صدر العدد الثامن من مجلتكم ( أنا أفكر )

Page 23

‫األسماء‪ :‬وآلية السرد األسطوري لألديان‬

‫ـ سمعان‪ :‬أطلق عليه املسيح إسم «بطرس» والكلمة يونانية‬ ‫وتعنى‪ :‬الصخرة؟؟ وتذكر مبقولة املسيح‪ :‬بطرس أنت الصخرة‬ ‫وعليها سأبني كنيستي‪ .‬وهو ينتمي ملنطقة الجليل والسؤال‬ ‫البديهي‪ :‬ملاذا يختار يسوع‪ ،‬اآلرامي اللغة‪ ،‬لقبا يونانيا لتلميذه؟‬ ‫ـ متى‪ :‬من األصل العربي ماتيتياهو ويعني‪ :‬هدية الله‪ ،‬وال‬ ‫يُوجد ما يؤكد أنه كاتب إنجيل متى‪.‬‬ ‫ـ أندراوس أخ سمعان (بطرس)‪ :‬اإلسم يوناين‪ ،‬وأي عني بصرية‬ ‫سرتى تناقضا ما‪ ،‬فكيف لعائلة يهودية ذات طقوس توراتية‬ ‫معقدة‪ ،‬أن تطلق عىل أحد أبنائها إسامً يونانياً وعىل اآلخر إسامً‬ ‫آرامياً ـ عربياً؟ أم أن يهود ذلك العرص كانوا مودرن‪ ،‬ومقتنعني‬ ‫بالتعدد الثقايف واألثني ؟ أم أن الصورة التاريخية التي وصلتنا‬ ‫كانت مش ّوهة ومستعصية عىل الفهم؟‬ ‫ـ يعقوب ابن زبدي وأخوه يوحنا‪ :‬ال يُوجد ما يؤكد أن األخري‬ ‫هو صاحب إنجيل يوحنا املعروف‪.‬‬ ‫ـ أيضا فيليبوس‪ ،‬وبرتوملاوس أسامء يونانية بإمتياز‪.‬‬ ‫ـ توما‪ :‬مشتق من اللفط اآلرامي «توأم»‪.‬‬ ‫ـ يهوذا اإلسخريوطي‪ :‬إسمه األول يعود ألحد األسباط اإلثني‬ ‫عرش‪ ،‬أما لقبه فيعود لقرية يف اليهودية إسمها إسخريوط‪ ،‬وهو‬ ‫الوحيد الذي ينتمي لليهودية بعكس التالميذ (الرسل) اآلخرين‬ ‫الذين أتو من الجليل‪.‬‬ ‫‪ .‬بولس‪ :‬إسمه القديم «شاول» وقد إستبدله‪ ،‬بُعيد إعتناقه‬ ‫املسيحية إئر حصول معجزة أصابته بالعمى‪ ،‬أثناء مطاردته‬ ‫للمسيحني‪ ،‬قرب دمشق‪ .‬وبولس ‪ :‬كلمة يونانية ‪Paullos‬‬ ‫وتعني‪ :‬الصغري‪.‬‬ ‫ومن الرضورة مبكان التوقف عند مرقس ولوقا‪ ،‬كونهام من كتبة‬ ‫اإلنجيل‪.‬‬ ‫ـمرقس‪ :‬إسمه مشتق من الالتينية ‪Mart cos‬وتعني املنذور‬ ‫ملارس (إله الحرب الروماين) وهذا اإلسم كان يُطلق عىل مواليد‬ ‫شهر مارس‪.‬‬ ‫ـ لوقا ‪ :‬إسم التيني مشتق من ‪ ،Lucanus‬ويطلق عىل القادمني‬ ‫من منطقة لوكانا يف جنوب إيطاليا‪ ،‬ويقول املوروث أن لوقا ولد‬ ‫يف أنطاكيا وإعتنق املسيحية عىل يد بولس وتويف يف اليونان‪.‬‬ ‫بعد هذا املوجز‪ ،‬وبالنظر لإللتباسات الكثرية يف األسامء‬ ‫ومرجعيتها اللغوية‪ ،‬إضافة إىل تداخل مرميات عديدة يف‬ ‫األحداث (مريم األم‪ ،‬واملجدلية‪ ،‬وأم يعقوب الصغري)‪ ،‬فقد‬ ‫إستوقفني إسم التلميذ (الصحايب الكبري) يهوذا اإلسخريوطي‪،‬‬ ‫بإعتباره رمز الخيانة‪ ،‬فهو الذي سلّم املسيح للصلب‪ ،‬مقابل‬ ‫قبضه ثالثني من الفضة‪ ،‬والغريب أنه الوجيد الذي يرجع‬ ‫بأصوله ملنطقة اليهودية‪ ،‬ناهيك عن إسمه اليهودي الخالص‪،‬‬

‫‪44‬‬

‫األسماء‪ :‬وآلية السرد األسطوري لألديان‬

‫أما املؤسسون والواعظون الكبار كبولس وبطرس فقد إتخذوا‬ ‫ألقابا يونانية‪ ،‬كذلك هو الحال مع اإلنجليني مرقس ولوقا‪،‬‬ ‫الذين تد ّرعا بأسامء التينية؟‪..‬‬ ‫وه��ذا يوحي بأن التوليف ال��راويئ لإلناجيل تعمد تجريم‬ ‫وشيطنة اليهود‪ ،‬من خالل رمزية األسامء التي خلعها عىل أبطال‬ ‫الرواية‪ .‬ويبدو أن األمر قد حدث أثناء إعتناق الدولة الرومانية‬ ‫للمسيحية‪ ،‬فكلنا يتذكر كيف أن الوايل بيالطوس غسل يديه‬ ‫من دم الصديق (يسوع) وكأنه يُعلن براءة روما من دمه‪ ،‬يف‬ ‫حني تُركت غوغاء اليهودية املدفوعة من الكهنة وسدنة الهيكل‬ ‫ترصخ‪ :‬أصلبه أصلبه!!‬ ‫ويف هذا السياق أنقل نقدا ً صارماً مثلته آراء بالداوف‪Baldauf‬‬ ‫كامامير ‪ Kammeier‬الذيّن كانا عىل قناعة‪ ،‬بأن تأمالً عميقاً‬ ‫لألناجيل وأعامل الرسل مينح إنطباعاً بأنها كُتبت من أناس مل‬ ‫يعرفوا فلسطني جيدا ً وال اليهودية وطقوسها املعقدة‪ ،‬ومل يُلموا‬ ‫باليونانية إال كلغة أجنبية‪ ،‬مع جهل مطلق باآلرامية!!‬ ‫األسامء يف الرتاث اإلسالمي‪:‬‬ ‫بداية البد من التأكيد ان الدراسات اإلسالمية عموماً‪ ،‬وقعت بني‬ ‫الفينة والفينة ضحي ًة لدوائر تأولية مغلقة‪ ،‬لعدم وجود علوم‬ ‫قاموسية تصلنا باملرحلة السابقة لعربية سيبويه الكالسيكية‪،‬‬ ‫وأحياناً ظهرت ميول مفرطة لدى بعض الباحثني بإعتامد‬ ‫تأويالت تعتمد مرجعيات لسانية أخرى‪ .‬إن تأخر التدوين‬ ‫والخط العريب‪ ،‬اليعني مطلقاً حداثة اللغة العربية وأسبقية‬ ‫اللغات الكتابية األخرى عليها‪ ،‬فالعربية كانت أداة مهمة‬ ‫لتفسري لغات األركيولوجيا‪ ،‬وعليه ال ميكن تجاهل أقدميتها‪ ..‬إن‬ ‫املؤرشات العامة تدل عىل أن قاموس (لغة سيبويه) قد إبتلع‬ ‫فيضا هائال من مفردات وكلامت اللغات القدمية‪ ،‬ووطنها داخل‬ ‫لغة متطورة ذات طاقة حركية عالية‪.‬‬ ‫املالحظة الثانية تتعلق بطبيعة السؤال عن األسامء املؤسسة‬ ‫للرتاث اإلسالمي‪ ،‬فكاتب السطور يعتقد بوجود ثقب زمني‬ ‫يفصل األحداث املبكرة لإلسالم عن مرحلة التدوين‪ ،‬فكلنا يعلم‬ ‫أن سرية إبن هشام أو تاريخ الواقدي أو الصحاح الستة قد‬ ‫دونت بعد مرور مرحلة طويلة سادها النقل الشفهي‪ .‬مام‬ ‫جعل تلك األحداث عرض ًة للتساؤل التاريخي‪.‬خصوصا بوجود‬ ‫صمت للمصادر اليهودية والنسطورية واليعقوبية والقبطية‬ ‫والبزنطية‪ ،‬التي أغمضت عيونها عن لحظات تشكّل اإلسالم‪.‬‬ ‫وهذا أمر محيرّ جدا ؟‬ ‫وقد جرت محاوالت عديدة لرصد التقاطعات اللغوية‪ ،‬عرب‬

‫دراسات مقارنة‪ ،‬لكن مواجهة مبارشة مع القاموس العريب قد حديث املبعث‪ :‬أَنت قُثَم‪ ،‬أَنت امل ُقفَّى‪ ،‬أَنت الحارش؛ وهذه‬ ‫تبدو مفيدة‪ ،‬لتفسري أسامء الشخصيات املؤسسة‪ ،‬وعالقتها أَسامء النبي‪ .‬وكذلك يرد يف الصحاح يف اللغة‪ :‬يقال للرجل إذا‬ ‫مائح قُثَ ٌم‪ .‬ويف كل الحاالت نحن أمام ألقاب‬ ‫الداللية بظروف وآلية الرسد الروايئ‪..‬‬ ‫كان كثري العطاء‪ٌ :‬‬ ‫أو صفات معنوية ت ُعيل من شأن حاملها‬ ‫قبل سنني قرأت «يف مدارات صوفية» للراحل هادي العلوي‪،‬‬ ‫بأن لفظ محمد مجرد صفة وان إسمه الحقيقي «قثم»‪3 ..‬ـ خديجة‪ :‬الخديج هو املولود قبل أوان��ه‪ ،‬ففي القاموس‬ ‫مالحظة عابرة ال تحرك عقرية البحث‪ ،‬ثم تكررت الحالة أثناء َخ َد َجت الناق ُة أَلقت ولدها قبل أَوانه لغري متام األَيام‪ ،‬وإِن كان‬ ‫مطالعتي لألسباين انطونيو غاال‪ ،‬الذي إعتقد أن إسم طارق تا َّم ال َخلْق (ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫بن زياد (فاتح األندلس) هو حديث العهد يف قامئة األسامء‬ ‫العربية‪ ،‬ومن املستبعد أن يُك ّنى به قائد بربري‪ ،‬إذ إن بعض ‪4‬ـ سودة بنت زمعة‪ :‬السواد نقيض البياض‪ ،‬أما الزمعة فرتد كام‬ ‫يل ال َه َن ُة الزائد ُة الناتئ ُة فوق ِظلف الشاة (ل‪.‬ع) ال َّز َمع‪ :‬وهي‬ ‫الدراسات النقدية الحديثة تشكك أصال برواية فتح األندلس‪ ،‬ي ُ‬ ‫وتعتربها حكاية أسطورية ملايض ضبايب‪ ،‬لذا إقرتح أن يكون التي تكون خَلف أظالف الشّ اء‪.‬وشبّه بذلك ُرذَال الناس (م‪.‬ل)‪.‬‬ ‫طارق هو تصحيف إلسم قائد قوطي منشق‪ :‬تاريكس‪ ،‬عىل ويخربنا املوروث أن محمد تزوجها بعد خديجة وكانت إمرأ ًة‬ ‫كبري ًة وواعية وجاوزت صباها وخلت مالمحها من الجامل‪،‬‬ ‫وزن رودريكس (لذريق‪ :‬آخر ملوك القوط)‪.‬‬ ‫وبعد زواجه من عائشة إنقبضت لكنها رفضت الترسيح وآثرت‬ ‫هذه اإلفرتاضات دفعت كاتب السطور إللقاء نظرة عىل لسان البقاء‪( .‬روي عنها خمسة أحاديث) والخالصة أنها منحت إسامً‬ ‫العرب إلبن منظور (ل‪.‬ع) والقاموس املحيط للفريوزآبادي كئيباً‪ ،‬إضافة إلسم والدها الذي بدا مرذوالً !! وكأن املوروث‬ ‫(ق‪.‬م)‪ ،‬ومقاييس اللغة ألحمد بن فارس (م‪ .‬ل)‪ ،‬وهو معجم حرمها من الفتوة والجامل‪ ،‬وربط ذلك بإسمها؟ ليبقيها زوجة‬ ‫يضم بني محتوياته كتاب العني للفراهيدي‪ ،‬وهو أقدم محاولة ثانوية (كومبارس) ؟‬ ‫قاموسية عربية‪ .‬وفيام ييل خارطة لبعض األسامء اإلسالمية‬ ‫‪5‬ـ عائشة بنت أيب بكر‪ :‬وهي أشهر زوجات محمد‪ ،‬نُسب إليها‬ ‫املؤسسة‪:‬‬ ‫رواية الحديث والفقه‪ ،‬ومصدر إسمها من «العيش» ويقال‪:‬‬ ‫اللب إِذا كانوا يَ ِعيشون به‪ ،‬ورمبا س َّموا الخبز‬ ‫‪1‬ـ محمد‪ :‬مشتق من «الحمد»‪ :‬الشكر‪ ،‬الرىض والجزاء وقضاء َعيْش بني فالن نَ ُ‬ ‫الحسنة‪ ،‬وعائشة اس ُم امرأَة (ل‪.‬ع)‪.‬‬ ‫الحق (ق‪ .‬م) والحمد عكس املذ ّمة (ل‪.‬ع) ويرد أيضا أن‪ :‬محمد َعيْشاً‪ .‬والعائش ذو الحالة َ‬ ‫وأَحمد‪ :‬من أَسامء املصطفى‪ ،‬واملحمد الذي كرثت خصاله ورمبا يكون األهم ذكر املصدر العربي للفظ» إيشه» فهو إسم‬ ‫حواء (األم امليثولوجية للبرش) وعىل العموم فاإلسم يتضمن‬ ‫املحمودة؛ قال األَعىش‪:‬‬ ‫بيت اللع َن‪ ،‬كان كَاللُها ــــــــــــــــ إِىل املاجد ال َق ْرم دالالت إيجابية‪ ،‬وأمومة لإلسالم املبكر‪ ،‬يناسب ما أناط بها‬ ‫إِليك‪ ،‬أَ َ‬ ‫املوروث من مهامت تاريخية كبرية‪.‬‬ ‫ال َجواد املحمد‬ ‫قال ابن بري‪ :‬ومن ُسمي يف الجاهلية مبحمد سبعة (أشخاص)‬ ‫فتي‪ :‬البكر من‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ويف نفس السياق فإن لفظ «بكر» يرد مبعنى ّ‬ ‫استسلف ُ‬ ‫رسول الله‪،‬‬ ‫أما فولكر بوب (‪ )5‬فينقل أن أرشيف أوغاريت تضمن أشعارا ً اإلبل‪ ،‬ما مل يَ ْب ُزل بعد(م‪.‬ل) ويف الحديث‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َتي من اإلِبل مبنزلة الغالم من الناس‬ ‫طقوسية وميثولوجية كنعانية‪ ،‬تحتوي مصطلح «مهمد» الذي من رجل بكرا‪ :‬وهو الف ُّ‬ ‫إرتبط إستخدامه بالذهب ويعني‪ :‬األفضل‪ ،‬يف إشارة إىل نقاء (ل‪.‬ع) وبهذا يمُ نح أبو بكر إسامً محايدا ً كام الحال مع خديجة‪.‬‬ ‫الذهب‪ .‬وقد إحتفظ اللفظ األوغاريني «محمد» عىل محتواه‬ ‫‪6‬ـ حفصة بنت عمر‪ :‬إحدى زوجات محمد‪ ،‬والحفص يرد يف‬ ‫الداليل مبعنى‪ :‬املنتخب‪ ،‬املختار حتى بداية اإلسالم‪.‬‬ ‫القواميس‪َ :‬حف َ​َص اليش َء َج َم َعه‪ .‬و َحفَص اليش َء‪ :‬أَلْقاهوال َحف ُْص‬ ‫َبيل من ُجلو ٍد‪ ،‬وقيل‪ :‬هو َزبِيل صغري من أَدَم (ل‪.‬ع) ويقال‬ ‫‪2‬ـ قثم‪ :‬إسم محمد كام ذكره املرحوم هادي العلوي‪ ،‬ويف ز ٌ‬ ‫اللسان نقرأ ماييل‪ :‬وقُثَم اسم رجل مشتق منه‪ ،‬وهو معدول لل َّزبِيل من ُجلود َحفْص‪( .‬م‪.‬ل) وبلمحة بسيطة‪ ،‬يستذكر‬ ‫عن قاثِم وهو امل ُعطي‪.‬ويقال للرجل إذا كان كثري ال َعطاء‪ .‬ويف القارئ القصة الشهرية أثناء جمع القرآن أيام عثامن‪ ،‬وما روي‬

‫‪45‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.