املرأة في اإلسالم
مجلة صيحة العدد
2014/01
أريد أن أصبﺢ رئيسة أفغانية مسلمة ترفع صوتها من أجل بالدها
مسلمة على خطى جدتي يف تلك األيام ﻢﻟ تكن النساء املسلامت يف بالدي بحاجة إىل إخفاء مالمحهن او تغطيه شعورهن
شهادة أب متفرﻍ لطفله قدوة وﻤﻧوذج مغاير
مصورة يمنية تحرض عىل املشاركة والظهور
الملف :جدل السفور
والحجاب
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
1
احملتويات إفتتاحية العدد فهرست
12
وجوه
6
أمينة ودود إمرأة فرست القرآن ،ملا ال؟
9
أنسنة الفكر اإلسالمي إضاءة حول املفكر املرصي اإلسالمي نرص حامد أبو زيد
12تعرفوا على :زهرة محمد أحمد الكفاح ألجل أعادة بناء الدولة واملجتمع يف الصومال 14بابكر بدري ،الجسارة والقدرة على التغيير رائد تعليم البنات يف السودان 16رحيمة كاسولي ،باألمل تتغير الحياة من قرية غامبا اىل البيت األبيض ،نحن من نحدد نجاحنا أو فشلنا ىف الحياة
27
النساء والسلطة السياسية
18حول تعيين النساء في المناصب السياسية العليا في الصومال حصول النساء عىل بعض املواقع القيادية ال يعني إلتزاماً حقيقياً بحقوق النساء 20كتاب :السلطانات المنسيات ،للكاتبة فاطمة المرنيسي بنازير بوتو مل تكن األوىل يف تويل القيادة السياسية يف العامل اإلسالمي 22إرث السيدة عائشة خذوا نصف دينكم من هذه الحمرياء 24اإلمام محمد مهدي شمس الدين ،المساواة في المسئولية السياسية بين الرجال والنساء متساوون يف الحقوق والواجبات ،مع إختالف أشكال وأساليب العمل السيايس 27أريد أن أصبح رئيسة فوزية كويف أفغانية تريد أن تصبح رئيسة للدولة وتحلم بأن يتساوى جميع الناس يف أفغانستان
31
31
فيلم :جميلة بوحيرد إمرأة يف قلب النضال السيايس
مساواة
32علينا أن نتحلى بالصبر تجاه التغير في العالم اإلسالمي شريين عبادي تقول ،من الخطورة مبكان وضع الخصوصية الثقافية يف مرتبة أعىل من املفهوم العاملي لحقوق اإلنسان 34عندما يجد العنف ضد المرأة مشروعيته في الخصوصية الثقافية فريدة شهيد تتحدث عن املرتكزات الثقافية للقانون وتقاطعاتها مع الترشيعات املستمدة من الدين 39النسوية اإلسالمية ليس بالرضورة أن تكون حقوق املرأة مولودا ً علامنياً كام مل تكن أيضاً شأناً نسائياً بحتاً
42 2
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
42شعر :أمي هل تسمحي لي... ناديا حسني ..رؤى فتاة مسلمة ملستقبلها 44مسلمة على خطى جدتي مشاويري بجانب جديت متنيت أن ال تنتهي
قراءات ومعارف
46مثال ً في جيبوتي ... مقارنة يف قوانني األحوال الشخصية ما بني قوانني تقود إىل الكرامة أو قوانني تؤدي إىل املهانة 49قضاياهن وحكايتي عندما يسئ الفهم والتطبيق العشوايئ للترشيعات اإلسالمية للعقيدة واإلنسانية 52حول قضية مالال يوسف زاي متاهة الخط الفاصل بني أقلية متطرفة وأكرثية معتدلة 54في رحاب الفكر التجديدي حوار مع األستاذة أسامء طه حول أطروحات والدها املفكر اإلسالمي املجدد محمود محمد طه 58الحق اإلنساني في الحصول على زواج سعيد ومرضي أو فراق بكرامة وإحترام! رؤى أربعة مفكرين إسالميني لإلرتقاء بالقيمة املعنوية والروحية لرباط الزواج
49
61مثنى وثالث ورباع تعدد الزوجات وتواطؤ الدين والتقاليد يف مجتمعات القرن األفريقي املسلمة 64أوليست الموسيقى غذاء للروح؟؟ عن الغناء يف اإلسالم
بني اخلاص والعام
66مذكرات أب متفرغ ليس هناك ما يفوق رجولتي أكرث من قيامي برتبية إبني 68الطفالت العرائس نجود عيل أصغر مطلقة يف اليمن يف التاسعة من عمرها 70متساويان إنني ممنت إىل زوجتي التي تركتني وطلبت الزوج الذي تستحق
54
72تجريم الجنسانية املفكرة اإلسالمية زيبا مريحسيني تستعرض أحكام الزنا يف اإلسالم ما بني املقدس والوضعي 76دفاعاً عن زوجتي: الوجه اآلخر للعنف الجنيس ضد النساء يف الصومال 78فلم :رجم ثريا ُرجٍمت ثريا ألنها مل تعد مالمئة كزوجة
80ال مزيد من فرقعة السياط املطالبة برضورة إلغاء العقوبات البدنية يف السودان وكافة أنحاء العامل
امللف :جدل السفور واحلجاب
78
86كتاب :إمرأتنا في الشريعة والمجتمع إستعراض كتاب املجدد اإلسالمي الرائد الطاهرحداد 88تشريح مفهوم الحجاب حتى ال تجلد النساء بسبب أزيائهن
92ماذا وراء الحجاب؟ فنون :اليمنية برشى متوكل مصورة مينية تحرض عىل التفكري من خالل عدستها 96حياتي بالحجاب وبدونه اإلحرتام املتبادل ،الوضوح والثقة بني الرجال والنساء ضامنات املجتمع الصحي الخايل من الخوف 98إختزال العقيدة والقناعات الروحية في زي المرأة هو الخواء بعينه رسالة مفتوحة :قالت «أمرية عثامن من السودان» أنا مسلمة ،لكن لن أغطي شعري
92 املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
3
فهرست
عزيزتي القارئة ،عزيزي القارئ
المحرر :المبادرة اإلستراتيجية للمرأة في القرن األفريقي (صيحة)
بدأت فكرة هذه املجلة أثناء إجتامع لشبكة (صيحة) تم عقده يف بواكري العام 2011 بالعاصمة األثيوبية أديس أبابا .حيث كنا مجموعة من املشاركات ننتمي لعدة دول من منطقة القرن األفريقي .عقب إنتهاء سلسلة اإلجتامعات ذهبنا نحن املشاركات إىل أحد املطاعم يف أديس أبابا لتناول العشاء ،ومبجرد مالحظة أفراد الفرقة األثيوبية الغنائية تنوعنا القرن أفريقي حتى بدأوا بأداء بعض األغاين السودانية والصومالية ،أثار ذلك جوا ً من املرح والغناء والرقص حيث كان املشهد يف مجمله جميالً ومؤثرا ً بالنسبة ىل بالتحديد ،منظر النساء من السودان والصومال وه ّن يف كامل حريتهن وعفويتهن يتفاعلن طرباً مع املوسيقى .ومصدر تـأثري هو أننى كنت أعرف جيدا ً أنها فرحة عابرة ،فكلام كان الوقت مييض معلناً قرب إنتهاء الحفل ،كانت تربز الحقيقة املريرة وهي أن هؤالء النسوة سوف يغادرن إىل بالدهن يف صباح الغد ،لن ينعمن مبثل هذه الحرية والعفوية يف أوطانهن.
رئيسة التحرير :هالة الكارب سكرتيرة التحرير :أميرة ناجي فريق التحرير :الطاهر بدر الدين ،السر السيد ،كارول ماغامبو ،يسرا عكاشة ،عبد الخالق السر ،شادية عبد المنعم المراجعين :جوان كروش ،ميري ليكي ،محمد الخاتم محمد ،بشير محمد البشير ،ريم عباس المترجمين :مصطفى هارون ،سام بيرنر كتاب مشاركين :أمينة ودود ،هالة الكارب ،والء صالح ،فاطمة أبو القاسم ،محمد هاللي ،عبد الخالق السر ،رشا عوض ،ثيمبي موتش ،يسرا عكاشة، طارق شوكي ،الطاهر بدر الدين ،كارل م .كانون، كارول ماقمبو ،أميرة عثمان ،مصطفى خوجلي ،فريدة شهيد ،زيبا مير حسيني ،نادية حسين ،فوزية كوفي، فهيمة فرساي. فنون :طالل ناير ،دعاء العدل ،أمل بشير ،روني اوقوانق ،نصر الدين الدومة ،مارية نايتا ،بشرى متوكل، صالح ابراهيم ،خالد حامد تصميم :هايدي ليبيرت طباعة :يوغندا جميع الحقوق © محفوظة للكٌتاب المعنيين أو للمبادرة اإلستراتيجية للمرأة في القرن األفريقي (صيحة) ال يجوز نسخ المحتوى ،من مادة تحريرية والرسومات، وإعادة استخدامها ،أو إعادة إنتاجها وطباعتها بأي شكل من األشكال دون إذن خطي من الكتاب المعنيين أو صيحة. طلبات للحصول على إذن ينبغي أن توجه إلى العنوان التالي:
Strategic Initiative for Women in the Horn of Africa )(SIHA SIHA Regional Office Plot 15 Upper East Naguru, Kampala P.O. Box 5, Ntinda Kampala, UGANDA sihahornofafrica@gmail.com www.sihanet.org
4
العدد 2013/01يف اإلسالم املرأة
أنهن نفس النسوة الالىت تختنق حياتهن اليومية بأثقال من املالبس التي تغطي كل ذرة من أجسادهن ورؤوسهن إضافة إىل القيود اإلجتامعية التى تحارص وجودهن وفقاً لسياسات السلطة املؤدلجة واملليشيات .بل أن حياة بعض منهن يف خطر دائم ،خصوصاً الفاعالت يف مجاالت حقوق اإلنسان وحقوق املرأة. يف ذلك املساء ،وأنا أنظر إليهن واإلبتسامات العريضة متأل الوجوه والطرح ملقاة عىل أكتافهن أو عىل رؤوسهن بتوهط ال عسف فيه ،والضحكات متتزج بالغناء والرقص ،مشهد قد يكون طبيعياً ،بل هو يف حقيقة األمر ،جزء من العادي واملألوف والغري مثري لإلنتباه يف معظم أنحاء العامل ،ولكن لألسف هو إستثنايئ يف مثل أوضاعنا. فالحقيقة التي ال مراء فيها ،أن النساء يف بلدان القرن األفريقي املسلمة ،ال يستطعن أن يك ّن أنفسهن ،ناهيك عن الرقص والضحك يف األماكن العامة .فأنا ،عىل سبيل املثال، ال أستطيع أن أكون نفيس يف السودان أو الصومال ،بل مجرد شبح وظل لشخيص ليس إال .فنحن كنساء متواجدات يف هذه املجتمعات ،نتعرض لرقابة لصيقة ومستمرة يف األماكن العامة ،حتى أصبحنا هدفاً دامئاً لإلساءات الشخصية املبارشة وغري املبارشة أو اإلمياءات التي تنم عن عدم اإلحرتام حتى من قبل األطفال من الذكور يف أعامر أبنائنا، أوتلكم النظرات املتفحصة ببله أو التعليقات املتشحة بالبذاءة ،أو املهانة من شخص عابر يصب جام غضبه عىل "سفور" النساء ورشور تواجدهن يف األماكن العامة .مع كل ذلك ،ميكن إعتبار مثل هذا السلوك غري ذي بال مقارنة مبجمل ما صارت عليه البيئة السياسية واإلجتامعية يف املجتمعات املسلمة للقرن األفريقي والتي تحولت إىل بيئة معادية باملطلق لوجود املرأة يف الفضاء اإلجتامعي العام .أقول مجازا ً غري ذات بال ،ألن الخطر األعظم يف تقديري يكمن يف أن مجمل هذه العدوانية تجاه املرأة باتت تأخذ وضعاً مريحاً يف التعاليم الدينية والثقافة السائدة ،مام يجعل الحظ يف مواجهتها أو التصدي لها أمرا ً شديد التعقيد ،واألسوأ أن تطبيعها صار أمرا ً واقعاً ،باعتبار أن ذلك هو األمر الطبيعي الذي يجب أن يسود! ففي الصومال نجد أن النساء الالىت يعملن بائعات يف الطرقات العامة بنت هدفاً للمليشيات املتناحرة بحجة أنهن رمبا ك ْن عميالت الحدى الجامعات املعادية .وبالفعل فقد تم قتل إحداهن بقطع رأسها من ِقبل مليشيا الشباب بحجة أنها باعت شاي لجنود من الحكومة .وعىل ذات النسق نجد تفيش اِغتصاب النساء واإلغتصاب الجامعي يف كل من الصومال والسودان بات فعالً مألوفاً ال يثري كثريا ً من الضجة أو يجد من
إفتتاحية العدد
يتصدى له حيث أصبح اإلغتصاب مهدد يومى للبنات والنساء يعانني يف صمت أليم ومخزي للمجتمع .ويف السودان أيضاً هناك الحادثة الشهرية التي كانت ضحيتها بائعة شاي متت مطاردتها من قبل رشطة النظام العام ،مام أدى إىل سقوطها عىل آلة حادة تسببت لها يف النزيف حتى املوت .وهي واحدة من آالف النساء والفتيات الاليت يعملن يف مثل هذه املهن الهامشية إلطعام أفراد عائالتهن ومع ذلك يتم إستهدافهن بشكل منظم من قبل السلطات .فعادة ما يتم القبض عليهن بسبب مخالفات غري مفهومة الشاب! أو سقوط الثوب عن الرأس ،بتهم مثل الدعارة أو وملتبسة مثل عدم إرتداء ُ الرشوع يف الزنا! حيث أن املحاكم اإليجازية تكون بإنتظارهن من غري أن يسمح لهن بتمثيل قانوين يف معظم األحوال .وتتمخض هذه املحاكم اإليجازية عن مهانة متعمدة قوامها الجلد والسجن والغرامة .تتزامن كل هذه الفظاعات من جلد وعنف ضد املرأة مع إعادة ظهور أحكام الرجم خالل السنوات األخرية .ففي عام 2008نجد أن هناك فتاة صومالية يف الثالثة عرش من عمرها قد ُرجمت يف املنطقة التي يسيطر عليها الشباب الصومايل والتي يطبقون فيها النسخة الخاصة بهم من الرشيعة .يف السودان ويف عام 2012متت املصادقة عىل ُحكمني بالرجم ،وعىل الرغم من أنه قد تم نقضهام الحقاً ،االّ أن تضمني الرجم يف القانون الجناىئ بالسودان هو أمر خطري جدا ً ومهددا ً للنساء والبنات.
ال شك أن التحلل واإلنهيار الذي أصاب الدولة الحديثة يف القرن األفريقي ،إضافة اىل الفقر الُمدقع الذي يلف اإلقليم وإنعزاله ،كل ذلك جعل منه مكاناً مثالياً لنمو وترعرع الدوغامئيات اله ّدامة الوافدة ،ذات التمويل الهائل وبالتايل التأثري النافذ والتي نجحت يف تحويل مجتمعات القرن األفريقى إىل باحتها الخلفية متارس فيه ما يطيب لها من نرش لألفكار املدمرة واِزاحة واِحالل للثقافات املحلية .حيث أصبح اإلقليم مرتعاً للحروب التي ال تتوقف ،والتي بدورها تسببت يف خسائر فادحة عىل املستوى اإلقتصادي و اإلجتامعي واإلنساين. ما الذي ميكن للناس /املواطنني فعله يف هذه الحالة ؟ وإن كان لنا فعل يشء ،فمن أين نبدأ؟ عزيزيت القارئة وعزيزي القارئ ،أرى أن هناك رضورة ملحة ليك يقوم كافة مسلمي اإلقليم :نسا ًء ورجاالً بالنهوض إلستعادة إسالمهم/ن ومعتقداتهم/ن الدينية وثقافتهم/ن، البد من العمل الدؤوب وتحمل املسؤلية بجدية بغية التطلع لحياة أفضل تبعدنا من هذا اليأس الذي يلف حياتنا. من جانبنا ،ويف هذا العدد األول من مجلة (صيحة) والتي خصصناها للمرأة يف االسالم، لقد عملنا جهدنا ليك نعيل من فرضية أن تفسري اإلسالم ليس حكرا ً عىل فئة معينة أو عرق محدد ،بقدر ما أنه كمعتقد وروحانيات ،مجبول عىل تعدد التفاسري من واقع كونه نص خالد .وكان لنا عظيم الرشف يف أن تحتضن سطور املجلة أفكار نخبة من كبار املفكرات واملفكرين والكاتبات والكتاب من مختلف بقاع العامل اإلسالمي .والذين ما إنفكوا يروجون للتنوير اإلسالمي وينافحون عن قيم العدل واملساواة بني الجنسني وحقوق اإلنسان باعتبارها قيم إسالمية أصيلة ال تتناقض وتعاليمه السمحة.
كل حوادث العنف التي ذكرتها سابقاً تجد لها مرشوعية يف األيديولجيا الدينية السائدة واملسيطرة يف هذه املجتمعات .وهي أيديولوجيا تعترب النساء كائنات ال ترقى ملستوى اإلنسانية ،ومخلوقات مثرية للمتاعب يجب السيطرة عليها وتأديبها من قبل الرجال .هذا املوقف املفاهيمي السالب من حقوق املرأة يرتك فراغاً أخالقياً وقانونياً ،يجعل من إيذاء أو قتل أو إغتصاب النساء مشهدا ً يومياً ،بينام يقف القانون عاجزا ً عن حاميتهن أو صيانة حقوقهن كدليل ناصع عىل الظلم اإلجتامعي الذي تعيشه هذه املجتمعات .وبالطبع يعرف الجناة كيف يستفيدون من هذا الوضع حيث تسود الحصانة ،وحامية املنتهكني هي النهج السائد يف مثل هذه األوضاع. ونحن إذ نبسط هذا العدد بني يديك عزيزي القارئ ،نأمل أن يصادف ما يعتمر بعقلك من أفكار وتساؤالت وإهتاممات وأن تجد فيه املتعة التي تنشدها. إن الجرائم التي ترتكب يف حق النساء ال متس النساء فقط بل متس املجتمع ككل حيث وال بد هنا من أن ننوه ونشيد بالجهد الدؤوب الذى بذله فريق التحرير والتفاين الذي أن العنف ضد النساء هو أحد دالالت متزق النسيج اإلجتامعي وإنهيار القيم اإلنسانية ،أظهروه ،خصوصاً مديرة التحرير .فلوال التزامهم/ن وجهدهم/ن الدؤوب ملا رأى هذا وهو مؤرش لتدين األمم سياسياً وإقتصادياً وإجتامعياً .الشاهد أن العبء الناتج عن كره العدد النور .وال يفوتني يف هذه السانحة إال أن أعرب وبشكل خاص عن عميق التقدير الذات املتمثل يف كره النساء ،األمهات واألخوات ،الزوجات والبنات ،يتمثل يف عدم قدرة لعدد من أصدقاء مجموعة صيحة إلسهامهم املقدر وتربعهم بوقتهم وجهدهم وأفكارهم مجتمعاتنا عىل إدارة التنوع وقبول اآلخر ونرش ثقافة التمييز السلبية بني النساء والرجال التي حتامً كان لها األثر يف بلورة هذا العدد. أو بني املسلمني وغري املسلمني أو بني املسلمني أنفسهم .كل ذلك يؤدى بإمتياز إىل هدم الشكر واإلمتنان أيضاً موصولني ملعهد املجتمع املدين املفتوح OSIوبرنامجهم الدويل للمرأة، الطاقات الخالقة للمجتمعات ويحد من آفاق تطورها. واإلمتنان وجزيل الشكر للصندوق اإلئتامين ملنظمة سيقرد راوزنق ترست ملساهمتهم يف لقد أصبحت املرأة املسلمة هى الوجه اإلنساين الكالح للحرب والتمييز السلبي والفقر الكرمية يف دعم هذا العدد. والتفكك اإلجتامعي ،إال أنه يف ذات الوقت ،فالكثري من قصصها تعرب عن الصمود واألمل يف وجه التغيريات املتسارعة يف أوطانه ّن واإلقليم ككل .فمن خاللهن ميكن لنا فهم الحراك الثقايف واإلجتامعي والسيايس الذي يشكل حياة املجتمعات املسلمة بدول القرن األفريقي .ففي الواقع أن حياته ّن هي املرآة التي من خاللها ميكن للعامل أن يرى الواقع اإلجتامعي الذي تعيش فيه مجتمعات القرن األفريقي دون تزييف أو مواربة ،وهو واقع يثري الكثري من األسئلة أكرث من أن يفيض إىل إجابات. فأسئلة من شاكلة :كيف حدث هذا ،وما األسباب التي دعت إىل ذلك ،وبتحديد أكرث :ما الذي أصاب املعتقد اإلسالمي والروحانيات التي ميزت مسلمي القرن األفريقي لقرون من الزمان ،واملؤسسة عىل حسن النية والتعايش السلمي والتسامح الجندري واإلثني ،ملاذا تحول كل ذلك إىل عنف وكراهية عمياء للنساء ،كراهية تورث لألجيال؟
كل الود هالة يسن الكارب رئيسة التحرير املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
5
وجوه
إعداد :عبدالخالق السر
أمينة ودود والبحث عن عالقة شرعية بين اإلسالم وحقوق المرأة ربما هي النسوية اإلسالمية األكثر جد ال ً في وقتنا الراهن .فهي في نظر الكثير من المسلمين الذين يعيشون تحت سلطة المؤسسات الدينية المتشددة ماهي إال محض مهرطقة ،بينما هي في ذات الوقت ،تمثل لكثير من المسلمات والمسلمين الذين ولدوا أو تربوا في الغرب أو المجتمعات العلمانية رمز اً للشجاعة واإللهام أن لم تكن نموذج ًا يحتذى.
من هي أمينة ودود؟ ولدت ماري تيزيل وهو األسم األصيل للدكتورة أمينة ودود ،عام 1952 ألرسة مسيحية من أصل أسود يف والية مرييالند األمريكية .أعتنقت اإلسالم يف عام ،1972إي قبل حوايل ثالث سنوات من حصولها عىل شهادة البكالوريوس من جامعة بنسلفانيا ا عام .1975يف عام 1974غريت إسمها رسمياً إىل أمينة ودود تأكيدا ً إلنتامئها إىل دينها الجديد .1 تفسير القرآن كمحاولة نسوية رائدة
القرآن تعمل عىل التحقق من الوجود الفاعل للمرأة داخل النص القرآين والذي يف تقديرها ظل مخفياً طوال هذه األزمان بفضل التفسريات الحرصية للرجال .شأن كل مفكري عرص الحداثة وما بعدها ،لجأت ودود إىل أداوت التحليل النقدي الحديث من تحليل خطاب وتأويل وحفر معريف وفحص داليل لغوي يف محاولة لفحص صحة الرتجامت التاريخية البطرياركية والتي ترسخت وتوطدت يف التاريخ كحقيقة إلهية غري قابلة للنقض أو املساءلة .بالطبع هي ليست نسيج وحدها يف هذا الصدد ،ولكن تفردها يأيت يف توجيه جهدها الخالص للبحث عن وجود مغاير للمرأة يف القرآن غري ذلك الذي رسمه وحدد مالمحه التفسري الرجايل.
ألفت أمينة ودود كتابها الرائد القرآن واملرأة إعادة قراءة للنص املقدس وكام أشارت لذلك بوضوح "الغرض من هذا البحث هو أن تكون من وجهة نظر نسوية وهو محاولة غري مسبوقة يف التاريخ اإلسالمي لتفسري القرآن من قبل إمرأة .ففيه قامت بتحقيق أول ترجمة ملعاين قراءة القرآن للمرأة املسلمة يف عرصنا الحديث مفيدة وذات معنى
6
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
أن القرآن يف احلقيقة مل يضع للرجال والنساء املسلمني وصفة بنيوية واحدة غري قابلة للتغري ،بل أنه يف حقيقة األمر يحمل يف جوفه قيم ومباديء مبقدورها أن ترشد البشرية جمعاء ،رجا ًال ونساء إىل حتقيق حياة منتجة ومفيدة يف احلياة الدنيا للبشر كافة مسلمني وغري مسلمني.
والذي أعنيه هنا بكلمة قراءة هو عملية فحص مفردات وسياقات الجهاد من أجل المساواة بين الجنسين اآليات القرآنية يف محاولة للدفع بفهم مغاير ومتجدد". (الجهاد الجندري) تطلب منها هذا العمل أن تقوم بدراسة شاملة تستصحب فيها الوعي الجندري بقيم املساواة املستبطنة يف النص القرآين واملهملة عمد ا ً يف ظل التفسريات الكالسيكية املتوارثة واملعتمدة يف ذات الوقت من قبل اإلسالم املؤسيس ،لذا قامت بتتبع التفسريات التي عملت عىل حجب املرأة يف الشأن العام وتلك التي تحرض وتعمل عىل تطبيع العنف ضدها ،ومضاهاة ذلك باملعنى يف مظانه األصلية أي النص املقدس ،لتخ ُرج يف نهاية بحثها بأن السياقات القرآنية تتحدي مثل هذه التخريجات الفقهية وتجرح يف أصالتها العلمية كحقائق .وبرصامة علمية أكدت أن القرآن يف الحقيقة مل يضع للرجال والنساء املسلمني وصفة بنيوية واحدة غري قابلة للتغري ،بل أنه يف حقيقة األمر يحمل يف جوفه قيم ومباديء مبقدورها أن ترشد البرشية جمعاء ،رجاالً ونساء إىل تحقيق حياة منتجة ومفيدة يف الحياة الدنيا للبرش كافة مسلمني 2 وغري مسلمني.
الجهاد الجندري من املصكوكات املصطلحية الرائجة ألمينة ودود .وهو مصطلح ذا حمولة رمزية وداللية كبرية يعمل يف جزء منه عىل إضاءة املوقف الفكري واملبديء للمفكرة ،وهو نرصة املرأة املسلمة وحصولها عىل وضع إجتامعي وديني مساوي للرجل من خالل املبادئ اإلسالمية نفسها ،كام يعمل ضمنياً عىل إضفاء قيمة إيجابية ملصطلح الجهاد الذي ساء إستخدامه كثريا ً من قبل الجامعات املتطرفة يف الوقت الراهن.
من هنا ميكن القول أن املساواة بني الجنسني يف اإلسالم هي املهمة املقدسة أو الجهاد األعظم الذي نذرت له أمينة ودود نفسها وعلمها. ففي دراسة قدمتها إىل مركز مساواة .4عملت فيها عىل إضاءة املفهوم فلسفياً وفكرياً وذلك حني أوضحت أن املساواة هي األصل يف الخلق ،وما تشديد القرآن عىل الحساب والجزاء يف الحياة اآلخرة دون متييز ما هو إال دليالً عىل هذه املساواة .وحكمة ذلك هو أننا كبرش مخلوقني كفل الله لنا الحرية لنختار بني الخري والرش ،فمن ثم فأن الله وحده هو املنوط به محاكمة خلقه .وتصل ودود إىل نتيجة مفادها أن الخلل أو فساد العدالة مجددة أم مهرطقة الذي يسود العامل اإلسالمي حالياً ما هو ال إنتاج موضعة املرأة كامدة كان البد ملثل هذا الجهد العلمي غري املسبوق أن يثري عاصفة يف أوساط للمسئولية اإلخالقية يف القانون ،مع حرمانها املساواة التي تكفل لها الحق النخب اإلسالمية من أكادمييني وفقهاء ،خصوصاً هؤالء الذين يعيشون يف املشاركة يف صنع هذا القانون. يف أمريكا والدول الغربية .ولكن األمر مل يذهب إىل أبعد من الخطاب تخلص ودود يف نهاية رؤيتها للمساواة بني الجنسني يف التخلص أوالً من العاطفي السائد يف مثل هذه املواقف .فهو خطاب كام نعلم يعتمد التبخيس ونظرية املؤامرة كركائز بنيوية يف رؤيته ألي رؤية ال تتفق مع النزعة البطرياركية املهيمنة عىل املجتمعات اإلسالمية .فالبطرياركية ،يف تقديرها، رؤيته لإلسالم .ال غرو إذن أن يتم تسفيه جهد أمينة وأن يتم توصيفها ليست فقط رشا ً بل هي خطيئة دينية ترقى ملستوى الرشك ،ألنها يف جزء منها كمهرطقة أو "ذات حظ ضعيف يف معارفها باإلسالم الحقيقي" حسب أنكار لإلرادة اإللهية يف مساواة الخلق ،كام أنها تعزيز لفرضية إبليس يف معنى تعليق القرضاوي .وكام تشهد الكثري من املواقف املشابهة فأن مثل اإلستكبار ،أي أن يدعي الرجال أنهم أفضل من النساء مبباركة الله لهذا التمييز. هذه التعليقات التي متارس مثل هذا اإلزدراء بغري حق ،يرقى يف كثري وهي ترى أن مفهوم التوحيد يجب أن يكون هو البديل لهذه العالقة البطرياركية. من األحيان إىل مستوى عدم األمانة ،وما موقفهم من أمينة ودود إال دليل عىل ذلك. حيث أن التوحيد هو أفضل تجسيد للعالقة التبادلية املتكافئة يف مستواها األفقي .وهي ترى أن املنطق الذي يقف خلف هذا املفهوم هو فالثابت أن الدكتورة أمينة ودود مل تخوض هذه املغامرة الجسورة أن املسلمني يقرون بأن الله هو وحده العظيم املتعايل ،من ثم ال يحق ألي خالية وفاض أو جزافاً ،كام حاولوا أن يروجوا ،بقدر ما أنها أعدت أحد أن يدعي اإلمتياز أو العلو عىل بقية خلق الله. لنفسها العدة مبكرا ً .فهي قد حصلت عىل درجة املاجستري يف دراسات الرشق األدىن .كام حازت عىل الدكتوراة يف اللغة العربية والدراسات من التنظير إلى التطبيق :المرأة كإمام اإلسالمية من جامعة متشجيان األمريكية يف عام .1988ثم قامت بعمل للمسلمين دراسات متقدمة يف اللغة العربية بالجامعة األمريكية مبرص مصحوبة يف ذات الوقت بدراسة القرآن والتفسري بجامعة القاهرة .مل تكتفي ودود عىل عكس النزعة الصفوية التي تسود أوساط املثقفني واملفكرين ،حملت بذلك ،بل عملت أيضاً عىل دراسة الفلسفة باألزهر تعزيزا ً لقدراتها يف أمينة ودود أفكارها ورؤاها للمساواة الجندرية يف اإلسالم وذهبت بها إىل 3 موقع التطبيق واملواجهة غري عابئة بردود األفعال وما قد يتمخض عنها›› . اللغة العربية واإلسالم عىل حد السواء. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
7
1
http://www.calem. eu/Amina-Waduddoctor-imam.htm
2 الموقع اإلكتروني لدار مطبوعات جامعة أكسفورد 3 أرشيف جامعة ديبول، مجموعة اإلسالم في أمريكا :أوراق أمينة ودود 4 مساواة :هي حركة عالمية تنادي بالعدالة والمساواة في األسرة المسلمة http://www. /musawah.org
8
› فهي مؤمنة متاماً بأن التغيري ال يتأىت من خالل التنظري فقط ،وليك معها أثناء تدريسها لإلسالم مباليزيا .كانت وقتها يف بداية حياتها يكون لهذه األفكار حظها يف زلزلة ومنازلة الواقع السائد يجب عىل العالِم اإلكادميية يف مجال الدراسات اإلسالمية .يف واحدة من الحوارات سألتها أو املف ِكر أن يتجاوز دوره حدود مكتبه .أوىل مثار هذا النزول إىل أرض عن حالها ،أجابت باقتضاب أنها تعاين عدم اإلعرتاف بقدراتها التعليمية الواقع كان املساهمة يف أنشاء منظمة أخوات يف اإلسالم املاليزية ،إبان يف وسط محتكر متاماً للرجال ،أستاذة ُجلهم من العامل العريب وقليلون عملها يف ماليزيا كأستاذة للدراسات اإلسالمية .فاملنظمة تضم مجموعة من دول أخرى .وسألت نفيس بعد هذا الحوار القصري أن كان مبقدورها من األكادمييات واملثقفات الصمود يف مثل هذا الوسط املسلامت يف ماليزيا ،يعملن الرجايل الذي يجد صعوبة عىل مراجعة األحكام الفقهيه يف تقبل إمرأة تعمل عىل ًا ر ش فقط ليست تقديرها، يف فالبطرياركية، التي تعمل عىل إضطهاد تدريس اإلسالم الذي حسب النساء خصوصاً تلك التي تسود السائد واملألوف أن يكون بل هي خطيئة دينية ترقى ملستوى الشرك، قوانني األحوال الشخصية. حكرا ً عليهم .املهم ،فرغم ألنها يف جزء منها أنكار لإلرادة اإللهية يف ولهن يعود الفضل يف تعديل كل يشء ،فقد تابعت مسرية مساواة اخللق ،كما أنها تعزيز لفرضية إبليس وإصالح هذه القوانني مباليزيا. أمينة مبشقة بالغة .ففي حني كل يشء كان متاحاً لزمالئها يف معنى اإلستكبار ،أي أن يدعي الرجال أنهم مل تكتفي ودود بذلك، يف املهنة من الرجال لتطوير التمييز لهذا اهلل مبباركة النساء من أفضل بل تبنت منهج الصدمة ،أن قدراتهم املعرفية واألكادميية جاز التعبري يف محاولة لزلزلة يف مجال اإلسالميات ،كانت املفاهيم الراسخة والتي تقف توضع لها العراقيل بإنتظام. عقبة يف تطبيق مفهوم املساواة بني الجنسني يف اإلسالم .ففي عام 1995ومل يشفع لها نبوغها أو جدة بحوثها يف مجال املساواة للمرأة املسلمة وكذلك يف 2005قامت أمينة بالقاء خطبة الجمعة وإمامة الصالة يف كل يف أن يجذب نحوها الكثري من طالبي الدراسات اإلسالمية أو أن تستثري من جنوب أفريقيا ونيويورك .ويف كال املناسبتني كانت قد أ ّمت جموع سجاالت أكادميية .حقاً أن األمر يرقى إىل درجة املهزلة .واألكرث أىس أن املصلني من الرجال والنساء .بالطبع مل مير الحدثني مرور الكرام .فتلكم منتوجها املعريف كان يستخدم يف مجال الدراسات النسوية أو التقدمية، من الخطوط الحمراء يف عرف املحافظني ،ومل تسلم من وقتها وحتى وأهمل متاماً بعده الروحي والثيولوجي .مل يرد لها أحد التقدم يف مجال راهن اللحظة ،من التهديد بالقتل والتحرش واملالحقة ،حتى أنها اليوم الدراسات اإلسالمية ،ومل يتوقفوا عن أشعارها بأنها توجد يف املكان ال تستطيع أن متارس مهنتها كاستاذة للدراسات اإلسالمية اال عرب الفيديو الخطأ ومع كل تفوقها وريادتها يف مجالها مل تقدم لها أية جائزة أو من باب اإلحرتاز األمني. إعرتاف رسمي بإسهامها .ومع ذلك فأن األكرث إمعاناً يف األمل هو موقف النساء منها وازدرائهم لها .فهن ال يستنكفن أن يحرضن باآلآلف لندوة ال كرامة لنبي بين قومه يقيمها الرجال ،من منظور أن القوامة والكفاءة يف هذا املجال هي حرصا ً عىل الرجال. خالل ثالثون عاماً يف حقل الفكر والدراسات اإلسالمية ،رفدت أمنية ِ ودود املكتبة اإلسالمية بغزير إنتاجها من الكتب والدراسات والبحوث، كانت تعاين األمرين ،فهي مرفوضة من قبل كليات الدراسات النسوية ُجلها يف تعزيز مفهوم النسوية اإلسالمية واملساواة الجندرية ،ومع ذلك بإعتبار أنها مسلمة ملتزمة ،ويف نفس الوقت مرفوضة من قبل الكليات تقا بَل بتجاهل متعمد ومقصود ،ليس فقط وسط املجتمعات املسلمة ،اإلسالمية بإعتبار أنها نسوية .كثري هو الذي يف خاطري عن أمينة ودود، بل حتى من قبل األكادمييني واألكادمييات العاملني بحقل الدراسات ولكن أن كان هناك ما ميكن أن يقال فهو اإلحساس باألىس نتاج التجاهل والفكر اإلسالمي يف العامل اإلسالمي أو الغريب عىل السواء .هل شأنها يف املتعمد الذي تالقيه إنسانة يف قدراتها ومواهبها الفذة ،واملتمثل يف ذلك شأن كل إصحاب الفكر الثاقب الذين يسبقون زمانهم وال يعرتف عدم تحمس الكليات اإلسالمية لتوظيفها وإنرصاف الطلبة والباحثني عن بجهدهم وإسهامهم إال بعد أزمان من رحيلهم ،أم أن األمر يتعلق مناقشة أطروحاتها وتقاعس املجتمعات اإلسالمية عن الرتويج ملبادئها بأجواء اإلبتزاز والرتهيب السائدة يف العامل اإلسالمي ضد كل ما يخلخل خصوصاً النساء منهم أو متويل أنشطتها املعرفية واإلجتامعية .هل كل الثابت واملألوف؟ أم أن األمر له صلة باملصالح الضيقة واإلمتيازات ذلك ألنها من أصل أفريقي أم ألنها إمرأة أم ماذا؟ الشخصية التي ميتنها الوقوف مع القوى التقليدية املهيمنة؟ كل هذا وذاك جزء من اإلجحاف الذي ظلت تعانيه الدكتورة أمينة ودود ،وال فقد عانت أمينة ودود األمرين نتاج شجاعتها ومبدئيتها محن فوق أجد هناك تعليقاً أقوى مام كتبته ُمجايلتها يف ذات املجال الدكتورة التصور .لقد تم طردها من حكومة فرجينيا كممثلة للمسلمني ،ومل تتقاعد أمينة بيفريل ماكالود ،مديرة برنامج دراسة العامل اإلسالمي وبروفيسور كام أشيع ،وذلك ألن مجتمعات املهاجرين املسلمة طالبت بذلك ،ألنهم مل الدراسات اإلسالمية بجامعة دي بول ،عن هذا التجاهل .تقول ماكالود يقدروها أو يقدروا علمها .كل يشء تم إلطفاء جذوة علمها وكل العراقيل "عرفت أمينة ودود يف عام 1973أثناء دراستها لإلسالميات يف مرحلة نصبت لتحجيمها ،ومع ذلك فهي صامدة يف الدفاع عام تراه صواباً". ما قبل الدراسات العليا .ولكن كانت معرفة عابرة ،ولكن تجدد اللقاء
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
وجوه نصر حامد أبوزيد
إضافة عمالقة في مسيرة أنسنة الفكر اإلسالمي ولد الدكتور نصر حامد أبوزيد في العاشر من يوليو سنة 1943في أرياف مدينة طنطا في مصر وتوفي بعد إصابته بفيروس غامض فشل األطباء في عالجه في القاهرة في الخامس من يوليو .2010كان لوفاة والده المبكرة أثر كبير في حياته حيث كان لزاماً عليه أن يتحمل مسئولية معاش عائلته في سن مبكرة .لذا لم يتمكن من إكمال دراسته األكاديمية في حينها ،وفضل اإللتحاق بمعهد الالسلكي حتى يتمكن من الحصول على عمل بعد التخرج .وبالفعل عمل فنياً بإدارة الالسلكي لمدة 11عاماً ،ثم التحق بعدها بجامعة القاهرة مواصال ً دراسته األكاديمية بكلية اللغة العربية التي عُيّن بها أستاذاً فيما بعد. النشأة واإلرهاصات األولى لتوجهاته الفكرية يقول أبوزيد يف هذا الصدد "كان اإلطالع هو الهواية الوحيدة التي أذكرها يف تلك األيام قبل أن ألتحق باألكادمييات ويستغرقني متاماً البحث يف الفكر اإلسالمي .كانت الحياة الفكرية والثقافية يف تلك األيام من خمسينات وستينات القرن املايض غنية باملوروث الفكري واألدب العاملي .فلقد كانت املكتبات العامة والخاصة غاصة بكل ترجامت املنتوج الفكري واألديب ألوروبا وروسيا .ساهم كل ذلك يف تدريبي عىل التفكري النقدي وإمتاليك ناصية املعرفة املوسوعية ،واملثري يف األمر ،مل يكن اإلملام بكل هذا الكم املعريف الوضعي يشكل ف ّز اعة إلمياين ،ومل أخاف يوماً عىل عقيديت ،بل العكس ،ساهم كل ذلك يف ثقتي بنفيس وإمياين بعقيديت اإلسالمية" .ويواصل "وسط هذا الزخم من التباين املفاهيمي بدأ إهتاممي بالقرآن مبكر ا ً وطاردين سؤاالً أزلياً إىل أي مدى ميكن إحتكار املعنى القرآين وإمكانية التالعب به؟ واكب هذا اإلهتامم إطالع مكثف وقراءات متعددة ساهمت بال شك يف بلورة رؤيتي حيال ما يجري" ويقول أبوزيد" ،أعتقد أن تحميل املسئولية باكر ا ً نتيجة لوفاة والدي قد ساهم بشكل كبري يف تكوين عقيل النقدي، يل أو يجربين عىل الرتاجع فيام أعتقد فليس هناك من يفرض آرائه ع ّ نتيجة الخوف من العقوبة كام هي العادة يف املجتمعات األبوية .لقد عملت وفق هذه الظروف عىل التأمل والتفكري يف املوروث الفكري الديني وقسمته نظرياً إىل قسمني؛ املوروث الفقهي الكالسييك للقرآن القائم عىل الطاعة ،وكذلك املوروث الفلسفي والعقالين ا مل ُعزز للحرية الفردية والعدالة اإلجتامعية واإلجتهادات العقلية".
باحث ومفكر برغم كل األحداث غري السعيدة التي أثرت عىل مجرى حياته ،االّ أ ّن أبوزيد أكد دوماً أنه مناهض لكافة أشكال التطرف الفكري أياً كان مصدرها؛ علامين أم ديني .ويقول "كنت دوماً أشجع تالمذيت عىل نقد أفكاري ،ألنني ال أريد أن أكون إماماً ،بل مجرد باحث أكادميي سعى لرفد الحياة العلمية مبفاهيم جديدة قابلة للمناقشة واإلثراء ،ألن ذلك ،يف إعتقادي ،هو الطريق الوحيد الذي يكفل التطور للمجتمعات اإلسالمية". حادثة التكفير تتلخص قصة أبوزيد ونهاياتها الدرامية يف كونه عمل بحثاً يف منتصف تسعينات القرن املايض بغرض الحصول عىل درجة األستاذية ،ولكن بدالً عن مناقشة الرسالة وفق رشوطها األكادميية ،عملت اللجنة ليس فقط عىل حرمانه من الدرجة العلمية ومن ثم الرتقية الوظيفية ،بل عىل تكفريه وإستخدام منابر املساجد لتحريض الرأي العام ضده وكذلك الضغط عىل مؤسسات الدولة، ال سيام القانونية ،متهيدا ً إلستخدام قانون الحسبة ملحاكمته بتهمة الرده، واملطالبة بتطليقه من زوجته إبتهال يونس بحجة خروجه من امللة .وقد تم لهم ما أرادوا ،مام دفع نرص أبوزيد وزوجته إىل مغادرة مرص والهجرة إىل أوربا ،تحديدا ً ،هولندا حيث قىض بها بقية عمره القصري وعمل أستاذا ً للدراسات اإلسالمية يف جامعة ليدن وجامعات أخرى يف املانيا. كان عىل رأس املحرضني واملكفرين لنرص أبوزيد ،زميله يف الجامعة األستاذ عبد الصبور شاهني ،والذي هو يف وصف ألبوزيد ،شخص ال يطيق ›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
9
› الخالف الفكري .ويبدو جلياً أن موقف عبد الصبور شاهني ما هو إالّ تجسيدا ً ملوقف أيديولجي راسخ لكل ممثيل اإلسالم السلفي بتفريعاته املختلفة .ورمبا هذه الفقرة التي إستشهد بها أبوزيد يف مقدمة كتابه التفكري يف زمن التكفري واملقتطفة من كتاب لعبد الصبور شاهني تقدم دليالً عىل ذلك "لكن أكرث الطعن والبالء الذي أصاب اإلسالم والرشيعة خرج من هذه القسمني ،يقصد قسم اللغة العربية وقسم الفلسفة بكلية اآلداب ،بكل أسف ،وكأنها حلقات متصلة ال تنقطع .هذا طه حسني يخرج علينا يف 1927-1926بكتاب الشعر الجاهيل ،ويأخذ الحلقة منه أمني الخويل ،ويتلقف الحلقة منه محمد أحمد خلف الله ،ثم يتلقف الحلقة أخريا ً من ُسمي بنرص أبوزيد". المشروع الفلسفي ألبوزيد الفكرة الجوهرية يف املرشوع الفلسفي لنرص أبوزيد تقوم عىل إقرتاحه فكرة التأويل اإلنساين للقرآن .ومرد ذلك يف نظره هو أن املتمعن للقرآن يكتشف أنه ينبني أساساً عىل تعددية خطابية ،وكل واحد من هذه الخطابات يحتوي عىل سياق تاريخي معني ويتمتع بقدر من اإلستقاللية عن بقية الخطابات األخرى .وهذه التعددية الخطابية يف نظره مردها تعددية األصوات يف النص والتي تعكس جدالً وحوارا ً ألحداث تاريخية ومعنى أجتامعياً وثقافياً ،تعكس خصوصية كل حالة. متباينة تتمظهر لغ ًة ً وهو يعتقد أن التعامل مع اآليات والسور القرآنية كوحدات منفصلة ومبعزل عن كونها يف األصل خطابات تخاطب حاالت تاريخية معينة، يعمل عىل الخلط ما بني البُعد الكوين للقرآن كرسالة ،والبعد التاريخي املتجدد املعنى واألحداث .من هنا ،فهو يقرتح تقسيم القرآن عىل األقل ليس يف بعده الكوين ،إىل خمسة مناطق مفاهيمية يعمل كل منها عىل إبراز بعد من أبعاده ،والتي عمل الفقه الكالسييك عىل إنفصالها كل عىل حده مام إنتهى إليه التقسيم إىل علم كالم وفقه وفلسفة وتصوف.
يف كتابه اإلمام الشافعي مؤسس الوسطية اإلسالمية عمل الكاتب عىل تحليل األصول الفكرية التي قام عليها فكر الشافعي وذلك من خالل تحليل وسائله اإلستداللية ووسائطه املنهجية ،أي بعبارة أخرى ،عمل الكاتب عىل تحليل الخطاب الفكري واملفاهيمي للشافعي. يبدو أن التأويل كمرشوع متكن من الباحث متاماً ،فها هو يعود مرة أخرى إلبن عريب يف كتاب آخر أنجزه عام 2002بهولندا بعنوان هكذا تكلم إبن عريب .والكتاب يف مجمله محاولة لغوص أعمق يف التجليات الروحية للمتصوف الكبري .والكاتب ال يخفي عشقه وإعجابه بإبن عريب، بل يذهب أبعد من ذلك حني يقول إ ّن "السؤال الذي يرتدد يف ذهني دامئاً :هل ما زال إبن عريب قادرا ً عىل املساهمة يف قضايانا املعارصة؟ كانت اإلجابة يف داخيل .نعم "من مقدمة كتاب هكذا تكلم إبن عريب. كثرية هي إسهامات املفكر اإلسالمي نرص أبوزيد ويضيق بتتبعها املجال، وما كتاب نقد الخطاب الديني إال واحدا ً منها وليس آخرها بالطبع .فهو هنا يعمل يف جزء منه عىل تحليل الخطاب املعارص :آلياته ومنطلقاته الفكرية. وهو خطاب ال يرى يف مجمله أي فرق بني املعتدلني و املتطرفني .ومرد ذلك يف تقديره هو أن الجانبني يوحدون بني الفكر والدين وال يضعون مسافة فاصلة بني الذات واملوضوع .ويف فصل آخر يتناول موضوع الرتاث بني التأويل والتلوين ،ناقدا ً التيارات الدينية اإلصالحية ذات التوجهات اليسارية ،أو ما كان يعرف باليساراإلسالمي إبان هيمنة األنظمة االشرتاكية والعروبوية .ويف الفصل األخري من الكتاب يتناول الكاتب قراءة النصوص الدينية يف محاولة إلستكشاف أمناط الداللة للعمل عىل التفرقة بني الدين والفكر الديني ،واألخري يف رأيه هو محض إجتهاد برشي ال يجب أن ينطبق عليه تقديس الدين أو إطالقيته. من املهم ونحن نعمل عىل إضاءة الجانب الفكري للمفكر الراحل، أن نعي الفوارق املنهجية إلنتاجه الفكري والتى ميكن تقسيمها إىل اإلنتاج الخاص مبرشوعه الفكري التأويل ،وذلك الذي أعقب ردود الفعل حيال هذا املنتوج .فأعامل مثل :املعتزلة والتفسري العقالين للقرآن ،تأويل القرآن عند إبن عريب ،هكذا تكلم إبن عريب ،اإلمام الشافعي وتأسيس الوسطية اإلسالمية ...الخ ،هذا املنتوج ميثل جوهر مرشوع الكاتب ،يف املقابل فإن نتاجه الفكري املتمثل يف التفكري يف زمن التكفري ،إصالح اإلسالم ،نقد الخطاب الديني ،هي إسهامات قامت يف األساس ردا ً عىل ردود األفعال التي أثارها مرشوعه الفكري ،ومن ثم فإن كان هناك صلة وثيقة بينها وبني مرشوعه الفكري األصيل، تأسسها عىل املساجلة ،إالّ أنها قامت بدور الرشوحات هي أنها بخالف ُ التفسريية لتنظريه الفكري.
واملناطق املفاهيمية الخمس التي يقوم عليها مرشوع التأويل اإلنساين ألبوزيد هي :البعد الكوين للقرآن كرسالة ،العالقة بني اإللهي والبرشي يف إتصالها وإنفصالها ،البعد اإلخالقي للرسالة ،مجتمع الرسالة وقضاياه املعينة من زواج وطالق ومرياث ،وأخريا ً ،العقاب أو ما يعرف بالحدود. إذن التأويل اإلنساين للقرآن هو جوهر مرشوع الكاتب ،ويظهر ذلك جلياً يف أبحاثه وأطروحاته العلمية املتعددة .فمثالً يف كتابه قضية املجاز يف القرآن عند املعتزلة سلط الضوء عىل إستخدام املتكلمني للمجاز يف محاولة لفض التناقض املتوهم بني القرآن واألدلة العقلية .بعدها أنطلق الكاتب إلستكشاف منطقة أخرى يف الفكر الديني هي منطقة التصوف ليعمل من خاللها لفض اإلشتباكات املفاهيمية بني الفكر والنص الديني مشريا ً إىل أنها محاولة إلستكامل الجانبني الرئيسيني يف الرتاث :الجانب العقيل كام تجسده املعتزلة والجانب الذوقي كام ميثله التصوف .ويف هذا الصدد يرى الكاتب في نقد اإلسالم السياسي أو التفكير في أن بحثه كان فرصة طيبة ليك يزيل اللبس الحاصل ملفهوم التأويل يف الفكر زمن التكفير الديني والفلسفي املعارص. يف أكرث من حوار نجد أن أبوزيد يأىس كثريا ً عىل التسامح الذي ضاع مع صعود من هنا فإن كتاب فلسفة التأويل :دراسة يف تأويل القرآن عن محي تيار اإلسالم السيايس يف سبعينات القرن املايض .وهو صعود يعزيه إىل سقوط الدين بن عريب يعمل يف جزء منه عىل إضاءة مفهوم التأويل من واقع األيدولوجية اإلشرتاكية العروبوية بعد هزمية يونيو ،1967والذي أىت بأنظمة كونه عالقة جدلية بني النص وامل ِ ُفس قامئة عىل التفاعل املتبادل وليس بديلة تبحث عن رشعية سياسية كيفام إتفق ،وكان ما كان من أمر ذلك عىل اإلكراه وإخضاع النص لرغبة امل ِ ُفس كام هو الرأي الشائع .أيضاً ،التحالف بني هذه األنظمة وجامعات اإلسالم السيايس الطامحة.
10
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
كثرية هي إسهامات املفكر اإلسالمي نصر أبوزيد ويضيق بتتبعها اجملال ،وما كتاب نقد اخلطاب الديني إال واحدًا منها وليس آخرها بالطبع .فهو هنا يعمل يف جزء منه على حتليل اخلطاب الديني املعاصر :آلياته ومنطلقاته الفكرية .وهو خطاب ال يرى يف جممله أي فرق بني املعتدلني و املتطرفني .ومرد ذلك يف تقديره هو أن اجلانبني يوحدون بني الفكر والدين وال يضعون مسافة فاصلة بني الذات واملوضوع. ويف هذا الصدد يقول يف حوار يف إحدى القنوات الفضائية "دامئاً ما أكرر أن الدين يف ظل غياب الرشعية السياسية أصبح وقودا ً يف عربة السياسة ،والوقود مآله اإلحرتاق .وهذا اإلحرتاق للدين يحدث كل يوم يف العامل اإلسالمي مام أدى لتجريف العقل وتحول الدين إىل أكليشيهات جافة وجامدة من شاكلة حالل وحرام ،وتم تجفيف البُعدين الروحي واألخالقي ،والذين بهام يتم التسامح ليس عىل مستوى املختلِف دينياً، بل حتى عىل مستوى اإلختالف داخل األيدولوجيات اإلسالمية نفسها". ختاماً ميكن القول أن قصة تكفري أبوزيد نفسها هي أفضل دليل عىل ما وصفه بغياب التسامح بصعود تيار اإلسالم السيايس .فالشاهد أن أبوزيد مل يأيت بجديد أو بدعة كام يف لغة التجريم واإلستهجان السلفي حينام تصدى بحثياً لدراسة التأويل يف القرآن .فكل ما فعله كباحث هو أنه تتبع التأويل كتاريخ ضارب يف جذور الفقه الكالسييك كان يعمل بإستمرار عىل أنسنة القرآن وتجديد معانيه ،ومن ثم ربطه بزمانه ومكانه. وأبوزيد يف خالصة فكره يريد أن يقول "إن العودة إىل أنسنة القرآن، بإستمرار إستنباط الجديد من املعاين ،ال يكون إال بإ ِعامل التأويل مبستوياته املختلفة بعيدا ً عن التقديس املتو َهم لرتجامته اإلنسانية والذي أدى إىل
التكلس والتحنط الذي تعيشه املجتمعات اإلسالمية روحياً وقيمياً وماديًا ". يف إحدى حوارته الصحفية قال نرص أبوزيد "أن مويت ال يعني موت أفكاري فرغم كل العداء الذي يواجهني أنا واثق أن أفكاري ستحيا أزمان بعد رحييل .الفيلسوف العريب األندليس إبن رشد قد ُحورب بسبب فكره من قبل إال أن ذلك مل يقتل الفكر الذي أنتجه".
ترجمه إلى العربية: عبدالخالق السر
من مؤلفات د .نصر حامد أبو زيد: اإلتجاه العقلي في التفسير ،دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة نقد الخطاب الديني مفهوم النص ،دراسة في علوم القرآن اإلمام الشافعي وتأسيس األيدلوجية الوسطية دوائر الخوف ،قراءة في خطاب المرأة املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
11
لقاء مع زهرة محمد أحمد بينما أخذت الطائرة في الهبوط من السحب فوق مقديشو ،المدينة الكبيرة على ساحل المحيط الهندي ،بدأت أتساءل كيف تبدو الصومال بعد 22 عاماً من الحرب التي فتكت بهذا البلد من بلدان القرن األفريقي .كانت زهرة محمد أحمد في إنتظاري وهي السبب وراء زيارتي هذه. أجرب إنهيار البنية الوطنية للدولة وإندالع الحرب األهلية يف الصومال يف عام 1991 زهرة نائبة مدير جامرك مطار مقديشو آنذاك واملتزوجة من طيار سابق ،عىل الفرار من الصومال مع أطفالها الخمسة الصغار إىل تنزانيا يف عام .1992
األموال لتفتح بها مستشفيات ومدارس وتنخرط يف حوار مع أمراء الحرب من أجل إلقاء أسلحتهم والتقاط األقالم ،حسب قولها .وفيام بعد أنشأت مركز تنمية املرأة الصومالية حيث تعمل اآلن فيه كمستشار ًة قانونية ومديرةً. نشاط زهرة مركز تنمية املرأة الصومالية يف مقديشو هو أحد منظامت املجتمع املدين القليلة التي تكافح من أجل التغلب عىل الحرب وإعادة بناء مجتمعهم وبلدهم .يعمل املركز عىل تعزيز حقوق اإلنسان للمرأة ومنحها فرص الوصول واملشاركة يف الحياة السياسية وصنع القرار سعياً وراء تحقيق الدميقراطية وتنمية املجتمع .يشمل مجال عمله اإلستجابة للطوارئ يف حاالت العنف الجنيس ،واملساعدة القانونية وأنشطة التوعية وتعليم البنات وتوعيتهن بالقضايا الصحية مثل الناسور .أنهم يف املركز ينسقون مع منظامت متعددة أخرى لتوفري الرعاية الصحية الشاملة وإقناع األرس بإحضار بناتهم إىل مستشفى بعثة اإلتحاد األفريقي يف الصومال إلجراء عمليات جراحية .كام أنهم يقومون بالوساطة نيابة عن النساء وشيوخ العشائر.
يف عام ،2000عندما مل ير الكثريون أن الوضع آمن للعودة ،عادت زهرة إىل أرض وطنها .وهي تقول "كان عيل أن أفعل شيئاً ،يجب أن يكون هناك من يشهد ما يحدث ليخرب اآلخرين" .وهي تتذكر عندما أدركت أنه يف الوقت الذي كان عند لقائنا مبوظفي املركز ،مل يسعنا سوى مالحظة مدى إحرتامهم ألطفالها فرص الذهاب إىل املدارس ،هناك الكثري من األطفال الصوماليني ممن مل تسنح لهم هذه الفرصة .يف البدء أنشأت منظمة مجتمعية بإسم حنة تجمع وإعجابهم بزهرة ،فتعاملها معهم تعامل أمومي .وكذلك رأينا رجال الرشطة
12
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
وجوه
والقوات األمنية يفسحون الطريق لها .تنضح السيدة لطيفة الحديث (زهرة) حباً لعملها ولوطنها حيث يشار إليها بإعتزاز بلقب ماما زهرة من قبل العديد من حولها .فهي ليست إمرأة مولعة بالكلامت الكثرية أو العبارات املفخمة ،مييز مظهرها التواضع ،غري أن تصميمها الواضح وتاريخ إنجازاتها هو الذي يجلب لها اإلحرتام. إن زهرة بالنسبة لكثري من الفتيات هي املعلمة واألم .فهي متنح فرص تدريب للمربزات من طالبات كلية القانون بالجامعة ،والاليئ بدورهن يصبحن مساعدات قانونيات باملركز .عىل الرغم من مشغولياتها وإزدحام جدولها ،فإن زهرة مع ذلك تجد الوقت للتطوع .فهي التفوت زيارتها اإلسبوعية إىل ملجأ األطفال املكفوفني الذي ساعدت عىل إنشائه وجمع التربعات له من الصوماليني بالخارج وغريهم .إن عالقتها القوية باألطفال املكفوفني تتجىل كلام زارت امللجأ بسامع أصواتهم املبتهجة وهم يرصخون باسمها. معنى أن تكون إمرأة في الصومال
وقد كان أول أشكال اإلعرتاف املحدود باألزمة يف الصومال تكوين الحكومة اإلنتقالية اإلتحادية فرقة عمل ملكافحة العنف الجنيس .إن تحسني سبل الوصول إىل العدالة سيكون مفتاحاً للحل هنا ،إذ أن النساء يتعرضن للتحرش املستمر واإلعتقال إن هن أبلغن السلطات عن حاالت اإلغتصاب. تعمل منظامت املجتمع املدين يف الصومال وسط تحديات هائلة وتتعرض ملخاطر جمة .والتي تشمل تلقيهم تهديدات من مختلف الجهات الناشطة ضمن سياق العنف يف الصومال خاصة عند العمل عىل توفري املساعدة القانونية واملشورة لضحايا العنف الجنيس أو أي قضايا تتعلق بحقوق املرأة .وكانت أكرث اللحظات إثارة للقلق عند الدفاع عن الصحفي عبده عزيز وضحية اإلغتصاب لول عثامن حيث تعرضت زهرة وزمالءها لتهديدات خطرية عىل حياتهم .وتقول زهرة وهي غارقة يف التفكري "غري أننا ضحينا بالفعل بحياتنا يف سبيل الدفاع عن شعبنا" ،ثم تواصل عملها. قدوة في القيادة
أدت الحرب إىل التهجري القرسي وتركت العديد من األرس دون آباء أو أبناء كبار ،ما ألقى باملسئولية األساسية عىل النساء للقيام مبهمة كسب العيش لتلبية إحتياجات األرس اليومية .بعضهن يدير أعامل صغرية ويبعن السلع األساسية .عىل الرغم من القيود عليهن ،فإن النساء يلعنب دورا ً حيوياً يف تنمية مجتمعاتهن .فهن ُمعيالت وربات أرس طيلة العقدين السابقني ومهامت جدا ً يف تنمية البلد .غري أن هناك ماهو أكرث ،فالنساء دامئا هن من يتقبلن السالم واإلستقرار كام تقول زهرة "فهن األمهات الاليت يرعني األرس ويربني األطفال" .تؤيد األرقام إسرتاتيجية زهرة يف دعم املرأة .فالبلد فيها وتعتقد زهرة أن عقيدتها اإلسالمية شجعتها عىل املثابرة ومواصلة عملها. أعىل نسبة لوفيات األطفال دون الخامسة يف العامل 1.ونظرا ً لعدة عوامل وهي ترى أن اإلسالم يشجع عىل مساعدة الفقراء وحامية الضعفاء ومنع فإن الصومال تعترب أحد أسوأ األماكن يف العامل ميكن أن تعيش فيه إمرأة. العنف الجنيس وتجنب املامرسات التقليدية الضارة وبناء السالم واألمن. وهي تشجع النساء األخريات عىل اإللتزام بعقيدتهن وأن ميارسن ما تأمرهن يتمركز الكثري من النازحني داخلياً بالصومال يف املراكز الحرضية .ويقدر عقيدتهن به "عىل النساء يف هذه املنطقة إلتزام باإلضطالع بأدوار قوية أن حواىل 2 400.000منهم يعيشون يف مقديشو يف منازل مؤقتة مصنوعة ومساعدة النساء والبنات يف مجتمعاتهن". من الحطب واألكياس البالستيكية بال إمداد كهربايئ ،مع محدودية يف املياه الجارية وتر ٍد يف األحوال الصحية .تحاول النساء توفري وجبة واحدة يف اليوم ومتتلئ زهرة غبطة وهي تتحدث عن املستقبل مستشهدة بأن الكثري من ألرسهن املمتدة يف املستوطنات املكتظة بالسكان ،دومنا رعاية صحية أو الصوماليني بالخارج بدأوا بالعودة لبناء بلدهم .وهي تشجع أبناءها كذلك عىل تعليم ،وذلك بجمع الحطب وغسل املالبس وجلب املياه ألناس ليس معهم العودة .وتقول زهرة "إنه لنجاح رائد يف التاريخ أن صارت لنا حقيبتني وزاريتني سوى القليل من املال لرصفه .يواجه النازحون أيضا تحديات حامية خطرية ،تحت قيادة نسوية ،مع إننا مل نستوف حصة مشاركة املرأة يف الربملان بعد. مبا يف ذلك عمليات إخالء قرسية من قبل مالك األرايض وتحويل املساعدات أعتقد أن هذا سيضيق الفجوة بني املرأة والنشاط السيايس يف بالدنا". بواسطة حراس املعسكر الفاسدين .وتتعرض النساء والفتيات بشكل خاص للعنف الجنيس القائم عىل النوع. بعد ثالثة أسابيع من عوديت ،تم تفجري مجمع املحكمة العليا يف الصومال مبقديشو ،وقتل إثنان من املحامني البارزين العاملني مع زهرة إن زهرة تعرف "أن التحديات التي تواجهها املرأة هنا ال ميكن حرصها والذين كانا يعمالن يف منارصة ضحايا العنف الجنيس من النساء .ويبقى يف صفحة" .تعاين املرأة الصومالية نقصاً يف التعليم بسبب الحواجز الوضع هناك عيص عىل التنبؤ. الثقافية وإنعدام املشاركة السياسية واإلقتصادية .إنهن يعانني من مامرسات تقليدية ضارة مثل ختان اإلناث والزواج القرسي واملبكر .أضف الصومال بلد مير مبرحلة إنتقالية ،بيد أن هناك ما يدعو إىل األمل .هناك نساء إىل ذلك التهديد والصدمة املستمرين الناجمني عن اإلغتصاب. مثل زهرة يواصلن مجابهة العنف مبد يد العون لآلخرين ومامرسة حقوقهم. سعى والد زهرة ،الذي ولد عام 1952يف عائلة مكونة من خمسة أوالد وبنتني ،إىل تعليم كل أبنائه وإىل أن يرسل البنات إىل مدارس أفضل من مدارس األوالد .وبعد عدة سنوات أرصت زهرة عىل العودة إىل الدراسة وهي عىل مشارف الخمسني من العمر .تخرجت زهرة يف عام 2005 بشهادة جامعية يف القانون الدويل والرشيعة من كلية القانون يف جامعة الصومال لتعزز من عملها يف مجال الدفاع عن حقوق املرأة.
وقد أصبح هذا الشكل املعني من أشكال كره النساء متفشياً نظرا ً لضعف النظام العديل ،حيث أن الجناة غالباً ما يتمكنون من اإلفالت من العقاب.
حوار :كارول ماغامبو ترجمه من اإلنجليزية :مصطفى هارون
1
http://www.refintl. org/where-wework/africa/somalia
2 استطالع أجرته اللجنة الدولية للهالل األحمر ،عام 2012؛ http:// www.irinnews. /96686/org/report SOMALIAMogadishu-IDPssuffer-extortioneviction
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
13
وجوه
الشيخ بابكر بدري رائد تعليم المرأة وأحد ص ّناع التغيير اإلجتماعي في السودان وُلد الشيخ بابكر بدري في منطقة الرُاباطاب بشمال السودان عام ،1862وتوفي في عام 1954عن عمر يناهز الثانية والتسعين، بعد حياة حافة مليئة بالبذل والعطاء .يعتبر الشيخ واحد اً من رواد التنوير في السودان. تمثل سيرة حياته قصة إستثنائية من اإلصرار والطموح واإلنتماء للنفس والمجتمع .فما حققه من إنجاز بجهد وشجاعة غير مسبوقين يرقى إلى مستوى الثورة اإلجتماعية ،حتى بمعايير اليوم .لقد كان كاتباً وناشطاً إجتماعياً ومحرضاً لتعليم المرأة. وهو في السادسة من العمر إرتحل مع والده من اإلقليم الشمالي إلى مدينة رفاعة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل األزرق في وسط السودان .هناك التحق بالخلوة كسائر معاصريه وحفظ القرآن مبكر اً .الرواية السائدة عن حياته الباكرة تقول ،أن تأثير والدته عليه وبعض النساء من أفراد عائلته كان كبير اً، مما كان له أثر اً على شخصيته التي إتسمت بالصبر والحكمة والمثابرة في طلب المعرفة.
نفاذ البصيرة والقدرة على إستشراف آفاق المستقبل يف ريعان شبابه ،إلتحق بابكر بدري بجيش املهدية الذي كان يف طريقه لغزو مرص ومحاربة الجيش املرصي الرتيك .وقد إنهزم وقتها جيش املهدية يف معركة توشيك الشهرية عام 1889عىل الحدود املرصية السودانية .تم أرس بابكر بدري وقتها وقىض خمسة أعوام سجيناً بأحد السجون املرصية .بعدها عاد ليلتحق مجددا ً بجيش الخليفة عبد الله التعاييش يف معركته الفاصلة بكرري ضد الجيش اإلنجليزي املرصي .كانت معركة كرري والتي إنهزم فيها جيش املهدية، مبثابة مرحلة فاصلة يف تاريخ السودان الحديث .فقد كانت إيذاناً بنهاية دولة املهدية ووقوع السودان مجددا ً تحت اإلستعامراألجنبي ،والذي أىت هذه املرة يف صيغة الحكم الثنايئ املرصي اإلنجليزي. مل تكن كرري معركة عسكرية فحسب ،إمنا كانت أيضاً معركة بني الحداثة ممثلة يف األسلحة العسكرية املتطورة والتقليدية ممثلة يف العدة العسكرية البدائية لجيش املهدية الذي حصدته مدافع املكسيم ،رغم كل الشجاعة والبسالة التي أظهرها .مل متر الحادثة وتبعاتها عىل بابكر بدري مرور الكرام، فبصريته نفذت ملا وراء الهزمية العسكرية ،وأدرك متاماً تبعاتها النفسية، الثقافية والسياسية عىل الواقع السوداين .ظهر ذلك الوعي جلياً يف مذكراته حني نادى بثورة يف التعليم والوعيُ .ع ّي الشيخ الحقا ًمن قبل الحكومة الثنائية كواحد من أوائل مفتيش التعليم .ساعده هذا املوقع الوظيفي يف أن يعي ويتفهم التنوع الثقايف لهذا الوطن الشاسع. كانت الخلوة يف ذلك الوقت هي النظام التعليمي الوحيد املتوفر ،يقوم عليها مشايخ الطرق الصوفية .إضافة لتدريس وحفظ القرآن ،كانت الخلوة أيضاً تقوم بتدريس العلوم الدينية وفقاً للمدارس الصوفية املتعددة .أيضاً كانت هناك بعض مدارس اإلرساليات الكاثوليكية و الربوتستانية. مع إحرتامه الكامل للخلوة ،اال أن الشيخ كان يعتقد أن التعليم الوضعي هو األفضل واألكرث قدرة عىل تحرير طاقات السودانيني .ويف ذات
14
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
الوقت كان يرى أن مواد التاريخ ،الجغرافيا ،األحياء والرياضيات ،التي تدرس يف مدارس اإلرساليات ال تراعي الثقافة املحلية للسودانيني. يف هذا الصدد كان يرى أن النظام التعليمي األمثل هو ذلك القائم عىل املزواجة بني العلوم الحديثة وقيم وثقافة املجتمع السوداين ،كام أن املدارس يجب أن تكون خارج سيطرة الدولة. التنوير كموقف وجودي يف عام 1902تم تعيني بابكر بدري كأول مدير ملدرسة رفاعة للبنني .وهي أول مدرسة أنشأتها اإلدارة الربيطانية خارج الخرطوم .لقد كان يرى وهو األب لثالثة عرش فتاة أن البنات يجب أن ينلن حظه ّن من التعليم ،وأن ال يقترص دورهن يف الحياة عىل الزواج واإلنجاب اإل أن طلبه قد رفض من قبل اإلدارة الربيطانية ليس مرة واحدة فقط بل مرتني عىل التوايل حيث تخوف اإلنجليز من أن دعمهم لتعليم البنات قد يثري حفيظة اإلهايل عليهم ،ولكنه مل يستكني لألمر مام دفعه ألن يفتتح أول مدرسة أهلية للبنات مبنزله وتعهد بالرصف عليها من ماله الخاص ،وكان ذلك يف عام .1907 مل يختزل بابكر بدري التعليم يف القراءة والكتابة ،بل كان التعليم يف عرفه أداة وعي وتنوير ،لذا حرص عىل اإلهتامم بالفنون وخصوصاً املرسح كأداة لرفع مستوى الوعي اإلجتامعي .يف عام 1930أقام أول عرض مرسحي يف السودان وذلك يف ساحة املولد مبدينة رفاعة كحملة تربع ملنشآت مدرسة رفاعة للبنني. ويف عام 1932أرشف عىل إخراج مرسحية موت تاجوج مستلمهاً األسطورة اإلجتامعية الشهرية لصالح بناء مدرسة األحفاد. مدارس األحفاد وبداية تأسيس التعليم الخاص يف عام 1930إفتتح بابكر بدري مدرسة األحفاد للبنني كأول مدرسة خاصة يف السودان ،ثم إنتقل بها الحقاً إىل أمدرمان لتصبح فيام بعد مدرسة مختلطة ملحق بها روضة لألطفال .ويف العام التايل ألحقها مبدرسة للتعليم املتوسط للبنني .مل يقلل تقدم العمر من عزمية بابكر بدري ،ففي األعوام من -1936 1943وقد بلغ وقتها السبعني من العمر ،سافر إىل مختلف بقاع السودان يحث الخريين للتربع لبناء املزيد من املدارس ،حتى تكلل جهده ببناء مدرسة األحفاد الثانوية للبنني .الحقاً تحصل بابكر بدري عىل قطعة أرض من الدولة لتقام عليها مدارس األحفاد الحالية .وفور حصوله عليها عمل عىل اإلتصال باملورسين من رموز املجتمع والذين كان لهم فضل املساهمة يف بناء هذه املدارس ،وشكل منهم مجلس األمناء .ثم قام بتسجيل األرض اململوكة لألحفاد باسم مجلس األمناء ،منها جاعالً منها كياناً مستقالً. الجسارة والقدرة على إحداث التغيير كان بابكر بدري متفردا ً يف شخصيته بني أقرانه ،فهي مزيج من التوقد الذهني واإلنفتاح والشجاعة وقوة التصميم .تجلت هذه الخصال يف إرصاره عىل فتح مدرسة بنات ،اليشء الذي قوبل مبعارضة وتشكيك من قبل املجتمع .ولكنه ببصرية متقده ،كان يرى يف تعليمهن فرصة لحياة أكرث صحة ووعي بدورهن الرتبوي وإسترشافا آلفاق أرحب ومستقبل أفضل ألجيال قادمة .أكرث ما مييز
رسم :نصرالدين الدومة ،السودان بابكر بدري هو أنه مل يكن ينظر بتقديس لثقافة مجتمعه ،فمع إحرتامه لهذه الثقافة االّ أنه مل يتوقف يوماً عن مساءلة قيمها .فهو مل يهادن أو يستكني لحظة يف سبيل اإلرتقاء مبجتمعه نحو األفضل وربطه بالعامل املعارص .إنه واحدا ً من أوائل الذي خاضوا يف حوار الثقافات مع الغرب دون تغريب .لقد كان ممثالً حقيقياً لقيم املقاومة املدنية والتغيري اإلجتامعي .لقد كانت حياته مثاالً لإلتساق يف كل تجلياتها ،الغرو إن ظلت مبادئه هادياً ملنارات الوعي التي أرساها؛ فإىل يومنا هذا الفتيات الاليت يدرسن مبدارس األحفاد ،ال يقمن بتغطية وجوههن أو رؤوسهن. تويف بابكر بدري يف عام ،1952مخلفاً وراءه أسطورة سودانية خالدة، وكذلك الكثري من اإلسهامات الفكرية املميزة ،مثل كتابه العلم األمثال السودانية ،وكذلك مذكراته املعروفة حيايت ذات الثالثة أجزاء ،وهي عىل متعتها وغنى تفاصيلها ،فأنها متثل يف ذات الوقت ،مرجعاً تاريخياً الغنى عنه لتلك الفرتة املهمة من تاريخ السودان الحديث. ترجمه إلى العربية :عبدالخالق السر املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
15
وجوه
"خلفيتك ال تصنع مستقبلكِ ،ان مصيرك بين يديك" رحلة سيدة أعمال مسلمة من يوغندا
كان عليها أن تحمل لوح الرسم وألوانها وفرشها كل يوم مسافة طويلة من هي رحيمة كاسولي؟ من داخليتها إىل الكلية .كل ذلك عزز من عزميتها ،فتخرجت من الكلية ولدت رحيمة كاسويل مبدينة صغرية يف وسط يوغندا تدعى غومبا ،بامتياز وكانت واحدة من ثالثة طالب نالوا مثل تلك النتيجة ،مام كان وكانت الطفلة األخرية ألرسة لها من األبناء والبنات إثنا عرش ،فنالت له كبري األثر عىل حياتها. بسبب مكانتها تلك حب والديها وإخوتها .إال أن والدها توىف وهي يف الثامنة من العمر ،وحينها بدأت حياتها تتغري .فقد رفضت والدتها رحيمة صاحبة المشاريع التي كانت ربة منزل ومل يسبق لها العمل ،تقاليد أهلها التي متنح األرملة تلقائياً ألخ زوجها املرحوم مبجرد وفاته فلم تتزوج من أخ زوجها مرت عدة سنوات ،فقامت رحيمة وأربعة زميالت لها برتك وظائفهن الراحل .وهنا بدأت مشاكل والدتها مع أهل زوجها ،فقد رفضت أن لبدء مرشوع تجاري خاص بهن .ومل يكن لديهن ال مال وال معارف ،وال تكون الزوجة الثالثة أو رمبا الرابعة لتيقنها بأن أطفالها لن يحصلوا عىل الكثري من الحنكة ،فعادوا كلهن يف نهاية األمر إىل العمل بأجر ،ما عدا الحياة التي تريدها لهم .وبالرغم من أنها مل تحصل عىل تعليم وافر ،رحيمة التي أرصت عىل اإلستمرار يف إنشاء رشكتها الخاصة. إال أنها بدأت يف العمل لكسب لقمة عيشها وعيش أوالدها ،فتاجرت يف اليوم تبلغ رشكتها املسامة "سنشريي للتسويق" خمسة عرش عاماً. مختلف السلع لتتمكن من إرسال أطفالها إىل املدارس. مل يكن األمر سهالً ،بل إنطوى عىل العودة إىل الجامعة لنيل املزيد من العلم واملهارات .إال أن رحيمة أدركت بعد إدارة مرشوعها لعرشة البداية سنوات أنها مل تفشل وأن ما تقوم به هو الصواب ،مام أوحى لها بفكرة عندما بلغت رحيمة عامها الثاين عرش ،رافقت أخاها لتعيش معه يف إنشاء "سيدا إنرتناشونال" وهي منظمة دولية تعلم الشابات والنساء املدينة ،وكانت هذه امل ّرة األوىل التي تذهب فيها إىل هناك .وهنا تلقت الريادة ومهارات تأسيس املشاريع التجارية .تقول رحيمة أن العديد رحيمة أول درس كبري يف حياتها؛ فقد التحقت مبدرسة نبيسوسا للبنات من الفتيات املسلامت يتعرثن ويحرتن فيام إذا كان زيهن سيجلب لهن لتنال تعليمها الثانوي ،وكانت قلقة بصدد منافستها لفتيات قضني كل فرص العمل أو الزواج .وهو أمر غري صحيح النساء املسلامت بحاجة إىل حياتهن يف الدراسة باللغة اإلنجليزية ،ألنها مل تتعلمها يف مدرستها قدوات يتعلمن منهن كيف يواز ًن بني العمل والحياة األرسية وينجحن القروية .فانطوت عىل نفسها لفرتة ،إىل أن تعرفت عىل زميلة لها ساعدتها يف كليهام. يف تعلم لغة البِيض ،حتى تفوقت فيها ونالت املكانة األوىل يف املجادلة يف ويف عام ،2012أسست رحيمة برنامجاً للصبيان والشباب املسلمني، املنطقة آنذاك ،مام زاد من ثقتها بنفسها ،وكانت هي البداية. بعدما شعرت بأن الرجال ال أحد يهتم بهم .رحيمة تنفذ ما تؤمن به؛ وخالل تلك الفرتة أيضاً وقع بني أيديها كتاب املرأة املهمة لباربارا فقد أسست مركزا ً للصبيان املسلمني يتعلمون فيه مهارات كالتواصل تايلور برادفورد ،وهو الكتاب الذي غري حياتها ومنحها األمل يف الحياة .وإستكشاف الذات وتحديد األهداف يف الحياة ،با الِضافة ملهارات مهنية حسب تعبري رحيمة "يستطيع األمل أن يغري من سري األمور" .وعمالً مثل تصفيف الشعر ،وتحضري الطعام للمناسبات والفنون والحرف بذلك ،قامت بالرتكيز عىل دراستها ،وإستمرت فيها حتى وصلت املرحلة واملساهمة يف املجتمع املحيل .ولها أيضاً برنامج رعاية النجوم الصاعدة الجامعية فدرست الفنون الجميلة ومل تكن تعلم مدى صعوبة دراسة الذي يستهدف فتيات املرحلة الدراسية الثانوية ،وبرنامج "يوين أكشن" الفنون ،حيث جرت فصول الدراسة من الصباح حتى املساء ،وكان عليها للجامعيات ،والتدريب اإلداري للنساء العامالت ،وأخريا ً مبادرة تطوير أن تقيض هذا الوقت يف الرسم واقفة عىل قدميها .وباإلضافة إىل ذلك سيدات األعامل "ويدي".
16
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
"عندما يتعلق األمر بالعمل ،فإنني أستند يف تفكريي إىل السيدة خديجة زوجة الرسول التي كانت متارس التجارة .وأخرب النسوة أنه يجب عليهن العمل ،فقد كانت لزوجة الرسول جتارة مربحة ،فما بالكن قابعات بال حراك؟"
هوية رحيمة كامرأة مسلمة نشأت رحيمة يف أرسة مسلمة وال تتذكر أنها واجهت أي تحديات نتيجة دينها أثناء سنوات طفولتها .ولكنها تتذكر أن أهلها كانوا يوصونها بعدم تناول الطعام يف بيوت املسيحيني يف قريتها ألن أرسهم مل تكن تحافظ عىل النظافة ،فكانت الكالب تشتم أطباقهم ،كام أنهم كانوا يربون الخنازير. وبالتايل تعلمت أن تحكم عىل املسيحيني من منظور إحساسها بأن اإلسالم دين نظيف ،خاصة ألنه يفرض عىل اإلنسان أن يغتسل عدة مرات كل يوم. وتغري رأيها هذا بعد التحاقها باملدرسة الثانوية ،التي زاملت فيها فتيات من كافة األديان ومل ترى أن أي منهن كانت تتسم بالقذارة. وتقول رحمة أن ثقافتها اليوغندية تفرض قيود ا ً أكرث عىل النساء من دينها ،إذ تتحكم يف كيفية جلوسهن وحديثهن وما تأكلنه ،ومتنعهن من التطلع إىل وجه من يحدثهن ،وهي كلها قيود تسلب النساء ثقتهن بأنفسهن .وتنعدم هذه التفرقة يف القيود يف اإلسالم ،بل إن نفس القيود تفرض عىل كل من الرجال والنساء. ومع ذلك فإن نشأتها يف أرسة مسلمة كان يعني أن أهلها كانوا يحكمون عىل النساء السافرات ،باعتبارهن متمردات ال مكان لهن يف املجتمع املسلم .وكانت رحيمة تشعر بأن ذلك فرض عليها أمرا ً مل تكن راغبة فيه ،إىل أن جاء يوم قررت ،كام تقول ،أن تتحجب باختيارها للتأكيد عىل هويتها الدينية كامرأة .وبالرغم من أنها تنال قسطاً أوفر من اإلحرتام إلرتدائها الحجاب ،مام يقوي من هويتها ،إال أن ما يلفت النظر يف عملها وحديثها هي قوة شخصيتها ومنطقها العميل .وتقول رحيمة" :يف نهاية األمر ،ال يحكم الناس عليك مبا ترتدينه بل بكالمك وشخصيتك .فبيدك أن تستفيدي من الحياة مثلام تشائني" رحيمة كاسويل متزوجة وأم إلبنتني ،هام السبب يف تركيزها عىل الفتيات عموماً .وقد ألفت كتاباً بعنوان من غامبا إىل البيت األبيض ،يحيك سريتها الذاتية وأعاملها وكيفية وصولها إىل ما هي عليه اآلن .ويف لقاء دويل نظم لإلعرتاف باملسلمني الذين قاموا بتمكني غريهم ،قابلت رحيمة الرئيس األمرييك باراك أوباما .وهي تعترب هذا اللقاء تأكيدا ً عىل رسالتها "خلفيتك ال تصنع مستقبلك ،بل مصريك يف يديك".
حوار :كارول ماغامبو
ترجمه إلى العربية :سام بيرنر املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
17
حول تعيين النساء في الحكومة الصومالية إن المشاركة السياسية للنساء ال ينبغي لها أن تكون مسألة محاصصة أو مزايدة بل على العكس من ذلك يجب أن تعبر عن التزام حقيقي تجاه حقوق النساء على نحو ينعكس على التشريعات والسياسات والممارسات الثقافية .هالة الكارب
أعلن رئيس الوزراء الصومايل عبدي فرح رشدون النسائية األخرى مريم قاسم وزيرة للتنمية يف الرابع من سبتمرب 2012عن تشكيل وزاري اإلجتامعية .فبتعيينها تصبح فوزية أول إمرأة إشتمل عىل إدراج إمرأتني ضمن مجلس الوزراء تقود وزارة الخارجية يف تاريخ الصومال. ذو العرشة أعضاء مع املالحظة بشكل خاص تعيني بينام يعرب تعيني نساء يف مواقع وزارية فوزية يوسف حجي عدن نائبة لرئيس الوزراء ووزيرة للشئون الخارجية بينام عينت يف الحقيبة رئيسية عن التزام الحكومة بارشاك النساء يف
18
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
الحكم ،ال ينبغي أن يخفي ذلك عنا حقيقة تعرض النساء للعنف عىل نطاق واسع وعىل نحو يومي يف الصومال .وعليه فال بد من تغيري فكري يطال جذور تلك اإلشكالية. دور المرأة في إعادة بناء الصومال يقيض الترشيع الصومايل بتخصيص %30من مقاعد الربملان لتمثيل العنرص النسايئ .وقد أسفرت انتخابات أغسطس 2012عن فوز النساء بثامنية وثالثني من مقاعد الربملان البالغة 275مقعد ا ً أي ما نسبته %13.8فقط وهو يقل بكثري عن الحصة املطلوبة .وبرغم ذلك فإن تعيني هاتني السيدتني وحده يربهن عىل جدية الحكومة الصومالية املنتخبة حديثاً يف اإلعرتاف بالدور النسايئ يف ظل ظروف البلد الراهنة. ورغم أهمية اإلحتفاء برتقية النساء إىل مواقع سياسية قيادية ،إال أنه ينبغي علينا أن ندرك أن إرشاك النساء يف مواقع سياسية ُعليا ال يعني أن هناك التزاماً حقيقياً بحقوق النساء ومرشوعية تلك الحقوق .وعىل الرغم من أن هناك إستثناءات ال بأس بها إال أن السائد
النساء والسلطة السياسية
تقدم اجلماعات الدينية ذات الفكر املتطرف غري املوضوعي يف دول القرن األفريقي مثل الصومال والسودان أجندتها يف قالب ديني وتصور نفسها على أنها حاملة لواء اإلسالم احلقيقية .وما ينبغي فهمه ووضعه يف نطاقه الصحيح هو أن ما تقدمه هذه اجملموعات ال عالقة له باملعتقدات الدينية وإمنا هي حركات سياسية تعمل على اإلستيالء على السلطة على الصعيد اجملتمعي والوطني والدويل .وتسيطر هذه احلركات على اجملتمع بإخراس جميع األصوات املعارضة لها مبا يف ذلك األصوات اإلسالمية األخرى ذات التوجهات املعارضة لتلك اجملموعات
هو أن الحكومات األفريقية عىل نطاق القارة تستخدم تعيني النساء يف املناصب السياسية الرفيعة لخلق إنطباع دويل بحكم رشيد وإلتزام بالتنوع .إال أن الحقيقة املرة هي ،أن الرتقية السياسية ألفراد من النساء مل تؤد إىل ترقية مامثلة ألوضاع النساء يف املجتمع وال إىل تغيري حقيقي يف مضامر تحقيق مساواة نوعية عىل األرض .وال ينتقص هذا األمر من القرار الشجاع الذي إتخذته الحكومة الصومالية املنتخبة وال من إقدام املرأتني اللتني قبلتا التكليف يف وقت صعب وشديد التعقيد بالنسبة للمجتمع الصوماىل . وقعت الصومال يف تسعينيات القرن املايض رهينة لرصاعات وحشية مرتكزة عىل العشائرية والتشدد الديني وقد تحولت البالد إىل فناء خلفي لفكر مستورد ممول من الخارج ومزود مبفاهيم تروج إلقصاء النساء وعزلة البالد من املجتمع الدوىل .نتج عن ذلك تهجري وتفكك يف آليات الحامية املجتمعية وإنتشار لألسلحة الخفيفة مصحوباً بنظام رشطي ونظام حكم ضعيفني األمر الذي أدى إىل انعدام للمساءلة وإفالت واسع من العقاب .وىف ظل ذلك الوضع تعرضت النساء إىل إنتهاكات جسيمة لحقوقهن .فال يزال ختان اإلناث منترشا ً وكذلك التزويج القرسي املبكر للفتيات والعنف األرسي بينام تتعرض النساء يف معسكرات النزوح يف مقديشو لإلغتصاب والعنف الجنيس عىل نحو متزايد. وقد تعرضت البائعات يف الطرق مؤخرا ً إىل اإلستهداف بالوكالة حيث تعرضن للقتل من قبل مجموعات مثل مليشيات الشباب التي وجدت فيهن أهدافاً مرشوعة بحجة بيعهن الشاي ألفراد القوات الحكومية .وحسب تقارير األمم املتحدة فإنه يتم اإلبالغ عن حواىل
20حالة عنف جنيس يومياً بينام تضاعف هذا الرقم إىل أربعة أضعاف يف الفرتة من يوليو إىل سبتمرب 2012بالتزامن مع إنتقال البالد إىل حكومة إتحادية منتخبة رسمياً. إعادة بناء الوعي بنا ًء عىل ما ذكرت فإنه من املهم فهم أن معاناة النساء يف الصومال من ورائها فكر أصويل هيمن عىل املجتمع الصومايل لسنوات. ومامل تعالج الحكومة الصومالية الجديدة املنتخبة املعتقدات الفكرية التي تربر إضطهاد الرجال والنساء فإن التغيري سيظل معضلة تستعىص عىل الحل.
يتطلب إعادة بناء الصومال إتباع نهج شامل تجاه السالم واألمن يبنى عىل العدالة ومراعاة حقوق اإلنسان بعيدا ً عن الرصاع املسلح حيث البد من التصدى برصامة للعنف السائد يف املجتمع والتفاوت اإلجتامعي املمنهج املتأصل عشائرياً ونوعياً ودينياً .حيث إنه من املهم جدا ً تأمني قنوات للوعي ووسائل لتحقيق املعرفة والتمكني لفكر إسالمي مستنري.
أن مهمة إعادة بناء الوعي يف صومال جديد ال تقل أهمية عن بناء املدارس واملراكز الصحية. وعىل الحكومة الصومالية ورشكائها توجيه جهودهم نحو الرتكيز عىل سياسات تدعم الشباب والرجال والنساء وتلتزم بإنفاذ القوانني التي تسرتشد باآلليات الدولية واإلقليمية والتي تسعى تقدم الجامعات الدينية ذات الفكر بدورها جادة نحو تأمني سالمة النساء وحقوق املتطرف غري املوضوعي يف دول القرن اإلنسان يف البالد. األفريقي مثل الصومال والسودان أجندتها يف قالب ديني وتصور نفسها عىل أنها حاملة لقد تغري دور املرأة يف الصومال عىل مدى لواء اإلسالم الحقيقية .وما ينبغي فهمه العرشين عاماً املاضية .فهي اآلن تحتل موقعاً ووضعه يف نطاقه الصحيح هو أن ما تقدمه مركزياً يف النشاط اإلقتصادي لألرسة واملجتمع. هذه املجموعات ال عالقة له باملعتقدات كام تغري أيضاً دور الرجل الصومايل .فالعديد الدينية وإمنا هي حركات سياسية تعمل عىل من الرجال أصبحوا بال عمل أو غري قادرين اإلستيالء عىل السلطة عىل الصعيد املجتمعي عىل رعاية أرسهم ،األمر الذى يرتك أثرا ً نفسياً والوطني والدويل .وتسيطر هذه الحركات عىل عميقا ًوإحساساً بالخيبة ينعكس يف اإلنغامس املجتمع بإخراس جميع األصوات املعارضة يف الرصاعات املسلحة والحروب .إضافة إىل ذلك لها مبا يف ذلك األصوات اإلسالمية األخرى إنعدام الرؤية والخطاب التوعوي املضاد ملا هو ذات التوجهات املعارضة لتلك املجموعات .سائد من أمناط التفكري املتطرفة وغري املوضوعية وهم يفعلون ذلك بابتزاز الناس والزامهم التي يتأثر بها بشكل يومي الرجال والنساء عىل الصمت وبنرش الرعب بينهم وبإضطهاد حد السواء يف املجتمع الصومايل .لهذا فإنه من الرجال والنساء وسحق املعارضني ويف الغالب الطبيعي عند مناقشة مستقبل البالد أن تكون يعملون عىل إضفاء الرشعية عىل مامرسات مسألة العالقات الجندرية والعنف ضد النساء العنف ضد املرأة باستغالل التبعية التقليدية يف قلب الخطاب السياىس حيث أن كيفية تعامل للنساء والرتويج للعادات والتقاليد الضارة يف املجتمع الصومايل مع النساء والبنات سيحدد 1 نوع املجتمع املراد بناؤه. مجتمعات القرن األفريقي.
1 فريدة شهيد ،في: تقنين العنف ضد النساء بالمناقشات الثقافية ،أفكار من وجهة النظر الباكستانية.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
19
النساء والسلطة السياسية
فاطمة المرنيسي
السلطانات المنسيات: ُ نساء رئيسات دول في إالسالم عرض وتلخيص هالة الكارب السلطانات املنسيات أنتجت فاطمة املرنييس كتاب ُ ضمن حفرياتها املعرفية حول إعادة قراءة التاريخ اإلسالمي من منظور نسوي وبحثها الدؤوب حول أدوار النساء املسلامت يف الحقب التاريخية املختلفة ،والذي أىت يف أعقاب كتابها املعروف الحريم السيايس .تؤسس املرنييس يف كتاب السلطانات املنسيات لحتمية األدوار التاريخية التي ُ لعبتها النساء يف الحقب املتصلة للدولة اإلسالمية رغم إالدعاءت ومحاوالت تغييب املرأة وحجب دورها التاريخي يف سياسة الدولة اإلسالمية. تطرح فاطمة املرنيىس يف مقدمة بحثها سؤإالً أساسياً؛ كيف تسنى لتلكم النساء الدخول يف دهاليز السياسة يف ظل السلطة الذكورية املطلقة واملدعومة من الترشيع ولوائح الفقة اإلسالمي؟ حيث أن الخالفة للذكور فقط وال وجود للنساء يف مفاهيم وترتيب الخالفة اإلسالمية .وتتساءل الكاتبة حول كيفية نجاح نساء إالزمنة القدمية يف إخرتاق أروقة السلطة؟
وجدن وتم إخفاؤهن وإقصاء مساهمتهن عن قصد .حيث تطوف املرنييس بالقارئ يف هذا الكتاب عرب القارات يف رحلة بحثها عن النساء السياسيات السلطانات يف مختلف قارات العامل الاليت لعنب دورا ً قيادياً أو كام أسمتهن ُ التي شهدت ازدهارا ً للدولة والحضارة إالسالمية. تقول فاطمة املرنييس يف كتابها "متى ما صعدت النساء إىل السلطة السياسية إستمر من أتفق عىل تسميتهم باألصوليني بالرتويج إىل أن تويل املرأة للسلطة هو عدوان وإنتهاك لقواعد اللعبة .الثابت يف األمر أن األصولية ليست لها ثوب واحد ،فهى تلك الجامعات والنخب التي إستغلت وإستخدمت العقيدة والروحانيات للدفاع عن املصالح الذاتية" .هنا تطرح الكاتبة سؤاالً آخرا ً حول التناقض الذي شمل مختلف عقود الدولة اإلسالمية بأن يكون الحاكم أو الخليفة ذكرا ً من أصل عريب ،يف حني أن اإلسالم هو دين املساواة بني البرش رجاالً نساء من مختلف األعراق .تؤكد الكاتبة أن الهدف من كتابها ليست العودة إىل املايض املندثر وأمنا إستلهاماً للتاريخ املقيص الذي ناضل فيه املاليني من املسلمني واملسلامت من أجل املساواة يف الحقوق أمام السلطات الجائرة التي سادت مختلف حقب الدولة اإلسالمية.
تتناول الكاتبة قصة السلطانة راضية والتي إختارها والدها السلطان قطب الدين ايبك الذي كان مسرتقاً ،لخالفته يف الهند حيث أن السلطان غائبات وحاضرات ايبك هو من أسس لسلطة املسلمني يف الهند .وقد أرص عىل والية إبنته عىل تجادل فاطمة املرنييس بأن الراحلة بنازير بوتو مل تكن األوىل يف قيادة دولة الرغم من أنه كان لديه ثالثة أوالد .وقد تكررت تجارب صعود النساء إىل مسلمة؛ متحدية من إدعوا بأن النساء مل يتواجدن يف الساحة السياسية خالل السلطة عرب التاريخ اإلسالمي يف مختلف الدول اإلسالمية يف القارة اآلسيوية حقب التاريخ اإلسالمي املختلفة ،إذ تنطلق الكاتبة من فرضية أن النساء أمثال تاج العامل صفية الدين وشاة ذكية الدين وكامالت شاة وغريهن.
تطرح فاطمة املرنيسى يف مقدمة بحثها سؤإ ًال أساسيًا؛ كيف تسنى لتلكم النساء الدخول يف دهاليز السياسة يف ظل السلطة الذكورية املطلقة واملدعومة من التشريع ولوائح الفقة اإلسالمي؟ حيث أن اخلالفة للذكور فقط وال وجود للنساء يف مفاهيم وترتيب اخلالفة اإلسالمية. وتتساءل الكاتبة حول كيفية جناح نساء إالزمنة القدمية يف إخرتاق أروقة السلطة؟
20
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
وتخلص الكاتبة إىل أن النساء حكمن الدولة اإلسالمية بشكل مبارش أو غري واألمهات واألخوات والزوجات يف الدولة اإلسالمية مبارش خالل العديد من الحقب التارخية إال أن املقاومة لحقهن يف الحكم والاليت وصلن إىل درجة الرشاكة يف السلطة. إستمرت وقد كانت دوماً مقاومة رشسة. يف الفصل الرابع من الكتاب تتناول املرنييس قصة يف الفصل االول من الكتاب تتناول فاطمة املرنييس التغريات التي حدثت الخيزران والدة الخليفة هارون الرشيد وجارية املهدي يف بنية الدولة اإلسالمية ما بني فجر اإلسالم وبدايات تكون اإلمرباطورية الخليفة العبايس الثالث .ويقال أن الخيزران كانت من إستقت وبيعت يف بغداد حيث إلتقت اإلسالمية؛ وتنظر املرنييس تحديدا ً لوضع الجامع/املسجد الذي كان مكان لقاء اليمن إال أنها ُ النبي مع كل من أراد لقاءه والحديث إليه وتشري إىل أن الجامع كان كأنه الخليفة املهدي وكانت جاريته املفضلة ،وقد نجحت الربملان أومجلس الشورى إال أنه ومع إبتعاد ال ُحكام عن لقاء عامة الناس الخيزران يف إقصاء أبناء املهدي اآلخرين من الخالفة إزدادت عزلة املؤسسة السياسية يف الدولة اإلسالمية وغابت عنها الشفافية .وتحديدها عىل أبنائها هارون الرشيد وموىس الهادي؛ وقد حررها الخليفة الحقاً وتزوجها يف أعقاب تعيني تناقش الكاتبة أن مايسمى بحجب ال ُحاكم عن املحكومني أو الحجاب /ولدها مويس الهادي ولياً لعهده .وتروي املرنييس يف الكاتبة والباحثة الدكتورة الستار مابني الحاكم واألمة ومنصب الحاجب الذي إنصبت مهمته يف عزل /تفاصيل شيقة أوضاع الجواري داخل دولة الخالفة فاطمة المرنيسي و لدت حجب الحاكم عن األمة .وتقدم فاطمة املرنييس يف كتابها دالئل عن سرية النبي اإلسالمية يف زمن الخيزران إال أنها متسك متاماً مببادرة في المغرب ودرست في صىل الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين حول أن املامرسات الالحقة يف فرتات التحليل النسوي والسيايس لتناقضات الدولة اإلسالمية فرنسا والواليات المتحدة. كتاباتها الرائدة والشُجاعة تحول الدولة إالسالمية أمنا هي تتناقض مع مبادئ الكفاءة يف الحكم التي أسس ونخبها وظواهر الفساد وإنعدام املساواة. لها النبي وأصحابه. في مجاالت البحث حول السيادة في الدولة التاريخ النسوي في الدولة إالقصاء هو سبب النزاع المتصل فيما إالسالمية اإلسالمية أحدثت نقلة في يسمى بالدولة إالسالمية الوعي النسوي اإلسالمي تذهب الكاتبة إىل أن السيادة يف الدولة اإلسالمية حول الدور الذي لعبته تسرتسل فاطمة املرنييس يف تساؤالتها يف بحث عالقات السلطة السياسية تتبلور يف السلطة السياسية والسلطة املادية أى إمتالك النساء خالل حقب التاريخ يف الدولة اإلسالمية .حيث ترى أن إستبعاد النساء قد إرتبط بإستبعاد مصادر الرثوات وتوظيفها .وتتناول الكاتبة عزلة الدولة اإلسالمي المختلفة. الجامهري/األمة من إدارة شؤون الدولة ،وذلك يف أعقاب إحتجاب سلطة اإلسالمية عن األمة املحكومة والتي أدت إىل القهر مساهماتها العميقة والجادة الدولة اإلسالمية ممثلة يف نخبها عن عامة الشعب/األمة .وتتناول املرنييس املتصل والذي غيب غالبية الشعوب ىف ظل ما يسمى جعلت منها مفكرة يصعب بالرشح اللغوي التعابري التي تستخدم لتعريف الجامهري يف اإلرث اللغوي بالدولة اإلسالمية عن السلطة السياسية وإتخاذ القرار .تجاوزها في مجاالت تحليل للدول اإلسالمية مثال تعبري "العامة" وترى أنه تعبري مهني وإقصايئ خالفاً وتقول املرنييس أنه ما من شئ يوضح بجالء خيانة تطور ورصد الفكر اإلسالمي لتعبري"االمة" املشتق من إالم وهو تعبري نبيل وبه تقدير عايل .تعتقد املبادئ الثورية التي بُني عليها اإلسالم يف زمن النبي من منظور نسوي .كتابات الكاتبة أن معاكس تعبري العامة هو تعبري النخبة وهي املجموعة التي صىل الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أكرث من فاطمة المرنيسي وكتبها بالتواطؤ مع الحاكم تعمل عىل قمع العامة .ومن وسائل القمع التي املوقف تجاه وصول النساء إىل املساجد ،ففي كتاب قد ترجمت إلى العديد من إتبعت تارخياً حجب العامة عن آليات السلطة ومن معرفة حقيقة موارد الجمعة لإلمام البخاري والذي كُتب بعد قرنني من اللغات العالمية .تعمل حالياً الدولة .وتعتقد املرنييس أن السلطة القاهرة تحجب النساء والرجال وفاة النبي نجد الحديث الشهري "والمتنعوا إماء الله محاضرة بجامعة محمد معاً أى أن الحجاب ليس مقصورا ً عىل إخفاء هوية املرأة إالنسانية من مساجد الله" وبعده بنصف قرن من الزمان يأيت إالمام الخامس بالرباط – المغرب. خالل حجب جسدها ومشاركتها بل أيضاً بحجب الرجال من العامة عن النسايئ أي بعد ثالمثئة عاماً من وفاة النبي يف كتابه املشاركة يف السلطة؛ وتواصل الكاتبة قائلة أن أزمة الدولة اإلسالمية املسجد حيث يستخلص أنه ال يحق للرجل منع زوجته من الذهاب إىل املسجد املتصلة تكمن يف إتساع الهوة بني الحاكم واملحكومني وهى هوة مليئة بنا ًء عىل الحديث النبوي "إذا طلبت إمراة أحدكم الذهاب إىل املسجد فعليه بالعسكر والنخب املنتفعة .ومفهوم وآلية التصويت واإلنتخاب العام أن يسمح لها" .وتخلص الكاتبة إىل أن جهود إقصاء النساء من املسجد هي يدخل العامة/األمة يف دائرة السلطة ويفتح املامرسة السياسة يف الدول البداية يف إقصاء النساء وعامة املسلمني من الدخول يف مجاالت السياسة حيث اإلسالمية عىل أفق جديد تدخل عربه النساء وكل املجموعات املضطهدة تم إحتكار املسجد وبالتايل إحتكار ُسلطة الترشيع من قبل النخب الذكورية الحاكمة .ويف الفصل قبل األخري تتناول الكاتبة سرية أشهر 15سلطانة عىل حد إىل العملية السياسية وإتخاذ القرار. تعبريها ،وإمرأة حاكمة يف التاريخ اإلسالمي. تخلص املرنييس يف هذ الجزئية من كتابها إىل إستحالة إقصاء النساء من الكتاب يف مجمله ُممتع وعامر بالتحليل الذيك كعادة كتب السلطة السياسية .وتؤكد أنه يف خالل مختلف الحقب التاريخية أثرت النساء عرب أشكال مختلفة يف العملية السياسية .وتتعرض املرنييس للدور املحوري وأطروحات فاطمة املرنييس إال أن ذلك ال يقلل من قيمته املعرفية 1 الناشر :دار الحصاد الذي لعبته الجوارى والحريم يف دهاليز السلط السياسية يف الدولة اإلسالمية ككتاب يؤرخ للتحوالت التي شهدتها الدولة اإلسالمية ومراحل متركز للنشر والتوثيق يف أعىل املستويات كأمهات للخلفاء وعشيقات متنفذات لرجال الدولة حيث السلطة وإستخدام الروحانيات والعقيدة إلقصاء النساء والعامة من بسوريا الطبعة األولى 1 1994 تتناول املرنيىس القرارت السياسية املفصلية التي إتخذت بتاثريات الجواري املسلمني من املشاركة يف السلطة السياسية. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
21
النساء والسلطة السياسية
إرث السيدة عائشة بصدد استعادة روح اإلسالم و بعيدا عن االيدولوجيا الذكورية المسيطرة وسطوة التقاليد ،تحاول المفكرة االسالمية د .امينة ودود إعادة صياغة المعادلة الجندرية والنظر بعمق إلى نضاالت النساء المسلمات من اجل حقوقهن اإلنسانية. د .أمينة ودود مفكرة وعالمة أمريكية ولدت عام 1952 مهتمة بالتفسير المتطور للقرآن. باعتبارها ناشطة نسوية إسالمية عالجت الفصل بين الجنسين في المجتمعات حيث خطبت د .أمينة ودود عام 1994وأمت المصلين في صالة الجمعة وأعادت الكرة في الواليات المتحدة عام .2005قدمت نوذجاً متفرداً من العمل االكاديمي والفكر اإلسالمي التجديدي الذي يسعى إلستعادة قيم العدالة والمساواة المنصوص عليها في اإلسالم .أمينة ودود أم لخمسة أطفال وتقيم حالياً في الهند .لمزيد من المعلومات عنها الرجاء الرجوع لقسم الملفات الشخصية.
إعتنقت اإلسالم خالل املوجة الثانية للحركة النسائية يف سبعينات القرن ُ العرشين ،ورصت أرى الدنيا من خالل عدسات النشوة الدينية واملثالية، وبصفتي عاملة وناشطة ،ناضلت من داخل نظام الفكر اإلسالمي لتحويل هذه املثالية إىل إصالحات عملية يلهمني يف ذلك أوالً وأخريا ً مصدر الدين اإلسالمي القرآن الكريم .فأنا مقتنعة متاماً بأن القرآن هدف إىل محو كافة األفكار التي تصف املرأة بأنها ليست إنساناً كامالً .هناك العديد من اآليات التي تتناول القضايا املتعلقة باملرأة بصفتها الفردية ،أو كجزء من األرسة ،أوعضوة يف املجتمع .وهذه اآليات أكرث عددا ً من مجمل اآليات التي تتناول كل القضايا اإلجتامعية األخرى .فلنبدأ برسد القرآن ألصل اإلنسان ،الرجل مل يخلق عىل صورة الله وال كانت األنثى رفيقته املعيبة التي إنتزعت من ضلعه لتفيده. فالثنائية متأصلة يف التصميم األسايس لكل الخليقة ،يقول الكتاب الرشيف "ومن كل شئ خلقنا زوجني لعلكم تذكرون" سورة الذاريات ،اآلية .49
22
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
وبالتايل عندما يتم إستحضار النفس أو الروح إىل حيز الوجود يكون زوجها جزء ا ً من خطة إستحضارها ،ويسكنان معاً يف جنة عدن يف حالة من النعيم .ويتم تحذيرهام من إغواء إبليس ولكنهام ينسيان التحذير ويأكالن من الشجرة .وهنا عندما يرسد القرآن أحداث جنة عدن فإنه يستخدم صيغة املثنى ليك يبني أن كالهام أخطأ ،وأن األنثى ليست وحدها املختصة باإلغراء والفتنة. ويف نهاية األمر يستغفر كالهام فيغفر الله لهام ويبدآن حياة عىل األرض ال يشوبها السقوط من نعمة الله وال أي آثر للخطيئة األصلية ،كام هو األمر يف املسيحية .بل عىل العكس ففي قصة الخليقة يف اإلسالم يبدأ اإلنسان حياته عىل األرض باملغفرة والرحمة ،باإلضافة إىل أهم عهد يأخذه الله عىل نفسه ،وهو اإلرشاد اإللهي له من خالل الوحي .وهكذا يصبح آدم أول األنبياء .وعالوة عىل ذلك يرص القرآن عىل أن الله الذي مل يولد ال ميكن أن يتقيد بصفات مخلوقة منها النوع اإلجتامعي ،وال أن يخضع لها. ولكن وجود صيغتا املؤنث واملذكر يف النحو العريب أدى خطأ بأفضل علامء اللغة العربية إىل وسم الله بصيغة املذكر .وقد حللت الدراسات النسوية الحديثة هذا التحيز اللغوي القائم عىل النوع اإلجتامعي. يأىت اإلسالم بتغيريات جذرية فيام يتعلق باملرأة واملجتمع ،عىل الرغم من ترسخ النظام األبوي يف القرن السابع يف جزيرة العرب ،فيمنح النساء حقوقاً ال لبس فيها يف املرياث والتملك والطالق وحق اإلدالء بالشهادة أمام املحاكم ،وهو يحظر العنف الوحيش ضد النساء والفتيات ،ومينع اإلكراه يف الزواج ويف الشؤون اإلجتامعية األخرى .يتساوى النساء والرجال يف اإلسالم من حيث واجباتهم الدينية ومن حيث العقوبات إن جنحوا .ومينح النساء أعىل النعم وهي الجنة والتقرب من الله "ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغري الحساب" سورة غافر ،اآلية . 40 ويف الفرتة التي تلت وفاة الرسول صىل الله عليه وسلم كانت النساء تشاركن مشاركة نشطة يف شؤون املجتمع عىل كافة مستوياته الدينية والسياسية واإلجتامعية والتعليمية والفكرية ،ولعنب دورا ً رئيسياً يف الحفاظ عىل السنن ونرش الدين ،بل وتحدين السلطة إذا ما قامت مبا يعارض فهمهن للقرآن والسنة النبوية.
أوصانا الرسول بأن نأخذ نصف ديننا من زوجته املفضلة عائشة التي سعى إليها الفقهاء إلستشارتها يف فرتة فجر اإلسالم ،والتي قادت جيوش املسلمني يف موقعة اجلمل الشهرية. بل إن الرسول كان ينزل عليه الوحي وهو يريح رأسه على حجرها .ولألسف انقضت هذه الفرتة التاريخية قبل أن يؤسس منط مستدام لتلك السابقة التاريخية ،ومل يتمكن إسم عائشة من حمو ما حدث لوضع املرأة يف األلف سنة التالية. أوصانا الرسول بأن نأخذ نصف ديننا من زوجته املفضلة عائشة التي سعى إليها الفقهاء إلستشارتها يف فرتة فجر اإلسالم ،والتي قادت جيوش املسلمني يف موقعة الجمل الشهرية .بل إن الرسول كان ينزل عليه الوحي وهو يريح رأسه عىل حجرها .ولألسف انقضت هذه الفرتة التاريخية قبل أن يؤسس منط مستدام لتلك السابقة التاريخية ،ومل يتمكن إسم عائشة من محو ما حدث لوضع املرأة يف األلف سنة التالية. حينام ُوضعت لإلسالم أسسه خالل العرص العبايس كان كل كبار العلامء واملفكرين ذكورا ً .مل يختربوا الوحي مبارشة ومل يعارشوا النبي ،بل كانوا يف بعض األحيان متأثرين بثقافات فكرية وأخالقية تتناقض مع اإلسالم. وإبتعدوا بشكل خاص عن السنن األخالقية للقرآن الداعية إلستقالل املرأة ،داعني بدالً عن ذلك إىل خنوعها وإسكاتها وعزلها عن املجتمع ،وإن أخذوا بعمل املرأة يف االعتبار فام كان ذلك إال فيام يخدم الرجل واألرسة واملجتمع .وصار النقاش بشأن النساء يف الرشيعة يتعامل معهن بنفس طريقة تعامله مع املاديات واملمتلكات .وينعكس هذا حالياً يف قوانني اإلغتصاب يف باكستان التي تعادل الجرمية ،جرمية اإلغتصاب برسقة ما ميلكه الذكر من ممتلكات خاصة ،دون مراعاة لحقوق املرأة .ومل تعود النساء للظهور كمشاركات ناشطات يف جميع مجاالت شؤون اإلسالم العامة منها السياسية والفكرية واإلقتصادية واإلجتامعية والروحية سوى يف فرتة ما بعد اإلستقالل يف القرن العرشين. واليوم تسعى النساء املسلامت جاهدات للحصول عىل املزيد من اإلعتبار بطرق مختلفة قد ال تتفق جميعها مع بعضها البعض .فأثناء مؤمتر النساء العاملي يف بيجني عام 1995كانت املحاوالت لتشكيل تجمع للنساء املسلامت يف منتدى املنظامت غري الحكومية يتحول يف الليل إىل جلسات رصاخ .فام كان لإلسرتاتيجيات ووجهات النظر املختلفة أن تصل إىل توافق يف اآلراء، فعىل اليسار كان هناك العديد من الناشطات النسويات العلامنيات اللوايت بالرغم من كونهن مسلامت ك ًن ي َعرِفن اإلسالم عىل أسس ثقافية بحتة، ويستمدن سياساتهن من برامج قومية ملا بعد اإلستعامر واملاركسية .كان هناك فهم متغرب لقضايا املساواة الكاملة للنساء من معايري التعليم وفرص العمل واملشاركة والتمثيل السيايس .وكان الحجاب بالنسبة لهؤالء النسوة فرضاً ثقافياً ورمزا ً لتخلف املرأة ،بينام كانت مشاركة املرأة يف الحياة العامة وغريها من مؤرشات التحرير منعكسة يف قبول الزي الغريب. أما عىل أقىص اليمني فقد نهج العلامء اإلسالميون ومن مثّلهم من النساء نهجاً رجعياً مفرطاً يف املحافظة ،وع ّرفوا إسالماً مثالياً يتشبه بالسلف الصالح يف املدينة املنورة .وطالبوا لبلوغ الحياة املثالية بأخذ هذا الوضع املثايل من صفحات التاريخ وغرسه من خالل تبني دولة الرشيعة الكاملة
يف العرص الحديث ،دون فحص أو سؤال ويف تناقض تام مع تعقيدات الحداثة .بالنسبة لهم مل يتعرض النساء ألي ظلم ألن الرشيعة رشع إلهي وموضوع التفسري األبوي لها ال صلة له باملوضوع .وكانت النساء املمثالت للتيار اإلسالمي يوزعن كتيبات ملؤلفني رجال ،ذات عناوين من أمثال حكمة موقف اإلسالم من املرأة .وبالرغم من أن الحجج يف هذه الكتيبات مل تكن تتسم بالرصامة الفكرية وال باألهمية النقدية إال أن نفوذها كان كبريا ً .ومن املفارقات أن تشكل هذه الحجج نفسها أيضا جزءا ً من الخطاب الذي إستخدمته الناشطات النسويات العلامنيات لدحض أراء املدافعات عن حقوق اإلنسان والعدالة اإلجتامعية اللوايت كن ميثلن الوسط واللوايت يكافحن من خالل وجهة نظر إسالمية أو كن يرتدين الحجاب. مصطلح "النسوية اإلسالمية" الذي إكتسب رواجه يف 1990من خالل علامء وناشطني ،هو توضيح لوجهة نظر جموع من النساء بني النسوية العلامنية واإلسالميني .تتلخص وجهة نظر هؤالء النساء يف أنهم لن يتخلوا عن والئهم لإلسالم بإعتباره جزءا ً أساسياً يف تقرير املصري والهوية لكنهم يف نفس الوقت نقدوا السيطرة األبوية عىل الرؤية اإلسالمية األساسية يف كل أنحاء العامل .النسوية اإلسالمية ليست تعريف لهؤالء النساء ،وكثري منهم ال يزال يرفض هذا املصطلح .ومع ذلك ،فقد ساعد اآلخرين عىل فهم املصطلح للتمييز بينه وبني النهجني املهيمنني من أجل حقوق املرأة مسلمة. اليوم نجد أن عدد النساء الناشطات يف املناقشة وإعادة تشكيل الهوية أكرث من أي وقت آخر يف تاريخ البرشية .فمن خالل العودة إىل املصادر األولية وتفسريها من جديد ،نجد أن النساء األكادمييات يسعني إلزالة األغالل التي تفرضها قرون من املامرسة والتفسري األبوي. ويجاهدن ليخلقن من خالل التشكيك يف اإلفرتاضات واإلستنتاجات الكامنة حيزا ً جديد ا ً للتفكري بشأن النوع اإلجتامعي .ويقمن بإستخراج املعاين التي ميكنها أن تتفاعل مع الظروف األخالقية والفكرية املتغرية للقارئ ،إستناد ا ً إىل مبادئ حقوق اإلنسان التي ينص عليها القرآن الكريم .بل إن العاملات والناشطات مهتامت أيضاً بالتأسيس لنظام لإلصالحات القانونية التي ميكن تطبيقها لحصول املرأة عىل مكانتها كاملة كوكيل أخالقي عن نفسها عىل كافة مستويات املجتمع البرشي. هذه الوكالة األخالقية للمرأة هي والية من القرآن ،وال ميكن تقييدها بأي كم من السوابق تاريخية والعرف اإلجتامعي أو التطلعات األبوية .يعتمد نجاح هذه املرشوع يف املدى الطويل عىل كونه يكمن ضمن نظام اإلسالم الفكري والروحي .واألساس املنطقي للتغيري ينبثق من أكرث املصادر موثوقية وضامنة يف اإلسالم نفسه ،أال وهو القرآن الكريم.
ترجمه إلى العربية: عبدالخالق السر مراجعة :شادية عبد المنعم
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
23
النساء والسلطة السياسية
المساواة بين الرجال والنساء في تحمل مسؤولية الحكم والمشاركة في إتخاذ القرار السياسي لمحات من كتاب الشيخ مهدي شمس الدين: أهلية المرأة لتولي السلطة
ولد اإلمام محمد المهدي بن عبد الكريم بن عباس آل شمس الدين ،وهو اللبناني المستنير والباحث اإلسالمى الشهير ،في العراق عام 1936وتوفي عام 2001 .بدأت أنشطته الفكرية األولى في العراق ،مع إنتاج غزير من األطروحات واألوراق في مجال علم اإلجتماع اإلسالمي ووالية األمة ،وفقه النساء. تتلمذ شيخ شمس الدين على أيدي علماء مشاهير وعمل بشكل وثيق مع أئمة مجددين ،قبل أن ينتقل في نهاية المطاف إلى لبنان حيث أسس رابطة الجامعة اإلسالمية لألعمال الخيرية والثقافة وغيرها من المؤسسات .كتبه وكتاباته سعت إلستكشاف نظام الحكم واإلدارة في اإلسالم ،وإعادة النظر في الجاهلية وظهور اإلسالم .إضافة إلى كتاباته حول المشاركة السياسية للمرأة التي ال يمكن تفويتها من قبل القارئ اليقظ.
24
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
إلمام محمد مهدي بن عبد الكريم بن عباس آل شمس الدين ولد فى العام 1936 فى العراق وكانت بدايات نشاطه الفكري فيها ،حيث أسهم بقدر وافر من األُطروحات واألبحاث فى مجاالت علم اإلجتماع السياسى اإلسالمى ووالية األمة على نفسها ،وفقه المرأة .أصدر الشيخ شمس الدين كتاب نظام الحكم واإلدارة في اإلسالم ثم كتاب بين الجاهلية واإلسالم .ومن إجتهاداته أيضاً جواز تولّي المرأة للسلطة العُليا في الدولة الديمقراطيّة الحديثة ،وفقه العنف المسلّح في اإلسالم والدولة المدنية والتي أعطت اإلنطالقة الكبرى للحوار بين األديان في في لبنان والمنطقة العربيّة ،من خالل رعايته اللجنـة الوطنيـّة اللبنانيـّة للحوار. ومن خالل مساهماته الفكريّة والسياسيّة في هذا السبيل ،بدءاً من رسالته الشهيرة إلى مؤتمر الحوار اإلسالمي المسيحي في طرابلس الغرب (شباط )1976وصوال ً إلى رسالته للسينودس العام لألساقفة الكاثوليك حول لبنان الذي إنعقد في الفاتيكان أواخر العام ،1995فضال ً عن عالقاته الوطيدة مع رؤساء الكنائس المسيحيّة في العالم وال سيّما الكنائس الشرقيّة .أسس اإلمام محمد المهدى شمس الدين الجامعة اإلسالمية فى لبنان والعديد من المؤسسات الخيرية .توفى الى رحمة هللا فى عام.2001 رسم :نصرالدين الدومة ،السودان
دعا شيخ شمس الدين إلجراء تغيريات جوهرية يف النظام السيايس الطائفي اللبناين من أجل خلق ما كان يشار إليه عىل أنه الدولة املدنية وهي دولة دميقراطية حديثة يف مجتمع أكرث شموالً بدون اإلنقسامات الطائفية ومع حالة أكرث متكيناً للنساء .ومن إجتهادات اإلمام شمس تول املرأة للسلطة ال ُعليا يف الدين أيضاً جواز ّ الدولة اإلسالمية الحديثة .وقد قدم مدرسته الفكرية يف كتابه أهلية املرأة للحكم ،والذي أعيدت طباعته للمرة الثالثة يف بريوت ،عام ،2001وقال أنه يعمل عىل بناء حجج قوية ألولئك املتشككني حول هذه القضية ،ويرشح لهم اإلستنتاجات املبنية عىل سوء اإلطالع. ويقول» أن النساء املسلامت يتحملن جنباً إىل جنب مع الرجال املسلمني املسؤولية اإلجتامعية
لتعزيز الفضيلة ومنع الرذيلة ،فضالً عن رعاية قضايا املجتمع املسلم .فلم يجعل املرشع املرأة سلبية أو محايدة إزاء األحداث يف مجتمعها، وأيا كان ما هو منصوص عليه يف القرآن والسنة يف هذا الصدد ينطبق بالتساوي عىل كل من الرجال والنساء وليس يقترص فقط عىل الرجال. وكمثال عىل ذلك ،يستشهد القرآن قائال: » َوامل ُ ْؤم ُنو َن َوامل ُ ْؤم َناتُ بَعضُ ُه ْم أَول َيا ُء بَ ْع ٍض يَأْ ُمرو َن بِامل َع ُر ِ وف َويَ ْنهو َن َعنِ امل ُن َك ِر َويُ ِقي ُمو َن رسول ُه َّ الصالَ َة َويُؤت ُو َن ال َّز كا َة َويُطي ُعو َن الل َه َو ُ ِ ِ ِ َ أَولئك َس َيح ُمه ُم الل ُه إ َّن الل َه َعزِي ٌز َحكي ٌم» .1ومن ذلك الحديث النبوي املشهور« :من أصبح وأمىس ومل يهتم بأمور املسلمني فليس منهم» .2إن هذه األدلة وما مبعناها يف الكتاب والسنة مام مل نذكره شاملة املرأة والرجل».
وبعد أن ثبت مبا سبق بيانه أن املرأة بحسب أصل الخلقة والتكوين تتمتّع باألهلية الكاملة ،فإن هذه األدلة تثبت أنها مؤ ّهلة لإلهتامم العميل بالشأن العام للمجتمع واألمة، وللتع ُّرف عىل حاجات املجتمع واألمة ،وملراقبة الحكومة وأعاملها والسياسيني ومواقفهم ،عىل ضوء معرفتها بحاجات املجتمع واألمة ،وإلبداء رأيها يف ذلك ،ناقدة ومؤ يِّدة ومعارضة ،وللعمل عىل اإلستجابة للحاجات وحل املشاكل. سوابق في التاريخ اإلسالمي في هذا الشأن أولئك الذين يعارضون رشعية مشاركة املرأة يف السياسة والشأن العام ،إىل جانب بعض›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
25
› الذين لديهم تحفظات وهواجس حول هذا املوضوع ،عادة يثريون أسئلة مثل إذا كانت املرأة مؤهلة قانوناُ ورشعاً يف اإلسالم لإلنخراط يف السياسة ،ملاذا مل متارس النساء املسلامت العمل السيايس يف الصدر األول لإلسالم يف عرص النبي صىل الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين؟ وهذا أمر مل يحدث عىل اإلطالق إال من أم املؤمنني عائشة ريض الله عنها التي ندمت عىل ما فعلت ،فال يعترب عملها حجة تحتذى .ولو كان األمر مرشوعاً لشاع وذاع بني املسلمني .وقد بنيت حجتهم عىل سامع القول ،أن عائشة قد تراجعت عن العمل السيايس ولكن مل تثبت صحة هذا القول حتى اآلن لينترش هذا اإلعتقاد عىل نطاق واسع لذا ال ينبغي أن يُشكل سابقة ،تسبط النساء من املشاركة يف القيادة عىل كافة املستويات حتى مستوى رؤساء الدول .كام أن ذلك غري صحيح متاماً من الناحية تاريخية إذ أن هناك ملكات وقائدات سجل التاريخ إسهاماتهن القيادية،3 هذا إىل جانب عدد من النساء الاليئ خرب ْن وأسهم ْن يف العمل السيايس بأشكال مختلفة ومتفرقة ناسبت وإتسقت مع عرصه ْن يف تلك الحقب من التاريخ.
من قريش ،والروايات التي ق َّررت هذا املبدأ نصت عىل إثني عرش رجالً من قريش ،وكانت ّ محكومة بأن االمئة من أهل البيت عليهم السالم مببدأ النص وتحديد الخليفة بشخص اإلمام عيل بن أيب طالب عليه السالم واألمئة املعصومني من نسله .ولهذا وذاك مل يكن مثة مجال عىل املستوى الرشعي لرجل خارج قريش للتصدي لهذه املهمة ناهيك عن أن تتص ّد ى إمرأة لتويل هذه املهمة. يف هذا الصدد يقول الشيخ شمس الدين «هذا فيام نق ِّد ر وجه الغفلة يف فهم هذه املسألة .وهنا يكمن جوهر سوء الفهم إذ أنه ومبرور الزمن وإنفتاح أمر تويل قيادة املسلمني ُحرصت هذه القيادة عىل الرجال دوناً عن النساء رغم أنه ليس هناك سند رشعي لهذا اإلستثناء». الطبيعة المتطورة لألشكال السياسية ووسائل التعبير
تختلف أشكال ووسائل العمل السيايس وأساليب التعبري وفقاً لبنية املجتمع ومؤسساته. بنا ًء عليه ،فإننا نخالف هؤالء األعالم يف بإختصار كانت السياسة واملشاركة السياسية فهمهم لعالقة املرأة بالعمل السيايس يف صدر يف ذلك الوقت ليس كام هو عليه اليوم ،فقد اإلسالم .ولعلهم إنطلقوا يف فهمهم لهذه إختلفت الجهات الفاعلة واملواضيع واألساليب. العالقة من تص ُّو ٍر لشكلٍ وأسلوب للعمل كام كان الناس أيضاً ينظرون إىل السياسة بشكل السيايس يشابه أو يقارب الشكل واألسلوب مختلف عن اليوم .ففي صدر اإلسالم ،إقترص السائدين يف زماننا وما قاربه ،فال يرون لذلك محور العمل السيايس عىل النبي وآله والنبوة أثرا ً يف سلوك املرأة يف صدر اإلسالم .وكان حرياً والدعوة وما واجهته من كيد وعدوان ،وما بهم البحث عن أسباب غياب أثر املشاركة خاضه املسلمون من حروب دفاعاً عن كيانهم السياسية الواسعة للمرأة يف صدر اإلسالم وعقيدتهم .فقد كان وقتاً يتميز بالرصاعات ليتجنبوا الوقوع يف الخطأ يف تحليل الفعل املسلحة وغري املسلحة .ومل تكن املرأة يف هذا السيايس وطبيعته يف هذه املرحلة من التاريخ .الوضع كائناً سلبياً وك َّمً مهمالً ،ومل يقترص دورها عىل رد الفعل والتلقي ،بل كان للمرأة يف شخص ويواصل شيخ مهدي شمس الدين قائالٌ ،كثري من املسلامت أدوار فاعلة وإيجابية يف إنه عندما يتعلق األمر باإلقصاء يف السياسة تلقي الدعوة والعمل عىل نرشها وتح ّمل األذى فإن جزء منه يكمن يف حقيقة أن املرأة يف سبيلها ،والهجرة عن الوطن واألهل فرارا ً بها، املسلمة مل تتص َّد لتويل الحكم والسلطان عىل واملشاركة يف الحرب يف مجال خدمة املجاهدين مستوى رئاسة الدولة يف صدر اإلسالم .وهو ما والقتال يف بعض الحاالت والسرية النبوية حافلة يرى فيه الشيخ شمس الدين إنه نتيجة غفلة بالشواهد عىل ذلك. عن املناخ الفقهي الكالمي الذي كان يسيطر عىل تو ُّجه فكري محدد يف قضية رئاسة الدولة، وفقاً للشيخ شمس الدين ،إنه عندما تلقى إذ أن قضية رئاسة الدولة كانت محكومة عىل النبي صىل الله عليه وسلم وآله بيعة النساء مستوى رؤية عامة املسلمني بقضية أن األمئة يف العقبة وبعد الهجرة من مكة إىل املدينة.
26
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
وفيام بعد عرص النبوة كان محور العمل السيايس هو الخالفة والنزاع عليها وحولها .ومل تكن املرأة يف املجتمع اإلسالمي آنذاك مؤهلّة عىل املستوى الثقايف والعميل للتص ّدي لهذه املهامت والقضايا املتصلة بها .كام أن املجتمع عىل مستوى األعراف والتقاليد مل يكن يستسيغ فكرة تص ّدي املرأة ملهمة العمل السيايس عىل مستوى السلطة العليا ،ومل يكن مؤ ّهالً عىل مستوى ثقافته املوروثة من العهد الجاهيل، تول ونظرة هذه الثقافة إىل املرأة ،لقبول فكرة ّ املرأة ألي موقع قيادي من مواقع السلطة ،وهي ثقافة من صنع البرش وقد كانت ال تزال حية يف عقول ونفوس املجتمع .4ولكن وجود هذه الثقافة املوروثة ال يدل عىل وجود أساس رشعي أو إسالمي لها ،يُستند عليه يف الجزم بعدم أهلية املرأة بحسب تكوينها ملهامت من هذا القبيل .وهذا فيام نقدر وجه الخطأ يف فهم هذه املسألة. النظرة للمرأة من جهة طبيعة القضايا السياسية (قضايا السلطة والدولة والدعوة واملجتمع) ،باإلضافة إىل طبيعة تكوين املجموعات السياسية والخطاب السيايس وأساليب العمل السيايس ووسائل التعبري التي تختلف يف عرصنا الحايل عام كان سائدا ً يف صدر اإلسالم .ولذلك فمن الطبيعي أن ال نجد مناذج من العمل السيايس النسوي يف صدر اإلسالم مامثلة ملا ينبغي أن تكون عليه املشاركة السياسية النسوية يف عرصنا .عليه فأنه من الخطأ أن نستنتج من ذلك أنه هناك ناحية إسالمية دينية تنكر عىل املرأة قدرتها أو تربر لحرمانها رشعيتها يف القيادة واملشاركة السياسية. يخلص الشيخ شمس الدين إىل أنه ،إذا درسنا تاريخ املجتمع املسلم يف صدر اإلسالم، آخذين يف اإلعتبار طبيعته ومكوناته ومقوماته ومجاالت اإلهتامم السيايس يف ذلك الوقت، وطرق التواصل والتعبريعن املواقف واإلتجاهات السياسية ،سنجد أن النساء املسلامت مل يكن غائبات عن املشهد يف مجال النشاط السيايس، وفقاً لعادات وأعراف وأساليب ذلك العرص.5 لكن مع تطور املجتمعات وظروف حياتنا املتغرية ،يصبح املغزى األسايس هو متكني املرأة من القيادة ودعمها يف السعي نحو املشاركة ال سياسية.
النساء والسلطة السياسية
إمرأة أفغانية تقول :أريد أن أصير رئيس ًة للدولة يف واحدة من أكرث املشاهد تأثرياً يف فيلم يف الخامسة بعد الظهر لسمرية مخملبافُ ،سئلت فتيات مدارس صغريات عام يردن أن يرصن
مستقبالُ ،فأجابت إحداهن "رئيساً" .لن تتمكن تلك الفتاة من تحقيق ذلك ،بل أن حياتها ستكون قاسية مثلها مثل أي إمرأة أفغانية عادية .أما اآلن فأن هنالك إمرأة أخرى تريد أن تجعل من هذا الحلم حقيقة واقعة ،أنها فوزية كويف ذات الست وثالثون سنة ،وهي أرملة وأم إلبنتني ،وعضو بالربملان ونائب لرئيس الربملان يف كابول منذ عام .2005 لن تجري اإلنتخابات ىف أفغانستان قبل عام ،2014ولكن كان من الحكمة لهذه املرأة وهي إبنة لرجل سيايس وألم غري متعلمة ،أن تعلن للجميع يف أفغانستان وخارج أفغانستان حتى يعلموا "أنني أرشح نفيس للرئاسة يف اإلنتخابات املقبلة" .أن تكون معروفة برتشحها للرئاسة ،فذلك يوفر لها الحامية. فوزية كويف هي التاسعة عرشة يف الرتتيب من بني أطفال أبيها البالغ مجموعهم 23طفالً وطفلة .هجرتها والدتها يف بادئ األمر .فأمها إحدى زوجات أبيها السبع حيث تركتها يف الصحراء لتموت ،ألن أنجاب بنت ال يجلب السعادة ،بل العار بدالً من ذلك .ومع ذلك فقد عاشت فوزية ،أما أمها فقد عانت من تأنيب الضمري. قاست فوزية وعائلتها كل التجارب املريرة التي كابدتها أفغانستان يف العقود األخرية ،مثل حياة املجتمع القروي التقليدي واإلحتالل العسكري السوفيتي الذي إهتم عىل األقل بتعليم النساء والفتيات ومنع إرتداء الربقع ،ولكن كذلك تجربة املجاهدين الذين أتوا وطاردوا الجنود الروس ،ثم ظهرت جامعات طالبان املتطرفة التي أعادت النساء مرة أخرى إىل املنازل وأدخلت كل البالد يف حالة من الرعب .وأخرياً حقبة الدميقراطية الضعيفة املوجودة اليوم .أما والد فوزية فقد إغتاله أعداؤه السياسيون كام تعرض زوجها للتعذيب حتى املوت .لكنها ال تريد أن تشعر بالخوف .ففي كل مرة تسافر فيها تكتب خطاباً إىل بنتيها كنوع من اإلرث لهام .املقتطفات التالية تقدم رؤية مبنية عىل الواقع الذي تعيشه إمرأة سياسية أفغانية وعن أحالمها وآمالها.
›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
27
ت النفاق بحكمة وإستخدامه ألغراض الدراسة .رك ّزا عىل عزيز� شهرة وشهرزاد › عليكما إ يّ تعليمكما .فالفتاة تحتاج إىل التعليم إذا كانت تريد التفوق �ف ي ت هذا العالم الذي يسيطر عليه الرجل. منطق� فايزأباد و سياس إىل أنا اليوم ذاهبة ف ي� رحلة عمل ي ي ً درواز .نأرجو أن أعود قريبا وأراكما مرة أخرى ،ولكن فالبد يل من بعد التخرج من المدرسة ،أريد منكما مواصلة دراستكما ف ي� أن� قد ال أعود .لقد تلقيت تهديدات بالقتل ي� هذه القول ي الحاطة بالقيم العالمية والتعرف عىل الخارج .أريد منكما إ الرحلة .ولربما نجح هؤالء الناس هذه المرة. الدنيا .فالعالم مكان فسيح ،وجميل ورائع وهو مبذول لكما لس� أغواره. بوصفي والدتكما فأن مثل هذا الحديث يسبب يل ألماً مريراً. ب ت ن بحيا� ف ي� سبيل أن� عىل إستعداد للتضحية ي لكن أرجو أن تفهما ي ين شجاعت� .وال تخشيا أي ش �ء ف ي� هذه الحياة. كونا أ أن يعم السالم أفغانستان ف ي و� سبيل مستقبل أفضل لطفال نحن ش هذا البلد. الب� البد من أن نموت ف ي� يوم ما .ربما اليوم هو اليوم أ الذي سأموت فيه .ولكن إن كان المر كذلك فأرجو أن تعلما أن يتس� لكما يا ت ح� ن نأ� أعيش مثل هذه الحياة ت ين الغاليت� بن� ي ي أ ت� لتعيشا حياتكما وتحلما كل أحالمكما .إذا قتلت ذلك كان لجل هدف. أن تكونا حر ي ن ولم أركما مرة أخرى أريد منكما أن تتذكرا هذه أ � ما .عليكما أن ت ز الشياء. ال تموتا دون تحقيق ش ئ تع�ا بمساعدة الناس ومحاولة جعل بالدنا والعالم مكاناً أفضل. ن تنسيا�. أوالً :ال ي أ صغ� ي ن ت� وعليكما إكمال دراستكما فليس بإمكانكما العيش ولنكما ي ين ُق ت مستقلت� ،أريدكما أن تعيشا مع خالتكما خديجة .فأنها تحبكما بال� وأحبكما ي ت أجل. ي أ ُ َمكما كث�اً وس�عاكما من ي مال المودع ف ي� البنك .ولكن ما بعد إنتخابات عام 2005 لكما كامل الصالحية لتنفقا كامل ي
تقول فوزية ،قررتُ رفض وضعية املرأة رفعت صويت بد ًء من اليوم األول الرمزية ،لذلك ُ فصاعدا ً ،وبذلك كسبت لنفيس سمعة الربملانية املنفتحة والقديرة .غري أن هناك الكثري من الرجال الذين وقفوا ضد النواب من النساء، وحاولوا تثبيطنا .إذا ما تحدثنا يف الربملان صاحوا فينا مطالبني بالسكوت أو غادروا القاعة. ومن يدعمنا من الرجال يتم تحقريه .يف إحدى املناقشات دعوا زميالً لنا من الرجال بالنسوي وهي تعترب إهانة شديدة يف أفغانستان. الربملان األفغاين ميوج بالصخب ويكون يف كثري أدركت من األحيان عىل شفا األنزالق اىل العنف. ُ أين لن أصل إىل شئ إذا متلملت يف مثل هذه الحاالت أو إذا بادلت رصاخهم برصاخ .لذا فأين أحاول أن أخلق جوا ً من اإلحرتام املتبادل بدالً
28
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
عن ذلك .وكذلك نذرت عىل نفيس بأال أغفل التزمت برأي عن قيمي ومباديئ طرفة عني .إذا َ األغلبية ،فهذا يعني أنك قد خرست نفسك وأنك قد تخليت عن معتقداتك. أن أهدايف األكرث أهمية ال تتغري أبدا ً ،وهي الدفاع عن حقوق اإلنسان واملساواة بني الجنسني ،والقضاء عىل الفقر ،وتحقيق التطور التعليمي .لألسف فأن الضغوط عىل الكثري منا نحن معرش أعضاء الربملان من النساء أكرث من الالزم .بعضهن مل أسمع لهن صوتاً يف الربملان إىل اليوم وهذا أمر يحزنني جدا ً .والبعض اآلخر رمت إحدى يتصف بالفظاظة الشديدة .فقد ُح ْ الربملانيات الشابات وهي مالالي جويا من دخول الربملان ملدة ثالث سنوات ،إلهانتها بعض الزمالء ،حيث شبهتهم بالحيوانات يف مقابلة
ثت عىل النطاق القومي .يف اليوم تلفزيونية بُ ْ التايل لإلنتخابات ،بدأ النقاش حول تويل املناصب القيادية التالية؛ رئيس الربملان ونائبه واملناصب الوزارية .أوضحت ل صابرينا ساكب أصغر عضو يف الربملان أنني أخطط للرتشح ملنصب نائب رئيس الربملان .وافقتني صابرينا بأن ترشحي سيكون يف مصلحة النساء ،ولكنها يف ذات الوقت حذرتني بأنه لن يتم إنتخايب وأن العديد من الرجال سيسببون يل الكثري من املتاعب.
"أخي حذرين من الرتشح قائ ًال أن ذلك يضر بسمعة األسرة" عندما تحدثت إىل أرسيت بعد ذلك ،نبهوين كذلك بأن أكون حذرة .أخي نادر كان ضد
الفكرة بالكامل .قال يل "فوزية ،لقد كان أكرث من املتوقع أن تصريي عضوا ً بالربملان ،لكونك إمرأة .ال ينبغي أن تكون لديك طموحات أخرى أبعد من ذلك .إذا ترشحت لرئاسة مجلس النواب فسوف تخرسين ،وهذا من شأنه اإلرضار بسمعة عائلتنا السياسية" .وأخريا ً تحدثت ايل ُ بنتي شُ هرة وشهرزاد وهام يف سن السادسة والسابعة .ردة فعلهام شجعتني .شهرة كانت لديها فكرة عظيمة للحملة اإلنتخابية ،فقد قالت "سأعطي أعالماً صغرية إىل مئة طفل من مدرستي ثم نذهب إىل الربملان وندعو النواب للتصويت لك" فشكرتها بقُبلة كبرية. شهرزاد فتاة صغرية لطيفة وعميقة التفكري تذكرين كثريا ً بوالدها .فهي قد أخذت بيدي ونظرتْ إيل بجدية وقالت "أمي ،ينبغي إلحدى النساء أن تصل إىل مرتبة عالي ٍة يف الربملان .وعليه فأنه من األفضل أن تتبويئ أنت تلك املرتبة ،ألين أعلم أنك األفضل .أعلم أنك ستبعدين عنا أكرث وأن عملك سيكون أكرث ،لكن ال إعرتاض لنا عىل فأوشكت عىل البكاء. ذلك" ُ قررتُ الرتشح لذاك املنصب .ظن العديد من النواب أن ترشحي ال بد وأن يكون مجرد مزحة ،خصوصاً املستفيدين من الحرب من بينهم ،والذين إغتنوا بالتواطؤ مع املجرمني، غري أن هذا ع ّزز من تصميمي .حصل النواب األغنياء عىل األصوات عن طريق ترتيب دعوات عشاء فاخر يف منازلهم أو يف أفضل الفنادق يف املدينة ،ودعوا إليها الربملانيني الذين كانوا بحاجة ألصواتهم ،أما أنا فلم يكن لدي مال ملثل هذه األمور. صحوت منتصف الليل لكتابة خطايب ،ولكني ظللت جالسة حتى مطلع الفجر أحدق يف ُ أعرف من أين أبدأ وماذا ورقتي الفارغة ،ال ينبغي عىل أن أقول .يف العادة أحب كتابة الخطابات ،فأنها تبدأ يف التدفق من صميم قلبي .لكن هذه املرة كان األمر مختلفاً ،وبعد مزقت الورقة ،ألن الكلامت فرتة من الوقت ُ بدتْ يل خاوي ًة جوفاء. يف صبيحة يوم اإلنتخابات أخذ املرشحون وحاشياتهم يتجولون يف أروقة الربملان يف محاولة للحصول عىل الدعم يف اللحظات األخرية .وكان هناك عرشة مرشحني آخرين ملنصب نائب رئيس مجلس النواب .وكانوا كلهم معروفني
للناس عىل نحو جيد إال أنا ،وبعضهم كان من أصحاب القوة ومؤثرين جدا ً. عند حوايل الساعة العارشة صباحاً دعاين أحد موظفي خصومي لسحب ترشيحي ،ثم قدم يل ذهلت مبلغاً كبريا ً من املال يف املقابل .لقد ُ ولكن بقدر ما يبدو أن األمر محزن ،إال أنه مل ميثل مفاجأة يل .كيف بالله عليكم يجرؤ الناس عىل رشاء مثل هذه األنتخابات املهمة؟ وكيف يجرؤون عىل إعتبار أنه ميكن إفسادي؟ بدأت الجلسة العامة .جلست بهدوء هناك محاولة ترتيب أفكاري ومراقبة األحداث. كيفام تكون النتيجة ،فقد كانت للمشاركة يف هذا الحدث إثارة مهمة .عندما تم إستدعايئ لتقديم خطايب ،وأنا يف طريقي إىل املنصة، أخذ بعض النواب من الرجال ينظرون يف وجهي بطريقة فيها إستخفاف إىل حد ما، وأظهر بعضهم الرفض الواضح .إبتسمت صديقتي صابرينا يف وجهي مام هدأ من روعي وشجعني .أنها املرة األويل التي أتحدث فيها أمام النواب اآلخرين فاضطربت قليالً .ثم وقدمت نفيس أوالً .ثم أخذت نفساً عميقاً، ُ أعلنت أنني أرشح نفيس لهذا املنصب ،ألنني أريد أن أثبت أن املرأة األفغانية قادرة عىل فعل أشياء عظيمة ،وميكنها أن تتوىل زمام القيادة .وأين سأقدم دامئاً مصلحة بلدي عىل وقلت أنه عىل الرغم من مصلحتي الشخصية، ُ أن عمري 30سنة لكن لدي الكثري من الخربات املهنية. علنت مقدار حبي ألفغانستان ولثقافتنا، لقد أُ ُ وعن أين سأكرس نفيس متاماً لتحسني الوضع يف بالدنا .كنت أتحدث برسعة كام هو الحال دامئاً عندما يأيت الكالم مبارش ًة من قلبي ومع كنت بالكاد أسمع التصفيق يف تركيزي العميق ُ البداية ،حتى أخذ يعلو شيئاً فشيئاً .ومع ختامي، كان الكثري من املمثلني ،رجاالً ونسا ًء ،تقليديني وأصحاب نفوذ من النواب ،يصفقون بحامس. وجاءين الكثري منهم مهنئاً عىل صدق كلاميت. وطبع صديق قديم لوالدي ،باشتوين من مقاطعة كوندوز ،قبلة خفيفة عىل جبيني وهمس قائالً " رش ِ فت إسم والدك" .عندما بدأ ع ّد األصوات، لقد َّ كاد قلبي يتوقف؛ لقد فزتُ يف اإلنتخابات بأغلبية كبرية من األصوات .أنها املرة األوىل يف التاريخ األفغاين يتم فيها إنتخاب امرأة ،بنت فقرية ،إىل مثل هذا املنصب السيايس الرفيع.
فجأة أحاط يب الصحفيون الذين أمطروين بوابلٍ من األسئلة .ماذا يف إعتباري أهم أولويايت كإمرأة؟ كيف أفكر يف إحداث تغيري لألوضاع يف البالد؟ كيف ميكن إلمرأة أن تتعامل مع املصلحة العامة املرتبطة مبثل هذا املنصب الرفيع؟ وعندما تم توزيع جميع املناصب، بدأ الربملان يف العمل .كانت تلك أيضاً مناسبة تاريخية بثت ليس يف أفغانستان فحسب ،بل ويف العامل أجمع .فنظرا ً لغياب رئيس الربملان كنت أنا من ترأس الجلسة العامة األوىل .وبعد ُ أن سارت األمور عىل نح ٍو جيد ،أعرب العديد من الزمالء الذكور عن دهشتهم إلستطاعة إمرأة حفظ النظام بتلك املهنية .لقد فهموا أي رسالة قوية كانت تلك إىل النساء يف أفغانستان وإىل األمة األفغانية. ولكن رسعان ما ظهر الحسد .فقد كان بعض من املمثلني القدامى القابلني للفساد قد بدأوا يفقدون القوة والدعم الشعبي ،وكانوا يدركون ذلك جيدا ً .هؤالء الساسة من الجيل القديم والذين يلجأون للسالح والتثبيط باعتبارها وسائل اإلتصال املفضلة لديهم ،ال يهدأ لهم بال عندما تحقق إمرأة شابة مثيل مكاسب شعبية سياسية ونفوذا ً .أثناء سريي يف املمرات أو عند عوديت إىل مكاين يف املجلس بعد إلقاء كلم ًة أسمع بعضهم يهمس "كيف ميكن إلمرأة أن تقود برملاننا بينام نحن نجلس هنا ونتفرج؟ يجب إيقافها". حلمي ألجل أفغانستان كنت يف زيارة إىل قرية يف بدخشان من أجل اإلستامع إىل مشاكل الناس ومعرفة كيف ميكنني مساعدتهم .كانت الطرق يف حالة سيئة ،وعندما حل الليل كنا قد علقنا يف القرية؛ وكان علينا قضاء تلك الليلة هناك .وكانت العائلة التي إستضافتنا من أغنى العائالت يف تلك القرية التي تعيش يف فق ٍر مدقعٍ .ويف الطريق إىل منزلهم كان الشباب يحيوننا وقد تجمعوا عىل جانبي الطريق .وبعد أن تحدثنا معهم لبعض الوقت توجهنا معاً إىل بيت مضيِّفنا. خرجت امرأة جميلة يف حوايل الثالثني من عمرها ،عليها مالبس بالية وترتدي حجاباً أحمر داكناً ورحبت بنا .كانت تبدو حزينة ومثبطة وهي تطلب إلينا الدخول إىل غرفة املعيشة، التي كانت صغرية ومظلمة .ومل أدرك›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
29
وجادلتها يف أن حياتها أهم بكثري من املاعز أو الغنم ،وأنها عندما تكون يف صحة جيدة، ميكنها تقدمي الرعاية جلميع أفراد األسرة ،بينما عندما تكون مريضة ال تستطيع اإلهتمام بأحد .غري أنها مل تزد على أن أومأت برأسها يف حزن وقالت "إذا مِ ُت ،فأن زوجي سيتزوج بأخرى ،غري أننا يف حاجة إىل لنب املاعز وحلم الضأن إلطعام كامل األسرة .وإذا ما فقدنا معزة أو خروف ،فكيف ميكننا أن نطعم أسرتنا ؟".
هذا النص منقول بتصرف من مجلة أما األلمانيه حيث نُشر فى عدد أبريل 2011 وهو مستنبط من كتاب فوزية كوفي رسائل إلى بناتي والذى نُشر في عام .2011
30
› إال بعد مرور بعض الوقت وبعد أن تعودت أن نبيع معزة أو نعجة لدفع تكاليف العالج. عيناي عىل الظالم أنها كانت حامالً. وهو لن يسمح بذلك أبد ا ً .وعالوة عىل ذلك كيف ميكننا الوصول إىل هناك؟ املستشفى عىل أحرضت لنا املرأة شاياً أخرضا ً وتوتاً مجففاً بعد مسرية ثالثة أيام ونحن ال منلك الحامر وجوزا ً .سألتها كم عدد أطفالها .أجابت أن والحصان". لها خمسة أطفال ،وكلهم تحت سن السابعة وأنها حامل بآخر يف شهرها الثامن .أنتابني وجادلتها يف أن حياتها أهم بكثري من املاعز قلق بشأنها إذ أنها كانت تبدو متعبة ويف حالة أو الغنم ،وأنها عندما تكون يف صحة جيدة، صحية سيئة. ميكنها تقديم الرعاية لجميع أفراد األرسة ،بينام عندما تكون مريضة ال تستطيع اإلهتامم بأحد. وفر العشاء فرصة جيدة للتحدث معها غري أنها مل تزد عىل أن أومأت برأسها يف حزن ومعرفة املزيد عن أحوال حياتها .بدأت كالمي وقالت "إذا ِم ُت ،فأن زوجي سيتزوج بأخرى، بالحديث عن الطقس .فقلت "أنه فصل الصيف غري أننا يف حاجة إىل لنب املاعز ولحم الضأن وألن قريتك تقع يف منطقة عالية جدا ً يف الجبال ،إلطعام كامل األرسة .وإذا ما فقدنا معزة أو فهي ال تزال باردة ،البد وأن يكون الشتاء خروف ،فكيف ميكننا أن نطعم أرستنا ؟". شديد الربودة هنا ".أجابت املرأة الخجولة مل أنس أبدا ً هذه املرأة الفقريةُ ، "نعم ،يف الشتاء هناك ثلوج كثرية جدا ً ،حتى وأشك أن كانت أننا ال نستطيع الخروج من البيت" فسألتها ال تزال عىل قيد الحياة .هنالك مئات اآلالف مثلها "ولكن كيف تدبرين أمورك إذن؟ هل من ٍ أحد من النساء يف أفغانستان .املرأة األفغانية العادية يساعدك عىل العمل املنزيل؟" فأجابت أن "ال ال تخىش املوت ،وهي تكافح بأي مثن من أجل أحد يساعدين ،أستيقظ عند الرابعة صباحاً ،إسعاد أرستها وإرضائهم .أنها شجاعة وودود، وأنظف الثلوج من هنا إىل أبواب الحظرية ،ثم وهي دامئاً عىل إستعداد للتضحية بنفسها من أقوم بعلف األبقار والحيوانات األخرى .وبعد أجل اآلخرين .ولكنها يف املقابل ال تنال إال القليل ذلك أقوم بتحضري العجني وأخبز عىل التندور جدا ً .وغالباً ما تكون املاعز أو الغنم أكرث أهمية خبز النان وهو خبزنا الرهيف ،ثم أقوم بتنظيف للزوج من حياة زوجته. املنزل". أحلم بأن يتساوى جميع قلت لها أنها تبدو مريضة وأنني أشعر الناس في أفغانستان بالقلق عليها ،فأجابت بأنها تشعر بأنها مريضة .وقالت "أنا أعمل طوال اليوم ،ويف الفتيات األفغانيات لهن إمكانيات ومواهب الليل ال أستطيع الحركة إال بصعوبة بالغة من ومهارات .ينبغي أن يتعلمن القراءة والكتابة شدة األمل الذي أعانيه" .وسألتها ملاذا ال تذهب واملشاركة يف بناء املستقبل السيايس واإلجتامعي لرؤية الطبيب .قالت "أن ذلك غري ممكن ألن يف بالدنا .يعتمد نجاح الديقراطية يف أفغانستان أقرب مستشفى إليهم يقع عىل مسافة بعيدة عىل عاملني أساسيني؛ أولهام التعليم .يجب أن جد ا ً .وعدتها بأن أتحدث إىل زوجها ،وأطلب ينال جميع األطفال من أوالد وبنات تعليامً منه أن يذهب بها إىل هناك ،ولكنها أجابت يكون يف مقدور آبائهم .هم يحتاجون التعليم "ليك يأخذين زوجي إىل املستشفى فأنه علينا ألجل مستقبلهم الشخيص ،كام أن ذلك ميكنهم
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
من القدرة عىل إتخاذ قرارات مستنرية من أجل مستقبل بالدهم .والعامل الثاين هو األمن. ينبغي أن يوفر القانون والنظام بيئة مناسبة، تتمكن فيها األرس األفغانية البسيطة من بناء حياتها يف أمن وسالم .وعندما يحني وقت اإلنتخابات يجب أن يكون هؤالء عىل ثقة بأنهم لن يتعرضوا لألذى أثناء التصويت ،وأن أصواتهم لن تذهب هدرا ً. الس ُبل أن حركة طالبان تالحق حيايت بكل ُ التي ميكن أن تخطر ببالك ،وهم يسعون لقتيل بذات القدر الذي يهددون به بإستمرار حياة الرجال والنساء األفغانيات ،من مثقفني وصحفيني ومفكرين ناقدين ،وكل من عىل وئام مع العامل .تراجعت أفغانستان خطوة هائلة إىل الوراء ،عندما أعادت طالبان البالد إىل العصور املظلمة وتبنت الدين املتطرف غري املوضوعى الذى بُنى عىل معاير أخالقية ليس لها نظري يف الدين اإلسالمى أو ىف أى مكان ىف العامل. عندما أقود السيارة يف شوارع كابول ،فأين أسعد مبنظر الفتيات الصغريات يف زيهن املدريس ،من رساويل وقمصان هندية سوداء بغطاء رأس أبيض .يف السنوات العرش املاضية، وجدت مئات اآلالف من الفتيات ،مبن فيهن بنتاي ،فرصة للذهاب إىل املدرسة .عندما تعود طالبان مر ًة أخرى ،سيتم منع هؤالء الفتيات مرة أخرى وسيتم إبقاءهن يف منازلهن، وإخراسه ْن تحت الرباقع .أن القوانني املبهمة تعمل عىل الـتأكيد بأن حقوق املرأة ستكون أقل من حقوق الكلب .ستغرق بلدنا مرة أخرى يف الظلامت ،ولو ُس ِمح لهذا أن يحدث فأن ذلك هو الخذالن املبني. فوزية كوفي
ترجمه إلى العربية :مصطفى هارون من النسخة اإلنجليزية ألميرة ناجي
جميلة ...
فيلم مرصي تاريخي عن أحد أهم الشخصيات يف تاريخ الجزائر ،وهي جميلة بوحريد .الفيلم من إخراج يوسف شاهني وتأليف عبد الرحمن الرشقاوي وعيل الزرقاين ونجيب محفوظ .تم إنتاج عام 1958يف مرص .يستغرق عرض الفيلم 119دقيقة .الفيلم مل يحك قصة املناضلة جميلة فقط بل عرض نضال شعب الجزائر ضد اإلحتالل الفرنيس ،الفيلم ضم عقد فريد من السينامئيني أمثال رشدي أباظة ،أحمد مظهر ،صالح ذو الفقار وغريهم من املمثلني القديرين أما دور جميلة بوحريد فقد أدته السينامئية ماجدة ،كام أدى الفنان القدير محمود املليجي دور املحامي الفرنيس الذي إنحاز للقضية الوطنية الجزائرية ودافع عنها يف شخص املناضلة جميلة بوحريد .الجدير بالذكر أن املخرج يوسف شاهني من املخرجني الذين سطروا أسامئهم يف سامء السينام. عالج الفيلم جميلة قضية التحرر الوطني الجزائري من خالل قصة حياة جميلة بوحريد ،حيث عكس املخرج مدى رسوخ الحرية كأسمى قضية يف شخص جميلة التي بدأ الفرنسيون مبالحقتها إلنضاممها لجبهة التحرير الجزائرية ،ومتكنوا من القاء القبض عليها بعد إصابتها برصاصة يف عام 1957ثم قاموا بتعذيبها ،وتعرضت للصعق الكهربايئ ملدة ثالثة أيام يك تعرتف عىل زمالئها ،لكنها تحملت هذا التعذيب ،وكانت تغيب عن الوعي وحني تفيق تقول الجزائر أُ ُمنا. حني فشل ِ املعذ بون يف إنتزاع أي إعرتاف منها ،تقررت محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكامً باإلعدام عام ،1957وتحدد يوم 7 مارس 1958لتنفيذ الحكم ،لكن العامل كله ثار وإجتمعت لجنة حقوق اإلنسان باألمم املتحدة ،بعد أن تلقت املاليني من برقيات اإلستنكار من كل أنحاء العامل .تأجل تنفيذ الحكم ،ثم ُع ّد ل إىل السجن مدى الحياة ،وبعد تحرير الجزائر ،خرجت جميلة بوحريد من السجن ،لتصبح وشاحاً يكرم املرأة ويعيل من مجاهداتها ويعيل قضيتها لترتبع عىل عرش وطن ،الجزائر أمنا ،جميلة بوحريد إمرأة يف قلب النضال السيايس.
ملصق قديم للفيلم وفي األسفل جميلة بوحيرد اآلن
عرض :الطاهر بدرالدين
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
31
مساواة ما علينا إال أن نتحلى بالصبر
اإلسالم وحقوق اإلنسان هل توجد حركة نسوية إسالمية؟ تقول القانونية اإليرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسالم “ال يوجد شيء من هذا القبيل” .وتقول “لو أنك نسبت للمرأة المسلمة نوع محدد من أنواع المساواة بين الجنسين، تكون بذلك قد وضعت الخصوصيات الثقافية في موضعٍ أعلى من مفهوم حقوق اإلنسان الذي هو بطبيعته مفهوم عام ،وبذلك تقوَّض طابعه العالمي”. شيرين عبادي هي محامية وقاضية سابقة وناشطة في مجال حقوق اإلنسان، وهي أول إيرانية وأول امرأة مسلمة تنال جائزة نوبل للسالم ،مكافأةً لها على شجاعتها ،وهي تقود جهود رائدة من أجل الديمقراطية وحقوق اإلنسان ،وخاصة حقوق المرأة ،والطفل وحقوق الالجئين في بلدها .يتسم عملها باإللتزام الثابت بسيادة القانون ،على الرغم من التهديد بالقتل والسجن واإلضطهاد في بلدها. وهي مؤسسة مركز المدافعين عن حقوق اإلنسان في إيران .حاضرت شيرين عبادي ودرست وحصلت على جوائز في كثير من البلدان ،وأصدرت بيانات ودافعت عن متهمين بإرتكاب جرائم سياسية في إيران .خاطبت جماهير في الهند والواليات المتحدة وبلدان أخرى ،ونشرت العديد من الكتب إضافة إلى الذاتية .أنشأت شيرين عبادي بالتعاون مع خمس أخريات من الحائزات على جائزة نوبل مبادرة نساء نوبل لتعزيز السالم والعدالة والمساواة للمرأة .تعيش عبادي في المنفى في المملكة المتحدة منذ عام .2009أوردتها مجلة فوربس في قائمة أكثر مائة امرأة نفوذاً في العالم.
32
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
عندما يحالفك الحظ وتعرث عىل شريين عبادي مثلها مثل العلامء ورجال الدين يف مجلس يف غرفتها بالفندق ،قبيل دقائق من مغادرتها صيانة الدستور اإليراين ،وخاص ًة عندما يتعلق يف رحلة بالطائرة ،فلتستعد ملا قد ينتظرك ،إنها األمر بحقوق املرأة والطفل. تعد حقيبتها أثناء املقابلة الصحفية ،أوتتصل لربهة عىل وكالة أنباء ،أو تنظم أدوية طلبتها مجلس صيانة الدستور اإليراين هو مؤسسة ألحد األصدقاء ،حيث أنها غري متوفرة بسهولة يسيطر عليها املتشددون .يقوم املجلس بتقييم يف إيران .برغم ذلك فإن هذه األمور كلها ال جميع أمور الدولة والقوانني ملطابقتها ملا يتوافق تضايق ،ذلك ألن القانونية البالغة من العمر 66مع اإلسالم قبل تنفيذها .ووفقاً ملفهومهم فأن عاماً والحائزة عىل جائزة نوبل للسالم تظل يف جميع األحكام الصادرة من الربملان اإلسالمي ،مبا تركيزها وهدوئها يف كل األحوال ،وال تفقد مسار يف ذلك االحكام الصادرة عن األفكار اإلصالحية ً االطالق ،وهي عىل الدوام مدركة للرئيس خامتى ،يجب أن تستند عىل املوروث الحديث عىل لقوة حجتها عىل اإلقناع .وهي ترشح ذلك اإلسالمي ،يعني كل اإلرث التأريخي إنطالقاً من بابتسامة بأن "كرثة املامرسة تقود اىل االتقان ،حياة النبي محمد صىل الله عليه وسلم .ويلقي مل يكن يل أبدا ً متسع من الوقت للتعامل مع األعضاء املحافظون يف هذا املجلس بعبء عىل قضية واحدة فقط يف كل مرة .فعندما أكون النساء وذلك بتفسري لإلسالم يحرم النساء من حق يف املنزل ،تحت ضغط الزمن ،تجدين يف ذات التقرير يف شئونهن ،وال ينتظر منهن شيئاً غري الوقت أضع اللمسات األخرية عىل مقال بينام الطاعة .فهم يرصون عىل رأيهم بالسامح بتزويج أعمل عىل قيل البصل إلعداد العشاء ،أو أجيب البنات يف سن التاسعة ،وعىل منح الحق الحرصي عىل أسئلة إبنتي عن الدور الذي لعبه محمد يف الطالق للرجال فحسب. مصدق ،رئيس حكومتنا السابق ،يف تاريخنا يف الوقت الذي أعد فيه الشاي ألنه لدينا ضيوف تطالب شريين عبادي "بتغيري هذه القوانني فكام يُسمح للفتاة يف الخامسة عمر عرش، ينتظرون يف غرفة املعيشة". بالتصويت للسيايس الذي يشغل منصبه ملدة غري أن شريين عبادي ال ترغب يف أن تجعل أربع سنوات فقط .فكيف ينبغي لها ويف سن الناس ينتظرونها ،مبا ىف ذلك طالبها عندما كانت التاسعة اختيار الزوج الذي ستعيش معه كل تدرس يف جامعة طهران ،والذين كانت تناقش سنني حياتها .ومن ناحية أخرى مينع قانون معهم اإلسالم والقوانني اإلسالمية .وبحسبانها العمل هذه الفتاة املتزوجة من العمل ويف حال عاملة يف مجال القانون فإنها تعترب نفسها مؤهلة أنها فقدت زوجها ،دعنا نقل بعد أربع سنوات، و يجوز لها من الناحية الرشعية تفسري القرآن ،ستكون قد بلغت حوايل 13سنة مع احتامل
"ألن حقوق اإلنسان هي حقوق عاملية .ال يوجد هناك حق لإلنسان إسالمي أو غريإسالمي .إذا ما قبلنا بقانون إسالمي حلقوق اإلنسان للمسلمني على أساس دينهم ،فإننا مضطرون لإلعرتاف بقوانني تخص األديان األخرى كالبهائيني وأتباع زرادشت أو البوذيني .بل إن هذا سيعني نهاية قانون حقوق اإلنسان املعرتف به عامليًا .وعليه ،فإذا كنا ندافع بأن لنسائنا حقوق إنسان خاصة بهن خمتلفة من حقوق اإلنسان األخرى لكونهن مسلمات ،وإذا ما وضعنا اخلصوصيات الثقافية فوق املفهوم العاملي حلقوق اإلنسان ،فذلك أمر خطري".
وجود طفل ،عالوة عىل ذلك ،تتم معاملتها ومحاكمتها متاماً كام يعامل ويحاكم رجل بلغ األربعني من العمر إن هي خالفت القانون. لكن يف ذات الوقت ال يُسمح لها بالسفر دون الحصول عىل إذن من والدها أو شخص ذكر من نسبه ،مهام بلغ عمرها". تقرتح عبادي حالً للمسألة "هنالك تفسري تقدمي معتدل لإلسالم .ميكن الرجوع إليه والتقرير لصالح املتأثرين" .ولكن حتى اآلن مل يأخذ مجلس صيانة الدستور يف اإلعتبار منهج التفسري املتسامح لإلسالم. دخلت شريين عبادي آخرمعاركها مع مجلس صيانة الدستور اإليراين قبل فرتة وجيزة من إتخاذ القرا ٍر يف أوسلو .فقد دفعت إيران إىل املصادقة عىل إتفاقية لألمم املتحدة تحظر التمييز ضد املرأة .بعد مناقشات طويلة صوت الربملان اإليراين بقبولها .ولكن مجلس صيانة الدستور نقض هذا األمر ،مشريا ً إىل أن اتفاقية األمم املتحدة تتعارض مع القوانني اإلسالمية يف مسألتي املرياث والحضانة ،وأنها تقوم عىل الليربالية والعلامنية والفكر املادي الغريب .ومن وجهة نظرهم ،فإن اإلعرتاف باإلتفاقية يكون يف منزلة إنكار الترشيع اإللهي. تحاجج شريين عبادي بحامس ،بأن رفض اإلتفاقية ال ميكن تربيره مبرجعية إسالمية. وتقول "إمنا ذلك الرفض يقوم عىل هيمنة الثقافة األبوية التي تعيق املساواة بني املرأة والرجل .ويستخدم اإلسالم كذريعة لذلك ". حركة نسوية إسالمية؟ هل شريين عبادي "ناشطة نسوية إسالمية" بالقدر الذي تحتفي به بعض الجامعات؟ هي نفسها ال متل من الـتأكيد عىل أنها مسلمة حقة ،وأنها تستخدم
بحذر مصطلح الناشطة النسوية وتقول "إذا كان السائد .وميكن للمسلم امللتزم أيضاً أن يكون املقصود بالحركة النسوية أن تكون املساواة بني مؤمناً بحقوق اإلنسان". املرأة والرجل بحيث ميكن للمرأة الوصول لوضعها الذي تستحقه يف املجتمع ،إذا ًّ فأنا ناشطة نسويةُ .ولدنا لنعاني بيد أين أرفض أي نوع من أنواع الحركات النسوية التي من شأنها أن تنسب إمتيازات إضافية وغري نظرا ً اللتزام شريين عبادي بأفكارها فإنها كثريا ً ما مجدية للنساء" .وتنظر الخبرية القانونية إىل حقوق تعرضت للتهديد والتخويف ،حتى أنه يف صيف وسجنت لعدة أشهر .ففي املرأة باعتبارها حقوق إنسان وتدافع عنها بحجج عام 2001تم اعتقالها ُ قانونية .وهي تقول "عندما يتم وضع النساء تحت أعقاب أكرب املظاهرات التي قام بها الطالب منذ الضغط فإن ذلك يعني بالنسبة يل أن حقوق قيام الجمهورية اإلسالمية .ا ُتهمت شريين بنرش اإلنسان يُداس عليها باألقدام .هذا هو الذي أنهض األكاذيب .وكان ذلك عندما قامت امليليشيا ضده باملقاومة ،ألنني أقف ضد أي نوع من القهر اإلسالمية والرشطة بهجامت وحشية عىل مساكن والتمييز عىل أساس الجنس أو العنرص أو العرق الطالب يف طهران يف يوليو عام .1999تم إعتقال أوالجنسية أوالثقافة أوالدين". املئات من الناس أثناء الهجامت الدموية ،وأصيب 20شخصاً وقُتل فيها الطالب إبراهيم نجاد. لنفس السبب فإنها ال تشغل تفكريها كثريا ً وبحسبانها محامية لعائلة الطالب القتيل فقد مبصطلح الحركة النسوية اإلسالمية" .ألن حقوق كانت تبحث عن أدلة لضلوع فرق القتل اإلسالمية اإلنسان هي حقوق عاملية .ال يوجد هناك حق يف الحادث عندما عرثت عىل عضو سابق يف حزب لإلنسان إسالمي أو غريإسالمي .إذا ما قبلنا الله وهو أمري فارشادي اإلبراهيمي ،الذي راقب بقانون إسالمي لحقوق اإلنسان للمسلمني عىل عصابته السابقة يف مرسح الجرمية .سجلت إفادته أساس دينهم ،فإننا مضطرون لإلعرتاف بقوانني كدليل وأتاحته ملجلس األمن ووزارة الشؤون تخص األديان األخرى كالبهائيني وأتباع زرادشت الداخلية .ودون علمها ترسب الفيلم إىل الجمهور أو البوذيني .بل إن هذا سيعني نهاية قانون وأُلقي القبض عىل شريين عبادي وعىل الشاهد. حقوق اإلنسان املعرتف به عاملياً .وعليه ،فإذا كنا ندافع بأن لنسائنا حقوق إنسان خاصة بهن بات املعتقلون السياسيون الذين يقضون عقوبة مختلفة من حقوق اإلنسان األخرى لكونهن السجن يف القسم 209من سجن إيفني يسء مسلامت ،وإذا ما وضعنا الخصوصيات الثقافية السمعة ،ويف نفس الزنزانة التي أحتجزت فيها فوق املفهوم العاملي لحقوق اإلنسان ،فذلك أمر شريين عبادي ،يقرأون نحتها بامللعقة عىل الجدار، خطري". وهي يف قمة الغضب ويف عزل ٍة تامة تقول "لقد ُولدنا لنعاين ،ألن وطننا هو العامل الثالث .فقبل مثلها مثل الناشطة املغربية فاطمة املرنييس ،ميالدنا قرر املكان والزمان يف مصرينا .ولذا فعلينا ونوال السعداوي من مرص ،فإن شريين عبادي التحيل بالصرب ،ألنه ال خيار آخر لدينا". ترى أن املرأة املسلمة ميكن أن تكون ناشطة يف فهيمة فرساي الحركة النسوية "حيث ال يوجد تناقض يف ذلك .ترجمه إلى العربية: مصطفى هارون من النسخة فاألحكام يف اإلسالم قابلة للتغيري .وعىل املرء فقط تطبيق التأويل الذي يتناسب مع الوضع اإلنجليزية ألميرة ناجي
وُلدت فهيمة فرساي في طهران ودرست تاريخ الفنون والقانون. وهي مراسلة تلفزيونية ومحررة في لندن وألمانيا، تلقت العديد من الجوائز وهي تعمل ككاتبة مستقلة في كولونيا.
نشرت أوال ً في كلترأوستراخت اونالين 2003/4
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
33
مساواة
أفكار من منظور باكساني
عندما يجد العنف ضد المرأة مشروعيته في "الخصوصية الثقافية" يحدث العنف ضد النساء ألن الثقافة السائدة تبرر له وتغض الطرف عنه .فريدة شهيد في هذة الورقة تنظر إلى القوانين وتفسيرات الدين والثقافة التى تكرس إلقصاء النساء في العالم اإلسالمي .وتدعو النساء والرجال إلى اإلجتهاد وإستعادة عالقات وتأثير النساء على الدين والثقافة كشريكات متساويات في اإلنسانية والحقوق والواجبات في مجتمعاتهن.
هناك مثة تصور مغلوط يشيع أن الثقافة املربرة للعنف تجد مرشوعيتها يف نفسها وإحاللها بثقافة يسودها السالم ينعم فيها الجميع بالعدالة وتوفر املجتمعات التقليدية ،وتنتمي حرصياً لبعض األديان والثقافات .أنا أرفض لها مساحة إجتامعية تعمل عىل معالجة اإلختالفات بعيدا ًعن العنف .2 هذا التصور حني يتعلق بالعنف ضد املرأة .ألنه وبغض النظر عن أين وكيف يحدث ،أو ما هي طبيعة تجلياته ،فإحالته إىل الخصوصية الثقافية هو مجرد المرتكزات الثقافية للقانون مخاتلة منطقية ،ألنه أوالً ال يوجد مجتمع بدون ثقافة ،ثانياً فإن الثقافة املهيمنة يف كل العامل هي الثقافة الذكورية ،التي تثمن قوة العضالت وتربر من املهم جدا ً أن نفهم بأن القانون ليس مبعزل عن التحيزات الثقافية، وترغب يف العنف ،بينام يف ذات الوقت ،تعمل عىل إحتقار املرأة وكل ما له فـالثقافة ترتجم إىل قانون يف شكل محظورات أو إرشادات ،أو عقوبات. والثقافة تعمل كشاهد عىل صمت القانون يف بعض األحيان ،كدليل صلة باألنوثة إن كان عىل مستوى التنشئة أو العالقات. واضح للتفرقة بني ما يعتربه القانون جرمية وبني ما يسعى لغض النظر عليه فإن كان العنف ضد بعض األفراد املهمشني يجد مرشوعيته من عنه صمتاً .ففي حالة العنف الجندري نجد أن الثقافة الداعمة للقانون قبل الثقافة املهيمنة ،إذن من الطبيعي أن تصبح األفعال مقبولة .أكرث من منترشة يف العديد من أقطار العامل .وتتمظهر يف غياب الترشيعات التي ذلك ،فإن 1املرشوعية الثقافية للعنف ضد املرأة ،مضمرة كانت أم معلنة تجرمه كام يف اإلغتصاب الذي يجد له موقعاً يف العالقات الزوجية عىل والتي حرصت بهتاناً يف املجتمعات التقليدية نجدها مامرسة عملياً يف سبيل املثال .بل أن بعضها يؤسس ويسوغ للجامع باإلكراه .كام أن بعض الخطاب السيايس املعارص ومتمظهرة يف القوانني الرسمية للدولة .إن أي النصوص القانونية تهون من فعل الجرمية ،كام هوالحال يف جرائم القتل محاولة جادة اليقاف العنف ضد املرأة يجب أن تبدأ من ثقافة العنف املعروفة بـجرائم الرشف.
34
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
من املهم جدًا أن نفهم بأن القانون ليس مبعزل عن التحيزات الثقافية ،فـالثقافة ترتجم إىل قانون يف شكل حمظورات أو إرشادات ،أو عقوبات .والثقافة تعمل كشاهد على صمت القانون يف بعض األحيان ،كدليل واضح للتفرقة بني ما يعتربه القانون جرمية وبني ما يسعى لغض النظر عنه صمتًا. ففي حالة العنف اجلندري جند أن الثقافة الداعمة للقانون منتشرة يف العديد من أقطار العامل.
إقرار لحق عريف خارج إختصاص القانون .أما رأي القايض يف القضية الثانية فهو يف أحسن األحوال يستند عىل إعتقاد ساذج مفاده أنه ما مل يصدر عن املرأة سلوك بالغ اإلستفزاز فمن املستبعد أن يقوم الرجل بقتل أم أطفاله. ويف األحكام الصادرة عن القضيتني نجد أن املعتقد الثقايف قام بقمع القانون لصالح ما هو سائد من عرف وتقاليد.
يجب اإلشارة اىل أن ما يعرف يف وقتنا الراهن بجرائم الرشف يف الكثري من البلدان وعىل وجه الخصوص يف جنوب آسيا ،قد أنتجتها قوانني اإلستعامر اإلنجليزي وضمنتها نصياً يف قوانني بلدان جنوب أسيا تحت مسمى (إستفزاز خطري ومفاجيء) .والفقرة القانونية يف هذا الصدد تحض عىل معاملة الرجال بتساهل متى ما ثبت أنهم تعرضوا إىل إستفزاز خطري وحاد مام يعني الحقاً أن رد الفعل املفيض إىل الجرمية يجب أن يُوجد له العذر ويستوجب تخفيض الثقافة والدين العقوبة الجنائية املقررة. قوانين ذكورية على مقاس "عدالة" ذكورية إذا كانت الترشيعات القانونية هي ترشيعات بطرياركية ،فذلك مرده إىل أنه تاريخياً كان الترشيع حق محصور عىل الرجال .وكام يف قول للباحث توف إستانق داهيل" 3ميكن القول أن خربات الرجال وتجاربهم وآرائهم ومصالحهم وإهتامماتهم ،عرب التاريخ ،هي التي تحولت إىل قوانني" .وإن كان من يشء ميكن أن يضاف إىل هذا التعليق فهو أن فئة الرجال الذين أتيح لتجاربهم أن تكتب كقوانني ،هم الرجال الذين ينتمون إىل الطبقة املهيمنة .ومع ذلك يصح القول أن القوانني ال تطبق نفسها بنفسها .فالثقافة متارس فعلها يف تطبيق وترجمة القوانني من وراء الصياغات الرسمية .فالقانون يدار بواسطة أناس غالبيتهم العظمى رجال لهم معتقدات ثقافية محددة ،ومفاهيم وجودية معينة يجلبوها معهم إىل عملهم إن كان بوعي قصدي أو بداهة .فالنصوص القانونية املتحيزة ضد املرأة ت ُعضد عادة باإلعتقادات الثقافية للقضاة ،إضافة لبعض اإلعتبارات الرسمية لقوى القانون والجهاز العديل ككل.
من املعلوم أن الثقافة ليست هي املعادل املوضوعي للدين ،عىل الرغم من أن الدين كعادات ومامرسات يعمل عىل التأثري يف الثقافة .من هنا سأفرتض أن اإلعتبارات البطرياركية هي األرضية التي تقوم عليها ترجمة الدين .ليس مصادفة إذن أن كل الرتجامت الدينية يف العامل تعمل عىل ضامن إحتكار مصالح الرجال .ففي حالة الدين اإلسالمي ،بلغ اإلحتكار تخوم املامرسة اليومية والقانون أيضاً ،مام يعني لزاماً تسفيه وتعديل ووضع العراقيل لكل ما ميت بصلة لحقوق املرأة يف العقيدة .هذا يعني عملياً ،أنه متى ما حدث تعارض بني املحاذير البطرياركية كام هي مجسدة يف العادات والتقاليد، وبني املبادئ الدينية ،نجد أن التقاليد هي املنترصة يف خامتة املطاف. يف عام ،1997ألغت باكستان فقرة اإلستفزاز املفاجئ والخطري من القانون ،بحجة أنها غري إسالمية ،ولكن مع ذلك نجد أن القضاة دامئاً يستندون يف أحكامهم عىل هذه املادة امللغية ،مع علمهم بأنها غري إسالمية .التجارب دلت ،أنه متى ما تباينت اآلراء بني قانون الدولة وبني العادات والتقاليد السائدة واملبادئ الدينية فيام يخص شأن املرأة ،فعملياً األكرث عدا ًء للمرأة يجد حظه من التطبيق .فعىل سبيل املثال ،كثريا ً ما تقتل إمرأة يف باكستان ملجرد أنها أختارت من ستتزوجه ،مع العلم أن القانون الوضعي واملبادئ اإلسالمية متنح املرأة الراشدة هذا الحق دون لبس .ال يشكل الدين حرفياً العامل األسايس يف اإلضطهاد الذي تعانيه املرأة يف املجتمعات اإلسالمية .العنارص الجوهرية لهذا اإلضطهاد تكمن يف النزعة البطرياركية التي تسود يف كل مكان ،حيث اإلضطهاد يسود يف األرسة وعالقات القرىب ومؤسسات الدولة مراكز صنع القرار الدولية .إنه إفصاح عن النمط البطرياريك السائد ،والذي بات مبثابة خصوصية ثقافية.
ففي باكستان عىل سبيل املثال نجد أن املحاكم تغض النظر فعلياً عن ميت لهم بصلة قرىب ،بحجة الرجال الذين يرتكبون جرائم بحق النساء الاليت ٌ ْ إشتباههم يف أن الواحدة منهن قد أقامت عالقة محرمة خارج إطار الزوجية بإستخدامهم الفقرة القانونية اإلستفزاز الخطري واملفاجيء .4الشاهد أن قضاة محكمة اإلستئناف يف باكستان يتواطئون مع األعراف ،كام يتبني من هذا الحكم القضايئ " ...أن الرجال يف القرى والكثري من املناطق الحرضية بباكستان ،لهم الحق يف التحكم يف سلوك وحركة نساء عائالتهم ،ويجب اإلعرتاف لهم بهذا الحق ومتتينه ...فال يحق لفتاة قارص أن تخرج ليالً لـتستمتع بحياتها ."...ويف قضية أخرى مامثلة ،نجد أن تعليق قايض اإلستئناف كان كاآليت "إن املستأنف ثقافة من؟ ومن الذي يمتلك الحق في له طفالن من زوجته القتيلة .ومن املؤكد أنه مل يجرؤ عىل قتلها بالطعن عدة تمثيل الجماعة؟ مرات ما مل تعمل عىل إستفزازه إىل هذه الدرجة". الثقافة ليست فعل منجز يجلس بإرتياح يف أضابري الزمن ال يعرتيه التغيري. كام هو واضح فإن كال الترصيحني يعربان عن دور املعتقد الثقايف للقايض بل الحقيقية أنها يف حالة مستمرة من التغري واإلرتقاء .أو كام يف قول بليغ يف إصدار قراره ،ففي القضية األوىل نجد أن القانون ال يعطي الرجل الحق للباحثة ننادي آشيل" 5إن أعظم التقاليد هي تلك التي تعمل عىل تجديد يف التحكم يف نساء عائلته ،وعبارة "يجب اإلعرتاف لهم بهذا الحق ومتتينه" التقاليد" .إن الثقافة يف حالة من التغري املستمر نتيجة للرصاعات››
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
35
لوحة :صالح ابراهيم ،السودان
36
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
› اإلجتامعية واملتغريات الظرفية ،والتي تؤدئ يف نهاية املطاف إىل إعادة تعريف كل ما بات يف حكم املألوف .ليس بالرضورة أن تكون كل املتغريات التي تصيب ثقافة املجتمع إيجابية ،فرمبا ينشأ عن هكذا تغيري إزياد يف العنف غري مطلوب .كام أن هناك تغريا ً يصاحبه إزياد ملحوظ يف العنف ضد املرأة ،يجد قبوالً وإعرتافاً عن ذي قبل ،كام هو الحال يف النزاعات املسلحة. نحن اليوم يف باكستان وجنوب آسيا 6مواجهون بتحدي مزدوج؛ مواجهة البطرياركية املؤسسة عىل العادات والتقاليد املستمدة من الثقافة املحلية، وتلكم التي تتلفح عباءة الدين وكافة أشكال الهويات السياسية .ففي باكستان نجد أن البطرياركية األخرية ظهرت مع دكتاتورية الجرنال ضياء الحق يف سبعينات القرن املايض ،مبا فيها كافة أشكال العنف ضد املواطن بإسم الرشيعة اإلسالمية ممثلة يف العقوبات الهمجية واملسامة بإسالمية. املجتمعات ال تعرف الثقافة األحادية .فكل مجتمع يحتوي عىل ثقافة مهيمنة ومجموعة ثقافات ثانوية .فالثقافة املهيمنة تعكس وجهة نظر ومصالح طبقة معينة توفرت لها السلطة يف وقت ما .يف ذات الوقت نجد أن األقليات التي ال تقبل مبثل هذه الهيمنة الثقافية وال تنصاع ملنظومة قيمها أو عاداتها غالباً ما تكون جامعات إثنية أو دينية أو حتى أفراد يعيشون عىل هامش املجتمع ،مثل املرشدين ،والذين مبرور الزمن يطورون ثقافتهم الخاصة بهم أيضاً .نجد أن الثقافات الثانوية تحتوي عىل مجموعات متارس متردا ً واعياً ضد الثقافة املهيمنة ،وتفصح يف ذات الوقت، ليس فقط عن التباينات اإلجتامعية السائدة ،بل تعمل أيضاً عىل تبني مقاومة إستباقية للسائد واملألوف يف الثقافة املهيمنة. نادرا ً ما ميثل النساء الثقافة املهيمنة ،ألنهن ال يحتكمن عىل القوة السياسية واإلقتصادية واإلجتامعية التي تخولهن لذلك .بالطبع ليس كل النساء فئة واحدة متجانسة ،بل منهن من ينتمني إىل طبقة تدين لها السلطة ،ومنهن من ال ينطبق عليهن ذلك .ومع ذلك فبينام كل الرجال يتمتعون بدرجات مختلفة باإلمتيازات التي توفرها لهم البنية البطرياركية للمجتمع ،نجد أن كل النساء تقريباً يعانني بدرجات مختلفة من ثقل وإكراهات ذات الثقافة.
يحدث كل هذا يف ظل غياب البدائل املنظمة من داخل هذه املجتمعات .فاألصوات التقدمية متتنع أن يحتوي خطابها عىل أي أسس دينية أو أخالقية ،مفضلة تعريف نفسها مفاهيمياً من منظور أيديولوجي أو طبقي .بالتأكيد إنها مسئولية الدولة يف أن يكون صوتها هو خالصة تعددية األصوات ،وليك يتحقق ذلك فال بد أن تكون املواطنة هي املعيار .وهذا يتضمن توفري الفرص املتساوية لألصوات املتعددة يف أن تعرب عن أرائها .وهذا يعني فيام يعني ،تفعيل خاصية اإلستامع ألصوات وآراء الثقافات الثانوية ،والعمل عىل تأكيد متثيل املرأة .وال يجب تحت أي ظرف من الظروف ،أن تتم تعلية الحقوق الجمعية أو املصالح الخاصة لجامعة ما عىل حساب الحقوق األساسية أو الكرامة اآلدمية ألفراد املجتمع.
"ميكن القول أن خربات الرجال وجتاربهم وآرائهم ومصاحلهم وإهتماماتهم، عرب التاريخ ،هي التي حتولت إىل قوانني" .وإن كان من شيء ميكن أن يضاف إىل هذا التعليق فهو أن فئة الرجال الذين أتيح لتجاربهم أن تكتب كقوانني ،هم الرجال الذين ينتمون إىل الطبقة املهيمنة.
هل حقوق المرأة حصراً على الغرب؟ سؤال عادة ما يطرح يف كل نقاش يتعلق باإلسالم واملرأة ،فيام إذا كانت حقوق املرأة وحريتها هي حرصا ً عىل املجتمعات الغربية .يف البدء يجب التوضيح أنه ال اإلضطهاد املصاحب للمرأة خاصية رشقية ،وال مقاومة هذا اإلضطهاد خاصية غربية برزت يف القرنني الثامن والتاسع عرش .لقد قاومت املرأة اإلضطهاد املامرس ضدها عرب العصور .مع ذلك فكرة أن تحرر املرأة هي إخرتاع غريب ،ما زالت تجد رواجاً يف معظم بلدان العامل الثالث ،وال سيام النساء يف املجتمعات اإلسالمية والاليت عىل وجه التحديد يبدو أنهن قد إشرتين هذه الخرافة .وليك أدحض فرية أن حقوق املرأة ال وجود لها يف املجتمعات اإلسالمية 7 ،تطلب مني األمر أن أتتبع تاريخ كفاح النساء من أندونيسيا يف جنوب رشق آسيا حتى نيجريا يف أفريقيا ،ومن العامل العريب يف آسيا الوسطى حتى جنوب آسيا والصني، وذلك من القرن الثامن امليالدي وحتى خمسينات القرن املايض .وكانت اإلجابة أن حقوق املرأة مل تكن يف يوم من األيام حرصية عىل الغرب .الشاهد أن النساء حاربْ َن من أجل حقوقهن بال هوادة يف كل عرص وكل مجتمع .عىل الرغم من تباين األطر املفاهيمية واإلسرتاتيجية املتبناه عرب املسافات واألزمنة.
عندما تتنافس أكرث من ثقافة داخل مجتمع ما ،عىل أيهام األعىل صوتاً ،اإلستخدام السياسي للدين وتأثيراته هنا يتمحور الرصاع حول طلب املرشوعية للصوت املعرب عن الشعب .يف على الثقافة هذا الصدد فأي إتجاه من قبل الدولة ليك تكون معربة عن صوت الثقافة املهيمنة ،يقابل من قبل األقلية بالتساؤل والتشكك فيام أذا كانت فعالً يف ختام هذه الورقة يجب التشديد عىل أن جامعات اإلسالم السيايس الدولة هي املعرب عن كل املجتمع أم فئة معينة؟ نجد هذا واضحاً ،عىل واملجموعات املتطرفة التي تقدم أجندتها السياسية واإلجتامعية مبصطلحات سبيل املثال يف اململكة املتحدة فهناك بعض الذين ينصبون أنفسهم كقادة دينية وينصبون أنفسهم كممثل أوحد لإلسالم ليسوا حركات إسالمية بأي ملجتمعات األقلية يطالبون بأن يكونوا هم الصوت املعرب لكل املسلمني ،حال من األحوال بل إنها مجموعات سياسية تسعى للحصول عىل السلطة السيخ والبوذيني....الخ .املفارقة هي أنه ليس هناك من هؤالء القادة من عىل املستوى املجتمعي والقومي والدويل .وإسرتاتيجيتها الرئيسية يف هذا تم إنتخابه من قبل الجامعة التي يطالب بتمثيلها .جنوب آسيا مثال آخر ،الصدد هي إحتكار الخطاب الديني والعمل عىل فرضه كإطار رشعي أوحد حيث نجد القوة السلفية تعمل عىل تنصيب نفسها كصوت أصيل أوحد بديل لكل الخطابات السياسية واإلجتامعية .وهو يف ذلك مياثل الخطابات لألمة تجتهد لإلستيالء عىل السلطة ليك تحدد ما هي األعراف الثقافية التي اإلثنوقومية التي تعمل بشكل مزدوج عىل إقصاء الخطابني املعارض يجب أن تُتبع .وليك يتحقق لها ذلك ،فهي تعمل عىل إعادة كتابة التاريخ والتعددي .يف كال الحالتني 8فإن اإلسالمويون يعملون عىل التحكم يف العامة واملراجع الدينية وما تراه مصادر أصيلة من وجهه نظرها بالطبع .ومبتغى بإسكات األصوات املعارضة مبا فيها األصوات الدينية األخرى .وأساليبهم يف كل ذلك ،هو إحراز تقدم مؤثر عىل مستوى أجندتها السياسية واإلجتامعية .دفع الناس إىل الصمت تكمن يف قدرتهم عىل إبتزاز العامة وإيهامها بأن ›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
37
فريدة شهيد عالمة إجتماع باكستانية وخبيرة ومقرر دولي خاص في مضمار الحقوق الثقافية .وهي تعمل مديرة لبرنامج تمكين المرأة وتنمية القيادات في سبييل إشاعة الديموقراطية وهو برنامج دولي لتعزيز وترويج المواطنة في آسيا والشرق األوسط وأفريقيا .كما تعمل أيضاً مديرة أبحاث في مركز موارد شريكات غاه في الباكستان. وهي مساهمة ذات خبرة عميقة في أمر المفاوضات على المستويات الدولية واإلقليمية .ولقد جاءت فريدة شهيد بمنظورها المتميز لتكامل الثقافة مع الحقوق إلى عملها كمستشارة مستقلة لوكاالت دولية وتنموية متعددة وكذلك لحكومة الباكستان منذ العام .1980فريدة شهيد كرست عملها الكثر من 25عاماً فى ترويج الحقوق الثقافية وحقوق األقليات والمجموعات المضهده إثنياً وعقائدياً والنساء.
› األصوات املعارضة لهم هي أصوات معارضة للدين والعقيدة .وأيضاً اللجوء إىل العنف لسحق هذه األصوات حتى ولو كانت من داخل معاقلها. كام شاهدنا يف جنوب آسيا ،أستطيع أن أجزم وبشكل قاطع عىل أن إستخدام الدين يف األجندة السياسية ليس قرصا ً عىل املسلمني وحدهم. إنني أراه كتحدي عاملي واسع يقوم عىل إستخدام الهوية يف الرصاع السيايس بديالً لألجندة السياسية .فعىل عكس األجندة األيديولوجية التي دامئاً ما تسعى إىل إحداث تغيري بنيوي عميق يف النظام السيايس ،نجد أن السياسات التي تشتغل عىل لقد قاومت املرأة اإلضطهاد رصاعات الهوية ،تعمل عىل بذل الوعود لرتقية املمارس ضدها عرب جامعة بعينها قد تتلفح الهوية الدينية ،اإلثنية أو اللغوية .برشط أن تتوقف هذه الجامعة عن العصور .مع ذلك فكرة أن متثيل نفسها ،وإن تعريهم صوتها ،وأن تتجرد حترر املرأة هي إخرتاع غربي، من كل الرموز الثقافية التي تشكل هويتها ،وأن ما زالت جتد رواجًا يف معظم ترتهن إىل املخاوف التي يصدّرونها إليها بأن مصالحها يف خطر ألنها مهددة من قبل جامعات بلدان العامل الثالث ،وال سيما أخرى ال تشاركها نفس الهوية.
النساء يف اجملتمعات اإلسالمية والالتي على وجه التحديد يبدو أنهن قد إشرتين هذه اخلرافة.
الخالصة
أذا كنا فعالً جادين يف القضاء عىل العنف ضد املرأة ،يجب أن نبدأ يف إستبدال ثقافة العنف بثقافة السالم ،بدءا ً من النشأة اإلجتامعية األوىل والتي يتم فيها تبني فرضية التعريف الثقايف للجندر ،واملقبول وغري املقبول إجتامعياً وسلوكياً ،وماذا يعني كل ذلك وما هي املعايري العقالنية املتبعة يف هذا الصدد؟.
عىل الرغم أنه من الرضوري فرض القانون للحد من العنف ضد املرأة ،لكن يجب أن نعلم أن ذلك وحده ال يكفي .تطبيق القوانني يجب أن يكون مصحوباً بإجراءات تعمل عىل إستهجان ثقافة العنف املتفشية يف األخبار ،اإلعالم الرتفيهي والنصوص املدرسية .فالحصانة التي تتمتع بها أفعال العنف ضد النساء تجد مربرها بشكل كبري يف التوقعات الثقافية للمجتمع ،ويف تصورات ممثيل املجتمع من رجال دولة لهذه الثقافة .لذلك فإن أي محاولة للقضاء عىل
38
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
هذه الحصانة ،يجب أن تتطلب من كل مؤسسات الدولة ،خصوصاً تلك التي لها صلة باألنظمة العدلية ،أن تتمتع بحساسية خاصة تتيح لها أن تحمل عىل عاتقها حامية حقوق النساء وكل املواطنني من غوائل العنف .يف بعض األقطار تعيش األنظمة العدلية حالة من الخالف غري املعلن مع مجموعة قوانني قد تكون تقليدية أو مستحدثة ،يف هذا الحالة وجب عىل الدولة أن تعمل عىل التأكد من أن هذه القوانني ال تتغول أو تقف عائقاً أمام متتع النساء بحقوقهن القانونية والعيش بكرامة وإحرتام .ألنه يف النهاية أن هذه الحقوق منصوص عليها يف الدساتري ،وحاميتها تقع عىل عاتق الدولة. بالطبع سيكون من السذاجة مبكان أن نتوقع من الدولة ممثلة يف صناع القرار ،والذين تتحرك مصالحهم وفق آليات السلطة السائدة والبنى اإلقتصادية والسياسية الفاعلة ،أن تقوم بخطوات حاسمة وفورية إلصالح واقع النساء من تلقاء نفسها ،ولكنها بالتأكيد سوف تعمل عىل بذل الجهد املتوخى منها حني يكون هناك ضغطاً كبريا ً من قبل الفاعلني يف القطاعات 9 السياسية ومنظامت املجتمع املدين.
ترجمه إلى العربية :عبدالخالق السر
1منظمة اليونسكو طورت برنامجاً للثقافة والسالم مابين العام 1980 والعام 2000الحقاً طورت األمم المتحدة برنامجاً للتعايش السلمى فى الفترة ما بين 2010-2001 2ورقة قدمتها ديانا بريثرتون حول تعلم أساليب التعايش السلمى وإحترام حقوق الغير وحق اإلختالف فى مؤتمر النساء اآلسيويات وثقافة السالم فى هانوى 2000وقد تم نشر الورقة فى تقرير اليونسكو سبتمبر ،2001 صفحات 80-76 3وفيى ستانق داهل "المرأة والقانون -قيم وتحديات .نشر فى 1986 صفحة 362 4حكم المحكمة العليا فى قضية محمد صالح ضد الدولة عام 1965صفحة 370 5عائشة نادى :العدو الصديق ،فقدان وإيجاد الذات فى ظل اإلستعمار ،مطابع اكسفورد 1983 6تحت سطوة األسلمة :سلطة الحدود الرجم ،الجلد وتقطيع األطراف للمشاهدة العامة 1979: 7فريدة وعائشة شديد عظمة األسالف .نساء فرضن حقوقهن فى ظالل الثقافة اإلسالمية :حزمة تدربية ،الهور 2004 8االكسندرا الوند حول صربيا صفحات161-147: 9هذة الورقة طورت بناءاً على ورقة قدمتها الكاتبة فى مؤتمر مسؤلية الدولة تجاه حقوق النساء فى سويسرا مدينة بيرن فى العام 2005
مساواة
ليس بالضرورة أن تكون حقوق المرأة مولوداً علمانياً
النسوية اإلسالمية يقول عبدالخالق السر التصدي لحقوق النساء لم يكن أبداً مسئولية النساء فقط وليست مستوردة أو ظاهرة حديثة. الرغبة في العدالة والمساوة متأصلة في االسالم وقد سعى المسلمون لتحقيقها على مدى التاريخ. النسوية اإلسالمية هي حركة تبحث عن دور فاعل للمرأة يجد مرشوعيته يف الفقه اإلسالمي وكذلك العمل عىل تحقيق املساواة لكافة املسلمني دون أي متييز .وهي تدافع عن حقوق املرأة واملساواة الجندرية والعدالة اإلجتامعية وفق التعاليم اإلسالمية .ومع ذلك ميكن القول أن الحركة تعتمد يف ُمعينها الفكري بشكل أو آخر عىل الخطاب الجندري العلامين وأدبياته .فاملنهج النقدي والتحليل الخطايب ا مل ُستخدم إلضاءة الظلم الراسخ والذي يجد مربراته يف التعاليم الفقهية السائدة، ومساءلة التفسري األبوي للقرآن الذي تتبناه البطرياركية اإلجتامعية املهيمنة ،كل ذلك يعمل بشكل أوآخر ،كدليل عىل هذا التأثر. علماء ومفكرون إسالميون يدافعون عن حقوق النساء إن تتبعنا املحاوالت التي متت عرب التاريخ لتحديث الفقه اإلسالمي سنجد أن التصدي لحقوق املرأة مل يكن يف يوم من األيام هامً يقترص تحقيقه عىل النساء وحدهم .فالتاريخ يخربنا أن هناك الكثري من أعالم الفكر اإلسالمي كانت لهم إسهاماتهم املضيئة .ففي القرن الثاين عرش امليالدي كان هناك الفيلسوف اإلسالمي إبن رشد .1وهو الذي نادى بحقوق املرأة يف كافة مجاالت الحياة ،ورمبا كان هذا أحد أسباب إتهامه بالهرطقة ومجافاة صحيح الدين من قبل السلفية اإلسالمية .أياً كان األمر ،فبال شك أن إسهامه يكشف عن مدى األهمية التي كان يوليها ذلك الزمان لوضع املرأة اإلجتامعي وما ينبغي أن تكون عليه .عىل ذات املنوال كان املؤرخ اإلسالمي الذائع الصيت إبن عساكر ،2والذي عاش أيضاً يف القرن الثاين عرش .فهو يخربنا عن أن املرأة يف زمانه كانت تتبوأ مركزا ً إجتامعياً جيدا ًُ ،مركزا ً عىل وضعها التعليمي حينها .ويف هذا الصدد يخربنا إبن عساكر إن تعليم املرأة كان باألمر الطبيعي لدرجة أنه كان لها حضورا ً عىل مستوى التعليم النظامي. املثري لإلهتامم أن إبن عساكر نفسه نشأ معرفياً تحت كنف املرأة ،حيث أبان أنه تلقى التعليم عىل أيدي أكرث من 80إمرأة خالل حياته.
عبدالخالق السر كاتب سوداني ،مترجم وباحث يسكن ويعمل في أستراليا .وهو صحفي مستقل له إهتمام خاص باإلسالم السياسي والفكر اإلسالمي التجديدي وهو كاتب مشارك بانتظام لعدد من الصحف والموقع اإلكترونية. يعمل عبد الخالق كمترجم ورئيس تحرير الغازل وموقع صوت األفارقة األستراليين اإلكتروني.
عىل الرغم من أن تتبع مسرية الرجال الذين نارصوا قضايا املرأة ليس غرض هذا املقال ،إالً أنني أجد أنه من املفيد هنا التطرق للبعض منهم وإسهامتهم الفكرية يف منارصة قضاياها، وكيف أن هذه اإلسهامات ما زالت متارس دورها امللهم ،حتى أن بعضها أصبح مرجعاً للحركات النسوية يف عرصنا الراهن .ففي مرص نجد أن قاسم أمني ،3املفكر والقانوين الشهري الذي عاش يف القرن التاسع عرش ،ي ُعترب األب الرشعي للحركة النسوية ،كام أن كتابه الشهري تحرير املرأة يعترب مبثابة املرجع الفكري الذي ال غنى عنه .أيضاً وعىل ذات النسق يأيت املفكر اإلسالمي العلم الشيخ محمد عبده ،4والذي عارص قاسم أمني يف ذات الحقبة ونارص أفكاره أيضاً كمرجعاً فقهياً مميزا ً يف قضايا املرأة .فمحمد عبده يعترب مجددا ً إسالمياً واليه يعود الفضل يف تثوير قوانني األحوال الشخصية مبرص والعامل العريب إىل يومنا هذا .يف الهند ويف القرن الثامن عرش ظهر املجدد الديني الشيخ سيد أحمد خان 5ومن بعده تلميذه ممتاز عيل كمؤسسني لإلسالم الحديث .فكتاب ممتاز عن حقوق املرأة يعترب حتى باملعايري املعارصة واحدا ً من أكرث الكتب جرأة ومواكبة يف طرح قضايا املرأة من وجهة نظر إسالمية .فال غرو إذن أن يكون مرجعاً مهامً حتى اليوم ملعظم الحركات النسوية اإلسالمية يف شبه الجزيرة الهندية .يف تونس ظهر امل ُجدد اإلسالمي الطاهر الحداد 6والذي عاش ومات يف النصف األول من القرن العرشين. يعترب الكثريين أن الحداد هو أبو النسوية اإلسالمية يف تونس .فكتابه العلم إمرأتنا يف الرشيعة واملجتمع واحدا ً من اإلسهامات املميزة إىل يومنا هذا يف كيفية العمل عىل تأصيل حقوق املرأة واملساواة اإلجتامعية من منظور إسالمي .ومازال ميُثل مرجعاً مهامً لكل الباحثني والباحثات يف حقوق النساء ›› من منظور إسالمي.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
39
مساواة
إن تتبعنا احملاوالت التي متت عرب التاريخ لتحديث الفقه اإلسالمي سنجد أن التصدي حلقوق املرأة مل يكن يف يوم من األيام همًا يقتصر حتقيقه على النساء وحدهم .فالتاريخ يخربنا أن هناك الكثري من أعالم الفكر اإلسالمي كانت لهم إسهاماتهم املضيئة.
› إن ما يجمع بني هؤالء املفكرين رغم التباين التاريخي والثقايف واإلجتامعي هو سعيهم الدؤوب لتحسني الواقع اإلجتامعي للمرأة بإعتباره واجب ديني يف املقام األول ،كام أنه رضورة إجتامعية ال غنى عنها لنهوض املجتمعات اإلسالمية .هذا من جهة يؤكد أهمية وحضور قضايا املرأة كهم عام ،كام أنه يف ذات الوقت ،يشري إىل أنها قدمية ِقدم اإلسالم نفسه .املالحظة املهمة يف هذا الصدد هي أن القرن الثاين عرش يعترب واحد ا ً من أكرث األزمنة حيوية يف مسار تناول قضايا املرأة، وال عجب أن علمنا أنه القرن األكرث تأثرا ً بالفلسفة اإلغريقية ،وظهور املنطق والتحليل اللغوي كأدوات مهمة يف علوم الفقه والتفسري فيام بعد .ورمبا كان هذا هو الحال يف عرصنا الراهن والذي نجد فيه أثر العوملة 7وقيمها عىل مجمل فلسفة ومفاهيم الحركة النسوية اإلسالمية. وإن كان هذا يدل عىل يشء فإمنا يدل عىل قيمة التداخل والتفاعل الثقايف بني املجتمعات ،وما ينتج عنه عاد ًة من إنفتاح وتخصيب للمفاهيم والقيم املجتمعية لتخرج أكرث حيوية وفاعلية من تلك املتكلسة واملختنقة بفعل اإلنغالق. حقول المرأة كمفهوم إسالمي أصيل عودة إىل النسوية اإلسالمية ،ففي كتابها الجنة تحت قدميها ،أشارت الكتابة األمريكية إزابيل كوملان 8إىل أن الحركة النسوية اإلسالمية تعمل جاهدة عىل وضع حقوق املرأة كقيمة إسالمية أصيلة عوضاً عن كونها مفهوم غريب أو علامين .وهذا رمبا يفرس تبنيها لخطاب ُمؤسس عىل املجابهة ويعمل عىل التصدي الفكري واملفاهيمي لقضايا نسوية مثرية للجدل مثل قانون األحوال الشخصية والزواج واملسائل الجنسية والزي اإلسالمي ،وذلك من واقع كونها قضايا ُملِحة تؤثر بشدة عىل الوضع اإلجتامعي للمرأة املسلمة .ولكن من املهم هنا لفت اإلنتباه عىل أن املداخل لهذه القضايا الحساسة تظل متباينة .تشري كوملان إىل أن البحث عن مساحة فضفاضة تحقق املطالب الدينية وإستحقاقات الحداثة ،هي تلكم التي تقوم عليها أفكار ورؤى ونضاالت الحركة .عىل عكس الكثري من الباحثني الذين يرجعون ظهور الحركة النسوية إىل العوملة ،فإن كوملان تعزوها إىل التغري اإلجتامعي والسيايس الذين يجتاحا العامل اإلسالمي يف وقتنا الراهن.
تأثري نفوذها كام هو الحال يف وقتنا الراهن .ولكن مع ذلك فقد أتت بافكار يف غاية الجدة واإلثارة .فبحكم تلقيها للتعليم الديني الشيعي التقليدي ،فقد كانت طاهرة عىل دراية تامة بعلوم الفقه ،مام ساعدها الحقاً عىل العمل يف إعادة تفسري بعض سور القرآن ،خصوصاً تلك التي تتعلق بأوضاع النساء .لقد رفضت متاماً التفسريات الفقهية التي تبيح تعدد الزوجات أو تلك التي تحدد زياً معيناً للنساء مثل النقاب أو الحجاب ،وعزت كل ذلك إىل تحيز الرتجامت الذكورية الرامية إىل الوصاية والحصار اإلجتامعي للنساء .ال شك أن أفكار طاهرة حداثية ومثرية للجدل ،حتى مبعايري اليوم .ال عجب إذن أن تدفع حياتها مثناً ملثل هذه املواقف الباهرة ،إذ أصدرت املؤسسة الدينية وقتها حكامً بالردة ضدها ،متخض عنه إعدامها .وألنها عىل وعي كامل بجالل مهمتها اإلنسانية ،مل تروع لحظة إعدامها ،وإنبست لجالديها بآخر كلامتها التي ظلت حية عرب الزمان "بإمكانم قتيل بالرسعة التي تبتغون ،ولكن ال ميكنكم بأي حال من األحوال أن توقفوا تحرر املرأة". كام ذكرنا من قبل ،فإن معاملة الحركات النسوية اإلسالمية لقضايا املرأة متباينة املداخل ،ورمبا يعزى ذلك إىل التباينات الثقافية واإلجتامعية والسياسية التي تسم العامل اإلسالمي ،وهذا بالتايل ينعكس عىل سقف املطالب والقضايا املطروحة ذات نفسها .فكلام كان املجتمع أكرث محافظة ،كلام كانت املطالب خجولة .فال عجب إذن أن تكون أقىص مطالب النسويات يف بلد شديد املحافظة كاململكة العربية السعودية هي أن يؤذن لهن بقيادة السيارة وإرخاء قبضة الوصايا املفروضة عليهن .باملقابل فإننا نجد يف املجتمعات األكرث تحررا ً وعلمنة، إن كان يف العامل اإلسالمي أو الغرب ،أن سقف املطالب يف املساواة قد مدى بعيد ا ً. بلغ ً بعض من أعالم النسويات اإلسالميات
تعترب عاملة اإلجتامع املغربية فاطمة املرنييس ،واحدة من أعالم الحركة النسوية اإلسالمية ،ومن ذوي اإلسهامات املقدرة .لقد كرست املرنييس كل مقدراتها املعرفية وموقعها العلمي والعميل ملساندة قضايا املرأة املسلمة .وإنصبت بحوثها األكادميية يف مساءلة ونقد التفسري البطرياريك للقرآن والسنة واألحاديث النبوية .كام نوهت يف الكثري من أبحاثها إىل ولكن رمبا ال ينطبق هذا املفهوم عىل الشاعرة االيرانية طاهرة 9الفجوة بني التنظري واملامرسة يف قوانني الدولة الحديثة يف العامل اإلسالمي التي عاشت يف القرن التاسع عرش ،والتي سبقت بآرائها اإلصالحية وتناقضها مع حقوق النساء .وهي تقول يف حني أن الدستور يساوي يف كافة الناشطات النسويات املعارصات يف تصديها لهذه القضايا املثرية املواطنة بني الرجال والنساء يف الحقوق والواجبات نجد يف ذات الوقت للجدل .مل تكن الشاعرة وقتها عىل إتصال بالحداثة الغربية أو تحت أن قانون األحوال الشخصية املؤسس عىل الرشيعة كمصدر قانوين ،يصادر
40
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
مما تقدم ميكن القول أن النقاش حول حقوق املرأة متجذر يف التاريخ اإلسالمي ومازال ميارس جدليته .ولكن مع صعود احلركة النسوية اإلسالمية منذ النصف الثاين من القرن العشرين ،فإن قضايا ومطالب النساء يف العامل اإلسالمي قد بلغت درجة عالية من التعقيد والنوعية ،أكسبتها بال شك معقولية وإتساقًا مع الواقع احلداثي الذي نعيشه.
هذه الحقوق من املرأة ويحيلها إىل مواطن من الدرجة الثانية .والحل يف رأيها يكمن يف كرس إحتكار الرجال ملسائل الفقه والفتوى. البحث عن املساواة يف املسجد خطوة أخرى جذرية جادت بها هذه املرة واحدة من أكرث النسويات اإلسالميات إثارة للجدل؛ إنها الدكتورة أمينة ودود ،وهي أمريكية من أصل أفريقي ،إعتنقت اإلسالم يف بواكري سبعينات القرن املايض .قضت أمينة ودود معظم حياتها الدراسية والعملية يف تعلم وتدريس اإلسالم يف جامعات العامل املختلفة .ويعترب كتابها تفسري القرآن من وجهة نظر نسوية محاولة رائدة يف تاريخ اإلسالم ،حيث أنه أول محاولة لتفسري القرآن من قبل إمرأة .لقد صكت ودود مصطلح الجهاد الجندري ،والذي يف عرفها هو الكفاح من أجل املساواة كام هي موعودة يف القرآن .وهي ترى أن ذلك سوف يتحقق عندما تنهض النساء للقيام بدورهن ملجابهة وكرس اإلعتقادات الراسخة يف تدريس الفقه التقليدي. وهي يف ذلك عىل املستوى النظري ال تختلف عن املرنييس والكثري من اإلسالميات النسويات ،ولكن الفرق يكمن يف تبنيها منهجاً عملياً ألطروحاتها .ومن باب البيان بالعمل ،ففي عام 1995إعتلت أمينة ودود منرب أحد املساجد بجنوب أفريقيا خطيبة وإمامة لصالة الجمعة لحضور من الجنسني .وقد كررت ذلك الفعل يف عام 2005بأحد املساجد بأمريكا. وهي مواقف كام ترى تتقاطع متاما مع قوانني املؤسسة الدينية التقليدية
1هو ابو الوليد إبن محمد بن أحمد الشهير بإن رشد، الموسوعي والفيلسوف االندلسي االسالمي الشهير 2إين عساكر هو الفقهيه السوري السني الذي عاش في الفترة ما بين ،1175-1106وهو مؤرخ اسالمي معروف. كان تلميذا للصوفي الشهير السهروردي 3قاسم أمين ،1908-1863أحد أعالم مصر والعالم العربي في القرن التاسع عشر .كان قانونيا وأحد مؤسسي الحركة الوطنية المصرية وجامعة القاهرة .إشتهر بناضله لخلق واقع أفضل للمرأة .وجل اسهامته الفكرية تتمحور حول هذا الغرض .ويعتبر في راي الكثيرين بأنه "أبو النسوية" العربية 4الشيخ محمد عبده 1905-1849الفقيه االسالمي زائع الصيت ،وأحد المجددين الكبار للفقه االسالمي في العصر الحديث .وهو شخصية محورية في التاريخ االسالمي الحديث ( 5السير) سيد أحمد خان ،معلم وسياسي ومجدد ديني هندي عاش في القرن الثامن عشر .وهو رائد
الراسخة والتي تجيز فقط إمامة الرجال يف صالة الجامعة .ال غرو إذن أن يثري الحدث الكثري من النقاشات الفقهية ،والغضب أيضاً يف مدى صحة إمامة املرأة عىل كافة املستويات التع ُبدية منها أو اإلجتامعية أو السياسية. مام تقدم ميكن القول أن النقاش حول حقوق املرأة متجذر يف التاريخ اإلسالمي ومازال ميارس جدليته .ولكن مع صعود الحركة النسوية اإلسالمية منذ النصف الثاين من القرن العرشين ،فإن قضايا ومطالب النساء يف العامل اإلسالمي قد بلغت درجة عالية من التعقيد والنوعية، أكسبتها بال شك معقولية وإتساقاً مع الواقع الحدايث الذي نعيشه. والعوامل التي لعبت دور ا ً يف ذلك ال شك كثرية .ولكن يبقى ظهور م ْد اإلسالم السيايس والتهديد الذي أظهره مبصادرة كافة مكتسبات املرأة املسلمة يف ظل الدولة الحديثة ،والعودة بها إىل عرصالحريم ،كذلك التغريات الثقافية واإلقتصادية والسياسية واإلجتامعية التي صاحبت ظهور العوملة ،وما إنبثق منها من عدم إستقرار سيايس وإقتصادي أدى عىل هجرة الكثري من املسلمني إىل الغرب وتداعيات ذلك التفاعل عىل منظومة القيم ومجمل الرؤى املستبطنة ،والتعرض لقيم من شاكلة الدميقراطية وحقوق اإلنسان بإعتبارها قيم كونية ،كل ذلك وأكرث، عمل عىل مجابهة وخلخلة كثري من الثوابت ،خصوصاً تلك املتعلقة بحقوق النساء.
التعليم الحديث في المجتمعات الهندية المسلمة في ذاك الوقت .أسس جامعة أليغارا للمسلمين في شبه الجزيرة الهندية .إسهاماته الفكرية الهمت الكثير من االجيال الجديدة وساهمت في إحياء الدين االسالمي في الهند في القرن التاسع عشر .له عدة مؤلفات أشهرها (أسباب الثورة الهندية) .منح لقب (سير) من قبل االدارة البريطانية المستعمرة للهند في ذلك الوقت، اعترافا بفضله وجهوده في تنمية وتطوير مجتمعه 6الطاهر الحداد 1935-1899مفكر تونسي ،فقيه ومجدد في الفكر االسالمي .يعتبر أبو النسوية التونسية 7قصدت بالعولمة في هذا السياق ،ظهور النظام العالمي الجديد بقيادة الواليات المتحدة االمريكية عقب إنهيار االتحاد السوفيتي ومن ثم إنتهاء ما كان يعرف بالحرب الباردة .تزامن هذا مع ظهور ثورة االتصاالت والتي افضت الى ثورة المعلومات وما صاحبه من تحول في موازين القوة ،وانهيار كافة موانع التواصل الثقافي، اللغوي ،االقتصادي والسياسي .أدت هذه (العولمة) الى االضطراب السياسي ،االقتصادي واالختراق اللغوي والسياسي في كثير من أجزاء العالم ،تمخضت عنه
ظاهرة الهجرة الى الغرب للبحث عن واقع حياتي أفضل أو التنعم ب"حرية" أكبر .وكان نصيب الدول االسالمية من تلك الهجرة عظيم .التالقح الثقافي والمعرفي بين الغرب والوافدين المسلمين كان واحدا من آثار هذه الهجرة، التي عملت على مساءلة الكثير من القيم والمباديء التي حملها معهم المسلمون الى الغرب .واقع المرأة المسلمة كان واحدا من جملة المسائل الشائكة التي واجهتهم وما زالت 8إيزابيل كولمان ،أمريكية تعمل مديرة للمجتمع المدني ومبادرة السوق والديمقراطية .كما تعمل أيضا مديرة لبرنامج المرأة والسياسة الخارجية في مجلس العالقات الخارجية بالواليات المتحدة. 9االيرانية طهيرة ،عاشت في القرن التاسع عشر .كان شاعرة ومعلمة في المدارس الفقهية الشيعية بايران أو ما يعرف ب"الباب" .تم إعدامها ألنها طالبت بواقع أفضل للمرأة المسلمة
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
41
لوحة :روني أوقوانق ،يوغندا
قصيدة من نظم نادية حسين
أمي ،هل لي ....؟ نشرت هذه القصيدة للمرة األولى في إصدارة مسلمة، المتحف العالمي للنساء http://muslima. imow.org
ترجمها إلى العربية: مصطفى هارون
42
كتبت هذه القصيدة املعنونة أمي ،هل يل ....؟ م ستوحية إياها من لعبة إعتدت عىل مامرستها يف طفولتي .يف هذه اللعبة تقوم إحدانا بدور األم التي تقف مديرة ظهرها لألخريات وتطلب من إحدانا أن تتحرك لبضع خطوات ،وعىل الالعبة أن تسأل األم قبل كل خطوة "أمي هل يل أن؟" وتظل مكانها إن مل تسأل .إنها شبيهة بلعبة يقول سيمون. تأملت يف كيفية مشابهة هذه اللعبة ملسرية حيايت كفتاة وكيف أين دامئاً ما أشعر باإلحباط عندما يبدو يل أن هناك الكثري من القيود لكوين إمرأة ،ال سيام إمرأة مسلمة يف جنوب رشق أسيا .فكرت يف كيف أن للذكور من أقاريب وبقية شباب املسلمني حرية يف
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
فعل ما يريدون ،بينام ال ميكنني أنا ذلك .وبدا يل أنه كلام كربت يف السن زادت قيودي. غري أن هذه القيود تتجاوز كوين مسلمة كام تعكس القصيدة .فهذه القيود ألنني إمرأة. أعتقد اآلن بعد أن رصت راشدة أين قاومت وحاربت هذه القيود معظم حيايت. فأنا اآلن ال أطلب أن يؤذن يل بفعل شئ ألنني أعلم أن كل هذه األشياء ال تعدو كونها مكونات عدمية املعنى يف مجتمع عادل ومنصف .وأصبو إىل يوم ال تحتاج فيه بناتنا طلب اإلذن بالسامح لهن باملشاركة يف أنشطة يف حرية ضمنية ينبغي علينا جميعاً التمتع بها ذكورا ً كنا أم إناثاً.
مساواة أمي ،هل يل أن أمي ،هل يل أن أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن
أمي ،هل يل أن
أخطو خطوة يك أتحسس دريب يف العامل؟ أتجول مبفردي أحذو يف ذلك حذو إخواين؟ أقفز ،أضحك ،أبتسم ما دمت حريصة أن ال تصبح ضحكايت عاليةجدا ً وأن ال تصبح بساميت واسعة جدا ً أتتبع أحالمي ما مل أجعلها صعبة املنال؟ أميش قدماً، أو أتقهقر يغدو العامل بني يدي ما دمت أنا ضمن البيت؟ أغدو فاتنة أغري زوجي الغري وآمل أن يعمى العامل عني؟ التقط حطام الكأس من األرض وأنا أخطو قدماً؟ يغدو يل رجالً يبقينى آمنة، دوماً؟ ودواماً أو أن أملك شيئاً يبقينى آمنة من رش الرجل؟ أخفي كل ذنويب من دنيا ال تبرص غري ذنويب؟ ال أشقى ...... أم هل خطوايت فوق الحد املسموح أم أين مرسعة أكرث لبلوغ مرامي؟ أعشق ذايت ويف ذات الوقت ال أصبح فيه أنانية أعشق غريي ويف ذات الوقت ال أفقد نفيس ال أنجب بنتاً أبدا ً تنظر يف وجهي تتوسلني قائلة
أمي ،هل يل ...؟
نادية حسين ناشطة وشاعرة ومدونة ومصورة أمريكية من أصل بنغالي .عملت في الدعوة إلى مكافحة العنف المنزلي وسط جاليات الالجئين اآلسيويين ،حيث كانت تدرس التصوير الصحفي للفتيات .تدون نادية في السياسة وحقوق اإلنسان كما أنها كتبت وأدت عروضاً لمجموعة يوني كيبات ،مونولوجات المهبل لجنوب آسيا -تجارب نساء جنوب شرق آسيا في الشتات مع النوع والجنس والطبقية واإلثنية والدين وغيرها من جوانب شخصياتهن. تتقلد س نادية حسين منصبين قياديين في منظمتين ديمقراطيتين محليتين في الواليات المتحدة .فهي سفيرة لمنظمة مسلمة وهي كذلك تتقاسم أمانة المتحف الدولي للمعارض الرقمية الدولية للمرأة ،وهي من أشد مناصري حقوق المرأة والمدافعين عنها ،وتأمل في أن يتم تعزيز جميع النساء في جميع أنحاء العالم حتى يتحدن معاً لتغيير األنظمة التي تضطهدهن. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
43
لوحة :نصرالدين الدومة ،السودان
هالة الكارب
مسلمة على خطى جدتي تصميم واضح ،مليئة بالناس وافدين ومغادرين طوال اليوم ،باستثناء تلك الساعات القليلة ما قبل بزوغ الفجر .مل يكن هناك فاصل واضح ما بني داخل املنزل والشارع املوازي يف حي املدنيني ،أحد أقدم أحياء مدينة ود مدين .ويف وسط زخم إكتشاف األشياء من حويل ،كانت هناك شخصية واحدة متسك بأطراف عاملي وعوامل اآلخرين العديدين املتواجدين يف البيت الكبري ،تلكم هي جديت التي كانت يف ناظري، محور األحداث ومركز دورانها.
يف ذلك الوقت ،كانت ود مدين من أكرب املراكز الحرضية يف السودان، تحيطها قرى مرشوع الجزيرة الزراعي املرتامى األطراف ،والذي هاجر إليه الناس من كافة أنحاء البالد سعياً وراء اإلستقرار والبحث عن حياة جديدة .كان الحال آنذاك ،ىف النصف الثاىن من سبعينات القرن العرشين ،أفضل بكثري مام هو عليه اآلن ،عىل األقل من وجهة نظر طفلة يف التاسعة من عمرها .كان البيت الشاسع املساحة الذي نشأت فيه ،يقبع عىل ضفاف النيل األزرق ،تظلله األشجار القدمية الضخمة. ال أنىس أبد ا ً شجرة املانجو العتيقة وظلها الذي ال تخرتقه الشمس مهام غرفة جديت وفرندتها الصغرية من أكرث أركان املنزل راحة وترتيباً، إشتدت حرارتها .كذلك شجريت الجوافة املتالصقتني كأختني بفروعهن املمتدة تعانق إحداهن األخرى .وكام هو الحال يف كل منازل وسط تسكنها رائحة بخور التيامن األليفة .كنت دامئاً أحس وأنا يف غرفتها السودان آنذاك ،كانت الغرف والفرندات الواسعة الربحة منترشة بال ذات الربودة الطبيعية والسقف البلدي ،الذي إصطفت أعواده الخشبية
44
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
مساواة
يف تلك األيام ،مل تكن النساء املسلمات يف بالدي بحاجة إىل إخفاء مالحمهن ،أو تغطية شعورهن ،أو اخلجل من هويتهن كنساء .ما أجملهن بثيابهن امللفوفة باناقة ،ورؤسهن املرفوعة من خمتلف األعمار ،يسرن يف الشوارع العامة بأمان .كانت النساء من أمثال جدتي ،واضحات ،مرفوعات الرأس ،يفرشن مصلياتهن على أرض اجلامع ،ويجلسن بإرتياح ،مرئيات وحاضرات .وبعد الصالة ،كان الرجال والنساء يتصافحون يف الفناء احمليط باجلامع ويتبادلون احلديث ويسريون معًا عائدين إىل املنازل.
ٍِباتقان ،بأنني يف عامل مختلف محمية من حرارة الشمس الحارقة يف قطعة حلوى لطفل أو طفلة عابرة ،أو بعض النقود لسائل أو ذي حاجة الخارج .تفاصيل الغرفة ما تزال تسكن ذاكريت حتى اآلن ،بخزانتها ملحة ،وتلبث عىل ذلك الحال حتى تحني صالة العرص. املعدنية الداكنة القابعة يف الركن ،تجاورها رفوف الكتب املجلدة، إالّ أن أكرث الصور إنطباعاً يف ذاكريت ،هي صورتها وهي يف قمة أناقتها املصحف الضخم وكتب التفاسري ،وأمهات كتب أخرى ،مثل كتاب اإلغاين وبهائها ،متوجهة إىل الجامع ألداء صالة الجمعة ،مرتدية توبها األبيض لألصفهاين ذلك هو بعض ماتبقى يف الذاكرة. التوتال الناصع وحذاءها الجلدي األسود الالمع الذي كانت أطرافه تربز آنذاك كانت جديت يف منتصف الستينات من العمر ،متوسطة الطول ،من تحت جالبيتها امللونة وتربز قسامت وجهها الوسيمة محاطة باطراف خمرية البرشة ،ولها عينان كبريتان عسليتان ،تضيئان وجهها املشلخ التوب ومساير شعرها املخضب بالحناء ،غاية يف اللطف .كانت جديت بشلوخ رفيعة تكاد ال ترى .آمنة بت محمد عيل ود أبربعني املعروفة تسري ببطء ورقة ،ولكن بثبات حاملة مصاليتها امللفوفة تحت ذراعها، ب الحاجة ،ووسط من أحبوها كانوا ينادونها بت محمد عيل .ولدت يف تعبق منها رائحة كولونيا سوار دي باريس معطرة الجو أمامها وخلفها. مدينة رفاعة عىل الضفة الرشقية للنيل األزرق ،وكانت من أوائل النساء الاليت إلتحقن مبدرسة الشيخ بابكر بدري للبنات .وهي أول مدرسة من وبالرغم من أن املسافة الفعلية بني املنزل والجامع ما كانت تتعدى نوعها يف السودان ،إفتتحها الشيخ بدري يف منزله يف العقد األول من الكيلومرت ،إال إن جديت كانت تستغرق أكرث من نصف ساعة للوصول سريا ً القرن العرشين. عىل الطريق امللئ باألخاديد ،مرورا ً باملنازل املتاخمة له بأبوابها املفتوحة كام كانت العادة يف ذلك الحني .كانت جديت تقف لتحيي العابرين من كانت لجديت مسؤوليات عديدة يف حياتها اليومية كإمراة عاملة وإىل داخل املنازل والجالسني عىل املصطبات .وتتمهل إلنتظار من تود ومسئولة عن رعاية العديد ممن كانوا يعيشون معها يف املنزل .كانت مرافقتها من النساء إىل الجامع .كانت العديد من النساء يرافقنها ،أما تقوم بإشعال النار يف الفجر لتحضري شاي الصباح لقاطني املنزل الكبري ،الرجال فقد كانوا ميرون بنا مرسعني ملقني التحية عىل جديت بصوت عال والذين كان عددهم يرتاوح بني 15إىل 20شخصاً من يوم آلخر ،مبا يف "الحاجة السالم عليكم" ،فرتد هي ورفيقاتها يف كورال جامعي "وعليكم ذلك األطفال .العديد منهم كانوا ضيوفاً عابرين .وحده الله يعلم من السالم" .هذا املشوار املمتع مع جديت أمدين بأحساسيس من الثقة أين أتوا ،أو إىل أين هم ذاهبون بعد مغادرتهم بيت جديت .البعض واألمان ،كانت وما زالت معيناً يخضب مسرية حيايت أمالً ومعنى. منهم عاش ىف بيت جدىت لسنوات ،تحديد ا ً الطالب والطالبات ،ومن يف تلك األيام ،مل تكن النساء املسلامت يف بالدي بحاجة إىل إخفاء كانت لديه تجارة صغرية بني مدن وضواحى البالد .كان بعضهم أقارب وآخرون أصدقاء قدامى .كانت جديت تتذكر أسامء الجميع ،وتتأكد من مالمحهن ،أو تغطية شعورهن ،أو الخجل من هويتهن كنساء .ما أجملهن أن كل منهم قد تناول الشاى والرغيف قبل مغادرة املنزل. بثيابهن امللفوفة باناقة ،ورؤسهن املرفوعة من مختلف األعامر ،يرسن يف الشوارع العامة بأمان .كانت النساء من أمثال جديت ،واضحات ،مرفوعات عادة ،ومع إرشاقة كل صباح جديد ،تخرج جديت من الباب األمامي الرأس ،يفرشن مصالياتهن عىل أرض الجامع ،ويجلسن بإرتياح ،مرئيات للمنزل متوجهة إىل طاحونة الغالل التي متتلكها ،والتي تحتل جزءا ً من وحارضات .وبعد الصالة ،كان الرجال والنساء يتصافحون يف الفناء املحيط املنزل الكبري .تدخل جديت إىل الراكوبة أمام الطاحونة لتجلس يف الكرىس بالجامع ويتبادلون الحديث ويسريون معاً عائدين إىل املنازل. املجلد بالبالستيك ىف الركن ،أمامها طاولة خشبية قدمية ،عليها كراسة حاجة آمنة هى قدويت كإنسانة وإمرأة ومسلمة ،إستطاعت هي ونساء وقلم رصاص لتسجيل حسابتها .كانت الراكوبة دامئاً نظيفة ،ترش أرضيتها الرتابية باملاء مرات عديدة أثناء اليوم لتربيد املكان وتقليل الغبار .مثيالتها ،أن يكافحن من أجل مكانتهن وإنسانيتهن يف مجتمع تسود فيه تجلس جديت تدير طاحونتها وتتجاذب أطراف الحديث مع العمالء وتقرأ مفاهيم قهر النساء .لها الرحمة ،فقد عاشت حياتها ملء إرادتها ،قدر ما الصحف اليومية ،وتدخل يدها بني فينة وأخرى يف جيب جالبيتها لتخرج إستطاعت ،وذهبت إىل لقاء ربها راضية بسالم. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
45
قراءات ومعارف
مقتطفات ،ومقارنة بين قانون األحوال الشخصية في السودان وجيبوتي
تضييق الواسعة األنظمة القانونية المستمدة من التفسيرات الدينية تختلف ،فبعض الدول مزجت بين التقاليد والدين وحقوق اإلنسان وآخرى لم تنجح بعد في صنع توازناً صحياً بينهم .والء صالح قارنت بين جيبوتي والسودان لتوضيح كيف أن إستقرار األسر واألطفال وأوضاع النساء قد تمت حمايتها أو تاثرت سلباً بقانون األسرة الزم العالقة بني القوانني واألديان كثري من الجدل ،خاصة يف األوساط القانونية واإلجتامعية تحديد ا ً ما هو مرتبط بقوانني األحوال الشخصية واألرسة ،وإصطفت الدول ما بني قوانني مدنية أو مختلطة أو قوانني قامئة عىل قراءات ترشيعات األديان .ويكرث البحث عن ماهية وطبيعة ونتائج العالقة ما بني القوانني الدينية ،خاصة املستمدة من الرشيعة اإلسالمية من جانب ،ومسائل األحوال الشخصية واألرسة من جانب آخر ،وبالنظر إىل واقعنا اإلقليمي حرصت العديد من الدول املجاورة للسودان عىل مراعاة حقوق جميع مواطنيها دون املساس بجوهر األديان والتقاليد املجتمعية مثل العديد من دول شامل أفريقيا والقرن األفريقي ،بينام إختار بعضها اآلخر التعنت والركون اىل قوانني مبنية عىل قراءات دينية متزمتة ومرتبطة بواقع ثقايف لشعوب أخرى ،مام يعني إحداث رشخ ،إن مل يكن رصاعاً وأزمة إجتامعية. ملقاربة الصورة أكرث ،ميكن إلقاء ملحات عامة عىل قانون األرسة يف دولة جيبويت ذات األغلبية املسلمة ،باملقارنة مع نظريه قانون األحوال الشخصية السوداين ،فعىل الرغم من إستناد القانونني عىل الرشيعة اإلسالمية ،إال أن أوضاع النساء تباينت بشكل ملحوظ يف الدولتني ،حيث أن قانون األرسة
ميكن إلقاء حملات عامة على قانون األسرة يف دولة جيبوتي ذات األغلبية املسلمة ،باملقارنة مع نظريه قانون األحوال الشخصية السوداين ،فعلى الرغم من إستناد القانونني على الشريعة اإلسالمية ،إال أن أوضاع النساء تباينت بشكل ملحوظ يف الدولتني، خالصته أن قانون األسرة اجليبوتي يراعي العالقات األسرية وحقوق النساء ،بينما يقف على العكس منه قانون األحوال الشخصية السوداين.
46
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
الجيبويت يراعي العالقات األرسية وحقوق النساء ،بينام يقف عىل العكس منه قانون األحوال الشخصية السوداين. عىل الرغم من إستناد القانونني السوداين والجيبويت عىل الرشيعة اإلسالمية ،إال أنهام يختلفان يف صياغة القانون ،ومضمونه ،رغم أن هناك قواسم مشرتكة بينهام ،ومن جانب مغاير يعترب املستنريين أن فكرة القانون اإلسالمي تجعله محل إختالف ،وتباين ،خاصة يف حالة اإلستناد عليه يف مسائل األرسة واألحوال الشخصية ،ففي السودان ساد اإلستناد عىل القانون االسالمي منذ عرشات السنني ،ومل يعرف السودان أي قانون خاص باألرسة حتى العام ،1991حيث سبق ذلك التاريخ يف القانون السوداين إعتامدأ تامأ يف مسائل األحوال الشخصية عىل املنشورات والسوابق القضائية. يف العام 2002سنت جيبويت قانون األرسة نتيجة عمل مشرتك بني وزارة العدل ومجلس حقوق اإلنسان ،والهيئة املعنية بشئون املسلمني ،ويركز قانونها عىل اإلرتقاء باألرسة بكافة خصائصها الدينية والثقافية واإلجتامعية ،مع حامية األرسة ،ووضع مسؤوليات للزوج والزوجة تجاه األطفال وإحرتام حقوقهم. من أهم مآخذ العديد من القانونيني السودانيني عىل قانون األحوال
الشخصية السوداين هو تضمينه للعديد من املسائل التي كان من األجدى وضعها ضمن قوانني أخرى منفصلة ،كاملسائل املتعلقة بالهبة والوصية والوقف واملرياث...الخ ،باإلضافة إىل مآخذ آخرى وهو أنه باإلضافة إىل ضبابية القانون السوداين ،وإعتامده عىل املنهج الحنفي املتشدد مقارنة بغريه من املذاهب ،صدور القانون دون وجود مذكرة تفسريية له ،مام فتح الباب للقضاة ليك يضعوا تفسرياتهم الذاتية مام جعل القانون مجمع للمنشورات القضائية السابقة دون أدىن إجتهاد ،والنتيجة الرئيسية هي أن النساء بنت دون شك هن الضحايا األساسيني لهذا القانون .
غايته إنشاء أرسة مستقرة برعاية الزوج عىل أسس تكفل لهام تح ُمل أعبائها مبودة ورحمة". تضمن القانون الجيبويت تفاصيل حول اإلجراءات الواجب إتباعها لتسجيل الزواج ،كوجوب تسجيل الزواج أمام مأذون رشعي ،وتحديد القانون لصفات ومهام املأذون منها جواز حضور الزوجني وموافقتهام عىل الزواج ،فضالً عن جواز إجازة الطالق يف حال اإلخالل بتلك الرشوط. بينام أغفل ا مل ُرشع السوداين وضع إجراءات تفصيلية ملسائل تسجيل
يعترب الناشطون اإلجتامعيون أن قوانني األرسة تتطلب قبل وضع
الترشيعات ،فتح مناقشات موسعة عىل مستوى املجتمع ،تسبق إجازتها ،يف سابقة وثقتها املنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) واملالحظ أن العجالة التي متت بها صياغة القانون السوداين ،وإجازته من عن طفلة مت زواجها ،وطالقها قبل بلوغها الثامنة عشر، أهم العوامل التي جعلته مليئاً بالثغرات محل العرض. وعند مطالبتها بحضانة طفلها أسقطت احملكمة حق األم يف بغرض املقارنة ،سنلقي الضوء عىل أكرث املواضيع إثارة للجدل ،ومحالً احلضانة بسبب صغر السن.
للنزاعات القضائية ،مع اإلستناد عىل بعض القضايا التي تم الفصل فيها قضائياً. يف الوقت الذي َع َرف فيه القانون السوداين الزواج بأنه عقد بني رجل وإمرأة عىل نية التأبيد ،يحل إستمتاع كل منهام باآلخر عىل الوجه املرشوع ،تحدث القانون الجيبويت عن قيم بناء األرسة ،كونها الكيان األسايس للمجتمع ،الذي يشمل األطفال ورضورة حاميتهم.
ويالحظ مخالفة القانون السوداين يف تعريفه للزواج املرشوع العريب املوحد لألحوال الشخصية ،الذي عرفه "الزواج عىل أنه ميثاق رشعي بني رجل و إ مرأة ،
الزواج ،ركز يف املقابل عىل التفاصيل العامة دون الخوض يف اإلجراءات التفصيلية فأصبحت النتيجة املاثلة وضع أقرب إىل الفوىض يف إجراءات الزواج حيث أنه عادة مايتم عقد العديد من الزيجات دون رضاء أحد الزوجني ،خاصة الزوجة ،مام رفع نسبة الطالق وأثر يف إستقرار األرس نتيجة لذلك. بوضوح وصياغة ال تقبل اللبس ،وضع القانون الجيبويت رشطاً واضحاً ِ لسن الزواج حيث "يكون كال الزوجني املستقبليني قد بلغا سن الثامنة عرش قبل عقد الزواج" ،عىل العكس من نظريه السوداين ،فقد نص عىل "يكون التمييز ببلوغ سن العارشة" ،بذلك يفتح الباب أمام زواج األطفال من النوعني ،ومل يعطي املرأة الحق يف فسخ العقد عند البلوغ .فالطبيعة الفضفاضة وغري املتسقة للقانون قادت لتناقض يف طبيعة وطريقة تنفيذ أحكامه .يف سابقة وثقتها املنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) عن طفلة تم زواجها، وطالقها قبل بلوغها الثامنة عرش ،وعند مطالبتها بحضانة طفلها أسقطت املحكمة حق األم يف الحضانة بسبب صغر السن. يذهب القانون الجيبويت يف إتجاه تأسيس الزواج عىل اإلحرتام املتبادل ،واإلخالص واملؤازرة واملساعدة وعىل الرغم من نصه عىل وجوب طاعة الزوجة لزوجها اال أنه مل يضع عقوبات كالحرمان من النفقة أو إعتبار الزوجة ناشزا ً يف حاالت عدم الطاعة.
كاريكاتير: طالل الناير ،السودان
وبالنظر للقانون السوداين فإن نتيجة إمتناع الزوجة عن طاعة زوجها ،حرمانها من الحق يف النفقة طوال فرتة اإلمتناع ،مينح القانون السوداين سلطات للزوج متكنه من التحكم يف حرية زوجته مبا يشمل حقها يف العمل والزيارات اإلجتامعية. القانوني الرجل الحق يف تعدد الزوجات ويختلفان يف يعطي ِ اإلجراءات الواجب إتباعها لحدوث التعدد وإستمراره›› ،
مراجعة :هالة الكارب بناءاً على مساهمة من األستاذة فاطمة أبو القاسم المحامية في نفس اإلطار
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
47
إبتداء ،يوقعه متى ،وكيفما شاء ،أما الزوجة فعليها عشرة يخول للزوج احلق يف الطالق القانون السوداين ِّ ً حاالت مشروطة لطلب الطالق من القاضي ،ومن املالحظات أن يف كل احلاالت التي يحق للزوجة فيها طلب الطالق ،يضع املُ شرع شروطًا مفصلة يتعذر بل يستحيل يف أكرثها إثبات السبب الداعي للطالق، مثا ًال على ذلك ضرورة أتيان الزوجة بشهود لو ذكرت أنها تعرضت للضرب ،وهو شرط تعجيزي،
› ففي الوقت الذي يعطي فيه القانون الجيبويت للزوجة الحق يف النظر أقل مراعاة لحقوق النساء من نظرائه التونيس واملغريب ،حيث منعت تونس يف الرضر نتيجة للتعدد ،وطلب الطالق بنا ًء عليه ،ورضورة إستشارة بشكل قاطع تعدد الزوجات ،وال يشرتط املرصي موافقة "الويل" عىل الزواج، وموافقة الزوجة األوىل أو الزوجات ما يجعل من إعرتاضها مانعاً عىل الرغم من ذلك تكمن أهمية القانون الجيبويت بحكم موقعها كإحدى دول القرن األفريقي ذات من التعدد ال يضع القانون الخصوصية الثقافية والسياسية، السوداين أي أهمية إلستشارة املشابهة للسودان ،فوجود ويجعلها الزوجة/الزوجات قانون بدرجة عالية من التفسري أمرا ً غري ملزماً مام يسبب املعتدل ألحكام الدين اإلسالمي الكثري من الرضر والظلم يف واقع شديد الخصوصية يبرش للنساء وأطفالهن. بإمكانية تغيري قوانني العديد من الدول. الطالق: في القانون إن محاولة املقارنة أعاله، السوداني تأيت يف إطار عرض إلمكانية قد يحدث في الوصول إىل قوانني أقل متييزا ً ثوان وفي واكرث إنصافاً للنساء ،وتهيئة حاالت أخرى قد املناخ العام ملزيد من التقدم يستهلك حياة وعدم التمييز ضد النساء، ومصادر عيش ذلك فضالً عن أهمية مقاومة القوانني األكرث متييزا ً ضد النساء ،وعقد المرأة مقاربات لواقع متشابه إجتامعياً بهدف دعم الحجج الداعية لقوانني حدد القانون الجيبويت أمر الطالق برشوط أهمها وقوعه أمام مأذون رشعي ،تدعم إستقرار األرس واملجتمعات املحلية ،وتقلل من حدة الرضر الواقع ومبوافقة الزوجني ومبثابة حق يطلبه أي من الزوجني ،فضالً عن نصه عىل عىل النساء نتيجة لوجود قوانني مثل قانون األحوال الشخصية السوداين. إجراءات واضحة لوقوع الطالق تشمل رضورة أن تحاول املحكمة رأب الصدع بني الزوجني ،ويف حال فشل محاوالت القايض يجب عليه إصدار أوامر عاجلة تخص سكن الزوجني والنفقة وتكليف الزوج باإلنفاق عىل مطلقته المراجع: طيلة فرتة العدة ،وما بعدها يف حالة حضانة املرأة لألطفال ،الشئ الذي · نص قانون األحوال الشخصية للمسلمين السوداني لسنة ( 1991يمكن الحصول على نسخة إلكترونية غير رسمية على الرابط التالي) يجعله أمرا ً غاية يف الوضوح واإلنضباط. 7909=http://www.justice-lawhome.com/vb/showthread.php?t أما عن القانون السوداين فهو يخ ِّول للزوج الحق يف الطالق إبتدا ًء، يوقعه متى ،وكيفام شاء ،أما الزوجة فعليها عرشة حاالت مرشوطة لطلب الطالق من القايض ،ومن املالحظات أن يف كل الحاالت التي يحق للزوجة فيها طلب الطالق ،يضع امل ُرشع رشوطاً مفصلة يتعذر بل يستحيل يف أكرثها إثبات السبب الداعي للطالق ،مثاالً عىل ذلك رضورة أتيان الزوجة بشهود لو ذكرت أنها تعرضت للرضب ،وهو رشط تعجيزي ،إال ما ندر حيث أن أغلب حاالت العنف املنزيل تحدث خلف جدران املنازل التي يندر فيها حضور شهود للواقعة ،فضالً عن كل ذلك نجد أن القانون ال ينص عىل رضورة تعجيل النظر يف قضايا التطليق األمر الذي يجعل بعضها مييض لسنوات طويلة دون أن يتم الفصل فيها. عىل الرغم من أن القانون الجيبويت أفضل حاالً بكثري من السوداين ،اال أنه
48
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
· قانون األسرة لدولة جيبوتي :ترجمة خاصة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية قامت بها شبكة صيحة ألغراض هذا المقال · منشور تثقيفي نشرته اليونيسيف وصندوق األمم المتحدة للسكان بالتعاون مع حكومة جيبوتي حول قانون األسرة الجيبوتي (قامت شبكة صيحة بترجمته من الفرنسية لإلنجليزية ألغراض هذا المقال) · ورقة غير منشورة لألستاذة فاطمة أبو القاسم المحامي حول القانونين السوداني والجيبوتي · قانون األحوال الشخصية 1991فلسفة قوامها التمييز ضد النســاء: مقال لألستاذة آمال حسين الزين المحامي بتاريخ مارس ،2009منشور بموقع الحوار المتمدن http://www.ahewar.org/debat/show.art. 171057=asp?aid · عديلة فيلم وثائقي حول قانون األحوال الشخصية السوداني ،من إنتاج المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) http://www.youtube.com/ watch?v=m3hgJwX3bRA · نظرات في قانون األحوال الشخصية ،1991ورقة من إعداد األستاذ أحمد عبد السالم عمر ،منشورة كجزء من برنامج المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) حول قانون أسرة بديل في السودان.
قراءات ومعارف
والء صالح
قضاياهن وحكاياتي عن قوانين الشريعة وتطبيقها في السودان
بدايات مع سنوات سن قوانني الرشيعة اإلسالمية يف السودان كنا الذاكرة أطفاالً، تحيك عن بعض األحداث العابرة، عدمية املغزى حينها، غري أننا أدركنا فيام بعد أهميتها ،كأثر التعليم يف التنشئة اإلجتامعية ،وطبيعة الربامج التلفزيونية املوغلة يف التدين الشكيل واملعكرة لصفو املزاج ،ما جعلنا نكافحها بالبحث عن ما يشبع حاجتنا يف الفضائيات حديثة اإلستخدام يف ذلك الزمن.
تسوده أحادية ثقافة إسالموية أصولية ال تعرب حتى عن اإلسالم الصويف الذي كان ميارس آلالف السنني يف السودان ،بذلك أصبح التعليم العايل مستهدفاً مركزياً من قبل الدولة ،التي غريت مناهجه الدراسية لتتوافق والعصور الوسطى .خري مثال لذلك كلية القانون بجامعة الخرطوم فبدالً من أن تجعل الكلية من مادة فقه القانون ُمستهالً لطالبها الجدد يف عامهم الدرايس األول ،يقلب األمر بتذييل تلك املاده املفتاحية يف السنة األخرية ،وجعل مادة الرشيعة اإلسالمية يف اإلستهالل لثالث سنوات متتالية. فضالً عن وجودها القرسي يف إمتحان تنظيم مهنة القانون( املعادلة)، وبطبيعتها الحالية هي مادة تتطلب الحفظ نصاً ال اإلستيعاب مضموناً، وتجعل من دارسها ُمرددا ً ملا قيل له أنه من أقوال الفقهاء ،أما إذا حاول الدارس اإلجابة عىل أسئلة اإلمتحان باإلستناد عىل مرجعيات بخالف فقهاء مقررات جامعة الخرطوم ،أو وصف العلامنية بغري إنها الكفر املبني والطعن يف الدين ،يكون مصريه الرسوب يف اإلمتحان.
أتذكر ملاماً مشاجرات أيب مع سائقي البصات إلرصاره عىل الجلوس بالقرب من أمي ..ففي حينها كان الفصل بني الرجال و النساء يف املواصالت العامة يطبق برصامة ويف حالة أيب الذي يرص عىل الجلوس قرب أمي يجد نفسه مطالباً بإثبات القرابة بينه و بني زوجته ،نعم ،عليه أن يحمل قسيمة زواجه أينام ذهب.
هذا هو املنهج التعليمي الذي درسته ،وكغريي من زماليئ و زمياليت ولضامن النجاح كانت لألسف تلك هي إجابايت ،ال عن قناعة بل عن إذعان. أجربتنا املناهج التعليمية أال نتعامل مع الجامعة كمنهل للعلم بل كمحطة نتجاوزها لغريها من محطات الحياة. تركز مقررات الرشيعة اإلسالمية عىل املسائل املتعلقة بالتأصيل ومصادر الترشيع ،فعرب مقرر األحوال الشخصية ت ُعلم الجامعة طالبها بأن النساء هم أنصاف الرجال ليس لهن من الحقوق ما للرجال .أتذكر جيدا ً أستاذا ً للثقافة اإلسالمية بالجامعة ال يسمح للطالبات بدخول قاعة الدرس بعد بداية املحارضة ،قد يكون األمر مقبوالً إذا كان بسبب تعليم الطالبات والطالب أهمية الحضور يف الوقت املحدد وإحرتام مواعيد املحارضات ،لكن يف هذه الحالة كان األمر مختلفاً فالطالب من الذكور كان يحق لهم الدخول وقتام شاءوا بينام متنع زميالهم من ذلك ،وبكل وضوح كان يرد ذلك األستاذ حامل الدكتوراة و إمام أحد املساجد.
أول تجربة يل مع هذه القوانني كانت يف وقت مبكر فقد إعتقلتنا رشطة النظام العام وصديقة يل وأنا يف عامي الرابع عرش ،بحجة عدم إتساق ما نرتديه من مالبس مع قوانني الرشيعة اإلسالمية ،فأي رشيعة تلك التي تخ َّول لرشطيني إقتياد طفلة بالقوة من الشارع بحجة إرتداء البنطال، ومن ثم التوجه بها إىل نقطة تفتيش سميت ببسط األمن الشامل ،عبارة عن غرفة صغرية ميتد يف منصفها رسير .أي أمن ذلك الذي يجعل من طفل عرضة للتخويف يف التحقيق عن دينه ،ومدى إسالمه ،أي قانون ذلك الذي يسمح ملجرد رشطي أن ينتهك خصوصية أطفال الشعب ،ويوجه لهم مختلف أنواع السباب واللعن ،حدث ذلك يف مخالفة ملا توصل اليه "أن التعليم هو حق للرجل ومنحة للمرأة وتأخر الطالبة عن موعد الرتاث اإلنساين من حزمة حقوق لألطفال عرب إتفاقية خصاهم بها .غرائبية األمر أن السودان قد وقع يف 24يوليو 1990عىل إتفاقية حقوق الطفل ،محارضتها هو إستغالل سيئ لهذه املنحة أوالعطية مام يجعل حرمانها منها بل وصادق عليها يف 3أغسطس .1990أسئلة كثرية كانت تدور بخلدي هو العقاب املناسب". أعتقد أين قد متكنت من اإلجابة عليها الحقاً. مل تتخذ إدارة الجامعة أي موقف تجاه هذا األستاذ وغريه من األساتذة التعليم مل يكن إستثناء من نهج أسلمة املجتمع السوداين ،وتحوير عىل الرغم من اإلحتجاجات املستمرة من الطالبات والطالب عىل السواء؛ طبيعته من مجتمع متعدد الثقافات والعادات واألديان ،إىل مجتمع وما هذا إال مثال لعدة مامرسات موجودة .فهذا األستاذ وغريه يطبقون ››
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
49
› مبدأ أن الطالبة مجرد نصف لزميلها الطالب وليست ُم ِ ناصف ًة له يف الحقوق والواجبات ،وأن القوامة أصل يف الدين بالتايل فإن الطالب أعىل مرتبة إجتامعية من الطالبة.
خدمات العون القانوين ،يتواجدن بشكل راتب أمام املحاكم بغرض منارصة قضايا النساء من طالق ،نفقة ،عنف منزيل ،عمل ،جلد أو رجم، وعىل الرغم من مشاكل النصوص القانونية ،تعمل أولئك الحقوقيات مبرونة وصرب عاليتني. أدناه أمثلة لبعض تلك القضايا التي أعطتني وأخريات بعدا ً حياً لتحيز القوانني السودانية ضد النساء وآثار هذا التحيز اإلجتامعية واإلقتصادية عىل النساء فضالً عن إنتهاكها السافر لحقوق اإلنسان.
يف كلية القانون كان وما زال الفصل بني الطالبات والطالب يف الجلوس داخل القاعات نظام معمول به يف قاعات املحارضات إمتدادا ً لتطبيق هذه النظرية يف املواصالت العامة، فالطالبات يجلسن عىل ميني القاعة أثناء سري فتاة وخطيبها يف الشارع العام والطالب عىل يسارها. يف إحدى محارضاته سمح األستاذ لطالبه بطرح أسئلتهم وإستفساراتهم، فبادرته إحدى صديقايت مستفرسة رش ع عن األسس التي إستند عليها امل ُ َّ بجعله املذهب الحنفي دون غريه املذهب األسايس الذي يستند إليه قانون األحوال الشخصية يف السودان؟ وبادرت ذات الصديقة أستاذها رش ع مبالحظة مفادها إختيار امل ُ ِّ للمذاهب األكرث تشددا ً ضد النساء، دون املذاهب األكرث مرونة ففي بعض الحاالت التي يكون الحنفية فيه مرننني تجاه النساء تجد أن القانون يستند يف هذا األمر تحديدا ً عىل مذهب أخر.. سألته "ما هي املعايري التي إستند عليها املرشع لإلنتقال من مذهب آلخر؟" حينها إحم َّر وجه امل ُحارض، وع َّنف الطالبة ،وقال لها هائجاً "مل تلدك أمك حني كان هؤالء املرشعون طالباً و أساتذة للقانون ،كيف بإمكانك التلميح بظلم هؤالء العلامء للنساء؟" ومل يجب عن سؤال الطالبة…
وهما يف طريق عودتهما من مناسبة بحي جماور ،ألقت عليهما شرطة النظام العام القبض ،وحكمت يف اليوم التايل حماكم النظام العام بجلد كل منهما 50جلدة ،مت ذلك على الرغم من أن الطريق الذي ألقي القبض عليهم فيه هو الوحيد املؤدي إىل منزل الفتاة ،غري أن السلطات بررت فعلها بأن سريهما كان لي ًال يف شارع مظلم.
يف املقابل كان هناك الكثري من الحراك اإلجتامعي والسيايس يف الجامعة سعياً لتعديل لوائح الطالب غري العادلة ،نجحت بعضها يف تحقيق بعض املكاسب الوقتية إال أن التعديل الكامل لهذه اللوائح يظل رهيناً بعملية اإلصالح القانوين واإلجتامعي املتكاملة يف البالد ،فلوائح الزي الجامعي وضوابط دخول الطالبات للجامعة هي إمتداد لقوانني النظام العام و الزي اإلسالمي خارج أسوار الجامعة ،و ما هي مناهج الرشيعة اإلسالمية داخل كليات القانون إال إمتدادا ً لطبيعة النظام القانوين و ملحقاته.
المشي في الشارع العام جريمة أثناء سري فتاة وخطيبها يف الشارع العام وهام يف طريق عودتهام من مناسبة بحي مجاور ،ألقت عليهام رشطة النظام العام القبض ،وحكمت يف اليوم التايل محاكم النظام العام بجلد كل منهام 50جلدة ،تم ذلك عىل الرغم من أن الطريق الذي ألقي القبض عليهم فيه هو الوحيد املؤدي إىل منزل الفتاة ،غري أن السلطات بررت فعلها بأن سريهام كان ليالً يف شارع مظلم. ومواطنة كانت تسري يف الشارع عندما إتجهت نحوها سيارة مرسعة، وبالصدفة ويف ملح البرص قام أحد املاره بجذب الفتاة من ذراعها بذلك مل تتمكن السيارة من صدمها ،فنجت من موت محقق ،غري أن رشطياً كان متواجدا ً باملكان قبض عليهام بحجة مس رجل لجسدها ،وتجاهل الرشطي كل يشء مبا فيه حق املواطنة يف الحياة ،وشهامة منقذ حياتها ،مل يرى سوى جسديهام متالصقني بينام غض بصريته عن كل تلك الوقائع.
كانت الرشطة هي الشايك وأفرادها الشهود الوحيدين يف هذه القضايا وغريها من مئات القضايا التي تنظرها املحاكم بصورة يومية يف واليات السودان املختلفة. في قضايا الحدود :مثال آخر للتمييز ضد النساء
ما سبق وغريه بات بالنسبة يل دافع لدراسة الترشيع ،لكن من منظور يف قوانني اإلثبات ويف كثري من قضايا الحدود ال يعتمد املرشع السوداين عىل مختلف ،ومراجعة القوانني وإصالحها كيام تتسق والحاجة الحقيقية الحمض النووي ،DNAففي عدد كبري من القضايا املتعلقة باإلغتصاب ،ويف للمجتمع ،عملت الحقاً بصورة لصيقة مع لفيف من املحاميات يقدمن حال فشل الفتاة يف إثبات أنها تعرضت فعالً لإلغتصاب واضعني يف اإلعتبار
50
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
رسوم إيضاحية :روني أوقوانق ،يوغندا
ففي عدد كبري من القضايا املتعلقة باإلغتصاب ،ويف حال فشل الفتاة يف إثبات أنها تعرضت فع ًال لإلغتصاب واضعني يف اإلعتبار العوامل املتعلقة بالفقر ،ضعف املعرفة باإلجراءات الطبية والقانونية الواجب إتباعها فور وقوع اجلرمية واخملاوف اإلجتماعية التي عادة ما تؤخر تقدم ضحايا اإلغتصاب بشكاوى قانونية فإن القضية تتحول إىل جرمية الزنا حتى لو كانت الضحية طفلة مل يتجاوز عمرها الرابعة عشر،
بإرتكاب الزنا ،وحكمت عليهام بالرجم ،غرابة األمر أن يف كال املحاكمتني املنفصلتني مل ميثل عن املتهمني أي محام ،بل مل ترشح لهام املحكمة طبيعة عقوبة الرجم ،مصدر الذهول أنه يف إحدى القضيتني مل تسأل املحكمة املتهمة عن رشيك التهمة.
العوامل املتعلقة بالفقر ،ضعف املعرفة باإلجراءات الطبية والقانونية الواجب إتباعها فور وقوع الجرمية واملخاوف اإلجتامعية التي عادة ما تؤخر تقدم ضحايا اإلغتصاب بشكاوى قانونية فإن القضية تتحول إىل جرمية الزنا حتى لو كانت الضحية طفلة مل يتجاوز عمرها الرابعة عرش ،تتم محاكمة املرأة غري املتزوجة بإعرتافها مبامرسة الجنس دون إثبات أنه كان باإلكراه أو حكايايت وما شاهدته وآخرين/آخريات وقضاياهن غري منفصلة ،فالنظام بظهور الحمل كدليل مادي ،ترفض املحاكم إجراء فحص الحامض النووي مبجرد تحول القضية إىل زنا و بقدرة قادر تتحول الضحية إىل مجرمة يف نظر التعليمي املوجود ال ميكن أن يفرخ قضاة غري هؤالء املتواجدين حالياً، الرتبية عىل كره النساء وعدم اإلعرتاف بأحقيتهن للحقوق املتساوية ال القانون ناهيك عن الوصمة اإلجتامعية التي تالحقها. ميكن أن تنتج سوى رشطيني يتجولون ليالً للرتبص بالنساء وقوانني مثل التي يف قضايا شائكة التعقيد واإلثبات كقضايا الزنا ،ميكن أن تصل نعيش تحت رحمتها ال ميكن أن يضعها سوى من أرشف عىل تشويه املناهج العقوبة إىل الرجم مع بشاعته يف حال اإلحصان وانا هنا ال أتحدث عن التعليمية التي درسناها .إنها حلقة ال بد من كرسها أوالً بالعمل املتواصل مرشوعية الرجم بإعتباره أمرا ً جدلياً يف الرشيعة ناهيك عن كونه إنتهاك مع الناس ،نساء ورجال الذين يتأثرون بالقوانني الشائهة والذين يؤثرون لحقوق اإلنسان ،نجد أن غالبية تلك القضايا تتم عىل عجالة مذهلة ،فيها ،بالعمل املتواصل مع النساء بصورة أخص كأكرب رشائح املجتمع ترضرا ً رمبا ال تزيد عن ثالث جلسات ،وعادة ال يُ ٍ فضل القضاة وجود املحامي ،من هذه الترشيعات ،وضوح الصوت وإرتفاعه ضد األصولية والتدين بل يُفضِّ لون حسمها برسعة الربق التي تنتهي غالباً بإدانة املرأة وإخالء القرشي هو من صميم عملنا إللغاء القوانني واملامرسات التمييزية وجعل سبيل الرجل .يف القرتة املاضية جرت محاكمتني يف الخرطوم عىل التوايل اإلصالح القانوين عىل قمة أجندة اإلصالح الشامل هو أولوية يجب ان يف فرتة زمنية مل تجاوز ربع العام ،أدانت املحكمة سيدتني متزوجتني توضع عىل طاولة جميع أطياف املجتمع السوداين.
والء صالح، ناشطة حقوق اإلنسان/ النساء وقانونية سودانية معروفة بمشاركاتها في المخاطبات والحوارات العامة ،درست القانون وأكملت دراسات عليا في حقوق اإلنسان من جامعة الخرطوم، والتي أنتخبت فيها كأول أمرأة وأصغر رئيسة إلتحاد طالبها .هي مناصرة للتغيير اإلجتماعي، بدأت الكتابة حديثاً عبر مدونتها كشكول عن القضايا السياسية واإلجتماعية وتوثيق قصص النساء والفتيات بمناطق النزاع .عملت سابقاً كمحررة مشاركة وكاتبة با لصفحة الخاصة بالشباب والطالب بصحيفة أجراس الحرية .وأيضاً كضابطة مناصرة في شبكة صيحة.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
51
قراءات ومعارف
حادثة الباكستانية مالال وموقف اإلسالم "المعتدل" في هذا الصدد يقول عبدالخالق السر أن انعدام صيحات التعاطف من األغلبية المعتدلة من المسلمين حول العالم بعد إطالق النار على ناشطة التعليم الصغيرة ،موه الخط الفاصل بينهم وبين األصوليين و دل على معضلة غريبة. يف أكتوبر 2012تعرضت الطالبة الباكستانية ذات األربعة عرش عاماً من العمر مالال يوسف زاي إىل محاولة إغتيال من قبل حركة طالبان الباكستانية .ومالال املعروفة بشجاعتها ومواجهتها ملواقف طالبان الرافضة لتعليم البنات دفعت مثناً غالياً لهذه املواجهة التي كادت أن تفقدها حياتها بالكامل حني تعرضت لطلق ناري أصابها يف الرأس إستدعى عالجها بإنجلرتا.
املتطرفة ،فذلك ليس باألمر املستغرب ،فهم هنا حتامً متسقون مع مواقفهم الكارهة للمرأة .ولكن ما بال الغالبية املعتدلة؟ أين هو رد فعلهم مام حدث؟ وملاذا مل يجيشوا أنفسهم للخروج إحتجاجاً عىل هذه الحادثة الوحشية التي من املفرتض أن تكون مسيئة لإلسالم ولهم كمسلمني؟ ملاذا فشلوا يف شجب ما حدث وإعالنها رصيحة أن هذه الحادثة إساءة لإلسالم؟
لقد أثار الحادث املأساوي الكثري من الغضب واإلستياء داخل وخارج باكستان .وتبارى معظم السياسيون بدول العامل املختلفة يف إظهار دعمهم وترحيبهم بعالجها عىل نفقة دولهم ،ولكن يف تقديري أن الحادث كان إعالناً ملساءلة املصداقية األخالقية للغالبية العظمى من املسلمني يف مختلف بقاع العامل.
اإلجابة يف تقديري بسيطة بساطة القول بأنه حقاً ال يوجد فرقاً بني أغلبية معتدلة وأقلية متطرفة ،فكلهم يرقصون عىل ذات اإليقاع إن جاز التعبري .وحتى إن وجد هذا الفرق املزعوم ،فهو فرق مقدار ليس إال .ومرد ذلك أن الطرفني ينهلون من نفس املنبع الفقهي التقليدي بإعتباره البدء واملنتهى لكل تصورات الحياة قدميها وجديدها .ولكن مع ذلك وإحقاقاً للحق فام يسمون باألقلية املتطرفة هم األكرث إتساقاً يف رؤاهم املستمدة من هذه الكالسيكيات الفقهية .باملقابل فإن املأزق الحقيقي للمسلمني املعتدلني يكمن يف مراوحتهم .فغالبية مقدرة من هذه الجموع هي علامنية يف متثالتها الوجودية لإلسالم ،ولكنها مع ذلك فشلت يف تطوير موقف رؤيوي واضح يعصمها من نفوذ وإبتزاز الفقه التقليدي السائد ،والذي هو يف حقيقة األمر مرتَهن للجامعات املحافظة واملتطرفة عىل السواء.
نظرياً فإن الغالبية العظمى من املسلمني والذين دامئاً ما يصنفون أنفسهم باملعتدلني حريصون كل الحرص عىل وضع مسافة فاصلة بينهم وبني األقلية من متطرفيهم .بل الثابت أنهم ما فتأوا يكرثون القول األكيد أنهم يحسنون التعايش مع غريهم من امللل والنحل وأصحاب أذى .ولكن واقع األمر يقول أن تأثري األديان وغري األديان يف غري م ْن وال ً األقلية املتطرفة عليهم كبري لدرجة أنه يصعب إنكاره .فاالبتزاز الواقع عىل األغلبية املعتدلة من قبل هذه األقلية والتشكيك يف قوة عقيدتهم عملت مراوحة الغالبية املعتدلة عىل أن يستبطنوا إحساساً دفيناً بأنهم متواصل .فحيثام حدث عارض توافق مع ظن األقلية املتطرفة أنه هجوم أو إساءة لإلسالم ،لذا نجد أن األغلبية املعتدلة قد إتخذت موقف الكورس ليسوا املمثلني الحقيقيني لإلسالم كام لو أن اإلسالم يف ترجامته الالنهائية يف النواح وترديد ذات القول ،مع تداعيهم همساً لشجب العنف اللفظي هو نسخة واحدة صمدة .هذا املوقف جعلهم يشيحون بوجوههم عن القضايا اإلسالمية املاثلة بتحدياتها ما مل يتم إستدعائهم من قبل األقلية واملادي لهذه األقلية. املحافظة يف ملامت الحشد واإلبتزاز العقائدي .وهم يف هذا املوقف تأيت حادثة مالال هذه املرة للتأكيد بأن األغلبية املعتدلة مل تعمل بعد الضعيف ،يصعب عليهم يف هذه الحالة أن يقوموا بأي نقد ملا يصيب عىل تطوير موقف مستقل كلياً عن مواقف هذه الجامعات املتطرفة .اإلسالم من داخل مجتمعاته ،خصوصاً من قبل تلك األقلية القابضة بزمام فأن يكون التجاهل عام جرى للطفلة الباكستانية من قبل هذه األقلية األمور ،وما حادث ملالال إال تأكيدا ً ملا نقول.
52
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
فام مل يفت عىل فطنة أي من هؤالء املعتدلني ،هو أن مالال مل تسئ عن إسالم سلمي ومتسامح لن تجد من يأخذها عىل محمل الجد ،طاملاً إىل اإلسالم يف شئ .بل أنها يف الحقيقة تشبثت بحقها يف التعليم كام أنهم ال يستطيعون توجيه النقد للعنف واإلساءة التي تتم بإسم اإلسالم هو موىص به يف الفقه التقليدي ،ولكن ثقتهم املهزوزة بأن لهم الحق من قبل األقلية املتطرفة. يف متثيل اإلسالم من واقع كونهم مسلمني أضاع عليهم الفرصة يف إغتنام من جهة أخرى فأن الرابح الوحيد من هذا املوقف ،هم هؤالء املتطرفون. الحادث للدفاع عن اإلسالم املتسامح كام يتصورنه وينادون به يف نسخته املعتدلة ،ويف نفس الوقت يعملون عىل حصار وإحراج األقلية فرتك امللعب لهم سيكسبهم رشعية يوم بعد يوم .وسيجعلهم املمثلني الرسميني لإلسالم واملسلمني ،ومن ثم فإن نسختهم القامئة عىل العنف املتشددة يف نسختها الفظة. سرتسخ مبرور الزمن عىل أنها التعبري األوحد عن اإلسالم الحق .ووقتها سيعلم إن عدم إتساق هذه الفئة املعتدلة وإزدواج معايريها ،ال محالة ضار املعتدلني أن الحديث عن إسالم متسامح ما هو إال محض وهم وخيال ال بها وباإلسالم عىل حد السواء .عليه فإن أي دعوة من قبلهم مستقبالً مكان له يف واقع األمر.
كاريكاتير :دعاء العدل ،مصر املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
53
مجموعة الصور :شبكة صيحة
في رحاب الفكر التجديدي حول أطروحات المفكر اإلسالمي السوداني األستاذ محمود محمد طه ،حوار مع األستاذة أسماء طه األستاذ محمود محمد طه ،رجل دين إسالمي ومجدد ولد عام ،1909كان قيادياً في الحركة الوطنية لإلستقالل وزعيماً سياسياً دعى إلى قيام جمهورية رئاسية فيدرالية ديموقراطية إشتراكية ذات توجه إسالمي حداثي .خالل سنوات السجن وسنوات العزلة الدينية التي فرضها على نفسه ،عمل محمود طه على تفسير ودراسة القرآن وفي عام 1951 قدم تصوراً حول مدرسته الفكرية أو ما أسماه بالفكر الجمهوري اإلسالمي والذي تبنته مجموعات كبيرة من مختلف قطاعات السودانيين في مناطق وسط وشمال السودان .عارض األستاذ محمود
54
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
محمد طه الشريعة اإلسالمية في نسختها المطبقة في السودان ودعى إلى إصالح دستوري وقانوني شامل .كرس محمود طه حياته في نشر أفكاره التجددية حول الدين اإلسالمي وتطبيقاته وبحث سبل إصالح المجتمع وذلك من خالل محاضراته وكتبه ومقاالته .تم إعدام محمود طه في عام 1985بعد أن تآمرت عليه طغمة اإلسالم السياسي والسلفي في السودان مع نظام جعفر نميري البائد حيث شكلت أفكاره التجديدية مهدداً كبيراً لرواج نسختهم الدينية المنغلقة والقائمة على اإلقصاء .تم إعدامه وهو في عمر يناهز ال 76بتهمة الردة.
قراءات ومعارف
السؤال األول :الميالد والنشأة والظروف الموضوعية التي أحاطت بهذه النشأة؟ ولدت يف مدينة رفاعة عىل ضفاف النيل األزرق، وقضيت بها فرتة طفولتي األوىل مع الوالدة وأختي سمية وأخي الذي تويف غرقاً يف النيل يف خمسينيات القرن املايض .لقد تلقيت تعليامً أتلق تعليامً دينياً إال ما يدرس يف وضعياً ومل َّ درست مبدارس حصة الدين اإلسالمي يف املدارس. ُ كمبوين بأمدرمان ثم أكملت تعليمي اإلبتدايئ واملتوسط والثانوي مبدن رفاعة ،شندي واألبيض التحقت بكلية القانون جامعة الخرطوم ثم ُ وتخرجت ببكالريوس القانون يف العام .1974 لقد نشأت يف غياب الوالد؛ املفكر اإلسالمي وامل ُجدد الذي إختار التفرغ التام للسياسة يف عام .1945حيث تتالت مرات إعتقاله منذ عام 1946وحتى إعدامه .أنا اآلن قانونية وناشطة يف الدفاع عن حقوق اإلنسان والنساء يف السودان ومديرة مركز األستاذ محمود محمد طه؛ تخليدا ً لذكرى والدي الذي أصبحت قضيته قضيتي. ما هي المواقف والشخصيات التي شكلت مسار حياتك؟ ثورة أكتوبر 1964أهم موقف محوري عايشناه ونحن شباب يف املرحلة الثانوية؛ وإشرتكنا يف الحركة العامة ضد النظام الشمويل الدكتاتوري املوجود آنذاك .تجربة إسقاط نظام دموي سلمياً كانت قيمة جدا ً وذات أثر عظيم يف نفيس .أثبتت ثورة أكتوبر أن القوة الفكرية والعاطفية ميكن أن تشل العنف متاماً؛ كام كانت منوذجاً للعمل املنظم القوي .مشاركتي يف ثورة أكتوبر كطالبة؛ طبعت أثرا ً أزلياً يف شخصيتي حيث أدركت أن الحقوق تنتزع وأن األفراد قد يخاطرون بحياتهم بشجاعة يف محاولة للدفاع عن حقوقهم ،هذا ما أكسبني القوة والشجاعة للرصاع من أجل الحقوق وبناء حياة أفضل وهذه القيمة التي إكتسبتها من هذا املوقف بالذات .من الشخصيات أذكر األستاذ الرس ميك واألستاذ مبارك حسن خليفة الذين لفتوا إنتباهي إىل اإلطالع بصورة عامة وإىل األدب والشعر بصورة خاصة .بدأت أهتم حينها بالحركة املاركسية واألفكار االشرتاكية والدميقراطية وكان هذا نابعاً من شغفهم بهذه
القضايا .كام ساندوا الطالبات بإقامة الجمعيات الجمهوري شاركن متاماً يف كل أنشطة املجموعة، األدبية التي تعلمنا من خاللها أدب الحوار وكن غالباً قائدات للناشطني يف الجامعات والحدائق والشجاعة واإللتزام باملبادئ مام له كبري األثر العامة والشوارع وهي مامرسة أثارت جدالً يف عىل شخصيتي الحارضة. املجتمع السوداين الذكوري .كانت هذه عالمة فارقة للحركة وعندما أعتقلت قيادات الحركة يف هل هناك فرق بين محمود منتصف 1983كان ضمن املعتقلني أربع نساء. محمد طه األب والمفكر اإلسالمي؟ ماهو الموقف النساء يف اجملتمع اجلمهوري كانت تربية األستاذ يل متامسكة ومتسقة ،بخالف الذي إتخذه شاركن متامًا يف كل أنشطة الواقع السائد يف املجتمع يف ذلك الوقت .إن األستاذ اجملموعة ،وكن غالبًا قائدات األستاذ شخصية متسقة بني القول والفعل؛ حيال زواج حيث كان ينفذ كل ما يقوله ويعتقده .يظهر بناته؟ للناشطني يف اجلامعات هذا اإلتساق جلياً يف قضية املرأة إلعتقاده يف واحلدائق العامة والشوارع املساواة بني الرجال والنساء .نفذ األستاذ أفكاره تزوجنا عىل نهج نحو ومعتقداته وترجمها يف حياته اليومية .الدليل كتاب خطوة وهي ممارسة أثارت جد ًال يف عىل ذلك ما ذكره لنا الخال عوض لطفي أن الزواج يف اإلسالم اجملتمع السوداين الذكوري. األستاذ يف فرتة األربعينيات كان يصطحب والدتنا الذي كتبه األستاذ كانت هذه عالمة فارقة معه لألندية واألماكن العامة يف عهد اإلستعامر محمود يف سبعينيات وقت إحتجاب النساء وعدم خروجهن للشارع .القرن املايض .أن للحركة وعندما أعتقلت قيادات إن إعتقاده يف املساواة بني املرأة والرجل كانت املساحة املوجودة احلركة يف منتصف 1983كان حارضة يف تربيتنا ،ومن األمثلة اللطيفة أن أحد يف الرشيعة اإلسالمية ضمن املعتقلني أربع نساء. أبناء عمومتنا عاير إحدى إخواته أن قدمها كبرية التي تستخلص منها مثل قدم الرجال ،فبكت أخته وإشتكت لألستاذ حقوق تناسب وضع الذي قال أن املرأة هنا معززة مكرمة ،ونهاه عن املرأة يف املجتمع السوداين .بعض الحقوق كفلتها أن يأيت بعبارات تدل عىل غري ذلك وتسئ إىل الرشيعة اإلسالمية ،ولكنها غري مطبقة يف ذلك النساء مام جعلنا نشعر بالكرامة والعزة .اإلتساق الوقت هذا ماتحدث عنه الكتاب .أتاح األستاذ يف مواقف األستاذ محمود الفكرية ال يختلف عن لبناته الفرصة يف إختيار أزواجهن وقد فعلنا. إتساقه يف الرتبية ،وخصوصاً يف ما يتعلق برتبية وعندما أجتمعت األرستان معاً صادق عىل زواجنا البنات يف املجتمعات املحافظة .ان األستاذ أخذ يف بتواضع يعززه فكرياً .ركز األستاذ محمود يف كتابه اإلعتبار محافظة املجتمع وأعطى البنات الفرصة عىل إشكالية الفروقات بني الطبقات يف املجتمع للخروج إىل املجتمع ومواجهة الصور املوجودة حيث كانت هناك طبقة ثرية ميكنها إقامة به ،وقد قام بتغذية دواخلنا ،ويتضح هذا يف الحفالت الكبرية والبذخ يف مراسم الزواج ،وطبقة معدمة ال تطيق هذه التكاليف مام يخلق شقاقاً الفكر الجمهوري. يف املجتمع .يف األصل مسألة الزواج يسرية جدا ً ما هو الفكر الجمهوري؟ ولكن تم تعقيدها ،لألستاذ محمود كتيب صغري عنوانه ساووا السودانيني يف الفقر إىل أن يتساووا لقد كان من الرضوري لألستاذ محمود أن ميارس يف الغنى .حاول الجمهوريون قدر اإلمكان ما ينصح به .حاول األستاذ محمود إنشاء مجتمع إستلهام القيم املوجود يف الكتيب وتطبيقها يف لتطبيق رؤيته لإلسالم للحد األقىص .كافح مجتمع فقري .إقرتح الكتيب رمزية املهر يف الزواج الجمهوريون لتوجيه حياتهم الخاصة وتنظيم وأن يكون جنيهاً واحدا ُ فقط حني كانت قيمة مجتمعهم مبا يتسق مع معتقداتهم ألنهم مل املهر مائة إىل مئتني جنيهاً وكثري من املالبس يتمكنوا من إنفاذ معتقداتهم كمجتمع مصغر والحيل .يقول األستاذ أن املهر ميثل عملية رشاء ضمن املجتمع السوداين وضمن مؤسسة الدولة للمرأة؛ ففي عرص الجاهلية كانت املرأة تتزوج السودانية بصفة عامة .نجح املجتمع الجمهوري يف عن طريق السبي أو البيع أو الرشاء .إن املرأة تطبيق مبادئ املساواة وعدم التمييز بني الرجال العزيزة التقبل أن تشرتى ونحن نفضل وبحسب والنساء عىل أساس النوع .النساء يف املجتمع الرشيعة اإلسالمية وجود مهر قليل وأال يُرصف›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
55
› عىل االحتفاالت واملالبس الجديدة بل يقدم عصري الليمون والبلح .إن الزواج هو أهم قرار تتخذه املرأة يف حياتها؛ وعليه البد من حضورها عقد القران ،ويف مقابل التنازل عن البهرجة واملالبس والزينة والذهب واملستهلكات يف مراسم الزواج تكون لنا حقوق مساوية لحقوق الرجل. كيف تمت ترجمة المساواة بين الرجال والنساء في الزواج الجمهوري؟ اإلخوة واألخوات الجمهوريني ،تبعاً لألستاذ محمود لديهم فهم متطور للنساء يعد ثورياً يف العامل اإلسالمي وقد أكد األستاذ محمود مرارا ً أن النساء بقدر الرجال يتحملن تبعات أفعالهن أمام قانون يصلح بني حاجة األفراد للحرية وحاجة املجتمع للعدالة .لقد ولت حقبة الوصاية والوالية عىل النساء .واآلن نحن نعايش حقبة مسؤولية النساء ونهضتهن .إن التفويض يف الزواج وحق أن تكون العصمة بيد الزوجة مكفول بالرشيعة اإلسالمية ومذكور يف املذاهب الفقهية األربعة مبا فيها املذهب الحنفي أن الطالق حق للزوج ولكن ميكن أن يفوضه للزوجة اذا إشرتطت ذلك؛ وقد جعلناه حقاً عاماً ملن يتزوجون حسب هذه الطريقة ومبوافقة الرجل .مسألة التفويض من سنن النبي صىل الله عليه وسلم حني فوض زوجاته لقول الله تعإىل" :يا أيها النبي قل ألزواجك إن كننت تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالني أمتعكن وأرسحكن رساحاً جميالً وإن كننت تردن الله ورسوله والدار اآلخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا ً عظيامً" .يلجأ الزوجان للتحكيم يف حال حدوث مشكلة بينهام ال قدر الله وفق اآلية القرآنية "وإن خفتم شقاق بينهام فابعثوا حكامً من أهله وحكامً من أهلها إن يريدا إصالحاً يوفق الله بينهام" .ينبغي عىل املرأة والرجل عدم إستخدام الحق يف الطالق قبل إرشاك الحكمني، ووضعنا عدم تعدد الزوجات كرشط لكرامة املرأة ،إال يف حاالت أن تكون املرأة عاقرا ً عقرا ً ال برء منه ،ويف هذا الحالة يتم التعدد بإذن منها وإال حدث الطالق .إن الزواج عقد والبد لقيامه بني الزوجني أن يكون مبنياً عىل الرشد وكامل العقل ،وهذا الرشط ينتفي يف زواج القارصات ألن املرأة ال تكون رشيدة إال إذا بلغت الثامنة عرشة كام هو متعارف عليه حالياً .زواج القارصات فيه إنتهاك لحقوقهن،
56
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
ومسألة مقززة يف املجتمع الحارض.هذه ويحفظ للمرأة مكانتها. الحقوق التي أقرها األستاذ محمود وأبرزها بني ثنايا املذاهب اإلسالمية ،والتي قام عليها هل تعتقدين أن أفكار زواجنا ،ونحن اآلن نشيعها وندعو لها ألن األستاذ محمود قد مسألة الزواج يف الوقت الحايل تعترب عقبة ساهمت في تحرير المرأة كبرية يف املجتمع تتضمن إستغالالً للمرأة السودانية؟ لصعوبة الطالق بالنسبة لهن مع تفيش تعدد الزوجات .ونسعى أن تضمن هذه الحقوق يف أصدر األستاذ يف يوم املرأة العاملي ما اليقل عن 16كتاباً تتناول قضايا مختلفة عن قانون األحوال الشخصية املقرتح. املرأة يف األحوال الشخصية؛ كيفية خروج ماهو خالفكم مع تعدد األخت الجمهورية للدعوة للدين ،واألخوات الزوجات؟ الجمهوريات تعلمن من األستاذ ،وك ْن يخرج ْن إىل الشوارع يحمل ْن الكتب ويناقش ْن الناس يف لألستاذ محمود رأي يف تعدد الزوجات ،ألن الدين وهذه حركة ثورية مل تحدث يف تاريخ املرأة واحة الرجل الواحد حتى يف القرآن قال العامل اإلسالمي أن تخرج النساء ملناقشة قضايا تعإىل" :انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى الدين والرتبية والسياسة واألخالق .نشأت وثالث ورباع فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة" بذرة من األخوات الجمهوريات القادرات
ويف آية ثانية "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بني النساء ولو حرصتم" ميكن تحقيق العدالة بني النساء إذا تم حرصها يف العدل املادي ،مثالً اذا أىت الزوج بثوب لواحدة عليه األتيان مبثله للزوجة الثانية ،وهو العدل املقصود لقوله صىل الله عليه وسلم "اللهم هذا قسمي يف ما أملك فال تؤاخذين فيام متلك وال أملك" وهو ميل القلب املتجاوز عنه يف العدالة .تريد أي إمرأة يف مجتمعنا الحارض أن تكون هي كلها لزوجها وزوجها كله لها ،وتعدت املسألة العدالة املادية ألن معظم النساء عامالت وال يحتجن لرجل يعدل بينهن مادياً .إن النساء يكافحن من أجل أن يحتفظن بأزواجهن من غري مشاركة أخريات ،كام هن ألزواجهن. وذلك يضمن إستقرار األرسة والحياة الزوجية
عىل الجدال والعارفات بأمور الدين .خرجت األخوات الجمهوريات يف مناسبات الوفاة ويقول األستاذ أن من الواجب تغيري طبيعة املرأة العاطفية من بكاء النساء يف مصيبة املوت وقيام الرجال بالواجبات ،فاألخت الجمهورية كانت تقوم بغسل الجنازة للنساء وتذهب إىل املقابر يف جامعة منذ سبعينيات القرن املايض. إن هذه املامرسات لها أثرها يف تطوير املجتمع حيث شهدنا معايرتنا من قبل السلفيني وعامة النساء وقتها .اآلن تشارك النساء يف تشييع الرؤساء والشخصيات العامة مثل تشييع نقد وحميد ومحمد وردي وأنسب حدوث ذلك لألخوات الجمهوريات ألنهن أول من بادر بذلك .األخوات الجمهوريات أول من سن دعاء الفاتحة يف املآتم وكانت مامرسة مستهجنة
إن الزواج عقد والبد لقيامه بني الزوجني أن يكون مبنيًا على الرشد وكمال العقل ،وهذا الشرط ينتفي يف زواج القاصرات ألن املرأة ال تكون رشيدة إال إذا بلغت الثامنة عشرة كما هو متعارف عليه حاليًا.
أصبحت اآلن عادة .أ لّف األستاذ كتاباً يف تطوير رشيعة األحوال الشخصية يتحدث عن الحقوق املتساوية بني الرجال والنساء وأن املرأة ليست أقل من الرجل بأي حال من األحوال بجانب كتاب خطوة نحو الزواج يف اإلسالم الذي رصد الحقوق املوجودة ىف الرشيعة والتى ميكن للمرأة أن تتخذها يف الوقت الحايل ،إضافة إىل كتاب الرسالة الثانية من اإلسالم.
املسلمة التي حققت تطورا ً كبريا ً يف املساواة بني املرأة والرجل .إذا مل ت ْ َُب الحجج عىل الفهم الديني الصحيح ال تصمد وال تنترص عىل املفاهيم القارصة. ما الذي تعمل عليه الحركة االن؟
واجه اإلخوة الجمهوريين المحاكمات .هل تعتقدين أن الحرب الشرسة التي الفكر الذي أتى به األستاذ هو فهم فريد ،ويقول "الذي أتيت به تعرض لها الفكر الجمهوري من قبل التنظيمات الدينية دراسة أفكار األستاذ من اجلدة بحيث أصبحت بني أهلي كالغريب" عمل األستاذ على دت بقدر ما من محمود محمد طه، التقليدية ح َّ تطوير التشريع وأصول القرآن إليجاد قانون يجمع بني حاجة األفراد ألنها هى الوحيدة تحرر المرأة السودانية؟ للحرية وحاجة اجملتمع للعدالة. التي تطرح فهامً تقدمياً بالتأكيد أن للمسألة أثر ومازال .واجه اإلخوة إسالمياً واألخوات الجمهوريني املضايقات من قبل ممكناً ،يريحنا من املسئولني وأجهزة األمن خالل دعوتهم للرسالة مسألة الهوس الديني وهذا غريب عىل املجتمع السوداين .ختاماً إن الثانية لإلسالم وأدت إلعدام والدي بتهمة الردة والتمييز املامرس ضدنا من قبل رجال الدين ،الحقوق تنتزع وال متنح. عام 1985يف عهد حكومة جعفر منريي .أعتقد أن واملستغلني للدين ،واملتخلفني دينياً .يف مركز الرصاع طويل أمامنا وعىل املرأة أن تعي تأثري الدين األستاذ محمود نقوم بتنظيم محارضات عامة ،كلمة أخيرة يف مجتمعنا املسلم املتدين .يجب أن ننهض باقتدار حلقات نقاش ومعارض كتاب للرتويج لإلستنارة مدعوم بالعلم من الدين لرد الهجوم علينا وإتهامنا الدينية .كتب األستاذ محمود موجودة حالياً يف الفكر الذي أىت به األستاذ هو فهم فريد ،ويقول بالعلامنية وإفتقارنا للسند الديني من قبل دعاة موقع الفكرة اإلكرتوين. "الذي أتيت به من الجدة بحيث أصبحت بني الدين فقط ملطالبتنا بحقوقنا .قضيتنا هي :هل يف أهيل كالغريب" عمل األستاذ عىل تطوير الترشيع الدين حق للمرأة ؟ إذا كان هذا الحق موجودا ً من لقد دشنا حملة واسعة تهدف إللغاء قانون وأصول القرآن إليجاد قانون يجمع بني حاجة األفضل التسلح به وعدم التسليم لدعاوي "الدين النظام العام املوجه لإلساءة إىل املرأة ،وهو األفراد للحرية وحاجة املجتمع للعدالة .املبادئ لرجال الدين" ،وهي العقبة األكرب يف طريقنا والتي قانون غري دستوري يحد من حريات املواطنني التي أىت بها األستاذ بعد خلوة وعمل وتعبد وعالقة يجب علينا إزاحتها .عىل النساء أن يقدن الثورة ومييز بينهم .ينصب القانون منفذيه حكاماً مع الرسول صىل الله عليه وسلم وتفتحت له الكثري ليحدثن التغيري املنشود ،وأن تربز نساء تحملن عىل السلوك ومظهر النساء وزيهن ،ويقلل من املعاين واملعارف أخرجها يف هذه الكتيبات التي عبء الدعوة واملعرفة .إن مل يحدث ذلك تكون من قيمة املرأة ووعيها ويسلب حقها يف إتخاذ راعت وضع املرأة املعاش ويف الفلسفات املعارصة القضية مهزومة وال يحدث تطورا ً .إن العلامنية يف القرار كام يتيح الفرصة ملن مل يتلقوا الرتبية لكن الفكرة كفكرة نبعت من األستاذ وهى فكرة الفهم العام لقضايا املرأة أصبحت ترتاجع يف الدول الصحيحة للتدخل يف خصوصيات اآلخرين ،سودانية أصيلة. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
57
قراءات ومعارف
الزواج والطالق وفق رؤى إسالمية مختلفة تقدم رشا عوض المسارات الفكرية الناتجة عن خطابات المفكرين اإلسالميين المجددين التي ترتقي باإلخالقيات والقيمة الروحية لرباط الزواج ،المؤسسة األساسية لصحة ورفاه الفرد والمجتمع في اإلسالم. رشا عوض ،خريجة جامعة أمدرمان األهلية كلية اإلقتصاد والعلوم اإلدارية، ناشطة في قضايا حقوق اإلنسان وحقوق المرأة، وباحثة في مجال الفكر اإلسالمي و إشكالية المرأة واألقليات في الفكر اإلسالمي فضال ً عن قضايا توطين الديمقراطية في المجتمعات اإلسالمية .هي الناطق الرسمي لمبادرة ال لقهر النساء السودانية وعضو مؤسس لها. بدأت الكتابة الصحفية في العام 2001بصحيفة الصحافة السودانية ،ثم السوداني وأخيراً صحيفة أجراس الحرية .نسبة لكتاباتها التي إحتوت على مواقف ناقدة للفكر المهيمن على البالد خصوصاً فيما يتعلق بالسياسات تم منع الصحف السودانية من نشر مقاالتها.
58
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
شهدت بدايات القرن العرشين وحتى منتصفه إزدهارا ً لحركة التنوير يف العديد من البلدان اإلسالمية ،تعدد روادها وتعددت منطلقاتهم ولكنهم جميعاً إشرتكوا يف التعبري عن حاجة املجتمعات املسلمة لفكر إسالمي جديد يتجاوز بشكل حاسم املوروث الفقهي الذي أصبح معوقاً لحركة املسلمني وتقدمهم يف العرص الحديث ،وقد كانت قضية املرأة ووضعها يف املجتمع من أهم القضايا التي شغلت بال رواد التنوير اإلسالمي إن جاز التعبري ،حيث كان تخلف املرأة وحرمانها من حقوقها اإلجتامعية والسياسية والثقافية التي هي جزء من صميم إنسانيتها ،كان هذا التخلف من أبرز وجوه األزمة الحضارية الشاملة يف مجتمعات املسلمني، فيام ييل نستعرض آراء ثالثة من املفكرين اإلسالميني الذين متثل أفكارهم نقلة نوعية لألفكار املستوطنة يف عقول املسلمني قروناً طويلة ،نستعرض آراءهم يف قضايا الزواج والطالق ،فهذه قضايا متس كل النساء وتعكس بدقة نظرة املجتمع للمرأة ،سنستعرض آراء كل من قاسم محمد أمني 1908 -1863رائد تحرير املرأة يف مرص ،ومؤلف كتاب تحرير املرأة ،والشيخ الطاهر حداد ،1935 -1899وهو مفكر تونيس مؤلف كتاب إمرأتنا بني الرشيعة واملجتمع وقد تم تكفريه بسبب هذا الكتاب ،واألستاذ محمود محمد طه ،1985 -1909صاحب الفكرة الجمهورية التي لخصها يف كتاب الرسالة الثانية ومؤلف كتاب تطوير رشيعة األحوال الشخصية وقد تم تكفريه وإعدامه يف عهد الرئيس السوداين جعفر منريي.
هذه اآلراء التجديدية تؤكد إمكانية إجرتاح أفكار تحرير املرأة من داخل اإلسالم ،وتؤكد عدم وجود مرشوعية ملصادرة حقوق املرأة باسم اإلسالم ،الن اإلسالم نفسه تختلف تفسرياته واألحكام املستنبطة من نصوصه بني املسلمني يف كل القضايا اإلجتامعية ،وعىل رأسها قضية املرأة التي أفردنا لها هذه املساحة. الزواج :ثورة على الموروث الفقهي والتقاليد اإلجتماعية اتفقت آراء املفكرين الثالثة عىل رضورة تعريف الزواج تعريفاً يعيل من القيمة املعنوية والروحية لهذا اإلرتباط ،وتجاوز التعريف التقليدي الوارد يف كثري من كتب الفقه والذي تأثرت به قوانني األحوال الشخصية ،وهو التعريف الذي يحرص الزواج يف مسألة اإلستمتاع الجنيس ،فنجد قاسم أمني يعرتض يف كتابه تحرير املرأة بشدة عىل تعريف الزواج بأنه "عقد ميلك به الرجل بضع املرأة" ،ويذكر اآلية " َو ِم ْن َآيَاتِ ِه أَ ْن َخل ََق لَ ُك ْم ِم ْن أَنْف ُِس ُك ْم أَ ْز َوا ًجا لِتَ ْس ُك ُنوا إِلَ ْي َها َو َج َع َل بَ ْي َن ُك ْم َم َو َّد ًة َو َر ْح َمةً" 1ثم يقول "الذي يقارن بني التعريف األول الذي فاض من علم الفقهاء علينا ،والتعريف الثاين أي درجة وصل إنحطاط املرأة يف الذي نزل من عند الله ،يرى بنفسه إىل ِّ كل من رأي فقهائنا ،وكان من نتائج ذلك أن يتم عقد الزواج قبل أن يرى ٌّ الزوجني صاحبه ،كيف ميكن لرجل وامرأة سليمي العقل ،قبل أن يتعارفا، أن يرتبطا بعقد يلزمهام أن يعيشا معاً ،وأن يختلطا كامل اإلختالط؟" .ثم مييض قاسم امني يف الهجوم عىل التقاليد الراسخة يف املجتمعات املسلمة التي تحرم اإلختالط بني الرجال والنساء مام يحرمهم من فرصة التعرف العميق عىل بعضهم البعض مام يكفل لهام حرية اإلختيار يف الزواج وهذه التقاليد تحتمي بالدين وتقاوم التغيري باسمه ،فذكر يف كتابه أن رؤية الخطيبة للخاطب من النافذة خلسة أو سامع الخاطب ألوصاف مخطوبته من قريباته طريقة غري مجدية ،حيث يقول "ال ميكن أن ينبعث عنها ميل
إىل طلبها لتكون عشرية تطمنئ لصحبتها النفوس وتتعلَّق بها وبنسلها اآلمال .وإمنا الذي يهم اإلنسان البصري هو أن يرى بنفسه خلقاً حياً يفتكر ويتكلَّم ويفعل؛ خلقاً يجمع من الشامئل والصفات ما يالئم ذوقه ،ويتَّفق مع رغباته وعواطفه". يؤكد قاسم أمني أن حق اإلختيار عن معرفة وإقتناع حق للمرأة كالرجل متاماً حيث يقول "وكل ذي ذوق سليم يرى من الصواب أن يكون للمرأة يف إنتخاب زوجها ما للرجل يف إنتخاب زوجته ،فإنه أمر يهمها أكرث مام يهم ذوي قرابتها .أما حرمانها من النظر يف كل ما يختص بزوجها وق َْص الرأي يف ذلك عىل أوليائها دون مشاركة منها لهم ،فهو بعيد عن الصواب" ،ويؤكد قاسم أمني أن آرائه هذه والتي كانت ثورة يف عهده هى من صميم الرشيعة االسالمية ،حيث يقول "منحت رشيعتنا السمحاء للنساء حقوقاً ال تنقص عن حقوق الرجل يف الزواج ،فلها الحق مثله يف أن تتأكَّد من إمكان تحقيق آمالها ،وما علينا إال أن صح من سنة النبي صىل نسمع صوت رشيعتنا ونتبع أحكام القرآن الكريم وما َّ الله عليه وسلم يف الزواج" ،ويف ذات اإلتجاه مييض الشيخ الطاهر الحداد مؤكدا ً حق املرأة يف قبول الزوج أو رفضه حيث يقول يف كتابه امرأتنا يف الرشيعة واملجتمع ما ييل "قال جامعة من العلامء منهم أبو حنيفة النعامن بحق إختيار املرأة لزوجها كالرجل ،متى كانت رشيدة ،تحقيقاً ملعنى اآلية " َولَ ُه َّن ِمث ُْل ال َِّذي َعلَيْ ِه َّن بِالْ َم ْع ُر ِ وف" سورة البقرة اآلية ،222خالفاً ملن يرون جرب البكر عىل من يختاره لها ول ُّيها ،إعتبارا ً لعجزها عن متييز من يصلح لها ،وقد أعطى األولون ملن ز ِّوجت قبل البلوغ أن تفسخ نكاحها بعده إذا رأته غري صالح لها". تأكيدا ً لتمسكه بحرية اإلختيار يرفض الشيخ الطاهر حداد الزواج املبكر، ويعلق عىل مسألة حق من زوجت قبل البلوغ أن تفسخ نكاحها بعد أن تبلغ بقوله "وهذا املذهب وإن كان قد قدّر حرية اإلختيار يف أحكامه إال أنه يف إجازته لألولياء أن يزوجوا البنت قبل بلوغها قد ف َّوت عليها حقها يف اإلختيار .إن الواجب انتظار بلوغها حتى ميكنها أن تستعمل حقها يف وقته املناسب ،وحتى ال ترض مبصالح زوجها التي بناها عىل زواجه بها ،وتكون هي أصح اختيارا ً وأوفر صحة واستعدادا ً للحمل .ولعلنا نجد القرآن يؤيد َاح" " .2والذين يحتجون هذا كام يف اآليةَ " :واْبْتَلُوا ْ الْيَتَا َمى َحتَّ َى إِذَا بَلَغُوا ْ ال ِّنك َ عىل سلب حق اإلختيار من املرأة لجهلها وضعف تجربتها يرد الطاهر حداد بقوله "نثقِّف املرأة بدروس الحياة وأصول الرتبية الفاضلة لتتدارك هي بنفسها ما ينقصها من البصرية يف استعامل حق اإلختيار". أما محمود محمد طه فهو يختلف يف املنهج الفكري عن كل من قاسم أمني والشيخ الطاهر حداد حيث يرى األخريان إمكانية كفالة حقوق املرأة باجتهادات جديدة يف الرشيعة اإلسالمية ،بينام يرى األستاذ محمود أن ال مساواة بني الرجل واملرأة يف الرشيعة ألن الرشيعة فيها تعدد الزوجات ومتنح املرأة نصف مرياث الرجل وتجعل الرجل قواماً عىل املرأة ،ولذلك فأن نصوص الرشيعة عند محمود منسوخة ومتثل ما يسميه نصوص الفروع التي كانت صالحة للتطبيق يف ظروف القرن السابع امليالدي يف مقابل نصوص األصول الصالحة للتطبيق اآلن .ولكن ورغم إختالف املنطلقات اإل أنه ال يوجد خالف جوهري بني آراء محمود محمد طه وآراء قاسم أمني والطاهر حداد يف القضايا التي نناقشها هنا ،ففي الزواج يقول محمود "واألصل يف اإلسالم أن املرأة كفاءة للـرجل يف الزواج ،فالرجل كله للمرأة كلها ،بال مهر يدفعه ،وال طالق يقع بينهام ،واألصل يف اإلسالم دميومة العالقة الزوجية بني الزوجني ،ذلك بأن زوجتك إمنا هي ُص ْنو نفسك .هي انبثاق نفسك عنك
خارجك .هي جامع آيات اآلفاق لك يف مقابلة "س ُنِي ِه ْم آيَاتِ َنا ِف ْالفَاقِ نفسك ،عىل فحوى آية َ َ ْ َ َو ِف أَنف ُِس ِه ْم َحتَّى يَتَبَ َّ َي ل ُه ْم أنَّ ُه ال َح ُّق" سورة فصلت ،اآلية 53ويقول ومن حسن الرتشيد للزوجات إعدادهن ليبلغن مرتبة النضج التي بها يشاركن أزواجهن يف حقـوق ،وواجبات الزوجية، مشاركة األكفاء .ومن حقـوق ،وواجبات الزوجية، الدخول فيها بكامل اإلختيار ،والخروج منها بكامل اإلختيار أيضاً". الطالق :أبغض الحالل وال طالق إال بحكم المحكمة
"قال جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة النعمان بحق إختيار املرأة لزوجها كالرجل ،متى كانت رشيدة ،حتقيقًا ملعنى اآلية " َول َُه َّن مِ ْث ُل الَّذِ ي َع َل ْي ِه َّن ِبال َْم ْع ُر ِ وف" سورة البقرة اآلية ،222خالفًا ملن يرون جرب البكر على من يختاره لها ول ُّيها ،إعتبارًا لعجزها عن متييز من يصلح لها، زوجت وقد أعطى األولون ملن ِّ قبل البلوغ أن تفسخ نكاحها بعده إذا رأته غري صالح لها".
وذات الروح التجديدية لهؤالء املفكرين نجدها تنتظم آراءهم يف قضية الطالق ،وقد إستقر يف األعراف والتقاليد يف املجتمعات املسلمة أنه حق مطلق للرجل ،ميارسه كيفام شاء وليس للمرأة حقاً مامثالً فيه ،ورغم أن بعض اآلراء يف الفقه التقليدي نفسه تكفل للمرأة تطليق نفسها إذا ترضرت من إستمرار الزواج ،ورغم أن العدل من القيم الكلية لإلسالم وهذا العدل يقتيض أن يكون الطالق مبنياً عىل إرادة الطرفني وإتفاقهام ما دام الزواج قامئاً عىل ذلك ،نجد أن القوانني يف البالد املسلمة تجسد العادات والتقاليد الراسخة يف املجتمع الذكوري ،فتجعل من الطالق حقاً إنفرادياً للرجل يعبث به كيفام شاء، وهذا ما دعت آراء مفكرينا إىل تصحيحه ،حيث إعترب ثالثتهم الطالق آفة إجتامعية يجب حصارها ،ولكن إذا إقتضته الرضورة كحل ملشاكل مستعصية ،فال بد أن تحكمه ضوابط قانونية حيث ال يقع الطالق ملجرد تلفظ الرجل به كام يرى الفقهاء القدامى ،ألن يف ذلك إستهتار برباط الزوجية وظلم للمرأة التي ميكن أن يقع عليها الطالق رغم إرادتها وأحياناً دون علمها ودومنا التفات ألبسط حقوقها .يف رشوط صحة الطالق يقول قاسم أمني "ال ميكنني أن أفهم أن الطالق يقع بكلمة ملج َّرد التلفظ بها، مهام كانت رصيحة .نعم إن األمثال الرشعية ال تستغني عن األلفاظ، إذ لو حلَّلنا أي عقد لوجدناه مركَّباً من ظهور إرادة أو مطابقة إرادتني حصل اإلستدالل عليها أو عليهام من ألفاظ صدرت شفاهياً أو بالكتابة، ولذك فليس الغرض اإلستغناء عن األلفاظ ،وإمنا مرادنا أن اللفظ ال يجب اإللتفات إليه يف األعامل الرشعية إال من جهة كونه دليالً عىل النية". فينتج من ذلك أن يجب أن يفهم أن الطالق إمنا هو عمل يقصد به رفع قيد الزواج ،وهذا يفرض حتامً وجود نية حقيقية عند الزوج ،وإرادة واضحة يف أنه إمنا يريد اإلنفصال من زوجته ،ال أن يفهم كام فهمه الفقهاء ورصحوا به يف كتبهم أن الطالق هو التلفظ بحروف (ط ل ا ق) ويف إجراءات الطالق يقرتح قاسم أمني أن ال يتم الطالق إال يف املحكمة أمام القايض أواملأذون، وبحضور شاهدين ،وال يقبل إثباته إال بوثيقة رسمية. وقد طالب قاسم أمني بان يكون للمرأة حق الطالق حيث قال "وملا كان تخويل الطالق للنساء مام تقتضيه العدالة واإلنسانية لشدة الظلم الواقع عليهن من فئة غري قليلة من الرجال مل تتح ّمل أرواحهم بالوجدانات اإلنسانية السليمة ،كان يل األمل الشديد يف أن يح ِّرك صويت ››
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
59
جملرد التلفظ بها ،مهما كانت صريحة .نعم إن يقول قاسم أمني "ال ميكنني أن أفهم أن الطالق يقع بكلمة َّ األمثال الشرعية ال تستغني عن األلفاظ ،إذ لو حلَّلنا أي عقد لوجدناه مركَّ بًا من ظهور إرادة أو مطابقة إرادتني حصل اإلستدالل عليها أو عليهما من ألفاظ صدرت شفاهيًا أو بالكتابة ،ولذك فليس الغرض اإلستغناء عن األلفاظ ،وإمنا مرادنا أن اللفظ ال يجب اإللتفات إليه يف األعمال الشرعية إال من جهة كونه دلي ًال على النية". محب للحق من أبناء وطني ،خصوصاً من › الضعيف همة كل رجل ٍّ أولياء األمور ،إىل إغاثة هؤالء الضعيفات املقهورات الصابرات".
1سورة الروم ،اآلية 21 2سورة النساء ،اآلية 6 3ينسب هذا المذهب ألبي حنيفة النعمان بن ثابت 80ـ 150هـ اإلمام أبو حنيفة من التابعين وهو امام وفقيه من أهل العراق أخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان الذي أخذه عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود واعتمد في مذهبه على الكتاب والسنة واإلجماع والقياس واالستحسان والعرف 4هو شرح أبي الحسن علي بن عبد السالم بن علي التسولي، الفارسي ،على األرجوزة المسماة (تحفة الحكام) للقاضي أبي بكر محمد بن محمد بن عاصم األندلسي ،في الفقه المالكي 5المذهب المالكي أحد المذاهب اإلسالمية السنية األربعة، والتي يتبني اآلراء الفقهية لإلمام مالك بن أنس .تبلور مذهباً واضحاً ومستقال ً في القرن الثاني الهجري .أهم أفكاره هو االهتمام بعمل أهل المدينة ،ويمثل %35من إجمالي المسلمين وينتشر المذهب بشكل أساسي في المغرب األقصى وشمال أفريقيا وغرب أفريقيا واإلمارات العربية المتحدة والكويت وأجزاء من السعودية وعُمان وبلدان أخرى في الشرق األوسط وكان يتبع في الحكم اإلسالمي ألوروبا واألندلس وإمارة صقلية
60
ويف كيفية تطليق املرأة لنفسها يقول قاسم أمني ،الوصول إىل منح املرأة حق الطالق يكون بإحدى طريقتني :الطريقة األوىل :أن يجري العمل مبذهب 3غري مذهب الحنفية الذي حرم املرأة يف كل حال من حق الطالق ،حيث قال الفقهاء من أهله "إن الطالق منع عن النساء ،إلختصاصهن بنقصان العقل ونقصان الدين وغلبة الهوى" ،مع أن هذه األسباب باطلة ،ألن ذلك إن كان حال املرأة يف املايض فال ميكن أن يكون حالها يف املستقبل ،وألن كثريا ً ُّ وأستدل من الرجال أح ّط من النساء يف نقصان الدين والعقل وغلبة الهوى، يل عند إطالعي عىل إحصائية الطالق يف فرنسا. عىل ذلك مبالحظة وردت ع ّ فقد رأيت أنه يف سنة 1890حكمت املحاكم الفرنساوية بالطالق يف 9785 قضية منها سبعة آالف تقريباً حكم فيها بالحق للنساء ،حيث ثبت أمام املحاكم أن العيب كان من الرجال. ال يصح يف الحق أن رشيعة سمحاء عادلة كرشيعتنا تسلب املرأة جميع الوسائل التي تبيح لها التخلُّص من زوج ال تستطيع املعيشة معه ،كأن كان رشيرا ً ،أو من أرباب الجرائم ،أو فاسقاً ،أو غري ذلك مام ال ميكن معه المرأة سليمة الذوق واألخالق أن ترىض بعرشته .وقد ّ وف مذهب اإلمام مالك للمرأة بحقها يف ذلك وق ّرر أن لها أن ترفع أمرها إىل القايض يف كل حالة يصل لها من الرجل رضر .جاء يف كتاب البهجة يف رشح التحفة 4أليب الحسن التسويل ما يأيت "إن الزوجة التي يف العصمة إذا أثبتت رضر زوجها بها ،والحال أنها مل يكن لها بالرضر رشط يف عقد النكاح من أنه إن أرض بها فأمرها بيدها ،فقيل لها أن تطلِّق نفسها بعد ثبوت الرضر عند الحاكم من غري أن تستأذنه يف إيقاع الطالق املذكور ،أي ال يتوقَّف تطليقها نفسها عىل إذنه لها فيه ،وإن كان ثبوت الرضر ال يكون إالّ عنده ،كام أن الطالق املشرتط يف عقد النكاح ،أي املعلَّق عىل وجود رضرها لها أن توقعه بعد ثبوته بغري إذنه وظاهره اتفاقاً .وقيل حيث مل يكن لها رشط به لها أن توقع الطالق أيضاً ،لكن بعد رفعها إياه للحاكم وبعد أن يزجره القايض مبا يقتضيه إجتهاده من رضب أو سجن أو توبيخ ونحو ذلك ،إن مل يرجع عن إرضارها ،وال تطلِّق نفسها قبل الرفع والزجر ،ومنهم من قال إن الطالق بيد الحاكم ،فهو الذي يتوىل إيقاعه إن طلبته الزوجة وإمتنع منه الزوج ،وإن شاء الحاكم أمرها أن توقفه ،فعىل هذا القول ال بد أن يوقعه الحاكم أو يأمرها به فتوقعه ،وإذا أمرها به فهي نائبة عنه يف الحقيقة ،كام أنه هو نائب عن الزوج رشعاً حيث أمتنع منه .وروى أبو زيد عن إبن القاسم أنها توقع الطالق دون أمر اإلمام .قال بعض املوثقني واألول أصوب".
وهذه الطريقة أفضل من األوىل من بعض الوجوه ،فإن من املضار الحقيقية التي تتفق كل النساء يف التحفّظ منها وبذل املستطاع يف إتقائها ما ال يكون سبباً يسمح للقايض أن يحكم بالطالق يف 5مذهب مالك ،وذلك كتز ُّوج الرجل بامرأة أخرى وزوجته األوىل يف عصمته .فإن الزوجة األوىل لو رفعت شكواها إىل القايض وطلبت منه أن يطلِّقها مل يجز للقايض أن يجيب طلبها ،فلو اشرتطت أن تطلِّق نفسها متى شاءت ،أو عندما يتز َّوج زوجها عليها كان األمر بيدها ،ولكن العمل عىل الطريقة األوىل أحكم وأحزم ،فإن وضع الطالق تحت سلطة القايض أدعى إىل تضييق دائرته ،وأدىن إىل املحافظة عىل نظام الزواج. يتفق الشيخ الطاهر حداد مع قاسم أمني يف أن أمر الطالق يجب أن يوكل للقضاء وال يقع الطالق إال بحكم املحكمة وذلك صيانة لحقوق النساء واألطفال ،ويف كتابه إمرأتنا بني الرشيعة واملجتمع وجه نقدا ً الذعاً للفقهاء الذين عرفوا الطالق بأنه صدور لفظ يف غري نوم أو سهو أو إكراه ،سواء كان هذا اللفظ رصيح الداللة عىل الطالق أو كناية عنه ،بل هناك من قال منهم إن الطالق دون نية الواحدة أو أكرث ينرصف للثالث إحتياطاً ألقىص مدلول اللفظ .وأغرب من هذا أيضاً أن جمهورا ً منهم يق ِّررون طالق السكران املنتيش بخمرته عقاباً له عام أدخل يف جوفه من الحرام ،وال يالحظون أن هذا العقاب نفسه سينزل عىل زوجة بريئة وذرية أبرياء يعيشون يف إنكسار وخيبة .فهل هم بهذا التقرير يرون سهالً سائغاً خروج إمرأة من بيتها ودخول أخرى مكانها وتشتيت ذرية ضعاف؟ .إن الله ال يريد هذا. ومعاذ الله أن يكون اإلسالم مصدرا ً لهذا الرش الفظيع" ،ويواصل حداد يف نقده لإلستهتار بالطالق قائالً "يظهر باإلستقراء أن ال عالج لدرء هذه الحالة إال بوضع مبدأ تحكيم القضاء يف كل ما يقع من حوادث الطالق والزواج، حتى ال يتم منهام إال املوافق لغرض الرشيعة ونصوصها .وال يبقى مج ّرد لغو يصدر من فم رجل ينقض بيتاً مبن فيه من أهله ،ليصبح ذلك الرجل هو نفسه بعد قليل شاكياً باكياً عىل ما فرط منه ومتلمساً أوجه الخالص مام وقع فيه بجهله وإندفاعه أثناء غيبوبته وحمقه األخرق .ولذلك كان نؤسس محاكم طالق .نحفظ بها مقاصد حتامً علينا لو توفّقنا إىل الخري أن ِّ الرشيعة اإلسالمية التي تتطَّلب هذه املحاكم بطبيعة الحال لرعاية نصوصها، وحمل الناس عليها ،وهذا واجب املسلمني اليوم. أما األستاذ محمود محمد طه فهو يرى أن الطالق حق أصيل للمرأة وهي مساوية للرجل فيه حيث يقول "الطالق حـق ،يف أصل الدين ،للنساء كام هو للرجال .ولكن حق النساء يف الرشيعة يف املـرحلة ،قد ائتمن عليه الرجـال، ولقد غفل عن هذه الحقيقة علامء اإلسالم ،ملا غفلوا عن أن الرشيعة السلفية إمنا هي مرحلية ،وليست الكلمة األخرية ،التي يريدها الدين".
ختاماً :من كل ما سبق نخلص إىل أن حقوق املرأة العاملية يوجد الطريقة الثانية :أن يستمر العمل عىل مذهب أيب حنيفة ،ولكن تشرتط كل امرأة تتزوج أن يكون لها الحق يف أن تطلِّق نفسها متى شاءت ،أو تحت رشط لها منارصون إنطلقوا يف منارصتهم من اإلسالم نفسه عندما أقبلوا عليه بعقل مفتوح. من الرشوط ،وهو رشط مقبول يف جميع املذاهب.
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
قراءات ومعارف
تعدد الزوجات تواطؤ الدين والتقاليد في المجتمعات اإلسالمية في القرن األفريقي تقول هالة الكارب ليس هناك مسوغاً عقائدياً أوعلمياً لتعدد الزوجات ،سوى أنها تقاليد تعمل على تجاوز النداء الذي وجهة القرآن إللغائها. يف هذا الجزء من العامل هناك قناعة راسخة بأن اإلسالم يشجع الرجال عىل أن يتزوجوا بأكرث من اِمرأة واحدة .لكن وبعيدا ً عن هذا اإلفرتاض املؤسس عىل الرتجمة الذكورية للقرآن ،فالحقيقة الراسخة هي أ ّن ثقافة تعدد الزوجات 1هي تقليد راسخ يف املجتمعات األفريقية ومجتمعات أخرى منذ أزمان بعيدة .حيث أن ثقافة تعدد الزوجات هى ثقافة مستمدة من التقاليد البطرياركية املتجذرة واملعتقدات املتوارثة .فاملجتمعات غري املسلمة باإلقليم أيضاً متارس هذا التقليد ،مام يؤكد فرضيتنا أن املسألة أبعد من كونها متعلقة باإلسالم. هناك عدة عوامل ميكن أن يعزوها اإلنسان إلنتشار ظاهرة تعدد الزوجات يف القرن األفريقي ،منها التقاليد الراسخة والضاربة يف القدم والتي تلتقي يف مضمونها مع التفاسري السلفية 2لإلسالم الواردة من مجتمعات الجزيرة العربية املجاورة .والنتيجة كام نرى إستسالم كامل لهذه املامرسة والتي إكتسبت قيمة روحية من خالل إندغامها يف الفقه السائد بهذه املجتمعات. كام أن فقر اإلقليم وموقعه الجغرايف والسيايس والضعف الذى الزم بنية الدولة ىف العقود السابقة كلها مثلت عوامل إضافية أدت إىل تنامي الظاهرة ،حيث أن الكثري من سكان القرن األفريقي القديم يف الثالثني عاماً املاضية ظلوا يعملون أو ميارسون التجارة مع سكان شبه الجزيرة العربية التي تسيطر عليها النزعة السلفية لإلسالم .كذلك رصاعات الهوية والحروب األهلية املتكررة جعلت من املنطقة مالذا ً آمنا للجامعات اإلرهابية واأليدولوجيات التي تناصب املرأة العداء .تضافرت كل تلك املالبسات
لتأجج من ظاهرة تعدد ا لز و جا ت وإنتشار ثقافة إذا ً أن يصري السلوك املعادي للنساء بشكل عام .ال غرو النقاش حول الرشيعة وتعدد الزوجات مطية للجهالء من الفقهاء واألمئة، والذين يستمدون رشعيتهم من إتصالهم بالسلطة السياسية وطبقة األغنياء. باملقابل ،وخالفاً ملجتمعات القرن األفريقي التي تحتل موقعاً هامشياً بني املجتمعات اإلسالمية ،نجد أن الكثري من األقطار اإلسالمية بالرشق األوسط وشامل أفريقيا سعت بشكل جاد منذ القرن املايض للحد من ظاهرة تعدد الزوجات والعمل عىل تقويض رشعيتها ،مستفيدة من تعدد التفسريات الفقهية عرب التاريخ اإلسالمي .هذه املجتمعات أسست جهودها للحد من تعدد الزوجات عىل الحقائق اإلجتامعية املاثلة يف تقويض التعدد ألركان املجتمع وتدمريه لألجيال الناشئة .ففي تونس عىل 3 سبيل املثال ،نجد أن قانون منع تعدد الزوجات قد ُسن منذ عام .1956 السبب الرئيىس الذي قامت عليه حجة املنع ىف تونس هو ا َن تعدد الزوجات مل يعد يناسب مجتمعات اليوم وأن ما إستُند عليه يف السابق من حجج لتربير التعدد من حامية لألرامل واليتامى مل تعد مربرة يف مجتمعات اليوم .كام أن الزواج من إمرأة واحدة ميثل جوهر امل ُثل التي يدعو اليها القرآن.
ضرورة إخطار الزوجة التي يف العصمة؛ يجوز للزوجة التي يف العصمة طلب الطالق إذا ما أصابها ضرر يجعل تعايش الزوج والزوجة أمرًا مستحيالً. قانون األحوال الشخصية ،مصر تعترب تركيا هي الدولة اإلسالمية الوحيدة التي ألغت وج ّرمت تعدد الزوجات ونصت عليه يف القانون املدين الرتﻰﻛ لعام .1926والعقوبة التي ينص عليها القانون يف حالة مامرسة التعدد هي السجن ملدة عامني .ليس ذلك فقط ،فالحزب اإلسالمي الحاكم يف تركيا حزب الحرية والعدالة سن قانوناً مينع منعا باتاً أي شخص له أكرث من زوجة من الدخول إىل تركيا أو اإلقامة بها .بعض األقطار األخرى مثل مرص واملغرب والجزائر قامت بجهود مقدرة ملراجعة قانون األرسة وعمل إصالحات مهمة يف هذا الصدد: منها العمل عىل تحسني حقوق املرأة والحد من مامرسة تعدد ››
هالة الكارب ناشطة في مجال حقوق المرأة وباحثة سودانية ومديرة شبكة المبادرة اإلستراتيجية لنساء القرن األفريقي. بخلفيتها في علم النفس ودراسات المرأة والتنمية، عملت هالة كمستشارة لالجئين في كندا وفي عدة بلدان أخرى من خالل بعثات مختلفة في شرق أفريقيا .وهي تعمل حالياً في أوغندا. وقد نُشرت لها عدة مقاالت وتقارير في مجال إهتمامها على خلفية تاريخها الطويل في حقل التغير اإلجتماعى وتعزيز حقوق النساء واألقليات في القرن االفريقي.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
61
الزوجات › وتحسني أحوالهن داخل إطار مؤسسة الزوجية املتعددة. يف الجزائر يجب أن قانون األسرة ،إيران يكون هناك مربرا ً معقوالً للزواج مرة أخرى ،كام أن إعالم الزوجة الحالية رشط أسايس للسامح بالتعدد من قبل القضاء وليك نضع هذا النقاش يف إطاره الصحيح ،يجب أن نفهم أن تعدد الرشعي ،وباملقابل ،يحق للزوجة األوىل طلب الطالق إن رأت الزوجات هو مامرسة قدمية قدم البرشية نفسها .وعندما أىت اإلسالم يف التعدد ما يشكل عليها رضرا ً نفسياً كان أم مادياً. كانت مامرسة تعدد الزوجات يف أوجها مثلها مثل العبودية .ووأد ويف مالحظة إيجابية أخرى ،نجد أن دولة جيبويت هي أول دولة يف البنات وقهر النساء وكافة أشكال الظلم اإلجتامعي التي كانت واسعة القرن األفريقي سعت إىل تعديل قانون األحوال الشخصية مبا يتوافق مع اإلنتشار .وإستناد ا ً عىل القرآن الكريم نفسه ،فإن مثل هذه األطُر القوانني الدولية السائدة ،ومع ذلك نجدها قد إحتفظت بهويتها اإلسالمية واملامرسات اإلجتامعية البالية ما هي إال بعض من مظامل مجتمعات وبالرشيعة كمصدر من مصادر الترشيع .كام أنهم فرضوا محددات قانونية ما قبل اإلسالم .بعض من هذه املظامل ،مثل وأد البنات ،تم تجرميها ملامرسة تعدد الزوجات ،تقارب تلك التي يف مرص والجزائر .4أما فيام عدا فورا ً بواسطة النصوص القرآنية ،والبعض األخر ،مثل تعدد الزوجات ذلك ،مل نرى أي تعديالت تطال القانون فيام يخص مامرسة تعدد الزوجات والعبودية ،تُرك الباب موارباً ملنعها بواسطة إجتهادات املرشعني يف مجتمعات ودول القرن األفريقي ،ناهيك عن مساءلة أوضاع النساء يف والعلامء رجاالً ونساء ا ً مبا يتفق ومعايري الواقع املعارص إحقاقاً ملقولة إطار قانون الرشيعة الوارد إىل هذه املجتمعات .الشاهد أن القرن األفريقي أن القرآن نصاً خالد ا ً صالح لكل زمانٍ ومكان .وعىل ال ُرغم من أ ّن سورة ُ أصبح مالذا ً للجامعات املتطرفة وأيدولوجيتها الوافدة من كل أنحاء العامل .النساء 5ظلت هي مثار الجدل الثائر يف مدى رشعية تعدد الزوجات من والنساء أصبحن محارصات بهذه النسخة من الرشيعة امل ُروجة ملامرسة عدمه ،وذلك بإشارتها إلمكانية زواج الرجل بأربعة نساء ،االّ أنها ذات السورة التي تحض عىل العدل بني الزوجات 6مع التأكيد الجازم بأنه تعدد الزوجات والحض عليه بإعتباره تعبريا ً عن هوية املجتمع املسلم!. يستحيل عىل الرجل أن يعدل بني أكرث من زوجة واحدة.
يجوز للزوجة احلصول على الطالق إذا تزوج زوجها دون إذن منها أو مل يعدل بني زوجاته بحسب رأي احملكمة
بوليجامي تعددية في األزواج
وجود أكثر من زوج أو زوجة ،رغم أنه من الناحية الفنية عندما تكون هناك أكثر من زوجة لرجل واحد فإن ذلك يطلق عليه تعدد الزوجات بوليجينى. وعندما يكون للمرأة أكثر من زوج فإنه يشار إلى هذا على أنه تعدد األزواج بولياندري .تأخذ التعددية في األزواج بوليجامي عدة أشكال في أنحاء العالم المختلفة. ففي بعض الثقافات ،يتم تقاسم زوجة واحدة بين األشقاء بينما في بعضها اآلخر يكون لألب واإلبن زوجة مشتركة. وفي حاالت أخرى ،فإنه قد يكون للرجل العديد من الزوجات ما قد يصل إلى 11في منطقة أرسي اإلثيوبية ،وحيان ًاإلى أكثر من ذلك كما هو الحال في جنوب السودان .تورث األرملة في العديد من مجتمعات القرن اإلفريقي من قبل أشقاء زوجها المتوفى أو من قبل أبيه أو حتى من قبل إبنه من زوجة أخرى .تعددية األزواج أمر منتشر جداً وسط المجتمعات الوثنية والمسلمة في غرب إفريقيا. وال تزال نسبة تعددية األزواج مرتفعة جدا في الكثير من الدول العربية كذلك.
62
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
مينع تعدد الزوجات إذا خِ يف عدم العدل بني الزوجات ،ويشرتط إخطار الزوجة التي يف العصمة وأيضًا املراد التزوج بها ،كما يحق للمرأة التي يرغب زوجها يف التزوج عليها ومل تكن قد اشرتطت عليه يف عقد الزواج عدم التزوج عليها أن تطلب الطالق عن طريق احملكمة على أساس التضرر. قانون األسرة ،اململكة املغربية ومن ناحية أخرى ،نجد أنه وبالرغم من أن املباديء والقيم اإلسالمية ترص عىل رضورة اإلنفاق عىل األطفال والنساء يف حال وقوع الطالق، إال أنه يف حقيقة األمر والواقع نجد أن هذه املبادئ ال تجد إعرتافاً أو إحرتاماً أو تطبيقاً يف مجتمعات القرن األفريقي .والثابت ،أن النظام القضايئ الحايل سواء أن كان نظاماً عرفياً اومدنياً يُراعي ويعزز من مصالح الرجال ،ويعمل عىل متتني سيطرتهم بينام يهمل متاماً مصالح النساء واألطفال الذين يعولونهم .ف ِمن الواضح أن تسييس الدين اإلسالمي عرب تطوره التاريخي ،وإلتقائه مع منظومة القيم البطرياركية عمل عىل إضعاف تطوير قيم ومبادئ التقدم والتنوير التي كانت
تحملها تفسرياته ،خصوصاً يف املسائل املتعلقة بقيم العدل واملساواة المراجع 1 بني الرجال والنساء يف الحقوق والواجبات. هذه ترجمة ويف بحث قامت به املنظمة السودانية للبحوث والتنمية بغرض إختبار فاعلية قانون األرسة الحايل ىف السودان وأثره عىل النساءُ ،وجد أن القانون يعتمد بشكل أسايس عىل التفسريات البطرياركية يف املسائل األرسية. ويكشف البحث يف جزء منه عن األحوال البائسة التي تعيشها آالف من النساء املطلقات أو الاليت يعشن ىف صياغ التعدد وأطفالهن .وال تقف أحوالهن البائسة عىل ذلك ،فضعف القانون يف القدرة عىل فرض النفقة عىل الزوج للقيام بواجباته تجاه املرأة وأطفالها ،تظل لعنة أخرى تطارد النساء املطلقات والاليت يعشن كزوجات رشيكات .كام وجد البحث أن القانون يذهب مذهباً بعيدا ً يف تحيزه ضد النساء وذلك بإغفاله عمدا ً اإلشارة إىل أية رشوط مسبقة تراعي األحوال املعيشية للمرأة املطلقة أوالتي تعيش كزوجة رشيكة ،وهو ما يعني ضمناً إعطاء الرجل سلطة غري مرشوطة تعززها سلطة القانون الذي يعفي األب ضمنياً من مسؤلياته تجاه أطفاله ووالدتهم .و تتمثل نتائج تعدد الزوجات يف التهميش اإلقتصادي والفقر والذي هو واحد من أكرب تداعيات مامرسة التعدد، إضافة إىل الظلم والعنف والعزلة ،كل هذه العنارص ،متارس دورها السالب عىل النساء واألطفال نتاج هذه املامرسة املعيبة. فعىل املدى الطويل ،نجد أن تأثري تعدد الزوجات يطال العديد من األجيال الالحقة ،حيث ا َن مؤسسة التعدد ت ُورث ذات اإلهامل والتجاهل واإلحساس بعدم املساواة والرغبة يف قهر النساء ،إضافة اىل عدم القدرة عىل تحمل املسئولية بني الرجال ممن نشأوا داخل زيجات التعدد ودون رعاية مبارشة من أب ملتزم تجاههم يكون مبثابة القدوة والدليل لهم، والنتيجة كام نراها ماثلة؛ أجيال من الرجال شبوا عىل إستبطان قهر النساء مام يسهم يف إطالة أمد الكوارث اإلجتامعية يف املجتمعات املسلمة وغري املسلمة التى تشجع تعدد الزوجات.
لمصطلح التعدد ( )Polygamyليشمل الجنسين والذي عند استخدامه في سياق معين كالمجتمعات المسلمة مثال ً يشار إليه بتعدد الزوجات .المترجم
2
السلفية جماعة متشددة من السنة المتطرفة السائدة في شبه الجزيرة العربية تعتقد أنها المرجعية الوحيدة الصحيحة لفهم القرآن ،وبناءً على جهة نظرها تسعى إلى إحياء ممارسات النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
3
بعد اإلستقالل عن فرنسا في عام 1956بوقت قصير ،أصدرت تونس قانون األحوال الشخصية ،بناءً على مسودة قانونية غير رسمية مستمدة استناداً على المذهبين المالكي والحنفي .وبعد ذلك بعام ،في عام ،1957تم حظر تعدد الزوجات بالقانون رقم .40اعتمدت آراء اإلصالحي األمام محمد عبده وضمنت آيتين من القرآن كمرجعية 4:3 ،و .4:129وقد تم فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات في تونس من جديد في أعقاب ثورات الربيع العربي وانتخاب حكومة إسالمية حديثا.
4
قانون األسرة اإلسالمي؛ html.http://www.law.emory.edu/ifl/index2
5
"وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَال َ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَال َ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا
2
وَإِنْ خِفْتُمْ أَال َّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُو ْا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى َوثُالثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَال َّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَال َّ تَعُولُواْ
4
" سورة النساء (اآليتين 2و)3
6
"يَا أَيﱡهَا النَّبِيﱡ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ال تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَال يَخْرُجْنَ إِال َّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مﱡبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَ َلمَ نَفْسَهُ ال تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا
1
ف أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُو ٍ م يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُ ْ اآلخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا
2
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ ال يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِﻎُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا
3
وَالَّالئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَالثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّالئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْالتُ األَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا
4
ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا
5
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَال تُضَارﱡوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوالتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَﺂتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
6
لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ال يُكَلِّفُ اللَّ ُ ه نَفْسًا إِال َّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ( ،" )7سورة الطالق (اآليات )7-1
المادة 6في الزواج البروتوكول الملحق بالميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا: على الدول األطراف أن تكفل تمتع المرأة والرجل بحقوق متساوية وإعتبارهما شريكين متساويين في الزواج. وأن تقوم باتخاذ تدابير تشريعية وطنية مناسبة لضمان ما يلي: أ ) ال يجوز ألي زواج أن يتم من دون الموافقة الحرة والكاملة من كال الطرفين؛ ب) أن يكون الحد األدنى لسن زواج المرأة 18سنة؛ ج) أن يشجع الزواج األحادي باعتباره الشكل المفضل للزواج وأن يتم تعزيز وحماية حقوق المرأة في الزواج واألسرة ،بما في ذلك في العالقات الزوجية التعددية؛ د) أنه يجب أن يدون كل زواج كتابياً ويسجل وفقاً للقوانين الوطنية ،حتى يكون معترف به قانوناً؛ ه) أن يختار الزوج والزوجة ،باتفاق متبادل ،نظام الزوجية الخاص بهما ومكان إقامتهما؛ و) أن يكون للمرأة المتزوجة الحق في االحتفاظ بإسمها ،إلستخدامه كما تشاء سواء بصورة مشتركة أو منفصلة عن لقب زوجها. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
63
قراءات ومعارف
الغناء والروحانية في اإلسالم أوليست الموسيقى غذا ًء للروح من تمبكتو إلى زنجبار ومن السنغال إلى السودان ،تستطيع الموسيقى توحيد وتقسيم المجتمعات المسلمة على حد سواء .يراها البعض مشكلة، والبعض اآلخر حالً ،تيمبي ميتش تتبعت أصواتهن/هم. مدينة زنزبار ،تنزانيا تجمع حشد من الشابات املنقبات وبعض الرجال خارج مقهى يف زنزبار مأخوذين مبنظر إمرأة أفريقية ترتدي املومو أو القفطان السائد ىف غرب أفريقيا مغطاة الرأس تتغنى بشعر الغزل محاكية صوت ا َذان الصالة. أرس صوت نوال الجيل املستمعني وهي تجلس عىل رشفة املقهى برفقة آلة جيتار حتى قاطعها رصاخ بائع متجول واضحة عليه معامل الغضب. قال صائحاً فيها "كيف تيمبي موتش صحافية تجرئني عىل إستخدام مستقلة في مجاالت إسم الله يف أغنية؟" اإلذاعة والصحافة ،نشرت وترد نوال يف غضب عدة مقاالت في مجلة هادئ "أنتم تستخدمون البيئي )The) Ecologist آلة األورغن يف مدحكم ومجلة الفكر األفريقي الله". اإلسفيرية وغيرها. مع مكثف عملت بشكل عزف على هيئة االذاعة البريطانية وتر المجتمع وحصلت على جائزة الحساس: مرموقة للصحافة البيئية من زنزبار في عام .2007وتشمل الرملية إلى مجاالت إهتمامها حقوق السودان اإلنسان ،التعدين ،واإلتجار ا لمشمس بالبشر .تيمبي بصدد إنهاء رسالة الدكتواراة يف زنزبار القرن الحادي في مجال وسائل اإلعالم والعرشين كام يف معظم والشائعات والمشاركة أفريقيا والعامل اإلسالمي، في السياسية في زنجبار للموسيقى القدرة عىل كلية الدراسات الشرقية التأجيج بذات القدر واألفريقية كما تعمل اآلن الذي كانت تفعل يف كمدربة في مبادرة منتدى فارس القدمية حيث كانت املوسيقى والفسيفساء شباب زنجبار.
64
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
والشعر ت ُصنع للتقرب إىل الله .والتزال اإلنقسامات القدمية بني الصوفية ،أكرث أفرع اإلسالم تسامحاً، وهي تؤمن بأنه ميكن للفن واملوسيقى أن يكونا تعبريا ً عن التأمل ،وبني األفرع األكرث محافظة، والتي تؤمن بأن العبادة يجب أن تكون يف صمت وأن تكون فردية وبتفكر تثري أسئلة وجودية حول طبيعة اإلميان والروحانية.
املوسيقية الحيوية والديناميكية املوسيقى يف معالجة القضايا اإلجتامعية .بعيد ا ً عن رؤية املوسيقى بحسبانها منافية للدين ،فإن املجموعة تستخدم املوسيقى للجمع بني األرس والقبائل والعشائر يف السودان ،من الشامل إىل الجنوب ،إلستخدام الغناء يف مجابهة التحديات السياسية واالجتامعية .يف الواقع إن املوسيقى بالنسبة لكثري من السودانيني املسلمني ،جزء ال يتجزأ من الواقع اإلجتامعي، واليومي .يرشح دفع الله مدير أكادميية السودان للموسيقى والثقافة* مركزاملوسيقى التقليدية السودانية بالخرطوم وعضو الفرقة قائالً "إن املوسيقى والثقافة تعربان عن املعرفة .فإن كنت تعرف موسيقاي وديني وثقافتي فأنك تحرتمني".
عىل الرغم من أن هناك الكثري من الخالف حول دور املوسيقى أو حظرها يف اإلسالم ،إال أن نوال املسلمة امللتزمة من جزر القمر ،ترص أنه ال يوجد يشء يف القرآن يحرم الغناء .وهي تقول "أنا أغني آلمايل وقيمي .إنها مثل التواصل باألفكار واملشاعر .أريد للجمهور أن ينىس أنني فنانة. أنا ال أقول حي عىل الصالة أنا أقول الله أكرب، ليس هناك ما هو ليس الله .لذلك ،إذا كان هناك ويواصل دفع الله قبل أن يبدأ بالغناء من يقتلني لقويل ذلك فهو يقتلني ألين أسبح لله وأحمده .مل آت لتغيري الناس إين هنا ليك أتألق”" .نحن ال نتوقف أبدا ً عن الغناء .املوسيقى يف السودان يف كل مكان وهكذا كانت للعديد وتواصل نوال حديثها "ينبغي عىل وسائل من القرون .إنها جزء من حياتنا ،من املولد اإلعالم الغربية أن تعكس صوريت كام هي وأن إىل املامت .عندما تعد املرأة الشاي أو القهوة تظهر اإلسالم عىل أنه حيوي ومنتج ولطيف يف الصباح فلها أغنية خاصة .إنها تتغنى وهي وإيجايب ليس متطرفاً فقط" إنها تروي قصة ترضب مبدقها يف تناغم لتخلق إيقاعاً وهي حدثت يف مهرجان دويل يف بلجيكا عندما إحتج تطحن القهوة .ثم عندنا ذلك النوع الخاص من حشد أغلبيته من املسلمني ،وكاد أن يثور .غري أن غناء الربامكة وهو نوع من الغناء خاص برشب نوال تذكر أنه بعد اإلحتفال جاء إليها مسلمون الشاي هذه أغاين جامعية" .ثم يعطي مثاالً قبل أتراك وفلسطينيون وطوارق وسوريون ،رجاالً أن يواصل حديثه إنه يشبه أغنيات الحنجرة ونساءا ً ،وعيونهم مغرورقة بالدموع ،يقولون إن املنغولية "نحن نغني أغاين الحب إلبلنا ألننا نعتمد عليها .ونغني للصحراء حتى التقتلنا. أغانيها كانت مؤثرة وعميقة. إن كانت عندنا مشاكل يف املجتمع فإننا نجمع ويرتدد صدى هذه اإلختالفات يف السودان الكل لحل املشكلة ،ونشاور كبارنا ،ونتحدث، كذلك ،حيث تستخدم مجموعة كامرياتا ونغنى ،ثم نتحدث أكرث".
مواجهات حول الموسيقى في شمال مالي عىل بعد بضعة آالف من األميال إىل الغرب من السودان ،يف مايل جلبت التوترات بني التفسريات املتناقضة لدور املوسيقى بالنسبة للمسلمني تركيزا ً حادا ً بشكل خاص ،ويف كثريمن األحيان كان مأساوياً ،يف أعقاب إستيالء املتشددين اإلسالميني عىل الجزء الشاميل من مايل ىف العام املايض". غادرت خرية أريب املغنية من مايل والتي بدت فارهة يف لفافة رأسها األخاذة وفستانها األزرق الفخم بوجهها املجعد املتعب ،الطائرة لتوها وهي عائدة من شامل مايل .وهي تقول "نعم إنها حقيقة ،لقد رأيتها بعيني ،سيقطعون لسانك إن أنت غنيت"" .لقد رأيت أصدقاء وقد قطعت أياديهم بسبب النغامت يف هواتفهم النقالة" .أريب املعشوقة عرب بلدها مايل ،وتلقب تدليالً بعندليب الشامل .ولدت يف قرية أبارادجو ،إىل الشامل من متبكتو ،والديها من خلفيتني إثنيتني مختلفتني أمها من السونغاي وأبوها من الرببر .ت ُعرب موسيقى أريب ،التي تفوق موسيقى إبن عمها سالف كيتا ذات الصيت العاملي شهرة يف الداخل ،عن تنوع مجموعات شامل مايل اإلثني وأساليبهم الشعرية. بعد تهديدات مستمرة وهجامت من جانب املتشددين اإلسالميني ،مبا يف ذلك تحطيم أحهزة اإلسترييو يف األسواق وبيوت الناس ،ومصادرة أجهزة الراديو ورشائح الهواتف النقالة املحملة باملوسيقى هربت أريب إىل باماكو لتقيم مع سالف كيتا يف جزيرته عىل نهر النيجر .هنالك العديد من املوسيقيني املاليني ضمن اآلالف الذين هربوا جنوباً منذ أن بدأت األزمة. كيتا هو اآلخر قد أذعن وإستسلم .وقد علق قبل التدخل الدويل ضد املتمردين اإلسالميني قائالً "إن مل تكن هناك موسيقى فال وجود لتمبكتو .إن هذا يعنى أنه مل تعد هناك ثقافة يف مايل" .وحقاّ فإن متبكتو تعترب جزءا ً من سلسلة من املاملك األفريقية ذات التاريخ التليد يف التعليم واألدب والحياة الفكرية .إنها موطن إحدى أكرب املكتبات اإلسالمية يف أفريقيا ونقطة لتالقي العلامء الذين كانوا يتناقشون ويفرسون القرآن.
لوحة :ماريا نايتا ،يوغندا
غري أنه يف العام املايض ،أعلن املتمردون باإلسالم ،إنهم إرهابيون ،ونحن يجب أن تكون اإلسالميون الذين استولوا عىل البلدات أن لنا اإلرادة ورباطة الجأش لطردهم". األرضحة شكل من أشكال الوثنية وفرضوا قيودا ً من الواضح إن املوسيقيني املسلميني يف عىل أنواع من التعبري ،مثل املوسيقى ،التي كانت جزءا ً من النسيج األسايس للحياة اليومية .أفريقيا؛ من شيخ لو السنغال إىل خرية أريب مايل مثلها مثل العديد من املاليني ،كانت أريب حائرة ،إىل كامرياتا السودان إىل نوال جزر القمر ليسوا وهي تقول "ليس هناك أي نص يف القرآن يحرم بصدد اإلذعان للضغوط يف غنائهم .وحقيقة، املوسيقى .لقد قرأته كله ،وميكنني أن أقول لك عىل العكس من ذلك فهم يرون املوسيقى أداة بأمانة ليس هناك أي شئ فيه يقول لك ال تغني .للتغيري اإلجتامعي .يقول دفع الله "إن املوسيقي مل أر أبدا ً أن املوسيقى حرام" .يف الحقيقة إن اريب الحقيقي اليذهب للنوادي الليلية ،بل يظل وسط متشككة جدا ً من أن الدين هو دافع املتمردين املجتمع ،ويقوده إىل الطريق الصحيح ،وهذا أصالً .وهي تقول يف أرصار "هذه الحرب هي من يعني السالم والوحدة والتفاهم والتواصل". أجل تجارة املخدرات واألتجار يف األسلحة .إنها ويف الوقت نفسه ترصح أريب بتحد "علينا من أجل السيطرة عىل طرق مهمة عرب منطقة تجارية ضاربة يف القدم .إنها من أجل املال ،اإللتزام بالغناء ،بالرقص ،وباإلحرتام ،وبإظهار والسياسة والسيطرة .إنها ليست من أجل الدين" .التقدير للمعاناة ،والقدرة عىل التحمل والشجاعة من قبل الناس الذين يقاتلون من أجلنا ،ومن الشيخ لو ،أحد قدامى املحاربني السنغاليني أجل أولئك الذين ال يستطيعون الغناء". الذي ميكننا أن ندعوه ب مايلز ديفيس "يجب علينا أن نؤلف األغاين الجميلة قبل املوسيقى األفريقية ،هو أيضاً من الغاضبني عىل محاولة املتمردين حظر املوسيقى يف شامل الحرب ،وأثناء الحرب ،وبعد الحرب ،لإلحتفال مايل .شيخ لو مسلم ملتزم من مريدي باي فول مبا لدينا". الصوفية** .وهو يقول "هؤالء الناس يسيئون ترجمه الي العربية: إستخدام إسم اإلسالم .ليست لهم عالقة مصطفى هارون
* أعتقد أن التسمية الرسمية للمؤسسة التي يديرها الموسيقي دفع الله الحاج علي هي مركز الموسيقى التقليدية السودانية تحورت بالترجمة إلى أكاديمية السودان للموسيقى والثقافة واألمر يحتاج إلى مزيد من التحقق، غير أن بحثي حتى اآلن لم يسفر عن غير هذا .المترجم ** هم من أتباع أحمدو بامبا .المترجم
نشرت ألول مرة في مجلة ثنك أفبيكا برس األثيرية http:// thinkafricapress. com/tanzania/ nightingale-stillsings-africanmusiciansprovide-importantperspectivesislam-and-music#. .UVD3wRhdDF0 ,facebook 05.03.2013
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
65
بني اخلاص والعام
طارق شوقي
مذكرات أب متفرغ يف العيد "عيد األب" املنرصم وافتني الفرصة يك أقدر معنى األبوة تقديرا ً مختلفاً .فقبل عامني رزقني الله طفالً أثر يف كثريا ً وغري من طريقة نظريت للحياة .أن رؤية طفل يقاسمك مالمحك وإبتسامتك ويقلدك يف ترصفاتك ويلمس شغاف قلبك إذ ينادي عليك "بابا" هو أمر يكاد يكون روحياً ،وال يزداد إال إعجازا ً بعد مرور أحد عرش شهرا ً عىل ميالده.
ولد طارق شوقي في القاهرة ولد طارق شوقي في القاهرة وتربى في كنف والدين مصريين محبين في جنوب كاليفورنيا إلى حيث هاجرت أسرته .وهو النائب العام السابق لمقاطعة لوس أنجليس وريفرسايد ويكرس شوقي وقته بالكامل حالياً لتربية أول أطفاله إبراهيم الذي يأمل في إعطائه نفس الرعاية والمحبة التي من عليه بها أبويه.
66
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
منذ أن أطل عىل يف الدنيا إبراهيم بيبو والدهشة ما أنفكت تأخذ عقيل. فوجدت نفيس راغباً يف البقاء يف املنزل قريباً منه وإتفقت مع زوجتي عىل ذلك ،اال أن ذلك مل يقابل بحامس من قبل أرسيت وجاليتي. فقد تربيت يف أرسة أمريكية من أصل مرصي ،تحرتم فيها األدوار التي يفرضها املجتمع عىل الجنسني وتتبع ،ووالديت الرائعة بكل معنى الكلمة ال زالت متمسكة بهذه التقاليد اإلجتامعية التي تفرض عىل الرجال الكسب لإلنفاق عىل األرسة وعىل النساء تربية أطفالهن .لذلك فهي ليست سعيدة برتيك مامرسة القانون للتفرغ إلبني ،ولو كان ذلك
لوقت قصري .وكنت أعتقد بأنها ستغري من رأيها متي ما شاهدت مدى إهتاممي مبهمة تربية بيبو التي بلغت حد تواصيل معه باللغة العربية يف املنزل يك يتعلم لغة أجداده ،إال أن كل مجهودايت كانت هباء فبالنسبة لوالديت أنا ال أقوم بدور الزوج واألب الذي يفرتض أن أمارسه.
ففي املاضي كان الرجال يعملون والنساء ميكثن يف بيوتهن حلصول الرجال على نصيب أوفر من التعليم وفرص أفضل يف العمل وبالتايل قدرة أكرب على الكسب اجليد. إال أن الوضع اليوم قد تغري ،فالكثري من النساء يتفوقن على شركاء حياتهن من حيث املستوى التعليمي وتتاح لهن فرص ممتازة للعمل املهني والديت ليست لوحدها يف رأيها هذا ،الذي يشاركها فيه بعض أعضاء الجالية ،والذين يذكرونني أن من واجبي األنفاق عىل زوجتي. وأداوم أنا عىل الرد مازحاً بأن أنفاق زوجتي عىل أرستنا أمر ممتع ،بالرغم من أين مؤمن متاماً باملبدأ اإلسالمي القائل أن عىل الرجال األنفاق عىل ذويهم .ومع ذلك ال أرى سبباً وجيهاً مينع الزوجني
المحبة تربية
وبالرغم من تعاليم اإلسالم التي تبني قيمة الرتبية إال أن بعض الرجال يعتربونها عم ًال يجعلهم مشبهني بالنساء .وأنا أقول لهم ،يا إخواين تعلموا أن تتقبلوا رجولتكم كما أنتم وال تسمحوا بأن تقوضها مفاهيم إجتماعية عشوائية عما يجب أن تكون عليه.
من تبادل األدوار ،فخديجة زوجة الرسول صىل والتحرر وإختبار روحانية التفرغ ألطفالهم سوى الله عليه وسلم أثبتت أن عمل املرأة مرشف مشكلة وضع كربيائهم جانباً لبعض الوقت. ورشعي وأنها إذا أرادت أن تختار العمل فأن عىل والعائق األول يف طريقنا هو وجوب تجاوز زوجها إحرتام خيارها ومساندتها يف ذلك. الفكرة الخاطئة ،وهي فكرة أن تربية األطفال هناك أناس يكربونني سناً وعقالً يداومون ليست من النبل يف يشء بل أنها تنتقص بطريقة عىل نصحي بأن أقيض وقتا أقل يف العمل وأقيض أو بأخرى من رجولتنا .أن القرآن والسنة مع عائلتي وخاصة مع أطفايل وقتاً أطول ،ألنهم يذكراننا باستمرار أن تربية األطفال هي من رسعان ما سيكربون ولن أستطيع أن أستمتع أنبل املهام ،وأن السبب الذي يجعلنا نكرم بحيايت بينهم .وأنا أحمد الله عىل أنني أستطيع األمهات كل هذا التكريم يف اإلسالم ما هو سوى أن أقيض السنوات األوىل من حياة إبراهيم معه أنعكاس لقيمة تربية األطفال يف اإلسالم .وال ينال بدالً من أن أقبع خلف مكتب أو يف املحكمة النساء كل هذا التقدير ملجرد كونهن نساء ،أو ألنهن يحملن ويلدن أطفاالً لنا فقط ،بل ألنهن حيث عميل. يقمن بتنشئة األجيال القادمة .ويجب أن يحصل ومع أنني أفهم األسباب التي أدت إىل ترسيخ الرجال الذين يقومون بنفس هذا الدور بإستثناء بعض التقاليد يف مجتمعنا ،إال أنني ال أوافق عىل الحمل والوالدة طبعاً عىل إحرتام مامثل. أنها ال بد وأن تستمر .ففي املايض كان الرجال وبالرغم من تعاليم اإلسالم التي تبني قيمة يعملون والنساء ميكنث يف بيوتهن لحصول الرجال عىل نصيب أوفر من التعليم وفرص أفضل يف الرتبية إال أن بعض الرجال يعتربونها عمالً العمل وبالتايل قدرة أكرب عىل الكسب الجيد .يجعلهم مشبهني بالنساء .وأنا أقول لهم ،يا إال أن الوضع اليوم قد تغري ،فالكثري من النساء إخواين تعلموا أن تتقبلوا رجولتكم كام أنتم يتفوقن عىل رشكاء حياتهن من حيث املستوى وال تسمحوا بأن تقوضها مفاهيم وحي تجربتي التعليمي وتتاح لهن فرص ممتازة للعمل املهني .أستطيع أن أقر بأن وجود والدين محبني شارك أما األمر الثاين الذي كان يقيض ببقاء النساء كالهام يف حيايت هو ما جعلني من أنا عليه اآلن، يف املنزل فهو اإلرضاع ،أما اليوم فيمكن لألم وآمل أن أستطيع من خالل تفرغي أن أنجح أن تستعمل مضخة يدوية لسحب الحليب من يف تربية إبني بيبو وأن أغرس فيه نفس هذه صدرها وتخزينه بحيث يقوم الوالد بإرضاع القيم واملحبة ،حتى تع ِكس قراراته متى بلغ الطفل بواسطة الزجاجة أثناء غيابها .ومل يتبق سن الرشد وأصبح قادرا ً عىل اإلختيار ،محبة أمام بقاء الرجال يف املنزل لرتبية أطفالهم والديه له عندما كان طفالً.
األب
األطفال
من أنبل األعمال
األسالم
أعمل أقل لتقضي أطول ممكن مع
أسرتك اإللتزام
المسؤولية
الثقة
الرعاية
الوجدان األبوة
التحرر
الترجمة إلى العربية: سام بيرنر
الزوجين
الزواج
المسؤولية املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
67
بني اخلاص والعام
نجود علي محاكمة الطفولة ،حينما تحاكم طفلة مجتمعا تزويج إحدى البنات بالنسبة لكثري من اآلباء تخفيف عبء إعالة فرد عىل هي بطلة حقيقية وملهمة األقل .وفوق ذلك فإنه يعني أيضاً حفظ رشف األرسة .سبق أن إغتصبت إحدى للفتيات والنساء في بلدها. شقيقات نجود وإختطفت أخرى .وعندما علم والدها أن املختطف قد وضع عينه عىل نجود ،ظن أن تزويجها سيحميها .غري أن األمر كان عكس ذلك. نجود علي ،بنت العشر سنوات وأصغر عانت نجود عىل يد أهل زوجها وكانت لياليها مكونة من نسخة فظيعة مطلقة في اليمن ،وربما في العالم. من لعبة الصيد ،فقد كانت بنت التسع سنوات تجري من غرفة إىل غرفة هرباً من زوجها الذي كان يسعى إلغتصابها وإستنجدت بعائلتها .تقول أمها "كنت من النظرة األوىل يصعب عليك تصديق أن نجود محمد عيل هي املطلقة األكرث حزينة وغاضبة ،ولكني مع ذلك كنت أعتقد أن الزواج خريا ً لها" .مل تجد سوى شهرة يف اليمن ،صبية نحيلة ذات عينني عسليتني تشع من بينهام إبتسامة خالتها ،1زوجة والدها الثانية التي تعيش يف الغرفة الثانية معانية الفقر مع خجولة .عندما تسأل ما الذي يجعلها تبتسم ،تجيب "رسوم توم وجريي أطفالها الخمسة ،لتنصحها بالذهاب إىل املحكمة. عندها قامت بفعل شئ ال تفعله نساء اليمن عادة .خرجت من املنزل املتحركة" .وماذا بعد؟ ،تجيب "طالقي". برغم كل ما مرت به فإن نجود هي صبية يف العا رشة تعشق ،الدمى واللعب مبفردها .ثم ذهبت إىل املحكمة مستقلة بصاً عاماً وعربة أجرة .أنتظرت طيلة مع شقيقتها هيفاء .ومع ذلك أصبحت نجود أول طفلة عروس باليمن تنجح يف الصباح قبل أن يلحظها أحد القضاة .فقالت له "أريد أن أتطلق". بعدها بفرتة وجيزة ،سمعت شذى نارص املحامية بالصبية الجريئة .تقول إنهاء زواجها باملحكمة .تقول نجود "أريد أن أحمي نفيس والفتيات األخريات املحامية "يف البداية مل أستطع تصديق ذلك" .سألت املحامية نجود عن سبب يف مثل حالتي". طلبها الطالق .فأجابتها "أكره الليايل" .وافقت شذى هناك عدد ال يحىص من الطفالت العرائس يف نارصعىل تويل القضية مجاناً. اليمن .حوايل نصف عدد الفتيات الاليت يتم تزويجهن، تحت الثامنة عرش ،بينام تكون أصغرهن قد بلغت ذلك أصبحت جنود أول قضية نجود ليست هي القضية األوىل لها التي تشد اإلنتباه العام .عندما فتحت املرأة البالغة من بالكاد سن الثامنة .فجارة نجود ذات الثامنية عرش طفلة عروس باليمن العمر 44عاماً مكتباً للمحاماة يف التسعينيات ،كان ربيعاً عىل سبيل املثال ،كان قد تم تزويجها وهي بنت زواجها إنهاء يف تنجح أول مكتب للمحاماة تديره أمرأة يف اليمن .قدمت ثالتة عرش وهي اآلن أم ألربعة أطفال .عندما يبدأ خدماتها مجاناً للنساء السجينات مبا يسمى بجرائم أحدهم بالبكاء تصفعه .وهي تقول شارحة ذلك " تم باحملكمة .تقول جنود "أريد الرشف .ليس للنساء الكثري من الحقوق يف اليمن، إجباري عىل الزواج وأنا صغرية جدا ً ،ليس عندي من أن أحمي نفسي والفتيات والهن يعرفن أن لهن حقوق. الوقت ألكون أما حنوناً ". قبل زواجها القرسي كانت نجود تحب الذهاب إىل األخريات يف مثل حالتي". يسمح القانون بالزيجات املرتبة للفتيات من أي عمر .غري أنه يحظر الدخول بهن حتى املدرسة وكانت مولعة بالرياضيات واملدرسة القرآنية بصفة خاصة .إنتزعت وعدا ً من أبيها بأال يقطع عليها دراستها لتزويجها ،غريأنه يبلغن مرحلة النضج الجنيس .رافعت شذى نارص بأن زواج نجود ضد ترجمه الى العربية: عندما بلغت التاسعة إختار لها والداها زوجاً .متت التغطية عىل صدمتها يف القانون ،طاملا أنها قد أغتصبت من قبل زوجها .سأل القايض نجود ما إذا مصطفى هارون من النسخة االنجليزية البداية بهدايا العرس العديدة ،عطر وفرش شعر وحجابني .أعطاها عريسها كانت تريد لهذا الزواج أن يستمر بعد فرتة إنقطاع ما بني ثالث إىل خمس ألميرة ناجي نشرت في إما ،EMMAساعي الربيد ذي الثالثني عاماً ،خاتم زواج قيمته 20دوالرا ً ليعود فيام بعد سنوات ،فرفضت الصبية بحزم .وأجابت قائلة "إين أكره هذا الرجل وأكره يناير 2009 هذا الزواج .دعوين أعيش حيايت وأذهب إىل املدرسة" .بعد أسبوع من ويسرتجعه منها ليشرتي مالبس لنفسه. http://www.emma. كانت نجود تجلس عىل فراش با ٍل ،يف واحدة من غرفتني تتقاسمهام محاكمة نجود ،يف أبريل من العام 2008أصدر القايض حكامً تاريخياً ،لقد de/ressorts/artikel/ afrika-nahost/ أرستها املكونة من تسعة أفراد ،عندما كانت ترسد قصتها .كان الوقت سمح بالطالق .وذاعت قصة نجود حول العامل ووصلت إىل طفالت عرائس nujood-ali قد قارب منتصف الليل ومع ذلك فإن شقيقة نجود الصغرى ذات التسع أخريات باليمن .ثالث منهن رفعن قضايا طالق من حينها. 1 هكذا تدعى زوجة بعد أن تم تطليقها تقول نجود أن حياتها أصبحت حلوة كالحلوى. سنوات ال تزال بالخارج تبيع العلك يف شوارع صنعاء عاصمة اليمن. األب في اليمن والدهام عىل محمد األهدل عمل يف السابق بتنظيف الشوارع .أما اآلن عادت هذا الخريف إىل املدرسة للمرة األوىل يف زيها املدريس الجديد (خالة) ...لزم التوضيح حتى ال ذواللون األخرض الزجاجي مع حجاب أبيض .لقد اختارت نجود مهنة من وبينام له ستة عرش طفالً وزوجتني فهو بال عمل. يختلط الفهم..... المترجم ال يبلغ متوسط دخل األرسة اليمنية سوى 900دوالرا ً يف السنة .ويعني اآلن .تريد أن تصبح محامية. كاريكاتير :طالل الناير ،السودان
68
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
69
بني اخلاص والعام
متساويان على األقل لماذا تزوجت زوجتي مرة أخرى يقولون في المثل "إذا رغبت في شئ في هذه الدنيا فدعه يذهب فإن عاد إليك فهو لك ،أما إذا لم يعد فهو ليس من نصيبك" .كلنا قد سمعنا بهذا المثل من قبل والكثير منا يردده ،غير أني أعتقد أنه قليل منا فهمه بعمق ،ونادراً ما يعيشه أحد واقعاً .وأنا على إستعداد اآلن لبرهنة صدق هذا المثل. كنت أنظر إىل نفيس عىل أنني رجل تنقل يف نصف بالد العامل وشاهد وخرب كل شئ عن الحياة. غري أنني مل أكن أدرك أن أمامي تحدياُ هو األصعب يف حيايت ويف أقرب جوانبها ويف وطني األم السودان، فبعد مثاين سنوات من عمر زواجنا الذي أمثر إبنني رائعنيُ ،صدمت بطلب زوجتي الطالق.
مصطفى خوجلي أبو بكر رجل أعمال سوداني ،ولد في ساحل العاج عام ،1973ونشأ في الكويت ودرس الشؤون المالية في أمريكا ،وعمل لعدة سنوات في مجال التسويق والمبيعات وجمع التبرعات، وحالياً يدير شركته الخاصة التي تعمل في مجال اإلعالن والتصميم وتصدر مجلة In the Cityفي نسختين عربية وإنجليزية .وهو يعمل كذلك في تنظيم الليالي الشعرية، ودروس في إيقاعات الطبول واألنشطة الثقافية والفنية األخرى يقدمها على الهواء مباشرة وفي اإلذاعات وذلك ألجل ترقية الشباب والمجتمع. يفيم مصطفى خوجلي أبو بكر مع زوجته وإبنيه في الخرطوم.
70
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
مل أستطع إستيعاب ذلك ،فعىل األقل مل أكن أتوقع منها ذلك ألجل طفلينا ،وبطبيعة الحال فقد رفضت طلبها يف البداية ،وكنت عىل ثقة من أنه لن يحدث عىل اإلطالق .ولكوين رجل مسلم فإن بيدي العصمة رشعاً ولقد نشأت عىل اإلعتقاد بأن املرأة ال متلك أبدا ُ الشجاعة ألن تسعى إىل الطالق وأنه ينبغي عليها تجنب الحرج الذي يعنيه ذلك. فالناس ال يتوقعون من رجل أن يطلق إمرأة ال عيب فيها ،فإذا ما وقع الطالق فإن هذا يعني تلقائياً أن العيب يف املرأة.
ثم بدأ مشواري مع تجربة األب العازب ،حيث تعلمت خاللها قيّامً مل أكن أدرك من قبل أنها موجودة .تجربة جعلتني أرى أمي وأخوايت والنساء جميعاً من منظار يل ،وهو ما مل أقم به مختلف ،فقد إضطررت أن أستيقظ يف جوف الليل ألعتني بطف ّ يل تهدئتهام عندما يبكيان وأطعمهام حني يجوعان وهام أمران مل من قبل .وكان ع ً إبني عندما يكونان أكن أعلم أن بإمكاين القيام بهام .وبدأت أهتم عن قرب بشئون ّ معي ،مام جعلني أسرب غور جانب من األبوة جعلني أنظر إىل نفيس وإىل دوري كرجل مبنظار مختلف .مل أشعر أنني أؤدي عمالً غري رجويل ،بل شعرتُ بالرجولة وأنا أقوم بذلك أكرث من ذي قبل .لقد منحتني التجربة الحب والسالم وعندما ابني رأياين أقوم بذلك. إسرتجع ما استدبرت من أمري ،أشعر بالسعادة أن ّ ففي ثقافتنا تقوم األم باإلهتامم بشؤون األطفال عاد ًة يف مثل هذه الحاالت. يل بالنفع فيام بعد .فبالرغم من كل الدعم مل يحدث ذلك يف حالتي مام عاد ع ّ الذي قدمته يل أمي ،كانت حريصة عىل أن تبقي املسؤولية بيدي. علمتني هذه التجربة أن مفهوم اإلنسانية يتجاوز كون األنسان ذكرا ً أو أنثي. مستوى معني ال فرق هناك بني رجل وإمرأة .فال ينبغي لنوع وأعتقد أنه يف ً ومتنيت أن نستطيع تجاوز تلك الحواجز. اإلنسان أن يحدد دوره أو وجوده، ُ غري أنه من اللحظات املؤملة حني يسألني إبني "ملاذا ال تأيت ماما إلينا؟ أو بابا هل تنام معنا الليلة؟" مل يستطيعا أن يدركا ملاذا ال يحدث ذلك ،وكنت أقف عاجزا ً متاماً حيال ذلك .فلو كانا سأالين الرثيا لطلتها لهام باعتزازي األبوي ،غري أنهام كانا يسأالين عن األمر الوحيد الذي مل أملك أن أغريه.
ظللت أحاول إثناءها عن طلبها لعام ونصف ،غري أنها أرصت عىل موقفها ومل تتزحزح منه قيد أمنلة عندها بدأت أدرك أن األمور بيننا التسري كام ينبغي وحتى لو أنني أقنعتها فإنها كانت ستقبل العيش معي عىل مضض .وإقتنعت أخريا ً أنه ال ميكنني إجبار كان أصدقايئ يرون أنه من الغباء أن أظل عازباً بينام ألح عيل األقارب عىل أن شخص عىل أن يحبني أو أن يرغب يف ،بل إن إجبارها أتجاوز هذا الوضع وأتزوج .حاول العديد من أفراد األرسة يف مناسبات مختلفة عىل فعل أي شئ سيأيت بنتائج عكسية متاماً. إقناعي باإلقرتان بزوجة جديدة ،بعضهم قدم ترشيحات مع تذكريي بإنني يف لقد أحببتها وأردت لها أن تكون سعيدة ،ولذا حاجة إىل امرأة ليك ترعى شؤوين .تتم العديد من الزيجات يف السودان عىل فقد إستقر رأيي عىل أنني طاملا مل أستطع إسعادها هذا النحو ،إلختصار الطريق .زيجات يتم الرتتيب لها أحياناً لرجل رمبا يكرب فتاة فيجب عيل إطالق رساحها .لقد طلقتها أخريا ً رغم صغرية بعرشين سنة أو يتم تزويج فتاة لزوج قد يكون مغرتباً يعمل يف الخارج. عدم قناعتي وإعرتايض عىل الطالق بينام كنت يرسل الرجل املغرتب إىل أمه لتختار له عروساً مبواصفات يحددها مبفهومه عن الجامل فتقوم األرسة بتقديم الرتشيحات .تُبنى هذه الرتتيبات عىل مواصفات حانقاً عىل طلبها من حيث املبدأ.
ومعايري مثل املهنة واملعايري اإلقتصادية والخلفية األرسية ،وبالطبع يتم كل هذا بكثري من حسن النية لكن من غري أن يرى العروسان بعضهام .وأحياناً تتم مراسيم الزواج يف السودان ثم ترسل العروس إىل زوج املستقبل يف الخارج. فليس مثة قاسم مشرتك بني اإلثنني كزوجني .وتساهم حقيقة أن األوالد يتم فصلهم عن البنات بحسب التقاليد يف بالدي حتى املرحلة الجامعية ،يف تعقيد األمر .فليس هناك من فرصة ليك يتعلام كيف يعامل كل منهام اآلخر. ونتيجة لذلك يدخال يف دوامة ال نهاية لها من سوء التفاهم بني الجنسني تظل تتكررخالل زواجهام مام يؤثر عىل أبنائهام وأحفادهام من بعد.
بعبارة أخرى فإنني ممنت أن زوجتي قد تركتني .إنني ممنت عىل أنها طلبت الزوج الذي تستحق .وإال فام كان يل أبدا ً أن أمتلك األمانة ومراجعة الذات الرضورية ليك أصبح رشيك حياة بحق من دون هذه املأساة .فقد أجربت كالنا عىل أن يتساءل مبحض إرادته عن سبب فشل العالقة وعىل إعادة تقييم ذاتينا وأولوياتنا.
فإنني ممنت أن زوجتي قد تركتني .إنني ممنت على أنها طلبت الزوج الذي تستحق
هل الطالق عيب؟ ال؛ إال إذا مل يكن ألسباب موضوعية صائبة .فالطالق مدمر لجميع من له صلة بالعالقة الزوجية .غري أن هناك حاالت ال سبيل إىل إصالحها ليس هذا الذي أريد حيث يصبح الطالق هو املخرج الوحيد .وحتى يف مثل هذه الحاالت ينبغي أن يكون الترسيح بإحسان .غري أن ذلك ال ينطبق يف األحوال التي نتخذ فيها الطالق يتزوج %90من الرجال الذين هم يف حالتي ممن هم عىل ثقافتي وبرسعة كسبيل إىل مخرج سهل عوضاً عن محاولة ترميم العالقة الزوجية وإيالء االرشيك إما لتسجيل إنتصار عىل طليقاتهم أو لإلرتقاء بوضعهم اإلجتامعي الذي تردى اإلهتامم الذي يستحق .إن العيب كل العيب يف أال تتم تلك املحاولة. بالعزوبية أو لتمرير مهمة رعاية أطفالهم إىل إمرأة أخرى .غري أنه بهذا يتم القضاء نهائياً عىل أي فرصة لرتميم العالقة املنهارة بني اإلثنني .بل أن ذلك يزيد أعتقد أن رباط الزواج هو الرشاكة األكرث حميمية من أي رباط آخر ،حيث من تعقيد الوضع أكرث من ذي قبل بسبب العالقات غري الحميمة واملضطربة أنه ينتج جوهر الوجود عن طريق التناسل والتنشئة يف ظل مركزية العالقة بني بني الزوجات الجديدات واألطفال .ويف الغالب ينظر إىل إعادة التزوج بأخرى الرجل واملرأة .فينبغي أن تنبنى عىل الود والتفاهم. رشعاً أو حتى اإلرتباط بأخرى من غري زواج عىل أنه عمل رجويل. ويقتيض هذا بالطبع إحداث تغيري يف املجتمع لرتقية القيم األخالقية غري أنه مل يكن مبتغاي إحالل إمرأة أخرى مكان زوجتي .فلم أكن حتى أتصور والروحية للزواج ،مع السعي يف ذات الوقت إىل التطوير الذايت لكال الزوجني، يل .وكنت بدالً من السعي إىل اإلستفادة منه .إن التفسري الخاطئ لقوامة الرجال الرشعية أن يكون هناك من يشغلني أو ما يشغلني عمن كانت زوجتي وعن طف ّ بحاجة إىل أن أخلو لنفيس .فقد كان إختياري رعاية شؤوين بنفيس قرارا ً واعياً ولذا أو إساءة إستغالل مفاهيم تقليدية عفا عليها الزمن ،تقيض بإمتالك البنات فقد ظللت عىل عزوبيتي قوي الشكيمة ومركزا ً عىل عميل .لذا عندما فتحت أمي والنساء متاماً مثل إجبارهن عىل أداء نوع من الخدمة من أجل إشباع نزوات موضوع الزواج مرة أخرى ،كنت قد تحولت إىل مدمن عمل ومتسكت بهذا الوضع الرجال من شأنه أن يرض بالرجال والنساء معاً. بال إهتاممات أخرى يف الحياة .فقد تجمدت عىل هذا الحال. وجود يفرتض وهذا إن التفسري اخلاطئ لقوامة الرجال الشرعية وعندما بدأت يف اإلستسالم واليأس من أن األمور لن تتغري إىل األفضل فيام نو ٍع من التوازن أو إساءة إستغالل مفاهيم تقليدية عفا عليها يل يف مدينة ديب حيث والثقة ،فضالً عن بيني وبني طليقتي ،ويف لحظة إعرتاف أثناء لقاء مع طف ّ الزمن ،تقضي بإمتالك البنات والنساء متامًا الشخصية أخذتهام لفرتة قصرية لزيارة والدتهام ،تحدثت إىل إبني البالغ تسعة أعوام الحرية وإعتذرت عىل عدم إستطاعتي اإلقامة معهم وإعرتفت له أن الذنب يف ذلك الجنسني، بني واملساواة مثل إجبارهن على أداء نوع من اخلدمة من يعود إيل .وقلت له إننى أنا الذي تخىل عن العالقة ومل أحافظ عليها وبالتايل عىل األقل املساواة أجل إشباع نزوات الرجال من شأنه أن يضر خرستها متاماً .وقلت له إنني كنت أعامل زوجتي معاملة األجري وأنني اآلن عىل أرض الواقع .ويف بالرجال والنساء معًا. أدرك أن ذلك يؤثر عىل رشيك الحياة سلباً .وكذلك أخربت إبني أنني سببت حال أن كانت املساواة ألمهام اإلستياء إىل حد مل تعد قادرة عىل غفران ذلك يل وأنني مع ذلك أحبهم موضع نزاع ،فسأكون جميعاً وأنني سأظل عىل الدوام بجانبهم حيث أنني وأمهام صديقان اآلن .ثم نصريا ً للنساء ملا يقدمن لهذا العامل من شجاعة وميزات حسنة .وما تستطيع إحتضنت إبني بقوة وطلبت منه أن يسامحني .وفوق ذلك طلبت منه أن يخرب املرأة القيام به ال يستطيعه الرجل .وتعلمنا السنة النبوية الرشيفة كام يف أمه أنني أحبها وأحبهام. الحديث الرشيف أن أحد الصحابة سأل رسول الله صىل الله عليه وسلم قائال "يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي :قال أمك ،قال ثم من؟ قال أمك، يف وقت الحق عىل ما يبدو تحدث هذا الصبي ذو التسعة سنني إىل أمه عنا قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أبوك" سنن أيب داود. وإستطاع الوصول إىل قلبها عىل نحو عجزت أنا عنه وجعلها تراجع نفسها يف أمور مل أستطع أن أجعلها تعيد النظر فيها .وعندها بدأنا يف التواصل لبعض يف هذه الحياة ال نحصل عىل فرصة ثانية ،ويندر ما يحدث أن نقع يف حب ٍ ٍ الوقت .وباألمس الحادي والعرشين من يونيو 2013عقدت قراين للمرة شخص واحد مرتني .لقد وقعت يف الحب للقوة التي ملستها يف زوجتي وأقدر تسجيل: الثانية عىل حباب الشوش عىل بركة الله .وقد نذرت عىل نفيس هذه املرة أن لها شجاعتها يف إتخاذ قرارها برتك تلك العالقة الفاشلة .لقد حصلت عىل فرصة أميرة ناجي أكرمها وأحبها وأن أمتسك بها وأصادقها إىل األبد ،وأن أعمل عىل أن تظل قوية ثانية بهذا املفهموم إلعادة األمور إىل نصابها .فالزواج مهام كانت صعوبته يظل ترجمه إلى ومبعنويات عالية وأن أجعلها تاجاً عىل رأيس وأن أكون لها أخ وزوج وأب وإبن أروع تجربة ميكن أن يعيشها الرجل. العربية: مصطفى هارون مصطفى خوجلي يف ذات الوقت وأن أهتم بالتفاصيل التي تعني لها الكثري. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
71
بني اخلاص والعام
قوانين الزنا كعنف ضد المرأة في المجتمعات المسلمة الباحثة زيبا مير حسيني تتبعت سيرة قوانين الزنا التي طورها فقهاء المسلمين الكالسيكيين لتنظيم الحياة الجنسية ،إستناداً على أن فرضية تجريم النشاط الجنسي الذي يحدث اليوم لم تكن من أهداف الدين اإلسالمي الحنيف .وتجادل نحو ضرورة التمييزالواضح في التشريعات بين النص القرآني المقدس والسنة الشريفة وما بين تفسيرات الفقهاء إلستنباط أحكام موضوعية مبنيةعلى أسس الدين اإلسالمي. الدكتورة زبا مير حسيني ،هي أنثربولوجية قانونية ،متخصصة في القانون اإلسالمي ،الجندر والتنمية .حصلت على شهادة البكالوريوس في علم اإلجتماع من جامعة طهران عام .1974كما حصلت على شهادة الدكتوراة في علم أنثربولجيا اإلجتماع من جامعة كامبريدج عام .1980تعمل حالياً كأستاذ مشارك بمركز الشرق األوسط للقانون اإلسالمي بجامعة لندن .تحمل العديد من الزماالت في مجال البحوث ،كما أنها عملت كأستاذ زائر في بعض الجامعات األلمانية واألمريكية .الدكتورة زبا مير حسيني من العضوات المؤسسات لحركة مساواة والتي تعمل على نشر قيم المساواة والعدالة المجتمعية لألسرة المسلمة .لها العديد من اإلصدرات المتعلقة بهموم وقضايا المرأة المسلمة.
يف ورقتها البحثية عن الزنا قامت الباحثة مري حسيني بتتبع الزنا تاريخياً وإرجاعه إىل أصوله الفقهية الرامية وقتها من قبل علامء ذلك الزمان ،إىل تنظيم العالقات الجنسية يف املجتمعات اإلسالمية وحتى تاريخ دمجه الحقاً ضمن منظومة قوانني العقوبات يف الدول اإلسالمية املعارصة. وهي بذلك تسعى مسعى كثري من املفكرين اإلسالميني الذين عملوا وما زالوا للفصل بني الرشيعة كمنهج إلهي يعتمد عىل القرآن والسنة كمصادر نصية أصيلة ،والفقه كمسعى إنساين يعمل عىل إستخالص أحكام فقهية لهذه النصوص مرشوطة مبكانها وزمانها .ويف سبيل تبيان وجهة نظرها لتفادي مثل هذا الخلط السائد ،عملت مري عىل مساءلة أحكام الزنا يف تجرميها 1للعالقات الجنسية وكيف أنه من منظور إسالمي يصعب إثباتها ومن ثم تجرميها ،عكس ما تتضمنه وترشعه األحكام السائدة .وهي ترى يف هذه الحالة أن قانون الزنا ما هو إال محاولة بطرياركية بحتة للنيل من كرامة املرأة وترهيبها وإخضاعها. وكام هو معروف فأن القوانني اإلسالمية الكالسيكية تعامل أي عالقة جنسية خارج الزواج كجرمية من واقع كونه زنا والعقوبة املنصوصة يف هذا الصدد هي الجلد مائة جلدة للرجال والنساء غري املتزوجني بينام الرجم للمتزوجني (املحصنني) ،وكام نعلم فهي عقوبة قلام سجلها التاريخ. ولكن 2يف بدايات القرن العرشين ومع ظهور النظام القانوين الحديث يف العامل اإلسالمي تم دمج القوانني اإلسالمية التقليدية يف قانون األحوال الشخصية مبا يف ذلك الزنا والذي ضُ من يف قوانني العقوبات .وبصعود املد اإلسالموي من خالل تيارات اإلسالم السيايس والتنظيامت اإلسالمية املتطرفة يف أواخر ذات القرن ،نجد أن هذه القوانني قد إكتسبت أرضية جديدة وتم إنتخابها كقوانني أساسية يف األنظمة العدلية الجنائية وذلك بأشكال مختلفة ومتعددة يف النظام العديل للدول اإلسالمية املعارصة.
72
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
كلما إبتعدنا تارخيًا ومعرفيًا من تاثريات النبي الكرمي والثورة اإلجتماعية التى صاحبت بزوغ فجر اإلسالم كلما إزدادت وإنتشرت ممارسات وأفكار احلط من أوضاع النساء .وفقدت النساء القدرة على التأثري على الثقافة والعقيدة .حيث أن أصواتهن يف املشاركة يف صياغة التشريعات أخرصت وتواجدهن يف احلياة العامة صار عرضة للحصار والرتهيب .كل ذلك أدى إىل خلق مناخ إحتقاري ملساهمات النساء حول الثقافة والتشريعات. هذا مهم ألننا اليوم مجابهني بخلط أيديولوجي متعمد من قبل بعض املختصني والسياسيني ،وذلك بجعلهم الفقه والرشيعة كمرتادفات ملفهوم واحد ،وبالقدر الذي يجعلون من األحكام الفقهية قوانني رشعية ومن ثم قوانني إلهية غري قابلة للتعديل أو املساءلة .لذا عادة ما نسمع ترصيحات قطعية من شاكلة "اإلسالم يقول "...أو "بناءا ً عىل قوانني الرشيعة "....ونادرا ً ما نرى هؤالء القطعيني يقرون أن ما يقولونه هو مجرد رأي من عدة آراء أو ترجامت مختلفة لإلسالم .من هنا فأين أقول أن التفريق بني القانوين واملقدس مهم للغاية ألنه يعيد لتعددية اآلراء كقيمة أساسية يف تقاليد األحكام الفقهية أهميتها وقيمتها.
مري حسيني تعتقد أنه من املهم وقبل مقاربة موضوع الزنا ،يجب التصدي ملا أسمته باألبعاد املغيبة ،أو املهملة يف قضايا التجديد الديني والذي يأخذ بُعدين؛ البُعد األول ينحى منحى التقليل املتعمد من قيمة الجندر كإطار نظري وتحلييل يقابل مبعارضة من ِقبل بعض النسويات اإلسالميات من واقع كونه يسوق لهيمنة النساء عىل الرجال .وبالتايل ال يتسق مع "النهج اإلسالمي" .البُعد اآلخر يتمثل يف قلة معرفة الناشطات العلامنيات يف مجال حقوق اإلنسان باإلسالم كعلم ومنهج نقدي ميكن من خالله التصدي لقضايا حقوق املرأة ،وهن يعتقدن أن ذلك جهدا ً ال طائل من ورائه .بعيدا ً عن هذا التعارض املتبادل لكال الفريقني ،فأن املقاربة املنهجية والعمل املشرتك القائم عىل تبني املنهج اإلسالمي والنسويات العلامنية ومناهج حقوق اإلنسان ،من شأنه أن يقوي ويفعل الحملة ضد قوانين الزنا من منظور القوانين اإلسالمية الكالسيكية قانون الزنا. من هنا فأن املحاولة إلستكشاف التقاطعات ما بني الثقايف ،الديني والقانوين يف ترشيع وتطبيع العنف ضد املرأة حسبام تجسده النظم القانونية العاملة عىل تنظيم العالقات الجنسية هو غرض هذه الورقة كام تقول مري حسيني ،ومن ثم العمل عىل مقاربة أكرث إتساقاً مفاهيمياً وموضوعياً تسعى لحذف عقوبة الزنا من قانون العقوبات. تقول مري لقد عملت عىل فحص الزنا من منظور القوانني اإلسالمية الكالسيكية ،ولقد تثبت يل أنه كقانون عقوبات ميكن مجابهة صحته من ذات األرضية القانونية الدينية ،بل األكرث من ذلك فيمكن القول أن مبقدور هذه القوانني اإلسالمية أن تكون عىل قدر كبري من اإلتساق مع قوانني حقوق اإلنسان املعارصة ،ومع ذلك فمن املهم أن نضع يف اإلعتبار أن ما نسميه بالقوانني اإلسالمية أو أحكام الرشيعة يف ما قبل العرص الحديث مقارنة بالقوانني العدلية القضائية حسب التعبري الحديث ،هي يف األصل آراء فقهية متباينة وأحكام تطورت عرب الزمن مبعزل عن السلطة السياسية من خالل مدارس فقهية متعددة .3وعىل الرغم من أنه تم تطبيقها بواسطة قضاة تم تعيينهم بواسطة السلطة السياسية حينها ،اال أنهم كانوا خاضعني ملحاسبة املجتمع وقواعده األخالقية ،كام أن هذه األحكام كانت إستجابة للمامرسات املجتمعية الراهنة .فمن هنا فأين أفضل أن أسميها التقاليد العدلية اإلسالمية بدالً عن القوانني اإلسالمية.
الفقه الكالسييك يقسم الجرائم إىل ثالث فئات حسب العقوبات املنصوصة يف القرآن والسنة هي الحدود ،القصاص والتعزير .وهي يف إعتقادهم عقوبات رشعية ثابتة تستمد قدسيتها من النص املقدس القرآن واإلحاديث النبوية. فالحدود تشتمل عىل خمسة مخالفات متثل أثنتان منها املخالفات األخالقية املتعلقة باملامرسات الجنسية مبا فيها اإلتهام مجروح الشهادة مبامرسة الجنس من خالل عالقة غري رشعية ،حد القذف .بينام بقية املخالفات ترتكز يف التعدي عىل امللكية الخاصة والنظام العام كالرسقة ،قطع الطريق أو ما يعرف بالحرابة ،ورشب الخمر .أيضاً هناك بعض املدارس الفقهية تتضمن 4 حد البغي ،أي التمرد عىل السلطة السياسية القامئة وكذلك حد الردة. وقد سميت هذه املخالفات يف عرف الفقهاء بالحدود إلعتقادهم بأنها حدود الله ومن ثم إنتهاكها فهو إنتهاك لحدوده .ومن ثم فقد إحتلت هذه الحدود موقعاً مركزياً يف دعوة اإلسالمويني بعودة الرشيعة بإعتبار أن إنتهاكها هو مبثابة جرمية ضد الدين ،عىل الرغم من أن العقوبات املنصوص عليها يف الرشيعة ليست كلها مام يوجد يف القرآن أوالسنة .تجد هذه الحدود نقدا ً واسعاً من قبل املجتمع الدويل بحسبان أنها تحتوي عىل عقوبات بدنية فظة مثل قطع األطراف والرجم .ويستند النقد عىل أن هذا النوع من العقوبات رمبا كان مفهوماً يف السابق ،ولكنه مبقاييس اليوم فهو غري إنساين ويحتوي عىل قدر من الفظاعة والوحشية ترقى إىل مستوى التعذيب حسب تعريف قوانني حقوق اإلنسان.
لقد عملت منذ البدء ومن منظور نقدي نسوي عىل مقاربة املوضوع من اإلختالفات واسعة بني املدارس الفقهية يف تعريف هذه الجرائم الحدية داخل التقاليد اإلسالمية نفسها ،مستدعية يف ذات الوقت املاميزة الكبرية بني الرشيعة والفقة .أن إستشعارنا لهذه املاميزة هو الذي مبقدوره أن ومتطلبات إثباتها وتربئة مرتكبيها أوتطبيق عقوباتها .والالفت أيضا أن املسافة يكشف لنا حقيقة ظهور املدارس الفقهية املتباينة وتعددية املواقف واآلراء بني املقدس واإلنساين يف تعريف هذه الحدود غري واضح ،مع كل التشديد عىل أنها مستمدة من القرآن .يبدو هذا واضحاً يف املوقف الفقهي›› التي وسمت تلك الحقبة الكالسيكية. 5
نشرت هذه الورقة، للمرة األولى عام ،2010وهي جزء من دراسة عالمية لقوانين الزنا كلفت بها "مجموعة النساء في ظل القوانين اإلسالمية"()WLUML التي تعمل بإتصال مع مجموعة نساء من أجل إصالح وإعادة تعريف برنامج الثقافات العالمية ( )WRRCفي إطار الحملة الرامية إلى وقف قتل ورجم النساء (.)SKSW الحملة هي إستجابة "لتجارب النساء مع الظلم والعنف الناجمة عن "أسلمة" القوانين الجنائية في بعض البلدان.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
73
ومع ذلك فأنه يبدو واضحاً أن جهود الفقهاء واملتمثلة يف التعقيدات التي أضفوها عىل أحكام الزنا ،كانت من اإلتساق مبكان مع اآليات القرآنية التي تعمل عىل إصالح النظم واملامرسات اإلجتامعية السائدة والدفع بها يف إتجاه العدالة كام كانت مفهومة وقتها .ولكن كل ذلك تالىش حينام 8 أنتزعت روح اآليات وقوة األحكام الفقهية التي تؤسس ملفهوم العدالة وتم قرسا ً دمج هذه األحكام يف النظام القانوين املوحد للدولة الحديثة. الغريب يف األمر أن املدافعني عن قوانني الزنا يختبئون خلف مقولة أنه من اإلستحالة مبكان تطبيق هذه القوانني فعلياً ،متناسني يف ذات الوقت 9 كيف أنها تستخدم إنتقائياً وتعسفياً ضد النساء والفقراء من عامة الناس.
› من الزنا وقتها .فقد كان يعامل عىل أنه خطيئة يعاقب مرتكبها يف اآلخرة، كام أن باب التوبة مفتوح ملرتكب/مرتكبة هذه الخطيئة يف أي وقت .وكام هو واضح فأن التخريج الفقهي يف هذه الحالة قائم عىل اإلصالح واإلبتعاد عن طريق الضالل أكرث من كونه عقوبة حدية تتم يف الحياة الدنيا .ومع ذلك ميكن القول أن هناك حدا ً من اإلجامع الفقهي يف تعريف الزنا ومن ثم كحكم وعقوبة 6.فالزنا يف التعريف الفقهي هو املامرسة الجنسية خارج إطار الزواج. والزنا يثبت إما عن طريق اإلعرتاف الشخيص أو شهادة أربعة أشخاص يتفقون متاماً يف شهادتهم عىل رؤيتهم للمامرسة الجنسية .والعقوبة املنصوصة يف هذه الحالة ال تفرق بني الجنسني ،وأن كان مقرتف الجرم يصنف إما إىل محصن أي متزوج أو غري محصن أي غري متزوج .والعقوبة يف الحالة األوىل هي املوت بالرجم ،بينام يف الحالة الثانية مائة جلدة لكليهام .ولكن املثري للجدل هو أن ملخص عقوبة الجلد هي فقط املنصوص عليها يف القرآن ،بينام عقوبة الرجم يستند ملخصاً لهذه الورقة ،هناك سؤالني بقدر من اإلتساع يحمالن وجهة نظري الفقهاء عىل أنها وجدت يف السنة. يف قوانني الزنا املعارصة: أيا كان األمر ،فهنا فقط يكمن اإلجامع الفقهي للزنا ،بينام تسود السؤال األول :ما هي التحديات الحقيقية التي تواجه الناشطات يف حقوق اإلختالفات وتعددية اإلجتهادات كافة املدارس الفقهية وبني فقهاء املدرسة املرأة يف حملتهن للقضاء عىل قانون الزنا؟ الواحدة يف كيفية الوصول إىل رشوط معقولة لإلعرتاف أو متطلبات الشهادة لألشخاص األربعة املعنيني بتقديم شهادتهم .ومن املهم هنا السؤال الثاين :هل بإمكان اإلسالم وحقوق اإلنسان كأطر مفاهيمية وعملية اإلشارة إىل أن هذه اإلختالفات الفقهية يعتمد أصحابها عىل القرآن والسنة أن يتعايشان؟ أو بعبارة أخرى ،كيف باإلمكان أن نبني توافقاً بينهام؟ كمراجع إلجتهاداتهم وإختالفاتهم مع اآلخرين .وهذا ما أدى الحقاً إىل لقد عملت منذ البدء عىل موضعة قانون الزنا يف سياقاته الدينية، تعددية األحكام القانونية للزنا حسب املدارس الفقهية املتبناه يف كل دولة. الثقافية كقانون يعمل عىل تنظيم الحياة الجنسية وفقاً للتقاليد الفقهية أن أي دراسة متفحصة ومتأنية ملوضوع الزنا يف الفقه الكالسييك تؤكد اإلسالمية املوروثة وما تبعه من تحول يف العالقات السياسية بني الدين أن الفقهاء عملوا ما وسعهم لتجنب أي أحكام تتعلق به ،كام أن أحكامهم والقانون ووضعية املرأة يف الوقت الراهن .والفرضية التي أبني عليها الفقهية التي صاغوها عملت عىل حامية املرأة من زوجها واملجتمع عىل موقفي الفكري هي أن أي حملة مناهضة لقانون الزنا يجب أن تلم السواء .وهم يف فعلهم ذلك ،فقد إستندوا عىل القرآن وتعاليم الرسول باملربرات القانونية ،اإلجتامعية والسياسية التي مكنت لهذه القوانني ومن صىل الله عليه وسلم يف حامية خصوصية األفراد وصيانة كرامتهم ،خصوصاً ثم العمل عىل الربط بينها وبني والقوانني اإلجتامعية والعادات والتقاليد النساء ،ومن ثم جعل باب التوبة مفتوحاً لكل من ينشدها .وما اإلشرتاطات التي ساهمت تاريخياً يف إحكام سيطرة الرجل عىل جسد املرأة .لذا فقانون الفقهية املنصوصة إلثبات تهمة الزنا والتي هي بحكم اإلستحالة معززة الزنا يجب أن ال يعامل كحالة منعزلة 10،فهو جزء من نظام معقد يعمل بتهمة القذف وعقوبتها مثانون جلدة يف حالة فشل إثبات التهمة ما هو إال عىل ضبط سلوك املرأة كام أخربت عنه التعاليم البطرياركية وفق ترجمتها دليل قوي عىل ما نقول .وحتى يف حالة اإلعرتاف الشخيص بإرتكاب الزنا ،للقرآن كنص مقدس عملت عىل إستدامتها بإفرتاضات ومواضعات فقهية ففقهياً يجوز الرتاجع عن اإلعرتاف يف إي وقت ،كام أن للقايض الحق يف عفى عليها الزمن ،ومع ذلك فهي منبع العنف املامرس ضد املرأة املسلمة إستخدام حق الشبهه أي أن يشتبه القايض يف أن الرجل رمبا كان ميارس حتى اليوم. الجنس مع زوجته أو مملوكته أو خادمته ،كام أن الزوجة رمبا كانت متارس الجنس مع زوجها. أن اإلصالحات والعلمنة التي متت لقوانني العقوبات ومجمل النظم الجنائية العدلية يف النصف األول من القرن املايض وما تبعها من أسلمة لهذه أيضاً ويف ذات السياق ،فأن بعض العلامء يعتقدون أن تنصيص القرآن القوانني يف النصف الثاين من القرن نفسه ،تيش بشكل رصيح أنه لن تكون ملائة جلدة كعقوبة للزنا مبعثها فرض شكل واحد للعالقات الجنسية ممثلة هناك تحسنات ملموسة ومستدامة يف أوضاع املرأة اإلجتامعية والقانونية يف الزواج تجنباً لإلباحية وتعددية العالقات ،مستشهدين يف ذلك بسورة طاملا ظل التفسري للقرآن ونصوصه خاضعاً للهيمنة البطرياركية ودون أن النور .7كام أن إقرار نصف العقوبة بالنسبة للمسرتقني من النساء والرجال يصاحب ذلك تحدياً حقيقياً .فالتحوالت السياسية ،القانونية و الجندرية التي مقارنة باإلنسان الحر ،يقدح يف إمكانية تصور القتل كعقوبة حدية للزنا .حدثت للدين يف القرن العرشين إنبثق عنها إطارين مرجعيني مهمني ويف نفس الوقت متعارضني هام القانون الدويل لحقوق اإلنسان واإلسالم السيايس. ال شك أن اإلسالم مل يتفق مع املامرسات الجنسية ومرتتباتها األخالقية كام أن املواجهة التى متت وما تزال بينهام ،قد عملت يف شق منها عىل إنتاج التي كانت سائدة يف الجزيرة العربية وقتها .لذا فقد أىت بإجراءات لتنظيم حوار بناء وفتحت مرحلة جديدة للسياسات الجندرية وأيضاً مواجهات بني املامرسة وإصالح التقاليد اإلجتامعية التي كانت سائدة مثل إكراه النساء التقليديني والحداثيني يف املجتمعات املسلمة ،ولكن العنرص الحاسم يف هذه األرقاء عىل مامرسة الدعارة والبحث عن املامرسة الجنسية خارج إطار املرة كان املرأة املسلمة نفسها وليس تلك الفرضية املبهمة عن حقوق املرأة يف اإلسالم هو الذي يف قلب الجدل القائم اآلن. الزواج ،ووصفها بالخطايا التي تستوجب العقاب يف اآلخرة.
74
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
القوانني الدولية لحقوق اإلنسان تعطي الناشطني العلاميني إطار مفاهيمي يستطيعون من خالله نقد العنف املؤسس عىل التحيز الجندري. ولكن هذا النوع من الجدل يقابل مبعارضة عنيفة من قبل املجتمعات والدول التي يسيطر عليها الخطاب الديني املتصاعد ،والذي مبقتضاه أصبح تسيس الهوية الدينية هو السمة السائدة مام سهل عىل اإلسالمويون أن يضعوا أسس ورشوط الخطاب األخالقي والجنيس للمجتمع .عطفاً عىل هذا الوضع ،فأنه كان لزاماً عىل حقوق اإلنسان أن تكون فاعلة يف مثل هذا الظرف فأنه يتعني عليها أن تفصح عن نفسها من خالل لغة تستطيع أن تتفاعل بها مع الثقافات املحلية واملامرسات والتقاليد الدينية .أنها املهمة الصعبة والتحديات التي البد لكل املدافعني عن حقوق اإلنسان التعامل معها بشكل أو آخر .فكل مجتمع له خصوصيته وديناميكتيه التي من خاللها يربز تحدياته يف وجه اآلخرين .ففي السياق اإلسالمي فأن التحدي األبرز يتمثل يف سيطرة الفقه التقليدي وطريقته يف مترير أحكامه وتجسيدها يف املامرسات الثقافية والعرفية وكذلك القوانني التي تحكم املامرسات الجنسية .فالحقيقة التي ال مراء فيها هي أن أحكام الزنا تحت مسمى الحدود والتي يراها البعض أنها حدود الله قد عملت عىل حقن خطاب اإلسالمويني واملتطرفني بعبارات ورؤى جاهزة مؤداها أن أي إصالح ال يصادف هواهم هو بالرضورة مخالف لإلسالم ،وهذا بدوره منح اإلسالمويني القدرة عىل التعبئة ورفع شعار العودة إىل الرشيعة. واحدة من اإلسرتاتيجيات الرئيسية التي يتبناها ناشطو حقوق اإلنسان هو التشهري وفضح الدول التي تنتهك حقوق اإلنسان .الشاهد أن معظم الدول التي تقوم بتنفيذ التفسريات الخاطئة للدين لتربير العنف والتمييز ضد النساء هي يف الواقع من املوقعني ملعاهدات حقوق اإلنسان ،ومن ثم عدم تقيدهم مبا وقعوا عليه يستوجب الفضح والتشهري علناً .نقول ذلك رغم أن املعايري األخالقية ومفاهيم العدالة التي تتجسد يف القانون الدويل لحقوق اإلنسان يرى الكثري من املسلمني بأنها تقوضت بسياسات وشعارات ما بات يعرف بالحرب عىل اإلرهاب بعد أحداث الحادي عرش من سبتمرب ،إضافة للدعم الثابت من قبل الغرب إلرسائيل رغم عنفها املتصاعد ضد الفلسطنيني وأنتهاكاتها املتكررة لألرض .هذا الوضع املتعارض ملعايري العدالة يف نظر املسلمني ،صب يف مصلحة اإلسالمويون حيث نجحوا يف تنصيب أنفسهم كمدافعني عن العدالة ومعارضني للتدخل الخارجي. فوفقاً لرشوط القرن الحادي والعرشين ،وجب عىل ناشطي حقوق اإلنسان أن ينخرطوا يف تبني خطاب من داخل املجتمعات املسلمة. وكام أشار األكادميي السوداين دكتور عبد الله النعيم "فرغم الثنائية التي تبدو ماثلة بني الخطابني العلامين واإلسالمي فيام يخص حقوق املرأة يف املجتمعات املسلمة ،والذي هو يف حقيقة األمر زائف أو مبالغ يف تقديره، اإل أن تداعياته من الخطورة مبكان أن ترتك عىل مستوى املامرسة العملية، عليه فاعتقد أن أي حملة تعمل عىل تقريب املسافة بني وجهات النظر اإلسالمية وحقوق اإلنسان هي األكرث إقناعاً وفاعلية يف هذا الصدد". بناء على ما سبق أعاله ،فأن وجهة نظري تتلخص في اآلتي • اإلسرتاتيجيات املتبناه يجب أن تكون متنوعة ومتعددة املستويات وأن تكون لها القدرة عىل األنخراط يف خطاب داخيل مع مجتمعاتها ،آخذين
يف اإلعتبار الصلة الوثيقة بني الثقافة السائدة والتقاليد الفقهية اإلسالمية ،فمن املهم تأطري مفاهيمنا اإلصالحية بحيث تستوعب يف آن واحد وجهات النظر اإلسالمية وحقوق اإلنسان.
أن النص القرآين قد فرض قيود وشروط غاية يف التعقيد حول توجيه وتطبيق عقوبة الزنا إىل احلد الذى يفهم منه أن اثبات اإلتهام بالزنا يصل إىل درجة اإلستحالة.
• يف إطار الحملة ضد قوانني الزنا وأحكام الرجم، فمن املهم إلسرتاتيجيات املواجهة القامئة عىل الفضح والتشهري أن تتجاوز الشعارات السياسية ،بل يجب أن تكون لديها القدرة عىل إقناع الحكومات واإلسالمويني عىل تغيري مثل هذه القوانني واملامرسات عرب اإلنخراط يف حوارات ونقاشات تعطي كل طرف الفرصة يف اإلفصاح عن مبادئه والدفاع عن مامرساته .هذا ما حدث يف املغرب ،عىل سبيل املثال ،وأمثر إصالحاً يف قانون األحوال الشخصية بعد سنوات من نضال النساء الناشطات وإنخراطهن يف حوارات مع شيوخ الفقه .وكذلك يف باكستان حيث متت إصالحات حقيقة يف قانون الزنا بعد تدخل مجلس العقيدة اإلسالمية.
• كمبدأ عام ،اذا كنا نريد أن نقنع جامعة ما بتغيري أفكارها أو قوانينها، فالبد يف هذه الحالة أن يكون نقاشنا معها منصباً عىل كيفية أنها تعدت عىل مبادئها ،ويف هذه الحالة فام نطرحه من قوانني أو مباديء بديلة البد أن تكون متسقة مع افكارها ومبادئها ومبادئ اآلخرين أيضاً ،مبا فيها القوانني الدولية لحقوق اإلنسان. • أن املباديء واملثل املوجودة يف القرآن مبقدورها أن تجد لها موقعاً وصدى يف األعراف الدولية واملعايري املعارصة لحقوق اإلنسان .وهي مبقدورها أن تزودنا كإطار مفاهيمي إسالمي بأسس نقدية أخالقية لقانون العقوبات املستمد من الفقه اإلسالمي التقليدي. إعداد وترجمة إلى العربية بتصرف من:عبدالخالق السر
1
باإلضافة إلى الزنا العالقة الجنسية بين الرجل والمراة هناك اللواط وهو العالقة المثلية بين الرجال والمساحقة هي العالقة المثلية بين النساء واألخرتين خارج مجال تركيز الورقة
2
معظم الدول العربية تبنت القوانين المختصة بالعالقات خارج إطار الزواج إسوة بالقوانين األوربية، أبوعودة ،1996ويلكمان حسين 2005
3
نظرية القوانين اإلسالمية حالج ،1997كامإلى ،2006ويس 2003
4
كامإلى ،1998رحمانى 1965
5
فقة النطفة/الجنين النائم في رحم األم إلى أمد غير محدود .عن مالك بن أنس وقد طبق هذا الفقه في العديد من مناطق شمال وغرب أفريقيا ،مير حسينى 146-143
6
حول أحكام الذنا فى مدارس السنة الفقهية وإختالفات الرأى إبن رشد طبعة 1996ص 30-521
7
"الزَّانِي ال يَنْكِحُ إِال َّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ ال يَنْكِحُها إِال َّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" اآلية 3
8
ما يحدث في إيران هو أوضح مثال لتسيس حكم الزنا باضفاء مشروعية لما يسما بعلم القاضي وهي تقديرات شخصية للقاضي دون اإلمتثال لمعطيات ونصوص القانون .الرجوع إلى ترمان 2007
9
النقاش محتدم ما بين المدارس المعاصرة واإلصالحية ومدارس األصولية للمزيد حول النقاش الرجوع إلى سميث 1985سبيلبر 1991مير حسينى 2011 -2003
10
الرجوع إلى قرشي 2008ص 296ومكمالى 1998ص 219ورحمان 1965ص 240
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
75
بني اخلاص والعام
تصوير سفني تورفني لصحيفة نيويورك تاميز
دفاعًا عن زوجتي :الوجه اآلخر للعنف الجنسي في الصومال
العديد من النساء ال يبلغ ْن عن اإلغتصاب خوفاً من القمع والعار
محي الدين محمد شيخ أحد الرجال القالئل الذين وقفوا في وجهالذين وقفوا في وجه العنف الجنسي في الصومال وذلك حين إغتصبت زوجته في غيابه داخل منزلهم .قصة قامت بسردها األستاذة هالة الكارب بغرض الكشف عن الجوانب المخفية للعنف الجنسي في الصومال؛ آملة أن يكون موقف محي الدين هو ديدن الرجال في هذه المجتمعات.
تقول هالة الكارب "لقد عملت يف منطقة القرن األفريقي مع النساء واإلستنكار من قبل املجتمع الدويل مام أمثر عن تراجعها عن األحكام التي من درافور وحتى الساحل الصومايل ألكرث من عرش سنوات؛ مع ذلك أصدرتها يف حق لول والصحفي عبد العزيز ،ومن ث َ ّم أسقطت التهم ضدها فقد أدهشني املوقف الشجاع ملحي الدين ،أحد النازحني الصوماليني يف 3مارس .يف حني تم يف البدء تخفيض األحكام الصادرة يف حق عبد العزيز إىل النصف ،ثم أسقطت الحقاً وأفرج عنه. يف مقديشو". يف مطلع يناير ،2013تعرضت لول عيل عثامن زوجة محي الدين ذات إحترام واجب اإلستحقاق السبعة وعرشين عاماً لإلغتصاب الجامعي من قبل قوات األمن التابعة للحكومة الصومالية؛ ولكنها كانت من الشجاعة بحيث خرجت عىل عىل الرغم من كل اإلهتامم والتغطية التي صاحبت الحادثة ،إال أنه مل املأل كاشف ًة قصة إغتصابها يف حوار صحفي أجراه الصحفي عبد العزيز يذكر سوى القليل جدا ً يف حق محي الدين ،زوج الناجية لول .فقد ع ّرضه إبراهيم ،ولكن قبل أن ينرش الحوار قبضت إحدى املحاكم الصومالية إرصاره عىل أن زوجته قد تم إغتصابها لإلعتقال والرتويع من قبل أجهزة عىل لول وعبد العزيز يف منتصف يناير 2013وحكمت عليهام بالسجن األمن ملدة 26يوماً .وكام شهد الحقاً أن موقفه ثابت وأنه سيقول دامئاً ملدة عام .كانت التهمة التي ُوجِهت إىل لول هي اإلساءة إىل مؤسسة نفس الشئ متى ما تكرر ذات املوقف. حكومية وإشانة سمعتها بقصة مفربكة ،بينام ُحوكِم الصحفي عبد العزيز بالنسبة يل كناشطة نسوية تعمل منذ سنني طويلة لدفع عجلة التغيري بتهمة اإلساءة إىل أجهزة الدولة .تعرضت لول أثناء إحتجازها إىل يومني من التحقيق املر ّوع دون أن يسمح لها باإلستعانة مبحامِ ليدافع عنها كام اإلجتامعي املطلوب ،مل يكن ممكناً أن مير موقف محي الدين دون أن تقتيض أصول العدالة .إثر ذلك قوبل موقف الحكومة الصومالية بالشجب ألحظه .فعندما جلست للحديث معه يف مقديشو يف مارس املايض ،مل
76
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
قضايا العنف اجلنسي يف الصومال عبء على الرجال والنساء؛ فإغتصاب النساء أن لها تداعيتها والفتيات يقابل بتجاهل متعمد وتُضفى عليه حصانة ال شك ّ ّ املدمرة على اجملتمع كافة .إنها تخلق جمتمعات ممحونة ،وجتهض يف ذات الوقت أ ّية حماولة للتعايش السلمي.
أملك إال اإلحرتام والتقدير لشخص يعيش يف ظروف بالغة الصعوبة ومع ذلك فإن إحساسه بالعدالة مل يتزعزع رغم الواقع القايس .فالذي الحظته أن محي الدين مل يكن قط يف شك من أمر زوجته وكان بذات القدر مدركاً آلالمها ومعاناتها" .إنني فقط أدافع عن زوجتي "ذلك ما ظل يردده" .لقد تم إذاليل ألنني بلغت عن حادثة إغتصاب زوجتي .لقد كانوا دامئاً ما يذكرونني أن زوجتي من قبيلة أقل قدرا ً وبالتايل ال تستحق دفاعي عنها". هذا ما ذكره محي الدين أثناء حديثي معه. رجال آخرون إختاروا الوقوف ضد العنف ا لجنسي هناك نفر آخر من الرجال ممن وقفوا موقف محي الدين مفضلني الوقوف بجانب زوجاتهم ،بناتهم وأمهاتهم ضد العنف الجنيس يف الصومال .ففي حادثة أخرى ،رفض أحد الرجال اإلرتهان لإلرهاب أو أخذ مال مقابل التنازل عن اإلبالغ عن حادثة إغتصاب إبنته ذات الثالثة عرش ربيعاً .حادثة أخرى تعرض فيها شخص إىل السجن ملدة إسبوع ألنه أبلغ عن تعرض إبنته ذات الست أعوام لإلغتصاب ،ورفض التنازل عن القضية رغم الضغوط التي ُمورِست عليه .قضايا العنف الجنيس يف الصومال عبء عىل الرجال والنساء؛ فإغتصاب النساء والفتيات يقابل بتجاهل متع ّمد وتُضفى عليه حصانة ال شك أ ّن لها تداعيتها املدمرة عىل املجتمع كافة .إنها تخلق مجتمعات ممحونة ،وتجهض يف ذات الوقت أيّة محاولة للتعايش السلمي.
كمنقذ وهوية بديلة ألهل الصومال .إحتقار النساء كسلوك سائد مصحوباً بإستقطاب واسع خلفته الحرب الطويلة أدى إىل تأسيس أشكال من عصابات اإلغتصاب املنظم للنساء والفتيات خصوصاً داخل معسكرات النزوح ،حيث تفتقد النساء والفتيات الحامية الكافية .أوضح تقرير رسمي أنه ويف خالل ثالثة أيام فقط؛ تم التبليغ عن 22حادثة إغتصاب يف معسكر بأحد أحياء مقديشو. للعدالة وجه واحد تسود منطقة القرن األفريقي ظالل من سوء الفهم عندما يتعلق األمر بالعنف الجنيس ،فهو عادة ما يتم ربطه بشكل مربك بالخصوصية الثقافية والتقاليد والدين .مام خلق إنطباعاً ضمنياً أن العنف ضد النساء يف هذه املنطقة إمنا هو بعض إرث هذه املجتمعات .ال شك أن الثقافة والعشرية والدين هي بعض أوجه الهوية الصومالية ،ولكن ال ينبغي لذلك أن يكون مدعاة لتضييق مفهوم الهوية.
الرصاع املزمن ،وإنتشار ظاهرة عصابات اإلغتصاب يف الصومال هو أوالً وأخريا ً مؤرش لغياب القانون وإنهيار سلطة الدولة والنظام اإلجتامعي التقليدي ،أكرث من كونه إرثاً إجتامعياً؛ فالصومال يف حاجة ماسة إىل قيادة رشيدة حتى تتمكن من الخروج من هذه األزمة املعقدة. إن كانت املفارقة التي يعيشها الصومال اليوم تظهر مليشيات اإلسالم السيايس كام لو أنها األيدولوجية الوحيدة الفاعلة .تبقى الحقيقة التي يجب أخذها يف اإلعتبار أن مفاهيم العدالة والسالم وحقوق اإلنسان الصومال عاشت يف خالل العرشين سنة املاضية نزاعات مسلحة مزمنة ،كام هي متعارف عليها يف املجتمع الدويل ،هي رغبة قطاعات كبرية من تزامن معها تنامي وإنتشار مليشيات اإلسالم السيايس التي تطرح نفسها الرجال والنساء داخل البلد.
ترجمه إلى العربية: مصطفى هارون
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
77
ثريا رجمﺖ ألنها لم تعد تصلح كزوجة!! كارل كانون في ثمانينات القرن الماضي سافر الصحفي الفرنسي من أصل إيراني فريدون صاحب جام ليرى عن قرب تأثير الثورة اإلسالمية على مجمل األوضاع في إيران .في أثناء مروره بإحدى القرى الجبلية النائية ،تصادف أن سمع عن جريمة مروعة إرتكبها مجتمع القرية ضد إمرأة .إنها جريمة الجميع مدان فيها؛ المجتمع االيراني والثورة واأليدلوجيا التي تقف خلفها. تالمست ،فذلك وحده يكفي!! .ولكن يبقى السؤال؟ كيف ميكن ملحكمة قانونية الحكاية أن تعتمد مثل هذه األدلة املتهالكة لتدمغ بها ثريا؟ اإلجابة هناك يف محاكم الضحية هي ثريا منترشي ،أم يف الخامسة والثالثني من العمر لسبعة أطفال .جرميتها الرشيعة .وهذا ما حدث بالفعل .فقد تم تجريم ثريا وحكم عليها بتهمة الزنا، أنها مل تعد تصلح كزوجة ،حسب تعبريها .تم تزويجها رغام عن إرادتها وهي يف الثالثة ومن ثم الرجم كعقوبة. عرش من العمر حسب التقاليد يف هذه املجتمعات؛ ملجرم صغري هو قربان عيل، والذي كان يف العرشين من العمر وقتها .خالل عقدين من الزمان هام عمر زواجها قصة وجبت روايتها شهدت ثريا كل الفظاعات املمكنة وغري املمكنة ،تخللها إنجاب تسعة أطفال ،إثنان منهام توفيا يف املهد ،مع الكثري من العنف واإليذاء تعرضت لهام من قبل زوجها ،تلكم هي قصة ثريا كام روتها عمتها الشجاعة زهرة خانوم .والتي نرشت يف كتاب من قبل الصحفي الفرنيس اإليراين فريدون صاحب جام والذي أحرز كتابه جائزة أفضل املنغمس يف حياة الرذيلة وبيوت الدعارة ،إنتهاءا ً بتأليبه ألبنيه الكبريين عليها. 1 املبيعات يف تلك الفرتة .كثري من النقاد شبه مأساة ثريا بقصة إعدام الشاعر كافكا . يف أيام االضطراب والفوىض التي صاحبت بدايات الثورة اإليرانية ،تم تعيني ولكن يف تقديري ليس هناك يف األدب الغريب ما يضاهي يف السخرية والخبل مثل هذا قربان عيل يف وظيفة حارس سجن بإحدى املدن املجاورة .هناك إلتقى بفتاة يف القانون الذي يطلب من املرأة عبء إدانة زوجها متى ما إتهمته بالخيانة ،يف حني الرابعة عرش من عمرها وقرر الزواج منها .وعىل الرغم من أن تعدد الزوجات يطلب منها إثبات براءتها متى ما إتهمها زوجها بالخيانة .هذا النظام القانوين العقائدي يف ظل ثورة الخميني أصبح مباحاً ،بل ويروج له من قبل إعالم الدولة ،اال أن هو بجملة واحدة نظام يرفض الحداثة والعدالة واملساواة والعقالنية .كام أنه يعامل قربان مل يكن يريد أن يكون مسئوالً عن عائلتني يف نفس الوقت ،أو أن يعيد جنسانية املرأة كرذيلة. مؤخر الصداق لزوجته األوىل كام يقتيض الرشع .أما كيفية التخلص من زوجته، من الواضح أن مثل هذه األفعال املجنونة ميكن أن تصبح عادية يف الكثري من دول فذلك أمر سهل ،فام عليه اال أن يتهمها بالخيانة الزوجية .ليس مهام يف هذه الحالة ما إذا كانت إدعاءاته تسندها أدلة حقيقية أم ملفقة ،أو ما إذا كانت العامل طاملا أنه ميكن حشد الناس وهم يصيحون "الله أكرب" بينام هناك إمراة ترجم! .إنها ثريا مدانة أو بريئة من كل ما نسب اليها .فيكفي فقط أن يكون إبن عمه شاهد صورة تناسب العرص الحجري حقاً .هذه املحاكم العلنية مل تعد تناسب الحقوق الكونية زور بأدلته املتهالكة من شاكلة أنه رآها تبتسم لشخص ما ،أو كيف أن أيديهام ملجتمعات القرن الواحد والعرشين؛ الحق يف أن تكون حارضا ً بنفسك يف املحكمة ،والحق
78
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
بني اخلاص والعام هذا بالفعل ما فعله سريك ،فقد حول الكتاب إىل فيلم .لقد شاهدت الفيلم بالفعل .ولقد متلكني متاماً للحد الذي دفعنى للكتابة عنه. الفيلم يبدأ املشهد األول لفيلم رجم ثريا بعربة قدمية تعطلت بأحد الطرق الجبلية ،بينام مذياع العربة يصدح بشكل راتب أن األمور يف الجمهورية اإلسالمية اإليرانية عىل أحسن ما تكون! .يتزامن ذلك مع مشهد إمرأة عجوز تطرد كلباً يحاول الحصول عىل قطعة عظم من إحدى العظام التي كانت املرأة العجوز تغسلها بعناية ومحبة ظاهرة يف النهر الصغري .مثة تساؤل مرعب طفر يف أذهننا ملصق ومشهد من الفيلم الدرامي اإليراين رجم ثريا يظهر مزهان مارنو كشخصية رئيسية يف الفيلم نحن املشاهدين؛ هل تكون هذه العظام إلنسان؟ يف أن تدافع عن نفسك ،والحق يف أن تشكك يف شهادة أي شاهد ضدك ،والحق من ذا الذي قذف بجثة إنسان إىل كالب متوحشة؟ يف إحضار من يدافع عنك ،والحق يف حياد املحكمة ،والحق يف أن تستأنف ولكن مل ننتظر كثريا ً ،فالتوتر بدأ للتو ،من خالل مشهد سائق العربة ملحكمة أعىل متى ما مل ترىض عن الحكم الذي صدر .مل يحدث يشء مثل هذا يف كل ريف إيران والجميع هناك يف حالة نشوة بالثورة اإلسالمية .الحق أنه الذي تقطعت به السبل يف هذه املنطقة النائية وهو يدخل عىل عمدة وشيخ قرية قُب ًيه والذي هو يف حقيقة األمر فريدون صاحب جام ،والذي ال تزال حقوق كل النساء والفتيات بإيران والكثري من مناطق العامل مغيبة. قام بتمثيل دوره املمثل جيمس كافزيل .صاحب جام الذي تويف قبل الحكم يف حق ثريا صدر ونفذ يف قرية تسمى قُبيه ،ولكنه كان من املمكن خمسة أعوام يف الخامسة والسبعني من العمر ،مل يحظى مبشاهدة الفيلم. أن يكون يف أي مكان بريف إيران .بل إنه ما زال يحدث يف أفغانستان لذلك أعتقد أن هذا املشهد كان مبثابة تكريم لشخصه. والصومال وباكستان ونيجريا أو يف أي مكان تطبق فيه الرشيعة. أتفق متاماً مع مكفيتي أحد منتجي الفيلم ،والذي قال بعد قراءته األكرث إنتشارا ً يف وقتنا الراهن ،هي جرائم الرشف والتي نشهدها يف للسيناريو بأن هذه القصة يجب أن يطلع عليها كل شخص .لقد ُمنع كثري من الدول اإلسالمية .وهي قتل النساء والفتيات من قبل بعض أفراد كتاب صاحب جام من دخول إيران ،وبالطبع الفيلم .السؤال الذي يطرح أرسهم بحجة اإلنغامس يف عالقة جنسية محرمة .هذه املامرسة الرببرية نفسه؛ هل سيقابل الفيلم بالشجب واإلدانة من قبل السلفيني املنترشين ما هي إال إنعكاس للغتها املضللة يف أقىص تعبريها االوريليل ،2من واقع يف معظم أنحاء العامل أم سيتم تجاهله؟ كونها أكرث املامرسات املشينة يف العامل. قالت مزهان مانرو املمثلة اإلمريكية اإليرانية والتي قامت بدور ثريا، إن اإلعدام البشع لرثيا حدث قبل أكرث من عقدين من الزمان ،ولكنها أن األمر تطور معها اىل أكرث من كونه متثيل ،خصوصاً أثناء تصوير املشاهد ليست حادثة معزولة .ففي أكتوبر من عام 2008شهدنا أيضاً رجم فتاة األخرية من الفيلم ،لدرجة أنها باتت تصاب بكوابيس ليلية ،تظهر فيها صومالية قارصة هي عيشة إبراهيم دحالو .وتم ذلك يف اإلستاد الريايض مشاهد لجموع غاضبة تحيط بها يف مشهد مرعب ،تفقد معه القدرة ملدينة كيساميو الصومالية .يف البدء قيل أن تهمتها هي الزنا ،وأنها تبلغ عىل التنفس. من العمر ثالثة وعرشون عاماً .ولكن حسب التقرير الصادر من منظمة بشكل عام ،فإن الحوار يف الفيلم كان أميناً ملحتوى الكتاب ،ولكن من العفو الدولية ،فإن الفتاة كانت يف الثالثة عرش من العمر .ولكن تم احتجازها بواسطة املليشيات اإلسالمية عندما قامت بشجاعة بإخبار قرأ الكتاب يلحظ أن لرثيا أربعة أطفال فقط يف الفيلم ال سبعة .وكذلك السلطات بأنها تعرضت إلغتصاب جامعي .الثالثة املتهمني بإغتصابها مل فإن عمري ولديها الكبريين كانا 18و ،16وكانا أكرث إتساقاً يف تقمص تتم محاكمتهم ،بينام هي تم رجمها أمام جمع من الجامهري بلغ أكرث السلوك السوقي ألبيهام ،بينام يف الفيلم ،يظهران أصغر كثريا ً ،واإلبن األصغر يبدو ممزقاً ومضطرباً يف سلوكه العدواين تجاه والدته. من ألف شخص كانوا يهتفون "الله أكرب"!!. هل يجب أن ننظر ملثل هذه الفظاعات بأنها عقوبة تتناسب يف حجمها مع حرية اإلرادة التي منحت لإلنسان كام ت ُعلمنا التقاليد الدينية ؟ ذلك التفسري ليس كافياً من منظور عقيل .فعندما نجد جيوشاً من الرجال تحتشد وهي هاتفة "الله أكرب" بينام هي متارس فعلها الفظيع يف رجم إمراة مسكينة بالحجارة ،فحتام أن الله وقتها يبيك .وكام قال املخرج االمرييك من أصل فاريس سريك نوراستك "عندما قرأت هذا الكتاب ،متلكني شعور بأنه إذا إتفق لكل العامل أن ميارس مثل هذا الحكم الجائر ،فحتامً نحن يف حاجة ملن يوقد شمعة رحمة بهذا العامل .حقاً إن العامل يجب أن يطلع عىل هذا الكتاب".
تعابري الكره العميق لإلبن األكرب تبدو محرية؛ فهي مزيج من الغربة، الغرور الذكوري والكره العميق للنساء .أنا أفهم أن هذا الشعور يتغذى عىل الدين وإضطراب الهوية وإحساس العجز الذي بات يجتاح العامل. ولكن مع ذلك فإن الهتاف املحموم من قبل الجموع املحتشدة أثناء تنفيذ الرجم عىل ثريا ،جعلني غري مرتاحة .فإن كانت هذه الجموع من الرجال عىل ثقة بأن هذا النوع من القانون سيسود العامل يوماً ما ،فحتامً ذلك عامل ال يستحق أن يعاش .إن شبح ثريا وأخواتها يطاردين. ترجمه إلى العربية :شبكة صيحة
كارل م. كانون، مؤلف ناشر، وهو المحرر تنفيذي ل PoliticsDaily. .comكان كارل مدير مكتب العاصمة السابق لمجلة ريدرز دايجست، وعمل في مجلة ناشونال جورنال فضال ً عن ست صحف أخرى على مدى 20عاماً، غطي فيها أخبار الشرطة والمحاكم، والسياسة، والتعليم، والعالقات العرقية في الصحف في في واليتي فرجينيا، وجورجيا ،وفي مسقط رأسه والية كاليفورنيا.
1
كافكا األديب البلغاري ذائع الصيت .كان يكتب باأللمانية ( .)1924-1883يعتبر أحد أبرز أدباء القرن العشرين.
2 نسبة لجورج أوريل األديب صاحب الرواية الشهيرة مزرعة الحيوانات والتي أنتقد فيها سياسة اإلتحاد السوفيتي السابق، وكيف أن اللغة المستخدمة كانت قائمة على التضليل وتزييف الحقائق. وأصبحت بالتالي كل لغة ترمي إلى تزييف الحقائق هي لغة أوريلية.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
79
قراءات ومعارف
البد من إيقاﻑ فرقعة السياﻁ حول ضرورة إنهاء العقوبات البدنية وإلغاء عقوبة الجلد في السودان هذا المقال تمت صياغته بناءاً على تقرير منظمة ردريس اإلنجليزية بالتعاون مع المرصد السوداني لحقوق اإلنسان ،وقد بني هذا التقرير على سلسلة من المقابالت مع الضحايا وبعض المسؤولين الحكوميين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والقانونيين السودانيين الذين أسهموا بشكل فاعل في بناء هذا التقرير .باإلضافة إلى ذلك عمل التقرير على تقديم صورة مفصلة للفقرات القانونية في القانون الجنائي السوداني فيما يختص بالعقوبات البدنية وعقوبة الجلد بالتحديد وقد خلص إلى حتمية إلغاء تلك العقوبات ليست في السودان فقط بل وفي كل بالد العالم. ال يكاد مير يوم يف السودان دون أن يتعرض فيه النساء والرجال للجلد ،حيث يتم تطبيق هذه العقوبة بشكل راتب عىل املأل دون التفكري يف حجم اآلالم النفسية واإلذالل الذي يتعرض له الضحايا من النساء والرجال يف صمت وبشكل يومي.
عقوبة الجلد في السودان النصوص في مضمنة الزنا، التالية: القانونية اإلتهام الزور بالزنا ،السٌكر إضافة إلى 18مادة جنائية أخرى بناءً على القانون الجنائي السوداني بما في ذلك اإلزعاج العام ،التظاهر، الثمالة ،لعب القمار ،تدوال المسكرة، المشروبات اإلساءة للمعتقدات الدينية، اللواط ،اإلغتصاب ،السلوك الغير الئق ،التصرفات الغير الئقة أخالقياً ،حيازة مواد منافية لألخالق العامة، مكان إدارة الدعارة، للدعارة ،اإلغواء ،اإلتهامات الكاذبة في العفة ،السرقة الكبرى والسرقة.
80
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
قامت حكومة السودان فور نرش الفيديو بإدانة ترسيب ونرش مشاهد جلد الفتاة ،مدعية بأن الحادث كان إستثنائياً إال أنه ويف واقع األمر فاٍن حكومة السودان كانت قد دافعت مرارا ً عن عقوبة الجلد ،والتي تدعي بأنها فعالة يف ردع الجرمية واألفضل مقارنة مع عقوبة السجن ،وغالباً مايستشهد النظام السوداين بالرشيعة اإلسالمية لتربير العقاب البدين يف السودان ،وهذا اإلستشهاد هو يف املقام األول وسيلة إلخراس أصوات املعارضني لعقوبة الجلد والعقوبات البدنية إجامالً وذلك بتخويفهم بالتشكيك يف قناعاتهم الدينية والروحية.
يف ديسمرب من العام ،2010عرض مقطع فيديو من السودان عىل اإلنرتنت اِثنني من رجال الرشطة وهم يقومون بجلد اٍمرأة شابة عىل املأل ،1حيث كان عدد من عساكر البوليس واملارة حول مركز الرشطة يشاهدون املشهد البائس ،وعىل الرغم يقف السودان حالياً يف مفرتق طرق ما بني املطالب امللحة التي تتعلق من األصوات التى تعرب عن األمل والتوسالت التى صدرت عن املرأة فقد إستمر عساكر البوليس يف بأهمية اإلصالح القانوين مبا يف ذلك القانون الجنايئ وقوانني النظام العام، وتطوير القانون السوداين بحيث يتسق مع الحقوق واملواثيق الدولية الرضب بالمباالة وقسوة. وحقوق اإلنسان .أو الحفاظ عىل نظام العقوبات القمعية والتعسفية أثارت تلك الحادثة العديد من اإلحتجاجات السائد حالياً مثل الجلد والعقوبات البدنية األخرى التي تؤدي إىل إذالل العامة من قبل الجامعات الحقوقية التي املواطنني والتنكيل بهم .3 تطالب بحقوق املرأة وحقوق اإلنسان يف السودان ،2وعىل املستوى العاملي حيث فضح تاريخ العقوبات البدنية في السودان ذلك الفيديو الطبيعة التعسفية واملهينة للعقاب عن طريق الجلد ،كام سلط الضوء عىل بالنظر إىل تاريخ السودان الحديث نجد أن إستخدام العقاب البدين يف الجندري لهذه املامرسة البائسة الغالب األعم كان يتم بشكل رمزي لردع مجموعات محددة من الخارجني بُعد التمييز ِ التي متارس بكثافة ضد النساء الاليت يقعن عىل السلطة واملعارضني السياسيني .إال انه ومع إندالع الثورة املهدية وقيام ضحايا ملا يسمى بجرائم النظام العام .ويشكل دولة الخليفة عبدالله خالل الحقبة ما بني ( )1898-1885أسست تلك الجلد عقوبة مركزية يف مجمل األحكام الصادرة الدولة لنظام قانوين بُني عىل تصورات قادتها للرشيعة اإلسالمية ،حيث عن تلك املحاكم اإليجازية والتي تسيطر عليها إعتمدت قوانني دولة املهدية إعتامدا ً كبريا ً عىل العقوبات البدنية لفرض نظام أخالقي وفقاً آلراء قيادات املهدية يف ذلك الحني. أيدولوجية تجريم النساء.
لوحة :خالد حامد ،السودان
وقد ورد أن تلك العقوبات قد إستهدفت النساء بشكل أسايس ،وما يثري اإلنتباه حول العقوبات البدنية وإستهداف النساء اٍبان دولة املهدية يف أواخر القرن ال 19نجد أن هذا اإلستهداف يتكرر مر ًة أخرى بعد مرور مائة عام أو أكرث للنساء يف السودان.
البدنية بطريقة مفرطة وتعسفية ،مثال لذلك، تنفيذ حكم برت اليد عىل محاسب متهم باإلختالس قبل اإلدانة الكاملة له حيث إسقطت محكمة اإلستئناف األولية تهمة اإلختالس عنه فيام بعد.
خالل حقبة الحكم الثنايئ اإلنجليزي املرصي 1956 -1898قام اإلنجليز الذين كانوا أصحاب السلطة الفعلية يف السودان بتبني قانون العقوبات الهندي يف عام 1889والذي ُعدل يف عام 1925وقد إستخدم اإلنجليز عقوبة الجلد ،وإستفادوا منه كسلطة إستعامرية يف ردع وتخويف مواطني البلد ،4كذلك مارست املحاكم األهلية السودانية تلك العقوبة فيام بعد ،وقد إحتفظ القانون الجنايئ السوداين خالل نظام منريي يف الفرتة ما بني -1969 ،1983بالجلد كعقوبة إال أنها مل متارس بشكل منتظم حتى العام .1983
وقد بلغت الفوىض القانونية ذروتها يف تنفيذ عقوبة جرمية الردة وهي اإلعدام عىل املصلح السوداين اإلسالمي، محمود محمد طه ،حيث مل يكن هنالك نص لوجود جرمية الردة يف القانون السوداين يف ذلك الوقت .وقد آلت تلك الحقبة إىل الزوال مع سقوط نظام منريي يف عام .1985
بدأت الفوىض تسود القوانني السودانية والنظام العديل السوداين مع صدور قوانني سبتمرب 1983وإنتهاءا ً بالقانون الجنايئ السوداين يف 1991حيث إستهدف األخري يف صياغاته وتصوراته النساء وسعى لعزلهن عن الحياة العامة.
يف عام 1983ويف أعقاب تعرض البالد لتدهور إقتصادي مريع ،قام نظام جعفر منريي بالتحالف مع األخوان املسلمني ،تنظيم اإلسالم السيايس يف السودان ،وأنتجوا معاً عىل عجل ما يسمى بقوانني سبتمرب ،والتي قامت بشكل مركزي عىل تبني كل أشكال العقوبات البدنية التي وردت يف أحكام الرشيعة اإلسالمية مثل عقوبات البرت والقطع بالخالف والجلد ،أدت تلك القوانني إىل موجة من الفوىض ،حيث هيمنت املحاكم اإليجازية ،املستلهمة من املحاكم العسكرية والتي ال تتوخى التأين والعدالة والتمسك بحكم القانون ،عىل النظام العديل السوداين ،وطبقت تلك املحاكم العقوبات
إن ما حدث خالل قضية الصحفية لبنى حسين والناشطة أميرة عثمان والالتي ألقي القبض عليهن وفق مواد قانون النظام العام وإصرارهن على حقهن في التمثيل القانوني والمحاكمة العادلة يعتبر اإلستثناء الفريد حيث أن السيدتين قد إستخدمتا وعيهن الحقوقي ورفضهن الخضوع للمحاكم اإليجازية .الجدير بالذكر أنه وفي نفس لحظة إعتقال لبنى حسين قد تم إعتقال عشر نساء وتم جلدهن في نفس الوقت كما يتم جلد النساء بشكل يومي في السودان حتى يومنا هذا.
خالل حقبة الدميقراطية الثالثة تم تجميد وجيز للعقوبات البدنية يف السودان لحني حدوث اإلنقالب العسكري للنظام الحايل والذي إستوىل عىل السلطة يف عام .1989 صدر قانون العقوبات الجنائية املطبق حالياً يف العام ،1991حيث توسعت قاعدة الجرائم املرتبطة بالعقوبات البدنية توسعاً كبريا ً مبا ىف ذلك عقوبة الجلد والتي أدخلت كعقوبة مركزية للعديد من الجرائم يف القانون الجنايئ السوداين›› .
هذا المقال تمت صياغتة بناء على تقرير مشروع إلصالح القانون الجنائي السوداني والذي نشر تحت عنوان "ال لمواصلة الجلد ،حان الوقت إللغاء العقوبات البدنية في السودان" والمشروع جهد مشترك بين المنظمة البريطانية "Redress والمرصد السوداني لحقوق اإلنسان. لإلطالع على التقرير الكامل باللغتين العربية واإلنجليزيةwww. . redress.org
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
81
السودان
إﺳﺘﺄﻧﻔﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮدان ﻣﺮة ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﺑﻘﻄﻊ أﺧﺮى إﺳﺘﺨﺪام اﻟﺒﺘﺮ ﻛﻌﻘﻮﺑﺔ ﻳﺪﻩ ﳲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ »المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب مايو«2000
ان الدولية «2001 رصد حقوق اإلنس »منظمة
› املعارضني لتطبيق تلك األمناط من العقوبات مبا ىف ذلك هؤالء املنطلقني بإنتظام تحديدا ً النساء الفقريات والباعة والنساء املتهامت وفقاً لقوانني من خلفيات إسالمية ،أكدوا عىل الطبيعة القمعية والتعسفية للعقوبات النظام العام 6حول اللبس أوالسلوك غري الالئق والنساء الاليت يصنعن البدنية مبا فيها عقوبة الجلد سواء من الناحية العقائدية واإلنسانية .أما الخمور املحلية 7أو يتهمن يف جرائم الزنا.8 عىل مستوى املامرسة العملية ميكن القول أن الجلد يف ظل القانون الجنايئ ومع مرور الوقت فأن عقوبة الجلد قد متددت مع إتساع صالحيات السوداين لعام 1991ليس مجرد نوع من العقاب عىل سلوك غري قانوين، فقد إستخدم الجلد يف املقام األول ضد أولئك الذين ال تتوافق قناعاتهم رشطة النظام العام واملحاكم اإليجازية ،حيث أنه ويف السنوات األخرية تعرض الشخصية والسياسية ومامرساتهم الثقافية وتوجهاتهم مع النظام الحاكم ،العديد من أبناء وبنات الطبقات املتوسطة وسكان املدن للجلد بانتظام. حيث مورس الجلد بكثافة ضد مجموعات النساء والرجال يف مجتمعات وبعبارة أخرى ،فإن أي شخص ال يترصف وفقاً لتصورات أفراد الرشطة النازحني واملهاجرين إىل املراكز الحرضية من أرياف السودان واملناطق الفقرية التي عانت من الحروب والنزاعات االهلية وإنعدام الخدمات والدعم واألمن .واألجهزة الحاكمة قد يعرض نفسه لإلعتقال واإلتهام بإرتكاب جرائم يعاقب عليها بالجلد ،إضافة إىل ذلك فأن عدد كبري من الجرائم صيغت بعبارات وبالنظر اٍىل عقوبة الجلد يف السودان فهي أداة من أدوات القمع غامضة مام يعطي ملنفذي تلك القوانني مساحات واسعة للتأويل ،وسلطة غري السيايس واإلجتامعي ،ووسيلة لتثبيت سلطوية النظام املهيمن وليست ذات محدودة يف توجيه اإلتهامات ،وأبلغ مثال لذلك ما يعرف بالكشة وهي عبارة صلة بتثبيت سيادة حكم القانون ،وميكن تطبيق الحيثيات املذكورة عىل عن حمالت يتم من خاللها القبض عىل أعداد كبرية من املواطنني قد تصل إىل ( 25مواطنا)ً ىف وقت واحد وتتضمن فئات املقبوض عليهم/ن مختلف العقوبات البدنية األخرى مبا يف ذلك عقوبة اإلعدام املثرية للجدل.5 األعامر من الرجال والنساء وتستهدف الكشة النساء بائعات الشاي واألطعمة والطالبات أو الفتيات 9والشباب يف الشارع العام وأيضاً بائعات الخمور البلدية ضعف اإلطار القانوني لعقوبة الجلد الخ ....حيث يعرض املعتقلني إىل املحاكم اإليجازية التي غالباً ما تنتهي بعقوبة يظل اإلطار القانوين الذي يحكم الجرائم التي تخضع لعقوبة الجلد يثري الجلد ،10واملعروف عن إجراءات تلك املحاكم أنها تتم يف زمن قصري جدا ً ،حيث سلسلة من الشكوك والتساؤالت ،حيث أن كل ما هو إستثنايئ يف ظل ال تستغرق املحاكامت أكرث من نصف ساعة ألكرث من( 5أشخاص) وعاد ًة ال الرشيعة اإلسالمية صار هو القاعدة فيام يختص بعقوبة الجلد يف معظم يتاح للمتهمني الفرصة لطلب العون القانوين ،حيث يتم جلد أعداد كبرية من الحاالت .والتلويح بالرشيعة يف كثري من األحيان كام ذٌكر سابقاً الغرض املواطنني بشكل يومي عرب املحاكم اإليجازية يف كل أنحاء السودان. األساس منه هو إيقاف الحوارات واإلحتجاجات حول هذه العقوبة ،وتحويل وقد كشفت املقابالت مع العديد من القانونيني يف أن الطريقة التى يتم بها الرتكيز من طبيعتها التعسفية وتأثريها السلبي عىل املجتمع السوداين إىل جلد املواطنني ال تتفق مع القواعد املنصوص عليها يف عقوبة الجلد ،حيث أن الرتكيز يف مصدرها كتربير لتنفيذها. عاد ًة ما يتجاوز الجلد العدد الذي حكم به يف الغالب األعم ،وتصحب عقوبة عالو ًة عىل ذلك ،فأن خطورة عقوبة الجلد تكمن يف أن ال يقابلها ضامنات الجلد إهانات لفظية يقصد بها تكثيف دونية الضحية ،وبنا ًء عىل الفيديو الذي إجرائية قانونية كافية تسمح بتفاديها أو تقلل من تنفيذها بالشكل الذى ظهر يف العام 2010فإن رجل البوليس كان يرضب الفتاة يف أماكن مختلفة من تنفذ به يف الوقت الحايل ،فمن الواضح أن هيكلة املحاكم اإليجازية الحالية جسدها مام يعكس أن ما ميارس عرب املحاكم يف السودان هو شكل من أشكال ال توفر مساحات للمتهمني للحصول عىل أي نوع من أنواع العون القانوين ،التعذيب املرشع له بالقانون ،ويساهم الجلد يف تعميق الفوارق اإلجتامعية وأصبحت إمكانية توفري املساعدة القانونية محدودة للغاية ،حيث تحولت واإلثنية بني السودانيني وكذلك يقنن لعدم املساواة والظلم. عقوبة الجلد يف ظل هذا الواقع إىل عقوبة روتينية متارس دون حيثيات قانونية عادلة ،إضافة إىل كل ذلك فأن القانون الذي يحكم تطبيق الجلد هل يمكن إلغاء العقاب البدني وعقوبة يحدد كيفية التنفيذ بطريقة علنية ومرئية لعدد من الناس ليضيف ذلك الجلد في السودان؟ مزيدا ً من اإلذالل باإلضافة إىل اإلهانة املتأصلة يف طبيعة تلك العقوبة. من الواضح أن املفاهيم املستمدة من التعاليم اإلسالمية حول العدالة تنص عىل رضورة العقوبات البدنية ،11إال أن ما ميارس يف السودان خالل حقبة إشكاليات تنفيذ عقوبة الجلد في السودان قوانني سبتمرب 1983والقانون الجنايئ السوداين للعام 1991يعكس أن العقوبات البدنية يتم إستخدامها ليس بأغراض نرش العدالة وسيادة حكم ال توجد بيانات أو أبحاث موثوق بها حول حجم تطبيق العقوبات البدنية القانون واملساواة بني املواطنني ولكن تلك القوانني متارس بشكل أسايس من يف السودان وال عن اآلثار النفسية واإلجتامعية لتلك العقوبات .إال أنه وبنا ًء أجل ترسيخ سطوة السلط املهيمنة. عىل إفادات العديد من املحامني والقانونيني العاملني يف السودان فأن الجلد هو األكرث إنتشارا ً بني العقوبات البدنية وأنه جزء من املامرسة اليومية يف ليس من قبيل املصادفة أن العقاب البدين قد تم إدخاله وإستخدامه من املحاكم السودانية ،وتعترب النساء من أكرث املجموعات التي تتعرض للجلد قبل األنظمة الديكتاتورية اإلستبدادية ذات الطبيعة األيدولوجية املتشابهة
82
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﺮﺟﻢ ﻭﺍﻟﺘﻘﻄﻴﻊ
اإلنسان الدولية «2002 »تقرير منظمة رصد حقوق
ﺻﺒﻲ ﺳﻮداﻧﻲ ﻓﻲ ال 16ﻣﻦ ﻋﻤﺮه ﻣﻮاﺟﻪ ﺑﺎﻟﻘﻄﻊ ﺑﺎﳋﻼف
»منظمة العفو الدولية «2003
يف مختلف بقاع العامل كام هو الحال يف أفغانستان ،إيران ،العراق ،ليبيا ،معاهدات األمم املتحدة قد أدانت مامرسة السودان لعقوبة الجلد والعقوبات شامل نيجرييا وباكستان والسودان ،والجدير بالذكر أن بعض األنظمة التي البدنية ،إال أن النظام السوداين قد إستمر يف مامرسة العقوبات البدنية تبنت العقوبات البدنية مثل العراق وليبيا كانت يف ذلك الحني أنظمة ذات وعقوبة الجلد ،بغض النظر عن طابع علامين إال أنها سعت لإلستفادة من نصوص الرشيعة اإلسالمية لتعزيز املخالفة القانونية التي متارس اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ،هي سلطتها ،حيث أن تلك األنظمة عادة ما تقوم كام حدث يف السودان بتوسيع عىل أساسها تلك العقوبات المسؤولة عن رصد إمتثال الدول نطاق الجرائم التي تخضع للعقاب البدين حيث يعترب العقاب البدين وسيلة ومخالفتها للمعايري الدولية األطراف ،مثل السودان ،مع بإلتزاماتها فعالة لبث الخوف وسط املجتمع وإلجبار املعارضني عىل الخضوع. واإلقليمية بحجة اإلستناد عىل التعاهدية الرشيعة اإلسالمية والتقاليد. السودان ليس مستثنى من اإللتزامات المادة 7من العهد الدولي الخاص الدولية واإلقليمية القانونيني والقضاة ومعظم بالحقوق المدنية والسياسية تنص على منظامت الجتمع املدين أنه "ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال يعترب السودان طرفاً يف العديد من املواثيق واإلتفاقيات الدولية التي تحظر والناشطني الحقوقيني من للمعاملة القاسية أو العقوبة القاسية مامرسة التعذيب وغريها من أشكال املعامالت الال إنسانية واملهينة وتحديدا ً مختلف بقاع العامل ويف غالبية الالإنسانية أو المهينة" امليثاق الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية وإتفاقية حظر كافة الدول اإلسالمية قد إتفقوا عىل والغرض من المادة 7هو "حماية الكرامة أشكال التعذيب ،12وإتفاقية حقوق الطفل 13ومعاهدة حقوق األشخاص رضورة إلغاء عقوبة الجلد و السالمة البدنية والعقلية للفرد" ذوي اإلعاقة وامليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب والربتكول والعقاب البدين ،ويف الفرتة األفريقي لحقوق النساء ،هذا باإلضافة إىل وثيقة الحقوق املضمنة يف دستور األخرية أيضاً إنضم جمع من .14 األطباء املناهضني للتعذيب إىل السودان اإلنتقايل والتي تقر بالتزامات السودان الدولية واإلقليمية جموع القانونيني يف دول عديدة من ضمنها باكستان ،وإحتج األطباء والقانونيني أن اإلرصار عىل تنفيذ عقوبة الجلد إمنا يعكس التناقض والعزلة املريعة املناهضني للتعذيب بشكل علني ضد مامرسة عقوبة الجلد يف باكستان،16 التي إختارها النظام القانوين السوداين. إن الحراك الدويل ضد عقوبة الجلد ووقف التعذيب واملعامالت الال ويف تقرير صدر مؤخرا ً يف عام 2010إنتقد املقرر الخاص للسودان مبجلس إنسانية املهينة لكرامة اإلنسان هو حراك متصل وجزء من منظومة دولية حقوق اإلنسان إستمرار السودان يف إستخدام عقوبة الجلد والعقوبات متنامية والسودان ليس مستثنى منه. البدنية ،15وكانت املفوضية األفريقية لحقوق اإلنسان والهيئات املنشأة مبوجب ترجمة المقال من اإلنجليزية :هالة الكارب 1
فيديو :يظهر جلد نساء سودانيات بواسطة رجال الشرطة ،سودان تريبيون http:// ،2010 .12.12 www.sudantribune.com/ Sudan-s-judiciary-ordersprobe
2
أكثر من أربعين من النساء ألالتي تم اعتقالهم بعد االحتجاج المناهضة للجلد ،سودان تريبيونhttp:// ،15.12.2010 ، www.sudantribune.com/ Over-forty-women-arrestedafter
3
الواليات المتحدة وزارة الخارجية ،مكتب الديمقراطية و حقوق اإلنسان ،و تقرير العمالة في السودان 2006 ( تروي نساء حكم عليهن ب 30جلدة للتشهير بضباط الشرطة)http://،06.03.2007 ، www.state.gov/g/drl/rls/ htm.78759/2006/hrrpt
4
ليندسايWote Timamu ، أفندي ،في المعاش وراء البحار، ،67.NOربيع العام ،1994
http://www.corpun.com/ lindsay.htmرواية شاهد عيان على الضرب بالعصا ( 1950Sالسودان تحت الحكم االستعماري البريطاني) 5
المركز األفريقي لدراسات العدالة والسالم ،التوسع في استخدام عقوبة اإلعدام في القانون والممارسة في السودان ،12.2010 http://www.acjps.org/ /2010/Publications/Reports _WideningtheScope ExpandingUseof CapitalPunishment.pdf
6
المنظمة الدولية ضد التعذيب، السودان ،المرأة المحكوم عليها 75جلدةhttp:// ،19/02/2002 ، -www.omct.org/violence
7
مخمرات تاريخ -الجن السودان تزدهر بالرغم من الشريعة ،بي بي سي نيوز،29.04.2010 ، /1/http://news.bbc.co.uk stm.8638670/hi
8
المنظمة الدولية ضد التعذيب،
السودان :امرأة حكم عليها بالسجن و 100جلدة بتهمة الزنا في نياالhttp:// ،19/03/2004 ، www.omct.org/violenceagainst-women/urgent/06/2003/interventions /d16330 9
المنظمة الدولية ضد التعذيب، السودان 30 :جلدة بالسوط لفتاة تبلﻎ من العمر 15عاما في نياال، http://www. ،10.06.2003 omct.org/violence-againstwomen/urgent-interventions/ ;/d15636/02/2002/sudan
10
مجموعة شبكة صيحة ورقة ما وراء البنطال ،حول قانون النظام العام و حقوق اإلنسان والنساء والفتيات في السودان تم تقديمها إلى اللجنة األفريقية لحقوق االنسان12.12.2009 ،
11
بيترز ،الجريمة والعقاب في الشريعة اإلسالمية :النظرية والتطبيق من القرن السادس عشر إلى القرن الحادي والعشرين ،كامبريدج :مطبعة
جامعة كامبريدج ،2005 ،في 38-30
الجديد02.2012 ،
12
لجنة حقوق اإلنسان ،تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب المقدم وفقا لقرار اللجنة ،38/2002وثيقة األمم المتحدة ،68/2003/4.E/CN 26.para ،17/12/2002
13
صادقت لجنة حقوق الطفل، 3أغسطس 1990؛ العهد، انضمت إليها 18مارس 1986 حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة، 24.04.2009؛ الميثاق ،صدقت 18/02/1986
14
انظر بعثة األمم المتحدة، جمهورية السودان الدستور جعل الندوةhttp:// ،05.2011 ، unmis.unmissions.org/ 4865=Default.aspx?tabid إلجراء إصالحات ،على إنصاف و مراقب السودانية لحقوق اإلنسان والعدالة الجنائية و حقوق اإلنسان :جدول أعمال لل الحماية الفعالة لحقوق اإلنسان في دستور السودان
15
مجلس حقوق اإلنسان ،تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة ،وثيقة األمم المتحدة /39/13/A/HRC . . 05.02.2010 ،5.Addاللجنة المعنية بحقوق اإلنسان التعليق العام رقم 31
16
منظمة العفو الدولية ،كتابة الرسائل الطبية العمل: الجلد في باكستان ،رقم الوثيقة . 23/02/1990على المعايير الطبية المعمول بها، انظر قرار مجلس حقوق اإلنسان ،24/10وقرار مجلس WMA على حظر مشاركة الطبيب في التعذيب ،الدورة ،182تل أبيب، http://www.wma. ،05.2009 /30publications/net/en
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
83
المﻠﻒ:
ﺟﺪﻝ اﻟﺴﻔﻮﺭ 84
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
ﻭاﳊﺠﺎﺏ لوحة :نصرالدين الدومة ،السودان املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
85
امللف :جدل السفور واحلجاب
إمراتنا فى الشريعة والمجتمع عرض وتلخيص السر السيد الطاهر الحداد 1935-1899 كاتب ومفكر تونسي ترك أثراً عظيماً في الحياة الفكرية التونسية والعربية رغم قصر الحياة التي عاشها .ولد الطاهر بن علي بن بالقاسم الحداد بتونس العاصمة ونشأ في وسط متواضع. تخرج بجامعة الزيتونة اإلسالمية الشهيرة عام 1920ثم عمل موثقاً. أظهر الحداد منذ وقت باكر من عمره ميوال ً سياسية ونقابية وقدرات كتابية فذة في بداية حياته العملية. إشتغاله الباكر بالسياسة عمق من قيمة أعماله الفكرية والصحفية وبوأته مكاناً مميز ًا في حزب األحرار الدستوريين الذي كان أحد أعضائه. كان الحداد رائداً تحررياً وتقدمياً في كل مواقفه الفكرية؛ حتى أن عميد األدب الدكتور طه حسين وصفه بأنه "متقدماً على قومه بقرنين من الزمان".
هذا كتاب يعد من أهم الكتب التأسيسية التي مهدت إىل حقوق النساء يف املجتمعات اإلسالمية؛ مثله مثل كتاب تحرير املرأة لقاسم أمني .تكمن قيمة هذا الكتاب يف أنه إختط طريقاً لألجيال القادمة يف إمكانية الوصول إىل قراءات مختلفة للنص القرآين والحديث النبوي الرشيف كمصدرين أساسيني للترشيع يف اإلسالم ،كام أنه إكتشف مبكرا ً إمكانية الحوار اإليجايب مع منجزات الحضارة اإلنسانية وإعادة توطني هذه املنجزات يف املجتمعات والثقافة اإلسالمية .أكد عىل حقيقة أن اإلسالم أوسع من تلك العباءات الضيقة التي تسجن النص ىف التاريخ وتسجن التاريخ ىف النص.
الترشيعي برمته عىل فرضية رضورة التفرقة يف األحكام الدينية بني نوعني من األحكام ،األوىل ثابتة التقبل التغري وهي التي تتعلق بالجانب العقائدي والتعبدي ومنها قضايا العدل واملساواة بني الناس؛ والثانية متغرية وفقاً لتغريات الزمان واملكان وفيها يرى الحداد أن هذه األحكام يف حالة تغريها ليس بها من رضر يصيب اإلسالم ،وساق عىل سبيل املثال يف األحكام املتغرية مسائل العبيد واإلماء وتعدد الزوجات .الحداد يف هذا القسم هدف كام أشارت الدكتورة منى أبوزيد يف مقدمتها إىل إثبات أمرين خطريين هام: األول :أن الحقوق التي أعطاها اإلسالم للمرأة مل تعد تتمتع بها ومتارسها بنفس الدرجة واملستوى الذي وضع السالم املرأة فيهام. الثاين :أن اإلسالم حينام رشع هذه الحقوق للمرأة مل يكن يريد أو يقصد أن يقف عند حدها وإمنا كانت غايته أن ميهد بها للمساواة التامة بني الرجل واملرأة ،لكن املسلمني بسبب ظروفهم التاريخية فيام بعد قد وقفوا يف طريق التطور بل أرجعوا املرأة إىل الوراء.
يعد إمرأتنا يف الرشيعة واملجتمع كتاباً المرأة كفاعل إجتماعي في فكر الحداد يؤرخ لشجاعة الفكر واملفكرين حيث أنه تصدى ألخطر القضايا يف ذلك الزمن وهي يف القسم الثاين من الكتاب ،القسم اإلجتامعي فقد تناول الحداد مسائل قضية املرأة ،وتصدى ألخطر املمنوعات وهي تثقيف املرأة لتكون زوجاً وأماً ،وحدد مجاالت هذا التثقيف بالثقافة الصناعية نقد أو مراجعة بعض التأويالت للنصوص والثقافة املنزلية والثقافة العقلية والثقافة األخالقية والثقافة الزوجية والثقافة الدينية ،ليكون ويف تحليقة واحدة قد تصدى الصحية .تناول القسم الزواج باإلكراه والزواج دون السن املناسبة والزواج مع لتقاليد املؤسسة اإلجتامعية التي تقوم عىل املانع كام تحدث عن وضع املرأة يف املنزل ،الزواج من األجنبيات ،التعليم التمييز ضد النساء؛ ولتقاليد املؤسسة الدينية الرسمي للمسلامت ،تعليم املرأة وتربيتها ،السفور والحجاب وتحدث عن التي ترى يف املرأة مخلوقاً محفوفاً بالخطيئة التطور الحديث .ومن اإلشارات البليغة يف هذا القسم؛ متني بل ودعوة الحداد واملصائب والضعف بل وبالشياطني .لكل هذا إىل أن تصل النساء إىل التعليم العايل ،وهي دعوة مل يسبقه إليها إال القليلون؛ وغريه نعرض هذا الكتاب. فقد كانت دعوة معظم اإلصالحيني إىل تعليم النساء تقف عند حد الثانوي عىل األكرث إن مل يكن اإلكتفاء بتعليمها القراءة والكتابة. يقع كتاب إمرأتنا يف الرشيعة واملجتمع يف عدد 230صفحة من القطع املتوسط ،مبا يف ذلك التمهيد الذي كتبته الدكتورة منى أبوزيد واملقدمة إن أخطر ما تعرض له الحداد يف هذا القسم هو مسألة الحجاب ،وما والخامتة اللتني كتبهام الطاهر الحداد .صدرت النسخة التي نعرضها ضمن كتبه تحت عنوان من مشاهد البؤس اإلجتامعي يقول الحداد يف صفحة 196 سلسلة كتاب الدوحة يف يونيو .2012يتكون الكتاب من قسمني؛ القسم من الكتاب "إن الحجاب قد أوجد للرجال حياة خاصة خارج املنزل ال تعرفها األول ترشيعي والقسم الثاين إجتامعي .يف القسم الترشيعي ناقش الكتاب النساء ،ففي املقهى ويف امللهى ويف املطعم حيث ترصف األموال الكثرية يف غري موضوعات اإلعتبار الذايت للمرأة وحقوقها املدنية وأهليتها وقضايا املرياث واجب والحق ،ميوت الكثري من البيوت مبن فيها من النساء والذرية بفقد املواد والزواج والطالق وتعدد الزوجات كام تعرض ملحاكم الطالق .إختتم الفصل الرضورية للمعاش اليومي ألن رجال هذه البيوت يلزمهم أن ينفقوا ما يكون بإيراد بعض آراء العلامء الكبار يف مسالة الزواج؛ كصاحب الفضيلة سيدي أو يحصل بأيديهم من املال يف الفجور والسكر وامليرس وكل ما يجلب الرتفيه عبدالعزيز جعيط وسيدي الطاهر بن عاشور .إستند الحداد يف القسم والتسلية يف حياتهم املنفصلة متاماً عن أزواجهم ،وما جرأهم عىل هذا إال
86
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
لقد أوضحنا ما للمرأة يف اإلسالم من حق صريح وما أدخر لها يف نصوصه اخلالدة من روح العطف والتقدير حتى املساواة وبينا حالة املرأة عندنا وما يف سقوطها من صور الشقاء الذى يغمرنا فى احلياة الزوجية ويف عائلتنا ويف تربية أبنائنا التي تخرجهم عاجزين عن أي عمل منتج يف احلياة وأعطينا صورة عامة عن رأينا فى اخلروج بامرأتنا من الهوة التي وقعت فيها بحكم أجيال التدين الطويلة التي حرمتنا معها من بلوغ احلياة السعيدة التي نتخيلها وال نراها إال يف األمم احلية التي حاسبت ماضيها وطعنت فيه روح الذبول واملوت الذي كان سائدًا عليها وما قصدنا من ذلك كله إال أن ندرك جليًا حقيقة موقفنا قبل أن نذهب طعمة ملاضينا السخيف. إنفرادهم بأنفسهم يف إحتجاب املرأة وعزلتها من رؤية هذه الحياة السافلة". ويقول أيضاً يف صفحة " 198إن الحجاب قد منع املرأة من التعلم والقدرة عىل اإلقتصاد املنزيل وإدارة شؤون املعاش اليومي ،ويكفى أن نتصور عجزها عن الحساب من الواحد اىل ما فوق العرشة وأنها التعرف أن تؤرخ الحوادث إال بعام الطاعون أو املجاعة أو عام إنتقالها من منزل كذا اىل منزل كذا".
لظهور كتابه أصداء واسعة مؤيدة ومعارضة .يعترب املؤرخون أن نرش هذا الكتاب حدث جوهرى يف مسرية اإلصالح اإلجتامعي بوجه عام والنسايئ عىل وجه الخصوص .األفكار التي نرشت يف هذا الكتاب عام 1930ودعا الحداد إىل توسيع حقوق املرأة ورصح أن التفسري املعارص لإلسالم مثبط للمرأة ،أدت اىل إتهامه باإللحاد ،وتصدت له املؤسسة الدينية الرسمية وحاربته بكل ما متلك من سلطات سياسية وإجتامعية وثقافية .عاش الحداد فيام تبقى من عمره القصري معزوالً محارباً؛ بعد أن تم تكفريه علناً ،ومنع من الزواج وصودرت شهاداته العلمية وطرد من العمل .عاد للحداد إعتباره وأعيدت قراءة أعامله وتوج رمزا ً ثقافياً وفكرياً بعد استقالل الدولة التونسية.
يف مشاهد البؤس اإلجتامعي وهو يحاول أن يربط بني الوضع املتخلف للمرأة التونسية يف مجاالت الحقوق كافة والوضع اإلجتامعي فيقول يف صفحة " 180أن هذا البؤس املادي املحدق بنا ،والذي مازال ينمو بأسباب منا ومن غرينا إليه يرجع أكرب األثر يف اندحار عائلتنا وتحكم العنف ورشاسة الخلق ىف حياتنا الزوجية ،تلك الرشاسة التي ان رؤية الطاهر الحداد الجديدة يف تأويل النص الدينى مهدت لصدور كان لها أكرب نصيب يف تكثري حوادث الطالق ولو أن لنا قلم إحصاء لرأينا أن معظم حوادثه ناتجة عام يثريه الفقر والحاجة من ضيق الصدر مجلة األحوال الشخصية التونسية سنة 1956؛ مانحة املرأة حقوقاً قانونية مل تنلها النساء املسلامت حتى اليوم يف غالبية العامل اإلسالمي .كان واجباً وقنوط النفس الباعثني عىل الخصام واللجاج". علينا البحث عن كتابات وضعت كمنارات عيل طريق اإلصالح ،إلعادة حقوق املرأة ووضعها يف مكانها الالئق باملجتمع يف مثل هذا الظرف ما الذي يود أن يقوله الكتاب التاريخي الذي يعيشه العامل اإلسالمي؛ حيث تطرح قضية املرأة مرة أخرى أما ختام هذا العرض املخترص فهو ما جاء عىل غالف الكتاب؛ حيث لتتنازعها املرجعيات وتعرض عليها تصوراتها ،وتحاول أن تعيدها إىل سابق وصف الطاهر الحداد 1935-1899بأنه محرر املرأة التونسية وقد كان عهدها قبل عرص النهضة واإلصالح.
إن سجن املرأة مل يكن قاصرًا على جسمها ،بل إنه واقع أيضًا وبصورة أشد على روحها وعقلها ،فهي ال تستطيع أن تع ِّبر لنا إال تصور لنا إال عواطف الرجل عن روح الرجل وال تغنينا إال شعر الرجل ،وال ِّ ِ ستحسن أو يَستق ِبح من األلوان واملعاين. يف حبه وبغضه ،وفيما يَ فعاشت كالصدى الذي حتفظه أقراص الفونوغراف .وإذا مل جتد يف اجملتمع إال أصواتًا تع ِّبر عن اخلسة والهوان فلم يسعها إال أن تكون احلاكي .فإذا ما قُ ِّدر لنا أن نفهم حقيقة املرأة وواجبها وحقها يف احلياة فذهبنا مذهب احلكمة يف تعليمها ما حتتاجه ،فقد عملنا خريًا، ليس للمرأة فقط ،بل لسعادة الرجل واألمة جمعاء واألجيال القادمة.
السر السيد ناقد مسرحي وكاتب سوداني متخصص في مجاالت المسرح التعليمي و المسرح من أجل التنمية، قام بنشر كتابين في هذا المجال. يعمل السر حالياً كمدير لقسم البرامج الخاصة بالهيئة القومية لإلذاعة والتلفزيون. السر عضو إتحاد الكتاب السودانيين، ومساهم منتظم في مجال توظيف الفنون فى التغير اإلحتماعي للعديد من المشاريع التنموية .السر أب لولدين و بنت يعيش مع أسرته بالخرطوم.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
87
امللف :جدل السفور واحلجاب
تشريح مفهوم الحجاب حتى ال تجلد النساء بسبب أزيائهن تأخذنا رشا عوض في رحلة تاريخية وفقهية حول المقوالت والمفاهيم الخاطئة عن الحجاب وتكشف أنه نتاج إجتهادات بشرية وليس فرض إلهي .تجادل رشا تجاه وضع حقائق ومفاهيم مغايرة تناقض عقلية قهر النساء باسم الدين. األول :تسليط الضوء عىل التعددية يف اآلراء والتفسريات الدينية يف مقد مــــة قضية الحجاب قدمياً وحديثاً ،وهذه التعددية تشمل اآلراء املرنة واملعتدلة إىل جانب اآلراء املتشددة ،وإثبات أن اآلراء املتشددة رمبا يتفاجأ كثريون بوجود مادة يف القانون الجنايئ السوداين هي املادة سادت يف املجتمع ليس بسبب أنها األصدق يف التعبري عن الدين 152تحاكم بالجلد عىل ما يسمى بالزي الفاضح ،ومل يعرف القانون هذا ولكن ألنها األصدق يف التعبري عن الثقافة الذكورية املهيمنة. الزي بل ترك األمر لتقدير منسويب رشطة أمن املجتمع املنوط بها تنفيذ هذه املادة .ملناهضة هذه املادة واملطالبة بإلغاء قانون النظام العام تم إطالق مبادرة عرفت مببادرة ال لقهر النساء التي كنت من مؤسسيها .الثاين :التعامل مع موضوع الحجاب وأزياء النساء كقضية إجتامعية ثقافية تختلف وتتعدد فيها اآلراء وليس كقضية عقيدة يف إطار ثنائية الكفر واإلميان ،وذلك لن يتحقق إال بتوطني ثقافة حقوق وبحكم أن جدلية العالقة بني الفكر اإلسالمي وقضايا الدميقراطية املرأة بوجه خاص وثقافة حقوق اإلنسان بوجه عام يف املجتمع. وحقوق اإلنسان وقضايا املرأة هي دائرة إهتاممي األساسية ،فإنني أعتقد ان أفضل مساهمة ميكنني تقدميها ملبادرة ال لقهر النساء يف يف هذه املقالة يتعذر عرض كل النصوص اإلسالمية الواردة يف موضوع مجال مناهضتها لقانون النظام العام ،هي النقد الجذري لألفكار الفقهية التي تكرس لدونية املرأة ،ألن هذه األفكار بالغة التأثري عىل الحجاب وتفسرياتها قدمياً وحديثاً ،لذا سأكتفي ببعض النامذج. املجتمع ،وتعرقل تعاطف قطاعات كبرية منه مع قضايا النساء العادلة، خصوصاً وأن الحزب الحاكم يف السودان منبثق عن أكرب جامعات اإلسالم ما هو الحجاب؟ السيايس يف البالد ،وهو دامئاً ما يستغل العاطفة الدينية يف الرتويج لقوانينه الظاملة للنساء ،ويف معركتنا مع قانون النظام العام ،وهو كلمة حجاب مل ترد مطلقاً يف القرآن الكريم مبعنى زي يجب أن ترتديه قانون تطبقه رشطة خاصة تسمى برشطة أمن املجتمع وله محاكم النساء ،وردت املفردة يف عدة آيات مبعاين مختلفة ،واآلية التي ورد فيها ذكر مفردة حجاب يف سياق له صلة بأوضاع النساء هي قوله تعاىل خاصة غري مستوفية لرشوط العدالة املتعارف عليها. َ َ "يا أيُّ َها الَّ ِذي َن آ َم ُنوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتَ ال َّنب ِِّي إِلَّ أ ْن يُ ْؤ َذ َن لَ ُك ْم إِ َل طَعَامٍ فرشطة أمن املجتمع تطبق املادة 152من القانون الجنايئ الخاصة غ ْ ََي ن ِ شوا َوال َاظرِي َن إِنَا ُه َولَ ِك ْن إِذَا ُد ِعيتُ ْم فَا ْد ُخلُوا فَ ِإ ذَا طَ ِع ْمتُ ْم فَا نْتَ ِ ُ مبا يسمى الزي الفاضح ،ويف حربنا عىل هذه املادة وعىل قانون النظام ُم ْستَأْنِ ِس َني لِ َح ِد ٍ يث إِ َّن َذلِ ُك ْم كَا َن يُ ْؤ ِذ ي ال َّنب َِّي فَيَ ْستَ ْحيِي ِم ْن ُك ْم َواللَّ ُه ال اب العام عموماً ،هاجمتنا الصحف املوالية للحزب الحاكم بأننا ضد اإلسالم ،يَ ْستَ ْحيِي ِم َن الْ َح ِّق َو إِذَا َسأَلْتُ ُمو ُه َّن َمتَا ًعا ف َْاسأَلُو ُه َّن ِم ْن َو َرا ِء ِح َج ٍ وندعو للتربج والزي الفاضح ،وتركت إنتقاداتنا املوضوعية للقانون َذلِ ُك ْم أَطْ َه ُر لِ ُقلُو ِب ُك ْم َوقُلُو ِب ِه َّن َو َما كَا َن لَ ُك ْم أَ ْن تُ ْؤذُوا َر ُس َ ول اللَّ ِه َوال أَ ْن يم". جانباً ،وإنحرف النقاش إىل قضية الحجاب ووجوبه عىل املرأة املسلمة ،تَ ْن ِك ُحوا أَ ْز َوا َج ُه ِم ْن بَ ْع ِد ِه أَبَ ًد ا إِ َّن َذلِ ُك ْم كَا َن ِع ْن َد اللَّ ِه َع ِظ ً وإىل قضية اإلنحالل األخالقي واإلنحرافات الجنسية التي تتفىش يف الحديث يف اآلية عن نساء النبي صىل الله عليه وسلم ،وكلمة حجاب املجتمع إذا مل ترتدي املرأة الزي الرشعي ،وليك نبطل أثر هذا التشويش الذي يستهدف تجنيد الجمهور املسلم ضد قضيتنا ،البد أن نناقش الواردة يف اآلية مبعنى فاصل مادي يعزل بني نساء النبي ومن يطلب قضايا ما يسمى بالحجاب والزي الرشعي ،وقضايا الفضيلة والعفاف يف منهن متاعاً ،وهذه خصوصية لبيت النبوة ،ولكن هناك من إستدل بهذه اآلية عىل أن الحجاب نظام إجتامعي إسالمي يجب تطبيقه ليس فقط الفكر اإلسالمي برؤية نقدية مستنرية تهدف إىل أمرين:
88
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
يف بيت النبوة بل عىل املسلمني جميعاً، وبالتايل إختالط الرجال والنساء حرام، واي حوار بني رجل وامرأة يجب أن يتم من وراء حائط أو ساتر إمتثاالً لتوجيه اآلية "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب". وألن بقاء النساء يف البيوت طوال العمر مستحيل ،لذلك إذا خرجن يجب عليهن إرتداء زي يغطي كامل البدن مبا يف ذلك الوجه والكفني ،ويستدلون عىل وجوب تغطية الوجه باآلية "يا أيها النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء املؤمنني يدنني عليهن من جالبيبهن ذلك أدىن أن يعرفن فال يؤذين" ،هذه اآلية ليس فيها إشارة رصيحة لتغطية الوجه ولكنها فرست بذلك ،والتفسري نتاج البيئة الثقافية واإلجتامعية املحيطة، وحتى يف التفسريات التقليدية لهذه اآلية ورد أن النساء أمرن بأن يسدلن جز ًء من الجلباب وهو قامش يغطي الشعر ويسدل الجزء املتبقي منه وراء ظهر املرأة يف ذلك الوقت ،أمرن أن يسدلن ذلك الجلباب عىل صدورهن لسرتها ،وعللت اآلية األمر بتغطية الصدر ب"ذلك أدىن أن يعرفن فال يؤذين" أي حتى يتم التمييز بني الحرائر واإلماء ،حيث كان الرق سائد ا ً ،لذلك أمرت الحرائر بان يلبسن ما مييزهن عن اإلماء فيعرفن بأنهن حرائر فال يؤذين ،فهذا النص خاطب سياقاً إجتامعياً تاريخياً يختلف متاماً عن سياقنا املعارص.
رسم :نصرالدين الدومة ،السودان
الذي يجعلها تغطي الصدر ،ومل يكن هناك أمر مبارش وواضح بتغطية الوجه أو حتى الرأس ،فمثالً هناك آية سورة النور " َوق ُْل لِلْ ُم ْؤ ِم َن ِ ات يَغْضُ ضْ َن ِم ْن أَبْ َصا ِر ِه َّن َو يَ ْح َفظْ َن فُ ُرو َج ُه َّن َولَ يُبْ ِدي َن زِي َنتَ ُه َّن إِلَّ َما ظَ َه َر ض بْ َن ِب ُخ ُم ِر ِه َّن َع َل ُج ُيو ِب ِه َّن َو َل يُ ْب ِدي َن زِي َنتَ ُه َّن إِلَّ لِ ُب ُعولَ ِت ِه َّن أَ ْو ِم ْن َها َولْ َي ْ ِ َ َ َ َ َ َ ِ ِ َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َ َ َآبَا ئِ ِه َّن أَ ْو آبَاء بُ ُعولت ِه َّن أ ْو أبْ َنا ئ ِه َّن أ ْو أبْ َناء بُ ُعولت ِه َّن أ ْو إ ْخ َوا ن ِه َّن أ ْو بَني إِ ْخ َوا نِ ِه َّن أَ ْو بَ ِني أَ َخ َوا تِ ِه َّن أَ ْو نِ َسا ئِ ِه َّن أَ ْو َما َملَك َْت أَ ْ َيا نُ ُه َّن أَ ِو التَّا ِب ِع َني غ ْ َِي ول الْ ِ ْربَ ِة ِم َن ال ِّر َجا ِل أَ ِو الطِّفْلِ ال َِّذي َن لَ ْم يَظْ َه ُروا َع َل َع ْو َر ِ ات ال ِّن َسا ِء أُ ِ َ ض بْ َن ِبأ ْر ُجلِ ِه َّن لِيُ ْعلَ َم َما يُ ْخ ِف َني ِم ْن زِي َن ِت ِه َّن َوت ُو بُوا إِ َل اللَّ ِه َج ِمي ًعا كل النصوص القرآنية التي شملت توجيهات بشأن الزي أمرت النساء َو َل يَ ْ ِ املؤمنات بإجراء تعديل عىل أزيائهن التي يرتدينها أصالً إىل الشكل أَيُّ َها الْ ُم ْؤ ِم ُنو َن لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُحو َن " قال ابن عباس يف تفسري هذه اآلية ›› املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
89
هنا يتضح أن إطالق إسم احلجاب على ذلك النمط من الزي الذي يشمل تغطية الرأس وكامل اجلسد وإظهار الوجه والكفني هو إجتهاد بشري ،ولذلك فإنني أحرتمه كخيار شخصي ،ولكنني ال أسميه حجابًا وال أحيطه بأي هالة من التقديس الديني ،من حق بعض النساء املسلمات بالطبع أن يعتقدن أن هذا الزي فريضة دينية أو أنه الزي األكرث تعبريًا عن اإللتزام بآداب احلشمة،
› "كانت النساء قبل هذه اآلية يسدلن خمرهن من ورائهن ،كام تفعل وأرادت أن تتعبد به فهذا مرشوع جد ا ً كخيار إجتهادي ومن واجبنا النبط ،فلام نزلت هذه اآلية ،سدل ْن الخمر عىل الصدر والنحر 1وإضافة إحرتامه والوقوف بصالبة ضد من يحاربه أو يضطهد من ترتديه عىل الضمري ه ْن يف كلمة خمره ْن تدل عىل أن الخامر وهو غطاء الرأس أساس أنه يتناىف مع التحرر. كان جز ًء من ملبس النساء قبل اإلسالم ،فقد ورد يف تفسري اللباب إلبن عادل ما ييل "إ َّن نساء الجاهلية ك َّن يُ ْس ِدلْ َن ُخ ُمرهن من خلفهن ،وإن نفعل ذلك إنطالقاً من منصة حقوق اإلنسان والحريات الدينية ،أما جيوبهن كانت من قدام ،وكانت تنكشف نحورهن وقالئدهن ،فأمرن أن النقاب وتغطية الوجه وتلك الخيمة السوداء التي تطمس هوية املرأة يرضبن مقانعهن عىل الجيوب لتغطي بذلك أعناقهن ونحورهن. وتعيق تواصلها اإلجتامعي فام هي إال صورة مخففة من وأد البنات، فالنقاب وأد إجتامعي إجتهد كثري من املسلمني يف إلصاقه بالدين ليس أما تفسري "ال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها" فهناك تفاسري مختلفة؛ لوجود أدلة قوية من القرآن الكريم عىل وجوبه فالنصوص مختلف عىل هناك من فرسها بانها الخاتم أو األساور ،وهناك من فرسها بانها الكحل تفسريها ،ولكن ألنه صادف هوى يف نفس الثقافة الذكورية السائدة وغريه من زينة الوجه ،وهناك من فرسها بانها الزينة املوجودة عىل والتي تريد إقصاء املرأة من الحياة العامة. الثياب ،وهناك من فرسها بأنها الوجه والكفني مستندا ً عىل حديث ورد يف سنن إبن داوود عن سعيد بن بشري عن قتادة عن خالد قال يعقوب الحاجة لمنهج تفكير مختلف في قضية بن دريك عن عائشة ريض الله عنها "أن أسامء بنت أيب بكر دخلت عىل الحجاب والزي رسول الله صىل الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صىل الله عليه وسلم وقال "يا أسامء إن املرأة إذا بلغت املحيض ال يف أي مرشوع للتحرر النسوي يف املجتمعات املسلمة نحتاج لإلستنارة يرى منها إال هذا وهذا" وأشار إىل وجهه وكفيه" وهناك من يستدل بهذا الفكرية ،وهذه اإلستنارة تتطلب بلورة منهج جديد يتجاوز طريقة الحديث عىل ان الزي اإلسالمي هو الذي ال يظهر سوى الوجه والكفني ،اإلعتامد عىل حرفية النصوص ،ويعتمد عىل املقاصد الكلية ويركز عىل ولكن الحديث ضعيف باملعايري املتعارف عليها يف تصنيف األحاديث ،القيم الجوهرية ،ويف كل قضية من القضايا اإلجتامعية التي طابعها لذلك يرفضه املتشددون القائلون بوجوب تغطية الوجه استنادا ً إىل اآليات التغيري املستمر والتأثر بالبيئة الثقافية مثل قضية الزي ،نحتاج السابقة ،ولكن اآليات السابقة نفسها مختلف يف تفسريها وإستنتاج أنها إلستدعاء النصوص وإستعراض تفسرياتها املختلفة لنهزم الفكر السلفي الذي يدعي أن هناك حكم واحد يف هذه القضية هو الحكم الرشعي تدعو إىل تغطية الوجه محض إجتهاد أو إستنتاج. معرفا بألف والم التعريف ،ونؤكد أن هناك عدة تصورات برشية ملاهية نستخلص مام سبق ،أن كل اآليات التي تناولت زي املرأة مل تسمي الزي الحكم الرشعي وإنطالقاً من ذلك نؤسس لتعدد الخيارات ،ولكن إىل بالحجاب ،وأمرت النساء بإجراء تعديل عىل أزيائهن املعتادة ،ومل تأمر جانب ذلك نحتاج إىل أبعاد جديدة يف مناقشة املسألة إضافة إىل ال ُبعد بتغطية الوجه رصاحة ،وال حتى تغطية الرأس الذي كانت تغطيه النساء الفقهي ،منها ال ُبعد التاريخي والبعد الفلسفي ،والرتاث اإلسالمي زاخر أصال بحكم العادة ،والجزء الذي أمرت اآليات بسرته هو الصدر الذي مبفكرين وفالسفة أسسوا للتوجهات العقالنية يف فهم الدين وتفسريه. كانت مالبس النساء يف ذلك الزمن تظهر جزءا ً كبريا ً منه بصورة جلبت عىل سبيل املثال ال الحرص الفيلسوف إبن رشد الذي كتب فصل عليهن األذى من السفهاء ،وكل هذه النصوص مشتبكة مع مالبسات إجتامعية لواقع تاريخي بعينه فيه الرق مثالً وهو نظام إنقرض. املقال فيام بني الرشيعة والحكمة من اإلتصال ،ال بد من الطَرق املستمر عىل أن اإلتجاه السلفي املتشدد ليس الوحيد يف الرتاث اإلسالمي ،وأن ومن هنا يتضح أن إطالق إسم الحجاب عىل ذلك النمط من الزي هناك إتجاهات عقالنية هي األجدر باإلحتفاء إذا أرادت مجتمعاتنا الذي يشمل تغطية الرأس وكامل الجسد وإظهار الوجه والكفني هو التقدم ،وتأسيساً عىل ذلك فإن النقاش الفلسفي ملوضوع الحجاب إجتهاد برشي ،ولذلك فإنني أحرتمه كخيار شخيص ،ولكنني ال أسميه والزي جزء ال يتجزأ من مرشوع التحرر النسوي ،ألن حقوق املرأة يف حجاباً وال أحيطه بأي هالة من التقديس الديني ،من حق بعض النساء الحياة العامة يف كثري من املجتمعات املسلمة ُمنتهكة بل محكوم عليها املسلامت بالطبع أن يعتقدن أن هذا الزي فريضة دينية أو أنه الزي باإلعدام أحياناً ألن هذه املجتمعات تحبس املرأة يف ِسجن الجسد. األكرث تعبريا ً عن اإللتزام بآداب الحشمة ،والحشمة بال شك سلوك فاملرأة املسلمة يف كل مكان وبتأثري من الثقافات العربية والفارسية واجباً دينياً عىل املسلمني رجاالً ونساء ،والحشمة هي املقصد العام الذي ميكن إستخالصه من اآليات السابقة ،فمن إطأمن قلبها لهذا الزي والرتكية التي حرشت اإلسالم يف قوالبها الضيقة أصبحت مشبعة بفكرة
90
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
أن جسدها هذا هو منبع الفتنة واإلنحالل وكل املوبقات يف املجتمع وبالتايل تعتقد الكثريات من املسلامت أن أفضل خدمة ميكن أن يقدمنها للدين وللمجتمع هي إخفاء أجسادهن إنقاذا ً للبرشية من تلك القنبلة الجنسية الفتاكة .هذه الفكرة التي تستحوز عىل كامل الالشعور ملعظم النساء املسلامت ،هي فكرة مستوطنة يف العقل الباطن ،وهذا اإلستبطان هو السبب يف أن هناك عدد معترب من املسلامت الشابات الاليت نشأن وتربني يف أوروبا وأمريكا عندما إخرت ْن طريق اإللتزام باإلسالم مل يجد ْن وسيلة للتعبري عن صدق تدينه ْن سوى إرتداء النقاب ألن جامعات الدعوة اإلسالمية التي تتلمذت عليها أولئك الفتيات هي جامعات سلفية تقليدية أدخلت يف روعهن مفهوم أن املرأة كلها عورة حتى صوتها .ولذا فهي مسلمة بقدر ما أتقنت وتفننت يف سرت تلك العورة أي يف إخفاء نفسها.
الركن السادس أهم من بعض األركان الخمسة مثالً يف السعودية ميكن أن ال تقوم قيامة األرسة بسبب أن إبنتها غري مواظبة عىل أداء الصلوات، أو ال تخرج زكاة مالها ،ولكن تقوم قيامتها لو خرجت هذه الفتاة إىل الشارع سافرة الوجه أو دون أن ترتدي العباءة أما خروجها دون غطاء رأس فهو حدث مزلزل كام الخروج من ملة اإلسالم.
هل هذا التضخيم ملا يسمى بالحجاب له عالقة بجوهر العقيدة؟ بالتأكيد اإلجابة بالنفي حتى لو تناولنا املوضوع يف سياق الفقه التقليدي نفسه ،فلم يقل أحد من الفقهاء الكبار أوالصغار أ ّن الحجاب أوجب من الصالة والزكاة ،ومسألة زي املرأة هي قضية فرعية يف الدين ،ولكن الثقافات البرشية الذكورية املتحيزة ضد النساء واملسكونة بفكرة ربط املرأة بالغواية والفتنة واإلنحالل الجنيس ،تلقفت هذه القضية الفرعية هذا املفهوم البرشي الذي شكلته ثقافات وعادات وتقاليد برشية املختلف عليها وحولتها إىل قضية مركزية ،والسبب الخفي الكامن وراء يُقدم للمرأة عىل أساس أنه كالم الله الذي ال يأتيه الباطل من بني تضخيم موضوع ما يسمى بالحجاب وبث الرعب بصورة منهجية من فتنة النساء ومن فكرة السفور يديه وال من خلفه ومن هو عرقلة إنطالق النساء إىل رفضه أو أخضعه ألي مناقشة املسلم أن اإلسالم يفرتض أن ميكن ال ّ آفاق العمل العام بثقة وشعور عقالنية فهو مستحق لغضب بالندية مع الرجال ،مام يعرقل الله ودخول نار جهنم .وهناك تتحكم فيه الغريزة العمياء لدرجة انه ال تطوره ْن ويجعله ْن مضطربات العديد من النساء املسلامت يستطيع الكف عن الرذائل إال إذا حجبت ومثقالت بعبء ثقيل جد ا ً هو والاليت يرتدي ْن األزياء الحديثة على نعم النقاب. بارتداء متامًا املرأة عنه أجسادهن امللغومة. العادية قد ال يفعل ْن ذلك إنطالقاً من وعي تحرري بل النساء التزام احلد املعقول من احلشمة ال ميكن أن تتحرر املرأة يفعلن ذلك إتباعاً لرغباتهن إحرتامًا لذواتهن ،فالتحرر من سجن اجلسد دون أن تدرك أن جسدها هذا يف التجمل واألناقة وبداخلهن يف تقديري ال ينحصر يف التحرر من النقاب، ما هو إال مفردة من مفردات شعور بالذنب والتقصري الديني هذا الوجود وتجيل من تجليات والكثريات منهن وإنطالقاً من بل يشمل كذلك التحرر من اإلبتذال ،ويظل عظمة الخالق وليس شيئاً عقدة الذنب هذه يبالغ ْن يف حتركه الذي هو املتحضر املتمدن اإلنسان مخجالً وصادماً ،وبالتايل فإن الدفاع عن ما يسمى بالحجاب حضور هذا الجسد يف املجتمع وحتى النقاب رغم عدم القيم واألخالق والضوابط السلوكية يف بداهة إجتامعية وأمر طبيعي، التزامهن بيشء من ذلك مام املقام األول. عندها توضع قضية الزي يف يعني أن فكرة أن جسد املرأة حجمها الطبيعي ،فال يكون عورة كامنة يف دواخلهن بكل ما تحمل من معاين الدونية واإلرتياب يف املرأة ،وبالتايل فإين أنبه أن ال كشف امرأة لشعرها أو إرتدائها البنطلون أو التنورة القصرية خطب جلل يحسبه البعض من مهددات وجود األمة املسلمة يف حني أن األمة يتجاهل أي مرشوع تحرري للمرأة مخاطبة هذه العقدة املستوطنة. املسلمة هذه متوت اآلالف من نسائها من الجوع ونقص الدواء ومن مضاعفات الحمل والوالدة بسبب نقص الرعاية الصحية ،وتعاين املاليني مخاطبة قضية الزي في مشروع تحرير من نسائها من الفقر واألمية. المرأة ال أعني بهذه املخاطبة إصدار حكم تبسيطي بأن رشط التحرر هو نزع غطاء الرأس ،فهناك نساء يضع ْن هذا الغطاء باختياره ْن ،ولهن من التحرر النسوي مبعناه الفكري وأبعاده الفلسفية واإلجتامعية والسياسية والثقافية نصيب وافر يؤهله ْن للقيادة والريادة يف هذا املجال ،بل أعني به اآليت: أوالً؛ التأكيد عىل أن تضخيم مايسمى بالحجاب يف املجتمعات املسلمة من قبل الجامعات السلفية وجامعات اإلسالم السيايس لدرجة كادت أن تحول الحجاب إىل ركن سادس من أركان اإلسالم ،وجعلت هذا
ثانيا؛ ال بد من تبني فلسفة تربوية تؤسس األخالق عىل أساس الضمري اليقظ والنفس العفيفة واملسئولية املشرتكة بني الرجل واملرأة عىل حد سواء .ال ميكن أن يفرتض اإلسالم أ ّن املسلم تتحكم فيه الغريزة العمياء لدرجة انه ال يستطيع الكف عن الرذائل إال إذا حجبت عنه املرأة متاماً بارتداء النقاب .نعم عىل النساء التزام الحد املعقول من الحشمة إحرتاماً لذواتهن ،فالتحرر من سجن الجسد يف تقديري ال ينحرص يف التحرر من النقاب ،بل يشمل كذلك التحرر من اإلبتذال ،ويظل اإلنسان املتمدن املتحرض هو الذي تحركه القيم واألخالق والضوابط السلوكية يف املقام األول.
1 تفسير بحر العلوم للسمرقندي
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
91
امللف :جدل السفور واحلجاب
ماذا وراء الحجاب مقابلة مع المصورة بشرى المتوكل يثير عمل المصورة الفتوغرافية اليمنية بشرى المتوكل ورؤيتها للعالم مشاعر قوية ونقاشات وحوارات متعددة .وتعلق بشرى المتوكل على تلك الحورات بقولها :إن ذلك النقاش يشعرها بأنها قد حققت نجاحاً وأن التغير يحدث تدريجياً عبرالحوار المتصل كخطوة أولى.
مستوحاة من رؤية الكثري من النساء مكسوات ما الذي يدفعك للعمل في بطبقات من املالبس السوداء ،واألفظع من هذا المجال؟ ذلك رؤية فتيات صغريات مل تجاوزن سن أري ُد أن أبعث الحياة يف بعض األفكار السابعة أو الثامنة يرتدين العباءة السوداء واملشاعر والخربات واملالحظات والتعابري والنقاب كأنهن مناذج مصغرة ألمهاتهن. بجعلها مرئية؛ ألضع بصمتي عليها بطريقة أردت التعبريعن إتجاه التطرف يف اليمن مبسطة ،وأن أعطي صوتاً ملن الصوت له من النساء األخريات .ويف بعض األحيان يكون الذي ظل يزداد بالتدريج منذ منتصف األمر مجرد حاجة يف نفيس إىل التعبري عن تسعينيات القرن املايض بتأثري من الفكر فكرة ما برصياً ،أجد يف نفيس رغبة قوية الوهايب وأثره عىل النساء والفتيات والتعليق عىل إخراجها من رأيس حتى ال أنشغل بها .عليه .فاليمن البلد املحافظ أصالً يزداد التصوير الفوتوغرايف يحررين كذلك ،بشكل محافظة وهو ما يثري قلقي .وهذا أمر واضح خاص ،من الظلم أو األشياء الخاطئة خطأً بيناً .يف امليل نحو أحجبة النساء .فهذا اإلفراط يف التغطية عرض للتطرف املتزمت. يأيت إلهامي من بيئتي التي أعيش فيها. النساء هنا دامئاً محجبات ولكن كانت عندما بدأتُ يف أول األمر ،كنت أفعل ما يفعله اآلخرون أو ما كنت أظن أن اآلخرين يريدونه .هنالك ألوان أكرث ومثة إنفتاح أكرب .غري أين لكنني اآلن أفعل ما أريد ،وبفضل ذلك أصبحت الحظت أن هنالك زيادة يف عدد طبقات أكرث نجاحاً يف أعاميل .وعندما أستم ُع إىل صويت املالبس السوداء والحجاب كالعباءة ثم غطاء ُ وأرشك يف ذلك غريي ،فإين أجد أنني لست الرأس ثم التنورة عىل الرأس التي من شأنها أن تغطي ثالثة أرباع الجزء العلوي من الوحيدة بل أجد لذلك صدى عند اآلخرين. الجسم ،ثم النقاب وطرحة شفافة عىل النقاب سلسلتك للصور الفوتوغرافية والعينني ،وفوق ذلك كله ارتداء القفازات، وبذلك يُغطى كل جز ٍء من أجزاء جسم املرأة. "األم واإلبنة والدمية" تحجب أما وإبنتها ودميتها تدريجياً وما سبب ذلك؟ حتى اإلضمحالل ،عم تعبر؟
مبعث األمر تفسريات مشوهة لإلسالم والخوف الشديد من النساء والرغبة يف القضاء عىل أي حضور للنساء يف مناحي الحياة العامة أو يف أي مجال .إىل أي مدى ميكنهم تغطية النساء؟ أعتقد أن املتطرفني يتخوفون من النساء ولذلك يعاملوهن كاملقتنيات الشخصية التي ميتلكونها ويتحكمون فيها ،وعىل ما يبدو يرغبون يف سرتها حتى تغيب عن الوجود. صور الحجاب ترمز إىل ما هو أشد رش ا ً، ترمز إىل نساء وفتيات بال حقوق؛ وإىل فتيات ونساء محرومات من اللعب والتعليم والتمتع بالطفولة حيث يتم تزويجهن يف سن مبكرة، ويتعرضن لإلغتصاب ،ويحبلن وإىل طفالت يلدن أطفاالً وإىل فتيات صغريات يفقدن حياتهن أثناء الوالدة ،أو يجابهن املخاطر العديدة للمضاعفات الصحية وهن تحت ُلقت رحمة أزواجهن وأجسادهم .وإن ط ْ املرأة فليس لها حق كفالة أبنائها حيث ترسل للعيش مع والديها وليس معها شئ. إن النساء والبنات يعاملن كأن ال غرض من وجودهن سوى لخدمة أزواجهن وأصهارهن وأطفالهن – يعاملن كأنهن الشئ.
هل أنتِ ترتدين الحجاب؟ وهل ترغبين في الدعوة إليه تظهر السلسلة شخيص وإبنتي البكر شادن حسب فهمي ال عالقة لهذا األمر باإلسالم رغم أو ضده من خالل الفن الذي ›› ودميتها حيث نتغطى تدريجياً .والفكرة أنه ميارس بإسم اإلسالم والحشمة .وأعتقد أن تمارسينه؟
92
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
93
متنيت دائما أن تعرف البنات والنساء أن لهن حقوق وأنه ليس عليهن دائمًا فعل ما ميلى عليهن ،خاصة إذا كان ذلك ما ال يرغنب فيه أوما قد يضر بهن.
› نعم أرتدي الحجاب هنا يف اليمن ،وال إختلف معها إال أن هذا رأيها وإختيارها .إن أشعر بالراحة بدون إرتدائه .يف ظل الفصل إرتداء املرء ما يريد ،شكل من أشكال التعبري بني الجنسني يف املدارس ويف العمل ويف عن الذات ،أي أنه شكل من أشكال الحرية. اللقاءات اإلجتامعية يف اليمن ،حتى عندما تكون املرأة مغطاة ،يبحلق الرجال فيها أعتقد أن الحجاب ال هو أسود وال هو مطلقني التعليقات ويف األماكن املزدحمة أبيض وال هو حسن أو سيئ ،بل هو موضوع يختلسون ملسة هنا أوهناك .فالحجاب هو رمزي معقد ومتعدد األوجه. شكل من أشكال الحامية من الرجال ومن نظرتهم املبغضة للنساء. كيف صرت مصورةً فوتوغرافية؟ هناك بعض الجوانب التي تعجبني يف الحجاب وأخرى ال تعجبني .أنا عاد ًة ما أن أسعى ألن أكون مصورة محرتفة بينام كنت أرتدي عباي ًة سوداء طويلة وفضفاضة مع شابة يف العرشين من عمري كان سيبدو غباء ا ً غطا ٍء متجانس للرأس أو غطاء للرقبة .أو للكل .إمنا هي أحداث صغرية قادتني إىل ذلك. أرتدي معطفاً من النمط الغريب بطو ٍل يصل الركبة بلون بيج أو أسود مع وشاح يغطي عندما كنت أدرس إدارة األعامل يف شعري .أنا ال أرتدي النقاب إال عندما أكون الواليات املتحدة ،أخذت دورة تدريبية يف ذاهبة إىل حفل زفاف وأكون قد وضعت التصوير الفوتوغرايف باألبيض واألسود .وقد مكياجاً كثيفاً .ومبجرد وصولنا ،تجدين أنا ظهرت موهبتي من أول صورة عندما خرجت ومئات من النساء األخريات قد تجردنا من بصورة ساحرة عند تحميضها يف الغرفة العباءات السود ومن النقاب ودخلنا إىل عامل املظلمة .عندما عدت إىل اليمن حصلت آخر مختلف متاماً باملالبس امللونة والض ِّيقة عىل وظيفة مكتبية بدوام كامل ،غري أنني والالمعة؛ نتحدث ونأكل ونرقص ونغني ،إنضممت إىل مجموعة فنية .وأخذنا نقيم نساء جميالت لن تتعرف عليهن إذا مارأيتهن معارضاً للمجموعة حني فوجئت بإهتامم يف الطرقات ،تناقض كبري تعودنا عليه جميعاً .الناس بأعاميل وأن الناس أخذوا يشرتونها بالفعل .شيدتُ غرفة لتحميض األفالم يف أنا لست مع الحجاب أو ضده ،إمنا أنا ضد منزل والدي وإستمريت أعمل يف معالجة الفكر األصويل واملتطرف واملتعصب ،أنا مع وطباعة الصور. حر يّة اإلختيار .ينبغي أن يكون لكل إمرأة حرية إختيار إرتداء الحجاب أو عدم إرتدائه. مل تكن حتى ذلك الحني أكرث من مجرد أدركت أخريا ً ال ينبغي أن يُجرب أح ٌد عىل خلع النقاب كام هواية جادة جدا ً ،ولكن عندما ُ تركت هو الحال يف فرنسا .ففي رأيي أن هذا شكل أن هذا هو ما أريد أن أقوم به فعالً، ُ آخر من أشكال التطرف من الجانب اآلخر .عميل يف عام 1998ورصتُ مصور ًة بدوامٍ يعود األمر يف نهاية املطاف إىل ما يريح املرأة كاملٍ ،مخالفة لنصائح العائلة واألصدقاء. أكرث .فوالديت عىل سبيل املثال ،ترتاح أكرث كان ذلك من أفضل القرارات التي إتخذتها بلباسه ،حتى عندما تسافر إىل الغرب .رغم أين يف حيايت .وكانت تلك السنة واحد ًة من أكرث
94
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
األوقات متع ًة وعصية عىل النسيان يف حيايت. أتيحت يل فرصة عظيمة للسفر إىل معظم املناطق النائية واملشهورة يف جميع أنحاء اليمن ،وأن التقي مبجموعة رائعة وبديعة من األفراد وأتعلم منهم .ولعظيم دهشتي فقد كان السفر ،عالوة عىل كونه مفيد ا ً عىل الصعيد الشخيص ،فإنه مجز من الناحية املالية كذلك. كيف تمكنت من تطوير آرائك الجريئة الخاصة؟ هل هناك من ساندك؟ إن من أعظم األشخاص املؤثرين يف حيايت هو إبن عمي عصام ،الذي كان يساعدين وأخي عىل دروسنا وهو الذي فتح عيني عىل حب التعلم ،وعىل حقيقة أن التعليم ليس فقط العملية التي تجري يف املدارس ولكن التعليم هو جزء أسايس يف الحياة اليومية ،وأنها عملية رائعة وممتعة .وهو الذي علمني كذلك أن مبكنوين قدر عظيم من القدرات غري املستغلة، أننا جميعا منلك هذه القدرات. عندما أرص والدي عىل خطبتي إلبن عمي وكان عمري آنذاك 14سنة رفضت .ومع ذلك كنت أعتقد عىل الرغم من رغبتي أنه كان عىل القبول ألنها كانت رغبة والدي .يف تلك األثناء كتب يل إبن عمي مذكرة إحتفظت بها إىل يومي هذا أعطتني قوة حقيقية .إذ كتب يقول "أنت عمرك 14سنة فقط ،ويجب أن تكون األولوية الوحيدة بالنسبة لك التعليم، وليس ألبيك وال ألمك وال حتى الله أن يجربك عىل الزواج إذا مل تكوين ترغبني فيه" وهذا بالضبط الذي ذكرته لوالدي .ساعدين إبن عمي عىل معرفة أن عندي خيار ،وأنه إذا ما إخرتت فيمكنني أن أقول ال!
كفنانة ،أتفكر يف جمتمعي ،مستعرضة ما هو جميل وما هو قبيح فيه .إين أضع بصمتي أو نوع من التوثيق أو التعليق على الزمن الذي أعيشه وعلى الثقافة أو الدين .أنا مثل عامل األنرثبولوجيا اإلجتماعية البصري بوجهة نظر.
متنيت دامئا أن تعرف البنات والنساء أن بأي طريقة يمكن للفنون لهن حقوق وأنه ليس عليهن دامئاً فعل ما ميىل أن تُحْسِّن حياة المرأة من عليهن ،خاصة إذا كان ذلك ما ال يرغنب فيه المنظور اإلسالمي؟ أوما قد يرض بهن. إن وضع املرأة يف اإلسالم عموماً هو مصدر أنت أول مصورة فوتوغرافية اإللهام األكرب ألعاميل .وكوين إمرأة تعيش يف محترفة في اليمن .فماذا اليمن فأنا أعيش وأتنفس ذلك بشكل يومي. يعني ذلك لعملك في البيئة إنه هو القوة الدافعة لسري عميل ولحيايت التي تعملين فيها؟ الشخصية .ومبا أنني أم ألربع فتيات ،لدي شعور أن األشياء يجب أن تتغري لألفضل كنت أدرك ولفرتة طويلة أن عائلتي وأصدقايئ ملصلحة النساء يف الحارض ويف املستقبل. وغريهم مل يحملوين محمل الجد .عندما بدأت عميل يف التسعينيات كان هناك عدد قليل جد ا ً كفنانة ،أتفكر يف مجتمعي ،مستعرضة ما من املصورين الرجال وال توجد بينهم نساء .هو جميل وما هو قبيح فيه .إين أضع بصمتي أما اآلن يف عام 2013ومع ظهور تقنيات أو نوع من التوثيق أو التعليق عىل الزمن التصوير الرقمي ووسائل اإلعالم اإلجتامعية ،الذي أعيشه وعىل الثقافة أو الدين .أنا مثل أخذ الكثري والكثري من الفنانني يتبادلون عامل األنرثبولوجيا اإلجتامعية البرصي بوجهة التصوير الفوتوغرايف بينهم بطرقٍ مل أكن نظر .إذا كان عميل التوثيقي ومعالجتي العامل أحلم أنها ممكنة .ويسعدين بصفة خاصة أن بالصور يستدعي مشاعر قوية ويثري تفاعالً أرى املزيد من النساء املصورات ومنتجات ونقاشاً وحوار ا ً ،فإنني بذلك أشعر أنني األفالم يوضحن وجهة نظر النساء ،وهو ما قد حققت نجاحاً .فمن خالل هذا الحوار نفتقده. كخطوة أوىل أدرك أن التغيري آخذ يف الحدوث تدريجياً. يف عام 1998تم تكرميي مع غريي من العديد من النساء اليمنيات الرائدات ،بوصفي ما هي التغييرات التي أول مصورة فوتوغرافية مينية .مل أهتم كثري ا ً تتوقعين حدوثها؟ باألمر ،سوى أنه كان رشفاً يل أن أبدأ مامرسة عمل مل تسبقني إليه فعلياً أي إمرأة أخرى يجب أن تكون للنساء والفتيات نفس الفرص يف اليمن .أشعر عىل نحو محدود ،أنني قد املتاحة أمام الرجال والفتيان .ينبغي تقدير أكون مثاالً للنساء األخريات ممن يرغنب يف الفتيات والنساء عىل ٍ حد سواء لكونهن من فعل شئ مختلف وخارج عن املألوف .قصتي نوع اإلناث ،ويجب متكينهن بدالً عن خذالنهن ميكن أن تبني لهن أنه ميكنكن أن تعشن بسبب ذلك .كام ينبغي أن تُعطى املرأة فرصاً يف وتفعلن األشياء التي تردن القيام بها ،وال تويل القيادة ويف السلطة ،ألن ذلك هو السبيل داعي ألن تنتظرن ،أو تفعلن ما يريد أباؤكن الوحيد الذي سيغرياألمور لألفضل بالنسبة أو أمهاتكن ،بل تصغني إىل ذواتكن وتسمعن للنساء .غري أن اليمن بلد فقري يواجه الكثريمن إىل األصوات الداخلية التي منحكن الله. التحديات اإلقتصادية والتنموية التي تبدو
هائلة ،ويعاين فيه النساء واألطفال أكرث من غريهم .فأنا لست ساذجة يف فهمي لهذا األمر. ما هي ردود فعل الجماهير المختلفة من المتلقين على هذه األعمال؟ تم عرض سلسلة صور "األم واإلبنة والدمية" ألول مرة يف املتحف الوطني يف صنعاء باليمن كجز ٍء من معرض املجموعة تحت عنوان "كلامت العيون" .كانت األفضل إستقباالً من بني كل أعاميل .تم عرضها يف مناسبات رفيعة املستوى وعرضت يف املجالت واملنشورات عىل اإلنرتنت يف ديب وباريس ،كام ستعرض مرة أخرى يف ليفربول و بوسطن ويف معرض فوتوفيست مبدينة هيوسنت ،ب تكساس يف عام ،2014كام حصل عليها املتحف الربيطاين يف لندن. وصلتني تعليقات معظمها إيجايب جدا ً خاص ًة من النساء .كتب إ ًيل الناس من جميع أنحاء العامل عن هذه الصور ،حيث تم تبادلها آالف املرات يف الفيسبوك ،يعتقد كثري من الناس أنها كانت سلسلة جميلة لكنها حزينة جدا ً. نرشت بعض الشابات األخريات هذه األعامل يف الفيسبوك باإلتجاه املعاكس ،إنتقاالً من الظالم والال يشء إىل النور. حوار :أميرة ناجي ترجمهاليالعربية:مصطفىهارون
تسكن بشرى المتوكل في مدينة صنعاء القديمة حيث ولدت في عام ،1969وهي متزوجة وأُم ألربع بنات وقد عملت في مجال التعليم ،وجمع التبرعات ،ومجال الدفاع عن حقوق المرأة والثقافة قبل أن تصبح مصورةً فوتوغرافية. املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
95
امللف :جدل السفور واحلجاب
بقلم يسرا عكاشة
حياتي بالحجاب وبدونه كنت ال أزال طفلة صغيرة عندما حدث إنقالب الجبهة اإلسالمية العسكري عام 1989لذا فأنا ال أتذكر الكثير مما حدث .كل ما أتذكره هو أن أختي الكبرى كانت طالبة جامعية شديدة األناقة وتمتلك كماً هائال ً من األحذية والمالبس الراقية ،كانت مَثْلي األعلى في الحياة .كنت أضع مكياجها على وجهي، أرتدي مالبسها ،أحاول السير مرتدية أحذيتها وأقضي الساعات الطوال داخل خزانة مالبسها .جارتنا التي كانت تعمل محررة بمجلة الصبيان هي إحدى أجمل النساء الالتي قابلتهن في حياتي؛ تمر علينا في الصباح الباكر ولكنها تتحاشى البقاء لتناول الشاي معنا ألنني تعودت على التشبث بها والبكاء مطالبة إياها بأن تسرًح شعري تماماً كتسريحتها المرتبة على مدار الساعة. كانت معلمتي بالصف الثاين اإلبتدايئ ترضبني كل صباح بخرطوم املياه األسود وأنا يف السابعة من عمري لعدم إرتدايئ الخامر .ومل أفهم سبب غضبها وال ماهية الخامر .عندما علمت أمي مبا يحدث قامت بتحوييل إىل مدرسة جديدة وإشرتت يل طرحة بيضاء أجربتني عىل إرتدائها كل يوم. مرت السنون وأىت اليوم الذي حدثتني فيه أمي عن الزي املحتشم ،كنت حينها يف الصف السابع ،و كان الزي املحتشم عبارة عن تنورات طويلة وطرحة تغطي الشعر .زعمت أمي أنها ووالدي سيذهبان إىل الجحيم لعدم تربيتهام يل تربية صحيحة ما مل أرتد هذا الزي يسرا عكاشة ناشطة في املحتشم؛ و هي نفسها مل ترتد تنورات طويلة ومل تغط حقوق اإلنسان ومدونة لها شعرها لذلك رفضت أن أغطي شعري ولكني إضطررت إهتمام خاص بحقوق النساء والسالم والنزوح .حصلت على إىل إرتداء التنورات الطويلة لعدم وجود غريها يف السوق. ماجستير الجندر ودراسات أثناء إرتبايك وحرييت إضطرت أختي الكربى إىل مغادرة السالم من جامعة األحفاد البالد بحثاً عن الرزق .أما جاريت الجميلة فقد بدأت ترتدي للبنات وبكالريوس الصيدلة الطرحة تحت الثوب السوداين التقليدي حفاظاً عىل من جامعة الخرطوم .شاركت في عديد من القوافل الصحية وظيفتها يف وزارة الرتبية بعد أن تم إغالق مجلتي الصبيان للمناطق الريفية في السودان و صباح وغريهام .إنترشت القصص عن إقتحام الرشطة كما إنضمت للمبادرة اإلقليمية للحفالت الخاصة ومناسبات الزفاف وإعتقال جميع الحارضين بحجة الرقص املختلط بني النساء والرجال وبدأ لنساء القرن األفريقي وتعمل الناس يتخوفون من حضور حفالت الزواج .بدأت كل حالياً كموظفة في برنامج جاراتنا يف إرتداء الحجاب وحث أمي عىل إرتدائه أيضاً العنف القائم على النوع في ألن هذه الطرحة تساعد أزواجهن كثريا ً يف الرتقي وظيفياً. شبكة صيحة .يسرا تعرّف إال أن أمي التي تعترب نفسها مسلمة مؤمنة رفضت هذا نفسها كمسلمة ،علمانية النفاق قائلة إنها مل تتحجب بعد الحج ولذا لن ترتدي وناشطة نسوية .تسمي الحجاب ليحصل والدي عىل ترقية .وقد سألتها مرة ملاذا مدونتها بحفيدة الكنداكات، تقديراً للملكات المحاربات في تفرض الحجاب عيل بينام ال ترتديه فأجابتني قائلة "أنت يافعة وسوف يتحرشون بك ما مل ترتديه". الممالك النوبية القديمة.
96
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
إرتديت الحجاب مرتني يف حيايت أستمرت أوالهام ملدة عام أما الثانية فلم تستمر سوى خمسة أشهر. بعد قبويل بجامعة الخرطوم قررت أن أجرب إرتداء الحجاب ألسباب مختلفة أولها أن الحجاب كان فرضاً عىل طالبات الجامعة كام وجب عيل توقيع تعهد بأين سوف أرتديه داخل الحرم الجامعي .أما ثاين فهو إعتامدي عىل املواصالت العامة وقد أخربين إخويت بأن الفتيات الاليت ال يرتدين الحجاب كثريا ً ما يتعرضن للتحرش ،لذا إعتقدت بأين سأحصل عىل املزيد من حرية الحركة لوجود قطعة قامش تغطي شعري؛ وكانت العديدات من معاريف يرتدين الحجاب بل ويتنقنب لهذا الغرض .وإضافة إىل هذا وذاك فإن الحجاب يوفر يل الكثري من الوقت واملال الالزم لتصفيف شعري املجعد. أن حيايت كمحجبة مل ترس بسالسة كام توقعت .يف أحد األيام واتتني الفرصة يك أعرب عن رأيي يف مناقشة عامة أقامها مؤمتر الطالب املستقلني ،إدعى أثناءها املتحدث بأن اإلسالم سبب كل املشاكل يف السودان .فرددت عليه قائلة بأن اإلسالم ال يدمر حياتنا بل إن اإلسالميني هم من يقومون بذلك بنرشهم املفاهيم الخاطئة عن اإلسالم .حاملا إنتهت مشاركتي التي مل تدم أكرث من ثالث دقائق إستلمت خطاباً مكتوباً فحواه عدم لياقة رفع املرأة لصوتها يف مكان عام ناهيك عن حديثها عن اإلسالم وهي يف حد ذاتها مثال يسء للمرأة املسلمة بالحديث أمام الرجال مرتدية مالبس غري محتشمة .إستمر هجومهم عيل لسنوات طوال كام إتخذ مختلف األشكال .إال أن ما أدهشني أكرث من ذلك هو منع الحرس الجامعي يل من دخول الجامعة مرات عديدة ألين مل أستعمل دبابيس لتثبيت طرحتي ،أو ألن تنوريت مفتوحة من الجانبني ،أو إلرتدايئ قميصاً بنطال تحت تنوريت الطويلة. ضيقاً بل ويف أحد األيام إلرتدايئ ً اكتشفت حينها أن ال معايري للحجاب فبينام كنت أعتقد أنني محجبة؛ قرر الكثريون بأنني غري محتشمة .فتوصلت إىل نتيجة بأن إختيار مالبيس مسألة تخصني أنا وما أحبه وليس ما يرغبه اآلخرون .ومن املثري للدهشة أن التحرش مل يتوقف بل إزداد بزيادة عدد املتأسلمني الذين تطوعوا للنصح واإلرشاد حول
كاريكاتير :طالل الناير ،السودان
إرتديت احلجاب ثانية يف عام 2009 بعد فشل كافة حماوالتي لوقف التحرش الذي أتعرض إليه من قبل زمالئي ومديري يف العمل يف مكتب حكومي يغُ ص بأعضاء اجلبهة اإلسالمية القومية .تقدمت مرارًا وتكرارًا بشكاوى خطية ضد الزمالء املتحرشني بعد ان زجرتهم بشدة ويف وجود موظفني آخرين ومل تؤخذ شكواي مأخذ اجلد مطلقًا.
كيفية إرتداء الحجاب ومل يبخلوا عىل أنفسهم بالتحديق وإطالة النظر وكأنهم قررت أن أترك كال األمرين؛ عميل والحجاب. مل يسمعوا باآليات التي تتحدث عن غض البرص وحرمة إطالة النظر. أعود هنا إىل والديت التي ساندتني طوال فرتة اإلعتقاد بأن الفتيات السافرات لن يجدن من يرىض الزواج منهن كان منترشا ً الرتدد واإلرتباك وأعتقد أنني يف مرحلة ما نقلت وسط قرينايت وزميالت الدراسة .معظمهن بدأن بارتداء الحجاب وإزداد تشددهن إليها عدوى اإلرتباك .لقد دعمت أمي كل قرارايت يف تغطية أجسادهن من يوم إىل يوم بل إن بعضهن رفضن مصافحة الرجال .يف إرتداء الحجاب أو التخيل عنه وشجعتني عىل وبدأت العديد من صديقايت يف إظهار بوادر التدين مثل قراءة القرآن يف األماكن الوقوف يف وجه املتحرشني .عندما كنت أذرف العامة واإلمساك مبسبحة وعدم تفويت الفرصة لتالوة دعاء بصوت عالٍ .إال إنهن دموع الغضب بسبب الذل الذي أتعرض له كانت مع األسف الشديد تناسني أثناء ذلك روح اإلسالم أال وهو الدين املعاملة ،حرمة تنتهرين قائلة "البكاء للصغريات ،مل أنشئك لتقُهري، الغيبة والنميمة والرتكيز عىل سلوكهن الشخيص بدالً عن إنتقاد سلوك اآلخرين .ليس عليك اإلختباء بل الذهاب للعمل ومواجهة هؤالء اإلسالميني وتلقينهم درساً" .وفجأة إنتاب إرتديت الحجاب ثانية يف عام 2009بعد فشل كافة محاواليت لوقف التحرش الرعب أمي عندما ألقي القبض عىل لبنى حسني الذي أتعرض إليه من قبل زماليئ ومديري يف العمل يف مكتب حكومي يغُص إلرتدائها البنطال كانت دامئة التوجس بأن إنتقام بأعضاء الجبهة اإلسالمية القومية .تقدمت مرارا ً وتكرارا ً بشكاوى خطية ضد الزمالء زماليئ يف العمل سيكون مامثالً .كانت تخربين عام املتحرشني بعد ان زجرتهم بشدة ويف وجود موظفني آخرين ومل تؤخذ شكواي كان يرتديه الناس حتى مثانينات القرن املايض من مأخذ الجد مطلقاً .حيث إن الشخص املسؤول عن هذا النوع من الشكاوى مل مختلف األزياء واملالبس التي تعترب اليوم فاحشة وسافرة ،وأن الرجال ما كانوا يجرؤون يتواىن عن إيجاد األعذار للمتحرشني حتى بعد إصابة أصابعي بجروح أثناء مصافحة حينذاك عىل التحرش بامرأة بغض النظر عام كانت تكشف من مفاتن .قد كانوا مسلمني أحدهم يل إذ ضغط بشدة عىل يدي وكنت ألبس خامتاً يف أصبعي .وقد أُخربت يف حقاً بعكس اإلسالميني الذين يقومون بذلك بغض النظر عام تغطيه املرأة من مفاتن. العديد من املرات بأن متدربة مثيل لن تحصل عىل وظيفة دامئة ما مل ترتك السفور. وصلت لقناعة بأن الشكاوى والرصاخ يف وجه املتحرشني لن يغري من األمر شيئاً كنا نستمع معاً لخطبة الجمعة بإنتظام وننتقد وصف املرأة بأنها سبب رشور ما دام املسؤول عن الفصل يف شكواي ال يخجل من إسرتاق النظر تحت طاولة كل األمم .كنا نستغرب كيف ال يستحي اإلمام من الوصف الدقيق ملظهر النساء اإلجتامعات والتحديق فيام يظهر من سيقان وأقدام ،بل إنه يف إحدى املناسبات والفتيات يف الشارع العام بطريقة مل تلحظها أياً منا؛ وكيف كان اإلمام يواكب رصعات املوضة وتسمياتها الرائجة والتي يف كثري من اإلحيان مل نكن نسمع عنها طلب مني أن أسدل خامري عىل عنقي ألنه مل يعد قادرا ً عىل التحديق. اإل من منرب الجمعة الذي يخلص من التوصيف إىل ايجاد صلة متوهمة بني النساء يومها بكيت ملء جفوين وبقيت يف املنزل ليومني .عزمت عىل اإلستقالة وبني غالء املعيشة وحلول البالء عىل الناس .كانت خطبة الجمعة كفيلة بانهاء من عميل ومن مهنتي إذا إستمر هذا الذل واملهانة .وإذا تعذر عيل بناء إرتباكنا نحن اإلثنني عندما إقتنعنا بأن الحجاب لن يحمي النساء بل ما سيحميهن حيايت املهنية ومستقبيل بسبب ما أرتديه من مالبس؛ فكرت أنني إذا فقدت هو قدرتهن عىل التفكري وإحرتامهن لذواتهن وثقتهن بأنفسهن .وعدم السامح السيطرة عىل جسدي يف سبيل مستقبيل العميل سأفقد احرتامي لذايت .حينها لغريهن بتحديد ما هو صواب أو خطأ بالنسبة لهن.
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
97
رسالة مفتوحة أميرة عثمان حامد سودانية ،ناشطة ومهتمة بحقوق المرأة واإلنسان .ولدت في عام 1976وتعيش حالياً في مدينة الخرطوم .تحمل أميرة شهادة البكالريوس في هندسة الكمبيوتر وماجستير في العالقات الدولية وتدير شركتها الخاصة والتي تختص بأعمال صيانة الكمبيوتر واألجهزة اإلكترونية .منذ العام 2002 قُدمت أميرة عثمان مرتين للمحاكمة وفقاً لقوانين النظام العام المضمنة في القانون الجنائي السوداني، مرة إلرتدائها البنطال والمرة الثانية بسبب عدم وضعها للطرحة /الوشاح لتغطية شعرها. أميرة صادقة وجادة في قناعاتها ودفاعها عن حق المرأة في ارتداء ما تريد وما تراه مناسباً بإعتبار أن النساء مسؤوالت عن أنفسهن وفي الكثيرمن األوقات النساء مسؤوالت عن إعالة أفراد أسرهن من الرجال واألطفال والعجزة فما بالك بما يرتدين من مالبس فهو أمر يخصهن في المقام ألول .أميرة ترفض ما تسميه القوانين الطالبانية في السودان. في رسالتها الموجهة للنساء في السودان والنساء المسلمات عموماً قالت :أنها ترفع صوتها بالمخاوف بشأن التفسيرات الدينية الخاطئة وتاثيرها على مستقبل الفتيات والنساء.
ِﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻱ ﻭﺷﺮﻛﺎﺀ ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ت ف أم�ة عثمان ف ي� أنتظار أنا ي محاكم� أمام القضاء ي ي السودا� ،حيث أن التهمة الموجهة يإىل هي عدم إرتداء ف ت ف الطرح ة/الوشاح لكن فيما يبدو أن ي أن� ولدت ي� زمن تنكرت فيه السلطة الحاكمة لم�تسبات جريم� هي ي ف يف ت المرأة السودانية بع� السن� .لكن دعو� أروي لكم قص� من البداية. ي ي ف ترعرعت ف ي� يف منطقة الديوم ،أحد أحياء الخرطوم العامرة والمعروفة بالتنوع الثقا� حيث يعيش ال ي سوداني� بمختلف ثقفاتهم وأعراقهم مع أ ثيوبي� أ اال ي ف واال ت ري� ي ف ي� يتقاسموا تفاصيل الحياة اليومية ف ي� محبة وإلفة ،فلم يكن هناك ي ف تمي� أو تفرقة بسبب النوع أو القبيلة ،الدين أو أ ف العرق .ولم يكن هناك فرق يب� البنات واالوالد حيث لعبنا ونشأنا معاً دون تعقيدات أو مخاوف. كانت ت ف ف نشأ� ي� أ�ة تتحمل أعباء ت ي مسؤوليات الحياة فيها النساء ،ي تو� والدي عندما كان عمري عاماً واحداً فتولتنا أمي وجد� حيث كان ي ف شخصي� .كنت البنت أ ت ف تأث�اً ً أ بار ز ا � لهن ي اال صغر ب� أربعة ف ي بنات وأخ ي ف واحد. كنا ي نحن البنات نقوم بكافة االعمال المتعلقة بالم�ل ومقابلة أ مطلبات الحياة .ومن هنا كان الدرس االول الذي تعلمته وهو أن العمل ال يعرف الجندر ،رجل كنت أم إمرأة البد من تلبية إحتياجات ف ف ف الحياة .لم أشعر ي� أي وقت ي بأن� يغ� كاملة أو مقيدة ي لكو� فتاة ،بل كنت فخورة بذلك .فقد نشأت كانسانة مسؤولة مسؤولية كاملة عن ت ت�فا� وقادرة عىل حل مشاكىل أي كانت. ي ي ف أ ف تم ش إعتقاىل ي� المرة االوىل ي� عام 2002ف ي� أثناء ي ي تحض�ي لم�وع التخرج من الجامعة حينما تم إقتيادنا إىل قسم ش�طة النظام العام بالمقرن ت ف ي� حواىل الساعة السابعة مسا ء حيث ت كنت وزميل� ت بصدد ي ً ُ التحض� لبحث التخرج ي فذهبنا إىل مقهی ل ن� ي نت الإ الج ر اء بحث معلوما� ي وكنت أرتدي ف اال تن�نت بدأ ي ف و� أثناء ي س�نا أمام مقهی إ البنطلون ي رجل� من الشارع ف ي� مضايقتنا وأخذوا يتتبعونا وعندما لم نستجب لهم بدأوا ف ي� نعتنا ت بش� أ ف أن� أرتدي البنطلون ووصفوا ذلك بأنه أمر ي ف االلفاظ المهينة بحجة ي مش� ومخجل ،و قد كان من الواضح أن مصدر غضبهم هو تجاهلنا لهم. ف ت نف� وعندما إزدادت ت االإهانات بدأت ي� الدفاع عن ي ي وصديق� .وعند ي سؤاىل لهم عن هويتهم إستشاطا غضباً وإستدعوا نفر آخر من الشارع يف ت ت ف قائل� :تعالوا ل�وا تلك ف ي كب�ة معتمة الزجاج ال� تريد أن تعلمنا عملنا أ� بقيتهم ومعهم عربة صالون ي وأمرو� بالصعود إليها فرفضت بحجة ي ف ت أن ليس كل من ف ي يعاكس� ي� الطريق ويدعي أنه من النظام العام ي ويأ� بعربة أذهب معه تم إنذاري إذا لم أصعد لوحدي فسوف يحملو� ي ف ف عنوة وأرغمت عىل الصعود بعد إبر ازهم لهوياتهم بطريقة لم أتمكن من رؤيتها حيث قاموا كلهم بوضع بطاقاتهم ي� وجهي ي� نفس الوقت .ف ي� تلك اللحظة عادت ب ي� الذاكرة إىل منظر كنت قد شهدته جوارالجامعة حيث تم القبض عىل أحدى الطالبات وكانت ترتدي تنورة واسعة فرموها ف ي� عربة بيك أب مكشوفة بالقوة فوقعت عىل أرضية العربة شبه عارية النأ التنورة قد إرتفعت عن جسدها. ت ت ف ت ف و� أثناء الطريق إىل مقر ش�طة النظام العام بدأوا التلميح لنا ي ف عند صعودي للعربة ركبت معي أ ي صديق� ح� ال ت� ي ك� لوحدي معهم ي قائل� أننا ت ف ت ف وصديق� ت ح� وصلنا إىل مقر ش إذا تساهلنا معهم يمكن أن تحل االمور بطريقة أخرى ،إل�منا الصمت أنا ي ال�طة .ي� مركز ش�طة النظام العام، ف إقتادونا إىل م�تب ي كب� به ما يقارب ال ١١ضابطاً وكانوا ينظرون إلينا باستفزاز، وأمرونا أن نقف ي� الزاوية ،ومن ثم بدأوا ي�خون فينا ويأمرونا ت ف أ ت و� أن ي نأ� ونذهب أمامهم ليمعنوا النظر إلينا .ي ال� جعلتنا نشعر بالخجل والخوف وأننا بتنا نفس الوقت أمطرونا بوابل من االسئلة العشوائية ي تحت رحمتهم .كانت تلك الحادثة بالنسبة ىل هي أ االوىل داخل مركز ش لل�طة .شعرت بالعار والخوف ،كنت ش ي أخ� أن هذا من شأنه أن يفسد إسمي ف ي� المجتمع ي ف ول�� كنت ف ف يعرفون� ف وب� أولئك الذين � نفس الوقت أ ر تجف من الغضب و ي يسيطر ي عىل إحساس المهانة.
98
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
ت ت ال� تم فتح بالغ ضدي تحت المادة ١52وهي تختص بالزي الفاضح أو الفعل الفاضح ،ومن المفارقات أيضاً أنه تم فتح بالغ ضد صديق� ي ي كانت ترتدي تنورة طويلة ووشاح ،حيث ت إق�ح أحد الضباط أن تنورتها ضيقة مما بي�ز أردافها حسب قوله!! االجراءات القانونية بل قاموا بحبسنا ف� زنزانة ولم يسمحوا لنا ت ح� بكوب ماء .وقد قام أحد الضباط بقبض ذراعي بقوة لم شي�ح أحد لنا إ ي أ ف ف ف نف� دفع� إىل اال بنطاىل ي� محاولة لسلب هاتفي النقال ثم ووضعه عىل ظهري ،وأدخل يده ي� جيب ي رض وعندها فقدت السيطرة عىل ي ي ف ف وبدأت أ�خ قائلة أن ال أحد يم�نه أخذ هاتفي فم� قبل أن أتحدث إىل ت و� نهاية المطاف ومع إرتفاع �اخي . ال أو قتلتو� إذا إال أ�� ً ي ي ي ي ح�ت ت سمحوا ىل بمحادثة واحدة ،فقمت بمحادثة ت ح� الساعة الثانية صباحاً حيث ف أ�� .وظللنا ف� الحبس ت أ�� مصطحبة محامياً ي ي ي ي ف وبعض المالبس لنا ،أالن المالبس ت ال� كنا نرتديها سيتم التحفظ عليها كدليل ،وبعد ذلك تم إطالق �احنا بكفالة ي� إنتظار المحاكمة. ي ف م�وع التخرج فتعرضن لكل هذا العنف ت ماذا فعلنا؟ وأي جرم إرتكبنا؟ كنا مجرد طالبات � طريقهن إىل مقهی ت إن�نت للعمل عىل ش وال�ويع. ي االستخدام المفرط للقوة ت وال�ويع هو دليل عىل فشل أجهزة ش العدىل ف ي� السودان ،حيث أن إستهداف النساء والضعفاء من ال�طة والنظام أن إ ي أ أ ف ف المواطن� صار سمة من سمات تلك االجهزة .و يظهرهذا بوضوح عندما يكون المتهم إمرأة .والشاهد ي� االمرأن المادة ١52وكل مواد القانون ي أ الجنا� لسنة ١٩٩١ي ف تتم� بقسوة العقوبات مع غموض تعريفات الجرائم مما يتيح لمنفذي القانون سلطات الحد لها ف ي� تجريم الضحايا وتحديداً ي أ أ الضحايا من النساء حيث يستخدمون غموض تلك المواد النتهاك حقوق النساء وأعتقالهن من الشوارع واالماكن العامة ،والسيارات أو ت ح� ف ت ف المنا� للحشمة" أو "الزي الفاضح" .أن مجمل نصوص ي ف قوان� النظام العام تتناقض بما اليدع مجاال ً للشك مع ال�امات منازلهن بحجة "الفعل ي أ أ السودان أ يف الحاىل وكل االعراف واالديان بما تحتويه من ظلم السودان دستور مع واضح بشكل القوان� تلك تناقض كما والدولية االفريقية ي ومفارقة للموضوعية .والمخجل ف� أ االمر أنه يتم بت�ير كل هذا العنف بأن ذلك وفقاً أالحكام ش االسالمية وهو أمر يغ� صحيح فالشاهد أن ال�يعة إ ي أ االنتهاكات تتم وفق منظورهؤالء االفراد الذين يتبنوها لفرض سلطاتهم حيث يستغلون الدين لتخويف الناس وِاسكاتهم. هذه إ ف ف وحكم علينا بدفع غرامة مالية ،أو ي� محاكمة صورية وإجراءات قضائية متعجلة ومبت�ة كما هو شائع ي� مثل هذه الحاالت ،تمت محاكمتنا ٌ ف ف أ ش والم� ي� الشارع تدا� البنطلون السجن شهرين ي� حالة عدم الدفع .وكانت إتهاماتهم لنا مبنية عىل عقلية تجريم النساء ففي مخيلتهم أن إر ي ي أ ف واالحتمال كاف لالإدانة .ال سيما أن المادة ١52والمواد االخرى ذات الصلة تَجرم بناءاً عىل فرضيات النية إ ليالً ،مع نية الجلوس ي� مقهی هو أمر ِ ف ت الشا� وأربعة من رجال ش ال�طة الذين كانوا ال� قبضت علينا هو حسب عقلية وتصورات البوليس ي الشا� ،ي ي و� قضيتنا كان الضابط رئيس الحملة ي ش ت كب� يشكل أك� من نصف الرسوم الدراسية السنوية معه تحولوا إىل شهود .وبعد إ ال� تمت عىل عجل ،دفعت مبلغ 250جنيه ،وهو مبلغ ي االدانة ي لطالب هندسة الكمبيوتر ف ي� ذلك الوقت ف ي� السودان. ال� ترسخت لدي حسب ت كنت قد ذهبت للمحكمة ف� ذلك اليوم وأنا مشبعة بالصورة الذهنية ت تربي� ف ي� السودان حيث نشأنا عىل الثقة ف ي� ي ي ي ت ظ� ف والتفك� ف� أن ف ف القا� هو ممثل للعدالة والحكمة ،وخاب ف بمعاي� شخصية وحاكمت� لحقو� تنت� لم عدالة � أك� منا سناً، ي من هم ب ي ي ي ي ي ي ي وآراء قائمة عىل إمتهان آدمية المرأة. ف ف ف ف ت إيقا� ال� تم ي منذ تلك الحادثة تم توقيفي ي� الشارع مرات عديدة من قبل أفراد ش�طة النظام العام أو أفراد ي� مالبس مدنية ،إال أنه ي و� كل الحاالت ي أ يث� إحباط وإرتباك هؤالء االشخاص ،وذلك نسبة لتصوراتهم حول كث�اً ما ي فيها كان أ�اري عىل أن ما أرتديه هو من حقي وإستعدادي للمجادلة والنقاش ي قدراتهم عىل إنتهاك حقوق النساء وتخويفهن ومن ثم التحكم فيهن ومساومتهن .كل ذلك يدل عىل تكريس إذالل وتجريم النساء ف ي� السودان. ف ف ف ف ف واتت� الفرصة يم�ن� أن فاستمر ي� أن أكون ضعيفة ومغلوبة عىل أمري .وقد ي بواج� ي� التصدي لهذه إاالنتهاكات ي� بلدي ،وأنه ال ف ي مع مرور الوقت شعرت ب ي ف� عام ،200٩عندما تم القبض عىل الصحفية ف لب� ي ف حس� مع ١2إمرأة أخرى ي� مطعم ي� مدينة الخرطوم ،وكان عدد منهن يرتدي البنطلون .بعضهن ي لب� رفضت إاالتهام ،وأرسلت دعوات لالإعالم لحضور محاكمتها ت إع�فن بأنهن مذنبات ،إال أن ف ت ال� كان من الممكن أن تنتهي بمعاقبتها بالجلد أو السجن ي ثن� معاً إال أن ف حس� قد حولت قضيتها إىل قضية رأي عام وكشفت عن ظلم ي ف لب� ي ف أو إاال ي ف قوان� النظام العام ف ي� السودان .وقد تضامنت نساء السودان � ف مع ف يف المتجول�/ت يقدمن منتجاتهن بالمجان للمتظاهرات .وقد أظهر الفقراء والباعة كن ْ لب� ي� ذلك الوقت ،نساء بسيطات ،بائعات الشاي وااليسكريم ْ أ الذين يكافحون لكسب عيشهم تعاطفهم وتشجيعهم لنا رغم أنهم لم يتم�نوا من االنضمام للمظاهرة خوفاً أن يفقدوا مصادر قوتهم اليومي .كما يف إنضم إلينا ف� إحتجاجاتنا العديد من الرجال أيضاً ،ي ف ملتح� وآخرين ف ي� مالبس قائل�" :هذه حقوقكن ال بد من أن تدافعن عنها" .عندها ظهر أيضاً رجال ي أ ف ف ت ف سودا� يتحدث إىل النساء بهذه الطريقة المقرفة. حيا� رجل مدنية وأخذوا ي� مهاجمتنا ونعتنا بمختلف االلفاظ المهينة ،لم أسمع ي� ي ي ف اال ت لقد علمونا مراراً أن عىل الرجل ح�ام للمرأة وال يرد عليها بالمثل مهما فعلت أالن هذا يغ� مقبول ثقافياً وسوف ينعكس السودا� أن يظهر إ ي وأك� من ذلك ال يجروء رجل عىل إيذاء إمرأة أو رجل آخر ف� وجود النساء ،كما أنه من العار إهانة رجل آخر �ف عليه سلباً ف� مجتمعه لو فعل .ش ي ي ي وجود زوجته أو إبنته أو أخته أو أمه .ف� تلك أ ف ف االيام وأثناء التظاهرات لدعم قضية ف لب� والوقوف ضد ي ف و� أس ،ي ي قوان� فالنظام العام أصبت ي� ف ر ي ف ذراعي من قبل رجال ش خو� .وبعد ذلك ساهمت ي� تأسيس ال�طة ،حيث قطبت بسبع غرزات لكن كل هذا لم يثني� بل زاد من إ�اري وهزم ي ف ت ف وتأث�ها عىل النساء والبنات وبدأت ي� العمل ضد هذا القانون. قوان� النظام العام ي وال� تكونت ضد ي مبادرة "ال لقهر النساء" ي
املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
99
أ خ�ة ،أثرت تدريجياً عىل وضع النساء ف ي� المجتمع .إضافة إىل سيادة الممارسات ت ال� طالت مجتمعنا خالل ال ٣0عاماً اال ي أن ي المتغ�ات السياسية ي يف القوان� الجائرة وما موضوعية والوافدة عىل السودان كل ذلك قد جعل من الثقافة السودانية موضعاً للتخريب من قبل أ واالفكار المتطرفة يغ� ال االجتماعية. االدنة إ أنتجته من ممارسات سيئة .فصار من حق أي رجل أن يعتدي عىل المرأة وال يجد هذا السلوك أي نوع من أنواع إ جبل أ ف أ ف ف أوقف� االولياء ،عندما ا� ف ي� منطقة ف ي سبتم�عام ،20١٣كنت أتابع قضية قطعة أرض ت تخص� بمجمع االر ي ال� وقعت يىل مؤخراً ،ف ي� ي ب ي� الحادثة ي ف أس ،فرفضت عندها ر عىل الطرحة أضع أن م� أحدهم وطلب أس مجموعة من رجال ش ي ي ال�طة عند البوابة لعدم إرتداء الطرحة /الوشاح حول ر ي ل�� غ� محجبة .ف ”أمر� أن أقف أمامه وقال يىل :أنا رجل ،إذا قلت لك ف سأل�"هل أنت سودانية؟ هل أنت مسلمة؟ "قلت له" أنا مسلمة وسودانية ف ي ي ي ي الشخ� .وقد كنت ف أس وأن السلطة له عىل مظهري ر عىل الطرحة أضع ي بأ� لن ي شيئاً ،أنت كإمرأة المفروض عليك أن تستجي� أ�يت عىل موقفي ي ب أ ف ف اليوم جزء ًا يمن الزي الذي أرتديته .تم إقتيادي إىل مركز ش وأوا� ال�طة وهناك أجلسو� عىل االرض وسط زجاجات ي ي أضع الطرحة عىل كتفي ف ي� ذلك نوع من أ اال� أنت؟ والقبيلة ت ال� أنتمي إليها .وكنت أتساءل ما هي ف يسألو� أسئلة مستفزة مثل من أي ش ي الم�وبات الكحولية الفارغة والقمامة وكانوا ي الرجال الذين يجلسون ويحدقون إىل كما طلبوا ف م� الجلوس ف ت أمرو� بالوقوف أمام مجموعة من ي ف ي ً ا سابق حكيت وكما والطرحة، العالقة يب� قبيل� ي ف يأمرو� بالوقوف لينظروا يإىل والتعليق وفقاً لرأيهم .مثال ً مرات يكث�ة ،ف ت يأ� احدهم ويسأل" :أين هي؟" ،وماذا تفعل؟" ،ثم ي والوقوف ي و� كل مرة كان ي ي لبسك عىل ما يرام" ،وواحد آخر ت يأ� ليقول "أوه هذا لبس فظيع ،يجب أن يقتلوك" وبعد ذلك يذهبوا وهكذا ... "لكن يقول أحدهم: ي عندي عباءة ف� حقيبة يدي ،فأنه يم�نه أن يحل المسألة بسهولة .حيث أن العديد من النساء تجنباً للمشاكل قال يىل أحد الضابط إذا كانت ي ف بعض أ االماكن وخلعه ف ي� أماكن أخرى حسب الظروف ،حيث صار ذلك أمر ًا � الحجاب إرتداء أو اليد حقائب يحملن العبايات ف ي� �ن ْ ْ ال�ف أ ي ش ف وفرنيا أ إخ�ال قيم ش االخالقية أدت إىل ت ف واالمانة والعدالة وكل القيم شائعاً ،ومعروف لدى الجميع وتشجع عليه السلطات .هذه ال� أ النساء لتغطية أجسادهن .وأصبح الحجاب وسيلة للسيطرة عىل المجتمع كله رجاال ً ونساء ًا فإذا كانت االم االنسانية ف ي� مجرد قماش ترتديه إ مقهورة سوف ينتقل القهر أالطفالها وزوجها وأ�تها والمجتمع كله. ف السودان ،قد تكون شخصية المرأة قوية ولها وضعاٌ ي ف مم�أُ ف ي� المجتمع ،لكن يمكن أالى رجل بغض النظر عن نحن نعيش هذا الوضع يومياً � ف يأي مكان أن يقلل من وضعها ويحاول السيطرة عليها ويعطی نفسه الحق ف ي� التعليق حول مالبسها ويم�نه أن االجتماعي ي� تعليمه ووضعه إ أ � ال� ي ف لماني� وزيرة ف ي� الحكومة السودانية أالنها ال ترتدي خ�ة ،أنتقد أحد ب يأخذها إىل قسم البوليس وأن يوجه إليها إهانات ال حد لها .ف ي� االونة اال ي السودا� )وهو الزي التقليدي /الشائع وسط النساء ف ي� السودان ،والثوب يلف جسد المراة من رأسها إىل أسفل ف الطرحة /وشاح الرأس تحت الثوب ي االسالمي وهو المرجع ف الدي� الرسمی لحكومة السودان. قدميها( ،ودعمه ف ي� نقده هذا مجمع الفقه إ ي كب�ة وصودرت لعيد أ االضحی تم القبض عىل أحدى جار ت يا� بعد حفل موسيقي وكانت ترتدي بنطلون وبلوزة طويلة وطرحة ي ف ي� اليوم الثالث أ يف بتهمت� االوىل تحت المادة ١52إرتداء البنطلون والثانية تحت ف سودا� عبارة عن غرامة حيث ُحوكمت مالبسها وهاتفها ودفعت مبلغ ٧50جنيه ي فاضحة ف� الهاتف والسخيف أن الصور كانت عبارة عن فيلم كرتون عن خروف العيد .ف ي� ذلك اليوم ُحوكمت ١0نساء المادة ١5٣حيازة صور ي ً سيدة سودانية كب�ة ف� السن كانت ترتدي عباءة ي ف ح� تم القبض عليها بتهمة التواجد ف ي� الشارع أخريات خمسة منهن إثيوبيات وكانت هناك أيضا ي ي ِ ليال!!! ل�نها حوكمت صباح اليوم التاىل تحت المادة ١52كما لو كانت ترتدي الزي الفاضح حسب نص المادة. العام ً ي ُ أ وهن نصف المجتمع .عىل المرأة أن تكون شجاعة وقوية وال تسمح الي كان ت يعيبكن وال ش أ أخوا� ال ش أ يخيفكن ،فالنساء شقائق الرجال ْ س س ْ ْ ي أن نعي نحن النساء السودانيات أننا إذا إستمرينا ف ي� إستبطان القهر فإننا سوف نصدره ونعيد إنتاجه لبناتنا أن يضعفها أو يذلها .يجب تقهري أختك وال تر� إبنك عىل قهر النساء ت أيتها أ ح� ال االم ال تقهري إبنتك وال ب ليص�وا ظلمة وقاهرين .لذا في�ن مقهورات وأوالدنا ي ْ ف تكو� أداة لتصدير القهر. ي مش�ك وهو كوننا نساء لذلك المفروض ندعم بعضنا البعض بغض النظر عن س ت االجتماعي يجمعنا ش أ نحن النساء بغض النظر عن وضعنا إ م�وع أو نشاط أو قرار يؤدي إىل قهر النساء أو إنتهاك حقوقهن أالننا ف ي� خاتمة السياسية أو إختالفتنا الثقافية ويجب أن ال نشارك ف� أي ش ي إنتماءاتنا بناتكن يوماً ما. عليكن وعىل تذكرن أن هذا سوف يطبق المطاف سوف ف ْ ْ تن أي إمرأة ْ نعا� منه كنساء .وتذكرن أن كل إمرأة هي أنتم وإذا قهر ْ ي يجلدون ويقهرون النساء أسمعوا ت كلما�: ف الذين االدارات الحكومية والبوليس والمحاكم ومراكز صنع القرار وهؤالء ي ف أخوا� الرجال � إ وأنتم ي ي إنتهاكات ،أنكم تأذوننا وتأذون أنفسكم وتأذون بناتكم وأوالدكم ومستقبلهم وتأذون مجتمعكم وبالدكم. كفاية قهر ،كفاية تخويف و ننعم فيه بالحرية ونعامل فيه بإنسانية ت أ وإح�ام. ف ت ل�ن� سأستمر أحلم بوطن أم�ة عثمان أنتظر محاكم� وعىل إستعداد الن أجلد وأسجن ي أنا ي ي
ﻟﻤﻦ ﺗﻮﺟﻪ/ﻳﻦ ﺭﺳﺎﻟﺘﻚ؟ هل تريد/ي أن تساهم/ي يف النهوض باملساواة والعدالة يف املجتمع أو أن تروي لنا قصتك التي تتحدى التقاليد السالبة والتمييزية ضد النساء؟ هل أنت الكاتب/ة الذي يريد أن يساهم يف تزايد األصوات ضد القهر وعدم املساواة بني الجنسني يف املجتمعات املسلمة؟ إذن أرسل لنا رسالتك املفتوحة ،تعقيبك ،موﺿوعك أو مقالتك عىل العنوان التايلjournal@sihanet.org :
100
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
شارك بأفكارك !!!
ﺃﻣﻴﺮﺓ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺣﺎﻣﺪ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ،ﺍﳋﺮﻃﻮﻡ ٢٣ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ٢٠١٣ تسجيل أميرة ناجي تحرير شادية عبد المنعم
إصدارات صيحة رسائل من إريتريا نساء يسردن حكاياتهن تعكس الحكايات التي ترسدها النساء اإلريرتيات اإلنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان
إلى أمل بشير طه ولدت أمل بشير طه، التشكيلية السودانية في مدينة بورتسودان ونشأت في جدة بالمملكة العربية السعودية ،وبعد دراستها للتصميم الداخلي بجامعة السودان؛ تتبعت أمل شغف طفولتها بالرسم والتلوين حيث أقامت أول معرض للوحاتها في عام .2007و تتميز رسومات أمل باسلوب متفرد خاص بها وتستخدم في الغالب األبيض واألسود .أمل متزوجة وأم لطفلين ،تعيش في الخرطوم مع عائلتها.
التي يتعرضن لها يف بالدهن وخارجها ،فوجود حكومة مستبدة تطمح إىل اإلبقاء عىل سيطرتها العسكرية والسياسية عىل شعب متعدد الخلفيات واألديان واأليدولوجيات يعني تعرض هذا الشعب لتهديدات كثرية. تسع نساء هربن خوفاً من اإلضطهاد أو أهوال الخدمة الوطنية اإللزامية ،يرسدن حكاياتهن عن املخاطر الجمة التي يتعرضن لها وتجربتهن مع املهربني الذين يقومون بإذاللهن بكل الوسائل املمكنة ،مبا فيها اإلختطاف واإلستعباد والعنف الجنيس ونزع أعضائهن لبيعها .ويستمر تعرضهن لسوء املعاملة يف بلدان اللجوء األوىل كالسودان مثالً، الدولة التي تتعرض نسائها أيضاً لإلخضاع والقمع بسبب أيدولوجية نظامه الحاكم. تنجح شهادات النساء يف نقل الواقع القايس الذي يواجهنه ،مقدمة نظرة شخصية للرصاعات التي تحملنها ،طارحة السؤال :أين سينتهي مسار العنف ضد النساء وسوء معاملتهن؟
ما وراء البنطال ورقة مناصرة عند النظر إىل تجارب النساء مع تطبيق قوانني النظام العام والرشطة واملحاكم يف السودان، تكشف الدراسة عن نظام عام يؤسس إلزدراء املراة ومنعها من تفعيل حقوقها اإلقتصادية والسياسية واإلنسانية. يعكس التحليل يف السياقني القانوين والديني كيفية تقويض قانون النظام العام لقدرة السودان عىل الوفاء بواجباته التي يفرضها امليثاق األفريقي من منظور حقوق اإلنسان ،وبشكل أسايس فيام يتعلق بالنساء .وتطالب
لوحاتك تصور النساء عموماً يف زخرفات غنية متقنة ،املرأة ووضعها يف مكانة سامية .لوحايت متأثرة كثريا ً بالزخارف من إرث الحضارات اإلسالمية تﺆلﻒ جواً متميزاً من الجامل والقيمة الرمزية .ما القدمية وتحتوي عىل نساء غري متواريات ولهن هو دافعك لرسم النساء وكيﻒ تتخيليهن؟ حضور طاغٍ. أحاسييس هي ما يلهم فني .فمن الواضح أن املرأة يف السودان بالرغم من تحقيقها للعديد من عن ماذا تعرب هذه اللوحة تحديداً؟ الحريات كحرية الحركة والحق يف التعليم والعمل إال أن وجودها يف السياق العام ال يزال محدودا ُ بالنسبة إيل هذه اللوحة تعربعن ذاتها بقوة .ولكن أنا حريصة عىل معرفة أفكار ومشاعر امل ُشاهد ومقيدا ،كام أن التصورات اإلجتامعية والثقافية للوحايت وحريصة عىل أن يكون فني ملهامً ملن عن النساء غري عادلة ومليئة باملحاذير مقارنة يشاهدونه. بنظرائهن من الرجال .ويبدو يل أنه يف فرتات تاريخية مختلفة كان للنساء وضع أفضل كثريا ً من الوقت الحارض .أنا أحاول أن أعرب عن قوة األنوثة حسناً أمل ،لقد تأثرنا بالجامل الحيس والقوة يف وحضورها وتضفي لوحايت عىل النساء مكانة وقوة هذه اللوحة ،والتي تعربعن صورة املرأة القوية مستلهمة من املاملك النوبية القدمية يف السودان أو امللكة بني املاﴈ والحاﴐ من خالل رموز امليالد والبعث والخصوبة التي تنعكس يف اللوحة وتصورات رفيعة للمرأة. وإشارة العطاء حيث تحمل املرأة يف اللوحة بني يديها رمز األرض ومصفوفة الحياة واثقة من كيﻒ يﺆثر معتقدك الديني والروحي يف فنك؟ وﺿعها ومكانتها. أعتقد أن ديانتي تؤثرعىل فني بعدة طرق .ويف يا ترى ماهو رأي القراء؟ إعتقادي أن اإلسالم يف جوهره الديني قد قيم
التوصيات املوجهة إىل صناع القرار بإلغاء قانون النظام العام وتأثرياته السلبية عىل النساء والثقافة السودانية.
الوقوع في فراغات القصور تأمالت يف القانون العريف وحبس النساء يف جنوب السودان هو عبارة عن بحث ميداين واسع النطاق ومكثف تم مبشاركة ناشطني ،وقادة مجتمعات ،وأفراد من نُخبة املجتمع ،يضم مقابالت ومشاورات مع السكان ويتناول القوانني والتقاليد واملامرسات واآلراء املتعلقة بالعنف األرسي ودفع املهر والطالق والزنا التي تكرس للسلوك املتحيز ضد النساء وتنتهك حقوقهن يف جنوب السودان. يلفت البحث اإلنتباه إىل الهوية النوعية والعنف الهيكيل عىل خلفية بناء جمهورية جنوب السودان الجديدة ،موجهاً الدعوة ملراجعة سياقات القوانني وتطبيق اإلتفاقيات والسنن واملواثيق القامئة التي تحمي حقوق اإلنسان .وهو برنامج للعمل مينح صوتاً للنساء املسجونات وضحايا اإلضطهاد الذي ميارس يف الفراغات التى يخلقها القصور القائم بني القانون العريف والنظامي. For further publications, resources and the latest updates from our work see
www.sihanet.org املرأة يف اإلسالم العدد 2014/01
101
املرأة في اإلسالم
صيحة
شبكة إقليمية تعمل في منطقة القرن األفريقي منذ أوائل تسعينات القرن العشرين، وتضم في عضويتها أكثر من 80من منظمات المجتمع المدني النسائية في دول المنطقة ،بما في ذلك جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والصومال وأرض الصومال وجنوب السودان والسودان ويوغندا .رؤيتنا هي حق جميع النساء والفتيات في القرن األفريقي في العيش في بيئة سلمية وعادلة وفي ممارسة حقوقهن كبشر على قدم المساواة.
صيحة
في سبيل تعمل تحقيق هذه الرؤية من خالل شبكة راسخة داخل المجتمع فى ترابط وثيق بين المعرفة االكاديمية والمناصرة.
102
العدد 2014/01املرأة يف اإلسالم
صيحة
بتنفيذ تقوم شبكة برامج بناء قدرات المجتمع المدني على مستوى القاعدة الشعبية ،وبتوفير الدعم المباشر للنساء في ظروف الفقر النزاعات ومراحل ما بعد النزاع وبتعزيز حقوق النساء من خالل نشاطات حمالت المناصرة والتأييد. في ترابط وثيق بين فى ترابط وثيق بين المعرفة االكاديمية والمناصرة، تشكل منشورات من كتيبات إرشاد وتدريب ونشرات وبحوث ومجالت، مصادر للمعرفة واألفكار العملية واألدوات التي يستخدمها المهنيون والناشطون والمدافعون عن حقوق اإلنسان والجهات المانحة وصناع القرار في وضع البرامج والمشاريع.
صيحة
نحن نؤمن في شبكة بأن قوة الناشطين ،في مجال حقوق المرأة والمدافعين عنها في منطقة القرن األفريقي ،تقف صامدة في وجه القمع واالنغالق السياسي واألصولية والتقاليد التي تفرض قيودها على النساء .ونحن ندعوكم للتضامن معنا.
صيحة