أكثر من جبهة ،ولكنهم على اقتناع أن بقاء األسد سيزيد من تفاقم املشكلة ،خاصة في مسألة االحتقان املذهبي .املوقف األميركي أعاد خلط الكثير من األوراق ،ودفع املنطقة إلى تحالفات جديدة بعضها معلن والبعض اآلخر غير معلن. أما على الصعيد الداخلي فلبنان يمر بأصعب ظروفه االقتصادية ،مع تراجع النمو االقتصادي وازدياد حجم العجز في املوازنة. كما أن الظروف األمنية الصعبة التي يمر بها البلد ،واملواجهة املفتوحة بني حزب الله والدول الخليجية أدت إلى تراجع القطاع السياحي إحدى امل��وارد األساسية القتصاد البلد .أض��ف إل��ى ذل��ك تراجع حجم املال السياسي الوافد إلى األحزاب اللبنانية وبالتالي اضطرار تلك األحزاب إلى التقليص من الخدمات التي كانت تقدمها إلى مناصيريها .هذا من دون إغفال التأثير الكبير ألكثر من مليون الجئ سوري على الخزينة اللبنانية ،واألمن الغذائي في ظل غياب أي خطة جدية ملعالجة أوضاعهم وبقاء املساعدات الدولية للدول واملؤسسات املانحة وعود ال أكثر.
املرشحون للرئاسة املرشحون األبرز للرئاسة ،هم أقطاب املوارنة األربعة :ميشال عون، وسمير جعجع ،وأم�ين الجميل ،وسليمان فرنجية .ه��م مرشحون دائمون عند أوان هذا االستحقاق .لهؤالء األقطاب حيثية مارونية من دون أدن��ى شك ول��و بنسب متفاوتة ،ولكنهم مشكلتهم أنهم ليسوا عابرين للطوائف ،بمعنى أن منهم من ليس مقبوال أب��دا ل��دى بعض الطوائف( ،كسمير جعجع عند الشيعة ،وميشال عون عند السنة)، وليس فقط لرمزية ماضيهما ،بل ألنهما جنحا في الهجوم املستمر على خصومهما من ممثلي الطوائف األخ��رى ،بعد عودتهم للحياة السياسية اللبنانية ،حزب الله في حالة جعجع الخارج من السجن، وتيار املستقبل وسعد الحريري في حالة عون العائد من املنفى .مع العلم أن املرشحني االثنني توددا ولو متأخرين لخصومهما .فالعماد ميشال ع��ون وف��ي ب��ادرة انفتاحية على تيار املستقبل زار الرئيس الحريري في دارته الباريسية تحت عنوان إنقاذ ما تبقى من الدولة اللبنانية .أما جعجع فخاطب حزب الله بواسطة زوجته النائبة ستريدا، في الندوة البرملانية عشية إعطاء الثقة لحكومة الرئيس سالم ،داعيا إياه لحوار عاقل وجدي .هذا دليل القتناع املرشحني األبرزين أنفسهما، إن مركز الرئاسة يجب أن يحظى بدعم أغلبية األط��راف اللبنانية ،ال سيما السنة والشيعة والدرز منها ،كونه رمزا لوحدة الوطن.
أن عون يعلم أن حدود انفتاحه على تيار املستقبل ال يتعدى الطموح الرئاسي ،فتيار املستقبل يعلم هو اآلخر أن حدود انفتاحه على حزب الله لن يتعدى «محاربة اإلرهاب التكفيري» .فعربة لبنان مرتبطة بقطار الحل الشرق األوسطي ،أي بمعنى آخر هو رهن العالقات األميركية اإليرانية .والجميع بات يعرف أن سالح حزب الله ،العقبة األساس في قيام دولة ينحصر السالح واستعماالته في يدها ،لن يكون ثمرة تغيير تحالفات سياسية قد تزيد الوضع صعوبة وتعقيدا خاصة في ظل األزمة الوجودية التي يعيشها حزب الله. لم يستطع النواب من انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة األولى التي دع��ا إليها الرئيس ب��ري ي��وم 23أب��ري��ل (ن�ي�س��ان) امل��اض��ي .فال جعجع يملك األكثرية التي تؤهله لتبؤ الرئاسة وال عون أو من سينوب عنه في الترشح .فرفض قوى « 8آذار» لترشيح سمير جعجع يقابله رف��ض ق��وى « 14آذار» لترشيح ع��ون .ه��ذا األم��ر م��ن شأنه أن يحث األفرقاء اللبنانيني بمساعدة الدبلوماسية الغربية البحث عن مرشح يحظى بقبول أغلبية األف��رق��اء .وهنا قد يبدأ البحث باألسماء األقل استفزازا ،كالنائب روبير غانم أو حاكم مصرف لبنان رياض سالمة أو النائب السابق ج��ان عبيد .قائد الجيش ج��ان قهوجي هو اآلخر مرشح للمنصب .وبني األسماء األربعة تلك ،الكثير من الظروف التي قد تفضي إلى تفضيل اسم معني على آخر.
انفتاح العماد ميشال عون على الرئيس الحريري ،ثم تحالف التيارين في انتخابات نقابة املهندسني ،ومن ثم تصويت الكتلتني النيابيتني على تأجيل البحث في سلسلة الرتب والرواتب ،أطلقت العنان لكثير من التأويل خاصة على أبواب االنتخابات الرئاسية .مع العلم أن تيار املستقبل حريص على « 14آذار» وتماسكها وتوحدها حول مرشح واحد ،ولو هو على قناعة بأن الرئيس القادم سيكون ثمرة تفاهم بني الفرقاء املتخاصمني ،بشكل ال يكون استفزازيا ألي من األطراف ،وهو ما يتماشى مع رغبة املجتمع الدولي في إرس��اء نوع من االستقرار السياسي واألمني في لبنان ،تماما كما حصل مع حكومة الرئيس سالم التي شهدت تنازالت من قبل طرفي اآلذاري�ين 8و 14من أجل وهذا االسم سيكون على الئحة تتقاطع أميركيا وإيرانيا وخليجيا، تسهيل تشكيل الحكومة. غير مستفز لحزب الله أو سالحه ،وله قدرة على «محاربة اإلرهاب التكفيري» من جهة ،ومقاربة األزمات االقتصادية بشكل يسهل عمل رئيس :صنع في لبنان رئيس الحكومة القادمة .قد ينتظر اللبنانيون طويال قبل أن ينتخبوا لبنان» في «صنع رئيسا < من ه��ذا املنظار يمكن فهم انفتاح األف��رق��اء املتخاصمة بعضها مع بعض ،وفي هذا االتجاه تصب االجتماعات التنسيقية بينها ،فتغيير * كاتب ومحلل سياسي وباحث أكاديمي ،مستشار في وسائل اإلعالم واالتصاالت اللبنانية .شارك في تأليف كتاب «لبنان :التحرير والصراعات التحالفات في الوقت الحالي في لبنان وفي ظل الظروف الحساسة التي واألزمات في الشرق األوسط (تحت املجهر)» تعيشها املنطقة والتطورات العسكرية في سوريا أمر غير متاح .فكما
,,
قصر بعبدا الرئاسي
بروز الدور اإليراني في تحديد هوية الرئيس اللبناني املقبل بعد تراجع نفوذ األسد
,,
سمير جعجع
المجلة /العدد 1595أيار -مايو 2014
09