت�ش ��كل لهم الكثير من‬ ‫المعاناة في معامالتهم ال�شخ�ص ��ية وال�س ��فر خ�صو�صا‪ ،‬وبالن�س ��بة للإ�سرائيليين ُع ّرف‬

‫الجوالنيون على �أنهم “مقيمين م�ؤقتين على �أر�ض �إ�سرائيل”‪.‬‬ ‫�إن اعتقاد ال�سوريين واللبنانيين وعلى ر�أ�سهم ال�شيخ “ح�سن ن�صراهلل” الأمين العام‬ ‫لحزب اهلل �أن العرب ال�سوريين في الجوالن يحملون الجن�سية الإ�سرائيلية هو اكبر �صفعة‬ ‫تلقاها الجوالنيون خالل م�س ��يرة ن�ض ��الهم‪ ،‬وقد كان لهذه ال�ص ��فعة وقعها الخا�ص على‬ ‫الأ�س ��رى تحديدا‪ ،‬والذين وهبوا �أجمل �س ��نيهم في �س ��بيل تر�س ��يخ االنتم ��اء ودفاعا عن‬ ‫الحرية‪ ،‬خا�ص ��ة �أن هذه الحجة �أتت في �س ��ياق التبرير ال�س ��تثنائهم من �ص ��فقة التبادل‬ ‫الأخي ��رة‪ .‬اذكر الآن كلمة �أتت على ل�س ��ان اح ��د المقربين من الأ�س ��رى حين قال‪“ :‬بعد‬ ‫هذه ال�ص ��فقة �ش ��عر الأ�سرى �أنهم بالفعل قد حكموا ‪ 27‬عاما ولكن هذه المرة كان الحكم‬ ‫�ص ��ادرا من دم�شق”‪ .‬ال يعتب الأهالي هنا كثيرا على ن�صر اهلل فهو بالنهاية غير م�س�ؤول‬ ‫عنهم‪ ،‬وقد حقق الكثير للبنانيين‪ ،‬بل يعتقدون �أن المذنب الأ�سا�سي هو الحكومة ال�سورية‬ ‫والت ��ي كان م ��ن المفتر�ض �أن تن�س ��ق مع حزب اهلل في هذه ال�ص ��فقة‪ .‬البع� ��ض يعتقد �أن‬ ‫ا�س ��تثناء �أ�س ��رى الجوالن من ال�ص ��فقة كان مق�ص ��ود ًا‪ ..‬البع�ض ال ي�س ��تبعد وجود رائحة‬ ‫طائفية في الطبخة!!‪ ،‬ربما هناك جهات م�ستفيدة من بقائهم داخل الأ�سر‪ ،‬من المرجح‬ ‫�أن بع�ض ال�شخ�صيات على م�ستوى �صغار الموظفين في الأمن واال�ستطالع كانوا ي�سرقون‬ ‫من الأموال القليلة التي تحول �إلى الأ�سرى‪ .‬ومن الم�ؤكد �أن الكبار غير مهتمين”‪.‬‬ ‫في الجوالن المحتل‪� ،‬أخذ بع�ض الن�ش ��طاء والأ�س ��رى المحررين على عاتقهم ق�ض ��ية‬ ‫�أ�س ��راهم‪ ،‬وهي في النهاية جهود فردية قيمة لكنها بالت�أكيد غير كافية‪ ،‬فيما عدا ذلك‬ ‫يوجد لجنة واحدة هناك تهتم بهذه الق�ض ��ية هي لجنة دعم الأ�س ��رى والمعتقلين‪..‬تقول‬ ‫ليلى عن فعالية هذه اللجنة‪“ :‬هي م�ؤ�س�سة �أهلية ت�شكلت ا�ستمرارا لعمل اللجان ال�سابقة‬ ‫التي قامت بمتابعة الأ�س ��رى منذ ‪1967‬وت�ضم �أ�س ��رى محررين و قوى وطنية واجتماعية‬ ‫وت�ش ��كلت في العام ‪1998‬وهي تعمل بالتن�س ��يق مع م�ؤ�س�سات فل�س ��طينية ولبنانية و�سورية‬ ‫ودولية مهتمة بق�ضايا حقوق الإن�سان وم�ؤ�س�سات �إ�سرائيلية �أي�ضا‪� ،‬أما عن مدى فعاليتها‬ ‫فهي ك�أي م�ؤ�س�س ��ة �أهلية تطوعية في القرية محكومة بمزاجية �أع�ضائها �أ ً‬ ‫وال‪ ،‬وبمزاجية‬ ‫الأهالي ثانيا‪ ،‬من الممكن لأمور �شخ�ص ��ية كثيرة �إن ت�شجع هذه اللجنة وفي نف�س الوقت‬ ‫لأ�س ��باب غير مو�ض ��وعية �أن تقل ��ب كل الموازين وينقلب الت�ش ��جيع �إلى معار�ض ��ة وعدم‬ ‫اعتراف‪ ،‬كل هذه الأمور تعيق فعالية اللجنة وتحددها‪.‬‬ ‫من الممكن �أن يعمل مع اللجنة محامي ن�شيط ويوفر الكثير من الخدمات والت�سهيالت‬ ‫للأ�س ��رى �أو �آخ ��ر مهمل ف�ل�ا تعمل‪ ،‬ولكن يبق ��ى لوجودها �أث ��ر ًا معنوي ًا عل ��ى الأقل لدى‬ ‫الأ�سرى �أنف�سهم”‪.‬‬ ‫هذا عن التعاطي مع الق�ض ��ية من داخل الجوالن المحتل‪�..‬أما عن ال�س ��لطة ال�س ��ورية‬ ‫والمجتمع المدني حديث الن�ش�أة‪ ،‬فللحديث �شجون �أخرى‪..‬‬ ‫�صدر القرار من دم�شق‪...!!..‬‬ ‫يقول الأ�س ��ير المحرر يا�س ��ر خنجر “بد�أت ا�صدق تماما ما ي�ص ��دقه كل المواطنين‬ ‫ال�س ��وريين في الكل المحرر من الوطن ال�س ��وري �أن ال حقيقة الدعاء البع�ض �أن الجوالن‬ ‫م ��ا يزال محت�ل�ا‪ .‬لقد تحرر الجوالن منذ �أكث ��ر من ثالثين عام‪� .‬إنها محاولة مك�ش ��وفة‬ ‫للإ�ساءة �إلى القيادة الحكيمة في دم�شق‪.‬‬ ‫اعني �أن القيادة ال�س ��ورية ال تقي ��م �أي عالقة مع الجوالنيين في الجوالن المحتل عدا‬ ‫النموذج ال�سيئ “للف�س ��ادين” مما جعلني ا�صدق رواية �أن الجوالن قد تحرر و�أ�س�أل من‬ ‫�أنا �إذن؟ �إذا كانت �ألقيادة ال تراني �إال من خالل الت�صفيق و�أ�صوات بع�ض رجالها الذين‬ ‫ال يهتمون �إال بذواتهم المتخمة ف�أنا حقا ل�ست موجودا واقر بتحرر الجوالن‪.‬‬ ‫لقد كان ينبغي �أن ترانا القيادة في دم�ش ��ق م�ش ��روعا ن�ضاليا واجتماعيا وان تملأ كل‬ ‫هذا الفراغ الذي يعي�شه �أبناء الجوالن المحتل ال �أن تترك الجوالن لم�شاريع “اال�سرلة”‬ ‫التي باتت تغل في ال�ش ��باب �أكثر و�أكثر لتزاحم �ص ��راخ المقاومين لي�س الن ال�شباب غير‬ ‫مت�ض ��امن مع �ألحالة الوطنية ولكن لأنه �ص ��ار يفتقد لل�س ��ند وي�ؤرقه ال�س� ��ؤال‪ :‬لأي �سبب‬ ‫ن�ض ��حي ونقاوم؟ لقد �ش ��وه تجاهل القيادة لهمومنا كل مفاهيم الجيل ال�ش ��اب‪ ،‬ت�شوهت‬ ‫�صورة �ألمقاومه والت�ضحية‪ .‬هذا بكل ت�أكيد مبرر غير مقنع لي لأني �أرى الفارق الوا�ضح‬ ‫م ��ا بين “وطن” و”�أ�ش ��خا�ص” حتى وان كانوا في موقع المفاتي ��ح والقرار ولكن الفراغ‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫ال بد �أن ي�ش ��غله حيز ما �إن لم ت�ش ��غله م�ش ��اريع الوطن �ش ��غلته مخططات االحتالل وهذا‬ ‫م�صدر القلق الأ�سا�سي الذي يحثنا على مطالبة القيادة بت�صحيح هذه العالقة‪.‬‬ ‫الأ�س ��رى كحالة مميزه ولي�س ��ت وحيده تعر�ض ��ت للإهم ��ال ذاته ولم يت ��م النظر �إلى‬ ‫تميزه ��ا وت ��رك هذا القطاع م ��ن المجتمع دون �أي م�س ��اهمة وال اعني �أب ��دا �أن الإهمال‬ ‫مقت�ص ��ر عل ��ى الجوانب المالي ��ة والتي هي �أخر همنا‪ .‬اذكر بغ�ص ��ة وحرق ��ة قاتله عدم‬ ‫اهتمام القيادة بمو�ضوع �صفقة التبادل مع حزب اهلل لدرجة �أن احد �أ�صدقائنا الأ�سرى‬ ‫الفل�س ��طينيين قال لنا يومها بنبرة موجعة “ال ب�أ�س �ص ��در قرار جديد من المحكمة في‬ ‫دم�شق �أن تكملوا بقية �أحكامكم”‬ ‫�س�أبكي الأن‬ ‫�صدر القرار من المحكمة في دم�شق‬ ‫ثم �أين الإعالم ال�س ��وري من ق�ضايانا؟! �أال ي�س ��تحق الجوالن و�أ�سراه �ساعة في اليوم‬ ‫في الأ�س ��بوع في ال�ش ��هر؟ ال نريد �إعالمنا مبنيا على ردة الفعل �أي انه ينتظر ا�ست�ش ��هاد‬ ‫هايل �آخر ليتذكرونا ب�ض ��ع دقائق ثم تخطفنا برامج ما زالت تجتر منذ ثالثين �س ��نة �أو‬ ‫خ�صر راق�صة‪.‬‬ ‫للتذكر فقط في مقابلة مع معاونة وزير الخارجية ال�س ��يدة بثينه �ش ��عبان تحدثت عن‬ ‫الأ�سرى الفل�س ��طينيين واللبنانيين ولم يخطر ببالها �أن تذكر الأ�سرى ال�سوريين �أ�سرى‬ ‫الج ��والن “ربما خجلت من ��ا لأننا مدعاة للخجل؟” وفي �إحدى مداخالته تحدث �أ�س ��ير‬ ‫لبنان ��ي محرر �ص ��ديق عن الأ�س ��رى وخ�ص بالذكر �أ�س ��رى الجوالن رغ ��م ذلك حافظت‬ ‫ال�س ��يدة معاون ��ة الوزير على خجلها وح َيت فقط �أ�س ��رى لبنان وفل�س ��طين‪ ،‬هذه العالقة‬ ‫التي توجعنا‪.‬‬ ‫هذا ينطبق �أي�ض ��ا على م�ؤ�س�س ��ات المجتمع المدني التي كان ��ت مهملة تماما للجوالن‬ ‫ك�أنه ��ا �س ��لمت باحتكار النظام لهذه العالق ��ة نظرا لما تمثله من جوان ��ب �أمنية‪ .‬تعاطي‬

‫م�ؤ�س�س ��ات المجتمع المدني والمعار�ضة مع ق�ض ��ايانا هي �أي�ضا هام�شيه وال تم�س العمق‬ ‫“نعذرهم” لأننا نعرف ما يتعر�ضون له ورغم ذلك يحاولون االهتمام فنرى على �شبكات‬ ‫االنترنت مثال تميز للمعار�ضة على المواقع �ألر�سمية‪.‬‬ ‫عندنا في الجوالن خلط كبير جدا بين الوطن كمفهوم لعالقة ال�س ��كان بالأر�ض وبين‬ ‫الوط ��ن كر�ؤية �سيا�س ��ية‪ ،‬معظم ال�س ��كان ال يرون الوطن ال�س ��وري �إال م ��ن خالل �أجهزة‬ ‫الحكم‪ ،‬ف�سوريا هي الرئي�س والم�ؤ�س�سات �ألر�سميه والبقية تتمة �أي �أننا نرى �ألقيادة �أوال‬ ‫ثم بقية تفا�ص ��يل الوطن‪ ،‬هذا قاد الكثيرين �إلى االعتقاد �أن م�ؤ�س�سات المجتمع المدني‬ ‫وكل �أطي ��اف �ألمعار�ض ��ة هي نقي�ض ل”الوطن” هذه الر�ؤي ��ة عززتها ادعاءات الحكومة‬ ‫�أن المعار�ض ��ين عمالء و�أعداء لم�صلحة �سوريا وحمالت االعتقاالت لبع�ض المعار�ضين‬ ‫وطبعا ال ننكر �أبدا وجود مثل هذه �ألمعار�ض ��ة المتحالفة مع �أعداء �س ��وريا والمحت�ض ��نة‬ ‫من قبل �أمريكا وندينها ب�ش ��كل كامل ونرف�ض ��ها ونرف�ض �أي عالقة معها لأنها �أوال و�آخرا‬ ‫نقي� ��ض النتمائن ��ا وحريتن ��ا وتاريخنا لكن لي�س ��ت �ألمعار�ض ��ة كلها نقي� ��ض للـ”الوطن”‬ ‫وحدهم حلفاء �أعدائنا نتبر�أ منهم‪.‬‬ ‫وبتقديري �أن الخلط بين وطن و�سيا�سيين �أو جهاز حكم من �أكثر الأمور التي �أ�ساءت‬ ‫لعالقتنا مع الوطن الن الغالبية ترى ب�ش ��كل وا�ض ��ح التق�ص ��ير والإهمال الر�سمي ف�صار‬ ‫الوطن هو الذي يهملنا وين�س ��انا وال يعتبر وجودنا كحالة ا�س ��تثنائية “وربما ال يب�ص ��رنا‬ ‫�أ�صال” دون تحديد وا�ضح لمن هو المهمل واعني �ألم�ؤ�س�سه �ألحاكمة‪.‬‬ ‫يقول ال�شاعر الفل�س ��طيني محمود دروي�ش “يحبونني ميتا ليقولوا لقد كان منا وكان‬ ‫لنا” بتنا ن�شتهي هذا الموت ليقول احد �أننا كنا له وكنا منه ول�سنا “نكرة”‪.‬‬ ‫في المو�ضوع نف�سه يقول الأ�سير المحرر �أيمن �أبو جبل(**)‪:‬‬ ‫“بداي ��ة �س�أ�س ��تهل جواب ��ي على �س� ��ؤالك هذا‪ ،‬بان الق�ض ��ية الوطنية ال�س ��ورية في‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الج ��والن المحت ��ل التقل �أهمية عن �أي ق�ض ��ايا م�ص ��يرية وا�س ��تراتيجية وطنية �س ��ورية‬ ‫محلي ��ة او عربية اقليميه‪� ،‬إن الأر�ض ال�س ��ورية المحتلة ابتلي ��ت بعدة ويالت �أبرزها كان‬ ‫خ�ض ��وعها م ��ن جديد �إلى احت�ل�ال �أجنب ��ي متغطر�س‪،‬دخل الأر�ض ال�س ��ورية وهو يحمل‬ ‫م�شروعا �سيا�سيا وا�ستيطانيا واقت�صاديا وا�ضحا تم الإعداد له قبل عدوان حزيران عام‬ ‫‪ 1967‬ب�س ��نوات كثيرة‪ ،‬وقد ترجم هذا الم�ش ��روع على ار�ض الواقع حين احتلت �إ�سرائيل‬ ‫الجوالن‪ ،‬وما زالت متم�سكة فيه‪ ،‬بعد �أكثر من ثمانية وثالثون عاما على احتالله من اجل‬ ‫تعزيز م�ش ��روعها في ال�سيطرة على الأر�ض وثرواتها‪ ،‬والتو�س ��ع الجغرافي واال�ستيطان‬ ‫الب�ش ��ري على �أ�سا�س مكانته اال�ستراتيجية بالن�سبة للدولة العبرية “ عيون الدولة “كما‬ ‫يطلق عليه قادة �إ�س ��رائيل الع�س ��كريين‪ .‬تحاول �إ�سرائيل رغم مرور ثمانية وثالثون عاما‬ ‫على احتاللها للجوالن تهجير من تبقى من �س ��كانه الأ�ص ��ليين البال ��غ عددهم اليوم ‪20‬‬ ‫�ألف ن�سمة‪� ،‬أو ب�أ�سو�أ الأحوال تطويعهم وتجنيدهم‪،‬و دمجهم بالمجتمع المدني والإداري‬ ‫والق�ض ��ائي واالقت�ص ��ادي الإ�س ��رائيلي‪ ،‬عن طري ��ق فر�ض الجن�س ��ية الإ�س ��رائيلية على‬ ‫�أبناء الجوالن‪ ،‬وم�ص ��ادرة �أرا�ضيهم واقتالع �أ�ش ��جارهم‪ ،‬وربطهم بالعجلة االقت�صادية‬ ‫والثقافية واالجتماعية الإ�سرائيلية‪.‬‬ ‫لكن ا�ش ��د الويالت التي عان ��ى منها الجوالن على مدار كل تلك ال�س ��نوات كان غيابه‬ ‫الكامل عن الوعي والإدراك ال�سوري ر�سميا و�شعبيا‪ ،‬واقت�صار وجوده فقط على ا�ستح�ضار‬ ‫ا�س ��مه و�ص ��مود �أهله في بيانات م�ؤتمرات القمم العربية‪ ،‬والإ�سالمية واجتماعات وزراء‬ ‫الخارجية العرب‪ ،‬واالحتفاالت الر�س ��مية‪ ،‬حتى الم�ؤ�س�سات الثقافية والفنية والإعالمية‬ ‫ال�س ��ورية الر�س ��مية كانت �شريكة لهذا الإهمال والتنا�س ��ي عن الق�ضية الوطنية ال�سورية‬ ‫في الجوالن‪� ،‬إن ا�ستح�ضار الجوالن في فترات متباعدة لي�س ذي �ش�أن كبير ومهم‪ .‬حين‬ ‫نتحدث عن الإن�سان ال�سوري في الجوالن �إن�سانا‪� ،‬سطر �أروع مالحم البطولة وال�صمود‪،‬‬ ‫في وجه دولة معتدية عاتية‪ ،‬تتعامل بالحقد والكراهية والعن�صرية والظلم واال�ضطهاد‪،‬‬ ‫وم�ص ��ادرة �أدنى حقوق الإن�سان‪� ،‬إن�سان كان �ص ��دره عاريا في مواجهة جي�ش االحتالل‪،‬‬ ‫وم�ش ��اريع �سيا�س ��ية كب ��رى‪ ،‬كانت لو تحققت �ست�ش ��كل خط ��را على امن وم�ص ��ير لي�س‬ ‫الجوالن و�سوريا فح�سب و�إنما دول المنطقة جميعها‪.‬‬ ‫�أما هايل ح�سين ابو جبل(***)‪..‬‬ ‫فيرى �أن” ال�س ��لطة ال�سورية هي �س ��لطتنا الوطنية وهي �ص ��احبة ال�سيادة على ار�ض‬ ‫الجوالن‪ ،‬وتتعاطى هذه ال�س ��لطة مع ق�ض ��ية الجوالن ب�ش ��يء فيه الكثير من عدم الدراية‬ ‫لما ح�ص ��ل ويح�ص ��ل عندنا‪ ،‬وان دل ذلك على �ش ��يء ف�إنما يدل على انه ال يوجد توا�صل‬ ‫بين ال�س ��لطتين الأمنية وال�سيا�سية‪ ،‬اهتمام ال�س ��لطة الأمنية من�صب على” من مع ومن‬ ‫�ضد‪ ،‬من يحب ومن ال يحب‪ ،‬ومن موالي لنا‪ ،‬ولي�س للقطر” لأنهم يعلمون جيدا �أن �أبناء‬ ‫الجوالن مع وطنهم قلبا وقالبا‪ ،‬ومع الأ�س ��ف ال�شديد ُوجد في الجوالن �أ�شخا�ص بع�ضهم‬ ‫جديد على �س ��احة الن�ضال يت�س ��اوقون مع هذا التفكير والأ�سلوب‪� .‬أما ال�سلطة ال�سيا�سية‬ ‫ف�إل ��ى حين لم يكن لديها معرفة �أن هناك الع�ش ��رات بل المئات من �أبناء الجوالن وقفوا‬ ‫�ض ��د االحتالل منذ اليوم الأول‪ ،‬اعتقلوا و�س ��جنوا بع�ضهم ل�سنوات طويلة وكان ن�ضالهم‬ ‫في مرحلة �ص ��عبة‪ ،‬كان العدو يومها يح�ص ��ي �أنفا�س الوطنيي ��ن‪ ،‬بع�ض �أبناء الجوالن ما‬ ‫زالوا في المعتقالت ال�صهيونية حتى يومنا هذا‪.‬‬ ‫�أما اهتمام المجتمع المدني والمعار�ضة‪ ،‬ال اثر لتعاطيها مع ق�ضية الجوالن عامة‪ ،‬ومع‬ ‫ق�ضية الأ�سرى خا�صة‪،‬الن تعاطيها قليل جدا وال يترك الأثر المطلوب عند �أبناء الجوالن‬ ‫المحتل‪ ،‬قد يعود �س ��بب عدم االهتمام �إلى تهمي�ش واقعنا الن�ض ��الي في و�سائل �إعالمنا‬ ‫الوطنية‪،‬واقت�صار ذلك على بع�ض المنا�سبات الوطنية‪ ،‬التي تقام على خط وقف �إطالق‬ ‫الن ��ار‪� ،‬أما باقي الن�ش ��اطات والمنا�س ��بات الوطنية التي تحدث في الج ��والن‪ ،‬تتجاهلها‬ ‫و�سائل �أعالمنا وخ�صو�صا الف�ض ��ائية ال�سورية‪،‬واخت�صار عالقاتها مع �أفراد و�أ�شخا�ص‬ ‫لي�س لهم الت�أثير المطلوب في حركة ال�شارع الن�ضالية في الجوالن المحتل”‪.‬‬ ‫�أما ليلى فتقول‪ “ :‬حيرني ال�س� ��ؤال قلي�ل�ا فحقيقة لم اعرف هل �أبد�أ من يوم الجمعة‬ ‫الما�ضية و�أق َيم هذه “ال�صحوة”‪� ،‬أم ابد�أ منذ عام ‪1967‬؟‬ ‫باخت�صار تعاطي ال�سلطة ال�سورية مع ق�ضية الجوالن كان تعاطيا ‪�-‬إذا �أردنا �أن نهذب‬

‫كلماتنا قليال‪ -‬نقول خجوال جدا‪.‬‬ ‫الجوالن كان من�س ��يا حتى عام ‪ 1981‬وهو تاريخ �ض ��م الكني�ست اال�سرائيلية مرتفعات‬ ‫الجوالن وما تاله من �إ�ضراب في عام ‪ 82‬والذي جاء رد ًا على محاولة فر�ض قانون ال�ضم‬ ‫والجن�س ��ية اال�س ��رائيلية على المواطنين‪ ،‬خالل هذا الإ�ض ��راب وبعده تذكرت ال�س ��لطة‬ ‫ال�س ��ورية �أن هناك جوالن ًا محت�ل ً�ا‪ ،‬وبد�أ الجوالن يظهر على �شا�ش ��ة التلفزيون من وقت‬ ‫لآخر‪ ،‬ولكنه لم يدخل �إلى بيت المواطن ال�س ��وري و�ض ��ميره‪� ،‬أنا كنت في �سوريا في هذه‬ ‫الفترة (وبالمنا�س ��بة �أنا من �ش ��هبا في ال�س ��ويداء)‪� ،‬أذكر �أنني تعرفت على الجوالن من‬ ‫خالل �أغاني الفنان �س ��ميح �شقير (والتي ال ي�سمعها �إال قلة من ال�سوريين)‪ ،‬ال �أذكر �أننا‬ ‫تعلمنا في مدار�س ��نا عن الجوالن‪ ،‬وال �أقمنا ن�ش ��اط ًا لدعم الجوالن وال �س ��اهمنا في �أية‬ ‫مبادرة نحوه‪� ،‬إال الزيارة ال�س ��نوية �إلى موقع عين التينة في عيد الجالء والتي بد�أت في‬ ‫�أوا�س ��ط الثمانينات و�أ�ص ��بحت تقليد ًا �س ��نوي ًا للترفيه والمرح‪ .‬وربما من ال�صعب �إخفاء‬ ‫الطابع الطائفي لهذا الن�ش ��اط والذي اقت�ص ��ر في غالب الأحيان على الطائفة الدرزية‬ ‫ال �أكثر‪ .‬وال اعتقد �أنها ال�ص ��دفة التي جعلت الفنان �س ��ميح �ش ��قير وحده من بين مغني‬ ‫�س ��وريا الكثر يغني للجوالن‪ ،‬حتى العمل ال�س ��ينمائي الوحيد الذي تناول ق�ض ��ية الجوالن‬ ‫كان (درزي ًا) للمخرج غ�سان �شميط‪ ،‬في حين ا�ستخدم المخرج محمد مل�ص القنيطرة‬ ‫تحدي ��د ًا كبيئة جغرافية مالئمة لعر�ض �س ��يرته الذاتية‪ ،‬ال �أعل ��م �إن كان يعلم عن وجود‬ ‫قرى �أخرى محتلة لم تحرر بعد‪.‬‬ ‫المجتمع المدني ال�سوري‪ ..‬الأحزاب‪ ،‬والم�ؤ�س�سات المعار�ضة لم �أ�سمع عنهم �شيئ ًا‪...‬‬ ‫�إال ك�أفراد‪ ..‬واحد �أو اثنين‪ ..‬ربما ثالثة‪”..‬‬ ‫مع ذلك فليلى وجهت نداء �إلى الن�ش ��طاء ال�س ��وريين في مقالة لها م�ؤخرا‪ ،‬من �أجل‬ ‫�إعطاء اهتمام �أكبر لق�ضية �أ�سرى الجوالن المحتل‪:‬‬ ‫“ ه ��و ن ��داء لل ��ذات قبل كل �ش ��يء‪ ،‬في مجتمع �ص ��ار التفكير بال�ش� ��أن العام تهمة‬ ‫يحا�س ��ب عليها المواطن �س ��واء كان في الوطن �أو هنا في الجوالن‪ ،‬كان البد من �إطالق‬ ‫نداء يتجاوز همومنا قليال ويذكرنا قبل غيرنا ب�أهم ق�ضايانا “ق�ضية الأ�سرى”‪.‬‬ ‫لي�س المطلوب فقط الم�ساعدة في ق�ضية الأ�سرى‪ ،‬المطلوب تذكر ق�ضية الجوالن عموم ًا‪،‬‬ ‫“الجوالن ق�ضية �أكبر من �أن تترك لنظام من�شغل بذاته” كما قال يا�سين الحاج �صالح‪.‬‬ ‫االحتالل قارب العقد الرابع ومثقفوا ونا�ش ��طوا �س ��وريا لم يعرفوا بنا‪ ،‬ربما من �س ��نة‬ ‫واح ��دة فقط عرفنا البع�ض‪ ،‬ولك ��ن الكثيرون لم يعرفوا بعد‪ ..‬رغم اجتهادهم ال�ش ��ديد‬ ‫ج ��دا جدا بق�ص ���ص التاريخ البعي ��د وتخيالته ��م وفانتازياتهم‪ ،....‬فم ��اذا تريديني �أن‬ ‫اطلب من ن�شطاء ومنظمات لم يقارب اهتمامها حدود المعرفة؟؟!‬ ‫�أقول لن�شطاء �سوريا فقط اعرفونا‪ ...‬تذكرونا‪ ...‬و�أنتم �ستحددون �سقف �إمكانياتكم‪،‬‬ ‫هذا �إن كان الجوالن ي�ستحق وقفة بنظركم”‪.‬‬ ‫وللر�أي الآخر هنا ن�ص ��يب �آي�ض ��ا‪..‬يقول الأ�س ��ير المحرر عماد �س ��امي المرعي “�إن‬ ‫العالقة ال�سورية على ال�صعيد الر�سمي �أو ال�شعبي بكل �أطيافه هي عالقة حبل الم�شيمة‬ ‫ما بين الوطن الأم ككل وبين الجوالن كجزء ال يتجز�أ من �سوريا والوطن العربي‪ ...‬ومما‬ ‫ال �ش ��ك فيه �أن الجوالن كان دائما و�أبدا في �ض ��مير �أبناء �ش ��عبنا العربي ال�سوري ك�أر�ض‬ ‫غالية �س ��لبت منه عام ‪ ...1967‬ومنذ �أن احتل الجوالن وحتى يومنا هذا و�ش ��عبنا ي�س ��عى‬ ‫ال�س ��تعادة الجوالن‪ ،‬عن طريق الحرب �س ��ابقا �أو عن طريق ال�س ��لم بع ��د م�ؤتمر مدريد‪.‬‬ ‫�أما �إذا دخلنا �إلى تفا�ص ��يل العالقة المبا�ش ��رة مع الأهل في الجوالن ومع الأ�سرى ب�شكل‬ ‫خا�ص‪ ،‬فاني �أرى �أنها ات�س ��مت دائما بالحركة ولكنها �أحيانا كانت بطيئة وغير ملمو�س ��ة‬ ‫بق ��وة‪ ،‬وللحقيقة فقد ارتبطت بوتيرة التطورات والإحداث الجارية على �ص ��عيد الجوالن‬ ‫المحتل ذاته‪ .‬فوتيرة هذه الإحداث ونوعيتها عك�س ��ت نف�س ��ها ب�شكل مبا�شر على م�ستوى‬ ‫تفاع ��ل الوطن الأم والجه ��ات والأفراد الذين كلفوا مهمة متابع ��ة ملف الجوالن المحتل‬ ‫وق�ضاياه‪ ..‬فالعملية هنا هي هرمية وان لم تكن قاعدة الهرم معنية ون�شطة‪ ،‬ف�أمر متوقع‬ ‫�أن تكون الحركة في قمة الهرم بطيئة �أو جامدة‪..‬‬ ‫ف ��ي الآون ��ة الأخيرة‪ ،‬وم ��ع حالة التغير والتطوير التي تح�ص ��ل في الوط ��ن الأم والتي‬ ‫عك�س ��ت نف�س ��ها على الأه ��ل بالجوالن وعل ��ى ملف الأ�س ��رى تحديدا‪� ،‬أ�ص ��بحت الأبواب‬ ‫مفتوحة �أكثر �أمام المواطنين ال�س ��وريين في الأر�ض المحتلة لتو�ص ��ل �ص ��وتها عاليا �إلى‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الموق ��ع ال�ص ��حيح الذي ي�س ��تطيع االهتم ��ام �أكثر وان يفع ��ل القنوات والآليات الأف�ض ��ل‬ ‫والأفيد لدعم الأهل في الجوالن �إن كان على ال�صعيد الر�سمي �أو ال�شعبي ‪...‬‬ ‫وبالطبع لن نن�س ��ى الحدث الجلل با�ست�ش ��هاد عميد الأ�سرى ال�سوريين في المعتقالت‬ ‫ال�صهيونية‪ ،‬ال�شهيد هايل �أبو زيد الذي �أعطى با�ست�شهاده حافزا اكبر للجهات الم�سئولة‬ ‫عن متابعة �ش� ��ؤون الجوالن لتقديم المزيد من الهمة والن�ش ��اط لما تحتاجه قد�سية هذه‬ ‫الق�ض ��ية من اهتمام والتي قد �س ��بقها �أي�ض ��ا الحكم الجائر على الأ�س ��ير وئام عما�ش ��ه‬ ‫بال�سجن لمده ‪ 20‬عاما”‪.‬‬ ‫الداخل ال�سوري في نظر الجوالنيين‬ ‫الحدي ��ث عن ال�ض ��غوط التي تتعر�ض لها المعار�ض ��ة ال�س ��ورية وم�ؤ�س�س ��ات المجتمع‬ ‫المدني الم�ستقلة‪ ،‬لي�س لتبرير �أي تق�صير في مجال االهتمام بق�ضية الجوالن و�أ�سراه‪..‬‬ ‫لكن هل يعي �سكان الجوالن المحتل ما نقبع فيه من ظروف �سيا�سية و�أمنية واقت�صادية‬ ‫�ضاغطة حد االختناق‪...‬‬ ‫ً‬ ‫تقول ليلى‪“ :‬عالقة الجوالن بالداخل كانت ب�ش ��كل �أو ب�آخر انعكا�س� �ا لعالقة الداخل‬ ‫به‪ ،‬ولكن يزيد عليها التعلق العاطفي والذي لي�س من ال�س ��هل التجرد منه وهو الذي كان‬ ‫بمثابة ال�س ��ند المعنوي لل�سكان في ن�ض ��الهم‪ ،‬فالمواطن في الجوالن مغيب عن تفا�صيل‬ ‫الحياة ال�سيا�س ��ية واالقت�ص ��ادية‪ ،‬وال يعرف �إال بالعموميات ك�أن يقول مثال‪�“ :‬إن الو�ضع‬ ‫االقت�صادي في �سوريا �صعب‪ ،‬وفر�ص العمل قليلة‪ ،‬وحرية التعبير معدومة”‪.‬‬ ‫�أما فيما يخ�ص متابعة ن�شاط المعار�ضة والمجتمع المدني فاعتقد �أن هذه المفردات‬ ‫جدي ��دة على المواطن ف ��ي الجوالن كما هي جدي ��دة على المواطن في �س ��وريا‪ ،‬يتابعها‬ ‫بحذر الن االنتقاد والمعار�ضة ارتبطت لوقت طويل بكلمة “العمالة”‪.‬‬ ‫يمكنن ��ا الق ��ول �أن متابع ��ة �ش� ��ؤون الداخل اقت�ص ��رت على قل ��ة من المثقفي ��ن‪ ،‬وهذا‬ ‫االهتمام ات�س ��م �أحيانا بال�سطحية خا�ص ��ة ممن لم تكن لهم تجربة الدرا�سة �أو التواجد‬ ‫في الوطن”‪.‬‬ ‫�أما يا�سر خنجر فيرى �أنه “تنعك�س حالة الداخل ال�سوري على النخبة ال�سيا�سية فقط‪.‬‬ ‫�أ�ص�ل�ا �إن الو�ض ��ع في الداخل ال�س ��وري لي�س بو�ض ��وح يخول الأهل في الجزء المحتل من‬ ‫التفاعل معه لأنه ال ثقة بما ي�صلنا من ر�ؤى عبر الإعالم ال�سوري‪ .‬الإعالم ال�سوري يالم�س‬ ‫التفاهة في نقله للأخبار ال�سورية لدرجة �أني ال اذكر متى �سمعت ن�شرة الأخبار �آخر مرة‪,‬‬ ‫بالت�أكيد قبل تحرري من المعتقل!!‪ ،‬ابحث عن ال�ش� ��أن الداخلي في بع�ض مواقع االنترنت‬ ‫التي ال دخل للإعالم الر�سمي بها في محاولة لإيجاد �صيغه فهم للواقع ال�سوري‪.‬‬ ‫�ألنخب ��ه الت ��ي تجهد لمتابعة الأحداث في دم�ش ��ق وحده ��ا تت�أثر به ��ذه �ألحاله وطبعا‬ ‫ن�س ��تثني الأحداث البارزة لأنها تفر�ض نف�سها على �ألمنطقه ككل وهنا الفت االنتباه لأن‬ ‫�ضعف الإعالم ي�ؤدي �إلى ا�س ��تغالل الم�ستجدات ال�سيا�سية في ال�شام بالترويج �إلى ر�ؤية‬ ‫تخدم الم�شاريع االحتاللية �أي �إننا نخ�سر كل المعارك الإعالمية لح�ساب االحتالل وفي‬ ‫مقدمة �أ�سباب هذه الخ�سارة الإهمال ال�سوري والتق�صير الر�سمي وال�شعبي‪.‬‬ ‫طبعا كل هذا ال يلغي عملنا الم�ستمر وبكل جهد ممكن للت�أكيد على امتدادنا ال�سوري‬ ‫ومحاولة �ص ��د �سيا�سة التجهيل التي تمار�سها م�ؤ�س�س ��ة االحتالل‪� ،‬إننا ال نرى �أنف�سنا �إال‬ ‫امتدادا حقيقيا طبيعيا لكافة فئات ال�ش ��عب ال�س ��وري ترابنا الواحد معمد بدمنا الواحد‬ ‫الذي �سال فوق فارتوى التراب من كرامة ال�شهداء �أقد�سنا “‪.‬‬ ‫ويرى �أيمن �أبو جبل �أنه “نحن مواطنون عرب �سوريين �أبا عن جدا‪ ،‬جن�سيتنا العربية‬ ‫ال�س ��ورية تنتق ��ل من الأجداد للآب ��اء للأبناء‪ ،‬رغم �أننا ال نحمل �أوراق ��ا ثبوتية �أو هويات‬ ‫مدنية �س ��ورية‪� ،‬أو جوازات �سفر‪� ،‬ص ��ادرة عن وزارة الداخلية ال�سورية‪ ،‬تثبت ذلك �أمام‬ ‫دوائ ��ر التفتي�ش في المطارات الدولية‪� ،‬أو الم�ؤ�س�س ��ات الدولي ��ة المختلفة‪ ،‬لكن انتماءنا‬ ‫العربي ال�س ��وري ال يخ�ضع لأي �أوراق �أو م�ستندات‪ ،‬انه مجبول بدماء وت�ضحيات ج�سام‪.‬‬ ‫نحن عرب �سوريون‪ ،‬ولكوننا نعتز بهذه ال�صفة الخالدة‪ ،‬فانه يهمنا بكل ت�أكيد ما يجري‬ ‫الي ��وم وبالأم�س وفي الغد على ال�س ��احة الداخلية في وطننا الحبي ��ب‪ ،‬هذا الوطن الذي‬ ‫جبلته دماء �أجدادنا و�آباءنا‪ ،‬في الدفاع والذود عنه منذ القدم‪ ،‬حتى يبقى ح�ضنا دافئا‬ ‫ل ��كل �أبنائ ��ه‪ ،‬لكل فئاته‪ ،‬لكل طوائفه‪ ،‬ل ��كل مواطنيه‪ ،‬عربا و�آ�ش ��وريين و�آرميين و�أكراد‪.‬‬

‫نحن نتابع ب�شغف وحب و�شوق وقلق كل ما يجري على �ساحتنا الداخلية‪ ،‬ولي�س الخارجية‬ ‫فق ��ط‪ ،‬نح ��ن نتطلع �إلى وطنن ��ا كما حلمنا به وكم ��ا �أراد له الأجداد �أن يكون من �ص ��ناع‬ ‫ا�س ��تقالله وحريت ��ه‪ ،‬وطن الجمي ��ع‪ ،‬وطن المواطني ��ن كلهم‪ ،‬وطن يكون ح�ص ��نا ودرعا‬ ‫لل�شعوب الم�ضطهدة‪ ،‬والتواقة �إلى الحرية والعدل والم�ساواة والديمقراطية فنحن �شعب‬ ‫له تاريخ وح�ضارة عريقة‪ ،‬يحب الحياة الحرة‪ ،‬ويحب الموت متى كان الموت طريقا �إلى‬ ‫الحياة‪� ،‬ش ��عب متمي ��ز بمجتمعه ومكانته وتركيبته ونف�س ��يته وثقافته ونظرته �إلى الحياة‬ ‫بمختلف جوانبها‪.‬‬ ‫�إنني ومن منطلق هذا الع�شق الأزلي لهذا الوطن الحبيب �أقول �أن هناك مكانا يت�سع‬ ‫للجمي ��ع‪ ،‬لإظه ��ار الحقيق ��ة ال بد �أن يكون هن ��اك اختالفات ف ��ي الآراء ووجهات النظر‬ ‫والبرام ��ج ال�سيا�س ��ية‪ ،‬واالجتماعية المختلفة‪ ،‬بعيدا عن �إلغاء الآخر‪� ،‬أو تهمي�ش ��ه‪ ،‬نحن‬ ‫�أقوياء باختالفنا و�ضعفاء في �إجماعنا‪ ،‬ال وجود للإجماع الوطني واالجتماعي والفكري‬ ‫بي ��ن الب�ش ��ر‪ ،‬هذه تج ��ارب ال�ش ��عوب �أمامنا‪ ،‬ما من �ش ��عب حقق هذا الإجم ��اع منذ بدء‬ ‫ت�شكل المجتمعات الإن�سانية‪ ،‬والإن�سان نف�سه يحمل في ذاته تناق�ضات كثيرة‪ ،‬فما بالك‬ ‫بمجتم ��ع مدرك ويع ��ي حريته واحتياجات ��ه‪ .‬يحذوني الأمل �أن نحمل ه ��ذا العبء وهذه‬ ‫الهموم الوطنية الكبرى بم�س�ؤولية ووعي و�إدرك لمواجهة المخاطر الخارجية‪ ،‬ومخاطر‬ ‫الفقر والبطالة والعوز‪ ،‬وحاالت االغتراب التي يعي�ش ��ها البع�ض من �أبناء �شعبنا‪ ،‬الن كل‬ ‫هذا يهدد وجودنا وم�س ��تقبلنا‪ ،‬ونتطلع �إلى كيفية �أن ي�شعر هذا الإن�سان ال�سوري بالأمان‬ ‫والرخاء واال�س ��تقرار �أكثر فهو فعال ي�س ��تحق �أن نلتفت �إليه والى م�ستقبله‪ ،‬لن�ضمن بقاء‬ ‫هذا الإن�سان الحر المعطاء”‪.‬‬ ‫وم ��ن وجهة نظ ��ر هايل �أن ��ه “ يتعاطى �أبناء الج ��والن‪ ،‬بكل ما يح ��دث داخل وطنهم‬ ‫وكل م ��ا يحدث يتم تناوله بالنقا�ش والتحليل‪ ،‬لذلك نعي واقع وحال �ش ��عبنا‪ ،‬ال�سيا�س ��ي‬ ‫واالقت�ص ��ادي و�أكثرنا يرىان �ش ��عبنا الذي يع�ش ��ق وطنه وي�س ��تعد للت�ض ��حية في �س ��بيله‬ ‫ي�س ��تحق و�ض ��عا اقت�صاديا و�سيا�س ��يا �أف�ض ��ل من القائم حاليا‪ ،‬يحفظ كرامة المواطن‪،‬‬ ‫الذي يطلب منه الت�ضحية بحياته في �سبيل وطنه”‪.‬‬ ‫وفي ال�س ��ياق نف�س ��ه يعتبر عماد �أن “الجوالن ح�سا�س ب�شكل مرهف لأي تطور يحدث‬ ‫داخل وطنه‪� .‬إن �صرخت في قا�سيون �سي�سمع جبل ال�شيخ وان رميت حجر من عين التينة‬ ‫ف�ستحت�ض ��نه حجارة عين التفاحة وان منخف�ض ��ا في الالذقية �س ��يروي بحبات �أمطاره‬ ‫تف ��اح الج ��والن‪ ،‬فكيف بالإحداث ال�سيا�س ��ية واالجتماعي ��ة واالقت�ص ��ادية‪ ،‬فهمنا واحد‬ ‫وم�ص ��يرنا واحد وقلوبنا تنب�ض بذات الحب للوطن ليكون ب�أجمل �ص ��وره و�أف�ضل �أحواله‬ ‫وم ��ن الطبيع ��ي �أي نتابع الأو�ض ��اع الداخلية في وطنن ��ا وهذا �إن دل فيدل على ال�ش ��عور‬ ‫بالم�س� ��ؤولية لدى �أهالي الجوالن وقلقهم الدائم على �ش ��عبهم ودولتهم ورغبتهم بمعرفة‬ ‫�أدق تفا�صيل عن وطنهم الأم‪...‬‬ ‫بالن�س ��بة للمعار�ضة فان كانت معار�ضة وطنية و�ص ��ادقة وغيورة على م�صلحة بلدها‬ ‫فهذا �شيء �أما �أن تكون معار�ضة متذيلة للأمريكان وتخدم �أعداء الوطن فهذا �أمر �أخر‬ ‫ونحن في الأر�ض المحتلة تربطنا عالقة روحية خا�صة جدا ومرهفة جدا مع الوطن بكل‬ ‫�أطيافه وتنوعاته الأ�ص ��يلة والمعبرة عن وجدان �ش ��عبنا الحقيقي وتختلف هنا القناعات‬ ‫والمواقف من �ش ��خ�ص �إلى �أخر وهي حالة �ص ��حية ومن الجميل �أن نتعود التعاي�ش معها‬ ‫�شرط �أن تبقى في حدود الثوابت والمواقف الوطنية الملتزمة‪”.‬‬ ‫تمخ�ضت ع�شرين �سنة فرك�ضنا‪...‬‬ ‫في ظل هذا الجو من الإحباط وخيبة الأمل تجاه التعاطي الر�سمي وال�شعبي مع ق�ضية‬ ‫الجوالن و�أ�س ��راه‪ ،‬جاءت حملة “ارك�ض من �أجل الجوالن” ك�أول حملة �إعالمية بالتعاون‬ ‫ما بين وزارة العمل وال�ش�ؤون االجتماعية و�شركة �أريبا لالت�صاالت‪ ،‬لإثارة ق�ضية الأ�سرى‬ ‫ودعمهم‪..‬لقيت هذه الخطوة ردات فعل متباينة‪ ،‬مابين ترحيب و�شجب‪..‬‬ ‫يا�سر خنجر‪ ،‬يرى في هذه الفعالية‪“ :‬محاولة فا�شلة للتكفير عن ‪� 20‬سنة �إهمال‪.‬‬ ‫‪� 20‬سنة �إهمال و�شهيد‬ ‫لي� ��س هذا ما انتظرن ��اه‪ .‬كان من الأجدر �أن يتذكرونا في �ص ��فقة التبادل وان ترك�ض‬ ‫�ألقيادة �إلى حزب اهلل لتذكره بالأ�س ��ير ال�س ��وري المن�سي‪ ،‬والآن �إن نطلب �شيء هو فقط‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫العمل من اجل �إطالق �س ��راح �أ�س ��رانا‪ ،‬بتنا ال نرغب ب�ش ��يء �إال الحرية حريتهم �أوال ثم‬ ‫ت�أتي باقي التفا�صيل‪ ،‬لن نر�ضى ب�أقل من الحرية بعد ‪� 20‬سنة ن�سيان‪ .‬كنا نر�ضى بن�شاط‬ ‫كهذا لو انه لم يتوج كل هذا الإهمال‪ .‬تمخ�ض ��ت ‪� 20‬س ��نه فرك�ضنا‪ .‬ال‪ .‬لي�سمعها الجميع‬ ‫ال لكل �شيء اقل من الحرية‪.‬‬ ‫قبل �أ�شهر قليلة كان من الممكن �أن تقنعنا حمالت الت�ضامن �أما الآن وقد بد�أنا ندفع‬ ‫ثمن الإهمال والن�س ��يان من �أعمار رفاقنا الأ�س ��رى‪ ،‬ال�ش ��هيد هايل هو بال �ش ��ك �ضحية‬ ‫الإهمال وهذا موجع جدا �أن ي�ش ��ترك ال�س ��جان والم�س� ��ؤولون في الوط ��ن بعملية اغتيال‬ ‫واحدة واالثنين نقي�ض‪ .‬منذ �أن �سبق ال�سيف و�أنا ال �أ�ستطيع �أن �أفكر �إال باحتمال �أن يتابع‬ ‫ال�سبق وال ي�أتي الت�ضامن �إال على �أنقا�ض �أج�سادهم‪.‬‬ ‫ال لمحاول ��ة تكمي ��م الأفواه هذه ب�أن نرك�ض ونغفر بالرك�ض كل هذا العمر الم�س ��فوك‬ ‫�إهماال ون�س ��يانا �إما �أن نقدم لهم الحرية �أو �أن ننتظرهم �ش ��هداء ونكفنهم بعلم ال يليق‬ ‫�إال ب�أمثالهم‪،‬‬ ‫ثم �إننا ال نريد �أن يتحول الأ�سرى �إلى عبء على المواطن نريد لعالقتنا مع المواطنين‬ ‫ال�س ��وريين �أن تكون عالقة محبة وانتماء لما تمثله حالة الأ�س ��رى من بعد �إن�ساني وطني‬ ‫ثوري ولن نغفر الإهمال �أبدا �إال �إذا توج بحرية الأ�سرى‪.‬‬ ‫ال‪� .‬إن �أو�ض ��اع عائالت الأ�س ��رى ال تتطلب هذه �أل” �شحذه” �أو�ضاعهم لي�ست ب�أف�ضل‬ ‫ح ��ال ولكن هنالك فارق بين �أل”�ش ��حذه” وتحديدا من المواط ��ن الذي �أنا على ثقة انه‬ ‫بحالة اقت�ص ��ادية �أ�سو�أ من حال �أهالي الأ�س ��رى وبين تبني الم�شاريع التي من �ش�أنها �أن‬ ‫تع ��زز دور الحركة الوطنية‪� ،‬إننا نطالب الحكومة بتبني الأ�س ��رى وعائالتهم ال �أن ترمي‬ ‫هذا الحمل على جيوب المواطنين حر�صا منها على عدم اعترا�ض طريق ال�سرقة الذي‬ ‫مثله في ال�سابق بع�ض قيادي جهاز اال�ستطالع‪ ،‬الأجدر �أن تفر�ض �ألدولة هيبتها وتمار�س‬ ‫دورها تجاه ق�ضاياها ال �أن تزاحم المواطن على ال‪ 50‬ليرة التي هي من حقه �أوال‪.‬‬ ‫�إن عائالت الأ�س ��رى بحالة قلق على م�س ��تقبل �أبنائهم‪� ،‬أوال قلق على حياتهم ثم قلق‬ ‫على تفا�ص ��يل معي�ش ��تهم وت�أمينها‪ ،‬لن تجدي نفعا �أي محاوله لت�أمين هذا الم�ستقبل �إن‬ ‫لم ن�ض ��من عودتهم �أوال ذلك �إننا نرف�ض الآن �أن يتذكر احد معي�ش ��ة الأ�س ��رى وين�س ��ى‬ ‫حياتهم �ألمهددة‪.‬‬ ‫الحكومة ال تقدم للعائالت �أي م�ساعدة‪ ،‬هنالك فقط ‪ $100‬ت�صرف للأ�سرى لت�أمين‬ ‫م�س ��تلزماتهم ال�ض ��رورية داخل المعتقل‪ ،‬طبعا هذا المبلغ يتعر�ض لل�سرقة! نعم �صدقوا‬ ‫لل�س ��رقة‪� ،‬س ��ابقا كان ي�ص ��ل من المبلغ ن�ص ��فه فقط ‪ $50‬وقبل �أكثر من عامين �ص ��در‬ ‫مر�س ��وم رئا�س ��ي بموجبه ي�ص ��رف للأ�س ��رى ‪ $200‬وحتى الآن ال ي�صل �أي�ض ��ا �إال ن�صف‬ ‫ه ��ذا المبلغ ‪ .$100‬هذا المبلغ للأ�س ��رى لي�س لعائالتهم وهو مبلغ زهيد ن�س ��بة لظروف‬ ‫المعي�شة في دولة االحتالل‪.‬‬

‫تقول ليلى‪ :‬ح�ض ��رني هنا كالم م�ض ��حك مبكي الم‬ ‫احد الأ�س ��رى عندما علمت بحملة الت�ض ��امن الأخيرة‬ ‫حيث قالت‪�“ :‬أي الحمد هلل ياربي انو خبروهون”‬ ‫ال اع ��رف �إذا كان اهتمام الأم بابنها بعد ع�ش ��رين‬ ‫عاما من العذاب والحرمان ومنحه القليل من الحنان‬ ‫�سينفع؟ او �سيكون دليال يثبت عدم �صحة االدعاءات‪،‬‬ ‫ف ��ي حي ��ن ل ��م يك ��ن يطلب ط ��وال ه ��ذه ال�س ��نوات �إال‬ ‫االعتراف به وتذكره وموا�ساته في �أ�سو�أ الأحوال‪ ،‬ومع‬ ‫هذا نبلع الغ�ص ��ة ونقول ع�س ��ى �أن تك ��ون هذه الحملة‬ ‫بداية لن�ش ��اط وفعاليات ال تنتهي �إال بخروج الأ�س ��رى‬ ‫من معتقالتهم‪.‬‬ ‫م ��ن المبك ��ر تقيي ��م ه ��ذه الفعالي ��ة لأنها ل ��م تنته‬ ‫بعد وال نعرف مدى ال�ش ��فافية المرافق ��ة لعملية جمع‬ ‫التبرعات وما �إلى هنالك‪ ..‬هذه نقطة‪ ،‬النقطة الثانية‬ ‫مع انه من المهم �أن تكون هذه الحملة �ش ��عبية لتحفيز‬ ‫الر�أي العام وتذكير المواطن ال�سوري بق�ضية الأ�سرى‬ ‫ب�ش ��كل خا�ص والجوالن ب�ش ��كل عام‪ ،‬ولكن من الأهم �أن تكون هنالك خطوات موازية لها‬ ‫وعلى م�ستوى عال من قبل ال�سلطة‪.‬‬ ‫نعم الو�ض ��ع المادي لأهالي الأ�سرى بهذا ال�س ��وء‪ ،‬والحكومة لم تقدم غير القليل من‬ ‫الم�ساعدات المادية لأهالي الأ�سرى‪.‬‬ ‫ممكن �أن ننظر �إلى ال�س�ؤال والجواب بهذه ال�سطحية ولكن الأمر �أعمق من ذلك بكثير‬ ‫لأنه لي�س من ال�س ��هل على �أهالي الأ�س ��رى والأ�سرى التكلم وال�شكوى من الو�ضع المادي‪،‬‬ ‫وكوني محايدة قليال ا�س ��تطيع التكلم بحرية رغم �أنني �أعلم �أن ق�سم ًا من �أهالي الأ�سرى‬ ‫�سيغ�ض ��بون مني‪ .‬الو�ضع االقت�صادي لأهالي الأ�س ��رى ولكثير من مواطني الجوالن هذه‬ ‫االيام �ص ��عب‪ ،‬م�ص ��روف الأ�س ��ير خالل فترة �أ�س ��ره يقع على عاتق �أهله وعليهم تحويل‬ ‫المبالغ الالزمة لهم �ش ��هري ًا‪ ،‬هذا من جهة‪ ..‬ومن جهة ثانية وهي الأهم �أن الأ�س ��ير بعد‬ ‫خروجه من المعتقل بعد كل هذه ال�س ��نوات م�ض ��طر الن يبد�أ حياته من ال�ص ��فر‪ ،‬فعدا‬ ‫عن اال�ستقبال الفرح والدعم المعنوي من الأهالي ال يتلقى الأ�سير �أي دعم �آخر‪ ،‬ويجب‬ ‫الأخ ��ذ بعي ��ن االعتبار �أن الأ�س ��ير الذي يخرج بع ��د ‪� 12‬أو ‪� 20‬أو ‪ 27‬عام ًا من الأ�س ��ر يجد‬ ‫�ص ��عوبة �ش ��ديدة في الت�أقلم وت�أمين العمل وت�أمين لقمة العي�ش‪ ،‬غالب ًا ما يخرج الأ�س ��ير‬ ‫منهك ًا ويعاني من م�ش ��اكل �ص ��حية‪� ،‬إن �أقل م ��ا على وطنه ومجتمعه �أن يقدم له م�س ��كن ًا‬ ‫يليق به و�إن لم يكن فر�صة عمل منا�سبة فمبلغ ًا منا�سب ًا ي�ستطيع �أن يبد�أ به من جديد‪.‬‬ ‫ايمن ابو جبل يقول‪“ :‬ك�أ�س ��ير �س ��ابق �أم�ضى اثنتي ع�شر عاما من عمره داخل �سجون‬ ‫االحتالل الإ�س ��رائيلي‪ ،‬وكنا�ش ��ط من داخل الأر�ض ال�س ��ورية المحتلة في الجوالن‪ ،‬كنت‬ ‫�أتمنى �أن ال يترافق تفعيل ال�ش ��ارع ال�سوري‪ ،‬والمواطن ال�سوري الب�سيط‪ (،‬وهذا مطلوب‬ ‫جدا ) ب�أي طلب منه لتقديم العون والم�ساعدة المادية للأ�سير �أو ذويه‪ ،‬نحن ال نتحدث‬ ‫عن دعم مادي فقط ت�س ��تطيع الحكومة وب�س ��هولة جدا من توفيره وزيادته للأ�سير داخل‬ ‫المعتقل عبر ال�ص ��ليب الأحم ��ر الدولي‪ ،‬نحن ال نطلب �أن تكون �أ�ش ��كال الدعم فقط في‬ ‫الجانب الإعالمي والمادي والمعنوي‪ ،‬نحن ال نتوقع �أ�صال �أن تبادر الهيئات االقت�صادية‬ ‫والإعالمية والتجارية‪�،‬إلى م�س ��اعدة �سكان الجوالن ماديا من خالل اقتطاع مبلغ ب�سيط‬ ‫جدا من جيبة المواطن ال�سوري‪ ،‬ربما يكون هو �أحوج �إليها منا‪ ،‬نحن هنا نطالب ونتمنى‬ ‫ونحل ��م ويحق لن ��ا �أن نحلم بالطبع‪� ،‬أن تر�ص ��د الأم ��وال والميزانيات م ��ن كافة الهيئات‬ ‫الحكومي ��ة وال�ش ��عبية والنقابي ��ة والثقافية والريا�ض ��ية والتجارية‪ ،‬واللج ��ان والجمعيات‬ ‫والمنتديات ال�ش ��عبية‪ ،‬لتعزيز �ص ��مود الأهل ف ��ي الأر�ض المحتلة عل ��ى اختالف فئاتهم‪،‬‬ ‫الأ�س ��رى هم جزء واحد ووا�س ��ع‪ ،‬والمعلمين هم ج ��زء‪ ،‬والمزارعين هم ج ��زء‪ ،‬والعمال‬ ‫والتجار‪ ،‬والن�ساء‪ ،‬والأطفال‪ ،‬والأوقاف الدينية‪ ،‬والم�ؤ�س�سات القائمة المهنية وال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعي ��ة والثقافي ��ة هي جزء‪ ،‬هذه الأج ��زاء هي الجوالن كله‪ ،‬وجميعه ��ا تحتاج �إلى‬ ‫الدعم والم�س ��اعدة‪ ،‬لي�س بم�س ��اعدات تدفع لهم ب�شكل عيني عن طريق ال�صليب الأحمر‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الدول ��ي �أو عن طريق العا�ص ��مة الأردنية عمان �أو بتحويالت بنكية‪ ،‬لي�س هذا المق�ص ��ود‬ ‫ب�أ�ش ��كال الدع ��م‪ ،‬نح ��ن نطالب ب�ض ��مان برامج ت�أهيل للأ�س ��رى المحررين من �س ��جون‬ ‫االحتالل البالغ عددهم حوالي ‪� 400 -350‬أ�سير محرر ام�ضوا فترات مختلفة في ال�سجون‬ ‫اال�سرائيلية تراوحت فترة حكمهم بين ال�سنة و�سبعة وع�شرين �سنة‪ ،‬عدا عن الآالف من‬ ‫المعتقلي ��ن الذين اعتقلتهم قوات االحتالل‪ ،‬للتحقيق �أو اعتقاالت �إدارية واقامات جبرية‬ ‫لفترات طويلة‪ .‬م�س ��اعدات ت�ض ��من لهم لقمة عي�ش حرة كريم ��ة‪ ،‬لهم ولعائالتهم‪..‬وبناء‬ ‫م�ش ��اريع‪ ،‬تعو�ض العمال والفالحين عن خ�س ��ائرهم �أمام مناف�س ��ة �أرباب العمل والتجار‬ ‫الإ�س ��رائيليين و�إقام ��ة م�ؤ�س�س ��ات تربوية خا�ص ��ة لطالبن ��ا وطالباتنا وريا� ��ض الأطفال‪،‬‬ ‫تواجه �سيا�س ��ة “ غ�س ��يل الدماغ” التي تمار�سها الأجهزة الإ�سرائيلية تجاه �أبناءنا‪ ،‬وبناء‬ ‫جهاز �ص ��حي بكادر جوالني م�ؤهل‪ ،‬وهوموجود ومتوفر‪ ،‬يتنقل في العمل بين الم�ؤ�س�س ��ات‬ ‫الإ�سرائيلية وور�ش البناء‪ ،‬وتخ�صي�ص مراكز ثقافية وتربوية وترفيهية‪.،‬‬ ‫نع ��م هناك �إهم ��ال‪ ،‬نقولها بالفم الملآن‪ ،‬وبمرارة تكاد تقتلن ��ا‪ ،‬الوطن هو �أم غالية‬ ‫ومقد�س ��ة علينا‪ ،‬لكن حين تخت�صر الأم واجبها تجاه �أبناءها بتوفير الطعام فقط‪ ،‬فان‬ ‫هذا االبن‪� ،‬س ��يحمل مرارة في نف�س ��ه‪ ،‬ونحن �أبناء كنا وما زلنا مخل�صين و�أوفياء لدماء‬ ‫ال�ش ��هداء والعظماء الذين �ص ��نعوا لهذا الوطن عزته‪ ،‬نحن �أ�صحاب عزة نف�س عالية‪ ،‬ال‬ ‫نطلب ال�صدقة نطلب الإن�صاف والعدل‪ ،‬كيف يكون ال�صمود �إذن دون �أن نعزز مقوماته‬ ‫وركائزه‪ ،‬حتى الآن هذا ال�ص ��مود العملي على ار�ض الواقع كان بف�ض ��ل الإيمان والإرادة‬ ‫وق ��وة الح ��ق والمطلب‪ ،‬وعمق االنتماء المقد�س لهذا الوط ��ن‪ .‬لكن هل يكفى ذلك ونحن‬ ‫�أمام تحديات الحياة‪ ،‬ولقمة العي�ش الحرة الكريمة‪ ،‬كيف نواجه الإغراءات التي تقدمها‬ ‫�إ�سرائيل لأجيالنا ولمجتمعنا‪ ،‬وهي كثيرة جدا‪ ،‬لدرجة �سي�صعب ت�صورها لمن هو بعيد‬ ‫عن الواقع من اجل تفريغه من محتواه‪ ،‬ودمجه بالقيم الإ�س ��رائيلية‪ ،‬والأفكار الم�سمومة‬ ‫التي تغزو مجتمعنا في عالم التكنولوجيا واالت�صاالت والعولمة‪.‬‬ ‫نعم هناك تق�ص ��ير‪ ،‬الأنا�ش ��يد والخطاب ��ات والم�ؤتمرات والماراثونات الريا�ض ��ية‪،‬‬ ‫والمعار�ض‪ ،‬وفتح الأ�س ��واق ال�س ��ورية �أمام المنتجات الزراعية‪ ،‬وتقديم منح درا�سية في‬ ‫جامع ��ات الوطن للطالب‪ ،‬ولقاء �أبناء الجوالن داخل الوطن ب�أعلى الم�س ��تويات‪ ،‬كل ذلك‬ ‫مطلوب‪ ،‬و�ض ��روري جدا‪ ،‬لكن هل هذا كله يكفي؟؟ هل ه ��ذا كله يلبي الحاجيات الوطنية‬ ‫نج ��رح ب�أحد‪ ،‬وال نوجه‬ ‫واالجتماعي ��ة للجوالن‪ ،‬نحن حين نتحدث عن تق�ص ��ير و�إهمال ال ّ‬ ‫الإهانة لأي �إن�س ��ان مهما كان‪ ،‬وال نحاول الم�س ب�أي �ش ��كل ب�س ��معة ومكانة احد‪ ،‬لكن من‬ ‫يزعج ��ه كالمنا ال�ص ��ريح والذي قلن ��اه ونقوله اليوم بعالنية وو�ض ��وح‪ ،‬عليه �أن يبحث عن‬ ‫�أ�سباب انزعاجه من كالمنا هذا ‪ .‬ال�سيد الرئي�س ب�شار الأ�سد قالها وبو�ضوح �أكثر من مرة‪،‬‬ ‫علينا �أن ننتقد‪ ،‬علينا �أن ن�ش ��ير �إلى الأخطاء والتق�ص ��يرات‪ ،‬علين ��ا �أن نحارب من يعرف‬ ‫ان ��ه على خط�أ ويرف�ض ت�ص ��حيح الخط�أ‪ ،‬وهذا الخط�أ ما زال متوا�ص�ل�ا‪ ،‬رغم التوجيهات‬ ‫الجديدة التي �صدرت �أكثر من مرة للهيئات المعنية في معالجة �ش�ؤون الجوالن‪.‬‬ ‫�ش ��عبنا في الجوالن ال�س ��وري المحتل‪ ،‬ومنا�ض ��ليه و�أحراره‪ ،‬لي�س ��وا مرتزقة‪ ،‬ولي�سوا‬ ‫م�أجورين‪ ،‬لدينا عزة نف�س ت�س ��مو وترتفع عن كل �أموال الدنيا‪ ،‬نعلم �أن هدف التبرعات‬ ‫هو لتعزيز ال�صمود‪ ،‬لكن لي�س في تقديم الم�ساعدة واقت�صار �أو اخت�صار الدعم لفئات‬ ‫ومجموعات‪� ،‬أكانوا �أ�سرى �أو ذوي �أ�سرى �أو معلمين‪� ،‬أو مزارعين‪ ،‬نحن نطالب بواجبات‬ ‫الدولة تجاه مواطنيها‪ ،‬ونطالب بحقوق م�شروعة لنا‪ ،‬حقوق �أن يكون لنا م�شاريع وخطط‬ ‫ت�ش ��مل جميع المت�ض ��ررين‪ ،‬ال اع ��رف بيتا واحد في الجوالن لم يت�ض ��رر اقت�ص ��اديا في‬ ‫الج ��والن‪� ،‬أقول هذا لأنه هناك حديث عن تقديم الدولة تعوي�ض ��ات مادية �إلى الأ�س ��رى‬ ‫المحررين الذين اعتقلوا و�س ��جنوا في الج ��والن‪ ،‬هذه �أمور جيدة‪ ،‬ومطلوبة جدا‪ ،‬لكنها‬ ‫�إن افتق ��دت �إلى �أدواته ��ا والياتها وترجماتها العملية المو�ض ��وعية بكل م�س� ��ؤولية ووعي‬ ‫وثقة ف�أنها �س ��تتحول �إلى ق�ض ��ية مدمرة جدا و�س ��ينتج عنها افرازات �سلبية كبيرة على‬ ‫كرامتنا وقد�سية ن�ضالنا والو�ضع ال�صحي للعديد من الأ�سرى يتطلب ر�صد �أموال كبيرة‬ ‫م ��ن اج ��ل” ترميمه “ وهذا حال معظم الأ�س ��رى في الجوالن‪ ،‬لكن مرة �أخرى �أ�ش ��كال‬ ‫الدع ��م يجب �أن ت�س ��ير وفق برنامج وا�ض ��ح والية عمل وا�ض ��حة‪،‬دون الأخذ في االعتبار‬ ‫م�س ��الة ال ��والءات واالنتماءات الفكري ��ة وال�سيا�س ��ية المختلفة‪ ،‬الن ذلك ال ي�س ��اهم في‬ ‫تعزيز ال�صمود و�إنما ي�ساهم في قتل الروح والإرادة‪ ،‬والحب والإخال�ص والت�ضحية‪ ،،‬ما‬

‫نطالب به هي تخ�ص ��ي�ص الدعم من اجل اال�ستمرارية والتوا�صل‪ ،‬بين �شعب يرزح تحت‬ ‫االحت�ل�ال ووطن كامل‪ ،‬لخلق بدائل وطنية محلية عن الو�ض ��ع القائم في ظل االحتالل‪،‬‬ ‫ت�ضمن لكل المت�ضررين حقوقهم وواجباتهم بال�شكل الذي يلبي الم�صلحة الوطنية التي‬ ‫يجب �أن تبقى فوق كل اعتبار واعتبار‪.‬‬ ‫�أجماال ال يوجد هناك �أي عائلة من ذوي الأ�سرى بحاجة �إلى �صدقات �أو م�ساعدات‬ ‫ي�س ��اهم فيها المواطن ال�سوري داخل الوطن �أو المواطن ال�سوري في الجوالن‪،‬من جيبه‬ ‫الخا�ص‪� .‬أو�ضاع ذوي الأ�سرى االقت�صادية لي�ست بهذا التدهور الحاد‪،‬لكن هناك هموم‬ ‫في الحياة تنتظر �أبناءهم بعد تحررهم من تامين الم�س ��كن ومكان عمل وم�شروع يعيله‬ ‫ويعيل �أ�س ��رته ليعو�ض ما فقده من �أجمل �سنوات عمره‪ ،‬وخا�صة عند الحديث عن �أولئك‬ ‫الذي ��ن دخل ��وا فتيانا وخرجوا في �س ��نوات االربعيي ��ن من �أعمارهم‪ .‬وخا�ص ��ة ان ذوي‬ ‫الأ�س ��رى يتحملون العبء الأكبر ف ��ي توفير الدعم المادي البناءه ��م داخل المعتقالت‪،‬‬ ‫وي�س ��اهم المواطن ��ون بين فت ��رة وفترة من خالل جم ��ع التبرعات لتغطي ��ة “ الكانتين”‬ ‫للأ�س ��رى الع ��رب �إجم ��اال ولأ�س ��رى الج ��والن‪ ،‬ان كان ذلك دع ��م عيني م ��ادي �أم دعم‬ ‫بالألب�سة والغذاء الم�سموح به ‪ .‬وت�ساهم الحكومة ال�سورية في توفير مبلغ ‪ 100-50‬دوالر‬ ‫�شهريا منذ �سنوات ي�ستلمها ال�سجين عبر ال�صليب الأحمر الدولي‪ ،‬هذا الدعم يجب ان‬ ‫ي�ستمر لي�س من منطلق الحاجة اليه بقدر ما هو الحاجة الى تر�سيخ ال�شعور بان الأ�سرى‬ ‫وذويهم لي�س ��وا وحدهم في المعركة مع االحتالل و�إنما هناك دولة وقيادة و�ش ��عب يقف‬ ‫ورائهم معنويا و�سيا�سيا‪”.‬‬ ‫�أم ��ا الأ�س ��ير المحرر هاي ��ل فيقول‪� ”:‬إنن ��ي �أقيم ايجابي ��ا كل من يتعاطى مع ق�ض ��ية‬ ‫الجوالن العامة وخا�ص ��ة ق�ض ��ية الأ�سرى‪� ،‬ص ��حيح انه يوجد �أالن �إحدى ع�شر �أ�سيرا في‬ ‫معتقالت العدو‪ ،‬وقد �أم�ضى بع�ضهم ع�شرين عاما‪ ،‬يعانون الكثير داخل المعتقالت‪،‬لكن‬ ‫هن ��اك المئ ��ات من الذي ��ن اعتقلوا وعا�ش ��وا نف�س الم�ص ��ير وبظروف قد تكون �أ�ص ��عب‬ ‫خ�صو�ص ��ا �أولئك الذين اعتقلوا في �أواخر �س ��نوات ال�س ��تينيات و�أوائل ال�س ��بعينيات‪ .‬ان‬ ‫التاريخ لم يبد�أ من اليوم‪ ،‬والن�ض ��ال والمقاومة لم لن تنتهي‪�،‬أما االهتمام بكل الجوالن‪،‬‬ ‫باعتقادي هذا االهتمام هو من واجب ال�سلطة الر�سمية ويجب ان يكون معنويا بالدرجة‬ ‫الأولى‪ ،‬ولي�س ماديا فقط‪ ،‬ويجب ان يكون دائم وم�ستمر ولي�س مو�سميا‪ ،‬لذلك ال ت�ستطيع‬ ‫ال�شركات الخا�صة‪ ،‬القيام بهذا الدور ب�شكل دائم‪.‬‬ ‫لقد لوحظ اهتمام اكثر من قبل ال�سلطة الر�سمية ب�أ�سرى الجوالن بعد ا�ست�شهاد المنا�ضل‬ ‫هايل ح�سين ابو زيد‪ ،‬وتغطية حدث اال�ست�شهاد ب�شكل كبير من قبل و�سائل الإعالم العربية‬ ‫االخرى بعدها بدا الإعالم ال�سوري يهتم بالجوالن وبالأ�سرى ب�شكل ملحوظ‪”.‬‬ ‫لم يفكر �أي منا�ض ��ل م ��ن �أبناء الجوالن قبل ان يقوم بفع ��ل المقاومة بالأمر المادي‪،‬‬ ‫وعندما ي�س ��تعد �أي �إن�س ��ان ان يدفع حياته في �س ��بيل الق�ض ��ية الوطنية ال يفكر‪ ،‬بالعائد‬ ‫الم ��ادي مطلقا‪.‬لقد كان ��ت المقاومة في المراحل الأولى بعد االحتالل ت�أخذ �ش ��كل تتبع‬ ‫قوات العدو ور�ص ��د تحركاته ونقل المعلومات المتوفرة الى ال�س ��لطة الوطنية لال�ستفادة‬ ‫منه ��ا‪ ،‬وتطل ��ب ذل ��ك عبور خط وقف اط�ل�اق النار ذهاب ��ا وايابا عدة م ��رات‪ .‬متحدين‬ ‫الخط ��ر‪ ،‬وقد ا�ست�ش ��هد المنا�ض ��ل عزت �ش ��كيب رابو جبل في ليل ��ة ‪،1973/1/28-/27‬‬ ‫عندما تعر�ض الى كمين �ش ��رقي مجدل �ش ��م�س‪ ،‬وا�ست�ش ��هد المنا�ض ��ل نزيه ابو زيد في‬ ‫تاريخ ‪ ،1976/12/27‬عندما انفجر فيه لغم اثناء عبوره خط وقف اطالق النار وبحوزته‬ ‫معلومات ع�س ��كرية وامنية مهمة‪ ،‬وا�ست�ش ��هد المنا�ض ��ل فايز محمود في ‪،1989/11/23‬‬ ‫في ا�ش ��تباك مع قوات العدو في جبل ال�ش ��يخ عندما كان يق ��وم بواجبه الوطني المقد�س‬ ‫في نقل معلومات هامة جدا الى الأجهزة االمنية في الوطن‪ ،‬وا�ست�ش ��هدت غالية فرحات‬ ‫�أثن ��اء تفريق �إحدى المظاهرات التي خرجت �ض ��د االحتالل ف ��ي قرية بقعاثا في تاريخ‬ ‫‪ . 1987/3/8‬كل تل ��ك الت�ض ��حيات‪ ،‬من اعتقاالت وا�ض ��طهاد المواطنين‪ ،‬واال�ست�ش ��هاد‬ ‫قدمت بطيب خاطر الن الوطن �أغلى من كل الت�ضحيات‪.‬‬ ‫امابخ�ص ��و�ص الو�ضع االقت�صادي فهو مت�أثر بالو�ضع االقت�صادي العام في ا�سرائيل‪،‬‬ ‫فهناك غالء �أ�سعار‪ ،‬تقابله بطالة كبيرة‪ ،‬وتدهور في المردود االقت�صادي الأول‪ ،‬القطاع‬ ‫الزراع ��ي‪ ،‬الذي يعتبر العماد الأ�سا�س ��ي القت�ص ��اد �أبن ��اء الجوالن‪ ،‬مع الإ�ش ��ارة �إلى �أن‬ ‫متطلبات المعي�شية اليومية مكلفة عندنا جدا‪.‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫ويتوج ��ه عماد مرع ��ي �إلى القائمي ��ن على هذه الفعالية بال�ش ��كر فيقول‪ :‬كل ال�ش ��كر‬ ‫للقائمي ��ن على هذه الفعالية‪ ،‬فقد �أحرزت نجاح ��ا كبيرا و�أثرت في نفو�س �أبناء الجوالن‬ ‫كافة وذوي الأ�سرى خا�صة لما كان لهذا الم�شهد من روعة وجمال ولقد تزامن الماراتون‬ ‫في دم�ش ��ق مع ماراتون م�ش ��ابه ف ��ي الجوالن تعبيرا وتج�س ��يدا لوحدة الح ��ال بيننا وان‬ ‫فرقتنا حدود م�صطنعة‪.‬‬ ‫�إن العالقة مع الوطن‪ ،‬كما ذكرت �سابقا‪ ،‬قد ات�سمت ما بين مد وجزر بجمود وبحركة‬ ‫وكان ه ��ذا الأمر مرتبط بت�أثيرات لي�س ��ت فقط محلية على م�س ��توى الجوالن المحتل �أو‬ ‫الداخ ��ل ال�س ��وري‪ ....‬وهن ��ا �أريد الإ�ش ��ارة �إلى �أن ترتي ��ب وتنظيم الأمور على ال�س ��احة‬ ‫الجوالنية تعك�س نف�سها ايجابيا على التعامل الر�سمي في الوطن مع ق�ضايا الجوالن ‪...‬‬ ‫الو�ض ��ع االقت�صادي يختلف من �أ�سرة لأ�سرة‪ .‬ولكن يجب �أن نو�ضح هنا �أن الأهم من‬ ‫جمع التبرعات الذي يقام من قبل جهات معينة �أو م�ؤ�س�سات ر�سمية و�شعبيه في وطننا‪،‬‬ ‫الأه ��م هو البعد المعنوي تعبير للت�ض ��امن مع �أ�س ��رانا في المعتقالت‪ .‬ل ��م يكن �أبدا من‬ ‫طلب خا�ص من قبل الأ�سرى وذويهم وهذا �أمر طبيعي تت�سم فيه ثقافتنا العربية‪ ،‬الأهم‬ ‫هو الت�ضامن المعنوي علما �أن حكومتنا ال�سورية تقدم معا�شا �شهريا لكل من يحاكم من‬ ‫قبل العدو ال�صهيوني ي�صل لذويه عبر ال�صليب الأحمر‪...‬‬ ‫عظام كوهين‪�..‬شايلينها للزنقة!!‬ ‫حول عظام الجا�سو�س الإ�سرائيلي كوهين‪ ،‬وحيوات الأ�سرى في �سجون االحتالل‪ ،‬ثار‬ ‫في الفترة الأخيرة لغط كبيرة في ال�س ��احة الجوالنية‪ ،‬موقع بانيا�س الذي تديره ال�سيدة‬ ‫ليلى ال�صفدي‪ ،‬يت�ضمن الت�صويت التالي‪:‬‬ ‫“ ر�أيك حول مبادلة جثة كوهين بالأ�سرى ال�سوريين”‪...‬وحتى �إعداد هذا المو�ضوع‪،‬‬ ‫كانت النتائج‪:‬‬ ‫‪459( %34،88‬م�صوتين) ‪ :‬هذا من �ش�أن القيادة في الوطن وال يحق لنا التدخل‬ ‫‪ 500( %47،80‬م�صوتين) ‪ :‬هذا �ش�أننا ويحق لنا التدخل ومحاولة ال�ضغط‬ ‫فيما اعتبرت بقية الأ�صوات “�أن هذا �ش�أن الأ�سرى و�أهاليهم فقط”‪.‬‬ ‫تقول ليلى‪“ :‬ربما ال�ض ��جة الإعالمي ��ة المحلية وردة الفعل القوي ��ة من بع�ض الجهات‬ ‫هن ��ا في الجوالن على ه ��ذه المبادرة تجعل الحديث عنها �ص ��عب ًا وحذر ًا‪ ،‬ولكني �س� ��أقول‬ ‫ر�أيي والذي ال ي�س ��تند �إال على �إح�سا�سي ال�شخ�صي ومعرفتي المتوا�ضعة‪� ،‬أنا �أرى �أن هذه‬ ‫ال�صفقة منا�س ��بة جد ًا و�أ�ستغرب لماذا لم تتم منذ زمن‪ ،‬ونحن م�ضطرون لل�س�ؤال لماذا‬ ‫االحتفاظ بهذه العظام والى متى؟!! وهل تعتقد بع�ض الجهات �أن لهذه العظام قيم ًة �أكبر‬ ‫من ذل ��ك بكثير‪ ...‬تحرير الجوالن مث ًال!!!! �أو ربما “�ش ��ايلينها للزنق ��ة‪� ”!!....‬أتمنى �أن‬ ‫ن�سمع جواب ًا على هذه الأ�سئلة من �أحد الم�س�ؤولين‪ ،‬ربما يكون جوابهم مقنع ًا ‪ ..‬ال �أدري‪..‬‬ ‫ربما‪ .‬وقد �س�أل ال�شهيد هايل �أبو زيد هذا ال�س�ؤال قبل وفاته وحتى الآن ما من مجيب‪.‬‬ ‫ن�ش ��طاء الجوالن منق�سمون حول هذه الق�ض ��ية والتي �أثارت �ضجة كبرى هنا‪� ..‬ضجة‬ ‫انتهت �إلى �شبه �إخماد للأ�صوات المطالبة بهذه المقاي�ضة باعتبار �أنها من �ش�أن القيادة‬ ‫في الوطن ال غير”‪.‬‬ ‫وي ��رى ايمن ابو جبل �أنه “�أوال ق�ض ��ية الجا�س ��و�س اال�س ��رائيلي “ ايل ��ي كوهين” هذه‬ ‫ق�ض ��ية دولة �إنها ق�ضية �سيا�س ��ية من الدرجة الأولى تخ�ص الحكومة والقيادة ال�سورية‪،‬‬ ‫وهي �صاحبة الحق الأوحد في البت بها مع حكومة االحتالل �أو مع �أي جهة دولية �أخرى‪،‬‬ ‫بمعنى �أننا في الجوالن المحتل نا�ش ��طين و�أ�س ��رى وذوي �أ�س ��رى �أو م�ؤ�س�س ��ات ولجان ال‬ ‫نمل ��ك ال�ص�ل�احية وال الق ��درة للبت ف ��ي هذا المو�ض ��وع‪� .‬إال �أنن ��ا حين نطال ��ب الدولة‬ ‫بممار�س ��ة م�س�ؤولياتها تجاه الأ�سرى ف�إننا نطالب �أوال في ا�ستثمار كل الفر�ص ال�سيا�سية‬ ‫والقانونية والعالقات ال�س ��ورية الدولية من اجل ت�أمين الإفراج عن �أ�س ��رانا من �س ��جون‬ ‫االحت�ل�ال‪ .‬هن ��اك فر�ص �سيا�س ��ية كثير تم تفويتها م ��ن قبل الأجهزة ال�س ��ورية المعنية‬ ‫�أبرزها �ص ��فقة تحرير الأ�س ��رى بين المقاومة الإ�س�ل�امية ح ��زب اهلل والدولة العبرية‪،‬‬ ‫وهناك ق�ضايا الت�س ��ويات الأمريكية ال�سورية الأمريكية‪ ،‬وعالقات الحكومة ال�سورية مع‬ ‫االتحاد الأوربي‪ ،‬وهناك م�صر التي لعبت في وقت �سابق دور و�سيط من اجل الإفراج عن‬ ‫�أ�س ��رى فل�سطينيين‪ ،‬بعد طلب ال�س ��لطة الفل�سطينية منها ذلك‪� .‬إ�ضافة �إلى ملف الجنود‬

‫الإ�س ��رائيليين في ال�س ��طان يعقوب �أثن ��اء العدوان عل ��ى لبنان‪ ،‬ملف رون �أراد م�س ��اعد‬ ‫الطيار الإ�سرائيلي ولن اذكر عمليات التبادل ال�سابقة‪ ،‬والفر�ص الكثيرة التي غيب عنها‬ ‫�أ�سرانا ال�سوريون في المعتقالت منذ �سنوات طويلة‪.‬‬ ‫ال نطل ��ب العمل م ��ن اجل انتزاع حرية �أ�س ��رانا ب� ��أي ثمن‪ ،‬فهم ط�ل�اب حق وحرية‪،‬‬ ‫يعون �أنه من اجل الحرية هناك �ضريبة غالية علينا وعليهم‪،‬و�إنما انتزاع حريتهم �أ�صبح‬ ‫مطلبا وهما وق�ضية بعد مرور ع�شرين عاما على اعتقالهم في ال�سجون الإ�سرائيلية‪ ،‬هم‬ ‫لي�س ��وا �ضعفاء �أبدا‪ ،‬ن�ستمد قوتنا منهم ومن �إرادتهم و�صمودهم ‪ .‬االعتقال في الجوالن‬ ‫هو ظاهرة ن�ض ��الية و�إن�سانية و�أخالقية من الدرجة الأولى‪ ،‬المطالبة في العمل من اجل‬ ‫انتزاع حريتهم هي ق�ض ��ية ت�ص ��ب في تعزيز ال�ص ��مود‪ ،‬وتفعيل ذواتنا‪ ،‬وك�سب حياتهم‬ ‫م ��ن جديد‪ ،‬لي�س من المعقول �أبدا �أن يبقى �أ�س ��ير مقاوم ع�ش ��رين عاما داخل �س ��جون‬ ‫المحتلين ومن ورائه دولة و�شعب وحكومة فهذا �أمر ي�ستحق ال�شفقة على واقعنا و�أحيانا‬ ‫الخج ��ل‪ .‬ن�س ��تطيع �إخراجهم من المعتقل وبر�أيي �إن جثة الجا�س ��و�س الإ�س ��رائيلي ورقة‬ ‫�ض ��غط بيد حكومتنا ال�سورية‪ ،‬مقابل ك�سب حياة وحرية ع�شرات ومئات الأ�سرى العرب‬ ‫وتحريره ��م من �س ��جون االحت�ل�ال‪� ،‬إذ انه ال يعيبن ��ي �أن تحررني حكومت ��ي ودولتي من‬ ‫المعتقل وتنتزع حريتي رغم انف المحتلين حتى وان كان المقابل �إعادة رفات جا�س ��و�س‬ ‫اعتدى على �ش ��عبنا وكرامتنا قبل �أكثر من �أربعة و�أربعين عاما‪ ،‬لأنني مقتنع �أن جثته لن‬ ‫تبقى �إلى الأبد مدفونة في التراب ال�سوري‪� ،‬سي�أتي يوم وتعاد جثته �إلى ذويه والى دولته‬ ‫التي ما زالت تطالب به وت�ضغط ب�شتى الو�سائل على الحكومة ال�سورية من اجل �إعادته‪،‬‬ ‫فان كانت �ستعاد فلماذا ال تعاد اليوم ويك�سب �أبناءنا و�أ�سرانا العرب من �أبناء فل�سطين‬ ‫عام ‪ 1948‬و�أبناء القد�س و�أ�س ��رى لبنان والأ�سرى ال�سوريين من الجوالن المحتل‪� ،‬أولئك‬ ‫الذين ال �أمل بانتزاع حريتهم �إال ب�صفقة �سيا�سية كبرى تجبر �إ�سرائيل على القبول بها‪،‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫لتجنب جنازة �أخرى وتابوت �أخر‪ ،‬ومرارة �أخرى من حق �أ�س ��رانا �أن يتمتعوا بالقليل من‬ ‫ما تبقى لهم من �سنوات في كنف ذويهم وفي ح�ضن �شعبهم قبل فوات الأوان‪.‬‬ ‫فيم ��ا يرى هايل �أنه‪“ :‬منذ فت ��رة طويلة‪ ،‬تقوم عائلة الجا�س ��و�س ايلي كوهين بعر�ض‬ ‫ق�ض ��يته على و�س ��ائل الإع�ل�ام اال�س ��رائيلية‪ ،‬والعالمية‪ ،‬ف ��ي الآونة الأخي ��رة قامت ابنة‬ ‫كوهين بزيارة مجدل �ش ��م�س تبحث عن و�س ��يلة تو�صلها �إلى �س ��لطاتنا الوطنية‪ ،‬لم تجد‬ ‫�ض ��التها طبعا‪ ،‬خالل النقا�ش مع احد العنا�ص ��ر الوطنية علمت ابنة كوهين وكما تدعي‬ ‫�إنه ��ا لأول مرة تعرف �أن هناك �أ�س ��رى م ��ن �أبناء الجوالن لذلك ق ��ررت‪� ،‬أن تقترح على‬ ‫حكومتها العمل على �إطالق �س ��راح ه�ؤالء لقاء �إعادة عظام والدها‪ ،‬وقامت بزيارة ا�سر‬ ‫بع�ض الأ�س ��رى المعتقلي ��ن‪� ،‬إن هذه المبادرة هي مبادرة ذاتية‪ ،‬قامت بها بالتن�س ��يق مع‬ ‫المخابرات الإ�س ��رائيلية ح�سب تقديري‪ ،‬وال عالقة لأي من �أبناء الجوالن‪ ،‬بهذه الخطوة‬ ‫حت ��ى �أولئك الذين التقتهم ابنه كوهين‪ ،‬وهي خطوة م�ش ��بوهة وال توجد �أي نية لأي من‬ ‫�أبن ��اء الجوالن لدعم هذه المبادرة �أو االهتمام بها‪ .‬ولكن ال بد من التنويه هنا ان عائلة‬ ‫كوهين وكبار الم�س ��ئولين ال�ص ��هاينة تروج دائما‪� ،‬إن �سوريا �سوف ت�ستجيب لل�ضغوطات‬ ‫الأمريكي ��ة وتعيد جثة كوهين لذا ارت� ��أى بع�ض �أبناء الجوالن‪ ،‬انه من المفيد التذكير �أن‬ ‫تطالب �س ��وريا ب�إطالق �سراح �أبناءها مقابل ذلك �إذا تم‪ ،‬ولكن �أكثرية �أبناء الجوالن �إن‬ ‫لم يكن كلهم تعتقد �أن هذا الأمر بيد �س ��لطاتنا الوطنية‪ ،‬وال يحق لأي من �أبناء الجوالن‬ ‫او غيرهم �أن يقر ما هو الأف�ضل ورغبتنا الأكيدة �أن ت�صمد �سوريا بوجه كل ال�ضغوطات‬ ‫الممار�سة عليها من �أي جهة كانت”‪.‬‬ ‫ويتف ��ق معه عم ��اد �إلى حد ما‪“ :‬هذا ال�ش� ��أن هو �ش� ��أن القيادة في الوط ��ن وهي الجهة‬ ‫الر�س ��مية والوحي ��دة المخولة بفتح �أو بالتعاطي مع هذا الملف‪ .‬نح ��ن نقبل ب�أي حل تبادر‬ ‫�إلي ��ه حكومتنا فهي الممثل الوحيد لأهالي الجوالن في الوطن الأم �س ��وريا‪ ...‬ولما ورد في‬ ‫طالما بد�أنا بالرك�ض فربما �سن�صل يوما؟‬ ‫�ص ��حافة دولة االحتالل ما ورد من تزيي ��ف متعمد للحقائق �أظهرت فقط الجانب الخا�ص‬ ‫قبل فكرة الماراثون و�ش ��عار ارك�ض من �أجل الجوالن‪..‬ت�شكلت لجنة ب�إيعاز من رئي�س‬ ‫بم�صالحهم واخفت الجانب الحقيقي لما ح�صل حيث طرد ورف�ض الأ�سرى ال�سوريين في‬ ‫المعتقالت الحوار مع ابنة الجا�س ��و�س كوهين و�أو�ص ��لوا لها ر�س ��الة وحيدة وهي �أن الجهة الجمهورية لالهتمام بق�ضايا الجوالن و�أ�سراه‪� ،‬إلى �أي حد يمكن لمثل هذه اللجان خدمة‬ ‫المخول ��ة والممثلة لهم هي القيادة في الوطن وهي فقط �ص ��احبة القرار‪ ...‬وقد تابع هذا ق�ضية الجوالن؟‪ ،‬خطوة اختلف الر�أي حولها ‪..‬‬ ‫يق ��ول ايمن ابو جبل “رحم اهلل الأ�س ��ير ال�ش ��هيد هايل �أبو زيد‪ ،‬ال ��ذي في مماته �أعاد‬ ‫الحدث ذوو الأ�سرى في الجوالن وقد رف�ضوا ا�ستقبال ابنة كوهين �أو التعاطي معها‪ .‬الر�ؤية‬ ‫واح ��دة‪ :‬الأمر من اخت�ص ��ا�ص الجهات الم�س� ��ؤولة ف ��ي الوطن وهي �ص ��احبة القرار الأول جز ًءا من الوعي والإدراك والح�س بالم�س� ��ؤولية في ق�ض ��ية الجوالن الوطنية‪ ،‬كنت برفقة‬

‫والأخي ��ر ونحن نرف�ض �أن ت�س ��تغل معاناتنا ومعاناة �أ�س ��رانا وذويهم لتنفيذ م�ش ��اريع على‬ ‫ح�ساب وطننا وم�صلحته‪ .‬ما تراه حكومتنا منا�سبا في هذا الملف هو المقبول علينا‪.‬‬ ‫�أما يا�س ��ر خنجر المت�ألم دائما ‪..‬فيقول “�أنا �أرى �أن القرار في دم�شق وحدها‪ ,‬ولكن‬ ‫لنا كامل الحق بال�س� ��ؤال والت�س ��ا�ؤل عن م�ص ��ير رفاقنا‪ ،‬ال نهتم بالدرجة الأولى برفات‬ ‫كوهي ��ن “رغ ��م �أني ال �أج ��د �أي فائدة من االحتفاظ بها اكثرمن �إطالق �س ��راح �أ�س ��رانا‬ ‫الذين ما زالوا منذ ‪� 20‬س ��نه ينتظرون لحظة عناقهم لأمهاتهم‪� 20 ،‬س ��نه لم يعانق احد‬ ‫منه ��م �أمه”‪ ،‬ولكن �إذا كان �أ�ص ��حاب القرار يرغبون �أن يحتفظ ��وا بعظامه لغاية �أخرى‬ ‫عليهم �أن يقدموا بديال لإطالق �س ��راح الأ�س ��رى وان كانت هذه العظام �ستعاد يوما �إلى‬ ‫دول ��ة االحتالل فالأف�ض ��ل �أن يكون ذلك �أالن لأننا نخت�ص ��ر الكثير م ��ن المعاناة والألم‬ ‫وربما ال�ش ��هداء‪ ،‬ما �أخ�ش ��اه هو �أن تعاد هذه العظام �إلى دولة االحتالل حتى دون مقابل‪،‬‬ ‫�إن القرار في دم�ش ��ق يتعر�ض لهجوم مرعب من حلفاء �إ�س ��رائيل ونخ�ش ��ى �أن يطال هذا‬ ‫الهجوم عظام كوهين �أي�ض ��ا فتعاد ويتم ن�س ��يان الأ�سرى “كما هي العادة”‪ ،‬نحن بحالة‬ ‫قل ��ق دائم لما يحدث في مركز القرار في وطننا وال يعني اهتمامنا بتحرير اال�س ��رى �أن‬ ‫يكون من بعده الطوفان ولكننا ال نرى �أي مبرر لمتابعة م�س ��ار ا�ست�ش ��هادهم حين نملك‬ ‫ما قد يعيد لهم الحرية‪ ،‬نحن نريدهم �أحياء بيننا ال ال ال نحبهم �شهداء من اجل �ساعة‬ ‫�إعالمية وعمر ومليون حلم يك�سرون في قلوب �أمهاتهم و�أ�صدقائهم‪ ،‬نريدهم �أحياء‪� ،‬أال‬ ‫ي�س ��تحقون منا هذا الحلم الب�سيط �أن يبت�سموا مرة واحدة ابت�سامة حقيقية وان يعانقوا‬ ‫�أمهاته ��م �أو �أن ي�ش ��موا رائحة التراب بعد المطر قبل �أن ن�ش ��م رائح ��ة التراب بعدهم‪..‬‬ ‫�أكاد ابكي‪ .....‬ابكي الآن‪ ....‬من فكرة �أننا لن نراهم �إال في الوداع الأخير جنازة تجهز‬ ‫لجنازة وكفنا يالحق كفن ال نريدهم �شهداء نريد لهم الحرية”‪.‬‬

‫الأ�س ��ير ال�ش ��هيد حين علم بان جريدة ت�ش ��رين قد حذفت من �أقواله الكثير و�أ�ضافت ما‬ ‫لم يقله الكثير في لقاءها ال�ش ��هير معه في �أواخر �شباط ‪ 2005‬قبل ا�ست�شهاده‪ .‬بالحرف‬ ‫الواح ��د ق ��ال “ �س ��ي�أتي يوم وهو قريب ج ��دا‪ ،‬ليذرفون بدل الدموع دم ��اء الندم‪ ،‬على ما‬ ‫فعل ��وه ب ��ي” هايل �أبو زيد م ��ات‪ ،‬واحتاجت العي ��ون �إلى دماء كثيرة كي ت ��ذرف على هذا‬ ‫الإن�س ��ان‪ ،‬كعادتن ��ا طبعا نحن نكرم �إبطالن ��ا و�أحرارنا فقط بع ��د �أن يرحلون‪ ،‬لن تعرفي‬ ‫�أب ��دا‪ ،‬حجم الأل ��م وكبر الجرح الذي �أحدثته جريدة ت�ش ��رين في نف� ��س رفيقنا هايل ابو‬ ‫زيد‪ ،‬فان تعود الجريدة �إلى ن�شر اللقاء كامال‪ ،‬دون �أي نق�صان م�ؤخرا‪ ،‬وان يلتقي �سيادة‬ ‫الرئي�س ب�ش ��ار الأ�سد مع �ش ��قيقة ال�شهيد‪ ،‬لتقديم العزاء واال�س ��تماع �إلى ق�ضايا الجوالن‬ ‫الجريحة والأليمة‪ ،‬وان ي�ص ��در �س ��يادته توجيهاته الجديدة‪ ،‬با�ستحداث لجنة �أو مكتب‬ ‫لمتابع ��ة �ش� ��ؤون الج ��والن المحتل‪ ،‬كل ذلك لن يعي ��د هايل �أبو زيد �إلى الحي ��اة‪ ،‬هذا �أمر‬ ‫معروف ووا�ض ��ح‪ ،‬لكن �إن كانت ق�ض ��ايا االهتمام في الجوالن تحتاج �إلى ا�ست�شهاد �إن�سان‬ ‫�أح ��ب وع�ش ��ق الحياة‪ ،‬كما احبها هايل ابو زيد‪ ،‬ف�أنني لن �أب ��ادل هذا االهتمام بحياة �أي‬ ‫�إن�سان يحمل ما حمله هذا الأ�سير ال�شهيد الإن�سان‪ ،‬من �صدق وع�شق و�صمت وكبرياء‪.‬‬ ‫لكنني �س�أكون قارئا جيدا للواقع ال�سيا�سي واالجتماعي لدينا في الجوالن‪� ،‬إن الجوالن‬ ‫يحت ��اج �إل ��ى �أكثر من لجن ��ة �أو مكتب لتلبي احتياجات ��ه‪ ،‬و�أكثر ما يحتاجه هو �أن ت�ش ��عر‬ ‫الدولة بكل مواطني الجوالن من خالل عالقة وطنية و�سيا�سية مبنية على �أ�سا�س ن�ضالي‬ ‫و�سيا�س ��ي‪،‬لتعزيز هذا ال�صمود ولي�س من اجل تعزيز الوالءات‪ ،‬ومراكز �شخ�صية لفالن‬ ‫او ع�ل�ان‪ .‬فان كان الأ�ش ��خا�ص الذي ��ن كلفتهم الدول ��ة يتمتعون بالكفاءة والم�ص ��داقية‬ ‫ويتمتع ��ون بالوالء فه ��ذا مقبول‪ ،‬ومطلوب ج ��دا ‪� .‬أما ان توكل الدولة هذه الم�س� ��ؤوليات‬ ‫لأ�ش ��خا�ص فق ��ط موالون ومهلل ��ون‪ ،‬وال يتمتعون بالكف ��اءات والم�ص ��داقية االجتماعية‬ ‫والأخالقية فهذه م�ص ��يبة الم�صائب‪ ،‬للق�ضية الن�ضالية في الجوالن‪ ،‬نحن �أدرى بواقعنا‬ ‫�أكثر‪ ،‬ندرك ونعي االحتياجات والق�ض ��ايا وطبيعة الأ�ش ��خا�ص هنا‪ ،‬وال يجب �أن تفر�ض‬ ‫الدول ��ة اعتباراتها ا�س ��تنادا عل ��ى اعتب ��ارات و�آراء فئة قليلة من النا� ��س هنا‪ ،‬هي مثار‬ ‫جدل ونقا�ش وخالف‪ ،‬وا�سع‪ ،‬هنا في الجوالن‪ .‬هل تعلمين �أن تقارير الف�ضائية ال�سورية‬ ‫الإعالمية عن الجوالن تلك التقارير القليلة جدا التي ر�ص ��دت الأحداث الن�ض ��الية في‬

‫الجوالن‪ ،‬ا�ستثنت كل المقابالت واللقاءات التي �أجراها مرا�سليها ب�سبب ق�ضية الوالءات‬ ‫تلك ‪ .‬وا�ستنادا على تقارير فئة من النا�س ال تمثل �سوى مجموع مواطني الجوالن بالحد‬ ‫الأدنى من التمثيل‪ ،‬في بث هذا �أو ذاك التقرير واللقاء بناء على ال�ش ��خ�ص المتحدث‪،‬‬ ‫وم ��دى قرب ��ه �أو بعده منها‪ ،‬في محاول ��ة الحتكار حتى العمل الإعالمي ال�س ��وري لطم�س‬ ‫الر�أي والوجود الوطني الأخر‪ ،.‬الذي تمثله الم�ؤ�س�سات والقوى الوطنية الأخرى ‪.‬‬ ‫م ��ن هنا �أقول �أن ت�ش ��كيل المكتب او اللجن ��ة هي التفاتة جيدة وموفق ��ة جدا‪ ،‬لكنها‬ ‫ال تكف ��ي طبعا‪،‬فم ��ا زال ��ت الأمور ت ��دار ب�شخ�ص ��انية دون برامج وخطط تطوي ��ر و�إنماء‬ ‫وا�س ��تمرارية تنظيمية ون�ض ��الية و�سيا�س ��ية‪ ،‬ما المعيب هنا في ت�ش ��كيل وزارة ب�أكملها‪،‬‬ ‫وو�ض ��ع برنام ��ج وطني متكامل للتعامل مع هذه الم�س� ��ألة وعدم تركه ��ا حكرا للموازيين‬ ‫ال�شخ�ص ��انية والمزاجية‪ ،‬لدى �أ�ص ��حاب القرار في الوطن‪ ،‬دون رقابة وعناية و�أ�شراف‬ ‫ودرا�س ��ة لدى الهيئات العليا المعنية في القيادة‪ ،‬ولماذا ال يتم طلب الم�س ��اعدة الدولية‬ ‫من المنظمات والهيئات الدولية وال�صديقة لق�ضيتنا و�شعبنا في ترجمة هذا الدعم من‬ ‫خالل م�ؤ�س�س ��ات وجمعيات ر�س ��مية‪ ،‬تطبق برنامجها وفق ر�ؤية م�شتركة ما بين الجوالن‬ ‫وداخل الوطن وتلبي هموم مواطني الجوالن وق�ض ��اياهم‪ ،‬تلك المنظمات التي تنا�ص ��ر‬ ‫ق�ضيتنا العادلة‪ ،‬في �أوربا واليابان وبلدان مختلفة‬ ‫وما المعيب �أن نتعامل مع هذه الم�ؤ�س�س ��ات والمنظمات حتى عودة �س ��يادة القوانين‬ ‫الإداري ��ة والمدني ��ة والحقوقية ال�س ��ورية �إلى الج ��والن‪� .‬إن التجربة الفل�س ��طينية مليئة‬ ‫بااليجابي ��ات‪ ،‬وكذل ��ك التجربة اللبناني ��ة‪ ،‬في كيفي ��ة �إقامة الم�ش ��اريع وبرامج الدعم‬ ‫والإ�س ��ناد لتعزيز �ص ��مود الإن�سان في �أر�ض ��ه والحفاظ على وجوده وتاريخه وم�ستقبله‪،‬‬ ‫واال فان معادالت ال�ص ��مود والكفاح والن�ضال التي ج�س ��دها مواطني الجوالن ب�إرادتهم‬ ‫وقوتهم وعمق انتماءهم قد تدخل في ذاكرة الن�س ��يان‪ ،‬بعد ان يفتقد الجوالن �إلى وقوده‬ ‫و�ش ��علته التي ج�س ��دتها ن�ض ��االت الكوادر الأولى من الرعيل الأول ال ��ذي �أعلن المقاومة‬ ‫الوطنية في الجوالن‪ ،‬والذي �س ��يرحل دون �أن يرى لحظة االنت�صار‪ ،‬حينها نقول يا ليت‬ ‫يكون ما كان‪.‬خا�صة حين نرى ما تفعله �إ�سرائيل لأبناء الجيل النا�شئ من عمليات هدم‬ ‫منظمة وممنهجة للقيم والأ�ص ��ول والعادات والتراث العربي في الجوالن و�إ�سقاطه على‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الجوانب الن�ضالية وال�سيا�سية واالجتماعية “‪.‬‬ ‫�أرجوكم ال نحتمل �إعدامنا لأكثر من مرة �إما الحرية �إما �أعلنوا �صمتكم نحترمكم �أكثر‪،‬‬ ‫بينما يرى هايل �أن المطلوب هو “‪ :‬ان تت�ش ��كل لجنة �سيا�س ��ية‪ ،‬عالية الم�س ��توى على ا�س�ألونا اعتبرونا‪ ..‬كما نحن ب�شر وال تقرروا تفا�صيلنا اغت�صابا‪.‬‬ ‫درج ��ة من الوعي والم�س� ��ؤولية والكف ��اءة‪ ،‬تهتم لق�ض ��ايا الجوالن‪ ،‬وعليه ��ا ان تدرك ان‬ ‫وال تناف�س ��وا المواط ��ن على كرامت ��ه و‪ 50‬ليرة انه �أج ��در بها من �أي اح ��د تماما كما‬ ‫مهمتها �صعبة النه بعد اربعين عاما تحت االحتالل‪ ،‬تراكمت ا�شياء كثيرة‪ ،‬وعلى اللجنة الأ�سرى �أجدر بالحرية منا كلنا‪”.‬‬ ‫االهتمام بها وعليه ان تتوا�ص ��ل مع ا�شخا�ص ذوي ما�ض ن�ضالي م�شرف‪ ،‬ومعرفة ودراية‬ ‫ب ��كل ما دار ويدور في الج ��والن منذ ايام االحتالل االولى‪ ،‬لك ��ن اذا كان اهتمام اللجنة‬ ‫�آخر الكالم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مقت�ص ��ر على �ش� ��ؤون الأ�س ��رى‪ ،‬الذين ال زالوا يعانون داخل المعتقل‪ ،‬وهم ي�ستحقون كل‬ ‫ليل ��ى‪“ :‬ختاما �أق ��ول‪ :‬لقد تعودنا في حياتن ��ا اليومية على المعاناة و�أ�ص ��بحت بحكم‬ ‫اهتمام‪� ،‬س ��يكون العمل مجزوءا‪ ،‬خ�صو�صا ان هناك المئات من الأ�سرى ال�سابقين‪ ،‬يتم العادة روتينا نقبله ب�س ��هولة �إلى �أن تحل م�ص ��يبة تذكرنا كم نحن ال �إن�سانيين‪ ،‬معاناتنا‬ ‫تجاه ��ل دورهم الم�ش ��رف‪ ،‬هذا مع العلم ان لجنة دعم اال�س ��رى قامت في دم�ش ��ق منذ هذه ال يعي�ش ��ها ب�شر!! وتبد�أ الأ�سئلة التي ال تنتهي‪ :‬هل هو عجزنا المتوارث الذي يمنعنا‬ ‫ت�س ��عة اعوام‪ ،‬لتكون امتدادا للجنة دعم اال�س ��رى الموجودة في الجوالن المحتل‪ ،‬وتقوم من المطالبة ب�أب�س ��ط حقوقنا؟!‪� ،‬أم هو االحتالل قدر �سنم�ض ��ي حياتنا في ظله؟‪ ،‬او هو‬ ‫ب ��دور فعال لخدمة اال�س ��رى وهذا م�ؤك ��د وموثق‪ ،‬بالرغم من تنك ��ر البع�ض لتلك اللجنة وطن قريب بعيد يذكرنا في منا�س ��بات وين�سانا ل�س ��نوات؟!‪ ،‬وال يعرف �أن هذه ال�سنوات‬ ‫ودورها‪ ،‬وهي توا�ص ��ل عملها قدر الم�س ��تطاع‪ ،‬ن�أمل ان تتوا�ص ��ل اللجنتان علهما تقومان تم�ضي من عمرنا ومن عمر من نحب دون لقاء ودون توا�صل حقيقي‪ ،...‬فقط هي جملة‬ ‫معا للعب الدور المطلوب لدور اال�سرى وق�ضيتهم العادلة‬ ‫واحدة بقي �أن �أقولها‪ :‬ال �أريد التباكي �أمامكم وعذرا على اللهجة ال�شخ�صية‪� ،‬أنا ام�ضي‬ ‫�أم ��ا عماد مرعي فيرى ب�أنه “للمرة الأولى ي�س ��تحدث مكتب مبا�ش ��ر لمتابعة �ش� ��ؤون �س ��نتي الثامنة هن ��ا في الجوالن وقبل �أيام تلقيت �أ�ص ��عب خبر في حيات ��ي‪� ...‬أبي الذي‬ ‫الج ��والن المحتل عالقته مع رئا�س ��ة ال ��وزراء وهذا تطور ايجابي ج ��دا ولم يكن له مثيل تركته في ال�شام قبل ‪� 7‬سنوات‪.‬ي�ضج بالحياة هو الآن مري�ض ب�سرطان الرئة‪ ...‬ال �أعرف‬ ‫�س ��ابقا‪ .‬واعتقد انه يعود �إلى العالقة ال�ص ��حيحة التي يعمل على تعزيزها مجموعة من كم �سيعي�ش ‪ ...‬ال �أعرف �إن كنت �س�أراه‪� /‬أودعه‪ ...‬هو الآن بحاجة �إلي �أكثر من حاجتي‬ ‫ال�ش ��باب الوطن ��ي هنا على �س ��احتنا وقد ب ��د�أت تثمر وها نحن ن ��رى بوادرها وهذا يعود له �آالف المرات‪....‬ال يف�صلني عنه �إال �ساعة �سفر‪ ...‬وق�ضية‪.‬‬ ‫بن ��ا �إلى ما قلناه �س ��ابقا من �أن الأمور هرمية ال�ش ��كل والحركة بالقواعد تعك�س نف�س ��ها‬ ‫عماد مرعي “�أمنيتنا على الجميع �أن ي�س ��عى لدعم �أ�س ��رانا والعمل من اجل الإفراج‬ ‫على قمة الهرم والعك�س �ص ��حيح‪ ..‬وال بد �أن نذكر هنا الدور المميز والهمة العالية التي عنهم بالطرق التي تبقي هاماتهم مرفوعة ‪...‬‬ ‫�س ��ار بها مدير هذا المكتب الم�س ��تحدث ورئي�س لجنة دعم الأ�س ��رى والمعتقلين الرفيق‬ ‫و�إننا نحيي كل مهتم بق�ضيتنا ك�أر�ض محتلة‪ ...‬ومن ربوع الجوالن نحيي �شعبنا البا�سل‬ ‫مدحت ال�ص ��الح‪ .‬باعتقادي �سوف يقوم هذا المكتب بدور مهم وفعال و�ستجد امتدادها وجي�ش ��ا وقيادتنا ونقف خلفها �ص ��فا واحدا دفاعا عن وطننا الذي يتعر�ض للح�صار من‬ ‫في ار�ض الجوالن المحتل”‬ ‫العدو ال�ص ��هيوامركي متمنين من اهلل �أن ي�ص ��ون هذه الأر�ض الطيبة‪ ...‬و�أخيرا كرمال‬ ‫و يا�سر خنجر “ي�أمل” �أنه ‪ ”..‬طالما بد�أنا بالرك�ض فربما �سن�صل يوما؟‬ ‫ال�شام و�أهل ال�شام رواحنا ترخ�ص‪....‬‬ ‫م ��ن المنطق ��ي �أن نتفاءل لهذه اللجنة وهذا ما كان لك ��ن �أوال على القائمين على هذه‬ ‫يا�سر خنجر‬ ‫اللجن ��ة �أن يلتفتوا �إلى اهتماماتنا و�أوجاعنا‪ ،‬م ��ا كان حقيقيا قبل عامين �أو �أكثر لم يعد‬ ‫�سننتظر الحرية‬ ‫كذلك الآن‪� ،‬إننا ال نبحث عن التفا�ص ��يل �أل�ش ��كلية في العالقة مع ال�ش ��ام‪ ،‬لدينا ق�ض ��ايا‬ ‫�سننتظر حرية رفاقنا‬ ‫�أ�سا�سية مبدئية هي ما يجب التركيز عليه ولي�س الجهد في كيفية �إ�سكاتنا عن مطالبنا‪،‬‬ ‫قد نغفر كل �شيء �إال ‪� 20‬سنة و�شهيد‪..‬‬ ‫اعتقد �أن التذكر بعد ‪� 38‬س ��نة احتالل و‪ 20‬متوا�ص ��لة للأ�س ��رى و�ش ��هيد‪ ،‬ل ��و ان �ألقيادة‬ ‫لن نغفر لمن اغتال رفيقنا هايل‬ ‫تذكرت ��ه في الوقت المنا�س ��ب‪ ،‬كان الآن يم�س ��ك بيد حبيبته ويقبل �أم ��ه وربما ر�أينا ابنه‬ ‫فقط لأنه مهمل والإن�سان الخط�أ‬ ‫يلع ��ب م ��ع الأطفال في الح ��ارة‪ ،‬ال �أريد �أن �أتم�س ��ك بما كان �أبدا ولك ��ن �أريد �ألعبرة من‬ ‫لن نقبل �إال الحرية لرفاقنا الأ�سرى‬ ‫الأم�س �إذا كانت هذه اللجنة �ستعمل على �إيجاد الطرق لتحرير الأ�سرى �إنها كل ن�ؤمن به‬ ‫ولمن ين�ساهم ؟؟؟؟؟؟؟‬ ‫ولها مطلق ال�شرعية‪� ،‬إما �إذا كانت �ستخت�صر همومنا بجولة رك�ض �أو حلبة مالكمة فهي‬ ‫�أجرى اللقاءات عبر البريد االلكتروني‪ :‬رزان زيتونة‬ ‫من الآن محاولة الغتيال �أ�س ��رانا وهم �أحياء‪ ،‬محاولة الغتيال ال�ش ��هيد هايل مرة ثانية‪،‬‬

‫(*) ال�سيدة ليلى ال�صفدي‪ -‬محررة جريدة بانيا�س‪ -‬الجوالن المحتل‬ ‫(**) ‪ :‬مواطن عربي �س ��وري من الجوالن‪ ،‬معتقل �سيا�س ��ي �سابق‪� ،‬أم�ضى ‪ 12‬عاما في �سجون االحتالل الإ�سرائيلي بتهمة المقاومة الوطنية الم�سلحة ‪ .‬ع�ضو لجنة دعم الأ�سرى‬ ‫والمعتقلين في الجوالن ال�سوري المحتل‬ ‫(***) �إحدى ال�شخ�ص ��يات ال�سيا�س ��ية الفاعلة في الجوالن ال�س ��وري المحتل‪ .‬اعتقل �ض ��من �ش ��بكة خاليا المقاومة الوطنية في العام ‪ ،1973‬وام�ض ��ي ‪�7‬س ��نوات في معتقالت‬ ‫االحتالل الإ�سرائيلي‬ ‫‪http://www.metransparent.com/old/texts/razan_zaitouna/razan_zaitouna_syrians_prisoners_and_the_golan.htm‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫قرار ال�ضم والإ�ضراب الكبير‬ ‫‪/1982‬تجربة ن�ضـال مـدني‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الرابع ع�ش ��ر م ��ن كانون �أول عام واحد وثمانين‪ ،‬تاريخ كئي ��ب في ذاكرة الجوالنيين‪،‬‬ ‫�إذ نجحت الحكومة الإ�س ��رائيلية التي كان ير�أ�سها مناحيم بيكن في تمرير قانون ال�ضم‬ ‫بالقراءة الثالثة والأخيرة تحت قبة برلمانهم‪.‬‬ ‫قلة من المواطنين‪ ،‬ال حول لهم وال قوة‪ ،‬لم يتجاوز تعدادهم �س ��بعة �آالف ن�س ��مة ِمن‬ ‫مجموع �س ��كان الجوالن‪ ،‬البالغ �أنذاك مائة وثالثين �ألف ن�س ��مة‪ ،‬هم َمن بقوا في قراهم‬ ‫بعد ذلك البالغ ال�ش ��هير (‪ ،)66‬الموقع با�س ��م وزير الدفاع اللواء حافظ الأ�س ��د‪ ،‬معلنا‬ ‫�سقوط القنيطرة قبل بلوغ جنود العدو لها‪ ،‬وتاليا نجاج �إ�سرائيل في ب�سط �سيطرتها على‬ ‫ما مجموعه ‪ 1860‬كم‪ ،2‬هي م�ساحة اله�ضبة‪ ،‬بقي منها تحت االحتالل ‪ 1250‬كم‪ 2‬بعد‬ ‫اتفاقية ف�صل القوات بين �سوريا و�إ�سرائيل عام �أربعة و�سبعين‪.‬‬ ‫االحتالل تم‪ ،‬ولم ت�صدق تكهنات الأهالي �أن �أيامه �ستكون معدودة‪ ،‬و�أن الأمور �ستعود‬ ‫�إلى مجاريها بوقت ق�ص ��ير‪ .‬ف�س ��كان الجوالن‪ ،‬وككل العرب‪ ،‬لم ي�صدقوا بادئ ًا ما كانت‬ ‫تراه عيونهم‪ ،‬بعد �أن �أوهمتهم الحكومات العربية وو�سائل الإعالم (الت�ضليل) المتوفرة‬ ‫�آنذاك بالقزم الإ�سرائيلي‪ ،‬الذي لن يحتمل حتى مجرد ت�صميم العرب على قتاله‪ ،‬فيعود‬ ‫اليهود �إلى البلدان التي منها �أتوا! لكن الحقيقة كانت �أبلغ من كل ما �ش ��اهدوا و�س ��معوا‪.‬‬ ‫فالعرب‪ ،‬تعر�ضوا لهزيمة نكراء لم ي�شهد لها تاريخهم‪ ،‬وال حتى تاريخ ال�شعوب مثي ًال‪.‬‬ ‫ه ��ل ُك ِت � َ�ب االحتالل عليهم مرة �أخرى …؟ وهم الذين لم يذوقوا طعم الحرية حتى‬ ‫في عهد اال�ستقالل!؟ منذ اليوم الأول الحتاللها اله�ضبة ال�سورية‪ ،‬راحت �إ�سرائيل تعمل‬ ‫عل ��ى تثبيت �أقدامها في المنطق ��ة‪ ،‬فالقرى والمدن التي كانت �آهل ��ة (تقارب المائتين‪،‬‬ ‫بين مدينة وقرية ومزرعة‪ ،‬على ذمة بع�ض المراجع) تم م�س ��حها عن وجه الأر�ض‪ ،‬بعد‬ ‫نزوح �أهلها الجماعي �إلى الداخل ال�سوري‪ ،‬وبد�أت تظهر المخططات لإقامة م�ستوطنات‬ ‫يهودية على �أنقا�ضها‪.‬‬ ‫�أما فيما تبقى من القرى (مجدل �شم�س‪ ،‬م�سعدة‪ ،‬بقعاثا‪ ،‬عين قنية)‪ ،‬بد�أت �إ�سرائيل‬ ‫ر�سم �سيا�سات ا�ستيعابية لها‪ .‬ف�أول ما قامت به هو اال�ستيالء على جهاز التعليم‪ ،‬ف�ألغت‬ ‫المنهاج الدرا�س ��ي ال�سوري م�ستبدلة �إياه ب�آخر �إ�س ��رائيلي‪ ،‬يهدف �إلى تكري�س ما ي�سمى‬ ‫بالقومي ��ة الدرزية‪ ،‬وف�ص ��ل �أبن ��اء القرى عن جلدتهم العربية‪� .‬أ�ص ��بح طالب اله�ض ��بة‬ ‫مدعما‬ ‫ال�س ��ورية يدر�سون ق�س ��ر ًا التاريخ الدرزي منف�ص�ل ً�ا عن تاريخ العرب والإ�سالم‪ّ ،‬‬ ‫بما ي�س ��مى تراث الدروز‪ ،‬على اعتبار �أن الدروز �ش ��عب؛ �إ�ض ��افة �إلى طرد جميع المدراء‬ ‫والمدر�سين المعينين من قبل وزارة التربية ال�سورية‪.‬‬ ‫عم ��دت �س ��لطات االحتالل بعد ذل ��ك �إلى تعيي ��ن مجال�س محلية ومذهبي ��ات درزية‪،‬‬ ‫تتول ��ى تنفي ��ذ �سيا�س ��ة �إ�س ��رائيل ومخططاته ��ا‪ ،‬فعين ��ت موظفيه ��ا م ��ن الموالي ��ن لها‬ ‫والمنبوذين اجتماعي ًا‪ ،‬ثم ربطت قرى الجوالن باقت�صادها‪ ،‬ف�أ�صبح التعامل يتم بالعملة‬ ‫الإ�س ��رائيلية‪ .‬وبما �أن �أ�س ��واق الوطن الأم ومنتجاته محرمة على �س ��كان اله�ض ��بة‪� ،‬صار‬ ‫من المحتم في هذا الإطار التعامل مع الأ�س ��واق الإ�س ��رائيلية‪� ،‬سوا ًء في ا�ستيراد الم�ؤن‬ ‫�أو توريد الحا�ص�ل�ات الزراعية‪ ،‬علم ًا ب�أن �س ��لطات االحتالل ح ّرمت على �سكان اله�ضبة‬ ‫غرف تجارية والتعامل مبا�شرة مع الأ�سواق العالمية ‪.‬‬ ‫�إقامة ٍ‬ ‫لج�أت �إ�س ��رائيل بعدها �إلى ربط �ش ��بكة الكهرباء بمحطاتها‪ ،‬كما ا�س ��تولت على ق�سم‬ ‫كبي ��ر من م�ص ��ادر المي ��اه بما فيها برك ��ة رام (بحيرة م�س ��عدة)‪ ،‬التي يق ��در مخزونها‬ ‫بحوالي ‪ 3.2‬مليون م‪ 3‬من المياه‪ .‬فحرم الأهل من ا�ستثمارها تحت ال�ضغط‪ ،‬و�أُخ�ضعت‬ ‫ل�ش ��ركة المياه الإ�سرائيلية (موكوروت)‪ ،‬و�ضخت مياهها �إلى الم�ستعمرات التي �أقامتها‬ ‫في ال�شمال‪ .‬كما ُم ِن َع الأهالي من حفر الآبار االرتوازية في �أرا�ضيهم‪ ،‬بحجة �أن المخزون‬ ‫الجوفي من المياه هو ملك ًا لدولة �إ�سرائيل‪.‬‬ ‫بعد ف�ش ��ل العدو في اال�س ��تيالء عل ��ى الينابيع المنت�ش ��رة داخل الأرا�ض ��ي الزراعية‪،‬‬ ‫قام بحفر �آبار ارتوازية بمحاذاتها‪ ،‬فن�ض ��بت هذه الينابيع و�ش � ّ�حت مياهها‪ ،‬ثم �سحبت‬ ‫�إ�س ��رائيل مياهها �إلى الكيبوت�س ��ات والم�س ��توطنات اليهودية في اله�ض ��بة‪ .‬هذا عدا عن‬ ‫م�ص ��ادرة �آالف الدونم ��ات الزراعي ��ة بحجة �أنه ��ا مناطق ع�س ��كرية مغلقة بع ��د زرعها‬ ‫بالألغام و�ضرب طوق من الأ�سالك ال�شائكة حولها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نجحت �إ�سرائيل �أي�ضا في ا�ستثمار الجوالن �سياحيا‪ ،‬بعد تهويد الأر�ض وطم�س �آثارها‬ ‫العربية وزرعها بالأج�س ��ام اليهودية الم�صطنعة؛ ف�سيطرت على منتجع بانيا�س والحمة‬

‫وجبل ال�شيخ‪ ،‬م�ستقطبة ماليين ال�سياح من �شتى �أ�صقاع العالم‪.‬‬ ‫بالن�سبة لل�ضرائب‪ ،‬ف�إن الحاكم الع�سكري الإ�سرائيلي حاول فر�ض �ضريبة الدخل على‬ ‫ال�س ��كان‪ ،‬دون جدوى ‪ ،‬لكن موقف الأهالي راح يتزعزع مع تزايد ارتباطهم باالقت�ص ��اد‬ ‫الإ�س ��رائيلي‪ ،‬ف�أ�صبحت ال�ض ��رائب تقتطع ق�س ��ر ًا من �أجور العمال‪� ،‬إ�ضافة �إلى حمالت‬ ‫المداهمة واالعتقال بحجة التهرب من دفع ال�ض ��رائب‪� ،‬إلى �أن �أ�ص ��بحت هذه الغرامات‬ ‫مع م�ضي الوقت تثقل كاهل الأهالي �إلى حد الخنق‪.‬‬ ‫ماذا كان الرد الوطني … ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫�إن ن�ض ��ال �أهال ��ي الج ��والن – وعل ��ى عك�س ما كت ��ب البع�ض �أنه جاء عم�ل�ا عفويا –‬ ‫فه ��و‪ ،‬كان كفاح ًا منظم ًا ومق�ص ��ود ًا‪ ،‬ومن ��ذ اليوم الأول الذي وطئت في ��ه �أقدام المحتل‬ ‫موحد ًا‪ ،‬وا�ضح ًا يتالءم مع‬ ‫الإ�س ��رائيلي �أر�ض ��هم‪ .‬ف�أهالي الجوالن‪ ،‬اتخذوا موقف ًا وطني ًا ّ‬ ‫�إمكانياتهم ك�أنا�س عزل من ال�سالح في الت�صدي لالحتالل‪.‬‬ ‫ا�س ��تقبل �أهالي الج ��والن االحتالل الإ�س ��رائيلي منذ يوم ��ه الأول بالرف�ض‪ ،‬معتبرين‬ ‫�أن عهد االحتالل عهد حزن وحداد‪ .‬ا�س ��تعد مواطنو الج ��والن‪ ،‬لمقاومة االحتالل‪ ،‬على‬ ‫�أمل ت�ص ��فيته والعودة لأح�ض ��ان الوطن الأم بوقت قريب‪ ،‬ف�أقام بع�ض ال�شبان الوطنيين‬ ‫ات�ص ��االت �س ��رية مع الوطن الأم‪ ،‬بغية ت�ش ��كيل خاليا كفاح م�سلح �ض ��د االحتالل‪ .‬وفي‬ ‫ال�شهور الأخيرة من عام ‪� ،1967‬ألقت قوات االحتالل القب�ض على مجموعة من ال�شبان‬ ‫بتهمة االت�صال مع ال�سوريين‪.‬‬ ‫كذلك في �أواخر عام ‪ 1969‬اكتُ�ش ��فت خلية فدائية �أخرى‪ ،‬راح �ضحيتها ما يزيد على‬ ‫‪ 140‬معتق ًال‪ ،‬وعلى �إثرها انفلت الإ�س ��رائيليون الغا�ض ��بون من عقالهم وراحوا ي�ضيقون‬ ‫الخناق على �أهالي الجوالن ويزيدون من �إجراءاتهم القمعية بحقهم‪.‬‬ ‫ف ��ي حزيران ع ��ام ‪� 1971‬ألق ��ي القب�ض على خلي ��ة فدائية‪ ،‬ثم تلتها �ش ��بكة �أخرى في‬ ‫ت�شرين �أول عام ‪ . 1972‬بلغت �أحكام بع�ضهم ع�شرين عام ًا‪ )1(.‬وبتاريخ‪1973 / 1 / 27‬‬ ‫ا�ست�ش ��هد ال�ش ��اب عزت �أبو جبل وبيده ملفات ومعلومات عن مواقع ع�س ��كرية �إ�سرائيلية‪،‬‬ ‫وهو في طريقه �إلى الوطن الأم �س ��وريا‪ ،‬وذلك بكمين ن�صبته قوات العدو له في المنطقة‬ ‫المزروعة بالألغام‪ ،‬التي تف�صل مجدل �شم�س عن الأرا�ضي ال�سورية الأخرى‪ .‬بعدها‪ ،‬في‬ ‫�صيف عام ‪ 1974‬اكتُ�شف تنظيم جديد للمقاومة‪ ،‬وفي ‪ 1976 / 12 / 27‬ا�ست�شهد ال�شاب‬ ‫الثان ��ي نزيه �أبو زي ��د في نف�س المنطقة وللأ�س ��باب ذاته ��ا‪ .‬هذه الخالي ��ا والتنظيمات‪،‬‬ ‫�ساعدت على نقل كثير من المعلومات عن خطي بارليف و�آلون الع�سكريين الإ�سرائيليين‪،‬‬ ‫وتح�صينات العدو الأخرى �إلى الوطن الأم‪ ،‬ومنها �إلى القوات الم�صرية‪.‬‬ ‫الأطماع ال�صهيونية في الجوالن‬ ‫مرتفعات الجوالن ال�سورية تعد من �أهم المواقع اال�ستراتيجية‪ ،‬حيث ت�ستند �إلى جبل‬ ‫ال�ش ��يخ من ال�شمال ووادي اليوموك من الجنوب‪� ،‬إ�ضافة لإ�شرافها المبا�شر على الجليل‬ ‫الأعلى في فل�س ��طين المحتلة‪ ،‬و�سهل الحولة وبحيرة طبريا‪ ،‬فالجوالن بهذه الموا�صفات‬ ‫ي�شكل مفتاح ًا لل�سيطرة على المناطق المذكورة‪.‬‬ ‫�أهمي ��ة الج ��والن هذه‪ ،‬قدرت ب�ش ��كل �س ��ليم من قبل جمي ��ع الدول الت ��ي احتلتها‪ ،‬من‬ ‫الأتراك �إلى اال�ستعمار الفرن�س ��ي ومن قبلهم الغا�صبين القدماء‪ .‬والإ�سرائيليون نظروا‬ ‫�إلي ��ه بعي ��ن الغدر لفترة طويلة تمتد �إلى ما قبل عدوان حزيران‪ ،‬وذلك لأجل ت�أمين عمق‬ ‫دفاعي‪ ،‬و�إبعاد الخطر المبا�ش ��ر عن المناطق الحيوية الآهلة بالم�س ��توطنين اليهود في‬ ‫ال�ش ��مال‪ ،‬الأمر الذي يجعل �إ�س ��رائيل قادرة على التحرك ب�سهولة �ضد القوات ال�سورية‪.‬‬ ‫هذا �إ�ض ��افة لما للجوالن من �أهمية طبيعية باعتب ��اره – وبحق – خزان ًا للمياه‪ .‬و�أطماع‬ ‫ال�صهيونية باله�ضبة قديمة‪ ،‬تعود �إلى ما قبل قيام �إ�سرائيل‪ .‬ففي عام ‪ 1918‬جاء ذكرها‬ ‫في الخريطة التي �أ�صدرها ديفيد بن غريون لإ�سرائيل‪.‬‬ ‫وع ��ام ‪ ،1920‬بعث ممثل المنظمة ال�ص ��هيونية الأميركية لوي� ��س براندي�س برقية �إلى‬ ‫حايي ��م وايزمن‪ ،‬جاء فيها �أن الحدود الوطنية ال�ش ��مالية ال�ش ��رقية ال غن ��ى عنها لقيام‬ ‫مجتم ��ع يعيل نف�س ��ه بنف�س ��ه‪ ،‬لذا ينبغي �أن ت�ض ��م فل�س ��طين مفارق مي ��اه الليطاني عند‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫جبل ال�ش ��يخ‪ ،‬و�إلى ال�ش ��رق �س ��هول الجوالن وحوران‪ .‬وفي عام ‪،1921‬كتب هورا�س مئير‬ ‫كالين‪ ،‬اليهودي الأميركي في كتابه (ال�صهيونية وال�سيا�سة العالمية) يقول‪� :‬إن م�ستقبل‬ ‫فل�سطين ب�أكمله هو ب�أيدي الدولة التي تب�سط �سيطرتها على الليطاني واليرموك ومنابع‬ ‫نهر الأردن‪)2(.‬‬ ‫بعد قيام �إ�س ��رائيل عام ‪ ،1948‬تمثلت �إ�س ��تراتيجيتها ب�أطم ��اع جغرافية وديمغرافة‪،‬‬ ‫واعتب ��ارات دفاعي ��ة و�أمنية و�سيا�س ��ية‪� ،‬إ�ض ��افة �إلى ال�س ��يطرة على م�ص ��ادر المياه في‬ ‫الج ��والن‪ .‬راحت �إ�س ��رائيل �أول الأمر‪ ،‬تخرق اتفاق وقف �إطالق النار المو ّقع مع �س ��وريا‬ ‫عام ‪ 1949‬بق�صد الو�صول �إلى غايتها النهائية ب�ضم هذه المنطقة‪ ،‬و�شرعت عام ‪1950‬‬ ‫بتنفي ��ذ م�ش ��روع تجفيف م�س ��تنقعات الحولة‪ ،‬كذل ��ك بادرت مدفعيتها بق�ص ��ف منطقة‬ ‫الحمة ال�سورية و�ضواحيها‪.‬‬ ‫ف ��ي كان ��ون ثان ��ي ع ��ام ‪� ،1953‬أنج ��ز الإ�س ��رائيليون بناء القن ��اة الخا�ص ��ة بتجفيف‬ ‫م�س ��تنقعات الحول ��ة‪ ،‬ثم بناء محطة كهربائية على ج�س ��ر بنات يعقوب‪� ،‬ش ��مالي بحيرة‬ ‫طبريا‪ .‬وفي كانون �أول عام ‪� ،1955‬ش ��نّ الإ�سرائيليون غارة وا�سعة النطاق على المواقع‬ ‫ال�س ��ورية �ش ��مال �ش ��رق بحيرة طبريا‪ ،‬لهدف ال�س ��يطرة الكاملة عليها‪ ،‬كذلك با�ش ��روا‬ ‫بتحويل مياه نهر الأردن �إلى النقب والمنطقة ال�ساحلية عام ‪.1956‬‬ ‫ر ّد ًا عل ��ى ذل ��ك‪� ،‬أق َّر م�ؤتمر القمة العربي الأول الذي عق ��د في القاهرة في ‪ 13‬كانون‬ ‫ثاني ‪ ،1964‬م�شروع ًا لتحويل روافد هذا النهر في المنطقة العربية‪ ،‬لقطع الطريق على‬ ‫م�شاريع �إ�سرائيل ‪)3(.‬‬ ‫لكن الم�ش ��روع‪ ،‬ما �إن دخل قيد التنفيذ حتى قامت الطائرات الإ�س ��رائيلية بق�صفه‪،‬‬ ‫وكان هذا الم�ش ��روع العربي فيما بعد �س ��بب ًا مبا�ش ��ر ًا لت�ص ��عيد حدة التوتر بين �س ��وريا‬

‫و�إ�س ��رائيل‪ ،‬والذي انتهى �إلى ن�ش ��وب عدوان حزيران ‪ .‬على �أر�ض الواقع �إذن‪ ،‬لم يبق �إال‬ ‫خم�سة قرى �آهلة ب�سكانها‪ ،‬فيما �أج ِبر الباقون على النزوح عن �أر�ضهم وبيوتهم �سائرين‬ ‫�شرق ًا باتجاه الوطن الأم‪ ،‬كما تقدّم ذكره‪ .‬وهنا ُيط َرح ال�س�ؤال ‪،‬عن �س ّر بقاء هذه القرى‬ ‫قائمة و�آهلة … ؟‬ ‫ال �ش ��ك �أن هذا الت�س ��ا�ؤل‪ ،‬بقي مثار جدل لفترة لي�س ��ت قليلة‪ ،‬وما �س� � ُيط َرح هنا جاء‬ ‫اعتمادا على خال�ص ��ة مراجع و�أبحاث ميدانية‪ ،‬تحتوي على ا�س ��تنتاجات ووجهات نظر‬ ‫الأهالي‪� .‬سكان القرى المتبقية‪ ،‬كانت لديهم خبرة وممار�سة تفوق بكثير تلك التي كانت‬ ‫لدى من نزح‪ ،‬فهم لم ين�س ��وا بعد تجربتهم القا�س ��ية مع الم�س ��تعمر الفرن�س ��ي‪ ،‬فمجدل‬ ‫�ش ��م�س وحدها دفعت حوالي ‪� 117‬ش ��هيد ًا �إبان الثورة ال�س ��ورية الكب ��رى‪ ،‬لذلك لم يكن‬ ‫من ال�س ��هل على �إ�سرائيل دفعهم �إلى ترك منازلهم‪ .‬وهذه القرية‪ُ ،‬ح ِرقت زمن الأتراك‬ ‫�س ��ت م ��رات‪ ،‬حيث ذاق �أهلها الكثير م ��ن التنكيل والخراب‪� .‬إ�ض ��افة �إلى حرقها ونهبها‬ ‫وتهجي ��ر �أهلها مرات عدة �أيام الفرن�س ��يين‪� ،‬إذ �س ��قطت بعد �س ��تة �أ�ش ��هر من المعارك‬ ‫ال�ض ��ارية‪ .‬ويقال �إنها من �أواخر المناطق ال�سورية التي و�صل �إليها الفرن�سيون‪ .‬القاعدة‬ ‫االقت�صادية المتينة التي قامت عليها قرى الجوالن‪ ،‬كانت �أي�ض ًا من الأ�سباب الجوهرية‬ ‫لبقائهم‪ .‬ف�أر�ضهم هذه‪ ،‬كانت الأ�سا�س لوجودهم ومن �أجلها دفعوا الغالي والنفي�س‪.‬‬ ‫طبيعة الموقع الذي ترب�ض فيه هذه القرى على �س ��فح جبل ال�ش ��يخ‪ ،‬زرعت في نفو�س‬ ‫�أهلها اال�ستقرار‪ ،‬نظر ًا لت�ضاري�سه القا�سية و�صعوبة اختراقه‪.‬‬ ‫رجال الدين �أي�ض� � ًا والم�س ��نون‪ ،‬لعبوا دور ًا كبير ًا في �إبقاء ال�س ��كان‪ ،‬ب�س ��بب خبرتهم‬ ‫الوا�س ��عة بالم�ص ��ائب والك ��وارث الت ��ي تعر�ض ��ت له ��ا المنطقة �إب ��ان الحك ��م العثماني‬ ‫والفرن�سي لها‪.‬‬ ‫�سبب �آخر �أي�ض ًا لعب دوره في هذا المجال‪ ،‬وهو �أن المعارك الع�سكرية لم تدر ب�شكل‬ ‫مبا�ش ��ر ف ��وق هذه الق ��رى‪ ،‬لكن هذا لي�س معن ��اه �أن القرى نجت من الق�ص ��ف والدمار‪،‬‬ ‫ف�سكان قرية م�سعدة وبقعاثا وعين قنية لج�ؤوا �إلى قرية مجدل �شم�س بعد ق�صف قراهم‪،‬‬ ‫وحتى نهاية المعارك‪� .‬إ�ضافة �إلى �أن مجدل �شم�س نف�سها لم ت�سلم من الق�صف‪.‬‬ ‫عامل �آخر وهام‪ ،‬وهو المخطط الإ�س ��رائيلي الحالم ب�إقامة دولة درزية‪ ،‬ت�ص ��ون لها‬ ‫حدودها ال�شمالية ال�شرقية مع �سوريا‪ ،‬الم�شروع الذي �أف�شله الأهالي الحق ًا‪ ،‬ما حدا بها‬ ‫�إلى التخفيف ن�سبي ًا من وط�أة نيرانها على القرى الأربع‪.‬‬ ‫�أم ��ا القرية الخام�س ��ة فه ��ي ال َغ َجر‪ ،‬والتي تقع عل ��ى تقاطع ما بين الحدود ال�س ��ورية‬ ‫اللبنانية الفل�س ��طينية‪� ،‬إذ تم احتاللها بعد �أ�س ��بوعين من الحرب‪� .‬إن بُعدَ هذه القرية‪،‬‬ ‫حفّزَ الإ�سرائيليين على عزلها‪ ،‬ونتيجة لل�ضغوطات واالبتزاز‪ ،‬تمكنت �إ�سرائيل فعلي ًا من‬ ‫عزلها عن �أخواتها القرى الأربع المتبقية‪ .‬و ُك ِت َب على هذه القرية �أال تخط �سطر ًا واحد ًا‬ ‫في كتاب الجوالن الن�ضالي الطويل �ضد االحتالل الإ�سرائيلي‪.‬‬ ‫بوادر �إعالن �ضم الجوالن‪:‬‬ ‫�إن العقلية ال�ص ��هيونية ال تن�سجم مع الإبقاء على م�س ��احة �إ�سرائيل �صغيرة‪ .‬فالدولة‬ ‫ال�ص ��غيرة ال تملك مقومات للبقاء كالدولة الكبي ��رة‪ ،‬والدولة الكبيرة قادرة على تطوير‬ ‫ذاتها بمختلف مجاالت الحياة‪ .‬و�إ�سرائيل‪ ،‬لم توجد ح�سب الفكر ال�صهيوني لتكون عالة‬ ‫عل ��ى �أح ��د‪� ،‬أو تكون تحت رحمة �أحد‪ ،‬بل لتكون كيان ًا م�س ��تق ًال يمتلك �إرادته ويت�ص ��رف‬ ‫بحريته‪ .‬ويخطئ من يعتقد‪� ،‬أن القادة الإ�س ��رائيليين �س ��يتخلون في يوم ما عن مثل هذا‬ ‫التفكير‪ ،‬لأن في ذلك مقتل فكرة دولة �إ�سرائيل‪)4(.‬‬ ‫بن ��اء على ما تقدم‪ ،‬ف�إن حكومات العمل المتعاقبة �س ��عت �إلى تغيير معالم الأرا�ض ��ي‬ ‫الت ��ي احتلتها‪� .‬أما حكومة الليكود التي خلفتها‪� ،‬س ��ارت على نف� ��س خطاها‪ ،‬فعملت على‬ ‫التهام الجوالن ب�ص ��ورة �أكثر �صرامة‪ .‬فمع تكثيف حكومة مناحيم بيغن اليمينية لحركة‬ ‫اال�س ��تيطان‪ ،‬جاءت مبادرة �أنور ال�س ��ادات لت�ش ��جع ال�ص ��هاينة على بدء التحرك ل�ض ��م‬ ‫الجوالن ب�ش ��كل نهائي‪ ،‬حيث بد�أت تتعامل مع الجوالن بطريقة ت�ؤدي �إلى �ض ��مه ب�صورة‬ ‫�شرعية‪)5(.‬‬ ‫ظه ��رت �أول ��ى بوادر �إعالن ال�ض ��م بتاريخ ‪12‬كان ��ون ثاني ‪،1978‬حي ��ث ذكرت �إذاعة‬ ‫�إ�س ��رائيل باللغة العبرية �أن الإ�س ��رائيليين يطالبون بتطبيق القانون المدني الإ�سرائيلي‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫على الجوالن لخلق حقائق واقعية في المنطقة‪ ،‬قبل بدء المفاو�ضات مع دم�شق‪)6(.‬‬ ‫�إن �إذاعة هذا الإعالن‪ ،‬اعتبر موقف ًا ر�سمي ًا لحكام �إ�سرائيل‪ .‬وفي ال�صدد نف�سه‪ ،‬كتب‬ ‫رئي�س ق�سم اال�ستيطان في الوكالة اليهودية رعنان فايت�س في جريدة عل هم�شمار في ‪7‬‬ ‫ت�ش ��رين �أول عام ‪� 1976‬أحد الممهدات لإعالن ال�ض ��م‪ .‬فتحت عنوان (�إلى �أين ن�سير)‪،‬‬ ‫اقترح فايت�س �أن تكون ه�ض ��بة الجوالن جزءا من لواء �ص ��فد‪ ،‬الذي ي�ضم ق�ضاءي �صفد‬ ‫وطبري ��ا‪ .‬و�أخير ًا‪ ،‬ارتفع �ص ��وت غي�ؤوال كوهين‪ ،‬نائبة الكني�س ��ت ورئي�س ��ة حزب هتحيا‪،‬‬ ‫حيث رفعت مع مجموعة لوبي الجوالن‪ ،‬التي ت�ض ��م عدد ًا من �أع�ض ��اء الكني�ست م�شروع ًا‬ ‫للحكومة يق�ضي ب�ضم الجوالن‪)7(.‬‬

‫�صدور القانون الإ�سرائيلي ب�ضم الجوالن‪:‬‬

‫رغم �أن �ص ��دور القانون الإ�س ��رائيلي ب�ض ��م الجوالن جاء ف ��ي ‪� ،1981/12/14‬إال �أن‬ ‫الممار�سات العملية لل�ضم بد�أت منذ الأ�سبوع الأول لالحتالل‪ .‬ف�إ�ضافة �إلى ت�شريد معظم‬ ‫�س ��كانه وتهويد �أر�ضه‪ ،‬بد�أت �إ�سرائيل تتعامل معه وك�أنه جزء ال يتجز�أ من �أمالكها‪ .‬فلم‬ ‫يكن م�س ��تغرب ًا �أن حكومة مناحيم بيغن الليكودية �أدرجت م�س�ألة �ضم الجوالن على �س ّلم‬ ‫�أولوياتها‪ ،‬بعد �إعالنها �ض ��م القد�س المحتلة ف ��ي الفترة الأولى من حكمها‪ ،‬وتيقّنها من‬ ‫امت�صا�ص نقمة المجتمع الدولي بف�ضل الموقف الأمريكي الم�ساند لها‪.‬‬ ‫�إن م�س�ألة �ضم الجوالن كانت تحظى تقريب ًا ب�إجماع من قبل جميع الأحزاب ال�سيا�سية‬ ‫الإ�سرائيلية‪ ،‬وحتى عام ‪ 1981‬ف�إن ن�سبة المطالبين ب�ضم اله�ضبة لم تنخف�ض عن ‪.% 70‬‬ ‫وفي تاريخ ‪ ،1980/12/22‬تقدمت ع�ضوة الكني�ست غي�ؤوال كوهين بم�شروع يق�ضي ب�ضم‬ ‫الجوالن‪ ،‬لكن هذا الم�ش ��روع �س ��حب‪ ،‬وذلك تجنب ًا لإحراج الوالي ��ات المتحدة الملتزمة‬

‫بكامب ديفيد‪ .‬لذلك ارت�أى مناحيم بيغن‪ ،‬خلق جو �سيا�س ��ي منا�س ��ب قبل البدء بتطبيق‬ ‫القرار ب�ش ��كل قانوني‪ ،‬ف�أراد �أن ي�صدر بطاقات هوية �إ�س ��رائيلية للمواطنين ال�سوريين‪،‬‬ ‫وبذلك تقول �إ�سرائيل للعالم �إن مواطني الجوالن قد تخلوا عن مواطنتهم ال�سورية‪.‬‬ ‫قوبل ��ت ه ��ذه المب ��ادرة بالرف� ��ض القاط ��ع م ��ن قب ��ل الأهال ��ي‪ ،‬م ��ا دف ��ع بيغ ��ن في‬ ‫‪� 1981/12/14‬إل ��ى اتخاذ قراره ب�ض ��م المرتفعات ال�س ��ورية المحتل ��ة‪� ،‬إثر خروجه من‬ ‫م�ست�ش ��فى “هدا�سا” في القد�س المحتلة‪ ،‬حيث كان يعالج �س ��اقه المك�سورة‪ .‬دعا بيغن‬ ‫مجل�س وزرائه لجل�س ��ة ا�س ��تثنائية‪� ،‬أحيطت ب�س ��رية تامة‪ ،‬وافق المجتمعون خاللها على‬ ‫م�ش ��روع قانون �ضم الجوالن‪ .‬وبعد مناق�شة الكني�س ��ت لهذا الم�شروع‪ ،‬تم ت�أييده ب�أغلبية‬ ‫ون�ص القانون على ما يلي‪:‬‬ ‫‪� 63‬صوت ًا مقابل ‪ّ .21‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ �إن قانون دولة �إ�سرائيل و�صالحياتها و�إداراتها‪� ،‬ستطبق على مرتفعات الجوالن‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ يعمل بهذا القانون فور موافقة الكني�ست‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ يكلف وزير الداخلية يو�سف بورغ بتنفيذ هذا القرار‪.‬‬ ‫ب ��ر ّر بيغ ��ن �إ�ص ��دار قانون ال�ض ��م بقوله‪� :‬إن �س ��وريا ال تقب ��ل االعتراف ب�إ�س ��رائيل �أو‬ ‫التفاو�ض معها م�ست�شهد ًا بت�صريح الرئي�س حافظ الأ�سد ل�صحيفة الر�أي العام الكويتية‬ ‫في ‪ 1981/12/13‬والذي قال فيه‪� :‬إن �س ��وريا لن تعترف ب�إ�س ��رائيل حتى لو اعترف بها‬ ‫الفل�س ��طينيون(‪ .)8‬و�أ�ض ��اف بيغن‪ :‬لقد ح ��ان الوقت التخاذ قرارات م ��ن جانب واحد‪،‬‬ ‫مدّعي� � ًا �أن الجوالن كانت في الما�ض ��ي جزءا من الأرا�ض ��ي الفل�س ��طينية‪ ،‬و�أنها �أعطيت‬ ‫اعتباطي ًا ل�سوريا‪.‬‬ ‫حزب العمل المعار�ض الذي ا�ش ��ترك نياب ًة عنه في الت�ص ��ويت خم�س ��ة ع�ش ��ر ع�ضو ًا‪،‬‬ ‫�س ��بعة منهم وافقوا على الم�ش ��روع‪ ،‬فيما عار�ض ��ه الثمانية الباقون‪ .‬وكان �شمعون بيريز‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫رئي�س الح ��زب �آنذاك والموجود في الواليات المتحدة‪ ،‬طال ��ب نوابه بالعمل على ت�أجيل‬ ‫االقت ��راع ولي�س رف�ض ��ه‪ ،‬و�إتاحة الفر�ص لمناق�ش ��ات �أو�س ��ع في هذا المج ��ال‪� .‬أما �آرييل‬ ‫�ش ��ارون وزي ��ر الح ��رب‪� ،‬أك ّد �أن �إ�س ��رائيل م�س ��تعدّة لأي احتمال ع�س ��كري عل ��ى الجبهة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬و�أنها لن تتراجع عن قرار ال�ضم الذي �أ�صدرته‪.‬‬ ‫رد المواطنين ال�سوريين في الجوالن المحتل على القرار الإ�سرائيلي‪:‬‬ ‫�أول ردود الأهالي‪ ،‬جاء في ‪ ،1979/1/16‬حيث �أ�صدر حوالي ‪ 1200‬مواطن من �أبناء‬ ‫اله�ضبة م ّذكرة ردّوا فيها على م�شروع ت�سليم الهوية الإ�سرائيلية لهم‪ ،‬برف�ض هذا العمل‬ ‫جمل ًة وتف�صي ًال‪ ،‬حيث جاء في الم ّذكرة‪ :‬ال ي�سعنا �إال �أن ن�ؤكد من جديد‪ ،‬و�أن نعلن للملأ‪،‬‬ ‫�أن ��ه مهم ��ا طال ليل االحت�ل�ال علينا‪ ،‬فلن نتنازل ع ��ن هويتنا‪ ،‬وعن كوننا �س ��وريين‪ .‬تال‬ ‫ذلك‪ ،‬توجيه بيان للر�أي العام العالمي والإ�س ��رائيلي‪ ،‬ك ّذبوا فيه ادعاءات �إ�س ��رائيل‪� ،‬أن‬ ‫�سكان الجوالن �س ّلموا ب�أمر االحتالل‪.‬‬ ‫في تاريخ ‪ ،1981/3/25‬عقد اجتماع حا�ش ��د في بلدة مجدل �ش ��م�س‪ ،‬ح�ض ��ره �آالف‬ ‫المواطنين من جميع القرى‪� ،‬أ�ص ��دروا خالله وثيقتهم الوطني ��ة‪ ،‬التي حددوا بموجبها‬ ‫ن�ص الوثيقة كام ًال‪.‬‬ ‫م�سيرة حياتهم اليومية‪ ،‬وتعاملهم مع العدو‪ ،‬ومع بع�ضهم‪ .‬وهذا ُّ‬ ‫الوثيقة الوطنية للمواطنين ال�سوريين في المرتفعات ال�سورية‬ ‫المحتلة‬ ‫نح ��ن المواطن ��ون ال�س� �ــــــوريون في المرتفع ��ات ال�س� �ـــــورية المـــحــــتلة‪ ،‬ن ��رى لزاماً‬ ‫علين ��ا �أن نعل ��ن لكل الجهات الر�س� �ــــمية وال�ش� �ـــــعبية في العالم �أجم ��ع‪ ،‬ولمنظمة الأمم‬ ‫المتح ��دة وم�ؤ�س�س ��اتها‪ ،‬ولل ��ر�أي الع ��ام العــــالم ��ي والإ�س� �ـــرائيلي‪ ،‬ومن �أج ��ل الحقيقة‬ ‫والتاريخ‪ ،‬وب�ص ��راحة وو�ض ��وح تامين عن حقيق ��ة مــــوقفنا من االحــــتالل الإ�س ��رائيلي‪،‬‬ ‫ود�أب ��ه الم�س� �ــــتمر البت�ل�اع �شــــخ�ص ��يتنا الوطـــنية‪ ،‬ومحاولته �ض ��م اله�ض ��بة ال�س ��ورية‬ ‫المحتل ��ة حين� � ًا‪ ،‬وتطبي ��ق القانون الإ�س ��رائيلي علينا حين� � ًا �آخر‪ ،‬وج ّرنا بط ��رق مختلفة‬ ‫لالندماج بالكيان الإ�سرائيلي‪ ،‬واالن�صهار في بوتقته‪ ،‬ولتجريدنا من جن�ســــيتنا العربية‬ ‫ال�س� �ــــورية‪ ،‬التي نعت ُّز ونت�ش� � ّرف باالنت�س ��اب �إليها‪ ،‬وال نريد عنها بدي ًال‪ ،‬والتي ورثناهـــا‬ ‫ع ��ن �أجدادنا الك ��رام‪ ،‬الذين تحــــدّرنا من �أ�ص� �ــــــالبهم‪ ،‬و�أخــــذنا عنه ��م لغتنا العربية‬ ‫التي نتك ّلمــــها بكــــل فخر واعتزاز‪ ،‬ولي�س لنا لغـــة قومية �ســـواها‪ ،‬و�أخذنا عنهم �أرا�ضينا‬ ‫وجد الإن�س� �ـــان العربي في هذه البالد قبل‬ ‫الغالية على قــلوبنا وورثناها �أب ًا عن جد منذ ُ‬ ‫�آالف ال�سنين‪.‬‬ ‫�أرا�ض ��ينا المجبولة بعرقنا وبدماء �أهلنا و�أ�س�ل�افنا‪ ،‬حيث لم يق�صروا يوم ًا في الذود‬ ‫عنه ��ا وتحريره ��ا من كل الغزاة والغا�ص ��بين على م ��ر التاريخ‪ ،‬والتي نقط ��ع العهد على‬ ‫�أنف�سنا �أن نبقى ما حيينا �أوفياء ومخل�صين لما خلفوه لنا‪ ،‬و�أن ال نفرط ب�شيء منه مهما‬ ‫طال زمن االحتالل الإ�س ��رائيلي‪ ،‬ومهما قويت ال�ض ��غوط علينا من قبل ال�سلطة المحتلة‬ ‫لإكراهن ��ا �أو �إغرائنا ل�س ��لب جن�س ��يتنا‪ ،‬ولو ك ّلفن ��ا ذلك �أغلى الت�ض ��حيات‪ ،‬وهذا موقف‬ ‫بديهي وطبيعي جد ًا �أن نقفه‪ ،‬وهو موقف كل �ش ��عب يتع ّر�ض كله �أو جزء منه لالحتالل‪.‬‬ ‫وانطالق ًا من �ش ��عورنا بالم�س� ��ؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا تجاه �أنف�س ��نا و�أبنائنا‬ ‫و�أجيالنا القادمة �أ�صدرنا هذه الوثيقة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ ه�ضبة الجوالن المحت ّلة‪ ،‬هي جزء ال يتجز�أ من �سوريا العربية‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ الجن�س ��ية العربية ال�س ��ورية‪� ،‬ص ��فة مالزمة لنا ال تزول‪ ،‬وهي تنتقل من الآباء �إلى‬ ‫الأبناء‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ �أرا�ض ��ينا ه ��ي ملكية مقد�س ��ة لأبناء مجتمعنا ال�س ��وريين المحتلي ��ن‪ ،‬وكل مواطن‬ ‫ت�سول له نف�سه �أن يبيع �أو يتنازل �أو يتخلى عن �شبر منها للمحتلين الإ�سرائيليين يقترف‬ ‫ُّ‬ ‫جريمة كبرى بحق مجتمعنا‪ ،‬وخيانة وطنية ال تغتفر‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ ال نعترف ب�أي قرار ت�ص ��دره �إ�س ��رائيل من �أجل �ض ّمنا للكيان الإ�سرائيلي‪ ،‬ونرف�ض‬ ‫رف�ض ًا قاطع ًا قرارات الحكومة الإ�سرائيلية الهادفة �سلبنا �شخ�صيتنا العربية ال�سورية‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ ال نعترف ب�ش ��رعية المجال� ��س المحلية والمذهبية‪ ،‬لكونه ��ا عي ّنت من قبل الحكم‬ ‫الع�س ��كري الإ�سرائيلي وتتلقى تعليماتها منه‪ ،‬ور�ؤ�ساء و�أع�ضاء هذه المجال�س ال يمثلوننا‬

‫ب�أي حال من الأحوال‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ �إن الأ�شخا�ص الراف�ضين لالحتالل من خالل مواقفهم الملمو�سة‪ ،‬والذين هم من‬ ‫كافة قطاعاتنا االجتماعية‪ ،‬هم الجديرون والم�ؤهلون للإف�ص ��اح ع ّما يختلج في �ضمائر‬ ‫ونفو�س �أبناء مجتمعهم‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ كل �شخ�ص من ه�ضبة الجوالن ال�سورية المحتلة‪ ،‬ت�س ّول له نف�سه ا�ستبدال جن�سيته‬ ‫بالجن�س ��ية الإ�س ��رائيلية‪ ،‬ي�س ��ئ لكرامتنا العامة‪ ،‬ول�ش ��رفنا الوطن ��ي والنتمائنا القومي‬ ‫ولديننا وتقاليدنا‪ ،‬ويعتبر خائنا لبالدنا‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ ق ّررن ��ا ق ��رار ًا ال رجعة فيه وهو‪ :‬كل من يتجن�س بالجن�س ��ية الإ�س ��رائيلية‪� ،‬أو يخرج‬ ‫عن م�ض ��مون هذه الوثيقة‪ ،‬يكون مجحود ًا ومطرود ًا من ديننا ومن ترابطنا االجتماعي‪،‬‬ ‫ويح� � ّرم التعامل معه‪� ،‬أو م�ش ��اركته �أفراح ��ه و�أحزانه �أو التزاوج معه‪� ،‬إل ��ى �أن يق َّر بذنبه‬ ‫ويرجع عن خط�أه‪ ،‬ويطلب ال�سماح من مجتمعه‪ ،‬وي�ستعيد اعتباره وجن�سيته الحقيقية‪.‬‬ ‫لق ��د اعتمدنا هذه الوثيقة‪ ،‬م�س ��تمدّين العزم من تراثنا الروحي والقومي والإن�س ��اني‬ ‫الأ�ص ��يل‪ ،‬الذي ًّ‬ ‫يح�ض ��نا على حف ��ظ الإخوان‪ ،‬والأم ��ر بالمعروف‪ ،‬والنه ��ي عن المنكر‪،‬‬ ‫والوفاء العميق للوطن ‪ 25.‬ـ‪ 3‬ـ‪1981‬‬ ‫في ‪ ،1981 / 12 / 14‬كما �سلف‪� ،‬صدر القانون الإ�سرائيلي ب�ضم المرتفعات ال�سورية‬ ‫المحتل ��ة‪ ،‬حيث قوبل هذا القرار بالرف�ض القاطع واال�س ��تنكار الع ��ام‪ ،‬فقام المواطنون‬ ‫بمهاجمة ال�سيارات الع�سكرية وترديد العبارات المنددة ب�إ�سرائيل‪ ،‬تاله �إ�صدارهم ندا ًء‬ ‫يدعو �إلى �إ�ضراب �شامل لمدة ثالثة �أيام في اليوم الثاني ل�صدور القرار‪.‬‬ ‫رادي ��و �إ�س ��رائيل‪� ،‬أذاع ف ��ي ‪� 1981 / 12 / 27‬أن الحركة التجاري ��ة في قرى الجوالن‬ ‫توقفت تمام ًا‪ .‬و�أغلقت المدار�س وامتنع العمال عن الذهاب �إلى �أماكن عملهم‪ )9(.‬مما‬ ‫دف ��ع قوات االحتالل �إلى �إعالن حالة الت�أهب الق�ص ��وى‪ ،‬وقال ��ت وكالة رويتر في التاريخ‬ ‫نف�س ��ه‪� :‬إن القوات الإ�سرائيلية اعتقلت عدد ًا كبير ًا من المواطنين �إثر �إعالن الإ�ضراب‪.‬‬ ‫(‪� )10‬أم ��ا وكال ��ة فران�س بري� ��س‪ ،‬قالت في تقرير لها من مجدل �ش ��م�س في ‪/ 12 / 17‬‬ ‫‪� :1981‬إن المواطني ��ن ال�س ��وريين تجمعوا في ميدان كبير‪ ،‬وهم يتابعون �إذاعة دم�ش ��ق‪،‬‬ ‫لمواكبة الردود ال�سورية المحتملة‪)11(.‬‬ ‫ا�س ��تكما ًال لت�ص ��عيد المقاوم ��ة‪� ،‬ش ��هدت بل ��دة مجدل �ش ��م�س ف ��ي ‪1981 / 12 / 18‬‬ ‫مظاهرة عارمة‪ ،‬حمل المواطنون خاللها �أعالم ًا �س ��وداء معلنين ا�س ��تياءهم ورف�ض ��هم‬ ‫للقرار الإ�س ��رائيلي‪ ،‬ما دفع رئي�س لجنة الم�س ��توطنين في الجوالن المحتل لتقديم طلب‬ ‫�إلى الجنرال داني مات‪ ،‬الم�س� ��ؤول عن المناط ��ق المحتلة‪ ،‬يحثه فيه على �إبقاء الأحكام‬ ‫الع�سكرية في الجوالن‪ ،‬حتى بعد �ضمها‪ ،‬نظر ًا لت�صاعد مقاومة الأهالي فيه‪.‬‬ ‫خالل الفترة الآنفة الذكر من ‪� 14‬إلى ‪ 18‬كانون �أول ‪ ،1981‬قامت القوات الإ�سرائيلية‬ ‫بحمالت مداهمة وتفتي�ش واعتقال‪ ،‬طالت العديد من �س ��كان القرى المحتلة‪� .‬ص ��حيفة‬ ‫االتحاد الناطقة با�س ��م الحزب ال�ش ��يوعي الإ�س ��رائيلي (راكاح)‪ ،‬ذك ��رت �أن �إجراءات‬ ‫الجي�ش الإ�سرائيلي في قرى الجوالن لن تثني �سكانه عن اال�ستمرار بمقاطعتهم لدوائر‬ ‫الحاكم الع�سكري‪ ،‬ورف�ضهم للهوية الإ�سرائيلية‪.‬‬ ‫�أم ��ا رئي�س �أركان الجي�ش الإ�س ��رائيلي رفائي ��ل �إيتان‪� ،‬أعلن بعد عــــــ ��دة �أيام �أنه من‬ ‫الممكن ا�س ��تدعاء �س ��كان اله�ض ��بة في �أي وقت لت�أدية الخدمة الع�س� �ـــكرية في الجي�ش‬ ‫الإ�س ��رائيلي‪ .‬ثم ت�ل�اه تهــــديد ي�س ��رائيل كينغ‪ ،‬حاكم ل ��واء ال�ش� �ـــــمال للأهالي بالويل‬ ‫والثبـــور �إذا وا�صلوا رف�ضهـــم للهوية الإ�سرائيلية‪.‬‬ ‫وفي الإطار نف�سه‪� ،‬ص ّعدت �إ�سرائيل من �إجراءاتها القمعية‪ ،‬فبد�أت حمالت المطاردة‬ ‫والتفتي� ��ش واالعتق ��ال‪ ،‬وفر� ��ض الأحكام الجبري ��ة وحظر التجول على ال�س ��كان‪ ،‬وقامت‬ ‫بتبديل �أرقام ال�س ��يارات العائدة ل�س ��كان الجوالن ب�أرقام مدنية �إ�س ��رائيلية‪ ،‬و�إجراءات‬ ‫تمهيدية �ض ��اغطة �أخرى كتمهيد لتطبيق قرار ال�ضم‪ ،‬ف�أعلنت الجوالن منطقة ع�سكرية‬ ‫مغلقة يحظر الدخول �إليها والخروج منها �إال بت�صريح ع�سكري‪.‬‬ ‫بذلك‪ ،‬تكون �آلية القمع الع�سكرية الإ�سرائيلية فر�ضت واقع ًا مت�أزِم ًا في قرى اله�ضبة‬ ‫ال�س ��ورية‪ ،‬حيث عا�ش ال�س ��كان في الفترة ما بين �ص ��دور قرار ال�ضم �إلى تاريخ �إعالنهم‬ ‫�إ�ض ��رابهم الكبير المفتوح‪ ،‬في الرابع ع�ش ��ر من �ش ��باط عام ‪ 1982‬حالة غليان �ش ��عبي‬ ‫ومواجهات م�ستمرة و�ضغوطات دائمة متجددة‪ ،‬و�صوال �إلى الإ�ضراب‪.‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الإ�ضراب الكبير‬

‫اقت�ص ��رت جهود العالم �أجمع‪ ،‬والدول العربية‪ ،‬و�س ��وريا على وجه الخ�ص ��و�ص‪ ،‬على‬ ‫كونها مبادرات كالمية ونظرية وعاجزة عن ردع �إ�سرائيل‪ ،‬التي لم تتراجع عن قرارها‪،‬‬ ‫بل �صعدت من نقمتها و�إجراءاتها القمعية بحق �سكان المرتفعات ال�سورية‪.‬‬ ‫قرر �أهالي الجوالن مواجهة �إ�س ��رائيل على طريقتهم‪ .‬فبعد ف�ش ��لها بفر�ض جن�سيتها‬ ‫على �سكان المرتفعات ال�سورية المحتلة‪ ،‬بادرت �إ�سرائيل �إلى �إقرار ت�شريع �ضم الجوالن‬ ‫م�صعدة �إجراءاتها القمعية بحق المواطنين ال�سوريون‪ ،‬من اعتقاالت �إدارية �إلى حمالت‬ ‫تفتي�ش ومداهمة‪ ،‬و�إعالن منطقة الجوالن منطقة ع�سكرية مغلقة‪.‬‬ ‫ورد ًا على ذلك‪ ،‬عقد �س ��كان اله�ض ��بة اجتماع ًا في خلوة مجدل �ش ��م�س‪ ،‬قرروا خالله‬ ‫�إعالن �إ�ضرابهم المفتوح وال�شامل في ‪� .1982/2/14‬صحيفة ه�آر�س الإ�سرائيلية‪ ،‬كتبت‬ ‫في افتتاحيتها بعد يومين‪ :‬يخطئ من يعتقد �أنه باالعتقال وغيره من ممار�س ��ة �سيا�س ��ة‬ ‫اليد الحديدية‪ ،‬يمكن �إخماد مقاومة �س ��كان الجوالن‪� )12(.‬أما �ص ��حيفة عل هم�شمار‪،‬‬ ‫كتب ��ت ف ��ي اليوم نف�س ��ه‪ :‬ربما تفلح �سيا�س ��ة الي ��د الحديدية في ك�س ��ر الإ�ض ��راب وملء‬ ‫ال�سجون‪ ،‬لكنها لن تزيد من الت�أييد لإ�سرائيل‪)13(.‬‬ ‫�إن �إعالن الإ�ض ��راب‪ ،‬جاء �ض ��ربة قا�سية لإ�س ��رائيل وغير متوقعة‪ ،‬فمواطنو الجوالن‬ ‫التزموا بالقرار ال�شعبي ب�شكل تام‪ ،‬حيث �أغلقت المحالت التجارية‪ ،‬وتوقف المزارعون‬ ‫ع ��ن �أعمالهم‪ ،‬و�أغلقت المدار�س �أبوابه ��ا‪ ،‬ولم يذهب العمال �إلى �أماكن عملهم‪ ،‬ما دعا‬ ‫�إ�س ��رائيل �إلى ف�ص ��ل العاملي ��ن وحرمانهم م ��ن كل حقوقهم‪ .‬كما �ألغ ��ت المقابالت مع‬ ‫الأق ��ارب في �س ��وريا‪ ،‬والتي كانت تتم في المنطقة المعزولة ال�س�ل�اح‪ ،‬الت ��ي تبعد �أمتار‬ ‫قليلة عن مجدل �ش ��م�س‪ ،‬وذلك �أيام الحكم الع�س ��كري لله�ضبة‪ .‬تال ذلك‪ ،‬التهديد الذي‬ ‫�أطلقه �آرييل �شارون‪ ،‬ومردخاي ت�سيبوري لل�سكان بالطرد‪� ،‬إذا هم وا�صلوا رف�ض القانون‬ ‫الإ�س ��رائيلي‪ .‬كما امتنعت العيادات التابعة لدائرة الخدمات ال�ص ��حية الإ�سرائيلية عن‬ ‫ا�ستقبال �أي مواطن �سوري ال يحمل الجن�سية الإ�سرائيلية‪.‬‬

‫�أدى هذا الت�ص ��عيد الإ�سرائيلي �إلى زيادة نقمة الأهالي‪ ،‬ما حدا ب�إ�سرائيل للجوء �إلى‬ ‫دفع ع�ض ��و الكني�ست الليكودي المت�شدد‪� ،‬أمل ن�ص ��ر الدين للقيام بو�ساطة لدى ال�سكان‬ ‫لردم الهوة بين الطرفين‪ ،‬وجاء رد �أهالي الجوالن ب�أنهم يرف�ضون حتى مجرد �أ�ستقباله‪،‬‬ ‫�أو وجوده على �أر�ض ��هم‪� .‬أر�س ��لت وزارة الحرب بعدها ممث ًال عنها بتاريخ ‪1982/2/20‬‬ ‫لحث الأهالي على قبول الجن�سية الإ�سرائيلية‪ ،‬والت�أكيد �أن �إ�سرائيل لن تجبرهم على �أن‬ ‫يكونوا �صهاينة‪ ،‬و�إنما مواطنين م�سالمين وح�سب‪.‬‬ ‫جاء الرد ال�ش ��عبي حا�س ��م ًا‪ ،‬راف�ض� � ًا ال�س ��تالم الجن�س ��ية‪ ،‬وطالب الأهالي المندوب‬ ‫الإ�س ��رائيلي ب�إطالق �سراح المعتقلين‪ ،‬ولم �شمل العائالت على جانبي خط وقف �إطالق‬ ‫النار‪ ،‬وطالبوا من خالله وزير الحربية �ش ��ارون‪ ،‬التعهد ب�ش ��كل مكتوب بعدم �إلزام �أبناء‬ ‫الجوالن بالخدمة ب�صفوف جي�شه‪)14(.‬‬ ‫بعد ف�ش ��ل الو�سيط ال�سالف الذكر‪ ،‬زار الجنرال �أمير دروري قائد المنطقة ال�شمالية‬ ‫قرى الجوالن‪ ،‬طالب ًا من الأهالي فك الإ�ض ��راب‪ ،‬محذر ًا وم�ؤكد ًا �أن قرار حمل الجن�سية‬ ‫الإ�س ��رائيلية ال يحتم ��ل الت�أوي ��ل‪ ،‬م�ض ��يف ًا �أن �إ�س ��رائيل وحدها هي من يق ��رر‪ ،‬و�أن على‬ ‫ال�س ��كان الطاعة وااللتزام‪ ،‬مهدد ًا �أنه �سيتم ترحيل كل من يرف�ض الجن�سية الإ�سرائيلية‬ ‫�إلى داخل الأرا�ضي ال�سورية‪.‬‬ ‫ل ��م تلق محاولة دروري الأخيرة حظ ًا �أوفر من �س ��الفتها‪ ،‬م ��ا دفع قوات االحتالل �إلى‬ ‫�إغالق القرى الأربع بقرار ع�س ��كري‪ ،‬وفر�ض ح�صار خانق على ال�سكان‪ ،‬تم خالله قطع‬ ‫ال�ص ��لة بي ��ن الق ��رى الأربع‪ ،‬ومنع الدخ ��ول �إليها �أو الخ ��روج منها‪ .‬كما قل�ص ��ت المياه‪،‬‬ ‫وقطع التيار الكهربائي‪ ،‬وفر�ض ��ت ال�س ��لطات حظر ًا على و�ص ��ول الم ��واد الغذائية‪ .‬مما‬ ‫دفع ال�س ��وريين لإر�س ��ال قوافل محملة بالمواد الغذائية والأدوي ��ة �إلى المنطقة المعزولة‬ ‫ال�س�ل�اح‪ ،‬المحاذية لبلدة مجدل �ش ��م�س في ‪ ،1982/2/26‬لكن الإ�س ��رائيليين رف�ض ��وا‬ ‫ال�سماح لها بالدخول‪.‬‬ ‫ف ��ي خ�ل�ال ذل ��ك‪ ،‬داهمت ق ��وات االحت�ل�ال الإ�س ��رائيلي البي ��وت معتقلة ع ��ددا من‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫المواطني ��ن‪ ،‬ومرفق ��ة ذلك با�ستعرا�ض ��ات ع�س ��كرية لجنودها داخل الق ��رى‪ ،‬ثم حظر‬ ‫التجول على �سكانها‪ ،‬ومنعت الأطباء والم�ساعدات المقدمة من ال�ضفة الغربية والجليل‬ ‫والنا�ص ��رة من الو�ص ��ول �إلى المنطقة‪ ،‬كما منعت مر�ض ��ى اله�ض ��بة من الخروج للعالج‬ ‫خ ��ارج قراهم‪� .‬إ�ض ��افة �إلى منعها ال�ص ��حفيين من الدخ ��ول �إلى الجوالن للك�ش ��ف عن‬ ‫الواقع الم�أ�س ��اوي الذي يعي�شه الأهل‪ .‬حتى الموا�شي‪� ،‬أخ�ضعتها �إ�سرائيل لقرارات حظر‬ ‫التجول‪ ،‬ولم تتّردد من ت�صويب بنادقها على الرعاة الذين لم يلتزموا به‪.‬‬ ‫َ‬ ‫راح الو�ضع يزداد �سوءا في اله�ضبة يوم ًا بعد يوم‪ ،‬و�أخذت �إ�سرائيل تـَ َتفنن في ابتكار‬ ‫و�س ��ائل الإرهاب والقم ��ع‪ ،‬فزجت بعدد كبير من جنودها في �ش ��وارع الق ��رى‪ ،‬وك�إجراء‬ ‫تخويفي �آخر ا�س ��تقدمت قوات العدو عدد ًا م ��ن المجنزرات الحربية‪ ،‬التي راحت تجوب‬ ‫ال�شوارع لي ًال نهار ًا‪ ،‬في محاولة لدب الرعب في قلوب الأهالي‪.‬‬ ‫وف ��ي ه ��ذه الفترة‪ ،‬تمكن ع ��دد من ال�ش ��بان من تهريب بع�ض الر�س ��ائل التي ت�ش ��رح‬ ‫واقعه ��م ال�ص ��عب‪ ،‬ما دفع العديد م ��ن الإ�س ��رائيليين �إلى االحتجاج �أم ��ام مكتب رئي�س‬ ‫الحكوم ��ة‪ ،‬وتنظيم مظاهرات في القرى والمدن العربية في �إ�س ��رائيل‪ .‬كذلك قام عدد‬ ‫من المحامين العرب واليهود بجهود جبارة لإي�ص ��ال �ص ��وت �أح ��رار الجوالن �إلى الر�أي‬ ‫العام العالمي والمنظمات الدولية والإن�سانية‪.‬‬ ‫و�إثر تدهور الأو�ضاع في الجوالن‪ ،‬توجه �أربعة نواب من الجبهة الديمقراطية لل�سالم‬ ‫والم�ساواة �إلى قرى الجوالن لالطالع على �أو�ضاعهم عن كثب‪ ،‬لكن قوات الجي�ش منعتهم‬ ‫م ��ن دخوله ��ا‪ ،‬ما حدا بهم �إلى �إ�ص ��دار مذكرة �إلى ال ��ر�أي العام الإ�س ��رائيلي والعالمي‪،‬‬ ‫و�صفوا فيها حقيقة ما يجري في الجوالن‪.‬‬ ‫عق ��ب تلك الحادث ��ة �أدانت �ص ��حيفة ه�آرت�س ف ��ي افتتاحيتها بتاري ��خ ‪1982/ 3 /15‬‬ ‫ممار�س ��ات �إ�س ��رائيل في الجوالن‪ ،‬ومثله ��ا فعلت دافار وعل هم�ش ��مار‪ )15(.‬في الإطار‬ ‫نف�سه‪� ،‬أحكمت �إ�سرائيل ح�صارها‪ ،‬وكان حليب الأطفال نفذ‪ ،‬والأمرا�ض تف�شت‬ ‫حت ��ى بلغ عدد الأطفال الم�ص ��ابين بالح�ص ��بة ح�س ��ب بع�ض الإح�ص ��ائيات ‪ %40‬من‬ ‫مجموع من تقل �أعمارهم عن ‪ 14‬عام ًا‪.‬‬ ‫ف ��ي ه ��ذه الأثناء‪ ،‬راح عدد م ��ن الجنود الإ�س ��رائيليين يجوبون الق ��رى‪ ،‬معلنين عبر‬ ‫مكبرات ال�ص ��وت �أن كل من ال يتقدم بطلب الح�ص ��ول على الهوية الإ�س ��رائيلية حتى ‪1‬‬ ‫ني�سان من العام نف�سه‪� ،‬سيقدم �إلى المحاكمة ويغرم بمبالغ طائلة‪.‬‬ ‫وبتاريخ ‪ ،1982 / 3 /17‬ا�س ��تيقظ �أهالي مجدل �شم�س على �أ�صوات �ألوف ال�سوريين‬ ‫الذين احت�ش ��دوا على الجانب ال�ش ��رقي لخ ��ط وقف �إطالق النار‪ .‬فاندفع �س ��كان القرى‬ ‫لمالقاته ��م من خلف الأ�س�ل�اك ال�ش ��ائكة وحقول الألغ ��ام‪ ،‬مما دفع بخم�س ��مائة جندي‬ ‫�إ�سرائيلي مدججين بال�سالح �إلى تفريقهم بالقوة‪.‬‬ ‫ا�ستمر هذا الو�ضع بالت�أزم حتى تاريخ ‪ ،1982 / 3 /31‬حيث ا�ستقدمت �إ�سرائيل با�ستقدام‬ ‫حوال ��ي ‪� 16‬أل ��ف جندي �إل ��ى قرى اله�ض ��بة‪ ،‬فمقابل كل طفل �أو �س ��يدة �أو �ش ��يخ كان هناك‬ ‫جندي �إ�س ��رائيلي مدجج بال�س�ل�اح ويزيد‪ ،‬معززين بعدد كبير م ��ن المجنزرات والحافالت‬ ‫الع�س ��كرية‪ ،‬مدعمين بالحوامات‪ .‬عُ زلت قرى الجوالن تمام ًا عن العالم الخارجي‪ ،‬وحو�صر‬ ‫�أهله ��ا ف ��ي خلوة مجدل �ش ��م�س ومحيطها‪ ،‬حيث ح�ض ��ر �آرييل �ش ��ارون وزي ��ر الحرب وقائد‬ ‫المنطقة ال�شمالية �أمير دروري‪ ،‬وهددا بق�صف الخلوة ومحيطها بمن فيهما‪.‬‬ ‫وفي �ص ��باح ‪� 1982 /4/1‬أحكم تطبيق الح�ص ��ار‪ ،‬وتوزع عدد من الجنود على �أ�سطح‬ ‫المن ��ازل‪ ،‬ومن ��ع الأهالي من مغادرة بيوته ��م �أو حتى فتح �س ��تائر نوافذهم‪ .‬ثم انطلقت‬ ‫قوات الجي�ش الإ�س ��رائيلي على �ش ��كل مجموعات‪ ،‬كل منها تت�ألف من حوالي ‪ 15‬جنديا‪،‬‬ ‫دخلوا �إلى كل بيت في القرى الأربع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫راح الجنود يدخلون المنازل م�س ��تخدمين الحوار والطرق الدبلوما�سية بادئا‪ ،‬لإقناع‬ ‫الأهالي بت�س ��لم الهويات التي �أعدت لهم م�س ��بق ًا‪ ،‬وما �إن يرف�ضونها‪ ،‬حتى ينهال الجنود‬ ‫عليه ��م بال�ض ��رب ب�أعق ��اب بنادقهم‪ ،‬ث ��م اعتقال من يقاوم بط�ش ��هم‪ .‬حولت �إ�س ��رائيل‬ ‫المدار�س �إلى معتقالت‪ ،‬بعد �أن خرب الجنود �أثاثها‪ ،‬ولج�أت �إلى �أ�ساليب تعذيب بدائية‬ ‫وح�شية‪� ،‬إ�ضافة لإطالق النار على البع�ض‪ ،‬والذي �أدى لإ�صابات بالغة الخطورة‬ ‫ا�س ��تمرت ه ��ذه الحملة ثالث ��ة �أي ��ام متوا�ص ��لة‪ ،‬بتغطية ودع ��م كاملين م ��ن الإذاعة‬ ‫والتلفزة في �إ�س ��رائيل‪ ،‬والتي حاولت عبث ًا ت�س ��ميم نفو�س المواطنين‪ ،‬تار ًة بالإعالن �أن‬

‫وجه ��اء اله�ض ��بة وكبار ال�شخ�ص ��يات الوطنية فيها ا�س ��تلموا الهويات الإ�س ��رائيلية‪ ،‬وما‬ ‫عل ��ى المواطنين �إال قبولها‪ ،‬وتارة �أخرى بالتهديد و�إطالق الويالت على ال�س ��كان بهدف‬ ‫ال�ضغط والتخويف‪.‬‬ ‫ُفك الح�ص ��ار بعدها‪ ،‬وكانت النتيجة ف�شل القوات الإ�س ��رائيلية بكل و�سائل الترغيب‬ ‫والقوة والتهديد و�إطالق الر�ص ��ا�ص بتوزيع الهوية الإ�س ��رائيلية على ال�س ��كان‪ .‬وبعد فك‬ ‫الح�صار‪ ،‬احت�شد الأهالي في �ساحات القرى الأربع‪ ،‬جامعين الهويات التي تركها الجنود‬ ‫خلفهم في ال�ش ��وارع والأر�ص ��فة والأزق ��ة‪ ،‬و�أمام �أعين الجنود وعد�س ��ات ال�ص ��حفيين‪،‬‬ ‫دا�سوها ب�أرجلهم وحرقوا بع�ضها‪ ،‬وتم و�ضع بع�ضها الآخر في �صناديق‪ ،‬ثم �أر�سلوها �إلى‬ ‫رئي�س وزراء �إ�سرائيل‪ ،‬مناحم بيغن في ديوانه‪.‬‬ ‫نتيجة ما تقدم‪ ،‬تكون �إ�س ��رائيل ف�ش ��لت في ك�س ��ر �ش ��وكة الإ�ض ��راب و�إرغام المواطنين‬ ‫عل ��ى ا�س ��تالم هوياتها‪ .‬ومن جديد‪ ،‬عادت المظاهرات والم�س ��يرات تجوب �ش ��وارع القرى‪،‬‬ ‫معلنة رف�ض ��ها لالحت�ل�ال‪ ،‬وعازمة على اال�س ��تمرار في الرف�ض حتى تتراج ��ع حكومة بيغن‬ ‫ع ��ن ت�ش ��ريعها‪ .‬و�إلى يومه الأخير‪ ،‬ل ��م يخل يوم واحد م ��ن �أيام الإ�ض ��راب دون مظاهرات‬ ‫وا�ش ��تباكات م ��ع القوات المحتلة‪ ،‬لكن ف ��ي مقابل ذلك كانت الأمرا�ض ا�س ��تفحلت‪ ،‬والمواد‬ ‫التموينية تال�شت‪ ،‬والأو�ضاع على كافة الأ�صعدة تدهورت حتى و�صلت �إلى حد غير معقول‪.‬‬ ‫كان ��ت �إ�س ��رائيل من جهته ��ا‪ ،‬اعترفت للم�ل��أ بف�ش ��لها الذريع في تحقي ��ق مخططها‬ ‫في اله�ض ��بة ال�س ��ورية المحتلة‪ ،‬فال �ض ��م الجوالن تحقق‪ ،‬وال نجحت بفر�ض الجن�س ��ية‬ ‫الإ�س ��رائيلية والخدمة الإلزامية على �س ��كانها‪ .‬مما دعاها �إلى التيقن با�ستحالة تطبيق‬ ‫�إجراءاته ��ا بكل ما تملك‪ .‬وهكذا‪ ،‬اقتربت نهاية الإ�ض ��راب بعد �أن حقق معظم �أهدافه‪،‬‬ ‫فدخل الأهالي في مفاو�ض ��ات مع �س ��لطات االحتالل عبر و�س ��طاء عرب وفل�س ��طينيين‪،‬‬ ‫بهدف الو�ص ��ول �إلى حل مقبول ين�س ��جم مع متطلبات ال�سكان‪ ،‬تو�صل الجانبان فيها �إلى‬ ‫فك الإ�ضراب في ‪ 1982 /7/20‬بعد دخول �إ�سرائيل في حرب فا�شلة قادتها �ضد لبنان‪،‬‬ ‫وح�ص ��دت نتيجتها و ُمر �آثامها‪ .‬يومها‪ ،‬كان للن�ض ��ال في الجوالن طعم �آخر؛ وال �شك �أن‬ ‫الذين عاي�شوا تلك المرحلة يبكون دما‪� ،‬إذا ما قارنوها بـ “ن�ضال” اليوم‪ ،‬وما ي�شوبه من‬ ‫ا�س ��تعرا�ض وم ��زاودة ونفاق!! َمن كان واعيا تلك المرحلة‪ ،‬ول ��ه ذاكرة جيدة‪ ،‬يعرف �أنه‬ ‫طوال كل تلك ال�سنين الخالدة في تاريخ الجوالنيين‪ ،‬كان النظام ال�سوري ح�ساب ًا �ساقطا‬ ‫من كتابهم الن�ضالي‪ ،‬ولم يكن هناك �أي ذكر له‪ ،‬ولكل ما يتعلق به‪.‬‬ ‫اليوم‪� ،‬أ�ص ��بح الو�ضع مختلف ًا‪ ،‬وان�ضم �أهالي الجوالن �إلى �شعبهم ال�سوري في تمجيد‬ ‫�أ�س ��باب بلوتهم واحتالل �أر�ض ��م‪ ،‬ف�ص ��رنا نق ��ر�أ بيان ��ات وبرقيات موقعة با�س ��م �أهالي‬ ‫الج ��والن‪ ،‬كما في البرقية الموجهة �إلى الم�ؤتمر القطري الأخير لحزب البعث‪ ،‬تقول‪” :‬‬ ‫�أيها الرفاق‪ ،‬نهنئكم ونهنئ �ش ��عبنا بانعقاد الم�ؤتمر القطري العا�ش ��ر لحزبنا ال�صامد‪،‬‬ ‫ال ��ذي دحر القهر والتخلف واال�س ��تبداد‪ ،‬و�أ�ض ��حى نور ًا �س ��اطع ًا‪ ،‬ب� � ّد َد مواطئ الظلمة‪،‬‬ ‫وبعث الحياة في كل بقاع الوطن الغالي‪ ،‬ون�ش ��ر الأمن والحب والعطاء في كل بيت وحقل‬ ‫وم�ص ��نع ومعه ��د”! ول ��و �أن كاتب هذه ال�س ��طور يجزم �أن ه ��ذه البيان ��ات والبرقيات‪ ،‬ال‬ ‫يعل ��م به ��ا �إال كتابها‪ ،‬والذي ��ن ال يتجاوزون �أ�ص ��ابع اليد الواحدة؛ وه ��ي تُفب َرك ِمن غير‬ ‫علم الأهل‪ ،‬وم�ض ��امينها ال تحوز على موافقة الغالبية العظمى من ال�سكان؛ �أو بيان على‬ ‫�ش ��اكلة الذي �ص ��در قبل �أيام بمنا�س ��بة ذكرى ال�ضم‪ ،‬والذي ي�س ��اوي الجالد بال�ضحية‪،‬‬ ‫ب�شكل يثير الحيرة والده�شة واال�ستغراب‪ ،‬في �إيراده ما يلي‪:‬‬ ‫“…‪ .‬تحية لكل المعتقلين و�سجناء الحرية وال�ضمير في كل مكان‪.‬‬ ‫…‪ ..‬التحي ��ة والح ��ب والتقدير لأبناء �ش ��عبنا ولجي�ش ��نا الوطن ��ي وقيادتنا‪ ،‬وعلى‬ ‫ر�أ�سها ال�سيد الرئي�س ب�شار الأ�سد”‪.‬‬ ‫هك ��ذا ب ��د�أت م�س ��يرة �أهالي الج ��والن الكفاحي ��ة والن�ض ��الية‪ ،‬وهذا ما انته ��ت �إليه؛‬ ‫فالنظام نف�س ��ه الذي خ�س ��ر الأر�ض‪ ،‬ع ��اد ليقب�ض ثمن تاريخ طويل م ��ن عذابات الأهل‬ ‫وت�ض ��حياتهم تحت االحتالل‪ ،‬وبقرار من الأهل �أنف�س ��هم؛ �أو من بع�ض ��هم‪� ،‬إذا ا�س ��تقام‬ ‫القول!؟ �إنهم في المح�صلة جزء من �شعب �أج ِبر‪� ،‬أو وجد نف�سه م�ضطر ًا‪ ،‬وفي �سابقة لم‬ ‫يح�صل لها مثيل في التاريخ‪ ،‬على تمجيد خيباته وهزائمه وانك�ساراته‪ ،‬وت�شييد التماثيل‬ ‫ونظم الأنا�شيد والقوافي لأ�صحاب تلك الهزائم والم�س�ؤولين عنها!‬ ‫ح�سان �شم�س‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الم�صادر ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬الجوالن ملحمة �صمود – نظير مجلي �ص ‪53-52‬‬ ‫(‪ )2‬ا�ستراتيجية ال�صهيونية و�إ�سرائيل تجاه المنطقة العربية والحزام المحيط بها – حبيب قهوجي‪� -‬ص ‪51‬‬ ‫(‪ )3‬نف�س الم�صدر – �ص ‪59‬‬ ‫(‪ )4‬مرتفعات الجوالن – د ‪ .‬عبد ال�ستار قا�سم ‪�-‬ص‪90‬‬ ‫(‪ )5‬نف�س الم�صدر �ص‪92‬‬ ‫(‪ )6‬الجوالن �سجل �أحداث �ص‪22‬‬ ‫(‪ )7‬الجوالن �سجل �أحداث ـ م�صدر �سابق ـ نف�س ال�صفحة‬ ‫(‪ )8‬مرتفعات الجوالن ـ م�صدر �سابق �ص‪101‬‬ ‫(‪� )9‬إذاعة �صوت �إ�سرائيل – ‪1981 / 12 / 27‬‬ ‫(‪ )10‬وكالة رويتر – ‪1981 / 12 / 27‬‬ ‫(‪ )11‬وكالة فران�س بري�س ‪1981 / 12 / 17‬‬ ‫(‪� )12‬صحيفة ه�آرت�س ‪1982/2/16‬‬ ‫(‪� )13‬صحيفة عل هم�شمار ‪1982/2/16‬‬ ‫(‪� )14‬صحيفة ه�آرت�س ‪1982/2/21‬‬ ‫(‪� )15‬صحيفة ه�آرت�س ـ دافار ـ عل هم�شمار ‪1982 / 3 / 15‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫الجوالن وثورة الحرية ‪� : 2011‬سقوط ورقة التوت‬ ‫تقا�سيم َجوالنية على �إيقاع الثورة ال�سورية‬

‫الجوالن في قب�ضة النظام‪:‬‬

‫ورقة لعب �سيا�سي‪ ،‬مبرر لقمع‬ ‫الحريات‪ ،‬وق�ضية �شـعب متروك‬

‫مزاج موالي النظام في اله�ض ��بة ال�س ��ورية المحتلة لي�س في �أح�س ��ن �أحواله هذه الأيام؛‬ ‫ذلك �أنّ �أكثر من ثمانين نا�شطا ومثقفا جوالنيا �أ�صدروا بيانا‪ ،‬نهاية �آذار المن�صرم‪� ،‬أعلنوا‬ ‫فيه ‘انحيازهم الكامل ل�ش ��عبهم ال�س ��وري �ض ��د جالديه’‪ ،‬معتبرين �أن ‘كل َمن يقتل �شعبه‬ ‫خائ ��ن’‪ ،‬عل ��ى ما ورد في بيانهم‪ .‬م ��ا زاد الطين بلة‪ ،‬تنظيم حوالي ‪� 150‬شخ�ص ��ا قبل مدّة‬ ‫اعت�ص ��اما في �ساحة مجدل �ش ��م�س دعما للثورة ال�سورية‪ ،‬تبعه ب�أ�سابيع وقفة �شموع �صامتة‬ ‫لع�شرات الجوالنيين حدادا على �أرواح �شهداء الثورة‪.‬‬ ‫على المقلب الآخر‪ ،‬ف�إن الموالين للنظام‪ ،‬نظموا العديد من مظاهرات الت�أييد له خالل‬ ‫الفترة المن�ص ��رمة‪ .‬بع�ض ه�ؤالء �أعملوا تخوينا ب�ش ��عبهم ال�س ��وري المنتف�ض على نظامه‪،‬‬ ‫متب ّنين خطاب ال�س ��لطة بحرفيته �ض ��د كل عا�ص عليها بل �إن عددا منهم دعا �أجهزة �أمن‬ ‫النظام‪ ،‬عبر قنوات الإعالم الر�س ��مية‪ ،‬ل�ضرب المتظاهرين بيد ِمن حديد‪ ،‬مل�صقين بهم‬ ‫�شتى تهم التخوين والت�آمر على ‘الوطن وقيادته’‪ .‬فيما معار�ضو النظام‪ ،‬بخالف الموالين‪،‬‬ ‫يرون �أن ال�ساحة تت�سع للجميع‪.‬‬ ‫عل ��ى ما يب ��دو‪� ،‬أنّ ثقافة الإق�ص ��اء والتخوين والت�ش ��بيح الت ��ي يعتمده ��ا النظام داخل‬ ‫الأرا�ض ��ي ال�سورية لها مثيلتها على ال�س ��احة الجوالنية‪ ،‬مع فارق �أنّ لي�س فيها عنفا م�سلحا‬ ‫فمحازب ��و النظ ��ام يحاول ��ون فر�ض ر�ؤيته ��م على الآخرين بط ��رق تفتقد �إل ��ى الحد الأدنى‬ ‫ِمن ال�ش ��فافية والتعامل الإن�س ��اني في كثير من الأحيان �إ�ض ��افة �إلى ت�شوي�شهم الدائم على‬ ‫الم�ؤيدين للحراك ال�ش ��عبي ال�س ��وري‪ ،‬و�أحيانا االعتداء الج�سدي على بع�ضهم‪ ،‬ومحاولتهم‬ ‫منع و�س ��ائل الإعالم العربية والأجنبية التي تغطي الأن�شطة المناه�ضة للنظام في الجوالن‬ ‫المحتل‪ .‬والحجة‪� ،‬أن تلك الو�سائل مت�آمرة على الوطن؛ وال توازن في تغطيتها بين الم�ؤيدين‬ ‫للنظام والمعار�ضين له‪.‬‬ ‫لكن الق�ش ��ة التي ق�ص ��مت ظهر البعير‪ ،‬محدثة فرزا وا�ضحا على ال�ساحة الجوالنية‪ ،‬هي‬ ‫نجاح الموالين بعد محاوالتهم المتك ّررة الت�ضييق على الم�ساندين للثورة ال�سورية في تمرير‬ ‫قرار‪ ،‬عــــبر الهيئة الروحــــية‪ ،‬يفر�ض مقاطعة دينية واجتماعية ووطنية على كل َمن يجاهر‬ ‫بموقف معار�ض‪ .‬جاء ذلك الموقف‪ ،‬بعد م�ش ��اركة َ‬ ‫نا�شطين جوالنيين في م�ؤتمر المعار�ضة‬ ‫ال ��ذي انعقد م�ؤخرا ف ��ي �أنطاليا؛ ما �أثار حفيظة العديدين هنا‪ ،‬معلنين ا�س ��تنكارهم لذلك‬ ‫القرار وعدم التزامهم بكل ما ورد فيه‪ .‬وفي وقت ُي�س� � َفح فيه الدم ال�س ��وري في كافة �أرجاء‬ ‫الوطن‪ .‬يبدو �أن العديد ِمن الجوالنيين‪ ،‬الذين ا�س ��تثمروا ‘�أجواء االنفتاح’ التي وف ّرها لهم‬ ‫المحتل �أ ّيما ا�س ��تثمار في مقاومته ورف�ض مخططاته‪ ،‬ا�س ��تكثروا تلك القيمة على بع�ض ��هم‬ ‫محاولين َ‬ ‫ال�س ��بل‪ ،‬تحت ذريعة عدم �ش ��رخ ال�ص ��ف الوطني‪ ،‬وذلك‬ ‫فر�ض �أجندتهم ب�ش ��تى ُ‬ ‫عبر ح�ص ��ر الوالء للوطن ِمن بوابة الوالء للنظ ��ام الحاكم فيه الأمر الذي ال يحظى ب�إجماع‬ ‫�أهال ��ي الجوالن كما ُيخ َّيل لأ�ص ��حابه؛ فالحقيقة الوحيدة المطلقة هنا‪َّ � ،‬أن الجوالن �س ��وري‬ ‫ب�أر�ض ��ه و�س� � ّكانه‪ ،‬وكل ما عدا ذلك كان قاب ًال للنقا�ش والت�شريح واالختالف‪ ،‬و�سيبقى‪ .‬وه َو‬ ‫مخط ��ئ‪ ،‬كل َم ��ن يحاول نقل ال�ص ��ورة ِمن هنا عل ��ى غير هذا النحو‪ .‬من ��ذ نهاية ثمانينات‬ ‫القرن المن�صرم‪ ،‬عمدت �إ�سرائيل �إلى ا�ستبدال �سيا�سة القب�ضة الحديدية بما ُ‬ ‫ا�صطلح على‬ ‫ت�س ��ميته �سيا�س ��ة ‘الكعكة المفتوحة’ التي تجبر كل مواطن جوالني على االنغما�س الق�س ��ري‬ ‫�أ ً‬ ‫وال ب�أول في عجلة الحياة الإ�س ��رائيلية‪ ،‬عبر حرب اقت�ص ��ادية �ش ��عواء‪ ،‬ال تبقي للمواطنين‬ ‫خيار ًا‪ ،‬مح ّققة بتلك ال�سيا�سة نجاح ًا ال ُي�ستهان به‪ .‬هنا‪ ،‬دخل ن�ضال �أهالي الجوالن المحتل‬ ‫طوره ‘اال�ستعرا�ض ��ي‪ ،‬الكرنفالي والمو�س ��مي’‪ ،‬دون �أي تدّخل مبا�شر ُيذكر ِمن ِقبل �سلطات‬ ‫االحتالل‪ ،‬التي �أ�صبح تواجدها الع�سكري الغائب الأكبر في الطقو�س الن�ضالية التي يمار�سها‬ ‫المواطنون‪� ،‬إذ اقت�ص ��ر عمله ��م الوطني‪ ،‬في معظمه‪ ،‬على االحتف ��االت والبيانات وبرقيات‬ ‫الت�أييد �أو ال�شجب واال�ستنكار‪ ،‬خال بع�ض الخاليا والتنظيمات هنا وهناك‪ ،‬التي انطلقت من‬ ‫تلقاء نف�سها‪ ،‬في محاولة لإزعاج العدو �أو �ضرب من�ش�آته‪.‬‬ ‫نوع ِم ��ن التوا�ص ��ل الدائم مع الوط ��ن‪ ،‬لتغطي ��ة الفراغ الناتج عن ك�س � ِ�ر‬ ‫وبق�ص ��د خل ��ق ٍ‬ ‫القاع ��دة الذهبية‪‘ :‬حي ��ث يوجد احت�ل�ال توجد مقاوم ��ة’‪ ،‬والتي يتح ّمل النظام ال�س ��وري‬

‫كامل الم�س� ��ؤولية عنها‪ ،‬م�ض ��اف ًا �إليها العزل المحكم الذي فر�ضته �إ�سرائيل على الأهالي‪،‬‬ ‫وجدت �إحدى الفئات االجتماعية �ض ��التها‪ ،‬وذلك عبر متابعة الإعالم ال�س ��وري الر�س ��مي‪،‬‬ ‫وكلما �أدلى �أحد �أركان ال�سلطة بت�صريح �أو اتخذ موقفا‪ ،‬ال َقو ُه تهلي ًال وتعظيم ًا و�إ�شاد ًة‪ ،‬عبر‬ ‫برقيات ُيط ّيرونها �إلى دم�شق‪ ،‬مو ّقعين �إياها با�سم ‘جماهير الجوالن’ ِمن دون الرجوع �إلى‬ ‫الأهال ��ي غالب الأحيان وعدا بيان واحد �ص ��در في الأيام الأخي ��رة‪ ،‬و ّقعه عدد ِمن خ ّريجي‬ ‫جامعة دم�ش ��ق م ّمن ي�ؤيدون النظام ‘وم�س ��يرة الإ�صالح’‪ ،‬ف�إنّ ع�ش ��رات‪ ،‬بل مئات برقيات‬ ‫الت�أييد‪ ،‬يتناولها الإعالم ال�سوري‪ ،‬ال يعرف ب�ش�أنها �إال كتّابها هذه هي ال�صورة في الجوالن‬ ‫المحتل‪ِ ،‬من دون زيادة وال نق�ص ��ان‪ ،‬وهذا ما يحتّم الإ�ش ��ارة �إلي ��ه‪ ،‬لإزالة �أي التبا�س حول‬ ‫موقف الأهالي هنا‪� .‬أمور كالتي �سبق ذكرها‪ ،‬تطفو على ال�سطح غالب ًا في �أوقات الأزمات‪،‬‬ ‫حي ��ث يختلط على بع�ض الأهالي حابل الأمور بنابلها؛ �س� � ّيما �أن �ش ��رائح جوالنية وا�س ��عة‪،‬‬ ‫ب�ض ��منها نخب متعلمة‪ ،‬تعاني مما يمكن ت�س ��ميته بـ ‘فو�ضى م�شاعر وطنية’‪ ،‬تتجلى بنظرة‬ ‫جامدة ‘ثالثية الأبعاد’ لم�س� ��ألة االنتماء‪ ،‬عمادها الأر�ض وال�ش ��عب والقيادة‪ .‬فما ت�ش ��هده‬ ‫�س ��وريا هذه الأثناء‪ ،‬انعك�س ب�ش ��كل �صارخ على الم�ش ��هد الجوالني‪ ،‬محدثا فرزا وا�ضحا ال‬ ‫يمكن التغا�ض ��ي عنه �أو محاولة تمويهه �أو حتى االلتفاف عليه‪ ،‬وهو ّ‬ ‫مر�ش ��ح للزيادة الحادة‬ ‫مع تطور الأحداث داخل الأرا�ض ��ي ال�سورية‪ .‬فال�ساحة الجوالنية منق�سمة بين م�ؤيد للنظام‬ ‫ال�س ��وري ومعار�ض له منذ ع�شرات ال�سنين‪ ،‬وهذا االنق�س ��ام طال حتى الأ�سرى في �سجون‬ ‫االحتالل الإ�سرائيلي‪.‬‬ ‫ال يمك ��ن بح ��ال‪ ،‬نكران حقيق ��ة �أن فئة ِم ��ن الجوالنيين تدي ��ن بوالئها المطل ��ق للنظام‬ ‫ال�س ��وري وت�ؤمن ب�أبد ّيته‪ ،‬منطلقة ِم ��ن قناعتها بدوره (الوطني‪ ،‬المق ��اوم والممانع)؛ لكن‬ ‫فهم ما يدور على ال�س ��احة الجوالنية يتطلب الإ�ش ��ارة �إلى �أن ّ‬ ‫تدخل �أجهزة الأمن ال�س ��ورية‬ ‫ّ‬ ‫ت�ض ��اعف في العقدين المن�ص ��رمين �إلى حدود غير م�سبوقة‪ ،‬تجلى ذلك في االنغما�س بكل‬ ‫�ش ��اردة وواردة في حياة الأهالي‪ .‬زد على ذلك �س ��ماح النظام لمئ ��ات الطالب الجوالنيين‬ ‫ا�ستكمال درا�ستهم العليا في جامعة دم�شق منذ �أواخر �سبعينات القرن المن�صرم‪ ،‬وتنظيم‬ ‫زيارات لرجال الدين �إلى الأماكن المقد�سة ال�سورية بداية الت�سعينات‪� ،‬إ�ضافة لفتح �أ�سواق‬ ‫الوط ��ن �أمام التف ��اح الجوالني اعتب ��ارا من عام ‪ ،2005‬وتخ�صي�ص ��ه تعوي�ض ��ات ومرتبات‬ ‫�ش ��هرية للمعلمي ��ن والمعتقلي ��ن وبع�ض الفئات التي قطعت �س ��لطات االحتالل الإ�س ��رائيلي‬ ‫�أرزاقها‪ ،‬ج ّراء مواقفها المناه�ضة لها‪.‬‬ ‫�ش ��بكات الم�ص ��الح تل ��ك‪ ،‬م�ض ��افا �إليها ما ي�س� � ّمى ‘هواج� ��س الأقلي ��ات’ والخوف على‬ ‫امتداداتهم الأ�س ��رية وعالقات القربى داخ ��ل الوطن‪ ،‬وتح ّفظ البع�ض عن �إبداء �أي موقف‬ ‫وا�ض ��ح تجاه الحراك ال�شعبي ال�سوري وعنف ال�سلطة الذي يقابله خوفا‪ ،‬بح�سب قناعتهم‪،‬‬ ‫ِمن ا�س ��تثمار �سلطات االحتالل الإ�سرائيلي له‪� ،‬إ�ض ��افة �إلى انبالج �شريحة جديدة ‘موالية‬ ‫ب�شرا�س ��ة’‪ ،‬م�س ��تغلة حالة االنق�س ��ام بغية تلميع ما�ض يعتقد كثيرون هنا �أنه غير مجيد كل‬ ‫ذلك‪ ،‬كان له �أبلغ الأثر في تحديد مواقف العديدين في الجوالن المحتل تجاه كل ما يحدث‬ ‫المنجمين‬ ‫على ال�ساحة ال�سورية‪ .‬والحال‪ ،‬ف�إنه حتى ولو جعل بع�ض الجوالنيين ِمن تنب�ؤات ّ‬ ‫و�ض ّريبي المندل ‪� -‬ضيوف الف�ضائيات اللبنانية في ر�أ�س ال�سنة‪ -‬بو�صلة لتحديد مواقفهم‬ ‫ال�سيا�س ��ية‪ ،‬جازمين �أن الأ�سد �س ��يجتاز هذا القطوع وي�س� � ّلم القيادة �إلى ابنه ِمن بعده؛ �أو‬ ‫فا�ضت ‘م�شاعر الوفاء’ عند بع�ضهم الآخر ح ّد الخلط‪ ،‬عن عمد �أو غير عمد‪ ،‬بين الف�ضل‬ ‫والواجب بما يخت�ص بعالقة ال�س ��لطات ال�س ��ورية ب�أهالي اله�ضبة المحتلة‪ ،‬ف�إن ما يمار�سه‬ ‫النظام بحق ال�ش ��عب ال�س ��وري وتتناقله و�س ��ائل الإعالم‪ ،‬رغم محاولة ال�س ��لطات ال�سورية‬ ‫تكميمها‪ ،‬جعل المقارنة‪ ،‬لدى �شرائح جوالنية عديدة‪ ،‬بين ممار�سات االحتالل الإ�سرائيلي‬ ‫والنظام ال�س ��وري الحا�ضر الأكبر‪ ،‬في ظل رجحان هائل لك ّفة هول ما ُيمار�سه على ال�شعب‬ ‫ال�س ��وري ِم ��ن قمع وقتل وتدمي ��ر وتهجير على ال ��ذي يرتكبه االحتالل الإ�س ��رائيلي بحقهم‬ ‫ك�أبن ��اء �أر�ض محتلة ما ي�ض ��ع النظام ال�س ��وري ومواليه‪ ،‬حيثما ُوج ��دوا‪ ،‬في خانة المدانين‬ ‫ّ‬ ‫المنق�ضين على الآخرين �أو المخ ِّونين لهم‪.‬‬ ‫�أخالقيا ووطنيا ال‬ ‫ح�سان �شم�س‬

‫‪http://www.alquds.co.uk/indexasp?fname=data\2011\07\07-03\03qpt480.htm‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫وفاء الجوالن‬ ‫“ كن ��ا دوم ��ا حذري ��ن في ط ��رح مواقفنا و�آرائن ��ا تجاه ما يجري ف ��ي الوطن‪ ،‬من‬ ‫تغييب للحري ��ات والديمقراطية والف�س ��اد وتغييب المواطن والمواطني ��ة‪ .‬لكننا �أدركنا‪،‬‬ ‫وتحديدا بعد �أن ا�ست�شهد �أحد رفاقنا‪ ،‬هايل �أبو زيد‪ ،‬بعد ق�ضاء ع�شرين عاما في الأ�سر‪،‬‬ ‫�أدركن ��ا عمق ال�ص ��لة واالرتباط بي ��ن فقداننا لحريتنا داخل الأ�س ��ر وفق ��دان المواطن‬ ‫لحريته في ال�ش ��ام وعالمنا العربي عموما‪ .‬نحن نرى اليوم هذه الأوطان �س ��جونا لي�ست‬ ‫�أقل من �س ��جننا‪ ،‬ف�إذا كان �س ��جننا المادي‪ ،‬واالحتالل في الجوالن ق�سم العزل في هذا‬ ‫ال�سجن الكبير‪ ،‬ف�إن �أوطاننا العربية هي �سجون تقتل كل �إمكانية تحررنا من هذا العزل‬ ‫عن الوطن الأم‪ .‬لقد �أدركنا ب�أن �أكبر توازن ا�ستراتيجي يمكن �أن نحققه كدول عربية هو‬ ‫منح المواطن حريته وحقه في ممار�سة الديمقراطية”‪.‬‬ ‫لم ت�أت هذه العبارات من فم �أي زعيم معار�ض ��ة يطمح �إلى ا�ستالم ال�سلطة �أو يدافع‬ ‫عن حقه في تحمل م�س�ؤوليته تجاه وطنه‪ ،‬وال من قلم �أي مثقف حري�ص على فهم �أ�سباب‬ ‫عج ��ز البالد العربية ع ��ن مواجهة االحتالالت الأجنبية‪ ،‬و�إنما على ل�س ��ان �أحد �ش ��باب‬ ‫المقاومة العربية في الجوالن ال�س ��وري المحتل الذي لم يتجاوز الع�ش ��رين من عمره �إال‬ ‫قلي�ل�ا‪ ،‬في ر�س ��الة مهربة من ال�س ��جن بعثها لي �أح ��د زمالئه الذين عانوا مثله �س ��نوات‬ ‫ال�س ��جن الطويلة‪ .‬الأ�سير وئام محمود عما�ش ��ة الذي كتب هذه الر�سالة يقبع في �سجون‬ ‫االحتالل اال�س ��رائيلي منذ �س ��نوات‪ ،‬ي�ش ��كو فيها من العزلة التي يعي�ش ��ها �شعب الجوالن‬ ‫عن وطنه الأم‪ ،‬وتلك التي يعاني منها الأ�س ��رى ال�س ��وريون الذين ق�ضى بع�ضهم �أكثر من‬ ‫ع�ش ��رين عاما في ال�س ��جن‪ ،‬متروكين لم�ص ��يرهم‪ ،‬من دون �أي اهتمام يذكر‪ ،‬ال من قبل‬ ‫�سلطات بالدهم وال حتى من قبل الر�أي العام‪� .‬أو هكذا هم ي�شعرون على �أية حال‪ .‬دخل‬ ‫وئام ال�سجن لأول مرة في ال�ساد�سة ع�شر من عمره‪ ،‬وقبل �أن ينهي ال�سنوات الخم�س من‬ ‫محكوميته عام ‪� ،1999‬أدين بع�شرين �سنة جديدة العام الما�ضي‪.‬‬ ‫بهذه العبارات ح�س ��م وئام‪ ،‬من دون �أن يدري ربما‪ ،‬نقا�ش ��ا نظريا ال يزال دائرا منذ‬ ‫�س ��نوات عديدة في العالم العربي يجعل فيه البع�ض من الدفاع عن الأوطان وا�ستقاللها‬ ‫ذريعة للت�س ��اهل في احترام حقوق الأفراد وم�صالحهم‪ ،‬وت�أبيد العمل بقوانين اال�ستثناء‬ ‫واالح ��كام العرفية‪ ،‬بينما يح ��ول البع�ض الآخر الدفاع عن ه ��ذه الحريات والحقوق �إلى‬ ‫غاية تتجاوز م�س ��ائل اال�س ��تقالل وال�س ��يادة لأنها ت�شكل م�صدر �ش ��رعيتهما �أ�صال‪ .‬فقد‬ ‫اكت�ش ��ف‪ ،‬في م�أ�س ��اة الجوالن المحتل من ��ذ ‪ 39‬عاما من دون �أي �أفق وا�ض ��ح للخال�ص‪،‬‬ ‫م�أ�س ��اة الوطن الأم نف�س ��ه‪ ،‬ومن وراء ذلك الترابط الذي ال ينف�ص ��م بين الوطنية‪ ،‬بما‬ ‫تعني ��ه من حر�ص على اال�س ��تقالل وال�س ��يادة والدف ��اع عن الأر� ��ض‪ ،‬والوطنية من حيث‬ ‫ه ��ي احترام حق ��وق المواطنين والدف ��اع عن حرياته ��م الفردية وحقهم في الم�ش ��اركة‬ ‫الديمقراطية‪ .‬ومن الملفت �أن يكتب وئام �أن �إدراكه لهذه العالقة قد ح�ص ��ل مبا�ش ��رة‪،‬‬ ‫كما ذكر في ر�س ��الته‪ ،‬بعد وفاة ال�ش ��هيد هايل �أبو زيد‪ ،‬الذي كان رمزا للكفاح البطولي‬ ‫لنخبة �ش ��باب الجوالن‪ ،‬والتعبير الأنقى عن روح الت�ض ��حية ونكران الذات التي ميزتهم‬ ‫منذ بداية االحتالل‪ ،‬وب�شكل خا�ص بعد �إعالن �إ�سرائيل قرار �ضمه �إليها عام ‪.1982‬‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫بيان ل�سوريين من الجوالن المحتل‬

‫كي ��ف يمكن لإن�س ��ان �أن ال يرى ه ��ذه العالقة البديهية‪ ،‬التي اكت�ش ��فها وئام بالتجربة‬ ‫الم ��رة‪ ،‬بين حرية الوط ��ن والحريات ال�سيا�س ��ية‪ ،‬و�أن ال يدرك �أن النظم التي ت�س ��تهين‬ ‫بحق ��وق مواطنيها وحرياتهم وكرامته ��م لي�س لديها �أي حافز للدفاع عنهم‪ ،‬وال �أي مبرر‬ ‫كي ت�ض ��حي من اجلهم �أو تبذل جهودا لإخراجهم من �س ��جونهم‪ .‬وكيف لها �أن ت�شعر بما‬ ‫ي�ش ��عر به الأ�سير من مهانة ومذلة واحتقار وانتقا�ص من الكرامة والإن�سانية فت�سرع �إلى‬ ‫فك �أ�سره في الوقت الذي تعتقد �أنها ال ت�ستطيع �أن ت�ستمر وال م�ستقبل ممكنا لها من دون‬ ‫تحويل �سجونها العديدة �إلى �أداة ت�أديب يومي ومدر�سة لت�صنيع العبودية‪.‬‬ ‫�س ��قط الجوالن في الأ�س ��ر‪ ،‬ب�س ��بب الخط�أ في الح�سابات اال�س ��تراتيجية وال�سيا�سية‬ ‫والمزاودات التي قادت �إليها المناف�س ��ة على الزعامة بين النخب العربية‪ .‬لكن �إذا كان‬ ‫�س ��قوطه هذا قد نجم ع ��ن �أخطاء فادحة في االع ��داد والتخطي ��ط والتدريب والتقدير‬ ‫والقي ��ادة‪ ،‬ف�إن العجز عن تحريره‪ ،‬بالطرق الع�س ��كرية �أو ال�سيا�س ��ية �أو بكالهما‪ ،‬خالل‬ ‫العقود الطويلة الما�ضية‪ ،‬كان وال يزال ثمرة االبتعاد المتزايد عن االلتزامات والح�سابات‬ ‫الوطنية‪ ،‬واال�ست�س�ل�ام لهوى ال�س ��لطة ومنافعها و�أوهامها‪ .‬وا�س ��تمر تحت االحتالل لأن‬ ‫الدفاع عن الم�صالح الخا�صة وتو�سيع دائرتها‪ ،‬على ح�ساب الم�صالح العليا والجماعية‪،‬‬ ‫قد تحوال �إلى محور ال�سيا�س ��ة “الوطنية”‪� ،‬أو بالأحرى لأنهما حال محلها‪ ،‬و�أرج�آ م�س�ألة‬ ‫ا�سترجاع الجوالن �إلى احتماالت تحوالت م�ستقبلية خارجة عن �أي �سيطرة وطنية‪ .‬و�أكثر‬ ‫ف�أكثر تغيب �ص ��ورة الجوالن عن الوعي الفردي والجمعي �أمام �ضغط الم�شاكل الداخلية‬ ‫االقت�ص ��ادية واالجتماعية وال�سيا�س ��ية اليومي ��ة‪ ،‬وتخبو مع انفراط عق ��د الوطنية الذي‬ ‫يواكب تغييب المجتمع وردعه عن االهتمام ب�ش� ��ؤونه العمومية‪ .‬هكذا لم ي�س ��قط مو�ضوع‬ ‫ا�س ��ترجاع الأرا�ض ��ي المحتلة من �أجندة ال�س ��لطة الر�س ��مية وعقيدتها فح�س ��ب‪ ،‬ولكنه‬ ‫�س ��قط �أي�ض ��ا من �أجندة الر�أي العام نف�سه‪ ،‬بقدر ما �أحيل هذا الر�أي �إلى �آراء �شخ�صية‬ ‫و�أفرغ من محتواه العمومي ل�ص ��الح ا�ستراتيجيات الحفاظ على البقاء الفردية والعائلية‬ ‫والع�ش ��ائرية‪ ،‬المتباينة والمتناق�ض ��ة والمت�ض ��اربة‪ .‬فلم يعد التحرير اليوم بندا حقيقيا‬ ‫في جدول �أعمال �أي برنامج ر�سمي �أو معار�ض‪ ،‬بل وال حتى بندا في الأجندة ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫فالجوالن ق�ض ��ية م�ؤجلة اليوم بالن�س ��بة للجميع‪ ،‬بانتظار �أن تحل الم�س ��ائل الأخرى التي‬ ‫تحتل �س ��احة الوعي وال�صراع ال�سيا�سي الداخلي والإقليمي‪ .‬وهي تبدو م�ؤجلة �أكثر اليوم‬ ‫بقدر ما ي�شعر النظام �أنه دخل في معركة تقرير م�صيره والحفاظ على بقائه‪ ،‬وبقدر ما‬ ‫ت�ش ��عر المعار�ضة �أي�ضا �أن ك�س ��ب الر�أي العام ل�صالحها �ضد النظام القائم يتوقف على‬ ‫ح�س ��م معركة التغيير ال�سيا�س ��ي و�إقامة نظام ديمقراطي يمثل جمي ��ع الفئات والتيارات‬ ‫ويعيد بناء العقد الوطني المنحل‪.‬‬ ‫هذا هو الو�ض ��ع الذي �أحبط �أ�س ��رى الجوالن كما �أحبط �شعبه الذي ينتظر منذ عقود‬ ‫عودته �إلى وطنه الأم وم�ش ��اركته في الحياة الوطنية‪ .‬وهذا هو الو�ضع الذي دفع ب�أ�سرى‬ ‫الجوالن �إلى االنتقال مع بقية �أبناء وطنهم �إلى موقف المعار�ض ��ة‪ ،‬واعتبار الو�ص ��ول �إلى‬ ‫�ض ��مان الحريات والحقوق الأ�سا�س ��ية لكل فرد هو الطريق الحتمية نحو تحرير الجوالن‬ ‫و�ض ��مان الحقوق الوطنية ل�س ��كانه‪ .‬ومن دون ذلك‪ ،‬كما يعتقد �أه ��ل الجوالن‪ ،‬لن تخرج‬ ‫ق�ض ��ية الجوالن المحتل من حال ��ة الإهمال والتجاهل ولن تعود لت�ش ��كل �أولوية في قائمة‬ ‫جدول �أعمال الحكومات المتعاقبة‪ .‬و�إذا كان �أهل الجوالن قد رموا ب�أنف�سهم في المعركة‬ ‫م ��ن �أجل الديمقراطية فلأنهم �أدركوا‪ ،‬مثلهم مثل باقي مواطنيهم‪� ،‬أن م�ص ��ير الجوالن‬ ‫لن يح�س ��م ل�ص ��الح عودته �إلى الوطن الأم ما لم يح�س ��م النزاع ال�سيا�س ��ي واالجتماعي‬ ‫الداخلي‪ ،‬الذي ارتهنت له ال�سيا�س ��ة ال�س ��ورية منذ �أحداث ‪ 1980‬الكارثية‪ ،‬ل�صالح حكم‬ ‫ديمقراطي يمثل المجتمع ال�س ��وري ب�أكمله ويلغي احتكار ال�سلطة ويعيد ت�أ�سي�س الوطنية‬ ‫ال�س ��ورية و�أحياء روح المواطني ��ة المتكافئة‪ ،‬على قواعد العدل والحرية والم�س ��اواة في‬ ‫الحقوق والواجبات والكرامة الإن�سانية‪.‬‬ ‫برهان غليون‪ /‬كاتب ومفكر �سوري‬ ‫‪www.critique-sociale.blogspot.com/2006/03/blog-post.html‬‬

‫“�أنتم ال�ص ��وت ونحن �صداه” يا �شعبنا ال�سوري العظيم‪ ،‬كثيرة هي المحن التي‬ ‫ابتُل َيت بها �ش ��عوب م�ش ��رقنا العربي‪ ،‬الذي عرف �ش ��تى �أ�ص ��ناف االحت�ل�ال والتفتيت‬ ‫والقه ��ر على �أي ��دي الدخالء والأغراب‪ ،‬لك ��ن البالء الأعظم الذي م ّيز ن�ص ��ف القرن‬ ‫الجور واال�ستعباد كان‪ ،‬مِ ن غير ريب‪ ،‬الأكثر وط�أة ووباال على‬ ‫المن�صرم‪ ،‬ممث ًال ب�أنظمة َ‬ ‫�أوطاننا و�ش ��عوبنا‪� .‬إنّ ا�س ��تعرا�ض خطايا الديكتاتوريات العربية وموبقاتها لهو �ضرب‬ ‫مِ ن �ضروب ال َعبث ال �أكثر؛ كونها‪ ،‬مِ ن الأ�سا�س‪ ،‬قامت على الف�ساد والإف�ساد ّ‬ ‫المنظمين‬ ‫�ض ��مانا لديمومة �س ��يطرتها على رقاب العباد والبالد‪ ،‬وما الإجراءات الترقيعية التي‬ ‫تلج� ��أ �إليه ��ا بين الفينة والأخ ��رى �إال ذ ّر للرماد في العيون‪ ،‬فهي �أكث ��ر العارفين �أن �أي‬ ‫م�س ��عى ج� �دّي لإحداث تغيير فعلي في الواقع المعا�ش ال يعن ��ي �إال �أمرا واحدا ووحيدا‪،‬‬ ‫غي الأنظمة العربية وفجورها وبلطجتها وعنفها الفائ�ض‬ ‫هو �إعدام نف�س ��ها لنف�س ��ها! َب ُ‬ ‫ع ��ن كل ح� �دّ‪ ،‬جع ��ل الكثيرين منا يخال �أنّ تج ّرع الذل �ص ��ار عند الع ��رب عادة؛ لت�أتي‬ ‫ث ��ورة البوعزيزي ف ��ي تون�س وبعدها م�ص ��ر وما �أعقبهم ��ا مِ ن ثورات وانتفا�ض ��ات في‬ ‫ليبيا واليمن وغير بلد عربي فتقلب الموازين ر�أ�س ��ا على عقب‪ ،‬بعد ت�س ّلم ال�شباب دفة‬ ‫القيادة‪ ،‬م�س ��تفيدين مِ ��ن توقهم العتيق لحري ��ة لم يعرفوها‪ ،‬ومما و ّفرته لهم و�س ��ائل‬ ‫االت�ص ��ال من قدرة على االنت�شار و�سرعة الو�صول‪ .‬و�أمام ما ت�شهده الميادين العربية‪،‬‬ ‫مِ ��ن ث ��ورات على �أنظم ��ة الب�ؤ�س‪ ،‬التي تم ��ادت في ا�س ��تهتارها ب�ش ��عوبها‪ّ ،‬‬ ‫متخطية كل‬ ‫ُع ��رف ومنطق؛ مع ت�س ��جيلها عجزا فا�ض ��حا في توفير ح ّد �أدنى مِ ن �ش ��روط النهو�ض‬ ‫ب�ش ��عوبها والعي�ش الكريم‪� ،‬إن لم نقل �إنّ ه ّمها‪ ،‬مِ ن الأ�س ��ا�س‪ ،‬كان �إق�ص ��اء المواطنين‬ ‫عن حقهم في تقرير م�ص ��يرهم والم�ش ��اركة في �ص ��نع حا�ضرهم وم�س ��تقبلهم؛ و�أمام‬ ‫ما ن�ش ��هده مِ ��ن �إجرام و�إرهاب وحقد تمار�س ��ه هذه الأنظمة بحق �ش ��عوبها‪ ،‬نعلن على‬ ‫ر�ؤو�س الأ�ش ��هاد‪ ،‬انحيازنا الكامل لحق ال�ش ��عوب في الحرية والعي�ش الكريم‪ ،‬ورف�ضنا‬ ‫كافة �أ�ش ��كال الظلم والقهر والإرهاب‪ ،‬كائنا ما كان م�ص ��دره‪ .‬ولأننا جزء ال يتجز�أ مِ ن‬ ‫وطننا ال�سوري ون�سيجه االجتماعي‪ ،‬لنا ما له وعلينا ما عليه‪ ،‬نعتقد جازمين �أن الو�ضع‬ ‫ال�س ��وري ال ي�ش ��كل ا�س ��تثناء عن مثيله العربي‪ ،‬و�أنه الأجدر بالحرية ونف�ض غبار الذل‬ ‫والإرهاب الذي ُيمار�س بحقه‪ ،‬معلنين �أن كل َمن يعتدي على �ش ��عبنا ال�س ��وري‪ ،‬قتال �أو‬ ‫بط�ش ��ا �أو اعتقاال �أو تعذيبا �أو ت�ش ��ريدا �أو نهبا هو بمثابة عد ّو‪ ،‬ال يختلف عن االحتالل‬ ‫الإ�س ��رائيلي قيد �أنمله‪ ،‬كائنا َمن كان هذا الأحد! وجودنا تحت االحتالل الإ�س ��رائيلي‬ ‫لي�س معناه ب�أي حال وقوفنا على الحياد‪� .‬إننا في مطلق الأحوال امتداد طبيعي وحتمي‬ ‫ل�ش ��عبنا ال�س ��وري‪ ،‬ول�شرائح وا�س ��عة منه‪ ،‬تعتبر �أنّ ا�ستمرار الو�ض ��ع الراهن وتكري�سه‬ ‫�أمرا واقعا‪ ،‬كان له كل الأثر في الو�ص ��ول �إلى الح�ض ��ي�ض الذي نحن فيه‪ ،‬و�أنّ �إ�سرائيل‬ ‫كانت الم�س ��تفيد الأكبر م ��ن كل ذلك‪� .‬إن واجبنا الوطني والإن�س ��اني والأخالقي يحتم‬ ‫علينا االنحياز الكامل ل�شعبنا �ضد جالديه‪ ،‬و�أن نكون �صدىً �صدّاحا ل�صوته‪ ،‬مع و�ضع‬ ‫�أنف�س ��نا بت�ص ّرفه وتقديم كل ما ع ّز في �سبيل حريته وكرامته وعي�شه الكريم‪ .‬فلم يعد‬ ‫مقبوال‪ ،‬ب�أي ب�شكل‪ ،‬الت�صرف بالوطن ومقدراته على �أنهما م�شاع ومزارع خا�صة‪ ،‬يعيث‬ ‫بهم ��ا الفا�س ��دون‪ ،‬ويتوارثها الأبناء عن الآب ��اء‪ .‬و�إذ نتخذ هذا الموق ��ف‪ ،‬ف�إنه لي�س �إال‬ ‫تعبيرا �صادقا عن الت�ص ��اقنا بهموم �شعبنا ال�سوري وتطلعاته الم�شروعة نحو ا�ستعادة‬ ‫حريت ��ه ومكانت ��ه التي تليق به بين الأم ��م‪ ،‬وما هو �إال التزام ب ��روح “وثيقتنا الوطنية”‬ ‫وم ��ا تمليه علينا �ض ��مائرنا و�أخالقنا وارتباطنا العميق بوطننا ال�س ��وري‪ ،‬غير مدّعين‬ ‫�أي �ص ��فة تمثيلية ل ّأي كان‪� ،‬إال لأنف�س ��نا‪ .‬نعلم يقينا ما قد ت�ش� � ّكل هذه المبادرة ل�سكان‬ ‫يعي�ش ��ون في �أر�ض محتلة مِ ن ح�سا�سية؛ لكن ثقتنا مطلقة بح�صانتنا الوطنية وموقفنا‬ ‫الوا�ض ��ح الراف�ض لالحتالل الإ�س ��رائيلي و�أبعاد الم�ش ��روع ال�ص ��هيوني على �أر�ض ��نا‪.‬‬ ‫فالنظ ��ام لي�س هو الوطن ب�أي حال؛ حتى لو حاول ت�ص ��وير نف�س ��ه عل ��ى هذا النحو‪� .‬إن‬ ‫منب ��ع تحركنا ينطلق مِ ن م�س� ��ؤولية تاريخية وقناعة �أكيدة �أنّ “العيب على مِ ن ي�ص ��نع‬ ‫العيب” ولي�س على َمن ينتقده �أو ينف�ض الغبار عنه! نحن �ص ��مدنا في �أر�ض ��نا وقاومنا‬

‫محتلنا ب�صدورنا العارية‪ ،‬دافعين الغالي والنفي�س للمحافظة عليها �سور ّية كما ورثناها‬ ‫ع ��ن �آبائنا و�أجدادنا‪ ،‬لكن �إبقاءنا تحت االحتالل لي�س معناه �أن نكون �ش ��ياطين ُخر�س‬ ‫على ما يمار�سه النظام ال�سوري بحقّ �شعبنا مِ ن انتهاكات‪ .‬فاالحتالل والقهر هنا �صنو‬ ‫للذل والبط�ش والقمع هناك‪ ،‬وازدواجية الأحكام والمعايير لي�ست مِ ن �شيمنا و�أخالقنا‬ ‫ب�شيء‪� .‬إن ّ‬ ‫التلطي خلف �أنظمة الطوارئ وت�أبيدها بحجة المقاومة والممانعة وال�صراع‬ ‫مع العدو‪� ،‬أثبتت زيفها وعجزها عن ا�س ��ترجاع حبة واحدة مِ ن تراب الجوالن‪ ،‬مبيحة‬ ‫�س ��ماء الوطن وبح ��ره وب ّره للعدو يجوبه في �أربع جهاته‪ ،‬وم�ش ��رعة �أبوابه ل�ش ��تى �أنواع‬ ‫الف�س ��اد والإف�س ��اد والنه ��ب المنظم! ويقينن ��ا‪� ،‬أنّ تحرير الجوالن لن يك ��ون ممكنا �إال‬ ‫بتحري ��ر الوط ��ن مِ ن قيده‪ .‬ف�ش ��عب محتل‪ ،‬مقم ��وع ومقهور داخل وطنه ل ��ن يقوى على‬ ‫تحرير �أر�ض ��ه مِ ن �أعدائه! مِ ن هنا‪ ،‬ف�إننا ن�ض ��م �ص ��وتنا �إلى �ص ��وت �شعبنا في الداخل‬ ‫ال�سوري‪ ،‬متوجهين للنظام ب�أو�ضح العبارات‪� ،‬أن يبادر اليوم قبل الغد �إلى �إعادة الحق‬ ‫�إلى �أ�ص ��حابه‪ ،‬والمبا�شرة برفع قانون الطوارئ و�إطالق الح ّريات العامة و�سراح جميع‬ ‫معتلقي الر�أي ورفع القيود عن الإعالم‪ ،‬و�إلغاء المحاكم اال�ستثنائية ونتائج اال�ستطالع‬ ‫اال�س ��تثنائي الجائر لعام ‪ ،1962‬تمهيدا النتقال �س ��لمي وهادئ لل�س ��لطة‪ ،‬يج ّنب الوطن‬ ‫ما ال تُحمد عقباه‪� .‬سيا�س ��ات م ّد الأيدي مِ ن قبل ال�ش ��عب وف�صائل المعار�ضة الوطنية‬ ‫ف ��ي الداخل التي قابلها النظ ��ام باالعتقال والبط�ش والترهيب وب ��ث بذور الفرقة بين‬ ‫مك ّونات المجتمع ال�سوري‪ ،‬تقطع كل ال�شك بكل اليقين �أن النظام غير معني �إال ب�إبقاء‬ ‫�إحكامه على ال�سلطة وت�سلطه على رقاب العباد‪ .‬فحكم ال�شعب عبر �أجهزة الأمن تارة‬ ‫وااللتف ��اف على مطالبه بمر�س ��وم هنا �أو ر�ش ��وة هناك تارة �أخرى‪ ،‬لن يوقفا �س ��يرورة‬ ‫التغيير وحركة التاريخ‪ .‬وبما �أنّ ر ّد النظام على احتجاجات �ش ��عبنا ال�س ��لمية ومطالبه‬ ‫الم�ش ��روعة جاء دمويا على نحو ما �ش ��هدناه‪ ،‬مح ّوال �صدور ال�سوريين �أهدافا لر�صا�ص‬ ‫اق ُتطِ ع ثمنه مِ ن جيوبهم ومِ ن �أمام �أفواه �أطفالهم بحجة محاربة �إ�سرائيل؛ ف�إننا نعلنها‬ ‫على الملأ‪ ،‬ولي�سمعها القا�صي والداني‪� ،‬أنّ “كل َمن يقتل �شعبه خائن”‪ ،‬و�أنّ كل نقطة‬ ‫حجة على مهرقيها‪ ،‬ولعنة تطارده ��م ولو بعد حين‪� .‬إنّ‬ ‫دم �س ��ورية تُراق‪� ،‬س ��وف تكون ّ‬ ‫قدرن ��ا هو العي� ��ش بحرية وكرامة‪ ،‬ومنطق الحياة ي�ؤكد �أن ال�ش ��عب �أبق ��ى مِ ن ح ّكامه‪.‬‬ ‫لجور‬ ‫فوطن ح ّر‪ ،‬ديموقراطي وعلماني‪ ،‬يت�س ��اوى تحت �سقفه الجميع‪ ،‬ولي�س فيه مكان َ‬ ‫وال ظلم وال طائفية بغ�ضاء هو ديننا وديدننا‪ ،‬وهو جوابنا الأخير‪.‬‬ ‫عا�شت �سوريا حرة كريمة لجميع �أبنائها �سوريون مِن الجوالن المحتل‬

‫المو ّقعون‪:‬‬ ‫‪� .1‬أرواد �أيوب – �صيدالنية ‪� .2‬أرواد خاطر – طالبة جامعية ‪� .3‬أريج ايوب ‪ -‬نا�شطه‬ ‫‪� .4‬أك ��رم الحلب ��ي – فنان ت�ش ��كيلي ‪� .5‬أمل زهرة – مو�س ��يقي ‪� .6‬أمير بريك – طالب‬ ‫جامعي ‪� .7‬أمير فخرالدين – طالب جامعي ‪� .8‬أنيل خنجر – نا�شط ‪� .9‬أيال �أبو�صالح‬ ‫– مهند�س معماري ‪� .10‬إياد عما�شة – �صيدالني ‪� .11‬إيهاب طربيه – �سينمائي ‪.12‬‬ ‫ادم ��ى ابو زيد ‪ -‬نا�ش ��طه ‪ .13‬الهام الحلبي ‪ -‬فنانه ت�ش ��كيليه ‪ .14‬اليا�س ن�ص ��راهلل ‪-‬‬ ‫مهند�س كمبيوتر ‪ .15‬امين ابو جبل ‪� -‬ص ��حافي ‪ .16‬ايمن الحلبي ‪-‬فنان ت�ش ��كيلي ‪.17‬‬ ‫بهجت ال�ص ��فدي ‪ -‬مهند�س كمبيوتر ‪ .18‬ت�ش ��رين ابو �صالح ‪ -‬نا�شطة ‪ .19‬تما�ضر �أبو‬ ‫جبل – طالبة جامعية ‪ .20‬تي�س ��ير الحلبي ‪ -‬طالب جامعي ‪ .21‬جالء ابو جبل ‪ -‬ادارة‬ ‫اعمال ‪ .22‬جالء مرعي – م�ص ��ور �ص ��حافي ‪ .23‬جنان �شقير ‪ -‬نا�شطه ‪ .24‬جوالن �أبو‬ ‫�ص ��الح – طالب جامعي ‪ .25‬ح�س ��ان �شم�س – �صحافي ‪ .26‬ح�س ��ان مهنا ابو �صالح ‪-‬‬ ‫نا�شط ‪ .27‬ح�سن نخله ‪ -‬مو�سيقي ‪ .28‬خزام فخر الدين ‪ -‬نا�شطه ‪ .29‬خوله ابراهيم‬ ‫ طالب ��ه جامعي ��ه ‪ .30‬د‪ .‬ب�ش ��ار �أيوب – مو�س ��يقي ‪ .31‬د‪ .‬منير فخرالدين – �أ�س ��تاذ‬‫جامعي ‪ .32‬د‪ .‬نزيه بريك – مهند�س معماري ‪ .33‬دياال مداح ‪ -‬ت�ص ��وير �ض ��وئي ‪.34‬‬


‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬ ‫رامي نخله ‪ -‬مو�سيقي ‪ .35‬ربيع ال�صفدي‬ ‫‪ .36‬رنان ال�س ��يد �أحمد – طبيب ‪ .37‬رندا‬ ‫مداح – فنانة ت�شكيلية ‪ .38‬زاهر بريك ‪-‬‬ ‫طالب جامعي ‪� .39‬س ��عيد مهنا ابو �ص ��الح‬ ‫ مهند�س معماري ‪� .40‬س�ل�امة ال�صفدي‬‫ م�ص ��ور ‪� .41‬س ��ليمان عما�ش ��ة – محام‬‫‪� .42‬ش ��ادي �أبو جبل – نا�ش ��ط ‪� .43‬شادي‬ ‫عويدات ‪ -‬مو�سيقي ‪� .44‬شحاده ن�صراهلل‬ ‫– مهند�س ‪� .45‬ش ��ذى ال�صفدي – فنانة‬ ‫ت�شكيلية ‪� .46‬شفاء �أبو جبل – محامية ‪.47‬‬ ‫�صالح المرعي ‪ -‬مهند�س كهرباء‪/‬مقاول‬ ‫‪� .48‬ص ��امويل الول ��ي ‪ -‬مهند� ��س كمبيوتر‬ ‫‪� .50‬ض ��ياء الحلب ��ي ‪ -‬فنان ت�ش ��كيلي ‪.51‬‬ ‫عاطف ال�ص ��فدي – �ص ��حافي ‪ .52‬عزت‬ ‫م ��داح ‪ -‬مهند� ��س ‪ .53‬ع�ص ��ام ابراهي ��م‬ ‫ �ص ��يدالني ‪ .54‬ع�ل�اء ابو جب ��ل ‪ -‬طالب‬‫جامعي ‪ .55‬عالء خنجر – فنان ت�ش ��كيلي‬ ‫‪ .56‬عمر �أبوجب ��ل – طبيب ‪ .57‬عمرو ابو‬ ‫�ص ��الح ‪ -‬طالب جامعي ‪ .58‬فادي رباح ‪-‬‬ ‫اكاديم ��ي ‪ .59‬فرا�س مرع ��ي ‪ -‬طبيب ‪.60‬‬ ‫فهد الحلب ��ي ‪ -‬فنان ت�ش ��كيلي ‪ .61‬كرامة‬ ‫�ام ‪ .62‬ليلى ال�ص ��فدي‬ ‫�أبو �ص ��الح – مح � ِ‬ ‫ طالب ��ه جامعي ��ه ‪ .63‬ماج ��دة الحلبي‪-‬‬‫طالب ��ة جامعي ��ة ‪ .64‬ماجدولي ��ن مرعي‪/‬‬ ‫ال�صفدي ‪ -‬هند�س ��ة كمبيوتر ‪ .65‬مجدي‬ ‫ابو �ص ��الح (التتان) ‪ -‬طالب جامعي ‪.66‬‬ ‫محمد ا�س ��كندر ابو �ص ��الح ‪ -‬رجل اعمال‬ ‫‪ .67‬محمد �ص ��الح الق�ض ��ماني – نا�ش ��ط‬ ‫‪ .68‬محمد طربيه – مو�سيقي ‪ .69‬محمود‬ ‫محم ��ود ‪ -‬طبيب ‪ .70‬مر�س ��ال ابو �ص ��الح‬ ‫نا�ش ��ط ‪ .71‬معت ��ز �أب ��و جب ��ل – نا�ش ��ط‬‫‪ .72‬مي�س �إبراهي ��م – طالبة جامعية ‪.73‬‬ ‫نادي ��ن ال�ص ��فدي ‪ -‬طالب ��ه جامعي ��ه ‪.74‬‬ ‫ناي ��ف فخرالدي ��ن – طبي ��ب بيطري ‪.75‬‬ ‫ن�ضال ال�ش ��وفي – قا�ص ‪ .76‬نعمت مرعي‬ ‫– مهند�س ��ة ‪ .77‬نه ��اد الحلبي ‪ -‬ر�س ��امه‬ ‫و�ص ��انعة خزف ‪ .78‬ه�شام ح�سين �أبوجبل‬ ‫– مو�س ��يقي ‪ .79‬وئ ��ام الحلب ��ي – طالب‬ ‫جامعي ‪ .80‬وائل �أبوجبل – طالب جامعي‬ ‫‪ .81‬وائ ��ل طربي ��ه – فن ��ان ت�ش ��كيلي ‪.82‬‬ ‫وهيب �أيوب – نا�ش ��ط �سيا�س ��ي ‪ .83‬يا�سر‬ ‫خنجر – �شاعر‪� /‬أ�سير مح ّرر ‪ .84‬يو�سف‬ ‫ابراهيم ‪ -‬نا�ش ��ط‬

‫الجوالن‪ ..‬مع ًا �ضد االحتالل و اال�ستبداد‬

‫�شارك معنا في الملف الرابع‬

‫"التنوع الطائفي في �سوريا ‪..‬بين التعددية‬ ‫الإيجابية و القنبلة الموقوتة"‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.