Achamal n° 926 le 30 janvier 2018 pdf

Page 1

‫ثكنة للوقاية المدنية ومركز للشرطة‬ ‫ومصحة بالمنطقة الصناعية «مغوغة»‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 926‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 12‬جمادى الأولى ‪ 30 / 1439‬يناير �إلى ‪ 5‬فرباير ‪2018‬‬

‫هذه المنشآت تم تدشينها الخميس‬ ‫الماضي م��ن ط��رف ال��وال��ي والعمدة‬ ‫والمستثمرين بالمنطقة الذين تحملوا‬ ‫الجزء األكبر من تكاليف تلك المنشآت‬ ‫التي فاقــت خمسمائــة مليــون سنتيم‬ ‫والتي ينتظر أن تساعد على تعزيز األمن‬ ‫والسالمة داخل المنطقة وفي محيطها‬ ‫السكني‪.‬‬ ‫ويؤمل أن تمكــن هذه المنشـآت‬ ‫الجديدة مختلـف األجهـــزة األمنـــيــة‬ ‫من القيام بتدخـالت سريعــة في حـــال‬ ‫حدوث كوارث كالحريق وحوادث الشغــل‬ ‫وتقديم اإلسعافات الضرورية في الوقت المناسب ليس فحسب للعمال بالمنطقة بل وأيضا لسكان الجوار‬ ‫المحيطين بهذه المنطقة التي أنشئت في إطار تدابير إنعاش طنجة التي أعلنها الراحل الحسن الثاني‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬والتي تضم عددا من الشركات الصناعية الكبرى وتوفر فوق ‪ 35‬ألف منصب شغل قار‪.‬‬

‫كنوز مناجم أوكسان التي أسالت لعاب اإلسبان‬ ‫تزامنا مع مؤتمر الجزيرة الخضراء إسبانيا وفرنسا‬ ‫يجددان اتفاقية «تفاهم» بشأن مناجم حديد الريف‬

‫وصول إسبانيا إلى مناجم الحديد بالريف كان مخططا له قبل مطلع القرن التاسع عشر‪ ،‬بين إسبانيا وفرنسا التي لم تكن في منآى عن‬ ‫هذه المغامرة المربحة‪ ،‬حيث تم التوقيع على اتفاقية إسبانية‪/‬فرنسية بهذا الشأن في ‪ 7‬أبريل ‪ ،1906‬وتم تأكيد هذا االتفاق في ماي‬ ‫‪ ،1907‬أي سنة بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي تم خالله توزيع أرض المغرب بين إسبانيا في الشمال والجنوب وفرنسا في الوسط بينما‬ ‫وضعت طنجة تحت نظام دولي‪ .‬ونظرا للوجود اإلسباني في مليلية منذ سنة ‪ ،1497‬فقد كان يسهل على اإلسبان أن يتسللوا إلى تراب جبال‬ ‫الريف‪ ،‬الذي كانت لهم معرفة كاملة بقبائله ورجاالته‪ ،‬بغاية استكشاف نفائس باطن األرض بشمال المغرب‪ .‬والمثير لالنتباه أن اإلسبان‬ ‫يتحدثون في بياناتهم في موضوع معادن حديد الريف عن «مفاوضات» أجروها مع «سلطان» كان قد خرج على موالي عبد العزيز‪ ،‬يتعلق‬ ‫األمر ببوحمارة الروكي‪ ،‬الذي دفع لهم الجمل بما حمل‪ ،‬وقصته مع أهل بني ورياغل األشداء معروفة‪.‬‬ ‫وقبل الحماية‪ ،‬تأسست «الكومبانية اإلسبانية لمناجم الريف في ‪ 21‬يوليوز ‪ 1908‬برأس مال بلغ ‪ 6‬ماليين بسيطة مجزأة إلى ‪ 12‬ألف‬ ‫سهم من فئة ‪ 500‬بسيطة لكل سهم‪ ،‬بهدف استغالل مناجم حديد أوكسان الذي كان يوجه إلى مدينة مليلية‪.‬‬ ‫(البقية على الصفحة األخيرة)‬


‫العدد ‪926‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫‪ ‬المنتدى التواصلي الثاني للهجرة يجمع‬ ‫المؤسسات المحلية بتطوان‬

‫ج��ري��ا على عادتها ك��ل سنة‪ ،‬نظمت‬ ‫جمعية األي��ادي المتضامنة يوم األربعاء ‪24‬‬ ‫يناير ‪ 2018‬ابتداء من الساعــة الرابعة مساء‬ ‫بفندق شمس بتطـوان‪ ،‬لـقاء تواصليــا مع‬ ‫مجموعة من الهيأت المؤسساتية والجمعوية‬ ‫المعنية بموضوع الهجرة والتي تقدم خدمات‬ ‫للمهاجرين األجانب القاطنين بمنطقة تطوان‪.‬‬ ‫وخالل المنتدى‪ ‬تم تقديم حصيلة سنة‬ ‫‪ 2017‬من عمل الجمعية في ميدان الهجرة‬ ‫التي كانت حافلة بالمشاريع واألنشطة التي‬ ‫تقدم خدمات متنوعة ‪ ‬للمهاجرين من حمالت‬ ‫إنسانية وصحية وورشات التكوين و التأهيل‬ ‫الحرفي‪ ،‬وكذا البرامج الموجهة إلى المغاربة‬ ‫والتي تتمحور أساسا حول التحسيس بأهمية‬ ‫التعايش وقبول ومساعدة المهاجرين على‬ ‫اإلندماج في النسيج اإلجتماعي واإلقتصادي‬ ‫والثقافي المغربي‪ ،‬كما تم استعراض نتائج‬ ‫عمل مركز التوجيه واإلرش���اد للمهاجرين‬ ‫التابع للجمعية والذي يحتضن مختلف هذه‬ ‫األنشطة مع تقديم المساعدات الغذائية‪،‬‬ ‫والعالجات واألدوي��ة الضرورية للمهاجرين‪،‬‬ ‫وكذا اإلستشارات القانونية الرامية أساسا إلى‪ ‬‬ ‫المساعدة على تسوية الوضعية القانونية‬ ‫للمهاجرين‪.‬‬ ‫وقد عرف اللقـاء حضور ممثلي القطاعات‬ ‫والمؤسسات التي لهــا عالقــة مباشرة أو غير‬ ‫مباشرة بموضوع الهجرة من قبيل‪:‬‬ ‫·‪ ‬التعاون الوطني لتطوان والفنيدق‬ ‫·‪ ‬مندوبية الصحة بتطوان‬ ‫·‪ ‬المديرية اإلقليمية للتربية الوطنية‬ ‫بتطوان وبالمضيق الفنيدق‬ ‫·‪ ‬بلدية تطوان‬ ‫·‪ ‬مندوبية الشبيبة والرياضة بتطوان‬ ‫·‪ ‬المستشفيــات اإلقليميـــة بكـل من‬ ‫تطوان‪ ،‬المضيق‪ ،‬والفنيدق‪.‬‬ ‫·‪ ‬جمعيـة أطبــاء الصحــة العموميـــة‬ ‫بتطوان‬

‫·‪ ‬عيادة الدكتور سعد أجبار‬ ‫·‪ ‬مختبر الدردابي للتحليالت الطبية‬ ‫·‪ ‬جمعية المحامون الشباب بتطوان‬ ‫·‪ ‬مدرسة سيدي إدريس بتطوان‬ ‫·‪ ‬مدرســـة سكينة بنــت الحسيـــن‬ ‫بتطوان‬ ‫·‪ ‬مدرسة التهامي الوزاني بتطوان‪.‬‬ ‫اعطيت الكلمة للحاضرين الذين اقتسموا‬ ‫تجاربهم في مجـال دعم المهاجرين واجمعوا‬ ‫على ضرورة مــد يــد المساعدة للمهاجرين‬ ‫وتغيير الصورة النمطية تجاههم واعتبار ظاهرة‬ ‫الهجرة مصدرا للتبادل الثقافي بين الشعوب‬ ‫ومنبعا لخلق الثروة وليس العكس‪.‬‬ ‫كما أكد المتدخلون عن استعدادهم لمد‬ ‫جسور التعاون‪ ‬مع جمعية األيادي المتضامنة‬

‫إلي��ج��اد ح��ل��ول للمشاكل ال��ت��ي يعيشها‬ ‫المهاجرون‪.‬‬ ‫وفي نهاية هذا اللقاء‪ ،‬وسيرا على هذا‬ ‫المسار تم توقيع إتفاقية لتجديد الشراكة بين‬ ‫جمعية األيادي المتضامنة ‪ ‬ومختبر الدردابي‪ ‬‬ ‫للتحاليل الطبية والتي يلتزم فيها الطرفان‬ ‫بالعمل المشتـرك من أجـل إج��راء التحاليل‬ ‫الطبية بشكل مجاني من طرف المختبر لفائدة‬ ‫المهاجرين‪ ،‬كما تم توقيـع إتفاقية شراكة‬ ‫وتعاون مع عيادة الدكتـور سعـد أجبار تقدم‬ ‫خاللها العيادة مختلف الخدمات الطبية لفائدة‬ ‫المهاجرين خاصة النساء‪.‬‬ ‫شربن الحبنوني‪ ‬‬ ‫مسؤولة قسم االعالم والتواصل‬

‫ندوة وطنية حول «آفة االنتحار بإقليم‬ ‫شفشاون‪..‬الواقع والحلول»‬

‫تُنظم جمعية باب تازة للرياضة والتنمية‬ ‫بإقليم شفشاون وبتنسيق مع المجلس العلمي‬ ‫المحلي لعمالة شفشاون‪ ،‬وبشراكة مع عدد‬ ‫من الجمعيات باإلقليم‪ ،‬ندوة وطنية بعنوان‬ ‫«آفة االنتحار بإقليم شفشاون‪..‬الواقع والحلول‪،‬‬ ‫بتاريخ ‪2018/02/10‬م‪.‬‬ ‫وتأتي هذه الندوة في سياق ما بات يعرفه‬ ‫إقليم شفشاون من تنامي ظاهرة االنتحار‬ ‫بشكل مطرد ويدعو للقلق‪ ،‬باعتباره أول إقليم‬ ‫بالمغرب من حيث عدد االنتحارات التي فاق‬ ‫عددها ‪ 30‬حالة خالل السنة المنصرمة‪.‬‬ ‫وفي تصريح للسيد عبد الحفيظ زرغيل‬ ‫رئيس الجمعية المنظمة‪ ،‬خص به جريــــدة‬ ‫الشمال‪ ،‬فقد اعتبر أن الوقــت حان لمحاولــة‬ ‫رصد ظاهرة «االنتحار» بإشراك جميع الفاعلين‬ ‫والمهتمين بُغية إيجاد حلول عملية وإجرائية‬ ‫مستعجلة للحد من الظاهرة الخطيرة التي‬ ‫أضحت توصف بكونها «القاتل الصامت»‪.‬‬ ‫والتي أرخت بظاللها على جميع الفئات العمرية‬ ‫من المجتمع‪.‬‬ ‫لإلشــارة فالنـدوة سيؤطرهــا باحثــون‬ ‫ومختصين وأكاديميون‪ ،‬بالقـاعـة المغطــاة‬ ‫بمركز باب تازة‪ ،‬كما ستعـــرف مشاركة أسر‬ ‫«المنتحرين» في الندوة من خالل شهاداتهم‬ ‫الحية حول الموضوع‪.‬‬

‫انتحار شابة بإقليم شفشاون‬

‫شهد دوار أم�لاوك التابع لجماعة بني‬ ‫سميــح قيــادة بني رزين إقليم شفشــاون‪،‬‬ ‫حالة انتحار جديــدة‪ ،‬صبــاح يوم األربعاء‬ ‫‪ ،2018-01-24‬بعدما أقدمت شابة تبلغ من‬ ‫العمر ‪ 22‬سنة على شنق نفسها بالقرب من‬ ‫منزل أسرتها بذات الجماعة‪.‬‬ ‫هذا ولم تُعلم لحدود كتابة هذه األسطر‬ ‫األسباب الحقيقية للوفاة‪ ،‬إلى حين إخضاع‬ ‫جثة الميتة للتشريح الطبي‪ ،‬بعدما حل رجال‬ ‫ال��درك لعين المكان المعروف بتضاريسه‬ ‫الوعرة‪.‬‬ ‫ل�لإش��ارة فقد ع��رف اإلقليم ع��ددا من‬ ‫االنتحارات مؤخرا‪ ،‬وتعتبر هاته الحالة الثانية‬ ‫منذ بداية ‪ 2018‬فيما ناهـز العدد ‪ 12‬حالة في‬

‫سنة ‪ ،2017‬األمر الذي أضحى مقلقا ويستدعي‬ ‫تدخل الجهات المسؤولة بكل مكوناتها للحد‬ ‫من الظاهرة الخطيرة‪ .‬‬ ‫يُذكر أن عددا من نشطــاء الفايسبـوك‬ ‫بإقليم شفشاون كانـوا قد أطلقـوا في وقت‬

‫سابق ‪ #‬هاشتاغ تحـت اســم «أنا شفشاوني‬ ‫إذن سأنتحر» في رسالة منهم لتنبيــه كافــة‬ ‫المسؤولين إلى الخطر الذي بات يعرفه اإلقليم‬ ‫بعد تنامي ظاهرة االنتحــارات بشكل مخيف‬ ‫ومقلق‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫قصيـدة زجليـة نظمها الشاعر‬ ‫في حق المرحوم‬

‫حسني الوزاني‬


‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫َ‬ ‫صبيحة يوم اإلثنين ‪ 22‬يناير ‪ 2018‬سلمتُ لخالي عبد السالم بن عبد الوهاب‪،‬‬ ‫مفاتيح المنزل الصيفي‪ ،‬الذي قضيت به أزيد من ثالثين سنة‪ ،‬سلمتها شاكرا له هذه‬ ‫المنّة التي منّ بها عليّ‪ ،‬وداعيا له بالتوفيق والسداد‪ ،‬والخير والصالح‪.‬‬ ‫وبذلك أسدلــتُ الستار على حقبة من الزمن‪ ،‬قضيتُ فصولها الصيفية بهذا‬ ‫المكان‪ ،‬أسدلته وفي نفسي شيء من « َلوْ»‪ .‬ألن ذكرياتي وذكريات ولديّ‪ ،‬وذكريات‬ ‫مجموعة من أصدقائي‪ ،‬ستظل محفورة بجدران هذا البيت‪ ،‬وبجدران شُرفته‪ ،‬وبسقفه‬ ‫وأرضيته‪.‬‬ ‫واإلنسان إذا ألِف مكانا‪ ،‬كان مرتعا لألبناء‪ ،‬وكان مجلسا مفضال للخالن‪ ،‬فإن من‬ ‫الصعب عليه أن يغادره‪ ،‬دون أن تترك هذه المغادرة في نفسه أثرا‪.‬‬ ‫ولو كانت لهذا المكان ذاكرة تحتفظ بما تحتفظ به ذاكرتنا من تفاصيل يومية‪،‬‬ ‫لخرجنا بكتاب تاريخي لفتــرة من الزمن‪ ،‬شهدتْ نجــاح أشخاص‪ ،‬وإخفــاق أشخاص‪،‬‬ ‫ولحظات فرح‪ ،‬ولحظات حزن‪ ،‬وجلسات يغلب عليهــا الضحك‪ ،‬وجلسات تكتسي طابع‬ ‫الجد‪ ،‬ودردشات يمتزج فيها الغث بالسمين‪.‬‬ ‫هي أشهر ثالث‪ ،‬كنا نقضي معظمها بشرفة هذا البيت المطلة على ساحة الشاطئ‪،‬‬ ‫فإذا صاد َفنا شهر رمضان‪ ،‬فإن جلساتنا بهذه الشرفة ال تنتهي إال وقت السحور‪.‬‬ ‫ولألعياد في مرتيل طعم خاص‪ ،‬ولبرنامجه اليومي‪ ،‬ترتيب خاص يختلف عن ترتيب‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫وهذا ال يعني أنني بإغالق هذا القوس‪ ،‬تحررتُ من التزاماتي الصيفية‪ ،‬فقد شاء‬ ‫اهلل أن يأخذ بيدي إلى منزل آخر‪ ،‬يطل على البحر‪ ،‬ألوفر ألهل بيتي مكانا يضمن لهم‬ ‫االصطياف‪ ،‬ويحقق لهم الراحة والرفاه‪.‬‬ ‫وعسى أن نجد فيه ما يعزينا عن منزل ساحة الشاطئ‪.‬‬ ‫وخير ما أختتم به حديثي‪ ،‬هذا الدعاء‪« :‬رب �أنزلني ُمن َزال مباركا و�أنت خري‬ ‫نزلني»‪.‬‬ ‫ا ُمل ِ‬

‫جمعيات المجتمع المدني‬

‫إكراهات التمويل وأسئلة االستقاللية‬ ‫‪-‬‬

‫كلما حصل مشكل في اإلعانات المقدمة من طرف الجماعات‬ ‫الترابية أو بعض القطاعات الحكومية‪ ،‬إال وطفت قضية تمويل‬ ‫الجمعيات غير الحكومية على السطح‪ ،‬وإذا كان حجم الدعم يزداد‬ ‫سنة عن سنة وكذا عدد الجمعيات‪ ،‬فإن أسئلة كثيرة تطرح حول‬ ‫فعالية هذا الدعم ومردوديته‪ ،‬خصوصا وأن األمر يتعلق بالمال‬ ‫العام الذي يقتضي الحكامة في التدبير لمختلف جوانبه‪.‬‬ ‫ال شك أن حركية جمعيات المجتمع المدني هي وجه من أوجه‬ ‫حيوية المجتمع وتجسيد إلجابته عن حاجيات معينة تعبر عنها فئاته‬ ‫وجماعاته ومجموعاته وحتى أفراده‪ ،‬وهذه الحاجيات تتراوح بين‬ ‫المادي والمعنوي‪ ،‬الفكري والعملي‪ ،‬الثقافي واالجتماعي والبيئي‬ ‫والرياضي‪ ،‬ووقد تكون هذه الحاجيات ذات طابع آني آني أو دوري‪،‬‬ ‫وأحيانا مرتبطة بتغطية مستمرة لخدمات وتسيير مرافق غير ربحية‬ ‫ال تحتاج إلى استثمارات كبيرة‪.‬‬ ‫ومن المبادئ األساسية التي يقوم عليها عمل المجتمع المدني‬ ‫قيمة التطوع من خالل مساهمة بعض أفراد المجتمع بجزء من‬ ‫وقتهم وجهدهم وخبراتهم دون مقابل‪ ،‬ثم قيمة اإلحسان عبر‬ ‫تمويل الكثير من المبادرات الجمعوية الذي يفترض أن يكون‬ ‫مصدر جزء مهم منه من القطاع الخاص أو األفراد دون اللجوء إلى‬ ‫الدولة أو هيئاتها الالمركزية‪.‬‬ ‫إال أن المالحظ في بالدنا أن التمويل الذاتي للجمعيات‬ ‫ضعيف إن لم يكن منعدما‪ ،‬مما يجعل موت و حياة هذه الجمعيات‪،‬‬ ‫وامتدادها و انكماشها‪ ،‬وانتفاخها وضمورها متوقف على الدعم‬ ‫الخارجي‪ ،‬الرسمي أساسا‪ ،‬سواء الوطني أو الدولي‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫يؤثر‪ ،‬غالبا‪ ،‬على استقالليتها و يشل حركتها وقدرتها على التطلع‬ ‫إلى المستقبل والتخطيط له‪.‬‬ ‫وهكذا؛ يرتبط بمسألة التمويل إشكاالت حقيقية من قبيل‬ ‫التمويل المرتبط بالوالء السياسي أو القرابة أو عالقات الزبونية‬ ‫أو خدمة أهداف أو مصالح غير معلنة‪ ،‬مما ينعكس على استقرار‬ ‫المشهد الجمعوي ويتمظهر في احتجاحات هنا وهناك من طرف‬ ‫الجمعيات التي تعتبر نفسها مقصية أو مظلومة جراء حسابات غير‬ ‫جمعوية‪ ،‬وقليل من الجمعيات هو الذي يتقن كيفية اللعب على حبال‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫التقلبات أو يكرس نفسه كرقم يصعب تخطيه أو التقليل من قيمته‪.‬‬ ‫لذلك؛ فكثير من األسئلة يطرحها المراقبون المستقلون‬ ‫والخبراء‪ ،‬بشأن جمعيات المجتمع المدني ودورها في تأطير المجتمع‬ ‫وفي حمل قضاياه واإلجابة عن انشغاالته‪ ،‬وكذا بشأن استحقاق‬ ‫الدعم والمعايير المرتبطة به‪ ،‬والتقييم والمحاسبة والتقويم‪،‬‬ ‫خصوصا وأن عدة ظواهر استجدت على الساحة وتكاد تخلق ضبابية‬ ‫في المشهد الجمعوي‪ ،‬كوجود بعض الجمعيات على الورق فقط أو‬ ‫االرتباط الحزبي أو العائلي أو الشخصي المباشر لبعضها‪ ،‬واستعمال‬ ‫أو اعتبار بعضها الدعم العمومي ريعا سنويا أو حقا مكتسبا بمبرر أن‬ ‫الدولة ومؤسساتها يسري في عروقها الريع ويضرب يمينا وشماال‪،‬‬ ‫كما تطرح في هذا اإلطار عدة أسئلة أخرى ملحة منها‪:‬‬ ‫هل أزمة القيم التي تتخبط فيها جمعيات المجتمع المدني‬‫هي انعكاس ألزمة القيم العامة أم مظهر من مظاهر انحسار‬ ‫دمقرطة الدولة والمجتمع؟؛ و إلى أين يسير المجتمع المدني في‬ ‫ظل هذه الوضعية؟‪.‬‬ ‫كيف يمكن التمييز بين الجاد وغير الجاد من الجمعيات وبين‬‫الغث والسمين منها لكي يكون لما ترصده الدولة والمجتمع من‬ ‫أموال انعكاسات إيجابية على تمكين هذه الجمعيات من لعب دورها‬ ‫التضامني والتوحيدي في ظل التنوع والتعدد؟‪.‬‬ ‫وللتذكير فإن حكومة عبداإلله بنكيران األول��ى كانت قد‬ ‫نظمت حوارا وطنيا حول المجتمع المدني قيل فيه ما قيل‪ ،‬لكن‬ ‫يجب الـتاكيد اآلن‪ ،‬اختلفنا أو اتفقنا مع إوالياته ومخرجاته‪ ،‬أنه‬ ‫كان له السبق في تسليط الضوء بشكل أقرب إلى الشمولية على‬ ‫القضايا الشائكة المرتبطة بجمعيات المدني‪ ،‬وإّذا كان البعض من‬ ‫مخرجات هذا الحوار‪ ،‬خاصة المرتبط بالدور االستشاري والتشاوري‬ ‫واالقتراحي قد خرج إلى النور فإن الجزء الباقي منها(من المخرجات)‬ ‫ال يزال حبيس الرفوف و يحتاج إلى التفعيل‪ ،‬ربما بعد التحيين وإعادة‬ ‫الصياغة وحصول التوافق‪ ،‬ألن جمعيات المجتمع المدني بقدرما‬ ‫أصبحت مكسبا يجب تطويره و تمتينه‪ ،‬بقدرما أن معضالت كثيرة‬ ‫تعيق هذا التطوير والتمتين بل قد تعصف بهذا المكسب وتخرجه‬ ‫عن الصراط المستقيم!!!‪.‬‬

‫حكمة‬ ‫العبودية‪* ..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫العبودية أعلى من مقام الوالية»‬ ‫في «يوم الجمعة‬ ‫سيدي حمزة القادري بودشيش‬

‫‪ 1‬ـ ما يدعوني للحديث عن حكمة العبودية هو ما سمعته‬ ‫من بعض قول متواتر؛ من صميم حر الكالم لسيدي حمزة قدس‬ ‫اهلل سره ؛ خاصة قولته الجليلة التي صدرت بها هذه اللمعة حتى‬ ‫أتخذها نبراسي لبسط حديث موجز عن حكمة العبودية ؛ لكونها‬ ‫نسبة عليا يتجلى فيها ‪:‬‬ ‫« سر الوقوف عند حد المخلوقية‪»..‬‬ ‫• ‬ ‫«والثبوت تحت نفوذ األوامر االلهية‪»..‬‬ ‫• ‬ ‫« واالنقياد لمراسيم الشريعة الربانية‪»..‬‬ ‫• ‬ ‫وغير خاف أن مدلول الحكمة في هذا السياق ينصرف إلى‬ ‫معارف شتى ‪:‬‬ ‫معرفة آفات النفس‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة الحق لذاته‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة الخير والعمل به‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة صواب األمور‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة الرعونات البشرية‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة األمر اإللهي‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة شهود الحق‪..‬‬ ‫• ‬ ‫معرفة اإلنسان لقدر نفسه ؛ حتى ال يمد رجليه خارج‬ ‫• ‬ ‫كسائه كما يقال‪..‬‬ ‫ومن لطائف اإلشارات أن الحكمة ناطقة بلسان حالها في ‪:‬‬ ‫قلوب العارفين بالتصديق‪..‬‬ ‫• ‬ ‫قلوب العباد بالتوفيق‪..‬‬ ‫• ‬ ‫قلوب المريدين بالتفكر‪..‬‬ ‫• ‬ ‫قلوب العلماء بالتذكر‪..‬‬ ‫• ‬ ‫ومن عالماتها المنيرة ‪:‬‬ ‫• طول الصمت والكالم على قدر الحاجة‪..‬‬ ‫وفي هذا المعنى قال سيدي حمزة القادري بودشيش قدس‬ ‫اهلل سره ‪:‬‬ ‫« المقام الكبير هو الصمت ‪ ،‬وقد كان سيدي أبو مدين‬ ‫صماتا‪.»..‬‬ ‫والحكماء ورثة األنبياء ؛ فليس بعد النبوة إال الحكمة‪..‬‬ ‫وأما طريق أهل اهلل إلى الحكمة فمالزمتهم للرياضة التي‬ ‫توافق أحكام الشريعة بتهذيب األخالق النفسية والحرص على أداء‬ ‫الفروض‪..‬‬ ‫‪ 2‬ـ وأما العبودية فتحيل داللتها على لفظ العبد الذي تحرر‬ ‫قلبه من جميع ما سوى اهلل ؛ وعندئذ يكون في الحقيقة عبدا هلل ‪.‬‬ ‫وما سمى اهلل تعالى المؤمنين باسم أحسن من العبد ‪« :‬واذكر‬ ‫عبادنا‪ « »..‬واذكر عبدنا‪« »..‬نعم العبد‪.»..‬‬ ‫وقد ورد في القرآن الكريم ‪:‬‬ ‫« وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون‪»..‬‬ ‫« ولقد بعثنا في كل أمة رسوال أن اعبدوا اهلل «‬ ‫« إن هذه أمتكم أمة واحدة ‪ ،‬وأنا ربكم فاعبدون» ‪..‬‬ ‫فكانت هذه التحديدات القرآنية مبينة للعالقة بين اهلل والبشر؛‬ ‫فإذا هي عالقة عبادة ‪ ،‬ونسبة كل ما سوى اهلل إليه نسبة العبد‬ ‫لمالكه وسيده ؛ فجميع البشر من آدم إلى يوم الدينونة هم عباد‬ ‫اهلل ؛ ولم يطلق عليهم هذا اإلسم في معرض إذالل ‪ ،‬بل أطلقه‬ ‫في معرض تشريف ؛ فخص بلفظ « عبدي « المقربين واألنبياء‪..‬‬ ‫ومن دقيق ما وقفت عليه في مطالعاتي أن محيي الدين ابن‬ ‫عربي أشار في فتوحاته إلى أن لفظ عبد يطلق على كل مخلوق‬ ‫خلقه اهلل تعالى من مالئكة وإنسان وحيوان وجماد ‪ ..‬فيصبح معنى‬ ‫العبد تأسيسا على هذا ‪:‬‬ ‫كل ما سوى اهلل أو بلسان ابن عربي نفسه « العالم كله‬ ‫واإلنسان»‪.‬‬ ‫ــــــــــــ‬ ‫* رؤوس أفكار لحديث قدمته يوم الجمعة ثالث ذي القعدة ‪ 1435‬ـ‬ ‫تاسع وعشرين غشت ‪ 2014‬بالزاوية األم بمداغ‪:‬‬


‫‪4‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫من دفاتري‬

‫�أوراق‬ ‫مغربية‬

‫�سل�سة جديدة‬ ‫‪ 30‬ينـايـر ‪2018‬‬

‫مياه ملوثة بالعدوتني‬

‫كالم‬

‫يبدو أن المياه الملوثة وغير المعالجة التي تهدد صحة أزيد من‬ ‫‪ 12‬مليون مواطن‪ ،‬والتي أثارت مشكلتها الشبكة البيئية رقراق‪،‬‬ ‫ورددت صداها بعض وسائل اإلعالم‪ ،‬أقنعت السيدة أفيالل ومن‬ ‫لهم يد في معالجة هذا الوضع‪ ،‬بـ «عقد اجتماع» للنظر في قضية‬ ‫طرح الفائض من المياه العادمة وغير المعالجة الصادرة عن سجن‬ ‫«العرجات» ‪ 1‬و ‪ 2‬والتي لم تعد طاقة المحطتين كافية لمعالجته‪.‬‬

‫عابر‬

‫وأخيـرا‪! ‬‬ ‫وأخيرا أكمل العثماني عقد حكومته‪ ،‬بعد مخاض دام فوق الثالثة أشهر‪ ،‬حتى‬ ‫خلنا أن «وراء األكمة ما وراءها»‪ ،‬وانخرطنا في سيناريوهات كان أكثرها إيالما‪،‬‬ ‫الرجوع إلى الصناديق المعلومة‪ .‬إال أن هذا «الحل» لم يكن ليقنعنا بأن العواقب‬ ‫ستكون‪ ،‬حتما‪ ،‬سليمة‪ ،‬ودون مفاجآت لن تكون سارة‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬خاصة‪ ‬واألوضاع‬ ‫الحزبية لم تكن يوما على هذه الحالة من التشرذم والتنافر‪ ،‬بالرغم من تظاهر‬ ‫بعض القادة‪ ،‬من «التآلف» الحكومي‪ ،‬بالتفاهم‪ ‬واالنسجام التام‪ ،‬كلما وُجهت‬ ‫صوبَهم كاميرات التلفزيون‪ ‬والمواقع اإلليكترونية‪ .‬ولعل في االنتخابات الجزئية‬ ‫األخيرة ما يكفي من إشارات بليغة‪ ،‬لنقتنع ‪ ‬بأن أهل السياسة يفضحون أحوالهم‬ ‫بحالهم‪! ‬‬ ‫ال يهم‪ ...... ! ‬بعد أن «نجح» العثماني في «ترقيع» الثقب الذي أحدثته‬ ‫في حكومته تقارير العزيز ادريس جطو‪ ،‬والتي تحدثت عن «اختالالت» هكذا‪،‬‬ ‫بالمطلق‪ ،‬في مخطط «المنارة»‪ ،‬ليتبين‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬أن المنارة صارت منارات‪ ،‬وأن‬ ‫حراك الحسيمة «أنجب» حراكات‪ ،‬منها ما وُوجه بـ «المعقول»‪ ،‬بالمفهوم األمني‪،‬‬ ‫ومنها ما وقع التغاضي عنه‪ ،‬كرما‪ ،‬وليس تحت ضغط‪ ‬الشارع أو تدخالت حقوقية‬ ‫«خارجية»‪ ،‬ذلك أن «تأديب» نشطاء «الحراكات» أمر «سيادي»‪ ،‬تماما كتعويم‬ ‫الدرهم‪ ،‬وفق تعبير الجواهري‪ ،‬حتى ولو أقر الميستر ميتسوهيرو فوروساوا‪ ،‬نائب‬ ‫مدير صندوق النقد الدولي‪ ،‬بأن البرنامج االقتصادي والمالي للحكومة‪ ‬الجديدة‬ ‫يستجيب لإلصالحات الرئيسية‪ ‬التي تم اإلعالن عنها في البرنامج المدعوم‪ ‬من‬ ‫خط الوقاية والسيولة‪ ،‬بغاية إصالح الميزانية‪ ‬وتعزيز نمو أكثر صالبة واندماجا‪! ‬‬ ‫وهكذا خلف عبد الواحد الفاسي الفهري ‪ ‬الوزيرالمعفى‪ ،‬نبيل بن عبد اهلل ‪،‬‬ ‫على رأس ‪ ‬وزارة إعداد التراب والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة‪ .‬الوزير الجديد‬ ‫الوافد من قطاعات وطنية ودولية للدراسات و التدبير اإلداري والمالي ‪ ،‬يصر‪ ،‬كأبناء‬ ‫عمومته على االنتساب إلى قبيلة ‪ ‬بني محارب بن فهر‪ ،‬وهي من فروع وأفخاذ قبيلة‬ ‫قريش‪ ‬البطاح أو قريش الظواهر‪ .‬عبد الواحد الفاسي الفهري هو أخ وزير التعليم‬ ‫العالي األسبق وهو صهر عائلة بن عبد اهلل زعيم حزب الكتاب الدي يعتبر من‬ ‫أعضائه البارزين‪.‬‬ ‫الحركي سعيد أمزازي‪ ،‬الذي «شغل» وسائل التواصل االجتماعي‪ ‬في أول ظهور‬ ‫له أمام جاللة الملك‪ ،‬خالل حفل التعيين‪ ،‬خلف «حركيا»‪ ‬آخر‪ ،‬محمد حصاد‪ ،‬الذي‬ ‫نزل على الحكومة بمظلة الحركة الشعبية ‪ ،‬قادما إلى هذا الحزب من وزارة الداخلية‬ ‫التي هي كالماء‪ ،‬ال لون وال طعم ‪ ‬وال رائحة له !!!‪....‬‬ ‫ومع ذلك‪ .....،‬حتى تتأكدوا أن كل شيء ممكن في عالم السياسة المعكوفة‪! ‬‬ ‫األمزازي فاز بوزير «من أهله» ‪ ،‬محمد الغراس‪ ،‬كاتبا للدولة ‪ ،‬يشد به أزره‬ ‫ويشركه في أمره‪ ،‬لعل و عسى أن «تخرج الجرة بخير» !!!‪ ‬‬ ‫كما أن أنس الدكالي ‪ ‬الوافد على الوزارة من الوكالة الوطنية إلنعاش الشغل‪،‬‬ ‫والذي ينتمي‪ ،‬هو أيضا‪ ،‬لحزب «الكتاب» خلف على رأس وزارة الصحة العمومية‪،‬‬ ‫وزيرا «كتابيا» آخر‪ ،‬الدكتورالحسين الوردي الذي تضاربت األقوال في شأنه بين‬ ‫بنكيران وأنصاره الذين يعتبرونه أحسن وزير صحة شهده المغرب منذ االستقالل‬ ‫وجماعة العثماني والرميد‪ ‬التي تدعي أنه أسوء من تحمل مسؤولية وزارة الصحة‬ ‫منذ حكومة البكاي رحمه اهلل‪ ! ‬‬ ‫غير أن بعض الصحافييـــن «المشاغبيــن» ذهبوا للنكش في «ملفــات»‬ ‫المستوزرين‪ ،‬بحكم أنهم أصبحوا شخصيات عامة‪ ،‬وللنبش‪ ‬في العالقات التي‬ ‫تربطهم‪ ‬عائليا أو سياسيا ‪ ‬أو كليهما‪ ،‬ليتضح لهم أن عالقات المصاهرة والقرب‬ ‫سيطرت على التعيينات الجديدة التي اعتبروها من درجة «متوسط» بعد أن خلت‬ ‫تلك التعيينات من أسماء قوية سياسيا وكفاءة علمية أو تدبيرية‪....‬‬ ‫إال أن األمل في اهلل كبير أن يلهمهم المحجة البيضاء ‪ ‬التي ال يزيغ عنها إال‬ ‫هالك‪ ! ‬‬ ‫وقبل أن «يسخن» الوزراء الجدد مقاعدهم‪ ،‬انطلقوا في تصريحات ووعود‬ ‫تنم عن كونهم يجهلون حجم المشاكل وثقل المسؤوليات‪ ‬واتساع أفق تطلعات‬ ‫الشعب‪ ،‬تصريحات ال يمكن اعتبارها إال «نوايا حسنة» غير أنها تلزمهم‪ ،‬حتى ولو‬ ‫أن المناسبة تسلم المهام والسلط ‪.‬‬ ‫فهذا الفاسي الفهري يشدد على أنه سيعمل على االنكباب‪ ،‬بنجاعة أكبر’‬ ‫على معالجة «كافة» اإلشكاليات التي يشهدها القطاع الذي يتطلب تعبئة‬ ‫وانخراط الجميع‪ ‬لتحقيق األهداف المنشودة ( !‪ ) ‬واالرتقاء باألدوار التي تضطلع‬ ‫بها الوزارة‪ ،‬داخل اآلجال المحددة وفي احترام تام للمعايير المطلوبة‪( .‬وهنا بيت‬ ‫القصيد‪)...!!! ‬‬ ‫‪ ‬أما وزيرالتربية الوطنية والتعليم‪ ،‬سعيد أمزازي‪ ،‬دعا إلى تحقيق التنسيق‬ ‫واإلنسجام بين القطاعات التابعة لوزارته ‪ ،‬من أجل رد االعتبار للمدرسة العمومية‪،‬‬ ‫معتبرا أن األمر لم يعد يتعلق بثالث مكونات‪ ،‬بل بقطاع واحد منسجم ومتناغم‪.‬‬ ‫كماوعدبالعملعلىرداالعتبارلسمعةالمنظومةالتعليمية‪،‬والسموبوظائفها‬ ‫الحيوية‪ ،‬وذلك عبر إعادة هندسة العملية التعليمية‪ ،‬لتنسجم مع متطلبات المدرسة‬ ‫الوطنية‪ ،‬خاصة وأن القطاع‪ ‬يشكل المحرك األساس والمحوري في تقدم األمة‬ ‫وتعزيزالتنمية”‪.‬‬ ‫أنس الدكالي‪ ،‬وزير الصحة‪ ،‬وعد بأنه سيعمل على تقديم األفضل لقطاع‬ ‫الصحة عبر التركيز على البرنامج الحكومي في هذا المجال‪ ،‬مبرزا أهمية وحجم‬ ‫المسؤولية التي يتحملها‪ ‬نظرا لتطلعات المواطنين في مجال الصحة‪.‬‬ ‫ومعلوم أن قطاع الصحة يواجه تهديدات من طرف ‪ ‬تنسيقية األطباء‬ ‫الداخليين‪ ،‬والمقيمين‪ ،‬بتصعيد االحتجاجات من أجل تحقيق العدالة “األجرية”‬ ‫لجميع األطباء ‪ ،‬خاصة بعد تصريحات منسوبة لمسؤول حكومي قالت األخبار‬ ‫إنه ‪ ‬يكون قد وصف األطباء بــ «الالوطنيين»‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬

‫وبطبيعة الحال‪ ،‬قــررت السيدة الحرة ورفاقهــا تسريع ‪ ‬وتيرة‬ ‫أشغال توسيع المحطتين لتكونا جاهزتين في ظرف شهـر واحــد‬ ‫بالنسبة للمركــز السجنــي األول وثالثة أشهر بالنسبة للسجن‬ ‫الثاني‪،‬مع إنجاز حوض إصطناعي غير نافذ للفرشة المائية لتصريف‬ ‫المياه العادمة الصادرة عن السجنين المذكورين ‪ ,‬وتنقية ومعالجة‬ ‫المجال الطبيعي الذي توجد فيه المياه العادمة ودراسة إمكانية‬ ‫تفريغ الفائض بواسطة شاحنات صهريجية وصرفها في قنوات شبكة‬ ‫الصرف الصحي ‪ ,‬ودراسة إمكانية معالجتها لتصبح صالحة لسقي‬ ‫المساحات الخضراء عوض طرحها في المجال الطبيعي ‪ -‬حسب ما‬ ‫ورد في بالغ االجتماع المذكور‪.‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫يجب �أن‪....! ‬‬

‫* يجب النهوض بمجال التكوين والتأهيل كمجال أساسي لخلق‬ ‫فرص الشغل وتكريس االرتقاء االجتماعي‪ ،‬بغاية تكوين مليون شاب‬ ‫وشابة من غير الحاملين للشهادات أو دبلومات نظامية ‪ ،‬وذلك على‬ ‫مدى خمس سنوات‪ ،‬في مهن وحرف تضمن لهم العيش الكريم‪،‬‬ ‫وتشجيعهم على تأسيس مقاوالت ذاتية وتجمعات خدماتية‬ ‫* يجب تمكين هذه الفئة من تأهيل شامل ومجاني يتيح لها‬ ‫االندماج بسهولة في سوق الشغل‪،‬‬ ‫*يجب تعزيز التكوين المستمر للموظفين في القطاعين العام‬ ‫والخاص‪ ،‬و إعادة النظر في القوانين المنظمة لهذا التكوين‪.‬‬ ‫* يجب تأهيل التعليم األولي وضمان استفادة األطفال من‬ ‫الفئة العمرية ما بين أربع وخمس سنوات من هذا المرفق‪ ،‬وذلك‬ ‫عبر توسيع العرض التربوي في التعليم األولي من خالل تأهيل‬ ‫واستعمال روض األطفال التي تتوفر عليها وزارة الشبيبة والرياضة‬ ‫داخل المجاالت الحضرية‪ ،‬وعبر تأهيل المدارس في المجال القروي‬ ‫لفائدة التعليم األولي بعد إحداث مدارس الجماعات‪.‬‬ ‫* يجب بذل جهــود مضاعفـة في مجال تكوين المربييــن‬ ‫والمربيات‪ ،‬وتمكينهم من اإلشــراف على روض األطفال‪ ،‬وهو ما‬ ‫يشكل أيضا فرصا للتشغيل‪ ،‬وخلق شراكات مع الجماعات المحلية‬ ‫في هذا المجال‪..‬‬ ‫* يجب معالجة االختالالت التي يشهدها مجال العــالج‪ ،‬مع‬ ‫تحسين ظروف عمل وعيــش األطر الطبية خاصة في المناطق‬ ‫القروية‪ ،‬واالعتراف بخصوصية مهنة الطب‪ ،‬بحيث يتمتع األطباء‬ ‫بنظام أساسي خاص بهم‪ ،‬مع إرساء تعاقد خاص بين الدولة واألطباء‬ ‫لتحديد االلتزامات والمسؤوليات‪ ،‬بحيث إن هذا التعاقد يلزم الدولة‬ ‫بتحسين وضعية األطر الصحية‪ ،‬خصوصا العاملين في المناطق‬ ‫النائية عبر إقرار نظام للتعويض‪ ،‬وعبر توفير ظروف عمل وعيش‬ ‫مناسبة‪ ،‬وهو ورش يتعين إشراك المؤسسات المنتخبة فيه‪.‬‬ ‫* يجب تبني حلول عملية للنهوض بقطاعات التشغيل والتعليم‬ ‫والصحة‪ ،‬وتقديم الخدمات العمومية بالجودة العالية المطلوبة‪ ،‬في‬ ‫إطار النموذج التنموي الجديد‪.‬‬ ‫* يجب الحد من التفاوتات الحاصلة بين الجهات‪ ،‬وتعزيز االرتقاء‬ ‫والتماسك االجتماعيين‪ ،‬واالستجابة لمختلف انتظارات المواطنين‪.،‬‬ ‫أن تأتي هــذه «المطالــب»‪ ،‬في سيــاق شعـارات حزبيــة‪،‬‬ ‫«انتخاباوية»‪ ،‬فإنه أمر مقبول ولو أننا مللنا من مثل هذه الشعارات‬ ‫التي يتبين‪ ،‬كل مرة‪ ،‬أنها «كاذبة» وأن الغاية منها «الضحك على‬ ‫دقون» الناخبين البسطاء‪ ،‬ولو أنه لم يعد اليوم في الساحة ناخبون‬ ‫بسطاء‪ ! ‬ألن «كحل الراس» فاق وعاق»‪......! ‬‬ ‫أما وقد جاءت على لسان وزير نافذ أو مجموعة وزراء «نوافد»‬ ‫في حكومة يصعب تصنيفها في خانة الحكومات «النفذ» ألنها‪،‬‬ ‫لو تأخر عنها «التيليكوماند»‪ ،‬سقطت في البلوكاج إلى أن يأتي‬ ‫الفرج‪! ‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫«الرخا هلل» دُكتوراه بـــ «بَال�ش»‪...! ‬‬

‫عاد الجدل إلى الساحة العامة‪ ،‬بعد أن دخلت مصالح األمن‬ ‫المختصة على خط قرصنة البحوث الجامعية‪ ،‬من مستوى الماستر‬ ‫والدكتوراه‪ ،‬بناء على شكايات من عمداء بعض الكليات‪ ،‬حول‬ ‫«سرقة» بحوث جامعية ‪ ،‬تعرض للبيع على عدد من المواقع‪ ،‬وكأن‬ ‫األمر يتعلق بسلع خردة‪ ! ‬خردة‪! ‬‬ ‫صحيفة وطنية جادة أفادت‪ ،‬في هذا الشأن‪ ،‬أن بعض المواقع‬ ‫اإلليكترونية غدت تقترح على طلبة الجامعات «بحوثا جاهزة» من‬ ‫فئة «بري آ بورطي» تعد بالمئات‪ ،‬بأثمان ال تتعدى األلف درهم‪ ،‬مع‬ ‫ضمان توصلهم بـ «الخدمة» عن طريق حواسبهم‪« ،‬حسي مسي»‬ ‫وبدون أثر مثير‪.‬‬ ‫القرصنة تتعـــدى «المخــزون» اإل حتياطي من األطروحــات‬ ‫والدراسات إلى اقتراح «إعداد» أطروحات تحت الطلب‪ ،‬في حالة‬ ‫ما إذا استقر رأي الطالب الباحث على موضوع ما‪ ،‬أو اقترح عليه‬

‫عزيز گنوني‬

‫‪azizguennouni@hotmail.com‬‬

‫أستاذه المشرف‪ ،‬عنوانا ما‪ ،‬حيث يتطوع «علماء المواقع وخبراؤهم»‬ ‫بإعداد األطروحة‪ ،‬في ظرف ‪ 20‬يوما‪ ،‬مع ضمان خلوها من األخطاء‪،‬‬ ‫واعتمادها على مراجع موثوقة‪ ،‬بشكل جيد‪ ،‬وإحاالت صحيحة جدا‪، ،‬‬ ‫كل ذلك بثمن «الصولد»‪ 1600 ،‬درهم ‪ ،‬من المنشأ إلى المدرج‪....‬‬ ‫وصوال إلى «العباءة» والقبعة المربعة الشكل‪ ،‬التي كانت تميز‬ ‫الفالسفة والفنانين خالل القرنين الرابع والخامس من التقويم‬ ‫الغريغوري‪.... ! ‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫«لينوه» �أو «عوموه» �أو «حرروه»‬ ‫فالهم واحد‪.... ! ‬‬ ‫ّ‬ ‫هل نجح الجواهري وبوسعيد في إقناعنا بأن مخطط «تليين»‬ ‫أو «تعويم» أو «تحرير» الدرهم‪ ،‬سيزيد من نمو االقتصاد الوطني‬ ‫وأن ال خطر في ذلك على القوة الشرائية للمواطنين‪ ،‬اعتبارا ألن‬ ‫المخطط سوف يتكفل بالحفاظ على مستوى التضخم في أقل من‬ ‫‪ 2‬بالمائة؟!‬ ‫أما تخوفات المواطنين من ارتفاع ثمن المحروقات‪ ،‬فإن مخطط‬ ‫الجواهري وبوسعيد سوف يضغط على الزيادة في سعر التداول‬ ‫ليبقى في حدود ‪ 1,6‬بالمائة بحيث سوف يرتفع سعر الغازوال ب‬ ‫‪ 15‬سنتيما‪ ،‬فقط‪،،‬‬ ‫كيف والو‪.... ! ‬‬ ‫ونصحنا الجواهري وبوسعيد بأن ال نربط أثمان الزيادة في‬ ‫أسعار مواد االستهالك بتعويم أو تليين أو تحرير الدرهم‪ ،‬ألننا نكون‬ ‫حينها قد تصرفنا بـــ «هراء» ‪.‬‬ ‫بوسعيد‪ ،‬من جانبه‪ ،‬شرح لنا حالة الدرهم عند الصرف بعد‬ ‫اإلصالح «التعويمي» أو «التلييني» أو «التحريري»‪ ،‬افهموه كما‬ ‫شئتم‪ ، ،‬هذا الذي دخل حيز التنفيذ يوم ‪ 15‬يناير الجاري‪ ،‬فأكد أن‬ ‫سعر الدرهم تطور وفق «مفهوم» «التقلب» بنسبة «زايد ناقص»‬ ‫ما بين ‪ 0,3‬و ‪ 2,5‬بالمائة‪ .‬وهذا يعني بالنسبة للوزير بوسعيد‪ ،‬أن‬ ‫األبناك واالقتصاديين «استوعبوا روح هذا اإلصالح» الذي يأتي‬ ‫لدعم السياسات الهيكلية ‪..........‬للحكومة‪.‬‬ ‫«سعداتهم» استوعبوا‪..!!! .‬‬ ‫أما نحن شعب «المورو» فقد وجدنا أنفسنا في حالة دهشة‬ ‫و «انبهار» أمام الشروحات «المرقمة» بين الزائد والناقص‪ ،‬إلى أن‬ ‫أُصبنا بـ «رجة» «القفة» اللعينة‪ ،‬وتحول انبهارنا بالدرهم «المعوم»‬ ‫إلى صدمة‪ ،‬ثم مفاجأة‪ ،‬ثم صعقة قوية‪ ،‬ونحن نتبصر أثمنة الخضر‬ ‫األساس‪ ،‬ونتحسس جيوبنا التي أصابها ذاك «المعومُ» اللعينُ‬ ‫بالضعف والوهن‪... ...‬‬ ‫وحاولنا أن نفهم‪...،‬أن نستوعب‪ ...،‬وما الفائدة ؟ المهم أن‬ ‫يستوعب أهل المال واألعمال‪ ،‬أما نحن فليس مطلوبا منا أن نفهم‪،‬‬ ‫أو نستوعب‪...،‬بل أن‪ .......‬ندفع‪.....! .‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫علوم الطب �أي�ضا من تخ�ص�صات‬ ‫«الفقهاء»‪! ‬‬

‫خالل حفل تكريمه بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪،‬‬ ‫األسبوع الماضي‪ ،‬أثار المفكر الكبير عبد اهلل العروي مسألة اإلرث‪،‬‬ ‫الحاضرة بقوة في النقاش العمومي‪ ،‬من منظور حقوقي خارج رأي‬ ‫التطبيق الحرفي للنص‪ ،‬األمر الذي كان مصطفى الرميد‪ ،‬قد اعتبره‬ ‫في ندوة دبلوماسية بالرباط‪« ،‬فتنة مجتمعية»‪.‬‬ ‫وشدد العروي على أن القوانين ‪ ،‬المعبر عنها في إطار الجماعة‬ ‫ينبغي أن تكون قائمة على سؤال المنفعة العامة ومنها حرية الفرد‬ ‫في اختيار ورثته دون تدخل الدولة‪ ،‬اعتبارا لكونها قضية اجتماعية‬ ‫واقتصادية‪.‬‬ ‫الغلبزوري وهو أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان ‪ ،‬يرى أن أن‬ ‫نظام اإلرث قضية شرعية فقهية‪ ،‬أهل االختصاص فيها هم العلماء‬ ‫والفقهاء الثقات‪ ،‬فالقول فيها هو قولهم كأي قضية تخصصية‪.‬‬ ‫طيب‪ ،‬وما قول الغلبزوري والحافظ الغسقالني‪ ‬في «فقيه»‬ ‫«تطاول» على علم من علوم الطب الحديث‪ ،‬في برنامج إذاعي بث‬ ‫يوم ‪ 19‬يناير الجاري‪ ،‬شرح فيه أن عدم احترام العدة بعد الطالق‬ ‫واختالط مني الرجال‪ ،‬مما يسبب سرطان الرحم‪.....! ‬‬ ‫هل كان الفقيه ال ُقبي خبيرا بأمراض السرطانات‪ ،‬مسبباتها‪،‬‬ ‫أحوالها‪ ،‬أشكالها‪ ،‬أعراضها‪ ،‬وخالياها «العدوانية»‪ ،‬وفتكها باألنسجة‪،‬‬ ‫والتغييرات الجينبية التي يحدثها هذا المرض الخبيث‪ ،‬والعوامل‬ ‫المشجعة على حدوثه ومضاعفاته والوقاية منه‪...‬؟!‬ ‫ألم يتحدث فقيه اإلذاعة في غير تخصصه؟ إن كان ما تعلمه‬ ‫يعتبر تخصصا ‪ ،‬ولمَ لم يقل ‪ « :‬ال أدري‪ ،‬وهو نصف العلم» ‪ ،‬كما‬ ‫كتب الغلزبوري في تدوينته ردا على المفكر عبد اهلل العروي‪،‬‬ ‫مستحضرا مقولة لمالك بن أنس‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬


‫العدد ‪926‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫المساواة في اإلرث‪ ....‬هل فعال رجال اليوم هم قوّامون على النساء‪....‬‬ ‫وهل النصوص الشرعية ال نطالب باحترامها إال عندما يتعلق األمر بالمرأة‬

‫?‬

‫‪5‬‬

‫• إعداد ‪ :‬لمياء السالوي ‪lamiae.s.81@gmail.com‬‬

‫عبد اهلل العروي‬ ‫المفكر عبد اهلل العروي قبل أسبوع صرح أن مسألة اإلرث قضية اجتماعية‬ ‫واقتصادية يمكن النظر إليها من زاوية المصلحة والمنفعة من خالل إجبار‬ ‫الناس على كتابة الوصية‪ ،‬وعدم تركها إرادية‪ ،‬وأضاف العروي‪ ،‬في مداخلة‬ ‫خالل حفل تكريمي نظمته كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط بتعاون‬ ‫مع معهد العالم العربي بباريس‪ ،‬أن األمر يمكن أن يتم من خالل تصريح‬ ‫المواطن كل سنة بممتلكاته التي يؤدي عنها الضريبة‪ ،‬فتكون الوصية من‬ ‫مسؤولية الفرد الذي يختار كيف يريد تصفية تركته‪.‬‬ ‫وأوضح أنه يمكن النظر لإلرث من منظار فردي أي من منظار العقيدة‬ ‫التي ال يمكن أن تمس ألن القضية مفصولة والمؤمن يرغب في اإلنسجام‬ ‫مع عقيدته‪ ،‬ومن منظار مجتمعي أي تاريخاني وموضوعي ونفعي‪ ،‬حتى تتفادى‬ ‫الدولة التقنين من جديد ومجابهة النصوص الدينية‪.‬‬ ‫و من هنا يعود موضوع اإلرث إلى الواجهة‪ ،‬و تعود المواجهة بين العقل‬ ‫و الدين‪ ،‬المرأة ترث نصف نصيب الرجل‪ ،‬هكذا نص القرآن‪ ،‬منذ خمسة عشر‬ ‫قرنًا‪ ،‬في زمن مختلف تماما‪ ،‬إجتماعيا واقتصاديا‪ ،‬زمن كانت فيه المرأة بالكاد‬ ‫تحمل صفة «إنسان» في مجتمع تلك الفترة‪ ،‬لذا كانت األحكام التي جاء بها‬ ‫القرآن على المستوى اإلجتماعي ّ‬ ‫تشكل ثورة على ما كان سائدًا‪ ،‬بينما اآلن‪،‬‬ ‫أصبحت المرأة مسؤولة في حاالت كثيرة عن نفسها اً‬ ‫أول‪ ،‬وعن أسر كاملة في‬ ‫بعضها‪.‬‬

‫محمد عبد الوهاب رفيقي‬ ‫وإذا تعاملنا بشكل غير قاطع مع بعض النّصوص القطعية النّزول‬ ‫واإلثبات‪ ،‬فيجب أن نفعل معها جميعها‪ ،‬وال نتو ّقف عندما نصل إلى المرأة‪،‬‬ ‫التي كانت دائمًا كائنًا ضعي ًفا في مجتمعنا‪.‬‬

‫• األنصبة ليست ً‬ ‫خطا أحمر‬ ‫ماذا عن األنصبة؟ كيف سيتمّ تقسيمها‪ ،‬لتحقيق المساواة في الميراث‬ ‫بين الرجل والمرأة؟ «لم أطالب بتحقيق المساواة بين الرّجل والمرأة في‬ ‫الميراث» يجيب رفيقي المعروف بأبي حفص‪ّ ،‬‬ ‫«ألن األمر أعقد مما يمكن‬ ‫تصوّره‪ ،‬فال يمكن مناقشة موضوع الميراث بمعزل عن منظومة األسرة‪ ،‬وعن‬ ‫الحقوق والواجبات المترتبة في حقّ كل طرف‪ ،‬لذا ال تنبغي المجازفة بطلب‬ ‫المساواة‪ ،‬دون اإلنتباه ّ‬ ‫لكل هذه التّشابكات»‪.‬‬ ‫«لكن تغيّر البُنى اإلجتماعية‪ ،‬وتغيّر أدوار الفاعل اإلجتماعي يجعل من‬ ‫الواجب علينا تعديل منظومة الميراث بما يتوافق مع هذه المتغيّرات‪ ،‬ولذلك‬ ‫أقترح إعادة النّظر في مفهوم التعصيب (الميراث بالتعصيب‪ ،‬هو أن يأخذ‬ ‫الوارث كل التركة إذا لم يوجد وارث غيره‪ ،‬أو ما بقي منها إذا وجد معه وارث‬ ‫منبن على نمط إجتماعي لم يعد قائمًا اليوم‪ ،‬فلم يعد البن‬ ‫بالفرض)‪ ،‬ألنه ٍ‬ ‫العم‪ ،‬وال البن األخ‪ ،‬واجب تجاه البنت حتى يناصفها الميراث»‪.‬‬

‫ولم يعد الرجل معيال وحيدا لألسرة‪ ،‬ولم تعد المرأة «عالة» عليه‪،‬‬ ‫تنتظر ما يقدّمه األب واألخ والزوج واإلبن‪ ،‬وتنتقل بين بيوتهم جميعًا‬ ‫إلى أن تموت‪ ،‬بل تعمل‪ ،‬وتقيم وحدها‪ ،‬أو مع أوالدها في حاالت ّ‬ ‫الطالق‬ ‫أو الترمّل‪ ،‬أصبحت المرأة اآلن أكثر من أي وقت بحاجة إلى كل الموارد‬ ‫المالية التي يمكنها الحصول عليها‪ ،‬لتعيش‪ ،‬فهل تبقى قسمتها هي‬ ‫نفسها في الميراث؟ أال يمكننا تقديم قراءة أخرى للنصّ القرآني؟‪.‬‬ ‫منذ توصيـة المجلـس الوطني لحقـوق اإلنسـان‪ ،‬منذ سنتين‪،‬‬ ‫في تقرير بتغيير مدونة األسرة لمساواة نصيب المرأة مع الرجل في‬ ‫الميراث‪ ،‬يدور في المغرب رحى نقاش حاد حول الموضوع‪ ،‬وبعد أن‬ ‫هدأت الزّوبعة التي أثارها تقرير المجلس لبعـض الوقت‪ ،‬أثيرت مرّة‬ ‫أخرى‪ ،‬مع تصريحات محمد عبد الوهاب رفيقي‪ ،‬أحد الوجوه السّلفية‬ ‫المعتدلة‪ ،‬الذي بعد ظهور مثير للجدل في برنامج تلفزيوني‪ ،‬ذهب إلى‬ ‫ضرورة مراجعة أحكام الميراث‪ ،‬وظهر في عدة فيديوهات يواجه بها‬ ‫اإلنتقادات‪ ،‬ويشرح موقفه بشكل أكثر تفصيال‪.‬‬

‫• الشرع يُحترم في الميراث فقط‬

‫لماذا ال تن ّفذ ّ‬ ‫كل األحكام الشرعية األخرى‪ ،‬وتتو ّقف عند عدم تجاوز‬ ‫النص القرآني على مسألة الميراث فقط؟ من هذا المنطلق يبدأ رفيقي‬ ‫النقاش حول أحكام الميراث‪ ،‬ويقول إن هناك متغيّرات حتمية تفرض‬ ‫النّقاش حول الموضوع‪ ،‬متغيرات إجتماعية بين القرن األوّل هجري والقرن‬ ‫الخامس عشر‪ ،‬إذ تعرّضت المرأة لظلم كبير ساب ًقا‪ ،‬لكن بما أننا اآلن نحن في‬ ‫ٍ‬ ‫عصر ندافع فيه عن المرأة‪ ،‬يجب تغيير منظومة القوانين المتع ّلقة بالمرأة‪،‬‬ ‫وقانون الميراث من القوانين التي تلمسُ المرأة في الصميم‪.‬‬ ‫ويجب أن نناقش أحكام الميراث‪ ،‬بالرغم من البطاقة الحمراء التي تُرفع‬ ‫في وجه كل من أراد أن يفتح النقاش حول الموضوع‪ ،‬بدعوى أن النّصوص‬ ‫قطعية‪ ،‬وال مجال لتغييرها‪ ،‬و هنا يسأل رفيقي‪ :‬لكن كيف نعرف أن النّص‬ ‫قطعي وال يمكن تغييره؟ وهل قطعية الدّاللة والثبوت كافية لنزول حكم؟‬ ‫ويجيب‪ ،‬إنه حتى عند الفقهاء واألصوليين‪ ،‬ال تتح ّقق النصوص إال بتحقق‬ ‫المناط‪ ،‬أي بتحقق المقاصد التي شرعت ألجلها‪.‬‬ ‫وحده فتح باب الحوار حول الموضوع‪ّ ،‬‬ ‫يمكن من معرفة ما إذا كان السياق‬ ‫ما زال صالحًا لآلية‪ .‬إذ يجب في ما يتعلق باألحكام اإلجتماعية في القرآن‪،‬‬ ‫مراعاة السياق اإلجتماعي‪ ،‬ومن خالل العودة إلى سياق نزول اآلية‪ ،‬ندرك أنه‬ ‫في ذلك الحين لم تكن المرأة ترث شي ًئا‪ ،‬بل كانت هي نفسها‪ ،‬تُورث مع متاع‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫وردًا على اإلنتقادات التي طاولت آراءه حول الميراث‪ ،‬بالقول‪ ،‬إن أحكام‬ ‫الميراث‪ ،‬قطعية‪ ،‬يقول رفيقي‪ ،‬أليست هناك أحكام قطعية الدّاللة والثبوت‪ ،‬ال‬ ‫يتمّ العمل بها ألسباب مختلفة؟ منها آيات القتال والجزية والعالقة مع اآلخرين‬ ‫من الدّيانات المختلفة؟‪ .‬وجهاد الطلب‪ ،‬وغزو اآلخر‪ ،‬وقتاله‪ ،‬وتُ َفسّر بأنها‬ ‫جاءت في سياق تاريخي يتميّز بالصراع بين المسلمين وغيرهم‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫آيّات الرق‪ ،‬التي ُقدمت بشأنها تعليالت تتع ّلق بكونها محددة في الزمن الذي‬ ‫أُنزلت فيه‪ ،‬والذي كان يعرف وجود ظاهرة الرق‪.‬‬

‫ويضيف رفيقي «منطق القبيلة الحامية ليس له وجود اليوم‪ ،‬وبالتالي‬ ‫أصبح النّظر في أحكام التّعصيب ضرورة‪ .‬اقترح اليوم أيضًا‪ ،‬تفعيل نظام‬ ‫الوصيّة‪ ،‬وتعديل القوانين التي تمنع الوصية للورثة‪ ،‬والوصية بأكثر من‬ ‫الثلث‪ ،‬ألنّها مبنية على أخبار آحاد‪ ،‬وروايات ال يمكنها معارضة القرآن الذي‬ ‫نصّ على الوصية للوالدين واألقربين‪ ،‬بهذا ّ‬ ‫نحل كل اإلشكاالت ونحقق‬ ‫مقصد العدل الذي هو قيمة القيّم في اإلسالم‪.‬‬ ‫وحين سئل عن طريقة تحقيق اإلنصاف في الميراث‪ ،‬ومراجعة حكم اآلية‬ ‫القرآنية ّ‬ ‫«للذكر مثل حظ األنثيين» الذي ناقشه بشكل عام‪ ،‬أجاب رفيقي‪ ،‬إنه‬ ‫لم يتناول األنصبة‪ ،‬ولكن ليس لديه مشكل مع من يناقشها‪ ،‬فـ»ال أعتبرها‬ ‫ً‬ ‫خطا أحمر»‪.‬‬

‫• لألنثى ّ‬ ‫حظ الذكر‬ ‫محمد الصبّار األمين العام للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬في‬ ‫تصريحات صحافية أخيرًا‪ ،‬دافع من جديد عن المساواة في الميراث بين الرجال‬ ‫والنساء‪ ،‬لوجود حيف يطول هذه الفئة الهشّة بالمجتمع‪ ،‬بحكم تس ّلط األقارب‬ ‫على الفتيات أثناء توزيع الميراث بعد وفاة معيل األسرة‪ ،‬مع أن أغلب الفتيات‬ ‫يساهمن من أموالهن في تشييد منازل األسر‪ ،‬وتأثيثها‪ ،‬والمساهمة في‬ ‫المصاريف اليومية‪ ،‬فيما يستفيد آخرون أبعد عن األسرة‪ ،‬فقط ألنهم ذكور‪.‬‬ ‫ويضيف الصبّار‪ ،‬أن هناك مليون امرأة تدبّر شؤون األسر لعقود من‬ ‫الزمن‪ ،‬ويتمّ هضم حقوقهن‪ ،‬لوجود حيف في القوانين التي تخص النساء في‬ ‫مسألة الميراث‪ ،‬وتمّ طرح الموضوع للنقاش ألنه مسألة تتع ّلق بالمعامالت‪،‬‬ ‫وليس بالعبادات‪.‬‬

‫كما أن المساواة في الميراث بين المرأة والرجل‪ ،‬ليس مطلبًا جديدًا‪،‬‬ ‫فقد كان ّ‬ ‫محط نقاش منذ بداية الستينيات‪ ،‬من طرف مفكرين مغاربة منهم‬ ‫عالل الفاسي‪ ،‬وعبداهلل العروي وآخرون ممن أثاروا قضايا الميراث وتحديد‬ ‫المناصفة‪ ،‬باإلضافة إلى جمعيات نسائية‪ ،‬وحقوقية‪ ،‬وفي سياق متصل‪ ،‬دعا‬ ‫الصبّار إلى ضرورة الخوض في نقاش التّجديد الديني‪ ،‬إذ ال بد من ذلك من‬ ‫أجل ّ‬ ‫حل عدد من القضايا التي تُطرح بشدّة في عالمنا المعاصر‪.‬‬

‫• القوامة والميراث‬ ‫وفي السياق نفسه الذي تحدّث عنه رفيقي المتع ّلق بمراجعة منظومة‬ ‫الحقوق والواجبات داخل األسرة‪ ،‬يذهب تقرير المجلس الوطني لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬إلى أن مدونة األسرة باستمرارها في التّنصيص على المهر كشرط‬ ‫لصحة الزواج‪ ،‬وإلزام الزوج بالنفقة على الزوجة في المادة ‪ ،194‬واألبناء في‬ ‫المادة ‪ ،198‬تكرّس مفهوم قوامة الرّجل على المرأة‪ ،‬الذي يحيل على تفوّق‬ ‫الرجال على النساء‪ ،‬وهو المفهوم الذي تقوم عليه كافة القوانين الوطنية‪،‬‬ ‫ويتعارض مع معطيات الواقع‪ ،‬الذي تتك ّفل فيه المرأة اقتصاديًا باألسرة‪ ،‬أو‬ ‫بجزء من تكاليفها‪ ،‬فهذه القوانين ال ترى في المسؤولية اإلقتصادية‬ ‫موجبًا للمسؤولية القانونية‪.‬‬ ‫فإذا كانت مدونة األسرة تنصُّ‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬على أن‬ ‫النفقة تجب على األم إن كانت «ميسورة» وعجز األب كليًا أو جزئيًا‬ ‫عن اإلنفاق‪ ،‬إلاّ أن هذه المسؤولية المادية ال تخوّل لها الحق في‬ ‫الوصاية القانونية على األبناء‪ ،‬وال الحق في اقتسام الممتلكات‬ ‫المكتسبة أثناء الزواج‪ ،‬وال حتى المساواة في الميراث‪ ،‬إذ تكرس‬ ‫المقتضيات التشريعية المتعلقة بالميراث عدم المساواة بين الرجال‬ ‫والنساء‪ ،‬انطال ًقا من مبدأ القوامة‪.‬‬ ‫وتخول مدونة األسرة حاليًا ألوالد البنت المتوفاة قبل األب‪،‬‬ ‫الحق في االستفادة من «الوصّية الواجبة» التي كانت تهمّ في ما‬ ‫مضى‪ ،‬فقط أوالد اإلبن المتو ّفى قبل األب‪ ،‬هذه الوصية الواجبة‬ ‫تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتو ّفى‪ ،‬على‬ ‫فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور‪ ،‬وتكون حصّة أوالد البنت‬ ‫دون حصة أوالد اإلبن‪ ،‬فال يحق للنساء‪ ،‬نظرًا ألنهن يرثن بالفرض‬ ‫( النصيب المقدر للوارث شرعًا) الحصول إلاّ على حصة مقدرة من‬ ‫الميراث‪ ،‬وف ًقا لدرجة قرابتهن من المتو ّفى‪ ،‬وصفة باقي الورثة ال‬ ‫غير‪ .‬في حين أن الرجال‪ ،‬الوارثين بالتعصيب‪ ،‬أي الذين تربطهم‬ ‫عالقة قرابة بالمتو ّفى من جهة الذكور فقط‪ ،‬يحقّ لهم أخذ‬ ‫جميع التركة‪.‬‬ ‫ويحق في الميراث ّ‬ ‫للذكر مثل حظ األنثيين‪ ،‬وترث البنت الوحيدة بالفرض‬ ‫نصف التّركة‪ ،‬وتتقاسم ابنتان فأكثر الثلثين‪ ،‬بشرط انفرادهما عن اإلبن‪،‬‬ ‫ويذهب الباقي إلى باقي الورثة‪ ،‬وإلى الدولة في حال عدم وجود ورثة آخرين‪،‬‬ ‫أما اإلبن الوحيد الذي يرث بالتّعصيب‪ ،‬فيأخذ جميع التّركة بعد أخذ ذوي‬ ‫الفروض فروضهم‪ ،‬وتأخذ الزوجة ُثمن تركة زوجها في حال وجود أبناء‪ ،‬بينما‬ ‫يأخذ الزوج ربع تركة زوجته مع وجود األبناء‪.‬‬

‫• الحيف في الميراث يعمق فقر النساء‬ ‫تساهم القواعد المنظمة لمسألة الميراث‪ ،‬يختم تقرير المجلس الوطني‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ »،‬في جعل الفتيات والنساء أكثر عرضة للفقر والهشاشة‪ ،‬حيث‬ ‫تضطر العديد من النساء‪ ،‬إلى التخ ّلي عن حصّتهن من التركة لفائدة أقاربهن‬ ‫من الذكور‪ ،‬بذريعة الحفاظ على األمالك داخل األسرة‪ ،‬أو اإلستسالم لبعض‬ ‫الممارسات العرفية التي تقوم بتجريدهن من نصيبهن في التركة‪ ،‬أو من‬ ‫األرض كما هو الشأن في القواعد التي تحكم الملكية الجماعية لألراضي»‪.‬‬ ‫لهذا تسعى األسر بشكل متزايد‪ ،‬إلى التّحايل على تطبيق المقتضيات‬ ‫المرتبطة بالميراث‪ ،‬من أجل حماية مصالح بناتهن‪ ،‬أو من أجل تحقيق‬ ‫اإلنصاف بين األبناء ّ‬ ‫الذكور واإلناث‪ ،‬عبر ال ّلجوء إلى كتابة األمالك باسم‬ ‫الزوجة‪ ،‬أو األبناء باإلسم‪.‬‬


‫العدد ‪926‬‬

‫‪6‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫قضايا الشمال في الصحافة الوطنية‬ ‫طلبة الطب بطنجة دون معدالت مستشفى‬ ‫جامعي مناسب‬

‫دق أساتذة كلية الطب بطنجة ناقوس الخطر حول‬ ‫الخصاص الكبير الذي يعرفه التكوين بالكلية‪ ،‬سواء‬ ‫داخل المؤسسة الجامعية أو بالمستشفى الجهوي الذي‬ ‫سيلعب دور المستشفى الجامعي إلى حين اكتمال إنشاء‬ ‫مستشفى جامعي مستقل‪ ،‬معتبرين أن هذا الملف ال يؤخذ‬ ‫ب «الجدية المطلوبة»‪.‬‬ ‫وعقد المكتب المحلي لفرع النقابة الوطنية للتعليم‬ ‫العالي بكلية الطب والصيدلة في طنجــة جمعـا عامــا‬ ‫لتدارس المشاكل المتعلقة باإلمكانات والوسائل المتاحة‬ ‫من أجل تدريس وتكوين طلبة الطــب بطنجة‪ ،‬والرفع‬ ‫من مستوى العالجات االستشفائية المقدمة للمرضى‪،‬‬ ‫مع التركيز على المستشفى الجهــوي الذي سيلعب دور‬ ‫المركز االستشفائي الجامعي «لمــدة قد تطول» حسب‬ ‫توصيف النقابة التي ناقش مكتبها أيضا النقص الحاد في‬ ‫المناصب المالية المخصصة لتوظيف األساتذة‪.‬‬ ‫وحسب البيان الذي تال الجمع العام‪ ،‬والذي حصلــت‬ ‫«المساء» على نسخــة منــه‪ ،‬فإن النقابــة سجلت تأخرا‬

‫في استكمال اللمسات األخيرة إلتمام بناء كليــة الطب‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى التأخر في تجهيزها‪ ،‬كاشفة أيضا عن وجود‬ ‫تخصصات بدون أستاذ‪.‬‬ ‫أما بخصوص المستشفيات‪ ،‬فقد سجلت النقابة‬ ‫نقصا حادا في الموارد البشرية‪ ،‬ما يعطل السير العادي‬ ‫للمصلحة االستشفائية‪ ،‬إلى جانب الخصاص المهول في‬ ‫المستلزمات الطبية واألدوية واهتراء البنى التحتية بما في‬ ‫ذلك المصالح االستشفائية وقاعات الجراحة والمختبرات‪.‬‬ ‫واعتبرت الوثيقة ذاتها أنه في هذه الظروف يستحيل‬ ‫تقديم أدنى وأبسط الخدمات الطبية للمرضى‪ ،‬فباألحرى‬ ‫تقديم عالجات من المستوى الثالث وتكوين طلبة الطب‬ ‫وأطباء المستقبل‪ ،‬موردة أن المكتب المحلي لنقابة كلية‬ ‫الطب ظل منذ أكثر من سنة ينبه إلى خطورة هذا األمر‬ ‫في لقاءاته المتعددة بالمسؤولين المحليين بطنجة‪ ،‬كما‬ ‫ناقش ذلك مع وزير الصحة السابق‪ ،‬لكن هذا الملف «لم‬ ‫يؤخذ بالجدية المطلوبة»‪.‬‬ ‫وحمل أساتذة كلية الطب المسؤولين عن قطاعي‬

‫التعليم العالي والصحة التداعيات السلبية التي ستنتج‬ ‫عن هذه الوضعية انطالقا من الدخول الجامعي المقبل‬ ‫في شتنبر من العام الجاري‪ ،‬مؤكدين عدم إمكانية تقديم‬ ‫تداريب سريرية لألطباء في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ووضــع األساتـذة جملة من المطالـب االستعجالية‬ ‫إلنقاذ كلية الطب بطنجة‪ ،‬على رأسها أساتذة الطب‬ ‫واإلسراع بإخراج المرسوم المتعلق بالمستشفى الجامعي‬ ‫بطنجة‪ ،‬وفتح مباريات لألطباء الداخليين والمقيمين‪.‬‬ ‫ودعا أساتذة الطب أيضا إلى تحسين البنيات التحتية‬ ‫للمستشفى الجهــوي بطنجــة وتجهيزه بالمستلزمات‬ ‫البيوطبية واألدوية ومستلزمات المختبرات واألشعة‬ ‫إلى جانب توفير الموارد البشرية الكافية لتشغيل جميع‬ ‫المصالح االستشفائية‪ ،‬وتجهيز وتشغيل قاعات الجراحة‬ ‫المعطلة‪ ،‬مع اإلسراع في إتمام تجهيز كلية الطب‬ ‫والصيدلة واإلسراع في أشغال إنشاء المركب االستشفائي‬ ‫الجامعي بطنجة‪.‬‬

‫حمزة المتيوي‬

‫تأخر صدور تصاميم إعادة هيكلة طنجة يتسبب في فوضى‬

‫تشير المعطيات المتوفرة في مدينة طنجة‪ ،‬إلى أن‬ ‫وضعية التعمير في عاصمة البوغاز تسير نحو انتكاسة‬ ‫كبيرة‪ ،‬بسبب تأخر صدور تصاميم إعادة الهيكلة‪ ،‬على الرغم‬ ‫من إتمام مسطرة إعدادها في شقيها التقني والتنظيمي‪ ،‬إال‬ ‫أن هذه الوثائق اإلدارية الهامة لتنظيم مجال البناء الحضري‪،‬‬ ‫ظلت «محتجزة» في رفوف والية طنجة‪ ،‬في انتظار إعطاء‬ ‫الضوء األخضر من طرف الوالي محمد اليعقوبي‪.‬‬ ‫مصدر مسؤول من الوكالة الحضرية بطنجة‪ ،‬أكد في‬ ‫تصريح ل«أخبار اليوم» قائال‪« ،‬إدارتنا قامت بدورها في هذا‬ ‫الجانب‪ ،‬وأنجزت الدراسات التقنية‪ ،‬وقدمت مقترح التصاميم‬ ‫لمجالس المقاطعات األربع في مدينة طنجة‪ ،‬وتسلمت‬ ‫منها مالحظاتها التي تم تعديلها بعد التوافق بشأنها‪،‬‬ ‫ثم أرسلناها إلى مصالح الوالية قصد التأشير عليها‪ ،‬من‬ ‫أجل توقيع كافة األطراف المتدخلة‪ ،‬أي الوكالة الحضرية‬ ‫والمقاطعات والسلطة الوصية»‪.‬‬ ‫وفي ظل هذا «البلوكاج» القائم منذ أكثر من ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬أي منذ الفترة األخيرة من عهد الوالية السابقة‬ ‫للمجالس الجماعية‪ ،‬والتي كان يترأسها حزبا األصالة‬ ‫والمعاصرة والتجمع الوطني لألحرار‪ ،‬قبل أن تدخل ثالجة‬ ‫االنتظار الطويل مع تولي حزب العدالة والتنمية تدبير‬ ‫شؤون عاصمة البوغاز‪ ،‬فإن وضعية التعمير تتخبط في‬ ‫فوضى غير مسبوقة‪ ،‬نتيجة تفريخ البناء العشواء جهارا نهارا‬ ‫في المناطق المعنية بالفراغ القانوني الحاصل‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬قالت مصادر جماعية متطابقة ل«أخبار‬ ‫اليوم»‪ ،‬إن عشرات تصاميم إعادة الهيكلة مجمدة ألسباب‬ ‫مجهولة‪ ،‬علما أن بعض المناطق السكنية تنتظر صدور‬ ‫هذه الوثائق اإلدارية المتعلقة بالتعمير‪ ،‬منذ أكثر من‬ ‫ثالث سنوات‪ ،‬بدعوى أن تلك المناطق «غير مجهزة»‪ ،‬في‬ ‫حين‪ ،‬تضيف المصادر نفسها‪ ،‬أن تصاميم إعادة الهيكلة‬ ‫تعتبر «حال استثنائيا لوضع غير قانوني‪ ،‬تتحمل فيه اإلدارة‬ ‫المغربية قسطا من المسؤولية»‪ ،‬عالوة على ذلك‪« ،‬فإن‬ ‫أغلب المناطق السكنية الحديثة في طنجة‪ ،‬استفادت‬ ‫من هذه الصيغة القانونية في الفترة السابقة للمجالس‬ ‫الجماعية‪ ،‬فما الذي تغير؟»‪.‬‬ ‫المصادر نفسها شددت على أن لهذا «البلوكاج» أضرار‬ ‫كبيرة على مصالح مئات المواطنين‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪،‬‬ ‫فإن مقاطعة «بني مكادة» وحدها تحتاج ‪ 11‬تصميما‪،‬‬ ‫تهم أحياء الحرارين‪ ،‬بني توزين‪ ،‬ظهر القنفود‪ ،‬بئر الغازي‪،‬‬ ‫بني ورياغل‪ ،‬الكمبورية‪ ،‬الهناء‪ ،‬العوامة الشرقية‪ ،‬في حين‬ ‫تنتظر مقاطعة «أمغوغة» تصاميم أحياء الزايديين‪ ،‬الخرب‪،‬‬ ‫األربعين‪ ،‬الحمام‪ ،‬السانية‪ ،‬كورات‪ ،‬أما المناطق السكنية‬ ‫المشلولة في مقاطعة «طنجة المدينة‪ ،‬فهي أحياء‪ :‬مسنانة‪،‬‬ ‫الرهراه‪ ،‬البرانص‪ ،‬المجاهدين‪ ،‬بوبانة‪ ،‬الزياتن‪ ،‬اجبيالت‪،‬‬ ‫ومناطق أخرى‪.‬‬ ‫في مقابل ذلك‪ ،‬يعرف البناء العشوائي حركية على‬ ‫أشدها في المناطق المذكورة‪ ،‬وذلك في واضحة النهار‬ ‫حسب تأكيدات عدة شهور عيان‪ ،‬في حين تعرف الساحة‬ ‫المقابلة لوالية طنجة بين الفينة واألخرى‪ ،‬احتجاجات‬ ‫متفرقة لعشرات المواطنين‪ ،‬ينحدرون من بعض األحياء‬ ‫السالفة الذكر‪ ،‬يشتكون تضررهم من تأخر صدور هذه‬ ‫الوثائق اإلدارية‪ ،‬األمــر الذي يحرمهــم من حقهم في‬ ‫السكن الالئق‪.‬‬

‫ويقول لسان حال المتضررين من غياب تراخيص‬ ‫التعمير‪ ،‬إن المواطن في مدينة طنجة يندب سوء حظه‪،‬‬ ‫ففي الوقت الذي يحرص البعض على التقيد بالضوابط‬ ‫القانونية ‪ ،‬فإنه يواجه بالعراقيل والبيروقراطية‪ ،‬في حين‬ ‫تتساهل نفس اإلدارة مع مئات األبنية غير القانونية التي‬ ‫فرخت عشرات األحياء العشوائية في المدينة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يضع مصداقية خطاب الدولة في مأزق‪ ،‬وفق المصادر‪.‬‬ ‫ولئن كانت السلطة المحلية تقوم بحمالت موسمية‬ ‫للتصدي للبناء العشوائي‪ ،‬كما قامت خالل اليومين‬ ‫الماضيين في منطقة «كورات» بمقاطعة ا>مغوغة ‪ ،‬حيث‬ ‫قامت الجرافات بهدم منازل بعدما استوى بناؤها على‬ ‫األرض من ثالثة وأربعة طوابق‪ ،‬األمر الذي انتقده بشدة‬ ‫حسن بلخيضر‪ ،‬مستشار جماعي عن المعارضة بمجلس‬ ‫المدينة‪ ،‬متسائال عن حيثيات تأخر تفاعل السلطة لمنع البناء‬

‫العشوائي‪ ،‬إال بعد قطعه أشواطا كبيرة‪ ،‬علما أن أعين رجال‬ ‫اإلدارة الترابية ال تغفل عن كل صغيرة وال كبيرة في مجال‬ ‫نفوذها الترابي‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى أن تعامل السلطة مع البناء العشوائي‪،‬‬ ‫يثير جدال متجددا في عاصمة البوغاز‪ ،‬إذ يقول ناشطون‬ ‫مدنيون إن قرارات السلطات المحلية ال تجد لها تفسيرات‬ ‫مبررة‪ ،‬سوى أنها تعمل بمنطق «الكيل بمكيالين»‪ ،‬إذ توجد‬ ‫في حي عشوائي واحد منازل تطالها قرارات الهدم‪ ،‬وأخرى‬ ‫تستثنى من ذلك في ظروف مجهولة‪ ،‬بل يسمح لها بتبليط‬ ‫الواجهة األمامية‪ ،‬وبناء الشرفات‪ ،‬األمر الذي يطرح عالمات‬ ‫استفهام كبيرة حول دور القياد ورؤساء الدوائر الترابية‪.‬‬

‫عبد الرحيم بلشقار‬

‫انزعاج من عدم وجود مقار لمجالس‬ ‫المقاطعات في طنجة‬ ‫ليست وحدها الضائقة المالية التي تخنق ميزانية‬ ‫عاصمة البوغاز‪ ،‬وشكل مصدر إزعاج وقلق بالنسبة لمنتخبي‬ ‫حزب العدالة والتنمية‪ ،‬الذي يتولى تدبير الشأن المحلي‬ ‫لجماعة طنجة‪ ،‬وأربع مقاطعات حضرية بأغلبية مطلقة‪،‬‬ ‫بل أيضا عدم وجود مقرات ذاتية للمقاطعات بدوره يشكل‬ ‫عبئا مضافا يشتكي منه «إخوان» البشير العبدالوي‪ ،‬عمدة‬ ‫عاصمة شمال المملكة‪ ،‬إذ باستثناء مقاطعة «بني مكادة»‬ ‫وحدها‪ ،‬فإن باقي المقاطعات تستغل بنايات مستأجرة‪.‬‬ ‫محمد بوزيدان‪ ،‬رئيس مقاطعة «امغوغة» إحدى أكبر‬ ‫الوحدات الترابية أرضية‪/‬مساحتها ألفي متر‪ ،‬من أجل بناء‬ ‫مقر فوقها‪ ،‬غير أن الحجوزات المتوالية على ميزانية الجماعة‬ ‫حالت دون توفير اعتمادات مالية إلنجاز المشروع‪.‬‬ ‫وتساءل المتحدث كيف أن وحدة ترابية كبيرة من حيث‬ ‫المساحة الجغرافية وعدد السكان‪ ،‬مثل مقاطعة «امغوغة»‬ ‫التي تضم أزيد من ‪ 200‬ألف نسمة فوق ‪ 30‬كيلومترا‬ ‫مربعا‪ ،‬ال تتوفر على مقر ذاتي على غرار مقاطعة «السواني»‬ ‫و«طنجة المدينة»‪ ،‬في حين هناك جماعات أصغر بكثير منها‬ ‫في أقاليم التراب الوطني‪ ،‬ومع ذلك تتوفر على مقرات خاصة‬ ‫بها‪ ،‬تضم أهم التجهيزات األساسية‪ /‬كقاعة عقد دورات‬ ‫المجلس‪ ،‬ومكاتب اللجان الدائمة‪ ،‬ومكتبة عامة‪ ،‬ومستودع‬ ‫السيارات والعتاد اآللي‪.‬‬ ‫في سياق متصل‪ ،‬نوه رئيس مقاطعة امغوغة بأداء‬ ‫طاقمها اإلداري في تحسين الخدمات اإلدارية وتسهيل‬ ‫ولوج المرتفقين‪ ،‬وذلك على الرغم من محدودية الموارد‬ ‫البشرية‪ ،‬إذ ال يتعدى عدد الموظفين «‪ 126‬موظفا بما‬ ‫فيهم األعوان وتقنيو األشغال والنظافة»‪ ،‬وهو عدد ضئيل‬ ‫جدا ال يساعد على تلبية احتياجات التدبير اليومي‪ ،‬حسب‬ ‫قوله‪ ،‬مشيرا في هذا الصدد إلى وجود مؤسسات ترابية‬ ‫أخرى مماثلة‪ ،‬كمقاطعة «سيدي بليوط» بالدار البيضاء‪،‬‬ ‫تتوفر على أكثر من ‪ 1300‬موظف‪ ،‬أي ما يعادل عدد موظفي‬

‫جماعة طنجة‪ ،‬لكن هذه األخيرة «ال تسمح لها الوضعية‬ ‫المالية الحرجة بفتح مناصب توظيف جديدة»‪.‬‬ ‫وكان محمد بوزيد تطرق خالل أجوبته ألسئلة ممثلي‬ ‫وسائل اإلعالم في الندوة الصحافية‪ ،‬لعدة قضايا أخرى‪ ،‬من‬ ‫بينها إشكالية تدبير األسواق الجماعية للقرب‪ ،‬والتي تم‬ ‫افتتاحها مؤخرا‪ ،‬مبرئا ساحة مجلسه والمجلس الجماعي‬ ‫من االختالالت التي فجرت احتجاجات عارمة‪ ،‬وتظاهرات ما‬ ‫تزال مستمرة‪ ،‬بسبب استفادة بعض األشخاص أربع مرات‪،‬‬ ‫وحرمان آخرين بشكل كلي‪ ،‬لكن هذه االحتجاجات‪ ،‬يقول‬ ‫المتحدث‪ ،‬تلوم أطرافا وجهات معينة‪ ،‬وتذكرها باألسماء‬ ‫والصفات‪ ،‬ولم ترفع أية شعارات ضد المجالس الجماعية‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي أخلى رئيس مقاطعة امغوغة‬ ‫مسؤولية مجلسه والجماعة الحضرية‪ ،‬عن حالة االحتقان‬ ‫التي صاحبت توزيع األماكن بأسواق القرب النموذجية‪،‬‬ ‫أكد على أنه «يتوفر على صفر معلومات حول تدبير ملف‬ ‫األسواق‪ ،‬لكون السلطات المحلية استفردت بعملية اإلحصاء‬ ‫والجرد والتسجيل وتوزيع االستفادة من هذا المرفق‪ ،‬منذ‬ ‫سنة ‪ ،»2014‬أي قبل مجيء المجالس الحالية‪ ،‬ودون أن يتم‬ ‫إشراكها الحقا‪.‬‬ ‫أما بخصوص تفشي مظاهر العمران العشوائي في‬ ‫تراب المقاطعة‪ ،‬فعزا المتحدث استمرار التجاوزات غير‬ ‫القانونية في مجال التعمير‪ ،‬إلى تأخر صدور تصاميم إعادة‬ ‫الهيكلة‪ ،‬ثم إلى تقصير تفعيل دور الشرطة القضائية التي‬ ‫خولها القانون لرجال السلطة‪ ،‬مبرزا أنه على الرغم من أن‬ ‫والي جهة طنجة محمد اليعقوبي‪ ،‬شدد في أحد اللقاءات‬ ‫مع الباشوات ورؤساء الدوائر على ضرورة التعامل الحازم‬ ‫مع التعمير العشوائي‪ ،‬لكن على أرض الواقع‪ ،‬تحدث أشياء‬ ‫مخالفة‪ ،‬إذ ما يزال التجزيء السري ينشط على أشده في‬ ‫األحزمة الغابوية والمجاالت الخضراء‪.‬‬

‫ع‪ .‬بلشقار‬

‫ارتفاع قروض‬ ‫جماعة طنجة‬ ‫من صندوق التجهيز‬ ‫الجماعي إلى ‪31‬‬ ‫مليون درهم‬

‫كشفت مصادر جماعية متطابقة‪ ،‬أن نسبة أصل القرض‬ ‫الممنوح من طرف صندوق التجهيز الجماعي‪ ،‬لجماعة طنجة‪،‬‬ ‫ارتفع بشكل مهول‪ ،‬بعدما كان هذا الصندوق قد منح‪ ،‬في‬ ‫وقت سابق من سنة ‪ ،2015‬مبلغ ‪ 22‬مليون درهم‪ ،‬حيث‬ ‫انتقل‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2018‬إلى ‪ 31‬مليون درهم‪ ،‬وهو ما يجعل‬ ‫المجلس يتجه مجددا صوب جيوب المواطنين والمهنيين‪،‬‬ ‫لسد ثغرات ميزانيته للسنة الجارية‪ ،‬حيث تم الرفع من سقف‬ ‫المداخيل الخاصة بسوق الجملة للخضر والفواكه حتى‬ ‫حدود ‪ 35‬مليون درهم‪ ،‬مما أدى بمهنيين إلى دق ناقوس‬ ‫خطر ارتفاعات مهولة في الضرائب في غضون السنوات‬ ‫المقبلة‪ ،‬علما أنه سبق للمجلس أن أقر برفعها‪ ،‬مما سيجهز‬ ‫على المهنيين والتجار على حد سواء‪ .‬في الوقت الذي عجز‬ ‫المجلس أمام عدد من المحتلين ألمالكه دون أن يكون‬ ‫بمقدوره فرض مبالغ مالية عليهم‪ ،‬إلحداث نوع من التوازن‬ ‫في ميزانية السنة الجارية‪.‬‬ ‫وتظهر وثائق الميزانية أن نسبة مداخيل البند المتعلق‬ ‫بالرسم المفروض على شغل األمالك الجماعية العامة مؤقتا‬ ‫بمنقوالت أو عقارات‪ ،‬ترتبط بممارسة أعمال تجارية أو‬ ‫صناعية أو مهنية‪ ،‬انخفضت ألول مرة حتى حدود ‪ 10‬مالين‬ ‫درهم‪ ،‬بالنسبة للسنة الجارية‪ ،‬مقارنة مع السنة المنصرمة‬ ‫التي وصلت حتى حدود ‪ 26‬مليون درهم‪ ،‬في فارق مالي‬ ‫مثير‪ ،‬تقول المصادر نفسها‪ ،‬حيث إن مثل هذه البنود تعتبر‬ ‫الوحيدة التي من شأن المجلس أن يخصم منها‪ ،‬لمحاولة‬ ‫سد الديون التي باتت تطوقه‪ ،‬علما أن القضايا المرفوعة‬ ‫ضده ال تزال تسير بشكل اعتيادي‪ ،‬دون تسجيل أي ردود‬ ‫فعل قوية من قبل المجلس قصد حماية مشروع ميزانيته‪،‬‬ ‫وذلك تزامنا واالنتقادات الموجهة لعمدة طنجة محمد‬ ‫البشير العبدالوي‪ ،‬بكونه يتجول في الدول األوربية تاركا‬ ‫المدينة تعيش حالة استنفار بسبب أسواق القرب‪ ،‬سيما‬ ‫أن غالبية البنود التي تقدم بها المجلس الذي يسيره حزب‬ ‫العدالة والتنمية‪ ،‬كانت تتعلق بالرفع والنفخ بشكل غير‬ ‫مسبوق في التمويل والدعم الموجه لألنشطة االجتماعية‬ ‫والثقافية المرتبط أصال بالجمعيات والقوانين الجاري بها‬ ‫العمل‪ ،‬ما دفع وزارة الداخلية‪ ،‬في وقت سابق‪ ،‬إلى عدم‬ ‫الموافقة على مشروع الميزانية بسبب هذه المسألة‪.‬‬

‫محمد أبطاش‬

‫نـداء �إنـ�سانـــي‬

‫الشـــاب محمـــد لطـــفــي (‪ 22‬سنــة)‬ ‫يتيــم األب‪ ،‬ظروفـه االجتماعية واالقتصادية‬ ‫صعبة‪ .‬لذا وعبر هذا المنبر‪ ،‬فإنه يناشد‬ ‫المحسنــيــن وذوي األريحـيــــة لمساعدتـه‬ ‫في إجـــراء عمليـــة جراحية مستعجلــة على‬ ‫مستوى عينـه اليسـرى (الجريــدة اطلعت على‬ ‫ملفه الطبي)‪ ،‬واهلل ال يضيـع أجر المحسنين‪..‬‬

‫لالتصال ‪0628509329 :‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫إقتصاد‬ ‫االقتصاد المغربي يسجل نموا بنسبة ‪ 4.6‬في المئة سنة‬ ‫‪ 2017‬مقابل ‪ 1.2‬في المائة سنة ‪2016‬‬

‫أعلن وزير االقتصاد والمالية محمد بوسعيد‪ ،‬خالل ندوة صحافية بالرباط‪ ،‬أن االقتصاد‬ ‫الوطني حقق نسبة نمو بلغت ‪ 4.6‬في المئة سنة ‪ 2017‬مقابل ‪ 1.2‬في المائة سنة ‪.2016‬‬ ‫وأوضح أن هذا االداء تحقق أساسا بفضل تحسن القيمة المضافة الفالحية بمعدل ‪15.4‬‬ ‫في المئة في متوسط الفصول الثالثة االولى من سنة ‪ 2017‬مقابل ‪ -12.7‬في المائة‬ ‫خالل نفس الفترة من السنة الماضية ‪.‬‬ ‫وتعزى هذه النتيجة أيضا إلى تسارع وتيرة نمو القيمة المضافة غير الفالحية (‪+2.6‬‬ ‫في المائة في متوسط الفصول الثالثة االولى من سنة ‪ 2017‬مقابل ‪ +2.1‬في المائة في‬ ‫سنة ‪ ،)2016‬وذلك بارتباط مع أداء جيد لقطاع الصناعات التحويلية والمعادن والسياحة‬ ‫ومساهمة إيجابية لرصيد المبادالت الخارجية في النمو االقتصادي ب‪ 0.8‬نقطة في‬ ‫متوسط الفصول الثالثة األولى من ‪ 2017‬مقابل ‪ -4.5‬نقطة خالل نفس الفترة من السنة‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫وأبرز الوزير في هذا االطار أن معدل التضحم انخفض الى ‪ 0.7‬في المائة سنة ‪2017‬‬ ‫مقابل ‪ 1.6‬في المائة سنة ‪ 2016‬بفعل استقرار اسعار المواد الغذائية‪.‬‬ ‫وأشار السيد بوسعيد من جهة اخرى إلى إحداث ‪ 89‬زلف منصب شغل ما بين الفصل‬ ‫الثالث من سنة ‪ 2016‬ونفس الفترة من سنة ‪ ، 2017‬منها ‪ 54‬الف منصب شغل مؤدى‬ ‫عنها و‪ 35‬ألف منصب شغل غير مؤدى عنها ‪ ،‬مضيفا أن مستوى البطالة عرف ارتفاعا طفيفا‬ ‫منتقال من ‪ 10.4‬في المائة إلى ‪ 10.6‬في المئة نتيجة التزايد المهم في عدد السكان‬ ‫النشيطين (‪ +1.1‬في المائة) وارتفاع في حجم التشغيل (‪ 0.9 +‬في المائة)‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫‪ 175‬مليون دوالر من تحويالت المغاربة إلى ذويهم‬ ‫بالمغرب سنة ‪2016‬‬

‫نشر مركز بيو لألبحاث إحصائيات عن التحويالت المالية التي قام بها المهاجرون في‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬إلى بلدانهم األصلية سنة ‪ ،2016‬وكشف أن المغاربة يحتلون‬ ‫المرتبة ‪ 59‬من أصل ‪ 165‬بلدا شملها التقرير من حيث القيمة اإلجمالية لهذه التحويل‬ ‫أفاد‪ ‬مركز أمريكي بواشنطن‪ ،‬أن‪ ‬تحويالت المهاجرين المقيمين في الواليات المتحدة‬ ‫إلى أقاربهم في بلدانهم األصلية‪ ،‬بلغت سنة ‪ ،2016‬أكثر من ‪ 138‬مليار دوالر‪ ،‬مسجلة‬ ‫بذلك انخفاضا بنسبة ‪ ٪ 1‬عن سنة ‪ ،2015‬حيث وصل المبلغ آنذاك إلى ‪ 581‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫وأشار المركز الذي اعتمد في إحصائياته على تقارير البنك الدولي إلى ذويهم بالمغرب‪،‬‬ ‫بلغ حوالي ‪ 175‬مليون دوالر‪ ،‬ليحتلوا بذلك المرتبة ‪ 59‬من أصل ‪ 165‬جالية في الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية شملها التقرير‪.‬‬ ‫ويحتل المغاربة بذلك المرتبة السابعة إفريقيا‪ ،‬فيما يخص حجم التحويالت المالية إلى‬ ‫ذويهم‪ ،‬خلف كل من نيجيريا ومصر وغانا وكينيا وليبيريا وإثيوبيا‪.‬‬ ‫واحتلت الجالية المكسيكية المرتبة األولي بتحويالت بلغت ‪ 28‬مليار و ‪ 126‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬متبوعة بالجالية الصينية التي بلغت تحويالتها ‪ 15‬مليار و ‪ 418‬مليون دوالر‪ ،‬وجاءت‬ ‫الجالية الهندية في المرتبة الثالثة ب‪ 10‬مليار و ‪ 536‬مليار دوالر‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫مركز الظرفية يناقش النموذج الجديد‬ ‫للتنمية في أفق ‪2030‬‬

‫اعتبر المركز المغربي للظرفية‪ ،‬أن عامال انسجام المحيط االقتصادي والبحث عن‬ ‫توازن أفضل للمجاالت الترابية في ظل مقاربة تنموية جديدة‪ ،‬يجعالن من الجهة فاعال‬ ‫أساسيا في النموذج الجديد للتنمية‪.‬‬ ‫وأبرز المركز في نشرته لشهر دجنبر األخيرة المتمحورة حول موضوع «النموذج الجديد‬ ‫للتنمية ‪ :‬أفق ‪ ،»2030‬أن المؤشرات السوسيو اقتصادية الكبرى تبقى شاهدة على‬ ‫االختالالت الظاهرة على المستوى الترابي‪ ،‬مما يتطلب بذل المزيد من الجهد من أجل‬ ‫العمل على إطالق دينامية تنموية حقيقة على الصعيد الجهوي‪.‬‬ ‫وحسب المركز‪ ،‬فإن بلوغ هذه الغايات يقتضي إعطاء الجهة صالحيات أوسع على‬ ‫المستوى االقتصادي واالجتماعي والثقافي والبيئي‪ ،‬علما أن دورها كفاعل تنموي ال يمكن‬ ‫أن يأتي إال من خالل التعبئة لمختلف الموارد البشرية والمالية الكافية لتنمية المؤهالت‬ ‫المحلية والحد من فجوة الفوارق التنموية القائمة على المستوى الترابي‪.‬‬ ‫وعقب تسليطها الضوء على سلسلة من النماذج التنموية بعدد من البلدان الناشئة‪،‬‬ ‫وخاصة في شرق آسيا‪ ،‬الحظت النشرة‪ ،‬في معرض تطرقها للنمو في المغرب‪ ،‬أن هذا النمو‬ ‫يبقى أيضا «عقيما من حيث خلق فرص عمل»‪ ،‬بالرغم من الجهود المبذولة على مستوى‬ ‫تراكم عوامل اإلنتاج واالستثمار والرأسمال البشري‪ .‬وحسب المركز المغربي للظرفية‪،‬‬ ‫فإن االختيار الذي انخرط فيه المغرب والمتعلق بسياسة إعادة الهيكلة وتحديث القطاع‬ ‫اإلنتاجي‪ ،‬يعزى لالنعكاس اإليجابي المحتمل لمختلف السياسيات التي تم نهجها خالل‬ ‫السنوات األخيرة على النمو والتشغيل والمبادالت التجارية والرعاية االجتماعية‪ .‬وسجلت‬ ‫النشرة أنه من الناحية العلمية‪ ،‬فإن نتائج مختلف االستراتيجيات المعتمدة في هذا االتجاه‬ ‫تظهر أثارها بشكل محدود‪ ،‬وبذلك يبقى النمو رهينا بالمعطيات المناخية‪.‬‬ ‫وبعد أن أشارت النشرة إلى أن الصادرات المغربية لم تعد تضطلع بدور المحرك‬ ‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬لفتت إلى أن أثر مختلف المبادرات على التشغيل يبقى محدودا‪ ،‬مما‬ ‫يستدعي وضع «برامج أكثر طموحا ومالءمة» لمواكبة إعادة هيكلة القطاع اإلنتاجي‬ ‫المغربي والزيادة في إدماجه‪.‬‬

‫وفي سياق متصل‪ ،‬ذكرت النشرة باألدوار االستراتيجية التي تضطلع بها الدولة‬ ‫كمساهم ومطور وميسر مسجلة في الوقت ذاته أنه يتعين على الدولة تعزيز دورها‬ ‫في الشق المتعلقة بالتوجيهات الكبرى والخيارات االستراتيجية‪ ،‬وكذا تدبير السياسات‬ ‫العمومية التي من شأنها تهيء المناخ الباعث على الثقة‪ ،‬وكذا الظروف المفضية إلى‬ ‫التقدم االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬ ‫وأشارت النشرة أيضا إلى أن التحديات الرئيسية التي يواجهها سوق الشغل المغربي‬ ‫في وضع لبنات لنموذج اقتصادي جديد يمكن تلخيصها في مواجهة عدة إكراهات أساسية‪،‬‬ ‫تتمثل أساسا في تحسين جودة التكوين والكفاءات‪ ،‬وفي تعزيز القطاعات النشيطة القادرة‬ ‫على المنافسة دوليا وعلى خلق المزيد من فرص الشغل‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫بعد قرار تعويم الدرهم‪...‬‬

‫أصدر مكتب الصرف نهاية األسبوع المنصرم دورية يحدد فيها شروط وكيفية إنجاز‬ ‫عمليات التحوط المالي‪ ،‬وذلك على إثر توسيع نطاق تقلب سعر صرف الدرهم إلى ‪ 2.5‬في‬ ‫المائة يوم اإلثنين الماضي‪ ،‬عوض ‪ 0.3‬في المائة سابقا‪.‬‬ ‫ويهم الترخيص أربع عمليات تتعلق بالتحوط المالي ضد مخاطر الصرف‪ ،‬وسعر الفائدة‪،‬‬ ‫وتقلبات أسعار المواد األساسية‪ ،‬والمخاطر المتعلقة بأي من األصول أو الديون‪.‬‬ ‫وأوضح مكتب الصرف أن عمليات التحوط المالي ضد مخاطر الصرف يمكن أن تنجزها‬ ‫األبناك الوسيطة المعتمدة‪ ،‬لحسابها الخاص أو لحسـاب زبنائهـا (أشخاص اعتباريون‬ ‫مغاربة) بهدف درء مخاطــر الصرف المتعلقــة بالمعامالت الجارية والمعامالت المتعلقة‬ ‫برؤوس األموال‪.‬‬ ‫كما رخص المكتب بعمليات التحوط المالي ضد مخاطر سعر الفائدة برسم عمليات‬ ‫التمويالت الخارجية‪ .‬وتشمل العمليات المرخص لها أيضا عمليات التحوط المالي ضد‬ ‫مخاطر تقلب أسعار المواد األساسية‪ ،‬التي يلتزم بها األشخاص االعتباريون لدى األبناك‬ ‫أو لدى وسطاء مفاوضين أجانب في السوق الدولية‪ .‬وأوضح المكتب‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أن‬ ‫هذه العملية تهم المنتجات المنجمية والطاقية والفالحية‪ ،‬باإلضافة إلى الخشب والفحم‬ ‫والذهب والفضة وباقي المعادن النفيسة‪ ،‬مشيرا إلى أن عمليات التحوط المالي هاته قد‬ ‫تشمل المنتجات المستوردة‪ ،‬والمصدرة أو المستوردة و المخزنة‪.‬‬ ‫وفي ما يتعلق بعمليات التحوط المالي ضد المخاطر المرتبطة بأي من األصول أو‬ ‫الديون‪ ،‬أبرز مكتب الصرف أنه ال يمكن لألبناك إجراء هذه العمليات إال لحسابها الخاص‪ ،‬أو‬ ‫لحساب هيئات محددة‪ ،‬وهي مؤسسات القروض وما شابهها‪ ،‬وشركات التأمين ومنظمات‬ ‫التوظيف الجماعي للتسنيد‪.‬‬ ‫يشار إلى أن المغرب اعتمد ابتداء من يوم اإلثنين الماضي نظاما جديدا أكثر مرونة في‬ ‫مجال الصرف‪ ،‬حدد فيه سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب نسبته ‪ 2.5‬في المائة عوض‬ ‫‪ 0.3‬في المائة سابقا‪.‬‬ ‫ويهدف هذا اإلصالح لنظام سعر الصرف إلى تقوية مناعة االقتصاد الوطني أمام‬ ‫الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته والمساهمة في الرفع من مستوى نموه‪ ،‬ومواكبة‬ ‫التحوالت الهيكلية التي عرفها االقتصاد الوطني خالل السنوات األخيرة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق‬ ‫بتنويع مصادر نموه وانفتاحه واندماجه في االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫توقعات سوق المحروقات‬

‫في الوقت الذي لم يمض حتى أسبوع على قرار تعويم الدرهم‪ ،‬فقد شهدت أسعار‬ ‫المحروقات في العديد من المحطات ارتفاعا بأزيد من ‪ 20‬سنتيما في اللتر الواحد من‬ ‫البنزين والغازوال‪ ،‬وهو ما جعل أسعار البنزين ترتفع إلى ‪ 11‬درهم للتر الواحد‪ ،‬فيما‬ ‫تجاوزت أسعار الغازوال عتبة العشرات إلى ‪ 9.90‬درهم للتر‪.‬‬ ‫وبالتزامن مع اعتماد الحكومة قرار التعويم التدريجي للدرهم الذي دخل حيز التطبيق‬ ‫منذ اإلثنين الماضي‪ ،‬يبدو أن سوق المحروقات بالمغرب باتت تنتظره خالل األيام المقبلة‬ ‫تداعيات كارثية‪ ،‬عقب االرتفاع القوي الذي حققه‪ ،‬يوم الثالثاء الفارط ‪ ،‬سعر النفط في‬ ‫السوق الدولية‪ ،‬مسجال أكبر ارتفاع له خالل أربع سنوات األخيرة‪ ،‬بعدما قفز سعر البرميل‬ ‫إلى ‪ 70‬دوالر‪ ،‬بسبب لجوء منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» أخيرا‪ ،‬إلى مواصلة‬ ‫تخفيض إنتاجها من النفط الخام‪.‬‬ ‫وبعد االرتفاع القياسي الذي سجلته أسعار البترول في السوق الدولية‪ ،‬فإن الكثير من‬ ‫توقعات خبراء الشأن االقتصادي ببالدنا تشير إلى أن سوق المحروقات في المغرب أصبحت‬ ‫تتهدده أزمة وشيكة ستؤدي ال محالة إلى اشتعال المحروقات‪ ،‬مفسرين ذلك بأن شركات‬ ‫استيراد وتوزيع المحروقات بالمغرب ستضطر إلى استيراد المواد البترولية من الخارج‬ ‫بأسعار مرتفعة‪ ،‬وستعمل بالتالي إلى رفع أسعار الغازوال والبنزين إلى مستويات قياسية‬ ‫غير مسبوقة بالمغرب‪.‬‬ ‫ويجمع الخبراء على أن مواصلة منظمة «األوبك» الحد من إنتاجها من النفط الخام‬ ‫سيعني مباشرة ارتفاع األسعار في السوق الدولية إلى مستويات عالية‪ ،‬والهدف هو العودة‬ ‫إلى المستويات السابقة لألسعار‪ ،‬أي في حدود مائة دوالر للبرميل‪ ،‬وهو ما من شأنه أن‬ ‫يخلق ارتباكا كبيرا في األسعار بالمغرب‪ ،‬خاصة بعد االنخفاض المتوقع للدرهم بعد قرار‬ ‫التعويم التدريجي لسعر الصرف‪ ،‬األمر الذي ستستغله حتما شركات المحروقات في تطبيق‬ ‫أثمنة مرتفعة وغير مشهودة مقارنة مع باقي الدول‪.‬‬ ‫وفي ظل الحديث عن أن قرار تعويم الدرهم الذي تم اعتماده مؤخرا‪ ،‬سيكون له‬ ‫بال شك أثار وانعكاسات وخيمة على األسعار‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬أسعار الواردات من‬ ‫المحروقات ومختلف السلع المستوردة بسبب التراجع المرتقب لقيمة الدرهم‪ ،‬علما أن‬ ‫الموارد البترولية تبقى من أهم واردات المغرب‪ ،‬والتي يتم تسديد كلفتها بواسطة الدوالر‬ ‫األمريكي‪ ،‬وهو ما ستكون له انعكاسات على الكلفة الطاقية للمغرب التي من المرجح بقوة‬ ‫أن تعرف ارتفاعا كبيرا نتيجة ارتفاع قيمة الدوالر‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫الحرية والديمقراطية والعدالة في العالم‪...‬‬ ‫وأزمة الشباب المغربي‪!..‬‬

‫�أوراق من�سية‬ ‫بقلم‪:‬‬ ‫م�صطفى احلراق‬

‫بقلم‪ :‬الإعالمي واحلقوقي عبد القادر �أحمد بن قدور‬

‫إذا كانت الحرية عند المفكرين العرب ليست مجرد‬ ‫حاجة خاصة للفرد بصفته فردا فحسب‪ ،‬ذلك ألنهم وجدوا‬ ‫فيها شرطا جوهريا لالنتماء للمجتمع الذي بمقتضاه تنبني‬ ‫األوطان‪ ،‬ولكن وجدوا فيها شرطا جوهريا لالنتماء للمجتمع‬ ‫الذي به تبنى األوطان‪ ،‬وقد قال المفكر العربي الكبير رفاعة‬ ‫الطهطاوي‪« :‬إن الحرية هي الوسيلة العظمى في إسعاد‬ ‫أهالي الممالك‪ .‬وهي سبب حبهم ألوطانهم» (‪.)1‬‬ ‫والسؤال الذي يلح علينا اآلن‪ ،‬إذا لم تتحقق الحرية للفرد‪،‬‬ ‫ماذا سيحدث له‪ ،‬إذا كان الحجر على عقله هو المسيطر على‬ ‫حياته؟ فيجيب عن هذا المفكر خالد محمد خالد فيقول‪« :‬بأن‬ ‫الحياة ستتحول عنده إلى عبث بسببه يكف أن يكون لحياة‬ ‫اإلنسان أي معنى على اإلطالق»‪.‬‬ ‫وهذه الفكرة تعبر كثيرا عن ارتباط الوجود لإلنسان‬ ‫بالحرية وهي أرقى وأنصع صيغة للتعبير عنها‪ ،‬ألن الحرية‬ ‫تتساوى مع الوجود اإلنساني‪ ،‬كما أشار إلى ذلك أحمد لطفى‬ ‫السيد «وإذا لم يوجد نورها لدى اإلنسان كف على أن يكون‬ ‫إنسانا بحق»‪.‬‬ ‫ويقول كذلك «إن الحرية قاعدة الفضيلة ومناط‬ ‫التكاليف‪ .‬فأي إنسان خمدت في صدره نار الحرية‪ ،‬وأظلمت‬ ‫جوانب عقله من شعاعها الساطع جدير بأن ال يعتبر إنسانا‪،‬‬ ‫وأن تسقط عنه تكاليف الحياة» (‪.)2‬‬ ‫إذ كيف ال تكون الحرية كذلك‪ ،‬وهي األساس للرقي‬ ‫اإلنساني كما أكد المفكر رشيد رضا «فاستعداد البشر‬ ‫لالرتقاء ليس له حد يعرف وال غاية تحدد‪.‬‬ ‫فإذا عاشوا ماليين السنين يمكن أن يكونوا في ارتقاء‬ ‫مستمر ال ينقطع إذا كانت حريتهم في العلم والعمل مصونة‬ ‫من عبث المستبدين‪ .‬إن األمم ترتقي على قدر صيانتها‬ ‫واحترامها للحرية‪ ،‬وتتخلف عن االرتقاء بل ترجع إلى الوراء‬ ‫على قدر عبثها بالحرية وتحكمها في الباحثين والعاملين»‬ ‫(‪.)3‬‬ ‫ألن القراءة للحرية عند كل فرد على العموم والمواطن‬ ‫العربي على الخصوص‪ ،‬توضح عن وجود فهم فلسفي كبير‬ ‫لحقيقة وجود اإلنسان في العالم‪ ،‬فالحرية تساوي الوجود لكل‬ ‫شخص‪ ،‬ألن لإلنسان ملكات وقدرات يشكل صقلها أساس‬ ‫االرتقاء للمجتمعات‪ ،‬ومن دون الحرية ال يمكن أن يتحقق‬ ‫ذلك‪ ،‬وقد وعى مفكرونا هذه المسألة‪ ،‬لذلك طالبوا بالحرية‬ ‫للفرد بوصفها هي الشرط األساسي ليحقق إنسانيته‪.‬‬ ‫لهذا فاإلسالم منذ أكثر من ‪ 14‬قرنا أبطل كل التقاليد‬ ‫التي كانت في عصره والعصور السالفة‪ ،‬والتي تقتضي بأن‬ ‫الملك فوق الرعية ال ترتفع إلى مقامه األعلى لتسأله عما فعل‪،‬‬ ‫وعمل على أن المسؤولية مشتركة بين الجميع‪ ،‬ال تختص‬ ‫بأحد دون اآلخر حتى ولو كان إمام المسلمين‪ ،‬وهذا ما جاء به‬ ‫النبي الكريم سيدنا محمد (صلعم) «كلكم راع وكلكم مسؤول‬ ‫عن رعيته‪ ،‬فاإلمام راع وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع في‬ ‫أهله وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها‬ ‫وهي مسؤولة عن رعيتها»‪.‬‬ ‫ولهذا كان مبدأ العرب المسلمين يراجعون الخلفاء‬ ‫الراشدين‪ ،‬ويردون عليهم أقوالهم وآراءهم‪ ،‬فيرجعون إلى‬ ‫صواب األمور إذا ظهر لهم أنهم كانوا مخطئين‪ ،‬بل إن‬ ‫الخليفة عمر بن الخطاب الذي اشتهر بالعدل وكان نموذجا‬ ‫حيا له في العالم خطأته امرأة في مسألة فقال على المنبر‪:‬‬ ‫«امرأة أصابت وأخطأ عمر» كما أنه كان يقول للناس‪« :‬من‬ ‫رأى منكم في اعوجاجا فليقومه» فيقول له أحد الناس‪« :‬واهلل‬ ‫يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا» وذلك ألن‬ ‫السلطة السياسية وضعت في أيدي الناس‪ ،‬وأصبحوا أصحاب‬ ‫القرار في تدبير أمورهم تيمنا لما قاله النبي الكريم (صلعم)‬ ‫«ما كان من أمر دينكم فإلي وما كان من امر دنياكم فأنتم‬ ‫أعلم به»‪ ،‬كما حددت الصيغة للمشاركة السياسية التي‬ ‫تجعل الناس يصنعون القرار السياسي في اآليتين التاليتين‬

‫من القرآن الكريم بقوله تعالى‪« :‬وأمرهم شورى بينهم)»‬ ‫(الشورى‪« ) 38 :‬وشاورهم في األمر» (آل عمرن‪.)159 :‬‬ ‫لذلك فنحن شعوب العالم أجمع والعالم اإلسالمي‬ ‫والعربي بالخصوص علينا أن ندرك الوضع الذي جاء به ديننا‬ ‫اإلسالمي الحنيف لإلنسانية كافة‪ ،‬وهو ال يريد سوى ما عبر‬ ‫عنه فيما بعد التصور الذي انطلقت منه حقوق اإلنسان‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمته أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه كما نقول‬ ‫بالتعريف الحديث للديمقراطية‪ ،‬وهو حكم الشعب بالشعب‬ ‫للشعب‪ ،‬أي أن تنهض الحكومة من صفوف الشعب‪ ،‬وتجيء‬ ‫ثمرة اختيار حر يمارسه الشعب‪ ،‬وأن يكون سلوكها من الجد‬ ‫واالستقامة بحيث تصير مغانم الحكم جميعها إلى الشعب‬ ‫التواق إلى الحرية والديمقراطية والعدل والكرامة والمساواة‬ ‫للوصول إلى اإليخاء التام‪ ،‬والتضامن والتعاون الذي هو‬ ‫أساس التقدم‪ ،‬وبناء صرح األمم والشعوب‪ ،‬بل كل دعوة‬ ‫دينية أو سياسية ال تمكن الشعب من هذه الحقوق فليست‬ ‫من الدين الصحيح في شيء‪ ،‬وقد ثبت وأكد هذا الموقف‬ ‫الصحفي واإلعالمي العربي الكبير محمد حسنين هيكل‬ ‫الذي كان يكتب خطب الزعيم ورئيس الجمهورية العربية‬ ‫المتحدة لمصر الشقيقة الرئيس المصري الراحل والمرحوم‬ ‫برحمة اهلل الواسعة جمال عبد الناصر كما يقولون والذي دعا‬ ‫إلى القومية العربية واتحاد العرب بقوله «كل نظام ال يقوم‬ ‫على أساس من حرية الفرد وتضامن الجماعة وحق الشعب‬ ‫في حكم نفسه عن طريق المناقشة الحرة واالنتهاء إلى رأي‬ ‫األغلبية‪...‬كل نظام ال يقوم على أساس من هذه المبادئ‬ ‫التي تدعو الديمقراطية لها ال يتفق والقواعد األساسية التي‬ ‫قررها اإلسالم ودعا إليها» (‪)4‬‬ ‫إن سنن اهلل في هذا الكون ماضية‪ ،‬فاهلل سبحانه‬ ‫وتعالى توعد الظالمين فقال جل جالله في القرآن العظيم (وال‬ ‫تحسبن اهلل غافال عما يعمل الظالمون)‪ ،‬وإن مآل الظالمين‬ ‫لن يخرج عن مآل األمم السابقة (وسيعلم الذين ظلموا أي‬ ‫منقلب ينقلبون) (صدق اهلل العظيم)كذلك ال بد من العمل‬ ‫المتواصل لتحقيق أسباب النصر كما جاء في كتابه الحكيم‬ ‫((واعتصموا بحبل اهلل جميعا وال تفرقوا)) فالمرحلة تحتاج إلى‬ ‫إدارات المشترك والتعدد واالختالف‪.‬‬ ‫لهذا فاإلسالم أكثر من غيره أتى لإلنسانية جمعاء بكل‬ ‫شرائحها وفصائلها وكل ألوانها بالعدل والحق والديمقراطية‬ ‫والحقوق الحقة إذا عملنا بحذافيرها كلها‪.‬‬ ‫والغرب وأمريكا لم يكن موقفهما أكثر نضجا ووضوحا‬ ‫من قضايا الديمقراطية وحقوق اإلنسان الفعلية والحقة في‬ ‫العالم العربي واإلسالمي كافة‪ ،‬كما هو واضح اآلن‪ ،‬فالغرب‬ ‫بزعامة الواليات المتحدة األمريكية كما يتجلى أكثر مؤخرا‬ ‫ومعها الصهيونية العالمية بتاريخها الصادم والغاصب‬ ‫والدموي الرهيب لن ينتصروا لحقوق اإلنسان والديمقراطية‬ ‫في منطقتنا‪ ،‬كما جاء بها اإلسالم في كتاب اهلل الحكيم‬ ‫وتطبيقه من لدن بعض الخلفاء والملوك‪ ،‬وإن هيئات النظام‬ ‫العالمي ومنظماته ومحاكمه الجنائية‪ ،‬بحكم الواقع المؤلم‬ ‫والشواهد والبراهين عندما يتعلق األمر بالعرب والمسلمين‬ ‫تصبح حقوق اإلنسان والديمقراطية مجرد دعاوي وأدوات‬ ‫ضغط وشعارات‪ ،‬إال فيما ندر وصار‪.‬‬ ‫لذلك جاء في تصدير الدستور المغربي الذي نتج عن‬ ‫استفتاء فاتح يوليوز ‪ 2011‬ما يلي‪:‬‬ ‫(إن المملكة المغربية‪ ،‬وفاء الختيارها الذي ال رجعة فيه‪،‬‬ ‫في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون‪ ،‬تواصل‬ ‫إقامة مؤسسات دولة حديثة‪ ،‬مرتكزاتها المشاركة التعددية‬ ‫والحكامة الجيدة‪ ،‬وإرساء دعائم مجتمع متضامن‪ ،‬يتمتع فيه‬ ‫الجميع باألمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص‪،‬‬ ‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬ومقومات العيش الكريم‪ ،‬في نطاق‬ ‫التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة‪ .‬والذي نتمنى خالله‬ ‫اآلن وخالل السنوات القريبة المقبلة أن يتحقق كل ما يصبو‬ ‫إليه جاللة الملك المفدى محمد السادس حفظه اهلل ورعاه‬

‫وحقق مبتغاه وخلد في الصالحات ذكره ليتمكن بلدنا الحبيب‬ ‫المغرب الحديث أن يتحقق ذلك بأمره ـ بعد اهلل ـ ويسود ألنه‬ ‫هو القائد األعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة‬ ‫المكية‪ ،‬ونتمكن بحول اهلل ومشيئته بإيجاد كل ما ذكره في‬ ‫خطابه المولوي والسامي بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ 2011‬حيث قال‬ ‫جاللته‪(...:‬إن أي دستور مهما بلغ من الكمال فإنه ليس غاية‬ ‫في حد ذاته‪ ،‬وإنما هو وسيلة لقيام مؤسسات ديمقراطية‪،‬‬ ‫تتطلب إصالحات وتأهيال سياسيا ينهض بهما كل الفاعلين‬ ‫لتحقيق طموحنا الجماعي‪ ،‬أال وهو النهوض بالتنمية وتوفير‬ ‫أسباب العيش الكريم للمواطنين‪ )...‬والرخاء الذي نتمناه لنا‬ ‫كلنا وللدول العربية واإلسالمية كلها قريبا لتخطو خطوات‬ ‫كبرى نحو السالم والعتق من الظلم واإلستبداد ولتحصل‬ ‫على السكينة واإلستقرار خاصة ولدول العالم واإلنسانية‬ ‫بكافة المعمور الذي ندعو اهلل عز وجل أن يسلم من اآلفات‬ ‫والمنغصات ويستتب فيه األمن واألمان واالستقرار والعدالة‬ ‫الحقيقية في كل المجاالت‪...‬ولتحقيق ذلك لكل إنسان كيفما‬ ‫كان في العالم أجمع على كل الدول أن تعمل على تطبيق‬ ‫وتنفيذ ميثاق اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان كله والذي‬ ‫صدر في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬الذي اعتمدته الجمعية العامة‬ ‫لألمم المتحدة في ‪ 30‬مادة والمواثيق الدولية األخرى‬ ‫وخاصة المادة األخيرة من الميثاق المذكور التي تذكر ما‬ ‫يلي‪( :‬ليس في هذا اإلعالن نص يجوز تأويله على أنه يخول‬ ‫لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل‬ ‫يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه)‪.‬‬ ‫وفي الختام ال بد أن أشير إلى أزمة الشباب المغربي‬ ‫إذ كما أشار الباحث المغربي إسماعيل الحمراوي في قضايا‬ ‫الشباب وتتبع السياسات العمومية (من الناحية الدستورية )‬ ‫(هل ليس من حقنا اليوم أن نتساءل عن مكانة المقتضيات‬ ‫الدستورية في تفعيل أية سياسة عمومية للشباب؟ أين هي‬ ‫تلك الدراسات التي أنجزت حول الشباب ومعيشته ومتطلباته؟‬ ‫أين هي كل المبادرات التي حاولت أن توهم الشباب أنه يوجد‬ ‫في قلب اهتماماته؟ لنتساءل عن دور األحزاب والجمعيات‬ ‫الشبابية والحكومة‪ ،‬عما قدمته للشباب لجعله قوة في عجلة‬ ‫التنمية الوطنية‪ .‬تلك أسئلة ال يمكننا الهروب منها وال يمكننا‬ ‫السكوت عنها‪ ،‬ألنها في النهاية ستبقى مالزمة لنا كفاعلين‬ ‫وكمسؤولين) وكما أشار كذلك في بداية هذا المقال الباحث‬ ‫المذكور‪( :‬إنها أزمة حقيقية‪ ،‬ال تعبر عن مدى طموح الجالس‬ ‫على العرش وتوجهاته‪ ،‬ويكفي فقط أن نتمعن في خطابين‬ ‫أساسيين حتى ندرك هذه المسلمة‪:‬‬ ‫األول في ‪ 20‬غشت ‪ 2012‬والثاني في ‪ 13‬أكتوبر ‪2017‬‬ ‫فعاهل البالد أكد بصريح العبارة أن وضعية شبابنا ال ترضينا‬ ‫وال ترضيهم‪ ،‬ويضيف جاللة الملك أن العديد منهم يعانون‬ ‫من اإلقصاء والبطالة ومن عدم استكمال دراستهم وأحيانا‬ ‫حتى الولوج للخدمات االجتماعية األساسية‪.‬‬ ‫فهل يا ترى ال يمكننــا القــول اليوم إن الشباب المغربي‬ ‫يعيش في جبة قطاع منهك‪ ،‬بدون سياسة دامجة لقضاياه‬ ‫واهتماماته) (‪.. )5‬إلخ‪...‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــ‬ ‫الهوامش ‪:‬‬ ‫‪ )1‬رفاعة رافع الطهطاوي‪ ،‬المرشد األمين للبنات والبنين‪،‬‬ ‫مطبعة المدارس الملكية ‪ 1872‬م ص ‪.128‬‬ ‫‪ )2‬أحمد لطفى السيد‪ :‬مشكلة الحريات في العالم العربي‬ ‫(بيروت‪ :‬دار الروائع‪ .)1959 .‬ص‪.9‬‬ ‫‪ )3‬محمد رشيد رضا‪ ،‬في المنار‪ ،‬مج‪ )1909( 12‬ص ‪113‬‬ ‫ـ ‪.117‬‬ ‫‪ )4‬هيكل‪ ،‬الحكومة اإلسالمية ص‪.90‬‬ ‫‪ )5‬من مقال‪« :‬أزم��ة الشباب المغربي» بقلم الباحث‬ ‫إسماعيل الحمراوي‪ .‬من جريدة «بيان اليوم» العتيدة‪ ،‬العدد‪:‬‬ ‫‪ 8295‬ليوم الثالثاء ‪ 26‬دجنبر ‪ 2017‬ص‪.6‬‬

‫شفشاون‪ :‬تقديم نتائج عالمة الجودة المجالية‬

‫«ثقافة التغذية المتوسطية – شفشاون‪»-‬عالمة سيتم اعتمادها‬ ‫في المنتوجات الصناعية التقليدية المحلية لهذه المدينة واإلقليم‬ ‫كعالمة للجودة‪ .‬حيث تم بمقر بلدية شفشاون عقد لقاء لتقديم نتائج‬ ‫عالمة الجودة المجالية والتي أطلق عليها ثقافة التغذية المتوسطية‬ ‫– شفشاون‪-‬‬ ‫ويأتي هذا اللقاء في إطار برنامج دعم اإلستراتيجية الجماعية‬ ‫للسياحة بجماعات شفشاون ‪ ،‬تطوان ‪ ،‬طنجة ‪ ،‬أصيلة ‪ ،‬العرائش‬ ‫و القصر الكبير الممول من طرف وكالة األندلس للتعاون الدولي‬ ‫والتنمية وبدعم من الصندوق البلدي األندلسي للتضامن الدولي‪ ،‬و‬ ‫بالشراكة مع بلدية شفشاون والمجلس اإلقليمي للسياحة وجمعية‬ ‫تالسمطان للبيئة والتنمية وجمعية التنمية المحلية بشفشاون‬ ‫حفل تقديم هذه العالمة الذي أقيم مؤخرا بمقر بلدية شفشاون ترأسه محمد السفياني‬ ‫رئيس الجماعة‪ ،‬حيث أبرز أن الهدف وراء هذه العالمة هو التميز في السوق بالمنتجات المحلية‬ ‫ذات جودة‪ ،‬وإعطاء القيمة للمنتجات والخدمات التي تثمن المجال والتراث‪ ،‬والعمل على إرشاد‬ ‫المستهلك للمنتجات والخدمات ذات جودة من أجل جلب المزيد من الزبائن‪ ،‬وكذا ستمكن‬ ‫هذه العالمة من إبراز مميزات المجال والمحافظة على التراث بشفشاون ‪ ،‬ومشاركة الفاعلين‬ ‫االقتصاديين في تنظيم يسهل الولوج إلى تقنيات التسويق والتكوين ‪.‬‬ ‫هذه العالمة ستعمل على تنظيم مجموعة من المنتجات والخدمات المجالية‪ ،‬التي تحترم‬ ‫معاييردفاتر التحمالت لتثمين المنتجات المتميزة ذات الجودة ذات الجودة العالية في مجال‬ ‫(الصناعة التقليدية المحلية) حيث يمكن تحصيل هذه العالمة عبر مجموعة من اآلليات‪.‬‬ ‫أما سيرخيو كاسطانار مندوب منظمة (فامسي) بالمغرب وعبد اإلله التازي رئيس جمعية‬ ‫تالسمطان للبيئة والتنمية بشفشاون‪ ،‬فقد نوها بالمجهودات المبذولة من طرف كل الشركاء‬ ‫والفاعلين واألساتذة المتخصصين في هذا المجال‪ ،‬الذين ساهموا في إخراج هذه العالمة‬

‫المجالية المميزة لمدينة شفشاون إلى حيز الوجود‪ ،‬منوهين‬ ‫بنتائج مبادرة عالمة الجودة المجالية “ثقافة التغذية المتوسطية‪-‬‬ ‫شفشاون” التي ستعطي دينامية وحيوية لمجموعة من القطاعات‬ ‫بالمدينة‪.‬‬ ‫األستاذ الجامعي بجامعة عبد المالك السعدي عبد الوهاب إد‬ ‫الحاج قدم دراسة حول العمل الذي قام به المرصد السياحي لمدينة‬ ‫شفشاون خالل سنة ‪ 2015‬إلى غاية ‪ ،2016‬من خالل الخروج بتقرير‬ ‫سنوي‪ ،‬معتبرا إحداث هذا المرصد كان ضروريا لعدة اعتبارات منها‬ ‫أن مدينة شفشاون أضحت وجهة سياحية بامتياز سواء من داخل‬ ‫أوخارج المغرب‪ ،‬إلى جانب تبوئها مراتب دولية في مجال حماية‬ ‫التراث والبيئة‪ ،‬كما أنها تتوفر على منتزهين هامين وهما المنتزه الوطني تالسمطان والمنتزه‬ ‫الجهوي بوهاشم ‪ ،‬واللذان أصبحا يثيران إهتمام األكاديميين المهتمين بمجال التنوع النباتي‬ ‫والحيواني والمهتمين بميدان السياحة األيكلوجية‪ ،‬حيث يتواجدان داخل المحمية التي‬ ‫اعترفت بها منظمة اليونسكو كتراث إنساني سنة ‪.2006‬‬ ‫‪ ‬رئيس مصلحة الشؤون القانونية بالجماعة نبيل النجار‪ ،‬ونعيمة الحبزيز رئيسة لجنة‬ ‫البيئة والتنمية المستدامة بالمجلس الجماعي لشفشاون تطرقا إلى المراحل التي قطعها‬ ‫إيداع وتقييد العالمة التجارية بالمكتب الوطني للملكية الصناعية‪ ،‬معددين جملة من‬ ‫اإلجراءات التي تم اتخاذها‪ ،‬انطالقا من الفصول والقوانين التي تم اعتمادها للحصول على‬ ‫هذه الشهادة‪.‬‬ ‫فيما قدم عبد اإلله التازي رئيس جمعية تالسمطان للبيئة والتنمية خالل عرضه نظرة‬ ‫شاملة عن الورشات والحمالت التحسيسية التي قامت بها الجمعية مع الشركاء طيلة المراحل‬ ‫اإلعدادية للمشروع ‪.‬‬

‫م‪.‬ح‬

‫الغزو الفكري‬ ‫بين المعرفي‬ ‫واإليديولوجي ‪3‬‬ ‫يلح الكتاب القوميون على أن الثقافـــة‬ ‫العربية «الرجعية» – وتشمــل هنـــا جل‬ ‫الثقافات العربية التقليدية أو المحافظة‬ ‫– هي مكمــن الخطر ألنها تشكل الحليف‬ ‫الداخلي أو الطبيعــي للثقافــة اإلمبرياليــة‬ ‫الصهيونية الغازية‪ ،‬ومن هنا فإن النضال‬ ‫ضدها وضد كل من يمثلها ويدافع عنها هو‬ ‫في مرحلة أولية أساسية من النضال ضــد‬ ‫الثقافة الغازية‪.‬‬ ‫أما الكتاب الماركسيون الذين نادرا ما‬ ‫يشاركون في مثل هذه السجاالت إلدراكهم‬ ‫أنهم يشكلون الحلقــة األضعف ال غيــــر‪،‬‬ ‫فإنهم قــد يجاملون هــذا الطــرف أو ذاك‪،‬‬ ‫فبينما يدعــو بعضهم إلى ض��رورة إحياء‬ ‫الثقافة العربية اإلسالمية األصيلة‪ ،‬يدعو‬ ‫آخرون إلى دعم الثقافة القومية ضد الثقافة‬ ‫اإلمبريالية الصهيونية المعادية بطبيعتها‬ ‫للعرب‪ ،‬لكنهم ال يلبثو أن يؤكدوا أن الفكر‬ ‫«االشتراكــي العلمي» هو وحده النقيــض‬ ‫الحقيقي للثقافة الغربية الغازية‪ ،‬وكل ما‬ ‫عداه ثرثرة وتشدق بالشعارات الفارغة‪.‬‬ ‫وهكذا يتضح أن البحـث في اإلشكالية‬ ‫يتحول آليا إلى شكـــل من أشكال حروب‬ ‫التسميات والتصنيفــــات‪ ،‬ألن األغلبيـــــة‬ ‫المطلقة من الباحثين الذين خاضوا في هذا‬ ‫الموضوع ينطلقون من تصور إيدولوجي‬ ‫مسبق ومغلق للهوية‪ ،‬وللذات واآلخر‪.‬‬ ‫إن كل من يتصدى للبحث عن القضايا‬ ‫المتولدة عن ظاهرة التواصل بين الثقافات‬ ‫والشعوب والحضارات لن يستخدم عبارة‬ ‫«الغزو الفكري» أو الثقافي أو الحضاري‪ ،‬ليس‬ ‫ألنه يجهل الخلل في عمليات التواصل هذه‪،‬‬ ‫أو ألنه يتواطأ مع الثقافة المهيمنة‪ ،‬بل ألنه‬ ‫يدرك أن أي عملية تواصل من هذا النوع‬ ‫تتضمن بداهة اللقاء والمجابهة في الحوار‬ ‫والتواصل‪ .‬و بهذا فإن األمر يتعلق بظاهرة‬ ‫إيجابية في محصلتها النهائية‪ ،‬بل وتمثل‬ ‫ضرورة ال غنى عنها ألي ثقافة حية‪.‬‬ ‫من هذا المنظور األنتروبولوجي المحايد‬ ‫يمكن القول‪ ،‬أن الثقافة الغربية الحديثة‪،‬‬ ‫مثلها مثل أي ثقافة تدعي العالمية‪ ،‬تنزع‬ ‫إلى نشر وتصدير لغتها ورموزها وقيمها‬ ‫وعقائدها وتقنياتها ومؤسساتها‪ .‬لكنه من‬ ‫المؤكد أيضا أن هذا المشروع ال يتحقق إال‬ ‫بشكل جزئي ونسبي‪ ،‬وباألخص حين تكون‬ ‫الفضاءات الثقافية األخرى‪ ،‬عاجزة عن إنتاج‬ ‫الرموز والقيم واألفكار واألشكال الجمالية‬ ‫الحديثة‪ ،‬القادرة على التجاوب مع الحاجات‬ ‫العميقة والجديدة لإلنسان في عالم اليوم‪.‬‬ ‫ومجمل القول‪ ،‬فــإذا سلمنا أن بانتشار‬ ‫تقنيــات الثقافــــات على مستـوى كونـــي‬ ‫يلغي أصال أي إمكانية إلقامة الحواجز بين‬ ‫الثقافات‪ ،‬ويعمل على خلــق وإيجاد شروط‬ ‫جديدة لهوية الكائن البشري‪ ،‬األنطولوجية‬ ‫والتاريخية‪ ،‬فإنه من العبثي أن نتحدث عن‬ ‫هوية ثقافية عربيـــة‪ ،‬أو عن هوية ثقافيــة‬ ‫غربية واحدة فقط‪ ،‬لكي نصور األمور وكأننا‬ ‫في حرب أزلية أبدية مع اآلخر المختلف‪.‬‬ ‫ملحوظة ‪:‬‬ ‫لمن يريد التوسع أكثر في هذا الموضوع‬ ‫نحيلــه على قراءة كتـــاب (الخطــاب العربــي‬ ‫المعاصر) للمفكــر والكاتب المغربي الكبيـــر‬ ‫محمد عابد الجابري‪.‬‬


‫العدد ‪926‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫‪9‬‬

‫فكرة المغرب العربي في األربعينات من القرن العشرين‬ ‫ذ‪ .‬إدريس بوهليلة ـ كلية اآلداب بتطوان‬ ‫مقدمة ‪:‬‬ ‫كانت فكرة المغرب العربي‪ ،‬بل ووحدة العالم العربي‪ ،‬من األحالم اللذيذة التي داعبت خيال ومشاعر ثلة من الكتاب‪،‬‬ ‫واألدباء‪ ،‬والشعراء‪ ،‬في طليعتهم السياسي‪ ،‬والصحافي‪ ،‬والشاعر القومي محمد فخري بارودي السوري (‪ 1887‬ـ ‪1966‬م)‪،‬‬ ‫الذي حفِظ له جيل األربعينات من القرن العشرين الميالدي نشيدا جميال‪ ،‬ربط فيه المشرق بالمغرب‪ ،‬من الشام إلى‬ ‫تطوان‪ ،‬حيث يقول في مطلعه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫لبغــدان‬ ‫رب �أو طاين من ال�شام‬ ‫ُ‬ ‫بالد ُ‬ ‫ِ‬ ‫�إلى م� ِ‬ ‫من جنــــ ٍد �إلى ميــنِ‬ ‫فتطوان‬ ‫رص‬ ‫فالقصدُ من هذا العرض‪ ،‬أن ندرس فكرة المغرب العربي في األربعينات من القرن العشرين الميالدي‪ ،‬من خالل‬ ‫ُ‬ ‫تيّب من‬ ‫قرارات مؤتمر المغرب العربي المُـــنعقد‬ ‫بالقاهرة من ‪ 15‬إلى ‪ 22‬فبراير سنة ‪1947‬م‪ ،‬التي نُشرت في ك ٍ‬ ‫مطبوعات مكتب المغرب العربي بالقاهرة (‪. )1947‬‬ ‫انصبّ اهتمامنا على هذا الموضوع ألسباب نذكر منها‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬ألن المؤتمر المذكور يُعدُّ «أول حادث من نوعه‪ ،‬ألنه لم يسبق أن أُتيح لوطنيين مغاربة أن يُقيموا مؤتمرا‬ ‫سياسيا يُعلنون فيه اتجاهاتهم» بصراحة وحرية‪ ،‬بعيدا عن عيون االستعمار الفرنسي واإلسباني واستخباراتهما‪ .‬ومن‬ ‫المعلوم أنه ليس من طبيعة االستعمار أن يسمح بعقد مؤتمرات في موضوعات أدبية وعلمية‪ ،‬وباألحرى في موضوعات‬ ‫سياسية حساسة ومثيرة؟ !‬ ‫ثانيا‪ :‬لكون هذا المؤتمر استطاع من خالل قراراته أن يُبلور فكرة المغرب العربي عبر إنشاء مؤسسات وحدوية‬ ‫تُجسّدها‪ ،‬واختيار رجال مناضلين أكفاء يُمثلونها‪ ،‬هذا فضال عن نقل الفكرة من مرحلة العمل غير المنظم جماعيا إلى‬ ‫مرحلة جديدة مُتميّزة على ما عداها‪ ،‬اتّسمت‪ ،‬على العموم‪ ،‬بالعمل المنظم والمُنسجم‪ ،‬وبالكفاح والنضال المشترك بين‬ ‫الحركات الوطنية في دول المغرب العربي‪ ،‬يكون مركزه هو‪ :‬مكتب المغرب العربي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فكرة المغرب العربي ُقبل مؤتمر المغرب العربي‬ ‫‪1‬ـ‬ ‫من المعلوم أن تاريخ القرن التاسع عشر‪ ،‬وتاريخ القرن العشرين الميالدييْن‪ُ ،‬طبعا بطابع الحركات القومية‪،‬‬ ‫والتحررية‪ ،‬واالنعتاق‪ ،‬واالستقالل‪ ،‬ليس في بلدان العالم العربي فحسب‪ ،‬وإنما في أقطار العالم كافة‪ .‬فهي ظاهرة كونية‬ ‫أكثر منها ظاهرة خاصة بشعب من الشعوب أو دولة من الدول‪.‬‬ ‫والشك‪ ،‬أن هذه الحركات‪ ،‬ال يمكن فهمها إال بوضعها في إطارها التاريخي‪ ،‬الذي يجب النظر إليه ضمن وجهة نظر‬ ‫الفكرة القومية‪ ،‬والمنزع‪ ،‬والمبدإ القومي‪.‬‬ ‫إن « الفكرة» يُقصد بها مفهوم القومية‪ ،‬والمبدأ يرادُ منه تبني الفكرة كهدف‪ ،‬وغاية‪ ،‬ومبرر للسياسة المتبعة في‬ ‫سبيل التحرر‪ ،‬وبناء الدولة القومية ‪.‬‬ ‫لقد نمت العاطفة القومية والنزوع القومي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميالدي وفي القرن العشرين‬ ‫الميالديين إلى عاطفة أكثر حيوية وحدة وهي عاطفة التضامن بين أعضاء األمة الواحدة‪ .‬وكلما قويت عاطفة التضامن‬ ‫نما الشعور بالكرامة الوطنية والشرف القومي والحس بالمصير القومي ‪ ،‬وفي الوقت نفسه نمت الرغبة في توكيد صفات‬ ‫الخلق القومي وفرضه على مرأى ومسمع من العناصر األجنبية األخرى ‪.‬‬ ‫ومن العوامل التي تساعد أو تدخل في نشأة األمة وفي تشكل العاطفة القومية نذكر ما يلي‪:‬‬ ‫األرض أو الجغرافيا‪ :‬الفضاء الجغرافي الذي يعيش في ظله شعب ويجمع شتات الناس في فضاء مشترك‪.‬‬ ‫العرق‪ :‬األصول الجنسانية لشعب معيّن‪ ،‬يمكنها أن تؤلف عنصر تضامن وتآلف بين الناس في فضاء جغرافي مُعيّن‪،‬‬ ‫وبالتالي يساهم في العاطفة القومية‪.‬‬ ‫اللغة‪ :‬يتأتى عن لغة واحدة يتكلم بها شعب تضامن هذا الشعب ّ‬ ‫ويُغذي وحدته ووجدانه القومي‪.‬‬ ‫الدين‪ :‬يعدُّ الدين الواحد‪ ،‬من أقوى عوامل اإلحساس بالتضامن‪ ،‬والوحدة‪ ،‬و العاطفة القومية‪ ،‬وإن كان اليُفسّر‬ ‫بأي حال من األحوال نجاحه التام والكامل في تأسيس دوال قومية‪ ،‬كما حدث في كثير من مناطق العالم في الشرق وأوربا‪.‬‬ ‫التاريخ‪:‬‬ ‫القومية تقول بوجود رابطة بين مجموعة معينة من البشر‪ ،‬وبأن هذه الرابطة هي من القوة واألهمية بحيث تفرض‬ ‫على هذه المجموعة تكوين مجتمع سياسي تتمتع فيه الحكومة بسلطة خلقية بمقدار ما تعبر عن إرادة هذا المجتمع‬ ‫وتخدم مصالحه‪ .‬ففي الشرق األوسط خالل القرن التاسع عشر وإلى أواسط القرن العشرين الميالدي‪ ،‬كانت هناك ثالثة‬ ‫أنواع من القوميات‪ .‬وهي أنواع متداخلة وإن انبثق كل منها عن مبدإ يختلف عن اآلخر‪ .‬أولها‪ ،‬في التسلسل الزمني القومية‬ ‫الدينية القائلة بأن على جميع أتباع الدين الواحد أن يكوّنوا جماعة سياسية واحدة ‪ .‬كانت تقوم على أساس الوعي بالوحدة‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫أما النوع الثاني من القومية‪ ،‬وهو القومية اإلقليمية‪ ،‬فقد كان مألوفا باألخص في البلدان القديمة والمستقرة من‬ ‫أوربا الغربية‪ .‬وهو كناية عن الشعور باالنتماء إلى جماعة واحدة من القاطنين رقعة محددة من األرض والمتأصلي الجذور‬ ‫في حب هذه الرقعة‪ ،‬كما كانت الحال في مصر وجبل لبنان وتونس (نفسه ص ‪.)408‬‬ ‫أما النوع الثالث واألقوى من أنواع القومية‪ ،‬فهو القومية العنصرية أو اللغوية القائمة على االعتقاد أن جميع الناطقين‬ ‫بلغة واحدة إنما ينتمون إلى أمة واحدة‪ ،‬وأن عليهم بالتالي أن يشكلوا وحدة سياسية مستقلة (نفسه‪ ،‬ص ‪ .)409‬وهو الذي‬ ‫حل محل النوعين السابقين أو امتصهما‪ .‬وكان اتصالها بفكرة األمة اإلسالمية‪ ،‬وثيقا‪ ،‬حتى أن قومية القوميين العرب‬ ‫المسيحيين أنفسهم لم تكن لتخلو من نوع من االنتماء المعنوي إلى اإلسالم كحضارة‪ ،‬إن لم يكن كدين (نفسه وص)‪.‬‬ ‫وفي المغرب العربي ارتبطت حركة القومية فيه في التاريخ المعاصر باألرض‪ /‬الجغرافيا‪ ،‬و التاريخ‪ ،‬واللغة‪ ،‬والدين‪،‬‬ ‫والثقافة‪ ،‬والمصير المشترك‪.‬‬ ‫ونعتقد أن فكرة المغرب العربي‪ ،‬تعود أصولها إلى العصر الوسيط إن لم نقل إلى العصر القديم‪ .‬ففي العصر الوسيط‪،‬‬ ‫كان الكل يؤمن بالوحدة التي تجمع بلدان المغرب‪ ،‬وحاولت بعض الدول تجسيد هذه الوحدة سياسيا أيضا بتوحيد هذه‬ ‫الدول في إطار دولة واحدة‪ ،‬كما حصل في عهد دولة األدارسة حيث امتدت سلطتها السياسية واإلدارية من المغرب‬ ‫األقصى إلى تلمسان‪ ،‬وفي عهد الدولة المرابطية الذي امتد نفوذها السياسي من ماوراء الصحراء الكبرى و المغرب األقصى‬ ‫إلى مدن المغرب األوسط (تلمسان‪ ،‬وشلف‪ ،‬ووهران ‪ )...‬وإلى األندلس‪ .‬وفي عهد الدولة الموحدية‪ ،‬الذي شهد أقوى وحدة‬ ‫بين دول المغرب العربي؛ حيث وصل المدُّ الموحدي وتوحيد بلدانه من المغرب األقصى إلى المغرب األوسط (بني حماد‪،‬‬ ‫وجزائر بني مزغنة‪ ،‬وبجاية‪ ،‬وقسنطينة ‪ ،)...‬وإلى إفريقية (تونس الحالية) واألندلس‪ .‬وكذلك الشأن مع دولة المرينيين‬ ‫تقريبا مع انكماش ملحوظ‪.‬‬ ‫وظلت هذه الفكرة‪ ،‬أي وحدة المغرب العربي عالقة في أذهان ومخيلة شعوب وحكام المغرب العربي‪ ،‬بعد أن افترقت‬ ‫دوله إلى دويالت قطرية‪ ،‬وتجلت في عدة مظاهر تعبّر عن تطور الفكرة سياسيا بشكل سلبي‪ ،‬واقتصرت الفكرة على‬ ‫التضامن والتآزر بين شعوب المغرب‪ ،‬في مجال الجهاد البحري والقرصنة في مواجهة الدول األوربية في عرض البحر‬ ‫األبيض المتوسط في العصر الحديث‪ ،‬وفي بيعة أهل تلمسان للسلطان المغربي موالي عبد الرحمان بن هشام سنة ‪1830‬‬ ‫على إثر االحتالل الفرنسي‪ ،‬ولجوء األمير عبد القادر الجزائري إلى شمال المغرب الشرقي وتقديم له العون والمساعدة‪،‬‬ ‫وكذلك الشأن بالنسبة للمهاجرين الجزائريين إلى المغرب األقصى وتونس‪ ،‬وما لقوه بهما من حسن االستقبال و اإليواء‬ ‫واالستيطان‪ ،‬على امتداد القرن التاسع عشر والعشرين الميالديين‪.‬‬ ‫إال أنه‪ ،‬بدون شك‪ ،‬أن إحياء فكرة المغرب العربي لم يبدأ في الظهور في القرن العشرين‪ ،‬إال في العشرينات منه‪ ،‬مع‬ ‫حركة علي باش حمبة التونسي ومحاوالته الهادفة إلى توحيد جهود الجزائريين والتونسيين والمغاربة لمقاومة المُستعمر‬ ‫ومناهضة توسعه بالمغرب العربي‪ ،‬وتجسيدها في إطارات قادرة على فتح ديناميات للعمل الجماعي ـ الموحد ‪ .‬يقول عالل‬ ‫الفاسي‪« :‬هو أوّل زعيم فكر في ضرورة توحيد المغرب العربي في ميدا ن الكفاح‪ ،‬وقد مدّ يده للمقاومين الجزائريين‬ ‫وأسس أخوه في برلين لجنة تسمى باللجنة التونسية الجزائرية‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬اتصل برجال الحركة في مراكش في‬ ‫الوقت الذي كانت فيه هذه البالد تدافع عن كيانها‪ ،‬وتعاون في الستانة مع المجاهد المغربي السيد العتابي بعد ذلك» ‪.‬‬ ‫انتقل بعد ذلك مركز عمل رجال المغرب العربي من األستانة إلى باريس‪ ،‬حيث قام مصالي الحاج في عام ‪ 1925‬ـ‬ ‫‪1926‬م بتأسيس هيئة نجمة شمال إفريقيا‪ ،‬وجعل غايته الدفاع عن مصالح مسلمي شمال إفريقيا من النواحي المادية‬ ‫والمعنوية‪»،‬إن قضايا المغرب العربي وأزماته الذي ظل قطريا غير مؤطر ضمن حركة جماعية ومشتركة سيشهد ألول‬ ‫مرة صيغة تنظيمية ستنقله من دائرة اإلحساس بالتآزر ـ الذي يفرضه واقع االنتماء إلى هوية مشتركة ـ إلى مستوى وعي‬ ‫ضرورة التعبير عن إرادة للتنسيق جماعية وموحدة «‪ ،‬فقد نادى مصالي الحاج بالوحدة المغربية ضدّ االستعمار الفرنسي‪،‬‬ ‫ضمن حركة جماعية مشتركة واعية بضرورة العمل الوحدوي‪ .‬وهكذا ستعرف سنة ‪ 1927‬انعقاد مؤتمر في بروكسيل ضم‬ ‫كال من الجزائريين والمغاربة والتونسيين‪ ،‬وذلك لتدارس األوضاع الداخلية لبلدان المغرب االقتصادية منها واالجتماعية‬ ‫والسياسية‪ ،‬كما استهدف التعريف باالستعمار ومفاعيل أساليبه على تطور المجتمعات المغربية‪ « .‬وتكاد تُجمع مختلف‬ ‫الكتابات التي أرخت لما هو مشترك في تطور تجربة التنسيق والوحدة بين الحركات الوطنية الثالث في المغرب العربي على‬ ‫أهمية جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين (‪ ،)1927‬وفعاليتها في مجال الدفاع عن هوية المغاربة ومقومات شخصيتهم‬ ‫التاريخية» ‪ .‬فمثلت بذلك لحظة متقدمة في مضمار الدعوة إلى إحياء فكرة المغرب العربي‪ ،‬واستثمار حمولتها التاريخية‬ ‫والسياسية للتقريب بين الحركات الوطنية الثالث‪ ،‬والتنسيق بين نخباتها وقاداتها متخذة من التعليم محور عملها النضالي‬ ‫ومقاومةاالستعمار‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ فكرة المغرب العربي من خالل مؤتمر المغرب العربي (‪)1947‬‬ ‫أصبحت القاهرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومع تأسيس الجامعة العربية سنة ‪1945‬م‪ ،‬مركزا آخر للقاء‬ ‫والتنسيق بين قادة الحركات الوطنية في المغرب العربي‪ .‬اعتُبرت هذه المرحلة حدا فاصال بين لحظتين في تطور العمل‬ ‫الوطني الموحد وأولويات مطالبه ومحاور نضاليته وبالتالي في بلورة فكرة المغرب العربي على أسس جديدة فاعلة فهي‬ ‫تمثل قطيعة مع مرحلة المطالب والدعوة إلى اإلصالح‪ ،‬ومحاوالت التنسيق والعمل المشترك إلى مرحلة المطالبة بالتحرر‬ ‫واالالستقالل في إطار هيئة منظمة ومؤسسات موحدة‪ ،‬يوجد مقرها في القاهرة تعمل على التنسيق بين الحركات الوطنية‬ ‫في المغرب العربي‪ .‬فقد « تحرك الطلبة المغاربة هناك ومعظمهم كانوا قد أنهوا دراساتهم الجامعية‪ ،‬وبدؤوا العمل‬

‫المنظم في سبيل فكرة المغرب العربي فأنشأوا «رابطة الدفاع عن مراكش» التي كان من أعضائها األوائل‪ :‬امحمد بن‬ ‫عبود‪ ،‬وعبد المجيد بن جلون‪ ،‬وعبد الكريم غالب‪ ،‬وأحمد بن مليح‪ ،‬والعربي بناني وغيرهم‪.‬‬ ‫عُقد مؤتمر المغرب العربي‪ ،‬كما مرّ بنا‪ ،‬في مدينة القاهرة من ‪ 15‬إلى ‪ 22‬فبراير عام ‪1947‬م‪ ،‬تحت الرآسة الفخرية‬ ‫للسيد عبد الرحمان عزام األمين العام للجامعة العربية حينئذ‪ ،‬وانتُخب سكرتيرا عاما للمؤتمر السيد عبد الكريم غالب‪.‬‬ ‫وقد روعي في األعضاء الذين سيشتركون في عقد المؤتمر أن يكونوا ممثلين لحركة من الحركات الوطنية القائمة‬ ‫في كل من تونس والجزائر ومراكش‪ ،‬حتى تكون لقراراته صبغة عملية وتكون قابلة للتنفيذ ‪.‬‬ ‫ـ ممثلو الحركات الوطنية للمغرب العربي في المؤتمر‬ ‫مثل الحركات الوطنية للمغرب األقصى «رابطة الدفاع عن مراكش» في مصر‪ ،‬و«الوفد المراكشي» إلى لجان الجامعة‬ ‫العربية‪ .‬فهيئة الرابطة كان ينتمي إليها في المرحلة األولى‪ :‬أحمد بن مليح وعبد المجيد بن جلون وعبد الكريم غالب وعبد‬ ‫الكريم بن ثابت وامحمد ابن عبود وعبد السالم بناني ومصطفى بن عبد الوهاب وغيرهم‪ .‬وبرز نشاط الرابطة السياسي‬ ‫بجالء في سنة ‪1943‬م‪ ،‬عندما بدأت الشعوب المستعمرة تُفكر في استعادة حريتها وتقرير مصيرها ‪.‬‬ ‫وكانت رابطة الدفاع قد قدمت وثيقة لسلطات الحلفاء في مصر تُطالب فيها باستقالل المغرب‪ .‬ومن حسن الصدف‬ ‫أن هذا الطلب ُقدّم في نفس التاريخ تقريبا الذي قدم فيه حزب االستقالل وثيقة المطالبة باالستقالل في ‪ 11‬يناير‬ ‫‪1944‬م‪ .‬وقد ظلت الرابطة تعمل بجد فتتصل بالسفارات العربية والمناضلين العرب الذين كانوا يساعدونها في فتح‬ ‫بعض األبواب للتعريف بقضية المغرب (نفسه)‪.‬‬ ‫أما مكتب الحر الدستوري‪ :‬انتقل بعض ممثليه إلى مصر منهم الدكتور الحبيب ثامر ورشيد إدريس والهادي السعيدي‪،‬‬ ‫وغيرهم‪ ،‬وفتحوا مكتبا لهم في مصر وتعاونوا مع مكتب «رابطة الدفاع عن مراكش»‪ ،‬كما تعونا المكتبين المذكورين مع‬ ‫مكتب الذي أنشأه الشاذلي المكي باسم الجزائر‪.‬‬ ‫«واتفقت المكاتب الثالثة مع مكتب الحزب الحر الدستوري في دمشق على عقد مؤتمر للمغرب العربي»‪ .‬وهو ماتم‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫وكان أهم موضوع عرض له المؤتمر‪ ،‬هو موضوع االستعمار الفرنسي واالسباني في بالد المغرب العربي‪ ،‬اتخذت فيه‬ ‫الهيئات المشاركة قرارات ذات أهمية قصوى في مسار تطور فكرة المغرب العربي‪ ،‬ومسار النضال ومقاومة االستعمار من‬ ‫أجل االستقالل‪ .‬وهذه القرارات هي‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ بُطالن معاهدتي الحماية المفروضتين على تونس ومراكش(المغرب األقصى)‪ ،‬وعدم االعتراف بأي حق لفرنسا‬ ‫في الجزائر‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ مطالبة الحكومات المغربية والهيئات الوطنية بإعالن استقالل البالد‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ المطالبة بجالء القوات األجنبية عن بالد المغرب كلها‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ رفضُ االنضمام إلى االتحاد الفرنسي في أي شكل من أشكاله‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ اعتبار أيام احتالل الجزائر (‪ 05‬يوليوز) وفرض الحماية على تونس (‪ 15‬مايو) و فرض الحماية على مراكش (‪30‬‬ ‫مارس) أيام حداد في جميع أقطار المغرب‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ تعزيز الكفاح في الداخل والخارج لتحقيق االستقالل والجالء‬ ‫كما كان الموضوع الثاني الذي عرض له المءتمر وهو اليقل أهمية عن الموضوع األول ‪ « :‬تنسيق الحركات الوطنية‬ ‫في بالد المغرب» الذي اقرّ « إحكام الروابط بين الحركات المذكورة في األقطار الثالثة‪ ،‬من أجل غاية واحدة هي‬ ‫«االستقالل التام والجالء» وكما تناول المؤتمر موضوع المغرب العربي والجامعة العربية‪ ،‬وموضوع «قضية المغرب العربي‬ ‫والهيئات الدولية» من أجل تدويل قضية المغرب العربي والمساعدة على تحقيق حريته واستقالله و «المطالبة بالحقوق‬ ‫التي يكفلها ميثاق هيئة األمم المتحدة للشعب المغربي وفي مقدمتها حق تقرير المصير» ‪.‬‬ ‫اتخذ المؤتمرون القرارات التالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ ضرورة االتفاق بين األحزاب الوطنية داخل كل قطر إما باندماجها في حزب واحد أو بتكوين جبهة وطنية منها‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ إحكام الروابط بين الحركات الوطنية في األقطار الثالثة ويوصي المؤتمر لتحقيق ذلك بما بلي‪:‬‬ ‫أ ـ االتفاق على غاية واحدة‪ ،‬هي االستقالل التام والجالء‪.‬‬ ‫ب ـ تكوين لجنة دائمة من رجال الحركات الوطنية‪ ،‬مهمتها توحيد الخطط وتنسيق العمل الكفاح مشترك‪.‬‬ ‫جـ ـ العمل على توحيد المنظمات العمالية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬واالقتصادية في األقطار الثالثة وتوجيهها توجيها‬ ‫قوميا‪.‬‬ ‫د ـ ضرورة وقوف األقطار الثالثة جبهة واحدة عند حدوث األزمات في أي قطر منها‪.‬‬ ‫وكان آخر الموضوعات التي تناولها المؤتمرون هو ‪« :‬توحيد جهود المكاتب المغربية في مصر» والذي له بعد مهم‬ ‫في بلورة فكرة المغرب العربي يتجلى ذلك في قرار المؤتمر تكوين « مكتب المغرب العربي» من الهيئات التي شاركت‬ ‫في المؤتمر‪ :‬الحزب الحر الدستوري التونسي‪ ،‬ورابطة الدفاع عن مراكش المغربي‪ ،‬والوفد المراكشي إلى لجان الجامعة‬ ‫العربية‪ .‬يقول عبد الكريم غالب السكرتير العام للمؤتمر‪ « :‬كان للمؤتمر ولتكوين المكتب ـ مكتب المغرب العربي ـ‬ ‫أصداء بعيدة المدى في أقطار المغرب العربي وفي البالد العربية وفي جميع أنحاء العالم واصبح ـ أي المكتب المذكور ـ‬ ‫يقوم بمهمة الدعاية للقضية المغربية وتحج إليه وفود الصحفيين من مختلف أنحاء العالم للتعرف على قضايا المغرب‬ ‫العربي‪ .‬وفي مكتب المغرب اتلعربي وجد الزعماء المغاربة الذين وفدوا على مصر‪ ،‬مناضلين مركزا لعملهم وهم المرحوم‬ ‫عالل الفاسي والمرحوم عبد الخالق الطريس والمرحوم حبيب بورقيبة ثم القادة الجزائريون الذين وفدوا على مصر بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬ووجد المناضلون المغاربة الذين وفدوا على القاهرة‪ ،‬أثناء األزمة المغربية الكبرى‪ ،‬في مكتب المغرب العربي مجال‬ ‫عملهم ‪ .‬ونشط المكتب في مناجزة االستعمار حتى أنه استطاع أن يفتك الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي من قبضة‬ ‫االستعمار‪ .‬يقول عالل الفاسي أحد قادة مكتب المغرب العربي مبرزا أهمية المكتب‪ »:‬لقد ظلت الحركات المغربية تتطور‬ ‫في اطوار التنسيق والتوحيد المختلفة حتى تكوّن مكتب المغرب العربي الذي يُعتبر من أكبر المظاهر لرغبة ابناء المغرب‬ ‫في التعاون على تحرير اوطانهم الثالثة التي توحد بينها اللغة والدين والجنس والتاريخ والجغرافيا ووحدة المستعمر‬ ‫واآلمال في التحرر منه «‪ .‬ولعل أهم عمل يمكن ا يُسجل في صفحات المكتب أنه بلور فكرة المغرب العربي بربط النضال‬ ‫المشترك في سبيل األقطار الثالثة برباط قوي ردا على االستعمار وردا على االتجاه الذي كان تُبيّته الحكومة الفرنسية ـ‬ ‫بعد هزيمة فرنسا سنة ‪ 1940‬ـ وهو مشروع االتحاد الفرنسي الذي كان يُراد منه أن يضم إفريقيا الشمالية وإفريقيا الغربية‬ ‫في وحدة فرنسا ‪ .‬فقد كانت إذن فكرة المغرب العربي ردا على فكرة االتحاد الفرنسي‪.‬‬ ‫يبدو جليا أنه في هذا الطور من تطور فكرة المغرب العربي ـ أي في طور إصدار مؤتمر المغرب العربي للقرارات‬ ‫التاريخية المذكورة في فبراير عاام ‪ 1947‬أصبحت الفكرة تعني التزام الحركات الوطنية الثالثة ( في المغرب والجزائر‬ ‫وتونس) بالعمل من أجل هدف واحد هو تحقيق الجالء واالستقالل التام لألقطار الثالثة مع ترك الصالحية لكل قطر‬ ‫كي يعمل حسب معطيات وضعه الداخلي على تحقيق الهدف المنشود شريطة أن يُعين القطريْن اآلخريْن‪ ،‬على بلوغ‬ ‫االستقالل التام ‪.‬‬ ‫وقد الحظ محمد عابد الجابري أن هذه الفكرة ّ‬ ‫وُظفت لخلق نقيضها وهو الدولة ال ُقطرية يقول بهذا الصدد‪« :‬إذا‬ ‫كانت فكرة المغرب العربي في اللحظة األولى لحظة ‪ 1909‬ـ ‪ 1947‬تعني االنفصال عن اآلخر أي االستعمار (‪ )...‬فإنها‬ ‫اصبحت اآلن على صعيد الخطاب السياسي تتحدّد باإليجاب إذ أصبحت تعني االستقالل التام والجال‪ ،‬معنى هذا أن فكرة‬ ‫وحدة المغرب العربي قد وُظفت من أجل خلق نقيضها وهو الدولة ال ُقطرية في كل من األقطار الثالثة» ‪ ،‬ويرى على أن‬ ‫هذه الفكرة قد تأكدت بالفعل عندما حصلت الدول الثالث على استقاللها (‪ 1956‬ـ ‪.)1962‬‬ ‫لقد كانت غاية المؤتمرين الجوهرية تحقيق االستقالل‪ ،‬لكن مفهوم هذا االستقالل كان محدودا فقد كان يعني في‬ ‫لغة ذلك الزمن الحصول على الحكم الذاتي والدولة القثطرية لكنه لم يكن ليثلغي بقاء رابطة دائمة مع الدولة المحتلة‬ ‫سابقا‪ ،‬إن على المستوى العسكري أو االقتصادي أو الثقافي بل إنها قد توجه سياستها الخارجية‪.‬‬ ‫التخلص من قبضة السلطة‬ ‫وقد استنتج ألبرت حوراني في دراسته عن الفكر العربي في عصر النهضة أن عدم إمكان‬ ‫ِ‬ ‫األوربية الممقوتة والمقبولة في آن واحد من أهم السباب التي جعلت قومية عرب ذلك الجيل تتخذ موقفا ازدواجيا من‬ ‫أوربا ‪ ،‬فلم يكن هدف هذه القومية الصريح من السعي وراء االستقالل تحرير نفسها تماما من أوربا بقدر ما كان إقامة‬ ‫عالقة جديدة معها‪ :‬عالقة متساوية ملؤها الثقة‪ ،‬قائمة على قبول عضوي وتام لقيم المدنية الحديثة التي خلقتها أوربا ‪.‬‬ ‫خاتمة ‪:‬‬ ‫نخلصُ إلى أن فكرة المغرب العربي تطورت عبر تاريخ المغرب المعاصر تبعا لتطور الوضع الجهوي والدولي وآمال‬ ‫وطموحات زعماء الحركات الوطنية في األقطار المغربية الثالث‪.‬‬ ‫إن فكرة المغرب العربي في الوهلة األولى برزت عند الرواد األوائل كردّ فعل ضد االستعمار الفرنسي حاولوا من‬ ‫خاللها تحقيق الذات والدفاع عن الهوية العربية اإلسالمية لألقطار الثالث وتحريرها من قبضة المستعمر ‪ ،‬وفي الوهلة‬ ‫الثانية من تطورها عبر التاريخ المعاصر أي في مؤتمر المغرب العربي سنة ‪1947‬م أصبحت تعني االستقالل التام والجالء‬ ‫وهو االستقالل الذي تح ّقق بعد حين وبذلك تكون فكرة المغرب العربي « كما تأسست في وعي رجال الحركة الوطنية‬ ‫واألقطار الثالثة حققت نفسها واستنفذت كل إمكاناتها» بمعنى أنه خلقت نقيضها وضدّها‪ ،‬وبالتالي أصبحت ـ حسب‬ ‫محمد عابد الجابري ـ تحتاج إلى إعادة تأسيس أي إلى إعادة بنينتها في الوعي السياسي والخطاب اإليديولوجي بعد‬ ‫االستقالل‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫ذ‪ُ .‬‬ ‫الطريس‬ ‫زعيم الوحدة‬

‫بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫‪...‬وَدَّ األديب والصحفي األستاذ طارق حيون‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أن يتكرَّم عليَّ بإهدائي‪ ،‬ما اختزنته مكتبته وأبحاثه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ليسطرها قلمه ضمن آخر إصداراته‪ ،‬وقد اختار لها‬ ‫عنوان «الفكر السياسي للزعيم عبد الخالق ُ‬ ‫الطرِّيس»‪.‬‬ ‫هو كتاب أنيق من القطع الكبير ذو جودة عالية‪ .‬بين‬ ‫َّ‬ ‫دَفتيْه ‪217‬صفحة بخط مغربي جميل‪ ،‬يؤمُّ صوراً‬ ‫لألستاذ عبد الخالق الطريس مع مختلف الشخصيات‪،‬‬ ‫من بينها صاحب الجاللـة محمد الخامس واألميـر‬ ‫محمد بن عبد الكريم الخطابي والرئيس جمال عبد‬ ‫الناصر‪ ،‬رحمهم اهلل جميعاً‪ .‬أخذ الغالف زخرفة من‬ ‫ثالثة صورمن فن «الموزاييك»‪ِّ ،‬‬ ‫لكل شكل منها‬ ‫مربعان متداخالن وغيرُ متطابقين‪ ،‬ذي ثمانية أضالع‪.‬‬ ‫بالبند العريض في أسفله(الغالف) جاء العنوان بخط‬ ‫كاليغرافي‪ ،‬بريشة رسام مبدع‪.‬‬ ‫وقد اعتمد الكاتب في أبحاثه على ستّ مؤلفات‬ ‫رئيسية‪ ،‬لألساتيذ‪ ،‬عالل الفاسي والحسن بنساسي‬ ‫ومحمد عزوز حكيم وأحمد زياد‪ .‬و على مقاالت نُشرَت‬ ‫في شتى المنابر اإلعالمية الوطنية‪ ،‬والتي اقتطف‬ ‫منها ‪28‬مقا ًال لشخصيات أدْلت بها في حقِّ األستاذ‬ ‫الطريس‪ ،‬زعيم الوحدة كما جاء على لسان محمد‬ ‫العربي المساري رحمه اهلل‪ .‬وكما قال عنه األستاذ عزيز‬ ‫ُّ‬ ‫سيظل‬ ‫كنوني( الكاف بثالثة نقط )‪ ،‬األستاذ الطريس‬ ‫اسماً خالداً في تاريخ المغرب الحديث‪ .‬نعته ذ‪.‬عالل‬ ‫الفاسي بأخي وحبيبي‪.‬‬ ‫كما استعمل المؤلف ألفاظا باللغة العربية‬ ‫الخالصة من الجنس األدبي المحلي والقومي للنصِّ‬ ‫السرْدي لوضعه في عدة سياقات‪ ،‬من نمط المحاكاة‬ ‫إلنتاج موضوع شخص الطريس مع األح��داث التي‬ ‫استدعتْ شخصيات متعددة في زمان ما‪ .‬للتعبير‬ ‫فصاحة عن القيمة المضافة تجنح إلى بيان سليم‪ .‬لقد‬ ‫استطاع مؤلف الكتاب ْ‬ ‫أن يتحكم في صياغة السيرة‬ ‫الذاتية التي عاشها األستاذ الطريس لصلته ( المؤلف)‬ ‫بمهنة الصحافة التي تعمل على تصوير الذات وتنأى‬ ‫عن غراميات الخيال‪ .‬وفي سرْد السيرة الذاتية انصهاراً‬ ‫في الزمكان‪ ،‬مما ال يعرفه عامة الناس من األحداث‬ ‫في تاريخ الحركة الوطنية والسياسية‪ ،‬هو نضال مرير‬ ‫يجب ْ‬ ‫أن يعلمه القراء والباحثون‪ .‬كما قال قاسم أمين‬ ‫َّ‬ ‫«إن الوطنية الصادقة تعمل وال تعلن عن نفسها»‪.‬‬ ‫استحضر المؤلف محطات من ذاكرة الزعيم من خالل‬ ‫خطبه المدوِّية ك «حفريات» تاريخية تشهد له‬ ‫بمواقف وطنية ذات استراتيجية مستقبلية‪ .‬كان خطيباً‬ ‫ً‬ ‫وعْي‬ ‫متميِّزا يستقطبُ الجماهير الشعبية ويتحكم في ِ‬ ‫المتلقي التساع أفقه في علميْ النفس واالجتماع حتى‬ ‫يتمكن من إقناع الطبقة الدنيا والسيطرة عليها‪ .‬من‬ ‫المحطات الهامة التي نقب عنها الكاتب ‪ :‬تأسيس‬ ‫المعهد الحرّ سنة ‪1935‬م وحزب اإلصالح الوطني‬ ‫سنة ‪1936‬م ورئاسته سنة ‪1937‬م وقبل ذلك‪ ،‬بعض‬ ‫المنابر اإلعالمية ك «الحياة األسبوعية» سنة ‪1934‬م‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪1943/02/14‬م تقدم األستاذ الطريس وذ‪.‬‬ ‫المكي الناصري بوثيقة المطالبة باالستقالل باسم‬ ‫حزبيْهما إلى سلطات الحماية اإلسبانية‪ .‬وكان يشغل‬ ‫منصباً سياسياً مع اإلدارة المحتلة‪ .‬وبعد االستقالل‬ ‫كان وزيراً للعدل وسفيراً بمدريد والقاهرة مرتين‪ .‬ثمَّ‬ ‫برلمانياً عن مدينة تطوان ورئيس الفريق االستقاللي‬ ‫به‪ .‬وكان أيضأ عضوا في الكتلة الوطنية لألحزاب‬ ‫الديمقراطية‪ .‬سيكون غبناً لحقوق هؤالء الوطنيين‬ ‫التقصير في االعتراف لهم باإليثار‪ .‬وقد أسهم الكاتب‬ ‫في تطوير البحث عن فكر الطريس في العلوم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬عند متَّسع لهامش حرية الرأي‪ .‬من أجل‬ ‫دراسة العوامل العديدة‪ ،‬الثقافية والوطنية والسياسية‬ ‫وحتى اإلكراهات التي أسهمتْ في السيرة الذاتية‬ ‫لألستاذ عبد الخالق الطريس‪.‬‬ ‫انتهى المؤلف إلى فرار طائفة من الموريسكيين‬ ‫بدينهم واستقرارهم بتطاون سنة ‪ 1571‬للميالد‬ ‫بعيْدَ معارك البشارات بتاريخ ‪1571/1568‬م أيام‬ ‫الملك فيليبي الثاني بمملكة غرناطة‪ .‬منهم أسرة‬

‫«البولودي الطريس»‪ .‬اهتمَّ الكاتب بأوَّل جدٍّ وهو‬ ‫السادس لعبد الخالق الطريس‪َّ ،‬‬ ‫حط رحاله بتطاون من‬ ‫أنساب «البولودي الطريس»‪ .‬وبعد حواليْ قرنين من‬ ‫الزمان الستوْطانهم مدينة تطاون (‪1770/1571‬م)‪،‬‬ ‫حظيَ المهدي بن محمد الطريس بأوَّل منصب أمين‬ ‫الديوانة بطنجة سنة ‪1770‬م في عهد السلطان محمد‬ ‫الثالث بن عبد اهلل الخطيب بن إسماعيل بن علي‬ ‫الشريف المتوفى بمكناس (‪ .)/1790/1710‬ولم يذكر‬ ‫المؤلف قبل ذلك أيُّ نوع من المهنة أوْ الصنعة التي‬ ‫كانوا يحترفونها‪ ،‬ال قبل مقدمهم من األندلس وال‬ ‫عندما استضافهم أهل المغرب‪ .‬إلى ْ‬ ‫أن انتهى بموضوع‬ ‫البحث بشخص ذ‪.‬عبد الخالق الطريس‪ ،‬والدته ومنشأه‬ ‫ووفاته‪1910/5/26( ،‬م‪1970/5/27 -‬م)‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫لعل الكاتب بدأ يؤرِّخ لهذه األسرة عندما أل ِبستْ‬ ‫حُلة الطبقة األرستوقراطية باعتالء المهدي الطريس‬ ‫أمانة الديوانة‪ ،‬وليس قبل ذلك‪ ،‬ربما لمنحها نوعا من‬ ‫أن ذ‪ .‬عبد الخالق الطرِّيس استطاع ْ‬ ‫الهالة ! غير َّ‬ ‫أن‬ ‫يُحو َ‬ ‫ِّل تلك األرستوقراطية إلى نوع من الشعبية داخل‬ ‫أسرته‪ .‬تمكن هو ْ‬ ‫أن يؤثر في تربيته األرستوقراطية‬ ‫بدَ ًال ْ‬ ‫أن تؤثر هي فيه ( جاء ذلك على لسان ذ‪.‬أحمد‬ ‫زياد)‪ .‬تلك هي إحدى المميِّزات الوطنية النصهاره‬ ‫في الطبقة الدنيا واستقطابها في خطبه‪ .‬بنظرية ّ‬ ‫كل‬ ‫شخص يستمع ِّ‬ ‫لكل ما يريد أنِ يستمع إليه‪ُ .‬‬ ‫الطرِّيس‬ ‫كان يخاطب المتلقي باللغة واألسلوب والفكر الذي‬ ‫ُ‬ ‫يتحدث إلى الجماهير‪ ،‬تارة‬ ‫يناسب الطبقات الشعبية‪.‬‬ ‫يجهر وينهر بأغالل االستعمار وتارة بحِلم الرشيد‪،‬‬ ‫ليتبوَّأ مقام الزعيم‪.‬‬ ‫إننا نناقش‪ ،‬عمل األستاذ طارق حيون‪ ،‬ونكرِّمه‬ ‫ونحتفي ببحثه‪ ،‬وهو الذي يُنْتسبُ إلى حقل الكتابة‬ ‫الصحفية‪ ،‬ويستمدُّها من حقل السرد األدبي أكثر‬ ‫منه‪ ،‬من المنهج التأريخي‪ .‬شرح المؤلف بذكاء وبإيحاء‬ ‫إلى القارئ فكرة إندماج حزب اإلصالح الوطني في‬ ‫حزب االستقالل‪ ،‬كان أم��راً طبيعياً وموقفاً عظيمـاً‬ ‫لألستـاذ عبد الخالق الطريس‪ ،‬إذ القول‪َّ ،‬‬ ‫إن الكفاح‬ ‫من أجل االستقالل كان ال بُدَّ ْ‬ ‫أن يفضي إلى وحدة‬ ‫الحزبين‪ ،‬ويُرادِف بين وحدة المغرب و وحدة الحزبين‪،‬‬ ‫وتعليقهما على «مشجب» نظرية إجهاض تقسيم‬ ‫جغرافية المغرب ووحدته الترابية من المؤامرة‬ ‫االستعمارية اإلسبانية لمحاولة «ترميم» نظام‬ ‫الحماية بالشمال في ‪1955/10/12‬م‪ ، ،‬وقد أعلنتْ‬ ‫إسبانيا َّ‬ ‫أن ما يجري بين السلطان محمد بن يوسف‬ ‫وفرنسا‪ ،‬لم يكن يعني المنطقة الخليفية في الشمال‪.‬‬ ‫فأراد الطريس ْ‬ ‫أن يحبط المخطط الفرنكاوي بإدماج‬ ‫حزب اإلصالح الوطني في حزب االستقالل‪ ،‬كيْ تشعر‬ ‫إسبانيا أنها أمام األمر الواقع‪َّ ،‬‬ ‫وأن وحدة الحزبين‬ ‫من وحدة المغرب ! فهذا التوحيد هو الذي أجهض‬ ‫مناورات الحماية اإلسبانية بشمال المملكة‪ .‬وقد جعلها‬ ‫(االندماج) تُذعِنُ بعد أسابيع لالعتراف باستقالل‬ ‫المغرب ووحدة ترابه‪ُ ،‬‬ ‫فأطلقَ على األستاذ عبد الخالق‬ ‫ُ‬ ‫الطرِّيس لقب «زعيم الوحدة»‪ .‬فهل يستكين المؤلف‬ ‫لكل هذه القضايا دون إعمال النظر النقدي فيها ؟ ال‬ ‫أقول هناك نوعٌ من الضبابية في عملية اإلدماج‪ ،‬إنما‬ ‫يُصبحُ صعباً على المتلقي أو القارئ في أيِّ زمان ْ‬ ‫أن‬ ‫يقبل بسهولة بفكرة « الوطنية» َّ‬ ‫أن وحدة الحزبين من‬ ‫وحدة البالد ! ُ‬ ‫حجة الوطنية ليستْ مرفوضة في ذاتها‬ ‫بل َ‬ ‫حوْل طبيعة الوطنية‪ ،‬ليستْ كافية لبالغة الحجج‪.‬‬ ‫فاإلنسان ربما ال يمكنه ْ‬ ‫أن يتمتع بالكفاءة في جميع‬ ‫المجاالت الوطنية والسياسية‪ .‬فقد كان لحزب اإلصالح‬ ‫الوطني مؤسسات تنفيذية ومركزية مخو ٌ‬ ‫َّل لها صناعة‬ ‫قرار اإلدماج‪ ،‬كيْ ال تتعمَّم سلطة المعرفة فتُصبح‬ ‫انفرادية‪ ،‬ونوعٌ من «الدُّغمائية»‪ .‬فمن الهفوات‬ ‫االعتماد على شخصية وحيدة سياسية ووطنية ْ‬ ‫وإن‬ ‫كان ال اعتراض عليها في هذين المجالين‪ ،‬وحتى ْ‬ ‫وإن‬ ‫امتلكتْ الخبرة ليستْ متناً وسنداً التخاد مثل هذا‬ ‫القرار التاريخي ! فالقضية مازالت تُرْوى وال تُطوى‪.‬‬ ‫وليس اتباع الهوى فيما يقال وال يقال ‪...‬‬

‫نعي الجامعة للجميع بالقصر الكبير في وفاة‬

‫البروفسور موالي أحمد العراقي‬ ‫انتقل إلى عفو اهلل البروفسور موالي أحمد العراقي‪.‬‬ ‫ومن المعلوم أنــه كان أستــاذا للتعليــم العالي‬ ‫منذ سنة ‪ ،1988‬و كاتبا للدولة في البيئة في حكومة‬ ‫التناوب (‪ )2000-1998‬ورئيسا للجمعية المغربية‬ ‫للدراسات واألبحاث حول التغييرات المناخية‪.‬‬ ‫اهتم الراحل بالجانب الطبي والبحـــث العلمي‪،‬‬ ‫إضافة إلى التربية والتكوين‪ ،‬فهــو الطبيـــب البارز‬ ‫واألستاذ المميز وعميد كلية الطب التي جعل منها‬ ‫ساحة للفكر والثقافة والحوار‪ ،‬وهو الوزير المبدع الذي‬ ‫أعطى لموضوع البيئة فحواه وأبعاده‪ ،‬ذلك ألنه كان أول‬ ‫وزير للبيئة في تاريخ المغرب المستقل‪.‬‬ ‫و هو العضو البارز في المؤتمر القومي العربي؛‬ ‫الذي كانت عضويته فيه اإضافة نوعية للمؤتمر من‬ ‫خالل آرائه الثاقبة وإبداعه في التحليل العميق وفي‬ ‫تقديم الخالصات والمقترحات‪.‬‬ ‫و يجذر التذكير أن المرحوم ساهم في أول درس‬ ‫افتتاحي للجامعة للجميع بمعية د‪.‬عبد اهلل ساعف بتاريخ‪ 2016|04|22 :‬والذي كان تحت عنوان ‪ :‬التنمية وأسئلة‬ ‫الديمقراطية واالنسجام االجتماعي واالستدامة»‪.‬‬ ‫كما أنه وجه الدعوة من خالل الجامعة للجميع ألطياف المجتمع المدني‪ ،‬للحضور إلى قمة المناخ ‪»cop22« :‬‬ ‫التي انعقدت بمراكش‪.‬‬ ‫والزال الجميع يتذكر كيف أنه استطاع وهو وزير للبيئة نقل الملف البيئي من المقاربة األكاديمية المحضة إلى‬ ‫المقاربة الواقعية‪ ،‬حيث أصبحت البيئة مرجعا للتنمية‪ ،‬على اعتبار أن ال عدالة اجتماعية دون عدالة مجالية‪.‬‬ ‫كما أن عمله المنجز ساهم في دحض فكرة أو مفهوم ‪ :‬المغرب غير النافع‪.‬‬ ‫و كان الدكتور موالي أحمد العراقي‪ ،‬يعتبر بحق مهندس السياسية االستراتيجية للبيئة بالمغرب‪.‬‬ ‫إن مكتب الجامعة للجميع بمدينة القصر الكبير وأطرها وهي تنعي للرأي العام المحلي وفاة البروفسور موالي‬ ‫أحمد‪ ،‬تقدم أحر التعازي لعائلته ومحبيه ومجايليه في فقدانه ‪.‬‬

‫ون �أُ َولئ َ‬ ‫ِك‬ ‫ين �إِ َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا �إِ َّنا للِهَّ ِ َو�إِ َّنا ِ�إ َل ْي ِه َر ِ‬ ‫�ش َّ‬ ‫ين َّالذِ َ‬ ‫ال�صا ِب ِر َ‬ ‫اج ُع َ‬ ‫} َو َب رِّ ِ‬ ‫عَ َل ْيهِ ْم َ�ص َل َو ٌات م ِْن َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َولئ َِك ُه ُم المْ ُ ْه َتدُ َون {‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫عن عمر يناهز ‪ 81‬سنة‪ ،‬انتقل إلى رحمة اهلل الواسعة‬ ‫المرحوم‬

‫الحاج عبد السالم أشرقي‬

‫وذلك يــوم الثالثـــاء ‪ 23‬ينايـــر ‪ 2018‬الموافــــق ل ‪05‬‬ ‫ربيع الثاني ‪ ، 1439‬وقد شيع جثمانه الطاهر إلى مثواه األخير‬ ‫في محفل جنائــزي مهيب حضره األهل واألحبـاب والمعـارف‪،‬‬ ‫ودفن في نفس اليوم بمقبرة المجاهديـــن بعد أداء صالة‬ ‫الظهر بمسجد الموحدين ‪.‬‬ ‫وإثر هذا المصاب الجلل نتقدم بأحر التعازي إلى أرملة‬ ‫الفقيد الحاجة فطومة الجراي‪ ،‬وإلى أوالده وبناتـــه ‪ :‬أمينـــة‪،‬‬ ‫رشيد‪ ،‬سلوى‪ ،‬يونس وإيمان‪ ،‬وإلى أخيه زميلنا مصطفى أشرقي‪ ،‬وإلى أصهاره الحاج محمد‬ ‫عنتري وسعيد العمراني وأناس الطالبي‪ .‬سائلين العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته‪،‬‬ ‫ويسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين‪ .‬وحسن أولئك رفيقا وألهم‬ ‫أهله وذويه الصبر الجميل ‪.‬‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫انتقل إلى رحمة اهلل الواسعة المرحوم‬

‫عبد المجيد بوغابة‬ ‫األستاذ بمدرسة ولي العهد‬

‫وذلك يــوم األربعــاء ‪ 17‬يناير ‪ 2018‬بعــد معاناة مع مرض مزمن‬ ‫لم ينفع معه عالج‪.‬‬ ‫الراحل من مواليد سنـــة ‪ 1956‬ومن خيــرة رجاالت التربية في مدينة‬ ‫طنجة‪ .‬وقد شيع جثمانه الطاهـــر في محفـــل مهيب ووري الثرى بمقبرة‬ ‫سيدي ادريس يوم الخميس ‪ 18‬يناير ‪ 2018‬بعد أداء صالة الجنازة‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيــد العزيــز‪ ،‬وغفر له وأسكنه مقعــد صدق مــع النبيئين‬ ‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪ ،‬وألهم أهله وذويه وأخواته وإخوانه محمد وعبد‬ ‫السالم وعبد اهلل وأحمد الصبر والسلوان‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫أوال ‪ :‬العادة ‪:‬‬

‫الفقيه محمد بن أحمد الرغيوي‬ ‫وجهوده في تدريس العلوم ببادية أنجرة (‪)2‬‬ ‫ ■ بقلــم‪ :‬بدر العمراين‬‫المبحث الثاني‪ :‬جهود الفقيه الرغيوي في تدريس العلوم‪:‬‬ ‫إن الفقيه رحمه اهلل لم يبق من جهوده في تدريس العلوم خالل ‪ 21‬سنة‬ ‫من البذل والعطاء إ ّال ذكريات نثرتها في ترجمته (المبحث السابق)‪ ،‬وبعض‬ ‫تواليفه التي دبّجها خالل تلك الفترة‪ ،‬وخ ّلفها أثارة لما بعدها‪ ،‬داّلة داللة واضحة‬ ‫على اهتمامه بالعلم وطالبه‪ ..‬وسأوضح ذلك في مطلبين‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نماذج من مؤلفاته‬ ‫تقدّم خالل المبحث السابق اإلشارة أسماء مؤلفاته‪ ،‬وفي هذا المبحث‬ ‫نحاول إبراز شخصيته في التأليف ّ‬ ‫للطالب‪ ،‬وذلك عبر علمين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬علم الفقه‪ ،‬فيه مثاالن‪:‬‬ ‫مثال نثري‪ :‬من كتابه‪ :‬دانية الثمرة لطالب المعمرة‬ ‫وهو كتاب لطيف الحجم‪ ،‬غزير الفوائد‪ ،‬ضمّ بين د ّفتيه‪ :‬الضروري من علوم‬ ‫الشرع‪ ،‬وآكد المعارف الدينية‪ ،‬صُنّف للناشئة من طلبة العلم‪ ،‬قصد تنويرهم‬ ‫بقواعد اإلسالم‪ ،‬وفرائض ومسنونات األركان الخمسة لهذا الدين‪ ،‬بعبارة‬ ‫ميسّرة مختصرة‪ ،‬ال تعقيد فيها وال تفريع‪ ،‬سالكا في ذلك نهج عالم المدينة‬ ‫اإلمام مالك بن أنس األصبحي‪ ،‬من خالل ما ّ‬ ‫سطره علماء المذهب في أصولهم‬ ‫وفروعهم‪ ،‬دون تعريج على مسالك االختالف‪ ،‬أو علل الترجيح‪ ،‬مراعيا في ذلك‬ ‫قصد الخطاب وطبيعة المخاطب‪ .‬ثم ختمه في األخير بنصائح وآداب مما ينبغي‬ ‫أن يتحلى بها طالب العلم‪ ،‬كي تشرق مسيرته‪ ،‬وتتنوّر سريرته‪.‬‬ ‫داع لجمعه وتأليفه‪ ،‬لم يفصح عنه المؤلف في‬ ‫وهذا الكتاب له سبب ٍ‬ ‫مقدّمته‪ ،‬إ ّال ما كان من إشارة خفيّة في طالعته‪ ،‬وال بأس من ذكره‪ ،‬ألمرين‪:‬‬ ‫األول لالستفادة‪ ،‬والثاني لوصل الحاضر بالماضي‪.‬‬ ‫فاألول‪ :‬يتعلق بمعرفة الداعي والمحفز لتأليف الكتاب‪ ،‬وهو الفقيه محمد‬ ‫بن الهاشمي الب ّقاش رحمه اهلل‪ ،‬الذي طلب من المؤلف أن يجمع كتابا مختصرا‬ ‫لحفظة القرآن الكريم‪ ،‬يستعينون به في البداية على معرفة الضروريات من أمور‬ ‫دينهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والثاني‪ :‬هو أن هذا الصّنيع هو وصل لما مضى‪ ،‬فهو يذكرنا بأبي محمد‬ ‫عبداهلل ابن أبي زيد القيرواني(ت‪386‬هـ) ورسالته‪ ،‬التي ألفها بإشارة من مؤدّب‬ ‫الصّبية أبي محفوظ محرَز بن خَ َلف البكري(ت‪413‬هـ)‪.‬‬ ‫وهذا دليل على مدى عناية المؤلف بالنشء‪ ،‬واالهتمام بتربيتهم تربية‬ ‫صحيحة رصينة‪ ،‬اقتدا ًء بسلفنا الصالح رحمهم اهلل تعالى‪.‬‬ ‫نموذج من الكتاب‪ :‬الطهارة‬ ‫قال رحمه اهلل‪( :‬الطهارة قسمان‪ :‬طهارة الخبث وطهارة الحدث‪.‬‬ ‫فاألولى‪ ،‬هي‪ :‬إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان‪.‬‬ ‫والثانية‪ ،‬قسمان‪ :‬صغرى‪ ،‬وهي‪ :‬الوضوء األصغر‪ .‬وكبرى‪ ،‬وهي‪ :‬االغتسال‪.‬‬ ‫ثم هي‪ :‬إما مائية‪ ،‬وهي‪ :‬ما كان منها بالماء‪ .‬وترابية‪ ،‬وهي‪ :‬التيمم‪ .‬ولكل أحكام‬ ‫تأتي إن شاء اهلل بطريق مختصر تقريبا للفهم وتسهيال للحفظ‪.‬‬ ‫فالوضوء له‪ :‬فرائض‪ ،‬وسنن‪ ،‬ومستحبات‪ ،‬ومكروهات‪ ،‬ونواقض‪ ،‬وموانع‪،‬‬ ‫وأحكام‪.‬‬ ‫فرائضه هي‪:‬‬ ‫الدلك لجميع المغسوالت‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الفور وهو اإلسراع في العمل‪.‬‬ ‫ •‬ ‫استحضار النية ابتداء‪.‬‬ ‫ •‬ ‫غسل الوجه كله‪.‬‬ ‫ •‬ ‫غسل اليدين مع المرفقين‪.‬‬ ‫ •‬ ‫مسح الرأس وهو ما تحوزه الجُمْجُمَة‪.‬‬ ‫ •‬ ‫غسل الرجلين مع الكعبين‪.‬‬ ‫ •‬ ‫سننه هي‪:‬‬ ‫غسل اليدين إلى الكوعين ابتداء قبل دخولهما في اإلناء ولو كانتا‬ ‫ •‬ ‫نظيفتين‪.‬‬ ‫المضمضة وهي جعل الماء في الفم وخضخضتها من شِدْق إلى‬ ‫ •‬ ‫شِدْق ومَجُّه‪.‬‬ ‫االستنشاق وهي جعل الماء في األنف بالنفس‪.‬‬ ‫ •‬ ‫االستنثار وهو دفع ذلك الماء بالنفس مع وضع اليد على األنف‪.‬‬ ‫ •‬ ‫رد مسح الرأس‪.‬‬ ‫ •‬ ‫مسح األذنين ظاهرهما وباطنهما‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ترتيب الفرائض فيما بينهما‪.‬‬ ‫ •‬ ‫مستحباته‪:‬‬ ‫قول باسم اهلل أوال‪.‬‬ ‫ •‬ ‫اختيار موضع طاهر للوضوء‪.‬‬ ‫ •‬ ‫تقليل الماء ولو توضأ من بحر مثال‪.‬‬ ‫ •‬ ‫جعل اإلناء على اليمين ليسهل التناول‪.‬‬ ‫ •‬ ‫تكرير الغسل في المغسول إلى الثالث‪.‬‬ ‫ •‬ ‫البداءة بالميامن قبل المياسر‪.‬‬ ‫ •‬ ‫السواك ولو بأصبع‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ترتيب السنن فيما بينها‪.‬‬ ‫ •‬ ‫ترتيبها مع الفرائض‪.‬‬ ‫ •‬ ‫بدء مسح الرأس من المقدم‪.‬‬ ‫ •‬ ‫تخليل أصابع الرجلين لحديث ابن عباس أن رسول اهلل قال‪« :‬إذا‬ ‫ •‬ ‫توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك»‪ .‬رواه أحمد‪.‬‬ ‫مكروهاتـــه‪:‬‬ ‫اإلكثار من الصب‪.‬‬ ‫ •‬ ‫كشف العورة حال الوضوء‪.‬‬ ‫ •‬

‫الكالم في أثنائه بغير ذكر اهلل‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الزيادة في المغسوالت على الثالث‪.‬‬ ‫ •‬ ‫الزيادة في المسموح على المرة الواحدة‪.‬‬ ‫ •‬ ‫االقتصار على الغسلة الواحدة في المغسول‪.‬‬ ‫ •‬ ‫بعض أحكام النسيان فيه‪:‬‬ ‫ من نسي سنة من سنن الوضوء ثم ذكرها‪ ،‬فعلها وحدها‪ ،‬وال يعيد ما‬‫صاله بدونها‪ ،‬وذلك مثل المضمضة وغسل اليدين أوال‪.‬‬ ‫ ومن نسي فرضا من فرائضه كغسل الوجه‪ ،‬فما صاله بدونه باطل‪ .‬ثم إن‬‫تذكره بقرب فعله مع ما بعده‪ ،‬وان تذكره ببعد فعل المنسي وحده‪ ،‬وها هو على‬ ‫وضوء‪ ،‬والبعد يقدر بجفاف األعضاء الممتدة في الزمن المعتدل)‪.‬‬ ‫مثال نظمي‪:‬‬ ‫نظم في األفعال التي ال سجود فيها‪ ،‬أي األفعال اليسيرة التي تصدر من‬ ‫المصلي في الصالة‪ ،‬وال يترتب عليها سجود السهو‪ ،‬قال فيها‪:‬‬ ‫الر�سولِ امل�صطفى‬ ‫حمدا وكفـى‬ ‫ُ‬ ‫ُم�ص ّليــــا على ّ‬ ‫حمدت ر ّب َي اللهَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫تعدادهــــا‬ ‫فامل�سائل‬ ‫وبع ُد‬ ‫�ســـ ْت فيهــــا �سجــودُ‬ ‫املقــ�صـــــودُ‬ ‫ْ َ‬ ‫لـــح من غري �سجودٍ قــــد �أتى‪ ‬‬ ‫من ذاك َ�س ُّن ُك ُم َ�س ْه ٌو يا فتــــى‬ ‫َي ْ�ص ُ‬ ‫ومن ُّ‬ ‫ي�شك هل �سها ث ّم بـــــــدا عـــدم �سهـــــوه قريبــا فاهْ تَـــــ َدى‪ ‬‬ ‫من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�شك هل �سلم �أم ال �سلمــــا ب�رسعـــة كمــــــا يقـــول العلـمـــا‪ ‬‬ ‫ومنْ ل َِ�س ْهوٍ َقدْ َ�س َجدْ ّ‬ ‫متـــم وقــــدْ َفــ َع ْ‬ ‫ف�شك ْ‬ ‫ــــــل‪ ‬‬ ‫هل‬ ‫َ‬ ‫متــــم �أو ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫جـــــودُ مِ نْهُ �أ َبـــــ َدا‪ ‬‬ ‫ومنْ‬ ‫لبعدي ثالثا َ�س َجـــــــــــدا ما ُيطل ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ــــب ُّ‬ ‫ال�س ُ‬ ‫َ‬ ‫ــــــــــما �أتى ب�ســــورة فــــــال يمَ ِ زْ هُ ــــمــــا‪ ‬‬ ‫ليه‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫وم‬ ‫ثالثةٍ‬ ‫كِ‬ ‫نْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــــر ْج‪ ‬‬ ‫ومن يف �سورة لغريها‬ ‫ْ‬ ‫خــرج فلي�س يف ذاك عليـــه من َح َ‬ ‫ً‬ ‫جــــــــــــاء‪ ‬‬ ‫قــــــاء‬ ‫غلبــــــــة وال ازدرادٍ‬ ‫كذاك مِ نْ َق َل ٍ�س َاو َمنْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك�س ّنة ليــــ�س فيهـــــــــا ت�أكــيــــدُ‪ ‬‬ ‫والفر�ض ال يف تركه �سجـودُ‬ ‫ي قدْ �أَ‬ ‫ِّ‬ ‫ـــــــر‪ ‬‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫إذا‬ ‫�‬ ‫كمــــا‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫دون‬ ‫ر‬ ‫ــــــهِ‬ ‫كذاك �إن بِثا ِن َي نْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�ســـــــــ ّْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عـــا‪ ‬‬ ‫ومن ُ‬ ‫عـــــــى �شاقــــا ل�صف �أو ل�صفيـــــن َم َ‬ ‫ل�س رْت ٍة ِل ُف ْر َجةٍ َ�س َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫�ساكتـــــا ملنتـــــــهـــــا ُه‪ ‬‬ ‫ع‬ ‫طـــــ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫فــــــــــــا‬ ‫ك‬ ‫و�س‬ ‫تثاءب‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أ�شــــار‪ ‬‬ ‫أدار ومن حلاجةٍ ي�سريا قــــــد �‬ ‫ْ‬ ‫ومن م�صليا جلنبــــــــــــه � ْ‬ ‫ري مِ نْ غيــر َع َب ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــــث‪ ‬‬ ‫نفـــــث‬ ‫ومن حلاجة يف ثوبه‬ ‫و َن ْف ُخهُ ال َي�س َ‬ ‫ُ‬ ‫غتفــــر‪ ‬‬ ‫ْ�س بِها قدْ ُي‬ ‫ثو ٍب � ْأو لمِ َ ا به‬ ‫�‬ ‫�ستـــر والف ِْعل مِ نْ جِ ن ٍ‬ ‫إ�صالح ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ذهب لدابةٍ �أو ْ‬ ‫ـــع ما مِ نْـــهُ‬ ‫اقتـــــرب‪ ‬‬ ‫دف ُ‬ ‫ْ‬ ‫ومن ميينا �أو �شماال قد ْ‬ ‫تنحنحـــــا‬ ‫ومن على �إمامه قـدْ َفتَحـــــــا كـــــما �إذا حلـــــاجـــــة ْ‬ ‫َ‬ ‫كــــاءِ َ‬ ‫اخل�شــــ ِ​ِع‪ ‬‬ ‫وال �سجودَ يف �أَنِيـنِ ا ْل َوجِ ِ‬ ‫ــــع ‪ْ � ‬أو َح ِّك ُع ْ�ضوٍ �أ ْو ُب َ‬ ‫تــــا‪ ‬‬ ‫رب ي�سريا �أن�صتــــــــــا‬ ‫ومن خل ٍ‬ ‫َ‬ ‫وغيـــــــــر ُمدْ بِــــرٍ �إذا ما ا ْل َت َف َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حــ�صـــل‪ ‬‬ ‫لعقرب تريــــــده‬ ‫ومن‬ ‫قتـــــل �أوِ‬ ‫ٍ‬ ‫ا�سرتجاعهُ ل�شيءٍ قدْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مــــــا َر َو ْوا‪ ‬‬ ‫َ�س‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫يح‬ ‫َر‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫يت‬ ‫َ�ش‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫طا�س‬ ‫ع‬ ‫لل‬ ‫د‬ ‫واحلم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ وِ ُ رِ ْ ْ ــــــهِ ُّ‬ ‫ً‬ ‫نابـــــــــــهُ‬ ‫قـــــــــ َر َعنّ با َبـــــهُ ‪ ‬‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ِنا‬ ‫ذ‬ ‫�‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫ل�شيء‬ ‫ح‬ ‫ومنْ ي�س ّب‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هُ‬ ‫ِــــــــع‪ ‬‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫أ�ص‬ ‫�‬ ‫وم‬ ‫ِــــــع‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫أك‬ ‫�‬ ‫بقايا‬ ‫وم‬ ‫ِـــــــــهِ‬ ‫ِ‬ ‫َ نْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ نْ َ َ قـــــــــدْ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫هـــــ ْر‪ ‬‬ ‫ج‬ ‫إن‬ ‫�‬ ‫ذا‬ ‫وقــــل‬ ‫ل‬ ‫أق‬ ‫�‬ ‫على‬ ‫ر‬ ‫َ�صـــ‬ ‫ت‬ ‫اق‬ ‫د‬ ‫قـــ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫رس‬ ‫�‬ ‫يف‬ ‫ومن‬ ‫ـــــهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِهِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومن �أعاد �ســـور ًة ل َك ْونِــــــهِ �أَ�سرَ َّ ها ُ‬ ‫ـــــم ذا يف َع ْك�ســـــِهِ‪ ‬‬ ‫واحل ْك ُ‬ ‫عــــد ُِل‪ ‬‬ ‫ري ِه َقـــــدْ ُي ْبـــــد ُِل‬ ‫ومن ِلت َْكبــــ ِ‬ ‫ِب‪�َ :‬سمِ َع اللهُ وال َع ْك ُ‬ ‫ـــــ�س َي ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫قــــا‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫عليـــــــــــه‬ ‫ال‬ ‫�سريا‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ُط‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫قــــ‬ ‫َط‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫ال‬ ‫ال�ص‬ ‫ومن ل‬ ‫ِ‬ ‫إ�صالح ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قــــــدُ‪ ‬‬ ‫بــــــــ ٍد ُت ْف َ‬ ‫وت َْر ُك ت َْكبري ٍة ليـــ�س َي ْ�س ُجــــ ُد له ما مل ت َُكنْ مِ نْ َع ْ‬ ‫ـــــالم‪ ‬‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫ومـــن �أ�شــــــار لردّ‬ ‫الم فليــــــــ�س يف فعلـــــه َ‬ ‫ِ‬ ‫ال�ســـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫�صاح‪ ‬‬ ‫معه قد ْ‬ ‫ومن على من لي�س ْ‬ ‫فتح فلي�س من �سجود يف ذاك يا ْ‬ ‫قـــــ َر َع‪ ‬‬ ‫تفهيـــــــم‬ ‫بق�صد‬ ‫رفـــع‬ ‫قـــد‬ ‫ومن بذكر �صوتـه‬ ‫جلـــــــاءٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قد ّ‬ ‫اعتمـــــدْت‪ ‬‬ ‫ق�صــــدْت كيف وقــــــد على الله‬ ‫مت ما لـــه هُ نَـــــا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رغبة �أن يزي َدنــــــــا مِ ن جــــودهِ‪ ‬‬ ‫مفتتحــــ ًا مختتمــــا بحمــــــده‬ ‫�ص ْ‬ ‫نظمـــهُ‬ ‫العلـــي ُي ْعلــــي نجَ ْ َمــــهُ ‪ ‬‬ ‫راج من‬ ‫الرغيـوِ ي َر َّ‬ ‫محمد ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬

‫أكيد أنه كتبها لطالبه كي يحفظوها‪ ،‬ويكونوا منها على بال‪ ،‬وهذا من‬ ‫مقاصد التأليف السبعة‪ ،‬وهو جمع المتفرق‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬علم البالغة‬ ‫وهو تأليف صغير شرع فيه أثناء تدريسه هذا الفن البن أخته أحمد بن‬ ‫المختار الخليع الرّماني‪ ،‬قال في طالعته‪ ،‬بعد البسملة والحمدلة والصالة والسالم‬ ‫على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫فنّ علم البيان‪ :‬هو علم يُعرف به إيراد المعنى الواحد المدلول عليه بكالم‬ ‫مطابق لمقتضى الحال بطرق مختلفة في إيضاح الداللة عليه بأن يكون بعض‬ ‫الطرق واضح الداللة وبعضها أوضح‪.‬‬ ‫وهذا الفن محصور في ثالثة أشياء‪ ،‬هي‪ :‬التشبيه‪ ،‬والمجاز والكناية‪.‬‬ ‫ووجه الحصر ّ‬ ‫أن اعتبار المبالغة في إثبات المعنى للشيء إما عن طريق‬ ‫اإللحاق أو اإلطالق‪ ،‬والثاني إما إطالق الملزوم على الالزم أو العكس‪.‬‬ ‫وما يبحث فيه عن األول التشبيه‪ ،‬وعن الثاني المجاز‪ ،‬وعن الثالث الكناية)‪.‬‬ ‫وقد أورد فيه من المباحث‪:‬‬ ‫• فصل في الداللة الوضعية‪.‬‬ ‫الباب األول في التشبيه‪.‬‬ ‫• فصل أداة التشبيه وغايته وأقسامه‪.‬‬

‫أداة التشبيه‬ ‫غايته‬ ‫أقسامه‪:‬‬ ‫أقسامه باعتبار طرفيه‬ ‫أقسامه باعتبار تعدد طرفيه‬ ‫أقسامه باعتبار وجه الشبه‬ ‫تقسيمه باعتبار آخر‬ ‫تقسيمه باعتبار األداة‬ ‫الباب الثاني‪ :‬الحقيقة والمجاز‬ ‫فصل في االستعارة‬ ‫فصل في التحقيقية والعقلية‬ ‫فصل في االستعارة المكنية‬ ‫فصل في تحسين االستعارة‬ ‫فصل في تركيب المجاز‬ ‫فصل في تغيير اإلعراب‬ ‫الباب الثالث‪ :‬الكناية‬ ‫فصل في مراتب المجاز‬ ‫الفن الثالث‪ :‬البديع‬ ‫الضرب األول‪ :‬المعنوي‬ ‫إلى هنا تو ّقف الفقيه في الكتابة‪ ،‬وبعدها أوراق مرقمة فارغة‪ .‬ولعله بهذا‬ ‫المبحث توقف التدريس فتوقفت معه الكتابة أيضا‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص تآليف الفقيه الرغيوي‬ ‫من خالل ما سبق‪ :‬يُالحظ ّ‬ ‫أن تآليف الفقيه الرغيوي تتّسم بمالمح مهمة‪،‬‬ ‫منها‪:‬‬ ‫• سموّ الهدف الدافع للتأليف‪ ،‬وهو التدريس‪ :‬فكل ما سطرته بنان الفقيه‬ ‫الرغيوي إال وغايته تعليم الناشئة‪ ،‬وتيسير العلوم لهم‪ ،‬بد ًء من دانية التمرة‪،‬‬ ‫مرورا بالبالغة‪ ،‬انتهاء باألنظام التي سبكها وجعلها سهلة للحفظ واالستيعاب‪.‬‬ ‫ومن ذلك أيضا قرن العلم باإلرشاد والتوجيه للتحلي باألخالق الحميدة‪ ،‬من ذلك‬ ‫قوله في ختام دانية التمرة‪( :‬إذا حصلت أيها الولد‪ ،‬على ما مرّ بين يديك من‬ ‫مبادئ دين‪ ،‬تكون قد أحرزت على جملة تؤهّلك لتوسيع ّ‬ ‫الخطة لاللتحاق بأوّل‬ ‫صفٍّ من صفوف الولدان المتعلمين األبرار‪ ،‬وتكون قد نُحِ ْلت ِنحْ َل ًة فتحت منك‬ ‫عينا عمياء‪ ،‬وأذنا صماء‪ ،‬فتقدم راشدا إلى األمام أيها الولد‪ ،‬ونُتْحفك هنا بوصايا‬ ‫حكيمة‪ ،‬ولي الرجاء الوطيد فيك أن تعمل بمقتضاها‪ ،‬وتقف عند حدودها‪ ،‬وتنتهي‬ ‫إليها‪ ،‬كي تفوز بسعادة الدارين إن شاء اهلل‪.)...‬‬ ‫• االختصار‪ :‬فال يستطرد في الكالم‪ ،‬ويكثر فيه من الحشو‪ ،‬وإنما يكتفي‬ ‫بالتعريف أي تعريف المصطلح‪ ،‬ثم إيراد المثال أو الشاهد زيادة في اإليضاح‪ .‬مثل‬ ‫قوله في البديع‪:‬‬ ‫(وأما الموافقة‪ :‬وتسمى‪ :‬التّوافق‪ ،‬ومراعاة النظير‪ ،‬فهو جمع بين أمر وما‬ ‫يناسبه؛ كالجمع بين الشمس والقمر‪ ،‬مثال في قوله تعالى‪( :‬الشمس والقمر‬ ‫بحسبان)‪.‬‬ ‫• حسن ترتيب مباحث الكتاب‪ ،‬وارتباط بعضها ببعض‪.‬‬ ‫• تنويع االستشهادات‪ ،‬فمرة شعرا ومرة نثرا‪ ،‬ومرة من كالم العرب‪ ،‬ومرة‬ ‫من القرآن الكريم‪ ،‬ومرة من إنشائه‪.‬‬ ‫• حسن انتقاء االستشهادات المتميزة بالسهولة واليسر‪ ،‬كي يأنسها‬ ‫السامع‪ ،‬ويألفها القارئ‪ ..‬ال االستشهادات المتضمنة لحوشي اللغة‪ ،‬وغريب‬ ‫األلفاظ المن ّفرة‪ ،‬خاصة المبتدئ في مدارج التعليم‪.‬‬ ‫• جدولة ما تشعّب من المسائل‪ ،‬كي تكون واضحة الصورة نصب عين‬ ‫الطالب‪ ،‬مثال صور المقاصّة‪ ،‬وهي ــ كما يقول ابن جُزَي ـــ‪:‬‬ ‫(اقتطاع دين من دين‪ ،‬وفيهَا متاركة ومعارضة وحوالة‪ ،‬وَمِنْهَا مَا‬ ‫يجوز وَمِنْهَا لاَ يجوز‪ ،‬وَا ْلجَوَاز نظر للمتاركة‪ ،‬وَا ْلمَنْع تَغْلِيب للمعاوضة أَو‬ ‫ا ْلحِوَاَلة إِذا لم تتمّ شُرُوطهَا‪ ،‬وَإِذا قويت التُّهْمَة وَقع ا ْلمَنْع‪ ،‬وَإِن فقدت‬ ‫حصل ا ْلجَوَاز‪ ،‬وَإِن ضعفت حصل ا ْلخالف َّالذِي فِي مُرَاعَاة التهم ا ْلبَعِيدَة)‪.‬‬ ‫وإليك كيف جَدْوَ َلها الفقيه ِّ‬ ‫بخَطه‪:‬‬ ‫• صور بيع الدين‪:‬‬ ‫• صور المقاصة في الدَّيْنَيْن إذا كانا نَ ْقدَيْن‪:‬‬ ‫• ما سُكِتَ عنها لِتَشَعُّ ِبها‪:‬‬

‫خاتمــة‬

‫وبعد التفسح في أطوار سيرة هذا الشيخ العلم‪ ،‬واالسترشاد بما خ ّلفه من‬ ‫تراث في مجال التربية والتعليم‪ ،‬نخلص من خاللها إلى نتيجتين المعتين‪:‬‬ ‫ األولى‪ :‬تتع ّلق بالشيخ محمد بن أحمد الرغيوي‪ ،‬فهو رجل عالم مُربٍّ‪ ،‬له‬‫اهتمام بالنشء‪ ،‬وعناية بحاجياته في مجال التدريس‪.‬‬ ‫ الثانية‪ :‬تتع ّلق بتراثه‪ ،‬محتاج إلى التفاتة مهمة لجمعه ونشره ودراسته‬‫وتحليله موازاة مع الظروف التاريخية التي برز فيها‪.‬‬ ‫فهذا الرّجل هو حالة من حاالت كثيرة في تاريخنا العلمي بشمال المغرب‬ ‫الذين طالهم اإلهمال والنسيان فلم يُعرفوا إال في نطاق ضيّق‪ ،‬وأمّا تراثهم‬ ‫فهو إمّا أعدمته يد الجهل والعماية‪ ،‬وإمّا حجزته يد الضّنانة ظلما وجناية‪.‬‬ ‫وما هكذا ينبغي أن نعامل تاريخنا‪ ،‬وأعالمنا‪ ،‬ورموزنا‪ّ .‬‬ ‫ألن قيمة وسموّ‬ ‫أيّ حضارة مرتبط بمدى احتفاء أهلها بتراثها وأعالمها ورموزها‪ ،‬مع االستفادة‬ ‫والتقويموالتطوير‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫ال َج ِاز‬ ‫اتي يف حْ ِ‬ ‫الر ْح َلة حْ ِ‬ ‫ال َج ِاز ّية المْ َ ْع ُروفة بـ‪ُ « :‬م َ�شاهَ َد ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِل َع ْبد اهلل ك ُّنون» (‪1409-1326‬هـ)‬ ‫ـ‪4‬ـ‬

‫[الهبوط في األرض التي انبعث منها شعاع اإليمان]‬ ‫وهبطنا األرض‪ ،‬وأي أرض هي؟! إنها األرض التي انبعث منها شعاع اإليمان فأضاء ما بين‬ ‫المشرق والمغرب‪ ،‬إنها األرض التي آوت رسول اهلل‪ ،‬فلم يبغ بها بديال بعد‪ ،‬وكان يدعو اهلل أن‬ ‫ِّهم مكة مسقط رؤوسهم أو أشدّ! إنها األرض‬ ‫يُحَبِّبَهَا إليه وإلى أصحابه من المهاجرين كحُب ِ‬ ‫التي عرفت دعوة الحق فأيّدتها وناصرتها وأصبحت دار اإليمان األولى كما قال اهلل سبحانه‬ ‫وتعالى فيها َّ‬ ‫وَال َ‬ ‫يمَان﴾ هي المدينة بـ(أل) الحقيقية فال مدينة غيرها‪،‬‬ ‫﴿وَالذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ إْ ِ‬ ‫كما أنه ال مدنية(بفتح الدال)غير المدنية التي نشأت بين البتيها! هي مدينة الرسول صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬مهبط الوحي‪ ،‬وموطن الجهاد‪ ،‬وقرارة العلم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى‬ ‫النور‪ ،‬هي المدينة التي تثبت في كل لحظة َ‬ ‫صلة األرض بالسماء‪ ،‬وصلة ساكنها عليه السالم‬ ‫بالرفيق األعلى‪ ،‬فأين منها مدن(الناطحين) للسحاب؟ ومدن المستفتحين (بالكالب)؟!‬ ‫اهلل أكبر‪ ،‬هذا أُحُد‪ ،‬الجبل الذي يُحِبُّ الرسول ويحبُّه الرسول‪ ،‬وهذه قبا‪ ،‬حيث المسجد‬ ‫الذي أُسِّسَ على التقوى‪ ،‬من أول يوم! وهذه هي القبة الخضراء يعمرها النور‪ ،‬ويتغمدها‬ ‫الرضوان‪ ،‬وتَحُفُّ بها مالئكة السماء!‬

‫هذه دارهم وأنت محب! ما بقاء الدموع في اآلماق؟‬

‫[في الطريق إلى مدينة الرسول]‬ ‫ودلفت بنا السيارة وكانت سيارة عمومية‪ُّ ،‬‬ ‫تُقِل الزُّوَّار من مختلف بالد اإلسالم‪ ،‬جاءوا‬ ‫يمشون إلى ضوء هذا السيد الكريم الذي ال أكرم منه على اهلل‪ ،‬وهم على اختالف طبقاتهم‪،‬‬ ‫وتباين مقاماتهم‪ ،‬كانوا في منتهى األدب والخشوع‪ ،‬مستشعرين عظمة الحضرة التي‬ ‫يقصدونها‪ ،‬وهيبة المقام الذي يتوجهون إليه‪...‬‬ ‫وقطعنا المسافة بين المطار ووسط المدينة‪ ،‬في هذا االستغراق الذي لم يكن يوشوشه‬ ‫إال هذا السائق المرح‪ ،‬يترنم ببعض التوسالت تارة بعد تارة‪ ،‬ويدخن‪ ،‬والتدخين في ذلك الظرف‬ ‫كان عندي من قلة الذوق إن لم أقل من سوء األدب‪ ،‬ولكنه سائق المدينة‪ ،‬البد من احتماله‪ ،‬ألم‬ ‫يكن يدخن ويتوسل؟‬ ‫[زيارة المسجد النبوي]‬ ‫وغادرنا السيارة‪ ،‬وقصدنا إلى البيت الذي نزلنا فيه‪ ،‬ونحن في غمرة من الغبطة والسرور‪ ،‬والسعادة والحبور‪ ،‬بحيث ذهلنا‬ ‫عن أنفسنا فلم ندر كيف تناولنا ما قدمه إلينا رب مثوانا من طعام الفطور‪ ،‬وقمنا نتجهز للزيارة الكريمة بتجديد الطهارة‪ ،‬ولبس‬ ‫أحسن الثياب وأوقره‪ ،‬والتطيب‪ ،‬وما هي إال كلاّ وال حتّى كنا نقصد المسجد النبوي فهل هذه يقظة أم منام؟ هذا والمسجد الذي‬ ‫وضعت فيه أسس العلم اإلسالمي كله‪ ،‬والعلم اإلسالمي يعني هذه الحضارة الزاهية التي عاش العالم وال يزال يعيش في ظاللها‬ ‫موفقا بين مطالب الروح والجسد وجامعا بين سعادة الدين والدنيا‪ ،‬هذا أحد المساجد الثالثة التي ال تشد الرحال لغيرها‪ ،‬ونحمد‬ ‫اهلل أننا لم نخالف عن هذا األمر قط‪ ،‬طاعة اهلل ورسوله‪ .‬هذا هو المسجد الذي الصالة الواحدة فيه خير من ألف صالة فيما سواه‪،‬‬ ‫ونُصَل َ‬ ‫ّ‬ ‫تحيّة المسجد بهذه النية راجين القبول من المولى الكريم‪...‬‬ ‫فتعال بنا نغتنم هذا الفضل العظيم‬ ‫وانصرفنا إلى المواجهة الشريفة فال أستطيع أن أُعَبِّرَ عمّا خَامرنا من شعور الهيبة واإلجالل لذلك المشهد العظيم‬ ‫ووَ َق ْفنَا كأنّما على رؤوسنا َّ‬ ‫الطيْر‪ ،‬وخشعت أبصارنا‪ ،‬ووجفت قلوبنا‪ ،‬وكانت لحظة بمثابة العمر‪ ،‬انطلقت بها ألسنتنا بالسالم‬ ‫عليه ‪ ،Η‬ودعاء اهلل عزّ ّ‬ ‫وجل أن يجزيه عنّا أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته‪ ،‬ثم السالم على صاحبيه وخليفتيه‪ ،‬الصديق والفاروق‬ ‫رضي اهلل عنهما‪ ،‬ورجعنا بعدها إلى المكان الذي قال فيه الرسول صلى اهلل عليه وسلم (مابين بيتي ومنبري روضة من رياض‬ ‫الجنة) نرتع بما يناسبه من دعاء وتفكر‪ ،‬وقراءة وتدبِّر‪ ،‬وصالة‪ ،‬إلى أن صلينا الظهر وعدنا إلى المنزل‪.‬‬ ‫[مجيء بعض األصدقاء للسالم علينا‪]:‬‬ ‫وجاء للسالم علينا صديقنا األستاذ الحاج محمد ابن اليمني الناصري‪ ،‬فآنسنا بزيارته وحديثه‪ ،‬ولم ينقطع عنّا مدة إقامتنا‬ ‫بالمدينة المنورة‪ ،‬وسيادته مجاور بها منذ عدة سنوات‪ ،‬فهنيئا له ‪ ،‬وما تصلح تلك األخالق الطيبة إال لطيبة المطيبة‪.‬‬

‫إذا لم تطب في طيبة عند طيب‬

‫به طيبة طابت فأين تطيب؟‬

‫وكذلك زارنا نسيبه السيد محمد بن الطيب‪ ،‬وهو يشتغل أستاذا بمدارس الحجاز‪ ،‬وبقي يتردد علينا في المدينة وفي مكة‬ ‫ويأخذ بيدنا أخذ اهلل بيده‪ ،‬ثم لقيناه في مصر وهو يستعد للعودة إلى الوطن‪ ...‬ومثله أدبا وأخالقا من يقول أنا مغربي في الشرق‪.‬‬ ‫[عاودني مرض جدة‪]:‬‬ ‫وعاودني مرض جدة‪ ،‬أي هذه(األنفلونزا) أو أنف العنزة كما يتَوَهَّمُ بعض األطباء أصل الكلمة‪ ،‬والواقع أننا أجهدنا أنفسنا‬ ‫بالسفر قبل الفجر ثم الزيارة الطويلة التي مكثنا بها في المسجد قرابة أربع ساعات في زحمة عظيمة‪ ...‬ففي العَشيّة ثقلت عن‬ ‫الخروج وارتفعت حرارة جسمي إلى رقم غير عادي‪ ،‬وهكذا مكثت ثالثة أيام‪ ،‬بعد ذلك تحت العالج‪ ،‬وتحامل الرفقاء على أنفسهم‪،‬‬ ‫وفي الحقيقة إنهم كانوا دائما أكثر صبرًا وتجلدًا منِّي‪ ،‬فخرجوا إلى المسجد وبقيت وحدي في المنزل‪ ،‬أداري الحمى والصداع‬ ‫ورشح األنف‪ ،‬على أنني أشهد أنهم بقطع النظر عن مرضي كانوا دائما أكثر انقطاعا للعبادة وأقوم بنوافل الخير مِنِّي‪ ،‬على أنهم‬ ‫لم يلبثوا أن أصيبوا واحدا بعد واحد بنفس المرض واضطروا لمعالجة الطبيب واإلقامة بالبيت كل على حسب منته‪ ،‬وضعف‬ ‫المرض أو قوته‪ ،‬جعله اهلل طهورا ومحص به من الجميع‪.‬‬ ‫[استقبال بعض الزوار المغاربة والشناقطة وصرف مخصصات مالية وقفية لهم‪]:‬‬ ‫وكنت أثناء مرضي استقبل الزوار الكثيرين‪ ،‬ما بين مغاربة وحجازيين‪ ،‬ممن لهم مخصصات معينة في مال الوقف الذي‬ ‫معي‪ ،‬وممن ال مخصصات لهم وإنما يؤملون أن تعمهم عطايا جاللة الملك على يد وفده الرسمي‪ ...‬فكان في مرضى الذي‬ ‫أوجب إقامتي بالبيت ما سهل علي إنجاز هذه المهمة بسرعة‪ ،‬ولم يحوج هؤالء الزوار إلى تكرار الزيارة في حالة ما إذا لم يجدوني‬ ‫في البيت‪ ،‬وهكذا توصل الجميع بما ينوبه في الحال‪ ،‬وانصرف رطب اللسان بالدعاء لموالنا الملك بدوام العز والنصر والتأييد‪.‬‬ ‫[طبقات المغاربة المقيمون في بالد الحجاز‪]:‬‬ ‫والمغاربة المقيمون بالحجاز طبقات مختلفة‪ ،‬منهم – وهم األكثر عددا – إخواننا الشناقطة المشهورون منذ زمان بحب‬ ‫المجاورة في البالد المقدسة‪ ،‬وذلك ألنهم فضال عن الشعور الديني الذي يجذبهم إلى المجاورة ينسجمون كثيرًا مع طبيعة‬ ‫البالد وأهلها‪ ،‬فال يشعرون بفارق ما بين حياتهم في وطنهم وحياتهم في الحجاز‪ ...‬وهم كسائر المغاربة يفضلون المدينة على‬ ‫مكة‪ ،‬أليسوا مالكية؟ ومذهب مالك هو المشار إليه بقول خليل بن إسحاق‪( :‬والمدينة أفضل ثم مكة)‪ ،‬ولهذا فعددهم بالمدينة‬ ‫أكثر منه بمكة… على أنه فيهما معا كثير‪ ،‬ومن ّ‬ ‫أجل ذلك كان رفيقنا األستاذ السيد محمد بن عبد الرحمان العلوي الشنقيطي‬ ‫يحس هنالك كأنه بين أهله وذويه‪ ،‬فما يزال في زيارات متتابعة لهم‪ ،‬وال تراه إال مع رفقاء عديدين منهم‪.‬‬ ‫ومن المغاربة المقيمين بالحجاز أفراد هاجر آباؤهم أو هاجروا هم منذ مدة طويلة وهم يعتبرون من الرعايا الحجازيين‪،‬‬ ‫كصاحب البيت الذي نزلنا فيه‪ ،‬وينزل فيه وفد الحج الرسمي كل سنة‪ ،‬وكالسيد محمد بن عبد الرحمان الوالي الفياللي صاحب‬ ‫مدرسة التهذيب بالمدينة… وآل الوالي من األشراف األدارسة بتافياللت‪ ،‬ويخطئ فيه الناس فينسبونه علويا على العادة في‬ ‫كل شريف جاء من تافياللت‪ ،‬اللهم إال أن يكون نسب الوالي هو الخطأ فتصبح علوية حينئذ‪ ،‬وهذا الرجل هو من أمثل المغاربة‬ ‫المقيمين بالحجاز إخالصًا ووطنية ويقوم بمهمة شريفة وهي التعليم… وقد استدعانا لبيته وزرنا مدرسته‪ ،‬وإن كان الوقت‬ ‫عطلة… وما أحرى هذه المدرسة بالمساعدة‪.‬‬ ‫ومنهم أيامى كثيرات‪ ،‬توفى أزواجهن عنهن أثناء الحج أو بعد المجاورة زمنًا‪ ،‬فلم يستطعن الرجوع إلى المغرب…‪ .‬وهن‬ ‫يمثلن أكثر مدن المغرب ونواحيه‪ ،‬من فاس ومراكش والدار البيضاء والقصر الكبير وتطوان وغير ذلك‪ ،‬وحالتهن تدعو إلى الرثاء‪،‬‬ ‫فعسى أن يقع االعتناء بإحصائهن كسائر المغاربة وتسهل لهن العودة إلى مسقط رؤوسهن أو تنظم لهن إعانة مناسبة في‬ ‫حالة ما إذا اخترن البقاء هناك‪.‬‬ ‫[وصف البيت الذي كان ينزل فيه الوفد المغربي‪]:‬‬ ‫وقد تكرر ذكر البيت الذي نزلنا فيه‪ ،‬ولم أشر إلى أنه البيت الذي كان يسكنه العالمة المحدث الشيخ سيدي محمد بن جعفر‬ ‫الكتاني رحمه اهلل مدة إقامته بالمدينة المنورة‪ ،‬وعلى ما قيل لنا إنه من أكبر البيوت القديمة‪ ،‬وهو على الطراز التركي‪ ،‬والطابق‬ ‫السفلي الذي كنا نازلين فيه عبارة عن قاعة طويلة ذات دكتين مفروشتين بالحشايا والوسائد عن يمين الداخل ويساره‪ ،‬في‬ ‫حين أن وسط القاعة مفروش بالكراسي‪ ،‬وفي أعاله فتحة إلى السماء بمثابة الحلقة التي تكون في وسط الدار عندنا‪ ،‬وعليها‬ ‫قلع ينشر في وسط النهار بواسطة حبال متصلة به التقاء شعاع الشمس ويطوى فيما عدا ذلك وطلبا للتهوية‪ .‬وارتفاع هذه‬ ‫القاعة كبير جدًا بحيث يساوي أعلى طبقة في المنزل‪ ،‬وقبل القاعة يوجد مقعد متوسط يستعمل كمحل لألكل‪ ،‬وليس في البيت‬ ‫حمام وال دورة مياه عصرية‪ ،‬والماء ينقل إليه بواسطة سقاء‪ ،‬كما أن االستنارة فيه وفي غيره من بيوت المدينة ما تزال بواسطة‬ ‫مصابيح الغاز‪ .‬فالمالحظة العامة هي أن المدينة لم تحظ حتى الساعة بعناية كبيرة من حيث اإلصالح وإدخال وسائل الحضارة‬ ‫فيما عدا المسجد النبوي‪.‬‬ ‫[توسعة المسجد النبوي على عهد الملك سعود‪]:‬‬ ‫وأما المسجد فال يستطيع أحد أن ينكر العمل العظيم الذي قام به الملك سعود في توسيعه وتجديده‪ .‬ولو لم يكن له أثر‬

‫‪-‬‬

‫إعداد وتقديم‪:‬‬

‫ذ‪ .‬محمد القاضي‬

‫في الحجاز إال هو لكفى‪ ،‬و القسم الذي زاده الملك في المسجد رائع جدًّا سواء من حيث البناء أو‬ ‫الزخرفة‪ ،‬وال مناسبة مطل ًقا بينه وبين القسم القديم‪ ،‬ومن محاسنه أن التهوية فيه كهربائية‬ ‫بطريق(الكندشين) بخالفها في القسم القديم فإنها فيه بطريق المراوح‪ ،‬وكم تسبب من أضرار‬ ‫للمصلين‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإن المسجد بهذا العمل قد اتسعت أرجاؤه وصار متعة للنظر زيادة على‬ ‫كونه متعة للروح‪ ...‬وكم يحلو للزائر الجلوس في بالط من هذه الزيادة يعد الزيارة والصالة‪،‬‬ ‫فيرى أفواج الزوار داخلين من أبواب المسجد العديدة‪ ،‬كل ولونه وسحنته ولغته‪ ،‬يحدوهم‬ ‫اإليمان ويدفعهم الشوق إلى المقام الشريف فيسلمون‪ ،‬ثم يأتون مشرقة وجهوهم مبتهجة‬ ‫نفوسهم‪ ،‬فيجلسون هنا وهناك ما بين قارئ وداع ومستغرق في التفكير واالعتبار‪ ،‬حتى يرتفع‬ ‫هذا الصوت المالئكي‪ ،‬صوت المؤذن‪ ،‬ويا هلل من مؤذن المدينة! إنه ذو صوت ليس في العالم‬ ‫أندى وال أطرى وال أعمق تأثيرا منه‪ ...‬وإنه‪ ،‬واهلل‪ ،‬حينما يرجع كلمات األذان‪ ،‬ليخيل إلي أنه صوت‬ ‫منبعث من الجنة‪ ،‬وإن ما بيننا وبين العالم الباقي قد طوي‪ ،‬ونحن في باحات الخلد نرتع‪ ،‬حياك‬ ‫اهلل يا مؤذن المدينة! وحفظ عليك هذه النعمة التي جعلتني أعذر من قرأ قوله تعالى ﴿يَ ِزيدُ‬ ‫فِي ا ْلخَ ْل ِق مَا يَشَاء﴾ بالحاء المهملة‪ ،‬إن كنت أنكر عليه هذا اإلغراب!!‪.‬‬ ‫فإذا أذن المؤذن ارتج المسجد وغص بالمصلين على سعته‪ ،‬ومضت هنيهة ليست من‬ ‫هذا العالم المادي في شيء‪ ،‬وكنت أتصوره صلى اهلل عليه وسلم مشرفا من عليائه ينظر إلى‬ ‫هذه األلوف المؤلفة‪ ،‬وقد تراصت صفوفها في الصالة‪ ،‬فيبتسم فرحا بالمؤمنين من أمته‪ ،‬كما‬ ‫ابتسم في مرض موته وقد أطل من حجرته فسره ما رأى من إقبال الصحابة على عبادة الواحد‬ ‫األحد جل وعال‪ ،‬إن المغزى لهو ما عبر عنه البوصيري رحمه اهلل في داليته بقوله ‪:‬‬

‫والمرء في ميزانه أتباعه فأقدر إذا أقدر النبي محمد‬

‫وهو ما أقام منه الفيلسوف اإلنجليزي(كارليل) برهانا ساطعا على صدق نبوته صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬فإن الدعوى التي لها هذا (الما صدق) الخالد في واقع البشرية ال يمكن أن تكون‬ ‫كاذبة‪.‬‬ ‫[التأهب لمغادرة المدينة المنورة‪]:‬‬ ‫وجعلنا نتأهب لمغادرة المدينة‪ ،‬ونفوسنا ال تقوى على ذلك‪ ،‬ولقد أقمنا بها سبعة أيام مرّتْ كأنها طيْفُ خيال‪ ،‬وفي اليوم‬ ‫الذي عزمنا فيه على السفر وصل إليها صباحا سفير المغرب بالعراق السيد الحاج الفاطمي بن سليمان ووزير القصور واألوسمة‬ ‫األستاذ محمد معمري الزاوي‪ ،‬وصحبتهما سفيرنا بجدة األستاذ غازي ومندوب وزارة الخارجية السيد عبد اللطيف العراقي‪...‬‬ ‫فقضينا اليوم جميعا في أنس وسرور‪ ،‬لم يُنَغّصه علينا إال تالعب المزور الذي كان مكلفا بإحضار تذاكر الطائرة التي سننتقل‬ ‫عليها إلى جدة‪ ،‬فكان يرد علينا آونة بعد أخرى ويطمئننا على أنه يريد أن يحقق لنا وقت قيام الطائرة بالضبط حتى ال يطول‬ ‫انتظارنا بالمطار… و أخيرا لما ساورنا اليأس منه‪ ،‬جاءنا وقد أُ ّذ َن للمغرب فأعلمنا بأن الطائرة ستقوم حوالي العشاء فما علينا إال‬ ‫أن نخف حاال للمطار‪.‬‬ ‫[الغالب على المطوفين سوء تدبير أمر الحجاج‪]:‬‬ ‫وعرفنا أنه يريد أن يتخلص منا فقط‪ ،‬وذهبنا للمطار‪ ،‬فما راعنا إال ندل المقاهي والمطاعم الشعبية التي حوله يعرضون‬ ‫علينا كراء أسرة للنوم نقضي عليها ليلتنا في الفضاء ريثما يحين موعد قيام الطائرة‪ ،‬وبتنا فعال بالمطار‪ ،‬ولوال مروءة مديره الذي‬ ‫اتصل به بعض الرفقاء فتأسف لما وقع‪ ،‬وأكد لهم أن هذا من تهاون المزور‪ ،‬وأذن لنا بالسفر على الطائرة التي قامت بعد منتصف‬ ‫الليل بثالث ساعات‪ ،‬لما كنا غادرنا هذا المطار إال في ضحى الغد‪ ...‬وفكر في التعب الذي نلقاه والحر الذي نستهدف له‪ ،‬واحكم‬ ‫على معاملة هذا المزور الذي ما لقي منا إال أكرم المعاملة وأجملها‪ ،‬ولقد قيل لنا إن الوفد في العام الماضي بقي يتردد على‬ ‫المطار ليلتين‪ ،‬ونحن لما وصلنا إلى المطار وجدناه غاصا بالركاب المنتظرين وقد باتوا كلهم هناك‪ ،‬وركب البعض منهم قبلنا‬ ‫وتركنا الباقين ينتظرون دورهم! هذا أمر يجب النظر فيه ونقص البد من تالفيه‪.‬‬ ‫ ‬ ‫[اإلحرام في الجو عند مسامتة الميقات‪]:‬‬ ‫وركبنا الطائرة إلى جدة في طريقنا إلى مكة المكرمة وأحرمنا في الجو عند مسامتتنا للميقات‪ ،‬بعد أن أخذنا أهبتنا لذلك‬ ‫عند الركوب‪ ،‬ولما وصلنا‪ ،‬وجدنا السيد السفير في استقبالنا‪ ،‬وكان قد خرج بعدنا من المدينة المنورة بالسيارة‪ ،‬هو والرفقة الذين‬ ‫أتوا معه صباحًا‪ ،‬فتصور كيف وصلوا قبلنا والمسافة بين المدينة وجدة بالسيارة ال تقطع في اقل من خمس ساعات ؟ إن ذلك‬ ‫كله من عواقب االنتظار في المطار‪.‬‬ ‫[النزول في ضيافة سعادة سفير المغرب‪]:‬‬ ‫وكنا نريد أن نستريح بالفندق الجديد الذي حجزت السفارة لنا فيه بعض الغرف‪ ،‬فلما وصلنا إليه وجدنا المكلف ال علم له‬ ‫بذلك الحجز‪ ،‬حسبما ادعى‪ ،‬وكنا محرمين فلم نشا أن نتناقش معه كثيرا في ذلك وذهبنا مع سعادة السفير الذي لم يكن يخفف‬ ‫عنا ما نالقيه من هذه الصعاب إال خلقه وبشره وحفاوته البالغة‪.‬‬ ‫وكان علينا أن نخرج هذه الورقة التي يسمونها ورقة المجاملة‪ ،‬لتسهيل التنقل في الطريق بين جدة ومكة وطريق عرفة‬ ‫وغيرها‪ ،‬فوجدناها عند السيد مستشار السفارة الحاج احمد الشرقاوي‪ ،‬كما وجدنا عنده رسائل الدعوة إلى المأدبة الرسمية التي‬ ‫يقيمها جاللة الملك سعود لوفود الحجاج من جميع البالد اإلسالمية مساء ذلك اليوم بمكة‪ ،‬ولم يكن من الممكن حضور هذه‬ ‫المأدبة‪ ،‬وإن أكد علينا المستشار في ذلك‪.‬‬ ‫[سرد بعض أنواع استغالل شركات السفر للحجاج‪]:‬‬ ‫فقد خرجنا من جدة عشية‪ ،‬بعد أن خفت حرارة الشمس شيئا ما وتعرضنا في الطريق لكثير من التوقفات عند مراكز‬ ‫الشرطة المتعددة‪ ،‬بحيث قضينا في هذه الرحلة ساعتين كاملتين‪ ،‬والمسافة ال تتعدى سبعين كيلومترا‪ ،‬والسبيل معبدة كأحسن‬ ‫ما يكون‪.‬‬ ‫ومن غريب ما وقع لنا في أحد مراكز الشرطة هذه أن سألنا الشرطي‪ :‬بكم اكتريتم هذه السيارة ؟ فقلنا له مائة ريال سعودي‪،‬‬ ‫فأنزل السائق وجعل يُوَبّخه‪ ،‬ثم قال لنا ‪ :‬ال تدفعوا له إال ‪ 36‬رياال بواقع ستة أريلة للنفر‪ ،‬يعني ‪ 3600‬فرنك‪ ،‬مبلغ منخفض جدا‬ ‫لكراء سيارة خاصة بين مدينة وأخرى على المسافة التي ذكرنا‪ ،‬ولو كانت أسعار الحاجيات في الحجاز والكراء والخدمات العامة كلها‬ ‫بهذه التقدير‪ ،‬وخضعت للرقابة الصارمة‪ ،‬لصار الحج من أسهل ما يكون على الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي ال يستطيعه منها‬ ‫إال من استنفد غاية جهده‪ ،‬وأنفق كل ما عنده ليُ َلبّي نداء ربه ويرضي شعوره وضميره‪ ،‬فمتى ينقضي استغالل اإلنسان ألخيه‬ ‫اإلنسان‪ ،‬أو يقف عند حد معقول‪ ،‬وال سيما المسلم للمسلم‪ ،‬وخاصة في األمور الدينية‪.‬‬ ‫وهنا نذكر استغالل شركات السفر عندنا والنقل الجوي والبحري والبري‪ ،‬واألثمان الباهظة‪ ،‬التي تتقاضاها من الحجاج‪،‬‬ ‫والتالعب الذي تقوم به البواخر بالخصوص في تأخير مواعد الرجوع‪ ،‬لتستغل الوقت في تنظيم سفريات من جدة لليمن أو غيره‬ ‫من األقطار األخرى‪ ،‬على حين أن الحجاج المغاربة ينتظرون الرجوع إلى بالدهم بفارغ الصبر‪ ،‬وقد أخذ منهم الضّعف والعياء كل‬ ‫مأخَذ‪ ،‬فهل آن األوان لقيام المسؤولين بواجبهم في هذا الصدد‪ ،‬وقطع الطريق على ّ‬ ‫كل مستغل مستفيد حتى على حساب‬ ‫الشعائر الدينية والمؤمنين القائمين بأدائها‪ ،‬فينفرج الخناق على الناس‪ ،‬ويشعروا بأنهم في عهد غير العهد البائد الذي لم تكن‬ ‫تستغرب من رجاله هذه األعمال ؟‪...‬‬ ‫[الوصول إلى مكة‪ ،‬والذهاب توًّا إلى البيت الحرام للطواف والسعي‪]:‬‬ ‫وكان وصولنا إلى مكة المكرمة عند الغروب‪ ،‬ولم نعامل السائق طبعا بما طلب إلينا شرطي المركز‪ ،‬كما أننا لم نتردد فيما‬ ‫يجب علينا البدء به‪ ،‬ولم نقل ما قاله جريج‪( ،‬رب ! أمي وصالتي ؟) بل ذهبنا توا إلى البيت الحرام‪ ،‬وطفنا وسعينا وأحللنا من عمرتنا‪.‬‬ ‫[رباط المغرب بمكة المكرمة حيث محل نزول الوفد الرسمي المغربي‪]:‬‬ ‫ثم جئنا إلى رباط المغرب الذي هو محل نزول الوفد‪ ،‬وهناك التقينا برجال السفارة الذين حدثونا عن المأدبة الملكية وما‬ ‫لقوه فيها من بر وإكرام‪.‬‬ ‫ورباط المغرب هذا هو بيت مكون من ثالث طبقات ويقال إنه مشترك بين أقطار إفريقيا الشمالية الثالثة‪ ،‬فينزل وفد كل‬ ‫قطر منها في طبقة منه‪ ،‬وفي هذا العام كان نزول الوفد المغربي وأعضاء السفارة في الطبقة األولى المخصصة للمغرب‪ ،‬مدعاة‬ ‫للتضايق‪ ،‬ذلك أن هذه البناية‪ ،‬فضال عن كونها قديمة وفاقدة لكل أسباب الراحة من حمّام ودوْرة مياه ومطبخ‪ ،‬فإنها صغيرة‪،‬‬ ‫وليس في الطبقة التي كنا بها غير غرفة متوسطة بداخلها بيتٌ صغير للنوم‪ ،‬يسع سريرين اثنين ال غير‪ ،‬ثم بيت سفلي تابع‬ ‫للطبقة األولى‪ ،‬وأحسن ما في هذا الرباط هو قربه من الحرام‪ ،‬وكونه منورا بالكهرباء‪.‬‬ ‫وإنما نصف المنازل التي حللنا بها هُنَا وهناك‪ ،‬لنثير اهتمام حكومتنا باألمر‪ ،‬فإنه من األكيد‪ ،‬بل الواجب‪ ،‬أن تقوم الحكومة‬ ‫المغربية ببناء بيوت مُشَرّفة في مكة والمدينة ومنى‪ ،‬ينزل فيها وفد الحج المغربي‪ ،‬ويستقبل فيها الزوار من مختلف األقطار‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فإنا كنا نخجل من استقبال أيّة شخصية مهمة في أماكن نزولنا هذه‪ ،‬وال نجرؤ مطل ًقا على استدعاء احد لتشريفنا في‬ ‫هذه األماكن‪ ،‬وال ندري كيف كان يفعل أعضاء الوفود التي سبقتنا‪...‬‬


‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫ُفت ٌ‬ ‫َات‬ ‫ُم� ْش ِب َع ٌ‬ ‫ات ‪:‬‬

‫‪13‬‬

‫فاس جوهرة المدن‬ ‫بقلم ‪ :‬عبد الرحيم ابن جلون‬

‫أخي العزيز الغالي ‪ :‬قصيدة روعة وتنم عن سمو أخالقك ومحبتك لي‬ ‫طلب ؟‬ ‫قصيدة عن مدينة فاس مسقط رأسنا وفخر انتمائنا‪.‬‬ ‫أخي الغالي أعانك اهلل وسدد خطاك وأبقاك لنا فخرا وتاجا فوق رؤوسنا‬ ‫أختي نزهة ما كنت بدعاءك شقيا‬ ‫نزوال عند رغبتك حين أصابك هلع وأنت تقرئين كتابي عن مدينة ال أصلها‬ ‫بشيء إنما مقر سكناي مؤقتا‪.‬‬ ‫أختي كل المدن المغربية مدني يستقبلني أهلها ال بالهتاف والزغاريد‬ ‫وإنما بابتسامة حلوة وكالم لطيف جميل يستبشروا خيرا في زيارتي لمدينتهم‬ ‫ومطاعمهم ومتاجرهم هو أجل تقدير واحترام‪ .‬زرت البيضاء اسم على مسمى‬ ‫هالني الكسكس بالخضر الطازجة وقطع اللحم‪ ،‬وحين دخلت آسفي قدموا‬ ‫لي بالميناء سلة سمك «السردين» بنصف درهم‪ ،‬عربونا على المحبة والكرم‪.‬‬ ‫ولما دخلت مراكش الحمراء اخترت بحي كليز أكلة الطنجية وبساحة جامع الفنا)‬ ‫عشت لحظات من المتعة والفكاهة‪ .‬وفي أكادير رقصت على أنغام «تسوسيت»‬ ‫وشربت كأس الشاي‪ ،‬وفي العيون لمست الجمال الحساني وحسن الضيافة‬ ‫عندما ألمني مرض طارئ‪ .‬وفي وجدة هالني رقص الكتف‪ .‬كل مدن المغرب‬ ‫بالدي وأعتز بمغربي الحبيب‪.‬‬ ‫فإذا انشدت عن عروس الشمال طنجة فلي قوال عن فاس الحبيبة‪ .‬جوهرة‬ ‫المدن ويقوتة األطلس ومسقط رأسي‪ .‬عشت من خيراتها وشربت ماءها‪،‬‬ ‫وتلمذت بمدرسة «الفالح»‪ ،‬وبين أسوار القرويين أكملت دروسي الثانوية‪.‬‬ ‫وتحملت طريقة التبليغ بسرد الحقائق ال بسؤال وال جواب‪ ،‬وال استفسار‬ ‫عليك التلقي والحفظ للتوجيه إلى األدب أو علوم الشرع أو علوم الفلك وعلم‬ ‫الفلك ال رياصيات وال لغة أجنبية‪ ،‬الحق والحق أقول فاس منارة العلم‪.‬‬ ‫نبذة موجزة عن فاس‬

‫في سنة ‪ ، 187‬حضر من األندلس ‪ :‬عمير بن مصعب األردني المدعو‬ ‫بالملجوم‪ ،‬مستشار موالي ادريس الثاني وهو الذي اختار موقع فاس‪.‬‬ ‫المولى ادريس الثاني هو ابن موالي ادريس األول بن عبد اهلل بن الحسن‬ ‫بن الحسن بن علي بن أبي طالب عم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫اشترى أرض فاس سنة ‪193‬ه ‪ ،‬بستة آالف درهم‪ ،‬فكثر التناوب على الفأس‬ ‫في حفر أساس السور‪ ،‬فاشتقت كلمة فاس من فأس‪ .‬وصدر بالغ أن من جاء‬ ‫إلى األرض وبنى مسكنه قبل أن يتم بناء السور هي أرض مهداة له‪ .‬جنان فاح‬ ‫أريجها عطرا من أشجار الفواكه جنان أغدقت على سكانها بصال وثوما وعدسا‬ ‫وفوال وحوامض وزرعا كل ما يشبع نهم الساكنة‪ .‬كل خير الدنيا ونعيمها فيها‬ ‫جنان فواكه أشجارها الباسقة تتدلى ثمارها سهلة قطوفها‪ ،‬دانت تدليال جنان‬ ‫تفجرت من أرضها عيون جارية بين الدور سلسبيال صافية عذبة تطفئ عطش‬ ‫العطشان الولهان‪ ،‬جنان غرسها األجداد وتعطش لخدمتها األبناء واألحفاد‪،‬‬ ‫جنان أمطرت روافدها زرعا وماشية ولم يتغير طعمه يأتيها رزقها غداة وعشية‬ ‫من القرى المحيطة بها‪ ،‬جنان تباهت بها األمصار يتفيأ ظاللها بين الشعاب‬ ‫والمروج والهضاب‪.‬‬ ‫أتاها ناسها من البربر والشام واألندلس وعمروا األرض وسكنوها‪،‬‬ ‫أناس دخلوا اإلسالم فبنوا المساجد والقصور وشيدوا الدور على منوال الشام‬ ‫واألندلس‪ .‬جمعوا بين الحضارتين فنا وأدبا وبناء ومعمارا‪ .‬وتشهد الزخارف‬ ‫والكتابات الذهبية‪ ،‬هي نفحات عبر العصور آلت إلى العدم حين طغت هجرة‬ ‫البوادي وتبدد كل جميل إلى أسود‪.‬‬ ‫أين الفيسفاء التي جاء بها األندلسيون اقتلعت وبيعت مقابل نفحة رخيصة‬ ‫دور فاس الجوهرة الرفيعة الفريدة ذات ألوان متضاربة هي لوحات أكثر من‬ ‫رسام خربت‪.‬‬ ‫فاس لم يعرف الفقر أهلها‪ ،‬أهل ترف كل الواردين عليها للتسوق من‬ ‫منتوجاتها المتنوعة من مالبس وأغطية صوفية وثوابل وعطور وأحذية (بالغي)‬ ‫صفراء فاقع لونها وبيضاء ناصعة تريح الرجلين‪.‬‬ ‫فاس صاحبة صناع مهرة يأتونها مساء عند إتمام عملهم لالستماع‬ ‫بآذانهم لعلماء في كل الميادين‪ ،‬يجلسون على الحصير وأذنهم صاغية لحديث‬ ‫العالم في مختلف الشعب‪ .‬علماء أجالء صناع اإلبداع والمهارات عمال في الصباح‬ ‫وطلبة بعد العصر‪ .‬فاس جنة اهلل الصغرى في أرض المغرب األقصى ‪ ،‬وأنا ابنها‬ ‫لم أفطم بعد من عشقها وجمال دورها‪ .‬وتناسق متاجرها‪ .‬سأعود إليها مهما‬ ‫طال الزمن حيا أو ميتا أفضل الدفن بترابها الناعم‪ ،‬لتحضنني من جديد‪.‬‬

‫وجوابا لألخت العزيزة‬

‫قلت‪ :‬كتب عنك الكتاب ومدحوك وما أنا بكاتب ونظم الشعراء شعرا وما‬ ‫أنا بشاعر مجدوني وألفوا كتب عن كتاباتي أديب وما أنا بأديب وغنى المغنون‬ ‫أغانيهم روعة وما أنا بمغن ونظم الملحنون قصائد المدح وما أنا بملحن‪ .‬برع‬ ‫الرسامون في تشكيل لوحة عني وما أما برسام تفنن المهنيون في ذكري وما‬ ‫أنا إال طفيلي‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬ومن تكون؟‬ ‫قلت ‪ :‬ببغاء أحاكي وأطوف بين دفتي الكتب وأرعى الخصب منها وأهضم‬ ‫ما جادت به‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬املؤوا أقالمكم بمداد من بحور الشكر أو العتاب فقد جف صبيبها‬ ‫وقلمي ال ينضب مداده من بحور المعرفة والبحث عفوا‪ ،‬على رؤوس أنا ملكم لم‬ ‫تعد تقوى على جر القلم؟‬ ‫سكان فاس قديما وليس حديثا‬ ‫سكان فاس أهل علم وخلق وكرم وضيافة وجمال وبهاء أخاد‪ ،‬خليط من‬ ‫البربر والشام واألندلس (اليقوتة) المفقودة‪.‬‬ ‫كانت عاصمة الملك أيام األدارسة والمرابطين والسعديين ثم العلويين‪،‬‬ ‫وال زال أهلها أهل مشورة ورأي حكيم‪.‬‬ ‫فاس صالت بضواحيها كحمة موالي يعقوب وحمة سيدي حرازم وواد‬ ‫الجواهر ومنتزه إموزار وإفران وغيرها أماكن تسر الناظرين وتشفي سقم‬ ‫األمراض المستعصية كالجراب وحصى الكلي وغسل األمعاء‪.‬‬ ‫أهل فاس ال يخافون ظلما وال هضما‪ .‬أمناء الحرف‪ ،‬ال يتهاونون في أشد‬ ‫العقاب من غش أو خدع أو زور أو تالعب بأصول المهنة‪.‬‬

‫فاس ذات األلف مئدنة ومسجد وزاوي��ة‪ .‬فاس يهابها المجرمون وال‬ ‫يدخلون أبوابها ‪ ،‬فباب (المحروق) عليها رؤوس قطعت لمجرمين عتوا عتوا‬ ‫كبيرا‪ .‬يطاف بهم بين الشوارع واألزقة‪ ،‬ثم تقطع رؤوسهم في حفل وتعلق‬ ‫بباب (المحروق) عبرة لمن سولت له نفسه العبث بالمدينة أو أهلها‪.‬‬

‫فاس ذرة قلبي‬

‫صدق من سماك فاس والكل بفاس‬ ‫فاس زين المدن وأغالها في قلبي‬ ‫احتضنتني رضيعا ثم طفال ثم يافعا‬ ‫بدور كقصور تجملت كل األماني‬ ‫فاس لؤلؤة األطلس تشع نورا‬ ‫حباك اهلل عزا وتوجك كل عنان‬ ‫يا فيحاء بكل جمال غنى عنك كل فنان‬ ‫أعطاك اهلل عزا وبهاء سرمدي أخاد‬ ‫جمالك أخاد فاق عنان السماء‬

‫دموع األسى‬

‫ما بخلدي حاضنة تخلت عن وليدها‬ ‫أراعي صغاركم وشبابكم حتى الشيب‬ ‫لم أنف يوما من تضرعكم وآهاتكم‬ ‫هيهات هيهات‪ .‬ليت نداءكم عند المحن‬ ‫أشد أزركم وافتح أبوابي بالترحيب‬ ‫أصبحت هشة وتخفون الوجوه عني‬ ‫دب أرضي جحافل العجم وما وهن عزمي‬ ‫ها أنتم اليوم تخلفون الوعد وبت وحدي‬ ‫غلبت عليكم الشقة وهالتني الوحدانية‬ ‫نزلتم الحضيض بتفرقكم أدت إلى اإلحباط‬ ‫عشقت فيكم الطرب األندلسي والليالي المالح‬ ‫أفرح لفرحكم وأرقص نغما مع األلحان‬ ‫وأحزن لنعيكم حدادا وتفاقم الفراق‬ ‫أحضن جثمان ميتكم بعناق وترحيب‬ ‫عودوا إلى حاضنتكم اليوم قبل المساء‬ ‫قيل في حقك يا فاس كل مجد وأنا على الدرب‬ ‫سأعود حيا أو ميتا وفاء بالعهد‬ ‫مدويا بين أزقة فاس مهد اإلجالل‬ ‫اسمي مفخرة اشتق من علياء‬ ‫عبد الرحيم من عباد الرحمان خالص الوفاء‬ ‫كان يوم أحد و إحدى وعشرون من شهر الضالل‬ ‫هلل األحباب واألهالي بمولدي‬ ‫من ساللة أندلسية وشامية المنبع‬

‫معالم فاس الغراء‬

‫‪1‬ـ أحاطها المولى إدريس بسور منيع ال يجتازه العدو كما أمر بحفر تحت‬ ‫األرض طريقا يوصل باألبراج المحيطة بالمدينة‪ ،‬فإذا دخل العدو المدينة هدموا‬ ‫الدور والمنازل فوق رأسه‪.‬‬ ‫‪2‬ـ على بعد كلمترات يوجد جبل (زالغ) وهو عين ساهرة على المدينة‪.‬‬ ‫‪3‬ـ و على بعد كلمترات من المدينة يجري نهر سبو طوله ‪ 600‬كلم‪ ،‬فكانت‬ ‫المراكب تشق طريقها من القنيطرة إلى فاس عن طريق سبو‪.‬‬ ‫‪4‬ـ على محيطها أبواب حديدية تغلق مساء وتفتح صباحا تحت حراسة‬ ‫مشددة‪ .‬وهي كالتالي (باب أبي الجنود ـ باب المحروق ـ باب عجيسة ـ باب‬ ‫الخوخة ـ باب سيدي بوجيدة ـ باب الحديد ـ باب سالج ـ هي مداخل المدينة‬ ‫العتيقة ثم باب الساكمة ثم باب دار السالح )‪.‬‬ ‫‪5‬ـ بوسط المدينة القديمة مسجد القرويين منارة العلم واألدب وتعد أول‬ ‫جامعة بالوطن العربي‪.‬‬ ‫بنت المسجد فاطمة بنت محمد بن عبد اهلل الفهري‪ ،‬أحد العرب المهاجرين‬ ‫من القيروان بتونس‪ ،‬أنفقت ما ورثته من أبيها صدقة جارية‪ ،‬وذلك سنة ‪245‬ه‪.‬‬ ‫وقد تباهت أختها ببناء مسجد األندلس بالعدوة‪ .‬على أمتار من مدخل باب‬ ‫الفتوح‪.‬‬ ‫وهناك معالم ومآثر يجب زيارتها تشهد على ما وصلت إليه حضارة فاس‬ ‫في كل العصور‪.‬‬ ‫‪6‬ـ جبل زالغ مانع حصين من كل األعداء‬ ‫ـ شامخ في العلياء ممدد للبرهان‬ ‫ـ غذى العيون والمجاري عند اإلسكان‬ ‫ـ عين بصيرة على كل وافد ومنان‬ ‫ـ منه أنساب واد الجواهر بين الزقاق‬ ‫ـ سقى كل جنان وبستان ورياض‬ ‫ـ زر ضريح ادريس الثاني سليل الرسول‬ ‫ـ زر الشماعين وتذوق كل نعمة آنية‬ ‫ـ حظيت العطارين بكل صنف بفاس‬ ‫ـ تسوق من الرصيف لألهل واألحباب أسواق متراصة تعج بكل النعم‪.‬‬

‫مسجد القرويين الغر‬

‫ازدهرت فاس بالقرويين مهد العلماء‬ ‫عبر القرون وفد إليها كل طالب ومتعلم‬

‫من نبعها الفياض نهم كل عاشق ولهان‬ ‫حظيت األولى من بين جامعات وأديان‬ ‫ساعة المسمار داللة على التفوق والبرهان‬ ‫صومعة المسجد مكان الفلك والتنجييم‬ ‫نافورة ماء عذب فرات لوضوء العباد‬ ‫غذت الزوايا بكل نهج ووقار وامتنان‬ ‫أبر بها الفاسيون نجاعة من كل أفنان‬ ‫فوارة جانب القرويين أطفأت كل عطشان‬ ‫يفد إليها الطلبة األفارقة ومن كل البلدان‬ ‫تقدم لب العقول وأجل العلوم‬ ‫تتلمذ على يديك جل الوزراء والسفراء‬ ‫هيأت فطاحل اللغة واألدب والفقه‬ ‫منك انطلقت شرارة الفداء والعناد‬ ‫هاجرتم كراسي العلم واكتفيتم بالقليل‬ ‫نسيتم كتبي بالخزانة ذاع صيتها في اآلفاق‬ ‫عودوا إلي أستقبلكم بالحضن والعناق‬

‫حرقة فاس‬

‫رحل عنك أهلك مكرهين من طيش ولدان‬ ‫جابوا بين الديار فزعا وبهتان‬ ‫سكنوا الرياض وقطعوا كل أفنان‬ ‫جالوا بين الدروب واألزقة واألماكن‬ ‫تركوا األرض والحرث ونهبوا الحسان‬ ‫أرهبوا الناس بالسيوف وأطول السكاكين‬ ‫اقتلعوا أرضية الدور من الفسيفساء‬ ‫باعوه بأبخص األثمان وأرخص مهان‬ ‫امتهنوا مهنا سيئت بها سمعة البلدان‬ ‫شرذمة من النواحي عتت عن أمر ربها بالعصيان‬ ‫اتخذوا النهب والسطو واالختالس للناس‬ ‫ليل سرمدي غطى عيونهم عن الحيطان‬ ‫تسكعوا بين الدروب ونهبوا الفتيان‬ ‫انجرفت هالة المدينة جري الوديان‬ ‫تسلط على شؤونها كل مارق ومهان‬ ‫فهل من خالص السترداد عزها ولو بعد حين‬ ‫على عاتق األمن والجمعيات بالجد والبرهان‬ ‫عودوا أهلي إلى حاضنتكم وتشبثوا باإليمان‬ ‫العود محمود واالعتراف بفضلي سيد المدان‬

‫الهجرة المشؤومة‬

‫بعد حصول المغرب على االستقالل بسنتين اجتاحت المدينة موجة من‬ ‫المهاجرين من البوادي طلبا للشغل‪ ،‬باعوا أراضيهم وممتلكاتهم وماشيتهم‬ ‫واستوطنوا المدينة القديمة‪ ،‬واتخذوا الشوارع واألزقة حتى ضاقت بهم الرحاب‬ ‫ـ اتخذوا عربات يعرضون فوقها الخضر والفواكه والمالبس‪ ،‬فضاقت المتاجر‬ ‫بهؤالء الباعة المتجولين‪ ،‬وضاعت على التجار والدولة مداخيل مرموقة لخزينة‬ ‫الدولة‪ ،‬وتسلحوا بالسيوف والسكاكين‪ ،‬جرحوا العديد وتسببوا في عاهات‬ ‫للساكنة‪ ،‬حيث وصلت بهم الجرأة والغدر إلى قطع يد امرأة من معصمهاـ‬ ‫امتنعت من تسليمهم ثالث خيوط أساور ذهبية‪ ،‬وتركوها تتخبط في دمائها‬ ‫لوال تدخل المارة لحملها ألقرب مستوصف يعلم اهلل مصيرها‪.‬‬

‫حادثة درب القاقليين‬

‫ضربت الفئة الضالة الرقم القياسي في الجنايات وال أنسى حادث درب‬ ‫(القاقليين) على خطوات من فران الخبز‪ ،‬حيث اعترضتني شرذمة حثالة من‬ ‫المشردين‪ ،‬أشهر أحدهم سيفا من غمده‪ ،‬وبأيد آخرين سكاكين حادة سلبوا‬ ‫محفظة نقودي وحاولوا نزع بعض المالبس ولوال تدخل أبنائي والمارة كانوا‬ ‫على مقربة مني بخطوات لنزعوا كل مالبسي‪ ،‬وكانت صيحة زوجة ابني الحامل‬ ‫دوت في الدرب باإلغاثة وسقطت مغشية عليها‪ ،‬حملناها بين أيدينا فتركونا‬ ‫سالمين‪.‬‬ ‫فقد نجانا اهلل من طيشهم ومن شرهم فقد عتوا عتوا كبيرا‪.‬‬

‫باب المحروق‬

‫لو حافظت باب المحروق على هبتها ما تفشت ظاهرة العنف والسرقة‪،‬‬ ‫لكانت لهم بالمرصاد‪ ،‬تعلق أعالها رؤوس من سولت لهم أنفسهم إيذاء‬ ‫الساكنة‪.‬‬ ‫وصلت المدينة إلى الحضيض‪ ،‬وضاعت سمعة فاس بشرمذة متوحشة‬ ‫متعطشة للدماء ليسوا من أهلها وما ولدوا فيها‪ ،‬هبوا إليها كالجراد تحت إمرت‬ ‫دخيل همه إشباع غزائره والغنى الفاحش من بيع المسروقات التي اختلسها‬ ‫السفلة مقابل دراهم قليلة‪.‬‬ ‫ما ذكرت هذا عبثا ولكنها حقيقة مرة عشتها‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الحل الجذري‬

‫يتبع‪...‬‬


‫العدد ‪926‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫‪14‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫االحتاد معقل قوة الأمم‬

‫ك ُروا ن ِْع َم َ‬ ‫ت اللهَّ ِ عَ َل ْي ُ‬ ‫َ�ص ُموا ِب َح ْب ِل اللهَّ ِ َجمِي ًعا َولاَ َت َف َّر ُقوا َو ْاذ ُ‬ ‫ك ْم ِ�إ ْذ‬ ‫يقول موالنا جل عاله‪َ « :‬و ْاعت ِ‬ ‫كنت ُْم �أَ ْع َدا ًء َف َ�أ َّل َ‬ ‫َ‬ ‫ن النَّا ِر َف�أَن َق َذ ُ‬ ‫ك ْم َف�أَ ْ�ص َب ْحتُم ِبن ِْع َم ِت ِه ِ�إ ْخ َوانًا َو ُ‬ ‫ف بَينْ َ ُق ُلو ِب ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫كم‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫�ش‬ ‫كنت ُْم عَ َلى‬ ‫ةٍ‬ ‫ُ َ ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫اللهَّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون» صدق اهلل العظيم‪.‬‬ ‫َد‬ ‫ت‬ ‫َه‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫آ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّم ْهَ‬ ‫ُ َينِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬

‫إن االتحاد هو معقل قوة األمم وأصل مجدها وهنائها ومنبع ثروتها وسعادتها‪ ،‬فكل أمة‬ ‫اتحد أبناؤها وتعاونوا على األخذ بناصرها والعمل لمصلحتها والنهوض بها من حضيض الجهل‬ ‫واالنحطاط إلى مستوى يليق بها‪ ،‬ظهرت بال شك خصائصها وقويت مميزاتها ونالت تحت السماء‬ ‫مكانتها بين األمم والشعوب‪ ،‬ودرجت في معارج الرقي والعرفان ونسجت على منوالها في الرفعة‬ ‫والكمال‪ ،‬ومتى دب الفشل في أمة من األمم وتقاعس أبناؤها عن األخذ بناصرها وتشتت عناصرها‬ ‫واختلفت آراؤها ونزعاتها ونبتت فيها روح العداوة والبغضاء انهار صرح مجدها وتقلص ظلها وذهبت‬ ‫ريحها‪ ،‬وكثرت فيها الجراثيم وانتشرت الجنايات وامتدت إليها يد المطامع من كل حدب وباءت‬ ‫بالخسران والحسرة والندامة‪ ،‬لذلك أمر اهلل المسلمين باالتحاد وألزمهم بإتباع هذا المبدأ القويم‬ ‫حرصا على كيانهم وقوميتهم واستبقاء لمجدهم وعظمتهم واحتفاظا بقوتهم ووحدتهم وخط لهم‬ ‫سبيل الهدى والرشاد‪ ،‬وأنذرهم بالهالك والدمار متى تنكبوا محجته وحادوا عن جادته فقال‪َ « :‬و�أَ َّن‬ ‫اكم ِب ِه َل َع َّل ُ‬ ‫ِك ْم َو َّ�ص ُ‬ ‫ك ْم عَ ن َ�سبِي ِل ِه َذل ُ‬ ‫ال�س ُب َل َف َت َف َّر َق ِب ُ‬ ‫اطي ُم ْ�س َتقِي ًما َفا َّتب ُِع ُ‬ ‫ك ْم‬ ‫هَ َذا صرِ‬ ‫� َ ِ‬ ‫وه َولاَ َت َّتب ُِعوا ُّ‬ ‫للهَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِيم»‪ ،‬وبالجملة فقد نهاهم سبحانه عن‬ ‫َ�صم ِبا ِ ف َق ْد هُ َ‬ ‫دِي �إِلى �صرِ َ ٍ‬ ‫ون «‪ ،‬وقال‪َ »:‬و َمن َي ْعت ِ‬ ‫َت َّت ُق َ‬ ‫اط ُّم ْ�س َتق ٍ‬ ‫األخذ بأسباب التنازع والخصام وأمرهم بالتآلف والوئام وإن اختلفت جنسياتهم وتباينت لغاتهم‪ ،‬أال‬ ‫َاز ُعوا َف َتف َْ�ش ُلوا َوت َْذهَ َ‬ ‫يح ُ‬ ‫ُون �إِ ْخ َو ٌة «‪ ،‬وقوله‪َ »:‬ولاَ َتن َ‬ ‫ك ْم» ‪ ،‬وقول‬ ‫ب ِر ُ‬ ‫ترى إلى قوله تعالى‪�« :‬إِ مَّنَا المْ ُ �ؤْ ِمن َ‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬المومن من أهل اإليمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المومن ألهل‬ ‫اإليمان كما يألم الجسد بما في الرأس‪ ،‬على أن من قلب صحيفة الماضي ورأى ما كان ألسالفنا‬ ‫األولين من منعة الجانب وقوة السلطان أخذته الدهشة من كل جانب ولكن كما قيل إذا ظهر السبب‬ ‫بطل العجب‪ ،‬فبعدما كانوا شيعا متفرقين متنافرين وقبائل متباغضين متحاربين تشتعل نار الحرب‬ ‫بينهم لكلمة صغيرة أو ألسباب حقيرة فتمكث األعوام والسنين‪ ،‬ألف اهلل بين قلوبهم باإلسالم وأزال‬ ‫ما في قلوبهم من أحقاد وإضغان وربطهم برباط الدين الوثيق الذي يفوق رباط القرابة والنسب‬ ‫فكان الواحد منهم مع شدة حاجته إلى الشيء يوثر أخاه على نفسه بذلك الشيء ولدوام وحدتهم‬ ‫وسالمة جامعتهم جعل لهم حفاظا قويا‪.‬‬ ‫إن من نظر إلى هذه الرحمة المهداة لنا من رب العالمين على طريق سيد المرسلين رحمة‬ ‫الشريعة السمحة ونعمة اإلسالم والهدى ويجيل النظر في أحكامها وتعاليمها وجد الدعوة إلى‬ ‫االتحاد واالتصال بين القلوب ساريه في ثنايا أحكامها وتعاليمها‪ ،‬ومتجلية في كل سنن من سننها‬ ‫سواء في ذلك العقيدة والعبادات والمعامالت واألخالق‪ ،‬تأمل في الركن األول من أركان اإلسالم‬ ‫وهو الشهادتان تجد نفسك أمام نور عظيم وناموس كامل يدعوك ويدعو كل من اهتدى معك‬ ‫بمثل ما اهتديت إلى الشعور بأنكم جميعا خاضعون لملك واحد ملك الملوك وموجد الكائنات ورب‬ ‫العالمين‪ ،‬أوجدكم بقدرته وأمدكم بقوته ورباكم برحمته وأخضعكم لسلطانه فخضعت نفوسكم‬ ‫جميعا وأصلحتم وجوهكم إليه واستسلمتم لقضائه وقدره ورضيتم بحكمه‪ ،‬فهذا الشعور القلبي‬ ‫ينبئكم بوحدة هي أقوى الوحدات المزعومة عند غيركم‪ ،‬هذا في الشطر األول من الشهادة شهادة‬ ‫أن ال إال له إال اهلل‪ ،‬وكذلك الشطر الثاني يوصيك حكما بأنك ومن اهتدى بهذا الهدى كما اهتديت‬ ‫قد خضعتم لقانون واحد واستضأتم بضوء واحد وسلكتم صراطا واحدا وسرتم على سنن واحد‪،‬‬ ‫فوجهتك وجهة أخيك وغايتك غايته وطريقك طريقه فأنتم كقافلة واحدة تسير في طريق واحد لغاية‬ ‫واحدة‪ ،‬فأي داع لوحدة القلوب أقوى من هذا الداعي‪.‬‬ ‫وتأمل في الركن الثاني من أركان اإلسالم وهو الصالة كيف تجد نفسك وأنت تعترف له بالعبادة‬ ‫وتطلب منه المعونة والهداية إلى الصراط المستقيم قد أدرجت معك إخوانك في ذلك فقلت إياك‬ ‫نعبد وإياك نستعين أهدنا‪ ،‬ولم تقل أعبد وأستعين وأهدني‪ ،‬أليس ذلك ناشئا عن أنك علمت في‬ ‫عبادتك أنك مستأنس بإخوانك وتصدر معهم وترد معهم وتسيرون كلكم متساعدين متساندين‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫كل منكم يعبر عن نفسه وإخوانه‪ ،‬فإذا انحنيتم للركوع خضوعا كان ذلك منكم معا على وتيرة واحدة‪،‬‬ ‫فإذا هويتم للسجود كان ذلك منكم معا وهكذا‪ ،‬وناهيك بمشروعية الجماعة في الصلوات الخمس‬ ‫فكم لها في جمع القلوب على التقوى وتقوية األواصر بين أفراد األمة حتى تكون كتلة واحدة‪ ،‬وإذا‬ ‫كان الشارع الحكيم قد خفف عنا في جماعة الصلوات اليومية فاكتفى بجماعة أهل الحي الواحد وأهل‬ ‫البيت الواحد وأباح بذلك تعدد الجماعات‪ ،‬فقد أوجب على أهل البلد الواحد أن يجتمعوا كلهم في‬ ‫صعيد واحد لم يبح تعدد الجماعات فيها إال عند العذر الشديد وذلك مظهر من مظاهر الحث على‬ ‫الوحدة وتكوين المسلمين أمة واحدة‪.‬‬ ‫فإذا نظرت إلى ركن الزكاة وجدت األمر أبين وأوضح فلن يجهل أحد ما يربيه اإلحسان والتعاطف‬ ‫بين اإلنسان من تقريب القلوب وتوجيه الميول‪....‬‬ ‫وإذا نظرت إلى الصيام وجدت الصائم يشعر شعورا خاصا نحو من يشاركه في إحساسه ووجدانه‬ ‫فهو شريك له في تحمله وتكاليفه وفي نعمه يمسكان معا عن الطعام والشراب فإذا أبيح لهما أبيح‬ ‫لهما معا‪ ،‬فهما شريكان في الوجدان واإلحساس‪.‬‬ ‫وأما الحج فهو في جمع المتباعدين أوضح وأجلى يتعارفون فيه ويتعاونون على إصالح شؤونهم‬ ‫وتدبير أمورهم‪ ،‬فهذه أركان اإلسالم قد اتحدتم فيها أفليس ذلك دعوة خفية من المبدع الحكيم‬ ‫الرحمان الرحيم موجهة إليكم أن تكونوا في الحياة العملية يدا واحدة كما اتحدتم في العبادة‪.‬‬ ‫فالعبادات توقفت صحتها على االتحاد في الوجهة والوقت‪ .‬وهكذا أحوال الدنيا لن ينجح المسلمون‬ ‫في حياتهم وال نظامهم وال اقتصادهم إال إذا اتحدوا وتعاونوا وتناصروا وتعاضدوا وتكاثروا‪ ،‬ولما‬ ‫كانت تلك اإلشارات الباهرة والبينات الواضحة الداعية إلى االتحاد قد يغفل عنها العامة والجهالء‬ ‫وال يعقلها في العبادات إال األذكياء النبالء ذكر اهلل تعالى االتحاد صريحا في الكتاب العزيز فقال‪:‬‬ ‫كنت ُْم �أَ ْع َدا ًء َف�أَ َّل َ‬ ‫ك ُروا ن ِْع َم َ‬ ‫ك ْم �إِ ْذ ُ‬ ‫ت اللهَّ ِ عَ َل ْي ُ‬ ‫َ�ص ُموا ِب َح ْب ِل اللهَّ ِ َجمِي ًعا َولاَ َت َف َّر ُقوا َو ْاذ ُ‬ ‫« َو ْاعت ِ‬ ‫ف بَينْ َ‬ ‫ك َذل َ‬ ‫كم ِّمنْهَ ا َ‬ ‫ن النَّا ِر َف�أَن َق َذ ُ‬ ‫ك ْم َف�أَ ْ�ص َب ْحتُم ِبن ِْع َم ِت ِه ِ�إ ْخ َوانًا َو ُ‬ ‫ُق ُلو ِب ُ‬ ‫ِك ُي َبينِّ ُ‬ ‫كنت ُْم عَ َلى َ�ش َفا ُح ْف َرةٍ ِّم َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ك ْم �آ َيا ِت ِه ل َعل ُ‬ ‫اللهَّ ُ َل ُ‬ ‫ون»‪ ،‬ولما كانت اآلية توجب االتحاد وعدم الفرقة كانت مخالفتها موجبة‬ ‫ك ْم ت َْهت َُد َ‬ ‫َاز ُعوا َف َتف َْ�ش ُلوا َوت َْذهَ َ‬ ‫يح ُ‬ ‫للعقاب في الدنيا واآلخرة لذلك قال تعالى في آية أخرى‪َ « :‬ولاَ َتن َ‬ ‫ك ْم»‪.‬‬ ‫ب ِر ُ‬ ‫أليس ما نحن فيه اآلن جزاء التفريط والتقاطع والتدابر بما أحاط بنا من الجهل واإلهمال والنوم‬ ‫على بساط الراحة آمادا طويلة؟ أليس هذا مصداقا لآلية الشريفة؟ أترضون للمسلم العظيم القدر‬ ‫الشريف المنزلة أن يوصف بعدم العقل‪ ،‬تلك الصفة التي ميزت اإلنسان عن الحيوان؟ كال إنكم ال‬ ‫ترضون بذلك‪ ،‬إذن فكيف تفرقتم وتباعدتم ولم تتحدوا في أعمال الحياة ولقد وصف اهلل أقواما‬ ‫بأنهم ال يعقلون لسبب اختالفهم وتفرقهم فقال سبحانه‪ :‬حَ ْ‬ ‫«ت َ�س ُبهُ ْم َجمِي ًعا»‪� ،‬أي جمتمعني ذوي‬ ‫َ‬ ‫لاَّ‬ ‫ذل َ‬ ‫ون »‪ ،‬أخرج‬ ‫ِك ِب�أ َّنهُ ْم َق ْو ٌم‬ ‫�ألفة واحتاد‪َ « ،‬و ُق ُلو ُبهُ ْم َ�شتَّى »‪� ،‬أي متفرقة ال �ألفة بينها‪ٰ َ « ،‬‬ ‫َي ْعق ُِل َ‬ ‫الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعا ‪« :‬من عمل هلل في الجماعة فأصاب قبل اهلل منه وإن‬ ‫أخطأ غفر اهلل له ومن يبتغي الفرقة فأصاب لم يتقبل اهلل منه وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار»‪،‬‬ ‫وأخرج الطبراني أيضا في األوسط عن عمر مرفوعا ‪« :‬ما اختلفت أمة بعد نبيها إال ظهر أهل باطلها‬ ‫على أهل حقها»‪ ،‬وأخرج النسائي وابن حبان في صحيحه عن عرفجة مرفوعا‪« :‬ستكون بعدي هناة‬ ‫وهناة فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائنا من كان فاقتلوه فإن يدا اهلل‬ ‫مع الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض أي يسعى سعيا قويا»‪ ،‬وأخرج الطبراني في‬ ‫الكبير عن معاذ مرفوعا‪« :‬الشيطان ذيب اإلنسان كذيب الغنم يأخذ الشاة الشاذة والقاصية والناحية‬ ‫فعليكم بالجماعة واأللفة والعامة والمساجد وإياكم والشعاب»‪.‬‬

‫ما حقيقة الصراع بين طريقتي الشيخ العالوي المغربية والجزائرية ؟‬ ‫الجهات المسؤولة في الكشف بشكل صريح عن الحقيقة‪ ،‬وذلك لتحديد من زور‪،‬‬ ‫البد من اإلشارة في بداية األمر إلى أن هناك العديد من القراء‬ ‫ثم استعمل هذا النوع من التزوير في كثير من األغراض ؟‬ ‫والمتتبعين ال يميزون بين طريقة الشيخ العالوي الصوفية وبين جمعية‬ ‫الشيخ العالوي إلحياء التراث الصوفي‪ ،‬علما أن هذه األخيرة كانت أحدثت‪،‬‬ ‫أكثر من هذا‪ ،‬يصرح الشيخ عبد الواحد ياسين في حديثه للجريدة‬ ‫خالل السنوات القليلة الماضية ضجة‪ ،‬بل وفضيحة بخصوص تورطها في‬ ‫أنه بعد كشفه عن خروقات صادرة عن جمعية الشيخ العالوي‪ ،‬فوجئ فيما‬ ‫التزوير واستعماله‪ ،‬سواء بمدينة الحسيمة أو بباقي مدن المغرب‪ ،‬بما في‬ ‫بعد باستدعاءات‪ ‬من طرف مصالح الشرطة‪ ،‬ومتابعات قضائية‪ ،‬رغم أنه هو‬ ‫ذلك المحاكم‪ ،‬األمر الذي نتج عنه تداول هذا الموضوع‪ ،‬عبر العديد من‬ ‫من كان وراء هذا الكشف‪ ،‬فضال عن مراسلته للقصر الملكي بتطوان ووزارة‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬غير أن حقائق هذه القضية سادها نوع من التعتيم‪ ،‬باعتماد‬ ‫السيادة‪ ،‬باسمه كخادم للزاوية اإلدريسية‪ ،‬مستفسرا كيف تم االعتراف بشيخ‬ ‫أقوال أو وشايات كاذبة في حق شيخ للزاوية اإلدريسية‪ ،‬وذلك من طرف‬ ‫الطريقة العالوية الجزائرية‪ ،‬بعدما انضافت له بشكل رسمي كلمتي «الشاذلية‬ ‫بعض المغرضين من الجمعية‪ ،‬أظهرت األيام أنه كان على صواب‪ ،‬ألنه‬ ‫والدرقاوية» قصد إشهاره للوثيقتين وتسييسها في الملتقيات الدولية‪ ،‬تحت‬ ‫هو من كان وراء كشف العديد من الخروقات المرتكبة من قبل أعضاء‬ ‫راية الجزائر‪ ،‬عِوَض أن يرفرف العلم الوطني المغربي خفاقا في المحافل‬ ‫من الجمعية المذكورة‪ ،‬الخاضعة لقانون الحريات العامة‪ ،‬عكس طريقة‬ ‫الدولية‪ ،‬ذلك أن أفراد جاليتنا المقيمة بالخارج كان لهم سبق على الدوام في‬ ‫الشيخ العالوي الصوفية التي لها ارتباط عميق بروح الزوايا وكذا باألعراف‬ ‫إحياء واحتكار أنشطة طرق الزوايا‪.‬كما أضاف الشيخ عبدالواحد ياسين أن ما كان‬ ‫والتقاليد المغربية العريقة‪.‬‬ ‫يتخوف منه هو فعال ما حدث‪ ،‬من خالل استغالل دولة الجزائر لجمعية الشيخ‬ ‫العالوي المغربية‪ ،‬ثم عن طريق جمعية الشيخ العالوي بالجزائر وجمعية الشيخ‬ ‫ونظرا ألهمية هذه القضية التي الزالت تتفاعل أطوارها‪ ،‬ولتقريبها‬ ‫العالوي بأوروبا‪ ،‬المعروفة اختصارا ب‪« :‬عيسى» أسست فيدرالية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫أكثر من الرأي العام‪ ،‬قمنا ببحثنا في الموضوع‪ ،‬وبالتالي كان لنا لقاء مع‬ ‫انخرطت بها‪ ،‬وتحت رايتها بجامعةاألمم المتحدة‪ .،‬وبالمناسبة‪ ،‬يشير الشيخ عبد‬ ‫أحد ضحايا الجمعية المشار إليها‪ ،‬إذ كانت قد كالت له تهما على المقـاس‪،‬‬ ‫الواحد ياسين إلى وجود شريط فيديو في متناول الجميع‪ ،‬تم تصويره‪ ،‬صيف‬ ‫ألنه كشـف عن خروقاتهــا‪ ،‬كما سلـف القــول‪ ،‬األمر يتعلــق ب‪ :‬عبد الواحد‬ ‫السنة الماضية (‪ )2017‬يبين بجالء حضور المدعو خالد عدنان بن تونس‪ ،‬ضمن‬ ‫ياسين‪ ،‬شيخ الزاوية اإلدريسية ورئيس مراكزها‪ ،‬وال عالقة له بطريقة الشيخ‬ ‫وفد جزائري‪ ،‬وهو يصفق لكلمة وزير الخارجية الجزائري الذي نعت المغرب ب‪:‬‬ ‫العالوي‪ ،‬ال من قريب وال من بعيد‪.‬كان ‪ -‬فقط ‪ -‬يمثل منصب رئيس جمعية‬ ‫«البلدالمستعمر»بالصحراء المغربية‪ ،‬وذلك تحت سقف جامعةاألمم المتحدة‪،‬‬ ‫الشيخ العالوي إلحياء التراث الصوفي بفرع مدينة تطوان‪ ،‬وفي نفس الوقت‬ ‫وغدا قد يدخل المعنيون باألمر إلى التراب المغربي ب‪« :‬بادج» خاص لألمم‬ ‫يشغل منصب الكاتب العام الوطني للجمعية بمدينة طنجة‪ ،‬إال أنه كان‬ ‫المتحدة ولن يوقفهم أحد !؟‬ ‫قدم استقالته من هذه الجمعية سنة ‪.2010‬بينما خدام األجندة الجزائرية‪،‬‬ ‫شيخ الزاوية اإلدريسية‬ ‫وختم شيخ الزاوية اإلدريسية بسبتة قوله بأن الصراع قائم‪-‬حاليا‪ -‬بين‬ ‫يشير المتحدث‪،‬فقد زوروا وثيقتين سنة ‪ ،2012‬إحداهما تتضمن الرضى‬ ‫عبد الواحد ياسين‬ ‫طريقة الشيخ العالوي المغربية وطريقة الشيخ العالوي الجزائرية‪ ،‬بينما هو‬ ‫الملكي عن المدعو خالد عدنان بن تونس‪ ،‬على اعتبار أنه يمثل افتراضا‬ ‫انتهى إلى كونه بمثابة كبش فداء‪ ،‬ذنبه الوحيد أنه حارب المزورين‪ ،‬وساهم‬ ‫شيخ الطريقة العالوية الدرقاوية الشاذلية‪ ،‬واألخرى مسلمة من وزارة األوقاف‬ ‫في الحفاظ على األمن الروحي لوطنه‪ ،‬ولكنه واثق في نزاهة القضاء المغربي‪،‬‬ ‫والشؤون االسالمية‪ ،‬وتشهد الوثيقتان أن نفس الشخص (خالد عدنان)‬ ‫بخصوص هذه القضية‪ ،‬خاصة وأنه يتوفر على ملف‪ ،‬توضيح الواضحات فيه يبقى من المفضحات !‬ ‫يمثل شيخ الطريقة العالويةالدرقاوية الشاذلية‪ ،‬تتوفر الجريدةعلى نسختين منهما‪.‬فمن كان وراء هاتين‬ ‫الوثيقتين اللتين استعملتهما الجمعية من أجل الوصول إلى أهدافها المبيتة ؟ وهل إلى هذه الدرجة‪ ،‬فشلت‬ ‫م‪ .‬إمغران‬


‫العدد ‪926‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫نبش في الذاكرة بحث ًا عن َلحظات عابرة وأشياء غابرة‬ ‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬

‫مما الجدال فيه أن نبتة الحناء قديمة قدم البشرية؛استعملها اإلنسان منذغابراألزمنة والعصور‬ ‫في مختلف أصقاع المعمور في الزخرفة والتجميل والتطبيب؛وقد استخدمها قدماء المصريين في‬ ‫تحنيط الموتى وفي رسوم جداريات مدافنهم‪..‬ودهنوا بها مراكبهم الخشبية خشية أن ينخرها‬ ‫السوس؛ كما استعملته الملكة كيلوباترا كخضاب للتزيين‪ ،‬وكذلك فعلت الملكة شجرة الدر‬ ‫وكافة بنات حواء ‪-‬منذ العصر الجاهلى إلى الحقبة اإلسالمية‪ -‬في مشارق األرض ومغاربها منذ‬ ‫عصور خلت‪ ،‬والزلن يتباهين بزينة الحناء في مجالسهن ويتبركن بها في المناسبات الدينية‬ ‫واألفراح العائلية والمواسم الفالحية‪.‬وللرجال أيضا حظهم من الحناء في تخضيب اللحى وإخفاء‬ ‫بياض الشيب في شعرالرأس‪.‬‬

‫وللحناء وقع في نفوس الرجال والنساء‬ ‫على حد سواء‪2/1‬‬ ‫يستعصي على الباحث في التراث اإلنساني‪ ،‬ناهيك عن الباحث في علم نشأة النباتات‬ ‫وانتشارها‪ ،‬تحديد الموطن األصلي لنبتة شجيرة الحناء‪ ،‬وال الحسم في تاريخ ظهورها على‬ ‫وجه البسيطة‪ ،‬إال أن جل الباحثين أجمعوا على أن موطنها األصلي هو جنوب غربي آسيا‪،‬‬ ‫وتنمو بكثافة في البيئات االستوائية لقارة إفريقيا‪ ،‬كما انتشرت زراعتها في بلدان حوض البحر‬ ‫األبيض المتوسط ‪،‬وأهم البلدان المنتجة لها مصر والسودان والصين والهند‪.‬‬ ‫والحناء ‪ -‬حسب عدد من الباحثين‪ -‬عرفت منذ القديم‪ ،‬فقد استعملها الفراعنة في‬ ‫أغراض شتى‪ ،‬إذ صنعوا من مسحوق أوراقها معجونا لتخضيب األيدي وصباغة الشعر وعالج‬ ‫الجروح‪ ،‬وتحنيط الموتى ‪ ،‬واتخذوا عطراً من أزهارها‪.‬واستعملتها شعوب قديمة ك «األشورية‬ ‫واألكادية والفنيقية‪»..‬في أفراحها وأتراحها ‪،‬وفي عالج قروحها وأورامها؛ويذهب بعض‬ ‫المؤرخين إلى كون اإلنسان القديم قد وظفها في رسم جداريات الكهوف‪.‬‬ ‫وورد في الجزء األول من كتاب «مروج الذهب» أن أصل الخضاب هندي أخذه الفرس عن‬ ‫الهنود‪ ،‬ثم انتقل من الفرس إلى العرب قبل اإلسالم فانتشر بين العرب‪.‬‬ ‫وشاع القول في الحقبة الجاهلية أن «خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء»‬ ‫وكان الشاعر امرؤ القيس أول من ذكر الحناء في شعره حين شبه به حمرة دماء طرائد‬ ‫الصيد التي ضرجت صدر فرسه بقوله‪:‬‬

‫يـذوب القلـب للحنـا اشتـياقـا لغيـد صـاغـها الحــنا‬ ‫وللحناء نوع من القدسية عند كثير من الشعوب اإلسالمية إذ يستعملونها في التجميل‬ ‫حيث يخضبون بمعجونها األيدي واألقدام والشعر‪ ،‬كما يفرشون بها القبورتزكية لجثث‬ ‫موتاهم‪ .‬و يستعملونها في دباغة الجلود وصباغة الصوف‪.‬‬ ‫و يستعمل الرجال الحناء اقتداء بالسنة النبوية‪ ،‬ألنها من األعشاب التي استعملها خاتم‬ ‫األنبياء ‪،‬ونصح بها المسلمين والصحابة للمداواة والزينة حسب ما تناقلته روايات السيرة‬ ‫واألحاديث النبوية الشريفة‪،‬ومنها الحديث النبوي الذي قال فيه رسول اهلل (ص)‪« :‬إن أحسن‬ ‫ما غيرتم به الشيب‪ ،‬الحناء والكتم»‪ -‬رواه الترمذي في صحيحه‪.‬‬ ‫الل صلى هّ‬ ‫وعن علي بن أبي رافع‪ ،‬عن جدته سلمى خادم رسول هّ‬ ‫الل عليه وسلم ‪،‬قالت‪:‬‬ ‫«كان ال يصيب النبي صلى اهلل عليه وسلم قرحة وال شوكة إال وضع عليها الحناء»‪ -‬ورد في‬ ‫صحيح الترمذي‪.‬‬

‫كأن دماء الهاديات بنحره‬

‫وقد اختضب الصحابة واختضب أبو بكر‪،‬و‬ ‫قد اختلفت األقاويل في خضاب الرسول‪،‬وإن‬ ‫وردت أحاديث نبوية تحــث المسلمين على‬ ‫التخضيب ‪،‬فعن أبي هريرة قال‪ :‬قال النبي‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬إن اليهود والنصارى‬ ‫اليصبغون فخالفوهم»‪.‬‬

‫عصارة حناء بشيب مرجل‬ ‫ويقال إن عبد المطلب أول من خضب‬ ‫بالسواد من العرب‪ ،‬وكان رجل من حمير‬ ‫خضبه به في اليمن‪،‬ولما استعمله بمكــة‬ ‫اقتدى به أهلها وكانوا يخضبون بالحمراء‪.‬‬ ‫وكانت ظاهرة الوشـــم بالحنـــاء على‬ ‫األطراف والمعاصم مألوفــة عنـــد المرأة‬ ‫الجاهلية‪ ،‬حيـث أثــارت صورة يد المـــرأة‬ ‫وأناملها ومعصميها المخضبـــة بالحنـــاء‬ ‫أحاسيس الشعــراء الجاهليين فوصفوها‬ ‫مبيّنين معايير جمالها الكامن في بياض‬ ‫لونها ولمعانه وتح ّلي معصميها باألساور‬ ‫والنقوش التي تزيدها بريقاً وحسناً وتزَيّن‬ ‫بنانهـــا وأناملها بالحنّاء؛ فهذا المر ّقش‬ ‫األكبر يتغنى بمحاسن محبوبتــه مشبهــا‬ ‫حمرة أطراف بنانها بشجرة العنم ‪:‬‬ ‫النَّشْرُ مِسْكٌ والوُجُوهُ دَنا‬ ‫ِنيرُ َ‬ ‫وأ ْطرافُ البَنانِ عَنَمْ‬ ‫وتذكرزهير ابن أبي سلمى بنان المحبوبة المخضّبة بالحنّاء وهي تهمّ بالرحيل‪:‬‬ ‫حيل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫البَنان يَزينُهُ الحِنّا ُء‬ ‫وَقد بَدا مِنها‬ ‫وكَأنَّها يَومَ الرَّ ِ‬ ‫الغيل يَغذو َأصَلها ٌّ‬ ‫ظِل ِإذا تَلعَ النَهارُ وَما ُء‬ ‫بَردِيَّ ٌة في‬ ‫ِ‬ ‫ووردت في الشعر العربي إشارات عديدة إلى الحناء والخضاب‬

‫ه��ك��ذا ارت��ب��ط��ت ال��ح��ن��اء ع��ن��د ال��ع��رب‬ ‫والمسلمين بالقداســة وبالجانب الروحـــي‬ ‫وبالتدين‪.‬‬ ‫واق��ت��داء بالطب النبــوي عمل علماء‬ ‫الكيمياء والطب أمثال ابن سينا على البحث‬ ‫في فوائد الحناء‪ ،‬وقد أثبتت تجاربهم أنها‬ ‫تساعد في شفاء التقرحات والجراح المفتوحة‪،‬‬ ‫وآالم ال��م��ف��اص��ل‪،‬وآالم ال���رأس‪ ،‬وف��ق طرق‬ ‫تحضير معينة ‪،‬حيث تضاف إليها مكونات طبيعية أخرى مثل الزيوت النباتية‪ ،‬أو تستعمل‬ ‫أوراقا مجففة أو مطبوخة في الماء أو في شكل مسحوق‪.‬‬ ‫واشتهر عند العرب ما يعرف ب «خضاب الشماتة»‪/‬شماتة األعداء‪ /‬ومن ذلك ماسجلته‬ ‫الروايات إبان نعي الرسول الكريم‪ ،‬حيث خضب نسوة من كندة وحضرموت أيديهن بالحناء‬ ‫وضربن الدفوف‪،‬فبعث شداد ابن مالك إلى أبي بكرالصديق مرسوال يخبره بذلك قائال‪:‬‬

‫يصف فيها الشعراء لحظة اللقاء مع المحبوبة كقول الشاعر الزبيدي‪:‬‬

‫ابـلــغ أبا بكـــر إذا مـا جئــتــه‬

‫أن البـغـايــا رمـن كـل مـــرام‬

‫ولما تالقينا على سفح رامة وجدت بنان العامرية أحمــــرا‬

‫أظهرن من موت النبي شماتــة‬

‫وخـضـبـن أيديـهــن بـالعـــالم‬

‫فقلت خضبت الكف بعد فراقنا فقالت معاذ اهلل ذلك ماجرى‬

‫فاقطع هديت أكفهن بصــارم‬

‫كالبرق أومض في متون غمــام‬

‫ولكنني لما رأيتك راحال بكيت دمــا حتى بللت بـه الثـــرى‬ ‫مسحت بأطراف البنان مدامعي فصار خضابا في اليدين كما ترى‬ ‫ومن شعرعلي أبي الريش في اللوعة واالشتياق لمعشوقته المخضبة قوله‪:‬‬

‫فكتب أبوبكر إلى المهاجر بن أمية بقطع أيديهن‪ ،‬ففعل‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪926‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)829‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫“الطنجيون (‪”)8‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر العدد الثامن من دورية “الطنجيون”‪ ،‬التي كان يشرف‬ ‫عليها المرحوم عبد العزيز خلوق التمساني‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬في ما‬ ‫مجموعه ‪ 99‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬وقد جاء هذا‬ ‫العدد غزيرا في م��واده‪ ،‬ثريا في اجتهادات المساهمين فيه‪،‬‬ ‫ومتنوعا في تناوله لمختلف قضايا ماضي مدينة طنجة‪ .‬وإلى جانب‬ ‫ذلك‪ ،‬نجح هذا العدد في ترسيخ نهج تخصيص الحيز األكبر من‬ ‫المواد لتدارس ملفات محددة‪ ،‬شكلت نقاطا ظلت مجهولة أو‬ ‫مضطربة في الكتابات التأريخية الكالسيكية الوطنية واألجنبية‬ ‫حول ماضي المدينة‪ .‬لذلك‪ ،‬فقد حق القول إن العدد الثامن يشكل‬ ‫إضافة نوعية لتجربة هذا المنبر العلمي الجهوي الرائد‪ ،‬ومساهمة‬ ‫جادة لتكسير سمة الرتابة التي ظلت تطغى على المشهد الثقافي‬ ‫المحلي لمدينة طنجة خالل السنوات الماضية‪ .‬وباإلضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن هذا العدد قد كشف عن نوعية المهام الصعبة التي‬ ‫كان يضطلع بها المرحوم خلوق التمسماني على مستوى الحرص‬ ‫على ضمان االنتظام الدوري للصدور العادي لهذه المجلة‪ ،‬بشكل‬ ‫سمح بعقلنة أدائها وبخلق تقاليد بديلة بالنسبة آلليات التواصل‬ ‫اإلعالمي الثقافي التخصصي‪ ،‬محليا ووطنيا‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن حيوية هذا الصدور المنتظم ال يمكن أن تعتبر‬ ‫إال بادرة فريدة من نوعها في سوق النشر الثقافي ببالدنا‪ ،‬مادام واقع الحال ظل يفرز كل عناصر اإلحباط‬ ‫واالنكسار بالنسبة للفاعلين في هذا المجال‪.‬‬ ‫تتوزع مضامين العدد الثامن من دورية “الطنجيون” بين ثالثة أقسام متكاملة‪ ،‬كتبت أوالها باللغة‬ ‫العربية‪ ،‬وكتبت ثانيتها باللغة الفرنسية‪ ،‬في حين كتبت ثالثتها باللغة اإلسبانية‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬وبعد‬ ‫االفتتاحية التي استحضرت فيها المجلة عبر ذكرى مرور تسعين عاما على نشأة مسرح سيرفانطيس‪ ،‬تم‬ ‫تخصيص الجزء األكبر من مواد القسم العربي لمقاربة قضية الغازات الكيماوية السامة في شمال المغرب‬ ‫خالل فترة ما بين سنتي ‪ 1921‬و‪ .1927‬في هذا الباب‪ ،‬اهتم مصطفى المرون بموضوع وضعية منطقة‬ ‫طنجة في مواجهة الغازات الكيماوية السامة‪ ،‬كما توقف سعيد الخطابي في مساهمته التي سبق نشرها‬ ‫على صفحات جريدة “االتحاد األسبوعي” (ع‪ 21 ،46 .‬فبراير ‪ )2003‬عند موضوع عبد الكريم الخطابي‬ ‫والحرب الكيماوية القذرة في الريف والتي اعتبرها الباحث عنوانا للهمجية االستعمارية‪ ،‬مركزا في تحليله‬ ‫على إبراز كيف أن استسالم عبد الكريم إنما استهدف وقف نزيف الدماء الريفية‪ .‬أما عقو لبشيريت فقد‬ ‫تناول نفس الموضوع في مادة سبق نشرها بجريدة “االتحاد االشتراكي” (ع‪ 7 ،7121 .‬فبراير ‪ ،) 2003‬في‬ ‫شكل سلسلة حوارات وشهادات لرجال عايشوا األحداث واكتووا بنارها‪ .‬وفي نفس السياق كذلك‪ ،‬أعادت‬ ‫المجلة نشر مادة للمحامي مصطفى بن شريف (جريدة “الصحيفة”‪ 20 ،‬مارس ‪ ،)2003‬اهتم فيها بتوضيح‬ ‫حدود المسؤولية الدولية إلسبانيا وفرنسا في استخدام الغازات السامة في حرب الريف‪ ،‬وخاصة على‬ ‫مستوى المسؤولية الجنائية والمدنية والتعهدية‪.‬‬ ‫وفي سياق آخر‪ ،‬قدم المحامي محمد الهواري لمحات من سيرة المقاوم الصلب الحاج مصطفى‬ ‫الصنهاجي المعروف ببنعثمان والذي وافته المنية خالل سنة ‪ .2002‬وبمناسبة وفاة المؤرخ الرائد‬ ‫محمد حجي‪ ،‬أعادت “الطنجيون” نشر مادة علمية في شكل تنقيب دقيق في وثيقة مغربية جديدة حول‬ ‫زيارة إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني لطنجة سنة ‪ ،1905‬وهي المادة التي سبق للفقيد أن نشرها بالعدد‬

‫الثامن من “مجلة دار النيابة” الصادر سنة ‪ .1985‬واحتفاءا منها‬ ‫بمعالم فضاءات مدينة طنجة‪ ،‬أدرجت المجلة مادة إعالمية حول‬ ‫مقهى الحافة باعتبارها معلمة من معالم طنجة التاريخية‪ ،‬وذلك‬ ‫استنادا إلى ما نشرته جريدة “الصباح” في عددها الصادر يوم‬ ‫‪ 17‬شتنبر ‪ .2002‬ومتابعة منه آلخر اإلصدارات التاريخية ذات‬ ‫الصلة بماضي طنجة‪ ،‬قدم خلوق التمسماني قراءات مقتضبة‬ ‫في مضامين ثالث دراسات هامة صدرت سنتي ‪ 2002‬و‪،2003‬‬ ‫هي “سياسة المغرب الخارجية” (باإلسبانية) لميكل هرناندو دي‬ ‫لرامندي‪ ،‬و”بول بولز‪ :‬التخييل والمثاقفة” إلبراهيم الخطيب‪،‬‬ ‫و”المغرب في مواجهة التحديات الخارجية” لعالل الخديمي‪.‬‬ ‫وفي القسم الفرنسي من المجلة‪ ،‬قدم عبد العزيز بوليفة‬ ‫دراسة هامة حول تكوين أراضي الكيش بمنطقة فحص طنجة‪،‬‬ ‫وكذا أوجه تحللها واندثارها استنادا إلى تحليل استقرائي‬ ‫لتطورها التاريخي منذ سنة ‪ .1684‬أما عبد المجيد بنجلون‪،‬‬ ‫فقد تتبع سيرة الريسوني انطالقا من تقديم قراءة تشريحية في‬ ‫الدراسة الهامة التي أصدرها خلوق التمسماني سنة ‪ 1996‬تحت‬ ‫عنوان “بالد جبالة‪ :‬المخزن‪ ،‬إسبانيا وأحمد الريسوني” (بالفرنسية)‪ .‬ومن جهته‪ ،‬رصد عبد الجبار ستيتو‬ ‫حضور طنجة في الكتابات الروائية المعاصرة‪ ،‬استنادا إلى بيبليوغرافيا منتقاة قدمت أهم األسماء واألعالم‬ ‫التي وظفت فضاءات طنجة في أعمالها اإلبداعية ذات الصلة‪ .‬ومتابعة منها لإلصدارات وللمواكبات‬ ‫اإلعالمية الخاصة بمدينة طنجة‪ ،‬قدمت “الطنجيون” مقتطفات مما كتبه بوبكر الكوش حول طنجة في‬ ‫عمله الروائي الصادر تحت عنوان “‪ ،”une saison au paradis‬كما أعادت نشر بورتريهات لكل من‬ ‫الفنان التشكيلي محمد الدريسي (‪ )2003 – 1946‬والكاتب لطفي أقلعي والمسرحي والسينمائي العربي‬ ‫اليعقوبي‪ .‬وفي سياق آخر‪ ،‬أعادت المجلة نشر مادة إعالمية سبق نشرها بمجلة “دومان ماغازين” (‪ 15‬فبراير‬ ‫‪ ،)2003‬استحضر فيها صاحبها خطورة الفراغ القاتل الذي أصبح يميز المشهد الثقافي بمدينة طنجة‪ .‬وفي‬ ‫آخر مواد القسم الفرنسي‪ ،‬اهتمت المجلة بإثارة حيثيات استقرار األمريكي بيرديكاريس بحديقة الرميالت‬ ‫قرب طنجة عند نهاية القرن ‪ ،19‬ثم المآل القانوني الذي انتهت إليه هذه الحديقة بعد االستقالل‪.‬‬ ‫أما في القسم اإلسباني من المجلة‪ ،‬فقد احتوى العدد على ثالث مواد متكاملة حول معلمة مسرح‬ ‫سيرفانطيس‪ ،‬وذلك بالتركيز على إبراز ظروف التأسيس وكذا تأثيراته في وسطه الفني والثقافي‬ ‫واالجتماعي على امتداد العقود الماضية‪ ،‬ثم التنبيه لخطورة المآل المؤسف الذي انتهت إليه وضعية هذه‬ ‫المعلمة راهنا‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬قدمت “الطنجيون” الدليل على حيوية توجهاتها التنقيبية‪ ،‬معيدة االعتبار ألسماء‬ ‫ ‬ ‫اختفت عنا ولفضاءات لم يكن من نصيبها إال التفريط والتشويه والتدمير‪ .‬وبانفتاح المجلة على قضايا‬ ‫ظلت مغيبة في ماضي منطقة طنجة ومعها كل منطقة الشمال‪ ،‬تكون “الطنجيون” قد فتحت المجال‬ ‫واسعا أمام إمكانيات تطوير شغفها العلمي الرصين الذي يعيد الكشف عن الجوانب الخفية أو المسكوت‬ ‫عنها في وعي الناس‪ ،‬وكذا في تراكم الدراسات التاريخية التي جعلت من ماضي الشمال أساس انشغاالتها‬ ‫التنقيبية‪.‬‬

‫مرتيل‪ :‬عرض برنامج حول السياسات‬ ‫الترابية الدامجة‬

‫دورة تكوينية بوزان لفائدة الموظفين‬ ‫بالعقود‬

‫احتضن مركز المبادرات الجمعوية األندلس بمرتيل مؤخرا‪ ،‬لقاءا جمعويا نظمته جمعية الحمامة البيضاء لحقوق األشخاص‬ ‫في وضعية إعاقة بالمغرب‪ ،‬لدراسة البرنامج الذي تم إعداده حول « السياسات الترابية الدامجة ‪ ...‬مجتمع مدني موازي» مع تقديم‬ ‫حصيلة عمل الجمعيات الخمس التي تم انتقاؤها وفق معايير محددة‪ ،‬والتي راكمت تجربة من خالل مجموعة من اللقاءات التكوينية‬ ‫مع جمعية الحمامة البيضاء منذ شتنبر ‪ 2016‬بعمالة المضيق الفنيدق‪.‬‬ ‫وقد أعلنت جمعية الحمامة البيضاء عن الشروع في عملية تشخيص لعدد من الجمعيات خالل األسابيع المقبلة للوقوف على‬ ‫نقط القوة والضعف‪ ،‬لضمان استمرارية هذه الجمعيات التي وقع االختيار عليها مع التنقيط لكل جمعية حسب طبيعة اشتغالها‬ ‫وطريقة تدبيرها لألزمات وللخالفات وكذا مدى انسجامها مع األهداف المسطرة عند التأسيس‪.‬‬ ‫اللقاء استهل بتقديم عرض لمدير البرنامج محمد البقالي‪ ،‬الذي اعتبر أن الهدف من البرنامج هو تعزيز التموقع المؤسساتي‬ ‫للمجتمع المدني لخلق فعل مدني حقيقي ‪،‬قادر على المساهمة في إعداد سياسات ترابية دامجة ‪ ،‬من خالل تقوية مدارك الجمعيات‬ ‫الخمس المشاركة في البرنامج لخلق مؤسسة جهوية مدنية قادرة على تقوية قدرات ‪ 40‬جمعية في غضون األربع سنوات والتي‬ ‫ستنتهي في شتنبر ‪ ،2020‬ليتسنى لإلقليم التوفر على مخطط إقليمي واحد يجمع ويمثل جميع الجمعيات‪.‬‬ ‫وسيختم البرنامج بلقاء دولي حول آليات الترافع والديمقراطية التشاركية‪ ،‬وسيكون مناسبة لتقديم التجربة المغربية وبالتالي‬ ‫الوقوف على تجارب دول أخرى ‪.‬‬ ‫و من جهة أخرى قدم مستشار جمعية الحمامة البيضاء في مجال اإلعاقة الخبير عبد المالك أصريح مشروع مذكرة تفاهم والتي‬ ‫تمت مناقشتها والمصادقة عليها من طرف الجمعيات الخمس المشاركة في اللقاء ‪،‬حيث اعتبر أن علة عدد من الجمعيات هو مشكل‬ ‫التشبيك ونفورها منه ‪ ،‬ذلك أن جل الجمعيات إما ال تستطيع أو ال تريد العمل في إطار شبكات ‪ ،‬مؤكدا على ضرورة توثيق جمعيات‬ ‫المجتمع المدني لشراكاتها مع بعضها البعض مثلما تفعل مع شركائها الرسميين‪.‬‬

‫للمرة الرابعة على التوالي على مستوى مديرية التربية الوطنية بوزان تم تنظيم دورة تكويية لفائدة األساتذة الموظفين‬ ‫بموجب عقود فوج ‪ 2017‬والخاصة بمجزوءة التدبير والهادفة إلى تطوير كفاءات المدرسات والمدرسين في مجال تدبير أنشطة‬ ‫التعلم‪ .‬‬ ‫ما يناهز‪ 419‬أستاذة وأستاذ تعليم ابتدائي شملهم التكوين‪ ،‬والتي أشرف على تأطيرها ثلة من أساتذة المركز الجهوي لمهن‬ ‫التربية والتكوين بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬تمحورت حول المبادئ المعتمدة في التدبير في إطار مقطع تعلمي أو درس مع‬ ‫استحضار المقاربات المعتمدة‪ ،‬لتمكين األطر التربوية من مفهوم التدبير وصيغه في المجال التربوي‪ ،‬مع االطالع على المقاربات‬ ‫البيداغوجية المعتمدة‪ ‬و تدبير وضعيات التعلم بصفة شاملة‪.‬‬ ‫كما تطرقت هذه الدورة التكوينية التي استمرت يومين إلى سيناريوهات الممارسات الديداكتيكية والبيداغوجية للمدرس‪.‬‬ ‫وذلك عبر الوقوف عند بعض أساليب التدريس‬ ‫الدورة التكوينية التي انطلقت يوم ‪ 22‬يناير ‪ 2018‬اشتملت على تقديم عروض نظرية تلتها ورشات عمل موضوعاتية؛‬ ‫همت العديد من األبعاد المرتبطة بمضمون المجزوءة ‪ .‬منها تدبير القسم‪ ،‬تسيير التعلمات‪ ،‬األخذ بعين االعتبار أخطاء وصعوبات‬ ‫المتعلمين واحترام المدرس للتوجيهات التربوية وغيرها من المواضيع ذات الصلة بالتدبير في مجال التربية والتكوين‪.‬‬ ‫وخالل كلمة افتتاح هذه الدورة التكوينية‪ ،‬شكر المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية‪ ،‬أطر المركز الجهوي لمهن التربية‬ ‫والتكوين بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬على المجهودات التي يقومون بها من أجل تكوين أمثل‪ ،‬داعيا األستاذات واألساتذة‬ ‫االستفادة من مثل هذه الدورات التكوينية‪ ،‬والتي ستمكنهم من كسب معلومات قد تساعدهم في حاتهم المهنية‪.‬‬ ‫وكان المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية قد قام بزيارة لمقر تكوين األساتذة مرفوقا برئيسة مصلحة الشؤون التربوية‪،‬‬ ‫ورئيس مكتب االتصال حيث وقفوا على سير هذه الدورة التكوينية‪.‬‬

‫م ‪ .‬الحراق‬

‫م ‪.‬ح‬


‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫العدد ‪926‬‬

‫مع‬

‫لعبة السودوكو (‪)393‬‬

‫املواطنني‬

‫أصل اللعبة‬

‫ما أمر هذه «الزبالة» وسط السكان ؟‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫ت����وج����د ب��ن��اي��ة‬ ‫مهجورة بحي ابن طفيل‬ ‫زنقة ‪( 32‬ك��راج زري��اح)‬ ‫حيث أنها شكلت مصدر‬ ‫إزع���اج لمجموعة من‬ ‫سكان الحــي‪ ،‬على مـر‬ ‫السنين‪ ،‬وذل��ك بسبب‬ ‫األوس����اخ وال���ق���اذورات‬ ‫واألت��رب��ة المتراكمـة‬ ‫والهواء الملوث‪ ،‬وغيــر‬ ‫ذلك من األض��رار التي‬ ‫يعاني منهـا السكــان‪،‬‬ ‫بما فيها نشاط الفئران‬ ‫والقطط والكالب الضالة‬ ‫التي تتسلل إلى ساحة أو‬ ‫محيط البناية المذكورة‪،‬‬ ‫ف��ض�لا ع���ن أش��خ��اص‬ ‫غرباء‪ ،‬يمارسون بداخلها‬ ‫كل أشكال االنحراف‪ ،‬من معاقرة كؤوس الخمر‬ ‫واستعمال المخدرات‪ ،‬وإتيان الرذيلة‪ ،‬وما يتبع‬ ‫ذلك من ضجيج‪ ،‬األمر الذي يقلق راحة بعض‬ ‫ربات البيوت‪ ،‬وهن يقضين بعض أغراضهن‬ ‫بالسطوح‪.‬‬ ‫أكثر من هذا أن محيط البناية المهجورة‬ ‫هاته‪ ،‬بعد تهاطل األمطار‪ ،‬يتحول إلى برك‬ ‫آسنة تدوم‪ ،‬شتاء وصيفا‪ ،‬مما يلحق األضرار‬ ‫ببنايات المنازل المجاورة للسكان‪ ،‬وذلك على‬ ‫مستوى الرطوبة والهشاشة اللتين تصاب بهما‬

‫‪17‬‬

‫ال��ج��دران‪ ،‬حيث يتجلى‬ ‫ذل��ك أكثر داخ��ل بيوت‬ ‫المتضررين والمتضررات‬ ‫(انظر الصور)‪.‬‬ ‫وح���س���ب ت��ص��ري��ح‬ ‫أح��د السكان في لقائه‬ ‫بالجريدـة‪ ،‬فإن البعض‬ ‫منهم فتح شبه نوافـذ‬ ‫صغيـرة لكــن مغلقــة‬ ‫بزجاج غليظ جدا‪ ،‬ال يظهر‬ ‫م��ن خ�لال��ه أي ش��يء‪،‬‬ ‫وذلك قصد تسلل النور‬ ‫فقـط إلى بعض الغرف‬ ‫المظلمة‪ ،‬إال أن نائب‬ ‫ورثة البناية «المخربة»‬ ‫أو من يقوم مقامه‪ ،‬أغلق‬ ‫نافذة بقطعة كرطون‪ ،‬ثـم‬ ‫بدأ يتصل هاتفيا‪ ،‬دون‬ ‫الكشف عن رقم هاتفه‪ ،‬مهددا صاحب النافذة‬ ‫مدعيا أنه يمثل لجنة مختصة‪ .‬وبالمناسبة فإن‬ ‫أحد السكان المتضررين الذين هم بصدد‬ ‫وضع شكاية لدى الجهة المختصة بهذا الشأن‪،‬‬ ‫يشير إلى أنهم مشتاقون إلى ق��دوم لجنـة‬ ‫معينة‪ ،‬للوقوف على هذه «الزبالة» الكائنة‬ ‫وسط السكان‪ ،‬بل ويتمنون زيارة قائد الملحقة‬ ‫اإلدارية المعنية إلى عين المكان‪ ،‬ملتمسين رفع‬ ‫الضرر عنهم والذي طال أمده‪.،‬‬

‫أحمد صدقي‬

‫بحث عن متغيب‬ ‫غاب عن أسرته منــذ أكثر من ثالثة أشهر في ظروف‬ ‫غامضـة‪ ،‬المواطـن المهاجر المقيـم بالديار األلمانيـة‬ ‫محمد عنكار البالغ من العمر حوالي ‪ 65‬سنة الحامل‬ ‫لبطاقة التعريـف الوطنيــة رقم ‪.S813317‬‬ ‫زوجة المختفي زليخة صرحت‪ ،‬كون زوجها غادر‬ ‫منزل أسرتـه الكائـن بحي إيبريا يوم ‪ 24‬أكتوبر ‪2017‬‬ ‫على متن سيارته من نـوع ‪ Tiguan‬رقم لوحتها ‪-40‬ب‪ 30556-‬على الساعــة‬ ‫‪ 12:00‬زواال قاصدا وكالة بنكية الستخالص مبلغ مالي ـ حسب تصريحها ـ‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫الحين لم يظهر له على أثر‪ ،‬وقد خلف أسى عميقا وسط أسرته‪.‬‬ ‫فقلب والدته يحترق شوقا للقاء فلذة كبدها قبل الفراق‪ ،‬خاصة وأنها مسنة‬ ‫(حوالي ‪ 100‬سنة)‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا المنبر‪ ،‬توجه زوجته نداء لكل من شاهده أو لديه معلومات عن‬ ‫مكان تواجده‪ ،‬االتصال بأقرب مركز للشرطة أو االتصال برقم هاتف أخيه التالي ‪:‬‬

‫‪0639 37 50 08‬‬

‫‪AVIS DE PERTE‬‬ ‫‪M. Ahmed KASTIT déclare avoir perdu dans des cir‬‬‫‪constances et lieu indeterminés, le document du :‬‬

‫‪Titre foncier n° 06/58562‬‬

‫»‪Concernant la propriété dite «Al Bassatine 162‬‬ ‫‪Prière à toute personne ayant retrouvé ce document‬‬ ‫‪de bien vouloir le rapporter à la Conservation‬‬ ‫‪foncière.‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫مدير النشر ورئيس التحرير ‪:‬‬

‫عزيـز گنـونـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيدة الورياغلي‬ ‫هدى املجاطي‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫محمــد وطـــا�ش‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى احلراق‬ ‫ملـيـــاء ال�ســالوي‬ ‫محمد ال�سعيدي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪393‬‬


‫كلمة العدد‬

‫الشمال‬

‫صفحة‬

‫‪18‬‬ ‫�إعداد ‪:‬‬

‫محمد ال�سعيدي‬

‫العـدد ‪ 926‬ـ الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫الخزانة الرياضية ‪:‬‬

‫‪3‬‬

‫أسئلة ‪:‬‬

‫تاريخ كرة القدم‪ ..‬كيف‬ ‫تطورت اللعبة الساحرة‬ ‫(‪)2/1‬‬

‫ليس من الغريب أن تحظى كرة القدم في أيامنا هذه باهتمام أكبر إعالميا‬ ‫وسياسيا وقضائيًّا‪ ،‬إذ ليس هناك رياضة أكثر شعبية في العالم من كرة القدم‪،‬‬ ‫الرياضة التي تنتشر في كل المجتمعات باختالف ثقافاتهم وأعراقهم‪ ،‬وتجذب‬ ‫إليها باستمرار مئات الماليين من الجماهير العاشقة‪ .‬بل إن لعبة كرة القدم‬ ‫أضحت أحد القطاعات االقتصادية المهمة في العالم‪ ،‬والتي تقدر تعامالتها‬ ‫المالية بماليين الدوالرات‪ ،‬ناهيك عن أنها رياضة تملك نفو ًذا عمي ًقا سياسيًّا‬ ‫ونفسيًّا ومجتمعيًّا في نفوس شعوب المعمورة‪ .‬فكيف إذن تطورت كرة القدم‬ ‫عبر التاريخ إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اآلن؟‬

‫جذورها ترجع إلى الحضارات القديمة‬

‫تعود أصول رياضة كرة القدم إلى حضارات قديمة عاشت خالل ‪ 2500‬سنة‬ ‫اً‬ ‫أشكال أولية لهذه الرياضة‪ ،‬حيث كان الصينيون القدامى‬ ‫قبل الميالد ومارست‬ ‫يمارسون اً‬ ‫شكل يسمونه “تسوشو”‪ ،‬كانوا يركلون كرة جلدية مملوءة بالريش‬ ‫والشعر عبر فتحة صغيرة‪ ،‬فكان يجب تسديدها إلى داخل شبكة مثبتة على قصبات‬ ‫طويلة من الخيزران‪ ،‬وعلى الالعب أن يدافع عن نفسه بجسده أمام الخصم‪.‬‬ ‫أما اليابانيون فقد عرفوا لعبة يسمونها “كيرامي”‪ ،‬كان الالعبون ينتظمون في‬ ‫شكل دائرة ويمررون الكرة فيما بينهم داخل مساحة صغيرة للحيلولة دون أن‬ ‫تلمس األرض‪ ،‬كما كانت تعرف الحضارة اليونانية لعبة “إييسكيروس”‪ ،‬وهذه‬ ‫األخيرة تُلعب بكرة صغيرة بين فريقين على ملعب مستطيل مبين بخطوط‬ ‫حدودية وخط أوسط‪ ،‬وكان الهدف هو إيصال الكرة إلى ما وراء خطوط حدود‬ ‫الخصم عن طريق تقاذفها بين الالعبين‪ ،‬بواسطة جميع السبل والحيل‪ .‬وبشكل‬ ‫عام كان اإلنسان القديم يستمتع بركل أي شيء يشبه كرة حجرًا كان أم جلدًا‬ ‫أم رأس بشر‪ ،‬إال أنه لم يعرف قواعد معينة أو انتظام على شكل مجموعات‪ .‬بدأت‬ ‫كرة القدم كلعبة جهنمية‪ ،‬وعندما حلت العصور الوسطى حققت لعبة كرة القدم‬ ‫نقلة في تاريخ تطورها‪ ،‬حيث كان من عادة إسكافيي المدن كل سنة وفي األعياد‬ ‫الخاصة أن يقدموا كرة جلدية كهبة منهم إلى تجار األقمشة والذهب‪ ،‬كي يلعبوا‬ ‫بها قدر استطاعتهم قبل أن يشترك معهم جميع سكان البلدة أو المدينة‪ .‬حينها‬ ‫كان يقسم المشاركون في اللعبة عشوائيًّا إلى فريقين‪ ،‬بحيث يضم كل فريق‬ ‫المئات من الالعبين‪ ،‬لكي يسجل الفريق هد ًفا عليه إيصال الكرة لموضع معلوم‪،‬‬ ‫الذي قد يبعد عنه عدة أميال‪ ،‬فكان الكل يالحق الكرة ويتقاذفونها عبر األنهار‬ ‫والمستنقعات والمزارع مثل الرعاع‪ ،‬حيث لم يعرفوا أولئك الالعبون األوائل سوى‬ ‫قاعدة واحدة وهي أن يجعلوا الكرة في مرمى هدف الفريق المنافس بأية طريقة‪،‬‬ ‫بل إن اللعبة كثيرًا ما كانت تصير إلى مصارعة جماعية‪ ،‬ولم يكن للمباراة‬ ‫زمن محدد فقد تستمر أليام دون ختامها‪ ،‬كان األمر أشبه بمظاهرات حماسية‪.‬‬ ‫ورغم أن العنف والشغب ال زال حاضرين في رياضة كرة القدم حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫إال أنه يبقى أمرًا استثنائيًّا‪ ،‬عكس تلك الفترة فقد كان األمر شائعا وطبيعيّا‪.‬‬ ‫واستمر األمر على هذا النحو إلى بدايات القرن التاسع عشر‪ ،‬حينما أصبح الشبان‬ ‫المتعلمون بالمدارس الخاصة في إنجلترا يمارسون كرة القدم أيضًا‪ ،‬ولم تعد‬ ‫اللعبة حكرًا على الجماهير الغفيرة‪ ،‬وكان يعرف شباب المدارس الخاصة آنذاك‬ ‫بأسلوب خاص بهم‪ ،‬طبعهم االستقامة والتأدب واللطف وقدرتهم على كبح‬ ‫جماح غضبهم‪ ،‬هؤالء (الجتنلمان) هم من أدخلوا مفهوم الروح الرياضية إلى كرة‬ ‫القدم‪ ،‬شعارهم “اللعب هو كل شيء‪ ،‬وليس الغلبة‪ ،‬بل األسلوب”‪ ،‬ومن ثم بدأت‬ ‫فكرة “اللعب النقي المستقيم” أو “الفير بالي” تنتشر بين األقطار‪.‬‬

‫نعود‬

‫إلى محور موضوع حديثنا‪ ،‬وهو أسال الالعب حمودان‪ ،‬نجم اتحاد طنجة‬ ‫لعاب العديد من األندية المغربية‪ ،‬آخرها الوداد البيضاوي الذي يبدي رغبة‬ ‫ملحة للظفر بخدماته‪ .‬الالعب أكد في العديد من الحوارات رفضه اللعب خارج مدينة طنجة‬ ‫باستثناء تلقيه عقدا لالحتراف بالخارج‪ .‬لكن تكذيبه هذا األسبوع لخبر رفضه حمل قميص‬ ‫الوداد البيضاوي وعزمه االحتراف خارج المغرب‪ ،‬ردا على ما جاء في حساب على أحد مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي منسوب له‪ .‬ونفيه عالقته بالصفحة التي نشرت الخبر‪ ،‬وإشارته أن صفحته‬ ‫الرسمية لم تتطرق لهذا الموضوع‪ ،‬وتأكيد افتخار أي العب بحمل قميص الوداد‪ .‬هذه الخرجة‬ ‫اإلعالمية توحي أن نهاية مسار الشاوني مع اتحاد طنجة أصبحت وشيكة‪ .‬رغم أن الالعب أكد‬ ‫أنه في الوقت الراهن ال يفكر سوى في التألق مع المنتخب الوطني للمحليين الذي بلغ دور ربع‬ ‫نهائي كاس إفريقا لالعبين المحليين‪ ،‬وكذا فريقه اتحاد طنجة الذي يأمل أن يحقق معه لقب‬ ‫البطولة هذا الموسم‪ .‬وإشارته هاته فتحت باب األمل للفريق البيضاوي لبدء مفاوضاته مع‬ ‫اتحاد طنجة من أجل االنتقال للعب بالدار البيضاء‪.‬‬

‫ميروسالف كلوزيه‪...‬‬ ‫املهاجم الأملاين اخلارق والهداف التاريخي للمونديال‬

‫شاركـت في أربـع بطــوالت‬ ‫عالمية وفي أربع قارات مختلفة‪.‬‬ ‫ليس هناك‪ ،‬أفضـل منــك‪ ،‬من‬ ‫يمكنه أن يشــرح القيمـة التي‬ ‫تكتسيها المشاركة في كـأس‬ ‫العالم لدى الالعب‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫وهل سينجح المنتخب األلماني في‬ ‫الحفاظ على لقبه في دورة ‪2018‬؟‬ ‫تمثل كأس العالم دائماً حدثاً مميزاً‬ ‫ال يمكنه وصفه‪ .‬وهو أمر رائع‪ ،‬خاصة إذا‬ ‫تمكن المرء من الفوز بشيء في نهاية‬ ‫المطاف‪ .‬لهذا أنا سعيد للغاية أنني‬ ‫توجت باللقب العالمي في دورة ‪،2014‬‬ ‫ذلك أننا كنا دائماً قريبين من تحقيق‬ ‫هذا اإلنجاز‪ .‬ففي نسخة ‪ 2002‬وصلنا‬ ‫إلى النهائي‪ ،‬وبعد ذلك بلغنا دور نصف‬ ‫النهائي في مناسبتين‪ .‬تعتبر ألمانيا‬ ‫دائماً منتخباً مرعباً في البطوالت‪ .‬هل هي‬ ‫حقيقة أم فكرة نمطية؟ لطالما تمكنّا نحن األلمان من فرض أنفسنا كفريق في البطوالت‪ .‬وكان ذلك يوصلنا دائماً إلى مرحلة‬ ‫متقدمة‪ .‬ال تتطور هذه الروح‪ ،‬وهذه الدينامية خالل البطولة فقط‪ ،‬بل قبل ذلك‪ ،‬خالل اإلستعدادات‪.‬‬ ‫بالنسبة إلمكانية محافظة منتخبنا على لقبه‪ ،‬بإمكاننا الذهاب بعيداً‪ ،‬لكن يتعيّن علينا أن نطوّر من جديد تلك الروح‬ ‫الجماعية‪ .‬تملك ألمانيا مواهب متميزة والعبين رائعين يتمتعون بجودة كروية عالية‪ ،‬لكن يجب عليها تأكيد ذلك في الوقت‬ ‫المناسب على أرض الملعب‪ .‬كنت دائما أحتفظ في ذهني بهذه النزعة الجماعية‪ ،‬بالنسبة لي‪ ،‬يأتي الفريق دائماً في المقدمة‪.‬‬ ‫وإذا قدّم كل العب األداء المطلوب منه‪ ،‬سينعكس ذلك بشكل مفيد جداً على الفريق‪ .‬ورغم ذلك في كل بطولة لكأس العالم‪،‬‬ ‫يكون هناك فريق‪ ،‬يُقال عنه أنه يلعب جيدا‪ ،‬ثم يحدث أمر ما‪ .‬من الوارد حدوث أشياء تؤدي بفريق إلى التغلب على منتخبات‬ ‫كبرى أيضاً‪.‬‬

‫ما هي أجمل ذكرى عشتها في النهائيات العالمية‪ ،‬و كيف ترى المهاجم المثالي في عام ‪2018‬؟‬ ‫بكل تأكيد‪ ،‬الفوز بالكأس العالم في ‪ .2014‬ما زالت الكثير من الصور عالقة في ذهني‪ ،‬خاصة عندما حملت الكأس بين‬ ‫يديّ‪ ،‬كما فعلت خالل إجراء القرعة‪ .‬لكن ليس األمر كما لو أن ذلك أيقظ حماستي من جديد وأنني أرغب في العودة مجدداً إلى‬ ‫المالعب‪ .‬لكن هناك أيضاً الكثير من اللحظات المميزة‪ ،‬مثل مشاركتي األولى في كأس العالم عام ‪ 2002‬وبلوغنا مباراة النهائي‬ ‫أو أول مباراة في دور المجموعات ضد منتخب السعودية‪ ،‬الذي سيكون حاضراً هناك من جديد‪ .‬فكابتن الفريق السعودي السابق‬ ‫سامي الجابر تواجد أيضاً خالل قرعة دور المجموعات في موسكو‪ ،‬وهو الذي كنت قد خضعت بصحبته لفحص المنشطات‪.‬‬ ‫وبالطبع كانت فرصة الستحضار القصص والصور والذكريات‪ .‬وبالنسبة للمهاجم المثالي في عام ‪ ،2018‬شخصياً‪ ،‬ما زلت أعتبر‬ ‫ال كمهاجم‪ ،‬وهو أمرٌ مهمٌ للغاية حالياً‪ .‬ليفاندوفسكي‪ ،‬مث ً‬ ‫العباً مثل دييجو فورالن‪ ،‬مهاجماً رائعاً‪ .‬كان متكام ً‬ ‫ال‪ ،‬يتميز بكونه‬ ‫يملك من كل فن طرف‪ ،‬ولديه الكثير من نقاط القوة‪ .‬يتعيّن على المهاجم دائماً أن يتأقلم‪ ،‬إذ يتوجّب أن يلعب ضد خط دفاع‬ ‫ثالثي ثم خط رباعي أو خماسي‪ .‬لذا يجب عليه أن يلعب دائماً بطريقة مختلفة وعندما تكون لديه الكثير من المؤهالت تكون‬ ‫حركاته دائماً غير متو ّقعة‪ .‬لم يعد كافياً في الوقت الحالي أن يكون فقط بارعاً في الضربات الرأسية ولديه قدم يمنى قوية‪.‬‬

‫من هم الالعبون الذين سيتركون بصمتهم في بطولة العالم‪ ،‬و بصفتك أيقونة كروية‪ ،‬هل يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫يُحطم رقمك القياسي في مونديال هذه السنة؟‬ ‫إنهم غالبا نفس الالعبين‪ ،‬مثل النجمين العالميين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي‪ .‬لكن يمتلك كل فريق العبين‬ ‫مميزين‪ .‬ربما ليسوا دائما تلك األسماء الكبيرة المعروفة‪ ،‬إال أنهم العبون في غاية األهمية بالنسبة لفرقهم‪ .‬ويتعيّن على المرء‬ ‫تصنيفهم جيدا والتعرف عليهم‪ .‬أنا ال أعتبر نفسي أيقونة‪ ،‬لكن ما حققته يعتبر إنجازاً رائعاً‪ .‬فالمرء يحلم بتسجيل ‪ 16‬هدفاً‪ .‬غير‬ ‫أنه يتعيّن عليّ كالعادة‪ ،‬أن أشكر فريقي‪ ،‬ألنه لم يكن بإمكاني بدونه أن أحقق هذا اإلنجاز‪ .‬وبالنسبة لتحطيم رقمي القياسي‬ ‫في المونديال لهذه السنة‪ ،‬يوجد العبون رائعون‪ ،‬لهذا من المحتمل أن ّ‬ ‫يُحطم هذا الرقم في أي وقت‪ .‬لكني أنتظر أن يفاجئني‬ ‫أحدهم‪ .‬سأكون سعيداً من أجل الالعب الذي سينجح في تحطيمه‪ .‬لستُ من النوع الذي يشغله الرقم القياسي‪.‬‬ ‫عن موقع‪ :‬فيفا‪.‬كوم‬

‫خبـر‬ ‫دولـي‬

‫روبن سيميدو‬ ‫العب فياريال ينتظر محاكمته‬

‫اعتقل مدافع فياريال‪ ،‬البرتغالي روبن سيميدو‪ ،‬في نوفمبر الماضي‪ ،‬بتهمة توجيه‬ ‫تهديدات‪ ،‬في محيط ملهى ليلي بمدينة فالنسيا‪ ،‬الواقعة شرقي إسبانيا‪ ،‬وتم إطالق سراحه‬ ‫بعدها بساعات‪ ،‬وفقا لما ذكرته مصادر شرطية‪ .‬وأشارت نفس المصادر إلى أن سيميدو‪ ،‬الذي‬ ‫ينتظر بدء محاكمته‪ ،‬لم يتم العثور على مسدس بحوزته‪ ،‬خالل الواقعة المذكورة‪ ،‬موضحة‪ ‬أن‬ ‫الالعب تم إطالق سراحه‪ ،‬عقب اإلدالء بأقواله‪ .‬ولم يعقب النادي‪ ،‬وال مدرب الفريق‪ ،‬خافيير‬ ‫كاييخا‪ ،‬على هذه الواقعـة‪ ،‬حيث اعتبر فياريال أن األمر يتعلق بمسألة «شخصية»‪ ،‬فيما قال‬ ‫المدير الفني إن «هناك تحقيق جار‪ ،‬وإلى أن ينتهي‪ ،‬لن نعلق على هذا الشأن»‪ .‬ويتدرب‬ ‫سيميدو (‪ 23‬عاما) حاليا‪ ،‬على هامش مران فياريال‪ ،‬الذي انضم إليه الصيف الماضي‪ ،‬حيث ال‬ ‫يزال يتعافى من إصابة‪ ،‬ومن المتوقع أن يعود للمالعب‪ ،‬بعد عدة أسابيع‪.‬‬


‫الشمال الرياضي‬

‫العدد ‪926‬‬

‫تفاؤل بشأن ترشيح المغرب‬ ‫لتنظيم كأس العالم لكرة القدم لسنة ‪2026‬‬ ‫أكد رئيس لجنة ترشيح‬ ‫المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة‬ ‫القدم لسنة ‪ ،2026‬موالي حفيظ‬ ‫العلمي‪ ،‬يوم الثالثاء الماضي في‬ ‫الدار البيضاء‪ ،‬أن ملف ترشيــح‬ ‫المغرب لنيل شرف استضافة‬ ‫هذه التظاهرة الرياضية العالمية‬ ‫سيكون في مستوى «عال جدا»‪،‬‬ ‫مبرزا أن الطاقم المكون للجنة‬ ‫« من الطراز الدولي العالمي» ‪ .‬‬ ‫وأوضح العلمي في عرض قدمه‬ ‫بمناسبة أول مؤتمر صحفي تعقده لجنة ترشيح المغرب لتنظيم‬ ‫كأس العالم لكرة القدم لسنة ‪ 2026‬بعد تعيينه رئيسا لهذه‬ ‫الهيئة‪ ،‬أنه منذ آخر ترشيح الستضافة مونديال ‪ 2010‬تم تحقيق‬ ‫الكثير من المنجزات والمشاريع في مختلف ربوع المملكة‪ ،‬مشيرا‬ ‫إلى أنه انتظار مصادقة االتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا) على‬ ‫الترشيحات‪ ،‬في مارس المقبل‪ ،‬تنهمك اللجنة في إعداد ملف‬ ‫متكامل الجوانب‪ .‬وقال ان المغرب أنجز العديد من االلتزامات‬ ‫التي تم التعهد بها خالل الترشيحات السابقة (المالعب والبنية‬ ‫التحتية واالتصاالت والنقل)‪ .‬واعتبر أن نقاط قوة الملف المغربي‬ ‫عديدة تتمثل بالخصوص بما ينعم به من استقرار‪ ،‬وموقع‬ ‫جغرافي‪ ،‬والقرب الزمني من مختلف القارات‪ ،‬وولع المغاربة‬ ‫وشغفهم بكرة القدم‪ ،‬والتسامح والتعايش‪ ،‬وأصالة وعراقة‬ ‫الحضارة المغربية‪ ،‬والتي يمكن أن تشكل مدعاة الكتشاف‬ ‫والزيارة من قبل هواة المستديرة في مختلف بقاع العالم ‪ .‬وبعد‬ ‫أن أكد على أن الترشيح لمونديال ‪ 2026‬ليس مغربيا فقط‬ ‫بل افريقيا‪ ،‬أعرب السيد العلمي عن يقينه أن المغرب سيحتفل‬ ‫بالتتويج يوم ‪ 13‬يونيو المقبل‪ ،‬تاريخ إعالن االتحاد الدولي لكرة‬ ‫القدم عن البلد المستضيف لمونديال ‪.2026‬‬ ‫من جانبه أعلن وزير الشباب والرياضة‪ ،‬رشيد الطلبي العلمي‪،‬‬ ‫أن الحكومة ستقدم «دعما كامال» لملف ترشيح المغرب لتنظيم‬ ‫كأس العالم لكرة القدم (مونديال ‪ .)2026‬وقال الطالبي العلمي‪،‬‬ ‫خالل هذه الندوة الصحافية‪ ،‬بحضور عدد من أعضاء الحكومة‪،‬‬ ‫المسؤولين عن القطاعات المعنية‪ ،‬عالوة على فاعلين في القطاع‬ ‫الخاص‪ ،‬أن هذا الترشيح فرصة «إلعادة تعبئة كل الطاقات بهدف‬ ‫ضخ دينامية جديدة في االقتصاد المغربي»‪ .‬وأشار إلى أنه «بعيدا‬ ‫عن المقارنات»‪ ،‬فإن الترشيح المغربي «يستوفي جميع الشروط‬ ‫والمواصفات التي حددتها الفيفا « إلنجاح تنظيم حدث من هذا‬ ‫القبيل‪ ،‬مشيرا إلى أنه منذ الترشيح األخير لعام ‪ ،2010‬بذلت‬ ‫جهود كبيرة‪ ،‬وأنجزت العديد من األوراش االستثمارية الكبرى‬ ‫استهدفت تطوير البنيات التحتية‪ ،‬بما في ذلك الرياضية‪ .‬وقال‬ ‫الوزير «انه وفقا للتوقعات المالية فان المغرب «لديه القدرة على‬ ‫تعبئة الغالف المالي لتلبية االحتياجات التنظيمية» دون أن يؤثر‬ ‫ذلك على التوازنات المالية»‪ .‬وأكد الطالبي العلمي أن المغرب‬

‫على استعداد للترحيب بعشاق كرة‬ ‫القدم من مختلف بقاع العالم من‬ ‫خالل منحهـــم التأشيــرات لولوج‬ ‫التراب المغربي بكل أريحية‪ ،‬وملتزم‬ ‫بتسهيل مهمة الشركات الراغبة في‬ ‫االستثماربالمملكة‪.‬‬ ‫وفي السياق ذاته‪ ،‬أكد رئيس‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم فوزي لقجع ‪ ،‬أن ترشيح المغرب‬ ‫الستضافة مونديال ‪ 2026‬لكرة‬ ‫القدم «هو ترشيح للقارة االفريقية بأكملها»‪ ‬وجدد فوزي لقجع‬ ‫التأكيد‪ ،‬خالل هذه الندوة الصحفية االنخراط التام والفعلي‬ ‫للكونفدرالية االفريقية لكرة القدم في دعم ملف الترشيح‬ ‫المغربي ‪ ،‬مبرزا أن النظام الجديد للتصويت «يحثنا على االقتراب‬ ‫أكثر من الهيئات القارية األخرى الستمالة دعمها»‪ .‬وأشار رئيس‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‪ ،‬الى أنه عقب التغييرات‬ ‫التي طرأت على رأس االتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)‪ ،‬أضحى‬ ‫لجميع االتحادات الوطنية‪ ،‬وعددها ‪ ،211‬الحق في التصويت‪.‬‬ ‫وفي معرض حديثه عن المعيارين األساسيين الجديدين في منح‬ ‫شرف استضافة كأس العالم‪ ،‬ذات الصلة بالتنمية المستدامة‬ ‫وحقوق اإلنسان‪ ،‬شدد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم على التقدم الذي أحرزه المغرب في السنوات األخيرة في‬ ‫هذين المجالين‪ ،‬تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجاللة الملك‬ ‫محمد السادس‪ .‬واعتبر فوزي لقجع أن تنظيم كأس العالم لكرة‬ ‫القدم يشكل فرصة لتعزيز وتثمين اإلنجازات المحققة والتعجيل‬ ‫بإصدار تشريعات تعزز الترسانة القانونية القائمة‪ ،‬نظرا ألهمية‬ ‫هذين الجانبين‪ ،‬اللذين يكتسيان أهمية «أساسية» في تدبير‬ ‫كرة القدم‪ .‬وخلص فوزي لقجع الى انه بتظافر كافة الجهود‬ ‫سيشكل تاريخ ‪ 13‬يونيو المقبل‪ ،‬موعد إعالن االتحاد الدولي لكرة‬ ‫القدم عن البلد المستضيف لمونديال ‪ ، 2026‬منعطفا حاسما في‬ ‫تاريخ كرة القدم المغربية وفرصة لتحقق إقالع كروي شامل في‬ ‫المغرب وافريقيا على حد سواء‪.‬‬ ‫وكانت لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة‬ ‫القدم لسنة ‪ ، 2026‬قد كشفت خالل هذه الندوة الصحافية‪،‬‬ ‫عن الهوية البصرية لحملة ترشح المملكة المغربية الستضافة‬ ‫هذه التظاهرة الرياضية العالمية‪ .‬وتم اختيار شعار «ترشيح أمة»‬ ‫للتعريف بالهوية البصرية لملف المملكة‪ ،‬حيث تحتل النجمة‬ ‫الخضراء ‪ ،‬رمز الوحدة الوطنية واإلشعاع المغربي ‪ ،‬مكانا محوريا‬ ‫في هذه الهوية‪ ،‬بجانبها أوراق متناثرة لشجرة ذات لون أحمر‬ ‫فاقع‪ ،‬في إشارة إلى الهوية المتعددة الروافد للملكة المغربية‪.‬‬ ‫ويوجد في الجزء السفلي من الهوية البصرية‪ ،‬وعلى نفس الخط‪،‬‬ ‫كرة قدم وتاريخ ‪ ،2026‬بمعنى الهدف النهائي من الترشيح‪.‬‬

‫زلزال يضرب تركيبة المغرب التطواني‬ ‫والحواصي يعود للمرة الثالثة‬

‫بعد النتائج السلبية التي ختم بها مرحلة‬ ‫الذهاب من البطولة االحترافية‪ ،‬بالمركز األخير‪.‬‬ ‫ضرب الزلزال تركيبة الفريق‪ ،‬بعدما أقدم‬ ‫المكتب المسير على فسخ عقود ستة العبين‪.‬‬ ‫وانطلقت العملية بعدنان بوموس وعبد الكريم‬ ‫بنهنية‪ ،‬لتشمل محمد الطاهيري‪ ،‬الالعب‬ ‫السابق لشباب الريف الحسيمي والجمعية‬ ‫السالوية‪ ،‬والمدافع الدولي الغيني كامارا بن‬ ‫يوسف‪ ،‬ومحمد الشيبي الذي وقع في بداية‬ ‫الموسم عقدا يمتد لموسمين‪ ،‬والمدافع‬ ‫السينغالي أوليفي ندياي الذي وقع بدوره عقدا‬ ‫في بداية الموسم يمتد لموسمين‪ .‬باإلضافة‬ ‫إلى زكرياء االسماعيلي وحمزة الحسيني‪.‬‬ ‫بينما أعار الفريق العبه أيمن البراق للنادي‬ ‫القنيطري إلى نهاية الموسم‪ .‬بالمقابل عزز‬ ‫الفريق تركيبته بإحدى عشر العب وهم‪ ،‬العائد‬ ‫فيفيان مابيدي‪ ،‬المدافع المهدي بلعروصي‪،‬‬ ‫العب سابق بالنادي المكناسي والمغرب الفاسي والدفاع الحسني‬ ‫الجديدي‪ ،‬حمل قميص المنتخب األولمبي‪ .‬ووليد الخلدوني‪،‬‬ ‫وسط ميدان هجومي (‪ 26‬سنة)‪ ،‬قادم من أولمبيك اسفي‪،‬‬ ‫وأسامة الكوزي(‪ 22‬سنة)‪ ،‬لالعب السابق لفريق الجمعية السالوية‪.‬‬ ‫وزهير الواصلي من الرجاء البيضاوي‪ ،‬بعقد يمتد لنهاية الموسم‬ ‫الرياضي الجاري مع أحقية الفريق التطواني في شراء عقد الالعب‬

‫نهاية الموسم بصفة نهائية‪ .‬وزكرياء‬ ‫العيوط من الدفاع الحسني الجديدي‪.‬‬ ‫و عبد الواحد الشخصي الالعب السابق‬ ‫ألولمبيك آسفي‪ ،‬الرجاء البيضاوي‪ ،‬النادي‬ ‫القنيطري‪ ،‬لوزان السويسري والكوكب‬ ‫المراكشي‪ .‬و بالل أمرزكيو بعقد إعارة من‬ ‫فريق شباب الريف الحسيمي لمدة ستة‬ ‫أشهر‪ .‬والبرازيلي موريرا رودريغيز‪ ،‬العب‬ ‫سابق بفالمينغو‪ ‬البرازيلي‪ ،‬وكليرمونت‬ ‫الفرنسي‪ ،‬و نادي الطائي السعودي‪،‬‬ ‫وحمل قميص المنتخب البرازيلي تحت ‪17‬‬ ‫عاما‪ .‬وابن الدار‪ ،‬نصير الميموني العائد‬ ‫من اتحاد طنجة على سبيل اإلعارة‪ .‬ثم‬ ‫المهاجم يونس الحواصي الذي يلتحق‬ ‫بالفريق للمرة الثالثة في مشواره‪ ،‬ووقع‬ ‫عقدا إلى نهاية الموسم‪ .‬وخاض المغرب‬ ‫التطواني أربع مباريات ودية أبرزها‪ ،‬أمام‬ ‫الجيش الملكي السبت الماضي بملعب سانية الرمل تعادل‬ ‫خاللها بثالثة أهداف لمثلها‪ .‬وكان الفريق ختم الشوط األول بفوز‬ ‫بثالثة أهداف مقابل واحد قبل أن يعادل الفريق العسكري النتيجة‬ ‫في الشوط الثاني‪ .‬وكان الفريق فاز وديا على نهضة مرتيل بثالثة‬ ‫أهداف لواحد‪ ،‬وعلى اتحاد سيدي قاسم بهدفين لواحد‪ ،‬و تعادل‬ ‫مع االتحاد البيضاوي بدون أهداف‪.‬‬

‫برشلونة يواجه فالنسيا‬ ‫وإشبيلية مع ليجانيس‬

‫في نصف نهائي كأس إسبانيا‬ ‫شهدت قرعة نصف نهائي كأس ملك إسبانيا‪ ،‬مواجهات مثيرة ولعل أبرزها بين‬ ‫حامل اللقب برشلونة و فالنسيا المنتشي هذا الموسم في الليغا‪ .‬وستجمع المباراة‬ ‫األخرى بين ليجانيس‪ ،‬الذي أطاح بريال مدريد في عقر داره‪ ،‬وإشبيلية العائد بقوة مع‬ ‫مدربه الجديد فيتشينزو مونتيال والذي تمكن من التغلب على أتلتيكو مدريد‪ .‬وحسب‬ ‫القرعة‪ ،‬سيلعب برشلونة مباراته األولى على ملعبه كامب نو‪ ،‬فيما سيلعب إيابا على ملعب‬ ‫الميستايا ملعب فالنسيا‪ .‬و ستجرى مباريات الذهاب بين ‪ 31‬يناير و ‪ 1‬فبراير‪ ،‬في حين أن‬ ‫اإلياب سيجرى في ‪ 7‬و ‪ 8‬فبراير‪.‬‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫‪19‬‬

‫الجامعة‬ ‫أخبار‬ ‫من الجامعة‬ ‫أخبار من‬ ‫إطالق رسميا دبلوم المدرب «كاف برو» من المغرب‬ ‫قررت الكونفدرالية االفريقية لكرة القدم برئاسة السيد أحمد أحمد‪،‬‬ ‫وكذا اللجنة التقنية تحت رئاسة كالوشا بواليا‪ ،‬وبإشراف من انطوني بافوي‪،‬‬ ‫و شاطا‪ ،‬اختيار المغرب إلطالق الدبلوم القاري للمدرب « كاف برو «‪ .‬وجاء‬ ‫اختيار المغرب إلطالق هذا الدبلوم‪ ،‬نتيجة النخراطه في تطوير كرة القدم‬ ‫محليا وعلى الصعيد القاري‪ .‬وتعتبر استراتيجية التطوير من أجل التميز‪ ،‬والتي‬ ‫وضعها رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‪ ،‬فوزي لقجع‪ ،‬هي نظرة‬ ‫يتقاسمها مع الرئيس الكاف احمد أحمد‪ .‬وبمناسبة تنظيم بالدنا لكأس‬ ‫إفريقيا لالعبين المحليين‪ ،‬قرر الرئيس اإلتحاد اإلفريقي لكرة القدم‪ ،‬اإلعالن‬ ‫عن االنطالق الرسمي لهذا التكوين القاري‪ ،‬منذ الخميس ‪ 25‬يناير ‪،2018‬‬ ‫بالمركز الوطني لكرة القدم بالمعمورة‪ ،‬تتخلله توقيع اتفاقية في هذا اإلطار‬ ‫بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والكونفدرالية االفريقية لكرة‬ ‫القدم‪.‬‬ ‫‪vvvvvv‬‬

‫بالغ حول الجمع العام للرجاء البيضاوي‬ ‫بعد إطالع اللجان القانونية المختصة بما فيها لجنة الحكامة واالخالقيات‬ ‫على التقرير الخاص بالجمع العام لنادي الرجاء الرياضي لكرة القدم‪ ،‬المنعقد‬ ‫بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ 2018‬والذي تبين من خالله أن أشغال هذا الجمع لم يستنفد‬ ‫جميع نقط جدول أعماله‪ ،‬قررت الجامعة الملكية المغربية ما يلي‪:‬‬ ‫ دعوة الرئيس إلى عقد جمع عام استثنائي النتخاب رئيس وأعضاء‬‫مكتب نادي الرجاء الرياضي بحضور كل المنخرطين وذلك في أجل ال‬ ‫يتعدى ثالثون يوما‪.‬‬ ‫ تكليف لجنة الحكامة واألخالقيات بالتتبع الدقيق لمختلف مراحل إعداد‬‫هذا الجمع العام االستثنائي‪.‬‬ ‫ تهيب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بكل فعاليات نادي الرجاء‬‫الرياضي لاللتفاف من أجل تجاوز الخالفات الضيقة وجعل مصلحة‬ ‫النادي فوق كل اعتبار‪.‬‬ ‫كما تذكر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم جميع األندية الوطنية‬ ‫بأن آخر آجال لعقد جموعها العامة هو ‪ 15‬مارس ‪ 2018‬الستكمال إجراءات‬ ‫االنتقال إلى شركات رياضية مع نهاية الموسم الرياضي الكروي الحالي‪.‬‬ ‫‪vvvvvv‬‬

‫أكثر من ‪ 155‬ألف مشجع تابعوا العشر مباريات األولى للشان‬ ‫تنهي اللجنة المنظمة لبطولة افريقيا لألمم طوطال المغرب ‪ ،2018‬إلى‬ ‫علم الجمهور المغربي أن عدد المشجعين الذين حضروا خالل المباريات‬ ‫العشر األولى من الدور األول لهذه المنافسة القارية‪ ،‬قد بلغ ‪155031‬‬ ‫مشجع‪ .‬وتؤكد اللجنة المنظمة أن اإلقبال الجماهيري على المالعب األربعة‬ ‫التي تحتضن هذا العرس القاري بكل من مدن الدار البيضاء‪ ،‬طنجة‪ ،‬مراكش‪،‬‬ ‫وأكادير من شأنه ان يساهم وبشكل كبير في إنجاح تنظيم هذه البطولة‪.‬‬ ‫وتدعو اللجنة المنظمة كل محبي كرة القدم للحضور إلى المالعب‪ ،‬لمساندة‬ ‫المنتخبات المشاركة في بطولة إفريقيا لالعبين المحليين والتي تمتد الى‬ ‫غاية ‪ 4‬فبراير ‪.2018‬‬ ‫‪vvvvvv‬‬

‫تبادل الخبرات محور اتفاقية شراكة بين الجامعة الملكية‬ ‫المغربية واإلتحاد السوداني لكرة القدم‬ ‫أبرمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‪ ،‬صباح الخميس ‪ 25‬يناير‬ ‫‪ 2018‬اتفاقية شراكة وتعاون مع االتحاد السوداني لكرة القدم‪ .‬ووقع هذه‬ ‫االتفاقية عن الجانب المغربي فوزي لقجع‪ ،‬رئيس الجامعة الملكية المغربية‬ ‫لكرة القدم‪ ،‬وعن جانب االتحاد السوداني لكرة القدم الدكتور حسن محمد‬ ‫عبد اهلل برقو‪ ،‬عضو مجلس إدارة االتحاد السوداني لكرة القدم ورئيس لجنة‬ ‫المنتخبات الوطنية‪ .‬وتهدف هذه اإلتفاقية التي تم توقيعها بالمركز الوطني‬ ‫لكرة القدم بمدينة سال‪ ،‬إلى تبادل الخبرات والمساهمة في تطوير كرة القدم‬ ‫بالبلدين السيما في مجالي تكوين األطر التقنية والتحكيم‪ .‬وتروم اإلتفاقية‬ ‫أيضا‪ ،‬إلى برمجة مباريات ودية بين المنتخبات الوطنية للكبار والالعبين‬ ‫المحليين واألولمبي وكذا تنظيم مقابالت ودية خاصة بالفئات الصغرى‬ ‫والكرة النسوية‪.‬‬


‫العدد ‪926‬‬

‫األخيرة‬

‫الثالثاء ‪ 30‬يناير �إلى ‪ 05‬فرباير ‪2018‬‬

‫كنوزمناجم أوكسان التي أسالت‬ ‫لعاب اإلسبان‬

‫(تتمة ص‪)1‬‬

‫المقاومة الريفية الشجاعة التي تحركت في ‪ 7‬أكتوبر ‪ 1908‬بقيادة بطل الريف الشيخ الشريف محمد أمزيان‪ ،‬عرقلت‬ ‫استمرار األشغال في تجهيز المناجم حيث تعطل العمل بها لما يفوق السنتين‪ ،‬ما اضطر الدولة اإلسبانية إلى ضح ماليين‬ ‫البيسطات في رأس مال الشركة التي تأثرت كثيرا جراء حمالت المقاومة الريفية ‪ .‬وأثناء ذلك كادت أن تحدث مواجهات بين‬ ‫الجيش اإلسباني والجيش الفرنسي الذي كان يبحث‪ ،‬بذكاء‪ ،‬عن موقع قدم في «حديد الريف» األمر الذي دفع اإلسبان إلى‬ ‫التعجيل بشحن حديد الريف إلى مليلية حيث انتقل من ‪ 750‬طنا إلى في بدايات الشحن إلى ‪ 6‬ماليين ومائة ألف طن سنة‬ ‫‪ 1914‬وإلى ‪ 65‬مليون و ‪ 398‬ألف طن ثم تجاوز بعد ذلك ‪ 125‬مليون طن يعد ‪.1916‬‬ ‫ومع «فتوحات» معادن جبل أوكسان‪ ،‬تقوت رغبة اإلسبان في بسط يدها بالكامل ل على شمال المغرب‪ ،‬حيث إن معادن‬ ‫الحديد والرصاص‪ ،‬كانت تشكل بوجه خاص‪ ،‬أسس الصناعات الحربية‪ ،‬خاصة والعالم كان ال يزال يعيش اضطرابات الحرب‬ ‫الكونية األولى‪ ،‬ومالمح حرب كونية ثانية كانت تلوح في األفاق‪.‬‬ ‫غير أن المقاومة الشعبية الريفية قضت مضاجع الشركة االسبانية لمعادن الريف التي كانت تتوجس هجومات في‬ ‫أي لحظة‪ ،‬بالرغم من تظاهر اإلسبان بالهدوء والثقة في مشاريعهم حيث ضاعفوا من بعثات الخبراء إلى الريف الستكشاف‬ ‫مرتفعات جبل أوكسان التي تبين فيما بعد أنه يشكل خزانا حقيقيا للحديد ذي الجودة العالية ما دفعهم إلى تعزيز وجودهم‬ ‫العسكري وبناء الحاميات في محيط المناجم‪ ،‬وإطالق خط سكة حديدية بين الجبل ومليلية عبر الناظور‪ ، ،‬إال أن اإلسبان لم‬ ‫يكونوا ليأمنوا مقاومة أبناء قبيلة بني بويفرور الذين يباغتونهم بين الفينة والفينة ليبعثوا الرعب في نفوسهم ويربكوا‬ ‫أشغالهم‪ ،‬وما كان بإمكانهم فوق ذلك‪ ،‬فالمغرب لم يكن ‪ ،‬ومنذ زمن طويل‪ ،‬قادرا على مواجهة التسلل األجنبي الذي بدأ مع‬ ‫اإلسبان والبرتغال منذ القرن الخامس عشر ‪ ،‬ثم اإلنجليز والنظام السياسي بالمغرب كان نظاما متخلفا أقصى درجات التخلف‪،‬‬ ‫وهو ما سهل‪ ،‬بل وعجل باحتالل المغرب وتقسيمه بين أطراف مختلفة‪.‬‬ ‫مناجم الريف شهدت تطورا كبيرا خالل العقود األربعة التي تلت انطالقتها وحققت أرباحا طائلة نظرا لجودة الحديد‬ ‫والصلب المستخرج وإقبال العالم على هذا المنتوج المغربي االسباني الذي كانت له إسقاطات إيجابية جدا على الوضع‬ ‫االجتماعي لسكان المنطقة حيث أنشأت الشركة اإلسبانية لفائدة عمالها ‪ 500‬جارا مجهزة للسكنة وخمسة مراكز للخدمات‬ ‫االجتماعية يتوفر كل منها على قاعة للتمريض وصيدلية ومستوصف ‪ ،‬كما وضعت رهن إشارة العمال ملعبين لكرة القدم‬ ‫وملعب لكرة السلة وملعبين لكرة المضرب‪ .‬وأنشأت مدرستين ابتدائيتين لفائدة أبناء وبنات عمال المناجم‪ .‬ورغبة منها لتوفير‬ ‫اليد العاملة المدربة‪ ،‬أنشأت الشركة مراكز للتكوين المهني تخرجت منها وفود عديدة من شباب الريف الذي أجبرته مكاتب‬ ‫بنخضرا على العطالة‪.‬‬ ‫وغداة االستقالل المغرب مغرب الشركة اإلسبانية‪ ،‬فكان ذلك مفخرة ألهل المنطقة الذي تدعم لديهم الشعور بأنهم‬ ‫أصحاب المشروع ولم يعودوا «خدامين» عند «السنيور»‪ ،‬ولو أن هذا السنيور لم يروا منه إال الخير واإلحسان منذ بداية القرن‬ ‫الماضي وإلى تاريخ استرجاع الشركة اإلسبانية التي توصلت بتعليمات بتسهيل المأمورية إلى أقصى الحدود والرد باإليجاب‬ ‫على كل مقترحات المغاربة‪.‬‬ ‫مرحلة المغربة التي رعاها الراحل الحسن الثاني رحمه اهلل‪ ،‬انطلقت سنة ‪1959‬بعد حصول األبحاث والمساهمات المعدنية‬ ‫على ‪ 22,66‬بالمائة من أسهم الشركة االسبانية‪ ،‬لتسترجع الجولة المغربية كافة الحقوق على هذه الشركة سنة ‪1967‬‬ ‫وأنشأت شركة «سيف ريف» في نوفمبر من نفس السنة التي تحولت كل حقوق الشركة اإلسبانية السابقة إليها‪ ،‬من منشآت‬ ‫المنجم العمالق ووحات االنتاج وخزانات وأفرانا وحمامات وعربات وشاحنات وسيارات فضال عن القطار الذي كان يربط الناظور‬ ‫بمليلية بقاطراته الحديثة‪ ،‬و اآلالف من اليد العاملة المدربة التي ال زالت تنتظر‪...‬الفرج‪! ‬‬ ‫الشركة المغربية قررتا إنتاج مليون طن سنويا من الحديد المغربي بمركب الناظور وأنشأت منجمين ضخمين حفتهما‬ ‫سواعد أبناء المنطقة الستخراج المعادن‪.‬‬ ‫غير أن الشركة المغربية فشلت‪ ....‬والكارثة أنها سارعت إلى طمس معالم المنجمين الجديدين الذين غمرتهما المياه‬ ‫بما فيهما من أليات وتجهيزات‪ ....‬بالرغم من أن الدراسات االسبانية الموثقة والمؤكدة أقرت بوجود مخزون بماليين األطنان‬ ‫من الحديد والصلب بالمنطقة وأن مدة االستغالل تفوق ‪ 90‬سنة‪! ‬‬ ‫ومؤخرا‪ ،‬أشيع أن مكاتب أمينة بنخضرا تنوي إطالق طلبات عروض من أجل استغالل مناجم الحديد بالريف على أساس‬ ‫دفاتر تحمالت ال نشك في أنها ستحمل شروطا مثل شروط الخوزيرات‪ .‬‬ ‫فهل سيتم توظيف جانب من مهام هذا الميناء الضخم في تنمية الجهة الشرقية عبر تنمية الثروات المنجمية على غرار‬ ‫مناجم بوكسان التي كانت تستقطب حوالي ألفي عامل بعد االستقالل‪.‬‬ ‫حقيقة إن إعادة تشغيل مناجم الحديد بالناظور أصبح مطلبا شعبيا‪ ،‬كثيرا ما يطرح للنقاش على الساحة العمومية‪ ،‬وال‬ ‫يرضينا أن نفشل فيما نجح فيه‪ ،‬والمتياز‪ ،‬المحتل اإلسباني الذي أقام منجما ضخما راعى فيه كل متطلبات الحياة االجتماعية‬ ‫والصحية للعمال وألوالدهم وبناتهم وأسرهم من دور للسكن‪ ،‬وفصول للدراسة ومصحات للتطبيب وقاعات للترفيه ومالعب‬ ‫لممارسة أنواع مختلفة من الرياضات ‪.‬‬ ‫ومؤخرا‪ ،‬عرضت إحدى قنوات التلفزة المغربية تحقيقا مصورا عن مناجم ويكسان بالريف أصابنا بالصدمة خاصة حين‬ ‫علمنا أن العديد من منشآت المنجم بيعت كخردة‪ ،‬وأن قاطرات القطار الحديثة تحدثت أخبار عن وجود بعضها ببلد من بلدان‬ ‫أمريكا الالتينية‪ ،‬كما أن سلطات مدينة مليلية أقامت نصبا تذكاريا آلخر قاطرة من قاطرات «هينشل» األلمانية‪ ،‬التي شغلت‬ ‫في مناجم الريف ‪ ،‬كما تم بالمناسبة حفل تكريم لعائالت العمال الذين عملوا في شركة مناجم الريف اإلسبانية‪.‬‬

‫عزيز كنوني‬

‫فضاء األنثى ‪:‬‬

‫المرأة المغربية تلج‬ ‫«خطة العدالة»‬ ‫بعد إسقاط شرط الذكورة‬

‫‪ -‬بقلـم ‪:‬‬

‫�سم ّيــة �أمغـار‬

‫قرار جاللة الملك بفتح خطة العدالة في وجه المرأة المغربية‪ ،‬اعتبر‬ ‫من طرف هيئة عدول المغرب‪« ،‬قرارا حكيما» يكرم المرأة وينصفها»‪ ،‬قرار‬ ‫كان له «أثر بالغ في نفوس عدول المغرب» الذين «ثمنوا‪ ،‬بإجماعهم هذه‬ ‫الخطورة الملكية المباركة» التي تكرس حرص جاللة الملك على إنصاف‬ ‫النساء وإكرامهن»‪.‬‬ ‫وكانت جماعات من عدول المغرب ومن الموثقين قد نزلوا إلى الشارع‬ ‫خالل شهر يوليوز الماضي عندما أعلن وزير العدل ‪ ،‬أوجار‪ ،‬عن إبطال شرط‬ ‫الذكورة في مباراة الختيار ‪ 700‬من العدول‪ ،‬وفق القانون ‪ 03 - 16‬المنظم‬ ‫لهذه المهنة ‪.‬‬ ‫«الغاضبون» رفعوا شعارات من قبيل «المرأة ناقصة عقل ودين»‪،‬‬ ‫وشهادتها «باطلة»‪« ،‬تفسد الزواج وتبطله» ‪ ،‬وأن ال مجال للوالية على‬ ‫النكاح إال للرجال‪ ،‬حتى أن المرأة ال يجوز لها أن تزوج ابنتها‪ ،‬بل عليها أن‬ ‫توكل رجال ليحل محلها‪( ،‬حتى وإن اضطرت لدفع أجرة الوكيل من لحمها)‪....‬‬ ‫إرضاء للمشايخ ولجمهور األئمة !‬ ‫في حين ربطت جهات «متفاهمة» أن منظومة العدول والتوثيق في‬ ‫حاجة إلى تحديث حيث إنها ال زالت تخضع لقوانين ‪ 1914‬وأن ولوج المرأة‬ ‫لهذه المهنة سبق وأن حسم فيها المجلس العلمي األعلى من الناحية‬ ‫الدينية والشرعية وأعتبر أن كفاءة ومقدرة المرأة ‪ ،‬أهلتها ألن تتولى سائر‬ ‫المناصب العليا‪ ،‬في مختلف أسالك الدولة‪.‬‬ ‫إال أن ما يسمى بجمهور «الفقهاء» ‪ ،‬يربط بين شهادة المرأة ووظيفتها‬ ‫«الطبيعية» التي يدّعون أن اإلسالم سخرها لها وجعلها «مقصورة على‬ ‫شؤون البيت» األمر الذي يجعلها غير مهتمة بما يجري خارج بيتها‪.‬‬ ‫واضحُ هنا أن األمر يخص وضع المرأة في البيد والفلوات‪ ،‬خالل عصور‬ ‫الجاهلية األولى‪ ....‬وال عالقة له بوضع المرأة في أزمنتنا الحاضرة هذه‪،‬‬ ‫وبالتالي فإنه سيكون من الغبن أن نظلم المرأة فنبعدها عن مجال حيوي‬ ‫من مجاالت الحياة المجتمعية‪ ،‬وقد تزودت بالعلم «النافع»‪ ،‬الذي يؤهلها‬ ‫لدور القيادة والريادة في دولة المساواة في الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫أيام «البيد والفلوات» و «جهالة» العنتريات‪ ،‬حكموا على المرأة بعدم‬ ‫«القدرة» على الشهادة» إال في مجاالت الحيض‪ ،‬والبكارة‪ ،‬والثيوبة‪ ،‬والوالدة‪،‬‬ ‫بسبب أنها مرهفة الحس‪ ،‬وقوية الوجدان‪ ،‬ورقيقة القلب‪ ،‬ما يجعلها «غير‬ ‫قادرة» على الشهادة في قضايا الحدود والدماء‪ ،‬وهي أمور تحتاج للصالبة‬ ‫والشجاعة والقدرة‪ ،‬بينما المرأة «تهلع» و«تنهار» أمام الشدائد !‬ ‫هذا ما يمكن تصوره في أذهان بعض رجال « السلف الصالح» على‬ ‫عهد العباسيين في العراق‪ ،‬ما بين سنتي ‪ 39‬و‪ 241‬هجرية ‪ ،‬أي قبل ألف‬ ‫عام‪ ،‬وال زال «الجمهور» يدفع بأقوالهم وآرائهم بالرغم من أنهم إنما‬ ‫اختلفوا في مناهج االجتهاد واستنباط األحكام‪ ،‬وأقوالهم وأحكامهم ال تصل‬ ‫درجة «القدسية» على أهميتها القصوى في تقريب المسلمين من خبايا‬ ‫الدين الحنيف‪.‬‬ ‫وكما أثار موضوع ولوج المرأة منظومة العدول‪ ،‬جدال فقهيا غالبا ما‬ ‫طبعه نوع من التشدد والعصبية‪ ،‬من طرف من يصرون على عدم مسايرة‬ ‫سنة التطور التي فطر اهلل عليها بني البشر‪ ،‬كان موضوع وصول المرأة‬ ‫المغربية مجال القضاء قد جيش «جمهور « الفقهاء‪ ،‬ضد «قضاء المرأة» مع‬ ‫أن أهل «المذاهب» اختلفوا ما بين المنع والتحريم المطلق ‪ ،‬والـ «الجواز»‬ ‫المشروط بأن تقضي‪ ،‬فقط‪ ،‬في ما تصح فيها شهادتها‪ ،‬وهو للتذكير‪،‬‬ ‫األمور الدقيقة التي تخص «مبيض» النساء !!!! ‪....‬‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬فقد ولجت المرأة المغربية أسالك القضاء بدءا من سنة‬ ‫‪ ،1961‬حتى صار عدد النساء القاضيات يفوق اليوم نسبة ‪ 25‬بالمائة‬ ‫من مجموع قضاة المغرب من الذكور‪ ،‬وترقت بسرعة‪ ،‬بفضل كفاءتها‬ ‫وجودة أدائها لتحتل مناصب استثنائية‪ ،‬بالغة األهمية والحساسية‪ ،‬سواء‬ ‫بالمجلس األعلى أوالمجلس الدستوري‪ ،‬ولترأس غرفة بهذا المجلس‪،‬‬ ‫ومحاكم ابتدائية واستئنافية وإدارية وتجارية وغيرها‪ .‬كما أنها تشارك‬ ‫بكفاءة عالية في مختلف محطات النقاش من أجل إصالح منظومة القضاء‬ ‫بالمغرب كما تشارك بنجاح في شتى المنتديات الدولية ذات الصلة بموضوع‬ ‫القانون وحقوق اإلنسان‪ ،‬التي تدعى إليها‪ ،.‬األمر الذي يعطي صورة مشرفة‬ ‫للقاضية المغربية في الداخل والخارج‪.‬‬ ‫ومعلوم أن الراحل الحسن الثاني رحمه اهلل كان قد نوه بدخول أول امرأة‬ ‫قاضية للمجلس الدستوري‪ ،‬حيث عبر عن «زهوه وافتخاره»لوجود «سيدة‬ ‫فاضلة» قاضية ممتازة في هذا المجلس‪ ،‬وقال جاللته إنه قد عينها‪ ،‬ليس‬ ‫«مجاراة للشعارات» بل ألنها «بحق من النساء اللواتي ‪ ،‬إن كن شقائق‬ ‫الرجال في األحكام فهن كذلك شقائق الرجال في العلم»‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.