العدد الثامن والخمسين من صحيفة أحفاد خالد

Page 12

‫القمة الغربية‬ ‫نعم الغربية ‪ ،‬إذا ال يوجد أي‬ ‫خطأ مطبعي فيما تقرؤونه في‬ ‫هذا العنوان ‪ ،‬بل هو الواقع‬ ‫بحد ذاته ‪ ،‬وال شك أنه ليس‬ ‫مسلسالً من نوع الكوميدي‬ ‫تشاهدون حلقته (‪ ، )077‬فهو‬ ‫يروح عن النفوس ويزيل الهم‬ ‫عنكم ‪ ،‬ويشعركم بالضحك‬ ‫الشديد ‪ ،‬وخصوصا ً بما بعد‬ ‫كل الذي ترونه من أحداث‬ ‫جمة في كل يوم ‪..‬‬ ‫إنها قمة عربية بظاهرها‬ ‫وبشخصياتها وببلدها ‪ ،‬لكنها‬ ‫غربية بأفكارها ومضمونها‬ ‫وقراراتها ‪ ،‬لقد اجتمع حكامنا‬ ‫العرب من أمراء وملوك‬ ‫ورؤساء ‪ ،‬وطبعا ً فإنهم ال‬ ‫يجتمعون إال ألمر عظيم ‪،‬‬ ‫كيف وإن كان هذا األمر‬ ‫بخصوص هذا الشعب العظيم‬ ‫‪ ،‬الذي لم يمر على دولة في‬ ‫عصر من العصور على مر‬ ‫التاريخ ‪ ،‬لما يرتكب به من‬ ‫مجازر وما يواجهه كل يوم‬ ‫من قصف ودمار بأحدث‬ ‫األسلحة ‪ ،‬من طائرات‬ ‫ومدفعية وصواريخ هي في‬ ‫األصل مخصصة لحرب دولة‬ ‫مع دولة أخرى ‪ ،‬حرب مكتملة‬ ‫الموازين ‪.‬‬ ‫قاعة االجتماع ال ينقصها أي‬ ‫شيء ‪ ،‬فهي فخمة بما فيها‬ ‫الكفاية ‪ ،‬كيف ال والذي‬ ‫سيجتمع فيها هم حكامنا ‪ ..‬كما‬ ‫أنها كبيرة جداً ‪ ..‬جميلة جداً‬ ‫بحيث يكاد المرء أن يرى‬ ‫صورة وجهه من شدة لمعان‬ ‫الكرانيت والرخام الملتصق‬ ‫بكل شيء فيها ‪ ،‬والطاولة‬ ‫دائرية من أجل أن يرى‬ ‫الجميع بعضهم بعضا ً فيما‬ ‫يطرحونه من أفكار مهمة ‪،‬‬ ‫كما أن مقاعدها كبيرة‬

‫ومريحة وثيرة ‪ ،‬من أجل أال‬ ‫يشوش شيء على األفكار التي‬ ‫سيطرحها القوم الجالسون عليها‬ ‫‪ ،‬لكل شخص منهم زجاجة من‬ ‫الماء النقي ال تشوبه أي بكتيريا‬ ‫أو وائب ‪ ،‬وزجاجة عصير‬ ‫وطبق من المعجنات والشكوال‬ ‫الفاخرة ‪ ،‬طبعا ً هذا كله ليس‬ ‫من أجل التمتع والطعام ‪ ،‬فهم‬ ‫ليسوا بحاجة وعيونهم ممتلئة‬ ‫منه ‪ ،‬بل من أجل أن يسدوا‬ ‫رمق بطونهم ‪ ،‬ألن االجتماع‬ ‫طويل ‪ ،‬فربما يمتد إلى أربع‬ ‫ساعات أو أكثر ‪ ،‬فالمسائل التي‬ ‫يبحثونها مصيرية ومهمة للغاية‬ ‫‪ ،‬وطبعا ً لم ينس أحد أكاليل‬ ‫الورد الموجود في حنايا القاعة‬ ‫ووسط الطاولة لتحقيق راحتهم‬ ‫النفسية ‪ ،‬ألن ما يحملونه من‬ ‫هموم الناس تكاد ال تحمله‬ ‫الجبال ‪.‬‬

‫كانت قراراتهم جريئة وشجاعة‬ ‫‪ ،‬وبخاصة بالنسبة للوقوف مع‬ ‫الشعب السوري ‪ ،‬وبعد انتهاء‬ ‫هذه القمة تالها مؤتمر صحفي‬ ‫من أحد المسؤولين للرد على‬ ‫األسئلة في ما دار فيها من‬ ‫قرارات وأمور أخرى اتخذوها‬ ‫‪ ،‬فغالبا ً ما تكون هذه القرارات‬ ‫تتوق إلى الفلسفة وتحتاج إلى‬ ‫الكثير من التفسير والتوضيح ‪.‬‬

‫فكان من أحد هذه األسئلة ‪ ،‬ما‬ ‫قالته إحدى الصحفيات مستفسرة‬ ‫‪ " :‬إنه كثيراً ما تتهمكم‬ ‫المعارضة أنكم تتكلمون عن‬ ‫تسليح الجيش الحر ‪ ،‬وال شيء‬ ‫على أرض الواقع " ‪ ،‬فكان‬ ‫سؤال ً صعبا ً لم يجب عنه‬ ‫المسؤول الكبير ‪ ،‬وأخر سأل ‪:‬‬ ‫فقال إن سؤلك غريب ‪ ،‬وثالث‬ ‫استفسر فقال ‪ " :‬إن سؤلك‬ ‫طويل لعلنا نتذكر جزء منه " ‪..‬‬ ‫بدأت القمة ‪ ،‬حضورهم مميز فكان المؤتمر أشبه بمسرحية ‪.‬‬ ‫بطالتهم الباهية ‪ ،‬هم حكامنا ‪..‬‬ ‫لقد بذل هذا المسؤول جهداً‬ ‫وكيف ال يكون حضورهم‬ ‫كبيراً في توضيح هذه القرارات‬ ‫مميزاً ‪ ،‬طبعا ً كانت الكلمة‬ ‫الجريئة ‪ ،‬والرد على هذه‬ ‫األولى لرئيس البلد المضيف ‪،‬‬ ‫األسئلة بحنكة وحكمة ‪.‬‬ ‫ثم بدؤوا يتبادلون الكلمات‬ ‫والقرارات ‪ ،‬ليكون خطاب كل فكان بالنهار الذي تال هذه القمة‬ ‫واحد منهم من أروع ما يكون ‪ ،‬وبعد أن قرروا تسليح الجيش‬ ‫لغتهم ال تشوبها شائبة ‪ ،‬كيف الحر ‪ ،‬خرج وزير الخارجية‬ ‫ال ‪ ..‬فالعرب مشهورين األمريكي واعتبر تسليح الجيش‬ ‫بفصاحتهم ‪ ،‬واللغة العربية الحر بمساعدات عسكرية ‪ ،‬كما‬ ‫غنية بمفرداتها الجميلة الجزلة‬ ‫‪ ،‬وحكامنا قد جمعوا جماع‬ ‫العروبة والفصاحة ‪ ،‬فجاءت‬ ‫كلماتهم كأن الذي يتكلم سيبويه‬ ‫أو أبو األسود الدؤلي ‪.‬‬

‫صرح شمال حلف األطلسي بأنه‬ ‫ال ينوي التدخل في سوريا‬ ‫عسكريا ً ‪ ،‬وكأنهم يقولون للنظام‬ ‫افعل ما يحلو لك ‪ ..‬ما بدا لك ‪..‬‬ ‫وكيفما تريد ‪ ..‬وإعطاء روسيا‬ ‫والصين وإيران الضوء األخضر‬ ‫لدعم هذا النظام ‪ ،‬وإن ما يقدمونه‬ ‫للنظام من أساطيل بحرية وطيران‬ ‫حربي حديث ليس بمساعدات‬ ‫عسكرية ‪ ،‬وإنما هي مواد إغاثية‬ ‫ال غير ‪..‬‬ ‫فباهلل عليكم وعلى ضمائركم !! ألم‬ ‫تكن التكلفة التي قامت عليها هذه‬ ‫القمة تكفي إلطعام عشرة آالف‬ ‫نازح ‪ ،‬وإن ما تقوم به الدول‬ ‫العربية والخليجية من مشاريع‬ ‫سكنية من أبراج ومشاريع‬ ‫اقتصادية من النفط وغيرها‬ ‫عاجزة عن سد تكاليف تسليح‬ ‫الجيش الحر ؟؟ ‪.‬‬ ‫هل عجز عشرون حاكما ً عربيا ً‬ ‫عن اتخاذ قرار جريء بالفعل‬ ‫بمنأى عن مجلس األمن أو االتحاد‬ ‫مساعدة‬ ‫يقضي‬ ‫األوربي‬ ‫المعارضة ‪ ،‬فقد وصلت فتوحات‬ ‫العرب إلى أقصى الشرق والغرب‬ ‫فيما مضى ‪ ،‬فما أحوجنا إلى‬ ‫صالح الدين وطارق بن زياد‬ ‫وخالد بن الوليد ‪ ،‬فال نامت أعين‬ ‫الجبناء ‪.‬‬

‫رضوان‬

‫انتهت هذه القمة بعد عناء‬ ‫طويل من حكامنا ‪ ،‬أطال هللا‬ ‫في أعمارهم على ما يبذلونه‬ ‫من جهد وعطاء ‪.‬‬

‫‪12‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.