ومنذ عام ١٨٨٥م وصف المستشرق الھولندي سنوك ھوروخرونيه مالمح الحياة االجتماعية للجاليات االفريقية/المكيّة وكشف شيئا ً من مظاھر ثقافتھم الفرعية الھجينة. فھم يقومون باحتفاالت شعبية اسبوعية تبدأ من ظھيرة يوم الخميس وتمتد الى تباشير صباح الجمعة .وكان لھم في مكة ما اسماه ھوروخرونيه بـ”االوركسترا االفارقية“ :فيلعب الزنوج في مكة بآلة العود “الطنبورة” المكيّة ،مرفقة بآالت خرج قرقعة أثناء الطبل ،فيما يرتدي الراقصون أحزمة مشغولة بحوافر الغنم ُت ِ الرقص واالحتكاك xثم يرقصون رقصة المزمار البلدي .وبين دورات الجوش يحتسي العبو العصا من شراب محلي مُسكر يسمّى البوظة .ثم يعودون ادراجھم للعمل مع ظھيرة يوم الجمعة[٧١] . ويقول ھوروخرنيه :ومأكلھم متوفر والبأس به .وھم بعد تحريرھم يسعى الفرد منھم للعمل باألجرة كعمال بناء او سقائي مياه ،الخ .فيما اغلبھم يفضلون البقاء تحت وصاية األسر التي خدموا فيھا خصوصا اذا قرروا الزواج. ويتصدى الزنوج ذو المواھب األكثر بروزاً لألعمال المنزلية او يعملون كأمناء متاجر ومحاسبي دكاكين تجارية. ان اثرياء مكة يحبذون ملء منازلھم بالعبيد ،وھؤالء العبيد بدورھم يعيشون حياة مترفة مقارنة بغيرھم ويجري التعامل معھم كأفراد من العائلة .اما الكفؤين منھم فيتحولون تلقائيا ً الى مسيّري شئون التجارة لألسر التي يعملون فيھا حتى يغدو خال من اي مدلول. “العبد” في كثير من الحاالت مجرد لفظ ٍ وأغلب عبيد المنازل يجري اطالق سراحھم حال تجاوزھم سن العشرين ،نظراً لخوف مالّكھم من استمرار اختالطھم كبالغين مع نساء األسرة وجواريھا ،ثم ان التحرير يبقي العالقة مستمرة انما يمنح المّالك فسحة من الثقة مع األفراد المُحررين[٧٢] . ويتنافس المعاتيق مع الرجال المكيين في كافة مجاالت الحياة بنديّة متساوية. ولم تفرّق لوثة االسترقاق بين أي طرف ،كما انھا لم تقف حكراً على اجناس األفارقة والجاوى. وارسل عيد بن سالم احد عُربان المدينة المنورة الذين تم أسرھم في احد معارك االخوان وتم بيعھم ،برسالة “نداء” بعثھا في الحادي عشر من ابريل ١٩٢٦م الى الوكيل القنصلي البريطاني في لنجا )على سواحل فارس( يخبره بمالبسات اختطافه. 30