Achamal n° 1051 le 20 Juin 2020

Page 1

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬ ‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1051‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ ال�سبت ‪� 28‬شوال ‪ 26-20 / 1441‬يونيــو ‪2020‬‬

‫�أ�سامة الزكاري‬ ‫در�س التاريخ‬

‫�إميان �أغوتان‬ ‫�إعالمية ‪Medi 1 TV‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫ملف العدد‬

‫برنامج ال�سجل‬ ‫االجتماعي املوحد‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫املجل�س الوطني لل�صحافة‬

‫مرا�سالت خا�صة بجريدة‬ ‫«ال�شمال» من فرن�سا بلجيكا وهولندا‬ ‫�أحداث جهة‬ ‫طنجة تطوان احل�سيمة‬ ‫جدل املدار�س اخل�صو�صية‬ ‫يف املغرب ما بعد كورونا‬

‫ملف خا�ص‬ ‫الذكرى اخلام�سة لرحيل العالمة‬

‫عبد اهلل املرابط الرتغي‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫التقرير املرحلي‬ ‫للمجل�س الوطني لل�صحافة‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬ ‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫تضمن التقرير المرحلي للمجلس الوطني للصحافة المرتبط برصد‬ ‫أخالقيات مهنة الصحافة خالل أزمة كورونا التي عاشتها بالدنا مجموعة‬ ‫من التوصيات والقرارات والتوجيهات‪ ،‬حيث أكد على أن «االلتزام بأخالقيات‬ ‫المهنة ركيزة من ركائز الممارسة الصحافية؛ لكنه يكتسي خالل الكوارث‬ ‫واألزمات والجوائح أهمية قصوى‪ ،‬خاصة مع ما يمكن أن تسجله مثل هذه‬ ‫األزمات من انتشار كبير للشائعات أو األخبار الكاذبة أو المضللة‪ ،‬لذلك يعتبر‬ ‫دور الصحافيات والصحافيين خالل جائحة «كوفيد‪ »-19‬محوريا‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن من شأن العمل الصحافي المهني واألخالقي أن يساهم في إنقاذ األرواح‬ ‫في حاالت الطوارئ الصحية»‪.‬‬ ‫وبناء عليه فإن لجنته المختصة بأخالقيات المهنة قررت تتبع جميع‬ ‫الخروقات المخلة بميثاق أخالقيات المهنة الصادر بالجريدة الرسمية‪ .‬وذلك‬ ‫من أجل ثني العاملين بالقطاع عن التورط في ممارسات غير أخالقية‪ ،‬مشيرة‬ ‫إلى أنها تعتزم فتح حلقات للنقاش الحقا حول أخالقيات مهنة الصحافة‪،‬‬ ‫خاصة إبان أوقات األزمات‪.‬‬ ‫من جانب متصل ثمن المجلس في تقريره عاليا المبادرة ذات الحس‬ ‫الوطني القوي التي تبنتها الصحافة الورقية من خالل قرارها االستمرار‬ ‫في الصدور إلكترونيا وبالمجان‪ ،‬بغض النظر عما يستتبع ذلك من آثار‬ ‫سلبية على مردوديتها المالية مع التوقف الورقي وما يرتبط به من توزيع‬ ‫واستشهار‪ ،‬وعلى الرغم من أنه «لم تسجل أي حاالت مؤكدة في العالم تثبت‬ ‫احتماالت تلوث الصحف أو انتقال الفيروس عن طريقها»‪.‬‬ ‫وفي السياق المرتبط بأخالقيات مهنة الصحافة مع األزمة التي عصفت‬ ‫ببالدنا‪ ،‬أدان التقرير الممارسات الصحافية التي نحت منحى المتاجرة‬ ‫بموضوع وباء كورونا مما يتنافى مع الرسالة النبيلة للعمل الصحافي‪.‬‬ ‫وفي إطار مواصلة تتبع احترام الصحافة المغربية لميثاق أخالقيات‬ ‫المهنة‪ ،‬رصد المجلس الوطني للصحافة مجموعة من خروقات أخرى ألحكام‬ ‫الميثاق ومبادئه‪ ،‬خاصة ما يتعلق بتهم المسؤولية المهنية‪ ،‬والمسؤولية‬ ‫إزاء المجتمع‪ ،‬واالستقاللية والنزاهة‪.‬‬ ‫وعالقة باألخبار الكاذبة والتضليل‪ ،‬أكد التقرير أن «البعض عمد إلى‬ ‫استغالل الهويات البصرية لمنابر إعالمية من أجل فبركة وإذاعة صور‬ ‫تنقل أخبارا زائفة أو مضللة ونسبها لهذه المنابر‪ ،‬في خرق سافر ألخالقيات‬ ‫المهنة»‪.‬‬ ‫ولم تفت التقرير اإلشارة إلى أن منابر إعالمية قامت بسرقات أدبية‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫محمد �إمغران‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫لمواد إعالمية تخص منابر أخرى‪ ،‬مذكرا بأن «السطو على مقاالت ومواد‬ ‫الزمالء الصحافيين‪ ،‬باإلضافة إلى كونه خرقا سافرا ألخالقيات المهنة‬ ‫يستوجب التنديد والمساءلة‪ ،‬ويمكن أن يؤثر على صورة ومصداقية‬ ‫الصحافيين والمنابر اإلعالمية التي يشتغلون بها‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬ومكانة‬ ‫الصحافة الوطنية لدى المواطنين‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬عالوة على إخالله وتأثيره‬ ‫على مبدأ التضامن والتآزر المفترض بين الصحافيين والسعي بشكل دؤوب‬ ‫إلى تعزيز أواصر الزمالة داخل المهنة‪ ،‬كما ينص على ذلك ميثاق أخالقيات‬ ‫المهنة»‪.‬‬ ‫وفي إطار صيانة حرمة الطفولة وبراءتها أكد التقرير على أنه «بخصوص‬ ‫حماية القاصرين التي يكرسها ميثاق أخالقيات مهنة الصحافة‪ ،‬يذكر‬ ‫المجلس‪ ،‬أمام توالي نشر فيديوهات وصور األطفال‪ ،‬ومن بينها نشر مقطع‬ ‫فيديو لطفل مصاب بفيروس كورونا‪ ،‬أنه ينبغي في جميع األحوال مراعاة‬ ‫المصالح الفضلى للطفل وإعطائها األولوية على أي اعتبار آخر واجتناب كل‬ ‫ما يمكن أن يعرض الطفل ألي وصم أو أذى أو إساءة مدى الحياة»‪.‬‬ ‫وتفاديا الستمرارية مثل هذه الممارسات المعيبة والمسيئة للقطاع نبه‬ ‫التقرير إلى أن المجلس الوطني للصحافة ولجنة أخالقيات المهنة بصدد‬ ‫وضع خارطة طريق لتطوير الممارسات اإلعالمية خالل الظروف االستثنائية‪.‬‬ ‫وأكد على أن من بين ما تتضمنه هذه الخارطة‪« ،‬تكثيف اللقاءات‬ ‫مع الجسم الصحافي حول القواعد المهنية واألخالقية»‪ ،‬و«تنظيم دورات‬ ‫تكوينية موضوعاتية يساهم في تأطيرها خبراء في تدبير الكوارث الطبيعية‬ ‫وحاالت الطوارئ الصحية»‪ ،‬و»تنظيم ورشات تكوينية حول إعالم األزمات‬ ‫والحق في الخصوصية وفي الصورة»‪ ،‬و»إعداد دالئل عملية‪ ،‬بتعاون مع‬ ‫المنظمات المهنية والمختصة‪ ،‬الوطنية منها والدولية‪ ،‬لفائدة الصحافيين‬ ‫حول بعض المواضيع والقضايا والظواهر االجتماعية والسياسية والقانونية‬ ‫والبيئية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬يكون الهدف منها تعميم وتبسيط تناولها إعالميا من‬ ‫طرف المهنيين»‪.‬‬ ‫واختتم التقرير بالتذكير على أن «المجلس الوطني للصحافة يعتبر‬ ‫أن من بين أدواره الرئيسية التحسيس والتوعية بضرورة احترام أخالقيات‬ ‫المهنة؛ لكن هذا لن يحجب تفعيل اختصاصاته لحماية المجتمع وسمعة‬ ‫األشخاص وكرامتهم‪ ،‬في مواجهة الخروقات السافرة‪ ،‬وترتيب الجزاءات التي‬ ‫ينص عليها قانونه»‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هـدى املجـاطـي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ـ طنجــة ـ‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫• محمد إمغران‬

‫هل ميكن رف�ضك‬ ‫الختبارالك�شف عن فريو�س‬ ‫«كورونا» ؟‬ ‫كثر الحديث‪ ،‬هذه األيام‪ ،‬عن مسألة الخضوع‬ ‫الختبارالكشف عن هذا الفيروس بين العاملين في‬ ‫الشركات والمقاوالت وباقي أماكن الشغل التي تعرف‬ ‫اكتظاظا بالمستخدمات والمستخدمين‪ ،‬حيث أن كل‬ ‫واحد منهم يدلي‪ ،‬عن وعي أوغيروعي‪ ،‬في الموضوع‬ ‫الذي أثارالكثيرمن الجدل‪ .‬وكما هو معلوم‪ ،‬فقداختارت‬ ‫بالدنا تطبيق خطة تشخيص مكثفة للكشف عن‬ ‫فيروس «كورونا» بين مستخدمي القطاع الخاص‪.‬‬ ‫ويهدف هذا اإلجراء إلى تمكين أرباب المقاوالت‬ ‫المغربية من حماية مستخدميهم والحد من المخاطر‬ ‫االتي تهدد بانتقال أوتفشي الفيروس‪ ،‬حفاظا على‬ ‫نشاط العمل في ظروف صحية آمنة‪ ،‬حيث أن هناك‬ ‫العديد من األسئلة التي تشغل بال المشغلين‬ ‫باألساس‪ ،‬من قبيل هل يحق للمستخدم رفض إجراء‬ ‫اختبار الكشف عن كوفيد‪-19‬؟ ‪..‬ما الذي قد يواجهه‬ ‫في حالة الرفض؟‪ ..‬ماذا يقول قانون الشغل في هذه‬ ‫الحالة؟‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬ندلي برأي خبراء في القانون‬ ‫االجتماعي وقانون الشغل‪ ،‬توضيحا لهذه المسألة‪،‬‬ ‫إذ يرون أن رفض المستخدم إجراء اختبارالكشف‬ ‫عن كوفيد‪ -19‬يمكن أن يعتبر «خطأ جسيما «‬ ‫يبررتسريحه من العمل‪ ،‬خاصة وأن األخطاء الجسيمة‬ ‫الواردة في المادة ‪ 39‬من قانون الشغل جاءت «على‬ ‫سبيل المثال فقط»‪ ،‬مشيرين إلى أن أي فعل من‬ ‫شأنه اإلضراربالغيرأو بالمقاولة يمكن أن يترتب‬ ‫عنه «خطأ جسيم» موضحين أن هذا ما يبررلجوء‬ ‫أرباب المقاوالت إلى هذا اإلجراء‪.‬وفي هذا اإلطار‬ ‫كذلك‪ ،‬يشير األخصائيون االجتماعيون إلى أن‬ ‫المادة ‪ 39‬من قانون الشغل أوردت األخطاء الجسيمة‬ ‫التي قد يرتكبها المستخدم «على سبيل اإلرشاد»‪،‬‬ ‫وذلك على غرار «عدم مراعاة المستخدم للتعليمات‬ ‫الالزم اتباعها‪ ،‬لحفظ السالمة في الشغل وسالمة‬ ‫المؤسسات‪ ،‬تترتب عنه خسارة جسيمة «‪ ،‬مضيفين‬ ‫أنه‪ ،‬وفقا لذلك‪ ،‬فإن المستخدم الذي يسعى إلى‬ ‫التهرب من االختبار يمكن أن يعاقب‪.‬وأما مسالة‬ ‫تحديد درجة الجسامة‪ ،‬فتقع ضمن السلطة التقديرية‬ ‫للقاضي‪ ،‬وهو ما ذهب إليه المختصون‪ ،‬موضحين أن‬ ‫ممارسة هذه «السلطة التأديبية» من قبل المشغل‬ ‫تخضع بصفة دائمة لسلطة القاضي الذي يمكنه‬ ‫تأكيد أو رفض هذا القرار‪.‬‬ ‫ولإلشارة‪ ،‬فإن اختبار «كوفيد ‪ »19‬ال يدخل في‬ ‫نطاق «الحرية الشخصية» للمستخدم‪ ،‬علما وحسب‬ ‫بعض المصادر‪ ،‬أن بعض الخبراء يعتقدون أن مسألة‬ ‫الرفض ال ينظمها التشريع االجتماعي المغربي‪،‬‬ ‫ولكن عند االطالع على بعض أحكام قانون الشغل‬ ‫تتجلى مسألة االلتزام بأمن المقاولة الذي يفرض‬ ‫على المشغل «اتخاذ كافة التدابير الالزمة للحفاظ‬ ‫على سالمة وصحة وكرامة المستخدمين أثناء أداء‬ ‫مهامهم «‪ ،‬وانطالقا من ذلك‪ ،‬يمكن استنتاج أن‬ ‫هذا الفحص اليدخل في نطاق الحرية الشخصية‬ ‫للمستخدم‪ ،‬على اعتبار أن األمر يتعلق بصحة وسالمة‬ ‫الجميع‪ ،‬بما في ذلك المستخدم والمشغل‪ ،‬دون إلحاق‬ ‫أي ضرربأحد منهما‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫‪3‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫«خِفة الدم» ‪ -‬كما يقول فكري أباظة‪ -‬خِلقة طبيعية‪ ،‬من عند اهلل‪ ،‬ال من‬ ‫عند الناس‪ .‬وقد تنبعث من العينين‪ ،‬أو من الصوت‪ ،‬أو من تركيب مالمح الوجه‬ ‫وأجزاء الجسم‪.‬‬ ‫والذي سأتحدث عنه في هذه الدردشة‪ ،‬مِن هؤالء الذين منحهم اهلل هذه‬ ‫المنحة‪ ،‬فهو «نْكايتي» وهب نفسه للنكتة‪ ،‬يبحث عنها في مظانها‪ ،‬أو يتلقفها‬ ‫من رواتها‪ ،‬فإذا أدخلها إلى قاموسه‪ ،‬صار لها طعم آخر‪ ،‬ونكهة خاصة‪.‬‬ ‫لذا أصبح مرجعا في الطرائف والمستملحات‪ ،‬اليمل من سردها‪ ،‬وال يكف عن‬ ‫روايتها‪ ،‬وسعادته أن يرى البسمة مرسومة على الشفاه‪ ،‬ويسمع الضحكة تتردد‬ ‫في المجامع والمنتديات‪.‬‬ ‫أما السياسة‪ ،‬والرياضة‪ ،‬وأخبار اإلثارة‪ ،‬وما شئتَ من اهتمامات الناس‬ ‫وهواياتهم‪ ،‬فقد تركها لغيره‪ :‬يتجادلون‪ ،‬يتصايحون‪ ،‬يتخاصمون‪ ،‬هم في واد‪،‬‬ ‫وهو في واد آخر‪ .‬لهم دينهم ‪-‬كما يقول ‪ -‬وله دينه‪.‬‬ ‫ما تعصّب قط لفريق‪ ،‬وما أسلس قياده لحزب أو جمعية‪ ،‬وما شغل نفسه‬ ‫بقضية‪ ،‬وإنما أخذ الحياة ببساطة‪ ،‬فمنحتْه الوجه البشوش‪ ،‬ووسمتْه ِب ِسمةِ‬ ‫القناعة وحافظت على شكله وبنيانه‪ ،‬فظل كما عرف منذ ثالثين سنة أو أكثر‪،‬‬ ‫الشخص الضاحك المضحك‪.‬‬ ‫حاول في شبابه أن يغشي عدة مجاالت‪ ،‬ويتقلب في عدة مناصب‪ ،‬إال أن‬ ‫التوفيق جانبه‪ ،‬وسافر من أجل تحسين دخله‪ ،‬لكنه افتقد األهل واألصدقاء‪ ،‬وافتقد‬ ‫الجلسات الحميمية‪ ،‬فأعاده الحنين والشوق إلى مسقط الرأس‪.‬‬ ‫وهو اآلن يعيش كما يعيش المتقاعدون‪ ،‬لكنه يتميز عنهم ‪ -‬كما قلت آنفا ‪-‬‬ ‫بخفة الروح‪ ،‬والتفنن في إلقاء النكت ّ‬ ‫والطرَف‪.‬‬ ‫وهذا هو سر حفاظه على رشاقته‪ ،‬وسر احتفاظه بمظهره ومخبره‪ ،‬فليحفظه‬ ‫اهلل بعيدا عن أمراض هذا العصر‪ ،‬وليمدّه بالمدد العديد من المستملحات‪ ،‬حتى‬ ‫يَسعَد ويُسعِد‪.‬‬

‫في حوار مع عبدالباري الطيار‬ ‫رئيس جماعة تمورت القروية‬

‫«إجراءات الحكومة لمواجهة وباء «كورونا» كانت إيجابية‬ ‫إال أنها أخطأت في تدبير ملف العالقين بالخارج»‬ ‫‪-‬‬

‫عبد الباري الطيار من مواليد ‪ 1953‬بجماعة‪ ‬تمروت باقليم شفشاون‪.‬‬ ‫تابع دراسته بتمروت ثم بباب برد فتطوان حيث حصل على شهادة الباكلوريا‬ ‫سنة ‪ .1972‬ساهم في نضاالت التالميذ والطلبة في السبعينيات وانخرط في‬ ‫العمل السياسي عبر منظمة الى االمام ليتم اعتقاله في ماي ‪ 1976‬ويحكم‬ ‫عليه ب‪ 22‬سنة سجنا قضى منها‪ 13‬سنة وراء القضبان‪ .‬وخالل فترة االعتقال‬ ‫حصل على االجازة في علم االجتماع من جامعة محمد الخامس بالرباط‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 1989‬تم إطالق سراحه ليستأنف نشاطه السياسي من جديد‬ ‫ولكن هذه المرة بشكل علني وسلمي فساهم في تأسيس حزب الحركة من‬ ‫جل الديموقراطية ثم حزب اليسار االشتراكي الموحد‪.‬‬ ‫في سنة‪ 2002‬جمد عمله السياسي ليتفرغ للعمل الصحافي حيث‬ ‫أصدر جريدة (الصحيفة الشمالية) ثم جريدة (الجسر الشمالي) مع عبد العزيز‬ ‫الطريباق واألمين مشبال‪.‬‬ ‫على الواجهة الفكرية ساهم بعدة مقاالت‬ ‫نشرت في بعض الجرائد والمجالت الوطنية‬ ‫كما أصدر كتابين ‪(:‬ثوار وأنبياء من غمارة) سنة‬ ‫‪ 1997‬و (دفاعا عن الحرية)سنة‪ 2014‬في صيف‬ ‫‪ .2015‬وبدعوة من بعض شباب تمروت سيعود‬ ‫لمزاولة النشاط السياسي إذ سيتم انتخابه‬ ‫رئيسا لجماعة تمروت‪.‬‬ ‫ورغ��م أن��ه لم تمض على رئاسته لهذه‬ ‫الجماعة إال خمس س��ن��وات فقد حقق لها‬ ‫وبمساهة مجلسها مشاريع كبيرة لم تعرفها‬ ‫منذ نشأتها في الستينيات‪ ،‬وهكذا بنيت طرق‬ ‫وقناطر جديدة وأن��ش��ات مصحات وم��دارس‬ ‫جديدة الخ‪ .‬وال زالت عدة مشاريع مقررة تنتظر‬ ‫اإلنجاز والبناء‪.‬‬ ‫ويأتي هذا الحوار عن بعد مع عبدالباري الطيار لتسليط الضوء على‬ ‫مساهمة جماعته إلى جانب السلطات اإلدارية والمجتمع المدني و باقي‬ ‫الفاعلين المحليين في التخفيف من آثار وباء كورونا في جماعته‪.‬‬

‫س ‪:‬لقد اتخذت بالدنا عدة إجراءات استباقية على المستوى‬ ‫الوقائي والصحي واالجتماعي والمالي لتجنيب بالدنا‪ ‬اآلثار‪ ‬‬ ‫الوخيمة لوباء كورونا على المنظومة الصحية وبالتالي على‬ ‫الحق في الحياة والسالمة الصحية للمواطنين‪ ،‬وقد حظيت هذه‬ ‫اإلجراءات بتنويه كبير من مختلف دول العالم‪ ،‬وخاصة بأوروبا‪.‬‬ ‫ما تقييمكم لهذه اإلجراءات‪ ،‬و كيف ساهمت الجماعة القروية‬ ‫التي تترأسونها في هذا المجهود الوطني إلى جانب السلطات‬ ‫اإلدارية وباقي الفاعلين المحليين؟‬ ‫‪ ‬ومن جهة أخرى ماذا أعدت الجماعة التي تترأسونها‪،‬‬ ‫للتخفيف من آثار الحجر الصحي على معيش سكان الجماعة‬ ‫ونشاطهم االقتصادي خاصة؟‬ ‫ج ‪ :‬أوال أشكر جريدتكم عل هذا االستجواب المقتضب‪ ،‬وأتمنى لها كامل‬ ‫النجاح؛ فالصحافة مهنة محترمة؛ و الصحفي له دور كبير جدا في المجتمع‪ ‬‬ ‫والمتمثل في توجيه الناس و نشر ‪ ‬المعلومة ‪ ،‬وهذه المهمة ليست سهلة‪،‬‬ ‫ونحن محتاجون لها في بلدنا الذي يسير في طريق النمو إن شاء اهلل‪.‬‬

‫أجرى الحوار عبدالحي مفتاح م‬

‫وجوابا على السؤالين سأحاول إدماجهما في جواب واحد‪ .‬أقول فعال‬ ‫اإلجراءات التي اتخذتها الحكومة كانت إيجابية خاصة الحجر الصحي‪ ‬وإحداث‬ ‫الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا إلخ‪ .‬ونتمنى أن تكون نتائج‬ ‫هذه اإلج��راءات مرضية في المستقبل القريب‪ ،‬رغم أن بعض اإلج��راءات‬ ‫طالتها اختالالت مثل قرار إغالق الحدود‪ ،‬وعدم حل مشكل العالقين الذين‬ ‫كنت واحدا منهم حيث ال زلت عالقا بإشبيلية لمدة تزيد عن ثالثة أشهر‬ ‫ونصف‪ ،‬والحكومة لم تبادر بأية خطوة لحل هذا المشكل رغم أن‪ ‬له نتائج‬ ‫وانعكاسات سلبية على المستوى النفسي والمالي لألشخاص المعنيين‪ ،‬فعال‬ ‫لقد استطاع البعض حل مشاكله بطريقة أو أخرى سواء عن طريق البنك أو‬ ‫العائالت الموجودة بالدول‪ ‬العالقين بها‪ ،‬لكن‪ ‬البعض اآلخر‪ ،‬كما تم نشره‬ ‫وإذاعته في بعض وسائل اإلعالم انتهى به أمر الضائقة إلى حد التسول‬ ‫كما وقع في تركيا حيث وجد العالقون في هذا البلد أنفسهم مطوقين‬ ‫بإغالق الحدود الجوية والبحرية والبرية بعد أن‬ ‫كان برنامجهم للسفر ال يتعدى ‪ 10‬أو ‪ 15‬يوما‬ ‫من أجل السياحة‪ ،‬و فرض عليهم البقاء حيث‬ ‫هم إكراها لمدة تتعدى الثالثة أشهر‪ .‬إذن هذا‬ ‫الملف لم تدبره الحكومة بشكل إيجابي‪ ،‬كذلك‬ ‫تم تسجيل بعض األخطاء من طرف بعض أعوان‬ ‫السلطة سواء بممارسة العنف تجاه المواطنين‬ ‫أو بالتمييز في توزيع اإلعانات و المساعدات‬ ‫بالنسبة للفقراء والمحتاجين‪ ،‬في هذا الجانب‬ ‫الثاني أعتقد أن األخطاء كانت فلتات و ال تشكل‬ ‫اتجاها عاما‪ ،‬ولكن فيما يخص ملف العالقين‪ ‬‬ ‫ارتكبت الحكومة خطئا كبيرا‪ ،‬أتمنى أن اليكون‬ ‫له انعكاسات سلبية على المستويين المتوسط‬ ‫والبعيد‪.‬‬ ‫بالنسبة لجماعتنا فقد قام السادة نواب الرئيس وموظفوا الجماعة‬ ‫بعملهم على أحسن وجه‪ ،‬ومن هذا المنبر أشكرهم جميعا دون استثناء‪،‬‬ ‫حيث خصصنا كجماعة من أجل المساعدات مقدارا ماليا كبيرا لدعم‬ ‫المحتاجين بتوزيع القفة عليهم‪ ‬تحت إشراف السلطة المحلية طبعا‪ .‬وفي‬ ‫هذا الصدد أقول إن هذا المجال يطاله خلل حيث إن الناس كانوا ينتظرون‬ ‫من‪ ‬الجماعات الترابية أن تقوم بدورها في التقليل من اآلثار السلبية‬ ‫للجائحة‪ ،‬فإذا بوزارة الداخلية أبعدت هذه المؤسسات الدستورية التي تجسد‬ ‫الالمركزية وتقوم بمهام وخدمات القرب‪ ،‬من الناحية القانونية وكذا من‬ ‫الناحية العملية‪ ،‬الشيء الذي خلق نوعا من سوء الفهم لدى السكان ألنهم‬ ‫يعرفون الجماعة و لألسف هذه األخيرة منعت من القيام بدورها خاصة على‬ ‫المستوى العملي من خالل المساهمة في عملية التوزيع وما يرتبط بها‪ ،‬‬ ‫مما خلق واقعا غير إيجابي‪.‬‬ ‫من جهة أخرى فقد ساهمنا في النظافة وفي توعية السكان‪ ،‬فرغم أنني‬ ‫شخصيا كنت بعيدا عن الجماعة لوجودي بإشبيلية مكرها‪ ،‬فقد كنت أتواصل‬ ‫مع السكان وأحثهم على احترام االجراءات التي قررتها الحكومة والدولة‬ ‫المغربية سواء تلك المتعلقة بالحجر الصحي أو بالنظافة‪ ،‬وكنا نساهم جميعا‪،‬‬ ‫كل من موقعه وحسب إمكانياته‪ ،‬في توعية السكان‪ .‬وال أنسى أن أشير أن‬ ‫عددا من الجمعيات النشيطة العاملة في الجماعة قامت بدورها كامال فيما‬ ‫يتعلق‪ ‬بالتحسيس وكذا توزيع المساعدات على المحتاجين‪ ،.‬لذلك فهي‬ ‫تستحق منا كل التنويه‪ .‬وأخيرا أجدد شكري للجريدة‪.‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫حكم نسجت ‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫حكم ‪:‬‬

‫جمع حكمة؛ وهي صواب الرأي وسداده‪ ..‬ومن دالالت‬ ‫الحكم ‪ :‬العدل‪ ،‬والكالم الذي يقل لفظه ويجل معناه ‪،‬‬ ‫والنعمة‪ ،‬وإصابة الحق في قول أو عمل ببصيرة نافذة‬ ‫وخالصة تجربة‪ ،‬أو بوحي من اهلل ‪ ،‬كما وقع لألنبياء عليهم‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫وردت الحكمة في كتاب اهلل العزيز‪ ،‬اما مقرونة بالكتاب‬ ‫المنزل؛ أي بالوحي‪ ،‬مصداقا لقوله سبحانه وتعالى «ونعلمه‬ ‫الكتاب والحكمة والتوراة واالنجيل»‪ ،‬واما للداللة على اصابة‬ ‫الحق‪ ،‬كما في قوله تعالى «وشددنا ملكه‪ ،‬وآتيناه الحكمة‬ ‫وفصل الخطاب»‬ ‫ولفظ «حكم» في بيت الناظم خبر لمبتدا محذوف؛‬ ‫تقديره ‪ :‬معايشهم وعواقبهم حكم‪.‬‬ ‫والحكمة عند أهل اهلل هي الحقيقة المحمدية‪ ،‬والحقيقة‬ ‫المحمدية مشكاة النبوة‪ ،‬وهذه الحكمة ال تتنزل على‬ ‫العقول‪ ،‬بل على القلوب؛ لكونها علم مكاشفة صادرة من‬ ‫قلب الولي‪ .‬وحكم في البيت تحيل على موافقة وجريان على‬ ‫مقتضى مقادير ربانية‪..‬‬

‫نسجت ‪:‬‬

‫بمعنى خالصة النسج؛ وهو ضم شيء آلخر ‪ .‬ومن دالالت‬ ‫النسج ‪ :‬الحياكة‪ ،‬والسير‪ ،‬واإلنبات‪ ،‬والنظم‪ ،‬والتلخيص‪،‬‬ ‫والصياغة‪..‬‬

‫بيد ‪:‬‬

‫الباء خافضة‬ ‫واليد تعني ‪ :‬النعمة‪ ،‬واالحسان‪ ،‬والسلطان ‪ ،‬والقدرة ‪،‬‬ ‫والقوة ‪ ،‬والملك ‪ ،‬والحوزة ‪ ،‬والكفالة‪..‬‬

‫حكمت ‪:‬‬

‫جملة حكمت واقعة صفة ليد؛ بمعنى ‪ :‬يد حاكمة‪ ..‬وفي‬ ‫إسناد الحكم إلى اليد مجاز‬

‫ثم ‪:‬‬

‫عاطفة‪ ،‬دالة على ترتيب مع تراخ في الزمن؛ والترتيب‬ ‫جعل األشياء الكثيرة منتظمة في نسق عام‪ ،‬يجمع بينها في‬ ‫منظومة شمالة‪ ..‬والترتيب بالغيا ايراد أوصاف الموصوف‬ ‫على ترتيبها في الخلقة الطبيعية؛ كما جاء في قوله تعالى‬ ‫«هو الذي خلقكم من تراب‪ ،‬ثم من نطفة‪ ،‬ثم من علقة‪ ،‬ثم‬ ‫يخرجكم طفال‪ ،‬ثم لتبلغوا أشدكم‪ ،‬ثم لتكونوا شيوخا» وهذا‬ ‫هو جوهر الترتيب‪.‬‬

‫انتسجت ‪:‬‬

‫بمعنى صارت خالصة انتساج واختالط والتحام فعليين؛‬ ‫واالنتساج مطاوع النسج بفتح الواو وكسره ‪ .‬وفي المطاوعة‬ ‫موافقة؛ وهي تعني عند النحويين والصرفيين ما تدل عليه‬ ‫من صيغ بعض األفعال المزيدة في اللغة العربية من قبول‬ ‫أثر الفاعل‪ .‬تقول ‪ :‬كسرت االن��اء فانكسر؛ وهذا مدلول‬ ‫المطاوعة؛ بمعنى قبول أثر الفعل المتعدي‪.‬‬

‫بالمنتسج ‪:‬‬

‫االنتساج متراخ في رتبة النسج ألنه مطاوعه‪ ،‬واالنتساج‬ ‫تعلق تنجيزي‪ ،‬وهو حاصل‪ ..‬وفي البيت استعارة لشدة ارتباط‬ ‫المقادير بالعبد؛ بحيث ال انفكاك له عنها‪ ،‬وال انفكاك لها‬ ‫عنه؛ فكأنها ملتحمة به؛ كما في قول القائل ‪:‬‬ ‫«ما أصابك من مصيبة لم يكن ليخطئك‪ ،‬وما أخطأك‬ ‫لم يكن ليصيبك»‬ ‫أو قول الشاعر ‪:‬‬ ‫فوض األمر الى رب البشـــــــر‬ ‫واترك الهم ودع عنك الكـــــدر‬ ‫أو قول الشاعر ‪:‬‬ ‫ما قدر اهلل آت‪ ،‬كنت في سفـــر‬ ‫أو في مقرك بين األهل والحشم‬ ‫أو قول آخر ‪:‬‬ ‫هي المقادير تجري في أعنتهـا‬ ‫فال تبيتن إال خــــــالي البـــــال‬

‫وحاصل المعنى ‪:‬‬

‫ما يجري على العبد من خير أو شر هو بتقدير من اهلل‬ ‫وإرادته؛ منتسج به؛ ملتحم به؛ ال انفكاك له عنه؛ فقد يجري‬ ‫على العبد ما يكرهه‪ ،‬وان بالغ في دفعه وتنحيته عنه‪ ،‬وقد‬ ‫ينصرف ما يحب‪ ،‬وإن اجتهد في أسباب تحصيله‪ .‬واهلل جلت‬ ‫قدرته موجد لما سبق في علمه وقضائه وقدره ‪ .‬وعين العقل‬ ‫أن نكون راضين بقضائه وقدره في إيجاد كل الممكنات‪..‬‬


‫‪4‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫ال�سجل االجتماعي املوحد‪..‬‬ ‫وانتظارات الفئات اله�شة؟‪.‬‬ ‫• محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام)‬ ‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫أكدال‪ .‬جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ‬

‫المتتبع للوضع االجتماعي المغربي يقف دائما أمام عدة‬ ‫مالحظات‪ ,‬أهمها تباين اجتماعي ومناطقي كبير‪ ،‬على خلفية‬ ‫انتشار الفقر الشديد في العديد من المناطق أبرزها المناطق‬ ‫المعزولة في الهوامش والجبال‪ ،‬وأيضًا انتشار البطالة بنسب‬ ‫مرتفعة بين الشباب‪ ،‬خاصة الحاملين لشهادات جامعية عليا‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن تردّي الوضع الصحي في المملكة وتراجع جودة‬ ‫التعليم‪.‬‬ ‫ويرى جل المغاربة‪ ،‬أن النخبة السياسية في بالدهم فشلت‬ ‫في وضع اللبنات األولى للممارسة الديمقراطية وللنجاعة‬ ‫السياسية والتأصيل لسلوك سياسي حضاري حديث قوامه‬ ‫المنافسة الشريفة بين المشاريع والبرامج واألفكار‪ ،‬األمر الذي‬ ‫انعكس سلبًا على الوضع االجتماعي في المملكة‪.‬‬ ‫لذلك فالمغرب عرف و ال يزال صعوبات االرتقاء االجتماعي‬ ‫تطال بشكل جلي بعض الفئات التي تعرف التمييز‪ ,‬من جهة‬ ‫أخرى تبين ان الحركية االجتماعية تتوقف على عوامل ‪ :‬سنوات‬ ‫الدراسة‪ ,‬الخبرة المهنية‪ ,‬و الوضعية المهنية و االجتماعية‬ ‫لألسر‪ .‬لذلك اعتبر خطاب العرش لسنة ‪ 2018‬خارطة طريق‬ ‫مهمة في سياسة الدولة من حيث مجال الدعم االجتماعي‬ ‫الموجه إلى الفقراء‪ ،‬حيث أعلن الملك محمد السادس إحداث‬ ‫“السجل االجتماعي الموحد”‪ ،‬لتحسين مردودية البرامج‬ ‫االجتماعية تدريجيا‪ ،‬وعلى المدى القريب والمتوسط‪.‬‬ ‫وقد أكد الملك أنه “نظام وطني لتسجيل األسر‪ ،‬قصد‬ ‫االستفادة من برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬على أن يتم تحديد تلك‬ ‫التي تستحق ذلك فعال عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية‪،‬‬ ‫وباستعمال التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬ ‫مستقبال سيكون السجل االجتماعي الموحد كما سمي‪,‬‬ ‫هو المنطلق الوحيد لدخول أي برنامج اجتماعي‪ ،‬وسيتم إحداث‬ ‫سجل وطني للسكان‪ ،‬حيث كل مقيم في المغرب سيصبح‬ ‫له معرّف رقمي مدني واجتماعي‪ .‬وسيعتمد المغرب أنظمة‬ ‫معلوماتية بمجرد إدخال الرقم الخاص بكل مواطن مغربي أو‬ ‫أجنبي مقيم بالمغرب‪ ،‬يتم التعرف على الوضعية االجتماعية‬ ‫له‪.‬‬ ‫مع ذلك الزال خروج برنامج السجل االجتماعي الموحد‪،‬‬ ‫يعرف تأخرا في التنزيل بسبب تضارب األرقام بين الحكومة‪،‬‬ ‫والمندوبية السامية للتخطيط وكذا وزارة الداخلية‪ ،‬نظرا لعدم‬ ‫االتفاق حول كيفية إحصاء المواطنين الذين يعيشون تحت‬ ‫عتبة الفقر أو الفقراء جدا‪ ,‬رغم أن الحكومة قد صادقت في‬ ‫يناير من سنة ‪ ،2019‬على مشروع قانون رقم ‪ 72.18‬والمتعلق‬ ‫بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم االجتماعي‬ ‫وبإحداث الوكالة الوطنية للسجالت‪ ،‬الذي بموجبه سيتم‬ ‫إحداث سجل وطني للسكان وسجل اجتماعي موحد‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫إحداث مؤسسة عمومية لتدبير هذه المنظومة‪.‬‬

‫فالسجل االجتماعي الموحد‪ ،‬وهو سجل رقمي لـتسجيل‬ ‫الفقراء من أجل االستفادة من مختلف البرامج االجتماعية سواء‬ ‫التي تعود إلى الحكومة أو اإلدارات والمؤسسات الرسمية‬ ‫المختلفة‪.‬‬ ‫وتنصّ المادة األولى من مشروع القانون‪ ،‬وفق النص‬ ‫المنشور في األمانة العامة للحكومة‪ ،‬على «وضع منظومة‬ ‫وطنية لتسجيل األسر واألفراد الراغبين في االستفادة من‬ ‫برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬وإحداث سجل اجتماعي موحد‪ ،‬وسجل‬ ‫وطني للسكان‪ ،‬يتم في إطاره تسجيل ومعالجة كل المعطيات‬ ‫ذات الطابع الشخصي بالنسبة للمغاربة أو األجانب المقيمين‬ ‫فوق التراب الوطني‪ ،‬بطريقة إلكترونية‪ ،‬حيث سيتم تجميع‬ ‫تلك المعطيات وحفظها وتحيينها‪ ،‬وتغييرها عند االقتضاء»‪.‬‬ ‫ويمنح القانون رقماً إلكترونياً لكل مواطن ومواطنة‪ ،‬يصبح‬ ‫معروفاً به لدى أجهزة الدولة‪ ،‬وال يمكن إعادة منح الرقم‬ ‫نفسه ألي شخص آخر‪ .‬وانطالقاً من ذلك الرقم اإللكتروني أو‬ ‫«المعرف الرقمي الموحد»‪ ،‬سيتم التأكد من صحة معطيات‬ ‫األشخاص المؤهلين لالستفادة من برامج الدعم االجتماعي‪،‬‬ ‫باعتبار أنه يتيح التأكد من هويتهم والتثبت من تدقيق‬ ‫المعلومات والمعطيات المتعلقة بهم‪.‬‬ ‫وبحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬فإن‬ ‫الشخص الذي يعتبر األشد فقرا بالمغرب‪ ،‬من له دخل بـ‪10‬‬ ‫دراهم يوميا‪ ،‬والذين يبلغ عددهم أكثر من ‪ 450‬ألف شخص‪،‬‬ ‫بينما يعتبر شخصا فقيرا بحسب المندوبية من لديه دخل يبلغ‬ ‫‪ 20‬درهما يوميا‪ ،‬أما الذين يبلغ دخلهم الشهري ‪ 3000‬درهم‬ ‫فيدخلون في حكم الطبقة المتوسطة‪ ،‬والممكن أن تصل إلى‬ ‫‪ 8000‬درهم في الشهر حسب المستويات المتعددة‪ ،‬وفق‬ ‫معايير األمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها‪.‬‬ ‫يبقى سؤال وجيه يطرح نفسه بشكل ملفت‪ ,‬هل هذا‬ ‫السجل االجتماعي يبقى كافيا لتجاوز االختالالت االجتماعية‬ ‫المتفشية في بالدنا؟‪ ,‬أم يلزمنا عقد اجتماعي جديد يمكن من‬ ‫خالله التطلع لمغرب مستقر نسبيا اجتماعيا ؟‬ ‫لكن انعدام األمان االقتصادي وفجوات التفاوت اليوم‬ ‫تُـعَـد من المشاكل البنيوية‪ .‬تعمل االتجاهات البعيدة األمد‬ ‫في التكنولوجيا والعولمة على تجويف منطقة منتصف توزيع‬ ‫العمالة‪ .‬والنتيجة هي المزيد من الوظائف السيئة التي ال‬ ‫توفر االستقرار واألجر الكافي والتقدم المهني‪ ،‬وأسواق العمل‬ ‫الكاسدة بشكل دائم خارج المراكز الحضرية الكبرى‪.‬‬ ‫يتطلب التصدي لهذه المشكالت االستعانة باستراتيجية‬ ‫مختلفة تعالج تحدي خلق الوظائف الجيدة بشكل مباشر‪ .‬ويجب‬ ‫أن يقع العبء على الشركات في ما يتصل باستيعاب التداعيات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية التي تتسبب في إحداثها‪ .‬ومن هنا‬ ‫فإن القطاع اإلنتاجي يجب أن يكون في قلب االستراتيجية‬ ‫الجديدة‪.‬‬

‫بمنطق أخر‪ ،‬يتعين علينا أن نغير ما ننتج‪ ،‬وكيف ننتجه‪،‬‬ ‫ومن له حق إبداء الرأي في هذه القرارات‪ ,‬وهذا ال يتطلب‬ ‫سياسات جديدة وحسب‪ ،‬بل يستلزم أيضا إعادة تشكيل‬ ‫السياسات الحالية‪.‬‬ ‫على سبيل التفاؤل‪ ,‬يمكن للجائحة أن تكون نعمة ألنها‬ ‫كشفت عن إمكانيات مهمة لدى بعض الدول و منها المغرب‬ ‫على تحدي الصعاب و األزمات‪ ,‬كذلك بروز قيم التضامن و‬ ‫التآزر و االنتماء الوطني و روح المسؤولية‪ ,‬مما يوحي بإمكانية‬ ‫بزوغ عالم أفضل و أقوى‪ ,‬بدروس غالية من هكذا أزمات‪.‬‬ ‫إضافة لما سبق وحتى يكون األثر مباشرا وملموسا للسجل‬ ‫االجتماعي الموحد ‪ ،‬شدد جاللة الملك على ضرورة التركيز على‬ ‫المبادرات المستعجلة في ما يتعلق بإعطاء دفعة قوية لبرامج‬ ‫دعم التمدرس‪ ،‬ومحاربة الهدر المدرسي‪ ،‬ابتداء من الدخول‬ ‫الدراسي المقبل‪ ،‬بما في ذلك برنامج «تيسير» للدعم المالي‬ ‫للتمدرس‪ ،‬والتعليم األولي‪ ،‬والنقل المدرسي‪ ،‬والمطاعم‬ ‫المدرسية والداخليات‪.‬‬ ‫كما يمكن أن تعطي دفعة قوية للحد من التكاليف‬ ‫المثقلة على األسر و دعم األطفال في التمدرس و محاربة‬ ‫الهدر المدرسي‪ ,‬ويتعلق األمر أيضا بإطالق المرحلة الثالثة من‬ ‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬بتعزيز مكاسبها‪ ،‬وإعادة‬ ‫توجيه برامجها للنهوض بالرأسمال البشري لألجيال الصاعدة‪،‬‬ ‫ودعم الفئات في وضعية صعبة‪ ،‬وإطالق جيل جديد من‬ ‫مما‬ ‫المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل‪.‬‬ ‫قد يفرز تصحيح االختالالت التي يعرفها تنفيذ برنامج التغطية‬ ‫الصحية «راميد»‪ ،‬بموازاة مع إعادة النظر‪ ،‬بشكل جذري‪ ،‬في‬ ‫المنظومة الوطنية للصحة‪ ،‬التي تعرف فوارق صارخة‪ ،‬وضعفا‬ ‫في التدبير‪ ،‬فضال عن اإلسراع بإنجاح الحوار االجتماعي‪.‬‬ ‫خالصة القول‪ ,‬فالسجل االجتماعي الموحد ال يعتبر إال لبنة‬ ‫أولى في بناء مجتمع مغربي يأمل في ظروف العيش الكريم‪,‬‬ ‫فقد أصبح أولى األولويات بعد تداعيات الجائحة‪ ,‬أملين اإلسراع‬ ‫في إخراج السجل مع ضمان الشفافية أثناء التسجيل في السجل‬ ‫االجتماعي الموحد‪ ،‬خاصة أن األمر تتدخل فيه مجموعة من‬ ‫العوامل التواصلية‪ ،‬من تدخل ظاهرة الوساطة والرشوة من‬ ‫طرف بعض العائالت التي تريد التسجيل في السجل االجتماعي‬ ‫الموحد‪.‬‬ ‫بذلك يكون المغرب قد اقترب من عتبة ‪ 120‬برنامجا‬ ‫للدعم االجتماعي‪ ،‬أبرزها صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار‬ ‫الدقيق والسكر وغاز البوتان‪ ،‬إضافة إلى برامج أخرى تستهدف‬ ‫فئات مجتمعية معوزة‪ ،‬من قبيل نظام المساعدة الطبية‬ ‫“راميد”‪ ،‬ونظام “تيسير” لدعم التمدرس‪ ،‬ودعم األرامل‪ ,‬فال‬ ‫ينقصه إال اإلرادة السليمة لمواجهة التحديات المستقبلية في‬ ‫تتبيث دولة الحق و القانون‪ ,‬و دعم تكافئ الفرص‪.‬‬


‫‪5‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫ملف العدد‬ ‫هل خال�ص املغاربة‬ ‫يف م�شروع قانون ال�سجل‬ ‫االجتماعي املوحد ؟‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫محمد إمغران‬ ‫صحافي بجريدة الشمال‪2000‬‬ ‫إذا لم تتحسن الظروف االجتماعية للمواطنين‪ ،‬ولم‬ ‫يحسوا باستقرار‪ ،‬أساسه مسكن ومأكل ومشرب وملبس‬ ‫وعمل وتطبيب‪ ،‬فإن كل المجاالت األخرى اليمكن الحديث‬ ‫عنها‪ ،‬بل ستكون مضيعة للوقت وإتالفا لألغلفة المالية‬ ‫المرصودة لها‪ ،‬فكيف يمكن‪ ،‬مثال‪ ،‬النهوض بالتعليم‬ ‫أو بالرياضة أوبالفنون أوبالثقافة إذا كانت هذه القطاعات‬ ‫موجهة لخدمة شريحة واسعة جدا من المواطنين الذين‬ ‫يتضورون جوعا ويسكنون بيوتا غير الئقة‪ ،‬يكترونها ويؤدون‬ ‫ثمنها‪ ،‬بشق األنفس‪ ،‬كما يتألمون بسبب أمراضهم المتنوعة‪،‬‬ ‫دون تمكنهم من ولوج المؤسسات االستشفائية العمومية‪،‬‬ ‫فباألحرى المؤسسات الخاصة‪ ،‬لتلقي عالجهم‪.‬وما أكثراألسرالتي‬ ‫تعاني إكراهات جمة‪ ،‬لتتفاقم أحوالها‪ ،‬أكثر فأكثر‪ ،‬جراء تداعيات‬ ‫جائحة «كوفيد ‪ »19‬وتأثيرها على األخضر واليابس والتي لم‬ ‫تستثن حتى أولئك الذين لهم موارد معيشية قوية ومتميزة‬ ‫وكانوا يعيشون في يسر ورخاء ملموس‪.‬ذلك أن الظروف‬ ‫االجتماعية للمغاربة هي المقياس الحقيقي لسياسات الحكومات‬ ‫المتعاقبة‪ ،‬دون استثناء‪ ،‬لمالمسة فشلها أو نجاحها في توفير‬ ‫العيش الكريم لهم وضمان حاجياتهم في شتى مناحي الحياة‪.‬‬ ‫وهي الظروف التي يستشعر المغاربة قساوتها فيما بينهم‬ ‫ويلمسونها في معيشهم اليومي ومن خالل احتكاكهم ببعضهم‬ ‫البعض‪ ،‬دون الحاجة إلى معرفة األرقام واإلحصاءات الرسمية‬ ‫الخاصة بأمورهم وال إلى معرفة أرقام وإحصائيات المنظمات‬ ‫والمؤسسات الدولية‪ ،‬سواء كانت جميعها دقيقة وصائبة‬ ‫أوكانت مغلوطة ومزايدة‪ ،‬إذ يكفي المغاربة الكادحين أنفسهم‬ ‫ما يرونه وما يحسونه وما ينتظرونه من تغييرات وإصالحات‪،‬‬ ‫تنعكس إيجابا‪ ،‬فعال وواقعا‪ ،‬على نمط عيشهم وحياتهم‪.‬‬ ‫لقد شهد المغاربة‪ ،‬على مر عقود‪ ،‬مجموعة من المحطات‪،‬‬ ‫شملت إحصاءات خاصة بنموهم الديموغرافي ومستوى عيشهم‬ ‫وشكل حياتهم‪ ،‬إال أن الفوارق االجتماعية كانت تزداد في كل‬ ‫مرة‪ ،‬إلى درجة أن المواطنين فقدوا الثقة في كل ما يتعلق بأخذ‬ ‫معلومات شخصية عنهم من طرف السلطات المختصة‪ ،‬تهم‬ ‫شؤونهم الخاصة‪ ،‬وضعيتهم االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬ألن أمور‬ ‫حياتهم تظل هي هي‪ ،‬إن لم تتعقد أكثر‪.‬‬ ‫صحيح‪ ،‬أنه خالل العقد األخير‪ ،‬وبالضبط مع «ثورة» دستور‬ ‫‪ ،2011‬تم اعتماد إصالحات نفذت بسرعة قياسية‪ ،‬كان الهدف‬ ‫منها تحقيق االستقرارفي البالد‪.‬ورغم أن الدولة كافحت وحاربت‬ ‫الفقر‪ ،‬بإنشاء مجلس اقتصادي ومجلس اجتماعي‪ ،‬كما نهضت‬ ‫بالبنية التحتية‪ ،‬بمختلف مستوياتها‪ ،‬وقامت بأوراش اقتصادية‬ ‫كبرى‪ ،‬إال أن أحوال المواطنين التتغير‪ ،‬فهم يشكون من البطالة‬ ‫وغالء المعيشة وضعف األجور وضعف القدرة الشرائية وانسداد‬

‫األفق‪ ،‬ليبقى الجانب االجتماعي لديهم مقلقا في انتظار ما ال‬ ‫يأتي‪.‬‬ ‫ويأمل المغاربة في أن يكون خالصهم في مشروع «السجل‬ ‫االجتماعي الموحد» بعد تنزيله وتفعيله‪ ،‬غدا‪ ،‬آملين أال يكون‬ ‫مصيره يضاهي مصير بطاقة «الراميد» وغيرها من البطائق‬ ‫التي لم ترق إلى مستوى تطلعات المستفيدات والمستفيدين‪.‬‬

‫مجلس المستشارين يصادق رسميا على‬ ‫مشروع القانون المتعلق بالسجل االجتماعي‬ ‫الموحد‬ ‫وافقت الغرفة الثانية بالبرلمان‪ ،‬يوم الثالثاء على مشروع‬ ‫قانون السجل االجتماعي‪ ،‬المتعلق‪ ‬بمنظومة استهداف‬ ‫المستفيدين من برامج الدعم االجتماعي وإحداث الوكالة‬ ‫الوطنية للسجالت‪.‬‬ ‫وحضي المشروع‪ ،‬خالل عرضه على جلسة تشريعية للدراسة‬ ‫والتصويت‪ ،‬بموافقة ‪ 55‬من المستشارين البرلمانيين‪ ،‬من‬ ‫مختلف الفرق والمجموعات النيابية‪ ،‬في حين لم يعارضه أي أحد‪،‬‬ ‫مقابل امتناع ‪ 6‬مستشارين هم أعضاء فريق االتحاد المغربي‬ ‫للشغل‪.‬‬ ‫وكانت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات األساسية‪،‬‬ ‫صادقت الخميس الماضي باألغلبية‪ ،‬على مشروع القانون‬ ‫المذكور‪.‬‬ ‫وبحسب المذكرة التقديمية لمشروع القانون‪ ،‬فإن “السجل‬ ‫االجتماعي الموحد”‪ ،‬هو نظام وطني لتسجيل األسر‪ ،‬قصد‬ ‫االستفادة من برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬على أساس تحديد‬ ‫المستفيدين‪ ،‬عبر اعتماد معايير دقيقة‪ ،‬وموضوعية‪ ،‬وباستعمال‬ ‫التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬

‫المنظومة تقوم على أربعة مرتكزات‬

‫ترى المذكرة التقديمية أن مشروع القانون المذكور‪ ،‬أحدث‬ ‫آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬من خالل‬ ‫وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف‪ ،‬وشفاف‪.‬‬ ‫وشددت الوثيقة على «ضرورة تجاوز اإلشكاالت التقنية‪ ،‬التي‬ ‫تعيق إيصال االستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات‪ ،‬التي‬ ‫تستحقها فعليا»‪.‬‬

‫وتقوم المنظومة على أربعة مرتكزات أساسية‪ ،‬وهي السجل‬ ‫الوطني للسكان‪ ،‬والسجل االجتماعي الموحد‪ ،‬ثم ضمان حماية‬ ‫المعطيات الشخصية لألشخاص المقيدين في السجالت‪ ،‬وأخيرا‪،‬‬ ‫إحداث الوكالة الوطنية للسجالت‪.‬‬

‫سجل السكان‬

‫يهدف السجل‪ ،‬بحسب مشروع القانون‪ ،‬إلى توفير المعطيات‬ ‫ذات الطابع الشخصي‪ ،‬المتعلقة بالمغاربة واألجانب المقيمين‬ ‫بالتراب المغربي بطريقة إلكترونية‪.‬‬ ‫وينص المشروع على فتح باب التقييد في السجل‪ ،‬للمواطنين‬ ‫المغاربة‪ ،‬واألجانب وتكلل عملية التقييد بمنح معرف مدني‪،‬‬ ‫واجتماعي رقمي‪ ،‬يمكن من التحقق من صدقية المعطيات‬ ‫الشخصية‪ ،‬المدلى بها من قبل األشخاص الراغبين في التقييد‬ ‫في السجل االجتماعي الموحد‪ ،‬من أجل االستفادة من برامج‬ ‫الدعم االجتماعي‪.‬‬

‫السجل االجتماعي‬

‫يعتبر السجل االجتماعي الموحد بمثابة سجل رقمي‪ ،‬يتم في‬ ‫إطاره تسجيل األسر قصد االستفادة من برامج الدعم االجتماعي‪،‬‬ ‫بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم األسرة‪.‬‬ ‫ويرى القانون أن هذا السجل‪ ،‬سيشكل المنطلق الوحيد‬ ‫للولوج إلى كافة برامج الدعم االجتماعي‪ ،‬من خالل تحديد مدى‬ ‫قابلية االستفادة منها‪ ،‬عبر اعتماد معايير دقيقة تتم وفق عملية‬ ‫تنقيط‪.‬‬

‫الوكالة الوطنية‬

‫ينص القانون أيضا على إحداث وكالة وطنية للسجالت‪،‬‬ ‫لتدبير السجل الوطني للسكان‪ ،‬والسجل االجتماعي الموحد‪.‬‬ ‫وتتولى المؤسسة العمومية مهمة السهر على ضمان حماية‬ ‫المعطيات الرقمية‪ ،‬وسالمة المنظومة المعلوماتية‪.‬‬ ‫كما تتولى المؤسسة مهمة منح المعرف المدني واالجتماعي‬ ‫الرقمي‪ ‬لألشخاص‪ ،‬المقيدين في السجل الوطني للسكان‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى تقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات‪.‬‬ ‫وسيدير الوكالة مجلس إداري‪ ،‬وسيعين مدير عام لها‪ ،‬وفق‬ ‫أحكام القانون الجاري به العمل‪.‬‬

‫(إضاءة حول المشروع)‬ ‫رقم مدني واجتماعي لكل مواطن‬

‫سيصبح السجل هوالمنطلق الوحيد لدخول أي برنامج‬ ‫اجتماعي‪ ،‬وسيتم إحداث سجل وطني للسكان‪ ،‬حيث كل مقيم‬ ‫في المغرب سيصبح له معرّف رقمي مدني واجتماعي‪.‬‬ ‫وسيعتمد المغرب أنظمة معلوماتية بمجرد إدخال الرقم‬ ‫الخاص بكل مواطن مغربي أو أجنبي مقيم بالمغرب‪ ،‬يتم‬ ‫التعرف على الوضعية االجتماعية له‪.‬‬

‫تسهيل التعامل‬

‫يرى بنيونس المرزوقي‪ ،‬الباحث في العلوم السياسية في‬ ‫جامعة محمد األول في وجدة‪ ،‬أن»السجل سيسهل طريقة التعامل‬ ‫مع اإلشكاالت الكبرى‪ ،‬خاصة صندوق المقاصة»‪ ،‬موضحا‪ ،‬في‬ ‫حديثه لوسائل اإلعالم أن هذا سيحدث «من خالل العمل بنظام‬ ‫البطاقة على غرارعدد من الدول‪ ،‬ولتتمكن الفئات المستهدفة‬ ‫من اقتناء السلع بالثمن المدعم‪ ،‬فإن هناك عمال ينتظر الحكومة‬

‫لتدقيق أرقام برامجها االجتماعية»‪.‬‬ ‫ولم تحسم الحكومة طريقة الدعم‪ ،‬إذ هناك سيناريوهات ما‬ ‫تزال قيد النقاش‪ ،‬مثل الدعم المالي المباشر‪ ،‬أو بطاقات تسمح‬ ‫باقتناء سلع‪.‬‬ ‫ودعا المرزوقي الحكومة إلى تدقيق األرقام والمعطيات‬ ‫واإلحصاءات االجتماعية‪ ،‬ألن مختلف البرامج االجتماعية‬ ‫والصناديق والمشاريع تعطي أرقاما منفصلة (مختلفة) عن بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وبالتالي تعطي صورة مغلوطة عن الواقع االجتماعي‪.‬‬


‫‪6‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫ملف العدد‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫مراسَلة من فرنسا‬

‫نجاة الكاضي‬

‫العودة املتك�سرة‬

‫ال�سجل‬ ‫االجتماعي‬ ‫املوحد بني‬ ‫الواقع‬ ‫والإكراهات‬ ‫أبحكان أسماء‬

‫دكتورة في القانون العام‬ ‫رئيسة مركز الدراسات القانونية والسياسية‬ ‫والتجارب المقارنة‬

‫يعتبر الدعم االجتماعي الركيزة األساسية التي‬ ‫يقوم عليها العقد االجتماعي ورابط األخذ والعطاء‬ ‫والتضامن داخل المجتمعات‪ ،‬بحيث شكلت موضوع‬ ‫نقاش دولي الذي انبثقت عنه فكرة الدخل األساسي‬ ‫المعمم وغير المشروط وهي فكرة مفادها أنه بما أن‬ ‫الحماية االجتماعية حق أساسي من حقوق اإلنسان‬ ‫‪،‬وأن لكل شخص حقوق على المجتمع فيجب أن‬ ‫يوفر لكل مواطن وسيلة عيش نقدية‪،‬وذلك دون أي‬ ‫مقابل فمزايا هدا النقاش أنه يتيح التفكير من جديد‬ ‫في موقع الدعم االجتماعي في السياسات العمومية‬ ‫والمكانة التي تمنحها هده السياسات للتماسك‬ ‫اإلجتماعي ويعتبر هدا تحدي ليس دو طبيعة تقنية‬ ‫فقط بل يجب وضع برامج للمساعدة االجتماعية‬ ‫وتنفيذها بما يتماشى مع مبادئ احترام كرامة األفراد‬ ‫وحقوقهم األساسية في إطار منطق اإلدماج والوقاية‬ ‫من مظاهر التمييز والتقليص من حدتها وترسيخ‬ ‫تكافئ الفرص ‪،‬وحضر موضوع الدعم االجتماعي‬ ‫بقوة مع جائحة كرونا والتي ساهمت في ضخ سيل‬ ‫من المبادرات التضامنية لتحصين النسيج المجتمعي‬ ‫من آثارها وتداعياتها سواء بالمجال االقتصادي أو‬ ‫االجتماعي‪ ،‬كما دفعت إلى تحديد األولويات للخروج‬ ‫من هاته الظرفية العصيبة‪ ،‬والتدبدب التي عرفته‬ ‫عملية توزيع الدعم لعدم توفر أوال إطار قانوني‬ ‫مرجعي لمثل هده العمليات ‪،‬ثانيا عدم توفر قاعدة‬ ‫بيانات بأسماء األشخاص المستحقين ‪،‬وأعادت إلى‬ ‫الواجهة مدى الحاجة إلى سجل اجتماعي موحد‬ ‫وعملياتي لمواكبة ودعم األسر المتضررة من الجمود‬ ‫التجاري جراء إجراءات التباعد االجتماعي لردع انتشار‬ ‫الوباء‪،‬وبالرغم من أن‬ ‫الحديث عن إحداث سجل اجتماعي مرت عليه‬ ‫أكثر من سنة‪ .‬بحيث سبق وأن صادق المجلس‬ ‫الحكومي بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ 2019‬على مشروع قانون‬ ‫رقم ‪ 72.18‬يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين‬ ‫من برامج الدعم االجتماعي وإحداث الوكالة الوطنية‬

‫للسجالت‪،‬هدا المشروع الذي عاد بقوة لواجهة‬ ‫النقاش مؤخرا ألهميته وراهنيته ‪،‬ووفق ما جاء في‬ ‫هدا المشروع فهو يهدف إلى وضع منظومة وطنية‬ ‫لتسجيل األسر واألفراد الراغبين في االستفادة من‬ ‫برامج الدعم االجتماعي التي تشرف عليها اإلدارات‬ ‫العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية‬ ‫من خالل إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل‬ ‫وطني للسكان‪،‬يكون الغرض منها تحديد الفئات‬ ‫المستهدفة‪،‬من أجل تمكينها من االستفادة من‬ ‫البرامج المذكورة‪،‬وكدا إحداث وكالة وطنية لتدبير‬ ‫السجالت المتعلقة بهده المنظومة ‪،‬هدا المشروع‬ ‫الذي يهدف الى تنقيط اآلسر عبر منح قيمة عددية لكل‬ ‫أسرة مقيدة في السجل االجتماعي الموحد ‪،‬تحتسب‬ ‫بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها االجتماعية‬ ‫واالقتصادية ‪،‬مع منح األسر إمكانية مراجعة التنقيط‬ ‫الممنوح لها من طرف الوكالة‪،‬ليكون هدا التحيين‬ ‫للمعطيات مساهما في تشخيص وتقييم الوضعية‬ ‫االجتماعية بشكل مستمر‪.‬هدا اإلجراء سيمكن من‬ ‫توفير قاعدة بيانات مهمة من أجل االستفادة منها‬ ‫لتقديم الدعم‪.‬‬ ‫إال أن هدا المشروع وحسب المادة ‪ 13‬منه يشترط‬ ‫التسجيل في السجل الوطني للسكان والذي في إطاره‬ ‫تتم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة‬ ‫باألشخاص الذاتيين المغاربة واألجانب ‪،‬من أجل منح‬ ‫المعرف الرقمي الذي سيستعمل في جميع السجالت‬ ‫والوثائق التي تمسكها أو تمنحها اإلدارات العمومية‬ ‫أو الجماعات الترابية أو الهيئات العمومية التي‬ ‫تشرف على برامج الدعم االجتماعي كما سيستعمل‬ ‫المعرف كما جاء في المادة التاسعة من مشروع قانون‬ ‫‪ 72.08‬كرابط بيني في قواعد معطياتها‪،‬بحيث عدم‬ ‫التسجيل في هدا األخير يلغي االستفادة من التسجيل‬ ‫في السجل االجتماعي الموحد‪ ،‬هنا قد يحدث تخوف أو‬ ‫خلط مابين هل الهدف هو المساعدة االجتماعية أم‬ ‫حصر السكان والممتلكات مما قد يجعل فئة عريضة‬ ‫تتخلف عن التسجيل وهو تخوف راسخ في عقلية‬ ‫مجموعة من المواطنين كما‬ ‫يقع في عملية إحصاء السكان نجد تهرب من‬ ‫التصريح أو منح معطيات غير صحيحة ‪،‬هي أشياء‬ ‫نسمعها في حياتنا اليومية فهناك من يبرر التصريح‬ ‫أنه من أجل إحصاء الثروة أو فرض ضريبة ‪.‬فلكي‬ ‫ينجح مثل هدا المشروع ويأتي أكله وال يضل حبيس‬ ‫الرفوف أو أن ال يصل إلى الهدف المتوخى منه‬ ‫يجب اعتماد الحكامة وإشراك جميع الفاعلين وحتى‬ ‫الذين تم تغييبهم في التحضير لهدا المشروع ‪ ،‬في‬ ‫تنزيل مقتضيات هدا القانون‪ ،‬وما يتطلبه من وضع‬ ‫إستراتيجية تواصلية مع المواطنين والساكنة لشرح‬ ‫وتبسيط الطرق والوسائل الجديدة‬ ‫وأن يصاحبه حملة تحسيسية بأهميته وتوضيح‬ ‫بطريقة مبسطة آليات األجرأة ‪ ،‬كما أن تحدي السرية‬ ‫والحفاظ على المعلومات الشخصية للمرتفقين‬ ‫والمستفيدين من الخدمات‪ ،‬أصبح تحديا أمام اإلدارة‬ ‫والساهرين عليه وطبعا ال ننسى أن نستحضر اإلرادة‬ ‫السياسية للفاعلين الوطنيين أو المحليين الذين‬ ‫سيسهرون على األجرأة اإلدارية ‪.‬‬ ‫و لنتذكر أن التحديات الكبيرة تصنع الفرص‬ ‫الجديدة والجيدة‬

‫عودة المهاجر المغربي إلى أرض الوطن بعد التقاعد تكاد أن تكون‬ ‫قاعدة عند الجيل األول والثاني والثالث في فرنسا ‪ ،‬أي كل من هاجر في‬ ‫الستينات و السبعينات والثمانينات ‪ .‬هذه القاعدة تخص الجانب الذكوري‬ ‫أو بصفة أدق األزواج و ليس الزوجات اللواتي يفضلن التناوب نصف سنة‬ ‫في المغرب والنصف الثاني في فرنسا ‪ ،‬فالواجب األسروي يحتم عليهن‬ ‫مساعدة األبناء خصوصا بعد زواجهم إال أن هذا االختالف في الرغبة يؤدي‬ ‫في معظم األحيان إلى الطالق في سن متأخر جدا ‪ .‬السؤال المطروح ماهي‬ ‫وضعية المرأة المغربية المهاجرة بعد الطالق ؟ ما هي وضعيتها بعد أكثر‬ ‫من أربعين سنة زواج ؟ ال أتكلم عن وضعها االجتماعي واالقتصادي داخل‬ ‫فرنسا ‪ ،‬القانون الفرنسي يحمي حتى المغفالت منهن ‪ .‬المرأة المغربية‬ ‫المهاجرة عندما ترفض االستقرار النهائي في المغرب فهي تفتح باب‬ ‫الزواج لزوجها الذي يدعمه القانون المغربي ‪ ،‬أسطر على جملة يدعمه‬ ‫القانون المغربي أي له الحق في الزواج و دون موافقة الزوجة ما دامت‬ ‫تعيش في دولة أخرى‪ ،‬طبعا ترفض الزوجة التعدد فيتم الطالق احتراما‬ ‫لها و لسنها ‪ .‬جل زوجات ذاك الجيل ال يعتبرن الزواج مؤسسة بين زوجين‬ ‫‪ ،‬فالعادات والتقاليد المغربية علمتها أن طاعة الزوج بعد طاعة اهلل و ال‬ ‫يحق لها الشك في هذا الرابط و أن ( نقطة على نقطة كيحمل الواد الذي‬ ‫ستشرب منه ال ان تغرق فيه ‪.‬و ان كلشي غير لوالدك و طبعا ليس للزوجة‬ ‫الثانية ) ‪ .‬المهاجرة وإن لم تعمل خصوصا األم يكون لها راتب شهريا‬ ‫يكاد يفوق راتب الزوج الذي يستحود عليه ( لدواير الزمان ) هذا الزمان‬ ‫الذي ال ينصفها اآلن ‪ .‬ستطرد من بيت الزوجية خاوية الوفاض وإن كانت‬ ‫قد ساهمت في جميع ممتلكات الزوج ‪ .‬تلطمها بعد الطالق أسئلة القانون‬ ‫‪ - :‬هل لديك وثائق تتبث مشاركتك في كل ما يملك زوجك ؟ ‪ -‬كال أيها‬ ‫القانون كنت أعمل خارج البيت وداخله ‪ ،‬كنت أمده بكل ما أحصل عليه‬ ‫ليضمن مستقبلنا ومستقبل األبناء ‪ ،‬كنت متأكدة عندما يبيض شعري‬ ‫سأكون دافئة بما اكتسبنا معا وليس على عتبة المحكمة أستجدي عطف‬ ‫قانون الكد والسعاية ليجود علي ببعض الدراهم ‪ .‬لن أرفع أي دعوة ضد‬ ‫الزوج ‪ ،‬أرفعها ضد مدونة األحوال الشخصية التي ال تحمي المرأة ‪ ،‬تجعلنا‬ ‫تتيه بين بنودها ‪ ،‬كان عيها أن تقول لنا بلغة بسيطة ‪ - :‬انتبهن الزواج‬ ‫شركة والشركة تعتمد على الوثائق ‪ .‬اصطدام القانون المغربي و قانون‬ ‫البلد المضيف يجعل مغاربة العالم يعيشون حالة انفصام و ضربا من‬ ‫ضروب الغرابة بين قانون يحميك دون ان تطلب ذلك وقانون تطلب منه‬ ‫الحماية دون االستجابة ‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‬ ‫مجتمع ‪ -‬سياسة ‪ -‬حقوق ‪ -‬اقتصاد‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫‪benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991‬‬

‫الجـامعة المغـربية المواطنة و جائحة كورونا»‬

‫موضوع الندوة المنظمة من طرف الكلية متعددة التخصصات‬ ‫بإقليم العرائش بشراكة مع مجلس المجتمع المدني‬ ‫نظمت الكلية المتعددة التخصصات‬ ‫بالعرائش بتعاون م��ع جمعية مجلس‬ ‫المجتمع المدني لتتبع تدبير الشأن المحلي‬ ‫إلقليم العرائش ي��وم الثالثاء ‪ 9‬يونيو‬ ‫‪ 2020‬ندوة علمية عن بعد تحت عنوان‬ ‫‪« :‬الجـامعة المغـربية المواطنة و جائحة‬ ‫كورونا» بضيافة نخبة من األسماء الوازنة‬ ‫في مجاالت العلوم و السياسة و االقتصاد‬ ‫و الفكر‪ ،‬تم ذلك عبر تطبيق‪GOOGLE .‬‬ ‫‪:MEET‬‬ ‫ال��ن��دوة تدخل ف��ي إط��ار االستعداد‬ ‫لتنفيذ المشروع الذي تم توقيعه مع اإلتحاد‬ ‫األوروب��ي والذي سينجز بشراكة مع كلية‬ ‫متعددة التخصصات بالعرائش و الذي‬ ‫يهدف إلى تكوين مجموعة من الطلبة في‬ ‫ميدان الديمقراطية التشاركية‪.‬‬ ‫كما شارك في الندوة كل من عميد‬ ‫كلية العرائش الدكتور محمد العربي كركب‪،‬‬ ‫ونائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد‬ ‫اهلل بفاس الدكتور إبراهيم أقديم ‪ ،‬عميد‬ ‫كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة الدكتور‬ ‫محمد البقالي ‪ ،‬األستاذة أمينة مكدود‬ ‫أستاذة باحثة بكلية العلوم االجتماعية‬ ‫بفاس‪ ،‬الدكتور أحمد الوزاني أستاذ باحت‬ ‫بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش‪،‬‬ ‫نائب رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان‬ ‫الحسيمة األستاذ سعيد خيرون ‪ ،‬نائب‬ ‫رئيس غرفة الصناعة والتجارة والخدمات‬ ‫بجهة طنجة تطوان الحسيمة األستاذ عبد‬ ‫الحميد حسيسن ‪ ،‬و رئيس جمعية مجلس‬ ‫المجتمع المدني لتتبع تدبير الشأن المحلي‬ ‫إلقليم العرائش األستاذ رشيد الوزاني ‪.‬‬

‫سقوط رافعة بعاملي بشارع‬ ‫القاهر بالعرائش‬

‫تعرض عاملي ظهر يوم الخميس‪ 11‬يونيو ‪ 2020‬إلى إصابات متفاوتة الخطورة بعد سقوط‬ ‫رافعة بهما من علو شاهق‪.‬‬ ‫فإن العاملين كانا بصدد صباغة واجهة منزل مكون من عدة طوابق‪ ،‬بحي القاهرة المقابل‬ ‫لسوق القرب البركة “جنان فرانسيس”‪ ،‬حيث سقطت رافعة كانا على متنها‪ ،‬ليصابا بإصابات مختلفة‬ ‫الخطورة في أنحاء مختلفة من جسمهما‪.‬‬ ‫و قد تم نقل العاملين إلى المستشفى اإلقليمي لالمريم لتلقي العالجات الضرورية‪.‬‬

‫وفاة أحد مؤسسي‬ ‫جمعية البحث التاريخي‬ ‫واالجتماعي المرحوم الكاتب‬ ‫والمؤرخ والعالم‬ ‫استئناف األنشطة النقابية لالتحاد المغربي للشّغل الحاج عبد السالم القيسي الحسني‬

‫وفق البالغ اإلخباري لالتحاد المغربي‬ ‫للشّغل و القاضي باستئناف األنشطة‬ ‫النقابية حضوريا بفتح المقرّات الجهوية‬ ‫و المحلية و المهنية‪ ،‬قام االتحاد المغربي‬ ‫للشغل بفتح مقرّه الكائن بالميناء قرب‬ ‫عمالة إقليم العرائش‪.‬‬ ‫وبعد اتخاذ كافة اإلجراءات االحترازية‬ ‫و الوقائية‪ ،‬أهمّها تنظيف و تعقيم المقر‪،‬‬ ‫تمّ ‪ ‬يوم الخميس ‪ 11‬يونيو الجاري عقد‬ ‫اجتماعين تنظيميين لقطاعين أساسيين‪،‬‬ ‫هما قطاع النّقل و النّظافة ‪ ،‬و قد أشرف‬ ‫على تأطير هاذين االجتماعين كل من‬ ‫الكاتب العام لالتحاد المح ّلي‪ ،‬السّيد‬ ‫عبد الخالق الحمدوشي‪ ،‬و عضو االتحاد‬ ‫المحلي‪ ،‬السيد فؤاد أخريف‪ ،‬و عضو‬ ‫المجلس النقابي‪ ،‬السيد محمد الريبي‪.‬‬ ‫و قد تدارس المجتمعون اإلهمال و‬ ‫الالمباالة التي تنهجها السلطات المحّلية‬ ‫اتجاه الملفات النقابية العاجلة‪ ،‬و بالتالي‬ ‫عدم التعامل الجدّي مع المراسالت‬ ‫النقابية ‪ ،‬و نظرا للمصير المجهول و‬ ‫الحالة االنتظارية الرّهيبة التي يعيشها‬

‫عمّال شركة النّظافة و عدم إشراكهم‬ ‫في عملية التفويت التي تهمّ القطاع‪ ،‬فقد‬ ‫تمّ ترك الصالحية لالتحاد المحلي من‬ ‫أجل تحديد موعد تنظيم معركة محلية‬ ‫من أجل الدّفاع عن مكتسبات و حقوق‬ ‫هذه الفئة خالل عملية التفويت‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لقطاع سيارات األجرة‬ ‫الصّنف األول‪ ،‬وأمام الوضعية المزرية‬ ‫التي أصبح عليها السائقون و عائالتهم‬ ‫من جرّاء التوقف االضطراري عن العمل‬

‫لمدّة ثالثة أشهر بسبب جائحة كورونا‪،‬‬ ‫وما لهذا التوقف من انعكاس اجتماعي‬ ‫و اقتصادي‪ ،‬ناهيك عن تراكم الدّيون و‬ ‫المشاكل‪ ،‬باإلضافة إلى اإلهمال و الحرمان‬ ‫الذي عرفه هذا القطاع من مساعدات‬ ‫ومن أي تعويض إسوة بباقي الشرائح‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فقد قرّر قطاع سيارات األجرة‬ ‫الصّنف األول تنظيم وقفة احتجاجية‬ ‫إنذارية أمام مقر باشوية العرائش يوم‬ ‫األربعاء ‪ 17‬يونيو ‪ 2020‬لمدّة ساعتين‬ ‫من ‪ 12‬زواال إلى ‪ 14‬زواال‪.‬‬

‫العثور على قنبلة يستنفر السلطات بالقصر الكبير‬

‫عثر صباح يوم الثالثاء ‪ 10‬يونيو‬ ‫‪،2020‬بأرض خالء محادية لحي السالم (‬ ‫الزكاكرة ) بالقصر الكبير ‪ ،‬على قنبلة حربية‬ ‫مكسوة بالصدأ تعود إلى فترة طويلة ‪.‬‬ ‫واستنفر األمر السلطة المحلية وعناصر‬ ‫القوات المساعدة واألمن الوطني التي‬ ‫عملت على معاينة القنبلة وفرض حراسة‬ ‫على مكان العثور عليها‪.‬‬ ‫وحسب مصادر مطلعة فإن خبراء‬ ‫من القوات المسلحة الملكية بالحامية‬ ‫العسكرية بطنجة حلت إلى عين المكان‬ ‫وقامت بنقل القنبلة إلى منطقة خالء بدوار‬ ‫أوالد يشو جماعة قصر بجير وتم تفجيرها‬

‫ببالغ األسى والحزن‪ ،‬تلقت جمعية البحث‬ ‫التاريخي واالجتماعي نبأ وفاة أحد مؤسسيها‪،‬‬ ‫المرحوم بكرم اهلل المؤرخ والمربي والكاتب األستاذ‬ ‫الشريف عبد السالم القيسي‪ ،‬الذي وافته المنية‬ ‫يوم ‪ ،09/06/2020‬ودفن بالزاوية البدوية يوم‬ ‫‪ .10/06/2020‬والمرحوم أحد أعضائها المرموقين‪،‬‬ ‫وأحد أبناء هذه المدينة البررة‪ .‬وأحد مؤسسي‬ ‫الجمعية‪.‬‬ ‫وهو من مواليد سنة ‪1930‬م بالقصر الكبير‪،‬‬ ‫نشأ في ظل أسرة دين وصالح وكرم وشرف‪ ،‬تلقى‬ ‫تعليمه األولي في كتاب الفقيه محمد الغافقي الجزار‬ ‫بحي القطانين‪ ،‬ثم التحق بأول فوج بالمدرسة‬ ‫األهلية الحرة الحسنية التي فتحت أبوابها ألول‬ ‫مرة في فندق بنيس بالشطاوطيين سنة ‪،1939‬‬ ‫وتابع دراسته بها في لال عائشة الخضراء‪ ،‬وفي‬ ‫مقرها الرسمي بمقر المدرسة البوعنانية المرينية‬ ‫التاريخية بالمدينة‪ .‬ثم تابع دراسته بالمعهد الديني بالمسجد األعظم بالمدينة‪ .‬والتحق‬ ‫بالتدريس بنفس المدرسة التي تعلم وتربى بها سنة ‪1948‬م‪ .‬وتولى إدارتها سنة ‪1953‬‬ ‫خلفا لألستاذ أحمد الجباري‪ ،‬وبقي في مهامه إلى أن أدمجت المدرسة في التعليم الرسمي‬ ‫سنة ‪.1963‬‬ ‫اتسمت مسيرته الثقافية بالعصامية‪ ،‬فقد استطاع عن طريق المطالعة الحرة‪ ،‬والتكوين‬ ‫الشخصي‪ ،‬في مختلف العلوم والفنون‪ ،‬أن يصبح عالمة ثقافية‪ ،‬ومرجعا في حقول معرفية شتى‪،‬‬ ‫خاصة في مجال تاريخ المدينة‪ .‬فأنت كنت ال تراه إال متأبطا كتبا أو مجالت‪ .‬كان المرحوم مرجعا‬ ‫ال ينضب معينه في تاريخ وتراث األسر القصرية وقد تميز رحمه اهلل بذاكرة قوية‪ .‬وفي سنة‬ ‫‪ 1988‬كان من جملة ثلة أسست جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بهذه المدينة‪ ،‬وأصبح من‬ ‫أهم رموزها‪ ،‬حيث دعمها بأفكاره وأعماله وعطاءاته التاريخية‪.‬‬ ‫لعب المرحوم دورا أساسيا في الحركة الوطنية بفرع القصر الكبير‪ .‬وبعد إعالن االستقالل‬ ‫تقلد وظيفة الكاتب األول بالباشوية‪ ،‬ثم انتقل للعمل بالبلدية‪ ،‬وعمل على ملء الفراغ الذي‬ ‫تركه اإلسبان بعد رحيلهم‪ .‬ثم عين خليفة بالباشوية‪ ،‬ورقى لدرجة قائد سنة ‪ .1979‬وعمل‬ ‫بقيادة الساحل‪ .‬وبقي يعمل بإخالص ووفاء إلى أن أحيل على المعاش سنة ‪.1990‬‬ ‫خلف رحمه اهلل‪ :‬مكتبته تعد اليوم من أهم المكتبات الخاصة بمدينة القصر الكبير‪ ،‬وهي‬ ‫تضم مئات المجلدات في التاريخ والفقه والتصوف واآلداب وغيرها من ألوان المعارف‪.‬‬ ‫وخلف عدة مقاالت تهم تاريخ مدينة القصر الكبير ومجتمعها‪ ،‬وعلى رأسها كتابه‬ ‫المعنون بـ‪« :‬مدينة القصر الكبير تاريخ ومجتمع ووثائق» الذي نشرته جمعية البحث التاريخي‬ ‫واالجتماعي بالقصر الكبير‪.‬‬ ‫ِنعْمَ ما ترك لمدينته التي كان يحبها وتحبه‪ .‬المدينة التي ولد فيها‪ ،‬ودرس فيها‪ ،‬وعاش‬ ‫فيها‪ ،‬وأرخ لها‪ ،‬ومات فيها‪ ،‬ما أجمله من وفاء لهذه المدينة الولودة لرجال العلم والمبدعين‬ ‫عبر العصور‪.‬‬ ‫وبهذه المناسبة األليمة‪ ،‬يتقدم كافة أعضاء الجمعية لكافة أفراد أسرته الفاضلة بأحر‬ ‫التعازي والمواساة‪ ،‬راجين من اهلل عز وجل للفقيد المغفرة والرضوان‪ ،‬وألسرته الكريمة الصبر‬ ‫والسلوان‪.‬‬ ‫غفر اهلل لنا ولكم وله‪ ،‬ولكل محبيه‪ ،‬ومحبي هذه المدينة‪ ،‬ولكل الباحثين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫راجعون)) صدق‬ ‫هلل وإنَّا إليْه‬ ‫َّابرينَ ا ّلذينَ َإذا أصَابتْهم مُصِيب ٌة قا ُلوا إنّا ِ‬ ‫((وبَشِّ ِر الص ٍ‬ ‫اهلل العظيم‪ .‬البقرة‪.155 .‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫مجتمع ‪ -‬سياسة ‪ -‬حقوق ‪ -‬اقتصاد‬

‫مؤسسة فندقية بشفشاون وروح المواطنة‬ ‫والتضامن‬

‫عبرت إحدى الوحدات الفندقية‬ ‫الراقية بشفشاون‪ ،‬منذ اإلعالن عن‬ ‫الطوارئ الصحية ببالدنا‪ ،‬عن روح‬ ‫التضامن الوطني باستقبال عدد من‬ ‫األطر الصحية لإلقامة بالغرف مجانا‬ ‫وبدون مقابل مادي‪.‬‬ ‫وهذه المؤسسة الفندقية المرموقة‬ ‫التي لم تبخل على المقيمين بها في‬ ‫توفير شروط اإلقامة الراقية والجيدة‪،‬‬ ‫رغم أنها تعد في الوقت الحالي‬ ‫مؤسستها من أكبر المتضررين من‬ ‫جائحة فيروس كورونا بسبب الظروف‬ ‫الصعبة التي صارت تعانيها السياحة‬ ‫على الصعيد الوطني‪ ،‬والدولي بعد‬ ‫إغالق الحدود وتوقف الرحالت الجوية‪.‬‬ ‫يوم الخميس ‪ 11‬يونيو الجاري‬ ‫دعت السلطات االقليمية بعض األطر‬ ‫الصحية إلى إفراغ غرف الفندق التي‬ ‫كانت تشغرها لما يزيد عن شهرين‬ ‫‪ ،‬وتوقيف االستفادة من الوجبات‬ ‫الغذائية التي كانوا يتناولونها بالمجان‬ ‫من إحدى المطاعم بالمدينة على‬ ‫حساب ميزانية خاصة لعمالة االقليمية‬ ‫والتي كلفتها أمواال طائلة‪ ،‬إال أن‬ ‫البعض منهم لم يستسغ قرار السلطات‬ ‫االقليمية وبدأ يحتج ‪.‬‬ ‫إلى هنا‪ ،‬من قام بعمل تضامني‬ ‫بروح وطنية ‪ ..‬يحتاج منا إلى الشكر‬ ‫والتقدير ال أن نستنكر‪ ،‬ونحتج ‪...‬‬ ‫وندين‪ ،‬فالمؤسسات السياحية بدورها‬ ‫متضررة‪ ،‬وعليها أن تستعد من‬ ‫اآلن السترجاع أنفاسها والستئناف‬ ‫نشاطها السياحي لتعويض خسارتها‬ ‫الكبيرة ‪ ‬في ظل تداعيات أزمة فيروس‬ ‫كورونا‪.‬‬ ‫واآلن وكما يقال الشكر فضيلة ‪،‬‬ ‫وأن من لديه إمكانيات مادية محترمة‬

‫واستفاد من إقامة مجانية بفندق‬ ‫فاخر مع وجبات بالمجان وبال مقابل‬ ‫مادي‪ ،‬عليه أن يشكر من قدم له هذه‬ ‫الخدمات ال أن يستنكر ويطالب بضرورة‬ ‫استمرار نعمتمها كأنها ريع ‪.‬‬ ‫ومن لديه مشكله في أزمة السكن‪،‬‬ ‫أو يعمل بشفشاون في عمل وظيفي‬ ‫ويتقاضى عليه أجرته بصفة دائمة‬ ‫بإقليم شفشاون عليه أن يبحث له عن‬ ‫سكن مثل باقي المواطنين المغاربة‬ ‫الذين إما يملكون سكنا أو يؤجرونه‬ ‫‪..‬ففيروس كورونا مستمر وسنتعايش‬ ‫معه‪ ...‬والنعرف متى سيتم القضاء عليه‬ ‫‪...‬‬ ‫لهذا من الواجب شكر المؤسسة‬ ‫الفندقية على خدماتها المجانية‪ .‬وعلى‬ ‫روحها الوطنية التضامنية‪.‬‬ ‫ويشار أن هذه المؤسسة تضررت‬ ‫أكثر مع األزمة التي تعيشها السياحة‪،‬‬ ‫حيث أن عليها اآلن إعادة تهيئة الغرف‬ ‫بعد إفراغها بطلب من السلطات‬ ‫االقليمية حيث وجدت بعض الغرف بعد‬

‫إفراغها في وضعية سيئة جدا وتحتاج‬ ‫إلى إعادة صيانتها وتهيئتها من جديد‪،‬‬ ‫لتعود كما كانت عليه في السابق‪.‬‬ ‫ومن الطرائف التي وقعت في‬ ‫الوحدة الفندقية ‪ ...‬خالل الطوارئ‬ ‫الصحية أن بعض المقيمين من (‪)...‬‬ ‫في الفندق وفي ذروة تفشي فيروس‬ ‫كورونا والتزام ساكنة شفشاون بقرار‬ ‫قانون الطوارئ الصحية التي عملت‬ ‫على تطبيقها السلطات العمومية ‪..‬‬ ‫هناك من كان يمارس االستجمام‬ ‫والسباحة بمسبح الفندق‪ ،‬وبمجرد ما‬ ‫علمت السلطات االقليمية بذلك أقدمت‬ ‫على توقيف هذا السلوك الذي اليتناسب‬ ‫الظرفية واألزمة التي تمر بها البالد ‪.‬‬ ‫ويشار أن المؤسسة الفندقية‬ ‫المذكورة اليزال يقيم فيها بعض األطر‬ ‫الصحية العسكرية‪ ،‬وطبعا هي غير‬ ‫مقيمة في شفشاون وتعمل في قسم‬ ‫كوفيد‪ 19‬بمستشفى محمد الخامس‬ ‫بشفشاون لذا تحتاج إلى التضامن‬ ‫معها بروح وطنية‬

‫مطار الحسيمة في أتم االستعداد الستئناف‬ ‫الرحالت الجوية‬

‫أكد مدير المطار الدولي الشريف‬ ‫االدريسي بالحسيمة مختار دهراوي‪ ،‬اليوم‬ ‫اإلثنين‪ ،‬أن هذه المنشأة المطارية في أتم‬ ‫الجاهزية واالستعداد الستئناف الرحالت‬ ‫الجوية‪.‬‬ ‫وأضاف السيد دهراوي‪ ،‬في تصريح‬ ‫لوكالة المغرب العربي لألنباء‪ ،‬أنه تم‬ ‫إنهاء جميع التحضيرات واالستعدادات‬ ‫التي انطلقت منذ نحو ‪ 20‬يوما الستئناف‬ ‫الرحالت الجوية الداخلية والدولية‬ ‫وضمان استقبال آمن للمسافرين‬ ‫وحماية مستعملي المطار من مسافرين‬ ‫ومستخدمين‪.‬‬ ‫وتابع أن المكتب الوطني للمطارات‬ ‫أعد مخططا الستئناف أنشطته استعدادا‬ ‫الستئناف الرحالت الجوية يقوم على‬ ‫تدبير المخاطر لضمان ظروف استقبال‬ ‫سليمة ومطمئنة للمسافرين عبر تدابير‬

‫جيدة تالئم تدابير االستغالل المطاري‬ ‫مع اإلكراهات المتعلقة بتدبير الوضعية‬ ‫الوبائية بتنسيق مع مختلف الشركاء‬ ‫بالمطار‪ ،‬بتفعيل التباعد االجتماعي بين‬ ‫المسافرين‪.‬‬ ‫وأضاف أن مطار الشريف اإلدريسي‬ ‫انخرط في هذه اإلجراءات عبر وضع‬ ‫واقيات باألماكن الثابتة التي تعرف تفاعال‬ ‫مع األشخاص بنقاط التسجيل وقاعات‬ ‫اإلركاب ونقاط المراقبة األمنية‪ ،‬واعتماد‬ ‫الوقوف الطوعي المتتالي والمتباعد بنقاط‬ ‫التسجيل ومراكز المراقبة وذلك باحترام‬ ‫التشوير األرضي‪.‬‬ ‫كما تم وضع موزعات أوتوماتيكية‬ ‫لمعقمات األيدي مجانا بمختلف مرافق‬ ‫المطار‪ ،‬وتباعد المقاعد بقاعات اإلركاب‬ ‫احتراما للتباعد الجسدي‪ ،‬وتكثيف عملية‬ ‫تنظيف وتحسين منظومة تنقية الهواء‪،‬‬

‫باإلضافة إلى التعقيم المكثف لمختلف‬ ‫مرافق المطار وقياس درجة حرارة‬ ‫المسافرين بواسطة كاميرا حرارية بمنطقة‬ ‫اإلنزال الدولية وإعداد غرفة مخصصة‬ ‫لعزل الحاالت المشتبه في إصابتها بوباء‬ ‫فيروس كورونا المستجد (كوفيد ‪. )19‬‬ ‫في سياق متصل‪ ،‬سجل السيد‬ ‫الدهراوي أن مطار الحسيمة اعتمد إجراءات‬ ‫هامة وحصرية تتمثل في استعمال صنابير‬ ‫أوتوماتيكية للمياه بمختلف المرافق‬ ‫الصحية تعمل بواسطة األشعة تحت‬ ‫الحمراء‪ ،‬واعتماد إضاءات أوتوماتيكية‬ ‫بهذه المرافق‪.‬‬ ‫وخلص إلى أن المطار جاهز بشكل‬ ‫تام الستئناف الرحالت الداخلية والجوية‬ ‫فور اإلعالن الرسمي من قبل السلطات‬ ‫المختصة عن التاريخ الرسمي النطالق‬ ‫هذه العملية‪.‬‬

‫‪Fikri.press@gmail.comTél 0661986707‬‬

‫موظف شرطة يضطر الستخدام‬ ‫سالحه الوظيفي لتوقيف‬ ‫شخص هدد سالمة األشخاص‬ ‫والممتلكات بالحسيمة‬

‫اضطر موظف شرطة يعمل باألمن الجهوي بالحسيمة الستخدام سالحه الوظيفي‪،‬‬ ‫بعد منتصف ليلة االثنين ‪ 15‬يونيو الجاري‪ ،‬وذلك في تدخل أمني لتوقيف شخص من ذوي‬ ‫السوابق القضائية‪ ،‬كان في حالة غير طبيعية وهدد سالمة االشخاص والممتلكات بواسطة‬ ‫السالح األبيض‪.‬‬ ‫وذكر بالغ للمديرية العامة لألمن الوطني أن دورية للشرطة كانت قد تدخلت لتوقيف‬ ‫المشتبه فيه‪ ،‬الذي كان تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة وأحدث الضوضاء بالشارع العام‪،‬‬ ‫حيث أبدى مقاومة عنيفة باستخدام السالح األبيض‪ ،‬مما اضطر موظف شرطة الستخدام‬ ‫سالحه الوظيفي‪ ،‬مطلقا رصاصتين تحذيريتين قبل أن تصيب الرصاصة الثالثة المشتبه‬ ‫فيه على مستوى الفخد‪.‬‬ ‫وأضاف البالغ أنه تم نقل المشتبه فيه المصاب للمستشفى لتلقي العالجات الضرورية‪،‬‬ ‫وذلك في انتظار تماثله للشفاء ليتسنى إخضاعه لبحث تمهيدي تحت إشراف النيابة العامة‬ ‫المختصة‪ ،‬لتحديد أسباب وظروف ومالبسات هذه القضية‪.‬‬

‫تار جيست‪ /..‬الحسيمة‬ ‫إيقاف شخصين بتهمة ترويج‬ ‫الكوكايين‬

‫تمكنت عناصر الفرقة المحلية للشرطة القضائية التابعة لمفوضية الشرطة‬ ‫بتارجيست يوم الجمعة ‪ 12‬يونيو الجاري من ايقاف شخص‪ ‬بحوزته كمية من المخدرات‬ ‫الصلبة كوكايين‬ ‫وذكرت المصادر أن األبحاث قادت إلى إيقاف المزود الرئيسي بدوار عالل بجماعة‬ ‫زرقت التابعة لقيادة سيدي بوتميم دائرة تارجيست‪ ،‬ويرتقب تقديم المشتبه فيهما أمام‬ ‫أنظار النيابة العامة في حالة اعتقال بتهمة ترويج وحيازة المخدرات الصلبة‪.‬‬

‫الحسيمة‪..‬سنتان حبسا نافذا في حق متهم‬ ‫بترويج الكوكاكيين‬

‫أدانت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة االبتدائية‬ ‫بالحسيمة‪ ،‬في بداية األسبوع الجاري‪ ،‬متهما من أجل االتجار في‬ ‫الكوكايين‪ ،‬وحكمت عليه بالسجن والغرامة‪.‬‬ ‫وكان المتهم قد تم توقيفه منتصف شهر ماي الماضي‬ ‫بجماعة أجدير‪ ،‬من طرف عناصر الدرك الملكي‪ ،‬متلبسا بترويج‬ ‫الكوكاكيين‪ ،‬ليتقرر وضعه تحت تدبير الحراسة النظرية‪ ،‬قبل‬ ‫عرضه امام أنظار وكيل الملك الذي قرر متابعته بتهم مسك‬ ‫واستهالك وترويج المخدرات القوية والحيازة غير القانونية‬ ‫للمخدرات والمواد المخدرة في حالة العود‪ ،‬وخرق القرارات الصادرة‬

‫عن السلطة العمومية في إطار حالة الطوارئ الصحية وعدم وضع‬ ‫الكمامة الواقية‪ ،‬ليتم الحكم عليه بعد ثالث جلسات‪ ‬بسنتين‬ ‫حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها ‪ 1000‬درهم مع تحميله الصائر‬ ‫واالجبار في األدنى وباتالف المخدرات المحجوزة طبقا للقانون‬ ‫وبمصادرة المبلغ المالي لفائدة الخزينة العامة وبمصادرة باقي‬ ‫المحجوز لفائدة األمالك المخزنية‪.‬‬ ‫كما قضت بأداء المتهم غرامة مالية قدرها ‪81.158.400,00‬‬ ‫درهم مجبرة في سنة واحدة عند عدم األداء مع تحميله الصائر‬ ‫مجبرا في األدنى لفائدة إدارة الجمارك‪.‬‬


‫‪9‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫سيدي عبد اهلل المرابط الترغي‪..‬‬ ‫سنة خامسة من الغياب ودهر ممتد من الحضور‬ ‫‪ -‬أسامة الزكاري‬

‫الفهارس‪ ،‬وهذه أمور قل أن تجتمع في شخص واحد»‪ .‬وتقول هدى‬ ‫المجاطي‪« :‬الحديث عن أستاذنا الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي ال‬ ‫ينصرف إلى وجهة واحدة‪ ،‬فهو نموذج لألستاذ المتمكن‪ ،‬والباحث‬ ‫الرصين‪ ،‬والخبير بالتراث األدبي‪ .‬ورغم تنوع اهتماماته ودراساته‬ ‫في األدب والشروح والرحالت واللغة والتصوف والتاريخ‪ ،‬فإن علم‬ ‫التراجم حظي عنده بالنصيب األكبر‪ .»...‬ويقول أبو الخير الناصري‪:‬‬ ‫«حينما أتأمل حرصه هذا على تحصيل العلم بالجديد في موضوع‬ ‫التراجم‪ ،‬مع ما كانت عليه حالته الصحية من اعتالل‪ ،‬يخيل إلي أن‬ ‫أستاذنا الجليل كان –رحمه اهلل تعالى‪ -‬يلقننا بذلك درسا جميال‬ ‫أجريه على لسانه في العبارة اآلتية‪« :‬اطلبوا العلم من المهد إلى‬ ‫اللحد‪ ،‬واطلبوا العلم في الصحة والمرض»‪ .»...‬ويقول عبد‬ ‫الحفيظ األشهب‪« :‬كان المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي–‬ ‫كما وصفه الفقيه العالمة محمد المنوني رحمة اهلل عليه‪-‬‬ ‫فارس حلبة المغربيات‪ ،‬وقد انشغل بالدراسات المغربية‬ ‫في عدة مستويات‪ :‬مستوى البحث الفهرسيوالترجمي‪،‬‬ ‫ومستوى دراسة القضايا اللغوية واألدبية والفكرية من‬ ‫موقع األستاذية الممتدة‪ ،‬ومستوى تحقيق النصوص‪.»...‬‬ ‫وذلك‪ ،‬أصبح الفقيد العزيز منارة للعلم وللمعرفة‪ ،‬نجح‬ ‫في نشر أريج عطائه على نطاق جغرافي واسع تجاوز منطقة‬ ‫الشمال وعموم بالد المغرب‪ ،‬ليمتد على أفق جغرافي واسع‬ ‫وممتد على امتداد خريطة الوطن العربي الواسع‪ .‬كان‪،‬‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬رجال للمعرفة وللعطاء‪ ،‬لم يكن يمل من البحث‬ ‫ومن السؤال‪ ،‬ولم يكن يتعب من التنقيب ومن السعي نحو‬ ‫تعزيز معارف تخصصه‪ .‬كان عالم زمانه‪ ،‬ترك مدرسة قائمة‬ ‫األركان‪ ،‬أساسها إصداراته الغزيرة ورصيد منجزه األكاديمي‪،‬‬ ‫ودعائمها أف��واج من الخريجين ومن المتمدرسين ومن‬ ‫الطلبة الذين تشربوا من عطائه‪ ،‬وآفاقها هذا النهج‬ ‫القويم في الجمع بين مشاق العطاء األكاديمي وبين‬ ‫نعمة التواضع ومكرمة األخ�ل�اق‪ ،‬وهي‬ ‫النعمة والمكرمة التي ارتبطت‬ ‫باسمه‪ ،‬بعد أن أصبحت صفة‬ ‫مالزمة له طيلة تقلبات‬ ‫ح��ي��ات��ه ال��م��ل��ي��ئ��ة‬ ‫بالعطاء وبالبذل‬ ‫وباالستعداد‬

‫المتواصل الحتضان كل األصوات الباحثة عن المعرفة العلمية‬ ‫وعن أصول التكوين في المجاالت األكاديمية التي ارتبطت بسيرته‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫إنها صفة العلماء الكبار التي جعلت من صاحبها عالما مشاركا‬ ‫لفظة «م��ش��ارك» من دالالت حضارية‬ ‫بكل م��ا تحمله‬ ‫عميقة‪ ،‬وميسما ناصعا لرصيد‬ ‫منجز الفقيد ال��م��راب��ط‬ ‫الترغي‪ ،‬بل هي عالمة‬ ‫ف��ارق��ة ع��ل��ى أن‬ ‫األم���ر يتعلق‬ ‫بأحد مظاهر‬ ‫«ال��ن��ب��وغ‬ ‫المغربي»‬ ‫داخ������ل‬ ‫ا لمشهد‬ ‫ا لثقا في‬ ‫والعلمي‬ ‫ا لو طني‬ ‫الراهن‪.‬‬

‫يبدو أن الكتابة عن السيرة العلمية واإلنسانية للفقيد عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي لن تتوقف ولن تصل إلى مستوى اإلشباع‪،‬‬ ‫مادام طلبة الفقيد وأصدقائه ومحبيه الزالوا يحملون جذوة العلم‬ ‫واألخالق التي اختزلها اسم عبد اهلل المرابط الترغي‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من صدور عدة أعمال توثيقية وتركيبية حول سيرة الرجل خالل‬ ‫المرحلة التي أعقبت رحيله المفجع سنة ‪ ،2015‬فإن مجال البحث‬ ‫والتنقيب في حصيلة منجزه األكاديمي يظل أمرا متجددا‪ ،‬وقابال‬ ‫لتوسيع دوائر التأمل والتشريح‪ ،‬كشفا في المدونات غير المطبوعة‪،‬‬ ‫وتجميعا لرصيد منشورات األستاذ المرابط الترغي‪ ،‬وتصنيفا‬ ‫لقيمها الرمزية والعلمية الرفيعة‪ .‬وإذا أضفنا إلى ذلك‪ ،‬آفاق البعد‬ ‫اإلنساني واألخالقي في سيرة الفقيد المرابط الترغي‪ ،‬أمكن القول‬ ‫إن األمر يتعلق بسيرة أحد أعالم الفكر والثقافة والمعرفة بمدينة‬ ‫طنجة المعاصرة‪ ،‬ممن كان لهم شرف اإلسهام في صناعة بهائها‬ ‫وتميزها الحضاري الكبير‪ ،‬إلى جانب رجاالتها الكبار من أمثال عبد‬ ‫اهلل كنون‪ ،‬وعبد الصمد العشاب‪ ،‬وعبد العزيز التمسماني خلوق‪،‬‬ ‫وعبد العزيز بن الصديق‪ ،‬ومحمد األمين البزاز‪...،‬‬ ‫وإل��ى جانب ه��ذا االن��غ��راس األصيل في التربة الثقافية‬ ‫والمعرفية لمدينة طنجة‪ ،‬استطاع الفقيد أن يجعل من اسمه علما‬ ‫في مجاالت دراسة علم المخطوطات وتحقيقها‪ ،‬وكذا في مجال علم‬ ‫األنساب واألعالم والمناقب‪ ،‬إلى جانب رواد هذا المجال وطنيا من‬ ‫أمثال محمد المنوني‪ ،‬ومحمد بنشريفة‪ ،‬وعباس الجراري‪ ،‬ونجاة‬ ‫المريني‪ ...،‬ونكاد نجزم أن إضافات المرحوم المرابط الترغي‬ ‫في المجاالت العلمية المشار إليها‪ ،‬ظلت تحمل كل عناصر الجدة‬ ‫والتميز داخل محيطها المغربي والعربي‪ ،‬بشكل نكاد ال نجد‬ ‫مثيال له داخل حقل تلقي علوم المخطوطات‪ ،‬ومناهج التحقيق‪،‬‬ ‫وسير األعالم‪ ،‬وتصنيفات المناقب‪ .‬باختصار‪ ،‬فاألمر يتعلق بسيرة‬ ‫رجل تحول إلى مدرسة قائمة الذات في مجال التأطير العلمي‪،‬‬ ‫والتنقيب األكاديمي‪ ،‬والتوجيه التربوي‪ ،‬وقبل كل ذلك‪ ،‬مدرسة‬ ‫في األخالق وفي تواضع العلماء الكبار‪ .‬لذلك‪ ،‬لم يكن غريبا أن‬ ‫يشعر الجميع بحجم الخسارة في رحيل سيدي عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي‪ ،‬وكذا بحجم الفراغ الذي لن يكون من السهل ملء دروبه‬ ‫العلمية وأفضاله المعرفية المتداخلة‪ .‬وما تواتر صدور سلسلة‬ ‫األعمال التوثيقية لعناصر توهج سيرته العلمية‪ ،‬إال دليل على نبل‬ ‫الموقف الذي ظل يحمله طلبة الفقيد ورفاقه ومجايليه‪ ،‬تجاه هذه‬ ‫الروح الطاهرة التي بصمت وجه البحث الجامعي الوطني المعاصر‪،‬‬ ‫وخاصة في المجاالت والتخصصات التي أشرنا إليها أعاله‪.‬‬ ‫في سياق جهود االعتراف برصيد التراكم العلمي الرفيع‬ ‫لفقيدنا الكبير‪ ،‬سيدي عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬يقول األستاذ‬ ‫عدنان الوهابي في كتابه «حفريات التراث المغربي‪ :‬سيدي عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي منارة علم ونبع أفضال»‪ ،‬الصادر سنة ‪،2018‬‬ ‫ما يلي‪« :‬والدكتور عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬كما نعرف جميعا‪ ،‬وكما‬ ‫يعرف محبوه وأصدقاؤه وطلبته‪ ،‬ليس بالنكرة وال الفضلة‪ ،‬وليس‬ ‫بالمغمور وال المقل‪ ،‬فهو في باب العلم واألدب علم مشهور‬ ‫يقصده القاصي والداني‪ ،‬ومنهل عذب يغترف منه األدباء‬ ‫والمتأدبون وغير األدباء والمتأدبين‪ ،‬وهو في باب السلوك‬ ‫واآلداب مثال الرجل العفيف‪ ...‬لم يكذب أهله أزيد من ربع‬ ‫قرن‪ ،‬ظل خاللها موئل بحث‪ ،‬ومركز إشعاع‪ ،‬في التدريس‬ ‫والتأطير واإلش��راف والتسيير‪ ،‬وكيف يكذبهم وهو‬ ‫الزاهد إال في كتاب أو مخطوط‪ ،‬والمتغافل إال حين‬ ‫يعن في الميدان بحث‪ ،‬أو يشيم في األفق رسالة‪...،‬‬ ‫والمتفاني في خدمة الجميع إال حين يحول عنه‬ ‫قانون‪ .‬رحل وقد ترك أعماال مختلفة في األدب‬ ‫والتاريخ والتعريف بالمخطوطات والرجال‪،‬‬ ‫والعشرات من المقاالت في موضوعات‬ ‫متنوعة‪ .‬كانت له مشاركات في عدد هائل‬ ‫من الندوات واللقاءات العلمية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى حوارات‪ ،‬وألقى محاضرات وأحاديث‬ ‫إذاعية‪ ،‬وأشرف على رسائل وأطاريح‬ ‫جامعية‪ ،‬وساهم في مناقشات علمية‬ ‫في عدد من الجامعات المغربية‪»...‬‬ ‫(ص ص‪.)12 - 11 .‬‬ ‫وعن هذا النهر الدافق للرصيد‬ ‫المعرفي لفقيدنا العزيز‪ ،‬يقول أحمد‬ ‫هاشم الريسوني في الكتاب الصادر‬ ‫سنة ‪ ،2017‬تحت عنوان «المرحوم‬ ‫عبد اهلل المرابط الترغي‪ :‬أيقونة‬ ‫قيم ونبراس علم»‪« :‬كان المرحوم‬ ‫األس��ت��اذ الدكتور سيدي عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي عالمة فارقة في‬ ‫مجال الدراسات األدبية عندنا في‬ ‫شمال المغرب خالل العقود الثالثة‬ ‫األخ���ي���رة»‪ .‬وي��ق��ول محمد حافظ‬ ‫الروسي‪« :‬كان ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪-‬‬ ‫جماعا للكتب وللمخطوطات‪ ،‬وقد حباه‬ ‫المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي خالل مشاركته في ندوة ثقافية بمدينة أصيال يوم ‪ 5‬شتنبر ‪ ،1999‬إلى جانب األساتذة مصطفى الغاشي‪ ،‬وعبد الخالق أحمدون‪،‬‬ ‫اهلل –عز وجل‪ -‬بحافظة قوية‪ ،‬واطالع‬ ‫وعبد الرحيم الجباري‪ ،‬وأسامة الزكاري‪ ،‬وعبد السالم شقور‪ ،‬ومصطفى زيان‬ ‫واس���ع‪ ،‬ومعرفة بالتراجم‪ ،‬وكتب‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫عبد اهلل المرابط الترغي أفق معرفي‬ ‫•‬ ‫مرت على وفاة األستاذ عبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬رحمه اهلل‪،‬‬ ‫خمسة أعوام‪ .‬لكن أثره العلمي ظل يوجهنا إلى االقتراب منه‬ ‫ومصاحبته لبناء أسئلة تفتح القراءة على «مشاريع» واجتهادات‬ ‫تفهم قصود هذا األثر المضمرة‪ .‬وتسهم في مدّها بمقاربات‬ ‫جديدة تكمل استراتيجيتها‪.‬‬ ‫كان األدب المغربي القديم بمخطوطاته وعصوره وقضاياه‬ ‫التوثيقية الشائكة َ‬ ‫حقل انشغاله العلمي الذي ّ‬ ‫ظل تجذبه‬ ‫ُ‬ ‫مسالكه الوعرة ويقيم فيها ‪ ،‬يسدده في مساعيه فكرٌ نير ال‬ ‫ُ‬ ‫السبل الموصلة‪ .‬زانته المعرفة وهو يقيمها في حق‬ ‫تخفى معه‬ ‫موضوعها‪ ،‬وأكبرَه حسنُ التواضع فيها‪ .‬وأمّا ما تفرّد به من‬ ‫قدرة على اكتشاف ممتلكات تراثية و النفاذِ إلى إدراك أنساقها‬ ‫ووظائفِها ومقاصدِها من أجل فهمها في أصولها‪ ،‬فقد أبلغه‬ ‫حاجتَه وروى ظمأ روحِه‪ ،‬وأما إيثارُه الترفعَ عن َّ‬ ‫خِفةِ األحالم‬ ‫العجلى‪ ،‬واختيارَ الصمت المحاذي للصخب‪ ،‬قبل ذلك وبعده‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المحبّة والوقار‪.‬‬ ‫فقد أكسبه‬ ‫دأب عبد اهلل المرابط الترغي على مُساءلة األدب واللغة‬ ‫‪ ،‬في صيرورة تواصلية دائمة بين قديم المعارف وجديد أسئلته‬ ‫المعاصرة التي لم تدركها الدراسات النقدية خالل حياته‬ ‫َ‬ ‫بمُحكم التحقيق‬ ‫وبعدها‪ ،‬كان‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬يرى ضرورة العودة‬ ‫والتأليف والتصنيف إلى تاريخ تحقق الذخائر التراثية وإلى‬ ‫سياقاتها وإشكاالتها الح ّقة‪ ،‬فما من ظاهرة أدبية أو علمية إال‬ ‫واندغمت‪ ،‬في تصوره‪ ،‬بشرطها التاريخي‪ ،‬الذي يرسم حدودا‬ ‫زمنية ومفهومية لقولها ولحدوثها ‪ ،‬ويكشف بذلك عن أهم‬ ‫إبداالتها وجدواها‪.‬‬ ‫يكدّ ليقرأ ما بين السطور‪ ،‬يضاعف جهوده ويد ّقق لكي‬ ‫يستقصي العوامل الخفية التي قد تجلي الحقيقة في الوثائق‬ ‫والنصوص‪ .‬إن عملية فهم نصوص التراث المغربي من خالل‬ ‫العدة العلمية الحقة ومن خالل وضعها في سياقها التاريخي أمر‬ ‫َ‬ ‫إمكانية الكشف عن المعاني المضمرة‬ ‫يتيح للمحقق المتحقق‬ ‫أو المشتبهة التي يمكن أن تكون أفقية انطالقا من حدود‬

‫عبد الرحيم اإلدريسي‬

‫جنسها ولغتها‪ ،‬أو عمودية مستمدة من شروط إنتاجها‪ .‬وفي‬ ‫الحالتين معاً لم يكن األستاذ عبد اهلل الترغي يس ّلم باإلظهار‬ ‫العلمي للنصوص التراثية إال بتوافر مادة مصدرية متنوعة و‬ ‫دقيقة حول موضوعاتها وحقولها‪ ،‬علما أن كل ذلك لم يكن‬ ‫يعفيه‪ ،‬وهو العالم بمجاله‪ ،‬من اللجوء إلى حدسه اللغوي و‬ ‫التاريخي وكفاياته المعرفية في بناء روابط واستيعاب عالقات‬ ‫وإيجاد األدلة المناسبة التي تمكنه من اإلجابة عن تساؤالته‬ ‫العلمية في التحقيق والتأليف‪.‬‬ ‫إنها األلفة العالمة مع النصوص‪ ،‬يتوسل بها ليتوصل‬ ‫إلى معرفة مؤكدة للمعاني والمغازي والقيم‪ ،‬و لصور ماضيها‬ ‫الذي تحتويه‪ .‬كان األستاذ دؤوب الحيوية‪ ،‬يتدفق في حديثه‪،‬‬ ‫ال يمّل وال يتوقف‪ ،‬يحيط بجوانب المسألة المطروحة‪ ،‬ويعدّد‬ ‫اآلراء واألقوال‪ ،‬ويحيل على المصادر ويكشف عن المخطوطات‬ ‫ويعرِّف بها ليقدم لسائله ما ينير الطريق‪ ،‬ويرشده إلى القصد‪،‬‬ ‫بل حتى في حواراته كان‪ ،‬كما يصفه صفيُّه أستاذنا وعزيزنا‬ ‫عبد اللطيف شهبون‪ ،‬متو ّقدَ الحس‪ ،‬حادّ الذهن إزاء ما يسمع‪،‬‬ ‫ينطبع المتن موضوعُ الحوار في ذاكرته وصدره‪.‬‬ ‫أدرك أن التحقيب المحلي للتاريخ األدبي تفريعٌ علمي‬ ‫للنسق الثقافي العام‪ ،‬وتجذرٌ للتنوع في امتداد الكلي‪ .‬منح‬ ‫مفهوم المحليّة ماهيتَه وحال دون تداخله مع مصطلحات‬ ‫أخرى تجاوره‪ ،‬لذلك كان توجُّهه األساس نحو األدبين المغربي‬ ‫واألندلسي‪ ،‬وكانت جهوده لتحقيق أمهات الكتب المغربية‬ ‫واألندلسية وإنجا ِز دراسات حول أعالم هذا األدب وأجناسه‬ ‫مرجعا علميا وشرطا لجدوى أسئلة الكتابة التاريخية والدراسات‬ ‫األدبية واللغوية‪.‬‬ ‫إن التراث السردي المغربي واألندلسي‪ ،‬كما تجليه آثار‬ ‫األستاذ عبد اهلل الترغي زاخر بأشكال تعبيرية وأجناس أدبية‬ ‫بكر‪ ،‬ومتى تضافرت الجهود النقدية المتفرقة وأفلحت الدراسات‬ ‫المعاصرة في تأملها وتجديد فهمها يمكنها أن تسهم‪ ،‬مثال‬ ‫في حقل المحكيات‪ ،‬في إثراء نظرية السرد العالمية وتقلب‬

‫خريطة النقد‬ ‫السردي المغربي‬ ‫والعربي رأساً‬ ‫على عقب‪ .‬وهذا ما أكده أستاذنا محمد أنقار‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬في‬ ‫مقاله «التـرغـي وتـودوروف» عندما أشار إلى أن ما تستوعبه‬ ‫مصنفاته من حقول التراث الفسيحة مثل «الكرامات‪ ،‬والمنامات‪،‬‬ ‫والرحالت الخيالية‪ ،‬واألحاجي‪ ،‬واأللغاز‪ ،‬واألسمار‪ ،‬والمناظرات‪،‬‬ ‫والمالعب‪ ،‬والمقامات‪ ،‬والحكايات الشعبية‪ ،‬وحكايات الجان‪،‬‬ ‫والعجائب‪ ،‬والغرائب‪ ،‬والطرائف‪ ،‬والملح‪ ،‬والسير‪ ،‬وتراجم الرجال‬ ‫وغيرها من األشكال السردية‪ ...‬تحتاج إلى دراسات معمقة من‬ ‫أجل استخالص طرائق بنائها وأنماط سماتها‪ .‬هي أشكال‬ ‫مفعمة بألوان من البالغة المكيفة بسمات من الخصوصية‬ ‫المغربية والعربية واإلسالمية»‬ ‫ومما ال شك فيه أن منجز عبد اهلل المرابط الترغي العلمي‬ ‫المتنوع‪ ،‬موضوعٌ ما يزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات‬ ‫واألبحاث التي تكشف وتضيء باقي جوانبه وضفافه‪ ،‬وتُعمق‬ ‫البحث فيها بما يجعلها مختبرا للمعرفة األدبية‪ ،‬يُسعف في‬ ‫فهم مالئم للتاريخ الثقافي والعلمي المغربي‪ ،‬ويُمِدُّ وعيَنا به‬ ‫ٍ‬ ‫بكل الموارد الضرورية ألجل اإلفادة منه‪.‬‬ ‫إن االقتراب من القضايا األدبية واللغوية والتاريخية التي‬ ‫تظهرها تآليف عبد اهلل المرابط الترغي أو تضمرها‪ ،‬يُعدّ‬ ‫تحديا معرفيا معاصرا‪ ،‬يكرس اإلحساس بحدود الوضع العلمي‬ ‫للباحثين اليوم‪ .‬لكنه يدعوهم إلى توطيد العزم على المغامرة‪.‬‬ ‫أما إذا ارتفعت دون هذا المُنجَز حُجبُ الغفلة واسترخت على‬ ‫عَطل االستعجال واالختزال‪ ،‬فذلك وضعٌ ّ‬ ‫مخل يحرم‬ ‫خمول‬ ‫ِ‬ ‫الدراسات األدبية المعاصرة من استثمار ما ينطوي عليه اجتهاد‬ ‫ُّ‬ ‫وتَعق ِب المسالك العلمية التي نحتها‪،‬‬ ‫عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬وأقام أبنيتها وتركها وراءه ورحل‪.‬‬

‫المرحوم عبداهلل المرابط الترغي‪:‬‬ ‫مدرسة كبرى في العلم واألخالق‬

‫• هدى المجاطي‬

‫تعرفت إلى األستاذ المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي منذ ما يناهز العقدين؛ حينما‬ ‫انتظمت طالبة بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ .‬كان المرحوم يومئذ رئيسا لشعبة اللغة العربية‬ ‫وآدابها‪.‬‬ ‫في السنة الرابعة من النظام القديم للدراسة الجامعية‪ ،‬تلقيت على يده وعلى يد المرحوم‬ ‫محمد أنقار دروسا كان لها أثر كبير في اهتمامي باألدب المغربي القديم والحديث‪ ،‬وقد أنجزت بإشراف‬ ‫المرحوم سيدي عبد اهلل بحثا لنيل اإلجازة في اللغة العربية وآدابها ؛ في موضوع ‪ :‬أبو عبد اهلل محمد‬ ‫العلمي الحسني الشفشاوني الحوات‪:‬حياته وتراثه األدبي‪.‬‬ ‫ثم شاء اهلل أن أنتظم في سلك الدراسات العليا المعمقة؛ تخصص األدب المغربي‪ ،‬وكان هذا‬ ‫المسلك أول بنية للتكوين العالي بجامعة عبد المالك السعدي وتعزز ببنية بحثية رائدة هي ملتقى‬ ‫الدراسات المغربية واألندلسية التي أسسها األستاذ المرحوم الدكتور حسن الوراكلي‪ ،‬وكان المسلك‬ ‫المذكور متميزا بأطره العالمة ذات الدربة في علوم التدريس؛ السادة الدكاترة‪ :‬حسن الطريبق‪ ،‬عبد‬ ‫السالم شقور‪ ،‬أحمد الطريبق اليدري‪ ،‬أحمد بلشهاب‪ ،‬حسن بنزيان‪ ،‬والمرحومان ميلودة الحسناوي‬ ‫ومحمد مفتاح‪ ،‬سعيد بن األحرش‪ ،‬وعبد اللطيف شهبون‪ .‬وكللت جهودي العلمية بإعداد بحث في‬ ‫موضوع « الدرر المرصعة في أخبار أعيان درعة ‪ :‬تحقيق وتقديم» بإشراف المرحوم سيدي عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي وكان رحمه اهلل هو الذي اقترح علي هذا الموضوع‪ ،‬وألزمني بالسفر إلى الرباط للحصول‬ ‫على نسخة مصورة له من الخزانة العامة‪ ،‬ولم تكن للمخطوط سوى نسخة فريدة مما رفع مسؤوليتي‬ ‫في تحقيقه ‪ ،‬لكنني بعون اهلل وتوجيه أستاذي سيدي عبد اهلل تمكنت من تحقيقه وفق القواعد العلمية‬ ‫المطلوبة‪ .‬وال أخفي أن هذا العمل جعلني أوسع خبرتي في ذخاتئر األدب المغربي أوال وتقدير جهود‬ ‫المحققين للتراث المغربي‪ .‬وكان المرحوم سيدي عبد اهلل نبراسي في فك معميات ذلك النص الناصري‪.‬‬ ‫ولعل هذا البحث قد رسخ اقتناعي باالشتغال بتاريخ األدب والثقافة المغربية خاصة على عهد الدولة‬ ‫العلوية أصوال وامتدادات‪. .‬‬ ‫وفي غمرة انشغالي بأطروحتي في تاريخ الثقافة بشمال المغرب بإشراف أستاذي الدكتور عبد‬ ‫اللطيف شهبون أكرمه اهلل استوقفتني أسماء وذوات لها قدح معلى في تطوير الكتابة األدبية‪ ،‬فقررت‬ ‫البحث والتعريف بهؤالء الرواد‪،‬وفكان البد لي من الرجوع المنتظم إلى أستاذي المرحوم الدكتور عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي لكونه من المؤصلين علميا وفنيا لعلم التراجم األدبية في المغرب‪ ،‬وأنا أسعد‬ ‫ألني تتلمذت عليه واستفدت من دروسه وأبحاثه وتوجيهاته التي ساعدتني كثيرا على االنغمار في هذا‬ ‫المجال ‪.،‬‬ ‫مازلت أتذكر جملة من اللقاءات العلمية والثقافية التي جمعتني بالمرحوم؛ أذكر منها على سبيل‬ ‫المثال‪:‬‬ ‫‪ -‬لقاء الثالثاء ‪ 11‬نوفمبر ‪ :2014‬في مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي‪ ،‬فحدثته‬

‫عن إمكانية كتابة تقديم لكتاب كنت مقبلة على‬ ‫طبعه‪ ،‬فقبل رحمه اهلل بصدر رحب‪ ،‬وشجعني كثيرا‬ ‫على المضي في هذا الطريق‪ ،‬مؤكدا على أهمية‬ ‫التراجم وقيمتها في التعريف بأعالم العلم واألدب‬ ‫والدين‪ .‬م‪.‬‬ ‫ لقاء الجمعة ‪ 17‬أبريل ‪ : 2015‬كان لي شرف المشاركة إلى جانبه –رحمه اهلل‪ -‬في ندوة علمية في‬‫موضوع ”أعالم من شفشاون” نظمتها الجمعية المغربية للثقافة األندلسية بشفشاون‪ ،‬مع تقديم وتوقيع‬ ‫كتابه ” من أعالم شمال المغرب”‪ .‬وعلى هامش اللقاء‪ ،‬حدثني عن مشروعه العلمي الذي يتابعه بصبر‬ ‫دؤوب‪ ،‬وأطلعني على مسودة الجزء الثاني من كتابه‪ ،‬متوقفا عند أسماء ألعالم من شفشاون‪.‬‬ ‫وقد دعا خالل هذا اللقاء كل الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي إلى ضرورة البحث والتعريف بأعالم‬ ‫شفشاون وأحوازها‪.‬ا‪.‬‬ ‫ لقاء االثنين‪ 11‬ماي ‪ : 2015‬كان لقاء مميزا بكل المقاييس ‪ ،‬خصص لتوقيع وثيقة تحبيس مكتبته‬‫على مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي‪ .‬وقد تشرفت –إلى جانب ثلة من األساتذة األجالء‪-‬‬ ‫باإلدالء بشهادة في حقه‪ ،‬بصفته رائدا في علم التراجم ومنها التراجم األدبية‪ ،‬بدءا من أطروحته األولى‬ ‫” فهارس علماء المغرب” فكتابه «من أعالم شمال المغرب»‪.‬‬ ‫وعن هذا اللقاء كتبت مقاال بعنوان‪ :‬عبد اهلل المرابط الترغي‪ :‬ذخيرة علمية وإنسانية‪ ،‬نشر في جريدة‬ ‫الشمال (العدد ‪. )785‬‬ ‫كان توقيعه لوثيقة التحبيس موقفا مؤثرا جدا‪ ،‬أخذت له صورا كثيرا‪ ،‬لكن الصورة المعبرة المفعمة‬ ‫بالمعاني هي الصورة التي يظهر فيها –رحمه اهلل‪ -‬مبتسما رافعا يديه وقد أنهكه السيرحد بلوغه قمة‬ ‫العطاء ‪ .‬كانت الصورة المذكورة عنوان وداع لكن سيدي عبد اهلل مازال حيا في قلوب المخلصين من‬ ‫العلماء الفضالء‪.‬‬ ‫بعد انتقال سيدي عبد اهلل إلى عفو اهلل قدر اهلل لي أن أنسق بعض شهادات طالبه ومحبيه وإصدار‬ ‫كتيب في الموضوع بعنوان «عبد اهلل المرابط الترغي‪ :‬أيقونة قيم ونبراس علم»‪.‬‬ ‫ما زال سيدي عبد اهلل حيا في ضمائر طالبه الذين أحبوه بتجرد عن كل الغايات والفصول‪.‬‬ ‫كانت رسالة المرحوم سيدي عبد اهلل تقول‪:‬‬ ‫ها قد أنهيت مهمتي التي بدأتها منذ عقود‪ ..‬قضيت عمرا في البحث والتحقيق والتأليف والتدريس‬ ‫وخدمة األجيال وحثها على االلتفاف بتراث األمة المغربية دفاعا عن هوية مميزة‪.‬‬ ‫رحم اهلل سيدي عبد اهلل‪ ،‬كان عالما متواضعا في علمه وأخالقه‪،‬هادئ الطبع‪ ،‬لم يره قط يثور في‬ ‫وجه من قصده من طالبه وطالباته‪..‬‬ ‫نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يثيبه خير ثواب‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫شذرات عرفان وامتنان‬ ‫في الذكرى الخامسة لوفاة أستاذي العالمة الدكتور‬ ‫سيدي عبد اهلل المرابط الترغي رحمة اهلل عليه‬ ‫بقلم‪ :‬د‪ .‬لطيفة الوزاني الطيبي‬

‫إنه من الصعب حقا دون مبالغة أو مجاملة أو رياء الكتابة عن قامة‬ ‫سامقة من القامات العلمية الرصينة التي تفانت في عملها بكل إخالص‬ ‫خدمة لهذا الوطن األمين؛ فتركت وراءها ما تركت من تاريخ لن ينسى‪،‬‬ ‫وذخيرة علمية لن تفنى‪ ،‬وأجر كبير لن يبلى‪ .‬وقد ُطرِّز فضاء الجامعات‬ ‫المغربية بأسماء وازنة في عالم البحث والتأليف والتحقيق والتدريس‬ ‫والتأطير والتنظير والتقعيد إلخ‪ ...‬مما تناقلته العقول واألقالم‪ ،‬وتاقت للنهل‬ ‫منه النفوس العطشى من داخل المملكة الشريفة وخارجها كذلك‪.‬‬ ‫وإن من تلك األعالم الدالة على العلم ومراتبه‪ ،‬الفانية عمرها في‬ ‫التربية والتعليم والتكوين والتوجيه أستاذنا ‪ -‬المشمول برحمة اهلل ‪ -‬الفقيد‬ ‫العالمة‪ ،‬وقدوتنا في البحث والتحقيق المحقق الفهامة‪ ،‬األديب األريب‪،‬‬ ‫المربي اللبيب‪ ،‬صاحب التحقيقات الكثيرة‪ ،‬والمؤلفات العديدة‪ ،‬أستاذنا‬ ‫الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي جدد اهلل عليه الرحمات‪ ،‬ونفعه من‬ ‫علمه بشذي النفحات‪ ،‬بجاه من َّ‬ ‫يُصلى عليه من فوق سبع سماوات‪ ،‬بأزكى‬ ‫التسليم وأقدس الصلوات‪.‬‬ ‫رحل عنا جسدا وبقيت سيرته تتضوع مسكا‪ ،‬وذكراه تفوح عطرا بأخالقه‬ ‫قبل علمه‪ ،‬وبعلمه قبل شهرته‪ ،‬وبعطائه قبل أجره‪ .‬ولكنه مع كل هذا لم‬ ‫ينل حقه المستحق في التعريف به كع َلم بارز من أعمدة األدب المغربي‬ ‫المعاصر بعدما فرض نفسه بكل أريحية في سماء هذا األدب وما يتفرع‬ ‫عنه بما يضاهي به كبار أسمائه المعروفة الرنانة‪ .‬وقد سبق له رحمه اهلل‬ ‫أن عرَّف ‪ -‬في إطار اشتغاله بالتراجم ‪ -‬بمجموعة كبيرة من العلماء األجالء‬ ‫واألدباء األفاضل كان يمكن أن يطالهم النسيان لوال تنقيبه عنهم ضمن‬ ‫نصوص غميسة في عدد كبير من المخطوطات‪ ،‬دون أن َّ‬ ‫تُؤلف بالمقابل‪،‬‬ ‫حول فضيلته ترجمة وافية شافية تفي بغرض التعريف به تعريفا شامال يليق‬ ‫بمكانته العلمية الرفيعة ومنزلته األكاديمية السامية‪ .‬وبما أن المجال هنا‬ ‫ال يتسع لذكر الكثير‪ ،‬سوف أكتفي بإيراد شذرات عن شخصيته المحترمة ‪-‬‬ ‫اعترافا وامتنانا كطالبة من طالبه سابقا – حول نقطتين إثنتين هما‪:‬‬

‫‪ l‬مكانته العلمية‪:‬‬ ‫كان آية اهلل بين أقرانه يعز نظيره‪ ،‬غزير المعرفة بمجاالتها المتشعبة‪،‬‬ ‫حاد الذكاء‪ ،‬قوي الذاكرة‪ ،‬سريع البديهة‪ .‬تخاله مكتبة متحركة ضمت بين‬ ‫رفوفها كتاب اهلل (حفظا وتفسيرا) والفقه والبالغة والنحو والعروض وعلم‬ ‫التراجم واألدب (المغربي واألندلسي) والشعر والنقد والتاريخ والرياضيات‬ ‫‪ ...‬فكلما حضرتَ له درسا أو محاضرة أو مناقشة إال وجدتَه يبهر الجميع‬ ‫بتمكنه من علومه دون تكلف عناء‪ ،‬ملما بشكل عجيب بالتواريخ الدقيقة‬ ‫لكل األحداث والحوادث والوفيات والمحطات الزمنية لمقاطع التراجم‬ ‫الفردية أو الجماعية‪ ،‬وكل ذلك من مخزون ذاكرته؛ ناهيك عن استحضار‬ ‫أبيات شعرية دفينة لم يسمع بها حتى من يُحسبون على التخصصات‬ ‫الشعرية‪ .‬وقد حضرت له مواقف طريفة في مناقشات ألطاريح الدكتوراه‪،‬‬ ‫وكان زمالؤه المخلصون المحبون أعضاء لجان المناقشة ينبهرون به غير‬ ‫ما مرة كما الحضور‪ .‬وكم مرة بادره المرحوم أستاذنا الدكتور القدير محمد‬ ‫مفتاح رحمه اهلل مازحا بقوله‪« :‬من أين لك هذا؟ ليتك سيدى عبد اهلل تطلعنا‬ ‫على «خابيتك» التي كل مرة تأتينا بدرر من قعرها‪ ،‬أم أنها خاصة بك حتى‬ ‫تتركنا كل مرة نتشوف ونتشوق لمزيدك» فيرد بابتسامته المعهودة التي‬ ‫لم تكن تفارق محياه‪.‬‬

‫المخلصين لألمانة العلمية المفروضة في التعامل مع المخطوط‪ ،‬وأن‬ ‫الكثير من المخطوطات القيمة التي حققت تحت إشرافه وتوجيهاته النيرة‬ ‫هي في الحقيقة من أفضاله على طلبته خاصة منهم الدكاترة الذين انتشر‬ ‫عدد معتبر منهم داخل المؤسسات التعليمية بسلكيها الثانوي التأهيلي‬ ‫والجامعي‪ ،‬وهذا ما يحسب في صحيفة أعماله المباركة‪.‬‬ ‫إنه بحق ودون مغاالة عالم مشارك جُمع فيه ما تفرق في غيره‪ .‬وانعكس‬ ‫ذلك على مؤلفاته وتحقيقاته القيمة وما خلف من رجاالت العلم والثقافة من‬ ‫بعده‪ .‬والختم مسكي يتمثل في تبرعه في حياته بمكتبته الضخمة التي‬ ‫تضم أنفس الكتب والمخطوطات لمؤسسة األستاذ عبد اهلل كنون بطنجة‪.‬‬

‫أطلق عليه لقب «شيخ المحققين المغاربة» عن جدارة واستحقاق بعد‬ ‫إنجازاته في تحقيق المخطوط المغربي خدمة لتراثنا الغني الذي ال زال أغلبه‬ ‫عرضة للتلف في المكتبات العامة والخاصة‪ .‬فقد كان حجة في التحقيق‬ ‫ومرجعا هاما في كل ما يتعلق بعلم المخطوط‪ .‬وكان عضوا بارزا في جائزة‬ ‫الحسن الثاني للمخطوطات‪ .‬فال يعقل أن ينكر معروفه في هذا الجانب‬ ‫حتى الجاحد من الناس علما أنه اشتغل بالتحقيق على طريقة األوفياء‬

‫‪ l‬أستاذيته‪:‬‬ ‫يعتبر الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي ‪ -‬رحمة اهلل عليه ‪ -‬أستاذا‬ ‫نموذجيا واستثنائيا من الصعب أن يجود الزمان بمثله‪ .‬فقد اقترنت مكانته‬ ‫العلمية العالية بمجموعة من القيم األخالقية الرفيعة أهمها التواضع‬ ‫الذي هو شيمته‪ .‬يشهد به الخاص والعام من األساتذة والباحثين وعموم‬ ‫الطلبة‪ .‬وكان رحمه اهلل على كثرة مسؤولياته وانشغاالته منضبط الحضور‪،‬‬ ‫ملتزما بجميع حصصه الدراسية لطلبته‪ .‬وغالبا ما يحضر الحصة قبل عدد‬ ‫منهم‪ .‬تمتاز حصصه باجتماع اإلمتاع والفائدة‪ ،‬والحث على الجد والعمل‬ ‫وطلب العلم دون أن يستثقل الطلبة منه ذلك‪ .‬يحببهم في المواد دون‬ ‫عناء منه‪ ،‬يساعده في ذلك محبة الطلبة له وتقديرهم الكبير للين جانبه‬ ‫وطيبوبة نفسه ونقاء صدره‪ .‬كان إنسانا قبل أن يكون أستاذا أو عالما‪.‬‬ ‫تتمتع شخصيته كأستاذ في القسم أو محاضر في المدرج بجميع شروط‬ ‫إنجاح الحصص لعل أهمها‪ :‬التمكن المعرفي والتواصل المشترك وتشويق‬ ‫الطلبة في إبداع رزين دون تمييز بين أحد‪ .‬قدم علمه لطلبته في سخاء‬ ‫منقطع النظير بكل تفان وإخالص‪ .‬وساعدهم ماديا ومعنويا على الوصول‬ ‫ألهدافهم التي كانت في األصل من تخطيطه‪ :‬فقد كان منهجه ‪ -‬رحمة‬ ‫اهلل عليه ‪ -‬في إشرافه على البحوث كانت تأليفا أو تحقيقا أن يوجه طلبته‬ ‫للبحث في موضوع له ارتباط بالمنطقة التي ينحدر منها كل واحد منهم‪ ،‬أو‬ ‫األسرة التي ينتمون إليها‪ ،‬إيمانا منه أنه لو اعتُمِدت هذه المنهجية في كل‬ ‫الجامعات المغربية‪ ،‬ستُغطى كل ربوع المملكة الشريفة بالدراسة والبحث‬ ‫والتحقيق دون تغليب جهة على أخرى‪ .‬لذلك‪ ،‬كان يقدم جميع المساعدات‬ ‫لطلبته بعد توجيههم في اختيار البحوث لبلوغ الهدف المنشود تصل إلى‬ ‫فتح مكتبته الخاصة في وجوههم‪ ،‬أو تزويدهم بمصورات من مخطوطاتها‬ ‫القيمة يحضرها لهم بنفسه إلى الكلية‪ .‬وهو بهذا يصدق فيه قول سيدنا‬ ‫َ‬ ‫علي كرم اهلل وجهه لما قال‪« :‬العلم يُكسب العالمَ ً‬ ‫وجميل‬ ‫طاعة في حياته‪،‬‬ ‫الثناء بعد وفاته‪ ،‬وهل بعد هذا من خلف»‪.‬‬ ‫وتبقى هذه األسطر مجرد شذرات متناثرة من سيرة عالم كبير جادت‬ ‫به مدينة تطوان على باقي الوطن‪ .‬قدم خدمات جليلة لكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية بتطوان مما عاد مجدا وإشعاعا عليها وعلى «الحمامة البيضاء» أو‬ ‫«بنت غرناطة»‪ ،‬كما أثرى الخزانة المغربية بتحقيق أنفس المخطوطات في‬ ‫األدب نثره وشعره وفي التراجم الفردية والجماعية والمنقبية وفي التصوف‬ ‫وغيرها‪ ،‬وكذلك بمؤلفاته العديدة والمتنوعة والتي ال تزال ترى النور بعد‬ ‫رحيله‪ .‬وهو بإرثه الغني الذي خلفه لنا سيظل حيا بيننا على قول الشاعر‪:‬‬ ‫ففز بعلم تعش حيا به أبدا ‪ 3 3‬الناس موتى وأهل العلم أحياء‬

‫قيمة المحقق عند المرحوم الترغي (أعالم مالقة)‬ ‫أول ما يجب اإلشارة إليه هو أن النصوص التي‬ ‫اشتغل على تحقيقها المرحوم عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي اختصت بالتميز والفرادة ؛ فأعالم مالقة‬ ‫مثال «كتاب نفيس طالما تشوق إليه الباحثون في‬ ‫التراث العربي»‪ ,1‬وإن كان موضوعه هو تراجم‬ ‫أعالم الحاضرة األندلسية «مالقة»أو الطارئين‬ ‫عليها؛ فإن تحقيقه يسد ثغرة كبيرة في تاريخ وأدب‬ ‫األندلس ‪ ،‬فيختص بالتعريف برجال هذا القطر وما‬ ‫أنتجوه من علم وأدب‪ .‬فهو يسهم عموما في‬ ‫تجلية الصورة الثقافية العامة والخاصة باألندلس‪.‬‬ ‫وجاء تحقيق هذا الكتاب ليبرز بجالء تفوق‬ ‫أعالم المدرسة المغربية على نظيرتها المشرقية‬ ‫في تحقيق النصوص األندلسية نظرا لدقتها في‬ ‫ضبط النصوص وهوامش الكتب وحرصها الشديد‬ ‫على تتبع األعالم ووضع الفهارس‪ .‬فالمحقق‬ ‫المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي أظهر‬ ‫قدرة فائقة بعلم التراجم الستطاعته التعريف‬ ‫بعدة أعالم مغمورين‪ ،‬أبان عن سعة اطالعه على‬ ‫كتب التراجم قبل ابن عسكر‪« :‬وأبرز طاقة كبيرة‬ ‫في تحقيق النصوص‪ ،‬فرغم اعتماده على نسخة‬ ‫وحيدة فإنه استطاع تحقيقها تحقيقا جيدا فضبط‬ ‫األشعار والنصوص النثرية الموجودة فيها وترجم‬ ‫لألعالم التي ألبست على الكثير ممن حاول تحقيق‬ ‫هذا المخطوط قبله بهوامش مختصرة ودقيقة‬ ‫ومعبرة»‪.2‬‬ ‫وجملة القول أن الكتاب المحقق يضم بين‬

‫عبد الحفيظ األشهب محمد أملح ‪ -‬أحمد هاشم الريسوني ‪ -‬عبد اللطيف شهبون‬ ‫دفتيه تراجم لسبعة وأربعين ومئة علم من رجال‬ ‫مالقة‪ ،‬بل ويتعداهم إلى ذكر أخبار رجال البالد‬ ‫المغربية وال سيما سبتة مرتبين على حروف‬ ‫المعجم على الطريقة المغربية‪ .‬والمترجمون هم‬ ‫حفاظ وأدباء وقراء وأمراء وطوائف وثوار متمردون‬ ‫على السلطان؛ كما أن من ألفوا في رجاالت‬ ‫األندلس قد نقلوا عنه مثل ابن الخطيب الذي‬ ‫اعتمد عليه في تأليفه لإلحاطة»‪.‬‬ ‫عموما‪ ،‬جاء نص «أعالم مالقة» بتحقيق‬ ‫الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي رحمه اهلل في‬

‫أقرب صورة ارتضاها مؤلفاه‪ .‬وكان إخراجه بهذه‬ ‫الصورة إضافة بالغة األهمية إلى المكتبة األدبية‬ ‫والتاريخية األندلسية والعربية على السواء ‪ .‬وعلى‬ ‫هذه الشاكلة من السعي نحو الضبط واإلتقان‬ ‫وتجويد العمل‪ ،‬جاءت أيضا باقي النصوص األخرى‬ ‫التي أخرجها الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي سائغة للقراء المهتمين‪ .‬وال يسع الناظر‬ ‫فيها جميعها إال أن ينوه بها‪ ،‬ويشيد بالجهود‬ ‫الكبيرة التي بذلها في ضبط نصوصها والتعليق‬ ‫عليها‪.‬‬

‫عبد الحفيظ األشهب‬ ‫‪--------‬‬

‫ أعالم مالقة – تقديم – ص ‪. 7‬‬‫ الدكتور محمد مفتاح – الدورة التكوينية حول التحقيق‬‫وتقنياته بكلية االداب بتطوان‪ ،‬النهار المغربية ‪،‬عدد ‪30 ، 621‬‬ ‫– ‪. 2006 – 5‬‬ ‫‪ -‬أعالم مالقة‪ ،‬التقديم – ص ‪. 45‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫المرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي ‪ :‬شيخ مبرز‪..‬‬ ‫عبد اللطيف شهبون‬ ‫في مارس ‪ 2016‬أصدرت كتيبا بعنوان « ذكريات‬ ‫صداقة « ضمن منشورات بنية البحث « ملتقى الدراسات‬ ‫المغربية واألندلسية « بآداب تطوان ‪ ،‬سلسلة ‪ :‬مقامات‬ ‫كتابية ع‪ 6/‬بعد معاناة ومعاسرة مع عميد الكلية وقتئذ‪..‬‬ ‫امتدت ألمور أخرى لم أكن أتوقعها‪..‬وال يسمح المقام‬ ‫بذكرها ؛ لكونها مؤلمة‪ ..‬وفي ذلك الكتيب جمعت بعضا‬ ‫من ذكرياتي مع المرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي‬ ‫في مراحل الدراسة والتدريس والمسير العلمي‪ ..‬ومحطات‬ ‫حياتية دالة جمعتنا ‪ ،‬وعلى رأسها حجنا المشترك‪ ..‬صدرت‬ ‫الكتيب بكلمة جاء فيها ‪:‬‬ ‫« نزل صديقي العزيز من قطار دار التواء‪..‬وآب‬ ‫جسده الطاهر الى تراب‪..‬لكن‬ ‫روحه انثالت الى دار استواء‪ ..‬كان رحيله موجعا‪..‬لكن‬ ‫تراثه العلمي واألخالقي ما زال جسرا لأللفة والمحبة‪»..‬‬ ‫تألف الكتيب المذكور من ثالثة عشر عنوانا جمعت‬ ‫فيها ذكريات لن تمحي مع سيدي عبد اهلل رحمه اهلل ‪:‬‬ ‫• أستاذية شامخة‪..‬‬ ‫• روح معناك معنا‪..‬‬ ‫• مرفوع السمت‪..‬‬ ‫• حقيقة واحدة‪..‬‬ ‫• تاريخ أعاد نفسه‪..‬‬ ‫• رؤية اهلل في األشياء‪..‬‬ ‫• هيأه اهلل‪..‬‬ ‫• أمهلني حتى أستوعب فقدك‪..‬‬ ‫• هكذا همة الرجال تكون‪..‬‬ ‫• امتاع بما يحصل به انتفاع‪..‬‬ ‫• وكانت لنا‪..‬‬ ‫• بين الترغي وتودروف وأنقار‪..‬‬ ‫• رثاء رجل صالح‪..‬‬ ‫واكبت جل األعمال العلمية للمرحوم سيدي عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي ؛ ما طبع منها وما لم يطبع وهي من‬ ‫الغزارة والدقة وشمول االطالع وعمق النظر؛ مما يشهد‬ ‫به علماء فضالء وطلبة أوفياء وخالن أصفياء‪..‬‬ ‫أتوقف في هذا المقام التكريمي لروح عزيزنا سيدي‬ ‫عبد اهلل ـ الراحل عن دنيانا منذ خمسة أعوام ـ على‬ ‫أطروحته غير المسبوقة في مجالها ؛ وهي ‪:‬‬ ‫« حركة األدب في المغرب على عهد المولى‬ ‫اسماعيل ‪ 1082 :‬ـ ‪« 1139‬‬ ‫وهي في الحقيقة أطاريح ‪:‬‬ ‫• حركة األدب ‪ :‬المظاهر والمكونات والمراكز‪..‬‬ ‫• الحركة النقدية‪..‬‬

‫• الدرس البالغي‪..‬‬ ‫• الشروح األدبية‪..‬‬ ‫• أدب الرحلة‪..‬‬ ‫طبع المرحوم سيدي عبد اهلل منها « الشروح األدبية‬ ‫« مرتين الشتداد الطلب عليها داخل المغرب وخارجه ‪.‬‬ ‫وبعد انتقاله الى عفو اهلل تعالى حرصت األستاذة الفاضلة‬ ‫الشريفة لال خديجة الريسوني أرملة المرحوم على طبع‬ ‫كتابه « أدب الرحلة «‬ ‫ويستعد سيدي األمين المرابط الترغي ـ شقيق‬ ‫عزيزنا المرحوم ـ على طبع األجزاء الثالثة المتبقية‬ ‫بتعاون مع دار سليكي أخوين للطباعة والنشر بطنجة‪.‬‬ ‫كان لي شرف تنسيق مواد كتاب « أدب الرحلة «‬ ‫الذي أقامه المرحوم على معمار جمع فيه خالصة أثر‬ ‫مقروئه الرحلي منذ العصر المريني حتى العصر العلوي‬ ‫متوقفا عند دواعي التأليف واتجاهات الكتابة بنظر ثاقب‬ ‫مقارن‪..‬وأكمله على أساسين ‪:‬‬ ‫• األول خاص بالرحلة الحجازية‬ ‫• الثاني مفرد لبقية أصناف الرحلة مع تحليله لنماذج‬

‫أنت أنت سيدي عبد اهلل‬ ‫• أن تطفو على أس��اري��ر‬ ‫محياك اعتماالتك الفطرية نابعة‬ ‫من صفاء عمق سريرتك‪..‬‬ ‫فأنت سيدي عبداهلل المرابط‬ ‫الترغي ‪..‬‬ ‫• أن تحفظ ال��ود مقايضا‬ ‫خالنك بما ترجح به كفة ودك‪..‬‬ ‫فأنت متمثل ال��وداد الحق‬ ‫سيدي عبد اهلل‪..‬‬ ‫• أن ت��س��ك��ن ل��ك نفوس‬ ‫مجالسيك ف��ي غير توجس وال‬ ‫ارتياب في مآتيك عند الجد وساعة‬ ‫الترويح فأنت أنت سيدي عبد اهلل‪..‬‬ ‫• أن ت��ش��م��ر ف��ي مضمار‬ ‫التنقيب عن ساعد الجد تتلبسك‬ ‫جالليب الخشوع غير عابئ بوعورة‬ ‫المسالك‪ ،‬ال تسكن لك حال ‪ ،‬وال‬ ‫يهدأ لك خاطر ما لم تنل مبتغاك‬ ‫من االمساك بلب ما شمرت من‬ ‫أجل ادراكه سيدي عبد اهلل‪..‬‬ ‫• أن تبذ مسابقيك في حلبة‬ ‫التحقيق الحق‪..‬‬ ‫مستسهال مدارجها‪..‬‬ ‫مستقصرا متوتر مسالكها‪..‬‬ ‫ت��ن��ام م���لء ج��ف��ون��ك عن‬ ‫شواردها‪..‬‬ ‫مطوعا ملتوياتها‪..‬‬ ‫مستغورا دفائنها‪..‬‬ ‫فأنت هو سيدي عبد اهلل‪..‬‬ ‫• أن تنزل بعفة بعفة نزول‬ ‫الى مستشرفي عطائك من األقران‬ ‫أو من طلبة المعرفة فتحضر لهم‬ ‫غائبها‪..‬‬ ‫وتقيد شاردها‪..‬‬ ‫فلن يمكنهم من ذلك اال أنت‬ ‫سيدي عبد اهلل‪..‬‬ ‫• أن تتملك أح���دا جذبة‬ ‫االغ��ت��راف ف��ي ظما أب���دي الى‬ ‫ارتشاف زالل معين العلم الفياض‬ ‫في غير ملل من االرتواء‪..‬‬ ‫فلن يكون اال أنت سيدي عبد‬ ‫اهلل‪..‬‬ ‫• أن تنعم م��ن دن��ي��اك في‬ ‫منتظرك من عالم البرزخ بنعماء‬

‫حسن بنزيان‬

‫مختارة ‪..‬سالكا منهجا تاريخيا‪..‬‬ ‫وأما كتابه ‪ « :‬حركة األدب في المغرب ‪ :‬المظاهر‬ ‫والمكونات والمراكز « فيوجد قيد الطبع ؛ وهو مخصص‬ ‫لبسط معالم الحركة األدبية في عهد المولى اسماعيل‬ ‫ومظاهرها وما تولد عنها من آداب شعرا ونثرا وتآليف‬ ‫أدبية وعلوم لغوية ونقدية‪..‬‬ ‫توقف سيدي عبد اهلل رحمه على األحداث السياسية‬ ‫واالجتماعية والثقافية الفاعلة ‪..‬مؤكدا أن العصر‬ ‫االسماعيلي كان غنيا بأحداث سياسية ساهمت في خلق‬ ‫ثراء علمي وثقافي وبنى معمار هذا الكتاب على ‪:‬‬ ‫• معالم الحياة السياسية واالجتماعية والثقافية‬ ‫• حركة الدرس األدبي ‪ :‬حلقات‪..‬مصنفات‪..‬طرائق‬ ‫التدريس‪..‬مؤثرات وموجهات‪..‬‬ ‫• مراكز الدرس والعلم في بوادي وحواضر المغرب‬ ‫وقتئذ‪.‬‬ ‫وأما كتابه ‪ « :‬أصناف الكتابة النقدية والبالغية « ـ‬ ‫وهو قيد الطبع ايضاـ فيتضمن مختلف األنماط الثقافية‬

‫التي روج لها األدب وتهيأت لها أسباب التلقي واالنتشار ‪.‬‬ ‫ورصد سيدي عبد اهلل أهم معالم النشاط النقدي ‪:‬‬ ‫• مجاالت الكتابة النقدية‪..‬‬ ‫• مصنفات نقدية خالصة‪..‬‬ ‫• مصنفات أدبية ‪ /‬نقدية‪..‬‬ ‫• الكتابة البالغية‪..‬‬ ‫• المساءالت واألجوبة‪..‬‬ ‫• أشكال الممارسة النقدية والبالغية‪:‬‬ ‫أ ـ المخاصمات‬ ‫ب ـ التوجيه‬ ‫ج ـ التصحيح‬ ‫د ـ التأليف البالغي‬ ‫• مفاهيم وقضايا رائجة‪..‬‬ ‫• مظاهر الكتابة النقدية والبالغية ومميزاتها‪..‬‬ ‫أ ـ المفاهيم‪:‬‬ ‫بناء البالغة ومطابقة مقتضى الحال عند الواللي‬ ‫الداللة اللفظية بين مفهومي التضمين وداللة العام‬ ‫ب ـ القضايا ‪:‬‬ ‫قضايا في التوجيه األدبي والبالغي‬ ‫عنصر القصد ومقاييس فصاحة الكالم‬ ‫تعيين القصد اللغوي في صنع المجاز والكناية‬ ‫قضايا في الصناعة األدبية والبالغية ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ اليوسي وقضايا المشاكلة واالقتباس والتوجيه‬ ‫‪ 2‬ـ عبد اهلل جسوس وقضية االقتباس‬ ‫‪ 3‬ـ محمد بن حمدون بناني وقضايا التقفية‬ ‫والموازنات الصوتية والتفريع الشعري‪..‬‬ ‫• االتجاهات النقدية والبالغية‬ ‫أ ـ االتجاه العقلي ‪ :‬تحليل مواهب الفتاح للواللي‬ ‫ب ـ االتجاه الفني ‪ :‬تحليل ابن زاكور لبديعية الحلي‬ ‫كان سيدي عبد اهلل ذا سمت مرفوع رواية ودراية‪..‬‬ ‫كان رحمه اهلل فارس حلبة الدراسات األدبية المغربية‬ ‫القديمة‪..‬عالما بأسرار اللغة معجما ونحوا وصرفا‪..‬محتكما‬ ‫لبالغة معيارية سواء في مجردات أومشخصات‪..‬مشدودا‬ ‫ألقيسة وأنظمة ‪..‬ولم يكن متحلال من معايير األخالق ‪..‬‬ ‫كان رحمه اهلل مؤمنا بأن المعيار مقياس وجودي‬ ‫للحكم على كل األشياء‪..‬وما دون ذلك فباطل وقبض‬ ‫ريح‪..‬‬ ‫كان سيدي عبد اهلل رحمه اهلل عمدة شعبة اللغة‬ ‫العربية وآدابها علما وأخالقا منذ استحداثها في آداب‬ ‫تطوان الى أن وافاه األجل المحتوم‪.‬‬

‫سيدي عبد اهلل‬

‫ما زلنا في ظلك الوارف‪..‬‬

‫أحمد هاشم الريسوني‬

‫اآلن السنون تكاد تمر عجافا‪ ..‬كأن فوق رؤوسها الطير‪ ..‬مذ سرتَ في طريقك صوب األبدية حيث ينشر‬ ‫اهلل األجزاء الواسعة من رحمته ونحن هنا في ديمومة االنتظار ننظر في بقايا ظلك الوارف‪ ..‬ذلك الظل الذي ما‬ ‫نزال نستظل به على مشارف كلية آداب مرتيل‪ ..‬نستظل به في صقيع المدرجات‪ ..‬في مرافئ بنية البحث في‬ ‫الدكتوراه النص األدبي العربي والذي ما يزال يزرع الغلة ويقطف الثمرة بمحبة موصولة دون كلل‪ ..‬ونستظل‬ ‫به على ضفاف ماستر األدب العربي في المغرب العلوي والذي يعد أيقونة من أيقونات أثرك‪ ..‬كما نستظل به‬ ‫من صهد التحوالت القيصرية تحت شجرة المعرفة القلبية التي أينعت في حديقة ملتقى الدراسات المغربية‬ ‫األندلسية‪ ..‬كيف نراك اآلن بعد هذه السنون البرقية‪ ..‬أم كيف ترانا أنت أيها األستاذ‪ ..‬األستاذ صفة جميلة‬ ‫وجليلة ال يحملها إال القلة القليلة في التاريخ‪ ..‬نستظل بحبك الالمتناهي ونترحم على روحك الطاهرة الطيبة‬ ‫كل لحظة في مسيرنا‪ ،‬سيدي عبد اهلل‪...‬‬

‫هيبة عالم ‪ ..‬وينبوع معرفة ‪...‬‬

‫عبد الجواد الخنيفي‬

‫الحمد الخالص هلل تعالى ‪ ،‬وأنت‬ ‫تتأمل حيا أثر عطائك العلمي في‬ ‫مسترفديه طلبة وأندادا‪..‬‬ ‫م��ش��ه��ودا ل���ك أب���دا‬ ‫باستمرارك حاضرا على مسطبة‬ ‫العطاء‪..‬‬ ‫مشعا على أرجائها بساطع‬ ‫أن��واره ‪ ،‬بشهادة سيد العارفين‬ ‫سيدنا محمد صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪:‬‬ ‫«اذا م��ات اب��ن آدم انقطع‬ ‫عمله اال من ثالث‪»..‬‬ ‫وأشرفها وأضمنها الستمرار‬ ‫صاحبها ‪ .. « :‬أو علم ينتفع به «‬

‫• طوبى لك بالتنعم بأفضال‬ ‫ربنا عليك في الحياة‪..‬‬ ‫وفي المعبر البرزخي‪..‬‬ ‫وعند لقاء رب��ك سيدي عبد‬ ‫اهلل‪..‬‬ ‫• تغمدك اهلل بوافي رحمته‪..‬‬ ‫وأسكنك فسيح جنتك‪..‬وأحلك‬ ‫م��ق��ام ص���دق ع��ن��ده ‪ ،‬محفوفا‬ ‫ب��زم��رة األصفياء واألت��ق��ي��اء من‬ ‫النبيئين والصديقين والشهداء‬ ‫والصالحين‪ ،‬وحسن أولئك رفيقا‪..‬‬ ‫يا عزيزنا الغائب‪ /‬الحاضر في‬ ‫أفئدتنا سيدي عبد اهلل المرابط‬ ‫الترغي‪..‬‬

‫حينما أستحضر أستاذي‬ ‫الع ّ‬ ‫المة الجليل ‪ ،‬الدكتور عبد‬ ‫اهلل المرابط الترغي وهو في‬ ‫محراب العلم بكلية اآلداب‬ ‫بتطوان يلقي علينا محاضراته‬ ‫المستفيضة والغنيّة ‪ ..‬استحضر‬ ‫نبعاً معرفياً مُتد ّفقاً ‪ ،‬جمع بين‬ ‫هيبة العالم والقلب العامر ‪..‬‬ ‫وبين غزارة الرّؤى واألفكار وقوّة‬ ‫اإلقناع ‪ ..‬تلك القوّة التي تمضي‬ ‫إلى مداها تصاعداً وتعبيراً‬ ‫وتحليال وتفاعال ‪،‬متلمّسة األفق‬ ‫المُختلف والمتجدّد‪..‬‬ ‫رحمه اهلل برحمته الواسعة‪،‬‬ ‫وجزاه اهلل خير الجزاء على‬ ‫عطاءاته الكبيرة والغزيرة التي ال‬ ‫تُحصى والتي لن تفنى ‪..‬‬

‫من اليمين ‪:‬‬ ‫هدى المجاطي‪ .‬المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي‪ .‬عبد اللطيف شهبون‪.‬‬ ‫الشاعر عبد الكريم الطبال‪ .‬الفنانة التشكيلية نزيهة البشير العلمي‪.‬‬ ‫عبد الجواد الخنيفي‬


‫‪13‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫مأساة حقوق اإلنسان‬ ‫في الدول «العظمى»‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫مراسَلة من بروكسيل‬

‫عبد اهلل أحمد الخراز‬

‫سقط القناع‪ ،‬وانكشفت الحقيقة المرة أمام أعين العالم‪،‬‬ ‫وتحطم تمثال الحرية وانكفأ على نفسه خجوال صاغرا مذموما‪،‬‬ ‫بعدما تم العبث بحق الحياة في مشهد وحشي كارثي بئيس‪ ،‬اطلع‬ ‫عليه وتابع أطواره ماليين المشاهدين في مختلف أنحاء المعمور‪.‬‬ ‫نعلم يقينا أن الحدث المتمثل في اختناق مواطن أمريكي‬ ‫من أصول افريقية تحت ركبة شرطي أمريكي أبيض‪ ،‬في لحظة‬ ‫إصرار ونية إيذاء واعتداء‪ ،‬استمرت حوالي ثمان دقائق‪ ،‬ال يمثل‬ ‫إال تلك الشجرة التي تخفي الغابة‪ ،‬فكم من روح أزهقت من غير‬ ‫حق بدعوى بسط األمن وفرض النظام‪ ،‬وكم من حقوق صودرت‬ ‫تحت غطاء الحماية واالضطرار‪ ،‬وكم من تجاوزات مطبوعة بالعنف‬ ‫والوحشية المفرطة‪ ،‬ارتكبت ضد مواطنين عزل مارسوا حقهم في‬ ‫التظاهر والمشاركة في المسيرات السلمية التي عرفتها مختلف‬ ‫المناطق والمدن األمريكية‪ ،‬كما عرفتها عدد من المدن في‬ ‫أوربا والعالم المتمدّن الذي يعتمد الديمقراطية منهجا‪ ،‬وحقوق‬ ‫اإلنسان التزاما وتعهدا‪.‬‬ ‫ألم تكن الواليات المتحدة األمريكية وغيرها من الدول‬ ‫«العظمى» وراء إصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬واشترك‬ ‫ممثلوها في لجنة الصياغة لبنوده ومواده‪ ،‬بعد مروره بعدة‬ ‫مراحل على مدى سنتين من تصوره‪ ،‬ألم تترأس السيدة اِليانور‬ ‫روزفلت أرملة الرئيس األمريكي فرانكلين د‪.‬روزفلت لجنة الصياغة‬ ‫بمشاركة نائبها في اللجنة السيد رونيه كاسين عن فرنسا‬ ‫الذي وضع مشروع الوثيقة‪..‬؟ كما ضمت اللجنة ممثلين لعدد‬ ‫من الدول هي المملكة المتحدة واالتحاد السوفياتي والصين‬ ‫واستراليا والشيلي‪ ،‬إضافة إلى مندوب دولة لبنان كمقرر للجنة‪..‬‬ ‫ذلك المشروع الذي وضع أمام أنظار لجنة حقوق اإلنسان بجنيف‬ ‫وسمي آنذاك بمشروع جنيف‪،‬واعتمدته الجمعية العامة لألمم‬ ‫المتحدة في‪ 10‬ديسمبر‪ 1948‬كإعالن عالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وقد وُصِف اإلعالن حينها بأنه حدث هام‪ ،‬يتضمن التوصل‬ ‫إلى توافق في اآلراء بشأن ما يتسم به الشخص اإلنساني من‬ ‫أهمية قصوى‪ ،‬وهذه األهمية ال ترجع إلى قرار صادر عن دولة‬ ‫أو جهة معينة‪ ،‬بل إنها نابعة من إرادة جماعية انسانية عامة‪،‬‬ ‫تنصب على بني اإلنسان‪ ،‬وترجع إلى حقيقة وجود الشخص ذاته‪،‬‬ ‫مما يفضي إلى ذلك الحق الغير القابل للتصرف‪ ،‬الذي يتمثل‬ ‫في الحياة بمبعد عن العوز واالضطهاد‪ ،‬مع تنمية الشخصية‬ ‫اإلنسانية على أكمل وجه‪.‬‬ ‫إن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان يشكل أساس القانون‬ ‫الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬وقد كان مصدر إلهام لمجموعة من‬ ‫معاهدات حقوق اإلنسان الدولية ذات اإللزام القانوني‪ ،‬وكذلك‬ ‫لتطوير حقوق اإلنسان على صعيد العالم بأسره‪ ،‬وهو لم يزل‬ ‫قبساً تهتدي به الهيآت التشريعية والقانونية عند وضعها‬ ‫للقوانين المحلية والوطنية‪ ،‬وحين تصدّيها للمظالم في‬ ‫المجتمعات التي تعاني من القمع‪ ،‬أو عند بذل الجهود الرامية‬ ‫إلى تحقيق تمتع مواطنيها بالحقوق األساسية والحريات الرئيسية‬ ‫التي تعد متأصلة لدى كافة البشر‪ ،‬وتنطبق على الجميع في إطار‬ ‫من المساواة والكرامة اإلنسانية‪ ،‬مهما كان هناك اختالف فيما‬ ‫يتعلق بالجنسية أو النوع أو الجنس أو اللون أو الدين أو اللغة أو‬ ‫أي اختالف آخر‪.‬‬ ‫لقد رأينا بأم أعيننا حقوق اإلنسان وهي تداس وتنتهك على‬ ‫يد من يدّعون الديمقراطية والعدالة والمساواة‪ ،‬بل وينصّبون‬ ‫أنفسهم شرطة للعالم وقضاة نزهاء للدفاع عن المهمشين‬ ‫والمعذبين في األرض‪ ،‬والذين يطالهم القهر والظلم واإلبعاد‪،‬‬ ‫لكن مكيالهم دائما مطفف‪ ،‬وحكمهم غالبا ما يكون جائرا محابيا‬ ‫مجانبا للصواب‪ ،‬تبعا ألهوائهم ومصالحهم المادية والسلطوية‪،‬‬ ‫وحتى إذا رأيتهم في يوم ما قد امتطوا الجادة وسلكوا سواء‬ ‫السبيل‪ ،‬فاعلم أن ذلك من تمام الخداع وذر الرماد في العيون‪.‬‬ ‫لقد رأينا ذلك في فلسطين ومسألة مساندة العدوان والوقوف‬ ‫حجر عثرة في وجه الحق الفلسطيني‪ ،‬كحق العودة‪ ،‬والحق في‬ ‫حياة الحرية‪ ،‬والحق في االنعتاق واالستقالل‪ ،‬كما لمسناه في‬ ‫مساندة ضمّ األراضي إلى الكيان الصهيوني واالعتراف له‬ ‫بالقدس عاصمة لكيانه‪ ،‬وتتبعنا عبر مجلس األمن الموقف‬ ‫المخزي والمتخاذل لهذه الدولة «العظيمة»وهي تلوّح بانتهازية‬ ‫مفضوحة باستعمال حق النقض أوالفيتو المشؤوم في عدد من‬ ‫القضايا المصيرية للدول‪ ،‬بعد حصولها على شبه اجماع داخل‬ ‫مؤتمرات الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ .‬وذلك ما يتناقض كليا‬ ‫مع ما يقرره الفصل الثالث من المادة ‪ 21‬من اإلعالن العالمي‬ ‫ُ‬ ‫مناط‬ ‫لحقوق اإلنسان الذي ينص على أن «إرادة الشعب هي‬ ‫سلطة الحكم»‪.‬‬ ‫نفس المواقف المتجاهلة لحقوق االنسان تقفها هذه الدولة‬ ‫أيضا في مواجهة مواطنيها من الدرجة الثانية أو الملوّنين‬ ‫ذوي البشرة السمراء‪ ،‬أو من هم من أصول افريقية‪ ،‬فتعاملهم‬ ‫معاملة عنصرية مقيتة‪ ،‬رغم ادعاءاتها المتكررة بأنها ضد سياسة‬ ‫األبرتايد التي كانت سائدة في جنوب افريقيا وفي بعض بؤر‬ ‫الميز العنصري في العالم‪ .‬ورغم خلوّ الدستور األمريكي من هذا‬ ‫التصنيف فهذا األخير موجود على أرض الواقع‪ ،‬وال يزال يتغلغل‬ ‫في نفسية األمريكي األبيض وفي شعور دهاقنته وجبابرته من‬ ‫أصحاب السلطة والمال‪ ،‬يتأكد ذلك سنة بعد أخرى في أكثر من‬ ‫مناسبة وأكثر من موقف‪ .‬لقد عرفت الساحة األمريكية واألوربية‬ ‫العديد من حوادث االعتداء بالضرب المبرّح واالعتقال التعسفي‬ ‫واإلهانة والنيل من الكرامة اإلنسانية واقتحام المساكن وغيرها‪،‬‬

‫وذلك دون سند قانوني وال مسوغ حقوقي‪ ،‬وكثيرا من األحيان‬ ‫يفقد فيها هؤالء حياتهم وحياة ذويهم دون أن يشكل ذلك‬ ‫أدنى حرج للمعتدين وال أي متابعة قانونية تطالهم أو محاسبة‬ ‫يخضعون لها‪ .‬وتعتبر حالة جون فلويد مثاال صارخا لهذه‬ ‫الممارسات الوحشية والتصرفات الهمجية‪ ،‬علما أن عددا من مواد‬ ‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان نصت على ضرورة احترام هذه‬ ‫الحقوق والحرص على صيانتها‪ .‬نذكر منها على سبيل المثال‪:‬‬ ‫المادة ‪ .1‬يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة‬ ‫والحقوق‪ .‬وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا‬ ‫بعضهم بعضاً بروح اإلخاء‪.‬‬ ‫لكل إنسان ّ‬ ‫المادة ‪ِّ .2‬‬ ‫حقُ التمتُّع بجميع الحقوق والح ِّريات‬ ‫أي نوع‪ ،‬وال سيما‬ ‫المذكورة في هذا اإلعالن‪ ،‬دونما تمييز من ِّ‬ ‫الدِين‪،‬‬ ‫التمييز بسبب العنصر‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو اللغة‪ ،‬أو ّ‬ ‫أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي‪ ،‬أو األصل الوطني أو االجتماعي‪ ،‬أو‬ ‫أي وضع آخر‪.....‬‬ ‫الثروة‪ ،‬أو المولد‪ ،‬أو ِّ‬ ‫ّ‬ ‫المادة ‪ِّ .3‬‬ ‫الحقُ في الحياة والح ِّرية وفي األمان‬ ‫لكل فرد‬ ‫على شخصه‪.‬‬ ‫المادة ‪ .5‬ال يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب وال للمعاملة أو‬ ‫العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو َّ‬ ‫الحاطة بالكرامة‪.‬‬ ‫المادة ‪ .7‬الناسُ جميعًا سوا ٌء أمام القانون‪ ،‬وهم يتساوون‬ ‫في ِّ‬ ‫حق التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز‪ ،‬كما يتساوون في‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أي‬ ‫ومن‬ ‫اإلعالن‬ ‫هذا‬ ‫ينتهك‬ ‫تمييز‬ ‫أي‬ ‫من‬ ‫بالحماية‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫التمت‬ ‫حق‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تحريض على مثل هذا التمييز‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تعسُفي في‬ ‫المادة ‪ .12‬ال يجوز تعريضُ أحد‬ ‫لتدخُل ّ‬ ‫حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو بمراسالته‪ ،‬وال‬ ‫ولكل شخص ّ‬ ‫تمسُ شرفه وسمعته‪ِّ .‬‬ ‫حقٌ في أن يحميه‬ ‫لحمالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫التدخُل أو تلك الحمالت‪.‬‬ ‫القانون من مثل ذلك‬ ‫لكل شخص ّ‬ ‫المادة ‪ِّ .19‬‬ ‫حقُ التمتُّع بح ِّرية الرأي والتعبير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحقُ ح ِّريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة‪ ،‬وفي‬ ‫ويشمل هذا‬ ‫التماس األنباء واألفكار وتلقِّيها ونقلها إلى اآلخرين‪ ،‬بأيَّة وسيلة‬ ‫ودونما اعتبار للحدود‪.‬‬ ‫لكل شخص ّ‬ ‫المادة ‪ِّ )1( .20‬‬ ‫حقٌ في ح ِّرية االشتراك في‬ ‫االجتماعات والجمعيات السلمية‪.....‬‬ ‫لقد أمست حقوق اإلنسان في أحضان بعض الدول العظمى‬ ‫ـ مع األسف ـ متجاوزة‪ ،‬وتعيش مأساة حقيقية بفعل التسلط‬ ‫والتجبر‪ ،‬والتنكر ألبسط قواعدها‪ ،‬وبات أمر انتهاكها والقفز‬ ‫عليها عادة تقترفها سواء مع مواطنيها من الدرجة الثانية ـ في‬ ‫نظرها ـ أومع الدول الفقيرة‪ ،‬وأصبحت هذه الدول ـ كما قيل ـ‬ ‫تشرّع القوانين ثم تدوس عليها‪ ،‬متبعة سياسة الميز العنصري‬ ‫التي تأباها الشعوب المتحضرة واألديان السماوية وفي مقدمتها‬ ‫اإلسالم‪.‬‬ ‫لقد حارب الدين اإلسالمي التمييز بين بني البشر‪ ،‬وحارب‬ ‫العبودية واتخذ لها من األسباب والحلول ما أدى بها إلى‬ ‫االنقراض واالندثار‪ .‬ويحفل القرآن الكريم والسنة النبوية بعدد‬ ‫من النصوص التي تحث على العدل في الحقوق‪ ،‬والمساواة‬ ‫في األحكام‪ ،‬والحرية في المعتقد والتصرف‪ .‬ففي ذم العنصرية‬ ‫والتكبّر‪ ،‬قوله تعالى‪{:‬يَا أَيُّهَا َّالذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ َقوْمٌ‬ ‫مِّن َقوْم عَسَىٰ أَن ُ‬ ‫يَكونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ ِنسَا ٌء مِّن‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫لاَ‬ ‫ُ‬ ‫عَسَىٰ أَن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫يَكنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ‪ ،‬وَ تَلمِزُوا أنفسَكمْ‬ ‫نِّسَا ٍء‬ ‫أَْ‬ ‫اب}الحجرات‪ .11‬وفي مجال تقريرالمساواة‬ ‫وَلاَ تَنَابَزُوا ِبال ْل َق ِ‬ ‫بين البشر قوله تعالى‪{:‬ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَ َل ْق ُ‬ ‫نَاكمْ مِنْ َذ َك ٍر‬ ‫َ‬ ‫وَأُ َ‬ ‫نَاكمْ شُعُوبًا وَ َق َ‬ ‫بَائِل لِتَعَارَ ُفوا إِ َّن أ ْك ُ‬ ‫نْثى وَجَعَ ْل ُ‬ ‫رَمَكمْ‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬ ‫عِنْدَ ا ِ أتْ َق ُ‬ ‫اكمْ} الحجرات ‪ .13‬وقول الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم من حديث جابر بن عبداهلل‪( :‬يا أيُّها الناسُ َّ‬ ‫إن ربَّكمْ‬ ‫َ‬ ‫فضل لِعر ِبيٍّ على عجَمِيٍّ‪ ،‬وال‬ ‫واحِدٌ‪ ،‬وإن أباكم واحد‪ ،‬أال ال‬ ‫لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ‪ ،‬وال ألحمرَ على أسْودَ‪ ،‬وال ألسودَ على‬ ‫ُ‬ ‫أحمرَ إلاَّ بالتَّقوَى‪َّ ،‬‬ ‫أتْقاكمْ)‪ .‬أخرجه أبو‬ ‫هلل‬ ‫إن أكرَمكمْ عند ا ِ‬ ‫نعيم في «حلية األولياء» والبيهقي في «شعب اإليمان» وصححه‬ ‫األلباني‪.‬‬ ‫وفي تحريم القتل من غير حق‪ ،‬قوله تعالى‪...{:‬مَن َق َ‬ ‫تَل‬ ‫نَ ْفسًا بغَيْ ِر نَ ْفس أَوْ َفسَادٍ فِي أَْ‬ ‫رْض َف َكَأنَّمَا َق َ‬ ‫تَل النَّاسَ‬ ‫ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫جَمِيعًا‪ ،‬وَمَنْ أَحْيَاهَا َف َكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}المائدة‬ ‫(‪. )34‬وقوله تعالى‪ {:‬وال تقتلوا النفس التي حرم اهلل إال بالحق‬ ‫ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون}األنعام (‪.)152‬‬ ‫هذا وإن خالصَ البشرية ونجاتَها‪ ،‬وضمانَها للعيش الكريم‪،‬‬ ‫وظفرَها بالسعادة والسالم واألمن واألمان‪ ،‬ال يمكن أن يتحقق‬ ‫إال بسيادة المثل العليا واألخالق الفاضلة‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان‬ ‫كما قررتها الشرائع السماوية‪ ،‬وأقرتها المعاهدات واألوفاق‬ ‫الدولية‪ .‬وكل خروج على هذا الخط وتمرد على هذا النهج‪ ،‬إال‬ ‫ويجعل اإلنسانية تسقط في براثن الحروب وأزماتها‪ ،‬وتنغمس‬ ‫من جديد في ظلمات الجهل والظلم والعداء‪ .‬ومن شأن الدول‬ ‫«العظمى» التي تعبث بحقوق اإلنسان وتتنكر لها‪ ،‬أن تضيّع على‬ ‫نفسها ما اكتسبته لعدة عقود من احترام دولي‪ ،‬ومن مركز الئق‬ ‫بين األمم‪ ،‬ومكانة رفيعة بين الشعوب‪.‬‬

‫عزيز العمارتي‬

‫‪Café du‬‬ ‫‪Dernier Voyage‬‬

‫وضع فرانسوا ‪ François‬فنجان اإلكسبريسو على طاولتي بصمت حذر‬ ‫صحبتها جملة قصيرة تلخصت في “صباح الخير صديقي “ وهو الذي كان من‬ ‫المستخدمين الثرثارين في مقهى الرحلة األخير ة �‪café Le Dernier Voy‬‬ ‫‪ ، age‬سألته عن سبب تجهمه ‪ ،‬مازحته هل لهذا الحزن ارتباط بالكورونا‬ ‫ألتساءل بدوري ‪ ،‬ماذا تغير فينا بعد أن بدأ هذا الوباء القاتل الالمرئي يلفظ‬ ‫أنفاسه األخيرة ؟ بعدما خنق أنفاسنا بعثر الهواء في مددنا النائية‪ ،‬جعلنا‬ ‫نختنق في صم‪ ،‬نحترف اللهاث وراء عبثية وجودنا ‪ ،‬صيرنا مجرد راكضين وراء‬ ‫حياواتنا الواهنة ‪ ،‬أصبحنا نحترف علوما لم ندرسها في أي مرحلة من مراحل‬ ‫التحصيل‪ ،‬أخصائيين مبتدئين نعد الموتى هنا وهناك على رقعة هذه البسيطة‬ ‫التي تحتوي أحالمنا والعديد من أوهامنا ‪ ،‬محللين بارعين النتشار البؤس‬ ‫بكل تجلياته حولنا ‪ ،‬معالجين نفسانيين لحاالت استعصت على اإلخصائيين‬ ‫أنفسهم‪ ،‬منجمين لما سيحدث غدا أو بعد غد بعدما سنكتشف أننا كنا فئران‬ ‫تجارب في مختبر ضخم ‪ ،‬كراكيز صغيرة تحركها أيادي قذرة ‪ ،‬ضحايا ساذجين‬ ‫لمكائد تدبر في الخفاء من قبل هذه الكتلة أو تلك ‪ ،‬وأن اللقاح المنتظر كنبي‬ ‫طال بزوغ أقماره هو مجرد راصد أوتوماتيكي مجهري لتحركاتنا ‪ ،‬رغباتنا‬ ‫الطفولية وطريقة تفكيرنا‪ ،‬أن نصبح افتراضيين انزوائيين أكثر مما نحن عليه ‪،‬‬ ‫أن ننسلخ عن عاداتنا البدائية ونصبح استهالكيين لما سيفرض علينا اقتناؤه ‪،‬‬ ‫مهيئين للعيش خارج المجرة حين سيلفض كوكبنا األرضي األزرق ٱخر ذبذباته‬ ‫في الكون العريض ‪ ،‬بعد أن أصابتنا فوبيا الخالص المقدس وكأننا فارون من‬ ‫لحظة القيامة ‪.‬‬ ‫ماذا سيتغير في سلوكاتنا اليومية ؟ وما هي أولوياتنا القادمة ؟ حتما‬ ‫سنصبح أكثر أنانية من السابق ‪ ,‬ال نفكر إال في شخصنا وليندثر العالم من‬ ‫حولنا ‪ ،‬متناسين في سقوطنا في الهاوية أننا سبب كل هذه المآسي ‪ ،‬وأننا من‬ ‫حفر بجشعه هذه الحفرة العميقة وأغلق النعش ‪ ..‬عاد إلي فرنسوا ‪François‬‬ ‫من جديد واالبتسامة تغمر محياه صاح في وجهي ‪ :‬أنت من تأثر أكثر بالكورونا‬ ‫يا صديقي وسبب تأثرك أنت لحد الساعة لم ترتشف ولو رشفة من فنجانك‬ ‫لقد سرحت بخيالك في السماوات البعيدة تبدو متعبا وكأنك تحمل جباال‬ ‫على ظهرك ‪ ،‬عد إلينا المس بأصابعك النحيفة هذه الحياة بكل ما تحمل من‬ ‫تناقضات ‪ ،‬ال تفلسف األمور ال تزدها تعقيدا أكثر مما نحن عليه ‪ ،‬لن يزيد ولن‬ ‫ينقص من عمرنا شيء ولن يغير من عبثية هذا العالم السخيف شيء ‪ ،‬ستتعدد‬ ‫األسباب يا صديقي لكن الموت واحدة ‪ ،‬هي من سينتصر في النهاية ‪..‬‬


‫‪14‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫الشمال التربوي‬

‫حول جدل التعليم الخصوصي‬ ‫بمواقع التواصل االجتماعي‬

‫حوار مع الأ�ستاذ‬

‫جواد احل�ضري‬

‫م�ؤ�س�س م�ؤ�س�سة خ�صو�صية للتعليم‬ ‫أجرى الحوار ‪ :‬عبداإلله المويسي‬ ‫األستاذ جواد‪ ..‬نود أن نعرف من خاللك‪ ،‬وفي‬ ‫عجالة‪ ،‬السياقات التي تحكمت في تبني سياسة‬ ‫التعليم الخصوصي عندنا بالمغرب؟‬

‫السياسة التعليمية جزء ال يتجزأ من السياسات العمومية التي‬ ‫وضعها المغرب منذ االستقالل‪ ،‬وهي سياسات تعكس خيارات‬ ‫مجتمعية معينة اتُّخِذت إمّا اختياراً وإمّا اضطرارا‪ .‬وال تعدو المدرسة‬ ‫الخصوصية أن تكون نتاج ذلك ! فقد حدد الميثاق الوطني للتربية‬ ‫والتعليم الصادر في ‪ 1999‬هدفا يتمثل في تمدرس ‪ 20%‬من تالميذ‬ ‫األقسام االبتدائية والثانوية بالتعليم الخصوصي عند نهاية سنة‬ ‫‪ !2010‬هذا في الوقت الذي لم تكن تشكل هذه النسبة غداة صدور‬ ‫الميثاق سوى ‪ ،4%‬ممّا يعكس رسوخ هذا االختيار ‪ ،‬وهو اختيار تمّ‬ ‫تكريسه في البرنامج االستعجالي الذي صدر في ‪ ،2009‬والمخطط‬ ‫االستراتيجي ‪.2030 - 2015‬‬ ‫وتحكمت في هذا االختيار عدة عوامل‪ّ ،‬‬ ‫لعل من أهمها تاريخيا‬ ‫اضطرار المغرب إلى تطبيق سياسة التقويم الهيكلية للمؤسسات‬ ‫الدولية الدائنة‪ ،‬التي من ضمن بنودها التخفيف من عجز الموازنة‬ ‫العامة وميزان األداءات‪ ،‬وهي أهداف لن تتحقق إ ّال بتخلي الدولة عن‬ ‫جزء من اإلنفاق العمومي الذي يستهلك التعليم العمومي جزءا ال‬ ‫يستهان منه‬

‫هل يمكن للمدرسة الخصوصية‪ ،‬في تقديركم‪،‬‬ ‫أن تكون بديال عن المدرسة الوطنية العمومية؟‬

‫قطعا ال يكمن ! ألن الدور الذي أُنيط بالمدرسة الخصوصية هو‬ ‫دورُ الشريك ال دورَ البديل ! وهو دور ما فتئت الوزارة الوصية تؤكد‬ ‫عليه وكذا النصوص القانونية المنظمة لقطاع التعليم‪ ،‬كقانون‬ ‫‪ ( 06-00‬الصادر سنة ‪ )2000‬والقانون ‪-‬اإلطار ‪ ( 51-17‬الصادر‬ ‫سنة ‪ )2019‬وكذا مختلف النصوص التنظيمية‪ ،‬كما أن اإلحصائيات‬ ‫المتعلقة بالدخول المدرسي ‪ 2020 - 2019‬تحصر عدد تالميذ‬ ‫التعليم الخصوصي االبتدائي واإلعدادي والثانوي في ‪1.150.000‬‬ ‫تلميذ‪ ،‬مما يشكل نسبة ؜‪ 14٪‬من مجموع التالميذ المُمَدرسين في‬ ‫هذه األسالك ( أي ما يقرب من ‪ 8.208.000‬تلميذ)‪ ،‬وهي نسبة تبقى‬ ‫بعيدة عن نسبة ‪ 20%‬التي كان مُخططا بلوغها سنة ‪ ،2010‬أي رغم‬ ‫مرور عشر سنوات على ذلك!‬ ‫أعتقد أن هذه النسبة (‪ )% 14‬مرشحة لالنخفاض ألن واقع‬ ‫المدرسة الخصوصية الحالي ال يشكل عامل جذب نظرا للصورة‬ ‫السلبية التي أصبحت رهينة له بفعل تداعيات قانون الطوارئ‬ ‫الصحية و عملية التعليم عن بعد التي قامت بشأنها الدنيا ولمّا تقعد‬

‫معلوم أن المدرسة العمومية كانت دائما مجاال‬ ‫خصبا لالستثمار في القيم الوطنية وفي العنصر‬ ‫البشري‪ ،‬هل يمكن لتعليم خصوصي أن يلعب نفس‬ ‫الدور؟‬ ‫بالتأكيد وإن كنت ال أخفي استغرابي لهذا السؤال ! وكأن‬ ‫المدرسة الخصوصية نبتة غريبة في محيطها!‬ ‫فال يجب أن ننسى الدور الذي قامت به المدارس الحرة في عهد‬ ‫االستعمار ! فقد ساهمت في خلق ثقافة مواطنة ومقاومة‪ ،‬وكانت‬ ‫عامل جذب لكثير من األسر التي سجلت أبناءها في هذه المدارس‪.‬‬ ‫طبعا السياق غير السياق! ذكرته فقط ألبرز أن التعليم‬ ‫الخصوصي هو جزء من هذا الوطن ويحمل نفسَ قِيمه‪ ،‬وال يكمن‬ ‫أن يكون إ ّال كذلك!‬ ‫هذا بغض النظر عن المقررات الدراسية التي هي نفسها التي‬ ‫تُدرس بالتعليم العمومي وكل المواد الحاملة للقيم تزخر بمعاني‬ ‫الوطنية الحقة التي تعمل األطر التربوية واإلدارية على تكريسها‪.‬‬ ‫ويكفي أن تزور مواقع التواصل االجتماعي ومنصات األنترنت‬

‫لمؤسسات التعليم الخصوصي خالل المناسبات الوطنية الدينية‬ ‫والوطنية ليتضح لك مدى االهتمام بهذه المناسبات والمجهودات‬ ‫الكبيرة التي يبذلها فريقها التربوي من أجل ترسيخ القيم الوطنية‬ ‫والدينية لدى التالميذ‪.‬‬

‫كيف نفسر إقبال المغاربة على التعليم‬ ‫الخصوصي؟‬ ‫اإلقبال اسم مشتق من فعل أقبل الذي يفيد التوجه اإلرادي نحو‬ ‫شخص أوجهة !‬ ‫هل يتعلق األمر إذا بتوجه إرادي أم هو في الواقع إدبار عن‬ ‫التعليم العمومي ؟ أي مكرهٌ أخاك ال بطل !‬ ‫اإلحصائيات المذكورة سابقا تفيد هذا المنحى بانتقال نسبة‬ ‫التمدرس في التعليم الخصوصي من ‪ 4%‬إلى ‪ 14%‬في غضون‬ ‫العشرين سنة األخيرة‬ ‫ال شك أن تطور التعليم الخصوصي ارتبط بتشجيع الدولة كما‬ ‫ذكرت سابقا‪ ،‬كما أن جاذبيته ارتبطت أساسا بظهور طبقة متوسطة‬ ‫جديدة رأت في التعليم الخصوصي فرصة لتمكين أبنائها من امتطاء‬ ‫المِصعد االجتماعي‪ ،‬خصوصا من خالل تركيز هذه المدارس على‬ ‫اللغات األجنبية‪ ،‬أساسا اللغة الفرنسية‪ ،‬منذ التعليم األولي‬ ‫وتزامن هذا التوجه مع الجاذبية التي فقدتها المدرسة العمومية‬ ‫لعل من أبرزها المغادرة الطوعية والتقاعد النسبي التي أفرغتها من‬ ‫ألمع أطرها دون أن يتزامن ذلك مع تجديد هذه األطر بوتيرة مناسبة‬ ‫في الزمان والمكان ممّا خلق اكتظاظا ال زالت تعاني منه المدرسة‬ ‫العمومية إلى اآلن‪ .‬يضاف إلى ذلك شعور اآلباء بأمان أكثر لدى‬ ‫وضع أبنائهم في المدرسة الخصوصية العتبارات موضوعية تتعلق‬ ‫بنسبة التأطير وعدد المتدخلين في عملية الحراسة مقارنة بالمدرسة‬ ‫العمومية‬

‫خالل أزمة كورونا عاشت المدرسة الخصوصية‬ ‫جدال قويا جراء مطالبة بعض مسؤوليها بالتعويض‬ ‫المالي من صندوق محاربة الوباء‪ ،‬ونتيجة ذلك قوبل‬ ‫مطلبها باستهجان كبير من قبل المغاربة من‬ ‫جانب‪ ،‬ومن جانب آخر أحدث نوعا من سوء التواصل‬ ‫بين اآلباء والمؤسسات الخصوصية جراء مطالبتها‬ ‫باالستمرار في أداء الواجبات الشهرية‪ .‬هل ممكن‬ ‫ان تضعنا في حقيقة ما حصل؟‬ ‫تعيش المدرسة الخصوصية منذ صدور قانون الطوارئ الصحية‬ ‫وتفعيل عملية التدريس عن بعد أسوأ فتراتها منذ صدور أول قانون‬ ‫يتعلق بالتعليم الخصوصي سنة ‪ ( 1959‬ظهير رقم ‪1-59-049‬‬ ‫الصادر بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪!)1959‬‬ ‫وال شك أن تداعيات أزمة كورونا أربكت عددا من الفاعلين‬ ‫بالقطاع التعليمي الخاص والعام‪ ،‬من ضمنها بعض الجمعيات‬ ‫الممثلة للقطاع الذي كان خروجها غير موفقا‪ ،‬تحت ضغط اإلكراهات‬ ‫التي واجهها القطاع‪ ،‬غير أنها سرعان ما اعتذرت عن ذلك! لكن ذلك‬ ‫لم يشفع لها!‬ ‫وزاد الطين بلة تصريح وزير التشغيل بخصوص المدارس‬ ‫الخصوصية التي طلبت االستفادة من صندوق التضامن الذي أنشئ ‪،‬‬

‫رغمَ أنطلبها قوبل بالرفض‪ ،‬بل وصدر مرسوم مؤخرا يلزم المدرسة‬ ‫الخصوصية باالستمرارية البيداغوجية إلى نهاية السنة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫عدم أحقيتها في الصندوق باعتبار أن هذه المدارس لم ولن تتوقف‬ ‫عن الخدمة‪ .‬بعد تصريح الوزير هذا‪ ،‬ازداد اشتعال النار في القطاع‪،‬‬ ‫وال زالت النار لم تخمد إلى اآلن وال أحد يعلم إن كانت ستُخمد أم‬ ‫سيزيد أوارها‬ ‫هذه األزمة تعكس عالقة «غير رضائية» منذ البداية بين‬ ‫أولياء أمور التالميذ وبين المدرسة الخصوصية‪ .‬فعند كل دخول‬ ‫مدرسي يتجدد النقاش حول المدرسة الخصوصية وشروطها المادية‬ ‫المجحفة وتضج الجرائد ووسائط االتصاالت االجتماعية باالنتقادات‬ ‫والسب والقذف في حقها وفي حق مؤسسيها‪ ،‬يتبارى في ذلك رجل‬ ‫الشارع والمثقف وأولياء أمور التالميذ « اللي قاريين» !‬ ‫وأقصد بالعالقة الغير الرضائية تلك العالقة التي ذكرتها في‬ ‫السؤال السابق التي لم تبن على اإلقبال على التعليم الخصوصي‪ ،‬بل‬ ‫على اإلدبار من التعليم العمومي‪.‬‬ ‫هذا هو األساس في نظري! أما الباقي فهو تفاصيل‪ .‬فلو‬ ‫كانت العالقة رضائية ومبنية على الثقة المتبادلة بين الطرفين (‬ ‫المدرسة بمؤسسها وكافة أطرها من جهة‪ ،‬وأولياء األمور من جهة‬ ‫أخرى) لما اتخذت هذه العالقة طابع الصراع الوجودي بين الطرفين‬ ‫ُ‬ ‫الحرية المنفلتة التي تتيحها وسائط التواصل االجتماعي‬ ‫زادته حد ًة‬ ‫وعدد ال يستهان به من بعض أصحاب البذلة السوداء الذين عجّت‬ ‫بتصريحاتهم هذه المواقع دون استحضار أي حسّ تحليلي وقانوني‬ ‫يناسب ظروف الطوارئ الصحية‪ ،‬اللهم استحضار بعض المسوغات‬ ‫العقلية (وليست القانونية ) ال تغيب حتى عن تلميذ السنة النهائية‬ ‫من الثانوي‪.‬‬ ‫لكن ظاهر المشكل مادي‪ ،‬و يتعلق بأداء كلي أو جزئي أو إعفاء‬ ‫كلي للرسوم المدرسية المتعلقة بثالثة أشهر ( أبريل وماي ويونيو)‪.‬‬ ‫‪ 3‬أشهر كانت كافية إلعادة النظر في عالقة تمتد ‪ 140‬شهرا وهي‬ ‫المدة التي يقضيها التلميذ بالمدرسة منذ التحاقه بالتعليم األولي‬ ‫إلى حين حصوله على شهادة الباكالوريا! وكأن تعَ ّلمات ومهارات‬ ‫هذه األشهر الثالثة ستحدد مسار التعلمات المستقبلية‪ ،‬بل ستهدد‬ ‫نفسه إن لم يتمكن من اكتسابها حضوريا !‬ ‫مستقبل التلميذ ِ‬ ‫تضررت صورة المدرسة الخصوصية ضررا بالغا رغم المجهودات‬ ‫التي قامت بها األطر التربوية‪ .‬فقد تضاعف جهدها واستطاعت أن‬ ‫تتكيف بسرعة مع ظروف الحجر الصحي وقامت بالتدريس عن بعد‬ ‫آخذة بعين االعتبار محدودية هذه الطريقة‪ ،‬لكن ذلك لم يشفع لها‬ ‫لدى شريحة واسعة من أولياء أمور التالميذ الذين اعتبروا أن التعليم‬ ‫عن بعد ال يعدل التعليم الحضوري‪ ،‬وبالتالي المطالبة بتخفيضات‬ ‫جماعية وغير واقعية بل وإعفاءات كلية‪ ،‬في حين أن معظم المدارس‬ ‫الخصوصية تبنت مقاربة تضامنية لكن فردية‪ ،‬حسب تغير الحالة‬ ‫المادية لكل ولي أمر‪ ،‬وهي المقاربة األنجع في نظري ألنها تكرس‬ ‫مبدأ التضامن الذي يجب أن يتحلى به كل مواطن مغربي وكل‬ ‫مؤسسة مغربية‪ ،‬كما تروم تحقيق العدل في تقاسم آثار هذه الجائحة‪.‬‬ ‫أعتبر شخصيا أن من حسنات هذه الجائحة أنها أظهرت ما‬ ‫كان خامدا بخصوص هذه العالقة الضد الطبيعية بين المدرسة‬ ‫الخصوصية وأولياء أمور التالميذ‪.‬‬ ‫وهي فرصة حقيقية لبناء عالقة جديدة مع كل ما يقتضيه البناء‬ ‫الجديد من هندسة جديدة !‬


‫‪15‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫حوار مع الأ�ستاذ‬

‫جواد احل�ضري‬

‫م�ؤ�س�س م�ؤ�س�سة‬ ‫خ�صو�صية للتعليم‬

‫تتحدث بعض األوساط اإلعالمية عن أن «السومات»‬ ‫المالية التي تطالب بها المدارس الخصوصية مرتفعة‬ ‫بالنظر إلى ميزانية األسر المغربية؟‬

‫الحديث عن الرسوم المدرسية بالتعليم حديث ال ينتهي ! ألنه يالمس‬ ‫في العمق الفوارق اإلجتماعية بالمغرب ومبدأ تكافئ الفرص‪ ،‬وال يتسع‬ ‫حيز هذا الحوار إلحاطة الموضوع من كافة جوانبه فقط أريد أن أنبه إلى‬ ‫مقاربتين اثنتين‪:‬‬ ‫المقاربة القانونية وهي مقاربة محسومة ألن موضوع الرسوم‬ ‫المدرسية مؤطر بالقانون‬ ‫رقم ‪ 104-12‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬وهو القانون الذي‬ ‫يسمح باعتماد السعر المراد تطبيقه بكل حرية شريطة إشهاره وبيان‬ ‫عناصره‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬ال يوجد أي التباس في األمر ما عدا رسوم‬ ‫التسجيل التي يتعمّد البعض تسميتها برسوم التأمين‪ ،‬لتكريس الصورة‬ ‫السلبية لدى الناس لتبرير جشعها! في حين أن المدرسة الخصوصية تسمي‬ ‫ذلك رسوما للتسجيل! وهي تغطي أساسا التجهيزات الالزمة وأداء شهري‬ ‫يوليوز وغشت‪ ،‬وذلك ضمانا لالستقرار المنادي والنفسي لألطر التربوية‪،‬‬ ‫على غرار اإلطر العاملة بالتعليم العمومي‪ .‬وفي هذا اإلطار تتراوح السومة‬ ‫المدرسية الشهرية من ‪ 400,00‬درهم إلى ‪ 4.000,00‬درهم أو أكثر ! وهو‬ ‫فرق يقتضي أن نتكلم عن المدرسة الخصوصية بصيغة الجمع!‬ ‫وهو ما يجرني إلى المقاربة الثانية وهي مقاربة تربوية وسوسيولوجية‪،‬‬ ‫وهي أن المدرسة المغربية الخصوصية والعمومية انعكاس أمين للمستوى‬ ‫االقتصادي لمختلف مكوناته االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهو اختالف بيّن‬ ‫وصارخ بين مختلف فئاته‪ .‬فال يجب أن نطلب من المدرسة الخصوصية أن‬ ‫تعكِس صور ًة لغير واقعها! هي مرآة ! والمرآة تظهر ذواتنا ‪ ،‬فإذا تغيرت‬ ‫ذواتنا عكست المرآة هذا التغيير بكل أمانة‪.‬‬ ‫ال يجب أن يفهم مما قلت أن هذا التفاوت في الرسوم أمر طبيعي!‬ ‫بالتأكيد أن األمر غيرُ ذلك‪ ،‬كما أن اعتماد آلية محاسباتية تحليلية و قانونية‬ ‫تحدد طريقة احتساب بنية الرسوم وليس الرسوم بكل شفافية ممكنة!‬ ‫يبقى إعمال ذلك من شأن الفاعل السياسي واإلقتصادي ومدى تقديره‬ ‫لراهنية وآنية التغيير‪.‬‬

‫ما هي في نظرك اإلجراءات الالزمة لبناء الثقة بين‬ ‫المدرسة الخصوصية والمواطنين؟‬

‫الثقة حالة فردية و مجتمعية قبل أن تكون مسألة قطاعية‪ ،‬لذا يتعسّر‬ ‫خلق مناخ من الثقة بين المدرسة الخصوصية وآباء التالميذ داخل فضاء‬ ‫عام سِمتُه عدم الثقة أو التوجس في الفاعل السياسي والفاعل االقتصادي‬ ‫ومؤسسة القضاء والمنظومة الصحية العمومية والخاصة‪ ،‬فالمدرسة‬ ‫الخصوصية مكون من مكونات المجتمع المغربي ويعتريها ما يعتريه‪ .‬غير‬ ‫أن االحتقان الحالي مع اآلباء أضاع ما تب ّقى من سمعة المدرسة الخصوصية‬ ‫دون ذنب جنته لتحصد هذا الدفق الهائل من الكراهية والتشويه‬ ‫والشيطنة ! وال سبيل لبناء الثقة بين المدرسة الخصوصية وآباء التالميذ‬ ‫بعد هذا الذي حصل سوى خلق تعاقد جديد‪ ،‬تقوم فيه الدولة بدور محوري‬ ‫‪ ،‬تعاقد تكون بوصلته الوحيدة مصلحة التلميذ التربوية والتعليمية‪ .‬والدور‬ ‫األساسي المطلوب من الدولة هو تكوين أساتذة أكفاء وبلورة عقد شغل‬ ‫خاص بقطاع التربية والتكوين مُلزم للطرفين‪ .‬فال سبيل لتعاقد جديد‬ ‫مُنتج و فعال دون كرامة رجل التعليم المادية و المعنوية‪ ،‬فهي المبتدأ و‬ ‫الخبر !‬ ‫كما وجب التذكير أن الثقة ليست ترفا! فهناك حقل معرفي وعلمي قائم‬ ‫بذاته يسمى اقتصاد الثقة ‪ ،‬يسعى إلبراز دور الثقة في الرفاه االقتصادي‬ ‫واالجتماعي للشعوب‪ .‬ويعتبر كينز(‪ ) Keynes‬من أشهر االقتصاديين‬ ‫الذين قعّدوا للعالقة بين الثقة و االستثمار‪.‬‬

‫كلمتك األخيرة في هذا الشأن‪.‬‬

‫اليمكن للتعاقد الجديد وحده بناء عالقة صحية بين المدرسة‬ ‫الخصوصية وباقي الفاعلين المهتمين من ضمنهم أولياء األمور‪ .‬فأي عالقة‬ ‫تعاقدية مهما بلغت درجة عصريتها وشموليتها وتوازنها ستكون حتما‬ ‫غير مكتملة‪ .‬فقد طور عالم االقتصاد أوليفر حارت ‪ Oliver HART‬نظرية‬ ‫العقود غير المكتملة‪ ،‬نال بها جائزة نوبل لالقتصاد سنة (‪ ، )2016‬مفادها‬ ‫أن أي تعاقد كيفما كان نوعه هو بالضرورة غيرمكتمل‪ ،‬لتعذر الحصول على‬ ‫كافة المعلومات والتوقع القبلي لكافة الحاالت التي سيشملها هذا التعاقد‪.‬‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬إذا كان بناء صرح الثقة يمر عبر تعاقد جديد‪ ،‬فالتعاقد‬ ‫وحده ال يكفي‪ ،‬لكنه ضروري للمرور من عالقة الثقة إلى ثقافة الثقة‪ ،‬وحدها‬ ‫الكفيلة بحل كل إشكاالت التعاقد البعدية‪.‬‬

‫كيف تعالجين‬ ‫اضطرابات التواصل‬ ‫عند طفلك؟‬

‫د‪:‬نجيب محمد الجباري‬

‫يعتبر االهتمام بالطفولة جزءا من االهتمام بالواقع‬ ‫والمستقبل معا‪ ،‬حيث يشكل األطفال شريحة واسعة في‬ ‫المجتمع‪ ،‬كما يشكلون الجيل التالي‪ ،‬لذا فإن ما يبذل‬ ‫من جهود من أجلهم يؤلف مطلبا من مطالب التغيير‬ ‫االجتماعي المخطط الذي تعتبر التنمية البشرية إحدى‬ ‫صوره ومظهرا من مظاهره‪.‬‬ ‫وتؤلف الطفولة مرحلة حاسمة في تشكيل شخصية‬ ‫الفرد‪،‬كما أن هناك إجماعا على أن السنوات الخمس‬ ‫األولى من حياة الطفل هي الفترة األكثر خصوبة وأهمية‪،‬‬ ‫والتي تنجم عنها مالمح شخصية الفرد‪ ،‬كما أن بعض‬ ‫السمات الثقافية التي تدخل في كيان شخصية الطفل‬ ‫يصعب تغيير البعض منها‪ ،‬لذا تركز التربية الحديثة على‬ ‫هذه المرحلة لبناء شخصية الطفل بناء سليما‪ ،‬فأطفال‬ ‫اليوم رجال الغد وداخل كل طفل يوجد رجل المستقبل‪.‬‬ ‫وليس ثمة من مجال آخر الستشراف مستقبل أي أمة غير‬ ‫استقراء طفولتها وما يحاط بها من عناية واهتمام‪.‬‬ ‫إال أن��ه ولألسف نجد بعض أطفالنا يعانون من‬ ‫اضطرابات ومشاكل ومعيقات في تواصلهم مع الطرف‬ ‫اآلخر‪ ،‬فما هي أسباب هذه الظاهرة ؟ وما الحلول الممكنة؟‬

‫أسباب اضطرابات التواصل عند‬ ‫الطفل‪:‬‬

‫يمكن أن نوجز اضطرابات التواصل ومعيقاته في‬ ‫األسباب التالية‪:‬‬ ‫• عضوية‪ -‬وظيفية ‪ :‬وهي عبارة عن إصابات في‬ ‫الحبال الصوتية أو الحنجرة أو سقف الفم أو الشفاه‬ ‫بالقياس مع من هم في مثل سنه‪،‬أو صعوبة في النطق‬ ‫بسبب اضطرابات عضوية في الجهاز العصبي مما يؤثر‬ ‫على األداء الحركي‪.‬‬ ‫• اجتماعية‪-‬نفسية؛ تتمثل في االنطوائية والخجل‬ ‫والميل إلى االنعزال عن اآلخرين وعدم اإلختالط بهم‪،‬‬ ‫بمعنى اإلنسحاب من المشاركة االجتماعية أو األسرية‬ ‫والمشاركة الشفوية بالصف وغيرها‪.‬فضال عن الحرمان‬ ‫العاطفي مع الوالدين أو أحدهما ‪،‬وهذا الحرمان من أكثر‬ ‫األسباب شيوعا في تأخر الكالم واإلنجاز اللغوي ‪.‬كما ال‬ ‫ننسى ونحن نبحث عن األسباب الخوف من اآلخرين مما‬ ‫يؤدي إلى ظهور التهتهة الموقفية ‪،‬باإلضافة إلى التنشئة‬ ‫اإلجتماعية الخاطئة التي قد يكون الطفل عرضة لها‬ ‫عندما يرضخ ألساليب القسوة أو التدليل‪.‬‬ ‫• لغوية؛ تتمثل في صعوبات استعمال اللغة نتيجة‬ ‫تأخر النمو اللغوي على مستوى التواصل اللفظي والنطق‬ ‫‪،‬أي عدم قدرة الطفل على نطق أصوات بطريقة سليمة‬ ‫إما نتيجة مشكالت في التناسق العضلي أو عيب في مخارج‬ ‫األصوات والحروف أو قصر في الكفاءة الصوتية‪.‬‬ ‫ويمكن أن نضيف إلى كل هذه األسباب أسبابا أخرى‬ ‫تتعلق بمثلث العنف التربوي حيث تبلغ السلبية التربوية‬ ‫مداها في ممارسة الثالوث المحظور في العملية التربوية‬ ‫وهو الضرب باعتباره عقابا جسديا‪ ،‬والشتم كإهانة معنوية‬ ‫والصراخ بصفته إرهابا نفسيا‪.‬فالعنف التربوي قد ينتج‬ ‫‪ 10%‬من األطفال العدوانيين‪ ،‬وإنه يكون من بين هؤالء‬ ‫‪ 90%‬سلبيين أي تابعين منقادين فيشكل هذا مظهرا من‬

‫مظاهر فشل التواصل‪.‬‬

‫حلول واقتراحات‪:‬‬

‫يمكن اقتراح بعض األساليب للعالج فيما يعرف‬ ‫ببرنامج التحفيز اللغوي والمتمثل في فحص أعضاء جهاز‬ ‫النطق كاللسان وسقف الحلق والشفتين واألسنان ‪..‬مع‬ ‫استشارة اختصاصي النطق واللغة إذا لوحظ أي شيء مثير‬ ‫للشك حول الطفل من ناحية اإلستيعاب‪،‬‬ ‫فهم اللغة ‪،‬السمع والتطور النطقي ثم إعطاء الفرصة‬ ‫للطفل لإلستماع حينما تعطيه إرشادات وتأكدي من أنه‬ ‫يصغي لما تقولين ويفهمه ‪.‬حاولي كذلك أن تشجعي‬ ‫طفلك على اإلستجابة لك لفظيا أو صوتيا‪ ،‬مع تعزيز‬ ‫محاوالته إلصدار األلفاظ أو األصوات مهما كانت بسيطة‪.‬‬ ‫ال تتوقعي من طفلك نتائج كاملة وفي وقت وجيز‪،‬‬ ‫بل ابتسمي وكرري الصوت أو بيني له بأي طريقة بأنك‬ ‫فهمت ما قاله‪ .‬وال تنسي أن تفادي التنبؤ باحتياجات‬ ‫الطفل وتزويده بما يحتاج أو ما يريد‪ ،‬يعتبر مهما لكي ال‬ ‫يصبح الكالم غير ضروري‪ ،‬واجعلي طفلك يشعر بالراحة‬ ‫الستخدام األلفاظ للتواصل‪.‬‬ ‫إن االستماع لما يقوله الطفل أو يحاول أن يقوله‬ ‫بانتباه شديد ومحاولة فهم ما يريد التعبير عنه باالستفادة‬ ‫من تعابير الوجه والجسد ونص الحوار يعتبر أسلوبا مهما‬ ‫في معالجة هذه االضطرابات التي قد يعاني منها الطفل‪.‬‬ ‫البد من أن تقدمي له نماذج لغوية صحيحة تشجيعا له‬ ‫على التواصل‪ ،‬وكذلك تقليد أصوات الحيوانات واآلالت‬ ‫وغير ذلك أمامه وتشجيعه على محاكاتها يعد مفيدا في‬ ‫هذا األمر‪.‬‬ ‫حاولي أيتها األم وأيها األب أن ال تنتقدا الطفل وأن‬ ‫ال تناقشا مشكلته بحضوره وال تتوقعا أن ينطق صوتا‬ ‫أو كلمة وال تطلبا منه أن يبطئ في الكالم أو أن يبدأ‬ ‫من جديد وال تكمال عنه جملة أو عبارة‪ .‬وباختصار ينبغي‬ ‫استغالل الفترات التي يكون فيها لدى الطفل الرغبة في‬ ‫التواصل والمشاركة في الكالم وفي الحوار‪.‬‬ ‫على سبيل الختم؛ نظرا لكوني مربي ومدرس وأب‬ ‫قبل كل شيء‪ ،‬وبحكم تجربتي في مجال التربية والتعليم‬ ‫تعلمت بأنه يجب على اآلب��اء واألم��ه��ات والمدرسين‬ ‫والمربين احترام شخصية األطفال ومعرفة احتياجاتهم‬ ‫وميولهم الشخصية حتى أوف��ر لهم ج��وا من الحب‬ ‫والحنان لكي يكون التواصل إيجابيا وفعاال بيني وبينهم‬ ‫وعلي اكتشاف مواهبهم وقدراتهم وإعطائهم الفرصة‬ ‫الكتشافها وتنميتها في جو خال من الصرامة والقسوة‬ ‫‪،‬ولعل عظمة التربية والتواصل الحقيقيين تكمن في أننا‬ ‫نكون كبارا أو صغارا شاهدين على نجاح أو إخفاق بعضنا‬ ‫البعض وممارسة حقنا في الخطأ‪ ،‬فمن األخطاء يتعلم‬ ‫الناس‪.‬‬


‫‪16‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫إعالم‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫حوار مع‬ ‫اإلعالمية المغربية‬

‫إيمان‬ ‫أغوتان‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫حاورها عبد اإلله المويسي‬

‫نبدأ بالسؤال التقليدي‪ ،‬وهو كيف تقدمين‬ ‫اإلعالمية إيمان أغوتان إلى القراء المغاربة‬ ‫الواقعيين‪ ،‬والقراء العرب االفتراضيين على مواقع‬ ‫االنترنت؟‬

‫في البداية أودّ أن أتوجه بالشكر الجزيل لمنبركم اإلعالمي‬ ‫المحترم على هذه المبادرة التي أسعدتني وتشرفني ‪ ..‬إيمان أغوتان‬ ‫صحفية مغربية متيمة بمهنتي التي اخترتها واختارتني عن حب وشغف‬ ‫ومسكونة بعشق هذا الوطن الذي أتمنى أن أراه ومواطنيه دائما بخير‬ ‫‪ ...‬في رصيدي ‪ 16‬سنة من العمل اإلعالمي أفتخر بما راكمته من تجارب‬ ‫وخبرات لكن مصدر سعادتي األول هو أن هذه المهنة لم تبح لي بعد‬ ‫بأسرارها وأتعلم منها كل يوم شيئا جديدا يبقيني على قيد الحماس‬ ‫والطموح لألفضل‪..‬‬

‫ننتقل اآلن إلى الحديث عن البدايات األولى التي‬ ‫مهدت لمجيئك إلى اإلعالم ؟‬ ‫قلتها مرارا والبأس من تكرارها لم أتصور نفسي يوما أمتهن مهنة‬ ‫أخرى وحالفني حظ لم يحالف ربما كثيرين بأن يعملوا في المجال الذي‬ ‫يحبونه‪ ..‬أنا خريجة المعهد العالي لإلعالم واالتصال تخصص سمعي‬ ‫بصري ومنذ السنة األولى كنت محظوظة مرة أخرى بإجراء تدريب مهني‬ ‫في جريدة العلم التي اشتغلت معها ألعوام بعد ذلك كمتعاونة وقد‬ ‫استفدت كثيرا من التأطير على يد صحفيي الجريدة وفِي مقدمتهم‬

‫الصحفي واألديب رئيس تحرير الجريدة المرحوم عبد الجبار السحيمي‬ ‫الذي أذكر باستمرار فضله علي ألنه آمن بي وراهن علي وأنا بعد‬ ‫طالبة وقد تعلمت كثيرا من هذه التجربة في جريدة ورقية واقتنعت أن‬ ‫الصحفي يجب أن يمر من المكتوب أوال وحتما قبل خوض تجارب أخرى‬ ‫في اإلذاعة أو التلفزيون‪..‬‬

‫ما هي أهم المحطات في مشوارك اإلعالمي؟‬

‫محطتان حتى اآلن لكنهما غنيتان جدا نظرا الختالف كل مرحلة‬ ‫عن األخرى حيث اشتغلت لسنتين مراسلة تلفزيون أبوظبي في المغرب‬ ‫وخالل هذه الفترة خبرت العمل الميداني بكل ضوابطه وإكراهاته‪،‬‬ ‫غطيت العديد من األحداث وأنجزت ربورتاجات ميدانية في كل بقاع‬ ‫الوطن وفِي العالم ‪ 2006‬قدمت استقالتي لاللتحاق بقناة ميدي‬ ‫آن سات آنذاك قبيل انطالقها في شهر دجنبر ومنذ ذلك الوقت‬ ‫وأنا أشتغل في هذه المؤسسة التي قدمت لي الكثير في كل‬ ‫المحطات التي مرت بها كقناة متوسطية في البداية ثم‬ ‫ميدي ان تي في القناة العامة وقبل أعوام قليلة عادت‬ ‫لألصل كقناة إخبارية وطنية مغاربية وإفريقية ‪..‬‬ ‫اشتغلت كصحفية محررة وكرئيس تحرير لنشرات‬ ‫األخبار وكمنتجة ومقدمة لبرنامج بدون حرج‬ ‫واليوم أنا مقدمة أخبار وبرامج في ميدي ان‬ ‫تي في ‪..‬‬

‫هل تنتمي إيمان أغوتان إلى‬ ‫مدرسة إعالمية معينة؟‬

‫أعتبر أن اإلعالم مدرسة واحدة يجب أن‬ ‫ننتمي إليها جميعا كإعالميين في المغرب وفِي‬ ‫العالم بأسره هي مدرسة ضوابط المهنة وأخالقياتها‬ ‫المتعارف عليها كونيا ألن ممارسة إعالمية خارج الروابط‬ ‫واألخالقيات هو فعل يهدد تماسك المجتمع واستقراره‪...‬‬ ‫الفرنسية‬ ‫المدارس‬ ‫بين‬ ‫اختالفات‬ ‫هناك‬ ‫واألنكلوساكسونية في بريطانيا والواليات المتحدة لكنها‬ ‫اختالفات في الشكل ال تمس جوهر المهنة ورسالتها ‪..‬‬

‫من اإلعالمية أو اإلعالمي الذي يشكل مثلك‬ ‫األعلى؟!‬ ‫الكثير من األسماء الملهمة في وطني وخاصة األسماء النسائية‬ ‫في السنوات األولى التي تلت انطالقة القناة الثانية وفِي مقدمتها‬ ‫اإلعالمية القديرة الراحلة مليكة مالك‪ ،‬والجريئة الواثقة فاطمة لوكيلي‬ ‫والقريبة من نبض المغاربة بالواضح وبصراحة نسيمة الحر‪..‬‬ ‫كنت وماأزال أعجب باإلعالمي القوي دون تسلط الجريء دون وقاحة‬ ‫‪ ،‬العميق دون تكلف والبسيط دون سطحية وهي معادلة صعبة حققتها‬ ‫الكثير من االسماء أتطلع أن أكون من بينها‪..‬‬

‫يعرف المجال اإلعالمي نوعا من الترامي‬ ‫الفوضوي بخصوص مزاولته‪ ،‬إلى الحد الذي اعتبره‬ ‫البعض مهنة من ال مهنة له‪ ،‬باعتبارك جئت إلى‬ ‫اإلعالم من البحث العلمي والدراسات المختصة‬ ‫كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة؟؟‬ ‫صدقت في أنها تحولت إلى مهنة من ال مهنة له‬ ‫والترامي الفوضوي هو الوصف الدقيق لما يجري فقد‬

‫استبيحت هذه المهنة وخيل لكثيرين أن مجرد الحصول على كاميرا‬ ‫وميكروفون ومنصة لبث ما يقترفونه يمنحهم صفة الصحافي ويشرع‬ ‫في التنظير لحرية الرأي والتعبير دون أن يقرنها بالمسؤولية االجتماعية‬ ‫والمهنية ‪ ..‬ال مانع لدي من أن يمتهن االعالم أناس قدموا من‬ ‫مسارات أكاديمية مختلفة لكنهم تمرسوا على ضوابط المهنة وتشبعوا‬ ‫بأخالقياتنا وقدم حضورهم قيمة مضافة لهذا المجال‪ ،‬لكنني ضد كل‬ ‫من يستسهل هذا المجال ويقتحمه عَنْوَة أو جبهة كما نقول وكل من‬ ‫حوله إلى وسيلة لالبتزاز واالسترزاق الرخيص وما أكثرهم مع األسف ‪..‬‬

‫إلى أي حد تفترضين أن هناك خصوصيات دقيقة‬ ‫بين الصحافة المكتوبة والسمعية ثم البصرية؟‬

‫األصل واحد والقواعد هي نفسها واالختالف في شكل تقديم‬ ‫المضمون اإلعالمي للقارئ أو المستمع أو المشاهد ‪ ...‬في المعهد أتذكر‬ ‫أننا ندرس الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة لثالث سنوات كجذع‬ ‫مشترك وفِي العام األخير في المكتوب أو السمعي البصري ‪ ..‬في اإلعالم‬ ‫المكتوب ورقي أو إلكتروني الرهان على التفصيل وعمق المضامين‬ ‫وأسلوب الكتابة الذي يجعل للصحفي قراءا أوفياء لعموده أو لربورتاجاته‬ ‫أو للبورتريهات أو الحوارات وفِي اإلذاعة تنضاف قوة الصوت وسحره‬ ‫وتأثيره على المستمع ‪ ،‬أما التلفزيون فالشيء يعلو فوق قوة وسلطة‬ ‫الصورة وخطورتها أيضا ‪ ..‬هي مجاالت متكاملة تشتغل كلها بنفس‬ ‫الضوابط والهواجس والغايات وان اختلفت اإلكراهات والتحديات‪..‬‬


‫‪17‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫مراسَلة هولندا‬

‫في ميدي ان تي في نشتغل بجد كطاقم صحفي وتقني لكننا‬ ‫مقيدون بقلة الموارد ونسعى جاهدين لتجاوز كل اإلكراهات من‬ ‫أجل تقديم عمل مهني يحترم ذكاء المشاهد الوفي فإن أصبنا‬ ‫لنا أجران وإن أخطأنا يكفينا أجر المجتهد‪..‬‬

‫ما هي المشاكل التي يعرفها القطاع؟‬ ‫ومن الناحية النقابية كيف يتم التعاطي‬ ‫معها‪ ،‬وإلى أي حد تتم االستجابة النتظارات‬ ‫العاملين بالقطاع؟‬ ‫يعرف التلفزيون منافسة شرسة من قبل‬ ‫الوسائط الرقمية‪ ،‬كيف تنظرين إلى مستقبل‬ ‫التلفزيون في ضوء هذه التطورات ؟‬ ‫صحيح جدا وهو معطى ال تخطئه عين ومن الزال يكابر‬ ‫فهو يدير للحقيقة ‪ ،‬لكن هذه الوسائط ال تهدد التلفزيون في‬ ‫وجوده بقدر ما تفرض عليه تطوير أداءه واستثمار ما يتيحه‬ ‫التحول الرقمي المتسارع من أجل مواصلة الحضور القوي الوازن‬ ‫في المشهد ‪ ..‬ظهور اإلذاعة لم يؤد إلى انقراض المكتوب‬ ‫والتلفزيون لم ينل من شعبية الراديو والوسائط الرقمية لن‬ ‫تطوي عهد التلفزيون لكنها تدفعه إلى تجديد أدواته وإعادة‬ ‫النظر في إيقاع اشتغاله ومن المفروض أن تحفزه على المزيد‬ ‫من اإلبداع واالبتكار مع االحتفاظ بروح الرسالة اإلعالمية الجادة‬ ‫والهادفة المرافقة لطموح كل مجتمع في التطور والنماء‪..‬‬

‫كيف تجدين ظاهرة «اليوتوبرز»‪ ،‬التي‬ ‫انتشرت مؤخرا؟ هل هناك ضوابط قانونية‬ ‫ومهنية وأخالقية لهذه الظاهرة؟‬ ‫مع كامل األسف تعرفت على هذا العالم من خالل النماذج‬ ‫السيئة التي تعتلي التوندونس في غالب األحيان واكتشفت‬ ‫أشخاصا هاجسهم الربح المادي ولو قفزوا في سبيل هذا الهدف‬ ‫على كل ضابط قانوني أو أخالقي‪ ..‬لكنه ولحسن الحظ الجزء‬ ‫الفارغ من الكأس فقط وهلل ألن المحتوى الرقمي الجيد موجود‬ ‫أيضا وفِي مجاالت متعددة وهناك خيرة من شباب هذا الوطن‬ ‫يبدعون في هذا المجال من قبيل تبسيط العلوم أو المعلومة‬ ‫التكنولوجية أو القانونية أو الطبية والتاريخية وغيرها ‪ ،‬وقد‬ ‫اكتشفت أيضا شبابا خالقين ومبدعين بما تحمله الكلمة من‬ ‫معنى يرفعون علم الوطن عاليا في العديد من المحافل ومن‬ ‫بينهم عادل تاويل الفائز قبل أشهر بلقب أفضل صانع محتوى‬ ‫في العالم العربي ‪ -‬سديم‪ -‬وأود استغالل هذه الفرصة ألناشد‬ ‫المسؤولين على تقديم الدعم لصناع المحتوى الرقمي الجيد كما‬ ‫أطلب من المغاربة جميعا دعمهم وااللتفاف حول مشاريعهم من‬ ‫أجل محاصرة التفاهة والرداءة وتكريم اإلبداع والتميز ‪..‬‬ ‫كما أضم صوتي إلى األصوات المطالبة بتقنين هذا المجال‬ ‫وليس تقييده كما جاء في مشروع التكميم سيّء الذكر ‪..‬‬

‫كيف تنظرين إلى أداء التلفزيون المغربي‬ ‫بشكل عام وقناة ميدي‪ 1‬تيفي مقارنة‬ ‫بالقنوات العالمية‪ ،‬خصوصا وأنت ترين هذا‬ ‫االنفجار العددي في القنوات الدولية التي‬ ‫أصبح يلتقطها المشاهد المغربي ؟‬ ‫كمهنية وكمشاهدة لست راضية عن أداء التلفزيون في‬ ‫بلدي ألنني من جهة أعتبر أن المشاهد المغربي يستحق‬ ‫أفضل‪ ،‬ومن جهة أخرى أثق في كفاءة زمالئي وأعرف أن‬ ‫بإمكانهم تقديم أجود من الموجود بكثير في حال توفرت‬ ‫إمكانيات االشتغال وظروف أفضل لإلنتاج التلفزيوني ‪...‬‬ ‫التلفزيون هو موارد وإمكانيات أوال وهو أيضا هامش كبير من‬ ‫الحرية واالستقاللية في تناول القضايا والمواضيع القريبة من‬ ‫اهتمامات المواطنين ومعالجتها من زوايا مختلفة وبحضور‬ ‫الرأي والرأي اآلخر قريبا من روح االعالم ورسالته بعيدا عن‬ ‫البروباغاندا الفجة المتجاوزة ومتى آمن صناع القرار في بكل‬ ‫أركان المعادلة سيتحقق المنشود خاصة في ظل هذا التنافس‬ ‫الشرس والمحموم لجلب المشاهدين ورفع نسب المشاهدة‪..‬‬

‫مشاكل كثيرة ومعقدة ولكل صنف مشاكله مكتوب ورقي‬ ‫أو إلكتروني‪ ،‬وسمعي بصري ‪ ،‬مشاكل في الموارد المادية‪ ،‬وفِي‬ ‫تمثل المفاهيم والقيم المؤطرة لهذه المهنة حرية‪ ،‬مسؤولية ‪،‬‬ ‫أخالقيات ‪ ،‬قانون ‪..‬هناك أيضا أوضاع اجتماعية صعبة يعيشها‬ ‫الكثير من الصحافيين في ظل تعثر بعض المقاوالت أو إجهاز‬ ‫أصحابها على حقوق األجراء كما وقع في زمن الجائحة‪ ،‬هناك‬ ‫نوع من التردد السياسي في حسم شكل وغايات اإلعالم الذي‬ ‫نريد وهو ما يخلق حالة من التخبط غير المفهوم ‪ ..‬العمل‬ ‫النقابي موجود لكنه ضعيف ومحدود التأثير في المعادلة‪ ،‬ألن‬ ‫دوره ترافعي ونحن كإعالميين نراهن في المرحلة المقبلة‬ ‫على المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة دستورية بصالحيات‬ ‫واسعة بوصفها قاضي المهنة ومحاميها األول‪..‬‬

‫تعرف التجربة التلفزية المغربية حالة‬ ‫تشبيب واسعة‪ .‬كيف تتعاطين مع األمر؟‬

‫يسعدني األمر من الناحية المبدئية ألن الرهان على‬ ‫الشباب‪ ،‬لكن ذلك ال يعني التطبيع مع حرق المراحل ألن‬ ‫التقديم التلفزيوني في حاجة دائمة للوجوه الشابة الجديدة‬ ‫لكن المقصود هو الشباب الذي تدرج في المهنة وخبر تفاصيلها‬ ‫اشتغل في الميدان وفِي قاعات التحرير وطور من موهبته ومن‬ ‫أدوات اشتغاله ليتوج كل هذا المجهود بظهور موفق على‬ ‫الشاشة ‪..‬‬ ‫أحذر كل الشباب من استعجال األمر ألني ال أومن بأن‬ ‫مسيرة مهنية في المستوى تنطلق أمام الكاميرا دون أدنى‬ ‫رصيد سابق في العمل اإلعالمي وحبذا لو كانت البدايات في‬ ‫االعالم المكتوب ‪..‬‬

‫كيف وجدت صيغة العمل عن بعد خالل‬ ‫الحجر الصحي؟‬

‫لم يقدر لي أن أعيش تجربة العمل عن بعد بحكم طبيعة‬ ‫عملي كمقدمة أخبار وبرامج إخبارية وحوارية‪ ،‬تجندت رفقة‬ ‫زمالئي في القناة لتقديم الخدمة اإلخبارية المهنية ومحاربة‬ ‫األخبار الزائفة خالل هذه الفترة العصيبة واالستثنائية التي مر‬ ‫منها الوطن‪ ...‬اشتغلت بالكثير من الحماس وبروح مواطنة‬ ‫عالية بسبب حساسية الظرف وتفاعل المواطنين اإليجابي مع‬ ‫العمل اإلعالمي الجاد والمسؤول وتصالحهم مع المنابر الجادة‬ ‫في زمن الجائحة وهي واحد من المنح التي أسعدتني خالل محنة‬ ‫كورونا‪...‬‬

‫ما هو البرنامج التلفزي الذي تمنيت لو أنك‬ ‫من تقديمه؟‬ ‫تمنيت وتحققت أمنيتي هو برنامج بدون حرج الذي اشتغلت‬ ‫ضمن طاقم إعداده في البداية وكنت من ينجز ربورتاجات‬ ‫حلقاته طيلة أشهر الست األولى قبل أن تستقيل مقدمته الزميلة‬ ‫الجزائرية ليلى بوزيدي من القناة وتكلفني اإلدارة بتقديمه‬ ‫وطيلة سبع مواسم متتالية‪ ..‬وقد نال هذا البرنامج شعبية كبيرة‬ ‫في أوساط المغاربة فاجأتني وتفاجئني حتى اآلن عندما ألتقي‬ ‫بمتابعين أوفياء مازالوا يسألون عنه بعد مرور ثالثة أعوام على‬ ‫توقفه ‪...‬‬

‫ما هو البرنامج الذي تحلمين أن تقدميه‬ ‫مستقبال؟‬ ‫برنامج حواري سياسي موجه لعموم المغاربة يصالحهم مع‬ ‫النقاش السياسي والفعل السياسي برنامج بهامش كبير من‬ ‫الحرية وبدون ذرة لغة خشب‪ .‬حلمي أن أعيد تجربة بدون حرج‬ ‫وهذه المرة في السياسة‪.‬‬

‫من قلب أمستردام‬ ‫نادية بوخيزو‬

‫م�شاهدة جميع �أفالم مهرجان‬ ‫‪ MENA‬عرب الإنرتنت‬

‫سينما المهجر تحاور الجمهور في زمن الكورونا من قلب الهاي‪ ،‬حيث شهدت‬ ‫حدثا سينمائيا مميزا وهو مهرجان “مينا الدولي للسينما” الذي جرى من‪ 11‬إلى ‪13‬‬ ‫يونيو ‪ .2020‬‏‪‎‬والجميل في األمر‪ ،‬هذه المرة‪ ،‬هو أنه كان باإلمكان مشاهدة جميع‬ ‫أفالم هذا المهرجان عبر األنترنت و التصويت لفائدة جائزة الجمهور‪ .‬وقد جاء هذا‬ ‫القرار تزامنا مع األجراءات التي اتخذتها الحكومة الهولندية لمنع تفشي فيروس‬ ‫كورونا‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬وفي ارتباط بالسياق ذاته‪ ،‬تضمنت القائمة عرضا واحدا على‬ ‫أرض الواقع ‪،‬جرى بالمسرح يوم السبت المنصرم‪ ،‬حضره ‪ 20‬شخصاً فقط‪ .‬وبناء على‬ ‫االستطالعات األولية‪ ،‬فقد كان مرجحا أن يفوز الفيلم اإليراني “ البحث عن فريدة “‬ ‫الٔزاده موسى المرشح لجوائز األوسكار لعام ‪ .2020‬وتدور أحداث هذا الفيلم حول‬ ‫قصة تبنى زوجان هولنديان لطفلة اسمها فريدة‪ ،‬التي ستتوق مع توالي السنين إلى‬ ‫البحث عن والديها البيولوجيين‪ ،‬وهو ما سيدفعها إلى نشر إعالن البحث عنهما في‬ ‫صحيفة إيراني‪.‬‬ ‫ومعلوم أن المهرجان عرف مشاركة أفالم عديدة‪ ،‬من ضمنها األفالم القصيرة‬ ‫واألفالم الوثائقية‪ .‬و للتذكير فإن الحضور السينمائي المغربي كان بعدة أفالم‪ .‬وكانت‬

‫إدارة المهرجان قد أكدت أنه سيمنح ثماني جوائز على أن تكون الجائزة األخيرة هي‬ ‫جائزة العدالة والسالم‪ .‬وهذه قائمة بالجوائز‪:‬‬ ‫ـ جائزة العدالة والسالم للفيلم اإليراني “البحث عن فريدة”‪ - :‬جائزة اإلخراج‬ ‫للفيلم الوثائقي الطويل “السمكة الذهبية” للمخرج الفرنسي “توماس كراند”‪.‬‬ ‫ـ جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل الفيلم التونسي “الرجل الذي صار متحفا”‬ ‫للمخرج مروان طرابلسي‪.‬‬ ‫ـ جائزة أفضل وثائقي قصير لفيلم “الكناوي” للمخرج العراقي محمد توفيق‪.‬‬ ‫ـ جائزة الجمهور للفيلم اإلسباني القصير “لست أنا” من إخراج مجيد حنا‪.‬‬ ‫ـ جائزة أفضل فيلم روائي طويل لفيلم “بين التالل” لمحمد رضوان كيوانفر من‬ ‫إيران‪.‬‬ ‫ـ جائزة اإلخراج للفيلم الروائي الطويل كانت مناصفة بين المخرج العراقي قتيبة‬ ‫الجنابي عن فيلم “قصص العابرين” والمخرج المغربي عبداالله الجوهري عن فيلمه‬ ‫“ولولة الروح”‪.‬‬ ‫ـ جائزة أفضل فيلم روائي قصير للفيلم المغربي “وشم” لفاطمة اكالر‪.‬‬ ‫ـ جائزة أفضل إخراج للمخرج العراقي قتيلة الجنابي “قصص العابرين “ مناصفة‬ ‫مع المخرج المغربي عبد االله الجواهري عن فلمه “ولولة الروح”‪.‬‬ ‫من جهتها كانت قد أكدت إدارة مهرجان مينا أن اختياراتها لهذا العام ألقت‬ ‫الضوء على قضايا مصيريّة تحت شعار “الهُوّيات واألقليات”‪ ،‬معلنة عن لجنة تحكيم‬ ‫للمهرجان تتكون من الناقد واألكاديمي المغربي حبيب الناصري والناقد واالعالمي‬ ‫العراقي عرفان رشيد والناقد صفاء الصالح ‪.‬‬ ‫وتنافس في دورة هذا العام ‪ 26‬فيلما من العراق واسبانيا وبلجيكيا وفرنسا‬ ‫والدنمارك والمغرب والجزائر وسوريا ولبنان وإيران‪.‬‬ ‫أما عن كيف حاورت السينما مهاجرة من الشمال‪ ،‬وبالضبط من حمامة السالم‬ ‫تطوان مدينة الحضارة والثقافة واألصالة‪ ،‬فهذا يرجع ربما إلى طفولتي بتطوان‪،‬‬ ‫وبفضل المركز الثقافي اإلسباني و سينما إسبانيول اللذان يقعان قرب مدرستي‬ ‫االبتدائية سيدي الصعيدي خالل حيث كنت أدرس‪ .‬وكان لوالدي رحمة اهلل عليه‬ ‫األثر األكبر في حبي للسينما‪ ،‬حيث كنت أشاهد معه عدة أفالم و خاصة أفالم شارلي‬ ‫شابلين الصامتة التي ال زلت أحبها كثيراً لحد اآلن أما في مرحلة الثانوي فكنت أتردد‬ ‫كثيراً على المركز الثقافي الفرنسي بتطوان الذي كنت عضوة فيه و الذي كان يقدم‬ ‫عروضا سينمائية‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫االحتياالت العلمية أم النيل من العلماء ؟‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬من المنهج الوضاء‪ ،‬من أجل ْ‬ ‫أن ينأى العلماء بأنفسهم عن االحتياالت العلمية‪ ،‬وهي ذات‬ ‫الفيروس الذي يهدّد البحث العلمي في المجال الطبي (جوهان مونتان )‪ .‬وهوموضوع ساخن من‬ ‫أحداث الساعة‪ ،‬تتراقص كتلة اإلصدارات حوله‪ ،‬بقيم غير متكافئة‪ ،‬التحمتْ بجائحة «كوفيد‪.»-19‬‬ ‫كان هذا موضوع منتديات انبعثتْ عند مجالس من األطباء حافلة بأهل االختصاص في العالم‪.‬‬ ‫فمنذ أيام في منتدى بعنوان «الطبُّ ال يخضع للعبة البوكر»‪ .‬هذا موضوع تدليس علمي‪ ،‬إذ‬ ‫العلمية ليستْ لها قافية مع الصدق من حيث المنشورات‪.‬‬ ‫– ما قبل النشر وما بين الحروف المسبقة تشملها قراءات متتالية الستعراضها لقريناتها‪،‬‬ ‫وبدون مجموعة التحكيم‪ ،‬قد يتمُّ انجاز ذلك إلى العمى المضاعف ل «كوفيد‪ ،»-19‬ليحدث نوعاً‬ ‫من الغثيان‪ .‬فكيف أجدني من حيث الصالحية ؟‬ ‫ قبل أيام يسيرة خصصتْ «مجلة الطبّ الداخلي» مقا ًال يشير إلى االحتياالت العلمية التي‬‫تعمل على تهديد هذا الزمان‪ .‬ثلة من ناشري مقال نقدي‪ ،‬يميّزون بين فئتين من االحتياالت‬ ‫المختلفة‪ .‬أولها ‪ :‬االحتيال العلمي الفعلي‪ ،‬الصانع للبيانات االنتحالية‪ .‬وثانيهما ‪ :‬االحتيال الشكلي‪،‬‬ ‫أي التالعبات بالبيانات من المراجع ومؤلفي الرضا‪ .‬إال َّ‬ ‫أن هذين النوعين من االحتياالت العلمية‬ ‫تكتنفها نسب متفاوتة‪ ،‬تأتي على التوالي ب ‪2‬في المائة (العلمي الفعلي) و‪33‬في المائة (االحتيال‬ ‫الشكلي)‪ .‬وهذه الصفات القبيحة ال تليق باألطباء‪ ،‬وال بالعلماء الذين يفقدون المصداقية‪ ،‬وحتى‬ ‫المرضى الذين يتحملون مصاريف هذه المنشورات التي تعود من حيث أتتْ‪ .‬وبالتالي َّ‬ ‫فإن عالمين‬ ‫من بين مائة‪ ،‬يعترفان بتصنيعمها وتزويرهما للبيانات العلمية‪َّ ،‬‬ ‫وأن أربعة عشر بالمائة من‬ ‫زمالئهم‪ ،‬أقبلوا على هذه الصنيعة مرَّ ًة واحد ًة على األقل‪ .‬ومن مصدر آخر أحْصيَ في مقال‪ ،‬قدَّرَ‬ ‫َّ‬ ‫أن ‪ 1‬إلى ‪ 2‬بالمائة مقال محتال من بين ‪1400000‬منشورات سنوياً في العالم‪ .‬ولم يتوقف األمر‬ ‫عند هذا الحدّ‪ ،‬إذ بعض المحررين يذهبون إلى تأكيد نصف البيانات يمكن ْ‬ ‫أن تكون مشوهة‪.‬‬ ‫هذا شيء مخيف‪ ،‬يشرح ذلك لنا شاب داخلي بمستشفى «بيشاط» بباريس‪ .‬واألسوأ من ذلك ْ‬ ‫أن‬ ‫يحدث هذا اآلن‪ ،‬ويعزى إليه‪ ،‬لمن المصلحة في القيام به‪ .‬جميع المؤسسات يضفون قيمة على‬ ‫عدد هائل من المنشورات‪ .‬إذا كان هذا ما يقترحونه لألجيال القادمة التي أنتسب إليها فإنها‬ ‫تفضل االبتعاد‪ .‬هناك إذاً حاجة إلى تغيير ثقافي ودستوري‪ .‬من الممارسات التي ترومها الريبة‪،‬‬ ‫فئة يحوم حولها الشك‪ ،‬تستجمع أبحاث بها ارتياب‪ ،‬وعلى حدّ قول محرري المنشورات في بعض‬ ‫األحيان يكون متسامحاً‪ .‬يذكرون على سبيل المثال‪ ،‬ليستشهدوا بتقسيم عمل البحث بعدَّة‬ ‫مقاالت‪ ،‬عندما يتعلق األمر بدراسات وسطية مخطط لها في «البروتوكول»‪ ،‬أواالنتحال الذاتي‪ ،‬أي‬ ‫السرقة األدبية للمادة العلمية‪ ،‬ليتمم عمل غيره جزئياً وينسبه إلى نفسه ! في مساءلة للباحثين‪،‬‬ ‫إذ يقيمون نسبة ‪ 72‬بالمائة من الممارسات التي تطيب نفوسهم إليها المشكوك فيها‪ ،‬ونسبة ‪33‬‬ ‫بالمائة يعترفون بأنهم لجأوا إلى استخدامها‪ .‬وليس شيئاً كذلك لتلك العواقب ؟ االنتحال والسرقة‬ ‫األدبية هي الغش المحتمل الذي يعاقب عليها القانون من خالل المحاكم‪ .‬ومع ذلك ال يرتدي‬ ‫أن عواقب هذه االحتياالت المختلفة يمكن ْ‬ ‫الضرر إال ذووا السرقة‪ .‬إال َّ‬ ‫أن تكون ثقيلة‪ ،‬للمؤاخذة‬ ‫عليها‪ .‬اإليمان بالبحث قبل كل شيء يمكنه ْ‬ ‫أن يتلقى ضربة قاسية‪ .‬ال زال يظل بذكراه ذلك‬ ‫المقال حول «الهيدروكسي كلوروكين»‪ ،‬للمجلة الشهيرة «النسيت»‪ ،‬وآثارها السلبية‪ ،‬بعد رفعه‬ ‫من معالجة المصابين ب «كوفيد‪ ،»-19‬رغم جودة بياناته‪ .‬وقاعدة المؤسسة التي تجني المحصول‬ ‫المادي من ورائه‪ .‬االحتياالت العلمية تلحق ضرراً بقيمة الباحثين‪ .‬ووفقاً الستطالع بفرنسا لسنة‬ ‫‪2017‬م‪َّ ،‬‬ ‫فإن ‪ 65‬بالمائة فقط من المستجوبين يثقون في العلماء الذين يبدون احتراماً للقواعد‬ ‫والقوانين التي تتحكم إليها األبحاث‪ .‬ثم قد يكون هناك آثاراً سلبية على الصحة العامة‪ .‬دون ذكر‬ ‫اإلقبال المتزايد للمصابين‪ ،‬في انتظار وصفة البروفيسور «راوولت»‪ ،‬أمام مصحته بمدينة مرسيليا‪.‬‬ ‫ومن الفضول العلمي ْ‬ ‫أن نتذكر منشوراً آخر ل «النسيت» لسنة ‪1998‬م‪ ،‬هذه األخيرة أنشأتْ‬ ‫ارتباطا بين اللقاح ضدّ الحصبة‪ ،‬والغدد النكافية (هوفيروس بين األذن والفك)‪ ،‬والحصبة األلمانية‬ ‫(روبيول)‪ ،‬مع بداية مرض التوَحُّد عند اثنى عشر طف ً‬ ‫ال بريطانياً‪ .‬المنشور انسحب وتراجع بعدما‬ ‫حصل الضرر‪ .‬وقد تمَّ إيقاف التطعيم‪ ،‬فإذا بنسبة التحصين تتراجع من ‪92‬بالمائة إلى ‪73‬بالمائة‪.‬‬ ‫لمراقبة درجة حرارة المقاالت العرجاء‪ ،‬نألوا إلى نسبة التراجع‪ ،‬وهومؤشر جيّد‪ .‬عدد المنشورات‬ ‫العلمية للسنوات األخيرة انفجرت ! الحالة األولى منها وردتْ سنة ‪1973‬م‪ .‬وفي ‪2011‬م كان عدد‬ ‫المنشورات التي انسحبت وتراجعتْ‪ ،‬قد بلغ عددها ‪.4449‬إذا ب ‪21‬بالمائة من هذه الحاالت كانت‬

‫على سبيل األخطاء‪ .‬بيد َّ‬ ‫أن ‪67‬بالمائة منها ألسباب سلوك علمي سيء‪43 .‬بالمائة منها تبثتْ عنها‬ ‫االحتياالت‪ ،‬و‪14‬بالمائة للمنشورات المقسمة‪ ،‬و‪10‬بالمائة للسرقات األدبية ‪.‬وقد انبجستْ بمعدَّل‬ ‫‪33‬شهراً بين النشر والتراجع‪ .‬فنعثر على مجموعة من المنشورات التي تراجعت على كتلة «مشاهدة‬ ‫التراجع»‪ ،‬حيث وصل عددهم سنة ‪2019‬م إلى عشرين ألفاً‪ .‬وحسب دراسة لسنة ‪2012‬م‪ ،‬نصف‬ ‫المقاالت قد تراجعتْ من بين جميع المجاالت المجتمعة (المختلطة)‪ ،‬التي تعنى بعالم الطبّ‪ .‬ومع‬ ‫ذلك يبقى العمل مقياساً لكل البحث العلمي‪ .‬مكتب البحث للنزاهة العلمية أحصى من مائتيْ حالة‬ ‫سلوكاً سيئاً علمياً بين سنتيْ ‪2007‬م و‪2017‬م‪ ،‬إحدى وأربعين منهم لم نشروا إشعار التراجع‪،‬‬ ‫على الرغم من صدور في حق ‪35‬منهم تقرير‪ ،‬منذ عامين على األقل‪ – .‬التصرُّف من حيث األسباب‬ ‫‪ :‬على الباحثين ضغط مقدَّسٌ من أجل النشر قدْرَ المستطاع‪ ،‬على حدّ قول «تنشر أوتهلك»‪.‬‬ ‫في سيراتهم الذاتية «عامل التأثير» الصحيفة مع المرتبة التي يحتلها في النشر‪ ،‬وتفحص ّ‬ ‫بكل‬ ‫دقة‪ .‬توجد بفرنسا مؤسسة «نظام استجواب اإلدارة وتحليل المنشورات العلمية» تخضع لحسابات‬ ‫هذه الشروط‪ .‬الدكتور «ناتهان بيفير‪-‬سمادجا» وبمؤلف مشترك‪ ،‬وهم يسلطون الضوْ َء على‬ ‫انعدام تدريب محدَّد للنزاهة العلمية‪ ،‬خالل دراسة الطبّ‪.‬ال وجود لتدريب إجباري لطلبة الطبّ في‬ ‫بدايتهم ألولى نشراتهم العلمية‪.‬ا‬ ‫التدريب اإلجباري ال يوجد إال للطلبة الذين هم بصدد اجتياز أطروحة في العلوم‪ .‬لذا فالمؤلفون‬ ‫يوصون بإعداد تعليم النزاهة العلمية‪ ،‬لمختلف االحتياالت في دراسة الطبّ‪ .‬في حالة االحتيال اقترح‬ ‫عميد سابق لكلية الطبّ «إيلي كوكان» (ثالثة نقط على الكاف الثاني)‪ُّ ،‬‬ ‫يحث فيه على التفكير عند‬ ‫ثبوته‪ .‬وقد شارك هوفي إعداد نصّ لموضوع «النزاهة العلمية»‪ ،‬تمَّ اعتمادُهُ من لدن المجلس‬ ‫اإلداري للوحدات الفرنكفونية‪ .‬فال وجود إطالقاً ألي تدريب إجباري للنزاهة العلمية في دراسة الطبّ‪.‬‬ ‫– مسار للتطوير من خالل تساؤل ‪ :‬لماذا ال نقيّم الباحثين أيضاً من خالل الجوْدة في أعمالهم‪،‬‬ ‫عوَضَ عدد المنشورات التي يعلنون عنها ؟ وقد أوْصتْ األكاديمية الفرنسية للعلوم عن ذلك سنة‬ ‫‪2011‬م‪ .‬ها هي ذي منشورات لحلول من اقتراح أطباء شباب داخليين‪ .‬من سخريات أهل االحتياالت‪،‬‬ ‫لشاهد إثبات على دفاعهم عن الدقة العلمية ضدّ المشعودين والمنتحيلين‪.‬‬ ‫– وإذا كان لي أن أذكر شيئاً حول هذه الجائحة‪َّ ،‬‬ ‫فإن الصين تسعى إلى لقاح لها بأي ثمن‬ ‫رغم الفضائح التي شابتها‪ .‬فالصين دأبتْ خيمتها لتقييم محاوالت على اإلنسان بصيغة عسكرية‪،‬‬ ‫وبإجراءات استعجالية وفي «مشوار أمامي» للقاح ضدَّ «كوفيد‪ . »-19‬يجب على المختبرات تجاوز‬ ‫الصورة المشوَّهة للعديد من الفضائح الصحية‪.‬وهي تسعى إلى تحصين السكان بأسرع وقت من‬ ‫أجل الحصول على اعتراف دولي‪ .‬بيجين تعين الشركات وتوَفرُ لهم سالالت فيروسية أوتمكينهم‬ ‫من إعانات مالية بمبالغ سرية‪ .‬أسلوب أعطى أكله اآلن‪ ،‬ومن بين عشرة لقاحات حالياً‪ ،‬في المختبر‬ ‫السريري على البشر في العالم‪ ،‬خمسة منهم صينيون‪ .‬األبحاث االستعجالية قد تشكل تلك الخاصية‬ ‫بأكاديمية العلوم الطبية‪ ،‬التي تتعاون مع الشركة الصيدالنية «كان سينوبيو»‪ .‬المشروع يصاحبه‬ ‫إشعار ودعاية برئاسة لقسم األبحاث‪ ،‬االختصاصية في الوبائيات الجنيرال «شين ويَيْ» ّذي األربع‬ ‫وخمسين عاماً‪ ،‬والتي تظهر على شاشة التلفاز بلباس عسكري وبشكل منتظم‪ .‬بينما المتطوعون‬ ‫للتجارب المخبرية السريرية‪ ،‬لديهم بالفعل دميتهم (التعويض)‪ .‬حسب المنشور الطبي ل «النسيت»‬ ‫وبعد ستة أشهر من ظهور جائحة «ووهان»‪ ،‬النتائج األولية لللقاحات مشجعة‪ .‬وللعمل بشكل أسرع‪،‬‬ ‫الصين ترخص بإجراءات استعجالية‪ .‬وبالتالي يمكن للمختبرات أن ينتهوا إلى مراحل قبل السريرية‬ ‫بالموازاة‪ .‬بينما يتمُّ ذلك عادة األولى تلوَ األخرى‪ .‬هذا أسلوب من شأنه اصطكاك بعض األسنان‬ ‫! وقد تمَّ نقد ذلك من مدير مؤسسة الصيدلة «ديك شينيك» التابعة للجامعة المرموقة «تشين‬ ‫كوا» ب بيجين‪ ،‬على هذه الطريقة الغير التقليدية‪ .‬أفهم َّ‬ ‫أن الناس ينتظرون بفارغ الصبر لقاحاً ل‬ ‫«كوفيد‪ .»-19‬لكن ال يمكن من وجهة النظر العلمية‪ْ ،‬‬ ‫أن نرَخص ألنفسنا شروطاً يندى لها الجبين‪.‬‬ ‫حتى ولوفي حالة الطوارئ‪ .‬وذلك مناشدة من يومية الشعب‪ ،‬صحيفة الحزب الشيوعي‪ .‬حسب‬ ‫«ديك شينك»‪ ،‬مبادرة أخرى مشكوك فيها‪ّ ،‬‬ ‫أن السلطات الصينية رخصتْ بمجموعة من األذونات‬ ‫ل «المرحلة األولى والمرحلة الثانية بما تسمح للباحثين‪ ،‬تدريب المرحلتين دون التحقق من صحة‬ ‫الوسيط بينهما‪ .‬يجب ترك التناطح في المنهج العلمي بل بالتنافس‪ ،‬والعمل بالنزاهة العلمية‪،‬‬ ‫وهي األسلم‪ ،‬وترك التشبيه والتدليس‪ .‬واعتبار المصالح المادية تأتي في الدرجة الثانية بعد حياة‬ ‫اإلنسان‪ .‬منهج الصدق واإلخالص وصفاء السريرة‪ .‬فعظم الجزاء بعظم البالء‪..‬‬

‫الليلة الثامنة عشر من اإلمتاع‬ ‫• محمد العطالتي‬ ‫تعال حتى نجْعل ليلتنا هذه مُجونية‪ ،‬و َ‬ ‫و قال مرة ‪َ :‬‬ ‫بنصيب وافر‪ ،‬فإن الجدَّ قد‬ ‫نأخُذ من الهزْل‬ ‫ٍ‬ ‫ونال من ُقوانا‪ ،‬و َ‬ ‫كدّنا‪َ ،‬‬ ‫مألنا قبْضاً و َكربا ‪ ،‬هاتِ ما عندَك ‪ .‬قلت ‪ :‬قال حسنون المجنون بالكوفة‬ ‫لذاتِ الدنيا ــ فقال ‪ :‬أما أنا َ‬ ‫كل واحدٍ منهم ّ‬ ‫يوما ـــ و قد اجْتمعَ إليه المُجّان يصِفُ ُّ‬ ‫فأصِفُ ما‬ ‫جرّبتُه‪ .‬فقالوا ‪ :‬هات‪ .‬فقال ‪ :‬األمنُ و العافية‪ ،‬وص ْفعُ الصُّ ْلع الزُّرْق‪ ،‬وحكُّ الجَرب‪ ،‬و ْ‬ ‫أك ُل الرُمّان‬ ‫في الصّيف‪ ،‬و الطال ُء في كل شهرين‪ ،‬و ُ‬ ‫إتيان النسا ِء الرُّعْن و الصِّبيان الزُّعْر‪ ،‬و المَشيُ بال‬ ‫َ‬ ‫سراويل بين يدي من ال تحْتشِمُه‪ ،‬و العرْبد ُة على الثقيل‪ ،‬و قِ ّل ُة خِالفِ من تُحبّهُ‪ ،‬و التمرُّسُ‬ ‫بالحمقى‪ ،‬و مُؤاخاة ذوي الوفاء‪ ،‬و ترْكُ مُعاشرَة السّف َلة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فدخل الحمّامَ يوما فقال للقيِّم أين‬ ‫كان محمد بن الحسن الجرجاني مُتقعِّرا في كالمه‪،‬‬ ‫الجُليد ُة التي تُسْلخُ بها الضويْطة من اإلخْفيق؟ قال‪ :‬فصَفعَ القيِّمُ قفاهُ بج ْلدة النّورة و خرج‬ ‫هاربا‪ ،‬فلما خرج من الحمّام وجّهَ إلى صاحب الشُّرطة َ‬ ‫فأخذ القيِّمَ و حبَسَه‪ ،‬فلما كان عشاء‬ ‫ذلك اليوم كتب إليه القيّمُ ر ْق ً‬ ‫عة يقول فيها‪ :‬قد أبْرمني المحْبوسون بالمسْألةِ عن السّبب الذي‬ ‫أطل َقه‪ ،‬و اتّصَل الخبرُ بال َفتْح فحدَّثَ‬ ‫حُ ِبسْتُ له‪ ،‬فإمّا خ ّليْتني و إما عَرّ ْفتُهم‪ ،‬فوجّهَ مَنْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫المُتوكل‪ ،‬فقال‪ :‬ينبغي أن يغْنى هذا القيِّمُ عن الخِدمة في الحمّام‪ .‬و أمَرَ لهُ بمائتي دينار ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ :‬و كان بالبصرة مخنث يجمع و يعْشق بعضَ المَهالبة‪ ،‬فلمْ يَزَل المُخنث ِبهِ حتى‬ ‫أوْ َقعَه‪ ،‬قال ‪ :‬فلقيتُه منْ َغدٍ ف ُقلتُ له‪ :‬كيف كانت و ْقعة الجُ ْفرة عندكم البارحة؟ فقال‪ :‬لما تدانَت‬ ‫األشْخاص‪ ،‬ورقّ الكالم‪ ،‬و ا ْلت ّفتِ السّاقُ بالسّاقْ‪ ،‬و ُل ِّطخَ باطِنُها بالبُزاق‪ ،‬و ُق ِرعَ البيضُ بالذكور‪،‬‬ ‫و جَعَ َلتِ الرّماحُ تَمور؛ صَبَرَ الكريمُ و لم يجْزَعْ‪ ،‬وس ّلمَ طائِعا ف َلمْ يخْدَع‪ .‬ثم انْصَرف القومُ‬ ‫ضَل ُغنْم‪ ،‬وشُفيت الصدور‪َ ،‬‬ ‫وسكنت حرار ُة النفوس‪ ،‬و ماتَ ُّ‬ ‫كل وجْد‪ ،‬و أُصيبَ م ْق ُ‬ ‫تَل‬ ‫على سِ ْلم‪ ،‬بأ ْف ِ‬ ‫َ‬ ‫لِمسْألتي َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫قبْل ذلك‬ ‫اتّصل الحَبْل‪ ،‬و انْع َقد الوصْل‪ .‬قال‪ :‬فلو كان أعَدّ هذا الكالم‬ ‫كل هجْر‪ ،‬و‬ ‫ِبدَهْر َ‬ ‫لكان قدْ أَجادَ‪.‬‬ ‫و قال أبو فرعون الشاشي‪:‬‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وسْط حُجْرتـــــــــي‬ ‫حَل أبو عمْر َة‬ ‫فرعون فاعْ ِرفْ ُكنْيتــــــي‬ ‫أنا أبو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬ ‫أعْشَبَ تنّوري و ق ّلتْ حِنْطتـــــــي‬ ‫حَل نسْجُ العنكبوت بُرْمَتـــي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ضرْطتــــــي‬ ‫و ضَعُ َفتْ منَ الهُزال‬ ‫القمْل زماناً لِحْيتـــــي‬ ‫و حا َلفَ‬ ‫و صار تِبّاني كفافَ خِصْيتـــي أيرُ حِمار في حِر أمِّ عيشَتـــــــــــي‬ ‫و أنشدَ بشر بن هارون في أبي طاهر‪:‬‬ ‫أبا عبد اإلله و أنت حــــــــــــــرٌّ من األحْرار منْزوعُ القِــــــــــــالدة‬ ‫أجَهْ ُلكَ مُستفـــــــــــــادٌ أمْ ِوالدة؟‬ ‫سَألتُكَ باإلله لِتُخْ ِبرنــــــــي‬ ‫فإن يكُ فيك مولودا فعـــــــذرٌ و ْ‬ ‫ْ‬ ‫إن يَكُ حادِثا لك باسْتِفـــــــــادَة‬ ‫و أنت تزيدُ ن ْقصاً بالزَيــــــــــــادَة‪! ‬‬ ‫فواعجباً يزيدُ الناسُ فضْـــــال ‬ ‫ٌ‬ ‫مخنث يُ َل ّقبُ مِشْمشة ــ و كان أميّا ــــ فكتب‬ ‫حكى الصولي‪ :‬حدثنا ميمون بن مهران قال‪ :‬كان معنا‬ ‫ُ‬ ‫صديق لهُ كتابا‪ ،‬فقال المُخنث‪ْ :‬‬ ‫بحضْرتِه ٌ‬ ‫مِشْمشة يَ ْقرأُ عليك السالم‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬ ‫اكتُبْ إليه ‪:‬‬ ‫رجل إلى‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫داخِل‬ ‫شَبَهُ‬ ‫الكتاب‬ ‫في‬ ‫اسمي‬ ‫هيهات‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫اسمُك‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫ني‪.‬‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ــــ‬ ‫عَل‬ ‫ف‬ ‫كان‬ ‫َفع ْلت ـــ و ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫عَجبْنا من جوْدَة تشْبيهه‪.‬‬ ‫األ ُذن‪َ .‬ف ِ‬ ‫رجل مع امرأة إلى القاضي ومعهما ٌ‬ ‫و َقدِم ٌ‬ ‫طفل فقالت ‪ :‬هذا ابنُه‪ .‬فقال الرجل‪ :‬أعزّ اهلل القاضي‪ ،‬ما‬ ‫اتّق َ‬ ‫فإن النبي ُ‬ ‫اهلل ّ‬ ‫يقول‪ :‬الولدُ للفِراش‪ ،‬و للعاه ِر الحَجَر‪ .‬فهذا و أمه على فراشِك‪.‬‬ ‫القاضي‪:‬‬ ‫أعْ ِر ُفهُ‪.‬فقال‬ ‫ِ‬ ‫قال الرجل‪ :‬ما ْ‬ ‫تنايكنا إال في اإلسْت‪ .‬فمِنْ أين لي ولد؟ فقالت المرأة‪ :‬أعزَّ اهلل القاضي‪ُ ،‬قل له ‪ :‬ما رأيت؟‬ ‫الرجل‪ ،‬و َ‬ ‫يُعَرّ ُفه‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫أخَذ ِبيَدِ و َلدِه و انْصرفْ‪.‬‬ ‫فكفّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫سَنَة‪ ،‬ثم رَضي ْ‬ ‫يمْضَغ الع ْلكَ الذي‬ ‫أن‬ ‫الجارية راسَ َلها‬ ‫الرجل فيما مضى إذا عَشِق‬ ‫قال مَزيد‪ :‬كان‬ ‫تمْضغُهُ‪ ،‬ثم إذا تالقيا تحدّثا و تناشَدا األشْعار‪ ،‬فصارَ الرجُل اليومَ إذا عشِقَ الجارية لم ُ‬ ‫يكنْ له همٌّ‬ ‫إال أن يرْ َفع ِرجْلها كأنّهُ أشْهَدَ على ِنكاحها أبا هُريْرة»‬


‫‪19‬‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫تتمة الحوار مع الباحث‬ ‫في تاريخ منطقة الشمال‬ ‫~أين يمكن تصنيف أبحاث أسامة الزكاري‬ ‫داخل مدارس البحث التاريخي؟‬

‫ال أعتقد أن مثل هذا التصنيف سيكون إجرائيا‪ ،‬فالتاريخ ال‬ ‫يمكن أن يكون تدوينا تقنيا أو توثيقيا استنساخيا للوقائع الماضية‬ ‫وفق مناهج مدرسية «حديدية»‪ ،‬بقدر ما أنه صنعة مكتملة األركان‬ ‫قائمة على مبادئ مهيكلة أهمها الزمان والمكان واإلنسان‪،‬‬ ‫ومستندة إلى عدة منهجية واضحة أبرزها التجميع أو التوثيق ثم‬ ‫التفكيك والتحليل فالتركيب‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فعملية التوثيق‬ ‫ال يمكن أن تكون إال حلقة فريدة في عملية بناء المادة التاريخية‬ ‫المستثمرة في الدراسة العلمية‪ .‬ولعل هذا ما انتبه له المؤرخ‬ ‫عبد الرحمن بن خلدون وهو يوضح –في مقدمته الشهيرة‪ -‬على‬ ‫أن التاريخ علم «للنظر» و»للتدقيق»‪ .‬وبما أن األمر كذلك‪ ،‬فقد‬ ‫أضحى مثيرا تطاول كتاب وباحثين من مجاالت علمية مختلفة على‬ ‫هذا الحقل المعرفي‪ ،‬ليس بهدف النهل من نتائج درس التاريخ‪،‬‬ ‫ولكن –أساسا‪ -‬من أجل التحول إلى مؤرخين مفترضين‪ ،‬يؤطرون‬ ‫نقاشات تاريخية ويخوضون في قضايا ماضية ويستخلصون ما‬ ‫يريدون استخالصه من دون أي تسلح بالزاد المنهجي الضروري‬ ‫لهذا المجال‪ .‬لقد كان المؤرخ المغربي الراحل جرمان عياش محقا‬ ‫عندما صرخ في إحدى ندواته العلمية برحاب كلية اآلداب بالرباط‬ ‫نهاية ثمانينيات القرن الماضي صيحته الشهيرة‪« :‬حذار من تاريخ‬ ‫ال يكتبه المؤرخون»‪ .‬كما كان المفكر المغربي عبد اهلل العروي‬ ‫دقيقا وهو يميز في كتابه المؤسس «مفهوم التاريخ» بين ما‬ ‫سماه بوظيفة «األراخ» وبين وظيفة المؤرخ‪ .‬فاألراخ اإلسطوغرافي‬ ‫يظل مهووسا بالتجميع التقني وبالتدوين التحنيطي‪ ،‬منهجيا‬ ‫ومعرفيا‪ ،‬في ظل منطلقات تقليدانية تعيد كتابة النصوص‬ ‫والمدونات المتوارثة وفق رؤى دائرية في تتبع مسار نشأة الدول‬ ‫وتطورها وانهيارها‪ ،...‬تركيزا على الرصد الكرونولوجي الحلقي‬ ‫المتمركز حول سير الحاكمين والنخب وطبقات األعيان ومجمل‬ ‫السلط المتحكمة في المسار العام لتطور الدولة والمجتمع محليا‬ ‫ووطنيا‪ .‬أما «التاريخ اآلخر»‪ ،‬تاريخ الهامش‪ ،‬أو ما يسمى في‬ ‫بعض المدارس الغربية والعالمية بالتاريخ من أسفل أو بالتاريخ‬ ‫المنسي أو بتاريخ الحياة اليومية أو بمدرسة الحوليات أو بمدرسة‬ ‫الميكروتاريخ أو بمدرسة دراسات «التابع»‪ ،‬حيث حياة المجتمع‬ ‫الواقعة في ظل التطورات الكبرى للدولة المركزية‪ ،‬فيظل بعيدا‬ ‫عن مجال التداول‪ ،‬نظرا ألن «األراخ» أو المؤرخ التقليداني يعتبره‬ ‫مجاال ألمور تقع في الهامش وقضايا من إنتاج «العامة»‪ ،‬لذلك فقد‬ ‫أضحى ينظر إليها بتبخيس كبير جعلها بدون أي قيمة تستحق أن‬ ‫تكون موضوعا للبحث وللتأمل ولالشتغال‪.‬‬

‫‪ -‬ما هي صفات المؤرخ الحق حسب تقديركم ؟‬

‫ليست هناك وصفة «إدارية» مرجعية تحدد صفات المؤرخ‪،‬‬ ‫وليست هناك ضوابط «حديدية» لرسم حدود صنعة كتابة التاريخ‪،‬‬ ‫بقدر ما أن ثمة ضوابط إجرائية متعارف عليها تجعل المادة‬ ‫العلمية المحصل عليها‪ ،‬تكتسب قيمة محكمة يمكن االعتماد‬ ‫عليها في الدراسة األكاديمية التخصصية‪ .‬تقوم هذه الضوابط‬ ‫اإلجرائية على اختزال أدوات الدراسة‪ ،‬كل األدوات‪ ،‬في نتائج‬ ‫الطفرات الهائلة التي يعرفها علم التاريخ خالل زماننا الحاضر‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬ال يكون للمؤرخ أي والء إال لصدقية الضوابط‬ ‫النقدية العلمية المشار إليها أعاله‪ ،‬وهي الضوابط التي تشكل‬ ‫ثورة معرفية ومنهجية داخل نسق اشتغال الكتابة الكالسيكية‬ ‫األرسطوغرافية في مستويات متداخلة‪ ،‬أبرزها االبتعاد عن الكتابة‬ ‫النزوعية التي تنتج مادة تحت الطلب لتوظيفها في مجال التدافع‬ ‫السياسي والمجتمعي والثقافي‪ ،‬وتوسيع مفهوم الوثيقة لتشمل‬ ‫الشواهد غير المدونة مثل التراث الرمزي الجماعي والمعتقدات‬ ‫الشعبية واإلبداع الشفاهي والتعبير اإليقوني الفطري‪ ،‬ثم تحديث‬ ‫ذهنيات قراءة النصوص التاريخية عبر إخضاعها ألدوات النقد‬ ‫الداخلي والنقد الخارجي المتالزمين بشكل عضوي في أي قراءة‬ ‫للنصوص وللوثائق‪ ،‬واالبتعاد عن تقديس األموات للتخلص‬ ‫من سلطهم الرمزية التي تستغلها النخب الكتساب الشرعيات‬ ‫أو لتبرير اإلخفاقات أو الختالق الزعامات‪ .‬وقبل كل ذلك‪ ،‬أضحى‬ ‫علم التاريخ منفتحا على نتائج العلوم األخرى وعلى عطاء األعمال‬ ‫اإلبداعية المدونة والشفاهية والتجسيدية على اختالف أنواعها‬ ‫وعلى تعدد مصادرها‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬بدأنا نسمع حديثا عن‬ ‫تاريخ السحر أو عن نظيمة األحالم أو عن بنية الفقر أو عن قضايا‬ ‫الجنس‪ ...‬إلى غير ذلك من االهتمامات التي لم تكن لتخطر –‬ ‫إطالقا‪ -‬في ذهن «األراخ» التقليداني المهووس بالوقائع الحدثية‬ ‫وبسير الملوك واألمراء والنخب والسلط المتحكمة في الدولة‬ ‫والمجتمع‪ .‬ونتيجة لهذه الطفرة المنهجية والمعرفية‪ ،‬أضحى علم‬ ‫التاريخ أكثر التحاما مع مجال العلوم الحقة أو الدقيقة‪ ،‬من دون أن‬ ‫يفقد هويته المميزة كأحد روافد العلوم اإلنسانية الرحبة‪.‬‬

‫~وماذا عن إشكاالت المادة الوثائقية ودورها‬ ‫االرتكازي في البحث وفي التنقيب؟‬ ‫نتحدث عن الوثيقة في مستوى أول‪ ،‬ثم نتحدث عن قراءة‬ ‫الوثيقة في مستوى ثان‪ .‬فوجود الوثيقة‪ ،‬أو الشاهدة‪ ،‬ال يمكن‬ ‫اعتباره –بأي حال من األحوال– دليال على صدقية النتائج المحصل‬ ‫عليها‪ .‬فالمؤكد أن ما يصنع قوة الوثيقة‪ ،‬يظل أمرا مرتبطا بأدوات‬ ‫الباحث وبعدته المنهجية في قراءة الوثيقة وفي تفكيك مضامينها‬

‫وفي مقارنة سياقاتها وفي إبراز تناقضاتها أو عناصر انسجامها‪.‬‬ ‫ولعل من األخطاء المسترسلة للعديد من الكتابات المنفتحة على‬ ‫حقل التاريخ‪ ،‬وخاصة اإلعالمية منها‪ ،‬اكتفاؤها بالتركيز على النص‬ ‫وعلى نقل مضامينه‪ ،‬معتقدة أن مجرد الوقوف على وثيقة ما‪،‬‬ ‫يمكن أن يشكل عنصرا داعما للموقف وللرأي‪ ،‬واألمثلة على ذلك‬ ‫دالة وكثيرة في واقعنا اليومي‪ .‬األمر ليس كذلك على اإلطالق‬ ‫من زاوية البحث التاريخي المتخصص الذي يسائل التفاصيل‬ ‫ويبحث في البياضات ويستنطق المسكوت عنه‪ .‬وعلى أساس ذلك‪،‬‬ ‫يمكن أن يقدم المؤرخ خالصاته التي تبقى أسئلة متجددة وال‬ ‫متناهية‪ ،‬بتجدد المواد المصدرية أو الوثائقية الداعمة‪/‬أو المفندة‬ ‫للمضامين وللسياقات‪ .‬لكل ذلك‪ ،‬يبدو أن وظيفة التوثيق هي‬ ‫أعقد مما يعتقده الكثير ممن يستعمل هذا المصطلح في سياق‬ ‫االستهالك اإلعالمي التحنيطي‪.‬‬

‫~يجرنا ذلك للحديث عن انشغاالتكم بالبحث‬ ‫في تاريخ منطقة الشمال‪ .‬كيف تقرؤون رصيد‬ ‫منجزكم؟‬

‫ال شك أن قراءة هذا الرصيد تجرنا –بالضرورة‪ -‬إلى استحضار‬ ‫ظاهرة تعاقب األجيال في الكتابة عن تاريخ المنطقة‪ .‬فاألمر يتعلق‬ ‫بسلسلة غير منقطعة الحلقات من األعمال المؤسسة التي وضعت‬ ‫بذرة دوحة العطاء العلمي الخاص بهذا المجال‪ .‬ال أتحدث عن‬ ‫الكتابات العامة التي تناولت قضايا المنطقة داخل االهتمامات‬ ‫الوطنية الواسعة‪ ،‬ولكن بأعمال تأصيلية اتخذت من مجاالت‬ ‫منطقة الشمال‪ ،‬ومن سير أعالمها‪ ،‬ومن ثراء ثرواتها المكانية‪،‬‬ ‫ومن غنى تراثها الرمزي‪ ،‬أفقا مشرعا أمام البحث المونوغرافي‬ ‫والتنقيب التشريحي والسؤال التفكيكي‪ .‬أسوق هذا التحديد‬ ‫اإلجرائي‪ ،‬وأنا أستحضر كتابات الرواد المؤسسين‪ ،‬من أمثال الفقيه‬ ‫اسكيرج صاحب كتاب «رياض البهجة في أخبار طنجة»‪ ،‬والفقيه‬ ‫الرهوني صاحب كتاب «عمدة الراوين في تاريخ تطاون»‪ ،‬والفقيه‬ ‫محمد داود صاحب كتاب «تاريخ تطوان»‪ ،‬والعالمة عبد اهلل كنون‬ ‫صاحب كتاب «النبوغ المغربي»‪ ،‬والمفكر الصوفي الشيخ التهامي‬ ‫الوزاني صاحب كتاب «الزاوية»‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬ومنذ منتصف ستينيات‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬تعزز المجال بصعود أسماء الجيل الموالي الذي‬ ‫حمل لواء تطوير الكتابة التاريخية بمنطقة الشمال‪ ،‬زاده في ذلك‪،‬‬ ‫تكوين أكاديمي متين‪ ،‬وسنده في البحث استغالل مكين لذخائر‬ ‫األرشيفات الوطنية والدولية‪ ،‬وسالحه في العمل انفتاح على تطور‬ ‫مجاالت البحث التاريخي ومناهجه العلمية حسب ما أنتجته أرقى‬ ‫التجارب العالمية المتنوعة‪ .‬وبفضل جهود هذا الرعيل‪ ،‬أمكن‬ ‫الحديث عن إعادة مقاربة القضايا الكبرى لمنطقة الشمال‪ ،‬في‬ ‫مختلف الحقب التاريخية‪ ،‬القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة‬ ‫والراهنة‪ .‬أستشهد في هذا الباب‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪،‬‬ ‫بأعمال محمد األمين البزاز‪ ،‬وعبد العزيز خلوق التمسماني‪ ،‬ومحمد‬ ‫ابن عزوز حكيم‪ ،‬وامحمد بن عبود‪ ،‬وعبد المجيد بنجلون‪ ،‬ومحمد‬ ‫الشريف‪ ،‬ومصطفى غطيس‪ ،‬ومحمد خرشيش‪ ،‬وعبد الحفيظ‬ ‫حمان‪ ،‬ومحمد مغراوي‪ ،‬وعبد اهلل المرابط الترغي‪ ...،‬واستمر‬ ‫تدفق نهر التطور والعطاء وإنضاج تجارب البحث األكاديمي مع‬ ‫التحاق متوال لخريجي الجامعات المغربية الراهنة وتعزيزهم‬ ‫لهذا المسار‪ ،‬مثلما هو الحال مع تجارب األساتذة رشيد العفاقي‪،‬‬ ‫ومصطفى المرون‪ ،‬وخالد طحطح‪ ،‬وأنس الفياللي‪ ،‬وسعيد الحاجي‪،‬‬ ‫وعمر أشهبار‪...،‬‬ ‫ولعل من األمور المثيرة بالنسبة للمنطقة‪ ،‬ذاك الجمع‬ ‫الفريد بين العطاء األكاديمي من جهة‪ ،‬وبين تطوير سوق النشر‬ ‫اإلعالمي المتخصص‪ ،‬بشكل قد ال نجد مثيال له في باقي جهات‬ ‫المغرب‪ ،‬مثلما هو الحال مع «مجلة دار النيابة» التي كان يصدرها‬ ‫المرحومان عبد العزيز خلوق التمسماني ومحمد األمين البزاز‪،‬‬ ‫ومجلة «الطنجيون» التي كان يصدرها المرحوم عبد العزيز خلوق‬ ‫التمسماني‪ ،‬ومجلة «الوثائق الوطنية» ومجلة «الجيوب المغربية‬ ‫السليبة» وجريدة «الحياة» وجريدة «الريف»‪ ...‬التي كان يصدرها‬ ‫المرحوم محمد ابن عزوز حكيم‪ .‬والزال األمر متواصال بصدور‬

‫دوريات متخصصة‪ ،‬ومحكمة‪ ،‬مختصة في قضايا التراث الحضاري‬ ‫لمنطقة الشمال‪ ،‬مثلما هو الحال مع مجلة «الزقاق» التي يشرف‬ ‫عليها األستاذ رشيد العفاقي‪ ،‬ومجلة «سيميائيات» التي يشرف‬ ‫عليها األستاذ نزار التجديتي‪ ،‬و»مجلة الذاكرة» التي يصدرها مركز‬ ‫الريف للتراث والدراسات واألبحاث بالناظور‪...،‬‬ ‫وأضيف إلى ذلك‪ ،‬أن البحث التاريخي بمنطقة الشمال‪،‬‬ ‫ ‬ ‫عرف انفتاحا على العمل الجمعوي وعلى استثمار ممكناته الكفيلة‬ ‫بإسناد درس التاريخ داخل الجامعة وتوفير الحضن المالئم لالنتشار‬ ‫ولتحقيق التواصل الضروري مع الوسط الحي والمتغير للمجتمع‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬برزت الكثير من المؤسسات والجمعيات المحلية‬ ‫التي أصبح لها دور مركزي في تعميم تداول المعرفة التاريخية‪،‬‬ ‫نشرا وتدوينا واحتفاءا‪ ،‬مثلما هو الحال –على سبيل المثال ال‬ ‫الحصر‪ -‬مع جمعية تطاون أسمير ومؤسسة امحمد أحمد بن عبود‬ ‫ومؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة بمدينة تطوان‪ ،‬وجمعية‬ ‫ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي بأصيال‪ ،‬وجمعية ذاكرة‬ ‫الريف بالحسيمة‪ ،‬وجمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر‬ ‫الكبير‪ ...،‬كما برزت العديد من األسماء التي أضحت تكتسي صيتا‬ ‫وطنيا‪ ،‬وأحيانا دوليا‪ ،‬بفضل هذا العمل الراشد والمؤسس‪ ،‬من‬ ‫أمثال األساتذة محمد أخريف ومحمد العربي العسري ومصطفى‬ ‫الطريبق وعبد السالم القيسي ومحمد بنخليفة بمدينة القصر‬ ‫الكبير‪ ،‬وامحمد بن عبود وعبد العزيز السعود وإسماعيل شارية‬ ‫بمدينة تطوان‪ ،‬وعمر لمعلم وفؤاد الغلبزوري بمدينة الحسيمة‪،‬‬ ‫ومصطفى زيان ومصطفى المهماه بمدينة أصيال‪ ،‬وعزيز قنجاع‬ ‫بمدينة العرائش‪...،‬‬ ‫ولعل من حسنات تزايد الوعي المدني والمؤسساتي‬ ‫ ‬ ‫بقيمة االهتمام باإلرث التاريخي لمنطقة الشمال في أفق جعله‬ ‫قاعدة لتحقيق التنمية الثقافية المنشودة‪ ،‬تواتر صدور اإلصدارات‬ ‫الثقافية والمتخصصة ذات الصلة بهذا المجال‪ ،‬إلى جانب تزايد‬ ‫الوعي بضرورة تأهيل الفضاءات التاريخية للمدن العتيقة‪ ،‬حفاظا‬ ‫عليها من عوادي اإلنسان والزمن‪ .‬وأستحضر –في هذا اإلطار‪-‬‬ ‫المشروع الهام الذي اشتغل عليه األستاذ امحمد بن عبود لمدة‬ ‫زمنية طويلة داخل جمعية تطاون أسمير‪ ،‬متخذا أبعادا تراثية‬ ‫معمارية متعددة وشواهد رمزية غنية‪ ،‬أهمها‪ ،‬إعادة ترتيب المواقع‬ ‫األثرية للمدينة العتيقة لتطوان‪ ،‬وتصنيفها‪ ،‬لدى اليونسكو‪،‬‬ ‫تراثا ثقافيا عالميا‪ ،‬وإعادة تهيئة مقابر المدينة العتيقة‪ ،‬وإصدار‬ ‫أقراص مدمجة حول المواقع األثرية لمدينتي تطوان وشفشاون‪.‬‬ ‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬أستحضر كذلك عمليات الترميم الشاملة التي‬ ‫خضعت لها األسوار والقالع البرتغالية بمدينة أصيال‪ ،‬وهي العملية‬ ‫التي أشرفت عليها «مؤسسة منتدى أصيلة» بدعم من شركاء‬ ‫برتغاليين‪ ،‬وعلى رأسهم مؤسسة كالوست كولنبكيان المتخصصة‬ ‫في صيانة التراث العمراني البرتغالي الموجود خارج حدود دولة‬ ‫البرتغال‪ ،‬أي الموجود بالمناطق التي سبق وأن خضعت لالحتالل‬ ‫البرتغالي‪ ،‬مثل البرازيل وأنغوال والمدن الساحلية األطلنتية‬ ‫المغربية‪ .‬وأستحضر في نفس السياق‪ ،‬العمل التنقيبي الهام‬ ‫الذي قام به األستاذ محمد أخريف عند اكتشافه لمطفية الجامع‬ ‫الكبير بالقصر الكبير‪ .‬وإذا أضفنا تزايد عدد البعثات األركيولوجية‪،‬‬ ‫المغربية والدولية‪ ،‬المشتغلة في العديد من المواقع األثرية‬ ‫القديمة والوسيطية‪ ،‬إلى جانب إصدار المعهد الوطني لعلوم‬ ‫اآلثار والتراث بالرباط ألول خريطة أركيولوجية لمنطقة الشمال‪،‬‬ ‫أمكن القول إن األمر يتعلق –في نهاية المطاف‪ -‬بوعي حضاري‬ ‫متزايد‪ ،‬البد وأن يعيد تثمين عطاء درس التاريخ وربطه بانتظاراتنا‬ ‫الجماعية في تحقيق التنمية الثقافية المؤجلة‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن ترسخ هذا الوعي ارتبط باإلشعاع‬ ‫الذي أضحى لشعبة التاريخ داخل كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بتطوان‪ ،‬وبمبادراتها العلمية الرفيعة التي اتخذت شكل إصدارات‬ ‫متخصصة ولقاءات وندوات وأيام دراسية وأطاريح جامعية‬ ‫مسترسلة فتحت الباب مشرعا أمام جيل جديد من الباحثين‬ ‫الشباب لالنخراط في مشاريع كتابة تاريخ المنطقة وفي تثمين‬ ‫قيمها الحضارية الكبرى‪...‬‬ ‫(تتمة الحوار في العدد القادم)‬


‫‪20‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫العدد ‪ n 1051‬ال�سبت ‪ 26 - 20‬يونيو ‪2020‬‬

‫ال�شمـال‬

‫األخيرة في حوار مع الباحث‬ ‫في تاريخ منطقة الشمال‬

‫‪www. Achamal.ma‬‬

‫‪Journal Achamal 2000‬‬

‫األستاذ أسامة الزكاري‪..‬‬ ‫درس التاريخ‪ ..‬مناهج ورؤى‬ ‫وقضايا‪ ،‬وتراكمات البحث‬ ‫في ماضي‬ ‫منطقة الشمال‬

‫حاوره ‪ :‬عبد اإلله المويسي‬

‫~األستاذ أسامة الزكاري‪ ،‬مرحبا بكم ضيفا على‬ ‫قراء جريدة «الشمال»‪ ،‬في حوار نريده أن يكون‬ ‫مفتوحا على مجمل اهتماماتكم الثقافية‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬أود أن أتوجه إليكم صديقي الكاتب والمبدع عبد اإلله‬ ‫المويسي‪ ،‬بتشكراتي الصادقة وبامتناني الكبير‪ ،‬على مبادرتكم بإعداد‬ ‫هذا الحوار مع شخصي المتواضع‪ .‬وهي مناسبة أستغلها ألشد على‬ ‫أيديكم بحرارة‪ ،‬منوها بالطاقة الجديدة وبالنفس الفعال الذي أضفتموه‬ ‫لجريدة «الشمال»‪ ،‬بعد تحملكم مسؤولية رئاسة هيئة تحريرها‪ ،‬ففي‬ ‫ذلك تجسيد لحلمنا الجماعي في ضمان استمرار جذوة جريدة «الشمال»‬ ‫متقدة‪ ،‬مؤثرة‪ ،‬وراقية‪ ،‬داخل وسط موبوء يحمل في طياته كل عوامل‬ ‫اإلحباط والتيئيس والتبخيس‪.‬‬

‫الشمال‪ ،‬كما تالقحت تاريخيا‪ ،‬واغتنت معرفيا‪ ،‬وتبلورت في شكل مشاريع‬ ‫ثقافية وفكرية مجددة‪.‬‬ ‫والحقيقة‪ ،‬أني أدين للمرحوم خالد مشبال بالشيء الكثير‪ ،‬فمنه‬ ‫تعلمت معنى اإلخالص في حب القضايا التي نؤمن بها‪ ،‬ومعنى الوفاء‬ ‫في الكتابة‪ ،‬ومعنى الصدق في التقصي‪ ،‬وقبل كل ذلك‪ ،‬معنى احترام‬ ‫المتلقي في كل ما نكتب وفي كل ما ننتج وما ننشر‪ .‬لذلك‪ ،‬فخالد‬ ‫مشبال يظل مدرس إعالمية رائدة‪ ،‬جمعت بين االحترافية العالية من‬ ‫جهة أولى‪ ،‬وبين األخالق السامية من جهة ثانية‪ ،‬وبين الولع بعشق‬ ‫منطقة الشمال باعتبارها قضيته المركزية في الوجود من جهة رابعة‪.‬‬ ‫التقت إرادته مع إرادة رفيقه عبد الحق بخات‪ ،‬باستثمار شبكة هائلة من‬ ‫العالقات اإلنسانية ومن الصداقات الحميمية ومن الثقة المتبادلة ومن‬ ‫المصداقية غير المتنازع حولها‪ ،‬لتثمر هذه الدوحة السامقة المسماة‬

‫~نبدأ بسؤال تقليدي‪ ،‬أريد من خالله أن أضع‬ ‫القارئ أمام أسامة الزكاري‪ .‬وهذا المطلب هو في‬ ‫الحقيقة ضروري لوضع القارئ ضمن سياقات هذا‬ ‫الحوار على امتداد خريطة جمهور التلقي العربي‬ ‫واإلنساني الذي يتابعنا‪.‬‬

‫أشير إلى أنني من مواليد سنة ‪ 1966‬بمدينة أصيال‪ ،‬حيث تلقيت‬ ‫تعليمي االبتدائي والثانوي‪ ،‬قبل أن ألتحق بجامعتي تطوان ثم الرباط‬ ‫لمتابعة التكوين الجامعي‪ .‬وأعتقد أن سيرتي الشخصية ال تحمل‬ ‫عناصر االختالف أو التميز عن ما كان سائدا بالنسبة لجيل نهاية‬ ‫سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬خاصة على مستوى‬ ‫شروط التكوين الموازي داخل اإلطارات الجمعوية والحزبية‪ ،‬في‬ ‫مرحلة تاريخية كانت تعرف تصاعد الخطاب اليساري وامتداداته على‬ ‫مختلف مجاالت الفعل السياسي والنقابي والثقافي‪ .‬هي مرحلة المد‬ ‫االشتراكي التي صنعت الكثير من التجارب الفكرية والثقافية‪ ،‬وطنيا‬ ‫وعالميا‪ ،‬وجعلتها تتحول إلى إطار مرجعي ناظم في مجمل عناصر‬ ‫بناء شخصيتنا الثقافية‪ .‬وبموازاة تصاعد المد االشتراكي وسطوته‬ ‫اإلعالمية والتواصلية الواسعة للمرحلة المذكورة‪ ،‬تفاعلنا بشكل كبير‬ ‫–كذلك– مع تصاعد الخطابات القومية التي كانت تهب رياحها من‬ ‫المشرق العربي تحت تسميات متعددة وبحموالت إيديولوجية شتى‪،‬‬ ‫جعلت من القضية الفلسطينية محورها المركزي في التنظير لواقع‬ ‫«األمة العربية» وفي خلق استيهاماتها وتمثالتها الطوباوية لواقع‬ ‫الحال وآلفاق المآل‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن نرجسية الخطاب ودوغمائية‬ ‫الموقف في ظل سطوة التيارات االشتراكية والقومية‪ ،‬جعلتني أنخرط‬ ‫–كما هو حال الغالبية الساحقة من أبناء الجيل الذي أنتمي إليه– في‬ ‫مغامرة «تغيير العالم» انطالقا من قناعات استنساخية وسريعة‪ ،‬كان‬ ‫البد أن نعود لمراجعتها ولمساءلتها خالل المراحل الموالية‪ ،‬وإلى حدود‬ ‫المرحلة الراهنة‪.‬‬

‫~واكبتم تجربة جريدة «الشمال» منذ بدايتها‪.‬‬ ‫كيف تقرؤون الحصيلة؟‬ ‫لقد كان لي شرف مواكبة تجربة جريدة «الشمال» منذ صدور أول‬ ‫عدد منها يوم ‪ 15‬نوفمبر من سنة ‪ ،1999‬كمنبر مبادر‪ ،‬اعتبره المتابعون‬ ‫واإلعالميون أول جريدة جهوية بمعناها االحترافي الخالص‪ .‬وال شك أن‬ ‫الفضل في صناعة تميز الجريدة‪ ،‬وفي ريادتها للتأصيل لقضايا منطقة‬ ‫الشمال‪ ،‬تاريخيا وثقافيا وسياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا‪،‬‬ ‫يعود إلى مهندس الفكرة‪ ،‬ومنفذ المشروع‪ ،‬وصانع توهج المبدأ‪ ،‬المرحوم‬ ‫خالد مشبال‪ .‬لقد استطاع األستاذ مشبال تحقيق حلم طال تأجيله‪ ،‬عندما‬ ‫نجح في استقطاب نخبة من كتاب منطقة الشمال ومن مبدعيها ومن‬ ‫مؤرخيها ومن فنانيها ومن مثقفيها‪ ،‬ليجعلوا من الجريدة منتدى مفتوحا‬ ‫على قضايا الفكر والحوار الكفيلة بالتأصيل للهوية الثقافية لمنطقة‬

‫جريدة «الشمال»‪ ،‬خيمتنا الجماعية في االرتقاء بالجهة وفي االحتفاء‬ ‫بذاكرتها وفي تعزيز مكانتها‪.‬‬ ‫لقد أتاحت لي الكتابة في الجريدة في كل أعدادها منذ سنة ‪1999‬‬ ‫إلى يومنا هذا‪ ،‬فرصا ثمينة للتعرف على أسماء وازنة من األقالم التي‬ ‫صنعت تميز الجريدة داخل بهاء الحقل المعرفي والثقافي واإلعالمي‬ ‫للشمال‪ ،‬من أمثال خالد مشبال‪ ،‬وأمينة السوسي‪ ،‬ومحمد ابن عزوز‬ ‫حكيم‪ ،‬وعبد الصمد العشاب‪ ،‬ومحمد العياشي الحمدوني‪ ،‬وعبد العزيز‬ ‫التمسماني خلوق‪ ،‬وعبد القادر الرزيني‪ ،‬ورضوان احدادو‪ ،‬ومحمد الحبيب‬ ‫الخراز‪ ،‬ومصطفى المرون‪ ،‬وعبد اللطيف شهبون‪ ،‬وزبيدة الورياغلي‪،‬‬ ‫والبشير المسري‪ ،‬ومحمد العربي المساري‪ ،‬وأحمد إحدوثن‪ ،‬وعمر أجانا‪،‬‬ ‫وعبد اهلل المرابط الترغي‪ ،‬وخالد سليكي‪ ،‬ورشيد العفاقي‪ ،‬وإدريس‬ ‫علوش‪ ،‬وبوزيد بوعبيد‪ ،‬وأحمد بن يسف‪ ،‬وهدى المجاطي‪ ،‬وأبو الخير‬ ‫الناصري‪ ،‬ونبوية العشاب‪ ،‬ومحمد أبو الوفاء‪ ،‬وعبد الرحيم الجباري‪...،‬‬ ‫والالئحة طويلة‪.‬‬ ‫أسماء على أسماء‪ ،‬وتجارب على تجارب‪ ،‬ومبادرات على مبادرات‪،‬‬

‫احتضنتها جريدة «الشمال»‪ ،‬بعد أن جعلت منها منبرا مفتوحا أمام تلقيح‬ ‫اإلسهامات‪ ،‬وتجديد الصلة بالتراث اإلبداعي الخالد لمنطقة الشمال‬ ‫في مجال النشر الراشد‪ ،‬وفي مجال سوق تلقي المعرفة والفكر والفن‬ ‫والثقافة والتوجيه السياسي النزيه‪ ،‬في ما يمكن أن أصفه باالمتداد‬ ‫األصيل لعمل جرائد مرحلة االستعمار ومجالتها الصادرة بالمنطقة‬ ‫الخليفية‪ ،‬مثل جرائد «الحرية» و»األخبار» و»الريف» ومجلة «المعتمد»‬ ‫ومجلة «األنيس»‪ ...‬ففي ظل حالة التردي في مشاريع العمل اإلعالمي‬ ‫الجهوي‪ ،‬ظل صوت جريدة «الشمال» صادحا بالتميز‪ ،‬وبالعطاء‪ ،‬وبالقدرة‬ ‫على ضمان االستمرارية الناجعة في تنظيم االشتغال على مكونات‬ ‫الهوية الثقافية لمنطقة الشمال‪ ،‬بجناحيها الرئيسيين‪ ،‬منطقة جبالة‬ ‫ومنطقة الريف‪.‬‬

‫~من المعروف أن األستاذ أسامة الزكاري من أهم‬ ‫الباحثين المهتمين بحقل الذاكرة الوطنية‪ ،‬حيث‬ ‫أصدرتم عدة أعمال بهذا الخصوص‪ .‬في نظركم‪ ،‬ما‬ ‫هي حدود العالقة بين التاريخ والذاكرة؟‬

‫بطبيعة الحال‪« ،‬فدرس التاريخ» الراهن‪ ،‬أضحى يكتسي الكثير‬ ‫من عناصر التجديد والجرأة على طرح األسئلة المغيبة من بين متون‬ ‫الكتابات واإلسطوغرافيات التقليدية‪ ،‬وكذلك المجددة‪ .‬وكما تعرفون‪،‬‬ ‫فعلم التاريخ عرف تطورات منهجية هائلة‪ ،‬جعلت البعض ينحو إلى‬ ‫تصنيفه في مرتبة أعلى من العلوم اإلنسانية‪ ،‬وقريبا من سقف‬ ‫اشتغال العلوم الحقة‪ .‬وداخل هذا المنحى‪ ،‬كان البد أن يكتسب مجال‬ ‫الدراسة حسا نقديا مؤسسا‪ ،‬يسائل الشواهد‪ ،‬ويفكك المتون‪ ،‬ويعيد‬ ‫تركيب الوقائع على أساس الرؤى التشريحية الفاحصة التي ال تطمئن‬ ‫لليقينيات‪ ،‬في مقابل تقديسها لقيمة السؤال ولفضيلة الشك‪ ،‬وهما‬ ‫من العناصر التي ينهض عليها النقد التاريخي المعاصر‪ ،‬سواء على‬ ‫مستوى طرق تجميع مواد الدراسة‪ ،‬أم على مستوى تصنيفها وتحليلها‬ ‫وتشريحها وتفكيك بناها‪ ،‬ثم إعادة تركيب خالصاتها ونتائجها‪ .‬وهي‬ ‫الخالصات والنتائج التي تبقى –دائما– مفتوحة على رحابة السؤال‬ ‫وعلى أدوات النقد التاريخي‪ ،‬الداخلي والخارجي‪ ،‬كما هو معروف‬ ‫ومتداول لدى الباحثين والمتخصصين‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬أصبح الباحثون المتخصصون في ما يعرف اليوم‬ ‫بتاريخ الزمن الراهن‪ ،‬يميزون بين الذاكرة الجماعية من جهة أولى‪،‬‬ ‫ثم بين الذاكرة التاريخية من جهة ثانية‪ .‬فالذاكرة الجماعية تنهض‬ ‫على مجموع التراكمات والمرويات وأنساق التعبير الجماعية التي‬ ‫يحققها المجتمع في سياق تطوراته التاريخية الطويلة المدى‪ ،‬حسب‬ ‫التفسير الذي يقدمه المؤرخ الفرنسي فرنان بروديل‪ .‬هي ذاكرة تجمع‬ ‫«كل شيء» وتقول «كل شيء»‪ ،‬تستجيب لنهم العاطفة والنزياحات‬ ‫الذات نحو تحقيق عوالمها النرجسية ونحو «الدفن الرمزي» ألعطابها‬ ‫المزمنة على مستوى الفكر والممارسة‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الذاكرة الجماعية‬ ‫تحمل كل عناصر التمايز والتنافر والتناقض‪ ،‬بفعل تحررها من صرامة‬ ‫التعاطي العلمي‪ ،‬وبحكم نزوعها نحو االحتفاء بزعاماتها وببطوالتها‬ ‫وبفتوحاتها‪ ،‬داخل سياقات وظيفية تنتج ركاما من التعبيرات الجماعية‬ ‫غير المتجانسة حول الواقع والتاريخ والوجود‪ .‬ولعل في سيل المذكرات‬ ‫الشخصية التي تصدر هنا وهناك‪ ،‬خير تأكيد على آفاق هذا النمط من‬ ‫الكتابة على قاعدة استثمار عناصر الذاكرة الجماعية‪ ،‬بأنساقها الثقافية‬ ‫والرمزية المجردة‪ ،‬وبتعبيراتها السلوكية والمادية المباشرة‪.‬‬ ‫أما الذاكرة التاريخية‪ ،‬فهي استقراء تشريحي لمضامين الذاكرة‬ ‫الجماعية‪ ،‬وفق رؤى تفكيكية علمية‪ ،‬تسعى إلى مساءلة المضامين‬ ‫من زاوية القراءة النقدية التي حددنا أهم معالمها أعاله‪ .‬فهي ال‬ ‫تقبل باليوطوبيات وال باالستيهامات الشوفينية وال باألحالم العاطفية‬ ‫النرجسية‪ ،‬بقدر ما أنها تعيد تقييم الوقائع والسياقات واالمتدادات من‬ ‫زاوية النقد التاريخي المخلص ألدواته ولمناهجه وآلفاقه‪ ،‬أوال وأخيرا‪.‬‬ ‫تتمة الحوار (ص ‪)19‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.