Karen av Alexander L. Kielland

Page 26

‫شــديدة البيــاض”‪ .‬كانــا شــابني صغرييــن وتحدثــا عــن كاريــن‬ ‫مثــل خبرييــن‪.‬‬ ‫وكان بجــوار النافــذة رجــل نظــر يف ســاعته وقــال‪“ :‬لقــد‬ ‫وصــل الربيــد باكــراً هــذه املســاء”‪.‬‬ ‫قرقعــت دواليــب عربــة الربيــد فــوق حجــارة الشــارع يف‬ ‫الخــارج؛ ثــم انفتــح بــاب ال ُن ـ ُزل‪ ،‬وقعقعــت الريــح ثانيــة كل‬ ‫ـواب ال ُن ـ ُز ِل‪ ،‬وطوحــت الدخــان خــارج املوقــد‪.‬‬ ‫أبـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يف اللحظة التي انفتح فيها باب النز ِل‪ ،‬انسلت كارين إىل‬ ‫املطبخ‪ .‬دخل ساعي الربيد وألقى تحية املساء عىل الجميع‪.‬‬ ‫ساعي الربيد رجل طويل وسيم ذا رأس صغرية بشعر‬ ‫أســود أجعــد‪ ،‬ولحيــة خفيفــة جعــداء‪ ،‬وعينــن داكنتــي‬ ‫اللــون‪ .‬يلبــس املعطــف الدانمــاريك امللــي ذي القمــاش األحمــر‬ ‫الثمــن والــذي تز ّينــه قطعــة مــن جلــد الــكالب املجعــد تتــدىل‬ ‫مــن فــوق الكتفــن‪.‬‬ ‫وبدا أن مصباحي البارافني‪ ،‬شاحبي الضوء‪ ،‬املتدليني‬ ‫من السقف فوق الطاولة‪ ،‬قد وقعا يف غرام هذا اللون األحمر‬ ‫الوهاج الذي طغى عىل اللونني الرمادي واألســود لكل يشء‬ ‫آخــر يف صالــة ال ُن ـ ُز ِل‪ .‬بــدا هــذا املخلــوق الطويــل برأســه الصغري‬ ‫أجعــد الشــعر‪ ،‬ومعطفــه ذي الياقــة العريضــة وطياتهــا‬ ‫القرمزيــة الطويلــة‪ ،‬مثــل تحفــة مــن الجمــال والعظمــة وهــو‬ ‫يمــي عــر غاللــة الدخــان يف الصالــة منخفضــة الســقف‪.‬‬ ‫خرجــت كاريــن مــن املطبــخ مســرعة والصينيــة بــن‬ ‫يديهــا؛ وكانــت قــد أخفضــت رأســها بحيــث ال أحــد يســتطيع‬ ‫أن يــرى وجههــا‪ ،‬وهــي تتنقــل بســرعة بــن الزبائــن‪.‬‬ ‫وضعــت األرنــب املشــوي عــى الطاولــة بــن بائعــي‬ ‫الســمك‪ ،‬وأعطــت زجاجــة الصــودا إىل البائعــن الجوالــن‪،‬‬ ‫الجالســن يف الغرفــة الداخليــة‪ ،‬وبعــد ذلــك أعطــت الفــاح‬ ‫القلق شــمعة الشــحم‪ ،‬ثم وهي خارجة من الغرفة وضعت‬ ‫‪ 63‬أوري يف يــد ذاك الرجــل الغريــب الواقــف قــرب املدفــأة‪.‬‬

‫‪15‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.