حتقيق
مشاري الذايدي :الناس في السعودية تريد كغيرها من الشعوب كرامة العيش، وهي كغيرها من الشعوب أيضا قابلة للتطور في الرؤية للحياة والسياسة، لكنها برهنت في األيام األخيرة على وعي -نادر هذه األيام في العالم العربي - مبسألة االستقرار والتمسك بالدولة والوحدة الوطنية ،لذلك لم يعد أصحاب يوم حنني إال بخفي حنني! حزيران .»)2010 ويختم مشاري الذايدي مقاله« :باختصار ..الناس في السعودية تريد كغيرها من الشعوب كرامة العيش، وهي كغيرها من الشعوب أيضا قابلة للتطور في الرؤية للحياة والسياسة ،لكنها برهنت في األيام األخيرة على وعي -نادر هذه األيام في العالم العربي - مبسألة االستقرار والتمسك بالدولة والوحدة الوطنية، لذلك لم يعد أصحاب يوم حنني إال بخفي حنني! قصة املؤامرة السابق للثورات ،كانت املؤامرة هي في العصر ّ ما ينسجه اإلسالميون واملعارضون السياسيون يتخيلون كل حراك ال ّدولة ضمن أجمعني ،فكانوا ّ رقعة شطرجن التي رسمتها دولٌ كبرى ،فكان احلديث عن مؤامرة التغريب ،ومؤامرات حتويل األديان ،وصناعة ال ّديكتاتوريات ..الغريب ،أن كل من كان يؤمن بالنظرية نفض يده عنها ،بعد «الثورات» وتسلمها آخرون ،في لعبة لتبادل األدوار تبدو سمجة. تصدر اإلسالميني للمشهد بعد «الربيع» وفي أكثر من دولة ،بل وبتطابق مذهل في النتائج والتوجهات والطروحات خلق كثيرا من التساؤالت عن عالقة اإلسالم السياسي باملال األجنبي.
الكاتب والصحافي السعودي فهد الشقيران يرى أنه من ناحية نظرية ال يخفى على املراقب وجود انفتاح أميركي وأوروبي جتاه اإلسالميني ،وهذا محل إدراك حتى من الباحثني الغربيني اخملتصني باحلركات األصولية اإلسالمية ودالئل االنفتاح الغربي على األصوليني هذا التقارب الذي يجري بني جماعة اإلخوان املسلمني ببعض فروعها ونسخها ومع الغرب. يرى الشقيران أن هناك أحاديث ودية بني اإلخوان في مصر وبني الواليات املتحدة ،وهذا ينطبق على إخوان تونس ،بل وحتى على إخوان اخلليج« ..اإلخوانيون يريدون امتطاء رياح القرب الغربية إلخافة دولهم التي يعيشون فيها إلثبات أنفسهم كأرقام صعبة ال ميكن جتاهلها أو تهديدها .والدعم الغربي للمنظمات ذات الطابع األصولي والهيمنة اإلخوانية يأتي في سياق هذه الرياح اجلديدة». ويقول« :صيغة اإلخوان املسلمني معروفة ،من أبرز مرتكزاتها سهولة «االمتطاء» ،هناك منظمات امتطوها لتحقيق مآربهم االنقالبية ..وأكادميية التغيير
40
مثال تأتي ضمن سياق آلية االمتطاء اإلخوانية املتبعة. وال شك أن األحداث احلالية العربية فرّخت مرحلة إخوانية أخرى ،أو «والدة إخوانية ثانية في اخلليج» إذ جنّدت الشباب الذين أغرتهم رومانسية االحتجاجات ليكونوا ضمن سياقها ،ولّدت احلالة اإلخوانية من خالل بذرة ما يسمى بجيل الفيس بوك وتويتر الكثير من النبتات اإلخوانية اجلديدة التي زرعت في املؤسسات التي تدعم من الغرب». البديل اآلمن وعن دور املال األجنبي يقول الكاتب والباحث السعودي يوسف الديني« :يكثر احلديث دائما ً عن دور منظمات وتغيب في أحايني أخرى اجملتمع املدني ،تنسج أساطير ّ حقائق وإشارات مهمة ،من وجهة نظري يجب التمييز بني عدة مستويات عند احلديث عن هذه املنظمات واجلمعيات ،وذلك من خالل قانونيتها ،وحدودها ،وطرائق العمل ،فاحلديث عن جمعيات ومؤسسات دولية تدخل ضمن االتفاقيات بني الدول وهي عادة مؤسسات ذات أدوار واضحة ومحددة مثل جلنة الصليب األحمر، يختلف عن تلك اجلمعيات ذات الصبغة الفردية وهي حتول إلى نشاط سياسي عبر بوابة في غالبها منح ّ دعم اجملتمع املدني وحقوق اإلنسان وعادة ما تعمل بشكل غير قانوني يتدخل في سيادة الدول أو من خالل العمل من خارج تلك الدول مبا يخترق السيادة ورمبا كان دور مثل هذه اجلمعيات هو البديل اآلمن لدعم املعارضة مسلحة أو سلمية في حقبة احلرب الباردة».
ويضيف الديني« :األكيد أن مثل هذه األنشطة تتمايز عن عدد هائل من مراكز األبحاث وخزانات التفكير معمقة عن واقع املنطقة، التي تقدم أبحاث ودراسات ّ ورمبا تقترح حلوال ً تهدف إلى خلق مزيد من الوعي السياسي ،لكنها ال تتدخل في سيادة الدول كما هو احلال في بعض اجلمعيات الفردية املدعومة من دول منصات لتدشني السلطة بعينها ،والتي حتولت إلى ّ البديلة في حال النجاح في زعزعة األوضاع في البلدان املستهدفة». السؤال األهم بحسب الديني هو حالة الفراغ على مستوى املراكز البحثية احمللية أو الدخول في نفق البيروقراطية والتكلس بفعل عدم مواكبة املستجدات صحية حيث إن هذه احلالة ميكن أن تخلق مناخات غير ّ لالستقطاب السياسي عبر «البروباغندا» السياسية التي تعتمد على استخدام أدوات احلشد والتعبئة والدعم وتتكئ على اخلطاب اإلعالمي املو ّجه واملؤدلج.
وعن الدعم املالي وما يتبع ذلك من إجراءات قانونية وأمنية يقول يوسف الديني إنها تخضع لقانون كل دولة وال ميكن البحث فيه من وجهة نظر سياسية مستقلة عن السياق القانوني ،كما أن كثيرا ً من تلك املنظمات تعاني من تكريس أزمات واقعها السياسي نفسه من االستبداد إلى التوريث إلى غموض امللف املالي حتى أصبحت تنتج الديكتاتور ببدلة مدنية. ويتساءل كيف يعقل أن يستمر شخص على رأس جمعية من تلك اجلمعيات منذ إنشائها ويرفض أي قابلية لتجديد الدماء ،كما أن كثيرا ً من األحزاب السياسية غير املرخصة أو التيارات الدينية واملدنية ذات البعد السياسي أصبحت تستبدل نشاط املعارضة احملظور بنشاط املؤسسات كنوع من التحايل على حالة «الفراغ» .ويختم« :اإلشكالية تكمن في اجلمعيات ذات األجندة السياسية والتي عبر التجربة القصيرة لها خلقت من الفوضى واالستقطاب احلاد بني مكونات اجملتمع ،بينما تظل اجلمعيات التنموية غائبة عن دور حقيقي على األرض يستلهم اإلنسان الضيقة». وليس املكتسبات السياسية ّ قد يكون ألكادميية التغيير واملؤسسات املماثلة لها دور كبير في الذي حدث ويحدث وقد يحدث ،لكن احلقيقة تبقى أن كل تغيير يأتي من اخلارج وبأموال من األجنبي هو تغيير ال ميكن بأي حال من األحوال أن يكون في صالح الشعوب .باألمس حدث التغيير في تونس ومصر وليبيا واليمن ..وسوريا تنتظر ،واليوم بدأ التركيز على اخلليج عبر مؤسسات تعمل من داخل اخلليج وقد انطلقت املؤامرة من البحرين ..والدور على البقية وما خفي كان أعظم >