عيد الكتاب في تطوان بطعم الموت
يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع
الربيد الإلكرتوين : info@achamal.ma
املوقع الإلكرتوين : www.achamal.ma
املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العدد 990ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثـاء � 17شعبان � 23 / 1440إلى � 29أبريل 2019
على إحـــدى منصـــات عيد الكتاب فــي تطـوان ،وعلى إثـــر صعقة كهربائية غادرة باغتته من «ميكروفون مبلل» يوم األحد 15شعبان 1440الموافق لـ 21 أبريـل ،2019انتقل إلى جوار ربه الدكتـور محسن أخريـــف ،الشاعــر والروائي ورئيـــس رابطـــة أدبـــاء الشمــال ،ورئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بتطوان. وقد تلقى المثقفون واألدبــاء والمؤسسات الثقافيـــة المدنيـــة وعموم أصدقاء المرحـــوم الخبـــر باستياء شديـــد ،جـــراء شعورهم باالستهتار الذي يتــم من خاللــه التعاطي مـــع الدينامية الثقافية ببالدنا. وبهــذه المناسبـــة األليمـــة ،تتقدم هيأة تحرير جريدة الشمال بتعازيها الصادقة ألهله وذويه ولكل مكونات المشهد الثقافي الفكري بالمغرب ،راجية من اهلل العلي القدير أن يتغمد الفقيد برحمته الواسعة، وإنا هلل وإنا إليه راجعون.
Notre Dame de Paris محمد رفيقي
التعايش في األلم
عبد اإلله المويسي
لحسن لعسيبي
محمد أحمد عدة
منية بلعافية
سعيد كوبريت
كلمة الشمال
َ والعَقدي ،جراء الحريق الرهيب الذي اندلع في كاتدرائية «،»Notre Dame de Paris عاشت فرنسا ليلة 15أبريل 2019أكبر تراجيديا في تاريخها الثقافي مقر أبرشية باريس. وتحضر الكاتدرائية في الذاكرة اإلنسانية كواحدة من أعظم التجسيدات في فن العمارة القوطية ،إذ حققت بها فرنسا إبداال كبيرا عن الطراز الروماني القديم ،وذلك بإبداعها الهندسي الذكي للقبو في األضالع والدعامات ،واعتمادها النوافذ الشاسعة الملونة ،ومراكمة وفرة ملحوظة في التحف النحتية .وهي بهذا تجسد في المخيال اإلنساني فضاء تاريخيا وفنيا يجلب ما يقارب 12مليون سائح يلجأ إليها بحثا عن اإلنسان ،معزوال عن حساسية االنتماء. كما تحضر الكاتدرائية ،على نحو خاص ،في الوجدان الفرنسي الديني بصفتها فضاء رحبا للولوج الروحي المستمر. لم يتعلق األمر إذن بـ «تراجيديا فرنسية» ،بقدر ما كان الحدث مأساة إنسانية اهتز لها الضمير العالمي. الوجدان اإلنساني إذن عاش ليلتها أقسى حاالت األلم ،وشغَّل حسه «المتضامن» ،وشغَّل أيضا توقه الواعي إلى التعايش بين الحضارات والديانات .التعايش في اآلمال ،والتعايش في اآلالم أيضا، ليعلن بصوته الجاهر عن حزنه الشديد لهذه الخسارة الحضارية . مؤخرا ،في استوديو إذاعة طنجة ،ومن خالل برنامج «بصيغة أخرى» الذي يعده اإلعالمي المميز سعيد كوبريت ،التقت بعض األصوات من مرجعيات متنوعة ،وحساسيات متعددة ،إعالميين وأدباء ومفكرين مهتمين بالمجال العقدي للتعبير عن مواقفهم وعواطفهم وتقديراتهم لكيفية النظر إلى هذه الفاجعة .نستحضر منهم الباحث في العلوم اإلنسانية والعقدية الدكتور محمد رفيقي المعروف بأبي حفص الذي أعرب عن تذمره واستهجانه الواضحين من الشماتة التي أبدتها بعض األطراف ،سواء في العالم اإلسالمي ،أو بأوروبا ،والتي اعتبرت أن األمر انتقام إلهي .كما أبدى وجهة نظره المرتكزة على أن كاتدرائية نوتردام هي إنجاز فني وتاريخي في ملكية البشرية ،وأن صونها يدخل في باب صون الوجود البشري بتنوع تعبيراته. اإلعالمية بإذاعة «مونتكارلو» األستاذة منية بلعافية نقلت حجم حضور الكارثة في الصحافة الفرنسية والدولية ،معبرة عن ألمها الخاص ،جراء الذي حصل ،مذكرة أن ما يشبهه حصل مع معالم تاريخية وفنية من نفس القيمة في حضارات مماثلة بالعراق وسوريا واليمن. اإلعالمي رئيس تحرير بهيأة األخبار بقناة ميدي 1تيفي األستاذ محمد أحمد عدة وضع المتلقين أمام القيمة العظيمة للكاتدرائية ،مذكرا أن هذه الفاجعة ،كما أحال على ذلك الرئيس الفرنسي «إمانويل ماكرون» ،قد استوقدت الخيال الجماعي الفرنسي واإلنساني. الكاتب واإلعالمي بجريدة االتحاد االشتراكي لحسن لعسيبي أنجز قراءة تاريخية وفنية في دالالت الكاتدرائية ،مشيرا إلى القيمة الرمزية التي اكتستها في الذاكرة اإلنسانية ،معتبرا أنها تمثل مكتسبا جماعيا من العار أن تتعرض للتلف .مذكرا بدوره بأن هذه المأساة تجاوزت سياقها الفرنسي لتصبح ذات أفق مأساوي إنساني. من جانب آخر ،بسط اإلعالمي سعيد كوبريت رئيس بيت الصحافة بطنجة هذه التراجيدبا للنقاش الحر ،منطلقا من من توصيف عنونت به إحدى المجالت الفرنسية عددها بـ: .Notre Dame C’est Notre Drame مذكرا بأن هذا الحريق هو حدث مأساوي جعل الناس في كل أطراف العالم يشعرون بالحرقة الداخلية ،آمال من جانبه في أن يتعزز المشترك اإلنساني الذي لن يكون في النهاية إال انتصارا لقيمة اإلنسان. الكاتب عبداإلله المويسي ركز على دالالت حضور الكاتدرائية في المنجز األدبي والفني اإلنساني .فإذا كان كل المتدخلين قد أحالوا على رواية فيكتور هوجو «أحدب نوتردام» الشهيرة ،فإنه َّ ذكر بأن الكاترائية تحضر في كل التعبيرات الفنية المختلفة والمتنوعة ،كالغناء والتشكيل والمسرح والشعر والفوتوغرافيا ،إضافة إلى جنس فني آخر ابتكره االحتفاء العمومي ،ويتعلق األمر بفن أو أدب «الحياة». إن كل صورة فوتوغرافية أو شريط فيديو أو «سيلفي» التقطه سائح مر يوما ما بالكاتدرائية ،هو قطعة فنية أو جنس أدبي خاص يؤرخ لهذه المعلمة. ما بين التاريخي والعقدي والثقافي والفني واألدبي حضرت نوتردام في وجدان بعض الكتاب المغاربة ومخيالهم ،وحضرت في آالمهم وآمالهم . في البرنامج انتصرت اآلمال مركزة على المساحة اإلنسانية المشتركة. انهزمت الضغينة ،حيث كان مصدرها ،وانتصر اإلنسان..
رئيس التحرير