Achamal n° 870 le 03 janvier 2017

Page 15

‫العدد ‪870‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثاء ‪� 03‬إلى ‪ 09‬يناير ‪2017‬‬

‫نبش في الذاكرة بحث ًا عن َلحظات عابرة وأشياء غابرة‬

‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬

‫مقتطفات من «امل�ستطرف يف كل فن م�ستظرف»‬ ‫الكتاب من تأليف الشيخ شهاب الدين أبوالفتح محمد بن أحمد األبشيهي‪ ،‬نسبة إلى قرية أبْشيه (أبْشَواي) من قرى الفيّوم المصرية‪ ،‬أقام‬ ‫بالمحلة ورحل إلى القاهرة ‪،‬درس الفقه والنحو وولي الخطابة ببلدته بعد وفاة والده ‪ ،‬توفي حوالي (‪ 850‬هـ‪1448/‬م)‪.‬‬ ‫وعن دواعي تأليف هذا الكتاب ومضامينه يقول األبشيهي في ديباجته‪:‬‬ ‫«‪...‬أما بعد فقد رأيت جماعة من ذوي الهمم جمعوا أشياء كثيرة من اآلداب والمواعظ والحكم وبسطوا مجلدات في التواريخ والنوادر واألخبار‬ ‫والحكايات واللطائف ورقائق األشعار وألفوا في ذلك كتبا كثيرة وتفرد كل منها بفرائد فوائد لم تكن في غيره من الكتب محصورة فاستخرت اهلل‬ ‫تعالى وجمعت من جموعها هذا المجموع اللطيف وجعلته مشتمال على كل فن ظريف وسميته «المستطرف في كل فن مستظرف» واستدللت فيه‬ ‫بآيات كثيرة من القرآن العظيم وأحاديث صحيحة من أحاديث النبي الكريم وطرزته بحكايات حسنة عن الصالحين األخيار ونقلت فيه كثيرا مما أودعه‬ ‫الزمخشري في كتابه ربيع األبرار وكثيرا مما نقله ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد ورجوت أن يجد مطالعه فيه كل ما يقصد ويريد‪ .‬وجمعت فيه‬ ‫لطائف وظرائف عديدة من منتخبات الكتب النفيسة المفيدة وأودعته من األحاديث النبوية واألمثال الشعرية واأللفاظ اللغوية والحكايات الجدية‬ ‫والنوادر الهزلية ومن الغرائب والدقائق واألشعار والرقائق ما تشنف بذكره األسماع وتقر برؤيته العيون ‪.‬وجعلته يشتمل على أربعة وثمانين بابا من‬ ‫أحسن الفنون متوجة بألفاظ كأنها الدر المكنون‪..‬‬ ‫وضمنته كل لطيفة ونظمته بكل ظريفة وقرنت األصول فيه بالفضول ورجوت أن يتيسر لي ما رمته من الوصول وجعلت أبوابه مقدمة وفصلتها‬ ‫في مواضعها مرتبة منظمة ليقصد الطالب إلى كل باب منها عند االحتياج إليه ويعرف مكانه باالستدالل عليه فيجد كل معنى في بابه إن شاء اهلل‬ ‫تعالى واهلل المسؤول في تيسير المطلوب وأن يلهم الناظر فيه ستر ما يراه من خلل وعيوب إنه على ما يشاء قدير وباإلجابة جدير‪ ...‬واهلل سبحانه‬ ‫المهون للصعاب»‪.‬‬ ‫ولألبشيهي أيضا كتاب «تذكرة العارفين وتبصرة المستبصرين» وكتاب «أطواق األزهار على صدور األنهار» كما أنه شرع في تأليف كتاب «في‬ ‫صنعة الترسل والكتابة» لكنه لم يتممه‪.‬ورغم أن في لغته ضعف ‪ ،‬كما يؤكد بعض المصنفين كالزركلي مثال ‪ ،‬إالأن قوة خطابه ‪ -‬وهو المتمرس‬ ‫بفن الخطابة‪ -‬تغطي ذلك الضعف اللغوي‪ ،‬وتجلي العديد من نقط ضعف بني اإلنسان‪ ،‬وتصف للمرء العليل مقويات روحية تقوي إيمانه وتصفي‬ ‫قلبه وتشد أزره‪ .‬ونسأل العلي القديرأن يفرج عنا كربتنا ويهدينا سواء السبيل في هذا الشهر الفضيل‪.‬‬

‫في ذكر النساء وصفاتهن ونكاحهن وطالقهن وما يحمد ويذم من عشرتهن (‪)4‬‬ ‫الفصل الرابع في مكر النساء وغدرهن‬ ‫وذمهن ومخالفتهن‬

‫أمير المؤمنين بلغني إن رجال من العرب طلق في‬ ‫يوم واحد خمس نسوة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وكيف ذلك‪ ،‬وإنما ال يجوز للرجل غير أربعة‪،‬‬ ‫قال يا أمير المؤمنين‪ :‬كان متزوجا بأربعة فدخل‬ ‫عليهن يوما‪ ،‬فوجدهن متنازعات وكان شريرا‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬إلى متى هذا النزاع؟ ما أظن هذا إال من‬ ‫قبلك يا فالنة ‪ -‬الم��رأة منهن ‪ -‬اذهبي‪ ،‬فأنت‬ ‫طالق‪ .‬فقالت له صاحبتها‪ :‬عجلت عليها بالطالق‪،‬‬ ‫ولو أدبتها بغير ذلك لكان أصلح‪ ،‬فقال لها‪ :‬وأنت‬ ‫أيضا طالق‪ ،‬فقالت له الثالثة‪ :‬قبحك اهلل‪ ،‬فو اهلل‬ ‫لقد كانتا إليك محسنتين‪ ،‬فقال لها‪ :‬وأنت أيضا‬ ‫أيتها المعددة أياديهما طالق‪ ،‬فقالت الرابعة‪،‬‬ ‫وكانت هاللية ضاق صدرك إال أن تؤدب نساءك‬ ‫بالطالق‪ ،‬فقال لها‪ ،‬وأنت طالق أيضا‪ .‬فسمعته‬ ‫جارة له‪ ،‬فأشرفت عليه‪ ،‬وقالت له‪ ،‬واهلل ما شهدت‬ ‫العرب عليك‪ ،‬وال على قومك بالضعف إال لما بلوه‬ ‫منكم ووجدوه فيكم‪ ،‬أبيت إال طالق نسائك في‬ ‫ساعة واحدة‪ ،‬فقال لها‪ ،‬وأنت أيتها المتكلمة فيما‬ ‫ال يعنيك طالق إن أجازني بعلك‪ ،‬فأجابه زوجها‪ :‬قد‬ ‫أجزت لك ذلك‪ .‬فعجب الرشيد من ذلك»‪.‬‬

‫(‪)...‬قيل إن عيسى عليه الصالة والسالم‬ ‫لقي إبليس يسوق أربعة أحمرة عليها أحمال‬ ‫فسأله؛ فقال‪ :‬أحمل تجارة وأطلب مشترين‪ .‬فقال‪:‬‬ ‫ما أحدها ؟ قال‪ :‬الجور‪ .‬قال ‪:‬من يشتريه؟ قال‪:‬‬ ‫السالطين‪ .‬قال‪ :‬فما الثاني؟ قال‪ :‬الحسد‪ .‬قال‪:‬‬ ‫فمن يشتريه؟ قال العلماء‪ :‬قال‪ :‬فما الثالث؟‬ ‫قال‪ :‬الخيانة‪ .‬قال‪ :‬فمن يشتريها؟ قال‪ :‬التجار‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فما الرابع؟ قال‪ :‬الكيد‪ .‬قال‪:‬فمن يشتريه؟‬ ‫قال‪ :‬النساء‪.‬‬ ‫وقال حكيـم ‪« :‬النساء شـر كلهـن وشـر‬ ‫ما فيهن قلة االستغناء عنهن»‪ .‬وق��ال بعض‬ ‫الحكماء‪« :‬ال تثق بامرأة وال تغتر بمال وإن كثر»‪.‬‬ ‫وقال أحدهم‪« :‬النساء حبائل الشيطان» (‪.)...‬‬ ‫وقال بعض الحكماء‪« :‬لم تنه عن شيء قط‬ ‫إال فعلته» (‪ .)...‬وقال علي رضي اهلل تعالى عنه‪:‬‬ ‫«ال تطلعوا النساء على حال وال تأمنوهن على‬ ‫مال وال تذروهن إال لتدبير العيال‪ ،‬إن تركن‬ ‫وما يردن أوردن المهالك‪ ،‬وأفسدن الممالك‪،‬‬ ‫ينسين الخير ويحفظن الشر‪ ،‬يتهافتن في البهتان‬ ‫ويتمادين في الطغيان»‪.‬‬ ‫وقال أبو بكر رضي اهلل تعالى عنه‪« :‬ذل من أسند أمره إلى امرأة»‪.‬‬ ‫وقيل‪« :‬إن صيادا أتى أبرويز بسمكة‪ ،‬فأعجبه حسنها وسمتها‪ ،‬فأمر له بأربعة آالف درهم‪،‬‬ ‫فخطأته سيرين زوجته‪ ،‬فقال لها‪ :‬ماذا أفعل؟ فقالت له‪ :‬إذا جاءك فقل له أذكر كانت أم أنثى؟‬ ‫فإن قال لك ذكر‪ ،‬فاطلب منه األنثى‪ ،‬وإن قال لك أنثى فاطلب منه الذكر‪ ،‬فلما أتاه سأله‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬كانت أنثى‪ ،‬فقال‪ :‬ائتني بذكرها‪ ،‬فقال ‪ :‬عمّر اهلل الملك‪ ،‬كانت بكرا لم تتزوج‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫زه‪ ،‬وأمر له بثمانية آالف درهم‪ ،‬وقال‪ :‬اكتبوا في الحكمة‪ :‬الغدر ومطاوعة النساء يؤديان إلى‬ ‫الغرم الثقيل»‪.‬‬ ‫وقال حكيم‪« :‬اعص النساء وهواك وافعل ما شئت»‪.‬‬ ‫وقال عمر رضي اهلل تعالى عنه‪« :‬أكثروا لهن من قول ال‪ ،‬فإن نعم تغريهن على المسألة‪،‬‬ ‫قال‪ :‬أستعيذ باهلل من شرار النساء‪ ،‬وكونوا من خيارهن على حذر»‪..‬‬ ‫ومما قيل في الباءة‪:‬‬ ‫ذكر الجماع عند اإلمام مالك بن أنس رضي اهلل تعالى عنه فقال‪« :‬هو نور وجهك ومخ‬ ‫ساقك منه‪ ،‬فق ّلل أو أكثر»‪.‬‬ ‫وقال معاوية رضي اهلل تعالى عنه‪« :‬ما رأيت نهما في النساء إال عرفت ذلك في وجهه»‪.‬‬ ‫وكان لرجل امرأة تخاصمه ‪،‬وكلما خاصمته قام إليها فواقعها‪ ،‬فقالت‪« :‬ويحك كلما‬ ‫تخاصمني تأتيني بشفيع ال أقدر على رده»‪.‬‬ ‫وأتى رجل إلى علي بن أبي طالب رضي اهلل تعالى عنه وقال‪« :‬إن لي امرأة كلما غشيتها‬ ‫تقول قتلتني‪ ،‬فقال‪ :‬اقتلها بهذه القتلة وعلي إثمها»‪.‬‬ ‫وقالوا‪« :‬من ّ‬ ‫قل جماعه فهو أصح بدنا وأنقى جلدا وأطول عمرا‪ ،‬ويعتبر ذلك بذكور‬ ‫الحيوان‪ ،‬وذلك أنه ليس في الحيوان أطول أعمارا من البغال‪ ،‬وال أقصر أعمارا من العصافير‪،‬‬ ‫وهي أكثرها سفادا» واهلل تعالى أعلم بالصواب‪.‬‬

‫الفصل الخامس في الطالق وما جاء فيه‬

‫عن عبد الرحمن بن محمد بن أخي األصمعي قال‪« :‬قال عمي للرشيـد في بعض حديثـه‪ :‬يا‬

‫وطلق رجل امرأته‪ ،‬فلما أرادت االرتحال قال لها‪:‬‬ ‫«اسمعي وليسمع من حضر‪ ،‬إني واهلل اعتمدتك برغبة وعاشرتك بمحبة ولم أجد منك زلة‬ ‫ولم يدخلني عنك ملة‪ ،‬ولكن القضاء كان غالبا»؛ فقالت المرأة‪« :‬جزيت من صاحب ومصحوب‬ ‫خيرا ‪،‬فما استقللت خيرك ‪،‬وال شكوت ضيرك ‪،‬وال تمنيت غيرك ‪ ،‬وال أجد لك في الرجال شبيها‪،‬‬ ‫وليس لقضاء اهلل مدفع وال من حكمه علينا ممنع»‪.‬وطلق الوليد بن يزيد زوجته سعدى‪ ،‬فلما‬ ‫تزوجت اشتد ذلك عليه وندم على ما كان منه‪ ،‬فدخل عليه أشعب فقال له‪ :‬هل لك أن تبلغ‬ ‫سعدى عني رسالة ولك عشرة آالف درهم‪ ،‬قال‪ :‬أقبضنيها‪ ،‬فأمر له بها‪ ،‬فلما قبضها قال له‪:‬‬ ‫هات رسالتك‪ ،‬قال ائتها‪ ،‬فأنشدها‪:‬‬

‫أسعدى هل إليك لنا سبيـل‬ ‫ّ‬ ‫ولعـل دهــرا أن يؤاتي‬ ‫بلى‬

‫وال حتى القيامـة من تالق‬ ‫بموت من خليلك أو فـراق‬

‫قال‪ :‬فأتاها أشعب‪ ،‬فاستأذن عليها‪ ،‬فأذنت له‪ ،‬فدخل‪ ،‬فقالت له‪ :‬ما بدا لك في زيارتنا يا‬ ‫أشعب؟ فقال‬ ‫يا سيدتي أرسلني الوليد إليك برسالة ثم أنشدها الشعر‪ ،‬فقالت لجواريها‪ :‬عليكن بهذا‬ ‫الخبيث فقال‪ :‬يا سيدتي إنه دفع إليّ عشرة آالف درهم‪ ،‬فهي لك‪ ،‬وأعتقيني لوجه اهلل‪ ،‬فقالت‪:‬‬ ‫واهلل ال أعتقك أو تبلغ إليه ما أقول لك‪ ،‬قال‪ :‬يا سيدتي فاجعلي لي جعال ؛ قالت‪ :‬لك بساطي‬ ‫هذا‪ .‬قال‪ :‬قومي عنه‪ ،‬فقامت‪ ،‬فأخذه‪ ،‬وألقاه على ظهره‪ ،‬وقال‪ :‬هاتي رسالتك‪ ،‬فقالت‪:‬‬

‫أتبكي على سعدى وأنت تركتها‬

‫فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع‬

‫فلما ب ّلغه الرسالة ضاقت عليه األرض بما رحبت‪ ،‬وأخذته كظمة فقال ألشعب‪ :‬اختر مني‬ ‫إحدى ثالث إما أن أقتلك‪ ،‬وأما أن أطرحك من هذا القصر‪ .‬وأما أن ألقيك إلى هذه السباع‬ ‫فتفترسك‪ ،‬فتحير أشعب وأطرق مليا ثم قال‪ :‬يا سيدي ما كنت لتعذب عينا نظرت إلى سعدى‪،‬‬ ‫فتبسم وخ ّلى سبيله‪.‬‬

‫(يتبع)‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.