Achamal n° 834 le 26 avril 2016

Page 15

‫العدد ‪834‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثاء ‪� 26‬أبريل �إلى ‪ 02‬ماي ‪2016‬‬

‫الذكرى األولى لرحيل المرحوم العالمة الموسوعي‬ ‫الدكتور عبد الهادي التازي (‪)4/4‬‬

‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬ ‫في يوم ثاني أبريل‪/‬نيسان من سنة ألفين وخمسة عشر‪ ،‬فقدت األمة علما من أعالمها األفذاذ‪ ،‬فقدت الفقيه المؤرخ»عميد المؤرخين المغاربة»‪،‬المترجم المحقق‪ ،‬الدبلوماسي الرحالة‪،‬العضو‬ ‫بأكاديمية المملكة المغربية‪،‬والعضو بمجمع اللغــة العربية‪ ،‬العالمة الموسوعــي‪ ،‬الدكتور عبد الهادي التازي ‪.‬عام يدورعلى رحيل روح مرشدنــا على جناح مالك الموت إلى دار البقاء ملبية نداء ربها‪:‬‬ ‫«يا �أيتها النف�س املطمئنة ارجعي �إلى ربك را�ضية مر�ضية‪،‬فادخلي يف عبادي وادخلي جنتي»‪.‬‬ ‫وتزكية لوشائج المحبة األزلية الرابطة بين مهجتنا وروح الفقيد العزيز‪،‬ارتأينا أن نستحضر‪-‬في الذكرى األولى لرحيله إلى دار البقاء‪ -‬باقة من الرسائل العطرة التي بعث بها إلينا رحمه اهلل‪،‬في‬ ‫مناسبات معينة‪،‬دعما و تشجيعا وتعقيبا على بعض ما نشرناه من مقاالت عبرسلسلة حلقات ضمن ركن» نبش في الذاكرة‪ »...‬بجريدتي طنجة والشمال ؛ وهي رسائل لطيفة التخلومن متعة وفائدة‪..‬‬ ‫كما كان سعادته ال يتقاعس عن مراسلتنا ولو كان على سفرأوحل به سقم ‪،‬حيث راسلنا رحمه اهلل من أرض الكنانة في أوج ربيعها‪،‬وكذا بعد عودته من مسقط (عمان)وإثرعدد من الرحالت العلمية‬ ‫قادته إلى بعض بلدان الخليج‪ ،‬كما راسلنا ‪ -‬رحمه اهلل‪ -‬وهو طريح الفراش بالمستشفى العسكري بالرباط‪.‬‬ ‫وإنه لشرف عظيم أن يحظى شخصنا المتواضع بصفة «النباش»من لدن هذا الرجل العظيم الذي ستظل محبته متجذرة في أعماق وجداننا إلى يوم تحشرفيه أجسادنا‪ ،‬فتتعانق أرواحنا بفرحة اللقاء‬ ‫بعد حرقة فراق ولوعة اشياق ‪.‬‬

‫رسائل خصّ بها المرحوم عبد الهادي التازي محبه النباش (‪)4‬‬ ‫وتعقيبا على مقال” نفض الغبار عما يكتنف الوشم من رموز وأسرار”وكذا على مقال “حميرنا تذبح‬ ‫من البوغازإلى الخليج‪،‬وفي أرض الكنانة شعبولة يغني ‪“ :‬باحبك ياحمار”‪ ،‬كاتبنا عزيزنا التازي برسالة‬ ‫استدركت بعض ما سهونا عن ذكره في الوشم‪ ،‬وأفادت من جهة أخرى بأن حديثنا عن “سيدنا الحمار‬ ‫كان مستوعبا شامال‪.”...‬‬ ‫مرشدنا الفقيد العزيز كان قارئا محققا مدققا يدرك مواطن القوة والضعف في أي نسق معرفي‪،‬‬ ‫مخطوطا كان أم منطوقا‪ ،‬واليتوانى في إحاطة المتلقي بما خفي عنه من غميس أفكار ودقيق معلومات‪،‬‬ ‫قلما تعثر عليها بين دفتي كتاب؛ ومثيل ذلك ما سنقف عليه في الرسالة التالية‪:‬‬

‫ما لم يذكره” كوالن” مما لحق “بوعبولة “من أذى صبيان وشبقية فتيان وجشع باعة ألبان‪..‬‬ ‫المثل الشعبي “ارطب وياكل الشوك بحال بوعبولة”الذي علق عليه الدكتور عبد الهادي التازي‬ ‫ مشكورا ‪ -‬في متن الرسالةالمنشورة أعاله‪،‬أيقظ ذاكرتي الطفولية الستحضار بعض ما اختزنته من‬‫لحظات غابرة عن هذا المخلوق المشرد الذي يأكل الشوك ‪،‬ويتعرض لشتى أصناف العذاب والهوان‬ ‫واإلبادة من لدن همجيين قاصرين وراشدين ”دنجوانيين”‪ ،‬سعيا لتحقيق أغراض رخيصة ونزوات‬ ‫خسيسة‪.‬‬ ‫ولمزيد من اإليضاح‪ ،‬وإن كان “شرح الواضحات من المفضحات”كما يقول الفقهاء‪،‬فهذا الحيوان‬ ‫اللزج الذي ذكره “كوالن” في معجم اللغة العامية المذكور‪،‬والذي يتخلى عن قوقعته‪،‬رغما عن أنفه‪ -‬لكبر‬ ‫حجمه ‪،‬كان عادة ما يتعرض ألذى القوارض والطيور‪ ،‬وكذا لبطش بعض الصبيان الذين يلحقون به شر‬ ‫أذى ‪ ،‬حيث يزهقون روحه؛ ومن اليافعين بالبوادي من كانوا يستعينون به في ممارسة العادة السرية‬ ‫عوض”البصاق” ‪،‬إذ يقومون بدعكه بقبضة اليد اليسرى تيسيرا للعملية‪.‬‬ ‫ففي ميعة الصبا ‪ -‬أواخر الستينيات ‪-‬اقتنصت صدفة ‪ ،‬ب ”أقشمير” فوق مرتفعات الحاجب‪ ،‬ثلة من‬ ‫التالميذ المشاغبين‪ ،‬وقد تواروا عن األنظارخلف صخرة ‪،‬وبشكاراتهم حفنة من “بوعبولة” وهم على‬ ‫أهبة تنفيذ حكم اإلعدام فيها شنقا بقبضات أيديهم إشباعا لرغبات مكبوتة‪.‬‬ ‫وبلغ إلى علمي أن بعض البدويات اللعينات كن يقمن بدس “بوعبولة”‪”/‬بعلولة”كما ينطقها أهل‬ ‫الشمال‪،‬في قدور اللبن‪،‬حتى يطلق بزاقه‪ ،‬ويصبح اللبن “خاثرا”‪،‬فيكون عليه اإلقبال‪.‬‬ ‫وأخبرني أحد الزمالء أن شخصا بحي السواني بطنجة حباه الخالق ببنية بدنية قوية‪ ،‬إال أنه كان‬ ‫مصابا بعلة‪-‬نتحفظ عن ذكرها ألسباب موضوعية‪-‬كان يجمع كميات من “بوعبولة”بالمقابرالمعشوشبة‬ ‫ويلتهمها حية‪ ،‬حتى شفي من علته ‪،‬ولقدعمر طويال ‪،‬إلى أن لقي حتفه “مبعلال”‪.‬وتلحق صفة‬ ‫“بوعبولة”بالذكر الثقيل الظل”فالن مبعلل”وباآلنثى الخمولة”فالنة مْبعللة حتى للطرف”‪.‬‬ ‫فلو ظل “بوعبولة” مالزما لقوقعته ‪/‬سكنه‪،‬رغم شظف عيشه ‪،‬غير طامع في رزق غيره‪ ،‬الحافظ على‬ ‫رشاقة قوامه واستقراره ‪،‬وما كان ليتعرض ألذى أهل زمانه‪،‬إناثه وذكوره‪.‬‬ ‫كانت المراسالت بين النباش ومحبه التازي الترتدي مسوح الرهبان والتخفي رؤوس أقالمها وراء‬ ‫كتبان النفاق والبهتان‪،‬بل كانت مضامينها صادقة صريحة واضحة المعالم والبنيان‪ ،‬ترشد الغافلين‬ ‫من بني اإلنسان‪ ،‬وتعيد للنفس بعض االتزان في عالم قاتم طغى فيه عمى األلوان‪ .‬وهذا ما وطد‬ ‫أواصرالصداقة األزلية بين النباش ومرشده عبر امتداد الزمان وانتشار المكان‪ ،‬مثلما تعبر عنه هذه‬ ‫الرسالة المشعة نورمحبة من أعماق الوجدان‪:‬‬

‫كما وافانا‪ ،‬عزيزنا ومرشدنا الدكتور عبد الهادي التازي‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬برسالة تنوير وتشجيع ‪ -‬كان‬ ‫لها كسابقاتها ‪ -‬بالغ األثرفي نفوسنا‪ ،‬لما تضمنته من مشاعر رقيقة وفوائد رائقة‪ ،‬أشعت في دواخلنا‬ ‫ما نكنه من محبة لهذا الرجل العظيم ‪،‬قاهر عوادي الزمان بإيمان قوي‪ ،‬ووطنية صادقة؛ حباه الباري‬ ‫تعالى شخصية متواضعة أنيقة‪ ،‬ورحابة صدرعميقة‪،‬وزاده فضال إحاطته بثقافة موسوعية عريقة‪ ،‬ورؤى‬ ‫مستقبلية دقيقة‪ ،‬ولباقة دبلوماسية‪ ...‬طحنت شوكها وأتت أكلها في بلدان شقيقة وأخرى صديقة‪.‬‬ ‫ولنا شرف أن نحظى‪ ،‬في هذا المقام‪ ،‬بصفة”الفتاش”من لدن عزيزنا التازي‪ ،‬لتنضاف إلى ميزة‬ ‫”النباش” التي خصنا بها سعادته آنفا‪ ،‬وكلتاهما شهادتان فخريتان تعتز بهما جريدتنا باسم أحد أفراد‬ ‫أسرتها ‪ ،‬أال وهو وطاش (النباش ‪/‬الفتاش)‪.‬‬ ‫وكعربون على مانكنه لمرشدنا الجليل من بالغ مودة وكبيرمحبة‪ ،‬نورد نص هذه الرسالة ‪:‬‬

‫وتعزيزا لفحوى هذه الرسالة بما تضمنته من معلومات تاريخية سجلنا ورقة حمراء في حق هذا‬ ‫المخلوق المضطهد المهضوم الحقـوق اخترنا لها عنوانا شامال كامال كتكميلة لما لم يذكره كوالن‬ ‫في معجمه‪،‬هو ذانصها‪:‬‬

‫هذه نماذج من الرسائل الرفيعة التي وافانا بها مرشدنا الدكتور عبدالهادي التازي في مناسبات‬ ‫معينة إرتأينا أن ننشر بعضها ضمن هذا الركن تزكية لروابط المحبة التي تربطنا بفقيدنا العزيز دون‬ ‫أن يجمعنا سابق لقاء في هذه الدارالفانية‪ ،‬وإنما تعانقت أرواحنا على بياض صفحات جريدة طنجة الغراء؛‬ ‫واليفوتني بالمناسبة أن أترحم على روح الدكتورة آمنة اللوه قيدومة األديبات والصحافيات المغربيات‬ ‫(حرم المرحوم إبرهيم اإللغي‪ ،‬شقيق المرحوم المختار السوسي) و التي كانت تنشر مقاالتها المتميزة في‬ ‫جريدتنا‪ ،‬وهي صاحبة الفضل في اهتداء الدكتور عبد الهادي التازي إلى هذا المنبر الذي وجد فيه ضالته‬ ‫رحمه اهلل‪ .‬كما اليفوتنا أن نشد بحرارة على يد حامل البشارة” محقق سيف النصر‪ ”...‬صديقنا األديب‬ ‫الظريف السماللي عبد اللطيف المخلص‪ /‬األمين للدكتورة آمنة اللوه تغمدها اهلل بواسع رحمته وبنى‬ ‫لها بيتا في جنته‪ .‬وفي الختام نجدد تعازينا ألسرة الفقيد العزيز ولمؤسسة عبد الهادي التازي المنيفة‬ ‫التي لنا شرف االنتماء إليها كشريك متميز‪.‬‬

‫(انتهى)‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.