الزعيم املصري أحمد عرابي
حيث قام به الرؤساء الراحلون محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات ،ويتكرر أيضا حينما تولى الجيش تنفيذ إرادة الشعب في فبراير (شباط) ،2011وقام بعزل الرئيس حسني مبارك ،،وأخيرا الفريق أول عبد الفتاح السيسي في يوليو 2013الذي تحمل باقتدار إرادة الشعب ،وقام بعزل الرئيس مرسي. وفي جريدة «الوفد» ،قبيل مظاهرات 30يونيو ،كتب عباس الطرابيلي، يقارن بني حركة «تمرد» وتمرد عرابي ،مقاال بعنوان ..« :وعرابي كان متمردا» ،قال فيه« :كان أحمد عرابي باشا فالحا مصريا من محافظة الشرقية ..وقد يكون أول مصري صميم يصل إلى رتبة العسكرية في الجيش املصري ،فعرابي هو الذي ابتدع الوقفات امليدانية االحتجاجية.. وهو الذي قاد أول مظاهرة عسكرية مصرية ومعه رفقاء النضال في ميدان قصر عابدين ...وأدت حركة تمرد عرابي (العسكرية) ونجاحها األول إلى أن أصبحت املعبر الحقيقي عن أحالم األمة املصرية ..بل تحولت من حركة تمرد عسكرية إلى حركة شعبية تمردية شملت الشعب املصري». وعرابي يحضر مرة أخرى في مقارنة سابقة بالطريقة ذاتها ،حني عقدت ضمن فعاليات معرض الكتاب بالقاهرة سنة 2012ندوة بعنوان «ما بني ثورة عرابي وثورة 25يناير» ،أكد فيها املشاركون أن أوجه التشابه كثيرة بني أول ثورة وطنية في مصر (عرابي) وثورة 25 يناير ،وأن الثورة العرابية كما فعلت ثورة يناير استطاعت أن تجذب إليها فئات الشعب املصري الذي كان بعيدا تماما عما يجري ،فشارك فيها الشباب والشيوخ والنساء والتف الجميع حول عرابي ورفقائه.. «وقد كانت الثورة العرابية هي بداية تاريخ نضالي من مقاومة الظلم والقهر واالحتالل». وهكذا فكل طرف يتمسك بخيط «عرابي» ويجره إلى ناحيته ،على الرغم من اختالف وتضارب االستشهادات فإنها تؤكد وتوضح كم كانت «لحظة عرابي» مرحلة فارقة في الذاكرة والخارطة والتاريخ، وتأسيس طبيعة عالقة الشعب بالجيش. األمر ذاته تكرر من قبل من ثورة يوليو ،ففي كتاب له يحلل ظروف وطبيعة ثورة عبد الناصر ،كتب صالح منتصر في مقدمة كتابه «من عرابي إلى عبد الناصر ..قراءة جديدة للتاريخ» قال فيها« :لقد وجدت
الفريق أول عبد الفتاح السيسي
من الضروري حتى يفهم أي شاب أسرار ثورة يوليو ،أن يتعمق في تاريخها وجذورها ،إنها تعود إلى تلك اللحظة التي رفع فيها أول فالح مصري فأسه ليحفر قناة السويس ،في أول لحظة بدأت املطامع األجنبية توجه أنظارها نحو مصر ،في تلك اللحظة التي وقف فيها عرابي بثورته ضد كل الطامعني واملنتفعني ،ومنذ ذلك التاريخ بدأت مسيرة مصر في بحثها عن استقاللها وحريتها ..فأكمل مشوارها وحمل رايتها عبد الناصر في ثورته ضد الظلم واإلقطاع». وهكذا مع عبد الناصر يتجدد مشهد القائد العسكري الذي يقوم بانقالب يلتف حوله الناس ،ويهتفون باسمه ،وهو يتلمس مطالبهم وينحاز لرغباتهم ،ويهتف في خطبه باسم الشعب ،يتحدث سامح عاشور رئيس الحزب الناصري ،في ذكرى ثورة يوليو قائال« :إنه رغم مرور 60عاما على ثورة 23يوليو فإن أغلبية املصرين ما زالوا يقدرون هذا الحدث املهم الذي يعد امتدادا لثورة عرابي». ولكن إجماع البدايات مع هذا الزعيم العسكري يتحول مع مرور الوقت إلى صراع ومواجهة في كل مرة ،يتذمر الشعب ويشتكي من تلك اللحظة التي شجع فيها هذا القائد ،ويبحث من جديد عن وسيلة للخالص من طوق النجاة الذي استعان به أوال ،فكثير من املحللني والكتاب يرون أن «هوجة» عرابي التي أشادوا بها أوال وفرحوا كانت سببا في أن يقع الشعب املصري تحت االستعمار اإلنجليزي ملصر عام - 1882وإن بغير قصد -أما ثورة يوليو 1952التي خرجت هتافات الجماهير باسم زعيمها عبد الناصر في يوم ثورته ويوم مماته فقد ساهمت في ترسيخ حكم العسكر الذي رزح الشعب املصري تحت وطأته قرابة الستني عاما وخرج ثائرا على منتجاتها في 25يناير ،2011ولكن هذه الثورة ضد حكم العسكر أفرزت حكم اإلخوان، واستبدل املصريون «مرسي» بـ«مبارك» ،فخرجوا عليه بعد أقل من سنة له رافضني ،وجدوا أنفسهم قد استبدلوا بمستبد عسكري آخر مدنيا ،وعادت الحلقة املفرغة دورانها من جديد حني أعلن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بيانه في الثالث من يوليو ،2013مقررا استجابة ملطالب املتظاهرين عزل الرئيس محمد مرسي وبدء مرحلة انتقالية.. مرحلة ال ندري إلى أين ستتجه هذه املرة ،هل ستكرر املشاهد كاملعتاد ويخرج الشعب الذي كان يهتف «يعيش جيش مصر العظيم» ،ليقول كما كل مرة« :يسقط ..يسقط حكم العسكر»؟! <
,,
حني تصل القوى السياسية إلى طرق مسدود على حافة الصدام واالنهيار، يمثل الجيش صمام األمان واملالذ ،لكنه ما يلبث أن يتحول إلى مشكلة وأزمة أخرى
,,
المجلة /العدد 1586أغسطس -آب 2013
39