األسماء :وآلية السرد األسطوري لألديان
ـ سمعان :أطلق عليه املسيح إسم «بطرس» والكلمة يونانية وتعنى :الصخرة؟؟ وتذكر مبقولة املسيح :بطرس أنت الصخرة وعليها سأبني كنيستي .وهو ينتمي ملنطقة الجليل والسؤال البديهي :ملاذا يختار يسوع ،اآلرامي اللغة ،لقبا يونانيا لتلميذه؟ ـ متى :من األصل العربي ماتيتياهو ويعني :هدية الله ،وال يُوجد ما يؤكد أنه كاتب إنجيل متى. ـ أندراوس أخ سمعان (بطرس) :اإلسم يوناين ،وأي عني بصرية سرتى تناقضا ما ،فكيف لعائلة يهودية ذات طقوس توراتية معقدة ،أن تطلق عىل أحد أبنائها إسامً يونانياً وعىل اآلخر إسامً آرامياً ـ عربياً؟ أم أن يهود ذلك العرص كانوا مودرن ،ومقتنعني بالتعدد الثقايف واألثني ؟ أم أن الصورة التاريخية التي وصلتنا كانت مش ّوهة ومستعصية عىل الفهم؟ ـ يعقوب ابن زبدي وأخوه يوحنا :ال يُوجد ما يؤكد أن األخري هو صاحب إنجيل يوحنا املعروف. ـ أيضا فيليبوس ،وبرتوملاوس أسامء يونانية بإمتياز. ـ توما :مشتق من اللفط اآلرامي «توأم». ـ يهوذا اإلسخريوطي :إسمه األول يعود ألحد األسباط اإلثني عرش ،أما لقبه فيعود لقرية يف اليهودية إسمها إسخريوط ،وهو الوحيد الذي ينتمي لليهودية بعكس التالميذ (الرسل) اآلخرين الذين أتو من الجليل. .بولس :إسمه القديم «شاول» وقد إستبدله ،بُعيد إعتناقه املسيحية إئر حصول معجزة أصابته بالعمى ،أثناء مطاردته للمسيحني ،قرب دمشق .وبولس :كلمة يونانية Paullos وتعني :الصغري. ومن الرضورة مبكان التوقف عند مرقس ولوقا ،كونهام من كتبة اإلنجيل. ـمرقس :إسمه مشتق من الالتينية Mart cosوتعني املنذور ملارس (إله الحرب الروماين) وهذا اإلسم كان يُطلق عىل مواليد شهر مارس. ـ لوقا :إسم التيني مشتق من ،Lucanusويطلق عىل القادمني من منطقة لوكانا يف جنوب إيطاليا ،ويقول املوروث أن لوقا ولد يف أنطاكيا وإعتنق املسيحية عىل يد بولس وتويف يف اليونان. بعد هذا املوجز ،وبالنظر لإللتباسات الكثرية يف األسامء ومرجعيتها اللغوية ،إضافة إىل تداخل مرميات عديدة يف األحداث (مريم األم ،واملجدلية ،وأم يعقوب الصغري) ،فقد إستوقفني إسم التلميذ (الصحايب الكبري) يهوذا اإلسخريوطي، بإعتباره رمز الخيانة ،فهو الذي سلّم املسيح للصلب ،مقابل قبضه ثالثني من الفضة ،والغريب أنه الوجيد الذي يرجع بأصوله ملنطقة اليهودية ،ناهيك عن إسمه اليهودي الخالص،
44
األسماء :وآلية السرد األسطوري لألديان
أما املؤسسون والواعظون الكبار كبولس وبطرس فقد إتخذوا ألقابا يونانية ،كذلك هو الحال مع اإلنجليني مرقس ولوقا، الذين تد ّرعا بأسامء التينية؟.. وه��ذا يوحي بأن التوليف ال��راويئ لإلناجيل تعمد تجريم وشيطنة اليهود ،من خالل رمزية األسامء التي خلعها عىل أبطال الرواية .ويبدو أن األمر قد حدث أثناء إعتناق الدولة الرومانية للمسيحية ،فكلنا يتذكر كيف أن الوايل بيالطوس غسل يديه من دم الصديق (يسوع) وكأنه يُعلن براءة روما من دمه ،يف حني تُركت غوغاء اليهودية املدفوعة من الكهنة وسدنة الهيكل ترصخ :أصلبه أصلبه!! ويف هذا السياق أنقل نقدا ً صارماً مثلته آراء بالداوفBaldauf كامامير Kammeierالذيّن كانا عىل قناعة ،بأن تأمالً عميقاً لألناجيل وأعامل الرسل مينح إنطباعاً بأنها كُتبت من أناس مل يعرفوا فلسطني جيدا ً وال اليهودية وطقوسها املعقدة ،ومل يُلموا باليونانية إال كلغة أجنبية ،مع جهل مطلق باآلرامية!! األسامء يف الرتاث اإلسالمي: بداية البد من التأكيد ان الدراسات اإلسالمية عموماً ،وقعت بني الفينة والفينة ضحي ًة لدوائر تأولية مغلقة ،لعدم وجود علوم قاموسية تصلنا باملرحلة السابقة لعربية سيبويه الكالسيكية، وأحياناً ظهرت ميول مفرطة لدى بعض الباحثني بإعتامد تأويالت تعتمد مرجعيات لسانية أخرى .إن تأخر التدوين والخط العريب ،اليعني مطلقاً حداثة اللغة العربية وأسبقية اللغات الكتابية األخرى عليها ،فالعربية كانت أداة مهمة لتفسري لغات األركيولوجيا ،وعليه ال ميكن تجاهل أقدميتها ..إن املؤرشات العامة تدل عىل أن قاموس (لغة سيبويه) قد إبتلع فيضا هائال من مفردات وكلامت اللغات القدمية ،ووطنها داخل لغة متطورة ذات طاقة حركية عالية. املالحظة الثانية تتعلق بطبيعة السؤال عن األسامء املؤسسة للرتاث اإلسالمي ،فكاتب السطور يعتقد بوجود ثقب زمني يفصل األحداث املبكرة لإلسالم عن مرحلة التدوين ،فكلنا يعلم أن سرية إبن هشام أو تاريخ الواقدي أو الصحاح الستة قد دونت بعد مرور مرحلة طويلة سادها النقل الشفهي .مام جعل تلك األحداث عرض ًة للتساؤل التاريخي.خصوصا بوجود صمت للمصادر اليهودية والنسطورية واليعقوبية والقبطية والبزنطية ،التي أغمضت عيونها عن لحظات تشكّل اإلسالم. وهذا أمر محيرّ جدا ؟ وقد جرت محاوالت عديدة لرصد التقاطعات اللغوية ،عرب
دراسات مقارنة ،لكن مواجهة مبارشة مع القاموس العريب قد حديث املبعث :أَنت قُثَم ،أَنت امل ُقفَّى ،أَنت الحارش؛ وهذه تبدو مفيدة ،لتفسري أسامء الشخصيات املؤسسة ،وعالقتها أَسامء النبي .وكذلك يرد يف الصحاح يف اللغة :يقال للرجل إذا مائح قُثَ ٌم .ويف كل الحاالت نحن أمام ألقاب الداللية بظروف وآلية الرسد الروايئ.. كان كثري العطاءٌ : أو صفات معنوية ت ُعيل من شأن حاملها قبل سنني قرأت «يف مدارات صوفية» للراحل هادي العلوي، بأن لفظ محمد مجرد صفة وان إسمه الحقيقي «قثم»3 ..ـ خديجة :الخديج هو املولود قبل أوان��ه ،ففي القاموس مالحظة عابرة ال تحرك عقرية البحث ،ثم تكررت الحالة أثناء َخ َد َجت الناق ُة أَلقت ولدها قبل أَوانه لغري متام األَيام ،وإِن كان مطالعتي لألسباين انطونيو غاال ،الذي إعتقد أن إسم طارق تا َّم ال َخلْق (ل.ع). بن زياد (فاتح األندلس) هو حديث العهد يف قامئة األسامء العربية ،ومن املستبعد أن يُك ّنى به قائد بربري ،إذ إن بعض 4ـ سودة بنت زمعة :السواد نقيض البياض ،أما الزمعة فرتد كام يل ال َه َن ُة الزائد ُة الناتئ ُة فوق ِظلف الشاة (ل.ع) ال َّز َمع :وهي الدراسات النقدية الحديثة تشكك أصال برواية فتح األندلس ،ي ُ وتعتربها حكاية أسطورية ملايض ضبايب ،لذا إقرتح أن يكون التي تكون خَلف أظالف الشّ اء.وشبّه بذلك ُرذَال الناس (م.ل). طارق هو تصحيف إلسم قائد قوطي منشق :تاريكس ،عىل ويخربنا املوروث أن محمد تزوجها بعد خديجة وكانت إمرأ ًة كبري ًة وواعية وجاوزت صباها وخلت مالمحها من الجامل، وزن رودريكس (لذريق :آخر ملوك القوط). وبعد زواجه من عائشة إنقبضت لكنها رفضت الترسيح وآثرت هذه اإلفرتاضات دفعت كاتب السطور إللقاء نظرة عىل لسان البقاء( .روي عنها خمسة أحاديث) والخالصة أنها منحت إسامً العرب إلبن منظور (ل.ع) والقاموس املحيط للفريوزآبادي كئيباً ،إضافة إلسم والدها الذي بدا مرذوالً !! وكأن املوروث (ق.م) ،ومقاييس اللغة ألحمد بن فارس (م .ل) ،وهو معجم حرمها من الفتوة والجامل ،وربط ذلك بإسمها؟ ليبقيها زوجة يضم بني محتوياته كتاب العني للفراهيدي ،وهو أقدم محاولة ثانوية (كومبارس) ؟ قاموسية عربية .وفيام ييل خارطة لبعض األسامء اإلسالمية 5ـ عائشة بنت أيب بكر :وهي أشهر زوجات محمد ،نُسب إليها املؤسسة: رواية الحديث والفقه ،ومصدر إسمها من «العيش» ويقال: اللب إِذا كانوا يَ ِعيشون به ،ورمبا س َّموا الخبز 1ـ محمد :مشتق من «الحمد» :الشكر ،الرىض والجزاء وقضاء َعيْش بني فالن نَ ُ الحسنة ،وعائشة اس ُم امرأَة (ل.ع). الحق (ق .م) والحمد عكس املذ ّمة (ل.ع) ويرد أيضا أن :محمد َعيْشاً .والعائش ذو الحالة َ وأَحمد :من أَسامء املصطفى ،واملحمد الذي كرثت خصاله ورمبا يكون األهم ذكر املصدر العربي للفظ» إيشه» فهو إسم حواء (األم امليثولوجية للبرش) وعىل العموم فاإلسم يتضمن املحمودة؛ قال األَعىش: بيت اللع َن ،كان كَاللُها ــــــــــــــــ إِىل املاجد ال َق ْرم دالالت إيجابية ،وأمومة لإلسالم املبكر ،يناسب ما أناط بها إِليك ،أَ َ املوروث من مهامت تاريخية كبرية. ال َجواد املحمد قال ابن بري :ومن ُسمي يف الجاهلية مبحمد سبعة (أشخاص) فتي :البكر من ()4 ويف نفس السياق فإن لفظ «بكر» يرد مبعنى ّ استسلف ُ رسول الله، أما فولكر بوب ( )5فينقل أن أرشيف أوغاريت تضمن أشعارا ً اإلبل ،ما مل يَ ْب ُزل بعد(م.ل) ويف الحديث: َ َتي من اإلِبل مبنزلة الغالم من الناس طقوسية وميثولوجية كنعانية ،تحتوي مصطلح «مهمد» الذي من رجل بكرا :وهو الف ُّ إرتبط إستخدامه بالذهب ويعني :األفضل ،يف إشارة إىل نقاء (ل.ع) وبهذا يمُ نح أبو بكر إسامً محايدا ً كام الحال مع خديجة. الذهب .وقد إحتفظ اللفظ األوغاريني «محمد» عىل محتواه 6ـ حفصة بنت عمر :إحدى زوجات محمد ،والحفص يرد يف الداليل مبعنى :املنتخب ،املختار حتى بداية اإلسالم. القواميسَ :حف ََص اليش َء َج َم َعه .و َحفَص اليش َء :أَلْقاهوال َحف ُْص َبيل من ُجلو ٍد ،وقيل :هو َزبِيل صغري من أَدَم (ل.ع) ويقال 2ـ قثم :إسم محمد كام ذكره املرحوم هادي العلوي ،ويف ز ٌ اللسان نقرأ ماييل :وقُثَم اسم رجل مشتق منه ،وهو معدول لل َّزبِيل من ُجلود َحفْص( .م.ل) وبلمحة بسيطة ،يستذكر عن قاثِم وهو امل ُعطي.ويقال للرجل إذا كان كثري ال َعطاء .ويف القارئ القصة الشهرية أثناء جمع القرآن أيام عثامن ،وما روي
45