شــديدة البيــاض” .كانــا شــابني صغرييــن وتحدثــا عــن كاريــن مثــل خبرييــن. وكان بجــوار النافــذة رجــل نظــر يف ســاعته وقــال“ :لقــد وصــل الربيــد باكــراً هــذه املســاء”. قرقعــت دواليــب عربــة الربيــد فــوق حجــارة الشــارع يف الخــارج؛ ثــم انفتــح بــاب ال ُن ـ ُزل ،وقعقعــت الريــح ثانيــة كل ـواب ال ُن ـ ُز ِل ،وطوحــت الدخــان خــارج املوقــد. أبـ ِ ُ ُ يف اللحظة التي انفتح فيها باب النز ِل ،انسلت كارين إىل املطبخ .دخل ساعي الربيد وألقى تحية املساء عىل الجميع. ساعي الربيد رجل طويل وسيم ذا رأس صغرية بشعر أســود أجعــد ،ولحيــة خفيفــة جعــداء ،وعينــن داكنتــي اللــون .يلبــس املعطــف الدانمــاريك امللــي ذي القمــاش األحمــر الثمــن والــذي تز ّينــه قطعــة مــن جلــد الــكالب املجعــد تتــدىل مــن فــوق الكتفــن. وبدا أن مصباحي البارافني ،شاحبي الضوء ،املتدليني من السقف فوق الطاولة ،قد وقعا يف غرام هذا اللون األحمر الوهاج الذي طغى عىل اللونني الرمادي واألســود لكل يشء آخــر يف صالــة ال ُن ـ ُز ِل .بــدا هــذا املخلــوق الطويــل برأســه الصغري أجعــد الشــعر ،ومعطفــه ذي الياقــة العريضــة وطياتهــا القرمزيــة الطويلــة ،مثــل تحفــة مــن الجمــال والعظمــة وهــو يمــي عــر غاللــة الدخــان يف الصالــة منخفضــة الســقف. خرجــت كاريــن مــن املطبــخ مســرعة والصينيــة بــن يديهــا؛ وكانــت قــد أخفضــت رأســها بحيــث ال أحــد يســتطيع أن يــرى وجههــا ،وهــي تتنقــل بســرعة بــن الزبائــن. وضعــت األرنــب املشــوي عــى الطاولــة بــن بائعــي الســمك ،وأعطــت زجاجــة الصــودا إىل البائعــن الجوالــن، الجالســن يف الغرفــة الداخليــة ،وبعــد ذلــك أعطــت الفــاح القلق شــمعة الشــحم ،ثم وهي خارجة من الغرفة وضعت 63أوري يف يــد ذاك الرجــل الغريــب الواقــف قــرب املدفــأة.
15