Saraha 7

Page 4

‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 1 - )7‬تموز ‪2013‬‬

‫‪ ‬الثورة السورية ومأساة المعارضة الداخلية والخارجية‬ ‫ال تكاد تذكر الثورة في سوريا إال ويتبادر‬ ‫لذهنك القتال واملعارك الطاحنة التي تدور‬ ‫على كل األراض ي السورية‪ ،‬والبطوالت التي‬ ‫يحققها الثوار في معاركهم هذه ضد قوات‬ ‫النظام على الرغم من عدم التكافؤ ال بالعتاد‬ ‫وال بالعدة‪ ،‬ويتبادر للذهن أيضا كيف أن‬ ‫النظام زج بهؤالء الطيبون في غمار هذه‬ ‫الحرب ليقتل األخ أخاه والجار جاره والجيش‬ ‫شعبه الذي ولد من صلبه‪ ،‬وفي الطرف اآلخر‬ ‫للمعارضة يتبادر لذهنك املجلس الوطني‬ ‫واالئتالف وما يتبعهما من أطياف معارضة‬ ‫أخرى والذي يكاد يدهش في األمر أكثر انعدام‬ ‫الثقة بين الذين يقاتلون في الداخل فيقتلون‬ ‫ويقتلون والذين أصروا على حل أزمتهم بقوة‬ ‫السالح‪ ،‬وبين السياسين الذين أرادوا أن‬ ‫يظهروا للعالم أن ثورتهم ثورة حق ال باطل‬ ‫فيه ‪.‬‬ ‫لقد أجمع الجميع وبات الكل مقتنع في‬ ‫سوريا أن الثورة تنهض بجناحين أساسين‬ ‫األول هو العسكري والذي يعتمد القوة‬ ‫والذي بات الحل األمثل في حضرة نظام‬ ‫امتهن القتل وخبر االجرام بأصنافه وانواعه‪،‬‬ ‫والجناح اآلخر السياس ي الذي يعبر عن املأرب‬ ‫الذي يسعى إليه هؤالء الثائرون والذي من‬ ‫خالله أيضا ينظر الناس إلى هذه الثورة‬ ‫ويعرفوا آليات عملها ومنهجها واديولوجيتها‬ ‫وبالتالي صورة البلد التي سيكون عليها بعد‬ ‫انتصار هذه الثورة ‪.‬‬ ‫لو فرضنا أن الثوار قد نجحوا بكل الجوانب‬ ‫التي تحملها الثورة وأدوا الغرض األساس ي‬ ‫الذي وجدت الثورة من اجله لكنهم لم‬ ‫يستطيعوا حتى اآلن ان يكونوا صوتا واحد‬ ‫وأن يبنوا فكرا واحدا ووطن واحد يرض ى به‬ ‫الجميع فإن كل ما حققوه سيكون وبال على‬ ‫الشعب والوطن في فترة من الفترات ولعل‬ ‫االختالف في مرحلة كهذه هو حالة صحية‬ ‫كما يرى الكثيرون لكن ما يخيف إلى أين‬ ‫يمض ي هذا الشتات القائم‪.‬‬ ‫منذ زمن وال زال العالم يتحاور مع ممثلي‬ ‫الثورة في الخارج وسواء كان حوارهم يجدي‬ ‫نفعا أو ال فإن للداخل ال رأي له حيال أي‬ ‫قرار يصل إليه املتحاورون‪ ،‬ثم أن كل‬ ‫الكتائب والتشكيالت العسكرية العاملة على‬ ‫األرض وبعد أن فقدت الثقة من مشروع او‬ ‫حوار سياس ي يوصل البلد إلى بر األمان‪،‬‬ ‫وايقنوا تمام أن ما أخذ بالقوة ال يرد إال‬

‫بالقوة وأن الحل السياس ي لألزمة كان من‬ ‫أول أهداف الثورة وأول مظاهرها متمثال‬ ‫باملظاهرات السلمية التي عمت البلد في كل‬ ‫انحاءه‪ ،‬وقبل أن يعرف أحد من هؤالء‬ ‫املتظاهرين شكال للسالح ولم يفكر أي منهم‬ ‫بان يكون حمل السالح هو سبيل لتحقيق‬ ‫مطالبهم وقبل أن يعرف أيضا أحد من هؤالء‬ ‫املمثلين أنه سيأتي يوما ويكون فيه ممثال‬ ‫للثورة أمام العالم‪ ،‬لكن التجربة التي‬ ‫خاضها الثوار في سوريا تجربة عظيمة في هذا‬ ‫االتجاه جعلت نظرتهم للواقع تتجسد بكل‬ ‫قوة وجعلتهم يدركوا بالتالي أن ال حوار مع‬ ‫نظام يخرج الرأس فيه على وسائل االعالم‬ ‫ليقول أكثر عدد قتل في سوريا دفعة واحدة‬ ‫لم يزد عن الثالثين مواطن وبالتالي فإن ذلك‬ ‫يدل أنه لم تستخدم أسلحة كيماوية فكان ال‬ ‫بد من حوار نظام كهذا بالسالح وليس غير‬ ‫السالح‪ ،‬وأيضا بعد أن أصبح واضح للقاص ي‬ ‫والداني والكبير والصغير تآمر العالم بكل‬ ‫أركانه وأطيافه على الثورة وأن كل املؤتمرات‬ ‫وكل ما تبنيه املعارضة السياسية بالخارج‬ ‫وهم قائم على الوهم‪ ،‬فكان ال بد لثوار‬ ‫الداخل من أن يفقدوا الثقة بالعالم بإثره‬ ‫ومن ثم بممثليهم الذين فرضوا أنفسهم‬ ‫ممثلين للشعب الثائر من غير أن يأخذوا‬ ‫رأيهم في ذلك‪.‬‬ ‫اما يجري اليوم حيال الوضع في سوريا‬ ‫اصبح واضح للجميع وطاملا أن املعارضة ال‬ ‫زالت تحمل في جوهرها ما يعرف باملعارضة‬ ‫الداخلية والخارجية فإن املستفيد الوحيد‬ ‫هم أعداء الثورة وعلى رأسهم النظام‬ ‫السوري والخاسر الوحيد هو الشعب‬ ‫السوري ممثال بالثوار املرابطين على الثغور‬ ‫الثورة في سوريا اليوم اصبحت تركة‬ ‫والوص ي عليها في الخارج هو االئتالف‬ ‫واملجلس الوطني وما تبعهم من تكتالت‬ ‫سياسية ناشئة او في طور النشوء وهم‬ ‫بالتالي لن يقبلوا بأحد يساومهم على هذه‬ ‫التركة التي فرضوا أنفسهم أوصياء عليها‪،‬‬ ‫والثوار بالداخل والتكتالت العسكرية وبسبب‬ ‫غياب الكوادر والناس اصحاب الخبرة‬ ‫السياسية والتنظيمية على حد سواء يعتبروا‬ ‫أنفسهم اصحاب حق مشروع في تقرير مصير‬ ‫الثورة وقد يكونوا على حق في ذلك فهم من‬ ‫دفع وال زال يدفع الغالي والرخيص في سبيل‬ ‫انتصار الثورة‪ ،‬والثورة اليوم كل ما تحتاجه‬

‫أحمد عاصي‬

‫الحد يرسم لها خط انتصارها ال أحد يحقق‬ ‫لها مشاريع ما بعد سقوط النظام والنظام ال‬ ‫يزال قائم وهذا ما يحصل في أغلب مؤتمرات‬ ‫املعارضة الخارجية‪.‬‬ ‫وبناء على ما تقوم عليه املعارضتان‬ ‫الداخلية والخارجية في نظامهما الداخلي‬ ‫فإنه ال سبيل للتالقي بين الطرفين وأن احد‬ ‫من املعارضة السياسية ليس لديه الوقت‬ ‫لينزل إلى الشارع ويجلس ملدة نصف ساعة‬ ‫مع قادات الثورة الحقيقين الذين يعملون في‬ ‫الساحة والذين يقودون املعارك ويحققوا‬ ‫االنتصارات كل يوم‪ ،‬ألنهم منشغلين‬ ‫باجتماعاتهم ومؤتمراتهم التي ال تثمر وال‬ ‫تغني عن جوع لشعب ألف التشرد وأصبح‬ ‫حلمه الذي يعيش ألجله ان يؤمن قوت يومه‪.‬‬ ‫كما أ احد من قادات الثورة العسكرين‬ ‫العاملين على األرض ال يرى نفسه مستعد‬ ‫للتواصل مع أي من التيارات السياسية التي‬ ‫تعمل باسم الثورة ألنه يرى نفسه في موقع‬ ‫أكبر بكثير من ذلك وألنه يعلم علم اليقين أن‬ ‫أي مشروع يجهز له بعيد عن أزيز الرصاص‬ ‫وهدير املدافع في طريقه إلى الفشل وبالتالي‬ ‫فإن الطريق الذي يسلكه هو الطريق الذي‬ ‫يوصل إلى الحل‪.‬‬ ‫وبين هذا وذاك تتأرجح الثورة السورية‬ ‫ويظن الجميع أن ثورتهم ال زالت ثورة شعب‬ ‫ضد نظام في حين انها تخطت ذلك منذ زمن‬ ‫بعيد وأن ما يلقى على عاتق هذه الثورة وما‬ ‫يؤمل منها أكبر بكثير مما يؤمل من ثورة‬ ‫شعب مضطهد على نظام ظالم‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫فقد آن األوان آلن يعلم كل أطياف الثورة أن‬ ‫كل منهم جزء من هذه الثورة وأن أحدهم‬ ‫يكمل اآلخر وال تتم الثورة إال بتمام أجزائها‬ ‫املكونة لها‪ ،‬ويجب أن يعلموا أيضا أن‬ ‫الوطن واحد والثورة واحدة واالعداء كثر وأن‬ ‫الثورة انتصرت ولكن نحن الذين لم ننتصر‬ ‫فما زالت االفكار التي زرعت في رؤوسنا طيلة‬ ‫خمسين عام تزهر في كل املشاهد‪ ،‬بدأت‬ ‫الثورة بشعار (واحد واحد واحد الشعب‬ ‫الثوري واحد) وبقي منها الشعب الواحد‬ ‫والثورة الواحدة ولكن الثائرون‬ ‫أصبحوا آحاد‪.‬‬

‫‪4‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.