Achamal n° 1049 le 06 Juin 2020

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬ ‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1049‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ ال�سبت ‪� 14‬شوال ‪ 6 / 1441‬يونيــو ‪2020‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫خاص‬

‫املجاهد الراحل عبد الرحمان اليو�سفي‬

‫�أحداث جهة طنجة تطوان احل�سيمة‬

‫الصفحات ‪14 - 13 - 12 - 11 - 10 - 9‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫حب محفوف‬ ‫بالسياسة‬

‫من احلجر مع عثمان جناري‬ ‫مدير األخبار بـ «ميدي ‪ 1‬تيفي»‬

‫امللحـقالقانونـيالأ�سبوعـي‬ ‫ربيع حقوقي بنكهة أمريكية‬

‫جريدة ال�شمال تنقل �أجواء �إيطاليا وفرن�سا و�أمريكا بعد رفع احلجر‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬

‫‪2‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫«ماري هيلني»‬ ‫حب حمفوف بال�سيا�سة‬

‫عبد الرحمان اليو�سفي‬ ‫ال�سيا�سي املغربي العمالق‬ ‫و�صاحب اليدين‬ ‫النظيفتني‬ ‫دون منازع‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫• محمد إمغران‬

‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫ضمن األنشطة المدرسية لسنة ما‪ ،‬كان من المفترض أن يلعب‬ ‫التلميذ عبدالرحمان اليوسفي دور نادل في مسرحية تالميذية‪ ،‬وكان‬ ‫عليه طبعا أن يهيئ ما يحتاجه الدور من أكسسوارات تمثيلية‪ .‬وهكذا‬ ‫سيقوده أمر البحث عن بذلة بيضاء يؤدي بها دوره إلى خياط يوناني‬ ‫كان قد حل حديثا بالمدينة قادما إليها من فرنسا‪ ..‬ولم يكن هذا‬ ‫الخياط غير والد هيلين‪.‬‬ ‫لم يكن عبدالرحمان اليوسفي وقتها يتوقع أن الحياة تهيئه لدور‬ ‫أكبر من دور نادل سيصبح إثره رجال وطنيا ذا صيت عالمي كسياسي‬ ‫بارز‪.‬‬ ‫في هذه الظروف‪ ،‬حيث كان يبحث عن إكسسوارات تمثيلية‪،‬‬ ‫ستقوده الحياة إلى التعرف على رفيقة درب التي ستقاسمه أدوار‬ ‫مشواره السياسي الذي جرى على أرض الواقع وليس على خشبة‬ ‫المسرح‪ .‬إنها «ماري هيلين»‪ .‬حدث كل هذا عام ‪.1947‬‬ ‫بعد فترة ستجمع صدفة أخرى عبدالرحمان اليوسفي بهلين حين‬ ‫دعاه الحاج أحمد بناني تاجر األثواب بالجملة بالدار البيضاء لتناول‬ ‫العشاء معه‪ ،‬وهنا سيفاجأ بوجود هيلين وعائلتها ضمن ضيوف‬ ‫الحفل‪ .‬وكانت مناسبة للتعرف عليها‪ ،‬وهناك بدأت القصة‪.‬‬ ‫من أين تنحدر «ماري هيلين»؟‬ ‫وفق ما جاء في مذكرات عبدالرحمان اليوسفي نفسه‪“ ،‬أحاديث‬ ‫فيما جرى”‪ ،‬فإن جد هيلين‪ ،‬كان يتاجر في البواخر بين تركيا وروسيا‪،‬‬ ‫و اشتداد تطاحنات الحرب العالمية األولى‪ ،‬سيضطر الجد للرحيل‬ ‫خارج أرضه بعدما احتلها األتراك‪ ،‬وتم تخييره وباقي اليونايين‬ ‫األرتودوكس‪ ،‬بين التخلي عن ديانتهم حماية لثروتهم أو الرحيل‪،‬‬ ‫فتوجه جدها إلى فرنسا وهناك التقى ابنه بفتاة بمدينة ليون فتزوجا‪،‬‬ ‫ورزقا بابنة اختارا لها من األسماء “هيلين”‪.‬‬ ‫مرحلة خطوبة اليوسفي وهيلين ستطول‪ ،‬بل وسيتم تأجيلها‬ ‫أكثر من مرة‪ ،‬وذلك ألسباب سياسية محضة امتدت من االعتقال‬ ‫األول عام ‪ 1959‬إلى الثاني عام ‪.1963‬‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫محمد �إمغران‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫في باريس عام ‪ ،1968‬وبعد ‪ 21‬سنة على التعارف‪ ،‬ستؤول‬ ‫العالقة أخيرا إلى الزواج ‪ ،‬وسيبدئان معا مشوارا مختلفا يقول‬ ‫اليوسفي بلسانه‪“ :‬إنها استمرت‪ ،‬ألن هيلين ضحت بالكثير واختارت‬ ‫الوقوف بجانب رجل كان ولعقود من الزمن واحدا من بين من وهبوا‬ ‫حياتهم للسياسة ومعاركها»‪.‬‬ ‫لم تكن حياة عبدالرحمان وهيلين وردية تماما‪ ،‬إذ ستكللها‬ ‫العديد من المعاناة ولعل أبرزها اغترابهما االضطراري بفرنسا‪ ،‬بعدما‬ ‫نصحته قيادة حزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية بأال يعود للمغرب‬ ‫نظرا للدور الذي لعبه في محاكمة قضية اختطاف المهدي بنبركة‬ ‫التي جرت أطوارها في باريس يونيو ‪.1967‬‬ ‫قبل عودتهما على متن باخرة سنة ‪ 1981‬التقى اليوسفي‪ ،‬أخيرا‪،‬‬ ‫ومعه زوجته بوالدته‪ ،‬قبل أن يخطفها الموت بعد ذلك بعام واحد‪.‬‬ ‫وهكذا شاء القدر أن تتعرف على زوجة ابنها‪.‬‬ ‫«ماري هيلين»‪ ،‬حسب شهادات الكثيرين‪ ،‬كانت “الساعد‬ ‫األيمن” لعبدالرحمان اليوسفي‪ ،‬فقد كانت الرفيقة الدؤوبة طيلة‬ ‫سنوات تحمله مسؤولية رئاسة الحكومة‪ ،‬وكانت رفقتها أكثر حرصا‬ ‫وهي تراقب مقادير أدويته‪ ،‬وتراقب ملبوساته الرسمية والعادية‪ ،‬بل‬ ‫وكانت أيضا مستشارة سياسية حميمية له تبدي له بوجهة نظرها‬ ‫في أمور عدة كلما استطاعت ذلك‪.‬‬ ‫لم تفارق هيلين اليوسفي بعد استقالته‪ ،‬بل اقترحت عليه‬ ‫برنامجا سياسيا من طبيعة إنسانية محضة يمارسان خالله شغفهما‬ ‫بالحياة عبر المطالعة واألسفار واالستجمام وتقاسم تفاصيل صغيرة‬ ‫منحت بيت اليوسفي الزوجي طابعا رومانسيا‪ .‬يشهد لذلك صورهما‬ ‫يدا في يد تطلق ابتسامتها الرقيقة وتنشر فرحها برفقة رجل حبه‬ ‫أشبه بمعركة حقيقية‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هـدى املجـاطـي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ـ طنجــة ـ‬

‫هوعبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬العمالق السياسي المغربي‪ ،‬دون‬ ‫منازع‪ ،‬والوطني الغيورالذي فارقنا ‪ ،‬منذ أكثر من أسبوع‪ ،‬كما هو‬ ‫معلوم‪ ،‬بعد أن كان في حالة صحية حرجة‪ ،‬حيث أمضى عدداً من‬ ‫األيام بالعناية المركزة بأحد مستشفيات مدينة الدار البيضاء‪.‬‬ ‫وكانت مصادر مقربة من الراحل ذكرت‪ ،‬أنه تم نقله لمصحة بعدما‬ ‫كان قدغادرها ‪ 28‬ماي وقد‪ ‬اشتد عليه المرض‪ ،‬ليستسلم في األخير‬ ‫للقدر ويالقي ربه‪ ،‬صبيحة الجمعة ‪ 29‬ماي الماضي‪.‬‬ ‫وكان السيد عبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬الذي ازداد في ‪ 8‬مارس‬ ‫‪ 1924‬بحي ادرادب بمدينة طنجة‪ ،‬قد التحق بصفوف الحركة‬ ‫الوطنية‪ ،‬عندما كان تلميذا بثانوية موالي يوسف بالرباط‪ .‬وكان‬ ‫الراحل عضوا باألمانة العامة لالتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬الذي‬ ‫تحول إلى االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية سنة ‪ .1975‬وتولى‬ ‫رئاسة تحرير لسان الحزب جريدة «‪ ‬التحرير‪.)1965 – 1959( » ‬‬ ‫وفي ‪ 4‬فبراير سنة ‪ 1998‬كلفه الملك الراحل الحسن الثاني‬ ‫بتشكيل حكومة التناوب‪ ،‬التي قدم تشكيلتها إلى جاللته في ‪14‬‬ ‫مارس من نفس السنة‪.‬وبعد وفاة الملك الحسن الثاني احتفظ‬ ‫الملك محمد السادس على رأس الحكومة‪ ،‬وخصه بتكريم خاص‪.‬‬ ‫وأعيد تعيينه وزيرا أول في الحكومة التي تم تشكيلها في ‪ 6‬شتنبر‬ ‫‪ ،2000‬وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى غاية ‪ 9‬أكتوبر ‪.2000‬‬ ‫وفي سنة ‪ ،2016‬أشرف الملك محمد السادس بطنجة على تدشين‬ ‫شارع يحمل اسم الراحل‪ ،‬تكريما لما يتحلى به من خصال وطنية‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪ ،2019‬وأثناء حفل أداء القسم من طرف ‪1839‬‬ ‫ضابطا متخرجا من مختلف المعاهد والمدارس العسكرية وشبه‬ ‫العسكرية‪ ،‬وكذا الضباط الذين ترقوا في رتبهم ضمن صفوف‬ ‫القوات المسلحة الملكية‪ ،‬من بينهم ‪ 283‬ضابطة‪ ،‬تفضل الملك‬ ‫محمد السادس‪ ،‬فأطلق على هذا الفوج إسم‪« ‬األستاذ عبد الرحمان‬ ‫اليوسفي» تكريما لمبادئه الثابتة في حب الوطن والتشبث‬ ‫بمقدسات األمة وبالوحدة الترابية للمملكة‪.‬وكان الراحل عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي اعتزل العمل السياسي في أكتوبر ‪ .2003‬ونظرا‬ ‫إلرثه السياسي الكبير‪ ،‬سمي شارع في طنجة باسمه‪ ،‬بحضور الملك‬ ‫في عيد عرش سنة ‪ ، 2016‬كما زاره الملك شخصيا‪ ،‬مرتين في‬ ‫المستشفى‪ ،‬إذ ألمت به وعكة صحية في أكتوبر من السنة ذاتها‪.‬‬ ‫حقا هو صاحب يدين نظيفتين‪ ،‬دون منازع كذلك‪ ،‬وواحد من‬ ‫أبرز رجاالت السياسة في المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬وقامة سياسية‬ ‫وفكرية‪ ،‬قلما يجود بها الزمان‪ ،‬وهو بالمناسبة عبرة لكثيرمن‬ ‫الساسة والمناضلين المزيفين بالمغرب الذين لهثوا ويلهثون وراء‬ ‫المناصب وامتيازات الحياة الدنيا الفانية‪.‬‬ ‫ويكفي القول الذي وجهه له الملك الراحل الحسن الثاني‪،‬‬ ‫عندما عينه وزيرا أوال في حكومة التناوب‪»:‬إنني أقدر فيك كفاءتك‬ ‫وإخالصك وأعرف جيدا أنك‪ ،‬منذ االستقالل‪ ،‬التركض وراء المناصب‪،‬‬ ‫بل تنفر منها باستمرار‪ ،‬ولكننا مقبلون جميعا على مرحلة تتطلب‬ ‫الكثير من الجهد والعطاء‪ ،‬من أجل الدفع ببالدنا إلى األمام حتى‬ ‫نكون مستعدين لولوج القرن الواحد والعشرين ‪»..‬‬ ‫وآخرا‪ ،‬يكفي أن يقدم لكم عبد ربه‪ ،‬جامع هذه المعلومات‪،‬‬ ‫قصة عاشها عن كثب وبالقرب من بعض أفراد عائلة الراحل عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي‪ ،‬خالل أواخر تسعينات القرن الماضي‪ ،‬عندما‬ ‫مرضت شقيقته القاطنة بطنجة وتوجهت‪ ،‬أثناء ذلك‪ ،‬إلى مستشفى‬ ‫«الدوق دي طوفار» الكائن بحي سوق البقربالمدينة ذاتها‪ ،‬طلبا‬ ‫لالستشفاء‪.‬تصوروا أن المرأة المؤمنة الصابرة‪ ،‬رحمها اهلل‪ ،‬ذهبت‬ ‫إلى المستشفى المذكور‪ ،‬بكل بساطة وتواضع‪ ،‬مثل يا أيها الناس‪،‬‬ ‫لم تخبراألطراإلدارية أوالصحية بأنها شقيقة فالن أوفرتالن‪ ،‬لم‬ ‫تر في هذا األمرضرورة ملحة‪ ،‬يكفيها أنها مواطنة مريضة وأن‬ ‫المغاربة يجب أن يكونوا سواسية في استفادتهم من العالج‪.‬غيرأن‬ ‫المرأة اصطدمت بالجفاء وسوء المعاملة وعدم الترحيب واالهتمام‬ ‫بها‪ ،‬ويعلم اهلل كيف تسرب الخبرإلى إدارة المستشفى‪ ،‬فاضحا‬ ‫عالقتها األخوية بالسي عبد الرحمان‪ .‬وهنا‪ ،‬سرعان ما تحولت‬ ‫األمور إلى «سمن على عسل»‪ ،‬فتمكنت المرأة من قبولها‪ ،‬نزيلة‬ ‫بأحد أجنحة المؤسسة الصحية المذكورة‪ ،‬لتلقي العالج‪.‬رحمها اهلل‪،‬‬ ‫فقد شابهت شقيقها في التواضع والبساطة‪....‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫كثير من الناس يُرتجّ عليهم حين يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي‪ .‬فقد‬ ‫تعوّدوا منذ نعومة أظفارهم على االرتباط في حركاتهم وسكناتهم بمواقيت‬ ‫الصالة‪ ،‬اتخذوا من حصة توقيتها بوصلة تهديهم إلى المساجد خمس مرات‬ ‫في اليوم والليلة‪ ،‬وتحدد ساعات استيقاظهم‪ ،‬وساعات نومهم‪ ،‬ومواعيد‬ ‫وجباتهم‪ .‬يتناولون فطورهم مع الشروق أو بعده بقليل‪ ،‬ويتناولون َغداءهم بعد‬ ‫صالة الظهر‪ ،‬ويتحلقون حول موائد العَشاء عقب أداء الفريضة‪.‬‬ ‫ويستغلون المساحة الزمنية الفضفاضة‪ ،‬الواقعة بين صالة الصبح‪ ،‬وصالة‬ ‫الظهر‪ ،‬في االنكباب على العمل‪ ،‬وابتغاء فضل اهلل‪.‬‬ ‫وهلل حكمة في هذه المسافة الزمنية‪ ،‬فهي فترة العمل والحركة والنشاط‪،‬‬ ‫فإذا صلى المؤمن فرضه‪ ،‬وتناول َغداءه‪ ،‬أخلد إلى الراحة‪ ،‬يستعين بها على‬ ‫ممارسة نشاط من األنشطة عقب صالة العصر‪ ،‬قراءة كانت أو كتابة‪ ،‬أو مجالسة‬ ‫أصدقاء‪ ،‬أو صلة رحم‪ ،‬أو اطمئنانا على األهل والعيال‪ ،‬أو ‪...‬‬ ‫هو نشاط أخف وطئا من نشاط الصباح‪ ،‬فيه نوع من الفتور واالسترخاء‪،‬‬ ‫وفيه الكثير من الحرية واالنطالق‪.‬‬ ‫ولعل إدارتنا اهتدت في هذه السنين األخيرة إلى ما في الصباح من خير‬ ‫وبركة‪ ،‬وإقبال على الحياة‪ ،‬فطبقت نظام الفترة الواحدة‪ ،‬أو الفترة المتصلة التي‬ ‫تنتهي في الرابعة والنصف تقريبا‪.‬‬ ‫وقد سارت في هذا المسار عدد من المدارس الخصوصية‪ ،‬فوفرت على‬ ‫األبناء واآلباء‪ ،‬الجهد والوقت والمال‪.‬‬ ‫وللتذكير‪ ،‬فإن المعاهد الدينية كانت في فترتي الخمسينات والستينات‪،‬‬ ‫تكتفي بالحصص الصباحية‪ ،‬لتترك المجال مفتوحا في وجه الطلبة الرتياد‬ ‫المكتبات الخاصة منها والعامة‪.‬‬ ‫ورغم أن بعض موظفينا ‪-‬عفا اهلل عنهم وغفر لهم‪ -‬لم يستسيغوا هذا‬ ‫النظام‪ ،‬ولم يتكيفوا معه‪ ،‬ووجدوا فيه مجاال خصبا للتأخر والمراوغة‪ ،‬إال أن‬ ‫التجربة تبقى ناجحة إلى حد ما‪.‬‬

‫في حوار مع محمد السفياني‬ ‫رئيس الجماعة الحضرية لشفشاون‬ ‫«انطالق مشاورات موسعة إلعداد خطة عاجلة‬ ‫من أجل إقالع شامل ومستدام للمدينة»‬ ‫‪-‬‬

‫المهندس محمد السفياني رئيس الجماعةالحضرية لشفشاون‬ ‫للوالية الثانية‪ ،‬يتقلد عدة مهام في منظمات دولية وقارية وجهوية‬ ‫ووطنية تهتم بالشأن المحلي وبإشكاالته‪ ،‬وبتطوير حكامةونجاعة التدبير‬ ‫بالمؤسسات المحلية‪ .‬وهوخريج المدرسة الوطنية للمعادن بالرباط في‬ ‫نهاية الثمانينات‪ ،‬شغل لسنوات عديدة رئيس جمعية التنمية المحلية‬ ‫بشفشاون‪،‬كما يشتغل كإطار عال بشركة أمانديس بتطوان‪.‬‬ ‫كان لنا معه هذا الحوار القصير لتسليط الضوء على ما قامت به‬ ‫الجماعة الحضرية التي يترأسها لمواجهة اآلثار الحالية والمستقبلية لجائحة‬ ‫كورونا‪.‬‬ ‫س‪ :‬لقد اتخذت بالدنا عدة إجراءات استباقية على المستوى‬ ‫الوقائي والصحي واالجتماعي‬ ‫والمالي لتجنيب بالدنا اآلثار‬ ‫الوخيمة لوباء كورونا على‬ ‫المنظومة الصحية وبالتالي‬ ‫على الحق في الحياة والسالمة‬ ‫الصحية للمواطنين‪ ،‬وقد‬ ‫حظيت هذه اإلجراءات بتنويه‬ ‫كبير من مختلف دول العالم‪،‬‬ ‫وخاصة بأوروبا‪ .‬ما تقييمكم‬ ‫ل��ه��ذه اإلج�����راءات‪ ،‬وكيف‬ ‫ساهمت الجماعة الحضرية‬ ‫التي تترأسونها للوالية الثانية‬ ‫في هذا المجهود الوطني إلى‬ ‫جانب السلطات اإلدارية وباقي‬ ‫الفاعلينالمحليين؟‬ ‫ج‪:‬خ�ل�ال الحجر الصحي‪،‬‬ ‫ق���ام���ت ال���ج���م���اع���ة ب��ع��دة‬ ‫إجراءات‪،‬وذلك بتنسيق مع السلطات المختصة‪،‬ومن أهمها ‪:‬‬ ‫ عمليات مكثفة لتعقيم الساحات العمومية واألس��واق و‬‫الشوارع واالزقة بجميع احياء المدينة‪،‬‬ ‫ تعقيم البنايات الجماعية ‪ ،‬وكذا البنايات التابعة لمجموعة من‬‫المصالح الخارجية واخرى تابعة للقطاع الخاص‬ ‫ تعقيم سيارات األجرة‬‫ مواصلة الخدمات االساسية كقطاع النظافة وصيانة اإلنارة‬‫العمومية والطرقات وغيرها‬ ‫ مواصلة الخدمات اإلدارية األساسية كالحالة المدنية وغيرها‬‫ تحويل مبالغ مالية من الميزانية من أجل اقتناء مواد‬‫وتجهيزات التعقيم‪ ،‬وأيضا المواد الغذائية من اجل توزيعها على‬ ‫الفئات الهشة‬

‫‪3‬‬

‫أجرى الحوار عبدالحي مفتاح م‬

‫ وضع مجمع محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة رهن‬‫إشارة السلطات اإلقليمية والصحية‪.‬‬ ‫س‪ :‬ماذا أعدت الجماعة التي تترأسونها‪ ،‬وهي مؤسسة‬ ‫أساسية لتمثيل وتأطير المواطنين وتدبير الشأن العام على‬ ‫الصعيد المحلي‪ ،‬للتقليل من آثار الحجر الصحي على مستوى النشاط‬ ‫االقتصادي ‪-‬الذي تعتبر السياحة والصناعة التقليدية والتجارة إلى‬ ‫جانب الخدمات أركانه األساسية‪ -‬وكذا على المستوى االجتماعي‬ ‫بحكم اتساع رقعة الهشاشة والفقر‪ ،‬ثم على المستوى الصحي‬ ‫بفعل النقص الواضح الذي تعاني منه المنظومة الصحية المحلية‬ ‫واإلقليمية على مستوى التجهيزات والموارد البشرية(األطباء‬ ‫االختصاصيين‪ :‬على سبيل المثال عدم توفر طبيب في اإلنعاش‬ ‫والتخدير)‪...‬إلخ‪.‬‬ ‫ج‪ :‬س��اه��م��ت ج��م��اع��ة‬ ‫ش��ف��ش��اون ف���ي ال��س��ن��وات‬ ‫األخ��ي��رة في تنشيط القطاع‬ ‫االق��ت��ص��ادي‪،‬وذل��ك باتخاذها‬ ‫لمجموعة من اإلجراءات وإنجازها‬ ‫لعدة مبادرات ومشاريع تهدف‬ ‫إلى تحسين البنيات التحتية‪،‬‬ ‫والترويج المجالي للمدينة‪.‬وقد‬ ‫عرف قطاع السياحة مثال نموا‬ ‫مهما من حيث عدد ونوعية‬ ‫السياح الذين يزورون المدينة‪.‬‬ ‫وهذا االمر اعطى دفعة مهمة‬ ‫لعدة قطاعات اخ��رى مرتبطة‬ ‫بقطاع السياحة‪ ،‬كالصناعة‬ ‫التقليدية والتجارة والخدمات‪.‬‬ ‫وخالل فترة الحجر الصحي‪ ،‬تأثرت هاته القطاعات بطريقة سلبية‪.‬‬ ‫وفي إطار االستعداد لمرحلة ما بعد الحجر الصحي‪ ،‬بادرت جماعة‬ ‫شفشاون بإعطاء انطالقة مشاورات موسعة مع مختلف فعاليات‬ ‫المدينة‪ ،‬من اجل إعداد خطة عاجلة من أجل إقالع شامل ومستدام‬ ‫للمدينة‪ .‬ومن المرجح ان يتم فتح المؤسسات السياحية بعد انتهاء‬ ‫فترة الحجر الصحي الستقبال السياح المغاربة في المرحلة االولى ‪،‬‬ ‫والسياح االجانب في المرحلة الثانية‪ ،‬ولهذا فإن جماعة شفشاون‬ ‫ستشتغل على إطالق حملة للترويج السياحي للمدينة ‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى إطالق عمليات صيانة وتجميل األحياء والفضاءات العمومية‪.‬‬ ‫بالنسبة لقطاع الصحة‪ ،‬فهذا االمر ال يدخل في إطار االختصاصات‬ ‫الذاتية للجماعة‪ ،‬ولكنها ساهمت في السنوات االخيرة في اقتناء‬ ‫بعض اآلليات الطبية‪ ،‬وتساهم ايضا في دعم بعض الجمعيات‬ ‫العاملة في مجال الصحة العمومية‪.‬‬

‫أريد أال أريد‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫ونزولهم وطلــوعهم فالى درك وعلى درج‬

‫ونزولهم ‪:‬‬ ‫النزول هبوط من علو إلى سفل‪ ،‬وحلول في هذا السفل‬ ‫إلصابة مكروه‪ ،‬واستعار ابن النحوي النزول لفعل انتقال‬ ‫إنساني من حسن أفعال إلى سيئها‪..‬‬ ‫وطلوعهم ‪:‬‬ ‫الطلوع صعود إلى علو‪ ،‬وب��دو وظهور في هذا العلو‬ ‫الستقامة سلوك‪ ،‬وقد استعار ابن النحوي الطلوع للداللة على‬ ‫فعل إنساني من سيء أفعال إلى حسنها‪..‬‬ ‫فإلى ‪:‬‬ ‫الفاء تفيد التعقيب‪ ،‬وإلى حرف خافض لغاية‪..‬‬ ‫درك ‪:‬‬ ‫الدرك أسفل كل شيء ذي عمق‪ ،‬أو تبعة الشيء‪ ،‬أو هو‬ ‫طبق من أطباق جهنم‪ .‬قال تعالى ‪« :‬إن المنافقين في الدرك‬ ‫األسفل من النار»‪.‬‬ ‫وعلى ‪:‬‬ ‫الواو مفيد للحالية‪ ،‬وعلى حرف خافض‪ ،‬يفيد فوق الشيء‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪« :‬وعليها وعلى الفلك يحملون »‪.‬‬ ‫درج ‪:‬‬ ‫مفردها درجة‪ ،‬وجمعها درج ودرجات‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫طرق‪..‬‬ ‫مراق يرتقي عليها اإلنسان‬ ‫ترتيب‪..‬‬ ‫مراتب في سلم ترتيب‪..‬‬ ‫منازل سائرين‪ ،‬مما هو مبسوط في علم السلوك؛ وهي‬ ‫منازل ذات أقسام ‪:‬‬ ‫ـ بدايات‪..‬‬ ‫ـ أبواب‪..‬‬ ‫ـ معامالت‪..‬‬ ‫ـ أخالق‪..‬‬ ‫ـ أصول‬ ‫ـ أودية‪..‬‬ ‫ـ أحوال ‪..‬‬ ‫ـ واليات‪..‬‬ ‫ـ حقائق ‪..‬‬ ‫ـ نهايات‪..‬‬ ‫والمتدبر في هذا البيت تتبدى له معان توجيهية‪ ،‬منها‬ ‫معنيان رئيسان ‪:‬‬ ‫الخلق‪ ،‬بما اختلفوا عليه من وسع وضيق في أرزاق حسية‬ ‫ومعنوية‪ ..‬يتوالهم رب العالمين بتقدير وعدل؛ وهم‪:‬‬ ‫ـ إما إلى إدراك حال سيء‪ ،‬تنزلهم إلى درك‪..‬‬ ‫ـ وإما إلى تدارك بتوبة تصعد بهم بقضاء اهلل وفضله على‬ ‫درج أحوال شرعية‪..‬‬ ‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬ ‫«إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة‪ ،‬حتى ما يكون بينه‬ ‫وبينها إال ذراع‪ ،‬فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل النار »‪.‬‬ ‫واجب المؤمن الصادق التسليم هلل تعالى؛ باالنقياد ألمره‪،‬‬ ‫وترك االعتراض على ما ال يالئم من جريان األق��دار‪ ..‬ومن‬ ‫واجبه التوكل على اهلل في مواطن البالء‪ ،‬وترك االرادة‪.‬‬ ‫قال البسطامي ‪:‬‬ ‫«أريد أال أريد» ؛ وهذا منتهى الرضا‪..‬‬ ‫الصواب يكون بالرضا بما قدر وقضى‪ ..‬وعدم القلق‬ ‫والجزع واالنزعاج‪ ،‬واالستمساك بعروة الصبر؛ وهي فضيلة‬ ‫دينية أخالقية‪..‬‬ ‫وجوهر التوجيه هو‪:‬‬ ‫الضعيف ال ييأس من روح اهلل ورحمته‪..‬‬ ‫والقوي ال يأمن من مكر اهلل‪..‬‬

‫‪4‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫جريدة الشمال تنقل أجواء ما بعد الحجر بأروبا وأمريكا‬

‫فرنسا‬

‫إيطاليا‬

‫لم يكن الفيروس ديمقراطيًا‬ ‫إيطاليا تستعيد األمل‬ ‫في الحياة الطبيعية‬

‫نجاة الكاضي‬ ‫س ‪ :‬معروف عن الشعب الفرنسي أنه‬ ‫محب للحياة كثييرا‪ ،‬كيف تلقى الناس في‬ ‫البداية فكرة عزل أنفسهم داخل بيوتهم؟‬

‫‪Patrizia Stefanelli‬‬ ‫ربما لم يكن العالم أكثر قيمة في وقت‬ ‫مضى‪ .‬نحن‪ ،‬الذين يبحثون عن كل ما هو‬ ‫استثنائي في الناس ‪ ،‬في األحداث ‪ ،‬في الطبيعة ‪،‬‬ ‫نعرف اآلن مدى جمال الحياة الطبيعية‪ .‬نحن اآلن‬ ‫نتذوق الحياة باهتمام كبير أو جديد‪.‬‬ ‫لسوء الحظ‪ ،‬عانت مناطق كبيرة مثل‬ ‫«لومباردي»‪ ،‬وما زالت تعاني المدن الصناعية‬ ‫الكبيرة‪ .‬يمكن أن تحتوي ميالن على ما يصل‬ ‫إلى ‪ 4‬ماليين شخص يعملون هناك‪ .‬وقد أدت‬ ‫القيود المفروضة على خدمات النقل إلى تفاقم‬ ‫اإلزعاج وصعوبة احتواء اللغط االجتماعي‪ .‬ويبدو‬ ‫أن البلدات الصغيرة في الوسط والجنوب كانت‬ ‫أقل تأثراً‪.‬‬ ‫في الواقع ‪ ،‬كانت مراقبة القواعد واسعة‬ ‫النطاق ودقيقة للغاية منذ البداية‪ .‬بدأت المتاجر‬ ‫في إعادة فتحها لكنها ما زالت غير متوفرة‪ .‬مع‬ ‫األسف الشديد‪ ،‬الحظنا زيادة كبيرة في أسعار‬ ‫المواد الغذائية في بعض السالسل التجارية‬ ‫(األكثر شهرة)‪ ،‬في حين تم احتواء الزيادات‬

‫بالنسبة لآلخرين‪ .‬مصففو الشعر مثال والنوادي‬ ‫الشاطئية عرفت زيادات بسبب الخدمات‬ ‫التوصيل‪ ،‬وإن كان بالنسبة لألغنياء فقط‪.‬‬ ‫لم يكن الفيروس ديمقراطيًا ولن يكون‬ ‫كذلك‪ .‬النقطة هي نفسها دائمًا‪ .‬أولئك الذين‬ ‫أوضاعهم جيدة بالفعل فهم أفضل حاال‪ .‬نحن‬ ‫نتفهم الصعوبات‪ ،‬لكن الكثير من الناس لم‬ ‫يكن لهم دخل ولم يلتحقوا بمقرات عملهم في‬ ‫هذه األشهر‪ .‬عائالت بأكملها على الرصيف‪ .‬أغلق‬ ‫أصحاب األعمال التجارية الصغيرة محالتهم‪،‬‬ ‫واختار شخص ما عدم العيش بعد اآلن‪.‬‬ ‫في غضون أيام قليلة سيتم إعادة فتح‬ ‫الطرقات بين األقاليم‪ .‬لن يكون مرور الصيف‬ ‫سه ً‬ ‫ال‪ .‬من أغسطس فصاعدًا ‪ ،‬سيكون ما يقرب‬ ‫من مليون وظيفة معرضة للخطر‪ .‬لدى الحكومة‬ ‫انقسامات داخلية قوية ووسائل اإلعالم توفر‬ ‫مساحة للصحفيين الذين يعانون من مشاكل‬ ‫وجودية خطيرة تعوض عن العنصرية‪ .‬إيطاليا‬ ‫المتحدة حلم لم يتحقق بعد‪.‬‬

‫مدينة «أتالنتا»‪ ،‬كما يعلم الجميع‪ ،‬هي عاصمة والية جورجيا‬ ‫األميركية‪ ،‬ولذلك فهي تعتبر مدينة عالمية‪ ،‬لما تحظى به من‬ ‫تأثير كبير على التجارة والتمويل وعلى البحث والتكنولوجيا والتعليم‬ ‫واإلعالم والفن والترفيه‪ .‬ولعل أشهر معلمة تميزها هي متحف «مارتن‬ ‫لوثر كنج»‪ ،‬إضافة إلى أنها تحتضن مصنع كوكاكوال‪ ،‬المشروب الغازي‬ ‫العالمي األكثر شهرة وتداوال‪.‬‬ ‫أذكر أنه مع بداية جائحة «كورونا» كان من الصعب على‬ ‫األميركيين االلتزام الكامل بالحجر الصحي‪ ،‬وااللتزام بالمكوث في‬ ‫المنازل‪.‬‬ ‫في هذه األثناء كانت الحكومة قد اتخذت قرارها بإقفال المدينة‬ ‫عن آخرها‪ ،‬وشمل ذلك المؤسسات التجارية واألسواق وغيرها من مما‬ ‫له ارتباط مباشر بالتقارب االجتماعي الجسدي بين الناس‪ .‬وبذلك بدت‬ ‫المدينة شبه خالية تماما‪ ،‬اقتصر فيها فقط على المؤسسات التي توفر‬ ‫بيع االحتياجات الضرورية جدا مثل األغذية والدواء‪.‬‬ ‫الواضح أكثر هو أن الناس التزموا بوضع الكمامات عند التنقل‪،‬‬ ‫ومعها صدر قرار حاسم بمنع تجمع أكثر من خمسين شخصا في المكان‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫مع بدء عودة الحياة تدريجيا الى المدينة‪ ،‬وفتح المطاعم واألسواق‬ ‫التجارية‪ ،‬وبسبب يعود مصدره إلى تخوف البعض من عودة الجائحة‪،‬‬

‫ج ‪ :‬الشعب الفرنسي كجميع الشعوب األوروبية‬ ‫محب للحياة لكن الجانب الصحي يحتل المرتبة‬ ‫األولى عنده كالتعليم والسكن ‪ ،‬فالدولة تأخرت في‬ ‫فرض الحجر بعد أن عرف الشمال الشرقي للبالد‬ ‫عددا كبيرا من اإلصابات مما أدى إلى نشر الفزع‬ ‫والرعب بين الفرنسيين الذين أسرعوا في فرض‬ ‫الحجر على أنفسهم قبل اإلعالن عنه من طرف السيد‬ ‫الرئيس واستطاعوا التعايش معه‪ ،‬بل غيروا نمط‬ ‫عيشهم للتخفيف من صعوبته بمساعدة عدة جهات‬ ‫اِجتماعية وعلمية‪.‬‬

‫س ‪ :‬في المراحل األخيرة‪ ،‬ومع بداية‬ ‫ضعف الفيروس‪ ،‬حسب ما روج لذلك بدأ‬ ‫الناس يعودون للحياة‪ .‬هل فتحت المقاهي‬ ‫والمطاعم أبوابها؟ وهل الناس يقبلون‬ ‫عليها ؟‬

‫هل فتحت بعض المؤسسات الثقافية‬ ‫أبوابها‪....‬المكتبات‪ ،‬المعارض الفنية‪،‬‬ ‫قاعات المحاضرات والندوات‪ ،‬المتاحف‪ ،‬دور‬ ‫السينما‪ ،‬المسارح‪.‬‬

‫رفع الحجر في فرنسا يسير تدريجيا ‪،‬كل‬ ‫المؤسسات التي ذكرتم إلى اآلن لم يسمح لها‬ ‫بمزاولة نشاطها ألنها قد تجمع عددا ال بأس به من‬ ‫البشر وهذا يشكل خطرا على الجميع ‪ .‬فالمؤسسات‬ ‫التعليمية فتحت منذ أسبوع و بأفواج ال تتعدى خمسة‬ ‫إلى ثمانية تلميذ في القسم وليومين فقط في‬ ‫األسبوع و مع ذلك األمر يشكل خطرا فقط ظهرت‬ ‫بتاريخ ‪ 29‬ماي حالة مؤكدة فتم تطبيق العزلة و‬ ‫الحجر عليها مع ستة تالميذ‪.‬‬

‫ما هي أهم انطباعات الناس من حولك‬ ‫اآلن‪ ،‬بعد تخفيف الحجر‪ ،‬حول ما حقيقة هذا‬ ‫هناك بعض األخبار وال أريد أن أقول إشاعات إما الفيروس؟‬

‫أنها لم تفهم جيدا أو تؤول حسب ناشرها ‪ ،‬إلى حدود‬ ‫هذا اليوم لم تفتح المقاهي و ال المطاعم أبوابها‬ ‫للزبناء في اِنتظار ‪ 2‬يونيو للسماح لها بذلك ‪ .‬تقوم‬ ‫اآلن فقط بتوصيل الوجبات إلى سكن الزبون أو‬ ‫تؤخذ الطلبات من باب االستقبال ورغم ذلك عرفت‬ ‫رواجا مهما منذ يوم ‪ 25‬ماي‪.‬‬

‫س ‪:‬كيف تبدو الشوارع والمنتزهات‬ ‫واألسواق اآلن ؟ هل عادت البهجة والحركية‬ ‫في الميادين العمومية؟‬ ‫نعم منذ أن أعلن الرئيس عن رفع الحجر بطريقة‬ ‫تدريجية دبت الحياة من جديد في الشوراع و األماكن‬ ‫العمومية لكن ليس بنفس المتعة السابقة ‪ ،‬يبقى‬ ‫الحذر سيد الموقف ‪ ،‬فاستعمال الكمامات ومطهر‬ ‫اليد والخوف من اآلخر أنشأ نوعا من الوسواس عند‬

‫أمـريكــا‬

‫منى‬

‫الفرنسيين في البداية لكن سرعان ما تأقلموا على‬ ‫ذلك وتابعوا حياتهم اليومية لكن بحذر‪.‬‬ ‫س ‪ :‬من الناحية الثقافية والفنية‪،‬‬

‫‪ /‬أثالنتا‬

‫الفرنسيون مقسمون إلى قسمين مع وضد تُؤول‬ ‫غم ضعف نسبة اإلصابات ألن المعهد الصحي تنبأ‬ ‫بموجة جديدة للفيروس الذي لم يعط له أي تعريف‬ ‫لحد اآلن ‪ ،‬قكل أسبوع يتغير تصنيفه و عالجه وفشل‬ ‫إيجاد تلقيح ضده و مع ذلك فالمجتمع الفرنسي‬ ‫كان مضطرا لرفع الحجر ‪ ،‬الجانب االقتصادي فرض‬ ‫ذلك‪ ،‬فعمليات طرد العمال التي عرفتها الشركات‬ ‫الكبرى بعدما تخلت الدولة عن مساعدتها بعد رفع‬ ‫الحجر وإفالس العدد الكبير من الشركات الصغرى‬ ‫وانخفاض اقتصاد البالد دعت الفرنسيين لقبول ذلك‬

‫س‪ :‬هل اطمأن الناس تماما؟‬

‫ج ‪ - 6‬ال أظن ‪ ،‬ما دام أنه مطالب بالكمامة كلما‬ ‫أراد الولوج ألي مؤسسة إدارية أو طبية و مازالت‬ ‫الدولة تمنع الحفالت والمهرجانات والتجمعات ‪ .‬بكل‬ ‫اختصار الحياة لم تعد كالسابق ‪.‬‬

‫تبين أنها عودة خجولة يشوبها الحذر والترقب واتخاذ ما يكفي من‬ ‫االحتياطات‪.‬‬ ‫ويبقى أن نسجل هنا أن بعض الساحات والمنتزهات العامة شكلت‬ ‫مقصد أغلب المواطنين‪ ،‬وهو ما سيمنح الجو العام مظهرا جميال‬ ‫يعطي االنطباع بعودة الحياة‪.‬‬ ‫أما على المستوى الثقافي والفني‪ ،‬فإن المكتبات والمتاحف ودور‬ ‫السينما والمعارض والمسارح التزمت بقرار اإلغالق التام القاضي بأن ال‬ ‫ً‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫تعود الحياة إليها حتى ‪ 15‬من يونيو الذي كان قد اتخذته‬ ‫من جانب آخر يعتبر بعض األميركيين أن فيروس كورونا هو‬ ‫مؤامرة ليس إال‪ ،‬في حين يعتقد البعض اآلخر في حقيقة أن فيروس‬ ‫تم اختراعه في سياق حرب اقتصادية بين الدول العظمى‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬أستطيع أن أقول أن الخوف الحقيقي الذي يتملك المواطنين‬ ‫هنا بأمريكا هو الخوف من الوضع االقتصادي الذي يستفحل يوما‬ ‫بعد يوم‪ ،‬إذ‪ ،‬كما هو معلوم‪ ،‬أن بعض المؤسسات التجارية أقفلت‬ ‫أنشطتها‪ ،‬وعلى إثر ذلك خسر كثيرون من وظائفهم‪ .‬وهو ما يدفعني‬ ‫إلى االعتقاد الراسخ بأن وضع ما بعد «الكورونا» أخطر من الكورونا‬ ‫نفسها‪ ،‬بالنظر إلى آثاره التي سيخلفها على المستوى االقتصادي‬ ‫واالجتماعي واإلنساني‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫امللحق القانوين‬ ‫العدد ‪ 1049‬ـ السبت ‪ 06‬يونيـو ‪2020‬‬

‫ربيع حقوقي‪..‬‬ ‫بنكهة‬ ‫أمريكية؟‬

‫محمد البوشوكي‬

‫دكتور في القانون العام‬

‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية أكدال‪ -‬جامعة محمد الخامس‪-‬الرباط‬

‫تعتبر العنصرية في عصرنا الحالي أصعب امتحان لإلنسان في مجال التعايش‪ ,‬و معلوم أن العنصرية هي‬ ‫مجموعة من الممارسات الخاطئة بحيث يتم من خاللها معاملة مجموعة معينة من الناس بشكل مستبدّ‬ ‫ّ‬ ‫وعرق آخر‪ ،‬وتُعدّ العنصريّة من‬ ‫وتتحكم بهم بمجرد أنّهم ينتمون لدين ما‬ ‫ومختلف وتسلب حقوقهم‬ ‫ٍ‬ ‫األمراض المتفشية في عصرنا هذا مع العلم بأنهّا موجودة منذ القدم وتسبّبت في تفرقة الناس واندالع‬ ‫الحروب‪ ،‬فتتعرض الفئة المظلومة إلى أقصى درجات التمييز والتهميش واالستبداد فقط الختالف الدين‬ ‫والعرق وحتى اللون وغيرها من األسس التي وضعها البشر واعتمدوها في تطبيق عنصريتهم كاللغة‪،‬‬ ‫والعادات‪ ،‬والمعتقدات‪ ،‬والثقافات‪ ،‬والطبقات االجتماعية‪ ،‬والتي يتمّ من خاللها سطوة وسيطرة األغنياء على‬ ‫الطبقة الفقيرة المُعدمة‪ ،‬وللعنصرية مصطلحات أخرى تشترك معها في المعنى والداللة مثل العرق‪ ,‬االثنية‬ ‫و القبلية‪.‬‬ ‫إذا كان تم حظر العنصرية رسمياً في منتصف القرن الماضي إال أن جذورها قائمة وتظهر بأشكال‬ ‫مختلفة‪ ،‬ولم يكن اختيار رئيس أسود هو باراك أوباما إال محاولة إلظهار وجه آخر ألمريكا غير وجههـا‬ ‫الحقيقي‪.‬‬ ‫إن ممارسة القتل ضد األمريكيين السود‪ ،‬وما يترتب على ذلك من ردود فعل غاضبة بين السكان السود‪،‬‬ ‫ما هي إال تداعيات تظهر على السطح‪ ،‬بعيداً عن تلك التداعيات االقتصادية واالجتماعية للتمييز العنصري‬ ‫في المجتمع األمريكي بمفهوم أوسع وأشمل فالصورة التي تحاول أمريكا دوما تصديرها للعالم أنها بلد‬ ‫الديمقراطية والحريات قد تتالشى تدريجا أمام مقصلة التميز العنصري واالضطهاد الواضح بين الشعب‬ ‫األمريكي بل داخل جميع مؤسسات الدولة األمريكية‪.‬‬ ‫ان التظاهرات واالحتجاجات التي تشهدها الواليات األمريكية والغضب الجماهيري وعمال شغب وسلب‬ ‫ونهب وحرق للمتاجر التجارية والمواجهات العنيفة مع قوات البوليس واألمن األمريكية بسبب الظلم والتمييز‬ ‫العنصري بين العنصر البشري األبيض والمواطن األمريكي األسود‪.‬‬ ‫وهذا ليس وليد هذه المرحلة بل منذ مئات السنين يعانون المواطنون السود من هذا التمييز في الحقوق‬ ‫الواجبات وقد كشف الرئيس األمريكي ترامب عن أنيابه متحدياً العالم بتوجيه المليشيات البيضاء و الحرس‬ ‫الوطني بإطالق النار بقسوة لخمد العنف الثوري في أمريكا‬ ‫كل هذا يفسر تصاعد االحتجاجات ضد السياسات الرعناء لإلدارة األمريكية ورئيسها ترامب ونتيجة ترادف‬ ‫المآزق الداخلية والخارجية وآخرها الفشل الحكومي الذر يع في التعاطي مع جائحة كورونا وتداعياتها على‬ ‫الصحة العامة وتصاعدت معها حمالتُ االحتجاج واالستنكار ألساليب القمع الوحشية واالعتداء على مواطنيها‬ ‫والفوضى واإلرباك التي تقابل بها السلطاتُ الحكومية أبنا َء شعبها‪.‬‬ ‫ليس جورج فلويد إال النقطة التي أشعلت األزمة‪ ،‬وكشفت عن هشاشة السياسة الداخلية األمريكية‪ ،‬مكر‬ ‫التاريخ كما يسميه المفكر و الفيلسوف األلماني هيكل‪ ،‬سيحول فلويد لبطل قومي يعيد ترتيب البيت الداخلي‪،‬‬ ‫ويترك المواطن األمريكي يتأمل في مسار السياسة الداخلية والخارجية‪ ،‬ومن األزمة يخرج أبطال جدد‪ ،‬ويتلون‬ ‫التاريخ بألوان أخرى‪.‬‬ ‫موازاة مع ذلك تجمع بعض المتظاهرين أمام البيت األبيض‪ ،‬الذي تم فرض طوق أمني من قوات الشرطة‬ ‫المحلية والفدرالية حوله‪ ،‬حيث رددوا شعارات مثل «ارفع يديك – ال تطلق النار»‪ ،‬وأخرى تشمل شتائم وتنتقد‬ ‫فرض نظام حظر التجوال‪ ،‬باإلضافة إلى دعوات تطالب برحيل الرئيس األمريكي‪ ،‬دونالد ترامب‪ ،‬وبتحقيق‬ ‫العدالة في قضية فلويد‪.‬‬ ‫مع التعامل غبر الالئق و العنف المتزايد ضد المتظاهرين‪ ,‬يتساءل المتتبع و المنتظم الدولي‪ ,‬هل يمكن‬ ‫لدولة تدعي الديمقراطية و رعاية حقوق اإلنسان أن تعطي دروسا لباقي دول العالم في قيم التعايش و حرية‬ ‫التعبير و االحتجاجات المكفولة قانونا علما أنه «في األيام األخيرة دعا السيد ترامب إلى العنف ضد اللصوص‪،‬‬ ‫وقدم اقتراحات تحريضية بأن المظاهرات كانت تقاد من قبل مخربين‪ ،‬وفي مكالمة هاتفية يوم االثنين‪ ،‬وصف‬ ‫المتظاهرين بـ»اإلرهابيين»‪ ،‬وحث المحافظين األمريكيين على « االنتقام» منهم‪.‬‬ ‫أظهر استطالع للرأي أجرته رويترز‪ ،‬أن معظم األمريكيين يتعاطفون مع احتجاجات تعم البالد رفضا لوفاة‬ ‫رجل صاحب بشرة سمراء بعدما جثم شرطي بركبته على رقبته‪ ،‬ويرفضون رد فعل الرئيس دونالد ترامب‪،‬‬ ‫وأجري االستطالع‪ ،‬االثنين والثالثاء‪ ،‬وتوصل إلى أن ‪ % 64‬من األمريكيين «يتعاطفون مع من يخرجون للتظاهر‬ ‫في الوقت الحالي»‪ ،‬فيما قالت نسبة ‪ % 27‬منهم إنها ال تشعر بالتعاطف مع المحتجين‪ ،‬و‪ 9%‬إنهم غير متأكدين‪.‬‬ ‫وسلط االستطالع الضوء على المخاطر السياسية أمام ترامب الذي اتبع نهجا حازما إزاء االحتجاجات‪ ،‬وهدد‬ ‫بنشر الجيش األمريكي إلخماد العنف‪ ،‬وسينافس الرئيس الجمهوري جو بايدن مرشح الديمقراطيين المفترض‬ ‫في انتخابات الرئاسة المقررة في الثالث من نوفمبر‪ /‬تشرين الثاني‪.‬‬ ‫كخالصة لما سبق‪ ,‬فإن العنصرية سواء كانت تجاه العرق أو األصل أو البشرة‪ ..‬كانت كامنة دوما في‬ ‫هوامش المجتمعات الغربية‪ ،‬وخاصة في الواليات المتحدة‪ ،‬حيث يتباهى التفوق األبيض بتاريخ طويل‬ ‫ومتشابك‪ .‬وكثيرا ما كان الساسة المنتمون إلى اليمين المتطرف‪ ،‬الذين يرغبون في الحصول على المزيد من‬ ‫األصوات‪ ،‬يلمحون إلى أنهم ربما يشاطرون الناخبين انحيازهم وتعصبهم‪ .‬ولكن عندما أعلن ترمب أن الغوغاء‬ ‫في شارلوتسفيل كانوا يضمون بين صفوفهم «بعض األشخاص الطيبين للغاية»‪ ،‬وعندما وصف المهاجرين‬ ‫المكسيكيين بأنهم «مغتصبون»‪ ،‬فإنه بذلك جذب العنصرية إلى التيار السياسي الرئيسي‪ .‬وعندما يحرض‬ ‫الشخص األقوى في العا َلم الغربي الغوغاء على العنف‪ ،‬يصبح من الواضح أن الغرب يعاني من مشكلة بالغة‬ ‫الخطورة‪ ،‬أيا كان تعريفنا لها‪.‬‬ ‫سؤال دائما يطرح عبر البرامج و الكتابات في الدول النامية‪ ,‬هل يمكن أن يبقى الغرب نموذجا يحتذى به‬ ‫في مجال الديمقراطية و دول الحق و القانون‪ ,‬أم أن لكل بلد ديمقراطيته و األزمات تخرج البلدان من جحورها‬ ‫و تعري عن واقعها ؟‪.‬‬

‫وباء كورونا‬ ‫وحقيقة األمن‬ ‫الصحي‬ ‫العالمي‬ ‫أبحكان أسماء ‪/‬‬

‫دكتورة في القانون العام‬

‫مما ال شك فيه أن أزمة كرونا من بين األزمات‬ ‫الغير متوقعة والتي فاجأت جاهزية أقوى الدول‬ ‫التي عرفت جراءها خسارات كبرى على المستوى‬ ‫االقتصادي واالجتماعي واإلنساني‪،‬أزمة أضعفت‬ ‫أقوى األنظمة الصحية بالعالم‪،‬هنا نتساءل ما موقع‬ ‫األمن الصحي من مثل هده األزمات والتحوالت‬ ‫العميقةٍ التي يشهدها عالمنا الراهن‪.‬‬ ‫واألمن الصحي العالمي كما تعرفه منظمة‬ ‫الصحة العالمية هومجموع البرامج والتدابير التي‬ ‫تهدف إلى أن تخفض إلى أدنى حد مخاطر وتأثيرات‬ ‫األحداث الصحية المهددة لسالمة سكان المناطق‬ ‫الجغرافية أوالعابرة للحدود‪ .‬وتؤكد المنظمة‬ ‫أن صحة البشر ش��رط أساسي لتحقيق األمن‬ ‫والسالم‪ ،‬وأنه يعتمد على التعاون الكامل بين دول‬ ‫وسكان العالم كافة‪ .‬بحيث ال يقتصر تأثير األوبئة‬ ‫والطوارئ الصحية وضعف المنظومات الصحية‬ ‫في إزهاق األرواح البشرية فقط؛ بل يمثل تهديدا‬ ‫لألمن واالقتصاد العالميين‪.‬فاألمن الصحي له‬ ‫حلقات مترابطة بين مجموعة من المتدخلين على‬ ‫المستوى المحلي والوطني والدولي ‪.‬وهدا نتيجة‬ ‫تزايد حجم العالقات أوالتبادالت في عصر العولمة‬ ‫مع تراجع الحدود وفتح المجال لحرية تنقل األفراد‬ ‫والسلع‪ ،....‬ودخول المجتمع الدولي في مرحلة‬ ‫جديدة من التفاعالت تتسم باالعتماد المتبادل‬ ‫القائم على مجموعة من المصالح المتداخلة‬ ‫والمشتركة‪ ،‬ما فرض على فواعل المجتمع الدولي‬ ‫من حكومات ومنظمات تكثيف التعاون وتبادل‬ ‫الخبارت لمواجهة المشكالت الصحية المشتركة‬ ‫ووضع الحلول المناسبة لها واإلسراع في احتواء‬ ‫مخاطرها والحد من تفشيها) الشئ الذي لم نره‬ ‫في مواجهة جائحة كوفيد ‪( 19‬‬ ‫فمن هذا المنطلق‪ ،‬فإن الصحة العالمية‬ ‫أوما يعرف باألمن الصحي العالمي تعني ضرورة‬ ‫خلووسالمة كل دول العالم من كل األم��راض‬ ‫واألخطار واألوبئة التي تهدد الصحة العمومية‬ ‫العالمية‪ .‬إال أنه تبرز مشاكل صحية عالمية تعبر‬ ‫الحدود على نحوال يخضع لسيطرة الحكومات وال‬ ‫الحدود الجغرافية كجائحة كرونا التي انهزمت‬ ‫أمامها أقوى الدول‪ ،‬وهنا ال يتسنى ألي حكومة أن‬ ‫تتحكم في النتائج دون التعاون مع األخرين‪ ،‬وعليه‬ ‫فالصحة العالمية هي نتاج التفاعل بين المحددات‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية والبيئية على‬ ‫مستوى دول��ي‪ .‬ويتمحور مفهوم األمن الصحي‬ ‫حول كيفية حماية أفراد المجتمع من جميع األخطار‬ ‫الصحية التي تواجههم‪ .‬فمفهوم مشكالت الصحة‬ ‫العالمية الجديدة هومفهوم شامل‪ ،‬يجمع بين‬ ‫كل القضايا والتهديدات الجديدة منذ إعداد‬ ‫اإلستراتيجية العالمية لتوفير الصحة للجميع وقد‬ ‫اتسعت اإلستراتيجية اإلقليمية لتوفير الصحة‬ ‫للجميع في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬في العناصر‬ ‫الثمانية للرعاية الصحية األولية التي تم تحديدها‬ ‫في مؤتمر ألما آتا في ضوء التحديات الجديدة‪ .‬فقد‬ ‫تم‪ ،‬توسيع وإعادة تشخيص المشاكل المتعلقة‬ ‫بالصحة‪.‬‬ ‫وبما ان العالم اليوم يشهد العديد من‬

‫ال��ت��ح��والت وال��ت��غ��ي��رات وال��ت��ط��ورات الكونية‬ ‫والتي ساهمت الى حد كبير في تغيير مفهوم‬ ‫الصحة العالمية أوما يعرف ب «األم��ن الصحي‬ ‫العالمي»وما تفرضه هذه التحوالت السريعة من‬ ‫تغير في طبيعة التهديدات واألخطار على األمن‬ ‫الصحي في العالم‪،‬حيث صار العالم اليوم يتميز‬ ‫بجملة خصائص منها ع��دم الثبات والحركية‬ ‫الدائمة‪،‬االعتماد المتبادل‪،‬االتصالية وسهولة‬ ‫التواصل بين البشر في ه��ذه القرية الكونية‬ ‫الصغيرة‪،‬وهي كلها عوامل ساعدت على االنتشار‬ ‫السريع لألمراض الوبائية ‪.‬وهوما حدث مع فيروس‬ ‫كوفيد ‪ 19‬الذي ظهر بالصين وانتشر بالعالم‬ ‫كالنار في الهشيم ‪.‬‬ ‫ه��ذا الوباء ال��ذي كشف عن جوانب كثيرة‬ ‫من االختالالت الهيكلية في العالم‪ ،‬لعل أهمها‬ ‫وأوضحها هوتراجع االهتمام بمفهوم األمن‬ ‫الصحي لحساب جوانب أخرى لألمن ال سيما األمن‬ ‫العسكري‪ ،‬الذي شهد نمواَ مطرداً‪،‬قبل أن يكشف‬ ‫وباء «كوفيد ‪ »19‬للعالم عن أن األمن الصحي ال‬ ‫يقل أهمية عن األمن العسكري‪ ،‬وأن توجيه قدر‬ ‫ولوبسيط من الموارد نحواالهتمام بهذا البعد‬ ‫من أبعاد األمن اإلنساني كفيل بأن يحمي البشر‬ ‫من أضرار ومخاطر تفوق بكثير مخاطر الصراعات‬ ‫والحروب العسكرية‪.‬‬ ‫ولقد تابعنا خ�لال األشهر الماضية كيف‬ ‫عانت‪ ،‬وتعاني‪ ،‬دول متقدمة اقتصاديا ومتطورة‬ ‫طبيا وتكنولوجياً‪ ،‬في توفير المتطلبات الصحية‬ ‫األساسية لمواطنيها لمواجهة هذا الوباء‪ ،‬بدءاً‬ ‫من أجهزة التنفس االصطناعي وصو ًال إلى أبسط‬ ‫األم��ور مثل توفير الكمامات وأدوات التنظيف‬ ‫والتعقيم الشخصية‪ ،‬وكيف لقي أطباء وممرضون‬ ‫وعاملون في القطاع الطبي حتفهم بسبب غياب‬ ‫مثل هذه األم��ور البسيطة‪ .‬كما تابعنا األخبار‬ ‫المتداولة في وسائل اإلعالم الغربية والدولية التي‬ ‫تتهم دول كبرى بالقيام بأعمال قرصنة وسطوعلى‬ ‫شحنات من هذه المستلزمات الطبية الموجهة‬ ‫لبلدان أخرى‪ ،‬تعاني أيضاً من عدم توفرها‪ ،‬بعد‬ ‫أن تفاقم انتشار الوباء ليصيب عشرات‪ ،‬بل ومئات‬ ‫اآلالف داخل هذه البلدان‪ ،‬وفق سيناريوكان يصعب‬ ‫تخيله من قبل‪ ،‬وبشكل لم تستطع النظم الصحية‬ ‫القائمة في هذه البلدان‪ ،‬على تطورها وكفاءتها‪،‬‬ ‫من استيعابه والتعامل معه‪.‬‬ ‫فال يختلف اثنان أن ه��ذه األزم��ة الصحية‬ ‫العالمية أثارت انتباه جميع دول العالم‪ ،‬المتقدمة‬ ‫منها والنامية‪ ،‬إلى أولوية االستثمار في القطاع‬ ‫الصحي من خ�لال تقوية البنيات التحتية من‬ ‫مستشفيات ومؤسسات جامعية من أجل التوسع‬ ‫في األبحاث والدراسات المتعلقة بمحاربة األوبئة‬ ‫بعدما اتضح للجميع أن إن��ت��اج جهاز تنفس‬ ‫اصطناعي قد يفوق في أهميته إنتاج صاروخ عابر‬ ‫للقارات‪ ،‬وأن اكتشاف عالج لفيروس وبائي‪ ،‬قد‬ ‫يغير موازين القوى الدولية‪ ،‬مثلما يحدث في حالة‬ ‫تمكنت إحدى القوى الدولية من ابتكار سالح نوعي‬ ‫يغير موازين القوى لمصلحتها‪.‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫‪6‬‬

‫المحاكمة عن بعد ورهان تحقيق العدالة‬ ‫حنان النحاس‬

‫أستاذة القانون العام‬ ‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – تطوان‪-‬‬ ‫أعلنت وزارة العدل يوم الخميس ‪ 23‬أبريل ‪2020‬بدء المحاكمة عن بعد وذلك في إطار اإلجراءات‬ ‫االحترازية لمحاربة تفشي فيروس كورونا المستجد‪،‬وأعلنت أن هذا القرار جاء بتنسيق مع المجلس‬ ‫األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة‪ ،‬والمندوبية العامة إلدارة السجون‪ ،‬وأنه قد تم‬ ‫تحضير اللوازم التقنية واللوجستية النطالق العملية‪.‬‬ ‫إال أن المالحظ أن تعاطي وزارة العدل مع مستجد الوباء غلب عليه طابع االرتباك الناتج عن‬ ‫سرعة التفاعل أمام طارئ الوباء ‪ ،‬فقد استغلت وزارة العدل المادة الثالثة من مرسوم قانون المتعلق‬ ‫بحالة الطوارئ الصحية التي تضمنت صيغة عامة هي بمثابة تفويض عام يعطي للسلطة التنفيذية‬ ‫إمكانية اتخاذجميع التدابير الالزمة التي تقتضيها حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وهي صيغة مكنت السلطة‬ ‫التنفيذية من سلطة تقديرية واسعة التخاذ كل اإلجراءات الكفيلة بمواجهة حالة الطوارئ الصحية‬ ‫‪ ،‬فكان اللجوء على صيغة المحاكمة عن بعد إلعادة الحياة لمرفق القضاء وضمان استمراريته‪ ،‬إال‬ ‫أنه مع غياب التقاضي االلكتروني أو المحكمة الرقمية‪ ،‬أثار هذا االجراء نقاشا واسعا بين الفاعلين‬ ‫في قطاع العدالة والحقوقيين‪ ،‬حيث أثيرت مالحظات خاصة في ما يتعلق بضمان عدالة المحاكمة‬ ‫والحفاظ على حقوق المتقاضين‪.‬‬ ‫ومن خالل البحث في أسس المحاكمة عن بعد في إطار التشريعات الدولية‪ ،‬نجد أن البروتوكول‬ ‫االطار في االتفاقية االوربية للمساعدة القضائية المتبادلة في المسائل الجزائية‪ ،‬والتي تم التوقيع‬ ‫عليه في استراسبورغ ‪ ،8/11/2001‬ودخل حيز التنفيذ ‪ /1/2/2004‬قد حدد أهم الوسائل القانونية‬ ‫التي تطرقت لمسألة التقاضي االلكتروني في جميع بنوده‪ ،‬فباإلضافة إلى ضرورة توفر دعائم شبكة‬ ‫االنترنت ونظام المحكمة االلكترونية والوسائل التأهيلية للتقاضي المتمثلة في الموارد البشرية‬ ‫المؤهلة للتعامل مع تقنيات هذه المحاكمة‪ ،‬نجد أن هذا البروتوكول قد حدد مجموعة من الشروط‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫ عدم تعارض استخدام تقنية التقاضي االلكتروني مع قانون الدولة المطلوب منها التنفيذ‪.‬‬‫ توافر الوسائل واإلمكانيات التي تساعد الدولة المعنية بالتنفيذ استخدام اليات التقاضي‪.‬‬‫ حصر استخدام الية التقاضي االلكتروني في سماع الشهود والخبراء من أقاليم مختلفة‪ ،‬وبهذا‬‫المقتضى فقد حرص واضعو البروتوكول على حصر هذه التقنية في سماع الشهود والخبراء حتى ال‬ ‫تثير إشكاالت قانونية على الصعيد الدولي ومسائل االختصاص‪.‬‬ ‫أما في المغرب‪ ،‬فإن إجراء المحاكمة عن بعد كتدبير وقائي ضد تفشي فيروس كوفيد‪، 19‬‬ ‫فقد كان هذا االجراء محط مجموعة من المالحظات واالنتقادات التي تشكك في مدى نجاحه في‬ ‫ضمان محاكمة عادلة وحماية حقوق المتهمين‪ ،‬فبالرغم من أن هذا التدبير هو تدبير استثنائي‪،‬‬ ‫وبالرغم من ان للمتهم ودفاعه كامل الصالحية والحرية في قبول هذه المحاكمة أو رفضها‪ ،‬إال‬

‫أن هذا االجراء جاء منقوصا نتيجة‬ ‫لعدة اعتبارات عديدة‪،‬‬ ‫أولها يتمثل في الفراغ‬ ‫التشريعي وغياب تأطير‬ ‫قانوني للمحاكمة عن‬ ‫بعد‪ ،‬فقانون المسطرة‬ ‫الجنائية ال يتطرق‬ ‫لهذا المعطى‪ ،‬ومن‬ ‫ثم هناك مجموعة من‬ ‫المقتضيات التي يجب‬ ‫استدراكها في المسطرة‬ ‫الجنائية عبر صياغة استثناءات تهم المحاكمة عن بعد من أجل مواكبة حالة الطوارئ‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫يلزم وزارة العدل أن تمر عن طريق التشريع لشرعنةهذا النوع من المحاكمة لتغطية الفراغ القانوني‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى أن المحاكم المغربية تعرف خصاصا في الموارد البشرية المختصة في المجال‬ ‫االلكتروني‪ ،‬أي أن األمر يحتاج إلى تأهيل للموارد البشرية سواء القضاة أو المحامون أو كتاب الضبط‪.‬‬ ‫كما أن هذه المحاكمةتطرح إشكال مدى إمكانية القاضي تكوين االقتناع الوجداني أثناء‬ ‫المحاكمة‪ ،‬فهناك من يؤكد على أن االقتناع الوجداني للقاضييصعب التحقيق في غيابالتواجد‬ ‫المباشرللمتهم أمام الهيئة‪.‬‬ ‫وهناك مالحظة أخرى تتعلق بعملية المواجهة بين المتهمين والتي تصعب تطبيقها عن‬ ‫طريق تقنيات المحاكمة عن بعد‪ ،‬فكيف يمكن للقاضي أن يقوم بإجراء مواجهة بين مجموعة من‬ ‫المتهمين عن طريق هذه التقنية؟ وكيف يمكن للقاضي أن يجري مواجهة بين المتهم والضحايا‬ ‫أو الشهود؟‬ ‫كما أن المحاكمة عن بعد في فترة الطوارئ تحتاج إلى قانون جنائي مواكب ينص على عقوبات‬ ‫بديلة لالعتقال االحتياطي من أجل الحد من تفاقم اكتظاظ السجون خاصة مع زيادة فرص انتشار‬ ‫الوباء فيها‪.‬‬ ‫وفي األخير يمكن التأكيد أنه بالرغم من أن المحاكمة عن بعد هي ضرورة حتمية يفرضها‬ ‫التطور التقني أوال وظروف حالة الطوارئ الصحية ثانيا‪ ،‬إال أن نجاح هذه المحاكمة في الحفاظ على‬ ‫حقوق المتهمين وتوفير شروط المحاكمة العادلة يبقى رهين العتبارات قانونية وتقنية أساسية‬ ‫يجب أن تمثل عماد أي تشريع الحق‪.‬‬

‫تأثير جائحة كورونا على المالية العامة‬ ‫في المغرب‬ ‫محمد فهد برادة‬

‫دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‬ ‫يعرف العالم جائحة ال يمكن ألحد أن يتوقع‪ ،‬بشكل دقيق‪ ،‬انعاكاساتها‪ ،‬على الرغم من آثارها الظاهرة‬ ‫على المستوى الصحي‪ ،‬إال أن نتائجها على الصعيد االقتصادي واالجتماعي تبقي مجهولة‪ ،‬وذلك في ظل‬ ‫تو ّقع بعض التحاليل االقتصادية الى حدوث ركود اقتصادي عالمي‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬جاء آخر تقرير قامت به منظمة التعاون االقتصادي و التنمية (‪)OCDE‬الذي اظهر‬ ‫بأن الحجر الصحي الذي فرضته أغلب دول العالم سيكلفها على األقل انخفاض في معدل الناتج المحلي‬ ‫اإلجمالي بنسبة ‪ .2%‬باإلضافة الى مستوى معدل الدين الذي يبقى مرتفعا في جل الدول و ذلك بسبب‬ ‫عدم تعافي العالم من أزمة المالية سنة ‪.2008‬‬ ‫وارتباطا بهذا السياق‪ ،‬فال بد اإلشارة إلى أن هناك عالقة تقنية و تاريخية بين األزمات االقتصادية و‬ ‫المالية العمومية‪ ،‬والتي تبلورت منذ الحقبة الكالسيكية‪ ،‬اي ما قبل األزمة المالية العالمية لسنة ‪1929‬‬ ‫والتي تميزت بالمقاربة الليبرالية التي أسسها آدم سميث(‪ )ADAM SMITH‬و دافيد ريكاردو (‪DAVID‬‬ ‫‪)RICARDO‬اللذان دافعا على مفهوم السوق أو باألحرى قانون العرض و الطلب بشرط عدم تدخل‬ ‫الدولة في الحقل االقتصادي و اقتصارها فقط على السلطات السيادية‪ ،‬فالبنسبة إليهم الميزانية الجيدة‬ ‫هي التي ترعى العجز من خالل توليد فائض رمزي‪ ،‬حتى مفهوم العجز الميزانياتي كان منبوذا‪ ،‬بيد أنه في‬ ‫الوقت الراهن فعلى الدولة االقتراض من أجل سده‪ ,‬إال أنهم اعتبروا أن القروض ليست إال ضريبة مأجلة‬ ‫سوف يسددها الجيل القادم‪.‬‬ ‫كما أنه في ‪ 1929‬عرف العالم أزمة ما يسمى بالخميس األسود و التي ترتب عنها إنهيار بورصة وول‬ ‫ستريت و التي غيرت مجموعة من المفاهيم االقتصادية و من بينها دور الدولة أو باألحرى المالية العامة‬ ‫في الحقل االقتصادي و من هنا برز المفكر كينز(‪ )J.M. KEYNES‬الذي دافع على مفهوم سيادة الدولة‬ ‫على االقتصاد و ذلك عن طريق سياسة ميزانياتية توسعية ( النفقات < مصادر(‬ ‫إال أن تصور كينز لن يدوم طويال‪ ،‬حيث في سنة ‪ 1973‬سوف يشهد العالم منحى آخر‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل بروز عدم فاعلية تدخل الدولة في الحقل االقتصادي و ما ترتب عنه من ظهور ظاهرة التضخم‪ ،‬التي‬ ‫كانت هدف ميلتون فريدمان (‪)Milton Friedman‬حيث أسس لنظام اقتصادي يهدف إلى الحد من‬ ‫تدخل الدولة و إلى نبذ كل القواعد االقتصادية المقننة و إعطاء الليبرالية القدرة على تنشيط السوق‪.‬‬ ‫أما الحقبة من ‪ 1973‬إلى حدود ‪ 2008‬فقد عرف العالم خاللها الموجة الثانية من نظام السوق‪ ،‬الذي‬ ‫بدوره عرف اختالال ‪ ،‬لتأتي أزمة ‪ 2008‬التي كان لها األثر البليغ على النظام المالي و كذلك على االقتصاد‬ ‫ككل‪ ،‬إذ قامت مجموعة من الدول و من بينها الواليات المتحدة األمريكية و أوروبا على دعم اقتصاداتها‬ ‫و ذلك بشكل مباشر‪ ،‬مما جعل العالم يدخل في مرحلة جديدة مبنية على دور الدولة في دعم االقتصاد‬ ‫عبر سياسات مالية و ميزانياتية توسعية‪.‬‬

‫لقد تعددت التحليالت و الرؤى حول تأثير كورونا على االقتصاد‪ ،‬وكذلك التدابير المناسبة للحد من‬ ‫آثار هذه الجاءحة‪ ،‬لكن تبقى المقاربة التاريخية أقرب إلى الصواب من غيرها‪ ،‬فما نعيشه اليوم هو نتاج‬ ‫الختالل نظام الرأسمالي الذي ينبني على منطق الهروب إلى األمام وشراء الوقت دون حل أي مشكل‬ ‫بنيوي في الحقل االقتصادي‪.‬‬ ‫ال يمكن للمغرب أن يتجاهل هذا الوضع ‪ ،‬حيث يوجد أكثر من ‪ 4‬مليار شخص في جميع أنحاء العالم‬ ‫محصورون ‪ ،‬والحدود مغلقة ‪ ،‬ومعظم االقتصاد متراجع ‪ ،‬وفقاً ألحدث دراسة أجرتها المندوبية السامية‬ ‫لتخطيط ‪ 6300 ،‬الشركات في حالة إغالق دائم ‪ ،‬و ‪ 135000‬شركة في حالة إيقاف مؤقت ‪ ،‬وف ًقا للمصدر‬ ‫نفسه ‪ 726000‬وظيفة سيفقدها السوق‪.‬‬ ‫إن شبح الركود االقتصادي أمر ال مفر منه في المغرب ‪ ،‬فالدولة مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى‬ ‫لتضع يدها في جيبها عبر القناة الوحيدة ‪ ،‬وهي المالية العامة‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬فإن أموال الدولة ليست‬ ‫قرونًا كثيرة‪.‬‬ ‫يجب على الدولة أن تعوض بشكل مطلق عن فقدان الدخل في حدود ‪ 80٪‬إلى ‪ .90٪‬مع العلم أن‬ ‫تداعيات أزمة ‪ 2008‬ما زالت قائمة ‪ ،‬وعلى الدولة أن تفتح صنبور الخزينة في مواجهة هذا الوضع الحرج‪.‬‬ ‫لقد سعت الدولة في األمس القريب بأي ثمن لتوفير بعض الدراهم لمواجهة الدين الخارجي ‪،‬‬ ‫وترشيد نفقاتها ‪ ،‬حيت وجدت نفسها اليوم تواجه العبارة الشهيرة‪ :‬مهما كان الثمن ?‬ ‫ولكن ال أحد يستطيع التنبؤ بمبلغ الفاتورة‬ ‫اختار المغرب منذ بداية األزمة ‪ ،‬وحتى قبل االنتشار الواسع للوباء ‪ ،‬اتباع نهج استباقي ‪ ،‬مع اتخاذ‬ ‫العديد من القرارات‪ :‬إغالق الحدود ‪ ،‬المساجد ‪ ،‬المحالت التجارية الصغيرة ‪ ،‬وإعالن حالة الطوارئ الصحية‬ ‫في جميع أنحاء المغرب‪ .‬لقد منعت هذه القرارات الشجاعة األسوأ وأنقذت بلدنا من كارثة صحية‪.‬‬ ‫على الصعيد االقتصادي ‪ ،‬وتحت استبانة جاللة الملك ‪ ،‬تم إنشاء صندوق ‪ COVID 19‬لالستجابة‬ ‫بشكل عاجل لوقف معظم األنشطة االقتصادية ‪ ،‬تم تقديم الدعم للقطاع الخاص من خالل تعويضات‬ ‫يدفعها صندوق الضمان اإلجتماعي ‪ ، CNSS‬والمساعدة المباشرة للقطاع غير الرسمي واألسر األكثر‬ ‫فقرا‪.‬‬ ‫على الرغم من الجهود المبذولة ‪ ،‬وفي مواجهة حالة عدم اليقين هذه ‪ ،‬فإن المالية العامة تخضع‬ ‫تأثير اإلزميل ‪ ،‬ألنها ستعاني من تأثير المقص ‪ ،‬من ناحية انخفاض اإليرادات ‪ ،‬بسبب توقف النشاط‬ ‫االقتصادي وما يترتب على ذلك من انخفاض في تحويالت المغاربة الذين يعيشون في الخارج ‪، RME‬‬ ‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬زيادة في اإلنفاق من أجل تعويض مختلف القطاعات التي تواجه صعوبات‪.‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫حوار‬

‫‪7‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫«جائحة فيروس كورونا ‪:‬‬ ‫إدارة األزمات و المخاطر»‬ ‫حاوره ‪ :‬الدكتور محمد البوشكي‬

‫نظم مختبر البحث «‪ »Malageo‬بشراكة مع ‪ Procejus‬التابعين لكلية العلوم‬ ‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية بتطوان‪ ،‬يوم الثامن عشر من شهر مايو‪ ،‬ندوة‬ ‫افتراضية دولية تحت عنوان «جائحة فيروس كورونا‪ :‬إدارة األزمات والمخاطر»‪.‬‬ ‫ندوة كانت فرصة للقاء الباحثين والمهنيين المغاربة واألجانب والمشاركين‬ ‫بمساهماتهم في العلوم االقتصادية والقانونية واالجتماعية‪،‬لمعالجة المواضيع‬ ‫والمشكالت المتعلقة باألزمات وإدارة المخاطر المرتبطة بمواجهة فيروس كوفيد‪.19‬‬ ‫مواكبة منها للمواضيع الراهنة و النقاش الدائر حول جائحة كورونا‪ ،‬أنجزت جريدة‬ ‫الشمال حوارا في الموضوع‪ ،‬مع د‪ .‬يوسف هركان‪ :‬المنسق العام للندوة االفتراضية‪،‬‬ ‫حول موضوع « جائحة فيروس كورونا ‪ :‬إدارة األزمات و المخاطر» و ذلك من خالل‬ ‫األسئلة التالية‪:‬‬ ‫نشكركم الدكتور يوسف هركان على التفاعل اإليجابي مع حوارنا‬ ‫هذا‪ ،‬نحاول بواسطته التعمق أكثر في موضوع الندوة االفتراضية‪ ،‬لذلك‬ ‫و قبل كل شيء‪،‬ماذا نقصد بإدارة األزمات و المخاطر في ظل الجائحة؟‬ ‫بداية أود التوجه إليكم بالشكر الجزيل على هذه الدعوة الكريمة‬ ‫في هذه الظروف االستثنائية التي يعيشها العالم برمته‪ -‬وبلدنا الحبيب‬ ‫ليس استثناء‪ -‬والتي أبانت عن تواضع الجميع أمامها‪ ،‬لمناقشة موضوع‬ ‫من مواضيع الساعة بامتياز‪.‬‬ ‫لإلجابة عن سؤالكم ماذا يقصد بإدارة االزمات والمخاطر؟‬ ‫أقول على أن مصطلح «أزمة»حسب معجم الوسيط يحيل على‬ ‫الشدة أو القحط‪ ،‬وهي كلمة يعود استعمالها إلى الطب االغريقي القديم‬ ‫وكان يقصد بها نقطة تحول في األمراض الخطيرة والقاتلة‪ ،‬وأما على‬ ‫صعيد العلوم السياسية والعالقات الدولية فالكلمة عرفت بدورها تباينا ‪:‬‬ ‫‪ ‬تحول بنية الدولة‪.‬‬ ‫‪ ‬احتمال مواجهة عسكرية‪.‬‬ ‫‪ ‬موقف فجائي يضع صناع القرار في وضعية حرجة ويتطلب تدخل‬ ‫دقيق وفعال‪.‬‬ ‫وقد عرف وزير الخارجية األسبق للواليات المتحدة األمريكية كيسنجر‬ ‫كلمة األزمة بأنها «مجموعة أعراض‪ symptômes‬لوصول مشكلة ما‬ ‫إلى المرحلة التي تسبق االنفجار»‪.‬‬ ‫وعليه وباختصار شديد فإدارة األزمات والمخاطرهي مجموعة من‬ ‫االجتهادات والمواقف وردود فعل لمواجهة ذلك الموقف الفجائي‪،‬قصد‬ ‫تجاوز الدخول في غمار تداعيات خطيرة وحرجة تؤدي إلى االنفجار‪ ،‬بل‬ ‫هي سباق نظري بضوابط وقواعد علمية وقانونية وتدابير يقصد بها‬ ‫حماية المصالح واإلبقاء على األوضاع القائمة‪.‬‬

‫كيف ترون تدبير أزمة كورونا بالمغرب‪،‬‬ ‫وخصوصا مجال التعليم العالي؟‬

‫لقد تميزت التدابير التي اعتمدتها الحكومة المغربية لمواجهة‬ ‫ازمة فيروس كورونا بالجريئة‪،‬واالستباقية‪،‬مكنت البالد من تجاوزما هو‬ ‫أصعب‪ ،‬أذكر على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إنشاء الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كوفيد‪” -19‬‬ ‫«صندوق طوارئ «والذي جمع أكثر من ‪ 32.7‬مليار درهم مغربي‪...‬‬ ‫ثانيا‪:‬إعالن حالة الطوارئ الصحية‪،‬إصدار مرسوم بقانون رقم‬ ‫‪ 2.20.292‬الصادر في ‪ 28‬من رجب ‪ 1441‬الموافق ‪23‬مارس ‪2020‬‬ ‫والمتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وشرعت في‬ ‫تنفيذ تدابير صارمة الحتواء الفيروس‪ ،‬وقد شمل ذلك إغالق المطارات‬ ‫والمدارس والمساجد والمقاهي والمحالت التجارية – باستثناء أسواق‬ ‫المواد الغذائية – ومنع التجمعات الكبيرة‪ ،‬باإلضافة إلى إرشادات صارمة‬ ‫لضمان التباعد االجتماعي‪...‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إحداث لجنة لليقظة االقتصادية لمواجهة التداعيات‬ ‫االقتصادية واالجتماعية ‪ :‬لمعاجة جزء من األضرار التي سيصيب‬ ‫االقتصاد والشركات‪ ،‬تعليق دفع االشتراكات االجتماعية لدى الصندوق‬ ‫الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬تعويض األجراء‪ ،‬التعويضات العائلية وتلك‬ ‫المتعلقة بالتأمين اإلجباري على المرض‪ ،‬الدعم المؤقت لألسر العاملة‬ ‫في القطاع غير المهيكل‪).....‬‬ ‫رابعا ‪ :‬التدابير الخاصة بضمان استمرارية خدمات المرافق العمومية‬ ‫األساسية( العمل عن بعد‪)...‬‬ ‫ورغم كل هذه المجهودات المتباينة يبقى السؤال الذي يصعب‬ ‫اإلجابة عنه ولو مرحليا‪،‬كيف سيتم تدبير التداعيات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية مابعد كورونا ؟‬ ‫بالنسبة للجزء الثاني من سؤالكم حول تدبير أزمة كورونا في مجال‬ ‫التعليم العالي‪ ،‬وبناء على التصريح الرسمي لوزير التعليم العالي فقد تم‬ ‫إنجاز ما يلي‪:‬‬ ‫‪ ‬تم تعليق التعليم الحضوري وتعويضه بالتعليم عن بعد حيث تم‬ ‫إنتاج أكثرمن ‪ 115‬ألف مورد رقمي متنوع‪ .‬همت هذه الموارد الرقمية‬ ‫بين ‪ % 80‬و‪ % 100‬من المضامين البيداغوجية المبرمجة‪ .‬وقد تم‬ ‫وضعها على البوابات االلكترونية للجامعات والمؤسسات التابعة لها‪.‬‬ ‫‪ ‬الجامعات المغربية وفرت ترسانة مهمة من الموارد‬ ‫الرقميةوالسمعية البصرية والعديد من الدعامات البيداغوجية‬ ‫لتمكين الطلبة من االستمرار في التحصيل األكاديمي (االستمرارية‬ ‫البيداغوجية)‪ .‬‬ ‫‪ ‬تمكنت الجامعات المغربية بفضل المجهودات الجبارة لألطر‬ ‫البيداغوجية والفرق اإلدارية والتقنية للجامعات من توفير ترسانة مهمة‬ ‫من الموارد الرقمية‪.‬‬

‫الدكتور يوسف هركان‬ ‫‪ 34‬مليار درهم‪ -‬من خالله إعداد استراتيجيات مركزية وأخرى جهوية‬ ‫لدعم االقتصاد االجتماعي والتضامني وتأخذ بعين االعتبار الخصوصية‬ ‫المجالية‪.‬‬ ‫‪ o‬صياغة مخططات القطاعات اإلستراتيجية المنتهية خالل سنة‬ ‫‪ 2020‬بنفس األزمة(تجاوز البعد القطاعي الواحد)‬ ‫‪ o‬اإلسراع في تنزيل دو اإلدارة االلكترونية ‪Digitalisation de‬‬ ‫‪،la sphère publique‬إزالة البيروقراطية‪ ،‬اعتماد التجارة االلكترونية‪،‬‬ ‫تعزيز العمل عن بعد‪..‬‬ ‫ثانيا ‪:‬تغيير على المستوى الفردي ‪ :‬السلوكيات‪ ،‬التباعد الجسدي‪،‬‬ ‫الفردي‪ ،‬كيفية التعامل ‪....‬‬ ‫ثالثا‪ :‬توطيد عالقة الدولة و المجتمع‪ :‬رفع منسوب الثقة والتكامل‬ ‫مع الحرص على استمراريتهما وذلك من خالل‪:‬‬ ‫‪ o‬إعادة ترتيب دور كل من المواطن –المنتخب – المجتمع المدني‬ ‫– رجل السلطة‪...‬‬ ‫‪ o‬إعادة االعتبار للعنصر البشري و للبحث العلمي ومن خالله التعليم‬ ‫العالي والجامعة المغربية‪.‬‬ ‫‪ o‬التغيير الثقافي والسلوكي للمواطنات والمواطنين للتعامل مع‬ ‫األزمات‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬تدريس كيفية تدبير األزمات‪:‬‬ ‫‪ o‬على المستوى المركزي‪ :‬القطاعات ‪..‬‬ ‫‪ o‬على المستوى الترابي‪ :‬الجهات الترابية ‪..‬‬

‫‪ ‬الشروع في تقديم مجموعة من الدروس والمحاضرات المصورة‬ ‫على القناة الرياضية بمعدل ‪ 8‬ساعات في اليوم‪ ،‬شملت مسالك في‬ ‫حقل العلوم والتقنيات و مسالك في حقل العلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية ومسلك العلوم اإلنسانية‪ .‬وأخرى تبث في اإلذاعات الجهوية‪،‬‬ ‫ناهيك عن الندوات والموائد العلمية المستديرة‪..‬‬ ‫لكن في المقابل ورغم كل هذه المجهودات التي بذلت في هذا‬ ‫اإلطار إال أن منسوب الرضي الزال غير مطمئنا فحسب دراسة حديثة حول‬ ‫نجاعة التعليم الجامعي عن بعد أنجزت من طرف مجموعة من األساتذة‬ ‫خالل الفترة الممتدة من فاتح ماي إلى ‪ 12‬ماي ‪2020‬وشملت ‪200‬‬ ‫أستاذة وأستاذ جامعي و ‪ 1340‬طالبا وطالبة‪ ،‬تبين أن‪:‬‬ ‫‪« ‬حوالي ‪ 8‬على ‪ 10‬من الطلبة الجامعيين راضون إلى حد ما‪ ،‬أو غير‬ ‫راضين تماما عن النتائج المحققة من التعليم عن بعد(وبالضبط‪.)79 %‬‬ ‫‪ ‬طالب واحد على ‪10‬عبرو عن ارتياحهم لمستوى ما تحقق من‬ ‫التعليم عن بعد ‪.‬‬ ‫‪ ‬كما أكدت الدراسة أن‪ 6,66‬طالب على ‪(10‬أقل من ‪)%7‬والذين‬ ‫تابعوا الدراسة عن بعد‪ ،‬يعانون من مشكل االتصال بشبكة االنترنيت‪.‬‬ ‫‪ ‬ثلث الطالب الذين تابعوا دروسهم في فترة الحجر الصحي عن‬ ‫بُعد عن طريق الحاسوب أو اللوح اإللكتروني (‪.)Tablettes‬‬ ‫‪ ‬تابع‪ %46‬من الطالب الذين شملتهم الدراسة دروسهم عبر‬ ‫الهاتف الذكي‪ ،‬سواء الشخصي أو المملوك لفرد من العائلة‪.‬‬ ‫‪ ‬صرح أكثر من ‪ 70‬في المائة منهم بأن هذا الشكل من التعليم‬ ‫الذي تم اللجوء إليه اضطرارا خالل فترة الحجر الصحي خ ّلف لديهم‬ ‫انطباعا سلبيا‪ ،‬وأنهم ال يستطيعون أن يقدموا إضافة جديدة‪ ،‬مقارنة‬ ‫أهم مخرجات الندوة االفتراضية التي قمتم‬ ‫مع التعليم الحضوري»‪.‬‬ ‫بتنظيمها ؟‬ ‫وعليه‪ ،‬وفي تقديري البد من سرد مجموعة من المالحظات‪:‬‬ ‫شكرا على هذه الفرصة التي أتحتموها لي للحديث عن الندوة‬ ‫أوال‪ :‬التدريس عن بعد وسيلة هامة وضرورية‪ ،‬لكن تكميلية‬ ‫االفتراضية الدولية‪ -‬وعن بعض مخرجاتها‪ «-‬فيروس كورونا‪ :‬إدارة‬ ‫للتدريس الحضوري وليست بديلة عنه‪.‬‬ ‫األزمات والمخاطر»‪ ،‬والتي نظمت من طرف مختبر البحث« «�‪MaLo‬‬ ‫ثانيا ‪:‬التدريس عن بعد يضع مبدأ تكافؤ الفرص في المحك مما‬ ‫‪ »GEA‬بشراكة مع ‪ Procejus‬التابعين لكلية العلوم القانونية‬ ‫ينافي مقتضيات الفصل ‪ 31‬من الوثيقة الدستورية‪.‬‬ ‫واالقتصادية بتطوان يوم ‪18‬مايو‪ ،2020‬والتي قمت بتنسيق أشغالها‬ ‫في‬ ‫االشتراك‬ ‫الوسائل‪،Tablette‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مسؤوليات الدولة في إعداد‬ ‫رفقة الزميل األستاذ راجع محمد أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم‬ ‫االنترنيت‪ ،‬مع التذكير بأن كل ما أنجز ساهم في إعداده مجموعة من القانونية واالقتصادية واالجتماعية بتطوان وبهذه المناسبة أود التوجه‬ ‫األطر البيداغوجية واإلدارية والتقنية ومن خالل مجهودات ذاتية‪.‬‬ ‫إليه بالشكر واالمتنان على كل المجهودات التي قام بها‪.‬‬ ‫كما أشكر السيد عميد كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬ ‫كيف يمكن قراءة تدبير األزمات ما بعد كورونا؟‬ ‫إن محنة فيروس كورونا تدخل في خانة األزمات التي تلحق اإلنسانية واالجتماعية بتطوان و نائباه على دعمهم والفريق التقني الذي واكب‬ ‫والمجتمعات بين الفينة واألخرى في المستقبل من قبيل األزمات الصحية‪ ،‬معنا هذا اإلنجاز‪ ،‬وأيضا أود شكر جميع الزمالء من شعبة االقتصاد‬ ‫والبيئية االنهيارات المالية ومظاهر تغير المناخ واالحتجاجات الشعبية وشعبة القانون العام والقانون الخاص على مساهماتهم ‪.‬‬ ‫قد عرفت نجاحا متميزا‪ ،‬إذ اجتمع فيها ما تفرق في غيرها من‬ ‫وعليه أصبح لزاما على الدولة وجميع المؤسسات التابعة لها والجماعات‬ ‫الترابية من االعتماد على التدبير االستراتيجي أخذا بعين االعتبار األزمات اللقاءات العلمية وذلك من خالل‪:‬‬ ‫المحتملة وعليه فقراءتي لتدبير األزمات ما بعد كورونا يستدعي تدريس‬ ‫مشاركة عدد كبير من األساتذة الباحثين والباحثات‪ ،‬والمهنيين‬ ‫كيفية تدبير األزمات على المستوى المركزي وعلى المستوى الترابي من والخبراء ومستشاري بعض المنظمات الدولية كهيئة األمم المتحدة من‬ ‫خالل ‪:‬‬ ‫جنسيات مختلفة(بلغ عدد المداخالت خمس وأربعون)‪.‬‬ ‫األبحاث‪،‬‬ ‫ومراكز‬ ‫الجامعات‬ ‫مع‬ ‫بشراكة‬ ‫خاصة‬ ‫أبحاث‬ ‫‪:‬إعداد‬ ‫أوال‬ ‫‪‬‬ ‫بلغ عدد الدول المشاركة اثنا عشرة دولة( الجزائر‪ ،‬بريطانيا‪،‬‬ ‫لكن بخصوصية مغربية‪.‬‬ ‫رومانيا‪ ،‬اسبانيا‪ ،‬قطر‪ ،‬مصر األردن‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬السينغال‪،‬‬ ‫‪ ‬ثانيا‪ :‬إعداد خريطة لألزمات ‪cartographie‬‬ ‫سويسرا‪ ،‬المغرب)‬ ‫‪ ‬ثالثا‪ :‬إعداد مرجع للتدبير األزمات ‪Référentiel de gestion‬‬ ‫الجلسات العلمية‪ :‬بلغ عددها تسعة‪ ،‬ثالثة باللغة العربية‪ ،‬أربعة‬ ‫‪des crises‬‬ ‫باللغة الفرنسية‪ ،‬واحدة باللغة اإلنجليزية‪ ،‬وواحدة باللغة االسبانية‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬كانت فرصة لتقاسم التجارب بين المتدخلين من مختلف‬ ‫ما هي الدروس المستخلصة من محنة فيروس‬ ‫الدول وفي مختلف التخصصات والمجاالت( القانونية‪،‬االقتصادية‬ ‫كورونا ؟‬ ‫واالجتماعية ‪،‬التاريخ‪ ،‬الطب‪)..‬‬ ‫«رب محنة في طياتها مجموعة من المنح « وعليه فالدروس‬ ‫أما التوصيات فقد ارتبطت أساسا بالمواضيع التي تهم‪:‬‬ ‫المستخلصة من محنة فيروس كورونا متعددة أذكر من بينها‪:‬‬ ‫‪ ‬الشق االقتصادي‪ :‬اللوجستيك والتدبير المالي‪،‬االستراتيجيات‪،‬‬ ‫أوال‪ :‬وجوب ترتيب أولويات الدولة ‪:‬‬ ‫الموارد البشرية‪ ،‬القطاع البنكي‪ ،‬القطاع السياحي ‪...‬‬ ‫‪ o‬إعادة النظر في دور الدولة األساسي خاصة في بلورة مخطط‬ ‫‪ ‬الشق القانوني واالجتماعي‪:‬وضعية العقود أثناء أزمة كوفيد‪،‬التباعد‬ ‫وطني « سياسة اإلنعاش» في مقابل الفرضيات التقليدية التي تستهدف االجتماعي‪ ،‬المقاربة القانونية واألمنية بالوسط ألسجني‪ ،‬التداعيات‬ ‫فقط التوازنات المالية على حساب التوازنات االجتماعية والبشرية التي السياسية والعالقات الدولية لكوفيد‪ ،‬استمرارية المرفق العمومي‪،‬‬ ‫لم تعد تفي بالغرض‪.‬‬ ‫التداعيات الصحية و االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تدبير األزمات على‬ ‫الصحية‪،‬‬ ‫الخريطة‬ ‫إعداد‬ ‫والتعليم)‪،‬‬ ‫الصحة‬ ‫(‬ ‫الراعية‬ ‫‪ o‬تقوية الدولة‬ ‫المستوى المركزي والمستوى الترابي (دور الجماعات الترابية‪ ،)..‬وضعية‬ ‫إعادة النظر في الحوكمة الصحية‪ ،‬الخدمات العمومية وفي الحماية السياسات العمومية‪ ،‬إشكالية اإلنتاج التشريعي في ظل األزمات‪....‬‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫وتدقيقا لمخرجات هذه الندوة العلمية والدولية نحن بصدد إعداد‬ ‫الوطنية‬ ‫السيادة‬ ‫أولويات‬ ‫العمومية‪،‬‬ ‫االستثمارات‬ ‫في‬ ‫النظر‬ ‫إعادة‬ ‫‪o‬‬ ‫كتاب جماعي والذي من خالله سنضع القراء والمهتمين بكل التوصيات‬ ‫على االمن الغذائي و الطاقي وعلى األمن الصحي وعلى المنتوج التفصيلية الخاصة بها‪ ،‬وتطويرا لهذه النوعية من الشراكات العلمية‬ ‫المغربي ‪..‬‬ ‫سنكون مع موعد للنسخة الثانية في السنة القابلة بإذن اهلل‪ .‬وشكرا‬ ‫‪ o‬إعادة النظر في تدبير القطاع غير المهيكل « الدولة تضيع لكم‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫أزمة كوفيد‪ 19‬و األمن الدولي‬ ‫سارة الزهيري ‪ /‬باحثة في القانون العام‬ ‫كيف يمكن لتهديد واحد‪ ،‬حتى ولوكان غير محتمل‪ ،‬أن يتحول‬ ‫إلى أزمة عالمية متطورة تتحدى أسس األمن العالمي واالستقرار‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وكل ذلك في غضون أسابيع ؟؟‬ ‫عبر التاريخ‪،‬اجتمعت الحروب واألوبئة متسببة في كوارث؛ ومع‬ ‫بدء انتشار فيروس كورونا المستجد ببطء في العالم‪ ،‬فإن عواقبه‬ ‫على الصعيدين البشري والسياسي قد تكون مدمرة‪ ،‬وحتى لحظة‬ ‫كتابتي لهذه المقالة تم تأكيد إصابة ما يفوق الخمسة مليون‬ ‫شخص في العالم ‪،‬وتستمر هذه األرقام باالرتفاع بوتيرة مقلقة‪.‬‬ ‫تؤثركل أزمة عالمية على النظام الدولي وهياكله وقواعده‬ ‫ومؤسساته‪.‬وبسبب هذا الفيروس‪ ،‬وجد العالم نفسه أمام حرب‬ ‫وعدوغيري مرئي‪ ،‬ناهيك عن اآلثار التي ترتبت عن انتشاره على‬ ‫االقتصاد العالمي‪ ،‬واألمن الغذائي‪،‬وعلى منظومة األمن القومي‬ ‫العالمي‪ ،‬إذ نرى أن تداعيات فيروس كورونا كوفيد ‪ 19‬سيغير من‬ ‫مفهوم األمن الدولي‪ ،‬حيث سيكون إلزاميا إدخال األمن الصحي‬ ‫لمنظومة األمن القومي وتطويره على سلم أولويات أجهزة‬ ‫األمن‪ ،‬خاصة بعد التراجع السلبي في المنظومتين االقتصادية‬ ‫والبشرية جراء انتشار الفيروس المستجد‪ ،‬وأيضا أمام ما ارتأيناه‬ ‫من ضعف في االستراتيجيات الصحية في العالم‪ ،‬وإلى شبه غياب‬ ‫التنسيق على المستوى الدولي‪ ،‬وبالتالي شهدنا على أن منظمة‬ ‫الصحة العالمية عجزت عن إقرار سياسة صحة مشتركة لمواجهة‬ ‫الجائحة الوبائية‪.‬‬ ‫تُعتبر جائحة كوفيد ‪ 19‬صدمة إنسانية واقتصادية كبرى‬ ‫ألوروبا والعالم‪ .‬تتخذ البلدان جرائها مجموعة من التدابير غير‬ ‫المسبوقة لمنع انهيار أنظمتها الصحية وللحفاظ على اقتصادها‪.‬‬ ‫واكتشف العالم أنه كيف لتهديد غير مرئي لصحة اإلنسان‬ ‫يمكن أن يكشف عن ثغرات وضعف في المنظومة الصحية داخل‬ ‫كل بلد‪ ،‬والدول األوروبية خير مثال على ذلك ‪ ،‬حيث اتضح إنها‬ ‫غير قادرة على تغطية االحتياجات الحيوية؛ كتوفير الزائد لألقنعة‬ ‫الطبية ( الكمامات) ‪ ،‬وأجهزة التنفس وغيرها من األجهزة الطبية‬ ‫األخرى ‪..‬في موازاة ذلك تظهر بعض البلدان النامية‪ ،‬مثل‬ ‫السنغال والمغرب قدرتها ومرونتها في التصدي للوباء‪ ،‬عبر توفير‬ ‫األمن الصحي من خالل التدابير الوقائية واألدوية ‪ ،‬وأيضا ترابط‬

‫بين مسؤولين داخل الحكومة الواحدة ‪ ،‬وبسن مجموعة من‬ ‫القوانين التي تعني برصد وتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد‬ ‫‪.19‬‬ ‫تبين هذه األزمة الوبائية أن بعض دول العالم وخاصة الدول‬ ‫الغربية غير مستعدة بشكل كبير للتعامل مع التهديد الذي يتسم‬ ‫بانتشار سريع ‪ ،‬وأن الوسائل العسكرية قد تصبح عديمة الفائدة‬ ‫في مكافحة التهديدات الغير مرئية‪ ،‬ويظهر أيضا إلى أي مدى قد‬ ‫تفشل اقوى أجهزة استخباراتية في جميع أنحاء العالم في توقع‬ ‫التهديدات غير التقليدية مثل األوبئة ‪ ،‬واألزمات المالية العالمية‪.‬‬ ‫أيضا ما يزيد من الطين بله‪ ،‬نالحظ على الصعيد الدولي‬ ‫يغلب طابع المصلحة الذاتية في مواجهة هذا الخطر الوبائي‪،‬‬ ‫إذ نجد الواليات المتحدة األمريكية تحاول االحتكار على ملكية‬ ‫اللقاح‪ ،‬في المقابل حاولت بعض البلدان اإلستالء على اإلمدادات‬ ‫الطبية الموجهة لدول أخرى ‪ ،‬فيما نجد الصين طبقا لبعض‬ ‫المحللين الغربيين تفتقر للشفافية فيما يتعلق بتفاصيل هذا‬ ‫الفيروس المستجد‪.‬‬ ‫في الوقت الذي يجب فيه أن يكون التعاون بين القوى الكبرى‬ ‫على رأس جدول األعمال الدولية لمعالجة انتشارالوباء‪ ،‬وإبراز‬ ‫أهمية هدا التعاون في تبادل المعلومات وبحوث اللقاحات ˛لآلسف‬ ‫فإن السيناريومعاكس يكشف عن الردود الفردية للدول مما‬ ‫يهدد المخطط الدولي للسالم واألمن ‪ ،‬مخالفين بذلك للمادة‬ ‫‪ 23‬من ميثاق األمم المتحدة الذي بموجبه التخطيط لمواجهة‬ ‫األخطار التي تهدد السالم العالمي‪ ،‬وعلى الدول األعضاء القيام‬ ‫بتنفيذه بغرض الحفاظ على السلم واألمن الدوليين‪.‬‬ ‫وبرغم ما سلف ال تزال دول العالم والقوى الكبرى منقسمة‬ ‫حول ما إذا كان ينبغي وصف هذا الوباء بأنه تهديد لألمن الدولي‪،‬‬ ‫أم ال !! على الرغم من أن األمين العام لألمم المتحدة السيد‬ ‫أنطونيوغوتيريش ‪ ،‬وصف الوباء بأنه أكبر تهديد دولي في تاريخ‬ ‫األمم المتحدة قائال « إن جائحة كوفيد ‪ 19‬ليست حالة من حاالت‬ ‫الطوارئ في مجال الصحة العامة فحسب‪..‬إنما أزمة اقتصادية‪،‬‬ ‫وأزمة اجتماعية‪ ،‬وإنسانية‪ ،‬أخذت تتحول بسرعة إلى أزمة لحقوق‬ ‫اإلنسان»‪.‬في هذا اإلطار ستشهد في المستقبل القريب تغير‬

‫في بنية النظام الدولي‪ ،‬وغياب تام لفكرة االندماج المشترك‬ ‫بين الدول‪ ،‬والعمل على التوصل لخيارات تشاركيه حقيقية‪،‬‬ ‫وتعزيز القدرات الدولية المركزية‪ ،‬هذا كله أمام فشل التنظيمات‬ ‫االقتصادية في ظل انخفاض القدرات اإلنتاجية لالقتصاد الدولي‬ ‫‪ ،‬وبالتالي تدني نسبة االستقرار على الصعيد الدولي‪.‬‬ ‫وهذا يعني أن الحكومات تواجه تحديًا الحتواء العواقب‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية المدمرة للفيروس‪ ،‬وسط‬ ‫دعوات إلى تكثيف التعاون الدولي‪ .‬علما أنه ليس باألمر السهل‬ ‫لتحقيق هذا التوازن‪ .‬وكلما طال هذا الوباء العالمي لفترة‬ ‫أطول‪،‬كان هذا التوازن أكثر صعوبة بالنسبة لصانعي السياسات‪.‬‬

‫«الحماية الجنائية للحياة الخاصة‬ ‫بين المرجعية الحقوقية والنص القانوني»‬ ‫رضوان بنسليمان‬

‫باحث في العلوم الجنائية والدراسات األمنية بكلية الحقوق طنجة‬ ‫يفرض موضوع الحماية الجنائية للحياة الخاصة بالمغرب _كما‬ ‫في باقي البلدان األخرى_ تحديات كبيرة على المستوى التشريعي‬ ‫والهيكلي‪ ،‬والمؤسساتي‪ ،‬سواء بالنسبة لمجال حماية المعطيات‬ ‫ذات الطابع الشخصي‪ ،‬أو الحماية الجنائية للحياة الخاصة في المجال‬ ‫المعلوماتي‪ ،‬وخاصة إحداث التوفيق والموازنة بين مسايرة التقدم‬ ‫التكنولوجي الجديد في ظل زمن العولمة والرقمنة والمواكبة‬ ‫المحيَّنة لما يجتاحنا من النظم التي تنتهك حرمة الحياة الخاصة‪.‬‬ ‫لقد حظي الحق في حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬باهتمام كبير‬ ‫من جانب الهيئات والمنظمات الدولية‪ ،‬انطالقا من مبدإ عام يسود‬ ‫المجتمع الدولي‪ ،‬وهو احترام حقوق اإلنسان األساسية الذي كان‬ ‫مدخال رئيسيالصدور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬في األمم‬ ‫المتحدة؛ حيث عقدت االتفاقيات الدولية واإلقليمية والمحلية إلقرار‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ومنها حقه في حرمة حياته الخاصة‪ ،‬والبحث عن‬ ‫أفضل الوسائل لحماية هذا الحق‪ ،‬الذي يعد من أقدس الحقوق‬ ‫وأسماها‪ ،‬ويتسم بطابع السرية والخصوصية‪.‬‬ ‫وكذلك نص دستور ‪ ،2011‬بحماية الحياة الخاصة بإضافة‬ ‫مقتضى جديد ضمن هندسته الجديدة يتعلق أساسا بهذا الحق‪،‬‬ ‫وذلك من خالل المادة ‪« 24‬لكل شخص الحق في حماية حياته‬ ‫الخاصة»؛ ألن الحريات والحقوق األساسية يتجليان في قدرة األفراد‬ ‫على اإلتيان بعمل ال يضر باآلخرين؛ أي أنها قدرة مقيدة بعدم‬ ‫اإلضرار بالغير في حدود التنظيم الدستوري والقانوني للدولة‪،‬‬ ‫لذلك كان من الضروري التنصيص عليها في الدستور المغربي‬ ‫قصد حمايتها من تدخل المشرع العادي‪ ،‬بل إن كل تشريع يتعارض‬ ‫مع ما نص عليه الدستور من حقوق وحريات يعد غير دستوريا‬ ‫وواجب اإللغاء‪ .‬فهناك حقوقا تكفلها الوثيقة الدستورية بشكل‬ ‫مطلق وال تسمح بالمساس بها‪ ،‬وهي مؤطرة في ‪ 22‬فصال (من‬ ‫الفصل ‪ 19‬إلى الفصل ‪.)40‬‬ ‫في السياق نفسه دعا المجلس الوطني لحقوق اإلنسان إلى‬ ‫إبعاد تدخل القانون عن الحياة الخاصة الشخصية لألفراد؛ حيث‬ ‫طالب في مذكراته حول مشروع القانون رقم ‪ 10.16‬المتعلق‬ ‫بتعديل القانون الجنائي‪ ،‬بعدم تدخل هذا األخير في العالقات‬ ‫الشخصية الحميمية إال بصفة استثنائية مثال عندما يالبسها‬

‫عنف غير مشروع‪ ،‬فضال عن ما صدر من نصوص قانونية كثيرة‬ ‫ذات الصلة‪ ،‬حيث تم وضع ضوابط وقواعد من خالل تجريم كل‬ ‫فعل من شأنه أن ينتقص من حق اإلنسان في العيش الكريم في‬ ‫ظل الخصوصية كجرائم االعتداء عن النفس‪ ،‬والجرائم المتعلقة‬ ‫بحرمة السكن‪ ،‬والرسائل‪ ،‬وإفشاء األسرار‪ ،‬وانتحال االسم والتزوير‬ ‫فيه‪،‬باإلضافة إلى حماية المحادثات الشخصية من خالل تجريم‬ ‫التجسس وغيره‪ ،‬وهو ما يستدعي تحيينا دائما للقوانين لمواكبة‬ ‫متجل في‬ ‫الجرائم المستجدة‪ ،‬مما يدعونا إلى طرح سؤال مركزي‬ ‫ٍ‬ ‫كيفية تعامل المشرع المغربي مع هذه الحماية‪ ،‬وماهي القوانين‬ ‫المؤطرة لذلك؟‬ ‫أقر القانون رقم ‪ 09.08‬المتعلق بحماية األشخاص‬ ‫الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬ألول مرة‬ ‫في المشهد القانوني المغربي‪ ،‬جملة من المقتضيات القانونية‬ ‫الهادفة إلى حماية الهوية والحقوق والحريات الفردية والجماعية‬ ‫والحياة الخاصة من كل ما من شأنه أن يمس بها عبر استخدام‬ ‫المعلوميات‪ .‬ويحدد القانون‪ ،‬في جملة أمور أخرى وبدقة‪ ،‬الحق في‬ ‫الولوج إلى القواعد التي تتضمن المعطيات الشخصية‪ ،‬والتعرض‬ ‫على بعض عمليات المعالجة‪ ،‬وطلب تصحيح المعطيات الخاطئة أو‬ ‫مسح المعطيات التي انتهت صالحيتها أو التي تم تحقيق الغاية‬ ‫من معالجتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقد بات المغرب‪ ،‬باعتماد هذا القانون‪ ،‬واحدا من أولى الدول‬ ‫العربية واإلفريقية التي تتوفر على نظام كامل للحماية‪ ،‬وإحدى‬ ‫الوجهات اآلمنة في مجال تداول المعطيات الشخصية دون أن‬ ‫نغفل القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬ ‫قد تضمن هذا القانون‪ ،‬مقتضيات بحماية الحياة الخاصة‪ ،‬أضيفت‬ ‫إلى مجموعة القانون الجنائي بموجب الفصول (‪ 447-1‬و‪ 447-2‬و‬ ‫‪ ) 447-3‬تشمل بموجب المقتضيات الجنائية؛‬ ‫ منع التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات‬‫صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحبها‪.‬‬ ‫ منع تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء‬‫تواجده في مكان خاص دون موافقته‪.‬‬ ‫‪ -‬بث أو توزيع تركيبة من أقوال شخص أو صورته‪ ،‬أو بث أو‬

‫توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة‪.‬‬ ‫يهدف هذا المستجد إلى حماية صورتين من صور المساس‬ ‫بالحياة الخاصة للفرد‪ .‬سعيا لضمان حماية أمثل لمكونات الحياة‬ ‫الخاصة المشار إليها‪ ،‬رتب المشرع المغربي جزاء جنائيا على ارتكاب‬ ‫أحد األفعال السابق ذكرها‪.‬‬ ‫أوضح منشور رئيس النيابة العامة اإلطار القانوني الناظم‬ ‫لمنع تصوير األفراد حماية للحياة الخاصة‪ ،‬المتمثل باألساس في‬ ‫قانون ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬من جهة‬ ‫وبعض المقتضيات المتفرقة بين قانون الصحافة‪ ،‬وقانون ‪08.09‬‬ ‫المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات‬ ‫الطابع الشخصي؛ تشمل أوجه هذه الحماية منع التقاط أو تسجيل‬ ‫أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص‪ ،‬أو سري‪،‬‬ ‫دون موافقة أصحابها‪ .‬فضال عن منع تثبيت أو تسجيل أو بث أو‬ ‫توزيع صورة شخص أثناء وجوده في مكان خاص دون موافقته‪.‬‬ ‫المالحظ أن هناك تداخال ما بين القانون الجنائي ومقتضيات قانون‬ ‫الصحافة والنشر ‪ ،88-13‬فيما يتعلق بالمس بالحياة الخاصة‪ ،‬ما‬ ‫يجعل المتضرر يحار بين رفع شكايته في إطار هذا القانون أو ذلك‪،‬‬ ‫وهو سلوك تشريعي ما كان ينبغي الوقوع فيه؛ ألنه مساس باألمن‬ ‫القانوني‪ ،‬ومن شأنه إرباك العمل القضائي وعمل النيابات العامة‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فإن هذه القوانين تجسد فعال مقتضيات العهد‬ ‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬المتعلقة بحق‬ ‫الشخص في عدم التدخل على نحو تعسفي أو غير مشروع في حياته‬ ‫الخاصة‪ .‬لهذا بات من الضروري أن نتحرر من كل األفكار (النمطية)‬ ‫التي تمارس إكراهها علينا‪ .‬وأخيرا‪ ،‬هل نستطيع إنقاذ حماية الحياة‬ ‫الخاصة من خالل هذه القوانين وتلك التعديالت؟‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫‪9‬‬

‫ملف خاص‬ ‫عن المجاهد‬ ‫عبد الرحمان‬ ‫اليوسفي‬

‫• النقيب محمد مصطفى الريسوني‬ ‫يف البداية �أود ان ا�شكركم على اهتمامكم بهذا اجلانب احلقوقي لدى الفقيد الأ�ستاذ النقيب عبد الرحمان اليو�سفي الذي اختري نقيبا‬ ‫للمحامني بطنجة لفرتة ‪� 1961 /1959‬أي ملدة �سنتني كما كان القانون ين�ص عليه �آنذاك‪.‬‬ ‫وفى تلك الفرتة مل �أكن قد التحقت ب�سلك املحاماة بعد ‪ ،‬غري �أين ملا التحقت باملهنة �سنة ‪ 1964‬و�أ�صبحت فيما بعد ع�ضوا باملجل�س �سنة ‪1981‬‬ ‫ثم نقيبا �سنة ‪� 1977‬أتيحت يل فر�صة االطالع على اجلداول ال�سابقة للنقابة التي علمت منها ان اال�ستاذ اليو�سفي كان نقيبا للمحامني‬ ‫بطنجة ‪ ،‬و�أنه كان بذلك �أول نقيب مغربي لهذه النقابة العتيدة ‪.‬‬ ‫مل يكمل الأ�ستاذ اليو�سفي فرتته النقابية نظرا ملتابعته يف امللف الذي عرف �آنذاك مبحاولة اغتيال ويل العهد الأمري موالي احل�سن الذي‬ ‫اعتلى العر�ش العلوي املجيد �سنة ‪.1961‬‬ ‫ومما �أذكره عن هذا امللف �أن النيابة العامة طالبت النقابة بالت�شطيب على الأ�ستاذ اليو�سفي الأمر الذي مت بالفعل ومل يعد الفقيد م�سجال‬ ‫باجلدول ‪.‬‬ ‫وللعلم فان ار�شيف النقابة يتوفر على ن�سخة فريدة من جدول املحامني الذى يحمل ا�سم الراحل كنقيب ‪.‬‬ ‫اود ان �أ�شري الى �أننى مل �أتعرف على الفقيد اال بعد �سنة ‪ 1977‬عندما كنت نقيبا وح�ضرت كمالحظ احد اجتماعات احتاد املحامني العرب‬ ‫بالقاهرة الذي كان ع�ضوا فى امانته العامة ب�صفة النائب املكلف بحقوق االن�سان ‪ ،‬وقد اطلعت على ما كان يحظى به الأ�ستاذ اليو�سفي لدى‬ ‫جميع املحا مني العرب وفى العامل اجمع من تقدير واحرتام ‪ ،‬وعلى ما كان يقوم من �أعمال وجمهودات فى �سبيل حماية حقوق االن�سان والنهو�ض‬ ‫بها فى العامل وخا�صة العربي ‪.‬‬ ‫ازدادت معرفتى بالنقيب اليو�سفي بعد ذلك وخا�صة بعد توليه من�صب الوزير الأول فى حكومة التناوب التوافقي �سنة ‪ 1998‬وكنت �آنذاك‬ ‫رئي�سا جلمعية هي�أة املحامني باملغرب حيث مت االتفاق على �إبرام اتفاقية عمل و�شراكة مع وزارة العدل حر�ص على ح�ضور توقيعها بنف�سه ‪ ،‬وما‬ ‫زالت املعمول بها فى العالقات التعاونية والق�ضائية بني املحامني والق�ضاء من اجل حتقيق العدالة‪.‬‬ ‫وال ميكنني ان �أن�سى �أبداً الدعم القوي الذى خ�ص�صه هذا الرجل للعدالة االنتقالية باملغرب التي كنت ع�ضوا فى جميع هي�آتها و�أعمالها وجلنة‬ ‫متا بعة تو�صياتها‪.‬‬ ‫و�أخريا كان يل �شرف �إعداد حفل التكرمي العظيم الذى مت بقاعة احمد بوكماخ بطنجة رفقة الإخوة حممد الن�شنا�ش وحممد الأمني اخل�صا�صي‬ ‫وحممد جربون �سنة‪ 2019‬مبنا�سبة تقدمي مذكرات الفقيد التي ن�شرها الأخ العزيز وال�صديق موالي مبارك بودرقة‪.‬‬ ‫رحم اهلل الفقيد الذى كان رجل دولة �شهما نزيها عفيف ًا ي�صدق عليه قوله تعالى ( للذين اح�سنوا احل�سني وزيادة وال يرهق وجوههم قرت وال‬ ‫ذلة �أولئك ا�صحاب اجلنة هم فيها خالدون ‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫استعـــادات‪..‬‬ ‫د‪ .‬عبد اللطيف شهبون‬

‫في منزل المرحوم األستاذ المجاهد عبد الرحمن اليوسفي بالدار البيضاء‬ ‫واكبت عمل فقيد الوطن المرحوم األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‬ ‫من موقعين ؛ سياسي وحقوقي ‪ ،‬وكتبت بعضا من ذلك في جريدة‬ ‫الشمال منذ انطالقتها على يد مؤسسها المرحوم خالد مشبال ‪..‬‬ ‫يدعوني عامل تقدير المنجز اليوسفي النتقاء بعض من عمله‬ ‫السياسي ( الرسمي والحزبي في مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب‬ ‫المعاصر) ‪:‬‬ ‫أوالها ‪ :‬القسم‪1 ..‬‬ ‫عندما عين األستاذ عبد الرحمن اليوسفي وزيرا أول في حكومة‬ ‫التناوب كتبت جريدة ‪ el pais‬بعنوان بارز على صفحتها األولى ‪:‬‬ ‫«الحسن الثاني يكلف ـ ألول مرة ـ اشتراكيا بتشكيل الحكومة في‬ ‫المغرب»‬ ‫يتضح من عبارة « أول مرة « أهمية الحدث في مستوييه الوطني‬ ‫والدولي‪..‬‬ ‫بعد حدوث ذلك التعيين ‪ /‬الحدث انحلت عقد ألسنة‪ ..‬فارتفع نكير‬ ‫معارضي اليوسفي في السر والعلن على ذلك القسم الشهير على‬ ‫المصحف لكونه بدعة سياسية غير واجبة‪..‬‬ ‫وأما جهابذة السياسة من « الحداثويين « فقد صرحوا بدورهم‬ ‫أن األمر يجب أال يقع تحت طائلة مصحف أو كتاب‪ ..‬اعتقادا منهم أن‬ ‫السياسة تبيح بل تفرض االنزياح عن منظومة القيم‪..‬ما دام جوهرها‬ ‫يقوم على المصالح وليس على األخالق‪..‬‬ ‫وأما فصيل آخر فعد « القسم الشهير» تلطيخا لصورة الدين‬ ‫بممارسات سياسية متخفية باسمه ‪ ،‬وباسم قيمه ومبادئه السمحة‬ ‫السامية‪..‬‬ ‫سار الناس طرائق قددا في تأويل القسم اليوسفي ‪..‬‬ ‫أما جوهر القسم المذكور ـ كما علق أحد العقالء ـ ففي رمزيته ‪:‬‬ ‫• حرمة الموقف‬ ‫• قداسة الواجب‬ ‫• األمانة العظمى التي حملها اليوسفي ‪ /‬اإلنسان‬ ‫وقد أوفى اليوسفي ‪:‬‬ ‫• بما عاهد اهلل عليه‬ ‫• وساهم في إنقاذ البالد من السكتة القلبية‪..‬‬ ‫خرج من الحكومة مرفوع الهامة‪..‬يأكل الخبز ويمشي في‬ ‫• ‬ ‫األسواق كباقي الناس ؛ أو كما ينبغي أن يكون عليه حال المسؤول‬ ‫األمين ؛ فأعطى بذلك درسا لن يمحى لمن سبقه‪ ..‬ولمن أتى بعده ‪..‬‬ ‫• وضع قطار االنتقال الديموقراطي على سكته ؛ والمتعين أال‬ ‫يزيغ؛ وهذه مهمة الديموقراطيين‪..‬‬ ‫ثانيها ‪ :‬واقعية اليوسفي‪2..‬‬ ‫في اللقاء الخاص الذي بث على القناة األولى يوم الجمعة ‪23‬‬ ‫فبراير ‪ 2001‬قدم الوزير األول عبد الرحمن اليوسفي بيانا وتبيينا عن‬ ‫حصيلة الحكومة الحالية ‪ ،‬وقد اعتبرها كافية الستجالب التقدير من‬ ‫طرف الشعب المغربي‪ ..‬قدم الوزير األول نتائج أولية ملموسة في‬ ‫مجاالت تدبير الشأن العام داخليا وخارجيا في ‪:‬‬

‫• التعليم‪..‬‬ ‫• محاربة األمية‪..‬‬ ‫• االستثمار الوطني واألجنبي‪..‬‬ ‫• التشغيل‪..‬‬ ‫• مدونة الشغل‪..‬‬ ‫• دعم الفالحين‪..‬‬ ‫• آليات محاربة الرشوة ‪ ،‬وعزم الحكومة عل استصدار قوانين‬ ‫حمائية وزاجرة‪..‬‬ ‫• آليات الشفافية‪..‬‬ ‫• إجراءات التخليق‪..‬‬ ‫• عوائد الخوصصة‪..‬‬ ‫• محكمة العدل الخاصة‪..‬‬ ‫• وضعية المرأة‪..‬‬ ‫• الوحدة الترابية ‪ :‬فعالية الدبلوماسية المغربية وآفاق تسوية‬ ‫المشكل‪..‬‬ ‫• اتحاد المغرب العربي‪..‬‬ ‫• الشراكة مع االتحاد األوربي‪..‬‬ ‫كما تم التطرق في اللقاء المذكور لمعضلة الشأن الحزبي ‪:‬‬ ‫اآلليات المستحدثة وتدبير االختالف‪..‬‬ ‫وبقدر ما كانت دقائق اللقاء تمضي سراعا ‪ ،‬كانت مقدمته‬ ‫تراهن على استخراج أكبر قدر من الحقائق والمواقف من ضيف اللقاء‬ ‫‪ ،‬بتعاون مع ضيفين اعالميين ؛ مما استدعى تقديم أسئلة ذات طابع‬ ‫تركيبي في صيغة ثنائية أو ثالثية‪..‬‬ ‫وفي كل ذلك كان « السي عبد الرحمن « يجيب بوثوقية‬ ‫ومسؤولية ووضوح وتفاؤل موضوعي وواقعي مبرر ومرتكزعلى‬ ‫فضائل ‪:‬‬ ‫• اإلقرار بالحقائق ومواجهة المشاكل‪..‬‬ ‫• الحوار الديموقراطي‪..‬‬ ‫• اإليمان بالمستقبل وحمل البشائر‪..‬‬ ‫• االستمرار في التعبئة األدائية‪..‬‬ ‫• القطيعة مع زمن األخطاء‪..‬‬ ‫وهي سمات واقعية اليوسفي ؛ الرجل الذي يؤصل تجربة فريدة‬ ‫وطنيا واقليميا ودوليا‪..‬‬ ‫ثالثها ‪ :‬أي طريق‪3 ..‬‬ ‫أكتب هذه السانحة وأنا أعيش مؤتمرا حزبيا استثنائيا لالتحاد‬ ‫االشتراكي للقوات الشعبية بكل المقاييس‪..‬‬ ‫إن بالدنا توجد اآلن في مفترق طرق ‪ ،‬وتتطلع قواها‬ ‫الديموقراطية الصادقة إلنجاح وتحقيق مهام االنتقال الديموقراطي‬ ‫‪ ،‬لكن مع األسف الشديد ؛ فتقدير هذا األمر ما زال غير مستوعب عند‬ ‫البعض ؛ خاصة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم أبديين أو ضروريين‬ ‫في كل المحطات‪ ..‬وهم ال يبتغون في الواقع سوى تحقيق مآربهم‬

‫الشخصية ومشاريعهم الخاصة ؛ ضاربين عرض الحائط بكل القيم‬ ‫واألخالق النضالية التي أدى ثمنها شهداء ومناضلون وشرفاء ؛ منهم‬ ‫من قضى نحبه ‪ ،‬ومنهم من ينتظر‪..‬‬ ‫ما تحكم في إعداد المؤتمر الوطني السادس لالتحاد االشتراكي ‪،‬‬ ‫وما تحكم فيه من منافسات موقعية ‪ ،‬انعكس سلبيا على سير أشغاله‬ ‫؛ حيث غيبت فيه الحكمة والعقل والشفافية والمصداقية‪..‬‬ ‫وقد أشار إلى هذا بجالء األخ المجاهد عبد الرحمن اليوسفي عند‬ ‫تقديمه للرد على المالحظات التي قدمها بعض المؤتمرين‪..‬‬ ‫أسجل بمرارة بالغة طبيعة المسلكيات غير المقدرة لمسؤولية‬ ‫االتحاد االشتراكي في هذه الظرفية االستثنائية التي تخوض فيها‬ ‫بالدنا معركة من أجل التخليق والدمقرطة والتحديث ‪..‬‬ ‫وأسجل بمرارة سيادة منطق اليافطات القبلية والذاتوية ‪..‬‬ ‫وأسجل بمرارة كذلك إغراق الحزب برذائل التلقيح‪..‬‬ ‫أي طريق سيسلكه الغيورون على الوطن أوال وعلى الحزب ثانيا‪،‬‬ ‫بعد كل الذي حصل‪..‬؟‬ ‫رابعها ‪ :‬فضيلة االعتزال‪4..‬‬ ‫استنارة‪..‬‬ ‫تداولت أخبار المرحوم الفقيه محمد البصري ‪ ،‬واطلعت على‬ ‫مواقفه من خالل ما كان يمدني به الصديق التهامي بوغابة خالل‬ ‫سنتي ‪ 1972 :‬ـ ‪ 1973‬بالرباط ( علمت فيما بعد أن هذا الصديق‬ ‫خرج من دني السياسة ودخل سني االعتزال ؛ لكونه آمن أن السياسة‬ ‫أخالق وأكد أن من زاد عليك في األخالق زاد عليك في الصفاء‪..‬‬ ‫بعد عودة المرحوم الفقيه محمد البصري إلى المغرب ‪ ،‬أتاح‬ ‫لي الصديق األستاذ محمد خرشيش فرصة طيبة القتناص استنارة‬ ‫إنسانية مع هذه المعلمة النضالية ؛ عندما جالسناه في مقهى بحي‬ ‫أكدال بالرباط ‪..‬‬ ‫وفي لحظة مؤثرة نادرة شاء القدر أن أكون حاضرا في تشييع‬ ‫جنازة الرجل بالدار البيضاء ‪ ،‬وقد ائتلف حوله الوجدان الوطني ‪،‬‬ ‫فعاينت حجم التقدير الذي كان يحظى به ومساحة الحزن في وجوه‬ ‫الذين عرفوه ‪..‬وأما الطائفة التي بالغت في إهالكه والتشهير به‪ ..‬فلم‬ ‫تكف عن فعل ذلك حتى وهو ميت‪..‬‬ ‫ثورة المعتزل‪..‬‬ ‫‪..‬لم يكد الناس يفيقون من هول هذا المصاب الجلل ‪..‬حتى‬ ‫نزلت رسالة األستاذ عبد الرحمن اليوسفي ؛ هذه الشخصية المثالية‬ ‫في محيطها الحزبي واالجتماعي العام وطنيا ومغاربيا وعربيا ودوليا‪..‬‬ ‫رسالة اليوسفي كرست فضيلة االعتزال ‪ ،‬وهي رسالة بالغة‬ ‫الداللة على الرغم من كون جملها قصيرة ‪..‬إنها ثورة المعتزل‬ ‫رحم اهلل السي عبد الرحمن ‪ .‬إنا هلل وانا اليه راجعون‬ ‫‪--------‬‬‫‪ 1‬ـ الشمال ع‪ 163 /‬ـ ‪2003‬‬ ‫‪ 2‬ـ الشمال ع‪ 68 /‬ـ ‪2001‬‬ ‫‪ 3‬ـ الشمال ع‪ 73 /‬ـ ‪2001‬‬ ‫‪ 4‬ـ الشمال ع‪ 197 /‬ـ‪2003‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫شهادة‬ ‫• فاطمة عبد اهلل أباعقيل‬

‫وفيّ؛ ترحما على‬ ‫«قول‬ ‫ْ‬ ‫سيدي عبد الرحمن اليوسفي»‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫حمدا هلل األحد في ذاته‪..‬‬ ‫حمدا هلل الواحد في أسمائه‪..‬‬ ‫حمدا هلل بمطلق مقتضيات شؤونه‪..‬‬ ‫وأشهد أن ال إله إال اهلل ؛ ال موجود سواه ‪..‬‬ ‫وأشهد أن محمدا المخصوص بجامع محامده‪..‬‬ ‫وبعد ‪،‬‬ ‫فهذه كلمة عزاء ووفاء أكتبها نيابة عن أسرتي ؛ وعلى رأسها‬ ‫زوجي دحمان الدرهم ‪ ،‬ونيابة عن عائلتي الباعقيلية ‪ ،‬التي كانت لها ‪ ،‬وما‬ ‫زالت أواصر تقدير ومحبة لمجاهد فذ هو المرحوم سيدي عبد الرحمن‬ ‫اليوسفي‪.‬‬ ‫سيدي عبد الرحمن توأم روح والدي‪..‬‬ ‫تلقيت بحزن كبير نبأ وفاة سيدي عبد الرحمن اليوسفي بالدار‬ ‫البيضاء ‪ ،‬وأنا في باريس‪ ،‬فأرجعتني ذاكرتي لما كنت أسمعه من والدي‬ ‫المرحوم سيدي عبد اهلل أباعقيل ؛ توأم روح المرحوم سيدي عبد الرحمن‬ ‫اليوسفي زمن صحبة وقادة بقيم وفاء ‪ ،‬وحكمة ‪ ،‬وتواضع ‪ ،‬وعفة ونزاهة ‪،‬‬ ‫وصمود ‪ ،‬وحب الوطن‪ ..‬وعمل مقاوم مسلح ضد المحتل‪..‬‬ ‫وقد عاشا سويا تجربة فريدة في طنجة التي حوالها لقاعدة سالح‬ ‫رجال المقاومة وجيش التحريرمن شمال البالد حتى عمقها الصحراوي ‪،‬‬ ‫خالل سنوات أولى من العقد الخمسيني للقرن الماضي‪..‬‬

‫ـ طور دربته في العمل الطالبي والنقابي بالمغرب وفرنسا‬ ‫ـ عمق خبرته السياسية بانفتاح على شخصيات المعة ‪ :‬المهدي بن‬ ‫بركة ‪ ،‬عالل الفاسي ‪ ،‬عبد الرحيم بوعبيد ‪ ،‬امحمد بوستة ‪ ،‬محمد الفقيه‬ ‫البصري ‪ ،‬عمر بن جلون‪..‬وشخصيات جزائرية وتونسية‪..‬‬

‫السياسة جوهر أخالقي‪..‬‬

‫ظل سيدي عبد الرحمن اليوسفي مؤمنا في كل مراحل حياته بأن‬ ‫السياسة جوهر أخالقي ؛ وبهذه الفضيلة تميز سلوكه بالثبات والعفة‬ ‫والتحصن ضد خوض مهالك سياسية أوسقوط في مضايق مسالك‬ ‫انتهازية‪..‬‬ ‫كان رحمه اهلل في كل المشاهد على ما ينبغي أن يكون ‪..‬ولم تعرف‬ ‫حياته حجابا عن الحق والحقيقة‪ ..‬فظل متبصرا ؛ غير منشغل بالخلق ؛ وهو‬ ‫الممتلئ بفضائل الحق‪ ..‬وهو بهذه الخصلة الفريدة مثال لالحتذاء لكل‬ ‫أجيال المغرب‪..‬‬

‫ثقتان مولويتان ‪..‬‬

‫فاطمة الفحصي أم مثال‪..‬‬

‫والدة المرحوم سيدي عبد الرحمن كانت نموذجا حيا ألمومة مثالية‪،‬‬ ‫رغم ظرفيات ووقائع‪ ..‬فرضت عليها تحمالت جمة ؛منها فقدانها لثالثة‬ ‫أبناء‪ ..‬ثم صبرها المديد على غياب ابنها في المهجر الفرنسي‪..‬وقد عاشت‬ ‫المرحومة فاطمة الفحصي ؛ والدة سيدي عبد الرحمن في منزلنا سنين‬ ‫عديدة عوضت بها بعضا من خصاصها الوجداني‪..‬‬

‫تراث أخالقي‪..‬‬

‫‪11‬‬

‫انتقل المجاهد سيدي عبد الرحمن لدار البقاء مخلفا تراثا أخالقيا عزيز‬ ‫النظير‪ ..‬في مجاالت ‪:‬‬ ‫• عمل سياسي نبيل ؛ سواء في الحقل الحزبي أو في المسؤولية‬ ‫الرئاسية للحكومة‪..‬‬ ‫• عمل مقاوم ‪ /‬مسلح في طنجة ‪ ،‬وفي مجموع تراب الوطن مع نخبة‬ ‫كريمة‪..‬‬ ‫• عمل حقوقي منطلق من المغرب وممتد في دول المغارب وأقطار‬

‫عربية وبلدان أجنبية‪..‬‬ ‫• عمل إعالمي موجه للنهوض وخدمة الحقيقة والتربية عليها‪..‬‬ ‫• عمل قانوني ببذلة أول نقيب للمحامين في محاكم طنجة الدولية‬ ‫وخارجها‪..‬‬

‫معالم سيرة‪..‬‬

‫ـ رأى سيدي عبد الرحمن نور الحياة بطنجة في ثامن مارس ‪1924‬‬ ‫ـ تتلمذ بمدرسة فرنسية بحي الحسن األول بطنجة ‪ ،‬ثم تابع دراسته‬ ‫الثانوية في مراكش فالرباط‬ ‫ـ انتظم طالبا جامعيا بكلية الحقوق بفرنسا‬

‫حظي سيدي عبد الرحمن بثقتين مولويتين غاليتين ‪:‬‬ ‫أوالهما ‪:‬‬ ‫ثقة جاللة الملك الحسن الثاني طيب اهلل ثراه من خالل عمليتين‬ ‫مكنتا بالدنا من االنعتاق من سكتة قلبية والدخول في برنامج عمل جديد‬ ‫؛ وهما ‪:‬‬ ‫• هندسة «التناوب التوافقي» وتثبيت دعائم «انتقال ديموقراطي»‪.‬‬ ‫• تولي مسؤولية رئاسة حكومة التناوب األولى ( عمل غير مسبوق في‬ ‫بيئة عربية إسالمية بل في بيئات أخرى‪)..‬‬ ‫ثانيهما ‪:‬‬ ‫ثقة جاللة الملك محمد السادس حفظه اهلل في سيدي عبد الرحمن‬ ‫لمواصلة عمل أوراش مواطنة منسجمة مع مفهوم جديد للسلطة‪..‬واعترافا‬ ‫بأفضال سيدي عبد الرحمن رحمه اهلل ‪:‬‬ ‫• قلده جاللة الملك محمد السادس حمالة كبرى للعرش‪..‬‬ ‫• دشن بمعيته شارعا يحمل اسمه بطنجة سنة ‪2016‬‬ ‫• أطلق اسمه على فوج المتخرجين من المدارس العسكرية وشبه‬ ‫العسكرية سنة ‪2019‬‬ ‫رحم اهلل سيدي عبد الرحمن‪..‬‬ ‫رحم اهلل المجاهد سيدي عبد الرحمن وأثابه على كل ما قدمه من‬ ‫خدمات لوطنه ‪ ،‬وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ‪ ،‬وانا هلل‬ ‫وانا اليه راجعون‪.‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫‪12‬‬

‫عن اليوسفي‪ ..‬فلتتحقق الحقيقة حتى لو فني العالم!‬ ‫عبد الرحيم التوراني‬

‫مات عبد الرحمان اليوسفي بعد عمر طويل‪ ،‬ظل خالله‬ ‫متمسكا بالتزام الصمت‪ .‬لم يرغب أبدا في تدوين مذكراته‬ ‫السياسية وسيرته الحياتية‪ ،‬هو الذي ال تعوزه العبارة‪ ،‬فخطبه‬ ‫التي كان يحرص على كتابتها بنفسه‪ -‬تتصف بكثير من جودة‬‫الصياغة وسالمة اللغة‪.‬‬ ‫ال يمكن اعتبار ما نشره امبارك بودرقة في ‪ 2018‬في عداد‬ ‫المذكرات والسيَر الذاتية‪ ،‬بل هي مجرد عملية تجميع لخطب‬ ‫ولحوارات ومداخالت حزبية ومحاضرات للكاتب األول لالتحاد‬ ‫االشتراكي للقوات الشعبية‪ ،‬وأخرى رسمية للوزير األول‪ ،‬عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي‪.‬‬ ‫إن “أحاديث في ما جرى”‪ ،‬الذي صدر في ثالثة أجزاء (دار النشر‬ ‫المغربية بالدار البيضاء) اثنان منهما وثائق منشورة وأرشيف‬ ‫جرائد متاح‪ ،‬والجزء األول جاء بعد أن اطلع اليوسفي على ما جمعه‬ ‫بودرقة من أوراق‪ ،‬فخاطبه قائال‪“ :‬هل أنا قلت كل هذا الكالم؟!”‪..‬‬ ‫ثم تنازل اليوسفي وقبل‪ ،‬عن طواعية‪ ،‬اإلدالء ببعض الشذرات‬ ‫من حياته‪ .‬فكان الجزء الثالث (األول في الترتيب)‪.‬‬ ‫واختار عبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬عن عمد وإصرار‪ ،‬عدم تناول‬ ‫سيرته النضالية حين كان معارضا منفيا يخطط بوسائل الكفاح‬ ‫المسلح‪ ،‬مع رفيقه المرحوم محمد الفقيه البصري‪ ،‬لقلب نظام‬ ‫الحسن الثاني‪ .‬وقد حدثني الراحل أحمد بنجلون يوما‪ ،‬وكان‬ ‫يقف أمام مجموعة من المناضلين الثوار المغاربة في معسكر‬ ‫الزبداني بضواحي دمشق في سوريا‪ ،‬يفسر لهم ما تعلمه عن حرب‬ ‫العصابات‪ ،‬حين وقف‪ ،‬فجأة‪ ،‬في باب مكان التدريب كل من الفقيه‬ ‫محمد البصري وعبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬وقام هذا األخير وأوقف‬ ‫أحمد بنجلون آخذا منه الكلمة‪ .‬ويعلق “عبد المومن” (االسم‬ ‫الحركي ألحمد بنجلون) أن عبد الرحمان كان أكثر تطرفا منه‪.‬‬ ‫عبد الرحمان اليوسفي كان هو المسؤول األول عن إذاعة‬ ‫“صوت التحرير”‪ ،‬التي كانت تبث من طرابلس ليبيا لمهاجمة‬ ‫نظام الحسن الثاني بشدة وقسوة‪ ،‬وكانت برامجها تحظى بمتابعة‬ ‫واسعة من المغاربة‪ ,‬هو من كان يكتب االفتتاحيات النارية لـ‬ ‫«صوت التحرير»‪ .‬وكان المكلف باإلذاعة هو ابراهيم أوشلح‪ ،‬ومعه‬ ‫امحمد التوزاني والحسين المانوزي‪ ،‬وكان أيضا مناضل مغربي آخر‬ ‫يخاطب ساكنة الصحراء‪ ،‬يلقي برنامجه باللهجة الحسانية‪ ،‬ولم‬ ‫يكن غير مصطفى الوالي‪ ،‬الذي استفاد من نظام معمر القدافي‬ ‫بعد أن زكاه الفقيه البصري لدى قائد الثورة الليبية‪ ،‬وأسس تنظيم‬ ‫البوليزاريو‪.‬‬ ‫كان الفقيه واليوسفي يخططان لـ «البؤرة الثورية»‪ ،‬التي منها‬ ‫يبدأ «تحرير المغرب من نظام الدكتاتورية واالستبداد»‪.‬‬ ‫لكن الرسالة التي قام بتسريبها عمر السغروشني إلى مجلة‬ ‫“لوجورنال” سنة ‪ ،2001‬تحمل في كلماتها حقيقة تورط االتحاديين‬ ‫بكل فصائلهم‪ ،‬في الداخل والخارج‪ ،‬في محاولة االنقالب الثانية‬ ‫في ‪ 16‬غشت ‪ 1972‬التي قادها الجنرال محمد أوفقير‪ ،‬وتكشف‬ ‫بين سطورها أيضا ذلك الخالف الذي نشأ بين اليوسفي والفقيه‬ ‫البصري‪ ،‬هذا األخير الذي تم مسح كل “المحاوالت الثورية” فيه‪،‬‬ ‫وخرج منها اليوسفي بريئا‪.‬‬ ‫ورغم أن مذكرات (عباس) امبارك بودرقة التي جمعها عن‬ ‫اليوسفي ركزت على بدء التاريخ فيها بتولي عبد الرحمان اليوسفي‬ ‫لحكومة التناوب في ‪ ،1998‬فإنها لم تفلح في تقديم تفسير عن‬ ‫سر ومضمون القسم على المصحف‪ ،‬الذي أقسم به عبد الرحمان‬ ‫اليوسفي أمام الملك الحسن الثاني‪ .‬وإن كان الكثيرون يعرفون‬ ‫اليوم أنه قسَم من أجل العمل على تمرير انتقال المُلك إلى ولي‬ ‫العهد‪ ،‬سيدي محمد‪ ،‬بالسالسة والسلمية المبتغاتين‪ ،‬إذ لم يكن‬ ‫تعيين معارض قديم في رئاسة الحكومة “اعتذارا من الحسن‬ ‫الثاني عن انتهاكات حقوق اإلنسان زمن سنوات الرصاص”‪ ،‬كما‬ ‫دوّن أحد األصدقاء في فيسبوك‪.‬‬ ‫***‬ ‫عندما تم تقديم “أحاديث في ما جرى” في ‪ 8‬مارس ‪2018‬‬ ‫بالرباط‪ ،‬كان ذلك أمام حضور وازن لرفاق عبد الرحمان اليوسفي‬ ‫من المغرب والخارج (اإلسباني فيليبي غونزاليز والجزائري األخضر‬ ‫اإلبراهيمي والمصري محمد الفايق)‪ .‬ولم يكن بين الحضور من‬ ‫يجلس على رأس االتحاد االشتراكي‪ ،‬إدريس لشكر‪ .‬وحدث اللقاء‬ ‫في مكان حاول رفاق اليوسفي تفجيره في الشهر نفسه من ‪،1973‬‬ ‫وهو مسرح محمد الخامس‪ ،‬وكان بينهم عباس بودرقة‪ ،‬صاحب‬ ‫“ما جرى”!‬ ‫وحين ّ‬ ‫نظم اليوسفي ذكرى مرور نصف قرن على اختطاف‬ ‫رفيقه المهدي بنبركة واغتياله‪ ،‬في احتفال سياسي بعنوان “مكانة‬ ‫الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر”‪ ،‬لم يوجه الدعوة‬ ‫إلدريس لشكر‪ ،‬الذي لم يكن بين المدعوين في المكتبة الوطنية‬ ‫في العاصمة‪ ،‬وحضر الملك محمد السادس من خالل رسالة‬ ‫تاريخية تُليت على الحاضرين‪.‬‬ ‫ولعل محمد اليازغي وعبد الواحد الراضي يرددان ما جاء‬ ‫في تلك الرسالة الملكية “ليس هناك تاريخ سيء أو تاريخ جيد”‪،‬‬ ‫وينسج عليها إدريس لشكر معزيا نفسه “ليس هناك كاتب أول‬ ‫لالتحاد سيء‪ ،‬كل من ترأسوا االتحاد جيدون”‪..‬‬ ‫***‬

‫حين هاتف الملك الحسن الثاني عبد الرحمان اليوسفي في‬ ‫‪ ،1995‬وكان اليوسفي غاضبا في منتجع “كان”‪ ،‬طالبه بأن يعود‬ ‫وقال له إنه هذه المرة لن يخلف وعده معه‪ ،‬كما فعل في ‪،1993‬‬ ‫عندما اضطر اليوسفي إلى االستقالة من مهمته السياسية‪،‬‬ ‫احتجاجا على ما وقع من تزوير في االنتخابات التشريعية‪ ،‬وغادر إلى‬ ‫فرنسا‪ ،‬يحمل معه حقيبة صغيرة في اليد و”حزنا كبيرا في الرأس‬ ‫والقلب”‪ ،‬كما يقول إدريس الخوري‪.‬‬ ‫عاد السي عبد الرحمان في أبريل ‪ ،1995‬ليمهد لما سيعرف‬ ‫الحقا بـ”التناوب”‪ ،‬ومن شروطه تعديل الدستور (‪ )1996‬وعودة‬ ‫المغتربين‪ ،‬االتحاديين أساسا‪ ،‬يتقدمهم الفقيه محمد البصري‪،‬‬ ‫الذي أمضى في المنفى ما يناهز ثالثة عقود‪ ،‬والذي عاد في أجواء‬ ‫احتفالية غير مسبوقة‪ ،‬عند استقباله التاريخي في مطار محمد‬ ‫الخامس يوم ‪ 10‬يونيو من السنة نفسها‪.‬‬ ‫كثيرون‪ ،‬وأنا واحد منهم‪ ،‬كنت أظنّ أن القائد هو الفقيه‬ ‫البصري‪ ،‬لكنْ سأكتشف أن الفقيه البصري كان يلتزم بأوامر‬ ‫اليوسفي‪ ،‬فمثال منعه بعد عودته من اإلدالء بتصريحات وأحاديث‬ ‫للصحافة‪ ،‬بل حذره مرة من اللقاء بمصطفى العلوي‪ ،‬صاحب‬ ‫“األسبوع الصحفي”‪ .‬والحوار الوحيد الذي أنجزته مع الفقيه بعد‬ ‫رجوعه‪ ،‬ونُشر في مجلة “السؤال ‪-‬الملف”‪ ،‬لم ينشر قبل إرساله‬ ‫بالفاكس إلى السي عبد الرحمان‪ ،‬الذي كان في أثينا عند عائلة‬ ‫زوجته اليونانية‪ ،‬وأرجعه لنا بالفاكس بعد “الحذف والتصويب”‪.‬‬ ‫عمل الفقيه مع عبد الرحمان اليوسفي ومحمد عابد الجابري‬ ‫على إقناع الصحفي الكبير محمد الباهي بالعودة إلى المغرب‬ ‫واإلمساك بجريدة الحزب‪ ،‬وهو القرار الذي استجاب له صاحب‬ ‫“رسالة باريس” وأدى إلى وفاته‪ ..‬وسيكتب االتحادي السابق حميد‬ ‫برادة في “جون أفريك” الباريسية‪ :‬لقد رموا بالباهي إلى “عش‬ ‫العقارب”‪ .‬والعش كان في “رقم ‪ ،33‬زنقة األمير عبد القادر”‪ ،‬حيث‬ ‫مكاتب جريدة “االتحاد االشتراكي”‪ .‬أما العقارب فهم من أرعبهم‬ ‫وصول الكاتب والصحافي الكبير‪ ،‬وهم من الصغار جدا ومن‬ ‫التافهين المرتزقة‪ ،‬وأذكر منهم هنا محمد بوعبيد من القسم‬ ‫الرياضي‪ ،‬الذي نشر الباهي قرار طرده في الصفحة األولى من‬ ‫صحيفة “االتحاد االشتراكي”‪ ،‬لكنه أعيد في اليوم التالي‪ ،‬وكانت‬ ‫عودته من أسباب انتكاسة محمد الباهي صحيا ونقله إلى “مصحة‬ ‫الحكيم” في العاصمة االقتصادية‪ ،‬ليغادر الحياة بعد ذلك بأيام‬ ‫قليلة‪.‬‬ ‫ورغم أن اليوسفي استجاب لمطلب محمد عابد الجابري بإنشاء‬ ‫“لجنة تقصي الحقيقة” في موت رفيقه الباهي‪ ،‬فإن نتائج عمل تلك‬ ‫اللجنة لم تنشر ولم ّ‬ ‫يطلع عليها المناضلون والرأي العام‪.‬‬ ‫وستبوء بالفشل فكرة تأسيس “مؤسسة محمد الباهي”‪ ،‬إذ لم‬ ‫يتحمس لها اليوسفي كثيرا‪ ،‬وكذا البصري‪ ،‬وبعض تفاصيل حقيقة‬ ‫الخبر عند ابنة درب غ ّلف‪ ،‬فاطمة أرسيم‪ ،‬أرملة الباهي‪.‬‬ ‫***‬ ‫لكنْ ما الذي حدث حتى تباعد الرفيقان البصري واليوسفي‬ ‫ونشأت بينهما فجوة؟!‬ ‫ال أعرف مصير الرسالة الطويلة التي كتبها محمد الفقيه‬ ‫البصري إلى عبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬يفسر له فيها عدم اتفاقه‬ ‫معه في كثير من األمور‪ ،‬خاصة ذات الصلة بتسييره للحزب‪،‬‬ ‫علما بأن الفقيه البصري هو من دفع بقوة اليوسفي إلى تولي‬ ‫مهمته التاريخية لخالفة عبد الرحيم بوعبيد على رأس االتحاد‪ ،‬إذ‬ ‫كان اليوسفي مترددا ومتهيبا‪ ،‬وكان محمد اليازغي كله استنفار‬ ‫لالنقضاض على المهمة‪ ،‬مستندا إلى القانون الحزبي؛ كيف ال وهو‬

‫من كان يصرّ على أن يوصف في إعالم الحزب دائما بـ“الكاتب‬ ‫األول بالنيابة”‪ .‬ولما ذهب اليوسفي غاضبا إلى منتجع “كان” قاد‬ ‫اليازغي الحزب وفاوض بحماسة من أجل التعجيل بتنصيب حكومة‬ ‫التناوب‪ ،‬قبل إفشالها من قبَل الزعيم النقابي محمد نوبير األموي‬ ‫وتراجُع القصر‪.‬‬ ‫***‬ ‫هناك آخرون‪ ،‬منهم بعض االنتهازيين (معذرة‪ ،‬فلم أجد‬ ‫توصيفا أدق) من الراكبين على نضاالت االتحاد وتراثه وتاريخه‬ ‫المجيد ومن المتقلبين‪ ،‬سعوا إلى نشر صورهم اليوم مع الراحل‬ ‫اليوسفي وادّعاء قربهم منه‪ ،‬وهو األمر الذي لم يكونوا ليجرؤوا‬ ‫عليه لو ظل عبد الرحمان اليوسفي على معارضته للنظام‪ ،‬ولو لم‬ ‫يحظ بالرضى الملكي التام‪.‬‬ ‫***‬ ‫يحضرني اآلن أحدهم‪ ،‬ممن يجيدون األكل من األطباق‬ ‫الباردة‪ ،‬واحد من المستفيدين من مرحلة “التناوب”‪ ،‬كان قد أصدر‬ ‫كتابا أراده سبقا وزعما عن مذكرات لليوسفي‪ ،‬لكن المصداقية‬ ‫والحقيقة تحتاجان دائما إلى الصادقين الحقيقيين وليس إلى‬ ‫المتملقين الجوعى‪ ،‬متصيدي الوالئم‪.‬‬ ‫***‬ ‫هناك مثل إفريقي يقول «كل عجوز يموت هو بمثابة مكتبة‬ ‫تحترق»‪ ..‬رائحة الحرائق تعمّ المغرب منذ رحيل عبد الرحيم بوعبيد‬ ‫وعلي يعتة والفقيه البصري‪ ،‬واليوم عبد الرحمان اليوسفي!‪...‬‬ ‫الحقيقة في مكان آخر‪ ،‬فما نطالعه حاليا هو سلسلة مذهلة‬ ‫من األكاذيب واألباطيل ودهس مروع للحقائق‪ ،‬ليس سهال‬ ‫استيعابها وليس صعبا تفنيدها‪.‬‬ ‫لطالما عُدّ الكذب أداة ضرورية لتمرير سياسة ما‪ .‬والكذب‬ ‫هو صنعة وخدعة الدّيماغوجيين من السياسيين بامتياز‪.‬‬ ‫إن الصراع بين الحقيقة والسياسة قديم ومعقد‪ ،‬ولن يفلح‬ ‫الراغبون في إدانته أخالقيا فقط‪ .‬إنه صراع المتكافئ ومرير في‬ ‫أغلب األحيان‪.‬‬ ‫إن الوقائع التاريخية توضح لنا دائما مخاطر البحث عن‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وكثير هم الشهود على الحقيقة ممن يربؤون بأنفسهم‬ ‫التقدم لإلدالء بها‪ ،‬وهم يرون تزييف الحقائق يمر أمام ناظرهم‬ ‫فيصمتون‪ ،‬ما دامت الحقيقة نيرانا ملتهبة حارقة‪ .‬وخوفا من أن‬ ‫يُرموا بتهم الكذب والتضليل وليّ الحقيقة‪ ،‬إن لم يجدوا أنفسهم‬ ‫موضع سخرية وتنكيت وتحقير‪.‬‬ ‫مرة قال الفيلسوف اليوناني أفالطون إن العامة ال تحب‬ ‫الحقيقة‪ ،‬و”إذا وقعت أيدي الناس على قائل الحقيقة‪ ،‬فإنهم‬ ‫سيقتلونه”‪.‬‬ ‫الناس لن يقبلوا تكسير الثمثال الجميل الذي صُنع بإتقان‬ ‫ونُصب أمام أعينهم المنبهرة‪ .‬بل يتشبثون به ويتمسحون‬ ‫بقاعدته الخرسانية‪ ،‬كما كان القدماء يعبدون الصنم ويبجّلون‬ ‫األوثان‪.‬‬ ‫لكن الحقيقة ال تُمحى وتزول‪ ،‬مهما امتد الباطل وطال الزمن‪،‬‬ ‫ال بد لها أن تظهر‪ ،‬كما قالت المنظرة السياسية والباحثة األلمانية‬ ‫حنّا أردنت‪.‬‬ ‫“فلتتحقق الحقيقة حتى لو فني العالم!”‪...‬‬ ‫عزاؤنا واحد في وفاة اليوسفي‪.‬‬ ‫(بيروت)‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫‪13‬‬

‫المرحوم عبد الرحمان اليوسفي‪ :‬القوة األخالقية الهادئة‬ ‫الدكتور محمد خرشيش‬ ‫يعتبر فقيدنا العزيز ‪ ،‬ابن طنجة البار أحد رجاالت المغرب الكبار‬ ‫وقادته األفذاذ الذين بصموا بإسهاماتهم المتعددة وحضورهم‬ ‫المستمر والوازن في المحطات األساسية والمصيرية من تاريخ‬ ‫المغرب المعاصر والراهن لمدة تتجاوز سبعة عقود‪.‬‬ ‫إننا أمام شخصية وطنية رائدة بمسار نضالي استثنائي وهب‬ ‫حياته وكرسها خدمة للمصالح العليا للبالد ودفاعا عن قضاياها‬ ‫العادلة‪ ،‬سواء في مرحلة الكفاح من أجل االستقالل في صفوف‬ ‫المقاومة وجيش التحرير والتحركات الديبلوماسية الموازية أو بعد‬ ‫االستقالل لبناء أسس الدولة الوطنية الحديثة‪ ،‬دولة الحق والقانون‬ ‫والمؤسسات الديمقراطية‪.‬‬ ‫بعد تقديم وثيقة المطالبة باالستقالل في ‪11‬يناير ‪1944‬‬ ‫وما أعقبها من حملة اعتقاالت واسعة في صفوف الوطنيين‪ ،‬كان‬ ‫اليوسفي في طليعة تالميذ ثانوية موالي يوسف الذين تحدوا‬ ‫قرارات وتحذيرات إدارة المؤسسة وهبوا للمشاركة بتلقائية في‬ ‫مظاهرة ‪ 29‬يناير ‪...‬فكان مصيره الطرد من الثانوية إلى جانب‬ ‫الكثير من زمالئه مما أجبره على القيام برحلة قسرية قادته‬ ‫إلى أسفي والجديدة حيث كان عليه أن يختار بين «الدكالية» أو‬ ‫«البكالوريا»‪..‬و بدون تردد انتقل إلى الدار البيضاء في غضون‬ ‫ربيع نفس السنة حيث وجد مهمة ذات بعد استراتيجي في انتظاره‬ ‫أال وهي تأ طير «الطبقة العاملة»من خالل خلق وتنظيم الخاليا‬ ‫النقابية في معمل كوزيمار وبعد ذلك في شركة اإلسمنت والسكك‬ ‫الحديدية‪...‬تحت غطاء محاربة األمية والدروس اإلضافية ‪ .‬لقد‬ ‫أنجز هذه المهام الصعبة بكفاءة واقتدار إليمانه العميق بجدلية‬ ‫النقابي والسياسي‪ /‬الوطني بعد انجذابه المبكر للفكر الحداثي‬ ‫والديمقراطي باكتشافه للنشيد األممي الذي كان يردده في طنجة‬ ‫أنصار الجمهوريين اإلسبان عند اندالع الحرب األهلية‪ ،‬بعد انقالب‬ ‫فرانكو (‪. ) 1939 1936-‬‬ ‫يمكن القول أن اليوسفي برز ك»مثقف عضوي» بالمفهوم‬ ‫الكرامشي بإطالقه ألوراش تعبوية وتأطيرية ومبادرات مدنية رائدة‬ ‫من قبيل تأسيس الجمعيات لتأطير الشباب(الكشفية‪-‬الرياضة‪-‬‬ ‫المسرح) وكان من أبرزها فريق االتحاد البيضاوي بالحي المحمدي‪.‬‬ ‫كما أنه كان صاحب فكرة نقل موتى المسلمين في سيارة بيضاء‬ ‫ومكتوب عليها «ال إله اال اهلل محمد رسول اهلل «‪...‬‬ ‫بعد ذلك لمع صيته كأحد المحركين الرئيسيين للحركة‬ ‫اليسارية في المغرب إلى جانب وجوه قيادية رائدة أبرزها المهدي‬ ‫بنبركة ‪ ،‬عبد الرحيم بوعبيد ‪،‬محمد الفقيه البصري‪،‬عبد اهلل‬ ‫إبراهيم والمحجوب بن الصديق‪...‬وقد توج الدينامية الجديدة‬ ‫بانعقاد المؤتمر التأسيسي لحزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية‬ ‫في شتنبر ‪ 1959‬الذي ترأس اشغاله عبد الرحمان اليوسفي‪.‬‬ ‫‪_.‬ظروف تجربة « التناوب التوافقي»‬ ‫مما الشك فيه أن التحوالت الكبرى التي عرفها العالم ‪،‬بعد‬ ‫سقوط جدار برلين وتفكيك االتحاد السوفياتي‪ ،‬إيذانا بنهاية‬

‫الثنائية القطبيةوقيام نظام عالمي جديد تميز بالهيمنة األحادية‬ ‫للواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬أثرت بشكل جلي على طبيعة ومسار‬ ‫العالقات الدولية ‪ .‬وفي ظل هاته الظروف الجديدة أصبح الملك‬ ‫الراحل الحسن الثاني يفكر أكثر من أي وقت مضى في فتح ملف‬ ‫التناوب بغية إشراك المعارضة الممثلة في الكتلة الديمقراطية في‬ ‫تدبير الشأن العام الوطني لتفادي «السكتة القلبية»‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار يشير عبد الرحمان اليوسفي في «مذكراته»‬ ‫ان االتصال به في هذا الشأن بدأ قبل شهور من تاريخ استقالته‬ ‫(‪)1993‬حيث زاره المستشار الملكي إدريس السالوي وابلغه رغبة‬ ‫الملك فتح باب التناوب أمام المعارضةوتحمله شخصيا مسؤولية‬ ‫الوزارة االولى لتدشين عهد جديد يستشرف به المغرب األلفية‬ ‫الثالثة‪ .‬فكان جوابه كالتالي‪...»:‬طلبت منه أن يشكر صاحب‬ ‫الجاللة على هذا التوجه السليم‪.‬أما فيما يخصني شخصيا فرجوته‬ ‫إن يبلغه أن وضعيتي الصحية التسمح لي على اإلطالق بتحمل هذه‬ ‫المسؤولية‪ .‬لكن حزبنا لن يتردد في تلبية دعوة للمصالحة العليا‬ ‫للبالد‪ ».‬ويضيف أنه بعد فترة زاره من جديد نفس المبعوث وابلغه‬

‫رد الملك ‪...« :‬يقول لك جاللة الملك هو أيضا مريض و هذا قدرنا‬ ‫أن نتقاسم معا نحن المرضى عبء المسؤولية»‪.‬‬ ‫كما زاره ادريس جطو(وزير المالية )بتكليف من الملك الراحل‬ ‫ليقدم له عرضا حول األوض��اع االقتصادية للبالد «أن صاحب‬ ‫الجاللة اضطر إللغاء مسلسل التناوب الذي أطلق سنة ‪1994‬‬ ‫اليمانه بأن التناوب الحقيقي ال يمكن أن يكون إال مع من كانوا‬ ‫في المعارضة‪ ،‬طيلة العقود الماضية‪ ،‬وبالضبط مع شخص عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي»‪.‬‬ ‫وبعد انتهاء تجربة التناوب سنة ‪ 2002‬أقر أن قبوله قيادتها‬ ‫كان خدمة للمصلحة الوطنية وليس المصلحة الحزبية وأشار في‬ ‫«عرض بروكسيل» أنها انتهت بدون تحقيق الهدف األسمى أال‬ ‫وهو االنتقال من التناوب التوافقي إال التناوب الديمقراطي‪.‬‬ ‫إن األجيال الصاعدة ستستحضر ال محالة بكثير من الفخر‬ ‫واالعتزاز نبل أخالقه وخصاله الحميدة وعفته ونزاهته واستقامته‬ ‫ووطنيته الصادقة وإسهاماته الثمينة خدمة للمصالح العليا للوطن‪.‬‬

‫السيدة هيلين اليوسفي‪ ..‬خالص العزاء‬ ‫الشاعر والروائي حسن نجمي‬ ‫من اآلن فصاعدًا لن يعود ‪ .‬سنَفتَقدُه‬ ‫جميعًا‪ ،‬أنتِ وأنا واآلخرون الذين عاشوا معه‪،‬‬ ‫والذين التحقوا به في الطريق‪ ،‬والذين أحبوه‪،‬‬ ‫والذين أخلصوا ألفقه‪ ،‬والذين اتفقوا واختلفوا‬ ‫معه بنبل‪ ،‬وال��ذي��ن صدقوا فكرته‪ ،‬والذين‬ ‫اقتسموا خطوته‪ ،‬والذين خ ِبروه‪ ،‬والذين اتهموه‪،‬‬ ‫والذين حاكموه‪ ،‬والذين‪ ،‬والذين‪ ،‬وأبنا ُء الذين‪.‬‬ ‫وحتى الذين خاصموه‪ ،‬والذين ع��ادَوْه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كتيبة‬ ‫والذين كرهوا شارعًا باسمه‪ ،‬وكرهوا‬ ‫باسمه‪ ،‬وكرهوا صَ��وْتَ��ه‪ ،‬وكرهوا صِيتَه ‪،‬‬ ‫وكرهوا صمْتَه‪ ،...‬سيفتقدونه‪.‬‬ ‫واآلن ‪،‬‬ ‫عليهم جميعًا أن يُعدّلوا الساعاتِ في‬ ‫ساعاتِ اليد‪ ،‬وفي ساعاتِ الرمل والحيطان‪.‬‬ ‫عليهم أن يُعدّلوا ساعتهم البيولوجية‪.‬‬ ‫لم يعُدِ الوقتُ هو الوقت‪ .‬فليراجع ٌّ‬ ‫كل‬ ‫دوافعه‪ ،‬ولنبدأ من جديد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫س‪،‬‬ ‫لقد عاش اليوسفي‬ ‫حياته كاملة بعزة ن ْف ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫نسر في األعالي‪،‬‬ ‫بزُهدِ وليٍّ صالح‪ ،‬وبأنَفةِ ٍ‬ ‫كل شيء و َّ‬ ‫ورأى َّ‬ ‫كل أحدٍ إلى أن لم يبقَ مايراه‪،‬‬ ‫بنقص في الهواء‪،‬‬ ‫متأثرًا‬ ‫فانسحب‬ ‫ٍ‬ ‫ألن الهوا َء من حوْلِهِ صار فاسدًا‪.‬‬ ‫شكرًا ‪،‬أخانا سي عبد الرحمن على ِّ‬ ‫كل شيء‪ .‬شكرًا للملك المحترم الذي تنصّل من الصّفِّ‬ ‫والرُّتبَةِ َ‬ ‫َ‬ ‫أب‪ .‬شكرًا لألطباء والممرضين والممرضات‪ ،‬وللمسعفة الكريمة‬ ‫يُقبّل‬ ‫وآثرَ أن‬ ‫جبينَ ٍ‬ ‫الطيبة‪ ،‬ولحلقة األصدقاء َّ‬ ‫الخُلص الذين ظلوا يترددون‪ ،‬ويسألون‪ ،‬وينصتون‪ ،‬ويتحدثون‪ .‬شكرًا حتى‬

‫للمنافقين والطفيليين والممالئين‪،‬فالبد‬ ‫بعض من الخطأ لتأثيث الكون الذي‬ ‫من ٍ‬ ‫ُ‬ ‫والجَمال وصفا ُء الشعْر ‪.‬‬ ‫يملؤه الصوابُ‬ ‫والشكر موصول إلى قارىء القرآن ‪ ،‬وإلى‬ ‫ح ّفار القبر ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والشكرُ والمجدُ للتراب الذي آل إليه‬ ‫هذا النقيُّ‪ ،‬النزيهُ‪ ،‬الحكيمُ ‪ ،‬الجسُورُ‪،‬‬ ‫الذي عاش يقول ‪ :‬ال‪ ،‬بشجاعة‪ .‬ويقول ‪:‬‬ ‫نعم‪ ،‬بشجاعة أيضا ‪ ،‬حين كان ينبغي أن‬ ‫َ‬ ‫تُقال في زمانٍ أو في مكانٍ كان البد فيه‬ ‫من شجاعة‪ ،‬ذلك ألن « السياسة ليست‬ ‫فيها شركاتُ تأمين !»( والعِبَار ُة له )‪.‬‬ ‫سي عبد الرحمن‪ ،‬أحببناكَ دائما‪.‬‬ ‫ودائما سنُحبّكَ حيًّا وحيًّا ممتنّينَ‬ ‫ولوقع الفراشة في يدكَ‬ ‫ُأللفةِ روحكَ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫التي كانت ت��رَبِّ��تُ وتلمس وتُحيّي‬ ‫قريب‪ ،‬ومن من ًفى بعيد‪.‬‬ ‫وتلوِّحُ من ٍ‬ ‫نبض ٍ‬ ‫أخانا األعز‪ ،‬هل أصدُ ُقكَ القول ؟ إنه‬ ‫ٌ‬ ‫فقدان شخصيٌّ ‪ .‬وقد دفنتُ معكَ بعضًا‬ ‫مني ‪ ،‬خصوصًا في هذه اللحظة بالذات‬ ‫ُ‬ ‫يتمايل‪ ،‬لحظة‬ ‫التي نعبُرُها على قا ِر ٍب‬ ‫ُ‬ ‫أخجل فيها من نفسي وربما من وجودي‪ ،‬حتى إنني لو التقيتُ شهيدًا من أصحابنا التّكأتُ على‬ ‫صرتُ‬ ‫صدْ ِرهِ وبكيتُ معتَذِرًا ‪.‬‬ ‫* الصورتان‪ :‬بعدسة الفوتوغرافية زوليخة أسبدون‪.‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫‪14‬‬

‫عبد الرحمن اليوسفي القناعة في السياسة كنز ال يفنى‬ ‫اإلعالمي محمد بوخزار‬ ‫لم يغادر الفقيد عبد الرحمن اليوسفي‪ ،‬هذه الدنيا على حين غرة ‪ ،‬أمهلته حتى استوفى كافة أجندته‬ ‫النضالية وأدى على أحسن وجه كامل واجباته السياسية ‪.‬مكنته من معرفة ومعاشرة أصناف من البشر‬ ‫وألوان وأجيال من المناضلين الصادقين واالنتهازيين؛ وبالتالي فإني أحسب أنه كان متهيئا لمالقاة ربه‪،‬‬ ‫في هدوء ‪ ،‬راضيا مرضيا بالمقدر المحتوم‪.‬‬ ‫لم يرحل اليوسفي‪ ،‬نادما على فعل شيء اقترفه ‪ ،‬طائعا أو مكرها ‪ ،‬مخالفا قناعاته ‪ ،‬أو ساوره إحساس‬ ‫بضياع عمره المديد دون أن يخلف بعده شيئا من متاع الدنيا‪.‬‬ ‫مدونة حياته التي شارفت المائة عاما‪ ،‬ظلت ناصعة نقية مثلما كانت في بدايات انخراطه في‬ ‫النشاط السياسي‪ ،‬وهو تلميذ يافع دون العشرين ‪.‬‬ ‫ودع مدينته وأسرته وأقرانه في المدرسة وأزقة حومة «الدرادب» الشعبية حيث رأى النور؛ سليل‬ ‫أس��رة مزارعة‪ ،‬مهاجرة من إح��دى القبائل المحيطة‬ ‫بطنجة‪.‬‬ ‫الزهد والتواضع ونكران الذات وروح التضحية من‬ ‫أجل المبادئ الوطنية ؛ صفات الزمته مدى حياته‪ ،‬مؤمنا‬ ‫بوجوب السير على ذات النهج ‪،‬مهما عرضه ألخطار شتى‪،‬‬ ‫لم يكن له ‪ ،‬وقد توفي والده ‪ ،‬من يدرأها عنه ‪.‬‬ ‫صنع لنفسه سلم قيم ‪ ،‬آمن بها وصانها خالل‬ ‫أطوار حياته الزاخرة بالتجارب والمحن والمعاناة ؛ دون‬ ‫أن يشكو ألحد ‪،‬أو يتباهى بما عاشه من ويالت ‪.‬‬ ‫هو أحد المناضلين القالئل الذين لم ينعموا برغد‬ ‫العيش واالستقرار‪ ،‬اختيارا منه ونصرة لمن انحاز إلى‬ ‫قضيتهم ‪.‬‬ ‫الزهد والقناعة والتواضع والصدق ‪ ،‬سجايا رسخت‬ ‫فيه حتى أصبحت غريزية‪ ،‬مشكلة رأسماله الرمزي الذي‬ ‫راكمه ومده بالطاقة الروحية بل منحه الهدوء والسكينة‬ ‫والطمأنينة التي لم ينعم بها محترفو السياسة‪ ،‬كونهم‬ ‫مارسوها كلعبة قمار‪ ،‬تجلب الربح أو الخسارة‪ ،‬إن بالحظ‬ ‫أو بالخداع‪.‬‬ ‫قاوم سي عبد الرحمن ‪،‬كل اإلغ��راءات والمظاهر‬ ‫الزائفة‪ ،‬ونأى بنفسه عن المكاسب المادية التي تسابق‬ ‫كثيرون للفوز بها ‪.‬أدرك أن النضال من أجل استقالل‬ ‫الوطن وتقدمه هو تضحية ومعركة مستمرة ‪.‬‬ ‫ويدهشنا في سيرة المناضل االستثنائي ‪ ،‬أن شابا‬ ‫في الخامسة والثالثين من العمر‪ ،‬ستسند إليه مهمة رئاسة المجلس الوطني للمقاومة وجيش التحرير‬ ‫عام ‪.1959‬‬ ‫من كان قادرا في ظل أجواء احتقان سياسي مضطرب ‪ ،‬مؤهال لجمع وتوحيد شتات مقاتلين خرجوا‬ ‫من السرية دون أن يلقوا سالحهم ؛ ال يعرفون بعضهم ؛ فيهم المتعلم واألمي ومن هم أكبر منه سنا ‪.‬‬ ‫استطاع المقاوم الكتوم المؤتمن على األسرار ‪،‬أن يوحد فلول الجيش الشعبي ‪ ،‬في إطار منظم‬ ‫للمساهمة في بناء الوطن ‪ ،‬مخيرين بين االنضمام للقوات المسلحة أو االنخراط في الحياة المدنية‪.‬‬ ‫كذلك ‪،‬رشح اليوسفي بعد االستقالل‪ ،‬بحكم سمعته ومواهبه القيادية وكذا شبكة عالقاته ‪،‬‬ ‫لالضطالع بالمهام الصعبة السرية من قبيل ( تدبير السالح ونقله ) عبر قنوات فتحها مع رفاقه في‬ ‫المقاومة وجيش التحرير؛ ما جعل المقاومين األوفياء يقترحونه لتقلد أرفع المناصب الرمزية ( قيل إن‬ ‫الملك الراحل محمد الخامس أراده لمهمة مدير ديوانه) لكنه شكر الملك معتذرا ‪ ،‬مفضال تهييء نفسه‬ ‫لرئاسة تحرير أول جريدة يصدرها الحزب الوليد المنشق عن األصل االستقاللي ‪.‬‬ ‫لم يدون بعد تاريخ الصحافة المغربية‪،‬بموضوعية وحياد واستحضار رموزه المؤسسين وأيضا‬ ‫تالبيب السياق السياسي واالجتماعي الذي ران على المغرب غداة االستقالل‪ .‬يمكن القول‪ ،‬في هذا‬ ‫الصدد ودون إفراط في الحماسة‪ ،‬إن صناعة جريدة «التحرير » كانت تجربة فريدة‪ ،‬ومدرسة نموذجية‬ ‫في المشهد اإلعالمي الجديد ؛ ما أكسبها مصداقية والتفافا واسعا من لدن القراء ‪ ،‬وما زالت مرجعا‬ ‫إلى اآلن‪.‬‬

‫من الذاكرة‬ ‫ية صغيرة‬ ‫حكا‬

‫ولم تكن «التحرير» مجرد صحيفة ناجحة تجاريا‪ ،‬وعلى مستوى الطباعة واإلخراج والخط التحريري‬ ‫غير المسبوق‪ ،‬فضال عن تبويب الصفحات واختيار العناوين الدالة والمثيرة وموقع الصورة ؛ بل الواقع‬ ‫إن أسطورة التحرير‪ ،‬تشكلت من تداخل ثالثة عناصر تكوينية ‪ 1:‬وجود «مايسترو» يرأس قلم التحرير‬ ‫في شخص عبد الرحمن اليوسفي‪ 2.‬مضمون صحافي مغاير‪ ،‬معبر عن تطلعات جيل جديد من القراء‪،‬‬ ‫ال يهاب السلطة متماهي مع الهوية اليسارية لحزب االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬المتجاوبة مع‬ ‫تطلعاتهم المستقبلية‪.‬‬ ‫أما العامل الثالث الذي ساهم في نجاح الجريدة على نطاق واسع ‪ ،‬فيتمثل في مزاوجتها بين‬ ‫تقديم خدمة إعالمية للقارئ تغنيه عن الجرائد األخرى ‪ ،‬دون إهمال رسالة الحزب الحاملة لقيم الحرية‬ ‫والديمقراطية والعدالة االجتماعية واستنهاض الهمم الستكمال مهام التحرر الوطني ومساندته وطنيا‬ ‫وعربيا‪.‬‬ ‫ارتفعت أسهم الجريدة مع تطور الوعي في‬ ‫المغرب المستقل ‪ ،‬وصارت ‪ ،‬بجرأتها ومنسوب نقد‬ ‫األوض��اع في صفحاتها؛ وسيلة إعالمية يحسب‬ ‫لها حساب خاص ‪ .‬كان طبيعيا أن يتم التخطيط‬ ‫إلسكاتها واإلجهاز عليها ‪ ،‬بالمنع على أثر أول‬ ‫صدام علني عنيف بين االتحاد الوطني‪ ،‬ونظام‬ ‫الحكم ‪ ،‬فيما سمي بمؤامرة ‪17‬يوليوز ‪1963‬‬ ‫حيين داهمت قوات األمن اجتماع الكتابة العامة‬ ‫للحزب بالدار البيضاء ‪ ،‬وألقت القبض على كافة‬ ‫المجتمعين‪ ،‬وضمنهم «اليوسفي» رئيس التحرير‬ ‫ومدير الجريدة الفقيه محمد البصري‪ ،‬ليحال‬ ‫الكثيرون منهم بعد فصول التعذيب القاسي في‬ ‫أقبية األمن السري‪ ،‬على المحاكمة بتهمة التآمر‬ ‫على قلب نظام الحكم ‪.‬‬ ‫كانت أط��ول وأول محاكمة سياسية في‬ ‫المغرب المستقل ‪ ،‬خلفت ندوبا في نفوس أعداد‬ ‫من المنتسبين لحزب االتحاد الوطني وخوفا‬ ‫وصدمة في الشباب‪ .‬ساد االحتقان والتوتر في‬ ‫المجتمع وحدثت تداعيات دموية في الشارع‪،‬‬ ‫انفجرت في أح��داث ‪ 23‬مارس بالدار البيضاء‬ ‫‪ 1965‬أت��ت بعدها جريمة اختطاف المهدي‬ ‫بنبركة في اكتوبر ‪ ،1965‬واضعا ( االختطاف) حدا‬ ‫لمحاوالت تصالح بدأت محتشمة بين القصر والمعارضة ‪،‬يعلم اهلل مدى صدقها؛ ولكن الثابت أن القوى‬ ‫الرجعية المتواطئة مع االستعمار التي تمكنت من مفاصل الدولة وأجهزتها ‪ ،‬وضعت سدا دون أي تقارب‬ ‫محتمل بين الملك الراحل والمعارضة االتحادية ‪.‬‬ ‫لم يبق أمام قيادات االتحاد‪ ،‬سوى الهروب بجلدها أو السكوت‪ ،‬ريثما تهدأ العاصفة‪ ،‬وضع أمني‬ ‫ونفسي ال يطاق ‪.‬‬ ‫في هذه الفترة بدأت هجرة اليوسفي التي طالت ‪ 15‬سنة ‪،‬لم ينقطع خاللها عن االنشغال بقضايا‬ ‫الوطن والدفاع عن حقوق اإلنسان على الصعيد الدولي‪.‬‬ ‫أيقن الملك الراحل الحسن الثاني ‪ ،‬بعد طول تفكير وإصغاء لمن كان يثق في نصيحتهم‪ ،‬وإحساسا‬ ‫منه بوهن في صحته‪ ،‬أن االستعانة باليوسفي باتت ضرورة تفرضها المرحلة ‪،‬بل رأوا فيها االحتياط‬ ‫األخير من العملة السياسية الصعبة لتخطي األوضاع المنذرة ‪.‬‬ ‫ومثلما أصغى الملك الحسن الثاني ألراء من يؤمن بوطنيتهم وإخالصهم ورجاحة رأيهم ‪ ،‬كذلك‬ ‫امتثل اليوسفي لمناشدة رفاقه في الحزب الذين استشعروا بدورهم تدهور األوضاع االجتماعية وتراجع‬ ‫السياسة في البالد‪ ،‬فمارسوا على اليوسفي تأثيرهم المعنوي وشجعوه على خوض تجربة التساكن‬ ‫التاريخي‪.‬‬ ‫تم اللقاء بين الملك القوي والمعارض الشهم ‪ .‬كتب فصل جديد في تاريخ المغرب السياسي ‪ .‬ربما‬ ‫تتاح مناسبة الحديث عن بعض مالبساته ‪ .‬رحم اهلل الفقيد‪.‬‬

‫الشاعر عبدالكريم الطبال‬ ‫ْ‬ ‫الليل‬ ‫في بيت‬

‫ثوباً‬

‫تنام نمل ٌة‬

‫من حرير أحم ِر‬

‫فراش‬ ‫على‬ ‫ِ‬

‫تجلسُ‬

‫من هشيمْ‬

‫في جنب السريرْ‬

‫وحدها‬

‫تندسُّ في الفراشْ‬

‫تحلمُ‬

‫تخْصِرها‬

‫مثل الطيرْ‬

‫تبوسُ رأسها‬

‫ً‬ ‫َّ‬ ‫قمحة‬ ‫أن‬

‫كأنها أختٌ لها‬

‫ً‬ ‫صبية‬

‫ثم تنام معها‬

‫تلبسُ‬

‫ْ‬ ‫الليل‬ ‫في بيت‬

‫في هذا الصباح بعد أن نقلت‬ ‫هذا النص الصغير ال��ذي يمكن‬ ‫أن يحسب مع قصص الطفولة‬ ‫فوجئت بخبر نعي األستاذ عبد‬ ‫الرحمان اليوسفي‪ ،‬فتذكرت ليلة‬ ‫كنت في الجبهة ليال أتناول العشاء‬ ‫مع أس��رة تعليمية ومعنا نائب‬ ‫التعليم مصطفى بومنيدل رحمه‬ ‫اهلل ففوجئنا بخبر نعي األستاذ عبد‬ ‫الرحيم بوعبيد رحمه اهلل فتحولت‬ ‫السهرة إلى حزن قاس اآلن من عبد‬ ‫الرحيم إلى عبد الرحمان رحمهما‬ ‫اهلل وتذكرت زيارته للشاون في‬ ‫بداية الستينيات فأحببناه وتذكرت‬ ‫نضاله عن القضية الفلسطينية في‬ ‫محافل دولية عدة وتذكرت صدقه‬ ‫الذي ال مراوغة فيه ال تكفي دمعة‬ ‫أوحسرة‪..‬يكفي فقط اآلستمرار في‬ ‫نضاله وصدقه‪.‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫‪15‬‬

‫حوار مع الفنانة املغربية‬

‫صباح زيداني‬ ‫حاورها ‪ :‬عبد اإلله المويسسي‬

‫اسم الفنانة «صباح زيداني» من األسماء التي تؤسس حضورها الفني بشكل قوي في وجدان المغاربة من‬ ‫خالل اتجاهها نحو اقتراح نموذج طربي راق يشتغل على نصوص شعرية تحظى باستقبال وتقبل قويين من قبل‬ ‫الذائقة المغربية األصيلة‪ .‬قد يكون ذلك نابع من اختيارها وميلها إلى طبيعة الفن الطربي األصيل الذي يحظى‬ ‫عادة بالتقدير الكبير‪ ،‬غير أن ما تمتلكه الفنانة صباح من خصوصيات على مستوى خامة صوتها وطريقتها‬ ‫في األداء وحرصها على أن تجد لنفسها أسلوبا يميزها عن غيرها هو الذي جعلها تؤسس اسما يتعلق به‬ ‫المستمع المغربي‪ ،‬وجعلها تحفر تجربة أملت احترامها على األذواق‪ .‬أكيد أن هذا االسم يحضر في مشاعر‬ ‫المغاربة‪ ،‬لكن ما يحتاج إلى التأكيد أكثر هو الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الجهات المسؤولة عن دعم تجربة‬ ‫الفن المغربي في التتويج الالزم لمثل هذه التجارب التي هي في أصلها دبلوماسية موازية تخدم صورة‬ ‫المغرب ومكانته أمام باقي الشعوب‪ .‬التقت بها الشمال وأجرت معها الحوار التالي‪.‬‬

‫فنانتنا صباح نبدأ معك بالسؤال التقليدي حول‬ ‫البدايات األولى التي مهدت لمجيئك إلى عالم الغناء؟‬ ‫ بدأ ولعي بالموسيقى والغناء منذ الطفولة؛ إذ سيصبح جزءا ال يتجزأ عن‬‫روحي وكياني‪ ،‬وذلك ما أذكته نشأتي في محيط يتنفس عبق الفن األصيل‪.‬‬ ‫ولولوج الميدان الفني كان البد من صقل الموهبة بالدراسة حيث سألتحق‬ ‫بالمعهد الموسيقي بمراكش‪ ،‬وبعد ذلك سأخوض تجارب فنية متنوعة‬ ‫عبر المشاركة في مهرجانات وطنية ودولية كالمهرجان الربيعي لألغنية‬ ‫المغربية‪ ،‬والمشاركة في العديد من اللقاءات والسهرات الفنية والثقافية‪.‬‬ ‫والكتساب خبرات أكثر لتطوير كفاءاتي الذاتية‪ ،‬اشتغلت مع عدة مجموعات‬ ‫كفرقة موسيقى األطلس‪ ،‬وفرقة أصدقاء الموشحات‪ ،‬وبعد ذلك أسست فرقة‬ ‫جسور للموسيقى التي تهتم بالتراث المغربي والعربي‪ ..‬وفي إطار التالقح‬ ‫الفني والثقافي بين المغرب ومختلف الدول األخرى‪ ،‬وخاصة األوروبية‪ ،‬قمت‬ ‫باالشتغال مع فرقة «‪ »Olla Vogalla‬الفالمانية البلجيكية‪ ،‬وفرقة «أنانيا»‬ ‫للرقص المعاصر ثم ورشات تجمع بين الموسيقى والشعر والطرب‪.‬‬

‫أين يمكن تصنيف تجربة الغناء عند الفنانة صباح؟‬

‫ تصنف تجربتي الغنائية نفسها بنفسها؛ إذ يمكن للمتلقي أن يدرجها‬‫داخل النمط الغنائي األصيل الذي يعتمد على الكلمة الشاعرية‪ ،‬والرسالة‬ ‫الهادفة‪ ،‬واألساليب الموسيقية واللحنية المدروسة التي من شأنها الرقي‬ ‫بالذوق الفني العام‪ ،‬وتساهم في اإلضافة والتطوير‪ .‬فقد كانت لي تجارب‬ ‫عدة مع الزجل المغربي في كل من «دارنا يا دار السالم» للشاعر عبد الهادي‬ ‫شوهاد‪ ،‬والملحن عثمان جنان‪ ،‬و»أمر غريب» لمحمد عاطفي زجال‪ ،‬وألحان بدر‬ ‫الدين وهابي‪.‬‬

‫أنجزت مؤخرا أغنية اشتغلت فيها على نص تراثي‬ ‫من ديوان اإلمام الشافعي‪ .‬ما هو السياق والخلفية‬ ‫الثقافية لهذا االختيار من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر كيف‬ ‫تنظر الفنانة صباح إلى عالقة األغنية المغربية بالشعر‬ ‫العربي سواء الكالسيكي أم الحديث؟‬ ‫ في ظل هاته الظروف العصيبة التي تمر منها البشرية‪ ،‬وفي إطار اشتغالي‬‫المتأني الفني الذي يزاوج بين التجديد والمحافظة على األصالة والتراث‪،‬‬ ‫اشتغلت على العديد من األغاني الروحانية لشعراء ومتصوفة من بينهم‬ ‫أبو مدين الغوث وابن الفارض‪ ..‬وضمن هذا التوجه‪ ،‬اخترت بمعية الملحن‬ ‫والموزع يوسف قاسمي جمال أبياتا شعرية من قصيدة «سيفتح باب‪ »...‬لإلمام‬ ‫الشافعي‪ ،‬وهي قصيدة بليغة تخاطب الروح والوجدان‪ ،‬وتفتح باب األمل‪ .‬فقد‬ ‫اعتمدت في مدخلها على ارتجاالت صوتية كما وظفت فيها أنماط مختلفة من‬

‫الموسيقى المغربية كاإليقاع البطايحي األندلسي‪ ،‬وفن‬ ‫الملحون مع لمسة حسانية يلخصها طبع «الزريگة»‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال‪ ،‬فقد ظلت‬ ‫القصيدة المغناة سواء الكالسيكية أم الحديثة وفية‬ ‫لعشاقها على مر الزمان‪ ،‬فال يمكن أن ننسى خالدات‬ ‫الرواد كالراحلين المبدعين أحمد البيضاوي وأحمد‬ ‫الغرباوي‪ ..‬والقصائد الدسمة للعبقري عبد الرحيم‬ ‫السقاط‪ ،‬والمطرب المخضرم عبد الهادي بلخياط‪..‬‬ ‫لكن القصيدة المغناة قد عرفت اضمحالال باديا في‬ ‫العشرين سنة األخيرة نظرا النتشار األغنية الخفيفة ذات القد عرفت اضمحالال‬ ‫باديا في العشرين سنة األخيرة نظرا النتشار األغنية الخفيفة ذات اإليقاع‬ ‫السريع والمضمون الضحل الذي أفقدها الجودة واألصالة كما أنه يغلب عليها‬ ‫الطابع التجاري المحض‪.‬‬

‫هل الفنانة صباح راضية عما قدمته لحد اآلن من منجز‬ ‫غنائي؟‬ ‫ ال يمكن للفنان الذي اختار نفس الطريق التي سرت فيها أن يرضى عما‬‫وصل إليه الفن اآلن خاصة وأن لكل فنان مساره الخاص الذي تتدخل فيه عدة‬ ‫عوامل كالتنشئة الفنية‪ ،‬والقناعات والميوالت الذوقية والفنية والفكرية‪ .‬فمن‬ ‫المعلوم أن مثل هاته األغاني ال تجد من ينتجها ويتبناها ألن السائد مرتبط‬ ‫بالطوندونس واالستهالك المدعوم بالبرامج اإللكترونية التي قتلت الوجود‬ ‫الفعلي لآلالت‪ ،‬وحولت األغنية إلى صناعة شبه كاملة داخل االستوديوهات‪،‬‬ ‫وأفقدت األصوات قوتها الفعلية‪ .‬وفي ظل هذا الوضع فمن الطبيعي أن تكون‬ ‫وثيرة إنتاجاتي ضئيلة في غياب منتجين لها‪.‬‬

‫ما تقييمك لألغنية المغربية الطربية؟‬

‫ تعرف األغنية المغربية الطربية شأنها شأن األغنية العربية المماثلة‬‫لها فوضى عارمة بسبب ارتباطها بثقافة «البوز» والبحث عن الشهرة والربح‬ ‫المادي السريع على حساب كل ما هو هادف وسامي‪ .‬فالوضع الفني مرآة‬ ‫لما يجري في المجتمع‪ ،‬وهي متأثرة بما يحدث فيه من اختالالت في الثقافة‬ ‫والفن بصفة عامة‪ ،‬فال يمكن لمجتمع يفتقر للمعاهد الفنية وتراجع التربية‬ ‫الموسيقية أن يعطي فنا متكامال‪ ،‬وجمهورا متذوقا‪ .‬لذلك‪ ،‬وألجل إرضاء نفسي‬ ‫العاشقة للطرب الرفيع‪ ،‬فأنا أتحمل تبعات اختياري الذي لم يضع في حسبانه‬ ‫منذ األول تجاوز حدود الممكن‪ ،‬فأنا ال أستطيع أن أجعل الشهرة مقدمة للفن‪.‬‬

‫ما تقييمك لألغنية الشبابية؟‬

‫ في نظري المتواضع هناك أغنية جيدة وأخرى رديئة بغض النظر عن‬‫الفئة الموجهة لها‪ ،‬فقد غنى عمالقة الطرب العربي من أمثال عبد الحليم‬ ‫حافظ ووردة الجزائرية وذكرى‪ ..‬عدة أغنيات وصفت حينها بالخفيفة والشبابية‬ ‫ولكنها لم تفتقد لمقومات تحترم قواعد وضوابط فنية وجمال موسيقية لحنية‬ ‫مدروسة وكلمات هادفة تحترم ذكاء المستمع وترقى به فضال عن الصوت‬ ‫الذي يمتلك إحساسا وإمكانيات قادرة على تقديم العمل الفني ككل منسجم‪،‬‬ ‫وذلك بغض النظر عن مدتها الزمنية‪ ،‬فالسائد اليوم في الساحة الغنائية ال‬ ‫تتوفر فيها هذه المعايير ألننا نستمع ألصوات تغني في مقام واحد‪ ،‬ولموسيقى‬ ‫تتكرر نفسها باستمرار ولكالم ال يبتعد عما هو موجود في الشارع من لغة‬ ‫مسكوكة وعادية ال تفتح مجاال للخيال واإلبداع‪.‬‬

‫تميزت الفنانة صباح بأدائها للفن الطربي‪ ،‬هل‬ ‫تفكرين في تغيير المسار عبر تبني أساليب توظف‬ ‫التقنيات الحديثة ولربما تنزاح باألغنية المغربية إلى آفاق‬ ‫مغايرة لما عرفت به؟‬ ‫ فضال عما أشرت إليه من ظروف النشأة والتكوين‪ ،‬ساهمت ظروف أخرى‬‫في ما أنا عليه اآلن من قبيل لقاءاتي بالمغرب بأصدقاء موسيقيين وملحنين‬ ‫وكتاب كلمات وشعراء‪ ،‬وبفنانين أكاديميين من ثقافات أخرى خالل ورشات‬ ‫االشتغال والمزج الصوتي بين فنانين وأكاديميين من فرنسا واليابان وإيطاليا‬ ‫وبلجيكا‪ ..‬وعرب من مصر والسودان وسوريا وتونس والجزائر‪ ..‬عوامل مكنتني‬ ‫من انتقاء أعمال إبداعية تروم البحث الذي ال يحيد عما هو عميق كما هو الحال‬ ‫في ورشات الشعر والغناء والموسيقى‪ ،‬والتي وإن بحثت عن التجديد فإنها قد‬ ‫تمسكت بروح الطرب واإلبداع الموسيقي‪.‬‬

‫كيف تقيم الفنانة صباح اهتمام التلفزيون المغربي‬ ‫ووسائل اإلعالم بشكل عام باألغنية المغربية؟‬ ‫ شاركت في جل البرامج والسهرات التلفزيونية واإلذاعية التي تهتم‬‫بالطرب األصيل منذ برنامج «نجوم الغد» والبرنامج اإلذاعي «أنغام» وصوال إلى‬ ‫«شذى األلحان» و»السهرة لكم» و»نجوم األولى» و»ألحان عشقناها»‪ ..‬ولكنها‬ ‫تظل غير كافية في ظل عدم انتظام وثيرة اإلنتاج واإلقبال على النمط الذي‬ ‫أسير فيه‪ ..‬فقد بات اإلعالم يهتم أكثر بأخبار «نجوم» اليوتوب والتوندونس‬ ‫التي صارت معايير لتقييم عمل الفنان من حيث عدد المشاهدات والمتتبعين‬ ‫مع العلم أنها قابلة لالقتناء‪ ..‬فقد اخترت أن تكون قناتي على اليوتوب غير‬ ‫خاضعة لشراء عدد المشاهدين والاليكات‪ ..‬فكل مشاركاتي جاءت بفضل‬ ‫الباحثين عن األصوات المغايرة‪ ،‬ولذلك البد من شكرهم‪ ،‬وشكر اإلعالميين‬ ‫من أمثالك الذين دعموا مساري وثاقوا بما قدمته من أعمال فنية رغم قلتها‪.‬‬

‫ما العمل الفني الذي تتمنى صباح لو أنها هي من‬ ‫أدته؟‬

‫ أعشق عدة أغاني لمطربات عربيات عظيمات طالما أعدت غناء أعمالهن‬‫من مثل أم كلثوم وفيروز ووردة ونجاة الصغيرة وذكرى‪ ..‬ولكنني أتمنى أن‬ ‫أغني أغنية «الربيع» للموسيقار فريد األطرش‪ ،‬ولكن بنفس اإلمكانيات (قاعة‬ ‫األوبرا‪ ،‬الفرقة الموسيقية‪ ،‬الجمهور‪.)...‬‬

‫ما الذي تطالب به صباح المعنيين باألغنية المغربية‪..‬‬ ‫مسؤولين‪ ..‬ملحنين‪ ..‬منتجين‪ ..‬مستمعين‪ ..‬كتاب‬ ‫كلمات‪ ..‬وغيرهم؟‬

‫ ماذا عساني أطلب أكثر من االهتمام بكل ما هو أصيل ومرجعي بالموازاة‬‫مع االهتمام بالتقليعات الفنية التي تحاصر المستمعين من كل جانب‪ ،‬فيجب‬ ‫أال ننسى بأن الدول الراسخة في الفن تدعم األنماط الغنائية المرجعية‬ ‫كاألوبرا والكالسيكيات والفن التجريبي وغيرها مما ال يهتم به السوق الفني‪.‬‬ ‫س‪ - 11‬ما هي آخر مستجدات الفنانة صباح؟‬ ‫ غالبا ما يكون اشتغالي الفني بتأن وترو حيث أحاول دوما المزاوجة بين‬‫التجديد والروافد المرجعية للغناء المغربي والعربي‪ ،‬وذلك ما يجعلني أخوض‬ ‫تجارب قليلة ومتنوعة‪ ،‬وفي بعض األحيان مغامرة كما هو شان اختياراتي‬ ‫األخيرة التي انفتحت على الشعر المغربي المعاصر كقصيدة «كن لي قليال»‬ ‫للشاعر بوجمعة العوفي والملحن خالد بدوي‪ ،‬وقصيدة «انس ما شئت» للشاعر‬ ‫عبد الهادي السعيد‪ ،‬والملحن خالد إصباح‪ ،‬و»مشتقالك» للمؤلف والموسيقي‬ ‫السوري‪ ،‬المقيم بأمريكا‪ ،‬داود سالمي وصوال إلى قصيدة «سيفتح باب» لإلمام‬ ‫الشافعي‪ ،‬ولحن وتوزيع يوسف قاسمي جمال الذي أخوض معه تجربة أخرى‬ ‫بمسحة دولية وشعر مغربي معاصر سنكشف عنها في حينها‪ .‬وأنا أيضا بصدد‬ ‫تجربة عربية مع الملحن السوري مراد األشقر‪ ،‬المقيم باألرجنيتن بعمل فني‬ ‫تحت عنوان «علمتني» باللهجة السورية‪.‬‬

‫كلمة أخيرة لقراء جريدة الشمال؟‬

‫ ال يسعني إال أن أشكر جريدة الشمال المتميزة‪ ،‬وطاقمها األنيق الذي‬‫اهتم بتجربتي وخصوصا الشاعر عبد اإلاله المويسي الذي ينقب عن التجارب‬ ‫الفنية المغايرة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫عامل الحسيمة فريد شوراق يوقف عون سلطة‬ ‫لم يبلغ عن مواطن قادم من تاونات‬ ‫أمر عامل اقليم الحسيمة بإيقاف عون‬ ‫سلطة بقيادة تبرانت نواحي الحسيمة‬ ‫لمدة شهر بدون أجرة‪ ،‬على خلفية عدم‬ ‫تبليغه عن مواطن قدم من جماعة بني‬ ‫وليد التابعة إلقليم تاونات دون ترخيص‬ ‫مسبق‪ ،‬لزيارة عائلته بدوار تمليت الواقع‬ ‫بجماعة بني بوشيبت بمناسبة عيد الفطر‪.‬‬ ‫وبحسب مصادر مسؤولة‪ ،‬فإن قرار‬ ‫العامل شوارق “مرتبط بإجراءات المراقبة‬ ‫الصارمة على كل الوافدين إلى اإلقليم من‬ ‫مناطق أخرى‪ ،‬في إطار التتبع اليومي من‬ ‫طرف السلطة اإلقليمية لكل ما من شأنه‬ ‫اإلخالل بالتدابير االحترازية المتخذة للحد‬ ‫من انتشار الوباء”‪.‬‬ ‫وأضافت ذات المصادر أن مجهودات‬ ‫تجري على قدم وساق “لمواجهة كل ما من‬ ‫شأنه اإلخالل بالمجهودات المبذولة من‬ ‫قبل مختلف المتدخلين لضمان استقرار‬ ‫الحالة الوبائية بإقليم الحسيمة‪ ،‬علما أن‬ ‫التحاليل المخبرية أتبتث أصابة الشخص‬ ‫القادم من إقليم تاونات بفيروس كورونا”‪.‬‬

‫جدير بالذكر‪ ،‬أن ‪ 5‬أف��راد من أسرة‬ ‫واحدة بدوار تمايلت‪ ،‬تم نقلهم في وقت‬ ‫متأخر من ليلة الجمعة لمستشفى إمزورن‪،‬‬ ‫حيث ت��م إخضاعهم لتحاليل مخبرية‬

‫للكشف عن داء كوفيد‪ ،19‬بعدما ثبت‬ ‫مخالطتهم لشخص مصاب بالفيروس‪،‬‬ ‫كان قد قدم من تاونات لزيارتهم في أيام‬ ‫عيد الفطر‪.‬‬

‫المصالح األمنية بمدينة الحسيمة‪ ..‬عنوان لتضحيات‬ ‫جسام وعيون ال تنام لفرض احترام حالة الطوارئ‬

‫على غرار باقي مدن وأقاليم المملكة‪،‬‬ ‫تتواصل‪ ،‬بجوهرة البحر األبيض المتوسط‪،‬‬ ‫المجهودات الرامية للحد من تفشي وباء‬ ‫«كوفيد‪ »19‬واإلبقاء عليه تحت السيطرة‪،‬‬ ‫تماشيا مع اإلجراءات االستباقية واالحترازية‬ ‫الناجعة‪ ،‬التي اتخذتها السلطات المغربية‪،‬‬ ‫لتطويق الوباء والخروج من هذه المحنة‬ ‫العصيبة بأقل الخسائر واألضرار‪.‬‬ ‫العناصر األمنية لمبارة المتوسط‪،‬‬ ‫تسطف في الخطوط األمامية لمواجهة داء‬ ‫فتاك‪ ،‬أربك كل الحسابات وبعثر كل األوراق‪،‬‬ ‫وأوقف الحياة في شرايين البلدان‪،‬‬ ‫أصحاب البدلة الزرقاء‪ ،‬شأنهم في ذلك‬ ‫شأن أصحاب الوزرات البيضاء‪ ،‬والسلطات‬ ‫المحلية‪ ،‬وباقي القوات العمومية‪ ،‬وجها‬ ‫لوجه مع كوفيد ‪ ،19‬في معركة حاسمة‬ ‫ومصيرية‪ ،‬مفتوحة على كافة اإلحتماالت؛‬ ‫والرهان اليوم هو كبح جماح هذا المارد‪،‬‬ ‫وكسب النزال ال��ح��ارق‪ ،‬لتفادي مواجهة‬ ‫المجهول‪.‬‬ ‫وقد بات من البديهي أن ترفع القوات‬ ‫األمنية‪ ،‬من درجة تأهبها لخوض غمار هذا‬ ‫النزال‪ ،‬تماشيا مع اإلج��راءات اإلستباقية‬ ‫واإلحترازية الناجعة التي اتخدتها السلطات‬ ‫المغربية‪ ،‬بغية تطويق الوباء واإلبقاء عليه‬ ‫تحت السيطرة‪ ،‬للحيلولة دون تفشيه‪،‬‬ ‫وانتقاله بين المواطنين ‪ ،‬من خالل مقاربة‬ ‫شمولية‪ ،‬تروم تنزيل إستراتيجية ناجعة‪،‬‬ ‫اتخدتها المديرية العامة لألمن الوطني‬ ‫لتدبير هذه المرحلة الصعبة‪ ،‬بعد مناقشة‬ ‫كل تفاصيلها بالحنكة والخبرة المعهودة‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫وم��م��ا ال ش��ك ف��ي��ه‪ ،‬وف��ي ظ��ل هذه‬ ‫المحنة العصيبة‪ ،‬أبان رجال األمن الوطني‪،‬‬ ‫عن جاهزية كبيرة‪ ،‬لتدبير زمن الجائحة‬ ‫بمهنية واحترافية كبيرتين‪ ،‬تتماشى وحجم‬ ‫المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم‪،‬‬ ‫ودرءا للخطر الداهم الذي بات يهدد األمن‬ ‫الصحي للمواطنين بشكل غير مسبوق‪.‬‬ ‫وف��ي خضم ه��ذه المهمة الصعبة‪،‬‬ ‫سهرت عناصر األمن الوطني على تطبيق‬ ‫مقتضيات الطوارئ الصحية وتقييد الحركة‪،‬‬ ‫بحس وطني متفرد وبنكران ال��ذات‪ ،‬مع‬ ‫العلم أن المرحلة عصيبة وتتطلب الرفع‬ ‫من اليقظة ودرج��ة التأهب‪ ،‬فال خيار عن‬ ‫تشديد المراقبة على كل النقط و السدود‬ ‫األمنية‪ ،‬والسهر على احترام اإلج��راءات‬ ‫المنظمة لحالة الطوارئ الصحية‪ .‬إنها‬ ‫عيون التنام‪ ،‬لتهدي األمل وتضيء عتمة‬ ‫زمن كورونا‪ ،‬لرصد كل صغيرة وكبيرة‪،‬‬ ‫وكل خرق لمقتضيات الحجر الصحي‪ ،‬من‬ ‫خالل تشديد المراقبة والتدقيق في تحري‬ ‫أوراق التنقل اإلستثنائي‪ ،‬وثني المخالفين‬ ‫ل�لإج��راءات اإلحترازية واإلستباقية التي‬ ‫اتخدتها السلطات المغربية‪،‬‬ ‫وإيمانا منها بكون عملها وطنيا‪،‬‬ ‫قبل أن يكون مهنيا‪ ،‬عناصر الشرطة‬ ‫بمدينة الحسيمة تصل الليل بالنهار‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫عامل إقليم الحسيمة‬ ‫يستقبل مكتب شباب‬ ‫الريف الحسيمي‬

‫استقبل فريد شوراق عامل إقليم الحسيمة‪ ،‬ظهر اليوم (األربعاء ) ثالثة أعضاء من‬ ‫المكتب المسير لفريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم‪ ،‬ويتعلق األمر برئيسه الفريق‬ ‫مصطفى ديرا وأمين المال المقدم محمد والكاتب العام يوسف أكناو‪ .‬وناقش شوراق مع‬ ‫مسيري الفريق وضعية األخير‪ ،‬ووعدهم بدعم األخير ماديا ومعنويا‪ .‬وكشفت مصادر مطلعة‪،‬‬ ‫لموقع اخبار الريف أن عامل إقليم الحسيمة طالب من مسيريه بضرورة تضافر الجهود في‬ ‫حال استئناف بطولة القسم الثاني من أجل إبقاء شباب الريف الحسيمي في القسم الثاني‪،‬‬ ‫واعدا إياهم بتوفير جميع متطلبات الفريق من أجل تحقيق هذا الهدف الذي هو مطلب‬ ‫جمهور ومحبي الفريق‪ .‬وأضافت المصادر أن شوراق أكد في معرض حديثه إلى أعضاء‬ ‫المكتب أنه في حال عدم استئناف البطولة‪ ،‬ينبغي التفكير منذ اآلن في كيفية تدبير المرحلة‬ ‫المقبلة‪ ،‬مؤكدا استعداده لتهييء جميع الظروف المناسبة لإلعداد للموسم المقبل في‬ ‫وقت مبكر تفاديا لتكرار أخطاء الموسم المنصرم‪ ،‬مضيفا أن عامل اإلقليم وعد المكتب‬ ‫المسير بتوفير وتهييء أجواء مناسبة لالعبين حتى يتم اإلعداد للموسم المقبل في ظروف‬ ‫جيدة‪ ،‬خاصة على مستوى ملعب التداريب وإقامة تربصات إعدادية‪ .‬وثمن شوراق المشاريع‬ ‫االستثمارية التي ينوي المكتب المسير إحداثها بتعاون مع بعض الجهات‪ ،‬وذلك من أجل‬ ‫توفير مداخيل قارة للفريق‪ .‬من جهتهم ثمن أعضاء المكتب المسير المجهودات التي مافتئ‬ ‫عامل إقليم الحسيمة يبذلها في سبيل خدمة وتشجيع قطاع الرياضة‪ ،‬وإيالء األهمية لفريق‬ ‫شباب الريف الحسيمي‪ ،‬رغم الظروف االستثنائية التي يعيشها المغرب‬

‫الحسيمة ‪ ..‬شباب ينخرطون‬ ‫في مبادرة لتزيين األزقة‬ ‫واألحياء في زمن كورونا‬ ‫للسهر على األم��ن الصحي للمواطنين‪،‬‬ ‫وخاصة في هذه الظرفية اإلستثناية‪ ،‬التي‬ ‫أملتها جائحة كورونا‪ ،‬والتداعيات الخطيرة‬ ‫التي أفرزتها‪ ،‬حيث شكلت ضربة موجعة‬ ‫للمنظومات الصحية لبلدان رائ��دة على‬ ‫المستوى الدولي‪ ،‬وشلت مختلف القطاعات‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬وأحدتث رجة غير مسبوقة في‬ ‫مختلف مناحي الحياة‪ ،‬والكل يترنح من هول‬ ‫الفاجعة‪.‬‬ ‫إنها محنة عصيبة‪ ،‬أملت على العناصر‬ ‫األمنية التسلح بالعزيمة القوية‪ ،‬والهمة‬ ‫العالية‪ ،‬بجدية وصرامة‪ ،‬لفرض احترام حالة‬ ‫الطوارئ الصحية واإلحترام الدقيق للقانون‪،‬‬ ‫في ظل مرحلة عصيبة تتطلب المزيد من‬ ‫اليقظة والنجاعة والجاهزية‪ ،‬والحس العالي‬ ‫للمسؤولية أثناء العمل‪ ،‬بحس وطني‬ ‫متفرد‪ ،‬وبنكران ال��ذات‪ ،‬وخصوصا عندما‬ ‫يتعلق األمر باألمن الصحي للمواطنين‪ ،‬فال‬ ‫مجال لتساهل العناصر األمنية مع أي خرق‬ ‫لحالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وتقييد الحركة‪،‬‬ ‫فالمهمة إنسانية بامتياز قبل أن تكون‬ ‫مهنية لتجسيد كل التدابير اإلستباقية‬ ‫واإلحترازية على أرض الواقع‪ ،‬من خالل‬ ‫التنزيل األمثل لإلستراتيجية الناجعة التي‬ ‫اتخدتها المديرية العامة لألمن الوطني‪،‬‬ ‫للحيلولة دون تفشي الوباء وانتقاله بين‬ ‫المواطنين‪ ،‬عبر خطة استباقية تراهن على‬ ‫حصد زهرة هذا الوباء وتقليم أظافره‪ .‬هذا‪،‬‬ ‫ومنذ إعالن حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬تصدرت‬ ‫العناصر األمنية المشهد واصطفت إلى‬ ‫جانب المواطن لمواجهة هذه الجائحة‬ ‫بمهنية واحترافية كبيرة‪ ،‬اليهدأ لها بال‬ ‫‪ ،‬وهي تخوض نزالها الحارق ضد كوفيد‬ ‫‪ 19‬بمعنويات عالية‪ ،‬في الخطوط األمامية‬ ‫للمواجهة‪ ،‬نساء ورج��ال ببدلتهم الزرقاء‬ ‫التخطؤهم العين‪ ،‬يرابطون في الطرق‬ ‫واألحياء والشوارع‪ ،‬لبث األمل داخل نفوس‬

‫الساكنة‪ ،‬وإقناعها بضرورة لزوم المنازل‬ ‫لتحصين المنظومة الدفاعية؛‬ ‫عمل ميداني دؤوب ب��أدوار متعددة‪،‬‬ ‫يمتد إلى الساعات األولى من كل صباح‪،‬‬ ‫مزج بين اإلقناع وتفعيل آليات المراقبة‪،‬‬ ‫لثني المخالفين لحالة الطوارئ الصحية‪،‬‬ ‫دوريات منتظمة ليل نهار‪ ،‬ومراقبة صارمة‬ ‫في الشوارع‪ ،‬والسدود القضائية‪ ،‬لوضع‬ ‫حد لكل أشكال االستهتار واالستخفاف‬ ‫من خالل مراقبة صارمة لرخص التنقل‬ ‫االستثنائية ‪ ،‬ومقارنتها بمعطيات بطاقات‬ ‫التعريف الوطنية‪.‬‬ ‫ال��ي��وم‪ ،‬المدينة تقترب م��ن حسم‬ ‫المعركة الشرسة ضد كوفيد ‪ ،19‬واإلعالن‬ ‫عن انتصار بطولي ضد وباء فتاك‪ ،‬أحدث‬ ‫رج��ة غير مسبوقة‪ ،‬وش��ل كل القطاعات‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وتالعب بأقوى المنظومات‬ ‫الصحية ال��رائ��دة‪ ،‬وجعلها تترنح تحت‬ ‫ضرباته الموجعة‪ .‬ومما ال شك فيه فإنه‬ ‫بفضل النظرة المتبصرة و االستباقية‬ ‫لعاهل البالد الملك محمد السادس نصره‬ ‫اهلل‪ ،‬ويقظة السلطات العمومية‪ ،‬واألطقم‬ ‫الطبية‪ ،‬وجاهزية الشرطة المواطنة‪ ،‬وباقي‬ ‫القوات‪ ،‬وإعالم نزيه‪ ،‬انخرط مند البداية‬ ‫في التصدي لألخبار الزائفة‪ ،‬وتنوير الرأي‬ ‫العام بكل مصداقية مع نقل الخبر بكل‬ ‫تجرد‪ ،‬مع المساهمة في التأطير الميداني‬ ‫والتحسيس بين مختلف الفئات المجتمعية‪،‬‬ ‫قصد اإللتزام بقواعد الحجر الصحي‪ ،‬مع‬ ‫رصد جميع المعلومات المتعلقة بالحالة‬ ‫الصحية‪ ،‬ودون إغفال تقدير حجم المجهوات‬ ‫المبذولة‪ ،‬ها هي مدينة الحسيمة‪ ،‬جوهرة‬ ‫البحر المتوسط‪ ،‬في طريقها‪ ،‬لكسب‬ ‫الرهان ودق آخر مسمار في نعش كورونا‪،‬‬ ‫واإلعالن عن انتصار تاريخي ضد هذا الوباء‪،‬‬ ‫انتصار سيبقى راسخا في مخيلة الجميع‪،‬‬ ‫وسوف يدون‪ ،‬المحالة بمداد‬

‫انخرط مجموعة من الشباب بمدينة الحسيمة وجماعتي إمزورن وبني بوعياش في‬ ‫مبادرة فريدة من نوعها همت تزيين وصباغة عدد من الدروب واألزقة والفضاءات‪.‬‬ ‫وساهمت هذه المبادرة القيمة التي انطلقت منذ يوم اإلثنين والزالت متواصلة حتى‬ ‫اآلن على قدم وساق تعزيز جمالية وجاذبية هذه الفضاءات وجعلها تبدو في أبهى حلة‬ ‫ممكنة‪.‬‬ ‫وتمت هذه العملية في إطار االحترام التام لتدابير الحجر الصحي الذي أقرته السلطات‬ ‫المختصة السيما ارتداء الكمامات الواقية والحفاظ على مسافة األمان الضرورية‪.‬‬ ‫وأبى الشباب المتطوعون إال أن يضعوا بصمتهم الخاصة من خالل إبداع زخارف رائعة‬ ‫وألوان بديعة متناسقة أضفت على األزقة والدروب والفضاءات جمالية وروعة خاصة‪.‬‬ ‫واستعان الشباب في إنجاز هذه المهمة بوسائل وآليات بسيطة ومبتكرة‪ ،‬متسلحين‬ ‫بهمتهم العالية وحسهم الوطني المرهق للحفاظ على هذه العادة الحميدة التي ورثوها‬ ‫أبا عن جد‪.‬‬ ‫ولقيت هذه العملية ترحيبا واستحسانا كبيرا من لدن الساكنة المحلية التي عبرت عن‬ ‫شكرها وامتنانها للشباب على حسهم الوطني ورغبتهم في تعزيز جمالية مدينتهم وجعلها‬ ‫قبلة سياحية متميزة‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫المجتمع المدني بمدينة القصر الكبير‬ ‫منخرط بفعالية في معركة التصدي‬ ‫للجائحة الوبائية‬

‫في إطار المعركة المتواصلة التي‬ ‫تخوضها كل القوى الحية ببالدنا ضد‬ ‫وباء كورونا المستجد تم مساء يومه‬ ‫السبت ‪ 23‬ماي ‪ 2020‬إط�لاق عملية‬ ‫تعقيم واسعة ألحياء وش��وارع وأزق��ة‬ ‫المدينة بتنسيق بين عدد من فعاليات‬ ‫المجتمع المدني وممثلي المجلس‬ ‫الجماعي للمدينة بحضور كل من ‪:‬‬ ‫ممثلي المجلس الجماعي ‪ ،‬وممثلي‬ ‫الفعاليات المدنية الجامعة للجميع‬ ‫‪،‬وجمعية الجوهرة للتنمية والثقافة‬ ‫والفن ‪،‬جمعية الكشفية الحسنية ‪،‬‬ ‫وجمعية بيت اإلبداع ‪،‬وودا دية موظفي‬ ‫العدل ‪ ،‬وجمعية األيادي الممدودة‪.‬‬ ‫الكلمات التي ألقيت بالمناسبة‬ ‫أكدت على أهمية المبادرة ودالالتها‬ ‫العميقة ‪،‬والدعوة إلى تنسيق الجهود‬ ‫لمواجهة التحديات الحقيقية والكبرى‬ ‫التي فرضها انتشار الوباء خاصة وان‬

‫المستجدات تتطلب المزيد من التعبئة‬ ‫واليقظة وع��دم التراخي في معركة‬ ‫التصدي للوباء ‪ .‬وض���رورة مواصلة‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫القصر الكبير ‪:‬‬ ‫المنتدى المغربي من اجل‬ ‫الحقيقة واإلنصاف يصدر بيان‬ ‫استنكاريا إلقصاء أعضاءه من‬ ‫الدعم المخصص للفئات الهشة‬

‫التقيد باإلجراءات الوقائية االحترازية‬ ‫ومقتضيات الحجر الصحي‪ ،‬واهلل ولي‬ ‫التوفيق‬

‫الهالل األحمر المغربي يساهم في رسم‬ ‫االبتسامة على وجوه أطفال العرائش بمبادرة‬ ‫من مؤسسة نينوفر التعليمية‬

‫اصدر الفرع المحلي للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة واإلنصاف بالقصر الكبير بتاريخ‬ ‫‪ 23‬ماي ‪ 2020‬بيان استنكاريا حول إقصاء أعضاءه من عدم االستفادة من الدعم المخصص‬ ‫للفئات الهشة والمتضررة من ظرف الحجر الصحي نتيجة فيروس كورونا المستجد ‪ ،‬فان ضحايا‬ ‫ماضي االنتهاكات الذين يعانون العطالة والفقر والذين يتراوح سن اغلبهم ‪ 60‬سنة وما فوق‬ ‫وال يتوفرون على أي دخل قار يضمن لهم شروط العيش الكريم ‪ ،‬مطالبين باالستفادة من‬ ‫الدعم المخصص للفئات الهشة المتضررة من ظروف الحجر الصحي جراء وباء كوفيد ‪ 19‬كباقي‬ ‫الفئات المستفيدة من هذا الدعم على حد سواء ‪.‬‬

‫القصر الكبير‪:‬‬ ‫مبادرة إنسانية لسائقي سيارة‬ ‫األجرة الصنف الثاني لنقل مرضى‬ ‫القصور الكلوي‬

‫في إطار تنسيق الجهود مع مختلف‬ ‫الجهات فيما يتعلق بالعمليات و‬ ‫التدخالت المرتبطة بمواجهة جائحة‬ ‫كورونا الناجمة عن فيروس كوفيد‪،-19‬‬ ‫شارك المكتب اإلقليمي للهالل األحمر‬ ‫المغربي بالعرائش في عملية توزيع‬ ‫الهدايا على أطفال مؤسسة “نينوفر‬ ‫األبيض” للتعليم األولي‪ ،‬و ذلك يوم‬ ‫السبت ‪ 30‬ماي ‪.2020‬‬ ‫و تأتي مشاركة الهالل في هذه‬ ‫المبادرة النوعية على الصعيد اإلقليمي‪،‬‬

‫انسجاما و الحملة التي أطلقها مكتب‬ ‫المنظمة بالعرائش منذ إعالن حالة‬ ‫الطوارئ الصحية على صعيد تراب‬ ‫المملكة المغربية‪ ،‬حيث انخرط الهالل‬ ‫األحمر في العديد من المبادرات ذات‬ ‫الصلة‪ .‬كما تأتي هذه المشاركة منسجمة‬ ‫مع برنامجه االستعجالي للتخفيف من‬ ‫اآلثار االجتماعية و النفسية لحالة‬ ‫الطوارئ الصحية‪ .‬حيث قامت مؤسسة‬ ‫نينوفر بزيارة لمنازل األطفال المرتادين‬ ‫لذات المؤسسة التعليمية‪ ،‬و ذلك بغرض‬

‫تخفيف الضغوط النفسية التي قد تنجم‬ ‫عن حالة الحجر الصحي في بيوتهم لفترة‬ ‫فاقت الشهرين‪ ،‬حيث تم توزيع هدايا‬ ‫على هؤالء األطفال و الترويح عنهم‪ .‬وقد‬ ‫تمثلت مهمة متطوعي الهالل األحمر‬ ‫المغربي في هذه المبادرة في السهر‬ ‫على مختلف اإلجراءات المرتبطة بالوقاية‬ ‫و السالمة الصحية للفريق الزائر‪ ،‬و كذا‬ ‫لألطفال المستهدفين بالنشاط‪ ،‬إضافة‬ ‫ألولياء أمورهم‪.‬‬

‫ابتدائية العرائش تطلق منصة إلكترونية‬ ‫متعلقة بالعنف ضد النساء واألطفال‬

‫تفعيال لالجراءات التي اتخذتها رئاسة النيابة‬ ‫العامة في ظل استمرار تدابير الحجر الصحي‬ ‫‪ ،‬أعلنت النيابة العامة بالمحكمة االبتدائية‬ ‫بالعرائش عن إحداث منصة إلكترونية‪ ،‬تمكن‬ ‫المواطنين من تقديم الشكايات والتظلمات‬ ‫المتعلقة بالعنف ضد النساء واألطفال وتتبع مآلها‬ ‫دون التنقل لبناية المحكمة‪.‬‬

‫وعليه يعلن السيد وكيل الملك لدى‬ ‫المحكمة االبتدائية بالعرائش إلى “علم‬ ‫المواطنين والمواطنات عن افتتاح منصة‬ ‫الكترونية للتفاعل مع شکایات العنف ضد النساء‬ ‫واألطفال متوفرة عبر الموقع ‪:‬‬ ‫‪Www.‬‬ ‫‪pmp.ma:85/index.‬‬ ‫‪php?tr=256‬‬

‫ويروم افتتاح هذه المنصة العمل على‬ ‫التخفيف عن المواطنين وطأة التنقل صوب مقر‬ ‫المحكمة االبتدائية بآسفي‪ ،‬في ظل استمرار‬ ‫الحجر الصحي الناتج عن تفشي فيروس كورونا‬ ‫المستجد‪ ،‬األمر الذي قد يصعب عن المواطنين‬ ‫التنقل صوب مقر المحكمة لتقديم شكايتهم‬ ‫مباشرة‪.‬‬

‫في إطار االنخراط الفعلي لسائقي سيارات االٔجرة الصغيرة بالقصر‬ ‫الكبير ضمن المجهود الوطني للتصدي للجائحة الوبائية كوفيد ‪19‬‬ ‫‪ ،‬و أمام ترسيخ قيم التضامن والتعاون‪ ،‬و في مبادرة إنسانية اختار‬ ‫سائقوا سيارات االٔجرة الصغيرة بالقصر الكبير ‪ ،‬مساعدة مرضى القصور‬ ‫الكلوي بالمدينة ‪ ،‬و ذلك من خالل نقل المرضى إلى وجهتهم المرجوة‬ ‫مجانا‪ ،‬وذلك طيلة مدة الجائحة الوبائية ببالدنا‪.‬‬ ‫هذه البصمة ذات الطابع االجتماعي لقيت استحسانا وتفاعال كبيرين‬ ‫من لدن المواطنين‪ ،‬فيما عبروا من جهتهم عن متمنياتهم في أن‬ ‫تُعمم هذه االلتفاتة الطيبة لتشمل جميع المراكز الصحية بمختلف‬ ‫المدن المغربية‬

‫‪18‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫“المغرب‪:‬‬ ‫“ومضات مضيئة عن الحرب الريفية”‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬ ‫(‪)948‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬

‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر كتاب “ومضات مضيئة عن الحرب الريفية من خالل مذكرات شاهد عيان إسباني” للمرحوم محمد المعلومات والحقائق التي قدمها المؤلف عن المغاربة الريفيين الذين اختاروا العمل إلى جانب اإلسبان أمثال‬ ‫ابن عزوز حكيم سنة ‪ ،1986‬وذلك في ما مجموعه ‪ 229‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬والكتاب –في القائد سليمان الخطابي والقائد الحاج الطيب الشكري‪ .‬وفي كل ذلك‪ ،‬حرص صاحب اليوميات على التدقيق في‬ ‫األصل‪ -‬عبارة عن ترجمة عربية لمذكرات الضابط اإلسباني خوسي كاساريس لوكاس الذي كان مالزما ضمن معلوماته من خالل تمييزه بين اإلشاعات وبين األخبار المؤكدة والموثقة‪ ،‬مما جعل الكتاب يتحول إلى رؤية‬ ‫فرقة البحرية العسكرية بجزيرة النكور عند اندالع الثورة الريفية ضد االحتالل اإلسباني‪ ،‬وتغطي الفترة الممتدة إسبانية قريبة من واقع حال فيالق الغزو اإلسباني وتطورات األوضاع على الجبهة الريفية‪ .‬نقول هذا الكالم‪،‬‬ ‫بين يوم فاتح يونيو من سنة ‪ 1921‬ويوم فاتح شتنبر من سنة ‪ .1925‬ويشير األستاذ بان عزوز حكيم إلى أن ونحن نستحضر كل ما يمكن أن يسجل على المذكرات من تحامل ومن كره ومن حقد استعماري تجاه المغاربة‬ ‫هذه اليوميات غير المعنونة كانت تحتوي –في مجملها‪ -‬على ‪ 526‬من الصفحات المدونة بخط يد صاحبها‪ ،‬لكن والذي ظل يطفح من بين صفحات الكتاب‪.‬‬ ‫الصفحات الستة األولى قد تعرضت للضياع بالنظر –ربما‪ -‬إلى تداولها وانتقالها بين عدد من األيدي‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫وعموما‪ ،‬يمكن القول إن الكتاب يقد مادة مصدرية فريدة من نوعها‪ ،‬ال شك وأنها تساهم في توسيع مجال‬ ‫فإن المتن المترجم إلى العربية ال يبتدأ إال من الصفحة السابعة من اليوميات والمؤرخة بيوم ‪ 24‬يوليوز ‪ 1921‬الدراسة بالنسبة للتوثيق لحروب الريف الجهادية‪ .‬ولعل أهم ما أضفى قيمة علمية على مضامين هذه اليوميات‪،‬‬ ‫وينتهي بالصفحة رقم ‪ 526‬المؤرخة بيوم فاتح شتنبر ‪ ،1925‬أي أنها تغطي مرحلة هامة من تاريخ المقاومة حرص صاحبها على تجميع األحداث واألخبار واإلشاعات التي ال نجد ذكرا لها في المذكرات األخرى التي ألفها‬ ‫الريفية امتدت على مدى أربع سنوات وشهر واحد وتسعة أيام‪ .‬وبخصوص المسار الذي خضع له تداول مخطوط ضباط إسبان معاصرين له‪ ،‬والتي كان أصحابها يضطرون إلى إدخال عدة تعديالت على وقائعها السردية‪.‬‬ ‫باإلدارة المركزية‬ ‫محفوظا‬ ‫األصلي كان‬ ‫فاطمة‬ ‫وتقديم ‪:‬‬ ‫اليوميات‪ ،‬فقد أشار المترجم إلى أن النصحوار‬ ‫الميمونيلالستعالمات بنيابة األمور فهي –بذلك‪ -‬تندرج في الخانة المعروفة ب”اليوميات المجردة” حسب تعبير األستاذ ابن عزوز حكيم‪ .‬وتزداد‬ ‫الوطنية التابعة لإلقامة العامة اإلسبانية بتطوان‪ ،‬ثم انتقل إلى يد الجنرال فيرناندو‬ ‫هذه الميزة وضوحا‪ ،‬إذا علمنا أن المالزم كاساريس قد ألف يومياته وهو حر طليق‬ ‫كباص وأخيرا صار للجنرال مانويل ميليس ذي كالفيريا الذي أهداه للمترجم سنة‬ ‫وبعيد عن كل الضغوطات النفسية التي كان يعاني منها األسرى اإلسبان‪ ،‬وهو األمر‬ ‫‪ 1951‬عندما كان (أي الجنرال) كاتبا عاما بإدارة المغرب والمستعمرات ورئيس‬ ‫الذي ال ينطبق على أصحاب المذكرات األخرى الذين دونوا يومياتهم وهم تحت‬ ‫المعهد اإلسباني للدراسات اإلفريقية بمدريد‪.‬‬ ‫األسر‪ .‬وعلى مستوى آخر‪ ،‬حرص المالزم كاساريس على تجميع أسرار الوقائع المدونة‬ ‫باالعتماد على وسائل وأدوات متعددة‪ .‬فقد نجح في االطالع على الوثائق السرية‬ ‫ولقد انتبه المؤرخ ابن عزوز حكيم إلى أن هذه اليوميات هي مختلفة تماما عن‬ ‫اإلسبانية بفضل الدور الذي قام به ابن خاله المالزم لوكس الذي كان يعمل في‬ ‫مثيالتها من مذكرات حرب الريف التي وضعها ضباط إسبان شاركوا في الحمالت‬ ‫اإلدارة العسكرية اإلسبانية إلى جانب الحاكم اإلسباني لجزيرة النكور‪ ،‬إذ كان يزوده‬ ‫العسكرية‪ ،‬أمثال إدواردو بيريث أورطيث والقبطان سيفريدو ساينث كوطييريث‬ ‫بالكثير من المعلومات الرسمية ويمده ببعض الوثائق ويقدم له المعلومات حول‬ ‫والمالزم لويس كاسادو إسكودير‪ .‬وتعود أسباب هذا االختالف إلى طريقة سرد‬ ‫بعض الخونة المغاربة الذين كانت إسبانيا قد وظفتهم كجواسيس لصالح إدارتها‬ ‫الوقائع والمشاهدات واإلشاعات‪ ،‬طريقة تؤكد صحة مضامين حيثياتها الكثير من‬ ‫االستعمارية‪ .‬ولذلك‪ ،‬فقد جاءت مذكراته دقيقة ومواكبة لجزئيات الحياة اليومية‬ ‫الوقائع المتعلقة بحرب الريف‪ ،‬كما أنها ال تتناقض مع معطيات وتحاليل المصادر‬ ‫لطرفي الصراع بمنطقة الريف‪.‬‬ ‫والمظان والمراجع والمستندات المتداولة حول المقاومة البطولية ألهالي الريف‪.‬‬ ‫وبهذه الصفة‪ ،‬فقد جاءت هذه المذكرات دقيقة في رصدها لجزئيات تطور األحداث‬ ‫وإذا كانت هذه اليوميات قد ظلت مكتنفة ببعض االضطراب والغموض‪ ،‬فإن‬ ‫على الجبهتين اإلسبانية والمغربية‪ ،‬كما أنها لم تكن لتغفل بعض التفاصيل التي‬ ‫األستاذ ابن عزوز حكيم قد قدم عمال تحقيقيا أعاد األمور إلى نصابها فيما يتعلق‬ ‫ظلت تبدو ثانوية في سياق المواجهات العسكرية المفتوحة‪ ،‬لكن اتضح –اآلن‪-‬‬ ‫بضرورات الضبط العلمي وشروط التأكد من مصداقية الخبر الوارد في المتن‪،‬‬ ‫أنها تكتسي أهمية معرفية كبرى في فهم عوامل االنتصار اإلسباني من جهة‪،‬‬ ‫وبأهمية التعريف باألعالم البشرية والجغرافية التي ذكرها المؤلف‪ .‬في هذا اإلطار‪،‬‬ ‫وأسباب اإلخفاق الريفي من جهة ثانية عقب استسالم الزعيم محمد بن عبد الكريم‬ ‫ألحق المترجم بالمذكرات عدة تعاليق استهدفت تصحيح بعض األخطاء التي وقع‬ ‫الخطابي‪ .‬ويبدو أن المؤلف كان يعتمد –انطالقا من مقر إقامته بالنكور‪ -‬على فريق‬ ‫فيها المؤلف‪ ،‬وتحقيق بعض األحداث‪ ،‬وضبط السياقات السياسية والعسكرية‬ ‫هام من المخبرين والمستطلعين الذين كان يستقي منهم معلوماته والذين كانت‬ ‫للوقائع‪ ،‬وسد الثغرات الناجمة عن النقص في بعض المعلومات‪ ،‬مع توضيح ما ظل‬ ‫لهم قدرة خارقة على التتبع الدقيق لكل ما كان يقع داخل المعسكر الريفي في‬ ‫غامضا منها‪ ،‬وتدقيق التواريخ المرجعية‪ ،‬والتمهيد للكتاب بتوطئة عامة قدم فيها‬ ‫حدود ما سمحت به ظروف المرحلة‪ .‬وباإلضافة إلى هذه القيمة التوثيقية األكيدة‪،‬‬ ‫المترجم نبذة عن سيرة شخصية محمد إدريس ابن سعيد الذي تردد ذكرها في‬ ‫فالمؤكد أن المذكرات موضوع هذا التقديم قد اكتست أهمية كبرى في الكشف‬ ‫المذكرات أكثر من أي شخصية أخرى بعد شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي‪.‬‬ ‫عن رؤى الغازي االستعماري لعمق بنيات المجتمع المغربي في تداخل مكوناتها‬ ‫وإذا أضفنا إلى كل ذلك‪ ،‬اللغة السليمة التي اعتمدها األستاذ ابن عزوز حكيم في‬ ‫وفي تشعب جزئياتها‪ .‬وتزداد هذه المسألة وضوحا‪ ،‬إذا علمنا أن المؤلف ركز كثيرا‬ ‫ترجمته‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬إن المترجم قدم خدمة جليلة للباحثين وللمهتمين بموضوع‬ ‫على استكشاف كنه هذه البنيات “الغرائبية” التي ظل يجهل عنها كل شيء قبل‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫حروب الريف التحريرية‪ ،‬وذلك بتمكينهم من نص غميس ظل ينتظر لسنين طويلة‬ ‫مجيئه إلى المغرب‪ ،‬لذلك وجدناه –مثال‪ -‬يندهش من احتفاالت المغاربة بعيد المول‬ ‫من يتصدى لنفض غبار النسيان واإلهمال عنه‪ .‬وبالنسبة للجانب اإلسباني‪ ،‬فالكتاب‬ ‫النبوي بعد أن كان يعتقد أن االحتفال بأعياد الميالد هي ظاهرة خاصة بالمسيحيين‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة يعتبر شهادة اعتراف في حق الزعيم الخطابي الذي اضطلع بدور كبير في تأزيم مشاريع اإلمبريالية اإلسبانية‬ ‫لالحتفاالت بعيد الفطر أو بعيد األضحى أو بكل ما يرتبط بهما من طقوس إسالمية خالصة أثارت اهتمام خالل الربع األول من القرن ‪ ،20‬بشكل ساهم في تأجيج الكثير من التناقضات البنيوية المرتبطة بطبيعة هذه‬ ‫المؤلف وبادر إلى تسجيلها وتدوينها‪.‬‬ ‫“اإلمبريالية القزمة”‪ .‬ولعل من أبرز تجليات هذه التناقضات‪ ،‬تلك الخسائر الفادحة التي تكبدتها القوات اإلسبانية‬ ‫وإلى جانب ذلك‪ ،‬ظل المؤلف حريصا على تتبع كل ما كانت تنشره الصحافة اإلسبانية حول تطور األوضاع بالريف‪ ،‬وذلك االنهيار النفسي الذي جعل استقرار جنود االحتالل بالمنطقة يتحول إلى جحيم ال يطاق‪ .‬وقد‬ ‫بالجبهة الريفية‪ ،‬واعتمد في استيقاء معلوماته على فريق كبير من العمالء المغاربة‪ ،‬نذكر من بينهم المسمى عبر المالزم كاساريس عن هذا االنهيار في خاتمة مذكراته‪ ،‬عندما قال‪...“ :‬إنني أعتبر هذا اليوم (فاتح شتنبر‬ ‫عمر األعرج والمسمى مرزوق والمسمى علوش‪ .‬كما كان يحرص على تجميع المراسالت اإلدارية والعسكرية ‪ )1925‬من أسعد أيام حياتي ألنني سأغادر فيه هذا الجحيم بعد أن قضيت فيه أربع سنوات وشهرين من حياتي‬ ‫اإلسبانية الرسمية‪ ،‬وعلى استغالل مضامينها في متن هذه المذكرات‪ ،‬إضافة إلى إدماجه مراسالته الشخصية العسكرية كنت خاللها أشعر وكأنني على متن باخرة كبيرة تمخر عباب يم هائج مائج ال ساحل له‪(”...‬ص‪.)227 .‬‬ ‫والعائلية باعتبارها موادا تستحق أن تسجل‪ ،‬بالنظر لدورها في تفسير األجواء النفسية التي كان عليها الجنود‬ ‫إنها رؤية من الداخل لواقع استعماري هش عمل على إبعاد إسبانيا عن مراكز الريادة الدولية وأكسب‬ ‫اإلسبان بالمناطق المغربية المحتلة‪ .‬ولعل من بين أهم النقاط التي استوقفتنا في هذه المذكرات‪ ،‬تلك المقاومة الريفية كل قيم البطولة والشهامة واإلقدام‪.‬‬

‫«إمتاع الليلة الثامنة»‬ ‫الليلة السادسة عشرة ‪:‬‬ ‫« ثم عدتُ وقتًا آخر فقال‪ :‬كنتَ حكيت لي أن العامريَّ صنف كتابًا عنونَه ﺑ «إنقاذ البَشَر من الجَبر وال َقدَر»‪،‬‬ ‫فكيف هذا الكتاب؟‬ ‫فقلتُ‪ :‬هذا الكتاب رأيتُه بخطه عند صديقنا وتلميذه أبي القاسم الكاتب ولم أقرأه على العامريِّ‪ ،‬ولكن سمعتُ‬ ‫أبا حاتم الرازيَّ يقرؤه عليه‪ ،‬وهو كتاب نفيس‪ ،‬وطريقة الرجل قويمة‪ ،‬ولكنه ما أَنقذ البَشَر من الجَبْر وال َقدَر‪ ،‬ألن‬ ‫الجبر والقدر اقتسما جميع الباحثين عنهما والناظرين فيهما‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لمَ قيل الجَبْر وال َقدَر ولم يقل اإلجبار‪.‬‬ ‫فكان الجواب‪ :‬أن اإلجبار‪ ١‬لغة قوم والجبر لغة تميم‪ ،‬يقال‪ :‬جبر اهلل الخلق وأجبر الخلق‪ ،‬وجبر بمعنى َ‬ ‫جَبَل‪ ،‬والالم‬ ‫تعاقب الراء كثيرًا‪.‬‬ ‫يكون غير ما قاله العامريُّ‪ ،‬وانقد له إن كان الحق فيما ذهب إليه َّ‬ ‫قال‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ودل عليه‪.‬‬ ‫فتكلمْ في هذا الباب بشيء‬ ‫فكان من الجواب‪ :‬أن من لحظ الحوادث والكوائن والصوادر واألواتي من معدن اإللهيات أقرَّ بالجبر وعَرَّى‬ ‫َ‬ ‫مَنْشَأها األول إنما‬ ‫نفسَه من العقل واالختيار والتصرُّف والتصريف‪ ،‬ألن هذه وإن كانت ناشئ ًة من ناحية البَشَر فإن‬ ‫هو من الدواعي والبواعث والصوارف والموانع التي تُنْسَب إلى اهلل الحقِّ‪ ،‬فهذا هذا‪.‬‬ ‫فأما من نظر إلى هذه األحداث والكائنات واالختيارات واإلرادات من ناحية المباشرين الكاسبين الفاعلين‬ ‫المكلفين؛ فإنه ِّ‬ ‫َّ‬ ‫يعلقها بهم ويُ ْلصِقها ب ِرقابهم‪ ،‬ويرى أن أحدًا ما أُتِي إال من قِبَل‬ ‫المحدثين الالئمين الملومين‬ ‫نفسه وبسوء اختياره وبشدة تقصيره وإيثار شقائه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والملحوظان صحيحان والالحظان مصيبان‪ ،‬لكنَّ االختالف ال يرتفع بهذا القول والوصف‪ ،‬ألنه ليس لكل أحد‬ ‫لكل إنسان ِّ‬ ‫الوصول إلى هذه الغاية‪ ،‬وال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اطالع إلى هذه النهاية‪.‬‬ ‫فلما وقعت البينونة‪ ٢‬بين الناظرين بالطبع والنسبة لم يرتفع القال والقِيل من ناحية القول والصفة‪ ،‬فهذا هذا‪.‬‬ ‫قال — أطال اهلل بقاءه‪ :‬فما الفرق بين القضاء والقدَر؟‬ ‫فكان من الجواب‪ :‬أن أبا سليمان قال‪ :‬إن القضاء مصدرُه من العِلم السابق‪ ،‬وال َقدَر مَوْ ِردُه باألجزاء الحادثة‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬لمَ ورَد في األثر‪« :‬ال تخوضوا في القدَر فإنه سرُّ اهلل األكبر؟»‬ ‫فكان من الجواب أن أبا سليمان قال لنا في هذه األيام‪ :‬إن الناموس ينطق بما هو استصالح عام‪ ،‬ليكون النفع به‬ ‫شائعًا في سكون النفس وطِيب القلب ورَوْح الصدور‪.‬‬ ‫فإن كان هذا هكذا فقد وضَح أن حكمة هذا السرِّ َطيُّه‪ ،‬ألن عجز الناظرين يفضي بهم إلى الحَيْرة‪ ،‬والحَيْرة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والمَضَلة هَ َلكة‪ .‬وإذا كانت الراحة في الجهل بالشيء كان التعب في العلم بالشيء‪ ،‬وكم علم لو بدا لنا لكان‬ ‫مَضَلة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيه شقاء عيشنا! وكم جهل لو ارتفع منا لكان فيه ُ‬ ‫ومفضوضان علينا على‬ ‫هالكنا! [والعلم]‪ ٣‬والجهل مقسومان بيننا‬ ‫قدر احتمال ِّ‬ ‫كل واحد منا للذي سبق إليه وعَلِق به‪ ،‬أال تَرى أن علمَنا لو أحاط بموتنا متى يكون‪ ،‬وعلى أي حال تحدث‬ ‫العلة‪ ٤‬أو المحنة أو البالء‪ ،‬لكان ذلك مفسد ًة لنا‪ ،‬ومحن ًة شديد ًة علينا؟‬ ‫فانظر كيف زَوى اهلل الحكيمُ هذا العلم عنا‪ ،‬وجعل الخِيرة فيه لنا‪.‬‬ ‫أال ترى أيضًا أن جهلنا لو غلب علينا في جميع أمورنا لكان فسادُ ذلك في عظم الفساد األول‪ ،‬والبال ُء منه في‬ ‫معرض البالء المُتقدِّم؟ فمن هذا الذي أشرفَ على هذا الغيب المكنون والسرِّ المخزون فيغ ُفل عن الشكر الخالص‪،‬‬

‫• محمد العطالتي‬

‫واالستسالم الحسَن‪ ،‬والبراءةِ من كل حَوْل وقوة؟‬ ‫فاالستمداد ممن له الخلق واألمر‪ ،‬أعني اإلبداء والتكليف واإلظهار والتشريف والتقدير والتصريف‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هذا فن حسن‪ ،‬وأظنك لو تصديت للقصص والكالم على الجميع‪ ٥‬لكان لك حظ وافر من السامعين العاملين‬ ‫والخاضعين والمحافظين‪.‬‬ ‫فكان من الجواب‪ :‬أن التصدي للعامة خلوقة‪ ٦‬وطلب الرفعة بينهم ضعة والتشبه بهم نقيصة‪ ،‬وما تعرض لهم‬ ‫أحد إال أعطاهم من نفسه وعلمه وعقله ولوثته ونفاقه وريائه أكثر مما يأخذ منهم من إجاللهم وقبولهم وعطائهم‬ ‫وبذلهم‪.‬‬ ‫وليس يقف على القاص إال أحد ثالثة‪.‬‬ ‫إما رجل أبله فهو ال يدري ما يخرج من أم دماغه‪.‬‬ ‫وإما رجل ٌ‬ ‫عاقل فهو يزدريه لتعرضه لجهل الجهال‪ ،‬وإما له نسبة إلى الخاصة من وجه وإلى العامة من وجه‪ ،‬فهو‬ ‫يتذبذب عليه من اإلنكار الجانب للهجر واالعتراف الجالب للوصل‪ ،‬فالقاص حينئذٍ ينظر إلى تفريغ الزمان لمداراة هذه‬ ‫الطوائف‪ ،‬وحينئذٍ ينسلخ من مهمَّاته النفسية‪َّ ،‬‬ ‫ولذاته العقلية‪ ،‬وينقطع عن االزدياد من الحكمة بمجالسة أهل الحكمة‪،‬‬ ‫إما مقت ِبسًا منهم‪ ،‬وإما قابسًا لهم‪ .‬وعلى ذلك فما رأيت مَن انتصب للناس قد ملك إال درهمًا وإال دينارًا أو ثوبًا‪،‬‬ ‫ومناصب ًة شديد ًة لمماثليه وعُداته‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن الليل قد دنا من فجره‪ ،‬هاتِ مُ ْل َ‬ ‫حة الوداع‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬قال يعقوب صاحب «إصالح المنطق»‪:‬‬ ‫دخل أعرابي الحمَّام فزلق فانشجَّ‪ ،‬فأنشأ يقول‪:‬‬ ‫وقالوا تطهَّرْ إنه يومُ جمْعةٍ‬ ‫فرُحْتُ من الحمَّام غيرَ مُطهَّر‬ ‫تَردَّيْتُ منه [شاريًا] شَجَّ مَ ْف ِرقي‬ ‫ب َف ْلسَيْن إنِّي بئسَ ما كان مَتْجَ ِري‬ ‫ُّوق مِشْيَ ًة‬ ‫وما‬ ‫ِ‬ ‫يُحْسنُ األعرابُ في الس ِ‬ ‫فكيف ببَيْتٍ من رَخام ومَرْمَ ِر؟‬ ‫ْ ٍ‬ ‫أنا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫نازل‬ ‫األنْباط إذ‬ ‫يقول ليَ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بظبْي بالصَّ ِريمَة أعْف ِر‬ ‫به ال‬ ‫وقال — حرس اهلل نفسَه‪ :‬كنتُ أَرْ ِوي قافية هذا البيت «أعفرا»‪ ،‬وهذه فائدة كنتُ عنها في ناحية‪ .‬وانصرفتُ‪.‬‬ ‫قد رأيتُ أيها الشيخ — حاطك اهلل — عند بلوغي هذا الفصل أن أختم الجزء َ‬ ‫األول بما أنتهي إليه‪ ،‬وأَشفعَه بالجزء‬ ‫ترتيب يحفظ صورة التصنيف على العادة الجارية ألهله‪ ،‬وعذري‬ ‫عائج على‬ ‫ٍ‬ ‫الثاني على سِياج ما سلف نظمُه ونثرُه‪ ،‬غيرَ ٍ‬ ‫في هذا واضح لمن طلبه‪ ،‬ألن الحديث كان يَجري على عَواهِ ِنه بحسب السانح والداعي‪.‬‬ ‫وهذا الفن ال ينتظم أبدًا‪ ،‬ألن اإلنسان ال يَملك ما هو به وفيه‪ ،‬وإنما يَملك ما هو له وإليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫س مديد‪ ،‬ورأي يصدُر عن تأييد وتسديد‪ ،‬والسالم‪ ،‬والحمد هلل وحده‪ ،‬وصلواتُه على‬ ‫وهذا فصل يحتاج إلى نف ٍ‬ ‫وسلم ٍ‬ ‫سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين‪َّ ،‬‬ ‫تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫الفكاك من قيد «كورونا‪-‬فيروس» !‬

‫‪19‬‬

‫فضل صيام شهر شوال‬ ‫• د نجيب محمد الجباري‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬يبدو للباحث َّ‬ ‫أن عالمة الفيروسات الصينية «شي‬ ‫زيهانكلي» ‪ ،‬التي كانتْ قد حدَّدَتْ «كورونا‪-‬المستجدَة»‬ ‫‪ ،‬حتى صارتْ تدَعي َّ‬ ‫أن «كوفيد‪ »-19‬ليس سوى الجزء‬ ‫الخفي أوْ السرّي من جبل الجليد في المحيط المتجمد !‬ ‫(وما خفي كان أعظم) ‪ .‬وهي تلحُّ بضرورة إدراج دليل‬ ‫على «ل الفيروسات» ‪ ،‬قبل ْ‬ ‫أن تنقل إلى اإلنسان ‪ .‬هي‬ ‫العالمة التي لم تنتظر األزمة الصحية الحالية للدراسة و‬ ‫البحث في مضمون وباء الجائحة ‪ .‬وقد أجدتْ هذه البحوث‬ ‫المتواصلة منذ ستة عشر سنة ‪ ،‬و هي تشارك في البعثات‬ ‫العلمية و تهدف إلى جمع عينات من الخفافيش ‪ ،‬التي‬ ‫تُعتبرُ أعشاش «الفيروسات» قبل انتقالها إلى البشر ‪.‬‬ ‫وهي تشرح أهمية هذا المختبر ب»ووهان» مع إحدى‬ ‫قنوات ‪4P‬‬ ‫التلفزة الصينية و تحذر من جديد الشعب ‪ ،‬قائلة ‪ :‬إذا‬ ‫كنتم تريدون الوقاية من أوبئة جائحات جديدة ‪ ،‬فعليكم‬ ‫(العلماء) باالستكشاف مسبقاً ما هي نوع «الفيروسات» التي‬ ‫تختبئ في الحيوانات المتوحشة ‪ .‬إذا لم تقوموا بدراستها‬ ‫سوف تكون هناك أوبئة مستجدَّة ‪« .‬الفيروسات» التي‬ ‫اكتشفتها ‪« ،‬شي زيهانكلي» ما هي إال النزر القليل ممنْ‬ ‫هم موجودون ‪ ،‬إذ الكثير منها موجود في الطبيعة ‪ ،‬سواء‬ ‫بذلك أقررْنا أمْ ال ‪ .‬علينا االكتشاف الجدير بالبحث ‪ ،‬في‬ ‫أقرب وقت ممكن لتجنب «أزمة» جديدة أخرى ‪ .‬الخبيرة‬ ‫تتحدث عن دراية تامة ‪ ،‬وهي التي عملتْ بوحدة متوالية‬ ‫على جائحة «كورونا‪-‬فيروس» ‪ ،،‬و نقلتْ اكتشافاتها‬ ‫لمنظمة الصحة العالمية ‪ .‬قبل ذلك كانت قد اشتغلت على‬ ‫وباء «السارس» التي أخذت المنايا بسببه ‪774‬شخص سنة‬ ‫‪2003‬م ‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فهذه الجائحة ‪ ،‬منها انطلقتْ‬ ‫األبحاث على «كورونا‪-‬فيروس» ‪ ،‬و هي األعمال و األشياء‬ ‫التي ال تخلو من بعض النقد ‪ .‬عالمة «الفيروسات» ‪ ،‬لها‬ ‫صفة نائبة المدير بمختبر «ووهان» الصيني ‪ .‬فقد أشارتْ‬ ‫إليها األصابع من لدُن البعض ‪ ،‬كمسؤولة عن «تسرُّب»‬ ‫الفيروس إلى ساكنة المدينة ‪ .‬وهو النقد الذي تنكره جملة‬ ‫و تفصيال ‪ ،‬و تمسحه بظهر يديها ‪ .‬في تصريح للصحافة‬ ‫‪ ،‬أقسمت بحياتها َّ‬ ‫أن النقد أو «التهم» التي وُجهتْ إليها‬ ‫ال تبث للحقيقة بصلة ‪ .‬المتخصصة في علم «الفيروسات»‬ ‫وهي تصمّم و تعتزم متابعة األبحاث حول «كوفيد‪»-19‬‬ ‫‪ ،‬لفهم و اكتشاف الطريقة التي تمرّرُ بها الخفافيش ‪،‬‬ ‫الفيروسات عن طريق حيوان وسيط إلى اإلنسان ‪ .‬و إذ‬ ‫تدعو جميع بلدان العالم لمزيد من التعاون في هذا المجال‬ ‫‪ .‬و تصرّح أنها انتهتْ إلى الحقيقة ‪َّ ،‬‬ ‫أن هذا النجاح ال يمكنه‬ ‫إال أن يكون حافال بأهل العلم جميعهم ‪»– .‬شي زيهانكلي»‬ ‫تعمل في المختبر ب»ووهان» ‪ ،‬و الذي تمَّ نقل التكنولوجية‬ ‫الفرنسية إليه بمعية خمسين من الباحثين الفرنسيين ‪،‬‬ ‫الذين سلموا لهم مسببات األمراض «الباطوجين» التي‬ ‫ال عالج لها ‪ .‬بمقتضى ‪ ،‬اللجنة الفرنسية‪-‬الصينية ‪ ،‬و قد‬ ‫تم افتتاحه بتاريخ ‪01/2020‬م ‪ .‬و بعدها قدمت اللجنة‬ ‫استقالتها ‪ .‬بينما في ‪04/2020‬م حدثتْ أشياء غريبة‬ ‫في المختبر !؟‪ ( - ..‬هذا المختبر عبارة عن قنبلة درية‬ ‫بكترُيولوجية ) ؟ ‪ .‬المنظمة العالمية للصحة لم يسمح لها‬ ‫ْ‬ ‫أن تطأ قدمها بالمختبر ! ‪..‬‬ ‫–يقول «نوام شومسكي» الفيلسوف األمريكي الشهير‪،‬‬ ‫هو و زوجته البرزيلية ‪ ،‬برفقة الكلب و الببغاء في الحجر‬ ‫الصحي ‪َّ :‬‬ ‫إن اإلدارة الحالية للواليات المتحدة األمريكية ‪،‬‬ ‫و هي تنطلق إلى المقبالت أي تركض النار قد تذهب إلى‬ ‫الكارثة ‪ ،‬لعدم وجود استراتيجية فديرالية ضدّ الجائحة ‪،‬‬ ‫و عدم تغطية و تأمين صحي للمواطنين األمريكيين ‪ .‬ثم‬ ‫احتقارها لتغير المناخ ‪ .‬وهو البروفيسور بجامعة أريزونا و‬ ‫المؤلف لحوالي المائة من الكتابات العلمية ‪ ،‬و ذو تأثير‬ ‫فكري ‪ ،‬و العالم ال��ذي يعتبر من أحد النبغاء اللغويين‬ ‫المعاصرين ‪..‬التزامه إيديولوجيا نحو اليسار ‪ .‬قائال ‪َّ :‬‬ ‫إن‬ ‫اإلدارة األمريكية تفتقد إلى قيادة ثابتة و تدار من قبل‬ ‫ّ‬ ‫«معتل» اجتماعياً و مصاب ب»جنون العظمة» ‪ .‬ينساق وراء‬ ‫السلطة الخاصة و نحو المواعيد االنتخابية ‪ .‬و ذلك حفاظاً‬ ‫و دعماً لقاعدته االنتخابية التي تحتوي على ثروات ضخمة‬ ‫بمعية أرباب العمل الكبار ‪.‬ونحن «ترامب» ذاهبون إلى عالم‬ ‫أكثر ديمقراطية ! بل هذا األخير ينحو إلى تعزيز القومية‬ ‫و «التطرُّف ! ‪ .‬منذ وصوله إلى الرئاسة عمل على تفكيك‬ ‫منظومة و آلية الوقاية من الجوائح ‪ ،‬و قطع التمويل على‬ ‫المراكز الوقائية من األمراض (س‪.‬د‪.‬س‪ . ).‬عمل أيضاً على‬ ‫إلغاء برامج التعاون مع العلماء الصينيين ‪ ،‬من أجل التعرُّف‬ ‫على الفيروسات المحتملة ‪ .‬فأصبحت الواليات األمريكية‬ ‫غير مستعدَّة الستقبال الجائحة ‪ .‬إال َّ‬ ‫أن ضوضاه ال يكفي‬ ‫لحجب السؤال (ص��وت عال غير مرعوب فيه) ‪ .‬المجتمع‬ ‫األمريكي غنيٌّ جدّاً و مخصخصْ ‪ ،‬و بمزايا كبيرة ‪ ،‬لكنه‬ ‫يخضع للمصالح الخاصة ‪ .‬فال يوجد نظام صحي للجميع ‪،‬‬ ‫وقد أصبح اليوم مع «كورونا» حاسم للغاية ‪ .‬وهو آخر نظام‬

‫نيوليبيرالي ‪ ..‬ما كان راقداً من زمان ‪ ،‬أصبح في عُرْي كامل‬ ‫بمعدل باهض من المصابين و الموتى في أمريكا‪»،‬الدولة‬ ‫الكبرى» ! ‪ -‬الوباء ‪ ،‬الجائحة «كوفيد‪ »-19‬وجدتْ دولة‬ ‫موبوءة بآالم ‪ ،‬فأفنتْ الساكنة ‪ ،‬باستغاللها بال رحمة ‪ .‬هنا‬ ‫طبقة سياسية «مرتشية» متصلبة إدارياً ‪ ،‬باقتصاد صعب‬ ‫‪ ،‬يعاني من انقسام ‪ ،‬و الالمباالة من لدن السكان ‪« .‬لم‬ ‫يكن يلق معامالت» ! تعوَّدْنا ْ‬ ‫أن نعيش مع أعراضهم ‪ .‬ربما‬ ‫كان ال بدَّ من وباء «كورونا‪-‬فيروس» إلدراك الخطورة ‪ ،‬و‬ ‫التحقق بكل دهشة أننا كنا ضعفاء ‪( ،‬نوواع شومشكي) ‪..‬‬ ‫اإلدارة األمريكية أضاعت شهرين غير قابلة السترجاعهما ‪.‬‬ ‫و خوفا على إعادة انتخابه ‪( ،‬في أساليب شبه عارية) ليدعي‬ ‫َّ‬ ‫أن هذه الجائحة هي بمثابة حرب ‪ ،‬و أنه هو رئيس زمان‬ ‫الحرب ! ثم استقطاب الحياة السياسية ‪ ..‬فكانت هناك أيضاً‬ ‫العديد من القرارات الكارثية ‪ ،‬و خصوصاً حرب العراق التي‬ ‫أجهزت على الوحدة الوطنية ‪ ،‬و عملت على دعم المرارة‬ ‫تجاه الطبقة السياسية ‪ .‬و األزم��ة الثانية البنكية سنة‬ ‫‪2008‬م ‪ ،‬و التي أنقدها االحتياط الفديرالي بالكاد و في‬ ‫اللحظة األخيرة ‪.‬‬ ‫– المنظمة العالمية للصحة تعلق ال��ت��ج��ارب ب‬ ‫«الهيدروكسي كلوروكين» و التي كان يمكن ْ‬ ‫أن توقع‬ ‫الرحلة الممكنة ‪،‬و الفرار من هذا العالج المحتمل ضد‬ ‫«كوفيد‪ . »-19‬بيد َّ‬ ‫أن الدراسة المسؤولة عن هذا القرار‬ ‫تتعرَّض لهجوم ‪ ،‬إلع��ادة إحياء النقاش ح��ول الجزيء‬ ‫(الموليكول) المثير للجدل ‪ .‬الدراسة المعنية التي نشرت‬ ‫بتاريخ ‪22/05/2020‬م ‪ ،‬على صفحات المنشور العلمي‬ ‫(المجلة العلمية) ذات الصلة ‪ ،‬ركبت قطار «الهيدروكسي‬ ‫كلوروكين» ‪..‬‬ ‫– «النسيت» ‪ ،‬وقد اعتمدت على حوالي ‪96000‬من‬ ‫مرضى المستشفيات بين شهريْ دجنبر و أبريل ‪2020‬م‬ ‫‪ ،‬و في ‪671‬مستشفى ‪ ،‬تمتْ مقارنة حالة المرضى الذين‬ ‫تلقوا العالج ب «الهيدروكسي كلوروكين» ‪ ،‬و بين المرضى‬ ‫الذين لم يخضعوا لهذا العالج ‪ – .‬الدكتور «مانديب‬ ‫ميهرا» ‪ ،‬بمعية زمالئه انتهوا إلى استنتاج َّ‬ ‫أن هذا العالج‬ ‫ال يجدي نفعاً ‪ ،‬بل يمكن حتى ْ‬ ‫أن يكون ضارّاً ‪..‬لمرضى‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬طريحي أفرشة المستشفيات ‪ ،‬النتائج التي‬ ‫يحتفظون بها ‪ ،‬وهم يفتخرون بمسامهتهم في أعمال‬ ‫البحوث حول هذا الوباء ‪ ،‬و في هذه الفترة التي تتسم‬ ‫بالشكّ و الريبة ‪ ،‬و قد أعلن عن ذلك أحد الدكاترة يوم‬ ‫الجمعة لوكالة األنباء الفرنسية ‪ – .‬الدكتور» سبادي ساي»‬ ‫‪ ،‬بروفيسور بجامعة إيلينوا بأمريكا ‪ ،‬يقول َّ‬ ‫أن اآلراء تسير‬ ‫في نفس االتجاه (عكس الدواء ب «الهيدرو») ‪،‬و العديد‬ ‫من الدراسات على نطاق أصغر ‪ ،‬إذا كان لها تأثير هام و‬ ‫تسلسل مذهل ‪ – .‬ثالثة أيام بعد ذلك ‪ ،‬المنظمة العالمية‬ ‫للصحة تعلن احتياطا عن تعليق العالج ب»الهيدرو كسي‬ ‫كلوروكين» ‪ ،‬للتجارب السريرية ‪ ،‬التي كانت بصدد القيام‬ ‫بها حول الجزيء (موليكول) مع شركائها في عدّة دول ‪.‬‬ ‫وحدة التجارب السريرية قد تتم تعليق العالج ب»الهيدرو» ‪.‬‬ ‫و بعضٌ منها كفرنسا نفت و حظرت من استعماله في عالج‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬و أكبر المروجون له ‪ .‬و في بلجيكا «سان‬ ‫سانو» ال تنصح بعالج «كوفيد‪ »-19‬ب «الهيدرو كسي‬ ‫كلوروكين» ‪.‬‬ ‫– البوفيسور «راوولت ديديي» ‪ ،‬و ينتقل بينهم الحوار‬ ‫‪ ،‬فإذا بهذا األخير يركب قطار «الهيدرو كسي كلوروكين» ‪،‬‬ ‫و على الفوْر وعالوة على ذلك ‪ ،‬حكم على دراسة «النسيت»‬ ‫بالفوْضوية ‪ .‬في أبحاثه الخاصة بمختبراته يستنتج كفاءة‬ ‫هذا الدواء المرتبط بمضاد حيوي «الزيطوميسين» ‪ ،‬وقد‬ ‫تمَّ انتقاده ‪ ..‬و علماء آخرون أشير(مبني للمجهول) إليهم‬ ‫باألصابع تمَّ انتقادهم أيضاً ‪ ،‬الستعمالهم أساليب ال تحترم‬ ‫قانون البروتوكول في هذا المجال ‪ ،‬و يرتكبون أخطاء في‬ ‫الطريقة العلمية مما يولد نتائج خاطئة ‪.‬‬ ‫– و قد يجد األفارقة في أبحاث و أعمال «راوول��ت‬ ‫ديديي» ما ال يؤخذ عليه ‪ ،‬حين يناديهم و يحثهم ْ‬ ‫أن ال‬ ‫يعالجوا مرضاهم بلقاح «بيل كييت» ‪ ،‬ضدَّ «كوفيد‪، »-19‬‬ ‫الذي سوف يكون جاهزاً للتسويق قريباً ‪ .‬هذا اللقاح يحتوي‬ ‫على مادة سامَّة و إذا به يقول ‪َّ ،‬‬ ‫إن الغربيين يسعوا إلى‬ ‫نسف إفريقيا و «إبادة شعوبها» ‪ ،‬بحجة «كورونا‪-‬فيروس»‬ ‫‪ .‬و يتساءل لماذا لم يبدأوا باستعمال اللقاح في إيطاليا و‬ ‫إسبانيا و فرنسا حيث توجد حاالت كثيرة من اإلصابات ؟‬ ‫بل لماذا يريدون البداية من إفريقيا و بها أقل اإلصابات ؟‬ ‫و يوجه ندا ًء إلى القادة األفارقة ‪ ،‬وقد جمعتنا اإلنسانية على‬ ‫الوداد ‪ ،‬قائال َّ‬ ‫إن اللقاح الوحيد هو الترياق (مضاد للسم)‬ ‫‪« ،‬كلوروكين» لمحاربة «كرونا‪-‬فيروس»‪،‬وهي قد أسدلتْ‬ ‫ظاللها على «المقابر و أصبح المصابون في الفكاك من‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬بينما العلماء قد صدَّتهم «كورونا‪-‬فيروس»‬ ‫عن السبيل ‪ ،‬و اختلفوا في عالجها ‪ ،‬و في خالفهم رحمة ‪..‬‬ ‫عبد المجيد اإلدريسي‪.‬‬

‫ها نحن قد انتهينا من جهاد النفس والهوى شهرا كامال هو شهر رمضان الذي‬ ‫عودنا على الصبر واالبتعاد عن الشهوات الشاردة ‪،‬وعلمنا التخلي عن اتباع الهوى‬ ‫واإلقبال على الذكر وعلى تذاكر الدروس المفيدة في دنيانا وآخرتنا ‪،‬دربنا أيضا على‬ ‫اإلقدام على األعمال الصالحة والكف عن األعمال السيئة كالغيبة والنميمة ‪،‬وهدانا إلى‬ ‫اإلخالص وتقوى اهلل في السر والعالنية‪.‬لقد سمت –والحمد هلل‪-‬أرواحنا وأدركت معنى‬ ‫الصوم ومغزاه وحقيقته ومقاصده وخرجنا منه وقلوبنا صافية نقية ألن الصوم أزال عبء‬ ‫المعاصي والذنوب وطهر نفوسنا من الدنس والضغن والحسد والبغض وغيرها من‬ ‫اآلفات النفسية المهلكة‪.‬‬ ‫وإذا كان شهر رمضان الفضيل قد ولى وانقضى فإن المؤمن يظل صيامه متواصال‬ ‫ال ينقطع ألن الصوم في الحقيقة نفعه عظيم وفضله عميم‪،‬فهو يقوي الروح ويحقق‬ ‫التقوى والمراقبة في كل فعل وقول‪،‬ويربي اإلرادة الذاتية لإلنسان ويوقظ ضميره‬ ‫ويعرفه على النعم ويذكره بحرمان المحرومين وضعف المستضعفين ويحقق العبودية‬ ‫الكاملة هلل رب العالمين ‪.‬وبمجرد ما ينقضي هذا الشهر حتى يهل علينا شهر شوال‬ ‫الذي يستقبله المؤمن باالستبشار والفرحة بدءا بيوم عيد الفطر مرورا بالستة أيام منه‬ ‫باعتبارها فرصة لمداومة المسلم على الطاعات واستمراره في الحرص على تزكية النفس‬ ‫وتطهير القلب من األدران واألمراض‪..‬وصيام ستة أيام من شوال بعد رمضان فرصة من‬ ‫تلك الفرص الغالية بحيث يقف المسلم على أعتاب طاعة أخرى بعد أن فرغ من صيام‬ ‫شهر رمضان الكريم‪.‬‬

‫*حكم صيام ستة أيام من شوال‪:‬‬

‫ورد في فضل صيام ستة أيام من شوال الحديث المشهور الذي خرجه اإلمام مسلم‬ ‫من حديث أبي أيوب األنصاري أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪»:‬من صام رمضان ثم‬ ‫أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله»(أخرجه أبو داود والترمذي)‪ .‬فهذا الحديث‬ ‫يدل على فضل عظيم وعطاء كريم من اهلل سبحانه وتعالى على المسلم أن يتعرض لهذا‬ ‫العطاء الوافر من اهلل وال يحرم نفسه من ذلك‪.‬قال أبو قدامة في المغني‪»:‬صوم ستة أيام‬ ‫من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم»وجاء في الموسوعة الفقهية‪»:‬ذهب جمهور‬ ‫الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة ومتأخرو الحنفية إلى أنه يسن صوم ستة أيام من‬ ‫شوال بعد صوم رمضان»‪.‬وقال القرطبي ‪»:‬واختلف في صيام هذه األيام (يعني ستة أيام‬ ‫من شوال)فكرهها مالك في موطئه خوفا أن يلحق أهل الجهالة برمضان ما ليس منه»‪.‬‬ ‫وقد حدث فعال ما خاف منه حيث إنه كان في بعض بالد خراسان يقومون لسحورها على‬ ‫عادتهم في رمضان ‪،‬وروى مطرف عن مالك أنه كان يصومها في خاصة نفسه‪،‬واستحب‬ ‫الشافعي صيامها‪،‬وجمهور العلماء إال المالكية الذين كرهوا صيامها إذا اجتمعت أربعة‬ ‫شروط‪،‬فإن تخلف منها شرط أو أكثر لم يكره صيامها‪،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬ ‫‪- 1‬أن يكون الصائم ممن يقتدى به أو يخاف عليه أن يعتقد وجوبها‪.‬‬ ‫‪- 2‬أن يصومها متصلة بيوم الفطر‪.‬‬ ‫‪ - 3‬أن يصومها متتابعة‪.‬‬ ‫‪- 4‬أن يظهر صومها ‪.‬‬

‫* فضل هذه األيام‪:‬‬

‫ لقد بين الرسول صلى اهلل عليه وسلم في حديثه السابق أن من صام الست من‬‫شوال كان كصيام الدهر‪ ،‬وقد فسر ذلك بقوله‪»:‬من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام‬ ‫السنة»‪.‬وفي رواية‪»:‬جعل اهلل الحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬شهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام‬ ‫تمام السنة»(النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب ‪.)1:421‬قوله صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم كصيام الدهر أراد منه أن يحصل الصائم على ثواب صوم الدهر حيث‬ ‫يضاعف له الثواب وينال األجر كأنه لم يفطر أبدا‪.‬وهذا من فضل اهلل تعالى على أمته‬ ‫المخصوصة بقصر العمر حيث ضاعف لها أعمالها لتسبق األمم األخرى بذلك العطاء‬ ‫العظيم منه سبحانه وتعالى ‪.‬ومن فوائد صيام هذه األيام تعويض النقص في صيام‬ ‫الفريضة في رمضان إذ ال يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثر سلبا في صيامه‪.‬‬ ‫ومعلوم أن يوم القيامة يؤخذ من النوافل لتغطية نقص الفرائض كم قال صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم ‪»:‬إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصالة‪ ،‬قال‪:‬سيقول ربنا‬ ‫عز وجل لمالئكته –وهو أعلم‪-‬أنظروا في صالة عبدي أتمها أن أنقصها فإن كانت تامة‬ ‫تطوع‬ ‫كتبت تامة ‪،‬وإن انتقص منها شيئا أنظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له‬ ‫قال‪:‬أتموا لعبدي فريضته من تطوعه‪.‬ثم تؤخذ األعمال على ذلكم»(رواه أبو داود)‪.‬‬ ‫كما أن معاودة الصيام بعد رمضان شكر لنعمة مغفرة الذنوب ‪،‬وصوم الست من‬ ‫شوال يشفع لصاحبه يوم الدين كما قال رسولنا الكريم‪»:‬الصيام والقرآن يشفعان للعبد‬ ‫يوم القيامة ‪،‬يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن‬ ‫فيشفعان»(حديث صحيح)‬ ‫أي رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه‪ ،‬قال‬ ‫والسؤال المطروح هو ‪:‬متى يجوز صيام هذه األيام الست؟وهل يمكن أن نصومها‬ ‫قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟‬ ‫ يستحب بدء الصوم بعد العيد مباشرة ألن ذلك من باب المسارعة إلى الخير ‪.‬كما‬‫يجوز تفريقها في شهر شوال كامال وال يلزم التتابع فيها ألن الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم أطلق صيامها ولم يذكر تتابعا وال تفريقا‪.‬‬ ‫ أما مسألة تقديمها على قضاء الفرض أو عدمه فالشائع أن القضاء مقدم على‬‫صوم النافلة ‪،‬وصوم شوال نافلة ما لم ينذره العبد فيصبح عليه فريضة بنذره‪،‬فإن‬ ‫استطاع العبد القضاء بعد شوال ثم صام الستة بعدها فعل ذلك‪،‬وإن خاف لو صام الستة‬ ‫من شوال أال يستطيع القضاء على مرور العام حتى رمضان الذي يليه تعين عليه القضاء‬ ‫في شوال دون الستة واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ فسارع أخي المسلم أختي المسلمة إلى صيام هذه األيام كي ال تحرم من هذه‬‫الفوائد وتلك الفضائل لكي تلقى اهلل عز وجل يوم القيامة وقد كتب لك ثواب صيام العمر‬ ‫كله‪،‬قول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪»:‬من صام يوما في سبيل اهلل باعد اهلل وجهه عن‬ ‫النار سبعين خريفا»(أخرجه البخاري ومسلم)‪.‬‬

‫ال�سبت ‪ 6‬يونيـو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1049‬‬

‫ء من الحجر‬

‫لقا‬

‫األخيرة‬

‫عثمان نجاري‬

‫مدير األخبار بقناة ميدي ‪ 1‬تيفي‬

‫من قلب أمستردام‬ ‫نادية بوخيزو‬

‫عرفت شواطئ «الهاي» ازدحاما ملحوظا جدا في اليوم األول الذي فتحت فيه المقاهي‬ ‫و المطاعم أبوابها أمام العموم و كأن الحياة أصبحت جد عادية‪ ،‬أو لربما تعب الناس من‬ ‫اإلجراءات القائمة‪.‬‬ ‫وللتذكير فإن الشرطة لم تتدخل على الرغم من الخرق الواضح لكل القوانين االحترازية‪،‬‬ ‫وباألخص تحقيق مسافة ‪ .1,5‬ويعزى في الغالب هذا االزدحام إلى العامل النفسي كسبب‬ ‫رئيسي لمثل هذه التجمعات الكبيرة‪.‬‬ ‫وهنا تجدر اإلشارة إلى أن القطاع الخاص هنا يحتضر بسبب اإلجراءات الوقائية لتفشي‬ ‫الفيروس‪.‬‬ ‫انفجار الشارع بسبب ضغط الحجر الصحي مع أن القطاع الصحي ال يزال يعاني‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬عرفت «أمستردام» ازدحاما من نوع آخر‪ ،‬بسبب المظاهرات ضد‬ ‫العنصرية إثر مقتل «جورج فلويد» األفروأمريكي من قبل رجال الشرطة في مشهد درامي‬ ‫جدا تم خالله خنق هذا المواطن تحت ركبة رجل شرطة‪ .‬وتأتي هذه المظاهرات‪ ،‬بل وتعم‬ ‫كل أرجاء هولندا كتعبير عن رفض سياسة التمييز حسب اللون من قبل مواطني هولندا‪.‬‬

‫كيف تلقيت ألول مرة فكرة نشوء هذا الوباء‬ ‫الذي بدأ يكتسح العالم ويشل حركيته؟‬

‫منذ ظهور الوباء في ووهان الصينية في دجنبر المنصرم‪ ،‬كان‬ ‫الجميع يساوره الشك بشأن إمكانية وصوله بالسرعة التي عشناها‪،‬‬ ‫وصوله إلى أوربا القريبة من المغرب‪.‬‬ ‫لكن ما أن وصل إلى القارة العجوز حتى أصبحت‪ ،‬كغيري من‬ ‫المغاربة‪ ،‬متيقنا بأنه داخل ال محالة إلى المغرب‪ ،‬وهذا ما كان‪ ،‬حيث‬ ‫اكتشفت الحالة األولى في الثاني من مارس ‪.2020‬‬ ‫صراحة‪ ،‬في األيام األولى للشدة‪ ،‬كنت دائما أستحضر أوبئة‬ ‫أخرى‪ ،‬ظهرت تاريخيا في عدد من مناطق العالم‪ .‬فكلنا قرأنا مثال عن‬ ‫اإلنفلونزا اإلسبانية في بداية القرن الماضي‪ ،‬وبالضبط في ‪،1918‬‬ ‫حين كانت أروبا تنفض عنها غبار الحرب العالمية األولى‪ ،‬ويقال أن‬ ‫نحو نصف سكان العالم آنذاك أصيبوا بهذا الزكام‪ .‬وكنت مع نفسي‬ ‫أقول في بداية كورونا إن العلم والطب تطورا بشكل سيمكن سريعا‬ ‫من اكتشاف اللقاح‪ ،‬لكن الظن خاب‪ ،‬ومازال البحث متواصال عن‬ ‫الحل الذي قد يأتي وقد ال يأتي‪.‬‬

‫مختفية في الدواليب‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للتواصل وككل الناس‪ ،‬وخالفا لتجارب القرون‬ ‫الماضية‪ ،‬الهواتف بكل أنواعها خففت من وطأة االبتعاد الجسدي‬ ‫لألفراد والجماعات‪.‬‬

‫ما هي أجواء وإجراءات االحتراز التي حاصرت بها‬ ‫نفسك داخل العمل؟‬ ‫اإلجراءات االحترازية في العمل صارمة‪ ،‬تم فرض ارتداء الكمامات‬ ‫على كل العاملين في المؤسسة‪ ،‬وتم توفير معقمات يدوية في كل‬ ‫الممرات‪ ،‬وبالتالي فإن ظروف السالمة جيدة بل وصارمة‪.‬‬

‫كيف تتعاطى مع التطورات اإليجابية التي‬ ‫واجهت بها بالدنا هذا الوباء؟‬

‫في المجمل‪ ،‬أتعاطى إيجابيا مع هذه التطورات‪ ،‬وإن كانت هناك‬ ‫بين الفينة واألخرى انتكاسات راجعة إلى بؤر تخيفنا وتردنا إلى الوراء‪.‬‬ ‫لكن عموما‪ ،‬األرقام في تراجع‪ ،‬والمطلوب اآلن من الحكومة‬ ‫المساعدة بفعالية في إعادة تدوير عجلة االقتصاد االجتماعي على‬ ‫الخصوص‪.‬‬

‫كيف تفاعلت بعدها مع التسارع الشديد النتشاره‬ ‫نحن على بعد أيام من رفع الحجر‪ ،‬هل ترى أن‬ ‫في أرجاء العالم؟‬ ‫الظروف اكتملت لرفعه‪ ،‬وما هي رؤيتك لكيفية‬ ‫ال‬ ‫وكان‬ ‫الظاهرة‪،‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الجائحة‬ ‫استيعاب‬ ‫من‬ ‫البداية‬ ‫كان البد‬ ‫في بسيكولوجيا لتصديق الوضع الجديد الذي يواجهه التعاطي مع العودة إلى الحياة؟‬ ‫بد من االستعداد‬

‫كل مواطن في العالم‪ ،‬وعدم االستسالم‪.‬‬ ‫صراحة أحسسنا بإحباط لما قالت أنجيال ميركل إن ‪ 60‬إلى ‪70‬‬ ‫في المائة من األلمان سيصابون بالداء‪ ،‬ولما قال بوريس جونسون‬ ‫إن على البريطانيين االستعداد لتوديع أحبائهم وأقربائهم‬ ‫وبالتالي كان من الالزم تقبل سياسات العزل االجتماعي‬ ‫واالنخراط الملتزم في إجراءات الوقاية والسالمة وتقبل االبتعاد‬ ‫الجسدي عن اآلخر‪.‬‬ ‫أما في البيت فكان التمرين النفسي والجسدي يوميا بعد قرار‬ ‫مع إغالق المدراس وإغالق المتاجر في الساعات األولى من المساء‪.‬‬

‫البد برأيي من رفع الحجر ولو تدريجيا في العاشر من يونيو‪.‬‬ ‫والظروف لرفع الحجر وإن لم تكتمل بعد ‪ 100‬في المائة فال بد من‬ ‫التعايش مع ما تبقى من الجائحة‪ .‬وعلى المغاربة أن يبقوا حذرين‬ ‫ويقظين‪ ،‬عن طريق مواصلة االلتزام بالنصائح الصحية‪ ،‬ومواصلة‬ ‫االلتزام بالعادات السليمة التي تعلمناها في أوج الجائحة‪ ،‬خاصة‬ ‫التباعد الجسدي وااللتزام بالكمامات في المناطق المزدحمة‪.‬‬

‫«ميدي‪1‬تيفي» ظلت في الواجهة األمامية‬ ‫لمواجهة هذا الوباء عن طريق المتابعة اليومية‬ ‫وأحيانا الميدانية وتخصيص برمجة جديدة ‪ ،‬مع ما‬ ‫ما هي طقوسك التفصيلية بالحجر الصحي داخل يقتضيه ذلك من مخاطرة حقيقية بالحياة‪ ،‬ما هي‬ ‫البيت ‪ ،‬وهل قلب ذلك نظام عاداتك؟ وهل اختلقت رسالتك إلى نساء ورجال اإلعالم بخصوص الدور‬ ‫وسائل بديلة للتواصل مع الناس؟‬ ‫البطولي الذي قاموا به؟‬

‫من حسنات الحجر الصحي تمكيني ألول مرة من قضاء أوقات‬ ‫أطول في البيت‪ ،‬حيث أصبحت المساحات الزمنية والمكانية أكثر‬ ‫شساعة‪.‬‬ ‫أصبحت أوقات األكل منتظمة وممتلئة بالكالم وتبادل اآلراء‪.‬‬ ‫أصبح الوقت متاحا للقراءة‪ ،‬وخاصة إلعادة قراءة كتب ظلت‬

‫من حسنات الجائحة‪ ،‬حدوث نوع من المصالحة بين المغاربة‬ ‫وإعالمهم الجاد‪ ،‬من تلفزيون وإذاعة وصحافة ورقية وإلكترونية‪،‬‬ ‫ونبذهم لمصادر األخبار الزائفة والكاذبة‪ ،‬لذا علينا كإعالميين أوال‬ ‫مواصلة البحث عن الخبر الصحيح المفيد‪ ،‬وثانيا التعامل مع الخبر‬ ‫بمهنية وحرفية‪ ،‬وخاصة احترام ذكاء المتلقي‪.‬‬

‫اختلفت التقييمات حول األعداد المشاركة في هذه التظاهرات من جهات مستقلة‪ ،‬لكنها‬ ‫بالتأكيد تعدت العشرين ألفا‪ ،‬فيما رفعتها تقديرات أخرى إلى الخمسين ألفا‪.‬‬ ‫وفي تصريح لعمدة أمستردام حول سؤال‪ :‬لماذا تركت السلطات المتظاهرين يتجمهرون‬ ‫خارج إجراء التباعد االجتماعي قالت وهي تضرب عرض الحائط جميع إجراءات التباعد و منع‬ ‫التجمعات كبيرة الحجم « جميعهم كبار و مسؤولون عن انفسهم!»‪ .‬مما اضطر معارضين و‬ ‫هيئة األطباء للمطالبة باستقالتها‪.‬‬ ‫ويبقى السؤال المطروح هو هل للديموقراطية قوانين؟ و هل لإلنسانية قوانين؟‬ ‫حزب اليمين المتطرف استغل المظاهرة لصالحه‪ .‬لو افترضنا أن عمدة أمستردام‬ ‫سمحت بتدخل الشرطة لمنع التدفق الهائل للهولنديين أثناء المظاهرات لحصل العنف‬ ‫واعتقاالت عديدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يبدو أن العالم حاليا‪ ،‬مع إجراءات كورونا‪ ،‬المتخذة غير انساني في اتخاذ قراراته‪ ،‬ويخضع‬ ‫لقوانين مسطرة‪ .‬مما يدفعنا إلى التساؤل هل القانون فوق الجميع أم أن اإلنسانية هي‬ ‫التي فوق الجميع‪.‬‬ ‫هل من االنسانية أن تحرم «مغتربا» من زيارة وطنه؟‬ ‫هل من االنسانية أن تدفن في بلد الغربة‪ ،‬فيما كانت رغبتك طوال حياتك أن تدفن‬ ‫في بلدك‪.‬‬ ‫هي وقفة للتمعن في ما هو األرجح الحرية أم الصحة اإلنسانية‬