موسم الهجوم على السعودية

Page 1



‫سليماني صانع الرجال‪ ..‬فتأمل الحال‬ ‫لم‬

‫ُّ‬ ‫الخيون‬ ‫بقلم‪ :‬رشيد‬

‫‪120‬‬

‫يبلغ الخنوع لدولة أجنبية كما بلغه سياسيو‬ ‫ال �ع��راق إلي � ��ران‪ .‬نتفهم ال �ع�لاق��ات ب�ين ال ��دول‪،‬‬ ‫وال �ت �ح��ال �ف��ات واالت� � �ح � ��ادات‪ ،‬ل �ك��ن ل �ك��ل ع�لاق��ة‬ ‫أصولها‪ ،‬ووف��ق املصلحة الوطنية! كم من دول��ة أسندت‬ ‫معارضتها م��ن قبل دول��ة أجنبية‪ ،‬وعندما تصل‪ ،‬تلك‬ ‫املعارضة‪ ،‬إلى السلطة تتغير الصالت ويحدد الوالء‪.‬‬ ‫نعلم كم كانت العالقات بني االت�ح��اد السوفياتي ودول‬ ‫املنظومة االشتراكية بأوروبا الشرقية؛ ولم نسمع منها‬ ‫تغزال بشخصية سوفياتية على أنه صنع رجال دولة من‬ ‫دول تلك املنظومة‪ ،‬مع أن العالقات وصلت إلى حد الذوبان‪،‬‬ ‫وكذلك الصالت‪ ،‬خالل الحرب الباردة‪ ،‬بني الدولة األوروبية‬ ‫الغربية وأميركا‪ ،‬وكانت تلك الدول تدور في فلك األخيرة‪،‬‬ ‫ومع ذلك لم نسمع أن أحد سياسيها صرح بالخنوع الذي‬ ‫يصرح به الساسة العراقيون إليران‪.‬‬ ‫قال حامد الجزائري‪ ،‬نائب أمني عام سرايا الخراساني‬ ‫لقناة إيرانية؛ متحدثا بالعربية مع ترجمة للفارسية‪ ،‬عن‬ ‫سليماني‪ ،‬م��ا نصه‪« :‬شخصية ن��ادرة‪ ،‬ال تعرف الكلل‬ ‫وامللل‪ ،‬تتحدى الصعاب بأشد أنواعها‪ ،‬وبكل معانيها‪،‬‬ ‫من ال شيء يخلق شيئا‪ ،‬الشخص الذي يصنع الرجال‬ ‫في العراق‪ .‬أعطى الفرصة أن يكون الرجل العراقي بطال‪،‬‬ ‫ال �ع��راق �ي��ون ك�ل�ه��م ف �خ��ورون أن �ه��م خ��اض��وا امل �ع��ارك إل��ى‬ ‫جوار هذا الرجل‪ ،‬وسمعوا منه النصيحة‪ ،‬وسمعوا منه‬ ‫اإلرشاد والوعظ‪ ،‬عندما يرونه قريبا منهم تشتد عندهم‬ ‫العزيمة‪ ،‬ويكونون كاألسود عندما يدخلون إلى املعركة‪،‬‬ ‫ال يجدون للموت معنى؛ ألن في جوارهم رجال كقاسم‬ ‫سليماني‪ .‬أقول‪ :‬إن الحاج قاسم صنع الرجال‪ ،‬استطاع‬ ‫أن يوجد أبطاال‪ .‬لو أن الحاج قاسم لم يكن موجودا ما‬ ‫ظهر هؤالء الرجال‪ ،‬الحاج قاسم كان له الدور الكبير في‬ ‫بلورة الشجاعة»‪.‬‬ ‫بعد هذا االعتراف الصريح‪ ،‬ومن قبل ميليشيا مؤثرة في‬ ‫الساحة العراقية‪ ،‬تعد سهما من سهام إيران الطائشة في‬ ‫كل مكان تصل يدها؛ ماذا بقي لحرمة الوطن؟ ماذا بقي‬ ‫للعراقي كتاريخ وحاضر ومواقف‪ ،‬إذا كان رجاله جبناء‬ ‫وغ��رس فيهم سليماني الشجاعة؟! م��اذا بقي للعراقي‬ ‫ورجاله يهربون ول��وال أن يشد في عضدهم سليماني‪.‬‬ ‫هل ترون أن حزبا من أحزاب اإلسالم السياسي‪ ،‬الذي ولد‬ ‫في الحاضنة اإليرانية‪ ،‬ومن حارب مع الجيش اإليراني‬ ‫ضد الجيش العراقي‪ ،‬سيرد على صراحة الجزائري؟‬ ‫أو ستعف تلك األحزاب من تسليم ثروة العراق إليران؟‬ ‫هل من شك‪ ،‬مع هذا التصريح وغيره الكثير‪ ،‬أن الدولة‬ ‫العراقية يديرها شخص أجنبي‪ ،‬كمندوب سامي‪ ،‬وأال‬ ‫وزي��ر ي��وزر وال قائد ينصب ف��ي الجيش واألم��ن إذا لم‬ ‫يكن بموافقة هذا املندوب‪ .‬من يمنع قاسم سليماني من‬ ‫أن يستخدم الشباب العراقي‪ ،‬بعد غسل أدمغتهم‪ ،‬في‬ ‫معاركه خارج العراق‪ ،‬وها هي «سرايا الخراساني» تقاتل‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫نيابة عن إيران لحماية نظام بعثي‪ ،‬الذي عارضته أحزاب‬ ‫ومنظمات اإلسالم السياسي ببغداد؟‬ ‫يتذكر الجميع تصريح رئيس املجلس اإلسالمي األعلى‬ ‫سابقا عبد العزيز الحكيم (ت ‪ ،)2009‬حال عودته وحزبه‬ ‫ومنظمته «بدر» إلى العراق (‪« :)2003‬على العراق تعويض‬ ‫إيران خسائر حرب الثماني سنوات» (‪،)1988 - 1980‬‬ ‫وهو يعلم أن الخميني كان مصرا على استمرار الحرب‪،‬‬ ‫وملا اضطر إلى قبول وقفها قال كلمته الشهيرة‪« :‬تجرعت‬ ‫السم»‪ .‬ماذا يعني هذا؟ يعني القوى التي تدير شأن العراق‬ ‫ليست لديها حدود في الخضوع‪ ،‬بل ما زال رجالها يعدون‬ ‫أنفسهم جنودا في الحرس الثوري‪.‬‬ ‫يعلم الجزائري وغيره‪ ،‬من األحزاب والجماعات الدينية‪،‬‬ ‫أن ال��ذي جعل لهم اليد الطولى على مقدرات العراق هي‬ ‫أميركا وليست إي��ران‪ ،‬بل كانت إي��ران غير راضية على‬ ‫الغزو األميركي‪ ،‬تحبذ نظاما ضعيفا محاصرا داخل‬ ‫العراق على وجود جيش أميركي إلى جوارها من جهة‬ ‫الغرب‪ .‬حتى أن هذه األحزاب املتمكنة اآلن‪ ،‬بفضل الغزو‬ ‫األميركي‪ ،‬أص��در بعضها بيانات ضد الغزو آن��ذاك‪ .‬لذا‬ ‫كان جهد إيران بعد اإلطاحة بالنظام العراقي السابق‪ ،‬أن‬ ‫تحشد العنف تحت مسمى «املقاومة اإلسالمية»‪ ،‬وسرايا‬ ‫الخراساني واحدة من فرق ذلك العنف الذي عاشه العراق‬ ‫بعد ‪.2003‬‬ ‫نعود لنائب األم�ين عام السرايا‪ ،‬وهو يتحدث لفضائية‬ ‫«ال�ش��روق الجزائرية»‪ ،‬وال أعلم ما صلة ه��ذه الفضائية‬ ‫بالسرايا‪ ،‬كي تبعث مندوبة إلى العراق للقاء نائب أمينها‬ ‫العام؟ يقول‪ :‬إن اسم السرايا تيمنا بشخصية أبي مسلم‬ ‫الخراساني (قتل ‪136‬هـ)‪ ،‬وعلى أنه سيظهر آخر الزمان‬ ‫شخص يسمى «الخراساني» ويصرع السفياني‪ ،‬فجاء‬ ‫االسم من باب التبرك والتثمني‪ ،‬للدفاع عن الدين املحمدي‪،‬‬ ‫حسب ق��ول��ه‪ .‬بهذا املنطق تشكل ح��زب اسمه «الطليعة‬ ‫اإلسالمي»‪ ،‬ومسجل في مفوضية االنتخابات‪ ،‬والسرايا‬ ‫جناحه العسكري‪.‬‬ ‫أقول‪ :‬عندما يدافع وزير خارجية بلد عن صور قادة بالد‬ ‫أخرى‪ ،‬على أنها رموز دينية‪ ،‬وعندما يقول قائد ميليشيا‪،‬‬ ‫ملنظمته وزارة الداخلية‪« :‬نحن مع اإلم��ام إذا قال توقف‬ ‫الحرب نوقفها‪ ،‬وإذا اإلمام قال تستمر تستمر»‪ .‬فكيف‬ ‫الحال اآلن‪ ،‬واألخير أصبح سلطة؟!‬ ‫يقول الفرزدق (ت‪110‬هـ) ليزيد بن عبد امللك (ت ‪105‬هـ)‪،‬‬ ‫وق��د سلم األخ�ي��ر أم��ر ال�ع��راق لشخص ال يؤتمن على‬ ‫ْ‬ ‫ورافديه‬ ‫راحلة قلوص‪ ،‬حسب الشاعر‪« :‬ا أطعمــت العـراق‬ ‫ فـزاريا أح��ذ ي��د القميص ‪ -‬تفهق بالعراق أب��و املثنى‬‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ وعلم قومه أك��ل الخبـيص» (امل�ب��رد‪ ،‬الكامل في اللغة‬‫واألدب)‪ .‬فتفهق يا قاسم سليماني بالعراق ورافديه‪،‬‬ ‫وقد صنعت بيدك جنودا يحكمونه لك‪ ،‬فتوجه بهم إلى‬ ‫أين ومتى ما شئت <‬


‫لم أقدم أعماال مهمة‬

‫‪,,‬‬

‫العاملية ال تهمني‬

‫أبحث عن حب مستحيل‪..‬‬ ‫أعشق الجانب الوردي‬ ‫من الحياة‬

‫‪,,‬‬

‫جراح نفسي ولكن ال يملك أن يشفيها‪ ،‬فهو ينفث عن‬ ‫بعض املشاعر واألح��اس�ي��س التي تتراكم ف��ي دهاليز‬ ‫نفسي‪ .‬يعطي ً‬ ‫جزءا من األمان بأن يشعرك بالقوة وعدم‬ ‫الحاجة إلى اآلخرين‪ ،‬ولكنه ال يقدم البديل الكامل الذي‬ ‫يريحني من الضنى‪ .‬النجاح والشهرة يحققان نوعا‬ ‫من إثبات الذات‪ ،‬ويعطيان بعض أحاسيس الرضا عن‬ ‫النفس‪ ،‬إنما ال يعوضان األمان املفقود‪ ،‬ولهذا فأنا حتى‬ ‫هذه اللحظة في حالة بحث دائم عن األمان‪.‬‬ ‫يوم أشعر باألمان سوف أترك السينما ف� ً‬ ‫�ورا‪ ،‬وأعتزل‬ ‫التمثيل وأقول للفن ً‬ ‫وداعا؛ ألن التمثيل ال يمثل بالنسبة‬ ‫إلي حرفة ‪ -‬رغم أنني أعيش منه ‪ -‬بل هو ترجمة ألشياء‬ ‫أجهلها في أعماق نفسي‪ .‬وإذا لم ينبع الفن من أشد‬ ‫األش �ي��اء عمقا ف��ي اإلن �س��ان ي�ك��ون ك��اذب��ا أو سطحيا‪.‬‬ ‫ويمكن أن يتالشى إحساسي بعدم األمان‪ ،‬عندما أجد‬ ‫من أحبه ويحبني بالطريقة نفسها‪ .‬بأن تذوب حياتي‬ ‫وروحي معه‪ ،‬ومن املمكن أن أجد عددا هائال من الرجال‬ ‫يحبونني‪ ،‬إنما أن أحب أنا فهذه هي املعضلة‪ .‬ويجوز أن‬ ‫يكون هذا نوعا من خداع النفس حتى أستمر في الفن‬ ‫الذي أحبه‪.‬‬ ‫ال أستطيع ال �ق��ول إن ت�ج��رب��ة زواج��ي‬ ‫من علي بدرخان فاشلة‪ ،‬فهي تجربة‬ ‫ناجحة رغم ما انتهت إليه‪ .‬ولقد تحقق‬ ‫لي في الفترة التي عشتها معه قدر كبير‬ ‫م��ن األم ��ان واالس �ت �ق��رار‪ ،‬واستمتعت‬ ‫بهذه العالقة للغاية‪ .‬والحب الذي كان‬ ‫بيننا كرجل وامرأة تحول إلى حب بني‬ ‫أخ وأخت بالدرجة نفسها من اإلعزاز‬ ‫والتقدير والود‪ ،‬بشكل إنساني جميل‪.‬‬ ‫أحب دائما أن أرى الجانب األفضل في‬ ‫ال �ن��اس‪ ،‬وال�ج��ان��ب ال ��وردي ف��ي الحياة‪،‬‬ ‫ال أري� ��د أن أش ��اه ��د ال �ص ��ور امل �ف��زع��ة‪،‬‬ ‫حتى أح�م��ي نفسي وال أف�ق��د إيماني‬ ‫ب��اإلن�س��ان‪ .‬وأن��ا ال أتحمل تصديق أن‬ ‫الناس أش��رار حتى لو أصابني منهم‬ ‫ض��رر‪ .‬فعندما أفكر في هذه األشياء‬ ‫أتألم جدا ألنني أصدم بواقع مرير وقاس‪،‬‬ ‫خال من البراءة والصفاء‪ ،‬وأشعر ببشاعة‬ ‫الحياة التي نعيشها‪ .‬وأنا ال أستطيع تحمل كل هذا؛ ألنه‬ ‫يؤذي شعوري وينال مني ويندفع داخلي‪ ،‬فيمزقني األلم‬ ‫بدرجة مرعبة‪ .‬ولهذا فأنا أبتعد حتى ال أرى كل ذلك‪،‬‬ ‫وهذا ليس هروبا ولكن ال أريد أن أحس بالحياة بدرجة‬ ‫أكبر مما أنا فيه اآلن‪.‬‬ ‫العزلة التي أعيشها شيء ضروري وهام بالنسبة إلي‬ ‫كفنانة؛ ألنني وسط الضجيج ال أرى األشياء بوضوح؛‬ ‫ألنني من النوع الذي يتفاعل مع ما يحدث‪ .‬وأتعايش معه‬ ‫كأنه يحدث لي ‪ -‬وهذا شيء ال يحتمل ‪ -‬ولو تركت نفسي‬ ‫تعيش كل هذا ممكن أموت بالسكتة القلبية أو أصاب‬ ‫بالشلل‪ .‬وتكفي جدا انفعاالتي في السينما‪.‬‬ ‫سر عذابي أنني أه��وى الكمال في كل ش��يء‪ .‬في الفن‬ ‫والحياة‪ .‬ولذا أتعذب وأصلب في الفجوة املوجودة ما بني‬ ‫رغبة الكمال وضحالة الواقع‪ ،‬وأتمزق من الداخل وأنزف‬ ‫ملحاولة التغلب على معوقات هذا الواقع‪ ،‬من أجل صنع‬ ‫شيء جميل‪ .‬أنا رحلة تمرد طويلة‪ ،‬لم يكن أمامي من‬ ‫وسيلة للتغلب على واقع حياتي غير التمرد‪ ،‬ولم يكن‬ ‫هناك سبيل لتحقيق الذات في السينما إال بالتمرد على‬

‫شخصية «سندريلال»‪.‬‬ ‫ووسيلتي لتحقيق درجة من الكمال الفني اإلنساني هي‬ ‫التمرد على ما أنا فيه‪ ،‬ولهذا فأنا أصنع إيقاعا أسرع في‬ ‫حياتي من أجل سرعة التغيير‪.‬‬ ‫لم أحقق ثروة‬ ‫ال ي �ض��اي �ق �ن��ي أب � ��دا أن �ن��ي ل ��م أص �ن��ع ث � ��روة م� ��ا‪ ،‬ب��دل�ي��ل‬ ‫استطاعتي صنعها ال�ي��وم أو غ��دا‪ .‬فمن أسهل األم��ور‬ ‫أن أقبل ع��روض األف�ل�ام التي تقدم إل��ي دون االهتمام‬

‫بمستواها الفني‪ ،‬وف��ي فترة قصيرة‬ ‫أصبح من أكثر الفنانات ث��روة‪ .‬ولكن‬ ‫لو فعلت هذا فسوف أصبح شيئا آخر‪،‬‬ ‫ولن أكون سعاد حسني‪.‬‬ ‫في العام املاضي قبلت نوعا من التنازل‬ ‫النسبي ‪ -‬ليس من أجل املادة‪ ،‬ولكن ألن‬ ‫فترة غيابي فنيا طالت ‪ -‬وال يتصور‬ ‫عقل بشر مدى األلم الفظيع الذي عشته‬ ‫بسبب مستوى ه��ذه األف�ل�ام‪ .‬وعندما‬ ‫ك�ن��ت أع ��ود إل��ى ال�ب�ي��ت ب�ع��د التصوير‬ ‫أص��اب بحالة انهيار‪ ،‬ول�ه��ذا فأنا غير‬ ‫راغبة إطالقا في تكوين ثروة‪ ،‬رغم أنني‬ ‫أع �ي��ش ف��ي ش�ق��ة ص�غ�ي��رة ومتطلبات‬ ‫حياتي والعمل أكبر بكثير مما أكسبه‪.‬‬ ‫ال تشغلني م�س��أل��ة أن أص�ب��ح نجمة‬ ‫عاملية‪ ،‬وليست ضمن طموحي‪ ،‬ولم‬ ‫أك��اب��د ال �ش��وق أب ��دا ً ف��ي ه ��ذا االت �ج��اه‪.‬‬ ‫ولهذا لم أفكر مطلقا في الرحيل إلى‬ ‫ب �ل��د آخ ��ر ب�ح�ث��ا ع ��ن ح �ل��م ال�ن�ج��وم�ي��ة‬ ‫أصنع عمال‬ ‫الذهبي‪ .‬ما يمتعني فنيا أن ُ‬ ‫سينمائيا جيدا للناس الذين أنا منهم‪ ،‬وأن أعبر عن‬ ‫هموم ومشاكل وطموح الفتاة املصرية بشكل صادق‬ ‫وناضج‪ .‬وأنا ال أتخيل أنه بإمكاني التعبير عن مجتمع‬ ‫آخر لم أعش مشاكله وحياته‪ .‬وأما إذا كان الطريق إلى‬ ‫العاملية فيلما مصريا يعبر عن واقعنا فهذا ما أتمناه‬ ‫بال تحفظ‪.‬‬ ‫ال��دوام وامل�ج��د ليس ل��ي فيهما‪ ،‬وأن��ا أعمل ال�ش��يء ال��ذي‬ ‫أستطيعه من أجل أن يكون له تأثير اليوم‪ .‬وأنا ال أصنع‬ ‫فنا من أجل املستقبل‪ ،‬فليس من املفروض أن يصنع‬ ‫كل األهداف النبيلة والسامية شخص واحد‪ .‬املفروض‬ ‫ً‬ ‫صغيرا ً‬ ‫ً‬ ‫جيدا‪ ،‬وبهذا يمكننا‬ ‫أن يصنع كل إنسان شيئا‬ ‫التطور وصنع األفضل‪ .‬واملطلوب اآلن ترميم املوجود ثم‬ ‫تفكر بعد ذلك في الغد‪.‬‬ ‫ال أعمال مهمة‬ ‫الحقيقة إنني أشعر بأنني لم أقدم أعماال فنية هامة‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬ولم أكن من املحظوظات الالتي لعنب أدوارا‬ ‫كثيرة جيدة‪ ،‬وربما في السنوات املقبلة أستطيع عمل‬ ‫فيلمني أو ثالثة ‪ -‬على األقل ‪ -‬أستطيع أن أقول عنها‬ ‫إن�ه��ا أف�ل�ام سينمائية حقيقية‪ .‬ال ي�ح��دث أن فيلما‬ ‫أت��وق��ع نجاحه ث��م يفشل؛ ألن��ه م��ن خ�لال سير العمل‬ ‫ف��ي تصوير الفيلم وإع ��داده أع��رف أن��ه سيكون دون‬ ‫املستوى‪ ،‬وأعرف من أين يأتي الخطأ‪ ،‬وسببه ونوعه‪.‬‬ ‫ول�ك��ن يستحيل ال�س�ي�ط��رة ع�ل��ى ك��ل ع�ن��اص��ر العمل‬ ‫وعندما ال ينجح فيلم ل��ي أش�ع��ر ب�ح��زن عميق؛ ألنه‬ ‫لم يكن عندي مزيد من التصميم والعناد ملنع نقاط‬ ‫الضعف املوجودة في الفيلم وأصمم على املقاومة في‬ ‫املرة القادمة حتى النفس األخير‪ ،‬من أجل منع أي خلل‬ ‫فني يسبب هبوط الفيلم‪.‬‬ ‫هناك قوة ما كامنة في داخلي‪ ،‬لهيب مشتعل يدفعني‬ ‫دائما للتطوير واالستمرار‪ .‬شيء في داخل قلبي يدفعني‬ ‫للتجديد مهما كان الثمن‪ .‬وأنا مؤمنة بما أقدمه‪ ،‬وأشعر‬ ‫بأنه شيء جيد يستحق أن أفنى دائما فيه وأضحي في‬ ‫سبيله بالراحة والنوم واالستقرار <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪119‬‬


‫هكذا أزاحت سعاد حسني النقاب عن األسرار فبرزت أغلب املالمح في حديث كأنه اعترافات أمام الذات‪ .‬وربما تصدم الحقائق خيال‬ ‫املعجبني‪ .‬وفيما يلي اعترافات سعاد حسني التي روتها بنفسها للمجلة أغسطس عام ‪ 1982‬فماذا قالت‪.‬‬

‫من أوراق السندريال‪ ..‬خاص لـ‬

‫سعاد حسني‪ :‬أخاف من املستقبل وال أشعر باألمان‪..‬‬ ‫وسر عذابي مطلبي للكمال‬ ‫> هذا هو اليوم الذي سأعتزل فيه السينما‬ ‫ً‬ ‫شيئا ً‬ ‫مهما للسينما‬ ‫> أبحث عن بديل لألمان املفقود‪ ..‬ولم أقدم‬ ‫القاهرة‪ :‬املجلة‬ ‫ال يوجد أدنى انفصال بني الفنان واإلنسان‬ ‫بداخلي‪ .‬هما ممتزجان مع بعضهما البعض‬ ‫ت �م��ام��ا‪ .‬ف�ع�ن��دم��ا ت�ج�ت��اح�ن��ي آالف امل�ش��اع��ر‬ ‫املتباينة واملتناقضة تكون كلها من وجهة نظر اإلنسان‬ ‫والفنان معا‪ ،‬فال يوجد حاجز بني حياتي الفنية وحياتي‬ ‫الخاصة‪ ،‬وال يمكنني أن أعيش في حالة انفصام بني‬ ‫الفن والحياة‪ .‬ورغم أن هذه الحالة صعبة ومؤملة‪ ،‬فإنني‬ ‫ال أستطيع أن أجزئ نفسي إلى قسمني‪.‬‬ ‫رغ��م تفاؤلي فأنا أخ��اف من املستقبل‪ .‬أشعر تجاهه‬ ‫بنوع خاص من الرهبة‪ .‬يثير الغد في رأسي الهواجس‬ ‫وعالمات االستفهام‪ ،‬ولذا فأنا أفكر كثيرا في كل شيء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأقيم املسائل بدرجة غير معقولة‪ .‬أحيانا أعيد التفكير‬ ‫في بعض األشياء مئات املرات؛ ألنني ال أريد أن أرتكب‬ ‫أخطاء في حق الغير أو النفس‪ ،‬أو أظلم نفسي أو أظلم‬ ‫اآلخرين‪ .‬ومهما كان العذاب ال��ذي أعيشه وأن��ا أحاور‬ ‫نفسي‪ ،‬فإنني ف��ي النهاية أخ��رج م��ن ه��ذه الحالة وأن��ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ونفسيا وأح��س بأنني تخلصت من‬ ‫ذهنيا‬ ‫منتعشة‬ ‫شوائب تعكر صفو حياتي‪ .‬أنا أعيش في حالة فقدان‬ ‫دائم لألمان‪ .‬ترسب في نفسي هذا الشعور املرير منذ‬ ‫أيام طفولتي القاسية‪ ،‬فعندما استطاع أبي أن ينتزعني‬ ‫من أمي بعد معارك كثيرة‪ ،‬شعرت بأنه غدر بي وأن‬ ‫العطف األبوي أكذوبة بلهاء‪ .‬ورجتني الصدمة من أعماق‬ ‫أع�م��اق��ي‪ ،‬وت��رك��ت ف��ي نفسي بصمة إح�س��اس معذب‬ ‫بافتقاد األم��ان‪ ،‬وجعلت الخوف والحرمان يتسلالن‬ ‫إلى داخلي ويكسوان مشاعري بطبقة ثلجية باردة‪.‬‬ ‫الطفلة الباكية‬

‫سعاد حسني‬

‫‪118‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫صورة الطفلة الصارخة الباكية التي تحاول التملص من‬ ‫األيدي القاسية تزورني كثيرا‪ .‬تتشكل أمام عيني في‬ ‫كل مرة بمنظور جديد ولكنه أكثر إيالما‪ .‬ولذا تحرمني‬ ‫من راحة االسترخاء ولذة الطمأنينة‪ .‬والفن يخفف من‬


‫أماندا نوكس خالل مقابلة في برنامج‬ ‫«صباح الخير يا أمريكا» بثته شبكة تلفزيون‬ ‫اي بي سي ‪ 29‬سبتمبر (غيتي)‬

‫ميرديث كريتشر يرون أنها تمكنت هي‬ ‫وصديقها رافيلي سوليسيتو من الفرار‬ ‫من العدالة‪.‬‬ ‫وحتى يومنا الحالي‪ ،‬ال ت��زال وسائل‬ ‫اإلع�ل�ام تشهد ج��داال ساخنا ح��ول تلك‬ ‫ال�ق�ض�ي��ة‪ ،‬وح ��ول م��ا إذا ك��ان��ت كنوكس‬ ‫ق��د تمكنت م��ن ال �ف��رار م��ن ال �ع��دال��ة رغ��م‬ ‫ارتكابها الجريمة أم ال‪.‬‬ ‫وتلخص كنوكس القضية على نحو‬ ‫أف�ض��ل ف��ي ال�ف�ي�ل��م‪ ،‬ح�ي��ث ت �ق��ول‪« :‬ه�ن��اك‬ ‫م ��ن ي��ؤم �ن��ون ب �ب ��راء ت ��ي وم� ��ن ي��ؤم �ن��ون‬ ‫بأنني مذنبة‪ .‬وليس هناك م��ن يقفون‬ ‫في الوسط‪.‬‬ ‫إذا كنت مذنبة فيجب أن أكون أكثر من‬ ‫يشعر بالخوف‪ ،‬ولكنني إذا كنت بريئة‬ ‫فالجميع معرض لنفس التجربة‪ .‬فإما‬ ‫أن أك ��ون ش�ي�ط��ان��ا ي�ت�خ�ف��ى ف��ي م�لاب��س‬ ‫املالئكة أو أكون أنت» <‬

‫أماندا نوكس تتحدث إلى وسائل اإلعالم خالل مؤتمر صحافي مقتضب‬ ‫أمام منزل والديها ‪ 27‬مارس ‪ 2015‬في سياتل‪ ،‬واشنطن (غيتي)‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪117‬‬


‫ألول مرة تتحدث الطالبة األميركية التي أدينت خطأ في جريمة قتل ميرديث كريتشر‪ ،‬في فيلم تتم فيه األسئلة لألطراف‬ ‫الرئيسية بالقصة؛ حيث يعيد الفيلم اقتفاء أثر جريمة قتل كريتشر املروعة التي وقعت في بيروجيا بإيطاليا في عام‬ ‫‪ ،2007‬وأصبحت أكثر القضايا التي أثارت االهتمام على مستوى العالم ملدة ‪ 8‬سنوات‪.‬‬

‫بعد ‪ 9‬أعوام من إدانتها بتهمة القتل ‪ ..‬أماندا كنوكس تعترف بالحقيقة من خالل فيلم بثه موقع «نتفليكس»‬

‫من قتل ميرديث كريتشر؟‬ ‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬ ‫بعد ‪ 9‬أعوام من إدانتها بتهمة‬ ‫ق �ت��ل ك��ري �ت �ش��ر‪ ،‬ت �م �ك �ن��ت أخ �ي��را‬ ‫أم� ��ان� ��دا ك �ن��وك��س م ��ن أن ت ��روي‬ ‫رؤيتها للقصة في الفيلم الجديد لرود‬ ‫بالكهارست وبرايان ماكجوين‪ ،‬والذي‬ ‫ت��م ب�ث��ه م��ؤخ��را م��ن خ�ل�ال م��وق��ع ش��رك��ة‬ ‫«نتفليكس»‪.‬‬ ‫وي ��رص ��د ال �ف �ي �ل��م ب��دق��ة ال �ط��ري �ق��ة ال�ت��ي‬ ‫وق �ع��ت ب�ه��ا أح� ��داث ت�ل��ك ال�ل�ي�ل��ة امل��روع��ة‬ ‫ف ��ي ن��وف �م �ب��ر (ت �ش��ري��ن ال �ث��ان��ي) ‪،2007‬‬ ‫وكيف أثرت تلك األح��داث على كنوكس‬ ‫وصديقها في ذلك الوقت‪ ،‬رافيلي‬ ‫سوليسيتو‪ ،‬ال��ذي أدي��ن أيضا في‬ ‫الجريمة‪ ،‬إضافة إلى املدعي العام‪،‬‬ ‫ج��ول�ي��ان��و ميجنيني‪ .‬إض��اف��ة إل��ى‬ ‫استكشاف تناول الصحف الصفراء‬ ‫للقصة وم�لاح�ظ��ات�ه��ا ح��ول جمال‬ ‫ك �ن��وك��س وع�ل�اق ��ات� �ه ��ا ال�ش�خ�ص�ي��ة‬ ‫التي ربما تكون قد شكلت أو غطت‬ ‫على التحقيقات ف��ي تلك الجريمة‬ ‫املأساوية‪.‬‬ ‫ف �ي �ق��ول م��اك �ج��وي��ن‪« :‬ك� ��ل ش�خ��ص‬ ‫في الفيلم من أماندا إلى ميجنيني‬ ‫يصطحبنا معه عبر تجربته داخل‬ ‫م�س��رح ال�ج��ري�م��ة‪ ،‬وي �ق��دم ل�ن��ا رؤي�ت��ه‬ ‫ل�ت�ف��اص�ي��ل م��ا ح� ��دث‪ .‬ول �ك��ن ال �س��ؤال‬ ‫ه ��و‪ :‬ك�ي��ف ي�م�ك��ن ل�ص�ن��اع ال�ف�ي�ل��م أن‬ ‫يتجاوزوا األسئلة األساسية املتعلقة‬ ‫بالجريمة؟»‪.‬‬ ‫وأض� ��اف ب�لاك �ه��ارس��ت‪« :‬ل �ق��د رأي�ن��ا‬ ‫أن العالم بأسره ك��ان مهووسا بتلك‬ ‫املأساة‪ .‬وكنا نريد أن نفهم كيف يمكن‬ ‫أن ينتشر شيء على هذا النحو وكيف‬ ‫كان الحال بالنسبة لألشخاص الذين‬

‫‪116‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫كانوا عالقني في تفاصيل تلك القصة؟»‬ ‫ك ��ان ��ت ك� �ب ��رى امل �ح ��اك ��م ال �ج �ن��ائ �ي��ة ف��ي‬ ‫إي� �ط ��ال� �ي ��ا ق � ��د ب� � � ��رأت ك � ��ل م � ��ن ك �ن��وك��س‬ ‫وس��ول �ي �س �ي �ت��و ال� �ع ��ام امل� ��اض� ��ي‪ ،‬وأل �ق��ت‬ ‫باللوم على بعض «الثغرات املبهرة» في‬ ‫التحقيق‪ ،‬وع��دم وج��ود دليل يربط بني‬ ‫املتهمني والجريمة‪ .‬ويرجع الفيلم إدانة‬ ‫ك�ن��وك��س ال�خ��اط�ئ��ة إل��ى مبالغة وس��ائ��ل‬ ‫اإلعالم‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ال يزال املدعي الرئيسي‬ ‫جوليانو ميجنيني يصر على أنه كان‬ ‫محقا تماما عندما اعتبر أن الدليل على‬

‫ميرديث كريتشر‬

‫إدانة كنوكس يرجع إلى أن القاتل غطى‬ ‫جثتها بمالء ة‪ ،‬وهو الشيء الذي يزعم‬ ‫بأن «رجال ال يفكر أبدا في أن يفعله»‪ .‬وال‬ ‫يزال املدعي يتحدث حول حدسه القوي‬ ‫رغ ��م أن ��ه ت �ع��رض ل �ل �ع �ق��اب خ �ل�ال ال �ع��ام‬ ‫املاضي نظرا إلفساده القضية‪.‬‬ ‫وع �ل��ى ال��رغ��م م��ن أن ال�ف�ي�ل��م ال��وث��ائ�ق��ي‬ ‫ح��ول إدان��ة أم��ان��دا كنوكس وامل�ت��اح من‬ ‫خالل «نتفليكس» يبدو شعبيا للغاية‪،‬‬ ‫فإن هناك من يرفضون مشاهدته‪.‬‬ ‫حيث ترفض أسرة كريتشر أن تشاهده‪،‬‬ ‫كما كسرت أختها حاجز الصمت أخيرا‬ ‫وت�ح��دث��ت ح��ول فضولها ت�ج��اه السبب‬ ‫ال ��ذي ال ي ��زال ي��دف��ع أم��ان��دا كنوكس‬ ‫ل�ل�ح��دي��ث ح ��ول ق�ض�ي��ة أخ �ت �ه��ا‪ .‬كما‬ ‫تشعر امل ��رأة ‪ -‬وأف� ��راد أس ��رة القتيلة‬ ‫اآلخرون ‪ -‬بأن الفيلم تجاهل إلى حد‬ ‫كبير امل��رأة التي قتلت بوحشية في‬ ‫‪.2007‬‬ ‫وقد أخبرت أختها «امليرور»‪« :‬إذا‬ ‫كان الفيلم يتمحور حول تجربتهم‬ ‫وتبرئتهم‪ ،‬فكان يجب أن يركز على‬ ‫تلك القضية‪.‬‬ ‫ول �ك��ن ب��ال�ن�س�ب��ة ل ��ي ف ��إن تضمني‬ ‫م��واد جرافيك يعد خ��ارج السياق‪.‬‬ ‫كما أن هناك كثيرا من األسئلة التي‬ ‫ل��م يجب عنها الفيلم وه��ي أسئلة‬ ‫محورية تجنب املنتجون التطرق‬ ‫لها‪.‬‬ ‫وال تزال الحقيقة هي أن املحكمة‬ ‫وج � ��دت أن رودي ج��وي��د م��ذن �ب��ا‪،‬‬ ‫ولكنها أق��رت ف��ي نهاية املحاكمة‬ ‫بأنه لم يكن وحده»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أماندا كنوكس‬ ‫قد تمت تبرئتها فإن هناك كثيرا‬ ‫م��ن األش �خ��اص بما ف��ي ذل��ك عائلة‬


‫يشبه الذي يستخدمه العبو املالكمة وسوف أسميه‬ ‫مجسم (ف��ش ال�غ��ل)‪ .‬ويمكن ل�ل��رواد إحضار صورة‬ ‫ألي شخص ووضعها على املجسم وتوجيه الصراخ‬ ‫والضربات وكل طاقة الغضب نحوها»‪.‬‬ ‫شعور اإلنسان بالقهر‬

‫تجربة الغرفة‬ ‫ويضيف‪« :‬الكثير من الزوار يدفعهم الفضول إلى‬

‫غرفة صراخ بمقهى مصري (املجلة)‬

‫تجربة الغرفة‪ .‬كما أن األمر يتحول إلى مزاح وضحك‬ ‫خالل انتظارهم لدورهم‪ .‬وألن املقهى لم يكن ناجحا‬ ‫جدا قبل تجربة غرفة الصراخ حيث لم يكن يغطي‬ ‫تكاليفه كمشروع‪ ،‬لكن منذ افتتاح الغرفة حققنا‬ ‫نجاحا كبيرا‪.‬‬ ‫ل��ذل��ك أش�ع��ر بأنني م��دي��ن ل ��رواد املقهى وأعاملهم‬ ‫كأنهم أصحاب املكان وكأنهم في منزلهم‪ .‬وأحاول‬ ‫أن أعرف هواية كل شخص ثم أعرفه على أشخاص‬

‫‪,,‬‬

‫يوجد نوعان من الغضب‬ ‫أحدهما سلبي واآلخر‬ ‫إيجابي‪ .‬ويعتبر الصراخ‬ ‫في غرفة مغلقة بشكل‬ ‫عام صورة سلبية من‬ ‫الغضب اإليجابي‬

‫‪,,‬‬

‫وي� ��رى اس �ت �ش��اري ال �ط��ب ال�ن�ف�س��ي وأم� � ��راض امل��خ‬ ‫واألعصاب الدكتور جمال فرويز أن الصراخ والبكاء‬ ‫يخرج الطاقة السلبية‪ .‬ويضيف لـ«املجلة» أنه عندما‬ ‫يشعر اإلنسان بالقهر أو الضغط أو الروتني تتكون‬ ‫ل��دي��ه ط��اق��ة سلبية وي�ح�ت��اج إل��ى ال �ص��راخ‪ .‬وي��وج��د‬ ‫نوعان من الغضب أحدهما سلبي واآلخر إيجابي‪.‬‬ ‫ويعتبر الصراخ في غرفة مغلقة بشكل عام صورة‬ ‫سلبية من الغضب اإليجابي‪ .‬كما أن املشاركة في‬ ‫االحتجاجات وامل�ظ��اه��رات أي��ا ك��ان موضوعها هو‬ ‫صورة من صور تفريغ الطاقة السلبية‪.‬‬ ‫ويتابع‪« :‬النفس البشرية مثل البرميل كل ضغط‬ ‫يصنع طبقة م��ا وت�ت�ع��دد ال�ط�ب�ق��ات إل��ى أن يمتلئ‬ ‫البرميل فنحتاج إل��ى إف��راغ��ه‪ ،‬لذلك تجد املصريني‬ ‫يقولون (كفاية) و(فاض بي)‪ ،‬وتجد النساء يذهنب‬ ‫إل��ى ال�ج�ن��ازات ويبكني ويصرخن بحرقة شديدة‪،‬‬ ‫رغم أنهن ال يعرفن امليت‪ .‬وبالنسبة لغرفة الصراخ‬ ‫ربما يشعر الشخص ببعض ال�ه��دوء عقب قيامه‬ ‫بالصراخ مباشرة لكن النتيجة تظهر بشكل كامل‬ ‫في اليوم التالي»‪.‬‬ ‫ويروي أحد رواد املقهى تجربته مع غرفة الصراخ‬ ‫قائال‪« :‬ألني من سكان مدينة أكتوبر فقد سمعت‬ ‫ع��ن امل�ق�ه��ى م�ن��ذ ن�ح��و ع ��ام‪ ،‬وح �ض��رت ع��دة م��رات‬ ‫ل�ل�ق��راءة‪ .‬وع�ن��دم��ا افتتحوا غ��رف��ة ال �ص��راخ انتابني‬ ‫الفضول‪.‬‬ ‫وب��رغ��م ش�ع��وري ببعض ال�ح��رج ق��ررت أن أج��رب‪،‬‬ ‫ودخلت الغرفة وبدأت في الصراخ ولم يكن الغريب‬ ‫أن�ن��ي ل��م أع��رف أن��ه ل��دي ه��ذا ال �ق��در م��ن ال��رغ�ب��ة في‬ ‫ال �ص��راخ ف�ق��ط‪ ،‬وإن�م��ا األغ ��رب أن�ن��ي ش�ع��رت براحة‬ ‫كبيرة بعد خروجي لدرجة أني أحسست أن تركيزي‬ ‫في القراءة أكثر بكثير عن ذي قبل»‪.‬‬ ‫وح��ول ما إذا ك��ان قد ج��رب غرفة الصراخ بنفسه‬ ‫يقول صاحب الفكرة عبد الرحمن سعد‪ :‬علي أن‬ ‫أعترف أوال أنني لم أتوقع هذا النجاح للفكرة‪ .‬وفي‬ ‫البداية ترددت في تجربتها بنفسي إال أن الفضول‬ ‫وذلك القدر الكبير من االرتياح النفسي الذي شاهدته‬ ‫على وج��وه زوار الغرفة دفعني ألجربها بنفسي‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫وال أبالغ حني أقول‪ :‬إنني اكتشفت شيئا ما جديدا‬ ‫في شخصيتي لم أكن أعرفه من قبل‪ .‬فأنا شخص‬ ‫هادئ وغير غضوب ولكن حينما انفردت بنفسي‬ ‫داخ��ل ال�غ��رف��ة وب ��دأت ف��ي ال �ص��راخ كنت ف��ي ذه��ول‬ ‫م��ن كمية الشحن النفسي امل��وج��ود ب��داخ�ل��ي وما‬ ‫إن خرجت وج��دت نفسي أشعر براحة وه��دوء لم‬ ‫أتذوقهما من قبل وشعرت بتجديد وكسر للروتني‪.‬‬

‫آخرين يشاركونه نفس الهواية»‪.‬‬ ‫وترى خبيرة علم االجتماع السياسي الدكتورة هدى‬ ‫زكريا أن املجتمعات التي تفرض انضباطا اجتماعيا‬ ‫كبيرا يتعرض أف��راده��ا لضغط كبير نتيجة كبت‬ ‫مشاعرهم‪ .‬وكلما ك��ان املجتمع صارما ومتزمتا‬ ‫كان الكبت أكبر‪ .‬لذلك عندما اكتشفت املجتمعات‬ ‫ح�ج��م م��ا ي�م��ارس��ه امل�ج�ت�م��ع م��ن ض�غ��وط أخالقية‬ ‫ونفسية‪ ،‬كان ال بد من البحث عن مساحة للتنفيس‪.‬‬ ‫وتضيف لـ«املجلة»‪ :‬جيل زمان في مصر أيام الطبقة‬ ‫املتوسطة كانت طاقتها السلبية يتم التعبير عنها‬ ‫بشكل إيجابي حضاري بناء‪ ،‬بالفن واإلبداع بكل‬ ‫أشكاله‪ .‬فعندما تستمع ألغنية من ذلك الزمن ومهما‬ ‫كان فيها من شجن أو غضب أو ألم فإنها تخرج‬ ‫ما بداخلك من طاقة سلبية‪ .‬أما األغاني في الوقت‬ ‫الحالي فإنها مجرد صراخ يزيد من شحنك بطاقة‬ ‫سلبية‪.‬‬ ‫وتتابع زكريا‪« :‬عندما خرج املصريون يصرخون‬ ‫(كفاية) خالل عهد الرئيس األسبق حسني مبارك‪،‬‬ ‫وبغض النظر عن املوضوع أو القضية السياسية‬ ‫التي حددها قادة حركة (كفاية) كسبب للمظاهرة‪،‬‬ ‫ل �ك��ن امل �ص��ريي��ن ع �ن��دم��ا ه �ت �ف��وا (ك �ف��اي��ة) ل ��م يكن‬ ‫احتجاجا سياسيا في مجمله‪ ،‬وإنما كان احتجاجا‬ ‫على ما حدث للروح املصرية من ضغوط‪ ..‬خرجوا‬ ‫ليقولوا كفى على ضخ الطاقة السلبية في جسد‬ ‫وروح املصريني»<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪115‬‬


‫في ظل األوضاع االقتصادية الصعبة التي يعيشها املصريون وشعور البعض باإلحباط لجأ شبان إلى ابتكار طريقة للتعامل‬ ‫مع الغضب وتفريغ الطاقة السلبية فيما سموه «‪ »scream room‬أو «غرفة الصراخ»‪ ،‬وذلك للمساعدة في التعبير عن شحنات‬ ‫الغضب وتفريغ الطاقة السلبية بحرية‪.‬‬

‫جراء األوضاع االقتصادية الصعبة التي يعيشها املصريون‬

‫مقاه مصرية تخصص غرفا لـ«صراخ الزبائن»‬ ‫للتفريغ عن همومهم‬ ‫القاهرة‪ :‬عصام فضل‬ ‫الفكرة ابتكرها عدد من الشباب من بينهم‬ ‫مجموعة قامت بافتتاح مقهى «كافيه» بمدينة‬ ‫السادس من أكتوبر غرب القاهرة‪ ،‬ويحوي‬ ‫املقهى أنشطة مبتكرة إلى جانب املشروبات املعتادة‬ ‫ب��امل�ق��اه��ي‪ ،‬بينها مكتبة م�ج��ان�ي��ة وف��رق��ة موسيقية‬ ‫ودروس لتعليم املوسيقى‪ ،‬إضافة إلى غرفة الصراخ‬ ‫التي تم تصميمها لتكون عازلة للصوت حيث يمكن‬ ‫ألي من رواد املقهى الدخول إليها مجانا‪.‬‬ ‫يجب أن يدخل الشخص للغرفة وحيدا بعد أن يترك‬ ‫هاتفه ال�ج��وال وكافة متعلقاته‪ ،‬ثم يبدأ في الصراخ‬ ‫ك �م��ا ي��ري��د إل ��ى أن ي �ق��وم ب�ت�ف��ري��غ ش �ح �ن��ات الغضب‬ ‫بداخله‪ .‬وبعض القائمني على توفير «غرف الصراخ»‬ ‫يعتزمون تطوير‬

‫امل�ش��روع‪ .‬وعلى سبيل املثال يعتزم أصحاب مقهى‬ ‫أك�ت��وب��ر إض��اف��ة م��ا س�م��وه «مجسم ف��ش ال�غ��ل» وهو‬ ‫عبارة عن مجسم مبطن يشبه ذلك الذي يستخدمه‬ ‫العبو املالكمة في التدريب‪ ،‬وسوف يتمكن أي شخص‬ ‫من رواد املقهى من إحضار صورة أي شخص يريده‬ ‫ويقوم بتثبيتها على املجسم ثم يضربها كما يشاء‪.‬‬

‫مقهى «باب الدنيا»‬ ‫يقول مدير مقهى «ب��اب الدنيا» عبد الرحمن سعد‪،‬‬ ‫وهو طالب بكلية الحقوق وصاحب فكرة غرفة الصراخ‬ ‫هنا‪ ،‬لـ«املجلة»‪« :‬فكرة إنشاء مقهى عبارة عن مجمع‬ ‫ثقافي كانت تراودني منذ سنوات‪ .‬وبالفعل بدأت مع‬ ‫بعض األصدقاء افتتاح املقهى قبل نحو عامني بمدينة‬ ‫السادس من أكتوبر‪ ،‬حيث ي� ��وج� ��د ف� �ي ��ه م� �ش ��روب ��ات‬

‫سيدة مصرية تفرغ طاقة غضب بالصراخ (غيتي)‬

‫‪114‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫وم�ك�ت�ب��ة ب�ه��ا ك�ت��ب م�ت�ن��وع��ة ي�م�ك��ن ألي م��ن ال��زب��ائ��ن‬ ‫قراءتها داخل املكان إضافة إلى إقامة بعض الحفالت‬ ‫لفرق (أندر جراوند) وكذلك دروس لتعليم املوسيقى»‪.‬‬ ‫ويضيف «قبل أسابيع فكرت مع أصدقائي في إضافة‬ ‫ش��يء جديد للمشروع يقدم خدمة ل�ل��رواد‪ ،‬وبالفعل‬ ‫افتتحنا غرفة الصراخ‪ ،‬وهي عبارة عن غرفة عازلة‬ ‫تماما للصوت ال يوجد بها سوى املوكيت ذي اللون‬ ‫األسود الذي يبطن جدرانها الداخلية وآلة درامز‪ ،‬وقد‬ ‫وض�ع��ت بعض املعايير لتنظيم ال��دخ��ول إل��ى الغرفة‬ ‫أهمها أن الدخول مجاني‪ ،‬وكل شخص من رواد املقهى‬ ‫يريد الدخول عليه فقط أن يسجل بياناته ويترك كل‬ ‫املتعلقات الشخصية بما فيها هاتفه الجوال ويتاح له‬ ‫ً‬ ‫منفردا ليصرخ كما يشاء»‪.‬‬ ‫عشر دقائق يدخل‬ ‫وي�ت��اب��ع‪« :‬س��وف أض�ي��ف للغرفة في‬ ‫الفترة املقبلة مجسما مبطنا‬


‫تمارين رياضية (غيتي)‬

‫ولكننا نعلم أن هناك كثيرا من الفوائد للرقص –‬ ‫ً‬ ‫فوائد معرفية وجسدية وأيضا اجتماعية – ينبغي‬ ‫على الجميع أخذها في االعتبار»‪.‬‬ ‫من أين تبدأ؟‬ ‫إذا ك ��ان س �ب��ق ل��ك أن رق �ص��ت‪ ،‬ف��أن��ت ت�ع�ل��م ق��در‬ ‫املتعة التي ستحظى بها‪ .‬حتى لو كانت رقصتك‬ ‫للرومبا سيئة أو خطوتك بطيئة‪ ،‬فقد تكون عودتك‬ ‫لذلك النشاط أسهل مما تعتقد‪ .‬وإذا لم تكن على‬ ‫استعداد للقفز على حلبة الرقص في حفل الزفاف‬ ‫املقبل أو حفل التجمع مع زمالئك القدامى – قد‬ ‫ً‬ ‫تكون خجوال بعض الشيء أو تشعر بأن حركتك‬ ‫غير رشيقة – فال ي��زال هناك متسع لالستمتاع‬ ‫بالرقص‪.‬‬ ‫انضم إلى أحد الفصول‪ .‬فهناك كثير من املراكز‬ ‫التي تقدم ً‬ ‫نوعا من التعليم الجماعي لكثير من‬

‫األشخاص بكل مستويات الخبرة‪ .‬ومن املرجح أن‬ ‫تجد فصوال في «تاي تشي»‪( ،‬إحدى الرياضات‬ ‫الروحية التأملية التي ً‬ ‫دائما ما تتم ممارستها مع‬ ‫املوسيقى الهادئة)‪ ،‬والزومبا (إح��دى الرياضات‬ ‫الهوائية التي تجمع بني خطوات وحركات كثير من‬ ‫الرقصات التقليدية‪ ،‬وفي كثير من األحيان تمارس‬ ‫على املوسيقى الالتينية)‪.‬‬ ‫إن تعلم أنواع جديدة من الرقص بقاعات الرقص قد‬ ‫ً‬ ‫يمنح الشخص ً‬ ‫كبيرا من املتعة والتحدي‪ .‬إذا‬ ‫قدرا‬ ‫لم يكن لديك شريك‪ ،‬فإن هناك كثيرا من الرقصات‬ ‫الشعبية والرقصات األخرى التي ال تتطلب االقتران‬ ‫مع شخص آخر‪ .‬كما يسهم كثير من استوديوهات‬ ‫ال��رق��ص وم�ج�م��وع��ات ال��رق��ص امل�ك��ون��ة م��ن ثمانية‬ ‫أفراد ومجموعات الرقص األخرى‪ ،‬في خلق بيئة‬ ‫ودودة لألشخاص‪ ،‬حيث يساعدون على تبادل‬ ‫الشركاء‪ ،‬حيث يكون بإمكانك التبديل بني الشركاء‬ ‫والرقص مع شخص جديد في كل مرة‪ .‬بإمكانك‬

‫ً‬ ‫أيضا التفكير في الرقص النقري الذي يساعد في‬ ‫بناء العظام‪ ،‬أو رقص الباليه الذي ُيساهم في تقوية‬ ‫العضالت األساسية وتحسني التوازن‪.‬‬ ‫الرقص في املنزل‪ .‬إذا كنت تريد ممارسة الرقص‬ ‫بمفردك‪ ،‬فإن اإلنترنت مليء بكثير من مقاطع‬ ‫الفيديو التعليمية للرقص‪ ،‬مثل «رقص الدمى»‬ ‫الشهير‪ ،‬الذي يشرح الخطوات في حركة بطيئة‬ ‫ويسمح لك باالستمرار في وتيرة تناسبك‪ .‬كما‬ ‫يمكنك حفظ مقاطع الفيديو التعليمية للرقص‬ ‫بمكتبتك العامة كي تكون متاحة للمشاهدة‪ .‬كل‬ ‫ما تحتاج إليه هو ارت��داء مالبس مريحة وزوج‬ ‫م��ن األح��ذي��ة ال��داع�م��ة وم�س��اح��ة كافية للتحرك‬ ‫بحرية‪.‬‬ ‫تستأنف الدكتورة إلسون قائلة‪« :‬على أي حال‪،‬‬ ‫سوف تستفيد من االتصال باملوسيقى‪ ،‬كما أنك‬ ‫سوف تحفز جزءا من املخ ال تستخدمه بالضرورة‬ ‫عندما تفعل شيئا روتينيا مثل املشي»<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪113‬‬


‫تساهم املوسيقى وممارسة التمارين الرياضية في منع حدوث األمراض وتخفيفها‪ .‬كما أن دمج املوسيقى مع‬ ‫ممارسة التمارين الرياضية له بالغ األثر والفائدة مقارنة باالستماع للموسيقى وحدها أو ممارسة التمارين‬ ‫الرياضية وحدها‪.‬‬

‫دراسة جديدة‪ :‬الرقص والتمارين الرياضية تساهم في منع حدوث األمراض وتخفيفها‬

‫كيف تحسن الحركات اإليقاعية من صحتك؟‬ ‫هارفارد‪« :‬املجلة»‬ ‫ال��رق��ص ت�ج��رب��ة ع��امل�ي��ة ل�لإن �س��ان‪ ،‬فنحن‬ ‫ن��رق��ص للتعبير ع��ن ال �ف��رح واالح �ت �ف��ال‬ ‫ب��األح��داث الحياتية وم�م��ارس��ة الطقوس‬ ‫الدينية والثقافية‪ .‬ع�لاوة على ذل��ك‪ ،‬فإن‬ ‫للرقص ف��وائ��د بدنية ومعرفية ق��د ت�ت�ج��اوز تلك‬ ‫الخاصة باألشكال األخرى من ممارسة الرياضة‪.‬‬ ‫ما يفعله الرقص لصحتك‬

‫رقصة إيقاعية استعراضية (غيتي)‬

‫‪112‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ال شك في األدل��ة على الفوائد الصحية ملمارسة‬ ‫ال��ري��اض��ة‪ .‬وق��د أث�ب�ت��ت ال ��دراس ��ات الفسيولوجية‬ ‫أن م�م��ارس��ة األن�ش�ط��ة ب��ان�ت�ظ��ام تعمل ع�ل��ى بناء‬ ‫العضالت والعظام‪ ،‬وتقلل من الدهون‪ ،‬وتزيد من‬ ‫ً‬ ‫القدرة الهوائية‪ ،‬فضال عن تخفيض ضغط الدم‪،‬‬ ‫وتحسني نسبة الكولسترول «الجيد» في الجسم‪،‬‬ ‫م �ق��ارن��ة ب��ال�ك��ول�س�ت��رول «ال� �ض ��ار»‪ .‬وق ��د ت�ب�ين أن‬ ‫الرقص يمنح الجسم كل تلك الفوائد‪.‬‬ ‫ع �ل��اوة ع �ل��ى ذل � ��ك‪ ،‬م ��ن خ�ل��ال دم� ��ج امل��وس �ي �ق��ى‪،‬‬ ‫ق��د ت�ت�ج��اوز ف��وائ��د ال��رق��ص تلك ال�ف��وائ��د الخاصة‬ ‫ب �م �م��ارس��ة ال ��ري ��اض ��ة ف �ح �س��ب دون م��وس�ي�ق��ى‪.‬‬ ‫فاملوسيقى تحفز مراكز املكافأة في الدماغ‪ ،‬في‬ ‫حني أن الرقص ينشط دوائرها الحسية والحركية‪.‬‬ ‫وق��د تبني أن الرقص يعمل على تحسني التوازن‬ ‫وامل �ش �ي��ة وح �ي ��اة األش� �خ ��اص امل �ص��اب�ين ب�م��رض‬ ‫ب��ارك�ن �س��ون واض �ط��راب��ات ال �ح��رك��ة امل��رت�ب�ط��ة ب��ه‪.‬‬ ‫وأش ��ار كثير م��ن ال��دراس��ات – وليست جميعها‬ ‫– إلى أن إتقان حركات الرقص وأنماطه يساهم‬ ‫ً‬ ‫كثيرا في تحسني الذاكرة وحل املشكالت مقارنة‬ ‫باملشي‪.‬‬ ‫وب �ح �س��ب م��ا ذك��رت��ه ال��دك �ت��ورة ل��وري��ن إل �س��ون‪،‬‬ ‫الراقصة املحترفة سابقا واملتخصصة في مجال‬ ‫طب التأهيل الرياضي بـ «شبكة سبورتينغ إلعادة‬ ‫التأهيل» التابعة لجامعة هارفارد‪ ،‬فإن «الرقص في‬ ‫متناول الجميع؛ فاألشخاص الذين ليس بإمكانهم‬ ‫استخدام أيديهم؛ واآلخرون الذين فقدوا إمكانية‬ ‫ت�ح��ري��ك أذرع �ه��م‪ ،‬بإمكانهم ال��رق��ص باستخدام‬ ‫جذوعهم وأرجلهم‪ .‬فالرقص وسيلة لالتصال مع‬ ‫جسدك ومع املوسيقى واألشخاص اآلخرين من‬ ‫حولك‪ .‬فهو يعتمد فحسب على ماهية أهدافك‪.‬‬


‫األشعة السينية‬ ‫للكاحل (غيتي)‬

‫حافظ على الساق في وضع مستقيم واضغط على‬ ‫كاحلك ألسفل على األرض‪ .‬كرر ذلك عدة مرات‪.‬‬ ‫قم بتبديل الساقني وكرر هذا الروتني‪.‬‬ ‫ي�ت�ك��ون مفصل ال�ك��اح��ل م��ن ال�ظ�ن�ب��وب أو قصبة‬ ‫العظام؛ والشظية‪ ،‬تلك العظمة الضيقة على الجانب‬ ‫الخارجي من الساق؛ والكاحل أو عظم الكاحل‪ .‬أما‬ ‫ُ‬ ‫عن ُ‬ ‫العقد على جانبي الكاحل‪ ،‬فإنها تمثل نهايات‬ ‫الظنبوب والشظية‪.‬‬ ‫تسري عظمة الكاحل بني عظام الساق‪ ،‬حيث تعمل‬ ‫على خلق مفصل يسمح للقدم باالنثناء‪ .‬وتتماسك‬ ‫أجزاء املفصل معا بواسطة األربطة‪.‬‬ ‫ثان بني عظم الكاحل وعظم الكعب‬ ‫يربط مفصل ٍ‬ ‫أو العقب‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫فهذا املفصل ُي َمكن القدم من االنتقال من جانب‬ ‫إلى آخر‪ .‬وهناك ثالث مجموعات من األربطة التي‬ ‫تربط العظام وتمنح االستقرار في كال املفصلني‪.‬‬ ‫ويعد وتر أخيل الذي يربط عضالت الساق بعظم‬ ‫الكعب أكبر وتر في الجسم‪ ،‬ويمر الوتر أسفل الجزء‬ ‫الخلفي للكاحل بني ُ‬ ‫العقدتني <‬

‫يوصي األطباء باالهتمام بسالمة الكاحل منذ الصغر (غيتي)‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪111‬‬


‫على الرغم من أن إصابات الكاحل قد تكون مؤملة للغاية‪ ،‬وقد تؤدي إلى إعاقة الفرد عن الحركة‪ ،‬فإنه من املمكن الوقاية من‬ ‫كثير منها‪ ،‬فيما يسهل عالج معظم تلك اإلصابات‪.‬‬

‫أهم النصائح الطبية لسالمة املفصل الحيوي‬

‫حركتك تعتمد على صحة كاحلك‬ ‫> جراح العظام بمستشفى بريغهام‪ :‬ضعف التوازن وفقدان مرونة األوتار واألربطة‬ ‫وارتداء أحذية غير مالئمة تؤدي إلى زيادة خطر اإلصابة‬

‫هارفارد‪« :‬املجلة»‬ ‫ت � �ن ��درج إص� ��اب� ��ات ال� �ك ��اح ��ل ض �م��ن أك �ث��ر‬ ‫ً‬ ‫شيوعا‪ .‬ففي كل عام‪،‬‬ ‫مشكالت املفاصل‬ ‫يتعرض تسعة ماليني شخص إلى التواء‬ ‫الكاحل‪ ،‬فيما ُيعاني عشرات اآلالف من األشخاص‬ ‫م��ن ك�س��ور ف��ي ال�ك��اح��ل‪ .‬ودائ� ً�م��ا م��ا تقع إص��اب��ات‬ ‫الكاحل إثر سقوط أو حوادث‪.‬‬ ‫وهناك كثير من العوامل – ً‬ ‫بدءا من ضعف التوازن‬ ‫إلى فقدان مرونة األوت��ار واألربطة وارت��داء أحذية‬ ‫غير مالئمة – التي من املمكن أن تؤدي إلى زيادة‬ ‫خطر اإلص��اب��ة‪ ،‬وذل��ك بحسب ما أف��اد به الدكتور‬ ‫كريستوفر كيودو‪ ،‬جراح العظام باملركز املختص‬ ‫ب�ع�لاج آالم ال�ق��دم وال�ك��اح��ل بمستشفى بريغهام‬ ‫للنساء التابع لجامعة «هارفارد»‪.‬‬ ‫االلتواء ات‬ ‫كيف تحدث االلتواءات؟ ً‬ ‫دائما ما تحدث االلتواءات أو‬ ‫ُ‬ ‫إصابات األربطة‪ ،‬عندما تحرك كاحلك بالنزول على‬ ‫ً‬ ‫حافة قدمك بدال من املفصل الكروي‪ .‬ومن املمكن أن‬ ‫يؤدي الضغط إلى تمدد األربطة التي تربط الساق‬ ‫تمزقها‪.‬‬ ‫بعظم الكاحل أو عظم الكعب أو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫األعراض‪ :‬تسبب االلتواءات الطفيفة أملا‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫احمرار املنطقة املصابة وح��دوث كدمات أو تورم‬ ‫بالقرب منها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإنه يظل في إمكانك وضع‬ ‫ثقل على قدمك‪ .‬أما عن االلتواءات األكثر خطورة‪،‬‬ ‫التي يحدث فيها تمزق لألربطة‪ ،‬فإنها تتسبب في‬ ‫حدوث قدر أكبر من الكدمات والتورم‪.‬‬ ‫وقد يؤملك كاحلك للغاية‪ ،‬بينما ال تتمكن من حمل‬ ‫أي ثقل‪.‬‬ ‫م��ا ال��ذي يمكنك فعله؟ ي��ذك��ر ال��دك�ت��ور ك�ي��ودو أنه‬ ‫«ال تحتاج االل�ت��واءات كافة إلى الكشف عليها من‬ ‫قبل طبيب مختص‪ ،‬ولكن إذا كنت تعاني من ألم‬

‫‪110‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ُ‬ ‫املصطلح الطبي لألضرار التي قد تصيب الوتر –‬ ‫ً‬ ‫دائما ما يكون نتيجة أنشطة متكررة مثل الركض‬ ‫والقفز‪ ،‬وبخاصة على أسطح صلبة أو أسطح غير‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تدريجيا‬ ‫وغالبا ما تحدث تلك اإلصابات‬ ‫مستوية‪.‬‬ ‫ف��ي ظ��ل ت��راك��م اإلص��اب��ات ب��ال�غ��ة ال�ص�غ��ر‪ ،‬ولكنها‬ ‫من املمكن أن تحدث فجأة بعد ممارسة تمرينات‬ ‫رياضية مكثفة‪.‬‬ ‫األع� ��راض‪ :‬س��وف تشعر ب��أل��م ش��دي��د وتيبس في‬ ‫الكعب والوتر‪.‬‬ ‫ما الذي يمكن القيام به؟ عالج ذلك هو ذاته الخاص‬ ‫بااللتواء‪ ،‬نظام رايس وتناول دواء أسيتامينوفني‬ ‫(ت��اي�ل�ي�ن��ول) أو م�ض��اد ل�لال�ت�ه��اب ال�لاس�ت�ي��روي��دي‬ ‫لتخفيف اآلالم‪ .‬ولكن إذا استمر األلم لفترة تزيد عن‬ ‫أسبوعني‪ ،‬فينبغي عليك حينئذ الذهاب إلى الطبيب‪.‬‬

‫مستمر‪ ،‬أو إذا ل��م يكن باستطاعتك السير‪ ،‬فإن‬ ‫ذل��ك سبب يتطلب أن ت��ذه��ب إل��ى الطبيب»‪ .‬إذا لم‬ ‫ً‬ ‫مروعا‪ ،‬فقد ترغب في اتباع نظام رايس‬ ‫يكن أملك‬ ‫(‪ )RICE‬الذي يعني الراحة ووضع الثلج والضغط‬ ‫ً‬ ‫على املنطقة املصابة‪ ،‬وأيضا رفع القدم عن مستوى‬ ‫األرض‪ .‬وب�ع�ب��ارة أخ ��رى‪ ،‬ف��إن��ه ينبغي عليك عدم‬ ‫الوقوف على قدمك ووضع الثلج ملدة ‪ 20‬دقيقة كل‬ ‫بضع ساعات‪ ،‬وربط كاحلك بضمادة مرنة‪ ،‬ومن‬ ‫ثم رفع قدمك عندما تستطيع ذلك‪.‬‬ ‫إذا ك�ن��ت ب�ح��اج��ة ل�ت�ن��اول أق ��راص لتخفيف األل��م‪،‬‬ ‫يمكنك تناول دواء أسيتامينوفني (تايلينول) أو‬ ‫مضاد لاللتهاب الالستيرويدي‪.‬‬ ‫ول�ك�ن��ك ت�س�ت�ط�ي��ع اس � ًت �خ��دام م� �ض ��ادات ل�لال�ت�ه��اب‬ ‫الالستيرويدية استباقا‪ .‬واستطرد الدكتور كيودو‬ ‫ً‬ ‫ق��ائ�لا‪ ،‬إن «االل�ت�ه��اب ه��و وسيلة الجسم إلص�لاح‬ ‫األنسجة‬ ‫التالفة‪ .‬وقد ال ترغب في التدخل في هذه منع اإلصابة‬ ‫ً‬ ‫كثيرا»‪.‬‬ ‫العملية‬ ‫بمجرد أن تتعرض إلصابة في الكاحل‪ ،‬سيكون من‬ ‫املرجح أن تصاب مرة أخرى؛ ألن مفصل كاحلك‬ ‫كسر الكاحل‬ ‫أصبح أق��ل اس�ت�ق� ً‬ ‫�رارا اآلن‪ .‬يقترح دك�ت��ور كيودو‬ ‫كيف يحدث كسر الكاحل؟ من املمكن أن تنكسر مقياسني يسيرين لحماية كاحلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أي عظمة م��ن العظام ال�ث�لاث التي تشكل مفصل ارت ��داء األح��ذي��ة املناسبة‪ :‬ف�لا ينبغي عليك ارت��داء‬ ‫ال�ك��اح��ل‪ ،‬وذل ��ك نتيجة للسقوط أو ال�ت�ع��رض إل��ى أحذية مالئمة فحسب‪ ،‬بل ينبغي أن تكون مناسبة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضربة قوية في الكاحل (واألكثر‬ ‫شيوعا تعرض لنشاطك أيضا‪.‬‬ ‫الشخص لحادث سيارة)‪.‬‬ ‫ب��ال�ن�س�ب��ة ل�ل�م�ش��ي وال ��رك ��ض‪ ،‬ي�ج��ب أن ت �ك��ون تلك‬ ‫األع��راض‪ :‬أع��راض كسر الكاحل ُتشبه ً‬ ‫تماما تلك األح��ذي��ة ُمبطنة ع�ن��د منطقة ال�ك�ع��ب وال �ق��وس؛ أم��ا‬ ‫ال�خ��اص��ة ب�ح��دوث ال �ت��واء ش��دي��د – ت ��ورم‪ ،‬وح��دوث ري��اض��ات امل�لاع��ب‪ ،‬فيجب أن ي�ك��ون ال �ح��ذاء أوس��ع‬ ‫ً‬ ‫تسطحا؛ وأثناء املشي في املناطق الوعرة‪،‬‬ ‫ك��دم��ات وأل��م ش��دي��د‪ .‬وإذا ك��ان الكسر سيئا‪ ،‬فقد وأكثر‬ ‫ُ‬ ‫األح��ذي��ة التي تساعد في استقرار القدم والكاحل‬ ‫يؤدي إلى خلع الكاحل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫م��ا ال��ذي ينبغي عليك فعله؟ اطلب ال �ط��وارئ على هي األفضل‪ .‬أضاف كيودو قائال إن «األحذية ذات‬ ‫خيارا ً‬ ‫ً‬ ‫الفور‪.‬‬ ‫جيدا على اإلطالق»‪.‬‬ ‫الكعوب ليست‬ ‫قم بممارسة تمارين رياضية خفيفة‪ :‬على سبيل‬ ‫ً‬ ‫بعيدا عن الحائط بنحو قدمني وضع‬ ‫املثال‪ ،‬قف‬ ‫إصابات وتر أخيل‬ ‫ً‬ ‫يديك على الحائط بارتفاع الكتف تقريبا‪ .‬تراجع‬ ‫كيف تحدث تلك اإلصابات؟ التهاب وتر أخيل – هو خطوة إلى الوراء بساق واحدة‪.‬‬


‫لقطات متنوعة من سهل حشيش‬

‫ورؤي ��ة ت�ي�ج��ان األع �م��دة األث��ري��ة ال �ب��ارزة ب�ين أم��واج‬ ‫البحر؛ إذ تقبع مدينة فرعونية تحت املاء يمكنك‬ ‫التجول ما بني أروقتها التي يعود عمرها آلالف‬ ‫السنني‪.‬‬ ‫اإلقامة‬ ‫وجود الفنادق الفخمة باملنتجع وحوله أيضا‬ ‫ج�ع�ل��ه وج �ه��ة مفضلة ل�ق�ض��اء إج� ��ازة شهر‬ ‫العسل‪ ،‬ولكبار رجال األعمال ومحبي الفخامة‪،‬‬ ‫كما تعتبر مكانا رائ�ع��ا لقضاء عطلة عائلية‪،‬‬ ‫حيث توجد أيضا شقق فندقية‪ ،‬وسيجد كل أفراد‬ ‫األسرة أنشطة ترفيهية ترضي رغباتهم وأذواقهم‪،‬‬ ‫فهناك الكثير من الفعاليات والحفالت الفنية‬ ‫والراقصة لكبار املطربني واملشاهير‪ ،‬التي‬ ‫تجعلك تصل إل��ى قمة املتعة وقضاء‬ ‫إجازة مميزة في أي وقت من أوقات‬ ‫ال�ع��ام‪ .‬وم��ن الفنادق التي يمكنك‬ ‫االخ �ت �ي��ار ب �ي �ن �ه��ا‪ :‬أول � ��د ب ��االس‬ ‫ري ��زورت‪ ،‬وبرميير روم��ان��س‪،‬‬ ‫وفندق أوبروي سهل حشيش‪،‬‬ ‫وف� �ن ��دق دي� �س ��ول ب �ي��رام �ي��زا‪،‬‬ ‫وف �ن��دق وم�ن�ت�ج��ع ب��ال��م بيتش‬ ‫بيتزا أب ��ارت‪ ،‬وب ��ارون ب��االس‬ ‫س�ه��ل ح�ش�ي��ش‪ ،‬ك��ذل��ك يوجد‬ ‫بها فندق ذا سيتاديل أزور‪.‬‬ ‫ك �م��ا ي�م�ك�ن��ك االس �ت �ج �م��ام ف ��ي أح��د‬ ‫النوادي الصحية التي يزخر بها منتجع‬ ‫سهل حشيش‪ ،‬والتي توفر لك عالجات‬ ‫و«م � �س ��اج ��ات» وح �ص �ص��ا ل �ل �ي��اق��ة ال �ب��دن �ي��ة‬ ‫وتمارين اليوغا والحمامات البخارية <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪109‬‬


‫شواطئ رملية مخملية تمتد على أطول خلجان البحر األحمر ينفرد بها منتجع سهل حشيش الدولي‪ ،‬الذي يقع على بعد ‪18‬‬ ‫كيلومترا من مدينة الغردقة‪ .‬يطلق على تلك املنطقة «ريفيرا البحر األحمر»؛ ملا تتميز به تلك البقعة البكر واملثيرة للتأمل من‬ ‫سحر الطبيعة الخالبة والهدوء والخصوصية‪ ،‬ما جعلها وجهة سياحية يؤمها األثرياء وعشاق االستجمام املترف‪.‬‬

‫منتجع سياحي لعشاق الغوص وممارسة الرياضات البحرية‬

‫سهل حشيش‪ ..‬طابع أسطوري على شاطئ البحر األحمر‬

‫الغردقة (مصر)‪ :‬داليا عاصم‬

‫يتميز منتجع سهل حشيش بنقاء الجو وصفائه‪،‬‬ ‫والطبيعة الخالبة‪ ،‬وإمكانية اإلقامة بها في أي وقت من‬ ‫أوقات العام‪ ،‬ففي الشتاء متوسط درجات الحرارة ‪23‬‬ ‫درجة مئوية‪ ،‬وفي الصيف ‪ 35‬درجة مئوية‪ ،‬كما أن‬ ‫درجة حرارة املياه في الشتاء ‪ 21‬درجة مئوية‪ ،‬وفي‬ ‫الصيف ‪ 29‬درجة مئوية‪.‬‬ ‫يمكنك الوصول إليها بكل سهولة؛ فهي تقع ما بني‬ ‫سفاجا والغردقة‪ ،‬كما أنها ليست بعيدة عن الجونة‪،‬‬ ‫وهي على بعد ‪ 20‬دقيقة من مطار الغردقة الدولي‪،‬‬ ‫الذي يوجد به طيران مباشر من جميع أنحاء أوروبا‬ ‫وإليها‪ .‬تحيط بسهل حشيش غربا سالسل جبلية‪،‬‬ ‫وتتراص الفنادق الفخيمة على امتداد ساحل الخليج‬ ‫بطابعها امل�ع�م��اري ال��رائ��ع ال��ذي ي�م��زج م��ا ب�ين الطرز‬ ‫الفلورنسية والطراز العربي األندلسي‪.‬‬

‫تستقبلك بمدخل املنتجع ب��واب��ة فرعونية‬ ‫ع �م�لاق��ة ت �م �ت��د ب �ع��ده��ا ع� �ش ��رات ال�ت�م��اث�ي��ل‬ ‫الفرعونية في ممشى رائع وكأنك في قلب‬ ‫معبد ف��رع��ون��ي‪ ،‬وص��وال إل��ى م��رك��ز امل��دي�ن��ة «أري�ف��ال‬ ‫ب �ي��ازا»‪ ،‬وه��و امل �ك��ان ال��رئ�ي�س��ي لتجمع رواد املنتجع‬ ‫وت�ق��ام ب��ه ال�ح�ف�لات‪ ،‬وع�ل��ى مقربة منه يمتد الجسر‬ ‫الخشبي م��ن الشاطئ على م��رم��ى البصر إل��ى قلب‬ ‫البحر األحمر‪ .‬وتمتد الشواطئ في سهل حشيش على‬ ‫مساحة نحو ‪ 12‬كيلومترا‪ ،‬وه��ي مناسبة ملمارسة‬ ‫الرياضات البحرية كافة‪ ،‬كما تعد سهل حشيش من‬ ‫أجمل مناطق الغوص بالبحر األحمر والجديرة حقا‬ ‫باالستكشاف؛ حيث تبعد الشعاب املرجانية نحو‬ ‫كيلومتر واحد فقط‪ ،‬ويمكنك الوصول إليها بعد رحلة‬ ‫ويستطيع‬ ‫بالقارب تستغرق م��ن ‪ 5‬إل��ى ‪ 10‬دق��ائ��ق‪،‬‬ ‫أنشطة ممتعة‬ ‫محبو ال�غ��وص االستمتاع بحرية وأم��ان‪ ،‬وال��وص��ول‬ ‫لعمق ‪ 20‬مترا من دون التوقف في محطات لألمان‪ .‬تعتبر ت�ل��ك املنطقة ح��دي�ث��ة نسبيا؛ ف�ق��د ب��دأت‬

‫‪108‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ت�ن�م�ي�ت�ه��ا ع ��ام ‪2007‬؛ ل ��ذا ف �ه��ي ت�ع�ت�ب��ر وج�ه��ة‬ ‫س�ي��اح�ي��ة ح��دي�ث��ة م �ق��ارن��ة ب��ال�س��اح��ل الشمالي‬ ‫غ��رب مصر‪ ،‬أو مناطق الغردقة وش��رم الشيخ‬ ‫في شرقها‪ .‬ونظرا ألنها منطقة واع��دة‪ ،‬قامت‬ ‫شركات عدة بتنميتها بهدف االستثمار العقاري‬ ‫بها‪ ،‬فأقيم بها عدد من املجتمعات السكنية التي‬ ‫تناسب عشاق ال��رق��ي والخصوصية‪ ،‬ففضال‬ ‫عن املدينة القديمة في قلب املنتجع التي تشبه‬ ‫حي الحسني بوكاالته األثرية وأسواقه التراثية‬ ‫ب��ال �ق��اه��رة‪ ،‬ي��وج��د م�ل�ع�ب��ان ل �ل �غ��ول��ف‪ ،‬وم��اري �ن��ا‬ ‫لسياحة اليخوت‪ ،‬حيث صممت مارينا اليخوت‬ ‫«س ��واري» الستيعاب أكثر م��ن ‪ 300‬يخت من‬ ‫أفخم يخوت العالم‪.‬‬ ‫وهناك الكثير من مراكز الغوص التي تضم خبراء‬ ‫على مستوى ع��امل��ي‪ ،‬وت��وف��ر ل��زائ��ر سهل حشيش‬ ‫تجربة لن ينساها بزيارة املدينة الفرعونية الغارقة‬ ‫األس �ط��وري��ة ال�ت��ي تقبع ع�ل��ى ب�ع��د أم �ت��ار قليلة عن‬ ‫ال�ش��اط��ئ‪ ،‬حيث يمكنك م�م��ارس��ة «السنوركلينج»‬


‫الفنانة ياسمني عبد العزيز‬

‫محاولة التوازن بني السينما والتلفزيون واختيار األعمال‬ ‫الجيدة وتحقيق النجاح ف��ي ك��ل منهما أم��ر ض��روري‪ ،‬فال‬ ‫يعقل أن تكون أفالمي في املقدمة وأعمالي التلفزيونية ال‬ ‫تحقق أي نجاح أو العكس‪.‬‬ ‫> فيلم «أبو شنب» الذي عرض خالل األيام املاضية‬ ‫ً‬ ‫ب � ��دور ال� �ع ��رض ح �ق��ق ن �ج� ً‬ ‫�اح��ا م �ل �ح��وظ��ا‪ ،‬ه ��ل كنت‬ ‫تتوقعني هذا؟‬ ‫ً‬ ‫مجهودا ً‬ ‫خاصا‪ ،‬ألن‬ ‫ االستعداد للفيلم ك��ان يتطلب مني‬‫العمل يحتوي على ع��دد من مشاهد األكشن وامل�ط��اردات‪.‬‬ ‫وقبل التصوير بفترة خضت تدريبات مكثفة لتقديم تلك‬ ‫امل�ش��اه��د ف��ي ش�ك��ل يشعر امل�ش��اه��د أن�ه��ا حقيقية وليست‬ ‫مشاهد تمثيلية‪ ،‬ورفضت االستعانة بدوبلير حتى أحقق‬ ‫املصداقية في األداء‪ .‬وعلى رغم ذلك‪ ،‬تعرضت لبعض الكدمات‬ ‫أثناء تصوير بعض املشاهد الصعبة‪ .‬والحمد لله النجاح‬ ‫تحقق على ق��در املجهود ال��ذي بذلته‪ ،‬كما أنني استمتعت‬ ‫ب��ال�ع�م��ل م��ع امل �خ��رج امل�ت�م�ي��ز س��ام��ح ع�ب��د ال �ع��زي��ز‪ ،‬وك��ل من‬ ‫شاركني في الفيلم‪.‬‬ ‫> الفيلم حقق ما يقرب من ‪ 20‬مليون جنيه إيرادات‪.‬‬ ‫هل هذا الرقم يرضي غرورك الفني؟‬ ‫ً‬ ‫موجودا‬ ‫ الحمد لله على هذا اإلي��راد‪ ،‬والفيلم ما زال‬‫�رادات‪،‬‬ ‫ف��ي ب�ع��ض دور ال �ع ��رض‪ ،‬وم ��ا زال ي�ح�ق��ق إي � � ً‬ ‫وع��دم حصولي على أع�ل��ى إي ��رادات ال يعني إط�لاق��ا‬ ‫ً‬ ‫نجاحا ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬ألنه استطاع‬ ‫فشل الفيلم‪ ،‬بل إنه يمثل‬ ‫منافسة فيلم آخر تم تصويره بالكامل خارج مصر‪،‬‬

‫ول��و ت��م قياس املسألة بالتكلفة وامليزانية املصروفة‬ ‫على الفيلمني‪ ،‬سنجد أن فيلمي حقق مكاسب بحجم‬ ‫يغط‬ ‫اإليرادات التي وصل إليها‪ ،‬بينما الفيلم اآلخر لم ِ‬ ‫تكلفته على رغم حصوله على إيرادات أعلى‪.‬‬ ‫وهناك أمر آخر ال يلتفت إليه البعض‪ ،‬وهو أن األفالم‬ ‫السينمائية ال يقاس حجم إيراداتها داخل مصر فقط‪،‬‬ ‫لكن بحجمها في كل الدول العربية‪ ،‬وفيلمي استطاع‬ ‫تحقيق أع�ل��ى إي ��رادات على مستوى ال��وط��ن العربي‪،‬‬ ‫وسعدت ً‬ ‫كثيرا بردود األفعال التي وصلتني على العمل‬ ‫من جمهوري العربي‪ ،‬سواء في الكويت أو البحرين أو‬ ‫األردن أو اإلمارات‪.‬‬ ‫فال يجب أن نقارن بني الفيلمني‪ ،‬ألن عناصرهما الفنية‬ ‫ً‬ ‫خصوصا أن فيلم «جحيم في الهند» أقرب‬ ‫مختلفة‪،‬‬ ‫إل��ى البطولة الجماعية‪ .‬أم��ا فيلمي فتجربة مختلفة‬ ‫ً‬ ‫تماما‪ .‬كما أن النجاح في السينما ال يحسب باإليرادات‬ ‫وحدها‪ ،‬لكن العامل األهم هو االستمرارية والحفاظ‬ ‫على املستوى نفسه لسنوات طويلة‪.‬‬ ‫وهناك أفالم عدة حققت أعلى إيرادات وقت عرضها‪،‬‬ ‫لكن أبطالها لم يستطيعوا االستمرار بعدها‪ ،‬وكان أحد‬ ‫أهدافي هو بقائي في البطولة النسائية لسنوات طويلة‬ ‫وفي مواسم مختلفة‪ ،‬لتأكيد نجاحي‪ ،‬وأن املسألة ال‬ ‫تأتي معي باملصادفة‪ ،‬بل إنها نتيجة مجهود وتعب‬ ‫وت��رك�ي��ز ف��ي اخ�ت�ي��ارات��ي ال�ف�ن�ي��ة‪ ،‬وأن ��ا ح��ري�ص��ة على‬ ‫التواصل مع جمهوري وسؤاله عن رأي��ه في األعمال‬ ‫واألدوار التي أقدمها‪ ،‬وهل تنال رضاه أم أن بها مبالغة‪،‬‬ ‫والحمد لله أنا عند حسن ظن جمهوري ً‬ ‫دائما‪.‬‬

‫> كثير من الفنانات يشغلهن املنافسة مع بعضهن‪،‬‬ ‫هل تشغلك هذه املسألة؟‬ ‫ هذا األمر ال يشغلني ً‬‫تماما وكل ما يهمني التركيز في‬ ‫عملي إلى أقصى درج��ة ممكنة‪ ،‬وكل فنانة من حقها أن‬ ‫تقدم أفضل ما لديها‪ ،‬فكل فنان يرى أنه األفضل‪ ،‬ولكن‬ ‫الجمهور هو الذي يحدد مكان كل منا‪.‬‬ ‫وأنا حريصة على تقديم أعمال سينمائية جيدة تناسب‬ ‫األس��ر املصرية العربية بمختلف فئاتها‪ ،‬والحمد لله أن‬ ‫النقاد يكتبون عني أن ياسمني عبد العزيز ه��ي النجمة‬ ‫الوحيدة من فنانات جيلها ال�ق��ادرة على تحقيق إي��رادات‬ ‫بمفردها وتصدرها ألفيشات السينما وتقديم أفالم‪ ،‬وهذا‬ ‫يحملني مسؤولية كبيرة‪ ،‬ألنني أري��د أن أظ��ل ً‬ ‫دائما على‬ ‫القمة‪.‬‬ ‫> ي��اس�م�ين ع�ب��د ال �ع��زي��ز ت�ح�ت��ل م�ك��ان��ة ك�ب�ي��رة ل��دى‬ ‫األطفال‪ ،‬هل هذا يحملك مسؤولية كبيرة؟‬ ‫ ه��ذا األم��ر يمثل ل��ي س�ع��ادة ك�ب�ي��رة‪ ،‬ف��أن��ا أع�ش��ق األط�ف��ال‬‫وأحرص على أن تكون أعمالي تخاطبهم‪ ،‬والحمد لله نجحت‬ ‫في هذا حتى اآلن‪ .‬واألطفال صادقون ويقولون الحقيقة ورد‬ ‫فعلهم طبيعي وال يتصنعون اإلعجاب‪ ،‬ولهذا أحرص على‬ ‫أن أتواصل معهم ً‬ ‫دائما‪.‬‬ ‫> هل يشاهد أوالدك أعمالك الفنية؟‬ ‫وأحرص على أخذ رأيهما في أعمالي‪ ،‬وهل‬ ‫ بالتأكيد‪.‬‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصطنعا‪ ،‬والحمد لله يعجبان‬ ‫الضحك كان صادقا أم‬ ‫بأعمالي <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪107‬‬


‫خالل فترة قصيرة أصبحت النجمة ياسمني عبد العزيز واحدة من بني أهم نجمات السينما املصرية‪ .‬لم تحقق هذا باملصادفة‬ ‫الشاق واختيار املوضوعات املتميزة واألفكار الجريئة والكوميديا الراقية‪ ،‬حتى أصبحت‬ ‫أو بضربة حظ‪ ،‬بل باالجتهاد والعمل ً‬ ‫معشوقة الصغار والكبار وأصبحت أيضا «كوميديانة» جيلها‪.‬وأصبحت تتربع على إيرادات دور العرض‪.‬‬

‫قالت في حوار مع‬

‫إن عودتها للتلفزيون «مرحلة جديدة»‬

‫ياسمني عبد العزيز‪ :‬أسرتي سبب ابتعادي‬ ‫عن الشاشة الصغيرة‬ ‫القاهرة‪ :‬عصام الدين راضي‬ ‫في الفترة األخيرة هناك حالة من النشاط الفني‬ ‫تعيشها ياسمني عبد ال�ع��زي��ز‪ ،‬حيث ع��رض لها‬ ‫خ�ل�ال األس��اب �ي��ع امل��اض�ي��ة ف�ي�ل��م «أب ��و ش �ن��ب» في‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحاليا تستعد للعودة‬ ‫نجاحا مقبوال‪،‬‬ ‫دور العرض‪ ،‬وحقق‬ ‫ً‬ ‫للشاشة الصغيرة بعد غياب أكثر من ‪ 15‬عاما بعمل فني‬ ‫كوميدي جديد تعتبره مرحلة جديدة في حياتها التلفزيونية‪.‬‬

‫وفي حوار مع «املجلة» تكشف ياسمني عبد العزيز تفاصيل سامي‪ .‬والعمل يدور في إطار كوميدي يعتمد على حلقات‬ ‫منفصلة متصلة ي�ت�ن��اول ع � ً‬ ‫�ددا م��ن ال�ق�ص��ص‪ ،‬وك��ل قصة‬ ‫كثيرة من حياتها الفنية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تعرض في ‪ 3‬حلقات‪ ،‬وما شجعني لهذا العمل أنني أشعر‬ ‫> في البداية‪ ،‬ما الذي شجعك للعودة إلى التلفزيون أنه مختلف عن األعمال املوجودة ً‬ ‫حاليا وفكرته جديدة على‬ ‫الشاشة الصغيرة‪.‬‬ ‫بعد كل هذا الغياب؟‬ ‫ ً‬‫حاليا نستعد لجلسات تحضير للعمل الذي لم نستقر على‬ ‫تفاصيله حتى اآلن‪ ،‬وهو من إنتاج املنتج تامر مرسي وإخراج > ه ��ل غ �ي��اب��ك ع ��ن ال �ش��اش��ة ال �ص �غ �ي��رة ط � ��وال ه��ذه‬ ‫ً‬ ‫مقصودا أم أنه مصادفة؟‬ ‫محمد سامي‪ ،‬وتأليف ورشة الكتابة الخاصة باملخرج محمد السنوات كان‬ ‫غ �ي��اب��ي ي��رج��ع ألس �ب��اب أس��ري��ة‪ ،‬ف��امل�س�ل�س��ل ال�ت�ل�ف��زي��ون��ي‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫يستغرق وقتا طويال في تصويره من املمكن أن يستمر‬ ‫مل��دة ع��ام‪ ،‬على عكس األف�ل�ام السينمائية ال�ت��ي ت�ك��ون مدة‬ ‫تصويرها أقل من ذلك بكثير‪ .‬لهذا كنت أرغب في التركيز‬ ‫في السينما أكثر من التلفزيون‪ ،‬حتى يكون لدي وقت ملتابعة‬ ‫ً‬ ‫أسرتي وأوالدي‪ ،‬ولكن ً‬ ‫حاليا أصبح الوضع مختلفا بشكل‬ ‫كبير بعدما كبروا‪ ..‬أصبحت لدي فرصة العودة لشاشات‬ ‫التلفزيون وآخر أعمالي الدرامية كان عام ‪ 2001‬في مسلسل‬ ‫«الرقص على ساللم متحركة»‪ .‬وهو من األعمال الدرامية التي‬ ‫أعتز بها ً‬ ‫كثيرا في مشواري الفني‪.‬‬ ‫> هل تعتقدين أنك قادرة على املنافسة على الشاشة‬ ‫الصغيرة بني نجمات ونجوم الدراما التلفزيونية؟‬ ‫ ال أنشغل باملنافسة منذ بداية التحاقي بالعمل الفني‪،‬‬‫ألنني لو نظرت إليها سأفقد تركيزي في املشروع الذي‬ ‫أعمل عليه‪ ،‬كما أن الجمهور هو الوحيد ال��ذي يملك حق‬ ‫تقييم الفنان ويعطيه النجاح أو الفشل‪ ،‬وجميعنا نعمل‬ ‫ونجتهد لتقديم أفضل ما لدينا ألجله‪ ،‬ومع بداية العمل‬ ‫يتمنى ك��ل ف �ن��ان أن ي �ك��ون ف��ي امل �ق��دم��ة‪ ،‬وه ��ذه منافسة‬ ‫ً‬ ‫مجهودا ً‬ ‫كبيرا في‬ ‫مشروعة‪ ،‬فكل فنان يجتهد وي�ب��ذل‬ ‫عمله‪ ،‬ومن حقه النجاح‪ ،‬وفي النهاية العمل املميز يفرض‬ ‫نفسه حتى ل��و ت��م عرضه وس��ط ع��دد كبير م��ن األعمال‬ ‫األخرى‪ً ،‬‬ ‫ودائما أسعى إلى تقديم الجديد الذي يميزني عن‬ ‫غيري‪ .‬واملنافسة بني عدد كبير من األعمال هي طبيعة‬ ‫الدراما التلفزيونية‪ ،‬سواء في مصر أو املنطقة العربية‪.‬‬

‫الفنانة‬ ‫ياسمني‬ ‫عبد العزيز‬

‫‪106‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫> هل تتسبب الدراما التلفزيونية في ابتعادك عن‬ ‫السينما عشقك األول؟‬ ‫ ال يمكن أن يحدث ذلك معي‪ ،‬وكل ما أسعى إليه ً‬‫حاليا هو‬


‫أقدم الفنان الكوميدي الشاب شادي سرور‪ ،‬أحد أبرز نجوم «يوتيوب»‪ ،‬مع الفنانة بشرى على تقديم فيلم «تايتانيك بالعربي»‬ ‫بوصفه أول فيلم بتقنية سينمائية يتم إطالقه فقط على اإلنترنت وليس بدور العرض السينمائي‪ ،‬وتم إطالقه منذ عيد األضحى‬ ‫املاضي على «يوتيوب»‪ ،‬وهو يحاكي فيلم «تايتانيك» األميركي الشهير‪ ،‬ولكن بشكل كوميدي ساخر على الطريقة املصرية‪.‬‬

‫حصد أكثر من ‪ 3‬ماليني مشاهدة‪ ..‬وواجه انتقادات‬

‫«تايتانيك بالعربي»‪ ..‬تجربة سينمائية لجمهور اإلنترنت‬

‫القاهرة‪ :‬داليا عاصم‬ ‫اشتهر شادي سرور بتقديم مقاطع فيديو كوميدية‬ ‫ساخرة عن املواقف االجتماعية والحياة اليومية؛ مما‬ ‫أكسبه شعبية جارفة‪ ،‬ووصل عدد املشتركني في‬ ‫قناته على «يوتيوب» إلى أكثر من مليون و‪ 400‬ألف متابع؛‬ ‫لذا كان هناك ترقب كبير‬ ‫إلط����ل���اق ال����ف����ي����ل����م‪ .‬ج��س��د‬ ‫شادي في أول دور تمثيلي‬ ‫له دور «جاك» وبشرى دور‬ ‫«روز» وه��و إخ��راج محمد‬ ‫خضر وإنتاج ديجيساي‪،‬‬ ‫وق��د نجح م��دي��ر التصوير‬ ‫امل��ح��ت��رف أح��م��د ج��ب��ر‪ ،‬في‬ ‫ت��ق��دي��م ص�����ورة سينمائية‬ ‫م�����ب�����ه�����رة م����س����ت����ف����ي����دا م���ن‬ ‫خبرته في عدد من األعمال‬ ‫ال���س���ي���ن���م���ائ���ي���ة وال�����درام�����ي�����ة‬ ‫امل��ت��م��ي��زة‪ ،‬وم��ن��ه��ا مسلسل‬ ‫«س���اح���رة ال��ج��ن��وب»‪ .‬وكتب‬ ‫ص���ن���اع ال��ف��ي��ل��م ت���ص���دي���را له‬ ‫«ه��دف��ن��ا ه���و ت��ق��دي��م ال��ق��ص��ة‬ ‫ب���ن���ك���ه���ة م���ص���ري���ة س���اخ���رة‬ ‫وكوميدية للترفيه والضحك‪ ،‬ليس إال»‪ .‬كما أكدوا احترامهم‬ ‫للمأساة اإلنسانية وغ��رق رك��اب السفينة‪ .‬وق��د تجاوز عدد‬ ‫املشاهدات ‪ 3‬ماليني مشاهدة‪ ،‬ولم تتجاوز مدة الفيلم ‪ 30‬دقيقة‬ ‫لكي تتناسب مع طبيعة جمهور اإلنترنت‪.‬‬ ‫تقول النجمة بشرى عن تجربتها التمثيلية في أول فيلم‬ ‫لإلنترنت «أحببت الفكرة جدا‪ ،‬خصوصا أن جهور اإلنترنت‬ ‫أكبر وأوس���ع م��ن جمهور السينما ويصل للماليني‪ ،‬وهي‬ ‫أح����دث رواف����د اإلب�����داع ال��س��ي��ن��م��ائ��ي‪ ،‬وس��ع��دت بالتمثيل مع‬ ‫شادي؛ فهو فنان موهوب وله جمهور كبير»‪ .‬وأضافت‪« :‬قد‬ ‫يعتبرها البعض مجازفة‪ ،‬ولكنها تجربة تستحق‪ ،‬وأرى أن‬ ‫املستقبل سيكون لتلك النوعية من األفالم»‪ .‬عقب بث الفيلم‬ ‫دار الجدل بني جمهور النجم الكوميدي الذي رأى أن التجربة‬ ‫بها ق��در كبير من االب��ت��ذال‪ ،‬فيما رأى البعض أنها تجربة‬ ‫جيدة وناجحة‪.‬‬ ‫ورغم أن الفيلم حقق فور عرضه مليون مشاهدة وفي اليومني‬ ‫التاليني تخطى ‪ 2‬مليون‪ ،‬فإن البعض ي��راه غير ناجح ودون‬ ‫م��س��ت��وى ال��ت��وق��ع��ات‪ .‬وص����رح ش����ادي س����رور ع��ب��ر صفحته‬ ‫الرسمية على «فيسبوك» أن السيناريو الخاص بالفيلم لم يكن‬ ‫ممتازا‪ ،‬حيث لم ينفذ منه سوى ‪ 65‬في املائة فقط؛ وهو ما أدى‬ ‫إلى خلل في أحداث العمل‪ ،‬كما أنه تسبب في أال يعجب الفيلم‬

‫بطل الفيلم مع البطلة في‬ ‫مشهد دعائي للفيلم‬

‫البعض‪ .‬وقال سرور مبررا «إنها املرة األولى التي يكون فيها‬ ‫داخل قالب تصوير محترف‪ ،‬وكل خبراته في التمثيل تتمحور‬ ‫فيما قدمه من مقاطع فيديو سابقة واجتهاده»‪ ،‬مشيرا إلى‬ ‫كونه كان «جيدا» بشهادة كل العاملني في الفيلم‪.‬‬ ‫وأض���اف‪« :‬أح���اول أن أجتهد وأب��ذل كل ما في وسعي‪ ،‬وهذا‬ ‫الفيلم يعتبر بالنسبة لي «درسا أكثر من كونه نجاحا»‪ّ .‬‬ ‫ووجه‬ ‫شكره إلى كل من يدعمه ويثق في موهبته من جمهوره‪ ،‬واعدا‬ ‫إياهم بالتحسن في أعماله املقبلة‪.‬‬ ‫واجه الفيلم أيضا انتقادات على مستوى النقاد السينمائيني‪،‬‬ ‫معتبرين أن فريق العمل أقدم على خطوة فنية جديدة‪ ،‬لكن‬ ‫كان من األفضل أن يبحثوا عن فكرة فيلم مبتكرة لتقديمها‬ ‫للجمهور العريض بدال من تقديم فيلم «تايتانيك» الذي يعتبر‬ ‫من أهم األعمال السينمائية العاملية‪ ،‬منتقدين استغاللهم نجاح‬ ‫الفيلم‪ .‬في املقابل‪ ،‬قال املخرج محمد خضر‪ ،‬إن فكرة تقديم‬ ‫أف�لام مرة أخ��رى وبرؤية مختلفة أو معالجة جديدة هو أمر‬

‫دارج في السينما العاملية‪.‬‬ ‫وعن رأيه في فكرة تقديم فليم عبر اإلنترنت‪ ،‬ذهب الناقد الفني‬ ‫محمود قاسم إلى أن فكرة إنتاج فيلم بتقنية سينمائية على‬ ‫اإلنترنت ال تعتبر إبداعا قائال‪ :‬من املهم أن يقدم املبدع فكرة‬ ‫جديدة لجمهوره‪ ،‬ولكن أرى «تايتانيك بالعربي» تجربة غير‬ ‫ناضجة والفيلم ل��م يضف شيئا‪ ،‬س��واء للسينما أو ألف�لام‬ ‫اإلنترنت أو األف�لام الرقمية‪ .‬فالكل اآلن لديه موبايل يمكنه‬ ‫تصوير فيديو أو فيلم وبثه‪ ،‬ولكن املهم هو الفكرة التي تدور‬ ‫حولها األح���داث وكيفية معالجتها وتقديمها بشكل يمتع‬ ‫الجمهور»‪.‬‬ ‫وعن توقعاته لهذا التيار الجديد من سينما اإلنترنت‪ ،‬وهل‬ ‫يمكن أن تنافس األفالم السينمائية‪ ،‬قال‪« :‬ال أعتقد أنها موجة‬ ‫جديدة‪ ،‬لكنها لن تصمد ألن فن صناعة الفيلم هو فن راسخ‬ ‫والسينما لن تندثر أمامها‪ ،‬تماما كما لم تندثر مع وجود‬ ‫التلفزيون»<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪105‬‬


‫جنود روس يتجولون في تدمر السورية (غيتي)‬

‫مبادرة اليونيسكو إلعادة بناء آثار الشام الضائعة‬ ‫لندن‪ :‬مينا الدروبي‬ ‫فتح كولوسيوم روما أبوابه أمام معرض جديد‬ ‫برعاية اليونيسكو تحت عنوان «بعث من الرماد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫إبال ونمرود وت ُدمر»‪ .‬يقدم املعرض ثالث قطع‬ ‫أثرية مهمة دمرها تنظيم داعش في العراق والشام‪.‬‬ ‫أقيم املعرض‪ ،‬الذي يستمر حتى ديسمبر (كانون األول)‬ ‫‪ 2016‬في كولوسيوم‪ ،‬أكثر املواقع األثرية جذبا للزوار‬ ‫في روما حيث يفد إليه ‪ 6.5‬مليون سائح سنويا‪ .‬يضم‬ ‫َ‬ ‫املعرض نماذج بالحجم الطبيعي ملعبد بل في ت ُدمر‪ ،‬والثور‬ ‫الذي يحمل رأس إنسان في نمرود‪ ،‬واملحفوظات امللكية‬ ‫في إبال‪.‬‬ ‫تحت إشراف مجموعة من علماء اآلثار واملؤرخني الفنيني‪،‬‬ ‫استخدمت ثالث شركات إيطالية وسائل تكنولوجية‪ ،‬من‬ ‫بينها طابعات ثالثية األبعاد ومواد تحاكي الصخر الرملي‬ ‫وال��رخ��ام إلع��ادة تصميم القطع األث��ري��ة‪ .‬يقول املنظمون‬ ‫«هذا ليس نوعا من الثأر‪ ،‬فإعادة البناء مهمة إنسانية»‪.‬‬ ‫دم��ر تنظيم داع��ش آث��ار معبد بل في َت ُ‬ ‫��دم��ر‪ ،‬ال��ذي يرجع‬ ‫تاريخه إلى ألفي عام‪ ،‬في أغسطس (آب) ‪ ،2015‬واقتحموا‬ ‫امل��وق��ع األث���ري ف��ي ن��م��رود ب��ال��ع��راق ب��ال��ج��راف��ات قبل ذلك‬ ‫بأسابيع عدة‪ .‬أما املحفوظات امللكية في إبال‪ ،‬التي تتضمن‬ ‫آالف األلواح املسمارية‪ ،‬فتعرضت ألضرار جسيمة أثناء‬ ‫الحرب في سوريا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫على مدار ‪ 10‬أشهر فترة احتالل تنظيم داعش لت ُدمر‪ ،‬هدم‬ ‫التنظيم معبدين أثريني وقوسا للنصر‪ .‬وفي أغسطس‬

‫‪104‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫عام ‪ ،2015‬قام مسلحو «داعش» بقطع رأس خالد األسد‬ ‫َ‬ ‫عالم اآلثار الذي ظل أمينا على آثار ت ُدمر منذ ‪ 40‬عاما؛‬ ‫ألنه رفض الكشف عن موقع القطع األثرية التي خبأها‪.‬‬ ‫تحدث فرانشيسكو روت��ي��ل��ي‪ ،‬وزي��ر الثقافة والسياحة‬ ‫األسبق وعمدة روما األسبق‪ ،‬الذي يرأس جمعية «الثقافة‬ ‫أوال»‪ ،‬عن هذه املبادرة قائال «يتفق الجميع على أن قيمة‬ ‫الثقافة اليوم أصبحت أكبر من أي وقت مضى‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يتحدثون عنها من دون فعل أي شيء‪ .‬على أرض الواقع‬ ‫ي��ت��م تهميش ال��ث��ق��اف��ة ب��اس��ت��م��رار‪ ،‬واألس����وأ ه��و أن يقف‬ ‫الجميع صامتني أم��ام تدمير مكان كان مهدا لحضارة‬ ‫عمرها خمسة آالف عام»‪.‬‬ ‫وأض��اف «ال��ي��وم في سوريا ن��رى دم��ارا كارثيا إلرث لن‬ ‫ي��ت��ك��رر‪ ،‬ي��ض��م آث����ارا وم���واق���ع أث��ري��ة وم��س��اج��د وكنائس‬ ‫ومراكز تاريخية ال تقدر بثمن‪ .‬ومع ذل��ك‪ ،‬جاء رد فعل‬ ‫املجتمع الدولي مخيبا لآلمال‪ :‬الصمت وع��دم االكتراث‪،‬‬ ‫ونوعا من االنسحاب‪ ،‬في حني أدت جميع القضايا التي‬ ‫يتم تناولها في األزم��ة السياسية والتطورات العسكرية‬ ‫إلى التخلي عن الثقافة»‪.‬‬ ‫يضم معرض روم��ا أيضا تمثالني نصفيني ُمن الرخام‬ ‫َ‬ ‫وصفهما روتيلي بـ«مصابي حرب ت ُدمر»‪ ،‬حيث أ ِتلفا أثناء‬ ‫احتالل «داع��ش» للموقع األث��ري‪ .‬سيتم ترميم التمثالني‬ ‫األثريني في إيطاليا وإعادتهما إلى سوريا بمجرد انتهاء‬ ‫الحرب‪ .‬يقول املشرف على املعرض‪ ،‬إنه من النادر جدا‬ ‫فتح ممر للثقافة في أثناء الحرب‪ ،‬ولكن وصل التمثاالن‬ ‫إلى روما بفضل جهود دبلوماسية معقدة وتعاون كل من‬

‫مديرية اآلثار السورية وأفراد من املعارضة‪ .‬علق روتيلي‬ ‫«إنه موقف نادر جدا‪ .‬علينا أن ندرك أن هناك أشخاصا‬ ‫ال ينسحبون عندما يأتي الخطر»‪.‬‬ ‫تم جمع القطع داخل كولوسيوم مثل قطعة األحجية ثالثية‬ ‫األبعاد‪ ،‬أما النماذج املقلدة الكاملة األخ��رى في املعرض‬ ‫فهي نموذج للحجرة التي تم اكتشاف املحفوظات امللكية‬ ‫األثرية بها في إبال بسوريا‪ ،‬وجزء من سقف معبد بل في‬ ‫َ‬ ‫ت ُدمر‪ ،‬الذي يرجع عمره إلى ألفي عام‪ ،‬وأدرجته اليونيسكو‬ ‫موقعا أثريا عامليا‪ ،‬حيث ك��ان يضم بعضا من أفضل‬ ‫القطع األثرية املحفوظة في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫تجدر اإلش���ارة أيضا إل��ى أن��ه ت��م الكشف ع��ن نموذج‬ ‫مقلد لقوس النصر األثري‪ ،‬الذي كان موجودا في َت ُ‬ ‫دمر‬ ‫بسوريا‪ ،‬في مطلع العام الحالي في ميدان ترفلغار في‬ ‫لندن‪ .‬دمر «داعش» القوس الذي يرجع إلى ‪ 1800‬عام‬ ‫في أكتوبر (تشرين األول) من العام امل��اض��ي‪ ،‬وكان‬ ‫الغرض من إنشاء النموذج‪ ،‬الذي بلغ طوله ستة أمتار‬ ‫وص��ن��ع ف��ي إيطاليا م��ن ال��رخ��ام امل��ص��ري‪ ،‬ه��و إع�لان‬ ‫التحدي إلظهار إمكانية ترميم موقع أثري إذا توفرت‬ ‫اإلرادة‪.‬‬ ‫وش��ه��د ال��ك��ش��ف ع��ن ن��م��وذج ق���وس ال��ن��ص��ر ع��م��دة لندن‬ ‫ال��س��اب��ق ب��وري��س ج��ون��س��ون‪ ،‬ال���ذي أع��ل��ن ف��ي ذل��ك الوقت‬ ‫تضامنه مع الشعب السوري و«تحدي البربريني الذين‬ ‫دمروا األصل»‪ .‬الرسالة التي تبعث بها تلك النماذج هي‬ ‫التأكيد على أن «كل ما تم تدميره سيعاد إنشاؤه‪ ،‬وأنه‬ ‫تراث عاملي» <‬


‫رئيس الحكومةعبد املالك سالل أشرف على التدشني الرسمي ملعرض الكتاب في نسخته الـ‪( 21‬غيتي)‬

‫الشديدة في تنظيم األنشطة املصاحبة للمعرض‪،‬‬ ‫والتي غالبا ما تمر كأنها ال حدث»‪ ،‬وهي أنشطة‬ ‫يقول عنها‪« :‬لو أجاد القائمون على األمر التنظيم‬ ‫لتحولت إلى منارات ثقافية تسلط أضواء هامة على‬ ‫الكتابة والعقل في الجزائر»‪.‬‬ ‫ويبقى الغائب الكبير عن املعرض الذي ال يكف ‪ -‬في‬ ‫تقديره ‪ -‬عن التضخم دون أن يتحول إلى معرض‬ ‫عربي كبير للكتاب‪ ،‬هو االحترافية‪ ،‬هو الناشرون‬ ‫الكبار‪ ،‬هو السياسة الثقافية الجيدة‪ ،‬التي تقوم‬ ‫بتقديم تصورات باهرة لصناعة الكتاب‪.‬‬ ‫وش � ��دد األح� �م ��ر ع �ل��ى أن «ال �ن��اش��ر وال� � ��دول وك��ل‬ ‫الجهات الوصية تعمل بالجزائر على تتفيه الحدث‬ ‫الثقافي عموما»‪ ،‬ويتابع‪« :‬لوال املبادرات الشخصية‬

‫والفرديات شبه الدونكيشوتية – أحيانا ‪ -‬لتحول‬ ‫املعرض إلى بازار كبير لبيع الكتب التي تستجيب‬ ‫للرغبات القاعدية‪ ،‬مثل كتاب الطبخ لضمان ربة‬ ‫بيت طيعة ورب بيت أكول‪ ،‬ثم كتب تفسير األحالم‬ ‫التي سيجرها األك��ل‪ ،‬ثم كميات ال معنى لها من‬ ‫الكتب املذهبية التي غالبا ما يكون دوره��ا تفرقة‬ ‫األمة اإلسالمية إلى فرق واتجاهات متناحرة لفائدة‬ ‫القوى الدولية املتربصة بكل ضعيف»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الغائب األكبر عن املعرض أيضا في تقدير األحمر‬ ‫ه��و «إي�م��ان�ن��ا ب �ج��دوى ال�ك�ت��اب وب�ف��ائ��دة الصناعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نضاليا من‬ ‫الثقافية»‪ ،‬وهذا األمر يعتبره «سلوكا‬ ‫مختلف الالعبني ف��ي الساحة الثقافية‪ :‬ناشرين‬ ‫ُ‬ ‫وك ً‬ ‫تابا ومسؤولني؛ ألنهم املسؤولون – مجتمعني‬

‫ على خلق ثقافة تداول الكتاب وعن عادات القراءة‬‫وتذوق الحياة والثقافة والكتاب»‪.‬‬ ‫وككل النسخ السابقة للمعرض‪ ،‬منعت لجنة الرقابة‬ ‫ال�ت��ي ت�ض��م لجنة ق ��راءة م��وس�ع��ة م�ك��ون��ة م��ن ع��دة‬ ‫وزارات‪ ،‬نحو ‪ً 131‬‬ ‫كتابا من الدخول لعدة أسباب‪،‬‬ ‫أهمها الترويج لإلرهاب أو التحريض على الفنت أو‬ ‫اإلساءة لسمعة الجزائر‪.‬‬ ‫وبسبب ال��وض��ع االق�ت�ص��ادي ال��ذي تعيشه البالد‬ ‫بسبب سياسة التقشف على وقع تراجع مداخيلها‬ ‫إث ��ر ت��راج��ع أس �ع��ار ال�ن�ف��ط ف��ي األس � ��واق ال�ع��امل�ي��ة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شهدت ميزانية املعرض تخفيضا بنسبة ‪ 20‬في‬ ‫املائة حسب ما كشف عنه وزير الثقافة عز الدين‬ ‫ميهوبي <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪103‬‬


‫افتتح الخميس ‪ 27‬أكتوبر (تشرين األول) بالجزائر العاصمة‪ ،‬معرض الجزائر الدولي للكتاب الذي شرع في استقبال ضيوفه‪،‬‬ ‫وسط مشاركة عربية وأجنبية ومحلية واسعة‪ .‬وككل الطبعات السابقة طالت الرقابة أكثر من ‪ 131‬عنوانا‪ ،‬لتعارض محتواها‬ ‫مع الهوية الوطنية للجزائريني‪ ،‬وتعاليم الدين اإلسالمي‪.‬‬

‫ً‬ ‫طالت الرقابة أكثر من ‪ 131‬عنوانا لتعارضها مع اهلوية الوطنية وتعاليم الدين اإلسالمي‬

‫دور النشر العربية الكبرى تغيب‬ ‫عن املعرض الدولي للكتاب بالجزائر‬ ‫الجزائر‪ :‬ياسني بودهان‬ ‫وك��ان ال��وزي��ر األول (رئيس الحكومة) عبد‬ ‫امل ��ال ��ك س �ل��ال‪ ،‬ق ��د أش � ��رف ع �ل��ى ال �ت��دش�ين‬ ‫الرسمي لهذه التظاهرة الثقافية في نسختها‬ ‫الـ‪ ،21‬بمشاركة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي‪ ،‬وثلة‬ ‫من املسؤولني‪ ،‬وممثلي الهيئات الدبلوماسية املعتمدة‬ ‫بالبالد‪.‬‬ ‫ويعد هذا املعرض أبرز حدث ثقافي سنوي بالبالد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واستقطب ف��ي آخ��ر نسخة مليونا ونصف مليون‬ ‫زائ��ر‪ ،‬حسب ما ص��رح به محافظ املعرض حميدي‬ ‫مسعودي‪.‬‬ ‫وي�ش��ارك في ه��ذا الحدث ال��ذي حمل شعار «الكتاب‬ ‫اتصال دائ��م»‪ ،‬ويتواصل حتى الخامس من نوفمبر‬ ‫(ت�ش��ري��ن ال�ث��ان��ي)‪ ،‬أك�ث��ر م��ن ‪ 950‬دار نشر عربية‪،‬‬ ‫وأجنبية‪ ،‬يمثلون ‪ 48‬ب�ل َّ��دا‪ ،‬ف��ي ح�ين تمثل الجزائر‬ ‫‪ 291‬دار نشر‪ ،‬بينما حلت جمهورية مصر العربية‬ ‫بوصفها «ض�ي��ف ش ��رف»‪ ،‬حيث ينظم ممثلو هذا‬ ‫البلد كثيرا من التظاهرات الثقافة واألنشطة األدبية‪،‬‬ ‫بمشاركة عدة أسماء مصرية‪.‬‬ ‫وأوض ��ح ع��ز ال��دي��ن ميهوبي‪ ،‬خ�لال ن��دوة صحافية‬ ‫نشطها بمقر يومية «ال�ح��وار» الخاصة‪ ،‬أن اختيار‬ ‫مصر لتكون ضيف شرف‪ ،‬جاء بناء على طلب من‬ ‫ات�ح��اد الناشرين املصريني‪ ،‬وعرفانا ب�ـ«ال�ت��زام دور‬ ‫النشر املصرية الدائم بحضور هذا املعرض‪ ،‬واهتمام‬ ‫الناشرين املصريني بالكتاب الجزائري»‪.‬‬ ‫ول� �ف ��ت م �ي �ه��وب��ي إل� ��ى أن «اس �ت �ض��اف��ة م �ص��ر ج��اء‬ ‫باعتبارها رق�م��ا صعبا ف��ي ع��ال��م صناعة الكتاب‪،‬‬ ‫وبوصفها تحتضن اتحاد الناشرين العرب‪ ،‬وبالنظر‬ ‫إلى حضورها املستمر والدائم بهذا املعرض»‪.‬‬ ‫تكريم وإحياء ذكرى أدباء‬

‫في السجل الثقافي واألدبي املحلي والعربي‪ ،‬على غرار‬ ‫بوعالم بسايح‪ ،‬املستشار األسبق برئاسة الجمهورية‬ ‫الجزائرية‪ ،‬والروائي الجزائري الطاهر وط��ار‪ ،‬والروائي‬ ‫املصري نجيب محفوظ‪.‬‬ ‫وف ��ي ح��دي��ث خ��ص ب��ه «امل �ج �ل��ة» أك ��د ال �ك��ات��ب وال�ب��اح��ث‬ ‫ال �ج ��زائ ��ري امل�ت�خ�ص��ص ف ��ي ال�ف�ل�س�ف��ة وال �ن �ق��د األدب ��ي‬ ‫وال �س �ي��اس��ي إس�م��اع�ي��ل م�ه�ن��ان��ة‪ ،‬أن «م �ع��رض ال�ك�ت��اب‬ ‫الدولي في الجزائر بات مناسبة وطنية فعلية تتجاوز‬ ‫كل املناسبات الشكلية والرسمية األخرى‪ ،‬وعرسا وطنيا‬ ‫بهيجا‪ ،‬يجمع شمل الكتاب وال�ق��راء واملثقفني من كل‬ ‫مكان»‪ .‬فعلى الرغم من كثير من النقائص التنظيمية‬ ‫الكثيرة‪ ،‬وعلى الرغم من بعض التضييقات الجمركية‬ ‫وال��رق��اب�ي��ة ع�ل��ى ال�ن��اش��ري��ن وم �س �ت��وردي ال�ك�ت��اب‪ ،‬فإنه‬ ‫يؤكد أن «الجزائريني يأتون من دول شتى‪ ،‬إلى الجزائر‬ ‫العاصمة طوال تلك األيام العشرة‪ ،‬فقط من أجل الكتاب»‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من وسائل القراءة املعاصرة التي توفرها‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬فإنه شدد على أن «الكتاب الورقي ال يزال‬ ‫يحظى بتقديس خاص لدى الجزائريني‪ ،‬حيث يسجل‬ ‫معرض كل سنة زيارة ما ال يقل عن مليوني زائر‪ ،‬بني‬ ‫قارئ محترف وباحث ومجرد فضولي»‪ .‬ويعتقد أن ما‬ ‫سبق «تقليد جميل ويجب الحفاظ عليه»‪.‬‬ ‫ه��ذا االه�ت�م��ام الكبير م��ن الجزائريني بمعرض الكتاب‬ ‫يكشف أيضا‪ ،‬ب��رأي��ه‪ ،‬عن ص��ورة سلبية‪ ،‬وه��ي انعدام‬ ‫املكتبات ف��ي معظم امل��دن الداخلية‪ ،‬ويقصد بذلك تلك‬ ‫املكتبات االحترافية التي تتابع وتقتني كل جديد في عالم‬ ‫القراءة والثقافة‪ ،‬ولهذا لم يبق لسكان تلك املدن للظفر‬ ‫بالجديد إال الصالون الدولي‪.‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫وع ��ن ب �ع��ض ال�ت�ق��ال�ي��د ال�ث�ق��اف�ي��ة ال �ت��ي ي �ح��اول ال��ك��ت��اب‬ ‫والناشرون ترسيخها في الصالون‪ ،‬مثل «البيع باإلهداء»‪،‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬فهي في تقديره «ال تضر في شيء»‪ ،‬ويعتبرها‬ ‫«مجرد مناسبات يحتك فيها القارئ بالكاتب مباشرة‪،‬‬ ‫قد تعمل على كسر ذلك الحاجز النفسي بني االثنني»‪.‬‬

‫وستشهد فعاليات امل�ع��رض إح�ي��اء وتنظيم كثير من دور النشر الجزائرية‬ ‫اللقاءات األدبية والثقافية‪ ،‬مع تكريم وإحياء ذكرى بعض‬ ‫األدباء واملثقفني الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب الح��ظ ف��ي ال �س �ن��وات األخ �ي��رة غ �ي��اب ك�ث�ي��ر م��ن دور‬ ‫‪102‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫النشر العربية الكبرى‪ ،‬مثل دار الساقي‪ ،‬ودار الجمل‪،‬‬ ‫ودار الطليعة‪ .‬ويعود ذلك برأيه لـ«تزامن الصالون مع‬ ‫معرض الشارقة في دول��ة اإلم��ارات‪ ،‬فالدور الكبرى‬ ‫تفضل الذهاب إلى هناك‪ ،‬ويعود أيضا إلى الصعوبات‬ ‫الجمركية والضريبية»‪.‬‬ ‫و يضيف مهنانة « على الرغم من العدد الهائل لدور‬ ‫النشر الجزائرية (أكثر من ‪ 250‬دار نشر) فإن القليل‬ ‫منها ف�ق��ط ال ي ��زال ينشر ال�ك�ت��ب األدب �ي��ة والفكرية‬ ‫والعلمية املهمة‪ ،‬أما الغالبية فتعيد أشياء منشورة‪،‬‬ ‫أو تكتفي بالكتب املدرسية وشبه املدرسية وكتب‬ ‫الطبخ والتطريز‪.‬‬ ‫ومن جانبه يشير الروائي والشاعر فيصل األحمر‪،‬‬ ‫إلى أن «املعارض الدولية للكتاب في جوهرها أعراس‬ ‫للكتب‪ ،‬وككل عرس فهو يضم أطيافا متعددة تحت‬ ‫راي ��ة م��وح��دة»‪ ،‬بمعنى أن �ن��ا نحتفي ع�ل��ى ح��د قوله‬ ‫بـ«الكتاب ونشتري ما يغيب عن أسواق باقي السنة‬ ‫امل �ح��دودة‪ ،‬ونلتقي بالكتاب ال��ذي��ن ن�ع��رف أسماءهم‬ ‫فقط‪ ،‬ويتم تنشيط سوق الكتاب من خالل االتفاقيات‬ ‫الهامشية لدور النشر وما شاكل ذلك»‪.‬‬ ‫وي�ت��اب��ع ق��ائ�لا‪« :‬ك�م��ا يعمل ال �ن��اش��رون ع�ل��ى ال��دع��اي��ة‬ ‫ألعمالهم ولكتابهم بشكل يخلق أل�ف��ة بينهم وبني‬ ‫قرائهم أو يكسبهم شرائح جديدة من القراء‪ ،‬كل هذا‬ ‫هو من املفروض أن تكون عليه األوضاع»‪.‬‬ ‫لكن املتحري للوضع ف��ي ال�ج��زائ��ر ‪ -‬حسب حديثه‬ ‫ً‬ ‫لـ«املجلة» ‪ -‬يجد جمال من التناقضات تحيط به من‬ ‫كل جانب؛ فاملعرض الدولي للكتاب يستقبل مئات‬ ‫اآلالف من القراء‪ ،‬ويسجل الناشرون أرقاما خيالية‬ ‫في البيع‪ ،‬والطلبات على مواقع البيع ال تفتأ ت��زداد‪،‬‬ ‫ومع ذلك فاملقروئية منعدمة‪ ،‬واملؤشرات الثقافية كلها‬ ‫في الصفر‪ ،‬ويتابع‪« :‬في ظل كل هذا ينبغي أن نطرح‬ ‫أسئلة صميمية حول الهامش الغائب الواقف في وجه‬ ‫ت�ح��ول امل�ع��رض ال�ج��زائ��ري إل��ى م��وع��د مهم ال موعد‬ ‫كبير‪ ،‬إلى سوق أساسية للثقافة ال إلى بازار للكتب‬ ‫غير ذات األهمية الثقافية (الطبخ ‪ -‬تفسير األحالم ‪-‬‬ ‫شبه املدرسية)»‪.‬‬ ‫ك�م��ا ل�ف��ت األح �م��ر إل ��ى م��ا وص �ف��ه ب�ـ«االع�ت�ب��اط�ي��ة‬


‫سوريا‬ ‫املؤلف‪ :‬سامر عبود‬ ‫يعتمد م��ؤل��ف ه��ذا الكتاب س��ام��ر ع�ب��ود عن‬ ‫األزمة السورية بشكل أساسي على مجموعة‬ ‫م��ن امل �ص��ادر ال�ث��ان��وي��ة‪ ،‬وال ي�ق��دم رؤى غير‬ ‫ت�ق�ل�ي��دي��ة‪ ،‬ل�ك�ن��ه ي�غ�ط��ي ك��ل امل��وض��وع��ات األس��اس �ي��ة‪،‬‬ ‫فالكتاب ككل أكبر من مجموع أجزائه‪.‬‬ ‫وم��ن أق��وى أج ��زاء ال�ك�ت��اب ذاك ال��ذي يتعرض للجان‬ ‫التنسيق املحلية التي ساهمت ف��ي انتفاضة ‪2011‬‬ ‫ضد نظام األسد وتمكنت من البقاء على قيد الحياة‬ ‫ف��ي ال �ح��رب األه �ل �ي��ة ال�لاح �ق��ة‪ ،‬وان �ت �ه��اء ب��امل �ه��ام غير‬ ‫املثمرة ملبعوثي األم��م املتحدة‪ :‬كوفي أن��ان واألخضر‬ ‫اإلبراهيمي وستيفان دي ميستورا‪.‬‬ ‫يقدم عبود القليل من املعلومات الجديدة عن مخططات‬ ‫الالعبني الدوليني في النزاع السوري؛ مثل حزب الله‪،‬‬ ‫وإي��ران‪ ،‬وقطر‪ ،‬وروسيا‪ ،‬واململكة العربية السعودية‬ ‫والواليات املتحدة األميركية‪ .‬مشيرا إلى أنه ال أحد قدم‬ ‫شيئا يمكن أن ينظر إليه على أنه عاد بالفائدة على‬ ‫الشعب السوري‪..‬‬ ‫يتجنب ع�ب��ود ف�ك��رة خ�ط��ة ال �س�لام املبنية ع�ل��ى دع��م‬ ‫مؤسسات ال��دول��ة املركزية‪ ،‬ويستبدلها بالدعوة إلى‬ ‫ال�لام��رك��زي��ة ف��ي ال �خ��دم��ات االج�ت�م��اع�ي��ة واالس�ت�ث�م��ار‬ ‫وإعادة توطني الالجئني والعمل على خلق فرص عمل‬ ‫وتشكيل حكومة انتقالية تشمل علويني من املنتسبني‬ ‫لحزب البعث‪ ،‬وأكرادا وسنة جهادية من جبهة النصرة‬ ‫وغيرها‪ ،‬ولكن ليس من «داعش»‪.‬‬

‫تاريخ «داعش»‬ ‫املؤلف‪ :‬فواز جرجس‬ ‫تتبع فواز جرجس تنظيم الدولة اإلسالمية (املعروف كذلك بـ «داعش») منذ‬ ‫ظهوره تحت اسم مغاير في أعقاب الغزو األميركي للعراق عام ‪ .2003‬لقد‬ ‫ميز هذا التنظيم نفسه منذ البداية عن تنظيمات السلفية الجهادية‪ ،‬ليس من‬ ‫الناحية املذهبية فحسب‪ ،‬بل أيضا من خالل احتضانه للعنف وقطع الرؤوس‬ ‫بهذه الطريقة املسرحية‪ ،‬ومحاولة حكم اإلقليم بـ «الخالفة»‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن أيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة ندد بالعنف‬ ‫املفرط لـ«داعش»‪ ،‬لكنه يتفق معه من حيث األهداف في نهاية املطاف‪ ،‬كما أن «داعش»‬ ‫يحارب الجهاديني بشراسة كما يفعل مع غير املسلمني‪.‬‬ ‫في هذا الكتاب املفيد يقول جرجس إن «داعش» ال يمكنه البقاء على قيد الحياة كقوة‬ ‫عسكرية لفترة أط��ول‪ ،‬وذل��ك ألنه تنظيم فقير من الناحية الفكرية باإلضافة إلى أن‬ ‫عناصره ال يشتركون في املصالح نفسها‪.‬‬ ‫وفي النهاية يؤكد جرجس أن «داعش» نشأ بسبب أزمة عضوية في السياسة العربية‬ ‫ولذا فحتى لو انهار هذا التنظيم فإن غيره سينشأ مرة أخرى‪.‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪101‬‬


‫و«داعش»‬ ‫وسوريا‬ ‫روسيا‬ ‫بني‬ ‫ً‬ ‫مستقبل أوروبا اخمليف يقف عاجزا‬ ‫عرض‪ :‬هشام عبد العزيز‬ ‫في الفترة األخيرة ظهرت مجموعة من الكتب‬ ‫التي تعبر بشكل أو بآخر عن األح��داث التي‬ ‫يموج بها املشهد السياسي والعسكري في‬ ‫ال �ش��رق األوس ��ط وال �ع��ال��م‪ ..‬ك��ان��ت األزم ��ة ال�س��وري��ة هي‬ ‫ّ‬ ‫العنوان األكثر أرقا للكتاب واملفكرين ودور النشر أيضا‪،‬‬ ‫بما تتعرض له من مأساة إنسانية بالغة البشاعة‪ ،‬وعن‬ ‫هذه األزمة كان كتاب «سوريا» للباحث السوري سامر‬ ‫ع�ب��ود ال��ذي عرضنا ل��ه ف��ي ه��ذه العجالة م��ن «امل�ج�ل��ة»‪،‬‬ ‫وسامر عبود ليس مجرد باحث زائر في مركز كارنيغي‬ ‫لدراسات الشرق األوسط‪ ،‬بل إن جل أبحاثه تتركز حول‬

‫االقتصاد السياسي للصراع السوري‪ ،‬والسيما مسألة‬ ‫ه��روب رؤوس األم��وال وآثارها على إع��ادة اإلعمار في‬ ‫سوريا‪ .‬كما يعمل عبود أيضًا أستاذًا مساعدًا للتاريخ‬ ‫وال ��دراس ��ات ال��دول�ي��ة ف��ي ج��ام�ع��ة أرك��ادي��ا ف��ي ال��والي��ات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وعلى ذك��ر س��وري��ا الضحية‪ ،‬ال ش��ك يستدعي الذهن‬ ‫جزارها الروسي‪ ،‬الذي حاولنا االقتراب منه أكثر عبر‬ ‫كتاب أركادي أوستروفسكي املعنون «اكتشاف روسيا‪..‬‬ ‫من حرية غورباتشوف إلى حروب بوتني» حيث يحاول‬ ‫املؤلف هنا البحث وراء صورة روسيا في وسائل اإلعالم‬ ‫مقارنا بني صورتني أبرزهما في عنوان كتابه‪ :‬روسيا‬ ‫غورباتشوف التي كانت تحاول البحث عن نقطة حرة في‬

‫اكتشاف روسيا‪ ..‬من حرية‬ ‫غورباتشوف إلى حروب بوتني‬ ‫املؤلف‪ :‬أركادي أوستروفسكي‬ ‫ب�ن��ى أوس�ت��روف�س�ك��ي كتابه‬ ‫على افتراضني قويني‪ ،‬بداية‬ ‫ه��و ي��دع��ي أن��ه م�ن��ذ االت�ح��اد‬ ‫السوفياتي وح�ت��ى روسيا‬ ‫ال �ي��وم‪ ،‬ف��إن وس��ائ��ل اإلع�لام‬ ‫ه��ي مفتاح ه��ذا النظام وأن‬ ‫السيطرة عليها ه��ي بداية‬ ‫ونهاية هذه السلطة‪.‬‬ ‫ي � ��رى أوس �ت ��روف �س �ك ��ي أن‬ ‫روسيا بوتني تفتقر للرؤية‬ ‫االس �ت��رات �ي �ج �ي��ة‪ ،‬وت�ت�ح��رك‬ ‫ف �ق��ط ب �ق �ن��اع��ة أن م�ك��ام��ن‬ ‫ال �ق��وة ف��ي امل ��ال وأن ��ه ليس‬ ‫ه �ن��اك ش ��يء اس �م��ه ال�ق�ي��م‪،‬‬ ‫وأن الفارق بني املسؤولني‬ ‫الروس ونظرائهم الغربيني‬ ‫أن منظومة القيم الغربية‬ ‫يمكنها إخفاء ذلك بشكل أفضل‪ .‬وبغض النظر عن اختالف البعض‬ ‫أو ات �ف��اق��ه م��ع ط��روح��ات وس��ائ��ل اإلع �ل�ام ف��إن��ه سيعجب ب�م��ا يكشفه‬ ‫أوستروفسكي في وجهة نظره ح��ول ما ق��ام به اإلعالميون في رسم‬ ‫صور محددة لعصور غورباتشوف ويلتسني وبوتني‪.‬‬ ‫يقدم أوستروفسكي حججه املقنعة بأن العناد الروسي املعاصر ليس‬ ‫طارئا أو غريبا‪ ،‬لكنه نتيجة طبيعية لخداع الذات في عهد غورباتشوف‪،‬‬ ‫وفساد السلطة في عهد يلتسني‪ ،‬وزيادة هذا الفساد في عهد بوتني‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫مقابل صورة روسيا بوتني التي تهيمن على مالمحها‬ ‫أمارات الدمار والدم السوري من ناحية ثانية‪.‬‬ ‫بني سوريا وروسيا يقف تنظيم داعش اإلرهابي محاربا‬ ‫مرة ومبررا مجازر بوتني ونظام بشار األسد مرات‪ ..‬وفي‬ ‫محاولة رائ�ع��ة اق�ت��رب ف��واز جرجس م��ن ت��اري��خ التنظيم‬ ‫اإلرهابي منذ ظهوره األول عام ‪ 2003‬وحتى اآلن‪..‬‬ ‫في هذا املشهد املعقد الذي انسحبت منه الواليات املتحدة‬ ‫أو كادت بذريعة ما سماه أوباما «القيادة من الخلف»‪ ،‬تقف‬ ‫أوروب ��ا امل��ذع��ورة ت��راق��ب تفاصيل السياسة ال��دول�ي��ة فيما‬ ‫عيناها مفتوحتان ب�ح��ذر على مستقبلها املخيف ال��ذي‬ ‫تنتظره‪ ،‬كما يرى جوزيف ستايلتز في كتابه الذي نعرض‬ ‫له هنا بعنوان «كيف يهدد اليورو مستقبل أوروبا»‬

‫كيف يهدد اليورو مستقبل أوروبا‬ ‫املؤلف‪ :‬جوزيف ستايلتز‬ ‫م� �ن ��ذ خ �م �س��ة ع� �ش ��ر ع��ام��ا‬ ‫أن� �ش ��أ االت � �ح� ��اد األوروب � � ��ي‬ ‫ع �م �ل �ت��ه امل � ��وح � ��دة‪ ،‬واع �ت �ب��ر‬ ‫ال� �ق ��ادة األوروب � �ي� ��ون زي ��ادة‬ ‫ن�م��و اق�ت�ص��ادات�ه��م نتيجة لكفاءتهم‬ ‫وسياساتهم االقتصادية التي حققت‬ ‫ق ��درا أك �ب��ر م��ن امل� �س ��اواة ب�ي�ن ال ��دول‬ ‫الغنية والفقيرة في سوق حرة‪ ،‬غير‬ ‫أنه بعد ما يقرب من عقد من الزمان‬ ‫فقد شهدت أوروبا عكس ذلك تماما‪.‬‬ ‫ح �ت ��ى ف� ��ي األوق � � � ��ات ال� �ج� �ي ��دة ك ��ان‬ ‫ال�ن�م��و االق �ت �ص��ادي ف��ي ظ��ل ال �ي��ورو‬ ‫مستبعدا‪ ،‬غير أنه مع األزم��ة املالية‬ ‫العاملية أصبح الوضع مزريا؛ لقد زاد‬ ‫ركود الناتج املحلي اإلجمالي بسبب‬ ‫التضخم في منطقة اليورو مقارنة مع التوسع في أكثر من ثمانية في املائة من‬ ‫دول أوروبا‪ ،‬تراجع االقتصاد اليوناني أكثر من ‪ 25‬في املائة عما كان عليه عام‬ ‫‪ ،2008‬واالقتصاد اإليطالي أقل بنحو عشرة في املائة‪ ،‬وبشكل عام فقد الناتج‬ ‫األوروبي اإلجمالي نحو ستة تريليونات يورو‪ ،‬وهو رقم هائل انعكس في الحياة‬ ‫املحطمة للشباب العاطل عن العمل‪ ،‬وإفالس أصحاب العمل‪ ،‬وكذلك في ضعف‬ ‫املواطنني غير القادرين على أن يحافظوا على مستواهم املعيشي‪.‬‬ ‫ورغم أن الخسائر الناجمة عن الركود قصير املدى غالبا ما يقابلها نمو أعلى‬ ‫من املتوسط بعد ذلك‪ ،‬غير أن ذلك لن يحدث في هذه الحالة طويلة املدى؛ فعقد‬ ‫كامل من الضياع ينتج جيال ضائعا‪.‬‬ ‫وال يملك اليورو الحد من عدم املساواة بني دول أوروب��ا؛ فمنذ عام ‪ 2007‬نما‬ ‫االقتصاد األملاني مثال بنحو سبعة في املائة في حني ظلت اقتصادات بلجيكا‬ ‫وفرنسا وهولندا راكدة‪.‬‬



‫بو‬

‫ر‬

‫تر‬

‫يه‬

‫جاهز للسقوط وال أحد وراءه وال أحد أمامه‬

‫فرنسوا هوالند في السلطة وخارج السيطرة‬

‫ٌ ّ‬ ‫لقب يذكر الفرنسيني‬ ‫‪ - 1‬فرنسوا هوالند الذي يشير اسمه إلى بالده‪ ،‬له‬ ‫بتلك البالد التي تذكرهم باألبقار والثيران‪ ،‬واأللبان واإلدمان على تناول األجبان‪.‬‬ ‫ هو ابن طبيب الحنجرة واألنف واألذنني الذي كان مع إبقاء الجزائر رغم‬‫أنفها‪ ،‬تحت السيطرة الفرنسية‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ هو الولد ال��ذي اكتشفوا أنه أ ْح� َ�ول النظرات عندما ن��ادوه في شبابه إلى‬‫الخدمة العسكرية‪ ،‬فبحثوا له عن حل الئق‪.‬‬ ‫�درج مع الفكرة الشيوعية‪ّ ،‬‬ ‫ وهو ذات الرجل ال��ذي بدأ يساريا‪ ،‬وت� ّ‬‫وعرج‬ ‫ّ‬ ‫مستقرا مع الحزب االشتراكي حتى صار على رأس الحزب‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ثم غدا مرشحه‬ ‫للرئاسة وأوصله إلى قصر اإلليزيه سنة ‪.2012‬‬ ‫‪ - 2‬كان ال بد للرئيس الجديد من حركة مسرحية إلعالن الدخول إلى القصر‬ ‫الرئاسي‪ ،‬وال بد للحركة من أن تكون مدعاة للتصفيق على «جرأة» القرار‪.‬‬ ‫وكان القرار الذي اتخذه هوالند هو التخفيض في رواتب وزراء الحكومة‪،‬‬ ‫وال بد أن يبدأ املعلم بنفسه حتى يقتنع الشعب التلميذ‪.‬‬ ‫بدأ هوالند حياته الرئاسية بقصة التقشف والتزهد‪ ،‬متنازال عن نسبة مهمة‬ ‫من مرتبه لصالح الخزينة العمومية وللدولة‪.‬‬ ‫وكان يريد‪ ،‬بأمر هكذا‪ ،‬أن يحصد شعبية‪ ،‬وهو الذي انتصر في االنتخابات‬ ‫على نيكوال ساركوزي (الذي لن يجد القذافي املقتول ليمول حملته الرئاسية‬ ‫ّ‬ ‫ضد فرنسوا هوالند)‪.‬‬ ‫‪ - 3‬فرنسا تنادي بالتغيير‪ ،‬كان هذا شعار هوالند‪ ،‬وال بد له من مواجهة‬ ‫َ‬ ‫يخلو‬ ‫س��ارك��وزي‪ ،‬وال مناص من انسحاب مترشحني آخرين للرئاسة حتى‬ ‫لفرنسوا هوالند ّ‬ ‫الجو لتصفية خصمه ساركوزي‪.‬‬ ‫ وم��ن ب�ين ال��ذي��ن انسحبوا كانت زوج�ت��ه السابقة سيغولني روي��ال التي‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أنتجت‬ ‫عقدين من الزمان في عالقة حرة‬ ‫تعرف إليها منذ ‪ ،1978‬وظل معها‬ ‫أربعة أبناء‪ ،‬ورغم انقطاع العالقة منذ ‪ ،2007‬فإن السيدة الرفيقة السابقة كانت‬ ‫تتحمل حقائب وزاري��ة في حكومة الوزير األول فالس‪ ،‬ال��ذي بات يراها اليوم‬ ‫سلبية وتضعف من قدرة الدولة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ال��وص��ول إل��ى القصر الرئاسي قد حصل‪ ،‬منذ ‪ ،2012‬ولكن فرنسا‬ ‫‪ 2016‬ذات مشكالت كثيرة وتحديات كبيرة في الداخل وفي باقي أنحاء العالم‪،‬‬ ‫في السالم والحرب‪ ،‬في وضعها بني الدول العظمى‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ وكم كان أهل الكاريكاتير «شغالني» على قصتي الطاعة والوداعة اللتني‬‫كان يمارسهما الخروف الفرنسي «هوالند» أمام الذئبة األملانية «ميركل»‪.‬‬ ‫ والقصة ليست في جعل الرجل خاضعا مليركل‪ ،‬فمثل هذا الصنيع مغفور‬‫لدى الرأي العام الفرنسي إذا وجدت نتائج على أرض الواقع‪.‬‬ ‫ إن عدم قدرة الرجل األول‪ ،‬السيد الرئيس‪ ،‬فخامته‪ ،‬على إيجاد حل للبطالة‬‫هو ما سيجعل بورصة هذا الرئيس الذي انطلقت رحلته من اليسار قريبة من‬ ‫قيمة الصفر على اليسار‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ال أح��د اآلن ي�ج��رؤ ع�ل��ى التفكير ف��ي ف��رن�س��وا ه��والن��د م��رش�ح��ا في‬ ‫االنتخابات القادمة في مايو (أيار) ‪.2017‬‬ ‫ هذا وزيره األول فالس يحاول جاهدا إخفاء ما صار عصيا على اإلخفاء‪:‬‬‫غول البطالة‪ ،‬وانعدام املصداقية لدى وعود الرئيس‪.‬‬ ‫ بماذا سوف يعد الرئيس شغب الناخبني؟‬‫ّ‬ ‫ وأنى للوزير األول أو الحكومة أن تجد األعذار لرئيس لم يكن مقنعا في‬‫أدائه‪ ،‬فضال عن أن األعمال اإلرهابية قد استقبلت فرنسوا هوالند منذ أشهر‬ ‫السلطة األولى‪.‬‬ ‫ لئن ف��از ه��ذا الرئيس بالتفاف كل الفرنسيني ح��ول أطروحاته ملقاومة‬‫اإلرهاب على أثر الحادثة الكبرى (شارلي إيبدو) فإن نزيف اإلرهاب لم يتوقف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ - 6‬الرياح تشير إلى هوالند ً‬ ‫غدا ً‬ ‫رئيسا سابقا وهو في السلطة!‬ ‫ بل إنه جاهز للسقوط‪ ،‬وال أحد وراءه‪ ،‬وال أحد أمامه‪ ،‬وذاكرة الفرنسيني‪،‬‬‫مثل كل الشعوب جاهزة للتذكر والنسيان معا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ - 7‬لم يكن عيب الرئيس الفرنسي أن به َح َوال أعاقه عن تعديل النظر‪ ،‬فالعيب‬ ‫هو أن ال يكون القائد ثاقب الفكرة‪.‬‬ ‫ لقد ص��ار خطاب فرنسوا ه��والن��د ب�لا مصداقية‪ ،‬ووع ��وده ب��اإلن�ق��اذ أو‬‫ُّ‬ ‫اإلنجاز بال صدى‪ ،‬في بلد عريق كانت له مستعمرات هنا وهناك‪ ،‬واليوم تحف‬ ‫به األزمات‪ ،‬وعليه أن يجيب على أرض الواقع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ وذلك ألن السياسة تكفر باألذن أحيانا‪ ،‬وتؤمن بالعني دائما‪ ،‬فهي امرأة‬‫ال تحب الكالم املعسول ألنها تحب العسل‪.‬‬

‫نص‪ :‬منصف املزغين‬ ‫ريشة‪ :‬علي املندالوي‬


‫مجلة العرب الدولية‬ ‫شهرية سياسية‬

‫تأسست في لندن عام ‪1980‬‬

‫‪www.majalla.com‬‬

‫اشرتك اآلن‬ ‫واحصل على‬ ‫نسختك الورقية‬

‫«جاستا» أرجنتيني‬ ‫واقعي ملقاضاة‬ ‫النظام اإليراني‬

‫تلتقي سبايا «داعش»‬ ‫في كركوك‪ ..‬وشهادات حصرية‬ ‫بعد «موقعة املوصل»‬

‫ياسمني عبد العزيز‪:‬‬ ‫أسرتي سبب ابتعادي‬ ‫عن الشاشة الصغيرة‬

‫جون كيري‪ :‬هذا ما قدمته الخارجية األميركية للعالم‬ ‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمرب (تِ ـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1625 November 2016‬‬

‫انعدام ثقة بني املقاتلني اللبنانيني في «حزب الله» وإيران‬

‫حمالت إعالمية مدفوعة األجر ضد اململكة‬

‫موسم اهلجوم على السعودية‬

‫‪11‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫فورن أفيرز‪ /‬أيار‪ /‬مايو ‪57 - 2014‬‬

‫(مايو) ‪2015‬‬ ‫أيار‪(--‬يوليو)‬ ‫(يونيو)‬ ‫تموز‬ ‫حزيران‬ ‫‪1607‬‬ ‫‪1609‬‬ ‫‪1608‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪69‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪51‬‬


‫آثار التعويم‬ ‫هناك كثير من اآلثار اإليجابية والسلبية لقرار تعويم‬ ‫الجنيه املصري‪ ،‬وتتوقف هذه اآلث��ار على السياسات‬ ‫واإلجراءات املكملة لقرار التعويم‪ ،‬ومن اآلثار اإليجابية‬ ‫زي ��ادة االس �ت �ث �م��ارات األج�ن�ب�ي��ة وامل�ح�ل�ي��ة ال�ت��ي شهدت‬ ‫توقفا شبه تام نتيجة سياسات سعر الصرف وندرة‬ ‫العملة األجنبية‪ ،‬وه��و أم��ر قد يزيد من معدالت النمو‬ ‫االقتصادي ويفتح فرص عمل جديدة‪ ،‬مما يخفض من‬ ‫معدالت البطالة املرتفعة في مصر‪ ،‬خصوصا أن توقيع‬ ‫مصر على اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيزيد من‬ ‫ثقة املستثمرين في االقتصاد املصري‪.‬‬ ‫لكن على الجانب اآلخ��ر‪ ،‬ف��إن تعويم الجنيه سيشعل‬ ‫أسعار كثير من السلع‪ ،‬وبخاصة الغذائية‪ ،‬مما سيزيد‬ ‫م��ن م�ع��دل التضخم ف��ي ال�ب�لاد‪ ،‬م��ا ل��م تتخذ الحكومة‬ ‫املصرية من اإلج��راءات التي تحد من األثر التضخمي‬ ‫ال�ن��ات��ج ع��ن ال�ت�ع��وي��م‪ ،‬م�ث��ل رف��ع أس �ع��ار ال �ف��ائ��دة وط��رح‬ ‫اكتتابات جديدة في س��وق األوراق املالية المتصاص‬ ‫السيولة‪.‬‬ ‫ك�م��ا س �ي��ؤدي ق ��رار ال�ت�ع��وي��م إل��ى زي ��ادة ع�ج��ز امل��وازن��ة‬ ‫العامة للدولة‪ ،‬نتيجة زي��ادة قيمة فاتورة ال��واردات من‬ ‫املواد البترولية والسلع الغذائية ومدفوعات خدمة الدين‬ ‫الخارجي‪ ،‬فضال عن زيادة قيمة الدين الخارجي مقوما‬ ‫بالجنيه املصري‪ ،‬وبالتالي زيادة الدين العام للحكومة‬ ‫املصرية <‬

‫ً‬ ‫جلودا بإحدى ورشات املدابغ (غيتي)‬ ‫عامل مصري يحمل‬

‫الجنيه املصري تاريخ من اهلبوط املستمر‬ ‫> عرف املصريون الجنيه‪ ،‬عام ‪ 1836‬وتم طرحه للتداول‪،‬‬ ‫وكانت قيمة أوقية الذهب وقتها تساوي ‪ 20.69‬دوالر‪.‬‬ ‫وأص��در البنك األهلي املصري أص��در أول ورق��ة نقدية‬ ‫بقيمة جنيه مصري في ‪ 3‬أبريل (نيسان) عام ‪،1899‬‬ ‫قبل إسناد عملية إص��دار العمالت إل��ى البنك املركزي‬ ‫املصري في عام ‪.1961‬‬ ‫ك��ان تقييم الجنيه يتم ع��ن طريق م��ا يعرف بـ«قاعدة‬ ‫ال��ذه��ب»‪ ،‬بحيث ك��ان الجنيه يساوي ‪ 7.4375‬غ��رام من‬ ‫الذهب‪ ،‬وظل هذا املعيار هو الدليل الوحيد على قياس‬ ‫قيمة الجنيه‪ ،‬حتى اندالع الحرب العاملية األولى‪.‬‬ ‫ف��ي أغ�س�ط��س (آب) ‪ ،1914‬ق ��ررت ال�ح�ك��وم��ة املصرية‬ ‫عدم االرتباط بقاعدة الذهب‪ ،‬وتم ربط الجنيه بالجنيه‬ ‫اإلسترليني بحيث ك��ان الجنيه اإلسترليني يساوي‬ ‫ً‬ ‫تقريبا ‪ 0.975‬جنيه مصري‪.‬‬ ‫في عهد امللك فاروق بلغت قيمة الجنيه نحو ‪ 4‬دوالرات‪،‬‬ ‫حيث بلغت قيمة أوقية الذهب ‪ 38.7‬دوالر‪.‬‬ ‫وف��ي ع��ام ‪ 1945‬انضمت مصر إل��ى معاهدة «بريتون‬ ‫وودز»‪ ،‬التي نصت على تأسيس صندوق النقد الدولي‪،‬‬ ‫والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬وتم تحديد سعر الجنيه‬ ‫بقيمة ثابتة من الذهب تعادل ‪ 3.6728‬غرام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ف��ي يوليو (ت�م��وز) ‪ ،1947‬ف��ك��ت الحكومة املصرية‬ ‫ارت �ب��اط الجنيه بالجنيه اإلسترليني‪ ،‬وظ��ل الجنيه‬ ‫املصري يعادل ‪ 4.1‬دوالر حتى عام ‪ .1949‬وخرجت‬ ‫مصر من الحرب العاملية الثانية دائنة لبريطانيا بمبلغ‬

‫‪96‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫‪ 430‬مليون جنيه إسترليني‪.‬‬ ‫بعد قيام ثورة يوليو ‪ ،1952‬واصل الجنيه تراجعه أمام‬ ‫الدوالر األميركي ليبلغ في عهد جمال عبد الناصر نحو‬

‫‪ 2.5‬دوالر‪ ،‬وبلغت قيمة أوقية الذهب ‪ 38.9‬دوالر‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1979‬وصل سعر الدوالر تحت حكم السادات‬ ‫ً‬ ‫إلى ‪ 60‬قرشا‪ ،‬وبلغ سعر أوقية الذهب ‪ 459‬دوالرا‪.‬‬ ‫وعندما ت��ول��ى الرئيس األس�ب��ق حسني م�ب��ارك الحكم‬ ‫في ع��ام ‪ ،1981‬ك��ان سعر ص��رف ال��دوالر يساوي ‪80‬‬ ‫ً‬ ‫قرشا‪ ،‬وك��ان سعر أوقية الذهب ‪ 400‬دوالر‪ .‬وشهدت‬ ‫مصر تخفيضات مستمرة للجنيه ب��دأت ع��ام ‪،1987‬‬ ‫ثم تخفيضا آخر عام ‪ 1991‬مع بدء برنامج اإلصالح‬ ‫االق �ت �ص��ادي‪ ،‬وأخ �ي��را ع��ام ‪ ،2003‬ال ��ذي ش�ه��د تعويم‬ ‫الجنيه‪ ،‬ليقفز سعره من ‪ 3.2‬جنيه إلى ‪ 5.5‬جنيه‪.‬‬ ‫وشهد الجنيه املصري حالة مستمرة من االنهيار بدأت‬ ‫منذ األزم��ة املالية العاملية في سبتمبر (أي�ل��ول) ‪،2008‬‬ ‫لكن بدرجات متفاوتة‪ ،‬وب��دأ التسارع في االنهيار في‬ ‫أعقاب ث��ورة ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬حيث فقد نحو ‪ 1.8‬في‬ ‫املائة من قيمته أو ما يوازي ‪ 12‬قرشا‪ ،‬في يوليو ‪،2013‬‬ ‫بعد أن فقد نحو ‪ 15‬في املائة من قيمته منذ ثورة يناير‬ ‫وحتى ‪ .2013‬إضافة إل��ى فقدان الجنيه أكثر من ‪6.7‬‬ ‫في املائة من قيمته أو ما يوازي ‪ 48‬قرشا كاملة‪ ،‬عندما‬ ‫تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في يونيو‬ ‫(ح��زي��ران) ‪ .2014‬ثم فقد ‪ 14‬في املائة من قيمته في‬ ‫أعقاب قرار حكومة املهندس شريف إسماعيل خفض‬ ‫قيمة الجنيه ف��ي م��ارس (آذار) امل��اض��ي‪ ،‬ليصل سعر‬ ‫الدوالر في البنك املركزي إلى ‪ 8.8‬جنيه‪ ،‬في حني المس‬ ‫سعره في السوق السوداء نحو ‪ 14‬جنيها‪.‬‬


‫مخبز بأحد أحياء القاهرة (غيتي)‬

‫نظام الصرف‬ ‫ويرى الدكتور جودة عبد الخالق‪ ،‬أستاذ االقتصاد بجامعة‬ ‫القاهرة ووزي��ر التموين السابق‪ ،‬أن األزم��ة ليست في سعر‬ ‫الصرف‪ ،‬وإنما في نظام الصرف‪ ،‬فمصر تتبع منذ عام ‪1991‬‬ ‫نظام صرف يربط الجنيه املصري بالدوالر‪ ،‬وهذا النظام أدى‬ ‫إلى هذه األزمة‪.‬‬ ‫ل�ك��ن م��ا ن�ظ��ام س�ع��ر ال �ص��رف ال�ب��دي��ل ال ��ذي يمكن أن يوقف‬ ‫استمرار تدهور قيمة الجنيه مع الوصول إلى سعر مناسب‬ ‫له يتمتع باالستقرار عبر فترة زمنية ممتدة‏‪ ،‬‏ويحافظ في‬ ‫ال��وق��ت نفسه على تنافسية أس�ع��ار ال�ص��ادرات املصرية في‬ ‫األسواق الخارجية؟‬ ‫يقترح الدكتور جودة ربط الجنيه املصري بسلة عمالت بدال‬ ‫من الدوالر‪ ،‬على أن نبدأ بسلة العمالت املرتبطة بحقوق السحب‬ ‫في صندوق النقد الدولي بوصفه بداية‪.‬‬ ‫وف��ي ال�س�ي��اق ذات ��ه‪ ،‬يقترح البعض رب��ط قيمة الجنيه بسلة‬ ‫مرجحة م��ن العمالت األجنبية تمثل عمالت ش��رك��اء مصر‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫عند الحاجة إلى ذلك‏‪.‬‏‬ ‫أم��ا رف��ع س�ع��ر ال�ف��ائ��دة ع�ل��ى امل��دخ��رات ال ��دوالري ��ة ف��ي مصر‬ ‫باملقارنة بسعر الفائدة في الخارج‏ فأثرها اإليجابي على زيادة‬ ‫املعروض من العمالت األجنبية في النظام املصرفي املصري‬ ‫سيكون أقل من أثرها السلبي عليه املتمثل في زيادة تكلفة هذه‬ ‫الودائع على البنوك‏‪.‬‏ فالبنوك املصرية هي التي ستدفع الفرق‬ ‫بني سعر الفائدة العاملي على ال��دوالر التي تحصل عليه في‬ ‫األسواق الدولية‏‪،‬‏ وسعر الفائدة املحلي على الدوالر‏‪.‬‏‬

‫األساسيني في التجارة الخارجية‏‪،‬‏ حيث تأخذ هذه العمالت إجراءات اقتصادية‬ ‫أوزان ��ا نسبية تعكس األهمية النسبية للشركاء التجاريني‬ ‫بالنسبة ملصر‏‪.‬‏ وبناء على ذلك يعطي الوزن األكبر إلى اليورو‏‪ ،‬في ظل انخفاض الطلب على الجنيه‪ ،‬فإن قرار «التعويم» وحده‬ ‫‏ حيث تبلغ تجارتنا الخارجية مع االتحاد األوروبي نحو الثلث‏‪ ،‬دون أن يصاحبه إجراءات اقتصادية مناسبة لزيادة الطلب على‬ ‫‏ثم يليه الدوالر األميركي‏‪،‬‏ باإلضافة إلى بعض العمالت للدول الجنيه لن يؤدي إلى توفير القدر الكافي من العمالت األجنبية‬ ‫التي تمثل أسواقا حالية أو واعدة لتجارة مصر الخارجية وفي في السوق املصرية‏‪،‬‏ فالفجوة بني عرض الجنيه والطلب عليه‬ ‫ظل هذا البديل سيختفي عنصر املضاربة على قيمة الجنيه‏‪،‬‏ ستستمر نتيجة لزيادة الطلب على العمالت األجنبية باملقارنة‬ ‫حيث يكون هناك أساس موضوعي لتحديد سعر الجنيه الذي باملعروض منها‏‪.‬‏‬ ‫لذلك يجب أن يصاحب هذا النظام اتخاذ اإلجراءات والسياسات‬ ‫يتمثل في القيمة السوقية لعمالت السلة‏‪.‬‏‬ ‫الالزمة للسيطرة على التوازنات الكلية لالقتصاد‪ ،‬وبخاصة‬ ‫عجز املوازنة العامة للدولة‪ ،‬والعجز الخارجي‪ ،‬خصوصا العجز‬ ‫التجاري‪ ،‬واالهتمام بقضية اإلنتاج‪ ،‬وقال الدكتور جودة عبد‬ ‫الخالق إن االعتماد على املشروعات القومية الكبرى والتوسع‬ ‫فيها يزيد من الطلب الكلي‪ ،‬وكذلك يزيد من االستيراد وسط‬ ‫خبراء اقتصاديون‪ :‬قرار‬ ‫تناقص العرض مما ي��ؤدي إل��ى تزايد ال�غ�لاء‪ .‬وق��ال الدكتور‬ ‫جودة‪« :‬ما لم تتخذ الدولة إجراءات حازمة للتعامل مع العجز‬ ‫«التعويم» وحده لن يؤدي‬ ‫ال��دائ��م للموازنة العامة للدولة‪ ،‬خصوصا تخفيض اإلن�ف��اق‪،‬‬ ‫وإعادة النظر في املشروعات القومية بتأجيل بعضها وإلغاء‬ ‫إلى توفير القدر الكافي من‬ ‫البعض اآلخر‪ ،‬إلحداث توازن بني العرض الكلي والطلب الكلي‪،‬‬ ‫إضافة إلى وضع ضوابط للواردات‪ ،‬فلن يحدث تقدم في حل‬ ‫العمالت األجنبية في السوق‬ ‫األزمة»‪.‬‬ ‫وطالب خبراء االقتصاد بضرورة تحسني مناخ االستثمار‬ ‫املصرية‪ ..‬والفجوة بني عرض‬ ‫واالهتمام بقضية اإلنتاج س��واء الصناعي أو الزراعي حتى‬ ‫الجنيه والطلب عليه ستستمر‬ ‫يتمكن االقتصاد املصري على املديني املتوسط والطويل من‬ ‫النمو ب��االع�ت�م��اد على االق�ت�ص��اد الحقيقي‪ ،‬وب��ال�ت��ال��ي زي��ادة‬ ‫الصادرات وتوفير العملة الصعبة‪.‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫‪95‬‬


‫أقدم البنك املركزي املصري بخطوة «تاريخية»‪ ،‬تمثلت في «تعويم» العملة املحلية‪ ،‬وهو اإلج��راء الذي توقعه كثيرون بعد‬ ‫وصول الجنيه املصري إلى مستويات غير مسبوقة في السوق املوازية‪ ،‬تخطت السعر الرسمي بأكثر من ‪ 100‬في املائة نهاية‬ ‫الشهر املاضي‪ .‬ورحب صندوق النقد الدولي والبنك األوروبي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬بالقرار‪ ،‬كونه سيعزز القدرة التنافسية ملصر‪.‬‬ ‫كما قفزت السندات الدوالرية ملصر عبر شتى آجال االستحقاق مع ارتفاع بعض اإلصدارات نحو سنتني بعدما تقرر تحرير‬ ‫سعر الصرف‪.‬‬

‫اجتماعات وخطط حكومية إلنقاذ االقتصاد‬

‫بعد قرار التعويم‪ ..‬الجنيه املصري في «غرفة اإلنعاش»‬

‫ملعدل صرف الدوالر‪ ،‬وحد أدنى ملعدل له‪ ،‬على أن يترك الدوالر‬ ‫القاهرة‪ :‬حسني البطراوي‬ ‫ً‬ ‫معوما بني هذين الحدين األقصى واألدنى للتقلب‪ ،‬ويقوم البنك‬ ‫حركة غير عادية داخل أروق��ة الحكومة املصرية‪ ..‬بالتدخل في سوق النقد األجنبي‪ ،‬إما من خالل بيع الدوالر‪ ،‬أو‬ ‫م�ن��اق�ش��ات م�س�ت�م��رة‪ ..‬وخ�ط��ط ج��دي��دة‪ ..‬وج��والت من خالل رفع معدل الفائدة للحفاظ على سعر العملة املحلية‪.‬‬ ‫مكوكية للحصول على قروض ومساعدات وودائع‬ ‫دوالري� � ��ة‪ ..‬ل�ت�ع��وي��م ال�ج�ن�ي��ه امل �ص��ري ل�ل�ح�ص��ول ع�ل��ى ق��رض مصر‪ ..‬والتعويم‬ ‫صندوق النقد الدولي وفقا لبرنامج الحكومة املصرية الذي‬ ‫تقدمت به للحصول على ‪ 12‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫عرفت مصر مصطلح «تعويم الجنيه» في عهد الرئيس الراحل‬ ‫ووافق‬ ‫للتقشف‪..‬‬ ‫جديدة‬ ‫ب��دأت الحكومة في اتخاذ إج��راءات‬ ‫أنور السادات‪ ،‬عندما سمح بعودة البطاقات االستيرادية للقطاع‬ ‫‪50‬‬ ‫بنسبة‬ ‫الدبلوماسي‬ ‫التمثيل‬ ‫مجلس ال��وزراء على خفض‬ ‫الخاص‪ ،‬وبدء حقبة االقتراض من الغرب‪ ،‬التي تحولت بعد ذلك‬ ‫الضغط‬ ‫وتخفيف‬ ‫للحكومة‬ ‫الدوالري‬ ‫في املائة‪ ،‬للحد من اإلنفاق‬ ‫ملا يسمى «ديون نادي باريس»‪.‬‬ ‫احتياجات‬ ‫الحكومة‬ ‫أمنت‬ ‫املقابل‪،‬‬ ‫�ي‬ ‫على العملة املحلية‪ .‬وف�‬ ‫وفي ‪ 29‬يناير (كانون الثاني) ‪ 2003‬ظهر مصطلح «تعويم‬ ‫بتكلفة‬ ‫أشهر‬ ‫ستة‬ ‫�دة‬ ‫�‬ ‫مل‬ ‫الرئيسية‬ ‫الغذائية‬ ‫البالد من السلع‬ ‫الجنيه» ألول مرة بصورة واضحة‪ ،‬عندما أعلن رئيس الوزراء‬ ‫بعد‬ ‫األسعار‬ ‫ارتفاع‬ ‫ملوجات‬ ‫تحسبا‬ ‫دوالر‬ ‫بلغت ‪ 1.8‬مليار‬ ‫عاطف عبيد تعويم الجنيه املصري‪ ،‬بعدها ارتفع سعر الدوالر‬ ‫«التعويم»‪.‬‬ ‫اتخاذ قرار‬ ‫بنسبة اقتربت م��ن ‪ 50‬ف��ي امل��ائ��ة‪ ،‬حيث ارت�ف��ع سعر صرف‬ ‫الحكومة‪،‬‬ ‫اتخذتها‬ ‫التي‬ ‫الصعبة‬ ‫القرارات‬ ‫من‬ ‫«التعويم»‬ ‫قرار‬ ‫الدوالر مقابل الجنيه من ‪ 3.70‬جنيه إلى ‪ 5.35‬جنيه‪.‬‬ ‫املشكالت‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫من‬ ‫يعاني‬ ‫القتصاد‬ ‫منه‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫مر‬ ‫دواء‬ ‫لكنه‬ ‫وق�ب��ل ات�خ��اذ ق��رار «ال�ت�ع��وي��م» أش�ت��رط خ�ب��راء االق�ت�ص��اد عدة‬ ‫يحقق‬ ‫لن‬ ‫وحده‬ ‫القرار‬ ‫لكن‬ ‫األجنبية‪..‬‬ ‫العملة‬ ‫مصادر‬ ‫في‬ ‫وشح‬ ‫شروط ‪ ،‬منها وصول االحتياطي النقدي ملصر من العمالت‬ ‫نتائج‪ ،‬بل على العكس قد يفاقم من وضع االقتصاد‪ ،‬ما لم األجنبية إلى ما بني ‪ 25‬إلى ‪ 32‬مليار دوالر حدا أدن��ى‪ ،‬على‬ ‫ي�ك��ن ل��دى ال�ح�ك��وم��ة رؤي ��ة متكاملة مل�ع��ال�ج��ة اآلث ��ار املتوقعة أن ت�ب��دأ أوال بتغطية االع�ت�م��ادات املستندية لالستيراد لدى‬ ‫لقرار «التعويم»‪ ،‬وإص�لاح االخ�ت�لال الهيكلي في االقتصاد البنوك‪ ،‬ثم موجات متتالية بخفض سعر الجنيه أمام الدوالر‬ ‫املصري باالهتمام باالقتصاد الحقيقي (الصناعة والزراعة)‪ .‬في محاولة لخفض اشتعال السوق السوداء‪ .‬ويتوقع الخبراء‬ ‫خصوصا أن تجربة تعويم الجنيه عام ‪ 2003‬لم تحقق نتائج أن يضح البنك امل��رك��زي في البنوك ما بني ‪ 3‬إل��ى ‪ 5‬مليارات‬ ‫إيجابية على املدى الطويل‪.‬‬ ‫دوالر بداية إلحداث التوازن في سوق صرف العمالت األجنبية‪.‬‬

‫و«التعويم» هو ترك القوى األساسية في السوق‪ ،‬أو ما يعرف‬ ‫بالعرض والطلب‪ ،‬تقوم بتحديد سعر صرف العملة املحلية‪،‬‬ ‫وفك ارتباطها بأي عملة أخرى أو بالذهب‪.‬‬ ‫لكن ال يوجد دولة في العالم تترك عملتها املحلية معومة على‬ ‫نحو مطلق‪ً ،‬‬ ‫نظرا لخطورة النتائج التي تترتب على تغير قيمة‬ ‫الدوالر‪ ،‬ولذلك فإن معظم عمليات التعويم التي تتم تكون على‬ ‫نحو يتم إدارته من قبل البنك املركزي‪ ،‬ويطلق على هذه الصورة‬ ‫من التعويم‪« :‬التعويم املدار»‪.‬‬ ‫التعويم املدار‬ ‫وفي ظل التعويم املدار يضع البنك املركزي ما يمكن أن نطلق‬ ‫عليه السعر امل��رك��زي ل�ل��دوالر‪ ،‬ث��م يقوم بتحديد ح��د أقصى‬

‫‪94‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫وزير التموين املصري‬ ‫السابق‪ :‬األزمة ليست‬ ‫في سعر الصرف بل في‬ ‫النظام الذي يربط الجنيه‬ ‫املصري بالدوالر وأدى إلى‬ ‫هذه األزمة‬

‫‪,,‬‬

‫«التعويم»‬

‫‪,,‬‬

‫وأكدوا أن سعر الجنيه أمام العمالت األخرى وبخاصة الدوالر‬ ‫ليست املشكلة‪ ،‬وإن�م��ا املشكلة الحقيقية ه��ي ت��واف��ر ال��دوالر‬ ‫في الجهاز املصرفي‪ ،‬حيث تعاني مصر شحا في العمالت‬ ‫األجنبية‪ ،‬وقالوا إذا لم يوفر البنك املركزي الدوالر في البنوك‪،‬‬ ‫فإنه لم يستطع إدارة سعر الصرف بفاعلية‪ ،‬وسيزداد نشاط‬ ‫السوق ال�س��وداء م��رة أخ��رى‪ ،‬فضال عن ض��رورة العمل على‬ ‫ع ��ودة ت�ح��وي�لات امل�ص��ري�ين ال�ع��ام�ل�ين ب��ال�خ��ارج ع�ب��ر الجهاز‬ ‫املصرفي املصري‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬العمل على خفض الطلب على الدوالر‪ ،‬وهو‬ ‫ما ب��دأت الحكومة املصرية فيه باعتماد ق��رار خفض البعثة‬ ‫الدبلوماسية بنسبة ‪ 50‬في امل��ائ��ة‪ ،‬واستيراد امل��واد الغذائية‬ ‫األساسية ملدة ستة أشهر بكلفة ‪ 1.8‬مليار دوالر‪ ،‬لتخفيف‬ ‫الضغط على الجنيه من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى المتصاص‬ ‫أثر تعويم الجنيه على الفئات الضعيفة ومحدودي الدخل‪.‬‬ ‫غير أن خ�ب��راء االقتصاد ي��ؤك��دون ض��رورة ات�خ��اذ الحكومة‬ ‫حزمة من اإلجراءات على املدى القصير للحد من االستيراد‪،‬‬ ‫مثل منع االس�ت�ي��راد م��ن دون تحويل عملة‪ ،‬وض ��رورة الحد‬ ‫م��ن السياحة الخارجية‪ ،‬وال�ح��ج وال�ع�م��رة‪ ،‬وسفر املسؤولني‬ ‫ل�ل�خ��ارج‪ ،‬ووض��ع ق�ي��ود ص��ارم��ة على بعض ال� ��واردات لفترة‬ ‫م �ح��دودة‪ ،‬وض��ع ق�ي��ود على بعض املجموعات السلعية من‬ ‫ال��وزارات التي لها مثيل من اإلنتاج املحلي س��واء في القطاع‬ ‫الخاص أو ال�ع��ام‪ ،‬وتطبيق برنامج إصالحي شامل يضمن‬ ‫حل مشكالت القطاعات االقتصادية املولدة للعملة الصعبة‬ ‫وعلى رأسها السياحة واالستثمار األجنبي لتخفيف الضغط‬ ‫على الجنيه املصري‪.‬‬ ‫إجراءات غير فاعلة‬ ‫وقال خبراء االقتصاد إن الخطوة التي قام بها البنك املركزي‬ ‫بإيجاد أوعية ادخ��اري��ة خاصة ذات فائدة مرتفعة ملن يقوم‬ ‫بتحويل مدخراته بالعمالت األجنبية إلى الجنيه املصري لن‬ ‫يكون لها تأثير فعال على زيادة الطلب على الجنيه؛ ألن الربح‬ ‫الرأسمالي الذي يتحقق من االنخفاض املتوقع لقيمة الجنيه‬ ‫يفوق كثيرا الفائدة املرتفعة التي يحصل عليها املدخر في حالة‬ ‫تحويل مدخراته من العملة األجنبية إلى الجنيه املصري‏‪.‬‏ فهذه‬ ‫السياسة تكون فعالة في حالة واحدة فقط‏‪،‬‏ وهي حالة استقرار‬ ‫قيمة الجنيه وتوقع استمرار هذا االستقرار مستقبال‏‪ ،‬‏ففي‬ ‫هذه الحالة يكون من املربح تحويل الودائع بالعمالت األجنبية‬ ‫إلى ودائع بالجنيه للحصول على الفائدة املرتفعة ما دام من‬ ‫املمكن تحويلها مرة أخرى إلى أي عملة أجنبية دون خسارة‬


‫أموال في البنك املحلي‪ .‬الحياة متوقفة»‪.‬‬ ‫وتعتمد ليبيا على استيراد السلع من الخارج بنسبة تصل‬ ‫إلى أكثر من سبعني في املائة‪ ،‬بينما تعتمد إيرادات الدولة‬ ‫على عائدات النفط بنسبة تبلغ نحو تسعني في املائة‪.‬‬ ‫القوانني املصرفية الحالية في البالد‪ ،‬وبحسب فركاش‬ ‫أي �ض��ا‪ ،‬م��ا زال ��ت ك�م��ا ت��رك�ه��ا ال �ق��ذاف��ي‪ ،‬وت �ن��ص ع�ل��ى أن‬ ‫أموال تصدير النفط تذهب إلى املصرف املركزي ومقره‬ ‫الرئيسي طرابلس‪ .‬لكن ماذا عن الواقع العملي على األرض‪.‬‬ ‫فالبرملان حتى اآلن ما زال يصر على أن املصرف املركزي‬ ‫الشرعي يقع مقره في املنطقة الشرقية‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬ ‫يتعامل املجتمع الدولي مع املصرف املركزي في طرابلس‪.‬‬ ‫ونتج عن هذه الخلفية كساد في األسواق املحلية في شرق‬ ‫البالد وغربها‪ ،‬وتراجع عمليات استيراد السلع‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫املصرف املركزي الليبي‬ ‫ويقول فركاش إن االنقسام في املصرف املركزي الليبي‬ ‫أمر موجود منذ قرار البرملان بإقالة الصديق الكبير‪ ،‬لكن‬ ‫الرجل ظل مستمرا في ممارسة عمله‪ .‬وفي مقابل ذلك‬

‫اتخذ البرملان إجراءات عملية هو اآلخر‪ ،‬بأن قام بتسمية‬ ‫الحبري كرئيس للمصرف املركزي الليبي‪ ،‬لكن املشكلة‬ ‫اليوم التي تؤرق الليبيني هي كيف سيتم التعامل مع األمر‬ ‫ح�ين ت�ب��دأ ت��دف�ق��ات األم ��وال م��ن ع��ائ��دات النفط ت��أت��ي من‬ ‫الخارج‪ .‬وبينما يجري البحث عن مخرج‪ ،‬ال يبدو أن الوقت‬ ‫يسير في صالح القيادات السياسية «بطيئة الحركة»‪،‬‬ ‫م�ق��ارن��ة ب��ال�ت�غ�ي��رات ال�س��ري�ع��ة ال�ت��ي تحدثها امليليشيات‬ ‫املسلحة في العاصمة‪.‬‬ ‫وت��وج��د م�خ��اوف م��ن أن يتعرض امل�ص��رف امل��رك��زي في‬ ‫طرابلس لالعتداء من هذه امليليشيات خصوصا بعد أن‬ ‫أصبح كل طرف يحشد ضد اآلخر‪ .‬طرف يوالي املؤتمر‬ ‫الوطني العام (البرملان السابق) وحكومة اإلنقاذ املنبثقة‬ ‫عنه برئاسة خليفة الغويل‪ .‬وآخر يوالي السراج ومجلس‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫وكل طرف من هذين الطرفني أصبح يسيطر منذ أواخر‬ ‫شهر أك�ت��وب��ر (ت�ش��ري��ن األول) على قسم م��ن ضواحي‬ ‫وشوارع العاصمة‪ ،‬ومما زاد الطني بلة أن مصير املصرف‬ ‫املركزي تأثر أيضا بعودة حكومة الغويل للعمل من جديد‬ ‫منذ الشهر املاضي‪ .‬ول��م يعد ه��ذا املصرف محل تنازع‬

‫بني مجلس ال�س��راج وب��رمل��ان صالح فقط‪ .‬فحتى الغويل‬ ‫وم��ؤت �م��ره ال��وط �ن��ي ي ��رى أن ��ه م��ن ح�ق��ه ت��وج�ي��ه امل�ص��رف‬ ‫املركزي‪ ،‬ومراجعة عمله‪ .‬ويقول عبد الصادق نائب رئيس‬ ‫املؤتمر‪ :‬بصفتنا املؤتمر الوطني سنقوم بتقديم حلول‬ ‫عملية بعد أن ثبت فشل السراج في معالجة األزمة الليبية‪.‬‬ ‫وم��ن جانبه ي��وض��ح ف��رك��اش ق��ائ�لا‪« :‬أصبحت توجد‬ ‫أسئلة كثيرة ليست لها إجابات ومفاتيحها في أيدي‬ ‫ال�ب��رمل��ان وامل�ج�ل��س ال��رئ��اس��ي وب��اق��ي األط ��راف املعنية‪.‬‬ ‫وأعتقد أن هذا سيكون محل جزء كبير من املشاورات‬ ‫فيما بينهم‪ .‬لكن‪ ،‬عموما‪ ،‬امل��وض��وع معقد»‪ ،‬مشيرا‬ ‫إلى أن استمرار تعثر الوضع املالي في البالد‪ ،‬أصبح‬ ‫يضغط على كاهل املواطنني‪ ،‬ويثير الخوف والقلق من‬ ‫املستقبل‪ .‬ويضيف أن سعر الدوالر الذي كان في عهد‬ ‫القذافي ال يزيد على مائة وثالثني قرشا‪ ،‬أصبح سعره‬ ‫اليوم خمسة أضعاف ما كان عليه‪ ،‬باإلضافة إلى تزايد‬ ‫حالة التضخم بشكل غير مسبوق‪« .‬لألسف‪ ..‬ال توجد‬ ‫سيولة سواء الدينار أو الدوالر‪ ..‬حتى لو هذه السيولة‬ ‫م��وج��ودة وح�ت��ى ل��و ال�ن��اس ذه�ب��ت للبنوك‪ ،‬ف�لا يوجد‬ ‫صرف أموال ألنه ال توجد سيولة» <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪93‬‬


‫يدفع االقتصاد الليبي ضريبة باهظة للخالفات السياسية التي تضرب البالد منذ‬ ‫سقوط نظام معمر القذافي في ‪ .2011‬وتراجعت صادرات النفط من نحو ‪ 1.6‬مليون‬ ‫برميل يوميا‪ ،‬قبل خمس سنوات‪ ،‬إلى نحو مائتي ألف برميل في النصف األول من‬ ‫هذا العام‪.‬‬

‫الدينار يتهاوى أمام الدوالر‪ ..‬ومصير واردات النفط لم يحسم بعد‬

‫االقتصاد الليبي يدفع ضريبة‬ ‫الخالفات السياسية‬

‫طبرق (شرق ليبيا)‪ :‬عبد الستار حتيتة‬ ‫م�ن��ذ س�ي�ط��رة ال�ج�ي��ش الليبي ب�ق�ي��ادة ال�ج�ن��رال‬ ‫خليفة حفتر على املوانئ النفطية منذ شهرين‪،‬‬ ‫يحاول الليبيون زيادة الصادرات إلى نحو ‪600‬‬ ‫ألف برميل‪ ،‬ملواجهة التضخم وشح السلع وتأخر سداد‬ ‫رواتب املوظفني‪ ،‬لكن مصير عائدات النفط لم يحسم بعد‪،‬‬ ‫وسط تجاذبات بني القوى السياسية عن املصرف املركزي‬ ‫الذي يحق له وحده تسلم أموال التصدير‪.‬‬ ‫ومنذ أكثر من سنة لم يتمكن الليبيون من حسم مشكلة‬ ‫ان �ق �س��ام امل �ص��رف امل ��رك ��زي ب�ي�ن م �ص��رف�ين‪ .‬األول وه��و‬ ‫األساسي‪ ،‬كما يقول لـ«املجلة» املصرفي الليبي اإلقيلمي‪،‬‬ ‫عمرو فركاش‪ ،‬وموجود في طرابلس برئاسة الصديق‬ ‫الكبير‪ .‬والثاني موجود في مدينة البيضاء في الشرق‬ ‫برئاسة علي الحبري‪ .‬وما بني هذا وذل��ك تعثرت الكثير‬ ‫من العمليات املصرفية األساسية مثل توفير األموال في‬ ‫الفروع املختلفة للبنوك في ليبيا‪ .‬وهذا األمر أثر بالسلب‬ ‫على ت��وف��ر السيولة للمواطنني ف��ي امل�ص��ارف س��واء من‬ ‫العملة املحلية «الدينار» أو العملة األجنبية «الدوالر»‪.‬‬ ‫موانئ تصدير النفط‬ ‫وفي ش��وارع طبرق التي يوجد فيها مقر البرملان‪ ،‬تبدو‬ ‫األزم ��ة االق�ت�ص��ادي��ة واض�ح��ة للعيان على وج��وه غالبية‬ ‫املواطنني‪ .‬وبعد أن وقف عدة ساعات في طابور طويل أمام‬ ‫مصرف شارع الشهداء‪ ،‬يقول حسن أحمد وهو موظف‬ ‫في مشفى املدينة‪ ،‬إنه لم يتمكن من صرف راتبه من البنك‬ ‫لليوم الثالث على لتوالي‪ .‬ويضيف‪« :‬ال توجد أموال»‪ .‬ويمنح‬ ‫تقدم الجيش وفرضه للسيطرة على موانئ تصدير النفط‬ ‫بعض األم��ل رغ��م ك��ل ش��يء‪ .‬ويضيف امل��وظ��ف‪« :‬ننتظر‬ ‫الفرج»‪.‬‬ ‫ومن املفترض أن املصرف املركزي في طرابلس يخضع‬ ‫لسلطة املجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج‪ ،‬إال أن‬ ‫بعض القيادات التابعة للمجلس الرئاسي يبدو أنها ال تريد‬ ‫أن تتورط في مشاكل قانونية‪ ،‬ألن الصديق الكبير محافظ‬

‫‪92‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫البنك سبق عزله بقرار من البرملان برئاسة املستشار‬ ‫عقيلة صالح‪ .‬وعني بدال منه‪ ،‬علي الحبري‪ .‬وما زال كل من‬ ‫الكبير والحبري يمارسان أعمالهما‪ ،‬األول من طرابلس‪،‬‬ ‫والثاني من البيضاء‪ ،‬ما يعد انقساما فعليا للمصرف‬ ‫املركزي في البالد‪ .‬ورغم التوصل التفاق سياسي ليبي‬ ‫برعاية األمم املتحدة أنتج مجلس السراج‪ ،‬إال أن مسألة‬ ‫تعيني محافظ للمصرف املركزي وعزله ما زالت في يد‬ ‫البرملان‪.‬‬ ‫وي�ق��ول املستشار إبراهيم عميش القيادي ف��ي البرملان‬ ‫الليبي ال��ذي يعقد جلساته ف��ي طبرق ف��ي ش��رق البالد‪،‬‬ ‫لـ«املجلة» إنه في حالة استئناف تصدير النفط بكميات‬ ‫كبيرة‪ ،‬ف��إن املشكلة الوحيدة لتدفق األم��وال ف��ي البالد‪،‬‬ ‫تتمثل في «معضلة املصرف املركزي‪ ..‬أعتقد أنه سيمكن‬ ‫إحدى أسواق األسماك في‬ ‫التوصل إل��ى حل لهذه األزم��ة‪ .‬يوجد ح��وار مع طرابلس‬ ‫طرابلس العاصمة (غيتي)‬ ‫ونأمل في تسوية هذه املسألة‪ ،‬ألن األموال أموال الليبيني‪،‬‬ ‫وهم في أمس الحاجة إليها خصوصا في هذه الظروف‬ ‫وي �ق��ول ف��رك��اش إن��ه وف�ق��ا ل�لإع�لان ال��دس �ت��وري املعمول‬ ‫الصعبة التي تمر بها البالد»‪.‬‬ ‫ب��ه ف��ي ال�ب�لاد‪ ،‬وبحسب ك��ل القوانني الليبية التي تنظيم‬ ‫تدفقات النفط وعوائده‪ ،‬فإنه ال يوجد أي بند في أي من‬ ‫ارتفاع سعر العملة الصعبة‬ ‫ه��ذه التشريعات يتحدث عن تقسيم النفط وأم��وال��ه بني‬ ‫ويقر الدكتور ع��وض عبد الصادق نائب رئيس املؤتمر املنطقية الشرقية واملنطقة الغربية‪.‬‬ ‫الوطني في طرابلس باملشكالت الكبيرة التي أصبحت ويضيف أن ك��ل التشريعات القائمة ف��ي ال�ب�لاد م��ا زال��ت‬ ‫تعاني منها العاصمة خصوصا في الجانب االقتصادي‪ ..‬تنص على أن إي��رادات النفط ال بد أن تذهب إلى حساب‬ ‫«ال ��وض ��ع االق �ت �ص��ادي ل �ل �ن��اس ص �ع��ب ج� ��دا‪ .‬امل�ش�ك�لات واحد في املصرف املركزي‪ ،‬أما مسألة انقسام املصرف‬ ‫االقتصادية وارتفاع سعر العملة الصعبة وافتقاد السيولة امل��رك��زي على نفسه‪ ،‬م��ا ب�ين مصرف الكبير ومصرف‬ ‫في املصارف وانقطاع التيار الكهربي كل هذه مشكالت الحبري‪ ،‬فإن هذا أمر ال بد أن يحسمه السياسيون‪ ،‬ألنهم‬ ‫تؤرق الليبيني»‪ .‬ويضيف لـ«املجلة» أن مجلس فايز السراج هم من تسببوا بطريق مباشر أو غير مباشر في حالة‬ ‫الرئاسي حني ب��دأ العمل من طرابلس في م��ارس (آذار) االنقسام بني مصرف في طرابلس ومصرف في البيضاء‪.‬‬ ‫امل��اض��ي‪ ،‬علق الليبيون عليه آم��اال ك�ب�ي��رة‪ ،‬لكن «ال�ن��اس وال يحب كثير من املواطنني الليبيني الدخول في تفاصيل‬ ‫صدمت بالواقع ورأوا أن السراج عقد املشهد أكثر مما ال أول لها وال آخر عن أسباب املشكلة االقتصادية‪ .‬وفي‬ ‫غرفة الضيافة في منزل أح��د ق�ي��ادات املنطقة الشرقية‪،‬‬ ‫هو معقد»‪.‬‬ ‫وت �ع��ان��ي ع�م�ل�ي��ة االس �ت �ي��راد م��ن ال �خ��ارج م��ن ص�ع��وب��ات تتجمع وف��ود قبلية بحثا ع��ن ح��ل ل�لأزم��ة‪ .‬وي�ق��ول أحد‬ ‫وعراقيل ألسباب كثيرة بعضها أمني وبعضها يتعلق الحاضرين ممن ق��دم من منطقة «كمبوت» القريبة من‬ ‫بتراجع التدفقات املالية في املصرف املركزي وفي باقي طبرق‪ ،‬إن «الناس ال عالقة لهم بالسبب‪ ..‬يريدون نتائج‬ ‫ال�ب�ن��وك‪ ،‬إل��ى ج��ان��ب ال�ت�ج��اذب السياسي بطبيعة ال�ح��ال‪ .‬تحسن من حياتهم‪ ..‬شح في األرز وفي الزيت‪ ..‬ال توجد‬


‫محور الحرس الثوري وخامنئي‬ ‫تقدير خامنئي للحرس الثوري نابع كلية من االستفادة الذاتية‪.‬‬ ‫ففي أثناء حرب إيران والعراق (‪ ،)1988 - 1980‬عندما كان‬ ‫خامنئي في منصب الرئاسة‪ ،‬لم يكن حليفا مقربا من الحرس‬ ‫ال�ث��وري‪ .‬وف��ي الحقيقة توجد أمثلة على رف��ض ق��ادة الحرس‬ ‫ال�ث��وري منحه ح��ق زي��ارة جبهات القتال بسبب سياساته‪.‬‬ ‫ولكن منذ أن أصبح خامنئي م��رش��دا أعلى ف��ي ع��ام ‪،1989‬‬ ‫كانت استراتيجيته اإليقاع بني الرؤساء املنتخبني وجنراالت‬ ‫الحرس الثوري غير املنتخبني‪ ،‬ليحافظ على موقعه في مركز‬ ‫النظام‪ .‬وفي خالل األعوام الـ‪ 26‬التي قضاها في قيادة البالد‪،‬‬ ‫كان تصعيد دور الحرس الثوري أهم هدف سياسي بعيد املدى‬ ‫لدى خامنئي ‪ -‬ويبدو أنه آتى ثماره‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬تعتمد‬ ‫ق��وة سلطته عليهم‪ ،‬ولكن يشير النقاد إل��ى أن الصالحيات‬ ‫غير املقيدة التي منحها للحرس الثوري حولتهم إلى أكثر من‬ ‫مجرد حراس مسلحني للنظام‪ .‬من األسهل تعريف املصالح‬ ‫االقتصادية التي يملكها ال�ح��رس ال�ث��وري‪ .‬منذ نهاية حرب‬ ‫إي��ران وال�ع��راق‪ ،‬تحول الحرس من التركيز على مشروعات‬ ‫الطرق والسدود واإلنشاءات األخرى إلى قطاعات متنوعة مثل‬ ‫االتصاالت والطيران والشحن والنفط والغاز‪ .‬في املقابل‪ ،‬من‬ ‫األصعب كثيرا تحديد النفوذ السياسي‪ ،‬ولكن من الواضح أن‬ ‫جنراالت الحرس الثوري يسعون إلى تأدية دور األمني على‬ ‫الحياة السياسية اإليرانية‪ .‬ال يفوزون على الدوام‪ ،‬ولكن ذلك‬ ‫ال يثني ق��ادة الحرس الثوري عن املحاولة‪ .‬يظل الفصل بني‬ ‫خامنئي والحرس الثوري اختبارا شاقا للفريق الرئاسي‪ .‬في‬ ‫مجال السياسة الخارجية‪ ،‬عندما تولى وزير الخارجية جواد‬ ‫ظريف منصبه‪ ،‬جلب معه دائرة مقربيه الخاصة‪ ،‬ولكنه احتفظ‬ ‫بشخص بارز من إدارة محمود أحمدي نجاد‪ .‬هذا الشخص‬ ‫هو حسني أمير عبد اللهيان‪ ،‬نائب وزير الخارجية للشؤون‬ ‫العربية واألفريقية‪ ،‬ولم يكن للقرار صلة بأحمدي نجاد‪.‬‬

‫أب�ق��ى ظ��ري��ف ع�ل��ى ع�ب��د ال�ل�ه�ي��ان ف��ي منصبه ت�ن�ف�ي��ذا لرغبة‬ ‫ال�ح��رس ال�ث��وري‪ ،‬ك��ان ال��وزي��ر دائ�م��ا ح��ذرا م��ن ال�ج�ن��راالت في‬ ‫وزارة الخارجية‪ .‬وكان عبد اللهيان الذي يجيد اللغة العربية‪،‬‬ ‫وك��ان سفيرا سابقا ل��دى البحرين‪ ،‬مقربا بوجه خ��اص من‬ ‫قاسم سليماني قائد فيلق القدس‪ ،‬الذراع الخارجية للحرس‬ ‫الثوري‪ .‬بعد توقيع االتفاق النووي فقط‪ ،‬قرر ظريف تعزيز‬ ‫سلطته في وزارة الخارجية‪.‬‬ ‫وفي يونيو (حزيران) ‪ ،2016‬أقال عبد اللهيان‪ .‬حدث ذلك في‬ ‫وقت ظهور توقعات بأن ظريف ووزي��ر الخارجية األميركي‬ ‫جون كيري قد يستطيعون بعد االتفاق النووي تحقيق التعاون‬ ‫في أزمات إقليمية مثل سوريا واليمن‪ ،‬التي يقود فيها الحرس‬ ‫الثوري املساعي اإليرانية‪ .‬احتجت وسائل اإلعالم التي يسيطر‬ ‫عليها ال�ح��رس ال �ث��وري‪ ،‬ووص�ف��ت التعيينات ال�ج��دي��دة التي‬ ‫أصدرها ظريف بالتنازل أمام الواليات املتحدة والدول العربية‬ ‫في الخليج‪ .‬سرعان ما تم تعيني عبد اللهيان مستشارا خاصا‬ ‫لعلي الريجاني‪ ،‬رئيس البرملان اإليراني املوالي لخامنئي‪.‬‬ ‫في أثناء مثول ظريف أم��ام البرملان في جلسة عاصفة في‬ ‫الثاني من أكتوبر (تشرين األول)‪ ،‬استجوبه ن��واب مؤيدون‬ ‫للحرس الثوري عن إقالته لعبد اللهيان مع انتقادهم ألدائه ككل‪،‬‬ ‫مما أدى إلى تخويفه وتصريحه بأنه يفخر بـ«قربه من (أخويه)‬ ‫قاسم سليماني و(زعيم حزب الله) حسن نصر الله»‪ .‬وتوضح‬ ‫االنتقادات العلنية وتعامل ظريف معها الطبيعة املفككة التي‬ ‫تتسم بها عملية صناعة السياسة الخارجية في طهران‪.‬‬ ‫و في مجال االقتصاد‪ ،‬يملك الحرس الثوري مصالح راسخة‪.‬‬ ‫في هذا املجال‪ ،‬يتشابه مع ظريف وزير النفط بيغن زنغنه‪.‬‬ ‫منذ عودته إلى وزارة النفط في عام ‪ ،2013‬شرع قيصر النفط‬ ‫املحنك في إط�لاق عقد البترول اإلي��ران��ي‪ ،‬وهو نموذج عقود‬ ‫جديدة يهدف إلى تشجيع شركات النفط والغاز األجنبية على‬ ‫االستثمار في إيران‪.‬‬ ‫ع��ارض ال�ح��رس ال�ث��وري وحلفاؤه ف��ي البرملان وف��ي مجتمع‬

‫األعمال‪ ،‬حتى وصلوا إلى مهاجمة عقود النفط باعتبارها غير‬ ‫دستورية‪ ،‬وترقى إلى الخضوع ملطالب املستثمرين األجانب‪.‬‬ ‫ما يخشونه هو أن حكومة روحاني التي تحاول التمركز حول‬ ‫ال�غ��رب س��وف ت�ح��ول امل�ش��روع��ات بعيدا ع��ن ش��رك��ات الطاقة‬ ‫املحلية التي ترتبط أكثرها بصالت مع الحرس الثوري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وك�م��ا ح��دث م��ع رئ�ي�س��ه روح��ان��ي‪ ،‬ف��ض��ل زن�غ�ن��ه ال�ب�ح��ث عن‬ ‫طرق لتهدئة معارضة املتشددين‪ .‬تم إدراج مجموعة «خاتم‬ ‫األنبياء»‪ ،‬التي يديرها الحرس الثوري‪ ،‬ضمن ثمان شركات‬ ‫إيرانية فقط تستطيع التعاون مع شركات الطاقة األجنبية‬ ‫كطرف في عقود البترول اإليرانية‪ .‬وفي مطلع أكتوبر‪ُ ،‬منح أول‬ ‫ترخيص بموجب عقد نفط إيراني إلى شركة تديرها مجموعة‬ ‫«ستاد» الخاضعة إلدارة مكتب املرشد األعلى‪.‬‬ ‫محاوالت التوفيق بني املصالح املتصلة بالحرس الثوري تعطي‬ ‫صورة معبرة عن الوضع‪ .‬و ال يملك فريق روحاني ببساطة‬ ‫مساحة كافية للمناورة‪ .‬يوجد مثال جيد على ذل��ك أخيرا‬ ‫يتصل بعالقة طهران بمجموعة العمل املالي (فاتف)‪ ،‬الهيئة‬ ‫الدولية املخولة بمكافحة غسل األم��وال‪ .‬قاد الحرس الثوري‬ ‫اإلسالمي محاوالت تصوير املجموعة بأنها خاضعة لسيطرة‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬ويقع مقرها بباريس‪ ،‬وتسعى للتدخل في‬ ‫املعامالت املالية التي تقيمها إيران مع العالم الخارجي من أجل‬ ‫إضعاف عالقات إي��ران مع جماعات تعدها إي��ران ج��زءا من‬ ‫حركة املقاومة‪ ،‬مثل حزب الله اللبناني‪.‬‬ ‫م��ن وج �ه��ة ن�ظ��ر ال �ح��رس ال �ث��وري‪ُ ،‬ي� َ�ع� ِّ�رض االل �ت��زام ب�ق��واع��د‬ ‫مجموعة العمل املالي عملياته للخطر‪ ،‬ولكن حاول روحاني‬ ‫الدفع بأنه ال يوجد بديل سوى االلتزام بمتطلبات املجموعة‪،‬‬ ‫إذا كانت ط�ه��ران ترغب ف��ي استعادة سمعتها االقتصادية‬ ‫الدولية‪ .‬بيد أنه في مواجهة مصالح الحرس الثوري الراسخة‪،‬‬ ‫ال يملك روح��ان��ي ال��ذي تشرف فترة الرئاسة األول��ى له على‬ ‫االنتهاء قوة إقناع ثابتة <‬ ‫* كبير زمالء في معهد الشرق األوسط في واشنطن‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪91‬‬


‫تعاني إيران من مشكلة مجمع عسكري صناعي‪ .‬هذا املجمع عبارة عن تكتل ضخم يقف في طريق أي محاولة تجاه‬ ‫اعتدال سياسات طهران ‪ .‬رأسه الواضح هو الحرس الثوري اإلسالمي‪ ،‬األوصياء املسلحني على النظام اإلسالمي منذ‬ ‫عام ‪ .1979‬وامللحوظ أن تلك الظاهرة تأتي في صور مختلفة‪ ،‬وتؤثر في جميع مظاهر الحياة في إيران‪.‬‬

‫منذ أن أصبح خامنئي مرشدا أعلى كانت استراتيجيته اإليقاع بني الرؤساء وجنراالت الحرس الثوري ليحافظ على موقعه‬

‫كارثة صناعية تواجه طهران جراء صواريخ فريق سليماني‬

‫واشنطن‪ :‬أليكس فاتانكا *‬ ‫منذ وص��ول��ه إل��ى السلطة ف��ي ع��ام ‪ ،2013‬ح��اول‬ ‫ال��رئ �ي��س ح�س��ن روح��ان��ي أن ال�ت�ع��ام��ل ب �ح��ذر مع‬ ‫املجمع العسكري الصناعي‪ ،‬وشرع الستمالة قيادة‬ ‫الحرس الثوري إلى رؤيته‪ .‬الطرح الذي يقدمه روحاني ُوي َع ِّرفه‬ ‫بأنه معادلة فوز للطرفني‪ :‬يجب أن يقبل قادة الحرس الثوري‬ ‫التغيير‪ ،‬وفي املقابل لن يتم إقصائهم من الفرص االقتصادية‬ ‫بعد رفع العقوبات‪ .‬ولكن يظل جنراالت الحرس الثوري حذرين‪.‬‬ ‫وقد أثبتوا مرة بعد أخرى أنهم على استعداد لتحدي روحاني‬ ‫وفريقه أمام العالم الخارجي‪.‬‬ ‫لعبة الحرس الثوري األخيرة‬ ‫أصبح تقويض ال�ح��رس ال�ث��وري لحكومة روح��ان��ي ملحوظا‬ ‫ب��ال�ف�ع��ل‪ .‬ال يخفي ال�ح��رس ال �ث��وري ع��زم��ه ع�ل��ى ال�ك�ش��ف عن‬

‫‪90‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫حدود سلطة روحاني‪ ،‬بداية من ألعاب الحرب الدورية وإطالقه‬ ‫ل�ل�ص��واري��خ ف��ي اس �ت �ع��راض ل �ل �ق��وة‪ ،‬إل ��ى ق �ي��ام ذراع ال�ح��رس‬ ‫االستخباراتي باعتقال املواطنني اإليرانيني مزدوجي الجنسية‪.‬‬ ‫ف��ي ال��وق��ت ذات��ه‪ ،‬تنشر معظم وس��ائ��ل اإلع�ل�ام امل�ت�ش��ددة في‬ ‫إي��ران‪ ،‬التي تقع في يد الحرس ال�ث��وري‪ ،‬باستمرار تعليقات‬ ‫خفية بأن روحاني وفريقه عمالء يعتزمون تحويل الطبيعة‬ ‫الثورية للدولة من الداخل‪ .‬سرعان ما رد قائد الحرس الثوري‬ ‫الغاضب محمد علي جعفري‪ ،‬قائال إن البعض داخل النظام‬ ‫«ال يكشفون عن وجوههم الحقيقية»‪ ،‬مثيرا الشكوك حول‬ ‫روحاني للجمهورية اإلسالمية‪.‬‬ ‫وي��دع��ي روح��ان��ي م�ع��ارض��ة ال �ح��رس ال �ث��وري‪ ،‬ف��ي إط�لاق�ه��م‬ ‫ل�ل�ص��واري��خ‪ ،‬وإج��راءه��م ت��دري�ب��ات عسكرية إلخ��اف��ة الجانب‬ ‫اآلخ��ر»‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يدعي روحاني أيضا أنه يحظى‬ ‫بتأييد املرشد األعلى آية الله خامنئي‪ ،‬القائد األعلى للجنراالت‬ ‫املتشددين وهو في نفس الوقت الراعي األساسي لهم (الحرس‬ ‫الثوري)‪.‬‬

‫وأكد خامنئي على أن الحرس الثوري اإلسالمي يملك الثقل‬ ‫ال�ك��اف� َ�ي لضمان أن االت�ف��اق�ي��ة ال�ت��ي وقعها ف��ري��ق روح��ان��ي ‪-‬‬ ‫والتي ق ِبل بها خامنئي كارها ألهميتها في تجنب االنهيار‬ ‫االقتصادي ‪ -‬لن تتحول إلى بداية في قائمة طويلة من مطالب‬ ‫تمليها الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫عندما ت�ح��دث آي��ة ال�ل��ه علي أك�ب��ر هاشمي رافسنجاني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الرئيس السابق ذو النفوذ الذي تفضل حكومة روحاني‬ ‫االستعانة به لتجريب ردود األفعال‪ ،‬منتقدا السعي ملزيد‬ ‫من التسلح في إيران‪ ،‬وأثنى على أملانيا واليابان بصفتهما‬ ‫قوتني عسكريتني في املاضي‪ ،‬ولكنهما نجحتا في تحويل‬ ‫طاقتهما إلى التنمية االقتصادية‪ ،‬ثار غضب قادة الحرس‬ ‫ص��ف‬ ‫ال�ث��وري‪ ،‬وان�ه��ال الهجوم على رافسنجاني ال��ذي ُو ِ‬ ‫بالسذاجة لتشبيهه الجمهورية اإلسالمية الصاعدة بقوى‬ ‫املاضي املنهزمة‪ .‬وهذا الرأي يكرره خامنئي في كل مرة‬ ‫يحث معتدلو إيران على انتهاج مواقف سياسية خارجية‬ ‫أكثر سلمية‪.‬‬


‫موظفات املبيعات خالل إطالق اسيتان ميتسكوشي القابضة املحدودة ينحنني اجالال واكبارا للعمالء خالل الترحيب بهم يوم ‪ 27‬اكتوبر ‪( 2016‬غيتي)‬

‫‪,,‬‬

‫حاكمة طوكيو‪« :‬فرق منع‬ ‫العمل اإلضافي» في كل‬ ‫إدارة في حكومة العاصمة‬ ‫وهي مكلفة بإجبار املوظفني‬ ‫على مغادرة مكاتبهم في‬ ‫الساعة الثامنة مساء‬

‫‪,,‬‬

‫قدر كبير من رأسماله السياسي من أجل تنفيذ‬ ‫إصالحات كبيرة‪ ،‬حيث إن العمال لهم ممثل واحد‬ ‫ف��ي امل�ج�ل��س امل �ك��ون م��ن ‪ 23‬ع �ض��وا‪ ،‬بينما إدارة‬ ‫الشركات لها ثالثة ممثلني‪.‬‬ ‫في الوقت ذات��ه‪ ،‬تتخذ الحكومات املحلية بالفعل‬ ‫إج� ��راءات ت�خ��ص موظفيهم‪ .‬اس�ت�ح��دث��ت يوريكو‬ ‫كويكي‪ ،‬حاكمة طوكيو‪« :‬فرق منع العمل اإلضافي»‬ ‫ف��ي ك��ل إدارة ف��ي حكومة العاصمة وه��ي مكلفة‬ ‫بإجبار املوظفني على مغادرة مكاتبهم في الساعة‬ ‫الثامنة مساء‪ ،‬واإلبالغ عن املوظفني الذين يمكثون‬ ‫لفترات طويلة‪ .‬وتدفع كويكي أيضا من أجل تمرير‬ ‫تشريع يجبر موظفي القطاع ال�ع��ام داخ��ل نطاق‬ ‫سلطتها على االستفادة من إجازاتهم بالكامل‪.‬‬ ‫ويتعاون ُع َمد املدن اليابانية الرئيسية في تطبيق‬ ‫إج ��راءات تساعد موظفي الحكومة على تحقيق‬ ‫التوازن بني العمل ورعاية األطفال‪ ،‬ومنها التشجيع‬ ‫على منح إجازة رعاية أسرة لآلباء واستحداث أيام‬ ‫ممنوع فيها العمل اإلضافي‪ .‬ويجب أن يتحول هذا‬ ‫النهج الجديد في الحياة املهنية إلى نموذج يطبق‬ ‫على جميع أنحاء البالد‪.‬‬ ‫وم��ع ذل��ك ل��ن يتم تنفيذ إط��ار عمل قانوني مبتكر‬

‫م��ن دون تغيير عقلية ك��ل م��ن املوظفني وأصحاب‬ ‫العمل‪ ،‬ال سيما في القطاع الخاص حيث من األصعب‬ ‫تنفيذ قواعد صارمة على العمل اإلضافي‪ .‬يجب أن‬ ‫يدرك أصحاب األعمال أن ساعات العمل الطويلة ربما‬ ‫تعرقل اإلنتاجية‪ .‬وبدال من الضغط على مواردهم‬ ‫البشرية القليلة‪ ،‬يجب أن يستخدموها بكفاءة أكبر‬

‫وأن يغيروا حوافزهم‪ .‬يجب أن تصبح املكافأة املالية‬ ‫للموظفني الذين يحققون أهدافا محددة مسبقا من‬ ‫دون ساعات عمل إضافي‪ ،‬مع معاقبة املديرين الذين‬ ‫يجبرون مرؤوسيهم على البقاء في العمل ألوقات‬ ‫متأخرة‪ ،‬ممارسات شائعة في العمل‪.‬‬ ‫في الوقت ذات��ه‪ ،‬يجب أن يعيد املوظفون التفكير‬ ‫في رؤيتهم لإلخالص املهني‪ .‬في املعتاد‪ ،‬يعمل‬ ‫ال�ي��اب��ان�ي��ون ح�ت��ى وق��ت م�ت��أخ��ر بسبب شعورهم‬ ‫بتأدية نوع من الواجب األخالقي‪ .‬أو أنهم يأملون في‬ ‫زيادة فرصهم في الترقية إذا استمروا في العمل‬ ‫لفترات أطول من زمالئهم أو مثل رؤسائهم‪ .‬يجب‬ ‫أن تناقش االتحادات التجارية مع أصحاب األعمال‬ ‫تحسني التوازن بني الحياة والعمل‪ ،‬وإعادة تصميم‬ ‫أخالقيات العمل اليابانية الراسخة‪ ،‬ومنع التسابق‬ ‫نحو القاع بني زمالء العمل‪.‬‬ ‫لن تحل زيادة ساعات النوم التحديات االقتصادية‬ ‫التي تواجهها اليابان‪ .‬ولكنها سوف تساعد على‬ ‫زي ��ادة اإلنتاجية ودع��م ال�ق��وى العاملة ع��ن طريق‬ ‫مشاركة نسائية أكبر وارتفاع معدالت الخصوبة‪،‬‬ ‫مما يعزز الناتج املحلي اإلجمالي بدفعة أكبر من‬ ‫أي محفزات نقدية إضافية<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪89‬‬


‫ال يوجد موظفون في العالم يتمتعون بإخالص ملرؤوسيهم مثل اليابانيني‪ .‬تأتي الصحة البدنية والحياة العائلية وأوقات‬ ‫الفراغ جميعا في مرتبة تالية لنجاح الشركة التي يعمل بها املوظف الياباني‪ .‬ولكن أصبحت الخسائر االجتماعية واالقتصادية‬ ‫الناجمة عن أخالقيات العمل الصارمة أكبر كثيرا من فوائدها‪ ،‬وقد أدركت الحكومة اليابانية تلك الحقيقة‪ .‬بعد إجراء تغيير في‬ ‫حكومته في شهر أغسطس (آب)‪ ،‬وضع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إصالحات «نظام العمل» في مقدمة أجندة السياسات‬ ‫التي يتبعها‪ ،‬مع التركيز على وضع حد أقصى لساعات العمل الطويلة في اليابان‪ .‬قال آبي في مؤتمر صحافي عقد مؤخرا‪:‬‬ ‫«سوف نتعامل مع هذه املسألة بإرادة قوية بغض النظر عن أي شيء»‪ .‬يبدو تصميمه معقوال‪ ،‬ولكن قد يكون من الغريب أنه‬ ‫ألجل تنشيط االقتصاد الراكد يجب أن يعمل املوظفون اليابانيون عدد ساعات أقل وأن يناموا ساعات أكثر‪.‬‬

‫إصالحات جديدة وتعديالت في أساليب العمل لزيادة اإلنتاج‬

‫يابان جديدة عام ‪ .. 2017‬نموذج مثالي سيطرح أمام العالم‬

‫يعاني شعب اليابان من قلة النوم‪ .‬تشير‬ ‫إحصائيات مستخدمي تطبيق (سليب‬ ‫سايكل) (دورة النوم) أن اليابانيني ينامون‬ ‫ملدة ‪ 5.52‬ساعة في املتوسط كل ليلة‪ ،‬وهو أدنى‬ ‫معدل بني ‪ 50‬دولة ويقل عن الحد األدنى من النوم‬ ‫ال���ذي ي��وص��ي ب��ه األط��ب��اء وه���و ‪ 7‬س��اع��ات‪ .‬ع�لاوة‬ ‫على ذلك‪ ،‬وفقا لالتحاد العاملي للنوم‪ ،‬ينام موظفو‬ ‫طوكيو عدد ساعات أقل من نظرائهم في نيويورك‬ ‫ب����ـ‪ 36‬دق��ي��ق��ة‪ ،‬وأق����ل م���ن م��وظ��ف��ي ب���اري���س ب��م��ق��دار‬ ‫‪ 54‬دقيقة‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬ليس من الغريب أن ترى‬ ‫موظفني يابانيني نائمني وه��م واق��ف��ون ف��ي املترو‬ ‫أو في العمل‪ ،‬إذ يقضي ‪ 13‬في املائة من العمال‬ ‫اليابانيني أكثر من ‪ 50‬ساعة أسبوعيا في العمل‪،‬‬ ‫وف��ق��ا ملنظمة ال��ت��ع��اون االق��ت��ص��ادي والتنمية‪ .‬في‬ ‫املقابل يفعل نحو ‪ 4‬في املائة من نظرائهم اإليطاليني‬ ‫واألملان الشيء ذاته‪.‬‬ ‫ويقضي نحو ‪ 30‬في املائة من املوظفني اليابانيني‬ ‫أكثر من ‪ 40‬ساعة في العمل اإلضافي شهريا‪ ،‬بل‬ ‫ويصل بعض املتخصصني في مجال تكنولوجيا‬ ‫املعلومات إلى أكثر من ‪ 80‬ساعة من العمل اإلضافي‬ ‫شهريا‪ .‬بموجب القانون الحالي‪ ،‬ال يجب أن تتجاوز‬ ‫ساعات العمل اإلضافي ‪ 45‬ساعة شهريا‪ ،‬ولكن‬ ‫فعليا ُيطلب من املوظفني تجاوز هذا الحد في الغالب‬ ‫حتى أصبح القانون بال معنى‪.‬‬ ‫كثرة العمل وتأثير ها السلبي على االقتصاد‬ ‫كشفت دراسة حديثة أصدرتها وزارة الصحة أنه‬ ‫تم إثبات وجود ساعات عمل إضافي غير قانونية‬ ‫في ‪ 4.790‬من ‪ 8.530‬محل عمل خضعوا للبحث‪.‬‬ ‫ويزيد األم��ور سوءا أن العمل اإلضافي يعد دليال‬ ‫على االرت��ب��اط باملؤسسة ون���ادرا ما تتم مكافأته‬ ‫ماليا‪ .‬كذلك أيضا يتردد املوظفون في االستفادة‬ ‫الكاملة من إجازتهم السنوية مدفوعة األجر التي‬

‫‪88‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫تبلغ عشرة أيام خوفا من اعتبارهم غير مخلصني‬ ‫لشركاتهم‪ .‬ووفقا لوزارة الصحة والعمل والصناعة‪،‬‬ ‫يستفيد املوظف الياباني العادي من ‪ 48.8‬في املائة‬ ‫فقط من إجازته السنوية مدفوعة األجر‪ .‬ويتسبب‬ ‫إدم���ان العمل ف��ي اإلض���رار بصحة ال��ق��وى العاملة‬ ‫اليابانية‪ .‬حتى أن هناك كلمة تعني امل��وت نتيجة‬ ‫كثرة العمل‪« :‬كاروشي»‪ .‬في عام ‪ ،2015‬ارتفع عدد‬ ‫الدعاوى القضائية الرسمية نتيجة كاروشي إلى‬ ‫رقم قياسي بلغ ‪ 1456‬قضية بعد أن كان عددها‬ ‫‪ 1181‬في عام ‪ .2010‬وتتعلق تلك القضايا غالبا‬ ‫بموظفني عملوا ساعات إضافية بلغت أكثر من‬ ‫‪ 160‬ساعة في الشهر وتوفوا نتيجة اإلصابة بأزمة‬ ‫قلبية أو سكتة دماغية‪ .‬ف��ي ح��االت أخ���رى‪ ،‬يدفع‬ ‫الضغط وعبء العمل اإلضافي املوظفني اليابانيني‬ ‫إل��ى االن��ت��ح��ار‪ .‬حتى وإن ك��ان ع��دد قليل بالفعل‬ ‫يتوفى في العمل‪ ،‬تنتشر بكثرة اإلصابة بأمراض‬ ‫القلب واألمراض العقلية بسبب أسلوب العمل غير‬ ‫الصحي‪.‬‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫االقتصاد‬ ‫على‬ ‫سلبي‬ ‫بتأثير‬ ‫العمل‬ ‫كثرة‬ ‫تلقي‬ ‫تغيير العقليات‬ ‫يقلل الحرمان من النوم من إنتاجية املوظفني‪ ،‬وليس‬ ‫ب��ال��ض��رورة أن ت���ؤدي س��اع��ات ال��ع��م��ل ال��ط��وي��ل��ة إل��ى تستمر املفاوضات من أجل وضع قيود صارمة‬ ‫ع��ل��ى وق���ت ال��ع��م��ل اإلض���اف���ي م��ن��ذ ع��ام�ين تقريبا‪،‬‬ ‫ولكنها ل��م تحقق نتائج حتى اآلن بسبب عرقلة‬ ‫الشركات اليابانية الكبرى للمناقشات وعدم االلتزام‬ ‫من جانب الحكومة‪ .‬ولكن في الوقت الحالي‪ ،‬في‬ ‫تشير إحصائيات‬ ‫ج��زء م��ن مجموعة واس��ع��ة م��ن اإلص�لاح��ات التي‬ ‫تستهدف زي��ادة اإلنتاجية‪ ،‬يضغط آب��ي من أجل‬ ‫مستخدمي تطبيق «سليب‬ ‫تغيير حقيقي وسوف يرأس هيئة ‪ -‬تعرف باسم‬ ‫سايكل» إلى أن اليابانيني‬ ‫م��ج��ل��س «ت��ح��ق��ي��ق إص�ل�اح���ات أس���ل���وب ال��ع��م��ل» ‪-‬‬ ‫مسؤولة عن تقديم اقتراح ملموس إلحكام قواعد‬ ‫ينامون ملدة ‪ 5.52‬ساعة في‬ ‫العمل اإلض��اف��ي بحلول شهر م��ارس (آذار) عام‬ ‫‪ 2017‬كنموذج مثالي سيطرح أم��ام العالم‪،‬حيث‬ ‫املتوسط كل ليلة وهو أدنى‬ ‫يضع حد أقصى معقول لساعات العمل‪ ،‬والسماح‬ ‫باستثناءات قليلة‪ ،‬ووضع عقوبات على الشركات‬ ‫معدل بني ‪ 50‬دولة‬ ‫املخالفة‪ ،‬خطوات مهمة في االتجاه الصحيح‪.‬‬ ‫األم��ر امل��ؤك��د ه��و أن��ه سينبغي على آب��ي استغالل‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫طوكيو‪ :‬إدواردو كامبانيال‬

‫تحقيق نتائج اقتصادية أفضل‪ .‬في ساعة واح��دة‬ ‫ينتج املوظف الياباني العادي ‪ 62‬في املائة فقط من‬ ‫الناتج املحلي اإلجمالي الذي ينتجه املوظف األميركي‬ ‫العادي في الفترة الزمنية ذاتها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫تجعل ساعات العمل الطويلة جدا إنجاب األطفال أو‬ ‫العناية بكبار السن مهام أقرب إلى املستحيل‪ ،‬مما‬ ‫يمنع النساء م��ن االلتحاق بالقوى العاملة‪ .‬ووفقا‬ ‫للبنك الدولي‪ ،‬يبلغ معدل مشاركة املرأة في اليابان‬ ‫‪ 48‬في املائة‪ ،‬وهي نسبة تقل عن معدل مشاركتها‬ ‫في أملانيا بنحو ‪ 25‬في املائة‪ .‬ويساعد عدم وجود‬ ‫ت��وازن مالئم بني الحياة والعمل في تدني معدالت‬ ‫الخصوبة بني القوى العاملة اليابانية‪.‬‬ ‫وأخيرا يبتعد أبناء األلفية الجديدة املهتمون بالتمتع‬ ‫بأوقات فراغهم قدر اإلمكان عن العمل في الشركات‬ ‫ال��ك��ب��رى‪ ،‬م��م��ا ي��زي��د م��ن إه��م��ال ن��م��اذج ال��ش��رك��ات‬ ‫التقليدية وتعريض وظائف من يعملون بها إلى‬ ‫الخطر بطريقة غير مباشرة‪.‬‬


‫فالديمير بوتني خالل ورشة‬ ‫عمل تحت عنوان «روسيا‬ ‫تدعو» عقدت بمنتدى‬ ‫االستثمار في موسكو (غيتي)‬

‫التطلع إلى املستقبل‬ ‫ينقسم االقتصاديون في الغرب ح��ول توقع تداعيات‬ ‫ال �ظ��روف االق�ت�ص��ادي��ة ال��راه�ن��ة وم�ت��وس�ط��ة األج ��ل على‬ ‫املستقبل االقتصادي طويل األج��ل في روسيا‪ ،‬وعلى‬ ‫الشؤون املحلية والخارجية في الحكومة الروسية‪ .‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬كتب سيرغي أليكساشينكو مؤخرا أنه‬ ‫«في ظل نقص االستثمارات‪ ،‬سيكون تحقيق نمو بنسبة‬ ‫اثنني في املائة ُح ًلما‪ ،‬بينما من املتوقع أال يتجاوز معدل‬ ‫النمو في املتوسط واحدا في املائة في العام‪ ،‬وفي الواقع‬

‫‪,,‬‬

‫نتيجة لركود اقتصادي‬ ‫عميق ومستمر لفترة طويلة‬ ‫وليس من املرجح أن تتجه‬ ‫روسيا نحو انهيار كامل‬

‫‪,,‬‬

‫تسببت األزم��ة االقتصادية أيضا في ارتفاع معدالت‬ ‫الفقر في روسيا‪ .‬ووفقا لبيانات البنك الدولي‪ ،‬كانت‬ ‫‪ 11.2‬في املائة من السكان يعانون من الفقر في عام‬ ‫‪ .2014‬وارت�ف�ع��ت النسبة إل��ى ‪ 13.3‬ف��ي امل��ائ��ة ف��ي عام‬ ‫‪ .2015‬وم��ع أن ال��زي��ادة ص��ارخ��ة‪ ،‬توضح البيانات أن‬ ‫معدالت الفقر في روسيا ال تزال أفضل كثيرا مما كانت‬ ‫عليه في عام ‪ 17.8( 2005‬في املائة) أو في عام ‪2002‬‬ ‫(‪ 24.6‬ف��ي امل��ائ��ة)‪ .‬ويكشف ال��دخ��ل القومي اإلجمالي‬ ‫ل�ل�ف��رد‪ ،‬وه��و وس�ي�ل��ة أخ ��رى مهمة ل�ق�ي��اس ال�ف�ق��ر‪ ،‬عن‬ ‫نتائج مشابهة‪ .‬شهد مؤشر الدخل القومي اإلجمالي‬ ‫انخفاضا حادا من ‪ 14.840‬دوالر في عام ‪ 2013‬إلى‬ ‫‪ 11.000‬دوالر في عام ‪ .2015‬بيد أن ذلك يظل مقبوال‬ ‫مقارنة بمؤشر الدخل القومي اإلجمالي الروسي الذي‬ ‫بلغ ‪ 3.440‬دوالر في عام ‪ ،1991‬وبلغ ‪ 1.750‬دوالر في‬ ‫عام ‪ ،1999‬عندما أصبح فالديمير بوتني رئيسا لوزراء‬ ‫روسيا ألول مرة‪.‬‬

‫م��ن ف�ت��رة إل��ى أخ ��رى س��وف ي�ق��ل ع��ن ال�ص�ف��ر»‪ .‬ولكنه‬ ‫أض��اف أن��ه إذا لم يمر االقتصاد ال��روس��ي «بانخفاض‬ ‫آخر بنسبة ‪ 5‬في املائة في غضون عام‪ ،‬و‪ /‬أو تخفيض‬ ‫لقيمة الروبل بنسبة من ‪ 30‬إلى ‪ 50‬في املائة»‪ ،‬فمن غير‬ ‫املرجح أن ُيغير بوتني سياسته تجاه أوكرانيا مقابل‬ ‫تخفيف العقوبات الغربية‪ .‬وبالفعل‪ ،‬سوف تسمح تلك‬ ‫األرقام لروسيا باالستمرار في القيام بالتزاماتها‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬في مطلع عام ‪ ،2016‬حذر فالديسالف‬ ‫إنوزمتسيف املراقبني من أنه من املرجح جدا أن تدخل‬ ‫روسيا قريبا في «فترة تدمير ذاتي اقتصادي»‪.‬‬ ‫ولكن يعني «التدمير الذاتي االقتصادي» لروسيا عودة‬ ‫املؤشرات االقتصادية الرئيسية بطريقة ما إلى معدالت‬ ‫التسعينات املدمرة‪ .‬وتوضح لنا التجربة أن ذلك األمر ال‬ ‫يستغرق عاما أو اثنني‪ ،‬ولكن يمكن حدوثه فقط إما إثر‬

‫انهيار كامل للدولة‪ ،‬أو نتيجة لركود اقتصادي عميق‬ ‫ومستمر لفترة طويلة‪ .‬وليس من املرجح أن تتجه روسيا‬ ‫نحو انهيار كامل للدولة ف��ي املستقبل ال�ق��ري��ب‪ ،‬ومن‬ ‫املحتمل أيضا أال تمثل األوض��اع االقتصادية خطورة‬ ‫أمام إعادة انتخاب بوتني‪ .‬ولكن يظل من املمكن حدوث‬ ‫ركود اقتصادي عميق وطويل‪ .‬وبالفعل تكشف توقعات‬ ‫النمو لعام ‪ 2017‬أن روسيا قد تنجح بالكاد في الخروج‬ ‫من الركود في العام املقبل‪.‬‬ ‫ول �ك ��ن ت �ش��دي��د ال �ع �ق��وب��ات ال �غ��رب �ي��ة وزي � � ��ادة اإلن �ف ��اق‬ ‫العسكري ال��روس��ي‪ ،‬باإلضافة إل��ى النفقات املستمرة‬ ‫لشراء والء األراضي امللحقة بها بصفة رسمية أو غير‬ ‫رسمية في القرم ودون�ب��اس (ف��ي أوكرانيا)‪ ،‬وأبخازيا‬ ‫وأوسيتيا الجنوبية (في جورجيا)‪ ،‬وترانسينستريا‬ ‫(في مولدوفيا)‪ ،‬سوف تتراكم على مدار األعوام املقبلة‪.‬‬ ‫وهكذا ال ُيستبعد استمرار الركود‪ ،‬أو على األقل نقص‬ ‫النمو‪ ،‬حتى اآلن‪.‬‬ ‫ت�ق��دم روس �ي��ا ن�م��وذج��ا مهما لكيفية ت��أث�ي��ر األط ��راف‬ ‫الخارجية في دور حاسم على مصير دول��ة واح��دة أو‬ ‫منطقة‪ .‬يملك ال�غ��رب خ�ي��ار البقاء ملتزما بالعقوبات‬ ‫الروسية بسبب أوكرانيا‪ ،‬بل ويمكن إحكامها والتوسع‬ ‫فيها‪ ،‬ولكننا نرى اآلن استخدام نظام العقوبات بطاقة‬ ‫مساومة من جانب روسيا في املفاوضات بشأن سوريا‪.‬‬ ‫فهل تملك الواليات املتحدة واالتحاد األوروبي ما يكفي‬ ‫من االنضباط لاللتزام بالدفاع عن السيادة األوكرانية‬ ‫وترك روسيا تواجه دمارا اقتصاديا طويل األجل؟ قد‬ ‫تساعدنا التغييرات املقبلة في القيادة األميركية على‬ ‫اإلجابة عن هذا السؤال<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪87‬‬


‫فاز حزب فالديمير بوتني «روسيا املوحدة» بـ‪ 343‬مقعدا من أصل ‪ 450‬مقعدا في الدوما‪ ،‬في االنتخابات البرملانية الروسية‬ ‫التي أجريت في سبتمبر (أيلول) ‪ .2016‬في ظل املزاعم املنتشرة بتزوير االنتخابات‪ ،‬وضعف نسبة إقبال الناخبني التي بلغت‬ ‫‪ 48‬في املائة‪ ،‬وعدم وجود معارضة فعلية‪ ،‬لم يكن فوز «روسيا املوحدة» مفاجئا‪ .‬وحاليا أصبح أمام حكومة بوتني ‪ 5‬أعوام‬ ‫أخرى في حكم البالد‪ ،‬وتستمر شعبية بوتني بمعدل ‪ 80‬في املائة‪.‬‬

‫ً‬ ‫إلى أين يتجه االقتصاد الروسي‪ ..‬هل يتداعى أم يبقى صامدا؟‬

‫بوتني يبدأ تدشني حملة لفترة رئاسية رابعة في انتخابات ‪2018‬‬

‫موسكو‪ :‬مايا أوتاراشفيلي‬

‫منه‪ ،‬إلثناء روسيا عن اتخاذ خطوات عنيفة أخرى في‬ ‫الخارج‪ ،‬وتحديدا في مناطق مثل أوكرانيا وسوريا‪.‬‬

‫حيث وصل نمو الناتج املحلي اإلجمالي إلى سالب ‪3.7‬‬ ‫في املائة‪ .‬بعد ذلك وصل النمو إلى نحو سالب ‪ 0.5‬في‬ ‫املائة في عام ‪.2016‬‬ ‫تؤد اآلثار املباشرة للعقوبات وانخفاض أسعار النفط‪،‬‬ ‫لم ِ‬ ‫وحتى الفساد املنظم وغياب الشفافية في االقتصاد‬ ‫الروسي‪ ،‬إلى استمرار الركود الشديد‪ .‬من املتوقع بالفعل‬ ‫أن يحقق االقتصاد الروسي استقرارا نسبيا في عام‬ ‫‪ ،2017‬ووفقا لبعض التوقعات‪ ،‬يمكن أن يحقق نموا‬ ‫إيجابيا بمعدل ‪ 0.7‬ف��ي امل��ائ��ة‪ .‬وي�ش��ار إل��ى انخفاض‬ ‫معدل البطالة‪ ،‬حيث يقل عن ‪ 6‬في املائة‪ .‬وفي حني كان‬ ‫معدل التضخم مرتفعا في عام ‪2015‬؛ إذ بلغ ‪ 15.6‬في‬ ‫املائة‪ ،‬انخفض اآلن إلى أقل من ‪ 7‬في املائة (تقريبا في‬ ‫املتوسط) في عام ‪.2016‬‬

‫م��ن امل��رج��ح أن ي�ش��ارك ب��وت�ين‪ ،‬ال��ذي يبلغ من‬ ‫العمر ‪ 63‬عاما‪ ،‬وهو أق��وى رجل في روسيا مؤشرات اقتصادية رئيسية‬ ‫على مدار األعوام الـ‪ 16‬املاضية‪ ،‬في االنتخابات‬ ‫الرئاسية املقرر إجراؤها في عام ‪ ،2018‬ليتولى رئاسة وهكذا‪ ،‬في ضوء العقوبات واستمرار انخفاض أسعار‬ ‫روسيا للمرة الرابعة‪.‬‬ ‫ال�ن�ف��ط (م �ص��در ال��دخ��ل ال��روس��ي األس��اس��ي)‪ ،‬م��ا حالة‬ ‫االقتصاد الروسي في الوقت الراهن؟ تم تنفيذ العقوبات‬ ‫منذ نحو عامني‪ .‬وانخفضت أسعار الطاقة واستمرت‬ ‫االنتخابات الرئاسية ‪2018‬‬ ‫متدنية تقريبا منذ فرض العقوبات مباشرة‪ .‬كان تأثير‬ ‫وك�م��ا ح��دث ف��ي ان�ت�خ��اب��ات ال��دوم��ا‪ ،‬م��ن امل�ت��وق��ع أيضا الصدمة املزدوجة على االقتصاد الروسي كبيرا‪ ،‬ولكنه‬ ‫أن تأتي نتيجة االنتخابات الرئاسية في صالح بوتني لم يكن مهلكا على أي حال‪ .‬في البداية‪ ،‬فقدت العملة ربع‬ ‫بسهولة‪ ،‬لتضمن استمرار حكمه في روسيا‪ .‬بيد أن قيمتها‪ ،‬ففي ع��ام ‪ 2015‬شهدت روسيا رك��ودا ح��ادا‪،‬‬ ‫عاما يفصل بيننا اآلن وم��وع��د االنتخابات الرئاسية‬ ‫في ‪2018‬؛ فهل يمكن أن يتسبب أي شيء في إضعاف‬ ‫شعبية فالديمير بوتني‪ ،‬وبالتالي إضعاف قبضته على‬ ‫السلطة؟ بذلت الحكومة الروسية الكثير في ما يتعلق‬ ‫بالدعاية واملعلومات املضللة من أجل ضمان استمرار‬ ‫شعبية ب��وت�ين وامل�س��اع��دة على تقديم دع��اي��ة إيجابية‬ ‫داخل روسيا عن مغامراته في الخارج (من القرم إلى‬ ‫دونباس إلى سوريا)‪ ،‬لكن أحد الجوانب املساعدة في‬ ‫شعبية بوتني واستقرار نظامه في الداخل هو االقتصاد‬ ‫الروسي‪ .‬اجتازت البالد طريقا طويال منذ الفترة املظلمة‬ ‫التي شهدتها في التسعينات عندما كانت روسيا بعد‬ ‫انهيار االت�ح��اد السوفياتي دول��ة فاشلة بالفعل‪ .‬وفي‬ ‫روس�ي��ا‪ ،‬كما ه��ي ال�ح��ال ف��ي دول االت�ح��اد السوفياتي‬ ‫ال �س��اب��ق امل � �ج � ��اورة‪ ،‬ق ��د ي �ص �ب��ح أي ن� ��وع م ��ن ال ��رخ ��اء‬ ‫االجتماعي الثابت ال��ذي تموله ال��دول��ة سببا ف��ي رضا‬ ‫الشعب نسبيا‪ .‬إذا تهاوى االقتصاد الروسي‪ ،‬فسيكون‬ ‫على الحكومة أن تلجأ إلى إجراءات تقشفية تقتطع من‬ ‫املعاشات والرواتب‪ ،‬وهي بالتأكيد قشة يمكن أن تقصم‬ ‫ظهر البعير‪ .‬وبالتالي ليس من املفاجئ أن يعتقد كثير‬ ‫من الخبراء أن املتاعب االقتصادية الكبيرة من املرجح‬ ‫أن تزعزع استقرار نظام فالديمير بوتني‪.‬‬ ‫وعلى أي ح��ال‪ ،‬تلك الطريقة ف��ي التفكير كانت الدافع‬ ‫األس��اس��ي وراء ال�ع�ق��وب��ات االق �ت �ص��ادي��ة ال�غ��رب�ي��ة ضد‬ ‫روسيا؛ حيث يمثل التهديد بعدم االستقرار االقتصادي‬ ‫ت�ه��دي��دا ب��زع��زع��ة اس �ت �ق��رار ن �ظ��ام ب��وت�ين‪ ،‬وب��ال�ت��ال��ي قد‬ ‫ُ‬ ‫تستخدم العقوبات االقتصادية بوصفها إحدى أدوات‬ ‫نمو الناتج املحلي اإلجمالي (النسبة سنويا) ‪ -‬االتحاد الروسي (املصدر‪ :‬البنك الدولي)‬ ‫القوة الناعمة للسيطرة الخارجية على بوتني واملقربني‬

‫‪86‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫هل يتجه البنك االحتياطي الفيدرالي إلى رفع معدالت الفائدة؟‬ ‫عاد‬

‫بقلم‪ :‬محمد العريان *‬

‫ملاذا يختلف صعود‬ ‫الدوالر األمريكي‬ ‫اآلن بالنسبة‬ ‫لالحتياطي‬ ‫الفيدرالي؟‬

‫الدوالر األميركي إلى أعلى مستويات‬ ‫ُ‬ ‫بلغها منذ تسعة أشهر‪ .‬تشبه دوافع‬ ‫ارتفاع الدوالر األميركي تلك التي أدت‬ ‫إلى ارتفاعه مع بداية العام الحالي‪.‬‬ ‫بيد أنه في هذه املرة يختلف تأثير ذلك االرتفاع‬ ‫على األسواق املالية ً‬ ‫تماما‪.‬‬ ‫وإذا استمر ال ��دوالر األم�ي��رك��ي ف��ي الصعود‪،‬‬ ‫فسوف تكون اآلثار املترتبة على سياسة بنك‬ ‫ً‬ ‫االحتياطي الفيدرالي مختلفة أيضا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫دف��ع امل �ت��داول��ون ال ��دوالر األم�ي��رك��ي ملستوياته‬ ‫املرتفعة ً‬ ‫بناء على ثقتهم في االختالف الوشيك‬ ‫ف��ي س �ي��اس��ات ال �ب �ن��وك امل��رك��زي��ة‪ ،‬م �م��ا يعني‬ ‫تشديد البنك االحتياطي الفيدرالي سياسته‪،‬‬ ‫فيما تتجه مؤسسات تنظيمية أخرى مهمة‪،‬‬ ‫مثل البنك املركزي األوروبي وبنك اليابان وبنك‬ ‫إنجلترا وبنك الصني الشعبي‪ ،‬نحو الحفاظ‬ ‫على موقفهم املتراخي حيال السياسة النقدية‪.‬‬ ‫ولكن على عكس الفترة السابقة‪ ،‬كان تأثير‬ ‫ارتفاع الدوالر األميركي على األسهم األميركية‬ ‫غير ملحوظ ً‬ ‫تماما‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فبدال من تعرض األسهم األميركية لعمليات‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بيع مكثفة ردا على الضغوط التنافسية التي‬ ‫يتسبب فيها ارتفاع ال��دوالر األميركي ‪ -‬وهو‬ ‫ما حدث خالل الربع األول من العام الحالي ‪-‬‬ ‫ارتفعت األسهم دون تأثر‪.‬‬ ‫ك �م��ا س��اه �م��ت امل �ف �ك��رة االق �ت �ص��ادي��ة املليئة‬ ‫بالصفقات ف��ي دف��ع ثقة املستثمرين حيال‬ ‫تدفقات عمليات الدمج واالستحواذ في السوق‪،‬‬ ‫سواء من التدفقات النقدية للشركات بحسب‬ ‫امليزانيات العمومية الخاصة بها أو التمويالت‬ ‫الجديدة للديون‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬ال ت��زال الظروف املالية متكيفة‬ ‫للغاية‪ ،‬على الرغم من ارتفاع الدوالر األميركي‪.‬‬ ‫كما شعر مستثمرو األسهم بالطمأنينة بسبب‬ ‫إدراكهم الكبير والصحيح‪ ،‬أن دورة رفع معدالت‬ ‫ال �ف��ائ��دة للبنك االح�ت�ي��اط��ي ال �ف �ي��درال��ي س��وف‬ ‫تخرج على نحو كبير عن املعايير التاريخية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فبدال من اتباع مسار خطي نسبي للزيادات‬ ‫في فترات منتظمة‪ ،‬فسوف يتم اإلع�لان عن‬ ‫سمات سياسة «التوقف»‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬بل وربما األهم من ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫نقطة النهاية ‪ -‬أو م��ا يسميه االق�ت�ص��ادي��ون‬ ‫«املعدل املحايد» – سوف يكون أقل بكثير من‬ ‫املعدالت التاريخية األخيرة‪.‬‬ ‫وه�ن��اك ت�س��اؤل ق��ائ��م ح��ول م��ا إذا ك��ان البنك‬

‫االح�ت�ي��اط��ي ال�ف�ي��درال��ي سيتمكن م��ن سحب‬ ‫ت�ل��ك ال�س�ي��اس��ة ال�ص��ارم��ة ال�خ��اص��ة ب��ال�ظ��روف‬ ‫املالية على نحو تدريجي وقياسي‪ ،‬من دون‬ ‫اإلضرار باألسواق التي اعتادت على الحصول‬ ‫على دعم استثنائي من البنوك املركزية أم ال‪.‬‬ ‫األمر الواضح‪ ،‬على الرغم من ذلك‪ ،‬هو أنه من‬ ‫غير املحتمل أن تكون قوة ال��دوالر األميركي‬ ‫في اآلونة األخيرة‪ ،‬في حد ذاتها‪ ،‬رادعة لرفع‬ ‫معدالت الفائدة لبقية العام الحالي‪.‬‬ ‫وعلى األرجح أن يتم ذلك خالل شهر ديسمبر‬ ‫(كانون األول) املقبل‪ ،‬وليس خالل اجتماع لجنة‬ ‫السوق الفيدرالية املفتوحة املنعقدة األسبوع‬ ‫املقبل‪.‬‬ ‫نظرا الستشعارها ذلك األم��ر‪ ،‬رفعت األس��واق‬ ‫ب��ال �ف �ع��ل االح �ت �م��ال �ي��ة ال �ض �م �ن �ي��ة الت� �خ ��اذ ب�ن��ك‬ ‫االح�ت�ي��اط��ي ال�ف�ي��درال��ي إج� ��راءات ج��دي��دة خ�لال‬ ‫ً‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫شهر ديسمبر املقبل بنسبة ‪ 75‬في املائة‬ ‫وإضافة إلى الهدوء النسبي املالي واالقتصادي‬ ‫بالخارج على املدى القصير‪ ،‬بما في ذلك تراجع‬ ‫املخاوف بشأن الهبوط الحاد بالصني‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫س��وف ُيريح االحتياطي الفيدرالي‪ ،‬ال��ذي يميل‬ ‫بالفعل نحو اتخاذ مزيد من الخطوات‪ ،‬حتى لو‬ ‫كانت صغيرة‪ ،‬نحو تطبيع السياسة النقدية‪.‬‬ ‫إض��اف��ة إل��ى ذل��ك‪ ،‬بالنظر ف��ي األم��ر م��ن جهة‬ ‫ن�س�ب�ي��ة‪ ،‬ي�س��اه��م ذل��ك التطبيع ف��ي السياسة‬ ‫النقدية في ظل ارت�ف��اع ال��دوالر األميركي في‬ ‫«إع��ادة التوازن العاملي» املطلوب لتحقيق قدر‬ ‫أكبر من االستقرار لالقتصاد العاملي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أسسا مطلقة‪،‬‬ ‫ولكن في النهاية‪ ،‬ستكون تلك‬ ‫ول�ي�س��ت ات �ج��اه��ات ن�س�ب�ي��ة‪ ،‬ل�ض�م��ان ازده ��ار‬ ‫االق �ت �ص��اد ال �ع��امل��ي وت�ح�ق�ي��ق اس �ت �ق��رار مالي‬ ‫حقيقي‪ .‬وال ت��زال ال�ق��اع��دة األس��اس�ي��ة القوية‬ ‫صعبة املنال‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أنه ستتم محاولة إعادة التوازن‬ ‫املقبلة ف��ي إط��ار م�ع��دالت النمو ال�ت��ي ال ت��زال‬ ‫منخفضة للغاية وغير كافية‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬ ‫بدوره إلى زيادة مخاطر االستقطاب السياسي‬ ‫والضعف واالنحراف االقتصادي‪.‬‬ ‫وإلى أن يتم التغلب على التحدي الرئيسي املمثل‬ ‫ف��ي تحقيق نمو ه��ائ��ل وش��ام��ل‪ ،‬ف�س��وف تكون‬ ‫عملية تطبيع بنك االحتياطي الفيدرالي بعيدة‬ ‫عن التلقائية‪ ،‬فيما سيظل خطر عدم استقرار‬ ‫ً‬ ‫األسواق‬ ‫كبيرا بدرجة ال يمكن تجاهلها<‬ ‫* باالتفاق مع «بلومبيرغ»‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪85‬‬


‫صندوق سعودي ‪ -‬ياباني‬ ‫باستثمارات ‪ 100‬مليار دوالر‬

‫الرياض‪ :‬قالت وكالة األنباء السعودية‬ ‫ال��رس�م�ي��ة (واس) إن م�ج�م��وع��ة سوفت‬ ‫بنك اليابانية تعتزم تأسيس صندوق‬ ‫اس �ت �ث �م��اري ج��دي��د م ��ع ص �ن ��دوق االس �ت �ث �م��ارات‬ ‫العامة السعودي باستثمارات قد تصل إلى ‪100‬‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬ ‫ونقلت الوكالة عن رئيس مجلس إدارة صندوق‬ ‫االس� �ت� �ث� �م ��ارات ال� �ع ��ام ��ة‪ ،‬ع ��ن ول � ��ي ول � ��ي ال �ع �ه��د‬ ‫ال �س �ع��ودي األم� �ي ��ر م�ح�م��د ب ��ن س �ل �م��ان ق��ول��ه إن‬ ‫ال �ص �ن��دوق ال �س �ع��ودي ي��رك��ز ع�ل��ى االس�ت�ث�م��ارات‬ ‫«ذات العوائد املالية الهامة على امل��دى البعيد»‬ ‫س� ��واء م�ح�ل� ً�ي��ا أو ع��امل� ً�ي��ا‪ .‬وأض � ��اف أن ص �ن��دوق‬ ‫االس�ت�ث�م��ارات ال�س�ع��ودي «ي�ه��دف إل��ى دع��م رؤي��ة‬ ‫ال �س �ع��ودي��ة ل�ل�ع��ام ‪ 2030‬ال �ت��ي ت�ن��ص ع�ل��ى ب�ن��اء‬ ‫اقتصاد متنوع»‪.‬‬

‫«القطرية» تطلب شراء ‪ 100‬طائرة «بوينغ» بقيمة ‪ 18.6‬مليار دوالر‬ ‫نيويورك‪ :‬قالت الخطوط الجوية القطرية وشركة بوينج إن األولى طلبت شراء ‪ 40‬طائرة عريضة البدن بقيمة ‪ 11.7‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬ووقعت خطاب نيات لشراء ما يصل إلى ‪ 60‬طائرة ضيقة البدن من طراز ‪ 737‬ماكس ‪ 8‬بقيمة ‪ 6.9‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫ومن شأن الطلبية التي يصل حجمها إلى ‪ 100‬طائرة والتي من املحتمل أن تصل قيمتها إلى ‪ 18.6‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫مساعدة «بوينغ» على ملء دفتر أوامر الشراء لديها في عام تتباطأ فيه املبيعات بوتيرة حادة وسط منافسة سعرية شرسة مع‬ ‫ً‬ ‫أساسيا من جانب الخطوط الجوية القطرية تجاه الطائرة ‪ 737‬ماكس‬ ‫منافستها األوروبية «إيرباص»‪ .‬وتمثل الصفقة التزاما‬ ‫الجديدة التي تنتجها «بوينغ» بعدما رفضت ثالث طائرات من طراز إيه ‪ 320‬التي تنتجها «إيرباص» املنافسة في وقت سابق‬ ‫من هذا العام‪ .‬ولم تطلب قطر الطائرة طراز ‪ 737‬ماكس من قبل‪ .‬واستغل الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية‪ ،‬أكبر‬ ‫ً‬ ‫الباكر‪ ،‬مناسبة اإلعالن في واشنطن لحض «بوينغ» على بناء طائرة جديدة تكون أكبر قليال من ‪ 737‬ماكس لسد الفجوة في‬ ‫خط منتج بوينغ‪.‬وقال الرئيس التنفيذي لقسم الطائرات التجارية في «بوينغ»‪ ،‬راي كونر‪ ،‬إن شركته تواصل تقييم مثل تلك‬ ‫الطائرة وتتحدث إلى الزبائن‪.‬‬

‫صندوق االستثمار الفلسطيني‬ ‫يبدأ بإنشاء أول مصنع لإلسمنت‬ ‫ب� �ي ��ت ل� �ح ��م (ال � �ض � �ف� ��ة ال � �غ� ��رب � �ي� ��ة)‪ :‬ق ��ال‬ ‫م �س��ؤول��ون ف�ل�س�ط�ي�ن�ي��ون إن ص �ن��دوق‬ ‫االستثمار الفلسطيني بدأ املرحلة األولى‬ ‫من بناء أول مصنع إسمنت فلسطيني في منطقة‬ ‫بيت لحم في الضفة الغربية باستثمارات تصل‬ ‫إلى ‪ 310‬ماليني دوالر‪.‬‬ ‫وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة‬ ‫ألقاها في حفل اإلعالن عن املرحلة األولى‪« :‬هذا‬ ‫الحلم راودن��ا منذ عشرين ً‬ ‫عاما‪ .‬ه��ذا الحلم بدأ‬ ‫يتحقق»‪.‬‬ ‫وأض � ��اف أن ��ه ل��ن ي�ق�ب��ل أي اح �ت �ج��اج��ات ج��دي��دة‬ ‫ً‬ ‫مقررا أن يقام في منطقة‬ ‫ضد املشروع الذي كان‬ ‫أخ��رى م��ن الضفة الغربية قبل أن يتم نقله إلى‬ ‫امل��وق��ع الجديد بعد احتجاجات السكان هناك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متابعا أنه آن األوان أن يكتب على كيس اإلسمنت‬ ‫«صنع في فلسطني»‪ ،‬وقال محمد مصطفى رئيس‬ ‫مجلس إدارة ص�ن��دوق االس�ت�ث�م��ار الفلسطيني‬ ‫الذراع االستثماري للسلطة الفلسطينية إن هذه‬ ‫ال�خ�ط��وة ط��ال ان�ت�ظ��اره��ا ووص��ف امل �ش��روع بأنه‬ ‫«مشروع سيادي وطني من الدرجة األولى‪ ،‬وهو‬ ‫أول مصنع إسمنت فلسطني»‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫«إيه تي آند تي» تشتري «تايم وارنر» مقابل ‪ 85‬مليار دوالر‬ ‫نيويورك‪ :‬قالت شركة «إيه تي آند تي» لالتصاالت إنها وافقت على شراء شركة «تايم وارنر» مقابل ‪ 85.4‬مليار دوالر‬ ‫في أجرأ خطوة على اإلط�لاق تقوم بها شركة اتصاالت لشراء محتوى يبث على شبكتها لجذب عدد متزايد من‬ ‫املشاهدين على اإلنترنت‪ .‬وإذا أقرتها الجهات التنظيمية‪ ،‬فستمنح أكبر عملية اندماج في العالم هذا العام شركة «إيه‬ ‫تي آند تي» السيطرة على قناتي «إتش بي أو» و«سي إن إن» وشركة «وارنر براذرز» السينمائية ومؤسسات إعالمية أخرى‪.‬‬ ‫وذكر بيان من «إيه تي آند تي» أنها ستدفع ‪ 107.50‬دوالرات لكل سهم في «تايم وارنر»‪ ،‬وستسدد نصف املبلغ ً‬ ‫نقدا والباقي‬ ‫على هيئة أسهم في الشركة ليصل إجمالي قيمة الصفقة إلى ‪ 85.4‬مليار دوالر‪ .‬وتوقعت الشركة استكمال الصفقة قبل نهاية‬ ‫عام ‪ .2017‬وقالت «إيه تي آند تي» التي تتخذ داالس ً‬ ‫مقرا لها إن وزارة العدل ستفحص الصفة‪ ،‬وإن الشركتني ستقرران أي‬ ‫تراخيص من لجنة االتصاالت االتحادية ستنتقل لـ«إيه تي آند تي» بموجب الصفقة‪.‬‬


‫«سامسونغ» تعرض حوافز مالية إلنهاء أزمة «نوت ‪»7‬‬ ‫س � � � � �ي� � � � ��ول‪ :‬ع � � � ��رض � � � ��ت ش � ��رك � ��ة‬ ‫«س ��ام � �س ��ون ��غ» ل�ل�إل �ك �ت��رون �ي��ات‬ ‫ح��واف��ز م��ال�ي��ة ع�ل��ى عمالئها في‬ ‫كوريا الجنوبية الذين يستبدلون هواتفهم‬ ‫ال ��ذك �ي ��ة م ��ن ط � ��راز «غ ��االك� �س ��ي ن � ��وت ‪»7‬‬ ‫وي�ح�ص�ل��ون ع�ل��ى ط ��رز أخ ��رى م��ن إن�ت��اج‬ ‫الشركة مع سعيها لتحسني سمعتها بعد‬ ‫أزمة تتعلق بالسالمة‪.‬‬ ‫وتسعى الشركة الكورية الجنوبية العمالقة‬ ‫لتقليص األض��رار في الوقت ال��ذي يحاول‬ ‫ف �ي��ه م �ن��اف �س��ون م �ث��ل «أب� � ��ل» و«إل ج��ي»‬ ‫لإللكترونيات االستيالء على حصة سوقية‬ ‫من أكبر شركة للهواتف الذكية في العالم‪،‬‬ ‫بعدما اضطرت األخيرة للتخلي عن أحدث‬ ‫إصداراتها من األجهزة الذكية‪.‬‬ ‫وت� �ع ��زز «س��ام �س��ون��غ» ج �ه��ود ال�ت�س��وي��ق‬ ‫والترويج لسلسلة الهواتف الذكية األخرى‬ ‫من طراز «غاالكسي» المتصاص الضربة‬ ‫ال �ت��ي ت�ل�ق�ت�ه��ا ج� ��راء أزم� ��ة «ن� ��وت ‪ »7‬ال��ذي‬ ‫أوقفت الشركة إنتاجه بعد فشلها في حل‬ ‫مشكالت ارتفاع درجة حرارة الجهاز التي‬ ‫تسببت في احتراق بعض الهواتف‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪83‬‬


‫«سيفورا» ملستحضرات‬ ‫التجميل ترجئ فتح‬ ‫متاجر بإيران‬

‫نمو الناتج احمللي املغربي ‪ % 1‬في الربع الثالث‬ ‫الرباط‪ :‬قالت املندوبية السامية للتخطيط في املغرب إن اقتصاد البالد نما بنسبة مئوية‬ ‫واحدة على أساس سنوي في الربع الثالث من ‪ 2016‬مقارنة مع نمو بلغ ‪ 4.8‬في املائة‬ ‫في الفترة املماثلة من ‪ ،2015‬وذلك بسبب موجة جفاف شديدة أضرت بقطاع الزراعة‪.‬‬ ‫وتتوقع املندوبية أن يتباطأ نمو الناتج املحلي اإلجمالي للمملكة إلى ‪ 0.8‬في املائة في الربع األخير‬ ‫ً‬ ‫متراجعا بشكل حاد من ‪ 5.1‬في املائة في الفترة املماثلة من العام املاضي‪ .‬لكنها لم تضع‬ ‫من العام‪،‬‬ ‫تقديرات للعام بأكمله‪ .‬وهبط اإلنتاج الزراعي ‪ 11.1‬في املائة في الربع الثالث بعد أسوأ موجة جفاف‬ ‫(أيار) املاضي إنه يتوقع هبوط محصول الحبوب‬ ‫تشهدها البالد في عقود‪ .‬وقال املغرب في مايو ً‬ ‫هذا العام ‪ 70‬في املائة إلى ‪ 3.35‬ماليني طن‪ ،‬انخفاضا من مستوى قياسي لعام ‪ 2015‬بلغ ‪ 11‬مليون‬ ‫طن‪ .‬وتعد الزراعة أكبر قطاعات االقتصاد وتسهم بما يزيد على ‪ 15‬في املائة من الناتج املغربي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ارتفاعا من‬ ‫وقالت املندوبية إن القطاع غير الزراعي نما ‪ 2‬في املائة في الربع الثالث عنه قبل عام‪،‬‬ ‫‪ 1.4‬في املائة في الربع الثاني‪.‬‬

‫ارتفاع أسعار الغذاء العاملية ألعلى مستوى في ‪ً 18‬‬ ‫شهرا‬ ‫روما‪ :‬قالت منظمة األغذية والزراعة التابعة لألمم املتحدة (فاو) إن أسعار الغذاء العاملية‬ ‫ارتفعت في سبتمبر ألعلى مستوى لها منذ مارس (آذار) ‪ 2015‬بقيادة السكر‪.‬‬ ‫وباستثناء انخفاض بسيط في يوليو‪ ،‬زاد مؤشر «فاو» ألسعار الغذاء بشكل مستمر‬ ‫منذ يناير بعد نزوله ألدنى مستوى في ‪ 7‬أعوام‪ .‬وسجل املؤشر الذي يقيس التغيرات الشهرية‬ ‫لسلة من الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات األلبان واللحوم والسكر ‪ 170.9‬نقطة في سبتمبر‬ ‫بارتفاع ‪ 2.9‬في املائة عن الشهر السابق و‪ 10‬في املائة عنه قبل عام‪ .‬وقالت «فاو» إن أسعار السكر‬ ‫زادت ‪ 6.7‬في املائة في سبتمبر‪ ،‬مقارنة بالشهر السابق‪ .‬ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى الطقس‬ ‫السيئ في البرازيل‪ ،‬وهي أكبر منتج ومصدر للسكر في العالم‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ب������اري������س‪ :‬ق����ال����ت م�����ص�����ادر إن‬ ‫«س�����ي�����ف�����ورا» ال���ف���رن���س���ي���ة ل��ب��ي��ع‬ ‫م����س����ت����ح����ض����رات ال����ت����ج����م����ي����ل‪،‬‬ ‫س��ت��ؤج��ل ف��ت��ح ع���دة م��ن��اف��ذ ت��ج��زئ��ة في‬ ‫ً‬ ‫إي��ران إلى نهاية ‪ ،2017‬بدال من ‪2016‬‬ ‫ك���م���ا ك�����ان م����ق����ررا ب������ادئ األم�������ر‪ ،‬ن���ظ ً���را‬ ‫لعدم توافر الظروف املالية والسياسية‬ ‫امل�لائ��م��ة ب��ع��د‪ .‬وق���ال م��ص��در م��ط��ل��ع‪« :‬ال‬ ‫شيء سيحدث حتى النصف الثاني من‬ ‫‪ 2017‬على أق��رب تقدير‪ ،‬ألن األوض��اع‬ ‫ليست مالئمة بعد للقيام بشيء»‪ ،‬وتعد‬ ‫«سيفورا» إحدى شركات مجموعة «إل‬ ‫في إم إتش» الرائدة للمنتجات الفاخرة‪،‬‬ ‫ولها نحو ألفي منفذ بيع في أنحاء العالم‪،‬‬ ‫وترغب الشركة في العمل بإيران‪ ،‬حيث‬ ‫يوجد طلب ضخم على مستحضرات‬ ‫التجميل‪.‬‬

‫الصني تزيح أميركا عن لقب أكبر‬ ‫مستورد للنفط الخام في العالم‬ ‫ب����ك��ي�ن‪ :‬اس������ت������وردت ال��ص�ين‬ ‫ك��م��ي��ات قياسية م��ن النفط‬ ‫ال�������خ�������ام ف�������ي س���ب���ت���م���ب���ر‬ ‫(أي���ل���ول) امل���اض���ي‪ ،‬م��ت��ف��وق��ة بذلك‬ ‫ع��ل��ى ال����والي����ات امل���ت���ح���دة ك��أك��ب��ر‬ ‫مشتر عاملي للنفط من الخارج‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حيث تلقت االحتياطيات الصينية‬ ‫شحنات من الخام الرخيص مللء‬ ‫صهاريج التخزين الجديدة‪.‬‬ ‫وأظهرت بيانات جمركية أن واردات‬ ‫الصني من النفط الخام في سبتمبر‬ ‫زادت ‪ 18‬في املائة على أساس سنوي إلى ‪ 33.06‬مليون طن أو ما يعادل ‪8.04‬‬ ‫مليون برميل ً‬ ‫يوميا‪ .‬ويتجاوز معدل الشراء هذا متوسط ‪ 4‬أسابيع في الواليات‬ ‫املتحدة الذي قدرته إدارة معلومات الطاقة األميركية بنحو ‪ 7.98‬مليون برميل‬ ‫ً‬ ‫يوميا في نهاية سبتمبر‪ .‬وهذه ثاني مرة خالل هذا العام تتجاوز فيها واردات‬ ‫ً‬ ‫الصني من الخام حجم واردات الواليات املتحدة في شهر‪ ،‬لكنها أيضا املرة‬ ‫الثالثة في ‪ً 12‬‬ ‫شهرا‪ ،‬وهذه الزيادة هي انعكاس للعقود التي جرى توقيعها في‬ ‫ً‬ ‫يوليو عندما تراجع سعر الخام دون ‪ 42‬دوالرا للبرميل بفعل تجدد ضغوط‬ ‫البيع‪ .‬ومنذ ذلك الحني تعافى النفط إلى نحو ‪ً 50‬‬ ‫دوالرا للبرميل‪.‬‬


‫«أرامكو السعودية» تتطلع لعام ‪2018‬‬ ‫لتنفيذ الطرح العام األولي‬ ‫إس � � �ط � � �ن � � �ب� � ��ول‪:‬‬ ‫ق � � � ��ال ال� ��رئ � �ي� ��س‬ ‫ال � � �ت � � �ن � � �ف � � �ي� � ��ذي‬ ‫ل� � � �ش � � ��رك � � ��ة «أرام� � � � � �ك � � � � ��و‬ ‫ال � � � �س � � � �ع� � � ��ودي� � � ��ة» أم �ي ��ن‬ ‫ال � �ن� ��اص� ��ر إن ال� �ش ��رك ��ة‬ ‫ت �س �ت �ه��دف ع � ��ام ‪2018‬‬ ‫ل �ت �ن �ف �ي��ذ م� ��ا ي �م �ك��ن أن‬ ‫ي �ك��ون أك �ب��ر ط ��رح ع��ام‬ ‫أولي‪ ،‬إذ تتوقع تحسن‬ ‫أسعار النفط وظ��روف‬ ‫السوق خالل السنوات املقبلة‪.‬‬ ‫وخ�لال مؤتمر الطاقة العاملي ف��ي إسطنبول‪ ،‬ق��ال الناصر إن‬ ‫جميع األس ��واق م��ا زال��ت محل دراس ��ة للطرح ال�ع��ام األول ��ي ملا‬ ‫ي�ص��ل إل��ى ‪ 5‬ف��ي امل��ائ��ة م��ن ش��رك��ة «أرام� �ك ��و»‪ ،‬وإن ك��ان الحجم‬ ‫الدقيق للطرح سيحدده املجلس األعلى‪.‬وقال الناصر‪« :‬نحن‬ ‫متفائلون أن السوق ب��دأت تتعافى ونتوقع تعافيها أكثر في‬ ‫‪ 2017‬واعتقد أن ال��وق��ت ف��ي ‪ 2018‬سيكون األن �س��ب»‪.‬وأض��اف‪:‬‬ ‫«عندما نتحدث عن ‪ 2018‬نشعر باالرتياح إزاء تمكننا من الوفاء‬ ‫بجميع املتطلبات في األسواق املختلفة إذا قررنا أن نذهب إلى‬ ‫أسواق بعينها»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاليا‬ ‫وقال إن «أرامكو» لم تحدد بعد موقع اإلدراج وإنها تتفقد‬ ‫ع� ً‬ ‫�ددا م��ن األس ��واق‪ ،‬م��ن بينها ن�ي��وي��ورك ول�ن��دن وه��ون��غ كونغ‬ ‫واليابان‪.‬‬

‫ً‬ ‫مجانا شهرياً‬ ‫الكويت تعتزم منح كل مواطن ‪ 75‬لتر بنزين‬ ‫الكويت‪ :‬قال رئيس مجلس األمة (البرملان)‬ ‫ال �ك��وي �ت��ي م� � ��رزوق ال �غ��ان��م إن� ��ه ت ��م االت �ف��اق‬ ‫م��ع ال�ح�ك��وم��ة ع�ل��ى م�ن��ح ك� ً�ل م��واط��ن يحمل‬ ‫ً‬ ‫شهريا‪.‬ويأتي‬ ‫قيادة ‪ 75‬لتر بنزين مجانا‬ ‫رخصة‬ ‫ً‬ ‫ال�ق��رار تعويضا للمواطنني ع��ن رف��ع سعر البنزين‬ ‫الذي أعلنته الحكومة في أول أغسطس (آب) بنسب‬ ‫تصل إلى ‪ 80‬في املائة من أول سبتمبر (أيلول) في‬ ‫خ�ط��وة ت�ه��دف إل��ى م��واج�ه��ة ال�ت��داع�ي��ات الناجمة عن‬ ‫هبوط أسعار النفط‪.‬‬ ‫وكانت املحكمة اإلداري��ة ألغت القرار الحكومي برفع‬ ‫أس�ع��ار البنزين‪ ،‬ألن��ه «تضمن ً‬ ‫عيبا إج��رائ� ً�ي��ا بعدم‬ ‫ع��رض توصية زي��ادة البنزين على املجلس األعلى‬ ‫للبترول»‪.‬‬ ‫وتعتمد الكويت عضو منظمة «أوب��ك» على إي��رادات‬ ‫النفط في تمويل أكثر من ‪ 90‬في املائة من ميزانيتها‬ ‫العامة‪ .‬وقد تضررت ً‬ ‫كثيرا بسبب هبوط أسعار الخام‬ ‫أكثر من النصف في العامني األخيرين‪.‬‬ ‫وج ��اء رف��ع أس �ع��ار ال�ب�ن��زي��ن ض�م��ن خ �ط��وات تهدف‬ ‫لترشيد دعم الوقود في إط��ار استراتيجية أعلنتها‬ ‫ال �ح �ك��وم��ة إلص �ل�اح أوض � ��اع االق �ت �ص��اد ع �ل��ى امل��دى‬ ‫املتوسط‪ ،‬ونالت موافقة البرملان في يونيو (حزيران)‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وتهدف االستراتيجية التي عرفت بوثيقة اإلصالح‬ ‫االقتصادي إلى إصالح امليزانية العامة‪ ،‬وإعادة رسم‬ ‫دور الدولة في االقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص‪،‬‬ ‫وتفعيل م�ش��ارك��ة امل��واط�ن�ين ف��ي تملك امل�ش��روع��ات‬ ‫العامة وإصالح سوق العمل‪.‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪81‬‬


‫مؤسسة النقد السعودية تأمر بإعادة‬ ‫جدولة القروض االستهالكية‬ ‫الرياض‪ :‬قالت مؤسسة النقد العربي‬ ‫السعودي (البنك املركزي) إنها أصدرت‬ ‫تعليماتها للبنوك العاملة في اململكة‬ ‫بإعادة جدولة قروض العمالء املتأثرين بتعديل‬ ‫الدخل الشهري‪ ،‬نتيجة خفض بدالت وعالوات‬ ‫القطاع الحكومي في ظل هبوط أسعار النفط‪.‬‬ ‫وي �ش �ي��ر ال � �ق� ��رار إل � ��ى ت �ن��ام��ي ال� �ض� �غ ��وط ع�ل��ى‬ ‫االقتصاد السعودي بعد تضرر إي��رادات أكبر‬ ‫م�ص��در للنفط ف��ي ال�ع��ال��م ج��راء ه�ب��وط أسعار‬ ‫الخام أكثر من النصف منذ ‪ 2014‬إلى ما دون‬ ‫ً‬ ‫دوالرا للبرميل‪ .‬وسجلت اململكة عجزا في‬ ‫‪50‬‬ ‫امل��وازن��ة ب�ل��غ م�س�ت��وى قياسيا ع�ن��د ‪ 98‬مليار‬ ‫دوالر العام املاضي‪.‬‬ ‫وأص��در خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان‬ ‫بن عبد العزيز ً‬ ‫عددا من األوامر امللكية بتقليص‬ ‫رواتب ومزايا الوزراء وأعضاء مجلس الشورى‬ ‫وخفض مكافآت العاملني في القطاع الحكومي‪،‬‬ ‫وذلك في أحدث خطوة تتخذها اململكة لتقليص‬ ‫اإلنفاق‪.‬‬ ‫ك �م��ا ق ��رر م�ج�ل��س ال� � ��وزراء اح �ت �س��اب ال��روات��ب‬ ‫واألج��ور واملكافآت والبدالت الشهرية وما في‬ ‫حكمها لجميع العاملني بالدولة وصرفها بما‬ ‫يتوافق مع السنة املالية للدولة التي تبدأ في‬ ‫أول يناير (كانون الثاني) من كل عام‪.‬‬

‫«االنفصال الصعب» يكبد القطاع‬ ‫املالي البريطاني ‪ 38‬مليار إسترليني‬ ‫ل �ن��دن‪ :‬ق��ال ت�ق��ري��ر ص ��ادر ع��ن مجموعة‬ ‫مالية إن ال�ق�ط��اع امل��ال��ي البريطاني قد‬ ‫ي �خ �س��ر إي� � � ��رادات ت �ص��ل إل� ��ى ‪ 38‬م�ل�ي��ار‬ ‫جنيه إسترليني (‪ 48.34‬مليار دوالر) إذا حدث‬ ‫ما يوصف بـ«االنفصال الصعب» ال��ذي سيقيد‬ ‫حرية دخول شركات القطاع إلى السوق املوحدة‬ ‫لالتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫وقالت شركة «أوليفر وايمان» لالستشارات إنه‬ ‫في ح��ال خسارة الشركات املالية الحق في بيع‬ ‫خدماتها بحرية ف��ي شتى أن�ح��اء أوروب ��ا‪ ،‬فإن‬ ‫‪ 75‬أل��ف ف��رص��ة ع�م��ل ق��د تختفي‪ .‬ك�م��ا ستخسر‬ ‫ال �ح �ك��وم��ة م� ��ا ي �ص��ل إل � ��ى ‪ 10‬م� �ل� �ي ��ارات ج�ن�ي��ه‬ ‫إسترليني في شكل إيرادات ضريبية‪.‬‬ ‫وال��دراس��ة ه��ي واح��دة م��ن أول��ي ال��دراس��ات التي‬ ‫تحدد تأثير تصويت بريطانيا على الخروج من‬ ‫االتحاد األوروبي في يونيو على قطاع الخدمات‬ ‫املالية‪.‬‬ ‫وق ��ال ��ت م � �ص ��ادر م �ط �ل �ع��ة ع �ل��ى امل � �ح ��ادث ��ات إن‬ ‫النتائج التي خلصت إليها الدراسة ُعرضت على‬ ‫وزارة الخزانة البريطانية وغيرها من الدوائر‬ ‫الحكومية‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫تونس تنوي زيادة الضرائب‬ ‫ورفع أسعار الكهرباء في ‪2017‬‬ ‫ت��ون��س‪ :‬ق��ال��ت وزي ��رة امل��ال�ي��ة ال�ت��ون�س�ي��ة ملياء‬ ‫الزريبي إن الحكومة تعتزم زي��ادة الضرائب‬ ‫ورفع أسعار الكهرباء في ‪ 2017‬ضمن خطط‬ ‫رامية لخفض عجز امليزانية‪.‬‬ ‫وت �ع �ه��د رئ �ي ��س ال� � � ��وزراء ي ��وس ��ف ال �ش��اه��د ب�ت��دش�ين‬ ‫إصالحات اقتصادية يطالب به املقرضون الدوليون‬ ‫لسد العجز املتنامي في موازنة الدولة‪.‬‬ ‫وق ��ال ال�ش��اه��د إن��ه يتعني ع�ل��ى جميع ال�ت��ون�س�ي�ين أن‬ ‫يتقاسموا التضحيات إلنقاذ اقتصاد البالد املتعثر‬ ‫منذ انتفاضة ‪ 2011‬التي أنهت حكم الرئيس السابق‬ ‫زين العابدين بن علي‪ .‬وقالت الزريبي إلذاعة «شمس‬ ‫إف إم» املحلية‪« :‬مشروع قانون ميزانية ‪ 2017‬يتضمن‬ ‫زيادة في الضرائب على القيمة املضافة‪ .‬وسيتم رفع‬ ‫ً‬ ‫أسعار الكهرباء أيضا»‪.‬‬ ‫وكان رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد قال في‬ ‫وقت سابق إنه يتوقع أن يرتفع عجز املوازنة بنهاية‬ ‫‪ 2016‬إلى ‪ 6.5‬في املائة من ‪ 4.4‬في املائة في ‪،2015‬‬ ‫ً‬ ‫مضيفا أن حكومته تستعد لتدشني حزمة إصالحات‬ ‫اق�ت�ص��ادي��ة لخفض ال�ع�ج��ز م��ن بينها تجميد زي��ادة‬ ‫األجور وإصالحات ضريبية جديدة‪.‬‬

‫ً‬ ‫«دولفني للطاقة» اإلماراتية توقع اتفاقا لشراء غاز قطري‬

‫ال ��دوح ��ة‪ :‬وق �ع��ت ش��رك�ت��ا «دول �ف�ي�ن ل�ل�ط��اق��ة» وقطر‬ ‫للبترول اتفاقية طويلة األمد لتوريد الغاز الطبيعي‬ ‫إلى اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منتجا‬ ‫وك��ان��ت دول الخليج تنظر للغاز الطبيعي باعتباره‬ ‫ث��ان� ً‬ ‫�وي��ا إلن�ت��اج�ه��ا ال�ن�ف�ط��ي‪ ،‬وع ��ادة م��ا ك��ان��ت تبيعه بأسعار‬ ‫رخيصة إلى الشركات املحلية لكنها استهالكها للغاز اآلن‬

‫يتزايد ف��ي ظ��ل النمو السكاني باملنطقة ال��ذي أدى الرت�ف��اع‬ ‫الطلب على الكهرباء‪.‬‬ ‫وقالت قطر للبترول اململوكة للحكومة في بيان إنه بموجب‬ ‫االتفاقية «تقوم قطر للبترول بتوريد كميات إضافية من الغاز‬ ‫الطبيعي إلى (دولفني) لتصديرها إلى دولة اإلمارات العربية‬ ‫املتحدة عبر خط األنابيب البحري املمتد بني البلدين»‪.‬‬


‫الفنانة األميركية بيلي‬ ‫موريسون تأخذ صورة‬ ‫شخصية مع إحدى اللوحات‬ ‫املعروضة خالل افتتاح‬ ‫معرض للوحات «الفنون‬ ‫الجميلة» ‪ 29‬أكتوبر‬ ‫املاضي في غرب هوليوود‬ ‫كاليفورنيا (غيتي)‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪79‬‬


‫‪78‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫ﺗﻄﺒﻊ ﻓﻲ‬

‫‪18‬‬

‫ﻣﻮﻗﻌ ًﺎ‬

‫ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ‬

‫اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ ًا‬ ‫اﻟﺮﻳﺎض ‪ -‬اﻟﺪﻣﺎم ‪ -‬ﺟﺪة ‪ -‬اﻟﺪار اﻟﺒﻴﻀﺎء ‪ -‬اﻟﻘﺎﻫﺮة ‪ -‬ﺑﻴﺮوت ‪ -‬دﺑﻲ ‪ -‬ﻟﻨﺪن ‪ -‬ﻧﻴﻮﻳﻮرك ‪ -‬ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻴﺲ‬ ‫ﻋﻤﺎن ‪ -‬إﺳﻄﻨﺒﻮل‬ ‫واﺷﻨﻄﻦ ‪ -‬ﺑﺎرﻳﺲ ‪ -‬ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ‪ -‬ﺟﻮﻫﺎﻧﺴﺒﻴﺮغ ‪ -‬اﻟﺨﺮﻃﻮم ‪ -‬أرﺑﻴﻞ ‪ّ -‬‬ ‫‪scan me‬‬

‫‪www.aawsat.com‬‬ ‫‪@aawsat_News‬‬

‫‪ASHARQALAWSAT‬‬

‫‪asharqalawsat‬‬


‫> من خالل إشارتك ملؤتمر مزافران الذي اجتمعت‬ ‫فيه قوى املعارضة‪ ،‬الالفت أن األحزاب املشاركة‬ ‫فيه بذلت جهودا حثيثة للتوافق على مشروع‬ ‫سياسي م��وح��د‪ ،‬اآلن بعد م��رور أشهر م��ا ال��ذي‬ ‫تحقق من توصياته؟‬ ‫ ال ح��ي��اة مل��ن ت��ن��ادي‪ ،‬امل��ع��ارض��ة اق��ت��رح��ت ف��ت��ح نقاش‬‫س��ي��اس��ي ج���اد ب�ين السلطة وامل��ع��ارض��ة‪ ،‬ح���ول ال��وض��ع‬ ‫ال��س��ي��اس��ي ال���ع���ام ف���ي ال����ب��ل�اد‪ ،‬وح�����ول أه����م ال��ت��ح��دي��ات‬ ‫الخارجية التي تواجهها‪ ،‬خصوصا مسألة األمن على‬ ‫مستوى الحدود‪ ،‬كما اقترحت على السلطة تنظيم انتقال‬ ‫ديمقراطي سلس ومتوافق عليه‪ ،‬لكن كل هذه املطالب تم‬ ‫تجاهلها من طرف السلطة‪.‬‬ ‫لكن رغ��م تجاهل السلطة يبقى ب��رأي أن أكبر مكسب‬ ‫للجزائر م��ن األزم���ة السياسية واألمنية التي عاشتها‬ ‫في مرحلة التسعينات‪ ،‬هو حصول توافق كبير على‬ ‫مستوى الطبقة السياسية املعارضة‪ ،‬وأنا أصبح شغلي‬ ‫الشاغل هو أن أدع��م ه��ذا التوافق‪ ،‬والعمل على تقويته‬ ‫أك��ث��ر‪ ،‬خاصة فيما يرتبط بالقضايا األس��اس��ي��ة‪ ،‬مثل‬ ‫قضايا األمن‪ ،‬والشغل واالقتصاد واملدرسة وغيرها‪.‬‬ ‫وال��ه��دف باملجمل ه��و أن تخرج الطبقة السياسية من‬ ‫السجال اآليديولوجي‪ ،‬والتوظيف السياسي للدين‪ ،‬وأن‬ ‫تتجنب الدخول في معارك متعلقة بالهوية واللغة والدين‪،‬‬ ‫كل هذه السجاالت تجاوزنها بفضل التجربة التي مر بها‬ ‫الجزائريون‪ ،‬وهذا في حد ذاته إنجاز سياسي كبير جدا‪،‬‬ ‫ويجب تثمني هذه القفزة في العمل السياسي بالجزائر‪.‬‬ ‫وف��ي الحقيقة ف��إن خطاب املعارضة اليوم أصبح أكثر‬ ‫نضجا وإدراك����ا ملتطلبات ال��ف��رد ال��ج��زائ��ري‪ ،‬وص��ارت‬ ‫تناقش كيفية تسيير امل���ال ال��ع��ام‪ ،‬وم��ح��ارب��ة ال��رش��وة‪،‬‬ ‫وكيفية النهوض باملدرسة الجزائرية‪ ،‬وكيف يتم تحقيق‬ ‫الحماية االجتماعية للمواطن الجزائري وكيف يتم تأمني‬ ‫الحدود‪.‬‬ ‫> لكن أال تعتقد أن املعارضة أمام امتحان صعب‬ ‫ل �ل �ح �ف��اظ ع �ل��ى ه ��ذا ال �ت ��واف ��ق‪ ،‬ف ��ي ظ ��ل ت �ض��ارب‬ ‫ال�ت�ص��ري�ح��ات ب�ين ق��ادت�ه��ا ب�خ�ص��وص امل�ش��ارك��ة‬ ‫في االنتخابات التشريعية املقررة العام املقبل؟‬ ‫ أكيد‪ ،‬كان هناك نقاش داخل هيئة التنسيق والتشاور‬‫ل��ل��م��ع��ارض��ة ح���ول ه���ذا امل���وض���وع‪ ،‬وك���ان ه��ن��اك شبه‬ ‫إجماع حول ضرورة الرجوع إلى القواعد النضالية‪،‬‬ ‫وال��ق��ي��ادات الحزبية للحكم ف��ي ق��رار املشاركة ألي‬ ‫ح���زب م���ن ع���دم���ه‪ ،‬ووق����ع ن��ق��اش ك��ب��ي��ر داخ����ل ه��ذه‬ ‫األحزاب بخصوص مسألة املشاركة‪ ،‬لكن الشعور‬ ‫السائد هو أن سياسة الكرسي الشاغر ال تحقق أي‬ ‫مكاسب‪ ،‬مع العلم بأن اإلدارة ستلعب مرة أخرى‬ ‫دورا مميزا في النتائج‪ ،‬ألن الهيئة العليا ملراقبة‬ ‫االن��ت��خ��اب��ات ال��ت��ي أسسها ال��رئ��ي��س بوتفليقة‬ ‫ليست لها أي مصداقية م��ا دام أعضاؤها‬ ‫كلهم موظفني لدى الدولة‪ .‬وهذا دليل على‬ ‫أن النظام السياسي الجزائري لم يتغير‬ ‫كثيرا فيما يخض تنظيم االنتخابات‪،‬‬

‫‪76‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫> يعني املعارضة تطالب بهيئة مستقلة لتنظيم‬ ‫ومراقبة االنتخابات وليس هيئة للمراقبة فقط؟‬ ‫ نعم هيئة تنظم وتراقب‪ ،‬وهو األمر املتعارف عليه في‬‫ع��دة دول في العالم‪ ،‬ففي بعض دول أميركا الالتينية‬ ‫توجد محاكم عليا انتخابية‪ ،‬لذلك نحن نتساءل ملاذا‬ ‫تخاف ال��دول��ة م��ن عملية تنظيم االنتخابات م��ن خالل‬ ‫إنشاء هيئة مستقلة؟ وه��ذا األم��ر ب��رأي يعكس غياب‬ ‫الرغبة لدى السلطة في تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة‪.‬‬ ‫> ف��ي ظ��ل ه��ذه امل �خ��اوف م��ا ال �خ �ي��ارات امل�ت��اح��ة‬ ‫برأيكم للمعارضة لتسيير املرحلة املقبلة؟‬ ‫ املناضل حني ينتمي لحزب سياسي ما بهدف ممارسة‬‫النضال السياسي ي��درك صعوبة تغيير النظام خارج‬ ‫املؤسسات‪ ،‬لذلك هو يريد املشاركة في االنتخابات مع‬ ‫أمل حدوث تقليل في نسبة التزوير‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫الفكر السائد في الخطاب‬ ‫السياسي الجزائري هو أن‬ ‫التغيير يجب أن يكون من‬ ‫داخل النظام وليس خارجه‬

‫‪,,‬‬

‫األمر الذي يقال أيضا عن التيار الديمقراطي الحقيقي‪،‬‬ ‫ال��ذي بات أكثر انتشارا وق��وة داخ��ل املجتمع الجزائري‬ ‫الذي تطور كثيرا‪.‬‬

‫ألنه رفض أحد املطالب امللحة للمعارضة واملتعلق بهيئة‬ ‫مستقلة ملراقبة وتنظيم االنتخابات‪.‬‬

‫عبد العزيز رحابي‬

‫وحاليا الفكر السائد في الخطاب السياسي الجزائري هو‬ ‫أن التغيير يجب أن يكون من داخل النظام وليس خارجه‪،‬‬ ‫وذلك عن طريق الدخول في مؤسسات الدولة بواسطة‬ ‫صناديق االقتراع‪ ،‬ألن التجارب السياسية في مرحلة‬ ‫التسعينات أثبتت أن بالدنا هي بلد القطيعات العنيفة‪،‬‬ ‫ألن ال��س��ل��ط��ة ال��س��ي��اس��ي��ة ال ت��ت��ن��ازل إال ت��ح��ت الضغط‬ ‫ال��خ��ارج��ي‪ ،‬وال��دل��ي��ل على ذل��ك السماح بظهور القنوات‬ ‫الخاصة كان تحت تأثير بداية الربيع العربي وهو األمر‬ ‫الذي يقال عن اعتماد بعض األحزاب‪.‬‬ ‫> بحديثك ع��ن ف�ت��ح امل �ج��ال السمعي البصري‬ ‫وال �س �م��اح ب �ب��روز ق �ن��وات خ��اص��ة أال ت�ع�ت�ق��د أن‬ ‫سلسلة التضييقات التي طالت بعض القنوات‬ ‫م��ن خ�لال غلقها يجعل م��ن ه��ذه امل �ب��ادرة إج��راء‬ ‫بال روح ومجرد مبادرة لذر الرماد في العيون؟‬ ‫ السلطة السياسية تريد للقنوات الخاصة أن تكون‬‫ام��ت��دادا مباشرا لإلعالم الحكومي‪ ،‬وأن��ا أق��ول إذا كان‬ ‫ال��س��م��ع��ي ال���ب���ص���ري ال ي��م��ث��ل ال���ش���ع���ب‪ ،‬وال ي��ع��ب��ر عن‬ ‫حاجياته‪ ،‬وطموحاته‪ ،‬وانشغاالته‪ ،‬ف��إن امل�لاذ الوحيد‬ ‫للجزائريني يبقى اإلعالم الخارجي‪.‬‬ ‫وه����ذا األم����ر م��ن امل��ش��ك�لات امل��زم��ن��ة ال��ت��ي ت��ع��ان��ي منها‬ ‫الجزائر منذ التسعينات‪ ،‬وفي الحقيقة فإن خلق إعالم‬ ‫متوازن أمر ليس بالسهل‪ ،‬ويتطلب شروطا أهمها تكوين‬ ‫الصحافيني‪ ،‬وتحمل الناشرين لكامل مسؤولياتهم‪.‬‬ ‫وألن الفكر السياسي السائد حاليا في الجزائر ينظر‬ ‫ل�لإع�لام بوصفه أداة للوصول إل��ى السلطة أو الخلود‬ ‫فيها‪ ،‬وليس باعتباره أداة للتكوين والترفيه‪ ،‬فقد بقي‬ ‫مستوى اإلنتاج السمعي البصري الجزائري ضعيفا‬ ‫جدا‪ ،‬حيث تستورد نحو ‪ 75‬في املائة من حجم استهالك‬ ‫امل���واد اإلع�لام��ي��ة‪ ،‬وه��ذا األم��ر يعتبر خطرا على الهوية‬ ‫والسيادة الوطنية‪.‬‬ ‫ومن املفارقات العجيبة هو أن إنشاء قنوات فضائية أمر‬ ‫يتطلب أمواال طائلة‪ ،‬لكن في الجزائر تقبل السلطة بأن‬ ‫يختلط املال بالسياسة وتمنع أن يختلط املال باإلعالم‪،‬‬ ‫وفي الواقع فإن السلطة ليس لديها أي نية في فتح املجال‬ ‫السمعي البصري ألنها تخاف من الشفافية واملساءلة‪،‬‬ ‫وأن يتم الكشف عن قضايا الفساد داخل دواليبها‪.‬‬ ‫> الرئيس بوتفليقة حذر في رسالته بمناسبة‬ ‫اليوم الوطني للصحافة املصادف ل�ـ‪ 22‬أكتوبر‬ ‫(تشرين األول) م��ن ك��ل ع��ام م��ن مخاطر اإلع�لام‬ ‫اإلل�ك�ت��رون��ي وال ��ذي ق��ال بشأنه إن��ه ي�ه��دد األم��ن‬ ‫ال � �ق� ��وم� ��ي‪ ،‬وه � � ��ذه ال� �ت� �ص ��ري� �ح ��ات س�ب�ق�ت�ه��ا‬ ‫ت � �ص ��ري � �ح ��ات ل � � � � � ��وزراء ف � ��ي ال� �ح� �ك ��وم ��ة‬ ‫يحذرون من مخاطر شبكات التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬إلى هذا الحد بات اإلعالم‬ ‫اإللكتروني مقلقا للسلطة؟‬ ‫ هذه معركة خاسرة قبل بدايتها‪ ،‬ألنه ليس‬‫ل��ك أي ق��وة أو وسيلة مل��ق��اوم��ة ه��ذه الوتيرة‬ ‫العاملية النتشار اإلعالم اإللكتروني‪ ،‬فليس‬ ‫للجزائر أي إنتاج مؤثر‪ ،‬وفي هذه السوق إما‬ ‫أن تنتج وتؤثر في السوق‪ ،‬وإما أن تستهلك‬ ‫ما ينتجه اآلخرون‪ ،‬هذا الخطاب السياسي‬ ‫يذكرني بخطاب السبعينات <‬


‫عبد العزيز رحابي‬

‫خصوصا من ناحية التفكير‪ ،‬وأنها ال تزال تعيش املعارك الحياة من خالل عدم تحديد الفترات الرئاسية‪.‬‬ ‫السياسية نفسها التي كانت تعيشها في الستينات‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر مخيف ومقلق‪ ،‬ألن التجارب التي عاشها الجزائريون > لكن التعديل الدستوري ح��دد مجددا الوالية‬ ‫أثبتت أن كل انسداد سياسي يخلق أزمة‪ ،‬لذلك ال أعتقد أن الرئاسية بفترتني غير قابلتني للتجديد؟‬ ‫ الرئيس لم يكن مخيرا في ذل��ك بل ك��ان مجبرا‪ ،‬أوال‬‫تنحية شخص أو مجيء آخر يعالج املشكلة‪.‬‬ ‫بسبب ظ��روف��ه الصحية‪ ،‬وثانيا بسبب ضغط املحيط‬ ‫> بحديثكم عن الرئيس بوتفليقة‪ ،‬أول تصريح والظروف الدولية واإلقليمية‪ ،‬إلى جانب ما تعيشه بعض‬ ‫ل�لأم�ين ال�ع��ام ال�ج��دي��د لجبهة التحرير الوطني من الدول العربية واألفريقية‪.‬‬ ‫جمال ولد عباس كان إعالن تأييد حزبه لترشح‬ ‫الرئيس بوتفليقة لوالية رئاسية خامسة‪ ،‬كيف > ف� ��ي ظ� ��ل ه � ��ذا امل �ش �ه ��د ال� �س� �ي ��اس ��ي‪ ،‬ك �ث �ي��رون‬ ‫تعلقون على األمر؟‬ ‫ي �ت �س��اء ل��ون ع ��ن امل� �ع ��ارض ��ة‪ ،‬ال �ب �ع��ض ي�ت�ه�م�ه��ا‬ ‫ أقول بأن الجزائر دخلت في أزمة ملا دخلت في فكرة ب��ال �غ �ي��اب‪ ،‬وآخ � ��رون ي�ن�ت�ق��دون�ه��ا ل �ع��دم ق��درت�ه��ا‬‫الرئاسة مدى الحياة‪ ،‬ومن باب إحقاق الحق‪ ،‬في نهاية على الضغط على النظام‪ ،‬وآخ��رون يقولون إن‬ ‫التسعينات عندما تم على أعلى مستوى في هرم الدولة امل �ع��ارض��ة ب��ات��ت ال ت�ص�ن��ع امل �ش �ه��د ال�س�ي��اس��ي‪،‬‬ ‫لقاء لتشخيص أسباب األزمة األمنية التي كانت تعيشها وإنما تكتفي فقط بردود األفعال على ممارسات‬ ‫البالد وتداعياتها وصلنا إلى نتيجة مفادها أن الرئاسة‬ ‫مدى الحياة‪ ،‬والسلطة املطلقة‪ ،‬ظاهرة تخلق الالعقاب‪،‬‬ ‫وت �خ�ل��ق ال ��رش ��وة‪ ،‬وال �ف �س��اد‪ ،‬وع� ��دم م�ح��اس�ب��ة ال�ح��اك��م‬ ‫وامل �س��ؤول‪ ،‬فلو ل��م تكن ال��رئ��اس��ة م��دى ال�ح�ي��اة وعقلية‬ ‫توريث الحكم في سوريا والعراق ومصر ملا عاشت هذه الرئيس بوتفليقة جمع بني‬ ‫ال��دول ما تعيشه اليوم‪ ،‬ألن من مزايا ما يسمى الربيع‬ ‫العربي على ع ّ�لات��ه الكثيرة‪ ،‬ه��و أن��ه قضى على فكرة يديه كل السلط‪ ..‬و استقالة‬ ‫التوريث في هذه املنطقة من العالم‪.‬‬ ‫في العالم العربي قضى عمار سعداني لم تؤثر في‬ ‫وبالنسبة للجزائر كان أول بلد‬ ‫فترات‬ ‫تحديد‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫الحياة‬ ‫على فكرة الرئاسة مدى‬ ‫املشهد السياسي‬ ‫الرئاسة بواليتني فقط م��ن خ�لال دس�ت��ور ‪ ،1996‬لكن‬ ‫اليوم لألسف فقدت الجزائر هذه امليزة‪ ،‬وتحولت بعد إلى‬ ‫البلد العربي الوحيد الذي حافظ على فكرة الرئاسة مدى‬

‫‪,,‬‬

‫السلطة؟‬ ‫ بالنسبة لنشاط امل�ع��ارض��ة ف�ه��ذا أم��ر ي�ق��اس بطبيعة‬‫النظام الشمولي الذي ال يسمح للمعارضة بأن تجتمع في‬ ‫القاعات‪ ،‬ومؤتمر املعارضة الذي تشرفت برئاسته في‬ ‫مارس (آذار) املاضي بزرالدة منحت لنا قاعة ال تتسع إال‬ ‫لـ‪ 320‬مقعدا‪ ،‬ونحن اعتمدنا ما يزيد على ‪ 140‬صحافيا‪،‬‬ ‫وفي اليوم نفسه منحت قاعة لحزب جبهة التحرير املوالي‬ ‫تتسع ألكثر من ‪ 7‬آالف مقعد‪ .‬وفي الواقع فإن الخطاب‬ ‫السياسي السليم‪ ،‬ه��و إش��راك امل�ع��ارض��ة وطلب رأيها‬ ‫ف��ي امل�س��ائ��ل ال�ج��وه��ري��ة وامل�ص�ي��ري��ة‪ ،‬مثل أن تستشار‬ ‫في املنظومة التعليمية‪ ،‬أو قضايا االقتصاد ومسائل‬ ‫مكافحة الفساد وغيرها‪ ،‬لكن أن تطلب منها عدم تجنيد‬ ‫مناضليها‪ ،‬أو املتعاطفني معها‪ ،‬وأن يطلب منها عدم‬ ‫الخروج للشارع فهذا خطاب غير مقبول‪.‬‬ ‫لكن رغم ذلك أشدد على أن املعارضة مكانها في البرملان‪،‬‬ ‫وليس في الشارع‪ ،‬ومن أجل أن تصل للبرملان يجب أن‬ ‫تصل للمواطن‪ ،‬وم��ن أج��ل ال��وص��ول للمواطن يجب أن‬ ‫تفتح لها القنوات‪ ،‬مثل وسائل اإلعالم العمومية‪ ،‬وقاعات‬ ‫االجتماع‪ ،‬لكن ال��ذي يحدث لألسف هو أن املضايقات‬ ‫ضد املعارضة ال تعد وال تحصى‪ ،‬وما تعيشه الطبقة‬ ‫السياسية اليوم يعد تراجعا ملا تحقق من مكاسب قبل‬ ‫والية الرئيس بوتفليقة‪.‬‬ ‫وأن��ا أت �س��اءل ب��امل�ق��اب��ل‪ ،‬ه��ل يعقل ال �ي��وم‪ ،‬ون�ح��ن نعرف‬ ‫ق��وة التيار اإلسالمي بالجزائر‪ ،‬أال يكون له تمثيل في‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬خصوصا أن هذا التيار استفاد من‬ ‫التجارب السابقة لإلسالم السياسي في العالم اإلسالمي‬ ‫عموما‪ ،‬وفي تونس واملغرب خصوصا‪ ،‬هذا التيار بات‬ ‫أكثر نضجا‪ ،‬لكن لألسف السلطة لم تستفد منه‪ ،‬وهو‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪75‬‬

‫‪,,‬‬


‫في حوار خص به «املجلة»‪ ،‬أكد املعارض الجزائري عبد العزيز رحابي الذي شغل سابقا عدة مناصب سامية في الدولة الجزائرية‬ ‫أهمها سفير ووزي��ر االتصال والثقافة وناطق رسمي باسم الحكومة في عهد حكومة إسماعيل حمداني (‪ ،)1999 - 1998‬أن‬ ‫املعارضة ببالده تعاني مضايقات ال تعد وال تحصى‪ ،‬وأن ما تعيشه الطبقة السياسية اليوم يعد تراجعا كبيرا ملا تحقق من‬ ‫مكاسب قبل بداية الوالية األولى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام ‪.1999‬‬

‫قال إن فكرة توريث الحكم بالعالم العربي باتت من املاضي‬

‫عبد العزيز رحابي‪ :‬املعارضة بالجزائر‬ ‫تعاني تضييقات ال حصر هلا‬ ‫وهذا األمر يعود باألساس في تقديري إلى غياب رئيس‬ ‫الجزائر‪ :‬ياسني بودهان‬ ‫الجمهورية وعدم ظهوره‪ ،‬ألن النشاط الحكومي في كل‬ ‫رغ��م أن املعارضة تعاني ب��رأي رحابي إال أنه دول العالم يبرز من خالل اجتماع مجلس الوزراء الذي‬ ‫ش��دد ع�ل��ى أن ال�ت�ج��رب��ة امل �ع��ارض��ة ال�ج��زائ��ري��ة يترأسه الرئيس شخصيا‪ ،‬وه��ذا األم��ر غائب منذ مدة‬ ‫يجب التنويه بها‪ ،‬خصوصا أنها استفادت من في الجزائر‪.‬‬ ‫التجربة القاسية التي مرت بها البالد سنوات التسعينات‪،‬‬ ‫حيث باتت املعارضة أكثر نضجا‪ ،‬وانتقلت من السجال > هل تعتقد أن ه��ذا التجاذب هو تأكيد ودالل��ة‬ ‫اآلي��دي��ول��وج��ي‪ ،‬وال�ت��وظ�ي��ف ال�س�ي��اس��ي ل �ل��دي��ن‪ ،‬وتجنب ع �ل��ى وج � ��ود ص � ��راع خ �ف��ي ح�ق�ي�ق��ي ب�ي�ن أط� ��راف‬ ‫الدخول في سجاالت متعلقة بالهوية واللغة والدين‪ ،‬إلى السلطة بشأن الترتيب ملرحلة م��ا بعد الرئيس‬ ‫مناقشة القضايا املصيرية الكبرى للجزائريني‪.‬‬ ‫عبد العزيز بوتفليقة؟‬ ‫نفى‬ ‫السلطة‪،‬‬ ‫وبخصوص الصراع املفترض بني أجنحة‬ ‫ ال أعتقد صراحة أن هناك صراعات داخل السلطة أو‬‫أن‬ ‫نفسه‬ ‫�ت‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�و‬ ‫رح��اب��ي وج��ود أي ص ��راع‪ ،‬م��ؤك��دا ف��ي ال�‬ ‫بني أقطابها‪ ،‬ألن رئيس الجمهورية يمتلك سلطة مطلقة‪،‬‬ ‫أن‬ ‫واعتبر‬ ‫السلط‪،‬‬ ‫الرئيس بوتفليقة جمع بني يديه كل‬ ‫هو قائد الجيش‪ ،‬وهو الذي يعني رؤساء أحزاب املواالة‪،‬‬ ‫لم‬ ‫األغلبية‬ ‫لحزب‬ ‫العام‬ ‫استقالة عمار سعداني األم�ين‬ ‫وي�ع�ين أع �ض��اء ال�ح�ك��وم��ة‪ ،‬بوتفليقة م�ن��ذ ‪ 19‬ع��ام��ا هو‬ ‫بمهمة‬ ‫مكلفا‬ ‫كان‬ ‫الرجل‬ ‫تؤثر في املشهد السياسي‪ ،‬ألن‬ ‫صاحب السلطة الفعلية وبيده كل ال�ق��رارات‪ ،‬وال توجد‬ ‫وانتهت‬ ‫واألمن‬ ‫االستعالمات‬ ‫تتمثل في اإلطاحة بمدير‬ ‫في الجزائر مؤسسات‪ ،‬ألن املؤسسات الرسمية اليوم‬ ‫مهمته اآلن‪.‬‬ ‫تفتقد للمصداقية‪ ،‬ونحن انتقلنا م��ن مرحلة الرئيس‬ ‫العربي‬ ‫العالم‬ ‫في‬ ‫الحكم‬ ‫توريث‬ ‫فكرة‬ ‫أن‬ ‫رحابي‬ ‫وأضاف‬ ‫كرئيس دولة‪ ،‬إلى بوتفليقة كرئيس سلطة‪.‬‬ ‫كما‬ ‫�ي‪،‬‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�ر‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�ع‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�ر‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�داث‬ ‫�‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫بفضل‬ ‫عليها‬ ‫�اء‬ ‫�‬ ‫ض‬ ‫ت��م ال�ق�‬ ‫السؤال ال��ذي يطرح نفسه اليوم في ظل غياب الرئيس‬ ‫التشريعية‬ ‫باالنتخابات‬ ‫متعلقة‬ ‫أخرى‬ ‫قضايا‬ ‫لعدة‬ ‫تطرق‬ ‫عن املشهد السياسي ألسباب صحية‪ ،‬ألن��ه لم يخطب‬ ‫اإلعالم‪،‬‬ ‫وسائل‬ ‫على‬ ‫التضييق‬ ‫وملف‬ ‫املقبل‪،‬‬ ‫العام‬ ‫املقررة‬ ‫أم��ام الشعب الجزائري منذ مايو (أي��ار) ‪ ،2012‬هل هو‬ ‫ومواضيع أخرى‪.‬‬ ‫صاحب كل القرارات التي تتخذ اليوم؟ أم أنه فوض جزءا‬ ‫‬‫الحوار‬ ‫وفيما يلي نص‬ ‫من صالحياته ملقربني منه أو للحكومة أو للمؤسسة‬ ‫العسكرية‪ ،‬هذا هو السؤال الحقيقي اليوم والذي يبحث‬ ‫> ب��داي��ة خ�لال األش�ه��ر األخ�ي��رة ب��رزت تجاذبات الجميع عن إجابة عنه‪.‬‬ ‫على مستوى السلطة عكسها تضارب تصريحات‬ ‫بخصوص‬ ‫املسؤولني وبعض من وزراء الحكومة‬ ‫> الحديث املتعلق بصراع أط��راف السلطة نقله‬ ‫�ات‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫ج‬ ‫�و‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫م �ل �ف��ات ف� �س ��اد‪ ،‬أو ق � � ��رارات م�ت�ع�ل�ق��ة‬ ‫إل ��ى ال�ع�ل��ن األم �ي�ن ال �ع��ام ال �س��اب��ق ل �ح��زب جبهة‬ ‫التجاذب؟‬ ‫هذا‬ ‫اقتصادية‪ ،‬ما تفسيركم ألسباب‬ ‫التحرير الوطني عمار سعداني‪ ،‬والذي كان خالل‬ ‫داخل‬ ‫أو‬ ‫املعارضة‬ ‫ إذا كانت ثمة تجاذبات بني أطراف‬‫السنوات الثالث األخيرة واجهة لصراع مفترض‬ ‫لكن‬ ‫عيبا‪،‬‬ ‫أو‬ ‫سلبيا‬ ‫السلطة فهذا األمر في حد ذاته ليس‬ ‫ب�ين مؤسسة الرئاسة وج�ه��از امل�خ��اب��رات‪ ،‬وه��ذا‬ ‫فهذا‬ ‫الحكومة‬ ‫�ل‬ ‫�‬ ‫خ‬ ‫دا‬ ‫أن يكون هناك خطاب متناقض‬ ‫الرجل أعلن استقالته ه��ذا األس�ب��وع‪ ،‬هل تعتقد‬ ‫يعطي‬ ‫السلوك‬ ‫هذا‬ ‫املجتمع‪،‬‬ ‫يسبب تذبذبا وإرباكا داخل‬ ‫أن ذهابه سيعيد ال�ت��وازن على مستوى أط��راف‬ ‫التضامن‬ ‫روح‬ ‫غياب‬ ‫على‬ ‫�دل‬ ‫إش��ارات غير إيجابية‪ ،‬ت�‬ ‫النظام؟‬ ‫التيارات‬ ‫كل‬ ‫بني‬ ‫تحكم‬ ‫سلطة‬ ‫غياب‬ ‫داخل الحكومة‪ ،‬وعلى‬ ‫ سعداني في الواقع لم يكن صاحب قرار في السلطة‪،‬‬‫نّ‬ ‫سياسية‪،‬‬ ‫سلطة‬ ‫�اك‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫ليس‬ ‫�ه‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫وأ‬ ‫املتناقضة داخ�ل�ه��ا‪،‬‬ ‫ه��و ع�ّي� م��ن ط��رف رئيس الجمهورية ف��ي ظ��روف غير‬

‫‪74‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫واضحة‪ ،‬وأقيل كذلك في ظروف غير واضحة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫هو كان مكلفا بمهمة‪ ،‬والحظنا أن الرجل شارك بطريقة‬ ‫غير مباشرة في تنحية الفريق محمد مدين (املعروف‬ ‫ب��ال�ج�ن��رال ت��وف�ي��ق) م��ن على رأس دائ ��رة االستعالمات‬ ‫واألم��ن (امل�خ��اب��رات) وم��ع ذه��اب توفيق انتهت مهمته‪،‬‬ ‫لكن يبقى حزب جبهة التحرير الوطني هو الذي يعرف‬ ‫ص��راع��ا‪ ،‬وه��و ال�ص��راع ال��ذي يعطي انطباعا بأنه حزب‬ ‫غير منسجم لألسف الشديد‪ ،‬ألن الحزب قوة سياسية‬ ‫تاريخية‪ ،‬وما يعيشه لألسف الشديد يعطي إشارات غير‬ ‫جيدة للجزائريني‪.‬‬ ‫لكن إذا رجعنا إلى طبيعة النظام الجزائري منذ نشأنه‬ ‫خالل ثورة التحرير نجد أنه متكون من مجموعة صغيرة‬ ‫متماسكة ومتضامنة‪ ،‬تكون هي السلطة الحقيقية‪ ،‬ثم‬ ‫تفوض املؤسسات‪ ،‬لذلك مشكلتنا في الجزائر هي أن‬ ‫املؤسسات ليست هي التي تحكم وتقرر‪ ،‬وإنما السلطة‬ ‫السياسية التي تكون خ��ارج ه��ذه املؤسسات هي التي‬ ‫تحكم وتقرر‪ ،‬وخالل السنوات السابقة كانت املجموعة‬ ‫تضم أربعة إلى خمسة أشخاص‪ ،‬لكنها صارت اآلن كلها‬ ‫مجتمعة في شخص الرئيس بوتفليقة‪.‬‬ ‫> وهل تتوقع أن يكون لرحيل سعداني انعكاسات‬ ‫على مستقبل النظام؟‬ ‫ ال ال أع�ت�ق��د ذل ��ك‪ ،‬امل�ش�ك��ل ال يكمن ف��ي ح��زب جبهة‬‫التحرير‪ ،‬وال ف��ي أمينه ال�ع��ام‪ ،‬م��ا دام معينا م��ن طرف‬ ‫الرئيس بوتفليقة‪ ،‬األم��ر مرتبط بالرجل الوحيد ال��ذي‬ ‫يمتلك كل الصالحيات السياسية‪ ،‬إذا كان الرئيس يمتلك‬ ‫فعال رغبة ف��ي إح��داث إص�لاح��ات سياسية ف��ي البالد‬ ‫س�ت�ك��ون ه�ن��اك إص�ل�اح��ات‪ ،‬وف��ي ال��واق��ع ف��إن��ه ال توجد‬ ‫أي مجموعة سياسية داخ��ل السلطة لها رأي سياسي‬ ‫مخالف ل��رأي الرئيس‪ ،‬وحتى القوى السياسية املوالية‬ ‫فهمت اللعبة وسبحت مع التيار‪.‬‬ ‫ما سبق هو السبب املباشر في حدوث انسداد في املشهد‬ ‫السياسي الجزائري‪ ،‬الذي يحدث اآلن مجرد نشاط سياسي‬ ‫افتراضي‪ ،‬ومعارضة مهمشة ليس لها القدرة حتى االجتماع‬ ‫ف��ي ق��اع��ة أف� ��راح‪ ،‬ك�م��ا أن ال�س�ل�ط��ة ال ت ��زال ت�س�ي��ر ب��أن�م��اط‬ ‫الستينات‪ ،‬وتعطي االنطباع بأن الجزائر ليست دولة عصرية‬


‫إيرانية تعاني من مشكالت نفسية تعالج بمركز‬ ‫"رحاب" للعالج النفسي الذي يقع بالقرب من‬ ‫املشارف الغربية لطهران (غيتي)‬

‫إقليما‪« :‬في البداية‪ ،‬يمكن القول إن الحكومة تشكل سببا‬ ‫الرتفاع معدل االنتحار في إيران‪ .‬شهدت البالد ارتفاعا‬ ‫في معدل االنتحار خالل فترة رئاسة محمود أحمدي‬ ‫نجاد التي امتدت لـ‪ 8‬سنوات‪.‬‬ ‫كما أن نسبة البطالة ارت��ف��ع��ت ف��ي ف��ت��رة رئ��اس��ة حسن‬ ‫روحاني‪ .‬توقف أغلب املصانع التي كانت تخلق فرص‬ ‫اإلن��ت��اج والشغل في إي��ران عن العمل‪ ،‬ول��م تخلق فرص‬ ‫العمل خ�لال السنوات األخ��ي��رة‪ .‬يضطر ال��ش��اب العاطل‬ ‫عن العمل إلى القيام بالسرقة والفحشاء والعشرات من‬ ‫األعمال غير القانونية‪ .‬ينساق الفرد‪ ،‬لكل هذه األسباب‪،‬‬ ‫نحو العبثية وعدم امتالك هدف في الحياة‪ .‬ملاذا يحذر‬ ‫بعض خبراء النفس من ارتفاع نسبة الكآبة في إيران؟‬ ‫يتجه األفراد نحو الكآبة بسبب هذه العبثية وعدم امتالك‬ ‫هدف‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يرتفع معدل االنتحار»‪.‬‬ ‫ضغوط اجتماعية‬ ‫وق��د أج��رى «إقليما» تحقيقا ميدانيا؛ حيث ط��رح على‬ ‫عدد من الرجال املتزوجني في إيران سؤاال مفاده‪« :‬هل‬ ‫تستخدم الواقي الذكري لتفادي اإلصابة باإليدز؟ وقال‬

‫أكثرهم إذا متنا اليوم فهو أفضل من أن ن��رى ما يحل‬ ‫بعائالتنا ف��ي املستقبل‪ .‬وق���ال أح��ده��م ال يهمني عدد‬ ‫سنوات العمر‪ ،‬بل املهم كيف أعيشها»‪.‬‬ ‫وأض����اف‪« :‬ه��ن��اك ع��وام��ل مختلفة ت���ؤدي إل��ى االن��ت��ح��ار؛‬ ‫منها غياب فرص العمل املناسب بعد التخرج‪ ،‬والبطالة‪،‬‬ ‫وال��ض��غ��وط االج��ت��م��اع��ي��ة‪ ،‬وغ��ي��اب ال��ح��ري��ات ال��ف��ردي��ة في‬ ‫امل��ج��ت��م��ع‪ .‬ك���ل ه����ذه ال���ع���وام���ل ت��ش��ك��ل ض��غ��وط��ا ث��ق��اف��ي��ة‬ ‫واقتصادية واجتماعية تسفر في النهاية عن االنتحار‪.‬‬ ‫فالفرد ال��ذي يقدم على االنتحار ليس لديه ما يخسره‪،‬‬ ‫ألن���ه ‪ -‬ب��ن��ظ��ره ‪ -‬ال يحظى ب��االح��ت��رام وال��س��م��ع��ة الطيبة‬ ‫واملكانة االجتماعية»‪ .‬وأش��ار ه��ذا الخبير في الشؤون‬ ‫االجتماعية إلى ارتفاع نسبة الركود االقتصادي والفقر‬ ‫والبطالة واليأس‪ ،‬وعوامل اجتماعية أخرى‪ ،‬في إيران‪،‬‬ ‫قائال‪« :‬من الطبيعي تنامي حاالت االنتحار في الفئات‬ ‫العمرية املختلفة في ضوء بلوغ البطالة والفقر مستويات‬ ‫األزمة‪ ،‬واملشكالت االجتماعية‪ ،‬وضياع الهوية‪ ،‬واليأس‪،‬‬ ‫والوحدة‪ ،‬وغياب الحب في الحياة‪ ،‬وارتفاع سن الزواج‪،‬‬ ‫واإلدمان‪ ،‬وانتشار أطفال الشوارع‪ ،‬والضغوط النفسية‬ ‫نْ‬ ‫��دوام�ْي� الصباحي وامل��س��ائ��ي‪ ،‬والسرقة‪،‬‬ ‫الناتجة ع��ن ال‬ ‫وال��ت��س��ري��ح م��ن ال��ع��م��ل‪ ،‬وال���ط�ل�اق‪ ،‬وال���دع���ارة‪ .‬وب��ال��ت��ال��ي‪،‬‬

‫يمكن القول إن ظاهرة االنتحار لها صلة باملشكالت‬ ‫االجتماعية»‪.‬‬ ‫وق��ام إقليما باملقارنة ب�ين ال��وض��ع املعيشي للمواطنني‬ ‫اإليرانيني في فترة ما قبل الثورة اإليرانية والفترة الراهنة‪،‬‬ ‫قائال‪« :‬ك��ان املوظفون قبل الثورة يتسلم راتبا شهريا‬ ‫يبلغ ثالثة آالف تومان‪ ،‬الذي ارتفع اآلن إلى مليون تومان؛‬ ‫حيث تضاعف هذا املبلغ مائة مرة حاليا‪ .‬على صعيد‬ ‫آخر‪ ،‬ارتفعت نسبة التضخم‪ .‬لقد ارتفع سعر البنزين‬ ‫من ‪ 5‬رياالت للتر إلى ألف تومان للتر‪ ،‬أي تضاعف سعر‬ ‫البنزين ألفي مرة‪.‬‬ ‫وارتفعت أسعار امل��واد الغذائية والسلع الضرورية بنسبة‬ ‫ب�ين ‪ 15‬و‪ 20‬ف��ي امل���ائ���ة‪ ،‬م��م��ا أدى إل���ى ارت���ف���اع ح��ال��ة الفقر‬ ‫بنسبة بني ‪ 10‬و‪ 15‬في املائة لألسرة الواحدة‪ .‬هذا؛ ناهيك‬ ‫بمشكالت اجتماعية أخ��رى‪ ،‬على غ��رار الطالق‪ ،‬والسرقة‪،‬‬ ‫وال��ق��ي��ام بالنشاطات املخالفة للقوانني ف��ي أم��اك��ن العمل»‪.‬‬ ‫وتفيد األبحاث التي أجراها علماء االجتماع بأن الظروف‬ ‫االجتماعية املتدهورة في إيران‪ ،‬مثل االضطرابات‪ ،‬وغياب‬ ‫الحريات االجتماعية‪ ،‬وتفشي الكآبة‪ ،‬واملحرمات الخاصة‬ ‫بالجنس والشرف‪ ،‬وعشرات العوامل األخرى‪ ،‬تمهد األرضية‬ ‫النتشار حاالت االنتحار في املجتمع <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪73‬‬


‫لم يعد االنتحار خالل الفترة األخيرة في املجتمع اإليراني أمرا غريبا ونادرا‪ ،‬وتحول إلى حدث يومي إلى حد ما؛ حيث ال يكاد‬ ‫يمر يوم واحد إال ونسمع فيه أخبارا عن نسبة االنتحار‪ ،‬وطرق القيام به‪ ،‬في وسائل اإلعالم الرسمية وغير الرسمية‪.‬‬

‫اليأس والفقر والبطالة أهم األسباب‬

‫ظاهرة االنتحار في إيران‬ ‫مدير الرابطة العلمية االجتماعیة بطهران لـ‬ ‫وفقد األمل باملستقبل من أسباب االنتحار في إيران‬

‫طهران‪ :‬فيروزة رمضان زادة‬ ‫وأط �ل��ق ب�ع��ض ال�خ�ب��راء ع�ل��ى ح ��االت االن�ت�ح��ار‬ ‫التي ال نهاية لها واألفراد الذين ينهون حياتهم‬ ‫طواعية‪ ،‬اسم «تسونامي» أو «وب��اء االنتحار»‬ ‫في إيران‪ .‬وتفيد اإلحصاءات أن معدل االنتحار في إيران‬ ‫هو ‪ 6‬بني كل مائة ألف شخص‪.‬‬ ‫وأصبحت الرغبة ف��ي االن�ت�ح��ار وارت�ف��اع نسبتها حتى‬ ‫بني صغار السن وتالميذ املدارس‪ ،‬أمرا شائعا‪ ،‬وبالتالي‬ ‫باتت الصحة النفسية للمواطنني في إيران بوصفها أحد‬ ‫أهم مؤشرات الصحة العقلية والنفسية‪ ،‬محط تساؤل‪.‬‬ ‫وقامت وكالة العمال اإليرانية لألنباء (إيلنا) في ‪ 3‬أبريل‬ ‫(نيسان) ‪ 2016‬بنشر خبر عن أول حالة انتحار في العام‬ ‫اإليراني الجديد (الذي يبدأ في ‪ 21‬مارس‪ /‬آذار) وذلك في‬ ‫ض��وء غياب أي تفاصيل إحصائية بهذا الشأن‪ .‬وأف��اد‬ ‫الخبر بأن عامال في مصنع للحلويات في مدينة مريوان‬ ‫انتحر بسبب انخفاض أجره ومشكالت مالية‪.‬‬ ‫الشباب واملراهقون‬ ‫تصدرت حاالت االنتحار حرقا واالنتحار بطرق أخرى‬ ‫ب�ي�ن ال �ع �م��ال خ�ل�ال األع � ��وام امل��اض �ي��ة‪ ،‬ع �ن��اوي��ن األخ �ب��ار‬ ‫وال�ص�ح��ف؛ حيث يعد نشطاء ح�ق��وق العمال أن عقود‬ ‫العمل املؤقتة واألجور املنخفضة والحد األدنى لألجور‪،‬‬ ‫تشكل أسبابا لوقوع حاالت االنتحار بني العمال‪.‬‬ ‫ع�ل��ى ص�ع�ي��د آخ ��ر‪ ،‬ف ��إن ح ��االت االن �ت �ح��ار ف��ي ط �ه��ران‪،‬‬ ‫خصوصا بني الشباب واملراهقني‪ ،‬في الفترة التي تراوحت‬ ‫بني ‪ 20‬أبريل و‪ 20‬مايو (أيار)‪ ،‬تصدرت أكثر من غيرها‬ ‫عناوين وسائل اإلعالم وأثارت القلق‪.‬‬ ‫ في ‪ 5‬مايو ‪ ،2016‬ألقت فتاة تبلغ من العمر ‪ 18‬عاما‬‫نفسها من فوق جسر الوالية في طريق نيايش السريع‬ ‫بطهران‪.‬‬ ‫ ألقى رجل مريض بمستشفى «امليالد» في ‪ 29‬أبريل‪،‬‬‫نفسه من طابق قسم الطوارئ باملستشفى‪ .‬ونجا الرجل‪،‬‬ ‫ولكن أسباب محاولة االنتحار لم تتضح‪.‬‬ ‫‪ -‬بعد يوم واحد‪ ،‬شنق رجل؛ ‪ 55‬عاما‪ ،‬نفسه على جسر‬

‫‪72‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪ :‬عدم امتالك هدف في الحياة‬

‫في شارع ميرداماد بطهران‪.‬‬ ‫ ألقى رجل يبلغ من العمر ‪ 47‬عاما بنفسه من الطابق‬‫الثالث ملستشفى «امليالد» في طهران في ‪ 3‬مايو‪ ،‬وذلك ألنه‬ ‫تعذر قبوله لعدم دفع الرجل ‪ 300‬ألف تومان للمستشفى‪.‬‬ ‫ أق��دم أح��د طلبة السنة األخ �ي��رة ف��ي ف��رع اللغة واألدب‬‫اإلنجليزي في جامعة شيراز في ‪ 14‬مايو‪ ،‬على االنتحار‪.‬‬ ‫ انتحر طالب يدرس املاجستير في جامعة سمنان في‬‫‪ 18‬مايو بإلقاء نفسه من أحد الطوابق في كلية العلوم‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫ في اليوم نفسه‪ ،‬ألقت فتاة تبلغ من العمر ‪ 12‬عاما في‬‫مشهد بنفسها من الطابق الرابع إلحدى البنايات‪ ،‬وذلك‬ ‫في طريق عودتها من املدرسة للبيت‪ ،‬وأنهت بذلك حياتها‪.‬‬ ‫ أقدمت فتاتان مراهقتان؛ ‪ 15‬و‪ 16‬عاما‪ ،‬على االنتحار‬‫في حي شهرك غرب‪ ،‬في طهران‪ ،‬وحي شهرك بهاران‬ ‫في مدينة سنندج‪ ،‬في ‪ 7‬يونيو (حزيران)‪.‬‬ ‫ قام طالبان يبلغان من العمر ‪ 22‬و‪ 27‬عاما ويدرسان‬‫في فرعي املحاسبة والهندسة امليكانيكية‪ ،‬بشنق نفسيها‬ ‫في ‪ 12‬أغسطس (آب) في الجبال املحيطة بمدينة ياسوج‪.‬‬ ‫ بعد يوم واح��د‪ ،‬أنهت فتاتان مراهقتان في حي جنت‬‫آب��اد ف��ي ط�ه��ران حياتيهما بإلقاء نفسيهما م��ن سطح‬ ‫إحدى البنايات‪.‬‬ ‫ في اليوم ذات��ه‪ ،‬أحرق رجل نفسه أمام املبنى رقم «‪»2‬‬‫التابع ملجلس بلدية طهران‪ ،‬وذلك احتجاجا على تجاهل‬ ‫مسؤولي قسم ال�ع�لاق��ات العامة ف��ي ه��ذا املجلس طلبا‬ ‫للحصول على قرض تقدم به الرجل‪.‬‬ ‫ شنق ش��اب وشابة نفسيهما بشكل متزامن في ‪18‬‬‫أغسطس في الغابات املحيطة بمدينة كياسر في ساري‬ ‫(شمال إيران)‪.‬‬ ‫ قام شاب يبلغ من العمر ‪ 26‬عاما من قرية كليرد في‬‫منطقة محمود آباد في محافظة مازندران بشنق نفسه‬ ‫في سبتمبر (أيلول)‪.‬‬ ‫وهناك كثير من األخبار الخاصة باالنتحار في إيران‪.‬‬ ‫وبالتزامن مع ارتفاع نسبة األخبار الخاصة باالنتحار‬ ‫في إي��ران‪ ،‬خصوصا ح��االت االنتحار على امل�لأ‪ ،‬أطلق‬ ‫وزير الصحة اإليراني حسن قاضي زاده هاشمي‪ ،‬في‬ ‫شهر مايو املاضي تحذيرا من تفشي حاالت االنتحار‬

‫في إي��ران‪ ،‬وناشد وسائل اإلعالم «العمل على الحد من‬ ‫انتشار هذا الوباء»‪.‬‬ ‫وقال مساعد وزير الصحة للشؤون الثقافية والطالبية‬ ‫محمد رض��ا ف��راه��ان��ي‪ ،‬ف��ي سبتمبر امل��اض��ي إن نسبة‬ ‫الطلبة الذين يشتبه بأنهم يعانون من اضطرابات نفسية‬ ‫بلغت ‪ 40‬في املائة‪ ،‬وهذا يتطلب إجراء أبحاث أكثر دقة‬ ‫ملعالجة الوضع‪.‬‬ ‫الحكومات أحد أسباب ارتفاع معدل االنتحار في إيران‬ ‫مل�ن��اق�ش��ة األس �ب ��اب ال �ف��ردي��ة واالج �ت �م��اع �ي��ة ال �ت��ي ت��ؤدي‬ ‫ل�لان �ت �ح��ار‪ ،‬ون �ظ��رة امل�ج�ت�م��ع إل ��ى ال��ذي��ن ي �ق��دم��ون على‬ ‫إنهاء حياتهم‪ ،‬أجرينا ح��وارا مع مدير الرابطة العلمية‬ ‫االجتماعیة في إيران مصطفى إقليما‪.‬‬ ‫يقول إقليما لـ«املجلة»‪« :‬السبب في االنتحار في إيران هو‬ ‫اليأس وعدم امتالك هدف في الحياة‪ .‬عندما يفقد الفرد‬ ‫أمله في املستقبل‪ ،‬وال يجد سببا لالستمرار بالحياة‪،‬‬ ‫ويفقد كل شيء قيمته في نظره‪ ،‬فال يهمه إذا ما بقي‬ ‫على قيد الحياة أو ال‪ .‬فهو يسأل نفسه عن الهدف الذي‬ ‫سيبلغه في حال عمل جاهدا أم اجتهد في الدراسة؟ تؤدي‬ ‫كل هذه العوامل‪ ،‬إلى جانب عبثية كل شيء وعدم امتالك‬ ‫هدف في الحياة‪ ،‬إلى االنتحار»‪.‬‬ ‫ويرى هذا املتخصص في علم االجتماع أنه «كان معدل‬ ‫االن�ت�ح��ار ف��ي امل��دن أك�ث��ر م��ن ال�ق��رى ف��ي ف�ت��رة م��ا‪ .‬مل��اذا؟‬ ‫ألن ال�ق��رى ك��ان��ت تتميز ب��إش��راف اجتماعي‪ ،‬وك��ان كل‬ ‫ف��رد ي�ح�ت��رم اآلخ ��ر‪ .‬وك��ان��ت م�ك��ان��ة األف ��راد تختلف في‬ ‫امل��دن والقرى‪ .‬لم يكن يهتم األف��راد بعضهم ببعض في‬ ‫املدن‪ ،‬وبالتالي كانوا يعانون من الوحدة ويقدمون على‬ ‫االن �ت �ح��ار‪ .‬وب��ال�ت��زام��ن م��ع ارت �ف��اع ع��دد ال�س�ك��ان وت��وج��ه‬ ‫القرويني إل��ى امل��دن‪ ،‬فقد ق��ل لألسف مستوى االح�ت��رام‬ ‫واإلشراف االجتماعي رويدا رويدا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ارتفع معدل‬ ‫ح ��االت ال �ط�لاق ف��ي ال �ق��رى‪ ،‬وب ��ات ال �ط�لاق أم ��را مقبوال‪.‬‬ ‫وأص�ب��ح االنتحار متفشيا ب�ين القرويني بسبب عرض‬ ‫أفالم ومواد إعالمية عن املجتمع في املدن‪ ،‬في املحطات‬ ‫الفضائية والتلفزيونية‪ ،‬مما ساهم في شعور القرويني‬ ‫بفارق طبقي بينهم وبني أبناء املدن‪ ،‬وارتفاع نسبة حاالت‬ ‫اإلحباط بني أبناء القرى‪ ،‬ورواج االنتحار بينهم»‪.‬‬ ‫وحول دور ومسؤولية الحكومة للحد من االنتحار‪ ،‬يقول‬


‫> إيزيديون يبعثون بنداءات للمجتمع الدولي‪ :‬الحل ما بعد املوصل «هو إقامة إقليم سهل نينوى‬ ‫وونطالب كل العالم بتوفير حماية دولية أو محمية لكي ال نتعرض مرة أخرى إلى اإلبادة وهتك األعراض»‬ ‫ل��م يكن ج� ً‬ ‫�دي��ا‪ ،‬ألن الحماية ال��دول�ي��ة تحتاج إل��ى ق��رار‬ ‫أممي‪ ،‬والقرار األممي فيما يتعلق بحماية دولية ألي‬ ‫منطقة يجب أن يتم ب��إص��دار ق��رار من مجلس األمن‬ ‫ال��دول��ي‪ ،‬خصوصا ال��دول دائ�م��ة العضوية باإلضافة‬ ‫إل��ى أن ق��وات حفظ السالم كحماية دولية ألي مكون‬ ‫تحتاج إل��ى ميزانية كبيرة ج��دا وتحتاج إل��ى تخطيط‬ ‫ً‬ ‫كبير وتأخذ وقتا كبير جدا للحصول على قرار كهذا»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معتبرا في الوقت نفسه املقترح جيدا إذا كان ممكن‬ ‫تحقيقه أو ك��ان جديا أو ميركل تمسكت به وقامت‬ ‫بتقديمه إلى برملان االتحاد األوروب��ي‪ ،‬إال أنه يرى أن‬ ‫ال�ح��ل األن�ج��ع ه��و أن «ي�ت��م تشكيل ق��وة عسكرية من‬ ‫قبل اإليزيديني س��واء ب��إش��راف الحكومة املركزية أو‬ ‫ب��إش��راف حكومة إقليم ك��ردس�ت��ان‪ ،‬وأن يتم دعمها‬ ‫وإسنادها باألسلحة املتطورة‪ ،‬وأن يكون إدارة هذه‬ ‫القوة من قبل اإليزيديني‪ ،‬ويتولوا هم حماية مناطقهم‬ ‫ألن ما تعرض له اإليزيديون في ‪ 3‬أغسطس هو االنهيار‬ ‫الذي حصل في املنظومة الدفاعية العراقية‪ ،‬واالنسحاب‬ ‫التكتيكي لقوات البيشمركة التابعة لحزب الديمقراطي‬ ‫الكردستاني‪ ،‬لو كان اإليزيديون يتولون امللف األمني‬ ‫في مناطقهم ملا انسحبوا وداف�ع��وا حتى النهاية عن‬ ‫عرضهم وأرضهم ومقدساتهم»‪.‬‬ ‫في بلد ميركل‪ ،‬مجدل وهو شاب إيزيدي لجأ إلى أملانيا‬ ‫ب�ع��د أن ف�ق��د ك��ل عائلته يعيش ح��ال�ي��ا ف��ي شتوتغارت‬ ‫وحصل على اإلقامة األملانية ال يفكر قط في العودة إلى‬ ‫شنكال ويبرر موقف بأنه ما عاد هناك ما يستحق أن‬ ‫يعود ألجله‪ ،‬إنه في أملانيا مع أختيه اللتني كانتا مختطفتني‬ ‫ُ‬ ‫لدى (داعش)‪ ،‬إحداهما تعالج في مستشفى األعصاب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ولكن مجدل ل��م ينقطع نهائيا وه�ن��اك م��ا يجعله يرقب‬ ‫معركة تحرير املوصل‪.‬‬

‫يقول مجدل لـ«املجلة»‪« :‬نحن من ناحية تل عزير تابع‬ ‫ل�ق�ض��اء ش�ن�ك��ال ل�ي�ل��ة ‪ 3‬أغ�س�ط��س ‪ 2014‬غ��ادرن��ا من‬ ‫منازلنا متوجهني إلى جبل شنكال إلى بيت عمي قريب‬ ‫من الجبل‪ ،‬طبعا أنا مع شقيقي وشقيقتي‪ ،‬فنحن عائلة‬ ‫مكونة من خمسة أفراد؛ ثالثة إخوة وأختني وفي الساعة‬ ‫‪ 10:30‬من نفس اليوم هاجم (داعش) بيت عمي أسروا‬ ‫ً‬ ‫تقريبا ‪ 80‬من أعمامي وأخوالي مع إخواني وأخواتي‪،‬‬ ‫إال أني تمكنت (وبقدرة ق��ادر) من الهروب إلى الجبل‪،‬‬ ‫والبقية وق�ع��وا بيد (داع��ش) اإلره��اب��ي»‪ ،‬مضيفا‪« :‬في‬ ‫أحد األيام اتصلت أختي وأخبرتني أنها وأختي األخرى‬ ‫في محافظة الرقة السورية وتم تحريرهما وفي ‪ 15‬مايو‬

‫مجدل شاب إيزيدي لجأ إلى أملانيا‬

‫(أيار) ‪ 2015‬أنقذت حياة أختي‪ ،‬إال أنه لحد اآلن أخواي‬ ‫زياد وصبري ما زاال مختطفني لدى (داعش)‪ ،‬وال أعرف‬ ‫مصيرهما»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬أظن أنه مع بدء معركة املوصل تم نقل عدد‬ ‫كبير من املختطفات إلى مناطق آمنة لهم أي (داعش)‪،‬‬ ‫ألن في حال لم يكن هناك رصد أو إنزال جوي مفاجئ‬ ‫بعد الحصول على معلومات حول مكان املختطفني لن‬ ‫يكون باإلمكان إنقاذ أحد‪ ،‬فكلما تقدمت قوات الجيش‬ ‫والبيشمركة وامليليشيات‪ ،‬فإن (داعش) يعلم بتقدمهم‬ ‫حيث يقوم مباشرة بنقل املختطفات إلى مناطق آمنة‬ ‫ً‬ ‫لهم»‪ ،‬مستدركا‪« :‬بالتأكيد أن الرجال املخطوفني لديهم‬

‫النازحون العراقيون الفارون من مدينة املوصل (غيتي)‬

‫سيحاربون بهم أنها لحظات صعبة بالنسبة لي ما‬ ‫يهمني معرفة مصير أخوي»‪.‬‬ ‫ويؤكد مجدل قائال‪« :‬لن أعود إلى العراق ألنه ال يوجد‬ ‫أم��ان ف��ي ال�ع��راق ول��ن أفكر أن أع��ود إل��ى ال�ع��راق بعدما‬ ‫خسرت كل أهلي وناسي‪ ،‬وخسرنا شرفنا وأرضنا‬ ‫ول �ح��د اآلن اش �ع��ر ب��ال �ح��زن ع��ن إخ��وان��ي واإلي��زي��دي�ين‬ ‫ً‬ ‫جميعا الذين هم مختطفون ل��دى (داع��ش) اإلره��اب��ي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يحترق قلبي عليهم يوميا‪ ،‬يحترق قلبي على من هم‬ ‫في سجون (داعش) ومصيرهم مجهول؛ هل ُ‬ ‫سيقتلون‬ ‫على يد التنظيم أم بقذائف القوات التي تحارب داعش»‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مستأنفا‪« :‬أت�م�ن��ى أن ي�ع��ود أخ ��واي‪ ،‬وأن نجتمع مرة‬ ‫أخرى كلنا‪ ،‬أن تنسى أختي ما جرى لها على يد هؤالء‬ ‫املجرمني وال تحتاج مجددا لألدوية املهدئة‪ ،‬أو جلسات‬ ‫العالج النفسي‪ ،‬أن ال تسقط أمامي مرة أخرى وتدخل‬ ‫ف��ي ن��وب��ات ع�ص�ب�ي��ة ت�س�ت��ذك��ر ف�ي�ه��ا ه ��ؤالء ال��وح��وش‬ ‫القابعني في ذاك��رت�ه��ا»‪ .‬مجدل لن يعود‪ ،‬ونسرين لن‬ ‫تحد آخر أمام‬ ‫تهاجر‪ ،‬وستنتظر زوجها‪ ،‬ويبقى هناك ٍ‬ ‫اإليزيديني بل أمام العراق ما بعد «داعش»‪ ،‬الذي لن يكون‬ ‫البتة هو العراق ما قبل «داعش» <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪71‬‬


‫عن معلومات حول اإليزيديني‬ ‫> أبو شجاع محرر بعض السبايا من «داعش» يكشف لـ‬ ‫احملتجزين في املوصل ويبلغ عددهم نحو ‪ 500‬مختطف من النساء واألطفال بخالف عدد من الرجال‬ ‫ً‬ ‫موضحا‪« :‬في عهد صدام حسني كان هناك‬ ‫قوميتهم»‪،‬‬ ‫حرية ملمارسة الطقوس الدينية لإليزيديني‪ ،‬ولم يكن هناك‬ ‫أي ض�غ��وط بسبب ال��دي��ن‪ ،‬على سبيل امل�ث��ال عيد رأس‬ ‫السنة اإلي��زي��دي��ة وعيد ال�ص��وم اإلي��زي��دي ال��ذي يصادف‬ ‫‪ 18‬ديسمبر (ك��ان��ون األول) من كل سنة‪ ،‬موسم الحج‬ ‫ك��ان يمنح امل��وظ�ف��ون ال�ح�ك��وم�ي��ون اإلي��زي��دي��ون إج ��ازات‬ ‫وك��ان��وا يعطلون رسميا وك��ان��ت تتم تعطيل مدارسهم‬ ‫ف��ي مناطق اإلي��زي��دي�ين‪ ،‬حتى املجندون ك��ان��وا يمنحون‬ ‫ً‬ ‫إج��ازات»‪ ،‬مستأنفا‪« :‬لكن ك��ان اإليزيديون يضطهدون‬ ‫بسبب انتماءهم القومي»‪.‬‬ ‫ويتابع جندي‪« :‬لقد تم ترحيل أهالي القرى اإليزيدية من‬ ‫قبل الجيش ال�ع��راق��ي وتدمير ال�ق��رى اإلي��زي��دي��ة ف��ي عام‬ ‫‪ 1979‬وتم إسكان اإليزيديني في مجمعات سكنية تفتقر‬ ‫ألبسط مقومات الحياة‪ ،‬باإلضافة إل��ى تنفيذ مشروع‬ ‫ال �ح��زام األم�ن��ي ب��إس�ك��ان ع��رب ف��ي ق��رى مستحدثة في‬ ‫منطقة شنكال وكذلك في منطقة شيخان تم االستيالء‬ ‫على ممتلكاتهم وأراضيهم الزراعية وكان هناك قرار من‬ ‫قبل مجلس القيادة الثورة لحزب البعث بأن يتم ترحيل‬ ‫أهالي شنكال في سنوات التسعينات إلى منطقة الحضر‬ ‫بحيث يتم االستيالء على مناطقهم بشكل عام ولم يمت‬ ‫ذلك بسبب خوض العراق حرب الخليج األولى»‪.‬‬ ‫ويضيف‪« :‬بعد احتالل العراق من قبل أميركا في ‪2003‬‬ ‫أصبح هناك تعددية حزبية ف��ي شنكال كباقي مناطق‬ ‫ال�ع��راق‪ ،‬واإلي��زي��دي��ون لم يكونوا مستبعدين من املشهد‬ ‫السياسي رغ��م الضغوط السياسية من ق��وى سياسية‬ ‫متسلطة‪ ،‬إال أنه تم إع��ادة هيكلة مجلس قضاء شنكال‬ ‫وال�ن��واح��ي والنسبة الكبيرة ج��دا م��ن مجالس األقضية‬ ‫ً‬ ‫وال �ن��واح��ي ك��ان��وا إي��زي��دي�ين»‪ ،‬م�س�ت��درك��ا‪« :‬ل�ك��ن شنكال‬ ‫من ناحية الخدمات كانت تفتقر للمشاريع التنموية أو‬

‫البنية التحتية بل بالعكس كان هناك تقديم خدمات في‬ ‫مناطق أخرى على حساب مناطق اإليزيديني التي كانت‬ ‫ضحية ال�ص��راع السياسي ب�ين الحكومة االت�ح��ادي��ة في‬ ‫بغداد وحكومة إقليم كردستان‪ ،‬حيث إن مناطق وجود‬ ‫اإليزيديني هي ضمن املناطق املتنازع عليها في العراق التي‬ ‫كان من املؤمل معالجتها وفق قانون الدولة لإلدارة املؤقتة‬ ‫وفي مادتها ‪ 58‬التي تم نقلها إلى الدستور العراقي الدائم‬ ‫في سنة ‪ 2005‬في املادة ‪ ،140‬ولكن لألسف الشديد لم تتم‬ ‫معالجة وضع املناطق املتنازع عليها حتى هذا اليوم‪ ،‬وهذا‬ ‫ك��ان السبب الرئيسي في ع��دم إعطاء الحكومة املركزية‬ ‫استحقاق مناطق اإليزيدية وكذلك حكومة إقليم كردستان‬

‫أبو شجاع خالل تحريره ألطفال إيزيديني‬

‫لألسف الشديد لم تقدم ما كان في مستوى الطموح»‪.‬‬ ‫وأشار إلى أن مناطق اإليزيديني كانت في مرمى املنظمات‬ ‫الراديكالية وتنظيم القاعدة منذ ‪ 2003‬حيث تم استهداف‬ ‫اإلي��زي��دي�ين بشكل مباشر كونهم إي��زي��دي�ين‪ ،‬أي بسبب‬ ‫دينهم وليس كونهم ً‬ ‫ً‬ ‫أكرادا‪ ،‬وتم إعدام ‪ً 24‬‬ ‫إيزيديا‬ ‫شابا‬ ‫كانوا يعملون في املوصل باإلضافة إلى املئات من الشباب‬ ‫والنساء والشيوخ الذين كانوا يقصدون املوصل بغرض‬ ‫تسير م�ع��ام�لات�ه��م ف��ي دوائ ��ر ال��دول��ة وإت �م��ام معامالت‬ ‫اإلداري� ��ة أو ل�غ��رض ط�ب��ي أو‪ ..‬إل��خ ك��ان ي�ت��م استهدافهم‬ ‫كونهم إيزيديني‪ ،‬وشنكال تم استهدافها أكثر من مرة‬ ‫بالسيارات املفخخة والعبوات الناسفة واألحزمة الناسفة‬ ‫وف � � � ��ي ‪ 2007‬ح � �ص� ��ل م � �ج� ��زرة‬ ‫ك�ب�ي��رة ج��دا ف��ي ن��اح�ي��ة ت��ل عجيل‬ ‫والقحطانية ومجمع الجزية حيث‬ ‫ذه� ��ب ض �ح�ي �ت �ه��ا أك �ث ��ر م ��ن ‪600‬‬ ‫إي��زي��دي وحتى آن��ذاك‪ ،‬ف��إن القوات‬ ‫الكردستانية لم تستطع تأمني أو‬ ‫حماية املناطق اإلي��زي��دي��ة بالشكل‬ ‫املطلوب رغم أنه كانت هناك كثير‬ ‫من املطالبات بأن يتم تعيني الشباب‬ ‫اإليزيديني من شنكال وتسليحهم‬ ‫وض �م �ه��م إل ��ى ق� ��وات ال�ب�ي�ش�م��رك��ة‬ ‫للدفاع عن مناطقهم‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫الشديد لم تكن هناك آذان مصغية‬ ‫لهذه املطالب بل كان يتم جلب قوات‬ ‫من البيشمركة من أربيل أو زاخو اة‬ ‫دهوك أو هذه املناطق الكردستانية‬ ‫األخ � ��رى ي ��أت ��ون ب �ه��م إل ��ى م�ن��اط��ق‬ ‫اإليزيديني في شنكال»‪.‬‬ ‫م��ا ق�ب��ل «داع � ��ش» مختلف ع�م��ا هو‬ ‫بعد «داعش» فيما يخص مسألة اإليزيديني‪ .‬الواقع تغير‪،‬‬ ‫أصبح هناك تغيير كبير جدا في نفسية اإلنسان اإليزيدي‬ ‫في ذاكرته القريبة جدا والبعيدة جدا‪ ،‬في تعامله وميوله‬ ‫في هواجسه وفي تخوفاته من املستقل وكيفية حماية‬ ‫نفسه‪ ،‬وح�ص��ل ت�ح��رك كبير على مختلف املستويات‬ ‫على هذه األصعدة كافة‪ ،‬فقد تم تشكيل قوة عسكرية‬ ‫م��ن اإلي��زي��دي�ين ب��اس��م ق��وات حماية شنكال لحماية ما‬ ‫تبقى‪ ،‬توسعت صفوف هذه القوة وأصبح هناك وحدات‬ ‫ً‬ ‫مقاومة شنكال أيضا هم من اإليزيديني وأعدادهم كبيرة‬ ‫للدفاع عن اإليزيديني واملكونات األخرى حتى املسلمني‪،‬‬ ‫وأصبحت هذه القوات واقع حال‪.‬‬ ‫منطقة محمية‬

‫مخيم آشتي لإليزيديني في محافظة السليمانية وبحث تحرير الفتيات اإليزيديات‬

‫‪70‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫وح ��ول اق �ت��راح امل �س�ت �ش��ارة األمل��ان �ي��ة أن�ج�ي�لا ميركل‬ ‫منح اإليزيديني «مناطق محمية» أو إيجاد مكان آمن‬ ‫لإليزيديني الذين أجبرهم تنظيم «داع��ش» على ترك‬ ‫ديارهم‪ ،‬يستطيعون العودة إليه بعد دحر التنظيم يقول‬ ‫داود جندي‪« :‬اقتراح ميركل بمناطق حماية لإليزيديني‬


‫> الدواعش يحتجزون البنات الصغيرات والجميالت األبكار ويعرضونهن على قادة التنظيم‬ ‫ويفصلونهن عن املتزوجات وأطفاهلن‬ ‫لسيادة القضاء في القصاص من املجرمني‪ ،‬إال أننا نعلن‬ ‫ً‬ ‫بأننا لن ندخر جهدا وسنعمل على أن ال نبقي طفال أو‬ ‫سيدة أو رجل بني أيديهم بإذن الله‪ ،‬ولن يفلت أي داعشي‬ ‫من العقاب العسير ووفق القانون»‪.‬‬ ‫بانوراما‬ ‫في يوم ‪ 10‬يونيو (حزيران) ‪ 2014‬سيطر «داعش» على‬ ‫املوصل املدينة فقط‪ ،‬أكثر ثلث املحافظة لم تكن تسقط‬ ‫بعد بيد «داع��ش» وأك�ث��ر م��ن مليون إن�س��ان ك��ان خ��ارج‬ ‫سيطرة «داعش»‪.‬‬ ‫في ‪ 29‬يونيو (حزيران) ‪ ،2014‬أعلن إبراهيم عواد إبراهيم‬ ‫علي البدري السامرائي‪ ،‬امللقب بابي بكر البغدادي‪ ،‬وفي‬ ‫املسجد الكبير ف��ي امل��وص��ل ع��ن قيام م��ا سماه «ال��دول��ة‬ ‫اإلسالمية»‪ ،‬ونصب نفسه خليفة له‪.‬‬ ‫‪ 30‬ي��ون�ي��و ‪ 2014‬س ��ارت ال�ع�ش��رات م��ن أب �ن��اء العشائر‬ ‫العربية في املوصل باتجاه مقر «داع��ش» ضمن مبنى‬ ‫محافظة نينوى في الجانب األيسر من املوصل‪ ،‬يحملون‬ ‫الفتات كتبت عليها أسماء العشائر‪ ،‬وشعارات املبايعة‪،‬‬ ‫وي�ه�ت�ف��ون ب��ال��والء وال �ط��اع��ة ل�ل��دول��ة اإلس�لام �ي��ة وسحب‬ ‫ذل��ك على األقضية والنواحي العربية في غ��رب كركوك‬ ‫(الحويجة ال��ري��اض امللتقى) وجنوبا (ال�ش��رق��اط بيجي‬ ‫تكريت وصوال إلى تخوم سامراء)‪ ،‬واستمرار تقدمهم‬ ‫إلى شرق املوصل في الخازر ومن ثم احتاللهم مخمور‪.‬‬ ‫ف��ي ليلة ‪ 3‬أغسطس ‪ 2014‬وبالتحديد الساعة الثانية‬ ‫عشرة ليال بدأ قصف شديد على قضاء شنكار بعدها‬ ‫تحركت «همرات» تحمل رشاشات ثقيلة‪ ،‬كانت املقاومة‬ ‫ضعيفة وف��ي ال�س��اع��ة ال�س��اب�ع��ة ص�ب��اح��ا ك�ش��ف ض��وء‬

‫ً‬ ‫الشمس عن وجوه بشعة يرتدون ً‬ ‫أفغانيا ينتشرون‬ ‫لباسا‬ ‫في شوارع املدينة‪ ،‬ويبدو أن القوات الكردية املوجودة في‬ ‫املدينة انسحبت قبل هذا الوقت‪.‬‬ ‫في يوم ‪ 10‬أغسطس ‪ 2014‬سيطر «داعش» على عشرات‬ ‫البلدات والنواحي ومئات القرى دون وطلب من األهالي في‬ ‫سهل نينوى النزوح باتجاه حدود اإلقليم‪.‬‬ ‫في أوائل أكتوبر ‪ 2014‬حدثت تغيرات تغير كثيرة أهمها‬ ‫اس�ت�ع��ادة البيشمركة ت��وازن�ه��ا‪ ،‬وظ�ه��ور مقاتلني الجبل‬ ‫اإليزيديني‪.‬‬ ‫بداية شهر أغسطس شكلت ق��وات حماية سنجار من‬ ‫مسلحني متطوعني إيزيديني ف��ي جبل شنكال بقيادة‬

‫حيدر ششو‪.‬‬ ‫في نوفمبر (تشرين الثاني) ‪ 2015‬تم تحرير شنكال‪ ،‬من‬ ‫سيطرة تنظيم داعش‪ ،‬إال أن املدنية كانت قد تحولت إلى‬ ‫ركام ولم يعد إليها إال القلة القليلة من أبناء اإليزيديني‪،‬‬ ‫فالكثيرون يرون أن «تحرير مدينة شنكال ليس هو الحل‬ ‫النهائي والسحري للمشكالت‪ ،‬إنما هو الخطوة األولى‬ ‫ملواجهة املشكالت الحقيقية‪ ،‬فبعد تحرير القضاء ال بد‬ ‫من خلق الثقة التي لن تجد موطئ قدم لها إال بعد تحرير‬ ‫املوصل وإيجاد صيغة مالئمة تضمن السالم في العيش‬ ‫بني الكل العراقي في محافظة نينوى»‪.‬‬ ‫إحصائيات‪..‬‬

‫وفق أح��دث إحصائية من حكومة‬ ‫إق�ل�ي��م ك��ردس �ت��ان ف��إن��ه ن�ح��و ‪360‬‬ ‫أل ��ف م��واط��ن إي ��زي ��دي ن��زح��وا من‬ ‫م�ن��اط�ق�ه��م‪ ،‬وس�ق��ط ‪ 1293‬آخ��ري��ن‬ ‫ضحايا إث��ر هجوم تنظيم داع��ش‬ ‫اإلرهابي على املناطق اإليزيدية في‬ ‫سهل نينوى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إيزيديا ً‬ ‫يتيما‪،‬‬ ‫وهنالك ‪ 1759‬طفال‬ ‫ف�ي�م��ا ف�ق��د ‪ 407‬أط �ف��ال أم�ه��ات�ه��م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫طفال الوالدين ً‬ ‫معا‪،‬‬ ‫بينما فقد ‪359‬‬ ‫و‪ 220‬ط�ف�لا وال��داه��م أس ��رى ل��دى‬ ‫«داعش»‪.‬‬ ‫كما تم حتى اآلن العثور على ‪30‬‬ ‫م �ق �ب��رة ج �م��اع �ي��ة وال� �ع� �ش ��رات من‬ ‫القبور الفردية‪ ،‬بينما تم تدمير ‪44‬‬ ‫شقيق مجدل الطفل املختطف عند «داعش» (املجلة)‬ ‫ً‬ ‫وموقعا ً‬ ‫م� ً‬ ‫دينيا لإليزيديني من‬ ‫�زارا‬ ‫قبل إرهابيي تنظيم داعش‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إيزيديا تم خطفهم‪،‬‬ ‫فضال عن أن هناك ‪ 6413‬مواطنا‬ ‫‪ 3543‬م��ن ال�ن�س��وة وال�ف�ت�ي��ات و‪ 2870‬م��ن ال��رج��ال‪ ،‬وإن‬ ‫ال �ج �ه��ود امل �ب��ذول��ة م ��ن ق �ب��ل م��ؤس �س��ات ح �ك��وم��ة إق�ل�ي��م‬ ‫كردستان أسفرت عن إنقاذ ‪ 2678‬من املخطوفني‪ .‬فيما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إيزيديا ما زال��وا‬ ‫تستمر الجهود إلنقاذ ‪ 3735‬مواطنا‬ ‫أسرى في قبضة التنظيم‪.‬‬ ‫اضطهاد مزدوج‬

‫داعشي مع أطفال إيزيديني (املجلة)‬

‫ويشرح داود جندي‪ ،‬العضو في اللجنة األمنية بمجلس‬ ‫محافظة نينوى‪ ،‬وض��ع اإليزيديني اإلداري والسياسي‬ ‫ً‬ ‫ما قبل سيطرة «داع��ش» ملناطقهم قائال‪« :‬إن أح��داث ‪3‬‬ ‫أغسطس لم تكن املرة األولى التي يتعرض لها اإليزيديون‬ ‫لحملة إب��ادة فهو الفرمان ‪ 74‬بحق اإليزيديني على مر‬ ‫التاريخ تعرضوا خاللها ملختلف أنواع اإلجرام واإلبادة‪،‬‬ ‫حتى إب��ان نظام ص��دام حسني الرئيس العراقي الراحل‬ ‫كان هناك استهداف لإليزيديني ولكن ليس بهذه الطريقة‬ ‫البشعة لـ(داعش)‪ ،‬أي أن اإليزيديني تعرضوا لالستهداف‬ ‫واالضطهاد املزدوج مرة بسبب دينهم ومرة أخرى بسبب‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪69‬‬


‫قصة تحريرها وحكايتها ومخاوفها‬ ‫> نسرين إحدى سبايا «داعش» تروي لـ‬ ‫بعد اختطاف التنظيم اإلرهابي هلا مع زوجها وعائلته‬ ‫ُ‬ ‫أن ال‬ ‫يموت طفل عطشا وال يقتل رجال ذبحا وال تؤسر ويرى أبو شجاع أن الحل ما بعد املوصل «هو إقامة إقليم وكان «سماحة بابا شيخ»‪ ،‬أعلى مرجع ديني لإليزيديني‬ ‫ً‬ ‫ام��رأة وتصبح سبية؛ فمن أين بدأت حكايتنا مع داعش سهل نينوى ونطالب من كل العالم أن يوفروا لإليزيدية ف��ي العالم أطلق ن��داء وجهه إل��ى أه��ال��ي محافظة نينوى‬ ‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وإلى الوقف السني وإلى خطباء الجوامع والكتاب‬ ‫وكيف ستنتهي؟!!!» الكالم ألبو شجاع‪.‬‬ ‫حماية دولية أو محمية لكي ال نتعرض مرة أخ��رى إلى‬ ‫وامل�ث�ق�ف�ين وأس��ات��ذة ال�ج��ام�ع��ات وغ �ي��ره��م‪ ،‬وإل ��ى ال �ق��وات‬ ‫ويكشف أبو شجاع عن معلومات حول اإليزيديني الذين اإلبادة وهتك األعراض»‪.‬‬ ‫املسلحة ال�ع��راق�ي��ة بجميع تشكيالتها‪ ،‬وق ��وات الحشد‬ ‫من املتوقع وجودهم في املوصل وعددهم ‪ 500‬مختطف‬ ‫الوطني ورؤس ��اء وش�ي��وخ العشائر وغ�ي��ره��م‪ ،‬ملساعدة‬ ‫من النساء واألطفال باستثناء الرجال‪ ،‬أما الرجال فكان نداءات‬ ‫املختطفات‪.‬‬ ‫هناك عدد كبير في موصل واملناطق التابعة لها‪ ،‬ولكن‬ ‫قبل شهر ت��م نقلهم إل��ى م�ك��ان م�ج�ه��ول»‪ ،‬الف�ت��ا إل��ى أن وت��وال��ت ال �ن��داءات م��ن قبل شخصيات سياسية ورج��ال وناشد البابا شيخ جميع الشرفاء من أبناء العراق الغيارى‬ ‫«وضع املختطفات (السبايا) في جميع املدن التي يسيطر دين إيزيديني ملساعدة املختطفات واملختطفني اإليزيديني ملساعدة املختطفات واملختطفني من أبناء اإليزيدية الذين‬ ‫وقعوا بقبضة «داعش» اإلرهابي‪ً ،‬‬ ‫عادا أنه «عندما نريد‬ ‫عليها (داعش) في العراق وسوريا ال يفرق حيث يعانون ووضع مخطط إلنقاذهم‪.‬‬ ‫م� ً�ع��ا أن نفتح صفحة ج��دي��دة من‬ ‫كل لحظة من أعمال اإلجرامية من االغتصاب وغيرها»‪.‬‬ ‫ت��اري��خ األخ� ّ�وة والجيرة والتسامح‬ ‫ويشير إلى أنه «كلما قامت القوات التي تحارب (داعش)‬ ‫وال�ت�ع��اي��ش ال�س�ل�م��ي‪ ،‬ف��إن ال��واج��ب‬ ‫ب��ال�ه�ج��وم إل��ى منطقة م��ا ت�ح��ت س�ي�ط��رة (داع ��ش) يقوم‬ ‫(داع ��ش) بنقل املختطفات إل��ى مناطق آم�ن��ة لهم بعيدا‬ ‫ال��وط �ن��ي واإلن� �س ��ان ��ي واألخ�ل�اق ��ي‬ ‫عن املناطق القريبة من الجبهة»‪ ،‬الفتا إلى أن «(داعش)‪،‬‬ ‫يحتم على ك��ل ع��راق��ي ش��ري��ف أن‬ ‫وحسب معلومات قام بنقل املختطفات من مناطق خط‬ ‫يقوم بمساعدة هؤالء الناس العزل‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‬ ‫الجبهة م��ع الجيش والبيشمركة وال�ح�ش��د‪،‬‬ ‫الذين ال حول وال قوة لهم إال بالله‬ ‫جبهات في أطراف موصل من الشرق والجنوب والشمال»‪.‬‬ ‫وبالخالق العلي العظيم‪ ،‬وإنهم في‬ ‫أم� ّ�س الحاجة لكم أيها العراقيون‬ ‫وي��ؤك��د ع�ل��ى أن��ه م��ا زال ��ت امل�س��اع��ي م�س�ت�م��رة وحثيثة‪،‬‬ ‫الشرفاء‪ ،‬وفي أقل تقدير أن تقدموا‬ ‫وإيصال النهار مع الليل في العمل لتحرير املختطفات‬ ‫ً‬ ‫اإليزيديات وغيرهن من «داع��ش»‪ ،‬كاشفا أن «الحكومة‬ ‫امل �ع �ل��وم��ات ال �ق �ي �م��ة وال �ك��اف �ي��ة عن‬ ‫مصيرهم وأماكن وجودهم وتزويد‬ ‫والبيشمركة وال�ج�ي��ش ت�ع��اه��دوا بأنهم يعملون إلنقاذ‬ ‫القوات املسلحة العراقية أو أية جهة‬ ‫املختطفات أثناء تحرير أي منطقة‪ ،‬ويتم البحث عنهم‬ ‫ً‬ ‫بقدر املستطاع»‪ ،‬مضيفا‪« :‬جميع اإليزيديني طالبوا جميع‬ ‫أمنية بتلك املعلومات»‪.‬‬ ‫القوى الذين يحاربون (داعش) بأنه يجب مراعاة األمر من‬ ‫وك� ��ان� ��ت ال� �ن ��ائ� �ب ��ة اإلي� ��زي� ��دي� ��ة ف��ي‬ ‫حيث ناحية املختطفات في املناطق ال��ذي تحت سيطرة‬ ‫مجلس النواب العراقي فيان دخيل‬ ‫(داعش) أثناء تحريرها‪ ،‬فقد اختطف داعش اآلالف من‬ ‫دع��ت ال�ق��وات العسكرية إل��ى إنقاذ‬ ‫اإليزيديني‪ ،‬ال سيما النساء واألطفال‪ ،‬بعد اجتياحه ملدينة‬ ‫املختطفني من أبناء جلدتها وباقي‬ ‫نازحون عراقيون خالل اللقاء مع ذويهم قرب نقطة تفتيش كردية (غيتي)‬ ‫املوصل وما حولها»‪.‬‬ ‫ال �ف �ئ��ات ال��دي �ن �ي��ة األخ� � ��رى ب �ـ«خ �ط��ط‬ ‫نوعية»‪ ،‬خ�لال ب��دء الهجوم الوشيك‬ ‫على مدينة املوصل التي ال تزال بقبضة تنظيم داعش‪.‬‬ ‫ً‬ ‫استنادا ملعلومات‬ ‫وتقول دخيل في بيان لها‪« :‬نحن نرى‪،‬‬ ‫م��وث��وق��ة أن هنالك امل�ئ��ات م��ن أطفالنا وبناتنا ونسائنا‬ ‫من املختطفني لدى التنظيم ولدى أنصاره بداخل مدينة‬ ‫امل��وص��ل وأط��راف �ه��ا»‪ ،‬مضيفة أن «ال�ب�ع��ض م��ن األط�ف��ال‬ ‫الذكور ممن كانوا بعمر ‪ 6‬إلى ‪ 12‬سنة عند اختطافهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا الطفالت ممن كانت أعمارهن من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات‬ ‫تغيرت مالمحهم وحتى‬ ‫قد تم التأثير في عقولهن‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬ ‫لغتهم أيضا‪ ،‬كما أننا ال نستبعد إطالقا أنه تم استحداث‬ ‫ً‬ ‫جميعا»‪ ،‬مناشدة «شيوخ العشائر‬ ‫هويات م��زورة لهم‬ ‫والشخصيات االجتماعية والثقافية من الشرفاء وأهل‬ ‫الغيرة م��ن أب�ن��اء امل��وص��ل ب��أن يسجلوا موقفا للتاريخ‪،‬‬ ‫ويتعاونوا مع األجهزة األمنية من خالل املساهمة بإنقاذ‬ ‫ما يمكن إنقاذه من أطفالنا وبناتنا ورجالنا ونسائنا»‪.‬‬ ‫وتمضي دخ�ي��ل ف��ي ال�ق��ول‪« :‬ن�ح��ن نثق ب��رج��ال املوصل‬ ‫العربية (األصالء)‬ ‫(األصالء)‪ ،‬مثلما نثق بشيوخ العشائر ّ‬ ‫الذين سيظهر معدنهم األصيل عندما تحل الشدائد‪ .‬رغم‬ ‫ً‬ ‫حاليا في حالة حرجة‬ ‫صورة لشقيقة مجدل إحدى سبايا «داعش» التي حررت وهي ترقد‬ ‫أن��ه ال ش��دائ��د أكبر مما حصل للمكون اإلي��زي��دي خالل‬ ‫بأحد مستشفيات األمراض النفسية والعصبية في برلني ‪ -‬أملانيا (املجلة)‬ ‫ال�ع��ام�ين امل��اض �ي�ين»‪ ،‬م�ض�ي�ف��ة‪« :‬ورغ ��م أن�ن��ا ن��دع��و دائ�م��ا‬

‫‪68‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫النازحون العراقيون الفارون من مدينة املوصل خالل اللقاء مع ذويهم الذين فروا قبل نحو عامني إلى مخيم الالجئني في منطقة الخازر قرب نقطة تفتيش كردية (غيتي)‬

‫وت��ت��اب��ع‪« :‬ف��ي تلعفر أخ���ذوا النساء وال��ب��ن��ات الصغيرات‬ ‫بالسن وكنت إحداهن‪ ،‬أخذونا إلى املوصل‪ ،‬بقينا أربعة‬ ‫ضعنا في بيت ‪ 3‬طوابق‪ ،‬كنا ‪ 500‬امرأة‪،‬‬ ‫أيام باملوصل‪ُ ،‬و ِ‬ ‫وم��ن اليوم األول أخ��ذوا األب��ك��ار‪ ،‬وأبقوا على املتزوجات‬ ‫وابنة أخت زوجي التي لم تبلغ بعد ‪ 15‬عاما‪ ،‬كانت بينهن‬ ‫وال نعرف عنها أي شيء حتى اآلن»‪ ،‬مستأنفة سردها‪:‬‬ ‫«أعادونا إلى تلعفر بقيت شهر بمدرسة تلعفر كان أمراء‬ ‫(داع��ش)‪ ،‬يأتون ً‬ ‫يوميا ويختارون الفتيات والسيناريو‬ ‫ً‬ ‫نفسه يتم اقتياد الفتيان غصبا وعنوة إل��ى أن نقلونا‬ ‫على كسر املحراب‪ ،‬وهي قرية مهجورة تقع جنوب تلعفر‬ ‫قرية بقيت ً‬ ‫شهرا هناك كان يأتي أمير ينادونه بـ(الخليفة)‬ ‫أبشعهم على اإلط�لاق وعلى ما يبدو فإنه كان مسؤول‬ ‫النساء أو السبايا»‪.‬‬ ‫وت��ق��ول متابعة‪« :‬بعدها أخ��ذون��ا إل��ى س��وري��ا ف��ي خمس‬ ‫(ف��ان��ات) كبيرة‪ ،‬وم��ا إن وصلنا إل��ى الرقة وضعونا في‬ ‫بيت غير مفروش‪ ،‬األطفال كانوا يبكون من البرد والعطش‬ ‫والجوع وبعد ‪ 15‬يوما عزلونا عن بعضنا‪ ،‬أنا وتسع بنات‬ ‫أخذونا إلى مقر كان تحت األرض وفيه نحو ‪ 700‬مقاتل‬ ‫ً‬ ‫داعشي يبدو أنه كان ً‬ ‫عسكريا من جميع الجنسيات‪،‬‬ ‫مقرا‬ ‫وهناك رأينا الويل من التعنيف الجسدي والجنسي وبعد‬ ‫أربعة أيام نقلونا إلى منطقة أخرى تبعد عن الرقة ‪175‬‬ ‫ً‬ ‫كيلومترا‪ ،‬وه��ن��اك جمعونا ف��ي بيت ي��ب��دو أن الطائرات‬ ‫ً‬ ‫قصفته أخيرا‪ ،‬حيث كنا نرى السماء بوضوح من الفتحة‬

‫‪,,‬‬

‫ً‬ ‫> إحصاءات‪1759 :‬طفال‬ ‫ً‬ ‫إيزيديا ً‬ ‫يتيما وفقد ‪ 407‬أطفال‬ ‫ً‬ ‫أمهاتهم بينما فقد ‪ 359‬طفال‬ ‫ً‬ ‫الوالدين ً‬ ‫معا و‪ 220‬طفال‬ ‫والداهم أسرى لدى «داعش»‬

‫‪,,‬‬

‫ذاكرة السبي‬

‫الكبيرة في الصف التي نتجت عن القصف‪ ،‬وكان قد حل‬ ‫الشتاء ولم تكن هناك أي بطانيات حتى نغطي أطفالنا‬ ‫بها‪ ،‬الذين كانوا يرتجفون من البرد»‪.‬‬ ‫وتضيف‪« :‬جاء داعشي تونسي وضع املسدس في راسي‬ ‫مهددا بأخذ طفلتي‪ ،‬وف��ي الحقيقة لم تكن طفلتي‪ ،‬بل‬ ‫كانت ابنة إح��دى قريباتي تبلغ ‪ 3‬سنوات أبقيتها معي‬ ‫وادعيت أنها طفلتي ظنا مني أنهم عندما يعرفون أني‬ ‫متزوجة ولدي أطفال يكفون بالءهم عني‪ ،‬إال أنه هددني‬ ‫بأخذ الطفلة مني إن لم أطاوعه وأذهب معه‪ ،‬وذهبت مرغمة‬ ‫اصطحبني من ري��ف حماه إل��ى طبقة‪ ،‬وكنت في شقة‪،‬‬ ‫تركنا هناك‪ ،‬حاولت الهرب مرارا وتكرارا ولكني فشلت‬ ‫ل��م أستطع ال��ه��رب إل��ى أن تمكنت م��ن االت��ص��ال بأهلي‪،‬‬

‫وأخبروا أبو شجاع االتصال بي‪ ،‬وبالفعل اتصلت به وقام‬ ‫بتحريري في ‪ 19‬أبريل (نيسان) ‪ ،»2015‬وتختم قائلة‪:‬‬ ‫«أنا من مواليد ‪ .1995‬لكن (داعش) أخذ حيلتي وكل قوة‬ ‫تجعلني أستمر في الحياة‪ ،‬ما أريده هو أن أرى زوجي‪،‬‬ ‫ومنذ بدء معركة املوصل باتت اآلمال تتجدد في أن ألتقيه‪،‬‬ ‫لكني أخاف أن تقضي معركة التحرير على حلمي»‪.‬‬ ‫مساع مستمرة‬ ‫ٍ‬ ‫أب��و شجاع دن��اي��ي‪ ،‬رج��ل يتكرر اسمه م��ع ذك��ر قصص‬ ‫املختطفات السبايا‪ ،‬وكانت «املجلة» أول وسيلة إعالمية‬ ‫عربية دول��ي��ة‪ ،‬التقته‪ ،‬وأج��رت معه ح��وارا ح��ول تحريره‬ ‫السبايا‪ ،‬بعد مرور أكثر من سنتني نعود ونحاور الرجل‬ ‫الذي خاطر بكل ما يملك إلنقاذ اإليزيديات‪ ،‬الذي أطلق‬ ‫شعار «العرض قبل األرض»‪.‬‬ ‫وعلى أبواب تحرير معقل «داعش» في العراق‪ ،‬التي دخلها‬ ‫أبو شجاع مرات عدة متحديا أخطر تنظيم إرهابي‪ ،‬عابرا‬ ‫ح��دود الرعب‪ ،‬يبدأ ح��واره مع «املجلة» وق��د أنهكه حرق‬ ‫األعصاب وكمائن التنظيم الذي هدر دمه وأصبح املطلوب‬ ‫األول لديه‪« ،‬ف��ي صباح الثالث من أغسطس (آب) وجد‬ ‫اإلي��زي��دي��ون أنفسهم وحيدين‪ ،‬ف��ي مواجهة امل���وت‪ ،‬مل��اذا‬ ‫ل��م تتم حمايتهم‪ ،‬ه��ل ه��م ف��ي اع��ت��ب��ارات معركة تحرير‬ ‫املوصل‪ ،‬هم ينتظرون اإلجابة‪ ،‬ينتظرون أن تعود الثقة‬ ‫التي فقدوها بالعيش على أرضهم‪ ،‬هل كان باإلمكان أن‬ ‫ال يحدث هذا القتل والسبي في شنكال؟! هل كان ممكن‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪67‬‬


‫«أنا أخاف على الحلم من أن يتحول إلى كابوس‪ ،‬أخاف أن ينال القصف أو مقصلة داعشي من حلمي في أن يعود ونلتقي من‬ ‫ً‬ ‫جديد»‪ ،‬مستدركة‪« :‬هم سرقوا منا حياتنا‪ ،‬سرقوا منا عوائلنا‪ ،‬أحالمنا وأرضنا وكل ما نملك‪ ،‬هم اآلن أيضا يأسرون ما تبقى‬ ‫من عرضنا وأحبابنا‪ ،‬من أشقائنا وأطفالنا‪ ،‬يأسرون ما تبقى من حلمنا»‪ ،‬والكالم لنسرين حسن رشو إيزيدية من قرية تل بنات‬ ‫التابعة لقضاء شنكال غرب محافظة نينوى شمال العراق‪ ،‬قضت سبية لدى «داعش» نحو ‪ 8‬أشهر‪ ،‬تعيش حاليا في بيت ناري‬ ‫قرية صغيرة في قضاء شيخان‪ ،‬أما باقي أهلها وإخوتها فهم مشتتون بني مخيمي آشتي في محافظة السليمانية ومخيم دوبز‬ ‫في محافظة دهوك‪.‬‬

‫تلتقي سبايا «داعش» ‪ ..‬و شهادات وصور حصرية بعد اهلروب من املوصل إلى كردستان العراق‬

‫ضحايا املوصل ‪ ..‬ومخاوف اخملتطفني‬ ‫كركوك ‪ -‬السليمانية‪ :‬روشن قاسم‬

‫نسرين سبية «داعش» التي التقت بها املجلة في لقاء حصري (املجلة)‬

‫‪66‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫د ن��س��ري��ن ل���ـ«امل���ج���ل���ة» ح��ك��اي��ت��ه��ا وم��خ��اوف��ه��ا‬ ‫ق��ائ��ل��ة‪« :‬ف����ي ت���اري���خ ‪ 3‬أغ��س��ط��س (آب) ‪2014‬‬ ‫وق��ع��ن��ا ب��ي��د (داع�������ش) اإلره����اب����ي أن����ا وزوج����ي‬ ‫وعائلته م��ن إخ��وت��ه وأخ��وات��ه‪ ،‬حاولنا ال��ه��رب ليلتها‪ ،‬إال‬ ‫أنه في سيطرة أم الشبابيك اعترض‬ ‫(داع��ش) سياراتنا‪ ،‬أوقفونا وأخذوا‬ ‫م��ن��ا األس���ل���ح���ة وال����ج����واالت وك����ل ما‬ ‫ن��م��ل��ك م��ن ال��ذه��ب وال��ن��ق��ود‪ ،‬ع��زل��ون��ا‬ ‫عن ال��رج��ال‪ ،‬أخذوهم بعيدا وبينهم‬ ‫زوج���ي ول��ح��د اآلن ال نعلم إل���ى أي��ن‬ ‫اقتادوهم‪ ،‬أما النساء والفتيات فقد‬ ‫وضعونا في غرفة كانت في سابق‬ ‫نقطة ع��س��ك��ري��ة‪ ،‬بقينا ه��ن��اك يوما‬ ‫كامال ثم أخذونا إلى تلعفر (قضاء‬ ‫ت���اب���ع ل��ل��م��وص��ل) ب��ق��ي��ن��ا أرب���ع���ة أي���ام‬ ‫بمدرية تلعفر وبعدها أخ��ذون��ا إلى‬ ‫سجن بادوش‪ ،‬حيث كانت أشكالهم‬ ‫ً‬ ‫خصوصا األطفال‪،‬‬ ‫وهيئتهم ترعبنا‪،‬‬ ‫كانوا وحوشا‪ ،‬لم يكن هناك أكل وال‬ ‫شرب وإن ج��اءوا بشيء من الطعام‬ ‫فما كان يكفي لربع عددنا‪ ،‬األطفال‬ ‫كانوا يبكون من الجوع والعطش»‪.‬‬ ‫وت��ض��ي��ف‪« :‬ك��ان��وا ي��خ��ت��ارون البنات‬ ‫الصغيرات والجميالت‪ ،‬بقينا في ذلك السجن ً‬ ‫أياما عدة‪.‬‬ ‫عزلوا املسنات واألطفال ما بني ‪ 7‬و‪ ،15‬الفتيات اللواتي‬ ‫ً‬ ‫تم أخذهن‪ ،‬وجميعهن كن أطفاال‪ ،‬لم نرهن مرة أخرى‪،‬‬ ‫ولكني أتذكر أص��وات بكائهن ورجاءاتهن أن يبقني مع‬ ‫أمهاتهن‪ ،‬إال أنه كان يتم ضربهن وصفعهن وركلهن‪،‬‬ ‫ُويؤخذن عنوة ونفس الشيء فيما يخص األطفال‪ ،‬حيث‬ ‫ك��ان��وا ُينتزعون م��ن ص��دور أمهاتهم‪ ،‬وص���راخ األمهات‬ ‫يشق ال��س��م��اء‪ ،‬إال أن الغائب ف��ي ك��ل م��ا ك��ان يجري لنا‬ ‫كان الرحمة‪ ،‬لم يرحموا األمهات أخذوا الصبية‪ ..‬أخذوا‬ ‫الفتيات الصغيرات»‪.‬‬


‫ً‬ ‫> أرسل مغنية ً‬ ‫انتحاريا ليقود شاحنة محملة بأطنان من املتفجرات بضواحي بانكوك في مسار محدد سلفا‬ ‫على طريق السفارة اإلسرائيلية في قلب عاصمة تايالند‬ ‫طرد دبلوماسي إلى السفارة اإليرانية‪.‬‬ ‫انتهى تحقيق نيسمان الدقيق‪ ،‬وال��ذي ك��ان يعاونه فيه ‪50‬‬ ‫شخصا جمعوا مئات اآلالف من الوثائق‪ ،‬بإنجازات هائلة‬ ‫من حيث األدل��ة ولكنه تضمن إخفاقا واضحا ومفارقا‪ :‬لم‬ ‫تنجح األرجنتني في تقديم أي شخص من املتهمني للعدالة‬ ‫س��واء م��ن ح��زب ال�ل��ه أو إي ��ران‪ .‬وات�ه��م نيسمان ب�ل�اده بأنها‬ ‫لم تحاول‪ ،‬صياغتها صياغة مخففة‪ ،‬للحصول على قرار‬ ‫بتسليم األشخاص املتهمني ألنهم يرغبون في الحفاظ على‬ ‫العالقات اإليرانية بدوافع اقتصادية‪.‬‬ ‫ربما كان نيسمان محقا‪ ،‬وقد يكون دفع حياته ثمنا إلصراره‬ ‫على شن تلك الحرب ولكن مسألة فساد النظام في بيونس‬ ‫آي��رس ليست س��وى جانب واح��د من القصة‪ .‬فحتى الفريق‬ ‫ال��دول��ي م��ن املحققني املكلف بالعثور على الجناة ف��ي مقتل‬ ‫الحريري ومحكمة لبنان الخاصة‪ ،‬وال�ت��ي ل��م تكن تتعرض‬ ‫لضغوط النخبة السياسية‪ ،‬لم تتمكن من تسليم متهم واحد‬ ‫من املتهمني في تلك الجريمة النكراء‪.‬‬ ‫لم ترغب السلطات اللبنانية أو لم تستطع إلقاء القبض على‬ ‫املتهمني الخمسة‪ .‬وتعهد األمني العام لحزب الله‪ ،‬حسن نصر‬ ‫الله‪ ،‬بأن األمم املتحدة لن تلقي أبدا القبض عليهم «وال حتى‬ ‫بعد ‪ 300‬عام»‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فعندما تم تشكيل محكمة‬ ‫خاصة ف��ي اله��اي م��ن أج��ل يوغوسالفيا السابقة‪ ،‬ل��م يكن‬ ‫أحد ليصدق أن ميلوشيفيتش أو مالديتش سوف يتم نقلهم‬ ‫ف��ي س�ي��ارات السجون وتقديمهم للمحاكمة إث��ر التهم التي‬ ‫ارتكبوها‪ .‬ولكن ذلك قد حدث بالفعل‪.‬‬ ‫ومن األشكال األخرى لتصفية الحسابات مع األشخاص الذين‬ ‫يقفون وراء الهجمات اإلرهابية كان إيجاد وسيلة ملقاضاتهم‬ ‫ومطالباتهم بالتعويض عبر اإلجراءات املدنية‪ .‬ولكن نيسمان‬ ‫أخبرني في أحد حواراتنا أن هذا الحل مجرد احتمال نظري‬ ‫وأنه ال ينصح ً‬ ‫أحدا بأن يحاول ذلك عبر النظام القضائي هناك‪.‬‬ ‫ومن بني االحتماالت الواقعية األخرى كان تعديل عام ‪1996‬‬ ‫على قانون حصانات السيادة األجنبية الذي يسمح للضحايا‬ ‫األم�ي��رك�ي�ين للعمليات اإلره��اب �ي��ة ب�م�ق��اض��اة ال� ��دول ال��راع�ي��ة‬ ‫لإلرهاب إثر العمليات اإلرهابية‪.‬‬ ‫وم��ن ج�ه��ة أخ ��رى‪ ،‬ق��ام��ت إل�ي�ن س��ارات�ش�ي�ن��ي‪ ،‬زوج ��ة الطيار‬ ‫ف�ي�ك�ت��ور س��ارات�ش�ي�ن��ي ال ��ذي ك ��ان ي �ق��ود ال �ط��ائ��رة ال �ت��ي ق��ام‬ ‫املختطفون بجعلها تصطدم ببرج التجارة العاملي في هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر‪ ،‬بقيادة فريق من أسر ضحايا ذلك‬ ‫العمل اإلرهابي ورفعوا قضية ضخمة لألضرار املدنية ضد‬ ‫إي��ران (قضية فيونا هالفيش ضد أسامة بن الدن)‪ .‬وطلب‬ ‫محامو امل��دع�ين مساعدتهم على إع ��داد القضية م��ن خالل‬ ‫عقد لقاءات بينهم وب�ين مسؤولني باالستخبارات وغيرهم‬ ‫من كبار املسؤولني الذين لديهم صلة بالقضية لفحص األدلة‬ ‫التي قدمها منشقون إيرانيون ولتقديم شهاداتهم كخبراء‪.‬‬ ‫بالنسبة لي‪ ،‬كانت هذه األشهر مذهلة‪ .‬فقد اتضح أن وكاالت‬ ‫االستخبارات اإلسرائيلية لديها معلومات مهمة حول الصلة‬ ‫ب�ين إي��ران وتنظيم ال�ق��اع��دة ت��رج��ع إل��ى أح��داث ال�خ��رط��وم في‬ ‫التسعينات‪ ،‬عندما كانت هناك اجتماعات بني أعضاء الحرس‬ ‫الثوري اإلي��ران��ي والعناصر التي تشكل منها الحقا تنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬وه��و التنظيم ال��ذي سيقوم بعمليات إرهابية على‬

‫ً‬ ‫صورا لعماد مغنية (غيتي)‬ ‫عناصر نسائية من «حزب الله» يحملن‬

‫مستوى العالم لفترة طويلة بعد ذلك‪.‬‬ ‫وبعدما قمت بالبحث‪ ،‬قدمت النتائج التي توصلت إليها‬ ‫إلى املحكمة وكتبت رأيي‪« :‬بناء على كل املصادر املذكورة‬ ‫باألعلى وبناء على تحليلي وعلى امل��واد التي رأيتها وكل‬ ‫الحوارات التي أجريتها‪ ،‬فإن رأيي كخبير هو أن إيران كانت‬ ‫وم��ا زال��ت راعية لإلرهاب تقدم املساعدات املادية وامل��وارد‬ ‫وتدعم أسامة بن الدن وتنظيم القاعدة سواء قبل هجمات‬ ‫الحادي عشر من سبتمبر ‪ 2001‬أو بعدها‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫أنني أرى أن إي��ران تقع في مركز اإلره��اب املعاصر وأنها‬ ‫تدعم باستمرار العمليات اإلرهابية ضد عدد من األهداف‬ ‫في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الواليات املتحدة»‪ .‬لم يظهر‬ ‫أي تمثيل إليران في املحكمة كما أحجمت عن الظهور في أي‬ ‫من القضايا املرفوعة ضدها في الواليات املتحدة واملتعلقة‬ ‫بمشاركتها في اإلرهاب‪ ،‬وبالتالي فليس أمامنا إال أن نتخيل‬ ‫ما الذي كان سيحدث إذا ما قام القنصل اإليراني بسؤال‬ ‫الشهود بمن فيهم أنا‪.‬‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬قبلت املحكمة األدلة والشهادات التي قدمها‬ ‫عدد من الخبراء بما فيها شهادتي‪ .‬واستشهد القاضي‬ ‫جورج داننيلز ببعض تلك اآلراء في النتائج التي توصل‬ ‫إليها قائال‪« :‬لقد كانت إيران تشن حربا غير معلنة ضد‬ ‫الواليات املتحدة وإسرائيل ملدة ثالثني عاما‪ .‬وتشن إيران‬ ‫تلك الحرب غير املعلنة عبر استراتيجياتها غير التقليدية‬ ‫واإلره��اب وم��ن خ�لال التنظيمات التابعة لها مثل (حزب‬ ‫الله) و(ح�م��اس) و(ال�ق��اع��دة) وغيرها»‪ ..‬فقد سافر كبار‬ ‫أعضاء تنظيم القاعدة ومتدربيها إلى إيران للحصول على‬ ‫التدريب على املتفجرات‪ .‬والتقى كل من أسامة بن الدن‬ ‫وأيمن الظواهري مباشرة مع أكبر اإلرهابيني اإليرانيني‬

‫وهو عماد مغنية واملسؤولني اإليرانيني»‪.‬‬ ‫وتوصلت املحكمة إلى أن إيران ساعدت بالفعل تنظيم القاعدة‬ ‫في تنظيم هجمات الحادي عشر من سبتمبر وق��ررت منح‬ ‫تعويضات تصل إلى ‪ 10.5‬مليار دوالر للمدعني‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن حكم املحكمة له أهمية بالغة؛ حيث إنه‬ ‫يتضمن إقرارا باملشاركة األصيلة إليران في اإلرهاب الدولي‪،‬‬ ‫فإن أسر الضحايا في قضية هافليش وغيرها من القضايا‬ ‫الناجحة ضد إيران لم يحصلوا على دوالر واحد‪ .‬فقد أنكرت‬ ‫إيران كافة تلك املزاعم ورفضت أن تدفع‪.‬‬ ‫التغاضي عن جرائم إيران وتوقيع الصفقة النووية‬ ‫ول��م ت��أخ��ذ اإلدارة األم�ي��رك�ي��ة أي إج � ��راءات لتمكني أس��ر‬ ‫الضحايا من الحصول على أموالهم من إي��ران رغم أنها‬ ‫كانت تستطيع االستحواذ على األصول اإليرانية في الغرب‬ ‫لكي تحصل على تلك األموال‪ .‬ولكن اإلدارة األميركية لديها‬ ‫اعتبارات أخرى خاصة بعد توقيع الصفقة النووية مع إيران‬ ‫وب��داي��ة ن��وع م��ن ال�ح��وار ب�ين الدولتني وم��ن ث��م فإنها ليس‬ ‫لديها رغبة في شن ح��رب اقتصادية في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ونتمنى أن تتغير تلك السياسة‪ .‬وعلى الرغم من أنه من‬ ‫وجهة نظر أق��ارب الضحايا‪ ،‬ف��ي لبنان‪ ،‬وف��ي نيويورك‪،‬‬ ‫وفي بيونس آيرس‪ ،‬ال يضاهي الحصول على تعويضات‬ ‫وض��ع املسؤولني عن تلك الجرائم خلف القضبان‪ ،‬تقدم‬ ‫التعويضات النقدية‪ ،‬من منطلق جعل سبل الحياة أكثر‬ ‫سهولة‪ ،‬نوعا م��ن امل��واس��اة وق��د تمثل شكال م��ن أشكال‬ ‫الردع لألفعال املشابهة في املستقبل <‬ ‫* مؤلف وكاتب مشارك بصحيفة (نيويورك تايمز)‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫‪65‬‬


‫> القاضي األرجنتيني كانيكوبا بعد قرار اعتقال علي واليتي‪ :‬لن يخاطر العراق بالتورط في مشكالت‬ ‫مع إيران عبر اعتقال وتسليم شخصية قيادية مثل واليتي‬ ‫إسرائيل‪ ،‬أطلقوا سراح أبو الفل ورجاله الذين حصلوا على‬ ‫حق اللجوء في إي��ران‪ .‬وق��د أعربت إسرائيل إل��ى األردن عن‬ ‫غضبها بشأن إخفاقها في تسليم أبو الفل‪ ،‬فيما كان رجال‬ ‫املوساد يشعرون بالغضب الشديد نظرا ألن واحدا من أهم‬ ‫الشخصيات التي يالحقونها كان إلى جانبهم في سجون‬ ‫األردن وأنه سيستقل ببساطة طائرة متجهة لطهران‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وبعد الهجوم على مركز الجالية اليهودية‪،‬‬ ‫استسلمت إس��رائ�ي��ل نفسها لتهديد مشابه م��ن ح��زب الله‬ ‫وإي ��ران؛ حيث كانت تنأى بنفسها ع��ن م�ح��اوالت التعرض‬ ‫لقيادات التنظيم‪ .‬وبالفعل ومنذ ‪ 1994‬وحتى اختطاف الجنود‬ ‫اإلسرائيليني في يوليو ‪ 2006‬وهي العملية التي أدت إلى حرب‬ ‫لبنان الثانية‪ ،‬كانت إسرائيل تحجم عن أي فعل يمكنه أن‬ ‫يثير غضب ح��زب الله وإي��ران ويمكنه أن ي��ؤدي إل��ى ضربة‬ ‫ضد إسرائيل أو ضد اليهود خارج حدود إسرائيل نفسها‪.‬‬

‫املدعي الخاص األرجنتيني ألبرتو نيسمان (املجلة)‬

‫قضية سياسية حساسة‬ ‫ف��ي األرج�ن�ت�ين‪ ،‬أص�ب��ح التحقيق قضية سياسية حساسة‬ ‫ً‬ ‫طبيعيا في بلد كان يخضع حتى وقت قريب‬ ‫للغاية‪ .‬وك��ان‬ ‫لحكم نظام ديكتاتوري مستبد أن تظهر تلك السلسلة من‬ ‫النظريات حول الهجومني وأن يتم إلقاء اللوم على اآلخرين‪:‬‬ ‫إي ��ران‪ ،‬ال �ع��راق‪ ،‬س��وري��ا ب��اإلض��اف��ة إل��ى ع�ن��اص��ر م��ن ال�ن��ازي��ة‬ ‫الجديدة في الشرطة والجيش‪ .‬كما هاجم بعض أعضاء الجالية‬ ‫اليهودية الحكومة اإلسرائيلية نظرا إلجرائها ذلك التحقيق‪.‬‬ ‫ولكن لم تثبت صحة أي من هذه املزاعم‪.‬‬ ‫وق��د ق��ام غ��اب��ري��ل باسكويني‪ ،‬الصحافي ال��ذي ك��ان يغطي‬ ‫القصة لصحيفة «ال ناسيون» بتلخيص الوضع على النحو‬ ‫امل�لائ��م‪« :‬ك��ان لعب دور م��رك��زي هنا ه��و نقطة ضعف ق��وات‬ ‫تنفيذ القانون وسلطات التحقيق التي ال تعرف فعليا كيف‬ ‫يمكنها التعامل مع ذلك النوع من اإلرهاب باإلضافة إلى الفساد‬ ‫املتجذر في األجهزة الحكومية هنا‪ .‬وليس هناك شك في أن‬ ‫الشرطة ارتكبت الكثير من األخطاء في التحقيق ولكن ليس‬ ‫من الواضح ما إذا كانت تلك األخطاء قد ارتكبت عن قصد‬ ‫أم من دون قصد»‪.‬‬ ‫وي�م�ك��ن لقصة ه��ذا التحقيق ون�ت��ائ�ج��ه ال�غ��ام�ض��ة وإخ�ف��اق��ه‬ ‫ف��ي ح��ل القضية أن يمأل كتابا ك��ام�لا؛ حيث ل��م تسفر تلك‬ ‫السلسلة الالنهائية من االعتقاالت والتصريحات والتسريبات‬ ‫واالكتشافات واإلدان��ات عن شيء‪ .‬ولم يتهم أي أحد بتنفيذ‬ ‫الهجوم أو بالتحريض عليه‪.‬‬ ‫في سبتمبر ‪ ،2001‬وجه القاضي الفيدرالي‪ ،‬خوان خوسيه‬ ‫غاليانو‪ ،‬ال��ذي تم تعيينه لكي يدير التحقيق‪ ،‬اتهامات ضد‬ ‫كارلوس تليلدين‪ ،‬وهو الرجل الذي كان يوجد دليال يثبت أنه‬ ‫ساعد اإلرهابيني في الحصول على سيارة «رينو ترافيك»‬ ‫استخدمت في تفجير املبنى بالتعاون مع ‪ 19‬شخصا من‬ ‫ضباط الشرطة السابقني والحاليني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ووف��ق��ا لالتهام ال��ذي وجهه القاضي جاليانو‪ ،‬ف��إن تليلدين‬ ‫ب��اع السيارة ألربعة رج��ال كانوا على صلة بإرهابيني غير‬ ‫معروفني‪ .‬ولكن كل أدلة االدعاء أصبحت باطلة عندما ظهر‬ ‫مقطع فيديو لجلسة التحقيق ب�ين غاليانو وتليلدين‪ .‬في‬

‫‪64‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫علي اكبر واليتي‬

‫الفيديو‪ ،‬سمع صوت القاضي وهو يتمتم بعبارات تبدو وكأنه‬ ‫يعرض على املتهم قدرا كبيرا من املال لكي يقدم دليال يمكنه‬ ‫إدانة ضباط الشرطة‪ .‬وتم فصل غاليانو وتبرئة كل الرجال‬ ‫املتهمني‪ .‬ولكن نيسمان‪ ،‬الذي حل محل غاليانو‪ ،‬كان يتعامل‬ ‫بحسم مع القضية‪« :‬أي محاولة لجعل تليلدين ورجال الشرطة‬ ‫هم املتهمون في القضية ترجع إلى عجز حكومتنا عن مواجهة‬ ‫النظام اإليراني املسؤول الرئيسي عن الهجمات‪ .‬فهناك مؤامرة‬ ‫تحاك بني السياسيني الذين ليس لديهم ح��دود وجانب من‬ ‫النظام القضائي الفاسد‪ ،‬بهدف التغطية على املعتدين»‪.‬‬ ‫وب�ع��د انهيار القضية ض��د ال�ش��رط��ة‪ ،‬ك��ان على نيسمان أن‬ ‫يبدأ من جديد‪« .‬لم يكن األمر سهال‪ .‬كما أن أسر الضحايا‬ ‫تم تضليلها وإقناعها بأن السلطات قد ألقت بالقبض على‬ ‫املعتدين وف�ج��أة‪ ،‬وبعد أح��د عشر عاما‪ ،‬فوجئوا باإلخفاق‬ ‫التام وبأن التحقيق لم يتقدم قيد أنملة منذ أن بدأ‪ .‬وكان من‬ ‫الصعب أن نقف في مواجهتهم ونقنعهم بأن األمر سيكون‬ ‫مختلفا هذه املرة»‪.‬‬ ‫جمع نيسمان دليال كافيا يمكنه من إص��دار ق��رارات دولية‬ ‫باالعتقال ضد ق�ي��ادات االستخبارات اإليرانية بما في ذلك‬ ‫علي فالحيان‪ ،‬الذي كان يعمل ً‬ ‫وزيرا لالستخبارات اإليرانية‪،‬‬

‫ف��ي ال�ف�ت��رة م��ا ب�ين ‪ 1989‬إل��ى ‪ ،1997‬وأح�م��د وح�ي��دي‪ ،‬قائد‬ ‫ق��وات ال�ح��رس ال �ث��وري‪ ،‬وال��ذي سيعمل الح�ق��ا وزي � ً�را للدفاع‬ ‫بالبالد في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد باإلضافة إلى‬ ‫مغنية وحمية‪ ،‬ومحاكمة عدد من كبار املسؤولني باألرجنتني‬ ‫الذين عرقلوا سير التحقيقات بمن فيهم القاضي غاليانو‪،‬‬ ‫أنزورجي‪.‬‬ ‫وأخبرني نيسمان حول جانب من الدليل الذي كان لديه‪« :‬ففي‬ ‫‪ 14‬أغسطس (آب) ‪ ،1993‬عقد اجتماع خاص يضم ً‬ ‫عددا من‬ ‫كبار املسؤولني في مدينة مشهد بمن فيهم فالحيان ملناقشة‬ ‫إجراءات الرد على إلغاء األرجنتني لعقد توريد املفاعل النووي‬ ‫إليران‪ .‬وكان يحضر هذا االجتماع خمسة من كبار املسؤولني‬ ‫في طهران باإلضافة إلى رجال االستخبارات اإليرانية الذين‬ ‫جاءوا خصيصا من بيونس آيرس وكان من بينهم محسن‬ ‫رباني‪ .‬حتى تفجير السفارة اإلسرائيلية‪ ،‬كان رباني يعمل‬ ‫ً‬ ‫إماما ملسجد شيعي في بيونس آيرس يطلق عليه «التوحيد»‪.‬‬ ‫وبعد الهجوم‪ ،‬ولكي يتم منحه حصانة دبلوماسية‪ ،‬تم منحه‬ ‫منصب «قنصل الشؤون الثقافية» بالسفارة اإليرانية باملدينة‪.‬‬ ‫واستأنف نيسمان قائال‪« :‬ك��ان رباني هو من تقدم بفكرة‬ ‫ضرب مبنى الجالية اليهودية في ذلك االجتماع‪ .‬ونحن نعلم‬ ‫أنه كان يتم مناقشة ضرب هدفني آخرين ولكن اقتراح رباني‬ ‫حصل على موافقة باإلجماع‪ .‬عاد رباني إلى بيونس آيرس‬ ‫وب��دأ سلسلة م��ن األن�ش�ط��ة ل�لإع��داد للهجوم‪ .‬وم��ن األش�ي��اء‬ ‫الغريبة التي اكتشفتها في امللفات هي أن األعضاء الفاسدين‬ ‫باالستخبارات تجاهلوا املعلومات املوجودة لديهم حول عدد‬ ‫من الحسابات البنكية التي فتحها رباني بعد االجتماع الذي‬ ‫حضره في مشهد‪ .‬فقد كان لديه في أحد الحسابات البنكية‬ ‫ً‬ ‫ببنك «دويتشة» تحويال من إيران بمبلغ ‪ 150‬ألف دوالر وهي‬ ‫األموال التي سحبها قبل أربعة أيام من الهجوم‪.‬‬ ‫«في ‪ 15‬يوليو‪ ،‬وقبل ثالثة أيام من الهجوم‪ ،‬كان فريق املراقبة‬ ‫الذي يراقب رباني بعد تفجير السفارة قد صوره وهو يحاول‬ ‫الحصول على سيارة «رينو ترافيك»‪ .‬وفي تلك املرحلة‪ ،‬يبدو‬ ‫أن رباني الحظ أنه مراقب فترك متجر السيارات وذهب لشراء‬ ‫السيارة من مكان آخر شعر أنه أكثر أمنا»‪.‬‬ ‫واكتشف نيسمان دليال آخر في امللفات‪ ،‬حيث وجد تسجيال‬ ‫لحوار دار في منزل دبلوماسي إيراني بعد تفجير السفارة‬ ‫وقبل الهجوم على مركز الجالية اليهودية‪ .‬وفي إطار مشاجرة‬ ‫داخ��ل البيت كانت تعلو فيها األص��وات‪ ،‬سمع ص��وت زوجة‬ ‫الدبلوماسي وه��ي تصرخ ف��ي وجهه وتخبره بأنه إذا كان‬ ‫سيعاملها على هذا النحو فإنها ستخبر الجميع بأنها تعرف‬ ‫دوره «فيما ي�ح��دث ف��ي مكاتب الصهاينة (ف��ي إش ��ارة إلى‬ ‫ً‬ ‫تفجير السفارة) »‪ .‬وتضمن التحقيق أيضا شهادات بعض‬ ‫املنشقني اإليرانيني وتحليل ما يزيد على ‪ 30‬مليون مكاملة‬ ‫هاتفية من وإل��ى األرجنتني وداخ��ل بيونس آي��رس في األيام‬ ‫املشئومة التي سبقت وتلت االنفجار‪ .‬وتضمنت املكاملات التي‬ ‫أجراها االنتحاري نفسه‪ ،‬إبراهيم بيرو‪ ،‬مع أسرته في لبنان‬ ‫والتخطيط لرحلته من سيوداد ديل استي إلى بيونس آيرس‪.‬‬ ‫وكان هناك دليل آخر يتعلق بمروره في نفس الطريق للتدريب‬ ‫على الهجمات‪ .‬ووفقا للمعلومات التي حصل عليها نيسمان‪،‬‬ ‫فإن التفجير نفسه كان بمادة «تي إن تي» التي وصلت في‬


‫> اتهام رئيسة األرجنتني السابقة ووزير خارجيتها بـ«تنظيم وإجراء مفاوضات واالتفاق على االمتناع‬ ‫عن معاقبة اإليرانيني الذين نظموا اهلجمات» في مقابل الحصول على مزايا تجارية وواردات بترول‬ ‫من شيعة لبنان التي ما زالت في حالة تواصل مستمر مع‬ ‫عائالتهم في بلدهم األصلي ومستعدون لتقديم يد العون‬ ‫عندما يقتضي األم��ر ذل��ك‪ .‬وقبل الضربة التي تعرض لها‬ ‫موسوي بفترة طويلة‪ ،‬جمعت الخلية قدرا كبيرا من املعلومات‬ ‫حول األهداف اإلسرائيلية التي يمكن أن تستخدمها عندما‬ ‫تقتضي الحاجة‪ .‬وبعد االغتيال‪ ،‬أص��در مغنية أوام��ره إلى‬ ‫فريق بقيادة أبو الفل‪ ،‬وهو أحد املقاتلني املخضرمني الذي‬ ‫ش��ارك ف��ي كثير م��ن عمليات ح��زب ال�ل��ه‪ ،‬ب��أن ي�ت��رك لبنان‬ ‫ويتجه إلى بورتو أجوازو‪ .‬وبعد تلقيه املساعدات اللوجيستية‬ ‫واالستخباراتية من الخلية املحلية بما في ذل��ك السيارات‬ ‫واملتفجرات‪ ،‬اتجه إلى بيونس آيرس حيث قدمت له السفارة‬ ‫اإليرانية ما يحتاجه من مساعدات‪ .‬وكان االنتحاري الذي‬ ‫ينحدر من «سيوداد ديل است» يعيش في جانب باراغواي‬ ‫من املنطقة الثالثية‪.‬‬ ‫بعد ال�ه�ج��وم‪ ،‬زار ف��ري��ق م��ن امل��وس��اد املنطقة وع��اد بنتائج‬ ‫مرعبة؛ حيث وصف مدينة «سويداد ديل است» بأنها مدينة‬ ‫«الجحيم»‪ ،‬وأوضح الفريق في تقريره‪« :‬نحن نتحدث عن خطر‬ ‫واضح وحال‪ ،‬فالهجوم القادم في طريقه»‪ .‬وعندما زرت املدينة‬ ‫متعقبا آث��ار خاليا ح��زب الله‪ ،‬تأكدت من أن املدينة منطقة‬ ‫مفتوحة للمخدرات والتهريب والبضائع املزيفة واألسلحة‬ ‫والدعارة‪ .‬وفي أحد املساجد املحلية‪ ،‬التقيت بأحد أبناء عمومة‬ ‫حسن نصر الله الذي يدير جمعية خيرية تساند حزب الله‬ ‫وكان يتحدث عن ضرورة «القضاء على العدو الصهيوني»‪.‬‬ ‫وف��ي أع�ق��اب ال�ه�ج��وم ال��ذي وق��ع ف��ي األرج�ن�ت�ين‪ ،‬ك��ان��ت هناك‬ ‫أصوات في املوساد تطالب باتخاذ إجراءات حاسمة وعنيفة‬ ‫ض��د اإلره ��اب الشيعي ف��ي أم�ي��رك��ا الجنوبية‪ .‬وح ��ذرت تلك‬ ‫األص��وات من أن��ه إذا لم يتم اتخاذ إج��راءات حاسمة‪ ،‬ستقع‬ ‫املزيد من الهجمات‪ .‬ولكن القيادات باملؤسسة لم تعر األمر‬ ‫اهتماما‪ .‬فقد ع��زف��ت إس��رائ�ي��ل ع��ن ات�خ��اذ أي رد فعل على‬ ‫الهجوم خوفا من املزيد من التصعيد‪.‬‬ ‫وق��د فتح النجاح شهية مغنية للقيام بعملية أخ��رى خ��ارج‬ ‫ً‬ ‫ال �ش ��رق األوس � ��ط أي��ض��ا ف ��ي م �ن��اط��ق ك��ان��ت االس �ت �خ �ب��ارات‬ ‫اإلسرائيلية تواجه صعوبة في العمل بها‪ ،‬وكان يصعب على‬ ‫«ال�ش�ين ب�ي��ت» أن تحمي مفوضياتها ب�ه��ا‪ .‬ففي ‪ 11‬م��ارس‬ ‫ً‬ ‫انتحاريا ليقود شاحنة محملة بأطنان‬ ‫‪ ،1994‬أرسل مغنية‬ ‫من املتفجرات في ضواحي بانكوك في مسار محدد سلفا‬ ‫على طريق السفارة اإلسرائيلية في قلب عاصمة تايالند‪.‬‬ ‫وإذا تمكن االنتحاري من تنفيذ العملية في الوقت واملكان‬ ‫املحددين كانت ستسفر عن مئات اإلصابات‪ .‬ولحسن الحظ‪،‬‬ ‫توقف الرجل على بعد عدة مئات من األمتار من السفارة ليعيد‬ ‫التفكير في فكرة أن يصبح شهيدا‪ ،‬فأوقف الشاحنة وسط‬ ‫الطريق وفر هاربا‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬قرر اإلسرائيليون أن يكون لهم رد فعل‪ .‬وكانت‬ ‫هناك اقتراحات ب��أال توجه إسرائيل ضربة ضد ح��زب الله‬ ‫وإن�م��ا تعمل على معاقبة اإلي��ران�ي�ين امل�ت��ورط�ين ف��ي العملية‬ ‫اإلرهابية‪ .‬واقترح املدافعون عن هذا الرأي على رئيس الوزراء‬ ‫رابني اغتيال الجنرال علي رضا عسكري‪ ،‬قائد فيلق القدس‬ ‫التابع للحرس الثوري‪ .‬ولم يكن راب�ين متحمسا للتورط مع‬ ‫اإليرانيني كما أن االستخبارات اإلسرائيلية لم تكن تعرف‬ ‫مكان عسكري أو كيف يمكنها تنفيذ عملية اغتياله‪.‬‬

‫أعضاء الجالية اليهودية خالل االحتفال بالذكرى السنوية للتفجير اإلرهابي ضد الرابطة اإلسرائيلية املشتركة (آميا)‬ ‫ً‬ ‫شخصا وأصيب ‪ 300‬في بوينس آيرس (غيتي)‬ ‫التي قتل فيها ‪85‬‬

‫الجولة الثانية من خطط الرد على إرهاب إيران‬ ‫ثم كانت الجولة الثانية من خطط الرد والتي تضمنت الخطة‬ ‫التي رحب بها رابني‪ ،‬بعد شهرين من التخطيط الدقيق‪.‬‬ ‫ففي ‪ 2‬يونيو (حزيران) ‪ ،1994‬وخالل مرور موكب ملعسكر‬ ‫تدريبي لحزب الله على مقربة من عني الدردارة على الحدود‬ ‫اللبنانية السورية‪ ،‬شنت مروحيات الدفاع الجوي اإلسرائيلي‬ ‫هجوما؛ قتل فيه خمسون رجال وجرح خمسون آخرون‪.‬‬ ‫وه��ذه امل��رة‪ ،‬احتاج مغنية إل��ى ‪ 46‬يوما لكي يعد هجوما‬ ‫ً‬ ‫مضادا‪ ،‬وفي هذه املرة أيضا استهدف املدنيني في بيونس‬ ‫آي��رس‪ .‬ففي ‪ 18‬يوليو (تموز) ‪ ،1994‬وفي الساعة ‪9:53‬‬ ‫صباحا‪ ،‬هز انفجار هائل الشوارع املكتظة مرسال الدخان‬ ‫والتراب في السماوات الضبابية لبيونس آي��رس‪ ،‬التي تم‬ ‫تسميتها بذلك االس��م نظرا لهوائها العليل‪ .‬وذل��ك حيث‬ ‫ت��م تفجير قنبلة أس�ف��ل مبنى م�ك��ون م��ن سبعة ط��واب��ق‬ ‫يستضيف مكاتب منظمة «الرابطة اإلسرائيلية األرجنتينية‬ ‫املشتركة» التابعة للجالية اليهودية األرجنتينية مما أسفر‬ ‫عن مقتل ‪ 86‬شخصا وجرح ‪ .252‬وقد احتاج األمر إلى‬ ‫أسابيع لكي يتم استخراج الجثث من الركام‪.‬‬ ‫وتعرضت الجالية اليهودية التي كانت ال ت��زال تعاني آث��ار‬ ‫عملية االنتقام الدموية التي نفذها املجلس العسكري الذي كان‬ ‫يحكم البالد في السبعينات ضدها لضربة أخرى ما زالت لم‬ ‫َ‬ ‫تتعاف منها رغم مرور أكثر من عقدين على حدوثها‪ .‬فمنذ‬ ‫تلك الواقعة‪ ،‬كانت الجالية تقيم وقفة تذكارية أسبوعية خارج‬ ‫املبنى الجديد الذي أقيم في نفس املوقع‪ ،‬حيث يقف املشاركون‬ ‫في الوقفة صامتني ملدة ‪ 86‬ثانية تكريما للقتلى واحتجاجا‬ ‫على إهمال الحكومة األرجنتينية وعمليات التغطية التي حدثت‬ ‫في التحقيقات‪ .‬في ردهة املبنى الجديد‪ ،‬هناك متحف يحمل‬

‫ذكريات الضحايا‪ ،‬باإلضافة إلى حجر الزاوية الذي يعود لعام‬ ‫‪ 1943‬والذي كان مدفونا بعمق أسفل املبنى القديم وأخرجه‬ ‫االنفجار من مكانه‪ .‬وفي أعقاب هذا الهجوم اإلرهابي الدموي‬ ‫ف��ي بيونس آي��رس وال��ذي فاجأ االس�ت�خ�ب��ارات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫أم��ر رئيس املوساد شبتاي شافيت بإجراء تحقيق مكثف‬ ‫بالتعاون مع املخابرات األرجنتينية‪ .‬وتوصل إلى استنتاجات‬ ‫مشابهة للتحقيق ف��ي ان�ف�ج��ار ال�س�ف��ارة‪ :‬إي ��ران وح��زب الله‬ ‫ومغنية هم املسؤولون عن الهجوم فيما كان أبو الفل هو من‬ ‫ينفذ العمليات على األرض‪.‬‬ ‫وسرعان ما لفتت نجاحات مغنية في ردع إسرائيل‪ ،‬القوة‬ ‫الكبيرة باملنطقة‪ ،‬أجهزة املخابرات والدوائر الحاكمة في بلدان‬ ‫الشرق األوسط والتي كانت تكره حزب الله ولكنها تخشى أن‬ ‫يتحول غضب اإلرهابي القاتل وحلفائه املتعصبني ضدهم‪.‬‬ ‫وفي يوليو ‪ ،1998‬ألقت االستخبارات األردنية القبض على‬ ‫فريق تابع لحزب الله كان على وشك الخروج من عمان لتنفيذ‬ ‫هجمات إرهابية في أوروب��ا‪ .‬وك��ان أحد املحتجزين هو أبو‬ ‫الفل‪ .‬وخالل عملية االستجواب العنيفة التي قام بها األردنيون‬ ‫معه‪ ،‬اعترف بأنه وفريقه كانوا من العناصر الرئيسية في‬ ‫الهجمات على السفارة اإلسرائيلية ومركز الجالية اليهودية‬ ‫ً‬ ‫في بيونس آي��رس‪ .‬كما قدم أيضا معلومات حول تخطيط‬ ‫وتنفيذ ه��ذه العمليات ورب��ط بينها وب�ين اإليرانيني‪ .‬وأخبر‬ ‫األردن �ي ��ون اإلس��رائ�ي�ل�ي�ين ح��ول االع �ت �ق��االت ك�م��ا ت�ش��ارك��وا‬ ‫املعلومات معهم‪.‬‬ ‫وفي النهاية‪ ،‬وعلى الرغم من اعترافات أبو الفل‪ ،‬قرر األردنيون‬ ‫أن �ه��م ال يستطيعون االح �ت �ف��اظ ب ��ه‪ .‬ف�ق��د ت�ل�ق��وا ال�ك�ث�ي��ر من‬ ‫التهديدات من مغنية إذا ما حاولوا تقديم أبو الفل للمحاكمة‬ ‫في األردن وكانوا يدركون أنهم سيصبحون هدفا لهجمات‬ ‫ح��زب الله إذا ل��م يطلقوا س��راح��ه‪ .‬وعلى ال��رغ��م م��ن احتجاج‬ ‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫‪63‬‬


‫> احملقق األرجنتيني بالقضية يكشف عن تهديد زوجة دبلوماسي إيراني أخبرته بأنه إذا كان سيعاملها‬ ‫على هذا النحو فإنها ستخبر الجميع بدوره في تفجير السفارة اإلسرائيلية‬

‫كاتب املقال رونني برجمان خالل اجتماعه مع املدعي الخاص ألبرتو نيسمان الذي اختارته الحكومة األرجنتينية‬ ‫للتحقيق في حادثي تفجير السفارة اإلسرائيلية في ‪ 1992‬وتفجير مبنى الجالية اليهودية في ‪1994‬‬

‫في صراعهما الدموي مع إسرائيل‪ .‬وكان هدفهم من تنفيذ‬ ‫تلك الهجمات اإلرهابية هو إعادة كتابة قواعد اللعبة وردع‬ ‫أي هجوم إسرائيلي ضدهم ف��ي لبنان م��ن خ�لال ضرب‬ ‫املناطق الضعيفة ل��دى إسرائيل ‪ -‬بعثاتها الدبلوماسية‬ ‫والجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن إسرائيل تبذل جهودا كبيرة في حماية مفوضياتها‪،‬‬ ‫فإنها تنظر إلى نفسها أيضا كحامية لكل اليهود وتفعل‬ ‫كل ما تستطيعه للوفاء بهذا الدور‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فمن الواضح‬ ‫أن م��ا تفعله إسرائيل بنجاح كبير ف��ي ال��داخ��ل‪ ،‬ال يمكن‬ ‫تحقيقه ببساطة في آالف املواقع حول العالم‪.‬‬ ‫فحص احتماالت اختطاف األمني العام لحزب الله‬ ‫وفي ‪ 16‬فبراير ‪ ،1992‬كان الذراع االستخباراتي لقوات الدفاع‬ ‫اإلسرائيلية يفحص احتماالت اختطاف األمني العام لحزب الله‪،‬‬ ‫الشيخ حسني عباس موسوي‪ ،‬فيما كان يزور جنوبي لبنان‪.‬‬ ‫وكانوا يرغبون في استخدامه كورقة مساومة ضد حزب الله‬ ‫وإي��ران ولكي يؤمنوا إط�لاق س��راح الطيار اإلسرائيلي‪ ،‬رون‬ ‫آراد‪ ،‬الذي كانوا يحتجزونه‪ .‬وفي اللحظة األخيرة‪ ،‬وفي قرار‬ ‫متسرع‪ ،‬قررت إدارة قوات الدفاع اإلسرائيلية بقيادة الجنرال‪،‬‬ ‫إي��ه��ود ب���اراك‪ ،‬أن ت��ق��دم توصية إل��ى رئ��ي��س ال����وزراء إسحاق‬ ‫شامير بتعديل هدف العملية واغتيال موسوي‪.‬‬ ‫وب��ع��د م����رور ك��ث��ي��ر م���ن ال���س���ن���وات‪ ،‬أق���ر رئ��ي��س ق����وات ال��دف��اع‬ ‫اإلسرائيلية في ذلك الوقت‪ ،‬امليجور جنرال أوري ساغي‪ ،‬أنه‬ ‫أخطأ عندما واف��ق على العملية‪ .‬وق��ال بأنه ل��م يكن يتوقع‪:‬‬ ‫«بدقة رد فعل إيران وحزب الله‪ .‬ولم أقيم عماد مغنية تقييما‬ ‫صحيحا»‪.‬‬ ‫وك��ان أول رد فعل لحزب الله ه��و ش��ن حملة متواصلة من‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫الهجمات بصواريخ الكاتيوشا استمرت لخمسة أيام في غربي‬ ‫الجليل‪ ،‬وأسفرت عن مقتل فتاة تبلغ من العمر ستة أعوام‪.‬‬ ‫ولكن من منظور إيران وحزب الله كان يجب أن يكون هناك‬ ‫رد فعل خارج حدود الشرق األوسط لكي يثبتوا أن أي ضربة‬ ‫ستوجه ضدهم لن تؤدي فقط إلى هجوم مضاد ضد قوات‬ ‫ً‬ ‫الدفاع اإلسرائيلية واملدنيني اإلسرائيليني ولكنها ستؤثر أيضا‬ ‫على املواطنني اإلسرائيليني واليهود خارج الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وعندما كانت راشيل سادان‪ ،‬تشاهد التلفزيون في منزلها‬ ‫بأنقرة شاهدت خبر مقتل موسوي‪ ،‬فنادت على زوجها‪ ،‬الذي‬ ‫كان مديرا ألمن السفارة اإلسرائيلية في ذلك الوقت‪ ،‬بفزع‪:‬‬ ‫«إيهود»‪« :‬أتمنى أال يتسبب ذلك في إث��ارة حرب شاملة من‬ ‫االغتياالت»‪ .‬وعلى الرغم من أن سادان طمأن زوجته ووعدها‬ ‫بأن ذلك لن يحدث‪ ،‬انفجرت عبوة ناسفة في ‪ 3‬مارس (آذار)‬ ‫‪ 1992‬على مقربة من أحد املعابد اليهودية في إسطنبول دون‬ ‫أن تسفر ع��ن إص��اب��ات‪ .‬وف��ي ‪ 7‬م���ارس‪ ،‬قتل س���ادان عندما‬ ‫انفجرت قنبلة ضخمة أسفل س��ي��ارت��ه‪ .‬والح��ق��ا‪ ،‬ت��م توجيه‬ ‫االتهام إلى جماعة تطلق على نفسها اسم «حزب الله بتركيا»‬ ‫بتهمة تنفيذ الهجوم نيابة ع��ن إي���ران واآلل���ة اإلره��اب��ي��ة التي‬ ‫يديرها مغنية‪.‬‬ ‫يوم دام‬ ‫وفي ‪ 17‬مارس ‪ ،1992‬كانت آنا أروخ‪ ،‬مواطنة يهودية تعيش‬ ‫في بيونس آيرس وأمينة صندوق الوكالة اليهودية باألرجنتني‬ ‫ت���زور ال��س��ف��ارة اإلسرائيلية ه��ن��اك‪ .‬وك���ان ذل��ك املبنى األنيق‬ ‫بمجمله ملكا للحكومة اإلسرائيلية‪ .‬وكانت السفارة تقع في‬ ‫هذا املكان منذ بداية العالقات الدبلوماسية بني البلدين في‬ ‫‪ .1949‬وبعد ع��دة دقائق‪ ،‬فجر انتحاري قنبلة مزروعة في‬

‫سيارة خارج السفارة‪ .‬وأخبرتني أنا أروخ‪« :‬ال أتذكر االنفجار‬ ‫نفسه‪ .‬ولكنني أتذكر االستيقاظ على حالة شديدة من األلم‬ ‫وكنت أسمع زمالئي الذين كانوا يجلسون قبل ثواني إلى‬ ‫جواري وهم يصرخون فيما كنت أشعر بأن الغرفة بأسرها‬ ‫تجلس على ظهري‪ .‬لقد أصبت‪ .‬وك��ان هناك كميات كبيرة‬ ‫من الدماء‪ .‬وكان كل شيء مغطى بالتراب وكانت هناك دماء‬ ‫وجثث متناثرة في كل مكان وكنت أسمع صراخ املصابني‪.‬‬ ‫ل��م أك��ن أف��ه��م م��ا ال���ذي ي��ح��دث‪ ،‬ولكنني كنت أح���اول فقط أن‬ ‫أخرج نفسي من تحت العارضة التي تنتصب فوقي‪ .‬وعندما‬ ‫نجحت وجدت شخصني آخرين ونجحنا معا في الخروج‪.‬‬ ‫اتجهنا إلى سلم الطوارئ ولكننا لم نجد سوى فجوة سوداء‬ ‫كبيرة‪ .‬ثم صعدنا إلى السقف حيث كنا نعلم أن هناك ممرا‬ ‫مغلقا ف��ي نهاية املبنى‪ .‬وج��دن��ا فأسا وتمكننا م��ن تحطيم‬ ‫الباب والدخول إلى السقف اآلخر‪ .‬لقد قتل عدد من أصدقائي‬ ‫الطيبني في ذلك اليوم»‪.‬‬ ‫كان هناك أربعة إسرائيليني وخمسة من يهود األرجنتني الذين‬ ‫كانوا يعملون بالسفارة ضمن القتلى الذين بلغ عددهم ‪29‬‬ ‫شخصا‪ .‬كان معظم القتلى من األطفال الذين كانوا موجودين‬ ‫بمدرسة قريبة‪ ،‬فيما جرح نحو ‪ 242‬شخصا‪ .‬كان مغنية‬ ‫يسعى إلى تنفيذ عملية انتقامية بعد مرور أربعني يوما على‬ ‫مقتل موسوي وهو اليوم الذي يمثل اليوم األخير في الحداد‬ ‫الشيعي وقد نجح إلى حد كبير في تحقيق هدفه‪.‬‬ ‫وقد صرح أحد رجال املوساد بأن االستخبارات األميركية‬ ‫ق��دم��ت دل��ي�لا واض��ح��ا ل�لإس��رائ��ي��ل��ي�ين ع��ل��ى أن ع��م��اد مغنية‬ ‫وم���س���اع���ده ط��ل�ال ح��م��ي��ة ك���ان���وا وراء ال���ه���ج���وم؛ ح��ي��ث ك��ان‬ ‫األميركيون قد تنصتوا على مكاملة هاتفية مع حمية كان‬ ‫مغنية يسخر فيها من جهاز الشني بيت نظرا إلخفاقه في‬ ‫حماية السفارة‪ .‬وكان اإلسرائيليون مندهشون من السرعة‬ ‫التي تمكن عبرها مغنية‪ ،‬بدعم من وزارة الداخلية اإليرانية‪،‬‬ ‫من تنفيذ الهجمات في تركيا واألرجنتني‪ .‬والحقا اتضح أن‬ ‫عبقريته االستراتيجية ترجع إلى أنه كان يضع خطط العمليات‬ ‫قبل سنوات طويلة من حدوثها وينفذها عندما تصبح اللحظة‬ ‫م�لائ��م��ة‪ .‬وق��د كشف تحقيق م��ط��ول أج���راه امل��وس��اد ومركز‬ ‫مكافحة اإلره���اب باالستخبارات األميركية أن الخلية التي‬ ‫نفذت تفجير بيونس آيرس كانت إحدى الخاليا النائمة التي‬ ‫تم نشرها في جميع أنحاء العالم بما في ذلك أوروبا والواليات‬ ‫املتحدة من قبل «وح��دة ‪ »91‬التابعة لحزب الله‪ .‬وه��و االسم‬ ‫الحركي لقوة سرية عسكرية خاصة تتكون من ‪400 - 200‬‬ ‫من أفضل املقاتلني األقوياء‪ ،‬معظمهم حصل على التدريب في‬ ‫إيران على يد الحرس الثوري وفيلق القدس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ووف��ق��ا لستانلي بدلنجتون م��ن مركز مكافحة اإلره��اب‬ ‫التابع لالستخبارات األميركية‪« :‬كان الهدف من الخلية هو‬ ‫تجهيز رد فعل سريع ضد أي محاولة إسرائيلية للهجوم‬ ‫على حزب الله» (منذ ‪ ،2005‬كانت الخلية تقوم بالتهديد‬ ‫وف��ي بعض األح��ي��ان ت��ق��وم بعمليات انتقام مباشرة في‬ ‫أع��ق��اب أي ه��ج��وم على املنشآت ال��ن��ووي��ة اإلي��ران��ي��ة أو من‬ ‫يعملون هناك)‪.‬‬ ‫وكانت تلك الخلية قد تم زرعها في منطقة «بورتو أجوازو»‬ ‫في األرجنتني على مقربة من الشالالت الرائعة على حدود‬ ‫البالد مع البرازيل وباراغواي؛ حيث تعيش هناك جالية كبيرة‬


‫عمال اإلنقاذ خالل البحث عن ضحايا تحت األنقاض في موقع سيارة مفخخة باملركز اليهودي في بوينس أيرس في ‪ 18‬يوليو ‪( 1994‬غيتي)‬

‫اإلسرائيلية الذين كانوا يحققون في هجمات بيونس آيرس‬ ‫لكي يحصل على امل��واد التي جمعوها‪ .‬ومن ثم تم االتصال‬ ‫ب��أح��ده��م‪ ،‬وه��و رج��ل ك��ان يحتل ع��ددا م��ن أه��م املناصب في‬ ‫امل��وس��اد‪ ،‬لترتيب م��وع��د ل��ه‪ .‬وأج ��اب م�س��ؤول االس�ت�خ�ب��ارات‬ ‫اإلسرائيلي بقوله واصفا جميع العاملني باملناصب الرسمية‬ ‫األرجنتينية‪« :‬إنهم فاسدون حتى النخاع»‪ .‬وأضاف‪« :‬عندما‬ ‫ذهبنا إلى بيونس آيرس بعد الهجوم على السفارة‪ ،‬كنا نريد‬ ‫التعاون مع املحققني املحليني‪ .‬وسرعان ما اكتشفنا أن ذلك‬ ‫مضيعة للوقت»‪ .‬ومن ثم‪ ،‬رفض الرجل تماما االلتقاء بنيسمان‬ ‫مؤكدا أن ذلك اللقاء لن يسفر عن شيء‪.‬‬ ‫ولكن بعد وقت قصير من حوارنا في تل أبيب‪ ،‬شن نيسمان‬ ‫حربا شاملة ضد عدد من أكثر الشخصيات نفوذا في بالده‬ ‫ووجه اتهامات لهم بعرقلة اإلجراءات القانونية وتقديم شهادات‬ ‫زائ�ف��ة‪ .‬وف��ي ‪ ،2014‬أعلن أن��ه س��وف يتهم رئيسة األرجنتني‬ ‫فرنانديز دي كيرشنر‪ ،‬ووزير خارجيتها‪ ،‬هيكتور تمرمان‬ ‫(يهودي)‪ ،‬ومساعديها بـ«تنظيم وإجراء مفاوضات واالتفاق‬ ‫على االمتناع عن معاقبة اإليرانيني الذين نظموا الهجمات»‬ ‫في مقابل الحصول على مزايا تجارية وغيرها‪ ،‬خاصة فيما‬ ‫يتعلق بواردات البترول‪.‬‬ ‫فيلم سينمائي حول شخصية نيسمان‬ ‫ونظرا ألن شخصية نيسمان خلبت خيالي؛ ذل��ك الشخص‬ ‫الذي يقاتل دفاعا عن القانون والعدالة واملستعد ملواجهة هذه‬ ‫املخاطر الهائلة‪ ،‬ق��ررت بالتعاون م��ع مخرج م�ع��روف كتابة‬ ‫س�ي�ن��اري��و لفيلم درام ��ي ي ��روي ق�ص��ة تفجير مبنى الجالية‬ ‫اليهودية وتحقيق نيسمان‪ .‬تحدثت إلى نيسمان حول ذلك‬ ‫ف��ي ع��دد م��ن ال�ح��وارات التليفونية ف��ي ‪ .2014‬وب��دا نيسمان‬ ‫متحمسا وسعيدا للدفاع عن موقفه ولظهوره في فيلم عاملي‪.‬‬ ‫وكان مهتما بأن يعرف املمثل الذي يمكن أن يلعب دوره‪ .‬وقد‬

‫أخبرته أن هناك عدة اقتراحات من بينها ويلمي دافو‪ .‬ولكنني‬ ‫لم أخبر نيسمان أننا نفكر في احتمال أن ننهي السيناريو‬ ‫باغتياله‪ .‬فعندما خطر ذلك االحتمال على بالنا‪ ،‬استبعدته‬ ‫وقلت «إنها نهاية متوقعة ً‬ ‫تماما‪ .‬ويجب علينا أن نفكر في‬ ‫شيء أكثر إبداعا»‪ .‬مما ال شك فيه أن األفالم شيء والحياة‬ ‫الواقعية شيء آخر‪ .‬فقد تحدث نيسمان إلى حول الضغوط‬ ‫ال�ش��دي��دة التي ك��ان يتعرض لها ف��ي العالم الحقيقي لكي‬ ‫يتخلى عن مقاومته العنيدة‪« .‬لقد أخبروني بأنني أثرت‬ ‫انتباه العالم بما يكفي بعدما كشفت عن أسماء املتورطني‬ ‫على نحو مباشر في الهجمات‪ .‬وأن الجميع أصبح يعرف‬ ‫بشأني وبشأن التحقيقات‪ :‬أنسى األمر إذن»‪ .‬كما طلبوا‬ ‫مني ذات مرة أال أذكر اإليرانيني في االتهامات التي تخص‬ ‫الهجمات نفسها وأن أترك أفراد حزب الله مما يسمح بذوبان‬ ‫الجليد في العالقات بني طهران وبيونس آيرس»‪ .‬فقلت لهم‪:‬‬ ‫«وماذا عن الضحايا؟ وماذا عن العدالة؟»‪.‬‬ ‫كان ذلك آخر ح��وار بيننا‪ .‬وفي بداية يناير (كانون الثاني)‬ ‫‪ 2015‬قدم نيسمان وثيقة مكونة من ‪ 300‬صفحة ضد رئيسة‬ ‫الدولة‪ .‬وفي ‪ 19‬يناير‪ ،‬كان من املفترض أن يقدم التسجيالت‬ ‫السرية التي تثبت االتهامات التي تقدم بها ضدها أمام اللجنة‬ ‫الخاصة املشكلة للتحقيق في تلك االتهامات‪ .‬ولكن في اليوم‬ ‫السابق على ذلك‪ ،‬وجد مقتوال برصاصة في الرأس فيما بدا‬ ‫وكأنه عملية انتحار وهو ما يثير الكثير من عالمات االستفهام‬ ‫املرعبة‪ .‬وال يمكنني أن أصدق تلك الرواية‪ ،‬خاصة وأنه كان‬ ‫على وشك أن يقدم نتائج أهم قضية في حياته وألنه كان على‬ ‫وشك بداية املرحلة الحاسمة من التحقيق الذي كرس له جهوده‬ ‫ومن ثم فال يمكنني أن أصدق أن ذلك الرجل النشيط املتفائل‬ ‫يمكنه أن يقتل نفسه‪.‬‬ ‫على أية ح��ال‪ ،‬س��ارع االدع��اء العام في االنتهاء إلى أن مقتل‬ ‫نيسمان كان انتحار رجل محبط ووجهت مصادر حكومية‬ ‫في الشهور التالية سلسلة من االتهامات له تزعم أنه حاول‬

‫عرقلة اإلجراءات القانونية والحكومية وأنه كان يزيف األدلة‪.‬‬ ‫على أية حال‪ ،‬فإن قضية الهجومني اللذين وقعا في بيونس‬ ‫آيرس لم تمت مع نيسمان‪ ،‬حيث إن تالل األدلة التي جمعها‬ ‫والتداعيات التي أثارها باإلضافة إلى مطالب تحقيق العدالة‬ ‫للضحايا وعائالتهم والجمهور األرجنتيني واملجتمع الدولي‬ ‫كانت أقوى من محاوالت التغطية على القضية‪.‬‬ ‫فبعد ذلك تم تعيني القاضي رودولفو كانيكوبا لكي يحل‬ ‫محل نيسمان في معالجة القضية وسرعان ما بدأ القاضي‬ ‫رحلة طاف فيها جميع أنحاء العالم وراء علي واليتي‪ ،‬وزير‬ ‫الخارجية اإليراني السابق‪ ،‬الذي كان أحد املتهمني والذي‬ ‫ص��در ض��ده ق ��رار اع�ت�ق��ال م��ن اإلن �ت��رب��ول ب�ن��اء ع�ل��ى طلب‬ ‫نيسمان‪ .‬وفي كل مرة خالل العام املاضي كان القاضي‬ ‫يسمع أن والي�ت��ي س�ي��زور إح��دى ال��دول خ��ارج إي��ران كان‬ ‫يخاطب الدولة مطالبا بتسليمه‪ .‬وكانت آخر مرة في العراق‪،‬‬ ‫حيث تقدم القاضي بطلب لتسليمه في ‪ 21‬أكتوبر (تشرين‬ ‫األول) ‪.2016‬‬ ‫ولم يتم تنفيذ طلب التسليم حتى اآلن وليس من املتوقع أن‬ ‫تخاطر أي دول��ة‪ ،‬خاصة ال�ع��راق‪ ،‬بالتورط ف��ي مشكالت مع‬ ‫إي��ران عبر اعتقال وتسليم شخصية قيادية مثل والي�ت��ي‪.‬‬ ‫ولكن حقيقة أن األرجنتني عازمة على عدم التخلي عن القضية‬ ‫وأن هناك قرارات اعتقال دولية معلقة على رؤوس مسؤولني‬ ‫رفيعي املستوى يحمل أهمية رمزية كبرى ويجعل من تلك‬ ‫القضية أحد أكثر القضايا درامية وإثارة لالهتمام في تاريخ‬ ‫اإلرهاب والقانون الدولي‪.‬‬ ‫وداخل األرجنتني‪ ،‬أصبحت الهجمات مع مرور السنوات واحدة‬ ‫من أكثر القضايا السياسية حساسية وإثارة للجدل منذ أيام‬ ‫املجلس العسكري‪.‬‬ ‫وم��ن ال��واض��ح أن إي��ران وح��زب الله ل��م يتوقعا تلك الورطة‬ ‫السياسية عندما ق��ررا تنفيذ عملية في تلك األرض التي‬ ‫تبعد أكثر من عشرة آالف كيلومترات في أميركا الجنوبية‬ ‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫‪61‬‬


‫ً‬ ‫في وقت هجمات ‪ ،1992‬كان داني كارمون يعمل قنصال بسفارة إسرائيل في بوينس آيريس‪ .‬وعن تلك التجربة‬ ‫ُ‬ ‫علمت باملأساة التي وقعت‪ ،‬هي تلك اللحظة التي‬ ‫«فقدت الوعي واإلبصار في أول ‪ 24‬ساعة‪ .‬وكان‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫أول شيء أتذكره‪ ،‬بعدما ُ‬ ‫زارني فيها أطفالي الخمسة باملستشفى؛ حيث كان ّ‬ ‫علي أن أخبرهم بأن والدتهم قتلت في االنفجار‪ .‬بالطبع كانت تلك اللحظة‬ ‫إيالما في حياتي‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬وخالل نحو ‪ً 25‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أسيرا لتلك الذكرى‪ ،‬فيما كنت أحاول‬ ‫عاما‪ ،‬كنت أحيا‬ ‫من أكثر اللحظات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سفيرا إلسرائيل لدى‬ ‫حاليا‬ ‫تربية أوالدي الخمسة على أفضل نحو ممكن‪ .‬وأعدت بناء أسرتي‪ ،‬واستأنفت عملي؛ حيث أعمل‬ ‫ً‬ ‫جميعا نعلم أنه كانت هناك عدة‬ ‫الهند»‪ .‬وأضاف‪« :‬مما ال شك فيه أن اإليرانيني كانوا وراء ذلك العمل اإلرهابي القاسي‪ ،‬ونحن‬ ‫محاوالت للتحقيق وتقديم الجناة للعدالة‪ ،‬ولكن ذلك يجب أن يكون ً‬ ‫جزء ا من جهود مشتركة ملكافحة اإلرهاب ومعاقبة الجناة‪.‬‬ ‫وهو هدف يجب أن يتوحد حوله جميع من يدركون الخطر الناجم عن اإلرهاب»‪.‬‬

‫حل قضية تفجير مركز الجالية اليهودية في بوينس أيرس‬

‫«جاستا» أرجنتيني ملقاضاة نظام خامنئي‬ ‫> قضائيون أرجنتينيون‪ :‬ضلوع إيران في تفجيرات بوينس أيرس ثابت‪ ..‬ونطالب بتسليم اجملرمني من نظام خامنئي‬ ‫> املدعى الخاص األرجنتيني‪ :‬قرر كثير من كبار الشخصيات في االدعاء العام بحكومتي واالستخبارات عرقلة اكتشاف‬ ‫الحقيقة حول الصالت اإليرانية بتفجير مركز الجالية اليهودية في بوينس آيريس‬ ‫بيونس آيرس ـ تل أبيب‪ :‬رونني برجمان *‬ ‫على ال��رغ��م م��ن املسافة الكبيرة التي تفصل بني‬ ‫بيونس آيرس وتل أبيب‪ ،‬بدا صوت ألبرتو نيسمان‬ ‫على الهاتف ً‬ ‫قويا وواض� ً�ح��ا كالعادة حينما قال‪:‬‬ ‫«أثق في أن العدالة سوف تتحقق‪ ،‬فلدينا ما يكفي من األدلة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ويوما ما سنتمكن من حسم قضيتنا معهم»‪.‬‬ ‫ك��ان ذل��ك في ‪ 8‬ديسمبر (ك��ان��ون األول) ‪ ،2014‬عندما كان‬ ‫نيسمان هو املدعى الخاص الذي اختارته الحكومة األرجنتينية‬ ‫قبل عقد للتحقيق ف��ي ح��ادث�ين إره��اب�ي�ين بشعني وقعا في‬ ‫عاصمة البالد في التسعينات‪ :‬تفجير السفارة اإلسرائيلية‬ ‫في ‪ 1992‬وتفجير مبنى الجالية اليهودية في ‪.1994‬‬ ‫في ‪ 2006‬أص��در اإلنتربول‪ ،‬بناء على طلب نيسمان‪ ،‬قرارا‬ ‫دوليا باعتقال عدد من كبار املسؤولني اإليرانيني واملسؤولني‬ ‫بحزب الله املشتبه في ضلوعهم في التفجيرات‪ .‬وكنت على‬ ‫ات �ص��ال ب��ه ف��ي ذل��ك ال��وق��ت ع�ن��دم��ا ك�ن��ت أج�م��ع م ��واد لكتابة‬ ‫تقرير استقصائي لصحيفة «نيويورك تايمز» حول تفجير‬ ‫إرهابي آخر‪ :‬ففي ‪ 14‬فبراير (شباط) ‪ 2005‬انطلقت سيارة‬ ‫«ميتسوبيشي كانتر» يقودها إرهابي انتحاري محملة بكمية‬ ‫هائلة من املتفجرات تعادل ثالثة أطنان من مادة الـ«تي إن تي»‬ ‫ليتم تفجيرها في ش��ارع مزدحم ببيروت أم��ام فندق سان‬ ‫جورج على مقربة من مارينا‪ .‬أدى االنفجار إلى تدمير موكب‬ ‫رئيس الوزراء األسبق رفيق الحريري واندالع نيران كالجحيم‬ ‫في ذلك الشارع املزدحم‪ .‬أسفرت العملية عن مقتل الحريري‬ ‫وثمانية من املصاحبني له و‪ 13‬من امل��ارة‪ ،‬فيما أصيب نحو‬ ‫‪ 300‬شخص‪.‬‬ ‫وبضغوط من الحكومتني األميركية والفرنسية‪ ،‬بدأت األمم‬ ‫املتحدة أكبر عملية تحقيق وأكثرها تكلفة في التاريخ للبحث‬ ‫عن الجناة كما أنشأت محكمة خاصة‪ ،‬تعد األولى من نوعها‬ ‫للتعامل مع عمل إرهابي واحد (وذلك بخالف جرائم الحرب‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪ 1624‬أكتوبر (تشرين األول) ‪2016‬‬

‫أو املذابح)‪ ،‬حيث أنشئت املحكمة الخاصة بلبنان ملحاكمتهم‪.‬‬ ‫وتم توجيه االتهام لخمسة من أعضاء حزب الله وتقديمهم‬ ‫إلى املحكمة غيابيا‪ .‬ووفقا للمعلومات التي وصلت للمحكمة‬ ‫الخاصة بلبنان‪ ،‬فإن تلك العملية تم تنفيذها بأوامر من إيران‬ ‫وسوريا نظرا لتحركات الحريري ضدهما‪.‬‬ ‫عناصر مشتركة بني تحقيقات نيسمان‬ ‫واغتيال الحريري‬ ‫وك��ان��ت هناك كثير م��ن العناصر التي تربط ب�ين تحقيقات‬ ‫املدعي الخاص نيسمان وتحقيقات املحكمة الخاصة بلبنان‪.‬‬ ‫حيث كانت الشبكة السرية لحزب الله هدفا لكليهما‪ ،‬وهي‬ ‫الشبكة التي يديرها القائد العسكري للتنظيم الشيعي‪ ،‬عماد‬ ‫مغنية‪ .‬وق��د رأى االدع ��اء باملحاكمة أن نيسمان م��ن أكثر‬ ‫ال�خ�ب��راء أهمية ف��ي ه��ذه القضية وك��ان نيسمان على وشك‬ ‫أن يقدم شهادته حول مناهج عمليات التنظيم وتعاونه مع‬ ‫ً‬ ‫االستخبارات اإليرانية‪ .‬كما كان من املقرر أن يشهد أيضا‬ ‫بعض شهود نيسمان‪ ،‬املنشقون عن االستخبارات اإليرانية‬ ‫والذين كان سيمثل بعضهم مخفيا وجهه‪.‬‬ ‫تحدث نيسمان بغرابة حول الوسائل واإلمكانات والسلطات‬ ‫املتاحة أمام املحكمة الخاصة بلبنان مقارنة بالتحقيقات التي‬ ‫أجراها‪« :‬إنهم يجلسون هناك‪ ،‬في املناطق الريفية لضواحي‬ ‫الهاي ويتمتعون بدرجة عالية من الحماية ويعملون مع فريق‬ ‫يتكون من مئات املحققني والخبراء ولديهم ميزانية مفتوحة‬ ‫وأدوات ال يحلم أحد بامتالكها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ك�م��ا ش�ه��د أي��ض��ا ب�ع��ض ال �ش �ه��ود اإلي��ران �ي�ي�ن ف��ي ج�ل�س��ات‬ ‫االستماع املتعلقة بقضايا التعويضات التي رفعتها أسر‬ ‫ضحايا الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) ضد إيران‪ ،‬بشأن‬ ‫املساعدات التي قدمتها إيران لتنظيم القاعدة‪ .‬وقال نيسمان‬

‫إنه يأمل ويؤمن بأن أدلته والنتائج التي توصل إليها في قضية‬ ‫بيونس آيرس سوف تمثل في يوم من األيام األساس لقضية‬ ‫أضرار مدنية يتم رفعها في الواليات املتحدة أو أمام إحدى‬ ‫املحاكم الدولية‪.‬‬ ‫مما ال ش��ك فيه أن نيسمان ل��دي��ه سبب ق��وي يجعله ينظر‬ ‫بشكل غ�ي��ر م�ح��اي��د إلم�ك��ان�ي��ة إج ��راء تحقيق دون ضغوط‬ ‫خارجية وبموارد كافية‪ .‬فقد التقيت بنيسمان للمرة األولى‬ ‫في ديسمبر ‪ ،2007‬عندما جاء إلى تل أبيب بحثا عن مساعدة‬ ‫السلطات املختصة في جمع املعلومات بشأن الهجمات‪ .‬تحدث‬ ‫معي حول التحقيقات التي يجريها وإنجازاته والصعوبات‬ ‫التي يواجهها‪ .‬وأخبرني بالتفصيل حول الدليل الذي حصل‬ ‫عليه ضد عدد من كبار القيادات بحزب الله والنظام اإليراني‬ ‫وأخبرني أنه يعتقد أنه حتى إذا تمكن من تقديمهم للمحاكمة‬ ‫وإدانتهم‪ ،‬فإن ذلك لن يكون سوى جزء صغير من القصة‪.‬‬ ‫فيقول‪« :‬لقد ق��رر كثير م��ن كبار الشخصيات ف��ي االدع��اء‬ ‫العام بحكومتي واالستخبارات عرقلة اكتشاف الحقيقة حول‬ ‫ال�ص�لات اإلي��ران�ي��ة والحيلولة دون تقديم األط ��راف املتورطة‬ ‫للعدالة»‪.‬‬ ‫رئيس االستخبارات األرجنتينية‬ ‫ول �ك��ن ن�ي�س�م��ان ت�ع�ه��د ب�ت��وج�ي��ه االت �ه ��ام ��ات ل�ج�م�ي��ع ه ��ؤالء‬ ‫األشخاص «بغض النظر عن مدى أهميتهم أو املنصب الذي‬ ‫يشغلونه» بما في ذلك رئيس االستخبارات األرجنتينية في‬ ‫ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬هوجو أن��زورج��ي‪ .‬وف��ي ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬كنت أعتقد‬ ‫أن ذلك مجرد كالم‪ .‬فمن يجرؤ‪ ،‬خاصة في األرجنتني التي‬ ‫لديها تاريخ معروف من املجالس العسكرية والعمالء السريني‪،‬‬ ‫على االصطدام بالنظام في قضية من أكثر قضايا الشؤون‬ ‫السياسية أهمية في تاريخ البالد‪.‬‬ ‫ك��ان نيسمان يريد أن يلتقي باملسؤولني في االستخبارات‬


‫> في أفضل السيناريوهات بشأن سوريا قد نتمكن من تحقيق تحول سياسي والوصول إلى استفتاء يختار‬ ‫الناس عبره قيادتهم‪ ..‬ويصبح لدينا دولة علمانية دستورية ديمقراطية قادرة على أن تظل موحدة‬ ‫ووجهة نظري هي أننا نعرف ماذا يمكننا أن نفعل‬ ‫وك�ي��ف يمكننا أن نفعله‪ .‬وذل��ك حيث إن املساعدة‬ ‫في حل تلك األوض��اع تعد حماية لألمن األميركي‪.‬‬ ‫فلن يكون هناك «ه�ن��اك» بعد اآلن «فهناك» أصبح‬ ‫ف��ي ك��ل م�ك��ان‪ .‬ف��إذا ل��م نساعد ال ��دول األخ ��رى على‬ ‫مواجهة تلك التحديات‪ ،‬سيصبح ذلك خطرا للغاية‬ ‫حيث يمكن لآليديولوجيات العدمية أن تمأل رؤوس‬ ‫الناس وينتهي الحال إلى وجود نزاعات جديدة‪.‬‬

‫> هل تعتقد أن إدارت��ك تتعامل مع ذل��ك على‬ ‫النحو املالئم؟‬ ‫ أعتقد أننا ندافع عن القضية‪ .‬فستسمع الرئيس‬‫أثناء حملته وهو يتحدث عن ملاذا يجب على أميركا‬ ‫أن تقود وأن ت�ش��ارك‪ .‬ولكننا لدينا كونغرس ليس‬ ‫مستعدا لتبني ذلك‪.‬‬ ‫من وجهة نظر اإلدارة‪ ،‬تعمل الصفقة النووية مع إيران‬ ‫بكفاءة في تحقيق أهدافها املحدودة‪ ،‬وهي وقف العمل‬ ‫في برنامج إيران النووي‪ .‬ولكن هل هناك سبب يجعل‬ ‫لدينا أمال في أن تعدل إي��ران سلوكها في القضايا‬ ‫األخرى‪ ،‬وهل هناك ما يمكن عمله لتشجيعها؟‬ ‫حسنا‪ ،‬أهم شيء يجب علينا عمله هو أن نحرص‬ ‫على أن نلتزم بالجانب الخاص بنا من الصفقة‪.‬‬ ‫> هل نفعل ذلك؟‬ ‫ أج��ل‪ ،‬فقد بذلنا جهودا حثيثة لكي نتأكد من أن‬‫ال�ب�ن��وك ال�ت��ي ك��ان��ت م �ت��رددة ف��ي ال �ت �ع��اون م��ع إي��ران‬ ‫ألسباب متباينة ستبدأ في التعامل معها‪ .‬كما أننا‬ ‫رفعنا العقوبات كافة التي اتفقنا على رفعها‪ .‬ولكن ما‬ ‫زالت هناك بعض املشكالت‪ .‬فيجب أن نساعد إيران‬ ‫على أن تقر بأن لديها بعض التحديات الداخلية التي‬ ‫عليها التعامل معها‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق باألنظمة‬ ‫البنكية وممارستها املالية والشفافية‪.‬‬ ‫> هل نستطيع حقا أن نساعد إي��ران في تلك‬ ‫املشكالت؟‬ ‫أج��ل‪ .‬يمكن أن نساعدها في التكنولوجيا وغيرها‬ ‫م��ن األش �ي��اء‪ .‬ولكن األم��ر يصبح صعبا للغاية في‬

‫محتجون سوريون يحملون الفتات مناهضة للنظام السوري أمام فندق استضاف املحادثات السورية في ‪ 16‬أكتوبر ‪ 2016‬في لوزان (غيتي)‬

‫ظل مشاركة إيران في اليمن ودعمها األسد ودعمها‬ ‫«حزب الله» وإطالق الصواريخ‪ .‬فتلك املالبسات تعقد‬ ‫جهود التقدم السريع‪.‬‬ ‫أعتقد أن املرشد األعلى‪ ،‬لألسف‪ ،‬متشكك إلى حد‬ ‫كبير في الغرب وفينا‪ .‬وهو ما يضع ضغوطا داخلية‬ ‫على النظام السياسي‪ .‬وذلك سيئ للغاية‪ .‬ولكن مع‬ ‫الوقت‪ ،‬أتمنى أن تعود إيران إلى االنضمام إلى املجتمع‬ ‫ال��دول��ي ع�ل��ى ن�ح��و ب �ن��اء؛ ل�ك��ي تصبح امل�ن�ط�ق��ة أكثر‬ ‫استقرارا ويحل السالم باملناطق التي تحتاج إليه‪.‬‬ ‫> ال يخفى على أحد أنك كنت تريد هذا املنصب‬ ‫منذ وقت بعيد‪ .‬هل كان كما كنت تتوقع؟ وما‬ ‫نصيحتك ملن سيأتي بعدك‪ .‬أيا من كان؟‬ ‫ف��ي ال��واق��ع‪ ،‬ل��م أك��ن أري ��د ت�ل��ك ال��وظ�ي�ف��ة مل��دة ط��وي�ل��ة‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫أعتقد أن خامنئي متشكك إلى‬ ‫حد كبير في الغرب وفينا‪..‬‬ ‫وأتمنى أن تعود إيران إلى‬ ‫االنضمام إلى املجتمع الدولي‬ ‫على نحو بناء‬

‫‪,,‬‬

‫> ه��ل تعتقد أن ل��دي�ن��ا ك��ون�غ��رس وج�م�ه��ورا‬ ‫يمكنه أن يقف وراء مثل تلك الجهود؟‬ ‫ ليس بعد‪ .‬ولكن يجب أن نسعى لذلك‪ .‬يجب أن تعمل‬‫على توعية الناس‪ .‬ويجب أن تتحدث حول ذلك‪ .‬ولذلك؛‬ ‫أحاول أن أوضح األمر بالتفصيل لك اآلن‪ .‬فعند نقطة‬ ‫ما‪ ،‬سيدرك الناس أن ذلك يجب أن يحدث‪ .‬ويجب أن‬ ‫نضاعف موازنة وزارة الخارجية ونزيد قدر املساعدات‬ ‫التي نقدمها وأن نساعد العالم في تلك املرحلة العصيبة‪.‬‬ ‫فذلك هو ثمن القيادة‪ .‬ولكن في النهاية‪ ،‬فإن ذلك أرخص‬ ‫كثيرا من إنفاق تريليونات األم��وال على أفغانستان‬ ‫والعراق وغيرها من املناطق املضطربة‪.‬‬

‫لقد كنت أري��د أن أص�ب��ح رئيسا ل�ل��والي��ات املتحدة‪،‬‬ ‫وترشحت وح��اول��ت‪ ،‬ولكن األم��ر لم يفلح‪ .‬وبالتالي‬ ‫أعتقد أن��ه م��ن األف�ض��ل أن نقول إنني رأي��ت أن تلك‬ ‫الوظيفة مناسبة ملدة أربع سنوات‪.‬‬ ‫كما أنني لن أقدم نصائحي للوزير املقبل من خالل‬ ‫حوار‪ ،‬حيث أفضل أن أفعل ذلك شخصيا‪ .‬ولكنني‬ ‫يمكن أن أقول بصفة عامة إلى أي أحد يرغب في‬ ‫الحصول على ذلك املنصب إنه يجب عليه أن يحرص‬ ‫على أن تفهم املؤسسة التي تصنع السياسات البلد‬ ‫التي تصنع السياسات من أجلها‪ ،‬وأن تنظر إلى ذلك‬ ‫من خ�لال عيون الناس وليس من خ�لال عيونهم‪.‬‬ ‫فنحن لم نكن نفعل ذلك دائما‪ ،‬وهو ما وضعنا في‬ ‫مشكالت حقيقية مثل حرب العراق وحرب فيتنام‬ ‫وغ�ي��ره��ا‪ .‬كما يجب عليك أن تتحرك بسرعة في‬ ‫عاملنا الحالي‪ .‬فليست هناك مساحة كبيرة للخطأ‪.‬‬ ‫فهناك الكثير م��ن األش�ي��اء التي تحدث ف��ي الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬ومن ثم يجب أن تكون لديك القدرة على أن‬ ‫تقوم بالكثير من املهام في الوقت نفسه وبالكفاءة‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫ك�م��ا يمكنني أن أق ��ول مل��ن ي��رغ��ب ف��ي ذل��ك املنصب‬ ‫إنك ستحصل على أفضل وظيفة في العالم‪ ،‬أفضل‬ ‫من أن تصبح رئيسا ألنك لن تكون مشتتا إلى حد‬ ‫كبير بسبب السياسة‪ .‬فأنت تركز على السياسات‬ ‫والدبلوماسية‪ ،‬وبخاصة املفاوضات‪ .‬يجب أن تبذل‬ ‫أقصى طاقة وأنت لديك رفاهية أن تختار أين تركز‬ ‫جهودك‪ ،‬وهو شيء ال يتمتع به الرئيس<‬ ‫* مدير تحرير «الفورين أفيرز»‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪59‬‬


‫> أقول لروسيا لدينا أقوى جيش في العالم وال أعتقد أن أي أحد يستطيع تحدي قواتنا العسكرية‪..‬‬ ‫وأوضحت الواليات املتحدة للرئيس بوتني وأي شخص آخر من احملتمل أن يتحدانا أننا نستطيع التغلب عليه‬ ‫ولكنها سقطت ألن ال�ج�ي��ش الشيعي ال ��ذي أسسه‬ ‫رئ �ي��س ال � � ��وزراء ال �ع��راق��ي امل��ال �ك��ي ب�ص�ف�ت��ه جيشا‬ ‫شخصيا لم تكن لديه أي أسهم تمكنه من الوقوف‬ ‫والقتال في املوصل السنية‪ .‬لقد تم تأسيسه على‬ ‫أساس طائفي ومن ثم فشل‪.‬‬ ‫وه�ن��ا ج ��اءت «داع� ��ش»‪ .‬وم ��اذا ح ��دث؟ ق��رر الرئيس‬ ‫األميركي أن يرسل الطائرات األميركية وبدأ يهاجم‬ ‫«داعش» ويدفعهم للتراجع وتمكن من حماية بغداد‬ ‫وس ��اع ��د ف ��ي ب �ن��اء ال �ج �ي��ش وت �م �ك �ن��ا م ��ن ال�س�ي�ط��رة‬ ‫بمنهجية على كل من تكريت وال��رم��ادي والفلوجة‪،‬‬ ‫ومازلنا حاليا نتقدم حتى أصبحنا نحاصر املوصل‪،‬‬ ‫كما أننا تمكنا من تحجيم «داعش» في سوريا أيضا‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى هناك ال��دور األميركي فيما يتعلق‬ ‫بالتغير املناخي في املحيطات‪ .‬ففي كل مكان تنظر‬ ‫إليه‪ ،‬هناك أشياء تحدث وهي تتضمن دورا أميركيا‬ ‫وقيادة أميركية مهمني‪.‬‬

‫وزير الخارجية األميركي جون كيري يتحدث خالل مؤتمر اجتماعي بمدينة نيويورك (غيتي)‬

‫‪58‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫لم اتمكن من التوصل‬ ‫إلى السالم الدائم بني‬ ‫إسرائيل وفلسطني‬ ‫وتظل القضية تمثل‬ ‫تحديا مستمرا‬

‫‪,,‬‬

‫ما زال يصارع في الجزء الشرقي من أوكرانيا‪ ،‬ومن‬ ‫ثم فقد نجحت العقوبات التي فرضناها‪.‬‬ ‫وب��ال�ط�ب��ع‪ ،‬وك�م��ا ت�ع�ل��م‪ ،‬ف��إن ال�ت�ح��رش ب�ط��ائ��رة ليس‬ ‫مبررا للحرب‪ .‬إن��ه نشاط غبي‪ ،‬واستفزازي‪ .‬ولكن‬ ‫هذه ليست املرة األولى في التاريخ التي يحدث فيها‬ ‫ذلك‪ .‬والحقيقة هي أن لدينا أقوى جيش في العالم‪.‬‬ ‫والجميع يعلم ذل��ك‪ .‬وال أعتقد أن أي أح��د يستطيع‬ ‫تحدي جيشنا‪.‬‬ ‫وق��د أوضحت ال��والي��ات املتحدة للرئيس بوتني وأي‬ ‫شخص آخر من املحتمل أن يتحدانا أننا نستطيع‬ ‫التغلب عليه‪ .‬انظر إل��ى دعمنا لحلفائنا في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬والتعزيز املستمر ملجلس التعاون الخليجي‬ ‫والعمل ال��ذي قمنا ب��ه ف��ي نظام ال��دف��اع الصاروخي‬ ‫بالخليج‪ ،‬وقيادتنا املستمرة في أفغانستان‪ ،‬حيث‬ ‫ساعدنا في الحفاظ على وح��دة الحكومة‪ ،‬وه��و ما‬ ‫حمى الدولة من االنهيار‪.‬‬ ‫وك��ان��ت ق�ي��ادت�ن��ا ح�ي��وي��ة ف��ي الحيلولة دون انتشار‬ ‫اإلي �ب��وال ف��ي جميع ال�ع��ال��م‪ .‬فعندما ق��ال ال�ن��اس قبل‬ ‫سنوات عدة إن هناك نحو مليون شخص سيموتون‬ ‫بحلول الكريسماس‪ ،‬قام الرئيس أوباما بنشر ‪3000‬‬ ‫م��ن ال�ق��وات‪ ،‬بالتعاون م��ع الفرنسيني والبريطانيني‬ ‫وقمنا بعمل رائ��ع بالتعاون م��ع اليابانيني وغيرهم‬ ‫الذين وفروا لنا املواد‪ ،‬وتمكننا من التعامل مع املشكلة‬ ‫بنجاح‪.‬‬ ‫وان�ظ��ر إل��ى مشكلة اإلي��دز ف��ي أفريقيا اآلن‪ .‬فنظرا‬ ‫لعملنا‪ ،‬ونظرا لقيادتنا‪ ،‬ونظرا لبرنامج اإلغاثة الذي‬ ‫وض �ع��ه ال��رئ �ي��س ب ��وش وال� ��ذي اس�ت��أن�ف�ن��ا ال�ع�م��ل به‬ ‫وطورنا الكثير من عناصره‪ ،‬أصبحنا على وشك أن‬

‫نرى أول جيل يولد من دون إيدز‪.‬‬ ‫كما أننا نشارك من خالل الوكالة األميركية للتنمية‬ ‫ال��دول �ي��ة ف��ي أف��ري �ق �ي��ا‪ ،‬وك �ن��ا ف��اع �ل�ين ف��ي نيجيريا‬ ‫وساعدنا الرئيس بوهاري والحكومة على الحصول‬ ‫على انتخابات نزيهة‪ ،‬ونحارب «بوكو حرام»‪.‬‬ ‫وقمنا بالشيء نفسه في الصومال‪ ،‬حيث تمكنا من‬ ‫تحجيم حركة الشباب‪ .‬وتعزيز قوة االتحاد األفريقي‬ ‫في الصومال «األميسوم»‪ .‬لقد كنا وما زلنا نقود تلك‬ ‫املساعي‪ .‬ويمكن أن تنظر إلى ما فعلناه في اليمن‬ ‫وليبيا وسوريا والتحالف الذي شكلناه في سوريا‬ ‫ملحاربة «داعش»‪.‬‬ ‫هل تتذكر ما كان يحدث هناك مؤخرا؟‪ ..‬لقد كانت‬ ‫«داع��ش» تجتاح العراق‪ .‬وسقطت املوصل‪ .‬وهي لم‬ ‫تسقط ألن األميركيني لم يكونوا موجودين هناك؛‬

‫> إذن‪ ،‬ملاذا ال يتم اإلقرار بذلك؟ ملاذا ال تصل‬ ‫الرسالة؟‬ ‫ ألن م��ا زال��ت ه�ن��اك مناطق ن��زاع��ات واض�ط��راب��ات‪.‬‬‫والناس تعتقد أن القرار األميركي وحده قادر على‬ ‫حل تلك املشكلة أو غيرها‪ .‬فهناك نقص في الوعي‬ ‫بشأن الدرجة التي يمكن أن تعمل بها أميركا ودرجة‬ ‫قيادتها‪.‬‬ ‫انظر إلى ما فعلناه في كوريا الشمالية؛ إلى عقوبات‬ ‫األمم املتحدة‪ .‬وانظر إلى ما فعلناه في بحر جنوب‬ ‫الصني‪.‬‬ ‫ان �ظ��ر إل��ى م��ا ف�ع�ل�ن��اه م��ع حلفائنا ف��ي ك��وري��ا وف��ي‬ ‫ال�ي��اب��ان‪ .‬فنحن نلعب دورا رئيسيا وم�ح��وري��ا من‬ ‫القطب الشمالي إلى الجنوبي ونقود كل قضية من‬ ‫تلك القضايا‪.‬‬ ‫كما أن الواليات املتحدة أكثر مشاركة وفاعلية وقيادة‬ ‫في املزيد من املناطق وتصنع فارقا أكبر فيما يتعلق‬ ‫باألمن العاملي أكثر من أي وق��ت سابق في التاريخ‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫> ه��ل ي��دا ال��رئ�ي��س وي ��داك مقيدة ن�ظ��را لعدم‬ ‫ح �م��اس ال �ش �ع��ب األم �ي��رك��ي ل �ت��دخ��ل أم�ي��رك��ي‬ ‫مباشر بالخارج؟‬ ‫ أجل‪ ،‬بالطبع‪ .‬فهناك بعض القيود نظرا لذلك‪ .‬ولكننا‬‫أيضا مقيدون نظرا ألن تلك اللحظة في حاجة إلى‬ ‫خطة مارشال جديدة؛ حيث يحتاج العالم إلى مساعدة‬ ‫الواليات املتحدة وغيرها من الدول في توفير التعليم‬ ‫وفرص العمل والفرص اآلن‪.‬‬ ‫فأنت لديك نحو ‪ 1.5‬مليار طفل في العالم أقل من ‪ 15‬عاما‪.‬‬ ‫لديهم هواتف ذكية ويشاهدون التلفزيون‪ .‬ويعرفون كيف‬ ‫يعيش باقي العالم‪ .‬ويعرفون ما الذي لدى الناس األخرى‬ ‫وليس لديهم‪ .‬وذلك يؤدي إلى وجود تطلعات‪ ،‬وإذا لم تلب‬ ‫هذه التطلعات فلن تكون النتيجة جيدة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫> في الفترة القليلة املتبقية لي في منصبي أتمنى الضغط بقوة لكي نصدق على اتفاقية باريس‪،‬‬ ‫املتعلقة بالتغير املناخي‪ ،‬وتفعيلها‬ ‫يمكنه أن يؤثر على نحو واضح وإيجابي في األمن‬ ‫املادي إلسرائيل بالنسبة لحدودها وما بعدها‪ .‬كما‬ ‫كانت هناك خطة لألمن الداخلي فيما يتعلق بإدارة‬ ‫الدولة (الفلسطينية) ذهبت أبعد بكثير مما تم تطويره‬ ‫من قبل‪ .‬ولدينا مدة مناسبة يمكننا أن نستأنف فيها‬ ‫العمل‪ ،‬كما هو الحال اآلن‪ ،‬حيث يجب أن نتم الحوار‬ ‫مع ه��ذه األط��راف‪ .‬فنحن لم ننته بعد‪ .‬ورغ��م أننا ال‬ ‫نجري ذل��ك ال�ن��وع م��ن امل�ش��ارك��ات امل�ب��اش��رة اليومية‬ ‫الواضحة‪ ،‬فإننا نحاول أن ندفع األطراف إلى منطقة‬ ‫جديدة تستطيع اإلدارة املقبلة أن تستأنف منها‪.‬‬

‫> ولكن ما ال��ذي يمكننا أن نفعله بشأن ذلك‬ ‫اآلن؟‬ ‫ يجب أن نحرص على أن يفهم الناس أن املشكلة‬‫ال تقتصر ع�ل��ى ال �ت �ج��ارة‪ .‬وي�ج��ب أن ت�ت��أك��د م��ن أن‬ ‫الناس يحصلون على األشياء التي يحتاجون إليها‬ ‫ويتلقون رواتب مناسبة ويحصلون على املزايا التي‬ ‫يستحقونها‪ .‬فهناك أشياء يجب الحفاظ عليها‪ .‬فال‬ ‫يمكن أن تتخلى عن التجارة عندما يكون نحو ‪95‬‬ ‫في املائة من العمالء في دول أخرى‪.‬‬ ‫هناك حالة من عدم الثقة اآلن؛ ألن النظام السياسي‬ ‫خذل الناس‪ .‬أنا أفهم ذلك‪ .‬ولكنني أفهم أيضا أننا لن‬ ‫نكون في حال أفضل إذا لم نمرر اتفاقية الشراكة عبر‬ ‫املحيط الهادئ ونضع قوانني لتنظيم الطرق التجارية‬ ‫لكي نتمكن من خلق سباق لألعلى وليس لألسفل‪،‬‬ ‫ووضع قواعد تحمي حقوق الناس في جميع أنحاء‬ ‫العالم وتحمي البيئة وتضع معايير للعمالة وتفتح‬

‫وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره األميركي جون كيري خالل اجتماع بوزارة الخارجية في واشنطن (غيتي)‬

‫أسواقا جديدة‪ .‬إذا ما انغلقنا على أنفسها وبعدنا عن‬ ‫العالم‪ ،‬صدقني‪ ،‬سيكون هناك الكثير من األشخاص‬ ‫املستعدين مللء الفراغ الذي سنخلفه‪.‬‬ ‫> ل��م ت�ع��د امل�ش�ك�ل��ة تتعلق ب��ال�س�ي��اس��ات‪ ،‬بل‬ ‫أصبحت مشكلة سياسية‪ .‬كيف ستتغلب على‬ ‫حقيقة أن هناك الكثير من املكاسب التي يمكن‬ ‫تحقيقها من معارضة التجارة؟‬ ‫ ح�س�ن��ا‪ ،‬أن ال أع �م��ل ب��ال�س�ي��اس��ة اآلن‪ ،‬ف��أن��ا أعمل‬‫في وظيفة أح��اول من خاللها تعزيز وض��ع أميركا‬ ‫ف��ي ال�ع��ال��م وح�م��اي��ة مصالحنا وقيمنا‪ .‬وأع�ت�ق��د أن‬ ‫مصالحنا تكمن ف��ي تمرير اتفاقية ال�ش��راك��ة عبر‬ ‫املحيط ال�ه��ادئ وأعتقد أننا سنؤذي أنفسنا إذا لم‬

‫‪,,‬‬

‫أرغب بشدة في أن أرى‬ ‫سوريا في وضع أفضل‬ ‫وأعمل بجد للتوصل‬ ‫إلى حل في اليمن مع‬ ‫السعوديني والعمانيني‬ ‫والحوثيني‬

‫‪,,‬‬

‫> ل�ق��د ذك ��رت ال �ش��راك��ة ع�ب��ر امل�ح�ي��ط ال �ه��ادئ‪.‬‬ ‫من أكثر األشياء االستثنائية بشأن الشراكة‬ ‫ع �ب��ر امل �ح �ي��ط ال� �ه ��ادئ ه ��ي ال �ف �ج��وة ال�ه��ائ�ل��ة‬ ‫ب�ين كيف ي��راه��ا مجتمع محترفي السياسة‬ ‫الخارجية‪ ،‬عنصرا أساسيا بالنسبة للواليات‬ ‫املتحدة ومعظم العالم‪ ،‬وكيف يراها الجمهور‬ ‫األميركي والكونغرس األميركي‪ .‬ما السبب‬ ‫وراء ذلك؟‬ ‫ هذه قضية مطروقة للغاية‪ ،‬ولكن أميركا لديها فجوة‬‫متنامية بني املوسرين واملعوزين‪ .‬ويتزايد إحساس‬ ‫ال�ن��اس بأنهم ال يشاركون ف��ي م��زاي��ا العوملة‪ .‬وك��ان‬ ‫الغضب يتراكم بسبب عدم استعداد الكونغرس أو‬ ‫عدم قدرته على تحقيق الوعود االنتخابية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬ ‫يشعر الناس بالغضب‪ .‬فلم تعد حياتهم كما كانت‬ ‫من قبل؛ حيث انخفضت قوتهم الشرائية‪ .‬وفي الكثير‬ ‫من الحاالت‪ ،‬انخفض مستوى دخلهم حتى إذا كان‬ ‫ما زال لديهم وظيفة‪ .‬كما فقد بعض الناس وظائفهم‬ ‫بعدما أصبحوا في سن يصعب فيها الحصول على‬ ‫وظيفة أخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬برزت تلك القوى‪ ،‬املناهضة‬ ‫للتجارة‪ ،‬ولكنها ال يجب أن تبرز بهذا القدر؛ فهناك‬ ‫حلول لتلك املشكالت كافة‪.‬‬

‫ننجح في تمريرها والتصديق عليها‪.‬‬ ‫> هناك إحساس متنام في الداخل والخارج‬ ‫ب��أن ال��والي��ات امل�ت�ح��دة ت �ت��راج��ع‪ .‬رب�م��ا كأحد‬ ‫عواقب ذلك‪ ،‬وهناك إحساس متنام بأنه يمكن‬ ‫ال�ت�ع��رض ل �ل��والي��ات امل�ت�ح��دة م��ن دون تحمل‬ ‫العواقب‪ .‬ويمكنك أن ترى ذلك في حاالت عدة‪،‬‬ ‫سواء كان من خالل تحرش روسيا بالطائرات‬ ‫األميركية أو تحرش إيران بالسفن األميركية‬ ‫ف ��ي ال �خ �ل �ي��ج ال �ع ��رب ��ي‪ ،‬أو م ��ن خ �ل�ال م�ق��اب�ل��ة‬ ‫ال�ص�ي�ن�ي�ين غ�ي��ر ال�لائ �ق��ة ألوب��ام��ا ف��ي زي��ارت��ه‬ ‫األخيرة‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان حلفاء أميركا‬ ‫يتذمرون بشأن إحساسهم بأنهم ال يحصلون‬ ‫على الدعم‪ .‬فهل كل ذلك يجعل املهمة أصعب؟‬ ‫وما الذي يمكن عمله في هذا الشأن؟‬ ‫ إن طبيعة النزاع حاليا تجعل املهمة أكثر صعوبة‪،‬‬‫ك�م��ا أن م�س�ت��وى ال�ف�س��اد وع ��دد ال� ��دول ال�ف��اش�ل��ة أو‬ ‫التي ستفشل بالتزامن مع الزيادات الهائلة في عدد‬ ‫السكان واالفتقار إلى الفرص والزيادة في التطرف‬ ‫الديني والصدام بني الحداثة واملحافظة الثقافية‪ ،‬هذه‬ ‫ال�ق��وى ك��اف��ة وغيرها تخلق منظومة م��ن الخيارات‬ ‫املعقدة أمام السياسة الخارجية األميركية‪.‬‬ ‫ي�ك��ون رد فعل الكثير م��ن ال�ن��اس على ه��ذا الوضع‬ ‫هو أن يلوحوا بأيديهم قائلني‪« :‬لم تعد أميركا تفعل‬ ‫ما اعتادت عليه»‪ .‬ولكن ذلك خاطئ‪ .‬خاطئ للغاية‪.‬‬ ‫لقد وضعنا للتو ‪ 3.4‬مليار دوالر م��ن أج��ل خطط‬ ‫طمأنة دول املواجهة في أوروبا‪ .‬ويعمل حلف شمال‬ ‫األطلسي بقوة هناك‪ .‬فبوتني لم يدخل كييف‪ ،‬فهو‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪57‬‬


‫> نعمل بجدية مع اإلماراتيني واملصريني وحكومة الوفاق الوطني الليبية لكي نضع ليبيا‬ ‫في وضع أفضل وندفع بقوة لتحقيق تقدم بارز‬ ‫ك �م��ا أن �ن��ا م �ش ��ارك ��ون ب �ف��اع �ل �ي��ة ف ��ي ع�م�ل�ي��ة س�لام‬ ‫كولومبيا‪ .‬وأتمنى أن نتمكن من تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫ك�م��ا أن ات�ف��اق�ي��ة ال �ش��راك��ة ع�ب��ر امل�ح�ي��ط ال �ه��ادئ من‬ ‫أولويتنا الرئيسية أيضا‪ .‬يجب أن نتمكن من تحقيق‬ ‫ذل��ك؛ ن�ظ��را ألهميتها بالنسبة ل�لأع�م��ال وملستقبل‬ ‫املنطقة‪ .‬كما أن��ه ستعزز ات�ج��اه اإلدارة نحو آسيا‪.‬‬ ‫إضافة إلى أهميتها لعالقاتنا الحيوية مثل عالقتنا‬ ‫بفيتنام التي تشهد تغيرات مهمة في سوق العمل‬ ‫نتيجة ملا فعلناه‪.‬‬ ‫واستطيع أن أؤك��د بثقة أن أجندتنا ستظل حافلة‬ ‫حتى اليوم األخير بما في ذلك‪ ،‬يمكنني أن أضيف‪،‬‬ ‫م��ؤت�م��ر امل�ح�ي�ط��ات ال ��ذي ن��رع��اه‪ .‬س�ي�ك��ون ل��دي�ن��ا ‪35‬‬ ‫وزي��ر خارجية هنا‪ ،‬و‪ 25‬وزي��ر بيئة وممثلون عن‬ ‫نحو ‪ 100‬دول��ة‪ .‬وسيكون لدينا نحو ‪ 120‬مبادرة‬ ‫مختلفة‪ .‬كما ستعلن أكثر من عشر دول عن مناطق‬ ‫ح�م��اي��ة ب�ح��ري��ة‪ .‬وس�ن��ؤس��س شبكة محيطات آمنة‬ ‫دولية جديدة تساعد على حماية مصايد األسماك‬ ‫املستدامة وتعيد التركيز على املحيطات‪.‬‬ ‫باراك أوباما‬

‫> هل تستطيع تخيل صفقة يمكن أن ترضى‬ ‫عنها الواليات املتحدة وإيران وروسيا معا؟‬ ‫ أجل أستطيع تخيلها‪ .‬إنهم مستعدون للمساومة‪،‬‬‫ولكن لن يفصح أحد عن سقف التفاوض في املرحلة‬ ‫ال �ح��ال �ي��ة‪ .‬ول �ك��ن ال �ج �ل��وس ع �ل��ى ط��اول��ة امل �ف��اوض��ات‬ ‫واختبار ذل��ك عبر امل�ف��اوض��ات أفضل م��ن الجلوس‬ ‫ومشاهدة الدمار الشامل لحلب وسوريا‪.‬‬ ‫> أمامك فترة قليلة في منصبك‪ ،‬ما هو أكثر‬ ‫شيء تتمنى تحقيقه؟‬ ‫ ربما لن يكون ذلك مفاجئا بالنسبة لك‪ .‬ولكنه ليس‬‫شيئا واحدا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نصدق على اتفاقية‬ ‫فنحن نضغط بقوة اآلن لكي‬ ‫باريس‪ ،‬املتعلقة بالتغير املناخي‪ ،‬وتفعيلها‪ .‬وأرغب‬ ‫أنا والرئيس في أن نتمكن من تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫وبالطبع أرغ��ب بشدة في أن أرى سوريا في وضع‬ ‫أف�ض��ل‪ .‬كما أنني أعمل بجد للتوصل إل��ى ح��ل في‬ ‫اليمن مع السعوديني والعمانيني والحوثيني وغيرهم‪.‬‬ ‫ورب�م��ا نستطيع التوصل إل��ى وق��ف إط�ل�اق النيران‬ ‫الفترة املقبلة‪.‬‬ ‫ك�م��ا أن�ن��ا نعمل ب�ج��دي��ة ل�ك��ي ن�ض��ع ليبيا ف��ي وض��ع‬ ‫أف� �ض ��ل‪ ،‬ح �ي��ث ن �ع �م��ل م ��ع اإلم ��ارات� �ي�ي�ن وامل �ص��ري�ين‬ ‫وحكومة الوفاق الوطني الليبية‪ ،‬وأعتقد أننا نحرز‬

‫‪56‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫أولويتنا األولى انا وأوباما‬ ‫هي أن نتأكد قبل أن نغادر‬ ‫مناصبنا من أن «داعش»‬ ‫قد أصبحت في وضع‬ ‫صعب للغاية‬

‫‪,,‬‬

‫تلك املشكلة بدال من مشاهدة االنهيار الوشيك للدولة‪.‬‬ ‫> أال تعتقد أن ذلك االنهيار قد حدث بالفعل؟‬ ‫ ال‪ .‬إنه وشيك‪ .‬ولكنني أعتقد أنه ما زال باإلمكان‬‫الحفاظ على وحدة الدولة‪.‬‬

‫بعض التقدم‪ .‬ورغم أنه أبطا مما أرغب فيه‪ ،‬ولكننا‬ ‫ندفع بقوة لتحقيق تقدم هناك‪.‬‬ ‫ول�ك��ن أولويتنا األول ��ى ه��ي أن نتأكد قبل أن نغادر‬ ‫مناصبنا م��ن أن «داع� ��ش» ق��د أص�ب�ح��ت ف��ي وض��ع‬ ‫صعب للغاية‪ .‬فقد تمكنا من التأثير إلى حد كبير‬ ‫في قدراتها؛ فهي لم تتمكن من الحصول على أي‬ ‫أرض جديدة خالل الثمانية عشر شهرا املاضية‪ .‬كما‬ ‫أن قيادتها انهارت إلى حد كبير‪ ،‬وتمكنا من الحد من‬ ‫أعداد القوات التي تتدفق على البالد‪ ،‬كما أنهم خسروا‬ ‫معارك كبرى في العراق وسوريا‪.‬‬ ‫ل�ق��د تمكنا م��ن إخ� ��راج ال��واف��دي��ن‪ ،‬وإع� ��ادة ال�س�ك��ان‬ ‫األصليني‪ .‬فقد قمت بتوجيهات من الرئيس بتكوين‬ ‫ائتالف من ‪ 66‬دولة‪ ،‬ونحن نعمل بفاعلية في جهود‬ ‫متعددة األطراف وموحدة للتخلص من ذلك البالء‪.‬‬

‫> ع�ن��دم��ا تنظر إل��ى امل ��دة ال�ت��ي قضيتها في‬ ‫منصبك‪ ،‬ما أهم شيء لم تتمكن من تحقيقه؟‬ ‫ من الواضح بالنسبة للجميع أن التوصل إلى السالم‬‫الدائم بني إسرائيل وفلسطني يمثل تحديا مستمرا‪.‬‬ ‫> ما الذي يعوق التقدم؟‬ ‫ ي �ب��دو أن �ن��ا اس�ت�خ��دم�ن��ا امل �ق��ارب��ة نفسها لقضايا‬‫مختلفة للغاية‪ .‬وق��د حقق ذل��ك نتائجه في قضايا‬ ‫مثل إيران‪ ،‬ولكنه لم يفلح في تلك القضية‪.‬‬ ‫> ملاذا ذلك؟‬ ‫ ألن هناك أحداثا تتقاطع مع ذلك‪.‬‬‫> أحداث أم شخصيات؟‬ ‫ مزيج منهما‪ .‬يجب أن يكون لديك شركاء مرحبون‬‫لكي تتمكن من إتمام االتفاق‪ .‬فيجب أن تكون لدى‬ ‫الناس رغبة في املوافقة‪ .‬وهناك أسئلة حقيقية حول‬ ‫ما إذا كان أي من هؤالء األطراف يرغب في تحقيق‬ ‫ذلك في هذه املرحلة‪.‬‬ ‫كما أن لديك أيضا أحداثا خارجية‪ .‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫أن تسمع في الراديو‪ ،‬وأنت داخل املفاوضات‪ ،‬أن هناك‬ ‫عملية مصالحة تجري بني حماس وفتح؛ فذلك نوع‬ ‫م��ن امل�ق��اط�ع��ات ال�ت��ي ت�ح�ت��اج إل��ى ب�ع��ض ال��وق��ت لكي‬ ‫تتغلب عليها‪.‬‬ ‫إذا كان لدينا املزيد من الوقت‪ ،‬كنا سنعود إلى طاولة‬ ‫امل�ف��اوض��ات‪ .‬فقد وضعنا األس��اس لخريطة طريق‬ ‫مثالية‪ .‬كما أن لدينا إدراك��ا واضحا ملا يجب عمله‪.‬‬ ‫كما أننا حققنا إنجازات أكثر من أي إدارة أخرى في‬ ‫التاريخ فيما يتعلق بالقضايا األمنية‪ .‬فقد عملت مع‬ ‫الجنرال جون ألني بجدية شديدة على تطوير شيء‬


‫وزير الخارجية الروسي سيرغي الفروف واملبعوث الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا ووزير الخارجية األميركي جون كيري قبل مؤتمر صحافي باألمم املتحدة (غيتي)‬

‫> في رأي��ك‪ ،‬ما الحل األكثر واقعية بالنسبة‬ ‫لسوريا؟‬ ‫ أعتقد أن سوريا لديها القدرة على أن تتحد مجددا‪.‬‬‫وأستطيع أن أتخيل عملية انتقالية تضع أعضاء من‬ ‫املعارضة في حكومة البالد‪ .‬وأن يكون لديك وقف‬ ‫إطالق نيران يمكنه االستمرار‪ .‬وتعمل على توحيد‬ ‫الناس في مواجهة «النصرة» و«داعش» وخلق تحول‬ ‫سياسي يمكنه أن يؤدي إلى انتخابات تمكن الشعب‬ ‫ال�س��وري م��ن تحديد مستقبله‪ .‬أستطيع أن أتخيل‬

‫‪,,‬‬

‫الجلوس على طاولة‬ ‫املفاوضات أفضل من‬ ‫مشاهدة الدمار الشامل‬ ‫في حلب وسوريا‬

‫‪,,‬‬

‫العظمى بوريس جونسون‪ ،‬ووزير خارجية إيطاليا‬ ‫باولو جينتيلوني حول كيف يمكننا العمل‪ .‬وما زال‬ ‫الجميع ملتزمون للغاية بمحاولة ال�ح��د م��ن العنف‬ ‫وتقليل الضحايا واالن�ت�ق��ال إل��ى ط��اول��ة املفاوضات‬ ‫والدخول في حوار حقيقي حول االنتقال السياسي‪.‬‬ ‫وذلك هو ما نركز عليه في لوزان؛ حيث ال يمكننا أن‬ ‫نتجاهل ما يحدث في سوريا؛ ألن ذلك سيكون غير‬ ‫أخالقي وغير مسؤول‪ ،‬وشكال من أشكال املمارسات‬ ‫الدبلوماسية السيئة‪ .‬يجب أن نشارك‪ ،‬وسواء أحببنا‬ ‫ذل��ك أم ال‪ ،‬ف��إن روس�ي��ا ط��رف رئيسي ف��ي املساعدة‬ ‫على إيجاد حل‪.‬‬

‫ذل��ك‪ .‬ولكن ال��وص��ول إل��ى تلك النقطة يتطلب خفض‬ ‫مستوى العنف والتركيز على اإلرهابيني الحقيقيني‬ ‫وب��دء عملية سياسية شرعية تمكن الناس ووضع‬ ‫أس��اس للتغيير ال��دس�ت��وري ووض��ع خريطة طريق‬ ‫يستطيع الناس قبولها‪ .‬وستكون في حاجة إلى من‬ ‫يراقب ومن يتواجد على األرض‪ ،‬ومن يقدم املساعدات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وهو ما سيصنع فارقا‪ .‬تلك هي الرؤية‪،‬‬

‫ولكن تحقيقها أمر معقد للغاية‪.‬‬ ‫> في أفضل السيناريوهات‪ ،‬أين ستذهب بنا‬ ‫صفقة مع سوريا بعد عام أو اثنني من اآلن؟‬ ‫ ف��ي أف�ض��ل السيناريوهات ستتمكن م��ن تحقيق‬‫ت �ح��ول س �ي��اس��ي وال ��وص ��ول إل ��ى اس �ت �ف �ت��اء ي�خ�ت��ار‬ ‫الناس عبره قيادتهم‪ .‬ويصبح لدينا سوريا علمانية‬ ‫دستورية ديمقراطية قادرة على أن تظل موحدة‪ ،‬وأن‬ ‫تحترم حقوق األقليات بها‪.‬‬ ‫> وكيف يمكن الوصول إلى ذلك في ظل وجود‬ ‫شخص مثل بشار األسد الذي قال إنه ما زال‬ ‫يخطط لغزو سوريا بمجملها؟‬ ‫ الناس تقول أشياء دائما‪ .‬فما زال بعض عناصر‬‫املعارضة يقولون إن األسد يجب أن يرحل غدا؛ وأنا‬ ‫ال أع��ول على ذل��ك أيضا‪ .‬دعونا نر ما ال��ذي سيقوله‬ ‫األسد إذا ما اتفقت روسيا وإيران وغيرهما على أن‬ ‫من مصلحتهم الحفاظ على السالم ودفع األمور إلى‬ ‫األمام‪ .‬إذا ما حققت االستقرار‪ ،‬وبدأ الناس يعودون‬ ‫إل��ى وط�ن�ه��م وب� ��دأت دي�ن��ام�ي��ات امل �ع��ادل��ة ت�ت�غ�ي��ر‪ ،‬ف��إن‬ ‫سياسة التفاوض ستتغير أيضا‪ .‬وليس من املمكن‬ ‫ّ‬ ‫توقع جميع تفاصيل ذلك‪ ،‬ولكنني أفضل أن أتعامل مع‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪55‬‬


‫بعد قضائه خمس مدد في مجلس الشيوخ األميركي‪ ،‬بما في ذلك أربع سنوات رئيسا للجنة العالقات الخارجية‪ ،‬واملرور عبر‬ ‫تجربة ترشح للرئاسة لم تكلل بالنجاح‪ ،‬أصبح جون كيري وزيرا للخارجية في إدارة أوباما في فبراير (شباط) ‪.2013‬‬ ‫ومنذ ذلك‪ ،‬كان كيري‪ ،‬الذي حصل على وسام بصفته مقاتال مخضرما بحرب فيتنام‪ ،‬في حالة حركة مستمرة حتى أنه قطع‬ ‫عددا من األميال يفوق جميع من سبقوه (وفقا آلخر إحصاء قطع كيري نحو ‪ 1281744‬ميال)‪.‬‬ ‫التقت جوناثان تبرمان مدير تحرير «الفورين أفيرز» بكيري ملناقشة فترة عمله وزيرا للخارجية وخططه خالل الفترة القليلة‬ ‫املتبقية له في منصبه‪ .‬و بعدما انهارت الصفقة التي كان كيري يتفاوض عليها مع الروس بشأن سوريا تحدث وزير الخارجية‬ ‫األميركي بالتفصيل عن تداعيات انهيار الصفقة وهذا هو نص الحوار‪.‬‬

‫ماذا قال عن خططه في الفترة القليلة املتبقية له بمنصبه وماهي نصيحته ملن سيأتي بعده‬

‫جون كيري‪ :‬هذا ما قدمته الخارجية األميركية للعالم‬ ‫واشنطن‪ :‬جوناثان تبرمان *‬ ‫> لقد كنت تتفاوض مؤخرا على عقد‬ ‫صفقة مع الروس بشأن سوريا‪ .‬ورغم‬ ‫أن��ك كنت ح��ذرا‪ ،‬فقد كنت مقتنعا بأن‬ ‫ه �ن��اك أس �ب��اب��ا ي�م�ك��ن أن ت�ج�ع��ل وق ��ف إط�ل�اق‬ ‫النيران ينجح‪ .‬ثم وبالطبع‪ ،‬انهارت الصفقة‬ ‫بعد أيام من عودتك‪ .‬ما الذي حدث؟‬ ‫ لقد انهارت ألسباب ع��دة‪ .‬ولكن السبب الرئيسي‬‫ي��رج��ع إل ��ى ال �ه �ج��وم ال ��ذي ت��م ش�ن��ه أث �ن��اء ل�ق��ائ�ن��ا مع‬ ‫املجموعة الدولية لدعم سوريا في مدينة نيويورك‪.‬‬ ‫وأعلم أن وزارة الخارجية الروسية التي كانت تتفاوض‬ ‫معي لم يكن لديها علم بالقصة‪.‬‬ ‫فقد طلب وزير الخارجية الروسي سيرغي الفروف‬ ‫من رجاله االتصال على الفور‪ ،‬ومن الواضح أنه كان‬ ‫متفاجئا‪ .‬ولكنهم ش�ن��وا هجوما واس�ع��ا ف��ي حلب‬ ‫وهو ما ناقشناه في االجتماع‪ .‬وجعل الوضع صعبا‬ ‫ل�ل�غ��اي��ة‪ .‬وك��ان��ت امل�ع��ارض��ة تفهم م��ا ي �ح��دث‪ .‬وك��ان��وا‬ ‫حذرين للغاية بشأن االتفاق؛ ألنهم لم تكن لديهم ثقة‬ ‫في ال��روس‪ ،‬وف��ي أن الهجوم سيفرق بني املعارضة‬ ‫(املعتدلة) و«النصرة» (كما كان متفق)‪ .‬وقد اتضح‬ ‫أن انعدام الثقة هذا كان له ما يبرره‪.‬‬ ‫فقد استغل الروس حادث الهجوم الجوي األميركي‬ ‫على مؤسسة عسكرية روس�ي��ة م�ب��ررا الستئناف‬ ‫هجماتهم‪ .‬وهذا دقيق للغاية‪.‬‬ ‫> هل تعتقد اآلن أن الروس لم يكونوا مخلصني‬ ‫من البداية وأن الصفقة كانت ستنهار حتى من‬ ‫دون ذريعة الهجوم الجوي األميركي؟‬ ‫يمكنني بالطبع أن أل�ق��ي ب��االت�ه��ام��ات وأن أصبح‬ ‫متشككا‪ ،‬ولكننا نريد للدبلوماسية أن تستمر‪ .‬فقد‬ ‫أخبرنا الشعب السوري بأننا لن نتخلى عنهم‪ .‬ومن‬ ‫ثم فإنني لن أتحدث عن نوايا طيبة ونوايا سيئة‪.‬‬ ‫فيستطيع الناس أن يتوصلوا إل��ى االستنتاجات‬ ‫ال �ت��ي ت� ��روق ل �ه��م‪ .‬ول �ك �ن �ن��ي أوض� �ح ��ت أن األع� ��ذار‬ ‫الروسية كانت مجرد أعذار وليست تفسيرات كما‬ ‫أننا أوضحنا لهم أنهم ال يستطيعون خلق حقائق‬

‫‪54‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫التي ستستخدم حق الفيتو ملنع ذلك‪.‬‬ ‫> أخذا في االعتبار كل ما حدث خالل سبتمبر‬ ‫املاضي‪ ،‬هل ترى أي فرصة واقعية للتواصل‬ ‫مع الروس في قضايا أخرى مثل أوكرانيا؟‬ ‫ أجل‪ ،‬فنحن نتواصل معهم حاليا بشأن أوكرانيا‪.‬‬‫فقد كان لدينا اجتماعات خالل الشهر املاضي بشأن‬ ‫تلك القضية‪ .‬وتحدثت أنا ووزير الخارجية الروسي‪،‬‬ ‫الفروف‪ ،‬حول الخطوات املقبلة والعمليات وتتواصل‬ ‫ف��رق العمل حاليا ونتمنى أن نستطيع تحقيق قدر‬ ‫من التقدم هناك‪ .‬ونحن ال نتجاهل حقيقة أن هناك‬ ‫قضايا أخرى يجب أن نعمل عليها‪ ،‬سواء في كوريا‬ ‫الشمالية أو قضايا أخرى متعلقة بالشرق األوسط‪.‬‬

‫خاصة بهم‪.‬‬ ‫> هل يعد تزايد انتقاداتك لروسيا دليال على‬ ‫أن اإلدارة قد تخلت عن محاوالت العمل املباشر‬ ‫مع موسكو؟‬ ‫ كال‪ ،‬لم نتخل عنها‪ .‬فقد علقنا الحوار الثنائي بشأن‬‫التعاون في القتال ضد «جبهة النصرة» و«داع��ش»‪.‬‬ ‫ولكننا لن نتخلى عن الجهود متعددة األطراف لكي‬ ‫نحاول التوصل إلى وقف إطالق النار ونرى إذا ما كنا‬ ‫سنستطيع أن نتوصل إلى مسار سياسي يمكنه أن‬ ‫ينجح‪ .‬فالبديل هو أن نجلس مكتوفي األيدي فيما يتم‬ ‫قصف املدنيني األبرياء ويفلت املعتدون من الجزاء‪.‬‬ ‫ولذلك؛ فإننا سنستضيف اجتماعا آخر لكي نرى إذا‬ ‫ما كنا نستطيع أن ندفع الناس للتركيز على الحاجة‬ ‫> إذن‪ ،‬لم تعرقل سوريا تلك الحوارات األخرى؟‬ ‫املاسة لكي نفعل شيئا حيال العنف‪.‬‬ ‫ ما زالت القضايا األخرى معقدة في حد ذاتها‪ ،‬ولكننا‬‫> ل �ق��د ق �ل��ت إن ال �ب��دي��ل ال��وح �ي��د ل �ل �م��زي��د من نحاول أن نجد وسائل للتقدم‪ .‬وأعتقد أن الروس مثلنا‬ ‫امل �ف��اوض��ات ه��و أن نجلس ون�ش��اه��د الشعب يركزون على محاولة الفصل بني القضايا املختلفة‪،‬‬ ‫ال �س��وري وه ��و ي �م��وت‪ .‬ول �ك��ن ب��ال�ط�ب��ع‪ ،‬هناك ومن ثم فنحن نبحث إذا ما كنا نستطيع إحراز التقدم‬ ‫ب��دي��ل آخ��ر وه��و أن تتدخل ال��والي��ات املتحدة في بعضها‪.‬‬ ‫ع�س�ك��ري��ا‪ .‬ه��ل ذل��ك م �ط��روح ح��ال�ي��ا‪ ،‬أخ ��ذا في‬ ‫> لقد ذكرت من قبل أن وزير الخارجية الفروف‬ ‫االعتبار انهيار التعاون األميركي الروسي؟‬ ‫ لقد تحدث الرئيس عن الخيارات‪ .‬وطلب أن نقدم كان مندهشا عندما بدأ قصف حلب‪ .‬هل لديك‬‫تقييما‪ .‬وبالتالي فإنني سأحتفظ بمالحظاتي حتى إحساس بأن جزءا من املشكلة يعود إلى عدم‬ ‫أقدمها للرئيس‪ .‬ولكنني قلت من قبل إنه من الضروري التواصل املباشر بينه وبني الرئيس بوتني؟‬ ‫أن تكون لدينا وسائل لتغيير حسابات األسد في تلك ‪ -‬إن وزي ��ر ال�خ��ارج�ي��ة الف� ��روف ي �ق��دم ت �ق��اري��ره إل��ى‬ ‫العملية‪ ،‬وأنه يجب أن تكون هناك مساءلة عن األشياء الرئيس بوتني‪ .‬وكان ينقل الرسائل بدقة وليس لدي‬ ‫التي يقول الناس إنهم سيفعلونها‪.‬‬ ‫أي دليل على ما أشرت أنت إليه‪ .‬ولكنني أعتقد أنه في‬ ‫بعض األحيان يمكن أن تعمل وزارة الدفاع على نحو‬ ‫> ف��ي ه ��ذا اإلط � ��ار‪ ،‬ه��ل س �ت �ق��وم��ون بتحريك يجعل الحياة معقدة‪.‬‬ ‫ال �ت �ح �ق �ي��ق ف ��ي ج ��رائ ��م ال � �ح ��رب ض ��د س��وري��ا‬ ‫وروسيا؟‬ ‫> أين يترك ذلك سوريا؟‬ ‫ حسنا‪ ،‬لقد دعيت إلى ذلك‪ ،‬ويجب أن يتم تحريك تلك ‪ -‬كما قلت‪ ،‬نحن عازمون على عدم التخلي عن الشعب‬‫القضايا‪ .‬ولكن إحدى املشكالت الرئيسية التي تواجه ال �س��وري‪ .‬فنحن نعمل ع��ن كثب م��ع زمالئنا الذين‬ ‫ذل��ك هي أن سوريا ليست طرفا بالنسبة للمحكمة يفكرون مثلنا‪ .‬فقد كانت هناك الكثير من الحوارات‬ ‫الجنائية الدولية‪ ،‬ومن ثم فإن املحكمة الجنائية الدولية ب�ي�ن��ي وب�ي�ن وزي ��ر ال �خ��ارج �ي��ة األمل��ان��ي ف��ران��ك فالتر‬ ‫تقول إنها لن تكون مختصة إال إذا طلب مجلس األمن شتاينماير خ�لال األي��ام املاضية‪ ،‬ووزي��ر الخارجية‬ ‫منها إجراء ذلك النوع من التحقيق‪ ،‬ونحن نعرف البلد الفرنسي جان مارك إيرولت‪ ،‬ووزير خارجية بريطانيا‬


‫تدشن موقعها الجديد باللغة اإلنجليزية على اإلنترنت‬

‫‪.com‬‬

‫‪The View From The East‬‬ ‫األفكار خلف األخبار‬

‫نافذة باللغة اإلنجليزية على السياسة العربية والشرق أوسطية‬ ‫يكتبها ويحررها نخبة من أبرز الكتاب الغربيني‪.‬‬

‫> هيكلة جميع األقسام في املوقع لتسهيل عملية تصفحه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫> خدمات جديدة جعلت املوقع أكثر تفاعال مع زائريه‪.‬‬ ‫خدمة صوتية ومرئية لألخبار العاجلة وتقارير‬ ‫> ‪Live‬‬ ‫وحوارات بالصوت والصورة من قلب الحدث‪.‬‬ ‫> نقل آخر وأهم التغريدات العاملية املؤثرة‪ ،‬والتفاعل معها عبر املوقع‪.‬‬ ‫> أعمق التحقيقات والتقارير الحصرية‪ ،‬وأدق التحليالت وأبرز‬ ‫ً‬ ‫التعليقات وأكثرها واقعية وتميزا‪.‬‬

‫شؤون سياسية < قضايا < حتقيقات < تقارير < ثقافة < آراء ووجهات نظر < مقابالت < فنون < أحداث مصورة < بروفايل < سيلفي < صحة وطب بديل < مذكرات < فنون < رياضة < ذاكرة املكان‬


‫ً‬ ‫كثيرا على الساحة الفلسطينية الشهر املاضي‪ ،‬بسبب فحوصات طبية أجراها‬ ‫من يخلف الرئيس «أبو م��ازن»؟ سؤال تردد‬ ‫الرئيس الفلسطيني محمود عباس‪ ،‬واستدعت نقله إلى أحد املستشفيات بشكل عاجل‪.‬‬

‫مقربون من «أبو مازن» يدعونه لالستراحة‪ ..‬وجدل حول خالفته‬ ‫القاهرة‪ :‬محمد عبد الرءوف‬ ‫ورغ��م أن عباس‪ 81 ،‬ع� ً�ام��ا‪ ،‬وال��ذي ي��رأس السلطة‬ ‫الوطنية الفلسطينية منذ ‪ 2005‬خرج في وسائل‬ ‫اإلعالم ليؤكد أنه أجرى عملية قسطرة في القلب‪،‬‬ ‫وأنه يمارس عمله بشكل طبيعي‪ ،‬إال أن تلك الواقعة فتحت الباب‬ ‫أمام جدل حول خليفته‪ ،‬في ظل عدم تعيينه لنائب له‪ ،‬وتعطيل‬ ‫املجلس التشريعي الفلسطيني‪ ،‬واحتدام الخالفات داخل حركة‬ ‫فتح‪ ،‬من جهة‪ ،‬وبينها وحركة حماس‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وبحسب القانون األساسي الفلسطيني يتولى رئيس املجلس‬ ‫التشريعي منصب الرئاسة في ح��ال خلوه ألي سبب‪ ،‬وهو‬ ‫ما حدث بعد وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات‬ ‫عندما تولى روحي فتوح‪ ،‬رئيس املجلس التشريعي‪ ،‬وقتها‬ ‫الرئاسة مل��دة ‪ً 60‬‬ ‫يوما ج��رت خاللها االنتخابات التي جاءت‬ ‫بعباس ً‬ ‫رئيسا‪ .‬إال أن املجلس التشريعي الفلسطيني معطل‬ ‫منذ ‪ ،2006‬كما أن رئيسه قيادي بحماس وهو عزيز الدويك‪.‬‬ ‫وال تعترف فتح ب�ـ«دوي��ك» اآلن ً‬ ‫رئيسا للمجلس التشريعي‪،‬‬ ‫وتعد واليته منتهية‪ ،‬وتقول إنه يجب عقد املجلس التشريعي‬ ‫ب�ق��رار رئ��اس��ي‪ ،‬وم��ن ث��م يتم ان�ت�خ��اب رئ��اس��ة املجلس خالل‬ ‫الجلسة األولى‪.‬‬ ‫وكان الرئيس عباس قد شكل قبل أعوام لجنة قانونية لبحث‬ ‫إمكانية استحداث منصب نائب للرئيس‪ ،‬إال أنها فشلت في‬ ‫مهمتها بسبب التعقيدات القانونية والسياسية‪.‬‬ ‫وف��ي أبريل (نيسان) املاضي شكل الرئيس عباس محكمة‬ ‫ً‬ ‫دستورية لتكون بديال للمجلس التشريعي‪ ،‬األمر الذي يقطع‬ ‫ً‬ ‫الفرصة على حركة حماس للوصول إلى كرسي الحكم بديال‬ ‫لعباس‪ .‬نبيل أبو ردينة‪ ،‬املتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية‪،‬‬ ‫أكد لـ«املجلة» أن صحة الرئيس عباس جيدة وال يوجد ما يعيقه‬ ‫ً‬ ‫عن أداء عمله‪ ،‬رافضا التطرق إلى اإلج��راءات املتوقعة لشغل‬ ‫منصب الرئيس حال خلوه ألي سبب‪.‬‬ ‫فيما ك�ش��ف م�ص��در فلسطيني م�ق��رب م��ن ال��رئ�ي��س عباس‬ ‫لـ«املجلة» عن أن أسرته تضغط عليه للتقاعد والخلود للراحة‬ ‫بعد سنوات طويلة من خدمة القضية الفلسطينية‪ ،‬فيما قال‬ ‫إن «عباس ال ينوي الترشح لالنتخابات الرئاسية املقبلة في‬ ‫كل األحوال»‪ .‬يأتي ذلك فيما رجحت مصادر فتحاوية تأجيل‬ ‫حسم خالفة عباس إلى املؤتمر العام السابع لحركة فتح املرجح‬ ‫عقده في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي‪ ،‬وهو األول‬ ‫الذي تعقده الحركة منذ عام ‪.2009‬‬ ‫وقالت املصادر إن «كل التحضيرات لعقد املؤتمر قد أنجزت‬ ‫ولم يتبق سوى القضايا اإلجرائية لحضور كل األعضاء من‬ ‫ال�خ��ارج وم��ن قطاع غ��زة»‪ ،‬مشيرة إل��ى أن��ه سيتخلل املؤتمر‬ ‫انتخابات للجنة املركزية لحركة فتح املؤلفة من ‪ً 23‬‬ ‫عضوا والتي‬ ‫يترأسها عباس‪ ،‬باإلضافة إل��ى انتخابات للمجلس الثوري‬ ‫املؤلف من ‪ً 132‬‬ ‫عضوا‪ .‬وأضافت املصادر أن تلك االنتخابات‬ ‫ستحدد قضايا كثيرة من بينها منصب نائب الرئيس وإجراء‬ ‫أي ت�ع��دي�لات ف��ي ال�ق��ان��ون األس��اس��ي الفلسطيني (ال��دس�ت��ور‬ ‫املؤقت) وه��ي أم��ور من اختصاص املجلس التشريعي‪ ،‬لكن‬

‫‪52‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫فلسطينيون داعمون لحركة فتح وسيدة تحمل صورة‬ ‫شخصية للرئيس محمود عباس خالل مظاهرة في مدينة‬ ‫رام الله بالضفة الغربية ‪ 4‬أكتوبر ‪( 2016‬غيتي)‬

‫كونه معطال أحالها إلى اللجنة املركزية‪.‬‬ ‫وي ��رى الكثير م��ن املحللني أن خليفة ع�ب��اس ل��ن ي�خ��رج عن‬ ‫محمد دحالن القيادي الفتحاوي السابق‪ ،‬وناصر القدوة وزير‬ ‫الخارجية األسبق ونجل شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات‪،‬‬ ‫وص��ائ��ب عريقات كبير امل�ف��اوض�ين ال�س��اب��ق‪ ،‬وس�لام فياض‬ ‫رئيس الوزراء السابق‪ ،‬ومروان البرغوثي القيادي الفتحاوي‬ ‫األسير في سجون إسرائيل‪.‬‬ ‫املحلل السياسي الفلسطيني هاني املصري يرى أن القيادي‬ ‫الفتحاوي السابق محمد دحالن من أكثر املنافسني على خالفة‬ ‫الرئيس عباس‪ ،‬وقال لـ«املجلة» إن «دحالن صرح بأنه لن يسمح‬ ‫لـ(أبو مازن) باختطاف مؤتمر فتح‪ ،‬حسب تعبيره‪ ،‬ما يعني‬ ‫أننا مقبلون على مواجهة ذات أبعاد إقليمية»‪.‬‬ ‫وأضاف املصري‪« :‬لقد تسربت معلومات غير مؤكدة‪ ،‬وآمل‬ ‫أال تكون صحيحة‪ ،‬عن نية دح�لان وجماعته تنظيم مؤتمر‬ ‫خاص في غزة بشكل متزامن مع موعد املؤتمر السابع بضوء‬ ‫أخضر من حماس‪ ،‬ما يعطي ‪ -‬إن حصل ‪ً -‬‬ ‫بعدا آخر يعمق‬ ‫االنقسام بصورة أكبر‪ ،‬إذ سيبدو االنقسام بني غزة والضفة‬ ‫وليس ً‬ ‫ناتجا عن خالفات سياسية وآيديولوجية ومصالح‬ ‫متضاربة بني فتح وحماس‪ ،‬ومعسكر كل واحد منهما‪ .‬وهذا‬ ‫أخطر ما يمكن أن يحدث»‪ .‬وأكد أن الرئيس عباس يستطيع أن‬ ‫ينهي حياته السياسية بشكل يسجله التاريخ بأحرف من نار‬ ‫ونور‪ ،‬من خالل فتح الطريق للتغيير واعتماد خيارات بديلة‬ ‫وطي صفحة االنقسام السوداء‪ ،‬وتمهيد الطريق لعودة فتح‬ ‫والحركة الوطنية واحدة موحدة ً‬ ‫بعيدا عن كل أشكال الوصاية»‪.‬‬ ‫أما املحلل الفلسطيني طالل عوكل فيرى أن اختيار الرئيس‬ ‫الفلسطيني القادم أمر لن يكون بيد الفلسطينيني وحدهم‪،‬‬ ‫وق��ال لـ«املجلة» إن «ه�ن��اك ش��رك��اء ف��ي القضية الفلسطينية‬

‫هم العرب وال��دول املانحة وال��والي��ات املتحدة وإسرائيل‪ ،‬وأي‬ ‫ً‬ ‫رئ�ي��س فلسطيني ق��ادم يجب أن ي�ك��ون م�ق�ب��وال ع��ن الشعب‬ ‫الفلسطيني وك��ل ه��ؤالء»‪ .‬وأض��اف ع��وك��ل‪« :‬ل��و ك��ان املجلس‬ ‫التشريعي غير معطل م��ا قبلت بعض ه��ذه األط��راف وج��ود‬ ‫رئيسه القيادي الحمساوي عزيز الدويك على رأس السلطة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وحماس تدرك ذلك ً‬ ‫جيدا»‪.‬‬ ‫ويرجح املحلل الفلسطيني أن «حماس وفتح وك��ل األط��راف‬ ‫الفلسطينية سيجمعون بسهولة على شخص الرئيس القادم؛‬ ‫ألن الجميع يدرك أن الفراغ مضر بالقضية ومصلحة الشعب‬ ‫الفلسطيني ومصلحة الجميع»‪.‬‬ ‫ويرى عوكل أن مؤتمر فتح سيحدد بشكل كبير اسم خليفة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عباس؛ ألنه ال بد أن يكون ً‬ ‫وعضوا باللجنة‬ ‫فتحاويا‬ ‫قياديا‬ ‫امل��رك��زي��ة؛ ألن��ه بطبيعة ال�ح��ال س�ي��رأس ح��رك��ة فتح ومنظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة األزهر بغزة‪،‬‬ ‫الدكتور ناجي ش��راب‪ ،‬لـ«املجلة» إن املشكلة في ح��ال غياب‬ ‫عباس ألي سبب هو كثرة املناصب التي يتوالها فهو رئيس‬ ‫الدولة والسلطة‪ ،‬ومنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬والقائد العام‬ ‫لألجهزة األمنية وحركة فتح‪.‬‬ ‫وأضاف أنه في حال غياب عباس عن الصورة من الطبيعي أن‬ ‫تحدث انقسامات في ظل بيئة االنقسام الفلسطيني الجذري‬ ‫(حماس وفتح)‪ ،‬وانقسامات «فتح» نفسها‪.‬‬ ‫ويرى شراب أن هناك سيناريوهات سوداوية ملا يمكن أن يحدث‬ ‫إذا لم يتم ترتيب الوضع الفلسطيني في حياة الرئيس عباس‬ ‫ملرحلة م��ا ب�ع��ده‪ ،‬خاصة ف��ي ظ��ل ع��دم وج��ود نائب للرئيس‪،‬‬ ‫وتعطل املجلس التشريعي الذي ينص القانون األساسي على‬ ‫تولي رئيسه منصب الرئاسة <‬


‫أملانيا عن النظام العاملي الذي تقوده أميركا‪.‬‬ ‫ورغم أنه من غير املحتمل أن يشارك حزب البديل من أجل‬ ‫وطنية في العام املقبل ‪ ،2017‬فإنه ال‬ ‫أملانيا في أي حكومة ُ‬ ‫عطل‪ ،‬وإبعاده لألصوات املحافظة‬ ‫امل‬ ‫يمكن االستهانة بدوره ِ‬ ‫ع��ن االت��ح��اد ال��دي��م��ق��راط��ي املسيحي‪ -‬االت��ح��اد االجتماعي‬ ‫املسيحي‪ ،‬خاصة إذا جعل ميركل غير قادرة على تشكيل‬ ‫ائتالف حقيقي‪ .‬جدير بالذكر أن استمرار شعبية البديل‬ ‫من أجل أملانيا في االنتخابات املقبلة للواليات سوف ُيشعل‬ ‫ً‬ ‫أيضا املناقشات الحالية داخل االتحاد الديمقراطي املسيحي‬ ‫ االت���ح���اد االج��ت��م��اع��ي امل��س��ي��ح��ي ب���ش���أن االس��ت��رات��ي��ج��ي��ة‬‫ُ‬ ‫السياسية والقيادة املستقبلية‪ ،‬ومن املحتمل أن يشجع النقاد النداء األخير؟‬ ‫الداخليني مليركل على إجبارها لتغيير املسار أو مغادرة‬ ‫السباق‬ ‫السياسي كلية‪ .‬لقد أدى بالفعل إلى تخلي ميركل حتى لو تمكنت ميركل من البقاء بعد االنتخابات املقبلة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عن سياستها املرحبة باملهاجرين‪ .‬ومن املحتمل أن يؤدي‬ ‫املزيد من الهجوم على شعبيتها إلى إضعاف املوقف األملاني‬ ‫ً‬ ‫في مفاوضات البريكست‪ ،‬وقد تؤدي أيضا إلى موقف أكثر‬ ‫ً‬ ‫تصالحا مع روسيا‪ ،‬ليس فقط بشأن‬ ‫أوكرانيا‪ ،‬بل وأيضا تزايد املسيرات االحتجاجية‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫فيما يتعلق بالتحركات الروسية في‬ ‫ُ‬ ‫يساري‬ ‫ائتالف‬ ‫تشكيل‬ ‫كذلك سوف تسير أي تحركات نحو‬ ‫التي تنظمها الجماعات‬ ‫ف��ي ه���ذا االت���ج���اه‪ ،‬ح��ي��ث إن ب��ع��ض ق���ادة ال��ح��زب الديمقراطي‬ ‫ً‬ ‫املناهضة للمهاجرين مثل‬ ‫االجتماعي ُاألملاني‪ ،‬وخاصة سيغمار غابرييل‪ ،‬وأيضا وزير‬ ‫الخارجية املعتدل فرانك شتاينماير‪ ،‬رددوا انتقادات‬ ‫الحزب حركة «وطنيون أوروبيون‬ ‫اليساري بسبب دعم ميركل ملوقف الناتو الصارم ضد روسيا‪.‬‬ ‫في مفارقة‪ ،‬ربما يصل األمر في النهاية إلى أن يصبح حزب‬ ‫ضد أسلمة الغرب» إلى‬ ‫الخضر‪ ،‬الذي تعتمد أصوله على النقد العميق لسياسة حلف‬ ‫الناتو في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬حجر‬ ‫إضعاف دعوات ميركل‬ ‫عثرة أمام مثل ذلك التحالف‪ ،‬حيث يدعم باستمرار نهج ميركل‬ ‫اللتزام الهدوء‬ ‫تجاه روسيا‪.‬‬ ‫وأش����ار م��ن��ت��ق��دو س��ي��اس��ة روس��ي��ا إل���ى أن ت��دخ�لات موسكو‬ ‫العسكرية في سوريا أدت إلى زيادة تدفق الالجئني إلى أوروبا‬

‫مما أضعف الكثير من الحكومات واالت��ح��اد األوروب���ي ذات��ه‪.‬‬ ‫حتى لو لم تكن تلك االستراتيجية مقصودة من فالديمير‬ ‫بوتني‪ ،‬ال بد أنه سعيد بالنتائج غير املباشرة لجهوده في دعم‬ ‫حليفه بشار األسد‪ .‬في ظل ضعف الواليات املتحدة وإنهاك‬ ‫االتحاد األوروبي‪ ،‬لن يواجه بوتني معارضة كبيرة أمام تحقيقه‬ ‫مزيدا من األهداف املرجوة باملنطقة‪ .‬في حالة عدم قدرة ميركل‬ ‫على تأكيد شعبيتها‪ ،‬أو املساعدة في تولي خليفة لها يستكمل‬ ‫مسيرتها‪ ،‬سيبدو املستقبل ً‬ ‫قاتما للغاية أم��ام أي محاوالت‬ ‫لتعزيز املصالح الغربية‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫فإنها ال تزال تواجه املشكلة الرئيسية التي يجب أن يواجهها‬ ‫أي قائد ديمقراطي تولى ذلك املنصب ملدة تزيد عن عقد كامل‪.‬‬ ‫س��وف يشعر الشعب بالضجر‪ ،‬واملنافسون سيستمرون‬ ‫في التبرم‪ .‬ومن املفارقات أن ذلك األمر معتاد في السياسة‬ ‫األملانية‪ ،‬خاصة داخ��ل االتحاد الديمقراطي املسيحي الذي‬ ‫ت��رأس��ه م��ي��رك��ل‪ .‬اس��ت��م��ر أول م��س��ت��ش��ار ل��ج��م��ه��وري��ة أمل��ان��ي��ا‬ ‫االتحادية وأح��د مؤسسي االت��ح��اد الديمقراطي املسيحي‪،‬‬ ‫كونراد أديناور‪ ،‬في منصبه طيلة ‪ً 14‬‬ ‫عاما بعد أن فاز في‬ ‫أربع انتخابات وطنية‪ .‬ولكن بعد فوزه الساحق في عام ‪،1957‬‬ ‫ال��ذي حصل فيه االت��ح��اد الديمقراطي املسيحي على أكثر‬ ‫من نصف أص��وات الناخبني (وه��و رق��م قياسي في تاريخ‬ ‫الديمقراطية األمل��ان��ي��ة)‪ ،‬اتسمت األع���وام األخ��ي��رة في ففترة‬ ‫حكمه باملشاحنات واإلحباط السياسي بني األح ُ��زاب‪ .‬بعد‬ ‫ذلك خسر االتحاد الديمقراطي املسيحي األغلبية املطلقة في‬ ‫انتخابات عام ‪( 1961‬التي ألقى بناء جدار برلني ظالله عليها)‪،‬‬ ‫وأبعد أديناور كثيرا من أعضاء حزبه في محاولته لتقويض‬ ‫الرجل الذي تخيل الكثيرون أنه سوف يكون خليفته‪ ،‬لودفيغ‬ ‫إيرهارد‪ .‬عندما حان وقت تقاعد أديناور في شهر أكتوبر‬ ‫(ت��ش��ري��ن األول) ع��ام ‪ ،1963‬ك��ان ق��د تسبب ف��ي إضعاف‬ ‫إيرهارد لدرجة أنه لم يستمر في املنصب سوى ثالثة أعوام‬ ‫ف��ق��ط‪ ،‬وان��ت��ه��ى ال��ح��ال ب��االت��ح��اد ال��دي��م��ق��راط��ي املسيحي في‬ ‫صفوف املعارضة في عام ‪.1969‬‬ ‫استطاع هيلموت ك��ول‪ ،‬معلم ميركل ال��ذي صعد في عام‬ ‫‪ 1990‬بعد إع��ادة التوحيد‪ ،‬بالكاد العودة إلى السلطة في‬ ‫عام ‪ 1994‬ووعد بأنه سوف ينسحب قبل االنتخابات التالية‬ ‫لصالح خليفته فولفغانغ شويبله‪ .‬ولكن مع مرور الوقت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أقنع كول نفسه بأنه ال يمكن االستغناء عنه‪ .‬وأم�لا منه‬ ‫ف��ي التفوق على امل��دة التي أمضاها أدي��ن��اور ف��ي منصبه‬ ‫والتي استمرت ‪ً 14‬‬ ‫عاما‪ ،‬ظل كول في منصبه ملدة لكاملة‬ ‫ليقود االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪ -‬االتحاد االجتماعي‬ ‫املسيحي في النهاية إلى هزيمة انتخابية ساحقة في عام‬ ‫‪ ،1998‬أس���اءت تلك الهزيمة‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة إل��ى الكشف عن‬ ‫مخالفات ف��ي جمع ال��ت��ب��رع��ات عقب تخليه ع��ن منصبه‪،‬‬ ‫إلى ُسمعة كول وهددت بتقويض مكانته التاريخية‪ .‬وفي‬ ‫السنوات التالية‪ ،‬تدهورت صحة كول ولكنه استعاد سمعته‬ ‫من جديد‪ ،‬بيد أن املراقبني بقوا على رأيهم بأنه استمر‬ ‫في منصبه لفترة أكبر مما ينبغي‪ ،‬وتسبب في إضعاف‬ ‫خلفائه املحتملني‪ .‬تدين ميركل لكول ببعض الفضل‪ .‬عندما‬ ‫سعى مستشار حكومة الوحدة للبحث عن سياسي في‬ ‫أملانيا الشرقية ملساعدته على تمثيل وحدة الحزب ورغبة‬ ‫االتحاد الديمقراطي املسيحي في فتح أبوابه للشرقيني‪،‬‬ ‫برزت ميركل باعتبارها االختيار األمثل واألهم‪ .‬وعندما‬ ‫طالت فضائح تمويل كول في عامي ‪ 2000 - 1999‬الكثير‬ ‫من زعماء األح���زاب اآلخ��ري��ن بمن فيهم شويبله‪ ،‬ظهرت‬ ‫ميركل كالفارس األبيض (إذا جاز التعبير) وتمكنت من‬ ‫إعادة بناء الحزب‪.‬‬ ‫ومع أن العالقة بينهما فترت بدرجة كبيرة على مدار األعوام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ال تنكر ميركل أنها تعلمت الكثير من رئيسها السابق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من املأمول أن تتعلم أيضا من املثال التاريخي الذي حدث‬ ‫له‪ ،‬لتنجح فيما لم ينجح فيه بالتقاعد واختيار خليفتها‬ ‫ف��ي ق��ي��ادة االت��ح��اد الديمقراطي املسيحي‪ .‬كيف ستواجه‬ ‫ميركل ذل��ك التحدي‪ ،‬يجب أن يشغل ذل��ك ال��س��ؤال أذه��ان‬ ‫شركاء أملانيا ومنافسيها وليس فقط أذهان األمل��ان‪ .‬وفي‬ ‫حني تستعد ميركل آلخر فصولها على الساحة الدولية‪،‬‬ ‫يقف العالم بأسره مراقبا<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪51‬‬

‫‪,,‬‬


‫‪50‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫أهمية عاملية‬ ‫يهتم كثيرون من خارج أملانيا بمصير ميركل ملا له من أهمية‬ ‫عاملية‪ .‬كما يتضح من اإلط���راء ال��ذي قدمته كل من «التايم»‬ ‫و«اإليكونوميست» مليركل‪ ،‬تنبع مكانة ميركل الدولية من‬ ‫دوره�����ا ك��داع��ي��ة ل�لاع��ت��دال ال��ق��ائ��م ع��ل��ى ض���واب���ط ف���ي أوروب����ا‬ ‫وخ��ارج��ه��ا‪ .‬ف��ي عصر تفضل فيه ال���دول األوروب��ي��ة الكبرى‬ ‫األخ��رى ‪ -‬مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى خاصة‬ ‫بعد البريكسيت ‪ -‬التحول إلى الداخل ردا على الركود السياسي‬ ‫واالق���ت���ص���ادي‪ ،‬وت���ه���دد األح������زاب ال��ش��ع��ب��وي��ة ب��ق��ل��ب ال��ت��ق��ال��ي��د‬ ‫السياسية من بولندا واملجر إلى النمسا وإسبانيا واليونان‪،‬‬ ‫يبدو نهج ميركل القوي والتزامها الثابت تجاه مؤسسات مثل‬ ‫االتحاد األوروبي وحلف الناتو أكثر قيمة من أي وقت مضى‪.‬‬ ‫أي حكومة أملانية مستقبلية تضع أي من الكيانني محل تساؤل‬

‫‪,,‬‬

‫جاء اختيار مجلة «التايم»‬ ‫مليركل باعتبارها شخصية‬ ‫العام في شهر ديسمبر‬ ‫(كانون األول) املاضي‬ ‫انتصارا ً‬ ‫ً‬ ‫نادرا لذلك النمط‬ ‫من الشخصيات في‬ ‫السياسة املعاصرة‬

‫‪,,‬‬

‫غير أن النتائج جعلت تشكيل ائتالف مع الحزب الديمقراطي‬ ‫االش��ت��راك��ي ض����رورة‪ .‬وب��ع��د إع���ادة ان��ت��خ��اب ميركل ف��ي عام‬ ‫‪ ،2009‬كانت قادرة على تشكيل ائتالفها املفضل مع الحزب‬ ‫الديمقراطي الحر إال أن الصراعات الداخلية وانهيار الحزب‬ ‫الديمقراطي الحر كانت تعني في عام ‪ 2013‬أن عليها العودة‬ ‫إل���ى ال��ش��راك��ة م��ع ال��ح��زب ال��دي��م��ق��راط��ي االش��ت��راك��ي‪ .‬وتشير‬ ‫استطالعات ال���رأي الحالية إل��ى أن تشكيل ائ��ت�لاف كبير قد‬ ‫يكون الخيار املحتمل الوحيد أمامها للبقاء في منصبها بعد‬ ‫ً‬ ‫عام ‪ 2017‬أيضا‪.‬‬ ‫بغض النظر عن النجاحات التي حققتها حكومات ميركل في‬ ‫السابق‪ ،‬فإن تجربة ائتالف أكبر حزبني ً‬ ‫معا في زواج قسري‬ ‫أسفرت عن ضعف كليهما‪ .‬فقد تضرر الحزب الديمقراطي‬ ‫االشتراكي ً‬ ‫كثيرا إذ انخفض نصيبه من الناخبني الوطنيني إلى‬ ‫أقل من ‪ 25‬في املائة‪ ،‬في حني يجذب حزب الخضر والحزب‬ ‫اليساري الناخبني اليساريني الذين يعتقدون أن الديمقراطيني‬ ‫االش��ت��راك��ي�ين أصبحوا مرتبطني للغاية بمؤسسات ال��دول��ة‪.‬‬ ‫وأدى استمرار ضعف أداء ال��ح��زب الديمقراطي االشتراكي‬ ‫إلى تكهن البعض في قيادة الحزب‪ ،‬وخاصة رئيس الحزب‬ ‫زيغمار غابرييل‪ ،‬بشأن احتمالية تشكيل ائتالف يساري‬ ‫عقب انتخابات ‪ ،2017‬األمر الذي سيربط الحزب الديمقراطي‬ ‫االشتراكي بحزب الخضر والحزب اليساري‪ .‬ربما يكون مثل‬ ‫ً‬ ‫هذا االئتالف ممكنا من جهة الحسابات‪ ،‬رغم عدم وضوح ما‬ ‫إذا كانت االختالفات املذهبية والشخصية بني األحزاب الثالثة‬ ‫قد تؤدي إلى خيار مستقر على املدى الطويل‪.‬‬ ‫كان أداء االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪ -‬الحزب االجتماعي‬ ‫املسيحي بقيادة ميركل أفضل قليال مقارنة بمنافسيهم من‬ ‫االشتراكيني الديمقراطيني‪ .‬وق��د ح��ازت ميركل على إط��راء‬ ‫وسائل اإلعالم وطائفة عريضة من الناخبني غير أن الحزب‬ ‫ال��دي��م��ق��راط��ي املسيحي امل��ح��اف��ظ ك��ان م��ت��ذم��را بسبب فقدان‬ ‫الحزب لهويته‪ .‬ووجه االتحاد االجتماعي املسيحي البافاري‪،‬‬ ‫الذي يفوز بأغلبية مطلقة بانتظام في واليته األصلية ويعتبر‬ ‫ذات��ه ص��وت املحافظني ال��ج��دد‪ ،‬االن��ت��ق��ادات على نحو خ��اص‪.‬‬ ‫اضطر حاكم والية بافاريا األملانية‪ ،‬هورست زيهوفر‪ ،‬لتوجيه‬ ‫انتقادات مليركل بسبب كل من مسألة املهاجرين واالتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬إلى درجة إحياء خطط قديمة لالتحاد االجتماعي‬ ‫املسيحي بتحويل ذاته إلى حزب محافظني وطني‪ .‬وفي الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬رغم محاوالت االتحاد الديمقراطي املسيحي لجذب مركز‬ ‫سياسي واسع النطاق‪ ،‬تعرض الحزب لسلسلة من الهزائم في‬ ‫انتخابات ال��والي��ات‪ ،‬وتراجعت حصته في أص��وات الناخبني‬ ‫في االنتخابات الوطنية إلى أوائل الثالثينات‪ ،‬وهو مستوى لم‬ ‫يشهده منذ تأسيس جمهورية أملانيا االتحادية في عام ‪.1949‬‬ ‫كان أسوأ ما حدث لتحالف االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪-‬‬ ‫االتحاد االجتماعي املسيحي‪ ،‬الذي كان يفخر ً‬ ‫دائما بقدرته‬ ‫املشتركة على جذب الناخبني املحافظني وإيقاف صعود أي‬ ‫منافس دائم إلى جواره‪ ،‬هو أن شهدت األعوام القليلة املاضية‬ ‫ظهور ح��زب يميني وطني ج��دي��د‪ .‬تأسس ح��زب البديل من‬ ‫أجل أملانيا في البداية النتقاد سياسات ميركل تجاه االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬وخاصة استعداد أملانيا إلنقاذ اليونانيني املسرفني‬ ‫ورفع قيمة اليورو‪ ،‬ثم تطور إلى حزب شعبي ‪ -‬قومي يزداد‬ ‫قوة‪ .‬لم يعد حزب البديل من أجل أملانيا‪ ،‬الذي يقتدي بالجبهة‬ ‫الوطنية الفرنسية وح��زب استقالل اململكة املتحدة‪ ،‬مجرد‬ ‫ً‬ ‫معارض لالتحاد األوروبي‪ ،‬فهو أيضا يعبر عن مشاعر العداء‬ ‫للمهاجرين‪ .‬استغل الحزب املشاعر ذاتها وكذلك كثير من قادة‬ ‫حركة وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب (بيغيدا)‪ ،‬لجذب‬ ‫الناخبني مباشرة في امل��دن الصغيرة (وخاصة في الشرق)‬

‫ممن يشعرون ب��أن مؤسسات ال��دول��ة بمساعدة «الصحافة‬ ‫الكاذبة» وبتحريض منها تتجاهل مخاوفهم‪ .‬أوشك الحزب في‬ ‫عام ‪ 2013‬على تحقيق نسبة خمسة في املائة من األصوات‬ ‫الالزمة للدخول إلى البرملان األملاني‪ .‬بيد أنه منذ ذلك الحني‪،‬‬ ‫خ���اض سلسلة م��ن ان��ت��خ��اب��ات ال���والي���ات ال��ق��وي��ة‪ ،‬ح��ي��ث ج��اء‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا في املرتبة الثانية بعد الحزب الديمقراطي االشتراكي‬ ‫ً‬ ‫في مكلنبورغ فوربومرن‪ ،‬متقدما بفارق ضئيل على االتحاد‬ ‫الديمقراطي املسيحي في والية ميركل‪.‬‬ ‫تكشف استطالعات الرأي الوطنية التي تجرى حاليا أن حزب‬ ‫البديل من أج��ل أملانيا يحقق باستمرار نتائج جيدة‪ .‬ورغم‬ ‫أن قيادة االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪ -‬الحزب االجتماعي‬ ‫املسيحي استبعدت ض��م ح��زب ال��ب��دي��ل م��ن أج��ل أمل��ان��ي��ا في‬ ‫أي ائ��ت�لاف‪ ،‬ف��ي حالة مواصلتهم خ��س��ارة األص���وات لصالح‬ ‫للشعبويني الناشئني‪ ،‬سيكون من الصعب للغاية أن تبقى‬ ‫ميركل وحزبها في السلطة‪ .‬تثير مثل تلك املخاوف نقاشا‬ ‫استراتيجيا مستمرا داخل االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪-‬‬ ‫االتحاد االجتماعي املسيحي‪ ،‬س��واء كان من األفضل تبني‬ ‫مواقف تجاه قضايا مثيرة للجدل تشبه تلك التي يتخذها‬ ‫ح���زب ال��ب��دي��ل م���ن أج���ل أمل��ان��ي��ا م���ن أج���ل اس��ت��رج��اع أص���وات‬ ‫املحافظني الرافضني أو االستمرار في مهاجمة حزب البديل‬ ‫ً‬ ‫من أجل أملانيا بضراوة أمال في الحد من شعبيته‪ .‬ستحدد‬ ‫الطريقة التي تدير بها ميركل هذا النقاش الداخلي ما إذا كانت‬ ‫قادرة على التمسك بمنصبها في العام املقبل أم ال‪.‬‬

‫مظاهرة في برلني ضد‬ ‫سياسات أنجيال ميركل‬ ‫(غيتي)‬

‫سوف تمحو ركنا أوروبيا أساسيا في النظام العاملي الحالي‪،‬‬ ‫فيما سيلقي بعواقب غير محسوبة على الصرح بأكمله‪.‬‬ ‫ف��ي ال��وق��ت ال��ح��ال��ي‪ ،‬ت��ه��دد ك��اف��ة ب��دائ��ل ميركل بالفعل هذين‬ ‫الكيانني‪ .‬يعرب كل من الحزبني الصاعدين ‪ -‬الحزب اليساري‬ ‫وح��زب البديل من أجل أملانيا ‪ -‬عن ازدرائهما لحلف شمال‬ ‫األطلسي واالتحاد األوروب��ي‪ .‬يتصدر حزب البديل من أجل‬ ‫أمل��ان��ي��ا م��زي��دا م��ن ع��ن��اوي��ن األخ���ب���ار بسبب م��واق��ف��ه امل��ع��ادي��ة‬ ‫ل��ل��م��ه��اج��ري��ن‪ ،‬ب���ل واك��ت��س��ب ق���وة دف���ع ب��ف��ض��ل زي�����ادة ال��ن��زع��ة‬ ‫ً‬ ‫الشعبوية التي سادت جميع أنحاء القارة فضال عن التصويت‬ ‫ً‬ ‫إزعاجا أكبر‬ ‫بخروج بريطانيا من االتحاد األوروبي‪ .‬ما يثير‬ ‫م��ن وجهة نظر كثير م��ن حلفاء أملانيا ه��و أن ح��زب البديل‬ ‫م��ن أج���ل أمل��ان��ي��ا أع����رب ع��ن ت��ع��اط��ف��ه م��ع روس��ي��ا وف�لادي��م��ي��ر‬ ‫بوتني‪ .‬وفي ترديد لرؤية كثير من األحزاب الشعبوية األخرى‬ ‫التي تثني على قومية بوتني ورفضه ل�لأع��راف االجتماعية‬ ‫الغربية حول قضايا مثل حقوق املثليني‪ ،‬يمجد حزب البديل‬ ‫م��ن أج��ل أملانيا بوتني باعتباره زعيما ق���دوة‪ ،‬وي��ن��دد بحلف‬ ‫الناتو بسبب «تهديده بالحرب» بسبب أوكرانيا‪ ،‬في الوقت‬ ‫ذاته يرفض الحزب االتحاد األوروبي بسبب تقويضه للهوية‬ ‫الوطنية األملانية ومصالحها‪ .‬أما الحزب اليساري‪ ،‬فإنه يقلل‬ ‫من شأن العنصر الثقافي في جهوده املبذولة لجذب التقدميني‬ ‫الغربيني‪ ،‬ولكنه ُيكن عداء يساريا تقليديا لحلف الناتو‪ ،‬بينما‬ ‫يتعاطف م��ع روس��ي��ا ُوي��ه��اج��م االت��ح��اد األوروب�����ي باعتباره‬ ‫منظمة رأسمالية ف��اس��دة فرضت التقشف على اليونانيني‬ ‫الذين يحتاجون إلى الدعم وأوروبيني آخرين‪ .‬وفي استطالع‬ ‫لرأي الناخبني األملان مؤخرا‪ ،‬حصل حزبان سياسيان على‬ ‫أكثر من ‪ 30‬في املائة من أصوات املشاركني الذين قالوا إنهم‬ ‫يثقون في فالديمير بوتني أكثر من أنجيال ميركل ‪ -‬والحزبان‬ ‫هما اليساري والبديل من أجل أملانيا‪ .‬كما يتفق الحزبان على‬ ‫تعميم العداء تجاه الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬ويحمالن أميركا‬ ‫مسؤولية الكثير من املشكالت في العالم ويحلمون بانفصال‬


‫أنجيال ميركل‬

‫مشهد سياسي متغير‬ ‫ً‬ ‫تنبع التحديات التي تواجه ميركل أيضا من التغيرات الكبيرة‬ ‫داخ ��ل مشهد األح ��زاب األمل��ان��ي‪ .‬فعلى م��دى ال�ع�ق��ود الثالثة‬ ‫األولى لجمهورية أملانيا االتحادية‪ ،‬كانت الكتلتان الرئيسيتان‬ ‫لألحزاب السياسية‪ ،‬وهما االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪-‬‬ ‫االتحاد االجتماعي املسيحي‪ ،‬والحزب الديمقراطي االشتراكي‬ ‫تتوقعان الفوز بأكثر من ‪ 80‬في املائة من إجمالي األصوات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫برملانيا‪ ،‬في‬ ‫وبالتالي ف��ي ال��وق��ت ال��ذي ك��ان فيه نظام أملانيا‬ ‫الغالب كانت الحكومات مستقرة للغاية‪ ،‬إذ إنه عادة ما كان‬ ‫االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪ -‬االتحاد االجتماعي املسيحي‬ ‫أو الحزب الديمقراطي االشتراكي يتولى قيادة ائتالف ما مع‬ ‫حزب ليبرالي صغير وهو الحزب الديمقراطي الحر‪ ،‬وكانت‬ ‫ً‬ ‫اعتمادا على‬ ‫الحكومة تميل أكثر إل��ى اليمني أو إل��ى اليسار‬ ‫ُ‬ ‫اختيارهم للشريك‪ .‬وكان ظهور حزب الخضر إضافة حزبية‬ ‫أخ��رى إل��ى امل��زي��ج ال��وط�ن��ي ف��ي ع��ام ‪ 1983‬غير أن ال�ح��زب لم‬ ‫يدخل في أي تحالف وطني إال في عام ‪ 1998‬عندما انضم‬ ‫إلى الحزب الديمقراطي االشتراكي في أول حكومة تجمع بني‬

‫‪,,‬‬

‫تكشف استطالعات الرأي‬ ‫الوطنية أن حزب البديل من‬ ‫أجل أملانيا يحقق باستمرار‬ ‫نتائج جيدة رغم استبعاد‬ ‫قيادة االتحاد الديمقراطي‬ ‫املسيحي له في أي ائتالف‬

‫‪,,‬‬

‫التركيز نحوها باعتبارها زعيمة فعلية للمفاوضات األوروبية‪.‬‬ ‫حاولت ميركل أن تحقق التوازن بني رغبتها في الحفاظ على‬ ‫تماسك االتحاد األوروبي ورغبة مماثلة في تجنب مزيد من‬ ‫ال�ج��دل ف��ي ال�ع�لاق��ات م��ع ل�ن��دن‪ .‬ف��ي األش�ه��ر القليلة املاضية‪،‬‬ ‫حققت ميركل بعض النجاحات من خالل سياستها الخاصة‬ ‫باملهاجرين‪ .‬كما أدت التسوية التي تم التوصل إليها مع تركيا‬ ‫إلى تقليص تدفق املهاجرين‪ ،‬من أكثر من ‪ 800‬ألف مهاجر‬ ‫خالل العام املاضي إلى ربع ذلك العدد خالل العام الحالي‪ ،‬ومن‬ ‫املتوقع أن يقل العدد مع ُقدوم فصل الشتاء‪ .‬كما حاولت ميركل‬ ‫ً‬ ‫أيضا تهدئة الناخبني املضطربني من خالل اللجوء إلى قوانني‬ ‫جديدة للسيطرة على الهجرة وتشديد إجراءات إنفاذ القانون‬ ‫ضد األنشطة اإلجرامية‪ .‬ولكن بالنسبة لكثير من الناخبني‬ ‫األمل��ان‪ ،‬وق��ع الضرر بالفعل‪ .‬فقد تكبد االت�ح��اد الديمقراطي‬ ‫املسيحي خسائر محرجة في االنتخابات األخيرة بالواليات‬ ‫األملانية (املقاطعات) مثل برلني وحتى مسقط رأسها بوالية‬ ‫مكلنبورغ ‪ -‬ف��ورب��وم��رن‪ .‬ورغ��م استعادة معدالت شعبيتها‬ ‫الشخصية إل��ى ح��د م��ا‪ ،‬ال ت��زال النسب أق��ل م��ن املستويات‬ ‫املرتفعة التي وصلت إليها بها في عام ‪.2015‬‬

‫األحمر واألخضر‪ .‬كما أضافت الوحدة حزبا آخر‪ ،‬حيث أعاد‬ ‫حزب الوحدة االشتراكي السابق ال��ذي حكم أملانيا الشرقية‬ ‫تجديد كيانه باعتباره حزب االشتراكية الديمقراطية ثم اندمج‬ ‫مع االشتراكيني الديمقراطيني املعارضني وذلك إلنشاء الحزب‬ ‫اليساري األملاني‬ ‫اليساري األملاني (اليسار)‪ .‬أس��س الحزب ً‬ ‫قاعدته إلى حد كبير في أملانيا الشرقية سابقا‪ ،‬حيث اعتبر‬ ‫نفسه حاميا لهؤالء غير الراضني عن الوحدة ومنتقدي النظام‬ ‫السياسي الجديد‪ .‬ونظرا لفوزه املستمر بنحو ربع األصوات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رئيسيا في حكومات‬ ‫في الواليات الشرقية‪ ،‬كان الحزب طرفا‬ ‫الكثير من الواليات هناك‪.‬‬ ‫أدى ظهور هذه األحزاب الجديدة خالل العقدين األخيرين إلى‬ ‫التعجيل بتفتيت أص��وات الناخبني في أملانيا‪ .‬وعليه تراجع‬ ‫إجمالي األصوات املشتركة بني االتحاد الديمقراطي املسيحي ‪-‬‬ ‫االتحاد االجتماعي املسيحي والحزب الديمقراطي االشتراكي‪،‬‬ ‫إذ بينت استطالعات الرأي األخيرة أن تلك األحزاب مجتمعة قد‬ ‫تفوز بنسبة مئوية أقل من ‪ 60‬في املائة من األصوات في عام‬ ‫‪ ،2017‬وبناء عليه‪ ،‬أصبح النظام املستقر الذي كان يتكون من‬ ‫حزبني رئيسيني يتوليان القيادة في تحالف مع شريك أصغر‬ ‫ن�ظ� ً�ام��ا م��ن خمسة أح ��زاب يصعب التنبؤ ب��ه‪ ،‬حيث ص��ارت‬ ‫الخيارات الوحيدة القابلة للتطبيق هي تكوين ائتالفات من‬ ‫ثالثة أحزاب أو «ائتالف كبير» ذي قاعدة عريضة بني االتحاد‬

‫الديمقراطي املسيحي ‪ -‬الحزب االجتماعي املسيحي والحزب‬ ‫الديمقراطي االشتراكي‪.‬‬ ‫ال يعد تشكيل ائتالفات كبيرة غريبا على األنظمة البرملانية‬ ‫األوروب�ي��ة‪ .‬في ال��واق��ع‪ ،‬بعض البلدان‪ ،‬مثل النمسا‪ ،‬خضعت‬ ‫لحكم مثل هذه االئتالفات ملدة عقود‪ ،‬ويكمن االختالف الوحيد‬ ‫في أي من الحزبني الرئيسيني سيختار الرئيس التنفيذي‪.‬‬ ‫إنها تمنح مظهر االستقرار وفرصة التعامل مع األزمات بنهج‬ ‫ً‬ ‫شامل‪ .‬بيد أنه في الوقت نفسه‪ ،‬تعني االئتالفات الكبيرة أيضا‬ ‫ُ‬ ‫أن األحزاب الحكومية تهيمن على البرملان‪ ،‬فال تترك أي دور‬ ‫بناء كبير للمعارضة البرملانية‪ ،‬وبالتالي تشجع على ظهور‬ ‫األح��زاب والحركات على الهامش‪ .‬ويعوق مثل ه��ذا الترتيب‬ ‫النقاش البرملاني كما أنه يشجع على نشوب املشاحنات بني‬ ‫األح ��زاب الحكومية فيسعى ك��ل ح��زب إل��ى تحسني وضعه‬ ‫ومحاولة تأكيد مكانته املستقلة‪.‬‬ ‫في العقود الستة األولى من تاريخ جمهورية أملانيا االتحادية‬ ‫بعد الحرب (كأملانيا الغربية وأملانيا املوحدة بعد عام ‪،)1990‬‬ ‫استمر االئ�ت�لاف الكبير الوحيد م��ن ع��ام ‪ 1966‬إل��ى ‪،1969‬‬ ‫وق��د ت�ع��ام�ل��ت ت�ل��ك ال�ح�ك��وم��ة ب�ن�ج��اح م��ع األزم ��ة االق�ت�ص��ادي��ة‬ ‫واإلصالح الدستوري‪ .‬ولكن كان رد فعل الجمهور وخاصة‬ ‫ال �ش �ب��اب ال �ن �ف��ور م��ن وج ��ود «ع �ص��اب��ة ال�س�ل�ط��ة» ال �ت��ي أزك��ت‬ ‫نشاطا م�ت��زاي��دا على طرفي النقيض السياسي‪ .‬وك��ان ذلك‬ ‫عصر خروج االحتجاجات إلى الشوارع من الطالب الثوريني‬ ‫ً‬ ‫امل�ع��ارض�ين خ��ارج ال�ب��رمل��ان‪ ،‬وأي��ض��ا الصعود امل��ؤق��ت للحزب‬ ‫الوطني الديمقراطي املوالي ً‬ ‫سرا للنازية والذي اتهم الحزبيني‬ ‫الرئيسيني بأنهما أصبحا متشابهني بدرجة كبيرة لذلك من‬ ‫الضروري اتخاذ إجراءات تصحيحية بشأنهما‪ .‬واآلن يخشى‬ ‫قادة األحزاب وخبراء آخرون‪ ،‬ممن رحبوا في البداية باالئتالف‬ ‫الكبير باعتباره انعكاس واع للتوافق السياسي الواسع‪ ،‬من‬ ‫أن االئ �ت�ل�اف ط��وي��ل األج ��ل س ��وف ي �ق��وض ال�ث�ق��ة ف��ي ال�ن�ظ��ام‬ ‫الجمهوري‪ .‬وبالتالي بعدما أدت االنتخابات التي أجريت في‬ ‫عام ‪ 1969‬إلى تشكيل حكومة ائتالفية بني الحزب الديمقراطي‬ ‫االشتراكي والحزب الديمقراطي الحر‪ ،‬تنفس األملان من جميع‬ ‫األحزاب الصعداء ووافقوا على أن االئتالفات الكبيرة ينبغي‬ ‫أن تكون خيارات قصيرة األجل وليست عادة طويلة األجل‪.‬‬ ‫ومع ذل��ك‪ ،‬خالل العقد األخير‪ ،‬كانت االئتالفات الكبيرة هي‬ ‫القاعدة وليست االستثناء‪ .‬ففي عام ‪ ،2005‬كانت ميركل تأمل‬ ‫في تشكيل ائتالف يميني وسطي مع الحزب الديمقراطي الحر‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪49‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫دائما ما ينتهي املسار السياسي بالفشل‪ .‬تعبر تلك املالحظة‪ ،‬التي تنسب إلى إينوك باول السياسي البريطاني الراحل‪ ،‬بالفعل‬ ‫عن حقيقة عاملية‪ .‬إذا لم يكن الزعيم السياسي ً‬ ‫ذكيا بالقدر الكافي لالنسحاب من الساحة قبل أن تصبح األمور سيئة‪ ،‬أو (على‬ ‫سبيل املثال الرؤساء األميركيون) إذا أجبرته القوانني الدستورية على التنحي في لحظة محددة‪ ،‬توجد احتماالت كبيرة بأن‬ ‫املشهد األخير من أي مشوار سياسي سوف يصل إلى نهاية سيئة‪ .‬من الصعب معرفة الوقت املناسب للمغادرة‪.‬‬

‫أقوى االنتقادات املوجهة إليها تستند إلى الصفات ذاتها التي تم االحتفاء بها من قبل‬

‫اهلتاف األخير ألنجيال ميركل؟‬ ‫واشنطن‪ :‬رونالد جي غرانييري‬ ‫ال ي��رغ��ب أح ��د ف��ي ت ��رك م�ن�ص�ب��ه ع �ن��دم��ا يتحلى‬ ‫بأكبر ق��در م��ن السلطة‪ .‬كما أن رج��ال السياسة‬ ‫الناجحني دائ� ً�م��ا م��ا يميلون إل��ى االع�ت�ق��اد ب��أن أي‬ ‫تراجع يكون مؤقتا‪ ،‬وأنهم سيواصلون مسيرتهم لتجاوز‬ ‫تلك املرحلة السيئة إلى أن تزداد األمور ً‬ ‫سوءا ويفوت األوان‪.‬‬ ‫حتى أكثر السياسيني نجاحا سيميلون إلى تجاهل اإلنذارات‬ ‫التي تشير إلى اقتراب وقت النهاية‪ ،‬مهما كانت تلك اإلنذارات‬ ‫عالية الصوت‪.‬‬ ‫تنطبق تلك القوانني األساسية الخاصة بالجاذبية السياسية‬ ‫حتى على السيدة التي احتفلت بها مجلة «إيكونوميست» في‬ ‫العام املاضي ‪ 2015‬باعتبارها «أوروبية ال غنى عنها»‪ ،‬وفي‬ ‫العام ذات��ه وصفتها مجلة «التايم» بأنها «شخصية العام»‪.‬‬ ‫أنجيال ميركل هي أول امرأة تحتل منصب املستشار األملاني‬ ‫ُ‬ ‫على اإلطالق‪ ،‬حيث تعد فترة واليتها ثالث أطول فترة والية في‬ ‫ً‬ ‫تاريخ أملانيا منذ الحرب العاملية الثانية‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬تواجه مناخا‬ ‫سياسيا معاديا على نحو متزايد‪ .‬يتعرض املنصب القوي‬ ‫الذي تحتله ميركل على رأس االتحاد الديمقراطي املسيحي‬ ‫لهجوم عنيف من جهة املعارضني املحافظني داخ��ل حزبها‬ ‫وحليفه ال�ب��اف��اري االت�ح��اد االجتماعي املسيحي‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى املعارضني من األحزاب اليمينية واليسارية الذين ُيلقون‬ ‫باللوم عليها جراء األزمات الحالية التي تعصف بكل من أملانيا‬ ‫وأوروبا بأكملها‪.‬‬ ‫ورغم عدم تحديد موعد إلجراء االنتخابات الوطنية املقبلة‪ ،‬فإنه‬ ‫ً‬ ‫وفقا لقانون االنتخابات األملاني سوف يتم التصويت في وقت‬ ‫ما في أوائل الخريف من عام ‪ ،2017‬وبالتالي‪ ،‬ليس أمام ميركل‬ ‫سوى أقل من عام واحد للفوز على املشككني‪ ،‬وأن ترى ما إذا‬ ‫كان نهجها السياسي سوف ُيؤتي ثماره في الوقت املناسب‬ ‫ليعكس االتجاه السلبي السائد في الرأي العام‪.‬‬ ‫حدود اإلدارة الهادئة لألزمات‬ ‫ت��واج��ه م�ي��رك��ل ن�ه��اي��ة محتملة لحياتها ال�س�ي��اس�ي��ة ال �ب��ارزة‬ ‫ف��ي ه��ذه املرحلة املتأزمة ف��ي مفارقة غريبة‪ ،‬حيث إن أق��وى‬ ‫االنتقادات املوجهة إليها تستند إلى الصفات ذاتها التي تم‬ ‫االحتفاء بها من قبل‪ .‬أهم ما يميز ميركل هو إدارتها الثابتة‬ ‫ً‬ ‫القديرة واملعتدلة‪ ،‬ورغبتها في املراقبة واالنتظار بدال من اتخاذ‬ ‫إج��راءات متعجلة‪ .‬يتميز أسلوبها بالعملية تماما مثل زيها‬ ‫العملي الذي أثار كثيرا من النقاش‪ .‬لقد ساعدها نهجها الهادئ‬ ‫والحريص في الخروج ساملة من تحت األنقاض السياسية‬

‫‪48‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫سياسيا‬ ‫صعودا‬ ‫واألخالقية في أملانيا الشرقية‪ ،‬لتبدأ بعد ذلك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طموحا وشهرة‪،‬‬ ‫مدهشا‪ .‬وفي حني احترق منافسوها األكثر‬ ‫واصلت ميركل مسيرتها ومثابرتها‪ .‬وعندما سنحت الفرصة‬ ‫للتحالف الذي يجمع االتحاد الديمقراطي املسيحي واالتحاد‬ ‫االجتماعي املسيحي لكي يشكل الحكومة في عام ‪ 2005‬بعد‬ ‫م��رور سبعة أع��وام ف��ي امل�ع��ارض��ة‪ ،‬انتهزت ميركل الفرصة‪،‬‬ ‫ب��ل تحملت اس�ت�ه��زاء املستشار غ�ي��ره��ارد ش ��رودر املنتهية‬ ‫ُ‬ ‫واليته ليلة االنتخابات في عام ‪ 2005‬لتشكل ائتالفا مع حزبه‬ ‫الديمقراطيني االشتراكيني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ساعدت تلك املهارات ميركل على الصعود وخدمتها أيضا‬ ‫ً‬ ‫صخبا في‬ ‫على نحو أفضل خ�لال السنوات العشر األك�ث��ر‬ ‫السلطة‪ .‬وفي رئاستها لحكومات ائتالفية صعبة املراس في‬ ‫ُ‬ ‫بعض األح�ي��ان‪ ،‬ق��ادت ميركل أملانيا لتخرجها من الضائقة‬ ‫االق�ت�ص��ادي��ة وق��ام��ت ب��دور امل�م�ث��ل األك�ث��ر وض� ً‬ ‫�وح��ا لالتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬إذ تمكنت من إدارة أزمة الديون اليونانية وضعف‬ ‫اليورو‪ .‬كما أن انتقاداتها الصارمة غير املبالغة للتصرفات‬ ‫ً‬ ‫اعتمادا‬ ‫الروسية بأوكرانيا‪ ،‬وخاصة ضم شبه جزيرة القرم‪،‬‬ ‫على مهاراتها ف��ي اللغة الروسية باإلضافة إل��ى دور أملانيا‬ ‫االق �ت �ص��ادي ال�ح�ي��وي ب��امل�ن�ط�ق��ة‪ ،‬جعلها ت�ت�ص��در رد الفعل‬ ‫األوروب � ��ي‪ .‬وك ��ان األك �ث��ر ت��أث�ي� ً�را م��ن ذل��ك ك�ل��ه بالنسبة لهذه‬ ‫السياسية التي ال تعمد إلى املبالغة‪ ،‬أن فاجأت ميركل العالم‬ ‫عندما أعلنت في شهر سبتمبر (أيلول) عام ‪ 2015‬استجابة‬ ‫لصور الالجئني البائسني الذين يتحملون القوارب املتهالكة‬ ‫واملخيمات املكتظة ً‬ ‫هربا من الفوضى السائدة بالشرق األوسط‪،‬‬ ‫ُم�ش�ي��رة إل��ى أن أمل��ان�ي��ا س��وف تستقبل أك�ب��ر ق��در م��ن ه��ؤالء‬ ‫الالجئني الذين جاءوا إليها‪ .‬وعندما خرجت معارضات بأن‬ ‫مئات اآلالف من املهاجرين سيفوقون القدرات األملانية‪ ،‬كان‬ ‫ً‬ ‫ملخصا ملنهجها في حل الكثير من املشكالت‬ ‫ردها البسيط‬ ‫املعقدة‪« :‬يمكننا فعل ذلك»‪.‬‬ ‫جاء اختيار مجلة «التايم» مليركل باعتبارها شخصية العام‬ ‫ف��ي شهر ديسمبر (ك��ان��ون األول) امل��اض��ي ان�ت�ص� ً�ارا ن� ً‬ ‫�ادرا‬ ‫لذلك النمط من الشخصيات في السياسة املعاصرة‪ .‬توقع‬ ‫الكثير م��ن املراهنني ف��ي خريف ع��ام ‪ 2015‬أن اللقب سوف‬ ‫يذهب إلى أحد التنظيمات اإلرهابية الكثيرة أو أحد األشخاص‬ ‫الذين هددوا نمط الحياة األميركية في تلك الفترة‪ ،‬مثل تنظيم‬ ‫ً‬ ‫داعش اإلرهابي أو دونالد ترامب‪ .‬ولكن بدال من ذلك‪ ،‬اختارت‬ ‫مجلة «التايم» أقل الشخصيات الصارخة على الساحة العاملية‬ ‫السياسية‪ ،‬شخصية تشتهر تحديدا بتجنبها لحب الظهور‬ ‫الشخصي أو الصخب السياسي‪ .‬ولم تبخل مجلة «التايم» في‬ ‫إط��راء ميركل‪ ،‬وأطلقت عليها لقب «مستشارة العالم الحر»‪.‬‬ ‫شهدت قيادتها في التعامل مع الكثير من األزمات مثل أزمة‬

‫ً‬ ‫اليورو وأوكرانيا وأيضا املهاجرين على اتساع مهاراتها وقيمة‬ ‫تركيزها العملي على إدارة األزمة‪.‬‬ ‫ولكن ب��دأت الشقوق تظهر في ال�ص��ورة‪ ،‬بينما ال ت��زال نسخ‬ ‫مجلة «التايم» في أكشاك بيع الصحف‪ .‬رغم أن الصفقات التي‬ ‫توصلت إليها ميركل في صيف عام ‪ 2015‬هدأت أزمة اليورو‬ ‫ً‬ ‫مؤقتا وأن�ق��ذت عضوية اليونان باالتحاد األوروب��ي‪ ،‬استمر‬ ‫النقاد في التعبير عن قلقهم بشأن املستقبل البعيد واستقرار‬ ‫االتحاد الذي يتطلب اتخاذ إجراءات عالجية مستمرة من أغنى‬ ‫أعضائه ‪ -‬ناهيك عن االستياء املتزايد من الدول املجاورة الذين‬ ‫ال يزالون يشعرون بالقلق من فكرة هيمنة أملانيا على أوروبا‪.‬‬ ‫كذلك توقفت مساعي ميركل إلحالل السالم بأوكرانيا‪ ،‬في‬ ‫ظ��ل ش�ع��ور رج��ال األع�م��ال األمل��ان واألوروب �ي�ي�ن بالقلق تجاه‬ ‫ال�ع�ق��وب��ات امل �ف��روض��ة ع�ل��ى روس �ي��ا ألن�ه��ا س��وف ت��ؤث��ر على‬ ‫توقعاتهم االقتصادية‪ ،‬بينما شعر آخرون بأن التشدد أكبر من‬ ‫الالزم حول منطقة حيوية بالنسبة روسيا ولكنها بعيدة عن‬ ‫غرب أوروبا قد ُيشعل حربا مدمرة ليس لها ضرورة‪ .‬تمكنت‬ ‫ميركل من الحفاظ على تماسك الجبهة الغربية والتأكيد على‬ ‫الترابط مع أعضاء الجبهة الشرقية في كل من االتحاد األوروبي‬ ‫وحلف شمال األطلسي‪ .‬بيد أن مزيجا بني املصالح االقتصادية‬ ‫والعزوف األملاني التاريخي عن احتواء املظاهر العسكرية أدى‬ ‫إلى تدفق سيل من البيانات والتعليقات الصادرة من هؤالء‬ ‫الذين يتساءلون إذا كان من األفضل ملصالح أملانيا السعي‬ ‫إلى التوافق مع فالديمير بوتني الستعادة السالم واالستقرار‬ ‫باملنطقة‪.‬‬ ‫وك��ان األكثر ض� ً‬ ‫�ررا من كل ذل��ك هو رد الفعل املحلي القوي‬ ‫للغاية واملناهض لسياسة الباب املفتوح التي تنتهجها ميركل‬ ‫أم��ام الالجئني‪ .‬فقد ازدادت املخاوف في امل��دن الصغيرة من‬ ‫تدفق وجوه غير مألوفة بعد نشر تقارير إخبارية عن موجة‬ ‫من االعتداءات الجنسية وجرائم أخرى ارتكبها شباب مهاجر‬ ‫ف��ي امل��دن األمل��ان�ي��ة مثل مدينة كولونيا ف��ي ليلة رأس السنة‬ ‫الجديدة‪ .‬كما أدت معاناة املسؤولني املحليني في توفير سكن‬ ‫وخدمات أخ��رى للمهاجرين‪ ،‬باإلضافة إل��ى تزايد املسيرات‬ ‫ُ‬ ‫االحتجاجية التي تنظمها الجماعات املناهضة للمهاجرين‬ ‫مثل حركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب» ‪ -‬املعروفة‬ ‫باسم بيغيدا ‪ -‬إلى إضعاف دعوات ميركل اللتزام الهدوء‪ .‬ال‬ ‫يتساءل الكثير من األمل��ان فقط عما إذا ك��ان «يمكنهم فعل‬ ‫ذلك»‪ ،‬بل يسألون بصراحة عما إذا كانوا يرغبون في القيام‬ ‫باألمر من األصل‪.‬‬ ‫يواصل االتحاد األوروبي وأوكرانيا تحدي قيادة ميركل‪ .‬فقد‬ ‫أدى االستفتاء البريطاني على «البريكست» لصالح خروج‬ ‫بريطانيا من االتحاد األوروبي على وجه التحديد إلى تحويل‬


‫الجئون عراقيون يتجمعون خارج القنصلية األملانية في مدينة سالونيك ‪ 1‬سبتمبر (أيلول) ‪ 2016‬احتجاجا على الظروف املعيشية الصعبة في املخيمات (غيتي)‪1‬‬

‫الطبيعية إلى مناطق تواجدهم تم سحب إقامتهم وتمت‬ ‫إعادتهم رغم بقائهم في أملانيا أكثر من عشر سنني‪.‬‬ ‫وال شك أن اإلع�لام الغربي يظلم العراقيني كثيرا حني‬ ‫يضعهم في ميزان واحد مع باقي املهجرين من سوريا‬ ‫وأفغانستان وغيرهما‪ ،‬ونسي أن ً‬ ‫أعدادا ال يستهان بها‬ ‫عادت إلى الوطن بعد أن أدركت أن ليس لها حق اإلقامة‬ ‫وحق العمل‪.‬‬ ‫ومن هنا شعر الكثيرون من العراقيني أال استقرار وال‬ ‫ضمان للبقاء بعد ك��ل ه��ذا العناء؛ فكانت الرغبة في‬ ‫الهجرة العكسية هي املالذ والنجاة‪ .‬الجميل في الصورة‬ ‫أنها جاءت بإرادتهم قبل أن تفرض عليهم ألي سبب‬ ‫أو طارئ مفاجئ وهذا يدل على االستفادة من تجارب‬ ‫اآلخرين والتفكير االستراتيجي‪.‬‬

‫من تجربتي املباشرة مع الالجئني العراقيني منذ شهر‬ ‫يوليو (تموز) عام ‪ ،2015‬حيث ساعدتهم في عملية‬ ‫التنوير‪ ،‬فالصورة كانت غير واضحة للكثيرين‪ ،‬وكانوا‬ ‫في حاجة إلى أن يفهموا األشياء كما هي‪ ،‬ال كما وصلت‬ ‫إليهم من وسائل التواصل االجتماعي واإلعالم املزيف‪،‬‬ ‫إضافة إلى مساعدتهم في الحصول على جوازات مرور‬ ‫للعراق‪.‬‬ ‫وهنا نسجل شكرنا للتعاون الكبير م��ن قبل وزاره‬ ‫الخارجية األملانية بواسطة الدكتور كوميتات‪ ،‬املسؤول‬ ‫عن قسم ال��ع��راق‪ ،‬حيث تم ش��رح وتوضيح ما يعانيه‬ ‫ال�لاج��ئ��ون ال��ع��راق��ي��ون‪ ،‬وال��ش��ك��ر م��وص��ول أي��ض��ا إل��ى‬ ‫سفارتنا في أملانيا‪ ،‬حيث تمت مقابلة السفير العراقي‬ ‫دكتور حسني الخطيب ‪ -‬برلني مرات عدة للغرض نفسه‪،‬‬

‫كما حصلت من السفارة على بيان إحصائي بأعداد‬ ‫ال�لاج��ئ�ين ال��ع��راق��ي�ين ال��ذي��ن ت��م منحهم ج����وازات م��رور‬ ‫من قبل السفارة العراقية في برلني والقنصلية العامة‬ ‫العراقية في فرانكفورت‪.‬‬ ‫في أدناه األعداد وحسب اإلحصائية لعام ‪ 2015‬و‪:2016‬‬ ‫سفارة جمهورية العراق في برلني‪:‬‬ ‫‪ -1‬ت��م م��ن��ح «‪ »769‬ج����واز م����رور ل��ل��ع��ام ‪ .2015‬ومنح‬ ‫«‪ »1593‬جواز مرور للفترة من ‪ 2016-1-1‬ولغاية ‪-11‬‬ ‫‪.2016-8‬‬ ‫القنصلية العامة لجمهورية العراق في فرانكفورت‪:‬‬ ‫تم منح (‪ )700‬جواز مرور للعام ‪.2015‬‬ ‫كما تم منح (‪ )1737‬جواز مرور للفترة من ‪2016-1-1‬‬ ‫ولغاية ‪<2016-8-11‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪47‬‬


‫تغير املشهد السياسي ليس في أوروب��ا فحسب‪ ،‬بل حتى في أملانيا‪ ،‬حيث تحول‬ ‫املشهد السياسي واالجتماعي من الترحيب بالالجئني إلى التوجس خيفة منهم‪،‬‬ ‫فإمكانية كونهم إره��اب�ي�ين أصبحت ه��ال��ة تحيط بكل الج��ئ‪ ،‬طبعا التعميم غير‬ ‫منطقي‪ ،‬ولكن ما تشهده الدول األوروبية من هجمات إرهابية جعلت سوء الظن من‬ ‫حسن الفطن‪ ،‬فمن مؤشرات مؤكدة بوجود إرهابيني بينهم‪ ،‬أو ممن لديهم عصاب‬ ‫ديني‪ ،‬أو يعانون مرضا نفسيا‪ ،‬كما أعلن رئيس حزب البديل منذ فترة في إحدى‬ ‫مقابالته على قناة « دويتشه فيله» األملانية‪.‬‬

‫البعثة الدبلوماسية العراقية ومسؤولون بالداخلية في برلني‬ ‫عن دوافع ظاهرة اهلجرة العكسية للعراقيني‬ ‫يتحدثون لـ‬

‫عودة جماعية لالجئني ًالعراقيني‬ ‫من أملانيا إلى بالدهم خوفا من‬ ‫قانون «االشتباه» الجديد‬ ‫برلني‪ :‬سناء واجد علي‬ ‫امل �ف ��ارق ��ة ال �ت��ي ن�ع�ي�ش�ه��ا ال� �ي ��وم‪ ،‬أن اآلالف‬ ‫م��ن ال�لاج�ئ�ين ال�ع��راق�ي�ين ال��ذي��ن ع��اش��وا حلم‬ ‫االستقرار في أملانيا بعد رحلة شاقة للوصول‬ ‫ً‬ ‫نهائيا وطواعية‪.‬‬ ‫إليها‪ ،‬يسعون اآلن إلى مغادرتها‬ ‫قادني البحث عن أسباب هذا التغير من خالل تجربتي‬ ‫ال�ش�خ�ص�ي��ة امل �ب��اش��رة وامل� �ح ��اورات ال �ت��ي عملتها مع‬ ‫الكثيرين منهم‪ ،‬إل��ى أنهم ب��اإلض��اف��ة إل��ى م��ا عاشوه‬ ‫من أل��م نفسي وذل بعد رحلة الوصول التي كلفتهم‬ ‫آالف الدوالرات‪ ،‬وجدوا أنفسهم يعيشون في مخيمات‬ ‫ضمن ظروف سيئة تمثلت في تقاسم غرفها الصغيرة‬ ‫م��ع غ��رب��اء‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى س��وء ال�خ��دم��ات االجتماعية‪،‬‬ ‫كاألكل والشرب وامللبس‪ ،‬فأغلب املهاجرين يعيشون‬ ‫اآلن في غرف مشتركة تضم الواحدة منها أكثر من ‪5‬‬ ‫أشخاص؛ مما يجعلهم ال يشعرون باالرتياح وفقدان‬ ‫الخصوصية‪ .‬ومن ضمن األسباب األخرى‪ ،‬صعوبة‬ ‫العمل مع قلة املعونات املادية التي يحصلون عليها‪،‬‬ ‫عالوة على عدم الحصول على مساعدات مالية كافية‬ ‫من الحكومة بعدما أنفقوا كل ما يملكون‪.‬‬ ‫حق لم الشمل‬ ‫كل هذه األسباب مجتمعة‪ ،‬إضافة إلى تفاصيل أخرى‪،‬‬ ‫منها أن��ه ال ي�ح��ق ل�لاج�ئ�ين ال�ع��راق�ي�ين ال�ح�ص��ول على‬ ‫اإلقامة‪ ،‬وال حق لم الشمل‪ ،‬إضافة إلى بطء إج��راءات‬

‫‪46‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫ال�ل�ج��وء‪ ،‬حتى أن كثيرا م��ن العراقيني ينتظرون منذ‬ ‫سنوات تسلم أوراقهم‪ .‬كل هذه األسباب كانت كافية ألن‬ ‫تجعلهم ال يرون مستقبلهم في هذا البلد؛ مما أفقدهم‬ ‫األمل وفضلوا العودة إلى بالدهم بعد أن تأكدوا من ذلك‪.‬‬ ‫م��ا ح��دث ه��و أن سقف ال�ت��وق�ع��ات ك��ان عاليا لدرجة‬ ‫ل��م يتحقق م�ن�ه��ا ش ��يء‪ ،‬ح�ي��ث ت��أك��د ال�ك�ث�ي��رون بعد‬ ‫تجربتهم املباشرة أن ما كان يحركهم لطلب اللجوء هو‬ ‫افتراضاتهم وتوقعاتهم املسبقة حول اللجوء وحول‬ ‫أوروبا‪ ،‬افتراضات جعلت منها الفردوس املفقود الذي‬ ‫حلموا به؛ فالالجئون عانوا ّ‬ ‫األمرين حتى وصلوا إليها‪،‬‬ ‫ولكن اآلن يجاهدون من أجل العودة إلى أرض الوطن‪.‬‬ ‫ل��م ت�س�ت�ط��ع ال �ت �ص��ري �ح��ات ال �ت��ي ن�ق�ل��ت ع �ب��ر وس��ائ��ل‬ ‫ال�ت��واص��ل االج�ت�م��اع��ي ح��ول ال��وع��د ب��وج��ود ام�ت�ي��ازات‬ ‫تمنح لالجئني‪ ،‬التي تتمثل في سرعة منحهم إقامات‬ ‫واإلسراع في استصدار تصاريح العمل‪ ،‬أن تغير من‬ ‫ع��زم الكثيرين م��ن ق��رار ال �ع��ودة؛ ألن�ه��ا تبقى مجرد‬ ‫تصريحات للتخدير املؤقت؛ لذلك من الواجب علينا أن‬ ‫نوضح لشعبنا‪ ،‬ولشبابنا واقع األمر وحقيقة الحياة‬ ‫األوروب �ي��ة وم��ا ه��ي التوقعات الصحيحة التي يمكن‬ ‫أن تتحقق؛ لكي يكون على بصيرة من أم��ره‪ ،‬وحتى‬ ‫ال يسير وراء سراب خادع وتجربة فاشلة ممكن أن‬ ‫تقذف بأبناء وطننا إلى املجهول‪ ،‬فحتى اإلقامة التي‬ ‫تمنح للعراقيني القادمني إلى أملانيا إقامة مؤقتة ال غير‪،‬‬ ‫وبها ال يحق ل��ه العمل أو ال��دراس��ة‪ ،‬وك��ذل��ك ليس لهم‬ ‫الحق في السفر؛ وذلك لعدم إص��دار وثيقة سفر لهم‬ ‫ضمن اتفاقية جنيف ‪ ،1951‬كما أن امل��دة املمنوحة‬

‫أقصاها ثالث سنوات قابلة للتمديد‪ ،‬ولكن أيضا قابلة‬ ‫لسحبها أو إيقافها‪ ،‬وهذا يعتمد على األوضاع األمنية‬ ‫واالستقرار االجتماعي في العراق خالل أو بعد ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬وليس عليهم إال االنتظار‪.‬‬ ‫انتظار املجهول‬ ‫العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من كان عظة نفسه؛‬ ‫لذلك كان لزاما علينا أن نستفيد من التجارب السابقة‬ ‫للحكومة األملانية ف��ي تعاملها م��ع الالجئني؛ ألن هذه‬ ‫ليست التجربة األولى لدولة أملانيا في استقدام نازحني‬ ‫إل��ى أراض �ي �ه��ا‪ ،‬ف�ق��د اس�ت�ق��دم��ت ف��ي تسعينات ال�ق��رن‬ ‫املاضي ضحايا الحرب األهلية في يوغسالفيا السابقة‪،‬‬ ‫مواطني كوسوفو وصربيا‪ ،‬لكنها بعد أن عادت الحياة‬


‫جيسون رضائيان‬

‫أن يكون كما كان‪ .‬ويجب أن يكون تحت إشراف يكانه صالحي قضت ‪ً 69‬‬ ‫يوما في زنزانة انفرادية‬ ‫الطبيب للعالج لبقية حياته»‪.‬‬ ‫ول �ي �س��ت ي �ك��ان��ه ص��ال �ح��ي وص �ح �ي �ف��ة «واش �ن �ط��ن ول ��م ت��رف��ع ي�ك��ان��ه ص��ال�ح��ي دع ��وى ق�ض��ائ�ي��ة ضد‬ ‫ب��وس��ت» ال�ج�ه��ة ال�ت��ي رف�ع��ت ه��ذه ال��دع��وى‪ ،‬ب��ل إن إيران‪ ،‬ولكن يمكن مالحظة اسمها في هذا امللف‪.‬‬ ‫يوما من أصل ‪ً 72‬‬ ‫فهي قضت ‪ً 69‬‬ ‫يوما من فترة‬ ‫أصحاب هذه الدعوى القضائية هم علي رضائيان‬ ‫وهو شقيق جيسون‪ ،‬وماري رضائيان وجيسون عقوبته في زنزانة انفرادية‪ .‬كانت الزنزانة ضيقة‬ ‫رضائيان‪ .‬يتهم هؤالء السلطات اإليرانية بممارسة خالية من النوافذ وتعج بالصراصير والحشرات‬ ‫الضارة‪ .‬االستحمام غير متوفر ملدة ‪ً 12‬‬ ‫يوما حيث‬ ‫«اإلرهاب»‪ ،‬و«احتجاز الرهائن» و«التعذيب»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ل�ق��د اع�ت�م��د امل�ح�ق�ق��ون أس��ال �ي��ب مختلفة الن �ت��زاع لم يكن بإمكانها أن تستحم‪ .‬كانت تسمع يكانه ليال‬ ‫االعترافات من جيسون رضائيان‪ ،‬إذ هددوه تارة صرخات السجينات التي كانت تعتقد أن إطالق‬ ‫بأنهم سيفصلون رأسه عن جسده‪ ،‬وكانوا يقولون مثل تلك ال�ص��رخ��ات ك��ان ب�ه��دف تعذيبها‪ .‬كانت‬ ‫ً‬ ‫يوميا مرتني وملدة أربع ساعات في‬ ‫تخضع يكانه‬ ‫له إنهم ينوون اإلفراج عنه‪.‬‬ ‫وك ��ان رض��ائ �ي��ان م�ض�ط� ً�را ل �ق��راءة ن��ص يتضمن ك��ل م��رة لجلسات التحقيق‪ .‬ول��م يكن يسمح لها‬ ‫اعترافاته التي انتزعت منه بالقوة أمام الكاميرا‪ ،‬وذلك باألغلب بشرب املاء لفترة أقصاها ‪ 19‬ساعة‪.‬‬ ‫يوميا‪ .‬وتعرضت يكانه ملضايقات والتعذيب النفسي حيث‬ ‫ً‬ ‫خالل خمسة أيام متتالية وثماني ساعات‬ ‫وكانت تريد السلطات من خالل هذه االعترافات أن ك��ان املحقق يهددها بقطع يدها اليمنى ورجلها‬ ‫اليسرى أو يدها اليسرى ورجلها اليمني‪ .‬وقال‬ ‫«تجمع وثائق قانونية» إلدانة رضائيان‪.‬‬

‫امل �ح �ق��ق ل �ه��ا إن �ه��م س �ي��رم��ون ج �ي �س��ون م��ن أع�ل��ى‬ ‫صخرة كبيرة في حال عدم تعاونها معهم‪.‬‬ ‫ولم تتمكن يكانه صالحي‪ ،‬بعد إطالق سراحها من‬ ‫زيارة زوجها إال لثالث مرات‪.‬‬ ‫وتنص القوانني اإلي��ران�ي��ة على أن املتهم يجب أن‬ ‫يكون على علم بموعد جلسة محاكمته قبل ‪12‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫يوما من انعقادها‪ ،‬غير أن ه��ذا القانون لم ُينفذ‬ ‫ف��ي ح��ال��ة ج�ي�س��ون رض��ائ�ي��ان ال ��ذي ك��ان يتفاجأ‬ ‫ب��ان�ع�ق��اد ج�ل�س��ة م�ح��اك�م�ت��ه ق�ب��ل ي ��وم أو ل�ي�ل��ة من‬ ‫تشكيل الجلسة‪.‬‬ ‫ويمثل رفع عائلة رضائيان دعوى قضائية ضد‬ ‫ال�س�ل�ط��ات اإلي��ران �ي��ة ال�خ�ي��ار األخ �ي��ر وال��وح�ي��د لها‬ ‫للتعويض عما جرى لها‪ ،‬ولكن التجارب السابقة‬ ‫ً‬ ‫خصوصا الحرس‬ ‫تثبت بأن السلطات اإليرانية‪،‬‬ ‫ال�ث��وري اإلي��ران��ي املتهم الرئيسي لوقوع مثل هذه‬ ‫االن �ت �ه��اك��ات س�ي�ل�ت��زم��ون ال�ص�م��ت إزاء م�ث��ل ه��ذه‬ ‫الدعاوى <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪45‬‬


‫رفع جيسون رضائيان مراسل صحيفة «واشنطن بوست» دعوى قضائية ضد إيران إلى املحكمة الفيدرالية األميركية ألخذه‬ ‫ً‬ ‫شهرا‪ .‬واتهم جيسون رضائيان إي��ران بممارسة «اإلره��اب»‪ ،‬و«التعذيب»‪ ،‬و«احتجاز‬ ‫رهينة‪ ،‬واعتقاله في سجن إيفني ل�ـ‪18‬‬ ‫الرهائن»‪ .‬واتهمت هذه الدعوى القضائية التي تم إعدادها من قبل جيسون رضائيان وعائلته‪ ،‬السلطات اإليرانية بممارسة‬ ‫التعذيب النفسي والقيام باحتجاز الرهائن بهدف ممارسة النفوذ في املفاوضات النووية‪.‬‬

‫مراسل «واشنطن بوست» يتهم السلطات اإليرانية بممارسة اإلرهاب‬

‫جيسون رضائيان يروي كيف تعرض لالغتيال‬ ‫النفسي واالعتقال في سجن إيفني مدة ‪ 18‬شهراً‬

‫لندن‪ :‬منصورة فراهاني‬ ‫يقول رضائيان وعائلته في هذه الدعوى‬ ‫القضائية إن «تعرض جيسون ملضايقات‬ ‫شتى واالغتيال نفسيا ملدة ‪ 18‬شهرا من‬ ‫قبل السلطات اإليرانية التي كانت تريد من خالل‬ ‫ذلك تحقيق أهدافها في املفاوضات النووية‪ ،‬والقيام‬ ‫بعملية تبادل السجناء مع أميركا»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عنصرا من القوات األمنية التابعة للحرس‬ ‫اقتحم ‪20‬‬ ‫الثوري اإليراني وهم يرتدون القناع الخاص باألطباء‬ ‫بيت الزوجني يكانه صالحي وجيسون رضائيان‬ ‫في ‪ 31‬تير ‪ 22( 1393‬يوليو‪ /‬تموز ‪ )2014‬وقامت‬ ‫بحملة تفتيش في كل أنحاء البيت بدء بأغراضهما‬ ‫الشخصية على غرار ج��وازات السفر‪ ،‬والهواتف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مرورا بالجواهر‪ ،‬والكاميرا‪ ،‬والحاسوب‪.‬‬ ‫واملالبس‪،‬‬ ‫وه��دد عناصر األم��ن رضائيان بالقتل باألسلحة‬ ‫النارية‪ ،‬وذلك النتزاع كلمة سر كل من حساباتهما‬ ‫البنكية‪ ،‬وبريدهما اإللكتروني‪ ،‬وحساباتهما على‬ ‫ش�ب�ك��ات ال �ت��واص��ل االج �ت �م��اع��ي وح �ت��ى ص�ن��دوق‬ ‫التوفير‪ .‬يأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن جيسون‬ ‫رضائيان إال صحافيا إيرانيا ‪ -‬أميركيا م� َ‬ ‫�ارس‬ ‫مهنته ملتزما بالقوانني في إيران‪.‬‬ ‫سجن إيفني‬ ‫وألقت قوات األمن القبض على جيسون وزوجته‬ ‫بعد تفتيش منزلهما‪ ،‬وقادوهما إلى سجن إيفني‬ ‫ً‬ ‫ليال‪.‬‬ ‫وض ��ع ج�ي�س��ون وي �ك��ان��ه ف��ي غ ��رف منفصلة في‬ ‫السجن‪ ،‬وتعرض كالهما إل��ى التعذيب الجسدي‬ ‫وال �ن �ف �س ��ي‪ ،‬ح �ي��ث ت �ط��رق��ت ال� ��دع� ��وى ال �ق �ض��ائ �ي��ة‬ ‫بالتفصيل إليه‪.‬‬ ‫وت �ع��رض ال ��زوج ��ان خ�ل�ال ج�ل�س��ات االس �ت �ج��واب‬ ‫الطويلة للتهديد بقطع األع �ض��اء أو اإلع� ��دام‪ .‬ولم‬ ‫يسمح املحقق لهما بالنوم‪ ،‬وكان يتم استجوابهما‬

‫‪44‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫يكتف املحققون‬ ‫وهما يعانيان من قلة ال�ن��وم‪ .‬لم‬ ‫ِ‬ ‫بتهديد الزوجني فحسب‪ ،‬بل وهددوا بقية أعضاء‬ ‫العائلة بالقتل‪.‬‬ ‫كان يقبع جيسون رضائيان في زنزانة انفرادية‬ ‫لـ‪ً 50‬‬ ‫يوما‪ ،‬وهي زنزانة ضيقة وباردة ورطبة تعج‬ ‫بالصراصير وحشرات أخرى‪ .‬وأصيب جيسون‬ ‫ف��ي ه��ذه ال�ف�ت��رة ب��ال�ك��آب��ة واالض �ط��راب��ات النفسية‬ ‫واألوه��ام حيث ك��ان يتصور أن ال�ج��داران تتحرك‬ ‫أو أنها تتكلم معه‪.‬‬ ‫لم يسمح ح��راس السجن لجيسون بالنوم حيث‬ ‫كانت اإلضاءة ليال نهارا‪ ،‬وكان صوت املكيف عاليا‬ ‫للغاية‪ .‬وكان جيسون يقضي الليالي خالل األشهر‬ ‫األربعة األولى في السجن ً‬ ‫نائما على بساط رقيق‬ ‫ال يقيه برودة األرض اإلسمنتية‪ .‬وكان يتم إعطاؤه‬ ‫حبوب للنوم‪.‬‬ ‫وتم نقله إلى زنزانة أخرى بعد ‪ً 50‬‬ ‫يوما قضاها في‬ ‫الزنزانة االنفرادية‪ ،‬ولكنهم لم يسمحوا له بالتردد‬ ‫ً‬ ‫إلى املهجع العام خالفا لزمالئه في الزنزانة‪.‬‬ ‫وكان قد أعرب مسؤولو جريدة «واشنطن بوست»‬ ‫ً‬ ‫مرارا عن قلقهم من وضع جيسون الصحي عندما‬ ‫ً‬ ‫ك��ان ه��ذا الصحافي معتقال‪ ،‬لكون رض��ائ�ي��ان لم‬ ‫يتوفر له خدمات صحية مطلوبة‪ .‬وفي الوقت الذي‬ ‫كان يعاني جيسون من ارتفاع ضغط الدم لم يتم‬ ‫ت��زوي��ده ب��أي أدوي��ة لعالجه‪ .‬وخسر جيسون في‬ ‫ً‬ ‫كيلوغراما من وزنه‪،‬‬ ‫فترة عقوبته في السجن ‪23‬‬ ‫حيث قال في هذه الدعوى القضائية إنه لم يتمتع‬ ‫بنظام غذائي مناسب في السجن‪ ،‬وكان يعثر في‬ ‫األغلب على الحصى والتراب أو أشياء «مقرفة» في‬ ‫وجبات طعامه‪.‬‬ ‫تبادل السجناء اإليرانيني في أميركا‬ ‫وج��اء ف��ي ال��دع��وى القضائية التي تتكون م��ن ‪68‬‬ ‫ص�ف�ح��ة أن ال �س �ل �ط��ات اإلي��ران �ي��ة ق��ام��ت ب��اع�ت�ق��ال‬ ‫ج �ي �س��ون رض��ائ �ي��ان الس �ت �خ��دام��ه ورق� ��ة ل�ت�ب��ادل‬

‫ً‬ ‫ال�س�ج�ن��اء اإلي��ران �ي�ين ف��ي أم �ي��رك��ا‪ ،‬وأي��ض��ا ان �ت��زاع‬ ‫امتيازات في املفاوضات النووية‪.‬‬ ‫وت�ط��رق رض��ائ�ي��ان وأس��رت��ه خ�لال ه��ذه الدعوى‬ ‫ال �ق �ض��ائ �ي��ة إل� ��ى ت �ف��اص �ي��ل ح� ��ول م ��ا ج� ��رى ل��ه‬ ‫ولزوجته‪ ،‬وقالوا إن املسؤولني اإليرانيني قالوا‬ ‫م��رارا لجيسون إن زوجته يكانه صالحي تقبع‬ ‫في السجن ملدة شهرين‪ ،‬ونقلوا الكالم ذاته ليكانه‬ ‫صالحي‪ ،‬حيث قالوا لها إن زوجها جيسون يقبع‬ ‫في السجن ملدة شهرين‪ .‬كما ادعى املسؤولون‬ ‫في حديثهم إليهما أن جيسون رضائيان يعتبر‬ ‫ورقة ذات قيمة يمكن استخدامها للمساومة حول‬ ‫عملية تبادل بينه وبني معتقل إيراني في الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫على صعيد متصل‪ ،‬ف��إن فترة اعتقال جيسون‬ ‫وجلسات محاكمته تزامنت مع املفاوضات النووية‬ ‫ب�ين إي��ران وال�ق��وى العاملية‪ .‬كما أن توقيت إط�لاق‬ ‫سراحه تزامن مع تنفيذ االتفاق النووي‪.‬‬ ‫وأطلق س��راح جيسون رضائيان إلى جانب أمير‬ ‫حكمتي‪ ،‬وسعيد عابديني‪ ،‬ونصرت الله خسروي‬ ‫رودس� ��ري‪ ،‬وث�لاث��ة م��واط�ن�ين إي��ران�ي�ين أميركيني‪.‬‬ ‫وباملقابل‪ ،‬قامت الواليات املتحدة باإلفراج عن سبعة‬ ‫إيرانيني متهمني بااللتفاف على العقوبات‪ .‬وكان‬ ‫هؤالء السبعة معتقلني في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ودفعت اإلدارة األميركية في اليوم ذاته‪ 400 ،‬مليون‬ ‫دوالر من األموال املجمدة اإليرانية منذ ‪ 1979‬نقدا‬ ‫إلى طهران‪ .‬األمر الذي أثار انتقادات إلى إدارة باراك‬ ‫أوباما‪ .‬واعتبر املنتقدون أن باراك أوباما أقر «فدية»‬ ‫إليران لتحرير السجناء األميركيني‪.‬‬ ‫وأضافت الدعوى القضائية‪« :‬وعلى الرغم من مرور‬ ‫‪ 9‬أش�ه��ر ع�ل��ى إط�ل�اق س ��راح ج�ي�س��ون رض��ائ�ي��ان‬ ‫وأربعة مواطنني أميركيني‪ ،‬ولكن التداعيات النفسية‬ ‫املدمرة والسلبية حول ما حدث لعائلة رضائيان لم‬ ‫تنتهِ ‪ ،‬وال تزال هذه األسرة تعاني»‪ .‬قضى جيسون‬ ‫‪ 544‬ي��وم��ا ف��ي سجن إي�ف�ين حيث ت�ع��رض لسوء‬ ‫املعاملة والتعذيب النفسي وبالتالي‪ ،‬فهو ال يمكن‬


‫نعم‪ ،‬سوريا غيرت ما يسمى «حزب الله» فيما يتعلق‬ ‫بالتأييد الشعبي‪ ،‬إذ سقط قناع «املقاومة» أمام معظم‬ ‫الشيعة في لبنان‪ .‬ولكن الشيعة أصبحوا اليوم أيضا‬ ‫أك�ث��ر ع��زل��ة م��ن ذي ق�ب��ل‪ ،‬وم��ا يسمى «ح��زب ال�ل��ه» هو‬ ‫التنظيم ال��وح�ي��د ال ��ذي ي��رغ��ب ف��ي تجنيدهم ومنحهم‬ ‫وظائف‪ .‬ال شك في أنهم ال يملكون ً‬ ‫خيارا آخر‪.‬‬ ‫أح� ��د ال �ع �ن��اص��ر األخ� � ��رى ال �ت ��ي غ �ي��رت �ه��ا س ��وري ��ا ه��ي‬ ‫االن�ق�س��ام��ات العميقة ب�ين ص�ف��وف املجتمع الشيعي‪.‬‬ ‫انقسامات بني املقاتلني الذين يرون األمور على حقيقتها‪،‬‬ ‫وأفراد املجتمع من غير املقاتلني الذين إما نأوا بأنفسهم‬ ‫عما يسمى «حزب الله» بعد أن ضاقوا ذرعا‪ ،‬أو الذين‬ ‫ال يزالون مؤيدين ومؤمنني بأن ما يسمى «حزب الله»‬ ‫حركة مقاومة‪ .‬أدى ذلك إلى مجتمع مختلف‪ ،‬ولكنه ليس‬ ‫على وفاق مع ذاته أو مع الظروف املحيطة به‪ .‬وإذا لم يتم‬ ‫كسر العزلة‪ ،‬فسوف يعود مزيد من الشيعة اليائسني‬ ‫إلى ما يسمى «حزب الله»‪.‬‬ ‫الشيعة اإليرانيون مقابل الشيعة العرب‬

‫عنصر من حزب الله يقف بني صورتني للخميني وخليفته خامنئي في بيروت (غيتي)‬

‫وعلى أي حال‪ ،‬أهم تغيير بدأ املجتمع في التعرض له‪،‬‬ ‫هو تصوره عن إيران‪ .‬ألول مرة على اإلطالق‪ ،‬يحارب‬ ‫مقاتلو ما يسمى «حزب الله» إلى جانب اإليرانيني‪،‬‬ ‫وتحديدا الحرس الثوري‪ .‬لقد الحظوا أن تلك ليست‬ ‫ولن تكون شراكة مطلقا‪ ،‬وأن عليهم طاعة األوام��ر‬ ‫اإليرانية وفعل ما ُيطلب منهم من دون طرح أسئلة‪.‬‬ ‫وصف أحد املقاتلني العمليات امليدانية في حلب قائال‪:‬‬ ‫«إن �ه��م يتعاملون معنا م�ث��ل امل��رت��زق��ة‪ ،‬وي�ط�ل�ب��ون منا‬ ‫خ��وض م�ع��ارك خطيرة للغاية بينما يظلون ه��م في‬ ‫الخلف»‪ .‬ألول مرة‪ ،‬يرى مقاتلو ما يسمى «حزب الله»‬ ‫الفجوة بني الشيعة الفرس والعرب‪ ،‬والتي أنشأها في‬ ‫األس��اس أسلوب اإليرانيني املتعالي واملتعجرف تجاه‬ ‫مقاتلي ما يسمى «ح��زب الله» والشيعة اآلخرين في خيبة أمل‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫أض ��اف امل�ق��ات��ل‪« :‬ن�ع��م إن�ه��م ي�ع��ام�ل��ون اللبنانيني بطريقة ولكن ذلك ال ينعكس جيدا على القاعدة الشعبية ملا يسمى‬ ‫أفضل مما يعاملون اآلخ��ري��ن‪ ،‬وبخاصة الشيعة األفغان «ح��زب الله» في لبنان‪ .‬يعود ه��ؤالء املقاتلون ‪ -‬أحياء أو‬ ‫والباكستانيني‪ ،‬ولكننا نظل غير م�ت�س��اوي�ين»‪ .‬ك��ان من‬ ‫الواضح له ولزميله املقاتل اللبناني أنهم وفقا للحرس الثوري‬ ‫اإليراني‪ ،‬ليسوا سواء‪ ،‬وأنهم هناك ليخوضوا حربهم‪.‬‬ ‫ألن يغير ذلك أي شيء؟ ألن يفتح هذا اإلدراك عيونهم‬ ‫ويجعلهم يتخلون عن املعركة ويعودون إلى لبنان؟ أجاب‬ ‫املقاتل‪« :‬ليس ممكنا‪ .‬نحن لم نعد نقاتل من أج��ل أي‬ ‫قضية‪ .‬نحن مرتزقة‪ ،‬ونحصل على أجر مقابل القتال‪،‬‬ ‫سواء كنا نؤمن به أو ال‪ .‬ونحن نفعل ذلك ألننا ال نملك‬ ‫بديال آخر‪ ،‬سواء فرصة عمل أو مصدر دخل‪ .‬أنا أقاتل‬ ‫ألجل املال‪ ،‬ومعظم املقاتلني هناك للسبب ذاته»‪.‬‬

‫أمواتا – إلى الفقر والعزلة والخيبة‪ .‬إنهم يعودون إلى بلد‬ ‫ليس له آمال في تحقيق الرخاء أو االستقرار االقتصادي‪.‬‬ ‫في الوقت ذات��ه‪ ،‬تظهر أم��ام اإليرانيني ف��رص االستثمار‬ ‫وينفتحون على املجتمع الدولي ويتطلعون إلى مستقبلهم‬ ‫ويتوقعون الحصول على مزيد م��ن النفوذ ف��ي املنطقة‬ ‫مع استمرار الحرب‪ .‬صرح لي أحد السكان الشيعة في‬ ‫الضاحية‪« :‬أشعر بالغيرة تجاه الشعب اإليراني‪ .‬وكأننا‬ ‫نموت حتى يتمكنوا هم من الحصول على حياة أفضل»‪.‬‬ ‫م��ن ال��واض��ح أمامهم اآلن أن إي��ران س��وف ت�ح��ارب حتى‬ ‫يسقط آخر شيعي عربي‪ .‬وبهذا األسلوب‪ ،‬الذي يصاحبه‬ ‫شعور باليأس بني الشيعة العرب واللبنانيني‪ ،‬هذه العالقة‬ ‫محكوم عليها بالفشل <‬ ‫* باحثة زائرة في زمالة فريدمان‪ ،‬في معهد واشنطن‬ ‫ُ َ‬ ‫لسياسات الشرق األدنى‪ .‬وتغرد على حساب‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪43‬‬


‫َ‬ ‫عندما ن َّصب ما يسمى «حزب‬ ‫الله» ذاته «املقاومة» في لبنان عام‬ ‫‪ ،1982‬كانت صلته بجمهورية إيران‬ ‫اإلسالمية ال تزال غير معروفة‪.‬‬ ‫اعترف ما يسمى «حزب الله»‬ ‫بارتباطه اآليديولوجي بوالية‬ ‫الفقيه‪ ،‬وكان أكثر وضوحا من‬ ‫اليوم بشأن مطامعه في إقامة دولة‬ ‫إسالمية في لبنان‪ .‬ولكن ظهرت‬ ‫عالقاته االستراتيجية واملالية‬ ‫والسياسية مع إيران بمرور الوقت‪.‬‬ ‫وفي الفترة األخيرة فقط اعترف‬ ‫ما يسمى «حزب الله» بأنه يتلقى‬ ‫أمواله وأسلحته من طهران‪.‬‬

‫مقاتلون بميليشيات نصر الله لـ‬

‫‪ :‬نعمل لحساب نظام خامنئي ليبقى على رأس السلطة‬

‫انعدام ثقة بني املقاتلني اللبنانيني في «حزب الله» وإيران‬

‫منذ بداية الثمانينات‪ ،‬كانت إيران تظهر وفق الصورة‬ ‫التي يقدمها «حزب الله» للمجتمع الشيعي على أنها‬ ‫حامية وحارسة جميع الشيعة حول العالم‪ ،‬وبخاصة‬ ‫في لبنان حيث تقع املقاومة ضد االحتالل اإلسرائيلي‪ .‬أدت‬ ‫عمليات املقاومة ضد الجيش اإلسرائيلي في جنوب لبنان دورا‬ ‫كبيرا في حشد الشيعة حول ميلشيا «نصر الله»‪ ،‬وأخيرا حول‬ ‫إيران ووالية الفقيه بصفتها مذهبا‪.‬‬ ‫من النجف‬ ‫سريعا‬ ‫تحوال‬ ‫بدأ املجتمع الشيعي في لبنان يشهد‬ ‫ُ‬ ‫في العراق باعتبارها مرجعية دينية وآيديولوجية‪،‬إلى قم ووالية‬ ‫الفقيه باعتبارها مرجعا جديدا لكل شيء‪ :‬الحياة والسياسة‬ ‫وال��دي��ن وال�ح��رب‪ .‬تلك هي الطريقة التي تشكلت بها الذاكرة‬ ‫الجماعية الجديدة للشيعة‪ ،‬وتكونت بها هويتهم الجديدة‪.‬‬ ‫استمر خطاب املقاومة املرتبط بالذاكرة الجماعية الشيعية عن‬ ‫كربالء ووالية الفقيه ملدة عقود‪ ،‬وجذب معظم الشيعة اللبنانيني‬ ‫والعرب إلى ما يسمى «حزب الله» بصفته البطل الذي ال ُيقهر‬ ‫في كل األزمان‪ .‬ولكن في السوات األخيرة بدأت األمور تتغير‪،‬‬ ‫حيث ازداد خوض ما يسمى «حزب الله» في الحرب السورية‪.‬‬ ‫أح��د التغييرات الكثيرة التي تالحق العالقة بني «ح��زب الله»‬ ‫وإي��ران هو بدء الشيعة العرب في التشكك في نية إي��ران في‬ ‫املنطقة‪ ،‬وازدرائها الشيعة العرب‪.‬‬ ‫سوريا غيرت الشيعة‬ ‫أدى تدخل ما يسمى «حزب الله» في سوريا إلى تغييره‬

‫‪42‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫قال لي أحد مقاتلي ما‬ ‫يسمى «حزب الله» في لقاء‪:‬‬ ‫«نحن غزاة وربما نفعل‬ ‫على وجه التحديد ما فعله‬ ‫اإلسرائيليون في جنوب‬ ‫لبنان أثناء احتاللهم له‪..‬‬ ‫ولكن هذه حرب وأنا أحتاج‬ ‫أن أساعد عائلتي‬

‫‪,,‬‬

‫واشنطن‪ :‬حنني غدار‬

‫ع�ل��ى م�س�ت��وي��ات ك �ث �ي��رة‪ ،‬ول �ك��ن أه�م�ه��ا ع�ل��ى مستوى‬ ‫املجتمع‪ .‬بدأ الشيعة في التساؤل عن سبب دفع إيران‬ ‫لهم إلى الحرب في سوريا‪ .‬في البداية‪ ،‬برر ما يسمى‬ ‫«حزب الله» تدخله بقوله إنهم يقاتلون في سوريا فقط‬ ‫لحماية امل��زارات املقدسة الشيعية‪ ،‬مثل السيدة زينب‪.‬‬ ‫ثم ألنهم يرغبون في الدفاع عن الحدود اللبنانية ضد‬ ‫املتطرفني‪ ،‬أو الدفاع عن الشيعة في القرى الواقعة على‬ ‫الحدود في سوريا‪ .‬وعلى الرغم من الخطاب الطائفي‬

‫العميق خلف تلك التبريرات‪ ،‬ف��إن األم��ر َم� َّ�ر ول��م يمانع‬ ‫الشيعة الشعور بالحماية‪.‬‬ ‫ومع ذلك عندما بدأ ما يسمى «ح��زب الله» التدخل في‬ ‫حلب‪ ،‬ح��دث ارت�ب��اك بني قاعدة مؤيديه‪ .‬ال توجد قرى‬ ‫شيعية أو م��زارات شيعية في حلب‪ .‬كذلك ال تقع حلب‬ ‫على الحدود اللبنانية السورية‪ ،‬فما الذي يحدث؟ ملاذا‬ ‫نحارب في سوريا؟ حتى املقاتلون الذين يتم إرسالهم‬ ‫إلى حلب بدأوا في طرح تلك األسئلة على أنفسهم‪ .‬بالطبع‬ ‫واستمروا في الذهاب‬ ‫لم يجدوا إجابة واضحة أو ُم ِ‬ ‫قنعة‪ُ ،‬‬ ‫إلى هناك والتعرض للقتل؛ ألن ذلك طلب منهم ببساطة‪.‬‬ ‫وعندما بدأ ما يسمى «حزب الله» املشاركة في حصار‬ ‫القرى والبلدات ُّ‬ ‫السنية في ضواحي دمشق‪ ،‬مثل مضايا‪،‬‬ ‫ما أسفر عن حدوث مجاعة ممنهجة إلخالء تلك القرى‬ ‫من ُّ‬ ‫السنة‪ ،‬طرح مجتمعه مزيدا من األسئلة‪.‬‬ ‫مقاتلون يعترفون بالحقيقة‬ ‫ق��ال ل��ي أح��د مقاتلي م��ا يسمى «ح��زب ال�ل��ه» ف��ي لقاء‪:‬‬ ‫«نحن غ��زاة‪ ،‬ورب�م��ا نفعل على وج��ه التحديد م��ا فعله‬ ‫اإلسرائيليون في جنوب لبنان أثناء احتاللهم له‪ .‬ولكن‬ ‫هذه حرب وأنا أحتاج أن أساعد عائلتي»‪.‬‬ ‫لم يذهب هذا املقاتل إلى سوريا ألنه يؤمن بـ«القضية»‬ ‫أو حتى باملقاومة‪ .‬هو يعلم أن «الطريق إلى القدس» ال‬ ‫يمر عبر حلب أو زبداني أو أي بلدة سورية أخرى‪ .‬إنه‬ ‫يقاتل في سوريا ألنها وظيفة وقد وقع عقدا‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫«سوريا سوف تغيرنا إلى األبد‪ ،‬ولكن ليس لدينا خيار»‪.‬‬


‫ولي ولي العهد األمير محمد بن سلمان‬ ‫يلقي خطابا خالل مؤتمر صحافي‬ ‫حول رؤية ‪ 2030‬عقد في الرياض ‪25‬‬ ‫أبريل ‪( 2016‬غيتي)‬

‫تتعرض الدراسة لحجم النجاحات التي حققتها اململكة‬ ‫ف��ي ال��داخ��ل ف��ي امل��ج��االت ك��اف��ة‪ ،‬اق��ت��ص��ادي��ا وسياسيا‬ ‫واج��ت��م��اع ً��ي��ا وث��ق��اف ً��ي��ا وإع�لام ً��ي��ا‪ .‬وه��و م��ا يثير ب��دوره‬ ‫ال��ت��س��اؤل ح��ول األه����داف م��ن وراء مثل ه��ذه الحمالت‬ ‫املضللة‪ ،‬ه��ل األم���ر يتعلق ب��ال��ت��ط��ورات ال��ت��ي تشهدها‬ ‫املنطقة والتحوالت التي تعيشها دولها‪ ،‬أم األمر يتكرر‬ ‫بني الحني واآلخ��ر ويتجدد مع وق��وع أح��داث معينة أو‬ ‫ً‬ ‫سعيا لتحقيق مصالح محددة‪ ،‬أم خوفا من تصاعد‬ ‫ال��دور اإلقليمي للمملكة بما ُيفشل مخططات البعض‬ ‫وطموحاته في بسط السيطرة والنفوذ على مقدرات‬ ‫املنطقة ومكتسبات شعوبها؟‬ ‫ال شك أن اإلجابة عن هذا التساؤل املحوري تكتسب‬ ‫أهميتها من محاولة الوقوف على حقيقة هذه الحمالت‬ ‫ً‬ ‫تمهيدا لكيفية الرد على ما تثيره من تشوهات‬ ‫املغرضة؛‬ ‫وكيفية التعامل مع من يقف وراءها‪ .‬إذ يكشف الواقع‬ ‫أنها ليست املرة األولى ولن تكون األخيرة التي توجه مثل‬ ‫هذه الحمالت إلى اململكة‪ ،‬يؤكد ذلك ما أثير عقب أحداث‬ ‫ال��ح��ادي عشر م��ن سبتمبر ‪ ،2001‬بشأن االتهامات‬ ‫التي وجهت إل��ى بعض املؤسسات السعودية العاملة‬ ‫ف��ي امل��ج��ال اإلن��س��ان��ي وال��خ��ي��ري‪ ،‬وه���و م��ا ك��ش��ف عنه‬ ‫صراحة األم�ين العام لهيئة اإلغ��اث��ة اإلسالمية العاملية‬

‫‪,,‬‬

‫> كيف ساهمت اململكة‬ ‫في حل أزمات سياسية‬ ‫وإقتصادية في انحاء‬ ‫العالم ودورها في الحرب‬ ‫على اإلرهاب‬

‫‪,,‬‬

‫ت��ارة بحجة دعم اإلره��اب‪ ،‬وت��ارة بحجة حماية حقوق‬ ‫اإلن��س��ان‪ ،‬وت��ارة بحجة املطالبة بإصالحات سياسية‬ ‫واجتماعية‪ .‬في حني أن كل هذا ال عالقة له بحقيقة الواقع‬ ‫القائم ف��ي اململكة؛ إذ إن م��ا استعرضته ال��دراس��ة هو‬ ‫غيض من فيض عن دور اململكة في الخارج‪ ،‬في حني لم‬

‫بجدة آنذاك‪ ،‬عدنان باشا‪ ،‬بقوله «إن هجمات ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫ك��ان��ت بمثابة م��ؤام��رة على العمل ال��خ��ي��ري السعودي‬ ‫واإلسالمي‪ ...‬وأن ملف العمل الخيري زج به في مربع‬ ‫التسييس»‪ .‬صحيح أن اململكة اتخذت قرارا عام ‪2004‬‬ ‫ب��إن��ش��اء «الهيئة ال��س��ع��ودي��ة األه��ل��ي��ة ل�لإغ��اث��ة واألع��م��ال‬ ‫الخيرية في الخارج» لتتولى اإلشراف ومتابعة األعمال‬ ‫الخيرية واإلغ��اث��ي��ة بعيدا ع��ن أي ات��ه��ام��ات أو ادع���اءات‬ ‫ً‬ ‫مضللة‪ ،‬إال أنه من الصحيح أيضا أن الخطاب الدعائي‬ ‫ضد اململكة لم يتوقف وإن خفت قليال‪ ،‬إال أنه سرعان‬ ‫ما عاود الظهور وبصورة فجة ليصل األمر إلى إصدار‬ ‫القانون األميركي املخالف للمواثيق واملعاهدات الدولية‬ ‫والقواعد القانونية واألعراف اإلنسانية كافة‪ ،‬التي تؤكد‬ ‫على سيادة ال��دول واستقاللها وه��و القانون املعروف‬ ‫بقانون «جاستا»‪ ،‬وإن كان القانون لم يوجه إلى اململكة‬ ‫على وجه الخصوص وإنما يخاطب العالم بأسره‪ ،‬إال أن‬ ‫رفع أول قضية بمقتضى هذا القانون أمام املحاكم ضد‬ ‫اململكة أثار كثيرا من اللغط والجدل‪ ،‬وهو أمر يحتاج إلى‬ ‫رؤية عملية لكيفية الرد عليه‪.‬‬ ‫م��ا ي��ه��م اآلن‪ ،‬أن م��ا ت��ت��ع��رض ل��ه امل��م��ل��ك��ة م��ن ات��ه��ام��ات‬ ‫وم��ا ي��وج��ه ض��ده��ا م��ن ح��م�لات ي��ؤك��د أن ثمة مخططا‬ ‫يستهدف ليس فقط اململكة‪ ،‬وإنما املنطقة بأسرها؛ وهو‬ ‫ما يجعلنا نؤكد على أمر مهم يكشف في جزء كبير‬ ‫منه الدوافع الخفية وراء إثارة هذه الحملة‪ ،‬يتعلق بـ«رؤية‬ ‫اململكة ‪ ،»2030‬تلك الرؤية التي حظيت بإجماع وطني‬ ‫وت��واف��ق داخ��ل��ي‪ ،‬واستهدفت ال��ح��ف��اظ على م��ا حققته‬ ‫اململكة من إنجازات سابقة مع البناء عليها للوصول إلى‬ ‫ً‬ ‫مكانة متميزة في الساحتني الدولية واإلقليمية‪ .‬وإدراكا‬ ‫ً‬ ‫تهديدا ملصالحها‪،‬‬ ‫م��ن أط���راف ت��رى ف��ي ه��ذا الصعود‬ ‫ً‬ ‫وترسيخا لدورها اإلقليمي‪ ،‬وهدما لطموحاتها املزعومة‬ ‫في حلم إمبراطوري متسع على حساب دول املنطقة‬ ‫وشعوبها‪ ،‬ب��دأت ه��ذه األط���راف (دول��ي��ة وإقليمية) في‬ ‫وضع الخطط ورسم املخططات ملواجهة هذا الصعود‬ ‫والحد منه عبر آليات عدة‪ ،‬منها ما هو سياسي ومنها‬ ‫ما هو اقتصادي ومنها ما هو عسكري ‪ -‬أمنى‪ ،‬حيث‬ ‫تالقت األهداف والطموحات وتصالحت األفكار والرؤى‬ ‫وت��ق��ارب��ت االس��ت��رات��ي��ج��ي��ات ب��ش��أن إع����ادة رس���م ح��دود‬ ‫املنطقة عبر نشر الفوضى واالحتراب الداخلي؛ تمهيدا‬ ‫لتنفيذ مخططات التقسيم على أسس مذهبية وطائفية‬ ‫وع��رق��ي��ة ت��س��ه��ل ال��س��ي��ط��رة ع��ل��ي��ه��ا واس��ت��غ�لال ث���روات‬ ‫شعوبها‪ .‬وه��و أم��ر ت��درك��ه اململكة العربية السعودية‬

‫ومعها ما تبقى من دول عربية قادرة على الوقوف صفا‬ ‫واحدا في مواجهة هذه الهجمة الشرسة على املنطقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تحديدا مصر واإلمارات والجزائر‬ ‫ويقصد بهذه الدول‬ ‫واملغرب واألردن‪ ،‬مع معاونة من بقية البلدان العربية‬ ‫مثل البحرين وعمان والكويت‪ ،‬وتحقيق تحالف فعلي‬ ‫يصمد أمام هذا املخطط ويفشله‪.‬‬ ‫خ�لاص��ة ال��ق��ول‪ ،‬إن األي���ادي البيضاء الناصعة التي‬ ‫قدمتها اململكة العربية السعودية إلى العالم بأسره في‬ ‫املجاالت كافة‪ ،‬تستوجبً أمرين مهمني‪ :‬األول‪ ،‬أهمية‬ ‫ً‬ ‫ونبراسا لألجيال‬ ‫توثيق هذه الجهود أمانة للتاريخ‬ ‫املقبلة‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫عمليا على ك��ل االدع����اءات واالف��ت��راءات‬ ‫وردا‬ ‫والحمالت املغرضة التي يحاول من خاللها البعض‬ ‫اإلس�����اءة إل���ى ذل���ك ال��ت��اري��خ امل��م��ت��د‪ُ ،‬‬ ‫وي��ق��ت��رح ف���ي ه��ذا‬ ‫الخصوص أن تتولى ذلك «دارة امللك عبد العزيز» املعنية‬ ‫بالتوثيق التاريخي وملا لها من جهود توثيقية رائدة‪،‬‬ ‫ويمكن أن يتم ذلك بالتعاون مع مكتبة اإلسكندرية‪،‬‬ ‫ذلك الصرح العلمي الكبير؛ إذ يوجد لديها قسم خاص‬ ‫للتوثيق واألرشفة‪ ،‬األمر الذي يحفظ للشعوب ذاكرتها‬ ‫وللتاريخ أح��داث��ه ووق��ائ��ع��ه‪ .‬اآلخ���ر‪ ،‬ض���رورة أن تعيد‬ ‫اململكة نظرها في بعض تحالفاتها الدولية واإلقليمية؛‬ ‫إذ قوبلت كل تلك الجهود بإساءات مغرضة من بعض‬ ‫األط����راف ال��ت��ي ل��م ت��ر س��وى مصالحها على حساب‬ ‫مصالح حلفائها‪ ،‬بل وربما مصالحها املستقبلية‪،‬‬ ‫فالقراءة السريعة للتحوالت الراهنة تؤكد أن كثيرا‬ ‫من تحالفات القرن العشرين لم تعد صالحة في القرن‬ ‫الحادي والعشرين‪ ،‬ولعل أبرز نموذج معبر عن ذلك‬ ‫ع�لاق��ات اململكة م��ع ال��والي��ات امل��ت��ح��دة األم��ي��رك��ي��ة في‬ ‫السياسية‬ ‫ضوء تغيير األخيرة لكثير من توجهات‬ ‫ً‬ ‫في املنطقة وإعادة ترتيب ألوراقها ولتحالفاتها وفقا‬ ‫ملصالحها منفردا دون مراعاة أي مصالح لحلفائها‪،‬‬ ‫وهو ما يتضح ً‬ ‫جليا في الدور األميركي في العراق‪،‬‬ ‫فبعد أن ك��ان��ت ال���ع���راق ال��ب��واب��ة ال��ش��رق��ي��ة ل��ل��ع��رب في‬ ‫مواجهة الطموح الصفوي‪ ،‬نجحت ال��والي��ات املتحدة‬ ‫في جعلها طريق العبور لتصدير الثورة اإليرانية إلى‬ ‫ً‬ ‫املنطقة‪ ،‬وهو ما تعزز أيضا باالتفاق النووي اإليراني‬ ‫ال���ذي أط��ل��ق ي��ده��ا ب��م��ب��ارك��ة أم��ي��رك��ي��ة ف��ي ال��ت��دخ��ل في‬ ‫شؤون املنطقة وزعزعة استقرارها‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬على اململكة العربية السعودية إعادة حساباتها‬ ‫السياسة في املنطقة وفق املصلحة املشتركة مع دول‬ ‫املنطقة وش��ع��وب��ه��ا ال��ت��ي ت��ئ��ن ت��ح��ت ه��ج��م��ات اإلره���اب‬ ‫والعنف والتطرف واالح��ت��راب الداخلي؛ إذ يمثل الدور‬ ‫ال��س��ع��ودي ف���ي ت��ل��ك ال��ل��ح��ظ��ات ال��ع��ص��ي��ب��ة امل��ن��ق��ذ األول‬ ‫للجميع؛ كونه الطرف األكثر قدرة على صياغة سياسة‬ ‫ق���ادرة على ل��م شمل األم���ة العربية‪ ،‬وال��ح��ف��اظ على ما‬ ‫ً‬ ‫تبقى م��ن اس��ت��ق��راره��ا ل��ل��وق��وف ص��ف��ا واح ً����دا ض��د أي‬ ‫مخاطر ق��ادم��ة م��ن ال��ش��رق أو ال��غ��رب‪ ،‬وف��ي ال��وق��ت ذات��ه‬ ‫على األط����راف العربية ال��ت��ي ال ت���زال ت��ق��اوم مخططات‬ ‫التقسيم والتجزئة‪ ،‬وفي مقدمتها مصر واإلمارات‪ ،‬أن‬ ‫تدرك أهمية الحفاظ على أي تحالفات يمكن تشكيلها‬ ‫بني دول املنطقة‪ ،‬وإن ظل التحالف السعودي اإلماراتي‬ ‫املصري من أكثر أشكال التحالفات املقبولة اليوم‪ ،‬بل‬ ‫والقادرة على مجابهة التحديات والتهديدات التي تواجه‬ ‫دول املنطقة بأكملها<‬ ‫* باحث زائر بمركز الدراسات االستراتيجية التابع‬ ‫لرئاسة جمهورية أذربيجان‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪41‬‬


‫> إعالن ولي ولي العهد األمير محمد بن سلمان تشكيل تحالف إسالمي من ‪ 34‬دولة حملاربة اإلرهاب‬ ‫حرصا من بالده على القضاء عليه عامليًا‬ ‫تدشينه في أن يؤكد تفرده بوصفه أحد أهم الكراسي‬ ‫البحثية على املستويني املحلي واإلق�ل�ي�م��ي ذات صلة‬ ‫باألمن الفكري عبر ما يقوم به من أنشطة وفعاليات‬ ‫استقطبت عددا كبيرا من املهتمني بقضايا األمن الفكري‬ ‫من داخل اململكة وخارجها‪ ،‬واستفاد منها الكثير من‬ ‫أبناء املجتمع السعودي‪ .‬وأسهم في نشر ثقافة األمن‬ ‫الفكري وإرس ��اء مفاهيمه على أوس��ع ن�ط��اق‪ ،‬وتفعيل‬ ‫إسهامات البحث العلمي في تعزيز املفاهيم الصحيحة‬ ‫وترسيخ القيم اإلنسانية السليمة وتحصني املجتمع‬ ‫السعودي ضد األفكار املنحرفة والسلوكيات املنافية‬ ‫للفطرة السوية‪ .‬وجدير بالذكر‪ ،‬أن ه��ذا الكرسي جاء‬ ‫استكماال للجهود املتميزة التي بذلتها‪ ،‬وال تزال جامعة‬ ‫األمير نايف العربية للعلوم األمنية في هذا املجال‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬على املستوى الدولي‪ ،‬شملت جهودها على هذا‬ ‫املستوى محاور عدة‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬استضافة وتنظيم الكثير م��ن امل��ؤت�م��رات املعنية‬ ‫ب�م�ك��اف�ح��ة اإلره� � ��اب‪ ،‬م��ن أب� ��رز م��ا ت��م ف��ي ه ��ذا ال �ش��أن‬ ‫استضافة اململكة املؤتمر الدولي ملكافحة اإلره��اب في‬ ‫العاصمة الرياض في فبراير (شباط) ‪ ،2005‬بمشاركة‬ ‫أكثر من ‪ 50‬دولة عربية وإسالمية وأجنبية‪ ،‬إلى جانب‬ ‫عدد من املنظمات الدولية واإلقليمية والعربية‪ .‬ويذكر‬ ‫أن��ه تزامنا مع ه��ذا املؤتمر تم تنظيم «حملة التضامن‬ ‫الوطني» ملكافحة اإلره��اب في مختلف مناطق اململكة‬ ‫ً‬ ‫أسبوعا‪ ،‬شاركت فيها جميع القطاعات التعليمية‬ ‫دامت‬ ‫واألمنية‪ ،‬لزيادة الوعي العام في دعم التعاون بني أفراد‬ ‫املجتمع السعودي يهدف التصدي للعمليات اإلرهابية‬ ‫وتعزيز االنتماء للوطن وال��دف��اع عنه‪ ،‬ومكافحة الغلو‬ ‫والتطرف الذي ينبذه الدين اإلسالمي‪ .‬وفي السياق ذاته‪،‬‬ ‫نظمت الجامعة اإلسالمية باملدينة املنورة املؤتمر الدولي‬ ‫األول لإلرهاب تحت عنوان‪« :‬اإلرهاب بني تطرف الفكر‬ ‫وفكر التطرف»‪ ،‬في م��ارس ‪ ،2010‬ال��ذي أب��رز وسطية‬ ‫اإلس�ل�ام واع�ت��دال��ه وتسامحه م��ع اآلخ��ر‪ ،‬وأوض��ح وجه‬ ‫الخطأ في نسبة اإلرهاب إليه‪ ،‬وقدم رؤى عملية وعلمية‬ ‫في املعالجة الفكرية لإلرهاب وتعزيز األمن الفكري في‬ ‫املجتمعات اإلسالمية‪ ،‬وك��ان من أب��رز توصياته تأييد‬ ‫جهود اململكة في إنشاء مركز دولي ملكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫واستمرارا على النهج ذاته‪ ،‬استضافت العاصمة الرياض‬ ‫في ‪ 16‬فبراير ‪ 2013‬املؤتمر الدولي املعني بتعاون األمم‬ ‫املتحدة م��ع م��راك��ز مكافحة اإلره ��اب‪ ،‬وذل��ك بمشاركة‬ ‫مساعد األمني العام لألمم املتحدة و‪ 49‬دولة حول العالم‪.‬‬ ‫ون��اق��ش امل��ؤت�م��ر خ�ل�ال أرب ��ع ج�ل�س��ات‪ ،‬ال��رك��ائ��ز األرب��ع‬ ‫األساسية لالستراتيجية الدولية ملكافحة اإلرهاب املتمثلة‬ ‫في‪ :‬التدابير الرامية ملعالجة الظروف املؤدية إلى انتشار‬ ‫اإلره��اب‪ ،‬التدابير الهادفة إلى منع اإلره��اب ومكافحته‪،‬‬ ‫واإلجراءات الالزمة لبناء قدرات الدول على منع اإلرهاب‬ ‫ومكافحته وتعزيز دور منظومة األمم املتحدة في هذا‬ ‫ال�ص��دد‪ ،‬اإلج ��راءات الهادفة إل��ى ضمان اح�ت��رام حقوق‬ ‫اإلنسان للجميع وسيادة القانون على اعتبار أنه الركيزة‬ ‫األساسية ملكافحة اإلرهاب‪ .‬كما استضافت مدينة جدة‬

‫‪40‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫في سبتمبر ‪ 2014‬أعمال االجتماع اإلقليمي (شارك فيه‬ ‫كل من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واألردن‬ ‫ولبنان وتركيا ووزير الخارجية األميركي جون كيري)‬ ‫ُ‬ ‫الذي خصص لبحث موضوع اإلرهاب في املنطقة‪ ،‬وأكد‬ ‫في ختامه املشاركون التزامهم املشترك الوقوف في وجه‬ ‫التهديدات التي يجسدها اإلرهاب بأشكاله كافة‪ ،‬للمنطقة‬ ‫والعالم‪ ،‬بما في ذلك ما ُيسمى تنظيم داعش‪ ،‬ومساهمة‬ ‫كل دولة في االستراتيجية الشاملة ملواجهة هذا التنظيم‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إطالق كثير من القنوات الفضائية واإلذاعية الخاصة‬ ‫بالقرآن الكريم‪ ،‬والسنة النبوية التي تقدم للعالم أجمع‬ ‫صحيح ال��دي��ن اإلس�لام��ي‪ ،‬وق�ط��ع أي ص�لات أو رواب��ط‬ ‫يحاول البعض إلصاقها بجوهره السمح‪.‬‬ ‫‪ - 3‬ال�ت�ق��دم ب��االق �ت��راح ال �خ��اص بتأسيس م��رك��ز دول��ي‬ ‫ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬وقد تبنته األمم املتحدة في اجتماعها‬ ‫السنوي في سبتمبر ‪ ،2006‬وتم تأسيسه عام ‪،2011‬‬ ‫وق��د ح�ظ��ي امل��رك��ز ب��دع��م كبير م��ن اململكة وص��ل إل��ى‬ ‫مساهمتها ب�ـ‪ 110‬ماليني دوالر؛ مما أسهم في تنفيذ‬ ‫ً‬ ‫مشروعا في بقاع ومناطق مختلفة من العالم‪ ،‬منذ‬ ‫‪30‬‬ ‫إنشائه وحتى اآلن‪.‬‬ ‫‪ - 4‬املواجهة األمنية املشتركة‪ ،‬وذلك من خالل االنضمام‬ ‫إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش؛ إذ نفذت اململكة‬ ‫ف��ي إط ��اره ع ��ددا م��ن العمليات ال�ع�س�ك��ري��ة‪ ،‬منها ‪189‬‬

‫طلعة جوية‪ ،‬واستكملت ه��ذه املواجهة في إع�لان ولي‬ ‫ول��ي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس ال��وزراء وزير‬ ‫الدفاع السعودي األمير محمد بن سلمان تشكيل تحالف‬ ‫إسالمي من ‪ 34‬دولة ملحاربة اإلرهاب‪ ،‬محددا الهدف منه‬ ‫ب��أن‪« :‬تشكيله ج��اء حرصا من العالم اإلس�لام��ي على‬ ‫ً‬ ‫محاربة هذا الداء‪ ،‬وكي يكون شريكا للعالم كمجموعة‬ ‫دول ف��ي م�ح��ارب�ت��ه»‪ .‬إذ إن��ه منذ ت��وس��ع تنظيم داع��ش‬ ‫اإلره��اب��ي ف��ي ال �ع��راق وس��وري��ا‪ ،‬ح��رص��ت اململكة على‬ ‫إطالق هذا التحالف الهادف إلى السماح لقوى اإلسالم‬ ‫املعتدل بقيادة الحرب الفعلية ضد قوى التطرف والظالم‬ ‫التي شوهت الصورة الحقيقية للدين اإلسالمي‪ .‬األمر‬ ‫ذاته الذي تكرر في اليمن‪ ،‬حيث بدا الحرص السعودي‬ ‫ال�ش��دي��د ع�ل��ى دك م�ن��اب��ع اإلره ��اب م��ن خ�ل�ال «عاصفة‬ ‫الحزم» و«إعادة األمل»‪.‬‬ ‫ ‬ ‫اململكة في مرمى نيران الحمالت املضللة‬ ‫ما يثير الدهشة واالستغراب‪ ،‬أنه رغم ضخامة الدور‬ ‫اإلنساني والتنموي والسياسي الذي تقوم به اململكة في‬ ‫ً‬ ‫ودوليا‪،‬‬ ‫جميع املجاالت وعلى املستويات كافة إقليميا‬ ‫أن ي�ت��م وض�ع�ه��ا ف��ي م��رم��ى ن �ي��ران م��داف��ع االدع � ��اءات‬ ‫واالف �ت��راءات واألك��اذي��ب والحمالت اإلعالمية املغلوطة؛‬


‫> استضافت السعودية املؤتمر الدولي ملكافحة اإلرهاب في العاصمة الرياض عام ‪ 2005‬بمشاركة‬ ‫أكثر من ‪ 50‬دولة عربية وإسالمية وأجنبية‬ ‫تعرضت القنصلية األميركية بجدة إلطالق نار كثيف‪.‬‬ ‫ ما بني عامي ‪ ،2008 - 2006‬أصيب عدد من رجال‬‫األم��ن ف��ي إط��ار حمالت وم��داه�م��ات مكافحة اإلره��اب‪،‬‬ ‫بينما ت�ع��رض وزي��ر الداخلية األم�ي��ر محمد ب��ن نايف‬ ‫ملحاولة اغتيال نفذها عبد الله العسيري الذي لقي حتفه‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬ ‫ ف��ي ‪ ،2012‬قتل اث�ن��ان م��ن ح��رس ال �ح��دود ف��ي كمني‬‫جنوب السعودية‪.‬‬ ‫ في عام ‪ ،2015‬تبنى تنظيم داعش تفجير مسجد في‬‫ً‬ ‫شخصا‪ ،‬منهم ‪ 12‬من‬ ‫منطقة أبها‪ ،‬أسفر عن مقتل ‪15‬‬ ‫عناصر األمن‪.‬‬ ‫ في ‪ ،2016‬شهدت املدينة املنورة تفجيرا انتحاريا قرب‬‫املسجد النبوي؛ مما أدى إلى مقتل ‪ 4‬من رجال األمن‬ ‫وإصابة ‪ 5‬آخرين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وخارجيا‪،‬‬ ‫داخليا‬ ‫لذا؛ حرصت اململكة على مكافحته‬ ‫ومن أبرز ما يمكن تسجيله في هذا الخصوص ما يلي‪:‬‬ ‫أوال ‪ -‬على املستوى املحلي‪ ،‬شملت املواجهة على هذا‬ ‫املستوى محورين‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪ - 1‬املعالجة األمنية‪ ،‬وشملت محاور أساسية عدة‪ ،‬تمثل‬ ‫أبرزها فيما يلي‪ :‬األول‪ ،‬الضربات االستباقية التي قام‬ ‫بها رجال األمن وتمكنهم من إفشال ما يزيد على ‪95‬‬ ‫في املائة من العمليات اإلرهابية؛ بفضل االستراتيجية‬ ‫املتميزة التي وضعتها القيادات األمنية‪ ،‬كما نجحت‬ ‫األج�ه��زة األمنية ف��ي اخ�ت��راق ال��دائ��رة الثانية ألصحاب‬ ‫الفكر الضال‪ ،‬وهم املتعاطفون واملمولون لإلرهاب الذين‬ ‫ال يقلون خطورة عن املنفذين للعمليات اإلرهابية‪ ،‬فتم‬ ‫القبض على الكثير؛ وذلك بالدعم والتعاون الواسع الذي‬ ‫لقته األجهزة األمنية من املواطنني عقب نشرها لقوائم‬ ‫للمطلوبني ً‬ ‫أمنيا في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات‬ ‫البحث عنهم ومالحقتهم‪ .‬الثاني‪ ،‬إنشاء محكمة خاصة‬ ‫للنظر في قضايا اإلرهاب تحت مسمى «املحكمة الجزائية‬ ‫املتخصصة»‪ ،‬كذلك اس�ت�ح��داث دائ��رة مختصة بهيئة‬ ‫التحقيق واالدعاء العام تحت مسمى «دائرة قضايا أمن‬ ‫الدولة» لتتولى التعامل مع مثل هذه القضايا‪ ،‬مع توفير‬ ‫جميع الضمانات التي توفر للمتهمني في قضايا اإلرهاب‬ ‫وتمويله محاكمة عادلة‪ ،‬بما في ذلك حقهم في الدفاع‬ ‫عن أنفسهم وتعويض من تثبت براءته منهم مع البدء‬ ‫في دراسة إصدار نظام ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬وذلك في إطار‬ ‫تطوير األنظمة واللوائح ذات العالقة بالجرائم اإلرهابية‪،‬‬ ‫وتكثيف برامج التأهيل والتدريب للجهات األمنية املعنية‬ ‫باملواجهة امليدانية املباشرة‪ ،‬واعتماد عدد من اآلليات‬ ‫ملكافحة عمليات تمويل اإلرهاب‪ .‬الثالث‪ ،‬رفع معنويات‬ ‫رج��ال األم��ن ف��ي ال��دف��اع ع��ن بلدهم ومحاربة أصحاب‬ ‫الفكر املنحرف‪ ،‬فقدمت لهم الدعم املادي واملعنوي‪ ،‬وتم‬ ‫منح أسر الشهداء واملصابني واملتضررين كل ما يعينهم‬ ‫على مواجهة أع�ب��اء الحياة؛ وذل��ك تقديرا لهم على ما‬ ‫قدموه من إنجازات للوطن‪.‬‬ ‫‪ - 2‬املعالجة الوقائية‪ ،‬وشملت محاور عدة‪ ،‬أبرزها ما‬ ‫يلي‪ :‬األول‪ ،‬ص��دور بيان م��ن كبار العلماء ف��ي اململكة‬

‫مركز امللك سلمان لإلغاثة واألعمال اإلنسانية ‪ -‬تعز‬

‫عام ‪ 1999‬ذكر فيه أن أعمال استباحة الدماء وانتهاك‬ ‫األع� ��راض وت�ف�ج�ي��ر امل�س��اك��ن وامل �ن �ش��آت ح ��رام ش� ً‬ ‫�رع��ا‬ ‫بإجماع املسلمني‪ ،‬وأن ما يجري من تلك األعمال عمل‬ ‫إجرامي ومحض إفساد ترفضه الشريعة والفطرة‪ ،‬وهو‬ ‫ما يؤكد على املوقف املسبق والثابت للمملكة تجاه أي‬ ‫ادعاءات بشأن دعمها أو مساندتها أي أنشطة إرهابية؛‬ ‫إذ مثلت هذه الفتوى نقطة انطالق رئيسية للمملكة في‬ ‫موقفها حيال كل األعمال اإلرهابية والتخريبية التي‬ ‫ترتكب من التنظيمات التكفيرية املتشددة‪ .‬الثاني‪ ،‬إطالق‬ ‫م�ب��ادرة للعفو ع��ام ‪2012‬؛ إذ أطلق العاهل السعودي‬ ‫الراحل امللك عبد الله بن عبد العزيز‪ ،‬يرحمه الله‪ ،‬مبادرة‬ ‫تضمنت عفوا عن كل من يسلم نفسه ممن ينتمي إلى‬ ‫تلك الفئة ممن ل��م يقبض عليه ف��ي عمليات اإلره��اب‪،‬‬ ‫طائعا مختارا في مدة أقصاها شهر من تاريخ إطالقها‪،‬‬ ‫على أن ُيعامل وفق شرع الله فيما يتعلق بحقوق الغير‪.‬‬ ‫واستفاد من ذلك القرار عدد كبير من األشخاص الذي‬ ‫يعتنقون الفكر الضال وسلموا أنفسهم للجهات األمنية‬ ‫واستفادوا من العفو امللكي‪ ،‬من بينهم أشخاص كانوا‬ ‫موجودين في الخارج‪ .‬الثالث‪ ،‬مواجهة الفكر بالفكر‪،‬‬ ‫وذل��ك عبر اللجنة التي شكلتها وزارة الداخلية «لجنة‬ ‫املناصحة»‪ ،‬وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة‬ ‫واملفكرين بهدف تصحيح املفاهيم الخاطئة واملغلوطة‬ ‫لدى املوقوفني‪ ،‬ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين‬ ‫اإلسالمي الصحيحة‪ ،‬فكان إنشاء «مركز األمير محمد‬ ‫بن نايف للمناصحة والرعاية» الذي يهدف إلى كشف‬ ‫ال�ش�ب�ه��ات وت��وض�ي��ح امل�ن��زل�ق��ات ال�ف�ك��ري��ة ال�ت��ي يتبناها‬ ‫أص�ح��اب الفكر املنحرف ال��ذي ي�ق��ود إل��ى اإلره ��اب من‬ ‫أجل إعادة املوقوفني إلى رشدهم وتصحيح مفاهيمهم‬ ‫من خ�لال االستعانة بعلماء الشريعة واملختصني في‬

‫العلوم االجتماعية والنفسية‪ ،‬واملثقفني ورجال األعمال‪،‬‬ ‫وإتاحة الفرصة لهم ملقابلة هذه الفئة ومناقشتهم بكل‬ ‫ح��ري��ة وال ��رد على شبهاتهم‪ ،‬وان�ت�ه��اج أس�ل��وب ال�ح��وار‬ ‫واإلقناع مع بعض أتباع هذا الفكر‪ ،‬وتغيير الكثير من‬ ‫القناعات السابقة لديهم وع��رض هذه التراجعات عبر‬ ‫وسائل اإلع�لام‪ .‬وقد حقق هذا املركز نجاحا متميزا؛‬ ‫إذ تراجع الكثير من املنظرين للفكر التكفيري املنحرف‬ ‫عن فتاواهم التي استندت إليها عناصر الفئة الضالة‬ ‫ف��ي ال�ق�ي��ام ب��أع�م��ال�ه��ا اإلج��رام �ي��ة‪ ،‬وأك � ��دوا أن ف�ت��اواه��م‬ ‫ت�ل��ك خ��اط�ئ��ة‪ ،‬وت��راج �ع��وا ع�ن�ه��ا وأع �ل �ن��وا ت��وب�ت�ه��م‪ .‬وق��د‬ ‫تزامن مع هذا البرنامج تنفيذ برنامج آخر أطلق عليه‬ ‫«برنامج الرعاية الالحقة»‪ ،‬وه��و يعنى باملوقوف الذي‬ ‫أطلق سراحه بصورة نهائية‪ ،‬وذل��ك بتقديم الخدمات‬ ‫اإلن�س��ان�ي��ة واالجتماعية وال�ت��واص��ل م��ع عائلته وذوي��ه‬ ‫وزياراتهم‪ .‬وتسهيل اللقاءات للراغبني من رجال العلم‬ ‫الشرعي مع املوقوفني من أف��راد الفئة الضالة للتحدث‬ ‫إليهم وتصحيح أف�ك��اره��م‪ .‬ال��راب��ع‪ ،‬أص��درت جملة من‬ ‫األنظمة والتعليمات واللوائح الستخدام شبكة اإلنترنت‬ ‫واالشتراك فيها بهدف مواجهة االعتداءات اإللكترونية‬ ‫واإلرهاب اإللكتروني‪ ،‬إضافة إلى تنظيم الجهات املعنية‬ ‫دورات ت��دري�ب�ي��ة ك�ث�ي��رة ع��ن م��وض��وع مكافحة ج��رائ��م‬ ‫الحاسب اآللي لتنمية معارف العاملني في مجال مكافحة‬ ‫الجرائم التي ترتكب عن طريق الحاسب اآللي وتحديد‬ ‫أنواعها‪ .‬الخامس‪ ،‬تأسيس كرسي «األمير نايف بن عبد‬ ‫العزيز لدراسات األم��ن الفكري بجامعة امللك سعود»؛‬ ‫وذلك بهدف تعزيز الجهود املبذولة من مختلف الجهات‬ ‫ذات العالقة وتكاملها في املعالجة الفكرية والوقائية من‬ ‫األفكار املبتدعة والدخيلة على ديننا ومجتمعنا التي‬ ‫يروج لها أرب��اب الفكر الضال‪ .‬وقد نجح الكرسي منذ‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪39‬‬


‫ً‬ ‫> وفقا إلحصاءات األمم املتحدة الخاصة تعد اململكة أكبر متبرع لضحايا إعصار كاترينا من خارج‬ ‫الواليات املتحدة حيث بلغ حجم مساعدتها ‪ 250‬مليون دوالر‬

‫مساعدات من اململكة العربية السعودية لضحايا الفيضانات في السودان يوم ‪ 25‬أغسطس (آب) ‪( 2016‬غيتي)‬

‫‪ - 1‬تنظيمها وعقدها كثيرا من مؤتمرات حوار األديان‬ ‫والحضارات والثقافات اإلنسانية في كل من الرياض‬ ‫وم��دري��د وس��وي�س��را‪ ،‬وم��ن ف��وق منبر الجمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة‪ ،‬وأثرها البالغ في تأصيل الهوية الحضارية‬ ‫اإلسالمية وبيان حقيقة اإلسالم وقدرته على التعايش‬ ‫السلمي مع أتباع األديان األخرى‪ ،‬وهو جهد لم يكن وليد‬ ‫اليوم‪ ،‬وإنما جاء استكماال لجهودها املضنية في إنشاء‬ ‫ودعم آليات التضامن العربي واإلسالمي بإنشاء رابطة‬ ‫العالم اإلس�لام��ي وتأسيس منظمة املؤتمر اإلسالمي‬ ‫(تحولت اليوم إلى منظمة التعاون اإلسالمي)‪ ،‬وإنشاء‬ ‫الندوة العاملية للشباب اإلسالمي‪ ،‬وإنشاء هيئة اإلغاثة‬ ‫اإلسالمية العاملية‪ ،‬واحتضان البنك اإلسالمي للتنمية‪،‬‬ ‫ومجمع الفقه اإلسالمي واملجمع الفقهي اإلسالمي بمكة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومعنويا‪.‬‬ ‫وقد حظيت كل هذه الهيئات بالدعم ماديا‬ ‫‪ - 2‬ت�ظ��ل ص�ف�ح��ات ال�ت��اري��خ مليئة ب��ال�ج�ه��ود امل�ت�ع��ددة‬ ‫وامل �ت �ن��وع��ة ال �ت��ي ق��ام��ت ب �ه��ا امل �م �ل �ك��ة ف ��ي م �ج��ال دع��م‬ ‫القضايا العربية واإلسالمية والدولية عبر إسهامها في‬ ‫ح��ل األزم ��ات ف��ي املحيطني العربي واإلس�لام��ي بهدف‬ ‫املحافظة على وحدة هذه الدول والحيلولة دون محاوالت‬ ‫تقسيمها وف��ض امل�ن��ازع��ات األه�ل�ي��ة املسلحة بالطرق‬ ‫السلمية واملساعي الحميدة م��ن خ�لال دبلوماسيتها‬ ‫الهادئة على غ��رار ما جرى في األزم��ة اللبنانية (اتفاق‬ ‫الطائف)‪( ،‬األزم��ة العراقية – الكويتية) وغيرهما‪ .‬وإن‬ ‫ظل دورها الداعم لقضايا العرب املصيرية بارزا للعيان‪،‬‬ ‫وفي مقدمتها دعمها القضية الفلسطينية منذ بدايتها‬ ‫باملشاركة العسكرية واملالية في حرب ‪ ،1948‬والدعم‬ ‫امل �ت��واص��ل للفلسطينيني وم��واق �ف �ه��ا ال�ف��اع�ل��ة وامل�ه�م��ة‬ ‫ف��ي ح��روب ع��ام ‪ .1973 ،1967 ،1956‬وج�ه��وده��ا في‬ ‫مساعدة الفلسطينيني وأسرهم‪ ،‬كما سبقت اإلشارة‪،‬‬

‫‪38‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫وجهود اململكة في املصالحة بني الفرقاء الفلسطينيني‬ ‫وجمع كلمتهم‪ .‬كما مثلت املبادرة العربية للسالم التي‬ ‫أقرتها قمة فاس باملغرب في عهد امللك الراحل فهد بن‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬يرحمه الله‪ ،‬خطوة مهمة في سبيل إدارة‬ ‫الصراع العربي اإلسرائيلي بما يحفظ الحقوق العربية‬ ‫ويحقق األمن واالستقرار في املنطقة‪ ،‬وهي املبادرة التي‬ ‫تبنتها القمم العربية املتعاقبة‪ ،‬وذلك كله ظل متزامنا مع‬ ‫استمرار االت�ص��االت ب�ين القيادة السعودية ومختلف‬ ‫ً‬ ‫الدول واألط��راف املعنية لحل القضية الفلسطينية حال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عادال وشامال‪.‬‬ ‫مكافحة اإلرهاب وتجفيف منابعه‬ ‫تعتبر امل�م�ل�ك��ة م��ن ال ��دول ال��رائ��دة ف��ي م �ج��ال مكافحة‬ ‫اإلره� ��اب؛ إذ ساهمت بفاعلية ف��ي ال�ل�ق��اءات اإلقليمية‬ ‫والدولية كافة التي تناولت موضوع اإلره��اب مكافحة‬ ‫وت �ج��ري �م��ا‪ .‬وامل ��دق ��ق ف ��ي ه� ��ذا ال� � ��دور ي�ك �ت�ش��ف حجم‬ ‫الجهود التي بذلتها اململكة عبر أجهزتها ومؤسساتها‬ ‫واالعتدال واملعالجات‬ ‫وجامعاتها في نشر فكر الوسطية ّ‬ ‫ال�ف�ك��ري��ة واألم �ن �ي��ة ل�ل�إره��اب‪ .‬ف�ق��د وق �ع��ت امل�م�ل�ك��ة على‬ ‫االتفاقية العربية ملكافحة اإلرهاب في ‪ 22‬أبريل ‪،1998‬‬ ‫وهي االتفاقية األبرز التي تم إنجازها على الصعيدين‬ ‫األمني العربي‪ ،‬وسجلت إدراك��ا مسبقا للدول العربية‬ ‫من بني دول العالم في اتفاقهم على مكافحة اإلره��اب‪.‬‬ ‫كما كانت اململكة أول دولة توقع على معاهدة مكافحة‬ ‫اإلره��اب الدولي في منظمة املؤتمر اإلسالمي في مايو‬ ‫‪ ،2000‬أي قبل وق��وع أح��داث ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،2001‬كما‬ ‫وقعت اململكة على اتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج‬ ‫العربية ملكافحة اإلره��اب عام ‪ ،2004‬وبروتوكول قمع‬

‫األع �م��ال غير امل�ش��روع��ة ض��د س�لام��ة امل�ن�ش��آت الثابتة‬ ‫املوجودة على الجرف القاري عام ‪ ،2006‬وأنشأت لجنة‬ ‫دائمة مهمتها النظر في طلبات املساعدة املتبادلة التي‬ ‫تتلقاها من الدول األخرى بشأن أي إج��راءات قضائية‬ ‫أو تحقيقات جارية‪ ،‬وطبقت مبدأ التسليم أو املحاكمة‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬كانت اململكة ّ‬ ‫سباقة في حض املجتمع‬ ‫الدولي على التصدي لإلرهاب‪ ،‬ووقفت مع جميع الدول‬ ‫املحبة للسالم في محاربته والعمل على القضاء عليه‬ ‫واستئصاله من جذوره‪ .‬ودعت املجتمع الدولي إلى تبني‬ ‫عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ويصون حياة األبرياء‪ ،‬ويحفظ للدول سيادتها‬ ‫وأمنها واستقرارها‪ .‬كما حرصت على التصدي ألعماله‬ ‫ً‬ ‫محليا‬ ‫كافة على املستويني املحلي وال��دول��ي‪ ،‬فحاربته‬ ‫وشجبته وأدانته ً‬ ‫عامليا‪ .‬وأثبتت للعالم أجمع جدية مطلقة‪،‬‬ ‫وحزما وصرامة في مواجهة عملياته‪ ،‬وجندت أجهزتها‬ ‫كافة لحماية املجتمع من خطر اإلرهابيني وشرهم‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك القضاء على أعداد كبيرة من العناصر اإلرهابية في‬ ‫مختلف مناطق اململكة‪ .‬وأكدت اململكة رفضها الشديد‬ ‫وإدانتها وشجبها لإلرهاب بأشكاله كافة وصوره‪ ،‬وأيا‬ ‫ك��ان مصدره وأه��داف��ه من خ�لال تعاونها وانضمامها‬ ‫وإسهامها بفاعلية في الجهود الدولية والثنائية املبذولة‬ ‫ضد اإلرهاب وتمويله والتزامها‪.‬‬ ‫جدير بالذكر‪ ،‬أن االهتمام السعودي بقضية اإلره��اب‬ ‫يرجع لكونها من أوائل الدول التي استهدفتها الجماعات‬ ‫اإلرهابية؛ إذ يسجل التاريخ تعرض اململكة عام ‪1979‬‬ ‫لعمل إرهابي طال الحرم املكي حينما قامت مجموعة‬ ‫ضالة بقيادة «جهيمان العتيبي» باحتالل الحرم املكي‪،‬‬ ‫ثم لحقتها تفجيرات أخرى مثل تفجير مبنى الحرس‬ ‫ال��وط�ن��ي ع��ام ‪1996‬؛ وه��و م��ا يعني أن اململكة شهدت‬ ‫اعتداءات إرهابية قبل الحدث اإلرهابي الكبير الذي وقع‬ ‫ف��ي ال��والي��ات امل�ت�ح��دة ف��ي ال �ح��ادي عشر م��ن سبتمبر‬ ‫‪ ،2001‬واس �ت �م��رت ه ��ذه ال �ت �ه��دي��دات ع�ب��ر سلسلة من‬ ‫النشاطات اإلرهابية والتخريبية بجميع أنواعها التي‬ ‫شهدتها اململكة وه��دف��ت إل��ى نشر الفرقة والفوضى‪،‬‬ ‫ومن أبرزها ما يلي‪:‬‬ ‫ خالل الفترة ما بني مايو ونوفمبر (تشرين الثاني)‬‫‪ ،2003‬توالت الهجمات اإلرهابية على املجمعات السكنية؛‬ ‫مما أدى إلى قتل ‪ 20‬شخصا‪ ،‬وإصابة ‪ 194‬في التفجير‬ ‫األول‪ ،‬وقتل ‪ 12‬وجرح ‪ 122‬في التفجير الثاني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ بني عامي ‪ 2004‬و‪ ،2005‬شهدت اململكة نحو ‪ 22‬حادثا‬‫ً‬ ‫إرهابيا ما بني تفجير واعتداء واختطاف؛ مما أدى إلى‬ ‫ً‬ ‫مقتل ‪ 90‬شخصا‪ ،‬وإصابة ‪ 507‬ما بني مواطن ومقيم‬ ‫أجنبي‪ ،‬بينما لقي ‪ 39‬من رجال األمن مصرعهم وأصيب‬ ‫‪ ،213‬في حني قتل من أعضاء التنظيم ‪ 92‬وأصيب ‪،17‬‬ ‫فيما ت�ج��اوزت الخسائر امل��ادي��ة ف��ي املمتلكات والبنية‬ ‫التحتية مليار ريال سعودي‪.‬‬ ‫ في ع��ام ‪ ،2006‬تم إحباط محاولة تفجير سيارتني‬‫مفخختني اس�ت�ه��دف�ت��ا م�ع��ام��ل ل�ت�ك��ري��ر ال�ن�ف��ط شرقي‬ ‫السعودية؛ مما أدى إلى مقتل رجل أمن‪ ،‬وفي العام نفسه‬


‫> شاركت السعودية بقوة في مكافحة اإلرهاب و ساهمت بفاعلية في اللقاءات اإلقليمية والدولية كافة‬ ‫التي تناولت التطرف و اإلرهاب مكافحة وتجريما‬ ‫في هذا املضمار‪ ،‬بمبلغ مليار دوالر‪ ،‬كان من أبرز هذه‬ ‫املؤسسات املصرف العربي للتنمية االقتصادية في‬ ‫أفريقيا‪ ،‬وصندوق التنمية األفريقي‪.‬‬ ‫كما برز دور اململكة اقتصاديا في إعفائها وإسقاطها‬ ‫كثيرا من ديونها املستحقة على ال��دول الفقيرة‪ ،‬التي‬ ‫بلغت أكثر من ‪ 22.5‬مليار ريال سعودي (ستة مليارات‬ ‫دوالر أميركي طبقا لتقديرات عام ‪ ،)2010‬وبما تقدمه‬ ‫من كامل حصصها في مبادرة صندوق خفض الديون‬ ‫التابع لصندوق النقد الدولي‪.‬‬ ‫ونظرا لهذا الجهد املتميز؛ جاء ترتيب اململكة في املركز‬ ‫الرابع في قائمة أكبر الدول املانحة للمساعدات اإلنمائية‬ ‫على مستوى العالم‪ ،‬حيث تأتي بعد الواليات املتحدة‬ ‫وبريطانيا وأملانيا‪.‬‬ ‫تعزيز التكامل الدولي واإلقليمي‬

‫الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقلد‬ ‫امللك سلمان بن عبد العزيز وسام الدولة في‬ ‫املجمع الرئاسي بأنقرة ‪ 12 -‬أبريل (نيسان)‬ ‫‪( .2016‬وكالة األناضول لألنباء)‬

‫مضامني مبادئ الشراكة العاملية للتنمية بصفتها نهجا‬ ‫ثابتا‪ ،‬أضحت هذه املضامني في صلب أهداف «رؤيتها‬ ‫التنموية ‪ »2030‬في بعدها الخارجي؛ إذ انطوت على‬ ‫دعم التعاون والتكامل على الصعيدين اإلقليمي والعاملي‬ ‫بما يخدم التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويحفظ‬ ‫األمن والسلم العامليني‪.‬‬ ‫في اإلطار ذاته‪ ،‬كان للمملكة دور مهم في دعم مسيرة‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية الشاملة واملستدامة‬ ‫في كثير البلدان العربية واإلسالمية من خالل الدعم‬ ‫امل��ت��واص��ل مليزانية ومسيرة وب��رام��ج البنك اإلس�لام��ي‬ ‫للتنمية‪ ،‬وأجهزته ومؤسساته املتعددة‪ ،‬وتقديم القروض‬ ‫امليسرة لكثير من املشروعات في هذه الدول‪ ،‬مع تشجيع‬ ‫امل��س��ت��ث��م��ري��ن ال��س��ع��ودي�ين ع��ل��ى االس��ت��ث��م��ار ف��ي ال���دول‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬واالستثمار الحكومي السعودي‬ ‫املباشر في مشروعات البنية التحتية في الكثير من هذه‬ ‫الدول‪ ،‬إضافة إلى اتفاقيات التبادل التجاري واملناطق‬

‫الحرة بني اململكة والكثير من الدول العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫واستقطاب الكفاءات البشرية ال��واف��دة من ه��ذه ال��دول‪،‬‬ ‫وعدم وضع قيود على تحويالتها الخارجية‪.‬‬ ‫في السياق ذات��ه‪ ،‬يذكر أن اململكة تفردت على امتداد‬ ‫العقود األربعة املاضية بالكثير من املساعدات التنموية‬ ‫للدول األفريقية‪ ،‬التي بلغت ‪ 30‬مليار‬ ‫غير املستردة ُ‬ ‫دوالر‪ ،‬في حني ق��درت القروض التي أعفت منها عدد‬ ‫م��ن ال���دول ‪ 6‬مليارات دوالر‪ ،‬ف��ي ال��وق��ت ال��ذي ق��دم فيه‬ ‫ً‬ ‫الصندوق السعودي للتنمية ق��روض��ا إغاثية ميسرة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وبرنامجا إغاثيا في ‪ 44‬دولة‬ ‫مشروعا‬ ‫لتمويل ‪345‬‬ ‫أفريقية‪ ،‬في القطاعات الصحية والتعليمية واالجتماعية‬ ‫واإلسكان والبنية ّالتحتية بمبالغ بلغت ‪ 6‬مليارات دوالر‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬وقعت اململكة سبع اتفاقيات في مجال‬ ‫التنمية مع الجانب األفريقي بمبلغ تجاوز نصف مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬ب��ج��ان��ب إس��ه��ام��ات��ه��ا ف��ي ت��أس��ي��س ال��ك��ث��ي��ر من‬ ‫املؤسسات التمويلية‪ ،‬لتسجل نفسها أكبر املساهمني‬

‫ت��ع��ددت ج��ه��ود اململكة وم��ب��ادرات��ه��ا ال��رائ��دة ف��ي تعزيز‬ ‫أواصر التعاون والتكامل الدولي واإلقليمي؛ إيمانا منها‬ ‫بأهمية العمل املشترك بصفته مسارا لتحقيق األمن‬ ‫ً‬ ‫وإقليميا‪ .‬ول���ذا؛ فقد كانت اململكة‬ ‫واالس��ت��ق��رار عامليا‬ ‫من بني البلدان القليلة التي أسهمت في تأسيس جامعة‬ ‫الدول العربية مباشرة بعد نهاية الحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مؤسسا لألمم املتحدة؛ إذ شاركت‬ ‫عضوا‬ ‫كما كانت‬ ‫في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي جرى خالله إقرار‬ ‫ميثاق األمم املتحدة من خالل وفد رأسه امللك فيصل بن‬ ‫عبد العزيز آل سعود‪ ،‬يرحمه الله‪ ،‬وكان حينها وزيرا‬ ‫للخارجية‪ ،‬ووقعت على امليثاق في ‪ 26‬يونيو عام ‪،1945‬‬ ‫فيما جرت املصادقة على العضوية في ‪ 18‬أكتوبر من‬ ‫العام نفسه‪.‬‬ ‫في اإلطار ذاته‪ ،‬سعت بعد دعوة العاهل املغربي الراحل‬ ‫امل��ل��ك ال��ح��س��ن ال��ث��ان��ي‪ ،‬ي��رح��م��ه ال���ل���ه‪ ،‬إل���ى ع��ق��د مؤتمر‬ ‫إسالمي ل��ت��دارس نتائج إح��راق املسجد األقصى عام‬ ‫‪ 1969‬إلى التمسك بإضفاء صبغة الدوام واالستمرارية‬ ‫على ه��ذه امل���ب���ادرة؛ وذل���ك باستضافتها مقر منظمة‬ ‫املؤتمر اإلسالمي (التعاون اإلسالمي حاليا) ً‬ ‫بدءا من‬ ‫ً‬ ‫محوريا وأساسيا‬ ‫عام ‪ 1972‬في جدة‪ .‬كما كان دورها‬ ‫في جمع كل من دول البحرين والكويت وقطر وعمان‬ ‫واإلمارات إلنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية‪،‬‬ ‫الذي قامت األط��راف املتعاقدة بتوقيع دستوره في ‪25‬‬ ‫مايو ‪ ،1981‬وتستضيف اململكة مقر أمانته العامة‪.‬‬ ‫لذا؛ تحرص اململكة على التأكيد بالتزامها الدائم باملبادئ‬ ‫واألسس التي تضمنتها مواثيق هذه املنظمات‪ ،‬وعلى‬ ‫سعيها الدؤوب نحو وضع تلك املبادئ واألسس موضع‬ ‫التطبيق العملي‪ ،‬عبر دعمها هذه املنظمات ووكاالتها‬ ‫املتخصصة؛ كونهم يشكلون إط��ارا صالحا للتعاون‬ ‫بني األمم والشعوب‪ ،‬ومنبرا مهما للتخاطب والتفاهم‪،‬‬ ‫ووسيلة فاعلة لفض املنازعات وعالج األزمات‪ ،‬وهو ما‬ ‫تجلى في كثير الصور والنماذج املشرفة التي قامت بها‬ ‫اململكة‪ ،‬من أبرزها ما يلي‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪37‬‬


‫> لدى السعودية إسهامات في رؤوس أموال ‪ 18‬مؤسسة وهيئة مالية دولية جعلها أكبر دولة مانحة‬ ‫للمساعدات اإلنسانية على مستوى العالم‬ ‫الصحة والتعليم واإلسكان‪ .‬وعلى صعيد آخر‪ ،‬أوفت‬ ‫اململكة بكامل مساهماتها املقررة حسب قمة بيروت‬ ‫(مارس ‪ )2002‬لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية‪ ،‬وما‬ ‫أك��دت عليه قمة ش��رم الشيخ (م��ارس ‪ )2003‬بتجديد‬ ‫االلتزام العربي بهذا الدعم‪ ،‬كما أوفت بكامل التزاماتها‬ ‫حسب قمة تونس (مايو (أي��ار)‪/‬أي��ار ‪ )2004‬الخاصة‬ ‫باستمرار الدعم املالي ملوازنة السلطة الفلسطينية ملدة‬ ‫ستة أشهر تبدأ من أبريل حتى سبتمبر (أيلول) ‪.2004‬‬ ‫ويعتبر دعم اململكة العربية السعودية األكبر من بني‬ ‫مساهمة املانحني العرب للسلطة‪ .‬جدير باإلشارة‪ ،‬أن‬ ‫اململكة ب����ادرت ف��ي م��ؤت��م��ر ال��ق��م��ة ال��ع��رب��ي ف��ي ال��ق��اه��رة‬ ‫(‪2000‬م) باقتراح إنشاء صندوقني باسم «صندوق‬ ‫األقصى» و«صندوق انتفاضة القدس» برأسمال قدره‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬وتبرعت بمبلغ ‪ 200‬مليون دوالر لصندوق‬ ‫األقصى‪ 50 ،‬مليون دوالر لصندوق انتفاضة القدس‪.‬‬ ‫كما أول���ت اململكة اهتماما خ��اص��ا بقضية الالجئني‪،‬‬ ‫عبر تقديمها حزما مستمرة من املساعدات اإلنسانية‪،‬‬ ‫س��واء لهم مباشرة أو عن طريق ال��وك��االت واملنظمات‬ ‫الدولية التي تعنى بشؤونهم مثل األونروا‪ ،‬واليونيسكو‪،‬‬ ‫البنك اإلسالمي‪ ،‬والصندوق العربي لإلنماء االقتصادي‬ ‫واالجتماعي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬األردن‪ ،‬بلغت قيمة امل��س��اع��دات امل��ال��ي��ة السعودية‬ ‫��وات (‪ )2014 - 2010‬نحو ‪3‬‬ ‫ل�ل�أردن خ�لال أرب���ع س��ن ً‬ ‫م��ل��ي��ارات دوالر‪ ،‬وذل��ك وف��ق��ا لتقديرات ص��ن��دوق النقد‬ ‫ال���دول���ي‪ .‬وه���دف���ت ه���ذه امل���س���اع���دات إل���ى امل��س��اه��م��ة في‬ ‫تنفيذ اإلص�لاح��ات الشاملة التي بدأتها منذ سنوات‬ ‫عدة‪ ،‬خصوصا في املجال االقتصادي‪ ،‬ومحاولة حل‬ ‫مشكلتي الفقر والبطالة‪ ،‬وتوفير البنية التحتية الالزمة‬ ‫واالرتقاء بمستوى الخدمات املقدمة للمواطنني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ - 3‬مصر‪ ،‬سيظل التاريخ مسجال لدور عروبي للمملكة‬ ‫يفخر به الجميع‪ ،‬وهو ذلك الدور الذي لعبته في حرب‬ ‫أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،1973‬فقد كان لقرار قطع النفط‬ ‫عن ال��دول املعاونة مع إسرائيل‪ ،‬أث��ر كبير في تحقيق‬ ‫النصر؛ وهو ما ّ‬ ‫عرض اململكة إلى ضغوط كبيرة من‬ ‫ال���دول األوروب��ي��ة للتراجع ع��ن ال��ق��رار‪ ،‬إال أن التصميم‬ ‫والعزيمة التي اتسمت بها القيادة السعودية أص��رت‬ ‫على استكمال دعمها وتعزيزها لجبهتي الحرب (مصر‬ ‫وسوريا)‪ .‬ولم يقتصر األمر على ذلك فحسب‪ ،‬بل امتدت‬ ‫مشاركتها امليدانية عبر فوج من املدرعات والبطاريات‬ ‫املدفعية ونحو ‪ 20000‬جندي انضموا إلى جبهة القتال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واستمرارا على النهج ذاته‪ ،‬لم يتوقف الدعم السعودي‬ ‫ً‬ ‫ملصر‪ ،‬بل ظل مستمرا حتى يومنا هذا‪ ،‬وهو ما تأكد‬ ‫ً‬ ‫جليا فيما واجهته مصر على مدار السنوات الخمس‬ ‫األخ���ي���رة‪ ،‬م��ن أزم����ات اق��ت��ص��ادي��ة وم��ال��ي��ة واح��ت��ي��اج��ات‬ ‫معيشية ك���ان للمملكة ال����دور ال���ري���ادي ف��ي توفيرها‬ ‫للخروج بمصر من أزمتها‪ ،‬وإن ظل املوقف السعودي‬ ‫من ثورة ‪ 30‬يونيو (حزيران) هو األبرز على مدار هذه‬ ‫السنوات الخمس‪ ،‬حينما ساندت اململكة مصر سياسيا‬ ‫ضد الهجمات التي تعرضت لها في الواليات املتحدة‬

‫‪36‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫وأوروبا‪ ،‬وكذلك اقتصاديا عبر تقديم املساعدات التي‬ ‫بلغت دفعتها األول��ى قيمة ‪ 4‬مليارات دوالر‪ .‬وتزايدت‬ ‫بصورة كبيرة لتصل إلى أكثر من ثالثني مليار ريال‬ ‫سعودي عام ‪2015‬؛ وهو ما أسهم بال شك في توفير‬ ‫االحتياجات األساسية من املواد البترولية‪ ،‬وكذلك ضخ‬ ‫املزيد من االستثمارات في شرايني االقتصاد املصري‪.‬‬ ‫‪ - 4‬األزم���ة ال��س��وري��ة‪ ،‬ك��ان للمملكة أي���اد بيضاء تجاه‬ ‫الشعب السوري منذ بداية أزمته؛ إذ بادرت اململكة قيادة‬ ‫وح��ك��وم��ة وش��ع ً��ب��ا بمد ي��د ال��ع��ون وامل��س��اع��دة لألشقاء‬ ‫ال��س��وري�ين للتخفيف م��ن معاناتهم ف��ي ظ��ل األوض���اع‬ ‫املأساوية القاسية التي تحيط بهم‪ .‬وسارعت اململكة‬ ‫بتوجيه العاهل ال��راح��ل امللك عبد الله ب��ن عبد العزيز‬ ‫آل س��ع��ود‪ ،‬ي��رح��م��ه ال��ل��ه‪ ،‬إل���ى إط��ل�اق ال��ح��م��ل��ة الوطنية‬ ‫ص��در األمر‬ ‫السعودية لنصرة األش��ق��اء في س��وري��ا‪ ،‬و ُ‬ ‫امللكي في الثاني من رمضان ‪1433‬هـ‪ ،‬حيث قدمت من‬ ‫خاللها الخدمات الغذائية واإليوائية والصحية واإلغاثية‬ ‫ل��ل��ن��ازح�ين داخ���ل س��وري��ا وال�لاج��ئ�ين ف��ي دول ال��ج��وار‪،‬‬ ‫وس ّ���ي���رت ال��ج��س��ور اإلغ��اث��ي��ة ال��ب��ري��ة وال��ج��وي��ة ملباشرة‬ ‫توزيعها بشكل مباشر‪ .‬ويذكر‪ ،‬أنه منذ انطالق الحملة‬ ‫الوطنية السعودية اإلغاثية وحتى منتصف العام املاضي‬ ‫ً‬ ‫برنامجا إغاثيا‬ ‫(‪ )2015‬تمكنت الحملة من تنفيذ ‪141‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إنسانيا وطبيا‪ ،‬بتكلفة إجمالية قدرها ‪707‬‬ ‫ومشروعا‬ ‫ً‬ ‫برنامجا طبيا‪،‬‬ ‫م�لاي�ين ري���ال‪ .‬كما نظمت اململكة ‪22‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫جاهزا إليواء الالجئني في مخيم‬ ‫وأمنت ‪ 4523‬كرفانا‬ ‫الزعتري مع إيجارها شققا سكنية إليواء ‪ 3101‬أسرة‬ ‫سوريا في األردن ولبنان‪ ،‬و‪ 9‬آالف خيمة و‪ 500‬ألف‬ ‫ش���راع إلي���واء ه���ؤالء ال�لاج��ئ�ين ف��ي األردن وت��رك��ي��ا‪ ،‬مع‬ ‫توفير خمسة آالف دفاية‪ .‬كما قدمت اململكة خدماتها‬ ‫التعليمية ألب��ن��اء الالجئني وبناتهم م��ن خ�لال تسديد‬ ‫تكلفة ال��رس��وم ال��دراس��ي��ة ألك��ث��ر م��ن ث�لاث��ة آالف طالب‬ ‫وطالبة مل��دة عامني وت��أم�ين ‪ 600‬أل��ف حقيبة مدرسية‬ ‫وهدايا لألطفال مع بداية كل فصل دراس��ي‪ ،‬وال يزال‬ ‫َ‬ ‫مستمرين إلى يومنا هذا‪.‬‬ ‫الدعم والعون السعوديان‬ ‫‪ - 5‬األزمة اليمنية‪ ،‬حظيت اليمن باهتمام بالغ من جانب‬ ‫اململكة‪ ،‬ليس فقط مع وقوع االضطرابات األخيرة ضمن‬ ‫ُ‬ ‫ما أطلق عليه «الربيع العربي»‪ ،‬وإنما يسطر التاريخ‬ ‫ص��ف��ح��ات م��ش��رف��ة ل��ل��دع��م ال��س��ع��ودي للشعب اليمني‪،‬‬ ‫وإن زاد مستوى ه��ذا ال��دع��م وحجمه خ�لال السنوات‬ ‫الخمس األخيرة‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬تقدر املساعدات‬ ‫املقدمة لالقتصاد اليمني خالل الفترة من يناير (كانون‬ ‫الثاني) ‪ 2011‬حتى يونيو ‪ 2012‬بنحو ‪ 1.3‬مليار ريال‬ ‫س���ع���ودي‪ ،‬ك��م��ا أس��ه��م ال��ص��ن��دوق ال��س��ع��ودي للتنمية‬ ‫بمبلغ مائة مليون دوالر أميركي لدعم قطاع الكهرباء‪،‬‬ ‫وذل��ك كله قبل االن��ق�لاب الحوثي األخير ال��ذي واجهته‬ ‫اململكة بكل حزم وقوة تحت مسمى «عاصفة الحزم»‬ ‫و«عاصفة األم��ل» اللتني هدفتا إلى استعادة الشرعية‬ ‫السياسية‪ ،‬ومنع قيام دولة والية الفقيه على األراضي‬ ‫اليمنية‪ .‬ويذكر أنه رغم الجهود العسكرية املضنية التي‬ ‫تبذلها دول التحالف العربي الذي شكلته اململكة ضد‬

‫الحوثيني والرئيس السابق على عبد الله صالح‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫مستمرا‪،‬‬ ‫الدعم والعون اإلنساني للشعب اليمني ظل‬ ‫حيث يذكر الجميع الجهود اإلنسانية الواسعة التي يقوم‬ ‫بها مركز امللك سلمان لإلغاثة في اليمن عبر عدد من‬ ‫البرامج واملشروعات؛ إذ بلغ عدد البرامج املعنية بتقديم‬ ‫ً‬ ‫برنامجا منتشرا في‬ ‫امل��س��اع��دات للشعب اليمني ‪21‬‬ ‫جميع أنحاء محافظات اليمن‪ ،‬ويبلغ حجم املستفيدين‬ ‫منها أك��ث��ر م��ن ‪ 27‬مليون م��واط��ن يمني‪ .‬إض��اف��ة إلى‬ ‫ً‬ ‫برنامجا للمساعدات الطبية يستفيد منها‬ ‫أكثر من ‪33‬‬ ‫ما يقرب من ‪ 16‬مليون يمني‪ .‬كما ينظم املركز عدد‬ ‫ً‬ ‫برنامجا‪،‬‬ ‫من برامج األمن الغذائي والتنموي بلغت ‪22‬‬ ‫ويستفيد منها أكثر من ‪ 30‬مليون يمني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعامليا‬ ‫إقليميا‬ ‫اململكة وسياساتها التنموية والتكاملية‬ ‫في إطار رؤية اململكة وسياساتها التنموية القائمة على‬


‫خادم الحرمني الشريفني‬ ‫امللك سلمان بن عبد العزيز‬

‫التخفيف م��ن ت��داع �ي��ات زل� ��زال ع��ام ‪ ،2008‬ال ��ذي راح الدعم السعودي على املستوى العربي‬ ‫ُ‬ ‫ضحيته عشرات اآلالف وشرد املئات؛ إذ سارعت بمد‬ ‫جسر إغاثي مع تقديم تبرع مالي تجاوز ‪ 100‬مليون امتد الدعم السعودي إلى مختلف األطراف العربية في‬ ‫دوالر؛ إلق��ام��ة امل�خ�ي�م��ات ال�ع��اج�ل��ة ال�ت��ي حملت شعار محاولة من جانبها لتخفيف حجم املعاناة التي تعانيها‬ ‫ً‬ ‫شعوب هذه الدول‪ ،‬ليس اليوم فقط‪ ،‬وإنما يرجع تاريخ‬ ‫«شكرا مملكة اإلنسانية»‪.‬‬ ‫‪ - 5‬باكستان‪ ،‬مع وقوع فيضانات عام ‪ ،2010‬سارعت هذا الدعم إلى سنوات مضت‪ ،‬وكان من أبرز ما تم في‬ ‫اململكة بإطالق حملة تحت اسم «حملة امللك عبد الله لدعم هذا الشأن ما يلي‪:‬‬ ‫باكستان»‪ ،‬كما أنشأت لجنة إلغاثة باكستان‪ ،‬ولجانا‬ ‫فرعية لجمع التبرعات‪ ،‬سواء حكومية أو خاصة‪ ،‬وقد‬ ‫بلغ إجمالي ه��ذه ً التبرعات م��ا يقرب م��ن ‪ 500‬مليون‬ ‫دوالر؛ وذل��ك وف��ق��ا لتقرير امل�ع��ون��ة اإلن�س��ان�ي��ة العاملية‬ ‫اململكة أسست الهيئة‬ ‫الصادر عام ‪.2010‬‬ ‫‪ - 6‬بنجالديش‪ ،‬مع وقوع فيضانات ‪ 2011‬التي اجتاحت السعودية العليا ملساعدة‬ ‫البالد في عدد من األقاليم‪ ،‬سارعت اململكة بتقديم معونة‬ ‫شعب البوسنة والهرسك‬ ‫مالية بلغت ‪ 50‬مليون دوالر‪ ،‬إضافة إلى تشغيل جسر‬ ‫جوي لنقل ‪ 300‬طن من املواد الغذائية واإلغاثية‪.‬‬ ‫برئاسة األمير سلمان بن‬ ‫‪ - 7‬اليابان‪ ،‬في أعقاب وقوع زلزال مارس (آذار) ‪،2011‬‬ ‫سارعت اململكة بتقديم املساعدات وإبرام اتفاق إلنشاء‬ ‫عبد العزيز حينذاك‬ ‫«صندوق اإلغاثة في حالة الطوارئ»‪ ،‬يعتمد في تمويله‬ ‫على ع��ائ��دات مبيعات الغاز املسال السعودي‪ ،‬ويوجه‬ ‫أنشطته ملساعدة الضحايا واملنكوبني‪.‬‬

‫‪,,‬‬

‫‪ - 1‬الشعب الفلسطيني‪ ،‬من الصعوبة بمكان حصد‬ ‫ال��دور السعودي في مساندته للشعب الفلسطيني في‬ ‫قضيته‪ ،‬وإن كان ذكر بعض املؤشرات يعطي صورة‬ ‫مصغرة من حقيقة املوقف السعودي ال��داع��م للشعب‬ ‫ً‬ ‫إنسانيا‪ ،‬وإن ظل الدعم بمختلف أشكاله‬ ‫الفلسطيني‬ ‫سياسيا واقتصاديا متسعا مجاله‪ .‬ومن أب��رز صور‬ ‫الدعم اإلنساني السعودي للشعب الفلسطيني ما قدمته‬ ‫اململكة م��ن تبرع سخي ف��ي مؤتمر القمة العربية في‬ ‫الخرطوم عام ‪ .1967‬كما التزمت اململكة في قمة بغداد‬ ‫في عام ‪ 1978‬بتقديم دعم مالي سنوي للفلسطينيني‬ ‫ق��دره مليار وسبعة وتسعون مليونا وثالثمائة ألف‬ ‫دوالر‪ ،‬وذلك ملدة عشر سنوات (من عام ‪،)1989 - 1979‬‬ ‫وفي قمة الجزائر الطارئة ‪ ،1987‬قررت اململكة تخصيص‬ ‫دعم شهري لالنتفاضة الفلسطينية مقداره ‪ 6‬ماليني‬ ‫دوالر‪ .‬كما قدمت اململكة في االنتفاضة األولى ‪1987‬م‬ ‫ً‬ ‫تبرعا ً‬ ‫نقديا لصندوق االنتفاضة الفلسطيني بمبلغ‬ ‫مليون وأربعمائة وث�لاث��ة وث�لاث�ين أل��ف دوالر‪ .‬وقدمت‬ ‫مبلغ ‪ 2‬مليون دوالر للصليب األح�م��ر ال��دول��ي لشراء‬ ‫أدوية ومعدات طبية وأغذية للفلسطينيني‪ .‬وقد تعهدت‬ ‫اململكة بتمويل برنامج إنمائي ع��ن ط��ري��ق الصندوق‬ ‫السعودي بلغ حجمه ‪ 300‬مليون دوالر يهتم بقطاعات‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪35‬‬

‫‪,,‬‬


‫تظل اململكة العربية السعودية‪ ،‬منذ تأسيسها وحتى اليوم‪ ،‬بجهودها الحثيثة ورؤاه��ا املستنيرة‪ ،‬وخطواتها املحسوبة‬ ‫وقياداتها الحكيمة‪ ،‬واحدة من أبرز الفواعل العربية واإلقليمية القادرة على صون األمن واالستقرار في املنطقة‪.‬‬

‫السعودية‪ ..‬دور سياسي وإنساني وتنموي إقليميا ودولياً‬

‫ملاذا وضعت في مرمى نيران مدافع االدعاءات والحمالت اإلعالمية املغلوطة؟‬

‫باكو (جمهورية أذربيجان)‪ :‬أحمد طاهر *‬

‫‪ - 2‬امتالكها رؤية خارجية ثابتة وصحيحة تنطلق من‬ ‫مبادئ الشريعة اإلسالمية السمحاء‪ ،‬مع التزامها بالقيم‬ ‫واملبادئ كافة التي أقرتها املواثيق والعهود الدولية‪ ،‬فكانت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حقيقيا للخصوصية العربية واإلسالمية‪ ،‬تلك‬ ‫نموذجا‬ ‫الخصوصية التي تقدم اإلسالم أمام العالم أجمع بصورته‬ ‫الحقيقية‪ ،‬ب�ع�ي� ً�دا ع��ن ال�ص��ور امل�ش��وه��ة ال�ت��ي تنشرها‬ ‫أبواق الدعاية الرخيصة في الغرب‪ .‬فاإلسالم كما تقدمه‬ ‫اململكة من خالل سلوكها ومبادراتها وإسهامها داخل‬ ‫املنظومتني الدولية واإلقليمية يرفض العنف واإلرهاب‪،‬‬ ‫وي��دع��و إل��ى التآخي وال�س�لام‪ ،‬وح��ل امل�ن��ازع��ات بالطرق‬ ‫السليمة‪ ،‬وسيادة مبادئ العدالة واإلنصاف‪ ،‬والتضامن‬ ‫والتآزر بني كل أطراف املجتمع الدولي‪.‬‬ ‫ف��ي ض��وء ه��ذي��ن العنصرين‪ ،‬اكتسبت اململكة مكانة‬ ‫ً‬ ‫متميزة ً‬ ‫وإقليميا عبرت عنها كثير من املؤشرات‬ ‫دوليا‬ ‫التي عكست حجم الجهود التي قامت بها في مختلف‬ ‫املجاالت‪ ،‬وعلى املستويات كافة‪ ،‬وهو ما يمكن توثيقه‬ ‫على النحو التالي‪:‬‬

‫يذكر التاريخ بسجالته والحاضر بأحداثه‪،‬‬ ‫أن امل�م�ل�ك��ة ل�ع�ب��ت أدوارا م�ه�م��ة ف��ي ل�ح�ظ��ات‬ ‫حالكة ال �س��واد‪ ،‬وم��راح��ل ش��دي��دة ال�ت�ح��والت؛‬ ‫للحفاظ على الهويتني العربية واإلسالمية ضد جميع‬ ‫التهديدات‪ ،‬واألخطار كافة التي عصفت بدول املنطقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فكانت صاحبة أي��اد بيضاء ً‬ ‫وعربيا‬ ‫وإقليميا‬ ‫عامليا‬ ‫وإس�لام� ً�ي��ا ف��ي دع��م ال �س�لام واألم ��ن وت�ع��زي��زه�م��ا على‬ ‫املستويات كافة‪ ،‬انطالقا من أسس ثابتة ومبادئ راسخة‬ ‫حكمت سياستها الخارجية في ضوء معطيات جغرافية‬ ‫وتاريخية ودينية واقتصادية وأمنية وسياسية‪ ،‬وضمن‬ ‫أطر رئيسية حكمت تحركاتها الدولية واإلقليمية‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‬ ‫األخرى‪ ،‬ودعم عالقاتها مع أشقائها من الدول العربية‬ ‫واإلسالمية بما يخدم مصالحهم املشتركة‪ ،‬ويدافع عن‬ ‫ً‬ ‫قضاياهم األساسية‪ ،‬فضال عن انتهاج سياسة عدم‬ ‫االنحياز عبر إقامة عالقات تعاون مع الدول الصديقة‬ ‫على أسس من الندية واالحترام املتبادل‪ ،‬كما لعبت ً‬ ‫دورا‬ ‫ً‬ ‫فاعال في إط��ار املنظمات اإلقليمية والدولية بمختلف اململكة والعون في النكبات واألزمات‬ ‫اهتماماتها‪.‬‬ ‫ُيطلق كثيرون على اململكة لقب «مملكة اإلنسانية»‪ ،‬وهو‬ ‫لقب استحقته اململكة عن ج��دارة لجهودها اإلنسانية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودوليا‬ ‫إقليميا‬ ‫أسباب نجاح اململكة في عالقاتها‬ ‫ف��ي ال�ع��ال��م أج �م��ع؛ ك��ون�ه��ا ال��دول��ة األك �ب��ر ف��ي ال�ع��ال��م في‬ ‫إقليميا ت �ق��دي��م امل �س��اع��دات اإلن �س��ان �ي��ة غ �ي��ر امل �ش��روط��ة خ�لال‬ ‫ً‬ ‫وغني عن القول‪ ،‬أن نجاح اململكة في عالقاتها‬ ‫دعما ً‬ ‫العقود الثالثة املاضية‪ ،‬حيث قدمت ً‬ ‫ّ‬ ‫ماليا على‬ ‫ً‬ ‫ودوليا يرجع إلى عاملني مهمني مثل معا محورا االرتكاز‬ ‫مدى السنوات املاضية للكثير من برامج األمم املتحدة؛‬ ‫النطالقتها‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪ - 1‬نجاح مسيرة التنمية الداخلية بأهدافها ومرتكزاتها للوفاء بالتزاماتها وتنفيذ برامجها اإلنسانية‪ ،‬إذ لديها‬ ‫وم�ن �ج��زات �ه��ا األس��اس �ي��ة‪ ،‬ح �ي��ث ت �م �ي��زت ه ��ذه امل�س�ي��رة إسهامات في رؤوس أم��وال ‪ 18‬مؤسسة وهيئة مالية‬ ‫ُ ّ‬ ‫شكلة ملحمة عظيمة لبناء الوطن دول�ي��ة؛ وه��و م��ا جعلها أك�ب��ر دول��ة مانحة للمساعدات‬ ‫بالشمولية والتكامل م‬ ‫ورخائه وازدهاره؛ إذ تمكن قادة اململكة منذ تأسيسها‪ ،‬اإلنسانية على مستوي العالم‪.‬‬ ‫وب�ع��ون م��ن ال�ل��ه‪ ،‬م��ن إدارة تفاعالت النهضة التنموية وقد كان لحضورها البارز في دوائ��ر العون اإلنساني‬ ‫ال�ح��دي�ث��ة ب�ك��ل ق��وة واق �ت��دار ع�ل��ى ال�ص�ع��د وامل�س�ت��وي��ات اإلقليمي والدولي دور مهم في نقلها إلى مقدمة الدول‬ ‫ك��اف��ة‪ ،‬حاملني ه�م��وم البناء ال��وط�ن��ي‪ ،‬وص�ن��ع معجزات التي تأنس برأيها منظمات الغوث العاملية الرسمية منها‬ ‫التطور؛ األم��ر ال��ذي ع��زز م��ن دور اململكة ف��ي الشأنني وال�ط��وع�ي��ة‪ ،‬وت�ع��ول على دعمها وتفاعلها ف��ي امللمات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إنسانيا عاجال‪،‬‬ ‫اإلق�ل�ي�م��ي وال �ع��امل��ي‪ ،‬سياسيا واق�ت�ص��ادي��ا وإن�س��ان� ً�ي��ا‪ ،‬والكوارث الخطيرة التي تتطلب تحركا‬ ‫وأكسبها احترام دول العالم كافة‪ ،‬بما ضمن للمملكة ويعود الفضل في ذلك إلى النهج الذي تتبعه اململكة في‬ ‫وج� ��ودا أع �م��ق ف��ي امل �ح��اف��ل ال��دول �ي��ة واإلق �ل �ي �م �ي��ة‪ ،‬وف��ي أعمالها اإلغاثية واإلنسانية منذ عهد مؤسسها امللك‬ ‫صناعة ال�ق��رار فيها‪ ،‬كما شكل النجاح كذلك عنصر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬وهو‬ ‫دفع قوي للصوتني العربي واإلسالمي في هذه الدوائر النهج اإلس�لام��ي الصحيح القائم على خدمة اإلس�لام‬ ‫على اختالف منظماتها وهيئاتها ومؤسساتها؛ فكانت واملسلمني‪ ،‬ومد يد العون واملساعدة للشعوب املنكوبة‬ ‫اململكة وبحق الضمير الحي لألمتني العربية واإلسالمية في مختلف أنحاء العالم للتخفيف من معاناتهم‪.‬‬ ‫ويمكن رصد أبرز النماذج والحاالت التي كان للمملكة‬ ‫وقلبهما النابض‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫دور إنساني في دعمها ومناصرتها على املستويني‬ ‫العاملي والعربي على النحو التالي‪:‬‬ ‫األول‪ ،‬ع�ل��ى امل�س�ت��وى ال��دول��ي‪ ،‬ت �ع��ددت ج�ه��ود اململكة‬ ‫ومجهوداتها في الدعم واملساندة لكثير من البلدان‪ ،‬من‬ ‫أبرزها ما يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ال�ب��وس�ن��ة وال �ه��رس��ك ف��ي أوائ� ��ل ت�س�ع�ي�ن��ات ال�ق��رن‬ ‫ً‬ ‫امل��اض��ي؛ إذ اس�ت��أث��رت اململكة‪ ،‬ملكا وق�ي��ادة وحكومة‬ ‫ً‬ ‫وشعبا‪ ،‬بموقف الريادة وتملك زمام املبادرة فيما يتعلق‬ ‫بالدعم السياسي واملعنوي واإلغ��اث��ي لشعب البوسنة‬ ‫منذ بداية املحنة ع��ام ‪ ،1990‬وق��دم أبناؤها الكثير من‬ ‫أج��ل أشقائهم ف��ي البوسنة‪ ،‬م��ا ب�ين م�س��اع��دات عينية‬ ‫ومالية مباشرة متصلة في مجاالت دعم وإصالح البنية‬ ‫التحتية‪ ،‬وك��ذل��ك دع��م ال�ق�ط��اع��ات التعليمية والصحية‬ ‫واإلنمائية واالجتماعية وغيرها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يذكر‬ ‫أن السعودية أسست الهيئة السعودية العليا ملساعدة‬ ‫شعب البوسنة وال�ه��رس��ك برئاسة األم�ي��ر سلمان بن‬ ‫عبد العزيز حينذاك‪ .‬وتحددت أهداف الهيئة في تقديم‬ ‫الدعم املباشر وال�ف��وري للمتضررين وال��وص��ول إليهم‬ ‫ف��ي م�ن��اط��ق تجمعاتهم‪ ،‬م��ع رع��اي��ة األط �ف��ال وامل�ع��اق�ين‬ ‫وكبار السن‪ ،‬وإعادة بناء األسر التي شردتها الحروب‬ ‫ً‬ ‫ومعنويا‪ ،‬إلى جانب التنسيق والتعاون‬ ‫ودعمها ماديا‬ ‫مع الحكومة البوسنية واملنظمات الدولية العاملة هناك‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال ��والي ��ات امل �ت �ح��دة األم �ي��رك �ي��ة‪ ،‬ك ��ان للمملكة دور‬ ‫مساند الواليات املتحدة في مواجهة الكثير من نكباتها‬ ‫وك��وارث �ه��ا‪ ،‬وك ��ان م��ن أب��رزه��ا مساندتها ف��ي إع�ص��ار‬ ‫كاترينا الذي ضرب مدينة نيو أولياننز األميركية عام‬ ‫بأكملها؛ إذ سارعت اململكة بتقديم‬ ‫‪ ،2005‬ودمر املدينة‬ ‫ً‬ ‫املساعدات واملعونات‪ ،‬ووفقا إلحصاءات األمم املتحدة‬ ‫الخاصة بالكارثة‪ ،‬تعد اململكة أكبر متبرع لضحاياها‬ ‫من خارج الواليات املتحدة‪ ،‬حيث بلغت حجم مساعدتها‬ ‫‪ 250‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫‪ - 3‬إي��ران‪ ،‬رغم السياسات التي تنتهجها طهران ضد‬ ‫أمن دول الخليج واستقرارها‪ ،‬وفي مقدمتهم السعودية‪،‬‬ ‫لم تتوان اململكة عن تقديم يد العون إلى الشعب اإليراني‬ ‫ف��ي ح��ال تعرضه ألي ك��وارث أو نكبات‪ ،‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬حينما ضرب الزلزال محافظة لورستان الغربية‬ ‫في أبريل (نيسان) ‪ ،2006‬أمر العاهل السعودي الراحل‬ ‫امل�ل��ك ع�ب��د ال�ل��ه ب��ن ع�ب��د ال�ع��زي��ز‪ ،‬ي��رح�م��ه ال �ل��ه‪ ،‬ب��إرس��ال‬ ‫مساعدات إغاثية للمتضررين‪ ،‬ب��دأت ب��إرس��ال طائرة‬ ‫سعودية إلى مطار كرمان محملة باملواد الغذائية والطبية‬ ‫واألغطية واملولدات الكهربائية‪ ،‬وبعدها توالت الكثير من‬ ‫املساعدات‪.‬‬ ‫‪ - 4‬ال�ص�ين‪ ،‬ح��رص��ت اململكة على معاونة ال�ص�ين في‬


‫مدينة اإلعالم املصرية‬

‫ما زالت قضية عالقة في األذهان‪ ،‬رغم كثرة األحداث التي مرت‬ ‫بها املنطقة‪ .‬وخالل ثورة ‪ 2011‬كانت وسائل إعالم تقول إنه‬ ‫توجد ثورة في الشارع ووسائل إعالم أخرى تنفي ذلك وتقول‬ ‫إن كل شيء على ما يرام‪.‬‬ ‫وي�ق��ول ال��دك�ت��ور فتحي إن اإلع�ل�ام أص�ب��ح بشكل ع��ام أم��ام‬ ‫أم��ري��ن إم��ا امل�ص��داق�ي��ة وإم��ا ال �ك��ذب‪ ،‬خصوصا بعد صعود‬ ‫عالم السوشيال ميديا (التواصل االجتماعي)‪ .‬وذكر فتحي‬ ‫أن املشكلة ليست في سن تشريعات لضبط عالم اإلع�لام‪،‬‬ ‫ولكن املشكلة في تطبيق القانون على الجميع‪ ،‬وعلى سبيل‬ ‫املثال ينص القانون‪ ،‬في تعاقد القنوات الفضائية مع هيئة‬ ‫االستثمار‪ ،‬على عدم بث أو عرض ما يفسد الذوق العام‪ ،‬أو‬ ‫مادة تحريضية‪ ،‬أو إهانة أشخاص‪ ،‬لكن ما نراه على أرض‬ ‫الواقع غير ذلك‪ .‬ويضيف أن أغلب التشريعات اإلعالمية في‬ ‫مصر حاليا «حبر على ورق» ألنها ال تحقق عدال وال شفافية‪.‬‬ ‫وبعد تسبب ع��دة ق�ن��وات وب��رام��ج ف��ي صناعة أزم��ات محلية‬ ‫وخارجية ملصر‪ ،‬س��واء فيما يتعلق بقضايا اقتصادية أو‬ ‫سياسية أو حتى اجتماعية‪ ،‬أو حتى رياضية‪ ،‬يبدو أن الطريقة‬ ‫نفسها في املعالجة يجري اتباعها في الوقت الراهن مع الدعوات‬ ‫التي ظهرت على مواقع التواصل االجتماعي لتنظيم مظاهرات‬ ‫معارضة للحكومة يوم ‪ 11‬نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي‪.‬‬ ‫وبدال من مناقشة الحدث بجدية‪ ،‬أخذت تروج لليوم‪ ،‬وتصدرت‬ ‫أخبار أحداث هذا اليوم النشرات اإلخبارية وبرامج التوك شو‪.‬‬ ‫ويقول أحد كبار رجال األعمال في مجال السياحة إن «معالجة‬ ‫موضوع مظاهرات ‪ 11‬نوفمبر‪ ،‬ج��اءت بنتائج عكسية‪ ..‬من‬ ‫كانوا يخططون لتمضية إجازة نهاية العام في مصر‪ ،‬غيروا‬ ‫رأيهم»‪.‬‬ ‫يقول الدكتور محمد علي شومان‪ ،‬عميد كلية اإلعالم بالجامعة‬ ‫البريطانية بالقاهرة‪ ،‬لـ«املجلة»‪« :‬تغطية اإلعالم الخاص لدعوة‬ ‫بعض القوى السياسية للتظاهر في ‪ 11‬نوفمبر‪ ،‬يوجد فيها‬ ‫نوع من املبالغة في تقدير حدث التظاهر‪ ،‬وهذه املبالغة قد تؤدي‬ ‫إلى خوف الناس من النزول إلى الشارع في ذلك اليوم وتعطيل‬ ‫املصالح»‪ .‬ويضيف أن اإلعالم يفترض أنه مرآة تعكس الواقع‬ ‫بدقة وأمانة‪ ،‬لكن هناك قنوات فضائية تلجأ لتضخيم األمور‪.‬‬

‫ويكشف ش��وم��ان ع��ن أن امل�ب��ال�غ��ات ال�ت��ي ت�ح��دث ف��ي اإلع�لام‬ ‫الخاص في الخارج والداخل تربك حسابات وتقديرات املواقف‬ ‫عند صانع القرار وتخلق ضغوطا عليه‪ ،‬كما أن املبالغات في‬ ‫التغطية ت��ؤدي إل��ى تعاطف ضمني من الجمهور واتخاذهم‬ ‫م��واق��ف تعكس أه��داف التغطية اإلع�لام�ي��ة‪ ،‬وذل��ك وف�ق��ا آللية‬ ‫التعاطف مع التضخيم‪ ..‬أيضا املبالغات اإلعالمية تؤدي إلى‬ ‫خلق ضغوط على اإلعالميني أنفسهم‪ ،‬فهم أحيانا يصدقون‬ ‫ما يقولونه ويطلقونه وبالتالي عندما يأتي الحدث مغايرا ملا تم‬ ‫توجيهه مسبقا في املادة اإلعالمية‪ ،‬يكون هؤالء اإلعالميون‬ ‫قد فقدوا املصداقية‪.‬‬ ‫وي �ق��ول إن ب�ع��ض امل�ب��ال�غ��ات ف��ي اإلع�ل�ام ال �خ��اص ف��ي تغطية‬ ‫األزم��ات بني ال��دول العربية ت��ؤدي إلى فقد اإلع�لام املصداقية‬ ‫بعد حل ه��ذه األزم��ات‪ ،‬موضحا أن التهوين والتضخيم في‬ ‫األحداث تزييف لوعي الناس بواقع غير حقيقي‪ .‬والتضخيم‬ ‫ف��ي التغطية اإلعالمية يخلق مناخا م��ن الخالفات وتنتشر‬ ‫الشائعات وه��ذا يخدم العدو‪ ،‬وفي هذا الصدد‪ ،‬على اإلعالم‬ ‫الخاص أن يتوخى أكبر قدر من املهنية وأن يكون هناك رقابة‬

‫الدكتور محمد شومان‬

‫داخلية ليس دوره��ا تقييد الحريات ومنع البث ولكن يكون‬ ‫دورها الدقيق في املواد اإلعالمية فيما يتم نشره من أخبار‬ ‫ومعلومات‪ ،‬وتشكيل جمعيات تختص بحقوق املشاهدين‬ ‫في تلقي املعلومات‪.‬‬ ‫اإلعالم الرياضي‬ ‫ويضيف الدكتور محمد الباز‪ ،‬أستاذ اإلعالم بجامعة القاهرة‪،‬‬ ‫ق��ائ�لا إن «أغ�ل��ب القائمني على تقديم ال�ب��رام��ج ال��ري��اض��ة في‬ ‫الفضائيات املصرية ليس لهم صلة من قريب وال من بعيد‬ ‫باإلعالم‪ ،‬فمعظمهم من نجوم الرياضة في املستطيل األخضر‪،‬‬ ‫ونتيجة ألنهم من مشاهير كرة القدم تقوم القنوات الفضائية‬ ‫باالستعانة بهم لتقديم البرامج الرياضية‪ ،‬وهم يتعاملون مع‬ ‫اإلعالم بأسلوب امللعب نفسه في كل شيء بدءا من التعصب‬ ‫داخ ��ل امل�ل�ع��ب ح�ت��ى االن�ح�ي��از إل��ى ف��ري��ق بعينه‪ .‬وألن مقدم‬ ‫البرنامج الرياضي ليس لديه تدريب مهني ونفسي ليكون‬ ‫مؤهال للقيام بدوره في توصيل املهمة التي يناط بها اإلعالم‬ ‫الرياضي‪ ،‬نجده بعيدا كل البعد عن التغطية املوضوعية للحدث‬ ‫سواء أكانت مباراة أو برنامجا تحليليا»‪ .‬كما يقول الدكتور‬ ‫الباز‪ .‬مشيرا إلى أنه من املمكن أن تحكم على مقدم البرنامج‬ ‫أو املعلق على امل�ب��اراة بكونه يشجع فريقا بعينه من خالل‬ ‫حديثه‪ ،‬وألن��ه في األس��اس الع��ب ك��رة‪ ،‬فهو في الوقت نفسه‬ ‫مشجع‪ ،‬لذلك فإنه يرى نجاحه في كميات التصفيق له ال على‬ ‫أساس توصيله الرسالة اإلعالمية التي يقوم بها واملنوط بها‬ ‫اإلعالم الرياضي‪.‬‬ ‫وي��ؤك��د ال �ب��از أن��ه «ال ي�م��ان��ع ف��ي أن ي�ك��ون امل��ذي��ع أو املعلق‬ ‫الرياضي من نجوم املالعب من أجل التأثير على أكبر عدد‬ ‫م��ن الجماهير وتوصيل املعلومة ولكن م��ع ع��دم التدريب‬ ‫والتأهيل النفسي وفقدان الحيادية يصبح اإلعالم الرياضي‬ ‫مفرغا من مضمونه وال يؤثر على الجماهير إال بالسلب‪،‬‬ ‫فيزداد التعصب ونشاهد ما ن��راه في البرامج الرياضية‪،‬‬ ‫ول��ذل��ك ال ب��د أن ي�خ�ض��ع ك��ل ال�ع��ام�ل�ين ف��ي ح�ق��ل اإلع�ل�ام‬ ‫الرياضي لدورات تدريبية»<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪33‬‬


‫تكبد برامج تلفزيون مصرية الدولة خسائر سياسية واقتصادية فادحة في الداخل والخارج‪ ،‬بسبب اعتمادها على اإلثارة‬ ‫واتباعها منهج «التهويل والفزع»‪ ،‬سواء أكان ذلك بقصد تنفيذ بعض األجندات املعادية للتعاون العربي‪ ،‬أو من دون قصد‬ ‫بسبب ضعف املستوى املهني وقلة التدريب‪ .‬لكن املشاهدين كان لهم رأي حيث تبني أن هذه النوعية من البرامج بدأت تفقد‬ ‫جمهورها رغم ما تقدمه من بهارات‪.‬‬

‫تكبد الدولة خسائر سياسية واقتصادية في الداخل والخارج‬

‫اإلعالم املصري يثير «التهويل والفزع»‪..‬‬ ‫وبرامج تسيء لعالقات القاهرة بالعرب‬

‫القاهرة‪ :‬خالد أبو الروس‬ ‫توجد كثير م��ن األسئلة التي تحتاج إل��ى إجابة‪.‬‬ ‫ه��ل ت�ح��ول اإلع�ل�ام امل�ص��ري إل��ى إع�ل�ام رد فعل؟‬ ‫هل فقد دوره في التوعية والتنوير؟ هل أخذ في‬ ‫إرض ��اء ب�ع��ض ال��داع �م�ين وب�ع��ض ق�ط��اع��ات امل�ش��اه��دي��ن على‬ ‫حساب الحقيقة‪ ،‬ما جعله يورط الجهة التي يمثلها في أزمات‬ ‫داخلية وخارجية؟ لكن يبدو أن مزاج الجمهور بدأ يتغير تجاه‬ ‫وسائل اإلعالم املرئي التي لعبت دورا في كثير من األحداث‬ ‫منذ ‪ 2011‬حتى اليوم‪ .‬ويمتلئ الفضاء التلفزيوني بعشرات‬ ‫القنوات والبرامج سواء التي تبث من التلفزيون الرسمي أو من‬ ‫قنوات القطاع الخاص‪ .‬وتكشف دراسة تحليلية صدرت عن‬ ‫شركة إيبسوس املتخصصة في أبحاث السوق‪ ،‬عن تراجع‬ ‫حاد في نسب مشاهدة برامج التوك شو السياسية الشهيرة‬ ‫في مصر‪ .‬ويؤكد الدكتور محمد فتحي‪ ،‬أستاذ اإلعالم بجامعة‬ ‫ح�ل��وان‪ ،‬لـ«املجلة» أن اإلع�ل�ام امل�ص��ري تحول إل��ى «إع�ل�ام رد‬ ‫فعل» بعد أن ظل سنوات طويلة منظرا لالتجاهات التي يمثلها‪.‬‬ ‫ويقول‪« :‬لو حددنا املحيط الخاص باإلعالم اليوم سنجد أنه‬ ‫بشكل ع��ام ل��م يعد ي��دي��ر أزم��ات ال��دول��ة ب��ل أص�ب��ح ف��ي بعض‬ ‫األحيان صانعا لها»‪.‬‬ ‫العالقات املصرية العربية‬ ‫وحاولت عدة برامج تلفزيونية شحن الشارع املصري ضد دول‬ ‫صديقة وشقيقة ملصر على رأسها اململكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫خصوصا أن السعودية وقفت مع خيارات الشعب املصري‬ ‫في ث��ورة ‪ 30‬يونيو (ح��زي��ران) ‪ .2013‬فباإلضافة إلى الدعم‬ ‫ال��دب�ل��وم��اس��ي ال��دول��ي ل�ل�ث��ورة امل�ص��ري��ة‪ ،‬ق��دم��ت اململكة أيضا‬ ‫مليارات الدوالرات مع دول خليجية أخرى ملساعدة املصريني‬ ‫في العبور من عنق الزجاجة‪ .‬كما أججت وسائل إعالم مصرية‬ ‫الخالفات مع إثيوبيا حول حصص مصر في مياه النيل‪.‬‬ ‫ويؤكد سيد عبد العال‪ ،‬رئيس حزب التجمع‪ ،‬أن دور اإلعالم في‬ ‫مصر حول عالقات الدول غائب فيما يتعلق بالشأن اإليجابي‪،‬‬ ‫وب��ارز في التضخيم من األم��ور والتهويل‪ ،‬خصوصا فيما‬ ‫يخص ال��دول العربية‪ ،‬وه��و م��ا يؤثر بالسلب على العالقات‬ ‫املصرية العربية‪ .‬أم��ا فيما يخص مصالح ال��دول��ة العليا مع‬ ‫الدول األخرى فما حدث في امللف الخاص بالعالقات املصرية‬

‫‪32‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫اإلثيوبية يؤكد أن اإلعالم املصري يلعب دورا خطير في فقدان‬ ‫مصر عالقات دولية وعربية دون وعي‪.‬‬ ‫ويضيف عبد ال�ع��ال أن األس�ب��اب وراء ذل��ك ترجع إل��ى غياب‬ ‫ال��رق��اب��ة على وس��ائ��ل اإلع�ل�ام‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة إل��ى غ�ي��اب التدريب‬ ‫والتأهيل لكوادر العاملني في الحقل اإلع�لام��ي‪ ،‬وخصوصا‬ ‫امللفات التي تحتاج إلى دراسة وتخص األمن القومي املصري‪..‬‬ ‫«فمن العبث ترك بعض اإلعالميني الذين ليس لهم دراية باألمن‬ ‫القومي يعبثون بالعالقات املصرية مع الدول األخرى وبخاصة‬ ‫الدول الشقيقة والصديقة»‪.‬‬ ‫ويعرب عبد العال عن استيائه مما يحدث في اإلعالم املصري‬ ‫فيما يخص العالقات الخارجية‪ ،‬قائال إنه‪ ،‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫ال يمكن أن يقوم أحد مقدمي البرامج بتوريط مصر مع إثيوبيا‬ ‫ف��ي حلقة م��ن برنامجه ب��دع��وات يزعم فيها أن مصر تقوم‬ ‫بأعمال عدائية ضد هذا البلد الذي تمتد العالقات التاريخية‬ ‫معه إلى عمق التاريخ‪.‬‬ ‫من بني أهم القضايا التي لفتت االنتباه إلى طريقة عمل اإلعالم‬ ‫في الوقت الراهن‪ ،‬قضية مقتل الباحث اإليطالي جوليو ريجيني التواصل االجتماعي‬ ‫مطلع هذا العام‪ .‬ويقول الدكتور فتحي إن القصص غير الدقيقة‬ ‫التي بثها اإلعالم املحلي في مصر عن قضية ريجيني اعتمد ومن جانبه‪ ،‬يقول محمد الغباشي‪ ،‬مساعد رئيس حزب حماة‬ ‫عليها اإليطاليون في تشكيل وجهة نظر بشأن املوضوع وكان الوطن لـ«املجلة» إن هناك فرقا بني دور اإلعالم في العالقات‬ ‫ب��ال��دول وم��ا ي�ق��وم ب��ه اآلن‪ ،‬فبعض وس��ائ��ل اإلع�ل�ام املصري‬ ‫تلعب من دون وعي أو رؤية دور املحرض ضد بعض الدول‪،‬‬ ‫خصوصا بعض الدول العربية التي يربطنا بها مصير واحد‪.‬‬ ‫ويضيف أن ه��ذا األم��ر ال يقف عند ال�ع�لاق��ات ب��ال��دول فقط‪،‬‬ ‫ولكنه يؤثر بالسلب على عالقات الشعوب ببعضها‪ ،‬وهذا‬ ‫يزيد من الجهد على الدبلوماسية املصرية‪ ،‬ويضر بمصالح‬ ‫ال�ج��ال�ي��ة امل�ص��ري��ة ه �ن��اك‪ ،‬و‪« ..‬ف ��وق ه��ذا وذاك ف��إن ال�ع�لاق��ات‬ ‫العربية املصرية عالقات راسخة وال يمكن ألحد أن يفسد هذه‬ ‫العالقات لكن ما يقوم به بعض اإلعالميني هو تعكير للمياه‬ ‫الصافية»‪ ،‬مضيفا أن الظروف الحالية للواقع العربي تحتاج‬ ‫إلى رؤية شفافة بعيدا عن املزايدة والتحريض‪ ،‬وحرصا على‬ ‫األمن القومي العربي الذي يمثل الدرع الواقي لألمة العربية‪.‬‬ ‫في عالم اإلعالم دائما ما تكون أسباب النجاح والفشل واحدة‬ ‫في مدى االلتزام باملعايير املهنية ودرجة املصداقية واالحترام‬ ‫والحياد واالبتعاد عن التهويل‪ .‬ولعل طريقة تعاطي وسائل‬ ‫الدكتور محمد الباز‬ ‫اإلعالم املصرية مع مباراة فريقي مصر والجزائر منذ نحو‬ ‫سبع سنوات‪ ،‬وما صحب ذلك من أزمة سياسية بني البلدين‪،‬‬

‫األمر كارثيا‪.‬‬ ‫ويضيف الدكتور فتحي أن هذه الظاهرة نفسها‪ ،‬أي ظاهرة‬ ‫ع��دم الدقة والنفخ في النار‪ ،‬من جانب وسائل إع�لام محلية‬ ‫ك�ث�ي��رة‪ ،‬ت �ك��ررت أي�ض��ا ح�ين تعاملت م��ع ال�ع�لاق��ات املصرية‬ ‫السعودية‪ .‬وبدا الخطاب اإلعالمي وكأنه يسعى لصناعة أزمة‬ ‫ولتأجيج الخالفات‪.‬‬ ‫ويبدو أن اإلعالم املصري يعيش أزمة متعددة األبعاد‪ ،‬رغم أن‬ ‫البعض يرى أن هذه مجرد مرحلة طارئة مرتبطة بالظروف‬ ‫االستثنائية التي تمر بها مصر‪ .‬إال أن جمهور املشاهدين ال‬ ‫ينتظر؛ فقد أخذ في االبتعاد عن كثير من البرامج التلفزيونية‬ ‫ذات العالقة بالشؤون السياسية س��واء محليا أو خارجيا‪.‬‬ ‫وتقول دراسة إيبسوس إن بعض البرامج من هذا النوع تراجع‬ ‫م��ن امل��رك��ز الثالث إل��ى امل��رك��ز ‪ .37‬وأخ��رى م��ن امل��رك��ز الثامن‬ ‫إلى املركز ‪ .32‬وتراجع برنامج آخر شهير من املركز ‪ 13‬إلى‬ ‫املركز ‪.57‬‬


‫السيناتور جون كورنني والسيناتور تشاك شومر بعد‬ ‫خروجهما من مؤتمر صحافي عقد في واشنطن مايو‬ ‫املاضي بشأن قانون «جاستا» (غيتي)‬

‫«الحصانة السيادية» وهو املبدأ الذي يحمي الدول األجنبية‬ ‫ودبلوماسييها وعسكرييها من الدعاوى الخارجية‪ .‬ويعني‬ ‫ذلك أن تعامل دول أجنبية باملثل مع الواليات املتحدة‪ ،‬سيطال‬ ‫م �ب��اش��رة ال �ح �ض��ور األم �ي��رك��ي ال �ع �س �ك��ري واالق �ت �ص��ادي‬ ‫وال��دب �ل��وم��اس��ي األك �ث ��ر ك �ث��اف��ة ف ��ي ال �ع��ال��م ب ��دع ��اوى ح��ول‬ ‫اعتداءات لطائرات من دون طيار‪ ،‬أو سجون لالستخبارات‬ ‫أو ضربات جوية‪ .‬ولذلك أجمعت النخبة القانونية والدفاعية‬ ‫األميركية على رفض «جاستا» وحتى صحف «نيويورك‬ ‫تايمز» و«واشنطن بوست» و«ذي هيل» في افتتاحيات يوم‬ ‫التصويت وبعده حذرت من مخاطر القانون‪.‬‬ ‫وبدا أن الجهة الوحيدة ‪ -‬عدا عن رعاة القانون ‪ -‬املتحمسة‬ ‫لجاستا هي اللوبيات املؤيدة إليران بينها «املجلس الوطني‬ ‫اإليراني األميركي» ورئيسه تريتا بارسي الذي غرد على‬ ‫«تويتر» بعد تمرير جاستا وقال‪« :‬إذا كانت السعودية تحتاج‬ ‫إل��ى ‪ 10‬شركات عالقات عامة (ف��ي واشنطن) فهي حتما‬ ‫مذنبة»‪.‬‬ ‫ماذا بعد جاستا‬ ‫التناقضات التشريعية والسياسية ال�ت��ي أح��اط��ت قانون‬ ‫جاستا استمرت بعد تمريره‪ .‬فالتحفظات من أعضاء في‬ ‫مجلس الشيوخ على القانون بعد املوافقة عليه ب��دأت بعد‬

‫ساعات من تمريره‪ ،‬وفي مؤشر يعكس أن كسر الفيتو كان‬ ‫ألسباب عاطفية وانتخابية أكثر مما هي جيواستراتيجية‪،‬‬ ‫مما يرجح أن تعديالت قد تطرأ على القانون بعد االنتخابات‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫وب�ع��د أي ��ام م��ن ت�م��ري��ره ب�ع��ث ن�ح��و ‪ 30‬ع�ض��وا ف��ي مجلس‬ ‫الشيوخ برسالة إلى العضوين اللذين رعيا مشروع القانون‬ ‫الديمقراطي تشارلز شومر والجمهوري جون كورنني طلبا‬ ‫منهما التعاون من أجل تخفيف وقع النتائج غير املقصودة‬ ‫ملشروع القانون على األمن القومي‪ .‬كما بدأ زعيم مجلس‬ ‫النواب ب��ول ري��ان وزعيم مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل‬ ‫االس �ت �ش��ارات إلي �ج��اد م �خ��رج ت�ش��ري�ع��ي ي�ح��د م��ن أض��رار‬ ‫القانون‪ .‬كما زار العاصمة األميركية منذ تمرير املشروع‬ ‫وزراء سعوديون بارزون ‪ ،‬وبحثوا بالشراكة االستراتيجية‬ ‫واحتواء تداعيات جاستا‪.‬‬ ‫وقال مسؤول في الخارجية األميركية لـ«املجلة» بأن إدارة‬ ‫باراك أوباما «تتابع الردود السلبية على قانون جاستا في‬ ‫املنطقة ومن شركائنا»‪ ،‬وهي «مستعدة للعمل مع الكونغرس‬ ‫لتعديله»‪.‬‬ ‫وأوضح املسؤول‪« :‬عبرنا منذ البداية عن تحفظاتنا حول‬ ‫ه��ذا ال�ق��ان��ون ونبقى قلقني م��ن تداعياته غير املقصودة‬ ‫للواليات املتحدة ودبلوماسييها في ال�خ��ارج»‪ .‬وأض��اف‪:‬‬ ‫«إن الرئيس أوباما استخدم الفيتو ضد املشروع ألنه يهدد‬

‫مبادئ الحصانة السيادية‪ ،‬ونحن اليوم منفتحون على‬ ‫العمل مع الكونغرس للحد من التداعيات السلبية للقانون»‪.‬‬ ‫وشدد على «صالبة العالقة السعودية ‪ -‬األميركية والتي‬ ‫صمدت أمام اختبار الوقت ومبنية على نطاق واسع من‬ ‫املصالح»‪.‬‬ ‫وأكد املسؤول أن واشنطن ستستمر بالعمل مع الرياض في‬ ‫شأن القضايا اإلقليمية والدولية‪ ،‬فيما أكدت مصادر معنية‬ ‫باالستشارات ح��ول التعديالت على «جاستا» أنها تطال‬ ‫«إما تغيير القانون برمته أو إع��ادة الحفاظ على الحصانة‬ ‫السيادية»‪ .‬وأشارت إلى أن الكونغرس وافق على القانون ألنه‬ ‫لم يرد الظهور بأنه ضد عائالت ‪ 11‬سبتمبر وقد يتجه اليوم‬ ‫«إلى الحد من صالحيات جاستا بتركيزها فقط على قضايا‬ ‫متعلقة بـ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬وإعطاء الخارجية األميركية تفويضا‬ ‫لتقويض الدعاوى في حال كانت تهدد األمن القومي»‪.‬‬ ‫نكسة «جاستا» هي تعبير عن تقلبات في الوسط األميركي‬ ‫على املستوى السياسي والشعبي في التعاطي مع السعودية‪،‬‬ ‫ومفتاح تخطيها هو في حوار صريح وشفاف يضع األمور‬ ‫ف��ي نصابها وي��رك��ز على الشراكة االستراتيجية األمنية‬ ‫والسياسية واالقتصادية بني البلدين والتي كانت محور‬ ‫زيارة ولي ولي العهد األمير محمد بن سلمان إلى واشنطن‬ ‫الصيف الفائت‪ .‬ه��ذه الشراكة تبقى صمام أم��ان العالقة‬ ‫السعودية ‪ -‬األميركية قبل جاستا وبعده<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪31‬‬


‫ترددات يوم ‪ 28‬سبتمبر (أيلول) حني ألغى الكونغرس بمجلسي الشيوخ والنواب الفيتو الرئاسي وأعاد تمرير «قانون العدالة‬ ‫ضد رعاة اإلرهاب» املعروف باسم جاستا والذي يتيح ألهالي ضحايا اعتداءات سبتمبر ‪ 2001‬مقاضاة اململكة أمام املحاكم‬ ‫األميركية‪ ،‬هزت العالقة السعودية ‪ -‬األميركية وضربت بعرض الحائط القانون الدولي والحصانة السيادية‪.‬‬ ‫وفي حني تعددت األسباب التي أوصلت إلى «جاستا» من حملة إعالمية ممنهجة ضد الرياض‪ ،‬جاءت مضاعفاتها وتداعياتها‬ ‫غير املحسوبة لتعيد فتح السجال عن تعديالت على القانون قبل نهاية العام والحتواء األضرار غير املحسوبة التي ستطال‬ ‫مصالح أميركا الدولية في حال معاملة الشركاء لواشنطن باملثل‪.‬‬

‫القانون بني تخاذل البيت األبيض والحملة اإلعالمية ضد السعودية‬

‫جاستا‪ :‬التلقي العربي لقانون انتهاك سيادة الدول‬

‫‪ :‬إدارة باراك أوباما «تتابع الردود السلبية‬ ‫> الخارجية األميركية لـ‬ ‫على قانون جاستا في املنطقة ومن شركائنا» ومستعدة للعمل مع الكونغرس لتعديله‬ ‫واشنطن‪ :‬جويس كرم‬ ‫إلغاء الفيتو وألول مرة في عهد أوباما قبل ‪114‬‬ ‫ي��وم��ا م��ن خ��روج��ه م��ن البيت األب�ي��ض وبأكثرية‬ ‫ساحقة في املجلسني (‪ 1 - 97‬في مجلس الشيوخ‬ ‫و‪ 77 - 348‬ف��ي مجلس ال�ن��واب) ليس انتكاسة ع��اب��رة‪ ،‬بل‬ ‫هو نتاج عدة خضات ومطبات سياسية من ضمنها حملة‬ ‫إعالمية منظمة ضد السعودية منذ ‪ ،2009‬تلكؤ من البيت‬ ‫األبيض وبراعة في التوقيت من رعاة القانون لطرحه خالل‬ ‫موسم انتخابي يخوضه جميع أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وثلث‬ ‫أع�ض��اء مجلس الشيوخ وم��ن ث��م ط��رح��ه ف��ي ال��ذك��رى ال �ـ‪15‬‬ ‫لالعتداءات وكمقياس ملدى التضامن مع عائالت الضحايا‪.‬‬ ‫سر اإلجماع النيابي وتخاذل البيت األبيض‬ ‫يستغرب دبلوماسي عربي رفيع املستوى ف��ي واشنطن‬ ‫تحدث لـ«املجلة» النبرة العدائية الحديثة العهد في الصحافة‬ ‫األميركية ضد عدة دول عربية بينها السعودية‪.‬‬ ‫وي�ق��ول الدبلوماسي إن��ه «ف��ي ح�ين وقفت السعودية جنبا‬ ‫إلى جنب مع الواليات املتحدة في مبادرات الحرب والسلم‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وهي شريك استراتيجي واقتصادي ودفاعي‬ ‫بامتياز‪ ،‬يتم التعامل معها في املنابر اإلعالمية األميركية‬ ‫وكأنها خصم وليس صديقا»‪ .‬ه��ذه الحملة انعكست في‬ ‫اف�ت�ت��اح�ي��ات ل�ص�ح�ي�ف�ت��ي «ن �ي��وي��ورك ت��اي �م��ز» و«واش �ن �ط��ن‬ ‫بوست»‪ ،‬تحت عنوان «العالم يحصد ما تزرعه السعودية»‪،‬‬ ‫وأخرى تدعو إلى وقف بيع األسلحة للمملكة‪ .‬واعترض هذه‬ ‫الحملة أيضا مقاالت لوزير الخارجية اإليراني جواد ظريف‬ ‫في «نيويورك تايمز» آخرها حمل عنوان «فلنخلص العالم‬ ‫من الوهابية»‪.‬‬ ‫هذه النبرة التي يرافقها حملة منظمة ملجموعات داعمة إليران‬ ‫في العاصمة األميركية هيأت لالتفاق النووي اإليراني و«البداية‬ ‫الجديدة» التي طالب بها أوباما مع طهران وتعثرت اليوم‪ ،‬وفيها‬ ‫تلميح مبطن أن التحالف مع إيران قد يكون بديال استراتيجيا‬

‫‪30‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫للعالقة مع السعودية‪ .‬وساهم هذا املناخ السياسي في تردي‬ ‫صورة السعودية بني الرأي العام األميركي‪ ،‬وكشف استطالع‬ ‫غالوب في فبراير (شباط) أن ‪ 55‬في املائة من األميركيني‬ ‫ينظرون للمملكة بشكل سلبي مقابل ‪ 37‬في املائة بشكل‬ ‫إيجابي‪ .‬ويشير االستطالع نفسه أن إيران وسوريا وكوريا‬ ‫الشمالية ه��ي ف��ي قعر الالئحة وأن نسبة ‪ 79‬ف��ي امل��ائ��ة من‬ ‫األميركيني ينظرون لطهران بشكل سلبي‪.‬‬ ‫ه��ذا امل �ن��اخ امل�ت�ح�ج��ر ه�ي��أ ل�ل��دف��ع ب�م�ش��روع ج��اس�ت��ا الجالس‬ ‫ف��ي أدراج ال�ك��ون�غ��رس منذ ‪ ،2009‬ول��م يتوقع ال�ك�ث�ي��رون أن‬ ‫يتحول لقانون‪ .‬وتقول مصادر واكبت االستشارات والعملية‬ ‫التشريعية بأن اإلجماع على تأييده مرتني في الكونغرس لم‬ ‫يأت من فراغ‪ ،‬وبأن الرئيس أوباما والبيت األبيض لم يقوموا‬ ‫بالحد األدنى من الجهود والتحرك امليداني إلقناع الكونغرس‬ ‫بعدم التصويت على القانون بعد الفيتو الرئاسي في بداية‬ ‫سبتمبر‪.‬‬ ‫فرغم وصف أوباما للقانون بأنه «خطأ وسابقة خطيرة»‬ ‫و«مثير للحرج»‪ ،‬وتوجيه وزير الدفاع آشتون كارتر رسالة‬ ‫للكونغرس تحذر من تداعياته على األمن القومي‪ ،‬لم يتحرك‬ ‫ال�ب�ي��ت األب �ي��ض بالشكل امل�ط�ل��وب ل��وق�ف��ه‪ .‬وت �ق��ول امل�ص��ادر‬ ‫امل��واك �ب��ة ل �ـ«ج��اس �ت��ا»‪ ،‬ب��أن م��ا ح�ص��ل ه��و اع�ت�ك��اف أوب��ام��ا‬ ‫شخصيا ومسؤولني رفيعي املستوى ح��ول الرئيس عن‬ ‫القيام بتحرك إعالمي أو االجتماع بالنواب لوقف املشروع‪.‬‬ ‫فعلى عكس ما حصل لدى تسويق االتفاق النووي اإليراني‬ ‫بني ‪ 13.2‬و‪ 15.2‬وح�ين كانت هناك حملة إعالمية شرسة‬ ‫من البيت األبيض‪ ،‬غاب املسؤولون األميركيون عن البرامج‬ ‫التلفزيونية للتحذير من عواقب املشروع‪ .‬ال بل فإن أعضاء‬ ‫من الحزبني في الكونغرس تحدثوا علنا عن تجاهل البيت‬ ‫األبيض التصاالتهم للمطالبة بإيضاحات حول «جاستا»‪.‬‬ ‫وه�ن��ا أغ�ل��ق البيت األب�ي��ض ال�ب��اب أم��ام معالجة التحفظات‬ ‫وتجاهل مطالب السيناتور الجمهوري بوب كوركر وزعيمة‬ ‫األقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي بطرح تعديالت‬ ‫على املشروع بعدما بات ضمان الثلثني لكسر الفيتو أمرا‬ ‫حتميا في منتصف سبتمبر‪ .‬ووفر موقف بيلوسي الغطاء‬

‫السياسي والتشريعي ل�ل�ن��واب الديمقراطيني ف��ي مجلس‬ ‫النواب للتصويت لكسر الفيتو‪ .‬وحتى السيناتور الديمقراطي‬ ‫تشاك شومر الذي تبنى املشروع قال لـ«نيويورك تايمز» بأنه‬ ‫أعطى البيت األب�ي��ض أسبوعا كامال لطرح تعديالت على‬ ‫املشروع قبل التصويت وأن الرئيس ومن حوله تجاهله‪.‬‬ ‫واقتصرت جهود أوباما على رسالة وجهها لزعيم األقلية‬ ‫الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد وهو‬ ‫الوحيد من أصل ‪ 100‬سيناتور صوت ضد «جاستا»‪ ،‬قال‬ ‫فيها ب��أن ت��داع�ي��ات ال�ق��ان��ون تتخطى ال�س�ع��ودي��ة وهجمات‬ ‫سبتمبر وأن له مضاعفات بعيدة املدى يمكن أن تهدد املبادئ‬ ‫التي تحمي الواليات املتحدة بما في ذلك قواتها العسكرية‬ ‫في الخارج ودبلوماسيوها‪ .‬ولكن هذه املعارضة املبدئية لم‬ ‫تترجم إلى جهد عملي‪.‬‬ ‫أسلوب البيت األبيض وجهود الحد األدن��ى لوقف املشروع‬ ‫ف�ض�ح�ه�م��ا ن � ��واب م ��ن ال� �ح ��زب�ي�ن‪ .‬إذ ان �ت �ق��د رئ �ي ��س ل�ج�ن��ة‬ ‫االستخبارات في مجلس الشيوخ الجمهوري ريتشارد بور‬ ‫الرئيس أوباما مباشرة‪ ،‬وقال‪ :‬إنه يشارك زمالءه قلقهم من‬ ‫مضاعفات جاستا‪ ،‬وتابع‪« :‬ولكن يبدو أن األمر ليس مهما‬ ‫بما فيه الكفاية لكي يرفع الرئيس إصبعه»‪.‬‬ ‫وق��ال ك��ورك��ر لصحيفة «بوليتيكو»‪« :‬ال�ت��واص��ل م��ن البيت‬ ‫األب�ي��ض ح��ول ه��ذه القضية ه��و ص�ف��ر‪ ...‬ح��اول��ت االتصال‬ ‫تكرارا والرد هو صفر»‪ .‬فيما قال السيناتور جون كورنني‬ ‫ب ��أن «األم� ��ر امل�ث�ي��ر ب��ال�ن�س�ب��ة ل��ي ه��و امل �س��اف��ة ال �ت��ي تفصل‬ ‫البيت األبيض عن أي شيء له عالقة بالعملية التشريعية‪..‬‬ ‫اتصاالتهم م�ح��دودة وصدقيتهم م�ح��دودة‪ ،‬ليس فقط مع‬ ‫الجمهوريني ولكن أيضا مع الديمقراطيني»‪.‬‬ ‫ودفع هذا األمر إلى طرح تساؤل حول إذا ما كان موقف أوباما‬ ‫مرتبطا بأسباب انتخابية أو بعالقته املتقلبة مع اململكة أو‬ ‫أن البيت األبيض ينتظر ما بعد االنتخابات الرئاسية إلعادة‬ ‫طرح مشروع جديد يفرض تعديالت على جاستا ويحمي‬ ‫الحصانة السيادية للسعودية‪.‬‬ ‫إذ يشكل ج��اس�ت��ا وب�ت��داع�ي��ات��ه ال�ق��ان��ون�ي��ة ض ��ررا عكسيا‬ ‫ع �ل��ى ال� ��والي� ��ات امل �ت �ح��دة أك �ث ��ر م ��ن غ �ي��ره��ا ب �س �ب��ب ن��زع��ه‬


‫دورا أيضا في توجيه تصورات الشعب األميركي عن أي دولة‬ ‫ُ‬ ‫أجنبية‪ :‬اإلعالم الترفيهي‪ .‬تشكل القصص التي ترويها األفالم‬ ‫واملسلسالت التلفزيونية معرفة الشعوب بـ«اآلخر» البعيد‪،‬‬ ‫وتمهد الساحة ب��درج��ة م��ا للتقارير اإلخ��ب��اري��ة التي تعتمد‬ ‫على الحقائق بشأن األراضي البعيدة والتي يقدمها اإلعالم‬ ‫اإلخباري‪ .‬في مرحلة مبكرة من تاريخ السينما األميركية‪،‬‬ ‫كانت هناك درج��ة كبيرة من التفاهم املتبادل بني واشنطن‬ ‫وهوليوود يتعلق بجهود تشكيل اإلدراك الشعبي للترويج‬ ‫ألجندة سياسية حماسية‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬في أثناء الحرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬تم إنتاج الكثير من األفالم الكبيرة التي تصور‬ ‫أشرارا من النازيني األملان أو اليابانيني ضد البطل األميركي‪،‬‬ ‫وبذلك يدعمون املناخ املعلوماتي ال��ذي يستعد فيه الشباب‬ ‫األميركي للذهاب إلى القتال خ��ارج البالد‪ .‬في أع��وام الحرب‬ ‫الباردة التالية‪ ،‬أثار عدد كبير من األفالم املنفصلة غضب رواد‬ ‫السينما تجاه العدو السوفياتي‪ ،‬مثل فيلم «الفجر األحمر»‬ ‫إنتاج عام ‪ 1984‬الشهير الذي يقوم على تصور افتراضي بأن‬ ‫االتحاد السوفياتي يغزو الواليات املتحدة ويحتلها‪.‬‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬يعتقد كثير من املراقبني‪ ،‬خارج الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬أن صناعة السينما ال تزال مرتبطة سياسيا بواشنطن‬ ‫ف��ي تنسيق املحتوى ال��ذي تنتجه وفقا ألول��وي��ات السياسة‬ ‫الخارجية األميركية‪ .‬ولكن األمر لم يعد كذلك كما تقول مارثا‬ ‫بايلز‪ ،‬أستاذ الدراسات اإلنسانية في كلية بوسطن ومؤلفة‬ ‫كتاب «عبر شاشة في الظالم‪ :‬الثقافة الشعبية والدبلوماسية‬ ‫العامة وصورة أميركا في الخارج»‪ .‬توضح بايلز‪« :‬هوليوود‬ ‫مشروع تجاري تماما‪ .‬ومن الواضح أن املنتجني توصلوا إلى‬ ‫فكرة أن��ه من الخطأ تقديم قوالب جاهزة‪ ،‬وم��ن ثم أصبحت‬ ‫هناك حساسية تجاه األمر‪ .‬ولكن ال يوجد قيادات سياسية‬ ‫في واشنطن تسيطر على الرسائل السياسية التي تقدمها‬ ‫أفالم هوليوود بأي درجة»‪.‬‬ ‫في الوقت ذاته‪ ،‬في مفارقة‪ ،‬اكتشفت بعض العناصر خارج‬ ‫ال���والي���ات امل��ت��ح��دة أن���ه م��ن امل��م��ك��ن اس��ت��غ�لال داف����ع ال��رب��ح في‬ ‫هوليوود لكي تنتج صناعة السينما األميركية أفالما تروج‬ ‫ملصالح سياسية أجنبية – وليس أميركية‪ ،‬وحتى تلك التي‬ ‫تختلف مع السياسة الخارجية األميركية‪ .‬أبرز األمثلة على ذلك‬ ‫الصني‪ ،‬التي تعد سوقا استهالكية كبيرة لألفالم األميركية –‬ ‫ويبدو أن القيادة السياسية تدرك أهمية التعاون طويل األجل‬ ‫مع هوليوود من أجل تشكيل األفكار عن الصني بما يصب في‬ ‫مصلحة بكني‪ .‬في مثال على هذه الظاهرة‪ ،‬تشير مارثا بايلز‬ ‫إلى أغنى رجل في الصني ونصير بكني القوي وانغ جيان لني‪،‬‬ ‫الذي تملك مجموعته اإلعالمية (داليان واندا غروب) ثاني أكبر‬ ‫سلسلة مسارح في أميركا‪ .‬في الخريف الحالي‪ ،‬وقعت شركة‬ ‫(سوني بيكتشرز) إحدى أهم شركات إنتاج األفالم األميركية‬ ‫صفقة لالستفادة من رأسمال وانغ االستثماري‪ .‬كما ُيجري‬ ‫مباحثات أيضا بشأن صفقة محتملة بقيمة مليار دوالر‬ ‫لالستحواذ على شركة اإلنتاج املسؤولة عن جوائز (غولدن‬ ‫غلوب)‪ .‬يؤكد وانغ على أن كل تلك الجهود جزء من محاولته‬ ‫«لتغيير العالم الذي يضع قواعده األجانب»‪.‬‬ ‫من وجهة نظر بايلز‪ ،‬ساهمت نتائج مساعي وانغ‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫تلك التي حققها مستثمرون صينيون آخرون وجذب سوق‬ ‫املشاهد الصيني ألفالم هوليوود‪ ،‬مناخا في هوليوود تبدي‬ ‫فيه شركات اإلنتاج «تملقا مذهال للصني – مع عجز كامل عن‬ ‫عرض أي شيء سلبي عن الصني»‪ .‬في مثال على هذه الظاهرة‪،‬‬ ‫تذكر بايلز الجدل الذي ثار حول إعادة إنتاج فيلم عام ‪1984‬‬ ‫«الفجر األحمر» في عام ‪ .2011‬عن طريق شركة (إم جي إم)‬ ‫في هوليوود‪ .‬كانت إع��ادة اإلنتاج في البداية ستتناول قيام‬

‫السيناتور تشاك شومر والسيناتور جون كورنني يتحدثان مع كايتلني سترادا وتيري سترادا من إحدى‬ ‫عائالت ضحايا ‪ 9 /11‬بعد مؤتمر صحافي بشأن قانون «العدالة ضد رعاة اإلرهاب» (جاستا) مايو ‪( 2016‬غيتي)‬

‫القوات الصينية بدال من السوفياتية بغزو واحتالل الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬ولكن ألسباب ال يمكن فصلها عن املصالح التجارية‬ ‫لشركة اإلنتاج‪ ،‬تم اتخاذ ق��رار في اللحظة األخيرة بتحويل‬ ‫«األش��رار» من صينيني إلى كوريني شماليني‪ .‬واآلن يخضع‬ ‫فيلم جديد من فئة الخيال العلمي بعنوان «الجدار» ‪The Wall‬‬ ‫ملرحلة ما بعد اإلنتاج‪ ،‬تدور أحداثه حول صراع عاملي للدفاع‬ ‫عن األرض ضد كائنات من الفضاء الخارجي‪ ،‬وال يوجد حائط‬ ‫صد للدفاع عن البشر سوى سور الصني العظيم‪ .‬ومن املتوقع‬ ‫أن تظهر الحكومة الصينية في صورة جذابة كحامية قديرة‬ ‫تدافع عن اإلنسانية في مواجهة بربرية غير بشرية‪ .‬وبذلك‬ ‫تبدد النظرة املنتشرة بأن الصني عدو‪ ،‬وتشجع األميركيني‬ ‫على التطلع إلى بكني من منظور الشراكة‪.‬‬ ‫تبذل بعض الدول في العالم العربي جهودا متواضعة باملقارنة‬ ‫لالشتراك ف��ي عمليات إن��ت��اج م��ع ه��ول��ي��وود‪ ،‬أم�لا ف��ي تعزيز‬ ‫مهنية صناعة السينما لديها أو لتشجيع منتجي األف�لام‬ ‫األميركيني على تقديم ب�لاده��م ف��ي ص��ورة محببة‪ ،‬أو لكال‬ ‫الهدفني معا‪ .‬أحد األمثلة على ذلك املغرب عبر ورززات عاصمة‬ ‫السينما بها‪ .‬كذلك توجد مشروعات طموحة في إمارتي دبي‬ ‫وأبوظبي‪ .‬ومنذ ع��دة أع���وام‪ ،‬تواصلت معي مخرجة األف�لام‬ ‫األميركية كاثرين بيغلو‪ ،‬أثناء إنتاج فيلم عن القوات األميركية‬ ‫في العراق والذي فاز بجائزة األكاديمية «خزانة األلم» (‪The‬‬ ‫‪ .)Hurt Locker‬طلبت مني م��ش��ورة بشأن مكان تصوير‬ ‫الفيلم‪ ،‬مشيرة إلى أن أفضل وأنسب خيار سيبدو في املغرب‪.‬‬ ‫وأضافت أن اململكة الواقعة في شمال أفريقيا ترتبط بشبكة‬ ‫ع�لاق��ات ج��ي��دة ف��ي ه��ول��ي��وود‪ ،‬وأن ه��ن��اك ف��ري��ق��ا ك��ام�لا على‬ ‫استعداد لتسهيل جميع احتياجاتها في الدولة إذا اختارت‬ ‫العمل هناك‪ .‬نصحتها بصفتي على دراية باملنطقة بأن اململكة‬ ‫األردنية بها أحياء وشوارع تشبه العراق أكثر من أي منطقة‬ ‫ف��ي امل��غ��رب‪ ،‬وأن���ه سيكون م��ن األس��ه��ل ال��ع��ث��ور على ممثلني‬ ‫عراقيني بني مجتمع الالجئني العراقيني في َع ّمان‪ .‬وبعد بعض‬ ‫املجامالت واملقدمات الهاتفية بني األط��راف املعنية‪ ،‬اختارت‬ ‫بيغلو األردن‪ ،‬وذهبوا لصناعة التاريخ‪ .‬كان «خزانة األلم» أول‬ ‫فيلم تخرجه سيدة يفوز بإحدى جوائز األكاديمية‪ ،‬كما أنه‬ ‫يمثل نصرا كبيرا للمملكة األردنية في سعيها للشراكة مع‬ ‫األميركيني إلنتاج عمل ترفيهي ذي جودة عالية‪ .‬تقع عمليات‬ ‫«اإلنتاج املشترك» املشابهة تحت تصنيف مختلف تماما عن‬

‫القوة املالية التي تملكها الصني في إعادة تشكيل مؤسسات‬ ‫هوليوود لخدمة مصالحها‪ .‬تسعى املغرب واإلم��ارات ودول‬ ‫عربية أخرى إلى تحقيق أهدافها عن طريق الصداقة واالتفاق‬ ‫والتبادلية واملوقف التجاري الذي يجعل مقترحاتهم مقبولة‬ ‫تجاريا إن لم تكن مسببة للتغيير‪ .‬ولكن يمكن النظر إلى‬ ‫جهود املغرب في ذلك املجال‪ ،‬وربما يكون تاريخ تعاونه مع‬ ‫هوليوود هو األق��دم‪ ،‬بناء على اعتبارات الواقعية السياسية‬ ‫كحملة ناجحة طويلة األجل لتشكيل تأييد شعبي للمغرب‬ ‫في الواليات املتحدة والحفاظ على تحالف مرن وطويل بني‬ ‫واشنطن والرباط <‬

‫الدروس املستفادة‬ ‫> إذا كان السعوديون يفكرون في القيام بمحاوالتهم‬ ‫الخاصة للخوض في النقاش العام األميركي‪ ،‬سواء عبر‬ ‫وسائل اإلعالم اإلخبارية أو صناعة السينما أو غيرها‬ ‫من وسائل الحوار‪ ،‬سوف يحتاجون إلى تقييم املوقف‬ ‫ف��ي ض���وء خ��ب��رات��ه��م امل��اض��ي��ة ب��اإلض��اف��ة إل���ى ال���دروس‬ ‫املستفادة من اآلخرين‪ .‬تشير جميع الدالئل إلى أهمية‬ ‫االعتماد على الذات‪ :‬ال توجد دولة نجحت في املشاركة‬ ‫ف��ي الخطاب األم��ي��رك��ي بمجرد إس��ن��اد املسؤولية إلى‬ ‫آخرين‪ .‬في حالة غياب مواهب سعودية ماهرة مزدوجة‬ ‫ال��ل��غ��ة وال��ث��ق��اف��ة‪ ،‬س��ي��ك��ون م��ن ال��ل�ازم تنشئتها – وه��و‬ ‫استثمار طويل األجل سيستغرق جيال أو أكثر حتى‬ ‫يؤتي ثماره‪ .‬وإذا أثبت أسلوب النقاش السياسي عدم‬ ‫قدرته على اإلقناع في الغرب‪ ،‬سيكون من الضروري‬ ‫تغييره وتكييفه‪ ،‬كما فعل آخرون‪ ،‬وفقا ملبادئ الخطاب‬ ‫النقدي التي يستوعبها الجمهور املعني‪ .‬عالوة على ذلك‪،‬‬ ‫تتناول جميع تلك العناصر األسلوب وليس املضمون‪.‬‬ ‫لذلك يجدر التفكير بعناية ف��ي أم��ر آخ��ر‪ :‬م��ا ه��و على‬ ‫وجه التحديد «الخطاب السعودي الحقيقي» الذي سيتم‬ ‫تقديمه إل��ى األميركيني وآخ��ري��ن؟ اإلج��اب��ات املحتملة‬ ‫تحمل جوانب متعددة ومتنوعة‪ ،‬وقد حان وقت البدء‬ ‫في طرح أسئلة عنها‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪29‬‬


‫وقفة احتجاجية للمعارضة اإليرانية خالل زيارة وزير الخارجية اإليراني جواد ظريف برلني يونيو (حزيران)‪( 2016 ،‬غيتي)‬

‫‪28‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫ال يمكن تفسير العناصر‬ ‫التي تتحدى املصالح‬ ‫السعودية في الواليات‬ ‫املتحدة وفقا لخالف‬ ‫سياسي حزبي بسيط‬

‫‪,,‬‬

‫تحمل تلك امل�لاح��ظ��ات نتيجة ذات مغزى مل��ح��اوالت م��ن هم‬ ‫خارج الواليات املتحدة –ومنهم السعودية – للتعبير عن آرائهم‬ ‫في النقاش حول اإلعالم والسياسات األميركية‪ :‬في مجتمع‬ ‫ديمقراطي‪ ،‬يستطيع املراسل ذاته الذي يبلغ من العمر ‪ 27‬عاما‪،‬‬ ‫والذي يسعى رودس إلى السيطرة عليه‪ ،‬الوصول إلى آخرين‬ ‫خ��ارج الحكومة ربما يملكون م��ادة يقدمونها ال تقل تأثيرا‬ ‫وربما تكون أكثر صدقا وجدارة بالثقة‪ .‬ولكن من يكون ناقل‬ ‫املعلومات املناسب للمراسل؟ ومن هو أنسب من يقيم مثل تلك‬ ‫العالقات؟ معروف أن اإلعالم في أي بيئة‪ ،‬واملوجه بالضرورة‬ ‫نحو التكافؤ العاطفي لجمهوره على وجه التحديد‪ ،‬يمكن أن‬ ‫يخوض فيه بكفاءة األش��خ��اص الذين يألفون عن ق��رب لغة‬ ‫الجمهور وثقافتهم‪ .‬وإن لم يكونوا من أبناء البلد‪ ،‬فيجب أن‬ ‫يكونوا قد خصصوا وقتا وجهدا كافيني لالنغماس في ذلك‬ ‫البلد والحياة بني أبنائه من أجل التواصل بفاعلية معهم – أو‬ ‫ب��دال من ذل��ك ال بد أن يجدوا وسيلة للتشارك بسالسة مع‬ ‫أبناء البلد في تطوير املحتوى اإلعالمي‪ .‬في الوقت ذاته‪ ،‬هناك‬ ‫بالطبع قيمة متأصلة في املعرفة التي يملكها‪ ،‬على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬املواطنون السعوديون عن السعودية والتي ال يمكن أن‬ ‫تضاهيها معرفة الغرباء عن الدولة‪ .‬وبالتالي من البدهي أن‬ ‫أكثر حملة إعالمية ّفعالة يمكن أن تشنها قوى أجنبية في‬ ‫ال��والي��ات املتحدة هي تلك التي تعتمد على شراكة قوية مع‬ ‫مجموعة من األميركيني ذات دوافع قوية‪.‬‬ ‫أحد األمثلة الواضحة التي تطرأ على الذهن هي دولة إسرائيل‪،‬‬ ‫ال��ت��ي ت��ن��س��ق ع��ن ق���رب م��ن��ذ ع��ق��ود م��ع أع��ض��اء م��ؤي��دي��ن من‬ ‫الجالية اليهودية األميركية‪ ،‬وكثير منهم يعملون في اإلعالم‪،‬‬ ‫للتعبير عن املوقف السياسي للدولة في املناقشات السياسية‬ ‫األميركية والتقارير اإلخبارية والثقافة الشعبية‪ .‬ولكن هناك‬ ‫أمثلة أخرى جديرة باملالحظة‪ ،‬وإيران واحدة منها‪ .‬يقدم كل‬ ‫م��ن إص���دار «امل��ون��ي��ت��ور» وج��م��اع��ات الضغط اإلي��ران��ي��ة (مثل‬ ‫املجلس الوطني األميركي اإلي��ران��ي) امل��ذك��وري��ن آنفا نماذج‬ ‫موضحة للبراعة اإليرانية مزدوجة الجنسية والثقافة بفضل‬ ‫أبنائها وبناتها الذين رسخوا جذورا لهم في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫مليون أميركي من أصل إيراني يعيشون في الواليات املتحدة‬ ‫ه��ن��اك نحو مليون أم��ي��رك��ي م��ن أص��ل إي��ران��ي يعيشون في‬ ‫ال��والي��ات امل��ت��ح��دة ف��ي ال��وق��ت ال��ح��ال��ي‪ .‬ف��ي امل��اض��ي‪ ،‬ك��ان ذلك‬ ‫املجتمع مكونا في الغالب من الجئني إثر الثورة اإليرانية عام‬

‫‪ .1979‬وكانوا ينظرون إلى نظام املاللي في طهران بكراهية‬ ‫شديدة‪ .‬على النقيض من العمل ملصلحة طهران في أميركا‪،‬‬ ‫شكلوا معقال جديرا بالثقة لتأييد املوقف األميركي الذي يجابه‬ ‫ذلك النظام‪ .‬بيد أن األوضاع تغيرت على مدار الجيل املاضي‬ ‫وفقا التجاه ثقافي يمكن رؤيته أيضا بني األميركيني من‬ ‫أصل كوبي‪ ،‬والذين كان آباؤهم وأجدادهم من أشد املعارضني‬ ‫لنظام كاسترو‪ .‬يتشوق الجيل الشاب الذي نشأ وهو يسمع‬ ‫عن بالده األصلية فقط عن طريق الحكايات والذكريات وصور‬ ‫آبائه وأجداده القديمة إلى الشعور باالتصال بتلك البلد التي‬ ‫جاء منها أجداده – والشعور باألصالة يأتي فقط من خالل‬ ‫إقامة عالقات مباشرة عميقة‪ .‬والنتيجة هي أن الكثير من‬ ‫هؤالء الشباب يميلون لتأييد سياسات تسمح سريعا بتطبيع‬ ‫العالقات مع حكومة بالدهم األصلية الحالية قدر اإلمكان‪.‬‬ ‫كما أنهم أكثر انفتاحا للغاية على املبادرات السياسية التي‬ ‫يبديها رم��وز السلطة ف��ي إي���ران – أو ال��وك�لاء لينو الحديث‬ ‫الذين استعان بهم النظام وأعدهم للعمل على تجنيد حلفاء‬ ‫داخل املجتمع األميركي اإليراني‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬تتمتع جماعات‬ ‫مثل املجلس الوطني األميركي اإليراني إلى حد ما بنوع من‬ ‫العمق االستراتيجي ال��ذي تتمتع ب��ه جماعات الضغط التي‬ ‫ت��ض��م م��واط��ن�ين أص��ل��ي�ين ب��ال��ك��ام��ل – ب��اإلض��اف��ة إل���ى ق���درات‬ ‫تتعلق بازدواج اللغة والثقافة للتنسيق بني الحكومة اإليرانية‬

‫ومؤيديها ف��ي ال��والي��ات امل��ت��ح��دة‪ .‬إض��اف��ة إل��ى األنشطة التي‬ ‫يطلقها املجلس بمفرده‪ ،‬يمكنه أيضا أن يستفيد من شبكة‬ ‫من األميركيني املتعاطفني في شتى املجاالت – وم��ن بينها‬ ‫الحكومة واإلعالم والقطاع الخاص واملهن املختلفة – والذين‬ ‫ق��د يكون م��ن بينهم أميركيون م��ن أص��ل إي��ران��ي باإلضافة‬ ‫إلى أميركيني من أصول عرقية أخرى يقيمون معهم صالت‬ ‫شخصية عميقة على مدار فترات طويلة‪.‬‬ ‫تظهر قوة ذلك التحالف متعدد اللغات والثقافات أيضا في‬ ‫إص����دار «امل��ون��ي��ت��ور» ال���ذي ح��ق��ق ن��ج��اح��ا ه��ائ�لا‪ .‬إن���ه إص���دار‬ ‫إلكتروني فقط – ينتهج استراتيجية شابة ماهرة في الترويج‬ ‫عبر وسائل التواصل االجتماعي – يتكون فريقه إلى حد كبير‬ ‫من مجموعة من الصحافيني واملحررين األميركيني وزمالئهم‬ ‫في دول تملك فيها إيران ميليشيات وكيلة وأبرزها سوريا‬ ‫ولبنان باإلضافة إلى إيران ذاتها‪ .‬يعمل الفريق املتنوع على‬ ‫ملء الفراغات لدى بعضهم البعض‪ :‬فاملراسلون األميركيون‬ ‫ُ‬ ‫يغطون أخبار واشنطن بمهارة‪ ،‬بينما يعمل املحررون والكتاب‬ ‫من أبناء البلد مع صحافيني من الشرق األوسط على إعادة‬ ‫صياغة أعمالهم لتجذب ال��ق��راء األميركيني‪ ،‬ث��م يسوقونها‬ ‫وينشرونها على أساس يومي‪.‬‬ ‫ربما يوصف عامل آخر في نجاح «املونيتور» بـ«مدرسة الـ‪85‬‬ ‫في املائة»‪ .‬تعلم قيادة املؤسسة أنه في أي دولة ديمقراطية‪،‬‬ ‫يتحسس الجمهور من املحتوى اإلعالمي الذي ينقل رسالة‬ ‫واحدة موحدة‪ .‬بمعنى أنك عندما تنشأ على االعتقاد بتنوع‬ ‫اآلراء ومبدأ أنه ال يوجد طرف يحتكر الحقيقة‪ ،‬سوف تشعر‬ ‫تلقائيا باالرتياب تجاه أي مصدر معلومات ينكر صدق أي‬ ‫آراء معارضة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬حاول «املونيتور» جاهدا نشر مقاالت‬ ‫قليلة متناثرة تنتقد إي��ران ونظام األس��د وما يسمى «حزب‬ ‫الله» (لنقل مثال نحو ‪ 15‬في املائة من املحتوى أو أقل)‪ ،‬لتخدم‬ ‫بكفاءة غ��رض الترويج ملصداقية ‪ 85‬في املائة من املحتوى‬ ‫الذي يقدم رسالة طهران إلى الشعب األميركي‪ .‬تجب اإلشارة‬ ‫إلى أن بني أقلية اآلراء التي تنشر في «املونيتور» إلضفاء تلك‬ ‫القشرة املوضوعية عددا قليال من املواطنني السعوديني الذين‬ ‫يحملون آراء تدافع عن السعودية بني صفحات املوقع‪ .‬ويبدو‬ ‫أنهم تحت تأثير املبدأ األميركي‪« :‬إذا لم تستطع هزيمتهم‪،‬‬ ‫انضم إليهم» – بمعنى أن��ه ف��ي ض��وء الشعبية الهائلة التي‬ ‫يتمتع بها «امل��ون��ي��ت��ور»‪ ،‬ربما يستفيدون أيضا م��ن فرصة‬ ‫استخدامه كمنصة للوصول إلى الجمهور األميركي‪ .‬ولكنهم‬ ‫بذلك يمنحون املوقع أداة قوية للغاية لنفي االدعاء بأنه إصدار‬ ‫«معاد للسعودية»‪ .‬يالحظ آدم غارفنكل‪ ،‬ال��ذي ينتقد نظام‬ ‫ٍ‬ ‫طهران باستمرار‪ ،‬أن اإليرانيني يملكون «كفاءة عالية» في‬ ‫ال��ت��ع��ام��ل م���ع اإلع��ل��ام األم���ي���رك���ي‪ ،‬ب��أس��ل��وب ال ي��م��ل��ك��ه ال��ع��رب‬ ‫املؤيدون للموقف السعودي في الشؤون اإلقليمية‪ .‬ويقول‪:‬‬ ‫«كثير مما يصلني (من مؤسسات ضغط وشركات عالقات‬ ‫عامة) باسم الدول العربية مريع‪ .‬إنه ثنائي األبعاد‪ .‬يمكنك أن‬ ‫ترى بوضوح من يخاطبك ومل��اذا‪ .‬وهو أقل تعقيدا من املادة‬ ‫اإليرانية‪ ،‬ومن املؤسف أن من يقدمه أشخاص ال يملكون وعيا‬ ‫إعالميا بالطريقة التي تناسب الجمهور الغربي‪ .‬ربما يرجع‬ ‫ذلك ألسباب كثيرة‪ ،‬يعاني فن الخطاب السياسي في العالم‬ ‫العربي في العقود السابقة من الضعف‪ ،‬ويوجد عدد كبير من‬ ‫األشخاص الذين لم يشهدوا تطور عناصر النقاش املعقدة‪ ،‬بل‬ ‫يخرجون ويلقون ببضاعة زهيدة على الناس»‪.‬‬ ‫قوة الترفيه‬ ‫في الوقت ذاته‪ ،‬يوجد مستوى آخر من اإلعالم العام الذي يؤدي‬


‫وزير الخارجية اإليراني محمد جواد ظريف يداعب الصحافيني قبل لقائه مع وزير الخارجية األميركي جون كيري في جنيف ‪ 14‬يناير ‪( 2015‬غيتي)‬

‫السياسي في أي مجتمع ديمقراطي هي‪ :‬هل يؤثر اإلعالم في‬ ‫صناعة القرار السياسي أم يستخدم ُصناع القرار السياسي‬ ‫اإلعالم لتكوين تأييد شعبي للقرارات التي يخططون بالفعل‬ ‫ً‬ ‫التخاذها؟ األم��ر أق��رب إل��ى السؤال القديم‪« :‬أيهما يأتي أوال‬ ‫الدجاجة أم البيضة؟»‪.‬‬ ‫تأكيدا على األمر‪ ،‬توجد أدلة كثيرة في األعوام األخيرة على‬ ‫أن البيت األبيض‪ ،‬في عزمه على الترويج لالتفاق النووي مع‬ ‫إيران‪ ،‬عمل عبر اإلعالم الستدراج الشعب األميركي باإلضافة‬ ‫إل��ى تقويض األص��وات التي تعارض االت�ف��اق‪ .‬ظهرت حقيقة‬ ‫بذل جهد من ذلك النوع بجرأة أمام الجمهور في مقال نشرته‬ ‫«نيويورك تايمز» عن مسؤول اإلعالم في البيت األبيض بن‬ ‫رودس‪ ،‬ال��ذي ك��ان م�س��ؤوال أكثر م��ن أي شخص إل��ى جانب‬ ‫الرئيس ذاته عن الترويج الناجح لالتفاق اإليراني أمام الشعب‪.‬‬ ‫وصف املقال ببراعة بن رودس كما يلي‪:‬‬ ‫راو يستخدم أدوات الكاتب لتقديم أجندة مغلفة بغطاء‬ ‫«إنه ٍ‬ ‫سياسي ولكنها أحيانا ما تكون شخصية‪ .‬وهو بارع في بناء‬ ‫حبكات عامة بها أبطال وأشرار‪ ،‬ويقدم صراعاتهم ودوافعهم‬ ‫بمجموعة منتقاة بعناية من الصفات واألحاديث والتسريبات‬ ‫على لسان مسؤولني رفيعي املستوى مع ذك��ر أسمائهم أو‬ ‫من دون ذكرها‪ .‬وهو الصانع والراوي األول لخطاب السياسة‬ ‫الخارجية ألوباما‪ ،‬في وقت اجتاحت فيه أمواج وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي الهائلة القالع الرملية التي كانت تبنيها الصحافة‬ ‫التقليدية‪ ...‬ويظل من املدهش عدم تملكه خبرة واقعية تقليدية‬ ‫من النوع الذي يسبق عادة تحمل مسؤولية مصير األمم – مثل‬ ‫الخدمة العسكرية أو الدبلوماسية‪ ،‬أو حتى درجة املاجستير‬ ‫في العالقات الدولية‪ ،‬بدال من الكتابة اإلبداعية»‪.‬‬ ‫قدم رودس‪ ،‬الذي تحدث بصراحة مذهلة عن عمله‪ ،‬رؤية ذات‬ ‫صلة بمسألة «الدجاجة أم البيضة»‪ .‬بعد تأكيده بثقة عفوية‬ ‫على أنه من وضع إطار خطاب اإلعالم األميركي عن االتفاق‬ ‫اإليراني – وبالتالي ما يدركه الشعب األميركي عن االتفاق –‬ ‫صرح موضحا نقطة الضعف الجوهرية في اإلع�لام الحالي‬ ‫والتي جعلت سيطرته ممكنة‪« :‬كانت كل تلك الصحف تملك‬ ‫مكاتب في الخارج‪ .‬واآلن لم يعد لديها مكاتب‪ ،‬بل يتصلون‬ ‫بنا لنشرح لهم ما يحدث في موسكو والقاهرة‪ .‬أغلب وسائل‬

‫اإلعالم تقدم تقاريرها عن األحداث العاملية من واشنطن‪ .‬ويبلغ‬ ‫متوسط عمر املراسل الذي نتحدث معه ‪ 27‬عاما‪ ،‬وخبرته في‬ ‫العمل الصحافي تشمل حضور الحمالت السياسية فقط‪.‬‬ ‫وذلك تغيير تام‪ .‬فهم ال يعرفون شيئا حرفيا»‪ .‬بمعنى أنه في‬ ‫ظل ضعف املؤسسات اإلخبارية األميركية جراء تخفيضات‬ ‫امليزانية وتحول املحتوى اإلخ�ب��اري إل��ى سلعة عبر وسائل‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬أصبحت اإلدارة األميركية – بسلطتها‬ ‫ومكانتها ومصادرها املعلوماتية الشاملة – مدخال مسيطرا‬ ‫على دورة وس��ائ��ل اإلع�ل�ام ال سيما فيما يتعلق بالسياسة‬ ‫الخارجية‪.‬‬ ‫ف��ي ح�ي�ن أن ه �ن��اك ب�ع��ض ال�ح�ق�ي�ق��ة ف��ي ت �ص��ور رودس عن‬ ‫أهميته امل��ده�ش��ة‪ ،‬ه�ن��اك ص��ورة أخ��رى تشير إل��ى أن��ه بغض‬ ‫النظر عن حجم ضعف اإلع�ل�ام‪ ،‬فهو يظل قويا في التأثير‬ ‫على قرارات ُصناع السياسات داخل الحكومة‪ .‬ذلك ما يقوله‬ ‫آدم غارفنكل‪ ،‬مؤسس مجلة «ذا أميركان إن�ت��رس��ت»‪ ،‬ال��ذي‬ ‫يملك أيضا خبرة كبيرة في اإلعالم الحكومي‪ ،‬بصفته كاتب‬ ‫خطابات سابق ل��وزي��ري الخارجية كولن ب��اول وكوندوليزا‬ ‫رايس‪ .‬يقول غارفنكل‪« :‬اذهب إلى أي مبنى حكومي وستجد‬ ‫أن التلفزيون دائما مفتوح وهؤالء األشخاص ال يقرأون شيئا‪.‬‬ ‫إنهم يفعلون فقط م��ا يفعله الجميع‪ :‬ي�ش��اه��دون التلفزيون‬ ‫ويتصفحون اإلنترنت وذلك هو إطار معلوماتهم‪.‬‬ ‫كيف يؤثر اإلعالم في السياسة؟‬ ‫لقد أن�ش��أ إط ��ارا معلوماتيا‪ ،‬بموجبه يتم ات�خ��اذ ك��ل ق��رار‪.‬‬ ‫ت�ل�ف��زي��ون‪ .‬إذاع ��ة‪ .‬إن�ت��رن��ت‪ .‬ت��واص��ل اج�ت�م��اع��ي‪ .‬إن�ه��ا ك��ل تلك‬ ‫املصادر السطحية التي تقودها الصورة أو التعهيد الجماعي‪.‬‬ ‫ون�ظ��را النهيار النموذج التجاري لوسائل اإلع�ل�ام املطبوعة‬ ‫الجادة‪ ،‬هذا ما تبقى قائما»‪.‬‬ ‫وهكذا ربما يكون اإلعالم أكثر سطحية من املاضي‪ ،‬وأصبح‬ ‫أق��ل إم�ك��ان�ي��ة م��ن امل��اض��ي ع�ل��ى ال �ت��زود ال�ج�ي��د ب� ��أدوات جمع‬ ‫معلوماته ال�خ��اص��ة بمهنية ون��زاه��ة‪ .‬ول�ك��ن م��ن وج�ه��ة نظر‬ ‫غارفنكل‪ ،‬لم ت ِقل قدرة اإلعالم على التأثير – ومن املرجح أن‬ ‫يكون كبار ُصناع القرار في الحكومة عرضة للتأثر بتغطية‬

‫املراسل الذي يبلغ من العمر ‪ 27‬عاما‪ ،‬تماما مثلما هم قادرون‬ ‫على السيطرة عليها‪ .‬يضيف غارفنكل أن انتشار األخبار‬ ‫اآلنية عبر القنوات اإلخبارية التي تعمل على مدار ‪ 24‬ساعة‬ ‫ووسائل التواصل االجتماعي يعني أنه حتى وكاالت األنباء‬ ‫ال�ت��ي ال ت��زال تملك مكاتب خارجية ف��ي جميع أن�ح��اء العالم‬ ‫أصبحت ضعيفة‪« :‬ك��ان من املعتاد منذ ‪ 25‬عاما أن جميع‬ ‫الصحف تضع جدول البرامج التلفزيونية‪ .‬اآلن تغير الوضع‪.‬‬ ‫تحول التقارير اإللكترونية السريعة التي يذيعها التلفزيون‬ ‫واإلنترنت أخبار أي صحيفة إلى قديمة في الوقت الذي يمكن‬ ‫نشرها فيه‪ .‬عندما نقرأ عنوانا في (واشنطن بوست) نقول‪:‬‬ ‫(أعلم ذلك‪ .‬شاهدته منذ ساعات)»‪.‬‬ ‫يقول غارفنكل إنه حقا ال يستبعد ادعاء رودس بأنه استطاع‬ ‫استخدام دورة األخبار والهيمنة عليها‪ ،‬موضحا أن ذلك دائما‬ ‫ما تحاول الشخصيات السياسية الكبيرة فعله‪ ،‬غير أنهم‬ ‫أحيانا م��ا ينجحون وأح�ي��ان��ا أخ��رى يخفقون‪« :‬األش�خ��اص‬ ‫امل ��وج ��ودون ف��ي ق�م��ة ال �ح �ي��اة ال�س�ي��اس�ي��ة ف��ي ال��وق��ت ال�ح��ال��ي‬ ‫ألنهم يعيشون في هذا العالم طوال الوقت يعرفون كل ذلك‪.‬‬ ‫واألشخاص في اإلدارة يعملون في الحمالت – أي التأثير على‬ ‫اإلع�لام واستغالله‪ ،‬واألش�خ��اص الذين يستعينون بهم من‬ ‫داخل وخارج وسائل اإلعالم»‪ .‬ولكنه يؤكد على وجود تحول‬ ‫ف��ي أس�ل��وب وإي�ق��اع وطبيعة السياسة الخارجية األميركية‪،‬‬ ‫واإلعالم يجلس في مقعد القيادة‪« :‬من الضروري أن تستخدم‬ ‫املشاعر لجذب انتباه الناس‪ .‬يمثل ذلك ‪ 90‬في املائة من اللعبة‪.‬‬ ‫بمجرد أن تلفت انتباههم يمكنك أن تقول أي شيء ملدة ‪30‬‬ ‫ثانية‪ .‬ولكن األمر كله يتعلق بالترفيه‪ ،‬واستخدام لغة إعالنية‬ ‫قوية مختصرة‪ ،‬ويعد استخدام املجاز مهارة‪ :‬من فاز ومن‬ ‫خسر‪ ،‬ال وق��ت ملناقشة قضية ألنها س��وف تتطلب تفكيرا‪،‬‬ ‫وسوف تحتاج إلى استمرار جذب انتباه املشاهد أو املستمع‬ ‫ملدة تزيد عن ‪ 15‬أو ‪ 20‬ثانية‪ .‬لذلك تعتمد جهود التسويق على‬ ‫املشاعر‪ ،‬ولهذا السبب التلفزيون خاضع للصورة باألساس‬ ‫وليس للكالم‪ .‬والنتيجة هي إغراقه كلية بفن األداء‪ ،‬وال يمكن‬ ‫استحضار القدرات النقدية للمشاهدين عندما يصبح ذلك‬ ‫هو أسلوب العرض‪ .‬والخالصة أن وسائل اإلعالم في األساس‬ ‫تستعمر خطابنا السياسي»‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪27‬‬


‫في عام ‪ ،2016‬كشف موقفان يتعلقان بالضغوط التي تمارسها الواليات املتحدة على السعودية عن مدى التوتر الذي وصلت‬ ‫إليه العالقات بني البلدين‪ ،‬وعمق التحدي الكامن في عملية إصالحها‪ .‬املوقف األول يخص ردود الفعل السياسية والشعبية‬ ‫األميركية على إعدام اإلرهابي نمر النمر في شهر يناير (كانون الثاني)‪ ،‬والثاني يتعلق بتصويت مجلس الشيوخ األميركي‬ ‫على رفض فيتو الرئيس أوباما على مشروع قانون (جاستا) في شهر سبتمبر (أيلول) املاضي‪.‬‬

‫مخططا إعالمياً‬ ‫باألدلة‪ :‬السعودية تواجه ً‬ ‫يقوده اللوبي األميركي اإليراني‬

‫هل آن األوان للوبي خليجي ـ سعودي فاعل في أميركا‬

‫> اكتشفت بعض العناصر خارج الواليات املتحدة أنه من املمكن استغالل دافع الربح في هوليوود‬ ‫لكي تنتج صناعة السينما األميركية أفالما تروج ملصالح سياسية أجنبية وليس أميركية‬ ‫نيويورك‪ :‬جوزيف براودي‬ ‫عندما وصلت أنباء إعدام نمر النمر إلى واشنطن‪ ،‬أعد البيت‬ ‫األبيض مادة صحافية ونشرها بني املراسلني املتعاطفني قبل‬ ‫أن تتوفر الفرصة ملؤيدي السعودية بجمع الحقائق للرد‪ .‬وفي‬ ‫واح��د من عشرات األمثلة‪ ،‬ذكر مقال منشور في «نيويورك‬ ‫تايمز» في الثالث من يناير أن «الكثير من كبار مسؤولي اإلدارة‬ ‫أعربوا سرا عن غضبهم من السعوديني‪ ،‬وبسبب «االستخفاف‬ ‫املتهاون» بكيفية تأثير ذل��ك في إشعال املنطقة‪ ،‬تكون رأي‬ ‫ف��ي ال��والي��ات املتحدة ب��أن ال��ري��اض أع��دم��ت «رج��ل دي��ن»‪ ،‬وتم‬ ‫اعتبار األص��وات الضئيلة نسبيا التي عارضت تلك الرؤية‬ ‫السائدة بأدلة على تورط نمر النمر في أعمال إرهاب كأصحاب‬ ‫أجندات دعائية‪.‬‬ ‫أسئلة كثيرة بال أجوبة تتعلق بجاستا‬ ‫في ‪ 28‬سبتمبر امل��اض��ي‪ ،‬ص� َّ�وت مجلس الشيوخ األميركي‬ ‫بأغلبية واضحة على إلغاء فيتو الرئيس أوباما على مشروع‬ ‫قانون «العدالة ضد رع��اة اإلره��اب» (أو ما ُيعرف بجاستا)‪،‬‬ ‫وال � ��ذي ي�س�م��ح ل�ل�م�ح��اك��م ال �ف �ي��درال �ي��ة األم �ي��رك �ي��ة ب�م�م��ارس��ة‬ ‫االختصاص الشخصي على أي دولة أجنبية تقدم دعما ألي‬ ‫عمل إرهابي يستهدف مواطنا أميركيا أو ممتلكات أميركية‪.‬‬ ‫ال ت��زال أسئلة كثيرة بال أجوبة تتعلق بما إذا ك��ان مشروع‬ ‫القانون يحمل بالفعل قوة القانون كاملة كما هو مخطط أم‬ ‫ال‪ .‬ولكن يتضح أمر واحد‪ :‬سوف يسمح القانون‪ ،‬كما يرغب‬ ‫واضعوه وكثير من مؤيديه‪ ،‬لضحايا هجمات ‪ 11‬سبتمبر‬ ‫وغيرها من االع �ت��داءات باملضي قدما في خطتهم ملقاضاة‬ ‫الحكومة السعودية بسبب مزاعم بضلوعها في الهجمات‪.‬‬ ‫يعكس امل��وق�ف��ان م�ع��ا حقيقتني ص��ارخ�ت�ين ع��ن امل�ن��اخ ال��ذي‬ ‫يتم فيه وضع السياسات واتخاذ اإلج��راءات األميركية تجاه‬ ‫السعودية‪ .‬أوال‪ ،‬ال يمكن تفسير العناصر التي تتحدى املصالح‬

‫‪26‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫السعودية في الواليات املتحدة وفقا لخالف سياسي حزبي‬ ‫بسيط‪ .‬م��ن ج�ه��ة‪ ،‬على ال��رغ��م م��ن تعليقات ال��رئ�ي��س أوب��ام��ا‬ ‫الساخرة عن التحالف األميركي السعودي‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫عادة متحدثيه املعروفة بالتنديد بالسعودية في تصريحات‬ ‫لصحافيني أميركيني م��ع ع��دم ذك��ر أسمائهم‪ ،‬ك��ان الرئيس‬ ‫أوب��ام��ا ه��و م��ن ت �ح��رك إلص� ��دار ف�ي�ت��و ض��د م �ش��روع ق��ان��ون‬ ‫جاستا‪ .‬في الوقت ذاته‪ ،‬مع املوقف الصارم الذي يتخذه كثير‬ ‫من مشرعي الحزب الجمهوري تجاه إيران وانتقاداتهم الالذعة‬ ‫ألوباما بسبب تعريضه التحالف التقليدي األميركي مع البلدان‬ ‫العربية ومنها السعودية للخطر‪ ،‬ص��وت��وا بأغلبية كاسحة‬ ‫لرفض فيتو الرئيس‪ .‬النقطة الثانية التي يبرزها املوقفان هي‬ ‫أن مجموعة كبيرة من جماعات الضغط األميركية وشركات‬ ‫العالقات العامة ‪ ،‬ال تكفي ملواجهة تلك الحمالت الكبيرة ضد‬ ‫اململكة‪ ،‬س��واء في دوائ��ر ال��رأي العام أو أروق��ة صناعة القرار‬ ‫في واشنطن‪ .‬بمعنى أن السعودية ال تواجه مشكلة خطيرة‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إنها ال تملك حتى اآلن األدوات الكافية للتعامل‬ ‫مع املشكلة‪.‬‬ ‫تمويل صندوق «بلوشيرز»‬

‫والتحليالت املتعلقة بالشرق األوسط في واشنطن‪ .‬في الوقت‬ ‫ذات ��ه‪ ،‬س�م��ح ت��زام��ن وس��ائ��ل ال �ت��واص��ل االج�ت�م��اع��ي لنشطاء‬ ‫املعارضة السعودية والبحرينية بتقديم معلومات مغلوطة‬ ‫بشأن الحقائق في السعودية ملنظمات حقوق اإلنسان‪ ،‬التي‬ ‫استغلوها كوسائل أخرى للضغط‪.‬‬ ‫إذا ك��ان هناك أم��ر واض��ح‪ ،‬فهو أن األن�م��اط التقليدية إلدارة‬ ‫العالقات في واشنطن تحتاج إل��ى املراجعة وإع��ادة التقييم‪.‬‬ ‫تحدث الراحل جيه كراوفورد كوك‪ ،‬الخبير في قيادة اللوبيات‪،‬‬ ‫في إيجاز عن كيفية إدارة السعودية ألنشطتها في الواليات‬ ‫املتحدة قائال‪« :‬سعت السعودية للتأثير على ال ِقلة التي تؤثر‬ ‫على الكثرة‪ ،‬بدال من التأثير على الكثرة التي يجب أن تستجيب‬ ‫لها ال ِقلة»‪ .‬باعتمادها على إقامة عالقات مع عدد ضئيل من‬ ‫رموز النخبة في دوائر صناعة القرار‪ ،‬أصبحت اململكة معتمدة‬ ‫عليهم‪ .‬وعندما كان هؤالء األشخاص يملكون السلطة والنفوذ‪،‬‬ ‫كانت اململكة تحظى بالنجاح في واشنطن‪ .‬ولكن عندما فقدوا‬ ‫السلطة وال�ن�ف��وذ أو قطعوا عالقاتهم م��ع اململكة‪ ،‬أصبحت‬ ‫السعودية تملك وسائل أقل للدفاع عن ذاتها في أوساط الرأي‬ ‫العام األميركي أو لدى اإلدارة األميركية‪ .‬يأتي ذلك في تناقض‬ ‫مع ما حققته جماعات املصالح األكثر نجاحا في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬التي أقامت عالقات بني كل من النخب والجماهير مع‬ ‫الدولة ومؤسساتها وشعبها‪ .‬في هذا التقرير الخاص‪ ،‬تسعى‬ ‫«املجلة» عبر لقاءات مع متخصصني في اإلع�لام والسياسة‬ ‫الخارجية ف��ي ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬م��ع دراس��ة مدعمة للخطاب‬ ‫العام األميركي‪ ،‬إلى استخالص بعض الحقائق بشأن اإلعالم‬ ‫األميركي والرأي العام وآلية صناعة القرار في الوقت الحالي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى تحليل أهميتها للموقف الذي يجد السعوديون‬ ‫أنفسهم فيه في الواليات املتحدة اليوم‪.‬‬

‫وسط تلك البيئة العدائية‪ ،‬كما هو معروف أيضا‪ ،‬يشهد أفراد‬ ‫أميركيون ومؤسسات أميركية ممن يرغبون في رؤية تطبيع‬ ‫العالقات مع طهران «ربيعهم» الخاص‪ .‬بتمويل من «صندوق‬ ‫ب�ل��وش�ي��رز» وف��ي ب�ع��ض ال �ح��االت ال�ح�ك��وم��ة اإلي��ران �ي��ة ذات�ه��ا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫س��واء عبر وسائل غير مباشرة أو مستترة‪ ،‬تقيم جماعات‬ ‫ال�ض�غ��ط ال�ف�ع�ل�ي��ة م�ث��ل امل�ج�ل��س ال��وط�ن��ي األم �ي��رك��ي اإلي��ران��ي‬ ‫واملجلس األم�ي��رك��ي اإلي��ران��ي ع�لاق��ات ق��وي��ة م��ع إدارة أوب��ام��ا‬ ‫والنخب السياسية ووسائل اإلع�لام وبدرجة ما األميركيني‬ ‫ع�ل��ى م�س�ت��وى ش�ع�ب��ي‪ .‬ك�م��ا أس��س ن�ش�ط��اء م��وال��ون للنظام الدجاجة أم البيضة؟‬ ‫«املونيتور» املجلة اإللكترونية ذات الشعبية الهائلة املتحيزة‬ ‫بقوة تجاه إي��ران وال�ت��ي أصبحت أشهر مصدر للمعلومات املعضلة األساسية بشأن العالقة بني اإلعالم وصناعة القرار‬


‫> األصولية ليست ظاهرة إسالمية بالضرورة‪ ،‬فهناك أصوليات قومية كثيرة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى أصوليات دينية ومذهبية‪ :‬مسيحية ويهودية وهندوسية وبوذية وشيعية‬ ‫ح���ول اإلره����اب ب��ع��د ك��ش��ف شبكة ع�لاق��ات تربط‬ ‫م��غ��ارب��ة ينتمون للمنطقة بالهجمات ال��دام��ي��ة في‬ ‫أوروبا‪ .‬املوقع الفرنسي اعتبر «املهاجرين املغاربة‬ ‫ذوي األص����ول ال��ري��ف��ي��ة أك��ث��ر ع��رض��ة م��ن س��واه��م‬ ‫إلغ����راء اإلره������اب»‪ .‬وب��ع��د ه��ج��م��ات م���دري���د‪ ،‬أثبتت‬ ‫التحقيقات أن «معظم املتآمرين في الهجوم على‬ ‫صلة بمدينة تطوان»‪.‬‬ ‫املال والصورة واملحترفون‬

‫أن معظم مقاتلي «القاعدة» بالعراق كانوا سوريني‪.‬‬ ‫وف���ي ي��ن��اي��ر (ك���ان���ون ال��ث��ان��ي) ‪ 2016‬ق���ال تقرير‬ ‫ّ‬ ‫املختصة في‬ ‫ملؤسسة «صوفان غروب» األميركية‪،‬‬ ‫األمن االستراتيجي نشرته قناة «الحرة» األميركية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتصدر قائمة الدول التي‬ ‫على موقعها‪ ،‬إن تونس‬ ‫يقاتل أبناؤها في صفوف «داعش» بـ‪ 6‬آالف مقاتل‪.‬‬ ‫في أكتوبر ‪ 2016‬ق��در ع��دد الخاليا املتطرفة في‬ ‫تونس‪ ،‬بأكثر من ‪ 180‬خلية منتشرة في أنحاء‬ ‫ال��ب�لاد‪ ،‬وت��ض ّ��م ك��ل خلية م��ا ب�ين ‪ 3‬و‪ 7‬أش��خ��اص‪،‬‬

‫وقالت السلطات إنها منعت خالل عام أكثر من ‪15‬‬ ‫ألف شاب وفتاة‪ ،‬من االلتحاق بـ «داعش»‪.‬‬ ‫وفي تحول ذي دالالت مهمة يشهد اإلعالم الغربي‬ ‫ً‬ ‫توجها نحو الربط بني «الريف املغربي» واإلرهاب‬ ‫في أوروبا‪.‬‬ ‫وعلى سبيل امل��ث��ال‪ ،‬في مايو ‪ ،2016‬نشر موقع‬ ‫ً‬ ‫تقريرا وصف فيه الريف املغربي بـ «قلب‬ ‫فرنسي‬ ‫اإلرهاب الدولي»‪.‬‬ ‫وقد رسم موقع «‪ »Slate‬الفرنسي صورة جديدة‬

‫خالل السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر‬ ‫من سبتمبر أصبح إدراك شعوب وثقافات وجماعات‬ ‫دي��ن��ي��ة وم��ذه��ب��ي��ة ع��م��ل��ي��ة ص��ن��اع��ة اح��ت��راف��ي��ة ي��ح��دد‬ ‫ً‬ ‫تقريبا ‪ -‬من سيكون ال��راب��ح‪ ،‬بعد أن‬ ‫امل��ال ‪ -‬وح��ده‬ ‫ً‬ ‫كانت األس��م��اء األكبر إسهاما في صياغة صورة‬ ‫ال��ش��ع��وب وال��ث��ق��اف��ات األخ����رى ت��أت��ي م��ن الجامعات‬ ‫وامل��ؤس��س��ات البحثية‪ ،‬التي تتسم نتاجاتها بقدر‬ ‫كبير من املوضوعية‪ ،‬وإن لم تخل من انحيازات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتاليا‪ ،‬أصبحت فئات أخرى كأجهزة اإلعالم ومراكز‬ ‫التفكير السياسي املوجهة واملتأثرة إلى حد كبير‬ ‫بمواقف املتبرعني أو «املشترين»‪ ،‬صاحبة اإلسهام‬ ‫األك��ب��ر ف��ي بناء اإلدراك اإلنساني لظواهر التشدد‬ ‫والوسطية واإلرهاب‪ ،‬على نحو يستهدف املجتمعات‬ ‫ذات املذهب السني املوصوفة على سبيل االختصار‬ ‫ والتبسيط املخل ‪ -‬باملجتمعات ذات الثقافة السلفية‪.‬‬‫واإللحاح املخطط على أكذوبة أن اإلره��اب ظاهرة‬ ‫تبدأ من الفهم املتشدد للدين‪ ،‬وعلى سبيل املثال‬ ‫يؤكد خبير شؤون الحركات اإلسالمية املعروف‪،‬‬ ‫ال��ف��رن��س��ي أول��ي��ف��ي��ه روا أن غ��ي��اب ال��ف��ه��م التقليدي‬ ‫(ال��س��ل��ف��ي) أح���د أس��ب��اب ان���خ���راط اإلره��اب��ي�ين في‬ ‫ت��ن��ظ��ي��م��ات��ه‪ ،‬ي��ق��ول روا‪« :‬ح��ت��ى ف���ي قطيعتهم مع‬ ‫املجتمع األوروب��ي يبقى (الجهاديون) األوروبيون‬ ‫َّ‬ ‫مرتبطني ب��ن��م��وذج غ��رب��ي‪ .‬وه���ذه ع��دم��ي��ة ال تتفق‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫م��ط��ل��ق��ا م��ع ال��ت��ق��ال��ي��د اإلس�لام��ي��ة‪ ،‬ألن��ه��م ُي���ط ِّ���ورون‬ ‫جاذبية لجمالية العنف‪ ،‬الذي يعرفونه من األفالم‬ ‫ً‬ ‫كثيرا القتلة‬ ‫وأشرطة الفيديو‪ .‬وبهذا فهم يشبهون‬ ‫املسلحني (األم��ي��رك��ي�ين) ف��ي م��در َس��ة كولومباين‬ ‫ْ‬ ‫�����د ْرس بيرينغ‬ ‫أو القاتل الجماعي (ال��ن��روي��ج��ي) أن ِ‬ ‫بريفيك»‪.‬‬ ‫وهكذا تحققت متوالية‪ :‬اإلزاحة ‪ /‬التنميط ‪ /‬األيقنة‪،‬‬ ‫كما خططت لها قوى إقليمية ترى السلفية ً‬ ‫رمزا‬ ‫ل���دول ي���راد ل��ه��ا أن تتحمل امل��س��ؤول��ي��ة ع��ن ظ��اه��رة‬ ‫اإلره���اب‪ ،‬ت��ارة باإلحالة على وزن نسبي ‪ -‬تكذبه‬ ‫األرقام ‪ -‬في البنية التنظيمية للجماعات اإلرهابية‪،‬‬ ‫وك���ذل���ك ع���دد م���ن أن��ج��ب��ت��ه م���ن ال���ق���ي���ادات ومنتجي‬ ‫األدب��ي��ات اإلره��اب��ي��ة‪ ،‬وثالثة بالربط املتعسف بني‬ ‫اإلره��اب ومذهب الحنابلة املتأخرين ال��ذي تأسس‬ ‫قبل قرون <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪25‬‬


‫> شكل مصطلح األصولية أحد «املعابر» الرئيسية لعملية إزاحة كبرى شهدها الخطاب‬ ‫السائد في الغرب ً‬ ‫مؤخرا إزاء اإلسالم واإلرهاب ًمعا‬ ‫في املقابل‪ ،‬فإن النتاج الفكري آلخرين عاشوا فيه في‬ ‫سياق تاريخي أقرب إلى «قلب تشكيل ما» (ثقافي‬ ‫ً‬ ‫إحساسا بالطمأنينة‪،‬‬ ‫أو سياسي أو قومي) يوفر له‬ ‫جعل االعتدال ً‬ ‫غالبا على هذه النتاجات‪ .‬وبناء على‬ ‫ً‬ ‫هذه الثنائية يمكن ‪ -‬ولو جزئيا ‪ -‬فهم الكيفية التي‬ ‫ً‬ ‫تحولت أفكار كثير من اإلسالميني‪ ،‬في مصر مثال‪،‬‬ ‫نحو التطرف في ضوء نشوء إسرائيل‪ ،‬فبظهورها‬ ‫تحولت مصر من قلب التشكيل الحضاري العربي‬ ‫اإلس�ل�ام���ي إل���ى «دول����ة م��واج��ه��ة» ف��ي��ه��ا ‪ -‬ول���و ق��در‬ ‫محدود ‪ -‬من سمات «الحدودية والهامشية»‪.‬‬ ‫وقد كان جمال الدين األفغاني (أول من أمر باغتيال‬ ‫حاكم بدوافع دينية ‪ /‬ثورية) اب��ن سياق جغرافي‬ ‫يمتد م��ن قلب آسيا إل��ى ب��اري��س م ً‬ ‫���رورا بالقاهرة‬ ‫ً‬ ‫وإس��ط��ن��ب��ول‪ ،‬م��م��ا ي��ج��ع��ل ال��ج��غ��راف��ي��ا ف���اع�ل�ا أق��ل‬ ‫تأثيرا في مساره‪ .‬ويعد أبو األعلى امل��ودودي أحد‬ ‫ال��ع�لام��ات املهمة ف��ي ه��ذا ال��س��ي��اق‪ ،‬ت�لاه ‪ -‬بالتتابع‬ ‫التاريخي ‪ -‬امل��ص��ري سيد قطب بكتابات أهمها‪:‬‬ ‫«معالم في الطريق» صاحب التصور اآليديولوجي‬ ‫ً‬ ‫األك��ث��ر اك��ت��م��اال واألك��ث��ر ت��أث��ي��را ح��ت��ى ال��ي��وم‪ .‬وف��ي‬ ‫ً‬ ‫م��ص��ر أي���ض���ا ظ��ه��ر ش��ك��ري م��ص��ط��ف��ى (ص��اح��ب‬ ‫«رس��ال��ة التوسمات»)‪ ،‬وإليها ج��اء العراقي صالح‬ ‫سرية (صاحب «رسالة اإليمان»)‪ .‬ويعد الفلسطيني‬ ‫عبد الله ع��زام أح��د العالمات الرئيسية املهمة في‬ ‫ً‬ ‫متوجها‬ ‫م��س��ار ال��ظ��اه��رة‪ ،‬ف��ه��و تنكر للجغرافيا‬ ‫إلى أفغانستان (من أهم مؤلفاته‪« :‬إتحاف العباد‬ ‫بفضائل ال��ج��ه��اد»‪ ،‬و«ال��ح��اك��م��ي��ة»‪ ،‬و«ال��ج��ه��اد فقه‬ ‫واجتهاد»‪ ،‬و«الدفاع عن أراضي املسلمني»‪ ،‬و«حقيقة‬ ‫القومية العربية»‪ ،‬و«حكم العمل في جماعة»‪ .‬وفي‬ ‫مصر مرة أخرى‪ ،‬بعد سنوات قليلة من إعدام صالح‬ ‫سرية وشكري مصطفى‪ ،‬ظهر محمد عبد السالم‬ ‫فرج صاحب «الفريضة الغائبة»‪ .‬ورغم ما حققه من‬ ‫شهرة كبيرة ال يعد الدكتور عمر عبد الرحمن مفتي‬ ‫تنظيم الجهاد املصري ذا دور يساوي شهرته‪.‬‬ ‫هوامش على الخرائط‬ ‫ف���ي أف��غ��ان��س��ت��ان ك����ان امل��ن��ع��ط��ف األك����ب����ر‪ ،‬ف��ه��ن��اك‬ ‫التقى السعودي (ب��ن الدن) بالفلسطيني (ع��زام)‬ ‫باملصريني (الظواهري والدكتور فضل وغيرهما)‬ ‫ً‬ ‫فضال عن تحول أفغانستان إلى محضن حقيقي‬ ‫‪ /‬افتراضي لنتاجات طابور طويل من املنظرين‪:‬‬ ‫(أبو بكر ناجي‪ ،‬أنور العولقي‪ ،‬أبو محمد املقدسي‪،‬‬ ‫أبو يحيي الليبي‪ ،‬أبو قتادة الفلسطيني‪ ،‬أبو املنذر‬ ‫الشنقيطي‪ ،‬املصريون‪ :‬أبو عبد الله املهاجر‪ ،‬ميسرة‬ ‫ال���غ���ري���ب‪ ،‬ح��ل��م��ي ه���اش���م امل��ك��ن��ى ب��ـ «ع��ب��د ال��رح��م��ن‬ ‫شاكر»)‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال عكس تنظيم القاعدة في أفغانستان‬ ‫وب��اك��س��ت��ان ‪ -‬وك���ذل���ك «ف���روع���ه» ال��ط��ب��ي��ع��ة األم��م��ي��ة‬

‫‪24‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫وكالة املخابرات‬ ‫املركزية أعدت سلسلة‬ ‫من الحلقات الدرامية‬ ‫للتدريب على كيفية‬ ‫مواجهة اإلرهاب في‬ ‫املستقبل تذاع على‬ ‫شبكة تلفزيون «إي بي‬ ‫سي» (غيتي)‬

‫‪ /‬امل���ع���ومل���ة ل��ب��ن��ي��ت��ه‪ ،‬وي���رص���د ال���ب���اح���ث ال��ن��روي��ج��ي‬ ‫توماس هيغهامر في أطروحته للدكتوراه املعنونة‪:‬‬ ‫«الجهاد ف��ي السعودية‪ :‬قصة تنظيم القاعدة في‬ ‫ج��زي��رة ال��ع��رب» حقيقة مهمة تتصل بجنسيات‬ ‫ً‬ ‫املقاتلني قائال‪« :‬يتوخى ال��راوي في أغلب الروايات‬ ‫التاريخية التي تحكي عن الجهاد في أفغانستان‪،‬‬ ‫في الثمانينات‪ ،‬الحرص الشديد على تأكيد حجم‬ ‫التعبئة ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬إل���ى ح��د أن���ه ي��ت��رك ان��ط��ب ً‬ ‫��اع��ا ل��دى‬ ‫القارئ بأن األفغان العرب شكلوا حركة مهيمنة‪،‬‬

‫لكن الواضح أن الحال لم تكن كذلك»‪.‬‬ ‫وامل��س��اف��ة ب�ين «ال���رواي���ة» و«ال���ح���ال» ك��ان��ت ول��م تزل‬ ‫ً‬ ‫موضوعا لالستخدام السياسي إلدانة دول بعينها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الباحثان أنتوني كوردسمان ونواف عبيد من مركز‬ ‫الدراسات الدولية واالستراتيجية‪ ،‬ذكرا أنه كان هناك‬ ‫نحو ‪ 3‬آالف مقاتل أجنبي في العراق‪ ،‬ال تزيد نسبة‬ ‫ً‬ ‫واعتمادا على‬ ‫السعوديني بينهم على ‪ 12‬في املائة‪.‬‬ ‫إحصائيات «القوات متعددة الجنسيات في العراق‬ ‫(‪ ،)2005‬استنتج الكاتب األميركي آالن كروجر‪،‬‬


‫ً‬ ‫(وتاليا‬ ‫هناك ربط متعسف بني السلفية والتطرف‬ ‫اإلره ��اب) ف��ي مسعى للمطابقة ب�ين ه��ذا الخطاب‬ ‫وب�ين خ��رائ��ط مصالح سياسية إقليمية‪ ،‬فأصبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإرهابيا‪ ،‬أو على األقل‬ ‫السلفي بالضرورة‪ ،‬متطرفا‬ ‫ً‬ ‫«م�ش��روع إره��اب��ي»‪ .‬وهنا أهملت ع�م��دا حقيقة أن‬ ‫األصولية ليست ظاهرة إسالمية بالضرورة‪ ،‬فهناك‬ ‫أصوليات قومية كثيرة‪ ،‬باإلضافة إل��ى أصوليات‬ ‫دي�ن�ي��ة وم��ذه�ب�ي��ة‪ :‬مسيحية وي�ه��ودي��ة وهندوسية‬ ‫وبوذية وشيعية و‪....‬‬ ‫وفي قلب هذا الصراع طرأت تغيرات تبلغ الغاية ًفي‬ ‫الخطورة‪ ،‬أههمها «إع��ادة تعريف الوسطية» وفقا‬ ‫ً‬ ‫ملعايير غير دينية أصال‪ ،‬وبعد أن كانت الوسطية‬ ‫إسالمية أصبحت حزمة من الرموز تم‬ ‫مقولة دينية ً‬ ‫ً‬ ‫تحديدها مسبقا لجعل السلفية «نقيضا» ومن ثم‬ ‫وصمها وتحميلها املسؤولية عن ظاهرة اإلرهاب‪،‬‬ ‫واالستخدام املسيس للدين‪ ،‬وهي التي كانت متهمة‬ ‫حتى وقت قريب باالنعزال عن الشؤون الدنيوية‪،‬‬ ‫وضمنها الشؤون السياسية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أحد التغيرات الخطيرة أيضا‪ ،‬االنتقال من محاربة‬ ‫اإلرهاب إلى محاربة التشدد‪ ،‬بعد سنوات من تحفظ‬ ‫ق��وى دول�ي��ة ‪ -‬بينها ال��والي��ات املتحدة األميركية ‪-‬‬ ‫على م�ح��ارب��ة ال�ت�ش��دد (ط��امل��ا ل��م يتحول إل��ى فعل‬ ‫ً‬ ‫عنيف)‪ ،‬وأهمية هذا التحول أنه‪ ،‬صراحة ال ضمنا‪،‬‬ ‫إدان��ة قناعات وأف�ك��ار‪ ،‬والتشدد بأنماطه‪ :‬القومية‬ ‫والدينية واملذهبية منتشر ف��ي الثقافات الغربية‬ ‫ب�ش�ك��ل واس� ��ع‪ .‬وم �ن��ذ ث�م��ان�ي�ن��ات ال �ق��رن العشرين‬ ‫وصل إلى البيت األبيض رئيسان يمكن وصف كل‬ ‫منهما ب�ـ «األص��ول��ي»‪ ،‬هما رون��ال��د ري�غ��ان وج��ورج‬ ‫بوش االبن‪.‬‬ ‫تحويل املجرد إلى متعني‬ ‫حلقات تلفزيونية للتدريب على‬ ‫كيفية مواجهة احتجاز الرهائن‬ ‫تذاع على شبكة تلفزيون «إي‬ ‫بي سي» (غيتي)‬

‫انزياحات األصولية والسلفية والوسطية واإلرهاب‬ ‫شكل مصطلح األصولية أحد «املعابر» الرئيسية‬ ‫لعملية إزاح��ة كبرى شهدها الخطاب السائد في‬ ‫مؤخرا إزاء اإلسالم واإلرهاب ً‬ ‫ً‬ ‫معا‪ ،‬وفي حوار‬ ‫الغرب‬ ‫معه سئل الفيلسوف األملاني يورجن هابرماس عن‬ ‫دفاعه في حديث في فرانكفورت‪ ،‬أكتوبر (تشرين‬ ‫األول) ‪ 2001‬ع��ن أن «األص��ول �ي��ة ظ��اه��رة حديثة‬ ‫ً‬ ‫تحديدا»‪ ،‬فقال إن «األصولي له واقع انتقاصي من‬ ‫األصولية‪ ،‬نحن نستخدم هذا الحكم «األصولية»‬ ‫ّ‬ ‫تصر‬ ‫لوصف ذهنية خاصة ذات موقف متصلب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫على فرض قناعاتها وأسبابها‪ ،‬ولو كانت بعيدة‬ ‫عن أن تكون مقبولة ًّ‬ ‫عقليا»‪ .‬وقد أضاف هابرماس‬ ‫في إجابة أخرى‪« :‬النزعة األصولية اإلسالمية اليوم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫غطاء للدوافع السياسية أيضا‪ ،‬وليس علينا‬ ‫تمثل‬ ‫ً‬ ‫حقا أن نتغاضى عن مثل تلك الدوافع التي نواجهها‬ ‫بصيغة التعصب ال��دي�ن��ي‪ ،‬يفسر ه��ذا حقيقة أن‬ ‫بعض اإلرهابيني الذين شرعوا في (حرب مقدسة)‬ ‫كانوا قوميني علمانيني‪ ،‬قبل بضعة أع��وام خلت»‪،‬‬

‫ً‬ ‫واإلرهاب العاملي برأيه أصبح متطرفا‪.‬‬ ‫وأول ما يجب االنتباه إليه هنا أن األصولية ال تعني‬ ‫ بالضرورة ‪ -‬استعداد األصولي لفرض قناعاته‬‫بالقوة على املخالفني‪ ،‬بل تعني العودة إلى األصول‬ ‫وترتبط‪ً ،‬‬ ‫غالبا بالتفسير الحرفي للنصوص الدينية‪،‬‬ ‫وتلك سمة من أهم سمات الثقافة البروتستنتية‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬مع الربط بني األصولية واإلره��اب أصبحت‬ ‫قضية تتجاوز ترف الجدل املعرفي بني األكاديميني‬ ‫أو منتجي الخطاب العام‪ ،‬فأعلن الرئيس األميركي‬ ‫في حملته االنتخابية الرئاسية األول��ى أن��ه سوف‬ ‫يعيد النظر في تعريف األصولية خالل األيام املائة‬ ‫األولى من رئاسته!‬ ‫ورغ� ��م أن األص��ول �ي��ة ق �ط��اع ع��رض��ي ف��ي ث�ق��اف��ات‬ ‫الجماعات البشرية جميعها‪ ،‬فإن عملية «تنميط»‬ ‫و«أيقنة» األصولية لتصبح «األصولية اإلسالمية»‪،‬‬ ‫وفي مرحلة الحقة تم ربطها بالسلفية وبثقافات‬ ‫عربية بعينها‪ .‬وفي تنميط لم يخل من اختزال يشير‬ ‫إل��ى بنية ت��م تحديد مستهدفاتها م�ب�ك� ً�را‪ ،‬أصبح‬

‫وقد كان اإلرهاب ‪ -‬ولم يزل ‪ -‬موضوع جهود بحثية‬ ‫ً‬ ‫ربما لم يشهد العالم مثيال لها لفهم ظاهرة مماثلة‪،‬‬ ‫وخ�لال السنوات التي تلت هجمات ُالحادي عشر‬ ‫من سبتمبر (أيلول) ‪ 2001‬طرحت أطر تفسيرية‬ ‫كثيرة تمحورت ح��ول‪ :‬اآليديولوجي أو السياسي‬ ‫أو الثقافي أو‪ ...‬بينما بقيت الجغرافيا كمرتكز‬ ‫إلط ��ار ت�ف�س�ي��ري يستنطق امل �ك��ان أو ي�ب�ح��ث عن‬ ‫دوره كـ «فاعل رئيسي» أو مؤثر ذي أثر ملموس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والجغرافيا هنا ال يمكن فصلها ‪ -‬صراحة أو ضمنا‬ ‫ عن الثقافة التي تحتضنها هذه الجغرافيا‪ ،‬وكذلك‬‫التكوينات الجغرافية ‪ /‬الحضارية املحيطة بها‪،‬‬ ‫معادية كانت أو صديقة‪.‬‬ ‫وأح��د الظواهر املهمة التي أمكن رص��ده��ا بالفعل‬ ‫للعالقة ب�ين الجغرافيا وال�ف�ك��ر امل�ت�ط��رف‪ ،‬ثنائية‪:‬‬ ‫«القلب وال�ه��ام��ش»‪ .‬ولفت النظر إل��ى ه��ذه الثنائية‬ ‫ب�ق��وة‪ ،‬ربما ألول م��رة‪ ،‬مما ميز كتابات اب��ن شبه‬ ‫القارة الهندية أبي األعلى املودودي من تشدد وميل‬ ‫إلى النظر إلى العالم بمنطق‪ :‬األبيض واألسود‪ .‬وقد‬ ‫اعتبر كثير من الباحثني أن حياة الرجل في هذا‬ ‫النطاق الجغرافي «الحدودي الهامشي» حيث خط‬ ‫الصدام التاريخي بيت املسلمني والهندوس يدفع‬ ‫بقوة إلى هذا النزوع‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪23‬‬


‫معقدة هي عملية اإلدراك‬ ‫اإلنساني للجماعات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وتلعب فيها‬ ‫الرموز والصور النمطية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬وفي عصر‬ ‫دورا‬ ‫الطغيان الشديد للصورة‬ ‫واإلعالم االفتراضي أصبحت‬ ‫هذه العملية أكثر احترافية‪،‬‬ ‫وتعتمد اإلبهار واإللحاح‬ ‫واالختزال‪ ،‬بأكثر مما تعتمد‬ ‫التحليل والربط املنطقي بني‬ ‫األسباب والنتائج‪.‬‬

‫لعبة اإلزاحة والتنميط بني الوسطية واألصولية واإلرهاب‬

‫السياسي واإلعالمي والتحليلي‬ ‫في عصر طغيان الصورة‬

‫الشارقة‪ :‬ممدوح الشيخ‬ ‫مع الوقت حلت ال��رم��وز وال�ص��ور النمطية‬ ‫محل الحقائق‪ ،‬وأص�ب��ح باإلمكان ‪ -‬أكثر‬ ‫�ت مضى ‪ -‬إخضاع مستهلكي‬ ‫من أي وق� ٍ‬ ‫الخطاب العام (السياسي واإلع�لام��ي والتحليلي)‬ ‫لعمليات إزاحً ��ة وتنميط ُ«م�ص� َّ�م�م��ة» ذات أه��داف‬ ‫م�ح��ددة مسبقا‪ ،‬ويشكل ال��رب��ط ال��ذي ب��دأ يتصف‬ ‫ب �ق��در ك�ب�ي��ر م��ن ال��رس��وخ ب�ي�ن ث �ق��اف��ات أو م��ذاه��ب‬ ‫فقهية بعينها وبني اإلرهاب‪ ،‬أحد نماذج هذا التغيير‬ ‫املخطط لـ «اإلدراك اإلنساني»‪.‬‬ ‫تجربة أميركية في «اإلزاحة»‬ ‫ف��ي ال�ن�ص��ف ال�ث��ان��ي م��ن ال�س�ت�ي�ن��ات ك��ان��ت اإلدارة‬ ‫األم �ي��رك �ي��ة ت��واج��ه م�ش�ك�ل��ة ع�م�ي�ق��ة ب�س�ب��ب حجم‬ ‫ح��رك��ة االح �ت �ج��اج ال�س�ي��اس��ي ع�ل��ى ح��رب فيتنام‪،‬‬ ‫وكانت في الوقت نفسه‪ ،‬تعرف مخاطر االنسحاب‬

‫‪22‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫تحت ضغط االحتجاجات في توقيت غير مالئم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عسكريا‪ ،‬فبدأت واحدة من أهم العمليات‬ ‫مدنيا وال‬ ‫االستخباراتية ف��ي ال�ق��رن العشرين‪ .‬كانت النواة‬ ‫ً‬ ‫طالبا يساريني أصبحوا‬ ‫الصلبة لحركة االحتجاج‬ ‫ً‬ ‫ه��دف��ا ل �ـ«ح��رب ف�ك��ري��ة» ت��م فيها اس �ت�خ��دام التيار‬ ‫ال�ت��روت�س�ك��ي ال�ش�ي��وع��ي امل �ت �ش��دد ل�س�ح��ب ب�س��اط‬ ‫التأييد ملوسكو بني صفوف اليساريني‪ .‬كان ليون‬ ‫ً‬ ‫معاديا لالتحاد السوفياتي وانشق على‬ ‫تروتسكي‬ ‫ج��وزي��ف ستالني وت��م اغتياله ف��ي املنفى ف��ي مايو‬ ‫(أيار) ‪.1940‬‬ ‫وفي إط��ار لعبة اإلزاح��ة تم االتكاء على حقيقة أن‬ ‫االت�ح��اد السوفياتي حليف للمقاومة الفيتنامية‪،‬‬ ‫ف �ب��دأت عملية ح�ش��د ال�ي�س��ار ل��وق��ف ال��دع��م لحرب‬ ‫ف �ي �ت �ن��ام‪ ،‬ب ��دع ��وى أن االت� �ح ��اد ال �س��وف �ي��ات��ي يمنع‬ ‫االنتصار األميركي في حرب فيتنام‪ ،‬وكان ما يقال‬ ‫للتروتسكيني األميركيني ً‬ ‫أمرا يشبه العبارة التالية‪:‬‬ ‫إذا ك��ان االت�ح��اد السوفياتي ال��ذي أسسه ستالني‬ ‫(ق��ات��ل تروتسكي) ن�ظ��ام رج�ع��ي وقمعي ف��إن من‬

‫الضروري معارضة ما يفعل في فيتنام‪.‬‬ ‫وهكذا تم نقل الكثير من التروتسكيني األميركيني‬ ‫إل��ى أرض دع��م الحكومة األميركية‪ ،‬وم��ن ث��م دعم‬ ‫أس��س ال�ن�ظ��ام األم�ي��رك��ي ال�ت��ي تتناقض م��ع أسس‬ ‫ال�ن�ظ��ام ال�س��وف�ي��ات��ي‪ .‬ب ��دأت العملية ف��ي ال�ـ «س�ي�ت��ي‬ ‫ك��ول�ي��ج» ب�ن�ي��وي��ورك‪ ،‬وك��ان��ت ت�ع��د م��رك� ً�زا للنشاط‬ ‫التروتسكي آن��ذاك‪ .‬ومن هناك تم توجيه نشطاء‪،‬‬ ‫تحولوا بعد ذل��ك إل��ى نجوم حركة‬ ‫جميعهم ممن‬ ‫ً‬ ‫سوف تسمى الحقا‪« :‬تيار املحافظني الجدد»‪.‬‬ ‫ما ً‬ ‫والحقا‪ ،‬قام هؤالء بتأسيس منظمة‪« :‬لجنة العالم‬ ‫الحر»‪ ،‬ممن التحق بها‪ :‬جني كير كباتريك واألخوان‬ ‫وال��ت واي��وج�ين روستو وريتشارد ً بيرل وإيليوت‬ ‫إب ��رام ��ز‪ ،‬وه ��ي أس �م��اء ت��أل �ق��ت الح��ق��ا ف��ي امل �س��رح‬ ‫ً‬ ‫السياسي األميركي‪ .‬وأصبح هؤالء ً‬ ‫سياسيا‬ ‫تيارا‬ ‫ً‬ ‫عريضا شارك بفعالية في تحقيق انتصار سياسي‬ ‫كبير كان نقطة تحول في التاريخ األميركي‪ ،‬وحمل‬ ‫املحافظون الجدد أول رئيس منهم للبيت األبيض‬ ‫(رونالد ريغان)‪.‬‬


‫مع وجود عون‪ ..‬دالالت على استحواذ «حزب الله» على السلطة في لبنان‬ ‫في‬

‫بقلم‪ :‬طوني بدران‬

‫خطوة مفاجئة ف��ي الشهر امل��اض��ي‪ ،‬أعلن‬ ‫رئ �ي��س ال � � ��وزراء ال �ل �ب �ن��ان��ي ال �س��اب��ق سعد‬ ‫ال �ح��ري��ري دع �م��ه الن �ت �خ��اب م�ي�ش��ال ع��ون‪،‬‬ ‫حليف «حزب الله» وكيل إيران‪ ،‬ملنصب الرئاسة الذي‬ ‫ً‬ ‫شاغرا مدة عامني‪.‬‬ ‫فاز به أخيرا بعد أن كان‬ ‫أب ��رزت معظم التحليالت ال�ف��وري��ة ال�ت��ي تلت إع�لان‬ ‫الحريري عن دعمه رئاسة عون داللته على استحواذ‬ ‫«ح ��زب ال �ل��ه» أخ �ي� ً�را ع�ل��ى ال�س�ل�ط��ة ف��ي ل�ب�ن��ان‪ .‬وه��ذا‬ ‫ً‬ ‫رئيسا‬ ‫صحيح بطريقة م��ا‪ .‬وب�ع��د م��ا أص�ب��ح ع��ون‬ ‫للدولة‪ ،‬وبقي نبيه بري ً‬ ‫رئيسا للبرملان‪ ،‬سيكون لدى‬ ‫«حزب الله» حليفان في أهم ثالثة مناصب في البالد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وسيحكم قبضته أي��ض��ا على مجلس ال ��وزراء عن‬ ‫طريق سيطرته على ال��وزارات املهمة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫امتالكه حق الفيتو‪ .‬بل ول��ن ير أي مجلس للوزراء‬ ‫ال�ن��ور إال إذا وق��ع على ب�ي��ان س�ي��اس��ات يمليه عليه‬ ‫«ح��زب ال�ل��ه»‪ .‬إض��اف��ة إل��ى ذل��ك‪ ،‬سيتمكن م��ن تعيني‬ ‫اخ�ت�ي��ارات��ه وأص��دق��ائ��ه ف��ي امل��واق��ع األم�ن�ي��ة واإلداري ��ة‬ ‫املهمة‪ ،‬ليعزز هيمنته على مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫ولكن في الحقيقة مع وجود عون أو من دونه‪ ،‬يسيطر‬ ‫«حزب الله» بالفعل على الدولة اللبنانية وقد فعل ذلك‬ ‫طوال أغلب العقد املاضي‪ .‬يضع الحزب ً‬ ‫فعليا رجاله‬ ‫وحلفائه في مناصب مهمة في أجهزة الدولة األمنية‬ ‫واإلدارية‪ .‬ويسيطر أيضا على منافذ الدخول ليسمح‬ ‫بدخول وخروج ما يرغب فيه‪.‬‬ ‫كما نشر مخالبه ف��ي االق�ت�ص��اد على نحو أوس��ع‪.‬‬ ‫ويملي الحزب السياسة الخارجية للبالد أو ُيقحمها‬ ‫ببساطة عن طريق تنفيذ سياسته الخاصة املتماشية‬ ‫مع تعليمات إيران وأوامرها االستراتيجية‪ .‬تتعاون‬ ‫ق��وات الجيش اللبناني واألجهزة األمنية مع «حزب‬ ‫الله» وتحمي جناحه‪ .‬في الجهة املقابلة‪ ،‬يعلم جميع‬ ‫خصومه في الداخل أنهم إذا تخطوا التنظيم‪ ،‬فقد‬ ‫يتعرضون للقتل‪.‬‬ ‫ك��ان ذل��ك ال��واق��ع ال��ذي أدى ف��ي النهاية إل��ى استنتاج‬ ‫السعودية أن استثماراتها في لبنان ومنها دعمها‬ ‫للجيش اللبناني كانت إضاعة للوقت واملال‪ .‬عندما‬ ‫أدرك� ��ت ال��ري��اض أخ �ي� ً�را أن ال �ق��وى ال�س�ي��اس�ي��ة التي‬ ‫تدعمها ليست ق ��ادرة حتى على إظ�ه��ار معارضة‬ ‫س�ي��اس�ي��ة ف�ع��ال��ة ض��د «ح ��زب ال �ل��ه»‪ ،‬وأن ال�ح�ك��وم��ة‬ ‫اللبنانية تقف ضد السعودية في املنتديات العربية‬ ‫والدولية‪ ،‬قررت رفع الدعم‪ .‬فلبنان يقف ثابتا تماما‬ ‫في معسكر إيران‪.‬‬ ‫وبالتالي تجب ق��راءة اختيار ال�ح��ري��ري بدعم عون‬ ‫ف��ي ه��ذا اإلط ��ار‪ .‬إن��ه ليس ق � ً‬ ‫�رارا تدعمه السعودية‪.‬‬ ‫بل يعكس ال�ق��رار ال��ذي اتخذته السعودية بالتحرر‬ ‫من االلتزام‪ ،‬تاركة الحريري ليتخذ قراراته الخاصة‬

‫ويتحمل مسؤوليتها‪.‬‬ ‫ولكن إذا ك��ان ذل��ك هو ال��وض��ع‪ ،‬فما ال��ذي ي��دل عليه‬ ‫إعالن الحريري عن دعمه لعون‪ ،‬إن كانت هناك أية‬ ‫دالل��ة؟ ف��ي ح�ين توشك فترة أوب��ام��ا الرئاسية على‬ ‫االنتهاء‪ ،‬يأتي ه��ذا التطور في لبنان إل��ى حد كبير‬ ‫نتيجة ثانوية ل�لإرث ال��ذي سعى الرئيس األميركي‬ ‫َ‬ ‫لتركه بعزم ُم َّركز في املنطقة‪.‬‬ ‫اس�ت�ن��دت سياسة أوب��ام��ا ب��ال�ت�ق��ارب م��ع إي ��ران على‬ ‫تمكني طهران ومنحها ما يطلق عليه «أسهم» إقليمية‪،‬‬ ‫وإضفاء شرعية على وجودها كطرف معني ال يمكن‬ ‫االستغناء عنه‪ .‬وبالتالي‪ ،‬نصح أوباما خصوم إيران‬ ‫ف��ي املنطقة وض�غ��ط عليهم ‪ -‬وه��م ح�ل�ف��اء أميركا‬ ‫التقليديون ‪ -‬حتى ال يحاربوا انتهاكات إي��ران في‬ ‫الدول العربية من الخليج إلى الشام‪ .‬وبدال من ذلك كان‬ ‫عليهم الجلوس إلى الطاولة مع إيران والوصول إلى‬ ‫عليه اتفاقيات «املشاركة في السلطة» معها‪.‬‬ ‫ما يطلق َ‬ ‫ول �ك��ن ك �م��ا ث� ُ�ب��ت ف��ي س��وري��ا وال� �ع ��راق‪ ،‬ك��ان��ت تلك‬ ‫االتفاقيات التي يروج لها أوباما في الواقع تنازالت‬ ‫فعلية‪ .‬ما تطلعوا إلى فعله كان ضم السنة للمشاركة‬ ‫ف��ي كيان يسيطر عليه اإلي��ران�ي��ون ويطلقون عليه‬ ‫«حكومة وحدة وطنية»‪.‬‬ ‫كانت سياسة واشنطن في لبنان هي مساعدة القوات‬ ‫املسلحة اللبنانية على محاربة التنظيمات اإلرهابية‪،‬‬ ‫بيد أنها تحولت إل��ى غطاء لسياسة شاملة موالية‬ ‫إلي ��ران‪ .‬وت�ح��ت غ�ط��اء م��ن ال��دع��م امل�ق��دم إل��ى الجيش‬ ‫اللبناني ملحاربة الجماعات اإلرهابية السنية‪ ،‬استطاع‬ ‫البيت األبيض أن يغض الطرف بينما يعمل الجيش‬ ‫اللبناني عن قرب مع «حزب الله»‪ ،‬في حني يستكمل‬ ‫األخير حربه في سوريا‪ .‬أصبح التداخل بني الجيش‬ ‫اللبناني و«ح ��زب ال�ل��ه» ال�ع�م��ود ال�ف�ق��ري للنظام في‬ ‫لبنان ‪ -‬وهو نظام تؤمنه قوة إيرانية‪ .‬سوف يستمر‬ ‫ذل��ك اآلن‪ ،‬وبعد جلوس ع��ون‪ ،‬مرشح «ح��زب الله»‪،‬‬ ‫على مقعد ال��رئ��اس��ة‪ .‬انضم الحريري ببساطة إلى‬ ‫هذا الكيان‪.‬‬ ‫فلن يتم تغيير ميزان القوة الذي يميل تجاه إيران في‬ ‫لبنان قبل أن يتغير في سوريا‪ .‬سوريا هي ميدان‬ ‫املعركة األساسي‪ .‬سننتظر لنرى هل سيدرك خليفة‬ ‫أوب��ام��ا تلك الحقيقة األساسية وي�ق��ود حملة لدحر‬ ‫إيران في سوريا وغيرها من املناطق‪ .‬وحتى يتضح‬ ‫ً‬ ‫خيارا سوى االستمرار في‬ ‫ذلك‪ ،‬لن تجد السعودية‬ ‫جهدها اإلقليمي لصد التوسع اإليراني‪.‬‬ ‫سوف يستمر ذلك الجهد في التركيز على سوريا‬ ‫واليمن‪ ،‬حيث تقع أكبر املخاطر‪ ،‬وحيث تملك الرياض‬ ‫ً‬ ‫أصوال حقيقية قادرة‪ .‬في حني أن الوضع ليس كذلك‬ ‫في لبنان<‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪21‬‬


‫> اإلشكالية في التعاطي السياسي مع السلفية املعاصرة هي نفي سياقها التاريخي والجغرافي‬ ‫وحصر ذلك على تجارب محددة سلفا من ذلك التعاطي مع الوهابية‬ ‫الدينية والتعليمية من أي اختراقات آيديولوجية‪ ،‬لكننا‬ ‫نعلم أن تاريخ ّ‬ ‫التحوالت في مسار األفكار الكبرى بطيء‬ ‫وبحاجة إل��ى دف��ع ذات��ي عبر تبني ب��رام��ج طويلة امل��دى‬ ‫فيما ّ‬ ‫يخص الشباب والخطابات السائدة التي تمثل في‬ ‫أوقات ما «سلطة» معرفة لها مفعول أقوى من أي سلطة‬ ‫أخ��رى‪ ،‬فمن الصعب أن تحاصر األشخاص املستلبني‬ ‫لفكرة االنتحار في سبيل تحقيق مآرب جماعات إرهابية‬ ‫تعدهم بدولة الخالفة على األرض أو بخطابات الشهادة‬ ‫والخالص‪ ،‬وكل من الخطابني من السهل أن يشق طريقه‬ ‫إلى عقول فئات سنية معينة تجتمع فيها عدة ظروف‬ ‫نفسية واجتماعية وفكرية تؤهلها لتبني أفكار كهذه‪.‬‬ ‫هناك تركيز كبير على «العناصر» السعودية في كل‬ ‫مناطق التوتر‪ ،‬وهذا راجع إلى جملة من األسباب تتصل‬ ‫بطبيعة تحول «ال�س�ع��ودي» املقاتل إل��ى قيمة إضافية‬ ‫خارج قدراته الذاتية‪ ،‬فهو عامل دعائي مهم ومزدوج من‬ ‫حيث استخدامه ورق��ة ضغط سياسي‪ ،‬كما أن��ه عامل‬ ‫استقطاب لكوادر جديدة محملة عادة بالتمويل والدعم‬ ‫ً‬ ‫واملساندة أحيانا لألسف من األهل عن جهل وخوف من‬ ‫التواصل مع السلطات‪.‬‬ ‫اإلرهاب بدوافع سياسية‬ ‫منذ أن انبثق اإلرهاب بشعارات دينية ودوافع سياسية في‬ ‫منتصف السبعينات وهو يفرز ً‬ ‫أنواعا معقدة وجديدة من‬ ‫ً‬ ‫مستفيدا من التطور الهائل الذي‬ ‫الطرائق واالستراتيجيات‬ ‫يعيشه العالم‪ ،‬وغير مكترث للحرب عليه ألنه في النهاية‬ ‫يستهدف الكوادر العنفية على أبعد تقدير‪ ،‬لكنه ال ّ‬ ‫يمس‬ ‫املناخ العام‪ ،‬وال الفضاء الديني الذي َ‬ ‫فقد مرجعياته منذ‬ ‫انقالب اإلسالم السياسي على املرجعيات التقليدية‪ ،‬ومنذ‬ ‫تحول التيارات املناهضة لإلسالم السياسي إلى تفسير‬ ‫اإلرهاب عبر حصره في «التطرف الفكري»‪ ،‬في حني أن‬ ‫ه��ذا التطرف ه��و واح��د م��ن جملة ع�ش��رات املفاتيح لفهم‬ ‫هذه الظاهرة املتنامية واملعقدة‪ .‬مرحلة «الجهاد» تحت راية‬ ‫شرعية كانت شرارة البدء وكان «مطبخ بيشاور» ومرحلة‬ ‫أفغانستان الطور البدائي لتكوين عمل مسلح خارج نطاق‬ ‫الدولة وبمباركة املجتمع الدولي آنذاك‪ ،‬ثم إرهاب «القاعدة»‬ ‫ما قبل العوملة ك��ان يستهدف «إخ��راج املشركني»‪ ،‬وبعد‬ ‫تحالف بن الدن والظواهري لتصبح «القاعدة» ظاهرة عاملية‪،‬‬ ‫ودخلت ما تسمى «السلفية الجهادية» على الخط‪ ،‬وهي‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا في العواصم‬ ‫منتج صنع خارج البلدان العربية‬ ‫الغربية التي احتضنت قيادات إرهابية بارزة‪ ،‬والتي كونت‬ ‫مع منظر «الجهاد» أبو محمد املقدسي مرجعية للعنف‬ ‫املسلح جديدة قوضت كل األطر واالشتراطات التي كانت‬ ‫تأتيً من خارج «الجماعات الجهادية»‪.‬‬ ‫الح��ق��ا انشق اإلس�ل�ام السياسي ث��م ترهلت املرجعيات‬ ‫الدينية‪ ،‬ليصبح «اإلره ��اب» سلعة سياسية رائجة لدى‬ ‫الجميع‪ ،‬ثم ظهرت أشكال جديدة‪« :‬إرهاب الهويات القلقة»‪،‬‬ ‫«اإلرهاب األشقر» األوروبي‪« ،‬إرهاب الذئاب املعزولة» في‬ ‫ضواحي العواصم الغربية‪ ،‬ثم «اإلرهاب الفردي» املجند‬

‫‪20‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫(صورة أرشيفية) للقيادي املتطرف أيمن الظواهري الذي يقف وراء القضبان عام ‪ 1982‬أثناء محاكمته‬ ‫باعتباره واحدا من العقول املدبرة وراء اغتيال الرئيس املصري أنور السادات في عام ‪( 1981‬غيتي)‬

‫عبر أقانيم اإلنترنت‪ ،‬لنصل إلى «داعش» املزيج مما سبق املرجعيات وتتباين ال��دواف��ع‪ ،‬لكن يظل املحرك والخطاب‬ ‫ً‬ ‫متشابها حيث التعصب ال دين له وال مذهب‪.‬‬ ‫لكنه يسعى إلى تكوين الخالفة والدولة املزعومة ويرفع النظري‬ ‫شعارات سياسية ويستهدف كوادر من كل أنحاء العالم‪،‬‬ ‫وي�ت��رش��ح أن ت��ول��د أش �ك��ال ج��دي��دة كلما ت �ط��ورت الحالة لحظة االنتباه‬ ‫السياسية‪ ،‬وم��ع وج��ود إره��اب ذي مرجعية شيعية في‬ ‫س��وري��ا وال �ع��راق ف��إن إن�ت��اج أش�ك��ال ج��دي��دة م��ن اإلره��اب ‪ 12‬مايو (أي��ار) السعودي كان إح��دى موجات االرت��داد‬ ‫السياسي الذي تقلص فيه الحضور الديني مرهون باملناخ التي جعلت السعودية تلتفت ً‬ ‫جيدا إلى «القاعدة»‪ ،‬إلى‬ ‫السياسي العام ّ‬ ‫امليال إلى تصعيد امليليشيات‪.‬‬ ‫الحد الذي صرح معه امللك عبد الله بن عبد العزيز بأن‬ ‫ً‬ ‫معركتنا مع اإلرهاب طويلة جدا‪ ،‬ومن ثم تحول «العنف»‬ ‫من أجندة يمكن تبريرها ملكتسبات خارجية إلى مشكلة‬ ‫حرب وجود وعدم‬ ‫تمس الذات‪ ،‬ترمل األم وتخطف االبن وتدمر املمتلكات‪.‬‬ ‫هل ثمة شيء مفاجئ من االنتقال من «إخراج املشركني» هذا العنف الذي كان من قدرنا الجيد أن تتعملق «القاعدة»‬ ‫الشعار الناعم الذي كانت «القاعدة» تبيعه للفضاء الديني وتخرج من جحورها الصغيرة في أفغانستان‪ ،‬ومناطق‬ ‫ب�ك��ل أط�ي��اف��ه امل�ع�ت��دل��ة وال��رس�م�ي��ة وال�ح��رك�ي��ة إل��ى تفجير التوتر‪ ،‬لتضرب أوروب��ا‪ ،‬في الوقت ذات��ه ال��ذي تدمر فيه‬ ‫املصلني الذي يستنكره املتطرفون‪ ،‬بل وبعض املتعاطفني في املغرب وإندونيسيا واليمن‪ .‬عوملة اإلرهاب عبر أذرع‬ ‫مع «داعش» باتوا يناقشون في أروقة «املنتديات الجهادية» التنظيمات اإلرهابية من «القاعدة» إلى «داع��ش» أعادت‬ ‫جدواه في تشويه صورة التنظيم؟! الحرب على اإلرهاب صياغة مفاهيمنا ح��ول ال��ذات واآلخ��ر على نيران غير‬ ‫هي ح��رب وج��ود وع��دم ال يمكن تأطيرها بإطار زمني‪ ،‬هادئة‪ ،‬صحيح ً‬ ‫جدا أن األنظمة العربية ظلت راكدة بفعل‬ ‫لكننا بعد م��رور ه��ذه ال�س�ن��وات نحن بحاجة إل��ى ح��وار حالة االرتخاء التي سببتها الحالة األمنية فيما يتصل‬ ‫مع ال��ذات أكثر من أي وق��ت ًمضى‪ ،‬فالخطابات املتطرفة بالحقوق السياسية‪ ،‬إال أن املقبل لم يكن في الحسبان‪.‬‬ ‫امل�ت�ع��اط�ف��ة ب��ات��ت ف �ك� ً�را م�ع��ومل��ا ي�ج��د م�ح��اض�ن��ه ف��ي أزق��ة ف ��ي دول ال�خ�ل�ي��ج ال �ت��ي م� ّ�س �ه��ا اإلره� � ��اب ب �س ��وء‪ ،‬ول��م‬ ‫وش��وارع ال�غ��رب وضواحيه أكثر م��ن البلدان اإلسالمية‪ ،‬تمسسها رياح ما عرف بالربيع العربي‪ ،‬كانت التحديات‬ ‫وجموع املقاتلني الوافدين إلى «داعش» من أوروبا وشرق أق ��ل ت��أث �ي� ً�را رغ ��م ص�ع��وب�ت�ه��ا ب�ع��د ال �ح��ادي ع�ش��ر من‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫سعوديا كان تحدي اإلرهاب ً‬ ‫ومزدوجا؛‬ ‫كبيرا‬ ‫آسيا وبلدان املغرب العربي تفوق بمراحل املقاتلني الذين سبتمبر‪،‬‬ ‫يصدرون للواجهة بسبب جنسياتهم الخليجية‪ .‬ما يقوله فمن جهة‪ ،‬أعقبت الهجمات حالة ارتخاء على مستوى‬ ‫اإلرهاب اليوم بوضوح هو أنه بال لون أو جنسية أو دين‪ ،‬العالقات السياسية‪ ،‬لكن الضربات االستباقية على‬ ‫وه��ذا ما ستؤكده األي��ام املقبلة بغض النظر عن الفاعل‪ ،‬معاقل اإلرهاب الذي ّ‬ ‫مسنا بأكثر مما مس األميركيني‬ ‫ذلك أن كل عملية إرهابية تضرب بفوضاها عالم اليوم أنفسهم أسهمت في فك تلك االزدواجية‪ ،‬بل وجعلت من‬ ‫ً‬ ‫ترسخ االعتقاد بأن التطرف والعنف حالة مستقرة تنتظر السعودية ً‬ ‫رئيسيا في ملف اإلرهاب الذي ما زالت‬ ‫العبا‬ ‫مسبباتها وليس مجرد احتقان أو موجة عابرة‪ ..‬تختلف الدولة تنظر إليه بجدية بالغة <‬


‫> قاد الشيخ األلباني السلفية املعوملة ‪ ..‬وأبرز ما يميزه أنه صاحب خطاب شمولي ورؤية متماسكة‬ ‫استبدال عدو اإلرهاب االفتراضي إلى عدو آخر من لحم‬ ‫ودم اسمه السلفية‪ ..‬فأكثر القرائن والدالالت اإلحصائية‬ ‫تشير إلى ازدي��اد تنامي تيار السلفية بكل تنويعاتها‪،‬‬ ‫ف�ه��ي ت�ت�ح��ول بفعل نجاحاتها ع�ل��ى م�س�ت��وى األدوات‬ ‫وبساطة الخطاب إلى هوية ق��ارة تتشكل بحسب البلد‬ ‫الذي تستقر فيه‪.‬‬ ‫من جهة ثانية هناك تنامي التعاطف مع السلفية عند‬ ‫ش��رائ��ح ع��دي��دة م��ن املجتمع م��ن التكنوقراط واملثقفني‪،‬‬ ‫ح�ي��ث ي�ت�ج��اوز ش��ري�ح��ة امل�ت��دي�ن�ين إل��ى ب�ع��ض القوميني‬ ‫وتيار اليسار‪ ،‬حيث يفضلون االنحياز إلى كل ما هو‬ ‫معاد للغرب‪ ،‬والواليات املتحدة األميركية بشكل خاص‪،‬‬ ‫ب��اع�ت�ب��ار أن�ه��ا ح ��ددت السلفية كخصم ل�ه��ا ف��ي إع��ادة‬ ‫تعريفها لهوية اإلسالم املعتدل من وجهة نظرها‪.‬‬ ‫التطور في الخطاب‬ ‫ال�س�ل�ف�ي��ة ت�ع�ي��ش ت� �ط ��ورات ض�خ�م��ة على‬ ‫م �س �ت��وى ال �خ �ط��اب وامل �ف��اه �ي��م‪ ،‬ك �م��ا أن‬ ‫هزات الواقع تجعلها تغير من خطابها‪،‬‬ ‫إال أن الحق أن عاملنا العربي واإلسالمي‬ ‫ح��ال��ة م��ن ال�س�ل�ف�ي��ة ال�ك��ون�ي��ة ال �ت��ي ب��ات��ت‬ ‫نسقا معوملا يضاد العوملة الغربية على‬ ‫ك ��ل امل �س �ت��وي��ات‪ ،‬ف ��أي إص�ل��اح س�ي��اس��ي‬ ‫ت �ع��رق �ل��ه ال�س�ل�ف�ي��ة ال �س �ي��اس �ي��ة ال �ت��ي ت�ن��زع‬ ‫إل��ى بقاء كل ش��يء على مكانه‪ ،‬ومشاريع‬ ‫ال�ت�ن�م�ي��ة ت�ت�ط�ل��ب ت �ج��اوزا لعقلية السلفية‬ ‫االقتصادية التي ما زالت متحفظة ومرتابة‬ ‫ضد أي انفتاح اقتصادي يتطلب سن قوانني‬ ‫جديدة تتمتع بمرونة عالية‪ ،‬وعلى املستوى‬ ‫االج �ت �م��اع��ي ف��األم��ر ي �ب��دو ج�ل�ي��ا وواض �ح��ا‬ ‫حيث حالة النكوص واالن�ج��ذاب نحو املاضي‬ ‫ومنطق العشائرية االجتماعية ودعم كل إجراءات تثبيت‬ ‫ال�خ�ص��وص�ي��ة ف��ي م �ق��اب��ل م��وج��ات ال �ع��ومل��ة املكتسحة‬ ‫ألنماط املعيشة والسلوك‪ .‬نحن في أمس الحاجة اآلن إلى‬ ‫تفكيك هذه السلفيات والكشف عن تناقضاتها الداخلية‬ ‫واحتكامها إلى االنتقائية‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن استنطاق‬ ‫التراث وقراءته بشكل معرفي محايد يقودانا إلى تعددية‬ ‫هائلة تتيح لنا أن نستخلص أدوات ون�م��اذج يمكن أن‬ ‫نتعايش معها بشكل متوازن بني متطلبات العصر وكل‬ ‫ما هو إيجابي وصالح من موروثنا الديني والتاريخي‬ ‫وال�س�ي��اس��ي؛ دون ال�ح��اج��ة إل��ى إح ��داث قطيعة ال يمكن‬ ‫تبيئتها داخل املجتمعات اإلسالمية التي تعيش فصاما‬ ‫نكدا ب�ين واق��ع تريد قسره بمنطق امل��اض��ي‪ ..‬ذل��ك ال��ذي‬ ‫يسكننا بعيدا وغائرا‪.‬‬ ‫الهجوم على السعودية‬ ‫اليوم بعد نحو عقد ونصف العقد من الفهم الخاطئ آلفة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬على العالم الغربي أن يعي أهمية دور السعودية‬ ‫في املحافظة على السلفية ّ‬ ‫كهوية سلمية لعموم املسلمني‬ ‫من آفة اإلرهاب‪ ،‬فاململكة بهذا االعتبار هي الحل‪ ،‬وليست‬ ‫ً‬ ‫سحريا ً‬ ‫خاصا‪ ،‬بل‬ ‫املشكلة‪ ،‬وهذا ليس ألنها تملك حال‬

‫ً‬ ‫أذرعا داخل دول أخرى عبر املعارضة السياسية أو حتى‬ ‫الخاليا السرية لتقويض استقرار الدول‪.‬‬ ‫تبسيط مشكلة اإلرهاب‬

‫الشيخ األلباني‬

‫محاولة ترحيل املشكلة وتبسيطها كل مرة عبر وضع‬ ‫أي إرهابي منتسب لإلسالم إل��ى سياق الوهابية التي‬ ‫تعني بالضرورة الخطاب الديني السعودي‪ ،‬وهذه مغالطة‬ ‫ك�ب�ي��رة سببها ال�خ�ل��ط ب�ين اإلس �ل�ام ك��دي��ن وال�ح��رك��ات‬ ‫اإلحيائية في تاريخه‪ ،‬ومنها الوهابية‪ ،‬وبني ما انتسب‬ ‫إلى هذه الحركات وتفرع عنها‪ ،‬وبالتالي يمكن القول إن‬ ‫الوهابية التي باتت شماعة ترحيل املشكالت سواء في‬ ‫بعض األصوات الغربية أو حتى األصوات العربية ليست‬ ‫إال ح��رك��ة دينية محافظة إحيائية ضمن س�ي��اق أكبر‬ ‫ومظلة كبيرة اسمها السلفية‪ ،‬هذه املظلة تضم تحتها‬ ‫ما يربو على أربعني ً‬ ‫تيارا منها تيار‬ ‫م�ح��اف��ظ ج� � ً�دا ي ��رى ض� ��رورة ط��اع��ة‬ ‫السلطات حتى لو كانت غربية في‬ ‫سبيل عدم إحداث الفتنة‪.‬‬ ‫السلفية املحافظة‬

‫مجلدات نيل األوطار للشوكاني‬

‫ألنها أكثر من اكتوت بنار اإلره��اب وعانت من نتائجه‬ ‫وت��أث�ي��رات��ه السياسية واالج�ت�م��اع�ي��ة منذ أن ك��ان ب��ذرة‬ ‫صغيرة على املستوى املحلي (ح��ادث��ة جهيمان)‪ ،‬إلى‬ ‫أن نما بفعل مكونات خارجية وإهمال دولي ورغبة في‬ ‫التخلص من العدوان السوفياتي (مرحلة أفغانستان)‬ ‫إلى أن بات حالة معوملة مستقلة ال عالقة لها بدين أو‬ ‫مذهب أو آيديولوجيا‪ ،‬وم��ا ل��م تعد ال��دول الغربية التي‬ ‫تعاني ب�ين ف�ت��رة وأخ��رى م��ن وب��اء اإلره ��اب‪ ،‬النظر في‬ ‫تقدير ردات فعلها بعد كل حادثة وم��ا يرافق ذل��ك من‬ ‫إطالق سيل التهم والتلميحات من قبل الصحافة سواء‬ ‫اليمينية (ط��وال الوقت) أو حتى اإلع�لام املعتدل (ع��ادة‬ ‫بعد ك��ل ح��ادث��ة إره��اب�ي��ة)‪ ،‬ف��إن أزم��ة اإلره ��اب ستتمدد‬ ‫وتبقى‪ ،‬وسيكون جزءا من اتهام دولة كاململكة العربية‬ ‫السعودية تعد األكثر معاناة من هذا الوباء واألكثر فعالية‬ ‫في محاربته وإيقاف الكثير من الهجمات على مستوى‬ ‫ال �ح��اض��ر‪ ،‬ب��ل وال ي�م�ك��ن ت �ص��ور ح��ل ن�ه��ائ��ي وج ��ذري‬ ‫للقضاء على اإلره ��اب ف�ك� ً�را وم�م��ارس��ة إال ب��دور شاق‬ ‫وكبير من املجتمع الدولي ككل‪ ،‬وفي املقدمة السعودية‬ ‫ً‬ ‫ونضجا في هذا امللف يتجاوز الكثير‬ ‫التي تملك خبرة‬ ‫ً‬ ‫من الدعايات املختلقة من دول ترعى اإلرهاب علنا وتفتح‬

‫«ال �س �ل �ف �ي��ة امل �ح ��اف �ظ ��ة» وه � ��ي ال �ت �ي��ار‬ ‫األع � ��رض ع �ل��ى م �س �ت��وى امل��ؤس �س��ات‬ ‫الدينية الرسمية س��واء ف��ي الخليج أو‬ ‫في عدد من الدول العربية‪ ،‬ولهذا التيار‬ ‫مشايخ وع�ل�م��اء يمكن أن يلعبوا ً‬ ‫دورا‬ ‫ً‬ ‫كبيرا ف��ي التأثير على الخطاب الديني‬ ‫العام في العالم اإلسالمي الذي تعتبر فيه‬ ‫السلفية بمعناها العريض املحافظ الصوت‬ ‫األق��وى إ ّل��ى أج��ل غير مسمى‪ ،‬وك��ل ح��دي��ث يقفز على‬ ‫هذه املسلمة سواء من التيار الديني املناقض أو الحركي‬ ‫ألسباب سياسية أو حتى التيارات العلمانية التي تتناول‬ ‫ظ��اه��رة ال�ت��دي��ن بسطحية ش��دي��دة‪ ،‬يعد إض��اع��ة للوقت‬ ‫والجهد‪.‬‬ ‫سجل السعودية في مكافحة اإلرهاب‬ ‫ّ‬ ‫والحال أن سجل السعودية في مكافحة اإلره��اب غير‬ ‫مسبوق‪ ،‬فقد كان قدرها أن تعرف التنظيمات الراديكالية‬ ‫املتطرفة قبل أي دولة أخرى في الشرق األوسط‪ ،‬كما أنها‬ ‫تعرضت لهجمات اإلره��اب�ي�ين ف��ي ال��داخ��ل أكثر م��ن أي‬ ‫دولة أخرى‪ ،‬لكنها في النهاية تمثل قلب العالم اإلسالمي‬ ‫بما يحمل ذل��ك م��ن ثقل دي�ن��ي وس�ي��اس��ي يحولها إلى‬ ‫مرمى نيران اإلرهابيني من كل مكان‪ .‬وبسبب تداخل‬ ‫مفهوم ال��دي��ن وال�ت� ّ‬ ‫�دي��ن وع�ق��ود م��ن استثمار جماعات‬ ‫اإلسالم السياسي في الداخل‪ ،‬حضرت مفاهيم عنفية‬ ‫بدوافع سياسية منذ منتصف السبعينات لتتوج بحادثة‬ ‫جهيمان‪ ،‬ثم ما تالها من ّ‬ ‫تغول للتشدد الديني لتعود‬ ‫بعد حرب الخليج‪ ،‬فتقارع على عدة جبهات املتشددين‪،‬‬ ‫واإلس�ل�ام السياسي‪ ،‬وأيضا الحفاظ على املؤسسات‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪19‬‬


‫> كانت لحظة اغتيال الرئيس املصري السادات والدة لألصوليات املتلبسة بالخطاب الديني املعاصر‬ ‫بأنها وراء املحاوالت االنقالبية أو خطاب املعارضة في‬ ‫كثير من الدول اإلسالمية‪ ،‬ولذا يحق للباحث املنصف‬ ‫ال��ذي يلمس أوج��ه االختالف والتباين بل والتضاد بني‬ ‫ع��دد من السلفيات املعاصرة التساؤل‪ :‬عن أي سلفية‬ ‫يتحدثون؟‬ ‫سلفية عابرة للحدود‬

‫لحظة إطالق املتطرفني النار على الرئيس املصري أنور السادات عام ‪1981‬‬ ‫ً‬ ‫خالل عرض عسكري احتفاال بذكرى حرب أكتوبر في القاهرة (غيتي)‬

‫هل سلفية ضواحي باريس املنتشرة بني الجاليات هناك‬ ‫وتنتعش في الفضاء اإللكتروني على اإلنترنت تتشابه‬ ‫مع الجماعات السلفية في الصومال أو جماعات أهل‬ ‫الحديث السلفية العريقة في الهند واملنقطعة تقريبا عن‬ ‫أي سياق غير محلي حيث تخوض سجاالتها الالهوتية‬ ‫مع قضية التصوف باعتباره منافسا اجتماعيا؟ أليست‬ ‫السلفية في مصر ضاربة الجذور منذ جماعة أنصار‬ ‫السنة ورشيد رض��ا‪ ،‬والحقا املخاض السلفي الكبير‬ ‫الذي يعد الشيخ األلباني األب الشرعي له إذا اعتبرنا أن‬ ‫السلفية كتيار معولم عابر للقارات تحول جديد تم على‬ ‫رافعة الصحوة اإلسالمية التي انتعشت في السبعينات‬ ‫امليالدية واشتد أوارها في الثمانينات قبل أن يخفت ما‬ ‫بعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‬ ‫من نافلة القول إن الحالة اإلسالمية املعاصرة ‪ -‬إذا وسعنا‬ ‫مفهوم السلفية في شكلها اإلحيائي الشعائري الشعبي‬ ‫ هي حالة سلفية‪ ،‬وذلك يرجع إلى عدة أسباب من أهمها‬‫طبيعة خطابها املعتمد على لغة بسيطة ومفاهيم يتم‬ ‫البرهنة عليها بحجج سهلة ومباشرة تجد طريقها إلى‬ ‫عقول العامة؛ فنبذ الخرافة والعودة إلى األخ��ذ بدالالت‬ ‫النصوص دون وساطة ورب��ط الهوية الدينية بالسياق‬ ‫االجتماعي املحافظ‪ ..‬م�ح��ددات للخالص في ظل واقع‬ ‫دنيوي معقد ومربك روحيا‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن انتعاش السلفية في العصر الحديث‬ ‫ال يمكن إرجاعه ألسباب تتصل بخطابها املباشر املحدد‬ ‫والشعبوي؛ فهناك خطابات أخرى تحمل ذات الصفة؛‬ ‫لكن يمكن ال�ح��دي��ث ع��ن ت��أث�ي��رات أخ��رى ذات م��دل��والت‬ ‫سياسية مثل دور السلفية في بناء الشرعية لألنظمة‬ ‫حتى تلك التي قامت على شعارات قومية أو يسارية‪،‬‬ ‫فالواحدية الدينية املتمثلة ف��ي نبذ املختلف والشريك‬ ‫واملغاير تمثلت في واحدية سياسية في دعم االستقرار‬ ‫ال��ذي وص��ل في بعض تجلياته إل��ى التبرير لالستبداد‬ ‫وال��رأي الفرد‪ ،‬وه��و ال��ذي يفسر تلكؤ الخطاب السلفي‬ ‫الحديث إذا استثنينا بعض القفزات الهوائية في قبول‬ ‫الديمقراطية والتعددية‪.‬‬ ‫األكيد أننا أمام سلفيات عديدة متشعبة ومعقدة تختلف‬ ‫من بلد آلخ��ر وال يمكن الحديث عن سلفية واح��دة تم‬ ‫تصديرها كسلعة ثقافية‪ ،‬فمفهوم التثاقف أو ما يسمى‬ ‫في العلوم االجتماعية «التماس الثقافي»‪ ،‬وهو طريقة‬ ‫انتقال ثقافة أو آيديولوجيا معينة وتفاعلها‪.‬‬

‫ف�ه��م ي�ش� ْ�رع�ن��ون ل�لأن�ظ�م��ة ال�ح��اك�م��ة‪ ،‬وي�س�ت��دل��ون على فضال عن التعاطف الكبير الذي تحظى به من قبل كثير‬ ‫ذل��ك بفتاوى األلباني في مسألة فتنة الجزائر‪ ،‬إضافة من املسلمني التقليديني الذين باتوا يماهون بينها وبني‬ ‫ِّ‬ ‫إل��ى آرائ��ه النقدية لحركات التمرد الجهادي التي تكفر اإلسالم ذاته‪ ،‬باعتبارها املمثل األجدر لنصوصه وقيمه‪.‬‬ ‫األنظمة ووقوفه حجر عثرة ضد فكرة املقاومة عبر فتواه‬ ‫الشهيرة بضرورة خ��روج الفلسطينيني من فلسطني‪ ،‬العالقة بالعنف‬ ‫والهجرة منها اتباعا ملنهج القرآن في شأن املستضعفني‪.‬‬ ‫كما يستدلون بمسلك أبرز تالمذة األلباني في موقفهم واليوم تخرج السلفية من مخبئها املحافظ لتصبح أكثر‬ ‫من السياسة كالشيخ محمد أبي شقرة الذي ينقل عنه املفاهيم والتيارات واملصطلحات تداوال على خلفية نسبة‬ ‫«أحسب أن مقولة‪ْ :‬‬ ‫ُ‬ ‫(دع ما العنف أو اإلره��اب ال��ذي تمارسه جماعات باسمها إما‬ ‫ناقدو املدرسة األلبانية قوله‪:‬‬ ‫لقيصر لقيصر وما لله لله)‪ ،‬كلمة حكيمة تصلح لزماننا عبر االنتساب املباشر‪ ،‬أو االلتقاء في املرجعيات العامة‬ ‫والتي هي مصب كل األفكار ذات الطابع السني مع تحوير‬ ‫وتثوير عبر آليات االجتزاء والنقل والبتر وليس التأويل‬ ‫مفهوم ملتبس‬ ‫ف��ي أف�ض��ل ال �ح��االت حيث فقهاء اإلره ��اب ليس لديهم‬ ‫والحال أن السلفية‪ ،‬شأن كثير من املفاهيم التي نتداولها امللكة واألدوات لفهم النص عبر قواعده الراسخة بامتداد‬ ‫في فضاءاتنا الثقافية‪ ،‬مفهوم ملتبس ومغو من حيث تاريخ املدارس اإلسالمية السنية‪ ،‬والسؤال‪ :‬هل السلفية‬ ‫ال��دالل��ة والتمثالت على ال��واق��ع‪ ،‬حيث انتقل البحث فيه مفهوم محدد يمكن اإلشارة إلى مالمحه بشكل منهجي‬ ‫م��ن ال� ��درس امل �ع��رف��ي وال�ت�ت�ب��ع ال �ت��اري �خ��ي إل ��ى ال �ص��راع بعيدا عن السياق التاريخي وبمنأى عن عوامل املكان‪/‬‬ ‫اآليديولوجي‪ ،‬وهذه النقلة التي سببت االلتباس اقترنت الجغرافيا الثقافية التي تؤثر في طريقة تداول األفكار‬ ‫بغواية تكريسه نسقا ومفهوما ق��ارا شديد السكون أي تحويلها إلى معتقدات معيشة تتنفس هموم الناس‬ ‫استنادا إلى ماضويته التي تعني توقف عجلة الزمان عند واحتياجاتهم وتتحرك بينهم؟‬ ‫لحظة األسالف األوائل‪ ،‬وهذا بدوره ساهم في تعثر كثير الجواب «ال» ّ‬ ‫مكبرة حيث تتنوع السلفيات بحسب اختالف‬ ‫من املعالجات عن فهم ظاهرة السلفية املعاصرة وما فيها الزمان واملكان والسياق التاريخي‪ ،‬لكن اإلشكالية ولدت‬ ‫من «ميكانيزمات» الحداثة املقلوبة‪ ،‬حيث االرتهان إلى حني تم طرح السلفية والهجوم عليها بدوافع سياسية‬ ‫الحاضر بكل أدوات��ه وص��وال إلى املاضي العتيق كنوع محضة‪ ،‬ويتم استعداء خصوم السلفية من املنافسني‬ ‫من التفكير والعمل واملمارسة بأثر رجعي‪ .‬إذن نحن على كعكة الخطاب الديني عليها‪ ،‬هذا الهجوم كان يتداول‬ ‫نتحدث عن «سلفيات»‪ ،‬وباألخص حني نريد فهم ظاهرة بشكل خافت حيث كانت السلفية تتهم كحديقة خلفية‬ ‫السلفية الجديدة التي يجب أن نعترف ‪ -‬مع كل مواقفنا يتم فيها صناعة اإلرهاب والعنف الديني‪ ،‬واآلن في ظل‬ ‫النقدية والرافضة ملضامينها اآليديولوجية ‪ -‬بأنها من صعود خطاب اإلسالم السياسي الذي يتم التعامل معه‬ ‫أس��رع امل��دارس الدينية والفقهية انتشارا‪ ،‬حيث تنتمي كبديل معتدل ف��ي مرحلة م��ا بعد ال �ث��ورات‪ ،‬ف��ي ظ��ل أن عداء السلفية‬ ‫إليها ش��رائ��ح متعددة م��ن أب�ن��اء املجتمعات اإلسالمية السلفية كانت توصم بأنها أكثر اآليديولوجيات الدينية ال يكفي في نقد السلفية اتخاذ موقف عدائي منها أو‬ ‫من أعلى الهرم وحتى القاعدة العريضة من الجماهير؛ ممانعة ألي تغيير سياسي‪ ،‬في ذات الوقت تتهم السلفية‬

‫‪18‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫السيناتور جورج فوينوفيتش‪ ،‬يحمل كتابا بعنوان «مكة والشارع الرئيسي» خالل جلسة استماع في مجلس الشيوخ للجنة األمن الداخلي والشؤون الحكومية‬ ‫لتنفيذ توصيات لجنة ‪ 9 / 11‬في يناير (كانون الثاني) ‪ 2007‬وهي نفس اللجنة التي أثبتت براءة اململكة من ادعاءات تورطها من قريب أو بعيد في األحداث (غيتي)‬

‫ملاذا االنتساب؟‬ ‫يذهب األلباني إل��ى أبعد من ه��ذا باعتبار أن االنتساب‬ ‫للسلفية جزء من العصمة من الخطأ باعتباره انتسابا‬ ‫للفرقة الناجية حيث يقول‪« :‬أما الذي ينتسب إلى السلف‬ ‫الصالح؛ فإنه ينتسب إلى العصمة ‪ -‬على وجه العموم ‪-‬‬ ‫وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من عالمات الفرقة‬ ‫الناجية أنها تتمسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم وما كان عليه أصحابه‪ .‬فمن تمسك بهم يقينا كان‬ ‫على هدى من ربه»‪ .‬كما يرى األلباني من جهة أخرى أن‬ ‫مجرد االنتساب للكتاب والسنة بإطالق‪ ،‬ال يكفي في هذا‬ ‫الزمان لسببني‪« :‬أحدهما متعلق بالنصوص الشرعية‪.‬‬ ‫واآلخ��ر متعلق بالطوائف اإلسالمية‪ .‬بالنسبة للسبب‬ ‫األول‪ ،‬فنحن نجد أن في النصوص الشرعية أمرا بطاعة‬ ‫الكتاب ُوالسنة َكما في قوله تعالى‪:‬‬ ‫َشيء آخرَّ َ‬ ‫إضافة إلى َّ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫الر ُسول َوأو ِلي األ ْم ِر ِمنك ْم» فلو كان‬ ‫«أ ِط ُيعوا الل َه َوأ ِط ُيعوا‬ ‫هناك ولي أمر َ‬ ‫مبايع من املسلمني؛ لوجبت طاعته كما‬ ‫تجب طاعة الكتاب والسنة‪ ..‬أما بالنسبة للسبب الثاني؛‬ ‫فالطوائف واألحزاب اآلن ال تلتفت مطلقا إلى اتباع سبيل‬ ‫املؤمنني‪ ،‬الذي جاء ذكره في اآلية وأيدته بعض األحاديث‬

‫‪,,‬‬

‫‪,,‬‬

‫في النتائج إنما يأتي فقط من االختالف عن األلباني في‬ ‫فهم األولويات املعاصرة وتقديمها‪.‬‬

‫الفرق الثالث والسبعني‪ ،‬وكلها في النار إال اتباع هذين األصلني كذلك‪ .‬وال شك أن التسمية الواضحة‬ ‫منها حديث ِ‬ ‫الجلية املميزة ِّ‬ ‫واحدة»‪.‬‬ ‫البينة هي أن نقول‪ :‬أنا مسلم على الكتاب‬ ‫ويضيف األلباني‪« :‬ال بد من نسبة مميزة دقيقة في هذا وال�س�ن��ة‪ ،‬وع�ل��ى منهج سلفنا ال�ص��ال��ح‪ ،‬وه��ي أن تقول‬ ‫الزمان‪ ،‬فال يكفي أن نقول‪ :‬أنا مسلم فقط‪ ،‬أو مذهبي باختصار‪ :‬أنا سلفي»‪.‬‬ ‫اإلس�ل�ام؛ فكل ال� ِ�ف��رق تقول ذل��ك؛ ال��راف�ض��ي واإلب��اض��ي‬ ‫والقادياني وغيرهم من ِ‬ ‫الفرق‪ ،‬فما الذي يميزك عنهم؟! السلفية الحركية‬ ‫ولو قلت‪ :‬أنا مسلم على الكتاب والسنة ملا كفى أيضا؛ ألن‬ ‫َّ ُ‬ ‫أصحاب الفرق ‪ -‬أشاعرة وماتريدية وحزبيني ‪ -‬يدعون دعوة األلباني قد أث��ارت العديد من التيارات اإلسالمية‬ ‫ذات الطابع السياسي وال�ح��رك��ي‪ ،‬فهم ي��رون ف��ي دع��وة‬ ‫األلباني جوانب إيجابية تتمثل في التحرر من التقليد‬ ‫ونقد املؤسسات الدينية الرسمية‪ ،‬لكنهم من جهة ثانية‬ ‫يعانون م��ن النقد ال�ل�اذع م��ن ط��رف األلباني ومدرسته‬ ‫دور أساسي للسعودية‬ ‫للجماعات اإلسالمية بوصفها ال تهتم بالعلم الشرعي‪،‬‬ ‫فهي بالتالي ال تمارس «التصفية والتربية» على املنهج‬ ‫في املحافظة على السلفية‬ ‫السليم‪ .‬وف��ي مقابل ذل��ك ف��إن رم��وز ه��ذه ال�ت�ي��ارات قد‬ ‫ّ‬ ‫كهوية سلمية لعموم‬ ‫تناولوا األلباني ودعوته‪ ،‬بشكل مباشر أحيانا وبشكل‬ ‫غير مباشر في أغلب األحيان‪ ،‬بسبب السطوة الرمزية‬ ‫املسلمني من آفة اإلرهاب‪..‬‬ ‫التي يملكها األلباني ف��ي ال��وس��ط السلفي‪ ،‬مما يجعل‬ ‫أي نقد مباشر له ضربا من االنتحار الذاتي لشرعية‬ ‫و اململكة هي الحل‬ ‫منتقديه أمام النخب السلفية‪.‬‬ ‫من أبرز ما ينتقده تيار السلفية الجهادية على األلباني‬ ‫وليست املشكلة‬ ‫وم��درس�ت��ه العلمية‪ ،‬أن�ه��م ي��رون أن�ه��م ب��رف��ع ش�ع��ار ترك‬ ‫السياسة وب�ع��دم تكفيرهم مل��ن يحكم بغير الشريعة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪17‬‬


‫صعود البحث السياسي عن السلفية يعود إلى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)‪ ،‬فلم تكن ذات بال خارج الدراسات األكاديمية‬ ‫املتصلة بتراث املسلمني املبكر‪ ،‬إال أن التناول األولي للسلفية جاء في شكل اإلدانة البحثية عبر ربطه بموضوع «األصولية»‬ ‫الصاعدة بعد أن اختلط مفهوم السلفية املحافظة بالسلفيات األصولية املسلحة والتي تماست مع السلفية األم في األصول‬ ‫العقدية باستثناءات كبيرة أهمها مسألة الحاكمية والخروج على النظام وتغيير املنكر بالقوة‪.‬‬

‫استبطان الديني في نقد السياسي لعبة خطرة‬

‫موسم اهلجوم على السعودية من بوابة «الوهابية»‬

‫جدة‪ :‬يوسف الديني‬

‫إشكالية املصطلح‬

‫أسست السلفية األم أيضا لسلفيات جديدة ال‬ ‫تتقاطع مع السلفية التيار العريض الذي اكتسب‬ ‫موقعا متقدما بعد التدوين الثالث لإلسالم‪ ،‬إذا‬ ‫ما أخذنا في االعتبار مرحلة املطابع الجديدة والتي أعادت‬ ‫جذوة البحث السلفي بعد عصور االنحطاط بعد أن التفت‬ ‫مفكرو النهضة من جمال الدين األفغاني ومحمد عبده‬ ‫إلى الخطاب السلفي من زاوية اإلصالحية الجديدة في‬ ‫عصر هيمنت عليه خطابات ال عقالنية‪.‬‬

‫ت�ب��دو اإلش�ك��ال�ي��ة ف��ي أس�ه��ا ح��ول املصطلح واشتقاقه‬ ‫وتحوله إلى مفهوم ضبابي شديد العمومية واالتساع‬ ‫وفي الوقت ذاته يتم استخدامه على شكل ضيق ومحدود‬ ‫من قبل جماعات تتخذه سالحا طاردا لخصومها أكثر‬ ‫م��ن ك��ون��ه مصطلحا م �ع��روف��ا ل�ه��ا ك�م��ا ه��و ال �ح��ال في‬ ‫السلفية التكفيرية واملقاتلة‪ ،‬بينما يتسع في استخداماته‬ ‫لسلفيات أخرى كاملحافظة والعملية وسلفية أهل الحديث‬ ‫ليكون مماثال للترسيمات األخرى ألهل السنة والجماعة‬ ‫ال�ت��ي تضم ك��ل أط�ي��اف اإلس�ل�ام السني ف��ي ّ‬ ‫التميز عن‬ ‫اإلسالم الشيعي‪ ،‬ومن جهة ثالثة فلسفية تأتي السلفية‬ ‫دليال على املناهج واألعراف في التعاطي مع النص‪ ،‬وهنا‬ ‫يقترب من حدود مماثلة لألرثوذكسية املسيحية وتدخل‬ ‫فيه أغلب الطوائف التي تستخدم أدوات سلفية بمعنى‬ ‫املناهج التقليدية في فهم وت��داول النص‪ ،‬إال أن إسقاط‬ ‫السلفية على ال��واق��ع يعني تحوله من النطاق املدرسي‬ ‫املفاهيمي إل��ى ال�ح��دود الضيقة للواقع بمعنى انتساب‬ ‫جماعة معاصرة ذات حدود جغرافية محددة وسياج من‬ ‫االختيارات العقائدية والفقهية باعتباره ممثال للسلفية‬ ‫وهنا يتحول املفهوم من كونه سقفا للتعاطي التقليدي‬ ‫مع النص والواقع إلى ّ‬ ‫التحيز املعرفي والسياسي املنحاز‬ ‫نحو اختيارات محددة ليس على مستوى االعتقاد أو‬ ‫الشريعة بل حتى على مستوى الواقع السياسي املعاصر‬ ‫واملوقف من جزئياته املختلفة‪.‬‬

‫لحظة الوالدة‬ ‫األصولية ذاتها لم تكن أمرا ذا بال منذ لحظة انبعاثها‬ ‫في مرحلة ما بعد التحرر الوطني وانتهاء االستعمار‬ ‫حتى ساهمت في تغيير الواقع السياسي في البلدان‬ ‫العربية وكانت لحظة اغتيال الرئيس املصري السادات‬ ‫والدة لألصوليات املتلبسة بالخطاب الديني املعاصر‬ ‫ومنها السلفية التي لم تكن تمثل سوى املظلة العامة‬ ‫لإلسالم السني الفاعل‪ ،‬لكنها وبسبب ضبابية املفهوم‬ ‫من جهة ورمزيته في اختزال وابتالع حقبة التاريخ‬ ‫اإلسالمي كانت املتهم الرئيسي بينما كانت تصارع‬ ‫ّ‬ ‫وتجلياتها‬ ‫السلفية املحافظة واملهادنة طيلة مساراتها‬ ‫في حماية السلطة القائمة في انتزاع شرعية املصطلح‬ ‫وإرث ��ه ال�ت��اري�خ��ي م��ن ج�م��اع��ات اإلح �ي��اء ال��دي�ن��ي التي‬ ‫تحولت الح�ق��ا إل��ى خ�ط��اب مستقل ع��رف ب��اإلس�لام‬ ‫السياسي وانسدلت منه معظم الحركيات السياسية‬ ‫ذات املنزع الديني من السلفية االنقالبية وصوال إلى‬ ‫السلفية الجهادية ثم حركات اإلرهاب املسلح وصوال‬ ‫إل ��ى «داع� � ��ش» ال �ت��ي ت �ح��اول ك�ن�ظ�ي��رات�ه��ا «ال �ق��اع��دة»‬ ‫وأخواتها‪ ،‬االنتساب ملفهوم من شأنه خلق أجواء من‬ ‫الشرعية الدينية للتيار األكثر فعالية واألع��رض في‬ ‫مستوى التمثيل في طول العالم اإلسالمي وعرضه‬ ‫ح�ت��ى ف��ي ال �ب �ل��دان ال�ت��ي ك��ان��ت ت�ن�ت��زع خصوصيتها‬ ‫الدينية كمصر األزه��ر وامل�غ��رب وأفريقيا املتصوفة‬ ‫وج�ي��وب ال�ح��رك��ات اإلس�لام�ي��ة ف��ي ال�ع��ال��م ال�ت��ي كانت‬ ‫تنخرط في اإلسالم السياسي باعتباره ّ‬ ‫هوية جامعة‬ ‫ّ‬ ‫متحيزة وليست ضبابية ذات منزع أخالقي متشدد‬ ‫كالسلفية التي كان رموزها يعوذون كما قال محمد‬ ‫عبده ذات م��رة م��ن س��اس وي�س��وس وك��ل م��ا يتصل‬ ‫بعالم السياسة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫التعاطي السياسي‬ ‫اإلشكالية في التعاطي السياسي مع السلفية املعاصرة‬ ‫ه��ي نفي سياقها ال�ت��اري�خ��ي وال�ج�غ��راف��ي وح�ص��ر ذلك‬ ‫على ت�ج��ارب م�ح��ددة سلفا بحسب امل��وق��ف السياسي‬ ‫م��ن ال�ب��اح��ث‪ ،‬وم��ن ذل��ك ال�ت�ع��اط��ي م��ع امل��درس��ة السلفية‬ ‫الكبرى التي يطلق عليها تارة الوهابية وأحيانا السلفية‬ ‫املتشددة وألقابا أخرى مع أنها ليست التجربة الوحيدة‬ ‫في االنتساب للسلف أو تبني املناهج واألعراف املحافظة‬ ‫في فهم النص والتعامل مع الواقع‪ ،‬فهناك حركات عديدة‬ ‫تبنت الخيار السلفي‪ ،‬فهناك حركات سلفية ذات مرجعية‬ ‫خاصة ومستقلة أغلبها تبنت خيار أهل الحديث وهي‬ ‫أقدم مدرسة سلفية ّ‬ ‫نصية محافظة ما بعد التدوين األولي‬ ‫للنصوص الدينية في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وتأتي مدرسة‬ ‫أهل الحديث الهندية «الديوبنادية» ومن أهم أعالمها ولي‬

‫الله الدهلوي وهي حركة خرجت من دلهي كواحدة من‬ ‫أهم التجارب السلفية ذات االمتداد التاريخي حتى يومنا‬ ‫هذا‪ ،‬كما أن حركات أهل الحديث وسلفية أهل اليمن التي‬ ‫قادها الشيخ الشوكاني (‪1834‬م) صاحب املؤلفات ذائعة‬ ‫الصيت وأهمها «نيل األوطار»‪ ،‬إضافة إلى حركات سلفية‬ ‫في املغرب العربي والشام ومصر وبلدان العالم لم تأخذ‬ ‫حظها من ال��درس واالنتشار ألنها لم تكن كالحركات‬ ‫السلفية الكبرى حركات عابرة للقارات وح��دود الدولة‬ ‫القطرية ّ‬ ‫الضيقة حتى وصل بنا املقام إلى السلفية املعوملة‬ ‫التي قادها الشيخ محمد ناصر الدين األلباني (‪1999‬م)‬ ‫املؤسس الحقيقي للسلفية العاملية وكل هذه السلفيات‬ ‫تشترك في عموميات التعامل مع النص والواقع واملجتمع‪.‬‬ ‫سلفيات متعددة‬ ‫م��ن أب� ��رز م��ا ي�م�ي��ز األل �ب��ان��ي ع ��ن ب��اق��ي رم� ��وز ال��دع��وة‬ ‫السلفية املعاصرة هو أنه صاحب خطاب شمولي ورؤية‬ ‫متماسكة‪ ،‬يمكن االستدالل عليها عبر مواقفه وفتاواه‬ ‫وردوده على مخالفيه‪ .‬فهو يجعل حجر أساس دعوته‬ ‫إحياء العودة إلى الكتاب ُّ‬ ‫والسنة وفق منهج محدد هو‬ ‫امل�ن�ه��ج ال�س�ل�ف��ي ب��اع�ت�ب��اره م�ع�ي��ارا لتطبيق ال�ن�ص��وص‬ ‫وتجسيدها على أرض ال��واق��ع‪ .‬ه��ذه اإلحيائية األلبانية‬ ‫هي مدخل «التغيير» لواقع املسلمني الذي يقر األلباني‬ ‫بأنه واقع مؤلم مليء باالنهزامية‪ .‬فهو يرى أن املجتمعات‬ ‫املنتسبة لإلسالم مجتمعات ‪ -‬في مجملها ‪ -‬ال تسير‬ ‫وفق تعاليم اإلسالم‪ ،‬وهي ذات الرؤية االنكفائية املنعزلة‬ ‫التي تطرحها جماعات اإلسالم السياسي‪.‬‬ ‫لكن التغيير وف��ق ال��رؤي��ة األلبانية ال ينطلق م��ن َ‬ ‫الهرم‬ ‫السياسي‪ ،‬بل يتم بشكل تدريجي عبر تغيير «القاعدة‬ ‫ُّ‬ ‫الشعبية» وتصورها وتمثلها لإلسالم السلفي‪ ،‬وذلك‬ ‫عبر طرح قضايا كبرى كقضية التوحيد والشرك والبدع‬ ‫واألف�ك��ار الدخيلة على إس�لام السلف‪ ،‬واالعتماد على‬ ‫صحيح النصوص وإحياء التفكير اإلسالمي ُ‬ ‫الحر‪ ،‬بعيدا‬ ‫عن التقليد والجمود املذهبي الذي أبعد املسلمني عن الدين‬ ‫النقي الخالي من شوائب املذهبية‪ ،‬ومن هنا تكمن أهمية‬ ‫دعوة األلباني الشمولية‪ ،‬فهي دعوة تحررية على مستوى‬ ‫النصوص‪ ،‬وتحررية على مستوى آليات فهم النصوص‪،‬‬ ‫وهو األمر الذي يفسر أن املتأثرين باأللبانية ذوو مشارب‬ ‫مختلفة منهم الجهادي والتكفيري والجهيماني‪ ،‬وحتى‬ ‫من يسمون بـ«الجامية»‪ ،‬كل هؤالء ينطلقون من منهجية‬ ‫األلباني التحررية لكنهم يختلفون في النتائج‪ ،‬واالختالف‬


‫وأغلب هذه الدورات تكون على فترة شهر وتقام بأسعار زهيدة‬ ‫‪ 50‬دوالرا أو ‪ 70‬دوالرا‪ ،‬ويتم تدريب األفراد على كيفية التأثير‬ ‫في الرأي العام وما هي املصادر اإلخبارية التي يجب العودة‬ ‫إليها وكيف يجب التعامل معها‪.‬‬ ‫املجموعات املعادية لسياسات إيران في لبنان؟‬

‫لبنانية ترتدي قبعة مع‬ ‫شعار ملا يسمى حزب الله‬ ‫وتراجع هاتفها املحمول‬ ‫في الضاحية الجنوبية‬ ‫لبيروت(غيتي)‬

‫كيف تعمل هذه املجموعات؟‬ ‫عندما ترفع إي��ران وأتباعها سقف خطابها ضد السعودية‪،‬‬ ‫ينشطون‪ً .‬‬ ‫ودائما يصطدمون مع املجموعات املعارضة وفي‬ ‫ً‬ ‫حال وجدوا مقاومة من املجموعات املعارضة خصوصا تلك‬ ‫املساندة للثورة في سوريا والخيار السعودي في مواجهة‬ ‫التمدد اإليراني‪ ،‬يتوجهون إلى تقسيم أنفسهم إلى مجموعات‬ ‫صغيرة‪.‬‬ ‫كل مجموعة تتألف ً‬ ‫تقريبا من ثالثة إلى أربعة أشخاص‪ ،‬وتبدأ‬ ‫كل واحدة بنشر مواقفها خالل ساعات معينة‪ ،‬بعد أن تنتهي‬ ‫املجموعة األولى من التغريد والتدوين تأخذ املجموعة الثانية‬ ‫مهمة استكمال الهجوم‪.‬‬ ‫فمثال يوم توجه أمني عام «حزب الله» بخطابه اململوء شتائم‬ ‫بحق القيادة السعودية‪ ،‬بقيت هذه املجموعات في حالة نشاط‬

‫ً‬ ‫تقريبا تتحدث عن الخطاب وعن الردود التي جاءت‬ ‫ألسبوع‬ ‫عليه وكانوا في حالة تربص ألي موقف معترض على خطاب‬ ‫نصر الله بهدف التهجم عليه‪.‬‬ ‫أما املنحى املخفي في قضية التواصل االجتماعي‪ ،‬فهي وسيلة‬ ‫«الواتس آب»‪ ،‬لقد استفادوا بشكل كبير من الخدمة عبر نشر‬ ‫األخبار وتشكيل مجموعات بهدف الوصول إلى الرأي العام‬ ‫البعيد نسبيا عن أجواء «فيسبوك» و«تويتر»‪.‬‬ ‫الدعم املالي‬ ‫منذ اندالع الثورة السورية‪ ،‬انطلق عدد من اإلعالميني التابعني‬ ‫ملحور إيران بإنشاء مراكز دراسات وأخرى للتدريب اإلعالمي‬ ‫والصحافي‪ ،‬وتعطي ه��ذه امل��راك��ز أهمية قصوى للناشطني‬ ‫السياسيني على مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫ه�ن��اك مجموعة «م�ي��دي��ا ه��اش�ت��اغ» وه��ي مجموعة ناشطني‬ ‫مستقلني في تأسيسها‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك توجد مجموعة‬ ‫«ت �ي ��ار امل �س �ت �ق �ب��ل»‪ ،‬وه �ن��ال��ك األف� � ��راد غ �ي��ر امل�ن�ظ�م�ين ضمن‬ ‫مجموعات افتراضية‪ .‬استطاعت «ميديا هاشتاغ» الرد على‬ ‫مجموعات إي��ران االفتراضية املنتشرة في لبنان ومختلف‬ ‫مناطق الشرق األوس��ط‪ ،‬وبنت جسر تواصل مع ع��دد كبير‬ ‫من الناشطني العرب وتسعى حاليا لجمع أكبر ع��دد ممكن‬ ‫من الناشطني ألن «السوشيال ميديا» أساسية في الحروب‬ ‫الحديثة وفي تشكيل الرأي عنها‪.‬‬ ‫مثال‪ ،‬ال�ع��ام امل��اض��ي شهد موسم الحج تدافعا‪ ،‬وقتل خالل‬ ‫ال�ت��داف��ع مجموعة ح�ج��اج إي��ران�ي�ين وك��ان م��ن بينهم السفير‬ ‫اإلي ��ران ��ي ال �س��اب��ق ف��ي ل�ب�ن��ان غ�ض�ن�ف��ر رك ��ن أب � ��ادي‪ ،‬اتهمت‬ ‫مجموعات إيران االفتراضية اململكة بافتعال الحادث‪ ،‬فقامت‬ ‫«ميديا هاشتاغ» بالرد عليهم عبر هاشتاغ وتحدثت عن جهود‬ ‫السعودية في كل ع��ام الستقبال ماليني الحجاج‪ ،‬ورفضت‬ ‫تحويل لبنان إلى منبر إعالمي إلي��ران وحلفائها وقد أطلق‬ ‫حينها هاشتاغ «لبنان براء من سياسة حزب الله»‪ ،‬الذي تفاعل‬ ‫معه آالف الناشطني‪.‬‬ ‫ال �ح��ادث��ة ال �ث��ان �ي��ة‪ ،‬ي ��وم ق ��ام اإلي ��ران �ي ��ون ب ��إح ��راق القنصلية‬ ‫السعودية في طهران‪ ،‬كان هناك انتظار ملوقف مشرف من‬ ‫وزي��ر الخارجية اللبناني جبران باسيل‪ ،‬إال أن��ه رف��ض إدان��ة‬ ‫الحادث‪ ،‬وبسبب تصرف باسيل يقع لبنان حاليا في عزلة‬ ‫عربية‪ ،‬فقامت «ميديا هاشتاغ» بإطالق هاشتاغ «عرب وعرب‬ ‫سنبقى» للرد على باسيل وإدانة موقفه وتذكيره هو وحلفاؤه‬ ‫بأن لبنان وجهه عربي وال يمكن وضعه في موقع خصومة مع‬ ‫السعودية‪ ،‬وبقي الهاشتاغ تراند لعدة أيام‪ .‬ونطلق بني الحني‬ ‫واآلخر فيديوهات تظهر التناقضات التي يقع فيها نصر الله‬ ‫وخامنئي وإعالمهم وصحفهم‪.‬‬ ‫يقول أحد الناشطني على املواقع املناهضة لسياسة املاللي‪:‬‬ ‫«أتعرض باستمرار لتهديد بسبب مواقفي السياسية‪ ،‬وعدد‬ ‫من الناشطني تعرض للتهديد‪ ،‬كذلك ال أتوقع أن الذين يطلقون‬ ‫التهديدات العلنية على مواقع التواصل االجتماعي يخافون أو‬ ‫يهابون الدولة والقانون‪ ،‬فقد سجل لهم تنفيذ تهديدهم حني‬ ‫اجتاحوا مطلع العام الحالي مكاتب جريدة (الشرق األوسط)‬ ‫ف��ي ب�ي��روت وب ��رروا اع�ت��داءه��م ب��ال�ق��ول إن (ال �ش��رق األوس��ط)‬ ‫نشرت صورة كاريكاتيرية مسيئة للبنان‪ .‬أعتقد أن خطورة‬ ‫ما صنعته إيران في الخمس سنوات األخيرة في لبنان يتجلى‬ ‫بنموذج الديكتاتورية وتقييد حرية الرأي والتعبير وستنضج‬ ‫سلبياتها في األعوام املقبلة»‪.‬‬ ‫م��ن جهة أخ��رى ق��ال حسني الناشط ف��ي إح��دى املجموعات‬ ‫االفتراضية التابعة لـ«حزب الله» إنهم يكثفون جهودهم حاليا‬ ‫لدعم الناشطني الناطقني باللغة اإلنجليزية‪ ،‬ألن ذلك سيخدم‬ ‫مشروعهم بالوصول إلى الرأي العام العاملي‪ ،‬وبدأت في اآلونة‬ ‫األخ�ي��رة تظهر مجموعات افتراضية عددها أق��ل بكثير من‬ ‫عدد الناشطني الناطقني باللغة العربية‪ ،‬وميزة هذه املجموعات‬ ‫أنها ستستهدف فقط الصحافيني والناشطني الذين ينشرون‬ ‫باللغة األجنبية مقاالت تعارض إيران وسياستها <‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪15‬‬


‫في اآلونة األخيرة تصاعدت اللهجة العدائية ضد اململكة العربية السعودية على مواقع التواصل االجتماعي‪ .‬خلية نحل تعمل‬ ‫على «تويتر» و«فيسبوك» ومواقع أخرى للتهجم على السعودية في محاولة لصنع رأي عام جديد يعاديها‪ ،‬في املقابل تروج‬ ‫خلية النحل هذه للدعاية اإليرانية ومحورها‪.‬‬

‫ً‬ ‫طهران تقود حربا إلكترونية ضد الرياض‬

‫محاولة يائسة مليليشيات املاللي لصنع رأي عام جديد على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫> اجملموعات املعادية لسياسات إيران في لبنان تدشن مجموعة «ميديا هاشتاغ» لفضح نظام خامنئي ونصر الله‬ ‫م��ن داخ��ل ص�ف�ح��ات م��واق��ع ال�ت��واص��ل االجتماعي‬ ‫نستمع ً‬ ‫جيدا إلى طبول الحرب‪ ،‬الحرب في سوريا‪،‬‬ ‫الحرب في اليمن‪ ،‬وإيران‪ ،‬والنظام السوري‪ ،‬والعراق‪،‬‬ ‫وميليشيات الحشد الشعبي‪ ،‬والسعودية‪ ،‬وتركيا‪ ،‬والحرب‬ ‫على اإلره ��اب‪ً ،‬‬ ‫وطبعا ف��إن ال��ذي��ن اخ�ت��رع��وا ه��ذه ال��وس��ائ��ل لم‬ ‫ً‬ ‫ي �خ �ب��روا أح� � ً�دا ب��أن�ن��ا س�ن�ش��اه��د أع �ت��ى ال �ح��روب اف �ت��راض��ي��ا‪،‬‬ ‫وسيكون على بعض املجموعات والناشطني خ��وض غمار‬ ‫ح��رب خالية من ال�ب��ارود ولكنها تحمل أض� ً‬ ‫�رارا وانتصارات‬ ‫وهزائم كحال الحروب الحقيقية‪.‬‬ ‫مواقع التواصل االجتماعي أداة ح��رب أحيانا‪ ،‬تحدد مسار‬ ‫توجه شريحة معينة من الرأي العام املواكب ألخبار الحروب‬ ‫والتحليالت الصحافية‪ .‬منذ اندالع الثورة السورية دخل اسم‬ ‫اململكة العربية السعودية منبر اإلعالم التابع للنظام السوري‬ ‫وإيران وحلفائهما‪ ،‬ومنذ اللحظة األولى لخروج سكان درعا في‬ ‫مظاهراتهم املطالبة بإسقاط النظام السوري امتأل «فيسبوك»‬ ‫و«ت��وي �ت��ر» ب��أص��اب��ع االت �ه��ام ع��ن أن ال �س �ع��ودي��ة ت�ق��ف خلف‬ ‫املظاهرات املحقة في حاجة منها إلى زعزعة استقرار نظام‬ ‫كانت على عالقة جيدة معه قبل اندالع التحركات الشعبية‪.‬‬ ‫االنتقام من السعودية ملوقفها ضد بشار‬ ‫ومع احتدام الصراع اإليراني ‪ -‬السعودي‪ ،‬وإلحاح السعودية‬ ‫على مطلبها برحيل األسد املمعن قتال بشعبه وقيامها بعملية‬ ‫عاصفة ال�ح��زم على الحوثيني ف��ي اليمن ازدادت املنشورات‬ ‫والتغريدات والهاشتاغات ضدها‪.‬‬ ‫تصدر هذه الهاشتاغات واملنشورات والتغريدات في أوقات‬ ‫معينة وبالكثير من الزخم املسيء إلى السعودية وبعض‬ ‫دول الخليج العربي‪ ،‬تذاع من وراء شاشة‪ .‬ولكن ثمة إشارات‬ ‫ت�ق��ول إن عقال م��دب� ً�را يمسك زم��ام م��ا يبث عبر الهواتف‬ ‫ً‬ ‫موجها آلية الهجوم ووتيرة كثافتها‬ ‫الجوالة والحواسيب‪،‬‬ ‫حسب الحاجة والظروف واألخ�ب��ار‪ ،‬حتى تبدو في بعض‬ ‫أوجهها أنها ممولة ً‬ ‫ماليا ومنظمة على صعيد املجهود‬ ‫الفردي والجماعي‪.‬‬ ‫الخبير في «السوشيال ميديا» والناشط السياسي طارق جميل‬ ‫أبو صالح اعتبر أن الحرب االفتراضية على السعودية لديها‬ ‫تداعيات خطيرة على ال��واق��ع‪ً ،‬‬ ‫تماما كما الحروب الحقيقية‪،‬‬ ‫والجهة الرئيسية التي تقف خلفها هي إيران‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫الهجوم الذي تتعرض له‬ ‫السعودية من قبل املجموعات‬ ‫الناشطة املوالية لـ«حزب الله»‬ ‫وطهران والنظام السوري‬ ‫مصدره وكاالت األخبار‬ ‫في إيران والعراق وسوريا‬ ‫وتنتهي في املكاتب اإلعالمية‬ ‫املنتشرة في منطقة بئر حسن‬ ‫في بيروت‬

‫‪,,‬‬

‫بيروت‪ :‬حال نصر الله‬

‫لدى طارق عدد من الصفحات املعنية بمتابعة الشأن السياسي تجنح بهم األم��ور إلى عناوين خطيرة كتلك الصادرة عن‬ ‫في لبنان واملنطقة‪ ،‬وحاليا يعد من بني أبرز الناشطني اللبنانيني قناة (العالم) وتعمل املجموعة اإلعالمية على كل االتجاهات‬ ‫ع �ل��ى ص �ف �ح��ات ال �ت��واص��ل واألك �ث ��ر إزع ��اج ��ا ل ��دى خ�ص��وم��ه املرتبطة بالسعودية»‪.‬‬ ‫السياسيني في فضاء التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫السعودية‬ ‫�ه‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫تتعرض‬ ‫ي��رى أب��و صالح أن «الهجوم ال��ذي‬ ‫محاوالت لإلساءة إلى الشعب السعودي‬ ‫من قبل املجموعات الناشطة املوالية لـ(حزب الله) وإيران‬ ‫والنظام السوري‪ ،‬مصدره املجموعة اإلعالمية التي تبدأ تتألف املجموعة اإلعالمية املوالية إليران من محطات ومواقع‬ ‫م��ن وك ��االت األخ �ب��ار ف��ي إي ��ران م � ً‬ ‫�رورا ب��ال�ع��راق وس��وري��ا متخصصة بالخبر البحريني وال�ي�م�ن��ي وال��وض��ع ال��داخ�ل��ي‬ ‫وتنتهي ف��ي املكاتب اإلعالمية املنتشرة ف��ي منطقة بئر للمملكة يجاورها محطات تتناول الصراع اإليراني ‪ -‬السعودي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حسن في بيروت املدعومة ماليا من إي��ران أوال والنظام وأخ��رى تتطرق لدور السعودية في الصراع السوري‪ .‬تخرج‬ ‫السوري ً‬ ‫ثانيا»‪.‬‬ ‫األخبار عن اململكة من منابر املجموعة اإلعالمية أم��ا ميزة‬ ‫ويضيف أبو صالح أن «لبنان تحت إرادة إي��ران سياسياً‬ ‫هذه األخبار فهي باللغة التي يروج الخبر من خاللها والتي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعسكريا وإعالميا‪ ،‬وتسعى ه��ذه املجموعة اإلعالمية ‪ -‬يغلب عليها السعي الواضح لإلساءة بشكل مباشر إلى الشعب‬ ‫املوجهة إيرانيا ‪ -‬إل��ى ض��رب األس��س القائم عليها لبنان السعودي‪.‬‬ ‫ومنها العروبة‪ ،‬واستبدالها بالنموذج اإليراني‪ ،‬خدمة ملشروع ع�ن��دم��ا تنتهي م��رح�ل��ة إن �ت��اج ال�خ�ب��ر داخ ��ل دائ ��رة املجموعة‬ ‫إيران التوسعي‪ ،‬فعبر املجموعة اإلعالمية التي تضم وكاالت اإلعالمية ينتقل الخبر إل��ى مواقع التواصل االجتماعي في‬ ‫إخبارية‪ ،‬ومواقع إلكترونية ومحطات تلفزة‪ ،‬تطلق الحرب صيغته اللغوية املشوشة‪ ،‬بهذه الطريقة يتشكل الوعي العام‬ ‫اإلعالمية وجميعها يتكلم باللغة العدائية نفسها وأحيانا لجمهور إيران في طهران وبيروت‪.‬‬ ‫أقوى املجموعات الناشطة املوالية لـ«حزب الله»‬ ‫ي��وج��د ع��دة م�ج�م��وع��ات م��ن بينها «ال�س�ل�ط��ة ال�خ��ام�س��ة»‪،‬‬ ‫و«اإلع �ل ��ام ال �ح��رب��ي»‪ ،‬و«ال �ج �ب �ه��ة امل �ج ��ازي ��ة»‪ ،‬أغ �ل��ب ه��ذه‬ ‫الشبكات نشيطة ج��دا وم��ؤث��رة وإن ك��ان��ت ت��روج ألم��ور‬ ‫مختلقة ومفبركة على مواقع التواصل االجتماعي بحيث‬ ‫تعمل وف��ق تكتيك م ��دروس‪ ،‬ول��دي�ه��م م�ت��اب�ع��ون‪ ،‬ويشتد‬ ‫ّ‬ ‫يصعد «ح��زب ال�ل��ه» أو إي��ران‬ ‫عملهم االف�ت��راض��ي عندما‬ ‫موقفهما ضد السعودية‪.‬‬ ‫إن الجزء األساسي للفضاء اإللكتروني الحديث هو الهاشتاغ‪،‬‬ ‫ف �ع �ب��ره ي �ت��م ض �ب��ط إي �ق ��اع ال �ح ��رب االف �ت��راض �ي��ة‪ ،‬ف�ي�ط�ل�ق��ون‬ ‫هاشتاغات تواكب الحدث وهجوم «ح��زب الله» وإي��ران على‬ ‫السعودية‪ ،‬ومن ثم تتحول الهاشتاغات إلى مساحة للتعبير‬ ‫عن املواقف واآلراء وتجنح أغلبها إلى السباب والشتم‪ .‬وأثناء‬ ‫مراقبة عمل الهاشتاغ وكمية التفاعل معه يمكن قياس مدى‬ ‫الخطاب الطائفي وامل��ذه�ب��ي ل��دى ه��ذه املجموعات باإلضافة‬ ‫إلى كمية استسالمهم للقرار اإليراني وكراهيتهم للسعودية‬ ‫ً‬ ‫خصوصا أنهم حتى يكرهون كلمة «الخليج‬ ‫والخليج العربي‬ ‫العربي»‪.‬‬


‫«حزب الله» ناصر قنديل‪ ،‬رفيق نصر الله‪ ،‬فيصل عبد الساتر‪،‬‬ ‫الصحافي غسان جواد الذي دعمه «حزب الله» بافتتاح موقعه‬ ‫اإللكتروني «سالب نيوز» الذي لم يحقق ً‬ ‫نجاحا ملموسا‪ ،‬فتم‬ ‫إقفاله وافتتاح موقع «بيروت برس» بإدارة جواد الذي فشل‬ ‫أيضا فشال ً‬ ‫ذريعا‪.‬‬ ‫الكذب الصريح‬

‫الحواجز األمنية داخل املدينة اإلعالمية اإليرانية بحراسة مشددة من عناصر «حزب الله» اللبناني (خاص ‪ -‬املجلة)‬

‫«التعطيلية» في لبنان‪ ،‬والعداء للعرب‪..‬‬ ‫ومن أساليب «حزب الله» لتمرير أفكاره والترويج لتوجهاته‪،‬‬ ‫وتعبئة جمهوره‪ ،‬استقطاب صحافيني وإعالميني ال ينتمون‬ ‫بشكل مباشر لجسمه التنظيمي ّقدم لهم الدعم املالي واملعنوي‬ ‫والسياسي املطلوب‪ ،‬ففرز لهم ميزانيات كبيرة الفتتاح مراكز‬ ‫وقدمهم تحت تسميات ّ‬ ‫أبحاث وتدريب إعالمي‪ّ ،‬‬ ‫عدة كـ«املحلل‬

‫شؤون‬ ‫السياسي»‪ ،‬و«الباحث االستراتيجي»‪ ،‬و«الخبير في‬ ‫ّ‬ ‫ما»‪ ،‬أو «املفكر اإلسالمي»‪ ،‬ومن أبرز هذه الوجوه التي تطل‬ ‫بشكل شبه يومي على شاشات التلفزة وصفحات الجرائد‬ ‫سالم زهران (مدير مركز االرتكاز اإلعالمي) الذي اعترف في‬ ‫دعما ً‬ ‫أحد تصريحاته ّأنه يتلقى ً‬ ‫ماليا من «حزب الله»‪.‬‬ ‫ومن أسماء «املحللني واالستراتيجيني» الذين يتلقون الدعم من‬

‫إذن وبحسب م��ص��در م��وث��وق نقل ع��ن م��س��ؤول ف��ي «ح��زب‬ ‫ً‬ ‫اهتماما ً‬ ‫كبيرا لإلعالم بتوكيل إيراني‪.‬‬ ‫الله» فإن «األخير يولي‬ ‫وخ��ت��م امل��ص��در‪« :‬ه��ن��اك اه��ت��م��ام شخصي م��ن نصر ال��ل��ه في‬ ‫موضوع اإلعالم في لبنان‪ ،‬ويوصي باستقطاب شخصيات‬ ‫ً‬ ‫صالحا ألن‬ ‫موهوبة ًللدفاع عن خيارات (حزب الله)‪ ،‬وأن يكون‬ ‫يكون بوقا من أبواق (حزب الله) بوجه خصومه»‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا السياق رأى الصحافي والكاتب السياسي علي‬ ‫رباح ّأن «إيران استحدثت منظومة إعالمية خطيرة ً‬ ‫جدا بدأت‬ ‫عملها بشكل واض��ح منذ أح��داث سبتمبر (أي��ل��ول) ‪،2001‬‬ ‫فهم يدركون ّأن السيطرة على اإلع�لام وتعبئة ال��رأي العام‬ ‫هما من أهم العناصر التي ت��ؤدي إلى نجاح مخططهم في‬ ‫الشرق األوسط»‪.‬‬ ‫وأضاف رباح‪« :‬ال يقتصر دور (حزب الله) وإيران من ورائه‪،‬‬ ‫على دعم وسائل إعالمية تتحدث باسمه وتنشر األكاذيب‬ ‫وتفبرك األخبار‪ ،‬وتعمل على تمرير رسائل استخباراتية بل‬ ‫األخطر هو زرع صحافيني مقربني من (ح��زب الله) وإي��ران‬ ‫داخل وكاالت األخبار العاملية في مكاتبهم في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫وه��ذا م��ا يتيح إلي���ران ع��رض األخ��ب��ار م��ن وجهة نظرها إلى‬ ‫املجتمع الدولي‪ّ ،‬‬ ‫ألن من يصوغ األخبار هم صحافيون تابعون‬ ‫لها»‪.‬‬ ‫إذن يعمل إعالم «حزب الله» على تقديم اآلراء في قوالب فكرية‬ ‫مصطنعة‪ ،‬واستخدام أنماط بث ممنهجة والتي وصلت إلى‬ ‫أعلى مستويات اإلسفاف لتلقني املجموعة املستهدفة ونقل‬ ‫الصور «املؤدلجة» عن الواقع‪ ،‬عبر استخدام عبارات مقنعة‬ ‫وإن كانت غير سليمة أو واقعية‪.‬‬ ‫كذلك اعتمد إعالم إيران نظرية جوزيف غوبلز‪ ،‬وزير الدعاية‬ ‫األملاني في عهد هتلر‪ ،‬التي يمكن تلخيصها بمقولته الشهيرة‬ ‫«اك���ذب ث��م اك���ذب ث��م اك���ذب ف�لا ب��د م��ن أن ي��ص��دق ال��ن��اس في‬ ‫النهاية»‪ ،‬عبر التكرار املستمر لشعاراتهم وحمالتهم اإلعالنية‬ ‫التي تالحق الناس أينما ذهبوا‪ ،‬وزرع فكرة «النصر املحتم»‬ ‫في شعاراتهم وأفكارهم التي يبثونها إلى الناس‪.‬‬ ‫ك��ذل��ك عمد «ح���زب ال��ل��ه» على حشد ال���رأي ال��ع��ام عن‬ ‫ط��ري��ق إث���ارة ال��ف��زع أو ال��ذع��ر عبر تحريف الحقائق‬ ‫وحتى تزوير الوقائع‪ ،‬ومن أبرز هذه األمثلة بحسب‬ ‫الصحافي علي رب��اح « ش ّ��ن إع�لام (املمانعة) حملة‬ ‫تحريضية على املدن السنية في لبنان ومنها مدينة‬ ‫طرابلس التي ك��ان لها الحصة األك��ب��ر ف��ي السنوات‬ ‫املاضية من التضليل الذي يعتمد في اإلعالم املمول‬ ‫م��ن إي����ران‪ ،‬فقد ّ‬ ‫روج���ت صحيفة (األخ���ب���ار) لوجود‬ ‫مخطط إلنشاء إم��ارة إسالمية في طرابلس شمال‬ ‫لبنان‪ ،‬فنشرت مقاال بعنوان (اإلره��اب��ي��ون األجانب‬ ‫ب���اآلالف يجوبون ط��راب��ل��س)‪ ،‬حتى وص��ل األم���ر إلى‬ ‫تشبيه طرابلس ب ًـ(قندهار) والتحريض على أهلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن ما تبني الحقا أنه بعد دخول الجيش اللبناني‬ ‫املدينة في معركة سريعة مع عدد قليل من املسلحني‪،‬‬ ‫تبني أن ال وج��ود ملسلحني أجانب يخططون إلعالن‬ ‫إمارة إسالمية» ختم رباح<‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪13‬‬


‫ترصد‬ ‫قنوات شيعية وسنية‬ ‫متطرفة تهاجم الخليج‬ ‫معادية ملشروعه ومنها قناة (املستقبل) وقناة (العربية)‪،‬‬ ‫وم��ؤخ ً��را اقتحام مكاتب (الشرق األوس��ط) في بيروت‪ .‬إذن‬ ‫إي��ران تستخدم لبنان ساحة ح��رب إعالمية لبث كل ما هو‬ ‫معاد للعالم العربي مع م��ح��اوالت لترهيب اإلع�لام اللبناني‬ ‫ٍ‬ ‫السيادي والعربي»‪.‬‬ ‫وختم يتيم‪« :‬هذه القنوات هي مجرد دكاكني إعالمية تعتمد‬ ‫البروباغندا اإلعالمية‪ ،‬وتقدم امل��واد اإلعالمية التي تصلها‬ ‫مباشرة من السفارة اإليرانية‪ ،‬فهي ال يمكن أن ترتقي إلى‬ ‫مؤسسات إعالمية تتمتع باملوضوعية واالحتراف وأي ّ‬ ‫تبدل‬ ‫في الوضع اإلقليمي الراهن سيكون مصيره اإلقفال»‪.‬‬ ‫وكما عملت إيران على تمويل وسائل إعالم فضائية تبث من‬ ‫لبنان‪ ،‬كان لإلعالم اللبناني املقرب من «ح��زب الله» حصته‬ ‫الكبرى من الدعم والتمويل الكامل أو الجزئي‪.‬‬ ‫الصحف اللبنانية ومحور «املمانعة»‬

‫‪12‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫إعالمية موالية ملا يسمى (حزب الله) تتابع لقاء جماهيري لنصر الله (غيتي)‬

‫ّ‬ ‫وتحولها إل��ى موقع إلكتروني‪،‬‬ ‫في قضية إقفال الصحيفة‬ ‫أعاد الحياة للصحيفة بتمويل جعلها مستمرة حتى الساعة‪.‬‬ ‫وإضافة إلى «السفير» و«األخبار» تخصص إيران تمويال‬ ‫ً‬ ‫جزئيا للصحف التي تواليها في السياسة‪ ،‬ومنها صحيفة‬ ‫تماما كقناة «الجديد» التي تتلقى ً‬ ‫«الديار» اللبنانية‪ً ،‬‬ ‫دعما‬ ‫ً‬ ‫جزئيا م��ن إي���ران بسبب تقاطع املصالح ب�ين مؤسسها‬ ‫ورئيس مجلس إدارتها تحسني خياط و«حزب الله» اللذين‬ ‫يجمعهما العداء للرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس‬ ‫سعد الحريري‪ ،‬لتتجسد العالقة بني الطرفني منذ حرب‬ ‫يوليو (تموز) ‪ ،2006‬عندما ّ‬ ‫خص األمني العام لـ«حزب الله»‬

‫‪,,‬‬

‫مدينة إعالمية إيرانية‬ ‫لتعزيز نفوذ طهران اإلقليمي‬ ‫ً‬ ‫تنفيذا ملخططها التوسعي في‬ ‫العالم العربي‬

‫‪,,‬‬

‫ّ‬ ‫أهم الصحف اللبنانية وأكثرها ً‬ ‫والء ملحور «املمانعة» الذي‬ ‫ً‬ ‫يمتد من طهران م���رورا بدمشق وص��وال إل��ى ب��ي��روت‪ ،‬هي‬ ‫صحيفة «األخ��ب��ار» اللبنانية التي ص��در العدد األول منها‬ ‫في ‪ 14‬أغسطس (آب) ‪ 2006‬أي بعد ‪ 33‬يوما من العدوان‬ ‫اإلسرائيلي على لبنان‪ ،‬وقد أسسها آنذاك رئيس تحريرها‬ ‫(‪ )2007 & 2006‬جوزف سماحة‪ ،‬ومن ّثم تسلم رئاسة‬ ‫تحريرها الصحافي إبراهيم األم�ين ال��ذي وصف بـ«عميد‬ ‫القتل» ف��ي اإلع�ل�ام اللبناني‪ ،‬ن��ظ ً��را ملقاالته التهديدية التي‬ ‫طالت شهداء «ثورة األرز»‪ ،‬واألحياء ممن يعادون «محور‬ ‫املقاومة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إب��راه��ي��م األم�ي�ن ال���ذي ك��ت��ب ف��ي صحيفته «س��ل��م نفسك»‬ ‫«ت��ح ّ��س��س رق��ب��ت��ك» ْ‬ ‫و«اع����ت ِ����ذر»‪ ،‬وإل����ى رئ��ي��سّ ال��ج��م��ه��وري��ة‬ ‫السابق ميشال سليمان مقاال بعنوان «لم تتعلم من دروس‬ ‫املاضي في ‪ّ 7‬أيار»‪ ،‬وغيرها من املقاالت «امليليشياوية» ّ‬ ‫ضد‬ ‫اللبنانيني الذين يخالفون «حزب الله» ال��رأي‪ّ ،‬‬ ‫تحول أيضا‬ ‫مع ّ‬ ‫تحول شعار «حزب الله» من «املوت ألميركا» إلى املوت‬ ‫لرموز ودول عربية‪ ،‬لتتحول صحيف إل��ى منابر «إلدان��ة‬ ‫العرب والعروبة» ونشر األكاذيب والفبركات‪ .‬كذلك تعتبر‬ ‫صحيفة «السفير» اللبنانية من أهم الصحف اللبنانية التي‬ ‫ّ‬ ‫تدور في فلك محور إيران‪ ،‬على الرغم من أنها أعرق وأقدم‬ ‫ّ ّ‬ ‫الصحف اللبنانية إال أنها تحولت في السنوات األخيرة إلى‬ ‫منبر من منابر «حزب الله» وإيران‪.‬‬ ‫ول��ك��ن ع��ل��ى ال��رغ��م م��ن ال����والء ال��ك��ام��ل مل��ح��ور «امل��م��ان��ع��ة» ف ّ‬ ‫��إن‬ ‫«السفير» كانت مهددة ً‬ ‫دائما باإلقفال‪ ،‬بسبب تقصير إيران‬ ‫ف��ي تمويلها ً‬ ‫ماليا‪ ،‬وك��ان آخ��ر التهديدات ف��ي م��ارس ‪2016‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما أعلن رئيس تحريرها طالل سلمان أن صحيفة السفير‬ ‫ّ‬ ‫إال ّأن ً‬ ‫لقاء حصل‬ ‫ستقفل في بداية أبريل (نيسان) ‪.2016‬‬ ‫بني سلمان واألمني العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله للتداول‬

‫حسن نصر الله مديرة األخبار في «الجديد» مريم البسام‬ ‫باملقابلة الشهيرة كعربون تقدير‪ .‬إض��اف��ة إل��ى صحف‬ ‫تمرر الرسائل األمنية واالستخباراتية‪،‬و تعمل إلى ترويج‬ ‫ّ‬ ‫األكاذيب واالتهامات بحق اململكة العربية السعودية ودول‬ ‫الخليج‪.‬‬ ‫قنوات املرشد‬ ‫ّأما وسائل اإلعالم املرئية التي ّ‬ ‫تتحدث بلسان املرشد األعلى‬ ‫علي خامنئي فهي قناة «املنار» املنبر الرسمي لـ«حزب الله»‬ ‫في لبنان‪ ،‬األمر الذي دفع إدارة «نايل سات» بوقف بث قناة‬ ‫«املنار» الفضائية على القمر الصناعي «نايل سات» بسبب‬ ‫مخالفتها لالتفاق املوقع معها‪ ،‬وب��ث برامج تثير النعرات‬ ‫الطائفية والفنت‪ ،‬إضافة إلى وضعها على الئحة العقوبات‬ ‫األميركية ضمن امل��ؤس��س��ات التابعة ملنظمة «ح���زب ال��ل��ه»‪.‬‬ ‫وأيضا من سلسلة وسائل إعالم «حزب الله» الرسمية إذاعة‬ ‫«النور» وموقع «املنار» اإللكتروني‪ .‬كذلك يعمد «حزب الله»‬ ‫إلى دعم سلسلة من املواقع اإللكترونية التي تدور في فلكه‬ ‫ّإما بشكل متقطع أو بشكل مباشر‪ ،‬وأبرز هذه املواقع موقع‬ ‫«ال��ع��ه��د» اإلل��ك��ت��رون��ي‪ ،‬و«ال��ح��دث ن��ي��وز»‪ ،‬و«ب��ي��روت ب���رس»‪..‬‬ ‫وغيرها من املواقع اإللكترونية التي ّ‬ ‫تروج لدور «حزب الله»‬ ‫في محاربة «التكفيريني» في سوريا وسياسة «حزب الله»‬


‫يحتاج إل��ى جلسة تشريعية ملجلس ال��ن��واب املعطل بسبب‬ ‫ال��ف��راغ الرئاسي‪ ،‬وأم��ل محفوظ أن يتغير وض��ع اإلع�لام في‬ ‫لبنان ال��ذي يعاني م��ن فوضى بسبب ع��دم تطبيق القوانني‬ ‫مع العهد الجديد‪.‬‬ ‫ب���دوره رأى الصحافي اللبناني ج��اد يتيم ّأن «اخ��ت��ي��ار هذه‬ ‫املجموعة من القنوات الفضائية املمولة مباشرة من إي��ران‬ ‫لبنان ً‬ ‫مقرا إلعالمها املوجه إلى العالم العربي‪ ،‬يعود إلى ّأن‬

‫لبنان يتمتع بحرية إعالمية على الرغم من أن هذه القنوات‬ ‫النعرات الطائفية‪،‬‬ ‫تتعارض والحرية اإلعالمية التي تمنع بث ً‬ ‫وبث اإلساءة إلى الدول الشقيقة والعربية‪ ،‬إضافة إلى الكفاءات‬ ‫العلمية والخبرات الفنية التي يتميز بها»‪.‬‬ ‫وأضاف يتيم‪« :‬كذلك لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي يمكن‬ ‫إليران ّأن تتخذه ً‬ ‫مقرا إلعالمها ّإما بسبب االستقرار النسبي‬ ‫الذي يتمتع به لبنان في املرحلة الحالية‪ ،‬وأيضا بسبب العداء‬

‫ال��ذي تعيشه إي��ران مع أكثر ال��دول العربية‪ .‬فإيران تملك في‬ ‫لبنان منظمة أمنية وهي (حزب الله) تستطيع حماية مدينتها‬ ‫اإلعالمية التي تقع في محيط املربع األمني لـ(حزب الله)‪ .‬فلو‬ ‫ّأن هذه القنوات تبث من بلد غير لبنان ال يمكن أن تستمر ً‬ ‫نظرا‬ ‫للعداء والفتنة التي تبثها ّ‬ ‫ضد األنظمة العربية‪ ،‬وفي املقابل‬ ‫املنظمة األمنية إلي��ران في لبنان أي (حزب الله) الذي يحمي‬ ‫هذه القنوات أقدم على تهديد وسائل إعالم لبنانية وعربية‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪11‬‬


‫املدينة اإلعالمية‪ ،‬منطقة تقع بعد السفارة الكويتية في بيروت وتصل حدودها إلى ملعب الغولف اللبناني‪ ،‬وتحاذي الضاحية‬ ‫الجنوبية‪ ،‬تشبه إمارة معزولة من يدخل إليها يشعر بقوة الجو األمني الطاغي على كل شارع في هذه املدينة‪ .‬ال يمكن إحصاء‬ ‫الحواجز األمنية التابعة لـ«حزب الله» وال الحواجز األمنية التي نشرها الجيش اللبناني على املفارق الرئيسية للمنطقة‪ ،‬خصوصا‬ ‫وأن السفارة اإليرانية موجودة بداخلها وازدادت اإلجراءات األمنية بعد التفجير الذي تعرضت له السفارة قبل ثالثة أعوام‪.‬‬

‫تبث املذهبية والطائفية بدول املنطقة‬

‫مدينة إعالمية إيرانية بمحيط‬ ‫سفارة طهران في بيروت‬ ‫ف��ي ال �س �ن��وات ال�خ�م��س األخ �ي��رة وب �ع��دم��ا نجحت‬ ‫إيران بزرع الفنت والتخريب والحروب في عدد من‬ ‫دول العالم العربي عبر تمويل مجموعات شيعية‬ ‫موالية لها‪ ،‬ومدهم بالسالح والتدريب العسكري لتنفيذ أعمال‬ ‫إره��اب�ي��ة م�ع��ادي��ة ألنظمة ه��ذه ال ��دول‪ ،‬ك��ان��ت إي ��ران تعمل في‬ ‫الوقت نفسه على توسيع نطاقها اإلعالمي من أجل مواكبة‬ ‫األزم��ات في املنطقة وذل��ك عبر تأسيس قنوات جديدة تمثل‬ ‫الجماعات التابعة إليران في هذه الدول‪ .‬ومن أجل تعزيز نفوذ‬ ‫ً‬ ‫إيران اإلقليمي وتنفيذا ملخططها التوسعي في العالم العربي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عمدت طهران إل��ى تمويل قنوات فضائية موجهة إل��ى ال��رأي‬ ‫العام العربي للتأثير عليه عبر محطات دينية ‪ -‬مذهبية شيعية‬ ‫تدعو للتشدد وتبث الفرقة والكراهية بني أبناء البلد الواحد‪،‬‬ ‫إضافة إلى املحطات السياسية املناهضة للعالم العربي والتي‬ ‫تدعو للعداء واملواجهة و«الجهاد» ّ‬ ‫ضد األنظمة العربية‪.‬‬ ‫الضاحية الجنوبية‬ ‫عشرات الفضائيات التي تنطق باللغة العربية تستخدمها‬ ‫ً‬ ‫إيران ً‬ ‫موجها بشكل خاص لليمن والسعودية والعراق‬ ‫منبرا‬ ‫وسوريا ولبنان وللعالم العربي بشكل عام‪ ،‬اتخذت من لبنان‬ ‫ً‬ ‫مقرا لها‪ .‬حيث تقع في املنطقة الجغرافية الخاضعة إلشراف‬ ‫ون�ف��وذ «ح��زب ال�ل��ه»‪ ،‬ف��ي منطقة «الجناح ‪ -‬بئر حسن» التي‬ ‫تقع في نطاق الضاحية الجنوبية من بيروت‪ً ،‬‬ ‫فنظرا ملوقعها‬ ‫االستراتيجي تحولت منطقة تستقطب القنوات والفضائيات‬ ‫واإلذاع��ات على اختالف جنسياتها‪ ،‬ح=تى إن هناك من بات‬ ‫يصفها باملنطقة اإلعالمية‪ .‬فبني بئر حسن والسان تيريز‬ ‫في الضاحية الجنوبية قنوات ممولة مباشرة من إيران تبث‬ ‫م��ن لبنان إل��ى ال�ع��ال��م ال�ع��رب��ي‪ ،‬أب��رز ه��ذه ال�ق�ن��وات السياسية‬ ‫هي «الثبات»‪ ،‬و«االت�ج��اه»‪ ،‬و«االت�ح��اد»‪ ،‬و«املسيرة»‪ ،‬و«النبأ»‪،‬‬ ‫و«آس �ي��ا»‪ ،‬و«ال �ع��ال��م»‪ ،‬و«امل �ي��ادي��ن»‪ ،‬و«ال�ب�ش��ائ��ر»‪ ،‬و«فلسطني‬ ‫ال �ي ��وم»‪« ،‬ال� �ق ��دس»‪ ،‬إض��اف��ة إل ��ى م�ك�ت��ب اإلذاع � ��ة وال�ت�ل�ف��زي��ون‬ ‫اإلي��ران �ي�ي�ن‪ ،‬ف�ي�م��ا ي�س�ت�ع��د ال�ب�ع��ض اآلخ ��ر ل�ل�ع�م��ل ع�ب��ر ال�ب��ث‬ ‫التجريبي أو التحضير له‪.‬‬ ‫ّأم��ا ال�ق�ن��وات الدينية الشيعية فهي «ال��زه��راء»‪ ،‬و«ال �ص��راط»‪،‬‬

‫‪10‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪,,‬‬

‫تحت شعار «اكذب ثم اكذب‬ ‫ثم اكذب فال بد من أن يصدق‬ ‫الناس في النهاية»‬

‫‪,,‬‬

‫بيروت‪ :‬فايزة دياب‬

‫و«الثقلني»‪ ،‬و«الكوثر»‪ ،‬و«العهد»‪ ،‬و«اإلمام الحسني»‪ ،‬وغيرها في العراق وأيضا تبث من بيروت‪.‬‬ ‫م��ن اإلذاع� ��ات وال �ق �ن��وات ال�ف�ض��ائ�ي��ة ال�ت��ي ت�ب��ث م�ج��ال��س ع��زاء وللسعودية أيضا قناة تبث من لبنان وهي قناة «النبأ» التي‬ ‫مباشرة من النجف وكربالء ملعممني من دون حسيب أو رقيب‪ .‬تهتم بأخبار املنطقة الشرقية في السعودية بشكل خاص‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نظرا النتماء أبنائها للمذهب الشيعي‪ ،‬أما املعارضة البحرينية‬ ‫املدعومة من إيران‪ ،‬فقناتها تدعى «اللؤلؤة» وهي أيضا تقع في‬ ‫هدف القنوات الفضائية املذهبية‬ ‫منطقة السان تيريز في الضاحية الجنوبية‪.‬‬ ‫وف��ي جولة على دور وه��دف بعض ه��ذه القنوات‪ ،‬نبدأ بقناة‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫«ال�ث�ب��ات» التي تبث م��ن مكتبها ال��ذي يقع ضمن نطاق كلي رواتب متدنية‬ ‫الدعوة اإلسالمية في بئر حسن‪ ،‬ويرأسها الشيخ عبد الناصر‬ ‫جبري‪ ،‬املعروف أنه كان يملك عالقات جيدة مع نظام معمر ّأما اإلنتاج في هذه القنوات بحسب مصدر مطلع فهو ضئيل‬ ‫ً‬ ‫القذافي في ليبيا‪ ،‬وقد ّ‬ ‫جدا‪ ،‬إذ تفتقر مبانيها للبنى التحتية من استوديوهات ومعدات‬ ‫وسع نشاطه وأعماله فأسس القناة تحت‬ ‫شعار التوحيد والوحدة لنشر «اعتدال املذهب السني»‪ ،‬بدعم تقنية متطورة‪ ،‬إضافة إلى الرواتب املتدنية‪ .‬فمثال املبلغ املالي‬ ‫من إي��ران‪ .‬قناة «القدس» وهي تابعة لحركة حماس انطلقت لإلعالمي من أجل إعداد وتقديم حلقة لبرنامج صباحي في‬ ‫ً‬ ‫شهريا أي م��ا ي�ع��ادل ‪ $ 30‬على‬ ‫من بيروت بدعم إيراني وتهتم «بالقضية الفلسطينية»‪.‬قناة إح��دى القنوات ه��و ‪$ 750‬‬ ‫«امليادين» التي أسسها اإلعالمي غسان بن جدو بدعم إيراني‪ ،‬الحلقة‪ ،‬وفي قناة «الزهراء» العراقية إعداد وتقديم ‪ $ 25‬مقابل‬ ‫تعتبر من أهم الفضائيات التي تعمل في فلك محور إيران‪.‬‬ ‫الحلقة الواحدة فقط‪.‬‬ ‫قناة «فلسطني اليوم» التابعة لحركة الجهاد اإلسالمي وأيضا رئيس املجلس الوطني لإلعالم عبد ال�ه��ادي محفوظ رفض‬ ‫تأسست بدعم إيراني‪ ،‬الذي يقدم أيضا دعما ماليا ولوجستيا إط�ل�اق تسمية امل��دي�ن��ة اإلع�لام �ي��ة ع�ل��ى م�ج�م��وع��ات ال�ق�ن��وات‬ ‫لقنوات عراقية كقناة «آسيا» التابعة ألحمد الشلبي‪ ،‬وغيرها األجنبية ف��ي بئر ح�س��ن‪ ،‬ألن «امل��دن اإلع�لام�ي��ة تنشأ بقرار‬ ‫ّ‬ ‫من القنوات التابعة للفصائل املتحالفة مع إيران أو التابعة لها‪ .‬رسمي وبجاذبية إعالمية واقتصادية»‪ ،‬وأكد أن «هذه القنوات‬ ‫ّأما اليمن فكانت له حصته أيضا عبر قناة «املسيرة» التي تقع تعتبر وفقا للقانون ش��رك��ات أجنبية وليست لبنانية‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا في منطقة السان تيريز دخلت إلى لبنان على أساس أن لديها مكاتب تمثيلية فقط‪،‬‬ ‫داخ��ل الضاحية الجنوبية‬ ‫ّ‬ ‫وهي ناطقة باسم حزب أنصار الله اليمني التابع لعبد امللك وال يحق لها البث من لبنان‪ ،‬ألنها لم تحصل على ترخيص‬ ‫الحوثي‪ .‬قناة «االتجاه» وهي ناطقة باسم «كتائب حزب الله» من املجلس الوطني لإلعالم‪ ..‬هذه املخالفة التي تكرست مع‬ ‫مرور الزمن بدأت مع قناة غير لبنانية كانت أولى القنوات التي‬ ‫حصلت على رخصة البث من وزارة االتصاالت خالفا للقانون‪،‬‬ ‫تحت ذريعة بعض املسؤولني بأن هذا األمر يساهم في تشغيل‬ ‫إيران تستنسخ إعالم هتلر‬ ‫أشخاص في لبنان»‪ ،‬بحسب محفوظ‪.‬‬ ‫قانون اإلعالم اللبناني‬ ‫وك�ش��ف محفوظ أن لجنة اإلع�ل�ام ف��ي مجلس ال�ن��واب أع��دت‬ ‫م�ش��روع ق��ان��ون ملعالجة ه��ذه الثغرة وإن�ه��اء ه��ذه املخالفات‪،‬‬ ‫لتصبح القنوات األجنبية التي تبث من لبنان تحت رقابة قانون‬ ‫اإلعالم اللبناني واملجلس الوطني لإلعالم بموجب ترخيص‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إضافة إلى فرض التزامات مالية عليها‪ ،‬إال ّأن إقرار هذا القانون‬


‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪9‬‬


‫امللكة إليزابيث وعائلتها يتسوقون في «سوبر ماركت» بقرية قرب مدينة دورشيستر‬ ‫قامت امللكة إليزابيث بزيارة إلى قرية «بوندبيري» التي تقع بالقرب من مدينة دورشيستر وقامت ملكة‬ ‫بريطانيا بزيارة متجر «ويتروز» وتجولت فيه بصحبة زوجها األمير فيليب‪ ،‬ونجلها األمير تشارلز‪،‬‬ ‫وزوجته كاميال‪ ،‬دوقة كورنوال‪ .‬وخالل الزيارة اشترت امللكة من املركز التجاري بعض املنتجات الغذائية‬ ‫بعدة مئات من الجنيهات (غيتي)‬

‫‪8‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫الحكومة تستأنف القرار‬ ‫أمام محكمة النقض الشهر املقبل‬

‫احملكمة العليا في إنجلترا‬ ‫تقضي بضرورة تصويت‬ ‫مجلس العموم لخروج‬ ‫االتحاد‬ ‫من‬ ‫بريطانيا‬ ‫األوروبي رسمياً‬ ‫ل��ن��دن – املجلة ‪ :‬قضت املحكمة العليا‬ ‫في إنجلترا بضرورة تصويت مجلس‬ ‫العموم (مجلس النواب) على ما إذا كان‬ ‫ينبغي للبالد إطالق عملية خروجها من االتحاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫ويعني ق��رار املحكمة أن الحكومة ليست مخولة‬ ‫بتفعيل امل����ادة ‪ 50‬م��ن ات��ف��اق��ي��ة ل��ش��ب��ون��ة‪ ،‬وال��ب��دء‬ ‫بمفاوضات الخروج الرسمية مع االتحاد األوروبي‪،‬‬ ‫دون الرجوع لنواب الشعب في مجلس العموم‪.‬‬ ‫وت��ص��ر رئ��ي��س��ة ال��ح��ك��وم��ة‪ ،‬ت��ي��ري��زا م����اي‪ ،‬على‬ ‫أن االس��ت��ف��ت��اء ال����ذي أج����ري ف���ي ‪ 23‬م���ن يونيو‬ ‫(ح���زي���ران) امل��اض��ي‪ ،‬وال����ذي ص���وت ف��ي��ه ‪ 52‬في‬ ‫املائة من املشاركني لصالح خروج بريطانيا من‬ ‫االت��ح��اد‪ ،‬إض��اف��ة إل��ى ال��ص�لاح��ي��ات ال��ت��ي تتمتع‬ ‫ً‬ ‫بها الحكومة أص�لا‪ ،‬كلها تعني أن��ه ال ض��رورة‬ ‫للحصول على موافقة البرملان على خروج البالد‬ ‫م��ن االت���ح���اد‪ ،‬وه���ي ال��ع��م��ل��ي��ة ال��ت��ي ي��ط��ل��ق عليها‬ ‫مصطلح «ب��ري��ك��س��ي��ت»‪ ،‬ول��ك��ن امل��ط��ال��ب�ين ببقاء‬ ‫ً‬ ‫عضوا في االتحاد يقولون إن ذلك غير‬ ‫بريطانيا‬ ‫دستوري‪ .‬وقد قالت الحكومة إنها ستستأنف‬ ‫ال��ق��رار أم���ام املحكمة العليا ف��ي اململكة املتحدة‬ ‫(محكمة النقض)‪ ،‬الشهر املقبل‪.‬‬ ‫م��ن جانبه‪ ،‬ح��ث زع��ي��م ح��زب العمال امل��ع��ارض‪،‬‬ ‫جيريمي كوربني‪ ،‬الحكومة على «طرح الشروط‬ ‫ال��ت��ف��اوض��ي��ة ال��ت��ي ت��ن��وي اع��ت��م��اده��ا م��ع االت��ح��اد‬ ‫األوروب���ي بشأن إخ��راج البالد من االتحاد أمام‬ ‫ال��ب��رمل��ان دون إب���ط���اء»‪ ،‬مضيفا أن���ه «ي��ن��ب��غ��ي أن‬ ‫تتحلى ال��ح��ك��وم��ة ب��ال��ش��ف��اف��ي��ة وامل��س��اءل��ة ح��ول‬ ‫شروط (بريكسيت) أمام البرملان»‪.‬‬ ‫أما زعيم حزب استقالل اململكة املتحدة الداعي‬ ‫إلى خروج البالد من االتحاد‪ ،‬نايجل فاراج‪ ،‬فقال‬ ‫إنه يخشى أن يكون القرار (خيانة) لنحو ‪51.9‬‬ ‫في املائة من البريطانيني الذين صوتوا لخروج‬ ‫البالد من االتحاد في استفتاء يونيو‪.‬‬

‫قال لـ‬

‫إن خطاب اليسار يحتاج للتجديد‬

‫أمني الحزب االشتراكي املصري‪ :‬فشل اليسار سبب ظهور «داعش»‬ ‫القاهرة‪ :‬عصام فضل‬ ‫رغم التعقيدات التي تسيطر على املشهد اإلقليمي‬ ‫العربي‪ .‬وما تخوضه املنطقة من حرب على اإلرهاب‬ ‫خاصة ضد ما يعرف بتنظيم داعش فإنه سيظل‬ ‫العنوان األبرز ملواجهة اإلرهاب هو البحث عن أسباب انتشار‬ ‫األفكار املتطرفة في املجتمعات العربية‪.‬‬ ‫ومل����اذا فشلت ال��ق��وى السياسية امل��دن��ي��ة وخ��اص��ة اليسار‬ ‫في مواجهة هذه األفكار؟ وهل أدى فشل اليسار العربي‬ ‫وت��راج��ع دوره إل��ى انتشار األف��ك��ار املتطرفة؟ وه��ل يمكن‬ ‫لليسار أن يستعيد عافيته مرة أخرى أم أنه خرج من املعادلة‬ ‫السياسية؟‬ ‫أسئلة كثيرة يجيب عليها األمني العام للحزب االشتراكي‬ ‫املصري أحمد بهاء شعبان في مقابلة مع «املجلة»‪.‬‬ ‫> ه��ل يمكننا ال �ق��ول إن ف�ش��ل ال�ي�س��ار ال�ع��رب��ي في‬ ‫مواجهة األفكار املتطرفة أدى إلى ظهور «داعش»؟‬ ‫ ن��ع��م‪ .‬يمكننا ال��ق��ول إن ال��ي��س��ار فشل ف��ي ال��ق��ي��ام ب��دوره‬‫التنويري مما أدى النتشار األفكار املتطرفة وتصاعد دور‬ ‫الجماعات اإلرهابية وصوال إلى ظهور ما يسمى «داعش»‪.‬‬ ‫ل��ك��ن امل���وض���وع خ��ل��ي��ط م��ن ال��ف��ش��ل وع����دم وج����ود ال��ظ��روف‬ ‫املوضوعية للقيام بالدور التنويري املأمول‪ .‬فاليسار ليس‬ ‫لديه إمكانيات مادية‪ .‬في حني أن التنظيمات الدينية املتطرفة‬ ‫لديها إمكانيات مادية كبيرة‪ .‬لكن هذا ال يعفي اليسار من‬ ‫تحمل مسؤولية الفشل‪.‬‬ ‫> هل املواجهات الدائمة بني اليسار وال��دول��ة أدت‬ ‫إلى عدم االهتمام بالخصم الرئيسي وهو التيارات‬ ‫املتطرفة؟‬ ‫ نظريا اليسار خصم رئيسي للتطرف الفكري الديني‪.‬‬‫ومعاد للعقل واملنطق‪ .‬وهو‬ ‫ألن التطرف الديني عنصري‬ ‫ٍ‬ ‫ما يتناقض مع اليسار وأفكاره التقدمية‪ .‬ولو كانت‬ ‫ال��ظ��روف طبيعية وع��ادي��ة ك��ان يمكن لليسار أن‬ ‫يلعب دورا مهما ف��ي ت��وع��ي��ة املجتمع وتقوية‬ ‫أفكاره ومواجهة األفكار املتطرفة‪ .‬لكن اليسار‬ ‫ال���ع���رب���ي ت���ع���رض م��ن��ذ ن���ش���أة ال����دول����ة ال��وط��ن��ي��ة‬ ‫للمالحقة حيث تعاملت معه الدولة الوطنية كعدو‬ ‫يجب التصدي ل��ه‪ .‬خاصة عندما ج��اءت بعض‬ ‫ال��ف��رص التاريخية ال��ت��ي ك��ان يمكن‬ ‫خاللها لليسار أن يكون فاعال‪.‬‬ ‫وهذا هو حال أحزاب اليسار في‬ ‫معظم ال���دول العربية‪ .‬فالحزب‬ ‫ال��ش��ي��وع��ي ال��ع��راق��ي ك���ان من‬ ‫أق���وى األح����زاب الشيوعية‪.‬‬ ‫أحمد بهاء شعبان‬ ‫لكنه اصطدم مع النظام‬

‫البعثي‪ .‬وكذلك الحزب الشيوعي في سوريا‪ .‬وأيضا اليسار‬ ‫املصري تعرض للمالحقة التي وصلت ذروتها مع بداية‬ ‫حكم الرئيس الراحل أنور السادات‪.‬‬ ‫> مل � ��اذا ت��راج �ع��ت ش �ع �ب �ي��ة ال �ي �س��ار امل� �ص ��ري ل��دى‬ ‫الجماهير؟‬ ‫ أح���د أه���م األس���ب���اب أن نظما ع��رب��ي��ة ت��ح��ال��ف��ت م��ع التيار‬‫الديني ملواجهة اليسار‪ .‬بل إن هذه األنظمة نفسها كانت‬ ‫ترفع شعارات دينية للمتاجرة بمشاعر الجماهير‪ .‬وما‬ ‫حدث عقب وصول السادات للحكم وتحالفه مع التيارات‬ ‫الدينية‪ .‬ثم سياسة االنفتاح التي دم��رت الفئات الحاملة‬ ‫للفكر اليساري‪ ،‬من عمال وفالحني‪ .‬وتم تفكيك املصانع‬ ‫وبيعها‪ .‬وموجات الهجرة الواسعة التي شهدها املجتمع‬ ‫املصري في هذه الفترة‪ ..‬أدى كل ذلك إلى تراجع شعبية‬ ‫اليسار وقيام الجماعات الدينية املتطرفة بملء الفراغ الذي‬ ‫تركته الدولة‪.‬‬ ‫> ملاذا فشل اليسار في مصر وتونس – كنموذجني‬ ‫ف��ي ت�ق��دي��م رؤي ��ة م�خ�ت�ل�ف��ة ت �ق��ود ال�ج�م��اه�ي��ر خ�لال‬ ‫الثورة؟‬ ‫ ف��ي مصر وت��ون��س لعب اليسار دورا كبيرا ف��ي ال��ث��ورة‪.‬‬‫وكذلك في الجهود التي مهدت لهذه الثورة‪.‬‬ ‫ف��ف��ي م��ص��ر ع��ل��ى س��ب��ي��ل امل��ث��ال ك��ان��ت ح��رك��ة ك��ف��اي��ة التي‬ ‫تأسست ع��ام ‪ 2004‬أول من كسر حاجز الخوف ونقلت‬ ‫املظاهرات واالحتجاجات من ساللم نقابتي الصحافيني‬ ‫واملحامني إلى الشارع‪ .‬وكان لشباب اليسار دور بارز في‬ ‫تحضيرات الثورة أو خ�لال أحداثها‪ .‬لكن لألسف بسبب‬ ‫الضعف التنظيمي لليسار ومحدودية إمكانياته املادية لم‬ ‫يتمكن من املساعدة على تطوير الثورة ودفع مسارها إلى‬ ‫األمام‪.‬‬ ‫> م ��ا ال � ��ذي ي �ح �ت��اج��ه ال �ي �س��ار ل �ل �خ��روج م��ن‬ ‫أزمته؟‬ ‫ يحتاج اليسار العربي إلى بناء نفسه تنظيميا‬‫حتى يستطيع أن يكون فاعال‪ .‬كما يحتاج إلى‬ ‫التفكير في أدوات جديدة للعمل غير تلك التي‬ ‫لم تعد صالحة لهذا الظرف التاريخي‪ .‬وأيضا‬ ‫ال بد من تجديد خطاب اليسار‪ .‬فما زال الخطاب‬ ‫«خشبيا ج��اف��ا» يستخدم مصطلحات‬ ‫قديمة غير مفهومة ملعظم الناس‪.‬‬ ‫وهو خطاب ثابت في عالم‬ ‫م��ت��غ��ي��ر‪ .‬وي���ج���ب أي��ض��ا‬ ‫على اليسار أن ينفتح‬ ‫على األج��ي��ال الجديدة‬ ‫ألنهم مستقبل التغيير‪.‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪7‬‬


‫السلطات اإليرانية‬ ‫لم تسمح للسجني السياسي‬ ‫كلبي بتوديع أخيه‬

‫طهران‪ :‬توفي شقيق سجني الرأي غالم حسني‬ ‫ك�ل�ب��ي وه ��و ف��ي ط��ري�ق��ه ل ��زي ��ارة غ�ل�ام حسني‬ ‫ف��ي ال�س�ج��ن‪ .‬وي�ق�ب��ع غ�ل�ام ح�س�ين كلبي وراء‬ ‫القضبان منذ ‪ 15‬عاما‪.‬‬ ‫ول��م تمنح السلطات اإلي��ران�ي��ة إج��ازة حتى ول��و لساعة‬ ‫واحدة خالل األعوام الخمسة املاضية لغالم حسني كلبي‬ ‫ال��ذي حكم عليه بالحبس م��دى الحياة (امل��ؤب��د) بتهمة‬ ‫محاربة الله واالنتماء ملنظمة مجاهدين خلق (املعارضة‬ ‫اإليرانية)‪ .‬وتمكن غالم حسني من زيارة شقيقه للمرة‬ ‫األخيرة منذ خمسة أع��وام‪ ،‬وكان قد نجح شقيق غالم‬ ‫ح�س�ين ف��ي أخ��ذ رخ�ص��ة ل��زي��ارت��ه ب�ع��د ج�ه��ود مضنية‬ ‫وم��رور خمسة أع��وام على اعتقاله‪ .‬ولكن شقيق غالم‬ ‫حسني قد ف��ارق الحياة إث��ر جلطة وه��و في طريقه من‬ ‫األهواز إلى سجن إيفني في طهران‪.‬‬

‫العثور على حطام سفينة بريطانية مفقودة‬ ‫ً‬ ‫منذ ‪ 170‬عاما في القطب الشمالي‬

‫لندن‪:‬أعلنت مؤسسة القطب الشمالي لألبحاث‬ ‫عن العثور على السفينة البريطانية الثانية‬ ‫التي اختفت منذ ‪ 170‬ع��ام��ا‪ ،‬وأض��اف��ت أنها‬ ‫عثرت عليها بالقرب من كندا منذ نحو شهر‪.‬‬ ‫وك� ��ان م�ص�ي��ر ال�س�ف�ي�ن�ت�ين ال�ب��ري�ط��ان�ي�ت�ين م��ن إح��دى‬ ‫القضايا األكثر غموضا في القرنني املاضيني قبل أن‬ ‫يتم العثور على السفينة األولى منذ عامني‪ .‬وفتح العثور‬ ‫على السفينتني الطريق أمام إجراء أبحاث حول السفن‬ ‫املفقودة‪.‬‬ ‫وأبحر السير جون فرانكلني وبعثته التي تضمنت ‪128‬‬ ‫بحارا تم اختيارهم بدقة ضمن سفينتني في ‪1845‬‬ ‫(منذ ‪ 171‬سنة) إلى القطب الشمالي بهدف اكتشاف‬

‫املمر الشمالي الغربي للقطب الشمالي‪ .‬وي��رب��ط املمر‬ ‫املحيط األطلسي باملحيط الهادي عبر القطب الشمالي‬ ‫الخ �ت �ص��ار ال��وق��ت‪ .‬ول ��م ي ��ؤد ال �ط��اق��م امل��ؤل��ف م��ن ‪129‬‬ ‫شخصا مهامهم بنجاح‪ ،‬ناهيك عن أن غرق السفينتني‬ ‫ومصرع كافة أفراد طاقمهما يعتبر من أسوأ الحوادث‬ ‫التي منيت بها الرحالت االستكشافية البريطانية في‬ ‫القطب الشمالي‪.‬‬ ‫وقالت مؤسسة القطب الشمالي لألبحاث إنه وبعد مرور‬ ‫ع��ام�ين وي��وم واح��د على ال�ع�ث��ور على السفينة األول��ى‬ ‫«إريبس» قد تم العثور على السفينة الثانية «إت��ش إم‬ ‫إس»‪ .‬وكانت قد تركت هذه السفينة قبالة شاطئ «كينغ‬ ‫ويليام آيالند» بشمال كندا‪.‬‬

‫وفاة داريو فو الكاتب املسرحي حائز جائزة نوبل لآلداب‬ ‫ميالن‪ :‬توفي الكاتب واملمثل املسرحي والحائز على‬ ‫ج��ائ��زة ن��وب��ل ل �ل�آداب ع��ن ع�م��ر ن��اه��ز ‪ 90‬ع��ام��ا في‬ ‫مستشفى في مدينة ميالن اإليطالية في يوم كان من‬ ‫املتوقع اإلعالن عن اسم الفائز بجائزة نوبل لآلداب لعام ‪.2016‬‬ ‫ونال داريو فو جائزة نوبل لآلداب في ‪ 1997‬أي منذ ‪ 19‬عاما‪.‬‬ ‫ويعتبر داريو الكاتب اإليطالي السادس واألخير الذي تمكن‬ ‫من الفوز بجائزة نوبل لآلداب‪.‬‬ ‫وتضم قائمة الحائزين اإليطاليني على جائزة نوبل ل�لآداب‬ ‫ج��وزوي��ه ك��اردوت�ش��ي (‪ ،)1906‬وغراتسيا ديليدا (‪،)1926‬‬ ‫ولويجي بيرانديلو (‪ ،)1934‬وسالفاتوري كوازيمودو (‪،)1959‬‬ ‫وأوجينيو مونتالي (‪.)1975‬‬ ‫واش�ت�ه��ر داري� ��و ف��و ب�ن�ق��ده ال�س�ي��اس��ي ال�س��اخ��ر ال ��ذي يمكن‬ ‫مالحظته في عروضه املسرحية ورواي��ات على غ��رار «موت‬ ‫فوضوي صدفة»‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬


‫عظيمة‪ ،‬وبرهان جديد على هدف الصفويني من‬ ‫زرع جماعة الحوثي في اليمن»‪.‬‬ ‫ونددت مملكة البحرين بشدة بإطالق امليليشيات‬ ‫االنقالبية في اليمن الصاروخ الباليستي باتجاه‬ ‫م�ن�ط�ق��ة م �ك��ة امل �ك��رم��ة‪ .‬وق��ال��ت وزارة ال�خ��ارج�ي��ة‬ ‫القطرية‪ ،‬في بيان لها إن «إطالق صاروخ باتجاه‬ ‫ً‬ ‫مكة املكرمة‪ ،‬يعد اع�ت� ً‬ ‫سافرا على حرمة هذا‬ ‫�داء‬ ‫ً‬ ‫البلد واملقدسات اإلسالمية‪ ،‬واستفزازا ملشاعر‬ ‫ماليني املسلمني حول العالم»‪.‬‬ ‫وأوض ��ح م�ص��در م �س��ؤول ف��ي وزارة ال�خ��ارج�ي��ة‬ ‫الكويتية‪ ،‬في بيان نشرته وكالة األنباء الكويتية‪ ،‬أن‬ ‫«استهداف قبلة املسلمني يعد استفزازا ملشاعرهم‬ ‫وتجاهال لحرمة هذه البقعة املباركة واستخفافا‬ ‫ب��امل �ق��دس��ات اإلس�ل�ام �ي��ة»‪ .‬وأب� ��دى ال��دك �ت��ور عبد‬ ‫اللطيف الزياني‪ ،‬األمني العام ملجلس التعاون لدول‬ ‫الخليج العربية‪ ،‬إدانة املجلس واستنكاره الشديدين‬ ‫الستهداف امليليشيات الحوثية وأعوانهم منطقة‬ ‫مكة املكرمة بصاروخ باليستي‪.‬‬ ‫وتساءل وزي��ر الخارجية اإلم��ارات��ي‪ ،‬عبد الله بن‬ ‫زاي��د‪ ،‬عبر حسابه في «تويتر»‪« :‬النظام اإليراني‬ ‫يدعم جماعة إرهابية تطلق صواريخها على مكة‬ ‫املكرمة‪ ...‬هل هذا النظام إسالمي كما يدعي؟»‪.‬‬ ‫وفي مصر‪ ،‬أدان األزهر إطالق امليليشيات الحوثية‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫باليستيا ت�ج��اه منطقة مكة املكرمة‪،‬‬ ‫ص��اروخ��ا‬ ‫مؤكدا أنه «إجرام خبيث ال يمكن أن يحدث ممن‬ ‫في قلبه مثقال ذرة من اإليمان»‪.‬‬ ‫األم�ي�ن ال �ع��ام ل�ج��ام�ع��ة ال� ��دول ال�ع��رب�ي��ة‪ ،‬أح �م��د أب��و‬ ‫ال�غ�ي��ط‪ ،‬أدان ب��أش��د ال �ع �ب��ارات اس�ت�ه��داف جماعة‬ ‫الحوثى مدينة مكة امل�ك��رم��ة‪ ،‬مشيرا إل��ى أن هذا‬ ‫العمل الشائن يمثل انتهاكا غير مقبول لحرمة‬ ‫األراضي املقدسة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وعد أحمد بن محمد الجروان‪ ،‬رئيس البرملان العربي‪،‬‬ ‫استهداف ميليشيا الحوثي مكة املكرمة بصاروخ‬ ‫باليستي أطلقه االنقالبيون من منطقة صعدة في‬ ‫اليمن وتم اعتراضه وإسقاطه من قبل قوات التحالف‬ ‫العربي‪ ،‬عمال إجراميا شنيعا بكل معاني الكلمة‪..‬‬ ‫كما نددت بعملية االستهداف‪ ،‬بأشد العبارات‪ ،‬عدة‬ ‫دول؛ من بينها األردن وباكستان وتركيا‪.‬‬ ‫وفي لندن‪ ،‬أدان��ت جمعية علماء بريطانيا بشدة‬ ‫اس�ت�ه��داف ميليشيات ال�ح��وث��ي وأع��وان �ه��م «مكة‬ ‫امل�ك��رم��ة»‪ ،‬ب�ص��اروخ‪ ،‬وق��ال الشيخ حافظ رباني‪،‬‬ ‫رئيس الجمعية‪ ،‬إن ما ح��دث من استهداف ملكة‬ ‫املكرمة جريمة كبرى مثل الجريمة التي حدثت‬ ‫في عهد أبرهة قبل اإلسالم‪ّ ،‬‬ ‫وعد رباني االعتداء‬ ‫السافر انتهاكا من قبل عمالء النظام اإليراني في‬ ‫اليمن لحرمة بيت الله الحرام وأشرف وأقدس بقعة‬ ‫على وجه األرض‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬استنكرت الحكومة اليمنية العملية‪،‬‬ ‫وع��دت ذل��ك اعتداء سافرا ومستفزا يتجاوز في‬ ‫نوعيته ومستواه كل الجرائم واألعمال اإلرهابية‪،‬‬ ‫وينتهك جميع الحرمات والقيم واملواثيق والعهود‬ ‫اإلنسانية واألخالقية‪.‬‬

‫لن‬

‫أول حوار‬ ‫تلفزيوني‪..‬‬ ‫مصري ـ إسرائيلي‬

‫للتفاعل مع الكاتب يرجى ارسال‬ ‫تعليقاتكم على الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫أنسى من ذكريات «حرب أكتوبر»‪ ،‬أول حوار تلفزيوني في «استوديو واحد»‬ ‫لبرنامج فرنسي شهير وقتها اسمه « من ملفات الشاشة «وكان معي أستاذ‬ ‫جامعي إسرائيلي ومؤرخ معروف هو شاؤول فريدالندر‪ ،‬وحدد له الثامنة مساء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جميعا أن نحاور أي‬ ‫محرما علينا‬ ‫يوم ‪ 18‬أكتوبر (تشرين األول) ‪ ،1973‬وكان وقتها‬ ‫شخصية إسرائيلية ً‬ ‫وجها لوجه‪.‬‬ ‫وفى تقدير لي في اليوم السابق للموقف‪ ..‬هل أقبل هذه املخاطرة؟ وماذا سيكون رد فعل‬ ‫الرأي العام العربي والقيادة السياسية في بلدي مصر؟‬ ‫وبعثت ببرقية شفرية للرئيس ال�س��ادات قبل ساعة من إذاع��ة البرنامج أفيده بقراري‬ ‫إسرائيلي في برنامج تلفزيوني فرنسي‪.‬‬ ‫ومسؤوليتي عن املشاركة مع ً‬ ‫ومنذ أيام قليلة كنت أتصفح أوراقا من الذكريات عن «حرب أكتوبر ‪ ،»73‬واكتشفت أن‬ ‫ً‬ ‫وتحديدا من العرب في فرنسا‪ ..‬كيف أقبل‬ ‫هذا الحديث أثار وقتها اعتراضات كثيرة‪،‬‬ ‫مشاركة إسرائيلي في حوار تلفزيوني؟‬ ‫وكانت وجهة نظري أنه جاء الوقت لنقبل املواجهة مع الطرف اإلسرائيلي‪ ،‬ال سيما أن الرأي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العام الغربي كان ً‬ ‫دائما رافضا ملقاطعتنا للحوار مع اإلسرائيليني‪ ،‬وكان رهانا مني أن‬ ‫ّ‬ ‫أفضل أن أكسب الرأي العام الغربي الذي لم نكسبه ً‬ ‫يوما بسبب سياسة املقاطعة املستمرة‪،‬‬ ‫فضال عن ثقتي في قوة الدفاع عن قضية حق من يريد أن يطالب بتحرير أرضه املحتلة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫معنويا سيذكر الفرنسيني بعصر «املقاومة» أثناء الحرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وأن موقفي‬ ‫وك ��ان م��ن ح�س��ن ح�ظ��ي أن أدار ال�ل�ق��اء التلفزيوني ص��دي��ق إع�لام��ي ف��رن�س��ي م�ع��روف‬ ‫بموضوعيته هو جان فرانسوا شوفيل‪ ،‬وللعلم فإن الرئيس السادات لم يرد على برقيتي‬ ‫بقبول أو رفض اللقاء التلفزيوني مع اإلسرائيلي‪ .‬وأعترف هنا بأن اختياري أن أبعث إلى‬ ‫الرئيس ببرقيتي املشفرة قبل ساعة فقط من بداية البرنامج التلفزيوني؛ إذ لم يكن هناك‬ ‫وقت‪ ،‬كان ً‬ ‫نوعا من الخبث!‬ ‫وعلق الرئيس السادات على موقفي عندما التقيت به بعد شهور‪« :‬أما وقد صرحت بقبولك‬ ‫تحمل املسؤولية‪ ،‬فقد حسمت املوضوع بأنه إذا خسرت الرهان مع اإلسرائيلي في حوار‬ ‫(تلفزيون باريس)‪ ،‬فستدفع الثمن‪ ،‬وأنا أفضل من يقبلون ً‬ ‫مقدما تحمل املسؤولية»‪.‬‬ ‫واآلن أنتقل إلى مضمون الحوار التلفزيوني بيني وبني الكاتب اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫في بداية الحوار صارحت جمهور املستمعني من فرنسا وبعض الدول األوروبية بقولي‪ :‬من‬ ‫حقكم أن تعرفوا ملاذا قبلت الحوار مع اإلسرائيلي ألول مرة‪ .‬هذه األسباب أولها رغبة كثير‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من األصدقاء الذين قضوا وقتا طويال من عمرهم يناضلون لعودة السالم إلى هذه املنطقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأردت أيضا أن أستجيب إلى رغبة الكاتب الفرنسي الشهير جان دانيال ‪ ،‬الذي تضامن‬ ‫طوال عمره مع استقالل شعوب هذه املنطقة وحصولها على تحرير أراضيها املحتلة‪،‬‬ ‫والذي أعلن في تصريح أخير له‪« :‬أود أن أرى أصدقائي العرب يوحدون لغتهم‪ ،‬وأن يطالبوا‬ ‫في الوقت نفسه بتحرير أراضيهم‪ ،‬وأن يذهبوا إلى طريق السالم»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأض �ي��ف أي��ض��ا أن�ن��ي قبلت ال �ح��وار ألن�ن��ي أردت أن أستجيب لبعض ش�ب��اب املثقفني‬ ‫اإلسرائيليني الذين لم يتوقفوا منذ عامني عن أن يبعثوا ّ‬ ‫إلي برسائل‪ ،‬مطالبني بالتعاون‬ ‫بيننا‪ ،‬في الوقت نفسه الذي أدان��وا فيه احتالل األراض��ي العربية‪ ،‬وكان جزء مهم منهم‬ ‫ينتمون إلى مجموعة «السالم اآلن»‪ .‬وكان يجب ّ‬ ‫علي أن أستجيب إلى رغبتهم في التعاون‬ ‫والتواصل‪..‬‬ ‫قاطعني فريد الندر‪ ،‬بقوله‪« :‬أنت مشهور بأنك تحتكر وقت الشاشة‪ ،‬فأرجوا أن تترك‬ ‫ً‬ ‫لي وقتا‪.»..‬‬ ‫وق��ال املحاور اإلسرائيلي‪« :‬يهمني أن أوض��ح أن املشكلة الحقيقية ليست أن إسرائيل‬ ‫مجتمع يستعد ً‬ ‫دائما للحرب‪ ،‬ولكنها مضطرة للدفاع عن نفسها ما دام جيرانها العرب‬ ‫ال يعترفون بها‪ .‬إنها مأساة لنا ولكم»‪.‬‬ ‫وأضاف املحاور اإلسرائيلي‪« :‬حقيقي أن الرئيس املصري أعلن أمام البرملان املصري أن‬ ‫(الهدف من الحرب هو تحرير األراضي املحتلة)‪ ..‬ولكنه لم يكتف بذلك‪ ،‬ألنه أضاف أنه‬ ‫(يجب االعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني)‪ ،‬وهذا يعني بالنسبة لنا أن (السادات يريد‬ ‫هدم دولة إسرائيل)»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ورددت على‪ ،‬فريد الندر قائال‪« :‬حينما يتكلم السادات عن السالم‪ ،‬فإن كل رجل حر في‬ ‫العالم سيأخذ بجدية كل كلمة يقولها‪ ،‬ال سيما أن كلمة (السالم) بالنسبة له تعني إعادة‬ ‫بناء وتنمية الكيان املصري‪ .‬ولكني أتحفظ على ما تصفونه بكلمة (األمن اإلسرائيلي‬ ‫وحدوده)»‪.‬‬ ‫وعلق الندرعلى كلمتي بقول‪« :‬ي��ا دكتور السمان؛ أن��ا أعرفك منذ سنوات‪ ،‬وسبق أن‬ ‫تناقشنا ً‬ ‫معا‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فأنا ال أش��ك في حسن نية كلماتك وأف�ك��ارك‪ !..‬ولكن تفسير‬ ‫الكلمات شيء‪ ،‬واألفكار شيء آخر!»‪.‬‬ ‫وفوجئت بـ فريد الندر يقول‪« :‬إنني سعيد بكلماتكم التي أسمعها الليلة»‪.‬حينما ننظر إلى‬ ‫كلمات وأفكار الحوار املتبادل بيني وبني املفكر اإلسرائيلي‪ ،‬وما حققه من نتائج إيجابية‬ ‫ً‬ ‫جميعا حينئذ أن نعترف بأن الحوار‪ ،‬والحوار األمني‪ ،‬هو وحده‬ ‫بالنسبة لنا‪ ،‬فمن حقنا‬ ‫السبيل والضمان لكسب أي معركة فكرية مع الخصم‪.‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪5‬‬


‫موجة غضب عاملية وإسالمية عارمة جراء استهداف طهران وانقالبيي اليمن «مكة املكرمة»‬

‫أبرهة الحوثي يستفز مشاعر أكثر من مليار ونصف املليار مسلم‬

‫ل��ن��دن – «امل��ج��ل��ة»‪ :‬اس��ت��ه��دف��ت ميليشيات‬ ‫الحوثي وصالح في ‪ 28‬أكتوبر (تشرين‬ ‫األول) امل�����اض�����ي‪ ،‬م��ن��ط��ق��ة م���ك���ة امل���ك���رم���ة‬ ‫ب���ص���اروخ ب��ال��ي��س��ت��ي دم���رت���ه ق����وات ال���دف���اع ال��ج��وي‬ ‫السعودية‪ ،‬واستهدفت منصة إطالقه‪ ،‬وفقا لبيان‬ ‫صدر عن تحالف دعم الشرعية في اليمن‪.‬‬ ‫وتوالت ردود الفعل الغاضبة واملستنكرة من الدول‬ ‫واملنظمات اإلسالمية والعربية‪ ،‬للعمل الشائن الذي‬ ‫أقدمت عليه امليليشيات الحوثية واملخلوع صالح‪.‬‬ ‫ف��ي ال��ري��اض‪ ،‬ق��ال وزي���ر ال��خ��ارج��ي��ة ال��س��ع��ودي‪ ،‬إن‬

‫‪4‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫«جماعة الحوثي وصالح املدعومة من إيران لم تراع‬ ‫ً‬ ‫إال وال ذمة باستهدافها البلد الحرام‪ ،‬مهبط اإلسالم‬ ‫وقبلة املسلمني ح��ول ال��ع��ال��م»‪ ،‬وذل���ك عبر تغريدة‬ ‫ف��ي ح��س��اب��ه ع��ل��ى م��وق��ع «ت��وي��ت��ر»‪ .‬وم���ن واش��ن��ط��ن‪،‬‬ ‫ق��ال م��ص��در ف��ي ال��خ��ارج��ي��ة األم��ي��رك��ي��ة‪« :‬ي��س��اورن��ا‬ ‫قلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث ع��ن ضربة‬ ‫صاروخية استهدفت األراضي السعودية»‪ ،‬مضيفا‬ ‫أن «كل دولة لها الحق في تأمني حدودها وسيادتها‪،‬‬ ‫وأي م��خ��ال��ف��ة ل��ذل��ك غ��ي��ر م��ق��ب��ول��ة وت��ش��ك��ل انتهاكا‬ ‫للقانون الدولي»‪.‬‬

‫وأكد املصدر أن الواليات املتحدة «مستعدة للعمل‬ ‫بشكل مشترك م��ع السعودية ل���ردع وم��واج��ه��ة أي‬ ‫تهديد خارجي لسالمتها اإلقليمية‪ ،‬ونحن نقف إلى‬ ‫جانب ذلك بالتأكيد»‪ ،‬الفتا إلى مواصلة واشنطن حث‬ ‫جميع األط��راف على قبول تمديد هدنة وقف النار‪،‬‬ ‫وأن ذل��ك س��وف يساعد على خلق مساحة للتقدم‬ ‫نحو تسوية سياسية للصراع‪ .‬في حني استنكرت‬ ‫ه��ي��ئ��ة ك��ب��ار ال��ع��ل��م��اء ف���ي ال��س��ع��ودي��ة االس���ت���ه���داف‪،‬‬ ‫ووصفته بأنه «جريمة عظيمة»‪ ،‬وقالت الهيئة في‬ ‫حسابها على «تويتر»‪« :‬التعرض للحرمني جريمة‬


‫‪..‬‬ ‫رساله المحرر‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫سلمان بن يوسف الدوسري‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬ ‫‪Acting CEO of NASHR Co.‬‬

‫<‪Salman^¤ 7yG* Ò* ^d‬‬ ‫‪Aldossary‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫ﻣﺴﺆول ﻣﻜﺘﺐ اﳋﻠﻴﺞ‬

‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫‪Editor-in-Chief‬‬ ‫‪¥E¢ 6^G* £ }H‬‬ ‫اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬ ‫‪ĴĽŬ ĚŠĴĽŤ ŚťšũŤē źIJżřŭĝŤē ĺżĐĴŤē‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫ﺳﻜﺮﺗﲑ ‪of‬‬ ‫‪NASHR Co.‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬ ‫‪+y:a ` 3x3Na - M k 1fM‬‬

‫«جاستا» أرجنتيني‬ ‫واقعي ملقاضاة‬ ‫النظام اإليراني‬

‫‪ǀżȤƾƪƵƴŽ‬‬ ‫‪Acting CEO‬‬ ‫‪of NASHR Co.‬‬

‫‪ΔϤϠϛ ϰϠϋ ΪϳΰΗ ϻ΃ ΐΠϳ ΕϻΎϘϤϟ΍ ϊϴϤΟ ΔχϮΤϠϣ HGLWRULDO#PDMDOOD FRP ϲϧϭήΘϜϟϹ΍ ΪϳήΒϟ΍ ϰϠϋ ΔϠγ΍ήϤϟ΍ ϰΟήϳ ˯΍έ΁ ϭ΃ ΕϻΎϘϣ ϝΎγέϹ‬‬ ‫‪Omar A. Alshaikh‬‬

‫سكرتري التحرير‬ ‫‪ ȝƾżȚǍƄŵȚ‬‬

‫تلتقي سبايا «داعش»‬ ‫في كركوك‪ ..‬وشهادات حصرية‬ ‫بعد «موقعة املوصل»‬

‫ياسمني عبد العزيز‪:‬‬ ‫أسرتي سبب ابتعادي‬ ‫عن الشاشة الصغيرة‬

‫جون كيري‪ :‬هذا ما قدمته الخارجية األميركية للعالم‬

‫‪ZZZ LVVXX FRP PDMDOOD ΔϴϧϭήΘϜϟϻ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ VXEVFULSWLRQV#PDMDOOD FRP ˰Α ϝΎμΗϻ΍ ϰΟήϳ ˬΔϴϤϗήϟ΍ ΔόΒτϟ΍ ϲϓ ϙ΍ήΘηϼϟ‬‬

‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمرب (تِ ـشرِين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1625 November 2016‬‬

‫انعدام ثقة بني املقاتلني اللبنانيني في «حزب الله» وإيران‬

‫‪ ϡΎψϧ ϱ΃ ϲϓ ΎϬϨϳΰΨΗ ϭ΃ ΎϬϨϣ ˯ΰΟ ϱ΃ ϭ΃ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϋΎΒσ ΓΩΎϋ· ϝ΍ϮΣϷ΍ Ϧϣ ϝΎΣ ϱ΄Α ίϮΠϳ ϻϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ΓΪΤΘϤϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϋ έΪμΗ ϲΘϟ΍ ΔϠΠϤϟ΍ ΔϠΠϤϟ ΔχϮϔΤϣ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬ ‫‪ ϲϘϠΘϟ ˱ΎϳήϬη ΔϠΠϤϟ΍ έΪμΗϭ ΓΩϭΪΤϣ Δϛήη ϖϳϮδΘϟ΍ϭ ΙΎΤΑϸϟ ΔϳΩϮόδϟ΍ Δϛήθϟ΍ Ϧϣ ϖΒδϣ ΢ϳήμΗ ϰϠϋ ϝϮμΤϟ΍ ϥϭΩ ϪΑΎη Ύϣ ϭ΃ ΎϬϠϴΠδΗ ϭ΃ ΎϫήϳϮμΗ ϭ΃ Δϴϟ΁ ϭ΃ ΔϴϧϭήΘϜϟ· ΔϠϴγϭ ϱ΃ ϭ΃ ΓέϮλ ϱ΄Α ΎϬϠϘϧ ϭ΃ ϲϋΎΟήΘγ΍‬‬ ‫‪ZZZ PDMDOOD FRP ΓέΎϳί ϰΟήϳ ˬϲϤϗήϟ΍ ϙ΍ήΘηϻ΍ Ε΍έΎδϔΘγ΍‬‬

‫‪ Ώ΁ βτδϏ΃ ΩΪόϟ΍‬‬

‫مصطفى الدسوقي‬

‫‪ϰμμΨΘϟ΍ ϊσΎϘΗ ΔϜϣ ϖϳήσ Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ νΎϳήϟ΍ ΎϬϟ κΧήϣ‬‬ ‫ ‪ ϥΪϨϟ ϒΗΎϫ νΎϳήϟ΍‬‬

‫‪ $ 0RQWKO\ 3ROLWLFDO 1HZV 0DJD]LQH‬‬

‫‪ZZZ PDMDOOD FRP HQJ‬‬

‫‪ ϲϧϼϋϹ΍ ϞϴϛϮϟ΍‬‬ ‫‪ΕΎϛ΍ήΘηϹ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ΔϋΎΒτϟ΍ ΰϛήϣ‬‬

‫للمشاركة‬

‫ ‪LVVXH $XJXVW‬‬ ‫‪ ++ 6DXGL 5HVHDUFK DQG 0DUNHWLQJ 8. /WG‬‬ ‫ ‪$UDE 3UHVV +RXVH +LJK +ROERUQ‬‬ ‫‪/RQGRQ :& 9 $3‬‬ ‫ [‪7HO )D‬‬

‫حمالت إعالمية مدفوعة األجر ضد اململكة‬

‫موسم اهلجوم على السعودية‬

‫‪KT#DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ ˬZZZ DONKDOHHMLDK FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬ ‫‪ ϝϭΪϟ΍ ϒϠΘΨϣ Ϧϣϭ ˬ ϥΪϨϟ ˬ βϳέΎΑ ˬ ϲΑΩ ˬ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϞΧ΍Ω Ϧϣ‬‬

‫إلرسال مقاالت أو آراء يرجى املراسلة على البريد اإللكتروني‬ ‫‪ ϲϧΎΠϣ ϒΗΎϫ ˬZZZ DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ LQIR#DUDEPHGLDFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ΪϳήΑ‬كلمة‬ ‫‪ editorial@majalla.com‬ملحوظة‪ :‬جميع املقاالت يجب أال تزيد على ‪800‬‬

‫‪ ˬ βϛΎϓ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι Ε΍ήϤΗΆϤϟ΍ ϲΣ ΔϳΩϮόδϟ΍ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϜϠϤϤϟ΍ ϲϓ ϊϳίϮΘϟ΍ Ϟϴϛϭ‬‬ ‫‪ZZZ VDXGLGLVWULEXWLRQ FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ‬‬

‫اشتراكات‬

‫االتصال بـ‪subscriptions@majalla. :‬‬ ‫لالشتراك في الطبعة الرقمية‪ ،‬يرجى‬ ‫�شركات ن�شر‬ ‫‪ com‬لالشتراك في االلكترونية‪www.issuu.com/majalla :‬‬

‫ ‪ZZZ KDODSULQWFR FRP ϲϧϭήΘϜϟ· ϊϗϮϣ ˬ βϛΎϓ ˬ ϒΗΎϫ ˬ νΎϳήϟ΍ Ώ ι‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬

‫‪ΔϋϮϤΠϤϟ΍ ΕΎϛήη‬‬

‫‪áeÉ©dG äÉbÓ©dGh ¿ÓYEÓd á«é«∏ÿG‬‬

‫‪www.srpc.com‬‬

‫‪www.sspc.com.sa‬‬

‫‪www.arabmediaco.com‬‬

‫حقوق النشر محفوظة ملجلة املجلة ‪ 2009‬التي تصدر عن الشركة‬ ‫السعودية لألبحاث والتسويق (اململكة املتحدة) شركة محدودة‪.‬‬ ‫‪©ϡϼϋϹ΍ ΕΎϣΪΨϟ ϥϮϴΒϳήΗª Δϛήθϟ‬‬ ‫املجلة أو أي جزء‬ ‫وال يجوز بأي حال من األحوال إعادة طباعة‬ ‫‪ ϲϧΎΠϤϟ΍ ϒΗΎϬϟ΍ ϰϠϋ ϝΎμΗϹ΍ ϰΟήϳ ˬΕΎϣϮϠόϤϟ΍ Ϧϣ ΪϳΰϤϟ΍ ϰϠϋ ϝϮμΤϠϟ‬‬ ‫‪ ©ΔϠΠϤϟ΍ª ΔμΧήϣ ΔϴΑήόϟ΍ ΔϐϠϟΎΑ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ήθϨϟ΍ ϕϮϘΣ‬في أي نظام استرجاعي أو نقلها بأي صورة أو‬ ‫منها أو تخزينها‬ ‫أي وسيلة إلكترونية أو آلية أو تصويرها أو تسجيلها أو ما شابه‬ ‫دون الحصول على تصريح مسبق من الشركة السعودية لألبحاث‬ ‫والتسويق (شركة محدودة)‪ .‬وتصدر املجلة شهريًا‪ .‬لتلقي‬ ‫استفسارات االشتراك الرقمي‪ ،‬يرجى زيارة ‪www.majalla.com‬‬ ‫\‪6DXGL 6SHFLDOL]HG 3XEOLVKLQJ &RPSDQ‬‬

‫‪ ΔχϮϔΤϣ ΕΎϋϮΒτϤϟ΍ ϩάϬϟ ϊϳίϮΘϟ΍ ϕϮϘΣ‬‬

‫مرخص لها الرياض ‪ -‬حي املؤتمرات ‪ -‬طريق مكة ‪-‬‬ ‫تقاطع التخصصى‬ ‫الرياض‪ :‬هاتف ‪ - 4419933‬لندن‪+44 207 831 8181 :‬‬

‫يرجى إرسال تعليقاتكم‬ ‫على الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪editorial@majalla.com‬‬

‫«موسم الهجوم على السعودية»‬ ‫أصبحت هذه الجملة من التعبيرات السياسية املستقرة في أدبيات الصحافة‬ ‫السياسية الغربية‪ ..‬فهل نعيش هذه األيام موسم الهجوم على السعودية‪ ،‬الذي‬ ‫يتكرر كل فترة كلما ّ‬ ‫عن إليران الضغط عليها عبر اللوبيات الفارسية املنتشرة‬ ‫في بعض مراكز األبحاث األميركية واملدعومة ببعض القنوات التلفزيونية في‬ ‫بئر حسن اللبنانية أو املواقع اإللكترونية املنتشرة على الشبكة العنكبوتية‪..‬‬ ‫الجديد في هذا املوسم أن كل هذه الوسائل ترافقت وصدور قانون «العدالة ضد‬ ‫رعاة اإلرهاب» أو ما يعرف بـ«جاستا» يوم ‪ 28‬سبتمبر (أيلول) املاضي‪ ،‬الذي‬ ‫يسمح للمحاكم الفيدرالية األميركية بممارسة االختصاص الشخصي على‬ ‫ً‬ ‫واسعا أمام اضطراب سياسي‬ ‫أي دولة أجنبية‪ ،‬وهو القانون الذي يفتح الباب‬ ‫إرضاء للوبي اإليراني ً‬ ‫ً‬ ‫رغما عن كل املؤسسات الدولية املنددة‪ ،‬بل‬ ‫ودبلوماسي‬ ‫ً‬ ‫ورغما عن الفيتو الرئاسي األميركي نفسه‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نعم‪ ،‬هوً موسم الهجوم على السعودية؛ نظاما ودورا إقليميا وحضورا دوليا‪..‬‬ ‫ومحاولة من «املجلة» لرصد تفاصيل هذا املوسم‪ ،‬وبمشاركة الزمالء يوسف‬ ‫الديني من جدة‪ ،‬وجوزيف براودي من نيويورك‪ ،‬وفايزة دياب وحال نصر الله من‬ ‫بيروت‪ ،‬وممدوح الشيخ من الشارقة‪ ،‬باإلضافة إلى الزمالء في القسم السياسي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جميعا تعرف أسباب هذا الهجوم ومكوناته؛ خاصة ما تمارسه بعض‬ ‫حاولنا‬ ‫القنوات التلفزيونية امل��أج��ورة املوالية لـ«حزب الله» وطهران والنظام السوري‪،‬‬ ‫والتي تنتشر مكاتبها في املدينة اإلعالمية اإليرانية في بيروت (بئر حسن) التي‬ ‫يحرسها عناصر ما يسمى «حزب الله» ويدعهما الحرس الثوري اإليراني إلحياء‬ ‫النعرات الطائفية والفنت املذهبية في اإلقليم‪ .‬وليس ً‬ ‫بعيدا عن ذلك خاليا النحل‬ ‫اإللكترونية التي تعمل على مدار الساعة عبر مواقع التواصل االجتماعي خاصة‬ ‫معاد‬ ‫«فيسبوك» و«تويتر»‪ ،‬في التهجم على السعودية في محاولة لصنع رأي عام ٍ‬ ‫لها والترويج لسياساتها وأذرعها امليليشياوية في لبنان وسوريا والعراق واليمن‬ ‫من أجل تعزيز النفوذ اإليراني لتنفيذ مخططها التوسعي في العالم العربي‪..‬‬ ‫عمال على هذه املحاور تسعى املجلة في هذا العدد إلى رصد بعض الحقائق بشأن‬ ‫اإلعالم املوجه ضد السعودية وتحليل طبيعة املوقف السعودي ورؤية الغرب حول‬ ‫هذه القضية‪ ،‬وذلك عبر لقاءات مع متخصصني في اإلعالم والسياسة الخارجية‬ ‫في الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬مع دراسة الخطاب العام األميركي ومالمح الخطاب‬ ‫اإلعالمي الفارسي املأجور‪..‬‬ ‫إض��اف��ة إل��ى ذل���ك‪ ،‬ت��ق��دم «امل��ج��ل��ة» مجموعة م��ن امل��ق��االت وامل��ل��ف��ات والتحقيقات‬ ‫والتقارير السياسية واالقتصادية‪ ،‬كما تعرض معالجات متميزة ألب��رز وأهم‬ ‫األحداث والقضايا الثقافية والفنية واالجتماعية والرياضية‪.‬‬ ‫في عدد هذا الشهر‪ ،‬ندعوك عزيزي القارئ ملتابعة هذه املوضوعات وغيرها الكثير‬ ‫على موقعنا «‪ ،»majalla.com‬كما نرحب ً‬ ‫دائما بآرائك وتعليقاتك‪ ،‬أو االتصال‬ ‫بنا إذا رغبت في التواصل معنا‪.‬‬

‫الوكيل اإلعالني‬ ‫موقع إلكتروني‪،www.alkhaleejiah.com :‬‬ ‫بريد إلكتروني‪hq@alkhaleejiah.com :‬‬ ‫من داخل اململكة ‪ ،920 000 417 :‬دبي‪+ 9714 3 914440 :‬‬ ‫باريس‪ +00764 537 331 :‬لندن‪+44 207 404 6950 :‬‬ ‫ومن مختلف الدول ‪+966 11 441 1444 :‬‬

‫وكيل اإلشتراكات‬ ‫بريد إلكتروني‪info@arabmediaco.com :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.arabmediaco.com :‬‬ ‫هاتف مجاني‪2440076-800 :‬‬

‫‪A Monthly Political News Magazine‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬ ‫‪HH Saudi Research and Marketing (UK) Ltd‬‬ ‫‪Arab Press House, 184 High Holborn, London WC1V 7AP‬‬ ‫‪Tel : +44 207 831 8181 - Fax: +44 207 831 2310‬‬ ‫حقوق التوزيع لهذه املطبوعات محفوظة لشركة «تريبيون لخدمات اإلعالم»‬ ‫حقوق النشر لهذه املطبوعات باللغة العربية مرخصة «املجلة»‬

‫شركات نشر‬

‫وكيل التوزيع‬ ‫وكيل التوزيع في اململكة العربية السعودية حي املؤتمرات ‪-‬‬ ‫ص‪.‬ب ‪ - 62116‬الرياض ‪ ،11585‬هاتف‪+966 11 4419933 :‬‬ ‫فاكس‪+ 966 11 2121774 :‬‬ ‫موقع إلكتروني‪www.saudidistribution.com :‬‬

‫‪Saudi Specialized‬‬ ‫‪Publishing‬‬ ‫املتخصص‬ ‫السعودية للنشر‬ ‫‪ Company‬الشركة‬

‫للحصول على املزيد من املعلومات‪ ،‬يرجى اإلتصال على الهاتف املجاني ‪8002440014‬‬

‫‪www.majalla.com/eng‬‬ ‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪3‬‬


‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ِ(تـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1625 November 2016‬‬

‫تكبد الدولة خسائر سياسية‬ ‫واقتصادية يف الداخل واخلارج‬

‫اإلعالم املصري يثير «التهويل والفزع»‬ ‫وبرامج تسيء لعالقات القاهرة بالعرب‬ ‫مراسل «واشنطن بوست» يتهم السلطات‬ ‫اإليرانية بممارسة اإلرهاب‬

‫جيسون رضائيان يروي كيف تعرض‬ ‫لالغتيال النفسي واالعتقال في سجن‬ ‫إيفني مدة ‪ً 18‬‬ ‫شهرا‬

‫ً‬

‫إلى أين يتجه االقتصاد الروسي‪ ..‬هل يتداعى أم يبقى صامدا؟ ‪86‬‬

‫قال إن فكرة توريث احلكم بالعالم العربي‬ ‫باتت من املاضي‬

‫حركتك تعتمد على صحة كاحلك‬

‫عبد العزيز رحابي‪ :‬املعارضة بالجزائر‬ ‫تعاني تضييقات ال حصر هلا‬ ‫الدينار يتهاوى أمام الدوالر‪ ..‬ومصري‬ ‫واردات النفط لم يحسم بعد‬

‫االقتصاد الليبي يدفع ضريبة‬ ‫الخالفات السياسية‬

‫‪110‬‬

‫‪88‬‬ ‫يابان جديدة عام ‪ .. 2017‬منوذج مثالي سيطرح أمام العالم ‪32‬‬

‫مقاالت الرآي‬ ‫أول حوار تلفزيوني‪..‬‬ ‫مصري ‪ -‬إسرائيلي‬ ‫بقلم‪ :‬علي السمان‬

‫مع وجود عون‪ ..‬دالالت على‬ ‫استحواذ «حزب الله» على السلطة‬ ‫يف لبنان‬

‫ظاهرة االنتحار يف إيران‬

‫‪32‬‬ ‫‪72‬‬

‫بقلم‪ :‬طوني بدران‬

‫ملاذا يختلف صعود الدوالر األمريكي‬ ‫اآلن بالنسبة لالحتياطي الفيدرالي؟‬ ‫بقلم‪ :‬محمد العريان‬

‫سليماني صانع الرجال‪..‬‬ ‫فتأمل احلال‬ ‫بقلم‪ :‬رشيد ُّ‬ ‫اخليون‬

‫‪2‬‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمبر ( ِتـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫سهل حشيش‪ ..‬طابع أسطوري على شاطئ البحر األحمر ‪108‬‬

‫«تايتانيك بالعربي»‪ ..‬تجربة سينمائية لجمهور اإلنترنت‬

‫‪105‬‬


‫داخل العدد‬

‫اهلتاف األخري ألنجيال مريكل‪ ..‬ونهاية‬ ‫محتملة حلياتها السياسية البارزة‬

‫‪48‬‬

‫مقربون من «أبو مازن» يدعونه‬ ‫لالسرتاحة‪ ..‬وجدل حول خالفته‬

‫‪52‬‬

‫بعد قرار التعويم‪ ..‬اجلنيه املصري‬ ‫يف «غرفة اإلنعاش»‬

‫‪94‬‬

‫قصة الغالف‬

‫ترصد قنوات شيعية وسنية متطرفة تهاجم الخليج‬

‫مدينة إعالمية إيرانية‬ ‫بمحيط سفارة طهران في بيروت‬

‫‪10‬‬

‫ملاذا وضعت في مرمى نيران مدافع االدعاءات والحمالت اإلعالمية املغلوطة؟‬ ‫دور النشر العربية الكربى‬ ‫تغيب عن املعرض الدولي‬ ‫للكتاب باجلزائر‬

‫‪102‬‬

‫السعودية‪ ..‬دور سياسي وإنساني‬ ‫وتنموي إقليميا ودولياً‬

‫‪34‬‬



‫«جاستا» أرجنتيني‬ ‫واقعي ملقاضاة‬ ‫النظام اإليراني‬

‫تلتقي سبايا «داعش»‬ ‫في كركوك‪ ..‬وشهادات حصرية‬ ‫بعد «موقعة املوصل»‬

‫ياسمني عبد العزيز‪:‬‬ ‫أسرتي سبب ابتعادي‬ ‫عن الشاشة الصغيرة‬

‫جون كيري‪ :‬هذا ما قدمته الخارجية األميركية للعالم‬ ‫مجلة العرب الدولية‬ ‫تأسست في لندن عام ‪ 1980‬شهرية سياسية‬

‫ْ‬ ‫العدد ‪ 1625‬نوفمرب ِ(تـش ِرين الثاني) ‪2016‬‬

‫‪Issue 1625 November 2016‬‬

‫حمالت إعالمية مدفوعة األجر ضد اململكة‬

‫انعدام ثقة بني املقاتلني اللبنانيني في «حزب الله» وإيران‬

‫موسم اهلجوم على السعودية‬

‫‪11‬‬

‫‪ISSN 1319-0873‬‬

‫‪9 771319 087013‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.