Fikr magazine 4

Page 1

‫جملة فكر الثقافية ‪ -‬جملة ف�صلية تفاعلية‪ -‬العدد ‪� - 4‬شوال ‪ -‬ذو احلجة ‪� -‬آب‪�/‬أغ�سط�س ‪ -‬ت�شرين الأول‪�/‬أكتوبر ‪ - 2013‬جملة ملتقى الكتاب العرب‬

‫فكر‬ ‫الثقافية‬

‫األدب الروسي ‪ ..‬وفن الكتابة الروائية‬

‫د‪ .‬رشيد وديجى‪:‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬مهند الفلوجي‪:‬‬ ‫بين لغـتين‪ :‬عـنصرية اللغـة‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وإنسانية اللغـة‬ ‫العـربية‬

‫أمير تاج السر‬

‫ً‬ ‫كتابة الحرب روائيا‬

‫مسرح العبث بين "الكراسي"‬ ‫ليوجين يونيسكو و "يا طالع‬ ‫الشجرة" لتوفيق الحكيم‬

‫محمد الفريح‪:‬‬ ‫دولة قوقل الجديدة‬

‫إبراهيم الخويطر‬ ‫يكتب عن الدادائية‬


‫فكر‬

‫المحتويات‬

‫فكر‬ ‫الثقافية‬

‫جملة تفاعلية ف�صلية تعني بالثقافة والفكر والأدب‬ ‫‪www.fikrmag.com‬‬ ‫العدد ‪ 4‬أغسطس ‪ -‬أكتوبر ‪2013‬‬

‫رئي�س التحرير‬ ‫نا�صر حممد الزمل‬

‫مو�ضوع الغالف‬ ‫بني ال�سطور‬ ‫�أفكار م�ضيئة‬ ‫تقرير‬ ‫بني قو�سني‬ ‫درا�سة �أدبية‬ ‫مراجعات‬ ‫�صدر حديث ًا‬ ‫كتب‬ ‫مكتبات‬ ‫حياتنا‬ ‫فنون‬ ‫معامل وح�ضارات‬ ‫دبل كليك‬ ‫علوم وتكنولوجيا‬ ‫و�سائط‬ ‫‪ 90‬يوم ًا‬ ‫نقطة �ضوء‬ ‫�شعر‬

‫‪4‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪75‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫حممد عبد اهلل الفريح‬ ‫جملة فكر حتتوي على العديد من الروابط التي متكنك من زيارة املواقع‬ ‫الهادفة وكذلك مل�شاهدة تقارير الفيديو والأفالم الوثائقية‬ ‫ميكنكم التنقل بني ال�صفحات من خالل ال�ضغط على املحتويات �أو ا�سم‬ ‫الكاتب لتنتقل �إىل ال�صفحة املطلوبة وكذلك العودة مرة �أخرى �إىل �صفحة‬ ‫املحتويات من خالل ال�ضغط على �أيقونة (الهوم) يف �أعلى ال�صفحة‪.‬‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫�ص ‪ .‬ب ‪ 260534‬الريا�ض ‪11342‬‬ ‫موقع جملة فكر الثقافية‬

‫‪www.fikrmag.com‬‬

‫ملرا�سلة املجلة وللم�شاركة‪:‬‬ ‫‪info@fikrmag.com‬‬ ‫ت�صميم‬ ‫‪almubtker@gmail.com‬‬

‫املواد املن�شورة يف املجلة تعرب عن �آراء كتابها وال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املجلة‬

‫‪2‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫إفتتاحية‬ ‫م��ن خ�لال متابعتي لو�سائل الإع�ل�ام املطبوعة �أو‬ ‫الإلكرتونية وجدت �أن الكثري من القراء ال يقر�ؤون هذه‬ ‫االفتتاحيات �سوا ًء للمجالت �أو ال�صحف �أو رمبا يقر�ؤن‬ ‫الأ�سطر الأوىل؛ فقد م� ّل الكثري من كلمات الإن�شاء‬ ‫والكلمات املنمقة‪ ،‬فنحن نعي�ش يف زم��ن يختلف عن‬ ‫الزمن ال�سابق‪.‬‬ ‫ود�أبنا نحن من خالل جملة فكر على االخت�صار‬ ‫ال�شديد يف الكلمة االفتتاحية‪ ،‬وكما يقول البع�ض (هات‬ ‫من الأخ�ي�ر)‪ ،‬فالإن�سان يف ه��ذا الزمن يعي�ش ع�صر‬ ‫التكنولوجيا الذكية وال�سريعة ولي�س لديه الوقت الكايف‬ ‫لقر�أة �صفحة كاملة الفتتاحية جملة‪.‬‬ ‫كل ما نود �أن نقوله هنا �أ�صبح للمجلة مقر ًا جديد ًا‬ ‫وح�ضن ًا دافئ ًا على االنرتنت‪ ،‬و�أ�صبحت ت�شكل هويتها‪،‬‬ ‫وذلك بوجود ه�ؤالء الكبار والعمالقة من الكتاب العرب‪،‬‬ ‫وبقرائها على امتداد خارطة العامل فلنا يف كل قارة‬ ‫قراء ال يبخلون علينا بالنقد والتوجيه ال�صحيح‪.‬‬ ‫و�أخري ًا ن�شكر كل من �ساهم و�شارك معنا ب�أفكاره‬ ‫لإثراء حمتوى املجلة الثقايف‪.‬‬

‫رئي�س التحرير‬


‫في هذا العدد يكتب لكم‪:‬‬

‫�إبراهيم عبد اهلل اخلويطر‬

‫ جوجل �آبز ‪ Google AAP‬دولة قوقل اجلديدة‬‫‪ -‬الدادائية‬

‫د‪�.‬أمري تاج ال�سر‬

‫‪ -‬كتابة احلرب روائي ًا‬

‫حممد عبد اهلل الفريح‬

‫�أ‪.‬د‪ .‬مهند عبد الرزاق الفلوجي ‪ -‬بني لغـتني‪ :‬عـن�صرية اللغـة الإجنليزية‪ ،‬و�إن�سانية اللغـة العـربية – ٌ‬ ‫عر�ض ونقد‬ ‫مي�سون �أبو بكر‬

‫‪ -‬النقد للنقد �أم للم�صلحة العامة؟!‬

‫�أحمد ال�صمعاين‬ ‫غادة عبد اهلل العمودي‬

‫ احلياة عن ُبعد‬‫‪ -‬تطوير تعريف للت�صميم التعليمي وفقا لبيئة العمل‬

‫د‪ .‬ر�شيد وديجى‬

‫‪ -‬م�سرح العبث بني "الكرا�سي" ليوجني يوني�سكو و "يا طالع ال�شجرة" لتوفيق احلكيم‬

‫هند عبد العزيز‬

‫‪ -‬حكاية فنجان قهوة ‪..‬‬

‫نا�صر حممد الزمل‬

‫‪ -‬ه�ؤالء غريوا حياة الب�شرية ‪ -‬تيم برينرزيل خمرتع ال�شبكة العنكبوتية ‪www‬‬

‫علوم وتكنولوجيا‬

‫‪46‬‬ ‫حياتنا‬

‫‪52‬‬

‫مكتبات‬

‫‪48‬‬ ‫صدر حديثا‬

‫‪40‬‬

‫فنون‬

‫‪55‬‬ ‫‪ 90‬يوم‬

‫‪71‬‬

‫معالم وحضارات‬

‫‪58‬‬ ‫دبل كليك‬

‫‪62‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪3‬‬


‫فكر‬

‫موضوع الغالف‬

‫األدب الروسي ‪ ..‬وفن الكتابة الروائية‬

‫الروسية أي��ام اإلمبراطورة‬ ‫منذ العصر الذهبي والثقافة والحضارة ً‬ ‫الروسية كاترين الثانية (‪ )1762 - 1796‬وصوال إلى أواخر القرن التاسع‬ ‫عشر ومطلع ال��ق��رن العشرين ع��اش األدب ال��روس��ي ش��ه��رة عالمية‬ ‫يستحقها أقالمها وم��ازال��ت ً اليوم تتابع مسيرتها كما عهدها قراء‬ ‫وعشاق هذه الثقافة‪.‬‏ عوضا عن الروايات الرائعة ذات األبعاد الفكرية‬ ‫والفلسفية والتربوية‪ ،‬والمصاغة بأسلوب فني مميز‪ ،‬مما جعل األدب‬ ‫الكالسيكي الروسي يحصل على موقع مميز في األدب العالمي‪.‬‬ ‫تطور األدب الروسي من ‪1730 - 988‬‬

‫ب ��د�أ الأدب ال��رو��س��ي ب�ت��اري��خ عظيم الأهمية‬ ‫بالن�سبة للتاريخ ال�سيا�سي والثقايف الرو�سي‪� :‬إنه‬ ‫العام امل�ي�لادي ‪ ،988‬ويف ذل��ك احل�ين مل يكن‬ ‫ثمة �أدب مكتوب يف رو�سيا‪ ،‬لكن الأمري فالدميري‬ ‫�أر�سى �أ�س�س ما ن�سميه الآن الأدب الرو�سي يف‬ ‫الع�صر الو�سيط‪ ،‬و�إن مل ي�سجل هذا الأدب وجود ًا‬ ‫حقيقي ًا �أو فعلي ًا �إال بعد عدة �سنوات الحقة‪.‬‬ ‫وك��ان معظمه يف تلك الفرتة ديني ًا على �شكل‬ ‫م��واع��ظ و�أن��ا��ش�ي��د و��س�ير للقدي�سني‪ .‬وق��د كتب‬ ‫رج ��ال ال��دي��ن اجل ��زء الأك�ب�ر م��ن ه��ذا الأدب‪،‬‬ ‫وكانوا �أي�ض ًا ق � ّراءه‪� .‬أم��ا الأدب الالديني ف�أهم‬ ‫عمل فيه هو التواريخ‪� ،‬إذ كانت عا�صمة كل �إمارة‬ ‫حتتفظ ب�سجل ت�ؤرخ فيه الأح��داث‪ ،‬و�أهم �أعمال‬ ‫تلك الفرتة املبكرة الق�صيدة امللحمية النرثية‬ ‫(�أن�شودة جي�ش �إيغور)‪ ،‬التي كتبها م�ؤلف جمهول‬ ‫يف �أواخر القرن الثاين ع�شر امليالدي‪.‬‬ ‫وهي �شعر منثور باللغة ال�سالفونية القدمية‪،‬‬ ‫التي ظلت لغة الأدب حتى �أواخ��ر القرن الثامن‬ ‫ع�شر‪ ،‬وت�شيد هذه الق�صيدة البديعة بفعال «�إيغور‬ ‫�سفياتو�سال فوفيت�سن» حني هاجم كيومانيا‪.‬‬ ‫وقد اكت�شفت يف عام ‪ ،1795‬ويعتقد البع�ض‬ ‫�أنها منحولة‪ ،‬ومع ذلك فقد كان لها �أث��ر عميق‬ ‫يف الأدب ال��رو��س��ي‪ .‬كذلك ظهرت �آث��ار �أخ��رى‬ ‫كثرية باللغة ال�سالفونية القدمية‪ ،‬منها حوليات‬ ‫ت��اري�خ�ي��ة‪ ،‬وق�ص�ص ت ��دور ح��ول ح�ك��م ال�ت�ت��ار‪،‬‬ ‫وترجمات لآباء الكني�سة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫ويف �أوائ��ل القرن اخلام�س ع�شر ظهرت ق�صيدة‬ ‫«ف�ي�م��ا وراء ن�ه��ر دون» م��ن ت ��أل �ي��ف �سوفونيا‬ ‫الريازانية‪ ،‬وفيها و�صف �شاعري ملعركة كوليكوفو‬ ‫(‪ ،)1380‬يت�ضح فيه �أث��ر ق�صيدة «�أن���ش��ودة‬ ‫جي�ش �إي �غ��ور»‪ .‬ك��ذل��ك ظ�ه��رت يف ه��ذه املرحلة‬ ‫املبكرة «رحلة �إىل ما وراء البحار الثالثة»‪ ،‬وهي‬ ‫و��ص��ف للهند يف ال�ف�ترة ( ‪)1474 – 1466‬‬ ‫بقلم �أثانازي نيكيتني‪ .‬كما �أن الر�سائل املتبادلة‬ ‫بني �إيفان الرهيب و�صفيه القدمي الأمري �أندرية‬ ‫ميخائيلوفت�ش كورب�سكي (ال���ذي ان���ض��م �إىل‬ ‫�صفوف �أع��دائ��ه) خالل الفرتة بني ( ‪- 1528‬‬ ‫‪ ،)1583‬تدل على براعة الأ�سلوب والقدرة على‬ ‫الهجاء الالذع‪.‬‬ ‫ومعظم الأدب ال��رو��س��ي ال �ق��دمي مل يكن من‬ ‫ما ميكن �أن نعده ق�ص�ص ًا فني ًا‪ ،‬بل كتابة وقائع‬ ‫احلياة الفعلية‪ .‬ويف ذلك الزمن مل يكن ال�شعر‬ ‫امل��وزون معروف ًا يف الأدب الرو�سي وك��ان ي�أخذ‬ ‫ال�شكل املو�سيقي للرتانيم وال�ترات�ي��ل الكن�سية‬ ‫ويف ال�شكل ال�شفوي املمو�سق يف احلكم والأمثال‬ ‫ال�سائرة‪ .‬وقد وفد ال�شعر املقطعي (املوزون) �إىل‬ ‫رو�سيا من الغرب عرب �أوكرانيا ورو�سيا البي�ضاء‬ ‫وبولندا‪.‬‬ ‫بدايات األدب الحديث في روسيا‪:‬‬

‫�شهد القرن ال�سابع ع�شر حتو ًال جذري ًا يف الأدب‬ ‫الرو�سي‪ ،‬نتيجة ترجمة عدد كبري من الأعمال‬ ‫الأدبية الغربية وتقليدها‪ .‬وظهر ال�شعر املقفى‬ ‫لأول مرة يف رو�سيا‪ .‬وكان �أكرب ك َتّاب هذا الأدب‬

‫اجلديد �أف��اك��وم‪� ،‬أح��د رج��ال الدين املحافظني‪،‬‬ ‫ال��ذي مت�ي��زت كتابته باللغة امل �ع�برة والو�صف‬ ‫احلي للحياة اليومية‪ ،‬كما �أدخل الراهب �سميون‬ ‫بولت�سكي يف ال�شعر نظام ًا �صادق ًا‪ ،‬يعتمد على‬ ‫املقطع يف الأدب الرو�سي‪.‬‬ ‫وعمد القي�صر بطر�س الأول (الكبري) الذي‬ ‫بد�أ حكمه عام ‪� 1682‬إىل �إدخال الطابع الغربي‬ ‫يف احلياة الرو�سية‪ ،‬مما �أدى �إىل اكت�ساب الأدب‬ ‫الرو�سي �صبغة غربية �شاملة خالل القرن الثامن‬ ‫ع�شر‪ .‬ويطلق على ميخائيل لومونو�سوف لقب‬ ‫م�ؤ�س�س الأدب الرو�سي احلديث ورائ��د املدر�سة‬ ‫الكال�سيكية‪ .‬فهو ال��ذي �أوج��د ال�شعر الرو�سي‬ ‫احلديث الذي يعتمد على ن�سق منتظم من املقاطع‬ ‫املجز�أة وغري املجز�أة‪.‬‬ ‫ويف الأرب �ع �ي �ن �ي��ات م��ن ال �ق��رن ال �ث��ام��ن ع�شر‬ ‫ازده��رت املدر�سة الكال�سيكية يف رو�سيا حتت‬ ‫ت�أثري النماذج الغربية‪ ،‬وكان �أ�صدق املعربين عن‬ ‫مبادئها الك�سندر �سماروكوف الذي كتب ق�ص�ص ًا‬ ‫وم�سرحيات و�أعما ًال هجائية و�أغاين‪.‬‬ ‫وكان �أبرز �شعراء القرن ال�سابع ع�شر كافرييل‬ ‫درج��اف�ين ال��ذي ميثل �شعره نقطة التحول من‬ ‫الكال�سيكية �إىل الرومان�سية‪.‬‬ ‫وقد كتب كورب�سكي �أي�ض ًا «�سرية �إيفان»‪ ،‬ولكنها‬ ‫ن�شرت لأول م��رة ( ‪ .)1853‬كذلك من نتائج‬ ‫النزاع الكبري الذي ن�ش�أ يف الكني�سة الرو�سية‪ ،‬يف‬ ‫منت�صف القرن ال�سابع ع�شر‪� ،‬أن رئي�س الق�ساو�سة‬ ‫�أفاكوم (مات �شهيد ًا يف ‪ )1688‬ترجم حلياته‬ ‫يف كتاب يعترب �أول م�ؤلف باللغة الرو�سية العامية‪.‬‬ ‫ومهد بطر�س الأك�بر لظهور �أدب رو�سي �أ�صيل‪،‬‬ ‫بت�شجيعه للثقافة بوجه عام‪ ،‬ف�أن�ش�أ �أول �صحيفة‬ ‫رو�سية‪ ،‬كما �أ�س�س �أكادميية العلوم‪ .‬و�سعى الأمري‬ ‫�أن�ط�ي��وك كانتيمري ( ‪ ،)1744 – 1708‬عن‬ ‫طريق الرتجمة‪� ،‬إىل التوفيق بني الأدب الرو�سي‬


‫فيودور دو�ستويف�سكي‬

‫افانا�سي فيت‬

‫والفكر الغربي‪ ،‬ف�ألف ق�صائده الهجائية باللغة ايفانوفت�ش فونفيت�سني ( ‪1745‬‬ ‫– ‪ ،)9217‬ك �م��ا ظ �ه��ر ال�ن�ق��د‬ ‫الفرن�سية �أو ًال ‪ ،1749‬ثم بالرو�سية ‪.1762‬‬

‫ولكن الأدب الرو�سي احلقيقي مل يظهر �إال يف‬ ‫كتابات تردياكوف�سكي ولومونو�سوف‪ .‬كما بد�أ‬ ‫امل���س��رح ال��رو��س��ي بف�ضل ج�ه��ود ��س��وم��اروك��وف‪.‬‬ ‫وكانت «الأم �ث��ال» من الأن ��واع الأدب�ي��ة الرائجة‪،‬‬ ‫فكتب فيها ��س��وم��اروك��وف وخمنت�سر‪ ،‬وال�سيما‬ ‫كريلوف‪� ،‬أما الأنا�شيد �أو الق�صائد الغنائية‪ ،‬فقد‬ ‫طورها وهذبها تردياكوف�سكي‪ ،‬ولومونو�سوف‪،‬‬ ‫وبلغت حد الكمال عند درج��اف�ين‪ .‬وق��د �شجعت‬ ‫الإم�ب�راط��ورة كاترين الثانية امل���س��رح‪ ،‬ف�ألفت‬ ‫ه��ي نف�سها م���س��رح�ي��ات‪ ،‬وظ �ه��رت يف عهدها‬ ‫الكوميديات الرو�سية الهامة‪ ،‬مثل‪« :‬قائد اللواء»‬ ‫( ‪ ،)766‬و«ال�شباب الآمل» ( ‪ )1782‬بقلم دني�س‬

‫االجتماعي وال�سيا�سي يف كتيب‬ ‫«يف الأخ�ل��اق وت��ده��وره��ا» ال��ذي‬ ‫�ألفه الأم�ير ميخائيل �شربازوف‬ ‫(‪ ،)1790 - 1733‬ويف ال�صحف الهجائية التي‬ ‫ن�شرها نوفيكوف (‪ ،)1774 - 1769‬ويف كتاب‬ ‫راديت�شيف‪« :‬رحلة من بطر�سربج �إىل مو�سكو» (‬ ‫‪.)1790‬‬ ‫الكالسيكية الجديدة والتنوير في‬ ‫األدب الروسي‬ ‫الكال�سيكية اجل��دي��دة والتنوير (‪- 1730‬‬ ‫‪ )1790‬رف�ض مبدعي الأدب الرو�سي يف القرن‬

‫الثامن ع�شر مرياث رو�سيا القرو�سطي ورجعوهم‬

‫�إىل النماذج الكال�سيكية حيث �أنتجوا �أدب� ًا على‬ ‫غ��راره��ا‪ .‬لكن مل متثل ه��ذه امل�ق��ارب��ة اجلديدة‬ ‫قطيعة جذرية فورية مع النماذج الأدب�ي��ة التي‬ ‫كانت �سائدة‪ .‬فالكال�سيكية اجل��دي��دة تعاملت‬ ‫مع ما هو عام م�شرتك عند كل ال�شعوب ويف كل‬ ‫الأزمنة‪ .‬وعلى هذا النحو كان ثمة عن�صر عاملي‬ ‫مكون يف الكال�سيكية اجلديدة ت�ساوق جيد ًا مع‬ ‫املنظور العاملي للثقافة امل�سيحية التي �سبقتها‪:‬‬ ‫مل تعد القومية العن�صر الأ�سا�س يف اال�ست�شراف‬ ‫الثقايف الرو�سي‪� .‬إ�ضافة �إىل �أن الأدب يف مرحلة‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪5‬‬


‫ايفان تورغينيف‬

‫الكال�سيكية اجلديدة قد طرح م�سائل �أخالقية‬ ‫واجتماعية وق�ضايا تخ�ص املجتمع بالإجمال‬ ‫وك��ان��ت م��ن م�شاغل واهتمامات ال��دول��ة‪ .‬مل ير‬ ‫الكاتب من املنا�سب التحدث عن نف�سه �أو عن‬ ‫جت��ارب��ه ال�شخ�صية‪�� :‬ص��ار ن�ظ��ره م � ّرك��ز ًا على‬ ‫الق�ضايا ال�ك�برى‪ .‬ويف احلقيقة ك��ان عديد من‬ ‫كتاب القرن الثامن ع�شر من ذوي ال�شخ�صيات‬ ‫املتميزة بذكائها وحت�صيلها‪ ،‬لكنهم مل يتحدثوا �أو‬ ‫يعربوا عن �أنف�سهم مبا�شرة يف كتاباتهم‪ .‬بالتايل‬ ‫ح��اول الأدب يف ال�ق��رن الثامن ع�شر �أن يكون‬ ‫مر�شد ًا جدي ًا للمجتمع ككل يف امل�سائل الهامة‪.‬‬ ‫السنتمنتالية وبواكير الرومانتيكية‬

‫‪6‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫انطون ت�شيخوف‬

‫ويالحظ عند االنتقال �إىل الع�صر احلديث‪:‬‬ ‫ال�سنتمنتالية وبواكري الرومانتيكية ( ‪- 1790‬‬ ‫‪� )1820‬أن احل��راك الفكري قد بلغ ذروت��ه يف‬ ‫االنتفا�ضة الدي�سمربية املجه�ضة يف عام ‪،1825‬‬ ‫و�أنه يف تلك الفرتة مل يكن ممكن ًا توجه ق�سم كبري‬ ‫من طاقات الأمة نحو الأدب‪.‬‬ ‫يف الإطار الأدبي ابتد�أت هذه املرحلة مع عمل‬ ‫عك�س ب�صدق التوترات يف هذه ال�سنوات الثالثني‬ ‫الفا�صلة املتميزة با�ضطراب وفو�ضى ثقافية‬ ‫ح��دث حت��ول عظيم يف م�ق��ارب��ة الأدب للعامل‬ ‫عرب عنه بجدارة �آرث��ر لوفجوي (م��ؤرخ �أمريكي‬ ‫وم�ؤ�س�س تاريخ الأفكار)عندما ر�أى �أن��ه خالل‬ ‫�سنوات الكال�سيكية اجلديدة والتنوير تطلع �إطا ٍر‬

‫�ألك�سندر او�سرتوف�سكي‬

‫�شامل لكل رج��ال الفكر والثقافة‬ ‫جامع‬ ‫موحدٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�إىل معيار وحيد‪� ،‬إن�سان ذي تفكري عقالين‪ .‬ثمة‬ ‫ظاهرة خا�صة ميزت هذه املرحلة هي احل�ضور‬ ‫الوا�سع للحلقات الأدبية الر�سمية وغري الر�سمية‪،‬‬ ‫التي ن�ش�أت م��ن وع��ي الكتاب ال��رو���س يف �أنهم‬ ‫معنيون ومنخرطون يف م�شروع ثقايف عام‪ .‬وكانت‬ ‫هذه ال�صالت ال�شخ�صية هامة يف �إعداد الأر�ضية‬ ‫لتفتح �أزهار الأدب الرو�سي يف القرن التا�سع‪.‬‬ ‫و�سادت احلروب �أوائل القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬مما‬ ‫�أدى �إىل انت�شار الرغبة يف الإ�صالح من ناحية‪،‬‬ ‫و�إىل زي ��ادة ال��وع��ي القومي م��ن ناحية �أخ��رى‪،‬‬ ‫ويظهر ه��ذا ال��وع��ي القومي يف ك�ثرة الأنا�شيد‬ ‫القومية التي �ألفها جوكوف�سكي‪ ،‬ويف م�سرحيات‬


‫ليف تول�ستوي‬

‫فالدميري الك�ساندروفت�ش �أوزي��روف ( ‪- 1770‬‬ ‫‪ ،)1816‬وال �سيما م�سرحية دم�تري دون�سكوي‬ ‫(‪ .)1807‬وهكذا �أ�صبحت اللغة الرو�سية لغة‬ ‫�أدب رفيع‪ ،‬بف�ضل جهود رواد الكتابة‪� ،‬أمثال‪:‬‬ ‫لومونو�سوف‪ ،‬وكارامت�سني‪ ،‬وال�شاعر الغنائي‬ ‫بانفو�شكوف‪ ،‬واملرتجم جوكوف�سكي‪.‬‬ ‫وال��واق��ع �أن جوكوف�سكي ه��و ال ��ذي نقل روح‬ ‫احلركة الرومان�سية الأوروبية �إىل الأدب الرو�سي‪،‬‬ ‫ولكن �شاعر احلركة الرومان�سية الرو�سية الأكرب‬ ‫هو بو�شكني‪ ،‬و�أ�شهر ق�صائده‪( :‬يوجني �أونيجني)‪،‬‬ ‫و�إن ك��ان قد �أل��ف �أي�ض ًا ع��دة ق�ص�ص ق�صرية‪،‬‬ ‫ورواي��ات وم�سرحيات‪ ،‬ويعترب بو�شكني عمالق ًا‬ ‫بالقيا�س �إىل معا�صريه من ال�شعراء الرو�س‪،‬‬ ‫با�ستثناء لريمونتوف ال��ذي ك��ان ي�صغره �سن ًا‪،‬‬ ‫ومن �أ�شهر كتاب الع�صر الرومان�سي ال�شاعران‪:‬‬ ‫اي��وج�ين اب��رام��وف�ت����ش باراتن�سكي ( ‪1800-‬‬ ‫‪ ،)1844‬ون�ي�ق��والي ميخائيلوفت�ش يازيكوف‬ ‫(‪ ،)1846 1803-‬وكاتب الق�ص�ص الق�صرية‬ ‫بي�ستوجيف‪.‬‬ ‫ذروة الرومانتيكية‬ ‫كان القرن التا�سع ع�شر‪ :‬الرومانتيكية ( ‪1820‬‬ ‫ ‪ .)1840‬حيث نرى �أن العقود بني عامي ‪1820‬‬‫و‪� 1840‬شهدت ذروة الرومانتيكية الرو�سية‪،‬‬

‫وك��ذل��ك املحطات الأوىل للمرحلة العظمى يف‬ ‫تاريخ الأدب الرو�سي التي امتدت تقريب ًا من‬ ‫عام ‪ 1820‬وحتى احل��رب العاملية الأوىل‪ .‬وقد‬ ‫بد�أت الرومانتيكية الرو�سية مع تركيز قوي على‬ ‫ال�شعر‪� .‬صارت الكال�سيكية اجلديدة يف حوايل‬ ‫‪ ،1820‬وحتديد ًا عام ‪ ،1825‬من املا�ضي‪ :‬برغم‬ ‫�أن مقاربة بو�شكني الأدب�ي��ة احتفظت بعنا�صر‬ ‫كال�سيكية كثرية‪ ،‬ف�إن هذه العنا�صر كانت قليلة‬ ‫�أو نادرة عند غوغول وعند لريمنتوف‪ .‬فقد ركز‬ ‫الأدب اجلديد على الروح الفردية‪ ،‬على الإن�سان‬ ‫فوق العادي الذي كان بطريقة ما فوق املجتمع‪.‬‬

‫الك�سندر بو�شكني‬

‫نيكوالي غوغول‬

‫باخت�صار كان ثمة �شيء ما يدعو �إىل الإعجاب يف وم�ست�شار ًا �أدبي ًا لتورغنيف‪.‬‬ ‫البطل الرومانتيكي‪ .‬وح�صل تغري هام �آخر خالل‬ ‫ويف العقد ال��راب��ع م��ن ال �ق��رن التا�سع ع�شر‪،‬‬ ‫املرحلة الرومانتيكية يف و�ضع الكاتب‪ .‬يف ال�سابق‬ ‫ازدادت ح��دة ال �ن��زاع ال��ذي ن�ش�أ �أي ��ام بطر�س‬ ‫مل يتوقع امل�ؤلفون ك�سب عي�شهم من كتابتهم‪� ،‬أو‬ ‫الأك�بر‪ ،‬وانق�سم الفكر الرو�سي �إىل مع�سكرين‪:‬‬ ‫حتى احل�صول على ما ي�شبه الدخل لقاءها‪ ،‬لكن‬ ‫مع�سكر مييل �إىل الأخ��ذ بالفكر الغربي‪ ،‬و�آخ��ر‬ ‫الآن �أ�صبح الأدب �أكرث نوع ًا من �سلعة ذات قيمة‬ ‫يحاول املحافظة على الرتاث القومي‪ ،‬وكان من‬ ‫يف �سوق‪� .‬صار على الكاتب الآن من �أجل �إعالة‬ ‫نتائج ه��ذا النزاع ظهور احلركة ال�سالفية بني‬ ‫نف�سه �أن يقدم نتاج ًا ميكن �أن يحظى با�ستح�سان‬ ‫�أتباع املع�سكر الثاين‪ .‬وعلى الرغم من �أن هذه‬ ‫القراء ويدفعهم بالتايل ل�شرائه‪.‬‬ ‫احلركة مل تتمخ�ض عن كاتب كبري‪ ،‬فقد كان‬ ‫العشرية الروسية األعجوبة‬ ‫لها �أث��ر عميق يف كتابات �ألك�س �ستيبانوفت�ش‬ ‫وك��ان القرن التا�سع ع�شر‪ :‬املدر�سة الطبيعية خ��وم�ي��اك��وف (‪ ،)1806 - 1804‬والأخ��وي��ن‬ ‫وما ا�ستتبعها ( ‪� )1855 - 1840‬أن �أربعينيات كرييف�سكي ايفان ( ‪ ،)1856 - 1806‬وبيرت‬ ‫ال �ق��رن ال�ت��ا��س��ع ع�شر ت�شغل م�ك��ان��ة خ��ا��ص��ة يف (‪ )1856 - 1808‬وايفان اك�ساكوف‪ ،‬وميخائيل‬ ‫الذاكرة التاريخية لالنتلجنت�سيا لدرجة ت�سميتها كاتكوف‪ ،‬و�أخري ًا نيقوالي ياكوفلينف�ش دانيلف�سكي‬ ‫بـ (الع�شرية الرو�سية الأعجوبة)‪ .‬فكان الق�سم (‪ )1885 - 1822‬ال��ذي يعد كتابه «رو�سيا‬ ‫الأعظم من هذه الع�شرية مرحلة بدايات فل�سفية‪ ،‬و�أورب��ا» (‪ )1869‬خري تعبري عن موقف احلركة‬ ‫ثقافية و�أدبية عظيمة قطعها فج�أة ما �سمي تفجر ال�سالفية‪� ،‬أما املع�سكر الذي حبذ الأخذ بالفكر‬ ‫ث��ورات عام ‪ 1848‬الأوروب�ي��ة وا�ستمر مع تورط الغربي فقد كان الناقد الكبري بلين�سكي �أعظم من‬ ‫رو�سيا يف حرب القرم ويف ال�سنوات املمتدة من عرب عن مبادئه‪ .‬ولكن الأدب الرو�سي �أخذ ي�سري‬ ‫عام ‪� 1840‬إىل عام ‪ 1855‬املرحلة نرى �سنوات يف الطريق الذي يالئم عبقرية الرو�س‪ ،‬وهو طريق‬ ‫عظيمة ل�سيادة الرومانتيكية �إىل زمن الواقعيني املدر�سة الواقعية‪ ،‬ابتداء من كتابات غوغول‪،‬‬ ‫ال��رو���س ال��ذي��ن �أك�سبوا الأدب ال��رو��س��ي �شهرة وال�سيما ق�صته الق�صرية «املعطف» (‪.)1842‬‬ ‫عاملية‪.‬‬ ‫ومن مبادئ هذه املدر�سة �شعور الكاتب مب�س�ؤوليته‬ ‫احتل غريغورييڤت�ش بيلين�سكي ‪ – 1811( -‬االجتماعية‪ ،‬واتخاذه ال�شعب والفالحني �أو ًال‪ ،‬ثم‬ ‫‪ )1848‬وهو ناقد �أدبي رو�سي معروف وفيل�سوف‪ ،‬الطبقات الو�سطى فيما بعد‪ ،‬مو�ضوع ًا لكتاباته‪،‬‬ ‫�صاحب املدر�سة الطبيعية يف الفل�سفة‪ .‬كان له وك ��ان �أول م��ن �صنع ذل��ك يف م �ي��دان ال�شعر‪:‬‬ ‫ت�أثري كبري على تطور الأدب والفكر االجتماعي نكرازوف‪ ،‬ويف ميدان النرث‪ :‬غريغورفت�ش‪ ،‬الذي‬ ‫يف رو��س�ي��ا‪ -‬احتل مركز ال���ص��دارة يف امليدان حذا حذو غوخاروف‪ ،‬وبيزم�سكي‪ ،‬و�سالتيكوف‪،‬‬ ‫الفكري والأدب��ي يف �أربعينيات القرن‪ .‬وكان هو و�أخ�ي�ر ًا الروائيون الثالثة الكبار‪ :‬تورجينيف‪،‬‬ ‫ال��ذي يقرر كيف ينظر يف العمل الأدب��ي‪ ،‬ولعب دو�ستويف�سكي‪ ،‬ليو تول�ستوي‪ .‬كما �أن الواقعية يف‬ ‫بيلين�سكي �أي�ض ًا دور مر�شد لتلك الكوكبة من الق�صة الق�صرية بلغت ال��ذروة عند ت�شيخوف‪،‬‬ ‫كتاب النرث املمتازين الذين وجلوا ميدان الأدب وكانت �أعظم امل�سرحيات الواقعية يف هذا الع�صر‬ ‫فيما ب�ين ‪ 1840‬و‪ .1848‬فكان �أول م��ن ق��ر�أ م�سرحيات ت�شيخوف و�أو�سرتوف�سكي‪ .‬ويعترب هذا‬ ‫عمل دو�ستويف�سكي الأول‪ ،‬وك��ان �صديق ًا قريب ًا الع�صر بحق الع�صر الذهبي للأدب العاملي‪.‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪7‬‬


‫مك�سيم غوركي‬ ‫عصر الواقعية والحداثة وما بعدهما‬

‫ويف ال �ق��رن ال�ت��ا��س��ع ع���ش��ر‪ :‬ع�صر ال��واق�ع�ي��ة‬ ‫(‪ )1880 - 1855‬والنظر �إىل عام (‪)1855‬‬ ‫ب��و��ص�ف��ه ب��داي��ة م��رح�ل��ة الأوج يف ت �ط��ور النرث‬ ‫الواقعي ال��رو��س��ي‪ .‬و�شهد ال�ع��ام ن�شر �أط��روح��ة‬ ‫ت�شريني�شيف�سكي (ال �ع�لاق��ات اجلمالية للفن‬ ‫ب��ال��واق��ع)‪ .‬متيزت ال�سنوات املمتدة بني عامي‬ ‫(‪ 1855‬و‪ )1880‬بن�ضج كثري من جوانب احلياة‬ ‫الرو�سية‪.‬‬ ‫وك��ان ه��ذا ال�ق��رن م��ا ب�ين الواقعية واحل��داث��ة‬ ‫(‪ )1895 –1880‬نرى �أنه بعد الزخم القوي‬ ‫ال��ذي �أعطاه ل�ل�أدب الرو�سي وازده��ار الواقعية‬ ‫يف ال�ف�ترة ‪ -‬املمتدة م��ن ع��ام ‪� 1855‬إىل عام‬ ‫‪ 1880‬كان من الكتاب الروائيني الرو�س الكبار‬ ‫دو�ستويف�سكي الذي ا�شتهرت رواياته بالأو�صاف‬ ‫الدراماتيكية لل�صراعات الداخلية‪ ،‬والتي تعاين‬ ‫�شخ�صياتها من تنازع روحي عنيف بني �إميانهم‬ ‫ب��اهلل وم���ش��اع��ره��م ال�ق��وي��ة املفعمة بالكربياء‬ ‫والأنانية‪.‬‬ ‫ويف ثمانينيات القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬ظهر رد‬ ‫فعل عك�سي لالجتاه الواقعي يف �شكل احلركة‬ ‫الرمزية‪ ،‬التي بلغت �أوجها يف العقد العا�شر من‬ ‫ال�ق��رن‪ ،‬وذل��ك يف نتاج �سولوجوب‪ ،‬وبري�سوف‪،‬‬ ‫و�أنين�سكي‪ ،‬وبلى‪ ،‬وبلوك‪ ،‬وباملونت‪ ،‬ورمت�سوف‪.‬‬ ‫ويت�ضح رد الفعل هذا �أي�ض ًا يف م�ؤلفات فالدميري‬ ‫�سولوفيف‪ ،‬ذات الطابع الديني الفل�سفي‪ ،‬ويف‬ ‫الروايات التاريخية ملريجكوف�سكي‪.‬‬ ‫وي�صف لنا دو�ستويف�سكي يف اجلرمية والعقاب‬ ‫(‪ ،)1866‬وهي روايته الأكرث �إث��ارة‪ ،‬حالة �أحد‬ ‫القتلة وه��و يقا�سي ع��ذاب ال�ضمري‪ ،‬ثم ي�سرتد‬ ‫البطل حالته الطبيعية‪ ،‬عندما يعرتف بجرميته‬ ‫وير�ضى بالعقاب الذي ي�ستحقه‪ .‬ورواية املم�سو�س‬ ‫(‪ )1872-1871‬والتي تُعرف �أي�ض ًا بالأبال�سة‪،‬‬ ‫ي�صف لنا فيها ال ُكتّاب ال�سيا�سيني املتطرفني‪ .‬ويف‬ ‫رواي��ة الإخ��وة كارامازوف (‪،)1880 – 1879‬‬ ‫‪8‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫الك�سندر بلوك‬

‫وه��ي �آخ ��ر رواي� ��ات دو�ستويف�سكي و�أع�ظ�م�ه��ا‪،‬‬ ‫يتحدث عن رجل �شرير يقتله �أحد �أبنائه الأربعة‪.‬‬ ‫وال���ص��ورة ال��رم��زي��ة ال�ت��ي يعر�ضها امل ��ؤل��ف عن‬ ‫جناة الأوالد الآخرين من اخلطيئة‪ ،‬هي �إميانه‬ ‫بالقدرة الإلهية على �إنقاذ النا�س من اخلطيئة‪.‬‬ ‫وخ�ضع تول�ستوي وهو �أكرب كاتب رو�سي يف الأدب‬ ‫الق�ص�صي �أعظم رواياته يف �ستينيات و�سبعينيات‬ ‫القرن التا�سع ع�شر لأزم�ت��ه الفكرية والروحية‬ ‫ ف�ترة ن�شاط ثقايف �أق��ل‪ ،‬على ال��رغ��م م��ن �أن‬‫ع�صر احتوى ُكتاب ًا من مثل قامة ت�شيخوف‬ ‫�أي‬ ‫ٍ‬ ‫ال ب��د �أن يعترب متميز ًا‪� .‬شهدت ه��ذه املرحلة‬ ‫االنتقالية على ال�صعيد الأي��دي��ول��وج��ي هيمنة‬ ‫تول�ستوي يف �أواخر حياته الذي انكب‪ ،‬بعد �أزمته‬ ‫الفكرية ‪ -‬الروحية يف ع��ام ‪،1880 - 1879‬‬ ‫على الوعظ الأخالقي يف الأدب‪ ،‬ونبذ تول�ستوي‬ ‫القيم الرومان�سية للبطولة واحلب العذري و�أظهر‬ ‫بد ًال من ذلك اهتمام ًا عميق ًا باملراحل الطبيعية‬ ‫للنمو الب�شري‪ ،‬كالوالدة والزواج والوفاة‪ .‬وروايته‬ ‫الرائعة احلرب وال�سالم (‪ )1869‬جلبت االنتباه‬ ‫�إىل طبيعة االجتياح الفرن�سي لرو�سيا ونريانه عام‬ ‫‪ .1812‬ولكن الرواية ترف�ض كذلك فكرة احلرب‬ ‫وتك�شف عن رغبة تول�ستوي يف حياة هادئة تن�سجم‬ ‫مع الطبيعة‪ .‬ويف �أ ّنا كارنينا (‪)1877-1875‬‬ ‫ه��اج��م تول�ستوي احل��ب ال��روم��ان���س��ي باعتباره‬ ‫�ضرب ًا من االنغما�س الذاتي و�شجع بد ًال من ذلك‬ ‫الإح�سا�س بالواجب الأخالقي وحب الأ�سرة‪� .‬أما‬ ‫روايته موت �إيفان �إيليت�ش ف�إنها �صورة مرعبة‬ ‫ملوت رجل‪ ،‬وقبوله مل�صريه املحتوم باعتبار ذلك‬ ‫نهاية طبيعية للحياة‪ .‬وبقي لتول�ستوي ح�ضور‬ ‫�أدب��ي لبع�ض ال��وق��ت؛ �أم��ا االهتمام اجل��دي��د يف‬ ‫رو�سيا فكان من ن�صيب �أنطون ت�شيخوف وهو من‬ ‫كتاب الق�صة الق�صرية وامل�سرحية البارزين الذي‬ ‫ُنعت مب�ؤرخ �سرية الطبقة الإقطاعية‪ ،‬ورا�صد حال‬ ‫االنتلجنت�سيا وقد فقدت ب�شكل ما مرا�سيها‪.‬‬ ‫ومعظم �أعماله تتعلق بال�س�أم والإح �ب��اط من‬

‫الك�سندر كوبرين‬

‫احل �ي��اة‪ .‬ويف رواي� ��ة لونيت�ش (‪ )1898‬ي��ورد‬ ‫ت�شيخوف ق�صة طبيب مثايل ح�سا�س‪ ،‬ي�صبح‬ ‫ك���س��و ًال ومعجب ًا بنف�سه كلما ت�ق��دم يف العمر‪.‬‬ ‫والعم فانيا (‪ )1899‬م�سرحية عن �أحد املثقفني‬ ‫الذين ي�صيبهم ال�ضياع‪ ،‬فيعي�ش حياة واقعية‪،‬‬ ‫بينما ك��ان يعتقد ب�أنه يكر�س نف�سه للمثاليات‪.‬‬ ‫وحتكي الأخ��وات الثالث (‪ )1901‬ق�صة �أ�سرة‬ ‫يت�صف �أع���ض��ا�ؤه��ا ب�ضعف �شديد يف الإرادة‪،‬‬ ‫بحيث ال يبذلون �أي جهد لتح�سني �أو�ضاعهم‬ ‫املعي�شية ال�سيئة‪ .‬ويبحث ت�شيخوف يف ب�ستان‬ ‫الكرز(‪ )1904‬انحالل دور الأ�شراف �أ�صحاب‬ ‫الأر�ض‪.‬‬ ‫ويف ‪ 1912‬ن�ش�أت حركة يف ال�شعر‪ ،‬تزعمها‬ ‫جوميليف‪ ،‬وجوروديت�سكي‪ ،‬ترمي �إىل العودة �إىل‬ ‫ال�صور ال�شعرية احل�سية امل�ح��دودة‪ ،‬ومن �أتباع‬ ‫هذه املدر�سة ال�شاعران‪ :‬ماندل�ستام‪ ،‬و�أخماتوفا‪.‬‬ ‫ومن الروائيني البارزين الذين جا�ؤوا بعد الع�صر‬ ‫الذهبي ل�ل��رواي��ة‪ :‬ج��ار��ش�ين‪ ،‬كورولينكو‪ ،‬ولكن‬ ‫�أب��رزه��م جميع ًا‪ :‬مك�سيم غ��ورك��ي �آخ��ر الأدب��اء‬ ‫الرو�س الكبار من الواقعيني والذي تعك�س �أعماله‬ ‫الأدبية املبكرة فل�سفته ال�شيوعية‪ ،‬والذي �أدخل‬ ‫نغمة ثورية يف املدر�سة الواقعية‪ .‬وتت�ضح هذه‬ ‫النزعة الثورية �أي�ض ًا يف م�ؤلفات تلميذه ليوفيت‬ ‫�أن��دري�ي��ف م��ن ق�ص�ص وم�سرحيات‪ ،‬على حني‬ ‫�أن ايفان بونني الذي كان ينتمي �أي�ض ًا �إىل حلقة‬ ‫غوركي‪ ،‬والذي نال جائزة نوبل‪ ،‬ظل حمافظ ًا على‬ ‫الأ�سلوب الواقعي التقليدي‪.‬‬ ‫ويف رواي� ��ات وم���س��رح�ي��ات وق�ص�ص مك�سيم‬ ‫غ��ورك��ي‪ ،‬وه��و ي�صف الفقر امل��دق��ع ال��ذي تعاين‬ ‫منه الطبقات الدنيا‪ .‬و�أ�شهر م�سرحيات غوركي‬ ‫الأعماق الدنيا (‪ )1902‬التي يفرغ فيها امل�ؤلف‬ ‫احلياة البائ�سة التي يعي�شها �ساكنو �أحد املالجئ‬ ‫يف قالب م�سرحي‪ .‬وكثري من الأفكار الرئي�سية‬ ‫لأعمال غوركي املت�أخرة كانت تت�ضمن انحالل‬ ‫الطبقة املتو�سطة العليا‪ ،‬كما ن�شاهد ذل��ك يف‬


‫فالينتني را�سبوتني‬

‫رواية �أعمال الأرتاماتوفيني ( (‪1925‬كذلك كتب‬ ‫غوركي �سريته الذاتية املف�صلة ون�شر مذكراته‬ ‫حول من التقى بهم و�صادقهم من كبار الكتاب‬ ‫الرو�س‪.‬‬ ‫وك��ان ل�ه��ذا ال�ق��رن ت�ي��ار احل��داث��ة ( ‪–1895‬‬ ‫‪ )1925‬ن�شهد هيمنة تيار احلداثة وع��دد �آخر‬ ‫من املذاهب �صاغها و�أن�ش�أها كتاب نظروا �إىل‬ ‫الثقافة ككينونة تبدعها ال�ع�ق��ول الإن�سانية‪.‬‬ ‫وعندما ��س��ادت احل��داث��ة يف �أ�شكالها املختلفة‬ ‫احتلت امل�سرح لبع�ض الوقت حتى بعد الزلزالني‬ ‫ال�سيا�سيني املتمثلني باحلرب العاملية الأوىل وثورة‬ ‫�أكتوبر‪ .‬ف��أدب املرحلة الأوىل من الع�شرينيات‪،‬‬ ‫ال��ذي تعاطى مع هذين احل��دث�ين‪ ،‬بقي حداثي ًا‬ ‫يف مقاربته حتى حدود عام ‪ .1925‬وبد�أ ع�صر‬ ‫احل��داث��ة ك�ت�م��رد وا� �ض��ح ��ض��د امل �ي�راث امل ��ادي‬ ‫ل�ستينيات القرن التا�سع ع�شر‪.‬‬ ‫انق�سم الأدب الرو�سي يف مطلع ع�شرينيات‬ ‫ال �ق��رن الع�شرين �إىل �شقني ه��ام�ين لكن غري‬ ‫متعادلني‪ ،‬هما الواقعية والرمزية‪ ،‬ودون �أن تكون‬ ‫لأي منهما قوة كافية كي ت�سود على الأخرى‪.‬‬ ‫عصر الواقعية االشتراكية‬

‫متثل الثورة ال�شيوعية عام ‪ 1917‬بداية ع�صر‬ ‫جديد يف الأدب الرو�سي‪ ،‬فقد �أحكمت الرقابة‬ ‫على الأدب‪ ،‬وهاجر كتاب كثريون مثل‪ :‬بونني‪،‬‬ ‫و�س ِجنَ‬ ‫وكوبرين‪ ،‬ومرجكوف�سكي‪ ،‬و�أل��دان��وف‪ُ ،‬‬ ‫و� ْأع ِد َم كثريون غريهم‪ ،‬و�سيطرت الدولة واحلزب‬ ‫على املطابع وال�صحافة‪.‬‬ ‫وك��ان ع�صر الواقعية اال�شرتاكية ( –‪1925‬‬ ‫‪ )1953‬حيث ن��رى �أن ��ه �إذا ك��ان ال �ع��ام ال��ذي‬ ‫تبد�أ به هذه املرحلة ‪ - 1925 -‬ذا �أهمية �أدبية‬ ‫�ام فر�ض فيه النظام ال�شيوعي‬ ‫و�سيا�سية‪ ،‬ك�ع� ٍ‬ ‫القائم حديث ًا �سلطته على الأدب والثقافة‪ ،‬ف�إن‬ ‫تاريخ نهايتها (�أي املرحلة) ذو �أهمية �سيا�سية‬ ‫ب��ال��درج��ة الأوىل‪ :‬فهو ال�ع��ام ال��ذي �شهد موت‬

‫ايفان بونني‬

‫جوزيف �ستالني واملف�صل التاريخي ال�سيا�سي‬ ‫املنا�سب متام ًا الختتام هذه املرحلة من الأدب‬ ‫الرو�سي التي ترابط فيها الأدب وال�سيا�سة مع ًا‬ ‫ب�شكل وثيق �أكرث من �أي وقت على امتداد تاريخ‬ ‫الأدب الرو�سي‪� .‬أحدثت ال�ضغوط ال�سيا�سية يف‬ ‫الفرتة الأوىل من احلكم ال�سوفياتي انق�سام الأدب‬ ‫الرو�سي �إىل �شطرين ق�سم رئي�س داخل االحتاد‬ ‫وق�سم �آخر اختار الهجرة �إىل خارج البالد‪ .‬يف‬ ‫تلك الأثناء عانى كثري من الكتاب املوهوبني من‬ ‫القيود الثقافية ال�شديدة يف ال�سنوات الأخرية من‬ ‫الع�شرينيات‪.‬‬ ‫ويف الع�شرينيات من القرن الع�شرين خففت‬ ‫الدولة من قب�ضتها ال�صارمة‪ ،‬وظهرت جمموعة‬ ‫ج��دي��دة م��ن ال�شعراء وال��روائ �ي�ين ُت��دع��ى رف��اق‬ ‫ال�سفر‪ ،‬من �أهم �أع�ضائها كاتب الق�صة �إيزاك‬ ‫بابل والروائيان ليونيد ليونوڤ و�ألك�سي تول�ستوي‪.‬‬ ‫ولكن الدولة فر�ضت على الكتاب �أن يخدموا‬ ‫�أغرا�ضها‪ ،‬فظهرت روايات امل�صانع مث ًال‪ ،‬مع بدء‬ ‫اخلطة اخلم�سية الأويل عام ‪.1928‬‬ ‫ويف ال�ث�لاث�ي�ن�ي��ات ح �ظ��رت احل �ك��وم��ة ن�شاط‬ ‫جميع اجلمعيات الأدبية‪ ،‬و�أن�ش�أت احتاد الكتاب‬ ‫ال�سوفيات الذي ابتدع نظرية الواقعية اال�شرتاكية‪،‬‬ ‫وطرد من االحتاد كل من مل يلتزم بهذه النظرية‪.‬‬ ‫وازدهرت الرواية التاريخية يف تلك الفرتة‪ ،‬ومن‬ ‫�أف�ضلها الرواية امللحمية «وبهدوء يتدفق الدون»‬ ‫(‪ )1940 - 1928‬مليخائيل �شولوخوف‪ .‬و�أثناء‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ُ ،‬منح ال ُك َتّاب قدر ًا �أكرب من‬ ‫احلرية وظهرت روايات وطنية‪ ،‬منها �أيام وليال‬ ‫لق�سطنطني �سيمونوف‪.‬‬ ‫خففت القيود مرة �أخرى بعد وفاة �ستالني‪ ،‬ولكن‬ ‫الرقابة ال�صارمة عادت بعد ن�شر رواية �ألك�سندر‬ ‫�سولزنت�سني ي��وم يف حياة �إي �ف��ان دنو�سوفيت�ش‬ ‫(‪ )1962‬ويف ال�ستينيات‪ ،‬برزت جمموعة من‬ ‫الكتاب ال�شبان املتحررين ومنهم ال�شاعر يفجيني‬ ‫يفت�شينكو‪.‬‬

‫الك�سندر �سوجلنت�سني‬

‫وب�سبب الرقابة والقيود كانت بع�ض الأعمال‬ ‫الأدبية ُتتَداول �سر ًا على �شكل خمطوطات‪ ،‬ون�شر‬ ‫بع�ضها خ��ارج الإحت��اد ال�سوفياتي ال�سابق مثل‬ ‫رواية دكتور زيفاجو‪.‬‬ ‫ومن الأعمال التي ُن�شرت يف اخل��ارج ق�ص�ص‬ ‫وروايات �أندريه �سنياف�سكي‪ ،‬الذي ا�ستخدم ا�سم‬ ‫�أب��رام ترتز‪ ،‬و�أع�م��ال �سوجلينت�سني ال��ذي منح‬ ‫جائزة نوبل للأدب عام ‪ 1970‬ونفي من االحتاد‬ ‫ال�سوفياتي عام ‪.1974‬‬ ‫ورغم القيود ال�سيا�سية يف ال�سبعينيات ا�ستمر‬ ‫عدد من الأدب��اء يف انتقاد املجتمع ال�سوفياتي‪،‬‬ ‫وف�ضح ما فيه من �أنانية ون�ف��اق‪ .‬ويف منت�صف‬ ‫الثمانينيات وحتى �أوائ��ل الت�سعينيات من القرن‬ ‫الع�شرين ت�ضاءلت الرقابة �إىل حدٍ كبري يف ظل‬ ‫�سيا�سة االنفتاح (اجلال�سنو�ست)‪ ،‬التي تبناها‬ ‫ميخائيل غوربات�شوف‪ ،‬و ُن�شرت لأول مرة بع�ض‬ ‫الأعمال الأدبية املهمة‪ ،‬التي كانت حمظورة يف‬ ‫ال�سابق‪ .‬وبتف ّكك االحتاد ال�سوفياتي عام ‪1991‬‬ ‫�إىل دول م�ستقلة‪ ،‬انتهى عهد الأدب ال�سوفياتي‪.‬‬ ‫الأدب الرو�سي يف ثمانينيات القرن الع�شرين‪:‬‬ ‫ع�شية انهيار الدولة ال�سوفياتية‪ ،‬الذي ق�سم عقد‬ ‫ثمانينيات القرن الع�شرين �إىل ن�صفني مت�ساويني‪.‬‬ ‫وفيها كان يقال �إن رو�سيا ال�سوفياتية هي البالد‬ ‫ذات ال �ع��دد الأك�ب�ر م��ن ال��ق��راء‪ .‬ح�ي��ث وا��ص��ل‬ ‫كتاب كرث �إب��داع �أدب �أ�صيل‪ .‬وبرغم �أنهم كانوا‬ ‫مت�شككني بخ�صو�ص امل�ستقبل‪ ،‬وخاطروا بفقد‬ ‫حريتهم وحتى حياتهم‪ ،‬ف�إنهم خطوا كتب ًا وفق‬ ‫ما �أملته �ضمائر واحتفظوا بها يف الأدراج بانتظار‬ ‫�أيام �أف�ضل‪ .‬ويف نهاية الثمانينيات تداعت فج�أة‬ ‫جدران الرقابة التي �صمدت را�سخة ل�سبعني عام ًا‬ ‫و�صار بالإمكان قراءة ون�شر كل الأدب الرو�سي‪،‬‬ ‫وحتى الذي كان ممنوع ًا ل�سنوات طويلة‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪9‬‬


‫أشهر كتاب الرواية الروسية‬

‫فيودور دوستويفسكي‬ ‫يتمتع الكاتب الرو�سي فيودور ميخائيلوفيت�ش‬ ‫دو�ستويف�سكي ( ‪ )1881 – 1821‬ب�شهرة‬ ‫يتمتع الكاتب الرو�سي ف�ي��ودور ميخائيلوفيت�ش‬ ‫دو�ستويف�سكي ( ‪ )1881 – 1821‬عاملية‬ ‫وا��س�ع��ة‪ .‬وق��د ترجمت �أع�م��ال��ه �إىل العديد من‬ ‫اللغات و�أ�صبحت �أفكارها و�شخ�صياتها ج��زء ًا‬ ‫م��ن ت ��راث الب�شرية ال��روح��ي‪� .‬أن �أث �م��ن م��ا يف‬ ‫توارثه هو رواياته‪ .‬وقد ا�شتهرت يف العامل ب�صفة‬ ‫خا�صة رواي�ت��ا (اجل��رمي��ة وال�ع�ق��اب) و(الأخ ��وة‬ ‫ك��ارام��ازوف) اللتان ع�برت��ا ب�أكمل ��ص��ورة عن‬ ‫فل�سفة الكاتب‪ .‬بيد �أن رواياته الأخرى (مذلون‬ ‫ومهانون) و(الأبله) و(ال�شياطني) و(املراهق)‬ ‫على جانب كبري م��ن الأهمية وال�ط��راف��ة‪ .‬كان‬ ‫دو�ستويف�سكي �إن�سان ًا �أب�ي� ًا وعنيد ًا يف الدفاع‬ ‫عن معتقداته‪ ،‬وقد ترك ذلك كل ب�صماته على‬ ‫�أعماله‪ .‬ولد فيدور دو�ستويف�سكي يف ‪ 11‬ت�شرين‬ ‫ال�ث��اين‪/‬ن��وف�م�بر ع��ام ‪ 1821‬مب��و��س�ك��و‪ .‬انبهر‬ ‫بالطموحات املثالية للكاتب الأملاين �شيلر‪ ،‬و�أحب‬ ‫روايات ديكنز الذي كان يجيد �إثارة العطف على‬ ‫النا�س املهانني‪ .‬وكانت قريبة �إىل نف�سه تعرية‬ ‫التناق�ضات االجتماعية يف �أعمال بلزاك الذي‬ ‫ترجم له ف�ي��ودور دو�ستويف�سكي رواي��ة (اوج�ين‬ ‫غراندي) قبل عامني من �إ�صداره لأول عمل �أدبي‬ ‫هو رواي��ة (امل�ساكني) ع��ام ‪ 1846‬التي ن�شرت‬ ‫يف جملة (�سوفرميينيك) املعا�صر و�أقبل عليه‬ ‫القراء بتهافت قوي‪ .‬كان فيودور دو�ستويف�سكي‬ ‫يعي�ش �آن ��ذاك يف بطر�سبورغ حيث ت�خ��رج من‬ ‫كلية الهند�سة‪ ،‬لكنه مل يلتحق بالوظيفة‪� ،‬إذ‬ ‫مل�س يف نف�سه �أنه �أديب بالفطرة‪ .‬وتعرف فيدور‬ ‫دو�ستويف�سكي عن قرب بالناقد الرو�سي البارز‬ ‫في�ساريون بيلين�سكي ال��ذي ك��ان يتزعم كوكبة‬ ‫اجلرمية والعقاب من الأدباء ال�شبان من �أن�صار‬ ‫‪10‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫ما ي�سمى بـ (املدر�سة الطبيعية) وهي الت�سمية التي‬ ‫ا�صطلح �آنذاك على �إطالقها على �أدباء االجتاه‬ ‫الواقعي‪ .‬ثم توالت بعد رواية (امل�ساكني) �أعمال‬ ‫الكاتب الأخرى (املثل �أو ال�شبه) و(ربة املنزل)‬ ‫و(ال�ل�ي��ايل البي�ضاء) التي ك�شفت ع��ن جوانب‬ ‫جديدة من موهبته لكنها مل جتلب له اهتمام‬ ‫النا�س‪ .‬ان�ضم فيودور دو�ستويف�سكي �إىل حلقة‬ ‫(زم�لاء بيرتا�شيف�سكي) الذين �أ�س�سوا جماعة‬ ‫�شبه �سرية‪ .‬ومتكنت ال�شرطة من تتبع اجلماعة‬ ‫حتى �ألقت القب�ض على �أع�ضائها يف ربيع عام‬ ‫‪ .1849‬وحكم على دو�ستويف�سكي بالإعدام‪ ،‬لكنه‬ ‫يف �آخ��ر حلظة وقبل تنفيذ حكم الإع��دام بحقه‬ ‫�صدر مر�سوم قي�صري يق�ضى با�ستبدال الإعدام‬ ‫ب�أربعة �أع��وام من الأع�م��ال ال�شاقة يف مقاطعة‬ ‫اوم�سك ب�سيبرييا‪ .‬وعاي�ش دو�ستويف�سكي عملي ًا‬ ‫وهو واقف على من�صة الإعدام ويتدىل فوق ر�أ�سه‬ ‫حبل امل�شنقة‪ ،‬عاي�ش طقو�س تنفيذ حكم الإعدام‬ ‫التي �ضلت تالزمه طوال حياته‪ ،‬وقد و�صف هذا‬ ‫امل�شهد الرهيب يف روايته (الأبله)‪.‬‬ ‫وق��د و�صف حياته وه��و يق�ضي حكم الأع�م��ال‬ ‫ال�شاقة يف كتابه (ذكريات من منزل الأموات)‪.‬‬ ‫�أولع هناك بلعب القمار‪ ،‬الأمر الذي جعله يواجه‬ ‫دوم ًا حاجة ما�سة �إىل الأموال وا�ضطره �إىل عقد‬ ‫�صفقات غري عادلة مع �أ�صحاب الن�شر والطباعة‬ ‫لإ��ص��دار رواي��ات��ه‪ .‬عا�ش دو�ستويف�سكي الأع��وام‬ ‫الثمانية الأخرية من حياته يف مدينة �ستارايا روزا‬ ‫مبحافظة نوفغورود ب�شمال غرب رو�سيا‪ .‬وتعد‬ ‫هذه املرحلة مثمرة يف نتاجه الأدب��ي حني �أبدع‬ ‫رواي��ات (ال�شياطني) ع��ام ‪ 1872‬و(امل��راه��ق)‬ ‫عام ‪ 1875‬و(الأخوة كارامازوف) عام ‪.1880‬‬ ‫وذاع �صيته يف رو�سيا كلها وخا�صة بعد �إلقائه كلمة‬ ‫م�شهورة يف مرا�سم افتتاح متثال ال�شاعر الرو�سي‬ ‫العظيم الك�سندر بو�شكني يف مو�سكو‪ .‬لكن املجد‬ ‫احلقيقي و�إكليل الغار ن��ز ًال على دو�ستويف�سكي‬ ‫بعد وفاته‪ .‬واعرتف الفيل�سوف الأملاين املعروف‬ ‫فريدريك نيت�شه �أن دو�ستويف�سكي كان بالن�سبة له‬ ‫�سيكولوجيا وحيد ًا جدير ًا بالتعلم منه‪ .‬يت�صارع‬ ‫يف ع��امل دو�ستويف�سكي الفني اخل�ير م��ع ال�شر‬ ‫واحلقيقة مع الزيف‪ .‬وم�ضمار هذا ال�صراع هو‬ ‫قلب الإن�سان على حد تعبري �إح��دى �شخ�صيات‬ ‫روايته (الأخوة كارامازوف)‪.‬‬

‫ليف تولستوى‬

‫ول��د الكونت ليف تول�ستوى يف ع��ام ‪ 1828‬يف‬ ‫يا�سنايا بوليانا‪ ،‬وه��ي �ضيعة �صغرية متتلكها‬ ‫عائلته الأر�ستقراطية قرب مو�سكو‪ .‬تويف والداه‬ ‫عندما كان �صبي ًا �صغري ًا‪ ،‬وتولت خالته تربيته‪.‬‬ ‫وق��د تلقى تول�ستوي تعليمه االب�ت��دائ��ي على يد‬ ‫مدر�سني خ�صو�صيني �أج��ان��ب‪ .‬يف ع��ام ‪1844‬‬ ‫�إلتحق تول�ستوي بجامعة ق��ازان‪� ،‬إال �أنه �سرعان‬ ‫ما َ�ض ِجر من طريقة التدري�س‪ ،‬فرتك الدرا�سة‬ ‫ع��ام ‪ 1847‬قبل �أن يتخرج‪ ،‬وع��اد �إىل م�سقط‬ ‫ر�أ� �س��ه‪ .‬ب��د�أ تول�ستوي ينهل م��ن م�صادر العلم‬ ‫واملعرفة ب��دون م�ساعدة �أح��د‪ .‬يف ع��ام ‪1851‬‬ ‫��س��اف��ر �إىل ال �ق��وق��از ح�ي��ث � �ش��ارك يف احل��رب‬ ‫القوقازية‪ .‬و�ألف هناك روايته الأوىل (الطفولة)‬ ‫التي ا�ستند فيها على ذكرياته �شخ�صية‪ .‬وبعد‬ ‫ف�ترة تابع كتابة �سريته الذاتية م�ؤلف ًا روايتني‬ ‫وهما‪( :‬ال�ف�ت� ّوة) و(�أي ��ام ال�شباب)‪� .‬أث��رت فيه‬ ‫النتائج امل�أ�ساوية للحرب‪ .‬وحقق ال�شهرة لدى‬ ‫ن�شر م�ق��االت��ه ع��ن ح��رب ال �ق��رم حت��ت ع�ن��وان‬ ‫(ق�ص�ص م��ن �سيفا�ستوبول)‪ .‬ي��أخ��ذ مو�ضوع‬ ‫احلرب اهتمام ًا كبري ًا يف م�ؤ ّلفاته وخ�صو�ص ًا يف‬ ‫�أ�شهر رواياته (احلرب وال�سالم) التي كتبها يف‬ ‫�أع��وام ‪ .1868 -1863‬وه��ي ملحمة تاريخية‬ ‫تغطي احلوادث ال�سيا�سية والع�سكرية يف �أوروبا‬ ‫فيما ب�ين الأع ��وام ‪ 1805‬و‪ ،1820‬ويتناول‬ ‫فيها تول�ستوي غزو نابليون لرو�سيا عام ‪.1812‬‬ ‫و�أجن��ز تول�ستوي يف ع��ام ‪ 1877‬رائعته الثانية‬ ‫للم�شاهدة‪ :‬د�ستويف�سكي (اجلزء الأول) �إ�ضغط هنا (�أنا كارنينا) التي عالج فيها ق�ضايا اجتماعية‬ ‫ومل�شاهدة (اجلزء الثاين) �إ�ضغط هنا‬ ‫و�أخالقية وفل�سفية ت�صور م�أ�ساة ام��ر�أة وقعت‬

‫ومل�شاهدة دو�ستويف�سكي والبحث عن �أجوبة للأ�سئلة‬ ‫الأزلية‬


‫يف �أ�سر العواطف اجلاحمة‪ .‬ويعري فيها الكاتب‬ ‫الأ�س�س العائلية الزائفة ملجتمعه‪ .‬ترتبع الروايتان‬ ‫(احل��رب وال�سالم) و (�أن��ا كارنينا) على قمة‬ ‫الأدب الواقعي‪ ،‬فهما يعطيان �صورة واقعية للحياة‬ ‫الرو�سية يف تلك احلقبة الزمنية‪ .‬ويربز تول�ستوي‬ ‫فيهما كروائي وم�صلح اجتماعي وداعية �سالم‬ ‫ومفكر‪ .‬يف عام ‪ 1862‬تزوج تول�ستوى من �صوفيا‬ ‫اندرييفنا بري�س‪ ،‬و�أحال نف�سه �إىل التقاعد‪ .‬بعد‬ ‫�أن ت��رك اجلي�ش‪ ،‬ق��ام تول�ستوى بعدة رح�لات‬ ‫�إىل غرب �أوروب��ا‪ ،‬عكف فيها على تعلم �أ�ساليب‬ ‫ال�ت��دري����س‪ ،‬وط ��رق ال�ترب �ي��ة‪ .‬وع�ن��د ع��ودت��ه �إىل‬ ‫�ضيعته‪ ،‬افتتح مدر�سة لأوالد الفقراء‪ ،‬كان التعليم‬ ‫فيها معتمد ًا على الأ�ساليب الرتبوية التي تعلمها‬ ‫تول�ستوي خالل رحالته‪ .‬كما �أن�ش�أ جملة تربوية‬ ‫بعنوان ( يا�سنايا بوليانا) ط��رح فيها �أف�ك��اره‬ ‫الرتبوية ون�شرها بني النا�س‪ .‬تعمق تول�ستوي يف‬ ‫القراءات الدينية‪ ،‬وقاوم الكني�سة الأرثوذك�سية يف‬ ‫رو�سيا‪ ،‬ودعا لل�سالم وعدم اال�ستغالل‪ ،‬وعار�ض‬ ‫القوة والعنف يف �شتى �صورهما‪ .‬لكن الكني�سة مل‬ ‫تقبل �آراء تول�ستوي التي انت�شرت ب�سرعة‪ ،‬فكفرته‬ ‫و�أعلنت حرمانه من رعايتها‪ .‬و�أُعجب ب�آرائه عدد‬ ‫كبري من النا�س وكانوا يزورونه يف مقره بعد �أن‬ ‫عا�ش حياة امل��زارع�ين الب�سطاء ت��ار ًك��ا عائلته‬ ‫الرثية امل�ترف��ة‪ .‬وه��و كفيل�سوف �أخ�لاق��ي اعتنق‬ ‫�أفكار املقاومة ال�سلمية النابذة للعنف وتبلور ذلك‬ ‫يف كتاب (مملكة الرب بداخلك) وهو العمل الذي‬ ‫�أثر على م�شاهري القرن الع�شرين مثل املهامتا‬ ‫غ��ان��دي وم��ارت��ن لوثر كينج يف جهادهما ال��ذي‬ ‫ات�سم ب�سيا�سة املقاومة ال�سلمية النابذة للعنف‪.‬‬ ‫و�أ�شهر �أعماله التي كتبها يف �أواخر حياته كانت‬ ‫(البعث) وهي ق�صة كتبها وتليها يف ال�شهرة ق�صة‬ ‫(ال�شيطان) ورواي��ة (امليت احلي) وم�سرحية (‬ ‫�سلطان الظالم) وروايات (كريت�سريوفا �سوناتا)‪،‬‬ ‫و(احل��اج م��راد) و(وف��اة ايفان ايليت�ش) وق�صة‬ ‫(الأب �سريغي) والتي تو�ضح عمق معرفته بعلم‬ ‫النف�س‪ ،‬ومهارته يف الكتابة الأدبية‪ .‬وقد ات�صفت‬ ‫كل �أعماله باجلدية والعمق وبالطرافة واجلمال‪.‬‬ ‫يف ‪ 20‬ت�شرين الثاين‪/‬نوفمربعام ‪ ،1910‬تويف‬ ‫تول�ستوي يف قرية ا�ستابو ح�ين ه��رب م��ن بيته‬ ‫وح�ي��اة ال�ت�رف‪ ،‬و�أ��ص�ي��ب بااللتهاب ال��رئ��وي يف‬ ‫الطريق‪ ،‬وكان قد بلغ من العمر ‪ 82‬عام ًا‪ .‬ودفن‬ ‫يف حديقة �ضيعة يا�سنايا بوليانا بعد �أن رف�ض‬ ‫الكهنة دفنه وفق الطقو�س الدينية الأرثوذك�سية‪.‬‬ ‫مل�شاهدة‪ :‬ليف تول�ستوي ( اجلزء الأول) �إ�ضعط هنا‬ ‫ومل�شاهدة (اجلزء الثاين) �إ�ضغط هنا‬ ‫ومل�شاهدة �أفكار تول�ستوي‪� ..‬إ�ضغط هنا‬

‫ايفان تورغينيف‬ ‫ايفان تورغينيف هو كاتب رو�سي م�شهور عاملي ًا‬ ‫وم�ؤلف الروايات والق�ص�ص والأ�شعار التي عك�ست‬ ‫حياة �شتى فئات املجتمع الرو�سي يف القرن التا�سع‬ ‫ع�شر ابتدا ًء من الفالحني وانتها ًء بالنبالء‪ .‬ومن‬ ‫�أ�شهر رواياته (الآباء والبنون) عام ‪ 1862‬و(ع�ش‬ ‫النبالء) عام ‪ ،1859‬كما �أنه ا�شتهر بق�ص�صه‬ ‫مثل (مذكرات �صياد) عام ‪ 1852‬و(مومو) عام‬ ‫‪ .1854‬ولد تورغينيف يف ‪ 28‬ت�شرين الأول‪/‬‬ ‫�أكتوبر عام ‪ 1818‬مبدينة اوريول‪� .‬أم�ضى ايفان‬ ‫تورغينيف طفولته يف �ضيعة �أمه �سبا�سكويه ‪-‬‬ ‫لوتوفينوفو وتعلم على �أيدي �أ�ساتذة من خمتلفة‬ ‫القوميات ما عدا القومية الرو�سية‪ .‬در�س يف‬ ‫كلية الفل�سفة والآداب بجامعة بطر�سبورغ التي‬ ‫�أنهاها عام ‪ .1837‬ون�شر �أول ق�صيدة له عام‬ ‫‪ .1838‬در�س تورغينيف من ‪1840 – 1838‬‬ ‫يف جامعة برلني حيث تعلم على الفل�سفة واللغات‬ ‫القدمية‪ .‬و�صدر عام ‪� 1843‬أول ديوان �شعري له‬ ‫وقعه بحريف ‪/‬ت‪ /‬و‪/‬ل‪ ، /‬ن�سبة �إىل عائلتي �أبيه‬ ‫تورغينيف و�أمه لوتوفينوفا‪ .‬تعارف تورغينيف‬ ‫عام ‪ 1845‬على املغنية الفرن�سية بولينا فياردو‬ ‫غار�سيا التي ترجم زوجها م�ؤلفاته �إىل اللغة‬ ‫الفرن�سية وحافظ على العالقة الوثيقة بعائلتها‬ ‫على مدى ‪� 38‬سنة‪ .‬وقطعت عنه �أمه الدعم‬ ‫املايل لعالقته بهذه املغنية (الغجرية امللعونة)‬ ‫على حد تعبريها‪ .‬وغادر تورغينيف مع عائلة‬ ‫فياردو رو�سيا عام ‪ 1847‬و�أقام بفرن�سا حيث‬ ‫كان يواجه م�شاكل مالية‪ ،‬ومل يعد �إىل الوطن‬ ‫�إال بعد موت �أمه عام ‪ .1850‬فتقا�سم ال�شقيقان‬ ‫تورغينيف تركة كبرية خلفتها �أمهما‪ .‬ومنح ايفان‬ ‫تورغينيف احلرية للفالحني االقنان يف �ضيعته‪.‬‬ ‫ثم عاد �إىل الغرب حيث ان�ضم يف ال�سبعينيات‬ ‫�إىل احللقة الأدبية التي كان كل من كبار الكتاب‬ ‫الفرن�سيني الواقعيني مثل �ألفون�س دوديه و�أميل‬ ‫زوال وجو�ستاف فلوبري والأخوان غونكور �أع�ضا ًء‬ ‫فيها‪ .‬وانتخب تورغينيف عام ‪ 1878‬نائب ًا لرئي�س‬

‫امل�ؤمتر الأدبي الدويل يف باري�س‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫اثبت �شهرته الأوروبية‪ .‬وترجمت معظم م�ؤلفاته‬ ‫�إىل اللغات الفرن�سية واالجنليزية والأملانية‪.‬‬ ‫فيما مل ترحب ال�سلطات الرو�سية �أوال بنزعته‬ ‫الأدبية املحبة للحرية‪ .‬ومت �سجنه ملدة �شهر عام‬ ‫‪ 1852‬لن�شره رثاء مبنا�سبة وفاة الكاتب الرو�سي‬ ‫نيكوالي غوغول‪ ،‬الأمر الذي جعل الرقابة‬ ‫احلكومية تفر�ض حظر ًا عليه‪ .‬و�أر�سل �إىل �ضيعته‬ ‫حيث �أم�ضى عامني‪ ،‬ثم هاجر �إىل �أوروبا‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك احلني عا�ش تورغينيف مرة يف رو�سيا ومرة‬ ‫يف اخلارج حتى ا�ستقر بعد ذلك يف مدينة بادن‬ ‫بادن ال�سياحية الأملانية‪ .‬ومنها �أخذ يزور الوطن‬ ‫من وقت �إىل �آخر‪� .‬إال �أن نهو�ض حركة التحرر يف‬ ‫رو�سيا وحترير الفالحني االقنان عام ‪1861‬‬ ‫وتطور احلركة الأدبية يف العا�صمتني الرو�سيتني‬ ‫بطر�سبورغ ومو�سكو �أجربت ال�سلطات والنقاد‬ ‫الأدبيني على االعرتاف بالدور الكبري الذي‬ ‫يلعبه تورغينيف يف حياة رو�سيا الأدبية وخا�صة‬ ‫بعد ن�شره ملجموعة الق�ص�ص (مذكرات �صياد)‬ ‫حيث و�صف حياة الفالحني ب�أ�سلوب واقعي‬ ‫ورومان�سي يف �آن واحد‪ ،‬وكذلك الروايات (االباء‬ ‫والبنون) و(ع�ش النبالء) و(رودين) و(يف‬ ‫الع�شية) و(دخان) وعدد من امل�سرحيات حيث‬ ‫عر�ض من خالل �إبداعاته هذه وجه ًا �آخر لرو�سيا‬ ‫حيث ال ي�سود فيها النبالء فقط كما هو احلال يف‬ ‫ال�سابق بل وممثلون عن فئات املجتمع الأخرى‪.‬‬ ‫كان تورغينيف يح�س �إح�سا�س ًا حاد ًا بالبون بني‬ ‫امل�ستوى الرفيع لفكر املثقفني التقدميني من‬ ‫جيله وبني تخلف رو�سيا التي كانت بحاجة �إىل‬ ‫حتوالت اجتماعية جذرية‪ .‬لذلك ال جند يف‬ ‫رواياته حلو ًال جلميع الت�سا�ؤالت والتناق�ضات‪.‬‬ ‫فقد كان تورغينيف يرى �أن واجب الفنان ال يف‬ ‫�أن يعلم بل يف �أن يفهم احلياة ويعرب عنها يف‬ ‫�إبداعه الفني‪ .‬تذكر تورغينيف يف �آخر مرحلة‬ ‫حياته ولعه بالفل�سفة �أيام �شبابه فعكف على‬ ‫كتابة الق�صائد الفل�سفية النرثية التي عرب فيها‬ ‫عن موقفه من احلياة واملجتمع املحيط به واملحبة‬ ‫واملوت والطبيعة‪ .‬تويف ايفان تورغينيف يف ‪22‬‬ ‫�آب‪�/‬أغ�سط�س عام ‪ 1883‬يف بلدة بوجيفال‬ ‫ب�ضواحي باري�س بعد �إ�صابته مبر�ض �سرطان‬ ‫العمود الفقري‪ .‬وقبل وفاته ترك و�صية بان يدفن‬ ‫يف رو�سيا‪ .‬وبناء على ذلك نقل جثمانه �إىل مدينة‬ ‫بطر�سبورغ حيث دفن مبقربة فولكوفو‪.‬‬ ‫مل�شاهدة‪ :‬ايفان تورغينيف (اجلزء الأول) �إ�ضغط هنا‬ ‫ومل�شاهدة (اجلزء الثاين) �إ�ضغط هنا‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪11 2013‬‬


‫فكر‬

‫بين السطور‬

‫د‪.‬أمير تاج السر ‪ -‬الدوحة‬

‫وأظننا موعودين بروايات كثيرة عن هذا الزمن‬ ‫سيكتبها من نجا‪ ،‬وما زال يملك خياالً يكتب به‬ ‫رواية‪.‬‬

‫الحرب‬ ‫كتابة ً‬ ‫روائيا‬

‫كاتب وروائي‬

‫من املوا�ضيع التي �شكلت �إيحاء كبري ًا لكتاب‬ ‫الرواية و�أوقدت خيال الكتابة ب�شكل كبري‪ ،‬مو�ضوع‬ ‫احلرب‪ ،‬وكانت يف فرتات خمتلفة من تاريخ‬ ‫الب�شرية مو�ضوع ًا �أثري ًا‪ ،‬كتب ب�أدوات خمتلفة‪،‬‬ ‫ومن زوايا خمتلفة‪ ،‬وخرجت منه روايات عظيمة‪.‬‬ ‫�أ�صبحت هذه الروايات فيما بعد‪ ،‬ورغم �أنها‬ ‫كتابات �أدبية خيالية‪ ،‬ترتكز على واقع الدمار‪،‬‬ ‫وت�أتي ب�شخو�صها اخلا�صني لتقحمهم يف هذا‬ ‫الواقع مراجع هامة لأهوال ونكبات ميكن‬ ‫ا�ستيعابها ب�سهولة‪ ،‬وا�ستيعاب توابعها �أكرث مما لو‬ ‫كانت دونت ب�أمانة عرب كتابات تاريخية م�سجلة‬ ‫بالوثائق‪.‬‬ ‫�أي �أن ما تدونه الأعمال الأدبية يف ر�أيي ينت�شر‬ ‫�أكرث‪ ،‬ويبقى يف ذهن املتلقي �أكرث‪ ،‬وذلك ل�سبب‬ ‫ب�سيط‪ ،‬هو �أن الكتابة الأدبية تر�سم‪ ،‬بجانب‬ ‫الفكرة حتى لو كانت فكرة م�أ�ساوية‪� ،‬شيئ ًا من‬ ‫املتعة يقود بكل ت�أكيد �إىل القراءة املكتملة‪،‬‬ ‫وبالتايل �إىل اال�ستيعاب الكامل‪.‬‬ ‫ف�أنت حني تقر�أ رواية "اجلندي املجهول"‬ ‫للفنلندي فاينو لينا ‪-‬املن�شورة عام ‪1945‬‬ ‫‪12‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫ واملكتوبة عن حرب اال�ستنزاف بني رو�سيا‬‫وفنلندا‪ ،‬ال تقر�أ بطوالت مبالغا فيها‪ ،‬وال متجيدا‬ ‫لبلد على ح�ساب بلد‪� ،‬أو �شجاعة جندي يف مواجهة‬ ‫جندي �آخر‪ ،‬و�إمنا تقر�أ الأهوال يف كل الأطراف‪.‬‬ ‫تقر�أ يف الرواية الرعب واملوت‪ ،‬وتعرف كيف يفكر‬ ‫اجلندي الب�سيط حني يجرب على القتال‪ ،‬وكيف‬ ‫يفكر القائد املنت�شي حني ير�سل جنديا ليموت‪.‬‬ ‫و�أذكر يف تاريخنا ال�سوداين �أن حاكم �أحد‬ ‫الأقاليم البعيدة‪ ،‬لعله �إقليم دارفور‪ ،‬طلب من‬ ‫زعيم �إحدى القبائل‪ ،‬التي ت�ستوطن الإقليم‬ ‫وت�شتغل بالزراعة والرعي ومل ي�صلها من ال�صراع‬ ‫ما و�صل �إىل الإقليم‪� ،‬إر�سال رجال قبيلته الأقوياء‬ ‫ليقاتلوا لن�صرة احلاكم‪ ،‬ف�أجابه ب�أنه لي�س لديه‬ ‫�أي �ضغينة جتاه �أحد وبالتايل لن ي�شارك يف‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫هذه فل�سفة ب�سيطة بالت�أكيد‪ ،‬ولكنها يف النهاية‬ ‫فل�سفة كربى‪� ،‬إذا ما �أدخلت يف �أي �صراع �أو حرب‬ ‫تقوم ل�سبب �أو لآخر‪ .‬الذي يحمل ال�سالح ويقاتل‬ ‫وميوت هو يف النهاية �شخ�ص بال �ضغينة‪ ،‬ولكن‬ ‫يتبع الأوامر‪ .‬و"اجلندي املجهول" �أعطت للجندي‬ ‫فر�صته ومنحته العقل ليفكر بعيدا عن الأوامر‪،‬‬ ‫وبالتايل كانت من روايات احلرب العظيمة‪.‬‬ ‫الكتابة الأدبية تر�سم‪ ،‬بجانب الفكرة حتى‬ ‫لو كانت فكرة م�أ�ساوية‪� ،‬شيئ ًا من املتعة يقود‬ ‫بكل ت�أكيد �إىل القراءة املكتملة‪ ،‬وبالتايل �إىل‬ ‫اال�ستيعاب الكامل‬ ‫من الروايات الأخرى ال�شهرية ‪-‬يف هذا املجال‬ ‫بالطبع‪ -‬رواية ليو تول�ستوي العظيمة‪" ،‬احلرب‬ ‫وال�سلم"‪� ،‬أو احلرب وال�سالم كما تكتب �أحيان ًا‪،‬‬ ‫وهي رواية ملحمية خالدة‪ ،‬كتبت يف القرن التا�سع‬ ‫ع�شر �أيام غزو بونابرت لرو�سيا‪ ،‬واملعروف‬ ‫�أن تول�ستوي كتبها مرتني‪ ،‬رمبا لعدم اقتناعه‬ ‫بامل�سودة الأوىل‪ ،‬ورمبا مل�ستجدات طر�أت بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬وحتمت �أن ت�ضاف �إىل الن�ص‪.‬‬

‫وقد ن�شر املخطوط املعدل �أو ًال‪ ،‬وبعد ذلك ن�شر‬ ‫املخطوط القدمي‪ .‬هنا ثمة �أر�ستقراطية وحوارات‬ ‫بني النبالء والنبالء‪ ،‬والب�سطاء والنبالء‪ .‬ثمة‬ ‫زمن عقيم معتم‪ ،‬ودائم ًا نكهة احلرب وتبعاتها‪،‬‬ ‫وبالتايل عمل �أدبي �آخر �أعمق كثري ًا و�أكرث خلود ًا‬ ‫من التاريخ املكتوب‪.‬‬ ‫يف الت�سعينيات من القرن املا�ضي‪� ،‬أ�صدرت دار‬ ‫املدى ترجمة لرواية "املري�ض الإجنليزي"‪ ،‬وهي‬ ‫رواية كتبها ال�سريالنكي مايكل �أونداجتي باللغة‬ ‫الإجنليزية‪ ،‬وح�صل بها على جائزة مان بوكر‬ ‫الربيطانية الكربى‪ ،‬وانت�شرت ب�شدة‪ ،‬لتتحول‬ ‫�إىل �شبه ن�شيد �شعبي‪ ،‬يذم احلرب وي�ضفي‬ ‫عليها تبعات عن�صرية فجة‪ ،‬ثم لت�صبح �شريط ًا‬ ‫�سينمائي ًا اتبع خط الرواية يف معظم ال�سيناريو‬ ‫الذي كتب‪.‬‬ ‫فاملري�ض الهنغاري املحرتق كلية‪ ،‬ويطلق عليه‬ ‫املري�ض الإجنليزي‪ ،‬ويرقد مغلف ًا بال�شا�ش‬ ‫والقطن ويتلقى م�سكنات الأمل يف فيال يف مكان‬ ‫ما من �إيطاليا برفقة ممر�ضة كندية‪ ،‬هو �شخ�ص‬ ‫بال ذاكرة‪� ،‬أو فلنقل بذاكرة معطوبة‪ ،‬ت�أتي‬ ‫حين ًا وتذهب �أحيان ًا‪ ،‬هو �أي�ض ًا �ضحية احلرب‪،‬‬ ‫واملمر�ضة �ضحية‪ ،‬وحتى �صانع الألغام ال�سيخي‬ ‫العا�شق للممر�ضة �ضحية �أخرى‪.‬‬ ‫لقد حفلت الرواية بخلفيات احلرب العاملية‬ ‫الثانية كلها‪ ،‬ومل تفلت حتى الأطراف التي ال حول‬ ‫لها وال قوة‪ ،‬والأهم من ذلك هو حياديتها التامة‬ ‫يف ر�صد كل �شيء‪ ،‬و�أي�ض ًا بال بطوالت ممجدة‪،‬‬ ‫وال ن�صرة طرف على ح�ساب طرف �آخر‪.‬‬ ‫منحى �آخر من مناحي الكتابة عن احلرب‬ ‫تن�شطه الرواية‪ ،‬وهو منحى امل�ؤامرة والد�سائ�س‪،‬‬ ‫والتج�س�س‪ ،‬وانت�شار جتارة ال�سالح‪ ،‬وجتارة‬ ‫اخليانة‪ ،‬وظهور الع�شيقات البائ�سات‪ ،‬والع�شاق‬ ‫الفارين حتى من نريان الع�شق‪ ،‬واجلو االجتماعي‬ ‫واالقت�صادي ال�سائد‪ ،‬وهو ما ير�سم لذهن املتلقي‬ ‫خريطة كاملة لزمن مل يع�شه‪ ،‬ومل ي�شارك يف‬ ‫�إحيائه �أو �إماتته‪ ،‬ويف ذهني رواية "ليلة ل�شبونة‪"،‬‬


‫ذلك العمل الفذ للأملاين �إريك ماريا‪.‬‬ ‫انتشرت رواي��ة "المريض اإلنجليزي"‬ ‫بشدة لتتحول إلى شبه نشيد شعبي‪ ،‬يذم‬ ‫الحرب ويضفي عليها تبعات عنصرية‬ ‫فجة‪ ،‬ثم لتصبح شريطا سينمائيا اتبع خط‬ ‫الرواية في معظم السيناريو الذي كتب‬

‫ت�ستوحي "ليلة ل�شبونة" مادتها ال�سردية من‬ ‫�أجواء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬لكنها تتعر�ض‬ ‫ب�شكل كبري لأملانيا الهتلرية‪ ،‬وللنازية بكل عيوبها‬ ‫املعروفة‪ ،‬حني تتغلب اخليانة على ال�صدق‪،‬‬ ‫وي�صبح ال�صديق عدو ًا والقريب بعيد ًا‪ ،‬والتعذيب‬ ‫هو اللغة ال�سائدة لكل �صوت ي�شذ عن الطاعة‪،‬‬ ‫وحتى الهروب من الوطن بحث ًا عن وطن �آخر‪،‬‬ ‫لن ي�صلح‪ ،‬وكل �أوروبا ملغمة بالفحيح‪ ،‬وال�سجون‬ ‫مفتوحة‪ ،‬والهويات انطم�ست �إىل حد كبري‪.‬‬ ‫وقد �أ�سرين م�شهد ورد يف الرواية‪ ،‬هو م�شهد‬ ‫الب�سطاء املتجمعني �أمام كاتدرائية يف النم�سا‪،‬‬ ‫ي�ؤدون التحية والوالء ل�صوت ينبع من مكرب �صوت‬ ‫مو�ضوع يف �ساحة الكاتدرائية‪ ،‬يتحدث عن املجد‪،‬‬ ‫وال يعرف �أحد من �أولئك املتجمعني ما هو املجد‬ ‫حقيقة‪� .‬إريك ماريا كاتب �أملاين‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من ذلك‪� ،‬أوقد حقيقة كرهه للنازية وما �سببته‪،‬‬ ‫وهو كاتب ميلك خيا ًال اعتمد فيه على �شيء من‬ ‫الواقع‪ ،‬وبالتايل لي�س م�ؤرخ ًا جتوز حماكته على‬ ‫ن�ص تاريخي‪.‬‬ ‫لو عرجنا على بالدنا العربية‪ ،‬جند احلرب‬ ‫موجودة �أي�ض ًا يف الأدب العربي‪ ،‬ولعل مو�ضوع‬ ‫حرب الب�سو�س القدمي قد �أهلك كتابة يف ال�شعر‬ ‫والق�صة والدراما التلفزيونية‪ .‬لكنه يف احلقيقة‬ ‫مو�ضوع ي�ستحق‪ ،‬ولطاملا كانت حرب الب�سو�س‬ ‫من املوا�ضيع التي تعترب من العظات اجلاهزة‬ ‫لزمن �آخر‪ ،‬فيه ع�شرات املوا�ضيع امل�شابهة‪� .‬أي�ض ًا‬ ‫خرجنا من حرب يونيو ‪ ،1967‬وحرب �أكتوبر‬ ‫‪� 1973‬ضد �إ�سرائيل‪ ،‬بكثري من املوا�ضيع الهامة‪،‬‬ ‫للحرب وزمنها‪.‬‬ ‫الآن توجد حروب عربية‪ ،‬و�أقول حروب ًا لأن‬ ‫الأزمات‪ ،‬خا�صة يف �سوريا‪ ،‬خرجت من كونها‬ ‫�صراعات �إىل حرب‪ ،‬نف�س اجلو النف�سي امل�سيطر‪،‬‬ ‫ونف�س احلياة اله�شة التي تخرتعها احلرب‬ ‫وتلب�سها للمواطنني‪ ،‬ونف�س الهم والتق�شف‪،‬‬ ‫و�أظننا موعودين بروايات كثرية عن هذا الزمن‬ ‫�سيكتبها من جنا‪ ،‬وما زال ميلك خيا ًال يكتب به‬ ‫رواية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الحياة عن بعد‬

‫أحمد الصمعاني‬ ‫بعد الثورة التقنية التي �سيطرت على جميع‬ ‫امل�صالح ال�شخ�صية للب�شر وكما �أ�ستطاع الفرد‬ ‫�أن ُيدرك بع�ض �أعماله دون احلاجة حل�ضوره‬ ‫�إىل مكان العمل‪ ،‬ومتكنت التقنية من اخت�صار‬ ‫امل�سافات الطويلة و�سافرت التكنولوجيا‬ ‫مب�ستخدميها حول العامل وهم يف منازلهم‪ ،‬وكما‬ ‫�أدرك البع�ض �أعمالهم البعيدة وهم يف مكاتبهم‬ ‫فع ًال �سبيل املثال العمل عن بعد‪.‬‬ ‫فكما يعرف العمل عن بعد بـ(‪Working‬‬ ‫‪ )From Home‬وهو عبارة عن عدة �أعمال‬ ‫يتم االتفاق بني طرفني �سوا ًء عمل جزئي �أو عمل‬ ‫لفرتة طويلة ويتم حتديدها مبرتب �أو بن�سبة معينة‬ ‫ويتفق عليها �أطراف العمل وال ي�شرتط التواجد يف‬ ‫مكان حمدد‪ ،‬ومن �أ�شهر جماالت العمل عن البعد‬ ‫حالي ًا‪ ،‬ال�صحافة والكتابة وبرجمة احلا�سب‬ ‫وتقنية املعلومات والت�صميم و�أعمال اجلرافيك‬ ‫واال�ست�شارات عن بعد‪ .‬وال �سيما �أن ال�شبكة‬ ‫العنكبوتية هي الأ�سا�س ل�سوق العمل عن بعد‪،‬‬ ‫وقد �أ�ضافت �أبعاد ومزايا كثرية لفكرة العمل عن‬ ‫بعد عما كانت عليه يف ال�سابق رغم �سهولة هذا‬ ‫الأعمال امل�صاحبة للرفاهية �إال �أنها حازت على‬ ‫بع�ض املميزات مثل �إلغاء حاجز الزمان واملكان‬ ‫فيمكن لطرفني التوا�صل دون التحرك من مكانه‬ ‫ودون التقيد بالزمان وكذلك احلرية يف االختيار‬ ‫وعدم التقيد بطرف واحد ‪ ،‬فالعمل التقليدي‬ ‫يتقيد املوظف ب�شركة معينة ويلتزم �صاحب العمل‬ ‫مبوظفني معينني‪ ،‬ولعل من �سلبيات العمل عن بعد‬ ‫هو فقدان بع�ض مميزات الوظيفة الدائمة مثل‬ ‫الت�أمينات واملعا�شات وعدم ال�ضمان الوظيفي‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل الدرا�سة عن بعد بف�ضل اهلل‬ ‫قامت بع�ض اجلامعات بفتح �أبواب الدرا�سة عن‬ ‫بعد وكانت البداية لدينا يف عام ‪ 2004‬تقريب ًا‬ ‫فتمكن اجلميع من املوا�صلة يف طلب العلم‬

‫واال�ستفادة من العوملة اجلديدة التي �أتاحت‬ ‫مل�ستخدم التقنية باب للتعليم وهناك خيارات‬ ‫ب�أن تكون الدرا�سة حملية �أو دولية ومتتاز �أي�ض ًا‬ ‫باالعتماد املحلي والدويل‪ ،‬ال�سيما �أنها اخت�صرت‬ ‫على الطالب احل�ضور وتكاليف البعثة والبعد عن‬ ‫الوطن وكذالك الر�سوم الدرا�سية املميزة التي ال‬ ‫تتجاوز ‪ 800‬دوالر للف�صل يف بع�ض اجلامعات‬ ‫حيث �أنها دجمت امل�صلحة العامة ون�شر الثقافة‬ ‫والعلم‪ ،‬وبالرغم كل هذه الت�سهيالت والر�سوم‬ ‫الرمزيه املنا�سبة‪ ،‬يتوجب علينا معرفة الو�سيط‬ ‫بني الطرفني وما هو نوع العلم الذي يقوم بنقل‬ ‫احلركة وال�صورة للأماكن البعيدة ؟‬ ‫ما هو االت�صال وكيفيته ؟‬ ‫االت�صال عن بعد (‪)telecommunication‬‬ ‫هي عملية يتم بو�ساطتها نقل املعلومات �سواء‬ ‫كانت ن�صيه �أو �صوتيه �أو مرئية وقد تكون نقل حي‬ ‫مبا�شر �أو م�سجله فو�سيلة االت�صال هي خطوط‬ ‫االت�صال ال�سلكية �أو الال�سلكية �أو ال�ضوئية ويعرف‬ ‫نظام االت�صال يف معناه ال�شامل ب�أنه جمموعة‬ ‫العنا�صر والعمليات ال�ضرورية لتحقيق تبادل‬ ‫املعلومات بني املر�سل وامل�ستقبل وهو يف معناه‬ ‫اخلا�ص الأكرث �شيوع ًا‪ ،‬وكانت البداية بعد اخرتاع‬ ‫غراهام بل ‪ G. Bell‬الهاتف عام ‪ 1876‬البداية‬ ‫الفعلية لع�صر االت�صال عن بعد‪ ،‬وقد �أحدث هذا‬ ‫االخرتاع تغيري ًا كبري ًا يف حياة النا�س وعاداتهم‬ ‫وانت�شر ا�ستخدامه ب�سرعة يف جميع الدول‬ ‫ال�صناعية وبعد ع�شرين عام ًا من هذا االخرتاع‬ ‫قام ماركوين بتجربة لالت�صال الال�سلكي‬ ‫م�ستفيد ًا من انت�شار املوجات الكهرمغنطي�سية يف‬ ‫الهواء املحيط بالكرة الأر�ضية‪.‬‬ ‫‪aalsmany@hotmail.com‬‬ ‫‪twitter@alsmany‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪13 2013‬‬


‫فكر‬

‫أفكار مضيئة‬

‫جوجل آبز‪Google AAP‬‬ ‫دولة قوقل الجديدة‬ ‫محمد بن عبدالله الفريح‬ ‫محمد بن عبدالله الفريح ‪ -‬كاتب ومفكر‬

‫كاتب ومفكر ومدير إدارة النشر والترجمة ‪ -‬شركة العبيكان للتعليم‬

‫مدير إدارة النشر والترجمة شركة العبيكان للتعليم‬ ‫‪malfriah@obeikan.com.sa‬‬

‫انت�شر يف الآونة الأخرية على نحو مت�سارع جد ًا م�صطلح جوجل �آبز‪ Google AAP‬وذلك يف‬ ‫الأو�ساط التقنية‪ ،‬ومن خالل املهتمني ب�صناعة التقنية‪ ،‬وكان من ح�سن الطالع �أن �إلتقيت �أحد‬ ‫الزمالء القدامى الذي يعمل يف جمال التقنية‪ ،‬فذكر يل �أنه �أحد مقدمي هذه اخلدمة نيابة عن‬ ‫قوقل يف ال�شرق الأو�سط‪ ،‬فطلبت منه اجتماع ًا مع ممثلني عن قوقل‪ ،‬وبد�أ عر�ض هذه اخلدمة‪،‬‬ ‫واحلقيقة �أن ده�شتي كانت كبرية ب�سبب طريقة التفكري التي يفكر بها ه��ؤالء القوم‪ ،‬واخلدمة‬ ‫بب�ساطة وب�شكل مب�سط هي رغبة قوقل يف �أن تكون ‪ IT‬العامل‪ ،‬مبعنى �أنه ال داعي لوجود �سريفرات‬ ‫وخوادم و�شبكات وروافد لل�سريفرات وموظفي تقنية لأي �شركة‪ ،‬حيث �ستتكفل قوقل بكل ذلك مقابل‬ ‫�أجر �شهري لكل م�ستخدم‪ ،‬وحقيقة الأمر �أن هذا املو�ضوع مرعب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى‪،‬‬ ‫حيث �إن �أق�سام التقنية بال�شركات الكبرية واملتو�سطة وال�صغرية �سيجرفها هذا الطوفان القادم ال‬ ‫حمالة‪ ،‬مع مراعاة بع�ض الإ�ستثناءات الأمنية للمو�ضوع‪ ،‬و�سنعر�ض يف هذه العجالة �أهم �سمات هذه‬ ‫اخلدمة اجلبارة و�أبرزها‪.‬‬

‫تطبيقات جوجل (�آبز) للحلول الفعالة والذكية‬ ‫لعملك دون تكلفة‪ ،‬هي �شكل من �أ�شكال خدمات‬ ‫جوجل با�ستخدام ا�سم نطاقك مع �أقوى منتجات‬ ‫جوجل �آب��ز‪ .‬م��ن مالمح تطبيقات جوجل �آب��ز‪:‬‬ ‫‪ Gmail‬ب��ري��د �إل �ك�تروين‪ ،‬حم��ادث��ة ‪،Google‬‬ ‫تقومي ‪ ،Google‬محُ ��رر م�ستندات ‪،Google‬‬ ‫م�صمم �صفحات ‪.Google‬‬ ‫ملاذا ت�ستخدم تطبيقات جوجل �آبز؟‬ ‫لعل من �أب��رز مامييز تطبيقات قوقل �آب��ز عن‬ ‫غريها من اخلدمات امل�شابهة مايلي ‪:‬‬ ‫‪ V‬ت�أمني البنية التحتية لعملك بالكامل دون‬ ‫احلاجة ل�ضخ مزيد من الأموال لهذة اخلدمات‪.‬‬ ‫‪ V‬تر�شيح الربيد املزعج والفريو�سات‪ ،‬وهذة‬ ‫م��ن املع�ضالت التى ت��واج��ة م�ستخدمي الربيد‬ ‫الإلكتورين لل�شركات وامل�ؤ�س�سات‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪ V‬نظام الروزنامات والتقومي لتنظيم املواعيد‬ ‫الر�سمية وال�شخ�صية ب�شكل �إحرتايف‪.‬‬ ‫‪ V‬ات�صل على النا�س مع ًا ب�سهولة‪ ،‬وهي خدمة‬ ‫متطورة جد ًا يتكلفة ات�صال الإنرتنت‪.‬‬ ‫‪ V‬م�شروع الأ�سهم التقاومي‪.‬‬ ‫البريـد اإللكتروني‪:‬‬

‫ت�ساعد حم��ادث��ة ال�بري��د الإل �ك�تروين بوا�سطة‬ ‫تطبيقات جوجل �آب��ز اخل��ا���ص لعناوين الربيد‬ ‫الإل� �ك�ت�روين ل�شركتك �أو الأع� �م ��ال ال�ت�ج��اري��ة‬ ‫ال�صغرية حيث ت�صل �سعة التخزين �إىل �أكرث من‬ ‫‪ 7‬جيجا بايت للتخزين لكل ح�ساب‪ ،‬وت�ستطيع‬


‫�إن�شاء ‪ 10‬ح�سابات للربيد الإلكرتوين‪ ،‬با�ستخدام‬ ‫ا�سم النطاق اخلا�ص بك‪ ،‬مثل‪yourname@ :‬‬ ‫‪� yourdomain.com‬إلخ‪.‬‬ ‫�إن الرت�شيح القوي للفريو�سات ور�سائل الربيد‬ ‫املزعجة‪ ،‬وقدرات ‪ ،POP‬و�إعادة التوجيه املجاين‬ ‫و�إمكانية الو�صول عرب اجلوال يجعل ‪ Gmail‬ح ًال‬ ‫كام ًال للربيد الإلكرتوين للأفراد وامل�ؤ�س�سات‪.‬‬ ‫‪ Gmail‬لي�س �أداة بريد �إلكرتوين فعالة فقط‪،‬‬ ‫�إمن��ا مت �أي�ض ًا دم��ج الر�سائل الفورية يف نافذة‬ ‫مت�صفح الربيد‪ ،‬بحيث ميكنك م�شاهدة جهات‬ ‫االت�صال اخلا�صة بك عند ات�صالهم واالت�صال‬ ‫بهم يف ال��وق��ت الفعلي‪ .‬ميكن حفظ حمادثات‬ ‫‪ IM‬والبحث عنها داخ��ل ‪ ،Gmail‬متام ًا‪ ،‬مثل‬ ‫حمادثات الربيد الإلكرتوين‪.‬‬ ‫وم��ن مميزاته �أي�ض ًا وج��ود �أدوات بحث قوية‬ ‫عن الربيد بوا�سطة ‪ ،Gmail‬حيث تتاح بقوة‬ ‫بحث ‪ Google‬للربيد ال��وارد‪ .‬وميكنك العثور‬ ‫على الر�سائل املحفوظة فور ًا‪ ،‬حتى يف حالة عدم‬ ‫حمافظتك على تنظيم الربيد اخلا�ص بك‪.‬‬ ‫احل�م��اي��ة م��ن ال�ف�يرو��س��ات‪ ،‬وال�بري��د امل��زع��ج‪،‬‬ ‫واالحتيال‪ ،‬في�ستخدم ‪ Gmail‬تقنية قوية حلظر‬ ‫الفريو�سات‪ ،‬وتر�شيح الربيد املزعج‪ ،‬وتنبيهك‬ ‫عند ت�س ّلم ر�سائل احتيال ب�شكل فعال‪ .‬توفر هذه‬

‫املزايا جتربة بريد �إلكرتوين �أكرث �أمان ًا‪.‬‬ ‫و�أي�ض ًا الـ ‪ POP‬تعيد توجيه الربيد‪ ،‬في�سمح‬ ‫لك الـ ‪ POP‬بتنزيل الر�سائل من ‪� Gmail‬إىل‬ ‫تطبيقات‪ ،‬مثل ‪ Outlook‬و‪ ،Eudora‬وميكنك‬ ‫�أي�ض ًا �إر� �س��ال الر�سائل يف االجت��اه الآخ ��ر‪ ،‬من‬ ‫ع�ن��وان بريد �إل �ك�تروين �آخ��ر م��وج��ود يف الربيد‬ ‫ال��وارد لـ ‪ .Gmail‬مينح �إع��ادة التوجيه مرونة‬ ‫�أكرب لك‪ ،‬وذلك عن طريق ال�سماح لك بفح�ص‬ ‫الربيد اخلا�ص بك من ح�ساب بريد �إلكرتوين‬ ‫�آخر‪.‬‬ ‫ومدعم بربامج ت�صفح ‪Microsoft Internet‬‬ ‫‪ ،Explorer‬وم��وزي�لا فايرفوك�س‪ ،‬و‪،Safari‬‬ ‫و‪ ،Opera‬وموزيال و‪ ،Netscape‬وما �إىل ذلك‪.‬‬ ‫اللغات املدعومة‪ :‬اللغة الإجنليزية (الواليات‬ ‫امل�ت�ح��دة واململكة امل �ت �ح��دة)‪ ،‬وال�ل�غ��ة ال�صينية‬ ‫(املب�سطة والتقليدية)‪ ،‬والعربية‪ ،‬و‪ 35‬لغة �أخرى‪.‬‬ ‫خدمة محادثة‪:‬‬

‫درد�شـة جوجـل‪:‬‬ ‫ت�ساعد حم��ادث��ة ‪ Google‬الأ��ش�خ��ا���ص على‬ ‫االت���ص��ال ب�شكل �أك�ث�ر فعالية وك �ف��اءة‪ ،‬وتوفر‬ ‫ط��ري �ق��ة ب�سيطة وجم��ان �ي��ة ل�ل�ت�ح��دث ول �ت �ب��ادل‬ ‫الر�سائل الفورية مع جهات االت�صال اخلا�صة‬ ‫ب��ك‪ .‬يتم بوا�سطة تطبيقات ‪ Google‬تو�صيل‬ ‫�شبكة ال��درد� �ش��ة اخل��ا��ص��ة مب�ؤ�س�ستك ب�شبكة‬ ‫حمادثة ‪ Google‬بالكامل �آلي ًا‪ ،‬بحيث ميكنك‬ ‫االت�صال ف��ور ًا مباليني امل�ستخدمني الآخ��ري��ن‪،‬‬ ‫كل ما حتتاج �إليه لإج��راء مكاملات جمانية حول‬ ‫العامل هو ات�صال بالإنرتنت‪ ،‬وميكروفون‪ ،‬ومكرب‬ ‫�صوت (وهي �إمكانيات م�ضمنة يف معظم �أجهزة‬ ‫الكمبيوتر هذه الأيام)‪ .‬وتقدم حمادثة ‪Google‬‬

‫عمليات حتويل امللفات‪ ،‬بحيث ميكنك �سريع ًا‬ ‫�إر��س��ال املرفقات‪ ،‬بينما تقوم بتبادل الر�سائل‬ ‫الفورية والربيد ال�صوتي‪ ،‬وبذلك ميكنك ترك‬ ‫ر�سالة عند عدم ات�صال جهات االت�صال اخلا�صة‬ ‫بك‪.‬‬

‫يتم دمج الر�سائل الفورية ملحادثة ‪ Google‬يف‬ ‫نافذة مت�صفح ‪ ،Gmail‬بحيث ميكنك م�شاهدة‬ ‫ج�ه��ات االت���ص��ال اخل��ا��ص��ة ب��ك عند ات�صالهم‬ ‫واالت�صال بهم مبا�شر ًة دون ترك �صندوق الوارد‪.‬‬ ‫ميكن حفظ حمادثات الدرد�شة والبحث عنها‬ ‫داخ��ل ‪ ،Gmail‬مت��ام � ًا مثل حم��ادث��ات الربيد‬ ‫الإلكرتوين‪.‬‬ ‫ومن املميزات املكاملات ال�صوتية من كمبيوتر‬ ‫لآخ��ر جمانية (‪ )VOIP‬فيمكنك التحدث �إىل‬ ‫�أي �شخ�ص �آخ��ر مت�صل ول��دي��ه عميل حمادثة‬ ‫‪ .Google‬ميكن �أن يكون ال�شخ�ص املوجود يف‬ ‫الطرف الآخ��ر يف �أي مكان يف العامل‪ ،‬وميكنك‬ ‫ال�ت�ح��دث كما ت�شاء جم��ان � ًا‪� .‬إذا ك��ان��ت جهات‬ ‫االت�صال اخلا�صة بك غري مت�صلة عند رغبتك‬ ‫يف �إجراء درد�شة‪ ،‬ميكنك ترك بريد �صوتي لها‪.‬‬ ‫�أما عمليات حتويل ملفات وتبادل ر�سائل ن�صية‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪15 2013‬‬


‫مبا�شر ًة‪ ،‬فيمكنك �إر�سال ملفات ور�سائل ن�صية‬ ‫�إىل جهات االت�صال اخلا�صة بك‪ .‬ال توجد قيود‬ ‫على حجم امللف �أو �سعة نطاقه‪.‬‬ ‫قائمة جهات االت�صال املتكاملة – تعر�ض قائمة‬ ‫جهات ات�صال حمادثة ‪� Google‬آل ّي ًا �أكرث جهات‬ ‫ات�صال ‪ Gmail‬اخلا�صة بك ا�ستخدام ًا‪ ،‬لذلك‬ ‫فمن الأي�سر االت�صال بالآخرين‪.‬‬ ‫لتكامل يف ‪ Gmail‬من خالل ت�ضمني الر�سائل‬ ‫ال�ف��وري��ة يف ‪ Gmail‬م�ب��ا��ش��ر ًة‪ ،‬بحيث ميكنك‬ ‫م�شاهدة جهات االت�صال املت�صلة وتبادل الر�سائل‬ ‫الفورية معهم مبا�شر ًة من نافذة مت�صفح الربيد‬ ‫مبا�شر ًة‪ .‬ميكن �أن يتم حفظ حمادثات الدرد�شة‬ ‫والبحث فيها‪ ،‬مثل حمادثات الربيد الإلكرتوين‬ ‫متام ًا‪.‬‬ ‫�أنظمة الت�شغيل املدعومة ‪Windows --‬‬ ‫‪ ،2000‬و‪،)Windows XP (Home & Pro‬‬ ‫و‪ ،Windows Vista‬و‪Windows Server‬‬ ‫‪.2003‬‬ ‫اللغات امل��دع��وم��ة ه��ى الإجنليزية (ال��والي��ات‬ ‫امل �ت �ح��دة)‪ ،‬والإجن �ل �ي��زي��ة (امل�م�ل�ك��ة امل�ت�ح��دة)‪،‬‬ ‫والهولندية‪ ،‬والفرن�سية‪ ،‬والأملانية‪ ،‬والإيطالية‪،‬‬ ‫واليابانية‪ ،‬وال�ك��وري��ة‪ ،‬والربتغالية الربازيلية‪،‬‬ ‫وال��رو��س�ي��ة‪ ،‬الإ��س�ب��ان�ي��ة‪ ،‬وال�ترك �ي��ة‪ ،‬وال�صينية‬ ‫(املب�سطة)‪ ،‬وال�صينية (التقليدية)‪.‬‬ ‫أجندة أو تقويم جوجل‪:‬‬

‫�أجندة جوجل �أو تقومي ‪ Google‬من تطبيقات‬ ‫ج��وج��ل �آب ��ز ت���س��اع��دك ف��ى م���ش��ارك��ة الأح���داث‬ ‫واالجتماعات مع الآخرين‪ .‬و�أي�ض ًا ب�إمكانك تن�سيق‬ ‫ج��داول املواعيد مع الأ�شخا�ص‪� ،‬سواء ب�إر�سال‬ ‫دع��وات االجتماعات والأح��داث �إىل الأ�شخا�ص‪،‬‬ ‫دعم للموارد امل�شرتكة لتطبيقات جوجل الإ�صدار‬ ‫املميز و�أي�ض ًا الإ�صدار التعليمى‪ ،‬ميكنك �إن�شاء‬ ‫‪16‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫تقومي م�شرتك لعامة النا�س وم�شاركة املوارد فى‬ ‫التقاومي‪ ،‬بحيث ميكن لكل فرد فيهم �أن يعر�ضه‪،‬‬ ‫ويقوم بالتعديل فيه‪.‬‬ ‫ب�إمكانك تن�سيق جداول املواعيد مع الأ�شخا�ص‬ ‫بطرق عدة‪:‬‬ ‫‪ V‬ب�إر�سال دعوات االجتماعات والأحداث �إىل‬ ‫الأ�شخا�ص ومتابعة ردودهم عليها ب�صرف النظر‬ ‫عن ا�ستخدامهم لـ "تقومي ‪ "Google‬من عدمه‪.‬‬ ‫‪ V‬ي���ش��ارك ال�ت�ق��ومي اخل��ا���ص ب��ك (�أو بع�ض‬ ‫معلومات ج��دول �أعمالك فقط) م��ع �أ�شخا�ص‬ ‫تعرفهم‪.‬‬ ‫‪� V‬إن�شاء تقومي م�شرتك مل�ؤ�س�ستك‪� ،‬أو فريق‬ ‫عملك‪� ،‬أو جمموعتك‪ ،‬بحيث ميكن لكل فرد فيهم‬ ‫�أن يعر�ضه‪ ،‬ويقوم بالتعديل فيه‪.‬‬ ‫ـ �إن�شاء تقومي عام‪ ،‬بحيث ميكن لأي �شخ�ص �أن‬ ‫ي�شرتك فيه‪.‬‬ ‫‪ V‬عر�ض تقوميك على موقع ويب اخلا�ص بك‪،‬‬ ‫�سواء الداخلي �أو اخلارجي‪.‬‬ ‫وم��ن امل �م �ي��زات امل���ش��ارك��ة امل�ضمنة‪ ،‬ميكنك‬ ‫دعوة �آخرين لالجتماعات وتتبع ردودهم‪� ،‬أو قم‬ ‫مب�شاركة التقوميات بالكامل مع جهات االت�صال‬ ‫اخلا�صة ب��ك‪� ،‬أو اجعل معلومات احل��دث العام‬ ‫اخلا�ص بك متاحة للعامل كله‪.‬‬ ‫واجهة �سريعة متكنك من ال�سحب والإدراج‪،‬‬ ‫وجتعلك ت�شعر ب�أنها �أحد تطبيقات �سطح املكتب‪.‬‬ ‫قائمة جهات االت�صال املتكاملة امل��وج��ودة يف‬ ‫تقومي ‪ Google‬متزامنة دوم ًا مع ‪ ،Gmail‬فلن‬ ‫حتتاج �أبدً ا �إىل البحث عن �شخ�ص ما يف ‪Gmail‬‬ ‫لإر�سال دعوة له والو�صول عرب اجلوال‪ ،‬فيمكنك‬ ‫ع��ر���ض تقوميك م��ن خ�لال مت�صفح الإن�ترن��ت‬ ‫اخلا�ص بهاتفك اجلوال‪.‬‬

‫ميكنه عر�ض التقومي اخلا�ص ب��ك‪ ،‬ومتى يقوم‬ ‫بذلك‪ .‬ميكن للم�ستخدمني الآخرين فقط الو�صول‬ ‫�إىل التقومي اخلا�ص بك �إذا قمت ب�إ�ضافتهم �إىل‬ ‫قائمة العار�ضني امل�صرح لهم‪� ،‬أو �إذا قررت ن�شر‬ ‫الأحداث اخلا�صة بك‪.‬‬ ‫ومدعم بربامج مت�صفح ميكرو�سوفت �إنرتنت‬ ‫�إك���س�ب�ل��ورر‪ ،‬وم��وزي�لا ف��اي��رف��وك����س‪ ،‬و��س�ف��اري‪،‬‬ ‫ومت�صفحات �أخرى‪.‬‬ ‫اللغات املدعومة‪ :‬الإجنليزية (الواليات املتحدة)‪،‬‬ ‫والإجن�ل�ي��زي��ة (اململكة امل �ت �ح��دة)‪ ،‬والفرن�سية‪،‬‬ ‫والإيطالية‪ ،‬والأملانية‪ ،‬والإ�سبانية‪ ،‬والدامناركية‪،‬‬ ‫والهولندية‪ ،‬والرنويجية‪ ،‬والفنلندية‪ ،‬وال�سويدية‪،‬‬ ‫وال��رو��س�ي��ة‪ ،‬وال�صينية (املب�سطة)‪ ،‬وال�صينية‬ ‫(التقليدية)‪ ،‬والكورية‪ ،‬واليابانية‪ ،‬والربتغالية‬ ‫الربازيلية‪ ،‬والرتكية‪ ،‬والبولندية‪.‬‬ ‫ُمحرر المستندات من جوجـل‪ :‬التعاون‬

‫والنشر‪:‬‬

‫محُ رر م�ستندات ‪ Google‬هو برنامج جداول‬ ‫بيانات ومعالج كلمات ي�ستند �إىل الويب يجعل‬ ‫امل�شاركة �أك�ث�ر ك �ف��اءة‪ .‬ي�سمح ل��ك بو�ضع �أح��د‬ ‫امل�ستندات على الإنرتنت‪ ،‬بحيث ميكن لأ�شخا�ص‬ ‫�آخرين يعملون معك يف امل�ؤ�س�سة نف�سها �إج��راء‬ ‫ت�ع��دي��ل وحت��دي��ث يف ال��وق��ت نف�سه م��ن خ�لال‬ ‫برامج املت�صفح اخلا�صة بهم‪ ،‬وبذلك ال حتتاج‬ ‫�إىل تتبع املرفقات ومعرفة ال�شخ�ص الذي لديه‬ ‫�أحدث �إ�صدار من امللف‪ .‬ميكن �أن يقوم كثري من‬ ‫الأ�شخا�ص ب�إجراء التعديالت ف��ور ًا‪ ،‬وم�شاهدة‬ ‫تعديالت الأ�شخا�ص الآخرين يف �أثناء تعديلها‬ ‫مبا�شر ًة‪ .‬يتم حفظ كل عملية مراجعة �آل ّي ًا لك‪،‬‬ ‫بحيث ميكنك م�شاهدة ما الذي مت تغيريه ومن‬ ‫قبل من‪ ،‬ومتى‪ ،‬وميكنك الرجوع �إىل �إ�صدار �أقدم‬ ‫من �أي نقطة‪.‬‬ ‫ال يوجد برنامج منف�صل ليتم تنزيله �أو تثبيته‪،‬‬ ‫مثل اخل��دم��ات الأخ��رى التي ت�ستند �إىل الويب‬ ‫اخلا�صة ب�ـ ‪ .Google‬حتتاج فقط �إىل جهاز‬ ‫كمبيوتر مت�صل بالإنرتنت يحتوي على برنامج‬ ‫مت�صفح اعتيادي ال�ستخدام "محُ رر م�ستندات‬ ‫‪."Google‬‬ ‫وم ��ن امل �م �ي��زات �إن �� �ش��اء م�ستند ج��دي��د عرب‬ ‫الإنرتنت من نقطة البداية‪� ،‬أو قم برفع امل�ستندات‬ ‫املحفوظة من جهاز الكمبيوتر اخلا�ص بك‪ .‬عدّل‬ ‫امل�ستندات اخلا�صة بك من �أي جهاز كمبيوتر‬ ‫اخل�صو�صية والأم��ان باختيار ال�شخ�ص الذي مت�صل بالإنرتنت‪.‬‬


‫�أما فيما يتعلق بالتعاون املبا�شر‪ ،‬فيمكنك العمل‬ ‫يف امل�ستندات مع �أ�شخا�ص �آخرين تقوم بدعوتهم‬ ‫يف الوقت نف�سه‪ ،‬حتى �إذا مل تكن يف املكان نف�سه‪.‬‬ ‫��س�ج� ّل امل��راج �ع��ة ي �ق��وم ب��االح�ت�ف��اظ بعمليات‬ ‫التعديل الفردية‪ ،‬بحيث ميكنك معرفة ما الذي‬ ‫متت �إ�ضافته و�إزال �ت��ه‪ ،‬وم��ن قبل م��ن‪ ،‬ومتى مت‬ ‫ذل ��ك‪ ،‬ومي�ك�ن��ك ب��وا��س�ط��ة "محُ رر م�ستندات‬ ‫‪ ،"Google‬متام ًا كما يف ‪ ،Gmail‬ا�ستخدام‬ ‫قدرات البحث لـ ‪ Google‬للبحث عن م�ستند مل‬ ‫تقم بالتعديل فيه منذ �أ�شهر عدة‪.‬‬ ‫�أما اخل�صو�صية والأم��ان‪ ،‬فيمكنك اختيار من‬ ‫الذي ي�شاهد م�ستندك‪ ،‬ومتى يقوم بذلك‪ .‬ميكن‬ ‫للم�ستخدمني الآخرين الو�صول فقط �إىل امل�ستند‬ ‫�أو جدول البيانات اخلا�ص بك �إذا قمت ب�إ�ضافتهم‬ ‫�إىل قائمة امل�شاركني �أو العار�ضني‪� ،‬أو �إذا قررت‬ ‫ن�شر امل�ستند‪ .‬ويكون لدى امل�شرفني القدرة على‬ ‫و�ضع قيود على م�شاركة م�ستند داخلي وخارجي‪.‬‬ ‫وخال�صة القول ف�إن هذة اخلدمة من قوقل �آبز‬ ‫تعترب من �أبرز و�أهم اخلدمات التي تخدم قطاع‬ ‫الن�شر والعرفة وت�سهل تدفق الوثائق وامل�ستندات‬ ‫والكتب وغ�يره��ا ب�ين امل�ستخدمني يف �آن واح��د‬ ‫وب ��دون تكاليف م��ادي��ة مكلفة وغ�ي�ر م�ضمونة‬ ‫ال��و� �ص��ول‪ ،‬وك��ذل��ك ت��وف��ر جهد ووق��ت الباحثني‬ ‫وت�شر�سع عملية الإن �ت��اج ك�ه��دف �أ��س��ا��س��ي من‬ ‫�إ�ستخدام هذة التقنية‪.‬‬ ‫صفحة البداية من ‪:Google‬‬ ‫م�صمِ م �صفحات ‪:Google‬‬ ‫م�صمِ م �صفحات ‪ Google‬هو برنامج لإن�شاء‬ ‫�صفحات وي��ب مبا�شرة م��ن برنامج املت�صفح‬ ‫اخلا�ص بك ون�شرها على الويب بنقرة واح��دة‪،‬‬ ‫دون القيام ب��أي �إج��راءات برجمية من �أي نوع‪.‬‬ ‫وعلى ال��رغ��م م��ن �أن��ك ال حتتاج �إىل تنزيل �أي‬ ‫برنامج وال ا�ستئجار م�صمِ م وي��ب‪ ،‬تظل �آث��ار‬ ‫الإب � ��داع وال�ت�م�ي�ي��ز واالح �ت��راف وا� �ض �ح��ة على‬ ‫�صفحاتك‪ .‬وتتم ا�ست�ضافة ال�صفحات على �أجهزة‬ ‫اخلادم التابعة لـ ‪ Google‬وميكن الو�صول �إليها‬ ‫م��ن خ�لال نطاقك؛ لي�شاهدها �أي �شخ�ص يف‬ ‫العامل‪ .‬وتتم اال�ست�ضافة جمان ًا‪ ،‬مثلها مثل كل‬ ‫خدمات تطبيقات ‪.Google‬‬ ‫ميكنك اخ�ت�ي��ار �صفحات م��ن �أح ��د الأج �ه��زة‬ ‫امل�ضيفة للنماذج‪ ،‬ث��م ت�ق��وم بتخ�صي�ص هذه‬ ‫ال�صفحات ب�إ�ضافة حمتوى و��ص��ور م�ؤ�س�ستك‬

‫إدارة الخدمات‪:‬‬

‫لوحة التحكم‪:‬‬ ‫لأنه لي�س هناك �أجهزة �أو برامج ليقلق امل�شرفون‬ ‫ب���ش��أن�ه��ا‪ ،‬ف ��إن��ه ت�ت��م �إدارة خ��دم��ات ‪Google‬‬ ‫اخلا�صة مب�ؤ�س�ستك ب�شكل يومي‪ ،‬وذلك عن طريق‬ ‫ا�ستخدام لوحة حتكم ب�سيطة ع�بر الإن�ترن��ت‪.‬‬ ‫وي�ستطيع امل�شرفون الو�صول �إىل هذه الأداة من‬ ‫خالل �أي جهاز كمبيوتر مت�صل بالإنرتنت‪ ،‬ومن‬ ‫ثم ي�س ُهل �إجراء التغيريات الالزمة يف �أي وقت‪.‬‬ ‫�إليها‪ ،‬وكل ذلك من خالل واجهة �إنرتنت تتمتع‬ ‫مبيزة املعاينة الفورية ملا تقوم بعمله‪ ،‬وال يتطلب‬ ‫الأم ��ر �أي معرفة فنية‪ ،‬ول��ذل��ك ميكنك �إن�شاء‬ ‫�صفحات عالية اجل��ودة ب�سرعة ودون �أن تقلق‬ ‫ب�ش�أن تع ُّلم لغة ‪ .HTML‬وعندما ت�شعر بالر�ضا‬ ‫عن م�ستوى �صفحاتك‪ ،‬ميكنك ن�شرها على الويب‬ ‫بنقرة واح ��دة‪ .‬وميكنك ال��و��ص��ول �إىل برنامج‬ ‫"م�صمِ م ال�صفحات" من خ�لال لوحة حتكم‬ ‫تطبيقات ‪.Google‬‬ ‫ومن املميزات ال حاجة �إىل معرفة لغة ‪HTML‬‬ ‫وال حتتاج �إىل معرفة �أي لغة من لغات الربجمة‬ ‫�أو �أي خربة فنية‪� .‬إن �إن�شاء �صفحة ويب عالية‬ ‫اجل��ودة يتم ب�سهولة ك�أنك تقوم بتحرير م�ستند‬ ‫عادي‪ ،‬وت�ستطيع بعد االنتهاء من ن�شره على الويب‬ ‫بنقرة واحدة‪ ،‬وعندما ت�شعر بالر�ضا عن م�ستوى‬ ‫�صفحتك‪ ،‬فقط ق� ْ�م بالنقر ف��وق ال��زر "ن�شر"‬ ‫و�ست�صبح �صفحتك متاحة على الويب؛ لي�شاهدها‬ ‫�أي �شخ�ص‪ .‬وال تقلق ب���ش��أن خطة ا�ست�ضافة‬ ‫�صفحة الويب‪.‬‬ ‫�سهولة ال�ب��دء م��ع وف��رة ت�صميمات النماذج‬ ‫والتن�سيقات‪� ،‬إذ ميكنك ن�شر �صفحة باملحتوى‬ ‫اخل��ا���ص ب��ك‪ ،‬وت�ب��دو عليها �سمة االح�ت�راف يف‬ ‫دقائق معدودة‪.‬‬ ‫برامج املت�صفح املدعومة‪ :‬ميكرو�سوفت �إنرتنت‬ ‫�إك�سبلورر وموزيال فايرفوك�س‪.‬‬ ‫وهذه اخلدمة بحق من �أميز خدمات هذه الباقة‬ ‫من التقنية حيث �أ�صبح ت�صميم املواقع ومراجعة‬ ‫تعديلها يف متناول اجلميع دون عناء التعاقد مع‬ ‫�شركات تطوير و�شركات ا�ست�ضافة و�شركات‬ ‫�صيانة وغ�يره��ا م��ن التكاليف املرهقة مادي ًا‬ ‫ونف�سي ًا‪.‬‬ ‫اللغات املدعومة حالي ًا‪ :‬الإجنليزية الأمريكية‬ ‫فقط‪.‬‬

‫‪� Z‬إدارة ح�سابات امل�ستخدمني‪:‬‬ ‫ي�ستطيع امل�شرفون م��ن خ�لال ل��وح��ة التحكم‬ ‫�إ�ضافة ح�سابات م�ستخدمني وتعديلها و�إزالتها‬ ‫من جمالك ب�سهولة‪ ،‬ف�إذا كنت ترغب يف �إ�ضافة‬ ‫�أو تعديل دُفعة كاملة من ح�سابات امل�ستخدمني‪،‬‬ ‫ف�إن لوحة التحكم تُتيح لك حتميل التغيريات التي‬ ‫جتريها من ملف ج��دول بيانات‪ ،‬وميكن �أي�ض ًا‬ ‫تهيئة قوائم الربيد و�أ�سماء امل�ستخدمني امل�ستعارة‬ ‫من هنا‪.‬‬ ‫ويف خال�صة ه��ذه الأ� �س �ط��ر ت ��ؤك��د ل�ن��ا ه��ذة‬ ‫اخل��دم��ات ي��وم� ًا بعد ي��وم ان الأف �ك��ار والإب ��داع‬ ‫اخل�ل�اق يف جم��ال التقنية لي�س ل��ه ح��دود و�أن‬ ‫�آفاقه امل�ستقبلية �ست�شهد نقلة نوعية غري م�سبوقة‬ ‫ن�أمل �أن توظف فيما يخدم الب�شرية وم�صاحلها‬ ‫املتنوعة على هذا الكوكب‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪17 2013‬‬


‫فكر‬

‫أفكار مضيئة‬

‫ً‬ ‫تطوير تعريف للتصميم التعليمي وفقا لبيئة العمل‬ ‫الباحثة‪ :‬غادة عبد الله العمودي‬ ‫ماجستير التعليم اإللكتروني‬ ‫يمكن عملية التعليم والتدريب من العمل‬ ‫التصميم التعليمي هو نظام محدد‬ ‫ّ‬ ‫بطريقة منسقة وموثوق بنتائجها(‪ .)Riser&Dempasy,2007‬وتكمن أهمية التصميم‬ ‫التعليمي فيما يقدمه من معايير لتحكيم منهجيات التعلم والوسائل التعليمية‪،‬‬ ‫وبشكل أكثر دقة فإن التصميم التعليمي يجمع بين التعلم والممارسة‪ ،‬فكما ذكر‬ ‫بدال‬ ‫جون ديوي‪ ،‬أن التعلم يحدث على أفضل وجه عندما تؤيده الممارسة العملية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫من استرجاع المعلومات عن ظهر قلب فقط(‪ .)Leigh‬ولكن السؤال القائم اآلن في‬ ‫مجال التربية والتعليم هو‪ :‬هل نحن باليوم بحاجة إلى دراسة التصميم التعليمي؟‬ ‫نظرا ألننا نعيش في أيام حيث المطلوب فيه‬ ‫بالطبع‪ ،‬بل إن الحاجة إليه في تزايد‬ ‫ً‬ ‫إنشاء شكل من التعليم يرتفع من مستوى "الحفظ والتلقين" إلى مستوى "‬ ‫التطبيق والممارسة"‪ .‬إذ علينا أن نعترف أن األنظمة التعليمية الحالية تركز على‬ ‫الجانب النظري فقط وتهمل التطبيقات العملية ‪.‬‬

‫تعريفات تاريخية للتصميم التعليمي‬

‫يحفل حقل الت�صميم التعليمي بالعديد من‬ ‫التعريفات والتحديدات التي رافقته ظهوره‬ ‫ون�ش�أته‪ .‬ق�سم من هذه التعريفات يحدد هويته و‬ ‫ير�سم �إطار عمل لالجتاهات والتطبيقات داخل‬ ‫هذا احلقل‪ ،‬يف حني الغالبية العظمى من تلك‬ ‫التعريفات ال يقدم عمقا وافيا بل ميكن اعتبارها‬ ‫تعريفات عامة وجمملة‪.‬‬ ‫من المالمح البارزة في تعريفات‬ ‫التصميم التعليمي تاريخيا‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫• (‪ :)1940 - 1920‬التعريفات املبكرة وهي‬ ‫تنظر �إىل التكنولوجيا التعليمية على‬ ‫�أنها و�سيلة‬

‫‪18‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫�إي�ضاح تدعم التدري�س فقط‪.‬‬ ‫• (‪ :)1970-1960‬تنظر �إىل التكنولوجيا‬ ‫التعليمية على �أنها عملية ذات م�سار مت�سل�سل‬ ‫ومن�ضبط‪.‬‬ ‫• (‪ :)1970‬قدمت منظمة التكنولوجيا‬ ‫التعليمية تعريفني لتكنولوجيا التعليم‪ ،‬ويف حني‬ ‫يعيد التعريف الأول الرتكيز على الأفكار ال�سابقة‬ ‫املتداولة يف هذا املجال ( �أن التكنولوجيا التعليمية‬ ‫هي �أدوات �إي�ضاحية يتم توظيفها بهدف دعم‬ ‫التدري�س من قبل املعلمني‪� ،‬أو تندرج يف الكتب‬ ‫املدر�سية‪ ،‬واللوح املدر�سي‪ ،‬والتلفاز‪ ،‬والأفالم‬ ‫واحلوا�سيب‪ ،‬وو�سائل العر�ض مثل الربوجكرتات‬ ‫‪ ...‬وغري ذلك‬

‫من معدات �أو برجميات ت�شكل البنية التحتية‬ ‫لتكنولوجيا التعليم) �إال �أن التعريف الثاين يحدد‬ ‫بدقة هذا احلقل على �أنه "نظام عمل"‪ ،‬والبد �أن‬ ‫يعتمد على البحوث اال�ستق�صائية التي ت�ساعد‬ ‫يف الو�صول �إىل تدري�س وتعلم فعال‪،‬كما يتناول‬ ‫توظيف امل�صادر الب�شرية واملادية من �أجل حتقق‬ ‫�أهداف العملية التعليمية برمتها‪.‬‬ ‫• (‪ )1977‬قدمت منظمة * ‪ AECT‬تعريفا‪ً:‬‬ ‫ي�ضع قدر ًا كبري ًا من الأهمية على �أن الت�صميم‬ ‫التعليمي هو عملية تنظيمية ذات منهجية حمددة‬ ‫و معقدة ومتكاملة‪.‬‬ ‫• (‪ )1994‬و�ضعت ‪ AECT‬مرة �أخرى‬ ‫تعريفا جتاوزت فيه تعريفاتها ال�سابقة‪� :‬إذ قدمت‬ ‫التكنولوجيا التعليمية على‬ ‫�أنها نظرية‬ ‫وممار�سة‬ ‫تدخالن يف‬ ‫تطوير مراحل‬ ‫التعلم‪ ،‬و�إدارة‬ ‫التعلم‪ ،‬وقيا�س جدوى‬ ‫التعليم‪ ،‬مع الأخذ بعني‬ ‫االعتبار عمل التقييمات الالزمة‬ ‫لكل خطوات وم�صادر التعلم‬ ‫• (‪ )2006‬قدمت‬ ‫‪� AECT‬أحدث تعريفات‬


‫‪/http://aect.site-ym.com‬‬

‫التكنولوجيا التعليمية‪ :‬حيث و�صفتها ب�أنها درا�سة‬ ‫وممار�سة تهدف �إىل تي�سري التعليم ودعم الأداء‬ ‫للمعلمني والطالب عرب �إن�شاء وتوظيف و�إدارة‬ ‫العمليات واملوارد التعليمية املالئمة لأهداف‬ ‫التعلم‪.‬‬ ‫• (‪ )2007‬قدّم كل من & ‪Reieser‬‬ ‫‪ Dempsey‬تعريف ًا قوي ًا للت�صميم التعليمي‬

‫وعالقته بالتكنولوجيا (والذي يعرف كذلك‬ ‫بتكنولوجيا التعليم)‪ ،‬وقد �شمل هذا التعريف‬ ‫حتليل تقارير التعلم وم�شاكل اجلودة‪ ،‬والت�صميم‪،‬‬ ‫والتطوير‪ ،‬والتطبيقات العملية‪ ،‬والتقييم‪ ،‬و�إدارة‬ ‫للعمليات واملوارد التعليمية وغري التعليمية املعتمدة‬ ‫لتح�سني التعلم والأداء حتت خمتلف امل�ستويات‪،‬‬ ‫وب�صورة خا�صة يف املعاهد التعليمية املرتبطة ب�سوق‬

‫العمل‪� .‬إن املحرتفني يف جمال تكنولوجيا التعليم‬ ‫ي�ستخدمون عادة �إجراءات نظام ت�صميم التعليم‬ ‫وكذلك توظيف التكنولوجيا التعليمية لتحقيق‬ ‫�أهدافهم‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ففي ال�سنوات‬ ‫احلديثة‪ ،‬نالت احللول غري التعليمية ن�صيبها‬ ‫من االهتمام خا�صة تلك املتعلقة مب�شاكل الأداء‬ ‫والنظريات ذات ال�صلة بكل عملية مما �سبق‬ ‫كجزء من بناء الت�صميم التعليمي‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪19 2013‬‬


‫�إن النتائج امل�ستخل�صة من هذه التعريفات دعم الأداء الإلكرتونية‪ ،‬و�أنظمة �إدارة املعرفة‪ ،‬و والتطبيق‪ ،‬والتقييم‪ ،‬والتوظيف‪ ،‬والإدارة كلها‬ ‫يجب �أخذها بعني االعتبار على �أنها مولفات‬ ‫التعليم غري الر�سمي‪.‬‬ ‫املتنوعة تدلنا على ما يلي‪:‬‬ ‫‪� - 1‬إن حقل الت�صميم التعليم �آخذ يف النمو ‪ - 3‬حتى نتمكن من تقدمي تعريف وا�ضح داخل الت�صميم التعليمي‪ .‬وقد و�ضع كل من‬ ‫للت�صميم التعليمي؛ ف�إننا والبد �أن تو�سع درا�ستنا (‪)CHAUDRY&Fazal,2010‬الأطر العامة‬ ‫ال�سريع واملطرد مرحلة بعد الأخرى‪.‬‬ ‫لوحدات الت�صميم التعليمي‪ .‬ت�شمل كل من‪:‬‬ ‫‪ - 2‬هناك عامالن فاعالن �ساعدا على تغيري لنظريات التعلم املتداولة‪.‬‬ ‫وتطوير تعريفات الت�صميم التعليمي‪ :‬الأول‬ ‫وحدات التصميم التعليمي‬ ‫هو ا�ستخدام و�سائل الإي�ضاح التعليمية‪ ،‬والثاين‬ ‫وحدات الت�صميم التعليمي تت�ألف من عدة‬ ‫توظيف �إجراءات الت�صميم التعليمي املمنهج‪.‬‬ ‫عمليات تتطلب �إجراء بحوث متعددة للو�صول‬ ‫ورغم ذلك فقد وجدت عوامل �أخرى‪ ،‬خا�صة فيما‬ ‫�إىل تنظيم كامل للت�صميم التعليمي‪� .‬إن العمليات‬ ‫تقدّم يف تعريف ريزير ودمب�سي‪ ،‬نحو �أنظمة‬ ‫من مثل‪ :‬التحليل‪ ،‬والت�صميم‪ ،‬والتطوير‪،‬‬ ‫وبتم حتدبد ح��اج��ات ااتفببم ومتطالباته ع�بر حتليل املعلومات املتولدة ع��ن البيانات‬ ‫الإح�صائية من نتائج اال�ستفتاءات وجمموعات العمل ودرا�سات احلالة‪.‬‬ ‫عرب درا�سة �أداء الطالب الذي تلقوا تعليم ًا مماث ًال يف املناهج الدرا�سية ولكن ب�أ�سلوب التعليم‬ ‫عن بعد‪.‬‬ ‫وتت�ضمن درا�سة الأعمار وم�ستويات التعلم يف الفئات التي �سي�ستهدفها الت�صيم التعليمي‪.‬‬ ‫ويت�ضمن مدى قدرة الطالب على الو�صول �إىل اخلدمات الطالبية املقدمة‪.‬‬ ‫الأهداف والغايات لأي خطة تعليمية هي من �أهم وحدات ت�صميم التعليم لأنها تقدم كا�شفا‬ ‫هاما للم�صميمن التعليميني واملعلمني لبناء املنهج الدرا�سي املراد �إي�صاله للطالب‪.‬‬

‫متطلبات التقييم‬ ‫‪Audience Analysis‬‬

‫درا�سة اجلمهور امل�ستهدف‬ ‫‪Demographics‬‬

‫الرتكيبة ال�سكانية‬ ‫‪Geographic Location‬‬

‫املوقع اجلغرايف‬ ‫‪Goals and Objectives‬‬

‫الأهداف والغايات‬ ‫‪Learners‬‬

‫يجب �أخذ املتعلمني بعني االعتبار عند و�ضع وت�صميم املنهاج الدرا�سي والدورات التدريبية‪.‬‬

‫املتعلمون‬

‫للو�صول �إىل �أق�صى حدود الفاعلية من املعرفة واملهارات املقدمة للطالب ف�إن التقييم البد �أن‬ ‫يعتمد على �أهداف التعلم وغاياته‪.‬‬

‫‪Assessment and Evaluation‬‬

‫منهجيات التصميم التعليمي‬

‫يف امل�ستويات الأ�سا�سية لبناء الت�صميم التعليمي‪،‬‬ ‫ف���إن وظيفة امل�صمم التعليمي تتحدد م��ا بني‬ ‫الت�صميم والتطوير للمنهجيات التالية‪:‬‬ ‫• تقدمي حتليل دقيق لهدف التعليم والإجابة على‬ ‫�س�ؤال ( �أين �سنذهب؟ )‬ ‫• تطوير ا�سرتاتيجية تعليمية لتحديد الإجابة‬ ‫على �س�ؤال ( كيف �سن�صل �إىل هناك؟ )‬ ‫• تطوير وبناء نظام تقييم للإجابة على �س�ؤال‬ ‫)كيف �سنعرف �أننا قد و�صلنا فع ًال �إىل هناك؟)‪.‬‬ ‫(‪)Smith&Ragan,2005‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪Need Assessment‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫تعريف تطبيقي للتصميم التعليمي‬

‫�إن الت�صيمم التعليم ه��و م��ن �أح ��دث ف��روع‬ ‫الدرا�سة اليوم‪ ،‬لقد تبلور عرب العقود الأخري من‬ ‫القرن الع�شرين‪ ،‬وحتديد ًا ف�إنه ذلك احلقل الذي‬ ‫ُيعنى بو�صف الإج��راءات الالزمة الختيار املوادر‬ ‫التعليمية (الو�سائل‪ ،‬امل�صادر‪ ،‬املناهج الدرا�سية)‬ ‫وما ال�صورة التي يجب �أن تكون عليها هذه املوارد‬ ‫م��ن ح�ي��ث ت�صميمها‪ ،‬وحت�ل�ي�ل�ه��ا‪ ،‬وتنظيمها‪،‬‬ ‫وتطويرها ومن ثم تقييمها‪� .‬إن الهدف الأ�سا�س‬ ‫للت�صميم التعليمي هو توظيف العنا�صر املذكورة‬ ‫�آنفا لبناء منظومة ت�ساعد الطالب على التعليم‬ ‫ب�صورة �أ�سرع وب�شكل �أف�ضل‪ ،‬وعليه ف�إن التعريف‬

‫التقييمات واملراجعات‬

‫الذي تقرتحه هذه املقالة للت�صميم التعليمي ي�أتي‬ ‫على ال�صورة التايل‪:‬‬ ‫الت�صميم التعليمي هو علم وتقنية يبحثان عن‬ ‫�أف�ضل الطرق لتحقيق جودة عالية يف خمرجات‬ ‫التعليم والتدريب‪ .‬ويف ذات الوقت‪ ،‬ف�إن الت�صميم‬ ‫التعليمي هو عملية تطويرية منمذجة ومطردة‬ ‫ت�ستخدم و�سائل التدري�س والنظريات الرتبوية‬ ‫ب�شكل متكامل ومتوافق مع ال�شروط واحل��االت‬ ‫الإجرائية‪.‬‬ ‫�إن كل كلمة وجملة يف هذا التعريف ترتبط مع‬ ‫واحد �أو �أكرث مما مت ذكره من وحدات الت�صميم‬ ‫التعليم واملبادئ والعمليات يف هذه املقالة‪.‬‬


‫المخلص‬ ‫�إن حقل الت�صميم التعليمي هو حقل حيوي ما‬ ‫يزال يتابع تطوره م�ستفيدا من احلاجة املتزايدة‬ ،‫للتطوير يف الأدوات التقنية والتكنولوجيات‬ ‫ولكننا البد و�أن نتذكر دوم��ا �أن��ه مفهوم تعليمي‬ ‫قبل كل �شيء ي�ستمد فاعليته من نظريات التعلم‬ ‫ ذل��ك �أن ال�ع��دي��د من‬.‫والأط ��روح ��ات ال�ترب��وي��ة‬ ‫احللول التدري�سية قد مت التو�صل �إليها خالل‬ ‫توظيف عمليات الت�صميم التعليمي التي منت‬ .‫وتطورت عرب املراحل التاريخية‬

http://classweb.gmu.edu/ndabbagh/Resources/IDKB/instruct_design.htm

‫المراجع‬

1. Reiser.Robert A, Dempsey.John V.2007,trends and issues in instructional design and technology,(second edition). Upper Saddle River,New Jersey,Columbia,Ohio. 2. CHAUDRY. Muhammad Ajmal, Fazal. ur-RAHMAN.2010, A CRITICAL REVIEW OF INSTRUCTIONAL DESIGN PROCESS OF DISTANCE LEARNING SYSTEM. Turkish Online Journal of Distance Education-TOJDE July 2010 ISSN 13026488- Volume: 11 Number: 3 Article 11.e-global library.com 3. Smith, P., & Ragan, T. (2005). Instructional Design (3rd ed.). Hoboken, NJ: John Wiley & Sons 4. Smith, P., & Ragan, T.(2004).Instructional Design (Second ed). NJ: John Wiley & Sons 5. Leigh, Douglas. A Brief History of Instructional Design. http://www.pignc-ispi.com/articles/education/brief%20 history.htm

‫) هي جمعية مهنية ت�ضم الآالف من املربني وغريهم ممن لهم توجه نحو حت�سني التعليم من خالل‬AECT( ‫* جمعية االت�صاالت الرتبوية والتكنولوجيا‬ /http://aect.site-ym.com ‫ املوقع الإلكرتوين‬. ‫التكنولوجيا‬ 21 2013 ‫ �أغ�سط�س‬- 4 ‫فكر العدد‬


‫فكر‬

‫تقرير‬

‫صغار السن "يفضلون" القراءة على شاشات األجهزة اإللكترونية‬ ‫أظهر استطالع رأي أجري في بريطانيا أن صغار‬ ‫السن يفضلون حاليا القراءة على شاشات الكمبيوتر‬ ‫أكثر من القراءة في كتاب مطبوع أو مجلة‪.‬‬

‫عكف ال�صندوق الوطني للمعرفة يف بريطانيا‬ ‫على درا�سة ما يقرب من ‪� 35‬ألف ًا من ال�صغار‬ ‫ممن ت�تراوح �أعمارهم بني الثامنة وال�ساد�سة‬ ‫ع�شرة‪ .‬وتظهر نتائج تلك ال��درا��س��ة �أن �صغار‬ ‫ال�سن مهتمون ب�شكل �أك�بر بالو�سائل التثقيفية‬ ‫التي تعتمد على العر�ض على ال�شا�شات‪ .‬كما‬ ‫ت�شري الدرا�سة �أي�ض ًا �إىل �أنه ‪ -‬ف� ً‬ ‫ضال عن ت�صفح‬ ‫�شبكات التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ومواقع الت�صفح‬ ‫الإلكرتوين‪ - ،‬ف�إن ما يقرب من الثلث من �صغار‬ ‫ال�سن يلج�ؤون �إىل ق��راءة ال��رواي��ات من ن�سخها‬ ‫املوجودة على ال�شبكات الإلكرتونية‪.‬‬ ‫زيادة الهواتف املحمولة‬ ‫وت��رى الدرا�سة �أي�ض ًا �أن االرت�ف��اع يف معدالت‬ ‫ا��س�ت�خ��دام ال �ه��وات��ف امل�ح�م��ول��ة‪ ،‬واحل��وا��س�ي��ب‪،‬‬ ‫واحلوا�سيب اللوحية‪ ،‬يحمل �إ�شارة �إىل �أن القراءة‬ ‫�أ�صبحت حالي ًا ن�شاط ًا يتم عرب ال�شا�شات �أكرث من‬ ‫ال�صفحات املطبوعة‪ .‬ومن بني من �أجريت عليهم‬ ‫الإح�صائية اخلا�صة بالدرا�سة‪ّ ،‬‬ ‫ف�ضل ‪ 52‬يف املئة‬ ‫القراءة على ال�شا�شة‪ ،‬بينما ال يزال ‪ 32‬يف املئة‬

‫‪22‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫يف�ضلون القراءة يف الكتب املطبوعة‪� .‬أما الباقون‬ ‫فلم يكن لديهم ر�أي حمدد‪� ،‬أو �أعربوا عن عدم‬ ‫حبهم للقراءة‪.‬‬ ‫ووجد الباحثون يف هذه الدرا�سة �أن ‪ 39‬يف املئة‬ ‫من �صغار ال�سن ميار�سون ال�ق��راءة يومي ًا على‬ ‫ال�شا�شات و�أجهزة احلا�سوب‪ ،‬وذلك مقارنة بـ ‪28‬‬ ‫يف املئة ممن يقر�ؤون يومي ًا يف كتب مطبوعة‪.‬‬ ‫ومتثل التكنولوجيا �شيئ ًا �أ�سا�سي ًا يف حياة �أولئك‬ ‫ال�صغار‪� ،‬إذ قال ‪ 97‬يف املئة منهم �إن منازلهم‬ ‫حتوي �أجهزة حا�سوب مت�صلة ب�شبكة الإنرتنت‪،‬‬ ‫بينما ق��ال ‪ 77‬يف املئة منهم �إن لديهم �أجهزة‬ ‫حا�سوب خا�صة بهم‪.‬‬ ‫الروايات‬

‫وع �ل��ى ال��رغ��م م��ن �أن ال�غ��ال�ب�ي��ة ي�ت�ج�ه��ون يف‬ ‫قراءاتهم �إىل مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إن‬ ‫هناك عالمات ت�شري �إىل التوجه نحو ال�شا�شة‬ ‫يف �أن��واع ال�ق��راءات الأخ ��رى‪ ،‬ك�ق��راءة ال��رواي��ات‬ ‫والأخبار واملعلومات العامة‪ .‬فقد �أظهرت الدرا�سة‬ ‫�أن ما يقرب من ثلث من �شاركوا يف الدرا�سة‬

‫يقر�ؤون الروايات على ال�شا�شات‪ ،‬وت�ستخدم ن�سبة‬ ‫كبرية منهم احلوا�سيب اللوحية‪ ،‬و�أجهزة القراءة‬ ‫الإلكرتونية‪ ،‬بينما يقر�أ ما يقرب من ‪ 23‬يف املئة‬ ‫من �أولئك ال�صغار الروايات على الهواتف الذكية‬ ‫املحمولة اخلا�صة بهم‪� .‬إال �أنه ال يوجد بع ُد حتو ٌل‬ ‫كامل يف قراءة الروايات على ال�شا�شات‪ ،‬وخا�صة‬ ‫�أن هناك ‪ 53‬يف املئة ال يزالون يقر�ؤون الروايات‬ ‫يف الكتب املطبوعة‪.‬‬ ‫و�أظهرت الدرا�سة ميل البنات ب�شكل �أكرب �إىل‬ ‫القراءة يف الكتب املطبوعة �أكرث من الأوالد‪ ،‬بينما‬ ‫تت�ساوى م�ع��دالت ال �ق��راءة على ال�شا�شات لدى‬ ‫اجلن�سني‪ .‬و�أ�ضافت الدرا�سة �أن معدالت القراءة‬ ‫ل��دى الأط �ف��ال‪ ،‬ممن ي�ق��ر�ؤون يف كتب مطبوعة‬ ‫وي�ستخدمون �أجهزة احلا�سوب‪ ،‬ميكن �أن تكون‬ ‫�أعلى من معدالتها بني �أولئك الذين يقر�ؤون على‬ ‫�شا�شات �أجهزة الكمبيوتر مبا�شرة‪ ،‬وذلك على‬ ‫الرغم من �أن ذلك الفارق مل يكن موجودا لدى‬ ‫الأطفال ممن ي�ستخدمون احلوا�سيب اللوحية �أو‬ ‫�أجهزة القراءة الإلكرتونية‪ .‬وبينما ظهر ذلك‬ ‫ب�شكل �أكرث و�ضوح ًا يف معدالت ق��راءة ال�صحف‬ ‫املطبوعة‪ ،‬فقد انخف�ضت تلك املعدالت من ‪ 46‬يف‬ ‫املئة عام ‪� 2005‬إىل ‪ 31‬يف املئة يف هذه الدرا�سة‪.‬‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬ف�إن هناك ما يقرب من ‪ 41‬يف املئة‬ ‫من �صغار ال�سن ممن يقر�ؤون الأخبار على املواقع‬ ‫الإلكرتونية‪.‬‬ ‫وق��ال ج��ون��اث��ان دوغ�لا���س‪ ،‬رئي�س ال�صندوق‬ ‫الوطني للمعرفة يف بريطانيا �إن الدرا�سة "ت�ؤكد‬ ‫�أن التكنولوجيا تلعب دور ًا حموري ًا يف تنمية معرفة‬ ‫ال�صغار والطريقة التي يختارونها للقراءة"‪.‬‬ ‫و�أ� �ض��اف‪" :‬على ال��رغ��م م��ن �أن�ن��ا نرحب بهذا‬ ‫الت�أثري الإيجابي للتكنولوجيا من �إيجاد فر�ص‬ ‫جديدة للقراءة �أمام ال�صغار‪ ،‬ف�إننا نرى �أنه من‬ ‫املهم �أال تهمل القراءة يف الكتب املطبوعة �أي�ض ًا"‪.‬‬


‫هل أثرت الطفرة التكنولوجية على قراءة الكتب؟‬

‫إذا استقللت القطار المزدحم في بريطانيا فإنه من المرجح‬ ‫أن يلفت انتباهك أن المسافرين يقرؤون في هواتفهم‬ ‫المحمولة أو يتصفحون في كتبهم االلكترونية أكثر من‬ ‫أولئك الذين يقرأون في الكتب الورقية‪.‬‬

‫و�إذا �أ�ضفت �إىل ذلك منظر املكتبات وحمالت‬ ‫الكتب �شبه اخلالية ف�إنك قد تظن �أن قراءة الكتب‬ ‫الورقية �أ�صبحت يف موقف �صعب‪.‬‬ ‫لكن الإح�صاء ال�سنوي لرابطة النا�شرين الذي‬ ‫�صدر اخلمي�س ير�سم �صورة خمتلفة حيث �سجلت‬ ‫مبيعات الكتب ال�ع��ام املا�ضي ارت�ف��اع� ًا بن�سبة‬ ‫‪ 4‬باملئة لت�صل �أرب��اح�ه��ا �إىل ‪ 3.3‬مليار جنيه‬ ‫�إ�سرتليني‪.‬‬ ‫والالفت للنظر �أن عام ‪ 2012‬نف�سه �شهد �أي�ضاً‬ ‫ارتفاع ًا قيا�سي ًا يف مبيعات الكتب االلكرتونية‬ ‫بن�سبة ‪ 66‬يف املئة لت�صل �أرباحها �إىل ‪ 411‬مليار‬ ‫جنيه �إ�سرتليني‪ ،‬كما تخطت مبيعات الروايات‬ ‫االلكرتونية كل احلواجز حيث ارتفعت مبيعاتها‬ ‫بن�سبة ‪ 149‬يف املئة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وم��ن امل��ده����ش �أي���ض�ا �أن ك��ل و��س��ائ��ل ال �ق��راءة‬ ‫االلكرتونية احلديثة مثل كيندل �أو كوبو مل ت�ؤثر‬ ‫على مبيعات الكتب الورقية �سوى بن�سبة ‪ 1‬يف املئة‬ ‫فقط بينما ارتفعت مبيعات الأخ�ي�رة يف جمال‬ ‫كتب الأطفال‪.‬‬ ‫وت�ك���ش��ف الأرق�� ��ام �أن ع �ن��اوي��ن ال�ك�ت��ب ت��ؤث��ر‬ ‫على االخ�ت�ي��ار ب�ين � �ش��راء الن�سخة ال��ورق�ي��ة �أو‬ ‫االلكرتونية‪ ،‬حيث �أنه على �سبيل املثال ف�إن ‪26‬‬ ‫يف امل�ئ��ة م��ن مبيعات ال��رواي��ات ج��اءت ل�صالح‬ ‫الكتاب االلكرتوين بينما مل متثل مبيعات الكتب‬ ‫االلكرتونية غري الروائية وكتب الأطفال ن�سب ال‬ ‫تتعدى ‪� 3‬إىل ‪ 5‬يف املئة فقط‪.‬‬ ‫ملاذا؟‬ ‫قد يتمثل �سبب ذلك يف �أن الكلمة هي املعيار‬ ‫الرئي�سي يف نقل روح ال��رواي��ة وه��و ما ت�ستطيع‬ ‫الن�سخ االلكرتونية نقلها بدقة بينما يختلف الأمر‬ ‫يف حالة كتب الأطفال امل�صورة امللونة واملج�سمة‬ ‫حيث تظل الكتب ال��ورق�ي��ة ب�لا م �ن��ازع يف هذا‬ ‫املجال‪.‬‬

‫هل من مغزى لهذه الأرقام؟‬ ‫منذ �أ�سابيع قليلة‪ ،‬قال مايكل �سربينيز وهو �أحد‬ ‫مبتكري جهاز (كوبو) لقراءة الكتب الكرتوني ًا �إنه‬ ‫يعتقد �أن ‪ 90‬يف املئة من معدالت القراءة �ستكون‬ ‫مل�صلحة الكتب االلكرتونية بينما تراوحت توقعات‬ ‫ريت�شارد موليت ع�ضو رابطة النا�شرين ل�شعبية‬ ‫الن�سخ االلكرتونية للكتب بني ‪� 30‬إىل ‪ 50‬يف املئة‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫لكنه من الوا�ضح �أن تقديرات املتعاملني مع‬ ‫الكتاب املقروء �أكرث واقعية من ح�سابات العاملني‬ ‫يف امل �ج��ال الإع�ل�ام��ي امل�ع�ن��ي بالتغري يف مناخ‬ ‫القراءة االلكرتونية‪.‬‬ ‫�أم��ا بالن�سبة للكتاب‪ ،‬ف��إن��ه م��ن امل��ده����ش �أن‬ ‫جتد �أرب��اح م�ؤلفي الروايات من مبيعات الن�سخ‬ ‫االلكرتونية من كتبهم ال تزيد �سوى بن�سات قليلة‬ ‫عن الن�سخ املقروءة منها رغم انخفا�ض تكلفة‬ ‫الأوىل وارتفاع ن�سبة مبيعات الروايات من هذا‬

‫النوع‪.‬‬ ‫وي ��رى كثري م��ن ال�ك�ت��اب �أن ه��ذا الأم ��ر ميثل‬ ‫ا�ستغ ً‬ ‫الال من قبل النا�شرين بينما يدافع نا�شروا‬ ‫الكتب عن ذلك ب�أنهم ينفقون مزيد ًا من الأموال‬ ‫حلماية حقوق امل�ؤلف املعر�ضة للقر�صنة ب�صورة‬ ‫�أكرب بالن�سبة للكتب االلكرتونية‪.‬‬ ‫وتتعاطف الكاتبة الروائية الربيطانية جوجو‬ ‫مويز مع موقف النا�شرين‪ ،‬م�شرية �إىل �أنها قد‬ ‫تتلقى يف اليوم الواحد ع�شرات الروابط لتحميل‬ ‫كتبها باملجان‪.‬‬ ‫ورغم ذلك ف�إن القر�صنة وازدهار �سوق الكتب‬ ‫االلكرتونية مل يكن لهما ت��أث�ير ذا مغزى على‬ ‫مبيعات الكتاب املقروء وهو ما يجعل االختيارات‬ ‫بني الكتب بن�سخها املتعددة �أرحب �أمام القارئ‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪23 2013‬‬


‫فكر‬

‫بين قوسين‬

‫بين لغـتين‪:‬‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وإنسانية‬ ‫عـنصرية اللغـة‬ ‫ٌ‬ ‫اللغـة العـربية – عرض ونقد‬

‫أ‪.‬د‪ .‬مهند عبد الرزاق الفلوجي ‪ -‬لندن‬ ‫أستاذ الجراحة والمشرف على‪:‬‬ ‫معهد ت��اري��خ ال��ط��ب وال��ع��ل��وم ع��ن��د ال��ع��رب‬ ‫والمسلمين (‪)www.ihams.org‬‬

‫ينعـكس تاريخ األم��م وقيمها‬ ‫في مفرداتها اللغوية‪ .‬واللغة‬ ‫اإلن��ج� ٌ�ل��ي��زي��ة (ك��ال��ل��غ��ة العـربية)‬ ‫وبيئتهــا؛ كما‬ ‫متأثرة بمحيطهـا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أن تاريخها مرتبط ج���دا بتاريخ‬ ‫ال��غ��رب وثقافته وت��ط��وره عـبر‬ ‫العصور‪.‬‬

‫دارونية الطبقات االجتماعية (أو‬ ‫التمييز العـنصري العـلمي!) في‬ ‫فلسفة الغرب النصراني‪:‬‬

‫يف بريطانيا‪ ،‬كتب عامل االقت�صاد الربيطا ّ‬ ‫ين‬ ‫توما�س روبرت مالثو�س (‪" )1834-1766‬مقالة‬ ‫يف مبد�أ التكاثر ال�سكا ّ‬ ‫ين" عام ‪1798‬؛ يرى فيها‬ ‫�أنّ خطط التطور املطـّرد للمجتمع املثا ّ‬ ‫يل تـنـتـكـ�س‬ ‫ال�سكـّاين‪�« :‬إنّ قـدرة التكاثر‬ ‫ب�سبب �أخطار النمو ُ‬ ‫ال�سكا ّ‬ ‫ين �أكرب بكثري من قدرة الأر�ض لإنتاج رزق‬ ‫الإن�سان‪ :‬ل��ذا فالتكاثر ال�سكا ّ‬ ‫ين �إذا ما ا�ستمر‬ ‫دون توقف‪ ،‬يزداد مبتوالية هند�س ّية‪ ،‬يف حني �أن‬ ‫الرزق يزداد مبتوالية ح�ساب ّية‪ .‬ومعـرفة ب�سـيطة‬ ‫ب��الأرق��ام تو�ضح �ضخامة القـوة الأوىل �إذا ما‬ ‫قورنت بالثانية»‪ .‬ويرى مالثو�س‪ ،‬وهو رجل دين‬ ‫يف الكني�سة الإجنليزية (اجنليكاين) وزميل‬ ‫كلية عي�سى امل�سيح (�أنـتـُخـِ َب زم�ي�ل ًا لها عام‬ ‫‪ ،!!!)1793‬يرى �أن جمتمعات املُ�ساواة احلرة‬ ‫‪24‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫ي�صفـُها مالثو�س‬ ‫ُعـر�ضة ً لالنفجار ال�سكاين‪ِ ،‬‬ ‫بتعبري درام� ّ�ي مثري‪« :‬تكت�سح الأوب�ئ��ة اجلائحة‬ ‫والأمرا�ض املُميتة والطاعـون ب�شكل مر ّوع لتـُه ِلك‬ ‫الآالف وع�شرات الآالف منهم‪ .‬ف�إذا مل تنجح هذه‬ ‫متام ًا‪ ،‬ف ��إنّ موجات املجاعة (واحل��روب) ت�أتي‬ ‫مت�أخرة‪ ،‬وب�ضرب ٍة قا�ضية واحدة‪ ،‬تق ّو�ض من�سوب‬ ‫التعـداد ال�سكا ّ‬ ‫ين وتعـ ّدلـه ليت�ساوى مع من�سوب‬ ‫الغـذاء يف العامل»‪ .‬وانتقـد مالثو�س قوانني دعـم‬ ‫الفقراء وعـ ّد �أن تكاثر ال�سكان ين�ضبط متنا�سب ًا‬ ‫مع حدود املوارد املتوافرة بنوعني من ال�ضوابط‪:‬‬ ‫ال�ضوابط الإيجابية‪ ،‬التي ترفع ن�سبة الوفيات‬ ‫(كاملجاعة والأم��را���ض واحل� ��روب)‪ ،‬و�ضوابط‬ ‫�ســلبية‪ ،‬تخ ّف�ض ن�سبة ال ��والدات‪ ،‬كالإجها�ض‪،‬‬ ‫وحت��دي��د ال�ن���س��ل‪ ،‬وال �ب �غ �ـ��اء‪ ،‬وت ��أج �ي��ل ال� ��زواج‪،‬‬ ‫والعـزوبية (االمتناع عن التنا�سل)‪.‬‬ ‫ناق�ش مالثو�س ب� ��أنّ التكاثر ال�سكاين يفوق‬ ‫اعـتيادي ًا م��وارد الغـذاء‪ ،‬مما ي��ؤدّي بالتايل �إىل‬ ‫م��وت الأ�ضعـف جوعـ ًا‪ ،‬وه��و ما ي�س ّمى بفاجعة‬ ‫�أو �أزم��ة مالثو�س‪ .‬وال يزال امل�ؤرخون الأوروبيون‬ ‫يعـللون اال�ستعـمار اال�سباين والأوروبي للأمريكتني‬ ‫وقتل �سكانها الأ�صليني على �أنـّه جاء نتيج ًة لأزمة‬ ‫مالثو�س!!!‬ ‫ويف الوقـت الذي عـ ّد الآخرون زيادة الإخ�صاب‬ ‫ذا ف��ائ��دة اقت�صادية (الزدي� ��اد ع�ـ��دد العـُمـّال‬ ‫املتاحني للعمل)‪ ،‬وقف مالثو�س �ضدّه لأنه اعـتقد‬ ‫�أن الإخ�صاب رغم رفعه للإنتاج الإجمايل‪� ،‬إال �أنـّه‬ ‫يخفـّ�ض الإنتاج للر�أ�س الواحد من العـُ ّمـال‪ .‬كما‬

‫�إنـّه ناقـ�ش ب�أنّ فـر�ص العـمل تزداد بزيادة تعـداد‬ ‫ال�سـكان‪ ،‬ولكن ببقاء حاجة العمل ثابتة‪ ،‬ف��إنّ‬ ‫ذلك ي�ؤدي لهبوط �أجور العـُ ّمال مما ي�ؤدي �أخرياً‬ ‫لتقليل �إعالة العـي�ش‪ ،‬حيث تت�ساوى حينذاك ن�سبة‬ ‫الوالدة مع ن�سبة الوفاة‪ ،‬مما ي�ؤدي بالتايل لتوقف‬ ‫النمو ال�سكاين‪ .‬لكن تقديرات مالثو�س حول ثبوت‬ ‫حاجة العـمل يف �إجنلرتا كانت خاطئة‪ ،‬لأنه �أهمل‬ ‫ت�أثريات الثورة ال�صناعـية التي زادت كثري ًا يف‬ ‫من�سوبات التقنية والإنتاج وم�ؤدية لزيادة احلاجة‬ ‫للعـمل �تن ّب�ؤ مالثو�س للم�ستقبل كان خط�أً�‪.‬‬ ‫واعـتزم مالثو�س الإلغـاء التدريجي لقوانني‬ ‫الفقراء بتخفي�ض عـدد الأفـراد امل�ؤهلني للإعانة‬ ‫(تارك ًا �إعـانتهم يف ذلك للم�ؤ�سـ�سـات اخلريية‬ ‫ويف ال�ضرورة الق�صوى)‪ .‬وب� ّرر ذلك ب��أنّ �إعانة‬ ‫الفقراء تقف �ض ّد م�صاحلهم �أنف�سـهم عـن طريق‬ ‫تخفي�ض عـدد العـُ ّمـال وبالتايل رفع �أ�سعـار ال�سـِلع‬ ‫وتقوي�ض ا�سـتقاللية ومرونة تكيف املُـزارعـني‪.‬‬ ‫ومبعنى �آخ��ر‪ ،‬ف ��إنّ ‘قوانني الفقراء’ ت ��ؤدي �إىل‬ ‫«خلق طبقة من الفقراء وحتافظ عـليها»‪.‬‬ ‫كما ق��ام بدعـم قوانني احلبوب‪ ،‬التي �أدخلت‬ ‫نظام ًا من ال�ضرائب الربيطانية املفرو�ضة على‬ ‫القمح امل�ستورد‪ .‬واعـتقـد مالثو�س �أنّ هذه الو�سائل‬ ‫ت�شجع الإنتاج الوطني‪ ،‬وتعزز الفائدة على املدى‬ ‫البعـيد‪ .‬وناق�ش مالثو�س �أ ّن��ه بت�شجيع الإن�ت��اج‬ ‫الوطني‪ ،‬ف�إنّ قوانني احلبوب �ست�ضمن لربيطانيا‬ ‫االكتفاء الذاتي يف الغـذاء‪.‬‬ ‫م�ساوئ نظرية مالثـو�س‪ :‬تنب�أ مالثـو�س ب�أزمة‬


‫�سـكانية تتفجر يف �أوا�سط القرن الـ ‪ ،19‬ولكن‬ ‫مل يحدث �شيء! ثم تنب�أ �أن�صار مالثو�س اجلدد‬ ‫يف كتابهم (قـيود النمو) لعام ‪ 1972‬ب�أزمة‬ ‫م�ستقبلية �أخرى‪ ،‬كذلك كانت نبوءة خاطئة‪.‬‬ ‫كذلك ف��إنّ حم��اوالت احلـ ّد من النمو الب�شري‬ ‫عـن طريق تنظيم الأ�سرة هي حماوالت تداخليه‬ ‫جراحية‪ ،‬و�أحيان ًا ق�سرية وح�شية (مثل عـمليات‬ ‫العـقم على نطاق وا�سع‪� ،‬أو �سيا�سة الطفل الواحد‪،‬‬ ‫املـُتـّبعـة يف ال�صـني) وغالب ًا ما يرف�ضها النا�س‬ ‫بالـ ِفـطـرة‪.‬‬ ‫وح��دي �ث � ًا � �ص��ارت ظ��اه��رة "ت�أنيث الطبيعـة"‬ ‫(ب�سـبب التل ّوث الكيميائي الوا�سع للكون) مثل‬ ‫الوباء اجلائح‪ ،‬مت�سبب ًا بانت�شار العـقـم كمر�ض‬ ‫الطاعـون (�أنظر كتاب ديبورا كادبوري‪ :‬ت�أنيث‬ ‫الطبيعـة‪ .‬طبعة حام�ش هاملتون (بنجوين) لندن‬ ‫‪.)1997‬‬ ‫كما �أن جملة ‘�إيكونوم�ست’ (�إ��ص��دار ت�شرين‬ ‫�أول‪/‬ت�شرين ثاين ‪� ،2009‬ص ‪ )38-35‬ن�شرت‬ ‫مقا ًال على (انخفا�ض اخل�صوبة وكيف �أنّ م�شكلة‬ ‫ال�سكان حتـ ّل نف�سـها بنف�سها)‪ ،‬و�أنها �سـتـُهـبـِط‬ ‫�أع �ـ��داد ال�ع��امل املتوقعـة ‪ 9.2‬بليون ن�سمة عام‬ ‫‪� 2050‬إىل ‪ 8.5‬بليون ن�سمة‪ .‬كما وتربط املقالة‬ ‫ب�ين ث �ـ��راء ال �ع��ائ�لات وب�ي�ن ه �ب��وط اخل���ص��وب��ة‪،‬‬ ‫ـتن�ص على �أنّ‬ ‫(والعك�س بالعك�س �صحيح)؛ ف ّ‬ ‫ال�ثراء يقـلل اخل�صوبة‪ ،‬كما �أنّ قلة اخل�صوبة‬ ‫ت�س ّبب الرثاء‪.‬‬ ‫�إنّ ا�ستعـمار الأوروب �ي�ين للعامل اجلديد وهم‬ ‫مندفعـني بر�ؤية مالثو�س‪ ،‬ت�سبب بج�شع ال ُي�شـبـَع‬ ‫يف حبهم ملوارد الغذاء‪ ،‬وطمع للمال بال حدود‪،‬‬ ‫وح� ّ�ب جل�بروت ال�ق��وة‪ ،‬والت�سـلط على الآخرين‬ ‫(وك�أنه حق الوالدة لأفراد اجلن�س الأبي�ض املتفوق‬ ‫– �أنظر حتت)‪.‬‬ ‫يف الواقع �إنّ ا�ستعـمار العامل اجلديد قـد �أدى‬ ‫�أو ًال �إىل �إبادة �سكان �أمريكا الأ�صليني مما ت�س ّب َب‬ ‫بدوره بنق�ص حا ّد يف عـدد الرجال العاملني‪ ،‬مع‬ ‫ازدياد احلاجة املا�سـّة ال�سترياد الأفارقة العـبيد‬ ‫(ال��ذي��ن �شـ ّردوهم م��ن دي��اره��م) م��ن �أج��ل ح ّل‬ ‫م�شاكل املُ�سـتعـمرات الزراعـية لتزريع‪ ،‬وعلى‬ ‫م�ستوى وا�سع‪ ،‬الغ ّالت املختلفة‪ :‬القطن‪ ،‬القهوة‪،‬‬ ‫ال�سـكـّر‪�ِ ،‬ســيزال (ليف �أبي�ض‬ ‫التبغ‪ ،‬ق�صب ُ‬ ‫متني تـُتخذ منه احلبال)‪� ،‬أنواع البذور الزيتية‪،‬‬ ‫و�أ�شجار املطـّاط‪.‬‬ ‫لقد كانت احلاجة ما�سة ملاليني العـبيد من �أجل‬ ‫حتقيق �أح�لام امل�ستعمرين الـت�صنيعـية‪ ،‬فمث ًال‬

‫�إن�شاء (قـناة باناما) لوحدهـا �أدّى لوفـيات هائلة‬ ‫وموت ‪ 28000‬عام ًال (ب�سبب احلمى ال�صفراء‬ ‫واملالريا‪ ،‬والإجنرافات الطينية)‪.‬‬ ‫يف الواقع‪� ،‬إنّ امل�شكلة ال تكمن يف ازدياد النمو‬ ‫ال�سكاين (كما يعـتقـد �أن�صار مالثو�س)‪ ،‬ولكنها‬ ‫تكمن يف �سـوء التوزيع اجلائر بني ال�سكان‪ .‬والأهم‬ ‫من ذلك ف�أنّ التخطيط اجليد ي�ؤدي اعتيادي ًا �إىل‬ ‫وف��رة الإنتاج للغذاء؛ بكلمة �أخ��رى‪ ،‬ف��إنّ �أ�سا�س‬ ‫امل�شكلة يكمن يف وفرة الإنتاج و�سوء التوزيع‪� .‬إنّ‬ ‫ح�صة الفرد الواحد من الغذاء‪ ،‬ووجبات الطعام‬ ‫الب�شرية قـد �صارت اليوم �أكرب من ذي قبل؛ حتى‬ ‫ال�سـمنة املفرطة اليوم دا ًء م�سـت�شـري ًا‬ ‫�صارت ُ‬ ‫كالوباء اجلائح يف العامل‪.‬‬ ‫وحقيق ًة‪ ،‬ف�إنّ و�سائل الإعالم قلقة ب�ش�أن جبال‬ ‫الزبد واجل�بن امل�خ�زّن‪ ،‬وال��ذي م��ا َع وتال�شى �أو‬ ‫�صا َر نفايات (تـُرمى يف البحر) ك ّل ذلك من �أجل‬ ‫تثبيت ورفع �أ�سعار ال�سلع‪ ،‬ح�سب قوى ال�سوق يف‬ ‫العر�ض والطلب‪ .‬كذلك‪ ،‬ف�إنّ هناك جبال احلبوب‬ ‫(من القمح وال�شعري وال�شوفان)‪ ،‬وبحريات من‬ ‫احلليب والعـ�سـل (ه��ذا عـدا بحريات اخلمر)؛‬ ‫ومل يو ّزع �شي ٌء من هذا الفائ�ض الغذائي الهائل‬ ‫بالت�ساوي داخلي ًا‪ ،‬وال هو �أُر� ِ��س�ـ� َ�ل �إىل الأقطار‬ ‫الفقرية لتخفيف معاناتها‪.‬‬ ‫بالرغم من م�ساوئ نظرية مالثو�س العـديدة‪،‬‬ ‫لكن مالثو�س �أثـّر يف ال�سيا�سيني و�صنـّاع القرار يف‬ ‫العامل اجلديد الفتعال حروب كو�سيل ٍة لتخفي�ض‬ ‫�سكان الأع��راق الرديئة ل�صالح العرق الأوروب��ي‬ ‫الأبي�ض املتفوق ( ُم�ع�ـ�زّز ًا بذلك نظرة مركزية‬ ‫�أوروب ��ة للعامل)‪ .‬واحلقيقة �أنّ نظرية مالثو�س‬ ‫�أثـّرت يف �سيا�سة �شركة الهند ال�شرقية الربيطانية‬ ‫(كان جيم�س ميل‪ ،‬احلاكم العام لل�شركة الذي‬ ‫�شغل من�صبه ‪� 1835-1828‬صديق ًا حميم ًا‬ ‫و ُمعجب ًا كبري ًا بـ مالثو�س)‪ .‬كما �أنّ رئي�س الوزراء‬ ‫الربيطاين وليم بـِت ال�صغري (الذي �شغل من�صبه‬ ‫‪ 1801-1783‬و�أي�ض ًا ‪ )1806 - 1804‬كان‬ ‫�أحد املُم ّيزين املت�أثرين بـ مالثو�س‪ ،‬فـبعـد قراءته‬ ‫لكتابات مالثو�س �سحب فج�أ ًة قراره الذي قدّمه‬ ‫لتمديد �إع��ان��ة ال �ف �ق��راء!!! وم��ا زال امل��ؤرخ��ون‬ ‫الأوروبيون يعـللون اال�ستعـمار الإ�سباين والأوروبي‬ ‫لأمريكـا وقتل �سكانها الأ�صليني على �أن��ه جاء‬ ‫نتيجة ً لأزمة مالثو�س!!!‬ ‫والأه � ��م م��ن ذل ��ك ك�ل��ه �أنّ ن�ظ��ري��ة مالثو�س‬ ‫االجتماعـية � �ص��ارت مبثابة ق��ان��ون االقت�صاد‬ ‫االجتماع ّـي وهي التي �أثـّرت يف ا�سـتحداث فكرة‬

‫البقاء للأ�صلح‪ ،‬امل�صطلح املرتبط بعالمِ علوم‬ ‫الإن���س��ان (الأن�ثروب��ول��وج��ي) هـربـرت �سبن�سر‬ ‫(‪� ،)1903-1820‬أو �أن �ـّ��ه مرتبط بـنظرية‬ ‫"�إجنيل الثـروة" لكاتبه �أندرو كارنيجي �كانت‬ ‫جل�ن��ة ك��ارن�ي�ج��ي ه �ـ��ذا معـنية مب�شكلة ال��رج��ل‬ ‫الأبي�ض امل�سكني (!) يف جنوب �أفـريقـيا‪ ،‬ومن‬ ‫ثم لعبت دور ًا رئي�سـ ّي ًا يف �إقامة �سيا�سة الف�صل‬ ‫العن�صري يف جنوب �أفريقي ًا�‪.‬‬ ‫ثم كان م�صطلح �سبن�سر‪ :‬البقاء للأ�صلح هو‬ ‫الذي �أل َه َم �شارل�س دارون و �ألفريد را�سيل واال�ص‬ ‫يف ا�ستحداث نظريتهما حول "االنتقاء الطبيعي"‬ ‫�لنظرية التطو ًر�‪ .‬ففي ‪ 1857‬ح ّرر َ �سبن�سر عـمله‬ ‫الكبري‪( :‬التـقـدّم‪ :‬قوانينه و�أ�سبابه) ب�سـنتني‬ ‫قـُبيل ن�شر دارون لكتابه‪ :‬عـن �أ�صل الأنواع املطبوع‬ ‫عام ‪ .1860‬كان �سبن�سر و دارون مـتعـا�صـرين‪،‬‬ ‫بل كانا �صديقـني حـميـمـني‪ .‬فلقد قام �سبن�سر‬ ‫(املُعا�صر ل���دارون) ب ��دوره با�ستخدام نظرية‬ ‫التطور البيولوجي ل��دارون م��ؤخ��ر ًا يف ‪،1870‬‬ ‫مفهوم (تطور الطبقات االجتماعـي)‬ ‫�ستحدث ًا‬ ‫ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫يف حماولة لإ�ضفاء �صبغة علمية على التفكري‬ ‫االجتماعـي‪ .‬ثم ط ّبق �سبن�سر ما ا�ستحدثه من‬ ‫(التطور االجتماعـي) ُم�سقط ًا �إي��اه على جميع‬ ‫واعـد ًا بر�ؤيته التفا�ؤلية‬ ‫مناحي وفعاليات الإن�سان‪ِ ،‬‬ ‫مل�ستقبل �أف�ضل‪ .‬ومن ثم امتزجت نظرية (التطور‬ ‫االجتماعـي) ل�سبن�سر بالنظرية البيولوجية‬ ‫(احل�ي��ات�ي��ة) للتطور يف ت�ق��دمي م�ف�ه��وم جديد‬ ‫�خاطئ� هـو‪( :‬دارونية الطبقات االجتماعـية)‪.‬‬ ‫احلقيقة �أنّ عـمل مالثو�س عام ‪" 1798‬مقالة يف‬ ‫مبد�أ التكاثر ال�سكا ّ‬ ‫ين" قد �شاع على نطاقٍ وا�سع‬ ‫ال ُي�صدّق‪ ،‬فقـد ق��ر�أه جميع ُمنظـّري الدارونية‬ ‫االجتماعـية‪ .‬فقـد قر�أ ك ٌّل من �شارل�س دارون‪ ،‬و‬ ‫�ألفريد را�سيل واال�ص لـ مالثو�س واعرتفا بالدور‬ ‫ال��ذي لعـبه مالثو�س يف تكوين �أفكارهـما‪ .‬قر�أ‬ ‫دارون مقالة مالثو�س يف مبد�أ التكاثر ال�سكاين‬ ‫عام ‪� ،1838‬أي ب�أربع �سنوات بعد وفاة مالثو�س‪.‬‬ ‫وي�شري دارون ل�ـ مالثو�س على �أ ّن ��ه الفيل�سوف‬ ‫العظيم‪ ،‬فقـد ق��ال‪« :‬مبد�أ مالثو�س هذا ينطبق‬ ‫بقـوة ُم�ضاعـفة على ممالك احليوان والنبات‪،‬‬ ‫لأنه يف هذه احلالة ال يوجد ازدياد �صناعي ملوارد‬ ‫الغـذاء‪ ،‬ولي�س هـناك ان�ضباط عاقل للزواج»‪ .‬كما‬ ‫أهم كتاب قر�أته هـو‬ ‫قـرر واال�ص‪« :‬لكن رمبا كان � ّ‬ ‫كتاب مالثو�س حول مبد�أ التكاثر ال�سكاين»‪.‬‬ ‫وم ��ن ث��م اق�ت�رح اب ��ن ع��م دارون فران�سي�س‬ ‫جالتون يف عام ‪ 1865‬وع��ام ‪ 1869‬قيام علم‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪25 2013‬‬


‫حت�سـني الن�سـل (�سـ ّماها‪ :‬يوجينيك�س)‪ .‬وكلمة‬ ‫يـو‪ -‬جينيك�س م�شتقة من الكلمة الإغريقـية‪ :‬يو‬ ‫(مبعنى ج ّيد) والحقة‪ :‬جينيك�س (ا�سـتيالد) التي‬ ‫ا�ستحدثها ال�سري فران�سي�س جالتون عام ‪1883‬‬ ‫وع ّرفها ب�أنها «درا�سة جميع القوى الإدارية حتت‬ ‫ال�سيطرة الب�شرية لتح�سني �أو �إ�ضعاف نوعـية‬ ‫ال�ع�ـ��رق الب�شري لأج �ي��ال امل�ستقبل»‪ .‬وناقـ�ش‬ ‫جالتون ب�أنه مثلما تتوارث املوا�صفات اجل�سدية‬ ‫الفيزيائية بو�ضوح يف الأجيال الب�شرية‪ ،‬فكذلك‬ ‫ال�صفات العقلية (كالعبقرية واملوهبة)‪ .‬وناق�ش‬ ‫جالتون ب ��أن �أخالقيات املجتمع يجب �أن تتغري‬ ‫حتى تكون عملية الوراثة قرار ًا واعـي ًا مق�صود ًا‪،‬‬ ‫من �أج��ل تفادي التوالد الكثري لأف��راد املجتمع‬ ‫"الأقل �صالحية وكفاءة" والتوالد القليل للأفراد‬ ‫"الأكرث �صالحية وكفاءة"‪ .‬ويف ر�ؤية جالتون‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫امل�ؤ�سـ�سـات االجتماعـية‪ ،‬مثل‪ :‬مالجئ املعـوقني‬ ‫وم�صحات املجانني �إمنا ت�سمح ببقاء ودميومة‬ ‫الب�شر الرديء الدون مب�ستويات �أ�سرع من الب�شر‬ ‫املتفوق يف املجتمع اجلدير ب��االح�ترام‪ ،‬و�إذا مل‬ ‫تُـتّخذ �إجراءات الت�صحيح‪ ،‬ف�إنّ املجتمع �سرعان‬ ‫ما يكون مغـمور ًا بالرديء الدون‪.‬‬ ‫والفقرة التالية لـ مالثو�س تو�ضح ت�أثريه على‬ ‫جالتون‪ ،‬حيث يقول مالثو�س (يف كتابه "مقالة‬ ‫يف مبد�أ التكاثر ال�سكا ّ‬ ‫ين" عام ‪ ،1798‬الف�صل‬ ‫ال�ت��ا��س��ع‪��� ،‬ص ‪ )72‬وه��و ي�ق�ترح ط��رائ��ق تربية‬ ‫احليوان التي ميكن تطبيقها على الإن�سان‪ ،‬قبل‬ ‫فكرة فران�سي�س جالتون التي �س ّماها من بعـد‬ ‫"يو‪ -‬جينيك�س" (حت�سني الن�سل) العام ‪:1883‬‬ ‫«ال يبدو ‪...‬عـلى �أي حال �أنّ االهـتمام بتوليد‬ ‫�ساللة حم�سنة بعـ�ض ال�شيء (مبا ي�شبه ا�ستحداثه‬ ‫يف احلـيوانات)‪� ،‬أمر ًا عـ�سري ًا ال ميكن ا�ستحداثه‬ ‫بني بني الإن�سان‪ .‬قـد يكون انتقال الذكاء �أمر ًا‬ ‫م�شكوكـ ًا فيه؛ لكن موا�صفات ال�ضخامة‪ ،‬والقوة‪،‬‬ ‫واجل �م��ال‪ ،‬والب�شرة‪ ،‬ورمب��ا ط��ول العـمر ميكن‬ ‫الب�شري ال‬ ‫نقلها حلـدٍ م��ا‪ ...‬ولـ ّما ك��ان ال ِعـرق‬ ‫ّ‬ ‫ميكن حت�سـينه دون �شجب و�إجبار جميع العـ ّينات‬ ‫الرديئة للتبتل والعـزوبية (االمتناع من التـنا�سل)‪،‬‬ ‫أمر عا ّم»‪.‬‬ ‫لذا فال ميكن تعـميم هـذا التوالد ك� ٍ‬ ‫وهذه النظريات املُنادية بالـ "ال ِعـرق املتـفـ ّوق"‪،‬‬ ‫وهو عاد ًة ِعـرق "نورديك" (�سكان �شمال �أوروبة‬ ‫آري"‬ ‫من اجلرمان والإ�سكندنافيني) وال ِعـرق "ال ّ‬ ‫مع حت�سني الن�سل (يوجينيك�س)‪ ،‬التي ابتكرهــا‬ ‫�سري فران�سي�س جالتون (مع �آخرين) و�أ�شاعـها مع‬ ‫أ�سـا�سي‬ ‫مطلع القـرن العـ�شـرين‪ ،‬كان لها الت�أثري ال‬ ‫ّ‬ ‫‪26‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫البارز يف �سـيا�ســات النازية ال ِعـرقـية وبرناجمهم‬ ‫يف حت�ســني الـنـ�ســل (يو‪ -‬جينيك�س)‪.‬‬ ‫ط�� � ّور ج��ال �ت��ون ع �ل��م ي��وج�ي�ن�ي�ك����س (حت���س�ين‬ ‫الن�سل) ومبد�أه الأ�سا�س هو "ال�سيطرة" وتعزيز‬ ‫القيا�ســات النوعية والتحليلية ل�ـ "ال ِـ�سـمات‬ ‫املرغـوبة" لأج ��ل �إع� ��داد دل�ي��ل ُم��ر��ش��د لكيفية‬ ‫احل�صول على "الن�سل املمتاز حق ًا"‪� .‬إ�ضاف ًة‬ ‫لـ �آرثر دي جوبينيو (�أحد م�ؤ�سـ�سي العـن�صرية‬ ‫البيولوجية) م�ؤلف "مقالة يف التباين يف الأعـراق‬ ‫الب�شرية" عام ‪ ،1853‬ف ��إنّ م�ؤلفات التـمـيـيـز‬ ‫العـِرقي العـلـمي الأخ��رى التي �أثـّرت كثري ًا يف‬ ‫النازية ت�شمل �أي�ض ًا‪ :‬مادي�سـون جرانت‪ ،‬م�ؤلف‬ ‫(عـبور ال ِعـرق العـظيم) عام ‪ ،1924/1916‬مع‬ ‫لوثـروب ت‪� .‬شـتودارد‪ ،‬م�ؤلف (ارتفاع َمـ ّد اللون‬ ‫�ض ّد تفـوق العامل الأبي�ض) عام ‪.1920‬‬ ‫ـلمي كان‬ ‫وعلى الأغـلب‪ ،‬ف�إنّ التمييز ال ِعـرقي الع ّ‬ ‫و�صمـة عـار �أعطيت �أحيان ًا للنظريات واملقرتحات‬ ‫احلديثة التي ت ّدعـي �أنّ الدليل العـلمي قد ّ‬ ‫و�ضح‬ ‫فـروقــ ًا بالغة الأهمية يف التطور بني الأعـراق‬ ‫واملجاميع الأثـنـ ّيـة‪.‬‬ ‫لقد ق��ر�أ دارون كتابات اب��ن عـمه (جالتون)‬ ‫ب�شغـف و�شديد اهتمام‪ ،‬حتى �أنـّه ك ّر�س ف�صو ًال يف‬ ‫كتابه (�أ�صل الإن�سان) ملناق�شـة نظريات جالتون‪.‬‬ ‫ميراث اللغـة اإلنجليزية العـنصري‬ ‫البغـيض وطبقات المنبوذين‬

‫�إنّ ما ي�سمى بالعن�صرية العلمية قـد �أثرت ت�أثري ًا‬ ‫بالغ اخل�ط��ورة يف اللغة الإجنليزية والأوروب �ي��ة‬ ‫(خ�صو�ص ًا الإ�سبانية) وزودت ُمفـرداتها اللغوية‬ ‫بكوكب ٍة كبري ٍة من الكلمات العن�صرية املُخزية‪،‬‬ ‫ب��ل واملُ��ر ّوع��ة ل��درج��ة �أنّ �أوروب� ��ة ال �ي��وم حت��اول‬ ‫عـدّها كلمات مندثرة مهجورة م��ن �أج��ل طمر‬ ‫وطم�س تلك احلقبة التاريخية (املرتبطة بهذه‬ ‫الكلمات) و�إخفاءها من ب�ساط البحث‪ ،‬وذلك‬ ‫ب�سبب الوط�أة القانونية للميثاق الأوروبي حلقوق‬ ‫الإن�سان (التي ُو ِ�ضعـت م�سودته عام ‪ 1950‬ودخل‬ ‫حيز التطبيق يف ‪� 3‬أيلول ‪ )1953‬وقانون حقوق‬ ‫الإن�سان الربيطاين لعام ‪ 1998‬اللذين يت�ضمنان‬ ‫احلقوق واحلريات الأ�سا�سية اجلوهرية املكفولة‬ ‫وت�شمل‪ :‬حـقّ الإن�سان يف احلياة؛ واحلقّ يف التحرر‬ ‫من التعـذيب واملعاملة املهينة؛ والتحرر من ّ‬ ‫رق‬ ‫العـبودية والعـمل الإج �ب��اري؛ م��ع حرية الفكر‬ ‫وال�ضمري والدين وحرية التعبري عن املعتقدات؛‬ ‫وح��ق الإن�سان يف التحرر (العي�ش يف وط��ن حر‬ ‫دومنا ا�ستعمار)‪.‬‬

‫�شرح الربوفي�سور وورد ت�شر�شل يف كتابه (م�س�ألة‬ ‫�صغـرية حول الإبادة اجلماعـية – حمرقة الإبادة‬ ‫الكاملة و�إنكارهـا يف الأمريكتني من عام ‪1492‬‬ ‫وحتى الوقت احلا�ضر) «ن�شرته كتب �سيتي اليت‬ ‫يف �سان فران�سي�سكو ‪ »1997‬يف �صفحة ‪107‬‬ ‫– ‪ ،108‬ب ��أنّ الأنظمة اال�ستعمارية يف الأم�ير‬ ‫كتني اجلنوبية والو�سطى‪ ،‬مع املك�سيك واجلزء‬ ‫اجلنوب‪ -‬الغربي من الواليات املتحدة املعا�صرة‪،‬‬ ‫قد ا�ستعمرت البالد لأجل تقوية النظام اجلديد‬ ‫يف املقاطعات اخلا�ضعة لنفوذها ح�سب قواعد‬ ‫عن�صرية �صارمة ومف�صلة ومعـقـدة و ُمـ�شينة‪.‬‬ ‫�سـرد الكاتب الأمريكي �أليك�سي�س دي توكفيل‬ ‫هذه املقولة‪« :‬هذا الرجل املولود يف املهانة‪ ،‬هذا‬ ‫الغـريب بيننا والدخيل �إلينا ع��ن طريق ال� ّ‬ ‫�رق‬ ‫(العـبودية)‪ ،‬بالكاد ميكن عـدّه م�شرتك ًا معـنا يف‬ ‫مزايا الإن�سانية العامة‪ .‬فوج ُهه يبدو �شــنيعـ ًا لنا‪،‬‬ ‫ذكائه حمدود‪ ،‬وذوقه خ�سي�س؛ ونحن على الغالب‬ ‫نعـدّه �أ�شبه بكائن و�سيط بني الإن�سان والبهائم»‪.‬‬ ‫ويف ج��زء من �إح��دى قواعـد القانون النافـذ يف‬ ‫ا�سبانية اجلديدة ��أي احلكم الإ�سباين يف �أمريكة‬ ‫اجلنوبية والو�سطى� يف القرن الثامن ع�شر ‪،‬‬ ‫يو�ضح كل هذه القوائم املُ�صنفة يف �أمريكة املحتلة‬ ‫م��ن قبل الآي �ب�يري�ين (اال� �س �ب��ان والربتغاليني)‬ ‫�تو�ضح تدرج املنبوذين املُخـلـّطني من عالقات‬ ‫وزيجات خمتـلطة بني الأعـراق الثالثة ال�صافية‬ ‫الأ�صيلة يف �أمريكة‪ :‬القوقازي الأبي�ض‪ ،‬الأفريقي‬ ‫الأ�سود‪ ،‬والهندي الأمريكي�‪:‬‬ ‫‪ .1‬ا��س�ب��اين م��ع هـندية ��أمريكية� ينجبان‬ ‫(مزيج �أي مخُ ّلط)‬ ‫َم�ستيزو‬ ‫ُ‬ ‫‪َ .2‬م�ستيزو (رجل �أو امر�أة) مع امر�أة ا�سبانية‬ ‫(�أو ا�سباين) ينجبان كا�ستيزو‪.‬‬ ‫‪ .3‬ام ��ر�أة �أو رج��ل كا�ستيزو م��ع ا��س�ب��اين �أو‬ ‫ا�سبانية ينجبان ا�سباين‪.‬‬ ‫‪ .4‬امر�أة ا�سبانية �أو ا�سباين مع زجني �أو زجنية‬ ‫ينجبان موالتـو (مولـّد)‪.‬‬ ‫‪ .5‬ا�سباين �أو ا�سبانية مع امر�أة موالتـو (مولـّدة‬ ‫�أو مو ّلـد) ينجبان موري�سكـو (مغـربي)‪.‬‬ ‫‪ .6‬امر�أة موري�سكـية مع ا�سباين ينجبان �ألبـيـنـو‬ ‫‪ .7‬ا�سباين مع ام��ر�أة �ألبـيـنـية ينجبان تـورنا‬ ‫�أتـرا�س‪.‬‬ ‫‪ .8‬هـندي ��أمريكي� مع ام��ر�أة تورنا �أترا�س‬ ‫ينجبان لـوبـو (مبعـنى الذئب)‪.‬‬ ‫‪ .9‬لـوبـو مع امر�أة هـندية ينجبان زامـبـياكــو‬ ‫‪ .10‬زامـبـياكـو مع ام��ر�أة هـندية ��أمريكية�‬


‫ينجبان كامـبـيـوجـو‪.‬‬ ‫‪ .11‬كامـبـيـوجـو مع ام��ر�أة موالتـو (مولـّدة)‬ ‫ينجبان �ألبارازادو‪.‬‬ ‫‪� .12‬أل �ب��ارازادو مع ام��ر�أة موالتـو (مولـّدة)‬ ‫ينجبان بار�ســيـنـو‪.‬‬ ‫‪ .13‬بار�سـيـنـو مع موالتـو (مولـّد �أو مولـّدة)‬ ‫ينجـبان كـويـوت‪.‬‬ ‫‪ .14‬امر�أة كـويـوت مع هـندي ��أمريكي� ينجبان‬ ‫�شــامـيـ�سـو‪.‬‬ ‫‪ .15‬ام��ر�أة �شـامـيـ�سـية مع َم�ستيزو ينجبان‬ ‫كـويـوت َم�سـتيزو‪.‬‬ ‫‪ .16‬كويوت َم�سـتيزو مع امر�أة مـوالتـو (مولـّدة)‬ ‫ينجبان �آهي تي �إيـ�ستا�س‪.‬‬ ‫وتكمل �أ�سماء هذه القائمة املُـ�شينة نظام معقـد‬ ‫�آخـر لهـذا الرتكيب العـن�صري االجتماعـي يف‬ ‫ُم�سـتعـمرة مك�سـيكـو (وردت �أ� �ص�ل ًا يف بحث‬ ‫نيكوال�س ليون يف ‪( 1924‬ال�س كا�ستا�س َم�ستيزج‬ ‫دي��ل مك�سيكو كولونيال �أو نيوفا ا��س�ب��ان��ا)‪ّ ،‬مت‬ ‫اقـتـبـا�ســه يف م‪ .‬د‪� .‬أوليان ‪ ،1973‬الأمريكان‬ ‫ال�لات�ي�ن�ي��ون‪ :‬ال�شعـوب امل�ع�ـ��ا��ص��رة وع�ـ��ادات�ه��م‬ ‫الثـقافـيــة‪� ،‬صفحة ‪:)94‬‬ ‫‪ .17‬موري�سكو (مغـربي) مع ا�سبانية ينجبان‬ ‫چـيـنـو‪.‬‬ ‫‪ .18‬چـيـنـو مع هـندية �أمريكية ينجبان �سالتا‬ ‫�أترا�س‪.‬‬ ‫‪� .19‬سالتا �أترا�س مع ام��ر�أة موالتـو (مولـّدة)‬ ‫ينجبان لـوبـو‪.‬‬ ‫‪ .20‬لـوبـو مع امر�أة چـيـنـو (�أي چـيـنـا) ينجبان‬ ‫جـيـبـارو‪.‬‬ ‫‪ .21‬جـيـبـارو م��ع ام ��ر�أة موالتـو (م��ول�ـّ��دة)‬ ‫ينجبان �ألبارازادو‪.‬‬ ‫‪� .22‬أل� �ب ��ارازادو م��ع ام ��ر�أة ��س�ـ��وداء ينجبان‬ ‫كامبيوجـو ‪.‬‬ ‫‪ .23‬كامبيوجـو مع هـندية �أمريكية ينجبان‬ ‫�سـامـبـيـوجـو‪.‬‬ ‫‪� .24‬سـامـبـيـوجـو مع امر�أة لـوبـو ينجبان كالپـا‬ ‫مـوالتــو‪.‬‬ ‫‪ .25‬كالـپـا مـوالتــو م��ع ام� ��ر�أة كامبـيـوجـو‬ ‫ينجبان تـنـتي �إنال �أير‪.‬‬ ‫‪ .26‬تـنـتي �إنال �أير مع امر�أة موالتـو (مولـّدة)‬ ‫ينجبان نـو تي �إنـتـيـنـدو‪.‬‬ ‫‪ .27‬نـو تي �إنـتـيـنـدو مع هـندية �أمريكية ينجبان‬ ‫تـورنـا �أترا�س‪.‬‬ ‫ُو�ِ��ض � َع هنود �أم�يرك��ة الأ�صليني يف احل�ضي�ض‬

‫الأ�سفل من تدرج هذه القوائم‪ ،‬ويف العـديد من‬ ‫احلاالت يعـدون عـملي ًا ال وجود لهم البتة‪� .‬إنّ هذا‬ ‫املوقف ميثل �أق�صى ح��االت الو�سو�سة الق�سرية‬ ‫الأوروبية نحو غري الأوروبيني‪ .‬واليوم و�إنْ �أُ�س ِقطـَت‬ ‫�أنظمة املنبوذين قانوني ًا‪ ،‬لكن التحـ ّيز االجتماعـي‬ ‫املُجحف واال�ستغالل االقت�صادي ال زال م�ستمر�أً‬ ‫ال يهد�أ‪ .‬بالرغم من �أن القمع العن�صري املُعـلـن‬ ‫مل يعـد م�سموح ًا به قانوني ًا‪ ،‬لكن النا�س ال زالوا‬ ‫حمتفظني ب��آرائ�ه��م ال�شخ�صية نحو الأع�ـ��راق‬ ‫الأخ��رى بناء ًا على �أفكار متح ّيزة ُم�سـبقة‪ .‬يف‬ ‫ع��ام ‪ ،1976‬ق��ام املعهد الربازيلي للجغرافية‬ ‫والإح�صاء بدرا�سة لت�صنيف النا�س على �أ�سا�س‬ ‫عرقي من خالل �س�ؤالهم لتعـيني �ألوان جلودهم‪،‬‬ ‫والذي انتهى �إىل ‪ 134‬م�صطلح ًا ُرت ّـ َبـت ترتيب ًا‬ ‫�أبجدي ًا‪.‬‬

‫زجني مع هندية �أمريكية ُمنجبني لوبو‪ ،‬وهو‬ ‫لوحة تو�ضح‪ّ :‬‬ ‫هنا بديل ل زامبو‪.‬‬ ‫ت�صوير لطفل زامبو‪ ،‬يف لوحات املنبوذين من ا�سبانيا‬ ‫اجلديدة يف القرن الثامن ع�شر‪.‬‬

‫زجن ي مع امر�أة موالته (مولدة) ينجبان �أي�ض ًا �سامبو‬ ‫(زامبو) املدر�سة الهندية‪277 ،‬‬

‫ت�صوير َم�ستيزو يف لوحات املنبوذين يف املك�سيك خالل‬ ‫فرتة اال�ستعمار اال�سباين‪.‬‬ ‫ال���ص��ورة تو�ضح ا�سباين م��ع هندية �أمريكية منجبني‬ ‫َم�ستيزو‬

‫ا�سباين مع امر�أة َم�ستيزو ينجبان كا�ستيزو‬

‫امر�أة ا�سبانية مع زجني ينجبان موالتو )مولد(‬

‫ا�سباين مع موالته (�أي مو ّلدة) ينجبان موري�سكو‬ ‫(مغربي )حوايل ( ‪)3671‬‬

‫هندية �أمريكية مع موالتو (مو ّلد) ينجبان چينو‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪27 2013‬‬


‫يعرف معناهما»‪.‬‬ ‫‪ .1‬ا�سبان مع هـنود �أمريكان (مثل‪َ :‬م�سـتيزو‬ ‫�أن�ظ��ر امل�صادر يف ال�شبكة العـنكبوتية حتـت وكا�سـتيزو)‪.‬‬ ‫عنوان‪:‬‬ ‫‪ .2‬ا�سبان مع �أفارقة (موالتـو وموري�سكـو)‪.‬‬ ‫‪ .3 Casta‬هـنود �أمريكان مع �أف��ارق��ة (زام�ب��و‪ ،‬لوبو‪،‬‬ ‫و�أي�ض ًا ‪:‬‬ ‫‪ Yasmín Ramírez‬كويـوت)‪.‬‬ ‫"‪New World Orders: Casta Painting‬‬

‫‪ and Colonial Latin America at the‬بعض المصطلحات اإلستعمارية‬ ‫‪ "Americas Society‬العنصرية الجديدة‬ ‫‪Magazine (December 2,‬‬

‫َم�ستيزو مع هندية �أمريكية ينجبان كويوت‬

‫َم�ستيزو مع هندية �أمريكية ينجبان كولو‬

‫منوذج من �ألواح املنبوذين من �أهايل بريو‬ ‫َم�ستيزو‪َ ،‬م�ستيزو‪َ ،‬م�ستيزو ‪ :‬يو�ضح زواج ًا خمتلط ًا بني‬ ‫جمموعة املنبوذين‪.‬‬

‫وال نن�سى امل ��ؤل��ف االجن�ل�ي��زي (دان �ي��ل ديفو)‬ ‫الذي ن�شر عام ‪1719‬م روايته ال�شهرية امل�سماة‬ ‫ب�إ�سم البطل (روبن�سون كرو�سو) الذي جنا بعد‬ ‫حتطم ال�سفينة فالقى يف اجلزيرة مواطن ًا �أ�سود‬ ‫ُو ِ�ض َع يف اجلزيرة عقاب ًا له �أم�ل ًا يف موته‪ .‬يقول‬ ‫كروزو �بعن�صرية وعنجهية 'ال�سيد' املت�س ّيد على‬ ‫الآخرين�‪« :‬كنت �أفهمه بعدة �أ�شياء‪ ،‬و�أعلمته‬ ‫وقت ق�صري ب��د�أتُ �أتكلم معه‪،‬‬ ‫ب�سعادتي به‪ ،‬ويف ٍ‬ ‫و�أع ّلمه ليتكلم معي‪� ،‬أو ًال ع ّرفته �أن ا�سمه يجب‬ ‫�أن يكون (جمعة) وهو اليوم الذي �أنقذتُ حياته‬ ‫فيه‪� ،‬أنا �س ّميته هكذا لذاكرة الوقت‪ ،‬وباملثل ع ّلمته‬ ‫�أن يقول (�س ّيد)‪ ،‬وبعد ذلك‪� ،‬أعلمته �أن ذلك هو‬ ‫ا�سمي (!)‪ ،‬كذلك علمته �أن يقول‪ :‬نعم‪ ،‬وال‪ ،‬و�أن‬ ‫‪28‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪artnet‬‬ ‫‪)1996‬‬

‫�إ�ضاف ًة للأ�سماء املهجورة من الذين ولدوا من‬ ‫زيجات خمتلطة هناك‪:‬‬ ‫ت�ي�ر� �س�ي�رون (ث �ل��ث �أ� �س�ل�اف��ه م��ن ال ��زن ��وج)‪،‬‬ ‫كوارتريون (ربع �أ�سالفه من الزنوج)‪ ،‬و كوينتريون‬ ‫(اخلام�س يف �ساللة من �أ�صل زجني و�أوروب��ي)‬ ‫وهذه ال حتتاج ل�شرح‪ .‬ال يزال �أهايل بريو الأ�سبان‬ ‫يحتفظون مب�صطلحات كولـو (مولود من �أ�سالف‬ ‫َم�ستيزو مع هندية �أمريكية) و چـيـنـو‪ .‬لكن َمـن‬ ‫يتذكر اليوم �أهمية هـذه الأ�سماء مثل‪ :‬كا�ستيزو‪،‬‬ ‫موري�سكو‪ ،‬لـوبـو‪ ،‬جـيـبارو‪� ،‬ألبارازادو‪ ،‬كامبيوجـو‪،‬‬ ‫بار�سـيـنـو‪ ،‬بو�شيل‪ ،‬كويـوت‪� ،‬شـاميـ�سـو‪ ،‬جالـفـارو‪،‬‬ ‫جـيـنـيـزارو‪ ،‬جـريفـو‪ ،‬جارو�شـو‪ ،‬و �سـامـبـاجـو‪� ،‬أو‬ ‫الأ�سماء الأكرث زخرفة‪� :‬سالتا �أترا�س‪ ،‬تـنـتي �إنال‬ ‫�أي��ر‪ ،‬نـو تي �إنـتـيـنـدو‪� ،‬آهي تي �إيـ�ستا�س‪ ،‬وغـري‬ ‫ذلك؟‬ ‫ب��إخ�ت���ص��ار‪ ،‬ك��ان مت ��ازج الأج �ن��ا���س (املُ�سمى‬ ‫ميزجيني�شن من الالتينية ميز �أي ميتزج‪� ،‬أو‬ ‫العربية م��زي��ج‪ ،‬م��ع كلمة جيني�شن م��ن جن�س)‬ ‫م�صطلح ًا �أوروب�ي� ًا جاء مع اال�ستعمار الأوروب��ي‬ ‫للعامل اجلديد منذ ع�صر الإكت�شافات‪ .‬وتاريخي ًا ‪،‬‬ ‫فامل�صطلح كان ي�ستخدم قانوني ًا بعـد حترر العبيد‬ ‫يف ال��والي��ات املتحدة الأمريكية ح�سب القوانني‬ ‫املانعة لتمازج الأج�ن��ا���س ع��ن طريق ال ��زواج �أو‬ ‫اجلن�س‪ ،‬وامل�سماة بـ قوانني منع متازج الأجنا�س‪.‬‬ ‫لذلك فامل�صطلح يعـ ّد اليوم عـدواني ًا حل��دٍ ما‪.‬‬ ‫متازج الأجنا�س يعني امتزاج الأجنا�س املختلفة‬ ‫عـن طريق الزواج‪ ،‬والتعاي�ش (بني خليل وخليلته‬ ‫دون زواج)‪ ،‬وال �ع�لاق��ات اجلن�سية (ع�لاق��ات‬ ‫ع��اب��رة حم��رم��ة)‪ ،‬والإجن� ��اب التنا�سلي (كلها‬ ‫ع�لاق��ات حرمهـا الإ� �س�لام عـدا رقيق احل��روب‬ ‫الذين ي�صبحوا مملوكي اليمني مع �ضرورة ح�سن‬ ‫معاملتهم والإح���س��ان �إل�ي�ه��م)‪ .‬ب�صورة عامة‪،‬‬ ‫مت��ازج الأجنا�س (كما ر�أينا) ي�شمل ‪ 3‬جماميع‬ ‫من الذرية‪:‬‬

‫َمـ�ستيزو ه��و م�صطلح ا�ستعـماري ا�سباين‬ ‫وب ��رت� �غ ��ا ّ‬ ‫(م �ـ���س�ـ�ت�ي�ك��و) ك���ان م���س�ت�ع�م�ل ًا يف‬ ‫يل َ‬ ‫الإمرباطوريتني الأ�سبانية والربتغالية يف �أمريكة‬ ‫الالتينية للإ�شارة �إىل النا�س املنبوذين املُخـ ّلطني‬ ‫أ�سالف �أوروبية وهـندية �أمريكية‪ُ .‬ي�شـكـّل‬ ‫من � ٍ‬ ‫َمـ�ستيزو غالب �سكان �أمريكة الالتينية‪.‬‬ ‫مزيج (من‬ ‫كلمة َم�ستيزو م�شتقة من العربية ُ‬ ‫الفعل َم� ��زَ َج) وم��ن الالتينية ميك�ستيو�س �أي‬ ‫ممتزج‪ .‬يف اللغة الربتغالية والفرن�سية ت�ستخدم‬ ‫الكلمتان كابوكلـو‪ ،‬ميـتـ�س يف امرباطورياتهم‬ ‫لتحديد الأ�شخا�ص من �أ�سالف ال�سكان الأ�صليني‬ ‫املخلوطني مع الأوروبيني‪ .‬ح�سب امل�ؤرخني مايكل‬ ‫ماير و وليم �شريمان ف���إنّ ا�ستعـمال ا�سبانية‬ ‫اال�ستعمارية مل�صطلح َم�ستيزو يف القرن ال�ساد�س‬ ‫ع�شر "كان بالغالب مقرون ًا باللقيط" (�أي الإبن‬ ‫غري ال�شرعي)‪ .‬حتت نظام املنبوذين يف �أمريكة‬ ‫اال�سبانية ويف ا�سبانية‪ ،‬ف ��إنّ م�صطلح َم�ستيزو‬ ‫�أ� ً‬ ‫صال ينطبق على الأطفال الناجتني من الإحتاد‬ ‫بني �أبوين �أحدهما �أوروبي والآخر هـندي �أمريكي‬ ‫�أو الأطفال الناجتني من �أبوين كليهما َم�ستيزو‪.‬‬ ‫خ�لال ه�ـ��ذه احلقـبة‪ ،‬ا�ستعـمِ لت م�صطلحات‬ ‫عديدة �أخرى ت�شمل كا�ستيزو (وهو �شخ�ص ثالثة‬ ‫�أرباعه �أوروبي‪ ،‬ربعه هـندي �أمريكي)‪ ،‬كوارتريون‬ ‫الهندي‪ ،‬و كولو (وهو �شخ�ص ربعه �أوروبي‪ ،‬وثالثة‬ ‫�أرباعه هـندي �أمريكي) لت�شري �إىل الأفراد ذوي‬ ‫الأ�سالف الأوروبية‪ -‬الهـندية �أمريكية املختلطة‬ ‫بن�سب �أقل �أو �أكرث من ن�سبة َم�ستيزو الـ ‪: 50‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫‪ .50‬وهذه امل�صطلحات ت�ستخدم غالبا بدالالت‬ ‫�سلبية‪.‬‬ ‫موالتــه �أو مولـّـدة (من العـربية الذكر موالتو‬ ‫وبالعـربية مولـّـد) بد�أت نتيج ًة لتـفـاعل الإمربيالية‬ ‫اال�سـبانية مع عـبودية الرقـيق على م�ستعـمرات‬ ‫كوبـــا الزراعـية للتبغ وال�سكر‪ .‬فهي جاءت نتيج ًة‬ ‫لعـدم امل�ساواة الإجتماعية الإقت�صادية و�أحيان ًا‬ ‫نتيجة الإ�ستغالل العـنيف للن�ساء ال�سود من قبل‬ ‫ال��رج��ال البي�ض‪ .‬ثم �صارت م�صطلح ًا م�شين ًا‬


‫عند الأوروب��ي�ي�ن‪ :‬فقد اكت�سبت �صبغة جن�سية‬ ‫من قبل الرجال البي�ض يف القرن التا�سع ع�شر‪،‬‬ ‫وتـُذ ّم كـ "امر�أة طليقة دون ارتباط"‪ ،‬ثم �صارت‬ ‫توظـّـف للإجتذاب ال�سياحي للرجال الأوروبيني‬ ‫والأمريكيني يف القرن العـ�شرين (املحـمومني‬ ‫باجلن�س)‪ .‬و ُينظر للـ موالتــه (�أو املولـّـدة) بنف�س‬ ‫الطريقة يف الكاريبي و�أمريكة الالتينية مبا فيها‬ ‫الربازيل‪ .‬يف كـوبـــا كما هو يف الربازيل‪� ،‬أ�صبحت‬ ‫موالتــه �أيقونة ً وطـنـ ّيـ ًة بل ورمـز ًا للتمايز الطبقي‬ ‫العـن�صري الإقت�صادي واجلن�سي‪.‬‬ ‫�ســامبو (�أو زامـبــو) هو م�صطلح عـن�صري‬ ‫�ول هـندية �أمريكية‬ ‫ل�ل�أف��راد املنبوذين من �أ��ص� ٍ‬ ‫�ول �أفريقـية يف الكاريبي كما‬ ‫مخُـ ّلطـة مع �أ��ص� ٍ‬ ‫وي�ستعـمل �أي�ض ًا ب�صورة غري حمددة للفرد الأ�سود‬ ‫يف �أمرية ال�شمالية ويف اململكة املتحدة (بريطانية‬ ‫و�إيرلندا)‪ُ .‬يعـ ّد الإ�سم لطخة عن�صرية‪.‬‬ ‫رمبا دخـلت الكلمة (�سامبو) �إىل الإجنليزية‬ ‫م��ن كلمة �أمريكة الالتينية اال�سبانية زامبـو‪،‬‬ ‫التي بدورها وفـدت من �إحدى م�صاد ٍر ثالث من‬ ‫اللغة الأفريقية‪ .‬فـمعجم ويـبـ�ســرت (طبعة املعجم‬ ‫العاملية الثالثة) يعـ ّد الكلمة قـد جاءت من كلمة‬ ‫الكونغو نزابـو (�أي قـرد)‪ .‬م�صدر �آخر يعـدّها‬ ‫كلمة من قبيلة فوله وتعني (الع ّـم) �أو كلمة من‬ ‫قبيلة هو�ســة وتعني (االبن الثاين)‪ .‬لكن الأقدمية‬ ‫اال�سبانية امللكية جتعل الكلمة من �أ�صل التيني‬ ‫وتعني ياال�سبانية احلديثة "مقـ ّو�س ال�ســاقني"‬ ‫(�إ�شارة للأفارقة)‪.‬‬ ‫زامبو هو م�صطلح ا�سباين (يقابله امل�صطلح‬ ‫الربتغايل كافـيـوزو) م�ستعـمل يف الإمرباطورية‬ ‫اال�سبانية ويف يومنا احلا�ضر لتـمييز الأف��راد‬ ‫أ�سالف �أفريـق ّية مخُـ ّلطة بالأ�صول‬ ‫املنبوذين من � ٍ‬ ‫الهـندية الأمريكية (يقابله امل�صطلح الإجنليزي‬ ‫�ســامـبـو الذي ُيـعـ ّد اليوم و�صمة ع��ار)‪ .‬الكلمة‬ ‫امل�ؤنثة هي زامبه (يجب عدم خلطها مع فولكلور‬ ‫رق�ص �ســامبا الأف �ـ��رو‪ -‬برازيلي‪� ،‬أو مو�سيقى‬ ‫�سامبا‪� ،‬أو فولكلور الرق�ص الأرجنتيني – ُيظن �أنّ‬ ‫الكلمة عربية من زمبة �أو زنبة �أو ز ّمـر مو�سيقى‬ ‫�شـعـبية‪ ،‬فطورها الأ�سبان �إىل رق�ص ومو�سيقى‬ ‫بعـربدة جن�سـية يف احتفال كرنفال �سـنوي)‪.‬‬ ‫ك��ان زام�ب�ـ��و الأوائ �ـ��ل ب��داي � ًة ه��م ذري��ة العبيد‬ ‫الأفارقة و�أغلبهم من امل�سلمني‪ ،‬الذين هـربوا من‬ ‫امل�سـتعـمرات الزراعـية (ب�سبب وح�شية املعاملة)‬ ‫ومن حطام ال�سفـن (خالل طرق جتارة العـبيـد‬

‫يف ال�سفن‪ ،‬حيث ُيـح�شرون فـيها مثل ُعـلب �سمك‬ ‫ال�سـردين)‪ ،‬وقاموا مبغامرات يف خمتلف غابات‬ ‫َ‬ ‫�أمريكة الو�سطى‪ ،‬و�أمريكة اجلنوبية‪ ،‬والكاريبي‪،‬‬ ‫بحـثـ ًا عـن مالذ الأمان‪ .‬التحق ه�ؤالء مبجتمعات‬ ‫الأم��ري �ك��ان ال�ه�ن��ود النائية لالختفاء وال�ه��رب‬ ‫من االعتقال من ال�سلطات اال�ستعمارية‪ .‬مثال‬ ‫لذلك جزيرة ا�سـبانيوال (حالي ًا هايتي وجمهورية‬ ‫دومينيكان) حيث القى العبيد الهاربون بعـ�ض‬ ‫بقايا قبائل تايـنــو‪ .‬ف�ح��دث اخ �ت�لاط ِعـرقي‬ ‫و�أخ��وي‪ ،‬واليوم ت�شكـّل جمموعة ه��ؤالء الأفـرو‪-‬‬ ‫�أمريكي ن�سبة �صغرية من �سكان هايتي وجمهورية‬ ‫دومينيكان‪ .‬كان الهنود الأمريكان – وهم �أحيان ًا‬ ‫حت��ت وط���أة التطويق اال�ستعـماري الأوروب���ي ‪-‬‬ ‫متعـاطفـني متام ًا مع ورطة وابتالء ه�ؤالء العـبيد‬ ‫فرحـبوا بهم يف جمتمعـاتهم وقـ ّدمـوا‬ ‫الهاربني‪ّ ،‬‬ ‫لهم الطعام وامل� ��أوى‪ ،‬وغالب ًا ما قـدّموا بناتهم‬ ‫لهم ك��زوج��ات‪ .‬ل��ذل��ك‪ ،‬ف��الأ��س�لاف الأف��ارق��ة يف‬ ‫جاريـفونا هم عاد ًة ينت�سبون للعـبـيــد الهاربني من‬ ‫حطام ال�سفـن‪ .‬بينما زامـبــو يف ال�شمال الغربي‬ ‫لأمريكة اجلنوبية‪ ،‬من لـوبــو املك�سيك‪ ،‬وغالب‬ ‫زامـبــو الآخرين يعـتقـد �أنـّهم عـموم ًا منحدرين‬ ‫من العـبيد الهاربني من امل�ستعـمرات الزراعـية‪.‬‬ ‫وكما يف �أمريكة ال�شمالية خالل فرتة ا�ستعـباد‬ ‫الرقيق‪ ،‬ففي تاريخ �أمريكة الالتينية �شـواهد على‬ ‫توحـد الأفارقة مع هـنود �أمريكة (الهنود احلمر)‬ ‫ّ‬ ‫واجتماعـهم �سوي ًة مك ّونـني مع�سكرات مترد حرة‬ ‫ملحاربة امل�ستعمرين الأوروب�ي�ين و ُم�ل ّاك العـبيد‬ ‫من الإقطاعـيني‪ .‬يف �أمريكة الالتينية‪�ُ ،‬س ّميت‬ ‫هـذه امل�ستوطنات (التي هي �أ�سا�س ًا للأفارقة‬ ‫العبيد امل�سلمني الهاربني �أو مارون) م�ستوطنات‬ ‫ِكـلومبو�س (خالل طرق جتارة العـبيد‪ ،‬ف�إن �سكان‬ ‫و�سط �أنغوال من املقاتلني واملتمردين (ي�سمون‬ ‫�إمبنغاال) �أن�شئوا م�ؤ�س�سة ت�سمى كيلومبو لتوحيد‬ ‫القبائل املختلفة ب�أن�سابها املتعـددة تهدف �إىل‬ ‫�صهراجلميع يف بوتقة جماعـيـة موحـّدة لأجل‬ ‫املقاومة الع�سكرية خالل زمن الإ�ضطراب‪ ،‬ولعلها‬ ‫من العربية كلمة �أي وحدة الكلمة)‪ .‬ومن �أ�شهـر‬ ‫الكـلومبو�سات هـو مع�سكر پالـماري�س الأ�سطوري‬ ‫ِ‬ ‫يف الربازيل (ن�ساء ِكـلومبوال�س الربازيليات ال‬ ‫زلن يرتدين غطاء الر�أ�س الإ�سالمي)‪ .‬يف ذروة‬ ‫فاعلية هـذا املع�سكر‪ ،‬كان تعداد �سكانه الر�سمي‬ ‫يزيـد عـلى ‪.30000‬‬ ‫ي�شكل زامـبــو ر�سمي ًا‪� ،‬أقليات �صغرية يف �أقطار‬

‫ال�شمال الغربي لأمريكة اجلنوبية يف‪ :‬كولومبيا‪،‬‬ ‫ف�ي�ن��زوي�لا‪ ،‬و�إي � �ك� ��وادور‪ .‬وت�ـ�ع�ـ��رف املجتمعات‬ ‫امل��وج��ودة يف ال�ب�رازي��ل خ�صو�ص ًا يف املنطقة‬ ‫ال�شمالية الغربية للبالد بـ كافـيوزو‪.‬‬ ‫يف ه �ن��دورا���س‪ُ ،‬يعـرفون ب �ـ جاريـفونا‪ .‬رغم‬ ‫وج��ود زامبو �أي�ض ًا يف �أقطار الكاريبي و�أمريكة‬ ‫اجلنوبية الأخ ��رى‪ ،‬مثل جمهورية دومينيكان‪،‬‬ ‫بيليز‪ ،‬ونيكاراجوا‪ ،‬لكن تاريخهم و�أ�صولهم لي�ست‬ ‫مرتبطة بال�ضرورة مبجتمعات جاريـفـونـا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يف املك�سيك‪ ،‬حيث يعرفون لـوبــو (حرفيا تعني‬ ‫ذئ��ب)‪ ،‬ف�إنهم كانوا ُي�شكـّلـون �أقـلـ ّيـة كبرية يف‬ ‫املا�ضي‪ .‬غالبية لـوبــو اليوم قـد ّمت امت�صا�صهم‬ ‫وتداخلهم �ضمن جمموعة �سكان املك�سيك الأكرث‬ ‫عـدد ًا‪َ :‬مـ�سـتيزو‪.‬‬ ‫ج �ي �ب��ارو ه��م ج �م��وع ال �ف�لاح�ين ال�ق��اط�ن�ين يف‬ ‫اجلبال �أو يف الغابات‪ ،‬ا�سمهم م�شتقّ من الكلمة‬ ‫جيبارو مبعـنى الت ّل‪ ،‬ومن العـربية جـِ ُ‬ ‫بال‪ ،‬حيث‬ ‫ت�ستخدم الكلمة يف بورتو ريكو‪ ،‬والكلمة مرتبطة‬ ‫بكلمة جيفارو‪.‬‬ ‫َجـرو�شو هو �شخ�ص مو�سيقار من ڤـرياكـروز‬ ‫املك�سيك‪� .‬إح��دى ال�شروح عـن �أ�صل امل�صطلح‬ ‫َجـرو�شو �أنـّه تطور من كلمة ا�سبانية قدمية مبعـنى‬ ‫ف ّـظ �أو فو�ضوي‪َ .‬جـرو�شو ميثلون ان�صهار ال�سكان‬ ‫الأ�صليني (غالب ًا هو�ستيكان) مع الأ�سبان‪ ،‬ومع‬ ‫عـنا�صر املو�سيقى الأف��ري�ق�ي��ة‪ ،‬وتعك�س �صورة‬ ‫ال�سكان ال��ذي ن�ش�أ يف هـذه املنطقة منذ زمن‬ ‫اال�ستعمار اال�سباين‪.‬‬ ‫جينيزارو و پـابـلـو‪:‬‬ ‫جينيزارو واملنحدرون من �أ�صالبهم هم �سكان‬ ‫�ستوظفوا كعـبيد وخدم‬ ‫الهنود الأ�صليني والذين �أُ ِ‬ ‫يف البيوت ورع��اة للما�شية يف بيوتات الأ�سبان‬ ‫واملك�سيك وجنوب غرب �أمريكة‪ ،‬وحتى ‪.1880‬‬ ‫يف نهايات ‪ ،1700‬كان جينيزارو واملنحدرون من‬ ‫�أ�صالبهم‪ ،‬غالب ًا ما ُي�شار �إليهم بالـ "كـويـوت"‬ ‫(تعـني ابن �آوى)‪ ،‬وكانوا ي�شكـّلون الثلث من عدد‬ ‫ال�سكان الكلي يف نيو مك�سيكو‪.‬‬ ‫�إنّ م���ص�ط�ل��ح ج �ي �ن �ي��زارو م���ش�ت��ق م��ن كلمة‬ ‫(جاني�ساري) �أي �إنك�شاري‪ ،‬وهم العـبيد الذين‬ ‫ح�سـنت معاملتهم وتدريبهم كجـنود‪ ،‬ودجمهم‬ ‫�أُ ِ‬ ‫كمواطنني يف الإمرباطورية العثمانية‪ .‬لكن يف‬ ‫حالة جينيزارو‪ ،‬ا�شتكى العـديد من ه�ؤالء الأ�سرى‬ ‫من �سوء معاملـتهم من قبل �أ�سيادهم الأوروبيني‪،‬‬ ‫لذا ّمت حتريرهم ومنحهم �أرا�ضي لي�ستوطنوها‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪29 2013‬‬


‫على احل��دود املحيطة للم�ستوطنات الأ�سبانية‪.‬‬ ‫وبهذه الطريقة املتحايلة‪� ،‬صار جينيزارو يخدمون‬ ‫كمج ّمعات حاجزة حلماية املدن الأ�سبانية و�ص ّد‬ ‫ه �ج��وم ال�ق�ب��ائ��ل امل �ن��اوئ��ة امل �ع��ادي��ة لال�ستعمار‬ ‫الأ�سباين‪.‬‬ ‫پـابـلـو هـو م�صطلح لو�صف جمتـمعـات �سـكان‬ ‫�أم�يرك��ة الأ�صليني حديثـ ًا وقدميـ ًا يف جـنوب‪-‬‬ ‫غ �ـ��رب ال ��والي ��ات امل�ت�ح�ـ��دة الأم �ي �ـ��رك �ي �ـ��ة‪ .‬لقـد‬ ‫ا�سـتخدم امل�ستك�شفـون الأ�سـبان الأوائل جلنوب‪-‬‬ ‫غرب �أمريكة هـذا امل�صطلح لو�صف املجتمعات يف‬ ‫املباين امل�ؤلـفة من عدة وحدات �سكنية كالغرف‬ ‫�أو ال�شقـق‪ ،‬واملبنية من احلجارة‪ ،‬وطوب الطني‪،‬‬ ‫واملواد املحلية الأخرى‪.‬‬ ‫وقـد كانت الأحوال االقت�صادية واالجتماعـية يف‬ ‫املك�سيك �سيئة للغاية لدرجة �أنه يف عام ‪،1837‬‬ ‫ث��ار هنود �أم�يرك��ة م��ن جينيزارو و پـابـلـو مع‬ ‫�آخرين �ض ّد احلكومة املك�سيكية‪ ،‬وقـطعـوا ر�أ�س‬ ‫احلاكم املك�سيكي �ألبينو پـرييز‪ ،‬وقـتـلوا جميع‬ ‫�أف��راد القوة احلامية املك�سيكية يف �سـانـتـا يف‪.‬‬ ‫و�شكـّلوا حكومة جديدة وانتخبوا جو�سي �أجنل‬ ‫كونزالـيز‪ ،‬وهـو جينيزارو (من پـابـلـو طاو من‬ ‫�أ�سـالف پاوين) حاكـمــــ ًا جـديــد ًا لهــــا‪ .‬و�أُ�شري‬ ‫لهذه الثورة (ح�سب ت�صنيفات امل�ستعمرين) ب�أنها‬ ‫(ث��ورة �شـيمايو�سـو) ن�سبة �إىل جمتمع �شـيمايو‬ ‫ال�سـمعة والقاطن �شمال نيو مك�سيكو‪،‬‬ ‫ال�شائن ُ‬ ‫حيث ك��ان��ت م��وط��ن كونزالـيز‪ ،‬وم��وط��ن الكثري‬ ‫من الهـنود الأمريكان ذوي الدماء املُخـتلـطة‪.‬‬ ‫كانت هـذه الثورة مثا ًال واح��د ًا من العـديد من‬ ‫ثورات الهنود الأمريكان ال�سكان الأ�صليني �ضد´‬ ‫احلكومة املـك�سـيـكـيـة خالل هـذه الفرتة‪ ،‬وت�شمل‬ ‫�أي�ض ًا ثورة مــايــــا يف يوكاتان‪.‬‬ ‫المقارنــــــــة بالتــاريخ اإلســــــالمي‬

‫ق��ارن وب��اي��ن ب�ين ال�ت��اري��خ الأوروب� ��ي وال�ت��اري��خ‬ ‫الإ� �س�لام��ي‪ .‬يف اال�ستعـمار الأوروب � ��ي للعـامل‬ ‫تن�صر ال�سكان الأ�صليني (الهنود‬ ‫اجلديد‪ ،‬مل يكن ّ‬ ‫الأمريكان وال�سود) وحتولهم للن�صرانية لي�ضمن‬ ‫�إعطائهم م��راك��ز ن�ظ��راء مقابلني ل�ل�أوروب�ي�ين‬ ‫ب��امل �� �س��اواة الإن �� �س��ان �ي��ة؛ يف ال ��واق ��ع �إنّ ن�ظ��ام‬ ‫امل�ستعـمرين املُهني يف ت�صنيف طبقات املنبوذين‬ ‫عالو ًة على الوح�شية الأوروبية (يف معاملة ك ّل َمـن‬ ‫هـو غـري �أوروب��ي على �أنه �أقل من رتبة االن�سان‪،‬‬ ‫ب��ل �أح�ي��ان� ًا ت�سميتهم ب�أ�سماء احل�ي��وان��ات مثل‪:‬‬ ‫‪30‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫لـوبــو و كويوت �أو قـ ّيوط وتعني الذئاب) قـد �أدت‬ ‫لثورات قام بها �أوالد ه��ؤالء الأوروبيني �أنف�سهم‬ ‫ٍ‬ ‫(م��ن مت��ازج الأجنا�س مع هـنود �أم�يرك��ة �أو مع‬ ‫الأف��ارق��ة) �ضدهم �أي �ض ّد الأوروب �ي�ين! لكن يف‬ ‫التاريخ الإ�سالمي‪ ،‬ف�إنّ الكثري من قادة الإ�سالم‬ ‫املرموقني بل وم��ن خلفاء الإ��س�لام كانوا �أوالد ًا‬ ‫هات من الإمــاء غـري العـربيات؛ لقـد عومل‬ ‫لأ ّم ٍ‬ ‫العـبيــد والإم�ـ�ـ��اء غـري العرب وغـري امل�سـلمني‬ ‫معاملة ح�سنة طبق ًا ملنظومة الإ��س�لام الكاملة‬ ‫يف القيم الأخالقـية‪ ،‬لدرجة �أنّ الكثري منهم قـد‬ ‫�أُعـ ِتـقــوا لوجه اهلل‪.‬‬ ‫�أ ّمـا العـبيــد الذين �أ�سلموا فـقـد �أُعـ ِتقــوا‪ ،‬و ّمت‬ ‫�ات �شرعـيني‪� ،‬أو �أنهم‬ ‫أزواج وزوج � ِ‬ ‫تزويجهم ك� �� ِ‬ ‫�أُعـ ِتقــوا ليكونوا �أخ ��وة و�أخ���وات يف الإ� �س�لام‪،‬‬ ‫مي� �ت ��ازون ب�ن�ف����س امل��وق��ع الإن�����س��اين واحل �ق��وق‬ ‫والواجبات للم�سلمني العرب الآخرين‪.‬‬ ‫ك��ان النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم هو‬ ‫ال �ق��دوة ال�ك�برى واملرجعـية الأوىل للم�سلمني؛‬ ‫فكانت موالة ر�سول اهلل وحا�ضنته هي �أم �أمين‬ ‫احلب�شية ال���س��وداء‪ ،‬ورثها من �أبيه ثم �أعتقها‬ ‫عندما ت��زوج بخديجة �أم امل��ؤم�ن�ين ر��ض��ي اهلل‬ ‫عنها‪ ،‬التي كان عندها زيد بن حارثة وهو ابن‬ ‫ثمان �سنني من �سبي اجلاهلية‪ ،‬فوهبته لر�سول‬ ‫اهلل‪ ،‬فتبناه مبكة قبل النبوة‪ ،‬ون�ش�أ زيد يف �أح�ضان‬ ‫النبي و�أح ّبه حتى �أن زي��د ًا ُخـيرّ بني النبي وبني‬ ‫النبي عليهما حتى ُ�سمي ‘زيد‬ ‫�أبيه وع ّمه‪ ،‬ف�أختار ّ‬ ‫يحب �أم �أمين حب ًا �شديداً‬ ‫النبي ّ‬ ‫بن حممد’‪ .‬وكان ّ‬ ‫ويعـدّها من �أهل بيته‪ ،‬ثم ز ّوجها زيد بن حارثة‬ ‫(وهو �أبي�ض اللون) �أيام البعثة النبوية‪ ،‬فولدت‬ ‫له �أ�سامة بن زيد (�أ�سود اللون)‪ ،‬الذي ُ�سمي ِح ّـب‬ ‫ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم‪ .‬ثم �أنّ ابراهيم‬ ‫ابن النبي حممد �صلى اهلل عليه و�سلم كان من‬ ‫�أمته ماريه القـبطية امل�صرية‪ .‬وحني �أ�سلم بالل‬ ‫احلب�شي (العـبد الأ�سود)‪� ،‬أعتقه �أبو بكر‪ ،‬ومن‬ ‫ثم �صار م�ؤذن النبي اخلا�ص و�س ّيد ًا من �سادات‬ ‫امل�سلمني‪ .‬ويف زم��ن عـمر ب��ن اخل �ط��اب‪ ،‬حني‬ ‫ُ�سـبـيت بنات يزدجرد‪� ،‬صارت واحدة لعـبد اهلل‬ ‫بن عـمر ف�أولدها �سامل ًا‪ ،‬والأخرى ملحمد بن �أبي‬ ‫بكر ف�أولدها القا�سم‪ ،‬والأخرى للح�سني بن علي‬ ‫بن �أبي طالب ف�أولدها علي زين العابدين‪ ،‬ف�سامل‬ ‫والقا�سم وعلي زين العابدين هم بنو خالة؛ كما‬ ‫�أنّ جميع احل�سـينيني اليوم هم من ن�سل عـلي‬ ‫زين الـعـابـدين (يف رواية �أنّ �أمه �سندية ولي�ست‬

‫فار�سية)‪ .‬كذلك ف� ��أنّ الكثري م��ن ق��ادة الفتح‬ ‫الإ�سالمي كانوا �أوالد �إماء‪ ،‬فمث ًال‪:‬‬ ‫زي��اد بن �أب��ي �سفيان ال��وايل الداهية (يف زمن‬ ‫اخلليفة الرا�شد علي بن �أب��ي طالب‪ ،‬واخلليفة‬ ‫معاوية بن �أبي �سفيان) كانت �أ ّمه ُ�سـم ّيـة جارية‬ ‫احلارث بن كلدة طبيب العـرب ال�شهري؛ وم�سلمة‬ ‫بن عبد امللك فار�س بني �أمية املُلهم كانت �أمه‬ ‫جارية (ت�سمى �أم البنني �أو �أ ّم ولد رفع ًة لقـدرها)‪.‬‬ ‫�ري الأ��ص��ل (‪- 50‬‬ ‫وه��ذا ط��ارق ب��ن زي��اد ال�برب� ّ‬ ‫‪102‬هـ‪720 - 670 ،‬م) ف��احت الأن��دل����س‪ ،‬كان‬ ‫مو ً‬ ‫ىل ملو�سى بن ُن َ�صري عامل بالد املغـرب (من‬ ‫قبل اخلليفة الأموي الوليد بن عبدامللك)‪� .‬أ�سلم‬ ‫ط��ارق على يد مو�سى بن ن�صري وتعلم القراءة‬ ‫والكتابة وحفـظ �سو ًرا من القر�آن الكرمي وبع ًـ�ضا‬ ‫من �أحاديث النبي – �صلى اهلل عليه و�سلم‪ -‬ثم‬ ‫�ساعده حبه للجندية يف �أن يلتحق بجي�ش "مو�سى‬ ‫بن ن�صري" �أمري "املغـرب" و�أن ي�شرتك معه يف‬ ‫الفتوح الإ�سالمية‪ ،‬و�أظهر �شجاعة وبراعة فائقة‬ ‫يف القتال والقيادة‪ ،‬لفـتت �أنظار مو�سى بن ن�صري‪،‬‬ ‫فعـهد �إليه بفتح �شمال �أفريقيا وجعـله قائد جيو�ش‬ ‫الرببر التي فتحت �شبه جزيرة �أيبرييا‪� .‬أ�سلم على‬ ‫يد طارق القبائل الوثنية يف الإ�سالم‪ ،‬ومن بينها‬ ‫قبيلته هو �أي قبيلة نفزة الرببرية‪ ،‬وحارب طارق‬ ‫امل�شركني ودخل الكثريون منهم يف الإ�سالم‪ .‬وبعـد‬ ‫جناحاته عـ ّيـنه مو�سى بن ن�صري والي ًا على طنجة‪.‬‬ ‫بل �إنّ الكثري من اخللفاء كانوا �أبناء �أمهات‬ ‫البنني‪ ،‬فمث ًال‪ :‬يزيد ب��ن الوليد ب��ن عبد امللك‬ ‫كانت �أمه �أم ولد‪ .‬كذلك مروان بن حممد �آخر‬ ‫خلفاء بني �أمية كانت �أم��ه كردية ا�سمها لبابة‬ ‫(وه ��ي ج��اري��ة �إب��راه �ي��م الأ� �ش�تر‪� ،‬أخ��ذه��ا �أب��وه‬ ‫حممد من عـ�سكر �إبراهيم‪ ،‬فولدت له مروان)‪.‬‬ ‫وهذا �أبو جعـفر املن�صور خليفة العامل الإ�سالمي‬ ‫(‪136‬هـ‪158 -‬هـ) كانت �أ ّم��ه �أم ولـدٍ بربرية‬ ‫ا�سمها (�سالمة)‪ ،‬ومن ثم ا�ستق ّرت اخلالفة يف‬ ‫ذريته (فلم يكن خليفة من بني العـبا�س �إال من‬ ‫�ساللته)‪ ،‬وعا�صره عبد الرحمن الداخل الأموي‬ ‫�أم�ير الأن��دل����س ال��ذي �سماه املن�صور ب�ـ (�صقر‬ ‫قري�ش) وكان هذا �أي�ض ًا من � َأمـة بربرية ا�سمها‬ ‫(داح) من قبيلة نـفـزة املغـربية (قبيلة طارق‬ ‫بن زي��اد)‪ ،‬وقـد ا�ستـفاد عـبد الرحمن من هذه‬ ‫القرابة حني ف ّر �إىل املغـرب وتولىّ �إمارة الأندل�س‬ ‫التي ا�ستق ّرت من بعـده يف ذريته حتى ُعـرفـت‬ ‫بفرتة �إمارة الدولة االموية يف االندل�س ‪138‬هـ ‪-‬‬


‫‪ 316‬هـ (‪755‬م‪ -928‬م)‪ .‬وكان النا�س يقولون‬ ‫�آن ��ذاك‪ :‬تلك الأر���ض يحكمها ابنا بربر ّيتني –‬ ‫يعـني عـبد الرحمن واملن�صور‪.‬‬ ‫بل �إنّ �أعظم ملوك الأ ّيوبيني بعد �صالح الدين‬ ‫الأيوبي هو امللك ال�صالح جنم الدين �أيوب الذي‬ ‫ووحد‬ ‫حرر القـد�س من ال�صليبيني حترير ًا نهائي ًا‪ّ ،‬‬ ‫م�صر وال�شام كك ّما�شة �ض ّد ال�صليبيني (�صالح‬ ‫الدين ال�ث��اين) قد ك��ان ابن ًا للملك الكامل من‬ ‫جارية �سوداء ا�سمها (ورد املنى)‪ ،‬وا�شرتى امللك‬ ‫ال�صالح نف�سه جاري ًة ا�سمها (�شجر الد ّر) �أح ّبها‬ ‫ثم �أعـتقها وتزوجها‪ ،‬وبعـد موته �أكملت م�شوار‬ ‫الن�صر لزوجها و�أبلت بالء ًا منقطع النظري يف �ص ّد‬ ‫احلملة ال�صليبية ال�سابعة على م�صر‪ .‬ثم �صارت‬ ‫ه��ذه الأرم�ل��ة �أول ملكة للم�سلمني‪ .‬بل �إنّ امللك‬ ‫ال�صالح هذا هو الذي ا�شرتى ور ّبى املماليك يف‬ ‫م�صر كمفرخة مللوك �إ�سالم �أ�سطوريني من طراز‬ ‫�صالح الدين مثل‪ :‬قطـز‪ ،‬بيرب�س البندقـداري‪،‬‬ ‫وقالوون اللألفي‪ ،‬الذين ت�صدّوا لتحطيم و�إنهاء‬ ‫�أ�سطورتي املغـول وال�صليبيني‪� :‬أك�بر خطرين‬ ‫حمدقني بالعامل الإ�سالمي �آنذاك‪( ،‬هذا بالرغم‬ ‫ال�صليبي �ضد الإ�سالم)‪.‬‬ ‫من التحالف املغـويل‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫المزايــــــا اإلنســــانية للغـة العـربيـــة‬

‫وتنفرد اللغة العـربية عـن لغـات العـامل كـلها‬ ‫مبزاياها الإن�سانية التي تنعك�س يف ُمفرداتها‬ ‫العـملية الرث ّية لتكرمي الإن�سان وللتنفي�س عـن‬ ‫املكروبني بقلب معاناتهم �إىل موا�سا ِة خري وتربي ٍة‬ ‫على ال�صرب‪ ،‬فمـث ً‬ ‫ــال ‪:‬‬ ‫من ال�ف��أل احل�سن لكي يكون امل��رء هلل راجي ًا‬ ‫ح�سن ال�ظ��نّ ب��ه‪ ،‬م�ؤمن ًا بالقـدر خـريه و�شره‪،‬‬ ‫�سـ ّمت العـرب املنهـو�ش بال�سليم (�أي �أنّ اللديغ �أو‬ ‫اجلريح الذي �أ�شرف عـلى الهالك ُي�س ّمى �ســلـيم ُا‪،‬‬ ‫لرفع معـنوياته)؛ والـ َبـ ِّرية باملفـازة (الربية هي‬ ‫ال�صحراء ال ماء بها‪ ،‬بينما املفازة هي املنجاة)‪،‬‬ ‫وكـنـّـوا الأعـمى �أبا ب�صـري ؛ والأ�سود �أبا البي�ضاء‬ ‫(مراعا ًة لأحا�سي�سهم)‪ ،‬و�س ّموا الغــُراب بحا ٍمت‬ ‫يتم‬ ‫(�أي القا�ضي‪ ،‬بد ًال من الت�شا�ؤم به �إذ كان ُ‬ ‫الزجر به على الأم��ور – �أنظر كتاب احلــيوان‬ ‫للجاحـظ)؛ واملجنون ُي�سمى مطبوب ًا (لدفع ال�سوء‬ ‫عـنه وك�أنه حتت العالج �أو حتت ت�أثري ال�سحر)؛‬ ‫واخلادم ُي�سمى موىل‪ ،‬كما �أنّ ال�سيد ُي�سمى موىل‬ ‫(ت�أدب ًا لأن املوىل هو اخلادم وهـو ال�سيد‪ ،‬لأنه من‬ ‫الأ�ضداد اجلميلة التي ُيعـرف معـناها من �سياق‬

‫اجلملة)‪:‬‬ ‫وعـن �أبي هـريرة �أنّ ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه‬ ‫و�سلم قال‪( :‬ال يقـولن �أحدكم‪ :‬عـبـدي و�أَ َمـتـي‪.‬‬ ‫كلكم عـبيد اهلل‪ .‬وك� ّل ن�سائكم �إم��اء اهلل‪ .‬ولكن‬ ‫ليقل‪ :‬غ�لام��ي وج��اري �ت��ي‪ ،‬وفـتـاي وفـتـاتـي)‪.‬‬ ‫�صحيح م�سلم رقم ‪2249‬‬ ‫امل�صاب ُي�س ّمى َجـل ً‬ ‫ـال (لتحويله من‬ ‫كما �أنّ‬ ‫َ‬ ‫عـظيم �إىل هـينِّ ‪ ،‬لأنّ جلل من الأ�ضداد) وفرج‬ ‫املر�أة ُيدعى حـياها �أو عـورتها (ت�أدب ًا)؛ وال�شمال‬ ‫ي�سمى ي�ســار ًا (لتي�سري الأم��ور ولكره �أ�صحاب‬ ‫ال�شمال يوم القيامة)؛ والنكبة �أو الف�شل تُ�سمى‬ ‫امتحان ًا م��أج��ور ًا عليه؛ واملعاناة ِفـتـن ًة (لتمييز‬ ‫امل�ؤمنني من املنافقني‪ ،‬م�شتقة من فنت ال ِف ّ�ضة‪:‬‬ ‫وهو �إذابة ال ِف ّـ�ضة وا�ستخال�صها من �شوائبها)؛‬ ‫واالبتالء متحي�ص ًا (لتمييز امل�ؤمنني ال�صابرين‬ ‫من غـريهم‪ ،‬م�شتقة من متحي�ص الذهب‪ :‬وهـو‬ ‫ا�ستخال�ص الذهـب بالنار من �شوائبه)؛ واملِحنة‬ ‫ُمنحة ر ّبانية؛ وامليت �أثناء القتال ُي�سمى ال�شهيد‬ ‫التكرميي‬ ‫احلي؛ بل ميتد ُم�س ّمى حياة ال�شهادة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لي�شمل ‪� 7‬أ�صناف �أخ��رى م��ن موتى الأم��را���ض‬ ‫واملنكوبني‪ .‬فقد ثبت من حديث جابر بن عـتيك‬ ‫يف املوط�أ وامل�سند وغـريهما ب�سـند �صحيح عن‬ ‫النبي �أنه قال‪:‬‬ ‫(ال�شهادة �سبع �سوى القتل يف �سبيل اهلل عز‬ ‫وجل املطعـون �امليت مبر�ض الطاعـون� �شهيد‪،‬‬ ‫واملبطون �امليت ب�أحد �أمرا�ض البطن� �شهيد‪،‬‬ ‫والغـريق �شهيد‪ ،‬و�صاحب الهدم �شهيد‪ ،‬و�صاحب‬ ‫رئوي� �شهيد‪،‬‬ ‫مبر�ض‬ ‫�صدري ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذات اجلنب �امليت ٍ‬ ‫بج ْمع �املر�أة‬ ‫و�صاحب احلرق �شهيد‪ ،‬واملر�أة متوت ُ‬ ‫امليتة وهي حامل� �شهيدة)‪.‬‬ ‫كما وتنعـك�س م��زاي��ا ال�ت�ف��ا�ؤل الإن���س��اين لقلب‬ ‫ال�ضرر نفع ًا‪ ،‬وترهـيب ال�ضا ّرين املُ�ض ّرين وت�صبري‬ ‫امل�ضرورين‪ ،‬من خالل الأقوال العـربية (وبعـ�ضها‬ ‫م�شتقّ من القر�آن واحلديث) مث ًال‪ُ :‬ر ّب �ضا ّرة‬ ‫نافعـة؛ الكـُرب ٌة عـد ٌل من اهلل وف�ض ٌل؛ تفاءلوا‬ ‫باخلري جتـدوه؛ العـلم بالتعـلـّم واحللم بالتحلـّم؛‬ ‫َي ِّ�سـروا وال تـُع ِّـ�سروا وب�شـِّروا وال تـنـ ِّفروا (�أحاديث‬ ‫(�سورة فاطر‬ ‫نبوية)؛‬ ‫‪.)43‬‬ ‫َمـن حفر حفر ًة لأخيه وقـ َع فـيها؛ اهلل يمُ هـِل وال‬ ‫ُيه َمـل؛ اجلزاء من جن�س العـمل؛‬ ‫(�سورة ال�شرح ‪.)6‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪31 2013‬‬


‫فكر‬

‫دراسة أدبية‬ ‫مسرح العبث بين "الكراسي" ليوجين يونيسكو‬ ‫و "يا طالع الشجرة" لتوفيق الحكيم‬ ‫د‪ .‬رشيد وديجى‬ ‫جامعة موالي إسماعيل ‪ -‬المغرب‬

‫"الكاتب ال يعلم‪� ،‬إنه يبدع فقط" ‪1‬‬ ‫‪ .1‬مسرح العبث‪ :‬ظروف نشأته‪ ،‬خصائصه‪،‬‬ ‫و أعالمه‪:‬‬

‫فوق الكرة الأر�ضية "‪. 3‬‬ ‫�ستعرف املرحلة �أي�ضا نتاجا فكريا جديدا متثل‬ ‫يف الفل�سفة الوجودية‪ ،‬والتي �ستجعل من احلرية‬ ‫مبحثا لها تاركة ب�صمات وا�ضحة على كتابات كل‬ ‫من �سارتر و كامي‪ ،‬منتجة م�ضامني جديدة داخل‬ ‫�صيغ و قوالب قدمية‪.‬‬ ‫�أم ��ا نظرية امل�ح��اك��اة ف�سيتم �إق���ص��ا�ؤه��ا من‬ ‫جميع الفنون نتيجة اجت��اه املبدعني �إىل جتريد‬ ‫كامل للحياة داخ��ل �أعمالهم ت��أث��را للر�سامني‬ ‫التجريديني وعلى ر�أ�سهم "كاند�سكي"‪.‬‬ ‫يقول �أبولينري‪" :‬اعتقد �أن على امل��رء �أن يعود‬ ‫�إىل الطبيعة ال بهدف تقليدها �أو حماكاتها على‬ ‫النحو الذي يفعله �أ�صحاب الكامريات‪ ...‬عندما‬ ‫الإن�سان �أن يقلد حركة امل�شي‪ ،‬اخ�ترع العجلة‬ ‫والتي ال ت�شبه القدم يف �شيء‪ ،‬ال يجب �أن يكون‬ ‫امل�سرح نقال للواقع‪ ،‬بل على كتاب ال��درام��ا �أن‬ ‫ي�ستخدموا الأ�صوات واحلركات ال لكي ي�صوروا‬ ‫احلياة‪ ،‬بل ليقدموا جوهرها نف�سه " ‪ ،4‬هكذا هو‬ ‫فعل الإبداع امل�سرحي ميلك مربرات وجوده داخل‬ ‫�إطار وجوده اخلا�ص‪ ،‬ولي�س من املفرو�ض ان يحيل‬ ‫على واقع معني �أو حقيقة حمددة ‪ .‬يقول يوني�سكو‬ ‫يف هذا ال�صدد‪� " :‬إن الكاتب لي�س مربيا �أو خطيبا‬ ‫واعظا‪ ،‬فالإبداع ي�ستجيب ل�ضرورة فكرية ملحة‬ ‫‪ .‬ال�شجرة هي �شجرة ولي�ست حمتاجة للتعريف‬ ‫بنف�سها ك�شجرة ‪ .‬وهي يف غنى عن ت�صريح مني‬ ‫لتربر وجودها ك�شجرة "‪.5‬‬ ‫�إن م�سرح العبث يدعونا �إىل افرتا�ض الأ�شياء‬ ‫يف غري مو�ضعها امل�ألوف‪ .‬فمن خالل توظيفهم‬ ‫للتهكم ي�ستطيع الكتاب �إف��راغ الواقع من �إطاره‬ ‫و االرتقاء به يف لعبة مت�شبعة من الروابط غري‬ ‫العادية وغري املتوقعة ‪.‬‬

‫�إذا عدنا �إىل املعجم امل�سرحي ملي�شيل كورفان‪،‬‬ ‫�سنجد �أن ت�سمية م�سرح العبث‪Théâtre de‬‬ ‫‪ ،l’absurde‬قد �أطلقت على جيل من الكتاب‬ ‫امل���س��رح�ي�ين م�ي��ز ال�ن���ص��ف ال �ث��اين م��ن ال�ق��رن‬ ‫الع�شرين يف مقدمتهم بيكيت‪ ،‬و يوني�سكو‪ ،‬و‬ ‫�أداموف‪ ،‬و جينيه‪ ،‬وبنرت‪ ،‬باعتبار �أن م�سرحياتهم‬ ‫تتميز بفرداتها ‪ ..‬ه�ؤالء الكتاب برهنوا على �أنهم‬ ‫ال ي�شكلون – حتى و�إن وجدت نقاط تالقي بينهم‬ ‫– مدر�سة �أو تيارا من�سجما يف الكتابة امل�سرحية‪،‬‬ ‫وي�ؤكد املخرج امل�سرحي ‪ Rojerblin‬على "�أن‬ ‫النقاد هم من �أوج��دوا توفقا بني ه��ؤالء الكتاب‬ ‫الذين كانوا منعزلني عن بع�ضهم البع�ض‪ .‬و�أن‬ ‫هذا التقارب ال يعني �إال تقاربا مع املرحلة التي‬ ‫عا�صروها‪ ،‬وعربوا عنها يف كتاباتهم "‪. 2‬‬ ‫ف �ه��م ب �ق��در م ��ا ع�ب�ر ع ��ن روح ال� �ف�ت�رة ال�ت��ي‬ ‫عا�صروها‪ ،‬بقدر ما ج��اءت كتاباتهم مت�شابهة‬ ‫بع�ض ال�شيء فيما بينها‪� ،‬إذ عرفت �أورب��ا خالل‬ ‫تلك الفرتة �أزم��ة فكرية ب�سبب احلربني الأوىل‬ ‫والثانية‪ ،‬فبدا جمتمع تلك الفرتة فاقدا للذاكرة‪،‬‬ ‫حل ال�شك حمل اليقني‪ ،‬وطفا اىل ال�سطح ال�س�ؤال‬ ‫حول ماهية االن�سان وم�صريه يف ظل عامل �أ�ضحى‬ ‫طبال �أجوفا جم��ردا من كل �شروط �إن�سانيته‪،‬‬ ‫يقول لوي�س �أراغ��ون يف م�ستهل روايته ‪Anicet‬‬ ‫‪ .2‬يونيسكو أو الدرجة الصفر في الكتابة‬ ‫‪�" :ou le Panorama‬أن ال نعري اهتمامنا‬ ‫المسرحية‪:‬‬ ‫ل�ل�ح��رب ك��ان يف ح��د ذات ��ه و�سيلتنا الدفاعية‬ ‫الوحيدة �ضدها‪ ،‬فال�صمت عنها داخل كتاباتنا‪ ،‬يحيلنا ه��ذا العنوان على كتابات روالن بارت‬ ‫كان الو�سيلة الأن�سب ملحو �أثرها واجتثاثها من ال ��ذي ت �ط��رق ل �ظ��اه��رة " ال��درج��ة ال���ص�ف��ر يف‬ ‫‪32‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫الكتابة" املميزة للكتابة املعا�صرة ‪.‬‬ ‫"فالفر�ضية النظرية التي ينطلق منها بارت‬ ‫لت�صنيف الكتابات الأدب�ي��ة ي�ستمدها من علم‬ ‫الل�سانيات‪ ،‬وهي �أن هناك �صيغة بني �صيغتني ال‬ ‫ت�شري �إىل حالة املتحدث وال �إىل زمن �أفعاله‪،‬‬ ‫�إن هذه ال�صيغة ت�شكل لنا حالة من احلياد‪ .‬جند‬ ‫بع�ض ما ي�شبهها عند بع�ض الكتاب املعا�صرين‬ ‫الذين اجتهوا �إىل كتابة بي�ضاء �أ�شبه ما تكون‬ ‫بالكتابة يف الدرجة ال�صفر"‪. 6‬‬ ‫ل �ق��د ع �م��د ي��ون�ي���س�ك��و �إىل خ ��رق ك ��ل النظم‬ ‫وال�ت���ص��ورات معلنا ع��ن ق��دوم جيل ج��دي��د من‬ ‫الكتاب امل�سرحيني‪� ،‬سيتم ت�صنيفهم فيما بعد‬ ‫يف خانة كتاب الطليعة امل�سرحية‪ ،‬والتي يعرفها‬ ‫يوني�سكو ب��اع�ت�ب��اره��ا "ظاهرة فنية وثقافية‬ ‫متهيدية ‪� ...‬إنها ن��وع من املاقبل �أ�سلوب‪ ،‬فهي‬ ‫مبثابة ال��وع��ي ب��االجت��اه ال��ذي يجب �أن ي�سلكها‬ ‫التغيري‪ ،‬هذا التغيري الذي يجب �أن يفر�ض ذاته‬ ‫�أخريا‪ ،‬ويغري كل �شيء " ‪. 7‬‬ ‫وميكن اعتبار م�سرحية �املغنية ال�صلعاء�‬ ‫مبثابة ال�صدمة التي مهدت لهذا التغيري‪� ،‬إذ‬ ‫القيت حني عر�ضها �أول مرة �سنة ‪ 1950‬نوعا من‬ ‫اال�ستهجان من قبل اجلمهور والتحامل من طرف‬ ‫النقاد‪ ،‬لدرجة �أن بع�ضهم ا�ستنكر �أن اعتبارها‬ ‫عمال م�سرحيا‪ ،‬بل �أكرث تفاهة ميكن �أن يعرفها‬ ‫م�سرح الفرتة‪ ،‬ومل يتم ت�سجيل ردود فعل �إيجابية‬ ‫جتاهها �إال اب�ت��داء م��ن �سنة ‪ 1956‬خ�صو�صا‬ ‫يف الأع �م��دة النقدية التي ك��ان يحررها �آرت��ور‬ ‫�آداموف‪ ،‬و�صامويل بيكيت‪ ،‬واللذين �سيوا�صالن‬ ‫فيما بعد م�سرية ه��ذا امل�سرح اجل��دي��د‪ ،‬يقول‬ ‫يوني�سكو عن هذه امل�سرحية ‪� " :‬إن ن�ص املغنية‬ ‫ال�صلعاء �أو ( كتاب تعليم اللغة الإجنليزية) ‪،‬‬ ‫م�شكل من التعابري اجلاهزة‪ ،‬من الكلي�شيهات‬ ‫االك�ثر ا�ستعماال‪ .‬وال�ت��ي �أب ��رزت يل ميكانيكية‬ ‫اللغة‪ ،‬ت�صرفات الأ�شخا�ص – الكالم من �أجل‬ ‫قول �شيء – الكالم لأنه ال يوجد �شيء �شخ�صي‬


‫ليوجني يوني�سكو‬

‫لقوله‪ ...‬غياب �أي حياة داخلية‪ ،‬ميكانيكية احلياة‬ ‫اليومية‪ ،‬الإن�سان غ��ارق يف حميطه االجتماعي‬ ‫وغري مميز ب�أي �شيء" ‪. 8‬‬ ‫فقلد �أراد يوني�سكو تعلم اللغة الإجنليزية‪،‬‬ ‫وا�شرتى لهذا الغر�ض كتابا مب�سطا لتعلم املبادئ‬ ‫الأوىل للغة‪ ،‬و�أث�ن��اء ا�شتغاله على ه��ذا الكتاب‬ ‫�سيكت�شف جمموعة من احلقائق البديهية‪ ،‬والتي‬ ‫مل يتح له غمرة احلياة اليومية �إثارتها‪ ،‬منها مثال‬ ‫�أن الأ�سبوع يتكون من �سبعة �أي��ام‪ ،‬و�أن ال�سقف‬ ‫يوجد يف الأعلى بينما توجد الأر�ضية يف الأ�سفل‪..‬‬ ‫و�شيئا ف�شيئا بد�أ يتجلى ليوني�سكو �أن الأمر ال يتعلق‬ ‫بكتاب لتعلم اللغة الإجنليزية‪ ،‬و�إمنا يتعلق بعمل‬ ‫م�سرحي‪ ،‬ف�شرع يف الكتابة فورا م�ستمدا تعابريه‬ ‫من ذلك الكتاب فحتى �شخ�صيات‪ :‬م�سرت �سميث‬ ‫و م�سز �سميث و م�سز م��ارت��ان وم�سرت مارتان‬ ‫م�ستمدة منه‪ ،‬ليتبلور لنا فيما بعد عمال م�سرحيا‬ ‫غاية يف الغرابة و الطرافة‪.‬‬ ‫�أما عنوان امل�سرحية فهو ال يحيل على �شيء‪،‬‬ ‫�إذ لي�س يف امل�سرحية �أي مغنية �صلعاء وال حديث‬ ‫يف امل�سرحية عن الغناء �أو �صلع‪ ،‬كل ما الأمر �أن‬ ‫يوني�سكو كان حائرا يف عنوان امل�سرحية‪ ،‬فلقد‬ ‫�سماها �أول الأمر " النوا�س الإجنليزي "‪ ..‬و�أثناء‬ ‫ح�ضوره تداريب امل�سرحية مع فرقة ‪Nicolas‬‬ ‫‪ bataille‬حدث �أن تفوه �أحد املمثلني‪ ،‬وكان يلعب‬ ‫دور الإطفائي بكلمة مغنية �صلعاء �سهوا �أثناء لعبه‬ ‫لإحدى مقاطع امل�سرحية‪ ،‬فما كان من يوني�سكو "‬ ‫�إال �أن �صاح ‪ :‬وجدتها ‪ ..‬هذا هو عنوان امل�سرحية ‪.‬‬ ‫�إن �شخ�صيات " املغنية ال�صلعاء" كما يقول‬ ‫عنهم يوجني يوني�سكو‪ " :‬هم بدون مميزات‪� ،‬إنهم‬ ‫جمرد قطيع كائنات بدون مالمح‪� ،‬أو بالأخرى‬ ‫�إنهم �إط��ارات فارغة‪ ،‬يتكلف املمثلون ب�إعارتها‬

‫توفيق احلكيم‬

‫مالمح وجههم‪ ،‬روحهم‪ ،‬جلدهم‪ ،‬عظامهم"‪.9‬‬ ‫وي�ستطرد يف ه��ذا ال���ص��دد "�إن �شخ�صيات‬ ‫�سميث‪ ،‬م��ارت��ان ‪ ..‬ال ي�ع��رف��ون كيف يتكلمون‪،‬‬ ‫لأن�ه��م ال يعرفون كيف يفكرون‪ ،‬لي�ست لديهم‬ ‫�أه��واء‪ ،‬ال يعرفون كيف يتواجدون‪ ،‬ب�إمكانهم �أن‬ ‫ي�صحبوا �أي �شيء‪� ،‬أي �أحد لأنهم لي�سوا الآخرين‬ ‫‪ ....‬ب�إمكاننا �أن ن�ضع مارتن مكان �سميث‪ ،‬ولن‬ ‫نالحظ �أي تغيري " ‪.10‬‬ ‫�إن خ�صو�صية م�سرح يوني�سكو داخل كتاب‬ ‫العبث تتجلى يف كونه مار�س فعله التدمريي من‬ ‫خ�لال لغة ال�شخ�صيات و خطابها‪ ،‬حيث تبدو‬ ‫اللغة ك�أنها خا�ضعة مليكانيزم خا�ص م�ستقل عن‬ ‫احلياة الداخلية لل�شخ�صيات‪ ،‬ويتجلى ذلك جليا‬ ‫يف م�سرحيات "الدر�س" و "املغنية ال�صلعاء"‬ ‫�إن عبثية م�سرح يوجني يوني�سكو م�ستمدة‬ ‫م��ن عبثية احل�ي��اة اليومية التي نعي�شها ننتبه‬ ‫لتفا�صيلها ال�صغرية و الغارقة يف الالمعنى ‪.‬‬ ‫و�إذا ما عاد يوني�سكو بالكتابة امل�سرحية �إىل درجة‬ ‫ال�صفر‪ ،‬ف�إنه �أراد جتريدها من زخرفها لأجل‬ ‫ابراز جوهرها‪� ،‬ش�أنه يف ذلك �ش�أن غروتوف�سكي‬ ‫الذي مار�س الفعل نف�سه مع العر�ض امل�سرحي‪.‬‬ ‫ويلخ�ص يوجني يوني�سكو ت�صوره الفني بهذا‬ ‫ال�شكل " تقولون ب�أن امل�سرح يف خطر‪ ،‬يف �أزمة‬ ‫�إن هذا نتيجة ملجموعة من الأ�سباب‪� ،‬إن الكتاب‬ ‫لي�سوا �أح��رارا‪� ،‬إنكم تريدون منهم �أن ي�صبحوا‬ ‫مب�شرين بكافة �أنواع املعتقدات‪ ،‬تفر�ضون عليهم‬ ‫�أال يدافعوا‪� ،‬أال يهاجموا‪� ،‬أال يو�ضحوا �إال هذا‬ ‫وذاك " ‪. 11‬‬ ‫‪ .3‬مسرحية "الكراسي" ليوجين يونيسكو‪:‬‬

‫تعترب م�سرحية "الكرا�سي" ليوني�سكو من‬

‫�أ�شهر م�سرحياته‪ ،‬وفيها تتج�سد �أهم خ�صائ�ص‬ ‫م�سرح يوجني يوني�سكو عموما‪ ،‬ال�سيما تقنياته يف‬ ‫الكتابة امل�سرحية‪ ،‬وحتكي امل�سرحية ق�صة م�سنني‬ ‫معزولني داخ��ل بناية عر�ض البحر‪ ،‬ينتظرون‬ ‫و�صول جماعة من املدعوين‪ ،‬و�أحد اخلطباء‪ ،‬يف‬ ‫انتظار و�صول اخلطيب ال��ذي تتحدد مهمته يف‬ ‫�إبالغ خطاب للإن�سانية نيابة عن العجوز‪ ،‬تدور‬ ‫بني العجوزين �أحاديث متقطعة‪ ،‬ومبهمة‪ ،‬بل و‬ ‫مغرقة يف التجريد �أحيان ًا‪.‬‬ ‫يفد ح�ضور غري مرئي على ال�ت��وايل‪ .‬ال�سيدة‬ ‫ف��اجل�نرال‪ ،‬ثم اجلميلة و زوجها‪ ،‬و�أخ�يرا وفود‬ ‫من ال�صحفيني ‪ ..‬يتناوب العجوزان على تبادل‬ ‫احلديث مع احل�ضور الوهمي يك�شفان من خالله‬ ‫عن �أحالمهما‪ ،‬ما�ضيهما‪ ،‬احباطاتهما‪ .‬وذلك‬ ‫بعد تهيئة الكرا�سي لهم‪� ،‬إذ ترتفع وترية احل�ضور‬ ‫غري املرئي تدريجيا لدرجة �أن العجوزين يغرقان‬ ‫يف زحمة الكرا�سي‪ ،‬وال يجدان حتى الوقت للكالم‪.‬‬ ‫بعد ذل��ك يدخل الإم�براط��ور لت�صل حما�سة‬ ‫العجوزين �إىل ذورتها ‪ ..‬نهاية ي�صل اخلطيب‪،‬‬ ‫وهو �شخ�ص حقيقي على عك�س باقي ال�شخ�صيات‪،‬‬ ‫حيث يعلن العجوز �أن ال رغبة له يف احلياة بعد‬ ‫الآن‪� ،‬إذ �سيتكلف اخلطيب ب�إي�صال خطابه‬ ‫للعامل‪ ،‬بعد ذلك يلقيان بنف�سهما يف البحر ‪.‬‬ ‫اخلطيب عاجز عن الكالم‪� ،‬إنه �أبكم‪ ،‬و�أ�صم‪،‬‬ ‫والقاعة خالية �إال من الكرا�سي‪ ،‬وال�صمت يحيلنا‬ ‫عنوان امل�سرحية " الكرا�سي" على عدة م�ضامني‬ ‫تتعر�ض لها امل�سرحية ‪ :‬ال�غ�ي��اب‪ ،‬و االنتظار‪،‬‬ ‫واالحتمالية‪ ،‬و الاليقينية‪ ...‬وهي م�ضامني متيز‬ ‫م�سرح العبث‪.‬‬ ‫وميثل احل�ضور الوهمي يف امل�سرحية كائنات‬ ‫عدمية‪� ،‬أو كائنات داخل العدم‪ ،‬حني تغرق القاعة‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪33 2013‬‬


‫تدريجيا بالكرا�سي‪ ،‬ن�شعر باالختناق‪ ،‬الكرا�سي‬ ‫تتنا�سل ب�سرعة‪ ،‬مثل اخللية ال�سرطانية‪ ،‬وهذا‬ ‫ميكانيزم �أ�سا�سي يف م�سرح يوني�سكو‪ ،‬هذا التنا�سل‬ ‫اجلنوين الذي يحدث لي�س على م�ستوى الف�ضاء‬ ‫فقط‪ ،‬بل حتى على م�ستوى اللغة‪ ،‬ويوظف لإبراز‬ ‫هذا امليكانيزم تقنية الت�سارع ‪L’acceleration‬‬ ‫�إذ ي�صبح للغة ميكانزمها اخلا�ص وامل�ستقل عن‬ ‫م��ن ينتجها‪ ،‬ي��رى كلود �أب��ا��س�ت��ادو �أن "التطور‬ ‫الدرامي يف م�سرحية الكرا�سي مرتبط �أ�سا�سا‬ ‫بالتدفق اللغوي " ‪.12‬‬ ‫فكل تطور داخل امل�سرحية ال يحدث �إال على‬ ‫م�ستوى اللغة‪ ،‬حيث ميكن اعتبارها �أفعاال درامية‬ ‫بامتياز‪ ،‬ففي بداية امل�سرحية يبدو (العجوزان)‬ ‫وك�أنهما ينطقان مبا يفكران به‪ ،‬لكن �شيئا ف�شيئا‬ ‫يبدوان و ك�أنهما جمرد �آلة لإي�صال لغة تت�شكل من‬ ‫تلقاء نف�سها‪� ،‬إن الكلمات يف م�سرحية الكرا�سي‬ ‫هي خامة‪ ،‬جمردة من كل �إحالة ميكن �أن حتيل‬ ‫عليها‪ ،‬وهي تت�شكل وفق معجمها اخلا�ص‪ ،‬حيث‬ ‫جن��د يف ك�لام العجوزين ت�ع��داد املجموعة من‬ ‫ال�صور املجردة مع ا�ستح�ضار لت�شكيالت لغوية‬ ‫ال يربط بينها �سياقه اللغوي‪ ،‬و�إمنا وحدة حقلها‬ ‫اللغوي ‪ :‬كل �أج��زاء الزمن‪ ،‬و �أع�ضاء اجل�سد‪،‬‬ ‫و�أنواع املهن‪ ،‬و�أنواع الأمرا�ض‪ ،‬والفريو�سات ‪:‬‬

‫فيما يتم �إحداث قطيعة بينهم لك�شف التباعد �أو‬ ‫اللب�س الذي يغرقون فيه "‪. 16‬‬ ‫�إن ال�شخ�صيتني�العجوز‪ ،‬العجوزة� تت�شكالن‬ ‫وفق ثنائية تقليدية ‪ :‬الزوج و الزوجة‪ ،‬لكنها ثنائية‬ ‫ال تتميز بان�سجام ثنائيات امل�سرح التقليدي‪ ،‬فهما‬ ‫رمز للتناق�ض داخ��ل الثنائية ال��واح��دة‪ ،‬كما �أن‬ ‫جتريدهما من اال�سم واالقت�صار على ت�سميتهما‬ ‫بالعجوز و العجوزة هو من ) مميزات م�سرح‬ ‫العبث)‪� .‬إىل جانب جتريد ال�شخ�صيات من كل‬ ‫خ�صو�صياتها‪.‬‬ ‫قد تبدو حوارات العجوزين جمرد تخريف غارق‬ ‫يف الرتابة و التكرار‪ ،‬لكننا �إذا ما توغلنا فيه‬ ‫�سنجده يحمل منطقه اخلا�ص‪ .‬ففي �أحاديثهم كل‬ ‫ال�صور املجردة التي ميكن �أن متر مبخيلة الفرد‬ ‫منا‪ ،‬لكنه ال ي�ستطيع �أن يبوح بها‪ ،‬فكل الآليات‬ ‫املعقدة للغة تفكر بها وال نف�صح عنها‪.‬‬ ‫�إن ثنائية العجوز ‪ /‬العجوزة ت�سقط يف التناق�ض‬ ‫على طول امل�سرحية‪ ،‬ففي الوقت الذي يدعي فيه‬ ‫ال�ع�ج��وز �أن��ه ك��ان ج��اح��دا جت��اه وال��دي��ه‪ ،‬تدعي‬

‫العجوزة ب�أنهما ماتا بني �أح�ضانه‪ ،‬وهما يدعوان‬ ‫اهلل كي يجازيه على معاملته احل�سنة لهما‪� ،‬إن‬ ‫ه��ذا التناق�ض يك�شف لنا ب ��أن زم��ن ال�براءة قد‬ ‫يكون يف الوقت نف�سه زمنا للخطيئة ‪.‬‬ ‫‪ On était tout mouillé, glaçait jusqu’au,‬يف �أحاديث العجوزين كل الأح�لام واملبتغيات‬ ‫‪des nuits des semaines , depuis des jours‬‬ ‫‪ …des‬التي مل يكتب لها �أن جتد طريقها للوجود‪� ،‬أما‬ ‫‪mois ..Dans la pluies … on claquait‬‬ ‫‪ des oreilles, des .pieds, Des genoux, des‬احل�ضور الوهمي فهو الآخر الذي مل ي�ستطيعا �أن‬ ‫يكوناه ‪.‬‬ ‫‪nez, des dents 13‬‬ ‫ويف ح��االت �أخ��رى يكون ال��راب��ط بني الكلمات يك�شف لنا انتحار العجوزين يف نهاية امل�سرحية‬ ‫جتان�سها اللفظي‪.‬‬ ‫عن �سخرية الذع��ة تخبئها احلياة الغارقة يف‬ ‫‪Le pape . les papillons. Et les papiers‬‬ ‫املفارقات‪ ،‬فخطابهم لن ي�صل �إىل الإن�سانية كما‬ ‫‪. …14‬‬ ‫كانا يرجوان‪ ،‬لن تكون هناك �شوارع ب�أ�سمائهم‪،‬‬ ‫�إن �أ��ص��ل ال�سل�سلة الكالمية ه��و كلمة‪pap :‬‬ ‫ولن ي�صبحوا �أبطا ًال‪.‬‬ ‫التي تت�شابه يف كل الكلمات لتنتج لنا تفريعات‬ ‫القاعة املزدحمة بالكرا�سي يف نهاية امل�سرحية‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫‪ ....‬املوت بدون طائل‪� ،‬إنه العدم‪ ،‬العدم ‪.‬‬ ‫�أم��ا يف �أغلب الأح �ي��ان ف ��إن اللغة تتحول لعب‬ ‫‪ .4‬مسرحية "يا طالع الشجرة" لتوفيق‬ ‫�صوتي ‪Jeu sonor‬‬ ‫‪Pour préparer des crêpes de chien ! Un‬‬ ‫‪œuf de, une heur de beurre des sucre‬‬ ‫‪gastrique … vous avez des doits‬‬

‫‪. adroites 15‬‬ ‫�إن يوني�سكو يهدم احلوار امل�سرحي بتغييبه لكل‬ ‫رق��اب��ه لغوية م��ن ط��رف ال�شخ�صيات‪ ،‬فيتحول‬ ‫ب��ذل��ك احل ��وار امل�سرحي �إىل �ضجيج فو�ضوي‬ ‫�أقرب �إىل اللغو منه �إىل الكالم‪ .‬يقول بول فرينوا‪:‬‬ ‫" هناك و�سيلة �أخرى لتخفيف احلوار وواقعيته‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫تتمثل يف �إبراز متحاورين كل يف قوقعته اخلا�صة‬ ‫‪34‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫الحكيم‪:‬‬

‫امل�ع��روف �أن توفيق احلكيم كتب م�سرحية "‬ ‫ياطالع ال�شجرة " ت��أث��را بكتاب العبث الذين‬ ‫عا�صرهم �أثناء مقامه بباري�س يف �شبابه‪ ،‬وقد‬ ‫�أراد بهذه امل�سرحية �أن يبني من خالل توظيفه‬ ‫ل�ل�تراث ب���أن العبث م��وغ��ل يف الن�سيج ال�تراث��ي‬ ‫العربي وامل�صري خ�صو�صا‪ ،‬و�أنه ميكن توظيفه‬ ‫لإنتاج م�سرح عبث عربي متفرد و�أ�صيل ‪ ..‬ف�إىل‬ ‫�أي حد توفق احلكيم يف ذلك؟‬ ‫حتكي م�سرحية "ياطالع ال�شجرة" (ق�صة‬

‫زوج�ين م�سنني‪ ،‬يحدث يوما �أن تختفي الزوجة‬ ‫لتبد�أ رحلة التحقيق يف مالب�سات اختفائها‪ ،‬حيث‬ ‫ينتقل املحقق بني ف�ضاءات و�أزم�ن��ة خمتلفة يف‬ ‫حماولة منه لتق�صي احلقيقة‪ ،‬هكذا يرحل �إىل‬ ‫الزمن املا�ضي �أيام عمل الزوج كمراقب للقطار‪،‬‬ ‫فيلتقي بالدروي�ش الذي يلمح �إىل �إقدام الزوج‬ ‫على قتل زوجته‪ ،‬ودفنها حتت �شجرته املف�ضلة‪،‬‬ ‫كي تثمر ثمرا يتنوع‪ ،‬ويختلف يف كل ف�صل‪ ،‬على‬ ‫�إثر هذا التلميح يلقى بالزوج يف ال�سجن‪ ،‬ويبد�أ‬ ‫احلفر حت��ت ال�شجرة لإخ ��راج اجلثة ‪� ...‬أثناء‬ ‫ذلك تظهر الزوجة املختفية فج�أة فتت�ضح براءة‬ ‫الزوج ‪ ،‬لينال حريته كي يبد�أ �شوطا من التحقيق‬ ‫وال�ت���س��ا�ؤل حم ��اوال معرفة امل �ك��ان ال ��ذي غابت‬ ‫فيه زوجته كل تلك امل��دة‪ ،‬لكنه يف كل مرة كان‬ ‫ي�صطدم برف�ض زوجته الإف�صاح و االع�تراف‪،‬‬ ‫ليثور‪ ،‬ويهتاج فتتحول املناق�شة بينهما �إىل م�شداة‬ ‫كالمية تنتهي مبقتل الزوجة‪.‬‬ ‫يظهر �آن��ذاك الدروي�ش مرة ثانية معلنا للزوج‬ ‫حتمية العقاب الذي ينتظره‪ ،‬فيقر هذا الأخري‬ ‫دف��ن زوجته حتت ال�شجرة‪ ،‬ومل��ا يهم بالتنفيذ‪،‬‬ ‫يجد �أن جثتها قد اختفت‪ ،‬وحلت حملها �سحلية‬ ‫مقتولة‪.‬‬ ‫يبني توفيق احلكيم فل�سفته يف م�سرح العبث‬ ‫على فكرة �أن ال��واق��ع ال يخ�ضع �أب ��دا ل�شروط‬ ‫العقل‪ ،‬و�أن العقل ال ينتج واقعا ي�شابهه‪ ،‬فاحلقيقة‬ ‫بال�ضرورة لي�ست يقينية بل جمرد وجهة نظر ال‬ ‫غري ‪.‬‬ ‫ الزوجة‪� :‬أ�صدقك كل الت�صديق‬‫ املحقق‪ :‬ولكنك كنت تكذبينني منذ قليل‬‫ الزوجة ‪ :‬لأنني كنت �أتكلم ح�سب عقلي‬‫ املحقق‪ :‬والآن ؟‬‫ الزوجة‪ :‬ح�سب ما ح�صل ‪.17‬‬‫يف م�ستهل امل�سرحية يتوا�صل ال��زوج والزوجة‬ ‫من خالل الالتوا�صل‪ ،‬فالزوج مهوو�س ب�شجرته‪،‬‬ ‫وال��زوج��ة مهوو�سة ببنتها التي مل تلدها لكونها‬ ‫�أ�سقطتها يف �شهرها الرابع ‪.‬‬ ‫الزوج‪ :‬هذه احلديقة ال تتعر�ض مل�ساقط الرياح‪،‬‬ ‫ومع ذلك عندما �أزه��رت �شجرة الربتقال خفت‬ ‫على الزهر لكن اهلل �سلم ولطف‪.‬‬ ‫ال��زوج��ة‪ :‬نعم ‪ ...‬واهلل �سلم و لطف‪ ،‬اجرتنا‬ ‫�أيام الفقر‪ ،‬وعندما جاء الفرج طلبنا اخللف لكن‬ ‫هيهات‪� ،‬إنه ال�سقط الأول بال �شك‪ ،‬كان قد �أثر يف‬ ‫رحمي ‪ ..‬نعم هو ال�سقط الأول‪.‬‬ ‫الزوج‪ :‬نعم هذا ال�سقط الذي حدث لي�س على‬ ‫كل حال ب�شيء ذي بال‪� ،‬إنه ال يعدو �أن يكون ثالث‬


‫�أو �أربع ثمرات من الربتقال الأخ�ضر ال�صغري يف‬ ‫حجم البندقة ‪. 18‬‬ ‫�إن اال�ستماع للآخر ما هو �إال ذريعة للغو�ص يف‬ ‫العامل ال�شخ�صي ‪ ..‬كل يتحدث عن عامله اخلا�ص‬ ‫‪ ..‬ك��ل يف قوقعته كما ي�ح��دث مت��ام��ا يف بداية‬ ‫م�سرحية الكرا�سي ليوني�سكو‪ ،‬لكن حني حت�ضر‬ ‫الزوجة يف الف�صل الثاين‪ ،‬تنقلب احلقائق ر�أ�سا‬ ‫على عقب‪ ،‬حني جتزم ب�أن زوجها مل يحادثها يوما‬ ‫عن ال�شجرة بل كان يحادثها عن الثمرة التي يف‬ ‫�أح�شائها‪ ،‬و�أنها هي من كانت حتادثه يف املقابل‬ ‫عن ال�شجرة‪� ..‬إنها ملفارقة كبرية ي�سخرها توفيق‬ ‫احلكيم لي�سخر م��ن ك��ل التقنيات فاحتا ن�صه‬ ‫امل�سرحي على �أف��ق غري متوقع وعلى احتماالت‬ ‫كثرية ‪.‬‬ ‫وكما يف م�سرحية "الكرا�سي"‪ ،‬ف ��إن اللغة يف‬ ‫"يا طالع ال�شجرة" تتنا�سل بطريقة �سرطانية‬ ‫واحلوار يتحول �إىل طاحونة كالمية‪.‬‬ ‫املحقق‪ :‬متى اختفت �سيدتك بال�ضبط ؟‬ ‫اخلادمة‪� :‬ساعة عودة ال�سحلية �إىل جحرها‬ ‫املحقق‪ :‬تق�صدين املغرب ؟‬ ‫اخلادمة ‪ :‬مل �أب�صر ال�شم�س تغرب‬ ‫املحقق‪ :‬ومتى تعود ال�سحلية �إىل جحرها ؟‬ ‫اخل��ادم��ة ‪ :‬ع�ن��دم��ا ي�ظ�ه��ر ��س�ي��دي م��ن حتت‬ ‫ال�شجرة ‪. 19‬‬ ‫وهكذا دواليك تنبثق الأ�سئلة والأجوبة ‪ ،‬لتدور‬ ‫عجلة اللغة من تلقاء نف�سها ‪ ...‬فتكرث احلوارات‬ ‫امل �ب �ت��ورة وامل�ت�ن��وع��ة بنقط احل ��ذف ك�م��ا ل��و �أن‬ ‫ال�شخ�صيات ال تدرك ما تريده بال�ضبط‪ ،‬وكما‬ ‫هو ال�ش�أن �أي�ضا بالن�سبة مل�سرحية "الكرا�سي"‪،‬‬ ‫تكرث الكلمات التي تنتمي لنف�س احلقل الداليل‬ ‫�م�ست�شفى‪ ،‬و م�صحة‪ ،‬و بان�سيون‪ ،‬و ماخور ‪�....‬‬ ‫يف �شكل �أ�سئلة ‪ ..‬يف حني ي�ستف�سر الزوج زوجته‬ ‫عن مكان غيابها ت�صبح للأ�سئلة ميكانيزماتها‬ ‫اخلا�صة‪.‬‬ ‫الزوج‪ :‬ملج�أ �أيتام ؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬رو�ضة �أطفال؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬يف عوامة ؟‬ ‫الزوجة ‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬يف قطار ؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬يف �سيارة ؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬يف طائرة ؟‬

‫الزوجة ‪ :‬ال‬ ‫الزوج‪ :‬يف باخرة ؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال‬ ‫الزوجة‪ :‬يف عوامة ؟‬ ‫الزوجة‪ :‬ال ‪. 20‬‬ ‫تغيب يف الن�ص احلبكة مبفهومها التقليدي‪،‬‬ ‫حيث التمهيد والتطور الت�صاعدي فالعقدة ثم‬ ‫احلل ‪� ..‬أي غياب املفاهيم الأر�سطية‪ .‬فم�سرحية‬ ‫"يا طالع ال�شجرة" تقوم على حبكة مرتهلة‬ ‫مبعنى �أن التطور ال��درام��ي ال ي�ح��دث �إال على‬ ‫م�ستوى اللغة‪� ..‬أما احلدث فهو مفتوح على جميع‬ ‫االحتماالت ‪.‬‬ ‫فيما يخ�ص ال�شخ�صيات امل�سرحية‪ ،‬فهي تبدو‬ ‫فاقدة للذاكرة �أو تكاد ‪ ..‬حتى �أن الآخ��ر يعرف‬ ‫عنها �أكرث مما تعرف هي عن نف�سها‪ ،‬مثلها جند‬ ‫مثال يف مقطع املفت�ش و م�ساعده ‪.‬‬ ‫ومن بني امل�ستويات التي تتقاطع فيها كل من‬ ‫م�سرحية "الكرا�سي" و"يا ط��ال��ع ال�شجرة"‪،‬‬ ‫جن��د ح���ض��ورا ق��وي��ا لطيمة ال�شيخوخة �زوج‬ ‫وزوج��ة م�سنني وخ��ادم��ة عجوزة�‪ ،‬كما حت�ضر‬ ‫ثنائية احل�ضور و الغياب‪ ،‬ففي بداية الف�صل‬ ‫الثاين يحاور املحقق حفارا غري ظاهر واخلادمة‬ ‫حت ��ادث لبانا وه�م�ي��ا‪� ،‬إن ��ه التقابل ب�ين املرئي‬ ‫املرئي ‪ ..‬وال�شخ�صيات ت�ستطيع �أن‬ ‫وغ�ي�ر‬ ‫تتفرج على ما�ضيها‪ ،‬و �أحيانا ال تعرفه البتة‪ ،‬وهي‬ ‫يف �أحيان �أخ��رى‪ ،‬من داخ��ل ما�ضيها ال تتعرف‬ ‫على حا�ضرها لكون امل�سرحية مو�سومة بفكرة‬ ‫الن�سبية �أو احلقيقة غري الثابتة التي تغري بتغري‬ ‫زاوية النظر ‪ .‬فالدروي�ش ي�ستطيع �أن يرى حقائق‬ ‫خمتلفة عن تلك التي يراها املفت�ش‪ ،‬لأنه و�إن كان‬ ‫يركب القطار نف�سه الذي ي�ستقله املفت�ش نف�سه‪،‬‬ ‫ف�إنه يتجلى لنا يف حقيقة كونه يركب قطارا �آخر‬ ‫هو قطار الأزل ‪ ...‬فحني ي�س�أل املفت�ش الدروي�ش‬ ‫عن تذكرته يقدم له �شهادة ميالده ‪.‬‬ ‫الدروي�ش‪ :‬هي تذكرتي التي اركب بها القطار‬ ‫املفت�ش‪� :‬أي قطار؟‬ ‫الدروي�ش‪ :‬القطار الأ�صلي‬ ‫املفت�ش‪� :‬أي قطار �أ�صلي؟‬ ‫الدروي�ش‪ :‬القطار الأ�صلي الذي قام قبل هذا‬ ‫القطار الفرعي ‪� ...‬أال تعرف ذلك؟‬ ‫امل�ف�ت����ش‪ :‬ا��س�م��ع ان��ا ال اع ��رف ه��ذا ال �ك�لام‪..‬‬ ‫اعطيني تذكرتك التي تركب بها قطاري هذا ‪. 21‬‬ ‫�إن يف ه��ذا ا�ستلهام وتوظيف بنيوي للفكر‬ ‫ال�صويف داخ��ل احلبكة امل�سرحية‪ ،‬مم��ا يخلق‬ ‫مواقف غري معقولة هي يف العمق عني العقل وعني‬

‫ال�صواب‪.‬‬ ‫ع�م��وم��ا ف� ��إن ت��وف�ي��ق احل�ك�ي��م ق��د خل�ص �إىل‬ ‫م���س��رح ع�ب��ث ع��رب��ي امل�لام��ح‪ ،‬و�إن ك��ان غربي‬ ‫ال�شكل‪ ،‬واملكونات‪ ،‬واخل�صائ�ص ‪ ...‬م�ستندا يف‬ ‫ذل��ك �إىل روح ال�تراث و�أ�صالته‪� ...‬إىل طقو�س‬ ‫و�أجواء خا�صة‪ ،‬جنده ي�ؤكد ويدعوا �إىل توظيفها‬ ‫وت�سخريها خدمة للم�سرح العربي ال�سيما يف‬ ‫قالبه امل�سرحي ال��ذي ما فتئ يكر�سه من خالل‬ ‫كتابته النظرية والإبداعية على حد ال�سواء‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1-Ionesco Eugène‬‬ ‫‪, Notes et contre notes, Ed Gallimard,‬‬ ‫‪paris, 1996, p:76‬‬ ‫‪2- Corvin Michel ,dictionnaire‬‬ ‫‪encyclopédique de théâtre,‬‬ ‫‪bordas,1995, p:2‬‬ ‫‪3-FOREST Philippe, Le mouvement‬‬ ‫‪surréaliste , Ed vuibert, paris, 1994,‬‬ ‫‪p : 28‬‬

‫‪ – 4‬نعيم عطية ‪ :‬م�سرح العبث‪ ،‬الهيئة امل�صرية‬ ‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪� ،1992،‬ص ‪14 :‬‬ ‫‪5-Ionesco Eugène, notes et contre‬‬ ‫‪notes, op cit, p : 80‬‬ ‫‪ 6‬روالن ب��ارت‪ ،‬الدرجة ال�صفر يف الكتابة‪،‬‬‫ترجمة وتقدمي حممد ب��رادة‪ ،‬ال�شركة املغربية‬ ‫للنا�شرين املتحدين‪� ،1985 ،‬ص ‪. 14 :‬‬

‫‪7- Ionesco Eugène, notes et contre‬‬ ‫‪notes, op cit , pp : 76,77.‬‬ ‫‪8-Ibid,p:253‬‬ ‫‪9- Ibib, p :255‬‬ ‫‪10-Ibid,p:253‬‬ ‫‪11-Ibib, p : 83‬‬ ‫‪12- Ionesco Eugène, les chaises, Ed‬‬ ‫‪Gallimard, paris, 1954, p :18‬‬ ‫‪13- Ibid p :28‬‬ ‫‪14- Ibid p :45‬‬ ‫‪15- Ibid p : 22‬‬ ‫‪16-Vernois Paul , la dynamique‬‬ ‫‪théâtral d’ Eugene Ionesco, Ed‬‬ ‫‪Klincksieck p : 227‬‬

‫‪ - 17‬ت��وف�ي��ق احل�ك�ي��م ‪ .‬ي��ا ط��ال��ع ال���ش�ج��رة‪،‬‬ ‫من�شورات مكتبة الآداب‪ ،‬القاهرة‪� ،1960 ،‬ص‪:‬‬ ‫‪131 ،130‬‬ ‫‪ - 18‬امل�صدر نف�سه‪� ،‬ص ‪44 :‬‬ ‫‪ - 19‬نف�سه‪� ،‬ص ‪34 :‬‬ ‫‪ - 20‬نف�سه ‪� :‬ص‪155 :‬‬ ‫‪- 21‬نف�سه‪� ،‬ص ‪20 :‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪35 2013‬‬


‫فكر‬

‫مراحعات‬

‫األمم المقسمة‬ ‫عرض‪ /‬الصادق الفقي‬

‫ت�شهد الب�شرية اليوم حتوالت وخ�ضات عنيفة‪،‬‬ ‫وتواجه عدد ًا من التحديات الدولية التي تتعدى‬ ‫احلدود الوطنية‪ ،‬حيث �أ�صبح من الوا�ضح ب�شكل‬ ‫متزايد �أن الهيئات التي �أن�شئت للم�ساعدة يف‬ ‫احل�ك��م ال�ع��امل��ي ‪ -‬مثل الأمم امل�ت�ح��دة والبنك‬ ‫و�صندوق النقد الدوليني‪ -‬غري كافية ملهمة �إدارة‬ ‫املخاطر يف القرن احلادي والع�شرين‪.‬‬ ‫فقد مت �إن�شاء هذه امل�ؤ�س�سات جميعها يف عامل‬ ‫ما بعد احل��رب‪ ،‬ال��ذي يختلف اختالف ًا جذري ًا‬ ‫عن عاملنا ال�ي��وم‪ ،‬وه��ي تكافح الآن للتعامل مع‬ ‫التحديات التي تواجهها يف عامل معومل مرتابط‬ ‫من القرن احلادي والع�شرين‪.‬‬ ‫فالتكامل العاملي ال�سريع والتطور احل�ضري‪ ،‬مع‬ ‫تغري قواعد اللعبة ال�سيا�سية واالقت�صادية ب�سبب‬ ‫القفزات الهائلة التي حققتها احل�ضارة الإن�سانية‬ ‫املعوملة‪ ،‬والتي �أ�صبحت متتلك تقنية املعلومات‪،‬‬ ‫واالت�صاالت‪ ،‬والتنقل‪ ،‬والأعمال‪ ،‬جتلب جميعها‬ ‫مزايا عميقة‪ ،‬و�أي�ض ًا خماطر منظمة يجري الآن‬ ‫فقط حتديدها وحماولة فهمها‪.‬‬ ‫فالعديد من �أكرب التحديات التي تواجه العامل‬ ‫اليوم يتعدى احل��دود الوطنية‪ ،‬مثل تغري املناخ‪،‬‬ ‫والتمويل‪ ،‬واجلرمية‪ ،‬والأوبئة‪ ،‬والأمن ال�سيرباين‪،‬‬ ‫وال�ه�ج��رة‪ ،‬و�آث ��ار ظ��اه��رة االحتبا�س احل��راري‪.‬‬ ‫واحلقيقة املرة �أن هذه امل�ؤ�س�سات العاملية التي‬ ‫ُخلقت يف �أربعينيات القرن املا�ضي‪ ،‬هي بب�ساطة‬ ‫ال ترقى �إىل مهمة �إدارة هذه املخاطر‪.‬‬ ‫العامل تغري‬ ‫يف كتابه بعنوان "الأمم املق�سمة‪ ..‬ملاذا يف�شل‬ ‫احلكم ال�ع��امل��ي؟ وم ��اذا ميكننا �أن نفعل حيال‬ ‫ذلك؟"‪ ،‬يقول عميد مدر�سة �سانت مارتن بجامعة‬ ‫�أك�سفورد الربوفي�سور �إيان غولدين‪ ،‬االقت�صادي‬ ‫البارز وامل�ست�شار ال�سابق لنيل�سون مانديال‪ ،‬ونائب‬ ‫الرئي�س ومدير ال�سيا�سات يف البنك الدويل‪..‬‬ ‫يقول �إننا بحاجة �إىل حلول عاملية للتحديات‬ ‫العاملية‪ ،‬ومع ذلك يعتقد ب�أننا نفتقر �إىل القيادة‬ ‫ال �ع��امل �ي��ة‪ ،‬وي���ش��ك ح�ت��ى يف وج ��ود وع ��ي بحجم‬ ‫التحديات العاملية التي نواجهها جميع ًا‪ .‬وي�ضيف‬ ‫�أن "قرننا هذا ميكن �أن يكون �أف�ضل من �أي وقت‬ ‫م�ضى"‪ ،‬وقد يكون "الأ�سو�أ"‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫تكلفة‪ ،‬لكنه �أي�ض ًا م�س�ألة ذات �أولوية‪ ،‬لأنه يف حال‬ ‫حدوث وباء ف�إن القدرة العاملية لإنتاج اللقاح ال‬ ‫تتطابق مع املتطلبات امللحة‪ .‬وهذا قد يبدو طلب ًا‬ ‫م�ع�ق��و ًال‪ .‬ول�ك��ن امل�ح��ادث��ات م��ع منظمة ال�صحة‬ ‫ال�ع��امل�ي��ة و��ص�ل��ت �إىل ط��ري��ق م �� �س��دود‪ ،‬وق��ررت‬ ‫�إندوني�سيا حجب عينات الفريو�س التي لديها‪،‬‬ ‫فو�ضعت بذلك العامل فعلي ًا حتت رحمتها‪� ،‬إذ �إنه‬ ‫عندما يتعلق الأمر ب�أزمة �أمنية وطنية مثل وباء‬ ‫الإنفلونزا‪ ،‬ف�إن جميع الدول تتخذ �شيئ ًا من مبد�أ‬ ‫الواقعية‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬الأمم املق�سمة‪ ..‬مل��اذا يف�شل احلكم‬ ‫العاملي؟ وماذا ميكننا �أن نفعل حيال ذلك؟‬ ‫ امل�ؤلف‪� :‬إيان غولدين‬‫ عدد ال�صفحات‪200 :‬‬‫ النا�شر‪ :‬مطبعة جامعة �أك���س�ف��ورد‪ ،‬لندن‬‫ونيويورك‬ ‫ الطبعة‪ :‬الأوىل‪2013 /‬‬‫ويعتقد غولدين ب ��أن امل�ؤ�س�سات "املتحجرة"‬ ‫تخ�سر املعركة ملعاجلة امل�خ��اوف احلديثة التي‬ ‫تتجاوز احل��دود الوطنية‪ ،‬وي��زع��م �أن النتيجة‬ ‫�ستعتمد ع�ل��ى "قدرتنا اجل�م��اع�ي��ة ع�ل��ى فهم‬ ‫واتخاذ الإج ��راءات الالزمة ملعاجلة التحديات‬ ‫الرئي�سية"‪ ،‬م�ؤكد ًا �أن��ه ما مل نكن قادرين على‬ ‫�إدارة املخاطر املرتبطة بالعوملة على نحو �أكرث‬ ‫فعالية ف�ستطغى علينا‪ ،‬و�أن هذا �سيكون التحدي‬ ‫الأ�سا�سي يف ع�صرنا‪ ،‬كما متثل حتدي ًا للمجتمع‬ ‫املدين واملنظمات الدولية والوطنية للم�ساعدة يف‬ ‫خلق وتطوير بدائل معاجلات جديدة‪.‬‬ ‫وي ��أخ��ذ م �ث�ل ًا �أن ��ه يف ع ��ام ‪- 2007‬ك �م��ا هو‬ ‫احل��ال ال�ي��وم‪ -‬ك��ان العامل ي�ستعد ملواجهة وباء‬ ‫�إنفلونزا الطيور املحتملة والنا�شئة من �آ�سيا‪.‬‬ ‫ومع املزيد من الوفيات التي فاقت �أي بلد �آخر‬ ‫جراء الفريو�س‪� ،‬أرادت �إندوني�سيا احل�صول على‬ ‫�ضمانات ب�أنها �ستكون قادرة على الو�صول �إىل �أي‬ ‫لقاح ينتج من عينات الفريو�س الذي ت�شرتك يف‬ ‫توفريه مع الآخرين‪.‬‬ ‫ومعروف �أن احل�صول على اللقاحات م�س�ألة‬

‫مالحظات �شارحة‬ ‫الكتاب الذي يحوي خم�سة ف�صول هي‪ :‬حتديات‬ ‫احلكم العاملي اجلديد‪ ،‬والتوفيق بني امل�صالح‬ ‫العاملية والوطنية‪ ،‬و�إع��ادة النظر يف الإ�صالح‪..‬‬ ‫الأمم‪ ،‬وال�شبكات‪ ،‬واملعرفة‪ ،‬وقوة الواحد‪ ..‬دور‬ ‫الأف ��راد‪ ،‬و�أخ�ي�را‪ ..‬ما ال��ذي ميكن عمله؟ يبدو‬ ‫يف ان�ط�ب��اع �أويل بعد ق��راءت��ه‪ -‬ك��أن��ه موعظة‬‫ح�سنة للتفكري يف حتويل ديناميات القوة العاملية‬ ‫التي كان ميكن �أن تكون ق�ضيتها �أقوى بكثري من‬ ‫دون هذه اجلرعة القوية من العوملية املغالية يف‬ ‫التطرف‪.‬‬ ‫فامل�ؤلف يجد نف�سه يف موقف مثايل لتقدمي‬ ‫وج �ه��ات ن�ظ��ر عميقة وط ��رح �أ��س��ال�ي��ب ج��دي��دة‬ ‫لعاملنا‪ ،‬وهو هنا ي�ستك�شف ما �إذا كان اجلواب‬ ‫هو �إ�صالح الهياكل القائمة �أو النظر يف طريقة‬ ‫جديدة وجذرية ملعاجلة �أوجه الق�صور الكامنة‪..‬‬ ‫�إنه يحدد طبيعة امل�شاكل وخمتلف املناهج املتبعة‬ ‫يف احلكم العاملي‪ ،‬وي�سلط ال�ضوء على التحديات‬ ‫التي �أردن��ا التغلب عليها‪ ،‬وتعترب خارطة طريق‬ ‫للم�ستقبل‪.‬‬ ‫بيد �أن هناك م�شكلة يف طرحه‪ ،‬فامل�ؤلف يف املثال‬ ‫الإندوني�سي يريدنا �أن نعتقد ب�أن "منظمة ال�صحة‬ ‫العاملية كراعية للنظام ال�صحي ال��دويل كانت‬ ‫حتقق جناح ًا ملحوظ ًا يف الوقاية من الأوبئة"‪،‬‬ ‫ويقرتح �أنها باعتبارها هيئة متخ�ص�صة ولها‬ ‫�شبكة حمددة من امل�س�ؤولني احلكوميني واخلرباء‬ ‫التقنيني‪ ،‬قادرة على التغلب على عقبات التعنت‬ ‫الوطني باملفاو�ضات وقليل من "القوة الناعمة"‪،‬‬ ‫حل��ل ه��ذا ال�ن��وع م��ن امل�شاكل ال�ع��اب��رة للحدود‬


‫الوطنية والتي متيز ع�صر العوملة‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬املثال الذي ا�ستخدمه يبدو غريب ًا‪� ،‬إذ �إن‬ ‫احلقيقة تقول �إن العامل غري م�ستعد على الإطالق‬ ‫ملواجهة وباء ال مفر منه‪ .‬وال�شاهد �أن احلاالت‬ ‫الأخ�ي�رة حتولت �إىل �أن تكون جم��رد �إن ��ذارات‬ ‫كاذبة اعتمدت على التخمني ال على قوة �أنظمة‬ ‫املراقبة لدى املنظمة الدولية‪.‬‬ ‫فعندما ي�صل وب��اء الإنفلونزا اجلائحة‪ ،‬ف�إن‬ ‫اخلطوط العري�ضة لال�ستجابة �ستقتفي الأعراف‬ ‫ال�سائدة يف ال��دول املتقدمة والنامية على حد‬ ‫��س��واء‪ ،‬وه��ي حينئذ وظيفة ال �ق��درات الوطنية‪.‬‬ ‫فتوزيع الأ�شخا�ص الـ‪ 34‬مليونا يف العامل الذين‬ ‫يعي�شون م��ع ف�يرو���س نق�ص امل�ن��اع��ة املكت�سب‪،‬‬ ‫والذين ا�ست�شهد بهم غولدين �أي�ض ًا‪ ،‬يقول لنا كل‬ ‫ما نحتاج �إىل معرفته حول كيفية تعامل العامل مع‬ ‫الأوبئة‪.‬‬ ‫وبينما يجد القارئ لبع�ض الأمثلة يف الكتاب‬ ‫مثل الهجمات الإلكرتونية‪ -‬متثالت حقيقية يف‬‫القرن احل��ادي والع�شرين ميكن الإح�سا�س بها‪،‬‬ ‫�سيجد نف�سه �أقل اقتناع ًا بالأمثلة الأخرى‪.‬‬ ‫ومع ازدياد ال�سفر اجلوي‪ ،‬ي�صعب ال�شعور ب�أن‬ ‫وباء الأنفلونزا ميكن �أن يعيث ف�ساد ًا الآن �أكرث‬ ‫مما �أحدثته الأنفلونزا الإ�سبانية التي رمبا قتلت‬ ‫قرابة ‪ 50‬مليون �شخ�ص عام ‪.1918‬‬ ‫وعلى العك�س‪ ،‬رمب��ا ك��ان �أعظم جن��اح ملنظمة‬ ‫ال���ص�ح��ة ال �ع��امل �ي��ة خ�ل�ال ال��ق��رن امل��ا� �ض��ي هو‬ ‫الق�ضاء على اجل ��دري يف ف�ترة ال�سبعينيات‪.‬‬ ‫وميكن للمرء �أن يك ّون حجة مماثلة حول العديد‬ ‫من �أمثلة امل�ؤلف الأخ��رى‪ ،‬ف��الأزم��ات املالية يف‬ ‫ثالثينيات و�سبعينيات القرن املا�ضي‪ ،‬وموجات‬ ‫الهجرة املتتالية‪ ،‬وحتى تغري املناخ له �سابقة يف‬ ‫الطبيعة ‪�-‬إن مل يكن النطاق‪ -‬ويف حظر مركبات‬ ‫الكربون الكلورفلورية حلماية طبقة الأوزون يف‬ ‫الثمانينيات‪.‬‬ ‫بحثاً عن احلقيقة‬ ‫االف�ترا���ض ال ��ذي ي��دخ��ل ب��ه ال �ق��ارئ �إىل منت‬ ‫الكتاب هو �أن غولدين له معرفة وا�سعة بالواقع‪،‬‬ ‫خا�صة �أن��ه �صاحب �سرية ذاتية تت�ضمن خربة‬ ‫احرتافية يف منظمة التعاون والتنمية الأوروبية‬

‫ويف م�صرفينْ �إقليميني‪� ،‬إ�ضافة �إىل منا�صبه‬ ‫ال�سيا�سية واالقت�صادية التي جعلته يف مطبخ‬ ‫�صنع القرار ك�أحد التنفيذيني الكبار يف و�ضع‬ ‫ال�سيا�سات الوطنية والدولية‪.‬‬ ‫ل �ه��ذا‪ ،‬ج��اء ال�ك�ت��اب �أك�ث�ر �إق �ن��اع � ًا يف حتليله‬ ‫لبريقراطيات املنظمات الدولية‪ ،‬وتقدمي و�صفات‬ ‫من �أجل حت�سينها‪� ،‬إذ �سينده�ش القارئ ‪-‬مثال‪-‬‬ ‫مم��ا طرحه م��ن �أف�ك��ار ع��ن تكوين املوظفني يف‬ ‫املنظمات الدولية‪.‬‬ ‫ورغم �أهمية الف�صول الأربعة الأوىل ف�إن الف�صل‬ ‫الأخ�ي�ر و��ض��ع خم�سة م�ب��ادئ �أ�سا�سية ت�ستحق‬ ‫الت�أمل‪ ،‬مثل مبد�أ "التبعية" الذي يقيد ا�ستخدام‬ ‫احلكم العاملي فقط يف الق�ضايا التي حتتاج �إليه‪،‬‬ ‫و"الإدراج االنتقائي" ال��ذي يحافظ فقط على‬ ‫م�شاركة تلك اجلهات التي ت�ؤثر �أو تت�أثر بامل�س�ألة‪،‬‬ ‫و"الهند�سة املتغرية" التي تعمل على تطابق �شكل‬ ‫احلكم مع م�ضمون امل�س�ألة‪ .‬وهناك مبد�أ يطلق‬ ‫عليه غولدين "ال�شرعية"‪ ،‬ولكن يبدو �أنه ي�صف‬ ‫ب�شكل �أكرث و�ضوح ًا ال�سلطة املت�صورة للم�ؤ�س�سة‪.‬‬ ‫و�أخري ًا امل�س�ألة ال�شائكة املتعلقة مببد�أ "الإنفاذ"‪،‬‬ ‫لأن ال�ضغط م��ن املنظمات غ�ير احلكومية هو‬ ‫بالفعل العن�صر امل�شرتك الآن‪.‬‬ ‫فامل�ؤلف يقدم لنا ح�شد ًا من الأفكار من منظور‬ ‫خا�ص يقول �إن احلكومات ‪-‬على ما يبدو‪ -‬عقبة‬ ‫يف طريق حل العديد من امل�شاكل‪ ،‬لذا ينبغي �أن‬ ‫ت�سعى املنظمات الدولية �إىل تطوير "ات�صال �أقوى‬ ‫بدوائرها" من املواطنني‪ .‬وهذا لي�س فقط ب�سبب‬ ‫القيود التي تفر�ضها امل�صلحة الوطنية‪ ،‬و�إمنا لأن‬ ‫الدميقراطية هي �أي�ضا ال تعمل ب�شكل جيد جد ًا‪.‬‬ ‫ولذا‪ ،‬ف�إن من ال�سهل �أن نرى كيف ميكن للم�س�ؤول‬ ‫الذي تع ّود على حل امل�شاكل من وراء مكتب يف مقر‬ ‫عمله �أن ي�شعر بجدوى هذه الطريقة‪ ،‬لكنها قطع ًا‬ ‫جتعل الآخ��ري��ن غري مرتاحني �أو غري مقتنعني‬ ‫ب�أنها الطريقة املثلى للحل‪.‬‬ ‫ف�ف��ي ح��دي�ث��ه ع��ن ن �ق��اط ال �ق��وة وال���ض�ع��ف يف‬ ‫املنظمات ال��دول�ي��ة ال�ك�برى على �سبيل امل�ث��ال‪،‬‬ ‫يبدو �أن امل ��ؤل��ف ي�ج��ادل ب ��أن واح ��دة م��ن نقاط‬ ‫ال�ق��وة ه��ذه تكمن يف ق��درة ه��ذه الكيانات على‬ ‫التفكري والت�صرف خ��ارج القيود الدميقراطية‬ ‫الوطنية‪� ،‬إذ �إن��ه مع والي��ة مدتها �أرب��ع �أو خم�س‬

‫�سنوات‪ ،‬وجماعات ال�ضغط‪ ،‬و�إغراءات ال�شعوبية‪،‬‬ ‫تبدو احلكومات الوطنية �أق��ل ق��درة على تكييف‬ ‫�أو�ضاعها بال�شكل ال�صحيح‪ .‬وتلك هي حجته يف‬ ‫�أخذ حالة منظمة التجارة العاملية وا�ستخدامها‬ ‫كمثال �إيجابي‪ ،‬ورمبا ينتقد هنا منظمات املجتمع‬ ‫املدين �أكرث من م�ؤ�س�سات احلكم العاملية الأخرى‪،‬‬ ‫ويتهمها بتقوي�ض احلكومات الدميقراطية وتعزيز‬ ‫م�صالح جماعات ال�ضغط التجارية‪.‬‬ ‫و�إذا كان هناك خط�أ ارتكبه غولدن‪ ،‬ف�إنه يتمثل‬ ‫يف تعميم ت�أمالته حول العوملة املفرطة يف �سرد‬ ‫"�أزمة احلكم العاملي"‪ ،‬ففي مطلع الألفية الثالثة‬ ‫وحت��ول ديناميات ال�ق��وة العاملية وظ�ه��ور �شبكة‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬قد تكون حلظة جيدة وفر�صة للت�أمل‬ ‫وحت�سني احلكومة العاملية‪.‬‬ ‫اخلامتة‬ ‫�إذا كانت احلجة املركزية يف الكتاب هي �أن‬ ‫"م�شاكل ال�ق��رن احل ��ادي والع�شرين" لي�ست‬ ‫مثل تلك التي متت مواجهتها يف املا�ضي‪ ،‬ف�إن‬ ‫هذه "الأخطار التي يخلقها االت�صال املفرط"‬ ‫اجلديد �أوجدت "احلاجة �إىل اتخاذ قرار جماعي‬ ‫عاجل"‪.‬‬ ‫و"الفجوة بني هياكل الأم�س وم�شاكل اليوم‪"،‬‬ ‫مثل "املعاهدات واالتفاقات الأخرى التي �أفرزت‬ ‫هياكل احلكم العاملي‪ ،‬هي يف �أف�ضل حاالتها قادرة‬ ‫على التعامل مع عدد من التحديات الرئي�سية من‬ ‫املا�ضي"‪ ،‬رغم �أنها غالب ًا ما كانت تف�شل يف ذلك‬ ‫�أي�ض ًا‪.‬‬ ‫�إن االعرتاف الواجب الإ�شارة �إليه هنا كما يعرب‬ ‫عن ذلك امل�ؤلف‪ ،‬هو �أننا لن جند حلو ًال جديدة‬ ‫�إذا ما وا�صلنا القيام ب�أ�شياء بنف�س الطريقة‬ ‫القدمية‪ .‬فاالعتقاد الرا�سخ الآن �أن ال�سيا�سة‬ ‫العاملية و�صلت �إىل طريق م�سدود‪ ،‬وه��دف هذا‬ ‫الكتاب حتفيز احل��وار والنقا�ش الذي من �ش�أنه‬ ‫تطوير حلول جديدة لهذه التحديات املعقدة‪.‬‬ ‫ورغ��م املالحظات امل��ذك��ورة‪ ،‬فالكتاب حماولة‬ ‫ج��ادة للغاية‪ ،‬ويقدم ق��راءة ثاقبة للراغبني يف‬ ‫درا�سة العوملة واحلكم ال��دويل‪� ،‬إذ ي�ساعد على‬ ‫حتديد �سياق يف املناق�شات التي ينبغي �أن ت�أخذ‬ ‫مكانها يف املنتديات الفكرية‪.‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪37 2013‬‬


‫التجربة التركية من أتاتورك إلى أردوغان‬

‫عرض‪ /‬أحمد محمود‬

‫الكتاب‪ :‬التجربة الرتكية من �أتاتورك �إىل‬‫�أردوغان‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬حممد �صادق �إ�سماعيل‬‫عدد ال�صفحات‪272 :‬‬‫النا�شر‪" :‬العربي" للن�شر والتوزيع‪ ,‬القاهرة‬‫الطبعة‪ :‬الأوىل‪2013 /‬‬‫كرث احلديث يف الفرتة الأخ�يرة عن تركيا املعا�صرة‬ ‫وجتربتها ال�سيا�سية واالقت�صادية‪ ،‬وعن �أنه على‬ ‫الدول العربية اخلارجة من جتربة الربيع العربي‪،‬‬ ‫�أن تقتدي بها لت�صل �إىل ما و�صلت �إليه الآن من‬ ‫تقدم يف خمتلف املجاالت‪.‬‬ ‫وهناك العديد من الأدب �ي��ات التي ظهرت يف‬ ‫الفرتة الأخرية‪� ،‬سواء باللغة العربية �أو الرتكية‪،‬‬ ‫مت��ت ترجمتها‪ ،‬تتناول التجربة ال�ترك�ي��ة‪ ،‬من‬ ‫خمتلف زواي��اه��ا و�أرك��ان �ه��ا‪ ،‬وم��ن بينها كتاب‬ ‫"التجربة الرتكية من �أتاتورك �إىل �أردوغان"‬ ‫للباحث امل�صري حممد �صادق �إ�سماعيل‪.‬‬ ‫وجاء الكتاب يف ع�شرة ف�صول تتناول عددًا من‬ ‫الق�ضايا املتعلقة برتكيا و�سيا�ساتها‪ ،‬ب��د ًءا من‬ ‫ر�صد الأهمية الإ�سرتاتيجية للدولة الرتكية‪ ،‬يف‬ ‫‪38‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫�إطار تاريخها وحالتها اجليو�سيا�سية‪ ،‬و�صو ًال �إىل‬ ‫خ�صو�صا مع م�صر و�إ�سرائيل‬ ‫عالقاتها الإقليمية‬ ‫ً‬ ‫ودول اخلليج العربي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أبرز الق�ضايا‬ ‫وامل �ح��ددات اخلا�صة بال�سيا�سة ال�ترك�ي��ة‪ ،‬مثل‬ ‫امل�س�ألة الكردية‪ ،‬وق�ضية املياه‪ ،‬مع تركيز خا�ص‬ ‫على تركيا يف ظل حقبة حزب العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫وهذا امل�ؤلف ي�أتي يف �إطار م�شروع بحثي‪ ،‬تتبناه‬ ‫دار الن�شر ح��ول التجارب ال�سيا�سية والتنموية‬ ‫ال��دول �ي��ة ذات ال ��دالل ��ة والأه �م �ي��ة يف خمتلف‬ ‫امل �ج��االت‪ ،‬مثل التجربة الت�شيكية‪ ،‬والتجربة‬ ‫الربازيلية يف عهد الرئي�س ال�سابق لوال دا �سيلفا‪.‬‬ ‫والكتاب بجانب تناوله الأهمية الإ�سرتاتيجية‬ ‫لرتكيا‪ ،‬والق�ضايا املحيطة بتجربتها االقت�صادية‬ ‫وال�سيا�سية يف ع�صرنا احل��دي��ث؛ ق��ام ب��إج��راء‬ ‫ت�ط��واف تاريخي مف�صل ح��ول تركيا �سيا�س ًّيا‬ ‫حتوالت ما بعد دولة اخلالفة‬ ‫و�أنرثوبولوج ًّيا‪ ،‬وحجم الدور الذي لعبته يف توجيه‬ ‫مييل بع�ض امل ��ؤرخ�ين �إىل احل��دي��ث ع��ن دول��ة‬ ‫ال�سيا�سة الإقليمية والعاملية‪ ،‬منذ ظهور الدولة‬ ‫اخل�لاف��ة العثمانية باعتبارها "الإمرباطورية‬ ‫ال�سلجوقية يف القرن اخلام�س الهجري‪.‬‬ ‫العثمانية" �أو "الدولة العثمانية" وي�شريون �إىل �أن‬ ‫"دولة اخلالفة" مت توظيفها �سيا�س ًّيا من جانب‬ ‫�أنرثوبولوجيا �سيا�سية‬ ‫من خالل الر�صد التاريخي الذي قام به امل�ؤلف‪ ،‬الأتراك لل�سيطرة على العامل العربي والإ�سالمي‪.‬‬ ‫وتتبع فيه اجلذور التاريخية لن�ش�أة الدولة الرتكية ول �ك��ن ه��ذا ا ُ‬ ‫حل �ك��م يجانبه ال �� �ص��واب‪ ،‬حيث‬ ‫يف مكانها هذا‪ُ ،‬يالحظ �أن هناك جمموعة من �إن ال��دول��ة العثمانية لعبت دور مظلة اخلالفة‬ ‫ال�ت��أث�يرات التي لعبتها بع�ض احل ��وادث املهمة الإ�سالمية‪ ،‬حتى ما قبل انهيارها بب�ضعة عقود‪،‬‬ ‫التي مر بها ال�شعب الرتكي‪ ،‬يف ت�شكيل �شخ�صيته وكانت حتكم ب�صورة �أ�شبه �أو قريبة ال�شبه من‬ ‫احلالية‪ ،‬ومن �سيا�سات الدولة الرتكية‪ ،‬وجمالها حكم دولة العبا�سيني الأوىل والثانية‪.‬‬ ‫ولكن الإ�شكالية ظهرت حول هذه امل�س�ألة من‬ ‫احليوي يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ف��الأت��راك ع �ب��ارة ع��ن قبائل ُر َّح���ل ن���ش��أت يف اجتاهَ ينْ ‪ :‬االجتاه الأول �سيطرة مدار�س ت�أريخية‪،‬‬ ‫الأ�سا�س يف �إقليم ترك�ستان‪ ،‬بني ال�صني و�آ�سيا �أ�صحابها �إما م�سيحيون �شوام‪� ،‬أو �أنهم من الفئات‬ ‫الو�سطى‪ ،‬وحتركت باجتاه الغرب‪ ،‬حتى ا�ستقرت التي تلقت تعليمها يف الغرب‪ ،‬بعد قيام حممد علي‬ ‫يف �شمال بالد فار�س ويف ه�ضبة الأنا�ضول و�آ�سيا با�شا الكبري وحفيده اخلدي ِو �إ�سماعيل‪ ،‬ب�إر�سال‬ ‫الو�سطى‪ ،‬وت�ط��ورت �سيا�س ًّيا واجتماع ًّيا‪ ،‬حتى بعثات تعليمية �إىل فرن�سا و�إجن �ل�ترا‪ ،‬وم َّثلت‬ ‫�أق��ام��ت دولتها امل�ستقلة م��ر َت�ْي‪،‬نْ ‪ ،‬الأوىل الدولة بذرة التيار العلماين الليربايل يف العامل العربي‬ ‫ال�سلجوقية‪ ،‬ال�ت��ي ظ�ه��رت يف ال �ق��رن اخلام�س والإ�سالمي‪.‬‬ ‫الهجري‪ ،‬والثانية الدولة العثمانية التي ظهرت يف االجتاه الثاين هو �أنه بالفعل يف العقود الأخرية‬ ‫من حياة الدولة العثمانية‪� ،‬سيطرت اجتاهات‬ ‫القرن العا�شر الهجري‪.‬‬ ‫ه ��ذه ال �ت �ط��ورات الأن�ثروب��ول��وج �ي��ة �أدت �إىل‬ ‫ن�ش�أة دول��ة فريدة من نوعها‪ ،‬حيث �شعب يقيم‬ ‫يف �أر���ض غري التي ن�ش�أ فيها‪ ،‬ولذلك ارتبطت‬ ‫فكرة "الترتيك" حتى منذ ما قبل قيام الدولة‬ ‫الأت��ات��ورك�ي��ة احلديثة‪ ،‬بتو�سع تركيا �شر ًقا‪ ،‬يف‬ ‫املناطق التي ن�ش�أ فيها الأتراك �أ� ً‬ ‫صال‪.‬‬ ‫فاحلركة الطورانية التي ن�ش�أت وتطورت �أواخر‬ ‫ال �ق��رن الـ‪ 19‬ومطلع ال �ق��رن الع�شرين‪ ،‬مدت‬ ‫�أذرعها لت�شمل �آ�سيا الو�سطى وترك�ستان‪ ،‬ونفهم‬ ‫الآن �سبب االهتمام ال�ترك��ي الل�صيق‪ ،‬بق�ضية‬ ‫م�سلمي الإيغور يف �إقليم ترك�ستان ال�شرقية‪ ،‬حيث‬ ‫�إن الإيغور الآن هم التطور الطبيعي للقبائل التي‬ ‫خرج منها الأتراك ال�سلجوقيون والعثمانيون من‬ ‫بعد‪ ،‬ثم الأتاتوركيون يف القرن الع�شرين‪.‬‬


‫قومية متطرفة على ال�سيا�سة الرتكية‪ ،‬فظهر‬ ‫�سيا�سيون مثل مدحت با�شا‪ ،‬وحركات �سيا�سية‬ ‫مثل حركة االحتاد والرتقي‪.‬‬ ‫من �أتاتورك �إىل �أردوغان‬ ‫طيلة ال �ع �ق��ود ال �ت��ي ت�ل��ت �إع �ل�ان اجل�م�ه��وري��ة‬ ‫الرتكية‪ ،‬حكمت تركيا ر�ؤي��ة �سيا�سية واح��دة‪،‬‬ ‫ر�سخها �أت��ات��ورك‪ ،‬وتبنتها من بعده احلكومات‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬والتي تعتمد على �أ�سا�س العلمنة‬ ‫الكاملة للدولة‪ ،‬لي�س �سيا�س ًّيا فح�سب‪ ،‬بل على‬ ‫خمتلف امل�ستويات الفكرية واالجتماعية‪.‬‬ ‫و�ضمنت امل�ؤ�س�سة الع�سكرية ال�ترك�ي��ة طيلة‬ ‫العقود املا�ضية‪ ،‬تنفيذ ر�ؤي��ة �أت��ات��ورك يف حكم‬ ‫البالد‪ ،‬وك��ان النفي كما حدث مع بديع الزمان‬ ‫ال �ن��ور� �س��ي‪ ،‬والإع� � ��دام ك �م��ا ح ��دث م��ع ع��دن��ان‬ ‫مندري�س‪ ،‬جزاء من يحاول من الرموز الدينية‬ ‫والروحية والقيادات ال�سيا�سية للمجتمع الرتكي‬ ‫اخلروج على هذه الثوابت‪.‬‬ ‫وبنا ًء عليه‪ ،‬رتبت تركيا �سل�سلة من التحالفات‬ ‫اخل��ارج �ي��ة‪ ،‬ك��ان��ت وجهتها الرئي�سية ال�غ��رب‪،‬‬ ‫ور�سمت �سيا�سات تركيا �إزاء ق�ضايا املنطقة‬ ‫وخ�صو�صا الق�ضية‬ ‫والعامل العربي والإ�سالمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الفل�سطينية وال�صراع العربي الإ�سرائيلي‪ ،‬فكان‬ ‫التحالف الرتكي الإ�سرائيلي‪ ،‬والتحالف الرتكي‬ ‫الغربي خالل �سنوات احلرب الباردة‪.‬‬ ‫وظلت هذه الثوابت قائمة حتى مطلع الألفية‬ ‫اجل��دي��دة‪ ،‬عندما ف��از ح��زب العدالة والتنمية‬ ‫بزعامة رج��ب طيب �أردوغ ��ان‪ ،‬بانتخابات عام‬ ‫‪ 2002‬العامة؛ حيث بد�أت حتوالت عميقة تطر�أ‬ ‫على ال�سيا�سة الرتكية‪.‬‬ ‫ولكن ال ميكن ال�ق��ول �إن ه��ذه التحوالت التي‬ ‫ت�شهدها تركيا منذ ما يزيد على عقد من الزمان‪،‬‬ ‫قد بد�أت مع تويل �أردوغان وحزبه احلكم‪ ،‬فو�صول‬ ‫حد ذاته‪،‬‬ ‫العدالة والتنمية للحكم‪ ،‬لي�س بداية يف ِّ‬ ‫و�إمنا هو نتيجة � ً‬ ‫أي�ضا للكثري من التحوالت التي‬ ‫كانت قد بد�أت تطر�أ على املجتمع الرتكي خالل‬ ‫العقود املا�ضية‪.‬‬ ‫وتُعترب جتربة جنم الدين �أربكان‪ ،‬والتي بد�أت‬ ‫منذ مطلع ال�سبعينيات املا�ضية‪ ،‬بحزبه الإ�سالمي‪،‬‬ ‫حزب ال�سالمة الوطني‪ ،‬من �أبرز عوامل التغيري‬ ‫التي بد�أت �ضد الأتاتوركية يف هذا البلد‪ ،‬وكانت‬

‫نتيجة ذلك‪ ،‬حقبة كاملة من التحوالت‪� ،‬أفرزت‬ ‫�أردوغان وجتربة العدالة والتنمية‪.‬‬ ‫حمددات �إ�سرتاتيجية‬ ‫بجانب هذا التطواف التاريخي‪ ،‬تناول امل�ؤلف‬ ‫ع��ددًا من امل�ح��ددات الإ�سرتاتيجية التي تر�سم‬ ‫ال�سيا�سة الرتكية الراهنة‪ ،‬ومتثل ُ�صلب �أمنها‬ ‫القومي‪ ،‬وي��أت��ي على ر�أ�سها امل�س�ألة الكردية‪،‬‬ ‫وق�ضية املياه‪ ،‬وعالقات تركيا الإقليمية مع كل من‬ ‫م�صر ودول اخلليج العربي و�إ�سرائيل‪.‬‬ ‫وتُعترب امل�شكلة الكردية من �أهم هذه املحددات؛‬ ‫حيث �إنها ترتبط �أو ًال مبو�ضوع وح��دة الأرا�ضي‬ ‫الرتكية‪ ،‬كما �أنها ترتبط ب�شكل مبا�شر بق�ضية‬ ‫اال�ستقرار الداخلي‪ ،‬مع كونها قد �أودت بحياة‬ ‫�أكرث من �أربعني �ألف �شخ�ص‪ ،‬منذ اندالعها عام‬ ‫‪.1984‬‬ ‫كما �أن الق�ضية الكردية ترتبط بالكثري من‬ ‫الق�ضايا املتعلقة بو�ضع تركيا اجليو�سيا�سي يف‬ ‫�إقليم ال�شرق الأو�سط‪ ،‬فهي مرتبطة بالعالقات‬ ‫م��ع ال �ع��راق‪ ،‬وك��ذل��ك مب�سار ال�ع�لاق��ات الرتكية‬ ‫الإ�سرائيلية‪ ،‬ولفهم ذلك‪ ،‬تكفي الإ�شارة �إىل �أن‬ ‫جهاز املخابرات الإ�سرائيلي (مو�ساد) كان وراء‬ ‫�إلقاء املخابرات الرتكية القب�ض على زعيم حزب‬ ‫العمال الكرد�ستاين املحظور يف تركيا عبد اهلل‬ ‫�أوجالن املحبو�س حال ًيا يف �سجن جزيرة �إميرايل‪،‬‬ ‫منذ الت�سعينيات املا�ضية‪.‬‬ ‫�أما ملف املياه‪ ،‬ف�إنه �أداة مهمة لرتكيا يف الت�أثري‬ ‫بالإقليم‪ ،‬ويف عهد رئي�س ال��وزراء الراحل بولند‬ ‫�أجاويد‪ ،‬عندما كانت تركيا �أحد �أركان التحالف‬ ‫الغربي الإ�سرائيلي يف املنطقة‪ ،‬كان هذا امللف‬ ‫و�سيلة مهمة لل�ضغط على كل من �سوريا حافظ‬ ‫الأ�سد‪ ،‬وعراق �صدام ح�سني‪ ،‬حيث تتحكم تركيا‬ ‫يف منابع دجلة والفرات‪ ،‬مورد املاء الأ�سا�سي لكل‬ ‫من �سوريا والعراق‪.‬‬ ‫ولقد �شهد كال املل َفينْ ‪ ،‬الأكراد واملياه‪ ،‬حتوالت‬ ‫كبرية يف ا�ستخدامهما والتعامل معهما يف عهد‬ ‫�أردوغان‪ ،‬حيث �إنه مال �إىل معاجلة امللف الكردي‬ ‫بطريقة غري �إق�صائية‪ ،‬خال ًفا لأ�سالفه من حزب‬ ‫ال�شعب اجلمهوري الأت��ات��ورك��ي‪ ،‬وحقق للأكراد‬ ‫ً‬ ‫بع�ضا من مطالبهم‪ ،‬ب�شكل �أدى �إىل �إلقاء حزب‬ ‫العمال الكرد�ستاين لل�سالح بالفعل‪.‬‬ ‫ويف ملف امل �ي��اه‪ ،‬ت��راج��ع �أردوغ� ��ان ع��ن فكرة‬

‫ا�ستخدام املياه ك�سالح �إ�سرتاتيجي لل�ضغط على‬ ‫جريانه العرب‪ ،‬يف �إطار ر�سمه ل�سيا�سات �إقليمية‬ ‫متاما ل�سيا�سات القوميني والعلمانيني‪،‬‬ ‫خمالفة ً‬ ‫وم��ن بينهم �أج��اوي��د‪ ،‬ومل ي�ستمر يف خمططات‬ ‫الأخ�ير‪ ،‬ملنح مياه الفرات لإ�سرائيل يف حاويات‬ ‫ع �م�لاق��ة‪ ،‬ب�ع��د ت��وف�ير ج��زء م��ن ح�صة �سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬من خالل م�شروع �سد الأنا�ضول‪.‬‬ ‫�سيا�سات خارجية خمتلفة‬ ‫ولقد انعك�ست ه��ذه التحوالت على �سيا�سات‬ ‫تركيا اخلارجية‪ ،‬التي ا�ستندت يف ا�ستقالليتها‬ ‫�إىل ق��اع��دة تنموية واقت�صادية ق��وي��ة‪ ،‬فدفعت‬ ‫�أردوغ � � ��ان �إىل ال�ت�خ�ل��ي ع��ن ف �ك��رة ال�ت�ح��ال��ف‬ ‫الإ�سرتاتيجي مع �إ�سرائيل‪ ،‬ل�صالح عالقات �أكرث‬ ‫ال�س ِّنية يف‬ ‫تواز ًنا مع دول العامل العربي والقوى ُّ‬ ‫خ�صو�صا م�صر وال�سعودية‬ ‫العامل الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ودول اخلليج العربي الأخرى‪.‬‬ ‫وكان من مظاهر ذلك تبني �سيا�سات قوية يف‬ ‫الدفاع عن الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬وكان ُجل اهتمام‬ ‫تركيا من�ص ًّبا على دعم غزة يف معركتها الطويلة‬ ‫مع احل�صار الإ�سرائيلي‪.‬‬ ‫ويبقى يف النهاية ت�سا�ؤل مهم‪ ،‬وهو‪ :‬ما م�صري‬ ‫هذه التحوالت يف مرحلة ما بعد �أردوغان؟ �أم �أن‬ ‫حكم العدالة والتنمية‪ ،‬بقوة االقت�صاد والنه�ضة‪،‬‬ ‫�سوف ي�ستمر طوي ًال‪ ،‬يف بلد حيوي متحرك مثل‬ ‫تركيا؟!‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪39 2013‬‬


‫فكر‬

‫صدر حديثًا‬ ‫‪The India-Pakistan Conundrum‬‬

‫‪Knowledge and Power‬‬

‫المعضلة الهندية الباكستانية‬

‫غالف كتاب املع�ضلة الهندية الباك�ستانية‬

‫امل�ؤلف‪� :‬ستيفان كوهن‬ ‫النا�شر‪ :‬معهد بروكينجز‬ ‫تاريخ الن�شر‪ :‬مايو ‪2013‬‬ ‫يتطرق هذا الكاتب �إىل العالقات التقليدية املتوترة بني الهند‬ ‫وباك�ستان وم�ستقبلها يف �ضوء التطورات التي ت�شهدها املنطقة‪،‬‬ ‫ففيما ت�صعد الهند على نحو الفت‪ ،‬ترزح باك�ستان يف م�شاكلها‬ ‫املتعددة‪ .‬ورغم املحاوالت التي بذلت على مدى ال�سنوات املا�ضية‬ ‫لتخيف التوتر و�إطالق مفاو�ضات ثنائية لبحث الق�ضايا العالقة‬ ‫وتن�شيط وترية التوا�صل املجتمعي بني البلدين‪ ،‬ظلت العالقات‬ ‫متوترة‪ ،‬ما يعني �أن عوامل اال�ضطراب عميقة وهيكلية وتعود �إىل‬ ‫اعتبارات ثقافية وتاريخية‪ ،‬وهو ما يف�سر تعذر حل اخلالفات‬ ‫وف�شل املحاوالت‪.‬‬

‫المعرفة والقوة‬

‫امل�ؤلف‪ :‬جورج جيلدر‬ ‫النا�شر‪ :‬مطبوعات بيجنريي‬ ‫تاريخ الن�شر‪ :‬يونيو ‪2013‬‬ ‫الكتاب هو عبارة عن مرافعة للدفاع عن الر�أ�سمالية يف �أمريكا‪ ،‬فبعد‬ ‫ان��دالع الأزم��ة االقت�صادية التي ع�صفت بالواليات املتحدة والعامل‪،‬‬ ‫وتهاوي النظام املايل‪ ،‬قررت احلكومة التدخل لإنقاذ امل�ؤ�س�سات املالية‬ ‫التي قيل �إنها �أكرب من �أن ت�سقط‪ .‬لكن التدخل احلكومي ل�ضخ مليارات‬ ‫ال��دوالرات كان خط�أ من الناحية الر�أ�سمالية‪ ،‬ما �أدى يف النهاية �إىل‬ ‫تفاقم الدين الأمريكي وات�ساع رقعة العجز املايل‪ ،‬لذا يو�صي الكاتب‬ ‫بالعودة �إىل املبادئ الر�أ�سمالية التي حتد من تدخل الدولة‪ ،‬وتتيح‬ ‫لل�سوق �إمكانية �إ�صالح تناق�ضاته اخلا�صة‪.‬‬

‫رحلة بيدرو تيخيرا‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬د‪� .‬أني�س عبد اخلالق حممود‬ ‫النا�شر‪ :‬امل�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�شر‬ ‫رحلة بيدرو تيخريا من الب�صرة �إىل حلب عرب الطريق الربي (‪)1605 - 1604‬‬ ‫للدكتور �أني�س عبد اخلالق حممود يف ‪� 216‬صفحة من القطع الكبري‪.‬‬ ‫يقول مرتجم الكتاب‪:‬‬ ‫ً‬ ‫تع ُّد رحلة بيدرو تيخريا (املعروف خط�أ با�سم تك�سريا �أو تاك�سريا) �إح��دى �أهم‬ ‫الرحالت التي �شهدها ال�شرق عموم ًا‪ ،‬والعراق خ�صو�ص ًا‪ ،‬يف مطلع القرن ال�سابع ع�شر‪،‬‬ ‫لرحالة برتغايل يف الع�صر احلديث بحد علمنا‪ .‬ومع �أن عدد ًا‬ ‫وهي �أول رحلة معروفة ّ‬ ‫كبري ًا من الرحالت الأجنبية وجدت طريقها �إىل الرتجمة والن�شر منذ مدة طويلة‬ ‫وب�أكرث من طبعة و�أكرث من ترجمة يف بع�ض الأحيان‪� ،‬إال �أن هذه الرحلة الرائعة النادرة‬ ‫بقيت بعيد ًة عن متناول �أيدي املرتجمني والنا�شرين للأ�سف ال�شديد‪ ،‬ومل تُرتجم منها‬ ‫�سوى �صفحات معدود ًة �أ�صبحت مرجع ًا لكل من يريد اال�ست�شهاد بها‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫غالف كتاب املعرفة والقوة‬


‫‪Inferno‬‬

‫‪Physics of the Impossible‬‬

‫الجحيم‬

‫امل�ؤلف‪ :‬دان براون‬ ‫النا�شر‪ :‬دار راندوم هاو�س‬ ‫�أ�صدر الكاتب الأمريكي دان براون رواية جديدة بعنوان (اجلحيم)‪ .‬وتعد‬ ‫هذه الرواية‪ ،‬التي مل ترتجم بعد �إىل العربية‪ ،‬الرابعة يف �سل�سلة الروايات‬ ‫التي تتناول �أحداث ًا �إجرامية تظهر فيها �أي�ض ًا �شخ�صية عامل الرموز الدينية‬ ‫هارفارد النغدون‪ .‬وا�ستطاعت رواية (اجلحيم) �أن ترتبع على عر�ش الكتب‬ ‫الأك�ثر مبيع ًا يف اململكة املتحدة‪ ،‬بعدد ن�سخ ‪� 228‬ألف ن�سخة‪ ،‬بينما تقبع‬ ‫بعدها يف املركز الثاين وبفارق كبري‪ ،‬رواية امل�ؤلفة مارتينا كول (احلياة)‪.‬‬ ‫ورغم تربعها على عر�ش الكتب الأكرث مبيع ًا يف �أ�سبوع �إ�صدارها الأول‪� ،‬إال‬ ‫�أنها مل تنجح يف تخطي العدد الذي بلغته رواية دان براون ال�سابقة (الرمز‬ ‫املفقود)‪� ،‬إذ باعت يف �أ�سبوع �إ�صدارها الأول‪ ،‬ما يقرب من ن�صف مليون‬ ‫ن�سخة‪ .‬و(اجلحيم)‪ ،‬التي �صدرت يف ال��راب��ع ع�شر من ال�شهر املا�ضي‪،‬‬ ‫وترجمت �إىل عدد من اللغات غري الإنكليزية‪ ،‬هي الرواية التي تعود من‬ ‫خاللها �شخ�صية (روب��رت الن�غ��دون)‪� ،‬أ�ستاذ الرموز بجامعة هارفارد‪،‬‬ ‫الذي قابلناه من قبل يف �سل�سلة من الروايات بد�أت بـ(مالئكة و�شياطني)‬ ‫يف ‪ ،2001‬ثم الرواية الأ�شهر والأك�ثر �إث��ارة للجدل (�شفرة دافن�شي) يف‬ ‫‪ ،2003‬و�أخريا رواية (الرمز املفقود) يف ‪ ،2009‬ليخو�ض مغامرة جديدة‬ ‫يف قلب �إيطاليا‪ ،‬تركز على واحدة من �أكرث روائع الأدب غمو�ض ًا يف التاريخ‪،‬‬ ‫وهي (الكوميديا الإلهية) لدانتي‪ .‬وقال الكاتب الأمرييكي يف مقابلة مع‬ ‫(ال�صانداي تاميز) ن�شرت �أخ�ير ًا‪� ،‬إن (اجلحيم) �ستكون روايته الأكرث‬ ‫ظالمية حتى الآن‪�« ،‬أنا �أكتب حول ر�ؤية دانتي جلهنم‪ ،‬فحتى العام ‪ 1300‬مل‬ ‫ي�صفها �أي كاتب مثله‪ .‬كانت لر�ؤاه ت�أثري �أ�سا�سي على الت�صور امل�سيحي حول‬ ‫�شكل جهنم»‪ ،‬كما يزعم الكاتب الذي يقول �إنه ي�ستيقظ كل يوم يف الرابعة‬ ‫�صباح ًا‪ ،‬لكي يتمكن من الكتابة‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف‪ :‬من خالل هذه الرواية اجلديدة‪ ،‬ي�سعدنى �أن ا�صطحب القارئ يف‬ ‫رحلة عميقة �إىل هذا العامل الغام�ض‪ ،‬عامل ال�شفرات والرموز والعديد من‬ ‫املمرات ال�سرية‪.‬‬ ‫غالف رواية (اجلحيم) لدان براون‬

‫فيزياء المستحيل‬ ‫ال�ؤلف‪ :‬مي�شيو كاكو‬ ‫ترجمة‪� :‬سعد الدين خرفا‬ ‫النا�شر‪ :‬املجل�س الوطني‬ ‫للثقافة والفنون والآداب‬ ‫بالكويت‪.‬‬ ‫ي � �ب� ��د�أ م �ي �� �ش �ي��و ك��اك��و‬ ‫كتابه ب�ه��ذه ال�ع�ب��ارة «�أي غالف كتاب (فيزياء امل�ستحيل) الطبعة‬ ‫��ش��يء غ�ير م�ستحيل فهو الإنكليزية‬ ‫مم�ك��ن!»‪ .‬ي�أخذنا امل�ؤلف‬ ‫يف رح�ل��ة ن�ستك�شف فيها‬ ‫ت�ل��ك امل �ن��اط��ق ال��رم��ادي��ة‬ ‫الأكرث �إث��ارة يف الفيزياء‪.‬‬ ‫�صنف كاكو التقانات امل�ستحيلة يف الفيزياء �إىل ثالثة �أ�صناف‪:‬‬ ‫تقانات م�ستحيلة اليوم لكنها ال تناق�ض القوانني املعروفة يف‬ ‫الفيزياء‪ ،‬ومن ثم فهي ممكنة يف هذا القرن �أو الذي يليه‪ ،‬وهي‬ ‫ت�شمل النقل الفوري البعيد وحمركات م�ضاد املادة والتخاطر عن‬ ‫ُبعد والتحريك بت�أثري الدماغ واالحتجاب عن الر�ؤية‪.‬‬ ‫وتقع تقانات ال�صنف الثاين على حافة فهمنا للعامل الفيزيائي‪،‬‬ ‫و�إذا كانت ممكنة على الإطالق ف�إنها �ست�ستغرق لتحققها ما بني‬ ‫�آالف وماليني ال�سنني يف امل�ستقبل‪ ،‬وت�شمل �آالت الزمن وال�سفر‬ ‫عرب الف�ضاء الفائق وال�سفر عرب الثقوب الدودية‪.‬‬ ‫�أم ��ا ت�ق��ان��ات ال�صنف ال�ث��ال��ث م�ث��ل �آالت احل��رك��ة ال��دائ�م��ة‬ ‫واال�ستب�صار فهي تناق�ض قوانني الفيزياء املعروفة‪ ،‬ولو ظهر �أنها‬ ‫ممكنة ف�إنها �ستمثل حتو ًال �أ�سا�سي ًا يف فهمنا للفيزياء‪.‬‬

‫)اختراع الفقر( أساس ومضاعفات‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬تان�سر فويتويز‬ ‫النا�شر‪ :‬غرا�ست‬

‫ي���ش�ك��ل ال �ك �ت��اب‪ ،‬دع ��وة‬ ‫�إىل ال �ق��ارئ‪ ،‬ل��ول��وج عامل‬ ‫ال �ب��ورج��وازي��ة (امل�ع��ومل��ة)‪،‬‬ ‫ال� �ت���ي ي� �ح���دد ال� ��روائ� ��ي‬ ‫ال� �ف ��رن� ��� �س ��ي وال� �ب ��اح ��ث‬ ‫االق� �ت� ��� �ص ��ادي‪ ،‬ب��ال��وق��ت‬ ‫نف�سه‪ ،‬تانكريد فواتورييه‪،‬‬ ‫�أنها امل�س�ؤولة عن (اخرتاع‬ ‫غالف كتاب (اخرتاع الفقر)‬ ‫الفقر)‪ ،‬كما جاء يف عنوان‬ ‫كتابه الأخري‪.‬‬ ‫ويلفت امل�ؤلف �إىل �أن م�ؤ�س�سات �أمريكية عديدة‪ ،‬واملنظمات‬ ‫االقت�صادية الدولية‪ ،‬ويف مقدمها �صندوق النقد الدويل والبنك‬ ‫ال��دويل‪ ،‬ترفع منذ عقود‪� ،‬شعار حماربة الفقر‪ ،‬بل و�إنهائه من‬ ‫العامل‪ .‬ولكن ممار�ساتها ت�صب يف (اخرتاعه)‪.‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪41 2013‬‬


‫قالت حامدة ‪ ..‬وقالت عجيبية‬

‫امل�ؤلف‪ :‬عبده خال‬ ‫النا�شر‪ :‬ال�ساقي‬ ‫الكالم �إ ّال بذكر النبي عليه ال�صالة وال�سالم»‪ ،‬ويتوقف الراوي لي�سمع الر ّد بال�صالة وال�سالم على‬ ‫النبي‪ .‬وت�أتي خامتة احلكاية ب�صيغ خمتلفة �أي�ض ًا �أ�شهرها‪« :‬وعا�شوا يف تبات ونبات وخ ّلفوا �صبيان‬ ‫ّ‬ ‫وبنات‪.»...‬‬ ‫يت�ض ّمن الكتاب الأول الكثري من احلكايات ال�شعبية احلجازية التي جمعها الكاتب من �أفواه الرواة‬ ‫«احل ّكاءات» مبا�شرة‪ .‬وعلى الرغم من �أنّ احلكايات ال�شعبية قد تتماثل من حيث مو�ضوعاتها‬ ‫و�سردياتها‪� ،‬إال �أن كل منطقة ت�ضفي عليها نكهتها اخلا�صة‪.‬‬ ‫ويف «ا�ستهالل» الكتاب يقول خال‪« :‬قدمت �إىل جدّة من قرية موغلة يف البدائية‪ ،‬وهذه املناطق‬ ‫و�شبيهاتها تُع ّو�ض عوزها و�شظف العي�ش فيها برثاء باذخ يف موروثاتها وحكاياتها وفنونها وطقو�سها‪،‬‬ ‫�إذ تتح ّول بدائيتها �إىل منجم ال ين�ضب من الفنون»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�أ ّما يف الكتاب الثاين «قالت عجيبية‪� :‬أ�ساطري ِتهام ّية»‪ ،‬فيكتب عبده اخلال‪ ،‬انطالقا من جتربته‬ ‫هو‪ ،‬قائ ًال‪« :‬يف ظ ّل افتقار القرية �إىل � ّأي و�سيلة ترفيهية من تلفاز �أو م�سرح �أو �سينما‪ ،‬كانت احل ّكائة‬ ‫مت ّثل نافذ ًة تط ّل من خاللها القرويات �إىل حلظة �أن�س‪ ،‬وتتوافد القرويات �إىل جمل�س ال�سمر بعد‬ ‫بكم من االن�شراح»‪.‬‬ ‫�صالة الع�شاء لي�سمعن حكايات الراوية ويعدن �إىل بيوتهن وقد تزودن ٍ ّ‬ ‫يحتوي الكتابان على عدد من الق�ص�ص واحلكايات ال�شعبية التي يزخر بها امل��وروث ال�شعبي‬ ‫احلجازي والتهامي‪ ،‬وخ�ص�ص الكاتب م�ساحات هائلة من كتابه لتو�ضيح املفردات املحلية يف‬ ‫احلكايات ال�شعبية حتى تُ�صبح �أكرث و�ضوح ًا بالن�سبة �إىل جميع الق ّراء‪.‬‬

‫كتابة العالم‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬فران�سوا تاالندييه‬ ‫النا�شر‪ :‬دار �ستوك‬ ‫يكتب الروائي الفرن�سي فران�سوا تاالندييه‪ ،‬تاريخ �أوروبا يف كتابه الأخري ‪ .‬وذلك يف فرتة حا�سمة‬ ‫ودقيقة من تاريخها‪� .‬إنها فرتة االنتقال من الفو�ضى �إىل احل�ضارة‪ .‬بهذا املعنى يتحدث عن‬ ‫(كتابة العامل)‪ ،‬كما يقول عنوان العمل‪.‬‬ ‫ومتثل هذه الرواية‪ ،‬اجلزء الأّول من ثالثية عن والدة احل�ضارة الأوروبية‪ .‬والأح��داث فيها‪،‬‬ ‫جتري يف �إيطاليا‪ ،‬خالل القرن ال�ساد�س امليالدي‪ ،‬عندما كانت �أوروبا تعي�ش فرتة مظلمة ومهددة‬ ‫يف حال مل يوفق املعنيون‪ ،‬حينها‪ ،‬يف العثور على بدايات الطريق نحو ح�ضارة قادمة‪.‬‬ ‫�إذ كانت القوى القدمية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها‪ ،‬احل�ضارة الرومانية‪ ،‬تتقهقر‪ .‬وك��ان ال بد من بناء‬ ‫جمتمعات جديدة‪.‬‬ ‫ومن خالل مثل ذلك الو�ضع التاريخي‪ ،‬ير�سم امل�ؤلف �صورة �شخ�صية كا�سيدور‪ ،‬الأر�ستقراطي‬ ‫الروماين‪ ،‬الذي يحلم ب�إنقاذ الإرث الثقايف القدمي‪ .‬و�شخ�صية لياندر الذي يريد �إحياء م�شروع‬ ‫كا�سيدور بعد موته‪.‬‬

‫غالف (كتابة العامل)‬

‫الثورة الهادئة‬

‫امل�ؤلف‪� :‬أودن فون هورفات‬ ‫ترجمة‪ :‬ح�سن رم�ضان‬ ‫النا�شر‪ :‬املركز القومي للرتجمة ‪ -‬القاهرة‬ ‫�أقدم هذا الكتاب لعامة النا�س فى ع�صرنا‪� .‬أعرف �أنه رمبا مينع لأنه يدور حول مبادئ الإن�سانية‪.‬‬ ‫الق�صة تدور حول مدر�س يقر�أويكتب ويعلم!‬ ‫�إنه كتاب �ضد الأميني فى الفكر‪� ،‬ضد الذين رمبا ي�ستطيعون القراءة والكتابة لكن ال يعرفون ما‬ ‫يكتبون وال يفهمون ما يقر�أون‪ .‬كتب هذا الكتاب لل�شباب الذى يبدو بالفعل خمتلف ًا متام ًا اليوم‬ ‫عن املتحذلقني الذين يتخيلون �أنف�سهم ما زالوا �شباب ًا‪� .‬سيخرج من �شوائب وقاذورات الأجيال‬ ‫الفا�سدة �شباب جديد �إليه �أهدى كتابى هذا‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫غالف كتاب الثورة الهادئة‬


‫ثورة أمة‪ :‬أسرار بعثة الجامعة العربية إلى سوريا‬ ‫امل�ؤلف‪� :‬أنور مالك‬ ‫النا�شر‪ :‬العبيكان للن�شر‬ ‫كتاب(ثورة �أمة‪� :‬أ�سرار بعثة اجلامعة العربية �إىل �سوريا) مل�ؤلفه ع�ضو بعثة املراقبني امل�ستقيل �أنور‬ ‫مالك يف�ضح فيه خفايا عمل البعثة وطريقة تعامل النظام ال�سوري معها والأ�ساليب التي جل�أ �إليها‬ ‫لت�ضليل عملها‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل كوالي�س ات�صاالته ولقاءاته املوثقة بال�صور وامل�ستندات‪ ،‬را�صد ًا عملية‬ ‫التزوير الوا�سعة التي طالت تقارير عمل البعثة‪.‬‬ ‫ويقول مالك يف كتابه‪�« :‬أروي جتربتي ال�شخ�صية يف بعثة املراقبني العرب من البداية عندما طلب‬ ‫مني �أن �أكون �ضمن البعثة يف �شهر �سبتمرب ‪� 2011‬إىل غاية ا�ستقالتي يف يناير ‪ ،»2012‬م�ستعر�ض ًا‬ ‫تفا�صيل دقيقة عن حياة املراقبني و�أحاديثهم واجتماعاتهم وتقاريرهم» كما يتحدث عن لقاءات مع‬ ‫وزراء النظام ال�سوري وكبار قادة �ضباط اجلي�ش النظامي‪ ،‬كما يعر�ض تفا�صيل دقيقة مل ي�سبق ن�شرها‪.‬‬ ‫ويعترب هذا الكتاب‪ ،‬الأول من نوعه يف جانب تناوله الق�ضية ال�سورية من الداخل‪ ،‬وب�شهادة مراقب‬ ‫معرتف به دولي ًا‪ ،‬وهو الأول من نوعه عن بعثة املراقبني العرب التي هي بدورها البعثة الأوىل يف تاريخ‬ ‫اجلامعة العربية‪ ،‬ويتناول الكتاب جتربة �أول مراقب ي�ستقيل يف العامل منذ ن�شوء بعثات املراقبة مطلع‬ ‫القرن املا�ضي‪.‬‬ ‫ويقع كتاب (ث��ورة �أم��ة‪� :‬أ�سرار بعثة اجلامعة العربية �إىل �سوريا) يف ‪� 600‬صفحة من بينها �صور‬ ‫وم�ستندات هامة تن�شر للمرة الأوىل‪.‬‬

‫غالف كتاب(ثورة �أمة‪� :‬أ�سرار بعثة اجلامعة‬ ‫العربية �إىل �سوريا)‬

‫النسخة اإليطالية لرواية (صائد اليرقات)‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬د‪� .‬أمري تاج ال�سر‬ ‫النا�شر‪ :‬نوتاتنبو‬ ‫�صدر حديث ًا الرتجمة الإيطالية لرواية (�صائد الريقات) للكاتب والروائي �أمري تاج ال�سر عن دار‬ ‫(نوتاتنبو) الإيطالية برتجمة للم�ست�شرقة الإيطالية �سامويال باجني‪ُ .‬يذكر �أن رواية (�صائد الريقات)‬ ‫قد تُرجمت �إىل اللغة الإجنليزية والتي قام برتجمتها امل�ست�شرق الأمريكي وليام هت�شنز‪ ،‬و�ست�صدر‬ ‫قريب ًا ترجمتها باللغة الفرن�سية‪ .‬وي�شار �أن رواية (العطر الفرن�سي) لأمري تاج ال�سر قد ترجمت �إىل‬ ‫الفرن�سية عن دار الرماتان‪ .‬كما بد�أ امل�ست�شرق الإ�سباين رافاييل �أورتيغا ترجمتها للإ�سبانية‪ ،‬ورواية‬ ‫(مهر ال�صياح) �صدرت من قطر برتجمة �إجنليزية رائعة‪ ،‬وترتجم الآن رواية (توترات القبطي)‬ ‫للفرن�سية‪ ،‬ورواية (و�إبوال ‪ ) 76‬للإجنليزية‪.‬‬ ‫ويعترب �أمري تاج ال�سر من �أبرز كتاب الواقعية ال�سحرية املعا�صرين‪ ،‬و�صدرت له �أعمال كثرية يف‬ ‫ال�سرد وال�سرية وال�شعر‪ ،‬منها روايات (كرمكول) و(العطر الفرن�سي) و(رع�شات اجلنوب)‪ ،‬و(�أر�ض‬ ‫ال�سودان)‪ ،‬و(�أيبوال ‪.)76‬‬

‫غالف رواية (�صائد الريقات) بالطبعة‬ ‫الإيطالية للكاتب �أمري تاج ال�سر‬

‫نسخة عربية من قصص أوغستو مونتيروسو‬ ‫امل�ؤلف‪� :‬أوغ�ستو مونتريو�سو‬ ‫ترجمة‪ :‬نهى �أبو عرقوب‬ ‫النا�شر‪ :‬م�شروع "كلمة" للرتجمة التابع لهيئة �أبو ظبي لل�سياحة والثقافة‬ ‫�أ�صدر م�شروع "كلمة" للرتجمة التابع لهيئة �أبو ظبي لل�سياحة والثقافة كتاب ًا جديد ًا بعنوان (الأعمال‬ ‫الكاملة وق�ص�ص �أخرى) للكاتب الغواتيمايل �أوغ�ستو مونتريو�سو (‪.)2003-1921‬‬ ‫الق�صة الق�صرية احلديثة يف القرن الع�شرين‪ ،‬وقد �ضمن مل�ؤلفه‬ ‫يعد الكتاب واحد ًا من كال�سيكيات ّ‬ ‫مكانة مرموقة بني كبار كتّاب الق�صة يف �أمريكا الالتينية �إىل جانب كل من خورخي بورخي�س وخوليو‬ ‫كورتاثار وخوان رولفو‪ ،‬وجعل منه رائد ًا للق�صة الق�صرية جد ًا‪.‬‬ ‫وتتميز كتابة مونتريو�سو بالغنى وامل��زج الذكي بني اجلدية العميقة وال�سخرية الالذعة‪ ،‬ثم قدرته‬ ‫الكبرية على توظيف املحاكاة ال�ساخرة لن�صو�ص كال�سيكية ومرجعيات �أدبية و�أ�سطورية را�سخة يف غالف (الأعمال الكاملة وق�ص�ص �أخرى)‬ ‫للكاتب �أوغ�ستو مونتريو�سو‬ ‫�سبيل نقد النزعة الأكادميية والتعبريات النمطية يف الكتابة‪.‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪43 2013‬‬


‫فكر‬

‫كتب‬ ‫أفضل ‪ 10‬كتب من األتراك الجدد إلى معسكرات الغوالغ الخفية‬

‫‪ 10‬من أفضل الكتب من المختارة من قبل مجلة "فورن أفيرز"‪ ..‬كتب قيمة تستحق‬ ‫القراءة والتأمل بخاصة وأنها تروي أحداثا وتتعرض لشخصيات أثرت في العالم‪.‬‬

‫القومية اإلسالمية واألتراك الجدد‬ ‫ال �شك يف �أن احلديث يف مو�ضوع تركيا اجلديدة حتت حكم حزب العدالة والتنمية امل�ستمر منذ‬ ‫ما يزيد على ع�شر �سنوات‪ ،‬يثري كثري ًا من الإ�شكاالت‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف �ضوء احلراك يف ال�شارع العربي‬ ‫ونحاج �أحزاب �إ�سالمية يف ت�سلم �إدارة حكم كل من م�صر وتون�س‪� ،‬إ�ضافة �إىل امل�شاكل امل�ستع�صية يف‬ ‫ليبيا‪ ،‬وان�سكاب �آثار تلك احلركات �إىل منطقة ال�صحراء الكربى وال�صراعات الدموية التي بد�أت يف‬ ‫االندالع هناك‪.‬‬ ‫هذا الكتاب يكت�سب �أهمية لكونه بقلم كاتبة �أنرثوبولوجية اعتمدت يف جانب كبري من م�ؤلفها على‬ ‫مالحظاتها ال�شخ�صية التي جمعتها خالل زياراتها و�إقامتها يف تلك البالد‪ ،‬و�أحاديثها وحواراتها مع‬ ‫خمتلف مكونات ال�شعب الدينية واملذهبية والقومية ب�ش�أن امل�شاكل التي يواجهونها‪ ،‬با�ستثناء العرب يف‬ ‫�إقليم الإ�سكندرون �أو هتاي كما يعرف الآن‪ ،‬لأنهم مل ي�شكلوا م�شكلة �أو حتدي ًا �إثني ًا �أو ثقافي ًا م�شابه ًا‬ ‫للكردي �أو العلوي على �سبيل املثال يف تركيا‪ ،‬كما ترى‪ ،‬لكنها مل تنف تعر�ضهم للقمع القومي والثقايف‪.‬‬ ‫الفئة الوحيدة التي رف�ضت احلديث مع امل�ؤلفة هي اليمني الكمايل القومي املتطرف‪ ،‬لكنها ذكرت �أنها‬ ‫فقدت �أ�صدقاء �أتراكا قوميني لأنها قبلت الكتابة يف جملة تركية تعد �إ�سالمية التوجه‪.‬‬

‫القومية الإ�سالمية والأتراك اجلدد‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬جيني وايت‬ ‫الثورة في سوريا‬ ‫النا�شر‪ :‬دار ن�شر جامعة برن�سنت‪ ،‬برن�سنت‪،‬‬ ‫يف كتاب (الثورة يف �سوريا) �أ�صبح احلديث عن (الو�ضع) �أي التظاهرات واالنتفا�ضات واملواجهات‬ ‫�أك�س ُفرد‬ ‫بني اجلي�ش واملعار�ضة امل�سلحة امر ًا عاديا وجزء ًا من احلديث اليومي‪.‬‬ ‫الطبعة‪ :‬الأوىل‪2012 /‬‬ ‫�ستار يقدم �صورة عن جمتمع فتح له (الو�ضع) م�ساحة من احلرية مل يكن يحلم بها‪ ،‬ففي �سوريا‪،‬‬ ‫ال�صفحات‪240 :‬‬ ‫الدولة البولي�سية مل يعد املواطن يلتفت للوراء �إن �أراد مناق�شة الق�ضايا ال�سيا�سية‪ ،‬ومل يعد رواد املقاهي‬ ‫يتهيبون من وجود املخابرات وعيون النظام‪� ،‬صحيح �إن املخربين موجودون يف كل مكان لي�س لأنهم‬ ‫حري�صون على جمع املعلومات‪ ،‬بل الن خبزهم اليومي هو من مراقبة املواطنني‪ ،‬فاحلالة املعي�شية‬ ‫جعلت من �سائق التاك�سي يتن�صت على �أحاديث ركابه كي يح�صل على مال �إ�ضايف من الأجهزة الأمنية‬ ‫التي حتكم البالد ب�شكل عملي‪� .‬ستار يقدم بانوراما من الأخطاء والفر�ص ال�ضائعة للنظام حتديد ًا‬ ‫واملعار�ضة‪ ،‬ويتحدث �إىل لعبة الدعاية والأكاذيب التي وقعت فيها قنوات تلفازية عاملية و�أ�صبح بع�ضها‬ ‫�صوت ًا ملا تقوله املعار�ضة‪ ،‬و�ألبت املواطنني الذين ال يدعمون النظام يف احلقيقة عليها وعلى ما تعر�ضه‬ ‫من �أفالم ولقطات‪ .‬ومل يرتك �ستار وهو الذي عمل مدة �أ�شهر يف الآلة الإعالمية ال�سورية خا�صة يف‬ ‫�صحيفة (�سرييا توداي) ومنها عرف الطريقة التي تتم فيها تغطية الأحداث‪ ،‬وكيف تتم مراقبة ما‬ ‫يكتب من مواد‪ ،‬وي�ضيف �إن الإعالم (امل�ستقل) ممث ًال بـ(الوطن) التي �أ�صدرها ابن خال الرئي�س ب�شار‬ ‫الأ�سد‪ ،‬رامي خملوف هي �صحف متلكها الدولة ولهذا تعرب عن �سيا�ساتها مقارنة مع ال�صحف الر�سمية‬ ‫التي متثل النظام مثل (ت�شرين) و(الثورة) و(البعث) وهي �صحف تكتب عناونيها و�أخبارها من كادر‬ ‫(�صدئ) يتعامل مثل بقية موظفي الدولة مع عمله ال�صحايف كو�سيلة يتعي�ش منها‪.‬‬ ‫سوريا ‪ ..‬سقوط بيت األسد‬ ‫من خالل �صفحات كتاب �سوريا‪� ،‬سقوط بيت الأ�سد يظهر لنا الكاتب والباحث ديفيد لي�ش ر�ؤيته‬ ‫ك�شخ�ص ق�ضى عمره يف درا�سة �ش�ؤون ال�شرق وق�ضاياه رمبا ملجرد ال�شغف بذلك فقط �أو لأ�سباب �أخرى‬ ‫منها تقدمي الر�ؤية الأمريكية ل�ش�ؤون ال�شرق الأو�سط من خالل حما�ضراته وكتبه و�أبحاثه ولكن على‬ ‫كل الأحوال ف�إن كتابه هذا قد قدم �إحدى الر�ؤى ملا يحدث يف �سوريا وطرحها بني �أياد و�أعني املهتمني‬ ‫بال�ش�أن حول العامل‪.‬‬ ‫ولي�ش م�ؤلف كتاب عن ب�شار الأ�سد �أ�صدره عام ‪( 2005‬الأ�سد اجلديد يف دم�شق‪ :‬ب�شار الأ�سد‬ ‫‪44‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫الثورة يف �سوريا‬ ‫امل�ؤلف‪� :‬ستيفن �ستار‬ ‫النا�شر‪ :‬جامعة كولومبيا‬

‫العام‪2012 :‬‬ ‫الصفحات‪ 256 :‬صفحة‬


‫و�سورية احلديثة)‪ ،‬هو �صديق لب�شار‪ ،‬حيث جل�س معه وحادثه وناق�شه حول‬ ‫�سورية وبرناجمه وطموحاته ال�سيا�سية والوطنية‪ ،‬ويرى لي�ش �أنه يتفهم حديث‬ ‫ب�شار عن اجلماعات الإرهابية اخلارجي والقوى التي تت�آمر على �سورية وهي‬ ‫الرواية التي مل تتغري حتى الآن منذ بداية االنتفا�ضة‪ ،‬يتفهم هذا املوقف‬ ‫لأن �سورية تت�سم بعقدة اخلوف �أو البارانويا‪ ،‬وهذا ال يقت�صر على الأ�سد‬ ‫وامل�ؤ�س�سة احلاكمة والأ�سد بل على ال�شعب الذي يرى �أن دولته مهد القومية‬ ‫العربية مهدد دائم ًا‪ .‬ولكن الأ�سد تغري �أو غريته االنتفا�ضة مع �أنه مل يكن‬ ‫خائف ًا من الريبع العربي لأنه كما قال �إن �سورية حالة خمتلفة وبالت�أكيد فهي‬ ‫خمتلفة‪ ،‬لي�ست م�صر وال تون�س وال حتى ليبيا‪ ،‬فقد �أكد الأ�سد �أنها لن حتدث‬ ‫لأن من يكون قريب ًا من �شعبه فلن يواجه نف�س م�صري احلكام الآخرين‪ .‬كان‬ ‫الأ�سد ق��ادر ًا يف البداية على جتاوز الأزم��ة لو ا�ستمع وحترك �سريع ًا لكان‬ ‫الو�ضع �أح�سن‪ .‬درعا يف �آذار‪/‬مار�س ‪ 2011‬غريت كل ح�سابات النظام‪.‬‬ ‫ولو ‪ -‬هذه اللو �أ�صبحت يف خرب كان‪ -‬قام الأ�سد بتدارك الأمر‪.‬‬ ‫يف كتاب لي�ش يظهر ب�شار وك�أنه رجل فقد طريقه وبو�صلته‪ ،‬هل غطر�سة‬ ‫النظام ال�شمويل �أم ن�صائح من حوله ممن �أقنعوه ب�أنه �سيحقق االنت�صار‪.‬‬ ‫�أ�سئلة كثرية يطرحها ‪ -‬الأ�سد راحل وبيته الذي حكم �سورية انهار‪� ،‬سواء‬ ‫من خالل انقالب �أو بقاء يف احلكم ملدة طويلة يحكم �شعبا ال يريده �أو حربا‬ ‫�أهلية ت�ستنزفه وهذا اخليار يبدو انه املنت�صر الآن‪.‬‬

‫�سوريا ‪� ..‬سقوط بيت‬ ‫الأ�سد‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬ديفيد دبليو لي�ش‬ ‫النا�شر‪ :‬جامعة ييل‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫ال� ��� �ص� �ف� �ح ��ات‪288 :‬‬ ‫�صفحة‬

‫شبكات المال واألعمال في سوريا‬ ‫يحلل الأكادميي ال�سوري ب�سام حداد احللفاء املاليني للنظام البعثي يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬والذين يفرت�ض �أنهم م�صدر الدعم الرئي�سي للنظام ال�سلطوي‬ ‫للأ�سد‪ .‬ومع الوقت‪ ،‬وفقا حلداد‪ ،‬بد�أت الربجوازية القدمية تت�ضاءل وحتل‬ ‫حملها طبقة رج��ال �أعمال من بقايا الربجوازية ال�سنية و�أوالد املوالني‬ ‫للنظام‪ .‬ويعد ذلك الرتاجع للنخبة القدمية ظاهرة مثرية لالهتمام ولكن‬ ‫مل يقدم �أي من امل�ؤلفني معنى وا�ضحا لعالقة ذلك باحلرب الأهلية‪ .‬وهو‬ ‫ما يرجع جزئيا �إىل �أن الثورة ال�سورية مل تندلع من الطبقات العليا ولكنها‬ ‫اندلعت عرب الهوام�ش الريفية للمجتمع التي عانت على مدار خم�س �سنوات‬ ‫من اجلفاف‪.‬‬ ‫كما �أن الر�أ�سمالية العائلية وما يطلق عليها اجتماعية ال�سوق قد خلقت‬ ‫نخبة جديدة يختلف �أ�سلوب معي�شتها متاما عن قيم الفقراء الريفيني الذين‬ ‫ينتمي العديد منهم �إىل العلويني‪ .‬وعلى الرغم من �أن حافظ كان ينحدر من‬ ‫تلك اخللفية التقليدية‪ ،‬فابنه ب�شار دم�شقي من حيث الأ�سلوب والذوق‪ .‬يف‬ ‫بداية الثورة ال�سورية‪ ،‬ر�سم اعتداء ب�شار الدموي على مدينة درعا (مدينة‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬ف�ؤاد عجمي‬ ‫على احلدود الأردنية بد�أت فيها الثورة) اخلط الفا�صل بالدم‪.‬‬ ‫النا�شر‪ :‬معهد هوفر‬ ‫التمرد السوري‪:‬‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫«النظام مقابل ال�شعب» بهذه العبارة ي�ستهل عجمي كتابه (التمرد‬ ‫ال�صفحات‪� 260 :‬صفحة‬ ‫قدما وجهة نظر تاريخية ُمف�صلة عن التمرد احلايل يف �سورية‬ ‫ال�سوري)‪ُ ،‬م ً‬ ‫�ضد ب�شار الأ��س��د‪ .‬ويلقي الكتاب ال�ضوء على احلقبة الأ�سدية وت�سل�سل‬ ‫الأحداث التي �أدت �إىل تلك الثورة‪ ،‬ويعر�ض العجمي خلفية تاريخية و�إثنية‬ ‫لل�شعب ال�سوري وكيفية �صعود الأ�سد (الأب) �إىل احلكم‪ ،‬مقدم ًا �صورة‬ ‫واقعية لل�شعب ال�سوري برتكيبته الدينية والعرقية املعقدة‪.‬‬ ‫يقول �شارلز ِه� ْ�ل يف مقدمة الكتاب‪« :‬الع�صر احلديث ت��زود بقدرة غري‬ ‫م�سبوقة لر�ؤية التاريخ الب�شري بكامله‪ ،‬بنظرة واحدة‪ .‬نحن نعي�ش يف متحف‬ ‫بال جدران ميكننا من التعرف �إىل عالمات اللحظة التاريخية والتي ن�شعر‬

‫�شبكات املال والأعمال يف‬ ‫�سوريا‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬ب�سام حداد‬ ‫النا�شر‪ :‬جامعة �ستانفورد‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫ال�صفحات‪� 280 :‬صفحة‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪45 2013‬‬


‫بها اليوم يف �سورية‪ .‬منذ �أن انهارت م�سرية اخلالفة الإ�سالمية يف عام ‪ 1924‬بنهاية الإمرباطورية‬ ‫العثمانية‪ ،‬بحثت �شعوب ال�شرق الأو�سط من دون ا�ستقرار �أو جناح عن هوية �إ�سالمية لتجد نف�سها‬ ‫حمكومة بطريقة متخلفة وملكيات م�ستبدة‪ .‬وعلى مر العقود‪ ،‬ال يتذكر النا�س من خارج املنطقة وقت ًا مل‬ ‫يكن فيه ال�شرق الأو�سط �إما م�شكلة �أو تهديد ًا لبقية الب�شرية‪ .‬ولذا فعندما بد�أ القرن احلادي والع�شرين‬ ‫يف ‪� 11‬سبتمرب ‪ 2001‬جاءت �صدمة ال�صحوة �ضرورة �إعادة �صياغة ال�شرق الأو�سط الكبري كح ّل وحيد‬ ‫للحيلولة دون تهالكه خارج النظام العاملي‪ ،‬وانت�شاله من م�ستنقعه و�إعطائه دور ًا �إيجابي ًا يف نظام‬ ‫العامل وتقدمه»‪ .‬ي�ضيف �شارلز‪«ِ :‬ه ْل �ستُد ّمر الثورة ال�سورية �أو �أنها �ستغر�س لها موطئ قدم‪ ،‬وهذا‬ ‫ال ميكن حدوثه من دون م�ساعدة خارجية‪ .‬ينبغي على العامل ب�أ�سره �أن يرى �أنه يواجه خيار ًا خطري ًا‪.‬‬ ‫�إذا ا�ستطاع الثوار اال�ستمرار من دون �أن يقعوا �ضحية لبع�ضه البع�ض �أو لأعداء احلرية املتمكنني‪ ،‬ف�إن‬ ‫تغيري ال�شرق الأو�سط الكبري �سيكون فع ًال يف طريق التكوين»‪.‬‬ ‫ي�ؤكد عجمي �أن ال�شعب ال�سوري حينما �صعد ب�شار �إىل احلكم خلف ًا لوالده �أملوا يف �أن يتم فتح �أبواب‬ ‫ال�سجون الفكرية والثقافية واالقت�صادية وال�سيا�سية‪ ،‬لتنه�ض �سورية من جديد وحتيا ع�صر ًا من‬ ‫احلرية‪ ،‬و�إمنا ما حدث كان على عك�س املتوقع من القادة الذين اعتادوا ثقافة ال�سكون وال�صمت‪.‬‬ ‫وي�ستطرد عجمي ب�أنه على مدار �أربعة عقود متتالية ُحكمت �سورية من �ساللة الأ�سد اعتاد خاللها‬ ‫القادة الع�سكريون وقادة املخابرات على �إظهار الوالء الكامل ومن ثم �سيادة ثقافة ال�سكون وال�صمت‪.‬‬ ‫وكان ب�شار الأ�سد الذي تلقى تعليمه يف �أرقى املدار�س واجلامعات يف �سورية‪ ،‬ودر�س يف لندن‪ ،‬يبدو �شاب ًا‬ ‫طموح ًا مت�شوق ًا للإجناز‪ ،‬ما جعل كثريين يرون فيه رئي�س ًا واعد ًا قادر ًا على فتح �أبواب ال�سجن املمتد‬ ‫على م�ساحة الوطن ال�سوري ب�أ�سره حتت حكم والده‪ .‬كان انطباع الزعماء العامليني الذين ح�ضروا‬ ‫جنازة الأ�سد الأب �إيجابي ًا عن الرئي�س اجلديد‪ ،‬حيث و�صفوه بالزعيم ال�شاب ذي النزعة الإ�صالحية‪،‬‬ ‫مليار جائع‪ :‬هل ميكننا �إطعام العامل؟‬ ‫وميتلك الت�صميم الكايف على حتديث بالده‪.‬‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬غوردن كونواي‬ ‫ويتتبع عجمي التحوالت الكربى التي مر بها العلويون يف �سوريا من �أتباع لال�ستعمار الفرن�سي يف‬ ‫النا�شر‪ :‬كوم�ستوك بابلي�شينغ �أ�سو�شيتي�س‬ ‫الن�صف الأول من القرن الع�شرين مل�ؤ�س�سي النظام البعثي يف الن�صف الثاين‪ .‬وقد عو�ض العلويون‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫و�ضعهم ك�أقلية من خالل الدعوة للقومية العربية العلمانية وا�ستخدامها لقمع الأغلبية ال�سنية يف‬ ‫ال�صفحات‪456 :‬‬ ‫�سوريا‪ .‬فقد كان حافظ الأ�سد الذي حكم �سوريا من ‪ 1971‬وحتى وفاته عام ‪ 2000‬يعترب نف�سه املقاوم‬ ‫العربي الرئي�سي للغرب‪.‬‬ ‫مليار جائع‪ :‬هل يمكننا إطعام العالم؟‬

‫ذكرت الزيادات احلادة يف �أ�سعار الغذاء يف عامي ‪ 2008‬و‪ 2012‬العامل ب�أن الأمن الغذائي ال‬ ‫ميكن التعامل معه باعتباره من امل�سلمات خا�صة بالن�سبة للفقراء‪ .‬فمن املتوقع �أن يتزايد عدد �سكان‬ ‫العامل بن�سبة ‪ 33‬يف املائة يف العقود الثالثة املقبلة‪ ،‬كما �أن معظم الأرا�ضي الزراعية املحتملة‪ ،‬عدا‬ ‫الغابات املطرية‪ ،‬م�ستغلة بالفعل‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل �أن امل�صادر املائية ي�ساء ا�ستخدامها �إىل حد كبري يف بع�ض املناطق ذات الكثافة ال�سكانية‬ ‫املرتفعة‪ .‬فهل ميكن ت�أمني ما يكفي من املوارد الغذائية؟ يجيب كونواي عن هذا ال�س�ؤال بـ«�أجل» قاطعة‪.‬‬ ‫فهو ي�ؤكد �أن هناك العديد من التقنيات املعروفة لزيادة احلا�صالت الزراعية ميكن ا�ستخدامها ولكن‬ ‫لكي نفعل ذلك علينا ا�ستغالل املوارد العلمية والتعليمية والتنظيمية على النحو الأمثل‪ .‬يف البداية ي�شرح‬ ‫كونواي الإجنازات الزراعية الهائلة يف الن�صف الأخري من القرن – على �سبيل املثال‪ ،‬زيادة الإنتاج‬ ‫العاملي للحبوب من ‪ 900‬مليون �إىل ‪ 2500‬مليون طن – وي�ستعر�ض بع�ض �أحدث الإجنازات العلمية‬ ‫حول كيف ميكن زيادة الإنتاجية‪ ،‬مبا يف ذلك �إجراء حت�سينات جينية على املحا�صيل والرثوة احليوانية‪.‬‬ ‫خيار الصين‪ :‬لماذا يجب على أمريكا أن تشارك السلطة‬

‫�إليكم هذه الفكرة الراديكالية من «�أ�سرتاليا»‪ :‬يجب على الواليات املتحدة �أن تت�شارك ال�سلطة‬ ‫بالت�ساوي مع ال�صني باعتبارها جزء ًا من «حمور �آ�سيا» الذي ميكن �أن ي�شمل الهند واليابان‪ .‬حيث يرى‬ ‫وايت (م�س�ؤول �أ�سرتايل �سابق يف الدفاع) �أن ع�صر «�إنكار القوة البحرية» قادم‪ ،‬وذلك عندما ت�صبح‬ ‫تكنولوجيا تدمري ال�سفن احلربية الكربى �أكرث تقدما من �إمكاناتها الدفاعية ومن ثم ت�صبح القوى‬ ‫ال�صغرى قادرة على منع القوى البحرية الكربى من تهديد قوتها‪ .‬و�إىل جانب عوامل �أخرى‪ ،‬ف�إن ذلك‬ ‫�سوف يجعل من امل�ستحيل على الواليات املتحدة �أن تهيمن على املنطقة كما كانت تفعل من قبل و�أن‬ ‫‪46‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫خيار ال�صني‪ :‬ملاذا يجب على �أمريكا �أن ت�شارك‬ ‫ال�سلطة‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬هوف وايت‬ ‫النا�شر‪ :‬بالك �إنكوروبوري�شني‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫ال�صفحات‪208 :‬‬


‫تتمكن ال�صني من الهيمنة عليها كما يعتقد البع�ض �أنها تعتزم ذلك‪.‬‬ ‫ويعتقد وايت �أن موقف الواليات املتحدة احلالية من مقاومة قوة ال�صني �سوف ي�ؤدي �إىل الت�صعيد‪.‬‬ ‫وكانت حجته حمل جدال يف �أ�سرتاليا‪ ،‬حيث ف�سر البع�ض ذلك ب�أنه ين�صح ب�أن تتجه �أ�سرتاليا نحو‬ ‫ال�صني على نحو ا�ستباقي‪ .‬وعلى الرغم من �أن احلل الذي يقرتحه وايت لإقامة توازن للقوة يف �آ�سيا‬ ‫خيايل �إىل حد ما‪ ،‬ف�إن الكتاب ي�ستحق القراءة نظرا لتحليله ال�صريح لكيف يحد بزوغ ال�صني من ثقة‬ ‫حلفاء الواليات املتحدة يف املنطقة‪ .‬وكلما منت ال�صني‪ ،‬وفقا لوايت‪ ،‬ال ميكن لأحد �أن يت�أكد من �أن‬ ‫ال�صني «�سوف تكتفي بح�صة قليلة كح�صة الن�صف يف قيادة �آ�سيا»‪.‬‬ ‫سونغبان‪ ..‬التصنيف االجتماعي في كوريا الشمالية‬ ‫القمع‪ ..‬الهيمنة‪ ..‬الرقابة والعقاب‬ ‫معسكرات الغوالغ الخفية‬

‫ت�صدر جلنة حقوق الإن�سان يف كوريا ال�شمالية والتي يقع مقرها بوا�شنطن �أبحاث ًا قيمة تلقي ال�ضوء‬ ‫على احلياة يف «اململكة املغلقة»‪ .‬وتك�شف هذه التقارير الثالثة احلديثة عن النظام اال�ستثنائي من القمع‬ ‫يف كوريا ال�شمالية‪ .‬وي�صف كولينز نظام «�سونغبان» الذي من خالله يتم ت�صنيف كل مواطن يف كوريا‬ ‫ال�شمالية «يف طبقة معتمدة على الأ�صل واملرتبة االجتماعية – ال�سيا�سية والتي ال ميار�س الفرد عربها‬ ‫�أي �سلطة ولكنها حتدد كل مناحي حياته �أو حياتها»‪.‬‬ ‫فهناك ‪ 51‬حمور ًا فرعي ًا تن�ضوي حتت ثالث طبقات رئي�سية تعتمد على م�ستوى االلتزام جتاه النظام‪:‬‬ ‫رئي�سي‪ ،‬مرتدد‪ ،‬وعدائي‪ .‬ويعتمد ح�صول الفرد على فر�صة عمل‪ ،‬ومنزل ورعاية �صحية وحتى فر�صة‬ ‫زواج على و�ضعه الطبقي‪ .‬ف�أفراد الطبقات الدنيا غري م�سموح لهم ب�أن يعي�شوا يف املناطق الرثية ن�سبي ًا‬ ‫مثل «بيونغ يانغ»؟ حيث يوجه النظام امل�ساعدات الأجنبية �إىل الطبقة «الرئي�سية» فيما تعاين املجموعات‬ ‫الأدنى – التي ت�صل ن�سبتها �إىل نحو ‪ 80‬يف املائة – من املجاعة واملخاطر املرتفعة للتعر�ض لل�سجن‪.‬‬ ‫ويف تقريره الكا�شف‪ ،‬ي�ستك�شف غوز البريوقراطية الأمنية يف كوريا ال�شمالية والتي تعد مميزة للغاية‬ ‫حتى بني الدول ال�شمولية نظرا لل�شباك املحكمة التي تلقي بها حول املواطنة‪ .‬فهناك رقابة باحلي للت�أكد‬ ‫من �أنه لي�س هناك من يرثثر ب�ش�أن النظام �أو ي�صغي للإذاعات الأجنبية �أو ي�شاهد مقاطع الفيديو‬ ‫املهربة �أو ي�ستقبل زوار ًا غري مرغوب فيهم‪.‬‬ ‫وعلى م�ستوى �أعلى‪ ،‬هناك ثالث وكاالت كربى – وزارة الأمن‪ ،‬ووزارة الأمن الداخلي‪ ،‬و�إدارة الأمن‬ ‫الع�سكري – تفر�ض نظام ًا ر�سمي ًا لـ«الذنب بالن�سب» ميكن من خالله �أن يتم �إر�سال �أحد الأفراد �إىل‬ ‫ال�سجن �إذا ما كان يرتبط ب�أ�سرة ارتكب �أحد �أفرادها خط�أً �أو خط�أً معرفي ًا �أو كانت لديه �صالت عائلية‬ ‫ب�أ�شخا�ص ارتبطوا خط�أً �أو كانوا ينحدرون من �أ�سرة تنتمي للطبقات املدانة ومتتد تلك ال�صالت حتى‬ ‫اجليل الثالث‪ .‬وت�ضطلع كل من تلك الهيئات ب�سلطة التحقيق‪ ،‬و�إ�صدار الأحكام والإدانة وال�سجن وتفعيل‬ ‫القوانني التي ال يتم عادة الإعالن عنها‪.‬‬ ‫ومن جهة �أخ��رى‪ ،‬جمع هاوك ق��در ًا كبري ًا من املعلومات اجلديدة حول مع�سكرات الغوالغ بكوريا‬ ‫ال�شمالية وفق ًا ملقابالت �شخ�صية مت �إجرا�ؤها مع ‪ 60‬ع�ضو ًا يف جالية الالجئني من كوريا ال�شمالية‬ ‫يف كوريا اجلنوبية والتي تتزايد عدد ًا‪ .‬وي�شري هاوك �إىل �أن هناك اختالفات بني الأنواع املتعددة من‬ ‫من�ش�آت االحتجاز‪ ،‬رغم �أن معظمها ي�ستخدم تقنيات العمالة الق�سرية حتى املوت‪.‬‬ ‫وهو ي�صف �أن��واع العقاب اخلا�صة التي كان يتم تطبيقها على الالجئني الذين كانوا يحرمون من‬ ‫احل�صول على حق اللجوء �إىل ال�صني ويجربون على العودة �إىل كوريا ال�شمالية‪ .‬وك��ان من �أكرث‬ ‫الق�ص�ص م�أ�ساوية ق�ص�ص الن�ساء ال�ساعيات للجوء والذين كانوا يجربون على ممار�سة اجلن�س يف‬ ‫ال�صني ثم يرف�ض طلبهم باللجوء ويعاد �إر�سالهم �إىل كوريا ال�شمالية حيث يجربون على الإجها�ض �أو‬ ‫يقتل �أطفالهم ال�صغار نظر ًا لإ�صرار نظام بيونغ يانغ على احلفاظ على نقاء العرق‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن البع�ض يعتقد �أن نظام الهيمنة يف كوريا ال�شمالية يف طريقه للفناء يف ظل منو‬ ‫الأ�سواق ال�صغرية‪ ،‬وانت�شار الف�ساد‪ ،‬وانت�شار تهريب الهواتف اجلوالة‪ ،‬والراديوهات‪ ،‬والدي يف دي‪،‬‬ ‫واليو �إ�س بي القادمة من ال�صني‪ ،‬ت�شري تلك التقارير �إىل �أن قب�ضة النظام على ال�سكان ما زالت حمكمة‬ ‫حتى الآن‪.‬‬ ‫مع�سكرات الغوالغ اخلفية ‪ /‬امل�ؤلف‪ :‬دايفيد هاوك‬ ‫العام‪ /2012 :‬ال�صفحات‪� 229 :‬صفحة‬ ‫النا�شر‪ :‬جلنة حقوق الإن�سان بكوريا ال�شمالية‬

‫�سونغبان‪ ..‬الت�صنيف االجتماعي يف كوريا‬ ‫ال�شمالية‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬روبرت كولينز‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫ال�صفحات‪� 119 :‬صفحة‬ ‫النا�شر‪ :‬جلنة حقوق الإن�سان بكوريا ال�شمالية‬

‫القمع‪ ..‬الهيمنة‪ ..‬الرقابة والعقاب‬ ‫امل�ؤلف‪ :‬كني غوز‬ ‫العام‪2012 :‬‬ ‫ال�صفحات‪� 182 :‬صفحة‬ ‫النا�شر‪ :‬جلنة حقوق الإن�سان بكوريا ال�شمالية‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪47 2013‬‬


‫فكر‬

‫مكتبات‬

‫مكتبات عالمية أثرت الحياة الفكرية والمعرفية لدى الشعوب‬ ‫كل بلد متقدم يتباهى بوجود مكتبة‬ ‫وطنية ع��ام��ة‪ ،‬ه��ي بمثابة دار الحكمة‬ ‫ك��ت��ل��ك ال��ت��ي ب��ن��اه��ا ال���م���ؤم���ون‪ ،‬وال��ي��وم‬ ‫����دول ال��ح��دي��ث��ة أن ت��ك��ون ه��ذه‬ ‫ت��ح��رص ال�‬ ‫ً‬ ‫المكتبة ج���زءا م��ن تراثها الوطني يكبر‬ ‫مع األجيال‪ ،‬تكون خزانة للثقافة‪ ،‬وحاوية‬ ‫ووسائل المعرفة‬ ‫والكتب‬ ‫لكل الدوريات‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المختلفة‪ ،‬وم��رج��ع��ا وط��ن��ي��ا ع��ن ال��دول��ة‬ ‫ب��م��خ��ت��ل��ف ال��ل��غ��ات‪ ،‬ال��ك��ت��اب ه���و طريقك‬ ‫الك��ت��س��اب المعرفة والتعلم م��ن تجارب‬ ‫اآلخرين ومن معرفتهم‪ ،‬وأفضل طريقة‬ ‫للحصول على هذه الكتب هي المكتبات‬ ‫العامة‪ ،‬وقد أولت الدول المتقدمة بنشر‬ ‫الكتاب وال��م��ع��ارف وال��ح��ث على ال��ق��راءة‬ ‫فنجد مكتبات عمرها الزمني ع��ب��ارة عن‬ ‫قرون من السنوات‪.‬‬ ‫في جميع أنحاء العالم هناك العديد‬ ‫من الموارد ومكتبات المعلومات كونها‬ ‫المصدر الرئيسي لهذه المعلومات في‬ ‫هذه القائمة سوف يتيح لك معرفة أين‬ ‫تكون أكبر المكتبات في العالم مع عدد‬ ‫هائل م��ن المعرفة والمعلومات داخ��ل‬ ‫كتب ي��ت��راوح حجمها أكثر م��ن ‪ 30‬مليون‬ ‫كتاب‪.‬‬ ‫وسنقدم ف��ي ك��ل ع��دد على مكتبتين‬ ‫ك��ان لها األث���ر الكبير ف��ي تغيير الحياة‬ ‫الفكرية لدى الشعوب‪ ،‬وقد بأنا ذلك من‬ ‫العدد السابق‪.‬‬

‫م��ك��ت��ب��ة األك��ادي��م��ي��ة‬ ‫ال���روس���ي���ة ل��ل��ع��ل��وم‬ ‫(‪Library of the Russian‬‬ ‫‪)Academy of Sciences‬‬ ‫تقع مكتبة الأكادميية الرو�سية للعلوم يف مدينة‬ ‫�سانت بطر�سربغ يف ج��زي��رة ‪Vasilievsky‬‬ ‫وحت�ت��وي ‪ 20‬مليون ك�ت��اب وق��د مت بناءها عام‬ ‫‪ 1714‬ويوجد فيها كتب بعدة لغات‪ ،‬وهي مكتبة‬ ‫كبريه مملوكة للدولة الرو�سية ت�أ�س�ست يف �سانت‬ ‫بطر�سربغ مب��ر��س��وم م��ن بطر�س م��ن الأول يف‬ ‫‪ 1714‬و�شملت الحق ًا بناء �أكادمية �سانت بطر�س‬ ‫واكتملت الأكادمية بعام ‪ ،1747‬ويف عام ‪1783‬‬ ‫�أ�صدر قانون يلزم جميع النا�شرين بتزويد املكتبة‬ ‫بن�سخ من كل البنود والكتب املن�شورة‪.‬‬ ‫تفتح املكتبة �أبوابها فقط ملوظفي امل�ؤ�س�سات‬ ‫الذين هم �أع�ضاء يف الأكادميية الرو�سية للعلوم‬ ‫وذوي التعليم العايل‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س‪2013‬‬

‫يف ‪ 1924 - 1728‬ك� ��ان� ��ت جم �م��وع��ة ويبلغ عددى الكتب وامل��واد العلمية الأخ��رى يف‬ ‫ممتلكات املكتبة خمزنة يف مبنى كون�ستكامريا املكتبة على ‪ 20.000.000‬مادة‪.‬‬ ‫‪ – Kunstkamera‬وهو �أول متحف يف رو�سيا ‪-‬‬ ‫والتي كانت قد �شكلت م�ؤ�س�سة �أكادميية م�ستقلة‬ ‫لزيارة موقع مكتبة الأكادميية الرو�سية للعلوم‬ ‫حتى ‪.1803‬‬ ‫يف ‪ 1920‬عام تلقت املكتبة العديد من العنا�صر �إ�ضغط هنا‬ ‫التي �صودرت خالل الت�أميم يف رو�سيا ال�سوفياتية‪.‬‬ ‫يف ‪ 1925-1924‬مت نقل املجموعات �إىل املبنى‬ ‫اجلديد للمكتبة ال��ذي مت بناءه يف ع��ام ‪1914‬‬ ‫واح�ت�ل��ت م��ن قبل امل�ست�شفى الع�سكري خالل‬ ‫احلرب العاملية الأوىل‪.‬‬ ‫خ�لال ح�صار لينينغراد يف ‪1944-1941‬‬ ‫بقيت جمموعات يف املدينة املحا�صرة‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه املكتبة مفتوحة‪.‬‬ ‫يف ‪� � 15‬ش �ب��اط‪/‬ف�براي��ر ‪ ،1988‬تعر�ضت‬ ‫املكتبة لأكرب حادث حريق م�أ�ساوي يف تاريخها‬ ‫والتي دم��رت �أو ت�ضررت ج��زء ًا كبري ًا من هذه‬ ‫املجموعات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان قبل احلريق‪ ،‬وذلك اعتبارا من ‪ 1‬ت�شرين‬ ‫الأول‪�/‬أكتوبر ‪ ،1986‬كانت املكتبة تت�ألف على‬ ‫عدة جمموعات من املكتبة واملكتبات التابعة لها‬ ‫وحتتوي على ‪ 17.288.365‬مادة‪.‬‬


‫ال���م���ك���ت���ب���ة ال���وط���ن���ي���ة‬ ‫‪ (National‬ال���ك���ن���دي���ة‬ ‫)‪Library of Canada‬‬ ‫املكتبة الوطنية الكندية هي من �ضمن �أ�شهر‬ ‫الت�شييدات احلديثة يف العامل‪ ،‬وتقع يف مدينة‬ ‫�أوت��او يف كندا وقد مت بناءها عام ‪ 1953‬ويبلغ‬ ‫عدد الكتب التي توجد يف هذه املكتبة ‪ 20‬مليون‬ ‫كتاب وق��د �أن�شئت جلمع وحفظ ال�ت�راث ومنذ‬ ‫ع��ام ‪ ،1953‬وي�شمل ه��ذا ال�ت�راث املطبوعات‬ ‫وال�سجالت الأر�شيفية‪ ،‬واملواد ال�صوتية وال�سمعية‬ ‫والب�صرية‪ ،‬وال�صور‪ ،‬والأعمال الفنية‪ ،‬والوثائق‬ ‫الإلكرتونية‪.‬‬ ‫وق��د ت�أ�س�ست يف ع��ام ‪ 1872‬بو�صفها �شعبة‬ ‫داخ��ل وزارة ال��زراع��ة وحتولت �إىل املحفوظات‬ ‫العامة امل�ستقلة من كندا يف عام ‪ 1912‬و�سميت‬ ‫املحفوظات الوطنية يف كندا يف عام ‪ .1987‬وجاء‬ ‫دار الكتب والوثائق كندا (‪ )LAC‬اجلمع بني‬ ‫مهام الأر�شيف الوطني يف كندا واملكتبة الوطنية‬ ‫يف كندا التي ت�أ�س�ست يف عام ‪ .1953‬ويف ‪22‬‬ ‫ني�سان‪�/‬أبريل ‪ 2004‬مت دمج وحدات املجموعات‬ ‫واخلدمات واملوظفني من الأر�شيف الوطني يف‬ ‫كندا �إىل املكتبة الوطنية يف كندا‪ ،‬وجاء ذلك من‬ ‫�أجل احلفاظ على الرتاث الوثائقي لكندا ل�صالح‬ ‫�أج �ي��ال احل��ا��ض��ر وامل�ستقبل‪ ،‬ول�ت�ك��ون م�صدر ًا‬ ‫للمعرفة دائم يف متناول اجلميع‪ ،‬وامل�ساهمة يف‬ ‫النهو�ض الثقايف واالجتماعي واالقت�صادي لكندا‬ ‫كمجتمع ح��ر ودمي��وق��راط��ي‪ ،‬ولت�سهيل التعاون‬ ‫بني املجتمعات الكندية املحلية املعنية يف اقتناء‬ ‫مليون كتاب وذل��ك من خالل الإي��داع القانوين‪،‬‬ ‫و ‪ 24‬مليون � �ص��ورة‪ ،‬و�أك�ث�ر م��ن بيتابايت من‬ ‫املحتوى الرقمي‪ .‬بع�ض منه ي�أتي يف املقام الأول‬ ‫جمع الكتب‪ ،‬والر�سائل اجلامعية واملواد املتعددة‬ ‫الأخرى‪ ،‬وهي متاح على �شبكة الإنرتنت ‪ .‬ومل يتم‬ ‫رقمنة العديد من العنا�صر‪ ،‬وتتوفر فقط يف �شكل‬ ‫مادي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫و اعتبارا من �أيار‪/‬مايو ‪ 2013‬ح��وايل ‪% 1‬‬ ‫فقط من املجموعة قد مت حتويلها �إىل رقمية‪ ،‬وهو‬ ‫ما ميثل (حوايل ‪ 25‬مليون من العنا�صر الأكرث‬ ‫�شعبية والأكرث �أهمية)‪.‬‬

‫وحفظ ون�شر املعرفة‪ ،‬ولتكون مبثابة ال��ذاك��رة‬ ‫امل�ستمرة حلكومة كندا وم�ؤ�س�ساتها‪.‬‬ ‫و�أ�صبح لزام ًا على النا�شرين الكنديني �إر�سال‬ ‫ن�سخ من �أعمالهم جميعا �إىل املكتبة الوطنية‪.‬‬ ‫وتتلقى املكتبة الوطنية الكندية �أي�ض ًا ن�سخ ًا من‬ ‫كافة املطبوعات احلكومية االحتادية واملقاطعات‪.‬‬ ‫وق��د مت العثور على واح��د من �أق��دم الكتب يف‬ ‫القارة الأمريكية ال�شمالية ويف جميع املكتبات‪،‬‬ ‫مت طباعته يف ع��ام ‪ 1470‬من قبل جوزيفو�س‬ ‫فالفيو�س وهو م�ؤرخ القرن الأول‪ .‬بالطبع مل يتم‬ ‫تخزين الكتاب‪ ،‬جنب ًا �إىل جنب مع الكتب الأخرى‬ ‫يف خزائن احلفظ وميكن �أن ي�شاهده فقط �أولئك لزيارة موقع املكتبة الوطنية الكندية �إ�ضغط‬ ‫الذين لديهم امتياز خا�ص‪.‬‬ ‫هنا‪.‬‬ ‫وح�صلت املكتبة الوطنية الكندية على ‪20‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪49‬‬


‫نحو عالم متغير ‪ ..‬وحياة متجددة ‪ ..‬وأسلوب مبتكر ‪..‬‬

‫مجلة فكر‬ ‫مجلة العرب على امتداد خارطة العالم‬

‫‪www.fikrmag.com‬‬ ‫للتوا�صل ‪info@fikrmag.com :‬‬ ‫‪50‬‬


‫حكاية فنجان قهوة ‪..‬‬ ‫الفنان التشكيلي محمد أبو طالب‪:‬‬ ‫أفضل رسم البورترية‬

‫البتراء ‪ ....‬المدينة الوردية‬ ‫المستقبل ‪ ..‬والحوسبة السحابية‬

‫أفالم وثائقية وتيد أكس ‪TED X‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪51‬‬


‫فكر‬

‫حياتنا‬

‫حكاية فنجان قهوة ‪..‬‬ ‫هند عبد العزيز ‪ -‬مصر‬ ‫بمذاق البن ونكهة شرقية مميزة نبدأ‬ ‫حكاية فنجان قهوة لذيذة وم��رة في‬ ‫ال��وق��ت نفسه‪ ..‬ذل��ك المشروب الفريد‬ ‫الذي انتقل من اليمن إلى كافة أنحاء‬ ‫الشرق ومن الشرق انتقل إلى أوروبا‪.‬‬ ‫ف��ال��ق��اص��ي وال����دان����ي ي��ع��رف ال��ق��ه��وة‬ ‫استمد اسمه‬ ‫المشروب والمكان الذي‬ ‫ُ َّ‬ ‫م��ن ه���ذا ال��م��ن��ت��ج‪ .‬ل��ك��ن ه��ل خ��ي��ل إليك‬ ‫ع��زي��زي ال��ق��ارئ وأن���ت ترتشف فنجانك‬ ‫ً‬ ‫القهوة أنك تشرب منكرا!‬ ‫الصباحي من ً‬ ‫أو ت��ف��ع��ل إث���م���ا س���وف ت��ح��اس��ب عليه!‬ ‫وعليك أن تتوب ًعن ذنب إدم��ان فنجان‬ ‫ال��ق��ه��وة ص���ب���اح���ا؟ أن����ت ال���ي���وم ت��ش��رب‬ ‫قهوتك بنكهات مختلفة‪ ،‬وت��ق��ارن بين‬ ‫البن اليمني والبن البرازيلي‪ ،‬وتستمتع‬ ‫بشعور اليقظة والتركيز ال��ذي يمنحه‬ ‫ل��ك ذل��ك ال��م��ش��روب ال��س��ح��ري؛ دون أن‬ ‫تعرف الكثير عنه‪..‬‬

‫بع�ض ال��رواي��ات ال�ت��ي تناقلها امل ��ؤرخ��ون حول‬ ‫بداية زراع��ة �شجر ال�بن و�صناعة م�شروب من‬ ‫القهوة ترجعه �إىل بالد احلب�شة (�إثيوبيا)‪ .‬ثم‬ ‫بد�أت باالنت�شار يف �أمريكا الالتينية‪ ،‬وكان لليمن‬ ‫دور �أ�سا�سي يف انتقال ثقافة القهوة �إىل الهند‪،‬‬ ‫وا�شتهرت القهوة الرتكية يف �أوروب ��ا‪ ،‬فيما تعد‬ ‫الربازيل واليمن وكينيا من �أهم منتجي القهوة‬ ‫على امل�ستوى العاملي‪.‬‬ ‫وكان ال�شيخ الإمام جمال الدين الذبحاين قد‬ ‫ُكلف بالذهاب �إىل عدن للنظر يف بع�ض الفتاوى‬ ‫وت�صحيحها‪ ،‬و�سافر �إىل بالد احلب�شة و�أقام بها‪،‬‬ ‫ووجد هناك �أنا�س ًا ي�شربون القهوة ثم عاد �إىل‬ ‫عدن و�أ�صابه بع�ض املر�ض فتذكر القهوة و�شرب‬ ‫منها‪ ،‬والح��ظ �أن�ه��ا تذهب التعب واال��س�ترخ��اء‬ ‫وتقوي اجل�سم وتبعث فيه الن�شاط‪.‬‬ ‫وم��ن هنا ع��رف �أه��ل اليمن القهوة وانت�شرت‬ ‫زراع ��ة �شجرة ال�ب�ن‪ .‬ورواي ��ة �أخ ��رى ع��ن دخ��ول‬ ‫القهوة �إىل اليمن يرجع الف�ضل فيها �إىل علي‬ ‫بن عمر ال�شاذيل �شيخ موخا (ميناء باليمن)‪.‬‬ ‫وقد �ضل ا�سم هذا امليناء – موخا – �أو (املخا)‬ ‫مرادف ًا للقهوة ملدة �ألف عام‪ ،‬ومنه جاءت (موكا)‬ ‫�أحد �أ�صناف القهوة ال�شهرية يف الغرب؛ ونظر ًا‬ ‫للدور الذي لعبه ميناء موخا كمركز هام للتبادل‬ ‫التجاري وحلركة �سفن النب من اليمن �إىل م�صر‬ ‫و�أوروبا‪.‬‬ ‫انتقل م�شروب القهوة من اليمن �إىل مكة وم�صر‬ ‫– كانت مكة �آنذاك حتت احلكم اململوكي – �إال �أن‬ ‫‪52‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫امل�شروب الوليد �آثار حوله �ضجة هائلة‪ .‬وتك�شف‬ ‫(واقعة مكة) �سنة ‪ 917‬هـ‪ 1511 /‬تك�شف �أن‬ ‫القهوة كانت قد و�صلت احلجاز من اليمن قبل‬ ‫�سنوات على الأق��ل حتى انت�شرت وارتبطت بها‬ ‫مظاهر معينة‪ ،‬كما هو وا�ضح من املح�ضر الذي‬ ‫حرر الواقعة و�أر�سل �إىل القاهرة تلك ال�سنة‪ ،‬وهو‬ ‫�أق��دم ما لدينا من الن�صو�ص التي توفر بع�ض‬ ‫املعطيات املتعلقة بو�صول انت�شار القهوة‪.‬‬ ‫وك ��ان ال�سلطان قن�صوه ال �غ��وري (‪-1500‬‬ ‫‪ )1516‬قد عني خاير بك ناظر ًا على احل�سبة‬ ‫يف مكة‪ ،‬حيث ر�أى يف ليلة ‪ 22‬ربيع الأول ‪917‬‬ ‫ه�ـ‪ 1511 /‬خ�لال طريقه من الكعبة �إىل بيته‬ ‫جماعة حتتفل باملولد النبوي ووجد بينهم �شيئ ًا‬ ‫يتعاطونه على هيئة ال�شربة التي يتناولها امل�سكر‪،‬‬ ‫ومعهم ك�أ�س يديرونه ويتداولونه بينهم‪ ،‬ف�س�أل‬ ‫ع��ن ال���ش��راب امل��ذك��ور فقيل ه��ذا ��ش��راب اتخذ‬ ‫يف ه��ذا الزمان وي�سمى القهوة حيث يطبخ من‬ ‫ق�شر ح��ب ي��أت��ي م��ن ب�لاد اليمن يقال ل��ه ال�بن‪،‬‬ ‫و�إن هذا ال�شراب قد ف�شا �أمره مبكة وكرث و�صار‬ ‫يباع يف مكة على هيئة اخلمارات ويجتمع عليه‬ ‫بع�ض ال�ن��ا���س ب��ال��ره��ن وغ�ي�ره مم��ا ه��و ممنوع‬ ‫يف ال�شريعة املطهرة‪ .‬ويبدو �أن كل هذه الأم��ور‬ ‫امل�صاحبة النت�شار امل�شروب اجلديد‪ ،‬ويبدو �أن‬ ‫ال�سلوكيات اجل��دي��دة قد �أقلقت ناظر احل�سبة‬ ‫(الو�صي على �أخالق املجتمع) ولذلك فقد جمع‬ ‫�صباح اليوم التايل ق�ضاة الإ�سالم وعلماء الدين‬ ‫ملناق�شة �أمر القهوة‪ .‬ويبدو من املح�ضر املذكور �أن‬ ‫ال�شيخ نور الدين بن نا�صر ال�شافعي (مفتي مكة‬ ‫�آنذاك) كان من املدافعني عن القهوة خالل ذلك‬ ‫االجتماع مما عر�ضه �إىل م�صاعب بعد �أن كفره‬ ‫بع�ض احلا�ضرين‪ ،‬وقد و�صل الأمر �إىل �أن ير�سل‬ ‫مع املح�ضر املذكور �إىل العا�صمة القاهرة �س�ؤا ًال‬ ‫ي�شري �إليه ال�ست�صدار فتوى �ضد القهوة‪.‬‬ ‫وكان مر�سوم ال�سلطان الغوري والذي ن�شر �إثر‬ ‫الواقعة مل ي�ستجب ملا ورد يف ال�س�ؤال املتحيز �ضد‬ ‫مفتي مكة‪ ،‬وذلك لقيامه بالتمييز بني قبول القهوة‬ ‫ومنع �شرابها م��ن التظاهر ب�شربها وال ��دوران‬ ‫يف الأ��س��واق‪ ،‬ولعل ه��ذه ال��روح التوفيقية تعك�س‬ ‫اجلو العام يف القاهرة وبالتحديد حول اختالف‬ ‫العلماء بني م�ؤيد ومعار�ض للقهوة وما �أ�سفر عنه‬

‫من جتاذب ديني اجتماعي �سيا�سي غري م�ألوف‪.‬‬ ‫ففي هذا الإطار يربز �أو ًال �شيخ الإ�سالم زكريا‬ ‫الأن�صاري (‪ )1520-1420‬الذي �أ�صدر فتوى‬ ‫مبنع النا�س من �شربها‪� ،‬إال �أن املولعني ب�شربها‬ ‫راج�ع��وه يف ذل��ك مما دع��اه �إىل اختبار �شاربي‬ ‫القهوة‪ ،‬حيث مل ي��رى منهم من الكالم ما هو‬ ‫فاح�ش بل وجد منهم انب�ساط ًا قلي ًال ولذلك فقد‬ ‫�صنف يف حلها م�صنف ًا قاطع ًا باحلل‪ .‬ويف املقابل‬ ‫وجد يف حميط الأن�صاري من عار�ض القهوة �أمثال‬ ‫ال�شيخ ابن عبد احلق ال�سنباطي الذي �أخذ يقود‬ ‫حملة يف جمال�سه بالأزهر �ضد القهوة وبيوتاتها‬ ‫من خالل الدعوة حلرقها‪ ،‬فنتج عن ذلك فتنة‬ ‫كبرية‪ .‬ولتجنب هذه الفتنة �أحيل الأمر �إىل قا�ضي‬ ‫الق�ضاة حممد بن �إليا�س احلنفي الذي �أح�ضر‬ ‫جماعة ممن ي�شربون القهوة ف�أمر بطبخها و�سقى‬ ‫منها بح�ضرته وجل�س يتحدث معهم معظم النهار‬ ‫فلم ير منهم �شيئ ًا منكر ًا ف�أقرها يف حينها‪ .‬ويبدو‬ ‫�أن هذه الفتوى قد �شجعت �أن�صار القهوة‪ ،‬وهذا‬ ‫م��ا يت�ضح م��ن خ�لال ف�ترة خ�سرف با�شا ال��ذي‬ ‫توىل حكم م�صر (‪ )1536-1534‬والذي عرف‬ ‫زمانه بتف�شي القهوة واملقاهي‪.‬‬ ‫وكان و�صول القهوة �إىل جنوب بالد ال�شام من‬ ‫احلجاز واليمن توافق مع التغري ال�سيا�سي الذي‬ ‫ح�صل يف املنطقة (��س�ق��وط ال��دول��ة اململوكية‬ ‫وبروز الدولة العثمانية)‪ .‬كما �أن معظم الروايات‬ ‫املختلفة تربط ذلك بعدة �أ�شخا�ص من دراوي�ش‬ ‫الطرق ال�صوفية وبالتحديد الطريقة ال�شاذلية‬ ‫حتى �أ�صبحت عالقتهم بالقهوة وطيدة �إىل حد‬ ‫�أن ا�سم القهوة �أو �شربها �أ�صبح يرتبط ب�شكل‬ ‫وث�ي��ق ب��ال���ش��اذيل نف�سه‪ .‬وه �ك��ذا جن��د م�ث�ل ًا �أن‬ ‫القهوة يف اجلزائر ت�سمى (�شاذلية) بينما جند‬ ‫يف �ضواحي دم�شق �إىل مطلع القرن الع�شرين �أن‬ ‫�صاحب البيت حني ي�أخذ �إبريق القهوة من على‬ ‫النار ي�سكب الفنجان الأول على الأر���ض لأنها‬ ‫(ح�صة ال�شاذيل)‪ .‬بيد �أن ا�ستقرار القهوة يف‬ ‫املحيط الفقهي ال�شامي مل تكن من ال�سهولة‪،‬‬ ‫�إذ �أن الأم ��ر ك��ان يتعلق بالقا�ضي امل��وج��ود يف‬ ‫دم�شق وال��ذي ك��ان يتغري من حني لآخ��ر ويتغري‬ ‫معه املوقف برمته‪ .‬وهكذا بعد عدة �سنوات عني‬ ‫ال�شيخ احل�سيني قا�ضي ًا واتفق مع بع�ض العلماء‬


‫امل�ع��روف�ين على حت��رمي القهوة ومل يكتف بهذا‬ ‫بل عر�ض الأمر على ال�سلطان �سليمان القانوين‬ ‫فورد �أمر ب�إبطالها �سنة ‪ .1546‬لكن �سرعان ما‬ ‫اختلف الأمر بعد وفاة ال�سلطان من حيث عودة‬ ‫ال�ن��ا���س �إىل ��ش��رب ال�ق�ه��وة ثانية يف عهد وايل‬ ‫دم�شق الال م�صطفى (‪ .)1568-1563‬ومما‬ ‫�ساهم يف ترجيح كفة �أن�صار القهوة �أن العلماء‬ ‫املنا�صرين لها �أخذوا يرتادون بيوتها‪ ،‬ويتمتعون‬ ‫ب�شربها هناك وي�شرعون يف الكتابة داللة على ما‬ ‫�أ�صبحت تعني بالن�سبة لهم‪ .‬كما �أ�صبحت بيوت‬ ‫القهوة جتذب املزيد من الرواد العتبارها �أماكن‬ ‫للت�سلية واملتعة من خالل اال�ستماع �إىل املغنيني‬ ‫املعتربين يف ع�صرهم‪ .‬وباال�ستناد �إىل ما يذكره‬ ‫امل�ؤرخون العثمانيون يف هذا املجال‪ ،‬فقد عرفت‬ ‫�إ�سطنبول القهوة واملقاهي �سنة ‪ ،1554‬حيث قام‬ ‫�شخ�ص من دم�شق و�آخر من حلب بفتح مقهيني‬ ‫يف حملة حتت القلعة‪ ،‬و�أخذ يرتدد على املقاهي‬ ‫الأئمة وط�لاب امل��دار���س الدينية‪ ،‬حتى تقاع�س‬ ‫الكثريون منهم عن الذهاب �إىل اجلوامع مما‬ ‫�أثار �سخط بع�ض علماء الدين الذين بادروا �إىل‬ ‫�إ�صدار الفتاوى التي حترم �شرب القهوة لتبقى‬ ‫كذلك حتى �سنة ‪.1591‬‬ ‫ولعل �شهرة القهوة وانت�شارها يف بقية الأم�صار‬ ‫الإ�سالمية حدث عندما ظهرت القهوة لأول مرة‬ ‫يف م�صر يف مطلع القرن العا�شر الهجري‪ .‬لقد‬ ‫جلبها اليمانيون �إىل رواقهم يف اجلامع الأزهر‪،‬‬ ‫وكان طالب اليمن وما جاورهم يف الرواق اليمني‬ ‫ي�سهرون للدرا�سة وت��ردي��د الأذك���ار وين�شدون‬ ‫املدائح النبوية‪ ،‬وي�ستعينون على مغالبة النعا�س‬ ‫ب�شرب القهوة‪ .‬ولقيت القهوة معار�ضة علماء‬ ‫م�صر‪ ،‬و�أ�صدر بع�ضهم فتاوى حترمها‪ ،‬ومع هذا‬ ‫بقيت معار�ضة م�صر �أخ��ف وط ��أة من معار�ضة‬ ‫احلجاز‪.‬‬ ‫وتعود ج��ذور الكلمة (قهوة) تعود �إىل مملكة‬ ‫(ك��اف��ا) يف �إثيوبيا‪ ،‬حيثُ زرع��ت النبتة للمرة‬ ‫الأوىل‪ ،‬ويف مرحلة الحقة انتقلت الكلمة �إىل‬ ‫اللغة الرتكية‪ ،‬وكانت تلفظ (ك��ايف) ‪،Kahve‬‬

‫ثم دخلت �إىل اللغة الإنكليزية عام ‪ ،1598‬عن‬ ‫طريق اللغة الأملانية بلفظة (كويف)‪ ،‬وعندما بد�أ‬ ‫العرب بتو�سيع نطاق جتارتهم‪ ،‬ا�ستوردوا حبوب‬ ‫(املوكا) من �إثيوبيا �إىل اليمن‪ ،‬ومنها �إىل الهند‬ ‫وتركيا و�أوروبا‪ ،‬ويف اليمن �أي�ض ًا بد�أ حتمي�ص النب‬ ‫للمرة الأوىل‪ ،‬وفق الطريقة املعتمدة �إىل اليوم‪.‬‬ ‫دخلت القهوة �إىل الهند‪ ،‬للمرة الأوىل‪ ،‬عن‬ ‫طريق (بابا ب��ودان)‪ ،‬حيثُ مر خالل عودته من‬ ‫احل��ج على اليمن‪ ،‬وعندما ذاق القهوة هناك‪،‬‬ ‫�أخ��ذ ‪ 4‬عناقيد من هذه النبتة وزرعها يف تالل‬ ‫(�شيكاماغالورو) التي عرفت الح� ًق��ا بـ(تالل‬ ‫بابا ب��ودان) ن�سبة �إليه‪ .‬وتنتج الهند نوعني من‬ ‫القهوة؛ القهوة اجلافة التي يطلق عليها ا�سم‬ ‫(�شريي)‪ ،‬والقهوة الرطبة التي يطلق عليها ا�سم‬ ‫(بالنتي�شون �أرابيكا) و(بالنتي�شون روبو�ستا)‪،‬‬ ‫�أما قهوة (املون�سوند) فتتميز بنكهتها الالذعة‪.‬‬ ‫�أن�شئ �أول مكان لتقدمي القهوة للزبائن يف‬ ‫�إ�سطنبول عام ‪ ،1554‬ومن تركيا انتقلت القهوة‬ ‫�إىل �إيطاليا‪ ،‬و�ساهمت حركة التجارة بني البندقية‬ ‫و�إفريقيا يف �إدخال �أنواع من القهوة‪ ،‬ويف البداية‬ ‫كان ال يقدر على �شراء امل�شروب �سوى املي�سورين‪،‬‬ ‫نظر ًا الرت�ف��اع �سعره‪ ،‬ومت �إن�شاء �أول مقهى يف‬ ‫البندقية‪ ،‬ب��ل يف �أوروب� ��ا‪ ،‬ع��ام ‪ ،1645‬وهكذا‬ ‫تعرف الأوروبيون على القهوة للمرة الأوىل‪.‬‬ ‫جمع الربيطانيون ب�ين ل��ذة ارت���ش��اف القهوة‬ ‫وعمليتي ا�ستريادها وت�صديرها‪ ،‬وفتح �أول مقهى‬ ‫�أب��واب��ه يف �أك�سفورد ع��ام ‪ ،1650‬ث��م يف لندن‬ ‫ع��ام ‪ ،1652‬والق��ت القهوة اهتمام ًا الفت ًا من‬ ‫قبل الربيطانيني‪ ،‬الذين �أن�ش�ؤوا متحف (براما)‬ ‫ليعر�ض تاريخ القهوة منذ دخولها �إىل بريطانيا‪،‬‬ ‫و�أماكن زراعتها وط��رق ت�صنيعها وحت�ضريها‪،‬‬ ‫وي�ضم املتحف جناح ًا مل�شروب ال�شاي‪.‬‬ ‫ويف الربازيل‪ ،‬نقل (غابريال دو كليو) حبوب‬ ‫ال�ق�ه��وة �إىل ج��زر (امل��ارت�ي�ن�ي��ك) ع��ام ‪،1720‬‬ ‫ومنها �إىل (املك�سيك) و(هاييتي)‪ ،‬لتبد�أ �شهرة‬

‫القهوة الربازيلية واملك�سيكية‪ ،‬ثم انتقلت القهوة‬ ‫من الربازيل �إىل (كينيا) و(تنزانيا) املجاورتني‬ ‫لإثيوبيا‪ ،‬وبذلك تنهي القهوة رحلتها عرب القارات‪،‬‬ ‫بعد حوايل ‪ 600‬عام من التجوال‪ .‬يف حني كان‬ ‫م�سموح ًا ل�ل�م��ر�أة يف �أمل��ان�ي��ا �أن ت��رت��اد الأم��اك��ن‬ ‫املخ�ص�صة الرت�شاف القهوة‪ ،‬كان ممنوع ًا على‬ ‫ن�ساء بريطانيا ارتياد املقاهي‪ ،‬والغريب �أن ن�ساء‬ ‫لندن وقعن على عري�ضة مناه�ضة للقهوة عام‬ ‫‪ ،1674‬احتجاج ًا على عدم تواجد الرجال يف‬ ‫املنازل وق�ضائهم �أوقات ًا طويلة يف املقاهي‪ ،‬ور�أت‬ ‫الن�ساء يف ذلك متييز ًا وا�ضح ًا بني اجلن�سني‪.‬‬ ‫وترتبط القهوة العربية تعترب رم��ز ًا من رموز‬ ‫ال�ك��رم والتفاخر وال�ضيافة؛ فتقدميها للزائر‬ ‫�إ�شارة تكرمي‪ ،‬وقد حظيت باالحرتام عند معدِّ يها‬ ‫و�شاربيها على حدٍّ �سواء‪� ،‬إ�ضافة �إىل الدالالت التي‬ ‫ترافق عملية وطرق تقدميها للآخرين يف خمتلف‬ ‫املنا�سبات االجتماعية من ا�ستقبال و�أفراح و�أتراح‬ ‫وجاهات و�صلح وغريها من املنا�سبات‪.‬‬ ‫وت�شكلت ثقافة القهوة واملقاهي التي تعود �إىل‬ ‫القرن الرابع ع�شر يف تركيا‪ .‬حيث كانت املقاهي‬ ‫يف �أوروبا الغربية و�شرق البحر الأبي�ض املتو�سط‬ ‫مراكز اجتماعية تقليدية‪ ،‬وكذلك املراكز الفنية‬ ‫والفكرية‪ .‬يف �أواخ��ر القرنيني ال�سابع والثامن‬ ‫ع�شر �أ�صبحت املقاهي يف لندن �أماكن �شعبية‬ ‫للقاء الفنانني والكتاب‪ ،‬وال�شخ�صيات االجتماعية‬ ‫وكانت �أي�ض ًا مركز ًا لن�شاط ال�سيا�سي والتجاري‪.‬‬ ‫يف ال��والي��ات املتحدة ب�صفة خا�صة‪ ،‬كثري ًا ما‬ ‫ي�ستخدم هذا امل�صطلح للداللة على مئات املقاهي‬ ‫يف املنطقة احل�ضرية �سياتل‪ ،‬وانت�شار االمتيازات‬ ‫ل�ل���ش��رك��ات م �ث��ل ��س�ت��ارب�ك����س �أن� �ح ��اء ال��والي��ات‬ ‫املتحدة‪ .‬منط ثقافة القهوة يختلف ح�سب البلد‪،‬‬ ‫حيث �أ�صبحت جوانب �أخ��رى من ثقافة القهوة‬ ‫ت�شمل وجود حرية الو�صول �إىل �شبكة الإنرتنت‬ ‫الال�سلكية للزبائن‪ ،‬والكثري منهم قام ب�أعمال‬ ‫جتارية ل�ساعات طويلة ب�شكل منتظم‪ .‬ويف بالد‬ ‫�أخرى جتدهم يلعبون الرند �أو ورق ال�شدة �أثناء‬ ‫ت��واج��ده��م يف امل �ق��اه��ي‪ ،‬وبع�ض امل�ق��اه��ي تقوم‬ ‫برتويج الكتب ملرتاديها للقراءة واالطالع يف ج ٍو‬ ‫مليء برائحة النب‪.‬‬ ‫مل�شاهدة فيلم وثائقي عن تاريخ النب والقهوة‪:‬‬ ‫(‪)4-1‬‬ ‫(‪)4-2‬‬ ‫(‪)4-3‬‬ ‫(‪)4-4‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪53 2013‬‬


‫فكر‬

‫فنون‬

‫الفنان التشكيلي محمد أبو طالب‪:‬‬ ‫أفضل رسم البورترية‬ ‫كل خط في أي رسم من أعمالي أجد فيه نفسي‬ ‫�شخ�صية فنية ت�شكيلية غنية عن التعريف ‪ ..‬عمل يف �أكرب املجالت الثقافية العربية م�س�ؤو ًال‬ ‫فني ًا كالهالل امل�صرية‪ ،‬والدوحة القطرية‪ ،‬واحلر�س الوطني ال�سعودية‪ ،‬كان له ت�أثري كبري‬ ‫يف م�سرية تلك املجالت‪ ،‬وبالرغم من �ضيق وقته ‪ ..‬خ�ص جملة فكر بهذا احلوار ‪..‬‬

‫ ك��ل خ��ط يف �أي ر�سم م��ن �أع�م��ايل �أج��د فيه‬‫منذ متى بد�أت متار�س الفن الت�شكيلي ‪.‬‬ ‫ ب��د�أت ممار�سة الر�سم لل�صحافة منذ عام نف�سي‪.‬‬‫‪. 1963‬‬ ‫�أف�ضل ر�سم البورترية‪ ،‬لأن الوجه الإن�ساين‬ ‫هل لديك هوايات �أخ��رى متار�سها غري الفن‬ ‫يعرب عن كل امل�شاعر و املعاناة و الآالم والآمال‬ ‫الت�شكيلي؟‬ ‫ لي�س يل هوايات �أخرى غري القراءة خ�صو�ص ًا التي ت�شكل دراما احلياة‪.‬‬‫كتب الفل�سفة وكتب التاريخ‪.‬‬ ‫هل ا�شتغالك بالفن الت�شكيلي ي�ؤثر على حياتك‬ ‫ما هي طموحات الفنان حممد �أبو طالب؟‬ ‫ لي�س يل طموحات �شخ�صية فاحلمد هلل على ال�شخ�صية �أم جتدها مكملة؟‬‫م��ا حتقق يل ع�بر رح�ل��ة العمل واحل �ي��اة‪ ،‬ولكن ‪ -‬م��ن ح�سن ال�ط��ال��ع وم��ن نعم اهلل علي �أين‬ ‫�أمتنى �أن يعم ال�سالم العادل يف العامل ويختفي �أ�شتغل بالفن الت�شكيلي فهو الهواية واملتعة‪.‬‬ ‫من خالل متابعتي لك وجدت �أبو طالب ير�سم‬ ‫الفقر‪.‬‬ ‫ويجمع لوحات البورتريه هل هو يجد نف�سه يف‬ ‫خالل رحلة خم�سني عام ًا من العمل‪ ،‬طر�أ ر�سم لوحات البورتريه ؟‬ ‫على �أ�سلوبي يف الر�سم عدة تغيريات �إىل �أن‬ ‫ ف�ع�ل ًا �أف���ض��ل ر��س��م ال�ب��ورت��ري��ة‪ ،‬لأن الوجه‬‫بد�أت �أر�سم بالأ�سلوب الواقعي الذي �أنتهجه الإن�ساين يعرب عن كل امل�شاعر و املعاناة و الآالم‬ ‫يف الفرتة احلالية‪.‬‬ ‫والآمال التي ت�شكل دراما احلياة‪.‬‬ ‫هل �شاركت مبعار�ض وم�سابقات وكيف ترى‬ ‫نف�سك بني من �شاركت معهم؟‬ ‫ما هو �أقرب عمل �إىل قلب حممد �أبو طالب؟‬ ‫ ��ش��ارك��ت مب�ع��ار���ض وم�سابقات لكن م��رات‬‫ دائما �آخر �أعمايل تكون الأقرب �إىل نف�سي‪.‬‬‫قليلة ونلت يف هذه امل�شاركات جوائز ومت �إقتناء‬ ‫هل ت�أثرت ب�إحدى املدار�س الفنية؟‬ ‫ خ�لال رحلة خم�سني عام ًا من العمل‪ ،‬طر�أ الأعمال‪.‬‬‫على �أ�سلوبي يف الر�سم عدة تغيريات �إىل �أن بد�أت هل رغبت يوم ًا برتك الفن؟‬ ‫�أر�سم بالأ�سلوب الواقعي الذي �أنتهجه يف الفرتة ‪ -‬مل ي�خ�ط��ر ب �ب��ايل ي��وم � ًا ت ��رك جم ��ال الفن‬ ‫الت�شكيلي‪.‬‬ ‫احلالية‪.‬‬ ‫حممد �أبو طالب مبن ت�أثر من الفنانني العاملني؟ ه��ل ل�ل�ف�ن��ان دور يف م�شكلة ف�ه��م ال �ل��وح��ة �أو‬ ‫ مل �أت���أث��ر ب� ��أي ف �ن��ان ع��امل��ي لكني �أعجبت غمو�ضها لدى امل�شاهد؟‬‫ طبع ًا الفنان ه��و مبدع اللوحة ف���إذا كانت‬‫برمربانت و فان جوخ وبول جوجان‪.‬‬ ‫غام�ضة �صعبة الفهم على امل�شاهد يكون امل�س�ؤول‬ ‫ما هي �أوقات الر�سم �أحبها �إىل نف�سك؟‬ ‫هو الفنان‪.‬‬ ‫ �أف�ضل الر�سم لي ًال ويف ال�صباح الباكر‪.‬‬‫م��ا ه��ي ال�ل��وح��ة ال�ت��ي وج��دت فيها حممد �أب��و ما هي الر�سالة التي ت�ستطيع توجيهها من خالل‬ ‫لوحاتك؟‬ ‫طالب؟‬ ‫‪54‬‬

‫فكر‬

‫العدد ‪ - 3‬مايو ‪2013‬‬

‫ كل لوحة حتمل ر�سالة خا�صة بها و م�ضمون‬‫من �أجله مت �إجنازها‪.‬‬ ‫هل هناك مو�ضوع �أ�سا�سي يربط بني لوحاتك؟‬ ‫ بالطبع لي�س ه�ن��اك م��و��ض��وع واح ��د يربط‬‫ر�سومي فهي تعرب عن مواقف و �أحداث عامة منها‬ ‫املعا�صر ومنها التاريخي‪ ،‬كذلك ال�شخ�صيات‬ ‫التي مت ر�سمها ت�شكل جمموعة متنوعة ومتباينة‬ ‫من ال�شخ�صيات املعا�صرة والتاريخية‪.‬‬ ‫ه��ل ت ��رى �أن ال �ف��ن الت�شكيلي ل��ه ع�لاق��ة مع‬ ‫بقية الفنون الأخ��رى ك��الأدب وال�شعر وال�سينما‬ ‫وامل�سرح‪ ،‬وكيف ترى هذه العالقة؟‬ ‫ بالقطع الفن الت�شكيلي له عالقة وثيقة بباق‬‫الفنون؛ فالفنون جميع ًا تتكامل وتدعم بع�ضها‬ ‫البع�ض‪.‬‬ ‫محمد أبو طالب في سطور‬

‫ يف عام ‪ 1944‬ولد الفنان حممد �أبو طالب يف‬‫مدينة بور�سعيد بجمهورية م�صر العربية‪.‬‬ ‫ ‪ 1966‬ح�صل الفنان على بكالوريو�س الفنون‬‫اجلميلة من كلية الفنون اجلميلة بالقاهرة‪.‬‬ ‫ ‪ 1963‬بد�أ الفنان يف الر�سم ملجلتي الأطفال‬‫«�سمري » و « ميكي »‪ ،‬وا�ستمر يف الر�سم للأطفال‬ ‫من خالل هاتيت املجلتني حتى عام ‪.1974‬‬ ‫ ‪ 1967‬مت تعيني ال�ف�ن��ان يف م�ؤ�س�سة دار‬‫الهالل للعمل يف �إخ��راج جملة امل�صور والر�سم‬ ‫ملجالت امل�ؤ�س�سة ‪ -‬جملة امل�صور ‪ -‬جملة �سمري‬ ‫ جملة ميكي ‪ -‬جملة الهالل‪.‬‬‫ ‪� 1981‬أ� �ص �ب��ح ال �ف �ن��ان حم�م��د �أب ��و طالب‬‫م�ست�شار ًا فني ًا مل�ؤ�س�سة دار الهالل وكان يف ذلك‬ ‫الوقت �أ�صغر م�ست�شار فني مل�ؤ�س�سة �صحفية كربى‬ ‫مب�صر‪.‬‬ ‫ ‪ 2012‬ق��دم ال�ف�ن��ان ا�ستقالته م��ن العمل‬‫مب�ؤ�س�سة دار الهالل ليتفرغ للر�سم‪ .‬للمزيد عن‬ ‫فرتة عمل الفنان يف دار الهالل‪.‬‬


‫من أعمال الفنان محمد أبو طالب‬

‫ ‪ 1975‬و�ضع املاكيت الأ�سا�س الأول ملجلة‬‫«الفجر» الأ�سبوعية التي �صدرت يف قطر وا�ستمر‬ ‫مدير ًا فني ًا للمجلة ملدة عام واحد وقدم ا�ستقالته‬ ‫ليبد�أ العمل يف جملة الدوحة ‪.‬‬ ‫ يف عام ‪� 1976‬شغل الفنان حممد �أبو طالب‬‫من�صب املدير الفني ملجلة الدوحة يف �إ�صدارها‬ ‫الأول حيث �صمم (اللوجو) ال�سم املجلة وو�ضع‬ ‫املاكيت الأ�سا�سي الأول للمجلة وقام ب�إخراجها‬ ‫ف�ن�ي� ًا م��ع م�ساعديه �إ� �ض��اف��ة لقيامه بالر�سم‬ ‫للن�صو�ص الأدبية‪ ،‬وكتابة النقد الت�شكيلي‪ ،‬من‬ ‫ال�ع��دد الأول ال���ص��ادر �أول ‪ 1976‬حتى العدد‬ ‫ال�صادر يف دي�سمرب ‪ ،1980‬وت��رك املجلة بعد‬ ‫ذلك وا�ستمرت املجلة يف ال�صدور حتى توقفت‬ ‫منت�صف الثمانينات‪ ،‬ثم ع��ادت لل�صدور مرة‬ ‫ثانية يف نوفمرب ‪ ،2007‬ويف املرحلة الثانية‬ ‫للإ�صدار ‪ -‬املرحلة احلالية ‪ -‬قام الفنان حممد‬ ‫�أبو طالب بو�ضع ت�صميم ا(للوجو) ال�سم املجلة‬ ‫كما قام بر�سم وت�صميم ‪ 43‬غالف للمجلة من‬ ‫العدد الأول للمرحلة الثانية ال�صادر يف نوفمرب‬ ‫‪ 2007‬حتى العدد ‪ 43‬ال�صادر يف مايو ‪.2011‬‬ ‫ يف ‪ 1983‬قام الفنان بعمل الت�صميم الأ�سا�س‬‫«املاكيت» ملجلة احلر�س الوطني باململكة العربية‬ ‫ال�سعودية وا�ستمر م��دي��ر ًا فني ًا ملجلة احلر�س‬ ‫الوطني يقوم ب�إخراجها الفني وتقدمي الر�سوم‬ ‫ورئا�سة الق�سم الفني للمجلة حتى عام ‪1987‬‬ ‫حيث قدم ا�ستقالته وعاد �إىل القاهرة‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1989‬قام الفنان �أبو طالب بت�صميم‬ ‫(اللوجو) اخلا�ص مبجلة «كل النا�س» وقام بعمل‬ ‫الت�صميم الأ�سا�س للمجلة «املاكيت» ‪.‬‬ ‫ من عام ‪ 1993‬حتى عام ‪ 1999‬قام الفنان‬‫�أبو طالب بت�صميم املطبوعات ل�شركات الدواء‬ ‫الكربى «�سيباجايجي ‪ -‬نوفارت�س ‪ -‬بورينجر‬ ‫�إجنلهامي ‪ -‬زميا ‪ -‬تبوك وغريها»‪.‬‬ ‫يف عام ‪� 2006‬أ�سند للفنان حممد �أبو طالب‬ ‫عمل ت�صميم فني ج��دي��د «م��اك�ي��ت» ل�صحيفة‬ ‫«عكاظ» ال�سعودية مع مال حقها الأ�سبوعية‪.‬‬ ‫الفنان حممد �أبو طالب متفرغ حالي ًا للر�سم‬‫وال �ك �ت��اب��ة‪ ،‬ل�ل�م�ج�لات �أه �م �ه��ا جم�ل��ة «ال �ع��رب��ي»‬ ‫الكويتية‪ ،‬وجملة «املجلة» ب��ال�ق��اه��رة و جملة‬ ‫«فنون م�صرية» ‪.‬‬ ‫ق ��ام بت�صميم امل �ئ��ات م��ن �أغ �ل��ف الكتب‬ ‫وت�صميم ال���ش�ع��ارات واملل�صقات‪ ،‬وير�سم‬ ‫ملجالت الأطفال « با�سم » و « العربي ال�صغري»‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫‪55‬‬


‫الدادائية‬

‫تري�ستان تزارا‬

‫إبراهيم عبد الله الخويطر‬ ‫مفكر‬

‫حركة �شعرية احتجاج ًا قام بها جمموعة من‬ ‫الربجوازيني ب�سبب ما �آلت �إليه ال�شعوب الأوروبية‬ ‫من قتل وهدم ودمار وخراب ب�سبب تلك احلرب‬ ‫العبثية التي ق�ضت على الأخ�ضر والياب�س و�أهلكت‬ ‫احلرث والن�سل �إنها حرب عبثية ال طائل حتتها‪.‬‬ ‫فاجتمع ه� ��ؤالء ال�شباب مم��ن �أدم ��ت قلوبهم‬ ‫ه�ستريية احل��رب وعبثها و�أعلنوا عن حركتهم‬ ‫الثورية االحتجاجية التي كفرت بجميع الأنظمة‬ ‫والقيم املتعارف عليها �سوا ًء كانت �سيا�سية �أو‬ ‫احتجاجية �أو �أدبية لأن ه��ذه احل��رب ‪� ..‬أن كل‬ ‫القيم ال معنى لها واختاروا لهذه احلركة ا�سم ًا‬ ‫عبثي ًا ال معنى له فجا�ؤا بالقامو�س واتفقوا على �أن‬ ‫يكون ا�سمها على ا�سم احلرف الذي ي�صادفهم‬ ‫�أثناء فتح القامو�س ف�صادف �أن احل��رف الذي‬ ‫فتحوا القامو�س عليه هو (دا) ف�سميت بالدادية‪،‬‬ ‫وقد ولدت هذه احلركة يف مدينة (زوريخ) يف ‪8‬‬ ‫�شباط‪/‬فرباير �أثناء احلرب العاملية الأوىل عام‬ ‫‪ .1916‬وملا كانت تلك �إمنا قامت بالدول الغربية‬ ‫الإمربيالية اال�ستعمارية ف�إنّ ه�ؤالء ال�شعراء كانوا‬ ‫م��ن م ��ؤي��دي ال�شيوعية عندما ق��ام��ت ب��االحت��اد‬ ‫ال�سوفيتي‪ .‬و�إن كانت �أ� ً‬ ‫صال �ضد الأنظمة �أي ًا كانت‬ ‫هذه احلركة كان زعيمها �شاب يف الع�شرين من‬ ‫عمره ُيدعى (تري�ستان تزارا) كان يقول يف بيان‬ ‫تلك احلركة «�أنا �ضد الأنظمة �إن الأكرث قبو ًال بني‬ ‫الأنظمة هو �أ ّال يكون لك مبدئي ًا �أي نظام‪ ،‬و�أ�صدر‬ ‫هذا ال�شاب جمموعة دواوين بهذا االجتاه �أي �ضد‬ ‫ما هو مقبو ًال �أو معروف لدى املجتمع‪.‬‬

‫�أث�ن��اء �إل�ق��اء ال�شعر والكلمات م��ن ا�ستفزازات‬ ‫و�أجرا�س وخ�شخ�شات وحركات تنايف كل ما هو‬ ‫م�ألوف وذلك بعد قراءة �أ�شخا�ص مقنعني ق�صائد‬ ‫(بريتون) ‪ -‬ال��ذي �سيكون رائ��د (ال�سوريالية)‬ ‫فيما بعد – و�ألقى (تزارا) ق�صيدة‪ ،‬وقر�أ مقا ًال‬ ‫�صحبه �صخب وت�صفري‪ ،‬ويقول خماطب ًا اجلمهور‬ ‫«�أنتم ال تفهمون ما نحن فاعلون‪� ،‬ألي�س كذلك؟‬ ‫ح�سن ًا �أيها الأعزاء‪ .‬نحن �أقل منكم فهم ًا �أي�ض ًا»‬ ‫و�إمعان ًا يف اخل��روج عن امل�ؤلوف �أ�صبح الهدف‬ ‫حتطيمه يقول‪« :‬يجعلكم نظام (دادا) �أح��رار ًا‬ ‫ّ‬ ‫حطموا كل �شيء‪� ،‬أنتم �أ�سياد كلما حتطمونه لقد‬ ‫�صنعوا قوانني وقيم ًا �أخالقية وجمالية جلعلكم‬ ‫حترتمون الأ�شياء �سريعة العطب ‪� ..‬ألخ‪.‬‬ ‫لكن (دادا) يف باري�س مل تعد (دادا)‪� .‬إنها‬ ‫بداية ال�سوريالية لقد �أزاح (بريتون) الطبيب‬ ‫الذي ترك الطب وامتهن الأدب – �أزاح (تزارا)‬ ‫حيث ر�أى �أن الدادية ال تتنا�سب مع ما كان ينتظر‬ ‫منها‪.‬‬ ‫قطع (بريتون) عالقته مع الدادية‪ ،‬ومع رائدها‬ ‫(تزارا) «قطع ًا عنيف ًا وجازهما» حينما قال وهو‬ ‫يرد على منتقديه‪ ،‬وقد �سبق �أن �أطلق حتذير ًا‬ ‫ل �ل��ر�أي م��ن ن���ش��اط��ات �شخ�ص م �ع��روف مطلق‬ ‫(ح��رك��ة) �آتية من ‪ -‬زوري��خ – وه��م ال يريدون‬ ‫ال�سماح «ب�أن يتوقف م�صري امل�شروع على ح�سابات‬ ‫دج��ال متعط�ش للنجاح» وي��رد على منتقديه من‬ ‫ّ‬ ‫هذا املوقف العنيف‪.‬‬ ‫«قيل �إين �أب��دل النا�س كما يغيرّ امل��رء حذائه‪.‬‬ ‫ا�سمحوا يل بالرتف‪ ،‬ف�أنا ال �أ�ستطيع �أن �أحتمل‬ ‫احل��ذاء ذاته �إىل ما ال نهاية له‪ .‬عندها ال يعود‬ ‫يالئمني �أتركه خلدمي»‪.‬‬

‫�أندريه بريتون‬

‫بكليته �إىل الفن (ال�شعر بالذات) كان يف عام‬ ‫‪ 1917‬يف مركز الطب العقلي للجي�ش الثاين‬ ‫الفرن�سي‪ ،‬حيث اهتم مبر�ضى العقل‪ ،‬وهناك‬ ‫تعرف على مناهج التحليل النف�سي واطلع على‬ ‫تف�سري (ف��روي��د) ل�ل�أح�لام وت��داع��ي اخل��واط��ر‬ ‫واجتهد يف نقلها �إىل ال�شعر والأخ �ل�اق‪ .‬ولقد‬ ‫تغلغلت ما ُ�سمي (بالفرودية) لي�س بال�شعر فقط‬ ‫و�إمن��ا بالفن ب�شكل ع��ام واق�ترن��ت (ال�سوريالية‬ ‫ال� �ف ��رودي ��ة) ف��ال �� �س��وري��ال �ي��ة م��ذه��ب (م ��ا ف��وق‬ ‫ال��واق�ع�ي��ة) وه��ذا امل��ذه��ب كما ي�ق��ول د‪ .‬حممد‬ ‫مندور « وهو املذهب الذي يريد �أن يتحلل من واقع‬ ‫احلياة الواعية والذي يزعم �أنه فوق هذا الواقع �أو‬ ‫خلفه‪ .‬هناك واقع «الالوعي» ‪ -‬واقع املكبوت يف‬ ‫داخل النف�س الب�شرية‪ ،‬وعلى حترير هذا الواقع‬ ‫و�إط�لاق مكبوته وت�سجيله يف الأدب والفن �أحاد‬ ‫«ال�سورياليون» توفري جهودهم»‪.‬‬ ‫ولقد جلئوا �إىل الطرق امل�صطنعة كالأفيون‬ ‫و�أنواع املخدرات التي جتعل احلوا�س تهذي وهم‬ ‫«عندما يحاولون ت�سجيل هذا املكبوت يف النف�س‬ ‫يف ل��وح��ات �أو ق�ص�ص �أو م�سرحيات غام�ضة‬ ‫الدادية وال�سوريالية‬ ‫م�ضطربة‪ ،‬ه��اذي��ة‪ ،‬حم�م��وم��ة‪ ،‬ه��م �أنف�سهم ال‬ ‫يف عام ‪ 1920‬ح ّل يف باري�س وقد �سبقته �إليها عالقة ال�سوريالية‪ ،‬بالأحالم والالوعي‪:‬‬ ‫يدركون لها معنى وال يحددون هدف ًا‪ ،‬وهي الرموز‬ ‫�شهرته و�شهرة (الدادائية) و�أقيمت حفلة هناك هناك مالحظة جتب الإ� �ش��ارة �إليها وه��ي �أن والأحاجي �أ�شبه منها بالأدب والفن»‪.‬‬ ‫وكما هي العادة يف مثل هذه اللقاءات ي�صحبها (�أندريه بريتون) زعيم ال�سوريالية قبل �أن يتجه‬

‫‪56‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬


‫زي��ورخ‪ ،‬عادت الأ�ضواء ملقهى فولتري‪ ،‬حيث قام‬ ‫فالدمري لينني‪ ،‬بكتابة م�ستقبل رو�سيا اجلديد‪.‬‬ ‫الدادائية والفن التشكيلي‬ ‫تلك امل�صادفة جعلت توم �ستوبارد ي�ألف م�سرحيته‬ ‫(حتريفات) ‪ 1974‬والتي �ضمت ت��زارا‪ ،‬لينني‪،‬‬ ‫وجيم�س جوي�س‪.‬‬ ‫�أول��ت احل��رك��ة ال��دادائ�ي��ة منذ ن�ش�أتها الأوىل تقنيات فن (�سقط املتاع) ‪ The Ready-made‬حت ��ول م�ل�ه��ى ف��ول �ت�ير (ال � ��ذي ان �ط �ل �ق��ت منه‬ ‫اهتمام ًا خا�ص ًا بالفن الت�شكيلي‪ ،‬فافتتحت عام وتوليف ال�صور ‪ .Collage‬وتعتمد التقانتان الدادائية) يف عام ‪ 2002‬ملتحف يعنى بالتاريخ‬ ‫‪� 1917‬صالة للعر�ض با�سم (غ��ال�يري دادا) الأخريتان مبد�أ ر�صف املتنافرات من �أل��وان �أو الأدب‪.‬‬ ‫‪ Galerie Dada‬يف زوريخ‪ .‬وقد قدمت يف هذه رموز �أو عنا�صر تكوينية يف �سبيل احل�صول على‬ ‫ال�صالة �أعمال الفنانني الطليعيني الأوربيني مثل �أعمال قائمة على التنابذ الداخلي‪ .‬وبالتايل ال‬ ‫كاندين�سكي ‪ Kandinski‬وبول كلي ‪ Paul Klee‬ينتج الرتابط يف ال�صورة من انتظام مظهرها‬ ‫ودي كرييكو ‪� De Chirico‬إ�ضافة �إىل �أعمال املرئي و�إمنا من الفكرة الرابطة �أو من املفارقة‪.‬‬ ‫الدادائيني مثل تري�ستان تزارا‪ ،‬هوغو بول ‪ Hugo‬ويعد فرن�سي�س بيكابيا وماك�س �إرن�ست �أ�شهر من‬ ‫‪ ،Bull‬ري�شارد هولزنبك وغريهم‪ .‬وقد عبرّ ت ا�ستعمل هاتني التقانتني يف �أعمالهما‪ .‬وقد انتقلت‬ ‫�أعمال ه�ؤالء الرواد عن املبد�أ الأ�سا�سي يف الفن هذه التقانة �إىل ال�سينما حيث �صارت واحد ًا من‬ ‫الدادائي‪ ،‬وهو مبد�أ اجلمع بني الأ�شكال املختلفة الأ�س�س اجلمالية التي يعتمدها املخرجون يف‬ ‫للتعبري‪ ،‬وال�سيما اجل�م��ع ب�ين التعبري اللغوي �صناعة �أفالمهم‪� .‬أما تقانة فن (�سقط املتاع)‬ ‫والب�صري‪ ،‬وق��د ج��اء ه��ذا امل�ب��د�أ نتيجة للت�أثري فتقوم على رف�ض الأحكام امل�سبقة يف ت�صنيف‬ ‫املزدوج لكل من تزارا الذي كان يطمح �إىل اجلمع «اجلميل» بحيث يغدو لكل مو�ضوع فني ن�صيبه‬ ‫بني خمتلف التيارات الفنية ال�صاعدة يف �أوربا م��ن اجل�م��ال اخل��ا���ص ب��ه حتى ل��و ك��ان املو�ضوع‬ ‫يف بداية القرن الع�شرين يف فن جديد يقوم على عادي ًا �أو مبتذ ًال‪ .‬وقد تركزت هذه التقانة لدى‬ ‫�أنقا�ض املذاهب ال�سائدة‪ ،‬وبول املدافع عن نظرية الدادائيني يف ا�ستعمال �صور الآالت وكل ما له‬ ‫(الفن ال�شامل) التي �أطلقها ال�شاعر الفرن�سي عالقة بعامل الآلة‪ .‬لكن بينما كانت مدر�سة برلني‬ ‫لوحة للفنانة الت�شكيلية هانا هوخ‬ ‫�أبولينري ‪ Apollinaire‬وطبقها ت�شكيلي ًا فنانو (ه ��وخ‪ ،‬هاو�سمن) تخلط ب�ين ��ص��ورة الإن�سان‬ ‫خالل احلقبة الثقافية يف �أملانيا‪،‬‬ ‫احلركة امل�ستقبلية ‪.Futurisme‬‬ ‫الب�سيطة و�صورة الآالت املعقدة لتعرب عن م�أ�ساة‬ ‫‪ ،1919‬جممعة من �أوراق ل�صق‬ ‫ت�شكلت يف الفرتة نف�سها يف نيويورك جمموعة هذا الإن�سان �أمام التطور التقني‪ ،‬كانت مدر�سة‬ ‫من الفنانني املهاجرين حول الفرن�سيني مر�سيل باري�س (دو� �ش��ان‪ ،‬بيكابيا) تف�صل يف �أعمالها‬ ‫دو�شان وفرن�سي�س بيكابيا والأمريكي مان راي‪ .‬الكلمات عن الآالت لتعرب عن موقف انتقادي‬ ‫وقد بد�أت توجهاتهم الفنية الدادائية تت�ضح بدء ًا من الثقافة الر�أ�سمالية التي تدعي العاملية لكنها‬ ‫من م�شاركتهم يف معر�ض (�صالون امل�ستقلني) تعجز عن ا�ستيعاب العن�صر املنتج‪ :‬الإن�سان‪.‬‬ ‫عام ‪ .1917‬وكان لهم ت�أثري قوي يف جممل احلياة كانت الدادائية نزعة �إن�سانية تنظر �إىل خري‬ ‫الثقافية الأمريكية من خالل �شبكة من الأدب��اء الإن�سان املنبعث من رماد االنحطاط الذي رمته‬ ‫والفنانني وجامعي الأع�م��ال الفنية املتحم�سني فيه احلرب العاملية الأوىل‪ ،‬وهو ما يقوله تزارا‬ ‫لهذا الفن الطليعي اجلديد‪ .‬انتقل مركز ن�شاط يف البيان الدادائي‪« :‬بعد املجزرة يبقى لنا الأمل‬ ‫احلركة الدادائية �إىل برلني وباري�س بعد نهاية ب�إن�سانية مط ّهرة»‪.‬‬ ‫احلرب العاملية الأوىل‪ ،‬و�شكل الفنانون من �أمثال بعد انتهاء احلرب العاملية الثانية‪ ،‬هاجر العديد‬ ‫غيورغ غروت�س ‪ ،Georg Grosz‬راوول هاو�سمن من الفنانني لأمريكا‪ ،‬ومات بع�ضهم يف مع�سكرات‬ ‫‪ ،Raoul Hausmann‬وجون هارتفيلد ‪ John‬النازيني‪ ،‬على يد هتلر‪ ،‬مل تعد الدادائية بنف�س‬ ‫‪ Hartfield‬الق�سم الأك�ب�ر م��ن �أتباعها‪ .‬وقد الن�شاط التي كانت عليه �أثناء احل��رب العاملية‬ ‫اخرتع الأخريان تقنية توليف ال�صور (املونتاج) الأوىل‪ ،‬وان�صرف العديد من الفنانني للمدار�س‬ ‫‪� .Photomontage‬أما يف باري�س فقد عرفت الفنية اجلديدة‪.‬‬ ‫الدادائية �أوج ازدهارها ثم بداية �أفولها‪.‬‬ ‫لقد �أطلقت دادا على معادين للفن‪ ،‬وتوجهات‬ ‫اقرتبت جتربة دادا الفنية يف بداياتها من الفن �سيا�سية‪ ،‬وحركة ثقافية‪.‬‬ ‫التجريدي‪ ،‬فكان نتاجها �أ�سا�س ًا لعدد من التقانات يف نف�س الوقت الذي انطف�أت فيه الدادائية يف‬ ‫احلديثة التي يعود للدادائية �سبق اخرتاعها مثل‬ ‫را�ؤول هو�سمان ‪( ABCD‬ال�صورة الذاتية)‬ ‫عبارة عن تركيب �صور ‪1923‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪57 2013‬‬


‫فكر‬

‫معالم وحضارات‬

‫البتراء ‪ ....‬المدينة الوردية‬ ‫مدينة البتراء األردنية يعرفها زائروها والقارئون عنها باسم‬ ‫(المدينة الوردية) نسبة إلى لون الصخور التي شكلت بناءها‬ ‫الفريد‪ ،‬وهي مدينة أشبه ما تكون بالقلعة‪ ،‬وقد كانت عاصمة‬ ‫لدولة األنباط‪.‬‬

‫املدينة ال��وردي��ة‪ :‬مدينة الأن �ب��اط‪� ،‬أثمن كنوز‬ ‫الأردن‪� ،‬أجمل املواقع ال�سياحية‪� ،‬أحدى عجائب‬ ‫الدنيا ال�سبعة كل ه��ذه الأ�سماء والأل�ق��اب التي‬ ‫�أطلقت عليها رغم عمق معانيها ف�أنها ال ت�ساوي‬ ‫حالة الإعجاب واالنبهار التي ي�شعر مبن تكتحل‬ ‫عيناه مبنظرها ال�ساحر الذي ي�أ�سر اللب ويثري‬ ‫الده�شة واالنبهار عند ر�ؤيتها وال��وق��وف �أم��ام‬ ‫عظمة ه��ذا االجن ��از احل���ض��اري ال�ب��اه��ر‪� .‬إنها‬ ‫البرتاء التي نحتها العرب الأنباط يف ال�صخر‬ ‫وجعلوا منها موقع ًا �إ�سرتاتيجي ًا هام ًا �شكل �صلة‬ ‫و�صل ونقطة ت�لاق ب�ين �شبه اجل��زي��رة العربية‬ ‫جنوب ًا وبالد ال�شام �شما ًال �إىل قلب �أوروبا وحتى‬ ‫ال�صني على طريق جتارة احلرير والتوابل‪.‬‬ ‫البرتاء وكذلك ت�سمى �سلع‪ ،‬مدينة تاريخية تقع‬ ‫يف الأردن جنوب البالد ‪ 225‬كم جنوب العا�صمة‬ ‫ع� ّم��ان �إىل ال�غ��رب م��ن الطريق الرئي�سي ال��ذي‬ ‫ي�صل بني العا�صمة ع ّمان ومدينة العقبة‪ .‬وكذلك‬ ‫تقع يقع بني البحر امليت (�شمال) وخليج العقبة‬ ‫(جنوب)‪.‬‬ ‫تعترب البرتاء من �أهم املواقع الأثرية يف الأردن‬ ‫ويف العامل لعدم وجود مثيل لها يف العامل‪ .‬فازت‬ ‫باملركز الثاين يف امل�سابقة العاملية لعجائب الدنيا‬ ‫ال�سبع عام ‪ ،2007‬وتنتمي �إىل اليون�سكو للرتاث‬ ‫العاملي‪ ،‬عندما �أُعلنت �إرث ًا عاملي ًا عام ‪.1984‬‬ ‫هي عبارة عن مدينة كاملة منحوتة يف ال�صخر‬ ‫ال��وردي اللون (وم��ن هنا ج��اء ا�سم ب�ترا وتعني‬ ‫باللغة اليونانية ال�صخر) يقابله باللغة النبطية‬ ‫(رقيمو) وال �ب�تراء تعرف �أي�ض ًا با�سم املدينة‬ ‫ال��وردي��ة ن�سبة �إىل ل��ون ال�صخور ال�ت��ي �شكلت‬ ‫‪58‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫بناءها‪ ،‬وهي مدينة �أ�شبه ما تكون بالقلعة‪.‬‬ ‫بناها الأنباط يف العام ‪ 400‬قبل امليالد وجعلوا‬ ‫منها عا�صمة لهم‪.‬‬ ‫وعلى مقربة من املدينة يوجد جبل هارون الذي‬ ‫يعتقد �أنه ي�ضم قرب النبي هارون والينابيع ال�سبعة‬ ‫التي �ضرب مو�سى بع�صاه ال�صخر فتفجرت‪.‬‬ ‫اختريت البرتاء بتاريخ ‪ 2007/7/7‬كواحدة من‬ ‫عجائب الدنيا ال�سبع اجلديدة‪.‬‬ ‫كانت البرتاء عا�صمة لدولة الأنباط و�أهم مدن‬ ‫مملكتهم التي دامت ما بني ‪ 400‬ق م وحتى ‪106‬‬ ‫م‪ ،‬وقد امتدت حدودها من �ساحل ع�سقالن يف‬ ‫فل�سطني غرب ًا وحتى �صحراء بالد ال�شام �شرق ًا‪.‬‬ ‫ك��ان��ت نهاية دول��ة الأن �ب��اط على ي��د ال��روم��ان‬ ‫عندما حا�صروها ومنعوا عنها م�صادر املياه �سنة‬ ‫‪ 105‬و�أ�سموها الوالية العربية‪ .‬ويف �سنة ‪636‬‬ ‫�أ�صبحت البرتاء تعي�ش على من تبقى من �سكانها‬ ‫على ال��زراع��ة لكن ال��زل��زال ال��ذي �أ�صابها �سنة‬ ‫‪ 748/746‬وزالزل �أخرى �أفرغتها من �أهلها‪.‬‬ ‫� �ص��ورة ديفيد روب��رت����س ل�ل�ب�تراء ر�سمت عام‬ ‫‪ 1839‬مع بدء رحالت امل�ست�شرقني للعامل العربي‬ ‫يف القرن التا�سع ع�شر مت اكت�شاف البرتاء عام‬ ‫‪ 1812‬م علي يدي امل�ست�شرق ال�سوي�سري يوهان‬ ‫لودفيج بركهارت الذي تعلم اللغة العربية ودر�س‬ ‫الإ�سالم يف �سوريا وجاء �إىل البرتاء مدعي َا ب�أنة‬ ‫م�سلم من الهند بعد �أن تنكر بزي �إ�سالمي وهدفه‬ ‫تقدمي �أ�ضحية �إىل النبي هارون وبذلك �سمح له‬ ‫ال�سكان املحليون بالدخول �إىل املدينة الوردية‪،‬‬ ‫وقد احتوى كتابه املطبوع عام ‪ 1828‬واملعروف‬ ‫با�سم (رح�لات يف �سوريا والديار املقد�سة على‬

‫�صور للبرتاء)‪.‬‬ ‫ومن �أهم الر�سومات التي ا�شتهرت بها البرتاء‬ ‫ك��ان��ت ه��ي ال�ل�ي�ث��وغ��راف�ي��ا ال �ت��ي ر�سمها ديفيد‬ ‫روبرت�س للبرتاء ومنطقة وادي مو�سى �أثناء زيارته‬ ‫عام ‪ 1839‬والتي جت��اوز عددها ع�شرين لوحة‬ ‫ليثوغرافية وق��د طبع العديد منها مما �أعطى‬ ‫البرتاء �شهره عاملية‪.‬‬ ‫ويوجد للبرتاء العديد من اللوحات وال�صور‬


‫الأخ��رى التي تعود للقرن التا�سع ع�شر مما يدل‬ ‫على مدى االهتمام الذي �أ�ضفاه �إعادة اكت�شافها‬ ‫على �أوروبا يف ذلك الوقت‪.‬‬ ‫من الأعمال امل�شهورة للبرتاء لوحة فنية بالألوان‬ ‫املائية ملناظر البرتاء للفنان �شرانز حوايل ‪1840‬‬ ‫و�أول خارطة خمطوطة للبرتاء باللغة الإنكليزية‬ ‫م��ن ر�سم الرحالة الب��ودي ح��وايل ع��ام ‪1830‬‬ ‫و�صور للبرتاء ت�صوير فريت عام ‪ 1830‬ويبلغ‬ ‫عر�ض اخلزنة ‪ 28‬مرت ًا وارتفاعها ‪ 39.5‬مرت ًا‪،‬‬ ‫كما يوجد العديد من التماثيل الهيكلية (بقايا‬ ‫جثث الأنباط) و قد �أ�صبحت من عجائب الدنيا‬ ‫ال�سبع‪.‬‬ ‫وال�ب�تراء حمفورة يف ال�صخر وخمتبئة خلف‬ ‫حاجز منيع من اجلبال املرتا�صة التي بالكاد‬ ‫ي�سهل اخرتاقها حتظى ب�سحر غام�ض‪.‬‬

‫الدخول �إىل قلب هذه املدينة مده�ش ومثري وال‬ ‫يتم �إال بامل�سري عرب (ال�سيق) وهو �شق �صخري‬ ‫هائل ذو جوانب �شاهقة العلو التي بالكاد ت�سمح‬ ‫مبرور �أ�شعة ال�شم�س مما ي�ضفي تباينا دراماتيكيا‬ ‫مع ال�سحر القادم ي�صل ارتفاع جانبه �أكرث من‬ ‫‪ 80‬مرت ًا من ال�صخور امللونة واملتنوعة الأ�شكال‪،‬‬ ‫و�أر�ضية من احل�صى وميتد نحو كيلومرت يقطعه‬ ‫ال�سائح �سري ًا على الأقدام �إذ ال ي�سمح با�ستخدام‬ ‫ال�سيارات �أي ًا كان نوعها ويف حاالت خا�صة ميكن‬ ‫لكبار ال�سن والذين يتعذر عليهم ال�سري عرب هذا‬ ‫ال�سيق املده�ش ي�سمح ال�ستئجار اخليل �أو اجلمال‬ ‫�أو عربة جترها اخليول للو�صول �إىل قلب املدينة‬ ‫املبهر‪.‬‬ ‫ويف نهاية ال�سيق ينك�شف �أم��ام الناظر م�شهد‬ ‫يثري الده�شة وي��أخ��ذ بالألباب جلماله و�سحره‬

‫وروع ��ة تكوينه �إن �ه��ا اخل��زن��ة ال�شهرية للبرتاء‬ ‫املنحوتة يف ال�صخر وال�ت��ي تتوهج حت��ت �أ�شعة‬ ‫ال�شم�س الذهبية‪ ،‬لوحة فنية مده�شة �إرتفاعها‬ ‫‪ 43‬م�تر ًا وعر�ضا ‪ 30‬م�تر ًا منحوتة يف ال�صخر‬ ‫ال��وردي ال��ذي حني ت�شرق عليه ال�شم�س تعك�س‬ ‫�ألوان ًا �ساحرة لهذه اللوحة الفريدة التي تعلوها‬ ‫اخل��زن��ة ال�شهرية‪ .‬ومي�ت��د ت��اري��خ اجن��ازه��ا �إىل‬ ‫القرن الأول للميالد حيث �صممت لتكون قرب ًا‬ ‫لواحد من �أهم ملوك الأنباط ولتكون �شاهد ًا على‬ ‫عظمة املكان التي تنطق بعبقرية الإن�سان الذي‬ ‫نحت هذه املدينة يف ال�صخر وقدرته الهند�سية‬ ‫الدقيقة واملبدعة ذل��ك الع�صر‪ .‬ولتكون حتفة‬ ‫فنية نادرة ت�شهد على عظمة وح�ضارة من نحتوها‬ ‫و�أبدعوا اجنازها‪.‬‬ ‫وهنالك العديد من الواجهات التي تغري الزائر‬

‫اخلزنة ال�شهرية للبرتاء املنحوتة يف ال�صخر‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪59 2013‬‬


‫طيلة م�سريه يف املدينة الأث��ري��ة‪ ،‬وك��ل معلم من‬ ‫املعامل يقود �إىل معلم �آخر بانطواء امل�سافات‪.‬‬ ‫�إن احلجم الكلي للمدينة ع�لاوة على ت�ساوي‬ ‫الواجهات اجلميلة املنحوتة يجعل الزائر مذهو ًال‬ ‫ويعطيه فكرة عن م�ستوى الإبداع وال�صناعة عند‬ ‫الأنباط الذين جعلوا من البرتاء عا�صمة لهم منذ‬ ‫�أكرث من ‪ 2000‬عام خلت‪.‬‬ ‫ومن عا�صمتهم تلك ا�ستطاع الأنباط ت�أ�سي�س‬ ‫�شبكة حمكمة من طرق القوافل التي كانت حت�ضر‬ ‫�إليهم التوابل والبخور والتمر والذهب والف�ضة‬ ‫والأح�ج��ار الثمينة من الهند واجلزيرة العربية‬ ‫للإجتار بها غرب ًا‪.‬‬ ‫نتيجة للرثوة التي ح�صلوا عليها‪ ،‬قاموا بتزيني‬ ‫مدينتهم بالق�صور واملعابد والأق��وا���س‪ .‬وحاملا‬ ‫تنطلق من بوابة مدخل املدينة يبدو الوادي رحب ًا‬ ‫ومفتوح ًا‪.‬‬ ‫�إن ه��ذا الق�سم هو مدخل �ضيق يعرف بباب‬ ‫ال�سيق‪� .‬أول ما متر به هو جمموعة اجلن وهي‬ ‫عبارة عن جمموعة من ثالثة مكعبات �صخرية‬ ‫تقف �إىل اليمني م��ن امل�م��ر ول��دى ع�ب��ور املزيد‬ ‫خالل ال�شق يرى الزائر �ضريح امل�سالت املنحوت‬ ‫امل�سرح الروماين يف البرتاء‬

‫‪60‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫�صورة ديفيد روبرت�س للبرتاء التي ر�سمها يف ‪� 8‬آذار‪/‬مار�س ‪1839‬‬

‫يف املنحدر ال�صخري ويف حلظة يتحول املمر‬ ‫من عري�ض �إىل فجوة مظلمة ال يتجاوز عر�ضها‬ ‫الخزنة‪:‬‬ ‫عدة �أقدام وفج�أة وعلى بعد عدة خطوات حت�صل‬ ‫يعود تاريخ ت�شكيلها �إىل الفرتة الواقعة ما بني‬ ‫على �أول ر�ؤية لأروع �إجناز للبرتاء وهي اخلزنة‬ ‫القرن الأول قبل امليالد والقرن الأول ميالدي‬ ‫التي تبدو للعيان حتت �أ�شعة ال�شم�س احلارقة‬ ‫وحتتوي على العديد من املنحوتات احليوانية‬ ‫واملنحوتة يف ال�صخر‪.‬‬ ‫والآدمية والإلهية‪ ،‬ويبلغ عددها ثماين ع�شر‬ ‫ومن أهم معالم البتراء‪:‬‬


‫منحوتة‪ ،‬وحتتوي اخلزنة على ق�سمني‪ :‬الق�سم‬ ‫العلوي يحتوي على العديد من املنحوتات‪ ،‬و�أخرى‬ ‫�سفلى يحتوي على منحوتتني متماثلتني بارزتني‬ ‫و�أحيطت كل منها بالأعمدة الكورنثية و�صورت‬ ‫فار�س ًا بدا يف و�ضع �أمامي‪ ،‬يلب�س رداء ق�صري ًا‬ ‫ميتد من اخل�صر حتى على الركبتني‪ ،‬يحتوي على‬ ‫ثنايا عده جتمعت معظمها يف اجلهة الي�سرى من‬ ‫اخلزنة‪.‬‬ ‫واجهة قبر الجندي الروماني‪:‬‬

‫ي�ع��ود بتاريخها �إىل ال �ق��رن الأول امل �ي�لادي‪،‬‬ ‫واح �ت��وت على منحوتات ظ�ه��رت يف ث�لاث��ة كوى‬ ‫يف الن�صف الأعلى من الواجهة‪ ،‬ف�صلت بينهما‬ ‫�أع �م��دة نبطية ال �ط��رز ومثلت ه��ذه املنحوتات‬ ‫ب�أ�شكال �أدم �ي��ة يف و��ض��ع �أم��ام��ي‪ ،‬ونحتت على‬ ‫حجارة منف�صلة و�ضعت يف الكوة بعد ت�شكيل‬ ‫النحت عليها‪ ،‬ت�شابهت املنحوتات الثالثة على‬ ‫ال��واج �ه��ة‪ ،‬ح�ي��ث مثلت �أح ��د اجل �ن��ود ال��روم��ان‬ ‫بلبا�سه املعروف‪ ،‬وحتتوي على عنا�صر معمارية‬ ‫كال�سيكية و�أعمدة مثلثة وزخارف معقدة كما يف‬ ‫اخلزنة وقرب اجلرة يف البرتاء‪.‬‬ ‫واجهة الدير‪:‬‬

‫املنحوتات احلجرية فيها‪ ،‬وظهرت منحوتتان‬ ‫ن�صفيتان متماثلتني بارزتني متثل �أ�شكال �أدمية‪.‬‬ ‫منحوتة النسر‪:‬‬

‫منحوتة م��ن احل�ج��ر اجل�ي�ري وه��ي منحوتة‬ ‫كاملة‪ ،‬عرث عليها جنوب �شرق ال�ساحة املقد�سة‪،‬‬ ‫ومتثل ن�سر كامل ومتنا�سب الأج��زاء يف و�ضع‬ ‫�أمامي‪ ،‬منب�سط الأجنحة يدير ر�أ�سه نحو اجلهة‬ ‫اليمنى‪.‬‬ ‫منحوتة األنثوية نصفية‪:‬‬

‫م�صنوعة من احلجر الرملي‪ ،‬وه��ي منحوتة‬ ‫ن�صفية‪ ،‬وجدت يف منطقة و�سط البرتاء‪ ,‬وهي‬ ‫عبارة عن ام��ر�أة ترتدي عباءة كثرية الثنيات‪،‬‬ ‫تغطي الكتف الأي�سر‪.‬‬ ‫صنم العزى‪:‬‬

‫منحوتة م�ستطيلة بارزة‪ ،‬من احلجر الرملي‪،‬‬ ‫مت التعبري عنه بوا�سطة �أع�ين مربعة ال�شكل‬ ‫يتو�سطها ب�ؤب�ؤ دائري وجد داخل املعبد‪.‬‬

‫لمشاهدة فيلم وثائقي عن مدينة البتراء إضغط هنا‬

‫يعود تاريخه �إىل بداية القرن الثاين امليالدي‪،‬‬ ‫واح�ت��وت على العديد م��ن ال�ك��وة م��ن اج��ل و�ضع‬

‫من الآثار الرومانية يف البرتاء‬ ‫السيق ‪ ..‬الطريق إلى البتراء‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪61 2013‬‬


‫فكر‬

‫دبل كليك‬

‫هؤالء غيروا حياة البشرية‬ ‫تيم بيرنرزلي مخترع الشبكة العنكبوتية ‪www‬‬

‫ناصر الزمل‬

‫تيم برينرزيل‬

‫كاتب وصاحب موسوعة‬ ‫أحداث القرن العشرين‬

‫ت�ي��م ب�يرن��رزيل ع��امل الكمبيوتر ال�بري�ط��اين‬ ‫وخم�ترع الويب ‪ .www‬ك��ان يعمل يف املخترب‬ ‫الأوروبي للمواد‪ ،‬ومقره يف جنيف ب�سوي�سرا‪ ،‬حيث‬ ‫�أوجد املفاهيم الأ�سا�سية التي قامت عليها �شبكة‬ ‫الويب العاملية )‪www (world wide web‬‬ ‫‪ ،‬وه��و مدير راب�ط��ة ال�شبكة العاملية ‪� W3C‬أو‬ ‫‪.World Wide Web Consortium‬‬ ‫ا�ستطاع ه��ذا الرجل �أن يبتكر نظام ات�صال‬ ‫بعميل عن طريق �سريفر وقام بت�صميمه وابتكر‬ ‫طرق اللنكات ‪� links‬أو الن�ص الت�شعبي‪ ،‬وهو ُيعد‬ ‫الآن املدير العام لـ‪ w3c‬التي حتافظ على الأ�س�س‬ ‫التقليدية للويب‪.‬‬ ‫ول ��د ت �ي��م ب�ي�رن��رز يل يف ‪ 8‬ح��زي��ران‪/‬ي��ون �ي��و‬ ‫‪ ،1955‬ت�خ� ّرج تيم م��ن كل ّية امللكة يف جامعة‬ ‫�أك�سفورد ب�إجنلرتا ع��ام ‪ ،1976‬حيث ح�صل‬ ‫على البكلوريو�س من الدرجة الأوىل يف الفيزياء‪،‬‬ ‫بعد التخرج مبا�شرة عمل برينرز يل مهند�س ًا‬ ‫ملدة عامني يف �شركة بلي�سي لالت�صاالت ال�سلكية‬ ‫والال�سلكية (امل�صنع الرئي�سي لأجهزة تيليكوم)‬ ‫يف اململكة املتحدة‪ ،‬وعمل يف ق�سم نظم املبادالت‬ ‫التجارية و�سباقات الر�سائل وتكنولوجيا �شفرة‬ ‫التعرف‪ .‬ويف عام ‪ 1978‬ترك بلي�سي لالن�ضمام‬ ‫‪62‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫�إىل � �ش��رك��ة «د‪.‬ج ن��ا���ش» (‪)D. G. Nash‬‬ ‫ويف ه��ذه ال�ف�ترة ق��ام بت�صميم ب��رام��ج طباعة‬ ‫للطابعات الذكية‪ ،‬ونظام الت�شغيل متعدد املهام‬ ‫ومعالج البيانات ال�شامل ‪generic macro‬‬ ‫‪.expander‬‬ ‫ومن �سنة ‪ 1981‬وحتى �سنة ‪ 1984‬كان تيم‬ ‫املدير امل�ؤ�س�س ل�شركة (‪Image Computer‬‬ ‫‪ ،)Systems Ltd‬بالإ�ضافة �إىل دوره كم�س�ؤول‬ ‫الت�صميم التقني‪ .‬ويف ‪ 1984‬وبالزمالة مع �سرين‬ ‫اهتم بالعمل يف النظم ال�سريعة واملوزعة لتجميع‬ ‫البيانات العلمية ونظم التحكم‪.‬‬ ‫كان عام ‪ 1989‬عام ًا فا� ً‬ ‫صال يف حياه برينرز‬ ‫يل‪ ،‬حيث اقرتح م�شروع لغة تعليم الن�ص املرتابط‬ ‫�أو ما يدعى بالن�ص العاملي امل�تراب��ط‪ ،‬وه��و ما‬ ‫ُعرف فيما بعد بال�شبكة العاملية ‪World Wide‬‬ ‫‪ Web‬معتمد ًا يف ه��ذا امل�شروع على امل�شروع‬ ‫الأول ال ��ذي �صممه ‪ ،Enquire‬وق��د ُ�صمم‬ ‫لل�سماح للم�ستخدمني ب��أن يعملوا مع ًا‪ ،‬وتوحيد‬ ‫معرفتهم على �صفحات ووثائق لغة تعليم الن�ص‬ ‫املرتابط‪ .‬كما كان تيم هو �أول من كتب م��زود ًا‬ ‫للويب ‪ ،World Wide Web‬وو�ضع �أ�س�س �أول‬ ‫برنامج م�ستقل لت�صفح �إنرتنت‪ .‬هذا العمل بد�أ‬ ‫يف ت�شرين الأول‪�/‬أكتوبر ‪ ،1990‬وكان الربنامج‬ ‫‪ World Wide Web‬الأول متاح ًا من خالل‬ ‫خمترب �سرين ‪ CERN‬يف كانون الأول‪/‬دي�سمرب‬ ‫من ال�سنة نف�سها‪ ،‬و�أُطلقت الإنرتنت يف �صيف‬ ‫‪ 1991‬ع�ل��ى ن �ط��اق خم�ب�ري ث � َّ�م �أت� ��اح خمترب‬ ‫‪ CERN‬ا�ستخدامها لعامة النا�س عام ‪.1992‬‬ ‫ويقول برينرز عن ه��ذه املرحلة‪ :‬كانت هناك‬ ‫ث�لاث جمموعات ب ��ادرت �إىل تبني الربنامج‪،‬‬

‫وق��د ح��اول��ت �أن �أنت�شر خ�لال املجتمع وب�صفه‬ ‫خ��ا��ص��ة ب�ين املخت�صني وامل �ح�ترف�ين‪ ،‬وبالطبع‬ ‫انت�شر برناجمي خالل جمتمع م�ستخدمي الن�ص‬ ‫املرتابط ‪ hypertext‬لأنني و�ضعته يف جمموعة‬ ‫‪ alt.hypertext‬الإخبارية‪ ،‬كما انت�شر خالل‬ ‫جمتمع ‪ ،NeXT‬لأن ه��ؤالء كانوا هم القادرين‬ ‫على �إدارة الربامج يف احلقيقة‪.‬‬ ‫�أما عن املفاج�آت التي وقعت له عند ا�ستخدام‬ ‫النا�س للويب فيقول‪ :‬قد فوجئت كثري ًا‪ ،‬فقد كان‬ ‫النا�س م�ستعدين لأن يكتبوا ‪ ،HTML‬وهذا كان‬ ‫من مطالبي الأوىل‪ ،‬فقد افرت�ضت وك�شرط مطلق‬ ‫�أنه ال يجب على �أحد �أن يحرر �صفحاته بلغة تعليم‬ ‫الن�ص املرتابط ‪� ،HTML‬أو يتعامل مع عناوين‬ ‫‪ ،URLs‬ولو ا�ستعمل برنامج الإنرتنت الأ�صلي‬ ‫فلن ترى عناوين ‪� URLs‬أب��دا‪ ،‬ولن يكون عليك‬ ‫�أبد ًا �أن تتعامل مع لغة تعليم الن�ص‪ ،‬ف�أنت تقدم‬ ‫املعلومات الطازجة‪ ،‬وتدخل معلومات �أكرث‪ ،‬لذا‬ ‫ترتبط املعلومات باملعلومات‪ ،‬مثلما هو ال�ش�أن‬ ‫عند ا�ستعمال معالج الن�صو�ص‪ ،‬لهذا كانت تلك‬ ‫مفاج�أة يل ب�أن يكون النا�س م�ستعدين �أن يكتبوا‬ ‫بلغة ‪.HTML‬‬


‫وخ�لال ال�سنتني ‪ 1991‬و‪ ،1993‬ا�ستمر تيم‬ ‫يف العمل يف ت�صميم الويب وتن�سيق املالحظات‬ ‫م��ن امل�ستخدمني ع�بر الإن�ترن��ت‪ .‬ومت مناق�شة‬ ‫تعريفاته وموا�صفاته الأوىل ‪، HTTP ، URIs‬‬ ‫‪ HTML‬ونقحت ونوق�شت يف دوائر �أكرب عندما‬ ‫انت�شرت تكنولوجيا الويب‪ ،‬ويف ‪ 1994‬ان�ضم تيم‬ ‫�إىل خمترب علوم الكمبيوتر ‪Laboratory for‬‬ ‫‪ Computer Science‬يف معهد ما�سا�شو�سيت�س‬ ‫للتكنولوجيا ‪ MIT‬كمدير ملنظمة ‪ W3C‬التي‬ ‫تن�سق من ّو ‪ W3C‬يف ك ّل �أنحاء العامل‪ ،‬ومع الفرق‬ ‫ّ‬ ‫العاملة يف ‪ MIT‬و‪ INRIA‬يف فرن�سا �أخذت‬ ‫املجموعة تتحقق م��ن �إمكانية ال��وي��ب الكاملة‪،‬‬ ‫و��ض�م��ان��ات ا� �س �ت �ق��راره خ�ل�ال ال�ت�ط��ور ال�سريع‬ ‫والتحوالت اجلديدة ال�ستعماله اللغوي‪.‬‬ ‫رغم النجاح الفائق والكبري الذي حققه م�شروع‬ ‫لغة تعليم الن�ص املرتابط يف ن�سج ال�شبكة العاملية‪،‬‬ ‫وما حققه احتاد الويب ‪ W3C‬يف �إن�شاء املقايي�س‬ ‫التي تتوا�صل بها حياكة ال�شبكة هذه الأيام‪ ،‬ف�إن‬ ‫احلقيقة تبقى هي �أن لغة تعليم الن�ص املرتابط‬ ‫تظل نقطة �ضعف يف وجه انت�شار ال�شبكة‪ ،‬فخالل‬ ‫الأع��وام املا�ضية اكت�شف مطورو الويب �أن لغة‬ ‫تعليم الن�ص امل�تراب��ط ال ت�ق��دم لهم الأدوات‬ ‫الكافية لإغناء املواقع التي يقومون بت�صميمها‪،‬‬ ‫كما �أنها لي�ست ذات فائدة كبرية يف جعل هذه‬ ‫املواقع �أكرث تفاعلية‪.‬‬ ‫ولذلك فقد جل�أ ه�ؤالء �إىل ترقيعات وملحقات‬ ‫و�إ�ضافات فظهر فال�ش‪ ،‬وحتريك الر�سوم‪ ،‬وميديا‬ ‫بالير‪ ،‬وغري ذلك من امللحقات‪ ،‬مما �أدى بالتايل‬ ‫�إىل عدد من العقبات �أبرزها �صعوبة التوا�صل بني‬ ‫هذه امللحقات والأن�ساق وحتليلها‪ ،‬وهي كلها �أعباء‬ ‫تقع على عاتق امل��زودات‪ ،‬مما ي�ؤدي بالتايل �إىل‬ ‫�إبطاء �سرعات التنزيل‪.‬‬ ‫ولهذه الأ��س�ب��اب‪ ،‬فقد ق��ام تيم برينرز يل هو‬ ‫وجمموعة من رفاقه يف معهد ما�سا�شو�سيت�س‬ ‫للتكنولوجيا‪ ،‬بابتكار لغة جديدة جامعة لإن�شاء‬ ‫مواقع �إنرتنت �أطلقوا عليها ا�سم كريل (‪)Curl‬‬

‫وبا�ستخدام ه��ذه اللغة ميكن للمطورين �إن�شاء‬ ‫مواقع تفاعلية با�ستخدام لغة واح��دة‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫�إىل �أن اللغة اجلديدة تنقل عبء حتليل ال�شفرات‬ ‫الربجمية (الربجميات الن�صية) من املزود �إىل‬ ‫جهاز امل�ستخدم‪ ،‬م�ستخدمة قوى املعاجلة غري‬ ‫امل�ستغلة على جهاز امل�ستخدم‪ .‬والنتيجة كما‬ ‫يراها اخلرباء هي زيادة �سرعة تنزيل ال�صفحات‬ ‫بع�شرات الأ�ضعاف‪.‬‬ ‫ويقول بوب باتي‪� ،‬أحد املديرين التنفيذيني يف‬ ‫�شركة ك�يرل والتي تتوىل تطوير اللغة ون�شرها‬ ‫جتاريا‪� ،‬إن��ه ميكن �إن�شاء مواقع تفاعلية كاملة‬ ‫بنف�س كمية البيانات امل�ستخدمة لإن�شاء �إعالن‬ ‫تفاعلي على الويب‪ .‬وقد قامت ال�شركة بالطرح‬ ‫الر�سمي للتقنية يف �شهر مار�س من عام ‪،2001‬‬ ‫وم�ن��ذ ذل��ك احل�ين ق��ام��ت ��ش��رك��ات عاملية مثل‬ ‫�سيمنز‪ ،‬وال���ش��رك��ة ال�بري�ط��ان�ي��ة ل�لات���ص��االت‪،‬‬ ‫باعتماد التقنية لإن�شاء مواقع تفاعلية‪.‬‬ ‫ن���ال ب�ي�رن ��رزيل ال �ع��دي��د م ��ن اجل ��وائ ��ز على‬ ‫اخرتاعه‪ ،‬و�أطلقت عليه �ألقاب كثرية كان �أ�شهرها‬ ‫الرجل الذي غري وجه العامل‪ .‬ففي �سنة ‪،1995‬‬ ‫ت�سلم تيم برينرزيل جائزة مبتكر العام بع فوزه‬ ‫يف م�ؤ�س�سة كيبلي بجائزة (املبتكر ال�شاب للعام)‬ ‫‪ ،Young Innovator of the Year‬وجائزة‬ ‫‪. ACM Software Systems Award‬‬ ‫ويف ع��ام ‪ 1998‬اخ�ت��ارت��ه جملة ت��امي �ضمن‬ ‫�أه��م ‪� 100‬شخ�صية يف ال�ق��رن الع�شرين‪ ،‬ويف‬ ‫عام ‪ 2003‬ح�صل على ميدالية اجلمعية امللكية‬ ‫ال�ف��وت��وغ��راف�ي��ة يف ال�ت�ق��دم وال��زم��ال��ة الفخرية‬ ‫(‪ )HonFRPS‬والتي متنح يف جماالت‪ :‬االخرتاع مل�شاهدة فيلم وثائقي عن بداية تقنية االنرتنت‬ ‫والبحث والن�شر �أو م�ساهمة �أخرى ت�ؤدي �إىل تقدم �إ�ضغط هنا‬ ‫مهم يف التطور العلمي �أو التكنولوجي للت�صوير‬

‫الفوتوغرايف �أو الت�صوير باملعنى الأو�سع‪.‬‬ ‫ويف ‪ 15‬ني�سان‪�/‬أبريل ‪ ،2004‬كان �أول �شخ�ص‬ ‫يح�صل على جائزة التكنولوجيا الفنلندية للألفية‪،‬‬ ‫الخرتاع ال�شبكة العاملية‪ .‬ويف نف�س العام ح�صل‬ ‫على لقب فار�س وو�سام الإمرباطورية الربيطانية‬ ‫(‪ )KBE‬مع مرتبة ال�شرف (للخدمات يف تطوير‬ ‫العاملية للإنرتنت)‪.‬‬ ‫ويف ‪ 21‬ني�سان‪�/‬أبريل ‪ ،2009‬ح�صل على‬ ‫دكتوراه فخرية من قبل جامعة دي مدريد‪ ،‬ويف‬ ‫ت�شرين الأول‪�/‬أكتوبر ‪ 2009‬ح�صل على دكتوراه‬ ‫فخرية من قبل جامعة فريجي يف �أم�سرتدام‪،‬‬ ‫ويف ‪� 30‬آذار‪/‬م � ��ار� � ��س ‪ 2011‬ك���ان واح� ��د ًا‬ ‫م��ن امل�ستفيدين ال�ث�لاث��ة م��ن ج��ائ��زة ميخائيل‬ ‫جوربات�شوف التي متنح ل�ـ «ال��رج��ل ال��ذي غري‬ ‫العامل»‪ ،‬وقد ح�صل عليها برينرز يل لأنه ا�ستطاع‬ ‫�أن يغري العامل من خالل م�شروع الويب‪ ،‬ويف عام‬ ‫‪� 2012‬أدخلت جمعية الإنرتنت برينرز يل �إىل‬ ‫قاعة م�شاهري الإن�ترن��ت‪ .‬ويف ‪ 3‬كانون الأول‪/‬‬ ‫دي�سمرب ‪ 2012‬ح�صل ب�يرن��رز يل على و�سام‬ ‫ال�سلطان قابو�س للثقافة والعلوم والفنون من‬ ‫الطبقة الأوىل‪.‬‬ ‫وكذلك ح�صل على الكثري من اجلوائز الإبداعية‬ ‫ال�ه��ام��ة م��ن ع��دة ��ش��رك��ات وم��ؤ��س���س��ات‪ ،‬ولديه‬ ‫درجات �شرف من مدر�سة ‪Parsons School‬‬ ‫‪ of Design‬للت�صميم‪ ،‬يف نيويورك وجامعة‬ ‫�ساوثامبتون ‪Southampton University‬‬ ‫والرجل املتميز يف جمعية الكومبيوتر الربيطانية‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪63 2013‬‬


‫فكر‬

‫علوم وتكنولوجيا‬

‫المستقبل ‪ ..‬والحوسبة السحابية‬

‫الكثير منا يسمع هذه األيام بمصطلح (السحابة)‪ ،‬كالحديث عن‬ ‫خدمات التخزين السحابي‪ ،‬والتطبيقات السحابية‪ ،‬بل حتى أنظمة‬ ‫التشغيل السحابية‪ .‬وسواء على أجهزة الكمبيوتر أو الحواسب‬ ‫اللوحية أو الهواتف الذكية‪ ،‬يبدو بأن (السحابة) تمثل دور كبير‬ ‫في حياتنا‪ .‬فما هي هذه السحابة (بالمصطلح التقني) وما‬ ‫هي الحوسبة السحابية التي يتحدث عنها الجميع هذه األيام‬ ‫بمختلف األعمار؟‬

‫هناك تعريف ب�سيط ب��أن احلو�سبة ال�سحابية‬ ‫‪ Cloud Computing‬هي قيامك با�ستخدام‬ ‫امل�صادر احلو�سبية (العتاد والربجميات) عن‬ ‫طريق االنرتنت‪ ،‬مقدّمة �إليك ب�شكل خدمة‪.‬‬ ‫م��اذا نعني ب��اخل��دم��ة؟ ه��ذا يعني ب��أن��ك تقوم‬ ‫با�ستخدام اخلدمة‪ ،‬دون �أن تهتم بالكيفية التي‬ ‫تعمل بها ه��ذه اخلدمة‪� ،‬أي دون �أن تعب�أ ‪-‬على‬ ‫�سبيل امل �ث��ال‪ -‬ب��اخل��وادم التي تُ�شغل اخلدمة‪،‬‬ ‫وكيفية ات�صالها ببع�ضها البع�ض‪ ،‬وكيفية �إعداد‬ ‫ال�شبكة فيما بينها‪ ،‬والربجميات املثبتة عليها‪.‬‬ ‫ال متثل احلو�سبة ال�سحابية �أك�ثر م��ن كونها‬ ‫حو�سبة تعتمد على الويب‪ .‬ف�إذا كنت قد قمت ب�أي‬ ‫�شيء على الويب‪ ،‬ف�أنت تعد م�ستخدم ًا للخدمة‬ ‫ال�سحابية‪ .‬فاخلدمات امل�صرفية عرب الإنرتنت‪،‬‬ ‫ومتاجر التجزئة عرب الإنرتنت مثل ‪amazon.‬‬ ‫‪� ،com‬أو املعتمد على اخلدمة مثل اخلدمات‬ ‫املعلومات ‪ ،wsj.com‬والتي تُعد تعد من الأمثلة‬ ‫ال�شهرية للحو�سبة ال�سحابية‪.‬‬ ‫كمثال ب�سيط على ه��ذا‪ ،‬دع�ن��ا ن ��أخ��ذ خدمة‬ ‫الربيد االلكرتوين من غوغل‪� .Gmail :‬إن كان‬ ‫لديك ح�ساب بريد �إلكرتوين على “‪”GMAIL‬‬ ‫�أو (‪� YAHOO‬أو ‪ )HOTMAIL‬ف�أنت تُعترب‬ ‫عملي ًا �أحد م�ستخدمي اخلدمات ال�سحابية‪ .‬لأنك‬ ‫ت�ستفيد م��ن اخل��دم��ة املقدمة ل��ك م��ن دون �أن‬ ‫تكرتث ملا خلف هذه اخلدمة من �آالف اخلوادم‬ ‫‪64‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫والتو�صيالت وال�برجم�ي��ات واملهند�سني الذين‬ ‫ي�ت��أك��دون م��ن �أن ك��ل ه��ذا العتاد يعمل بال�شكل‬ ‫ال�صحيح‪.‬‬ ‫باملقابل‪ ،‬فلو كنت ت�ستخدم تطبيق ‪Outlook‬‬ ‫ال�ستقبال الربيد االلكرتوين على �سطح املكتب‬ ‫يف �أنظمة ويندوز‪ ،‬ف�أنت امل�س�ؤول عن االهتمام‬ ‫بر�سائلك ال�ت��ي �سيتم تخزينها على قر�صك‬ ‫ال�صلب‪ ،‬و�أنت امل�س�ؤول عن عمل ن�سخة احتياطية‬ ‫من الر�سائل خوف ًا من �ضياعها‪ .‬وبالتايل فتطبيق‬ ‫‪ Outlook‬هو تطبيق‪ ،‬بينما ‪ Gmail‬هو خدمة‪ ،‬ومن خدمات احلو�سبة ال�سحابية‪:‬‬ ‫وب�شكل �أدق‪ ،‬خدمة �سحابية تقف خلفها الكثري • خدمات الربيد االلكرتوين‪Yahoo ،Gmail :‬‬ ‫من التفا�صيل‪.‬‬ ‫‪Hotmail ,‬‬ ‫• خدمات التخزين ال�سحابي‪, Google Drive :‬‬ ‫تعبير السحابة‪:‬‬

‫يف عامل ال�شبكات‪ ،‬ي�ستخدم املهند�سون �شكل‬ ‫ال�سحابة لتب�سيط وت��و��ص�ي��ف ال� ُب�ن��ى التحتية‬ ‫املعقدة‪ ،‬وللف�صل ما بني ال ُبنية التحتية التي قد‬ ‫تت�ضمن ع�شرات �أو مئات �أو �آالف اخلوادم و�أجهزة‬ ‫التوجيه وجتهيزات ال�شبكة والربجميات‪ ،‬ومابني‬ ‫الأجهزة اخلارجية التي �ستتعامل مع تلك البنية‬ ‫التحتية (ال�سحابة) وك�أنها كيان واح��د‪ .‬هذه‬ ‫الأجهزة اخلارجية قد تكون جهاز الكمبيوتر‪� ،‬أو‬ ‫الهاتف‪� ،‬أو احلا�سب اللوحي‪ .‬ال�شكل التايل يو�ضح‬ ‫مثا ًال عن طريقة متثيل البنية التحتية خلدمة‬ ‫�سحابية مفرت�ضة‪.‬‬

‫‪SkyDrive , Box , Dropbox‬‬

‫•خدمات املو�سيقى ال�سحابية‪Google Music :‬‬ ‫‪iTunes/ , Amazon Cloud Player ,‬‬ ‫‪iCloud‬‬

‫• التطبيقات ال�سحابية‪:‬‬ ‫‪Photoshop Express‬‬

‫‪Google Docs‬‬

‫‪,‬‬

‫• �أنظمة الت�شغيل ال�سحابية‪Google Chrome :‬‬

‫‪Jolicloud , OS‬‬

‫واحل��و��س�ب��ة ال�سحابية تعني ب� ��أن احلو�سبة‬ ‫ت���س�ت�خ��دم ك�خ��دم��ة ي�ت��م اال�� �ش�ت�راك ف�ي�ه��ا عرب‬ ‫الإنرتنت ولي�س كمنتج يتم �شرا�ؤه وتن�صيبه على‬ ‫جهاز امل�ستخدم‪ .‬ولأنها خدمة ا�شرتاك فهناك‬


‫عدد كبري من ال�شركات التي تقدِّ م هذه اخلدمة‬ ‫ولكل �شروطها املختلفة و�أنواعها املتعددة‪ .‬فهناك‬ ‫�شركات تتيح للأفراد �أو ال�شركات مث ًال م�ساحة‬ ‫تخزينية جمانية حمددة يف ال�سحابة الإلكرتونية‬ ‫ويف حالة الرغبة يف زيادتها ف�أمامهم خيارات‬ ‫ع��دة‪ ،‬ف ��إم��ا ا� �ش�تراك��ات �شهرية �أو �سنوية‪� ،‬أو‬ ‫ا�شرتاك يدفع مرة واح��دة كرخ�صة ا�ستخدام‪،‬‬ ‫وهناك خدمة الدفع بح�سب اال�ستعمال‪ ،‬مما قد‬ ‫يوفر مبالغ كبرية ت�صرف على �أجهزة �أو برامج‬ ‫وم�ساحات تخزين غري مفعلة ب�شكل كامل‪.‬‬ ‫وميكن لهذه ال�سحب الرقمية �أن تكون عامة‪،‬‬ ‫بحيث يتاح لأي عميل الو�صول �إليها عرب بيانات‬

‫ا��ش�تراك��ه‪ ،‬وق��د تكون �أي���ض� ًا خا�صة ب�شركة ما‬ ‫وموظفيها‪� ،‬أو قد تكون هجين ًا بني ال�سحابتني‬ ‫(العامة واخل��ا��ص��ة) وه��ي م��ا تعرف بالهايربد‬ ‫(‪ .)Hybrid‬وهناك ن��وع راب��ع يعرف ب�سحابة‬ ‫املجتمع (‪ )Community Cloud‬وهي التي‬ ‫ت�ستخدم م��ن ق�ب��ل جم�م��وع��ات ل�ه��ا خ�صائ�ص‬ ‫حم��ددة م�شرتكة وتريد �أن تتوا�صل مع بع�ضها‬ ‫وتت�شارك يف املوارد عرب ال�شبكة مثل املجتمعات‬ ‫التعليمية �أو البحثية �أو الأمنية‪.‬‬ ‫الفرق بين الحوسبة السحابية والنظام‬ ‫التقليدي‪:‬‬

‫• احلو�سبة ال�سحابية ت�سمح لك بالو�صول �إىل‬ ‫جميع تطبيقاتك وخدماتك من �أي مكان على وجه‬ ‫الأر���ض و�أي زمان عرب االنرتنت‪ ،‬لأن املعلومات‬

‫لي�ست خمزنة على قر�صك ال�صلب بل على خوادم‬ ‫ال�شركة املقدمة للخدمة‪.‬‬ ‫• تخفي�ض التكاليف على ال�شركات‪ ،‬حيث مل‬ ‫يعد من ال�ضروري �شراء �أ�سرع �أجهزة كمبيوتر‬ ‫�أو �أف�ضلها من حيث الذاكرة �أو �أعالها من حيث‬ ‫م�ساحة القر�ص ال�صلب‪ ،‬ب��ل ميكن لأي جهاز‬ ‫كمبيوتر ع��ادي وبا�ستخدام �أي مت�صفح للويب‬ ‫الو�صول للخدمات ال�سحابية التي ت�ستخدمها‬ ‫ال�شركة (حت��ري��ر م�ستندات‪ ،‬تخزين ملفات‪،‬‬ ‫حترير �صور‪� .. ،‬إلخ)‪ .‬كما مل يعد على ال�شركات‬ ‫�شراء التجهيزات مثل اخل��وادم باهظة الثمن‬ ‫ل�ت�ق��دمي خ��دم��ة ال�بري��د االل��ك�ت�روين ملوظفيها‪،‬‬ ‫�أو ال��وح��دات التخزينية ال�ضخمة لعمل الن�سخ‬ ‫االحتياطية لبيانات ومعلومات ال�شركة‪ .‬وكذلك‬ ‫يدعم العمل من امل�ن��زل‪ ،‬مما يتيح للعديد من‬ ‫�أع�ضاء فريق العمل اال�ستمتاع ب�ج��ودة �أف�ضل‬ ‫للحياة العملية‪ .‬حيث ميكن �أن ي� ��ؤدي العمل‬ ‫من املنزل �إىل �إتباع �أ�سلوب "املكتب امل�شرتك"‬ ‫(املكاتب امل�شرتكة بني الأ�شخا�ص الذين يعملون‬ ‫يف �أوق��ات خمتلفة)‪ ،‬وال��ذي ب��دوره �سي�ؤدي �إىل‬ ‫حاجة �أقل للم�ساحة املكتبية‪ .‬لذا تكون التكلفة‬ ‫ا�ألقل وال�سجل البيئي املح�سن ج��زءا من نتائج‬ ‫اخلدمة ال�سحابية‪.‬‬ ‫• ��ض�م��ان ع�م��ل اخل��دم��ة ب�شكل دائ ��م‪ ،‬حيث‬ ‫تلتزم ال�شركة املقدمة خلدمة التخزين ال�سحابي‬ ‫بالت�أكد من �أن اخلدمة تعمل على مدار ال�ساعة‬ ‫ب�أف�ضل �شكل ممكن‪ .‬عندما ت�ستخدم �أحد خوادم‬ ‫التخزين ال�سحابي ف��إن معلوماتك خمزنة على‬ ‫�أكرث من خادم واحد ل�ضمان عدم فقدانها‪ ،‬كما‬ ‫�أن ال�شركة املقدمة للخدمة تلتزم ب�إ�صالح �أية‬ ‫�أعطال طارئة ب�أ�سرع وق��ت ممكن‪ .‬وه��ذا يوفر‬ ‫عليك الكثري من الوقت والتكلفة كم�ستخدم �أو‬ ‫�صاحب �شركة يتوىل م�س�ؤولية �إدارة جتهيزاته‬ ‫وبرجمياته اخلا�صة‪.‬‬ ‫• اال�ستفادة من ال ُبنى التحتية ال�ضخمة التي‬ ‫تقدمها اخلدمات ال�سحابية للقيام باالختبارات‬ ‫وال�ت�ج��ارب العلمية‪ .‬بع�ض احل�سابات املعقدة‬ ‫حت �ت��اج �إىل � �س �ن��وات لإج��رائ��ه��ا ع �ل��ى �أج �ه��زة‬ ‫الكمبيوتر العادية‪ ،‬بينما تتيح �شركات مثل غوغل‬ ‫و�آم ��ازون �سحاباتها امل�ؤلفة من �آالف اخل��وادم‬ ‫املرتبطة بع�ضها ببع�ض لإجراء مثل هذه العمليات‬ ‫احل�سابية بدقائق �أو �ساعات‪.‬‬ ‫• املعلومات ولي�س تكنولوجيا املعلومات‪� :‬سهولة‬ ‫احلركة واالنت�شار ال�سريع‬ ‫تعد املعلومات م�صدر ًا لقيمة الأعمال‪ .‬حيث‬

‫تكمن ال�ق�ي�م��ة امل �ت��زاي��دة يف �إدارة م��ا يعرفه‬ ‫الأ�شخا�ص وكيفية م�شاركتهم ملا يعرفونه‪.‬‬ ‫وتعمل احلو�سبة القائمة على اخلدمة ال�سحابية‬ ‫على حترير ق�سم تكنولوجيا املعلومات من "قيود‬ ‫التقنية" حتى ميكنه الرتكيز على تقدمي الأدوات‬ ‫للبحث عن املعلومات واملعرفة التي تكمن داخل‬ ‫قواعد البيانات وامللفات والأ�شخا�ص وحتليلها‬ ‫وم�شاركتها‪.‬‬ ‫مساوئ الحوسبة السحابية‪:‬‬

‫�إن ف��وائ��د احلو�سبة ال�سحابية ت�ب��دو رائ�ع��ة‪،‬‬ ‫وب�شكل خ��ا���ص بالن�سبة ل �ه ��ؤالء ال��ذي��ن لديهم‬ ‫حتفظات كبرية حول ق��درة جمموعة تكنولوجيا‬ ‫املعلومات على الوفاء باحتياجات العمل‪ .‬ولعل‬ ‫�أك�ثر ما يجعل الأف��راد كما ال�شركات ي�ترددون‬ ‫عندما يتعلق الأمر با�ستخدام احلو�سبة ال�سحابية‬ ‫هو مو�ضوع �أمن وحماية البيانات‪ .‬فعلى الرغم‬ ‫من �أنه قد تكون هذه ال�سحب �أكرث حت�صين ًا من‬ ‫اجلهاز ال�شخ�صي‪� ،‬إال �أن �أي��ة احتمالية �ضئيلة‬ ‫ل�ضياع ه��ذه ال�ب�ي��ان��ات كفيلة ب ��إث��ارة امل�خ��اوف‬ ‫لإح�سا�س ال�شخ�ص ب�أن ممتلكاته اخلا�صة لي�ست‬ ‫حتت حمايته ال�شخ�صية‪ ،‬فيتكرر ال�س�ؤال‪ :‬هل‬ ‫ال�سحب الإلكرتونية �آمنة؟ ال�سيما واملرء ال يحتاج‬ ‫الخرتاقها‪ ،‬والعبث بالبيانات املوجودة فيها �سوى‬ ‫ال�سم امل�ستخدم‪ ،‬وهو يف العادة الربيد الإلكرتوين‬ ‫املتاح لكافة النا�س‪ ،‬وكلمة ال�سر!‬ ‫مات هونان �صحايف تقني تع َّر�ض لتجربة م�ؤملة‬ ‫يف ‪ 2012‬حني مت اخرتاق ح�سابه يف �سحابة �آبل‪،‬‬ ‫وب�سرعة الربق قام املخرتق مب�سح كافة بياناته‬ ‫على كافة �أجهزة �آبل اخلا�صة به‪ :‬الآيفون والآيباد‬ ‫واملاك‪ ،‬والتي مل يكن قد قام بعمل ن�سخ احتياطي‬ ‫خارجي لها‪ ،‬ف��إذا كان املرء يحفظ بياناته على‬ ‫ال�سحابة خوف ًا من عطل ي�صيب �أجهزته �أو �سرقة‬ ‫لها‪ ،‬ف�م��اذا يح�صل حينما تكون ال�سحابة هي‬ ‫امل�صابة؟‬ ‫ويرى البع�ض �أن هذه الق�صة تبني مدى �سهولة‬ ‫اخ�تراق �سحابة �آب��ل حيث ال حتتاج �سوى ا�سم‬ ‫امل�ستخدم وكلمة ال�سر يف ح�ين ي�ب��دو الو�ضع‬ ‫خمتلف ًا لدى غوغل الذي يتيح للم�ستخدم �إ�ضافة‬ ‫درجة ثانية من احلماية بالإ�ضافة لكلمة ال�سر‪،‬‬ ‫وذلك عن طريق �إر�سال ر�سالة حتمل رقم ًا �سري ًا‬ ‫�إىل هاتفه املحمول مبا ي�شبه الدخول حل�سابات‬ ‫البنوك الإلكرتونية‪.‬‬ ‫وهناك مخاوف أخرى مثل‪:‬‬

‫• حتتاج التطبيقات ال�سحابية �إىل ات�صال‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪65 2013‬‬


‫باالنرتنت‪ ،‬حيث �سي�ؤثر انقطاعك عن االنرتنت‬ ‫على متكنك م��ن ت��أدي��ة عملك‪ ،‬لكن ال�شركات‬ ‫ب� ��د�أت ت �ت��دارك ه ��ذا‪ ،‬وب�ف���ض��ل بع�ض تقنيات‬ ‫‪ HTML 5‬وجافا�سكربت احلديثة بات بالإمكان‬ ‫بناء تطبيقات ويب ميكن �أن تعمل دون ات�صال‬ ‫ب��االن�ترن��ت‪ ،‬ث��م ال �ق �ي��ام ب��امل��زام�ن��ة ل ��دى ع��ودة‬ ‫االت���ص��ال‪ ،‬لكن م��ا زلنا بحاجة �إىل امل��زي��د من‬ ‫الوقت كي تتطور هذه التطبيقات والتقنيات ب�شكل‬ ‫�أكرب‪.‬‬ ‫خم���اوف �أم �ن �ي��ة‪ :‬يخ�شى ال�ب�ع����ض م��ن و�ضع‬ ‫ك��ل معلوماته وملفاته ل��دى ال�شركات املقدمة‬ ‫للخدمات ال�سحابية‪ ،‬فلو تعر�ضت اخلدمة لعملية‬ ‫اخرتاق ناجحة‪ ،‬قد يتمكن املخرتق من احل�صول‬ ‫على معلومات امل�ستخدمني‪ ،‬كما لو جل�أت ال�شركة‬ ‫�إىل بيع معلوماتك �أو اال�ستفادة منها ب�شكل �أو‬ ‫ب�آخر ف�سيكون ه��ذا م�شكلة حقيقية‪ .‬مثلما ما‬ ‫ح��دث مع ال�صحفي التقني م��ات هونان عندما‬ ‫تع َّر�ض لتجربة م�ؤملة يف ‪ 2012‬حني مت اخرتاق‬ ‫ح�سابه يف �سحابة �آب ��ل‪ ،‬وب�سرعة ال�ب�رق قام‬ ‫املخرتق مب�سح كافة بياناته على كافة �أجهزة �آبل‬ ‫اخلا�صة به‪ :‬الآيفون والآيباد واملاك‪ ،‬والتي مل يكن‬ ‫قد قام بعمل ن�سخ احتياطي خارجي لها‪ ،‬ف�إذا‬ ‫كان املرء يحفظ بياناته على ال�سحابة خوف ًا من‬ ‫عطل ي�صيب �أجهزته �أو �سرقة لها‪ ،‬فماذا يح�صل‬ ‫حينما تكون ال�سحابة هي امل�صابة؟‬ ‫ال�ضمان الوحيد لك هو اللجوء �إىل ال�شركات‬ ‫الكبرية ذات املوثوقية العالية وال�سمعة اجليدة‬ ‫يف ه��ذا امل�ج��ال‪( .‬لكن يف املقابل‪ ،‬فتجهيزاتك‬ ‫اخلا�صة وجهاز الكمبيوتر اخلا�ص بك لي�ست‬ ‫مبن�أى عن االخرتاق �أو ال�سرقة �أو ال�ضياع‪ ،‬بل �أرى‬ ‫�أن �شركات اخلدمات ال�سحابية �أكرث �أمن ًا لتخزين‬ ‫املعلومات وحفظها‪ ،‬لكن تبقى ه��ذه امل�خ��اوف‬ ‫موجودة لدى بع�ض امل�ستخدمني ويجب ذكرها‬ ‫هنا)‪.‬‬ ‫• معظم التطبيقات ال�سحابية مل ت�صل بعد �إىل‬ ‫م�ستوى تطبيقات �سطح املكتب التقليدية‪ ،‬حتى‬ ‫الآن مل ت�صل تطبيقات حترير ال�صور عرب الويب‬ ‫�إىل م�ستويات ت�ضاهي مث ًال تطبيق فوتو�شوب‬ ‫التقليدي‪ ،‬ومل ت�صل تطبيقات حترير امل�ستندات‬ ‫عرب الويب �إىل م�ستوى مايكرو�سوفت �أوفي�س‪،‬‬ ‫لكنها تقرتب من هذا تدريجي ًا مع مرور ال�سنوات‪.‬‬ ‫• وهناك خطر توقف اخلدمة ب�شكل نهائي ففي‬ ‫فرباير من العام ‪ 2009‬مث ًال وحتت وط�أة الأزمة‬ ‫‪66‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫االقت�صادية العاملية ا�ضطرت �شركة مثل كوغ هيد‬ ‫(‪ )Coghead‬لإب�لاغ عمالئها ب ��أن �أمامهم ‪9‬‬ ‫�أ�سابيع فقط ليجدوا م�ساكن جديدة لبياناتهم‬ ‫وبراجمهم‪ ،‬حيث �إن ال�شركة ق��ررت �أن توقف‬ ‫تقدمي خدماتها‪.‬‬ ‫للحو�سبة ال�سحابية ميزات وعيوب كما عرفنا‬ ‫من خ�لال ه��ذا املقال‪� ،‬إال �أن��ه من الوا�ضح ب�أن‬ ‫املزايا تتفوق على العيوب‪ ،‬وكل امل�ؤ�شرات توحي‬ ‫ب�أن هذه امليزات �ستكون من القوة مبا يكفي جلعل‬ ‫عربتها مت�ضي ق��دم � ًا‪ ،‬ويف ال��وق��ت نف�سه ال��ذي‬ ‫�ستتكثف الأبحاث يف عامل التقنية بحث ًا عن حلول‬ ‫حقيقية للمخاوف املرتبطة بها ال�سيما الأمنية‬ ‫منها‪.‬‬ ‫مستقبل الحوسبة السحابية‪:‬‬

‫ي�ع�ت�ق��د اخل �ب��راء �أن ت�ك�ن��ول��وج�ي��ا احل��و��س�ب��ة‬ ‫ال�سحابية ت�شهد تطور ًا خالل ال�سنوات القليلة‬ ‫القادمة‪ ،‬كما �ستعتمد عليها ال�شركات املتو�سطة‬ ‫والكبرية ب�صورة كبرية‪ ،‬وذلك لكونها منظومة‬ ‫�أ�سا�سية يف حفظ و�إدارة وتنظيم بيانات وملفات‬ ‫ال�شركات كما ت�ساعدها على حفاظ �سري الأعمال‬ ‫عرب �شبكة الإنرتنت‪.‬‬ ‫واحلو�سبة ال�سحابية التي �سنتعامل معها يف‬ ‫‪� 2020‬ستكون خمتلفة �إىل حد ما عما هي عليه‬ ‫الآن‪ .‬ف�سيزداد ا�ستقالل الربجميات عن بيئة‬ ‫الأج�ه��زة وامل�ع��دات بحيث تربمج على �أن تكون‬ ‫�صاحلة للعمل على �أي جهاز بغ�ض النظر عن‬ ‫ال�شركة امل�صنعة‪ ،‬و�ستتحول ه��ذه الربجميات‬ ‫نف�سها �إىل جمموعة م��ن اخل��دم��ات وامل�ستقلة‬ ‫املرتبطة مع بع�ضها بتقنيات خا�صة لأداء املهام‬

‫املطلوبة‪ ،‬مما �سيجعل احلو�سبة الرقمية تبدو‬ ‫ب�شكل عام وك�أنها غري مرئية كما يقول جون مانلي‬ ‫من �شركة ‪ .HP‬ومن �أجل ذلك ف�إن الربجميات‬ ‫�ستكتب على هيئة وحدات (‪ )modules‬قادرة‬ ‫على العمل ب�شكل حر وم�ستقل عن بقية الربنامج‬ ‫الذي ُكتبت كجزء منه ابتداء ‪ ،‬وحيث �ستتفاعل‬ ‫ال�سحب املختلفة وتتكامل مع بع�ضها البع�ض‪.‬‬ ‫ويتوقع �أن ي�سهم ذل��ك كله يف انخفا�ض �سعر‬ ‫الأجهزة والربجميات وال�سحب الإلكرتونية تبع ًا‬ ‫لذلك مع زيادة هائلة يف ال�سرعة و�إجناز املهام‪.‬‬ ‫و�سيتم تق�سيم ال�سحب �إىل خ��دم��ات خمتلفة‬ ‫ت�صنف وفق ًا لإمكانياتها ومزاياها �إىل درجات‬ ‫متباينة يف اجلودة والأداء والقيمة‪.‬‬ ‫وبكل ت�أكيد ف�إن امل�ستقبل للحو�سبة ال�سحابية‪.‬‬ ‫رمبا لي�س بعد عام‪ ،‬وال عامني‪ ،‬وال خم�سة �أو حتى‬ ‫ع�شرة‪ .‬لكننا �سن�صل �إىل النقطة التي �ستتحول‬ ‫فيها جميع �أنظمة الت�شغيل �إىل �أنظمة �سحابية‬ ‫م�شابهة ل�ن�ظ��ام ‪.Google Chrome OS‬‬ ‫غوغل بد�أت يف هذا اخلط مبكرة‪ ،‬و�ستتبعها بقية‬ ‫ال�شركات‪ ،‬وهذه لي�ست نبوءة لكن ا�ستقراء للواقع‪.‬‬ ‫�ستتحول جميع �أنظمة الت�شغيل �إىل �أنظمة تعتمد‬ ‫على ال�سحابة ب�شكل كامل �أو �شبه كامل‪� .‬ست�صل‬ ‫�إىل مرحلة ت�سمح لك بت�شغيل جميع تطبيقاتك‬ ‫ع�بر ال��وي��ب‪ ،‬وحتى �أ�ضخم الأل �ع��اب‪ .‬فتقنيات‬ ‫احلو�سبة ال�سحابية تتطور ب�سرعة‪ ،‬وتطبيقات‬ ‫الويب تتطور ب�سرعة‪ ،‬و�سرعات االنرتنت تتح�سن‬ ‫ب�سرعة‪ .‬وقريب ًا‪� ،‬ستطغى ال�سحابة على كل �شيء‪،‬‬ ‫ورمبا �أقرب مما نت�صور‪.‬‬


‫األربعة الكبار في الحوسبة السحابية‬

‫بات مجال الحوسبة السحابية أرض المعركة الجديدة‬ ‫التي تتنافس عليها الشركات الرقمية العمالقة‬ ‫نفسها وعلى رأسها غوغل ومايكروسوفت وآبل‬ ‫وأمازون في الوقت الراهن وفيما يلي وصف‬ ‫مختصر عن الخدمات السحابية التي تقدمها كل‬ ‫واحدة منها‪.‬‬

‫غوغل‬

‫تتمتع ال�شركة بن�صيب الأ�سد يف هذا العامل‪،‬‬ ‫حيث �إن ماليني امل�ستخدمني العاديني‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن ال�شركات ‪ ،‬ي�ستخدمون خدماتها ال�سحابية‬ ‫كل يوم عرب تطبيقات الربيد الإلكرتوين والتقومي‬ ‫وامللفات‪ .‬وخالل ‪ 2012‬ا�ستبدلت غوغل تطبيق‬ ‫م�ستندات غ��وغ��ل (‪ )GoogleDocs‬بخدمة‬ ‫غوغل دراي��ف (‪ ،)GoogleDrive‬وهي تقدِّ م‬ ‫خدمة مماثلة خلدمة دروب بوك�س املذكورة �سابق ًا‬ ‫مب�ساحة تخزينية م�ضاعفة تبلغ ‪ 5‬جيجابايت‪،‬‬ ‫كما �أنها دجمت خدمات م�ستندات غوغل ف�أ�صبح‬ ‫من املمكن �إن�شاء م�ستندات ن�صية �أو ج��داول‬ ‫بيانات �أو عرو�ض تقدميية �أو مناذج �أو جملدات‬ ‫�أو ملفات ر�سومية �أو ملفات برجمة من داخل‬ ‫التطبيق نف�سه‪ .‬ه��ذا بالإ�ضافة على ارتباطها‬ ‫عرب احل�ساب نف�سه مع خدمات غوغل الأخرى (‬ ‫الربيد‪ ،‬والتقومي‪ ،‬واخلرائط‪ ،‬وال�صور وغريها)‬ ‫مما يعطيها ميزة تفا�ضلية ي�صعب مناف�ستها‬ ‫عليها‪ .‬وت �ق��دِّ م غ��وغ��ل ح �ل��و ًال �سحابية مطورة‬ ‫خا�صة بال�شركات عرب ما يعرف بتطبيقات غوغل‬ ‫(‪ )GoogleApps‬نظري ر�سوم رمزية بعد �شهر‬ ‫من اال�ستخدام املجاين كتجربة‪ .‬ويتوقع �أن تقود‬ ‫�شركة غوغل احلو�سبة ال�سحابية للم�ستخدمني‬ ‫العاديني يف امل�ستقبل املنظور‪.‬‬

‫آبل‬

‫منذ �إع�ل�ان ال�شركة يف ‪ 2011‬ع��ن �إطالقها‬ ‫ل�سحابتها اخلا�صة واملعروفة بـ(‪ )iCloud‬والتي‬ ‫تهدف لتجميع ومزامنة وم�شاركة البيانات عرب‬ ‫�أجهزة الآيفون والآيباد وحوا�سيب املاك وكذلك‬ ‫احلوا�سيب التي ت�ستخدم نظام ت�شغيل ون��دوز‬ ‫وهذه اخلدمة تلقى الرتحيب والإعجاب بكونها‬ ‫من �أه��م احللول ال�سحابية املتاحة للم�ستخدم‬ ‫العادي‪ .‬وتق َّدم هذه اخلدمة م�ساحة جمانية �أي�ض ًا‬ ‫مبقدار ‪ 5‬جيجابايت‪ .‬وتظل م�شكلتها الأ�سا�سية‬ ‫هي �أنه البد من تنزيل وتن�صيب برامج �آبل من‬ ‫�أجل اال�ستفادة على هذه اخلدمة من قبل الأجهزة‬ ‫الأخ��رى مما يجعلها �أق��ل مرونة من اخلدمات‬ ‫املناف�سة‪.‬‬ ‫مايكروسوفت‬

‫مازالت �شركة مايكرو�سوفت ت�ضع بيئة الأعمال‬ ‫وال���ش��رك��ات ك��أول��وي��ة على �أجندتها ع��ن طريق‬ ‫ترويجها وتطويرها لتطبيقات حزمة الأوفي�س‬ ‫ال�سحابية التي تق َّدم ذكرها (‪،)Office 365‬‬ ‫وكذلك عرب خدمة �سكاي درايف (‪)SkyDrive‬‬ ‫ال �ت��ي مت�ن��ح م�ساحة جم��ان�ي��ة �سخية بحجم ‪7‬‬ ‫جيجابايت تتيح حفظ وم�شاركة امللفات وكذلك‬ ‫�إن�شاء ملفات وم�ستندات م��ن حزمة الأوفي�س‬ ‫واملوجهة �أي�ض ًا ل�ل�أف��راد كما ال�شركات‪ .‬وتركز‬

‫ال�شركة على م�شاركة امللفات بني امل�ستخدمني من‬ ‫خالل هذه اخلدمة وت�ضع جهود ًا كبرية وتكاليف‬ ‫مرتفعة على الت�سويق لها مما �سي�ؤدي غالب ًا �إىل‬ ‫�أن تتبو�أ مايكرو�سوفت وخدماتها اجلديدة موقع ًا‬ ‫مميز ًا يف عامل احلو�سبة ال�سحابية‪.‬‬ ‫أمازون‬

‫يعتقد ك�ث�ير م��ن املخت�صني امل�ت��اب�ع�ين ل�سوق‬ ‫احلو�سبة ال�سحابية ب�أن �أكرب مناف�س ل�شركة غوغل‬ ‫يف ه��ذا املجال بالن�سبة للم�ستخدمني العاديني‬ ‫هي �شركة �أم��ازون‪ ،‬والتي �أنتجت وباعت القارئ‬ ‫الإلكرتوين املط َّور كندل فاير (‪)KindleFire‬‬ ‫وتعمل من �أج��ل الدفع باجتاه تخزين عديد من‬ ‫الكتب الإل�ك�ترون�ي��ة وامل�ل�ف��ات الأخ ��رى مب��ا فيها‬ ‫ملفات املو�سيقى املبتاعة من خالله من متجر‬ ‫�أمازون الإلكرتوين نف�سه من خالل هذه ال�سحابة‬ ‫(‪ )Cloud Drive‬التي توفرها جمان ًا ب�سعة ‪5‬‬ ‫جيجابايت كذلك‪ ،‬وكذلك طرحه ًا حللول �سحابية‬ ‫تناف�سية فيما يتعلق بال�شركات‪ .‬ويبدو �أن احلو�سبة‬ ‫ال�سحابية هي م�ستقبل عديد من اخلدمات التي‬ ‫تقدِّ مها �أم��ازون مل�ستخدميها ولديها طموح كبري‬ ‫لتحقيق ذلك‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪67 2013‬‬


‫الروبوت – الصديق اإللكتروني‬ ‫الكسندر فرويند‪ /‬نهلة طاهر‬ ‫مراجعة‪ :‬طارق أنكاي‬ ‫‪DW‬‬

‫لي�س من امل�ستبعد �أن ي��رى امل��رء يف امل�ستقبل‬ ‫القريب روبوتات تقوم ب�أعمال منازلية كما من‬ ‫غري امل�ستبعد‪ ،‬بالنظر �إىل االرتفاع امل�ستمر يف‬ ‫معدالت ال�شيخوخة يف املجتمع الياباين‪� ،‬أن يتم‬ ‫توظيف الروبوت �أي�ض ًا ب�شكل متزايد يف جمال‬ ‫العناية بامل�سنني‪ .‬وحتتل �أملانيا املركز الثاين بعد‬ ‫اليابان من حيث عدد الروبوتات‪ ،‬وت�أتي بعدها يف‬ ‫املركز الثالث الواليات املتحدة الأمريكية‪ .‬ورغم‬ ‫�أن �أملانيا تتقدم ب�شكل كبري يف جم��ال البحوث‬ ‫اخلا�صة بالروبوت بفارق كبري‪� ،‬إال �أن الكثري‬ ‫م��ن الأمل ��ان ُي �ب��دون حتفظات ك�ب�يرة بخ�صو�ص‬ ‫ا�ستخدامه يف جمال الأعمال املنزلية و�إن كانوا ال‬ ‫يرف�ضون فكرة ا�ستخدام الروبوت مبدئي ًا‪.‬‬ ‫لكن ال�س�ؤال ال��ذي يطرح نف�سه هنا هو‪ :‬ملاذا‬ ‫ه �ن��اك ت�ق�ب��ل �أك�ب�ر ال� �س �ت �خ��دام ال��روب��وت��ات يف‬ ‫اليابان؟ وما هو ال�شكل الذي يجب �أن يكون عليه‬ ‫ال��روب��وت وم��ا هي الأع�م��ال التي ينبغي �أن يقوم‬ ‫بها لزيادة الإق�ب��ال عليه؟ ويحاول الربوفي�سور‬ ‫هولغا ريرت الإجابة على هذه الأ�سئلة بالتعاون‬ ‫مع زمالئه يف معهد تكنولوجيا التفاعل املعريف‬ ‫(‪ )CITEC‬ومعهد البحوث املعرفية والروبوتات‬ ‫يف مدينة بيلفلد‪ .‬وت�ستفيد هذه املعاهد كثري ًا من‬ ‫قربها من جامعة بيلفلد‪ ،‬حيث الإمكانات املتاحة‬ ‫لإجراء بحوث مع علماء يف تخ�ص�صات متعددة‪،‬‬ ‫منها الكمبيوتر وعلم الأع�صاب والفيزياء واللغة‬ ‫وعلماء النف�س والريا�ضة واحلركة‪.‬‬ ‫مسألة القبول‬ ‫الروبوت ‪ Telenoid R1‬يبلغ طوله ‪� 31‬سم ويزن ‪ 5‬كجم ويتميز اجل�سم من ال�سيلكون الناعم وي�ستخدم ‪ 9‬حمركات‬ ‫ومنذ �سنوات عديدة يتعاون معهد بيلفلد ب�شكل للتحرك‬

‫مكثف مع اثنني من املعاهد ال��رائ��دة يف جمال‬ ‫تطوير الروبوتات يف جامعة �أو�ساكا‪ .‬ويف تلك‬ ‫املدينة اليابانية الكبرية التي يبلغ عدد �سكانها‬ ‫ثمانية ماليني ن�سمة‪ ،‬تدخل الأفكار ب�سرعة �إىل‬ ‫طور التنفيذ‪ .‬ويف امل�ستقبل القريب ميكن �أي�ضا‬ ‫للروبوتات �أن جتد قبو ًال �أكرب يف الغرب‪ ،‬بحيث‬ ‫ت�ستخدم يف جم��ال اخلدمة املنزلية �أو كخادم‬ ‫“باتلر ‪ ”Butler‬كما يعتقد الربوفي�سور هلغا‬ ‫‪68‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫ري�تر البالغ م��ن العمر ‪ 52‬ع��ام� ًا‪ .‬فهو يت�صور‬ ‫نوعا من تق�سيم عمل الروبوتات‪ :‬روبوت للقيام‬ ‫ب��االل�ت��زام��ات ال�ت��ي ت�شكل عبئا على الإن���س��ان‪،‬‬ ‫بحيث ميكن للمرء الرتكيز على املهام التي يجيد‬ ‫ت�أديتها‪ .‬وهذه املهام ترتبط ب�أعمال ال ي�ستطيع‬ ‫الإن�سان الآيل �أو الروبوت الآن يحل فيها مكان‬ ‫الإن �� �س��ان‪ ،‬وه��ي ترتبط ب��الأع�م��ال ال�ت��ي تتطلب‬ ‫الإ�صغاء و�إظهار التفهم والتعاطف‪.‬‬

‫�إال �أن هناك عوامل حا�سمة تلعب دور ًا يف رفع‬ ‫م�ستوى القبول‪ ،‬ومنها ال�شكل ال��ذي تبدو عليه‬ ‫الروبوتات‪ ،‬والأ�شياء التي ت�ستطيع فعلها‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يتفق عليه العلماء يف معهد البحوث املعرفية‬ ‫وتطوير الروبوتات يف بيلفلد ونظرائهم اليابانيني‪.‬‬ ‫ومع ذلك ف�إن الباحثني الأملان واليابانيني يتبعون‬ ‫م�ن��اه��ج خمتلفة ج���د ًا‪� ،‬إذ ي��رك��ز الربوفي�سور‬ ‫الياباين هريو�شي �إي�شيغورو على الروبوت الذي‬


‫مياثل مظهره مظهر الإن�سان‪ ،‬وقد نال �إي�شيغور‬ ‫�شهرة عاملية وا�سعة لدى ت�صميمه روبوتا يكاد‬ ‫يبدو كتو�أم له‪ ،‬وهو ال يختلف عنه حتى يف لون‬ ‫املالب�س ال�سوداء التي يف�ضل الربوفي�سور الياباين‬ ‫ارتدائها ب�شكل دائم‪.‬‬ ‫وه ��ذا ه��و احل ��ال �أي �� �ض � ًا م��ع ال��روب��وت الأن�ث��ى‬ ‫التي �أطلق عليها ا�سم “‪� ، ”Genoid F‬إذ �إن‬ ‫الناظر �إليها يكت�شف بعد حني �أنها �آل��ة ولي�ست‬ ‫�إن�سان‪ .‬واملثري لالهتمام �أن �إي�شيغورو يح�صر‬ ‫ت�صميمه على اخل�صائ�ص املادية الالزمة كما‬ ‫يف ال��روب��وت ال��ذي �صممه �أخ�ي�ر ًا وال��ذي �أطلق‬ ‫عليه “‪ ” Telenoid R1‬ولكن مع عدم �إ�ضافة‬ ‫الأطراف وال�شعر وبقية التفا�صيل‪ .‬وهذا الروبوت‬ ‫اليدوي ال��ذي ي�شبه اجلنني �سيحل يف امل�ستقبل‬ ‫القريب مكان الهاتف املحمول يف �شكله املعتاد‪.‬‬ ‫القليل يفي بالغرض‬

‫ويركز الباحثون يف بيلفلد �أي�ض ًا على التب�سيط‬ ‫ال�شديد‪ ،‬وذل��ك لأن التب�سيط من �ش�أنه ت�سهيل‬ ‫االت�صال بني الإن�سان والآلة من وجهة نظرهم‪� .‬إن‬ ‫�أحدث روبوت قاموا بت�صميمه و�أطلقوا عليه ا�سم‬ ‫“‪ ”Flobi‬يتكون من ر�أ�س فقط دون اجل�سم‪،‬‬ ‫وت���ش�ب��ه ت�ق��اط�ي��ع وج �ه��ه امل���س�ت��دي��ر ذو العينان‬ ‫ال��وا��س�ع�ت��ان‪ ،‬تقاطيع وج��ه ط�ف��ل‪ .‬وع��ن طريق‬ ‫ال�شفاه واحلاجبني والأجفان التي ميكن حتريكها‬ ‫يت�سنى لـ ‪ Flobi‬التعبري ب�شكل مقنع عن عواطف‬ ‫�أ�سا�سية مثل احلزن والفرح والده�شة‪.‬‬ ‫و�إىل ج��ان��ب املظهر اخل��ارج��ي‪ ،‬يلعب �سلوك‬ ‫ال��روب��وت دور ًا م�ه�م� ًا يف زي���ادة ال�ق�ب��ول حيال‬ ‫ا�ستخدامه‪ .‬ف�لا يجب �أن ي�ك��ون مالحظ ًا ب��أن‬ ‫ت�شغيل الروبوت يتم عن طريق التحكم عن بعد‪،‬‬ ‫ولكن ينبغي �أن يعمل وي�ستجيب ب�شكل م�ستقل‪.‬‬ ‫كما يجب �أن تكون الروبوتات قادرة على التعلم‪،‬‬ ‫فالتعاي�ش بني الإن�سان والآل��ة ي�ستدعي تعرف‬ ‫ال��روب��وت باال�سم على الإن���س��ان ال��ذي يقف يف‬ ‫مواجهته واال�ستجابة ب�شكل منا�سب‪ .‬وعندئذ‬ ‫فقط تكت�سب الآلة �سمات ت�ضيق الهوة بينها وبني‬ ‫الإن�سان‪.‬‬

‫مل�شاهدة التقرير �إ�ضغط هنا‬ ‫ومل�شاهد تقرير عن ‪� Telenoid R1‬إ�ضغط هنا‬ ‫ومل�شاهدة روبوتات قابلة للتعلم �إ�ضغط هنا‬

‫تصنيع البالستيك من ثاني أكسيد الكربون‬ ‫ُ‬ ‫يعول العالم الكيميائي بيرند ريغر‬ ‫على مادة كربونات البولي بروبيلين‬ ‫الس���ت���خ���دام���ه���ا ف����ي ت��ص��ن��ي��ع م����ادة‬ ‫البالستيك وم���ن ث��م إث��ب��ات إمكانية‬ ‫االس���ت���ف���ادة م���ن غ����از ث���ان���ي أك��س��ي��د‬ ‫ال��ك��رب��ون ال��ض��ار ب��ال��م��ن��اخ‪ ،‬األم���ر ال��ذي‬ ‫ُ‬ ‫يمكنه أن يدشن نقطة انطالق جديدة‬ ‫في مجال الصناعات الكيميائية‪.‬‬

‫وف �ق � ًا لتوقعات معهد �أب �ح��اث امل �ن��اخ ال�شهري‬ ‫يف مدينة بوت�سدام‪ ،‬ف ��إن درج��ة ح��رارة الأر���ض‬ ‫�سرتتفع درج�ت�ين م�ؤويتني بحلول نهاية القرن‬ ‫احل��ايل نتيجة تراكم نحو ‪ 230‬مليار طن من‬ ‫ثاين �أك�سيد الكربون يف الغالف اجل��وي ب�سبب‬ ‫الن�شاطات الب�شرية املختلفة‪ .‬لذا ت�سعى الأو�ساط‬ ‫ال�سيا�سية والعلمية جاهدة �إىل احلد من انبعاثات‬ ‫ثاين �أك�سيد الكربون والبحث عن �سبل ا�ستخدام‬ ‫هذا الغاز يف ال�صناعة للحيلولة دون ت�سربه �إىل‬ ‫الغالف اجلوي‪ .‬ومنذ فرتة طويلة ُي�ستخدم ثاين‬ ‫�أك�سيد الكربون كمادة خام يف ال�صناعة‪ ،‬حيث‬ ‫يدخل على �سبيل املثال يف �إنتاج �سماد اليوريا‪،‬‬ ‫كما ت�ستخدمه �شركات الأدوية منذ �أكرث من مائة‬ ‫عام يف �إنتاج الأ�سربين‪.‬‬ ‫من غاز م�ضر �إىل مادة خام‬ ‫ال�برف�ي���س��ور ب��رن��ارد ري �غ��ر يف م��دي�ن��ة ميونخ‬ ‫الأملانية مقتنع ب�إمكانية �إنتاج م��واد مفيدة من‬ ‫ثاين �أك�سيد الكربون وي�سعى �إىل الربهنة على‬ ‫اال�ستخدامات املتعددة جلزيئات ث��اين �أك�سيد‬ ‫الكربون الب�سيطة‪ ،‬وذلك عرب �إنتاج مادة البويل‬ ‫بروبيلني البال�ستيكية امل�ستمدة من ثاين �أك�سيد‬ ‫ال�ك��رب��ون‪ .‬وميكن يف غ�ضون ال�سنوات القليلة‬ ‫القادمة �إنتاج هذه املادة لت�صبح قابلة للت�سويق‬ ‫على نطاق جتاري من قبل �شركة با�سف ‪BASF‬‬ ‫العمالقة للكيماويات‪ .‬وقد كانت �إمكانية ت�صنيع‬ ‫البال�ستيك بهذه الطريقة �أمر ًا معروفا منذ �أكرث‬ ‫من ‪ 40‬عام ًا‪ ،‬لكن العلماء مل يتمكنوا �إال م�ؤخرا‬ ‫من الإمل��ام بكافة جوانب العمليات الكيميائية‬ ‫امل��رت�ب�ط��ة ب �ه��ذا الأ� �س �ل��وب اجل��دي��د يف ت�صنيع‬ ‫البال�ستيك‪ ،‬حيث مت اكت�شاف امل��ادة املحفزة‬ ‫ب�شكل �أ�سرع للتفاعالت الكيميائية‪.‬‬ ‫وميكن للباحثني يف مركز حتفيز تفاعالت‬ ‫ث��اين �أك�سيد ال�ك��رب��ون ال�ت��اب��ع جلامعة ميونيخ‬

‫ول��د ب��رن�ه��ارد ري�غ��ر يف ‪ 21‬م��ن يناير عام‬ ‫‪ 1959‬يف مدينة �أوغ�سبورغ‪ .‬وهو عامل كيميائي‬ ‫متخ�ص�ص يف كيمياء البوليمرات (كيمياء‬ ‫اجلزيئات الكبرية)‪ ،‬يعمل �أ�ستاذا يف اجلامعة‬ ‫التقنية يف ميونيخ‪ .‬هذا العامل الأملاين يو�ضح‬ ‫لنا كيف يفهم هو دوره كباحث‪.‬‬ ‫التقنية التحكم يف جزيئات ثاين �أك�سيد الكربون‬ ‫وتغيريها ح�سب احلاجة‪ .‬ومن هنا ميكن التحكم‬ ‫يف م��ادة البويل بروبيلني �أو امل��ادة البال�ستيكية‬ ‫اجلديدة بحيث ميكن �أن تكون �شفافة �أو غامقة‪،‬‬ ‫مرنة �أو جامدة قابلة للتحلل �أو م�صمتة و�صلبة‪.‬‬ ‫وي�أمل العلماء يف �أن تفر�ض امل��ادة البال�ستيكية‬ ‫اجلديدة املكونة بن�سبة خم�سني يف املائة من ثاين‬ ‫�أك�سيد الكربون نف�سها على ال�سوق كمادة قابلة‬ ‫لال�ستخدام يف كافة املجاالت ال�صناعية‪.‬‬ ‫�صناعات كيميائية بدون نفط‬ ‫�إن م��ادة ال�ب��ويل بروبيلني ال ت��زال يف مرحلة‬ ‫االختبار‪ .‬لكن من املمكن من خالل ا�ستخدامات‬ ‫م��ادة البال�ستيك اجل��دي��دة �إظ �ه��ار الإم�ك��ان��ات‬ ‫ال�ت��ي ت�ت��وف��ر عليها ه��ذه امل ��ادة اخل ��ام‪ ،‬فطاملا‬ ‫اعترب ث��اين �أك�سيد الكربون م��ن امل��واد التي ال‬ ‫ت�صلح لال�ستخدام العملي‪ .‬وب�إمكان نتائج هذه‬ ‫االختبارات �أن متهد الطريق لتطبيقات �أخرى‬ ‫مثل توليد الطاقة من غاز امليثان‪ .‬وحتى يتحقق‬ ‫ذلك‪ ،‬ينبغي على الباحثني �أو ًال تخطي الكثري من‬ ‫التحديات العلمية‪ .‬بيد �أن ا�ستخدام ثاين �أك�سيد‬ ‫الكربون يف ال�صناعات الكيميائية ب�شكل وا�سع‪،‬‬ ‫ي�ستدعي ت�ضافر اجلهود بني ال�شركات التجارية‬ ‫واحلكومات يف هذا املجال على غ��رار ما حدث‬ ‫مث ًال يف م�شروع ديزيرتيك ‪ .Desertec‬لكن‬ ‫ذل��ك �سيقت�ضي من جميع الأط ��راف املعنية �أن‬ ‫تتمتع بال�صرب‪.‬‬ ‫مل�شاهدة التقرير �إ�ضغط هنا‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪69 2013‬‬


‫فكر‬

‫وسائط‬

‫ن���ق���دم ل��ك��م م���ن أج���م���ل وس��ائ��ط‬ ‫الفيديو المفيدة والمثيرة بغض‬ ‫النظر إن كانت تتمتع بزخم كبير من‬ ‫ال��م��ش��اه��دة ل��ك��ن س��ت��ج��دون فيها‬ ‫المتعة والفائدة ‪..‬‬

‫أفالم وثائقية وتيد أكس ‪TED X‬‬

‫م��ن �أج�م��ل الو�سائط على �شبكة االن�ترن��ت وهو الكاتبة واخلطاطة الأملانية يوديت �شاالن�سكي‬ ‫عبارة عن فيلم وثائقي من �ستة �أج��زاء بعنوان جتد �أن االنطباع ال��ذي يخلفه مظهر الكتاب ال‬ ‫يقل �أهمية عن حمتواه‪ .‬بوا�سطة التغليف والر�سوم‬ ‫(�أثر القراءة على الدماغ)‪:‬‬ ‫التو�ضيحية وال� ��ورق جعلت م��ن كتبها �أع�م��ال‬ ‫(‪� )6 - 1‬إ�ضغط هنا‬ ‫فنية م�صغرة ل�ل�ق��ارئ‪ .‬رواي�ت�ه��ا الأخرية"عنق‬ ‫(‪� )6 - 2‬إ�ضغط هنا‬ ‫الزرافة"عن فرتة ما بعد وحدة �أملانيا من وجهة‬ ‫(‪� )6 - 3‬إ�ضغط هنا‬ ‫(‪� )6 - 4‬إ�ضغط هنا‬ ‫نظر من ريف �أملاين �شرقي‪.‬‬ ‫(‪� )6 - 5‬إ�ضغط هنا‬ ‫مل�شاهدة هذا الفيلم �إ�ضغط هنا‬ ‫(‪� )6 - 6‬إ�ضغط هنا‬

‫فيلم وثائقي عن الأر�ض‬ ‫ي�ح�ك��ي طبيعة الأر� � ��ض اخل�لاب��ة يف خمتلف‬ ‫بقاعها‪� ..‬صحاري وجليد ومناطق خ�ضراء وتلوث‬ ‫البيئي‪.‬‬ ‫مل�شاهدة الفيلم الوثائقي �إ�ضغط هنا‬

‫تيد �أك�س‪� ،‬أك�س تعني = تنظيم احلدث ب�شكل‬ ‫م�ستقل‪ ،‬انطالق ًا من مبد�أ �أن الأف�ك��ار ت�ستحق‬ ‫االنت�شار‪ ،‬تيدك�س هو برنامج من الأحداث املحلية‬ ‫وذات�ي��ة التنظيم التي جتمع النا�س مع ًا لتبادل‬ ‫اخلربات يف التجارة والبيئة ‪�..‬إلخ‪ ،‬لكنها تراعي‬ ‫بع�ض قواعد ولوائح تيد‪.‬‬ ‫تريي مور ملاذا حرف ‪ X‬املجهول‬ ‫للم�شاهدة �إ�ضغط هنا‬

‫‪70‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫فيلم وثائقي ‪ -‬درا�سات عن نهاية الأر�ض‪:‬‬ ‫�إخالء كوكب الأر�ض‬ ‫مل�شاهدة الفيلم �إ�ضغط هنا‬

‫هل ت�ساءلت يوم ًا كيف تتم عملية طباعة و�إنتاج‬ ‫الكتب؟‬ ‫هذا فيديو ممتع وجميل يو�ضح ذلك "الكتب‬ ‫لي�ست �أكوام ًا من الورق امليت‪� ،‬إنها عقول تعي�ش‬ ‫على الأرفف‪.‬‬ ‫وق�صة �صناعة الكتاب مثرية تبد�أ من الكاتب‬ ‫�إىل خروجه من املطابع‪.‬‬ ‫مل�شاهدة هذا الفيديو �إ�ضغط هنا‬

‫فيلم وثائقي الإن�سان الآيل‬ ‫ال��رب��وت��ات امل�صنوعة ال �ي��وم ت�ق��وم ب��الأع�م��ال‬ ‫اخلطرة وال�ق��ذرة لتعطينا املجال لنعي�ش حياة‬ ‫�أف�ضل‪.‬‬ ‫مل�شاهدة الفيلم الوثائقي �إ�ضغط هنا‬

‫حم��ا��ض��رات تيدك�س ل��درو داديل رائ��د حلوى‬ ‫تيد �أك�س‪.‬‬ ‫فيث جاديد تتحدث عن �أخيها رمي��ي الأبكم امل�صا�صة‬ ‫للم�شاهدة �إ�ضغط هنا‬ ‫الذي ين�شر ال�سعادة‪.‬‬ ‫للم�شاهدة �إ�ضغط هنا‬


‫ً‬ ‫‪ 90‬يوما‬

‫فكر‬

‫يف الوقت الذي نعي�ش فيه حالي ًا ع�صر التطورات التكنولوجية‪ ،‬تقدم لكم �أبرز االخرتاعات‬ ‫واالبتكارات التكنولوجية خالل الـ‪� 100‬سنة املا�ضية ح�سب ‪CNN‬‬ ‫كمبيوتر �آبل ماكنتو�ش‬

‫دراجة ‪Piaggio's‬‬ ‫‪ Vespa‬النارية‬

‫ال�سالمل املتحركة‬

‫طائرة ‪Virgin Galactic‬‬ ‫‪Space Plane‬‬

‫‪iPod‬‬ ‫ا�سترييو ‪Bang & Olufsen‬‬

‫كر�سي الـ ‪Aeron chair‬‬

‫بندقية الـ ‪AK47‬‬

‫نصف سكان السعودية‬ ‫يستخدمون اإلنترنت‬ ‫�شهدت ال�سعودية منو ًا ُو�صف بالهائل يف جمال‬ ‫املن�صات الرقمية يف ال�سنتني الأخ�يرت�ين‪ ،‬مما‬ ‫يجعل منها �سوق ًا جذابة ج��د ًا للنا�شرين حول‬ ‫العامل‪ .‬فن�صف �سكان اململكة تقريب ًا ي�ستخدمون‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬ولدى ال�سعودية قاعدة من م�ستخدمي‬ ‫الإنرتنت تتجاوز ‪ 13‬مليون م�ستخدم‪ ،‬م�سجلة‬ ‫�أعلى معدالت انت�شار للإنرتنت يف املنطقة‪ ،‬و�أن‬ ‫لدى مواقع التوا�صل االجتماعي الرائجة‪ ،‬مثل‬ ‫"تويرت" و"في�سبوك"‪� ،‬أعداد ًا هائلة من املتابعني‬ ‫يف اململكة‪ ،‬وبها �أكرث من ثالثة ماليني م�ستخدم‬ ‫ن�شط لتويرت ُي�صدرون خم�سني مليون تغريدة يف‬ ‫ال�شهر‪ ،‬كما �سجل م�ستخدمو تويرت يف اململكة منو ًا‬ ‫قدره ‪ %3000‬ما بني عام ‪ 2011‬و‪� ،2012‬أي‬ ‫�أعلى بكثري من املتو�سط العاملي‪.‬‬ ‫الحاسوب المحمول يواصل‬ ‫تراجعه أمام اللوحي‬

‫وا�صلت احلوا�سيب املحمولة تراجعها �أم��ام‬ ‫مناف�ستها اللوحية‪ ،‬حيث انخف�ضت �شحناتها‬ ‫العاملية بن�سبة ‪ %6.9‬خ�لال الربع الثاين من‬ ‫العام احل��ايل مقارنة بالربع الأول لهذا العام‪،‬‬ ‫وذلك وفق ًا لتقرير ن�شرته م�ؤ�س�سة "�آي �إت�ش �إ�س"‬ ‫للأبحاث‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويت�ضمن ��س��وق احل��ا��س��وب امل�ح�م��ول ك�لا من‬ ‫�أجهزة النوت بوك‪ ،‬واحلوا�سيب فائقة النحافة‬

‫القر�ص املرن‬ ‫طائرة ايربا�ص ‪A380‬‬

‫املحرك النفاث‬

‫�سيارة فورد من طراز تي‬

‫توشيبا تطرح "أنحف" أقراص بتطبيقات خا�صة بالن�سخ االحتياطي للملفات‬ ‫التخزين المحمولة‬ ‫وتبادلها‪.‬‬ ‫ك�شفت �شركة تو�شيبا اليابانية اليوم عما و�صفته‬ ‫ب�أنه �أنحف �أقرا�ص التخزين املحمولة‪ ،‬حيث ال‬ ‫تزيد �سماكته عن ‪ 12.5‬ميليمرتا فقط‪ .‬وي�أتي‬ ‫قر�ص التخزين الذي يحمل اال�سم "�ستور �س ِلم"‬ ‫ب�سعة ت�يراب��اي��ت‪ ،‬م��ع م�ساحة تخزين �سحابية‬ ‫جمانية �إ�ضافية ب�سعة ع�شرة غيغابايت‪ ،‬مما‬ ‫مينح امل�ستخدمني ال �ق��درة على ال��و��ص��ول �إىل‬ ‫البيانات وتبادلها يف �أي وقت و�أي مكان‪ ،‬ح�سب‬ ‫ال�شركة‪ .‬وي�أتي القر�ص بواجهة الناقل الت�سل�سلي‬ ‫العام الإ�صدار ‪( 3.0‬يو �أ�س بي ‪ )3.0‬التي تتفوق‬ ‫بكثري على الإ� �ص��دار ال�سابق ‪ 2.0‬م��ن ناحيتي‬ ‫�سرعة قراءة وكتابة البيانات‪ ،‬مما يقل�ص كثري ًا‬ ‫من وقت انتظار تخزين الن�سخ االحتياطية‪ ،‬كما‬ ‫يتوافق �أي�ض ًا مع الإ�صدار ‪ ،2.0‬وهو ي�أتي مزود ًا‬ ‫(�أل �ت�راب� ��وك)‪ ،‬وه�ب�ط��ت ��ش�ح�ن��ات احل��وا��س�ي��ب‬ ‫املحمولة خالل الن�صف الأول لهذا العام بن�سبة‬ ‫‪ %11.2‬م�ق��ارن� ًة بالن�صف الأول م��ن العام‬ ‫امل��ا��ض��ي‪ ،‬مم��ا يجعل الن�صف الأول م��ن العام‬ ‫احل��ايل الأ��س��و�أ �أداء بالن�سبة لهذا ال�سوق منذ‬ ‫العام ‪ .2003‬وعزت الدرا�سة هذا الرتاجع �إىل‬ ‫ازدياد �شعبية احلوا�سيب اللوحية‪.‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪71 2013‬‬


‫أسرع حاسب صيني خارق في العالم‬ ‫حقق احلا�سب اخلارق ال�صيني املعروف با�سم‬ ‫"تيانهي ‪� ،Tianhe-2 "2-‬سرعة معاجلة‬ ‫بيانات بلغت "‪ 30.65‬بيتافلوب يف الثانية"‪ ،‬رغم‬ ‫�أن االختبار مت �أثناء ت�شغيل احلا�سب بحوايل ‪90‬‬ ‫باملئة من قدرته الكلية‪ ،‬و�أظهر االختبار �أنه �أ�سرع‬ ‫بن�سبة ‪ 74‬باملئة من احلا�سب الأمريكي اخلارق‬ ‫"تيتان" ‪ Titan‬ال��ذي تبلغ �سرعته " ‪17.59‬‬ ‫بيتافلوب يف الثانية" والذي يعترب املت�صدر احلايل‬ ‫لقائمة �أ�سرع ‪ 500‬حا�سب خارق يف العامل‪.‬‬ ‫وق��د مت اختبار ه��ذا احلا�سب اخل��ارق مل��دة ‪5‬‬ ‫�ساعات وفق االختبار املعروف با�سم "لينباك"‬ ‫‪ ،Linpack‬وتبني �أن��ه ق��ادر على العمل ب�سرعة‬

‫"‪ 30.65‬ب�ي�ت��اف�ل��وب يف الثانية"‪ .‬ح �ي��ث �أن‬ ‫"البيتافلوب" هي وحدة خا�صة بقيا�س �سرعة‬ ‫احلوا�سب اخلارقة وتعادل "كوادرليون" �أو "مليار‬ ‫مليون" عملية ح�سابية يف الثانية‪.‬‬ ‫وق��د مت بناء احلا�سب اخل��ارق "تيانهي‪"2 -‬‬ ‫ب��االع �ت �م��اد ع�ل��ى م �ع��اجل��ات "‪"Ivy Bridge‬‬ ‫و"‪ "Xeon Phi‬امل���ص�ن�ع��ة م��ن ق�ب��ل �شركة‬ ‫"�إنتل"‪ ،‬حيث مت ا�ستخدام ‪ 32000‬معالج‬ ‫"‪ ،"Ivy Bridge‬بالإ�ضافة �إىل ‪ 48000‬معالج‬ ‫"‪ "Xeon Phi‬لت�شكيل ما جمموعه ‪3120000‬‬ ‫ن��واة‪ ،‬ويتمتع هذا احلا�سب ب�سعة تخزينية تبلغ‬ ‫"‪ 12.4‬بيتابايت"‪ ،‬و ذاكرة تبلغ "‪ 1.4‬بيتابايت"‪.‬‬

‫احلا�سب ال�صيني "تيانهي ‪"2-‬‬

‫ابتكار أكبر تلسكوب فضائي رقمي‬ ‫ن�شرت �صحيفة ديلي تلغراف الربيطانية �أن‬ ‫علماء الف�ضاء ابتكروا �أك�بر تل�سكوب ف�ضائي‬ ‫رقمي يف العامل يقوم بالتقاط �صور ثالثية الأبعاد‬ ‫لأكرث من مليار جنم يف جمرة درب التبانة‪ ،‬يف‬ ‫حماولة مل�ساعدة العلماء على حتديد موقعنا يف‬ ‫املجرة للمرة الأوىل‪.‬‬ ‫ويقول العلماء �إن التل�سكوب العمالق‪ ،‬الذي تبلغ‬ ‫قيمته نحو ‪ 958‬مليون دوالر واملقرر �إطالقه يف‬ ‫ت�شرين الأول‪�/‬أكتوبر ‪.2013‬‬ ‫وم��ن امل �ت��وق��ع �أن ي���س��اع��د التل�سكوب علماء‬ ‫الف�ضاء يف حتديد عمر وحجم وحركة النجوم‪،‬‬ ‫وتقدمي تفا�صيل عن تركيبتها‪ .‬و�سي�ساعد �أي�ض ًا‬ ‫يف اكت�شاف �أك�ثر من خم�سة �آالف كوكبا خارج‬

‫نظامنا ال�شم�سي بالإ�ضافة �إىل الكائنات الأخرى‬ ‫الواقعة خارج جمرتنا‪.‬‬ ‫و�أ��ش��ارت ال�صحيفة �إىل �أن الكامريا الفائقة‬ ‫الدقة املركبة بالتل�سكوب �ستتمكن من التحديق‬ ‫يف �أجرام �سماوية تبعد �أكرث من ‪� 150‬ألف �سنة‬ ‫�ضوئية‪� ،‬أو على بعد ‪� 900‬أل��ف تريليون ميل يف‬ ‫�أعماق الف�ضاء‪ .‬وتبلغ الكامريا من القوة لدرجة‬ ‫�أنها ت�ستطيع متييز �شعرة واح��دة على بعد �أكرث‬ ‫من ‪ 692‬كيلومرت ًا‪.‬‬ ‫وي�شري العلماء �إىل �أن التل�سكوب "غايا" �س ُيطلق‬ ‫يف منطقة �شد اجلاذبية فيها من ال�شم�س والأر�ض‬ ‫مت�ساو‪ ،‬كي يبقى يف نف�س مكانه بال�ضبط‪.‬‬

‫التل�سكوب "غايا" حتت الت�صنيع‬

‫غوغل تطرح متصفح إنترنت لنظارتها الذكية‬ ‫�أ�ضافت �أخري ًا �شركة غوغل الأمريكية مت�صفح‬ ‫�إنرتنت لنظارتها الذكية‪ ،‬كما �أعلنت عن ب�ضعة‬ ‫حتديثات جديدة على تطبيقات نظارتها بجعل‬ ‫عملية العثور على حمتوى جديد �أو االت�صال بدون‬ ‫ا�ستخدام اليدين �أكرث �سهولة من قبل‪.‬‬ ‫وقالت ال�شركة يف �صفحتها على موقع التوا�صل‬ ‫االجتماعي "غوغل‪� "+‬إنها كانت ت�ستك�شف طرقا‬ ‫لتجعل م�ستخدم النظارة "يغو�ص �أعمق ب�سرعة‬ ‫ليح�صل على املعلومة التي يحتاجها متاما عندما‬ ‫يحتاجها"‪.‬‬ ‫والختبار ذل��ك ‪-‬ت�ضيف ال�شركة‪ -‬ابحث عن‬ ‫�شيء ثم انقر على �شا�شة "ا�ستعر�ض املوقع"‬ ‫‪72‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫جللب �صفحة املوقع �أمامك‪.‬‬ ‫وعندما ي�صل امل�ستخدم �إىل �صفحة الإنرتنت‬ ‫�أ�صبحت النظارة توفر له �سل�سلة �أوامر خمتلفة‬ ‫على لوح اللم�س اخلا�ص بها (موجود على جانب‬ ‫ال�ن�ظ��ارة) حت��اك��ي ح��رك��ة ال �ف ��أرة يف احلا�سوب‬ ‫املحمول �أو حركة الإ�صبع على �شا�شة مل�سية‪،‬‬ ‫وكمثال على ذلك لتمرير �صفحة الإنرتنت �إىل‬ ‫�أ�سفل على امل�ستخدم زلق �أ�صبعه �إىل الأمام على‬ ‫لوح اللم�س‪.‬‬ ‫وللتكبري والت�صغري عليه زلق �أ�صبعني �إىل الأمام‬ ‫�أو اخللف‪ .‬و�أن يثبت �أ�صبعني على لوح اللم�س ثم‬ ‫يحرك ر�أ�سه جانب ًا لعمل �إزاح��ة لل�صورة‪ ،‬ك�أنه‬

‫ينظر حوله‪ ،‬وينقر ليعود �إىل مركز ال�شا�شة‪.‬‬


‫قائمة أكبر ‪ 10‬دول في ارتفاع سرعة االتصال بشبكة االنترنت‬ ‫كل يوم ي��زداد املاليني من النا�س يف الدخول‬ ‫على االن�ترن��ت‪ .‬ولكن ال���س��ؤال اجل��وه��ري ال��ذي‬ ‫يدخل �أذه��ان اجلميع يف هذا العامل هو ما هي‬ ‫ال��دول��ة الأع�ل��ى ات�صال ب��الإن�ترن��ت؟‪ .‬ولي�س من‬ ‫ال�ضروري �أن يكون هذا البلد غني ًا‪.‬‬ ‫هنا قائمة �أف�ضل ‪ 10‬بلد ًا يف ارت�ف��اع �سرعة‬ ‫االت�صال ب�شبكة االنرتنت‪.‬‬ ‫يف املرتبة الأوىل على م�ستوى ال�ع��امل ج��اءت‬ ‫ك��وري��ا اجلنوبية لالت�صال ب��الإن�ترن��ت وات�صال‬ ‫النطاق العري�ض‪ ،‬وكان متو�سط �سرعة االت�صال‬ ‫بـ‪ 15‬ميغابايت يف الثانية‪ ،‬مبعنى ع�شرة �أ�ضعاف‬ ‫امل�ت��و��س��ط ال �ع��امل��ي‪ .‬واح �ت �ل��ت ك��وري��ا اجلنوبية‬ ‫�أي�ض ًا الأوىل من حيث ارت�ف��اع ات�صال النطاق‬ ‫العري�ض ‪ %69‬م��ن االت���ص��االت على م�ستوى‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫ويف املرتبة الثانية احتلت اليابان م��ن حيث‬ ‫االت�صال بالإنرتنت‪ ،‬وات�صال النطاق العري�ض‪.‬‬ ‫كذلك احتلت اليابان املرتبة الثانية م��ن حيث‬ ‫ال��رب��ط ع��ايل النطاق العري�ض‪ .‬ح��وايل ‪ 54‬يف‬ ‫امل��ائ��ة م��ن االت �� �ص��االت يف ال �ي��اب��ان ه��ي ف��وق ‪7‬‬ ‫ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫ويف املرتبة الثالثة حتتل هونغ كونغ ب�سرعة‬

‫االت�صال بالإنرتنت بـ ‪ 6.9‬ميغابت يف الثانية‪،‬‬ ‫وبذلك حتتل مكان ًا بني �أف�ضل ‪ 10‬بلد ًا يف ارتفاع‬ ‫�سرعة االت�صال ب�شبكة االنرتنت‪ .‬وكذلك حتتل‬ ‫هونغ كونغ املرتبة اخلام�سة من حيث النطاق‬ ‫العري�ض ع��ايل ال��رب��ط ب�ـ ‪ % 38‬م��ن االت�صال‬ ‫ب�أعلى ‪ 5‬ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫وحتتل رومانيا املركز الرابع ب�سرعة ات�صال‬ ‫بالإنرتنت بـ ‪ 5.7‬ميغابايت يف الثانية‪ ،‬وكذلك‬ ‫حتتل املرتبة الثالثة م��ن حيث ارت�ف��اع النطاق‬ ‫العري�ض ات�صال بـ‪ % 45‬ب�أعلى ات�صال من ‪5‬‬ ‫ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫وحتتل ال�سويد املرتبة اخلام�سة بني �أعلى ‪10‬‬ ‫دول يف ارتفاع �سرعة االت�صال ب�شبكة االنرتنت‬ ‫ب�سرعة ‪ 5.6‬ميغابايت يف الثانية‪ ،‬وكذلك حتتل‬ ‫ال�سويد املرتبة الرابعة من حيث ارتفاع ات�صال‬ ‫النطاق العري�ض بـ ‪ % 39‬ب�أعلى ات�صال من ‪5‬‬ ‫ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫واحتلت �سوي�سرا املركز ال�ساد�س مع �سرعة‬ ‫االت�صال بالإنرتنت بـ ‪ 5‬ميغابت يف الثانية‪ .‬ومل‬ ‫تظهر �سوي�سرا يف قائمة الع�شرة الأوائ ��ل من‬ ‫ترجمة فريق جملة فكر‬ ‫البلدان بات�صال النطاق العري�ض‪.‬‬ ‫لقراءة امل�صدر �إ�ضغط هنا‬ ‫وحتتل هولندا املرتبة ال�سابعة ب�سرعة االت�صال‬

‫ب��الإن�ترن��ت ب�سرعة متو�سطة ‪ 4.9‬ميغابت يف‬ ‫الثانية‪ .‬واحتلت هولندا املرتبة ال�سابعة من حيث‬ ‫ارتفاع ات�صال النطاق العري�ض بـ ‪ % 28‬بات�صال‬ ‫�أعلى من ‪ 5‬ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫وحتتل بلجيكا املرتبة الثامنة ب�سرعة االت�صال‬ ‫بالإنرتنت ب�سرعة متو�سطة بـ ‪ 4.7‬ميغابت يف‬ ‫الثانية‪ .‬واحتلت بلجيكا املرتبة ال�ساد�سة من‬ ‫حيث ارتفاع ات�صال النطاق العري�ض بـ ‪% 31‬‬ ‫باالت�صال �أعلى من ‪ 5‬ميغابت يف الثانية‪.‬‬ ‫وحتتل �سلوفاكيا املركز التا�سع من بني �أكرب‬ ‫‪ 10‬دول تتمتع بارتفاع �سرعة االت�صال ب�شبكة‬ ‫االنرتنت ب�سرعة ‪ 4.5‬ميغابايت يف الثانية‪.‬‬ ‫وحتتل الرنويج املرتبة العا�شرة من بني �أف�ضل‬ ‫‪ 10‬دول بارتفاع �سرعة االت�صال ب�شبكة االنرتنت‬ ‫ب�سرعة ‪ 4.5‬ميغابايت يف الثانية وه��و متو�سط‬ ‫ال�سرعة‪ .‬وحتتل الرنويج املرتبة اخلام�سة من‬ ‫حيث ارتفاع ات�صال النطاق العري�ض بـ ‪% 38‬‬ ‫بات�صال �أعلى من ‪ 5‬ميغابت يف الثانية‪.‬‬

‫تويتر يتصدر شبكات التواصل بالسعودية‬ ‫�أظهر م�سح �إلكرتوين جديد �أن ال�سعوديني �أكرث‬ ‫ا�ستخدام ًا ملوقع التوا�صل االجتماعي "تويرت"‬ ‫باملقارنة مع ال�شبكات الأخ��رى مثل "في�سبوك‬ ‫"ولينكد �إن"‪ ،‬حيث قال ‪ %87‬من �أفراد العينة‬ ‫التي �شملها امل�سح �أنهم ي�ستخدمون تويرت‪ ،‬بينما‬ ‫�أ�شار ‪� %44‬إىل �أنهم ي�ستخدمون في�سبوك‪.‬‬ ‫وذكر ‪ %58‬من الفئة امل�ستطلعة �آرا�ؤهم �أنهم‬ ‫ي�ستفيدون من هذه ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬بينما‬ ‫�أ�شار ‪� %41‬إىل �أن ا�ستفادتهم غري وا�ضحة‪ ،‬يف‬

‫حني �أو�ضح ‪ %1‬ب�أنهم ال ي�ستفيدون منها �شيئ ًا‪.‬‬ ‫�أم��ا عن الو�سيلة التي ي�ستخدمونها للو�صول‬ ‫�إىل ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬فقد �أ�شار ‪ %84‬من‬ ‫امل�ستطلعني �إىل �أنهم ي�ستخدمون الهواتف الذكية‬ ‫مثل �آيفون والبالك بريي و�إت�ش‪.‬تي‪�.‬سي‪ ،‬بينما‬ ‫جاء احلا�سوب املحمول ثاني ًا بن�سبة ‪ %65‬ثم‬ ‫احلا�سوب املكتبي بن�سبة ‪.%30‬‬

‫‪ 22‬مليون جهاز ذكي بالمنطقة العربية‬ ‫ك�شفت درا�سة حديثة امتالك امل�ستخدمني يف‬ ‫املنطقة العربية نحو ‪ 22‬مليون جهاز ذكي �سواء‬ ‫حا�سب لوحي �أو هاتف ذكي‪ ،‬وتعمل الن�سبة الكربى‬ ‫من تلك الأجهزة الذكية بنظام (�أندرويد)‪.‬‬ ‫و�أو�ضحت الدرا�سة التي ك�شفت عنها �شركة‬ ‫(‪ )FrootApps‬لتطوير التطبيقات �أن نظام‬

‫(�أن��دروي��د) ي�شغل نحو ‪ %40‬م��ن احلوا�سب‬ ‫اللوحية وال�ه��وات��ف الذكية العاملة يف املنطقة‬ ‫العربية‪� ،‬أي ما يقدر بـ‪ 8.8‬ماليني جهاز‪.‬‬ ‫و�أ�ضافت الدرا�سة �أن نظام ‪ iOS‬ي�أتي يف املرتبة‬ ‫الثانية بعد (�أن��دروي��د)‪ ،‬حيث يعمل نحو ‪7.7‬‬ ‫ماليني جهاز ذكي من (�أبل) �سواء هاتف �آيفون‬

‫�أو حا�سب �آيباد لوحي يف املنطقة العربية‪ ،‬مقابل‬ ‫نحو ‪ 3.3‬ماليني جهاز ذكي بنظام بالكبريي‪.‬‬ ‫وي �ع��د ن �ظ��ام (وي� �ن ��دوز ف� ��ون) �أق� ��ل الأن �ظ �م��ة‬ ‫ا�ستخدام ًا ب�ين امل�ستخدمني ال �ع��رب‪ ،‬فح�سب‬ ‫ال��درا���س��ة ت�ع�م��ل ‪ %10‬ف �ق��ط م��ن الأج��ه��زة‬ ‫الذكية يف املنطقة العربية بالنظام الذي تطوره‬ ‫(مايكرو�سوفت)‪.‬‬ ‫و�أ�� �ش ��ارت ال��درا� �س��ة ك��ذل��ك �إىل �أك�ث�ر فئات‬ ‫ال�ت�ط�ب�ي�ق��ات ال �ت��ي يف�ضلها امل���س�ت�خ��دم��ون يف‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬حيث �أو�ضحت �أن فئة الألعاب‬ ‫هي �أك�ثر التطبيقات تنزي ًال من متجري (�آب‬ ‫�ستور) و(غوغل بالي)‪ ،‬تليها تطبيقات التوا�صل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫و ُي�ع��د ال��رج��ال الأك�ث�ر تنزي ًال للتطبيقات من‬ ‫الن�ساء‪ ،‬حيث ت�شري الدرا�سة �إىل �أن متو�سط عدد‬ ‫التطبيقات التي يثبتها الرجل على جهازه الذكي‬ ‫هو ع�شرة تطبيقات‪ ،‬كما �أو�ضحت الدرا�سة �أن‬ ‫الرجال هم الأكرث اهتماما بالتطبيقات املدفوعة‪.‬‬ ‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪73 2013‬‬


‫فكر‬

‫نقطة ضوء‬

‫النقد للنقد أم للمصلحة العامة؟!‬ ‫ميسون أبو بكر‬

‫أديبة وشاعرة ومذيعة في ‬ ‫القناة الثقافية السعودية‬

‫‪74‬‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪2013‬‬

‫“�إع�صار �أوكالهوما مد ّمر للغاية وقد ا�ضطرت ال�سلطات املحلية لتخزين جثث‬ ‫ال�ضحايا يف دار لل�سينما‪.‬‬ ‫من متابعتي للمو�ضوع وجدت اجلميع يعمل والإعالم يدعم ومل �أجدهم يتالومون‬ ‫وال يلقون بالتق�صري على احلكومة‪� ،‬إنهم قادرون على جتاوز الآثار كما جتاوزوا �آثار‬ ‫�ساندي‪.‬‬ ‫هم يف الأزمات يعملون ويف وقت الرخاء يعملون‪� ،‬أما نحن فم�شغولون بنقد كل �شيء‬ ‫وك�أننا �سن�صلح �أحوالنا على �صفحات تويرت‪.‬‬ ‫كم من �شخ�ص يرتك عمله ليتف ّرغ لنقد الآخرين عرب تويرت واملنتديات‪ .‬وكم من‬ ‫و�سيلة �إعالمية غارقة يف الف�ساد وت�سابق يف تعرية ف�ساد الآخرين‪ .‬لو ان�شغل كل منا‬ ‫بنف�سه ي�صلحها ل�صلح جمتمعنا كله‪”.‬‬ ‫ا�ستوقفتني هذه املقولة �أعاله من ف�ضاء الفي�س بوك وهي للدكتور عبداهلل الطاير‬ ‫و�ضعها على �صفحته ال�شخ�صية‪ ،‬وهي تخت�صر ما �أود �أن �أ�شري �إليه يف هذا املقال‬ ‫ورمبا جتيب على الكثري من الت�سا�ؤالت التي �أبرزها‪ :‬هل نحن ننتقد لأجل النقد‬ ‫والإ�صالح �أم لإثارة الفو�ضى وحب الظهور ومن منطلق خالف تُعرف؟!‬ ‫هل الف�ضاء الإلكرتوين الذي ال رقيب عليه وال من حواجز وحدود هو خاليا خلمائر‬ ‫فا�سدة قد جتعل من بع�ض العقول ال�ضعيفة قنابل موقوتة وخاليا �إرهابية جاهزة‬ ‫للتخريب يف �أي وقت؟!‬ ‫ملاذا حتول معظم املغردين �إىل ّ‬ ‫منظرين يوجهون االتهامات للم�س�ؤولني ويع ّلقون‬ ‫�أخطاء املجتمع والتي رمبا هم من امل�شاركني بها على عالقة الآخرين؟!‬ ‫�أين هم �أ�صحاب الفكر والثقافة واخلربة من و�ضع الإ�سرتاتيجيات و�إيجاد احللول‬ ‫وتوجيه جمتمعاتهم؟!‬ ‫ونحن نحتل املركز الأول على م�ستوى العامل تويرتي ًا فكيف هي ثقافتنا يف ا�ستخدام‬ ‫هذا الف�ضاء الإعالمي؟ كيف هو ح�ضورنا وملاذا حتول �إىل �ساحة لإ�شاعة ال�شائعات‬ ‫واالقتيات عليها؟!‬ ‫بالعودة ملا بد�أت به مقايل هذا كنموذج للتكاتف االجتماعي يف �أمريكا وهذا هو‬ ‫حال ال�شعب الأمريكي مع حكومته الذي ي�ستح�ضر الوعي الكبري لدى الأفراد التي‬ ‫ت�سارع يف تفادي امل�صاب بعيد ًا عن �إثارة االتهامات بالتق�صري على عك�س البع�ض‬ ‫منا‪.‬‬ ‫يف ا�ستفتاء �أجري على �شريحة كبرية يف �أمريكا كان يخري امل�ستفتني ما بني اختيار‬ ‫احلرية �أو الأمن واال�ستقرار‪ ،‬فكانت النتيجة التي احتلت الن�سبة الأكرب هي اختيار‬ ‫الأمن واال�ستقرار مع القليل من احلرية‪.‬‬ ‫�أت�ضرع �إىل اهلل �أن يدمي علينا الأمن والأمان ومينحه للقلوب التي ر ّوعها اخلوف‬ ‫والقلق وعدم اال�ستقرار ولتلك البلدان التي �شرد �أهلها وقتل �ساكنيها ور ّوع �أطفالها‬ ‫وما زالت املعاناة م�ستمرة‪ ،‬يلتحفون ال�سماء ويتو�سدون الرثى يت�ساءل �صغارهم ملاذا‬ ‫أغراب وم�شردون وجائعون يلتهم اخلوف والفزع قلوبهم‪.‬‬ ‫نحن � ُ‬


‫فكر‬

‫شعر‬

‫قهوة أمي‬ ‫أحن �إىل خبز �أمي‬ ‫� ّ‬ ‫و قهوة �أمي‬ ‫و مل�سة �أمي‬ ‫و تكرب يف الطفولة‬ ‫يوم ًا على �صدر يو ِم‬ ‫و �أع�شق عمري لأين‬ ‫�إذا متّ ‪،‬‬ ‫�أخجل من دمع �أمي!‬ ‫خذيني‪� ،‬إذا عدت يوم ًا‬ ‫و�شاح ًا لهدبك‬ ‫ّ‬ ‫وغطي عظامي بع�شب‬ ‫تع ّمد من طهر كعبك‬ ‫و�شدي وثاقي‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫بخ�صلة �شعر‬ ‫بخيط يل ّوح يف ذيل ثوبك‪..‬‬ ‫�إذا ما مل�ست قرارة قلبك!‬ ‫�ضعيني‪� ،‬إذا ما رجعت‬ ‫وقود ًا بتنور نارك‪..‬‬ ‫وحبل غ�سيل على �سطح دارك‬ ‫لأين فقدت الوقوف‬ ‫بدون �صالة نهارك‬ ‫هرمت‪ ،‬فر ّدي جنوم الطفولة‬ ‫حتى �أ�شارك‬ ‫�صغار الع�صافري‬ ‫درب الرجوع‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫لع�ش انتظارك!‬

‫محمود درويش‬

‫فكر العدد ‪� - 4‬أغ�سط�س ‪75 2013‬‬


‫ً‬ ‫معا‪ ..‬نختصر المسافات لحلم يتجدد‪...‬‬

‫مجلة فكر‬ ‫مجلة العرب على امتداد خارطة العالم‬

‫‪www.fikrmag.com‬‬ ‫للتوا�صل ‪info@fikrmag.com :‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.