الإسلاميون في السلطة: نجح النموذج التركي.. هل تنجح النماذج العربية

Page 29

‫حتقيق‬

‫مشاري الذايدي‪ :‬الناس في السعودية تريد كغيرها من الشعوب كرامة العيش‪،‬‬ ‫وهي كغيرها من الشعوب أيضا قابلة للتطور في الرؤية للحياة والسياسة‪،‬‬ ‫لكنها برهنت في األيام األخيرة على وعي ‪ -‬نادر هذه األيام في العالم العربي ‪-‬‬ ‫مبسألة االستقرار والتمسك بالدولة والوحدة الوطنية‪ ،‬لذلك لم يعد أصحاب يوم‬ ‫حنني إال بخفي حنني!‬ ‫حزيران ‪.»)2010‬‬ ‫ويختم مشاري الذايدي مقاله‪« :‬باختصار‪ ..‬الناس في‬ ‫السعودية تريد كغيرها من الشعوب كرامة العيش‪،‬‬ ‫وهي كغيرها من الشعوب أيضا قابلة للتطور في‬ ‫الرؤية للحياة والسياسة‪ ،‬لكنها برهنت في األيام‬ ‫األخيرة على وعي ‪ -‬نادر هذه األيام في العالم العربي ‪-‬‬ ‫مبسألة االستقرار والتمسك بالدولة والوحدة الوطنية‪،‬‬ ‫لذلك لم يعد أصحاب يوم حنني إال بخفي حنني!‬ ‫قصة املؤامرة‬ ‫السابق للثورات‪ ،‬كانت املؤامرة هي‬ ‫في العصر ّ‬ ‫ما ينسجه اإلسالميون واملعارضون السياسيون‬ ‫يتخيلون كل حراك ال ّدولة ضمن‬ ‫أجمعني‪ ،‬فكانوا‬ ‫ّ‬ ‫رقعة شطرجن التي رسمتها دولٌ كبرى‪ ،‬فكان احلديث‬ ‫عن مؤامرة التغريب‪ ،‬ومؤامرات حتويل األديان‪ ،‬وصناعة‬ ‫ال ّديكتاتوريات‪ ..‬الغريب‪ ،‬أن كل من كان يؤمن بالنظرية‬ ‫نفض يده عنها‪ ،‬بعد «الثورات» وتسلمها آخرون‪ ،‬في‬ ‫لعبة لتبادل األدوار تبدو سمجة‪.‬‬ ‫تصدر اإلسالميني للمشهد بعد «الربيع» وفي أكثر‬ ‫من دولة‪ ،‬بل وبتطابق مذهل في النتائج والتوجهات‬ ‫والطروحات خلق كثيرا من التساؤالت عن عالقة‬ ‫اإلسالم السياسي باملال األجنبي‪.‬‬

‫الكاتب والصحافي السعودي فهد الشقيران يرى أنه‬ ‫من ناحية نظرية ال يخفى على املراقب وجود انفتاح‬ ‫أميركي وأوروبي جتاه اإلسالميني‪ ،‬وهذا محل إدراك حتى‬ ‫من الباحثني الغربيني اخملتصني باحلركات األصولية‬ ‫اإلسالمية ودالئل االنفتاح الغربي على األصوليني‬ ‫هذا التقارب الذي يجري بني جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫ببعض فروعها ونسخها ومع الغرب‪.‬‬ ‫يرى الشقيران أن هناك أحاديث ودية بني اإلخوان في‬ ‫مصر وبني الواليات املتحدة‪ ،‬وهذا ينطبق على إخوان‬ ‫تونس‪ ،‬بل وحتى على إخوان اخلليج‪« ..‬اإلخوانيون‬ ‫يريدون امتطاء رياح القرب الغربية إلخافة دولهم التي‬ ‫يعيشون فيها إلثبات أنفسهم كأرقام صعبة ال ميكن‬ ‫جتاهلها أو تهديدها‪ .‬والدعم الغربي للمنظمات ذات‬ ‫الطابع األصولي والهيمنة اإلخوانية يأتي في سياق‬ ‫هذه الرياح اجلديدة»‪.‬‬ ‫ويقول‪« :‬صيغة اإلخوان املسلمني معروفة‪ ،‬من أبرز‬ ‫مرتكزاتها سهولة «االمتطاء»‪ ،‬هناك منظمات‬ ‫امتطوها لتحقيق مآربهم االنقالبية‪ ..‬وأكادميية التغيير‬

‫‪40‬‬

‫مثال تأتي ضمن سياق آلية االمتطاء اإلخوانية املتبعة‪.‬‬ ‫وال شك أن األحداث احلالية العربية فرّخت مرحلة‬ ‫إخوانية أخرى‪ ،‬أو «والدة إخوانية ثانية في اخلليج» إذ‬ ‫جنّدت الشباب الذين أغرتهم رومانسية االحتجاجات‬ ‫ليكونوا ضمن سياقها‪ ،‬ولّدت احلالة اإلخوانية من خالل‬ ‫بذرة ما يسمى بجيل الفيس بوك وتويتر الكثير من‬ ‫النبتات اإلخوانية اجلديدة التي زرعت في املؤسسات‬ ‫التي تدعم من الغرب»‪.‬‬ ‫البديل اآلمن‬ ‫وعن دور املال األجنبي يقول الكاتب والباحث السعودي‬ ‫يوسف الديني‪« :‬يكثر احلديث دائما ً عن دور منظمات‬ ‫وتغيب في أحايني أخرى‬ ‫اجملتمع املدني‪ ،‬تنسج أساطير ّ‬ ‫حقائق وإشارات مهمة‪ ،‬من وجهة نظري يجب التمييز‬ ‫بني عدة مستويات عند احلديث عن هذه املنظمات‬ ‫واجلمعيات‪ ،‬وذلك من خالل قانونيتها‪ ،‬وحدودها‪ ،‬وطرائق‬ ‫العمل‪ ،‬فاحلديث عن جمعيات ومؤسسات دولية تدخل‬ ‫ضمن االتفاقيات بني الدول وهي عادة مؤسسات ذات‬ ‫أدوار واضحة ومحددة مثل جلنة الصليب األحمر‪،‬‬ ‫يختلف عن تلك اجلمعيات ذات الصبغة الفردية وهي‬ ‫حتول إلى نشاط سياسي عبر بوابة‬ ‫في غالبها منح ّ‬ ‫دعم اجملتمع املدني وحقوق اإلنسان وعادة ما تعمل‬ ‫بشكل غير قانوني يتدخل في سيادة الدول أو من خالل‬ ‫العمل من خارج تلك الدول مبا يخترق السيادة ورمبا كان‬ ‫دور مثل هذه اجلمعيات هو البديل اآلمن لدعم املعارضة‬ ‫مسلحة أو سلمية في حقبة احلرب الباردة»‪.‬‬

‫ويضيف الديني‪« :‬األكيد أن مثل هذه األنشطة تتمايز‬ ‫عن عدد هائل من مراكز األبحاث وخزانات التفكير‬ ‫معمقة عن واقع املنطقة‪،‬‬ ‫التي تقدم أبحاث ودراسات ّ‬ ‫ورمبا تقترح حلوال ً تهدف إلى خلق مزيد من الوعي‬ ‫السياسي‪ ،‬لكنها ال تتدخل في سيادة الدول كما هو‬ ‫احلال في بعض اجلمعيات الفردية املدعومة من دول‬ ‫منصات لتدشني السلطة‬ ‫بعينها‪ ،‬والتي حتولت إلى‬ ‫ّ‬ ‫البديلة في حال النجاح في زعزعة األوضاع في البلدان‬ ‫املستهدفة»‪.‬‬ ‫السؤال األهم بحسب الديني هو حالة الفراغ على‬ ‫مستوى املراكز البحثية احمللية أو الدخول في نفق‬ ‫البيروقراطية والتكلس بفعل عدم مواكبة املستجدات‬ ‫صحية‬ ‫حيث إن هذه احلالة ميكن أن تخلق مناخات غير ّ‬ ‫لالستقطاب السياسي عبر «البروباغندا» السياسية‬ ‫التي تعتمد على استخدام أدوات احلشد والتعبئة‬ ‫والدعم وتتكئ على اخلطاب اإلعالمي املو ّجه واملؤدلج‪.‬‬

‫وعن الدعم املالي وما يتبع ذلك من إجراءات قانونية‬ ‫وأمنية يقول يوسف الديني إنها تخضع لقانون كل‬ ‫دولة وال ميكن البحث فيه من وجهة نظر سياسية‬ ‫مستقلة عن السياق القانوني‪ ،‬كما أن كثيرا ً من تلك‬ ‫املنظمات تعاني من تكريس أزمات واقعها السياسي‬ ‫نفسه من االستبداد إلى التوريث إلى غموض امللف‬ ‫املالي حتى أصبحت تنتج الديكتاتور ببدلة مدنية‪.‬‬ ‫ويتساءل كيف يعقل أن يستمر شخص على رأس‬ ‫جمعية من تلك اجلمعيات منذ إنشائها ويرفض أي‬ ‫قابلية لتجديد الدماء‪ ،‬كما أن كثيرا ً من األحزاب‬ ‫السياسية غير املرخصة أو التيارات الدينية واملدنية‬ ‫ذات البعد السياسي أصبحت تستبدل نشاط‬ ‫املعارضة احملظور بنشاط املؤسسات كنوع من التحايل‬ ‫على حالة «الفراغ»‪ .‬ويختم‪« :‬اإلشكالية تكمن في‬ ‫اجلمعيات ذات األجندة السياسية والتي عبر التجربة‬ ‫القصيرة لها خلقت من الفوضى واالستقطاب احلاد‬ ‫بني مكونات اجملتمع‪ ،‬بينما تظل اجلمعيات التنموية‬ ‫غائبة عن دور حقيقي على األرض يستلهم اإلنسان‬ ‫الضيقة»‪.‬‬ ‫وليس املكتسبات السياسية‬ ‫ّ‬ ‫قد يكون ألكادميية التغيير واملؤسسات املماثلة لها دور‬ ‫كبير في الذي حدث ويحدث وقد يحدث‪ ،‬لكن احلقيقة‬ ‫تبقى أن كل تغيير يأتي من اخلارج وبأموال من األجنبي‬ ‫هو تغيير ال ميكن بأي حال من األحوال أن يكون في‬ ‫صالح الشعوب‪ .‬باألمس حدث التغيير في تونس ومصر‬ ‫وليبيا واليمن‪ ..‬وسوريا تنتظر‪ ،‬واليوم بدأ التركيز على‬ ‫اخلليج عبر مؤسسات تعمل من داخل اخلليج وقد‬ ‫انطلقت املؤامرة من البحرين‪ ..‬والدور على البقية وما‬ ‫خفي كان أعظم >‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.