مجلة الملحدين العرب / العدد التاسع والسبعون / يونيو حزيران / 2019

Page 1

‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر يف الثاين عرش من كل شهر‬

‫غياب العقالنية النقدية يف‬ ‫العقل العريب‬ ‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫حكاية الصليب‬

‫‪Omar Hussein‬‬

‫رواند دلعو‬

‫العدد التاسع والسبعون من مجلة امللحدين العرب ‪ -‬يونيو ‪ /‬حزيران لسنة ‪.2019‬‬

‫يف حوار مع‪..‬‬

‫محمد‬ ‫أم زرادشت‬ ‫تهدف مجلّة امللحدين العرب إىل نرش وتوثيق أفكار امللحدين العرب املتنوعة وبحريّ ٍة كاملة‪ ،‬وهي مجلّ ٌة رقمي ٌة غري ربح ّية‪ ،‬مبني ٌة‬ ‫أي توج ٍه سيايس‪ .‬املعلومات واملواضيع املنشورة يف املجلّة متثل آراء كاتبيها فقط‪ ،‬وهي مسؤول ّيتهم من‬ ‫بجهو ٍد طوعي ٍة ال تتبع َّ‬ ‫الناحية األدب ّية ومن ناحية حقوق النرش وحفظ امللك ّية الفكريّة‪.‬‬


‫كلمة تحرير املجلة‬

‫ستستمر مجلة امللحدين العرب بالصدور‪ -‬رغم الصعوبات‬ ‫والعقبات عىل مر السنني‪ -‬إلميان فريق املرشوع بأهمية هذا العمل‬ ‫الجامعي التطوعي وأهمية وجود من ٍرب لتوثيق صوت امللحدين‬ ‫العرب وأفكارهم وبحوثهم عىل املدى الطويل‪.‬‬

‫فريق التحرير‬

‫املشارك يف هذا العدد‬

‫رئيس التحرير‬ ‫الغراب الحكيم‬ ‫أعضاء هيئة التحرير وبناء املجلة‬

‫مرت عىل املجلة الكثري من األحداث وغادرها البعض وانضم‬ ‫البعض اآلخر لفريقها‪ ،‬ولطاملا كانت الفكرة األساسية تزرع البذور‬ ‫بِن ّية حصادها عىل املدى البعيد ورمبا البعيد ج ًدا‪ ،‬حيث أننا كأفرا ٍد‬ ‫نعيش يف هذا العامل العريب ندرك واقعه ونفهم أن التغيري لن يكون‬ ‫لحظ ًيا أو حتى عىل مدى سنوات‪.‬‬

‫‪John Silver‬‬ ‫‪Gaia Athiest‬‬ ‫أسامة البني (الوراق)‬ ‫‪Alia’a Damascéne‬‬ ‫غيث جابري‬ ‫‪Abdu Alsafrani‬‬ ‫‪Raghed Rustom‬‬ ‫‪Johnny Adams‬‬ ‫ليث رواندي‬ ‫‪Rama Salih‬‬ ‫‪Osama al Abbas‬‬ ‫إيهاب فؤاد‬ ‫‪Yonan Martotte‬‬

‫لكن ومع هذا كله بدأنا نرى أث ًرا لوجود امللحدين عىل الساحة‪،‬‬ ‫حيث ساهمت الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل االجتامعي‬ ‫يف انتشار أفكار وأسامء امللحدين العرب‪ ،‬وأعاملهم ونشاطاتهم‬ ‫الفكرية أصبحت معروف ًة إىل ٍ‬ ‫حد ما‪ ،‬وأصبحت بعض القنوات‬ ‫اإلعالمية تتحدث عن ظاهرة اإللحاد وتستضيف امللحدين يف‬ ‫طويل وأن اإلعالم الكالسييك‬ ‫صحيح أن الطريق ما يزال ً‬ ‫حواراتها‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫ما يزال عاج ًزا عن مامرسة اإلعالم ويعمل يف الواقع كمن ٍرب للتطبيل‬ ‫والتزمري ألي ق ًوى أو جه ٍة تكون سائد ًة يف حينه‪.‬‬ ‫ولكن التغيري يحدث بالفعل‪ .‬وهذا يجعلنا متفائلني بأن ما نقوم‬ ‫به سيؤيت مثاره وس ُيحدث التغيري اإليجايب الذي نتمناه يف عاملنا‬ ‫الخاص والعام‪ .‬لطاملا كان مرشوع املجلة عىل هذا األساس مرشو ًعا‬ ‫طويل األمد وكونه طويل األمد فهو ال يعتمد عىل ٍ‬ ‫شخص أو عدة‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص بعينهم بل عىل آلي ٍة إداري ٍة وإنتاجي ٍة تقوم عىل الدوام‬ ‫بتغيري عنارصها وتجديد دمائها‪ ،‬وكنا محظوظني بانضامم الكثريين‬ ‫وحزينني عىل ترك البعض اآلخر للعمل التطوعي معنا‪ ،‬ولهذا أحب‬ ‫كرئيس تحرير املجلة أن أستغل كلمة العدد يف دعوة كل من يجد‬ ‫يف نفسه الرغبة والقدرة عىل العمل التطوعي سوا ٌء باملشاركة‬ ‫رسم أو املساهمة بالتدقيق أو الرتجمة أو تقديم الكتب‪...‬‬ ‫مبقا ٍل أو ٍ‬

‫التابعة لها والتعرف إليكم أكرث للمساهمة يف‬ ‫هذا املرشوع الجامعي‪ .‬ساعني دو ًما للعمل‬ ‫الذي ال نطلب املجد والشهرة من ورائه وليك‬ ‫نزرع بذر ًة تجعل العامل يف املستقبل مكانًا‬ ‫أفضل‪ .‬وليك نستمر يف طريقنا «م ًعا نحو‬ ‫مستقبلٍ منري»‪.‬‬

‫سيسعدنا كث ًريا استالم مشاركاتكم ومساهامتكم سوا ٌء عىل موقع الغراب الحكيم‬ ‫قناة امللحدين بالعريب أو موقع املجلة أو املجموعات واملدونات‬ ‫‪2‬‬


‫الفهرس‬ ‫كلمة تحرير املجلة‬

‫‪2‬‬

‫الفهرس‬

‫‪3‬‬

‫غياب العقالنية النقدية يف العقل العريب‬ ‫د‪ .‬عبد العزيز القناعي‬

‫‪4‬‬

‫حكاية الصليب‬ ‫‪Omar Hussein‬‬

‫‪8‬‬

‫خلف خطى يسوع جـ ‪ : 2‬يسوع يف األناجيل ‪13‬‬ ‫الغريب بن ماء السامء‬ ‫يف حوار‬ ‫راوند دلعو‬

‫‪29‬‬

‫محمد أم زرادشت‬

‫‪48‬‬

‫سرية محمد بن آمنة‬ ‫ترجمة عن منشورات شاريل إيبدو‬

‫‪73‬‬

‫كاريكاتور‬

‫‪83‬‬

‫‪3‬‬


‫غياب العقالنية النقدية‬ ‫يف العقل العريب‬

‫د‪.‬عبد العزيز القناعي‬

‫تعيش املجتمعات والشعوب العربية حارضها بشكلٍ متخل ٍّف‬ ‫ٍ‬ ‫متطرف أحادي املعرفة والتعليم والتوجيه‪ ،‬وبحسب الباحث‬ ‫الدكتور (عادل دشيله)‪:‬‬

‫ومنها تأكيد (د‪ .‬مصطفى حجازي) يف كتابه (التخلّف‬ ‫االجتامعي وسيكولوجية اإلنسان املقهور)‪:‬‬ ‫«مشكلة املجتمعات العربية بأن سياسة التعليم‪ ،‬وعالقات‬ ‫لب تخلّف العقلية يف العامل العريب»‪.‬‬ ‫التسلّط هام ّ‬

‫«فإ ّن املجتمعات العربية اليوم تعاين من التخلّف االجتامعي‬ ‫الفكري واألخطر من ذلك هو‬ ‫العلمي والثقا ّيف و‬ ‫الصناعي و‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أسلوب يف الحياة‪ ،‬فالحركات‬ ‫النفيس‪ ،‬والذي هو‬ ‫التخلّف‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫التقليدية ساعدت يف انتشار ظاهرة الخرافات والخزعبالت‬ ‫والفتاوى الدينية غري املوفقة التي تح ّد من تفكري اإلنسان‬ ‫حبيسا ألفكا ٍر ال متت إىل‬ ‫العريب‪ ،‬لذلك بقى اإلنسان العريب ً‬ ‫الواقع بصلة‪ ،‬مام جعله متخلّفًا نفس ًّيا وفكريًا»‪.‬‬ ‫السيايس‬ ‫لعوامل متعدد ٍة منها غياب حركة النهوض‬ ‫َ‬ ‫ومر ّد ذلك‬ ‫ّ‬ ‫الفكري منذ انتهاء عرص النهضة‬ ‫االقتصادي و‬ ‫االجتامعي و‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬ومنها بقاء أمناط الثقافة الجامدة‪ ،‬ومنها استمرار‬ ‫مفاهيم الوصاية والنقل والخوف من التغيري‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫فلامذا بقيت مجتمعاتنا العربية واإلسالمية عصي ًة عىل التغيري‬ ‫خصوصا وأن هذا السؤال‬ ‫والتجديد ومنافسة الدول املتقدمة؟‬ ‫ً‬ ‫الجوهري ال يُعترب وليد اللحظة بل هو قدي ٌم وظهر بشكلٍ‬ ‫ّ‬ ‫يل بعد حملة نابليون عىل مرص وبعد أن استفاق العرب‬ ‫ج ٍّ‬ ‫عىل واقعهم املتخلّف وابتعادهم عن التط ّور والتق ّدم الذي‬ ‫صنعته الحداثة الغربية بينام ظلّوا هم يف ٍ‬ ‫عميق ملدة‬ ‫سبات ٍ‬ ‫قرون‪ .‬فعند هذه اللحظة التاريخ ّية واملفصل ّية ترددت يف‬ ‫األصداء دعواتٌ تدعو إىل التفكّر والتدبّر فيام آل إليه حال‬ ‫العرب واملسلمني بعد برنامج االبتعاث الذي ق ّدمه (محمد‬ ‫عيل) مؤسس مرص الحديثة إىل بريطانيا وفرنسا‪،‬‬


‫غياب العقالنية النقدية يف العقل العريب‬ ‫وقد تعددت اإلجابات حول أسباب تخلّف مجتمعاتنا‪ّ ،‬إل‬ ‫أن مفهوم اإلصالح الديني أو تجديد الخطاب الديني‪ ،‬كأحد‬ ‫األسباب التي يتم مناقشتها بشكلٍ جا ٍد وت ُعقد املؤمترات من‬ ‫أجلها كام حدث مؤخ ًرا يف اإلمارات العربية املتحدة أثناء‬ ‫زيارة البابا فرانسيس التاريخيّة إىل أبوظبي وحضوره مؤمتر‬ ‫رضا يف‬ ‫حوار األديان مع شيخ األزهر أحمد الطيب‪ّ ،‬‬ ‫ظل حا ً‬ ‫والفكري العر ّيب لكونه يعكس‬ ‫والسيايس‬ ‫الديني‬ ‫املشهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السيايس‬ ‫اللحظة اآلنية الواقعني بها نتاج انتشار تيارات اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫ومنها الراديكالية التي ق ّدمت صور ًة مرعب ًة للدولة اإلسالمية‬ ‫النبي محمد‪ -‬شكل الدولة التي أسسها النبي محم ٌد وأصحابه‪.‬‬ ‫املتخيلة وهي متثل ‪-‬باعتقادهم واستنادهم عىل القرآن وسرية ّ‬ ‫خلل ما يف املنظومة اإلسالم ّية‬ ‫رش عىل أ ّن هناك ً‬ ‫اإلسالمي ٌ‬ ‫الديني أو تجديد الخطاب‬ ‫إن تناول موضوع اإلصالح‬ ‫دليل ومؤ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمثل يف غياب العقالن ّية النقديّة لكتب الرتاث وتفسري القرآن وما اندرج تحتهام من آالف الكتب واملراجع التي خلقت‬ ‫كل منها برؤيتها لإلسالم وتقدميه بالصورة التي تالئم‬ ‫لنا قامئ ًة طويل ًة من املذاهب وال ِنحل وامللل اإلسالم ّية التي احتفظت ٌّ‬ ‫تطلعاتها أو لتحقيق أهدافها السياس ّية والطائف ّية وحتى االقتصادية‪.‬‬ ‫حري بنا أن نشري إىل أسباب نجاح‬ ‫وقبل أن نذكر ملاذا فشلت دعوات اإلصالح‬ ‫الديني يف مجتمعاتنا العرب ّية واإلسالم ّية‪ٌّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫عوامل عد ٌة يف عمل ّية اإلصالح الديني يف الغرب‪ ،‬منها وأهمها هو تالزم‬ ‫ُ‬ ‫الديني يف الغرب‪ ،‬فقد ساهمت‬ ‫عمليات اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫الديني مع ّ ٍ‬ ‫مسار اإلصالح‬ ‫تغي كبريٍ يف العقل ّية الغرب ّية نتاج فكر التنوير وفالسفة النهضة الغرب ّية‪ ،‬وكذلك االنفتاحات العلم ّية‬ ‫ّ‬ ‫الصناعي وتش ّبع‬ ‫االجتامعي والدميقراط ّية والعلامن ّية وظهور النزعة اإلنسان ّية والعرص‬ ‫والفكريّة وظهور أفكا ٍر ومفاهيم العقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البرشي يف سبيل تنظيم املجتمعات وعالقات األفراد‬ ‫الشعوب الغرب ّية من فكرة اإلصالح وإدراكها بأ ّن ما توصل إليه العقل‬ ‫ّ‬ ‫مع بعضهم البعض‪ ،‬باإلضافة إىل املكاسب التي تحققت لهم وأه ّمها حرية الرأي والتعبري والحريات الفرديّة بعي ًدا عن وصاية‬ ‫الكنيسة‪ ،‬وهو ما زعزع مكانة الكنيسة وتحكّمها يف األفراد‪ ،‬وبالتايل تقلّص نفوذ الكنيسة والرهبان وتخلّصت الشعوب‬ ‫الغربية من فرت ٍة زمني ٍة كبري ٍة كانت عبئًا وعائقًا أمام تطلعاتهم يف العرص الحديث‪ ،‬إلّ أ ّن هذا وباملقابل مل يلغِ مكانة الدين بل‬ ‫أي فكر ٍة أخرى‪ ،‬وهكذا قامت املجتمعات‬ ‫احتفظ مبكانته الفرديّة كعالق ٍة شخص ّي ٍة ال تخرج عن حدود االعتقاد‬ ‫الفردي مثل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغرب ّية عىل أسس الدميقراط ّية والليربال ّية والعلامن ّية باعتبار أنّها منظوماتٌ تعترب اإلنسان هو القيمة األخالق ّية العليا‪.‬‬ ‫لكن ملاذا فشلت العقالن ّية النقديّة العرب ّية يف تقديم صور ٍة مختلف ٍة وحضاريّ ٍة عن اإلسالم وتراثه ورموزه؟ بل والسؤال األه ّم‬ ‫ملاذا تحظى مثل تلك الدعوات بدعم الحكومات العرب ّية بدلً من أن تدعم تلك الحكومات الت ّيارات الدميقراط ّية والعلامن ّية‬ ‫التي تسعى إىل علمنة الدول وتق ّدم الشعوب ووضع األديان يف أماكنها الخاصة؟ هنا متا ًما نجد إجاب ًة لفشل دعوات اإلصالح‬ ‫الديني وإخفاقها يف تحقيق مرادها‪ ،‬فتلك الدعوات والخطابات‪ ،‬سوا ٌء اإلعالم ّية أو الثقاف ّية والتي يبذل ُمنظّروها الجهد الكبري‬ ‫ّ‬ ‫الديني املق ّدس قد ابتعدوا متا ًما عن عدة ٍ‬ ‫نقاط مل يتناولوها‬ ‫النص‬ ‫يف موامئة اإلسالم مع الحداثة وإبعاد شبهات العنف يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشكلٍ رصي ٍح وهي‪:‬‬ ‫‪5‬‬


‫غياب العقالنية النقدية يف العقل العريب‬ ‫الديني لن ينفع أبدً ا طاملا أنّ العقل العر ّيب املسلم ال يزال متمسكًا بالحقيقة املطلقة (اإلسالم) بشكلها‬ ‫‪ -1‬اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫أي ٍ‬ ‫اإلسالمي يجب أن يتالزم مع تثوير‬ ‫نقد يطالها‪ ،‬لذا فتجديد الخطاب‬ ‫املوروث بل ويق ّدسها ويقاتل من أجلها وال يقبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقول وتنويرها‪.‬‬ ‫وعي الشعوب العرب ّية هو املدخل لتط ّور شكل الدين ومكانته‪ ،‬فكلام كانت الشعوب دميقراط ّي ًة وتؤمن بحريّة‬ ‫‪ -2‬تطور ّ‬ ‫وقابل لجميع القراءات‪.‬‬ ‫الفكري لإلسالم أكرث سالس ًة ومنفت ًحا تأويليًا عىل الدوام ً‬ ‫الرأي والتعبري وحق االختالف كلام كان النقد‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫جديد حول الفكرة املراد إصالحها‪ ،‬فبينام استطاعت اليهوديّة‬ ‫ورأي‬ ‫‪ -3‬اإلصالح‬ ‫الديني هو مبثابة تغيريٍ إىل فك ٍر ونه ٍج ٍ‬ ‫ّ‬ ‫واملسيح ّية من تجاوز التفسريات الحرف ّية للنصوص الدين ّية بشكلها القديم إىل تفسري ٍ‬ ‫ات تتطابق مع رؤية اإلنسان الحديث‪،‬‬ ‫كل من ينتقد اإلسالم والذات اإللهيّة يف‬ ‫بقي اإلسالم عصيًا عن هذا التحديث لوجود قوانني الردة والتجديف وسجن أو قتل ّ‬ ‫غالبية الدول العرب ّية واإلسالم ّية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وصحابته‪ ،‬حيث ميثّل نقد األسس‬ ‫والنبي‬ ‫بالوحي والذات اإلله ّية والقرآن‬ ‫‪ -4‬مل يتم نقد األسس األوىل لإلسالم واملتمثلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدينية املدخل إىل تفكيك الرواية اإلسالميّة من جذورها التاريخيّة إىل عرصنا الحا ّيل لوضع الخطوات الصحيحة لإلصالح‬ ‫هروب وعج ٌز عن‬ ‫الديني‪ ،‬إذ ال يكفي أن ترتكز الخطوات اإلصالحية فقط عىل الرتاث والفتاوي واألحاديث النبويّة‪ ،‬فهذا‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫مواجهة املنظومة اإلسالمية برمتها‪.‬‬ ‫الديني عملي ٌة يجب ّأل تُناط فقط لرجال الدين‬ ‫‪ -5‬اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫والفقهاء بل يجب أن يشارك بها علامء النفس واالجتامع‬ ‫والسياسة واالقتصاد نظ ًرا لبقاء الثقافة اإلسالمية املح ّرك‬ ‫لكل التوجهات واألفكار املجتمعيّة ونظ ًرا لعدم‬ ‫الرئييس ّ‬ ‫حياديّة رجال الدين يف تناولهم ملوضوع نقد الذات اإلله ّية‬ ‫ٍ‬ ‫محمد والقرآن‪.‬‬ ‫والنبي‬ ‫ّ‬ ‫الديني من عقالنيّ ٍة‬ ‫‪ -6‬يجب أن ينطلق مفهوم اإلصالح‬ ‫ّ‬ ‫اصالحي يتناول مسار اإلسالم منذ نشأته‬ ‫راشدة‪ .‬مرشو ٌع‬ ‫ٌّ‬ ‫وتط ّوره ومآالته وألّ يكون فقط مجرد ردة فعلٍ عىل ٍ‬ ‫أزمات‬ ‫تحدث بني فرت ٍة وأخرى‪ ،‬كظهور داعش (الدولة اإلسالمية‬ ‫يف العراق والشام) وحزب الله والقاعدة وطالبان وغريهم‪،‬‬ ‫تنفيس عن‬ ‫إذ أ ّن مثل تلك النامذج اإلصالح ّية ماهي إال‬ ‫ٌ‬ ‫غضب العنف داخل اإلسالم وليس عال ًجا مينع تكرار عمليات‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫‪6‬‬


http://arabatheistbroadcasting.com/aamagazine https://www.aamagazine.blogspot.com https://www.facebook.com/pages/AAMagazine/498136386890299 https://issuu.com/928738

7


‫حكاية‬ ‫الصليب‬ 8

Omar Hussein


‫حكاية الصليب‬ ‫‪Omar Hussein‬‬

‫عىل شاطئ نهر الفردوس اجتمعت املالئكة فج ًرا لتعزف ألحان الخلود …‬ ‫نسجها بوجدانه‪ ،‬أبيات‬ ‫وبني أغصان الشجر يحلّق إبليس كعادته صباح كل ٍ‬ ‫يوم منصتًا للموسيقى‪ ،‬يغني بشجنٍ قصيدة َ‬ ‫شع ٍر كُتبت يف عشق الحرية‪.‬‬ ‫مرص ٌع بالآللئ‪ ،‬ميشّ ط شعره ذا اللون الرمادي‪،‬‬ ‫بينام وقف الله أمام املرآة يطالع ثوبه الحريري الجديد‪ ،‬ياقويت اللون ّ‬ ‫يكحل عينيه مستع ًدا للنزول إىل ساحة القرص ليلقي عىل أهل السامء التحية‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫ساعات من الطريان‪ ،‬لقد كان يبدو عليه القلق‪ ،‬البد أن هناك كارث ًة قد حلت عىل‬ ‫يف تلك الساعة يصل جربيل منهكًا بعد‬ ‫واجم‪...‬‬ ‫شعوب األرض‪ ،‬رمبا هذا ما جعله يقف أمام الله ً‬ ‫ٍ‬ ‫محاوالت من رفاقه من املالئكة للرتويح عنه يح ّدثه الرب‪ :‬أخربين يا جربيل ما الذي دفعك إىل املجيء باك ًرا‬ ‫وبعد عدة‬ ‫عىل غري عادتك‪ ،‬وما رس ذاك العبوس عىل قسامت وجهك؟‬ ‫ٍ‬ ‫بأحرف كادت أن تخرج من فمه يعلم جي ًدا‬ ‫يجيب جربيل بأن شعوب األرض عاثت فيها فسا ًدا‪ ،‬ويتاملك نفسه ممسكًا‬ ‫رش يسكنون‬ ‫أنها كانت ستعكّر صفو اإلله حني يذّكره بحديث رفاقه من املالئكة ساعة إخبار الله لهم بنواياه بخلق ب ٍ‬ ‫األرض …‬ ‫‪9‬‬


‫حكاية الصليب‬ ‫‪Omar Hussein‬‬

‫ٍ‬ ‫مجلس للبحث عن حلٍ لتلك‬ ‫غضب الرب لِام سمعه من جربيل من فساد حال األرض‪ ،‬وثارت ثورته مناديًا بانعقاد‬ ‫األزمة‪ ،‬و بعد انعقاد املجلس جلس الرب متكئًا عىل أريكته متحدث ًا‪ :‬بعد أن سمعتم ما قاله جربيل ت ًوا أود أن يطرح‬ ‫حل لتلك املشكلة فلرمبا يكون من بينكم من لديه فكر ًة يسعفنا بها‪.‬‬ ‫كل منكم ًّ‬ ‫ٌ‬ ‫أمام القرص وقف إبليس مستئذنًا حراسه بالدخول إىل الله‪ ،‬لكن الحراس يخربونه بأن الله قد طلب منهم ألّ يسمحو‬ ‫ٍ‬ ‫ألحد بالدخول خاص ًة إبليس فهذا االجتامع من النوع الذي ال مكان إلبليس فيه…‬ ‫إبليس متحدث ًا‪ :‬ال عليك أخربه فقط أين جئت إليه اليوم أللقي التحية وأنني مستع ٌد ألن أقف بجانبه يف هذا الوقت‬ ‫العصيب من ُعمر الوجود‪...‬‬ ‫يغادر إبليس القرص ال يلوي عىل يشء‪ ،‬إال أنه مازال يفكر يف كيفية تقديم املساعدة يف أكرث ٍ‬ ‫وقت يرى فيه الله بحاج ٍة‬ ‫حل يريض اإلله‪ ،‬يخاطبهم الله بأن ينرصفوا‪ ،‬ورمبا‬ ‫إىل املساعدة … الزال املجلس قامئًا‪ ،‬لكن بال جدوى‪ ،‬فال أحد ميلك ًّ‬ ‫حل بنفسه‪.‬‬ ‫يستطيع السهر يف تلك الليلة ليجد ًّ‬ ‫يف صباح اليوم التايل وبعد انتهاء عزف األلحان يركض إبليس إىل القرص‪ ،‬ويلقي التحية عىل الحراس ويطلب زيارة الرب‪.‬‬ ‫لكن الحراس يخربوه بأن الرب مل ينم ليلة البارحة وظل إىل وقت الرشوق يفكر يف حل تلك املشكلة التي أرهقته وعجز‬ ‫حل لها‪.‬‬ ‫مجلسه عن تقديم ٍّ‬ ‫إبليس مخاط ًبا الحراس‪ :‬لو تسمحوا يل بالدخول فكل ما أريده هو االطمئنان عليه فحسب‪ ،‬أشعر أنه بحال ٍة سيئة‪ ،‬وبغض‬ ‫النظر عن كل يشء‪ ،‬ضمريي يحتم عيل أن أكون بالقرب منه وأسانده ولرمبا أواسيه إن تطلّب األمر…‬ ‫لكن الحراس يخربوه بأن الله بحاج ٍة إىل الراحة …‬ ‫يعود إبليس إىل شاطئ النهر مملو ًءا بالحزن واألمل‪ ،‬فيجلس عىل تلك املقاعد الخشبية املزينة حوافها بالورود واألزهار‪،‬‬ ‫بعضا من األلحان الجميلة‪،‬‬ ‫ويف محاول ٍة لالسرتخاء ينادي عىل أحد املالئكة ممن يعزفون املوسيقى‪ :‬صديقي أود أن أسمع ً‬ ‫اعزف يل ألحان الخلود‪.‬‬ ‫وكأسا وراء ٍ‬ ‫كأس يتجرع إبليس الخمر هذه املرة برشاهة‪ ،‬حتى‬ ‫كأسا من الخمر‪ً ،‬‬ ‫ومن ث َم يطلب من الخادم أن يقدم له ً‬ ‫نوم عميق ‪...‬‬ ‫يغدو سكرانًا‪ ،‬ومن ث َم يريح رأسه عىل ظهر املقعد ليغفو بعض الوقت‪ ،‬حتى تأخذه الغفوة إىل ٍ‬ ‫ليستيقظ إبليس عىل أصوات رصا ٍخ وعويل‪ ،‬ومالئك ٌة متشح ٌة بالسواد يبكون حزنًا وأملًا‪...‬‬ ‫‪10‬‬


‫حكاية الصليب‬ ‫‪Omar Hussein‬‬

‫يقف إبليس يف حري ٍة مام يرى‪ ،‬مقشع ًرا جسده‪ ،‬ال يعرف ما‬ ‫األمر ويتساءل ما الذي جرى‪ ،‬لِام كل هذا الحزن واألمل الذي‬ ‫يعلو وجوه كل سكان السامء‪ ،‬فيطري مرس ًعا إىل القرص‪ ،‬فال‬ ‫يجد الحراس ويجد الباب مغلقًا‪ ،‬ويف محاول ٍة يائسة‪ ،‬عبثًا‬ ‫ينادي اإلله‪ ،‬وحني ال يجيب يركض إبليس كاملجنون وعيونه‬ ‫مغروق ٌة بالدموع‪ ،‬حتى يلقى أحد املالئكة ممن استطاع أن‬ ‫يتاملك نفسه أمام ما حدث‪ ،‬فيذهب مرس ًعا إليه‪ ،‬أخربين ما‬ ‫الذي يجري لقد انفطر قلبي من هول ما أرى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بكلامت قليل ٍة تح ّدث ذاك املالك إىل إبليس يخربه عن األمر‪:‬‬ ‫لقد هبط الرب إىل شعوب األرض بنفسه عىل هيئة إنسانٍ‬ ‫جاعل من نفسه مخل ًّصا لهم وقد القى منهم‬ ‫ليحل تلك األزمة ً‬ ‫من العذاب ما القاه وتركهم يضعونه عىل الصليب …‬ ‫سقطت كلامت هذا املالك عىل إبليس كالصاعقة‪ ،‬وعىل األرض‬ ‫يفرتش الرتاب باك ًيا مؤن ًبا نفسه‪ :‬ليتني ما س ِكرت ساعتها وال‬ ‫حل ألزمة األرض‪ ،‬لقد كان بوسعي‬ ‫منت وإال كنت قد وجدت ً‬ ‫أن أقف بجانب الرب‪ ،‬ويحك يا نفيس لقد نزف اإلله‪...‬‬ ‫وساذج أحيانًا‪ ،‬هذا غري نرجسيته املقيتة‪ ،‬ولكنه مع ذالك كله ال ينىس أنه‬ ‫متغطرس‬ ‫أحمق‬ ‫يدرك إبليس كيف أن الرب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫صديقه املق ّرب …‬ ‫حل أفضل بكثريٍ من تلك السخافة املمزوجة بالغباء مام لدى اإلله من أفكار‪ ،‬وهو يعلم جي ًدا أن‬ ‫لقد كان لدى إبليس ًّ‬ ‫اإلله دامئًا مترس ٌع باإلضافة إىل أنه غال ًبا ال يقبل من أحدهم رأيًا أو مشورةً‪ ،‬متسل ٌط وسفيه‪.‬‬ ‫ويخاطب الله بينه وبني نفسه‪:‬‬ ‫إلهي أما كنت تقدر أن تلقي ٍ‬ ‫بقبس من النور من سامئك يسقط عىل قلوبهم فيهديهم إىل الطريق‪ ،‬طريق الصالح‪،‬‬ ‫وحياة املحبة‪...‬‬ ‫‪11‬‬


‫‪http://www.ahewar.org‬‬

‫ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﳌﺘﻤﺪﻥ‬ ‫ﻳﺴﺎﺭﻳﺔ ‪ ,‬ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ‪ ,‬ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‬ ‫"ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ‬ ‫ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ"‬

‫‪12‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫مأساة اإلنسان أنه يولد ً‬ ‫طفل‬ ‫(ديكارت)‬ ‫حسب ما رأينا من الشهادات غري املسيحية يف القرن األول‬ ‫فإننا ال نستطيع أن نستخلص شيئًا عن يسوع املسيح أو إشار ٍ‬ ‫ات‬ ‫كل تلك الشهادات املقتضبة‬ ‫عن حياته أو وجوده‪ ،‬بل لو وازنّا ّ‬ ‫العامة بعدد املؤرخني الذين كانوا يف عرصه لراودنا الشك يف‬ ‫أصل‪ ،‬وبالتايل فإنّنا سنعتمد عىل قراءة النصوص‬ ‫وجود يسوع ً‬ ‫اإلنجيل ّية ومحاولة تفكيكها علّنا ننزع عنها بعض الغبار ونعرف‬ ‫أسس هذا التأليف‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫إن األناجيل القانون ّية األربعة تتكون من إنجيل متّى وإنجيل مرقس وإنجيل لوقا وإنجيل يوح ّنا‪.‬‬ ‫واألناجيل الثالثة األوىل [أي متّى ولوقا ومرقس] ت ُس ّمى األناجيل اإلزائية السينوپت ّية (‪ )synoptiques‬وهي كلم ٌة مشتق ٌة‬ ‫من اليونانية‪ )syn( :‬وتعني «املجموع» و(‪ )opsis‬وتعني «نظرة»‪ ،‬وذلك ألن هذه األناجيل الثالثة متشابه ٌة وتشرتك يف‬ ‫فمختلف عنها متا ًما يف الشكل واملضمون‪.‬‬ ‫كيفية ومضمون الرواية‪ ،‬بينام إنجيل يوح ّنا‬ ‫ٌ‬ ‫ويرى الباحثون أن كتابة إنجيل يوح ّنا متأخر ٌة وجاءت بعد األناجيل الثالثة‪ ،‬وبالتايل سنتوقّف عند متّى ولوقا ومرقس‬ ‫ونحاول تحليل هذه األناجيل اعتام ًدا عىل نقاط التشابه ونقاط االختالف‪ ،‬ومنها نخلص إىل بعض الحقائق التاريخ ّية‬ ‫املختفية هناك‪.‬‬ ‫كانت الفكرة السائدة هي أن إنجيل متّى هو األقدم(‪ )1‬وقد ظلّت هذه الفكرة سائد ًة يف التعاليم الكنس ّية‪ ،‬لكن الباحثني‬ ‫اليوم يرفضونها ويقرتحون طر ًحا أكرث علمي ًة ومنطقي ًة‪.‬‬ ‫ُرحت منذ القرن التاسع عرش‪ -‬تقول‪ :‬إن أقدم إنجيلٍ هو‬ ‫والنظريّة الحديثة‪-‬يف الحقيقة هي ليست حديث ًة حيث ط ْ‬ ‫إنجيل مرقس‪ ،‬ث ّم جاء بعده إنجيل متّى ولوقا‪ ،‬ووجاهة هذا الطرح هي‪:‬‬ ‫مم يشري إىل‬ ‫• إنجيل مرقس هو أقرص األناجيل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بإضافات‬ ‫أن لوقا ومتّى اعتمداه أثناء الكتابة وقاما‬ ‫ٍ‬ ‫وإسهابات يف إنجيليهام‪.‬‬ ‫• نكاد نجد كامل إنجيل مرقس ُمعاد ٌة كتابته عند‬ ‫لوقا ومتّى‪.‬‬ ‫وهنا نتساءل‪ :‬إن كان لوقا ومتّى نقال عن مرقس فمن‬ ‫أين جاءا بالباقي يف إنجيليهام؟‬ ‫توجد نظريّة اسمها نظريّة املصدر (‪ )Q‬وهي التالية(‪:)2‬‬ ‫‪ -1‬لوقا ومتّى نقال عن مرقس‪.‬‬ ‫وأيضا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫مشرتك بينهام‬ ‫‪ -2‬لوقا ومتّى نقال من مصد ٍر آخر‬ ‫[باإلضافة إىل مرقس]‪.‬‬ ‫‪ -1‬تس ّمى هذه النظريّة نظريّة القدّيس أوغسطني ألنه األ ّول الّذي طرحها‪.‬‬ ‫‪ -2‬الحرف ‪ Q‬هنا هو اختصا ٌر للكلمة األملانية ‪ Quelle‬والتي تعني مصدر [ تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫سؤال‪ :‬هل كان هذا املصدر املشرتك شفويًّا أم كتاب ًّيا؟‬ ‫الجواب‪ :‬كان كتابيًّا‪.‬‬ ‫سؤال‪ :‬بأي لغ ٍة كان هذا املصدر؟‬ ‫الجواب‪ :‬باليونان ّية‪.‬‬ ‫سؤال‪ :‬كيف تأكدنا من ذلك؟‬ ‫أول هذه الصورة‪:‬‬ ‫الجواب‪ :‬نشاهد ً‬ ‫الّذي باألحمر هو ع ّين ٌة من التطابق الحريف بني متّى ولوقا‪ ،‬فلو‬ ‫كان املصدر املشرتك شفويًّا ملا كتبا بالطريقة نفسها حيث أن‬ ‫ٍ‬ ‫شخص سريوي األحداث حسب قاموسه وألفاظه‪ ،‬لذلك‬ ‫كل‬ ‫فالتطابق الحريف يشري إىل أنهام ينقالن عن مصد ٍر كتا ٍّيب واحد‪.‬‬ ‫كام أنه لو كان املصدر املشرتك مكتوبًا بلغ ٍة أخرى [العربية‬ ‫مثل] وقاما برتجمته‪ ،‬فمن الصعب ج ًّدا أن يرتجام بهذا التطابق‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫مشرتك باليونانية‪.‬‬ ‫التام‪ ،‬مام يشري إىل أنهام ينقالن عن مصد ٍر‬

‫م ّتى‪7-10 :3‬‬

‫طب ًعا‪ ،‬تع ّددت اآلراء حول هذا املصدر املشرتك املسمى املصدر‬ ‫(‪ )Q‬وحاول البعض إعادة تركيبه حيث أخذوا فقط اآليات‬ ‫املتشابهة من هذين اإلنجيلني وأعادوا تنسيقها‪ ،‬وامللفت‬ ‫ٍ‬ ‫لالنتباه والعجب يف آنٍ‬ ‫واحد هو أن «هذا اإلنجيل الجديد»‬ ‫ال يذكر شيئًا عن والدة يسوع من عذراء وال قصة صلبه وال‬ ‫مبعنى آخر إن هذا املصدر املشرتك (‪ )Q‬يشبه‬ ‫قيامته! أي‬ ‫ً‬ ‫(‪)3‬‬ ‫إنجيل توما الذي يوجد فيه كال ُم يسوع فقط‪.‬‬

‫‪ -3‬إنجيل توما هو أحد أناجيل املسيحية األوىل غري املعرتف بها كُنس ًّيا‪ ،‬والذي يعتقد العديد‬ ‫من الباحثني أنه يسلط الضوء عىل الروايات اإلنجيلية املنقولة مشفاهةً‪ .‬اكتُشف إنجيل توما‬ ‫بالقرب من نجع حامدي مبرص يف ديسمرب ‪1945‬م ضمن العديد من املخطوطات التي ُعرفت‬ ‫باسم مخطوطات نجع حامدي [تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫لوقا ‪7-9 :3‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫ايض‪[ :‬حسب بعض التأليفات](‪ .)4‬إذن وللتلخيص(‪:)5‬‬ ‫وهذا هو املصدر (‪ )Q‬االفرت ّ‬ ‫‪ -1‬األ ّول هو إنجيل مرقس‪.‬‬ ‫‪ -2‬ث ّم لوقا ومتّى [وأثناء كتابة إنجيليهام] اعتمدا عىل‪:‬‬ ‫‪ 76% -3‬من إنجيل مرقس‪ +‬مصدر آخر (‪.)Q‬‬ ‫‪ -4‬متّى أضاف ‪ 20%‬غري مذكور ٍة يف اإلنجيلني اآلخرين وذكر ‪ 10%‬من مرقس يف إنجيله‬ ‫مل يذكرها لوقا‪.‬‬ ‫‪ -5‬لوقا أضاف ‪ 35%‬غري مذكور ٍة عند اآلخرين وذكر ‪ 1%‬من مرقس مل يذكرها متّى‪.‬‬ ‫هذه جول ٌة رسيع ٌة حول عالقة األناجيل ببعضها‬ ‫البعض [دون إنجيل يوح ّنا الّذي ميثّل حالة‬ ‫خاصة لوحده] وبالطبع‪ ،‬توجد نظرياتٌ أخرى‬ ‫ّ‬ ‫وإمنا أطرح النظرية التي تبدو يل منطقي ًة‬ ‫والتي أتبناها وإالّ فإننا لن ننتهي أب ًدا!‬ ‫وسنحاول القيام بأركيولوجيا كتاب ّي ًة علّنا نصل‬ ‫إىل يسوع‪.‬‬

‫‪ -4‬يشري املوقع األصيل إىل صفحة الباحث جيمس تيبور ‪ James Tabor‬عىل موقع جامعة والية كاروالينا الشاملية يف شارلوت ‪University of North Carolina at Charlotte‬‬ ‫‪ ،uncc.edu‬والصفحة األصلية قد انتقلت كام يبدو‪ ،‬لكننا نجد تيبور عىل صفح ٍة أخرى من نفس املوقع لحظة نرش هذا املقال يورد آيات املصدر ‪ Q‬من إنجيل لوقا وما ييل ترقيم‬ ‫هذه اآليات كام أوردها تيبور‪16 ،7-9 :3( :‬ب‪2 :4( .)-17‬ب‪:9( .)24-35 :7( .)18-23 :7( .)6-10 ،2-3 :7( .)47-49 :6( .)43-45 :6( .)37-42 :6( .)27-37 :6( .)20-23 :6( .)-12‬‬ ‫‪29 :11( .)24-26 :11( .)14-21 :11( .)9-13 :11( .)2-4 :11( .)23-24 :10( .)21-22 :10( .)16 :10( .)13-15 :10( .)2-12 :10( .)57-62‬ب‪،39-40 :11( .)33-36 :11( .)-32‬‬ ‫‪.)57-59 :12( .)51-53 :12( .)42-46 :12( .)39-40 :12( .)33-34 :12( .)22-31 :12( .)11-12 :12( .)8-10 :12( .)6-7 :12( .)4-5 :12( .)2-3 :12( .)46-52 :11( .)42-43‬‬ ‫(‪:17( .)3-4 :17( .)1 :17( .)17 :16( .)16 :16( .)13 :16( .)4-10 :15( .)34-35 :14( .)26-27 :14( .)16-23 :14( .)5 :14( .)34-35 :13( .)25-29 :13( .)24 :13( .)20-21 :13‬‬ ‫‪[ )30 :28 :22( .)12-13 :19( .)23-37 :17( .)5-6‬تحرير املجلة]‪.‬‬ ‫‪ -5‬املقال األصيل ينقل موقع دراسات الكتاب املقدس املحوسبة ‪ Études Bibliques Sur Ordinateur‬والذي ميكن الوصول إليه وقت نرش هذا املقال عىل العنوان التايل‪:‬‬ ‫‪ .ebior.be‬وبحسب الصياغة املوجودة عىل ذلك املوقع‪ ،‬فإن نظرية املصدرين تقوم عىل ثالثة أسس‪:‬‬ ‫‪ .1‬مرقس هو اإلنجيل األقدم الذي يعتمد عليه اإلنجيالن اإلزائيان اآلخران‪.‬‬ ‫‪ .2‬مل يعرف متّى ولوقا أحدهام اآلخر‪ ،‬لكن كالهام اعتمد مرج ًعا ما‪ Q ،‬كان أصل املشرتك بينهام‪.‬‬ ‫كل من متى ولوقا كذلك إىل مصادر أخرى‪ ،‬وهي نقط ٌة كث ًريا ما يتم إهاملها عند عرض املوضوع يف عجالة‪ ،‬وتكمن أهميتها يف غياب دليلٍ عىل أن هذه املصادر األخرى‬ ‫‪ .3‬لجأ ٌ‬ ‫بسبق مرقس يف كل الحاالت‪ ،‬وإمنا العمل عىل التأكد يف كل حالة‪ ،‬إذ تبدوا بعض الفقرات يف متى أقدم من مرقس‪.‬‬ ‫أتت بعد مرقس‪ .‬فال يفرتض التسليم ُ‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬يقوم الكاتب عىل ذلك املوقع بالخوض يف بعض التفاصيل واألمثلة لكن استنتاجه هو أن املصدر ‪ Q‬هو وثيق ٌة افرتاضي ٌة يستحيل علينا معرفة صياغتها أو أصلها أو مراحل‬ ‫تأليفها مبوثوقية [تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫تاريخ امليالد‪:‬‬

‫إذا اختلف السارقان بانت الجرمية‬ ‫عامي)‬ ‫ٌ‬ ‫(مثل ّ‬

‫إنجيل مرقس ال يذكر التاريخ‪.‬‬

‫إنجيل متّى (‪ )1 :2‬يقول‪:‬‬ ‫شقِ قَ ْد َجا ُءوا إِ َل أُو ُرشَ لِي َم‪.‬‬ ‫وس ِم َن الْ َم ْ ِ‬ ‫‪َ 1‬ول ََّم ُولِ َد يَ ُسو ُع ِف بَ ْي ِت لَ ْح ِم اليهودية‪ِ ،‬ف أَيَّ ِام هريو ُدس الْ َملِ ِك‪ ،‬إِذَا َم ُج ٌ‬ ‫أيضا األمر نفسه‪ ،‬حيث أن مريم حبلت بعيىس ستّة أشهر بعد حبل أليصابات بيوح ّنا‬ ‫وكذلك نفهم يف بداية إنجيل لوقا ً‬ ‫يف عهد هريودس‪.‬‬ ‫إىل هنا األمور جيد ٌة ومتناسقة‪ ،‬لك َّن لوقا نفسه [هل هو حقًّا لوقا نفسه؟] يذكر يف اإلصحاح الثاين‪:‬‬ ‫إنجيل لوقا (‪:)1-5 :2‬‬ ‫وس‬ ‫ص ِبأَ ْن يُ ْكتَتَ َب ك ُُّل الْ َم ْسكُونَ ِة‪َ 2 .‬وهذَا االكْ ِتتَ ُ‬ ‫اب األَ َّو ُل َج َرى إِ ْذ كَا َن كِريِي ِنيُ ُ‬ ‫‪َ 1‬و ِف تِل َْك األَيَّ ِام َص َد َر أَ ْم ٌر ِم ْن أُوغ ُْسط َُس قَيْ َ َ‬ ‫ال ُسو ِريَّ َة‪ 3 .‬فَ َذ َه َب الْ َج ِمي ُع لِ ُي ْكتَتَ ُبوا‪ ،‬ك ُُّل َو ِ‬ ‫اص ِة إِ َل‬ ‫اح ٍد إِ َل َم ِدي َن ِت ِه‪ 4 .‬ف َ​َص ِع َد يُ ُ‬ ‫وس ُف أَيْ ًضا ِم َن الْ َجلِيلِ ِم ْن َم ِدي َن ِة ال َّن ِ َ‬ ‫َو ِ َ‬ ‫اليهودية‪ ،‬إِ َل َم ِدي َن ِة َدا ُو َد الَّ ِتي تُ ْد َعى بَ ْي َت لَ ْح ٍم‪ ،‬لِ َك ْونِ ِه ِم ْن بَ ْي ِت َدا ُو َد َو َع ِش َريتِ ِه‪ 5 ،‬لِ ُي ْكتَتَ َب َم َع َم ْريَ َم ا ْم َرأَتِ ِه الْ َم ْخطُوبَ ِة‬ ‫َو ِه َي ُح ْب َل‪.‬‬ ‫متّى يقول أن يسوع ُولد يف عرص هريو ُدس‪ ،‬أي عىل أقىص تقدي ٍر سنة ‪ 4‬قبل امليالد‪ ،‬حيث نعلم تاريخيًّا أن هريو ُدس‬ ‫ّ‬ ‫توف يف ذلك التاريخ‪.‬‬ ‫بينام لوقا يقول أن يسوع ُولد حني كان كريينيوس وايل سورية‪ ،‬ونحن نعرف ‪-‬تاريخ ًّيا‪ -‬أن األمر األول الّذي أصدره قيرص‬ ‫لكريينيوس(‪ Quirinius )6‬وايل سوريا لجمع الرضائب من منطقة اليهودية كان سنة ‪ 6‬ميالدي‪.‬‬ ‫يسوع مولود‪ 4 :‬قبل امليالد حسب متّى‪.‬‬ ‫يسوع مولود‪ 6 :‬بعد امليالد حسب لوقا‪.‬‬ ‫الفارق‪ 10 :‬سنوات‪.‬‬ ‫فمن أين جاء هذا االختالف؟ إما أن أحدهام‬ ‫مخطئ أو أنهام مخطئان هام االثنان‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫تص ّور فنان لهريودس‬

‫عملة تحمل صورة كريينيوس‬

‫ٍ‬ ‫بحسابات فلكي ٍة‬ ‫طب ًعا حاول البعض القيام ببعض العمليات البهلوانية إليجاد مخر ٍج من هذا التناقض من خالل القيام‬ ‫وبي أسباب هذا االختالف يف تاريخ‬ ‫عجيبة‪ ،‬ولكن يوجد تفس ٌري مقن ٌع ورص ٌني قام به عامل األسطورة ِغ ْي فُ ْو (‪ّ )Guy Fau‬‬ ‫‪ -6‬كان كريينيوس ‪ Publius Sulpicius Quirinius) 51‬ق‪ .‬م‪ 21 – .‬م‪ ).‬أرستقراط ًيا رومان ًيا تم تعيينه وال ًيا عىل سوريا بعد طرد هريودس [تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫امليالد‪ ،‬وذلك بالعودة إىل العقلية يف ذلك الزمن(‪:)7‬‬ ‫«اليهود مل يكونوا فقط ينتظرون مجيء املسيح وإمنا‬ ‫ٍ‬ ‫نبوءات‬ ‫أيضا بتاريخ ظهوره حسب‬ ‫كانوا يتنبّؤون ً‬ ‫سابق ٍة ويستطيعون تحديد فرتة خروجه [‪ ]...‬وقد‬ ‫أشار يوسيفيوس فالفيوس بحذ ٍر يف كتابه حروب‬ ‫اليهود‪ ،‬يف الفصل السادس‪ ،‬الفقرة الخامسة إىل أن‬ ‫الثورة التي حدثت سنة ‪ 67‬ميالدي كانت إثر نبوء ٍة‬ ‫قدمي ٍة فيقول‪« :‬اليشء الذي شجع اليهود عىل هذه‬

‫فسيفساء بيزنطي يظهر مريم ويوسف يشاركان يف إحصاء كريينيوس‬

‫رجل سيخرج من هذه البالد وسيصبح ‪-‬لو خرج‪ -‬ملك‬ ‫الحرب هو نبوء ٌة موجود ٌة يف النصوص املق ّدسة [اليهودية] تعلن أن ً‬ ‫أيضا هذه النبوءة ويذكر سويتونيوس (‪ )Suetonius‬أنه أراد تحويل تلك النبوءة لصالح‬ ‫هذه البالد» والرومان كانوا يعرفون ً‬ ‫اإلمرباطور ڤسپازيانوس (‪ )Vespasianus‬ويشري إىل أن هذه النبوءة ال تناسب اليهود! والنبوءة هي‪« :‬ال يزول صولجان‬ ‫ال ُملْك من يهوذا وال عصا الترشيع من بني رجليه حتى يأيت شيلوه وله يكون خضوع شعوب» (سفر التكوين ‪.)10 :49‬‬ ‫ويتفق الباحثون كافّ ًة أن «شيلوه» تعني املسيح‪ ،‬إذن [وحسب تفكريهم يف تلك الفرتة] فوقت خروج املسيح‬ ‫بدعم‬ ‫ميكن تحديده بدقة‪ ،‬فقضيب ال ُملْك ضاع من يهوذا سنة ‪ 40‬قبل امليالد إثر االعرتاف بهريو ُدس الكبري ملكًا ٍ‬ ‫الرشعي‪ ،‬ولكن تحت حكم هريو ُدس بقيت فلسطني ‪-‬رغم ذلك‪ -‬مستقل ًة نسب ًّيا‪ ،‬أي أن‬ ‫من الرومان مكان الحاكم‬ ‫ّ‬ ‫نائب روما ٌّين جدي ٌد إىل‬ ‫صولجان ال ُملْك مل يخرج متا ًما من أيدي اليهود‪ ،‬ولكنه ضاع متا ًما سنة ‪ 6‬ميالدي حني جاء ٌ‬ ‫فلسطني‪ ،‬إذن فاملسيح يجب أن يظهر إما سنة ‪ 4‬قبل امليالد [مبا أنه مل يحدث يش ٌء يف زمن هريودس] وإما سنة‬ ‫‪ 6‬بعد امليالد أثناء اإلحصاء‪ ،‬وهذا هو السبب يف اختالف التاريخ‪ ،‬فمتّى يجعله مولو ًدا يف آخر حكم هريو ُدس ‪4‬‬ ‫تصح فيه النبوءة‬ ‫قبل امليالد‪ ،‬ولوقا يجعله سنة ‪ 6‬بعد امليالد أثناء خروج امللك متا ًما‪ ،‬حيث أنه ال يوجد تاري ٌخ آخر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تاريخي صحي ٍح وإمنا اعتام ًدا عىل نبوء ٍة توراتية»‪.‬‬ ‫حدث‬ ‫إال هذان التاريخان‪ ،‬فتاريخ والدة يسوع ليس قامئًا عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نبوءات توراتي ٍة وليس‬ ‫يل] مبني ٌة عىل‬ ‫وسنالحظ يف مختلف مراحل البحث أن األحداث التي حدثت مع يسوع [اإلنجي ّ‬ ‫ألنها أحداثٌ حقيقية‪ ،‬وذلك باعتامدنا دامئًا عىل التناقضات وتوضيح أسباب هذا التناقض‪ ،‬حيث أن النبوءات تحتمل‬ ‫ٍ‬ ‫بأحداث حقيقي ٍة‬ ‫التأويل ومن هنا يأيت التناقض‪ ،‬مام يجعلنا نستنتج أن الذين يكتبون اإلنجيل ال يكتبون قص ًة‬ ‫حدثت بل يصنعون هذه األحداث بنا ًء عىل النبوءات‪.‬‬ ‫‪7- Guy Fau - La Fable de Jésus-Christ. III.P 62-71.‬‬

‫‪18‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫مكان الوالدة‪:‬‬ ‫مرقس ‪9 :1‬‬ ‫اص ِة الْ َجلِيلِ َوا ْعتَ َم َد ِم ْن يُو َح َّنا ِف األُ ْر ُدنِّ‪.‬‬ ‫َو ِف تِل َْك األَيَّ ِام َجا َء يَ ُسو ُع ِم ْن نَ ِ َ‬ ‫تناقضا؟ فهل قال‬ ‫نتعسف عىل النص ونعترب هذا ً‬ ‫بينام لوقا ومتّى يذكران أن يسوع ُولد يف قرية بيت لحم‪ ،‬ولكن ملاذا ّ‬ ‫مرقس أن يسوع ُولد يف «النارصة»؟ بل قال جاء منها‪ ،‬وكام نعلم ‪-‬حسب اإلنجيل‪ -‬فيسوع ُولد يف «بيت لحم» ثم‬ ‫تناقضا حتى ال نُتّهم بعدم الحيادية‪.‬‬ ‫سكن مع أهله يف النارصة بالجليل‪ ،‬إذن فلنعترب أن هذا ليس ً‬ ‫أي مصد ٍر قبل نهاية القرن‬ ‫أول قبل أن نذهب إىل بيت لحم‪ ،‬سنتوقف ً‬ ‫ً‬ ‫قليل مع النارصة‪ ،‬هذه املدينة غري مذكور ٍة يف ّ‬ ‫الثاين ميالدي‪ ،‬ال يف العهد القديم وال عند املؤ ّرخني القدامى ‪-‬يهو ًدا وأجانب‪ -‬وال يف الخرائط الرومانية القدمية‪ ،‬فلامذا‬ ‫متّت نسبة يسوع إىل هذه املدينة [التي من املمكن أن تكون وهمي ًة]؟‬ ‫سأدخل يف بعض األمور التقنية التي تصيب بالصداع‪:‬‬ ‫ميكننا أن نفهم هذا «اللغز» انطالقًا من األناجيل نفسها‪ ،‬فمرقس يقول يف (‪:)9 :1‬‬ ‫اص ِة الْ َجلِيلِ َوا ْعتَ َم َد ِم ْن يُو َح َّنا ِف األُ ْر ُدنِّ‪.‬‬ ‫َو ِف تِل َْك األَيَّ ِام َجا َء يَ ُسو ُع ِم ْن نَ ِ َ‬ ‫ث ّم بعدها ويف اآلية ‪ 24‬يقول‪:‬‬ ‫وس الل ِه!»‪ .‬‬ ‫«آ ِه! َما لَ َنا َول َ​َك يَا يَ ُسو ُع ال َّن ِ ِ‬ ‫اص ُّي؟ أَت َ ْي َت لِتُ ْهلِ َك َنا! أَنَا أَ ْع ِرف َُك َم ْن أَنْ َت‪ :‬قُ ُّد ُ‬ ‫طب ًعا سيذهب يف خلدنا مبارش ًة أن يسوع النارصي تعني أنه من مدينة النارصة‪ ،‬وهذا غري صحيح‪.‬‬ ‫فاألوىل باليونانية مكتوب ٌة هكذا ‪ ναζαρετ :‬وباإلنجليزي ‪ Nazaret‬وترجمتها‪ :‬النارصة‬ ‫والثانية ‪ ναζαρηνε :‬وباإلنجليزي ‪ Nazarene‬وترجمتها‪ :‬النصارى‬ ‫لو أراد أن يقول النارصي نسب ًة إىل مدينة النارصة لقال‪ ναζαρετενος = Nazaretenos :‬أو ‪ Nazaretanos‬أو‬ ‫‪ Nazaretaios.‬‬ ‫إذا ما الذي يقصده بقوله‪ ναζαρηνε :‬أو ‪ Nazarene‬؟‬ ‫‪19‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫ومبا أين أرجح أن كتبة اإلنجيل كانوا يكتبونه‬ ‫وعينهم عىل الرتجمة السبعين ّية اليونانية للعهد‬ ‫القديم‪ ،‬فأحسن يش ٍء نفعله لفهمها هو أن نعود‬ ‫إىل هذه الرتجمة ونرى أين وردت‪.‬‬ ‫قضاة (‪:)5 :13‬‬ ‫وس َرأْ َس ُه‪،‬‬ ‫فَ َها إِنَّ ِك تَ ْح َبلِ َني َوتَلِ ِدي َن ابْ ًنا‪َ ،‬والَ يَ ْع ُل ُم َ‬ ‫الصب َِّي يَكُو ُن نَ ِذي ًرا لل ِه ِم َن الْ َبطْنِ ‪َ ،‬و ُه َو يَ ْب َدأُ‬ ‫ألن َّ‬ ‫سائِ َيل ِم ْن يَ ِد الْ ِفلِ ْس ِطي ِنيِّ َني»‪.‬‬ ‫يُ َخل ُِّص إِ ْ َ‬ ‫كلمة «نذير» املستعملة هنا مكتوب ٌة يف الرتجمة السبعين ّية‪ ναζιραῖον :‬أي ‪ Naziraion‬وتعني «النذير» أي الذي‬ ‫أيضا «الق ّديس» إذا أخذنا السفر نفسه وتق ّدمنا‬ ‫ينذر نذ ًرا لله‪ ،‬ولكن هذه الكلمة مل تتوقف عند هذا املعنى فتعني ً‬ ‫وس َرأْ ِس ألَ ِّن نَ ِذي ُر الل ِه ِم ْن بَطْنِ أُ ِّمي‪ ،‬فَ ِإ ْن‬ ‫قليال إىل إصحاح ‪16-‬آية ‪ « :17‬فَكَشَ َف لَ َها ك َُّل قَلْ ِب ِه‪َ ،‬وق َ​َال لَ َها‪« :‬لَ ْم يَ ْع ُل ُم َ‬ ‫ْت تُفَا ِرقُ ِني قُ َّو ِت َوأَ ْض ُع ُف َوأَ ِص ُري كَأَ َح ِد ال َّن ِ‬ ‫اس»‪ .‬فيمكن ترجمة «نذير الله» إىل «ق ّديس الله» ولذلك نفهم ملاذا‬ ‫ُحلِق ُ‬ ‫كتب مرقس يف تلك اآلية السابقة‪:‬‬ ‫وس الل ِه!»‪.‬‬ ‫ِقائِ ًل‪« :‬آ ِه! َما لَ َنا َول َ​َك يَا يَ ُسو ُع ال َّن ِ ِ‬ ‫اص ُّي؟ أَتَ ْي َت لِتُ ْهلِ َك َنا! أَنَا أَ ْع ِرف َُك َم ْن أَنْ َت‪ :‬قُ ُّد ُ‬ ‫وكأنه يفرس ‪-‬بطريق ٍة غري مبارشة‪ -‬معنى كلمة «النارصي» أي «قدوس الله» أي «النذير»‪.‬‬ ‫فالنارصي ال تحيل عىل «النارصة» بل عىل «الذي ينذر نذ ًرا لله»‪.‬و الذي ينذر هذا النذر عليه‪:‬‬ ‫سفر العدد (‪:)1-3 :6‬‬ ‫سائِ َيل َوق ُْل لَ ُه ْم‪ :‬إِذَا انْ َف َر َز َر ُج ٌل أَ ِو ا ْم َرأَ ٌة لِ َي ْن ُذ َر نَ ْذ َر ال َّن ِذيرِ‪ ،‬لِ َي ْنتَ ِذ َر لِل َّر ِّب‪3 ،‬‬ ‫‪َ 1‬وكَلَّ َم ال َّر ُّب ُم َ‬ ‫وس قَائِ ًل‪« 2 :‬كَلِّ ْم بَ ِني إِ ْ َ‬ ‫ش ْب ِم ْن نَ ِقيعِ الْ ِع َن ِب‪َ ،‬والَ يَأْك ُْل ِع َنبًا َرطْبًا َو َال‬ ‫ش ْب َخ َّل الْ َخ ْم ِر َوالَ َخ َّل الْ ُم ْس ِكرِ‪َ ،‬والَ يَ ْ َ‬ ‫فَ َعنِ الْ َخ ْم ِر َوالْ ُم ْس ِك ِر يَف َْتِزُ‪َ ،‬والَ يَ ْ َ‬ ‫يَاب ًِسا‪ .‬‬

‫‪20‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫قوسا صغ ًريا باملناسبة‪ :‬اآلية تقول‪:‬‬ ‫أفتح ً‬ ‫فَ َعنِ الْ َخ ْم ِر َوالْ ُم ْس ِك ِر يَف َ ِ‬ ‫ش ْب ِم ْن نَ ِقيعِ الْ ِع َن ِب‪َ ،‬والَ يَأْك ُْل ِع َن ًبا َرطْ ًبا َو َال‬ ‫ش ْب َخ َّل الْ َخ ْم ِر َوالَ َخ َّل الْ ُم ْس ِكرِ‪َ ،‬والَ يَ ْ َ‬ ‫ْتزُ‪َ ،‬والَ يَ ْ َ‬ ‫يَاب ًِسا‪.‬‬ ‫هذه هي اآلية بالعربيّة‪:‬‬ ‫ִמיַ יִ ן וְ ֵשכָ ר יַ זִ יר ח ֶֹמץ יַ יִ ן וְ ח ֶֹמץ ֵשכָ ר ל ֹא יִ ְש ֶתה וְ כָ ל ִמ ְש ַרת עֲ נָ ִבים ל ֹא יִ ְש ֶתה וַ עֲ נָ ִבים לַ ִחים וִ ֵיב ִשים‬ ‫ל ֹא יֹאכֵ ל׃‬ ‫الكلمة التي باألحمر تعني نقيع العنب أو‬ ‫باألحرى «النبيذ»‪ .‬أي بخالصة‪ :‬من ينتذر‬ ‫عليه أالّ يرشب الخمر وال النبيذ‪.‬‬ ‫فامذا لو ع ّربنا تلك الكلمة التي باألحمر‪:‬‬ ‫משרת؟‪ ‬‬ ‫تكتب هكذا‪ :‬ميرشاه‪ ،‬وترجمتها إىل العرب ّية‪:‬‬ ‫ميرساه‪.‬‬ ‫أي أن اآلية بخالص ٍة تقول‪ :‬ال ترشب الخمر وامليرساه‪.‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫ُْ​َُ َ ْ‬ ‫َْ َُ َ َ‬ ‫ك َعن ْ َ‬ ‫كَُ‬ ‫ال ْمر َوال ْ َميْ ِس ۖ قُ ْل فِيه َما إثْ ٌم َكب ٌ‬ ‫ري َو َم َناف ُِع ل َِّلن ِ‬ ‫ب مِن نفعِ ِه َما ۗ‬ ‫اس ِإَوثمهما أ‬ ‫أال تذكّرنا بقول القرآن‪﴿ :‬يسألون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ُ ُ ْ َ َ َ َّ ُ ْ َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ات لعلكم تتفكرون﴾ (البقرة‪.)219 :‬‬ ‫ويسألونك ماذا ينفِقون ق ِل العفو ۗ كذل ِك يب ِي الل لكم الي ِ‬

‫فالقرآن هنا ع ّرب كلمة «ميرساه» العربيّة‪ ،‬والحظوا أنها جاءت يف السياق نفسه ومقرون ًة بالخمر‪ ،‬يف التوراة ويف‬ ‫األجلء القدامى مل يفهموا الكلمة فقالوا إن امليرس تعني القامر! [رغم أن جذر «يرس»‬ ‫القرآن‪ ،‬لكن ومبا أن املفرسين ّ‬ ‫أصل]‪ .‬قس عىل ذلك العديد من ألفاظ القرآن والتي ليس مقامها هنا‪.‬‬ ‫ال عالقة له بالقامر ً‬ ‫إذن فإن الراجح ‪ -‬وبعد هذه الفذلكات اللغوية اململة ‪ -‬أن تسمية يسوع النارصي مشتق ٌة من «النذير» وليس من‬ ‫«النارصة»‪ .‬وسنعود الحقًا إىل الفرق بني كلمتي «مسيحي» و«نرصاين» ألن لذلك عالق ٌة بهذا الجذر‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫أ ّما عن مولده يف بيت لحم‪ ،‬فيجب أن يكون كذلك وإال فامذا نفعل بهذه النبوءة؟‪:‬‬ ‫سفر ميخا (‪:)2 :5‬‬ ‫ُون بَ ْ َي أُل ِ‬ ‫سائِ َيل‪،‬‬ ‫أَ َّما أَنْ ِت يَا بَ ْي َت لَ ْح ِم أَفْ َراتَ َة‪َ ،‬وأَنْ ِت َص ِغ َري ٌة أَ ْن تَك ِ‬ ‫ُوف يَ ُهوذَا‪ ،‬فَ ِم ْن ِك يَ ْخ ُر ُج ِل ال َِّذي يَكُو ُن ُمتَ َسلِّطًا َع َل إِ ْ َ‬ ‫َو َم َخا ِر ُج ُه ُم ْن ُذ الْق َِد ِيم‪ُ ،‬م ْن ُذ أَيَّ ِام األَ َز ِل‪.‬‬ ‫فيجب عىل يسوع أن يولد يف بيت لحم‪ ،‬وإالّ لن يكون مكان الوالدة مد ّع ًم بنبوء ٍة قدمية‪ .‬وبالتايل إن وضعوا مكان‬ ‫والد ٍة آخر قد يأيت أحد املاكرين فيام بعد ويقول‪ :‬ال يا جامعة‪ ،‬فاملسيح سيخرج من بيت لحم‪ ،‬ولذلك «فبيت لحم»‬ ‫هي املكان املناسب ليسوع املناسب‪.‬‬

‫هذا عن مكان الوالدة‪ ،‬أ ّما عن والدة‬ ‫يسوع يف غار‪ ،‬فلن نبتعد كث ًريا عن بيت‬ ‫لحم‪ ،‬فيوجد قربها اإلله متّوز الذي كان‬ ‫يحتفل بوالدته الوثن ّيون‪ ،‬وياملحاسن‬ ‫الصدف‪:‬‬ ‫فاإلله متّوز مولو ٌد يف غا ٍر أو كهف‪،‬‬

‫تصوير فني لإلله متوز الراعي‬

‫وكذلك صديقنا يسوع‪.‬‬

‫أيضا‪ ،‬ودون أن‬ ‫الحقيقة هو أن كل هذه األحداث املزعومة ليست إال أساطري صنعها معلّموكم وصنعتموها أنتم ً‬ ‫تقدروا حتى أن تجعلوا أكاذيبكم مغلف ًة ببعض الحقيقة‪ ،‬والعديد منكم قاموا بتدليس النصوص اإلنجيل ّية األوىل عىل‬ ‫هواهم‪ ،‬ثالث أو أربع مر ٍ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ات وأكرث ً‬ ‫كلسوس ‪ ،53-20‬القرن الثاين ميالدي‬ ‫‪22‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫والدا يسوع‪:‬‬ ‫ولدتْ يسو َع مري ُم العذراء التي كانت مخطوب ًة ليوسف‪ ،‬فيسوع‬ ‫هو ابن يوسف بالتب ّني‪.‬‬ ‫مثل أن األناجيل تم االشتغال عليها والزيادة‬ ‫الحظ يف هذه النقطة ً‬ ‫فيها والنقصان عىل مدى ع ّدة عقود‪ ،‬بني القرن األ ّول والثاين ميالدي‪.‬‬ ‫فاملسيح ‪ -‬وحسب النبوءات‪ -‬سيكون من نسل داود‪ ،‬ويوسف [والد‬ ‫يسوع بالتب ّني] هو من نسل داود ‪-‬حسب األناجيل‪ -‬لك ّنه ليس أبو‬ ‫يسوع الفعيل‪ ،‬فيسوع مولو ٌد من عذراء بال أب‪ ،‬فكيف يكون من‬ ‫نسل داود؟‬ ‫ربا هذه اإلشكاليّة التي تطعن يف أن يسوع هو املسيح [ألنه ليس ابن يوسف الفعيل الذي هو من نسل داود]‬ ‫ّ‬ ‫اليهودي آنذاك‪ ،‬بينام تجد‬ ‫قصة «اختالق مريم العذراء» وهي قص ٌة غريب ٌة متا ًما عن املجتمع‬ ‫دفعت كتبة اإلنجيل إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫صداها وبكل أريح ّي ٍة عند الحضارات املجاورة التي يحفل موروثها الثقايف مبثل هذه الوالدات األسطورية‪ ،‬كحورس‬ ‫املولود من عذراء وآتيس ودينوسيوس وميرتا وغريهم من اآللهة القدامى‪.‬‬ ‫فعل‪ ،‬لذلك‬ ‫لكن اليهود لن يؤمنوا بطبيعة الحال بهذه الوالدة األسطورية‪ ،‬وسيعتربون يسوع «ابن زنا» وهو ما حدث ً‬ ‫مثل قام ‪-‬بطريق ٍة غري مبارشة‪ -‬بتحويل هذه اإلشكالية إىل صالح يسوع حيث يبدأ إنجيله هكذا‪:‬‬ ‫فإن متّى ً‬ ‫متّى (‪:)1-16 :1‬‬ ‫حاق‪َ .‬وإِ ْس ُ‬ ‫اب ِميالَ ِد يَ ُسو َع الْ َم ِسي ِح ابْنِ َدا ُو َد ابْنِ إِبْرا ِهي َم‪ 2 :‬إِبْرا ِهي ُم َولَ َد إِ ْس َ‬ ‫ُوب َولَ َد‬ ‫ُوب‪َ .‬ويَ ْعق ُ‬ ‫حاق َولَ َد يَ ْعق َ‬ ‫‪ 1‬كِتَ ُ‬ ‫اب‪.‬‬ ‫صو ُن َولَ َد أَ َرا َم‪َ 4 .‬وأَ َرا ُم َولَ َد َع ِّمي َنا َد َ‬ ‫صونَ‪َ .‬و َح ْ ُ‬ ‫يَ ُهوذَا َوإِ ْخ َوت َ ُه‪َ 3 .‬ويَ ُهوذَا َولَ َد فَار َِص َوزَا َر َح ِم ْن ث َا َما َر‪َ .‬وفَار ُِص َولَ َد َح ْ ُ‬ ‫اب‪َ .‬وبُو َع ُز َولَ َد ُعوبِي َد ِم ْن َرا ُعوثَ ‪َ .‬و ُعوبِي ُد‬ ‫اب َولَ َد نَ ْحشُ ونَ‪َ .‬ونَ ْحشُ و ُن َولَ َد َسلْ ُمونَ‪َ 5 .‬و َسلْ ُمو ُن َولَ َد بُو َع َز ِم ْن َرا َح َ‬ ‫َو َع ِّمي َنا َد ُ‬ ‫َولَ َد يَ َّس‪َ 6 .‬ويَ َّس َولَ َد َدا ُو َد الْ َملِ َك‪َ .‬و َدا ُو ُد الْ َملِ ُك َولَ َد ُسلَ ْي َم َن ِم َن الَّ ِتي ألُو ِريَّا‪َ 7 .‬و ُسلَ ْي َم ُن َولَ َد َر َح ْب َعا َم‪َ .‬و َر َح ْب َعا ُم َولَ َد‬ ‫أَ ِب َّيا‪َ .‬وأَ ِب َّيا َولَ َد َآسا‪َ 8 .‬و َآسا َولَ َد يَ ُهوشَ افَاطَ‪َ .‬ويَ ُهوشَ افَا ُط َولَ َد يُو َرا َم‪َ .‬ويُو َرا ُم َولَ َد ُع ِّزيَّا‪َ 9 .‬و ُع ِّزيَّا َولَ َد يُوث َا َم‪َ .‬ويُوث َا ُم َولَ َد أَ َحازَ‪.‬‬ ‫وش َّيا‪َ 11 .‬ويُ ِ‬ ‫َوأَ َحا ُز َولَ َد ِح ْز ِق َّيا‪َ 10 .‬و ِح ْز ِق َّيا َولَ َد َم َن َّس‪َ .‬و َم َن َّس َولَ َد آ ُمونَ‪َ .‬وآ ُمو ُن َولَ َد يُ ِ‬ ‫وش َّيا َولَ َد يَ ُك ْن َيا َوإِ ْخ َوتَ ُه ِع ْن َد َس ْب ِي‬ ‫بَاب َِل‪َ 12 .‬وبَ ْع َد َسبْ ِي بَاب َِل يَ ُك ْنيَا َولَ َد شَ أَلْ ِت ِئ َيل‪َ .‬وشَ أَلْ ِت ِئ ُيل َولَ َد َز ُربَّاب َِل‪َ 13 .‬و َز ُربَّاب ُِل َولَ َد أَبِي ُهو َد‪َ .‬وأَبِي ُهو ُد َولَ َد أَلِيَا ِقي َم‪َ .‬وأَلِيَا ِقي ُم‬ ‫وق‪َ .‬و َصا ُد ُ‬ ‫َولَ َد َعازُو َر‪َ 14 .‬و َعازُو ُر َولَ َد َصا ُد َ‬ ‫وق َولَ َد أَ ِخي َم‪َ .‬وأَ ِخي ُم َولَ َد أَلِ ُيو َد‪َ 15 .‬وأَلِ ُيو ُد َولَ َد أَلِي َعا َز َر‪َ .‬وأَلِي َعا َز ُر َولَ َد َمتَّانَ‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫يح‪.‬‬ ‫ُوب َولَ َد يُ ُ‬ ‫وس َف َر ُج َل َم ْريَ َم الَّ ِتي ُولِ َد ِم ْن َها يَ ُسو ُع ال َِّذي يُ ْد َعى الْ َم ِس َ‬ ‫ُوب‪َ 16 .‬ويَ ْعق ُ‬ ‫َو َمتَّا ُن َولَ َد يَ ْعق َ‬ ‫أيضا عدم ذكر النساء أثناء عرض النسب‪ ،‬لكن‬ ‫أقول حول هذه اإلشكالية يف صالحه ألن من عادة اليهود [والعرب] ً‬ ‫نالحظ أن متّى ذكر أربع نساء‪:‬‬ ‫ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار‬ ‫وسلمون ولد بوعز من راحاب‬ ‫وبوعز ولد عوبيد من راعوث‬ ‫وداود امللك ولد سليامن من التي ألوريا‬ ‫مل يذكر متّى هاته النساء األربع اعتباطًا بل األسامء مختار ٌة بدقة‪.‬‬ ‫األوىل‪ :‬ثامار‪ ،‬وهي التي تنكّرت يف شكل امرأ ٍة زانية (تكوين ‪.)38‬‬

‫ثامار وأخوها أبشالوم (أبوهام هو داود) بريشة كابانل‬

‫الثانية‪ :‬راحاب‪ ،‬زاني ٌة محرتفة‪« :‬فَأَ ْر َس َل يَشُ و ُع بْ ُن نُونٍ ِم ْن ِشطِّي َم‬ ‫سا‪ ،‬قَائِ ًل‪« :‬ا ْذ َه َبا انْظُ َرا األَ ْر َض َوأَرِي َحا»‪ .‬فَ َذ َه َبا‬ ‫َر ُجل ْ َِي َج ُاس َ‬ ‫وس ْ ِي ِ ًّ‬ ‫اب َو ْاضطَ َج َعا ُه َن َاك» (يوشع‬ ‫َو َد َخالَ بَ ْي َت ا ْم َرأَ ٍة زَانِ َي ٍة ْاس ُم َها َرا َح ُ‬ ‫‪.)2:1‬‬ ‫الثالثة‪ :‬راعوث‪ ،‬التي أرادت إغواء بوعز‪ ،‬فهي الغانية التق ّية (راعوث‬ ‫‪.)3‬‬ ‫الرابعة‪ :‬التي ألوريا‪ ،‬واسمها بَتْ ِش َب ْع‪ ،‬وهي عشيقة النبي داود‬ ‫(صامويل ‪.)12 :2‬‬ ‫وكل هاته النساء يشرتكن يف أن لهن عالق ًة بالزنا ‪-‬مبارش ًة أو غري‬ ‫ّ‬ ‫مبارشة‪ -‬ورغم ذلك فه ّن محرتماتٌ يف التقليد اليهودي‪ ،‬فثامار هي‬ ‫أب ّر من يهوذا (تكوين ‪ )26 :38‬وراحاب بطل ٌة قومية‪ ،‬وراعوث‬ ‫معروف ٌة بوفائها‪ ،‬وبتشبع هي أ ّم امللك والنبي سليامن‪ ،‬فام بالك لو‬ ‫رش من الله‬ ‫كانت هذه العالقة «غري العاديّة» حدثت بتد ّخلٍ مبا ٍ‬ ‫كام حدث مع مريم؟ عىل هذا األساس قام متّى ببناء شجرة النسب‬ ‫أعاله‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫راحاب مع الجاسوسني بريشة تيسو‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫س ّن مريم‪:‬‬ ‫لقد أوضحت أعاله أن قصة مريم «العذراء» قد تكون متأخرةً‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أن مريم مل تكن عذراء‪ ،‬وعلينا أن‬ ‫نفهم ماذا تعني كلمة عذراء يف ذلك الوقت‪.‬‬ ‫رب أليعازر يف نهاية القرن األ ّول ميالدي(‪:)8‬‬ ‫جاء يف التوسفتا תוספתא التي تعكس تعاليم ّ‬ ‫«العذراء هي الفتاة التي مل تر الدم حتّى ولو كانت متزوج ًة وعندها أطفال‪ ،‬فهي عذراء‬ ‫حتى تأتيها العادة الشهرية األوىل»‪.‬‬ ‫فالعذراء حسب التقليد اليهودي هي التي مل تصل إىل سن البلوغ بعد‪ ،‬ويشري يواخيم‬ ‫يرميياس ‪ Joachim Jeremias‬يف كتابه «أورشليم يف عهد يسوع»(‪Jerusalem )9‬‬ ‫‪ in the Time of Jesus‬إىل أن الفتاة يف ذلك الوقت ميكن أن تتم خطبتها يف س ّن‬ ‫تظل يف بيت أبويها إىل سن ‪ 12‬أو ‪ 13‬وحينها يكون ألبيها كل الحق يف‬ ‫الخامسة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫تزويجها أو بيعها‪ ،‬حيث تكون صالح ًة للزواج‪ ،‬كام جاء يف التلمود‪« :‬نحصل عىل املرأة‬ ‫إما باملال أو ٍ‬ ‫بعقد أو بعالق ٍة جنسيّة»‬ ‫أما يف حالتنا هذه أي مع مريم حيث متت خطبتها‪ ،‬فهي تظل سن ًة يف‬ ‫بيت أبيها قبل أن تذهب إىل بيت زوجها‪ ،‬ويشري متّى إىل أن مريم‬ ‫كانت مخطوب ًة ليوسف وتعيش معه‪ ،‬فطوال هذه الفرتة التحولية أي‬ ‫الخطوبة‪ ،‬يتم تحريم كل عالق ٍة جنسية‪ ،‬لكن مريم وجدتْ نفسها حبىل‬ ‫أثناء هذه الفرتة‪ ،‬فهي طفل ٌة صغري ٌة ولكنها حبىل [هذا يذكرنا بزواج‬ ‫محمد من عائشة الطفلة‪ ،‬لذلك فإن نقد هذه العادات خارج سياقها‬ ‫االجتامعي وقتها يُعترب إسقاطًا تاريخيًّا غري موضوعي]‪.‬‬ ‫إذن فإن العذراء هي التي مل تأتها العادة الشهريّة‪ ،‬لك ّن قام كتبة اإلنجيل‬ ‫بربط «عذراويّة مريم» بنبوء ٍة من العهد القديم [كالعادة] حيث جاء يف‬ ‫سفر إشعياء (‪:)14 :7‬‬ ‫السيِّ ُد نَف ُْس ُه آيَ ًة‪َ :‬ها الْ َع ْذ َرا ُء ت َ ْحبَ ُل َوتَلِ ُد ابْ ًنا َوت َ ْد ُعو ْاس َم ُه‬ ‫َول ِك ْن يُ ْع ِطي ُك ُم َّ‬ ‫« ِع َّمنُوئِ َيل»‪.‬‬

‫‪8- Gérard Mordillat, Jésus contre Jésus, p. 25. Seuil, 2008, Paris.‬‬

‫‪ -9‬املصدر السابق‬

‫‪25‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫قلت سابقًا فإنّهم يكتبون اإلنجيل وعينهم عىل الرتجمة السبعين ّية اليونانية للعهد القديم‪ ،‬لكن يف هذه اآلية‬ ‫وكام ُ‬ ‫بالذات يوجد خطأٌ يف الرتجمة‪ ،‬فأصل اآلية بالعربية هو‪:‬‬ ‫לָ כֵ ן יִ ֵתן ֲאדֹנָ י הּוא לָ כֶ ם אֹות ִהנֵ ה ָה ַעלְ ָמה ָה ָרה וְ יֹלֶ ֶדת ֵבן וְ ָק ָראת ְשמֹו עִ ָמנּו ֵאל ׃‬ ‫فرتجموا העלמה يف الرتجمة السبعين ّية(‪ )10‬إىل ‪ παρθένος‬أي ‪ parthenos‬وتعني عذراء بينام الكلمة األصلية أي‬ ‫העלמה تعني الطفلة الصغرية‪ ،‬وهو ما نراه يف أمثال ‪.30-19‬‬ ‫وعىل كل حال‪ ،‬فالوصفان «عذراء» و«طفلة صغرية» ليسا بعيدين‪ ،‬وإمنا ما تجدر اإلشارة إليه هو أخ ُذ متّى لتلك اآلية‬ ‫وغني عن الذكر أن اليهود يرفضون متا ًما هذا التفسري ويرون ّأل عالقة‬ ‫[املرتجمة خطأً] وتحويلها إىل نبوء ٍة عن يسوع‪ٌ ،‬‬ ‫لها باملسيح‪.‬‬ ‫واالبن الذي يكون مجهول األب هو محتق ٌر يف ذلك املجتمع‪ ،‬ويكون دوره ثانويًّا يف املجتمع وليس من حقّه الزواج من‬ ‫يهودي ٍة ح ّرة‪[ ،‬ملاذا مل يتزوج يسوع؟] كام أن األناجيل تعطينا بعض الفالشات التي من املمكن أن تكون كالم يسوع‬ ‫ُوب لِلْبَطْنِ ال َِّذي َح َمل َ​َك َوالثَّ ْديَ ْ ِي اللَّ َذيْنِ َر ِض ْعتَ ُه َم» (لوقا‪ .)27 :11 :‬فإذا بيسوع ير ّد‬ ‫نفسه‪ ،‬فهذه امرأ ٌة تقول له‪« :‬ط َ‬ ‫ُوب لِل َِّذي َن يَ ْس َم ُعو َن كَالَ َم الل ِه َويَ ْح َفظُونَ ُه» (لوقا ‪ ،)28 :11‬هل مل تكن مريم تسمع كالم الله وتحفظه؟ بل‬ ‫ً‬ ‫قائل‪« :‬بَ ْل ط َ‬ ‫قائل‪« :‬فَ َجا َءتْ ِحي َن ِئ ٍذ إِ ْخ َوت ُ ُه َوأُ ُّم ُه َو َوقَفُوا َخا ِر ًجا َوأَ ْر َسلُوا إِلَ ْي ِه يَ ْد ُعونَ ُه‪َ .‬وكَا َن الْ َج ْم ُع َجالِ ًسا َح ْولَ ُه‪،‬‬ ‫يكاد يسوع ينكر أهله ً‬ ‫فَقَالُوا لَ ُه‪ُ « :‬ه َوذَا أُ ُّم َك َوإِ ْخ َوت َُك َخا ِر ًجا يَطْلُ ُبونَ َك»‪ .‬فَأَ َجابَ ُه ْم ِقائِ ًل‪َ « :‬م ْن أُ ِّمي َوإِ ْخ َو ِت؟» ث ُ َّم نَظَ َر َح ْولَ ُه إِ َل الْ َجالِ ِس َني َوق َ​َال‪:‬‬ ‫(‪)11‬‬ ‫رصف بطريق ٍة عدائ ّية‬ ‫« َها أُ ِّمي َوإِ ْخ َو ِت‪ ،‬أل َّن َم ْن يَ ْص َن ُع َم ِشيئَ َة الل ِه ُه َو أَ ِخي َوأُ ْخ ِتي َوأُ ِّمي» (مرقس ‪ )31-35 :3‬وهو يت ّ‬ ‫مع أ ّمه‪َ « :‬ول ََّم فَ َرغ َِت الْ َخ ْم ُر‪ ،‬قَال َْت أُ ُّم يَ ُسو َع لَ ُه‪« :‬لَيْ َس لَ ُه ْم َخ ْم ٌر»‪ .‬ق َ​َال لَ َها يَ ُسو ُع‪َ « :‬ما ِل َول َِك يَا ا ْم َرأَةُ؟ لَ ْم تَأْ ِت َسا َع ِتي‬ ‫بَ ْع ُد (يوح ّنا ‪ )3-4 :2‬فام يل ومالك يا امرأة؟!‬ ‫ٍ‬ ‫محمد من زوجة ابنه بالتب ّني‪ ،‬ويحيطون‬ ‫طب ًعا يقوم رجال الكنيسة بتأويل هذا الكالم‪ ،‬متا ًما كام يؤ ّول املسلمون زواج‬ ‫األمور بهال ٍة من القدسية! ويقول اليهود مبارش ًة ليسوع أنه اب ٌن غري رشعي‪ :‬فَقَالُوا لَ ُه‪« :‬إِنَّ َنا لَ ْم نُولَ ْد ِم ْن ِزنًا‪ .‬لَ َنا أَ ٌب‬ ‫َو ِ‬ ‫اح ٌد َو ُه َو الل ُه» (يوح ّنا ‪.)41 :8‬‬ ‫وهذه القصة عن يوسف ومريم وأنها أصبحت حبىل بتد ّخلٍ من الله‪ ،‬تذكّرنا باألسطورة اإلغريق ّية عن نزول زيوس وتشبهه‬ ‫أصل يف اليونانية‪.‬‬ ‫‪ -10‬هي ترجمة العهد القديم إىل اللغة اليونانية‪ ،‬مع بعض الكتب األخرى التي نقل البعض منها عن العربية كسائر أسفار العهد القديم‪ ،‬والبعض اآلخر كُ ِت َب ً‬ ‫وسميت هذه الرتجمة بالسبعينية بنا ًء عىل التقليد املتواتر بأنه قد قام بها سبعون (أو بالحري اثنان وسبعون) شيخًا يهوديًا يف مدينة اإلسكندرية يف أيام امللك بطليموس الثاين‬ ‫فيالدلفوس (‪ 247 285‬ق‪.‬م‪[ ).‬تحرير املجلة]‪.‬‬ ‫‪ -11‬يقتبس املقال األصيل حتى اآلية ‪ ،34‬فقمنا بإضافة اآلية ‪ 35‬استكاملً للنص حتى ال تبدو الجملة مبتورة‪[ .‬تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫خلف خطى يسوع جـ‪2‬‬

‫يسوع يف األناجيل‬

‫الغريب بن ماء السامء‬

‫يف شكل رجلٍ ودخوله باملرأة البرشية آلكمينه‬ ‫والتي حني يعود زوجها تخربه أنها اعتقدت أنه هو الذي دخل‬ ‫النبي ترييسياس ‪ Tiresias‬تنبأ مبجيء هرقل حيث‬ ‫بها‪ ،‬وكان ّ‬ ‫يقول آللكمينه‪« :‬فقال لها ال تخايف ألنك مبارك ٌة من زيوس‪.‬‬ ‫أنت ِ‬ ‫ِ‬ ‫عظيم»(‪ .)12‬وهذا يذكرنا بقول لوقا‪ 30« :‬فَق َ​َال‬ ‫ولدت اب ًنا‬ ‫ً‬ ‫لَ َها الْ َمال َُك‪َ « :‬ال ت َ َخ ِاف يَا َم ْريَ ُم‪ ،‬ألَنَّ ِك قَ ْد َو َج ْد ِت نِ ْع َم ًة ِع ْن َد الل ِه‪.‬‬ ‫‪َ 31‬و َها أَنْ ِت َستَ ْح َبلِ َني َوتَلِ ِدي َن ابْ ًنا َوت َُس ِّمي َن ُه يَ ُسو َع‪ 32 .‬هذَا‬ ‫س‬ ‫يَكُو ُن َع ِظ ً‬ ‫يم‪َ ،‬وابْ َن الْ َع ِ ِّ‬ ‫ل يُ ْد َعى‪َ ،‬ويُ ْع ِطي ِه ال َّر ُّب ا ِإلل ُه كُ ْر ِ َّ‬ ‫َدا ُو َد أَبِي ِه‪( »،‬لوقا‪.)30-32 :1 :‬‬ ‫‪Ἀλκμήνη‬‬

‫ومتّى يقول أن يوسف هو ابن يعقوب‬ ‫ولوقا يقول أن يوسف هو ابن هايل(‪)13‬‬ ‫والتناقض ال ينحرص عىل هذا األمر فشجرة النسب التي يق ّدمها‬ ‫لوقا مختلف ٌة متا ًما عن شجرة النسب التي يق ّدمها متّى‪ ،‬وميكن‬ ‫أن نقول أن متّى يق ّدم نسب يوسف‪ ،‬ولوقا يق ّدم نسب مريم‪،‬‬ ‫لكن التناقض يكمن يف أن عدد األشخاص من يسوع إىل داود‬ ‫شخصا‪ ،‬بينام من يسوع إىل داود ‪-‬عرب‬ ‫عرب يوسف‪ -‬هم ‪26‬‬‫ً‬ ‫شخصا‪ .‬حيث يوجد‬ ‫مريم‪ -‬يكون عدد األشخاص عند لوقا ‪ً 42‬‬ ‫جيل!‬ ‫فارق بـ ‪ً 16‬‬ ‫توجد الردود طب ًعا‪ :‬وهي أن متّى مل يذكر كل األسامء‪ ،‬رمبا!‬ ‫يتبع‪......................‬‬

‫‪12- La Bibliotéque d’Apollodore d’Athène, Livre II. Traductions, Ugo Bratelli, Novembre 2001.‬‬ ‫‪ -13‬تستعمل الرتجمة العربية للعهد الجديد اسم ِع ِل עלי كرتجمة لهايل‪[ .‬تحرير املجلة]‪.‬‬

‫‪27‬‬


28


‫يف حوار مع ‪..‬‬ ‫راوند دلعو‬ ‫آراء الضيوف تعرب عن أفكارهم وال متثل موقف املجلة بالرضورة‬

‫أهل بك بني صفحات مجلتنا ضيفًا عزي ًزا‪.‬‬ ‫بداي ًة ً‬ ‫س‪ - 1‬ع ّرفنا بنشأتك انطالقًا من األرسة ‪-‬منطلق تع ُّرفنا عىل الحياة‪ -‬كيف كان راوند الطفل؟ ما تأثريات‬ ‫املدرسة بك وما هي أكرث األسئلة التي راودتك وكيف كان تعاطي والديك ومن حولك مع تلك األسئلة؟‬ ‫هل من حادث ٍة محدد ٍة التزال عالق ًة بذهنك من الطفولة ترغب مبشاركتنا بها؟‬ ‫ج‪ :1‬أترشف بكم وبر ّوادكم‪ ،‬كام يرسين أن أشارككم أهم مالمح تجربتي الفكرية‪.‬‬ ‫طفولتي كانت مفعم ًة بالتساؤل والتفكري والتفلسف إىل درجة أنني كنت ألقّب بأرسطو‪ ،‬ألنني كنت أحب‬ ‫أن أبحث عن أسباب كل يشء‪ .‬أحاول قدر املستطاع البحث عن الحجج املنطقية للوصول إىل النتائج‬ ‫الفكرية‪.‬‬ ‫كنت عاطف ًيا إىل درج ٍة كبري ٍة بل مبالغٍ بها‪ ،‬وذلك بسبب تركيبي الجسدي والهرموين (كشاعر)‪.‬‬ ‫مزعج ج ًدا‪ .‬فاإلنسان العاطفي يتعلق باملحيط ويتمزق قلبه عند حدوث أي تغيري‪.‬‬ ‫وهذا يف الحقيقة أم ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫حبيب أو صديق‪.‬‬ ‫قريب أو‬ ‫ٍ‬ ‫كانت عاطفيتي جياش ًة إىل درجة أنني كنت أبيك إذا اهتزت عالقتي مع أي ٍ‬ ‫س‪ - 2‬حبذا لو ترشح لنا كيف كان فيام بعد تعاملك مع الشكوك‬ ‫التي تساورك وكيفية تعاطيك مع ِ‬ ‫الدين واملعتقدات والعادات‬ ‫والتقاليد يف مجتمعك‪ ،‬وكيف وصلت إىل قناعاتك الحالية؟ وهل‬ ‫من نقطة تحو ٍل أو انعطاف ٍة محدد ٍة مررت بها؟‬ ‫‪29‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫ج‪ :2‬الذي دفعني إىل التدين هو العاطفة‪ .‬لكن الذي دفعني إىل ترك الدين هو العقل‪ .‬فتمسيك بالدين كان‬ ‫نتيج ًة لسلطة املوروث الذي تربمجنا كلنا عليه‪ ،‬ولتمثيليات املشايخ عىل املنابر واللعب عىل العواطف‪.‬‬ ‫عواطفي لتتبدد األوهام باملنطق والرزان‪.‬‬ ‫لكن تريك للدين كان رصخة عقيل يف عا ٍمل‬ ‫ٍّ‬ ‫فسقوط الدين كظاهر ٍة ال عقالني ٍة أ ّدى إىل انهيار ٍ‬ ‫ات عاطفي ٍة كبري ٍة عىل مستوى كيمياء الجسد والعالقات‬ ‫األرسية‪.‬‬ ‫وقد كان لسقوط دعوى اإلعجاز العلمي األثر األكرب يف تريك للدين‪ ،‬ألن املثبت األكرب للدين يف قلب أي رجلٍ‬ ‫عقال ٍّين هو دعوى اإلعجاز العلمي‪ ،‬فإذا سقطت اتضح فراغ الدين من أي محت ًوى عقالين‪.‬‬ ‫وهنا فَت َحت سورة الكهف عيني عىل مدى الرتقيع والتأويل والتلفيق الذي أمارسه كشي ٍخ ألقوم بعقلنة النص‬ ‫الديني‪.‬‬ ‫فأدركت بأنني أمارس مهنة الكذب املمنهج واملنظم لتلميع الدين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وهم‪.‬‬ ‫فشعرت باإلحباط والحزن ألنني أدركت أن الكذب ال يخلق حقيق ًة بل ً‬ ‫وإىل اآلن ال زلت أذكر صدامايت األوىل مع سورة الكهف واألخطاء العلمية الواضحة التي وردت فيها والتي‬ ‫ال تقبل الشك وال التأويل‪.‬‬ ‫وهنا قررت أن أعيد قراءة الكتاب والسنة عىل مذبح العقل‪ ،‬فألفت كتابًا سميته (االنتامء عىل مذبح العقل)‬ ‫وضحت فيه مدى هشاشة القراءة التقليدية للظاهرة الدينية عىل مذبح العقل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫س‪ - 3‬ما أهم الكتب والقراءات التي أث ّرت بك‪ ،‬ومن برأيك أهم الكتّاب واسعي التأثري؟ وهل من قدو ٍة لك‬ ‫بينهم؟‬ ‫ج‪ :3‬لألسف ال أعتقد بأن للغالبية من املشايخ القدرة عىل ترك الدين ألن الدين له عدة أسلح ٍة للتشبث‬ ‫بالنفس اإلنسانية‪ ،‬ولذلك ستطول الحرب بني الدين والواقع البرشي الحديث االنفتاحي‪.‬‬ ‫قدويت عقيل الحر وجرأيت يف تجاوز الخطوط الحمراء‪.‬‬ ‫قل بقراءيت عمو ًما بسبب ظرويف الصعبة من ٍ‬ ‫مرض وترحا ٍل وعذاب‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لل ُكتّاب فأنا ُم ٌّ‬ ‫‪30‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫لكنني أحرتم تجربة أوائل املرتدين يف اإلسالم كالوراق وابن الراوندي وغريهم ممن تجرؤوا عىل نقد الدين‬ ‫رص كان ال يُتَ َخ َّي ُل ذلك‪ ،‬ودفعوا من سعادتهم مث ًنا باهظًا‪.‬‬ ‫يف ع ٍ‬ ‫وترب يف بيئ ٍة منغلق ٍة‬ ‫كاتب جري ٌء بالرغم من أنه ُولد ّ‬ ‫بالنسبة للمعارصين فأحرتم تجربة القصيمي‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫بشكلٍ مخيف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تعديات بسبب أفكارك؟ وكيف‬ ‫ملضايقات أو‬ ‫س‪ - 4‬كونك مجاه ٌر بأفكارك وبال جزع‪ ،‬هل سبق وتعرضت‬ ‫ترصفت معها؟ وإىل ماذا تعزو صعوبة تقبل الرأي والرأي اآلخر يف مجتمعاتنا مبوضوع األديان والتقاليد‪،‬‬ ‫وملاذا يختلف املسلم تحدي ًدا عن غريه من أتباع الديانات األخرى حول شدة تعلقه بالدين والعادات ومقته‬ ‫وخشيته من أي محاولة تغيريٍ أو حتى تعديل؟‬ ‫خائف ج ًّدا ألن مجتمعاتنا الرشق أوسطية ال تتقبل‬ ‫ج‪ :4‬يف الحقيقة اسمي مستعا ٌر ولست مجاه ًرا بل أنا ٌ‬ ‫الرأي اآلخر‪.‬‬ ‫تعرضت للرضب يف سوريا بسبب أفكاري وكدت أن أُقتَل وتم تهديدي بقتل عائلتي من عد ٍد من املتدينني‪.‬‬ ‫نصوصا تضاهي القرآن فنيًّا ولغويًّا وتخلو من‬ ‫خاص ًة عندما بدأتُ بسلسلة (من مثله) والتي أكتب فيها‬ ‫ً‬ ‫األخطاء العلمية عىل عكس القرآن‪.‬‬ ‫متفائل بشكلٍ عا ٍّم وبالتحديد حول إمكانية تطور بلداننا وشعوبنا عىل املستوى‬ ‫ٌ‬ ‫شخص‬ ‫س‪ - 5‬هل أنت‬ ‫ٌ‬ ‫رضب من‬ ‫الفكري‪ ،‬وترى أ ّن انحسار دور الدين وانتشار العقالنية يف صفوفهم هو يش ٌء ممك ٌن حقًا؟ أم أنه ٌ‬ ‫الخيال؟ وهل من أفكا ٍر أو اقرت ٍ‬ ‫احات لديك مبجال نرش الوعي واخرتاق العادات البالية وتقويض ظاهرة‬ ‫التدين املتفشية والتعصب املتفاقم؟‬ ‫خاص‪ ،‬فأنا‬ ‫ج‪ :5‬أطمح إىل خلق اسرتاتيجي ٍة غري مسبوق ٍة يف إيقاف زحف األديان بشكلٍ عا ٍّم واإلسالم بشكلٍ ّ‬ ‫أرى بأننا مقرصون يف هذا املجال‪.‬‬ ‫فالعامل املتحرض يتعامل بتسام ٍح ساذ ٍج مع عنرصية اإلسالم ونزعته العنيفة‪.‬‬ ‫يجب علينا أن نتحىل باملبادرة واإليجابية‪.‬‬ ‫‪31‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫مبعنى أنه ال يجب أن ننتظر الدين ليرضب من الناحية الدعوية ثم ندافع‪ ،‬بل يجب أن نبادر يف فضح زيف‬ ‫ٍ‬ ‫بكتيبات واضح ٍة ومخترص ٍة عن‬ ‫وتناقضات األديان بنفس نزعة األديان االنتشارية الدعوية‪ ،‬فلنمأل األسواق‬ ‫تناقضات القرآن واإلنجيل والتوراة‬ ‫فلننشئ املراكز التنويرية التي تنبه اإلنسان إىل مدى رسطانية وإيذاء الظاهرة الدينية‪.‬‬ ‫فمثل أنا أحلم بفتح كلية‬ ‫فلننشئ كلية (نقد الرشيعة) أمام كل كلية رشيعة‪ .‬فلنؤلف املقرر مقابل املقرر‪ً .‬‬ ‫نقد الرشيعة اإلسالمية أمام كلية الرشيعة‪ ،‬أدرس فيها املواد التالية‪:‬‬ ‫أخطاء القرآن ‪ - 1‬أخطاء القرآن ‪2‬؛‬ ‫ركاكة القرآن؛‬ ‫تعارضات القرآن مع العلم؛‬ ‫برشية القرآن؛‬ ‫مدخل إىل فربكة اإلسالم يف العرص العبايس؛‬ ‫ٌ‬ ‫تعرية تاريخ الترشيع ‪1‬؛‬ ‫تعرية تاريخ الترشيع ‪2‬؛‬ ‫األخطاء املنطقية يف العقيدة اإلسالمية؛‬ ‫دموية اإلسالم؛‬ ‫فن الكذب يف الدعوة اإلسالمية؛‬ ‫تركيب األصول عىل الفروع (ماد ٌة ترشح كيفية فربكة ما يسمى أصول الفقه وإيهام الناس بأنها ضابط ٌة‬ ‫للفروع)؛‬ ‫تناقضات الالفقه اإلسالمي؛‬ ‫خرافات يف الكتب التسعة؛‬ ‫تعارض األحاديث واآليات؛‬ ‫التلفيق والرتقيع ‪1‬؛‬ ‫التلفيق والرتقيع ‪2‬؛‬ ‫تحريف اللغة العربية لتوافق أخطاء القرآن؛‬ ‫احتقار املرأة يف اإلسالم؛ والكثري الكثري من املواد التي يجب أن يدرسها طالب التنوير‪ ،‬ليتخرج من هذه‬ ‫الكل ّية داعي ًة تنويريًّا مثقفًا يصلح للعمل يف سلك إيقاف الظاهرة الدينية وسلبياتها‪.‬‬ ‫فال يجب برأيي أن نقف مكتويف األيدي إزاء انتشار الدين‪ ،‬وال يجب أن نكتفي بالدفاع بل يجب أن نهاجم‬ ‫لتحرير األجيال القادمة من املعاناة التي تفرضها سيطرة الدين عىل جميع موارد املجتمع البرشية‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫متفائل يف حرب التنوير مع ظالمية الدين‪ ،‬ألن الدين‬ ‫ً‬ ‫لألسف أنا لست‬ ‫متّت حياكته يف أروقة مافيات حكومات القرون الوسطى وتم تصميمه‬ ‫ليسيطر عىل اإلنسان نفس ًّيا وجسديًّا‪ .‬ومتت برمجة الدين بحيث يتشبث‬ ‫بعمق النفس البرشية لإلنسان البسيط‪ ،‬لذلك يصعب عىل اإلنسان‬ ‫البسيط التحرر من الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جرعات عالي ٍة من العلم‪ .‬وعلينا أن نفتح الجامعات‪،‬‬ ‫نحن بحاج ٍة إىل‬ ‫فالجامعات واملخابر ستساهم برتاجع الظاهرة الدينية‪.‬‬ ‫لكن الطامة الكربى تكمن يف خصوبة املجتمعات املتدينة عمو ًما‪ ،‬فهذه‬ ‫أراها أكرب معضل ٍة تواجه املجتمعات املتنورة الفقرية بالسكان‪ .‬وها هي‬ ‫تغي لون القارة األوروبية بشكلٍ واض ٍح وملموس‪.‬‬ ‫جموع املسلمني ّ‬ ‫كل قلبي أن يكون الغد أفضل وأكرث إرشاقًا ولكن مع تنامي‬ ‫أمتنى من ّ‬ ‫املجتمعات املتدينة والفقر السكاين الذي تعاين منه املجتمعات املتنورة‬ ‫مظلم ال يدعو للتفاؤل لألسف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فأرى‬ ‫مستقبل ً‬ ‫نحن إىل اآلن ال منتلك وقاحة الظاهرة الدينية يف عنرصيتها وإقصائيتها‬ ‫وإجرامها ‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫ميليشيات‬ ‫فنحن مجرد ردود أفعا ٍل كالمي ٍة يف أحسن أحوالنا‪ ،‬ال منتلك‬ ‫ٍ‬ ‫توسعي ًة‪ ،‬وال نخطط إللحاد العامل أو إفناء الدين‪ ،‬وليس لنا‬ ‫وال‬ ‫سياسيات ّ‬ ‫خط ٌط بتجفيف منابع الدين‪.‬‬ ‫بينام هم عىل العكس متا ًما‪ ،‬وبكل وقاح ٍة يتحدثون عن أسلمة الكوكب‬ ‫وإقامة الرشيعة يف كل مكان ‪...‬‬ ‫علني‪ ،‬بل نجد أن‬ ‫لدرجة أن الغرب يخاف من التعرض لإلسالم بشكلٍ ّ‬ ‫الرجل الغريب يحارب من أجل الدفاع عن حرية املسلم يف تعليم عقيدة‬ ‫الوالء والرباء ألبنائه‪ ،‬وهذه سذاج ٌة ستودي بالكوكب إىل التهلكة‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫ﺍﻷﺧﻄﺎﺀﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﰲ‬

‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ‬ ‫ﻛﺘﺎﺏ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﳛﺼﺮ ﺃﻛﺜﺮ‬ ‫ﻣﻦ ﺃﻟﻔﲔ ﻭﲬﺴﻤﺎﺋﺔ ﺧﻄﺄ ﻟﻐﻮﻱ ﰲ‬ ‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻳﱰﺟﻢ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ‬ ‫ﻟﺜﻼﺙ ﻟﻐﺎﺕ ﻭﻳﻘﺪﻣﻪ ﻷﻭﻝ‬ ‫ﻣﺮﺓ ﺑﺎﻟﱰﺗﻴﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‬ ‫ﻣﺘﻮﻓﺮ ﺍﻵﻥ ﳎﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﱰﻧﺖ‬ ‫ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﺃﻣﺎﺯﻭﻥ‬

‫‪goo.gl/ei2Jce‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫نحن نستحي يف دعم الحقيقة بينام هم ينرشون الظالم بتفاخ ٍر وعن سبق إرصا ٍر وترصد!‬ ‫ٍ‬ ‫مبحمد‬ ‫أوسطي بنقد الظاهرة الدينية أو املساس‬ ‫كاتب رشق‬ ‫يف املساجد يف كل مدن الغرب‪ ،‬ال يُس َمح ألي ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫يل أو الحسني‪ .‬فال يوجد ما يدعو للتفاؤل لألسف‪.‬‬ ‫أو عيىس أو ع ٍّ‬ ‫مشكلتنا كتنويريني يف الرشق األوسط هي أننا نعامل املسجد كام عا َمل األورويب كنيسته يف بدايات عرص‬ ‫دموي مبخالب وسكاكني‬ ‫التنوير‪ ،‬وهذا خطأ‪ .‬فالكنيسة لطيف ٌة و(كيوت) وبال مخالب‪ ،‬بينام املسجد كائ ٌن‬ ‫ٌّ‬ ‫متشبث ٍة يف قلب املجتمع‪ .‬فلن تفلح كوميديا الديني ٌة رشق أوسطي ٍة مشابه ٌة ملرسحيات موليري وال مقاالتٌ‬ ‫عربي ٌة مشابه ٌة لجرأة جوردانو برونو وال ٌ‬ ‫أعامل عبقري ٌة مشابه ٌة لدافنيش وروسو يف تحجيم دور املسجد يف‬ ‫بالدنا‪.‬‬ ‫نعم لقد نجح روسو وموليري ودافنيش يف الغرب ألن الدين هناك كان كنيس ًة مسامل ًة‪ .‬أما نحن فيجب أن‬ ‫نخوض حربًا أشد رشاس ًة مع سكاكني املساجد وأسلحة املشايخ يف بالدنا‪ .‬وال أقصد بالرشاسة هنا العنف وال‬ ‫التحريض عليه‪ ،‬بل أشري إىل العنف الذي سيام َرس علينا من طبقة املتدينني يف بالدنا‪ ،‬والذي سيكون بالتأكيد‬ ‫أكرث دموي ًة من العنف الذي مورس عىل التنويريني يف أوروبا مع بدايات عرص النهضة‪ .‬فال مزاح مع الديانة‬ ‫اإلسالمية وال مع املسجد‪.‬‬ ‫س‪ - 6‬البعض يعترب محم ًدا شخصي ًة ذكي ًة ويربرون له أنه كان ابن بيئته؛ تربي ًرا لتجاوزاته األخالقية العديدة‪.‬‬ ‫كيف تصف محم ًدا من وجهة نظرك؟ وهل حقًا ميكن أن ننصفه بأن نقول أنه التمس نقاط ضعف أمته‬ ‫يول عليكم‪ ،‬فلو كان هناك استهجا ٌن لتعاليم‬ ‫ونربر له قسوته تار ًة ومراوغاته تار ًة أخرى من مبدأ كام أنتم ّ‬ ‫محمد ملا استمرت وتوسعت دعوته‪ ،‬فشعوب تلك املرحلة كانوا يستحقون هكذا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قائد ويستسيغون تلك‬ ‫التعاليم التي تعد غريب ًة يف أيامنا هذه‪ .‬والغاية طب ًعا املجد الشخيص وتأسيس أم ٍة أسو ًة بباقي األمم‪ .‬ورمبا‬ ‫مل يكن ليتخيل أن تستمر دعوته إىل يومنا هذا‪ .‬ما رأيك؟‬ ‫ج‪ :6‬بالنسبة ملحمد‪ ،‬أخالف النظرية التي تقول بأنه مصاب بالبارانويا ورصع الفص الدماغي‪ ،‬ألن املرض ال‬ ‫ٍ‬ ‫علمي عىل وجودها‪ ،‬أما اإلسالم‬ ‫دليل‬ ‫ترشيعات وديانة‪ .‬محم ٌد ببساط ٍة شخصي ٌة ال يوجد ٌ‬ ‫يؤدي إىل إنشاء‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫وضحت ذلك يف كتايب (االنتامء عىل‬ ‫محمد يف العرصين األموي والعبايس‪ .‬وقد‬ ‫فتمت حياكته ونسج أسطورة‬ ‫ُ‬ ‫مذبح العقل) عندما عالجت منهج الرواية عند املسلمني وأوضحت عدم حجية التواتر وبرهنت بالدليل عىل‬ ‫الوسطى‪.‬وخلصت إىل نتيج ٍة مفادها أن اإلسالم‬ ‫أن للديكتاتورية والسيف الكلمة العليا يف ما ورد عن القرون‬ ‫ُ‬ ‫متت حياكته يف أروقة السالطني وتم فرض خرافاته بقوة السيف وعمليات التطهري العرقي يف العرص العبايس‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫وعىل فرض وجود ٍ‬ ‫سلبي مجر ٌم قاط ٌع للطرق‬ ‫شخص متت تسميته محم ًدا فيام بعد فهو شخص ٌ‬ ‫ٌكذاب ماك ٌر ٌّ‬ ‫نجح بتوظيف فكرة املوت يف سبيل الله لتجييش الناس‪ .‬ومن املمكن أنه ألّف آخر جزأين من القرآن فقط‪،‬‬ ‫أما األجزاء األوىل فللمؤلف العبايس وذلك لالختالف الواضح يف األسلوب بني آخر جزأين وباقي أجزاء القرآن‪.‬‬ ‫واحد أو فقي ٍه ٍ‬ ‫شخص ٍ‬ ‫فاإلسالم ليس حياكة ٍ‬ ‫واحد بل هو تجرب ٌة نشأت مع بداية عرص عبد امللك بن مروان ثم‬ ‫نضجت وصححت نفسها بحيث تتشبث بالشعوب ومتارس العمل االستخبارايت بحيث تضمن طاعة القطيع‬ ‫للسلطان األموي ثم العبايس‪.‬‬ ‫أي أن اإلسالم هو الحالة الترشيعية التي سادت يف العرص القريش‪ ،‬تم رسقة أساسياتها من الترشيعات اليونانية‬ ‫والرومانية وموسوعة جوستنيان‪ ،‬ثم تم التعديل عليها فيام يخدم مصلحة قبيلة ٍ‬ ‫قريش ليتم تضخيم أسطورة‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وأصحابه وأهل بيته‪ ،‬وبالتايل ليتم توظيف هذه الترشيعات يف خدمة عملٍ استخبارايتٍّ عاب ٍر للامدة‬ ‫(منك ٌر ونكري)‪ .‬وبذلك يضمن (مفربِك) اإلسالم طاعة كل الرعايا للخليفة يف الرس والعلن‪.‬‬ ‫كام أن الدين ظاهر ٌة تخضع للتطور الدارويني‪ ،‬فالدين القديم كان بسيطًا وساذ ًجا وأقل تشبثًا باملجتمعات‪،‬‬ ‫فانقرضت األديان التي مل تتكيف مع الظروف‪ ،‬وبقيت األديان التي تكيفت مع طبيعة املجتمع البرشي‪،‬‬ ‫وأكرثها تطو ًرا هو اإلسالم واملسيحية والبوذية والهندوسية‪ .‬لذلك نجد أن هذه األديان استمرت لفرت ٍ‬ ‫ات‬ ‫أطول‪ .‬أي أن الدين ظاهر ٌة تخضع للتطور الدارويني ‪...‬‬ ‫عقب ثم للحصول عىل‬ ‫رأسا عىل ٍ‬ ‫ويجب علينا كتنويريني أن نستثمر الديالكتيك املاركيس يف قلب هرم الدين ً‬ ‫التنوير من عمق الظالم الديني ‪...‬‬ ‫وعلينا أن نعمل بج ٍّد عىل إجهاض شعور االندفاع القتايل يف سبيل الله وذلك من خالل استبداله بعاطف ٍة أكرث‬ ‫تطو ًرا وأكرث تكيفًا وانسجا ًما مع طموح اإلنسان نحو الكامل ‪...‬‬ ‫وفشل اإلسالم سيكون بنجاح‬ ‫ُ‬ ‫إن نجاح اإلسالم يكمن يف نجاحه يف توظيفه لعاطفة القتال يف سبيل الرب‪.‬‬ ‫البرش يف نزع فتيل هذه العاطفة من خالل تطوير عاطف ٍة أخرى أكرث سم ًّوا وسلمي ًة ‪...‬‬ ‫بالنسبة لسؤالك عن سرية محمد‪ ،‬نعم‪ ،‬هي سري ٌة مليئ ٌة باملكر والكذب واإلجرام‪.‬‬ ‫يجب علينا أن نكتب السرية مر ًة أخرى بشكلٍ جري ٍء وواض ٍح وفاض ٍح ودون خوف‪.‬‬ ‫مثل ‪...‬‬ ‫يجب علينا أن نتوقف عن مامرسة أسلوب املداراة والتورية الذي يتبعه املفكر سيد القمني يف كتبه ً‬ ‫‪35‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫يجب علينا أن نتوقف عن املجاملة‪ .‬يجب علينا أن نصف القبح املحمدي بجرأ ٍة ووقاح ٍة وسخري ٍة واستهزا ٍء‬ ‫ودون خوف ‪ ...‬وإال فكيف للناس أن تطلع عىل فضائح محمد؟‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد وقصصه بطريق ٍة هزلي ٍة وساخرة‪ .‬يجب أن نشعر بقمة التضحية‬ ‫سيناريوهات فاضح ٍة‬ ‫يجب كتابة‬ ‫ٍ‬ ‫ملحمد وأصحابه‪ .‬يجب أن نكتب املرسحيات واملسلسالت والربامج املوجهة لنقد وفضح‬ ‫واملثالية أثناء فضحنا‬ ‫اإلسالم وكل األديان‪.‬‬ ‫علينا أن نطالب باستعادة بيوت زعامء ٍ‬ ‫قريش يف مكة وبناء متاثيل لهم بجوار الكعبة‪ .‬علينا املطالبة بنصب‬ ‫متثا ٍل للنرض بن الحارث وأيب الحكم وغريهم يف أهم شوارع مكة‪ .‬فلينرشوا دينهم هذا حقهم‪ ،‬ولكن لننرش‬ ‫ٍ‬ ‫محمد إىل اليوم هو اإلرهاب والتكاثر فقط‪.‬‬ ‫الدينيتنا وهذا حقنا‪ .‬سبب استمرار دعوة‬ ‫اإلرهاب الذي طهر عرق ًّيا ودين ًّيا ربع الكوكب باستخدام السيف املحمدي‪ .‬هذا السيف الذي فرض اإلسالم‬ ‫عىل معظم سكان العامل القديم‪ ،‬هو أهم أسباب انتشار اإلسالم إىل اليوم‪ .‬ثانيا التكاثر‪ ،‬فخصوبة هؤالء‬ ‫تجعلهم يف الصدارة من حيث العدد دامئًا بل يقومون بغزو األمم األخرى الفقرية بالسكان‪.‬‬ ‫جل املسلمني لهو أقوى دليلٍ عىل حرج الغالبية‬ ‫س‪ - 7‬ظاهرة تكفري داعش والتنصل من أفعالها من قبل ّ‬ ‫من املسلمني واكتشافهم أنه ال ميكن أن يصلح لحيا ِة برشي ٍة طبيعي ٍة يف هذا العرص‪ .‬بل وانصدام البعض‬ ‫شخصا مصدو ًما ليس إال‪ ،‬يحاول ترقيع وترميم ما اهتز‬ ‫بالحقائق املرة عن دينهم للمرة األوىل‪ .‬أال يعد املرقّع ً‬ ‫بداخله بشكلٍ أو بآخر؟‬ ‫ج‪ :7‬بالنسبة لداعش‪ ،‬برأيي داعش هي اإلسالم الحقيقي‪،‬‬ ‫رسا‪ ،‬وهذا كان من‬ ‫ويتعاطف معها غالب العامل اإلسالمي ًّ‬ ‫مسلم اطّلع عىل كتب‬ ‫أسباب توسعها واستمرارها‪ .‬فكل‬ ‫ٍ‬ ‫السنة وتفسري القرآن يعلم أن داعش تطبق اإلسالم‪ .‬كفانا‬ ‫كذبًا عىل أنفسنا! جميع املشايخ يعلمون ذلك‪ ،‬وهم خاليا‬ ‫نامئ ٌة ينتظرون االلتحاق‪ .‬أما من يعادون داعش فهم إما غري‬ ‫مقتنعني باإلسالم ويتسرتون وراء املشيخة للرتزق‪ ،‬أو أنهم‬ ‫منتفعون‪.‬‬ ‫حتم‪.‬‬ ‫أما املسلم الحقيقي الواعي املثقف فداعيش ً‬ ‫‪36‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫س‪ - 8‬ما رأيك مبواقع التواصل االجتامعي ككل؟ وهل نجحت حقًا بجعل العامل قري ًة صغرية؟ هل بإمكاننا‬ ‫التعويل عليها للنهوض بالشعوب؟ وما هي سلبياتها وإيجابياتها من وجهة نظرك؟ وكيف تقيّم تعاطي العامل‬ ‫مثل ماذا تقرتح؟‬ ‫معها؟ ولو استطعت تعديل يش ٍء ما بآلية عملها ً‬ ‫ج‪ :8‬مواقع التواصل االجتامعي لها أث ٌر يشبه أثر الطابعة عندما تم اخرتاعها يف الغرب ثم قلبت حال العامل‬ ‫بحق‪ ،‬وتساهم بنرش التنوير‪ .‬لكن سيبقى أثرها محدو ًدا يف مجتمعاتنا بسبب خاصية‬ ‫الغريب‪ .‬هي ثور ٌة ّ‬ ‫الحظر (بلوك)!‬ ‫فمعظم املتدينني يغلقون عىل أنفسهم األبواب من خالل حظر الصفحات والربوفايالت التنويرية ‪...‬‬ ‫بل يحاولون نرش دياناتهم وظلامتهم من خالل مواقع التواصل‪ .‬باملحصلة أرى أن مواقع التواصل س ّهلت‬ ‫الحصول عىل املعلومة لكل إنسانٍ وهذه حسنتها الكربى‪ ،‬كام أنها زادت أسطح التامس بني البرش‪ .‬فساعدت‬ ‫اإلنسان العقالين الجريء عىل امليض نحو التحرر والنور‪ ،‬ألن الجريء بانتظار معلوم ٍة ليخرج من الصندوق‪،‬‬ ‫فهو ال يخاف من سطوة املوروث‪ .‬أي أن وسائل التواصل وف ّرت هذه املعلومة‪ ،‬فخرج العقالين الجريء من‬ ‫عباءة الدين‪.‬‬ ‫أما يف املايض قبل شبكة اإلنرتنت ومواقع التواصل‪ ،‬كان حتى العقالين الجريء ال يخرج عن القطيع إال ناد ًرا‬ ‫وذلك لعدم توفر املعلومة أو صعوبة توفرها‪ .‬فانعدام رؤية وجهة النظر األخرى سيقلل من فرصة خروج‬ ‫العقالين من الدين وسيجهض الجرأة ويجعلها بال فائدة‪ .‬اليوم تتوفر املعلومة من خالل مواقع التواصل‬ ‫فتحفز العقالنية الجريئة‪ ،‬ثم يتحرر الجريء من عامله املنغلق ليميض نحو النور‪.‬‬ ‫س‪ - 9‬هل بإمكانك تفنيد أسباب تخلف مجتمعاتنا برأيك الشخيص؟ رغم أن أوروبا املسيحية مرت بعصور‬ ‫ٍ‬ ‫وانحطاط منقطعة النظري‪ ،‬لكنها نهضت جامع ًة أشالءها وبدأت رحلة التطور‪ .‬بينام مجتمعاتنا املتدينة‬ ‫ظالم‬ ‫ٍ‬ ‫تنهض من كارث ٍة إىل أخرى وبتكرا ٍر ٍ‬ ‫ملفت لألحداث والهفوات‪ ،‬وتزداد متسكًا بدينها وعاداتها بعد كل كارثة‪،‬‬ ‫أصل‪.‬‬ ‫عازي ًة سقوطها البتعادها عن الدين الذي كان سب ًبا يف كوراثها ً‬ ‫ج‪ :9‬سبب تخلف مجتمعاتنا هو‪:‬‬ ‫أول ‪ ..‬الدين ثان ًيا ‪ ..‬الدين آخ ًرا‪.‬‬ ‫الدين ً‬ ‫ألن الدين يربمج العقلية فيعطلها ويحولها إىل تقليدي ٍة انغالقي ٍة موروثي ٍة سطحي ٍة ساذجة‪.‬‬ ‫‪37‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫يف سوريا‪ ،‬نالحظ أن سوريا قبل معركة الريموك األسود تختلف عن سوريا‬ ‫بعدها‪.‬‬ ‫فقبل الريموك نحن أم ٌة معطا ٌء عظيم ٌة منتجة‪ ،‬نعشق الفن واإلبداع‬ ‫والزراعة واملوسيقى والبناء والنحت والكتابة‪ .‬بعد الريموك تحولنا إىل‬ ‫ب الدمشقي‬ ‫فيلي‬ ‫سن ٍة وشيع ٍة وعلوي ٍة ودرو ٍز يكفرون بعضهم البعض‪.‬‬

‫كاراكال‬

‫قبل الريموك كنا نكتب تاريخ روما من خالل عائلة كاراكال وفيليب‬ ‫الدمشقي واألمرية أوربة ووو‪.. ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫قريش نفكر مثلهم ونقتتل مثلهم‬ ‫بعد الريموك أصبحنا عبي ًدا لبني‬ ‫ونقدس عاداتهم الصحراوية البدائية‪.‬‬ ‫فالدين خلّفنا بشكلٍ مرعب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وخالد ومحمد‪ ،‬لدرجة‬ ‫السوري اليوم هو نسخ ٌة رديئ ٌة وسطحي ٌة عن عمر‬ ‫أنه يعتقد بأنه عر ٌّيب بينام هو ليس بعريب‪.‬‬ ‫حمد املاغوط‬ ‫م‬

‫األمرية أوربة‬

‫والكارثة أن هذه الطامات انطلت عىل كبار املثقفني السوريني‪ ،‬فاملاغوط كان‬ ‫يظن نفسه عرب ًّيا والقباين كذلك ومعظم مثقفي سوريا‪ ،‬والسبب هو أن سيف‬ ‫قبيلة ٍ‬ ‫قريش ع َّربنا وأسلمنا‪ ،‬أي أنه سلبنا سوريتنا وثقافتنا‪ ،‬فنحن نعاين إىل اليوم‪.‬‬

‫نزار قباين‬

‫وهذه الظاهرة ليست قارص ًة عىل سوريا بل عىل جميع الدول التي خضعت‬ ‫للسيف القريش كمرص والعراق وشامل أفريقيا‪ ،‬فهذه الشعوب ليست عربي ًة من‬ ‫الناحية الجينية ومع ذلك يظنون أنفسهم عربًا بسبب االحتالل العريب اإلسالمي‬ ‫الذي نحت وعينا الجمعي ملدة ‪ 1000‬سن ٍة تحت حكم بني قريش!‬ ‫فليك نسرتد مكانتنا بني األمم علينا أوال تحطيم الظاهرة الدينية‪.‬‬ ‫ثم علينا االنتامء السليم لبالدنا‪.‬‬ ‫ثم توحيد الشعوب عىل أساس اإلنسان الكوين‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫س‪ - 10‬ماذا تقول باملرأة‪ ،‬يف حياتك الخاصة ويف الحياة بشكلٍ عام؟‬ ‫وب َم تفرس تحامل األديان اإلبراهيمية عليها بعد أن كانت اإللهة وامللكة‬ ‫والقائدة وامللهِمة يف العصور الغابرة ويف األساطري لتتوارى كل ًّيا وتتحول‬ ‫وظل للرجل ومحط اهتامم رجل الدين ورجل القانون وحتى‬ ‫إثم ٍّ‬ ‫إىل ٍ‬ ‫السيايس؟‬ ‫ج‪ :10‬لقد ظلم الدين اإلسالمي املرأة ألن أروقة املخابرات األموية‬ ‫والعباسية‪ ،‬حيث تم تصميم اإلسالم‪،‬كانت تعج بالذكور‪ .‬فاإلسالم تصميم‬ ‫مصمم لتلبية‬ ‫مجموع ٍة من مافيات الذكور فمن الطبيعي أن يكون‬ ‫ً‬ ‫رغباتهم ونزواتهم وتحكيمهم مبفاصل املجتمع‪ .‬ولو كانت السلطة أنثوي ًة‬ ‫يف ذلك العرص األموي العبايس لكان اإلسالم دي ًنا أنثويًّا يحارب الذكر‪.‬‬ ‫وسبب تهميش األنثى يف العرصين األموي والعبايس هو أن عادات قبيلة‬ ‫ٍ‬ ‫قريش ذكوري ٌة بحتة‪.‬‬ ‫ولو كان العباسيون ينحدرون من القوقاز أو أوروبا لكانت ديانتهم أقل‬ ‫ذكوري ًة‪ ،‬ولكن لألسف انحدروا من صحراء العرب يف مكة حيث يتم‬ ‫تغليف املرأة ووصفها بالعورة لذلك جاء الدين ذكوريًّا يعكس البيئة التي‬ ‫جاء منها مصمم هذا الدين‪.‬‬ ‫س‪ - 11‬هل تطمح إىل القضاء عىل األديان؟‬ ‫ج‪ :11‬يف الحقيقة أطمح إىل نرش العلم والتنوير والسالم واإلنسان الكوين‪.‬‬ ‫ومبا أن الدين يدعو للجهل والظالم والعنف واإلنسان الطائفي فمن‬ ‫الطبيعي أن أمتنى زوال األديان‪ .‬مع العلم أن للدين بعض اإليجابيات‬ ‫كاستثامره لنظام املكافأة بهرمون الدوبامني مام يخلق سعاد ًة نفسي ًة‬ ‫واطمئنانًا زائفًا‪ .‬لكن مع ذلك أرى أن إيجابياته تسعى للصفر مقارن ًة مع‬ ‫سلبياته التي تسعى إىل الالنهاية العظمى‪.‬‬ ‫ومن هنا أمتنى أن تنتقل األديان من الواقع إىل كتب (التاريخ)‪ ،‬فال مانع‬ ‫من دراسة الدين بشكلٍ‬ ‫علمي كظاهر ٍة مرت عىل الكوكب وأثرت‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫‪39‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫ال مانع من تحليل هذه الظاهرة بشكلٍ‬ ‫علمي والبحث عن األسباب العلمية لظهورها وانتشارها‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫لكن أرى كل الرضر يف دراستها بشكلٍ مؤدلج‪ .‬وأرى كل الرضر بانتشارها وتطبيق خرافاتها وطقوسها‬ ‫وترشيعاتها البدائية‪.‬‬ ‫س‪ - 12‬دامئَا ما يتهم املؤمن الالدينيني أنهم بال ٍ‬ ‫هدف وال غاية‪ ،‬وأنهم اختاروا االبتعاد عن الدين لالرتياح‬ ‫ديني من الحديث عن األخالق‪.‬‬ ‫من ثقل واجباته والتحرر من ضوابطه ويكاد ال يخلو ٌ‬ ‫نقاش بني مؤمنٍ وال ٍّ‬ ‫ما تعريفك لألخالق وكيف تفرس كل هذا الذهول لديهم من فكرة اإللحاد وإنكار الخالق ورفض الكتب‬ ‫الساموية وفكرة النبوة؟‬ ‫ج‪ :12‬الالديني أعظم الناس مغ ًزى وأبلغهم غاي ًة‪ .‬فغايته العقل الحر املضبوط بساعة املنطق السليم‪ .‬لذلك‬ ‫يرفض كل توج ٍه خرا ٍّيف أو غري عقال ٍّين رجعي‪ .‬يُق ِّدم العقل عىل العاطفة‪ ،‬لذلك يرفض تبني الوهم املريح‪،‬‬ ‫محاول صناعة القدر‬ ‫ً‬ ‫ويتقبل الحقيقة عىل مرارتها‪ .‬يتكيف الالديني مع سوداوية الواقع وحقيقة الرشور‬ ‫األكرب من السعادة واالستقرار النفيس وذلك دون اللجوء إىل الكذب الذي يختبئ وراءه املتدين لتربير‬ ‫سوداوية الواقع وتبييض صفحة الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بكلامت أخرى التغري نحو التكيف واألصلح‪.‬‬ ‫أما عن الغاية والهدف من هذا الوجود فهو التعمري والتطور أو‬ ‫بعمق ٍ‬ ‫كاف ألدركنا مدى سمو وعمق الحياة التي تسعى دامئًا نحو اإلنتاج والكامل‬ ‫وهذه الفكرة لو فهمناها ٍ‬ ‫والرقي‪.‬‬ ‫أما األخالق فمستندها عندنا العقل وما نتج عنه من علم النفس التطوري‪ .‬فالعقل هو قاعد ٌة رصيح ٌة‬ ‫وبيضاء ونقي ٌة يف تحديد الفضيلة والخري ومتييزه عن الرش والخبث‪.‬‬ ‫بعكس الدين الذي يرسبل الرشور واآلثام بغطا ٍء ز ٍ‬ ‫ائف من فضيلة مرجعيتها النص القروسطي الرجعي‪،‬‬ ‫وهذا أدى عرب العصور إىل تربير الرشور كالقتل يف سبيل الله والسبي يف سبيل الله واالغتنام (السطو) يف‬ ‫سبيل الله!‬ ‫ٍ‬ ‫ظروف غامض ٍة‬ ‫فشتان بني معيارية العقل يف وزن األمور وبني مرجعية النص القروسطي الذي تم وضعه يف‬ ‫ٍ‬ ‫جهات مجهولة‪ .‬فنحن أهل العقل والغاية والفضيلة الحقيقية‪ ،‬وهم أهل تقديس النص‬ ‫وتحقيقاً لنزوات‬ ‫الخبيث املاكر الذي يخدم مصلحة مؤسس الديانة‪.‬‬ ‫‪40‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫وقد يشكك البعض بالعقل كمرجعي ٍة واضحة‪ ،‬وهنا أقول‪ :‬نحن ال نقصد بالعقل ذلك القارص املترسع‬ ‫السطحي املعرض لالرتياب‪ .‬بل نقصد العقل الذي حررته نظرية املعرفة (اإليبستيمولوجي)‪ .‬ذلك العقل‬ ‫ٍ‬ ‫معطيات واضح ٍة تصل إىل درجة اليقني‪.‬‬ ‫املج ِّرب الذي يكرر ويكرر التجربة ليصل إىل‬ ‫ففي مجتمعاتنا الالدينية ال يتم وضع عقوب ٍة للرسقة مبجرد ساعة تأملٍ بسيط ٍة ثم اقرتا ٍح عشوا ٍّيئ أرعن‪ ،‬بل‬ ‫بعمق وتحليلٍ ثم تتشاور أخصب العقول الترشيعية ومن ثم يقوم عقالء القوم‬ ‫يتم النظر لجرمية الرسقة‬ ‫ٍ‬ ‫بتطبيق العقوبة ورصد النتائج ثم تعديل العقوبة بناء عىل النتائج واإلحصائيات لنصل بالنهاية إىل سجونٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مثقف متزنٍ ينخرط يف املجتمع من جديد‪.‬‬ ‫تائب‬ ‫مجرم ٍ‬ ‫فارغ ٍة يف الرنويج والسويد‪ ،‬وإىل ٍ‬ ‫أما طريقة الترشيع الدينية فهي غامئ ٌة ال منطقي ٌة بعيد ٌة عن العقل والعلم بل غال ًبا ما تكون دموي ًة كالقطع‬ ‫ٍ‬ ‫ترشيعات عقالني ٍة مرن ٍة تتغري‬ ‫شاهق والصلب‪ .‬فاألخالق عندنا عبار ٌة عن‬ ‫والقتل والجلد والرضب والرمي من‬ ‫ٍ‬ ‫بتغري املجتمع وتتطور باستمرار‪ ،‬أي أنها تجرب ٌة تصلح وتُط ِّور ذاتها لنصل للمنظومة األكمل واألكرث تناس ًبا‬ ‫مع حقوق اإلنسان ومدارنا يف عملنا الترشيعي عىل العقالنية الحرة املضبوطة بساعة املنطق‪.‬‬ ‫أما األخالق من وجهة نظ ٍر ديني ٍة فهي جامد ٌة تقريري ٌة تتخذ من النص القروسطي األصم األبكم بوصل ًة لها‪.‬‬ ‫وشتان بني املنهجني‪.‬‬ ‫س‪ - 13‬ماذا تعني لك مفردة الوطن؟‬ ‫ج‪ :13‬أما الوطن فهو اإلنسان‪ .‬فانتاميئ يكون عاد ًة لعالقايت االجتامعية أي للجامعة واألفراد‪ .‬فلو أتاح يل‬ ‫الزمن فرصة تأسيس روابط اجتامعي ٍة يف اليابان فسأشعر بأن هناك وطني‪ ،‬وكذلك لو ترعرعت مبكة أو‬ ‫دمشق أو تنزانيا‪ .‬فالوطن ليس قطع ًة جغراف ًّيا بل عالقات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لعالقات اجتامعي ٍة جديد ٍة تنسيهم الجغرافية التي ُولدوا‬ ‫لذلك نجد أن الكثري من الناس يهاجرون ويؤسسون‬ ‫عليها لتصبح الجغرافية الجديدة هي الوطن‪ .‬أنا إنسا ٌن كو ّين‪ ،‬وعد ٌّو لدو ٌد لجواز السفر وللحدود‪ .‬فيجب أن‬ ‫يحق ألي إنسانٍ السفر ألي دول ٍة واالستقرار بها طاملا أنه ال يرتكب جرمي ًة وال يخالف القوانني‪ .‬وأنا أشعر أن‬ ‫وطني هو فكري وكتابايت ونصويص وأشعاري‪ ،‬ألنها انتاميئ وكينونتي ومالمحي‪ ،‬لذلك أخىش دامئا من رسقة‬ ‫ٍ‬ ‫رسقات‬ ‫مقااليت وأشعاري‪ ،‬ألنني أشعر عندها أن وطني قد متت رسقته‪ .‬وقد حدث ذلك عندما اكتشفت عدة‬ ‫طالت قصائدي‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫بعضا من أحالمك وطموحاتك؟‬ ‫س‪ - 14‬ماهي مشاريعك املستقبلية وإىل ماذا تخطط؟ هل ترغب مبشاركتنا ً‬ ‫ج‪ :14‬كتبت منذ نعومة أظفاري فقد كنت أكتب مداف ًعا عن اإلسالم مرب ًرا لعقائده وترشيعاته‪ ،‬ثم تغريت‬ ‫لهجتي متا ًما يف نهاية عام ‪ 2013‬عندما انتقلت للتنوير‪ .‬لكنني أخىش من النرش والترصيح باسمي ألنني‬ ‫ٌ‬ ‫مستهدف دامئًا أنا وعائلتي‪.‬‬ ‫أما ِ‬ ‫الشعر فقد بدأته يف الصف السابع وكنت من أنصار املدرسة الكالسيكية ثم اكتشفت بأن األصل يف الشعر‬ ‫أن يكون ح ًّرا وأن الوزن حال ٌة طارئ ٌة وخاص ٌة بالعرب يف مرحل ٍة معينة‪.‬‬ ‫ثم اكتشفت أن سجع الكهان هو أصل الشعر الحر عند العرب‪ ،‬ولذلك اتهموا مؤلف القرآن بأنه شاع ٌر وذلك‬ ‫بالرغم من أن كالمه يف القرآن غري موزون‪ .‬فدل قط ًعا عىل أن العرب مل تكن تقرص مسمى الشعر عىل الكالم‬ ‫املوزون املقفى فقط وإال لَام اتهمت القرآن بالشعر ألنه غري موزون‪.‬‬ ‫أسهبت يف بيان ذلك يف كتايب عن الشعر وقمت برشح الظاهرة الشعرية منذ أن تكون صادق ًة عفوي ًة إىل‬ ‫وقد‬ ‫ُ‬ ‫وحي من السامء‪ ،‬فالكتب املقدسة ليست إال حال ًة شعري ًة ممعن ًة‬ ‫أقبح درجاتها املتوحشة التي تدعي أنها ٌ‬ ‫يف الكذب والتمثيل واستغالل سطوة وجربوت الكلمة يف هذا اإلطار‪.‬‬ ‫فالشعر كالسكني‪ ،‬ممك ٌن أن نقطع به تفاح ًة إلطعام الفقراء وخلق اللذات واملتع والسعادة‪( ،‬وهذا شعر‬ ‫غوته ولوركا وقباين ‪ ،)...‬وممك ٌن أن نذبح بها مظلو ًما (وهذا شأن الشعراء الذين ألّفوا الكتب املقدسة وادعوا‬ ‫التواصل مع السامء‪ ،‬إذ تحول الشعر إىل حال ٍة تحريضي ٍة خبيث ٍة ترشيعي ٍة ممعن ٍة يف املكر والكذب الستعباد‬ ‫الشعوب وتدجينها بتابوهات يصممها الشاعر مؤسس النص الديني)‪.‬‬ ‫ومن هنا أقول بأن الشعر أكرب متع ٍة وأكرب كارث ٍة حلت بالبرشية‪ .‬هو متع ٌة بيد الشعراء الصادقني وهو نقم ٌة‬ ‫بيد الشعراء املتنبئني الكذبة‪ .‬لذلك يجب إصدار املزيد من الدراسات حول شاعرية النص القرآين لتوضيح‬ ‫منطلق شاعري‪.‬‬ ‫برشيته من‬ ‫ٍ‬ ‫مشاريعي املستقبلية أن أستطيع االستقرار يف دول ٍة غربي ٍة للتحدث باسمي الرصيح‪ ،‬وأن أخرج من حالة‬ ‫علمي لنقد الظاهرة الدينية عىل ٍ‬ ‫أسس‬ ‫الخوف التي أعيشها‪ ،‬وأن أكتب بحري ٍة وأن أقوم بتأسيس مرك ٍز‬ ‫ٍّ‬ ‫‪42‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫منطقي ٍة بحيث ينترش التنوير يف كل أنحاء العامل ويصبح له الفروع املنترشة عنقوديًّا يف كل دول العامل وأمام‬ ‫ٍ‬ ‫مسجد وكنيسة‪ .‬فالظالم ال يقشع إال بالنور‪ .‬كام أنني أطمح إىل تحقيق األمان والحرية لكل الالدينيني‬ ‫كل‬ ‫وامللحدين يف الرشق األوسط وأفريقيا ووسط آسيا‪.‬‬ ‫فأنا ال أريد ألبنائنا أن ينفقوا أعامرهم سع ًيا وراء جواز سف ٍر غر ٍّيب يحميهم‪ ،‬فأنا إىل اآلن سوري الجنسية‬ ‫مهدد‪ ،‬ولن أستطيع الحصول عىل جواز سف ٍر آخر بسهولة‪ .‬وقد أنفقت الكثري من عمري سع ًيا نحو االستقرار‬ ‫وفشلت إىل اآلن‪.‬‬ ‫لو كنت فرنيس املولد أو أملاين املولد لكنت أنتجت أضعاف ما كتبته إىل اليوم‪ .‬لكنت تفرغت إىل كتابة‬ ‫الروايات التي تنقد الظاهرة املحمدية بشكلٍ‬ ‫كامل من‬ ‫عميق وجري ٍء وجديد‪ .‬لكنت نقدت الفقه اإلسالمي ً‬ ‫ٍ‬ ‫باب الطهارة إىل باب القضاء‪ .‬لكنت قد ألفت موسوع ًة عن أخطاء القرآن‪ .‬لكنت قد ألفت (ال ُكتْ َبان) وهو‬ ‫كتاب يضاهي القرآن ويفوقه بالغ ًة وصح ًة ويتفق مع العلم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فمرشوع (الكتبان) لوحده لو تحقق لقضيت من خالله عىل هالة القداسة املوهومة حول القرآن‪.‬‬ ‫كتاب يشارك فيه عظامء اللغة ويطورونه باستمرار‪ ،‬أساس نصه القرآن مع تعديلٍ بحيث نتالىف‬ ‫فالكتبان ٌ‬ ‫األخطاء املوجودة يف القرآن ونطوره باستمرا ٍر ويكون كتابًا مفتو ًحا يساهم به الجميع تحت إرشاف لجن ٍة‬ ‫من املتخصصني‪ .‬وكلام تشدق املحمديون وقالوا هاتوا سور ًة من مثله قلنا لهم (الكتبان) متوف ٌر عىل النت‬ ‫مجانًا وخا ٍل من األخطاء‪.‬‬ ‫ومضطهد فكريًا ألسست مدرسة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إسالمي قامئ ًة عىل قانون نيوتن الثالث (لكل فعلٍ‬ ‫نقد‬ ‫مالحق‬ ‫لو كنت غري‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫تنويري مقابل‬ ‫رد فعل)‪ .‬فمثالً نقوم خالل هذه املنظمة بإنشاء مركز تنوي ٍر بجوار كل مسجد‪ .‬بتخريج داعي ٍة‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫كتيبات مخترص ٍة وواضح ٍة عن أشهر وأوضح أخطاء القرآن‪.‬‬ ‫كل شيخ‪ .‬بفتح الجامعات ودعم العلوم‪ .‬بنرش‬ ‫ٍ‬ ‫كتيبات مخترص ٍة وواضح ٍة عن جرائم الشخصية املحمدية التي ال تقبل جرميتها أدىن شك‪.‬‬ ‫بنرش‬ ‫هناك الكثري من املشاريع‪ .‬لكن لألسف أنا أض ّيع وقتي بالتخفي والهرب والخوف من رصاصة غد ٍر تطالني أو‬ ‫تطال أحد أفراد عائلتي‪ .‬أمتنى أن تقبل لجويئ أي دول ٍة غربي ٍة تحملني عىل جناح طائر ٍة أنا وعائلتي ألتفرغ‬ ‫ملشاريعي الفكرية البناءة يف إحدى الدول املتحرضة‪.‬‬ ‫‪43‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫س‪ - 15‬ما رأيك مبجلة امللحدين العرب‪ .‬كيف كانت بداية تع ّرفك إليها ومنذ متى تتابعها؟‬ ‫ج‪ :15‬أتابع مجلة امللحدين العرب منذ عام ‪ ،2015‬ت َع ّريف عليها كان من خالل بحثي عن مواقع ومجالت‬ ‫فلفتت نظري بجرأتها وموضوعيتها و ُرقيه أهلها‪.‬‬ ‫التنوير عىل الشبكة العنكبوتية ‪...‬‬ ‫ْ‬ ‫تنويري وشمع ٌة وضاء ٌة بني أكوام الظالم ‪ ...‬أمتنى السعادة لكل القامئني‬ ‫مجلة امللحدين العرب هي من ٌرب‬ ‫ٌ‬ ‫عليها ‪ ...‬ف ُهم مخلصون وجا ّدون يف نية االرتقاء مبجتمعاتنا الرشق أوسطية نحو التطور ‪ ....‬مجل ٌة رائع ٌة‬ ‫الئم فهي ترضب الظاهرة الدينية تحت الحزام وبال هوادة ‪...‬‬ ‫وجريئ ٌة وال تخاف يف العلم والحقيقة لومة ٍ‬ ‫س‪ - 16‬هل من كلم ٍة أخري ٍة تو ّد توجيهها ملن يقرأ هذه السطور اآلن؟‬ ‫ج‪( :16‬اعتذار)‪ ،‬أنا أعتذر من كل الذين استفزتهم مقااليت وأفكاري وحوارايت التي أنقد فيها الظاهرة الدينية‪.‬‬ ‫كنت أمتنى أن أستطيع إرضاء الجميع ال سيام أهيل وموروثايت وبيئتي الدمشقية املحافظة‪ ،‬لكن آسف يا بابا‬ ‫فالحقيقة أحق باالت ّباع‪.‬‬ ‫جميل لو أننا كربنا فاكتشفنا أن موروثاتنا هي قوانني الكون ونواميس العقل!‬ ‫كم سيكون ً‬ ‫لكنه قدرنا أن ننسلخ عن القطيع منحازين إلنسانيتنا‪.‬‬ ‫الحق الحق أقول لكم‪ ،‬نحن ٌ‬ ‫عقول ُخلقت لتتمرد وتثور عىل كل يش ٍء غري عقالين‪.‬‬ ‫إن العزم العقالين يف دماغي مينعني من الرضوخ والخضوع ملامرس ٍة طقوسي ٍة أورثتني إياها الصدفة الجغرافية‬ ‫والتاريخية يا أيب!‬ ‫صدقني يا أيب إن األمر ليس بيدي‪.‬‬ ‫لقد ظلمني عقيل يا أيب‪.‬‬ ‫ظلمتني إنسانيتي الج ّياشة‪.‬‬ ‫سامحني يا أيب!‬ ‫أنا ال أستطيع أن أقلدك بال برهان‪.‬‬ ‫إ ّن جِلدي يحكني طال ًبا املنطق‪ُ ،‬مي ِّم ًم شطر الحقيقة‪.‬‬ ‫عل! ُ‬ ‫أعرتف بأنني أتعاطى العقالنية وأدمن املنطق والبحث عن الحقيقة‪.‬‬ ‫أنا مدم ٌن يا أيب‪ِ .‬ف ً‬ ‫طقسا غري عقالين أُصاب بالغثيان!‬ ‫أنا إن‬ ‫ُ‬ ‫مارست ً‬ ‫‪44‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫أنا مل أحتمل كمية الوحشية املوجودة يف األديان!‬ ‫ال أتخيل ترشيع العبودية وسبي النساء ورضب املرأة وتجسيم اإلله! إن عقيل ال يتقبل ذلك يا أيب!‬ ‫فلفظت املوروث مبا فيه من ٍ‬ ‫تناقض وعنف‪.‬‬ ‫أنا مجرد تالفيف دماغي ٍة استحوذت عىل ك ُِّل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أنا موجو ٌع يا أيب‪.‬‬ ‫موجو ٌع بالعقل‪ .‬بالتفكري‪ .‬موجو ٌع بخرافاتكم ومامرساتكم الصامء‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مقتول بتمردي‪ .‬مسمو ٌم بزعاف الحرية الذي يجري يف عروقي‪.‬‬ ‫مصبو ٌغ بثوريت الحمراء الباسقة يف دماغي كالسنديان‪.‬‬ ‫يل يا أيب أن تكون محمديًّا سن ًّيا وأال أكون‪.‬‬ ‫يع ُّز ع ّ‬ ‫يل يا أمي أن تكوين محمدي ًة شيعي ًة وأن ال أكون‪.‬‬ ‫يعز ع َّ‬ ‫كم كنت أمتنى أن يكون محم ٌد نب ًّيا‪.‬‬ ‫فعل صىل الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫وأن يكون ً‬ ‫وأن أكون من املُصطَفَني بامليالد تحت مسمى الطائفة املنصورة‪.‬‬ ‫حاولت أن أُقنع نفيس بأنه ٌ‬ ‫رسول لكن الوقائع واألدلة مل تساعدين‪.‬‬ ‫ترصفاته‪ ...‬سريته‪ ...‬قرآنه‪ ...‬كلها مل تساعدين‪.‬‬ ‫حاولت أن أُقحم نبوءتَ ُه يف رأيس إقحا ًما يك أنسجم مع محيطي‪ ،‬لكنني مل أستطع‪.‬‬ ‫بل جاءين الربهان الساطع بإثبات العكس!‬ ‫َت عقالنيتي مع مورويث املحمدي!‬ ‫كم ستكون الحياة منسجم ًة وجميل ًة ومتناغم ًة لو اتفق ْ‬ ‫لكن هيهات!‬ ‫آسف أخوايت‪.‬‬ ‫آسف أمي‪ٌ ...‬‬ ‫آسف أيب‪ٌ ...‬‬ ‫ٌ‬ ‫أنا اليوم أُع ِّم ُر قرصي الفكري عىل أنقاض قرصي االجتامعي واألرسي!‬ ‫أنا اليوم أروي غليل عقيل بظأم وحديت وجوع عزلتي‪.‬‬ ‫شبح يف ظل دماغي‪ .‬أنا يف عراء عقالنيتي بال ثياب‪.‬‬ ‫أنا اليوم ٌ‬ ‫‪45‬‬


‫راوند دلعو‬ ‫أنا تحت مقصلة األمل‪ .‬تحت أطنانٍ من العذاب‪.‬‬ ‫أنا يف الغياب يف الغياب يف الغياب‪.‬‬ ‫أنا اليوم يف أعرافكم محكوم باإلعدام‪.‬‬ ‫ودا ًعا يا كل ذكريايت‪ ...‬وداعاً يا كل عائلتي وجرياين‪...‬‬ ‫لقد رسقهم الدين مني‪...‬‬ ‫سامحني يا أيب!‬ ‫يا كل هذا الكون ملاذا أنت هنا؟‬ ‫يا أفكار العامل املتضادة ملاذا ِ‬ ‫أنت َه ُهنا؟‬ ‫يا كل هذه األحزان ملاذا ِ‬ ‫أنت يف قلبي الصغري؟‬ ‫املجلة‪ :‬شك ًرا لك‬ ‫أجرى املقابلة‪ Alia’a Damascéne :‬وأسامة البني (الوراق)‪.‬‬

‫‪46‬‬


| ‫ﻣﺴﻠﻤﺶ‬

www.muslimish.com

47


‫محمد‬ ‫ٌ‬ ‫أم زرادشت‬

‫مجلة امللحدين العرب‬

‫رغم أن الزرادشتية كانت ديان ًة رئيسي ًة يف العامل يف ٍ‬ ‫وقت مىض‪ ،‬بتنا اليوم ال‬ ‫ٍ‬ ‫شذرات متناثر ٍة تصل الوعي العام بني الفينة واألخرى‪ ،‬بل إن‬ ‫نعرف عنها سوى‬ ‫بعضنا قد ال يدرك أن الزرادشتيون هم أنفسهم املجوس الذين أشار إليهم القرآن‪،‬‬ ‫والذين كانوا عبدة النار الذين تشيطنهم الدراما اإلسالمية‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فقد عادت‬ ‫الزرادشتية للظهور يف الفضاء العام مؤخ ًرا إلدراك البعض مدى التشابه بينها وبني‬ ‫اإلسالم يف بعض الجوانب‪..‬‬ ‫‪48‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫وشهدت العقود األخرية إعادة إحيا ٍء لتلك الديانة يف إيران وخارجها(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫خيوط يف البحث عن تلك الصالت‬ ‫هدف هذا املقال هو تسليط الضوء عىل أطراف‬ ‫التي تربط الدين اإلسالمي بالزرادشتي‪ ،‬لكننا لن ندعي الوصول إىل أي نتائج‪،‬‬ ‫فاملوضوع ٌ‬ ‫شائك ومعقد‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تنقسم ديانات غرب آسيا إىل قسمني‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬الديانات اإلبراهيمية‬ ‫وهي الديانات التي تنسب نفسها إلبراهيم وتشمل اليهودية واملسيحية واإلسالم والبهائية‪ ،‬والقاسم املشرتك األسايس‬ ‫أيضا بالعديد من التفاصيل والقصص‪ ،‬ناهيك عن التاريخ املشرتك‪.‬‬ ‫بينها هو التوحيد‪ ،‬لكنهم طب ًعا يشرتكون ً‬ ‫النوع الثاين‪ :‬الديانات اإليرانية‬ ‫وأصولها هندو‪-‬أوروپية بشكلٍ جز ٍّيئ وتعود يف أصولها ملامرسات القبائل اآلرية التي يتح ّدر منها اإليرانيون الذين عبدوا‬ ‫العنارص الطبيعية كالشمس والرعد وغريها‪ ،‬لكنهم تح ّولوا مع الوقت إىل عبادة إل ٍه ٍ‬ ‫واحد دون التخلص من اآللهة األخرى‬ ‫متا ًما‪ .‬ومن أمثلة الديانات اإليرانية‪ ،‬الزرادشتية واليزدانية واليارسانية إضاف ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ديانات غنوصي ٍة كاملندائية واملانوية‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫وقد أث ّرت الزرادشتية كام يبدو يف التيار الغنويص أو العرفاين (من اليونانية‬ ‫‪ γνωστικός‬مبعنى الحصول عىل املعرفة) الذي ازدهر يف القرنني األول والثاين‬ ‫بعد امليالد يف إطار املسيحية واليهودية‪ ،‬والذي ظهر بني اليهود واملسيحيني‪،‬‬ ‫ومبقتضاه يُعترب الكون انبثاقًا للرب الذي وضع الشعلة اإللهية يف الجسد‬ ‫البرشي‪ .‬ومن أبرز معتقدات الغنوصية إميانهم بأهمية الثنائية ‪ dualism‬بني‬ ‫النور والظالم والروح والجسد‪ ،‬وهي من مميزات الزرادشتية‪ .‬عىل أن مثة خالفًا‬ ‫بني الباحثني حول دور الزرادشتية يف دخول هذه املفاهيم إىل الغنوصية(‪.)2‬‬ ‫‪ -1‬عىل أن ذلك الربط ليس بالجديد‪ ،‬فقد كان من املسترشق غولدتسيهر ِمن أول من اقرتحه ونرشه يف العرص‬ ‫الحديث‪:‬‬ ‫‪I. Goldziher, Islamisme et Parsisme, Revue De L’Histoire Des Religions, 1901, Volume XLIII, pp. 1-29‬‬ ‫وغريه‪:‬‬ ‫‪L. H. Gray, Zoroastrian Elements In Muhammadan Eschatology, Le Muséon, 1902, Volume III, pp. 153-184‬‬ ‫‪-2‬لتفصيل البحث يف املوضوع‪ ،‬راجعوا املوسوعة اإليرانية‪:‬‬ ‫‪Encyclopædia Iranica, Vol. XI, Fasc. 1, pp. 14-17‬‬

‫‪49‬‬


โ ซู ุญู ุฏ ุฃู ุฒุฑุงุฏุดุชโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุฌู ุฉ ุงู ู ู ุญุฏู ู ุงู ุนุฑุจโ ฌ

โ ซู ุง ู ู ุงู ุฏู ุงู ุฉ ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉุ โ ฌ โ ซุชุฑุฌุน ุชุณู ู ุฉ ุงู ุฏู ุงู ุฉ ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ู ู ุจู ู ุง ู ู ุคุณุณู ุง ุฒุฑุงุฏุดุชโ ฌ โ ซ๐ ฌ ๐ ฌญ๐ ฌ ๐ ฌฑ๐ ฌ ๐ ฌ ๐ ฌ ๐ ฌญ๐ ฌ ๐ ฌฐ ุงู ุฐู ุนุงุด ู ู ุฅู ุฑุงู โ ช .โ ฌู ู ุฏ ุณุงุฏุช ุงู ุฒุฑุงุฏุงุดุชู ุฉ ู ู ุฅู ุฑุงู โ ฌ โ ซุนู ู ู ุฏู ู ุฑุชุฉ ู ุฏ ุชุฑุชุงู ุญ ุจู ู ุฃู ู ุนุงู ู ุฃู ู ู ุนุงู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุชู ู ู ุฌู ุฏู ุง ู ุนโ ฌ โ ซุฏุฎู ู ุงุฅู ุณุงู ู ุฅู ู ุฅู ุฑุงู โ ช .โ ฌู ู ู ู ุงุญุฏ ู ุฉ ู ู ุฃู ุฏู ุงู ุฏู ุงู ุงุช ุงู ุชู ุญู ุฏู ุฉ ู ู โ ฌ โ ซุงู ุนุงู ู โ ช ุ โ ฌุฅุฐ ู ุงู ุช ุชุชู ุญู ุฑ ุญู ู ุฅู ู ู ู โ ฌ โ ซู ุงุญุฏ ู ู ู ุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุงโ ช ุ โ ฌู ู ุนู ู ุงุณู ู โ ฌ โ ซุฎุงุทุฆ ุณุงุฏ ุจู ู ุฃุชุจุงุน ุงุฃู ุฏู ุงู ุงุฅู ุจุฑุงู ู ู ู ุฉโ ฌ โ ซุงู ุฑุจ ุงู ุญู ู ู โ ช .โ ฌู ู ู ุงู ุงุนุชู ุง ู ุฏโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ู ุทุฉ ู ุฌุจู ุณุจุงู ู ุญู ุซ ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุช ู ุชุฃู ู โ ฌ โ ซู ู ู ุฃู ุฃุชุจุงุน ุฒุฑุงุฏุดุช ู ุนุจุฏู ู ุงู ู ุงุฑ(โ ช ุ )4โ ฌู ู ู ู ู ู ู ู ุงู ุญู ู ู ุฉ ู ุนุชุฑุจู ู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุฃุฏู ุงุช ู ู ุทู ู ุณ ุงู ุทู ุงุฑุฉ ุงู ุฑู ุญู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ู ุณุจุช ุงู ุฏู ุงู ุฉ ุฅู ู ู ุคุณุณู ุง ุฒุฑุงุฏุดุชโ ช ุ โ ฌุฐู ู ุฃู โ ฌ โ ซุงู ู ุงุฑ ู ุงู ู ุงุกโ ฌ โ ซุงู ุฏู ู ุงู ุฐู ุณุงุฏ ู ู ุฅู ุฑุงู ู ุจู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ู ุงู ุงู ุฏู ู ุงุฅู ู ุฑุงู ู ุงุขู ุฑู (ุงู ู ู ุงุจู ู ู ุฏู ู ุงู ู ู ุฏู ุงุขู ุฑู โ ฌ โ ซุงู ุฐู ุชุญ ู ู ู ุงู ุญู ู ุง ุฅู ู ุงู ู ู ุฏู ุณู ุฉ)โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซ(โ ช)3โ ฌโ ฌ

โ ซุชู ู ู ุงุฃู ุณุทู ุฑุฉ ุนู ุฏู ุง ุจู ุบ ุฒุฑุงุฏุดุช ุงู ุซุงู ุซู ู ู ู ุงู ุนู ุฑโ ฌ โ ซู ุซู ู ู ู ู ู ุฑโ ช ุ โ ฌู ุฑุฃู ุนู ู โ ฌ โ ซุฃู ุญู ู ู ุฃุซู ุงุก ุทู ุณ ุชุทู ุฑู ู ู โ ฌ โ ซุถู ุฉ ุงู ู ู ุฑ ู ุงุฆ ู ู ุง ุงู ู ู ุนุง ู ู ู ู ุฑโ ช ุ โ ฌุน ู ุฑู ุนู ู ู ุณู ุจุงุณู โ ฌ โ ซู ู ู ู ู ู (ฺคู ู ู ู ุงู ู )โ ช ุ โ ฌุฃู ู ู ุฑุฉ ุงู ุฎุฑู ู ุน ู ุฑู ุชู ุจู ุฌู ุฏโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุงุฆู ุงุช ู ู ุฑู ู ุฉ ุฃุฎุฑู ู ู โ ฌ โ ซุงุฅู ู ู ุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุง ู ุฎู ุณโ ฌ โ ซุงู ุฎู ุงู ุฏ ุงู ู ู ุฏุณุฉ (ุงู ุดุงุณูพู ุฏุงู )โ ช ุ โ ฌุซู ุชู ุช ุฐู ู ุฑ ู ุคู โ ฌ โ ซุฃุฎุฑู ุฑุฃู ู ู ู ุง ุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุง ู ุงู ุฎู ุงู ุฏ ุงู ู ู ุฏุณุฉ ุณุฃู ู ู ุฎุงู ู ู ุง ุงู ุนุฏู ุฏ ู ู ุงุฃู ุณุฆู ุฉโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงู ุช ุงุฃู ุฌู ุจุฉ ุฃุณุงุณ ุงู ุฏู ุงู ุฉ ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ู ุงู ู ุฌุฏู ุง ู ู ุงุฃู ู ฺค ู ุณุชุง(โ ช.)5โ ฌโ ฌ โ ซุถู ู ู ุงู ุฑู ุญโ ฌ โ ซู ู ู ุซู ุงู ุซุงู ู ุซ ุงู ู ุณู ุญู โ ช ุ โ ฌู ู ู ู ุงุนุชุจุงุฑ ุงู ุฎู ุงู ุฏ ุงู ู ู ุฏุณุฉ ู ุจุน ู ู ู ู โ ฌ โ ซุงู ู ุฏุณโ ช ุ โ ฌู ู ู ุชู ุจุน ู ู ุงุฅู ู ู โ ช ุ โ ฌู ู ู ู ุง ู ู ุณุช ุงุฅู ู ู ู ู ุณู โ ช ุ โ ฌู ู ู ุชุณุงุนุฏ ุงุฅู ู ู ู ู ุงู โ ฌ

โ ซุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุง ู ุตุงุฑุน ุฃู ุฑู ู ุงู (ุงู ุฑู ู ู ุจุงู ู ุงุฑุณู ุฉ)โ ฌ

โ ซโ ช -3โ ฌู ู ู ุฐุง ุงู ู ู ุงู ุณู ุณุชุนู ู ุฃุญู ุงู ู ุง ุงู ู ู ุงุจู ู ู ู ู ุงู ุช ุจุงู ู ุบุฉ ุงุฃู ฺคุณุชู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ู ู ุบ ู ุฉ ุฏู ู ู ู ุฉ ู ุฏู ู ู ุฉ ู ุงู ุช ู ุณุชุนู ู ู ุฉ ู ู ุฅู ุฑุงู โ ช ุ โ ฌู ู ู ุงู ู ุบุฉ ุงู ุชู ุงุณุชุนู ู ุช ู ู ุชุงุจุฉ ุงู ู ุตู ุต ุงู ุฏู ู ู ุฉ ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุฃู ุง ุงุฃู ุณุงู ุก ุงู ู ุน ู ุฑุจุฉ ู ู ู ู ู ุงู ู ุงู ุน ู ู ุชู ุจุฉ ู ู ุฃุบู ุจ ุงุฃู ุญู ุงู ุจุงู ู ุงุฑุณู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุงู ู ุนู ู ุงุฎุชุงู ู ุงู ู ู ุธ ุนู ุงู ุนุฑุจู ุฉ ู ู ุจุนุถ ุงู ู ู ุงุถุนโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซโ ช -4โ ฌุฅู ุงู ู ุชุงุจุน ู ู ุฑุตุงุน ุงู ุณู ู ุงู ุดู ุนู ุงู ู ู ู โ ช ุ โ ฌู ุฑู ุฃู ุจุนุถ ุฃู ู ุงู ุณู ุฉ ู ุชู ู ู ู ุดู ุนุฉ ุฅู ุฑุงู ุจุงู ู ุฌู ุณู ุฉ ู ุนุจุงุฏุฉ ุงู ู ุงุฑโ ช ุ โ ฌุงู ุณู ุงู ุนู ุฏ ุงุงู ุญุชู ุงู ุจุนู ุฏ ุงู ู ู ุฑู ุฒ ุงู ุฐู ู ุญุชู ู ุจู ู ู ุณ ู ู ุทโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุงุญุชู ุงู ุจุญู ู ู ุงู ุฑุจู ุน ู ุจุฏุงู ุฉ ุงู ุณู ุฉ ุจุญุณุจ ุงู ุชู ู ู ู ุงู ุดู ู ุณโ ช ุ โ ฌู ู ู ุงู ู ุงุงู ุนุชุฏุงู ุงู ุฑุจู ุนู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ู ู โ ช ุ โ ฌู ุฅู ู ุง ู ุฆุงุชู ู ุจุฑู ู ุฉ ู ู ุฅู ุฑุงู ู ุฃู ุบุงู ุณุชุงู ู ุชุฑู ู ุง ู ู ู โ ฌ โ ซโ ช -5โ ฌู ู ุนุฑู ุงุฃู ฺคุณุชุง ุฃู ุถู ุง ุจุงุณู ุฒู ุฏโ ช-โ ฌุฃฺคุณุชุง (ุฃู ุชู ุณุฑู ุงุฃู ฺคุณุชุง)โ ช ุ โ ฌู ู ุญุชู ู ุฃุณุงุทุฑู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ุญู ู ุฃุตู ุงู ู ุฌู ุฏโ ช ุ โ ฌู ุงู ุฑุดู ุนุฉโ ช ุ โ ฌู ุงู ู ุตู ุต ุงู ุชุนุจุฏู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุชุนุงู ู ู ุงู ู ุจู ุฒุฑุงุฏุดุชโ ช ุ โ ฌู ู ุฏ ู ู ู ุฏ ุฌุฒ ู ุกโ ฌ โ ซู ุจ ู ุฑู ู ู ุงู ู ุตู ุต ุงุฃู ุตู ู ุฉโ ช ุ โ ฌุญู ุซ ู ู ู ุงู ุฃู ุงุฅู ุณู ู ุฏุฑ ุงุฃู ู ุฑุจ ุฏ ู ู ุฑ ุงู ู ุซุฑู ู ู ุชู ู ุงู ู ุตู ุตโ ช ุ โ ฌู ู ุฏ ุชู ุชุฌู ู ุน ุงู ุจู ุงู ุง ู ู ู โ ฌ โ ซู ุนู ุงุฑู ู ู ุธู ู ู ู ู ุงู ุณุงู ู ุฉ ุงู ุณุงุณุงู ู ุฉ ู ู ุงู ู ุฑุชุฉ ุจู ู ุงู ู ุฑู ู ู โ ฌ โ ซู ุตโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุต ุชุน ู ุจุฏู โ ช ุ โ ฌู ุงู ฺคู ุฏู ุฏุงุฏ (ุฃู โ ฌ โ ซู ู ู โ ฌ โ ซุงุชโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซุฑโ ฌ โ ซู ุงู ฺคุณูพโ ฌ โ ซุงุจู ู โ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซุฑโ ฌ โ ซุงู ู โ ฌ โ ซุชุญุถุฑู โ ฌ โ ซุงู ุซุงู ุซ ู ุงู ุณุงุจุน ุงู ู ู ุงู ุฏู โ ช .โ ฌู ู ู ุน ุงุฃู ฺคุณุชุง ู ู ุฎู ุณุฉ ุฃุฌุฒุงุกโ ช :โ ฌุงู ุบุงุซุง ุงู ู ู ุณู ุจุฉ ู ุฒุฑุงุฏุดุช ู ู ุณู โ ช ุ โ ฌุงู ู ุงุณู ุงโ ช ุ โ ฌู ุชุญู ู ุทู ู ุณโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุจู ุงุณุจุงุชโ ฌ โ ซู ุตู ู ุงุช ุชุชุนู ู โ ฌ โ ซู ุตู ุต ู ุชุฑุงู ู ู โ ฌ โ ซุงู ฺคู ุฏู ฺคุฏุงุช) ุงู ู ุฎุชุต ุจุงู ุชุฑุดู ุน ุงู ุทู ู ุณ ู ุงู ู ุฏู ู โ ช ุ โ ฌู ุงู ู ุงุดุช ุงู ุชู ุชุญู ู โ ช 21โ ฌุชุฑู ู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุฃุฎ ู ุฑู ุง ุงู ุฎู ุฑุฏู ุฃฺคุณุชุง (ุงุฃู ฺคุณุชุง ุงู ุตุบุฑู ) ู ู ู ุฌู ู ุนุฉโ ฌ โ ซู ุนู ู ุฉโ ช .โ ฌู ุงู ุฎู ู ู ุนุจุฏ ุงู ุฑุญู ู ุจุฅุนุฏุงุฏ ุชุฑุฌู ุฉ ุนุฑุจู ุฉ ู ุฃู ฺคุณุชุง ุชุญุช ุนู ู ุงู ยซุฃฺคุณุชุงโ ช :โ ฌุงู ู ุชุงุจ ุงู ู ู ุฏุณ ู ู ุฏู ุงู ุฉ ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉยปโ ช ุ โ ฌู ุฑุด ุฑู ุงู ุฏ ู ู ุซู ุงู ุฉ ู ุงู ู ู ู ู โ ช.2008 ุ โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช50โ ฌโ ฌ


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫يشبه دور املالئكة إىل ٍ‬ ‫حد ما‪ .‬وهذه الخوالد هي تبا ًعا مع اختصاص كلٍ منها‪:‬‬ ‫وهومنه (الفكرة الخرية والنية الحسنة)‪ ،‬اشه وهیشته (الحقيقة والصالح)‪ ،‬سپنته آرمیتی (اإلخالص املقدس والتآلف‬ ‫الخلق)‪ ،‬خشرته وییریه (القوة والحكم العادل)‪ ،‬هـَئور َوتات (االكتامل والصحة) واَ ِمرِتات (الحياة الطويلة والخلود)‬ ‫ّ‬

‫ومقابل اإلله أهورامازدا الذي يقطن السامء يوجد خصمه اهریمن (انگره‌ َمینیو)‪ ،‬الروح املدمرة مصدر املوت والرش يف‬ ‫العامل الذي يقطن الجحيم‪ ،‬وعند موت اإلنسان يذهب إىل السامء أو الجحيم بحسب أعاملهم يف الحياة الدنيا إن فلسفة‬ ‫الزرادشتية تقوم عىل أن هذا الكون كله هو عبار ٌة عن تحوالت النور والظالم (أهورامازدا وأهرميان)‪ ،‬فهناك أزمن ٌة‬ ‫ظلامني ٌة قاسي ٌة وأزمن ٌة نورانية‪ ،‬فمن كان يسء الحظ و ُولد يف زمنٍ ظلامين‪ ،‬أو َحسن الحظ وأىت يف زمنٍ نورا ٍين عليه أن‬ ‫ٍ‬ ‫صفات إنساني ٍة أساسية (التفكري هومت والتلفظ هوخت والفعل هورشت)‪ ،‬فهذا الثالوث الزرادشتي هو‬ ‫يتحىل بثالث‬ ‫املهيمن عىل جميع أشكال العبادة يف الديانة الزرادشتية‪ .‬والذي يظهر عاد ًة عىل شعار الديانة الزرادشتية‪ ،‬أو فاراڤاهار‬ ‫‪51‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫(فروهر‪ ‎‬أو فرِكياين بالفارسية) هو رمز الديانة الزرادشتية ويحوي‬ ‫صور ًة لزرادشت عىل شكل طائ ٍر وهو موجو ٌد عىل شكل آثا ٍر‬ ‫قدمي ٍة يف عدة أماكن يف دولة إيران اآلسيوية‪.‬‬ ‫زرادشت والزرادشتية‬ ‫ٌ‬ ‫آسيوي إيرا ٌين ومؤسس‬ ‫فيلسوف‬ ‫اسمه بالفارسية َز ْرتُشْ ْت وهو‬ ‫ٌ‬ ‫الديانة الزرادشتية‪ ،‬وقد عاش يف مناطق أذربيجان وكردستان‬ ‫وإيران الحالية يف زمنٍ ما بني السنوات ‪ 1500‬ق‪.‬م‪ .‬و‪ 1000‬ق‪.‬م‬ ‫(لكن هناك من يضعه حوايل ‪ 600‬ق‪.‬م)‪ ،‬وظلت تعاليمه وديانته‬ ‫منترش ًة يف مناطق واسع ٍة من وسط آسيا إىل موطنه األصيل إيران حتى ظهور اإلسالم‪ ،‬وعندما جاء اإلسالم أمر بطمس‬ ‫كتاب األ ِڤ ْستا (أو األبستاق كام أطلق عليه العرب أو اوستا بالفارسية)‪ ،‬وهو الكتاب املقدس للديانة الزرادشتية وكذلك‬ ‫رشوحه « ِزنْدْ ا ِڤ ْستا» واختفى لفرت ٍة من الزمن‪ ،‬وكذلك هدم املسلمون بيوت النار الزرادشتية يف محاول ٍة منهم لطمس‬ ‫هذه الديانة الفارسية خوفًا من أن تؤثر عىل انتشار اإلسالم آنذاك‪.‬‬ ‫تأثري الزرادشتية عىل الديانات اإلبراهيمية‬ ‫مل تكن فكرة التوحيد الفكرة الوحيدة التي نجدها الحقًا يف األديان اإلبراهيمية‪ ،‬ذلك أن الزرادشتية احتوت فكرة الجنة‬ ‫والنار‪ ،‬ويوم الحساب‪ ،‬واملالئكة والشياطني‪ ،‬وباألخص فكر ًة مشابه ًة ج ًدا‬ ‫لفكرة الشيطان (إبليس) التي تخرج من الرصاع ما بني اإلله وقوى الخري‬ ‫والنور من جهة (متمثل ًة مبا يشبه الروح القدس والتي خلقها أهورامازدا‬ ‫واسمها ْس ِپ ْنته َم ْي ْن ُيو)‪ ،‬وبني قوى الرش التي يقودها أهرميان (والروح املدمرة‬ ‫انگره‌ َمینیو) من جه ٍة أخرى‪ .‬ورغم امتالك اإلنسان القدرة عىل االختيار بني‬ ‫هذين الطريقني‪ ،‬إال أن اإلله سينترص يف النهاية‪ ،‬وحتى أولئك الذين يدخلون‬ ‫النار سيكون مصريهم النهايئ يف الفردوس (وهي كلم ٌة فارسي ٌة قدمية)‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬كيف انتهى املطاف بهذه األفكار إىل الديانات اإلبراهيمية؟ تقول‬ ‫إحدى النظريات أن ذلك حدث إثر تدمري بابل عىل يد اإلمرباطور الفاريس‬ ‫كورش األكرب‪ ،‬والذي ح ّرر اليهود الذين كان تم سبيهم إىل بابل‪ ،‬فتسللت‬ ‫مثل مكانة كورش‬ ‫بعض أفكار الدين الفاريس بالتدريج إىل اليهودية‪ .‬لننظر ً‬ ‫لدى اليهود‪:‬‬ ‫‪52‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫ُول ال َّر ُّب لِ َم ِس ِ‬ ‫وس أَ َما َم ُه أُ َم ًم‪َ ،‬وأَ ْحقَا َء ُمل ٍ‬ ‫«ه َكذَا يَق ُ‬ ‫صا َع ْيِ‪،‬‬ ‫يح ِه‪ ،‬لِكُو َر َش ال َِّذي أَ ْم َسك ُْت ِب َي ِمي ِن ِه ألَ ُد َ‬ ‫ُوك أَ ُح ُّل‪ ،‬ألَفْتَ َح أَ َما َم ُه الْ ِم ْ َ‬ ‫صا َع ِي ال ُّن َح ِ‬ ‫يق الْ َح ِد ِيد أَق ِْص ُف‪َ .‬وأُ ْع ِط َيك َذ َخائِ َر‬ ‫اس‪َ ،‬و َم َغالِ َ‬ ‫اب الَ ت ُ ْغل َُق‪ :‬أَنَا أَ ِس ُري قُ َّدا َم َك َوالْه َِض َ‬ ‫َواألَبْ َو ُ‬ ‫َس ِم ْ َ‬ ‫اب أُ َم ِّه ُد‪ .‬أُك ِّ ُ‬ ‫سائِ َيل‪( ».‬سفر أشعياء ‪.)1-3 :45‬‬ ‫الظُّلْ َم ِة َوكُ ُنو َز الْ َم َخابِئِ ‪ ،‬لِ َ ْ‬ ‫ك ت َ ْعر َِف أَ ِّن أَنَا ال َّر ُّب ال َِّذي يَ ْد ُع َوك ب ِْاس ِم َك‪ ،‬إِل ُه إِ ْ َ‬ ‫تفاعل آخر من خالل الغزو الفاريس لألرايض اليونانية خالل ازدهار اإلمرباطورية األخمينية‪ ،‬فكان من آثار‬ ‫كذلك‪ ،‬حصل ٌ‬ ‫مثل أن اليونان كانوا ال يعتقدون بقدرة البرش عىل التحكم مبصائرهم‪ ،‬وأن أقدارهم هي تحت رحمة وأمزجة عديد‬ ‫ذلك ً‬ ‫اآللهة التي يعبدون‪ ،‬ولكن هذا تغري بعد تعرضهم للدين والفلسفة اإليرانية‪ ،‬فصار لديهم شعو ٌر بأنهم أسياد مصائرهم‪.‬‬ ‫ويتعلق أحد التأثريات املحتملة بكتاب األردا ويراف (ارداویراف‌نامه) (الذي سنعود إليه الحقًا يف سياقٍ إسالمي)‪ ،‬والذي‬ ‫حد ٍ‬ ‫يقص حكاية رحل ٍة إىل الجنة والنار بشكلٍ يشابه إىل ٍ‬ ‫بعيد الكثري مام جاء يف كتاب «الكوميديا اإللهية» لدانته اإليطايل‬ ‫ّ‬ ‫يف العصور الوسطى‪ ،‬رغم أن االردا ويراف مل يستقر بشكله النهايئ ّإل يف القرن العارش امليالدي‪.‬‬ ‫مثل يف لوحة املدرسة األثينية لرفائيل‬ ‫عىل أن تأثري الزرادشتية يظهر بشكلٍ أكرث جال ًء يف جوانب أخرى‪ ،‬فرنى زرادشت ً‬ ‫يف القرن السادس عرش‪ ،‬أما كتاب كالڤيس أرتيس ‪ Clavis Artis‬يف الخيمياء من القرن ‪ 17‬أو ‪ 18‬من أملانيا‪ ،‬فقد تم‬ ‫تكريسه لزرادرشت‪ ،‬ويف أوروپا ابتدا ًء من عرص النهضة‪ ،‬صار زرادشت يُعترب ساح ًرا مرموقًا وفيلسوفًا ومن ّج ًم(‪ .)6‬ولرمبا‬ ‫فلسفي لفلسفة زرادشت ترك أث ًرا عميقًا‬ ‫لكتاب‬ ‫تأثريه األوضح يف القرن العرشين كان من خالل تكريس فريدريخ نيتشه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يف الفلسفة الغربية هو «هكذا تكلم زرادشت»‪ .‬فمن الواضح إذًا أن الزرادشتية كانت حارض ًة يف أذهان األوروپيني‬ ‫املسيحيني عىل مدى قرون‪.‬‬

‫نقل عن أورسوال سليمز وليامز ‪ ،Ursula Sims-Williams‬من مدرسة الدراسات الرشقية واألفريقية يف جامعة لندن ‪School of Oriental and African‬‬ ‫‪ -6‬موقع ‪ً bbc.com‬‬ ‫‪.Studies at the University of London‬‬

‫‪53‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫ولكن ماذا عن اإلسالم؟ عىل عكس املسيحية واليهودية‪ ،‬منا اإلسالم منذ بداياته‬ ‫محتكًّا بالزرادشتية‪ ،‬فعالو ًة عىل التأثري غري املبارش عىل اإلسالم للزرادشتية والقادم‬ ‫من خالل املسيحية واليهودية‪ ،‬فقد غزا املسلمون مهد الزرادشتية نفسها‪ ،‬وحولوا‬ ‫أتباعها إىل مسلمني‪ ،‬واحتلوا أرضهم وصارت حضارتهم راف ًدا من روافد ما صار‬ ‫(بحق أو بغري حق) الحضارة اإلسالمية‪.‬‬ ‫يُعرف الحقًا ٍ‬ ‫احتضار الزرادشتية وأسلمة إيران‬ ‫بعد أن كانت الزرادشتية الدين الرسمي السائد يف إيران‪ ،‬نرى اليوم أن أتباع هذه‬ ‫الديانة ال يزيدون عىل ‪ 120‬ألفًا حول العامل‪ ،‬نصفهم تقري ًبا يف الهند وفقط ‪ 20‬ألفًا‬ ‫تقري ًبا ال زالوا يف إيران(‪.)7‬‬

‫صفحة من ‪Clavis Artis‬‬

‫ومام ال شك فيه أن الغزو اإلسالمي إليران كان له الدور األكرب واملبارش يف تضاؤل وجود الزرادشتية‪ ،‬حيث كان أحد أكرب‬ ‫انتصارات املسلمني يف العام ‪ 635‬م‪ .‬يف معركة القادسية عىل قوات اإلمرباطور يزدجرد الثالث (یزدگرد)‪ ،‬وكان دخول‬ ‫املسلمني عاصمة الساسانيني قطيسفون (املدائن) عام ‪ 637‬م‪ ،‬لكن محو استقالل هوية إيران الزرادشتية استغرق ‪15‬‬ ‫عا ًما‪ ،‬حيث مل يتم ضم إيران إىل الخالفة اإلسالمية بشكلٍ‬ ‫حاسم إال بحلول العام ‪ 651‬م‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬فقد تكون الصورة الحقيقية ملا حدث أعقد من ذلك‪ .‬فثمة نسخ ٌة‬ ‫من األحداث ترى أن الزرادشتيني اعتنقوا اإلسالم بالقوة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ممتلكات روحي ًة أو مادي ًة‬ ‫«اغتصب العرب كل ممتلكات إيران‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫كتضحي ٍة عىل مذبح تعصب العرب‪ .‬فاتخذ الدين واللغة والخط والعادات‬ ‫منا ٍح مختلفة‪ ،‬بل تم محو بعضها بالكامل»(‪.)8‬‬

‫معركة القادسية كام تص ّورها الشاهنامه‬

‫من الناحية األخرى نجد نسخ ًة أخرى عىل النقيض من األوىل تقول‪:‬‬ ‫«إثر الصدمة األوىل يف املواجهة مع اإلسالم‪ ،‬الدين الجديد النشط‪ ،‬ذابت إيران‬ ‫وتالشت»(‪ )9‬بني «األمويني وعدم اكرتاثهم‪ ،‬والتزام العباسيني لفكرة التسامح‬ ‫والرفق بالتعامل مع أهل الكتاب»(‪ .)10‬والتاريخ الحقيقي كان عىل األرجح‬ ‫مزي ًجا متشابكًا بني هاتني الصورتني‪.‬‬

‫‪ -7‬بحسب دراسة إحصائية للعام ‪ 2012‬صدرت عن اتحاد الروابط الزرادشتية ف شامل أمريكا ‪.Federation of Zoroastrian Associations of North America‬‬ ‫‪8- Poure Davoud, Introduction to the Holy Gathas, trans. D. J. Irani (Bombay: Iranian Zoroastrian Anjuman and the Iran League, 1927), p. 7.‬‬ ‫‪9- Taraporewala, The Religion of Zarathushtra, p. 72.‬‬ ‫‪10- Arnold J. Toynbee, A Study of History, 2 vols., abridgment of vols. 1–6 by D. C. Sommervell (New York: Laurel, 1965), 2: 28.‬‬

‫‪54‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫شعوب مل تخضع‬ ‫توسع رقعة الدولة اإلسالمية وضم‬ ‫ٍ‬ ‫وإن نظرنا إىل ما حدث من منظور املسلمني أنفسهم‪ ،‬نرى أنه مع ّ‬ ‫للتصنيفات املعهودة لدى املسلمني‪ ،‬اضط ّر املسلمون لوضع قواعد أوسع ملفهوم أهل الكتاب‪ ،‬والزرادشتية إىل اليوم‬ ‫كتاب أم ال‪ .‬ذلك أن دور النار ومسألة وجود ما يبدو إلهني يف الفكر‬ ‫تسبب انقسا ًما بني املسلمني فيام لو كانوا أهل ٍ‬ ‫غامضا صعب الحسم بالنسبة للمسلم‪ .‬لكن الحاجة للتعامل العميل مع‬ ‫الزرادشتي (إله خريٍ وإله رش) يجعل من األمر ً‬ ‫أهل البالد التي غزاها املسلمون أدت ببعضهم إىل القول بأن الزرادشتيني (أو املجوس كام يشري إليهم املسلمون عادة)‬ ‫كتاب ثم ُرفع! هذا مكّن الغزاة املسلمني من جبي الجزية من املجوس ولكنهم أبقوهم‬ ‫هم من أهل الكتاب‪ ،‬وأن لهم ٌ‬ ‫مثل(‪:)11‬‬ ‫يف فئ ٍة أخرى مع الصابئة‪ ،‬أقل مرتب ًة من مرتبة اليهود واملسيحيني‪ .‬يقول البغوي ً‬ ‫«ويف امتناع عمر ريض الله عنه عن أخذ الجزية من املجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي ﷺ أخذها من‬ ‫دليل عىل أن رأي الصحابة كان عىل أنها ال تُؤخذ من كل مرشك‪ ،‬وإمنا ت ُؤخذ من أهل الكتاب»‪.‬‬ ‫مجوس هجر‪ٌ ،‬‬ ‫كتاب يدرسونه‬ ‫يل ريض الله عنه قال‪ :‬كان لهم ٌ‬ ‫واختلفوا يف أن املجوس‪ :‬هل هم من أهل الكتاب أم ال؟ ف ُروي عن ع ٍّ‬ ‫فأصبحوا‪ ،‬وقد أُرسي عىل كتابهم‪ ،‬ف ُرفع من بني أظهرهم‪.‬‬ ‫واتفقوا عىل تحريم ذبائح املجوس ومناكحتهم بخالف أهل الكتابني»‪.‬‬ ‫عندما نتحدث عن العرص الذهبي للحضارة اإلسالمية نستذكر عاد ًة أثر اليونان وترجمة علومهم وفلسفتهم‪ ،‬وننىس‬ ‫أحيانًا األثر الهائل الذي أسهمت فيه الحضارة الفارسية العريقة‪ .‬فكيف متت أسلمة بالد فارس وكيف كانت آليات‬ ‫التبادل الثقايف التي تبع الغزو؟‬ ‫أوىل الخطوات كانت بتعريب الدواوين عىل يد الحجاج بن يوسف‪ ،‬بعد أن كانت اللغة الفارسية تسودها‪ .‬واستمرت‬ ‫جانب للثقافة الفارسية عىل مدى قرنني أو ثالثة‪ ،‬كام نراها يف كتابات أيب الفرج األصفهاين(‪ )12‬وأيب‬ ‫محاوالت كبت أي‬ ‫ٍ‬ ‫ريحان البريوين(‪ .)13‬ولكن انحسار عهد األمويني شهد بعض االنفراج فيام يتعلق مبامرسة التقاليد الفارسية واستعامل‬ ‫اللغة الفارسية‪ .‬كان من الزرادشتيني الذين تحولوا إىل اإلسالم يف تلك الحقبة ممن برزوا عبد الله بن املقفع وفضل بن‬ ‫سهل الرسخيس ونوبخت األهوازي‪.‬‬ ‫ويذكر املسعودي عام ‪ 956‬م يف الجزء الثاين من مص ّنفه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» كيف أن املجوسية استمرت‬ ‫يف أرجاء إيران‪ ،‬ليس فقط يف البلدان التي فتحها املسلمون مؤخ ًرا‪ ،‬بل يف مناطق تم فتحها سابقًا‪ .‬ويقول املسعودي إن‬ ‫بيوت النريان كانت منترش ًة يف العراق وفارس وسجستان وخراسان وغريها‪.‬‬ ‫اب َحتَّ ٰى‬ ‫‪ -11‬تفسري البغوي لآلية ‪ 29‬من سورة التوبة‪﴿ :‬قَاتِلُوا ال َِّذي َن َل يُ ْؤ ِم ُنو َن بِاللَّ ِه َو َل بِالْ َي ْومِ ْال ِخ ِر َو َل يُ َح ِّر ُمو َن َما َح َّر َم اللَّ ُه َو َر ُسولُ ُه َو َل يَ ِدي ُنو َن ِدي َن الْ َح ِّق ِم َن ال َِّذي َن أُوتُوا الْ ِكتَ َ‬ ‫يُ ْعطُوا الْ ِج ْزيَ َة َعن يَ ٍد َو ُه ْم َصا ِغ ُرونَ﴾‪.‬‬ ‫‪ -12‬أبو الفرج األصفهاين‪ ،‬كتاب األغاين‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬ص‪.423 .‬‬ ‫‪ -13‬البريوين‪ ،‬اآلثار الباقية عن القرون الخالية‪ ،‬الصفحات ‪ 35-36‬و‪.48‬‬

‫‪55‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫ورسعان ما ظهرت الحركة الشعوبية يف العرص األموي والحقًا تجذرت خالل العرص العبايس‪ ،‬وكانت احتجا ًجا عىل‬ ‫امتيازات العرب عىل العجم يف الدولة اإلسالمية‪ ،‬ويف مرحل ٍة ما صارت تنادي بتفضيل العجم عىل العرب واالنتقاص منهم‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬نستطيع أن نتخيل أن دخول إيران اإلسالم مل يعني استسالم الفرس‪ ،‬وأن املعركة الثقافية استمرت قرونًا طويل ًة بعد‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات طويلة‪.‬‬ ‫هزميتهم يف املعركة العسكرية‪ ،‬مام يعني وقوع التالقح الفكري بني الطرفني عىل مدى‬ ‫ما هي أوجه التطابق بني اإلسالم الذي جاء به محمدٌ والزرادشتية التي أىت بها زرادشت؟‬ ‫إن فكرة تأث ّر اإلسالم بأي دينٍ آخر هي فكر ٌة مرفوض ٌة من حيث املبدأ من ِقبل غالبية املسلمني‪ ،‬ذلك أن اإلسالم بحكم‬ ‫ٍ‬ ‫كونه الديانة األخرية واألصح‪ ،‬ال ميكن أن يتغري إال بشكلٍ‬ ‫طفيف يتعلق بالتطبيق‪ ،‬لكنه ال يطال ال العقيدة وال الرشيعة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لديانات ُح ّرفت سبقته‪ ،‬فام بالك بالقول بتأث ُر اإلسالم بديان ٍة تصعب‬ ‫إذ أن ذلك سيتناىف مع فكرة أن اإلسالم جاء ناس ًخا‬ ‫أصل؟ مقاومة هذه الفكرة نراها بشكلٍ واض ٍح عند القول بأن القرآن أخذ من نصوص‬ ‫نسبتها لله من منظور املسلم ً‬ ‫اليهود واملسيحيني‪ ،‬حيث يكون رد املسلمني التقليدي بأن مصدر تلك الرساالت كلها واحد‪ ،‬فال عجب أن نرى التشابه‪.‬‬ ‫ولهذا السبب‪ ،‬فعند النظر إىل أوجه التشابه مع الزرادشتية‬ ‫رغم التحفظات املذكورة آنفًا بصدد موقف املسلمني من تلك‬ ‫الديانة‪ ،‬نرى أن بعض املسلمني يقولون أن زرادشت كان نبيًا‬ ‫من الله(‪ .)14‬فمن املثري لالهتامم وجود ٍ‬ ‫مختلق(‪ )15‬من‬ ‫نص‬ ‫ٍ‬ ‫(‪)16‬‬ ‫القرن السادس عرش أو السابع عرش اسمه «الدساتري»‬ ‫ٍ‬ ‫مفردات‬ ‫مكتوب بلغ ٍة لها قواعد الفارسية لكنها تستعمل‬ ‫ٌ‬ ‫مختلق ٍة متزج الفارسية بالهندية باألڤستية بالسنسكريتية‬ ‫بالعربية ومحتواه متأث ٌر بكتابات السهروردي ويتوافق يف‬ ‫كتطابق يف محتوى بعض اآليات‬ ‫كثريٍ من تراكيبه مع القرآن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بحث ٍ‬ ‫املتعلقة بطبيعة الله‪ .‬ومن ٍ‬ ‫بسيط عىل اإلنرتنت ميكن‬ ‫نصوصا من‬ ‫للمرء رؤية كيف أن عد ًدا من املسلمني اقتبسوا‬ ‫ً‬ ‫مثل «زرادشت والزرادشتية» للشفيع املاحي أحمد‪ ،‬حوليات اآلداب والعلوم‬ ‫‪ -14‬راجعوا ً‬ ‫االجتامعية‪ ،‬الحولية ‪ .2001 ،21‬حيث يقول الكاتب يف ملخصها ص‪« :10 .‬أثبت البحث أن‬ ‫الدين الزرادشتي هو دي ٌن أوحى به الله إىل زرادشت‪ ،‬وبرغم التحريف والتغيري الذي أخرجه‬ ‫عن أصول الدين الحق‪ ،‬إال أن معنى هذا الدين بقي كام ًنا فيه من ذلك الزمن البعيد إىل وقتنا‬ ‫الحارض‪ ،‬وهو املعنى الذي يعيش به اآلن املجوس يف الهند وإيران»‪.‬‬ ‫‪15- Boyce, Mary (1979). Zoroastrians. London: Routledge.‬‬ ‫‪16- The Desatir, or Sacred Writings of the Ancient Persians Prophets; in the‬‬ ‫‪original tongue; together with The Ancient Persian Version and Commen‬‬‫‪tary of the Fifth Sasan, Bombay 1818.‬‬

‫‪56‬‬

‫الجنة والنار يف التصور الزرادشتي‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫الدساتري باعتبارها حقيقي ًة غري آبهني لكون النص مزيفًا‪ .‬لكن‬ ‫دليل عىل التأثري املستمر للزرادشتية يف‬ ‫وجود هذا الكتاب ٌ‬ ‫العقلية اإلسالمية رغم تضاؤل أعداد أتباعها عىل مر القرون‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رش من الزرادشتية إىل‬ ‫إن القول بحصول‬ ‫اقتباس مبا ٍ‬ ‫قول ينطوي عىل قد ٍر كبريٍ‬ ‫اإلسالم (أو بني أي ديانتني) هو ٌ‬ ‫من السذاجة‪ ،‬ذلك أن الدين مير يف مراحل تطو ٍر عديد ٍة‬ ‫ومعقدة‪ ،‬والدين ليس مجرد أفكا ٍر مكتوب ٍة تنتظر التطبيق‪،‬‬ ‫بل هي ٌ‬ ‫حي بني األفكار والتطبيق‪ ،‬بحيث أن الناتج‬ ‫جدل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫متشابك من التالقح الثقايف مع أديانٍ‬ ‫الذي يصلنا هو خلي ٌط‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وطبقات مرتاكم ٍة من التطور‬ ‫وثقافات أخرى من جهة‪،‬‬ ‫الداخيل‪ ،‬املحيل والعاملي للدين وأتباعه من جه ٍة أخرى‪ .‬فقد‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص ويأخذون عن‬ ‫شخص أو مجموعة‬ ‫يحدث أن يجلس ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫عمد وتفكريٍ محتويات دينٍ آخر‪ ،‬وقد يحدث التأثري عرب‬ ‫تفاعلٍ ثقا ٍيف ال يهدف االقتباس‪ ،‬أو قد يكون بتح ّو ٍر تخضع‬ ‫له فئ ٌة من دينٍ يتفرع عن أصلٍ وينفصل عنه مع الوقت أو‬ ‫غري ذلك من السيناريوهات املحتملة‪ .‬لذا‪ ،‬علينا أن نتوخى‬ ‫الحذر يف مدى جذرية القول أن دي ًنا أخذ عن دين‪ ،‬فاملسألة‬ ‫ليست بتلك البساطة‪.‬‬ ‫بعد أن نضع هذه االعتبارات نصب أعيننا‪ ،‬لنفحص عد ًدا‬ ‫من املامرسات واملعتقدات التي يشرتك فيها اإلسالم مع‬ ‫الزرادشتية ولو جزئ ًيا وسنص ّنف االرتباط عىل سلّم‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ارتباط ضعيف‬ ‫ •أدناه‬ ‫ٌ‬ ‫ارتباط متوسط‬ ‫ •ثم‬ ‫ٌ‬ ‫ارتباط قوي‪.‬‬ ‫ •وأخ ًريا‬ ‫مطلق أو موضوعي أو حتى‬ ‫تصنيف‬ ‫وال ن ّدعي أن هذا‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تقييم أول ًيا فيه‬ ‫معقول ويعطي‬ ‫علمي‪ ،‬لكننا نعتقد أنه‬ ‫ً‬ ‫واقعي ٌة تتعدى القول التبسيطيي بأن اإلسالم رسق تعاليمه‬ ‫من الزرادشتية‪.‬‬ ‫‪57‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫وحتى نفهم أثر الزرادشتية عىل الدين اإلسالمي ونرى األمور يف سياقها‪ ،‬علينا إدراك وجود نظريتني بصدد تاريخ تلك‬ ‫الديانة‪ .‬األوىل مر ّدها للباحث الربيطاين روبرت زيرن (‪ ،Robert Zaehner )1913-1974‬ومفادها أن زرادشت قد ُولد‬ ‫يف العام ‪ 628‬ق‪.‬م ومتكن من تحويل ملك خوارزم واسمه ڤيشتاسپا إىل دينه‪ ،‬مام أدى إىل انتشار الزرادشتية عىل‬ ‫مدى ‪ 258‬عا ًما قبل اإلسكندر األكرب(‪ .)17‬أما النظرية الثانية‪ ،‬فتعود للباحثة الربيطانية ماري بويس (‪)1920-2006‬‬ ‫‪ Mary Boyce‬املختصة باللغات اإليرانية وبالديانة الزرادشتية‪ .‬وتر ُّد هذه النظرية أصول الزرادشتية إىل الفرتة ما بني‬ ‫‪ 1400‬ق‪.‬م و‪ 1000‬ق‪.‬م حني كان الشعب الذي ينتمي‬ ‫له زرادشت ال زال يقطن الجزء الشاميل من أواسط‬ ‫رصا ملوىس‪ ،‬وهو‬ ‫آسيا‪ .‬هذا يعني أن زرادشت كان معا ً‬ ‫ديني امتد من إيران نحو‬ ‫أم ٌر يُر ّجح القول بوجود أث ٍر ٍ‬ ‫رشق حوض املتوسط‪ ،‬وليس بالعكس(‪.)18‬‬ ‫إن املالحظة األبسط يف كل هذا تتعلق بأسبقية رسول‬ ‫الزرادشتية زمنيًا مقارن ًة برسول اإلسالم‪ ،‬وذلك بقرون‪،‬‬ ‫روبرت زيرن‬ ‫ماري بويس‬ ‫وعليه فنجد أن من املعقول القول بأن اإلسالم رمبا‬ ‫اقتبس من مالمح ومناسك الديانة الزرادشتية‪ ،‬وقد يكون اقتبس بعض األمور حرف ًيا‪ ،‬والبعض اآلخر جزئ ًيا‪ ،‬ولكن يف نفس‬ ‫الوقت علينا أن نعي أن الزرادشتية بعد دخول اإلسالم إىل إيران دخلت مرحلة احتضار‪ ،‬ومن املعقول أن نتخيل أن ديان ًة‬ ‫تحترض بعد أن كانت الدين السائد ستحاول البقاء بأي صورة‪ ،‬خاص ًة عندما يكون جز ًءا من حضار ٍة غني ٍة ذات منعة‪،‬‬ ‫أيضا أن نتصور أن‬ ‫ومن صور استمرار البقاء التأقلم والتغري والتوافق مع طبيعة الدين الجديد‪ ،‬لذا فليس من الغريب ً‬ ‫ٍ‬ ‫ملحددات تأيت من طبيعة النصوص الزرادشتية القدمية وما‬ ‫الزرادشتية نفسها أخذت من اإلسالم‪ ،‬وإن كان ذلك سيخضع‬ ‫تنص عليه وتفرضه عىل مامرسات الزرادشتيني الالحقني‪.‬‬ ‫فلننظر إذًا إىل بعض تشابهات الديانتني تاركني للقراء الحكم‪ ،‬آملني بأن ذلك سيدفعهم للبحث والتقيص والتفكري‪:‬‬ ‫‪ -1‬التوحيد‬ ‫ورب كل يشء‪ ،‬فله األمر وله الحكم من قبل ومن‬ ‫ويعني أنه يوجد إل ٌه واح ٌد وهذا اإلله هو مالك كل يش ٍء ومليكه‪ّ ،‬‬ ‫قسم الرزق بني العباد وهو من يحاسب البرش بعد املوت‪ .‬عىل مقياس االرتباط الذي اقرتحناه‪ ،‬يبدو‬ ‫بعد‪ ،‬وهو الذي ّ‬ ‫االرتباط هنا ضعيفًا أو ضعيفًا إىل متوسط‪ ،‬ذلك أن التوحيد املوجود يف اليهودية أقوى وأوضح تأث ًريا عىل اإلسالم من تأثري‬ ‫الزرادشتية‪ ،‬عىل األقل كام نراه يف القرآن‪ ،‬لكن علينا أن نذكر أن الزرادشتية كان لها تأث ٌري عىل اليهودية خالل السبي إىل‬ ‫بابل وبعده‪ ،‬ومن هنا فالتأثري يف مسألة التوحيد كان عىل األرجح غري مبارش‪ ،‬دخل عن طريق اليهودية واملسيحية‪ .‬لكن‬ ‫‪17- R. C. Zaehner, The Teachings of the Magi (London: Sheldon Press, 1956).‬‬ ‫‪18- M. Boyce, History of Zoroastrism, 3 vols., with Grantz Grenet (vol. 3) (Leiden: Brill, 1975 [vol. 1], 1982 [vol. 2], 1991 [vol. 3]).‬‬

‫‪58‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫التوحيد يف اإلسالم تحول أدا ًة ملناهضة كل األديان األخرى ووضعها يف مرتب ٍة دون اإلسالم وكدينٍ فقد قيمته‪ ،‬فاإلسالم‬ ‫أخذ فكرة أن الله ميكن أن يربم عه ًدا جدي ًدا مع البرش (من خالل املسيحية) ثم جعل نفسه العهد الجديد الذي ال عهد‬ ‫بعده‪ .‬لذا‪ ،‬فال عجب أن ي ّدعي املسلمون أن أية ديان ٍة أخرى فيها مقوماتٌ كافي ٌة من التوافق مع اإلسالم بأنها موحا ٌة‬ ‫لكنها مح ّرفة‪.‬‬ ‫‪ -2‬الصالة والوضوء‬ ‫غامضا يف هذه القضية‪ ،‬ذلك أن الصالة والوضوء مل ِ‬ ‫يأت القرآن عىل‬ ‫عند النظر إىل ترشيع الصالة يف اإلسالم نجد القرآن ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد مل يبدأ تدوينها إال بعد‬ ‫تفصيلهام‪ ،‬رغم اعتقاد املسلمني أن الصالة هي عامد الدين‪ .‬وعندما نتذكر أن كل سرية‬ ‫ميض ما يقرب القرن ونصف القرن بعد مامته املفرتض‪ ،‬وأن تفصيل الصالة جاء يف األحاديث املنقولة عنه التي كانت‬ ‫خارجي كل ًيا أو جزئ ًيا‪ .‬وما‬ ‫يف مرحلة التدوين تخضع للتزوير السيايس‪ ،‬نرى أن أم ًرا كتفاصيل الصالة قد يأيت من مصد ٍر‬ ‫ٍّ‬ ‫قد يزيد درجة االشتباه بذلك أن اليهودية واملسيحية ال تحتويان شيئًا يشابه الصالة اإلسالمية وطقوسها‪ .‬عىل أن الصالة‬ ‫اإلسالمية خدمت هدفًا عسكريًا يف املدينة‪ ،‬حيث أن محم ًدا استعمل صالة الجامعة كنو ٍع من جمع الصف العسكري‬ ‫منفصل عن تفاصيل الصالة نفسها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إلظهار الوالء يف املدينة التي احتوت بحسب وصفه منافقني‪ ،‬لكن هذا يشء‬ ‫ولعل مقارنة الصالة بني اإلسالم والزرادشتية هي من أقوى نقاط التشابه من حيث العبادات ومن أكرث نقاط التشابه‬ ‫التي تُذكر عادةً‪ .‬فرغم كرثة الصلوات الزرادشتية‬ ‫(الصالة مبعنى يشمل الدعاء كام يفهمه‬ ‫ٍ‬ ‫كطقس ُيا َرس يف ساع ٍة‬ ‫املسلمون والصالة‬ ‫وهيئ ٍة معيّنتني)‪ ،‬إال أن الزرادشتية تحوي خمس‬ ‫ٍ‬ ‫ومواقيت تشابه نظرياتها‬ ‫صلوات يومي ٍة بأسام ٍء‬ ‫َ‬ ‫اإلسالمية بشكلٍ‬ ‫مريب يستدعى املصلون إليها‬ ‫ٍ‬ ‫بواسطة جرس‪ .‬كل واحد ٍة من تلك الصلوات‬ ‫تسمى گاه‪ ،‬أي ميعاد أو ميقات‪ ،‬حيث أن‬ ‫اسم الصالة هو الكلمة السابقة لـ«گاه»‪.‬‬ ‫الجدول التايل يوضح بعض املعلومات عن هذه‬ ‫جانب من طقوس صالة زرادشتية جامعية حيث يرتدي املصلّون اللباس الديني‬ ‫الصلوات(‪:)19‬‬ ‫‪ -19‬األڤستا الصغرى‪ ،‬كتاب الصالة الشائعة‪ .‬يحتوي الكتاب العديد من الصلوات (األدعية) مبا فيها طقس الپادياب أو الوضوء‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫اسم الصالة‬

‫معنى االسم‬

‫ساعة الصالة‬

‫هاون‌گاه‬

‫من كلمة «هاون» املستخدم يف دق أو طحن نبتة الهوم‬ ‫الستخالص عصار ٍة لعمل رشاب مقدس‪.‬‬

‫املقابل‬ ‫اإلسالمي‬

‫من رشوق الشمس وحتى الظهرية‬

‫الفجر‬

‫من الظهرية وحتى منتصف بعد‬ ‫رپیتون‌گاه‬ ‫الظهر‬ ‫كلمة مركبة من «اوز» وتعني خارج أو ما بعد‪ ،‬و«ایرن» من منتصف بعد الظهر وحتى‬ ‫اوزییرینه‌گاه‬ ‫غروب الشمس‬ ‫وتعني يوم‪ ،‬وم ًعا تعنيان «ما بعد اليوم»‬ ‫من غروب الشمس حتى منتصف‬ ‫اییویرسوثریمه‌گاه تعني «اییویرسوثریمه» بطيء الحركة‪.‬‬ ‫الليل‬ ‫تعني كلمة «اوشهین» الفجر‪ .‬يشار‬ ‫تعني كلمة «اوشهین» الفجر‪ .‬يشار إىل هذه الصالة‬ ‫إىل هذه الصالة أحيانًا باسم صالة‬ ‫اوشهینه‌گاه‬ ‫أحيانًا باسم صالة اليوم السابق‪.‬‬ ‫اليوم السابق‪.‬‬

‫الظهر‬ ‫العرص‬ ‫املغرب‬ ‫العشاء‬

‫ولنالحظ هنا تشابه لفظ التسمية يف حالة صالة العرص اإلسالمية مع كلمة «اوزيريينه» وصالة العشاء مع كلمة‬ ‫«اوشهينه»‪ .‬يبدو األمر أكرث من صدفة‪.‬‬ ‫الصالة‪ ،‬فاالعتامد األسايس فيها هو عىل‬ ‫ال تُذكر تسمية الصلوات يف القرآن بشكلٍ واضح‪ ،‬ناهيك عن غياب تفاصيل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّ‬ ‫أقم َّ َ‬ ‫الصلة ِ ُللوكِ الش ْم ِس إِل غس ِق‬ ‫األحاديث‪ .‬وعىل كل حال‪ ،‬ففي سورة اإلرساء نجد وصفًا عا ًما ملواقيت الصالة‪ِ ِ ﴿ :‬‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬ ‫َّ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫صلوات أخرى‪﴿ :‬يا أيها الِين آمنوا‬ ‫بأسامء‬ ‫ترصيح‬ ‫وهنا‬ ‫‪.)78‬‬ ‫اء‪:‬‬ ‫رس‬ ‫(اإل‬ ‫﴾‬ ‫ا‬ ‫ود‬ ‫اللي ِل ْوق ْر ُآن ال َّفج ِر إِن َ ق َرآن َالف ُج ِر ُكن َّمشه َ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ َ‬

‫ْ‬ ‫ِين َملك ْ‬ ‫جر َوح َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ت أ ْي َمانك ْم َوال َ‬ ‫ل َِي ْس َتأذِنك ُم ال َ‬ ‫ِين ل ْم َيبْلغوا ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِني تض ُعون‬ ‫اللم مِنكم ثلث مر ٍ‬ ‫ات مِن قب ِل صلة ِ الف ِ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ​َ ُ َ َْ‬ ‫ات‬ ‫َثِيابك َم مِن َالظ ِهرية ِ َومِن َ بع ِد صلة ِ ال ِعشاءِ ثلث َعور ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫ك ْم َول َعليْه ْم ُج َن ٌ‬ ‫اح َب ْع َده َّن ْ َط َّوافون َعليْك ْم‬ ‫لكم ليس علي‬ ‫ِ‬ ‫ْ ُ ُ َ​َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ات َو َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الل َعل ِيمٌ‬ ‫َبعضك ْم ع َبع ٍض كذل ِك يب ِي الل لكم الي ِ‬ ‫َحك ٌ‬ ‫ِيم﴾ (النور‪.)58 :‬‬

‫ماذا يقول املسلمون بصدد أصل هذه التسميات؟ يعتقدون أن‬ ‫التسمية جاءت يف بداية اإلسالم عا ًما ونصفًا قبل الهجرة عند‬ ‫ٍ‬ ‫محمد إىل السامء‬ ‫اإلرساء‪ ،‬حيث أن الصالة فُرضت خالل رحلة‬ ‫ثم حصل عىل تفاصيلها صبيحة ليلة اإلرساء من جربيل(‪ ،)20‬لنقرأ‬ ‫مثل «فتح الباري» البن حجر العسقالين‪ ،‬الجزء الثاين‪ ،‬باب الصالة‪.‬‬ ‫‪ً -20‬‬

‫‪60‬‬

‫برسم‪ :‬أداة تستخدم مع بعض الصلوات وترمز لشكر اإلله عىل‬ ‫عطاء األرض‪.‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫مثل(‪:)21‬‬ ‫الحديث التايل ً‬ ‫الش ِ‬ ‫ص‬ ‫الس َلم ِع ْن َد الْ َب ْي ِت َم َّرت َْيِ‪ ،‬ف َ​َص َّل الظُّ ْه َر ِف الْ ُ َ‬ ‫«أَ َّم ِني ج ِْب ُِيل َعلَ ْي ِه َّ‬ ‫اك‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ َع ْ َ‬ ‫ول ِم ْن ُه َم ِح َني كَا َن الْف َْي ُء ِمث َْل ِّ َ‬ ‫َاب الشَّ ف َُق‪،‬‬ ‫ش ٍء ِمث َْل ِظلِّ ِه‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ َم ْغر َِب ِح َني َو َجبَ ْت الشَّ ْم ُس َوأَفْطَ َر َّ‬ ‫الصائِ ُم‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ ِعشَ ا َء ِح َني غ َ‬ ‫ِح َني كَا َن ك ُُّل َ ْ‬ ‫ش ٍء ِمثْلَ ُه لِ َوق ِْت‬ ‫ث ُ َّم َص َّل الْ َف ْج َر ِح َني بَ َر َق الْ َف ْج ُر‪َ ،‬و َح ُر َم الطَّ َعا ُم َع َل َّ‬ ‫الصائِ ِم‪َ .‬و َص َّل الْ َم َّر َة الثَّانِ َي َة الظُّ ْه َر ِح َني كَا َن ِظ ُّل ك ُِّل َ ْ‬ ‫ش ٍء ِمثْلَ ْي ِه‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ َم ْغر َِب لِ َوقْ ِت ِه ْالَ َّو ِل‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ ِعشَ ا َء ْال ِخ َر َة ِح َني‬ ‫الْ َع ْ ِ‬ ‫ص ب ِْالَ ْم ِس‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل الْ َع ْ َ‬ ‫ص ِح َني كَا َن ِظ ُّل ك ُِّل َ ْ‬ ‫َت إِ َ َّل ج ِْب ُِيل فَق َ​َال‪ :‬يَا ُم َح َّم ُد! َهذَا َوق ُْت ْالَنْ ِب َيا ِء ِم ْن قَ ْبلِ َك‪،‬‬ ‫الص ْب َح ِح َني أَ ْس َف َرتْ ْالَ ْر ُض‪ ،‬ث ُ َّم الْتَف َ‬ ‫َذ َه َب �ثُلُثُ اللَّ ْيلِ ‪ ،‬ث ُ َّم َص َّل ُّ‬ ‫يم بَ ْ َي َه َذيْنِ الْ َوقْتَ ْيِ»‪.‬‬ ‫َوالْ َوق ُْت ِف َ‬ ‫ليس املوضوع خاف ًيا عىل املسلمني‪ ،‬خاص ًة‬ ‫مؤخ ًرا مع انتشار املعرفة وسهولة الوصول‬ ‫(‪)22‬‬ ‫إسالمي‬ ‫إليها‪ .‬لننظر الرد الذي ق ّدمه شي ٌخ‬ ‫ٌّ‬ ‫اسمه شبري عيل ‪ .Shabir Ally‬تسأل املقدمة‬ ‫سؤال من أحد املشاهدين مستغرب ًة‬ ‫الشيخ ً‬ ‫السؤال‪« :‬بعض الناس اليوم‪ ،‬مبا فيهم بعض‬ ‫القرآنيني‪ ،‬يقولون أن صلواتنا الخمس هي‬ ‫اقتباس من الزرادشتية‪ ،‬وبحسب هذا الزعم‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫صلوات‬ ‫فإن الزرادشتيني يصلون خمس‬ ‫يومي ٍة اسمها مناز يف نفس األوقات‪ ،‬وهذا أكرث من صدفة‪ ،‬فكيف ندحض هذه النظرية الغريبة؟»‪ .‬رد الشيخ طويل‪،‬‬ ‫ونلخصه يف النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬نحن املسلمون نتبع إبراهيم‪ ،‬والذي نعرف من سفر التكوين ‪ 3 :15‬أنه سجد للرب‪ .‬فالصالة موجود ٌة لدى اليهود‬ ‫أيضا الذين يصلون ‪ 3‬مر ٍ‬ ‫ات يف اليوم‪ ،‬ونحن كمسلمني عند السفر نُقرص الصالة‪ ،‬ورخصة التخفيف متوفر ٌة للمريض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واملحصلة أن عند السفر تتحول الصلوات الخمس إىل ثالث صلوات‪.‬‬ ‫‪ -2‬الباحثون اليوم يرون أن الزرادشتية مل تؤثر فقط يف اإلسالم وإمنا اليهودية واملسيحية من قبله‪ ،‬وذلك يف أفكا ٍر تتعلق‬ ‫برشي إذًا ألخذه عنارص من أديان أخرى‪ ،‬فعليهم أن يتذكروا أن‬ ‫بالحياة اآلخرة ويوم الحساب‪ .‬فلو قالوا أن اإلسالم دي ٌن ٌ‬ ‫األمر ينطبق كذلك عىل اليهودية واملسيحية‪.‬‬ ‫‪ -3‬األمر ككلٍ ليس مشكل ًة‪ ،‬فلنقل إن زرادشت كان نب ًيا من الله‪ ،‬فنحن نؤمن أن الله بعث أنبياء قبل محمد‪ ،‬وما فرضه‬ ‫رسول من‬ ‫مثل‪ ،‬وعند النظر إىل تعاليم زرادشت فمن الصعب أن نتخيل أنه ليس ً‬ ‫عىل من قبلنا فرضه علينا‪ ،‬كالصوم ً‬ ‫عند الله رغم أنه مل يُذكر يف القرآن‪.‬‬ ‫‪ -21‬سنن الرتمذي‪ ،‬باب ما جاء يف مواقيت الصالة‪ ،‬الحديث ‪.149‬‬ ‫‪ -22‬الرد موجود بالڤيديو عىل موقع ‪ aboutislam.net‬إضاف ًة إىل نص الڤيديو‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫تستوقف املرء بضع ٍ‬ ‫تفصيل فرع ًيا يتعلق بالتعبد مثل الصالة بقي بهذه الدقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نقاط يف رد الشيخ‪ .‬رمبا كان أبرزها أن‬ ‫أصل وإمنا وصل‬ ‫ككل تحتوي يف صلب عقيدتها ما يبدو رشكًا وتعدد آلهة‪ ،‬وهذا التفصيل مل يظهر يف القرآن ً‬ ‫والديانة ٍّ‬ ‫للمسلمني عن طريق أحاديث محمد‪ .‬النقطة الثانية هي تسلي ٌم جز ٌيئ من الشيخ باالقتباس ومحاولة إرشاك منافستي‬ ‫اإلسالم التقليديتني‪ ،‬اليهودية واملسيحية‪ ،‬يف تحمل أرضار تهمة برشية األديان‪ ،‬حتى ال تظهر املسألة وكأنها نقط ٌة عىل‬ ‫اإلسالم لصالح خصومه‪ .‬النقطة األخرية تتعلق بالبهلوانات التي يلعبها الشيخ باختزال عدد الصلوات املفروضة إىل ‪،3‬‬ ‫مفضل اإلشارة إىل اليهود وإبراهيم وملم ًحا بإمكانية أن يكون زرادشت نب ًيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الحمد لله‬ ‫هل متكّن الشيخ من «دحض النظرية الغريبة» كام طلبت مقدمة الربنامج؟ هو بال ٍّ‬ ‫شك طأمن‬ ‫بعض املسلمني الذين يسعون وراء حلو ٍل رسيع ٍة دون تفكري‪ ،‬لكنه فعل ذلك ليس بتقدميه‬ ‫محت ًوى حقيقيًا‪ ،‬وإمنا مبا يشبه اعرتافًا بوجود مشكل ٍة مع ٍ‬ ‫تأكيد بأنها محلولة‪.‬‬

‫طلعت شبهة‬

‫لكن التشابه يف مراسيم الصالة ال يقف عند ذلك‪ ،‬فالزرادشتي قبل الصالة يغسل وجهه وأطرافه‬ ‫فيام يقابل الوضوء اإلسالمي (رغم أن طقس الوضوء يختلف(‪ )23‬ج ًدا ويطلق عليه اسم پادياب)‪،‬‬ ‫وهو يتوجه نحو النار كتوجه املسلم إىل القبلة‪ ،‬حتى إن وجهة الصالة تسمى قبل ًة كذلك عندهم‪ ،‬وإن كان هذا التفصيل‬ ‫األخري موجو ٌد يف اليهودية كذلك‪ .‬لكن املثري لالهتامم هنا هو أن التسمية‬ ‫الزرادشتية وت ُلفظ ‪ kebla‬ت ُطلق عىل الوعاء الذي يحتوي النار داخل غرفة‬ ‫تحتوي ما يُعرف بـ«اتش پادشاه»‪ ،‬وإن كان املعنى أكرث رمزي ًة‪ ،‬كحال أي دينٍ‬ ‫آخر‪ ،‬ولرمبا يف حالة هذه الكلمة يكون االقتباس قد ت ّم من اإلسالم‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫فضل أن يرتدوا‬ ‫يغطي الزرادشتيون رؤوسهم أثناء الصالة إناث ًا كانوا أو ذكو ًرا‪ ،‬ويُ َّ‬ ‫مالبس فاتحة اللون‪.‬‬ ‫عىل مقياس االرتباط الذي اقرتحناه يف البداية‪ ،‬يبدو االرتباط يف مسألة الصالة‬ ‫وعددها وتسمياتها مواقيتها ارتباطًا قويًا جدً ا‪.‬‬ ‫‪ -3‬الحج‬ ‫يتوجه الزرادشتيون سنويًا يف الفرتة ما بني ‪ 14‬و‪ 18‬من شهر يونيو‪ /‬حزيران‬ ‫إىل النار العتيقة يف معبد پري َس ْب ْز عند قرية چک‌چک(‪ )24‬يف وسط إيران قرب‬ ‫يزد التي تعترب مح ًّجا للزرادشتيني‪ .‬وتنص التقاليد أن عىل الحجاج الرتجل عن كعبة زرادشت‪ :‬مبنى يف إيران من الحقبة األخمينية‬ ‫مطيتهم وإكامل مسريتهم راجلني يف اللحظة التي يلمحون فيها املعبد‪ .‬وبحسب‬ ‫غري معلوم الهدف‪.‬‬ ‫‪ -23‬قبل الصالة أو التأمل عىل الزرادشتي مامرسة الپادياب‪ ،‬والذي يتكون من غسل الوجه واألطراف ‪ 3‬مرات‪ ،‬أول مرتني تكونان بخالصة الزهور والعصري والزيوت أو بالصابون يف‬ ‫العرص الحارض‪ ،‬ويف املرة الثالثة باملاء‪ .‬ويتم غسل الفم بعناي ٍة بواسطة العصري أو غسول الفم‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫املعبد يف پري سبز‬

‫الطريق يف الصحراء نحو چک‌چک‬

‫األسطورة‪ ،‬فإن چک‌چک كان املكان الذي لجأت إليه األمرية نیک بانو‪ ،‬ابنة يزدگرد الثالث آخر أباطرة إيران قبل سقوطها‬ ‫بيد املسلمني‪ .‬وصلّت نیک بانو ألهورامازدا ليحميها من أعدائها‪ ،‬فاستجاب لها‬ ‫بأن فُتحت يف الجبل فتح ٌة احتمت فيها من الغزاة‪ .‬والقطرات يف الكهف متثل‬ ‫بحسب بكاء الجبل استذكا ًرا لنیک بانو‪.‬‬ ‫عىل أن پري سبز ليس الپري (املحج) الوحيد يف الديانة الزرادشتية(‪ ،)25‬فهناك ‪6‬‬ ‫حج مشهور ٍة موجود ٍة يف مدينة يزد اإليرانية ويف جوارها وحدها‪ ،‬عالو ًة‬ ‫مواقع ٍّ‬ ‫عىل مواقع أخرى متناثر ٍة يف أرجاء العامل الفاريس‪.‬‬ ‫من الصعب اعتبار أن هذا الحج هو مصدر الشعرية اإلسالمية‪ ،‬فللحج اإلسالمي‬ ‫ٌ‬ ‫واضح باملامرسات الوثنية السابقة لإلسالم (رغم الربط الواهي الذي‬ ‫اتصال‬ ‫ٌ‬ ‫حاول املسلمون خلقه مع إبراهيم وآدم من خالل الحج)‪ ،‬ومن املمكن فهمه‬ ‫ٍ‬ ‫محمد الستاملة أهل مكة ليقبلوا بدينه‬ ‫وفهم مراسيمه كمحاول ٍة سياسي ٍة من‬ ‫بوابة قدس األقداس يف چک‌چک‬ ‫بدل أن يرغمهم عليه بعد فتح مكة‪ ،‬لذا من األسهل االكتفاء مبحتوى الرسدية‬ ‫اإلسالمية املتعلقة بالحج (أو بأحد التفسريات املشتقة منها) من أن نقحم هذه القصة كأصلٍ للحج اإلسالمي‪ .‬فالحج‬ ‫ليس حك ًرا عىل أي ديانة‪ ،‬إذ أنه موجو ٌد يف كثريٍ من األديان‪ .‬لذا‪ ،‬ففي تصنيفنا لالرتباط بني نقاط التناظر بني الديانتني‪،‬‬ ‫يبدو االرتباط هنا ضعيفًا جدً ا‪.‬‬ ‫‪ -24‬يأيت اسمها من القطرات التي تتساقط من سقف الكهف الذي يحوي املعبد‪.‬‬ ‫‪25- Aspandyar Sohrab Gotla (2000). Guide to Zarthoshtrian historical places in Iran. University of Michigan Press. LCCN 2005388611 pg. 164.‬‬

‫‪63‬‬


โ ซู ุญู ุฏ ุฃู ุฒุฑุงุฏุดุชโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุฌู ุฉ ุงู ู ู ุญุฏู ู ุงู ุนุฑุจโ ฌ

โ ซโ ช -4โ ฌุงู ุตู ุงู โ ฌ โ ซุงู ู ุคู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ู ู ุจุงู ุตู ู ู ุจุนู ุงู ุงู ู ุฃู ู ู ู ุฏู โ ฌ โ ซุงู ู ุณู ู ู ู ู ู ุญู ุซ ู ู ุงู ุชู ุง ู ุน ุชุง ู ู ุนู ุงู ุทุนุงู โ ฌ โ ซู ุงู ุฑุดุงุจโ ช:โ ฌโ ฌ โ ซยซู ู ุงู ุชู ุน ุนู ุงู ุทุนุงู ุงู ู ู ู ู ุนู ู ู ุงู ุฑุณุฉ ุฃุนุงู ู โ ฌ โ ซุงู ู ุฏุงุณุฉ ุฃู ุงู ู ุงู ุญุฉ ุฃู ุงุฅู ู ุฌุงุจโ ช .โ ฌู ุจุชู ุงู ู ุงู ุทุนุงู ุชุญู ุงโ ฌ โ ซุงู ู ุฎู ู ู ุงุชโ ช ุ โ ฌู ุจุงุงู ู ุชู ุงุน ุนู ู ู ุชู ุชยป(โ ช.)26โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ู ู ู ู ุชู ุนู ู ุนู ุงู ู ุญู ู ุฏุฉ ุดู ุฑโ ฌ โ ซยซุจู ู ู ู ู ู ยปโ ช ุ โ ฌู ู ู ุฃุญุฏ ุฃุดู ุฑ ุงู ุชู ู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู โ ช ุ โ ฌู ู ู ุงู โ ฌ โ ซุฃู ุงู ู ู ู ู ุดู ุฑ ู ู ุดุงุฑโ ฌ โ ซู ุณุชุทุนโ ช ุ โ ฌู ุชุฌู ุจ ุงู ู ุญู ุฃุฑุจุนุฉ ู โ ฌ โ ซุฌุงู ุจ ู ู ุงู ุทู ู ุณ ู ู ฺ ฺฉโ ฺ ฺฉโ ฌ โ ซุฅู ู ู ุง ุจุงู ุชุณู ู ุฉ ยซู ู ู ู ุจยป ู ุชุนู ู ยซุงู ุชุฐุจุญยปโ ช ุ โ ฌู ู ุฐู ุงุฃู ู ุงู โ ฌ โ ซู ู ุงู ุซุงู ู ู ุงู ุซุงู ู ุนุฑุดโ ช ุ โ ฌู ุงู ุฑุงุจุน ุนุฑุด ู ุงู ู ุงุญุฏ ู ุงู ุนุฑุดู ู ู ู ู ู ุดู ู ุฑ ู ู ุงู ุชู ู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู (โ ช .)27โ ฌู ุจุฏู ุงุงู ุฑุชุจุงุท ู ู ุญุงู ุฉโ ฌ โ ซุงู ุตู ุงู ุงุฑุชุจุงุทู ุง ุถุนู ู ู ุง ุฅู ู ู ุชู ุณุทโ ช ุ โ ฌู ุงู ุตู ุงู ู ุงู ุฑุณ ู ุฉ ุฏู ู ู ู ุฉ ุดุงุฆุนุฉ ู ู ุบุงู ุจู ุฉ ุงุฃู ุฏู ุงู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ุจุงู ุฐุงุช ุชุฑู ุถู โ ช ุ โ ฌู ู ู ู ุฏโ ฌ โ ซุชู ุฌุฏ ู ู ุท ู ุฉ ู ู ู ุฐู ุงู ุญุงู ุฉ ู ู ู ุง ู ุฌุนู ุงุฃู ู ุฑ ุฃู ุฑุซ ุงุฑุชุจุงุทู ุงโ ช ุ โ ฌู ู ู ุฃู ุชุณู ู ุฉ ุงู ุดู ุฑ ยซุจู ู ู ยป ุชุฃู ุช ู ู ุงุงู ุณู ยซู ู ู ู ู ู ยปโ ฌ โ ซู ุงู ุชู ู ุงู ุฑุฃู ู ุง ู ู ุจุฏุงู ุฉ ุงู ู ู ุงู ุฃู ู ุง ู ุชุซู ู ู ู ู ู ู ุง ู ู ู ู ู ู ุงุช ุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุงโ ช .โ ฌู ุงุขู ู ู ู ู ุชู ู ุฅู ู ุงู ุญุงู ุฉ ุงุฅู ุณุงู ู ู ุฉโ ช .โ ฌู ู ู ู ู ุญู ุฏโ ฌ โ ซุฃู ุถุงโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุงู ุต ู ู ุง ู ู ู ู ู ุฅู ู ู ู ู ู ู ู ู ุฃู ู ู ุง ุฃู ู ุฌุฒู ู ู ุจ ู ู ยป(โ ช ุ )28โ ฌู ุงู ุตู ุงู ุงุฅู ุณุงู ู ู ู ุฑุชุจุท ู ุจุงุฑุดุฉ ุจุงุฅู ู ู ู โ ฌ โ ซู ู ู ุนู ุงู ู ู โ ชยซ :โ ฌู ู ู ู ู ู ุน ู ู ู ู ุงุจู ู ู ุข ู ุฏ ู ู ู ู ู ู ุฅู ุงู ู ู โ ฌ โ ซโ ช -5โ ฌุธู ู ุฑ ุงู ู ุฎู ู ุตโ ฌ โ ซุฌุงุก ู ู ุงุฃู ฺคุณุชุง ุงู ุตุบุฑู (ุฎู ุฑุฏู ุงู ุณุชุง) ู ู ุงู ู ุณู โ ช( 13โ ฌุชุฑู ู ู ุฉ ุงู ู ุงู ุฆู ุฉ ุงู ุญ ู ุฑุงุณ)โ ชยซ :โ ฌู ุณู ู ู ู ุงุณู ู ุงู ู ุญุณู ๐ ฌฏ๐ ฌ ๐ ฌ ๐ ฌณ๐ ฌ ๐ ฌ ๐ ฌ ๐ ฌง๐ ฌ โ ฌ โ ซ(ุณุงู ุดู ุงู ุช โ ช )Saoshyantโ ฌู ุณู ู ู ู ุงุณู ู (ุขุณุชฺคุงุชโ ช-โ ฌุงุฑู ุชุง โ ช .)Astvat-eretaโ ฌุณู ู ู ู ุณุงู ุดู ุงู ุช (ุงู ู ุญุณู ) ุฃู ู ู ุณู ุญุณู โ ฌ โ ซู ู ุนุงู ู ุงู ู ุงุฏู ู ู ู โ ช .โ ฌู ุณู ู ู ู ุขุณุชฺคุงุชโ ช-โ ฌุงุฑู ุชุง (ุฐู ู ุงู ุฐู ุณู ุณุชู ู ุถ ุงู ู ุฎู ู ู ุงุช ุงู ู ุงุฏู ุฉ) ุฃู ู ู ู ู ุฎู ู ู ู โ ฌ โ ซุญู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุงุฏู ู ู ู ุงุฆู ู ู ู โ ฌ โ ซุณู ู ู ู ู ู ุฌู ุชุฏู ุฑู ุงู ู ุฎู ู ู ุงุช ุงู ู ุงุฏู ุฉ ู ู ุชุตุฏู ู ุฏุฑู ุฌ (โ ช )Drujโ ฌุงู ุฐู ุงุฑุชู ุจู ุฐู ู ุงู ู ุฏู ู ู ู ู ู ู ุงุฌู ุฉ ุงู ุฑุด ุงู ุฐู ุงุฑุชู ุจู โ ฌ โ ซุงู ู ุคู ู ู ู ยป(โ ช.)29โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ุงุถุญ ู ู ุง ุฃู ุงู ุญุฏู ุซ ุนู ู ุจู ุกุฉ ุชุชุญุฏุซ ุนู ู ุฎู ู ู ุต ู ุฃู ุช ู ู ุงู ู ุณุชู ุจู ู ู ุนู ุฏโ ช ุ โ ฌุฃู ู ุฌุฏุฏโ ช .โ ฌู ู ุฏ ุงุนุชุฑุจ ุจุนุถ ุงู ู ุณู ู ู ู โ ฌ โ ซุฃู ุฏุฑู ุฌ โ ช drujโ ฌุงู ู ุฐู ู ุฑุฉ ู ู ุนุจุงุฏุฉ ุงุฃู ุตู ุงู ู ุฃู ุงู ู ู ุตู ุฏ ุจุงู ู ุจู ุกุฉ ู ู ู ุญู ุฏโ ช ุ โ ฌู ุจุง ู ุดุจู ุงู ู ุจู ุกุฉ ุงู ุชู ุงุฎุชู ู ู ู ุง ุจุตุฏุฏโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุญู ุฏ ู ู ู ุชุจ ุงู ู ู ู ุฏ ู ุงู ู ุณู ุญู ู ู (โ ช .)30โ ฌู ุงุงู ู ุชุจุงุณ ุฃุนุงู ู ุชุชุฏู ุงู ู ุจุนุถ ุงู ู ู ุงู ุน ุงุฅู ุณุงู ู ู ุฉ ุจุงุฅู ู ุฌู ู ุฒู ุฉ ู ู ุฏ ุงุณุชุจุฏู ุชโ ฌ โ ซุฐู ุฑโ ฌ โ ซโ ช -26โ ฌุงู ฺคู ุฏู ุฏุงุฏโ ช ุ โ ฌุงู ู ุตู ุงู ุซุงู ุซโ ช.33 :3 ุ โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช27- Abolghassem Khamneipur, Zarathustra: Myth - Message โ History, ch. 4.โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช -28โ ฌุฎู ุฑุฏู ุงู ุณุชุงโ ช ุ โ ฌุงู ู ุณู โ ช ุ 13โ ฌู ู ุฑุฉ โ ช .28โ ฌุขู ุฉ โ ช.129โ ฌโ ฌ โ ซโ ช -29โ ฌุงู ุจุฎุงุฑู (โ ช )1761โ ฌู ู ุณู ู (โ ช.)1946โ ฌโ ฌ โ ซโ ช -30โ ฌู ู ู ุง ู ู ู ุฌู ุฉ ุงู ู ู ุญุฏู ู ุงู ุนุฑุจ ุจู ุฑุด ู ู ุงู ยซุงู ู ู ุฏ ุงู ู ุฑุขู ู โ ช :โ ฌุงู ู ุฑุชุฉ ู ุง ุจู ู ุงู ุณู ู ุงุช โ ช 700โ ฌู ู โ ช 825โ ฌู ยป ุงู ุจู ู ุฑุงู ู ู ุงู ุนุฏุฏู ู โ ช 72โ ฌู โ ช ุ 73โ ฌุญู ุซ ู ุณุชู ู ุถ ู ู ุชู ู ู ุฏ ู ุฐู ุงู ู ู ุทุฉ ู ุฅู ุถุงุญโ ฌ โ ซุณู ุก ุงู ู ู ู โ ช ุ โ ฌุฃู ุงู ุชุดู ู ู ุงู ุฐู ุฃุฏู ุฅู ู ุดู ู ุน ู ุฐู ุงู ู ู ุฑุฉโ ช.โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช64โ ฌโ ฌ


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫مبفهوم ٍ‬ ‫معقد يف‬ ‫كلمة ‪ druj‬بعبدة األوثان ‪ .Idolaters‬لكن معنى كلمة «دروج» ال صلة لها مبا يقولون‪ .‬فاألمر يتعلق‬ ‫ٍ‬ ‫األڤستية هو «اشه» 𐬀𐬴𐬀‪ ،‬والذي عكسه هو «دروج» 𐬛𐬭𐬎𐬘‪ ،‬و«اشه» له عالق ٌة مبنطويات الحق والخري والنظام الكوين‬ ‫بحسب سياق ورود املفهوم‪ ،‬بينام يرتبط دروج بالخديعة والكذب‪ .‬لذا‪ ،‬فربطه بعبادة األوثان ليل عنق النص وإخراجه‬ ‫أسايس يف ديان ٍة ال تذكره ال من ٍ‬ ‫قريب هو أم ٌر مستهج ٌن ينضوي‬ ‫من سياقه اعتقا ًدا بأن محم ًدا هو محو ٌر‬ ‫بعيد وال من ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫يف فئة الكذب الدعوي الذي ميارسه بعض املسلمني‪.‬‬ ‫أوشدار ِ‬ ‫لكن األمر ال ينتهي هنا‪ ،‬ذلك أن النبوءة تتحدث عن ثالثة مخلصني عىل مدى التاريخ هم ِ‬ ‫أوشدارماه وساوشْ يانْت‬ ‫كل من هؤالء ستلده‬ ‫(املسمى ْآستڤات‪-‬اريتا) (بندهشن ‪ ،56-60 :35‬وبندهشن ‪ ،)36-38 :33‬وبحسب النبوءة‪ ،‬فإن ً‬ ‫رص املسلمون أن ساوشيانت هو‬ ‫عذراء من َمني زرادشت نفسه أثناء استحاممها يف بحرية كانسؤيه (كنسوه)! هل س ُي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد به دامت أربع سنني!‬ ‫محمد؟ هم ال يعرفون كيف يتعاملون مع السرية التي تقول أن مدة حمل أم‬ ‫‪ -6‬حادثة اإلرساء املعراج‬ ‫ادشتي يعود للحقبة الساسانية(‪ ،)32‬أن كاه ًنا تق ًيا اسمه ويراف (ت ُلفظ ڤرياف)‬ ‫جاء يف كتاب ارداویراف(‪ ،)31‬وهو ٌّ‬ ‫نص زر ٌ‬ ‫دخل يف غيبوب ٍة أو حال ٍة من التجيل فصعدت روحه إىل السامء بقيادة ٍ‬ ‫سوش‪ ،‬فمر من خاللها بعدة عوامل‬ ‫مالك اسمه َ ُ‬ ‫مثالي ٍة الواحد تلو اآلخر حتى وصل حرضة أهورامازدا رب الكون‪ .‬فلام رأى ويراف مدى سعادة أهل الساموات أمره‬ ‫أهورامازدا بالعودة إىل األرض ليخرب الناس مبا سمع ورأى‪.‬‬ ‫أحد االعرتاضات عىل أصالة قصة االرداويراف تتعلق بتأريخ كتابة ذلك الكتاب‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫لتنقيحات عديد ٍة‬ ‫«فكغريه من الكتابات الزرادشتية‪ ،‬تعرض كتاب االرداويراف‬ ‫متالحقة‪ ،‬ومل يصل إىل شكله النهايئ إال بحلول القرن التاسع أو العارش امليالدي»(‪.)33‬‬ ‫ولهذا السبب‪ ،‬فاالرتباط عىل مقياسنا يف هذه الحالة سيكون متوسطًا‪.‬‬ ‫‪ -7‬السري عىل الرصاط املستقيم‬ ‫استنا ًدا ألسطور ٍة فارسي ٍة قدمية‪ ،‬فإن روح امليت تبقى بجوار الجسد مدة ثالثة‬ ‫أيام بعد املوت‪ ،‬ويف اليوم الرابع ترتحل الروح إىل جرس تشينڤات(‪( )34‬پل چینود)‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حيث يظهر الجرس مبظه ٍر يعتمد عىل مدى صالح أعامل امليت‪ ،‬فيضيق إن كان‬ ‫‪ -31‬ارداويراف‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬الجزء الثاين‪ ،‬الرحلة إىل السامء‪.‬‬ ‫تنقيحات عديدة‪ ،‬لذا‪ ،‬ال ميكن وضع تاري ٍخ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واحد لتأليفه‪.‬‬ ‫‪ -32‬رغم أن أصل الكتاب يعود للحقبة الساسانية إال أنه مل يستقر بصورته الحالية إال بعد‬ ‫‪33- “Arda Wiraz”, Encyclopaedia Iranica, 1987, Volume II, Routledge & Kegan Paul: London & New York, p. 357.‬‬ ‫‪ -34‬كتاب االرداويراف‪ ،‬القسم الثاين‪ ،‬الفصل الخامس‪.‬‬

‫‪65‬‬


โ ซู ุญู ุฏ ุฃู ุฒุฑุงุฏุดุชโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซู ุฌู ุฉ ุงู ู ู ุญุฏู ู ุงู ุนุฑุจโ ฌ

โ ซุฎู ุฉโ ชุ โ ฌโ ฌ โ ซุงู ู ุฑุก ุฑุดู ู ุฑุง ู ู ุธู ุฑ ู ู โ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุนู ุฑู ุช ู ู ุฌุฑ ุฑู ุญู ู ุญู ู ู ุงู ุนู ู ุจ ู ุฉ ู โ ฌ โ ซุฃุจุฏู ุงุณู ู ุจู ุช ุงุฃู ู ุงุฐู ุจโ ช ุ โ ฌุฃู ุง ุฅู ู ุงู ุช ุฃู ู ุงุฑ ุงู ู ุฑุก ู โ ฌ โ ซุฎู ู ุฉ ุชู ู ุฏู ุฅู ู ุจู ุช ุงู ุบู ุงุกโ ช .โ ฌู ุชุชุญุฏ ุงุฃู ุฑู ุงุญ ุงู ุชู ุชู ุฌุญ ู ู ุงู ุนุจู ุฑ ู ุนโ ฌ โ ซุณุฑู ู ุงู ุฌุฑุณ ู โ ฌ โ ซุนุฑู ุถุง ุณู ู ุงู ุนุจู ุฑ ู ุชุธู ุฑ ู ู ู โ ฌ โ ซุฑู ุญ ู โ ฌ โ ซุฃู ู ุฑุงู ุงุฒุฏุง(โ ช.)35โ ฌโ ฌ โ ซุชุจุฏู ุงู ู ุตุฉ ู ุดุงุจู ู ุฉ ุฅู ู ู โ ฌ โ ซุญุฏ ุจุนู ุฏ ู ู ุตุฉ ุงู ุฑุตุงุท ุงู ู ุณุชู ู ู ู ู ุงุฅู ุณุงู ู โ ช ุ โ ฌู ู ู ู ู ุง ุบุฑู ู ู ุฌู ุฏ ู ุฉ ุจู ุฐู ุงู ุตู ุบุฉ ุงู ู ู ุงู ู ู ู ุฏู ุฉโ ฌ โ ซู ุงู ู ู ุงู ู ุณู ุญู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ุจุฏู ู ู ุงู ู ุนู ู ู ุฃู ู ุง ู ุฏ ุชู ู ู ุงู ุชู ู ุช ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ุฅู ู ุงุฅู ุณุงู ู โ ช .โ ฌู ุจุญุณุจ ุชุตู ู ู ู ุง ู ุงู ุฑุชุจุงุทโ ช ุ โ ฌู ุฅู โ ฌ โ ซุงุงู ุฑุชุจุงุท ู ู ุง ู ุจุฏู ู ู ู ู ุงโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซโ ช -8โ ฌุฃุณุงู ุก ุฅู ู ุงุฅู ุณุงู ู ู ู ุงู ู ุฑุขู ู ุน ุฃุณุงู ุก ุงุฅู ู ู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ (ุงุฃู ฺคู ุณุชุง)โ ฌ โ ซุงู ู ุงุณู ุง ๐ ฌซ๐ ฌ ๐ ฌฏ๐ ฌฅ๐ ฌ ู ู ุฏ ุฃู ุฑุฏู ุงู ุง ู ุงู ู ู ุฉ ุนู ู ุงู ุตู ุญุชู ู ุงู ุชุงู ู ุชู ู โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ู ุฃู ู ุฑุงู ุฒุฏุง โ ชู 101โ ฌโ ฌ โ ซุงุณู (โ ช ุ )36โ ฌู ุงู ุชู ู ู ุฏุนุง ุจู ุง ุฎุงู ู ุทู ุณ ู โ ฌ โ ซุฅู ู ู ุฑุฉ ุชุนุฏุฏ ุฃุณุงู ุก ุงุฅู ู ู ู ู ุณุช ู ุฑู ุฏ ู ุฉ ู ู ุฃู ู ู ุงู ุฏู ุงู ุงุชโ ช ุ โ ฌู ู ู ู ุง ุชุจุฏู ุณู ู ุฉ ู ุชู ู ุน ู ุฉ ู ู ุงุฃู ุฏู ุงู ุงู ุชู ุญู ุฏู ุฉ ู ุจู ุงู ุงโ ฌ โ ซู ู ุงู ู ุถ ุงู ู ุซู ู ุงู ุฐู ุชู ู ู ู ุฏู ุฌ ุขู ู ู ุฉ ู ุชุนุฏุฏุฉ ุงู ู ุธุงุฆู ู ู ุดุฎุตู ุฉ ุฅู ู ู ู โ ฌ โ ซู ุงุญุฏ ู ุณุคู ู ู ุนู ู ู ุฌู ุงู ุจ ุงู ุฎู ู ู ุฉ ู ุญู ุงุฉโ ฌ โ ซุงุฅู ู ุณุงู โ ช .โ ฌุชุนุฏุฏ ุงุฃู ุณุงู ุก ู ุฐุง ู ุฑุงู ู ู ุงุฅู ุณุงู ู ู ุงู ู ู ู ุฏู ุฉ ู ุงู ู ุณู ุญู ุฉโ ช ุ โ ฌุญู ุซ ุฃู ู ุฐู ุงุฃู ุณุงู ุก ุชู ุนุจ ุฏู ุฑ ุทุงู ุณู ุณุญุฑู ู ุฉโ ฌ โ ซู ุณุชุนู ู ู ุง ุงู ู ุคู ู ุงู ุณุชุญุถุงุฑ ุงุฅู ู ู ุฅู ู ุตู ู ู ู ู ู ุณุฃู ู ุฉ ู ุนู ู ู ุฉ ุชุชุนู ู ุจุงุงู ุณู ุงู ู ุณุชุฎุฏู โ ช .โ ฌู ู ู ู ู ุงู ู ู ู ุฏู ุฉ ู ุงู ู ุณู ุญู ุฉ ุงู ู ุฑู โ ฌ โ ซู ุฐุง ุงู ุชุนุฏุงุฏ ุงู ู ุงุฆู ู ุฃู ุณุงู ุก ู ุงู ู ู ุญุงู ุงุฅู ุณุงู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉโ ช ุ โ ฌู ุฐู ู โ ช ุ โ ฌู ุจุฏู ุงุงู ุฑุชุจุงุท ู ู ู ุฐู ุงู ู ุณุฃู ุฉ ุนู ู ู ู ู ุงุณู ุง ุงุฑุชุจุงุทู ุงโ ฌ โ ซุงุณู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุงุณู ู ู ุงุฅู ุณุงู ู (โ ช )37โ ฌู โ ชู 101โ ฌโ ฌ โ ซุณู ู ุนู ุฏู ุง ู ุฑู ุชู ุงุฑุจ ุงุฃู ุฑู ุงู โ ชู 99 :โ ฌโ ฌ โ ซู ู ู ู ุงโ ช ุ โ ฌุงู ู โ ฌ โ ซู ู ุชู ู ุจู ุฐู ุงู ู ู ุงุท ุงู ุชู ุตู ู ู ุฉโ ช ุ โ ฌู ู ู ุฑุฏ ุงุขู ู ุฑุฃู ู ุง ุณุฌู ู ุงู ุจุงุญุซ ุงู ู ุฑู ู ุณ ุฌุงู ุฏู ุดู โ ช-โ ฌุบู ุงู ู โ ฌ โ ซโ ช Jacque Duchesne-Guilleminโ ฌุงู ุฐู ู ู ู ู ุฃู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ุงุณุชู ุฑุช ุจุงู ู ู ุฉ ุฅู ู ุงู ู ู ู ู ู โ ฌ โ ซุฎุงู ู ุงุฅู ุณุงู ู ู ู ุฎุงู ู ุซุงู ุซุฉ ุทุฑู (โ ช:)38โ ฌโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุตู ุงุช ุฃุณุงุณู ู ุฉ ู ุดุฑุชู ู ุฉ ุจู ู ุงุฅู ุณุงู ู ู ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซโ ช )1โ ฌู ุฌู ุฏโ ฌ โ ซู ุชุฃู ู ู ุจู ู ู ุฐู ู ุงู ุฏู ู ู ู ู ู ุฅู ุฑุงู ู ุง ุจุนุฏ ุงุฅู ุณุงู ู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุฃ ู ุฏู ุฅู ู ุธู ู ุฑโ ฌ โ ซโ ช )2โ ฌู ุฌู ุฏ ู ุฑุชุฉ ุงู ุฏู ุง ู ุฌโ ฌ โ ซู โ ฌ โ ซุงู ุนุฏู ุฏ ู ู ุงู ุญุฑู ุงุช ุงู ุฏู ู ู ุฉ ุงู ุณู ุงุณู ุฉโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซโ ช )3โ ฌู ุฏู ุช ุงู ุฒุฑุงุฏุดุชู ุฉ ุจุนุถ ุงู ู ู ุงุถู ุน ุงู ุฑู ุฒู ุฉ ู ู ุตู ู ู ู ู โ ช ุ โ ฌู ุงู ุดุนุฑุงุก ู ุงู ู ุงู ุณู ุฉ ู ุงู ู ุชู ุงุจโ ช.โ ฌโ ฌ โ ซุฌุงู ุฏู ุดู โ ช-โ ฌุบู ุงู ู โ ฌ โ ซโ ช35- Paradise Found: Part Fourth: Chapter V. The Cradle of the Race in Iranian, or Old-Persian, Thought.โ ฌโ ฌ โ ซโ ช36- Antonio Panaino, The lists of names of Ahura Mazda (Yaลกt I) and Vayu (Yaลกt XV), 2002, p. 20.โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุฃู ุฑุจ ู ู ุงุฃู ุณุงู ุกโ ช ุ โ ฌุญู ุซ ุฃู ุงู ู ุงู ุฆุฉ ุงู ู ู ุฌู ุฏุฉ ุนู ุงู ู ู ุถู ุนโ ฌ โ ซุฎู ู ู ู ุงุงู ุณู ุงู ู ุฆุฉโ ช ุ โ ฌุงุฃู ู ุฑ ุงู ุฐู ู ู ู ุฏ ู โ ฌ โ ซโ ช -37โ ฌุงู ู ุถู ุฉ ุจู ู ุงู ู ุณู ู ู ู ู ุงู ุช ู ุงู ุชุฒุงู ู ู ุถุน ุฎุงู ู โ ช ุ โ ฌุฎุงุต ู ุฉ ุจุณุจุจ ู ุฌู ุฏ ุงุณู ู ู ู โ ฌ โ ซุงุณู !โ ฌ โ ซู ู ู ู ุณู ุนุฉ ุงู ู ู ู ู ูพู ุฏู ุง ู ุญุธุฉ ู ุชุงุจุฉ ู ุฐุง ุงู ู ู ุงู ุชุตู โ ชู 276โ ฌโ ฌ โ ซโ ช38- J. Duchesne-Guillemin, Religion of Ancient Iran, Bombay, 1973, pp. 237-243.โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช66โ ฌโ ฌ


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬

‫االسم الفاريس‬ ‫يزد‬ ‫هروسپ توان‬ ‫هروسپ آگاه‬ ‫هروسپ خدا‬ ‫ُآبده‬ ‫ابی انجام‬ ‫بنشت‬ ‫فراخنت ته‬ ‫جمغ‬ ‫فرجه تره‬ ‫تام ُآفیچ‬ ‫ا ُبره ونده‬ ‫پرواندا‬ ‫ان ایاپ‬ ‫هم ایاپ‬ ‫آ ُدرو‬ ‫گیرا‬ ‫ا ُچم‬

‫‪19‬‬

‫چمنا‬

‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬

‫سپنا‬ ‫ا ُفزا‬ ‫ناشا‬ ‫پَر َورا‬ ‫پانه‬ ‫ا َئین آئینه‬ ‫ان آئینه‬ ‫خَروشید توم‬ ‫مینوتوم‬ ‫واسنا‬ ‫هروسپ توم‬ ‫هوسپاس‬ ‫همید‬ ‫هرنیک فره‬

‫املعنى‬ ‫الجدير بالحمد والعبادة‬ ‫القدير‪ ،‬القادر عىل كل يشء‬ ‫العليم‪ ،‬العامل بكل يشء‬ ‫امللك‪ ،‬سيد كل يشء‬ ‫بال بداية‬ ‫بال نهاية‬ ‫أصل الخلق‪ ،‬جذر الكون‬ ‫نعي ٌم ال ينتهي‪ ،‬مآل كل يشء‬ ‫العلة األوىل‪ ،‬العلة القدمية‬ ‫املمجد‪ ،‬األقوى‬ ‫أطهر األطهرين‬ ‫املنفصل عن كل يشء‪ ،‬الفريد‬ ‫املتصل بكل يشء‬ ‫الذي ال يصله أحد‪ ،‬الذي يتعدى الفهم‬ ‫الذي يصل كل أحد‬ ‫الحق‪ ،‬بادئ البدء‪ ،‬العدل‬ ‫الذي يرعى كل يشء‬ ‫الذي يتعدى العقل‪ ،‬السبب الذي بال‬ ‫سبب‬ ‫العلة املسيطرة‪ ،‬علة الوجود‪ ،‬سبب كل‬ ‫األسباب‬ ‫الكريم‪ ،‬خالق التقدم‬ ‫خالق النمو‬ ‫الذي يصل الجميع بالتساوي‬ ‫املغذّي‪ ،‬الرزاق‬ ‫حامي العامل‪ ،‬حامي الخليقة‬ ‫الذي ال يتغري‬ ‫الذي ال شكل له‬ ‫أثبت الثابتني‬ ‫األكرث اختفا ًء‬ ‫املوجود يف كل مكان‬ ‫األكمل‬ ‫مستحق الحمد والعبادة‬ ‫األشد خ ًريا‪ ،‬ذروة الخري‬ ‫ذروة النور املقدس‬

‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪67‬‬

‫املعنى‬ ‫االسم الفاريس‬ ‫الشايف‪ ،‬مزيل املعاناة‬ ‫بیش ترنا‬ ‫املتعايل‪ ،‬الغامض‪ ،‬املنترص عىل كل الرشور‬ ‫تروبیش‬ ‫الرسمدي‬ ‫انوشَ ک‬ ‫مانح األماين‪ ،‬محقق الرغبات املقدسة‬ ‫فَ َرشک‬ ‫خالق الصفات املقدسة‬ ‫پژو َهد َهه‬ ‫الحكم الحنون‪ ،‬العادل الكريم‬ ‫خاور‬ ‫مانح الكرم‪ ،‬املعطي الرحيم‬ ‫افخشیا‬ ‫املعطي بكرم‪ ،‬الرازق بكرم‬ ‫ابَرزا‬ ‫الذي ال يُقهر‪ ،‬الذي ال يغضب‬ ‫استو‬ ‫أكرث األحرار حريةً‪ ،‬املستقل‪ ،‬الذي بال قلق‬ ‫َرخو‬ ‫الحامي من الرش‪ ،‬املخلص من الرش‬ ‫ورون‬ ‫الذي ال يَخدع‬ ‫افریفه‬ ‫الذي ال يُخدع‬ ‫بفریفته‬ ‫فر ٌد صمد‪ ،‬واحد ال ثاين له‬ ‫ادوای‬ ‫مالك الرغبات‪ ،‬مالك األمنيات‬ ‫کام رد‬ ‫مطاع األمر‪ ،‬يأمر بأي يش ٍء يريده‬ ‫فرمان کام‬ ‫الروح العليا‪ ،‬غري املتجسد‬ ‫آیخنت‬ ‫الذي ال ينىس‬ ‫افَرموش‬ ‫املحاسب العادل‪ ،‬املحاسب عىل كل يشء‬ ‫هامرنا‬ ‫العليم‪ ،‬العامل بكل يشء‬ ‫شنایا‬ ‫الذي ال يخاف‬ ‫اتَرس‬ ‫الذي ال يأمل‪ ،‬الذي ال يعاين‬ ‫ابیش‬ ‫األعىل‪ ،‬املمجد‬ ‫افرازدم‬ ‫الذي ال يتغري‬ ‫هم جون‬ ‫مینوستی گر خالق الكون وهو خفي‪ ،‬مالك مفتاح أرسار‬ ‫الكون‬ ‫ٍ‬ ‫كائنات خفية‬ ‫خالق الكائنات الروحانية‪ ،‬خالق‬ ‫امینوگر‬ ‫خفي داخل الروح‬ ‫مینونهب‬ ‫ٌ‬ ‫مغري النار إىل هواء‬ ‫آد ُربادگر‬ ‫مغري النار إىل ماء أو ندى‬ ‫آد ُرنم گر‬ ‫مغري الهواء إىل نار‬ ‫بادآدرگر‬ ‫مغري الهواء إىل ماء أو ندى‬ ‫بادنم گر‬ ‫مغري الهواء إىل تراب‬ ‫بادگل گر‬ ‫مغري الهواء إىل ريح أو غبار‬ ‫بادگرتوم‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫يقول دوشن‪-‬غيامن‪« :‬يف القرآن نفسه ينهل اإلسالم‬ ‫من مصادر إيرانية‪ ،‬وإن مل يكن ذلك مبارشةً‪ ،‬وإمنا عرب‬ ‫وساطة اليهودية والغنوصية واملانوية‪ .‬رغم أن األمر‬ ‫أيضا‪ ،‬ففي واقع األمر كان‬ ‫حدث يف االتجاه املعاكس ً‬ ‫علم بالقرآن كام ّبي‬ ‫كاتب دنكارت(‪ Dēnkart )39‬عىل ٍ‬ ‫باوزاين ‪.»Bausani‬‬ ‫«وقد استخرج الباحث نفسه (باوزاين) التوافقات‬ ‫التالية بني القرآن َوإيران‪ .‬أولها مسألة حرية االختيار‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫لدى البرش‪ِ﴿ :‬إَوذ أخذ َر ُّبك م ِْن بَ ِن آد َم م ِْن ظ ُهورِه ِْم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ُ َ ُ‬ ‫ُ ّ َّ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ٰ ْ ُ‬ ‫سه ْم أل َ ْس ُ‬ ‫ت ب ِ َر ّبِك ْم ۖ قالوا‬ ‫ذرِيتهم وأشهدهم‬ ‫ع أنف ِ ِ‬ ‫َ َ ٰ َ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ ْ َ ٰ َ‬ ‫بل ۛ ش ِهدنا ۛ أن تقولوا يوم القِيامةِ إِنا كنا عن هذا‬ ‫َ‬ ‫غفِل َِني﴾ (األعراف‪ ،)172 :‬والتي تقابل مفهوم االختيار‬

‫يف فكرة َفر َوشی(‪( )40‬تلفظ فْراڤَيش)»‪.‬‬ ‫«تح ّول الكيانان هیوروتات (ه َـئور َوتات) وا َ ِمرِتات إىل‬ ‫امللكني هاروت وماروت(‪ )41‬يف قص ٍة تستذكر أسطورة‬ ‫التوأم ناساتيا»‪.‬‬ ‫«قصة الشهب التي تُرصد للشياطني الذين يحاولون‬ ‫اسرتاق السمع من السامء‪ ،‬تقابل وظائف بعض‬

‫‪ -39‬الدنكارت هو موسوع ٌة يف الزرادشتية متت كتابتها يف القرن التاسع امليالدي‪ ،‬ضاع‬ ‫الكثري منها‪ ،‬وما تبقى من الجزء الثالث يعترب مصد ًرا رئيسيًا للعقيدة الزرادشتية‪.‬‬ ‫‪ -40‬كلمة فَر َوشی أو‪ 𐬌𐬴𐬀𐬎𐬎𐬀𐬭𐬟‎‬باللغة األڤستية تشري إىل فكرة روح الفرد‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫امليت أو الحي أو من مل يولد بعد‪ ،‬والفروىش ترسل روح اإلنسان إىل العامل املادي‬ ‫لتخوض معركة الخري والرش‪ ،‬وتعود الروح إىل فروىش الخاصة بها يف اليوم الرابع بعد‬ ‫املوت‪ ،‬حيث يتم حصاد خرباتها بغية مساعدة الجيل القادم يف خوضهم املعركة‬ ‫بني الخري والرش‪.‬‬ ‫َّ َ ُ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫ك‬ ‫‪ -41‬تم ذكرهام يف‬ ‫الحديث َعن سليامن‪﴿ :‬واتبعوا ما تت ّلوا الشياطِني ع مل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫َ​َ‬ ‫َّ َّ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫اس ال ّس ْ‬ ‫ون انلَّ َ‬ ‫ح َر َ َو َما‬ ‫كفروا يعل ِم‬ ‫ان َو َْما كف َر ُسليْ َمان َولكِن‬ ‫سليم‬ ‫ِ‬ ‫الشيا َطَِنيُ َ ّ‬ ‫ْ َ َ َ َّ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُْ‬ ‫ُْ َ َ​َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي بِبا ّبِل هاروت ومار‬ ‫ان مِن أح ٍد حت يقوال إِنما نن‬ ‫أنزِل ع الملك‬ ‫وت وما يعل ِم ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ٌَْ َ َ ْ ُ ْ َ​َ​َ َ َُ َ ُْ َ َ َُ ُّ َ‬ ‫ون بهِ َب ْ َ‬ ‫ي ال َم ْرءِ َو َز ْوجهِ َو َما ُه ْم ب َ ّ‬ ‫ار َ‬ ‫ف ِتنة فال تكفر فيتعلمون مِنهما ما يفرق‬ ‫ين ب ِ َهِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ْ َ َ َّ ْ َّ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُّ ِ ُ ْ َ ِ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ َ ْ َ ِ ُ َ َ ِ ْ‬ ‫اش َ َ‬ ‫تاهُ َما لُ‬ ‫مِن أح ٍد إِل بِإِذ ِن اللِ ويتعلمون ما يضهم وال ينفعهم ولقد عل ِموا لم ِن‬ ‫َ​َ ْ َ َ َ َ ْ َُْ َ ُ ْ َْ َ ُ َ َُْ َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫الق ولِئس ما شوا بِهِ أنفسهم لو كنوا يعلم‬ ‫ون﴾ (البقرة‪.)102 :‬‬ ‫ِف الخِرة ِ مِن خ ٍ‬

‫‪ -42‬إشار ٌة لفر ٍع من الزرادشتية يؤمن بأهورامازدا إل ًها أعىل مقابل تيا ٍر آخر انقرض‬ ‫وكان يضع إل ًها أعىل اسمه زروان يف مرتب ٍة أعىل‪.‬‬ ‫نص پهلوي ميثل خالص ًة عقالني ًة للعقيدة‬ ‫‪ -43‬روح الحكمة ‪ Menok-i-Xrat‬هو ٌ‬ ‫الزرادشتية‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪68‬‬

‫املعنى‬ ‫االسم الفاريس‬ ‫مغري النار إىل رشار مقدس أو إىل جواهر‬ ‫آدرکربیت توم‬ ‫خالق الهواء يف كل مكان‬ ‫بادگرجای‬ ‫خالق املاء الذي يعطي الحياة‬ ‫آب توم‬ ‫مغري الغبار إىل نار‬ ‫گل آدرگر‬ ‫مغري الغبار إىل هواء‬ ‫گل وادگر‬ ‫مغري الغبار إىل ماء‬ ‫گل نم گر‬ ‫خالق الخالقني‪ ،‬خري الخالقني‬ ‫گرگر‬ ‫محقق األماين الصادقة‬ ‫گراگر‬ ‫خالق البرشية وأفعالها‬ ‫گرآگر‬ ‫خالق البرش والحيوانات‪ ،‬خالق كل يشء‬ ‫گرآگرگر‬ ‫خالق العنارص األربعة‬ ‫آگرآگرگر‬ ‫خالق النجوم‪ ،‬خالق الكواكب والعوامل األخرى‬ ‫اگرآگرگر‬ ‫الذي ال يشك‬ ‫اگامن‬ ‫الذي بال زمان‬ ‫ازمان‬ ‫الذي ال ينام‬ ‫اخوان‬ ‫دائم اليقظة‪ ،‬دائم الفطنة‬ ‫آ ُمشت هشیار‬ ‫دائم الحامية‬ ‫پشوتنا‬ ‫حافظ الحدود‪ ،‬موازن األمور‬ ‫پدمانی‬ ‫املنترص‬ ‫پیروزگر‬ ‫سيد الحياة والحكمة‪ ،‬السيد الحكيم‬ ‫اورمزد‬ ‫سيد الكون‪ ،‬سيد الخليقة‬ ‫خداوند‬ ‫ُمديم الخلق‪ ،‬حافظ البذرة األوىل للكون‬ ‫ابرین کُهن توان‬ ‫مجدد الخلق‪ ،‬القادر عىل الخلق من جديد‬ ‫ابرین نُتَوان‬ ‫الذي يصل كل الخليقة‬ ‫وسپان‬ ‫املعطي‪ ،‬املانح‬ ‫وسپار‬ ‫سيد الوجود‬ ‫اهو‬ ‫أرحم الراحمني‬ ‫خور‬ ‫مسامح الذنوب‪ ،‬املانع العادل‬ ‫اوخشیدار‬ ‫الخالق اإللهي‪ ،‬خالق العدل‬ ‫دادار‬ ‫املرشق‬ ‫رایومند‬ ‫املقدس بالنور‬ ‫خروه مند‬ ‫سيد األعامل الحسنة‬ ‫کرفه گر‬ ‫سيد العدل‪ ،‬مانح العدل‬ ‫داور‬ ‫املحرر‪ ،‬مانح الحرية‬ ‫بوختار‬ ‫موقظ الربيع األبدي‪ ،‬مجدد الروح‬ ‫فرشوگر‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫النجوم يف املزدية(‪ )42‬وباألخص روح الحكمة‪.»)43( 49 :‬‬ ‫«إحدى حجج القرآن املفضلة ضد الذين ينكرون البعث هي أن عىل‬ ‫هي إعادة خلق ما كان قد خلقه أول مر ٍة بدل البدء من عدم‪.‬‬ ‫الله ّ‬ ‫لكن االستعارة قد تكون حدث هنا يف االتجاه املعاكس (الزرادشتية‬ ‫أخذت من اإلسالم) وبأخذ النقطتني التاليتني يف عني االعتبار‪:‬‬ ‫َ َ ْ ٌ َ َ ْ َ ٌ َ َ َّ ُ َ‬ ‫يم﴾‬ ‫استنا ًدا لآلية التالية من القرآن ﴿فروح وريحان وجنة نعِ ٍ‬ ‫الروح‬ ‫الجسد‬ ‫فرويش‬ ‫(الواقعة‪ ،)89 :‬فإن الذين أنعم عليهم (املقربني) يف الجنة‬ ‫يقول به مبحث األخرويا ت �‪Escha‬‬ ‫نسيم معطر) وبريحان َعط ٍر وهو أم ٌر يتوافق مع بعض ما‬ ‫سيستمتعون ب َر ْو ٍح (أي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ َّ ُ َ ٌ َ ْ َ ُ ُ َّ ََّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪)44‬‬ ‫اب مِن‬ ‫‪ tology‬املزدي ‪ .‬تنص اآلية ﴿وما مِن داب ٍة ِف األر ِض وال طائ ِ ٍر ي ِطري ِبناحيهِ إِال أمم أمثالكم ما فرطنا ِف الكِت ِ‬ ‫َ ْ ُ َّ َ َ ّ ْ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ش ٍء ثم إِل رب ِ ِهم يش‬ ‫ون﴾ (األنعام‪ ،)38 :‬عىل أن كل نو ٍع من الحيوانات يك ّون مجتم ًعا كام يفعل البرش‪ ،‬ويف املزدية‬ ‫نجد أن لكل نو ٍع قائ ٌد أو راعٍ‪.‬‬ ‫أننا نجد أكرث التشابه يف مبحث األخرويات‪ :‬امليزان‪ ،‬املالئكة التي تلبس األخرض‪ ،‬األرض عندما تُسطح‪ ،‬تفريق اآلباء عن‬ ‫أوالدهم‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اب انلَّار أَن قَ ْد َو َج ْدنَا َما َو َع َدنَا َر ُّب َنا َح ًّقا َف َه ْل َو َجدتُّم َّما َو َعدَ‬ ‫َ‬ ‫النةِ أصح َ‬ ‫وختاما‪ ،‬اآليات التالية‪َ ﴿ :‬ونادى أصح ُ‬ ‫اب َ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َّ‬

‫ْ َ ُ َّ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫الظالِم َ‬ ‫ون َعن َ‬ ‫ك ْم َح ًّقا قَالوا َن َع ْم فَأ َّذ َن ُم َؤ ّذ ٌِن بَيْ َن ُه ْ‬ ‫يل ْاللِ َ َو َيبْغون َها ع َِو ًجا َوه َم‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ِين‬ ‫ال‬ ‫‪٪‬‬ ‫ني‬ ‫ع‬ ‫الل‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫رب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ُ ًّ‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ َ​َ َ‬ ‫َ ٌ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْم لمْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اف رِجال يع ِرفون ك بِسِيماهم ونادوا أصحاب النةِ أن سالم علي‬ ‫بِاآلخِرة ِ كف ِرون ‪ ٪‬وبينهما حِجاب وع األعر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ُ ُ َ َُ ْ َْ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ ْ َْ َ ُ​ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب انلارِ قالوا ربنا ال تعلنا مع القوم الظال ِمني﴾ (األعراف‪:‬‬ ‫صفت أبصارهم ت ِلقاء أصح ِ‬ ‫يدخلوها وهم يطمعون ‪ِ ٪‬إَوذا ِ‬

‫‪ ،)44-47‬إذ نجد الحديث عن مكانٍ اسمه األعراف يرى سكانه الجنة والنار‪ ،‬وتقول التفاسري املتداولة أن األعراف هي‬ ‫حال ٌة متوسط ٌة ملن مل يستحق الجنة أو النار بعد‪ ،‬ألن سيئاتهم توازن حسناتهم بالضبط وهذا يقابل (مشڤان غاتو)‪ ،‬أو‬ ‫مكان املختَلَطني يف األڤستا‪.‬‬ ‫واألحاديث النبوية تحوي العديد من األمور التي ترد يف األدبيات املزدية‪ ،‬وباألخص فيام يتعلق باألخرويات‪ .‬أولها مالقاة‬ ‫روح امليت المرأ ٍة تُجس ُد أعامل املرء‪ ،‬فتظهر له المع ًة عطر ًة إن رجحت حسناته‪ ،‬وتظهر بشع ًة سوداء نتن ًة إن رجحت‬ ‫سيئاته‪ ،‬وعند أغلب املفرسين‪ ،‬فإن هذه الشخصية ذكوري ٌة يف املزدية وليست أنثوية‪.‬‬ ‫أما جرس التْ ِش ْنڤات يف األخرويات املزدية فقد انتقل يف اإلسالم إىل يوم القيامة عىل شكل الرصاط الذي سيوضع فوق‬ ‫عريضا سهل العبور‪ ،‬ويراه‬ ‫جهنم وعىل الجميع عبوره‪ ،‬فيستسهل األخيار عبوره ويقع األرشار يف النار‪ ،‬أو يراه األخيار ً‬ ‫األرشار ضيقًا كحد السيف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫محمد يف حادثة‬ ‫ال يذكر باوزوين النقطني األخريتني‪ ،‬لكنه يشري إىل غريهام‪ ،‬فيذكر تحريم لبس الحرير‪ ،‬ويذكر تطهري‬ ‫شق صدره بيد مالئكة‪ ،‬وهو ما حصل لزرادشت كذلك‪ ،‬ويذكر كراهة أن يبول الرجل واقفًا‪ ،‬ويذكر مالئكة عذاب القرب‪،‬‬ ‫واملعراج»‪.‬‬ ‫‪ -44‬روح الحكمة‪.7 :‬‬

‫‪69‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫فهل كان أثر الزرادشتية عىل اإلسالم بعد غزو فارس فقط؟‬ ‫فعل يف مكة وسط الجزيرة العربية‪ ،‬ولو ص ّدقنا الرواية اإلسالمية التقليدية لقصة‬ ‫لو افرتضنا أن الدين اإلسالمي نشأ ً‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وصحبه بحذافريها‪ ،‬وأن الدين اإلسالمي بتفاصيله مل يتغري مع الزمن‪ ،‬فإن يف تلك القصة شخصي ٌة مثري ٌة ج ًدا‬ ‫لالهتامم‪ ،‬وهي سلامن الفاريس‪ ،‬أو روزبه(‪ )45‬كام كان يقال له بالفارسية‪ ،‬وهو الذي قال فيه محمد‪«َ :‬سلامن منا أهل‬ ‫ُ ُ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫البيت»(‪ .)46‬وهو صاحب اللسان األعجمي الذي ات ُّهم محم ٌد أنه ينقل عنه يف اآلية التالية‪َ ﴿ :‬ولق ْد ن ْعل ُم أن ُه ْم َيقولون إِن َما‬ ‫ُ َ ّ ُ ُ َ َ ٌ ّ َ ُ َّ ُ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ ٌّ َ َ ٰ َ َ ٌ‬ ‫ب ُّمب ٌ‬ ‫ان َع َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ني﴾ (النحل‪.)103 :‬‬ ‫ر‬ ‫حدون إِلهِ أعج ِم وهذا ل ِس‬ ‫يعل ِمه بش ۗ ل ِسان الِي يل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فمن هو سلامن الفاريس ومتى وأين ُولد وماذا كانت عالقته مبحمد؟‬ ‫تُنسب لسلامن الفاريس قص ٌة يتنقل فيها بعد أن ترك أباه املجويس بني حكامء‬ ‫ٍ‬ ‫شخص‬ ‫مسيحيني‪ ،‬ميوت واحدهم ليويص به إىل غريه‪ ،‬حتى انتهى به املطاف إىل‬ ‫علتها‪ .‬وفيام ييل‬ ‫أعطاه وصف محمد‪ .‬قص ٌة تبدو غري واقعية‪ ،‬ولكن لنأخذها عىل ّ‬ ‫بعض منها‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫رجل فارس ًيا من أهل أصبهان‪ ،‬من أهل قري ٍة منها‬ ‫يروى عن سلامن الفاريس أنه كان ً‬ ‫يقال لها جي وكان أبوه دهقانها أي زعيمها‪ ،‬فاجتهد يف املجوسية حتى كان قاطن‬ ‫النار الذي يوقدها ال يرتكها تخبو ساع ًة‪ .‬فخرج يو ًما ما عن ضيعته‪ ،‬فمر بكنيسة‬ ‫من كنائس النصارى‪ ،‬فسمع أصواتهم فيها وهم يصلون‪ ،‬وكان ال يدري ما أمر هؤالء‬ ‫الناس؛ دخل إليهم فلام رآهم أعجبته صلواتهم‪ ،‬وقلت‪ :‬هذا ‪ -‬والله ‪ -‬خ ٌري من الدين‬ ‫متثال سلامن الفريس‪ ،‬غرب إيران‬ ‫الذي نحن عليه‪ ،‬فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس‪ ،‬وتركت ضيعة أيب ومل آتها‪ ،‬فقال‬ ‫لهم‪« :‬أين أصل هذا الدين؟»‪ ،‬قالوا‪« :‬بالشام»‪ ،‬حتى مر به ٌ‬ ‫رجال من تجار العرب من قبيلة كلب‪ ،‬فقال لهم‪ :‬تحملوين‬ ‫إىل أرض العرب‪ ،‬وأعطيكم غنيمتي وبقرايت هذه؟ قالوا نعم‪ .‬فأعطيتهم إياها وحملوين إىل هناك(‪.)47‬‬ ‫(‪)48‬‬

‫حارسا للنار خوفًا منه أن‬ ‫إذًا فإنه كان عىل الديانة الزرادشتية منذ نشأته وكان شديد التدين ً‬ ‫أيضا لدرجة أنه كان يجلس ً‬ ‫اسم آخر لسلامن الفاريس هو دستور دنيار ‪ ،Dastur Dinyar‬والدستور هو لقب يُعطى لكبري الكهنة الزرادشتيني‪ ،‬لكن ال يبدو أن مثة توثيقًا ألصل‬ ‫‪ -45‬تتناقل مواقع عىل اإلنرتنت ً‬ ‫مثل‬ ‫هذا االسم ال يف املصادر الشيعية اإليرانية وال السنية العربية‪ ،‬إال أنه مذكو ٌر باللغات األخرى ومن ِقبل الزرادشتيني أنفسهم الذين يذكرونه باعتبار أنه أحد قدّيسيهم‪ .‬انظروا ً‬ ‫موقع ‪.ahuramazda.com‬‬ ‫‪ -46‬رواه الحاكم يف املستدرك (‪ ،)3/598‬والطرباين (‪.)6/261‬‬ ‫‪ -47‬القصة أطول من ذلك بكثري‪ ،‬وهي مكتوب ٌة عىل لسان سلامن الفاريس نفسه‪ .‬وفيام ييل معلومات الحديث‪ :‬رواه سلامن الفاريس‪ ،‬نقله الهيثمي يف مجمع الزوائد وحكم عنه‬ ‫ٍ‬ ‫محمد بن إسحاق وقد رصح بالسام ‏‏ع ورجال الرواية الثانية رجالها رجال الصحيح غري عمرو بن أيب قرة الكندي‬ ‫بأنه‪ُ [ :‬روي] بأسانيد وإسناد الرواية األوىل رجالها رجال الصحيح غري‬ ‫وهو ثقة‪.‬‬ ‫‪ -48‬يف خرب من موقع املدن اإلخباري بتاريخ ‪ :2018/08/12‬نقلت وكاالت األنباء اإليرانية أن الفنان شهاب حسيني من املرشحني ألداء دور سلامن الفاريس يف مسلسلٍ تلفزيو ٍين‬ ‫إيرا ٍين بذات االسم‪ ،‬ومن اخراج داود مريباقري‪ .‬ويتناول املسلسل يف إطار ‪ 40‬حلقة‪ ،‬مراحل تاريخي ٍة إليران والروم ومن ثم العهد اإلسالمي‪ ،‬ويتضمن سرية الفاريس من فرتة الطفولة‬ ‫حتى وفاة النبي ومن ثم عودته اىل املدائن‪ .‬وتزامن خرب املسلسل مع خرب آخر يفيد بأن حشدًا من املتظاهرين اإليرانيني املحتجني عىل تدهور األوضاع االقتصادية يف إيران‪ ،‬أرضم‬ ‫النار يف متثال الفاريس‪ .‬وانتقد بعض الناشطني بشد ٍة دور الفاريس يف تاريخ إيران‪ ،‬معتربين أنه «خان الفرس» باتّباعه اإلسالم قبل ‪ 14‬قرنًا‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫محمد أم زرادشت‬ ‫ٌ‬ ‫مجلة امللحدين العرب‬

‫حب واقتنا ٍع شديدين‪ ،‬وهذا يعني أنه كان يعلم‬ ‫تنطفئ‪ ،‬ثم اعتنق املسيحية عن ٍ‬ ‫تعاليم الديانتني بكل تفاصيلهام‪ ،‬فكيف ال ينقل كل هذا إىل صديقه وصاحبه‬ ‫ٍ‬ ‫محمد نبي اإلسالم‪ ،‬وكام قرأنا‪ ،‬التشابه الكبري ج ًدا بني طقوس ومعتقدات الديانة‬ ‫اإلسالمية وبني الزرادشتية تؤكد تلك الشكوك حول سلامن الفاريس بأنه أحد‬ ‫أهم املصادر التي اقتبس منها محم ٌد الطقوس والتعاليم اإلسالمية‪ .‬وبغض النظر‬ ‫أي من هذه األمور بعينها له‬ ‫عن حقيقة سلامن الفاريس‪ ،‬من املستحيل نسبة ٍ‬ ‫استفهام‬ ‫بأي قد ٍر من اليقني‪ ،‬لكن مجرد ذكره يف القرآن والسرية‪ ،‬يضع عالمات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد وسريته كنبي‪ ،‬والتشابهات التي تبلغ‬ ‫حول الدور الذي لعبه يف حياة‬ ‫حد التطابق بني ديانتني تختلفان يف أمو ٍر كثري ٍة يدعو املرء لالشتباه‪ٍ ،‬‬ ‫كحد أدىن‪،‬‬ ‫بوقوع تأثري ٍ‬ ‫ات فارسي ٍة عىل صياغة الدين اإلسالمي عىل مدى مراحل تك ّونه‪.‬‬

‫الفاريس معانقًا الرسول‪ ،‬مخطوط فاريس‪ ،‬مطلع‬ ‫القرن ‪ ،19‬متحف مرتوپوليتان‬

‫يف هذا املقال مل نتمكن من الخوض يف تفاصيل الكثري من األمور‪ ،‬وهنالك مواضيع‬ ‫بأرسها مل نأيت عىل ذكرها(‪ ،)49‬رغم أنها متداول ٌة عند معالجة املوضوع‪ ،‬فارتأينا اختيار عين ٍة محدودة والرتكيز عليها‪،‬‬ ‫فهذا املبحث بح ٌر واس ٌع بالكاد ق ّدمنا استكشافًا أول ًيا لبعض جوانبه‪ .‬نتمنى أنه فتح الشهية لدى القارئ للمزيد من‬ ‫عم‬ ‫االستكشاف وإعادة التفكري يف بعض األمور‪ ،‬فالتاريخ الذي نعرفه ليس سوى نافذ ًة ضيق ًة ال تُرينا إال ملح ًة عابر ًة ّ‬ ‫نقل بالرضورة‪ ،‬لكن‬ ‫ظاهري بني الديانتني يعني ً‬ ‫كل تشاب ٍه‬ ‫فعل‪ .‬ولعل االستنتاج الرئييس الذي خلصنا إليه أن ليس ّ‬ ‫وقع ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫متوسط إىل قوي بني اإلسالم والزرادشتية يف مجاالت العبادات واألخرويات‪.‬‬ ‫ارتباط‬ ‫الصورة العامة توحي بوجود‬ ‫ٍ‬ ‫باقتباس من الباحثة بويس تلخص فيه دور الزرادشتية‪:‬‬ ‫ونختم‬ ‫توصل إىل املعتقدات بصدد حساب‬ ‫«زرادشت كان أول من ّ‬ ‫البرش كأفراد‪ ،‬والجنة والنار‪ ،‬وإعادة بعث الجسد امليت ويوم‬ ‫الحساب والخلود بإعادة اتحاد الجسد مع الروح‪ .‬من بعده‪،‬‬ ‫صارت هذه املعتقدات بنود عقائد غالبية البرش بسبب‬ ‫اقتباسها عىل يد اليهودية واملسيحية واإلسالم‪ ،‬لكننا نجد‬ ‫هذه األفكار تتجىل بأوضح تر ٍ‬ ‫منطقي يف الزرادشتية»‪،‬‬ ‫ابط‬ ‫ٍ‬ ‫فالزرادشتية وإن كان قد انحرست إىل ٍ‬ ‫حد قارب االنقراض‪،‬‬ ‫إال أنها ال تزال حي ًة يف تراث األديان اإلبراهيمية بأتبا ٍع يقرب‬ ‫عددهم نصف البرشية‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫توقف منذ ما‬ ‫النار يف معبد قرب يزد‪ ،‬يفرتض أنها مشتعل ٌة دون‬ ‫يقارب ‪ 1500‬عا ًما‪.‬‬

‫‪ -49‬من املسلّيات العابرة التي قد ت ُذكر أن الزرادشتيني يقدسون بول البقر ويسمونه گومز ويعتربونه مط ّه ًرا من النجس يتم االغتسال به‪ ،‬كام أن رشبه ممزو ًجا بالرماد يساعد‬ ‫املرأة أن تحبل‪ .‬رمبا لو نشأت الزرادشتية يف الصحراء لقدسوا بول البعري‪.‬‬ ‫‪50- Mary Boyce, Zoroastrians, p. 29‬‬

‫‪71‬‬


s www.facebook.com/M-80-II-941772382615672

72


‫ﺳﻴﺮة‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ آﻣﻨﺔ‬ ‫اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ واﻟﻌﺸﺮون‪ :‬ﻓﺘﺢ ﻣﻜ ّﺔ‬

‫ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎب‬ ‫‪LA VIE DE MAHOMET‬‬ ‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ :‬ﺳﺎرة ﺳﺮﻛﺴﻴﺎن‬ ‫ﺗﺪﻗﻴﻖ ﺗﺮﺟﻤﺔ وﺗﺪﻗﻴﻖ ﻣﺼﺎدر وإﺧﺮاج‪:‬‬ ‫أﺳﺮة ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ اﻟﻌﺮب‬ ‫‪73‬‬


‫ﻓﺠﻬﺰ ﺟﻴﺸًﺎ ﻣﻦ‬ ‫ﺳﺮ ٍﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﺧﻄﻂ ﻟﻠﻤﻌﺮﻛﺔ ﻓﻲ ّ‬ ‫ﻋﺸﺮة آﻻف رﺟﻞ‪ ،‬وﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪه اﻟﺤﺠﺎز‬ ‫ﺼﺎ أﻻ ﻳﻜﺸﻒ وﺟﻬﺔ ﻫﺬا‬ ‫ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺣﺮﻳ ً‬ ‫اﻟﺠﻴﺶ‪.‬‬

‫ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔّ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﻬﺠﺮة‪ ،‬ﻫﺎﺟﻤﺖ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﺑﻜﺮ‬ ‫اﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻣﻊ ﻗﺮﻳﺶ‪ ،‬ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﺧﺰاﻋﺔ ﺣﻠﻴﻔﺔ‬ ‫اﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎن رد‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬وﻫﺬا ٌ‬ ‫ﺧﺮق ﻟﺼﻠﺢ ُ‬ ‫ّ‬ ‫اﻟﺮﺳﻮلﻗﻮﻳًﺎ‪.‬‬

‫أﺣﺪا ﺑﺨﻄﺘﻪ‪ ،‬ﻻ أﻗﺮب ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﺨﺒﺮ ً‬ ‫أﺑﻮ ﺑﻜﺮ‪ ،‬وﻻ ﺣﺘﻰ زوﺟﺘﻪ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪.‬‬

‫ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ رﺟﺎ ٍل ﻟﻼﺳﺘﻄﻼع ﻓﻲ ٍ‬ ‫ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ‬ ‫أرﺳﻞ ً‬ ‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف اﻟﺘﻤﻮﻳﻪ‪ ،‬وﻟﻴﻌﺘﻘﺪ اﻟﻜﻞ أﻧﻬﺎ وﺟﻬﺔ اﻟﻬﺠﻮم‪.‬‬

‫ﻏﺎدر ﺟﻴﺶ اﻹﺳﻼم اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‬ ‫ﻣﻦ رﻣﻀﺎن‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺻﺎﺋﻤﻴﻦ وﻣﻔﻌﻤﻴﻦ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن‬ ‫ﺑﺎﷲواﻟﺮﻏﺒﺔﻓﻲإﺧﻀﺎعﻗﺮﻳﺶواﻻﺳﺘﻴﻼءﻋﻠﻰاﻟﻐﻨﺎﺋﻢ‬ ‫اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ‪.‬‬

‫أدركأﻫﻞﻗﺮﻳﺶﻋﺎﻗﺒﺔﺧﻄﺌﻬﻢ‪،‬ﻓﺤﺎوﻟﻮا‬ ‫ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ أن ﻳﻌﻘﺪوا ﻣﻌﺎﻫﺪة ٍ‬ ‫ﺳﻼم ﺟﺪﻳﺪة‪،‬‬ ‫ﻗﺎﻃﻌﺎ ‪.‬‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ رﻓﺾ ً‬ ‫رﻓﻀﺎ ً‬ ‫وﻟﻜﻦ ّ‬

‫‪74‬‬


‫ﺷﻌﺮ أﺑﻮ ﺳﻔﻴﺎن ﺑﺎﻟﻤﻬﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﺳﻴﺪ ﻗﺮﻳﺶ‪ ،‬ﻓﺄﻗﺴﻢ ﻗﺎﺋﻼً‪:‬‬

‫ﺧﺮج أﺑﻮ ﺳﻔﻴﺎن ﻣﻦ ﻣﻜّﺔ ﺑﺮﻓﻘﺔ اﺛﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺳﺎدة‬ ‫ﻗﺮﻳﺶ إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻟﻴﻄﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ اﻟﺴﻤﺎح‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪًا رﻓﺾ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﻢ‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﻛﻼم أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن‪،‬‬ ‫ﺳﻤﻊ ٌ‬ ‫ﻓﺄﺷﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ وﻗﺮر أن‬ ‫ﻳﻌﻔﻮاﻋﻨﻪ‪.‬‬

‫واﷲ‪ ،‬إن ﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻠﻨﻲ رﺳﻮل اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم‪ ،‬ﺳﺄﺳﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﺘﻰ‬ ‫أﻣﻮت ﺟﻮﻋًﺎ وﻋﻄﺸًﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ إﻟﻰ ﻣﺸﺎرف ﻣﻜّﺔ‪ ،‬أﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﺟﻨﻮده‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ ﺟﻴﺶ ّ‬ ‫ﺑﺈﺷﻌﺎل اﻟﻨﺎر‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺮى اﻟﻜ ّﻔﺎر ﺣﺠﻢ وﻗﻮة ﺟﻴﺶ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪.‬‬

‫ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ‪ ،‬دﺧﻞ أﺑﻮﺳﻔﻴﺎن اﻹﺳﻼم‪.‬‬

‫ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻜّﺔ ﻋﻠﻰ رأس ﺟﻴﺸﻪ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻞ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻳﻮﻣﻬﺎ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ رﻣﻀﺎن‪ ،‬اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﻬﺠﺮة‪ ،‬دﺧﻞ ٌ‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ﺳﻮى اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ رﺟﻼً‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺨﺴﺮوا ﺳﻮى ﺷﻬﻴﺪﻳﻦ‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎره ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎش ﻓﻴﻬﺎ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ‪،‬‬ ‫ﺗﺠﻮل ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ﻟﺒﺎﺳﺎ ﺑﺴﻴ ًﻄﺎ وﻋﻠﻰ رأﺳﻪ ﻋﻤﺎﻣﺔٌ ﺳﻮداء‪ ،‬وﺑﺪأ ﻳﺮﺗّﻞ‬ ‫ﻣﺮﺗﺪﻳًﺎ ً‬ ‫ﺳﻮرةاﻟﻔﺘﺢ‪:‬‬

‫اﷲ َﻣﺎ ﺗَ َﻘ َّﺪ َم ِﻣ ْﻦ َذْﻧﺒ َ‬ ‫َﻚ َﻓ ْﺘ ًﺤﺎ ُﻣﺒِﻴًﻨﺎ ﻟَِﻴ ْﻐ ِﻔﺮ ﻟ َ‬ ‫ِإﻧَّﺎ َﻓَﺘ ْﺤَﻨﺎ ﻟ َ‬ ‫َﻚ َّ ُ‬ ‫ِﻚ‬ ‫َ‬ ‫َو َﻣﺎ ﺗَ َﺄ َّﺧ َﺮ َوﻳُِﺘ َّﻢ ﻧِ ْﻌ َﻤَﺘ ُﻪ َﻋَﻠ ْﻴ َﻚ َوﻳَ ْﻬ ِﺪﻳَ َﻚ ِﺻ َﺮ ً‬ ‫ﻴﻤﺎ َوﻳَ ْﻨ ُﺼ َﺮ َك‬ ‫اﻃﺎ ُﻣ ْﺴَﺘ ِﻘ ً‬ ‫َّ ُ‬ ‫اﻟﺴِﻜﻴَﻨ َﺔ ِﻓﻲ ُﻗُﻠ ِ‬ ‫ﻴﻦ‬ ‫اﷲ ﻧَ ْﺼ ًﺮا َﻋ ِﺰ ًﻳﺰا ُﻫ َﻮ اﻟَِّﺬي َأْﻧ َﺰ َل َّ‬ ‫ﻮب اﻟ ُْﻤ ْﺆ ِﻣِﻨ َ‬ ‫ﺎو ِ‬ ‫ِﻳﻤﺎﻧِ ِﻬ ْﻢ َوِ َّ ِ‬ ‫ات‬ ‫ﷲ ُﺟُﻨ ُ‬ ‫ﻮد َّ‬ ‫اﻟﺴ َﻤ َ‬ ‫ِﻳﻤﺎﻧًﺎ َﻣ َﻊ إ َ‬ ‫ﻟَِﻴ ْﺰَد ُادوا إ َ‬ ‫َو َْ‬ ‫اﻷْر ِ‬ ‫ﺎن َّ ُ‬ ‫ﻴﻤﺎ‪.‬‬ ‫ﻴﻤﺎ َﺣِﻜ ً‬ ‫اﷲ َﻋِﻠ ً‬ ‫ض َوَﻛ َ‬

‫‪76‬‬


‫ﺗﺮﺟﻞ ﻋﻦ ﻓﺮﺳﻪ وﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻄﻮاف ﺣﻮل ﺑﻴﺖ اﷲ وﻫﻮ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ ﺧﻴﺮ اﻷﻧﺎم إﻟﻰ أﻗﺪس اﻟﻤﻘﺪﺳﺎت‪ ،‬اﻟﻜﻌﺒﺔ‪ّ ،‬‬ ‫ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻮﺳًﺎ ﺑﻴﺪه‪.‬‬

‫ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ وﺳﺘﻴﻦ ﺻﻨﻤًﺎ ﻣﻘﺪﺳًﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺮم‪ ،‬ﻓﺸﺮع‬ ‫ﻣﺤﻤﺪٌ ﻓﻲ ﺗﺤﻄﻴﻤﻬﺎ ﺑﻘﻮﺳﻪ ﻣﺮددًا آﻳﺎ ٍت ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء‪:‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺗﺤﻄﻴﻢ اﻷﺻﻨﺎم‪،‬‬ ‫ﺻﺎر ﻳﻜﺒّﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛ ٍﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ‪:‬‬ ‫اﷲ أﻛﺒﺮ!‬

‫ﺟﺎء اﻟﺤﻖ وزﻫﻖ اﻟﺒﺎﻃﻞ‪.‬‬

‫إن اﻟﺒﺎﻃﻞ‬ ‫ّ‬ ‫ﻛﺎن زﻫﻮﻗﺎ‪.‬‬ ‫ﺛﻢ اﻧﻔﺮد ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻟﻠﺼﻼة‪.‬‬

‫ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﻼل ﺑﺄن ﻳﺆذن ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎم‬ ‫ّ‬ ‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻨﻪ‪.‬‬ ‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮج‪ ،‬وﺟﺪ أﻫﻞ ﻗﺮﻳﺶ أﻣﺎﻣﻪ ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ً‬ ‫ﻻ إﻟﻪ ّإﻻ اﷲ وﺣﺪه‪ ،‬ﺻﺪق وﻋﺪه‪،‬‬ ‫وﻧﺼﺮﻋﺒﺪه‪.‬‬

‫ﺛﻢ ﺗﻼ ﻋﻠﻴﻬﻢ ٍ‬ ‫آﻳﺎت ﻣﻦ ﺳﻮرة‬ ‫اﻟﺤﺠﺮات‪:‬‬

‫ﻛ ّﻞ ﻧﺼﺮٍ‪ ،‬ﻛ ّﻞ ﻣﺎلٍ أو د ٍم‬ ‫ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻲ ﻳﺎ ﻗﺮﻳﺶ‪،‬‬ ‫اﷲ أﺧﺮﺟﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻛﻠّﻜﻢ ﻣﻦ آدم‪ ،‬وآدم‬ ‫ﻣﻦ ﺗﺮاب‬

‫ﻳﻮﻣﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳُﻌﻠّﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﺒﺎدىء‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﻜّﺔ ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ً‬ ‫ﻣﻜﺚ ٌ‬ ‫اﻹﺳﻼم‪.‬‬

‫ﺎس ِإﻧَّﺎ َﺧَﻠ ْﻘَﻨ ُ‬ ‫ﺎﻛﻢ ِّﻣﻦ َذَﻛ ٍﺮ‬ ‫ﻳَﺎ َأﻳُّ َﻬﺎ اﻟَّﻨ ُ‬ ‫َوُأﻧﺜَﻰ َو َﺟ َﻌ ْﻠَﻨ ُ‬ ‫ﺎﻛ ْﻢ ُﺷ ُﻌﻮﺑًﺎ َوَﻗَﺒﺎﺋِ َﻞ‬ ‫ِن َأ ْﻛ َﺮ َﻣُﻜ ْﻢ ِﻋ َﻨﺪ َّ ِ‬ ‫اﷲ‬ ‫ﻟَِﺘ َﻌ َﺎرﻓُﻮا إ َّ‬ ‫َأْﺗ َﻘ ُ‬ ‫ِﻴﺮ‪.‬‬ ‫ِن َّ َ‬ ‫ﺎﻛ ْﻢ إ َّ‬ ‫اﷲ َﻋِﻠ ٌ‬ ‫ﻴﻢ َﺧﺒ ٌ‬

‫ﺮﻳﺶ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ دﻋﻮﺗﻪ‪ّ ،‬إﻻ اﻧﻪ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﻗ ٍ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ّ‬ ‫رﺟﺎل وأرﺑﻊ ﻧﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻫﺪر‬ ‫ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ‪ّ ،‬إﻻ ﺗﺴﻊ أﺷﺨﺎص‪ :‬ﺧﻤﺲ ٍ‬ ‫ً‬ ‫دﻣﻬﻢوأﻣﺮﺑﻘﺘﻠﻬﻢﺣﺘﻰﻟﻮﺗﻌﻠﻘﻮاﺑﺄﺳﺘﺎراﻟﻜﻌﺒﺔ‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻔﻰ ﻋﻦ ّ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﻦ‬ ‫اﻋﺘﻨﻖ اﻹﺳﻼم ﻣﻨﻬﻢ‪.‬‬


‫ﻣﺤﻤﺪا‬ ‫ﻫﻨﺪ اﻟﺘﻲ ُﻋﺮﻓﺖ ﺑﻜﺒﺮﻳﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬ﺟﺎءت ً‬ ‫ﻃﺎﻟﺒﺔاﻟﻌﻔﻮواﻟﻤﻐﻘﺮة‪.‬‬ ‫راﻛﻌﺔ ً‬ ‫ً‬

‫ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺪ ﺑﻨﺖ ﻋﺘﺒﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ‪.‬‬ ‫أرﺳﻠﺖ ﻋﺒﺪﻫﺎ وﺣﺸﻲ ﻟﻴﻘﺘﻞ ﺣﻤﺰة ﻋﻢ ّ‬

‫ﻟﻸﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة‬ ‫ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻔﻮ اﻟﻌﺎم‪ ،‬دﺧﻞ أﻫﻞ ﻣﻜّﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺑﺄﻋﺪاٍد ﻛﺒﻴﺮة‪ ،‬واﻧﻀﻤﻮا ّ‬ ‫)‪(2‬‬ ‫إﻟﻰ اﻷﺑﺪ‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫(‪ .)1‬نقض صلح الحديبية واملسري لفتح مكة‪:‬‬

‫‪ l‬كان يف رمضان سنة مثان‪ .‬وكان السبب يف ذلك أنه ملا كان صلح الحديبية بني رسول الله ﷺ وبني قريش كان فيه أن‪ :‬من أحب أن يدخل يف عقد‬ ‫رسول الله ﷺ وعهده فليدخل‪ ،‬ومن أحب أن يدخل يف عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه‪ ،‬فدخلت بنو بكر يف عهد قريش‪ ،‬ودخلت خزاعة يف عهد‬ ‫رسول الله ﷺ كام تقدم‪ ،‬وكان قبل ذلك بينهام دماء‪ ،‬أي فحجز اإلسالم بينهام لتشاغل الناس به‪ ،‬وهم عىل ما هم عليه من العداوة‪ ،‬وكانت خزاعة حلفاء‬ ‫عبد املطلب بن هاشم جد النبي ﷺ‪ ،‬أي ينارصونه عىل عمه نوفل بن عبد مناف‪.‬‬ ‫رش بني الحيني مام كان‬ ‫أي ويف اإلمتاع‪ :‬وسببها أن شخصا من بني بكر هجا رسول الله ﷺ وصار يتغنى به‪ ،‬فسمعه غالم من خزاعة فرضبه فشجه‪ ،‬فثار ال ّ‬ ‫بينهم من العداوة‪ ،‬فطلب بنو نفاثة من أرشاف قريش أن يعينوهم بالرجال والسالح عىل خزاعة‪ ،‬فأمدوهم بذلك‪ ،‬فبيتوا خزاعة‪ :‬أي جاؤوهم ليال بغتة‬ ‫وهم آمنون عىل ماء لهم يقال له الوتري‪ ،‬فأصابوا منهم‪ .‬أي قتلوا منهم عرشين أو ثالثة وعرشين‪.‬‬ ‫فلام نارصت قريش بني بكر عىل خزاعة‪ ،‬ونقضوا ما كان بينهم وبني رسول الله ﷺ من العهد وامليثاق ندموا‪ ،‬وجاء الحارث بن هاشم إىل أيب سفيان‬ ‫وأخربه مبا فعل القوم‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أمر مل أشهده ومل أغب عنه‪ ،‬وأنه لرش‪ ،‬والله ليغزونا محمد‪.‬‬ ‫فقال النبي ﷺ [‪ ]...‬ال نرصت إن مل أنرص بني كعب‪ :‬يعني خزاعة مام أنرص به نفيس [‪.]...‬‬ ‫أي وصورة الكتاب‪ :‬إن رسول الله ﷺ قد توجه إليكم بجيش كالليل‪ ،‬يسري كالسيل‪ ،‬وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لينرصنه الله تعاىل عليكم‪ ،‬فإنه‬ ‫منجز له ما وعده فيكم‪ ،‬فإن الله تعاىل نارصه ووليه‪.‬‬ ‫وأمر رسول الله ﷺ الناس بالجهاز‪ ،‬وأمر أهله أن يجهزوه‪ ،‬أي قال لعائشة جهزينا وأخفي أمرك‪ ،‬فدخل أبو بكر ريض الله عنه عىل ابنته عائشة ريض الله‬ ‫عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله ﷺ‪ :‬أي تجعل قمحا سويقا ودقيقا‪ .‬ويف لفظ‪ :‬وجد عندها حنطة تنسف وتنقى‪ ،‬فقال‪ :‬أي بنية أمركن رسول‬ ‫الله ﷺ بتجهيزه؟ قالت‪ :‬نعم فتجهز‪ ،‬قال‪ :‬فأين ترينه يريد؟ قالت‪ :‬ال والله ما أدري‪ ،‬وإن ذلك قبل أن يستشري ﷺ أبا بكر وعمر ريض الله عنهام يف‬ ‫السري إىل مكة‪.‬‬ ‫ثم مىض رسول الله ﷺ لسفره‪ ،‬واستخلف عىل املدينة أبارهم كلثوم بن الحصني الغفاري‪ ،‬وقيل ابن أم مكتوم وبه جزم الحافظ الدمياطي يف سريته‪.‬‬ ‫وخرج لعرش‪ ،‬وقيل لليلتني‪ ،‬وقيل لثنتي عرشة‪ ،‬وقيل ثالث عرشة‪ ،‬وقيل سبع عرشة‪ ،‬وقيل مثان عرشة‪ ،‬وهو يف مسند اإلمام أحمد بسند صحيح‪ .‬قال ابن‬ ‫القيم‪ :‬إنه أصح من قول من قال إنه خرج لعرش خلون من رمضان‪ ،‬أي وص ّدر به يف اإلمتاع‪ ،‬وقيل خرج لتسع عرشة مضني من شهر رمضان يف سنة مثان‪.‬‬ ‫قال يف النور ال أعلم خالفا يف الشهر والسنة‪.‬‬ ‫وملا وصل ﷺ إىل األبواء أو قريبا منها لقيه أبو سفيان ابن عمه الحارث [‪ ]...‬ولقيه عبد الله بن أمية بن املغرية ابن عمته [‪ ]...‬وكان مجيء الحارث وعبد‬ ‫الله له ﷺ يريدان اإلسالم‪ ،‬وكانا [‪ ]...‬أشد الناس إذاية له ﷺ‪ ]...[ ،‬فأعرض ﷺ عنهام فكلمته أم سلمة ريض الله عنها فيهام‪ :‬أي قالت له‪ :‬ال يكون‬ ‫ابن عمك وابن عمتك أي وصهرك أشقى الناس بك‪ ،‬فقال ﷺ‪ :‬ال حاجة يل بهام‪ ،‬أما ابن عمي‪ :‬يعني أبا سفيان فهتك عريض‪ ،‬وأما ابن عمتي وصهري‬ ‫يعني عبد الله أخا أم سلمة فهو الذي قال يل مبكة ما قال‪ :‬أي قال له‪ :‬والله ال آمنت بك حتى تتخذ سلام إىل السامء فتعرج فيه وأنا أنظر إليك‪ ،‬ثم تأيت‬ ‫بصك وأربعة من املالئكة يشهدون لك أن الله أرسلك إىل آخر ما تقدم‪ .‬فلام خرج الخرب إليهام‪ ،‬قال أبو سفيان ومعه ابن له‪ :‬والله ليأذن ّن يل أو آلخذن بيد‬ ‫ابني هذا‪ ،‬ثم لنذهنب يف األرض حتى منوت جوعا وعطشا‪ ،‬فلام بلغ ذلك رسول الله ﷺ رق لهام‪ ،‬ثم أذن لهام فدخال عليه وأسلام وقبل ﷺ إسالمهام‪.‬‬ ‫وكان ﷺ يف عرشة آالف‪ ،‬أي باعتبار من لحقه يف الطريق من القبائل كبني أسد وسليم‪ ،‬ومل يتخلف عند أحد من املهاجرين واألنصار‪ ،‬وكان املهاجرون‬ ‫سبعامئة ومعهم ثالمثائة فرس‪ ،‬وكانت األنصار أربعة آالف ومعهم خمسامئة فرس‪ ،‬وكانت مزينة ألفا وفيها مائة فرس‪ ،‬وكانت أسلم أربعامئة ومعها ثالثون‬ ‫فرسا‪ ،‬وكانت جهينة مثامنائة ومعها خمسون فرسا‪ ،‬وقيل كان ﷺ يف اثني عرش ألفا‪.‬‬ ‫أي ويف قديد عقد ﷺ األلوية والرايات‪ ،‬ودفعها للقبائل‪ ،‬ثم سار حتى نزل مبر الظهران [‪ ]...‬وقد أعمى الله األخبار عن قريش إجابة لدعائه ﷺ‪ ،‬فلم‬ ‫يعلموا بوصوله إليهم‪ ،‬أي ومل يبلغهم حرف واحد من مسريه إليهم‪ ،‬فأمر ﷺ أصحابه فأوقدوا عرشة آالف نار‪.‬‬ ‫ويف لفظ أنه ﷺ قال لرجل من األنصار عنده‪ :‬يا فالن‪ ،‬قال‪ :‬لبيك يا رسول الله‪ ،‬قال‪ :‬ائت خالد بن الوليد وقل له‪ :‬إن رسول الله ﷺ يأمرك أن ال تقتل‬ ‫مبكة أحدا‪ ،‬فجاء األنصاري فقال‪ :‬يا خالد إن رسول الله ﷺ يأمرك أن ال تقتل من لقيت من الناس‪ ،‬فاندفع خالد فقتل سبعني رجال مبكة‪ .‬فجاء إىل النبي‬ ‫ﷺ رجل من قريش فقال‪ :‬يا رسول الله هلكت قريش‪ ،‬ال قريش بعد اليوم‪ .‬قال‪ :‬ومل؟ قال‪ :‬هذا خالد بن الوليد ال يلقى أحدا من الناس إال قتله‪ ،‬قال‪ :‬ادع‬ ‫يل خالدا‪ ،‬فدعاه له‪ ،‬فقال‪ :‬يا خالد أمل أرسل إليك أن ال تقتل أحدا؟ قال‪ :‬بل أرسلت إن اقتل من قدرت عليه‪ .‬قال ﷺ‪ :‬ادع يل األنصاري‪ ،‬فدعاه له‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫أما أمرتك أن تأمر خالدا أن ال يقتل أحدا‪ ،‬قال‪ :‬بىل ولكنك أردت أمرا وأراد الله غريه‪ ،‬فسكت رسول الله ﷺ ومل يقل لألنصاري شيئا‪ ،‬فقال رسول الله‬

‫‪80‬‬


‫ﷺ‪ :‬كف عن الطلب‪ ،‬قال‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فقال رسول الله ﷺ‪ :‬قىض الله أمرا‪ ،‬ثم قال‪ :‬كفوا السالح إال خزاعة عن بني بكر إىل صالة العرص‪ ،‬وهي الساعة‬ ‫التي أحلت لرسول الله ﷺ‪ ]...[ .‬وأما قوله ﷺ‪« :‬من دخل دار أيب سفيان فهو آمن‪ ،‬ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن‪ ،‬ومن ألقى سالحه فهو‬ ‫آمن‪ ،‬ومن أغلق بابه فهو آمن‪ ،‬ومن دخل املسجد فهو آمن‪ ،‬ومن دخل تحت لواء أيب رويحة فهو آمن» فهو من زيادة االحتياط لهم يف األمان‪.‬‬ ‫يل بن إبراهيم بن أحمد الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427( -‬هـ‪/‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية ‪ -‬إنسان العيون يف سرية األمني املأمون‪ ،‬لع ٍّ‬ ‫‪2006‬م)‪ ،‬الجزء (‪ ،)3‬الصفحة (‪.)121-102‬‬

‫(‪ .)2‬دخول محمد مكة‪:‬‬

‫‪ l‬واستثنى ﷺ جامعة أمر بقتلهم‪ ،‬وهم أحد عرش رجال‪ ،‬أي ويف اإلمتاع‪ :‬ستة نفر‪ ،‬وأربع نسوة وإن وجدوا متعلقني بأستار الكعبة‪ :‬منهم عبد الله بن‬ ‫أيب رسح‪ ]...[ ،‬وعبد الله بن خطل وقينتاه‪ ،‬وعكرمة بن أيب جهل [‪ ]...‬والحويرث بن نفيل‪ ،‬ومقبس بن حبابة‪ ،‬وهبار بن األسود [‪ ]...‬وكعب بن زهري [‪]...‬‬ ‫والحارث بن هشام [‪ ]...‬وزهري بن أمية [‪ ]...‬وسا ّرة موالة لبعض بني عبد املطلب [‪ ]...‬وصفوان بن أمية [‪ ]...‬وزهري بن أيب سلمى‪ :‬أي وهند بنت عتبة‬ ‫امرأة أيب سفيان‪ ،‬ووحيش بن حرب‪.‬‬ ‫ودخل ﷺ مكة وهو راكب عىل ناقته القصواء‪ :‬أي مردفا أسامة بن زيد بكرة يوم الجمعة معتجرا بشقة برد حربة حمراء‪ ،‬واضعا رأسه الرشيف عىل‬ ‫رحله تواضعا لله تعاىل [‪ ]...‬وقيل دخل ﷺ وعىل رأسه املغفر‪ ،‬وقيل وعليه عاممة سوداء حرقانية قد أرخى طرفيها بني كتفيه بغري إحرام‪ ،‬ورايته سوداء‬ ‫ولواؤه أسود‪.‬‬ ‫ثم سار ﷺ وإىل جانبه أبو بكر ريض الله تعاىل عنه يحادثه ويقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا عىل راحلته‪ ،‬أي ومحمد بن مسلمة ريض‬ ‫الله تعاىل عنه آخذ بزمامها ليستلم الحجر مبحجن يف يده‪.‬‬ ‫وعن ابن عباس ريض الله تعاىل عنهام‪« :‬دخل رسول الله ﷺ مكة يوم الفتح وعىل الكعبة ثالمثائة وستون صنام لكل حي من أحياء العرب صنم قد شد‬ ‫إبليس أقدامها بالرصاص‪ ،‬فجاء ﷺ ومعه قضيب‪ ،‬فجعل يهوي به إىل كل صنم منها فيخر لوجهه» ويف لفظ «لقفاه» ويف لفظ فام أشار لصنم من ناحية‬ ‫ْباط ُل إِ َّن ال ِ‬ ‫وجهه إال وقع لقفاه‪ ،‬وال أشار لقفاه إال وقع عىل وجهه من غري أن ميسه مبا يف يده‪ ،‬يقول‪ :‬جا َء الْ َح ُّق َو َز َه َق ال ِ‬ ‫ْباط َل كا َن َز ُهوقاً [اإلرساء‪ :‬اآلية‬ ‫‪ ]81‬حتى مر عليها كلها» ‪.‬‬ ‫ويف رواية‪« :‬فأقبل ﷺ إىل الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت ويف يده قوس أخذ بسيته» والسية‪ :‬ما انعطف من طرف القوس «فأىت ﷺ يف طوافه عىل‬ ‫ْباط ُل إِ َّن ال ِ‬ ‫صنم إىل جنب البيت‪ :‬أي من جهة بابه يعبدونه وهو هبل وكان أعظم األصنام فجعل يطعن بها يف عينيه‪ ،‬ويقول‪ :‬جا َء الْ َح ُّق َو َز َه َق ال ِ‬ ‫ْباط َل‬ ‫كا َن َز ُهوقاً [اإلرساء‪ :‬اآلية ‪.]81‬‬ ‫وعن ابن عباس ريض الله تعاىل عنهام قال‪« :‬أخربين أسامة بن زيد أنه ﷺ ملا دخل البيت دعا يف نواحيه كلها ومل يصل فيه حتى خرج‪ ،‬فلام خرج ركع يف‬ ‫قبل البيت ركعتني» أي بني الباب والحجر الذي هو امللتزم‪ ،‬وقال‪ :‬هذه القبلة‪ ،‬فبالل ريض الله تعاىل عنه مثبت للصالة يف الكعبة‪ ،‬وأسامة ريض الله تعاىل‬ ‫عنه ناف‪ ،‬واملثبت مقدم عىل النايف‪ ،‬عىل أنه جاء أن أسامة ريض الله تعاىل عنه أخرب أيضا بأنه ﷺ يف الكعبة‪.‬‬ ‫وملا فرغ رسول الله ﷺ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة امرأة أيب سفيان ريض الله تعاىل عنه‪ ،‬متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله‬ ‫ﷺ‪ ،‬فلام دنني من رسول الله ﷺ قال لهن‪ :‬بايعنني عىل أن ال ترشكن بالله شيئا وال ترسقن وال تزنني وال تقتلن أوالدكن أي وذلك إسقاط األجنة [‪]...‬‬ ‫وملا قال ﷺ‪ :‬وال تعصينني يف معروف‪ ،‬قالت‪ :‬والله ما جلسنا مجلسنا هذا ويف أنفسنا أن نعصيك يف معروف» ويف لفظ‪« :‬أنها أتته منتقبة باألبطح‬ ‫وقالت‪ :‬إين امرأة مؤمنة‪ ،‬أشهد أن ال إله إال الله وأنك عبده ورسوله‪ ،‬ثم كشفت عن نقابها وقالت‪ :‬أنا هند بنت عتبة‪ ،‬فقال رسول الله ﷺ مرحبا بك»‪.‬‬ ‫ثم ذكر ﷺ خطبة بني فيها جملة من األحكام‪ .‬منها «أن ال يقتل مسلم بكافر‪ ،‬وال يتوارث أهل ملتني مختلفتني‪ ،‬وال تنكح املرأة عىل عمتها وال عىل خالتها‪،‬‬ ‫والبينة عىل املدعي واليمني عىل من أنكر [‪ ]...‬ثم قال‪ :‬يا معرش قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها باآلباء‪ ،‬والناس من آدم وآدم من‬ ‫اس إِنَّا َخلَقْناكُ ْم ِم ْن َذكَ ٍر َوأُنْثى َو َج َعلْناكُ ْم شُ ُعوباً َوقَبائِ َل لِتَعا َرفُوا [الحجرات‪ :‬اآلية ‪ ]13‬اآلية‪ .‬ثم قال‪ :‬يا معرش قريش ما‬ ‫تراب‪ .‬ثم تال هذه اآلية‪ :‬يا أَيُّ َها ال َّن ُ‬ ‫ِيب َعلَ ْي ُك ُم الْ َي ْو َم [يوسف‪:‬‬ ‫ترون؟» ويف لفظ‪« :‬ماذا تقولون؟ ماذا تظنون أين فاعل فيكم؟ قالوا‪ :‬خري أخ كريم‪ ]...[ .‬فقال‪ :‬أقول كام قال أخي يوسف ال ت َْث َ‬ ‫اآلية ‪ ]92‬اذهبوا فأنتم الطلقاء» أي الذين أطلقوا فلم يسرتقوا ومل يؤرسوا‪ .‬والطليق يف األصل‪ ،‬األسري إذا أطلق؟ فخرجوا فكأمنا نرشوا من القبور فدخلوا‬ ‫يف اإلسالم‪.‬‬ ‫يل بن إبراهيم بن أحمد الحلبي‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1427( -‬هـ‪/‬‬ ‫‪ n‬السرية الحلبية ‪ -‬إنسان العيون يف سرية األمني املأمون‪ ،‬لع ٍّ‬ ‫‪2006‬م)‪ ،‬الجزء (‪ ،)3‬الصفحة (‪.)140-117‬‬

‫‪81‬‬


‫ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ‬ ‫اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﻓﯽ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ‬

‫‪Council of Ex-Muslims of Britain‬‬ ‫‪www.ex-muslim.org.uk‬‬

‫ﻧﺤ‬

‫ﻦﻣ‬ ‫ﺴ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻤ‬ ‫ﻮ‬ ‫نﻧ‬

‫ﺒﺬ‬

‫ﻧﺎ دﻳﻨﻨﺎ‬

‫ﺑﱰﻛﻨﺎ اﻹﺳﻼم ﻧﻜﴪ ﻣﺤ ّﺮﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻨﺎ ﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺪﻋﻴﻢ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺤﻘﻮق واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﻠﻧﻧﻴﺔ‪ .‬وﰲ ﻧﺸﺎﻃﻨﺎ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺎﺎ ﻳﲇ‪:‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺘﺴﺎوي ﰲ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﺑ اﻟﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﰲ ﻧﻘﺪ اﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻹﻟﺤﺎد‪.‬‬ ‫ﻓﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻨﻈﺎﻣ‪ ،،‬اﻟﻘﺎﻧﻮ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ‬ ‫ﺣﻈﺮ اﳌررﺳﺎت واﻟﻌﺎدات واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺎس وﺗﻀﻴﻖ ﻋﲆ ﺣ ّﺮﻳﺎﺗﻬﻢ‪.‬‬ ‫إزاﻟﺔ ﻛﻞ اﻟﻌﺎدات اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻄﻬﺪ اﳌﺮأة وﺗﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ‪ ،‬وﺣﻈﺮ ﻓﺼﻞ اﻟﺠﻨﺴ‪..‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ أو رﺳﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎس‪.‬‬ ‫ﺣﻳﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﻢ واﻹﺳﺎءة إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺳﻮاء اﳌﺎدي أو اﳌﻌﻨﻮي‪.‬‬ ‫ﺣﻈﺮ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﺪﻳﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪82‬‬


‫هذا ما يحدث حاليا عىل االرض فام بالك يف الجنة‪.‬‬

‫‪Yasser Gh‬‬

‫ـ‬

‫‪Topason Samuel‬‬

‫حال من يعبد ربا ساديا‪.‬‬

‫ـ‬

‫اليل خىل الكبري صلب ابنه‪ .‬دول مش هيضحكوا‪.‬‬ ‫ازدراء هذه االديان واجب عىل كل انسان عاقل‪.‬‬

‫‪83‬‬

‫‪Sam Dawood‬‬

‫نظير فتحي‬


‫مجلة شهرية بجهود فردية تصدر في الثاني عشر من كل شهر‬

The Arab MagazineMagazine is a digital produced TheAtheists Arab Atheists is apublication digital publication by volunteers andbycommitted and produced volunteerstoandpromoting committedthetothought promoting writingstheofthought atheists and of various complete freewritingspersuasions of atheists with of various persuadom. Thewith Magazine doesfreedom. not adoptThe or endorse anydoes formnotof adopt politisions complete Magazine cal ideology affiliation. or or endorse any form of political ideology or affiliation Contributors of of thethe content, illustrations Contributorsbear bearthethefullfullresponsibility responsibility content, illustraandtions topicsandthey provide insofar as it covers copyright and issues topics they provide insofar as it covers copyright andof intellectual property. issues of intellectual property Express permission to publish in the Magazine is provided by conExpress permission for to publish in the Magazine is provided tributors, whether they are members of the Arab Atheists by contributors, whether they are members of the Arab Magazine Atheists Group or of other atheists and non-religious contributors. Magazine Group of other atheists and non-religious contributors TheTheMagazine does notnot publish material thatthat is unethical or or thatthat inMagazine does publish material is unethical cites racism or bigotry. incites racism or bigotry The Editorial Board reserves the rightthe to republish content originally The Editorial Board reserves right to republish content published on the Magazine’s Facebook group, as publishing originally published on the Magazine’s Facebook group,there as implicitly contains consent for republication in the Magazine. publishing there implicitly contains consent for republication in the Magazine

:‫موقع املدونة اخلاصة بنا لألرشفة على اإلنترنت‬ www.aamagazine.blogspot.com ‫البريد اإللكتروني‬ el7ad.organisation@gmail.com magazine@arabatheistbroadcasting.org


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.