اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ )ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ (
د .ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺘﻮح ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﺪات أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك -ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﯿﻦ ﺷﻤﺲ deanmahmoud@yahoocom
1434ھـ
1
2
ﻓﮭﺮس اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻤﺒﺤﺚ
اﻟﻔﺼﻞ
اﻟﺼﻔﺤﺔ
ﻓﮭﺮس اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت
3
ﻓﮭﺮس اﻟﺠﺪاول
4
ﻣﻘﺪﻣﺔ
5
ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺪراﺳﺔ
6
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺪراﺳﺔ
10
اﻟﺪراﺳﺔ:
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﺪﻟﻮھﺎ
15
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﻜﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﻧﺸﺄة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
19
اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
22
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ :أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ:
25
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺮاﺑﻊ :ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
27
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ :ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
30
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎدس:اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام
37
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ:ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
75
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ :رﺣﻠﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :اﻟﺤﺞ
80
اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ
88
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ:أﯾﺎم رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
105
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ :اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
110
اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
124
ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ :اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
128
اﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ :ﻧﺘﺎﺋﺞ
أوﻻ :ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺔ
136
اﻟﺪراﺳﺔ وﺗﻮﺻﯿﺎﺗﮭﺎ
ﺛﺎﻧﯿﺎ :ﺗﻮﺻﯿﺎت اﻟﺪراﺳﺔ
138
ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺪراﺳﺔ
141
اﻟﻤﺮاﺟﻊ
3
ﻓﮭﺮس اﻟﺠﺪاول اﻟﺼﻔﺤﺔ
اﻟﺠﺪول ﺟﺪول ) (1ﯾﻮﺿﺢ أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﺪﻟﻮھﺎ.
15
ﺟﺪول ) (2ﯾﻮﺿﺢ ﻧﺸﺄة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
19
ﺟﺪول ) (3ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة
22
ﺟﺪول ) (4ﯾﻮﺿﺢ أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
25
ﺟﺪول ) (5ﯾﻮﺿﺢ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
27
ﺟﺪول ) (6ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
30
ﺟﺪول) (7ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ
38
ﺟﺪول ) (8ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ
46
ﺟﺪول) (9ﯾﻮﺿﺢ ﺗﺎرﯾﺦ ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ
55
ﺟﺪول) (10ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻟﻤﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم
61
ﺟﺪول) (11ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻟﺴﻘﯿﺎ زﻣﺰم
64
ﺟﺪول) (12ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ
68
ﺟﺪول) (13ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ ﻟﻠﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد
71
ﺟﺪول) (14ﯾﻮﺿﺢ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
75
ﺟﺪول) (15ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻷول ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ) اﻹﺣﺮام(
88
ﺟﺪول) (16ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ )اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ(
92
ﺟﺪول) (17ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة
98
ﺟﺪول) (18اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺮاﺑﻊ واﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ
101
ﺟﺪول) (19ﯾﻮﺿﺢ أﯾﺎم رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ) 13-8ذو اﻟﺤﺠﺔ(
105
ﺟﺪول ) (20ﯾﻮﺿﺢ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
110
4
ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻣﻘﺪﻣﺔ: إن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻧﺤﻤﺪه وﻧﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﮫ وﻧﺴﺘﻐﻔﺮه وﻧﺴﺘﮭﺪﯾﮫ ،وﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺷﺮور أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﻦ ﺳﯿﺌﺎت أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ،إﻧﮫ ﻣﻦ ﯾﮭﺪي اﷲ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﮫ ،وﻣﻦ ﯾﻀﻠﻞ ﻓﻼ ھﺎدي ﻟﮫ ،وأﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ. إن ﺧﯿﺮ اﻟﺒﻘﺎع ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻤﻌﻤﻮرة ﺑﻠﺪ اﷲ اﻟﺤﺮام ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻣﮭﺒﻂ اﻟﻮﺣﻲ، وﻣﻮﻃﻦ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ ،اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرھﺎ اﷲ ﻟﺒﯿﺘﮫ اﻟﺤﺮام ،وﻟﻘﺪ اﺧﺘﺼﮭﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻞ ،وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻣﺔ واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ھﻲ وﻣﺪﯾﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ ،ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﻐﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻘﺎع ، وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ ،إذ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه ،ﻓ ﺤﺪﺛﻨﺎ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل :أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻦ ﻗﺰﻋﺔ ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮫ أرﺑﻌﺎ ﻗﺎل :ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ وﻛﺎن ﻏﺰا ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﻏﺰوة ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻔﯿﺎن ﻋﻦ اﻟﺰھﺮي ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎل ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎل إﻻ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺮﺳﻮل وﻣﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ رواه اﻟﺒﺨﺎري ،ﻟﺬا ﻓﻼ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺟﻠﯿﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ، ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺘﮭﺎ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﮭﺎ ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻣﻤﻦ ﺷﺮﻓﮫ اﷲ ﺑﺎﻟﻮﻻﯾﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻋﻨﻲ اﻟﻮﻻة ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻟﺴﻼﻃﯿﻦ واﻟﻤﻠﻮك واﻷﻣﺮاء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﺣﻈﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﺎﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺘﺸﯿﯿﺪ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﺻﻮرة ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﺎﺳﺒﮫ. ﺷﺮع اﷲ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﻟﺤﻜﻢ ﻋﻈﯿﻤﺔ وﻏﺎﯾﺎت ﺟﻠﯿﻠﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺰﻛﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،وﺗﻄﮭﺮ اﻟﻘﻠﻮب ،وﺗﻘﺮب اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻦ رﺑﮭﻢ ﺟﻞ وﻋﻼ ،وھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﯿﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﺒﺎدات، ﻛﻤﺎ أن ھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻋﺒﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ،وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻋﺒﺎدة اﻟﺤﺞ ،ﻓﻠﻠﺤﺞ ﺣﻜﻢٌ وأﺳﺮار وﻣﻌﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺤﺎج أن ﯾﻘﻒ ﻋﻨﺪھﺎ ،وأن ﯾﻤﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وأن ﯾﺴﺘﺸﻌﺮھﺎ وھﻮ ﯾﺆدي ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺤﻘﻖ اﻟﺤﺞ ﻣﻘﺼﻮده وآﺛﺎره ،ﻟﺬا ﺗﺤﺎول اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ. وﻗﺪ اﺷﺘﻤﺖ اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻓﺼﻮل،ﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺪراﺳﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ وﻣﻮﻗﻌﮭﺎ وﻣﻨﺎﺧﮭﺎ وﺗﻀﺎرﯾﺴﮭﺎ وأﺷﮭﺮ ﻣﻌﺎﻟﻤﮭﺎ وﺟﺒﺎﻟﮭﺎ وأودﯾﺘﮭﺎ وﻛﺬﻟﻚ أﺷﮭﺮ ﻣﺴﺎﺟﺪھﺎ وﻓﻰ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺤﺞ وﻣﻮاﻗﯿﺘﮫ وﺷﺮوﻃﮫ وأرﻛﺎﻧﮫ واﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻨﮫ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺗﻨﺎول أھﻢ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،واھﻢ ﻓﻀﺎﺋﻠﮭﺎ ،واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ،وأﺧﯿﺮا ﺗﻨﺎول اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺔ وﺗﻮﺻﯿﺎﺗﮭﺎ. واﷲ وﻟﻰ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ د .ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺘﻮح ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﺪات 1434ھـ
5
ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺒﺤﺚ :اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ )ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ( د .ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺘﻮح ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﺪات – أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك -ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﯿﻦ ﺷﻤﺲ
أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﻌﻠﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ .ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ .إن اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﻧﺤﻤﺪه وﻧﺴﺘﻌﯿﻨﮫ وﻧﺴﺘﻐﻔﺮه وﻧﺴﺘﮭﺪﯾﮫ ،وﻧﻌﻮذ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺷﺮور أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﻦ ﺳﯿﺌﺎت أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ،إﻧﮫ ﻣﻦ ﯾﮭﺪه اﷲ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﮫ ،وﻣﻦ ﯾﻀﻠﻞ ﻓﻼ ھﺎدي ﻟﮫ .وأﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ، وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ .أﻣﺎ ﺑﻌﺪ: ﻣﻜﺔ ھﻲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ،وھﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،ﺷﺮﻓﮭﺎ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ورﻓﻊ ﻗﺪرھﺎ ،ﻓﻠﮭﺎ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ واﻟﻤﻘﺎم اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺪاﻧﯿﮫ ﻣﻘﺎم ،ﻓﻔﯿﮭﺎ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﺬي ھﻮ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ،ﯾﻌﺒﺪون ﻓﯿﮫ رﺑﮭﻢ وﯾﺘﻘﺮﺑﻮن إﻟﯿﮫ ،وھﻮ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي ﺟﺪد ﺑﻨﺎءه ﺧﻠﯿﻞ اﻟﺮﺣﻤﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،وزاده اﷲ رﻓﻌﺔ وﺗﻌﻈﯿﻤﺎ ﺑﻤﺒﻌﺚ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﺮﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ أﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ . أﻣﺮ اﷲ ﻋﺒﺎده ﺑﺈﺗﺒﺎع ﻧﺒﯿﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ }:وﻣﺎ آﺗﺎﻛﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﻓﺨﺬوه وﻣﺎ ﻧﮭﺎﻛﻢ ﻋﻨﮫ ﻓﺎﻧﺘﮭﻮا { )اﻟﺤﺸﺮ ، ( 7 :وﺟﻌﻞ إﺗﺒﺎع ﻧﺒﯿﮫ ھﻮ دﻟﯿﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻷول وﺷﺎھﺪھﺎ اﻷﻣﺜﻞ ،ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ } :ﻗﻞ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺤﺒﻮن اﷲ ﻓﺎﺗﺒﻌﻮﻧﻲ ﯾﺤﺒﺒﻜﻢ اﷲ وﯾﻐﻔﺮ ﻟﻜﻢ ذﻧﻮﺑﻜﻢ واﷲ ﻏﻔﻮر رﺣﯿﻢ {) آل ﻋﻤﺮان ، ( 31واﻟﺤﺞ ﻣﻦ أوﺿﺢ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﯾﺘﺠﻠﻰ ﻓﯿﮭﺎ إﺗﺒﺎع اﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -واﻟﺘﺄﺳﻲ ﺑﮫ ،ﻟﻤﺎ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎة اﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻟﺬا ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﺿﯿﺢ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ. وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻤﻨﮭﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻠﻲ وذﻟﻚ ﻟﻮﺻﻒ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ ،وﺗﺤﻠﯿﻞ ﺑﯿﺎﻧﺎﺗﮫ ،وﺑﯿﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﮫ ،واﻵراء اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح ﺣﻮﻟﮫ ،واﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺪﺛﮭﺎ .وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻠﺖ اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ: ﺗﻌﺪدت أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،وﻗﺪ زادت أﺳﻤﺎؤھﺎ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﯿﻦ اﺳﻤﺎً ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ أوﺻﺎف وأﺣﻮال ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ورد ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،وﻣﻦ أھﻤﮭﺎ ﻣﻜﺔ ،وﺑﻜﺔ، وأم اﻟﻘﺮى ،واﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،وﻗﺪ ﺷﺮﺣﺖ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ ﻓﺎﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻣﻜﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻚ اﻟﺠﺒﺎرﯾﻦ أي ﺗﺪﻛﮭﻢ وﺗﺤﻄﻤﮭﻢ ،أو أﻧﮭﺎ ﺳﻤﯿﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻻزدﺣﺎم اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺣﺖ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﺑﻜﺔ ﺑﺸﺮوح ﺷﺒﯿﮭﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﮭﺸﯿﻢ واﻟﻘﮭﺮ ،وأن اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ 6
أم اﻟﻘﺮى ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ واﻟﻘﯿﺎدة ،واﻟﻘﺪاﺳﺔ ،ﻓﮭﻲ أﻋﻈﻢ ﻛﻞ اﻟﻘﺮى ،أﻣﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ﻓﺘﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن ﻣﻦ دﺧﻠﮫ ﻛﺎن آﻣﻨﺎً وأن أھﻠﮭﺎ آﻣﻨﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﯾﺦ. ﯾﺮﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد أي أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻗﺒﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ واﻟﻨﺒﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺑﻠﺪة ﺻﻐﯿﺮة ﺳﻜﻨﮭﺎ ﺑﻨﻮ آدم إﻟﻰ أن دﻣﺮت ،أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺬي ﺿﺮب اﻷرض ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻧﻮح ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ واد ﺟﺎف ﺗﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ .وﻣﺮت ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﺣﺘﻔﻈﺖ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﺤﺮﻣﺘﮭﺎ وﻗﺪﺳﯿﺘﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻂ اھﺘﻤﺎم ورﻋﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺘﮭﺎ. ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷودﯾﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮز ھﺬه اﻷودﯾﺔ :وادي ﻓَﺦّ ،وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ ،وادي ﻋﺒﻘﺮ ،وادي ﻋﺮﻧﺔ ،وادي ﺿﯿﻢ ،وادي ﻣُﺤَﺴﱢﺮ ،وادي ﻧَﻌْﻤﺎن . ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ،ﺟﺒﻞ ﺛﻮر ،ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ ،ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ ،ﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺔ ،ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ،ﺟﺒﻞ ﻗﻌﯿﻘﻌﺎن. ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﯿﻦ أﺣﻀﺎﻧﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ واﻵﺛﺎر ،وﻟﻌﻞ أﺑﺮزھﺎ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،و ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻜﺔ ،ﺗﺘﻮﺳﻄﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ أول ﺑﻨﺎء وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻏﺎر ﺣﺮاء ،وﻏﺎر ﺛﻮر،ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات ،ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ ،ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ.
ﺗﺤﻔﻞ رﺣﺎب اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻷﺛﺮﯾﺔ ذات اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻌﮭﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ورﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ذاﻛﺮة اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻹﺳﻼﻣﻲ. وأﺑﺮز اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺰاﺧﺮة ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻤﺎري ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ وﻣﺴﺠﺪ ﺟﻌﺮاﻧﺔ واﻟﺠﻦ واﻟﺨﯿﻒ واﻟﺮاﯾﺔ وﻋﺎﺋﺸﺔ واﻟﺼﺨﺮات واﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام وﻧﻤﺮة .واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ أھﻤﯿﺔ إﺿﺎﻓﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﯿﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓﻤﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ ﺗﻤﺖ ﻋﻠﻰ أرﺿﮫ أول ﺑﯿﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﯾﺠﺎوره ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﺑﯿﻌﺔ اﻟﺠﻦ ،وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ اﻟﺬي ﺷﮭﺪ ﺻﻼة اﻟﺮﺳﻞ ﻓﯿﮫ ،وﻣﺴﺎﺟﺪ أﺧﺮى ﻧﺰل ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻨﺎﺑﺮ أﺳﮭﻤﺖ ﻓﻲ ﺑﺚ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ وإﯾﺼﺎﻟﮭﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ، ﻓﺄﻏﻠﺐ ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻻزاﻟﺖ ﺷﺎﻣﺨﺔ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ وھﻲ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺗﺎرﯾﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ 7
ﺷﮭﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﺬي ﯾﻀﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰه ،ﺗﻮﺳﻌﺎت ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﻣﻨﺬ ﻋﮭﺪ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﺎم )638م ( ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻣﻨﺎ ھﺬا. ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ :ﻋﻮدة اﻟﺤﺎج إﻟﻰ اﷲ واﺳﺘﻤﺮاره ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺞ ،واﻟﺘﻘﺸﻒ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﺮف اﻟﺪﻧﯿﺎ،واﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻨﺪ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات ،وﯾﺮﺳﺦ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺤﺠﺎج ،وﯾﺮﺑﻲ اﻟﺤﺠﺎج وﯾﺮﺑﻲ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺗﺒﺎع ،وﯾﺬﻛﺮ اﻷﻣﺔ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﯾﺮﺑﻲ ﻟﯿﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ وھﺪوء اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺮك اﻟﺠﺪال ،وﺗﺮﺳﯿﺦ ﻓﻜﺮة اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ. ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺑﺮزھﺎ :اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﺨﺸﻮع واﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ،واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ،واﻟﺸﻌﻮر اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﻼﺑﺔ ،واﻟﺸﻌﻮر اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ،وﻗﻮة اﻹرادة ،واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ.
8
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺪراﺳﺔ
9
اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ )ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ( د .ﻣﺤﻤﻮد ﻓﺘﻮح ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﺪات – أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك -ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﯿﻦ ﺷﻤﺲ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﺪراﺳﺔ: ﻣﻘﺪﻣﺔ: اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﺣﺞ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﻌﺘﯿﻖ ﺷﺮﻋﺔ ﻷھﻞ اﻹﯾﻤﺎن ،ﻣﻦ ﻟﺪن إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم إﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺧﯿﺮ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن ،واﺧﺘﺺ ھﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺠﯿﺪة ﺑﻮراﺛﺔ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺠﯿﺪ إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ،وﺟﻌﻞ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻗﯿﺎﻣﺎً ﻟﻠﻨّﺎس ،ﯾﻘﯿﻤﻮن وﺟﻮھﮭﻢ إﻟﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن وﺗﺠﺘﻤﻊ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن ،وﺗﻜﻮن ﺷﻌﺎراً ﻷﻣﺔ واﺣﺪة ،ﺗﻌﺒﺪ رﺑﺎ واﺣﺪاً ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن { ،إ}ِنﱠ ھَﺬِهِ أُﻣﱠﺘُﻜُﻢْ أُﻣﱠﺔً وَاﺣِﺪَةً وَأَﻧَﺎ رَﺑﱡﻜُﻢْ ﻓَﺎﻋْﺒُﺪُونِ{ ]ﺳﻮرة اﻷﻧﺒﯿﺎء،[ 92 : واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻲ اﻟﮭﺪى واﻟﺮﺣﻤﺔ ،اﻟﺬي ﺑﻌﺚ ﻹﺧﺮاج ﺧﯿﺮ أﻣﺔ أﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨّﺎس ،ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻗﺒﻠﺘﮭﺎ ،واﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ﺳﯿﺎﺣﺘﮭﺎ ،وﻟﺒﯿﻚ اﻟﻠّﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ ﻧﺸﯿﺪھﺎ ،واﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻣﻠﺘﻘﺎھﺎ ،ﯾﺄﺗﻮن إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﯿﻖ ،ﺣﯿﺚ ﯾﺬﻛﺮون اﷲ ﺑﻜﻞ ﻟﺴﺎن ،وﯾﺆدون ﻋﺒﺎدة ﻋﻈﯿﻤﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮال واﻷﺑﺪان واﻟﻮﺟﺪان .أﻣّﺎ ﺑﻌﺪ: ﯾﻌﺪ اﻹﺳﻼم ﺻﺮح ھﺎﺋﻞ وﺑﻨﺎء ﻋﻈﯿﻢ ﺿﺨﻢ ،ﻓﯿﮫ ﻋﺪد ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت واﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ واﻷﺣﻜﺎم ،ﻧﻈﺎم ﺣﯿﺎة ﻛﺎﻣﻞ ،ودﺳﺘﻮر ﻛﺎﻣﻞ ﯾﻨﻈﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻊ رﺑﮫ ،وﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻊ أﺳﺮﺗﮫ وﺟﯿﺮاﻧﮫ وأﻗﺎرﺑﮫ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻊ أﻋﺪاﺋﮫ ،ﺑﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ،اﻹﺳﻼم ﻓﯿﮫ ﺗﺸﺮﯾﻌﺎت ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮭﺎ ،ھﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻀﺨﻢ ھﻮ اﻹﺳﻼم .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ھﺬه اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت اﺧﺘﺎر اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺧﻤﺴﺔ أﻣﻮر ﻓﻘﻂ ،ﺟﻌﻠﮭﺎ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﮭﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻀﺨﻢ ،ﻗﺎل) :ﺑﻨﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ( ،ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل :ﺑﻨﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ :ﺷﮭﺎدة أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،وأن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ ،وإﻗﺎم اﻟﺼﻼة ،وإﯾﺘﺎء اﻟﺰﻛﺎة ،وﺻﻮم رﻣﻀﺎن ،وﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ ﻟﻤﻦ اﺳﺘﻄﺎع إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻼً رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ .وﯾﻌﺪ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﻌﺪ ھﺬا ﯾﺒﻨﻰ ﻓﻮق ھﺬه اﻟﺨﻤﺲ ،وﻟﻮ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺨﻤﺲ وﻗﻌﺖ وﻗﻊ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻀﺨﻢ ﻛﻠﮫ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺤﯿﺮ اﻵن أن ﯾﻜﻮن اﻟﺤﺞ ھﻮ أﺣﺪ ھﺬه اﻷﻋﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﯾﺒﻨﻰ ﻓﻮﻗﮭﺎ اﻹﺳﻼم ،ﻟﻤﺎذا اﻟﺤﺞ ﺑﺎﻟﺬات ھﻮ اﻟﻤﺤﯿﺮ؟ ﻷن اﻟﺤﺞ ﻋﺒﺎدة ﻻ ﯾﻜﻠﻒ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢ أو اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ إﻻ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ ،وﻓﻲ ﺣﺎل اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ،ﯾﻌﻨﻲ :اﻟﺬي ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻟﻦ ﯾﺤﺞ ،وھﻨﺎك ﻣﻼﯾﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﻟﻢ ﯾﺤﺠﻮا أﺻﻼً؛ ﻟﻌﺪم اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ،ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺪم اﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻣﺎﻟﯿﺔ أو ﺻﺤﯿﺔ أو أﻣﻨﯿﺔ أو ﻏﯿﺮھﺎ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﯾﺨﺘﺎر اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ھﺬه اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺎة اﻟﻤﺴﻠﻢ 10
ﻟﯿﺠﻌﻠﮭﺎ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﮭﺬا اﻟﺪﯾﻦ ،وﻋﻤﻮداً ﻣﻦ أﻋﻤﺪة اﻹﺳﻼم ،وﻟﯿﺲ ﻣﻄﻠﻮﺑﺎً ﻣﻨﻚ ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ إﻻ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ وﻓﻲ ﺣﺎل اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ! وإن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺴﺘﻄﯿﻌﺎً ﻓﻠﯿﺲ ﻋﻠﯿﻚ ﺷﻲء؟ وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ راﺟﻌﺎ إﻟﻰ أن ھﻨﺎك ﻓﻮاﺋﺪ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ وﺗﻐﯿﺮ ﻣﻦ ﺣﯿﺎة اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺬي أدى ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ،ﺑﺤﯿﺚ ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻟﺰﯾﺎرة اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻟﺒﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﺻﻼح اﻟﻔﺮد رﺟﻼً ﻛﺎن أو اﻣﺮأة ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻄﺒﯿﻖ ﺑﻘﯿﺔ ﺷﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼم ،وﻣﻦ ﺛﻢ أﯾﻀﺎً ﯾﺼﻠﺢ اﻟﺤﺞ؛ ﻟﯿﻜﻮن رﻛﻨﺎً ﻣﻦ اﻷرﻛﺎن اﻟﺘﻲ ﯾﺒﻨﻰ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻹﺳﻼم. ﺷﺮع اﷲ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﻟﺤﻜﻢ ﻋﻈﯿﻤﺔ وﻏﺎﯾﺎت ﺟﻠﯿﻠﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺰﻛﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،وﺗﻄﮭﺮ اﻟﻘﻠﻮب ،وﺗﻘﺮب اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻦ رﺑﮭﻢ ﺟﻞ وﻋﻼ ،وھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﯿﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﺒﺎدات، ﻛﻤﺎ أن ھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻋﺒﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ،وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻋﺒﺎدة اﻟﺤﺞ ،ﻓﻠﻠﺤﺞ ﺣﻜﻢٌ وأﺳﺮار وﻣﻌﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺤﺎج أن ﯾﻘﻒ ﻋﻨﺪھﺎ ،وأن ﯾﻤﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وأن ﯾﺴﺘﺸﻌﺮھﺎ وھﻮ ﯾﺆدي ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺤﻘﻖ اﻟﺤﺞ ﻣﻘﺼﻮده وآﺛﺎره .ﻓﺎﻟﺤﺞ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻤﻮاﺳﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﺮﺑﻰ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮى اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وﺗﻌﻈﯿﻢ ﺷﻌﺎﺋﺮه وﺣﺮﻣﺎﺗﮫ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ آﯾﺎت اﻟﺤﺞ { :ذﻟﻚ وﻣﻦ ﯾﻌﻈﻢ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻮى اﻟﻘﻠﻮب{ )اﻟﺤﺞ ،(32:وأَﻣَﺮَ اﻟﺤﺠﯿﺞ ﺑﺎﻟﺘﺰود ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻮى ،ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ } :اﻟﺤﺞ أﺷﮭﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻓﻤﻦ ﻓﺮض ﻓﯿﮭﻦ اﻟﺤﺞ ﻓﻼ رﻓﺚ وﻻ ﻓﺴﻮق وﻻ ﺟﺪال ﻓﻲ اﻟﺤﺞ وﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮا ﻣﻦ ﺧﯿﺮ ﯾﻌﻠﻤﮫ اﷲ وﺗﺰودوا ﻓﺈن ﺧﯿﺮ اﻟﺰاد اﻟﺘﻘﻮى واﺗﻘﻮن ﯾﺎ أوﻟﻲ اﻷﻟﺒﺎب { )اﻟﺒﻘﺮة ،(197 :وﺑﯿﻦ أن اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﺷﺮع ﻣﻦ أﺟﻠﮫ اﻟﮭﺪي واﻷﺿﺎﺣﻲ إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺗﺤﺼﯿﻞ ھﺬه اﻟﺘﻘﻮى ،ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ} :ﻟﻦ ﯾﻨﺎل اﷲ ﻟﺤﻮﻣﮭﺎ وﻻ دﻣﺎؤھﺎ وﻟﻜﻦ ﯾﻨﺎﻟﮫ اﻟﺘﻘﻮى ﻣﻨﻜﻢ { )اﻟﺤﺞ .(32:واﻟﺤﺞ ﯾﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﺧﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،وﺿﺮورة اﻟﻮﺣﺪة ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻢ، ﻓﺎﻟﺤﺠﺎج ﯾﺠﺘﻤﻌﻮن ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ وزﻣﺎن واﺣﺪ ،وھﯿﺌﺔ واﺣﺪة ،ﯾﺪﻋﻮن إﻟﮭﺎ واﺣﺪاً ،ﻏﺎﯾﺘﮭﻢ واﺣﺪة ،ووﺟﮭﺘﮭﻢ واﺣﺪة ،ﻓﯿﺸﻌﺮ اﻟﺤﺎج أن ھﺬه اﻷﻣﺔ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻮﺣﺪة واﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﺎ ﻻ ﺗﻤﻠﻜﮫ أﻣﺔ ﻣﻦ أﻣﻢ اﻷرض ،وأن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﺎ أن ﺗﺼﻨﻊ اﻟﺸﻲء اﻟﻜﺜﯿﺮ إذا ﻣﺎ ﺗﻮﺣﺪت اﻟﺼﻔﻮف وﺗﺂﻟﻔﺖ اﻟﻘﻠﻮب واﺟﺘﻤﻌﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وھﻮ ﺷﻌﻮر ﻋﻈﯿﻢ ﻻ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺜﻠﻤﺎ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ .واﻟﺤﺞ ﯾﺮﺑﻲ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﺒﻮدﯾﺔ واﻻﺳﺘﺴﻼم واﻻﻧﻘﯿﺎد ﻟﺸﺮع اﷲ ،ﻓﺎﻟﺤﺎج ﯾﺆدي أﻋﻤﺎﻻً ﻏﯿﺮ واﺿﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﯿﺘﺠﺮد ﻣﻦ ﻣﻼﺑﺴﮫ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺎدھﺎ ،وﯾﺠﺘﻨﺐ اﻟﺰﯾﻨﺔ ،وﯾﻄﻮف وﯾﺴﻌﻰ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ،وﯾﻘﻒ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﻌﯿﻦ ووﻗﺖ ﻣﻌﯿﻦ ،وﯾﺪﻓﻊ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻌﯿﻦ وإﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻣﻌﯿﻦ ،وﯾﺮﻣﻲ اﻟﺠﻤﺎر وﯾﺒﯿﺖ ﺑﻤﻨﻰ ،إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﯾﺆدﯾﮭﺎ اﻟﺤﺎج ﻏﯿﺮ ﻣﺪرك ﻟﻤﻌﺎﻧﯿﮭﺎ ﺳﻮى أﻧﮭﺎ اﻣﺘﺜﺎل ﻷﻣﺮ اﷲ ،وإﺗﺒﺎع ﻟﺴﻨﺔ ﻟﻨﺒﯿﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،-ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻟﻠﺤﺠﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ أراد ﺗﻘﺒﯿﻠﮫ " :واﷲ إﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ أﻧﻚ ﺣﺠﺮ ﻻ ﺗﻀﺮ وﻻ ﺗﻨﻔﻊ، 11
وﻟﻮﻻ أﻧﻲ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﯾﻘﺒﻠﻚ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﺘﻚ ".واﻟﺤﺞ ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ وﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ أھﻮال ﻋﻈﯿﻤﺔ ﯾﺸﯿﺐ ﻟﮭﻮﻟﮭﺎ اﻟﻮﻟﺪان ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻃﻦ زﺣﺎم اﻟﻨﺎس واﺧﺘﻼﻃﮭﻢ وارﺗﻔﺎع أﺻﻮاﺗﮭﻢ وﺿﺠﯿﺠﮭﻢ ،وھﻢ ﻓﻲ ﺻﻌﯿﺪ واﺣﺪ ،وﻟﺒﺎس واﺣﺪ ،ﻗﺪ ﺗﺠﺮدوا ﻣﻦ ﻣﺘﻊ اﻟﺪﻧﯿﺎ وزﯾﻨﺘﮭﺎ ،ﻓﯿﺬﻛﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﯾﻮم اﻟﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﷲ ﺣﯿﻦ ﯾﻘﻒ اﻟﻌﺒﺎد ﻓﻲ ﻋﺮﺻﺎت اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺣﻔﺎة ﻋﺮاة ﻏﺮﻻً ،وﻗﺪ دﻧﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ رؤوﺳﮭﻢ ،ﻓﯿﺤﺜﮫ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻶﺧﺮة واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﯿﻮم اﻟﻤﻌﺎد .وﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﯾﺴﺘﻌﯿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ذﻛﺮﯾﺎت أﺳﻼﻓﮫ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻌﺒﺎد واﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ،اﻟﺬﯾﻦ أَﻣﱡﻮا ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺒﺎرك ،ووﻃﺌﺖ أﻗﺪاﻣﮭﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ،ﻓﯿﺘﺬﻛﺮ ﻧﺒﻲ اﷲ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وھﺠﺮﺗﮫ ﻣﻊ زوﺟﮫ ،وﻣﺎ ﺟﺮى ﻟﮭﻢ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻼءات واﻟﻜﺮاﻣﺎت ،وﯾﺘﺬﻛﺮ ﻗﺼﺔ اﻟﺬﺑﯿﺢ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ﺛﻢ ﺑﻨﺎء اﻟﺒﯿﺖ وأذاﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺤﺞ ،وﯾﺘﺬﻛﺮ ﻧﺒﯿﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم اﻟﺬي ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﻘﺎع وﻟﻘﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﻟﻘﻲ ﻣﻦ ﻛﻔﺎر ﻗﺮﯾﺶ ،وﯾﺘﺬﻛﺮ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع اﻟﺘﻲ أﻛﻤﻞ اﷲ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺪﯾﻦ وأﺗﻢ اﻟﻨﻌﻤﺔ ،وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮﯾﺎت اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺮﻛﺐ اﻟﻤﺒﺎرك ،وﺗﺸﻌﺮه ﺑﺄھﻤﯿﺔ اﻟﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﮭﺠﮭﻢ وﺗﻘﻔﻲ آﺛﺎرھﻢ ،إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ واﻟﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻞ ﻋﻦ اﻟﺤﺼﺮ واﻻﺳﺘﻘﺼﺎء ،واﻟﺘﻲ ورد ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } : ﻟﯿﺸﮭﺪوا ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻟﮭﻢ وﯾﺬﻛﺮوا اﺳﻢ اﷲ ﻓﻲ أﯾﺎم ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت { )اﻟﺤﺞ ،(28:وورد اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺘﻨﻜﯿﺮ واﻹﯾﮭﺎم ﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﺮﺗﮭﺎ وﺗﻨﻮﻋﮭﺎ ،ﻟﺬا ﺗﺤﺎول اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ.
ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ: إن ﺧﯿﺮ اﻟﺒﻘﺎع ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻤﻌﻤﻮرة ﺑﻠﺪ اﷲ اﻟﺤﺮام ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻣﮭﺒﻂ اﻟﻮﺣﻲ، وﻣﻮﻃﻦ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ ،اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرھﺎ اﷲ ﻟﺒﯿﺘﮫ اﻟﺤﺮام ،وﻟﻘﺪ اﺧﺘﺼﮭﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻞ ،وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻣﺔ واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ھﻲ وﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﻮﻟﺪ رﺳﻮﻟﮫ ،ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﻐﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻘﺎع ،وﻻ أدل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮭﺎ ،إذ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه ،ﻓﺤﺪﺛﻨﺎ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺷﻌﺒﺔ ﻗﺎل :أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻦ ﻗﺰﻋﺔ ﻗﺎل: ﺳﻤﻌﺖ أﺑﺎ ﺳﻌﯿﺪ رﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮫ أرﺑﻌﺎ ﻗﺎل :ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ وﻛﺎن ﻏﺰا ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ ﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﻏﺰوة ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻔﯿﺎن ﻋﻦ اﻟﺰھﺮي ﻋﻦ ﺳﻌﯿﺪ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎل ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎل إﻻ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺮﺳﻮل وﻣﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ رواه اﻟﺒﺨﺎري .ﻟﺬا ﻓﻼ ﻏﺮاﺑﺔ أن ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺟﻠﯿﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺘﮭﺎ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﮭﺎ ،وﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻣﻤﻦ ﺷﺮﻓﮫ اﷲ ﺑﺎﻟﻮﻻﯾﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻋﻨﻲ 12
اﻟﻮﻻة ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻟﺴﻼﻃﯿﻦ واﻟﻤﻠﻮك واﻷﻣﺮاء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ،وﺣﻈﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﺎﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺘﺸﯿﯿﺪ واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﺻﻮرة ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﺎﺳﺒﮫ. أﻗﺴﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ،ﻓﻘﺎل }:وھﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ { )اﻟﺘﯿﻦ ،(3:وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻻ أﻗﺴﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺒﻠﺪ{ ) اﻟﺒﻠﺪ(1:؛ وﻣﺎ ذﻟﻚ إﻻ ﻟﻔﻀﻞ ھﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﺷﺮﻓﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﻘﻌﺔ ﻓﺮض اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد ﻗﺼﺪھﺎ واﻟﺘﻮﺟّﮫ إﻟﯿﮭﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻟﺒﻠﺪة ،ﻓﻼ ﻋﺠﺐ إذاً أن ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻷرض اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ أﺣﺐ اﻟﺒﻘﺎع إﻟﻰ اﷲ ،وأﺣﺐ اﻟﺒﻘﺎع إﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﺧﯿﺮ اﻷﻧﺒﯿﺎء ،وﻗﻠﻮب اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﺼﺎدﻗﯿﻦ. ﺷﺮع اﷲ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﻟﺤﻜﻢ ﻋﻈﯿﻤﺔ وﻏﺎﯾﺎت ﺟﻠﯿﻠﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺰﻛﻲ اﻟﻨﻔﻮس ،وﺗﻄﮭﺮ اﻟﻘﻠﻮب ،وﺗﻘﺮب اﻟﻌﺒﺎد ﻣﻦ رﺑﮭﻢ ﺟﻞ وﻋﻼ ،ﻣﻤﺎ ﯾﺮﻓﻊ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ رﺑﮫ ،وﯾﻨﺎل ﺑﮫ ﺧﯿﺮي اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ،وھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﯿﮭﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﺒﺎدات ،ﻛﻤﺎ أن ھﻨﺎك ﻣﻌﺎنٍ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻋﺒﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ،وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻋﺒﺎدة اﻟﺤﺞ ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻟِﯿَﺸْﮭَﺪُوا ﻣَﻨَﺎﻓِﻊَ ﻟَﮭُﻢْ وَﯾَﺬْﻛُﺮُوا اﺳْﻢَ اﻟﻠﱠﮫِ ﻓِﻲ أَﯾﱠﺎمٍ ﻣﱠﻌْﻠُﻮﻣَﺎتٍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ رَزَﻗَﮭُﻢ ﻣﱢﻦ ﺑَﮭِﯿﻤَﺔِ اﻟْﺄَﻧْﻌَﺎمِ ﻓَﻜُﻠُﻮا ﻣِﻨْﮭَﺎ وَأَﻃْﻌِﻤُﻮا اﻟْﺒَﺎﺋِﺲَ اﻟْﻔَﻘِﯿﺮَ{)ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ،(27:ﻓﻠﻠﺤﺞ ﺣﻜﻢٌ وأﺳﺮار وﻣﻌﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺤﺎج أن ﯾﻘﻒ ﻋﻨﺪھﺎ ،وأن ﯾﻤﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وأن ﯾﺴﺘﺸﻌﺮھﺎ وھﻮ ﯾﺆدي ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺤﻘﻖ اﻟﺤﺞ ﻣﻘﺼﻮده وآﺛﺎره. وﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﯾﻤﻜﻦ ﺻﯿﺎﻏﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺘﺎﻟﻲ :ﻣﺎ ھﻮ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ؟
أھﻤﯿﺔ اﻟﺪراﺳﺔ: ﺗﻜﻤﻦ أھﻤﯿﺔ ھﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ أﻧﮭﺎ: ﺗﻤﺜﻞ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﺗُﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺠﮭﻮد اﻟﺘﻲ ﺗُﺒﺬل ﻓﻲ ﺗﻮﺿﯿﺢ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ؟ ﺗﻠﻘﻲ اﻷﺿﻮاء ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺄودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺄﺷﮭﺮ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. ذﻛﺮ اﺑﺮز ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ . ذﻛﺮ اﺑﺮز ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام. 13
اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺄﺑﺮز ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ.
أھﺪاف اﻟﺪراﺳﺔ : ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻷھﺪاف اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ : ﺗﻮﺿﯿﺢ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ. اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺻﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺣﻮل ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ.
ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺪراﺳﺔ: اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻤﻨﮭﺞ اﻟﻮﺻﻔﻲ اﻟﺘﺤﻠﯿﻠﻲ وذﻟﻚ ﻟﻮﺻﻒ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺪراﺳﺔ، وﺗﺤﻠﯿﻞ ﺑﯿﺎﻧﺎﺗﮫ ،وﺑﯿﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﮫ ،واﻵراء اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮح ﺣﻮﻟﮫ ،واﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺪﺛﮭﺎ.
ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺪراﺳﺔ: اﻟﺤﺞ: اﻟﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻌﻨﺎه :اﻟﻘﺪوم واﻟﻘﺼﺪ.واﻟﻤﻘﺼﻮد :اﻟﻘﺼﺪ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام)اﻟﻜﻌﺒﺔ( ﻷداء ﻣﻨﺎﺳﻚ ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ وﺷﻌﺎﺋﺮھﺎ . اﻟﺤﺞ ﺷﺮﻋﺎ ﻣﻌﻨﺎه :ﻗﺼﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﻨﺴﻚ ،أو ھﻮ ﻗﺼﺪ اﻟﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﺒﯿﺖ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ ﻓﺮﺿﺎً وﺳﻨﺔ ،ﻓﻲ زﻣﻦ ﻣﺨﺼﻮص ،وھﻮ أﺷﮭﺮ اﻟﺤﺞ، وھﻲ :ﺷﻮال وذو اﻟﻘﻌﺪة ،واﻟﻌﺸﺮ اﻷول ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ.
14
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ:أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﺪﻟﻮھﺎ : ﺗﺪل ﻛﺜﺮة اﻷﺳﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺷﺮف اﻟﻤﺴﻤﻰ ،ﻟﺬا ﻓﻘﺪ أﺣﺼﻰ اﻟﻤﺤﻘﻘﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء ﻣﺎ ﺗﺠﺎوز اﻟﻌﺸﺮات واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻮﺿﺢ ﺑﻌﺾ اﻷﺳﻤﺎء وﻣﺪﻟﻮھﺎ:
ﺟﺪول ) (1ﯾﻮﺿﺢ أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﺪﻟﻮھﺎ
ﻣﺪﻟﻮھﺎ
أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ
ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وھُﻮ اﻟﺬي ﻛﻒﱠ أﯾﺪﯾَﮭﻢ ﻋﻨﻜﻢ وأﯾﺪﯾَﻜﻢ ﻋﻨﮭﻢ ﺑﺒﻄﻦ ﻣﻜّﺔَ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن أﻇﻔﺮَﻛﻢ ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻛﺎنَ اﷲ ﺑﻤﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮن ﺑﺼﯿﺮاً )اﻟﻔﺘﺢ (24 :أﻣﺎ ﺳﺒﺐ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻓﻘﺪ ذﻛﺮوا ﻟﮭﺎ وﺟﻮھﺎً ﻋﺪة ،ھﻲ: ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻤﻚ اﻟﺠﺒﺎرﯾﻦ أي ﺗﺬھﺐ ﻧﺨﻮﺗﮭﻢ.ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻻزدﺣﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﮭﺎ.ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷن اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل) :ﻻ ﯾﺘﻢ ﺣﺠﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺄﺗﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻨﻤﻚ ﻓﯿﮫ أي ﻧﺼﻔﺮ ﺻﻔﯿﺮاﻟﻤﻜﺎء ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺼﻔﺮون وﯾﺼﻔﻘﻮن ﺑﺄﯾﺪﯾﮭﻢ إذا ﻃﺎﻓﻮا ﺑﮭﺎ. ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﯿﻦ ﺟﺒﻠﯿﻦ ﻣﺮﺗﻔﻌﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻲ ﻓﻲ ھﺒﻄﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤﻜﻮك.ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻋﺒﺪت اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮭﺎ ﻓﯿﺄﺗﻮﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻃﺮاف ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮭﻢ :اﻣﺘﻚ اﻟﻔﺼﯿﻞ أﺧﻼف اﻟﻨﺎﻗﺔ إذا ﺟﺬبﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﺟﺬﺑﺎً ﺷﺪﯾﺪاً ،ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻓﯿﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎً. ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﯾﻔﺠﺮ ﺑﮭﺎ أﺣﺪ إﻻ ﺑﻜﺖ ﻋﻨﻘﮫ وﻗﺪ اﻟﺘﻮت ﻋﻨﻘﮫ.ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﻣﻚ اﻟﺜﺪي أي ﻣﺼﮫ ﻟﻘﻠﺔ ﻣﺎﺋﮭﺎ ﻷﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻤﺘﻜﻮن اﻟﻤﺎء أي ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﻮﻧﮫ .ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻤﻚ اﻟﺬﻧﻮب أي ﺗﺬھﺐ ﺑﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﯾﻤﻚ اﻟﻔﺼﯿﻞ ﺿﺮع أﻣﮫ ﻓﻼ ﯾﺒﻘﻰ ﻓﯿﮫ ﺷﯿﺌﺎً.-ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻤﻚ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ أي ﺗﻨﻘﺼﮫ.
ﺑﻜّﺔ
ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻜّﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :إنﱠأولَ ﺑﯿﺖ وﺿِﻊَ ﻟﻠﻨﺎس ﻟَﻠّﺬي ﺑﺒﻜﺔَ ﻣﺒﺎرﻛﺎً و ھﺪىً ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ)آل ﻋﻤﺮان (96 :وﻣﻦ أھﻢ اﻵراء اﻟﺘﻲ ﻗﯿﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺑﻜﺔ : ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻜﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺒﻚ أﻋﻨﺎق اﻟﺠﺒﺎﺑﺮة.ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻜﺔ ﻻزدﺣﺎم اﻟﻨﺎس ﺑﮭﺎ. -ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻜﺔ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﺳﻢ ﻟﺒﻄﻦ ﻣﻜﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺒﺎﻛﻮن ﻓﯿﮭﺎ أي ﯾﺰدﺣﻤﻮن.-ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻜﺔ ﻷن اﻷﻗﺪام ﺗﺒﻚ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﻌﻀﺎً أو ﻟﺒﻚ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف.
أمّ اﻟﻘﺮى
ذﻛﺮ ھﺬا اﻻﺳﻢ ﻟﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻣﻮردﯾﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﷲ ،ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ :وھﺬا ﻛﺘﺎب أﻧﺰﻟﻨﺎه ﻣﺒﺎرك ﻣﺼﺪّق اﻟﺬي ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ وﻟﺘﻨﺬر أُمﱠ اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ )اﻷﻧﻌﺎم ،(92 :وﻛﺬﻟﻚ أوﺣﯿﻨﺎ إﻟﯿﻚ ﻗﺮءآﻧﺎً ﻋﺮﺑﯿﺎً ﻟﺘﻨﺬر أمّ اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ )..اﻟﺸﻮرى ،(7 :وﯾﺮﺟﻊ ﺳﺒﺐ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ إﻟﻰ : 15
أ :ﻛﻮﻧﮭﺎ أﺻﻞ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﺪن ﻣﻦ ﺑﻌﺪھﺎ ،ﻓﮭﻲ أول ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻷرض ،وﻓﻲ ھﺬا راﯾﺎت ﺗﺆﻛﺪ أنﱠ ﻣﻜﺔ أول ﺑﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ،ﺛﻢ اﻣﺘﺪت اﻷرض ﻣﻨﮭﺎ .ذﻛﺮ ھﺬا اﻟﻮﺟﮫ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ. ب :ﺳﻤﯿﺖ ﻛﺬﻟﻚ »ﻷﻧﮭﺎ أﻋﻈﻢ اﻟﻘﺮى ﺷﺄﻧﺎً « .وﻗﺪ ﻧﺴﺐ ﻗﻄﺐ اﻟﺪﯾﻦ ﻧﮭﺮواﻟﻲ ھﺬا اﻟﺮأي ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎس . ح :ﺳﻤﯿﺖ أم اﻟﻘﺮى ﻷﻧﮭﺎ ﻗﺒﻠﺔ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس ﯾﺆﻣﻮﻧﮭﺎ. د :أﻧﮭﺎ أﺻﺒﺤﺖ أم اﻟﻘﺮى ﻟﻮﺟﻮد ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام ﻓﯿﮭﺎ ،ﻓﺎﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺮّﻓﺖ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺒﯿﺖ ،ﯾﻜﻮن ﻟﮭﺎ اﻟﺴﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻮاھﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪن و ﺗﻘﺪم ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻓﮭﻲ ﻟﮭﺎ أمﱞ . ھـ :و ذھﺐ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻠﻘﻮل ،إﻧﮭﺎ ﺳﻤﯿﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﮭﺎ أﻣﺎن ﻷھﻞ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﺪن ،واﻟﻤﺎﻛﺚ ﻓﯿﮭﺎ ﯾﺄﻣﻞ رﺣﻤﺔ اﷲ ـ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ . اﻟﻘﺮﯾﺔ
ﺳﻤﯿﺖ اﻟﻘﺮﯾﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :و ﺿﺮَبَ اﷲ ﻣﺜﻼً ﻗﺮﯾﺔً ﻛﺎﻧﺖ آﻣﻨﺔً ﻣﻄﻤﺌﻨﺔً ﯾﺄﺗﯿﮭﺎ رزﻗُﮭﺎ رﻏَﺪاً ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻣﻜﺎن )اﻟﻨﺨﻞ : ،(112و اﻟﻘﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب ،ھﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﯾﺠﺘﻤﻊ ﻓﯿﮫ ﻋﺪد ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻟﺬا ﯾﻘﺎل ﻟﻠﻤﺎء ﺣﯿﻦ ﯾﺠﺘﻤﻊ ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﻗَﺮِيَ اﻟﻤﺎء.
ﻣﻌﺎد
ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻣﻌﺎد ﺗﻌﺎﻟﻰ :إنﱠ اﻟﺬي ﻓَﺮَضَ ﻋﻠﯿﻚ اﻟﻘﺮآن ﻟﺮادﱡكَ إﻟﻰ ﻣﻌﺎد)اﻟﻘﺼﺺ (85 :ﻓﻘﺪ ذھﺐ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ إﻟﻰ أنﱠ )ﻣﻌﺎد( ھﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻵﯾﺔ ،ﺣﯿﺚ رﺟﺢ ھﺬا اﻟﺮأي ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ذﻛﺮھﺎ ،واﻋﺘﺒﺮه أﻗﺮب ﻟﻠﻮاﻗﻊ
اﻟﻮادي
ﺳﻤﯿﺖ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﺣﻜﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﺧﻠﯿﻠﮫ إِﺑﺮاھﯿﻢ :رﺑﱠﻨﺎ إﻧﻲ أﺳﻜﻨﺖ ﻣﻦ ذرﯾﺘﻲ ﺑﻮاد ﻏﯿﺮ ذي زرع ﻋِﻨﺪَ ﺑﯿﺘﻚ اﻟﻤﺤﺮّم )إﺑﺮاھﯿﻢ (37 :ﻟﯿﺲ ﺛﻤﺔ ﺷﻚ ﻓﻲ أنﱠ اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻟﻮادي ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ،ھﻮ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ﻣﻦ اﻷرض اﻟﺬي ﯾﻌﺒّﺮ ﻋﻨﮫ ﺑﻤﻜﺔ .وﻗﺪ أﺟﻤﻊ اﻟﻤﻔﺴّﺮون ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺮأي.
اﻟﺒﻠﺪة ،اﻟﺒﻠﺪ ﻋﺒﱠﺮ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﺎﺳﻢ )اﻟﺒﻠﺪ( ﻓﻲ أرﺑﻊ آﯾﺎت) ،إﺑﺮاھﯿﻢ ،35 :اﻟﺒﻘﺮة ،126 :اﻟﺒﻠﺪ (2 1 :وﻋﺒﺮ ﻋﻨﮭﺎ ﺑـ)اﻟﺒﻠﺪة ( ، اﻷﻣﯿﻦ
اﻟﺒﻠﺪ ﻓﻲ آﯾﺔ واﺣﺪة ) ،اﻟﻨﻤﻞ ،(91 :وﺑـ)اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ( ﻓﻲ آﯾﺔ واﺣﺪة أﯾﻀﺎً )اﻟﺘﯿﻦ .(3 :وﻗﺪ اﻗﺘﺮن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ اﻹِﺷﺎرة ،ﻓﻘﺎل ) :ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ( ) ،ھﺬه اﻟﺒﻠﺪة ( ) ،وھﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ( وﺑﮭﺬه اﻟﻘﺮﯾﻨﺔ ﺷﺨّﺺ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺮاده و أوﺿﺢ ﻣﻘﺼﻮده .و ﻣﻊ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ أنﱠ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺠﻤﯿﻊ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻤﺸﺎر اﻟﯿﮭﺎ ،ھﻮ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﱠﻣﺔ ،إﻻّ أنﱠ اﷲ ﺷﺎء أن ﻻ ﯾﺬﻛﺮ اﺳﻤﮭﺎ ﻣُﺒﺎﺷﺮة ﻟﺒﻮاﻋﺚ ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﻀﺎﻧّﮭﺎ ،وإﻧﻤﺎ اﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎ ﻹِﺷﺎرة إﻟﯿﮭﺎ دون ذﻛﺮ اﻻﺳﻢ اﻟﺼﺮﯾﺢ .
ﺣﺮم آﻣﻦ ،ﺳﻤﯿﺖ ﺣﺮم آﻣﻦ ،وﺣﺮم ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وﻟﻢ ﻧُﻤﻜّﻦ ﻟﮭﻢ ﺣﺮﻣﺎً آﻣﻨﺎً ﯾُﺠﺒﻰ إﻟﯿﮫ ﺛﻤﺮاتُ ﻛﻞّ ﺷﻲء )اﻟﻘﺼﺺ (57 :و ﯾﻘﻮل ﺣﺮم
ﺗﻌﺎﻟﻰ :أوﻟﻢ ﯾﺮوا أﻧّﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺣﺮﻣﺎً آﻣﻨﺎً وﯾﺘﺨﻄّﻒُ اﻟﻨﺎسُ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﻢ )اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت (67 :ﻟﯿﺲ ﺛﻤﺔ ﺧﻼف ﻓﻲ أنﱠ ﻣﻜﺔ ھﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺮام ،وﻗﺪ ذھﺐ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻠﻘﻮل ﺑﺄنﱠ )ﺣﺮﻣﺎً آﻣﻨﺎً( ھﻮ اﺳﻢ ﻣﻜﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺎب إﻃﻼق اﻟﻜﻞ واﻟﻤﺮاد ﻣﻨﮫ اﻟﺠﺰء .ﺛﻢ إنﱠ اﺷﺘﮭﺎر ﻣﻜﺔ ﺑﻜﻮﻧﮭﺎ)ﺣﺮﻣﺎً آﻣﻨﺎً( ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾُﻌﺪّ دﻟﯿﻼً ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﯿﺔ ﻣﻜﺔ ﺑـ »اﻟﺤﺮم اﻵﻣﻦ « .أﻣﺎ)ﺣﺮﻣﺎً( ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻔﯿﺪ ﻟﻮﺣﺪه دون ﻗﺮﯾﻨﺔ أنﱠ اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ اﺳﻢ ﻣﻜﺔ .و ﻣﻊَ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ذھﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻐﻮﯾﻦ إﻟﻰ أنﱠ «ﺣﺮم« ھﻮ اﺳﻢ ﻟﻤﻜﺔ ،
اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام
ﺳﻤﯿﺖ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻟﻘﺪ ﺻﺪق اﷲ رﺳﻮﻟَﮫ اﻟﺮؤﯾﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻟَﺘﺪﺧُﻠُﻦﱠ اﻟﻤﺴﺠﺪَ اﻟﺤﺮامَ إن ،ﺷﺎء اﷲ آﻣﻨﯿﻦ ﻣﺤﻠّﻘﯿﻦ رُؤُوﺳﻜﻢ و ﻣﻘﺼّﺮﯾﻦ )..اﻟﻔﺘﺢ (27 :و ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ :وَ ﻻ ﺗُﻘﺎﺗﻠﻮھﻢ ﻋِﻨﺪَ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺣﺘﻰ
اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ﯾﻘﺎﺗﻠﻮﻛﻢ ﻓﯿﮫ)اﻟﺒﻘﺮة (191 :و ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ :ذﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أھﻠُﮫ ﺣﺎﺿﺮي اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام )اﻟﺒﻘﺮة (196 :ﻗﺪ ذھﺐ أﺑﺮز اﻟﻤﻔﺴّﺮﯾﻦ إﻟﻰ أنﱠ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺜﻼث ﻻ ﯾﺨﺘﺺ ﺑـ)اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام( وإﻧﻤﺎ ﺟﺎءت ﺻﯿﻐﺔ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺑﺎب إﻃﻼق اﻟﺠﺰء و إِرادة اﻟﻜﻞ ﺧﺼﻮﺻﺎً وأنﱠ ﻣﺎ ﯾﺆﯾﺪ ذﻟﻚ أنﱠ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ھﻮ أﺳﻤﻰ ﺟﺰء وأﺷﺮﻓﮫ ،إذ 16
اﻟﻤﺮاد ھﻮ ﻣﻜﺔ أو اﻟﺤﺮم ج ﺻﺪق واﺟﻌﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻟﺪُﻧﻚَ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎً ﻧﺼﯿﺮاً )اﻹﺳﺮاء : ﻣﺨﺮج ﺻﺪق ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ :وﻗﻞ ربّ أَدﺧﻠﻨﻲ ﻣُﺪﺧﻞَ ﺻﺪق وأﺧﺮﺟﻨﻲ ﻣُﺨﺮ َ (80ذھﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ إﻟﻰ أنﱠ اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ) ﻣﺨﺮج ﺻﺪق (ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ھﻮ ﻣﻜﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ذﻟﻚ اﻟﻄﺒﺮﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﺒﯿﺎن ،ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﻟﺤﺴﻦ ،وﻗﺘﺎدة ،وﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟُﺒﯿﺮ .وﺛﻤﺔ ﻋﺪد آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ ذﻛﺮوا ھﺬا اﻻﺣﺘﻤﺎل إﻟﻰ ﺟﻮار اﺣﺘﻤﺎﻻت أُﺧﺮى اﻟﺒﺎﺳﺔ
ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺒﺲ أي ﺗﺤﻄﻢ اﻟﻤﻠﺤﺪﯾﻦ ،وﻗﯿﻞ ﺗﺨﺮﺟﮭﻢ.
ﻛﻮﺛﻲ
اﺳﻢ ﺑﻘﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺰل ﺑﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺪار.
اﻟﻨﺴﺎﺳﺔ
ﻷﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻘﺮ ﻇﻠﻤﺎً وﻻ ﺑﻐﯿﺎً وﻻ ﯾﺒﻐﻲ ﻓﯿﮭﺎ أﺣﺪ إﻻ أﺧﺮﺟﺘﮫ.
اﻟﺤﺎﻃﻤﺔ
ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺤﻄﻢ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﻒ ﺑﮭﺎ.
اﻟﺮأس
ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺜﻞ رأس اﻹﻧﺴﺎن.
اﻟﻤﺬھﺐ
ورد ﻓﻲ ھﺬا اﻻﺳﻢ ﻓﻲ ﻗﻮل ﺑﺸﺎر ﺑﻦ أﺑﻲ ﺧﺎزم :وﻣﺎ ﺿﻢ ﺟﯿﺎد اﻟﻤﺼﻠﻰ وﻣﺬھﺐ.
وﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻷﺧﺮى ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ:
ﺑﺴﺎﺳﺔ ،أم رﺣﻢ ،ﺻﻼح ،اﻟﺮأس ،اﻟﻌﺮش ،اﻟﻨﺴﺎﺳﺔ ،اﻟﺒﺎﺳﺔ ،اﻟﻨﺎﺳﺔ ،اﻟﻌﺮوض ،ﻛﻮﺛﺎ ،أم ﻛﻮﺛﺎ ،ﻓﺎران ،ﻗﺮﯾﺔ اﻟﻨﻤﻞ ،ﺑﺮة ،اﻟﻘﺎدس ،اﻟﻌﺮشُ ،اﻟﻘﺎدﺳﺔ ،اﻟﻤﻌﻄﺸﺔ ،اﻟﺮﺗﺎج ،أم زﺣﻢ ،أم ﺻﺢ ،أم روح ،ﺑﺴﺎق ،اﻟﻤﻜﺘﺎن ،اﻟﻨﺎﺑﯿﺔ ،أم اﻟﺮﺣﻤﺔ ،اﻟﻨﺎﺷﺘﺔ ،ﺳﺒﻮﺣﺔ ،اﻟﺴﻼم ،ﻧﺎدرة ، اﻟﻌﺮوﯾﺶ ،اﻟﺤُﺮﻣﺔ ،اﻟﺤِﺮﻣﺔ ،ﻗﺮﯾﺔ اﻟﺤﻤﺲ ،أم راﺣﻢ ،ﻧﻘﺮة اﻟﻐﺮاب ،اﻟﺒﻨﯿﺔ ،ﻧﺎﺷﺔ ،ﺗﺎج ، ﻛﺒﯿﺮة ،أم رﺣﻤﻦ ،اﻟﺴﯿﻞ ،اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ،ﺣﺮم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﺑﻠﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،اﻟﻌﺬراء ،اﻟﻨﺠﺰ ، اﻟﻌُﺮْش ،اﻟﻌُﺮُش ،اﻟﻌﺮوش ،اﻟﻘﺎدﺳﯿﺔ.
17
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
18
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﻧﺸﺄة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﯾﺮﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد أي أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻗﺒﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ واﻟﻨﺒﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺑﻠﺪة ﺻﻐﯿﺮة ﺳﻜﻨﮭﺎ ﺑﻨﻮ آدم إﻟﻰ أن دﻣﺮت ،أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺬي ﺿﺮب اﻷرض ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻧﻮح، وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ واد ﺟﺎف ﺗﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ.
ﺻﻮر ﻗﺪﯾﻤﺔ ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
وﻣﺮت ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺟﺪول ) (2ﯾﻮﺿﺢ ﻧﺸﺄة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ
اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻜﺔ
ﯾﺮﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد أي أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻗﺒﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ واﻟﻨﺒﻲ
اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺑﻠﺪة ﺻﻐﯿﺮة ﺳﻜﻨﮭﺎ ﺑﻨﻮ آدم إﻟﻰ أن دﻣﺮت، ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺬي ﺿﺮب اﻷرض ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻧﻮح ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ واد ﺟﺎف ﺗﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ.
ﻋﮭﺪ ﺳﯿﺪﻧﺎ
ﺑﺪأ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﻓﺪ ﻋﯿﮭﺎ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ واﻟﻨﺒﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔّﺠﺮ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم
إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ
ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ اﻟﻨﺒﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺮك اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ زوﺟﺘﮫ ھﺎﺟﺮ ووﻟﺪه إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮادي اﻟﺠﺎف .وﻧﺴﺘﻄﯿﻊ
اﻟﺴﻼم
ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺟﺢ أن ﺑﺪء اﻟﺴﻜﻨﻰ ﺑﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ أﯾﺎم ﺳﯿﺪﻧﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ و اﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺴﻼم و ھﺬا ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد.ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻲ )ﻓﻲ ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ ،آﯾﺔ "(37رﺑﻨﺎ إﻧﻲ أﺳﻜﻨﺖ ﻣﻦ ذرﯾﺘﻲ ﺑﻮاد ﻏﯿﺮ ذي زرع ﻋﻨﺪ ﺑﯿﺘﻚ اﻟﻤﺤﺮم رﺑﻨﺎ ﻟﯿﻘﯿﻤﻮا اﻟﺼﻼة ﻓﺎﺟﻌﻞ أﻓﺌﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﮭﻮي إﻟﯿﮭﻢ وارزﻗﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺸﻜﺮون( و ﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎب اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ دﻋﺎء ﺳﯿﺪﻧﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺪي إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم و واﻟﺪﺗﮫ ھﺎﺟﺮ ﻣﻦ زاد و ﻣﺎء ﺗﻔﺠﺮ ﻣﺎء زﻣﺰم ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم و وﻓﺪت اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﻤﺎء.
ﻋﮭﺪ ﻗﺒﯿﻠﺔ
وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺟﺎء رﻛﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺟﺮھﻢ ﻓﺴﻜﻨﻮا ﻣﻜﺔ ،وﻛﺎﻧﻮا أول أﻧﺎس ﯾﺴﻜﻨﻮھﺎ ،وﻗﺎﻣﺖ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺟﺮھﻢ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة
ﺟﺮھﻢ
ﺣﻜﻤﮭﻢ ﻟﻤﻜﺔ ﺑﺪﻓﻦ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ،وأﻛﻠﻮا ﻣﺎل اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺬي ﯾُﮭﺪى ﻟﮭﺎ ،واﺳﺘﻤﺮت ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺟﺮھﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻤﯿﻼدي ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺧﺰاﻋﺔ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺗﻮﻟﻲ أﻣﺮھﺎ وﻃﺮد ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺟﺮھﻢ ﻣﻨﮭﺎ.
ﻋﮭﺪ ﻗﺒﯿﻠﺔ
ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻤﯿﻼدي ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺧﺰاﻋﺔ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ رﺑﯿﻌﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث أن ﺗﺘﻮﻟﻰ أﻣﺮ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،
ﺧﺰاﻋﺔ
وﺧﻠﻔﮫ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻟﺤﻲ اﻟﺨﺰاﻋﻲ و اﻟﺬي ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أواﺋﻞ ﻣﻦ ﺑﺪل دﯾﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﺑﺎﻟﻮﺛﻨﯿﺔ .اﺳﺘﻤﺮت ﺧﺰاﻋﺔ 19
ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ ،اﻧﺘﻘﻞ أﻣﺮ ﻣﻜﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﯾﺪ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺧﺰاﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﺛﻢ إﻟﻰ ﻗﺮﯾﺶ ﻋﮭﺪ ﻗﺮﯾ ﺶ
اﻧﺘﻘﻞ أﻣﺮ ﻣﻜﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﯾﺪ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺧﺰاﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﺛﻢ إﻟﻰ ﻗﺮﯾﺶ وھﻲ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﯾﻨﺘﺴﺒﻮن إﻟﻰ اﻟﻨﻀﺮ ﺑﻦ ﻛﻨﺎﻧﺔ ،ﺗﺤﺖ أﻣﺮة" ﻗﺼﻲ ﺑﻦ ﻛﻼب "ﺟﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮاﺑﻊ ،وﻗﺎم ﺑﺒﻨﺎء دار اﻟﻨﺪوة ﻟﯿﺠﺘﻤﻊ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻊ رﺟﺎل ﻗﺮﯾﺶ ،وﻗﺎم ﻗﺼﻲ ﺑﻦ ﻛﻼب ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﮫ ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ أﻣﻮر اﻟﺤﺮم ﻋﻠﻰ أوﻻده اﻷرﺑﻊ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺳﻘﺎﯾﺔ اﻟﺒﯿﺖ واﻟﺮﻓﺎة واﻟﻘﯿﺎدة ﻣﻦ ﻧﺼﯿﺐ وﻟﺪه" ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف ﺑﻦ ﻗﺼﻲ "اﻟﺠﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ .ﺑﻌﺪ وﻓﺎة " ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف ﺑﻦ ﻗﺼﻲ" ﺗﻮﻟﻰ ﻗﯿﺎدة ﻗﺮﯾﺶ اﺑﻨﮫ" ھﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف" ،وﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﮫ ﺗﻮﻟﻰ اﻟﻘﯿﺎدة وﺳﻘﺎﯾﺔ اﻟﺤﺮم" ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ھﺎﺷﻢ "اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺤﻔﺮ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﻣﺮة أﺧﺮى ].[31ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎن" أﺑﺮھﺔ اﻟﺤﺒﺸﻲ "ﻣﻠﻚ اﻟﯿﻤﻦ ﻗﺪ ﺑﻨﻰ ﻛﻨﯿﺴﺔ اﻟﻘﻠﯿﺲ ﻟﯿﺤﺞ إﻟﯿﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً ،ﻓﻠﻤﺎ أﺣﺪث أﺣﺪ أﺑﻨﺎء ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻜﻨﯿﺴﺔ ،ﻏﻀﺐ أﺑﺮھﺔ ﻓﺨﺮج ﺑﺠﯿﺸﮫ اﻟﻤﺼﺤﻮب ﺑﺎﻟﻔﯿﻠﺔ ﯾﺮﯾﺪ ﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻟﯿﺠﺒﺮ اﻟﻌﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻛﻨﯿﺴﺘﮫ[32] ،وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ أﺑﺖ اﻟﻔﯿﻠﺔ اﻟﺘﻘﺪم ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻌﺒﺔ، وﻋﻨﺪھﺎ أرﺳﻞ اﷲ ﻃﯿﻮراً أﺑﺎﺑﯿﻞ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﮭﺎ ﺣﺠﺎرة ﻣﻦ ﺳﺠﯿﻞ ﻓﺪﻣﺮت أﺑﺮھﺔ وﺟﯿﺸﮫ ،وﻓﻖ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ[32] ، وﻗﺪ ﺳُﻤﻲ ھﺬا اﻟﻌﺎم ﺑﻌﺎم اﻟﻔﯿﻞ وھﻮ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ.
ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻮة
وُﻟﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم اﻟﻔﯿﻞ اﻟﺬي ﯾﻮاﻓﻖ ﻋﺎم ،570وﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﻤﯿﻼدي ﻇﮭﺮ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ،وﺑﺪأ ﻓﻲ دﻋﻮة اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺠﺪﯾﺪ ،ﻓﺄﺳﻠﻢ ﻣﻌﮫ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ وﺧﺪﯾﺠﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﻮﯾﻠﺪ وﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ .ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﺳﺮﯾﺔ ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻨﻮات ،وﻛﺎﻧﺖ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﺗﺘﻢ ﻓﻲ دار اﻷرﻗﻢ ﺣﺘﻰ أﻣﺮ اﷲ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﺎﻟﺠﮭﺮ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻋﻮة ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ أﻏﻀﺎب ﺳﺎدة ﻗﺮﯾﺶ ،ﻓﺄﻋﺪ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ ﻹﺣﺒﺎط ھﺬه اﻟﺪﻋﻮة ،ﻓﻘﺎﻣﻮا ﺑﺘﻌﺬﯾﺐ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وإﯾﺬاء اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻜﺎﻓﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،ﻓﻜﺎن ﻋﻢ اﻟﻨﺒﻲ أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﯾﺆازره وﯾﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮫ .ﻟﻤﺎ اﺷﺘﺪ أذى اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻀﻌﻔﺎء،أﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﮭﺠﺮة إﻟﻰ اﻟﺤﺒﺸﺔ ،ﻓﮭﺎﺟﺮ ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻟﻰ ھﻨﺎك ،ﺣﯿﺚ رﺣﺐ ﺑﮭﻢ" اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ "ﻣﻠﻚ اﻟﺤﺒﺸﺔ وﻧﺼﺮھﻢ .وﺑﻌﺪ ازدﯾﺎد اﻷذى ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ،أﻣﺮھﻢ اﻷﺧﯿﺮ ﺑﺎﻟﺨﺮوج إﻟﻰ ﯾﺜﺮب ،ﺛﻢ ﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﮭﺠﺮة إﻟﻰ ھﻨﺎك ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺗﻔﻖ ﻣﻊ وﻓﺪ ﻗﺒﯿﻠﺘﻲ اﻷوس واﻟﺨﺰرج ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﺗﮫ وﺣﻤﺎﯾﺘﮫ. ﺑﻌﺪ ھﺠﺮة اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ،ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﺎرك ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻗﺮﯾﺶ ،ﻛﺎﻧﺖ أوﻟﮭﺎ ﻏﺰوة ﺑﺪر ﻋﺎم 2ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 624م ،واﻟﺘﻲ اﻧﺘﮭﺖ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎر اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﺛﻢ ﻏﺰوة أﺣﺪ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻏﺰوة اﻟﺨﻨﺪق ﻋﺎم 5ھـ، ﺣﺘﻰ ﺟﺎء ﺷﮭﺮ ﺷﻮال ﻋﺎم 6ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 628م ،ﻓﺨﺮج اﻟﻨﺒﻲ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ اﺗﺠﺎه ﻣﻜﺔ ﻷداء اﻟﻌﻤﺮة،وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻮا إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ رﻓﻀﺖ ﻗﺮﯾﺶ دﺧﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ وأﺻﺤﺎﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،وﻋﻘﺪوا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺻﻠﺢ اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ اﻟﺬي ﻧﺺ ﻋﻠﻰ وﻗﻒ اﻟﻘﺘﺎل وﻋﻮدة اﻟﻨﺒﻲ وأﺻﺤﺎﺑﮫ ﻟﻠﻌﻤﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ،وﺣﺮﯾﺔ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺗﺤﺎﻟﻒ إﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺒﻲ وإﻣﺎ ﻣﻊ ﻗﺮﯾﺶ .ﺑﻌﺪ ﻋﻘﺪ اﻟﺼﻠﺢ اﺧﺘﺎرت ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺧﺰاﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦ ﻣﻜﺔ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﺣﻠﻒ اﻟﻨﺒﻲ ،ﻓﯿﻤﺎ دﺧﻞ ﺑﻨﻮ اﻟﺪﺋﻞ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻒ ﻗﺮﯾﺶ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﺒﯿﻠﺘﯿﻦ ﺣﺮوب ﻗﺪﯾﻤﺔ، ﻓﺄراد ﺑﻨﻮ اﻟﺪﺋﻞ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ اﻟﻜﻨﺎﻧﯿﯿﻦ أن ﯾﺄﺧﺬوا ﺑﺜﺄرھﻢ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻣﻦ ﺧﺰاﻋﺔ ،ﻓﺄﻏﺎروا ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻟﯿﻼً وﻗﺘﻠﻮا ﻣﻨﮭﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ وذﻟﻚ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻗﺮﯾﺶ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﺬﻟﻚ أﻣﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻔﺘﺢ ﻣﻜﺔ وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ 8ھـ ،وﻟﻤﺎ وﺻﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﺑﺠﯿﺸﮫ دﺧﻠﮭﺎ ﺑﺪون أي ﻗﺘﺎل ،وھﺪم اﻷﺻﻨﺎم ،وﻋﻔﺎ ﻋﻦ أھﻞ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ .وﻋﯿّﻦ ﻋﺘﺎب ﺑﻦ أﺳﯿﺪ أﻣﯿﺮاً ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ،وﻗﺪ أﻗﺎم اﻟﻨﺒﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﯾﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂ ،ﺛﻢ ﻏﺎدرھﺎ ﻋﺎﺋﺪاً إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة .ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ وﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺎم 11ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 634م ،ﺗﻮﻟﻰ إدارة ﻣﻜﺔ زﻋﻤﺎء ﻗﺮﯾﺶ. 20
ﻋﮭﺪ اﻟﺨﻠﻔﺎء
ﻣﺮت ﻣﻜﺔ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ ﺧﻼﻓﺔ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ وﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ،واﻧﺘﮭﺖ ﺑﺎﻏﺘﯿﺎل ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ
اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ
ﻋﻔﺎن ﻋﺎم 35ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺳﻨﺔ 655م ،وﺑﺪأت ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻣﺮت ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻦ واﻟﺤﺮوب ،أﺑﺮزھﺎ ﻣﻮﻗﻌﺔ اﻟﺠﻤﻞ ،ﻣﻮﻗﻌﺔ ﺻﻔﯿﻦ ،وﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﻨﮭﺮوان ،وﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻏﺘﯿﻞ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ،وﺗﻮﻟﻰ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻋﺎم 41ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺳﻨﺔ 661م.
اﻟﻌﮭﺪ اﻷﻣﻮي
وﺗﻮﻟﻰ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻋﺎم 41ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺳﻨﺔ 661م،وﻟﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ ﻣﺮﻛﺰاً ﻻﻧﻄﻼق اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻟﺤﻜﻢ اﻷﻣﻮﯾﯿﻦ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ رﻓﺾ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺒﺎﯾﻌﺔ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﯿﺎن ﻟﻠﺨﻼﻓﺔ[42] ،وﻗﺪ اﻧﺘﮭﺖ ھﺬه اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﺑﻤﻘﺘﻞ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﺑﻼء ،وﻣﻘﺘﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﺑﻌﺪ ھﺠﻮم اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﺜﻘﻔﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻣﺤﺎﺻﺮﺗﮭﺎ ﻋﺎم 73ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻋﺎم 692م .ﻗﺎم اﻷﻣﻮﯾﻮن ﺧﻼل ﺣﻜﻤﮭﻢ ﻟﻤﻜﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻣﺜﻞ ﺷﻖ اﻟﻄﺮق ،واﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،وﻟﻌﻞ أﺑﺮز ھﺬه اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻛﺎن ﻋﺎم 91ھـ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺗﺴﻘﯿﻒ أروﻗﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻷﻣﻮي ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان .ﻋﺎﺷﺖ ﻣﻜﺔ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻷﻣﻮﯾﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم 132ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺳﻨﺔ 750م
اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ
ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ أﺑﻲ اﻟﻌﺒﺎس ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺴﻔﺎح ،وﻗﺪ اھﺘﻢ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﻮن ﺑﻌﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺣﯿﺚ ﺗﻢ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ،وﻟﻌﻞ أﺑﺮز اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﺑﮭﺎ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﺳﺘﯿﻼء اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺳﺮﻗﺘﮭﻢ ﻟﻠﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻋﺎم 317ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻋﺎم 929م ،وﻟﻜﻦ ﺗﻤﺖ إﻋﺎدﺗﮫ ﻋﺎم 330ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺳﻨﺔ 941م.
اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ
ﺑﻌﺪ ﺧﺮوج ﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﻮذ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﺔ ،ﺧﻀﻌﺖ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻟﺴﯿﻄﺮة اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول ﻣﺜﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺧﺸﯿﺪﯾﺔ ،اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻔﺎﻃﻤﯿﺔ ،اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﯾﻮﺑﯿﺔ ،واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻣﻦ أھﻢ اﻧﺠﺎزاﺗﮭﺎ إﻧﺸﺎء ﺳﻜﺔ ﺣﺪﯾﺪ اﻟﺤﺠﺎز.
ﻋﮭﺪ ﺣﻜﻢ
ﻓﻲ ﯾﻮﻧﯿﻮ ﻣﻦ ﻋﺎم 1916اﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﻜﺔ ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﮭﺎﺷﻤﯿﻮن
اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺎز ،وﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ وذﻟﻚ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻷوﻟﻰ،وﺗﻤﻜﻦ أﻓﺮاد
)ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﺠﺎز(
اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺬﯾﻦ اﻧﻀﻤﻮا إﻟﻰ اﻟﺜﻮرة ﻣﻦ ﺗﻔﺠﯿﺮ ﺧﻂ وﺑﮭﺬا ﻣﻨﻌﻮا وﺻﻮل اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺤﺠﺎز ،واﻧﺘﮭﺖ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻄﺮد اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎز ،ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﻋﻠﻦ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻋﻦ ﻗﯿﺎم ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﺠﺎز.
اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺴﻌﻮدي
اﺳﺘﻤﺮت ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺤﺠﺎز ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ دﺧﻞ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد ﻣﻜﺔ ﻓﻲ 17رﺑﯿﻊ اﻷول 1343ھـ ،اﻟﻤﻮاﻓﻖ 16أﻛﺘﻮﺑﺮ ، 1924ﻣﻊ ﺟﯿﺸﮫ وﺟﯿﻮش ﺣﻠﻔﺎﺋﮫ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ﺑﻘﯿﺎدة ﻓﯿﺼﻞ اﻟﺪوﯾﺶ أﻣﯿﺮ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻣﻄﯿﺮ ﻣﻦ ﻧﺠﺪ ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎرھﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﯿﺶ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ،ورﺣﻞ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺟﺪة وﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺤﻜﻤﮭﺎ وﻟﺪه ﻋﺒﺪ اﷲ اﻷول ﺑﻦ اﻟﺤﺴﯿﻦ .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻮﻟﻰ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﻜﺔ ﻟﻔﺘﺮة اﺳﺘﻤﺮت ﻋﺎﻣﺎً واﺣﺪاً ،ﺛﻢ رﺣﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ،وﺗﻢ ﺗﻌﯿﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ ﻓﯿﺼﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد ﻛﺄول أﻣﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ أﺳﺮة آل ﺳﻌﻮد .اھﺘﻢ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻌﻮدﯾﻮن ﻣﻨﺬ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ وﺣﺘﻰ اﻵن ﺑﺘﻄﻮﯾﺮ ﻣﻜﺔ وﺗﻮﺳﻌﺔ وﺗﺤﺴﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام.
21
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
ﺗﺘﻤﯿﺰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف ﺗﻀﺎرﯾﺴﮭﺎ ،ﺣﯿﺚ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ اﻟﺘﻼل واﻟﺠﺒﺎل اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺳﻔﻮﺣﮭﺎ أھﺎﻟﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻋﻤﺮاﻧﯿﺔ ﻟﻤﺴﺎﻛﻨﮭﻢ .وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 250 ﻣﺘﺮًا إﻟﻰ 350ﻣﺘﺮًا ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب إﻟﻰ اﻟﺸﺮق ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﻋﺮض ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺟﺪول ) (3ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻤﻮﻗﻊ
اﻟﺸﻜﻞ
اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺗﻘﻊ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﻮح اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻟﺠﺒﺎل اﻟﺴﺮوات ،ﻓﮭﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺘﻘﺎء ﺑﯿﻦ ﺗﮭﺎﻣﺔ وﺟﺒﺎل اﻟﺴﺮوات ،وﺑﺬﻟﻚ ﻓﮭﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻏﺮب ﺷﺒﺔ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ “ ﻏﺮب اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ “ وﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﯾﻌﺪ 75ﻛﻢ ﺷﺮق اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻊ ﺑﺠﻮارھﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 80ﻛﻢ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻄﺎﺋﻒ .ﺗﻘﻊ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ داﺋﺮة ﻋﺮض 25،21 ,19ﺷﻤﺎﻻ و ﺧﻂ ﻃﻮل 39 ،59 ،26ﺷﺮﻗﺎً وﺗﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻷرض ﺑﻤﻘﺪار 300ﻣﺘﺮ ﻋﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ.
ﯾﺴﻮد ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺼﺤﺮاوي ﻣﺜﻞ أﻏﻠﺐ ﻣﺪن ﺷﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻧﻈﺮاً ﻟﻮﺟﻮد ﻣﻜﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺪارﯾﺔ ،وﺑُﻌﺪھﺎ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎخ
ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﻓﮭﻲ ﺗﺘﻤﯿﺰ ﺑﻤﻨﺎخ ﺟﺎف ﻧﺴﺒﯿﺎً ،وﺗﺮﺗﻔﻊ درﺟﺔ ﺣﺮارﺗﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮاً ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺼﯿﻒ ﻓﺘﺼﻞ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ﯾﻮﻧﯿﻮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب °47ﻣﺌﻮﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﻣﻜﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﻣﺪن اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻓﮭﻲ ﺗﺘﻤﯿﺰ ﺑﻤﻨﺎخ داﻓﺊ وﺗﺘﺮواح درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة ﺑﯿﻦ °25ﻣﺌﻮﯾﺔ ﻧﮭﺎراً و °17ﻣﺌﻮﯾﺔ ﻟﯿﻼً،أﻣﺎ اﻷﻣﻄﺎر ﻓﯿﻜﺜﺮ ھﻄﻮﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﮭﻮر ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،دﯾﺴﻤﺒﺮ ،وﯾﻨﺎﯾﺮ وﯾﺒﻠﻎ اﻟﻤﻌﺪل اﻟﺴﻨﻮي ﻟﮭﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 25و 80ﻣﻠﯿﻤﺘﺮا .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮﯾﺎح ﻓﺘﮭﺐ ﻣﻦ اﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ،وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ ﺳﺮﻋﺘﮭﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 3و 36ﻋﻘﺪة .ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮﻃﻮﺑﺔ ﻓﮭﻲ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ أﻏﻠﺐ أوﻗﺎت اﻟﺴﻨﺔ وﯾﺒﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪﻟﮭﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 32و %57
ﺟﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ
ﺗﻘﻊ ﻣﻜﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﺸﻜﯿﻼت اﻟﺪرع اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻜﻮن ﻣﻦ ﺻﺨﻮر ﻣﺘﺤﻮﻟﺔ ،ﺻﺨﻮر ﺟﻮﻓﯿﺔ اﻧﺪﺳﺎﺳﯿﺔ ،وﺻﺨﻮر ﺟﺮاﻧﯿﺘﯿﺔ ،أﻣﺎ اﻷودﯾﺔ
ﻣﻜﺔ
ﻓﺘﻐﻄﯿﮭﺎ ﺗﺮﺳﺒﺎت اﻟﺤﺼﻰ واﻟﺮﻣﻞ ،وﻣﻌﻈﻢ ھﺬه اﻷودﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﻜﺔ ﺗﺘﺒﻊ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺼﺪوع واﻻﻧﻜﺴﺎرات
اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﺑﺎﻟﺪرع اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻼل اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ .ﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ﻣﻜﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 250ﻣﺘﺮاً إﻟﻰ 350ﻣﺘﺮاً ﻓﻮق ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ،وﯾﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﯿﻢ ﺗﻀﺎرﯾﺲ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ: اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﯾﺘﺮاوح ارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 200إﻟﻰ 250ﻣﺘﺮاً ،وﺗﺮﺗﻔﻊ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺾ ﻗﻤﻢ اﻟﺠﺒﺎل وﺗﺼﻞ إﻟﻰ 400ﻣﺘﺮ. اﻟﻘﺴﻢ اﻷوﺳﻂ وﯾﺘﺮاوح ارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻓﻮق 300ﻣﺘﺮ وﺗﺒﺮز ﻓﯿﮫ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻣﻨﮭ ﺎ ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ ،اﻟﺬي ﯾﺼﻞ ارﺗﻔﺎﻋﮫ إﻟﻰ 420ﻣﺘﺮاً ،وﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ اﻟﺬي ﯾﺼﻞ ارﺗﻔﺎﻋﮫ إﻟﻰ 372ﻣﺘﺮاً ،وﺟﺒﻞ ﺛﻮر اﻟﺬي ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻗﻤﺘﮫ إﻟﻰ 759ﻣﺘﺮاً. اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﺎرﺗﻔﺎﻋﮫ اﻟﺬي ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ 400ﻣﺘﺮ ،وﺑﮫ ﻗﻤﻢ ﺟﺒﻠﯿﺔ ﯾﺰﯾﺪ ارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ ﻋﻦ 800ﻣﺘﺮ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ اﻟﻄﺎرﻗﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻲ ﺷﺮق ﻣﺸﻌﺮ ﻣﻨﻰ ،واﻟﺬي ﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎﻋﮫ 900ﻣﺘﺮ وھﻮ أﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﻓﻲ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ.
22
ﺗُﻘﺴﻢ ﻣﻜﺔ إدارﯾﺎً إﻟﻰ ﻋﺸﺮة ﺑﻠﺪﯾﺎت ﻓﺮﻋﯿﺔ ھﻲ : اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻹداري
ﺑﻠﺪﯾﺔ أﺟﯿﺎد اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :وﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﻋﺎﻣﺮ ﺷﻤﺎﻻ إﻟﻰ ﻣﻮاﻗﻒ ﻛﺪي ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ أﺟﯿﺎد
اﻟﺴﺪ وأﻧﻔﺎق اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺷﺮﻗﺎً ﺣﺘﻰ ﺷﺎرع إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﻤﺴﻔﻠﺔ، أﺟﯿﺎد ،اﻟﻄﻨﺪﺑﺎوي ،وﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﺠﻤﻮم وﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﻤﺮة ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ.
ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺰﯾﺰﯾﺔ واﻟﺸﺮاﺋﻊ ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﻧﻄﺎق ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪة وﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﻤﺮة ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ ﺣﻲ اﻟﺸﺮاﺋﻊ.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪة اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺷﺎرع اﻟﺤﺠﻮ وﻣﺨﻄﻂ اﻟﺴﻔﯿﺎﻧﻲ ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ
اﻟﺮوﺿﺔ واﻟﺸﺸﺔ ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﺟﺴﺮ اﻟﻤﻌﯿﺼﻢ ووادي ﺟﻠﯿﻞ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ رﯾﻊ ذاﺧﺮ، اﻟﺠﻤﯿﺰة ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﺠﻤﯿﺰة ،رﯾﻊ ذاﺧﺮ ،اﻟﺨﻨﺴﺎء ،اﻟﻤﻼوي ،ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ،اﻟﻤﻌﯿﺼﻢ،
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ.
وادي ﺟﻠﯿﻞ ،اﻟﻐﺴﺎﻟﺔ ،ﺷﺎرع اﻟﺤﺞ ،اﻟﺸﺸﺔ ،اﻟﺮوﺿﺔ.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﺰﯾﺰﯾﺔ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺸﺔ وأﺳﻮاق ﺑﻦ داوود ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﮭﺪا
واﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺮاﺑﻊ ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﻗﻤﻢ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ واﻟﻌﺰﯾﺰﯾﺔ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﺑﻄﺤﺎء ﻗﺮﯾﺶ وﺟﺒﻞ ﺛﻮر ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﻌﺰﯾﺰﯾﺔ ،اﻟﻤﺮﺳﻼت ،اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ، اﻟﻨﺴﯿﻢ ،اﻟﻌﻮاﻟﻲ.
ﺷﺎرع أم اﻟﻘﺮى.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻤﺴﻔﻠﺔ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻃﺮﯾﻖ أم اﻟﻘﺮى ﺷﻤﺎ ﻻً ،إﻟﻰ
اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺎراً ﺑﻤﻮاﻗﻒ ﺣﺠﺰ اﻟﺴﯿﺎرات ﺑﻜﺪي ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻷﻣﯿﺮ ﻣﺘﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﻤﺴﻔﻠﺔ ،اﻟﻨﻜﺎﺳﺔ ،ﻛﺪي اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ،اﻟﮭﺠﺮة ،ﺟﺒﻞ ﻏﺮاب ،ﺣﻲ اﻟﺤﺴﻨﺎن.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﺘﯿﺒﯿﺔ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺷﺎرع اﻟﺤﺞ ﻣﻊ اﻣﺘﺪاد اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺒﺮ
اﻟﻤﻨﻔﺬ ﺣﺘﻰ ﺳﻮق اﻟﺤﺠﺎز ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ أﻧﻔﺎق اﻟﺴﻠﯿﻤﺎﻧﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﺷﺎرع اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻣﻊ ﻃﺮﯾﻖ أم اﻟﻘﺮى ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ اﻟﺴﻠﯿﻤﺎﻧﯿﺔ وﺟﺒﻞ اﻟﺴﯿﺪة ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﻣﺨﻄﻂ اﻟﺼﺒﺎن وﻣﺨﻄﻂ اﻟﻘﺰاز ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﺤﺠﻮن ،اﻷﻧﺪﻟﺲ ،اﻟﻌﺘﯿﺒﯿﺔ ،اﻟﺒﯿﺒﺎن ،اﻟﺸﮭﺪاء ،اﻟﺰھﺮاء ،اﻟﻨﺰھﺔ ،اﻟﻀﯿﺎﻓﺔ، اﻟﺰاھﺮ.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﺸﻮﻗﯿﺔ اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :وﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ ﺣﺪود ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻠﯿﺚ
ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﺣﻲ اﻟﻌﺰﯾﺰﯾﺔ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺪة اﻟﺴﺮﯾﻊ وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﯿﺴﻲ ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء اﻟﺰھﻮر ،اﻟﻜﻌﻜﯿﺔ ،اﻟﻌﻜﯿﺸﯿﺔ ،اﻷﺷﺮاف ،اﻟﺴﺒﮭﺎﻧﻲ ،اﻟﺨﺎﻟﺪﯾﺔ ،اﻟﺸﻮﻗﯿﺔ ،اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ، اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،إﺳﻜﺎن اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ،اﻟﮭﺪا ،اﻟﻮﺳﯿﻖ ،ﺑﻄﺤﺎء ﻗﺮﯾﺶ ،اﻟﮭﺠﺮة ،ﻛﺪي ،اﻟﺤﺴﯿﻨﯿﺔ ،وﻟﻲ اﻟﻌﮭﺪ ،اﻟﺴﻠﻮﻟﻲ ،أم اﻟﻜﺘﺎد ،اﻟﺮأﻓﺔ ،اﻟﺨﯿﺎط ،ﺑﻦ ﯾﻌﻘﻮب ،اﻟﻤﺮوة.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻐﺰة اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺪاﺋﺮي اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺷﻤﺎﻻً إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺟﻨﻮﺑﺎً، 23
اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻹداري
وﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ ﺷﺮﻗﺎً ﺣﺘﻰ ﺷﺎرع اﻟﻤﻨﺼﻮر واﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﻣﻊ ﺷﺎرع أم اﻟﻘﺮى ﻏﺮﺑﺎً .وﺗﻀﻢ أﺣﯿﺎء ﺷﻌﺐ ﻋﺎﻣﺮ ،ﺷﻌﺐ ﻋﻠﻲ ،اﻟﻘﺮارة ،اﻟﻨﻘﺎ ،ﺣﺎرة اﻟﺒﺎب ،اﻟﺸﺎﻣﯿﺔ ،ﺟﺮول ،اﻟﺘﯿﺴﯿﺮ ،ﻣﯿﺪان اﻟﻐﺰاوي ،اﻟﻘﺸﻠﺔ ،ﺣﺎرة اﻟﺴﺎدة ،اﻟﺮواﺋﻊ.
ﺑﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﻤﺮة اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺣﺠﺰ اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﻨﻮارﯾﺔ ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ وزارة اﻟﺤﺞ ﺳﺎﺑﻘﺎً
ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ أم اﻟﺠﻮد ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﯿﺴﻰ وﻃﺮﯾﻖ ﻣﻜﺔ ﺟﺪة اﻟﺴﺮﯾﻊ .وﯾﻀﻢ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪﯾﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﻣﺜﻞ ﻃﺮﯾﻖ ﻣﻜﺔ ﺟﺪة اﻟﺴﺮﯾﻊ ،ﺑﻮاﺑﺔ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻄﺮﯾﻖ ،ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ ،وﻣﺼﻨﻊ ﻛﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ أم اﻟﺠﻮد.
ﺑﻠﺪﯾﺔ ﺑﺤﺮة اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ :ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺷﺎرع ﻣﺨﻄﻂ ﺑﻦ ﻻدن ﺷﻤﺎﻻً ،إﻟﻰ ﺷﺎرع ﻣﺼﻨﻊ اﻟﻌﻤﻮدي
ﺟﻨﻮﺑﺎً ،وﻣﻦ ﺷﺎرع اﻟﺤﺪﯾﻘﺔ ﺷﺮﻗﺎً ،إﻟﻰ ﺷﺎرع ﻣﺪرﺳﺔ ﺑﺤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻮﯾﺔ ﻏﺮﺑﺎً. وﺗُﻘﺴﻢ ﻛﻞ ﺑﻠﺪﯾﺔ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺒﻠﺪﯾﺎت إﻟﻰ أﺣﯿﺎء ،وﺗﺘﻤﯿﺰ أﺣﯿﺎء ﻣﻜﺔ ﺑﺘﻨﻮﻋﮭﺎ ﺑﯿﻦ أﺣﯿﺎء ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﺟﺬورھﺎ إﻟﻰ ﺣﻘﺐ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻣﺎزﻟﺖ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮭﺎ وأﺧﺮى ﺣﺪﯾﺜﮫ ﻧﺸﺄة ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ.
24
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ :أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ: ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺿﻤﻦ ﺗﺸﻜﯿﻼت اﻟﺪرع اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﮭﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ .أﻣﺎ اﻷودﯾﺔ ﻓﺘﻐﻄﯿﮭﺎ ﺗﺮﺳﺒﺎت اﻟﺤﺼﻰ واﻟﺮﻣﻞ ،وﻣﻌﻈﻢ ھﺬه اﻷودﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺗﺘﺒﻊ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺼﺪوع واﻻﻧﻜﺴﺎرات اﻟﺘﻲ ﻣﺮّت ﺑﺎﻟﺪرع اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻼل اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺠﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ .وﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷودﯾﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮز ھﺬه اﻷودﯾﺔ ،ﻛﻢ ھﻮ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺟﺪول ) (4ﯾﻮﺿﺢ أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ وادي ﻓَﺦّ
اﻟﻮﺻﻒ ھﻮ اﻟﻮادي اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻤﻜﺔ ,ﯾﺄﺧﺬ أﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻗﻂ ﻣﯿﺎھﮫ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﻲ ﻃﺮﯾﻖ ﻧﺠﺪ ,وﺟﺒﻞ ﺣﺮاء وﻣﺎ ﺣﻮﻟﮫ ،وﯾﺴﻤﻰ اﻟﯿﻮم ﺑﻌﺪة أﺳﻤﺎء :أﻋﻼه :ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺸﺮ ,ووﺳﻄﮫ :اﻟﺰاھﺮ واﻟﺸﮭﺪاء .ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮادي واﻗﻌﺔ ﻣﺸﮭﻮرة وﻗﻌﺖ ﺳﻨﺔ 169ھـ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻠﻮﯾﯿﻦ ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﺤﺴﯿﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ أﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ ,وﺑﯿﻦ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﯿﻦ ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس؛ ﻓﺎﻟﺘﻘﻮا ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ,ﻓﻘُﺘِﻞ اﻟﻌﻠﻮﯾﻮن ﯾﻮﻣﺌﺬ ﻗﺘﻼً ذرﯾﻌًﺎ ﺣﺘﻰ ﻗﯿﻞ :ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﯿﺒﺔ ﺑﻌﺪ ﻛﺮﺑﻼء ﺑﺄﺷﺪ ﻣﻦ ﯾﻮم اﻟﻔﺦّ ,وﻇﻞ اﻟﻘﺘﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻓﻲ اﻟﻌﺮاء؛ ﺣﺘﻰ أﻛﻠﺖ ﻟﺤﻮﻣﮭﻢ اﻟﻜﻼب.
وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ
وادٍ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ أودﯾﺔ اﻟﺤﺠﺎز ﻏﺮب اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ﺣﺎﻟﯿﺎً .ﯾﺠﺮي اﻟﻮادي ﻣﻦ اﻟﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻐﺮب، ﺑﺎدﺋﺎً ﻣﻦ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺴﺮاة ﻗﺮب اﻟﻄﺎﺋﻒ ﻟﯿﻨﺘﮭﻲ ﻋﻨﺪ ﺑﻠﺪة ﺑﺤﺮة ﺑﯿﻦ ﺟﺪة وﻣﻜﺔ ،وھﻮ واد ﺧﺼﺐ وﻓﯿﺮ اﻟﻤﺎء وﺑﮫ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮى أھﻤﮭﺎ اﻟﺠﻤﻮم ،وﻗﺪ أﻗﯿﻢ ﺑﺎﻟﻮادي ﺳﺪ ﺿﺨﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم 1405ھـ ھﻮ ﺳﺪ وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ وﻛﺎن اﺳﻤﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ وادي ﻣﺮ اﻟﻈﮭﺮان وﻛﺎن ﻣﻦ دﯾﺎر ﺑﻨﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎة ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻛﻨﺎﻧﺔ. ﺳﻤﻲ اﻟﻮادي ﻗﺪﯾﻤﺎ ًﺑﻮادي ﻣﺮّ اﻟﻈﮭﺮان وﺳﺒﺐ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ )ﻣﺮ( ﻣﻦ اﻟﻤﺮارة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﻋﺬوﺑﺔ اﻟﻤﺎء وﻗﺪ اﺷﺘﮭﺮ ھﺬا اﻟﻮادي ﺑﮭﺬه اﻟﺼﻔﺔ وﻣﻦ ھﻨﺎ ﺟﺎءت اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ.ﺛﻢ ﺳﻤﻲ ﺑﻮادي ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺎﺷﺮ اﻟﮭﺠﺮي وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻓﻮاﻃﻢ ذﻛﺮھﺎ اﻟﻤﺆرﺧﻮن اﻷواﺋﻞ وھﻦ: ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﺳﻌﺪ اﻟﺨﺰاﻋﯿﺔ أم ﻗﺼﻲ ﺑﻦ ﻛﻼب اﻟﻘﺮﺷﻲ وھﻲ إﺣﺪى اﻟﻔﻮاﻃﻢ اﻟﻼﺋﻲ وﻟﺪن اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺟﺪاده. ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ. ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺨﺰاﻋﯿﺔ "اﻟﻄﺒﯿﺒﺔ" ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ اﻟﺸﺮﯾﻒ أﻣﯿﺮ ﻣﻜﺔ ﺛﻘﺒﮫ ﺑﻦ رﻣﯿﺜﺔ ،وﻛﺎن اﻟﺸﺮﯾﻒ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺠﻼن ﺗﺰوﺟﮭﺎ ﻓﻲ 770ھـ ووﻟﺪت ﻟﮫ ﻣﺤﻤﺪاً اﻟﺬي وﻟﻲ ﺑﻌﺪه إﻣﺮة ﻣﻜﺔ .وﻣﺎت ﻋﻨﮭﺎ ﻓﺘﺰوﺟﮭﺎ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺠﻼن ﺳﻨﺔ 790ھـ ،وﻣﺎت ﻋﻨﮭﺎ ﻓﺘﺰوﺟﮭﺎ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﺠﻼن .وﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﯿﺮة اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ واﻟﺤﺸﻤﺔ واﻟﯿﺴﺎر ﻣﻠﻜﺖ ﻋﻘﺎراً ﻛﺜﯿﺮاً ﺟﺪاً ﺑﻮادي ﻣﺮ وﻏﯿﺮه ،ﻣﻌﻈﻤﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ،ﺗﻘﺮي اﻷﺿﯿﺎف وإن ﻛﺜﺮوا وﺗﻜﺮﻣﮭﻢ، وﺗﺤﺴﻦ إﻟﻰ اﻟﻨﺎزﻟﯿﻦ ﻋﻨﺪھﺎ ،وأوﺻﺖ ﻟﻤﻌﺘﻘﺎﺗﮭﺎ ﺑﺄﺻﯿﻠﺔ ﺣﺴﻨﺔ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،وﺗﻮﻓﯿﺖ ﻓﻲ 28رﻣﻀﺎن 25
ﺳﻨﺔ 827ھـ ،ودﻓﻨﺖ ﺑﺎﻟﻤﻌﻼة وﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺴﺒﻌﯿﻦ أو ﻗﺎرﺑﺘﮭﺎ ،وﻟﻢ ﺗﺨﻠﻒ ﺑﻌﺪھﺎ ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ واﻟﺤﺸﻤﺔ. ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻄﺒﺮﯾﺔ :ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻄﺒﺮﯾﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﺎة ﺳﻨﺔ)881ھـ( وادي ﻋﺒﻘﺮ
ھﻮ وادي ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻧﺠﺪ وھﻮ وادٍ ﺳﺤﯿﻖ ،واذا ﻗﯿﻞ ﻓﻼن )ﻋﺒﻘﺮي( ﻓﮭﻮ ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ وادي ﻋﺒﻘﺮ ،وﺗﻘﻮل اﻟﺮواﯾﺎت أن ھﺬا اﻟﻮادي ﺗﺴﻜﻨﮫ ﺷﻌﺮاء اﻟﺠﻦ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﯾﻞ ،وﯾﻘﺎل ان ﻣﻦ اﻣﺴﻰ ﻟﯿﻠﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮادي ﺟﺎﺋﮫ ﺷﺎﻋﺮ أو ﺷﺎﻋﺮه ﻣﻦ اﻟﺠﻦ ﺗﻠﻘﻨﮫ اﻟﺸﻌﺮ ،وان ﻛﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺷﻌﺮاء اﻟﺠﺎھﻠﯿﮫ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻗﺮﯾﻦ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻮادي ﯾﻠﻘﻨﮫ اﻟﺸﻌﺮ.
وادي ﻋﺮﻧﺔ
ھﻮ أﺣﺪ أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ,وﯾﻌﺪ ﻣﻦ اﻷودﯾﺔ اﻟﻜﺒﯿﺮة ﺣﯿﺚ ﯾﺨﺘﺮق أرض اﻟﻤﻐﻤﺲ ،ﻓﯿﻤﺮ ﺑﻄﺮف ﻋﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻐﺮب ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺠﺪ ﻧﻤﺮة ,ﺛﻢ ﯾﺠﺘﻤﻊ ﻣﻊ وادي ﻧﻌﻤﺎن اﻟﻐﯿﺮ ﺑﻌﯿﺪ ﻋﻦ ﻋﺮﻓﺔ ،وﯾﻤﺮ ﺟﻨﻮب ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪود اﻟﺤﺮم ،ﺛﻢ ﯾﻐﺮب ﺣﺘﻰ ﯾﻔﯿﺾ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﺟﻨﻮب ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺟﺪة ﻋﻠﻰ ﻗﺮاﺑﺔ 30ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮ ﻣﻨﮭﺎ ،وﯾﻌﺘﺒﺮ وادي ﻋﺮﻧﺔ ﻣﻦ اﻷودﯾﺔ اﻟﻔﺤﻮل ذات اﻟﺴﯿﻮل اﻟﺠﺎرﻓﺔ ,أﻣﺎ اﻟﺰراﻋﺔ ﻓﯿﮫ ﻓﮭﻲ ﻗﻠﯿﻠﺔ.
وادي ﺿﯿﻢ
وادي ﻛﺒﯿﺮ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ ﺟﺪة اﻟﻄﺎﺋﻒ )ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺨﻮاﺟﺎت( ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ 2ﻣﻠﯿﻮن ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ وﯾﺴﻜﻨﮫ اﻟﯿﻮم ﺑﻨﻲ ﻧﺪا ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺔ ھﺬﯾﻞ،وﻟﮫ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء ﻣﻨﮭﺎ:اﻟﺼﮭﻮه ،اﻟﻜﺮﺑﮫ ،اﻟﺪﺣﺎل ،4ﻋﺮﻋﺮ ،اﻟﻨﺨﺮ ،ام اﻟﻜﺪاد ،ام اﻟﻤﺴﯿﻚ ،اﻟﺸﺮﻓﮫ ،اﻟﺸﻘﮫ ،رﯾﻊ ﻣﺮﺑﻊ.
وادي ﻣُ ﺤَﺴﱢﺮ
ھﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ وﻋﺮﻓﺔ ،وﻗﯿﻞ :ﺑﯿﻦ ﻣﻨﻰ وﻋﺮﻓﺔ ،وﻗﯿﻞ :ﺑﯿﻦ ﻣﻨﻰ واﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ،وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻣﻨﻰ وﻻ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ,وھﻮ واد ﺑﺮأﺳﮫ .وﺣﺎب اﻟﻔﯿﻞ ﺣﺴﺮ ﻓﯿﮫ ،وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺴﻦ ﻟﻠﺤﺎج اﻹﺳﺮاع ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮور ﺑﮫ إن ﻛﺎن ﻣﺎﺷﯿﺎ أﺳﺮع ،وإن ﻛﺎن راﻛﺒﺎ ﺣﺮك داﺑﺘﮫ ،ﻷن اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺣﺞ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻧﮫ ﻟﻤﺎ أﺗﻰ ﺑﻄﻦ ﻣﺤﺴﺮ ﺣﺮك ﻗﻠﯿﻼ ،وﯾﺮوى أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻟﻤﺎ أﺗﻰ ﻣﺤﺴﺮ أﺳﺮع ،ﯾﺒﻠﻎ ﻃﻮل وادي ﻣﺤﺴﺮ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮان ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﺒﻠﻎ ﻋﺮﺿﮫ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة إﻟﻰ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻣﺘﺮ. وذﻛﺮ ﯾﺎﻗﻮت :أن ھﺬا اﻟﻮادي ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ واﻟﻄﺎﺋﻒ ,وأن ﺑﯿﻦ أدﻧﺎه وﻣﻜﺔ ﻧﺼﻒ ﻟﯿﻠﺔ ,وأﻧﮫ ﯾﺼﺐ ﻓﻲ
وادي ﻧَﻌْﻤﺎن ) ﻧﻌﻤﺎن اﻷراك(
ودّان. وذﻛﺮ اﻟﺒﻼدي :أن ﺑﮭﺬا اﻟﻮادي ﻋﯿﻮﻧﺎ ﻣﺜﻞ :ﻋﯿﻦ زﺑﯿﺪة ,وﻋﯿﻦ ﺳﻤﺎء ,وﻋﯿﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﯾﺔ ,وذﻛﺮ أن ﺟﺒﺎل ھﺬا اﻟﻮادي ﻣﺸﮭﻮرة ﺑﺠﻮدة اﻟﻌﺴﻞ.
26
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺮاﺑﻊ :ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺗﺸﺘﮭﺮ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﻜﺜﺮة ﺟﺒﺎﻟﮭﺎ ﺣﯿﺚ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﺒﻠﯿﺔ ،وﻧﻈﺮاً ﻟﻜﺜﺮة ھﺬه اﻟﺠﺒﺎل ﻛﺎن ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺴﻤﯿﺎت ﺗﻌﺮف ﺑﮭﺎ .ﻓﮭﻲ إﻣﺎ ﺗﻨﺴﺐ إﻟﻰ أﺷﺨﺎص ﻋﺎﺷﻮا ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وإﻣﺎ ﻟﻮﻗﻮع ﺣﻮادث إﺳﻼﻣﯿﺔ وﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ أﺑﺮز ﺟﺒﺎل اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ: ﺟﺪول ) (5ﯾﻮﺿﺢ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر
اﻟﺸﻜﻞ
اﻟﻮﺻﻒ ﯾﻘﻊ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ﺷﻤﺎل ﺷﺮق اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﯾﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﺪل وﺳﻤﻲ ﺑﮭﺬا اﻻﺳﻢ ﻟﻈﮭﻮر أﻧﻮار اﻟﻨﺒﻮة ﻓﯿﮫ ،ﺣﯿﺚ ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ﯾﺨﻠﻮ ﻓﯿﮫ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﻟﯿﻌﺒﺪ اﷲ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻌﺜﺔ ﻓﻲ ﻏﺎر ﺣﺮاء .وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ھﺬا اﻟﺠﺒﻞ 642ﻣﺘﺮاً ،وﯾﻨﺤﺪر اﻧﺤﺪاراً ﺷﺪﯾﺪاً ﻣﻦ 380 ﻣﺘﺮاً ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى 500ﻣﺘﺮ ،ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻻﻧﺤﺪار ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ زاوﯾﺔ
ﻣﻮﻗﻊ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺠﺒﻞ وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ ﺧﻤﺴﺔ ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮات و 250ﻣﺘﺮاً ﻣﺮﺑﻌﺎً وﺗﺸﺒﮫ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
ﻗﻤﺘﮫ اﻟﻄﺮﺑﻮش أو ﺳﻨﺎم اﻟﺠﻤﻞ. ﺟﺒﻞ ﺛﻮر
ھﻮ ﺟﺒﻞ ﯾﻘﻊ ﺟﻨﻮب ﻣﻜﺔ ﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ﻗﻤﺘﮫ 728ﻣﺘﺮاً .وﯾﻤﺘﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ 4123ﻣﺘﺮاً وﻣﻦ اﻟﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ 4000ﻣﺘﺮ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً. وﻣﻨﮫ إﺷﺘُﻖ اﺳﻢ اﻟﻐﺎر ،ﻏﺎر ﺛﻮر اﻟﺬي ﻣﻜﺚ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ وأرﺿﺎه ﺛﻼث ﻟﯿﻞِ أﺛﻨﺎء ھﺠﺮﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة .وﻓﻲ أﺛﻨﺎء وﺟﻮدھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎر ﺟﺎءت ﻗﺮﯾﺶ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﮭﻤﺎ ،ﺣﺘﻰ وﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﻢ اﻟﻐﺎر ،إﻻ أن اﷲ ردھﺎ ﺑﻔﻀﻠﮫ وﻗﺪرﺗﮫ ،ﯾﻘﻮل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :ﻟﻮ أن أﺣﺪھﻢ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ ﻷﺑﺼﺮﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﯿﮫ .ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ( :ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺎ ﻇﻨﻚ ﺑﺎﺛﻨﯿﻦ اﷲ ﺛﺎﻟﺜﮭﻤﺎ ( رواه اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ } :إﻻ ﺗﻨﺼﺮوه ﻓﻘﺪ ﻧﺼﺮه اﷲ إذ أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا ﺛﺎﻧﻲ اﺛﻨﯿﻦ إذ ھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎر إذ ﯾﻘﻮل ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ ﻻ ﺗﺤﺰن إن اﷲ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﺄﻧﺰل اﷲ ﺳﻜﯿﻨﺘﮫ ﻋﻠﯿﮫ وأﯾﺪه ﺑﺠﻨﻮد ﻟﻢ ﺗﺮوھﺎ وﺟﻌﻞ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا اﻟﺴﻔﻠﻰ وﻛﻠﻤﺔ اﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯿﺎ واﷲ ﻋﺰﯾﺰ ﺣﻜﯿﻢ { )اﻟﺘﻮﺑﺔ.(40:
ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ
ﯾﻘﻊ ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﯾﺘﻜﻮن ﺣﺎﻟﯿﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺴﻜﻨﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺑﻨﺎءھﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﯿﻦ وﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ ﺣﺎﻟﯿﺎ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ وﻟﻜﻦ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺳﻨﺔ 2006ﺑﻮﺷﺮت أﻋﻤﺎل اﻟﮭﺪم ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻛﻦ اﻟﺠﺒﻞ ﻟﺘﻮﻓﯿﺮ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﺸﺮوع ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ وأﻧﺸﺊ ﺧﺼﯿﺼﺎ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺴﺎھﻤﺔ ﺳﻌﻮدﯾﺔ ﺳﻤﯿﺖ ﺑﺸﺮﻛﺔ ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ. 27
ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ.
ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ ﺑﺎﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ .وﯾﻤﺘﺪ ﻓﻲ
ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ
اﺗﺠﺎه ﻃﻮﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﺑﻄﻮل ﯾﺘﺠﺎوز ﺛﻼﺛﺔ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮات وﯾﺒﻠﻎ أدﻧﻰ ﻋﺮض ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ أﻗﺼﻰ اﻟﺠﻨﻮب 170م أﻣﺎ ﻋﺮﺿﮫ ﺑﺎﻷﺟﺰاء اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﯿﺒﻠﻎ ﺣﻮاﻟﻲ 800م ،وﯾﺤﺪ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل ﻣﻨﻄﻘﺘﺎ اﻟﻤﻼوي وﺷﻌﺐ ﻋﺎﻣﺮ وﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ﺟﺒﻞ ﺑﺨﺶ أﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺮق ﻓﺘﺤﺪھﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺒﻠﯿﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ وﻣﻦ اﻟﻐﺮب ﻣﻨﺎﻃﻖ أﺟﯿﺎد اﻟﺴﺪ وأﺟﯿﺎد وﺑﺌﺮ ﺑﻠﯿﻠﺔ ورﯾﻊ ﺑﺨﺶ. وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﺒﻠﯿﺔ اﻟﻮﻋﺮة ﺣﯿﺚ ﯾﺼﻞ اﻻرﺗﻔﺎع ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺟﺰاﺋﮭﺎ إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ 615م وﺗﻨﺤﺪر ﺳﻔﻮﺣﮭﺎ اﻟﺠﺒﻠﯿﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﺑﻤﯿﻮل ﺣﺎدة ﺗﺼﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﺿﻊ إﻟﻰ %80ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﯾﻮﺟﺪ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﺪد ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﺨﻠﻮ ﻣﻌﻈﻤﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ رﻏﻢ ﻗﺮﺑﮭﺎ اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮم.
ﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺔ
ﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺎت ھﻮ ﺟﺒﻞ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻲ ﺑﻌﺪ 20ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﺷﺮﻗﻲ ﻣﻜﺔ ،اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ .ﺗﻘﺎم ﻋﻨﺪه أھﻢ ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ،واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻮﻗﻔﺔ ﻋﺮﻓﺔ وذﻟﻚ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ .وﺗﻌﺪ اﻟﻮﻗﻔﺔ ﺑﻌﺮﻓﺔ أھﻢ ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ« )
(اﻟﺤﺞ
ﻋﺮﻓﺔ. وﻗﺪ ﻗﯿﻞ أن ﻋﺮﻓﺔ ﺳﻤﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻷن اﻟﻨﺎس ﯾﺘﻌﺎرﻓﻮن ﻓﯿﮫ أو ﻷن ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻃﺎف ﺑﺈﺑﺮاھﯿﻢ ﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺎت أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺞ
ﻛﺎن ﯾﺮﯾﮫ اﻟﻤﺸﺎھﺪ ﻓﯿﻘﻮل ﻟﮫ ":أَﻋَﺮَﻓْﺖَ؟ أَﻋَﺮَﻓْﺖَ؟ " ،ﻓﯿﺮد إﺑﺮاھﯿﻢ" :ﻋَﺮَﻓْﺖُ، ﻋَﺮَﻓْﺖُ" .أو ﻷن آدم وﺣﻮاء "ﻋﻨﺪﻣﺎ ھﺒﻄﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ "إﻟﺘﻘﻮا ﻓﻌﺮﻓﮭﺎ وﻋﺮﻓﺘﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن.
ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ
ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ھﻮ أﺣﺪ اﻷﺧﺸﺒﺎن ﺟﺒﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام .وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎﻋﮫ ) (420ﻣﺘﺮاً ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً .وﻗﯿﻞ :إﻧﻤﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻷن رﺟﻼً ﯾﻘﺎل ﻟﮫ :أﺑﻮ ﻗﺒﯿﺲ، أول ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫ .وﯾﻌﺮف ﺟﺒﻞ ﻗﺒﯿﺲ ﺑﺄﻧﮫ أول ﺟﺒﻞ وﺿﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ان رﺳﻮل اﷲ ﻗﺎل ) :أول ﺑﻘﻌﺔ وﺿﻌﺖ ﻣﻦ اﻷرض ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺒﯿﺖ ﺛﻢ ﻣﺪت ﻣﻨﮫ اﻷرض وإن أول ﺟﺒﻞ وﺿﻌﮫ اﷲ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض أﺑﻮ ﻗﺒﯿﺲ ﺛﻢ ﻣﺪت ﻣﻨﮫ اﻟﺠﺒﺎل وﯾﺴﻤﻰ أﯾﻀﺎ ﺑﺎﻟﺠﺒﻞ اﻻﻣﯿﻦ ﺑﺴﺒﺐ اﺣﻔﺎﻇﮫ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ اﷲ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻓﻲ ﺑﻄﻦ اﻟﺠﺒﻞ وﻛﺎن ﺟﺒﻞ اﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﯾﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ اﻷﻣﯿﻦ ﻷن اﻟﺮﻛﻦ اﻻﺳﻮد ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ﻣﺴﺘﻮدﻋﺎً ﻋﺎم اﻟﻄﻮﻓﺎن ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻨﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ اﻟﺒﯿﺖ ﻧﺎدى أﺑﻮ ﻗﺒﯿﺲ أن اﻟﺮﻛﻦ ﻣﻨﻲ ﺑﻤﻮﺿﻊ ﻛﺬا وﻛﺬا وﻗﯿﻞ اﺗﻰ ﺑﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻞ وﺳﻠﻤﮫ إﻟﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وﺳﻤﻲ ﺑﺄﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﻷن اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد أﻗﺘﺒﺲ ﻣﻨﮫ ،وﯾﻤﺘﺎز ﺟﺒﻞ ﻗﺒﯿﺲ ﻋﻦ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﺠﺒﺎل ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ: أول ﺟﺒﻞ وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض. 28
أن اﷲ اﺳﺘﻮدﻋﮫ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد زﻣﻦ ﻃﻮﻓﺎن ﻧﻮح. أﻧﮫ ﯾﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﺑﻞ إن اﻟﺮﺑﻮة اﻟﺘﻲ ﺑﻨﯿﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺄﺻﻞ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ. أن أﺻﻞ اﻟﺼﻔﺎ اﻟﺬي ﯾﺒﺪأ اﻟﺴﻌﻲ ﻣﻨﮫ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ أﺳﻔﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ رﻛﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد. أن اﻧﺸﻘﺎق اﻟﻘﻤﺮ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ وذﻟﻚ ﻣﻌﺠﺰة ﻟﻠﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ. ﻓﻲ 73ھـ ﻗﺮر ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ،ﻓﺠﮭﺰ ﺟﯿﺸﺎً ﺿﺨﻤﺎً ﻟﻤﻨﺎزﻟﺔ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ،وأﻣﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ،ﻓﺴﺎر إﻟﻰ ﻣﻜﺔ وﺣﺎﺻﺮ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻧﺼﺐ اﻟﻤﻨﺠﻨﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ. ﺟﺒﻞ ﻗﻌﯿﻘﻌﺎن
ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ،ارﺗﻔﺎﻋﮫ 430ﻣﺘﺮاً .ﯾﺴﻤﻰ اﻟﯿﻮم ﺑﺠﺒﻞ ﻗﺮن وﺣﺪوده ﻣﻦ ﺣﺎرة اﻟﺒﺎب اﻟﻲ اﻟﻘﺮارة ،وﺳﻤﻲ ﺑﺠﺒﻞ ﻗﯿﻘﻌﺎن ﻟﺘﻘﻌﻘﻊ اﻟﺴﻼح ﺑﮫ ﻓﻲ ﺣﺮب ﺟﺮھﻢ ﻣﻊ ﻗﻄﻮرا وھﻤﺎ ﯾﻮﻣﺌﺬ اھﻞ ﻣﻜﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺟﺮھﻢ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ وﻗﯿﻘﻌﺎن وﻣﻠﻜﮭﻢ ﻣﻀﺎض ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﻄﻮرا ﺑﺄﺳﻔﻞ ﻣﻜﺔ وأﺟﯿﺎدﯾﻦ وﻣﻠﻜﮭﻢ اﻟﺴﻤﯿﺪع ،وﺟﺒﻞ ﻗﯿﻘﻌﺎن ﺟﺒﻞ ﻋﻈﯿﻢ ﻃﻮﯾﻞ ﻣﻤﺘﺪ وﻓﻲ أﺻﻠﮫ ﺗﻘﻊ اﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺪﻋﻰ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام.
29
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺨﺎﻣﺲ :ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﯿﻦ أﺣﻀﺎﻧﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ واﻵﺛﺎر ،وﻟﻌﻞ أﺑﺮزھﺎ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻜﺔ ،ﺗﺘﻮﺳﻄﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ أول ﺑﻨﺎء وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻏﺎر ﺣﺮاء ،وﻏﺎر ﺛﻮر ،واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻮدﯾﺎن واﻵﺑﺎر واﻟﺸﻮارع واﻟﺤﺎرات واﻷزﻗﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ،واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. ﺟﺪول ) (6ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻮﺻﻒ
ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ
اﻟﺸﻜﻞ
اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام
ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻜﺔ ،ﺗﺘﻮﺳﻄﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ أول ﺑﻨﺎء وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض وﻓﻖ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وھﺬه ھﻲ أﻋﻈﻢ وأﻗﺪس ﺑﻘﻌﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،واﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ھﻮ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ، ﺳُﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻟﺤﺮﻣﮫ اﻟﻘﺘﺎل ﻓﯿﮫ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ،واﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ھﻮ أول اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪ إﻟﯿﮭﺎ اﻟﺮﺣﺎل .ﯾﻀﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ وھﻲ :اﻟﻜﻌﺒﺔ،ﺣﺠﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ،ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ،اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة، واﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد.
ﻏﺎر ﺣﺮاء
ﺣﻈﻲ ﻏﺎر ﺣﺮاء ﺑﺸﺮف ﻋﻈﯿﻢ ،إذ ھﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي أﻛﺮم اﷲ ﻧﺒﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪاً ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﯿﮫ ﺑﻤﻘﺎم اﻟﻨﺒﻮة .ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﺟﺒﺮﯾﻞ -رﺳﻮل رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ -ﺑﻤﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻠﯿﮫ أواﺋﻞ ﺳﻮرة اﻟﻌﻠﻖ
}اﻗﺮأ ﺑﺎﺳﻢ رﺑﻚ اﻟﺬي ﺧﻠﻖ {
)اﻟﻌﻠﻖ ،(1 :وﻛﺎن اﻟﻐﺎر ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻣﺤﻼ ﻟﻌﺒﺎدﺗﮫ وﺗﻘﺮﺑﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻟﻰ رﺑﮫ ﺟﻼ وﻋﻼ ،وﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ وﻛﺎن ﯾﺨﻠﻮ ﺑﻐﺎر ﺣﺮاء ﻓﯿﺘﺤﻨﺚ ﻓﯿﮫ وھﻮ اﻟﺘﻌﺒﺪ .وﯾﻘﻊ ﻏﺎر ﺣﺮاء ﺷﻤﺎل ﺷﺮﻗﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ ﺣﺮاء ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﺴﺎر اﻟﺬاھﺐ ﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ،وﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ ﻧﺤﻮ 4.8ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮات ،وﯾﺮﺗﻔﻊ ﻗﺮاﺑﺔ 634ﻣﺘﺮا ،وﯾﺴﻤﯿﮫ أھﻞ ﻣﻜﺔ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ،وﻓﻲ أﻋﻼه ﯾﻘﻊ ﻏﺎر ﺣﺮاء ،وھﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻓﺠﻮة ﺑﺎﺑﮭﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺸﻤﺎل ﺗﺴﻊ ﻧﺤﻮ ﺗﺴﻌﺔ أﺷﺨﺎص ﺟﻠﻮﺳﺎ، وارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻗﺎﻣﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ
،إذ أن ﻃﻮﻟﮭﺎ أرﺑﻌﺔ أذرع وﻋﺮﺿﮭﺎ ذراع وﺛﻼﺛﺔ
أرﺑﺎع،وﯾﻤﻜﻦ ﻟﺨﻤﺴﺔ أﺷﺨﺎص ﻓﻘﻂ اﻟﺠﻠﻮس ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻲ آن واﺣﺪ ،واﻟﺪاﺧﻞ ﻟﻐﺎر ﺣﺮاء ﯾﻜﻮن ﻣﺘﺠﮭﺎً ﻧﺤﻮ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻛﻤﺎ وﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻮاﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻞ أن ﯾﺮى ﻣﻜﺔ وأﺑﻨﯿﺘﮭﺎ.
30
ﻏﺎر ﺛﻮر
ھﻮ اﻟﻐﺎر اﻟﺬي أوى إﻟﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ و أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وھﻤﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﮭﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﮭﺠﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ،ﻓﺪﺧﻼ ﻓﯿﮫ ﺣﺘﻰ إذا ھﺪأ ﻃﻠﺐ ﻗﺮﯾﺶ ﻟﮭﻤﺎ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻃﺮﯾﻘﮭﻤﺎ .وﻓﻲ أﺛﻨﺎء وﺟﻮدھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎر ﺟﺎءت ﻗﺮﯾﺶ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﮭﻤﺎ، ﺣﺘﻰ وﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﻢ اﻟﻐﺎر ،إﻻ أن اﷲ ردھﺎ ﺑﻔﻀﻠﮫ وﻗﺪرﺗﮫ ،ﯾﻘﻮل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :ﻟﻮ أن أﺣﺪھﻢ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ ﻷﺑﺼﺮﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﯿﮫ .ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﯾﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﺎ ﻇﻨﻚ ﺑﺎﺛﻨﯿﻦ اﷲ ﺛﺎﻟﺜﮭﻤﺎ رواه اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ .وﻗﺪ ذﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ } :إﻻ ﺗﻨﺼﺮوه ﻓﻘﺪ ﻧﺼﺮه اﷲ إذ أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا ﺛﺎﻧﻲ اﺛﻨﯿﻦ إذ ھﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎر إذ ﯾﻘﻮل ﻟﺼﺎﺣﺒﮫ ﻻ ﺗﺤﺰن إن اﷲ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﺄﻧﺰل اﷲ ﺳﻜﯿﻨﺘﮫ ﻋﻠﯿﮫ وأﯾﺪه ﺑﺠﻨﻮد ﻟﻢ ﺗﺮوھﺎ وﺟﻌﻞ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻔﺮوا اﻟﺴﻔﻠﻰ وﻛﻠﻤﺔ اﷲ ھﻲ اﻟﻌﻠﯿﺎ واﷲ ﻋﺰﯾﺰ ﺣﻜﯿﻢ { )اﻟﺘﻮﺑﺔ( 40: وﯾﻘﻊ ﻏﺎر ﺛﻮر ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ أرﺑﻌﺔ ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮات ﻋﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻧﺤﻮ 748م ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﺤﺮ ،وھﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺻﺨﺮة ﻣﺠﻮﻓﺔ ارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ 1.25م ،وﻟﮫ ﻓﺘﺤﺘﺎن ﻓﺘﺤﺔ ﻓﻲ ﺟﮭﺔ اﻟﻐﺮب وھﻲ اﻟﺘﻲ دﺧﻞ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ و أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وﻓﺘﺤﺔ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﺸﺮق.
ﻣﻘﺒﺮة اﻟﻤﻌﻼة
ھﻲ ﻣﻘﺒﺮة ﻋﺎﻣﺔ ﻷھﻞ ﻣﻜﺔ ،ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺤﺠﻮن ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻦ اﻟﻤﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﺣﻲ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪة ،ﺗﻀﻢّ ﻣﻘﺒﺮة اﻟﻤﻌﻼة ﺟﺜﻤﺎن أمّ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ وزوﺟﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺪﯾﺠﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﻮﯾﻠﺪ ،وﻓﯿﮭﺎ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺠﮭﺰة ﻟﺘﻐﺴﯿﻞ وﺗﻜﻔﯿﻦ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻛﻤﺎ ﯾﻮﺟﺪ ﺑﮭﺎ ﺳﯿﺎرات إﺳﻌﺎف ﻟﻨﻘﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺿﻤﻦ إدارة ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺘﺒﻊ أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ، وﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﺤﻤﻞ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻟﻤﻘﺒﺮة اﻟﻤﻌﻼة ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻟﺪﻓﻨﮭﺎ، وﺗُﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺑﯿﻦ ﻣﻘﺒﺮة اﻟﻤﻌﻼة ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻧﺴﺒﯿﺎ.
ﻣﻨﻰ
ھﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺻﺤﺮاوﯾﺔ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺷﺮق ﻣﻜﺔ ﺣﻮاﻟﻲ 5ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮات ،ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﺔ وﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺔ .ﺗُﻌﺮف اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﺪورھﺎ اﻟﮭﺎم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺆدي ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ،ﺣﯿﺚ ﯾﻤﻜﺚ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎج ﺳﻨﻮﯾﺎً ﻣﺆﻗﺘﺎً ﻓﻲ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻛﻤﺎ أﻧﮭﺎ ﻣﻮﻗﻊ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات اﻟﺬي ﯾُﺆدى ﺑﯿﻦ ﺷﺮوق وﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ آﺧﺮ أﯾﺎم اﻟﺤﺞ .وﺳﻤﯿﺖ ﻣﻨﻰ ﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻨﺎس ﺑﮭﺎ ،واﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺎن ﯾﺠﺘﻤﻊ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺎس :ﻣﻨﻰ .وﻗﯿﻞ ﺳﻤﯿﺖ ﻣﻨﻰ ﻟﻤﺎ ﯾُﻤْﻨَﻰ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎءِ ،أي ﯾُﺮاق ،ﻗﺎل اﷲ -ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ :-أَﻟَﻢْ ﯾَﻚُ ﻧُﻄْﻔَﺔً ﻣِﻦْ ﻣَﻨِﻲﱟ ﯾُﻤْﻨَﻰ﴾ )اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ .(37 :وﻗﯿﻞ :ﻷن آدم -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺗﻤﻨﱠﻰ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺠﻨﺔ .وﻗﯿﻞ ﻷن اﻟﻜﺒﺶ ﻣُﻨِﻲ ﺑﮫ ،أي ذﺑﺢ.
31
ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات ھﻮ ﺟﺴﺮ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﻰ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ وھﻮ ﺟﺴﺮ ﻣﺨﺼﺺ ﻟﺴﯿﺮ اﻟﺤﺠﺎج ﻟﺮﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ أﺛﻨﺎء ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ ،وھﻮ ﯾﻀﻢ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺼﻐﺮى ،ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،ﻓﺎﻟﺠﻤﺮات ھﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻮاﻗﻊ ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﺧﻂ ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮم اﻟﺤﺠﺎج ﺑﺮﻣﻲ ھﺬه اﻟﺠﻤﺮات ﻃﺎﻋﺔ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ؛ إذ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ واﺟﺒﺎت اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ اﻟﺸﺮع اﻟﻤﻄﮭﺮ ،واﻗﺘﺪاءً ﺑﻔﻌﻞ أﺑﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم. ﺗﻢ ﺑﻨﺎء أول ﺟﺴﺮ ﻟﻠﺠﻤﺮات ﻣﻦ دورﯾﻦ ﻓﻲ ﻋﺎم 1975م ﻟﺘﺴﮭﯿﻞ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات ؛ ﻟﻜﻦ ﻣﻊ زﯾﺎدة أﻋﺪاد اﻟﺤﺠﺎج ،أﺻﺒﺢ ھﺬا اﻟﺠﺴﺮ ﻻ ﯾﻜﻔﻲ ﻻﺳﺘﯿﻌﺎب اﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺘﺰاﯾﺪة ﻛﻞ ﻋﺎم ،ﻟﺬا ﻗﺮرت اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ھﺪم اﻟﺠﺴﺮ ﺑﻌﺪ أداء ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ﻋﺎم 2006م ،واﺳﺘﺒﺪاﻟﮫ ﺑﺒﻨﺎء ﻣﻨﺸﺄة ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻠﺠﻤﺮات ﻣﺘﻌﺪدة اﻷدوار ،ﻻﺳﺘﯿﻌﺎب أﻋﺪاد أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎج ،وﺗﺴﮭﯿﻞ ﻋﻤﻠﯿﺔ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات واﻧﺴﯿﺎﺑﯿﺘﮭﺎ ﺑﺄﻣﻦ وﺳﻼﻣﺔ . وﺑﻠﻎ ﻃﻮل ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات اﻟﺠﺪﯾﺪ 950ﻣﺘﺮاً وﻋﺮﺿﮫ 80ﻣﺘﺮاً ،وﯾﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﻃﻮاﺑﻖ ﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ﻛﻞ ﻃﺎﺑﻖ 12ﻣﺘﺮاً ،وﻟﮫ 12ﻣﺪﺧﻼً و 12ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻣﻦ اﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻓﺬ ﻟﻠﻄﻮارئ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﻔﻮﯾﺞ 300أﻟﻒ ﺣﺎج ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻛﻤﺎ ﯾﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣﯿﺮات ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻤﻨﺸﺄة وﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺪﻓﻖ اﻟﺤﺸﻮد ،ﻟﺘﺴﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺤﺠﺎج ،وﻧﻘﻞ ﺻﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﻤﺴ ﺎﻧﺪ ﻟﻠﺠﺴﺮ ،وﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﺴﻼﻣﺔ ،وﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻄﺒﯿﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،ﻛﻤﺎ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﮭﺒﻄﺎ ﻟﻠﻄﺎﺋﺮات اﻟﻤﺮوﺣﯿﺔ ﻟﺤﺎﻻت اﻟﻄﻮارئ .وﯾﺤﺘﻮي ﻣﺸﺮوع ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات أﯾﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﺗﻜﯿﯿﻒ ،ﻣﻌﺰز ﺑﺮﺷﺎﺷﺎت ﻣﯿﺎه ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻄﯿﻒ اﻟﺠﻮ واﻟﺘﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ 29درﺟﺔ ﻣﺌﻮﯾﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺸﺄة ﺗﻤﺖ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻈﻼت ﻛﺒﯿﺮة ﻟﺘﻐﻄﯿﺔ ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺠﻤﺮات اﻟﺜﻼﺛﺔ، وذﻟﻚ ﻟﺘﻌﺰﯾﺰ راﺣﺔ اﻟﺤﺠﺎج وﺣﻤﺎﯾﺘﮭﻢ ﻣﻦ أﺷﻌﺔ اﻟﺸﻤﺲ .وﻣﻦ اﻟﺠﺪﯾﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أن ھﺬا اﻟﻤﺸﺮوع ھﻮ ﻟﻠﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺣﯿﺚ ﺻﻤﻢ ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات ﻟﺘﻠﺒﯿﺔ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﺤﺠﺎج اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﯿﺔ ﻟﯿﺼﻞ إﻟﻰ 12ﻃﺎﺑﻘﺎً ،إذ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﮫ ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ 5ﻣﻼﯾﯿﻦ ﺣﺎج ﺳﻨﻮﯾﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ إن ﺷﺎء اﷲ. وﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﺼﻤﯿﻤﯿﺔ ﻟﻠﺠﺴﺮ ﻋﻠﻰ: ﺗﻔﺘﯿﺖ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺪد اﻟﻤﺪاﺧﻞ واﻟﻤﺨﺎرجﺧﻔﺾ اﻟﻜﺜﺎﻓﺎت ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺬروة ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺪد اﻷدواررﺑﻂ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﺠﺴﺮ ﺑﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺤﺠﺎج ﻓﻲ ﻣﺸﻌﺮ ﻣﻨﻰ-اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻟﻮادي ﻣﻨﻰ
32
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ
ھﻮ أﺣﺪ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ ،ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ أﺣﺪ ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻹﺣﺮام ﻷھﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻟﻤﺎ روي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻗﺎﻟﺖ :ﻧﺰل اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺤﺼﺐ )اﺳﻢ ﻣﻜﺎن( ،ﻓﺪﻋﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻘﺎل« :اﺧﺮج ﺑﺄﺧﺘﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﺮم إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ ﻓﻠﺘﮭﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤﺮة ،ﺛﻢ ﻟﺘﻄﻒ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،ﻓﺈﻧﻲ أﻧﺘﻈﺮﻛﻤﺎ ھﺎھﻨﺎ « ،ﻗﺎﻟﺖ :ﻓﺨﺮﺟﻨﺎ ﻓﺄھﻠﻠﺖ ،ﺛﻢ ﻃﻔﺖ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ وﺑﺎﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ،ﻓﺠﺌﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ وھﻮ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﮫ ﻓﻲ ﺟﻮف اﻟﻠﯿﻞ ،ﻓﻘﺎل» :ھﻞ ﻓﺮﻏﺖ ؟« ﻓﻘﻠﺖ :ﻧﻌﻢ ،ﻓﺄذن ﻓﻲ أﺻﺤﺎﺑﮫ ﺑﺎﻟﺮﺣﯿﻞ ،ﻓﺨﺮج ﻓﻤﺮ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﻓﻄﺎف ﺑﮫ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻔﺠﺮ ،ﺛﻢ ﺧﺮج إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ" .ﯾﻘﻊ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ،وﺗﻘﺪر اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﺑﺎب اﻟﻌﻤﺮة ﺑـ 6148ﻣﺘﺮاً
ﻣﺸﺮوع ﺧﯿﺎم ﻣﻨﻰ اﻟﻤﻄﻮرة
ﯾﻌﺪ أﺣﺪ أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ وراﺣﺔ اﻟﺤﺠﺎج ﻓﻲ ﻣﻨﻰ ،وﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻟﮭﻢ ،ﻧﻔﺬ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﻠﯿﻮﻧﯿﻦ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ،ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻣﻠﯿﻮﻧﯿﻦ وﺳﺘﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺣﺎج. ﺗﻢ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺴﺠﺔ اﻟﺰﺟﺎﺟﯿﺔ اﻟﻤﻐﻄﺎة ﺑﺎﻟﺘﻔﻠﻮن ﻓﻲ ﻧﺴﯿﺞ اﻟﺨﯿﺎم ،ﻟﻤﻘﺎوﻣﺘﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ﻟﻼﺷﺘﻌﺎل وﻋﺪم اﻧﺒﻌﺎث ﻏﺎزات ﺳﺎﻣﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،إﻻ ﻓﻲ درﺟﺎت ﺣﺮارة ﻋﺎﻟﯿﺔ .وﻗﺪ وﺿﻌﺖ ﻋﺪة ﻣﻌﺎﯾﯿﺮ ﻻﺧﺘﯿﺎر اﻟﺸﻜﻞ اﻷﻧﺴﺐ ،روﻋﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻼﺋﻤﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻟﻠﻄﺎﺑﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،واﺳﺘﻌﻤﺎل أﻓﻀﻞ اﻟﺘﻘﻨﯿﺎت اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﻨﯿﻊ واﻟﺘﻨﻔﯿﺬ . ﺗﻤﺖ دراﺳﺔ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﮭﺬه اﻟﻮﺣﺪات ،وﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺠﻤﯿﻌﮭﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﺤﻘﻖ اﻻﺳﺘﻔﺎدة اﻟﻘﺼﻮى ﻣﻦ اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻰ ،ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة أﺳﺲ اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼﻣﺔ،واﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺤﯿﻂ اﻟﻌﺎم ،ووﻇﯿﻔﺔ اﻟﻤﺨﯿﻤﺎت؛ ﻓﻘﺴﻤﺖ ﻛﻞ ﻗﻄﻌﺔ أرض إﻟﻰ ﻋﺪة ﻣﺨﯿﻤﺎت ،ﺗﺤﺪھﺎ أﺳﻮار ،ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺒﻌﻀﮭﺎ ﺑﻤﻤﺮات ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ ،ﺣﯿﺚ ﯾﺸﻜﻞ ﻛﻞ ﻣﺨﯿﻢ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻗﻄﻌﺔ اﻷرض اﻟﻤﺤﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﺮات ،ﻣﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺣﯿﺚ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺨﯿﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ دورات اﻟﻤﯿﺎه واﻟﻤﻮاﺿﻰء ،وﻋﻨﺪ اﻟﻤﺪﺧﻞ ﺧﯿﻤﺔ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻤﻄﻮف ،ﺑﺠﺎﻧﺒﮭﺎ ﺗﺠﮭﯿﺰات ﺗﻮزﯾﻊ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﮭﺮﺑﺎﺋﯿﺔ واﻟﻤﻄﺒﺦ،وﺑﺠﺎﻧﺒﮫ ﻣﻜﺐ اﻟﻨﻔﺎﯾﺎت. وﺗﻤﺖ إﺣﺎﻃﺔ ﻛﻞ ﻣﺨﯿﻢ ﺑﺄﺳﻮار ﻣﻌﺪﻧﯿﺔ ﺗﺘﺨﻠﻠﮭﺎ أﺑﻮاب رﺋﯿﺴﯿﺔ وأﺧﺮى ﻟﻠﻄﻮارئ، ﯾﺴﮭﻞ ﻓﺘﺤﮭﺎ ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻤﺨﯿﻢ ،ﻛﻤﺎ ﯾﺘﺨﻠﻞ اﻟﻤﺨﯿﻢ ﻣﻤﺮات ﺗﻢ رﺻﻔﮭﺎ وإﻧﺎرﺗﮭﺎ وﺗﺰوﯾﺪھﺎ ﺑﺈﺷﺎرات ﺗﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺨﯿﺎم ،وﻣﺨﺎرج اﻟﻄﻮارئ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت. ﻣﺸﺮوع ﺧﯿﺎم ﻣﻨﻰ اﻟﻤﻄﻮرة ﺗﺒﻠﻎ أﺑﻌﺎد اﻟﺨﯿﻤﺔ اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ 8 × 8أﻣﺘﺎر .ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ أﯾﻀﺎً ﺧﯿﺎم ﺑﻤﻘﺎﺳﺎت ﺗﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 8 × 6و 8 × 12أﻣﺘﺎر ،وروﻋﻲ أﯾﻀﺎً ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺨﯿﺎم اﻟﻤﻄﻮرة أن ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ،ﻛﺎﻟﻌﻮاﺻﻒ واﻟﺮﯾﺎح ،وﻣﺮوﻧﺔ أﺟﺰاﺋﮭﺎ ﻟﻠﺘﺸﻜﯿﻞ واﻟﺘﺮﻛﯿﺐ .واﺗﺨﺬت إﺟﺮاءات ﻟﺘﻮﻓﯿﺮ اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ أﺧﻄﺎر اﻟﺤﺮﯾﻖ ،ﺣﯿﺚ 33
أﻧﺸﺌﺖ ﺷﺒﻜﺔ ﻹﻃﻔﺎء اﻟﺤﺮﯾﻖ ،ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻓﻮھﺎت رﺋﯿﺴﺔ ﻟﻠﺤﺮﯾﻖ ﺑﺎﻟﺸﻮارع ،وﺷﺒﻜﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻤﯿﺎه إﻃﻔﺎء اﻟﺤﺮﯾﻖ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء ﻣﻨﻰ ،وإﻧﺸﺎء ﺧﺰاﻧﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻤﯿﺎه اﻟﺤﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ أﻧﻔﺎق ﺑﺄﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﺎل ﺑﻤﻨﻰ ،ﺗﻐﺬي ﺷﺒﻜﺔ إﻃﻔﺎء اﻟﺤﺮﯾﻖ ﺑﺄﻗﻄﺎر ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﻠﺰﻣﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺑﺲ وﻗﻄﻊ وﻗﺪ ﺑﻠﻎ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻃﻮل ھﺬه اﻟﺸﺒﻜﺔ 100ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺳﯿﺮ،ﺑﺄﻗﻄﺎر ﺗﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 250ﻣﻠﯿﻤﺘﺮ و 700ﻣﻠﯿﻤﺘﺮ ،ﺗﻀﻢ 800 ﻣﺤﺒﺲ و 740ﻓﻮھﺔ ﻟﻠﺤﺮﯾﻖ .وﯾﺸﺘﻤﻞ ﻣﺸﺮوع اﻟﺨﯿﺎم ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﻟﻠﺘﻜﯿﯿﻒ وﺧﺮاﻃﯿﻢ ﻟﻠﻤﯿﺎه داﺧﻞ اﻟﻤﺨﯿﻤﺎت ،وﺻﻨﺎدﯾﻖ ﯾﺤﺘﻮي ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻃﻮم ﺑﻄﻮل 30ﻣﺘﺮا ،ﻣﻊ ﻃﻔﺎﯾﺎت ﻟﻠﺤﺮﯾﻖ ﻣﻮزﻋﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﺮات داﺧﻞ اﻟﻤﺨﯿﻢ ﺑﻤﻌﺪل ﺻﻨﺪوق ﻟﻜﻞ 100ﻣﺘﺮ ﻃﻮﻟﻲ ،ﻟﻼﺳﺘﺨﺪام ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻮل اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻤﺪﻧﻲ. وﻗﺪ زوّدت ﻛﻞ ﺧﯿﻤﺔ ﺑﺮﺷﺎﺷﺎت ﻟﻠﻤﯿﺎه ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺑﻤﺠﺮد اﺳﺘﺸﻌﺎرھﺎ ﻟﻠﺤﺮارة ،وﺑﻤﺠﺮد اﻧﺒﻌﺎث اﻟﻤﯿﺎه ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺮﺷﺎﺷﺎت ﯾﺘﻢ ﺻﺪور ﺻﻮت ﺟﮭﺎز اﻹﻧﺬار ﻓﻲ ﺧﯿﻤﺔ اﻟﻤﻄﻮف ،ﻟﻠﺘﻨﺒﯿﮫ إﻟﻰ اﻟﺨﻄﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟﺨﯿﺎم ﻋﻠﻰ ﻃﻔﺎﯾﺎت ﻟﻠﺤﺮﯾﻖ ﺑﻮزن 6ﻛﯿﻠﻮ ﺟﺮاﻣﺎت ﺑﻤﻌﺪل ﻃﻔﺎﯾﺔ ﻟﻜﻞ ﺧﯿﻤﺔ وﺗﺒﻠﻎ اﻟﺨﺰاﻧﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺸﺒﻜﺔ اﻟﺤﺮﯾﻖ 200,000أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ،ﯾﺨﺼﺺ ﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ ﻟﻠﻤﻜﯿﻔﺎت اﻟﺼﺤﺮاوﯾﺔ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﯿﻤﺎت واﻟﺠﺰء اﻵﺧﺮ ﻹﻃﻔﺎء اﻟﺤﺮﯾﻖ. ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
ﻣﻜﺔ وﺗﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺗﺤﻔﺔ ﻣﻌﻤﺎرﯾﺔ ﻓﺮﯾﺪة ،ﺳﺨﺮت ﻟﮭﺎ أﻓﻀﻞ اﻟﻘﺪرات اﻟﮭﻨﺪﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻮﺿﻊ ﺗﺼﺎﻣﯿﻤﮭﺎ ،وﻧﻔﺬت ﺑﺄﯾﺪي أﻣﮭﺮ اﻟﺼﻨﺎع ،ﺣﺘﻰ ﺑﺎﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرﺗﮭﺎ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ . وﻧﻈﺮا ﻻرﺗﻔﺎع اﻟﺴﺎﻋﺔ وﺿﺨﺎﻣﺘﮭﺎ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺴﮭﻞ ﻣﺸﺎھﺪﺗﮭﺎ ﻣﻦ أي ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،أو ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺆدﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺪاﺧﻞ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﮭﺎت . وﺗﺘﻜﻮن اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ أرﺑﻊ واﺟﮭ ﺎت ،رﻛﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﺪراﻧﮭﺎ ﻣﺨﺎرج ﺿﻮﺋﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﺰر، ﺗﺼﺪر ﺷﻌﺎﻋﺎً ﺿﻮﺋﯿﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﺎﻟﻌﯿﺪﯾﻦ ورﻣﻀﺎن ،وإﺷﺎرات ﺿﻮﺋﯿﺔ وﻗﺖ اﻷذان ،ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﺴﺎﻋﺔ ﻧﻈﺎم ﺣﻤﺎﯾﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻼ ﺿﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﻦ أﺗﺮﺑﺔ ورﯾﺎح وأﻣﻄﺎر . وﺗﻮﻟﺪ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻜﮭﺮﺑﺎﺋﯿﺔ ﻟﺘﺸﻐﯿﻞ ﻣﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ أﻟﻮاح اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﯿﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻜﮭﺮﺑﺎﺋﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻟﺘﺰوﯾﺪھﺎ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻛﮭﺮﺑﺎﺋﯿﺔ إﺿﺎﻓﯿﺔ، وﻟﻜﻞ واﺟﮭﺔ ﻣﻦ واﺟﮭﺎت اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻷرﺑﻊ ﻣﺤﺮك ﺧﺎص ﺑﮭﺎ ،ﻣﻊ وﺟﻮد ﺗﻄﺎﺑﻖ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﯿﻨﮭﺎ ،ﯾﺮﺑﻄﮭﺎ ﺗﻮﻗﯿﺖ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،اﻟﺬي ﯾﺄﺧﺬ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﮫ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎت 34
ذرﯾﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﺪﻗﺔ ،ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺠﺰء اﻷﺳﺎس ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﺗﻮﻗﯿﺖ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. وﺗﻤﺜﻞ ﻛﻞ واﺟﮭﺔ ﻣﻦ واﺟﮭﺎت اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻷرﺑﻊ ﻣﺮﺑﻌﺎً ﻃﻮل ﺿﻠﻌﮫ 43ﻣﺘﺮاً ،وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع ﺑﺮج اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺣﻮاﻟﻲ 250ﻣﺘﺮاً ،ﺗﻢ ﺑﻨﺎؤه ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺒﺮج رﻗﻢ ) (5ﻣﻦ ﻣﺸﺮوع وﻗﻒ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻠﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ ،اﻟﺬي ﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎﻋﮫ 350ﻣﺘﺮاً ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻷرض ،ﻟﯿﺼﻞ إﺟﻤﺎﻟﻲ ارﺗﻔﺎع ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ إﻟﻰ 600ﻣﺘﺮ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ اﻷرض . وﻏﻄﯿﺖ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﻔﺮﯾﺪة ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ 98ﻣﻠﯿﻮن ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﯿﻔﺴﺎء اﻟﺰﺟﺎﺟﯿﺔ اﻟﻤﻠﻮﻧﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﯿﻮﻧﻲ وﺣﺪة ﺿﻮﺋﯿﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع LEDﻟﻺﺿﺎءة ﻣﻊ ﺗﻐﻄﯿﺘﮭﺎ ﺑـ 43 اﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ﻣﻦ اﻷﻟﯿﺎف اﻟﻜﺮﺑﻮﻧﯿﺔ اﻟﻤﻄﻮرة . وﯾﺸﻐﻞ ﻛﻼً ﻣﻦ ﻋﻘﺮﺑﻲ اﻟﺴﺎﻋﺎت واﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻣﺤﺮﻛﺎن ﻣﻨﻔﺼﻼن ،ﺿﻤﻦ وﺣﺪة ﺗﺸﻐﯿﻞ ﺗﺰن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 21ﻃﻨﺎ ،ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﮭﺎ أﻛﺒﺮ وأﺛﻘﻞ وﺣﺪة ﺗﺸﻐﯿﻞ ﻟﺴﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق وﺗﺪﯾﺮ اﻟﺴﺎﻋﺔ أرﺑﻊ وﺣﺪات ﺗﺸﻐﯿﻞ ،ﻟﻜﻞ وﺟﮫ وﺣﺪة ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ،ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ اﻷرﺑﻊ وﺣﺪات اﻹﺷﺎرة ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ،ﺣﺴﺐ أﺣﺪث ﻧﻈﺎم ذري ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ . ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺪ اﻟﮭﻼل اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺣﯿﺚ ﯾﺒﻠﻎ ﻗﻄﺮه 23ﻣﺘﺮاً، ﻛﻤﺎ ﯾﺒﻠﻎ ﻃﻮل ﺣﺮف اﻷﻟﻒ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ "اﷲ أﻛﺒﺮ" ﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﻋﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 23ﻣﺘﺮاً .ﯾﺘﻢ رﻓﻊ اﻷذان ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ أﻗﻮى ﻧﻈﺎم ﺻﻮﺗﻲ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﮫ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق وﺗﻀﺎء أﺛﻨﺎء اﻷذان 21أﻟﻒ وﺣﺪة ﺿﻮﺋﯿﺔ ﺑﺎﻟﻠﻮﻧﯿﻦ اﻷﺑﯿﺾ واﻷﺧﻀﺮ ﻟﺘﻌﺰﯾﺰ اﻟﺮؤﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﺣﯿﺚ ﺗﺘﻢ إﺿﺎءة 24ﻋﻤﻮدًا ﻣﺘﺤﺮﻛًﺎ، و 800ﻋﻤﻮد ﺛﺎﺑﺖ . ﻗﻄﺎر اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ وﺟﮫ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد ﺑﺈﻧﺸﺎء اﻟﻘﻄﺎر اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ
ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻟﻠﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻻزدﺣﺎم اﻟﻤﺮوري ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ وﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻈﺎھﺮ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﺬﻟﻚ .وﯾﺮﺑﻂ اﻟﻘﻄﺎر ﺣﺎﻟﯿﺎً ﺑﯿﻦ ﻣﺸﻌﺮ ﻣﻨﻰ وﻣﺰدﻟﻔﺔ وﻋﺮﻓﺎت ،وﯾﮭﺪف إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯿﺺ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻓﻼت ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ،إذ ﺳﯿﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 30,000ﺣﺎﻓﻠﺔ ،ﻛﻤﺎ ﯾﮭﺪف إﻟﻰ رﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﻣﺎن أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ،وﻧﻘﻞ أﻋﺪاد ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎج ﺧﻼل ﻓﺘﺮات زﻣﻨﯿﺔ ﻗﺼﯿﺮة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى ،وﻣﻦ ﺛﻢ اﻹﺳﮭﺎم ﻓﻲ اﻧﺴﯿﺎﺑﯿﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺮورﯾﺔ ﻟﻤﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻓﻼت اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰال ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺔ. وﯾﺘﻨﻘﻞ اﻟﻘﻄﺎر ﺑﯿﻦ ﺗﺴﻊ ﻣﺤﻄﺎت رﺋﯿﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺎت ،وﻣﻨﻰ وﻣﺰدﻟﻔﺔ؛ ﺣﯿﺚ ﯾﻤﺮ ﺑﺜﻼث ﻣﺤﻄﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﻌﺮ ﻋﺮﻓﺎت ،وﯾﺘﻨﻘﻞ ﺑﻌﺪھﺎ ﻟﯿﻤﺮ ﺑﺜﻼث ﻣﺤﻄﺎت أﺧﺮى ﻓﻲ 35
ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
ﻣﺰدﻟﻔﺔ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻄﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ أول ﻣﺸﻌﺮ ﻣﻨﻰ ،ﺛﻢ ﻓﻲ وﺳﻄﮫ ،ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺤﻄﺘﮫ اﻷﺧﯿﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺪور اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺸﺄة ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات. وﯾﺘﻤﯿﺰ ﻗﻄﺎر اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺑﺴﺮﻋﺘﮫ وﺳﮭﻮﻟﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﯿﮫ واﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮫ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﺮﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﯿﻦ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﺧﻄﮫ ،وﯾﺴﯿﺮ اﻟﻘﻄﺎر ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﻣﺰدوج ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ اﻷرض واﻟﻤﺤﻄﺎت.ﻛﻤﺎ ﯾﺮاﻋﻲ ﺟﻐﺮاﻓﯿﺔ اﻷرض وﻋﺪم اﻟﻤﺴﺎس ﺑﻤﺠﺎري اﻟﺴﯿﻮل واﻷودﯾﺔ ،وﯾﻮﻓﺮ ﺳﺎﺣﺘﯿﻦ ﻟﻼﻧﺘﻈﺎر ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺤﻄﺔ ،ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﺣﺎج، وﺳﺎﺣﺔ اﻧﺘﻈﺎر ﺛﺎﻟﺜﺔ أﺳﻔﻞ اﻟﻤﺤﻄﺔ ﻟﺘﻔﻮﯾﺞ اﻟﺤﺠﺎج ﺗﺒﺎﻋﺎً ،ﻛﻤﺎ أن ھﺬه اﻟﺴﺎﺣﺎت ﻣﺰودة ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﺴﻼﻣﺔ ،وﺗﻠﻄﯿﻒ اﻟﺠﻮ.
36
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎدس:اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﻜﺔ ،ﺗﺘﻮﺳﻄﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ أول ﺑﯿﺖ ﻟﻠﻨﺎس وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻟﯿﻌﺒﺪوا اﷲ ﻓﯿﮫ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻠﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ }:إِنَّ أَوَّلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨَّﺎسِ ﻟَﻠَّﺬِي ﺑِﺒَﻜَّﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِّﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ { )آل ﻋﻤﺮان :آﯾﺔ .(96 وﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أﻋﻈﻢ وأﻗﺪس ﺑﻘﻌﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﻓﮭﻮ ﻗﺒﻠﺘﮭﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮭﻢ.
اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام
وﯾﻌﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أول اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪ إﻟﯿﮭﺎ اﻟﺮﺣﺎل .ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ: ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﮫ وﺳﻠﻢ :ﻻ ﺗُﺸَﺪُّ اﻟﺮِّﺣَﺎل إﻻَّ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ :اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﻣﺴﺠﺪي ھﺬا، واﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ .وﺳﻮف ﯾﺘﻢ ﺗﻨﺎول ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ أوﻻ :ﺣﺪود اﻟﺤﺮم:
ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ أن ﻟﻜﻞ ﺣﻤﻰ ﺣﺪودا ﺗﺤﺪه ،وﻋﻼﻣﺎت ﺗﻔﺼﻠﮫ ﻋﻦ ﻏﯿﺮه ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻛﺎن ﺣﻤﻰ اﷲ أﺣﻖ ﺑﺬﻟﻚ وأوﻟﻰ ،ﻓﻘﺪ روي أن ﺟﺒﺮﯾﻞ أﺧﺬ ﺑﯿﺪ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺴﻼم وأوﻗﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺪود اﻟﺤﺮم ،ﻓﻨﺼﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻋﻼﻣﺎت ﺗﻌﺮف ﺑﮭﺎ ،ﻓﻜﺎن إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم أول ﻣﻦ وﺿﻊ ﻋﻼﻣﺎت ﺣﺪود اﻟﺤﺮم ،ﺛﻢ ﺟﺪد ﻋﮭﺪھﺎ ﻗﺼﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ،ﺛﻢ ﻗﺮﯾﺶ ﻋﻠﻰ ﻋﮭﺪ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﺛﻢ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ،ﺛﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺼﺪﻋﺖ رﻣﻤﮭﺎ ﺧﻠﻔﺎء اﻹﺳﻼم ،وﻛﺎن آﺧﺮھﻢ ﻋﮭﺪا ﺑﺈﺻﻼﺣﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد ﻏﻔﺮ اﷲ ﻟﮫ ورﺣﻤﮫ. أﻣﺎ ﺑﯿﺎن ھﺬه اﻟﺤﺪود ﻣﻊ ﻣﺴﺎﻓﺎﺗﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ: ﺷﻤﺎﻻ :ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺘﻨﻌﯿﻢ ،أو ﻣﺴﺠﺪ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ، واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ أرﺑﻌﺔ أﻣﯿﺎل. 37
ﺟﻨﻮﺑﺎ :ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﻋﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﻧﻤﺮة واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﯿﻼ. ﺷﺮﻗﺎ :ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﻧﺠﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺠﻌﺮاﻧﺔ واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻣﯿﺎل. ﻏﺮﺑﺎ :ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﺟﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ ،واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﻘﺪر ﺑﻨﺤﻮ ﻋﺸﺮة أﻣﯿﺎل. ﺛﺎﻧﯿﺎ:ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﺣﺘﻔﻈﺖ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﺤﺮﻣﺘﮭﺎ وﻗﺪﺳﯿﺘﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻂ اھﺘﻤﺎم ورﻋﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺘﮭﺎ.وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ أﺟﺮى اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺘﻮﺳﻌﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر .
ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام
وﺗﻮاﻟﺖ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﺬي ﯾﻀﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰه ﻣﻨﺬ ﻋﮭﺪ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﺎم 638م ،ﺛﻢ ﺷﮭﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﻮﺳﻌﺎت ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻣﻨﺎ ھﺬا، .ﻛﻤﺎ ھﻮ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺟﺪول) (7ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﺑﺮز أﻋﻤﺎل اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ
ﺛﺎﻧﻲ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ
اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻓﺴﺪ ﺳﯿﻞ )أم ﻧﮭﺸﻞ( ﻣﺒﺎﻧﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﻗﺪ
ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ
اﻧﺤﺪر ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺴﻌﻰ وأﺣﺪث ﺗﻠﻔﺎً ﻋﻈﯿﻤﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ.
اﷲ ﻋﻨﮫ ﺳﻨﺔ 17
وﻟﻀﯿﻖ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﯿﻦ رﻏﺐ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ،ﻓﺎﺷﺘﺮى اﻟﺪور اﻟﻤﻼﺻﻘﺔ
ھﺠﺮﯾﺔ.
ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺿﻤﮭﺎ ﻟﮫ ،وأﻗﺎم ﺟﺪاراً ﺣﻮﻟﮫ ،ﻛﺎ ن ارﺗﻔﺎﻋﮫ دون ارﺗﻔﺎع ﻗﺎﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺟﻌﻞ ﻟﮫ أﺑﻮاﺑﺎً ،ووﺿﻊ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﺼﺎﺑﯿﺢ ﻛﻲ ﺗﻀﻲء ﺑﻌﺪ ﺳﺪول اﻟﻈﻼم ،وﻋﻤﻞ ﺳﺪاً ﻟﺤﺠﺰ ﻣﺎء اﻟﺴﯿﻮل ﻋﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﺗﺤﻮﯾﻠﮭﺎ إﻟﻰ وادي إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻤﺠﺎور. 38
وھﻜﺬا ﻛﺎن ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،أول ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ. اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ،
ﺛﺎﻟﺚ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ
وﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻌﺸﺮ ﺳﻨﻮات ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأى اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ ازدﯾﺎد اﻟﺴﻜﺎن ﺑﻤﻜﺔ ،وازدﯾﺎد
ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﺿﻲ
ﺿﯿﻮف اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻻﻧﺘﺸﺎر اﻹﺳﻼم اﻟﺴﺮﯾﻊ ،ﻓﻘﺮر ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام.
اﷲ ﻋﻨﮫ ﺳﻨﺔ 26
وﺗﻤﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺳﺖ وﻋﺸﺮﯾﻦ ھﺠﺮﯾﺔ ،ﺑﺸﺮاء اﻟﺪور اﻟﻤﻼﺻﻘﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ،وﺿﻢ أرﺿﮭﺎ،
ھﺠﺮﯾﺔ:
وﻣﻊ ھﺬه اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﺟﺪد اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺗﺠﺪﯾﺪاً ﺷﺎﻣﻼً ،وأدﺧﻞ اﻷروﻗﺔ اﻟﻤﺴﻘﻮﻓﺔ ،وﺟﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻋﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎم.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﻮﺳﻌﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،وﻗﺪ أﻋﺎد ﺑﻨﺎء
ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ
اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺻﺎﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﺷﺐ ﻓﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ أﺛﻨﺎء ﺣﺼﺎر ﯾﺰﯾﺪ ﻟﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻧﺰاﻋﮫ ﻣﻊ ﻋﺒﺪ
اﷲ ﻋﻨﮫ ﺳﻨﺔ 65ھﺠﺮﯾﺔ
اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ،واﻧﺘﮭﻰ اﻟﺤﺼﺎر ﺑﻤﻮت ﯾﺰﯾﺪ. وﻗﺪ ﺗﻤﺖ ھﺬه اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻟﺴﺘﯿﻦ ھﺠﺮﯾﺔ ،وﺿﺎﻋﻔﺖ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺒﻠﻎ ﻋﺸﺮة آﻻف ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﺗﻮﺳﻌﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ ﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﺎرة اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ
اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻨﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ إﺣﺪى وﺗﺴﻌﯿﻦ ھﺠﺮﯾﺔ ،ﺑﻌﺪ ﺳﯿﻞ ﺟﺎرف أﺻﺎﺑﮭﺎ ،وﻗﺪ زاد ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ، 91ھﺠﺮﯾﺔ
وأﺟﻤﻊ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﯿﻦ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﻟﯿﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻛﺎن أول ﻣﻦ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻷﻋﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﺠﺪ ،وﺷﯿﺪ اﻟﺸﺮﻓﺎت ،ﻟﯿﺴﺘﻈﻞ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺼﻠﻮن ﻣﻦ ﺣﺮارة اﻟﺸﻤﺲ.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر زاد
ﺗﻮﺳﻌﺔ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ
ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺳﻨﺔ 137ھﺠﺮﯾﺔ ،ﻓﺄﺿﺎف إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﻐﺮب ،وﻛﺎﻧﺖ
اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺳﻨﺔ 137
زﯾﺎدﺗﮫ ﺿﻌﻒ اﻟﺰﯾﺎدة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ.
ھﺠﺮﯾﺔ
وﻗﺪ ﺷﯿﺪ ﻣﻨﺎرة ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ واﻟﻐﺮﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ أﻣﺮ ﺑﺘﺒﻠﯿﻂ ﺣﺠﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎم وأﻣﺮ ﺑﺘﻐﻄﯿﺔ ﻓﻮھﺔ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﺑﺸﺒﺎك ﻟﻤﻨﻊ اﻟﺴﻘﻮط ﺑﺎﻟﺒﺌﺮ. ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﮭﺪي ﺳﻨﺔ 164 - 160ھﺠﺮﯾﺔ:
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﺎدس ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺞ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ
اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي ﺣﺠﺘﮫ اﻷوﻟﻰ ﺳﻨﺔ 160ھﺠﺮﯾﺔ ،أﻣﺮ ﺑﺰﯾﺎدة ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﮭﺪي ﺳﻨﺔ 160
اﻟﺤﺮام إﻟﻰ ﺿﻌﻒ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻧﺒﯿﻦ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ واﻟﺸﺮﻗﻲ ،وﻟﻜﻦ
ھﺠﺮﯾﺔ
ﺑﮭﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﻟﻢ ﺗﺒﻖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ ،وﺣﯿﻨﻤﺎ ﻻﺣﻆ ذﻟﻚ أﺛﻨﺎء ﺣﺠﺘﮫ ﺳﻨﺔ 164ھـ أﺻﺪر أﻣﺮه ﺑﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ وﻗﺪ ﺻﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﻟﯿﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أن اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻔﻨﺎء ،وﻟﻤﺎ ﻛﺎن وﺟﻮد ﻣﺠﺮى اﻟﺴﯿﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﮭﺔ ﻋﺎﺋﻘﺎً ﻓﻨﯿﺎً ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ ،أﻣﺮ اﻟﻤﮭﺪي ﺑﺘﺤﻮﯾﻞ ﻣﺠﺮى اﻟﺴﯿﻞ ،وإﻛﻤﺎل ﻣﺸﺮوع اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب ،إﻻ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻌﺶ ﻟﯿﺮى إﺗﻤﺎم ﻋﻤﻠﮫ ،ﻓﺄﻛﻤﻠﮫ اﺑﻨﮫ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﮭﺎدي ﻓﻲ ﻋﺎم 167ھﺠﺮﯾﺔ. 39
وﺑﮭﺬه اﻟﺰﯾﺎدة ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً. اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺗﻮﺳﻌﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺳﻨﺔ 281ھﺠﺮﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ
اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺳﻨﺔ
اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ -أﯾﻀﺎً -ﻗﺎم اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺮﻣﯿﻤﺎت واﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﺳﻨﺔ 281ھـ ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﮭﺪم دار اﻟﻨﺪوة
281ھﺠﺮﯾﺔ
وﺟﻌﻠﺖ رواﻗﺎً ﻣﻦ أروﻗﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،وأدﺧﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ أﺑﻮاب اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﺳﺘﺔ أﺑﻮاب ،وأﻗﯿﻤﺖ ﻓﯿﮫ اﻷﻋﻤﺪة ،وﺳﻘﻒ ﺑﺨﺸﺐ اﻟﺴﺎج ،ﻛﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻟﮭﺎ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺑﺎﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ،وﺛﻼﺛﺔ أﺑﻮاب ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،وﺗﻤﺖ اﻟﺰﯾﺎدة ﻓﻲ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺗﻮﺳﻌﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻘﺘﺪر ﺑﺎﷲ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺳﻨﺔ 306ھﺠﺮﯾﺔ .وﻗﺪ
اﻟﻤﻘﺘﺪر ﺑﺎﷲ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ
أﺿﺎف اﻟﻤﻘﺘﺪر ﺑﺎﷲ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ دارﯾﻦ ﻟﻠﺴﯿﺪة زﺑﯿﺪة ،أﺿﯿﻔﺖ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺳﻨﺔ 306ھـ،
ﺳﻨﺔ 306ھﺠﺮﯾﺔ:
وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﺎً ﻛﺒﯿﺮاً وھﻮ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﺳﻢ ﺑﺎب إﺑﺮاھﯿﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه آﺧﺮ زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﺑﻘﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻼ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ إﻟﻰ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺴﻌﻮدي اﻟﻤﺒﺎرك ،ﻓﻠﻢ ﯾﺸﮭﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻃﯿﻠﺔ ﺣﻜﻢ اﻟﻔﺎﻃﻤﯿﯿﻦ ،واﻷﯾﻮﺑﯿﯿﻦ ،واﻟﻤﻤﺎﻟﯿﻚ ،واﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﯿﻦ ،وإﻧﻤﺎ اﻗﺘﺼﺮ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ واﻹﺻﻼح.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺗﻮﺳﻌﺔ
أوﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ آل ﺳﻌﻮد رﺣﻤﮫ اﷲ ﻣﻨﺬ ﺗﺸﺮف ﺑﺎﻟﻮﻻﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ
اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ ﻋﻨﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻤﺾ وﻗﺖ ﯾﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﯿﮫ اﻟﺤﻜﻢ ودﺧﻮﻟﮫ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﺎم 1343ھـ اﻟﺮﺣﻤﻦ آل ﺳﻌﻮد
ﺣﺘﻰ أﻋﻠﻦ اﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺗﺮﻣﯿﻤﺎت اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ وﺑﺬل ﻛﻞ ﻏﺎل وﻧﻔﯿﺲ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻠﮭﻤﺎ .ﻓﻜﺎن ﻣﻦ
1343ھـ
أﺑﺮز ﻣﺎ أﻣﺮ ﺑﻌﻤﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام:
ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1344ھـ أﻣﺮ ﺑﺘﺮﻣﯿﻢ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﺮﻣﯿﻤًﺎ ﻛﺎﻣﻼً ،وإﺻﻼح ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻘﺘﻀﻲ إﺻﻼﺣﮫ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮﺧﯿﻢ ﻋﻤﻮم اﻟﻤﺴﺠﺪ.
وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1345ھـ ﻟﻤﺎ ﻛﺜﺮ ﻋﺪد اﻟﺤﺠﺎج ﻛﺜﺮة ھﺎﺋﻠﺔ أﻣﺮ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﺴﺮادﻗﺎت ﻓﻲ ﺻﺤﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ؛ ﻟﺘﻘﻲ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﺣﺮ اﻟﺸﻤﺲ.
وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1346ھـ أﻣﺮ ﺑﺈﺻﻼح آﺧﺮ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،ﺷﻤﻞ اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ واﻟﻄﻼء ،ﻛﻤﺎ أﺻﻠﺢ ﻣﻈﻠﺔ إﺑﺮاھﯿﻢ ،وﻗﺒﺔ زﻣﺰم ،وﺷﺎذروان اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﻌﻈﻤﺔ ،وأﻧﻔﻖ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﯾﺮﺑﻮ ﻋﻠﻰ أﻟﻔﻲ ﺟﻨﯿﮫ ذھﺒًﺎ .وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻨﺔ أﻣﺮ ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻈﻼت ﻗﻮﯾﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺷﯿﺔ ﺻﺤﻦ اﻟﻤﻄﺎف ، ﻟﯿﺴﺘﻈﻞ ﺗﺤﺘﮭﺎ اﻟﻤﺼﻠﻮن ،ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ اﻟﺠﺎوي وﻛﺴﻲ ﺑﺎﻟﻘﻤﺎش اﻟﺜﺨﯿﻦ اﻷﺑﯿﺾ .ﺛﻢ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻈﻼت ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ أﻃﺮاف اﻟﺼﺤﻦ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﺑﺎﻷروﻗﺔ ،ﺗﻨﺸﺮ وﺗﻠﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ، وﺑﻘﯿﺖ ﺳﻨﻮات ﻋﺪﯾﺪة ،ﯾﺠﺮي ﺗﺠﺪﯾﺪھﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار .وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻨﺔ أﻣﺮ ﺑﺘﺄﺳﯿﺲ أول ﻣﺼﻨﻊ ﻟﻜﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
ﺧﻼل ﺳﻨﺔ 1345ھـ و1346ھـ أﻣﺮ ﺑﺘﺒﻠﯿﻂ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ اﻟﺼﻮان اﻟﻤﺮﺑﻊ وأن ﯾﺒﻨﻰ ﺑﺎﻟﻨﻮرة.
40
وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1366ھـ أﻣﺮ ﺑﺘﺠﺪﯾﺪ ﺳﻘﻒ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻓﻨﯿﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﺗﻮﺳﻌﺔ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد .وﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﮭﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ
اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد1375ھـ
ﺳﻌﻮد -رﺣﻤﮫ اﷲ -ﻓﻲ ﻋﺎم 1375ھـ اﻟﻤﻮاﻓﻖ 1955م ،وﺗﻢ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﯿﻦ ،ﻻﺳﺘﯿﻌﺎب أﻛﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ،وﯾﺒﻠﻎ ﻃﻮل اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ 394 ،5ﻣﺘﺮاً، وﻋﺮﺿﮫ 25ﻣﺘﺮاً ،وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻷرﺿﻲ ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ 12ﻣﺘﺮاً ،واﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﻌﻠﻮي 9أﻣﺘﺎر. وأﻗﯿﻢ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺣﺎﺟﺰ ﯾﻘﺴﻤﮫ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ ﻃﻮﯾﻠﯿﻦ ،ﺧﺼﺺ أﺣﺪھﻤﺎ ﻟﻠﺴﻌﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺮوة ،واﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮوة إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ ،ﻟﺘﯿﺴﯿﺮ اﻟﺴﻌﻲ ،وﻣﻨﻊ اﻟﺘﺼﺎدم ﺑﯿﻦ اﻟﺴﺎﻋﯿﻦ ذھﺎﺑﺎً وإﯾﺎﺑﺎً. وأﻧﺸﺊ ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ 16ﺑﺎﺑﺎً ﻓﻲ اﻟﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺧﺼﺺ ﻟﻠﻄﺎﺑﻖ اﻟﻌﻠﻮي ﻣﺪﺧﻼن ،أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻔﺎ ،واﻵﺧﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮوة ،وﺑﻨﻲ ﻟﮭﺬا اﻟﻄﺎﺑﻖ ﺳﻠﻤﺎن ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ، واﻵﺧﺮ ﻋﻨﺪ ﺑﺎب اﻟﺴﻼم.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺤﺎدﯾﺔ ﻋﺸﺮ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺤﺎدﯾﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ .ﻗﺎم اﻟﻤﻠﻚ
ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ
ﺧﺎﻟﺪ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺑﺈﺗﻤﺎم ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة وﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ رﺟﺐ
ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ 1379ھـ
ﻋﺎم 1396ھـ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﻓﻲ ﻋﮭﺪه أﯾﻀًﺎ اﻓﺘﺘﺎح ﻣﺼﻨﻊ اﻟﻜﺴﻮة ﺑﻌﺪ ﺗﻤﺎم اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﺄﺛﯿﺚ ،وذﻟﻚ ﻋﺎم 1397ھـ. وﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﮭﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﮭﺪه ﺗﻮﺳﯿﻊ اﻟﻤﻄﺎف ﺳﻨﺔ 1398ھـ ﻓﻲ ﺷﻜﻠﮫ اﻟﺤﺎﻟﻲ ،وﻓﺮش أرﺿﯿﺘﮫ ﺑﺮﺧﺎم ﻣﻘﺎوم ﻟﻠﺤﺮارة ﺟﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﯿﻮﻧﺎن ﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ راﺣﺔ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ واﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻈﮭﯿﺮة. وﺷﻤﻠﺖ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﻄﺎف ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻨﺒﺮ واﻟﻤﻜﺒﺮﯾﺔ ،وﺗﻮﺳﯿﻊ ﻗﺒﻮ زﻣﺰم ،وﺟُﻌﻞ ﻣﺪﺧﻠﮫ ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺴﻌﻰ ،وﺟﻌﻞ ﻓﯿﮫ ﻗﺴﻤﺎن :ﻗﺴﻢ ﻟﻠﺮﺟﺎل ،وﻗﺴﻢ ﻟﻠﻨﺴﺎء ،ورﻛﺒﺖ ﺻﻨﺎﺑﯿﺮ ﻟﺸﺮب اﻟﻤﺎء اﻟﺒﺎرد ،وﺟﻌﻞ ﻟﻠﺒﺌﺮ ﺣﺎﺟﺰ زﺟﺎﺟﻲ .ﻛﻤﺎ أﻣﺮ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺑﺼﻨﻊ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 1399ھـ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺪﯾﻊ ،وﺑﻨﻔﻘﺎت ﻋﻈﯿﻤﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺻﻨﻊ ﺑﺎب ﻟﻠﺴﻠﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺳﻄﺤﮭﺎ .وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﺗﻢ إزاﻟﺔ ﺑﺎب ﺑﻨﻲ ﺷﯿﺒﺔ واﻟﻤﻨﺒﺮ اﻟﺮﺧﺎﻣﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺎف ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺒﻠﯿﻂ اﻟﻤﻄﺎف ﻛﺎﻣﻼً ﺑﺎﻟﺮﺧﺎم اﻷﺑﯿﺾ .وﻓﻲ ﻋﺎم 1400ھـ ﺗﻢ اﻟﺘﻨﻈﯿﻒ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﺒﺌﺮ زﻣﺰم ﺑﻌﺪ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄول ﻋﻤﻠﯿﺔ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﯿﺔ ﻟﻠﺒﺌﺮ .وﻋﻨﺪ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻔﺮﯾﺎت ،وﺟﺪ أن اﻷرض اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺘﺤﻤﯿﻞ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻖ أرﺑﻌﺔ أﻣﺘﺎر ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻷرض اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ وﻗﺪ اﻣﺘﻸت ﺑﺎﻟﺮدم اﻟﻤﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻘﺪﯾﻢ، وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺮاغ ﺑﻨﻲ اﻟﺒﺪروم اﻟﺤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮداً ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ اﻟﻤﻌﻤﺎري أﺻﻼً.
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ .أﺻﺪره
ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ﺑﻦ
اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ -رﺣﻤﮫ اﷲ -ﺑﺘﻌﺪﯾﻞ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠﺘﻮﺳﻌﺔ ،وذﻟﻚ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻤﺒﺎﻧﻲ
ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ 1387ھـ
اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ. وﻗﺪ اﺗﺨﺬ ھﺬا اﻟﻘﺮار ﺑﻌﺪ أن ﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﮭﻨﺪﺳﯿﻦ اﻟﻤﻌﻤﺎرﯾﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻋﺎم 1387ھـ ،ﻟﯿﻄﻠﻌﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪاﺋﻞ اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﺘﻄﻮﯾﺮ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ ،وﻗﺪ أوﺻﻰ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺑﺈزاﻟﺔ ﺟﺰء 41
ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ،وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ -رﺣﻤﮫ اﷲ -رأى أن اﻧﺪﻣﺎج اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﺎﻟﺠﺪﯾﺪ ﺳﯿﺤﻘﻖ ﺷﻌﻮراً ﻋﻤﯿﻘﺎً ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺮار .وھﻜﺬا وﺿﻊ اﻟﻤﮭﻨﺪس اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻟﻤﺮﺣﻮم ﻃﺎھﺮ اﻟﺠﻮﯾﻨﻲ اﻗﺘﺮاﺣﺎً ﺟﺪﯾﺪاً ﻟﻠﺪﻣﺞ .وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻋﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻌﺪ ھﺬه اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 193.000ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ )ﻣﺎﺋﺔ وﺛﻼﺛﺔ وﺗﺴﻌﯿﻦ أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺴﻄﺢ( ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ 29.127ﻣﺘﺮاً ﻣﺴﻄﺤﺎً ،أي ﺑﺰﯾﺎدة ﻗﺪرھﺎ 131،041ﻣﺘﺮاً ﻣﺴﻄﺤﺎً ،ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﺮم ﯾﺘﺴﻊ ﻟﺤﻮاﻟﻲ أرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﻣﺼﻞ. اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إﺑﺎن ﺣﻜﻢ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ
ﺗﻮﺳﻌﺔ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ
اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام .ﻗﺎم ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻮﺿﻊ ﺣﺠﺮ
اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ
اﻷﺳﺎس ﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ إﺿﺎﻓﺔ ﺟﺰء ﺟﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺎﻟﻲ
ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ
ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺼﻐﯿﺮ ،ﺑﯿﻦ ﺑﺎب اﻟﻌﻤﺮة وﺑﺎب اﻟﻤﻠﻚ.
اﻟﺤﺮام ﻋﺎم 1409ھـ
وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ أدوار ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ) (76،000م 2ﻣﻮزﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪور اﻷرﺿﻲ ،واﻟﺪور اﻷول، واﻟﻘﺒﻮ،
وﺗﺘﺴﻊ
واﻟﺴﻄﺢ،
) (152،000
ﻟﺤﻮاﻟﻲ
ﻣﺼﻞ.
وﯾﺸﻤﻞ اﻟﻤﺸﺮوع ﺗﺠﮭﯿﺰ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ،وﻣﻨﮭﺎ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺔ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﺼﻐﯿﺮ، واﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺷﺮﻗﻲ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺑﻤﺴﺎﺣﺔ إﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺗﺒﻠﻎ )) 85.800م 2ﺗﻜﻔﻲ ﻻﺳﺘﯿﻌﺎب )(195.000 ﻣﺼﻞ .وﺗﺼﺒﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺳﻌﺘﮫ ،واﻟﺴﻄﺢ ،وﻛﺎﻣﻞ اﻟﺴﺎﺣﺎت ) (356،000م 2ﺗﺘﺴﻊ ﻟﺤﻮاﻟﻲ )(773،000ﻣﺼﻞ ﻓﻲ اﻷﯾﺎم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺤﺞ ،واﻟﻌﻤﺮة ،ورﻣﻀﺎن ﻓﯿﺰﯾﺪ اﺳﺘﯿﻌﺎب اﻟﺤﺮم ﻟﯿﺼﻞ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﯿﻮن ﻣﺼﻞ. ﻛﻤﺎ ﯾﻀﻢ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻣﺪﺧﻼً رﺋﯿﺴﺎً ﺟﺪﯾﺪاً ،و 18ﻣﺪﺧﻼً ﻋﺎدﯾﺎً ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺪاﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ،واﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدھﺎ 3ﻣﺪاﺧﻞ رﺋﯿﺴﺔ ،و 27ﻣﺪﺧﻼً ﻋﺎدﯾﺎً ،وﻗﺪ روﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻤﯿﻢ إﻧﺸﺎء ﻣﺪﺧﻠﯿﻦ
ﺟﺪﯾﺪﯾﻦ
ﻟﻠﺒﺪروم،
إﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ
اﻟﻤﺪاﺧﻞ
اﻷرﺑﻌﺔ
اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ.
وﯾﺘﻀﻤﻦ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ أﯾﻀﺎً ﻣﺌﺬﻧﺘﯿﻦ ﺟﺪﯾﺪﺗﯿﻦ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ) (89ﻣﺘﺮاً ،ﺗﺘﺸﺎﺑﮭﺎن ﻓﻲ ﺗﺼﻤﯿﻤﮭﻤﺎ اﻟﻤﻌﻤﺎري ﻣﻊ اﻟﻤﺂذن اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪدھﺎ ﺳﺒﻊ ﻣﺂذن .وﻟﺘﺴﮭﯿﻞ وﺻﻮل أﻓﻮاج اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ إﻟﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺳﻢ ﺗﻢ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﺒﻨﯿﯿﻦ ﻟﻠﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ:أﺣﺪھﻤﺎ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ.واﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺑﯿﮫ.وﻣﺴﺎﺣﺔ
ﻣﻨﮭﻤﺎ
ﻛﻞ
375
ﻣﺘﺮاً
ﻣﺮﺑﻌﺎً.
وﯾﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ،ﻃﺎﻗﺔ ﻛﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ) (15.000ﺷﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ .إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ داﺧﻞ ﺣﺪود اﻟﻤﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﺘﻮﺳﻌﺔ وﻗﺪ ﺻﻤﻤﺖ اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ وﺣﺪات اﻟﺪرج اﻟﺜﺎﺑﺖ اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺬروة ،ﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ ﻣﻨﮭﻢ دون ﻋﻨﺎء. وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺼﺒﺢ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﺪد ﻣﺒﺎﻧﻲ اﻟﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ،7ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺣﻮل ﻣﺤﯿﻂ اﻟﺤﺮم واﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻟﺨﺪﻣﺔ رواد اﻟﺪور اﻷول واﻟﺴﻄﺢ.وﯾﺒﻠﻎ ﻋﺪد اﻷﻋﻤﺪة ﻟﻜﻞ ﻃﺎﺑﻖ ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 492ﻋﻤﻮداً ﻣﻜﺴﻮة ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎم. اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ
أن ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻟﻤﺸﺮوع ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 42
ﺗﻮﺳﻌﺔ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ
اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﯾﻀﻢ 9أدوار و 8ﻣﺴﺘﻮﯾﺎت ﺗﺘﻀﻤﻦ 6أدوار ﻟﻠﺼﻼة ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺪور اﻷرﺿﻲ
اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ
واﻟﺴﻄﺢ وﺑﻠﻐﺖ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻤﻨﺘﮭﯿﺔ ﻟﻠﺘﻮﺳﻌﺔ 709460م 2وﺗﺸﻤﻞ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ
ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ
واﻟﺴﺎﺣﺎت واﻟﺠﺴﻮر واﻟﻤﺼﺎﻃﺐ ،ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﯿﺔ ﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 402600م 2وﺗﺸﻤﻞ
اﻟﺤﺮام )ﻗﯿﺪ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ(
ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻷﻗﺒﯿﺔ واﻷﺳﻄﺢ وﻓﺮاﻏﺎت اﻟﺼﻮاﻋﺪ اﻟﻤﯿﻜﺎﻧﯿﻜﯿﺔ وأﺳﻄﺢ اﻟﻐﺮف اﻟﻌﻠﻮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺘﮭﻲ ﻣﻨﮭﺎ 331400م 2وھﻲ ﻻ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺴﺎﺣﺎت اﻷﻗﺒﯿﺔ واﻷﺳﻄﺢ ،ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﯿﺔ ﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺼﺎﻃﺐ )اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ اﻟﺘﻘﺮﯾﺒﯿﺔ( 439400م 2وﺗﺸﻤﻞ ﺳﻄﺢ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ إﻟﻰ ﺣﺪود اﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎت وﻣﺴﻄﺤﺎت ﻣﺒﺎﻧﻲ اﻟﺤﺮم واﻟﺠﮭﺎت اﻷﻣﻨﯿﺔ وﻣﮭﺎﺑﻂ اﻟﻄﺎﺋﺮات اﻟﻤﺮوﺣﯿﺔ واﻟﻤﻨﺘﮭﻲ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ 321400م ،2ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﯿﺔ ﻟﺴﺎﺣﺎت اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻨﮭﺎ ﺟﺴﻮر ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 68750م 2واﻟﻤﻨﺘﮭﻲ ﻣﻨﮭﺎ .56660ﺳﺘﻜﻮن اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ ﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ إﺟﻤﺎﻟًﺎ 871200ﻣﺼﻞ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ ﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 297400ﻣﺼﻞ ﺑﺤﺴﺎب اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﺼﻼة اﻟﻤﻤﺮات ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺬروة ،واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ ﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺼﺎﻃﺐ )ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ( 187500ﻣﺼﻞ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ ﻷﻋﺪاد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ )ﺗﻘﺮﯾﺒﯿﺔ( 315400ﻣﺼﻞ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻻﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ ﻹﻋﺪاد اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻮر 710200ﻣﺼﻞ وأﺿﺎﻓﺖ )اﻟﻤﺼﺎدر( أن ﻋﺪد ﺑﻮاﺑﺎت اﻟﻤﺒﻨﻰ 54ﻣﻨﮭﺎ 2رﺋﯿﺴﯿﺎن ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب واﻟﺜﺎﻧﻮﯾﺔ 8واﻟﻔﺮﻋﯿﺔ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻓﺘﺤﮭﺎ أﻟﯿﺎ 36ﺑﺎﺑﺎ ﺗﺤﺖ اﻟﻌﻘﻮد ﺑﺎﻟﻮاﺟﮭﺎت اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ واﻟﻐﺮﺑﯿﺔ واﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ 8ﺗﺤﺖ اﻟﺠﺴﻮر وﺳﯿﻜﻮن ارﺗﻔﺎع اﻟﻘﺒﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ واﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ )ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺒﻨﻰ إﻟﻰ ﻗﻤﺔ اﻟﻘﺒﺔ( 21ﻣﺘﺮًا وﻋﺪد ﻗﺒﺎب اﻷﻓﻨﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ .12ﺿﻢ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 16ﺟﺴﺮاً ﻟﺘﻔﺮﯾﻎ اﻟﺤﺸﻮد ﻣﻦ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻋﺒﺮ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺼﺎﻃﺐ وھﻨﺎك 9ﻣﻈﻼت ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ ذات اﻟﻤﻘﺎس اﻟﻜﺒﯿﺮ وﺳﯿﻜﻮن أﺑﻌﺎد وارﺗﻔﺎع اﻟﻤﻈﻠﺔ اﻟﻜﺒﯿﺮة 53x53ﻣﺘﺮا -أﻣﺎ ﻋﺪد وأﺑﻌﺎد ﻣﻈﻼت اﻟﺴﺎﺣﺔ ذات اﻟﻤﻘﺎس اﻟﺼﻐﯿﺮ 28ﻣﺘﺮا x18ﻣﻈﻠﺔ 24 وھﻨﺎك 8ﺑﻄﺎرﯾﺎت ﻟﻠﺴﻼﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻛﻞ ﺑﻄﺎرﯾﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ 4ﺳﻼﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﻤﺮات اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺑﻜﻞ دور 4ﺑﻄﺎرﯾﺎت )ﻛﻞ ﺑﻄﺎرﯾﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ 4ﺳﻼﻟﻢ(ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺴﻮر 4إﻟﻰ اﻟﺴﺎﺣﺎت )ﻛﻞ ﺑﻄﺎرﯾﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ 2ﺳﻠﻢ )وﺗﺸﻤﻞ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة 16ﻣﺼﻌﺪا ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ﻋﺎدﯾﯿﻦ وﻣﻌﺎﻗﯿﻦ ،أﻣﺎ ﻋﺪد إﺟﻤﺎﻟﻲ دورات اﻟﻤﯿﺎه ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ﻓﯿﺒﻠﻎ 3120دورة ﻣﯿﺎه ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ 1380ﻣﻮاﺿﺊ ﻓﻲ ﻗﺒﻮ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ،،وﺳﯿﻜﻮن إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﺪد دورات اﻟﻤﯿﺎه ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺼﺎﻃﺐ )اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒًﺎ( 5700دورة ﻣﯿﺎه وإﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﺪد اﻟﻤﻮاﺿﺊ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﻤﺼﺎﻃﺐ ﺗﻘﺮﯾﺒﯿًﺎ ..7500وﺳﯿﻜﻮن ﻋﺪد وﺣﺪات ﺧﺪﻣﺔ ﺿﯿﻮف اﻟﺮﺣﻤﻦ واﻟﺠﮭﺎت اﻷﻣﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ 4 وﺣﺪات ،ﺣﯿﺚ ﯾﺒﻠﻎ ﻣﺴﻄﺢ اﻟﻮﺣﺪات ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺿﯿﻮف اﻟﺮﺣﻤﻦ واﻟﺠﮭﺎت اﻷﻣﻨﯿﺔ 21900ﻣﺘﺮ.2
ﺛﺎﻟﺜﺎ :آداب زﯾﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام: ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺄدب ﺑﺂداب زﯾﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،ﻓﻤﻦ آداب زﯾﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام : 43
ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﯿﻤﻨﻲ واﻹﺗﯿﺎن ﺑﺪﻋﺎء اﻟﺪﺧﻮل :ﻓﯿﻨﺪب ﻋﻨﺪ دﺧﻮل اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام -ﻛﻐﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ -أن ﯾﺪﻋﻮا اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﮭﺬا اﻟﺪﻋﺎء :أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ،وﺑﻮﺟﮭﮫ اﻟﻜﺮﯾﻢ، وﺳﻠﻄﺎﻧﮫ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ،اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ،اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ .اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ذﻧﻮﺑﻲ ،واﻓﺘﺢ ﻟﻲ أﺑﻮاب رﺣﻤﺘﻚ ،ﺛﻢ ﯾﻘﻮل :ﺑﺎﺳﻢ اﷲ ،وﯾﻘﺪم اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻮل . ﯾﺠﺐ أن ﯾﻠﺘﺰﻣﮫ اﻟﺪاﺧﻞ أن ﯾﻨﺰه اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻦ اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻜﺮﯾﮭﺔ ﻛﺎﻟﺜﻮم واﻟﺒﺼﻞ واﻟﺪﺧﺎن، ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻣﻦ أﻛﻞ ﺛﻮﻣﺎ أو ﺑﺼﻼ ﻓﻠﯿﻌﺘﺰﻟﻨﺎ -أو ﻗﺎل :ﻓﻠﯿﻌﺘﺰل ﻣﺴﺠﺪﻧﺎ . رواه اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ . ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أداء ﺗﺤﯿﺔ اﻟﺒﯿﺖ ،وھﻲ رﻛﻌﺘﺎن ﯾﺆدﯾﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢ ،أﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺪم ﻣﺤﺮﻣﺎً ﻓﯿﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻄﻮاف أوﻻ . ﺗﻨﺰﯾﮫ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻦ اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ورﻓﻊ اﻟﺼﻮت ،ﻓﺘﻜﺮه اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،ورﻓﻊ اﻟﺼﻮت ،وﻧﺸﺪ اﻟﻀﺎﻟﺔ ،واﻟﺒﯿﻊ ،ﻟﺤﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ -ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل :إذا رأﯾﺘﻢ ﻣﻦ ﯾﺒﯿﻊ أو ﯾﺒﺘﺎع ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻘﻮﻟﻮا :ﻻ أرﺑﺢ اﷲ ﺗﺠﺎرﺗﻚ ،وإذا رأﯾﺘﻢ ﻣﻦ ﯾﻨﺸﺪ ﻓﯿﮫ ﺿﺎﻟﺔ ﻓﻘﻮﻟﻮا :ﻻ ردﱠ اﷲ ﻋﻠﯿﻚ ) رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺻﺤﺤﮫ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ . ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻻﺳﺘﻜﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺤﺴﻨﺎت، ﻓﯿﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف واﻟﺼﻼة وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن واﻟﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء ،وﻻ ﯾﻀﯿﻊ وﻗﺘﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﻮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة . اﺟﺘﻨﺎب اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻟﺴﯿﺌﺎت ،ﻓﺎﻟﻤﻮﻃﻦ ﻣﻮﻃﻦ ﻋﺒﺎدة ،وﯾﻜﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أن اﷲ ﯾﺆاﺧﺬ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﮭﻢّ ﺑﺎﻟﺴﯿﺌﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﮭﺎ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻣﻦ ﯾﺮد ﻓﯿﮫ ﺑﺈﻟﺤﺎد ﺑﻈﻠﻢ ﻧﺬﻗﮫ ﻣﻦ ﻋﺬاب أﻟﯿﻢ{ )اﻟﺤﺞ (25 : ﺗﺠﻨﺐ ﻣﺰاﺣﻤﺔ اﻟﻨﺎس ،ﻻﺳﯿﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ؛ ﻓﺈن اﺳﺘﻼم اﻟﺤﺠﺮ ﻣﺴﺘﺤﺐ ، وﻣﺰاﺣﻤﺔ اﻟﻨﺎس إذا ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ إﺿﺮار ﺑﮭﻢ ﺣﺮﻣﺖ . ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺮوج ،ﻓﺈذا أراد اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﯿﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﻘﺪم رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى ،وﯾﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﻘﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺮوج " :اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ " أو ﯾﻘﻮل " :رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ،واﻓﺘﺢ ﻟﻲ أﺑﻮاب ﻓﻀﻠﻚ " ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ.
44
راﺑﻌﺎ :اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ: اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﱠﻓﺔ ھﻲ ھﺬا اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺸﺎﻣﺦ اﻟﺠﻠﯿﻞ اﻟﺬي ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ اﻟﺸﺮﯾﻒ ،وھﻲ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻣﺤﻂ أﻧﻈﺎرھﻢ ،وأول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻓﻲ اﻷرض ﻟﻌﺒﺎدة اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ.
.1اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد وﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺰاوﯾﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ. .2ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ وﯾﻘﻊ اﻟﺤﺎﺋﻂ اﻟﺸﺮﻗﻲ وﯾﺮﺗﻔﻊ 2.13ﻣﺘﺮ ﻋﻦ اﻷرض. .3ﻣﺰراب وﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺋﻂ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻹﺧﺮاج ﻣﯿﺎه اﻷﻣﻄﺎر. .4اﻟﺸﺎذروان وھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﺠﺮ أﺳﺎس اﻟﻜﻌﺒﺔ. .5اﻟﺤﻄﯿﻢ .6ﻣﻠﺘﺰم .7ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ .8زاوﯾﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد. .9اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ .10اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ .11اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻲ .12ﻛﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ .13ﺷﺮﯾﻂ ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎم وﻗﺪ ﺗﻤﺖ إزاﻟﺘﮫ اﻵن ﻣﻨﻌﺎ ﻟﺘﺪاﻓﻊ اﻟﻨﺎس واﻻزدﺣﺎم
45
وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻌﻈﯿﻢ وإﺟﻼل اﻟﻨﺎس واﻟﻮﻻة ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ،ﯾﻌﻤﺮوﻧﮭﺎ وﯾﺠﺪدون ﺑﻨﯿﺎﻧﮭﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ،وﯾﻜﺴﻮﻧﮭﺎ ،وﯾﺤﺘﺴﺒﻮﻧﮫ ﻓﺨﺮًا وﺗﺸﺮﯾﻔًﺎ ﻟﮭﻢ ،ﺣﺘﻰ ﺟﺎء اﻹﺳﻼم ﻓﺰاد ﻓﻲ ﺗﺸﺮﯾﻔﮭﺎ ،وﺣﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻈﯿﻤﮭﺎ ،وﺗﻄﮭﯿﺮھﺎ ،وﻛﺴﺎھﺎ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -واﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻌﺪه ،واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ. ﺟﺪول ) (8ﯾﻮﺿﺢ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻮﺻﻒ
ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻣﻔﮭﻮم اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ :اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻲء اﻟﻤﻜﻌّﺐ ،وﺗﺴﻤﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﮭﺬا اﻻﺳﻢ ﻟﺘﻜﻌﯿﺒﮭﺎ وھﻮ ﺗﺮﺑﯿﻌﮭﺎ وﻗﯿﻞ ﻟﻌﻠﻮھﺎ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
وﻧﺘﻮﺋﮭﺎ ،وﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ،واﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام .ﺳُﻤِّﯿﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻛﻌﺒﺔً ﻟﻜﻮﻧﮭﺎ ﺑﻨﺎءً ﻣُﺮﺑَّﻌﺎً وﻣﻜﻌﺒﺎً ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،وَﻗَﺪْ رُوِيَ أَﻧَّﮫُ " : إِﻧَّﻤَﺎ ﺳُﻤِّﯿَﺖْ ﻛَﻌْﺒَﺔً ﻟِﺄَﻧَّﮭَﺎ ﻣُﺮَﺑَّﻌَﺔٌ وَ ﺻَﺎرَتْ ﻣُﺮَﺑَّﻌَﺔً ﻟِﺄَﻧَّﮭَﺎ ﺑِﺤِﺬَاءِ اﻟْﺒَﯿْﺖِ اﻟْﻤَﻌْﻤُﻮرِ وَھُﻮَ ﻣُﺮَﺑَّﻊٌ وَ ﺻَﺎرَ اﻟْﺒَﯿْﺖُ اﻟْﻤَﻌْﻤُﻮرُ ﻣُﺮَﺑَّﻌﺎً ﻟِﺄَﻧَّﮫُ ﺑِﺤِﺬَاءِ اﻟْﻌَﺮْشِ وَھُﻮَ ﻣُﺮَﺑَّﻊٌ وَ ﺻَﺎرَ اﻟْﻌَﺮْشُ ﻣُﺮَﺑَّﻌﺎً ﻟِﺄَنَّ اﻟْﻜَﻠِﻤَﺎتِ اﻟَّﺘِﻲ ﺑُﻨِﻲَ ﻋَﻠَﯿْﮭَﺎ اﻟْﺈِﺳْﻠَﺎمُ أَرْﺑَﻊٌ وَھِﻲَ ﺳُﺒْﺤَﺎنَ اﻟﻠَّﮫِ وَاﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟِﻠَّﮫِ وَ ﻟَﺎ إِﻟَﮫَ إِﻟَّﺎ اﻟﻠَّﮫُ وَاﻟﻠَّﮫُ أَﻛْﺒَﺮُ".
46
ﺗُﻌﺮَفُ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻌﺪة أﺳﻤﺎء ،وھﺬه اﻷﺳﻤﺎء وردت ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،وھﻲ: ﺗَﺴْﻤِﯿَﺔُ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
ﻞ ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﻌَﻢِ ﯾَﺤْﻜُﻢُ ﺑِﮫِ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﴿ :ﯾَﺎ أَﯾُّﮭَﺎ اﻟَّﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ ﻻَ ﺗَﻘْﺘُﻠُﻮاْ اﻟﺼَّﯿْﺪَ وَأَﻧﺘُﻢْ ﺣُﺮُمٌ وَﻣَﻦ ﻗَﺘَﻠَﮫُ ﻣِﻨﻜُﻢ ﻣُّﺘَﻌَﻤِّﺪًا ﻓَﺠَﺰَاء ﻣِّﺜْﻞُ ﻣَﺎ ﻗَﺘَ َ ذَوَا ﻋَﺪْلٍ ﻣِّﻨﻜُﻢْ ھَﺪْﯾًﺎ ﺑَﺎﻟِﻎَ اﻟْﻜَﻌْﺒَﺔِ أَوْ ﻛَﻔَّﺎرَةٌ ﻃَﻌَﺎمُ ﻣَﺴَﺎﻛِﯿﻦَ أَو ﻋَﺪْلُ ذَﻟِﻚَ ﺻِﯿَﺎﻣًﺎ ﻟِّﯿَﺬُوقَ وَﺑَﺎلَ أَﻣْﺮِهِ ﻋَﻔَﺎ اﻟﻠّﮫُ ﻋَﻤَّﺎ ﺳَﻠَﻒ وَﻣَﻦْ ﻋَﺎدَ ﻓَﯿَﻨﺘَﻘِﻢُ اﻟﻠّﮫُ ﻣِﻨْﮫُ وَاﻟﻠّﮫُ ﻋَﺰِﯾﺰٌ ذُو اﻧْﺘِﻘَﺎمٍ)ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة(5، اﻟﺒﯿﺖ ﴿ :وَإِذْ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ اﻟْﺒَﯿْﺖَ ﻣَﺜَﺎﺑَﺔً ﻟِّﻠﻨَّﺎسِ وَأَﻣْﻨﺎً وَاﺗَّﺨِﺬُواْ ﻣِﻦ ﻣَّﻘَﺎمِ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ ﻣُﺼَﻠًّﻰ وَﻋَﮭِﺪْﻧَﺎ إِﻟَﻰ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَإِﺳْﻤَﺎﻋِﯿﻞَ أَن ﻃَﮭِّﺮَا ﺑَﯿْﺘِﻲَ ﻟِﻠﻄَّﺎﺋِﻔِﯿﻦَ وَاﻟْﻌَﺎﻛِﻔِﯿﻦَ وَاﻟﺮُّﻛَّﻊِ اﻟﺴُّﺠُﻮدِ﴾ )ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ(125: اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ﴿ :ﺛُﻢَّ ﻟْﯿَﻘْﻀُﻮا ﺗَﻔَﺜَﮭُﻢْ وَﻟْﯿُﻮﻓُﻮا ﻧُﺬُورَھُﻢْ وَﻟْﯿَﻄَّﻮَّﻓُﻮا ﺑِﺎﻟْﺒَﯿْﺖِ اﻟْﻌَﺘِﯿﻖِ﴾) اﻟﺤﺞ(29: اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﴿ :ﯾَﺎ أَﯾُّﮭَﺎ اﻟَّﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ ﻻَ ﺗُﺤِﻠُّﻮاْ ﺷَﻌَﺂﺋِﺮَ اﻟﻠّﮫِ وَﻻَ اﻟﺸَّﮭْﺮَ اﻟْﺤَﺮَامَ وَﻻَ اﻟْﮭَﺪْيَ وَﻻَ اﻟْﻘَﻶﺋِﺪَ وَﻻ آﻣِّﯿﻦَ اﻟْﺒَﯿْﺖَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﯾَﺒْﺘَﻐُﻮنَ ﻓَﻀْﻼً ﻣِّﻦ رَّﺑِّﮭِﻢْ وَرِﺿْﻮَاﻧًﺎ وَإِذَا ﺣَﻠَﻠْﺘُﻢْ ﻓَﺎﺻْﻄَﺎدُواْ وَﻻَ ﯾَﺠْﺮِﻣَﻨَّﻜُﻢْ ﺷَﻨَﺂنُ ﻗَﻮْمٍ أَن ﺻَﺪُّوﻛُﻢْ ﻋَﻦِ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ أَن ﺗَﻌْﺘَﺪُواْ وَﺗَﻌَﺎوَﻧُﻮاْ ﻋَﻠَﻰ اﻟْﺒﺮِّ وَاﻟﺘَّﻘْﻮَى وَﻻَ ﺗَﻌَﺎوَﻧُﻮاْ ﻋَﻠَﻰ ا ﻹِﺛْﻢِ وَاﻟْﻌُﺪْوَانِ وَاﺗَّﻘُﻮاْ اﻟﻠّﮫَ إِنَّ اﻟﻠّﮫَ ﺷَﺪِﯾﺪُ اﻟْﻌِﻘَﺎبِ﴾) ﺳﻮرة
اﻟﻤﺎﺋﺪة(2، اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺤﺮم ﴿ :رَﺑَّﻨَﺎ إِﻧِّﻲ أَﺳْﻜَﻨْﺖُ ﻣِﻦْ ذُرِّﯾَّﺘِﻲ ﺑِﻮَادٍ ﻏَﯿْﺮِ ذِي زَرْ عٍ ﻋِﻨْﺪَ ﺑَﯿْﺘِﻚَ اﻟْﻤُﺤَﺮَّمِ رَﺑَّﻨَﺎ ﻟِﯿُﻘِﯿﻤُﻮا اﻟﺼَّﻠَﺎةَ ﻓَﺎﺟْﻌَﻞْ أَﻓْﺌِﺪَةً ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﺎسِ ﺗَﮭْﻮِي إِﻟَﯿْﮭِﻢْ وَارْزُﻗْﮭُﻢْ ﻣِﻦَ اﻟﺜَّﻤَﺮَاتِ ﻟَﻌَﻠَّﮭُﻢْ ﯾَﺸْﻜُﺮُونَ﴾)ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ.(37، أول ﺑﯿﺖ ﴿:إِنَّ أَوَّلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨَّﺎسِ ﻟَﻠَّﺬِي ﺑِﺒَﻜَّﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِّﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›‹96ﻓِﯿﮫِ آﯾَﺎتٌ ﺑَﯿِّـﻨَﺎتٌ ﻣَّﻘَﺎمُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَﻣَﻦ دَﺧَﻠَﮫُ ﻛَﺎنَ آﻣِﻨًﺎ وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨَّﺎسِ ﺣِﺞُّ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنَّ اﷲ ﻏَﻨِﻲٌّ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›) ﴾‹97ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان.(97-96، اﻟﻜﻌﺒﺔ
وﻗﺪ ذُﻛِﺮَت ﻟﻔﻈﺔ " اﻟﻜﻌﺒﺔ " ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ:
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ
﴿ ﯾَﺎ أَﯾُّﮭَﺎ اﻟَّﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ ﻻَ ﺗَﻘْﺘُﻠُﻮاْ اﻟﺼَّﯿْﺪَ وَأَﻧﺘُﻢْ ﺣُﺮُمٌ وَﻣَﻦ ﻗَﺘَﻠَﮫُ ﻣِﻨﻜُﻢ ﻣُّﺘَﻌَﻤِّﺪًا ﻓَﺠَﺰَاء ﻣِّﺜْﻞُ ﻣَﺎ ﻗَﺘَﻞَ ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﻌَﻢِ ﯾَﺤْﻜُﻢُ ﺑِﮫِ ذَوَا ﻋَﺪْلٍ ﻣِّﻨﻜُﻢْ ھَﺪْﯾًﺎ ﺑَﺎﻟِﻎَ ا ﻟْﻜَﻌْﺒَﺔِ أَوْ ﻛَﻔَّﺎرَةٌ ﻃَﻌَﺎمُ ﻣَﺴَﺎﻛِﯿﻦَ أَو ﻋَﺪْلُ ذَﻟِﻚَ ﺻِﯿَﺎﻣًﺎ ﻟِّﯿَﺬُوقَ وَﺑَﺎلَ أَﻣْﺮِهِ ﻋَﻔَﺎ اﻟﻠّﮫُ ﻋَﻤَّﺎ ﺳَﻠَﻒ وَﻣَﻦْ ﻋَﺎدَ ﻓَﯿَﻨﺘَﻘِﻢُ اﻟﻠّﮫُ ﻣِﻨْﮫُ وَاﻟﻠّﮫُ ﻋَﺰِﯾﺰٌ ذُو اﻧْﺘِﻘَﺎمٍ﴾ )ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة(95، ﴿ ﺟَﻌَﻞَ اﻟﻠّﮫُ اﻟْﻜَﻌْﺒَﺔَ اﻟْﺒَﯿْﺖَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﻗِﯿَﺎﻣًﺎ ﻟِّﻠﻨَّﺎسِ وَاﻟﺸَّﮭْﺮَ اﻟْﺤَﺮَامَ وَاﻟْﮭَﺪْيَ وَاﻟْﻘَﻼَﺋِﺪَ ذَﻟِﻚَ ﻟِﺘَﻌْﻠَﻤُﻮاْ أَنَّ اﻟﻠّﮫَ ﯾَ ْﻌﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﻓِﻲ اﻟﺴَّﻤَﺎوَاتِ وَﻣَﺎ ﻓِﻲ اﻷَرْضِ وَأَنَّ اﻟﻠّﮫَ ﺑِﻜُﻞِّ ﺷَﻲْءٍ ﻋَﻠِﯿﻢٌ﴾ )ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة(97،
47
اﻋﺘﻘﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن أن أول ﻣﻦ ﺑﻨﺎھﺎ ھﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وﺗﻔﯿﺪ اﻟﺮواﯾﺎت اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ أن اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻨﯿﺖ 12ﻣﺮة ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
أﺳﻤﺎء اﻟﺒﻨﺎة :اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ وآدم وﺷﯿﺚ ﺑﻦ آدم وإﺑﺮاھﯿﻢ وإﺳﻤﺎﻋﯿﻞ واﻟﻌﻤﺎﻟﻘﺔ وﺟﺮھﻢ وﻗﺼﻲ ﺑﻦ ﻛﻼب وﻗﺮﯾﺶ وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻋﺎم 65ھـ ،واﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﻋﺎم 74ھـ ،واﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺎم 1040ھـ ،وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻰ: ﺑﻨﺎء ﻗﺮﯾﺶ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ﻗﺒﯿﻞ اﻹﺳﻼم :ﻗﺎﻣﺖ ﻗﺮﯾﺶ ﺑﺒﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺳﻨﺔ 18ﻗﺒﻞ اﻟﮭﺠﺮة واﺗﻔﻘﻮا أن ﻻﯾﺪﺧﻠﻮا ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﮭﺎ إﻻ ﻃﯿﺒﺎً ﻓﻘﺼﺮت ﺑﮭﻢ اﻟﻨﻔﻘﺔ ﻓﺄﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﺤﺠﺮ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺘﺎر وﻣﻦ ﻣﻤﯿﺰات ﺑﻨﺎﺋﮭﻢ أﻧﮭﻢ رﻓﻌﻮا اﻟﺒﺎب ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻄﺎف ﻟﯿﺪﺧﻞ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ أرادوه وﺳﺪوا اﻟﺒﺎب اﻟﺨﻠﻔﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻟﮭﺬا اﻟﺒﺎب وﺳﻘﻔﻮا اﻟﻜﻌﺒﺔ وﺟﻌﻠﻮا ﻟﮭﺎ ﻣﯿﺰاﺑﺎ ﯾﺴﻜﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﻄﯿﻢ ورﻓﻌﻮا ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ 8.64ﻣﺘﺮ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن 4.32ﻣﺘﺮ وأﻛﺒﺮ ﻣﯿﺰة ﻟﮭﺬا اﻟﺒﻨﺎء ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺤﺠﺎرة ووﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺑﻌﺪ ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺣﻮل ﻣﻦ ﺳﯿﻜﻮن ﻟﮫ ﺷﺮف إﻋﺎدة اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻟﻤﻜﺎﻧﮫ ﻓﺎﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ أن ﻣﻦ ﺳﯿﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﯾﺤﻜّﻤﻮﻧﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻜﺎن أول ﻣﻦ دﺧﻞ ھﻮ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺬي ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ذﻛﯿﺔ ،وھﻲ أن ﯾﻤﺴﻚ ﺷﯿﺦ ﻛﻞ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﻃﺮﻓﺎً ﻣﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎش ﯾﻀﻌﻮا ﻓﻲ وﺳﻄﮭﺎ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺛﻢ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺮﻓﻌﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد وﺗﻘﺪم اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ،ووﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺑﯿﺪﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﻜ ﺎﻧﮫ ﻓﺤﻞ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎدت ﺗﺴﺒﺐ ﺣﺮوﺑﺎً ﺑﯿﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮب. ﺑﻨﺎء ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻷﻣﻮي :ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪّع ﻋﻨﺪﻣﺎ رﻣﺎھﺎ اﻷﻣﻮﯾﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﻨﺠﻨﯿﻖ ،ﻓﻘﺮر ﻋﺒﺪ اﷲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﮭﺎ وﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺘﮫ ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺣﺪﯾﺜﺎ ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ أن ﻗﺮﯾﺶ ﻧﻘﺼﻮا ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻷن أﻣﻮاﻟﮭﻢ ﻗﺼﺮت ﺑﮭﻢ وأﻧﮫ ﻟﻮﻻ ﺣﺪاﺛﺔ ﻗﺮﯾﺶ ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻷﻋﺎد ﺑﻨﺎﺋﮭﺎ وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﯿﻦ ﻟﯿﺪﺧﻞ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺣﺪھﻤﺎ وﺑﺨﺮﺟﻮا ﻣﻦ اﻵﺧﺮ .ﻓﺄﻋﺎد ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ وزاد ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﮭﺎ ﻟﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ إﺑﺮاھﯿﻢ وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷرض. ﺑﻨﺎء اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻷﻣﻮي :ﻓﻲ 73ھـ ﻗﺮر ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻋﺪوه وﻣﻨﺎﻓﺴﮫ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ ،ﻓﺠﮭﺰ ﺟﯿﺸﺎً ﺿﺨﻤﺎً ﻟﻤﻨﺎزﻟﺔ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ،وأﻣﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ،ﻓﺨﺮج ﺑﺠﯿﺸﮫ إﻟﻰ اﻟﻄﺎﺋﻒ ،واﻧﺘﻈﺮ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ ﻟﯿﺰوده ﺑﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﯿﻮش ،ﻓﺘﻮاﻟﺖ اﻟﺠﯿﻮش إﻟﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮى ﺗﻤﺎﻣﺎً ،ﻓﺴﺎر إﻟﻰ ﻣﻜﺔ وﺣﺎﺻﺮ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻧﺼﺐ اﻟﻤﻨﺠﻨﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ وﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ ﻗﻌﯿﻘﻌﺎن وﻧﻮاﺣﻲ ﻣﻜﺔ ﻛﻠﮭﺎ ،وداﻣﺖ اﻟﺤﺮب أﺷﮭﺮاً وﺗﺄﺛﺮت ﺟﺪران اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺣﯿﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﻤﻘﺬوﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺠﻨﯿﻖ ،وﺗﺰﻋﺰع اﻟﺒﻨﺎء ،وﺑﻌﺪ ﻣﻘﺘﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ واﺳﺘﯿﻼء اﻷﻣﻮﯾﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ،أﻣﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ أن ﯾﻌﯿﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﻗﺮﯾﺶ وذﻟﻚ ﻟﻌﺪم ﻋﻠﻤﮫ ﺑﺤﺪﯾﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ،وﻗﺪ أورد اﻟﺨﺒﺮ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺤﮫ. ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ :وھﻮ اﻟﺒﻨﺎء اﻷﺧﯿﺮ واﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻢ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮاد اﻟﺮاﺑﻊ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1040ھـ/1630م ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻷﻣﻄﺎر اﻟﻐﺰﯾﺮة اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪﺗﮭﺎ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﯾﻮم اﻷرﺑﻌﺎء 19ﺷﻌﺒﺎن 1039ھـ اﻟﻤﻮاﻓﻖ أﺑﺮﯾﻞ 1630م ،وﺗﺤﻮل ھﺬا اﻟﻤﻄﺮ إﻟﻰ ﺳﯿﻞ ﻋﻈﯿﻢ ،دﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام واﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﺑﻠﻎ ﻣﻨﺘﺼﻔﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﺣﻤﻞ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻘﻨﺎدﯾﻞ واﻟﺒﺴﻂ وﻏﯿﺮھﺎ ،وﺧﺮب اﻟﺪور واﺳﺘﺨﺮج اﻷﺛﺎث ﻣﻨﮭﺎ، وﻣﺎت ﺑﺴﺒﺒﮫ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﯿﺮ .وﺳﻘﻂ ﺟﺪارھﺎ اﻟﺸﺎﻣﻲ وﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺠﺪارﯾﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ واﻟﻐﺮﺑﻲ ،وﺳﻘﻄﺖ درﺟﺔ اﻟﺴﻄﺢ ،ﻟﺬﻟﻚ أﻣﺮ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻋﻤﺎرﺗﮭﺎ.ﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﺎرﺗﮭﺎ ﯾﻮم اﻷﺣﺪ 23ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﺳﻨﺔ 1040ھـ/1630م ،وﺗﻢ 48
اﻻﻧﺘﮭﺎء ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ ﻏﺮة ﺷﮭﺮ رﻣﻀﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ .وھﻮ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﺎﻟﻲ اﻟﻤﺎﺛﻞ أﻣﺎﻣﻨﺎ وﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﺮﻣﯿﻤﺎت وإﺻﻼح ﻓﻘﻂ. أﺑﻌﺎد اﻟﻜﻌﺒﺔ
ﺗﻔﺎوت اﻟﻤﺆرﺧﻮن ﻓﻲ ذﻛﺮ أﺑﻌﺎد اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وھﻮ اﺧﺘﻼف ﻃﺒﯿﻌﻲ ﻧﺎﺷﺊ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف اﻷذرع ،وﻣﺎ ﺑﯿﻦ ذراع اﻟﯿﺪ وذراع
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻣﻦ ﻓﺮق ،وھﻤﺎ ﯾﺘﻔﺎوﺗﺎن ،ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﻌﻈﻤﺔ أن ذراع اﻟﯿﺪ ﯾﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﯿﻦ) (50-46ﺳﻢ ، وذراع اﻟﺤﺪﯾﺪ ) (56.5ﺳﻢ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ذﻛﺮ أﺧﯿﺮًا أن ذراع اﻟﯿﺪ ) (48ﺳﻢ ،وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﺈن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ أﺑﻌﺎد اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻤﻘﯿﺎس اﻷذرع ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻻ ﯾﻌﻄﻲ دﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷﺑﻌﺎد ،ﺑﻞ ﯾﺆدي إﻟﻰ ﺣﯿﺮة ،وذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﺘﺮ وأﺟﺰاءه ھﻮ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﯿﺎس اﻟﻤﻔﮭﻮم ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﺿﺮ .وﻗﺪ ذرﻋﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺬراع اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺴﺎﺣﺘﮭﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﺎﻋﺪﺗﮭﺎ)145م( ،وﯾﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺤﻄﯿﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺠﺪار ﺑﺎﻟﺤﻄﯿﻢ ) 2.94م( وآﺧﺮ ذرع ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ﻗﺎم ﺑﮫ ﻣﺮﻛﺰ أﺑﺤﺎث اﻟﺤﺞ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘﺮى ،وﻛﺎن ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ : ﻣﻦ اﻟﺮﻛﻦ اﻷﺳﻮد إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ 11.68م ،وﻓﯿﮫ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ .وﻣﻦ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ 12.04م ، وﻣﻦ رﻛﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ 10.18م ،وﻣﻦ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ 9.90م .وأﻣﺎ أذرع اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ داﺧﻠﮭﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎم اﻟﻤﺆرخ ﺑﺎﺳﻼﻣﺔ ﺑﺬرﻋﮭﺎ ﺑﻨﻔﺴﮫ ﺳﻨﺔ 1352ھـ ﻓﻘﺎل « :ﻓﻜﺎن ﻃﻮﻟﮭﺎ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﺠﺪار اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ إﻟﻰ وﺳﻂ اﻟﺠﺪار اﻟﺸﺎﻣﻲ 10.15م ،وﻣﻦ وﺳﻂ ﺟﺪارھﺎ اﻟﺸﺮﻗﻲ إﻟﻰ وﺳﻂ ﺟﺪارھﺎ اﻟﻐﺮﺑﻲ 8.10م.
49
ﺗﻘﻊ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﺳﻂ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ﻣﻜﻌﺒﺔ اﻟﺸﻜﻞ وﯾﻘﺎل أﯾﻀﺎ أﻧﮭﺎ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﯿﺔ أي ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻜﺮة ﻣﻮﻗﻊ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
اﻷرﺿﯿﮫ وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﺘﺮا ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ وﻓﻲ ﺿﻠﻌﮭﺎ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﯾﻘﻊ اﻟﺒﺎب ﻣﺮﺗﻔﻌﺎ ﻋﻦ اﻷرض ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺮﯾﻦ.أرﻛﺎن اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻷرﺑﻌﺔ ھﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻷﺳﻮد واﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ واﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ واﻟﺮﻛﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪار اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﯾﻮﺟﺪ اﻟﻤﯿﺰاب وھﻮ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺬھﺐ اﻟﺨﺎﻟﺺ وﻣﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ. اﻟﻤﻠﺘﺰم ھﻮ ﻣﻜﺎن اﻻﻟﺘﺰام ﻣﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺤَﺠَﺮ اﻷﺳﻮد وﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وﺳﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﻠﺘﺰم ﻷن اﻟﻨﺎس
اﻟﻤﻠﺘﺰم
ﯾﻠﺰﻣﻮﻧﮫ وﯾﺪﻋﻮن اﷲ ﻋﻨﺪه .وﻗﺪ وردت اﻵﺛﺎر اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ أن اﻟﻤﻠﺘﺰم ھﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺤَﺠَﺮ اﻷﺳﻮد وﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ .ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس :ھﺬا اﻟﻤﻠﺘﺰم ﺑﯿﻦ اﻟﺮﻛﻦ و اﻟﺒﺎب ،ﻓﺎﻟﻤﻠﺘﺰم إذن ھﻮ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد وﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻣﻘﺪاره ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺮﯾﻦ .وھﻮ ﻣﻮﺿﻊ إﺟﺎﺑﺔ اﻟﺪﻋﺎء وﯾﺴﻦ ﺑﮫ اﻟﺪﻋﺎء ﻣﻊ إﻟﺼﺎق اﻟﺨﺪﯾﻦ واﻟﺼﺪر واﻟﺬراﻋﯿﻦ واﻟﻜﻔﯿﻦ ﻛﻤﺎ ورد أن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﻃﺎف وﺻﻠﻰ ﺛﻢ اﺳﺘﻠﻢ اﻟﺮﻛﻦ ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺒﺎب ﻓﺎﻟﺼﻖ ﺻﺪره وﯾﺪﯾﮫ وﺧﺪه اﻟﯿﮫ ﺛﻢ ﻗﺎل ) :ھﻜﺬا رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ﯾﻔﻌﻞ() ،ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ( .وﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﺰﺑﯿﺮ :رأﯾﺖ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ واﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﻠﺘﺰﻣﻮﻧﮫ وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻣﺎ :أن ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺒﺎب ﻻ ﯾﻘﻮم ﻓﯿﮫ إﻧﺴﺎن ﻓﯿﺪﻋﻮ اﷲ ﺑﺸﺊ إﻻ رأى ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺘﮫ ﺑﻌﺾ اﻟﺬي ﯾﺤﺐ. وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻜﺜﺮ اﺳﺘﻼم اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ،وﻗﯿﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل :ﻣﺎ أﺗﯿﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻂ إﻻ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻨﺪه ﯾﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻤﻦ اﺳﺘﻠﻤﮫ وأﺛﺮ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :أﻧﮫ وﻛﻞ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ﺳﺒﻌﻮن ﻣﻠﻜﺎ ،ﻓﻤﻦ ﻗﺎل :اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ اﻟﻌﻔﻮ واﻟﻌﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ،اﻟﻠﮭﻢ رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر ،ﻗﺎﻟﻮا :آﻣﯿﻦ .وﻣﻤﺎ ﯾﺰﯾﺪ ھﺬا اﻟﺮﻛﻦ ﺗﻘﺪﯾﺮا ﻓﻰ ﻧﻔﻮس اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻣﺎ روي أﻧﮫ ﻣﻦ وﺿﻊ ﯾﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ،ﺛﻢ دﻋﺎ اﺳﺘﺠﯿﺐ ﻟﮫ. ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺣﺠﺮ ﺛﻘﯿﻞ ﺑﯿﻀﺎوي اﻟﺸﻜﻞ أﺳﻮد اﻟﻠﻮن ﻣﺎﺋﻞ إﻟﻰ اﻟﺤﻤﺮة وﻗﻄﺮه 30ﺳﻢ وﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ
اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد
إﻃﺎر ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ وﯾﺴﻦ ﻟﻤﻦ ﯾﻄﻮف أن ﯾﺴﺘﻠﻢ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد) أي ﯾﻠﻤﺴﮫ ﺑﯿﺪه( وﯾﻘﺒﻠﮫ ﻋﻨﺪ ﻣﺮوره ﺑﮫ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ اﺳﺘﻠﻤﮫ ﺑﯿﺪه وﻗﺒﻠﮭﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ اﺳﺘﻠﻤﮫ ﺑﺸﻲء ﻣﻌﮫ )ﻛﺎﻟﻌﺼﺎ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﮭﮭﺎ( وﻗَﺒَّﻞ ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ أﺷﺎر إﻟﯿﮫ ﺑﯿﺪه وﺳﻤﻰ وﻛﺒّﺮ )ﺑﺴﻢ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ( وﻻ ﯾﻘﺒﻞ ﯾﺪه .وﻗﺪ ورد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ أن ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻗﺎل :إن اﻟﺤﺠﺮ واﻟﻤﻘﺎم ﯾﺎﻗﻮﺗﺘﺎن ﻣﻦ ﯾﺎﻗﻮت اﻟﺠﻨﺔ ﻃﻤﺲ اﷲ ﻧﻮرھﻤﺎ وﻟﻮﻻ أن ﻃﻤﺲ ﻧﻮرھﻢ ﻷﺿﺎء ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب " وﻗﺪ ورد ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ أﯾﻀﺎً أن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ أﺷﺪ ﺑﯿﺎﺿﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ ﻓﺴﻮدﺗﮫ ﺧﻄﺎﯾﺎ ﺑﻨﻲ آدم. ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ أول ﻣﻦ رﺑﻂ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﺑﺎﻟﻔﻀﺔ ﺛﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻻﻃﻮاق ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ ﻛﻠﻤﺎ اﻗﺘﻀﺖ
اﻹﻃﺎر اﻟﻔﻀﻲ
اﻟﻀﺮورة وﻓﻲ ﺷﻌﺒﺎن 1375ھـ وﺿﻊ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻃﻮﻗﺎً ﺟﺪﯾﺪاً ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ وﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﺮﻣﯿﻤﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻓﻲ 1422ھـ. ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ،ﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﮫ ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ .ﯾﺰﯾﻦ اﻟﺒﺎب زھﻮر وﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﺮﺑﯿﺔ
ﺑﺎب اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
ﻗﺮآﻧﯿﺔ .ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺒﺎب ﺗﻢ ﺗﻌﻠﯿﻖ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﯿﻂ ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ ،واﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ ﺗﺠﺪﯾﺪھﺎ ﺳﻨﻮﯾﺎً .ﯾﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ أرض اﻟﻤﻄﺎف ﺑﺤﻮاﻟﻲ 2.5وارﺗﻔﺎع اﻟﺒﺎب 3.06ﻣﺘﺮ وﻋﺮﺿﮫ 1.68ﻣﺘﺮ ،اﻟﺒﺎب اﻟﻤﻮﺟﻮد اﻟﯿﻮم ھﺪﯾﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ وﻗﺪ ﺗﻢ ﺻﻨﻌﮫ ﻣﻦ اﻟﺬھﺐ ﺣﯿﺚ ﺑﻠﻎ ﻣﻘﺪار اﻟﺬھﺐ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪم ﻓﯿﮫ ﻟﻠﺒﺎﺑﯿﻦ ﺣﻮاﻟﻲ 280ﻛﯿﻠﻮ ﺟﺮام ﻋﯿﺎر 99.99ﺑﺘﻜﻠﻔﺔ اﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺑﻠﻐﺖ 13ﻣﻠﯿﻮﻧﺎ و 420أﻟﻒ رﯾﺎل ﻋﺪا ﻛﻤﯿﺔ اﻟﺬھﺐ .أﻣﺎ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﯿﻮدع ﻋﻨﺪ ﺑﻨﻲ ﺷﯿﺒﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﮭﻢ ﺳﺪاﻧﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻛﻤﺎ ھﻲ وﺻﯿﺔ اﻟﻨﺒﻲ. 50
ﺟﺎءﺗﺎ ﺗﺴﻤﯿﺔ اﻷرﻛﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر اﺗﺠﺎھﺎﺗﮭﺎ اﻷرﺑﻊ ﺗﺎرةً ،وﺟﺎءت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﺧﺼﻮﺻﯿﺔ أﺧﺮى ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺎرة أﺧﺮى. أرﻛﺎن
اﻟﻜﻌﺒﺔ
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
.1اﻟﺮُﻛﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ :وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ وھﻮ اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﺑﺠﻮار ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ وﯾُﻘﺎﺑﻞُ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،ﯾُﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻜﻮﻧﮫ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻤﺸﺮق ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،وﯾُﺴﻤَّﻰ أﯾﻀﺎً ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻷﺳﻮد ﻷن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣُﺜَﺒَّﺖٌ ﻓﯿﮫ وﻣﻨﮫ ﯾﺒﺪأ اﻟﻄﻮاف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ. .2اﻟﺮُﻛﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻲ :وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﺣﺴﺐ ﺟﮭﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف ،وﯾُﺴﻤَّﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺘﮫ ﻟﻠﺸﻤﺎل ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺣِﺠْ ِﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،وﯾُﺴﻤَّﻰ أﯾﻀﺎ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻟﻜﻮﻧﮫ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻌﺮاق. .3اﻟﺮُﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ :وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺣﺴﺐ ﺟﮭﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف ،وﯾُﺴﻤَّﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺘﮫ ﻟﻠﻤﻐﺮب ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،وﯾُﺴﻤَّﻰ أﯾﻀﺎً ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ ﻟﻜﻮﻧﮫ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﺸﺎم ،وھﻮ اﻟﺮُﻛﻦ اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺣِﺠْﺮِ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ. .4اﻟﺮُﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ :وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺣﺴﺐ ﺟﮭﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف ،وﯾُﺴﻤَّﻰ ﺑﺎﻟﺮﻛﻦ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺘﮫ ﻟﻠﺠﻨﻮب ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،وﯾُﺴﻤَّﻰ أﯾﻀﺎ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ﻟﻜﻮﻧﮫ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﯿﻤﻦ.
داﺧﻞ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
ﯾﻮﺟﺪ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﻜﻌﺒﺔ رﯾﺢ ﻃﯿﺐ ﻣﻦ ﺧﻠﯿﻂ اﻟﻤﺴﻚ واﻟﻌﻮد واﻟﻌﻨﺒﺮ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﺨﺪم ﺑﻜﻤﯿﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﻟﺘﻨﻈﯿﻔﮭﺎ وﯾﺴﺘﻤﺮ ﻣﻔﻌﻮﻟﮫ ﻃﻮال اﻟﻌﺎم.
ﺗﻐﻄﻰ أرﺿﯿﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺮﺧﺎم ﻣﻦ اﻟﻠﻮن اﻷﺑﯿﺾ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ ،أﻣﺎ اﻷﻃﺮاف اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺪدھﺎ ﺷﺮﯾﻂ ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎم اﻷﺳﻮد ﻓﮭﻲ ﻣﻦ رﺧﺎم اﻟﺮوزا )اﻟﻮردي ( اﻟﺬي ﯾﺮﺗﻔﻊ إﻟﻰ ﺟﺪران اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﺴﺎﻓﺔ 4أﻣﺘﺎر دون أن ﯾﻼﺻﻖ ﺟﺪارھﺎ اﻷﺻﻠﻲ .أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻤﺘﺒﻘﯿﺔ -ﻣﻦ اﻟﺠﺪار اﻟﺮﺧﺎﻣﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﺴﻘﻒ ) 5أﻣﺘﺎر( -ﻓﯿﻐﻄﯿﮭﺎ ﻗﻤﺎش اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻷﺧﻀﺮ )أو ﺳﺘﺎﺋﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﻮن اﻟﻮردي( اﻟﻤﻜﺘﻮب ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻔﻀﺔ آﯾﺎت ﻗﺮآﻧﯿﺔ وﺗﻤﺘﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﻄﻲ ﺳﻘﻒ اﻟﻜﻌﺒﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻼﻃﺔ رﺧﺎﻣﯿﺔ واﺣﺪة ﻓﻘﻂ ﺑﻠﻮن ﻏﺎﻣﻖ ﺗﺤﺪد ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺠﻮد اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ .ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻼﻣﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﺮﺧﺎم ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻤﻠﺘﺰم ﺣﯿﺚ أﻟﺼﻖ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ
،ﺑﻄﻨﮫ اﻟﺸﺮﯾﻒ وﺧﺪه اﻷﯾﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪار
راﻓﻌﺎ ﯾﺪه وﺑﻜﻰ )وﻟﺬا ﺳﻤﻲ ﺑﺎﻟﻤﻠﺘﺰم)
ﺛﻼﺛﺔ أﻋﻤﺪة ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ اﻟﻤﻨﻘﻮش ﺑﻤﮭﺎرة ﻟﺪﻋﻢ اﻟﺴﻘﻒ ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﺣﻮاﻟﻲ 9أﻣﺘﺎر ﻣﺤﻼة ﺑﺰﺧﺎرف ذھﺒﯿﺔ.
ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻘﻨﺎدﯾﻞ اﻟﻤﻌﻠﻘﺔ اﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﺎس واﻟﻔﻀﺔ واﻟﺰﺟﺎج اﻟﻤﻨﻘﻮش ﺑﺂﯾﺎت ﻗﺮآﻧﯿﺔ ﺗﻌﻮد ﻟﻠﻌﮭﺪ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ.
درج )ﺳﻠﻢ( ﯾﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻒ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﻟﻮﻣﻨﯿﻮم واﻟﻜﺮﯾﺴﺘﺎل.
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﻼﻃﺎت اﻟﺮﺧﺎم اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺠﻤﯿﻌﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﮭﺪ ﻣﻦ ﻋﮭﻮد ﻣﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ اﻟﺸﺮﯾﻒ. اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ھﻲ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺎﻃﺒﺔ ،وھﻲ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻌﮫ اﷲ ﻟﻠﻨﺎس ﻋﻠﻰ
ﻛﺴﻮة اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
اﻷرض ،وﻗﺪ ﻧﺴﺒﮫ اﷲ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻋﻨﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ﺑﻜﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ؛ إذ ﺗﻌﺪ ﻛﺴﻮﺗﮭﺎ ﻣﻦ أھﻢ ﻣﻈﺎھﺮ اﻻھﺘﻤﺎم واﻟﺘﺸﺮﯾﻒ واﻟﺘﺒﺠﯿﻞ ﻟﻠﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ،وﺗﺎرﯾﺨُﮭﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ،
51
ﻓﻜﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﺬ ﺑﻨﺎھﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ وإﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺴﻼم ﻣﺮت ﺑﺄﻃﻮار ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﺻﻨﻌﺖ اﻟﻜﺴﻮة ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﺣﻈﯿﺖ ﺑﻌﻨﺎﯾﺔ ودﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﻊ ﺣﺴﺐ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ. ﯾﺘﻜﻮن اﻟﻜﺴﺎء ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻗﻄﻊ ﺗﻐﻄﻰ أرﺑﻊ ﻣﻨﮭﺎ أوﺟﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻓﮭﻲ اﻟﺴﺘﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ .ﺗﺒﻠﻎ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻟﺜﻮب اﻟﻜﻌﺒﺔ 20ﻣﻠﯿﻮن رﯾﺎل )أي ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ 5ﻣﻼﯾﯿﻦ دوﻻر( ،وﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ اﻟﺨﺎﻟﺺ اﻟﻤﺼﺒﻮغ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد .وﯾﺒﻠﻎ ارﺗﻔﺎع اﻟﺜﻮب 14ﻣﺘﺮًا وﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻨﮫ ﺣﺰام ﯾﺒﻠﻎ ﻋﺮﺿﮫ 95ﺳﻨﺘﻤﺘﺮًا وﻃﻮﻟﮫ 47ﻣﺘﺮًا وﯾﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺰﺧﺎرف اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺰام آﯾﺎت ﻗﺮآﻧﯿﺔ ﻛﺘﺒﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ داﺧﻞ إﻃﺎر ﻣﻨﻔﺼﻞ وﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻔﻮاﺻﻞ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﺷﻜﻞ ﻗﻨﺪﯾﻞ ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻠﯿﮫ "ﯾﺎ ﺣﻲ ﯾﺎ ﻗﯿﻮم ﯾﺎ رﺣﻤﻦ ﯾﺎ رﺣﯿﻢ اﻟﺤﻤﺪ اﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ" ،واﻟﺤﺰام ﻣﻄﺮز ﺑﺘﻄﺮﯾﺰ ﺑﺎرز ﻣﻐﻄﻰ ﺑﺴﻠﻚ ﻓﻀﻲ ﻣﻄﻠﻲ ﺑﺎﻟﺬھﺐ وﯾﺤﯿﻂ ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﮭﺎ .وﺗﻤﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻜﺴﻮة ﺑﻌﺪة ﻣﺮاﺣﻞ ھﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺼﺒﺎﻏﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺻﺒﺎﻏﺔ اﻟﺤﺮﯾﺮ اﻟﺨﺎم اﻟﻤﺴﺘﻮرد ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺔ ﺷﻠﻞ ﺛﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻨﺴﺞ وﯾﺘﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺤﻮﯾﻞ اﻟﺸﻠﻞ اﻟﻤﺼﺒﻮﻏﺔ إﻟﻰ ﻗﻤﺎش ﺣﺮﯾﺮ ﯾﻄﺮز ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺰام أو اﻟﺴﺘﺎرة ،أو إﻟﻰ ﻗﻤﺎش ﺣﺮﯾﺮ ﺟﺎﻛﺎرد اﻟﻤﻜﻮن ﻟﻠﻜﺴﻮة .ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺨﻄﻮط واﻟﺰﺧﺎرف اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﺎﻟﺤﺰام أو اﻟﺴﺘﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺎش ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ "ﺳﻠﻚ ﺳﻜﺮﯾﻦ "ﺗﻤﮭﯿﺪًا ﻟﺘﻄﺮﯾﺰھﺎ ،ﺛﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺠﻤﯿﻊ وﯾﺘﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺗﺠﻤﯿﻊ ﻗﻤﺎش اﻟﺠﺎﻛﺎرد ﻟﺘﺸﻜﻞ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻜﺴﻮة اﻷرﺑﻌﺔ ﺛﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻄﻊ اﻟﺤﺰام واﻟﺴﺘﺎرة ﺗﻤﮭﯿﺪا ﻟﺘﺮﻛﯿﺒﮭﺎ ﻓﻮق اﻟﻜﻌﺒﺔ. وﺗﺴﺘﮭﻠﻚ اﻟﻜﺴﻮة ﺣﻮاﻟﻲ 670ﻛﯿﻠﻮ ﺟﺮاﻣًﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﯾﺮ اﻟﺨﺎم اﻟﺬي ﺗﺘﻢ ﺻﺒﺎﻏﺘﮫ داﺧﻞ اﻟﻤﺼﻨﻊ ﺑﺎﻟﻠﻮن اﻷﺳﻮد، وﯾﺒﻠﻎ ﺳﻤﻚ اﻟﻘﻤﺎش ( 1.37ﻣﻠﻢ ( ،وﯾﺒﻄﻦ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﻘﻤﺎش ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ اﻷﺑﯿﺾ اﻟﻤﺘﯿﻦ .وﯾﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻧﻘﻮش ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﺑﺨﯿﻮط اﻟﻨﺴﯿﺞ اﻟﺴﻮداء ﻛﺘﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ،وﻋﺒﺎرات ( :ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ رﺳﻮل اﷲ ( ،و) ﺳﺒﺤﺎن اﷲ وﺑﺤﻤﺪه ( ،و) ﺳﺒﺤﺎن اﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ( ،و) ﯾﺎ ﺣﻨﺎن ﯾﺎ ﻣﻨﺎن ﯾﺎ اﷲ ( ،وﺗﻜﺮر ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرات ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻗﻤﺎش اﻟﻜﺴﻮة ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﯾﻨﺴﺞ ﺑﺨﯿﻮط ذھﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺴﻮة آﯾﺎت ﻗﺮآﻧﯿﺔ وﻋﺒﺎرات ﺗﻮﺛﻖ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ . وﺗﺴﺘﺒﺪل ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻛﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﺮة ﻛﻞ ﻋﺎم؛ أﻣﺎ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ذات اﻟﻠﻮن اﻷﺧﻀﺮ ،ﻓﻼ ﺗﺴﺘﺒﺪل إﻻ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻋﺸﺮات اﻟﺴﻨﯿﻦ ،ﻟﻌﺪم ﺗﻌﺮﺿﮭﺎ ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺠﻮﯾﺔ ،ﻣﻤﺎ ﯾﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﯾﺘﮭﺎ وﺗﻤﺎﺳﻜﮭﺎ ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﯾﻠﺔ . وﺗﺘﻢ ھﺬه اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻊ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺬي ﯾﺘﻮزع ﻋﻠﻰ ﻋﺪة أﻗﺴﺎم ھﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﺤﺰام واﻟﻨﺴﯿﺞ اﻟﯿﺪوي واﻟﻨﺴﯿﺞ اﻵﻟﻲ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ واﻷﻋﻼم واﻟﺴﺘﺎرة واﻟﺼﺒﺎﻏﺔ. وﯾﻨﺘﺞ اﻟﻤﺼﻨﻊ اﻟﻜﺴﻮة اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ واﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﻋﻼم واﻟﻘﻄﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ﺑﺈھﺪاﺋﮭﺎ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت.ﻣﻔﻜﺮة اﻹﺳﻼم ﻣﯿﺰاب اﻟﻜﻌﺒﺔ )أ( اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ :ﻣﯿﺰاب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ھﻮ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ،واﻟﻤﻤﺘﺪ ﻧﺤﻮ اﻟﺤِﺠْﺮ ، اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
واﻟﻤﺼﺮف ﻟﻠﻤﯿﺎه اﻟﻤﺘﺠﻤﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻘﻮط اﻷﻣﻄﺎر أو ﻏﺴﻞ اﻟﺴﻄﺢ إﻟﻰ ﺣﺠﺮ اﻟﻜﻌﺒﺔ. )ب( ﻋﻤﺎرة ﻣﯿﺰاب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ :وأول ﻣﻦ وﺿﻊ ﻣﯿﺰاﺑًﺎ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻗﺮﯾﺶ ﺣﯿﻦ ﺑﻨﺘﮭﺎ وﺟﻌﻠﺖ ﻟﮭﺎ ﺳﻘﻔًﺎ .ﺛﻢ ﻟﻤﺎ ﺑﻨﺎھﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ وﺿﻊ ﻟﮭﺎ ﻣﯿﺰاﺑًﺎ ،وﺟﻌﻞ ﻣﺼﺒﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺤِﺠْﺮ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻗﺮﯾﺶ. ﺛﻢ ﻟﻤﺎ أﻧﻘﺺ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﻣﺎ زاده ﻓﯿﮭﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﻗﺮﯾﺶ ﺣﺴﺐ ﻗﻮاﻋﺪ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ، -وﺿﻊ اﻟﻤﯿﺰاب ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ،وﺟﻌﻞ ﻣﺼﺒﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺤِﺠْﺮ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن 52
ﺳﺎﺑﻘًﺎ. وأول ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺬھﺐ اﻟﻮﻟﯿﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ .وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 541ھـ أو اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪھﺎ ﻗﻠﻊ ﻣﯿﺰاب راﻣﺸﺖ ،ورﻛﺐ ﻣﯿﺰاب ﻋﻤﻠﮫ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﻤﻘﺘﻔﻲ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ. وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﯿﺰاب ﻋﻤﻠﮫ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،واﺳﻤﮫ ﻣﻜﺘﻮب ﻓﯿﮫ ،وھﻮ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ ﻣﺒﻄﻦ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎص ،ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﯾﺠﺮي ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺎء ،وﻇﺎھﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺒﺪو ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺤﻠﻰ ﺑﻔﻀﺔ .وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﯿﺰاب ﻋﻤﻠﮫ اﻟﺴﻠﻄﺎن أﺣﻤﺪ ﺧﺎن ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1012ھـ . وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﯿﺰاب ﻋﻤﻠﮫ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﯿﺪ ﺧﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﯿﻨﯿﺔ ،ﺛﻢ ﺟﻲء ﺑﮫ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﺤﺎج رﺿﺎ ﺑﺎﺷﺎ ،ورﻛﺐ ﺳﻨﺔ 1276ھـ ،ﺛﻢ ﺣُﻤﻞ اﻟﻤﯿﺰاب اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎﺑﻞ إﻟﻰ اﻷﺑﻮاب اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ،واﻟﻤﯿﺰاب اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻣﺼﻔﺢ ﺑﺎﻟﺬھﺐ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﯿﻦ رﻃﻼً ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺘﺨﻤﯿﻦ ،واﷲ أﻋﻠﻢ. أﻣﺎ اﻟﻤﯿﺰاب اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﮭﻮ ﻣﯿﺰاب اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺠﯿﺪ ﺧﺎن ،وﻗﺪ ﺗﻢ إﺻﻼﺣﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد رﺣﻤﮫ اﷲ ،وذﻟﻚ ﺣﯿﻦ رﻣﻢ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ .وﻓﻲ اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وھﻮ اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ اﻟﺸﺎﻣﻞ ،اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﻣﺤﺮم ﻋﺎم 1417ھـ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﯿﮭﺎت ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد رﺣﻤﮫ اﷲ ،ﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﻤﯿﺰاب اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻟﺴﻄﺢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﺑﺂﺧﺮ ﺟﺪﯾﺪ أﻗﻮى وأﻣﺘﻦ وﺑﻨﻔﺲ ﻣﻮاﺻﻔﺎت اﻟﻤﯿﺰاب اﻟﻘﺪﯾﻢ. ﻛﺎن ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺳﺎدن اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ دﺧﻞ اﻟﻨﺒﻲُّ ﻣﻜﺔ ﯾﻮم اﻟﻔﺘﺢ ،ﻓﻄﻠﺐ رﺳﻮل اﷲ اﻟﻤﻔﺘﺎح ،ﻓﺠﯿﺊ ﺑﺎﻟﻤﻔﺘﺎح ﻓﺘﻨﺤﻰ ﺳﺪاﻧﺔ
اﻟﻜﻌﺒﺔ
اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ
ﻧﺎﺣﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺠﻠﺲ رﺳﻮل اﷲ وﻗﺪ ﻗﺒﺾ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ وﺳﺪاﻧﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎس وأﺧﺬ اﻟﻤﻔﺘﺎح ﻣﻦ ﻋﺜﻤﺎن ،ﻓﺪﺧﻞ رﺳﻮل اﷲ اﻟﺒﯿﺖ وﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺧﺮج ﺳﺄﻟﮫ اﻟﻌﺒﺎس أن ﯾﻌﻄﯿﮫ اﻟﻤﻔﺘﺎح ﻟﯿﺠﻤﻊ ﻟﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ وﺳﺪاﻧﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻓﺄﻧـﺰل اﷲ ھﺬه اﻵﯾﺔ )ﻣﻦ اﻟﻘﺮان اﻟﻜﺮﯾﻢ ﴿) :إِنَّ اﻟﻠّﮫَ ﯾَﺄْﻣُﺮُﻛُﻢْ أَن ﺗُﺆدُّواْ اﻷَﻣَﺎﻧَﺎتِ إِﻟَﻰ أَھْﻠِﮭَﺎ وَإِذَا ﺣَﻜَﻤْﺘُﻢ ﺑَﯿْﻦَ اﻟﻨَّﺎسِ أَن ﺗَﺤْﻜُﻤُﻮاْ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْلِ إِنَّ اﻟﻠّﮫَ ﻧِﻌِﻤَّﺎ ﯾَﻌِﻈُﻜُﻢ ﺑِﮫِ إِنَّ اﻟﻠّﮫَ ﻛَﺎنَ ﺳَﻤِﯿﻌًﺎ ﺑَﺼِﯿﺮًا﴾:58» «4ﻓﻠﻤﺎ ﺟﻠﺲ رﺳﻮل اﷲ ﻗﺎل ادﻋﻮا إﻟﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﻓﺪﻋﻲ ﻟﮫ ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ،و ﻗﯿﻞ أن رﺳﻮل اﷲ ﻗﺎل ﻟﻌﺜﻤﺎن وھﻮ ﯾﺪﻋﻮه إﻟﻰ اﻹﺳﻼم وﻣﻊ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﻤﻔﺘﺎح ﻓﻘﺎل ﻟﻌﻠﻚ ﺳﺘﺮى ھﺬا اﻟﻤﻔﺘﺎح ﺑﯿﺪي أﺿﻌﮫ ﺣﯿﺚ ﺷﺌﺖ ﻓﻘﺎل ﻋﺜﻤﺎن ﻟﻘﺪ ھﻠﻜﺖ إذا ﻗﺮﯾﺶ وذﻟﺖ .ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ﻣﺤﻤﺪ )ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ( ﺑﻞ ﻋﻤﺮت وﻋﺰت ﯾﻮﻣﺌﺬ .ﻓﻠﻤﺎ دﻋﺎﻧﻲ ﺑﻌﺪ أﺧﺬه اﻟﻤﻔﺘﺎح ذﻛﺮت ﻗﻮﻟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺎل .ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﺘﮫ ﺑﺒﺸﺮ واﺳﺘﻘﺒﻠﻨﻲ ﺑﺒﺸﺮ .ﺛﻢ ﻗﺎل ﺧﺬوھﺎ ﯾﺎ ﺑﻨﻲ أﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ ﺗﺎﻟﺪة ﺧﺎﻟﺪة ﻻ ﯾﻨﺰﻋﮭﺎ إﻻ ﻇﺎﻟﻢ ﯾﺎ ﻋﺜﻤﺎن إن اﷲ اﺳﺘﺄﻣﻨﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺘﮫ .ﻓﻜﻠﻮا ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف .ﻗﺎل ﻋﺜﻤﺎن ﻓﻠﻤﺎ وﻟﯿﺖ ﻧﺎداﻧﻲ ﻓﺮﺟﻌﺖ إﻟﯿﮫ .ﻓﻘﺎل أﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﺬي ﻗﻠﺖ ﻟﻚ ؟ ﻗﺎل ﻓﺬﻛﺮت ﻗﻮﻟﮫ ﻟﻲ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻘﻠﺖ :ﺑﻠﻰ ،أﺷﮭﺪ أﻧﻚ رﺳﻮل اﷲ ﻓﺄﻋﻄﺎه اﻟﻤﻔﺘﺎح.
اﻟﺸﺎذروان
)أ(اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ :اﻟﺸﺎذروان ھﻮ اﻟﻮزرة اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﺄﺳﻔﻞ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻄﻮاف ،وھﻮ ﻣﺴﻨﻢ اﻟﺸﻜﻞ وﻣﺒﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎم ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﺜﻼث ،ﻣﺎ ﻋﺪا ﺟﮭﺔ اﻟﺤِﺠْﺮ ،وﻣﺜﺒﺖ ﻓﯿﮫ ﺣﻠﻘﺎت ﯾﺮﺑﻂ ﻓﯿﮭﺎ ﺛﻮب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ .وﻻ ﯾﻮﺟﺪ أﺳﻔﻞ ﺟﺪار ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﺷﺎذروان .وﻗﺎل اﻟﻨﻮوي » :واﻟﺸﺎذروان ﺑﻔﺘﺢ اﻟﺬال اﻟﻤﻌﺠﻤﺔ وﺳﻜﻮن اﻟﺮاء ،ھﻮ ﺑﻨﺎء ﻟﻄﯿﻒ ﺟﺪًا ﻣﻠﺼﻖ ﺑﺤﺎﺋﻂ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻋﻦ اﻷرض ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﻧﺤﻮ ﺷﺒﺮ وﻧﺼﻒ ،وﻋﺮﺿﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻧﺤﻮ ﺷﺒﺮﯾﻦ وﻧﺼﻒ ،وﻓﻲ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺷﺒﺮ وﻧﺼﻒ. )ب(اﻟﮭﺪف ﻣﻦ ﺑﻨﺎﺋﮫ :ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﺸﺎذروان أﻧﮫ ﺑﻨﻲ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﻷﺻﻞ اﻟﺠﺪار ﻛﻌﺎدة اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﮭﻢ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﺘﻘﻮﯾﺔ ؛ ﻟﺘﻌﺮﺿﮭﺎ ﻟﻠﺴﯿﻮل اﻟﻜﺜﯿﺮة ،وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن اﻟﺸﺎذروان ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ .وﻗﺪ أﺷﺎر إﻟﻰ 53
ذﻟﻚ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ اﷲ ،ﺣﯿﺚ ﻗﺎل » :وﻟﯿﺲ اﻟﺸﺎذروان ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ،ﺑﻞ ﺟﻌﻞ ﻋﻤﺎدًا ﻟﻠﺒﯿﺖ .وھﻨﺎك ﻗﻮل آﺧﺮ أن اﻟﺸﺎذروان ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ،وأﻧﮫ ﻣﺎ ﻧﻘﺼﺘﮫ ﻗﺮﯾﺶ ﻣﻦ ﻋﺮض ﺟﺪار أﺳﺎس اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻇﮭﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻋﺎدة اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻷﺑﻨﯿﺔ .أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟﻚ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ اﻹﺳﻔﺮاﯾﯿﻨﻲ واﺑﻦ اﻟﺼﻼح واﻟﻨﻮوي ،وﻧﻘﻞ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ وﻏﯿﺮھﻢ ﻛﺎﻟﻤﺤﺐ اﻟﻄﺒﺮي .ﺣﺘﻰ إﻧﮫ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أﻧﮫ ﻗﺎل :إن ﻃﺎف ﻋﻠﯿﮫ أﻋﺎد اﻟﻄﻮاف .اﻧﺘﮭﻰ .وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن اﻟﻘﻮل اﻷول ھﻮ اﻷرﺟﺢ وھﻮ أﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ وأﻧﮫ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﺎدًا ﻟﻠﺒﯿﺖ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ اﷲ ، ﺳﯿﻤﺎ وأن اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﯿﺮًا ﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﺴﯿﻮل ﻋﻈﯿﻤﺔ. )ج(ذرع اﻟﺸﺎذروان :ﻋﺪد ﺣﺠﺎرة اﻟﺸﺎذروان اﻟﺘﻲ ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وﺳﺘﻮن ﺣﺠﺮًا ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ وﺟﻮه ،ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﺪار اﻟﺮﻛﻦ اﻟﻐﺮﺑﻲ إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮون ﺣﺠﺮًا ،وﻣﻨﮭﺎ ﺣﺠﺮ ﻃﻮﻟﮫ ﺛﻼﺛﺔ أذرع وﻧﺼﻒ ،وھﻮ ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺳﺪ ﻓﻲ ﻇﮭﺮ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ أرﺑﻌﺔ أذرع ،وﻓﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ﺣﺠﺮ ﻣﺪور .وﺑﯿﻦ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ واﻟﺮﻛﻦ اﻷﺳﻮد ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺣﺠﺮًا ،وﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﺸﺎذروان إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺛﻼﺛﺔ أذرع واﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ أﺻﺒﻌًﺎ ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﺷﺎذروان .وﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ اﻟﺤَﺠَﺮ اﻷﺳﻮد ﺛﻼﺛﺔ وﻋﺸﺮون ﺣﺠﺮًا ، وﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﺸﺎذروان اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﻤﻠﺘﺰم إﻟﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ذراﻋﺎن ،ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺷﺎذروان ،وھﻮ اﻟﻤﻠﺘﺰم ،وﻃﻮل اﻟﺸﺎذروان ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﺳﺘﺔ ﻋﺸﺮ أﺻﺒﻌًﺎ وﻋﺮﺿﮫ ذراع .أﻣﺎ ذرﻋﮫ اﻟﺤﺪﯾﺚ ،ﻓﻘﺪ ذرﻋﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ رﻓﻌﺖ ﺑﺎﺷﺎ ، ﻓﻘﺎل :وﯾﻼﺻﻖ ﺟﺪر اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ أﺳﻔﻠﮭﺎ ﺑﻨﺎء ﻣﻦ اﻟﺮﺧﺎم ﯾﺴﻤﻰ اﻟﺸﺎذروان ،أﻗﯿﻢ ﺗﻘﻮﯾﺔ ﻟﻠﺠﺪران ،وھﻮ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﮭﺎﺗﮭﺎ اﻷرﺑﻊ ،وارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ) (50ﺳﻢ ﻓﻲ ﻋﺮض ) ، (39وﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ارﺗﻔﺎﻋﮫ ) (27ﻓﻲ ﻋﺮض ) ، (80وﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ ارﺗﻔﺎﻋﮫ ) (24ﻓﻲ ﻋﺮض ) ، (87وﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ارﺗﻔﺎﻋﮫ ) (22ﻓﻲ ﻋﺮض ) ، (66ﻛﻤﺎ ﺣﻘﻘﺘﮫ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎس ﻓﻲ ﺣﺠﺎﺗﻲ اﻷرﺑﻊ. )د(ﺗﺠﺪﯾﺪ اﻟﺸﺎذروان :وﻗﺪ ﺟﺪد ﺑﻨﺎء اﻟﺸﺎذروان ﻓﻲ ﺳﻨﻮات ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ )542ھـ( وﺳﻨﺔ )636ھـ )وﺳﻨﺔ )660ھـ(
وﺳﻨﺔ
)670ھـ(
)1010ھـ(
وﺳﻨﺔ
وﺑﯿﻦ
ذﻟﻚ
وﻗﺒﻠﮫ
وﺑﻌﺪه
.
وآﺧﺮ ﺗﺠﺪﯾﺪ ﻟﻠﺸﺎذرو ان ﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ آل ﺳﻌﻮد رﺣﻤﮫ اﷲ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 1417ھـ ،ﺣﯿﺚ ﺟﺪد رﺧﺎم اﻟﺸﺎذروان اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﺮﺧﺎم ﺟﺪﯾﺪ ﯾﺤﺎﻛﻲ أﻟﻮان وﻧﻮﻋﯿﺔ اﻟﺮﺧﺎم اﻟﻘﺪﯾﻢ ،ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺧﺎﻣﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺗﺤﺖ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وھﻲ رﺧﺎﻣﺎت ﺟﻤﯿﻠﺔ وﻧﻔﯿﺴﺔ وﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮدﺗﮭﺎ وﻣﺘﺎﻧﺘﮭﺎ.
ﺧﺎﻣﺴﺎ :ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ: ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ) ﺑﻜﺴﺮ اﻟﺤﺎء وﺳﻜﻮن اﻟﺠﯿﻢ(أو اﻟﺤﻄﯿﻢ ،ھﻮ ﺣﺎﺋﻂ ﻣﺴﺘﺪﯾﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻧﺼﻒ داﺋﺮة ﯾﻘﻊ ﺷﻤﺎل اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ .ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﺸﺮف ﻣﻦ ﻧﻮاح ﻋﺪﯾﺪة، ﻓﻤﻨﮭﺎ :ﻣﻼﺻﻘﺘﮫ ﻟﻠﺒﯿﺖ وﻣﺤﺎذاﺗﮫ ﻟﮭﺎ .وﻣﻨﮭﺎ :أن ﻧﺤﻮا ﻣﻦ ﺳﺘﺔ أذرع ﻣﻦ أﺻﻞ اﻟﺒﯿﺖ ھﻲ اﻵن داﺧﻠﺔ ﻓﯿﮫ وﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ .ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ :ﻟﻮﻻ أن ﻗﻮﻣﻚ ﺣﺪﯾﺜﻮ ﻋﮭﺪ 54
ﺑﺸﺮك ،ﻟﮭﺪﻣﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺎﻟﺰﻗﺘﮭﺎ ﺑﺎﻷرض وﻟﺠﻌﻠﺖ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﺎ ﺷﺮﻗﯿﺎ وﺑﺎﺑﺎ ﻏﺮﺑﯿﺎ ،وزدت ﻓﯿﮫ ﺳﺘﺔ أذرع ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ،ﻓﺈن ﻗﺮﯾﺸﺎ ﻧﻘﺼﺘﮭﺎ ﺣﯿﻦ ﺑﻨﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ.
ﺻﻮرة ﻟﻠﺤﻄﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻤﯿﻦ ،اﻟﻤﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﻗﻮس
ﺟﺪول) (9ﯾﻮﺿﺢ ﺗﺎرﯾﺦ ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ
اﻟﻮﺻﻒ
اﻟﻌﻨﺼﺮ
55
ﻗﺎل ﯾﺎﻗﻮت اﻟﺤﻤﻮي :وﻟﻘﺪ ﺳﻤﻲ ﺣِﺠْﺮًا ؛ ﻷن ﻗﺮﯾﺸًﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﮭﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻣﻦ أﺳﺎس اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ
إﺑﺮاھﯿﻢ ،وﺣﺠﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺿﻊ ،ﻟﯿﻌﻠﻢ أﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وﻗﺎل اﻟﻠﯿﺚ : اﻟﺤﺠﺮ :ﺣﻄﯿﻢ ﻣﻜﺔ ﻛﺄﻧﮫ ﺣﺠﺮة ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻤﺜﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ].[2وﻗﺎل اﻟﺠﻮھﺮي :ﺣﺠﺮ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وھﻮ ﻣﺎ ﺣﻮاه اﻟﺤﻄﯿﻢ اﻟﻤﺪار ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺸﻤﺎل .وﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺠﺮﺗﮫ ﻣﻦ ﺣﺎﺋﻂ ﻓﮭﻮ ﺣﺠﺮ .وﯾﺬﻛﺮ أن اﻟﻌﺮب ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺮح ﺑﻤﻮﺿﻊ اﻟﺤﻄﯿﻢ ﻣﺎ ﻃﺎﻓﺖ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﯿﺎب ،ﻓﯿﺒﻘﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﺤﻄﻢ ﺑﻄﻮل اﻟﺰﻣﺎن ،ﻓﺴﻤﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﺣﻄﯿﻤﺎ، وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺤﺎﻟﻔﻮن وﯾﺤﻠﻔﻮن ﻋﻨﺪه. إن ﻗﺮﯾﺶ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺑﻨﻮا اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﺳﺘﻘﺼﺮوا ﻣﻦ ﺑﻨﯿﺎﻧﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ روت ﻋﺎﺋﺸﺔ
ﺗﺎرﯾﺦ ﺣِﺠْﺮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ
ا ﻗﺎﻟﺖ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ :إن ﻗﻮﻣﻚ اﺳﺘﻘﺼﺮوا ﻣﻦ ﺑﻨﯿﺎن اﻟﺒﯿﺖ ،وﻟﻮﻻ ﺣﺪاﺛﺔ ﻋﮭﺪھﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮك أﻋﺪت ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻮا ﻣﻨﮫ ،ﻓﺈن ﺑﺪا ﻟﻘﻮﻣﻚ ﻣﻦ ﺑﻌﺪي أن ﯾﺒﻨﻮه ﻓﮭﻠﻤﻲ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻮه، ﻓﺄراھﺎ ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ أذرع رواه ﻣﺴﻠﻢ. وﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﺎح ﻗﺎل )ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺮق اﻟﺒﯿﺖ زﻣﻦ ﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﺣﯿﻦ ﻏﺰاھﺎ أھﻞ اﻟﺸﺎم ﻓﻜﺎن ﻣﻦ أﻣﺮه ﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﺮﻛﮫ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﻗﺪم اﻟﻨﺎس اﻟﻤﻮﺳﻢ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﺠﺮﺋﮭﻢ -أو ﯾﺤﺮﺑﮭﻢ -ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺸﺎم ﻓﻠﻤﺎ ﺻﺪر اﻟﻨﺎس ﻗﺎل ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس أﺷﯿﺮوا ﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ أﻧﻘﻀﮭﺎ ﺛﻢ أﺑﻨﻰ ﺑﻨﺎءھﺎ أو أﺻﻠﺢ ﻣﺎ وھﻰ ﻣﻨﮭﺎ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻣﺎ ﻓﺈﻧﻰ ﻗﺪ ﻓﺮق ][7ﻟﻰ رأى ﻓﯿﮭﺎ أرى أن ﺗﺼﻠﺢ ﻣﺎ وھﻰ ﻣﻨﮭﺎ وﺗﺪع ﺑﯿﺘﺎ أﺳﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ وأﺣﺠﺎرا أﺳﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺑﻌﺚ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻨﺒﻰ .ﻓﻘﺎل اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن أﺣﺪﻛﻢ اﺣﺘﺮق ﺑﯿﺘﮫ ﻣﺎ رﺿﻰ ﺣﺘﻰ ﯾﺠﺪه ﻓﻜﯿﻒ ﺑﯿﺖ رﺑﻜﻢ إﻧﻰ ﻣﺴﺘﺨﯿﺮ رﺑﻰ ﺛﻼﺛﺎ ﺛﻢ ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ أﻣﺮى ﻓﻠﻤﺎ ﻣﻀﻰ اﻟﺜﻼث أﺟﻤﻊ رأﯾﮫ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻨﻘﻀﮭﺎ ﻓﺘﺤﺎﻣﺎه اﻟﻨﺎس أن ﯾﻨﺰل ﺑﺄول اﻟﻨﺎس ﯾﺼﻌﺪ ﻓﯿﮫ أﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺘﻰ ﺻﻌﺪه رﺟﻞ ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻣﻨﮫ ﺣﺠﺎرة ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺮه اﻟﻨﺎس أﺻﺎﺑﮫ ﺷﻲء ﺗﺘﺎﺑﻌﻮا ﻓﻨﻘﻀﻮه ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﻮا ﺑﮫ اﻷرض ﻓﺠﻌﻞ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ أﻋﻤﺪة ﻓﺴﺘﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺴﺘﻮر ﺣﺘﻰ ارﺗﻔﻊ ﺑﻨﺎؤه .وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ إﻧﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ا ﺗﻘﻮل: إن اﻟﻨﺒﻰ ﻗﺎل )ﻟﻮﻻ أن اﻟﻨﺎس ﺣﺪﯾﺚ ﻋﮭﺪھﻢ ﺑﻜﻔﺮ وﻟﯿﺲ ﻋﻨﺪى ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻘﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﻮى ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎﺋﮫ ﻟﻜﻨﺖ أدﺧﻠﺖ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ﺧﻤﺲ أذرع وﻟﺠﻌﻠﺖ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﺎ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﮫ وﺑﺎﺑﺎ ﯾﺨﺮﺟﻮن ﻣﻨﮫ( .ﻗﺎل ﻓﺄﻧﺎ اﻟﯿﻮم أﺟﺪ ﻣﺎ أﻧﻔﻖ وﻟﺴﺖ أﺧﺎف اﻟﻨﺎس -ﻗﺎل -ﻓﺰاد ﻓﯿﮫ ﺧﻤﺲ أذرع ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ﺣﺘﻰ أﺑﺪى أﺳﺎ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮫ ﻓﺒﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺒﻨﺎء وﻛﺎن ﻃﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺛﻤﺎﻧﻰ ﻋﺸﺮة ذراﻋﺎ ﻓﻠﻤﺎ زاد ﻓﯿﮫ اﺳﺘﻘﺼﺮه ﻓﺰاد ﻓﻲ ﻃﻮﻟﮫ ﻋﺸﺮ أذرع وﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﺑﺎﺑﯿﻦ أﺣﺪھﻤﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻣﻨﮫ واﻵﺧﺮ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﻗُﺘﻞ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﺠﺎج إﻟﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﯾﺨﺒﺮه ﺑﺬﻟﻚ وﯾﺨﺒﺮه أن اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﻗﺪ وﺿﻊ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ أس ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮫ اﻟﻌﺪول ﻣﻦ أھﻞ ﻣﻜﺔ .ﻓﻜﺘﺐ إﻟﯿﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ إﻧﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻄﯿﺦ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺷﻲء أﻣﺎ ﻣﺎ زاد ﻓﻲ ﻃﻮﻟﮫ ﻓﺄﻗﺮه وأﻣﺎ ﻣﺎ زاد ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ﻓﺮده إﻟ ﻰ ﺑﻨﺎﺋﮫ وﺳﺪ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻓﺘﺤﮫ .ﻓﻨﻘﻀﮫ وأﻋﺎده إﻟﻰ ﺑﻨﺎﺋﮫ(.روه ﻣﺴﻠﻢ . 56
وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻰ ﻗﺎل ﻟﮭﺎ )ﯾﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻟﻮﻻ أن ﻗﻮﻣﻚ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﮭﺪ ﺑﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻷﻣﺮت ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﻓﮭﺪم ،ﻓﺄدﺧﻠﺖ ﻓﯿﮫ ﻣﺎ أﺧﺮج ﻣﻨﮫ وأﻟﺰﻗﺘﮫ ﺑﺎﻷرض، وﺟﻌﻠﺖ ﻟﮫ ﺑﺎﺑﯿﻦ ﺑﺎﺑﺎ ﺷﺮﻗﯿﺎ وﺑﺎﺑﺎ ﻏﺮﺑﯿﺎ ،ﻓﺒﻠﻐﺖ ﺑﮫ أﺳﺎس إﺑﺮاھﯿﻢ( .ﻓﺬﻟﻚ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ -ﻋﻠﻰ ھﺪﻣﮫ .ﻗﺎل ﯾﺰﯾﺪ وﺷﮭﺪت اﺑﻦ اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻣﺎ ﺣﯿﻦ ھﺪﻣﮫ وﺑﻨﺎه وأدﺧﻞ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ،وﻗﺪ رأﯾﺖ أﺳﺎس إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ ااﻟﺴﻼم ﺣﺠﺎرة ﻛﺄﺳﻨﻤﺔ اﻹﺑﻞ .ﻗﺎل ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﮫ أﯾﻦ ﻣﻮﺿﻌﮫ ﻗﺎل أرﯾﻜﮫ اﻵن .ﻓﺪﺧﻠﺖ ﻣﻌﮫ اﻟﺤﺠﺮ ﻓﺄﺷﺎر إﻟﻰ ﻣﻜﺎن ﻓﻘﺎل ھﺎ ھﻨﺎ .ﻗﺎل ﺟﺮﯾﺮ ﻓﺤﺰرت ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ﺳﺘﺔ أذرع أو ﻧﺤﻮھﺎ .رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ا ﻗﺎﻟﺖ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ( ﯾﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻟﻮﻻ أن ﻗﻮﻣﻚ ﺣﺪﯾﺜﻮ ﻋﮭﺪ ﺑﺸﺮك ﻟﮭﺪﻣﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺄﻟﺰﻗﺘﮭﺎ ﺑﺎﻷرض وﺟﻌﻠﺖ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﯿﻦ ﺑﺎﺑﺎ ﺷﺮﻗﯿﺎ وﺑﺎﺑﺎ ﻏﺮﺑﯿﺎ وزدت ﻓﯿﮭﺎ ﺳﺘﺔ أذرع ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ ﻓﺈن ﻗﺮﯾﺸﺎ اﻗﺘﺼﺮﺗﮭﺎ ﺣﯿﺚ ﺑﻨﺖ اﻟﻜﻌﺒﺔ( ،وﻓﻲ رواﯾﮫ )ﺧﻤﺲ أذرع( .رواه ﻣﺴﻠﻢ.ىﻮﻓﻲ رواﯾﮫ )ﻗﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﻊ أذرع(.أﺧﺮﺟﮫ ﻣﺴﻠﻢ وﻋﻦ اﻻﺳﻮد ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ ،ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ،ا ،ﻗﺎﻟﺖ :ﺳﺎﻟﺖ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻦ اﻟﺠﺪر اﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ھﻮ ؟ ﻗﺎل ) :ﻧﻌﻢ( .ﻗﻠﺖ :ﻓﻤﺎ ﻟﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺪﺧﻠﻮه ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ ؟ ﻗﺎل ) :ان ﻗﻮﻣﻚ ﻗﺼﺮت ﺑﮭﻢ اﻟﻨﻔﻘﺔ ،ﻗﻠﺖ :ﻓﻤﺎ ﺷﺎن ﺑﺎﺑﮫ ﻣﺮﺗﻔﻌﺎ ؟ ﻗﺎل :ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻗﻮﻣﻚ ﻟﯿﺪﺧﻠﻮا ﻣﻦ ﺷﺎؤوا وﯾﻤﻨﻌﻮا ﻣﻦ ﺷﺎؤوا ،وﻟﻮﻻ ان ﻗﻮﻣﻚ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﮭﺪھﻢ ﺑﺎﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻓﺎﺧﺎف ان ﺗﻨﻜﺮ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ ان ادﺧﻞ اﻟﺠﺪر ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ وان اﻟﺼﻖ ﺑﺎﺑﮫ ﺑﺎﻷرض(.رواه ﻣﺴﻠﻢ وﻋﻠﯿﮫ ﻓﻤﻦ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﯾُﻌﻠﻢ أن اﻟﺤِﺠْﺮ ﻟﯿﺲ ﻛﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ،ﺑﻞ ﻣﻨﮫ ﻣﺎ ﯾﺴﺎوي ﺧﻤﺴﺔ أذرع أو ﺳﺘﺔ أذرع أو ﺳﺒﻌﺔ أذرع ،وﻛﻞ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺎت ﺻﺤﯿﺤﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ، وﻻ ﺗﻌﺎرض ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻓﺈن اﻷﻗﻞ داﺧﻞ ﻓﻲ اﻷﻛﺜﺮ.
57
ذرﻋﮫ اﻷزرﻗﻲ واﺑﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﻘﺎل اﻷزرﻗﻲ :ﻋﺮﺿﮫ ﻣﻦ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ذرع اﻟﺤِﺠْﺮ
اﻟﻤﯿﺰاب إﻟﻰ ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ذراﻋًﺎ وﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﺻﺎﺑﻊ وذرع ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺑﺎﺑﻲ اﻟﺤﺠﺮ ﻋﺸﺮون ذراﻋًﺎ وﻋﺮﺿﮫ اﺛﻨﺎن وﻋﺸﺮون ذراﻋًﺎ ،وذرع اﻟﺠﺪار ﻣﻦ داﺧﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ذراع وأرﺑﻊ ﻋﺸﺮة أﺻﺒﻌًﺎ ،وذرﻋﮫ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﻤﻘﺎم ذراع وﻋﺸﺮ أﺻﺎﺑﻊ ،وذرع ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ذراع وﻋﺸﺮون أﺻﺒﻌًﺎ، وذرع ﻃﻮل اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ ﺧﺎرج ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺸﺎﻣﻲ ذراع وﺳﺖ ﻋﺸﺮة أﺻﺒﻌًﺎ، وﻃﻮﻟﮫ ﻣﻦ وﺳﻄﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ذراﻋﺎن وﺛﻼث أﺻﺎﺑﻊ ،وﻋﺮض اﻟﺠﺪار ذراﻋﺎن إﻻ أﺻﺒﻌﯿﻦ ،وذرع ﺑﺎب اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﻤﺸﺮق ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻤﻘﺎم ﺧﻤﺲ أذرع وﺛﻼث أﺻﺎﺑﻊ ،وذرع ﺑﺎب اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي ﯾﻠﻲ اﻟﻤﻐﺮب ﺳﺒﻊ أذرع ،وذرع ﺗﺪوﯾﺮ اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ داﺧﻠﮫ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ وﺛﻼﺛﻮن ذراﻋًﺎ ،وذرع ﺗﺪوﯾﺮ اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ ﺧﺎرج أرﺑﻌﻮن ذراﻋًﺎ وﺳﺖ أﺻﺎﺑﻊ. وذرﻋﮫ اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻓﻘﺎل :وﻗﺪ ﺣﺮرﻧﺎ أﻣﻮرًا ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ ،ﻓﻜﺎن ﻣﺎ ﺑﯿﻦ وﺳﻂ ﺟﺪر اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ اﻟﻤﯿﺰاب إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺑﻠﮫ ﻣﻦ ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ذراﻋًﺎ ،وﻛﺎن ﻋﺮض ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ وﺳﻄﮫ ذراﻋﯿﻦ ورﺑﻌًﺎ ،وﺳﻌﺔ ﻓﺘﺤﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ﺧﻤﺴﺔ أذرع ،وﻛﺬﻟﻚ ﺳﻌﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﺑﺰﯾﺎدة ﻗﯿﺮاط ،وﺳﻌﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺘﺤﺘﯿﻦ ﻣﻦ داﺧﻞ اﻟﺤﺠﺮ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ذراﻋًﺎ وﻗﯿﺮاﻃﺎن ،وارﺗﻔﺎع ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ داﺧﻠﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ذراﻋﺎن إﻻ ﻗﯿﺮاﻃًﺎ ،وﻣﻦ ﺧﺎرﺟﮫ ﻋﻨﺪھﺎ ذراﻋﺎن وﻗﯿﺮاﻃﺎن ،وارﺗﻔﺎع ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ داﺧﻠﮫ وﻣﻦ وﺳﻄﮫ ذراﻋﺎن إﻻ ﺛﻠﺜًﺎ ،وﻓﻲ ﺧﺎرﺟﮫ ذراﻋﺎن وﻗﯿﺮاﻃﺎن ،وارﺗﻔﺎع ﺟﺪر اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ داﺧﻠﮫ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ذراﻋﺎن إﻻ ﻗﯿﺮاﻃًﺎ ،وﻣﻦ ﺧﺎرﺟﮫ ﻋﻨﺪھﺎ ذراﻋﺎن وﺛﻤﻦ ذراع ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺬراع اﻟﺤﺪﯾﺪ. وذَرَﻋﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ رﻓﻌﺖ ﺑﺎﺷﺎ ﻓﻘﺎل :ارﺗﻔﺎﻋﮫ 1.31م ،وﻋﺮض ﺟﺪاره ﻣﻦ اﻷﻋﻠﻰ 1.52م وﻣﻦ أﺳﻔﻞ 1.44م ،وﺳﻌﺔ اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﮫ اﻟﺸﺮﻗﻲ إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﺸﺎذروان 2.30م ،وﺳﻌﺔ اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﮫ اﻟﻐﺮﺑﻲ وﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺸﺎذروان 2.33م ،واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ ﻃﺮﻓﻲ ﻧﺼﻒ اﻟﺪاﺋﺮة 8م ،ووراء اﻟﺤﻄﯿﻢ ﺑﻤﺴﺎﻓﺔ 12م اﻟﻤﻄﺎف ،واﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ووﺳﻂ ﺗﺠﻮﯾﻒ اﻟﺤﻄﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ 8.44م .وأﻣﺎ ذرع اﻟﺤِﺠْﺮ ﺑﺎﻟﻤﺘﺮ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ :ﻓﻄﻮﻟﮫ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﺘﺪوﯾﺮة ﻣﻦ ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺪاﺧﻠﻲ إﻟﻰ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻲ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ) (8.46.5 ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻣﺘﺎر وﺳﺘﺔ وأرﺑﻌﻮن وﻧﺼﻒ ﺳﻨﺘﯿﻤﺘﺮ. ﻗﺎل اﺑﻦ ﻓﮭﺪ ﻓﻲ ﺣﻮادث ﺳﻨﺔ 140ھـ :وﻓﯿﮭﺎ رﺧﻢ اﻟﺤِﺠْﺮ ﺑﺄﻣﺮ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ
ﻋﻤﺎرة اﻟ ﺤِﺠْﺮ
اﻟﻤﻨﺼﻮر ،وھﻮ أول ﻣﻦ رﺧﻤﮫ .وذﻛﺮ اﻷزرﻗﻲ « أن أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮراﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻟﻤﺎ ﺣﺞ ،دﻋﺎ زﯾﺎد ﺑﻦ ﻋﺒﯿﺪ اﷲ اﻟﺤﺎرﺛﻲ أﻣﯿﺮ ﻣﻜﺔ ،ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ رأﯾﺖ اﻟﺤِﺠْﺮ ﺣﺠﺎرﺗﮫ 58
ﺑﺎدﯾﺔ ،ﻓﻼ أﺻﺒﺤﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺴﺘﺮ ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎم .ﻓﺪﻋﺎ زﯾﺎد ﺑﺎﻟﻌﻤﺎل ،ﻓﻌﻤﻠﻮه ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮج ﻗﺒﻞ أن ﯾﺼﺒﺢ ،وﻛﺎن ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻣﺒﻨﯿًّﺎ ﺑﺤﺠﺎرة ﺑﺎدﯾﺔ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﮫ رﺧﺎم .ﺛﻢ ﻛﺎن اﻟﻤﮭﺪي ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺟﺪد رﺧﺎﻣﮫ ،اھـ .وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﺎم 161ھـ ﻋﺎم زاد اﻟﻤﮭﺪي ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام زﯾﺎدﺗﮫ اﻷوﻟﻰ. وﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺰاﻋﻲ :أﻧﺎ أدرﻛﺖ ھﺬا اﻟﺮﺧﺎم اﻟﺬي ﻋﻤﻠﮫ ،وﻛﺎن رﺧﺎﻣًﺎ أﺑﯿﺾ ،وأﺧﻀﺮ ،وأﺣﻤﺮ ،وﻛﺎن ﻣﺰوﯾًﺎ وﺷﻮاﺑﯿﺮ ﺻﻐﺎرًا ،وﻣﺪاﺧﻼً ﺑﻌﻀﮫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ، أﺣﺴﻦ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ .ﺛﻢ ﺗﻜﺴﺮ ﻓﺠﺪده أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ داود ﺑﻦ ﻋﯿﺴﻰ ،وھﻮ أﻣﯿﺮ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 241ھـ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ .ﺛﻢ ﺟﺪد ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 283ھـ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ .ﺛﻢ ﻋﻤﺮه اﻟﻮزﯾﺮ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺠﻮاد ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﺸﺮ اﻟﺨﻤﺴﯿﻦ وﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ .وﻋﻤﺮ أﯾﻀًﺎ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 575ھـ ،ﺛﻢ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻨﺼﺮ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،ﺛﻢ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻈﻔﺮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﯿﻤﻦ. وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﻼوون .ﻗﺎل اﻟﻔﺎﺳﻲ :وﻓﻲ اﻟﺮﺧﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻤﺎرة اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ أن ذﻟﻚ ﺳﻨﺔ 720ھـ .ﺛﻢ ﻋﻤﺮ أﯾﻀًﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻷﺷﺮف ﺷﻌﺒﺎن ﺑﻦ ﺣﺴﯿﻦ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 781ھـ .ﺛﻢ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 801ھـ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺎرة اﻟﺘﻲ أﻣﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻈﺎھﺮ ﺑﺮﻗﻮق .ﺛﻢ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 822ﻓﻲ رﺟﺐ وﺷﻌﺒﺎن ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ رﺧﺎﻣﮫ ،ﻋﻤﺎرة ﺟﯿﺪة ﺑﺎﻟﺠﺒﺲ ؛ ﻟﺘﺪاﻋﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺴﻘﻮط، وﻛﺎن ﻏﺎﻟﺐ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﺪار اﻟﺤﺠﺮ ،ﺑﯿﺪ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻋﻼء اﻟﺪﯾﻦ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮه اﺑﻦ ﻓﮭﺪ. ﺛﻢ ﻋﻤﺮ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ رﺧﺎﻣﮫ ﻓﻲ ﺟﺪاره ﻓﻲ ﻇﺎھﺮه وﺑﺎﻃﻨﮫ وأﻋﻼه ،وﻓﻲ أرض اﻟﺤِﺠْﺮ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺮم ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 826ھـ ﻋﻤﺎرة ﺣﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺠﺺ .ذﻛﺮ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ اﻟﻔﺎﺳﻲ ،وﻗﺎل ﺑﻌﺪه :وﻗﺪ ﺧﻔﻲ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺷﻲء ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺧﺒﺮ ﻋﻤﺎرة اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ دوﻟﺔ اﻟﻤﻌﺘﻀﺪ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ إﻟﻰ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺒﻌﺪ أن ﯾﺨﻠﻮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻄﻮﯾﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة. وذﻛﺮ اﺑﻦ ﻓﮭﺪ ﻓﻲ ﺣﻮادث ﺳﻨﺔ 838ھـ أن ﺳﻮدون اﻟﻤﺤﻤﺪي ﺟﺎءه ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺳﺘﻮن ذراﻋًﺎ رﺧﺎﻣًﺎ ﻟﻤﺮﻣﺮة اﻟﺤﺠﺮ ،ﻓﻌﻤﺮه .وﻋﻤﺮه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺟﻘﻤﻖ ﺳﻨﺔ 843ھـ . وﻗﺎﯾﺘﺒﺎي ﺳﻨﺔ 880ھـ .وﻗﺎل اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ اﻷرج اﻟﻤﺴﻜﻲ :ﻗﺪ ﻋﻤﺮ اﻟﺤﺠﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﻮك اﻟﺠﺮاﻛﺴﺔ ﻣﻨﮭﻢ أﺑﻮ اﻟﻨﺼﺮ ﻗﺎﻧﺼﻮه اﻟﻐﻮري ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 917ھـ وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﺎرﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺮﺗﯿﻦ .وﻋﻤﺮه ﻣﻦ ﻣﻠﻮك آل ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎن ﺑﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد ﺧﺎن .وﻋﻤﺮه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد ﺧﺎن ﺑﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن أﺣﻤﺪ ﺧﺎن. وﻗﺎل ﺑﻌﻀﮭﻢ :إﻧﮫ ﻋﻤﺮه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺳﻨﺔ 940ھـ .وﻗﺎل اﻟﺴﻨﺠﺎري : وﻣﻤﻦ ﺟﺪد اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮادﺧﺎن ،وھﻮ أول ﻣﻦ ﺟﺪد ﻣﻦ آل ﻋﺜﻤﺎن ،وذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺑﻨﻰ اﻟﺸﻖ اﻟﺸﺎﻣﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ 10رﻣﻀﺎن ﺳﻨﺔ 1040ھـ .وﻗﺎل اﻟﺒﻌﺾ : 59
إﻧﮫ ﻋﻤﺮه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎن ﺳﻨﺔ 1073ھـ .وﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﺤﺼﯿﻞ اﻟﻤﺮام:وﻣﻤﻦ ﻋﻤﺮه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ ﺧﺎن ﺳﻨﺔ 1260ھـ .ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ﻋﻤﺎرة اﻟﺤِﺠْﺮ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﺎﺳﻼﻣﺔ. وﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺴﻌﻮدي اﻟﺰاھﺮ ﻋﻤﺮ اﻟﺤِﺠْﺮ ﺳﻨﺔ 1397ھـ ﺗﻌﻤﯿﺮًا ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺠﻤﺎل واﻹﺗﻘﺎن ،وﻓﺮﺷﺖ أر ﺿﮫ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ اﻟﺒﺎرد اﻟﺬي ﺟﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﯿﻮﻧﺎن ،ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ أرض اﻟﻤﻄﺎف ،وﺟﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺪاره ﺛﻼﺛﺔ ﻓﻮاﻧﯿﺲ ﻣﻌﺪﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺠﻤﺎل ،ﺗﻀﺎء ﺑﺎﻟﻜﮭﺮﺑﺎء .وﻓﻲ ﺳﻨﺔ1417ھـ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺬي ﺗﻢ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﺗﻢ إزاﻟﺔ اﻟﺮﺧﺎم اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻟﺠﺪران وأرﺿﯿﺔ اﻟﺤﺠﺮ ،واﺳﺘﺒﺪاﻟﮫ ﺑﺮﺧﺎم ﺟﺪﯾﺪ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﻨﻈﯿﻒ اﻟﻔﻮاﻧﯿﺲ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪران وإﻋﺎدﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وﺗﻢ ﻋﻤﻞ ﺣﺎﺟﺰ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺎل ﻟﻤﺪﺧﻞ اﻟﺤﺠﺮ ﻣﺘﯿﻦ اﻟﻘﻮام ،ﻣﻨﻤﻖ اﻟﺸﻜﻞ ﯾﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺤﺠﺮ وﺗﻌﻈﯿﻤﮫ ،وﯾﻔﺘﺢ اﻟﺤﺎﺟﺰ ﺑﺼﻮرة داﺋﻤﺔ ،وﯾﻐﻠﻖ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻘﻂ.
ﺳﺎدﺳﺎ :ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم: ھﻮ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻘﻒ ﻋﻠﯿﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻓﺎﻟﺮواﯾﺔ ﺗﻘﻮل اﻧﮫ ﻋﻨﺪﻣﺎ ارﺗﻔﻊ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻋﻦ ﻗﺎﻣﺘﮫ، ﻓﻮﺿﻌﮫ ﻟﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻟﯿﻘﻒ ﻋﻠﯿﮫ وھﻮ ﯾﺮﻓﻊ اﻟﺤﺠﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺄﻧﻄﺒﻊ اﺛﺮ ﻗﺪﻣﯿﻦ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺎﺋﺮ ،وﺑﻘﻲ ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ ﻣﻠﺼﻘﺎ ﺑﺤﺎﺋﻂ اﻟﻜﻌﺒﺔ إﻟﻰ أﯾﺎم ﻋﮭﺪ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﺣﯿﺚ أﺧﺮه ﻋﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﺑﻀﻌﮫ اﻣﺘﺎر ﻟﺌﻼ ﯾﺸﻐﻞ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ وﺟﻤﻮع اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ ﺣﻮل اﻟﺒﯿﺖ ،وﻣﺎ ﺗﺰال أﺛﺮ ﻗﺪم إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﺑﺎﻗﯿﺔ ﻋﻠﯿﮫ إﻟﻰ اﻵن وﻗﺪ اﺣﯿﻂ ﺑﻐﻄﺎء زﺟﺎﺟﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻏﻄﺎء ﻣﺬھﺐ ﻟﺤﻤﺎﯾﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮات اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﮫ.وﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ":وﻛﺎﻧﺖ آﺛﺎر ﻗﺪﻣﯿﮫ ﻇﺎھﺮة ﻓﯿﮫ وﻟﻢ ﯾﺰل ھﺬا ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﺗﻌﺮﻓﮫ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺟﺎھﻠﯿﺘﮭﺎ ،وﻗﺪ أدرك اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ذﻟﻚ ﻓﯿﮫ أﯾﻀﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ :رأﯾﺖ اﻟﻤﻘﺎم ﻓﯿﮫ أﺻﺎﺑﻌﮫ وأﺧﻤﺺ ﻗﺪﻣﯿﮫ.ﻏﯿﺮ أﻧﮫ أذھﺒﮫ ﻣﺴﺢ اﻟﻨﺎس ﺑﺄﯾﺪﯾﮭﻢ،واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻟﮫ.
60
ﺟﺪول) (10ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻟﻤﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﻤﻘﺎم
اﻟﻮﺻﻒ وھﻮ ذﻟﻚ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻨﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻛﺎن إﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﯾﻨﺎوﻟﮫ اﻟﺤﺠﺎرة وﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﻤﻠﺖ ﺟﮭﺔ أﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺠﮭﺔ اﻷﺧﺮى ﯾﻄﻮف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ وھﻮ واﻗﻒ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﮭﻰ إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟﺒﯿﺖ وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰات اﷲ ﻹﺑﺮاھﯿﻢ أن ﺻﺎر اﻟﺤﺠﺮ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﯿﮫِ رﻃﺒﺎً ﻓﻐﺎﺻﺖ ﻓﯿﮫ ﻗﺪﻣﺎه وﻗﺪ ﺑﻘﻲ أﺛﺮ ﻗﺪﻣﯿﮫِ ﻇﺎھﺮاً ﻓﯿﮫ.
ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ -أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻮه ﺑﺬﻛﺮه ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ آﯾﺎﺗﮫ اﻟﺒﯿﻨﺎت ،ﻓﻘﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ):ﻓِﯿﮫِ آﯾَﺎتٌ ﺑَﯿِّـﻨَﺎتٌ ﻣَّﻘَﺎمُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَﻣَﻦ دَﺧَﻠَﮫُ ﻛَﺎنَ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم:
آﻣِﻨًﺎ وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨَّﺎسِ ﺣِﺞُّ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنَّ اﷲ ﻏَﻨِﻲٌّ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›) ﴾‹97ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان.(97، ﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻵﯾﺔ ﴿ :إِنَّ أَوَّلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨَّﺎسِ ﻟَﻠَّﺬِي ﺑِﺒَﻜَّﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِّﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›‹96ﻓِﯿﮫِآﯾَﺎتٌ ﺑَﯿِّـﻨَﺎتٌ ﻣَّﻘَﺎمُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَﻣَﻦ دَﺧَﻠَﮫُ ﻛَﺎنَ آﻣِﻨًﺎ وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨَّﺎسِ ﺣِﺞُّ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنَّ اﷲ ﻏَﻨِﻲٌّ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›) ﴾‹97ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان .(97-96،إن أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ﻣﺒﺎرﻛًﺎ وھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،ﻟﻠﺬي ﺑﺒﻜﺔ ﻓﯿﮫ ﻋﻼﻣﺎت ﺑﯿﻨﺎت ﻣﻦ ﻗﺪر اﷲ وآﺛﺎر ﺧﻠﯿﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ،ﻣﻨﮭﻦ أﺛﺮ ﻗﺪم ﺧﻠﯿﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ - ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﻓﻲ اﻟﺤَﺠَﺮ اﻟﺬي ﻗﺎم ﻋﻠﯿﮫ. أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻣﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺑﺎﺗﺨﺎذه ﻣﺼﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ :وَإِ ْذ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ اﻟْﺒَﯿْﺖَﻣَﺜَﺎﺑَﺔً ﻟِّﻠﻨَّﺎسِ وَأَﻣْﻨﺎً وَاﺗَّﺨِﺬُواْ ﻣِﻦ ﻣَّﻘَﺎمِ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ ﻣُﺼَﻠًّﻰ وَﻋَﮭِﺪْﻧَﺎ إِﻟَﻰ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَإِﺳْﻤَﺎﻋِﯿﻞَ أَن ﻃَﮭِّﺮَا ﺑَﯿْﺘِﻲَ ﻟِﻠﻄَّﺎﺋِﻔِﯿﻦَ وَاﻟْﻌَﺎﻛِﻔِﯿﻦَ وَاﻟﺮُّﻛَّﻊِ اﻟﺴُّﺠُﻮدِ﴾ )ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ(125: أﻧﮫ ﯾﺎﻗﻮﺗﺔ ﻣﻦ ﯾﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺠﻨﺔ ،ﻓﻘﺪ روى اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ واﻟﺘﺮﻣﺬي واﺑﻦ ﺧﺰﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﺣﺒﺎن واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ أﻧﮫ ﻗﺎل :أﻧﺸﺪ ﺑﺎﷲ ﺛﻼﺛًﺎ ووﺿﻊ أﺻﺒﻌﮫ ﻓﻲ أذﻧﯿﮫ ،ﻟﺴﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وھﻮ ﯾﻘﻮل » :إن اﻟﺮﻛﻦ واﻟﻤﻘﺎم ﯾﺎﻗﻮﺗﺘﺎن ﻣﻦ ﯾﺎﻗﻮت اﻟﺠﻨﺔ ،ﻃﻤﺲ اﷲ ﻧﻮرھﻤﺎ ،وﻟﻮﻻ أن اﷲ ﻃﻤﺲ ﻧﻮرھﻤﺎ ﻷﺿﺎءﺗﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب أن إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وﻗﻒ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻤﺎ أﻣﺮه اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وأذن ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺤﺞ .ﻓﻘﺪ روى اﻟﻔﺎﻛﮭﻲ ﻋﻦاﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ » : -ﻟﻤﺎ ﻓﺮغ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﺑﻨﺎء اﻟﺒﯿﺖ أﻣﺮه اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﯾﻨﺎدي ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ،ﻓﻘﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎم ،ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إن رﺑﻜﻢ ﻗﺪ ﺑﻨﻰ ﺑﯿﺘًﺎ ﻓﺤﺠﻮه ،وأﺟﯿﺒﻮا اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻮه ﻓﻲ أﺻﻼب اﻟﺮﺟﺎل وأرﺣﺎم اﻟﻨﺴﺎء :أﺟﺒﻨﺎك ،أﺟﺒﻨﺎك ، أﺟﺒﻨﺎك ،اﻟﻠﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ ،ﻗﺎل :ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﺞ اﻟﯿﻮم ﻓﮭﻮ ﻣﻤﻦ أﺟﺎب إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻟﺒﻰ « وﺻﺤﺢ إﺳﻨﺎده اﺑﻦ ﺣﺠﺮ.
ﺻﻔﺔ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﺣﺠﺮ رﺧْﻮ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺣﺠﺮ اﻟﻤﺎء ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺼﻮان ،وھﻮ ﻣﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻹﺟﻤﺎل ،وﻣﺴﺎﺣﺘﮫ 61
ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم
ذراع ﯾﺪ ﻓﻲ ذراع ﯾﺪ ﻃﻮﻻً وﻋﺮﺿًﺎ وارﺗﻔﺎﻋًﺎ ،أو ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﯿﻦ ﺳﻨﺘﯿﻤﺘﺮ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﮭﺎ ﻃﻮﻻً وﻋﺮﺿًﺎ وارﺗﻔﺎﻋًﺎ ،وﻓﻲ وﺳﻄﮫ أﺛﺮ ﻗﺪﻣﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ، -وھﻲ ﺣﻔﺮﺗﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺑﯿﻀﻮي ﻣﺴﺘﻄﯿﻞ ،وﻗﺪ ﺣﻔﺮھﻤﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﻤﺴﺢ اﻷﯾﺪي ووﺿﻊ ﻣﺎء زﻣﺰم ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺮات ﻋﺪﯾﺪة ،ﻓﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة ﻣﺮور اﻷﯾﺪي ﻓﻲ أﺛﺮ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ واﺳﺘﺒﺪال ﻣﻮﺿﻌﮭﻤﺎ ﺣﻔﺮﺗﺎن ،ﻛﻤﺎ دل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﺮواﯾﺎت .وﻗﺪ رأﯾﺖ ﺣَﺠَﺮ اﻟﻤﻘﺎم ﺑﻌﯿﻨﻲ ﺳﻨﺔ ) 1332ھـ( ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ رﺋﯿﺲ اﻟﺴﺪﻧﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﯿﺒﻲ ، ﻓﻮﺟﺪﺗﮫ ﻣﺼﻔﺤًﺎ ﺑﺎﻟﻔﻀﺔ ،وھﻮ ﻣﻮﺿﻮع ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ،وﺷﻜﻠﮫ ﻣﺮﺑﻊ ﻛﻤﺎ وﺻﻔﺘﮫ ،وﻟﻮﻧﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﺒﯿﺎض واﻟﺴﻮاد واﻟﺼﻔﺮة ،ورأﯾﺖ أﺛﺮ اﻟﻘﺪﻣﯿﻦ
ﺗﺤﺮﯾﻚ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻛﺎن ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﻣﻼﺻﻘًﺎ ﻟﺠﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،واﺳﺘﻤﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ وﻋﮭﺪ ﻋﻠﯿﮫ
اﻟﺴﻼم
ﻣﻜﺎﻧﮫ
ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ، -وﻋﮭﺪ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ ،وإﻧﻤﺎ أﺧﺮه ﻋﻦ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﺮاﺷﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ .روى اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ » :إن اﻟﻤﻘﺎم ﻛﺎن زﻣﺎن رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وزﻣﺎن أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻣﻠﺘﺼﻘًﺎ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،ﺛﻢ أﺧﺮه ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﻘﺎم ﻣﻠﺼﻘًﺎ ﺑﺠﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻗﺪﯾﻤًﺎ ،إﻟﻰ أن أﺧﺮه ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ھﻮ ﻓﯿﮫ اﻵن ،وﻟﻢ ﯾﻨﻜﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ وﻻ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻌﺪھﻢ ،ﻓﺼﺎر إﺟﻤﺎﻋًﺎ ،وﻛﺎن ﻋﻤﺮ رأى أن إﺑﻘﺎءه ﯾﻠﺰم ﻣﻨﮫ اﻟﺘﻀﯿﯿﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ أو ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ ،ﻓﻮﺿﻌﮫ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﯾﺮﺗﻔﻊ ﺑﮫ اﻟﺤﺮج ،وﺗﮭﯿﺄ ﻟﮫ ذﻟﻚ ،ﻷﻧﮫ اﻟﺬي أﺷﺎر ﺑﺎﺗﺨﺎذه ﻣﺼﻠﻰ ،وأول ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻘﺼﻮرة اﻵن » . ﺑﯿﺪ أن اﻟﺴﯿﻮل ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﺴﯿﻮل رﺑﻤﺎ دﻓﻌﺖ اﻟﻤﻘﺎم ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻌﮫ ،ورﺑﻤﺎ ﻧﺤﺘﮫ إﻟﻰ وﺟﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻣﻦ ھﺬه اﻟﺴﯿﻮل ﺳﯿﻞ ﯾﻘﺎل ﻟﮫ :ﺳﯿﻞ أم ﻧﮭﺸﻞ ،ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﺮك اﻟﻤﻘﺎم ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻌﮫ اﻟﺬي وﺿﻌﮫ ﻓﯿﮫ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ .ﻓﺠﺎء ﻋﻤﺮ وردﱠه إﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﺬي ﺗﺤﻮل ﻋﻨﮫ .
ﻋﻤﺎرة اﻟﻤﻘﺎم
ﻛﺎن ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻣﺤﺎﻃًﺎ ﺑﺎﻻھﺘﻤﺎم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺨﻠﻔﺎء واﻟﻤﻠﻮك واﻟﺤﻜﺎم واﻷﻣﺮاء ،ﻓﻜﺎن أول ﻣﻦ ﺣﻼه اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻤﮭﺪي ﺳﻨﺔ 160ھـ ،ﺣﯿﺚ ﺑﻌﺚ ﺑﺄﻟﻒ دﯾﻨﺎر ؛ ﻟﺘﻀﺒﯿﺐ اﻟﻤﻘﺎم ﺑﺎﻟﺬھﺐ. وﻓﻲ ﻋﮭﺪ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺳﻨﺔ 236ھـ ،ﺟﻌﻞ ذھﺒًﺎ ﻓﻮق اﻟﺬھﺐ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﮫ ﻋﻤﻼ . وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 251ھـ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻤﺘﻮﻛﻞ .وﻓﻲ ﺳﻨﺔ 256ھـ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ. ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻛﺎن ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﺸﺐ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﻋﻤﺪة دﻗﺎق ،ﺣﺠﺎرة ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ أرﺑﻌﺔ ﺷﺒﺎﺑﯿﻚ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺎم ،واﻟﻘﺒﺔ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻤﻘﺎم ﻣﻨﻘﻮﺷﺔ ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺬھﺐ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﺒﯿﻀﺔ ﺑﺎﻟﻨﻮرة ،وأﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻤﺼﻠﻰ اﻵن ﻓﺈﻧﮫ ﺳﺎﺑﺎط ﻣﺰﺧﺮف ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ أﻋﻤﺪة ،ﻓﮭﻤﺎ ﻋﻤﻮدان ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﻘﺒﺔ ،وھﻮ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﮭﺎ ،وھﻮ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻷرض ﻣﻨﻘﻮش ﻣﺰﺧﺮف ﺑﺎﻟﺬھﺐ ،وﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﺒﯿﺾ ﻣﻨﻮر ،وأﺣﺪث وﻗﺖ ﺻﻨﻊ ﻓﯿﮫ ذﻟﻚ ﺷﮭﺮ رﺟﺐ ﺳﻨﺔ ﻋﺸﺮ وﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ، واﺳﻢ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﺮج ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﯾﺎر اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ واﻟﺸﺎﻣﯿﺔ ﻣﻜﺘﻮب ﻓﯿﮫ ﺑﺴﺒﺐ ھﺬه اﻟﻌﻤﺎرة ،واﺳﻢ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﻼوون اﻟﺼﺎﻟﺤﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺼﺮ ﻣﻜﺘﻮب ﻓﻲ اﻟﺸﺒﺎك اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻟﺴﺒﺐ ﻋﻤﺎرﺗﮫ ﻟﮫ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺛﻤﺎن وﻋﺸﺮﯾﻦ وﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ،واﻟﻤﻘﺎم ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎﺑﯿﻚ اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻓﻲ ﻗﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺪ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻷرض ﺑﺮﺻﺎص ﻣﺼﺒﻮب ،ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﺎع ﻗﻠﻊ اﻟﻘﺒﺔ اﻟﺤﺪﯾﺪ اﻟﺘﻲ ﻓﻮﻗﮫ إﻻ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎول وﺷﺒﮭﮭﺎ. 62
وﺟﺮت اﻟﻌﺎدة ﻣﻦ زﻣﻦ ﺳﻼﻃﯿﻦ آل ﻋﺜﻤﺎن ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻌﻤﻞ ﻛﺴﻮة اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﻌﻈﻤﺔ أﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻜﺴﻮن ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻜﺴﻮة ﺳﻮداء ﻣﻄﺮزة ﺑﺄﺳﻼك اﻟﻔﻀﺔ اﻟﻤﻤﻮھﺔ ﺑﺎﻟﺬھﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺳﺘﺎرة ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﺤﺰام ، وﺗﻮﺿﻊ ھﺬه اﻟﻜﺴﻮة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎﺑﻮت اﻟﺨﺸﺒﻲ اﻟﺬي ھﻮ داﺧﻞ اﻟﺸﺒﺎك اﻟﺤﺪﯾﺪ ﻓﻮق ﺣﺠﺮ اﻟﻤﻘﺎم. وﺑﻘﻲ اﻟﻤﻘﺎم ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺘﮫ اﻷﺧﯿﺮة إﻟﻰ ﺳﻨﺔ )1387ھـ( ﺣﯿﺚ ﺗﻢ إزاﻟﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮫ وﺟﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﻏﻄﺎء ﺑﻠﻮري. ﻓﻔﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ رﺣﻤﮫ اﷲ ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك آراء ﺑﻨﻘﻞ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ؛ ﻟﯿﺤﺼﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ ،وﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك آراء ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﻌﺪم ﻧﻘﻠﮫ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﮫ ،ﻓﺄﺣﯿﻠﺖ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﺄﺳﯿﺴﻲ ﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،اﻟﺬي راى ﺗﻔﺎدﯾًﺎ ﻟﺨﻄﺮ اﻟﺰﺣﺎم أﯾﺎم ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ ،وﺣﺮﺻًﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرواح اﻟﺒﺮﯾﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺬھﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺗﺤﺖ أﻗﺪام اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﻦ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﯾﻨﺎﻓﻲ ﺳﻤﺎﺣﺔ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ وﯾﺴﺮھﺎ ،وﻋﺪم ﺗﻜﻠﯿﻔﮭﺎ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮭﺎ ،ﯾﻘﺮر اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺮوع اﻵﺗﻲ ورﻓﻌﮫ إﻟﻰ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ. وﺗﺤﻘﯿﻘًﺎ ﻟﻠﻘﺮار ھﺪم اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎم ،وﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﻏﻄﺎء ﻣﻘﺒﺐ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻮر اﻟﺸﻔﺎف اﻟﺜﻤﯿﻦ )ﻛﺮﯾﺴﺘﺎل( ؛ ﻟﯿﺴﮭﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮫ رؤﯾﺔ ﺣَﺠَﺮ اﻟﻤﻘﺎم وآﺛﺎر ﻗﺪﻣﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم .وﻗﺪ ﻏﻠﻒ اﻟﻐﻄﺎء اﻟﺒﻠﻮري ﺑﺸﺒﻜﺔ ﻣﻌﺪﻧﯿﺔ ﻣﺬھﺒﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻗﺒﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ ﺻﻐﯿﺮة وھﻼﻻً ﻓﻲ أﻋﻼه .وﻗﺎﻋﺪة اﻟﻤﻘﺎم ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﺑﯿﻀﺎوي ﻣﻦ اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﺔ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻣﻜﺴﻮة ﺑﺎﻟﺮﺧﺎم اﻷﺳﻮد ﻓﻲ ﻣﺘﺮﯾﻦ ﻣﺮﺑﻌًﺎ .وھﻮ اﻟﻤﺸﺎھﺪ اﻟﯿﻮم ،ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻢ ﯾﺘﺤﻮل ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﮫ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﯿﮫ ،ﻣﻨﺬ ﻋﮭﺪ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﺮاﺷﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ .وﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﯾﻮم اﻟﺴﺒﺖ 18رﺟﺐ 1387ھـ أزاح اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ اﻟﻤﻘﺎم ﺑﻐﻄﺎﺋﮫ اﻟﺒﻠﻮري ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ رﺣﻤﮫ اﷲ .وﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﺧـﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭـﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ رﺣﻤﮫ اﷲ ﺗﻢ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ ﺗﺮﻣﯿﻢ ﻣﺤـﻞ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم .وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﺮﻣﯿﻢ ﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﮭﯿﻜﻞ اﻟﻤﻌﺪﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺮﻛﺒًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ﺑﮭﯿﻜﻞ آﺧﺮ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﻧﺤﺎس ذي ﺟﻮدة ﻋﺎﻟﯿﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺮﻛﯿﺐ ﺷﺒﻚ داﺧﻠﻲ ﻣﻄﻠﻲ ﺑﺎﻟﺬھﺐ ،وﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪال ﻛﺴﺎء اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺨﺮﺳﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎم اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﻨﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﻧﯿﺖ اﻷﺳﻮد ورﺧﺎم ﻣﻦ وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻘﺎﻋﺪة أﺧﺮى ،ﻣﺼﻨﻌﺔ ﻣﻦ رﺧﺎم ﻛﺮارة اﻷﺑﯿﺾ اﻟﺼﺎﻓﻲ ،واﻟﻤﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﺠﺮاﻧﯿﺖ اﻷﺧﻀﺮ ؛ ﻟﯿﻤﺎﺛﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﻜﻞ رﺧﺎم اﻟﺤِﺠِﺮ ،وﺷﻜﻞ اﻟﻐﻄﺎء اﻟﺒﻠﻮري ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺒﺔ ﻧﺼﻒ اﻟﻜﺮة ،ووزﻧﮫ ) (1.750ﻛﺠﻢ ،وارﺗﻔﺎﻋﮫ )(1.30م ،وﻗﻄﺮه ﻣﻦ اﻷﺳﻔﻞ ) (40ﺳﻢ ،وﺳﻤﻜﮫ ) (20ﺳﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺠﮭﺎت ، وﻗﻄﺮه ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ﻣﻦ أﺳﻔﻠﮫ ) (80ﺳﻢ ،وﻣﺤﯿﻂ داﺋﺮﺗﮫ ﻣﻦ أﺳﻔﻠﮫ )(2.51م. وﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﺤﻞ اﻟﻤﻘﺎم ﺑﻌﺪ ھﺬه اﻟﺘﺤﺴﯿﻨﺎت اﻧﺴﯿﺎﺑﯿًﺎ وﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻀﻠﻌًﺎ .وﻗﺪ ﺷﻤﻠﺖ اﻟﺘﺤﺴﯿﻨﺎت اﻟﮭﯿﻜﻞ واﻟﻘﺒﺔ واﻟﮭﻼل إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺨﺮﺳﺎﻧﯿﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻤﺖ ھﺬه اﻟﺘﺮﻣﯿﻤﺎت ﻣﻊ اﻟﺤﺮص اﻟﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺗﺤﺮﯾﻚ اﻟﻤﻘﺎم ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﮫ .
63
ﺳﺎﺑﻌﺎ:ﺳﻘﯿﺎ زﻣﺰم ﺗﻨﺒﻊ ﻣﯿﺎه زﻣﺰم اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ ﻣﻦ ﺑﺌﺮ ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻣﻨﺬ اﻵف اﻟﺴﻨﯿﻦ ،وھﻲ ﻣﯿﺎه ﻣﺒﺎرﻛﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﯾﮭﺪف ﻣﺸﺮوع اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻟﺴﻘﯿﺎ زﻣﺰم اﻟﺬي ﺑﺪء اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ 3 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2010م إﻟﻰ ﺗﺄﻣﯿﻦ ﻧﻘﺎوة ﻣﺎء زﻣﺰم واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﯿﮫ ،وﺗﻌﺒﺌﺘﮫ ﻓﻲ أوﻋﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة وﺗﻮزﯾﻊ ﻣﻼﯾﯿﻦ اﻟﻠﺘﺮات ﯾﻮﻣﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻤﻌﺘﻤﺮﯾﻦ.
ﺻﻮرة ﺣﺪﯾﺜﺔ ﻟﺒﺌﺮ زﻣﺰم
ﺻﻮرة ﻗﺪﯾﻤﺔ ﻟﺒﺌﺮ زﻣﺰم
وﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪ ھﺬا اﻟﻤﺸﺮوع اﻵﺗﻲ: اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ﻟﻤﯿﺎه زﻣﺰم وﺗﻮﻓﯿﺮھﺎ وﺗﻌﺒﺌﺘﮭﺎ وﻧﻘﻠﮭﺎ ﺑﻄﺮق آﻟﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﺠﻮدة . ﺗﻮﻓﯿﺮ ﺣﺎوﯾﺎت ذات ﻣﻌﺎﯾﯿﺮ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺨﺰﯾﻦ اﻟﻤﺘﻘﻦ ،ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﺤﺎوﯾﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻞ ﻣﺴﺘﻮى. ﺗﺴﮭﯿﻞ ﺗﻮزﯾﻊ وﻧﻘﻞ ﻣﯿﺎه زﻣﺰم دون ﻋﻨﺎء. ﺟﺪول) (11ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻟﺴﻘﯿﺎ زﻣﺰم ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﯿﺘﮫ
اﻟﻮﺻﻒ وﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﯿﺘﮫ ﺑﮭﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﮫ اﻟﺴﯿﺪه ھﺎﺟﺮ ﻟﻤﺎ رأت اﻟﻤﺎء اﺧﺬت ﺗﺤﯿﻄﮫ ﺑﯿﺪﯾﮭﺎ وھﻲ ﺗﻘﻮل )زﻣﻰ زﻣﻰ(ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺿﯿﺎع اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎل
ﻣﻮﻗﻊ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم
زﻣﺰم ھﻮ ﺑﺌﺮ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 20ﻣﺘﺮا ﻋﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ ،:ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ﻣﻦ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﻤﺎ ﯾﺤﻤﻠﮫ ﻣﻦ ﻣﻌﺎنِ دﯾﻨﯿﺔ ،واﻓﺎدت اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﻌﯿﻮن اﻟﻤﻐﺬﯾﺔ ﻟﻠﺒﺌﺮ ﺗﻀﺦ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ 11إﻟﻰ 18.5ﻟﺘﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ .وﯾﺒﻠﻎ ﻋﻤﻖ اﻟﺒﺌﺮ 30ﻣﺘﺮا ﻋﻠﻰ ﺟﺰﺋﯿﻦ ،اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻤﻘﮫ 12.80 ﻣﺘﺮا ﻋﻦ ﻓﺘﺤﺔ اﻟﺒـﺌﺮ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺟﺰء ﻣﻨﻘﻮر ﻓﻲ ﺻﺨﺮ اﻟﺠﺒﻞ وﻃﻮﻟﮫ 17.20ﻣﺘﺮ .وﯾﺒﻠﻎ ﻋﻤﻖ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﺎء ﻋﻦ ﻓﺘﺤﺔ اﻟﺒﺌﺮ ﺣﻮاﻟﻲ أرﺑﻌﺔ أﻣﺘﺎر ،وﻋﻤﻖ اﻟﻌﯿﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬي اﻟﺒﺌﺮ ﻋﻦ ﻓﺘﺤﺔ اﻟﺒﺌﺮ 13ﻣﺘﺮا وﻣﻦ اﻟﻌﯿﻮن إﻟﻰ ﻗﻌﺮ اﻟﺒﺌﺮ 17ﻣﺘﺮا. 64
ﺗﺮك اﻟﻨﺒﻰ اﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﺔ اﻟﺴﻼم اﻟﺴﯿﺪة ھﺎﺟﺮ واﺑﻨﮭﺎ ﻓﻰ وادى ﻏﯿﺮ ذي زرع ﻋﻨﺪ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺤﺮم وﺗﺮﻛﮭﻤﺎ ﻟﻮﺣﺪھﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻜﺎن وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻊ ھﺎﺟﺮ ﺳﻮى ﺣﺎﻓﻈﺔ ﻣﺎء ﺻﻐﯿﺮة ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺪ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﻔﺪت ﻗﺼﺔ اﻟﺒﺌﺮ
وودﻋﮭﻤﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ وﻏﺎدر وﻟﻢ ﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﻰ ھﺎﺟﺮ رﻏﻢ ﻧﺪاءاﺗﮭﺎ اﻟﻤﺘﻜﺮرة ﻟﻜﻨﮫ أﺧﺒﺮھﺎ أﻧﻤﺎ ﻓﻌﻠﮫ ھﻮ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ ﻓﺮﺿﯿﺖ وﻗﺮت وﻣﻀﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺣﺘﻰ ﺟﺎوزھﻢ ﻣﺴﺎﻓﺔ وأدرك أﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﺒﺼﺮوﻧﮫ دﻋﺎ رﺑﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ :رﺑﻨﺎ إﻧﻲ أﺳﻜﻨﺖ ﻣﻦ ذرﯾﺘﻲ ﺑﻮاد ﻏﯿﺮ ذي زرع ﻋﻨﺪ ﺑﯿﺘﻚ اﻟﻤﺤﺮم رﺑﻨﺎ ﻟﯿﻘﯿﻤﻮا اﻟﺼﻼة ﻓﺎﺟﻌﻞ أﻓﺌﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﮭﻮي إﻟﯿﮭﻢ وارزﻗﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺸﻜﺮون )ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ (37،ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻧﻔﺪ اﻟﻤﺎء اﺳﺘﮭﻞ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء وﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻣﮫ ﺗﻄﯿﻖ رؤﯾﺘﮫ ﯾﺒﻜﻲ ﻓﺼﺪت ﻋﻨﮫ ﻛ ﻲ ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﺑﻜﺎﺋﮫ ،وذھﺒﺖ ﺗﺴﯿﺮ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﻤﺎء ﻓﺼﻌﺪت ﺟﺒﻞ اﻟﺼﻔﺎ ﺛﻢ ﺟﺒﻞ اﻟﻤﺮوة ﺛﻢ اﻟﺼﻔﺎ ﺛﻢ اﻟﻤﺮوة وﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺬي ﺷﺮع ﻣﻦ ﺑﻌﺪھﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ وﺻﻠﺖ اﻟﻤﺮوة ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻷﺧﯿﺮة ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ أﻏﺚ إن ﻛﺎن ﻋﻨﺪك ﺧﯿﺮ ،ﻓﻘﺎم ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺼﻮت وھﻮ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﺑﻀﺮب ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺒﺌﺮ ﺑﻌﻘﺐ ﻗﺪﻣﮫ ﻓﺎﻧﻔﺠﺮت اﻟﻤﯿﺎه ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض ودﻟّﺖ ھﺎﺟﺮ ﺗﺤﯿﻂ اﻟﺮﻣﺎل وﺗﻜﻮﻣﮭﺎ ﻟﺘﺤﻔﻆ اﻟﻤﺎء وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل وھﻲ ﺗﺤﺜﻮ اﻟﺮﻣﺎل زم زم ،زم زم ،أي ﺗﺠﻤﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺴﺮﯾﺎﻧﯿﺔ وﯾﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ رﺣﻢ اﷲ ام إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻟﻮ ﺗﺮﻛﺘﮫ ﻟﻜﺎن ﻋﯿﻨﺎ ﯾﺠﺮي أي أن ﻣﯿﺎھﮫ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻐﺪو ﻇﺎھﺮة وﻟﯿﺴﺖ ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺣﺎﻟﮭﺎ .وﻗﺪ اﻧﺪﺛﺮ اﻟﺒﺌﺮ ذات ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻰ وﻟﻢ ﯾﻌﺮف ﻟﮫ ﻣﻜﺎن وﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻹﺳﻼم ﺣﻠﻢ ﺟﺪ اﻟﺮﺳﻮل آﻧﺬاك ﺑﻤﻦ ﯾﺪﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﺒﺌﺮ وﯾﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺌﺮ وﻗﺪ اﺳﺘﯿﻘﻆ ورﻛﺾ ﻣﮭﺮوﻻ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﺣﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي رآه ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻘﺖ اﻟﺮؤﯾﺎ . أﺻﻞ ﺗﻮﻟﻲ ﺳﻘﺎﯾﺔ زﻣﺰم ﺑﻤﻜﺎن ﻣﻌﺪ ﺑﺠﻮارھﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ھﺎﺷﻢ ﻟﮭﺎ ﻛﺎن ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ذاﺗﮫ
ﺳﻘﺎﯾﺔ زﻣﺰم
ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻮﻓﻲ ﺗﻮﻟﻰ أﻣﺮ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ اﺑﻨﮫ أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ,ﻓﺎﺳﺘﺪان ﻣﻦ أﺧﯿﮫ اﻟﻌﺒﺎس ﻋﺸﺮة آﻻف درھﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻓﺼﺮﻓﮭﺎ وﺟﺎء اﻟﻤﻮﺳﻢ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻌﮫ ﺷﻲء ,ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ أﺧﯿﮫ اﻟﻌﺒﺎس أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ درھﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻓﺸﺮط ﻋﻠﯿﮫ إذا ﺟﺎء اﻟﻤﻮﺳﻢ وﻟﻢ ﯾﻘﻀﮫ أن ﯾﺘﺮك ﻟﮫ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ ﻓﻘﺒﻞ ذﻟﻚ ,وﺟﺎء اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻀﮫ ﻓﺘﺮك ﻟﮫ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ ,ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﯿﺪ ﺑﻨﻲ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ووﻟﺪه إﻟﻰ أن اﻧﻘﻀﺖ ﺧﻼﻓﺘﮭﻢ .وﯾﻘﻮل اﻟﻤﺆرخ أﯾﻮب ﺻﺒﺮي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )ﻣﺮآة ﺟﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮب( :وﻟﻤﺎ ﺗﻮﻟﻰ ﺑﻨﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺣﺎﻟﺖ أﻋﻤﺎل اﻟﻤﻠﻚ دون ﻗﯿﺎﻣﮭﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ ,ﻓﻜﺎﻧﻮا ﯾﻌﮭﺪون إﻟﻰ آل اﻟﺰﺑﯿﺮ اﻟﻤﺘﻮﻟﯿﻦ اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺮم اﻟﺸﺮﯾﻒ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﻨﯿﺎﺑﺔ ,ﺛﻢ ﻃﻠﺐ اﻟﺰﺑﯿﺮﯾﻮن ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﯿﻦ ﺗﺮك اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ ﻟﮭﻢ ,ﻓﺘﺮﻛﻮھﺎ ﻟﮭﻢ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﻣﻨﺸﻮر .إﻻ أﻧﮫ ﻧﻈﺮا ﻟﻜﺜﺮة اﻟﺤﺠﺎج ﻓﻘﺪ اﺷﺘﺮك ﻣﻌﮭﻢ آﺧﺮون ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺰﻣﺎزﻣﺔ .ﺛﻢ إن اﻷﺗﺮاك اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﯿﻦ ﺛﺒﺘﻮا آل اﻟﺰﺑﯿﺮ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ اﻟﺴﻘﺎﯾﺔ وﻻ ﺗﺰال رﺋﺎﺳﺘﮭﺎ ﺑﯿﺪھﻢ إﻟﻰ اﻟﯿﻮم .وآل اﻟﺰﺑﯿﺮ ھﺆﻻء ﯾﻌﺮﻓﻮن اﻟﯿﻮم )ﺑﺒﯿﺖ اﻟﺮﯾﺲ ( .وﻛﺎن ﻋﻠﻰ زﻣﺰم ﻗﺒﺔ وﻏﺮف ﻣﺴﺘﻮدﻋﺎت وﻣﺴﺘﺒﺮد ﻟﺪوارق ﻣﺎء زﻣﺰم ,وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ھﺪم ﻋﺎم 1383ھـ ﺣﯿﻦ اﺿﻄﺮ ﻋﻤﻞ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ ذﻟﻚ. ﻣﺼﺎدر ﻣﯿﺎه ﺑﺌﺮ زﻣﺰم وﻓﻖ اﻟﺘﺤﺪﯾﺪ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﮫ ﻣﻊ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺬي رأﺳﮫ ﻋﺎم 1400ھـ وﻧﺸﺮ ﻧﺘﺎﺋﺠﮫ
ﻣﺼﺪر ﺑﺌﺮ زﻣﺰم
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )زﻣﺰم( ﺑﻘﻮﻟﮫ" :اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻓﺘﺤﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻃﻮﻟﮭﺎ 45ﺳﻢ ،وارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ 30ﺳﻢ ،وﯾﺘﺪﻓﻖ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻘﺪر اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺎه.واﻟﻤﺼﺪر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺘﺤﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻤﻜﺒﺮﯾﺔ )ﻣﺒﻨﻰ ﻣﺨﺼﺺ ﻟﺮﻓﻊ اﻷذان واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻮاف( ،وﺑﻄﻮل 70ﺳﻢ ،وﻣﻘﺴﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ إﻟﻰ ﻓﺘﺤﺘﯿﻦ ،وارﺗﻔﺎﻋﮭﺎ 65
30ﺳﻢ .وھﻨﺎك ﻓﺘﺤﺎت ﺻﻐﯿﺮة ﺑﯿﻦ أﺣﺠﺎر اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﺌﺮ ﺗﺨﺮج ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻤﯿﺎه ،ﺧﻤﺲ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﺘﺤﺘﯿﻦ اﻷﺳﺎﺳﯿﺘﯿﻦ وﻗﺪرھﺎ ﻣﺘﺮ واﺣﺪ .ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ 21ﻓﺘﺤﺔ أﺧﺮى ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ ﺟﻮار اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﺑﺎﺗﺠﺎه ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻷﺧﺮى ﻣﻦ اﺗﺠﺎه اﻟﻤﺮوة. ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻨﻀﺐ أﺑﺪا ﻣﻨﺬ أن ﻇﮭﺮ ﻟﻠﻮﺟﻮد ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻓﮭﻮ ﯾﻤﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء .وھﻮ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم
ﻻ ﯾﺰال ﯾﺤﺘﻔﻆ ﺑﻨﻔﺲ ﻧﺴﺐ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﮫ ﻣﻦ اﻷﻣﻼح واﻟﻤﻌﺎدن ﻣﻨﺬ أن ﻇﮭﺮ ﻟﻠﻮﺟﻮد ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻣﻨﺎ ھﺬا ..وﻛﺬﻟﻚ ﺻﻼﺣﯿﺘﮫ ﻟﻠﺸﺮب ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺤﺠﺎج ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻠﻢ ﯾﺤﺪث أن اﺷﺘﻜﻰ ﻣﺨﻠﻮق ﻣﻦ أﺛﺮ ﻣﯿﺎھﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﮫ أو ﻣﺎ ﺷﺎﺑﮫ ذﻟﻚ ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻓﮭﻢ داﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﻤﯿﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌﺸﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام، وﻟﻜﻦ ﯾﻼﺣﻆ أن ﻣﺬاق اﻟﻤﯿﺎه ﯾﺘﻐﯿﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ..وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻟﻤﺎء زﻣﺰم ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ،ﻓﮭﺬه اﻟﻤﯿﺎه اﻟﻄﺎھﺮة ﻟﻢ ﯾﺘﻢ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﮭﺎ ﻛﯿﻤﯿﺎﺋﯿﺎ أو ﺑﻤﻮاد اﻟﺘﺒﯿﯿﺾ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻟﻤﯿﺎه اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺦ ﻟﻠﻤﺪن. وﯾﻼﺣﻆ أﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻵﺑﺎر اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﯾﺰداد اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺒﯿﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﺒﺌﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ اﻟﻤﯿﺎه ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮب ﻧﻈﺮا ﻟﻨﻤﻮ اﻟﻄﺤﺎﻟﺐ ﻣﻤﺎ ﯾﺴﺒﺐ ﻣﺸﻜﻼت ﻓﻲ اﻟﻄﻌﻢ واﻟﺮاﺋﺤﺔ .وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ،ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك أي دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺒﯿﻮﻟﻮﺟﻲ ،وإذا ﻋﺪﻧﺎ ﻟﻠﻤﻌﺠﺰة اﻟﺘﻲ ﺑﺴﺒﺒﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺎء زﻣﺰم ﻧﺘﺬﻛﺮ أن ھﺎﺟﺮ ﺑﺤﺜﺖ ﯾﺎﺋﺴﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﺟﺒﺎل اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻟﻜﻲ ﺗﺴﻘﻲ وﻟﯿﺪھﺎ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،وﺑﮭﺮوﻟﺘﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﻵﺧﺮ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺎء ﺿﺮب وﻟﯿﺪھﺎ ﺑﺮﺟﻠﯿﮫ اﻟﺮﻗﯿﻘﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﺎل ،ﻓﺘﻔﺠﺮت ﺑﺮﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺎه ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﯿﮫ، وﺑﺮﺣﻤﺔ اﷲ وﻗﺪرﺗﮫ ﺷﻜﻠﺖ ھﺬه اﻟﻤﯿﺎه ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻛﺒﺌﺮ ﻗﺪ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم .وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻛﺎن اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺪر وﺟﻮد اﻟﻤﯿﺎه ﺗﻔﺴﯿﺮه ﯾﻌﻠﻤﮫ اﷲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﯾﺠﺎد ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻋﻠﻤﻲ ﻟﻤﺼﺪر وﺟﻮده ﺣﯿﺚ ﺳﺪت [ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ھﺬا اﻟﺮأي؟]
ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻨﺎﻓﺬ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺎه ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮫ وﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪوا ﻣﻦ ذﻟﻚ . ﻓﻀﻞ ﻣﺎء زﻣﺰم
ﺛﺒﺖ أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺷﺮب ﻣﺎء زﻣﺰم وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ ،روى اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل " :ﺳﻘﯿﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﻦ زﻣﺰم وھﻮ ﻗﺎﺋﻢ " ﻛﻤﺎ ورد ﻋﻨﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أن ﻣﺎء زﻣﺰم ﻟﻤﺎ ﺷﺮب ﻟﮫ ،وﻗﺪ ﻧﺺ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻟﺪﻋﺎء ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﺷﺮﺑﮫ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﺟﻰ إﺟﺎﺑﺘﮫ ،روى أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ،وأﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل " :ﻣﺎء زﻣﺰم ﻟﻤﺎ ﺷﺮب ﻟﮫ " وﻗﺪ روى اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻷذﻛﯿﺎء أن ﺳﻔﯿﺎن ﺑﻦ ﻋﯿﯿﻨﺔ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺣﺪﯾﺚ "ﻣﺎء زﻣﺰم ﻟﻤﺎ ﺷﺮب ﻟﮫ" ﻓﻘﺎل ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ .وﻟﻢ ﯾﺜﺒﺖ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻋﻨﺪ ﺷﺮﺑﮫ ﻣﺎء زﻣﺰم -دﻋﺎء ﻣﺨﺼﻮص ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ،ﻟﻜﻦ روى اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﻧﮫ ﻛﺎن إذا ﺷﺮب ﻣﺎء زﻣﺰم ﻗﺎل )اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎً ﻧﺎﻓﻌﺎً ،ورزﻗﺎً واﺳﻌﺎً ،وﺷﻔﺎءً ﻣﻦ ﻛﻞ داء ( ﻓﺄوﻟﻰ ﻟﻤﻦ ﺷﺮب ﻣﺎء زﻣﺰم أن ﯾﺸﺮﺑﮫ ﺑﻨﯿﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔٍ ،ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻮ اﷲ ﺑﻌﺪ ﻓﺮاﻏﮫ.
ﺛﺎﻣﻨﺎ:اﻟﻤﺴﻌﻰ: ھﻮ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺳﻌﺖ ﻓﯿﮫ ھﺎﺟﺮ)زوﺟﺔ اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم( ﺑﯿﻦ ﺟﺒﻠﻲ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﺑﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻗﺒﻞ ﺣﻮاﻟﻲ أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم ،ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ اﻟﻤﺎء ﻟﺮﺿﯿﻌﮭﺎ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،وﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﯾﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﮫ 375ﻣﺘﺮاً ،وﻻ ﯾﻜﺘﻤﻞ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة إﻻ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ 66
ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﺳﺒﻊ ﻣﺮات ذھﺎﺑﺎً وإﯾﺎﺑﺎً؛ إذ ھﻮ رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة .وزاد اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻤﺴﻌﻰ ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ؛ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺰﯾﺎدة أﻋﺪاد اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻤﻌﺘﻤﺮﯾﻦ ،وﻣﺎ ﺗﻮﻟﯿﮫ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ﻣﻦ رﻋﺎﯾﺔ واھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ ،ﻓﻔﻲ ﻋﺎم 1925م ﺧﻼل ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،رﺻﻒ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺑﺤﺠﺮ اﻟﺼﻮان ،ﺣﻤﺎﯾﺔً ﻟﻠﺤﺠﺎج واﻟﻤﻌﺘﻤﺮﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻐﺒﺎر واﻷﺗﺮﺑﺔ، وﺟﺪد أﯾﻀﺎً ﺳﻘﻔﮫ ،ﺣﻤﺎﯾﺔً ﻟﺰوار ﺑﯿﺖ اﷲ ﻣﻦ وھﺞ اﻟﺸﻤﺲ وﺣﺮارﺗﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻋﯿﺪ ﻃﻼء وﺗﺮﻣﯿﻢ اﻷﺑﻮاب اﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻌﻰ. وﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد ﺗﻢ ﺑﻨﺎء اﻟﻄﺎﺑﻘﯿﻦ اﻷول واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻌﻰ؛ أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﻓﻘﺪ وﺳﻌﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺼﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻷول ،ﻛﻤﺎ أﺿﯿﻔﺖ أﺑﻮاب ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻘﯿﻦ اﻷرﺿﻲ واﻷول ،ﻟﻠﺪﺧﻮل واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺮوة .وﻧﻈﺮا ﻟﺘﺰاﯾﺪ أﻋﺪاد اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻤﻌﺘﻤﺮﯾﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﻤﻮس ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻔﺘﺮات اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ،ﻓﻘﺪ أﻣﺮ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻓﻲ ﻋﺎم 2008م ﺑﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﺤﺪود اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻟﮫ ،ﻓﺘﻀﺎﻋﻒ ﻋﺮض اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻟﯿﺼﻞ إﻟﻰ 40ﻣﺘﺮاً، وﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﻄﻮاﺑﻖ أرﺑﻌﺔ ﻃﻮاﺑﻖ ،ﺑﻤﺴﺎﺣﺔ إﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺗﺠﺎوزت 87أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻹﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز 29أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ،ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺴﻄﺤﺎت اﻟﺒﻨﺎء اﻹﺟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻷدوار ﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻌﻲ واﻟﺨﺪﻣﺎت ﺣﻮاﻟﻲ 125أﻟﻒ ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ .وﺗﻮﻓﺮ ﺗﻮﺳﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ ﺛﻼﺛﺔ أدوار وأرﺑﻌﺔ ﻣﻨﺎﺳﯿﺐ ﻟﻠﺴﻌﻲ ،ﺗﺘﺼﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺄدوار اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺮﺗﻔﻊ دور ﺳﻄﺢ اﻟﻤﺴﻌﻰ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻋﻦ أدوار اﻟﺤﺮم اﻟﺤﺎﻟﻲ ،وﯾﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮫ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ ﺳﻼﻟﻢ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ وﻣﺼﺎﻋﺪ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﺴﻮر ﻋﻠﻮﯾﺔ .ﻛﻤﺎ إﺷﺘﻤﻞ اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﺑﺸﻜﻞ ﯾﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﻌﺮﺿﯿﺔ واﻟﺮأﺳﯿﺔ ،ورﻛﺒﺖ أرﺑﻌﺔ ﺳﻼﻟﻢ ﻛﮭﺮﺑﺎﺋﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻤﺮوة ،ﻟﺘﺴﮭﯿﻞ اﻟﺤﺮﻛﺔ إﻟﻰ ﺧﺎرج اﻟﻤﺴﻌﻰ ،ﻛﻤﺎ اﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺮات ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﺬوي اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ذوي اﻹﻋﺎﻗﺎت اﻟﺤﺮﻛﯿﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻮﻓﯿﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻠﺘﺠﻤﻊ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ،ﻛﻤﺎ ﺑﺪئ اﻟﺒﻨﺎء ﻓﻲ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﺑﺎرﺗﻔﺎع 95ﻣﺘﺮا ،ﻟﯿﺘﻨﺎﺳﺐ ﻋﺪد اﻟﻤﺂذن وﺷﻜﻠﮭﺎ ﻣﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ
اﻟﺤﺠﺎج وھﻢ ﯾﺴﻌﻮن ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوى 67
اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ.
ﺟﺪول) (12ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ ﻟﻠﻤﺴﻌﻰ اﻟﻤﺴﻌﻰ اﻟﺼﻔﺎ
اﻟﺸﻜﻞ
اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺼﻔﺎ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ ﺟﻤﻊ ﺻﻔﺎة ،وھﻲ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﻌﺮﯾﺾ اﻷﻣﻠﺲ ،واﻟﻤﺮاد ﺑﮫ ھﻨﺎ ﻣﻜﺎن ﻋﺎل ﻓﻲ أﺻﻞ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﺟﻨﻮب اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ ،وھﻮ ﺷﺒﯿﮫ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﻰ ﻃﻮﻟﮫ ﺳﺘﺔ أﻣﺘﺎر ،وﻋﺮﺿﮫ ﺛﻼﺛﺔ، وارﺗﻔﺎﻋﮫ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺮﯾﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن.
ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺸﻮط ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ
68
اﻟﻤﺮوة ﻓﻲ اﻷﺻﻞ واﺣﺪ اﻟﻤﺮو ،وھﻲ ﺣﺠﺎرة ﺑﯿﺾ ،واﻟﻤﺮاد ھﻨﺎ ﻣﻜﺎن اﻟﻤﺮوة
ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻓﻲ أﺻﻞ ﺟﺒﻞ ﻗﻌﯿﻘﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻗﺮب ﺑﺎب اﻟﺴﻼم وھﻮ ﺷﺒﯿﮫ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﻰ ،وﻃﻮﻟﮫ أرﺑﻌﺔ أﻣﺘﺎر ،ﻓﻲ ﻋﺮض ﻣﺘﺮﯾﻦ ،وارﺗﻔﺎع ﻣﺘﺮﯾﻦ ،واﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ھﻮ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﺴﻌﻲ ،واﻟﻤﺴﻌﻰ اﻵن داﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻧﺘﯿﺠﺔ
ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺸﻮط ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ
اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ﺳﻨﺔ 1375ھـ. اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ ﻋﻨﺪ ﻏﯿﺮ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﺴﻌﻲ
واﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ .وﻋﺪد ﻣﺮات اﻟﺴﻌﻲ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﺳﺒﻊ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺬھﺎب ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺮوة ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﺮة ،واﻟﻌﻮدة ﻣﻦ اﻟﻤﺮوة إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻣﺮة ،وھﻜﺬا ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎ وﺗﻨﺘﮭﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮوة .وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺴﻊ ﺳﻌﻲ اﻟﺮﻛﻦ ﺑﻄﻞ ﺣﺠﮫ إن ﻛﺎن ﺣﺎﺟﺎ ،وﻋﻤﺮﺗﮫ إن ﻛﺎن ﻣﻌﺘﻤﺮا ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺄن اﻟﺴﻌﻲ رﻛﻦ ،وأﻣﺎ اﻟﻘﺎﺋﻠﻮن ﺑﻮﺟﻮﺑﮫ ﻛﺄﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ،ﻓﺈن ﺗﺮﻛﮫ ﯾﺠﺒﺮ ﺑﺪم وﻗﺪ ﺟﺎء ﺣﺪﯾﺜﺎن ﯾﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ أﺣﺪھﻤﺎ :اﺳﻌﻮا ﻓﺈن اﷲ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﯿﻜﻢ اﻟﺴﻌﻲ أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ وﯾﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻛﺘﺐ ﻋﻠﯿﻜﻢ اﻟﺴﻌﻲ ﻓﺎﺳﻌﻮا أﺧﺮﺟﮫ أﺣﻤﺪ واﻟﺤﺪﯾﺜﺎن ﺿﻌﯿﻔﺎن وﻟﻜﻦ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﺳﻌﻲ اﻟﻨﺒﻲ وأﺻﺤﺎﺑﮫ وﻣﻦ ﺑﻌﺪھﻢ ..ﻓﺎﻟﺴﻌﻲ وارد ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ، وﻋﻠﯿﮫ إﺟﻤﺎع اﻷﻣﺔ ،واﻟﺨﻼف ﻓﻲ ﺣﻜﻤﮫ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺛﺒﻮﺗﮫ. )(1ﻛﻮﻧﮫ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﻮاف :ﻓﯿﺸﺘﺮط أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ،
ﺷﺮوط
اﻟﺴﻌﻲ
ﺑﯿﻦ
اﻟﺼﻔﺎ
واﻟﻤﺮوة
وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻄﻮاف ﺗﻄﻮﻋﺎ ،ﻓﺈذا ﻟﻢ ﯾﺘﻘﺪﻣﮫ ﻃﻮاف ﻓﺈن ھﺬا اﻟﺴﻌﻲ ﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ وﻻ ﯾﺤﺴﺐ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ ،وﻻ ﯾﻜﻔﻲ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺬي ھﻮ رﻛﻦ أو واﺟﺐ ،ﻷن اﻟﺴﻌﻲ ﻟﯿﺲ ﻋﺒﺎدة ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻄﻮاف إﻧﻤﺎ ھﻮ ﻋﺒﺎدة ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻄﻮاف ،وﻟﺬا ﻻ ﯾﺴﺘﺤﺐ اﻟﺴﻌﻲ وﺣﺪه وﻻ ﯾﻄﻠﺐ ،إﻧﻤﺎ اﻟﺬي ﯾﺴﺘﺤﺐ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻨﮫ ھﻮ اﻟﻄﻮاف. )(2اﻟﺒﺪء ﺑﺎﻟﺼﻔﺎ واﻟﺨﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮوة :اﻟﺒﺪء ﻋﻨﺪ اﻟﺴﻌﻲ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎ واﻟﺨﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮوة ﺷﺮط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺴﻌﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ وﺑﻌﺾ اﻷﺣﻨﺎف واﻟﻤﺨﺘﺎر ﻋﻨﺪ اﻷﺣﻨﺎف أن ذﻟﻚ واﺟﺐ ﯾﺠﺒﺮ ﺑﺪم.ﻗﺎل اﻟﺘﺮﻣﺬي :واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ أﻧﮫ ﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺮوة ﻓﺈن ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻟﻢ ﯾﺠﺰ.
)(3اﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﺟﻤﯿﻌﮫ :واﻟﻤﺮاد ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻻ ﯾﺘﺮك أي ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﺑﻐﯿﺮ ﺳﻌﻲ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺈن ﺗﺮك ﺟﺰءا وﻟﻮ ﺻﻐﯿﺮا ﺑﻄﻞ ﺳﻌﯿﮫ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن راﻛﺒﺎ اﺷﺘﺮط أن ﺗﻀﻊ اﻟﺪاﺑﺔ ﺣﺎﻓﺮھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻞ ،وﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺷﻲ أن ﯾﻠﺼﻖ رﺟﻠﮫ ﺑﺎﻟﺠﺒﻞ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺒﻘﻲ 69
اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ
ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﺮﺟﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ .وﻗﺎل ﻏﯿﺮه :ﻻ ﯾﻄﻠﺐ إﻟﺼﺎق اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺠﺒﻞ اﻟﺼﻔﺎ أو ﺟﺒﻞ اﻟﻤﺮوة ،إﻧﻤﺎ اﻟﻤﻄﻠﻮب ھﻮ ﻣﺎ ﯾﻌﺘﺒﺮ إﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﺮﻓﺎ. )(4اﻟﻤﻮاﻻة ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ :ﺗﺸﺘﺮط اﻟﻤﻮاﻻة ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ،ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻓﺼﻞ ﻛﺜﯿﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻮط واﻟﺬي ﺑﻌﺪه ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺎﻟﻚ ورواﯾﺔ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﻓﺈن ﺟﻠﺲ ﺧﻔﯿﻔﺎ ﺑﯿﻦ أﺷﻮاﻃﮫ ﻟﻠﺮاﺣﺔ ﻓﻼ ﺷﻲء ﻓﯿﮫ وﻻ ﺑﺄس ،وإن ﻃﺎل اﻟﺠﻠﻮس واﻟﻔﺼﻞ ،أو ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﺒﺜﺎ ،ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺒﺘﺪئ اﻟﺴﻌﻲ ﻣﻦ اﻷول ،وﻻ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺴﻌﻲ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺻﻼة ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ إﻻ إن ﺿﺎق وﻗﺘﮭﺎ ﻓﯿﺼﻠﯿﮭﺎ وﯾﺒﻨﻲ ،وﯾﺠﻮز ﻗﻄﻊ اﻟﺴﻌﻲ ﺑﺴﺒﺐ اﺣﺘﻘﺎن ﺑﺎﻟﺒﻮل وﻏﯿﺮه ،وﻗﺎل اﻷﺣﻨﺎف واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﻟﺠﻤﮭﻮر :اﻟﻤﻮاﻻة ﺑﯿﻦ اﻷﺷﻮاط ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﺳﻨﺔ ،وھﻮ ﻇﺎھﺮ ﻣﺬھﺐ أﺣﻤﺪ ،ﻓﻠﻮ وﺟﺪ ﻓﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻷﺷﻮاط ﻻ ﯾﻀﺮ ،ﻗﻠﯿﻼ ﻛﺎن أو ﻛﺜﯿﺮا.
ﺛﺎﻣﻨﺎ :اﻟﻤﻄﺎف ھﻲ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ اﻟﺨﺎﻟﯿﺔ ﺣﻮاﻟﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ وﺳﻤﯿﺖ ﺑﺎﻟﻤﻄﺎف ﻷن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺪورون ﻓﯿﮭﺎ ﺣﻮل اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻤﺘﺜﻠﯿﻦ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ )وﻟﯿﻄﻮﻓﻮا ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ( واﻟﻄﻮاف ھﻮ أن ﯾﺠﻌﻞ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﺴﺎر اﻟﻄﺎﺋﻒ وﯾﺪور ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺒﺘﺪﺋﺎً ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد وﯾﻨﺘﮭﻰ اﻟﺸﻮط ﻋﻨﺪه وﻻ واﻟﻄﻮاف ھﻮ رﻛﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة
وﻓﻲ "ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﮫ" ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ،ﻗﺎل ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﯾﻘﻮل) :ﻣﻦ ﻃﺎف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،وﺻﻠﻰ رﻛﻌﺘﯿﻦ ،ﻛﺎن ﻛﻌﺘﻖ رﻗﺒﺔ( ﻗﺎل اﻟﺸﯿﺦ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ: ﺣﺪﯾﺚ ﺻﺤﯿﺢ. وروى ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻓﻲ "اﻟﻤﺼﻨﻒ" ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل) :اﺳﺘﻜﺜﺮوا ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،ﻗﺒﻞ أن ﯾﺤﺎلَ ﺑﯿﻨﻜﻢ وﺑﯿﻨﮫ ،ﻓﺈﻧﻲ ﺑﮫ أﺻﻤﻊ أﺻﻌﻞ ،ﯾﻌﻠﻮھﺎ ﯾﮭﺪﻣﮭﺎ ﺑﻤﺴﺤﺎﺗﮫ(. 70
وﻋﻨﺪ أﺑﻲ ﻋﺒﯿﺪ ﻓﻲ "ﻏﺮﯾﺐ اﻟﺤﺪﯾﺚ" ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﯾﻀﺎً ،أﻧﮫ ﻗﺎل: )اﺳﺘﻜﺜﺮوا ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺖ ،ﻗﺒﻞ أن ﯾﺤﺎل ﺑﯿﻨﻜﻢ وﺑﯿﻨﮫ ،ﻓﻜﺄﻧﻲ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﺸﺔ أﺻﻠﻊ ،أو ﻗﺎل :أﺻﻤﻊ ،ﺣﻤﺶ اﻟﺴﺎﻗﯿﻦ ،ﻗﺎﻋﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وھﻲ ﺗُﮭﺪم(. ﻋﺎﺷﺮا :اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد: اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺣﺠﺮ ﻟﻮﻧﮫ أﺳﻮد ﻣﺎﺋﻞ ﻟﻠﺤﻤﺮة.ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ،ﯾﺴﺎر ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،ﯾﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ أرض اﻟﻤﻄﺎف ﺑـ 1.10ﻣﺘﺮ ،وھﻮ ﻣﻐﺮوس داﺧﻞ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ،
اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد
ﯾﺰﯾﺪ ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ اﻟﻤﻘﺪس ﺟﻼﻻ وﻣﮭﺎﺑﺔ ،وﺷﺮﻓﺎ وﺗﻌﻈﯿﻤﺎ وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) :اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﯾﻤﯿﻦ اﷲ ﻓﻲ اﻷرض ( .وﻗﻮﻟﮫ) :إن اﻟﺤﺠﺮ واﻟﻤﻘﺎم ﯾﺎﻗﻮﺗﺘﺎن ﻣﻦ ﯾﺎﻗﻮت اﻟﺠﻨﺔ ﻃﻤﺲ اﷲ ﻧﻮرھﻤﺎ ،وﻟﻮﻻ أن ﻃﻤﺲ ﻧﻮرھﻤﺎ ﻷﺿﺎءا ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب (وﻗﻮﻟﮫ: )ﯾﺄﺗﻲ ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻟﮫ ﻋﯿﻨﺎن ﯾﺒﺼﺮ ﺑﮭﻤﺎ ،وﻟﺴﺎن ﯾﻨﻄﻖ ﺑﮫ ﯾﺸﮭﺪ ﻟﻤﻦ اﺳﺘﻠﻤﮫ ﺑﺤﻖ (. وﻗﻮﻟﮫ) :ﻧﺰل اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ وھﻮ أﺷﺪ ﺑﯿﺎﺿﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ ﻓﺴﻮدﺗﮫ ﺧﻄﺎﯾﺎ ﺑﻨﻲ آدم ( .وﯾﻜﻔﻲ ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ ﺷﺮﻓﺎ ﺗﻘﺒﯿﻞ ﺳﯿﺪ وﻟﺪ آدم ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﮫ ،وﻗﻮﻟﮫ) :أﻛﺜﺮوا اﺳﺘﻼم ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ ﻓﺈﻧﻜﻢ ﺗﻮﺷﻜﻮن أن ﺗﻔﻘﺪوه ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻨﺎس ﯾﻄﻮﻓﻮن ﺑﮫ ذات ﻟﯿﻠﺔ إذا أﺻﺒﺤﻮا وﻗﺪ ﻓﻘﺪوه ،إن اﷲ ﻻ ﯾﺘﺮك ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻲ اﻷرض إﻻ أﻋﺎده ﻓﯿﮭﺎ ﻗﺒﻞ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ( .واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ ﻟﻠﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد. ﺟﺪول) (13ﯾﻮﺿﺢ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ ﻟﻠﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻟﻮﻧﮫ
اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺣﺠﺮ ﻟﻮﻧﮫ أﺳﻮد ﻣﺎﺋﻞ ﻟﻠﺤﻤﺮة.ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ،ﯾﺴﺎر ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ، ﯾﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ أرض اﻟﻤﻄﺎف ﺑـ 1.10ﻣﺘﺮ ،وھﻮ ﻣﻐﺮوس داﺧﻞ ﺟﺪار اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ..
أﺻﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد
روي أن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ أﺑﯿﻀﺎً ﺛﻢ ﺳﻮدﺗﮫ ذﻧﻮب أھﻞ اﻟﺸﺮك ،وروي أن اﻟﺤﺠﺮ 71
أﺧﺬه إﺑﺮاھﯿﻢ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ﻟﻜﻦ ا ﻷول أﻗﻮى روى اﻟﺘﺮﻣﺬي وأﺣﻤﺪ اﻟﺤﺎﻛﻢ واﺑﻦ ﺣﺒﺎن أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل :إن اﻟﺮﻛﻦ واﻟﻤﻘﺎم ﯾﺎﻗﻮﺗﺘﺎن ﻣﻦ ﯾﺎﻗﻮت اﻟﺠﻨﮫ ﻃﻤﺲ اﷲ ﻧﻮرھﻤﺎ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻄﻤﺲ ﻧﻮرھﻤﺎ ﻷﺿﺎءﺗﺎ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب وروى اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻋﻦ اﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎل :اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻣﻦ اﻟﺠﻨﮫ وروى أن اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﯾﺮﺟﻊ ﻋﮭﺪه إﻟﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺒﻨﻲ وإﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﯾﻨﺎوﻟﮫ اﻟﺤﺠﺎرة وﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻓﻘﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ ﻹﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ :اﺑﻐﻨﻲ ﺣﺠﺮا أﺿﻌﮫ ھﺎھﻨﺎ ﯾﻜﻮن ﻟﻠﻨﺎس ﻋﻠﻤﺎً ﯾﺒﺘﺪون ﻣﻨﮫ اﻟﻄﻮاف ﻓﺬھﺐ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﯾﻄﻠﺐ ﻟﮫ ﺣﺠﺮا ورﺟﻊ وﻗﺪ ﺟﺎءه ﺟﺒﺮﯾﻞ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻓﻘﺎل إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ :ﯾﺎ أﺑﺘﻲ ﻣﻦ أﯾﻦ ﻟﻚ ھﺬا ﻗﺎل :ﺟﺎءﻧﻲ ﺑﮫ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻠﻨﻲ إﻟﻰ ﺣﺠﺮك ﺟﺎء ﺑﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ ،وھﻮ ﺣﯿﻨﺌﺬٍ ﯾﺘﻸ ﻷ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺒﯿﺎض ﻓﺄﺿﺎء ﻧﻮره ﺷﺮﻗﺎ وﻏﺮﺑﺎ ﺳﺮﻗﺔ اﻷﺳﻮد
اﻟﺤﺠﺮ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ :وﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮوف ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻮﻟﻰ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﺳﻨﺔ 317ﻟﻠﮭﺠﺮة وﻇﻞ ﻋﻨﺪھﻢ اﺛﻨﯿﻦ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻋﺎﻣﺎ.و ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺎن ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻻﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ج 11ص ) .159ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ اﻟﻘﺮﻣﻄﻰ اﻣﺮه وﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺎﻟﺤﺠﯿﺞ ,...اﻣﺮ ان ﺗﺪﻓﻦ اﻟﻘﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﺑﺌﺮ زﻣﺰم ،ودﻓﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮭﻢ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺮم وﻓﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ....,و ھﺪم ﻗﺒﺔ زﻣﺰم واﻣﺮ ﺑﻘﻠﻊ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻧﺰع ﻛﺴﻮﺗﮭﺎ ﻋﻨﮭﺎ ،وﺷﻘﻘﮭﺎ ﺑﯿﻦ اﺻﺤﺎﺑﮫ ..........,ﺛﻢ اﻣﺮ ﺑﺎن ﯾﻘﻠﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ،ﻓﺠﺎءه رﺟﻞ ﻓﻀﺮﺑﮫ ﺑﻤﺜﻘﺎل ﻓﻲ ﯾﺪه وﻗﺎل :اﯾﻦ اﻟﻄﯿﺮ اﻻﺑﺎﺑﯿﻞ ؟ اﯾﻦ اﻟﺤﺠﺎرة ﻣﻦ ﺳﺠﯿﻞ ؟ ﺛﻢ ﻗﻠﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد واﺧﺬوه ﺣﯿﻦ راﺣﻮا ﻣﻌﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﻼدھﻢ ،ﻓﻤﻜﺚ ﻋﻨﺪھﻢ اﺛﻨﯿﻦ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔ ﺣﺘﻰ ردوه( .و ﯾﺬﻛﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ج 11ص 161ان اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻮﻟﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻗﺎﻟﻮا )ﻟﻢ ﺗﺮﻣﯿﻨﺎ ﻃﯿﺮ أﺑﺎﺑﯿﻞ وﻻ ﺣﺠﺎرة اﻟﺴﺠﯿﻞ( .وﻗﺪ ﻧﻘﻞ اﻻﻗﺮاﻣﻄﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎل ﻷن اﻟﺤﺠﺮ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺛﻘﻞ وزﻧﮫ وﺣﺸﻮﻧﺔ ﻣﻠﻤﺴﮫ اﻟﺸﺪﯾﺪة ﯾﺠﺮح أﺳﻨﻤﺔ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﯾﻐﯿﺮون اﻟﺠﻤﻞ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﺣﺜﻰ ﻣﺎت ﻟﮭﻢ ﻋﺸﺮون ﺟﻤﻼً و ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺬوه ﺑﻠﺪھﻢ ﺣﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺠﻔﺎف و اﻟﻘﺤﻂ ﺣﺘﻰ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾﺴﺘﻌﯿﺪوه و ﻋﻨﺪ إﻋﺎدﺗﮫ ﺗﻄﻠﺐ اﻷﻣﺮ ﺟﻤﻼ واﺣﺪ ﻻ ﻏﯿﺮ .ﻛﻤﺎ ورد ذﻛﺮ واﻗﻌﺔ ھﺠﻮم اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ وﻣﮭﺎﺟﻤﺔ اﻟﺤﺠﯿﺞ واﺳﺘﯿﻼﺋﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻓﻲ ﻣﺮﺟﻊ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﺰاھﺮة ﻓﻲ ﻣﻠﻮك ﻣﺼﺮ واﻟﻘﺎھﺮة ﻟﺠﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ اﻟﻤﺤﺎﺳﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﻐﺮى. ﺳﺮﻗﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﺎﺳﻮس ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﻲ :ﺳﺮﻗﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻻﺳﻮد ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﺎﺳﻮس ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﻲ اﻟﺬى ﻗﺎل ﻋﻨﮫ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻲ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﺣﺠﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻣﻦ أﺣﺠﺎر اﻟﺠﻨﺔ ﻓﯿﻘﻮل ان ﻧﺒﻰ اﷲ اﺑﺮاھﯿﻢ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم أن ﯾﺒﺤﺚ ﻟﮫ ﻋﻦ ﺣﺠﺮ ﻟﯿﻜﻮن ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻄﻮاف ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺮﻋﺎ ﻓﻰ رﻓﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﻟﺒﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ،وأﺧﺬ اﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﯾﺒﺤﺚ وﻟﻢ ﯾﺠﺪ .ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻣﻜﺔ ﻣﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻠﺔ ھﺎﻧﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﻮر اﻟﺠﺮاﻧﯿﺘﯿﺔ اﻟﻨﺎرﯾﺔ اﻟﻤﺘﺤﻮﻟﺔ ،واﻟﺘﻰ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﺘﺪاﺧﻞ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﺟﺪا ،وأﻏﻠﺐ ﺟﺴﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﺒﻨﻰ ﻣﻦ ھﺬه إﻟﺼﺨﻮر ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﺐ اﺳﻤﺎﻋﯿﻞ رﺟﻊ ﻷﺑﯿﮫ وﻗﺎل ﻟﻢ أﺟﺪ ﺣﺠﺮا ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻧﺠﻌﻠﮫ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻄﻮاف ﻓﻘﺎل ﻟﮫ اﺑﺮاھﯿﻢ (" ﻟﻘﺪ اﺗﺎﻧﻰ ﺑﮫ ﻣﻦ ھﻮ ﺧﯿﺮ ﻣﻨﻚ ،أﺗﺎﻧﻰ ﺑﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﻋﻠﯿﮫ 72
اﻟﺴﻼم" ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﻮن ﺑﮭﺬا اﻷﻣﺮ أرادوا اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺛﻐﺮة ﯾﮭﺎﺟﻤﻮن ﺑﮭﺎ اﻻﺳﻼم ﻓﻘﺎﻟﻮا ان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﯾﻌﻠﻤﻮن ﺷﯿﺌﺎ ،وﻗﺎﻟﻮا ان اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﺎھﻮ إﻻ ﺣﺠﺮ ﺑﺎزﻟﺖ أﺳﻮد ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻣﺎﺑﯿﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ، وﻣﻜﺔ وﺟﺮﻓﮫ اﻟﺴﯿﻞ وﻗﻄﻌﮫ إﻟﻰ ﺧﺎرج ﻣﻜﺔ ،وﻋﺜﺮ ﻋﻠﯿﮫ اﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ووﺿﻌﮫ ﺑﺪاﯾﺔ ﻟﻠﻄﻮاف ، وارادوا أن ﯾﺜﺒﺘﻮا ﺻﺪﻗﺎ ﻛﻼﻣﮭﻢ ﻓﺄرﺳﻠﻮا أﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻤﺒﺮدج ودرس اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وذ ھﺐ إﻟﻰ اﻟﻤﻐﺮب ،وﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﺤﺞ ﻣﻊ ﺣﺠﺎﺟﮭﺎ ،ورﻛﺐ اﻟﺒﺎﺧﺮة ،وﻛﺎن اﻟﺤﺠﺎج اﻟﻤﺼﺮﯾﻮن ﯾﺘﺨﺎﻃﻔﻮﻧﮫ ﻟﯿﻜﺮﻣﻮه ،وﯾﻄﻌﻤﻮه ﻓﺘﺄﺛﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﺜﯿﺮأ ﺛﻢ ﺗﺄﺛﺮ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ رأى ﻗﺒﺮ اﻟﺮﺳﻮل ، واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ،وﺗﺄﺛﺮ أﻛﺜﺮ ،وأﻛﺜﺮ ﺣﯿﻨﻤﺎ رأى اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف ﻣﻜﺔ ،وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻰ اﻟﻘﺮق اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ وﻗﺎل ) ﻟﻘﺪ ھﺰﻧﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻨﻈﺮ ﻛﺜﯿﺮأ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎق )وﻟﻜﻨﮫ ﻛﺎن ﻣﺼﻤﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﺠﺎزﻣﮭﻤﺘﮫ اﻟﺘﻰ ﺟﺎء ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ ،ودﺧﻞ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻓﻰ ﻏﻔﻠﺔ اﻟﺤﺮاﺳﺔ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺷﺪﯾﺪة ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻻﯾﺎم ،وﻛﺴﺮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،وذھﺐ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﺟﺪة واﺣﺘﻔﻞ ﺑﮫ ﺳﻔﯿﺮ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻓﻰ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ اﺣﺘﻔﺎل اﻻﺑﻄﺎل ﻓﮭﻮ ﻣﻦ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮھﻢ ﺑﻄﻞ أﺗﻰ ﺑﺎﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼن ﻛﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺎن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،ووﺻﻞ إﻟﻰ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ،وأودع ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﻸﺳﻮد ﻓﻰ ﻣﺘﺤﻒ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻰ ﺑﻠﻨﺪن ﻟﯿﻘﻮم ﺑﺘﺤﻠﯿﻠﮫ واﺛﺒﺘﻮا أﻧﮫ )ﻧﯿﺰك ( ﻣﻦ ﻧﻮع ﻓﺮﯾﺪ ﻓﻮﻗﻊ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻐﺸﯿﺎ ﻋﻠﯿﮫ وﻛﺘﺐ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﻦ اﺟﻤﻞ اﻟﻜﺘﺐ وﺳﻤﺎه )رﺣﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ( ﻣﻦ ﺟﺰأﯾﻦ وﺻﻒ ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻋﺪاءه ﻟﻺﺳﻼم وإﺻﺮاره ﻋﻠﻰ ھﺰﯾﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻓﻰ اﻟﺠﺰء اﻟﺜﺎﻧﻲ وﺻﻒ ﺧﻀﻮﻋﮫ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺴﺒﺐ أن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﻦ أﺣﺠﺎر اﻟﺴﻤﺎء. إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﺒﻨﺎء ﺑﻘﺮﯾﺶ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﯿﻤﻦ ﯾﺘﺸﺮف ﺑﻮﺿﻊ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻓﻲ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮﯾﻖ ﻗﺒﻞ ﻣﻜﺎﻧﮫ ،وﻛﺎدوا أن ﯾﻘﺘﺘﻠﻮا ،ﻓﺄﺷﺎر ﻋﻠﯿﮭﻢ أﺑﻮ أﻣﯿﺔ اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ -وﻗﺪ ﻛﺎن أﻛﺒﺮھﻢ ﺳﻨﺎً -أن ﯾﺤﻜﻤﻮا أول داﺧﻞ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ
ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ ﻓﻮاﻓﻘﻮا ،وﻛﺎن أول اﻟﺪاﺧﻠﯿﻦ ھﻮ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،وﻋﻨﺪﻣﺎ راؤه ﻗﺎﻟﻮا :ھﺬا ﻣﺤﻤﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،رﺿﯿﻨﺎ ﺑﮫ ﺣﻜﻤﺎً ،ورﺿﻲ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أن ﯾﺤﻜﻢ ﺑﯿﻨﮭﻢ ،ﻓﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﺒﺴﻄﻮا ﺛﻮب ﻓﻮﺿﻌﮫ ﻓﯿﮫ ،ﺛﻢ أﻣﺮ ﻣﻤﺜﻠﻲ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ أن ﯾﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﻣﻤﺜﻞ ﻗﺒﯿﻠﺔ ﺑﻄﺮف ﻣﻦ اﻟﺜﻮب ودﻓﻌﻮه إﻟﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎذوا ﻣﻜﺎﻧﮫ رﻓﻌﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﯿﺪﯾﮫ اﻟﻜﺮﯾﻤﺘﯿﻦ ﻓﻮﺿﻌﮫ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﮫ .و ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻘﻨﺖ دﻣﺎء ﻗﺮﯾﺶ ،وﻋﺎدت اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﯿﻦ رﺟﺎﻻت ﻗﺮﯾﺶ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﻜﻤﺎل اﻟﻤﺤﻤﺪي ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ.
اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ:أﺑﻮاب اﻟﺤﺮم ﻛﺎن أول ﺑﺎب ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ھﻮ ﺑﺎب ﺑﻨﻲ ﺷﯿﺒﺔ وھﻮ ﻣﻨﺴﻮب إﻟﻰ ﺷﯿﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺤﺠﺒﻲ ﺳﺎدن اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﺑﺠﻮار ﺑﯿﺘﮫ وﯾﻘﺎل ﻟﮭﺬا اﻟﺒﺎب :ﺑﺎب اﻟﺴﻼم .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺪﺧﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻷﻧﮫ ﻣﻮاﺟﮫ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ أﻣﺎم ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ .ﯾﺒﻠﻎ ﻋﺪد أﺑﻮاب اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺣﺎﻟﯿﺎً ) 25ﺑﺎﺑﺎً( ﻣﻨﮭﺎ أرﺑﻌﺔ أﺑﻮاب رﺋﯿﺴﯿﺔ ھﻲ: 73
ﺑﺎب اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﺎب اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﺎب اﻟﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﻌﻤﺮة وأﺑﻮاب ﻓﺮﻋﯿﺔ ﻣﻨﮭﺎ :ﺑﺎب أﺟﯿﺎد ،وﺑﻼل ،وﺣﻨﯿﻦ ،وإﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،واﻟﺼﻔﺎ ،وﺑﻨﻲ ھﺎﺷﻢ، وﻋﻠﻲ ،واﻟﻌﺒﺎس ،وﺑﺎب اﻟﻨﺒﻲ ،واﻟﺴﻼم ،وﺑﻨﻲ ﺷﯿﺒﺔ ،واﻟﺤﺠﻮن ،واﻟﻤﻌﻼة ،واﻟﻤﺪﻋﻰ ،واﻟﻤﺮوة، واﻟﻤﺤﺼﺐ ،وﻋﺮﻓﺔ ،وﻣﻨﻰ ،واﻟﻘﺮارة ،واﻟﻔﺘﺢ ،وﺑﺎب ﻋﻤﺮ ،واﻟﻨﺪوة ،واﻟﺸﺎﻣﯿﺔ ،واﻟﻘﺪس، واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،واﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ. وﻗﺪ ﺗﻮﻟﺖ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ وﻗﻮى أﻣﻦ اﻟﺤﺮم اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷﺑﻮاب وﻣﺘﺎﺑﻌﺘﮭﺎ وﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺣﺎل اﻟﺪﺧﻮل واﻟﺨﺮوج.
74
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎﺑﻊ:ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ أن رﺣﺎب اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺗﺤﻔﻞ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻷﺛﺮﯾﺔ ذات اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻌﮭﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ورﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ذاﻛﺮة اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻹﺳﻼﻣﻲ .وأﺑﺮز اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺰاﺧﺮة ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻤﺎري ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ وﻣﺴﺠﺪ ﺟﻌﺮاﻧﺔ واﻟﺠﻦ واﻟﺨﯿﻒ واﻟﺮاﯾﺔ وﻋﺎﺋﺸﺔ واﻟﺼﺨﺮات واﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام وﻧﻤﺮة .واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ أھﻤﯿﺔ إﺿﺎﻓﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﯿﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓﻤﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ ﺗﻤﺖ ﻋﻠﻰ أرﺿﮫ أول ﺑﯿﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﯾﺠﺎوره ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﺑﯿﻌﺔ اﻟﺠﻦ ، وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ اﻟﺬي ﺷﮭﺪ ﺻﻼة اﻟﺮﺳﻞ ﻓﯿﮫ ،وﻣﺴﺎﺟﺪ أﺧﺮى ﻧﺰل ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻨﺎﺑﺮ أﺳﮭﻤﺖ ﻓﻲ ﺑﺚ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ وإﯾﺼﺎﻟﮭﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ،ﻓﺄﻏﻠﺐ ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻻزاﻟﺖ ﺷﺎﻣﺨﺔ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ وھﻲ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺗﺎرﯾﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،واﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻰ ﯾﻮﺿﺢ اﺑﺮز ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ. ﺟﺪول) (14ﯾﻮﺿﺢ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ
اﻟﻮﺻﻒ ﯾﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﻤﮭﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،واﺳﺘﻤﺪ ھﺬه اﻷھﻤﯿﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻋﺪدٍ ﻣﻦ اﻟﺤﻮادث ﻓﯿﮫ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻠﻘﻰ ﻧﺒﻲ اﻟﮭﺪى -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﺑﯿﻌﺔ اﻟﺠﻦ ﻓﯿﮫ ،وﺑﺘﺮاﺑﮫ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺨﻂ اﻟﺬي اﺧﺘﻄﮫ اﻟﺮﺳﻮل -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﻻﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ،وﻓﻲ إﺣﺪى ﻟﯿﺎﻟﯿﮫ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﻊ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ - وھﻮ ﯾﺘﻠﻮ اﻟﻘﺮآن ،وﻧﺰﻟﺖ ﺳﻮرة اﻟﺠﻦ .وﯾﻘﻊ اﻟﻤﺴﺠﺪ أﻣﺎم ﻣﻘﺒﺮة اﻟﻤﻌﻼة ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﯾﺴﻤﯿﮫ ﺑﻌﺾ أھﻞ ﻣﻜﺔ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮس وﺟﺪد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وآﺧﺮ ﺗﺠﺪﯾﺪ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ -رﺣﻤﮫ اﷲ -ﻋﺎم 1421ه .وﻗﺪ ﻋﻤﺮ ﻋﻤﺎرة ﺑﺪﯾﻌﺔ وأﻟﺒﺴﺖ ﺟﺪراﻧﮫ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ اﻟﻤُﻤَﺜﻞ اﻟﺠﻤﯿﻞ. وﯾﻘﺎل أن اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺧﻂ ﻓﯿﮫ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻌﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ـ ﺧﻄﺎً ،وﻗﺪ أُﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻦ ،ﻓﺄﺧﺬ ﻣﻌﮫ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ـ رﺿﻲ
اﷲ
ﻋﻨﮫ
ـ
واﻧﻄﻠﻖ
ﺣﺘﻰ
أﺗﻰ
اﻟﺤﺠﻮن
ﻋﻨﺪ
ﺷﻌﺐ
أﺑﻲ
دُبّ
.
ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن ،ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ـ ﻗﺎل :إن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺻﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء ،ﺛﻢّ اﻧﺼﺮف ،ﻓﺄﺧﺬ ﺑﯿﺪ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ـ ﻓﺨﺮج ﺑﮫ ،ﺣﺘﻰ أﺗﻰ أﺑﻄﺢ ﻣﻜﺔ ، ﻓﺄﺟﻠﺴﮫ ،ﺛﻢّ ﺧﻂ ﻋﻠﯿﮫ ﺧﻄﺎً ﺛﻢ ّ ﻗﺎل ﻟﮫ " :ﻻ ﺗﺒﺮح ،وﯾﺤﻚ .ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺳﺘﻨﺘﮭﻲ إﻟﯿﻚ رﺟﺎل ،ﻓﻼ ﺗﻜﻠﻤﮭﻢ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻟﻦ ﯾﻜﻠﱢﻤﻮك " ﺛﻢ اﻧﻄﻠﻖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ أره ،ﻓﺒﯿﻨﻤﺎ أﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ،ﻓﺈذا أﻧﺎ ﺑﺮﺟﺎل ﻛﺄﻧﮭﻢ اﻟﺰّط :ﺷﻌﻮرھﻢ ،وأﺟﺴﺎﻣﮭﻢ ،ﻻ أرى ﻋﻮرة ،وﻻ أرى ﺑَﺸْﺮاً ،ﻓﺠﻌﻠﻮا ﯾﻨﺘﮭﻮن إﻟﻰ اﻟﺨﻂّ ،ﻓﻼ ﯾﺠﻮزوﻧﮫ ، ﺛﻢّ ﯾﺼﺪرون إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﺟﺎء رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ 75
ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وأﻧﺎ ﻓﻲ ﺧﻄﻲّ ﻓﻘﺎل " :ﻟﻘﺪ آذاﻧﻲ ھﺆﻻء ﻣﻨﺬ اﻟﻠﯿﻠﺔ " .ﺛﻢ دﺧﻞ ﻋﻠﻲّ ﻓﻲ اﻟﺨﻂ ،ﻓﺘﻮﺳﺪ ﻓﺨﺬي ﺛﻢ رﻗﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،وﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إذا ﻧﺎم ﻧﻔﺦ ﻓﺬﻛﺮ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻓﯿﮫ ﻃﻮل. ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻌْﺮاﻧﺔ
وﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺔ اﻟﺠﻌﺮاﻧﺔ وھﻲ ﻗﺮﯾﺔ ﺻﻐﯿﺮة ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮم ﯾﻌﺘﻤﺮ ﻣﻨﮫ أھﻞ ﻣﻜﺔ وھﻲ ﺣﺪّ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﻧﺰﻟﮫ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وأﺣﺮم ﻣﻨﮫ ﻟﻌﻤﺮﺗﮫ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﻗﺪ رُﻣﱢﻢ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ووﺳﻊ ﻣﺮاراً ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﻣﻜﺎﻧﮫ اﻵن ﻣﺴﺠﺪ ﺑﻨﻲ ﺣﺪﯾﺜﺎ. وذﻛﺮ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻔﺎﺳﻲ :أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﺣﺮم ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ اﻟﺬي ﺗﺤﺖ اﻟﻮادي ﺑﺎﻟﻌُﺪوة اﻟﻘﺼﻮى ﻣﻦ اﻟﺠﻌﺮان ،وﻛﺎن ﻣﺼﻠﱠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ـ إذا ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺠﻌﺮاﻧﺔ ـ وﻛﺎن إﺣﺮاﻣﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﯿﻠﺔَ اﻷرﺑﻌﺎء ﻻﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﻟﯿﻠﺔ ﺑﻘﯿﺖ ﻣﻦ ذي اﻟﻘﻌﺪة ،وﻛﺎن اﻧﺘﮭﻰ إﻟﻰ اﻟﺠﻌﺮان ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺨﻤﯿﺲ
ﻟﺨﻤﺲ
ﻟﯿﺎلٍ
ﺧﻞَ,ن
ﻣﻦ
ذي
اﻟﻘﻌﺪة
،
وأﻗﺎم
ﺑﮭﺎ
ﺛﻼث
ﻋﺸﺮة
ﻟﯿﻠﺔ
.
واﻟﺠﻌﺮاﻧﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻮاﻗﯿﺖ اﻟﻌﻤﺮة ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﻹﺣﺮام اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن ،ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺐ ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ واﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ. ﻣﺴﺠﺪ
اﻟﺘﱠﻨْﻌِﯿﻢ)ﻣﺴﺠﺪ وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺰﺧﺮ ﺑﮭﺎ ﺗﺮاث ﻣﻜﺔ اﻟﻌﺮﯾﻖ وﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ زوج اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ
ﻋﺎﺋﺸﺔ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ـ وﺳﻠﻢ -ﻋﺎﺋﺸﺔ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ -وﯾﻘﻊ ﺑﺎﻟﺘﻨﻌﯿﻢ وﯾﺴﻤﻰ ﺑﻤﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ وﻣﺴﺠﺪ اﻟﻌﻤﺮة ،اﻋﺘﻤﺮت ﻣﻨﮫ أم رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ(
اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ -ﺑﻌﺪ ﺣﺠﮭﺎ ﻋﺎم ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع ،ﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻨﺤﻮ ﺳﺘﺔ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮات ،وﺗﻢ ﺗﺠﺪﯾﺪه وﺗﻮﺳﻌﺘﮫ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ -رﺣﻤﮫ اﷲ -ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ) 84,000 ( ﻣﺘﺮ وﯾﺴﺘﻮﻋﺐ ﻧﺤﻮ ) ( 15,000ﻣﺼﻞ ،وﯾﻌﺘﻤﺮ ﻣﻨﮫ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﻌﺘﻤﺮﯾﻦ ﻣﻦ داﺧﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻟﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام.
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺼﺨﺮات
ﯾﻘﻊ ﺑﻌﺮﻓﺎت أﺳﻔﻞ ﺟﺒﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻦ اﻟﺼﺎﻋﺪ إﻟﯿﮫ وھﻮ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻗﻠﯿﻼ ﻋﻦ اﻷرض ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ ﺟﺪار ﻗﺼﯿﺮ وﻓﯿﮫ ﺻﺨﺮات ﻛﺒﺎر وﻗﻒ ﻋﻨﺪھﺎ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻋﺸﯿﺔ ﻋﺮﻓﺔ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺘﮫ اﻟﻘﺼﻮاء .وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻧﺰل ﻋﻠﯿﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ..ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ )):اﻟْﯿَﻮْمَ أَﻛْﻤَﻠْﺖُ ﻟَﻜُﻢْ دِﯾﻨَﻜُﻢْ وَأَﺗْﻤَﻤْﺖُ ﻋَﻠَﯿْﻜُﻢْ ﻧِﻌْﻤَﺘِﻲ وَرَﺿِﯿﺖُ ﻟَﻜُﻢُ اﻹِﺳْﻼَمَ دِﯾﻨﺎً )) ،...وأﺣﯿﻂ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﺑﺠﺪار ﻃﻮﻟﮫ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ اﻟﻘﺒﻠﺔ 13.3ﻣﺘﺮا واﻟﺠﺪار اﻟﺬي ﻋﻠﻰ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﯾﺴﺎره 8أﻣﺘﺎر أﻣﺎ اﻟﺠﺪار اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻘﺒﻠﺔ ﻓﺪاﺋﺮي ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ.
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺸﺠﺮة
وﯾﻘﻊ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ دﺑﺮ دار ﻣﻨﺎرة ﺑﺤﺬاء ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ .ﯾﻘﺎل :إن اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ- دﻋﺎ ﺷﺠﺮة ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﮫ وھﻮ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ ،ﻓﺴﺄﻟﮭﺎ ﻋﻦ ﺷﯿﺊ ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ ﺗﺨﻂ ﺑﺄﺻﻠﮭﺎ وﻋﺮوﻗﮭﺎ اﻷرض ﺣﺘﻰ وﻗﻔﺖ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ،ﻓﺴﺄﻟﮭﺎ ﻋﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪ ،ﺛﻢ أﻣﺮھﺎ ﺑﺄﺻﻠﮭﺎ وﻋﺮوﻗﮭﺎ اﻧﺘﮭﺖ إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﮭﺎ.
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ
ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺢ ﺟﺒﻞ ﻣﻨﻰ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻗﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺮة اﻟﺼﻐﺮى وﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ - واﻷﻧﺒﯿﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ وﻗﺪ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻮﺿﻊ اھﺘﻤﺎم وﻋﻨﺎﯾﺔ ﺧﻠﻔﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وَوُﺳِﻌﺖ ﻋﻤﺎرﺗﮫ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1407ه وﺑﮫ أرﺑﻊ ﻣﻨﺎرات ﻛﻤﺎ زود ﺑﺠﻤﯿﻊ اﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ﻣﻦ إﺿﺎءة وﺗﻜﯿﯿﻒ وﻓﺮش وﻣﺠﻤﻊ ﻟﺪورات اﻟﻤﯿﺎه ﺑﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ دورة ﻣﯿﺎه وﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﺻﻨﺒﻮر ﻟﻠﻮﺿﻮء. ﯾﻌﺪ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ ﻣﺼﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ-ﻓﻲ ﻣﻨﻰ ،وﻗﺪ ﺣﺪد ﻣﻜﺎن ﺻﻼة اﻟﺮﺳﻮل ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ ﻋﻨﺪ اﻷﺣﺠﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﻟﻤﻨﺎرة ،وھﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﺼﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،واﻟﺘﻲ ھﺪﻣﺖ ﻋﻨﺪ ﺗﺠﺪﯾﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ .وﯾﻘﻊ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺳﻔﺢ ﺟﺒﻞ ﻣﻨﻰ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ 76
ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺮة اﻟﺼﻐﺮى.ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﻲ ﺛﺒﺖ ﻟﮭﺎ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎدﯾﺚ واﻵﺛﺎر ،ﻓﻔﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻣﺮﻓﻮﻋﺎً " :ﺻﻠّﻰ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ ﺳﺒﻌﻮن ﻧﺒﯿﺎً " وﻗﺪ ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺠﺘﮫ ،ﻛﺎن ﺻﺤﺎﺑﺔ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻟﮭﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻀﻠﮫ ،وﯾﺬﻛﺮوﻧﮫ ﺑﺨﯿﺮ ﻛﺜﯿﺮ ، وﯾﺤﻀﻮن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ أﺛﻨﺎء أداء اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ ،ﻓﻌﻦ اﺑﻦ ﺟُﺮﯾﺢ ﻗﺎل :ﻗﻠﺖ ﻟﻌﻄﺎء :رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎر ﺷﻐﻞ ﻓﻲ أﯾﺎم اﻟﺤﺞ ﻓﻲ ﺑﯿﻌﮫ ،ﻓﻠﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺮ ،ﻗﺎل :ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻓﯿﮫ ،ﻗﻠﺖ ـ أﺗﻮﺟﺐ اﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ؟ ﻗﺎل :ﻻ ،وﻟﻜﻦ ﺻﻠﻮا ﻓﯿﮫ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ .وﻗﺎل أﺑﻮ ھﺮﯾﺮة ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ـ :ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ أھﻞ ﻣﻜﺔ ، ﻣﺎ ﺟﺎءت ﻋﻠﻲّ ﺟﻤﻌﺔ إﻻ ﺻﻠﯿﺖ ﻓﯿﮫ. ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام )ﻣﺴﺠﺪ ﻣﺰدﻟﻔﺔ(
ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺴﺠﺪ ﻧﻤﺮة ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺎت وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﻰ؛ ﻟﻜﻮن ﻣﺰدﻟﻔﺔ واﻗﻌﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﺮﻓﺎت ﻓﻲ ﺷﺮﻗﮭﺎ وﻣﻨﻰ ﻓﻲ ﻏﺮﺑﮭﺎ .وھﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺬي ﻧﺰل اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻋﻨﺪ ﻗﺒﻠﺘﮫ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع ،وﻓﯿﮫ ﻧﺰل اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻋﻨﺪ ﻗﺒﻠﺘﮫ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع .وﻛﺎن اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﮭﺠﺮي ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺸﻜﻞ ﻣﺘﻮاﺿﻊ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ واﻟﺒﻨﺎء وﯾﺤﯿﻂ ﺑﮫ ﺳﻮر ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺸﻜﻞ وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻈﻼت ،وﻓﯿﮫ ﺳﺘﺔ أﺑﻮاب ،ﺑﺎب ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،وﺑﺎﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﺪار اﻷﯾﻤﻦ ،وﺑﺎﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﺠﺪار اﻷﯾﺴﺮ ،وﺑﺎب ﻓﻲ ﻣﺆﺧﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ . وﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺴﻌﻮدي ﺗﻤﺖ ﻋﻤﺎرﺗﮫ وﺗﻮﺳﻌﺘﮫ ﻋﺎم 1395ه ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺴﺘﻄﯿﻞ وﺑﻠﻐﺖ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ 5040ﻣﺘﺮا ﻣﺮﺑﻌﺎ ،ﺑﻄﺎﻗﺔ اﺳﺘﯿﻌﺎﺑﯿﺔ 12أﻟﻒ ﻣﺼﻞ وﻃﻮﻟﮫ 90ﻣﺘﺮا (ﻣﻦ اﻟﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻐﺮب( ،وﻋﺮﺿﮫ 56ﻣﺘﺮا وﯾﺰدان ﺑﻤﻨﺎرﺗﯿﻦ ارﺗﻔﺎﻋﮭﻤﺎ 32م وﻟﮫ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺪاﺧﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ واﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ وﻧﻮاﻓﺬ وﺷﺮﻓﺎت ﻣﺴﻨﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺘﻒ ﺣﻮل ﺳﻄﺤﮫ .وﻗﺪ أﻋﯿﺪ ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺴﺘﻄﯿﻞ وﺑﻨﻲ ﺑﺎﻵﺟﺮ اﻟﻤﻐﻄﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ﺑﺎﻷﺣﺠﺎر اﻟﻤﺼﻘﻮﻟﺔ وﺗﺨﻄﯿﻄﮫ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻛﺘﻠﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎء ﻣﻐﻠﻘﺔ ﻣﻘﺴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﻤﻈﻼت ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻮد )أﺳﻘﻒ( ﻧﺼﻒ داﺋﺮﯾﺔ ﻣﺤﻤﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺪة اﺳﻄﻮاﻧﯿﺔ.
ﻣﺴﺠﺪ ﻧﻤﺮ
وھﻮ ﻣﻦ أھﻢ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﺸﻌﺮ ﻋﺮﻓﺎت وﺑﮫ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﺸﺮات اﻵﻻف ﻣﻦ ﺿﯿﻮف اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺻﻼﺗﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻓﻲ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ﺟﻤﻌًﺎ وﻗﺼﺮًا اﻗﺘﺪاء ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،وﺑﻨﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﺧﻄﺐ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع وذﻟﻚ ﻓﻲ أول ﻋﮭﺪ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﮭﺠﺮي .وﻣﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺘﻮﺳﻌﺎت ﺗﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﱢ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﺑﻌﺪ اﺗﺴﺎﻋﮫ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺧﺎرج ﻋﺮﻓﺎت ،وﻣﺆﺧﺮة اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﻋﺮﻓﺎت ،وھﻨﺎك ﻟﻮﺣﺎت إرﺷﺎدﯾﺔ ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﯾﻌﺮف اﻟﺤﺠﺎج ﻣﻮاﻗﻔﮭﻢ .وﺷﮭﺪ ﻣﺴﺠﺪ ﻧﻤﺮة أﻛﺒﺮ ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺴﻌﻮدي ،وﯾﺒﻠﻎ ﻃﻮﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﺮق إﻟﻰ اﻟﻐﺮب 340ﻣﺘﺮا وﻋﺮﺿﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب 240ﻣﺘﺮا ،وﻣﺴﺎﺣﺘﮫ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 110آﻻف ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ، وﺗﻮﺟﺪ ﺧﻠﻒ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻈﻠﻠﺔ ﺗﻘﺪﱠر ﻣﺴﺎﺣﺘﮭﺎ ب 8000ﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ،وﯾﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻧﺤﻮ 350أﻟﻒ ﻣﺼﻞ ،وﻟﮫ ﺳﺖ ﻣﺂذن ،وارﺗﻔﺎع ﻛﻞ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﻣﻨﮭﺎ 60ﻣﺘﺮاً ،وﻟﮫ ﺛﻼث ﻗﺒﺎب ،وﻋﺸﺮة ﻣﺪاﺧﻞ رﺋﯿﺴﯿﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ 64ﺑﺎﺑًﺎ ،وﻓﯿﮫ ﻏﺮﻓﺔ ﻟﻺذاﻋﺔ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﺠﮭﺰة ﻟﻨﻘﻞ اﻟﺨﻄﺒﺔ وﺻﻼﺗﻲ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻟﯿﻮم ﻋﺮﻓﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ .وھﻜﺬا ﺗﻈﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ذات اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺪﻻﻟﻲ ،اﻟﺘﻲ ﻗﺎدت إﻟﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ وﺟﮫ اﻟﺘﺎرﯾﺦ واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﺗﮫ اﻟﺒﻨﺎﺋﯿﺔ واﻟﻌﻤﺮاﻧﯿﺔ. ﯾﻘﻊ ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺷﻤﺎل ﻋﺮﻓﺎت ،وﻣﻘﺪﻣﺘﮫ ﻣﻤﺎ ﯾﻠﻲ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﺣﺪود أرض اﻟﻮﻗﻒ .وھﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺬي 77
ﺻﻠﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :-ﺳﺎر رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ -ﺣﺘﻰ أﺗﻰ ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻮﺟﺪ اﻟﻘﺒﺔ ﻗﺪ ﺿﺮﺑﺖ ﻟﮫ ﺑﻨﻤﺮة ﻓﻨﺰل ﺑﮭﺎ ،ﺣﺘﻰ إذا زاﻏﺖ اﻟﺸﻤﺲ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮاء ﻓﺮﺣﻠﺖ ﻟﮫ ،ﻓﺮﻛﺐ ﺣﺘﻰ أﺗﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﻮادي ﻓﺨﻄﺐ اﻟﻨﺎس ،ﺛﻢ أذن ﺑﻼل ﺑﻨﺪاء واﺣﺪ ،ﺛﻢ أﻗﺎم ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ ،ﺛﻢ أﻗﺎم ﻓﺼﻠﻰ اﻟﻌﺼﺮ .ﻛﻤﺎ أﻧﮫ ﻗﺮأ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻲ ﺑ ﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ- ﺳﻮرة » ﺑﺮاءة« ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺐ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﻨﮫ أن ﯾﺒﻠﻐﮭﺎ ﻋﻨﮫ ﻟﻠﺒﺮاءة ،وﺑﺄن ﻻ ﯾﺤﺞ ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻟﻌﺎم ﻣﺸﺮك ،وأن ﻻ ﯾﻄﻮف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﻋﺮﯾﺎن. ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺮاﯾﺔ
وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﻲ ﺻﻠﻰ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وﺑﻨﺎه ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑ ﻦ ﻋﺒﺎس ﺛﻢ ﺑﻨﺎه ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻢ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺳﻨﺔ 640ه وﻋﻤّﺮه ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻷﻣﯿﺮ ﻗﻄﻠﺒﻚ اﻟﺤﺴﺎﻣﻲ اﻟﻤﻨﺤﻠﻲ ﺳﻨﺔ 801ه وھﻮ اﻵن ﻗﺪ ﺑﻨﻲ ﺑﻨﺎءً ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ -رﺣﻤﮫ اﷲ -وﯾﻘﻊ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺠﻮدرﯾﺔ.
ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ
ﯾﻌﻮد ﺗﺎرﯾﺦ "ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ" إﻟﻰ ﺳﻨﺔ 144ه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﻨﺎه اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﺗﻤﺖ ﻓﯿﮫ اﻟﺒﯿﻌﺔ ﺗﺨﻠﯿﺪاً ﻟﮭﺬه اﻟﺬﻛﺮى وﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ 500ﻣﺘﺮ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،وﯾﺸﺎھﺪه اﻟﺤﺠﺎج اﻟﻌﺎﺑﺮون ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻤﺮات ،وھﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺼﻠﻰ ﻻ ﺳﻘﻒ ﻟﮫ ﯾﺤﻮي ﻣﺤﺮاﺑًﺎ وﻣﻠﺤﻘًﺎ ﻣﻌﮫ ﻓﻨﺎء أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ ،ﯾﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺢ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻟﺠﺒﻞ " ﺛﺒﯿﺮ" اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ " ﺷﻌﺐ اﻷﻧﺼﺎر" أو" ﺷﻌﺐ اﻟﺒﯿﻌﺔ ".وﯾﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ ﺣﺠﺮان ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ أﺣﺪھﻤﺎ ﻋﺒﺎرة " أﻣﺮ ﻋﺒﺪاﷲ -أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ أﻛﺮﻣﮫ اﷲ -ﺑﺒﻨﯿﺎن ھﺬا اﻟﻤﺴﺠﺪ " ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ،وﺑﮫ رواﻗﺎن ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺘﯿﻦ اﻟﺸﺎﻣﯿﺔ واﻟﯿﻤﺎﻧﯿﺔ ﺑﻄﻮل 23ذراﻋﺎ وﻋﺮض 14ذراﻋﺎ وﻧﺼﻒ اﻟﺬراع ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﺴﻘﻮف ﺑﺜﻼث ﻗﺒﺐ ﻋﻠﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮد وﺑﺎﺑﯿﻦ وﻃﻮل اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﻣﺤﺮاﺑﮫ إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﺮﺣﺒﺔ 38ذراﻋﺎ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ .وﻣﺎزال اﻟﻤﺴﺠﺪ ﯾﺤﺘﻔﻆ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺘﮫ وﻧﻘﻮﺷﮫ اﻹﻧﺸﺎﺋﯿﺔ اﻷﺛﺮﯾﺔ ،إذ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ ﻧﻘﺶ إﻧﺸﺎﺋﻲ ﯾﺆرخ ﻟﻌﻤﺎرﺗﮫ وآﺧﺮ ﺗﺬﻛﺎري ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺘﺮة وﻧﻘﺶ إﻧﺸﺎﺋﻲ ﻣﺆرخ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 625ه .وﻇﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺘﻮارﯾًﺎ ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر ﺧﻠﻒ اﻟﺠﺒﻞ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة وإزاﻟﺔ اﻟﺠﺒﻞ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺗﻮﺳﻌﺔ ﻣﺸﻌﺮ ﻣﻨﻰ ﻟﻄﺮق اﻟﻤﺸﺎة واﻟﺤﺎﻓﻼت ﺿﻤﻦ ﻣﺸﺮوع ﻣﻨﺸﺄة اﻟﺠﻤﺮات ﻇﮭﺮ ﺟﻠﯿﺎ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات .وﺗﻤﺖ ﺑﯿﻌﺔ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﻣﻨﻰ ﺳﻨﺔ 12ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻮة 621م ﺣﯿﺚ ﺑﺎﯾﻊ 12ﺷﺨﺼًﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻠﺘﻲ اﻷوس واﻟﺨﺰرج ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﯿﻌﺔ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ذات اﻟﻤﻮﺿﻊ ،وذﻟﻚ أﺛﻨﺎء ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺞ ﺳﻨﺔ 13ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻮة 622م ،وﺣﻀﺮ ھﺬه اﻟﺒﯿﻌﺔ 73رﺟﻼ ًواﻣﺮأﺗﺎن ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة ،ودﻋﻮا اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أن ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ، وﻗﺎﻟﻮا :إﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻧﺪع رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻄﺮد ﻓﻲ ﺟﺒﺎل ﻣﻜﺔ ،وﻋﺮﻓﺖ ھﺬه اﻟﺒﯿﻌﺔ أﯾﻀﺎ ﺑﺒﯿﻌﺔ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻜﺒﺮى وﺑﻨﻰ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺳﻨﺔ 144ه 761 -م ﻣﺴﺠﺪًا ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺒﯿﻌﺔ ،ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﺼﺮح ﻓﻲ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﻣﺜﺒﺘﮫ ﻓﻲ ﺟﺪار اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻟﻠﻘﺒﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج وھﻮ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻓﻨﺎء ﻣﻜﺸﻮف ﯾﺘﻘﺪﻣﮫ ﻣﻈﻠﺔ. وﻛﺎن ﻣﻮﺿﻊ اھﺘﻤﺎم وﻋﻨﺎﯾﺔ ﺧﻠﻔﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻟﻌﻞ ﺑﻨﺎءه اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﺜﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺠﺺ.
78
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
79
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :اﻟﺤﺞ: ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﺤﺞ: اﻟﺤﺞ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻌﻨﺎه :اﻟﻘﺪوم واﻟﻘﺼﺪ.واﻟﻤﻘﺼﻮد :اﻟﻘﺼﺪ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام)اﻟﻜﻌﺒﺔ( ﻷداء ﻣﻨﺎﺳﻚ ھﺬه اﻟﻔﺮﯾﻀﺔ وﺷﻌﺎﺋﺮھﺎ . اﻟﺤﺞ ﺷﺮﻋﺎ ﻣﻌﻨﺎه :ﻗﺼﺪ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﻨﺴﻚ .
ﺣﻜﻢ اﻟﺤﺞ: ﻓُﺮض اﻟﺤﺞ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮة ،وآﯾﺔ ﻓﺮﺿﮫ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺣِﺞﱡ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً{ )ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان (97 :ﻧﺰﻟﺖ ﻋﺎم اﻟﻮﻓﻮد أواﺧﺮ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ وھﻮ رأي أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء .واﺗﻔﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﯿﺔ اﻟﺤﺞ ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ ﺑﺪﻟﯿﻞ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ .أﻣّﺎ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ }:وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺣِﺞﱡ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنﱠ اﷲ ﻏَﻨِﻲﱞ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{ )ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان .(97:وأﻣّﺎ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ : ﺑﻨﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ :ﺷﮭﺎدة أن ﻻ إﻟﮫ إﻻّ اﷲ وأنّ ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ وإﻗﺎم اﻟﺼﻼة وإﯾﺘﺎء اﻟﺰﻛﺎة ،وﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ ،وﺻﻮم رﻣﻀﺎن ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ .واﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﯿﺔ اﻟﺤﺞ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ ھﻮ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل :ﺧﻄﺒﻨﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ أﯾّﮭﺎ اﻟﻨّﺎس ﻗﺪ ﻓﺮض اﷲ ﻋﻠﯿﻜﻢ اﻟﺤﺞ ﻓﺤﺠﻮا ،ﻓﻘﺎل رﺟﻞ :أﻛﻞﱠ ﻋﺎم ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ؟ ﻓﺴﻜﺖ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﮭﺎ ﺛﻼﺛﺎً ،ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻟﻮ ﻗﻠﺖ :ﻧﻌﻢ ﻟﻮﺟﺒﺖ وﻟﻤﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ رواه ﻣﺴﻠﻢ. وﻗﺪ ﯾﺠﺐ اﻟﺤﺞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻟﻌﺎرضٍ ﻛﻨﺬر ﻛﺄن ﯾﻘﻮل" :ﷲ ﻋﻠﻲ ﺣﺠﺔ" .وﻗﺪ ﯾﺤﺮم اﻟﺤﺞ ﻛﺎﻟﺤﺞ ﺑﻤﺎل ﺣﺮام ،وﻗﺪ ﯾﻜﺮه ﻛﺎﻟﺤﺞ ﺑﻼ إذن ﻣﻤّﻦ ﯾﺠﺐ اﺳﺘﺌﺬاﻧﮫ .ﻛﺄﺣﺪ أﺑﻮﯾﮫ ﻣﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺧﺪﻣﺘﮫ، وﻛﺎﻟﺪاﺋﻦ اﻟﻐﺮﯾﻢ ﻟﻤﺪﯾﻦ ﻻ ﻣﺎل ﻟﮫ ﯾﻘﻀﻲ ﺑﮫ ،وﻛﺎﻟﻜﻔﯿﻞ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪاﺋﻦ .إﻻّ ﺑﺎﻹذن.
ﺗﻮﻗﯿﺖ اﻟﺤﺞ : وﻗﺖ اﻟﺤﺞ ﻣﻦ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ إﻟﻰ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ أو اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻨﮫ وﯾﺆم ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﺣﻮاﻟﻲ ﻣﻠﯿﻮﻧﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﯿﺞ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﻔﺮﻗﯿﻦ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﻟﯿﺘﻌﺎرﻓﻮا و ﯾﺘﺪارﺳﻮا أﺣﻮاﻟﮭﻢ .
:
اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ:
)أ( اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺰﻣﺎﻧﯿﺔ :ﺑﯿﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ اﻟﺰﻣﺎﻧﯿﺔ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺟﻠﺖ ﻗﺪرﺗﮫ} اﻟﺤﺞ أﺷﮭﺮ 80
ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت { ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺮﯾﺪ اﻟﺤﺞ أن ﻻ ﯾﺤﺮم ﺑﺤﺠﮫ إﻻ ﻓﻲ اﻷﺷﮭﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ وھﻲ ﺷﻮال وذو اﻟﻘﻌﺪة، وذو اﻟﺤﺠﺔ ،أي اﻟﻌﺸﺮة اﻷﯾﺎم اﻷوﻟﻰ ﻣﻨﮫ ،ﻷن اﻟﺤﺞ ﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﯿﻮﻣﮫ اﻷﻛﺒﺮ وھﻮ ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ ،ﻋﺎﺷﺮ اﻟﺤﺠﺔ ،وأﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻻﺋﻖ ﺑﻌﺪ أن ﻋﯿﻦ رب اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﺰﯾﺎرة ﻟﺰاﺋﺮﯾﮫ أن ﯾﺘﺠﺎھﻞ اﻟﻤﺮء ھﺬا اﻟﻤﻮﻋﺪ وﯾﺤﺮم ﺑﺤﺠﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮه ،وﻟﺬا أﺟﻤﻊ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺳﻠﻔﺎ وﺧﻠﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺮاھﺔ اﻹﺣﺮام ﻓﻲ ﻏﯿﺮ أﺷﮭﺮه . )ب( اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ اﻟﻤﻜﺎﻧﯿﺔ : اﻟﻤﯿﻘﺎت اﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻓﻘﺪ ﺣﺪده رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺗﺤﺪﯾﺪا ﻛﺎﻣﻼ واﺿﺤﺎ وھﻮ ﯾﻜﺘﻨﻒ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ أﻗﻄﺎرھﺎ وﻣﻨﺎﺣﯿﮭﺎ :ﺷﻤﺎﻻ ،وﺟﻨﻮﺑﺎ ،وﺷﺮﻗﺎ وﻏﺮﺑﺎ ،ﻓﻘﺪ أﺧﺮج أﺻﺤﺎب اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﻮﻟﮫ :وﻗﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻷھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ذا اﻟﺤﻠﯿﻔﺔ ،وﻷھﻞ اﻟﺸﺎم اﻟﺠﺤﻔﺔ ،وﻷھﻞ ﻧﺠﺪ ﻗﺮن اﻟﻤﻨﺎزل ،وﻷھﻞ اﻟﯿﻤﻦ ﯾﻠﻤﻠﻢ ،ﻗﺎل ﻓﮭﻦ ﻟﮭﻦ وﻟﻤﻦ أﺗﻰ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أھﻠﮭﻦ ﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﺮﯾﺪ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ،ﻓﻤﻦ ﻛﺎن دوﻧﮭﻦ ﻓﻤﮭﻠﮫ ﻣﻦ أھﻠﮫ، ﺣﺘﻰ أھﻞ ﻣﻜﺔ ﯾﮭﻠﻮن ﻣﻨﮭﺎ،وﺗﺘﻤﺜﻞ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ اﻟﻤﻜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﻰ: -1ذو اﻟﺤﻠﯿﻔﺔ :وﺗﺴﻤﻰ اﻵن آﺑﺎر ﻋﻠﻲ ،وھﻲ أﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﻨﺤﻮ ﻋﺸﺮ ﻣﺮاﺣﻞ ،وھﻲ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ وﺗﺒﻌﺪ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﻨﺤﻮ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮ ،وﻛﻤﺎ ھﻲ ﻣﯿﻘﺎت ﻷھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ھﻲ ﻣﯿﻘﺎت ﻟﻜﻞ ﻣﻦ أﺗﻰ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أھﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﺤﺠﺎج اﻟﺬي ﯾﻘﺪﻣﻮن اﻟﺰﯾﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ . -2اﻟﺠﺤﻔﺔ :وھﻲ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﺸﺎم وﻣﺼﺮ وﺳﺎﺋﺮ أﻗﻄﺎر اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﻦ ﻛﺎن وراء ذﻟﻚ، وﻗﺪ اﻧﺪﺛﺮت ھﺬه اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻰ أﯾﻀﺎ )ﻣﮭﯿﻌﺔ( وﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎذﯾﺔ ﻟﻤﺪﯾﻨﺔ راﺑﻎ وﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﺣﻠﺖ ﻣﺪﯾﻨﺔ راﺑﻎ ﻣﺤﻠﮭﺎ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ھﻲ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﺸﺎم وﻣﺼﺮ واﻟﻤﻐﺮب ،وﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﻨﺤﻮ أرﺑﻊ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ. -3ﻗﺮن اﻟﻤﻨﺎزل :وھﻮ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ ﻧﺠﺪ ،وﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺮﺣﻠﺘﯿﻦ. -4ﯾﻠﻤﻠﻢ :وھﻮ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﯿﻤﻦ ،وﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺮﺣﻠﺘﯿﻦ أﯾﻀﺎ. -5ذات ﻋﺮق :وھﻮ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﻌﺮاق وأھﻞ اﻟﻤﺸﺮق ﻗﺎﻃﺒﺔ ،وﯾﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﻤﺮﺣﻠﺘﯿﻦ وﻧﺼﻒ، وھﺬا اﻟﻤﯿﻘﺎت ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﻟﻒ اﻟﺬﻛﺮ وﻗﺪ ﺻﺢ ﺗﻌﯿﯿﻨﮫ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻓﻘﺪ أﺧﺮج اﻟﺒﺨﺎري ﺑﺴﻨﺪه ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻗﺎل :ﻟﻤﺎ ﻓﺘﺢ ھﺬان اﻟﻤﺼﺮان اﻟﺒﺼﺮة ،واﻟﻜﻮﻓﺔ أﺗﻮا ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺎﻟﻮا :ﯾﺎ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ إن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺣﺪ ﻷھﻞ ﻧﺠﺪ ﻗﺮﻧﺎ ،وإﻧﮫ ﺟﻮر ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﻨﺎ )ﻣﺎﺋﻞ( وإن أردﻧﺎ أن ﻧﺄﺗﻲ ﻗﺮﻧﺎ ﺷﻖ ﻋﻠﯿﻨﺎ ،ﻗﺎل :ﻓﺎﻧﻈﺮوا ﺣﺬوھﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﻜﻢ ،ﻗﺎل :ﻓﺤﺪ ﻟﮭﻢ ذات ﻋﺮق )اﻟﻌﺮق :اﻟﺠﺒﻞ اﻟﺼﻐﯿﺮ(. 81
ھﺬا وﻗﺪ أﺧﺮج أﺑﻮ داود واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﻗﺖ ﻷھﻞ اﻟﻌﺮاق ذات ﻋﺮق ،وإﻧﻤﺎ ﻗﺪ ﯾﻘﺎل :ﻛﯿﻒ ﯾﻮﻗﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻷھﻞ اﻟﻌﺮاق ﻣﯿﻘﺎﺗﺎ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻌﺮاق آﻧﺬاك ﺑﻠﺪا إﺳﻼﻣﯿﺎ ﻟﺘﺄﺧﺮ ﻓﺘﺤﮭﺎ إﻟﻰ ﻋﮭﺪ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ، واﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﯾﺤﯿﻞ ھﺬا ،ﻓﻘﺪ ﯾﻄﻠﻊ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﯿﻀﻊ ﻷھﻠﮭﺎ ﻣﯿﻘﺎﺗﺎ وﻟﻢ ﯾﺴﻠﻤﻮا ﺑﻌﺪ. أﻟﯿﺲ ھﻮ ﯾﺘﻠﻘﻰ اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ ﻟﺪن ﺣﻜﯿﻢ ﻋﻠﯿﻢ؟ -6ﻣﯿﻘﺎت ﻣﻦ ﻛﺎن دون ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ :ﻣﯿﻘﺎت ﻣﻦ ﻛﺎن دون ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﯿﺖ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﺈن ﻣﯿﻘﺎﺗﮫ ﻣﻦ ﻣﺤﻠﺔ أھﻠﮫ ﻓﯿﺤﺮم ﻣﻨﮭﺎ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻓﻤﻦ ﻛﺎن دوﻧﮭﻦ ﻓﻤﮭﻠﮫ ﻣﻦ أھﻠﮫ . -7ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ ﻣﻜﺔ :وھﻮ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ أو اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام إن ﺷﺎؤوا ،إﻻ اﻟﻌﻤﺮة ،ﻓﺈن ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺨﺮﺟﻮا إﻟﻰ اﻟﺤﻞ ﻓﯿﺤﺮﻣﻮا ﻣﻨﮫ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﺄﻣﺮ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﯿﺠﻤﻌﻮا ﺑﯿﻦ اﻟﺤﻞ واﻟﺤﺮم. -8اﻟﻤﯿﻘﺎت اﻟﻌﺎم :اﻟﻤﯿﻘﺎت اﻟﻌﺎم وھﻮ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺗﻰ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﯾﺤﺮم ﻣﻦ ﻣﻘﯿﺎت أھﻠﮭﺎ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﻟﻒ ) ھﻦ ﻟﮭﻦ وﻟﻤﻦ أﺗﻰ ﻋﻠﯿﮭﻦ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أھﻠﻦ ( ﻓﺎﻟﺸﺎﻣﻲ إذا أﺗﻰ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﯿﻤﻦ أھﻞ ﻣﻦ ﯾﻠﻤﻠﻢ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﯿﻤﻦ ،واﻟﯿﻤﻨﻲ إذا أﺗﻰ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﺸﺎم أھﻞ ﻣﻦ ﻣﯿﻘﺎت أھﻞ اﻟﺸﺎم ،وھﻠﻢ ﺟﺮا.
ﺷﺮوط اﻟﺤﺞ: ﯾﺸﺘﺮط ﻟﻮﺟﻮب اﻟﺤﺞ ﻣﺎ ﯾﻠﻰ: أوﻻً :اﻹﺳﻼم :ﻓﻐﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ ،ﺑﻞ وﻻ ﯾﺼﺢ ﻣﻨﮫ ﻟﻮ ﺣﺞ ،ﺑﻞ وﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ دﺧﻮﻟﮫ ﻣﻜﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ{ :ﯾَﺎ أَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ إِﻧﱠﻤَﺎ اﻟْﻤُﺸْﺮِﻛُﻮنَ ﻧَﺠَﺲٌ ﻓَﻼَ ﯾَﻘْﺮَﺑُﻮاْ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﺑَﻌْﺪَ ﻋَﺎﻣِﮭِﻢْ ھَﺬَا{ )ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ،( 28:ﻓﻼ ﯾﺤﻞ ﻟﻤﻦ ﻛﺎن ﻛﺎﻓﺮاً ﺑﺄي ﺳﺒﺐ ﻛﺎن ﻛﻔﺮه دﺧﻮل ﻣﻜﺔ ،وﻟﻜﻦ ﯾﺤﺎﺳﺐ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺮك اﻟﺤﺞ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل اﻟﺮاﺟﺢ ﻣﻦ أﻗﻮال أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} إِﻟﱠﺎ أَﺻْﺤَﺎبَ اﻟْﯿَﻤِﯿﻦِ ) (39ﻓِﻲ ﺟَﻨﱠﺎتٍ ﯾَﺘَﺴَﺎءﻟُﻮنَ ) (40ﻋَﻦِ اﻟْﻤُﺠْﺮِﻣِﯿﻦَ )(41ﻣَﺎ ﺳَﻠَﻜَﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺳَﻘَﺮَ ) (42ﻗَﺎﻟُﻮا ﻟَﻢْ ﻧَﻚُ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺼَﻠﱢﯿﻦَ ) (43وَﻟَﻢْ ﻧَﻚُ ﻧُﻄْﻌِﻢُ اﻟْﻤِﺴْﻜِﯿﻦَ ) (44وَﻛُﻨﱠﺎ ﻧَﺨُﻮضُ ﻣَﻊَ اﻟْﺨَﺎﺋِﻀِﯿﻦَ{ )ﺳﻮرة اﻟﻤﺪﺛﺮ(45-39 : ﺛﺎﻧﯿﺎً :اﻟﻌﻘﻞ :ﻓﺎﻟﻤﺠﻨﻮن ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ ،ﻓﻠﻮ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺠﻨﻮﻧﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺒﻠﻎ ﺣﺘﻰ ﻣﺎت ﻓﺈﻧّﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ وﻟﻮ ﻛﺎن ﻏﻨﯿﺎً. ﺛﺎﻟﺜﺎً :اﻟﺒﻠﻮغ :ﻓﻤﻦ ﻛﺎن دون اﻟﺒﻠﻮغ ﻓﺈﻧّﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﺣﺞ ﻓﺈنّ ﺣﺠﮫ ﺻﺤﯿﺢ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾُﺠﺰﺋﮫ ﻋﻦ ﺣﺠﺔ اﻹﺳﻼم ﻟﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻠﻤﺮأة اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ إﻟﯿﮫ ﺻﺒﯿﺎً وﻗﺎﻟﺖ: 82
أﻟﮭﺬا ﺣﺞ؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ وﻟﻚ أﺟﺮ رواه ﻣﺴﻠﻢ .ﻟﻜﻨّﮫ ﻻ ﯾُﺠﺰﺋﮫ ﻋﻦ ﺣﺠﺔ اﻹﺳﻼم ،ﻷﻧّﮫ ﻟﻢ ﯾُﻮﺟﱠﮫ إﻟﯿﮫ اﻷﻣﺮ ﺑﮭﺎ .ﺣﺘﻰ ﯾﺠﺰﺋﮫ ﻋﻨﮭﺎ ،وﻻ ﯾﺘﻮﺟﮫ اﻷﻣﺮ إﻟﯿﮫ إﻻّ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻠﻮغ.
راﺑﻌﺎً :اﻟﺤﺮﯾﺔ :ﻓﺎﻟﺮﻗﯿﻖ اﻟﻤﻤﻠﻮك ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ ،ﻷﻧّﮫ ﻣﻤﻠﻮك ﻣﺸﻐﻮل ﺑﺴﯿﺪه ،ﻓﮭﻮ ﻣﻌﺬور ﺑﺘﺮك اﻟﺤﺞ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺴﺒﯿﻞَ إﻟﯿﮫ. ﺧﺎﻣﺴﺎً :اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ ﺑﺎﻟﻤﺎل واﻟﺒﺪن :ﻓﺈن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺎدراً ﺑﻤﺎﻟﮫ دون ﺑﺪﻧﮫ ،ﻓﺈﻧّﮫ ﯾُﻨﯿﺐ ﻣﻦ ﯾﺤﺞ ﻋﻨﮫ ﻟﺤﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل :ﻛﺎن اﻟﻔﻀﻞ ردﯾﻒ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﺠﺎءت اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺧﺜﻌﻢ ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻔﻀﻞ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﺎ وﺗﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ،وﺟﻌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺼﺮف وﺟﮫ اﻟﻔﻀﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻖ اﻵﺧﺮ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إنّ ﻓﺮﯾﻀﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻓﻲ اﻟﺤﺞ أدرﻛﺖ أﺑﻲ ﺷﯿﺨﺎً ﻛﺒﯿﺮاً ﻻ ﯾﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺣﻠﺔ أﻓﺄﺣﺞ ﻋﻨﮫ .ﻗﺎل« :ﻧﻌﻢ» ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺠﺔ اﻟﻮداع ]رواه اﻟﺒﺨﺎري[ ﻓﻔﻲ ﻗﻮﻟﮭﺎ :أدرﻛﺘﮫ ﻓﺮﯾﻀﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ،وإﻗﺮار اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﯾّﺎھﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ أنّ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻗﺎدراً ﺑﻤﺎﻟﮫ دون ﺑﺪﻧﮫ ،ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾُﻘﯿﻢ ﻣﻦ ﯾﺤﺞ ﻋﻨﮫ .أﻣّﺎ ﻣَﻦ ﻛﺎن ﻗﺎدراً ﺑﺒﺪﻧﮫ دون ﻣﺎﻟﮫ ،وﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﺑﺒﺪﻧﮫ ،ﻓﺈنّ اﻟﺤﺞ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ .وأﻟﺤﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﮭﺬا اﻟﺸﺮط أﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ ،ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻜﻮن اﻟﻄﺮﯾﻖ آﻣﻨﺎً ﻻ ﺧﻮف ﻓﯿﮫ ﻓﺈن ﻋُﺪم ھﺬا اﻟﺸﺮط ﻟﻢ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ. وھﻨﺎ ﺷﺮوط زاﺋﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء: أﺣﺪھﻤﺎ :أن ﯾﻜﻮن ﻣﻌﮭﺎ زوﺟﮭﺎ أو ﻣﺤﺮم ﻟﮭﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﯾُﻮﺟﺪ أﺣﺪھﻤﺎ ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺤﺞ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻻّ ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺘﺪة ﻋﻦ ﻃﻼق أو وﻓﺎة؛ ﻷنّ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﮭﻰ اﻟﻤﻌﺘﺪات ﻋﻦ اﻟﺨﺮوج ﺑﻘﻮﻟﮫ{ :ﻟَﺎ ﺗُﺨْﺮِﺟُﻮھُﻦﱠ ﻣِﻦ ﺑُﯿُﻮﺗِﮭِﻦﱠ وَﻟَﺎ ﯾَﺨْﺮُﺟْﻦَ[ }ﺳﻮرة اﻟﻄﻼق .[1 :وﻷنّ اﻟﺤﺞ ﯾﻤﻜﻦ أداؤه ﻓﻲ وﻗﺖ آﺧﺮ. أﻧﻮاع اﻟﺤﺞ: أﻧﻮاع اﻟﺤﺞ ﺛﻼﺛﺔ وھﻲ :اﻹﻓﺮاد ،واﻟﻘﺮان ،واﻟﺘﻤﺘﻊ .أن ھﺬه اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ ﺟﻮاز أي ﻣﻨﮭﺎ ،ﻟﻘﻮﻟﮫ اﷲ} :وﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻦ اﺳﺘﻄﺎع إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻼ {وﻗﻮﻟﮫ} :ﻓﻤﻦ ﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ أو اﻋﺘﻤﺮ ﻓﻼ ﺟﻨﺎح ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻄﻮف ﺑﮭﻤﺎ {وﻗﻮﻟﮫ} :وأﺗﻤﻮا اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ﷲ {دﻟﯿﻞ ﻗﻄﻌﻲ ﻓﻲ ﺟﻮاز اﻹﺣﺮام ﺑﺄي واﺣﺪ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﻧﻮاع اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﻟﯿﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﺰم اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻹﺣﺮام ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻌﯿﻨﮫ ھﺬا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻗﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻲ إﻟﺰام اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻹﺣﺮام ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻨﺴﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص ،وھﻲ أﯾﻀﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻗﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ 83
ﻓﻲ أﻓﻀﻠﯿﺔ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ ،ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻗﺎﻟﺖ: ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎل:ﻣﻦ أراد ﻣﻨﻜﻢ أن ﯾﮭﻞ ﺑﺤﺞ وﻋﻤﺮة ﻓﻠﯿﻔﻌﻞ ،وﻣﻦ أراد ،أن ﯾﮭﻞ ﺑﻌﻤﺮة ﻓﻠﯿﮭﻞ ﻗﺎﻟﺖ :وأھﻞ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺞ ،وأھﻞ ﺑﮫ أﻧﺎس ﻣﻌﮫ ،وأھﻞ ﻣﻌﮫ ﻧﺎس ﺑﺎﻟﻌﻤﺮة واﻟﺤﺞ ،وأھﻞ ﻧﺎس ﺑﻌﻤﺮة ،وﻛﻨﺖ ﻓﯿﻤﻦ أھﻞ ﺑﻌﻤﺮة .وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻹﺣﺮام ﺑﺄﺣﺪ أﻧﻮاع اﻟﻨﺴﻚ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﺑﻼ ﺗﺮﺟﯿﺢ أﺣﺪھﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ. وﺣﺪﯾﺚ ﻣﺮوان ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺨﺎري واﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻗﺎل :ﺷﮭﺪت ﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠﯿﺎ ،وﻋﺜﻤﺎن ﯾﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﺘﻌﺔ ،وأن ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ رأى ﻋﻠﻲ ذﻟﻚ أھﻞ ﺑﮭﻤﺎ :ﻟﺒﯿﻚ ﺑﻌﻤﺮة وﺣﺠﺔ ،وﻗﺎل :ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻷدع ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻘﻮل أﺣﺪ .وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻟﻤﺘﻌﺔ واﻟﻘﺮان. وﺣﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻋﻨﺪ اﻟﺸﯿﺨﯿﻦ ،ﻗﺎل :أﻗﺒﻠﻨﺎ ﻣﮭﻠﯿﻦ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺤﺞ ﻣﻔﺮد ،وأﻗﺒﻠﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﻌﻤﺮة ﺣﺘﻰ إذا ﻛﻨﺎ ﺑﺴﺮف ﻋﺮﻛﺖ ﺣﺘﻰ إذا ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻣﻜﺔ ﻃﻔﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ ،واﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻓﺄﻣﺮﻧﺎ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أن ﯾﺤﻞ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻌﮫ ھﺪي ﻗﺎل ،ﻓﻘﻠﻨﺎ :ﺣﻞ ﻣﺎذا؟ ﻗﺎل :اﻟﺤﻞ ﻛﻠﮫ ،ﻓﻮاﻗﻌﻨﺎ اﻟﻨﺴﺎء ،وﺗﻄﯿﺒﻨﺎ ﺑﺎﻟﻄﯿﺐ ،وﻟﺒﺴﻨﺎ ﺛﯿﺎﺑﻨﺎ ،وﻟﯿﺲ ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻦ ﻋﺮﻓﺔ إﻻ أرﺑﻊ ﻟﯿﺎل ،ﺛﻢ أھﻠﻠﻨﺎ ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ،ﺛﻢ دﺧﻞ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ،ﻓﻮﺟﺪھﺎ ﺗﺒﻜﻲ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﺷﺄﻧﻲ أﻧﻲ ﻗﺪ ﺣﻀﺖ ،وﻗﺪ ﺣﻞ اﻟﻨﺎس ،وﻟﻢ أﺣﻠﻞ ،وﻟﻢ أﻃﻒ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،واﻟﻨﺎس ﯾﺬھﺒﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﺞ اﻵن .ﻓﻘﺎل :إن ھﺬا أﻣﺮ ﻛﺘﺒﮫ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎت آدم ﻓﺎﻏﺘﺴﻠﻲ ،ﺛﻢ أھﻠﻲ ﺑﺎﻟﺤﺞ ﻓﻔﻌﻠﺖ ،ﺛﻢ وﻗﻔﺖ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺎ ﻃﮭﺮت ،ﻃﺎﻓﺖ ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ وﺑﺎﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ،ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻗﺪ ﺣﻠﻠﺖ ﻣﻦ ﺣﺠﺘﻚ وﻋﻤﺮﺗﻚ ﺟﻤﯿﻌﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻧﻲ أﺟﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ أﻧﻲ ﻟﻢ أﻃﻒ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﺣﺠﺠﺖ .ﻗﺎل :ﻓﺎذھﺐ ﺑﮭﺎ ﯾﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﺄﻋﻤﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ وذﻟﻚ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﻤﺤﺼﺐ .وھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻮاز اﻹﻓﺮاد واﻟﺘﻤﺘﻊ ،وﻓﺴﺦ اﻟﺤﺞ ﺑﻌﻤﺮة ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺴﻖ اﻟﮭﺪي ،وﺑﯿﺎن ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﺿﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ،ووﺟﻮب اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﻞ واﻟﺤﺮم ﻟﻤﻦ أراد أن ﯾﻌﺘﻤﺮ وھﻮ ﺑﻤﻜﺔ .وﻗﺪ ﯾﺪل اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب ﻓﺴﺦ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻋﻤﺮة ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺴﻖ اﻟﮭﺪي ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﺪ اﻋﺘﻤﺮ وﻋﺎد إﻟﻰ ﺑﻼده ،ﺛﻢ ﺟﺎء ﺣﺎﺟﺎ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﺞ: ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﻋﺰ وﺟﻞ :
وَأَذﱢنْ ﻓِﻲ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺑِﺎﻟْﺤَﺞﱢ ﯾَ ْﺄﺗُﻮكَ
رِﺟَﺎﻟًﺎ وَﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞﱢ ﺿَﺎﻣِﺮٍ ﯾَﺄْﺗِﯿﻦَ ﻣِﻦْ ﻛُﻞﱢ ﻓَﺞﱟ ﻋَﻤِﯿﻖٍ * ﻟِﯿَﺸْﮭَﺪُوا ﻣَﻨَﺎﻓِﻊَ ﻟَﮭُﻢْ وَﯾَﺬْﻛُﺮُوا اﺳْﻢَ اﻟﻠﱠﮫِ ﻓِﻲ أَﯾﱠﺎمٍ
84
ﻣَﻌْﻠُﻮﻣَﺎتٍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ رَزَﻗَﮭُﻢْ ﻣِﻦْ ﺑَﮭِﯿﻤَﺔِ اﻷَﻧْﻌَﺎمِ ﻓَﻜُﻠُﻮا ﻣِﻨْﮭَﺎ وَأَﻃْﻌِﻤُﻮا اﻟْﺒَﺎﺋِﺲَ اﻟْﻔَﻘِﯿﺮَ
]اﻟﺤﺞ.[28-27:
ﻣﻦ اﺑﺮز ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﺞ: ﻋﻮدة اﻟﺤﺎج إﻟﻰ اﷲ واﺳﺘﻤﺮا ره ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺞ :ﯾﺮﺟﻊ اﻟﺤﺎج ﻣﻦ ذﻧﻮﺑﮫ ﻛﯿﻮم وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ ،ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ارﺗﻜﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺤﺞ ﯾﻔﺘﺢ ﺻﻔﺤﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ .إنّ اﻟﺤﺎج إن ﺣﺞ وﻟﻢ ﯾﺮﻓﺚ وﻟﻢ ﯾﻔﺴﻖ ﺗﻄﮭﱠﺮ ﻣﻦ ذﻧﻮﺑﮫ وآﺛﺎﻣﮫ ﻓﯿﺮﺟﻊ ﻛﯿﻮم وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ ،ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻘﻮل« :ﻣَﻦ ﺣﺞﱠ ﻓﻠﻢ ﯾﺮﻓﺚ وﻟﻢ ﯾﻔﺴﻖ رﺟﻊ ﻛﯿﻮم وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ رواه اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ .وﻻ ﺷﻚ أن ھﺬا ﺳﯿﻜﻮن ﻟﮫ اﻧﻌﻜﺎس ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﺄﺳﺮھﺎ؛ ﻷﻧﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم وﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺳﺘﻜﺴﺐ أﻓﺮاداً ﺟﺪداً ﯾﻀﺎﻓﻮن إﻟﻰ ﻗﻮة وﻃﺎﻗﺔ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ. اﻟﺘﻘﺸﻒ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﺮف اﻟﺪﻧﯿﺎ:اﻟﺤﺞ ﺗﺪرﯾﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﺮف اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻧﻌﯿﻤﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﺒﺎس واﻟﺴﻜﻦ واﻷﻛﻞ وﻏﯿﺮه ،ﻓﺎﻟﻨﺎس اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺒﺎﻟﻐﻮن ﻓﻲ رﻓﺎھﯿﺔ اﻟﺤﺞ وﯾﺼﺮف ﻓﯿﮫ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻃﺎﺋﻠﺔ ،وﯾﻨﻌﻢ إﻟﻰ أﻛﺒﺮ درﺟﺔ -ھﺆﻻء ﻟﻢ ﯾﻔﻘﮭﻮا ھﺬا اﻟﺪرس وھﺬه اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ،ﻓﺎﻷﻣﺔ اﻟﻤﺘﺮﻓﺔ ﻻ ﯾﻜﺘﺐ ﻟﮭﺎ ﻧﺼﺮ أﺑﺪاً ،ھﺬه ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻣﻦ أھﻢ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﯿﺎة. اﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻨﺪ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات:اﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻨﺪ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات ،ﻓﺎﻟﺤﺮب ﻗﺪﯾﻤﺔ ﻗﺪم ﺧﻠﻖ اﻟﺒﺸﺮ ،واﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ﺑﻘﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ:
إِنﱠ اﻟﺸﱠﯿْﻄَﺎنَ ﻟَﻜُﻢْ ﻋَﺪُوﱞ ﻓَﺎﺗﱠﺨِﺬُوهُ ﻋَﺪُوا
]ﻓﺎﻃﺮ ،[6:ﺗﺬﻛﯿﺮ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﻌﺪوھﻢ
اﻟﻘﺪﯾﻢ واﻷﻛﺒﺮ ،ﺑﻌﺪوھﻢ اﻟﺬي ﯾﻌﺪ ﻟﮭﻢ ﻛﻞ ﯾﻮم أﻟﻒ ﻋﺪة ،وﯾﻐﻔﻞ ﻋﻨﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ، ﻓﺎﻟﺤﺞ ﺗﻨﺒﯿﮫ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻐﻔﻠﺔ وإﯾﻘﺎظ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﮭﺎ. ﯾﺮﺳﺦ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺤﺠﺎج :ﯾﺮﺳﺦ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺤﺠﺎج ،ﻓﺎﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎل ،إذ إﻧﮫ ﯾﺠﻤﻊ اﻷﻣﻮال اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻟﯿﺆدي ﻓﺮﯾﻀﺔ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ، واﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ اﻟﻄﻮﯾﻞ ،واﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺎﻟﺠﮭﺪ ،واﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﻤﺘﻊ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻟﻦ ﯾﻨﺼﺮ ھﺬه اﻷﻣﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺗﺪرب ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﻧﯿﮭﺎ ،ﺗﻀﺤﯿﺔ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ إﻋﻼء ﻛﻠﻤﺔ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،واﻟﺤﺞ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻤﺪارس ﻓﻲ ذﻟﻚ. ﯾﺮﺑﻲ اﻟﺤﺠﺎج وﯾﺮﺑﻲ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺗﺒﺎع :ﯾﺮﺑﻲ اﻟﺤﺠﺎج ،وﯾﺮﺑﻲ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎع أواﻣﺮ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ دوﻧﻤﺎ ﺟﺪل وﻻ اﻋﺘﺮاض ،ﻓﻼ ﯾﺸﺘﺮط اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻛﻲ ﯾﺘﺒﻊ أﻣﺮ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻟﻤﺎذا اﻟﻄﻮاف؟ ﻟﻤﺎذا ھﻮ ﺳﺒﻊ ﻣﺮات؟ ﻟﻤﺎذا ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ؟ ﻟﻤﺎذا اﻟﺤﻠﻖ؟ ﻟﻤﺎذا ھﯿﺌﺔ اﻟﻠﺒﺎس ھﻜﺬا؟ 85
ﯾﺬﻛﺮ اﻷﻣﺔ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ :ﯾﺬﻛﺮ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﯿﺲ اﻟﺤﺠﺎج ﻓﻘﻂ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﺸﺒﮫ ﻛﺒﯿﺮ ﺟﺪاً ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺞ وﺑﯿﻦ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﺞ ﯾﻤﺮ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﯾﺬﻛﺮ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺤﺎج ﯾﻌﻮد ﻓﯿﺤﻜﻲ ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ ،ﻓﯿﺘﺬﻛﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،وﻟﻦ ﺗﺠﺪ أﺣﺪاً ﻓﻲ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻻ ﯾﻌﺮف ﺣﺎﺟﺎً أو أﻛﺜﺮ ﺣﺠﻮا وﻋﺎدوا ﯾﺤﻜﻮن ﻋﻦ ﺣﺠﮭﻢ ،ورﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻟﻘﻰ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺤﺞ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب ﻛﻞ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﻓﺘﺠﺪ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻨﺪھﻢ ﺣﺮص ﺷﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺤﺠﻮا ،وﻋﻨﺪھﻢ ﺣﺮص ﺷﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻮدﻋﻮا اﻟﺤﺠﺎج وھﻢ ذاھﺒﻮن ﻟﻠﺤﺞ ،وﻋﻨﺪھﻢ ﺣﺮص ﺷﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﺤﺠﺎج وﯾﺰوروھﻢ وﯾﺴﻤﻌﻮا ﻣﻨﮭﻢ ،وﯾﻜﻮن ﻓﻌﻼً ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ ﻣﻮﺳﻢ ﺗﺬﻛﯿﺮ ﺑﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﺤﺞ ﻟﻸﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ وﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺤﺠﺎج. وﯾﺬﻛﺮﻧﺎ اﻟﺤﺞ ﺑﯿﻮم اﻟﺤﺴﺎب،ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﻓﻲ ﺣﺮ وﻋﺮق ﺷﺪﯾﺪﯾﻦ ،وﻛﺬﻟﻚ ﯾﻌﺮق اﻟﻨﺎس ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺬھﺐ ﻋﺮﻗﮭﻢ ﻓﻲ اﻷرض ﺳﺒﻌﯿﻦ ذراﻋﺎً ،ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ وأرﺿﺎه ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ: )ﺣﺘﻰ ﯾﺬھﺐ ﻋﺮﻗﮭﻢ ﻓﻲ اﻷرض ﺳﺒﻌﯿﻦ ذراﻋﺎً ،وﯾﻠﺠﻤﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺒﻠﻎ آذاﻧﮭﻢ( ،ﻛﻤﺎ ان اﻟﺤﺎج ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺧﺮوﺟﮫ ﻟﻠﺤﺞ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ ﻋﻮدﺗﮫ ،ﯾﻘﻮل :ﻟﺒﯿﻚ اﻟﻠﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ .أي :راﺟﻊ إﻟﯿﻚ ﯾﺎ رﺑﻨﺎ! ذاھﺐ إﻟﯿﻚ ﯾﺎ رﺑﻨﺎ! وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺬي ﺳﯿﺬھﺐ ﻟﻠﺤﺞ ﯾﺒﺪأ ﻓﻲ اﺳﺘﺮﺿﺎء ﻛﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺮﻓﮭﻢ ،وﻛﺎن ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻨﮭﻢ ﺧﻼف أو ﻧﺰاع ،ﻛﺄﻧﮫ ﯾﺴﺘﻌﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻟﯿﻮم اﻟﺤﺴﺎب ،ﯾﺠﻤﻊ زوﺟﺘﮫ وأوﻻده وﯾﻮﺻﯿﮭﻢ وﯾﺬﻛﺮھﻢ وﯾﻌﻠﻤﮭﻢ ،ﻓﯿﺘﺼﺮف وﻛﺄﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﻌﻮد ،وﺣﯿﻦ ﯾﺬھﺐ ﻟﻠﺤﺞ ﯾﺨﺮج اﻟﻨﺎس ﻟﯿﻮدﻋﻮه أﻓﻮاﺟﺎً ﻛﺒﯿﺮة ،ﻓﯿﺘﺬﻛﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً أن ھﻨﺎك ﯾﻮﻣﺎً ﺳﯿﺨﺮج اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻮدﯾﻌﮫ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻋﻮدة ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ:
ﻛُﻞﱡ ﻧَﻔْﺲٍ ذَاﺋِﻘَﺔُ اﻟْﻤَﻮْتِ
]آل
ﻋﻤﺮان ،[185 :ﻓﯿﺘﺬﻛﺮ اﻟﺤﺎج أو اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻛﻞ ھﺬا اﻟﻜﻼم ،وﯾﺘﺬﻛﺮ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻮدﻋﻮﻧﮫ أﯾﻀﺎً ھﺬا اﻟﻜﻼم ،ﺑﻞ إن ﻣﻼﺑﺲ اﻟﺤﺞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮﺟﺎل ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ؛ ﻓﻠﺒﺎس اﻟﺤﺞ ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ ﻋﺮي ﻧﺴﺒﻲ ﻟﻠﺮﺟﺎل،ﻓﻬﺫﺍ ﻴﺫﻜﺭﻙ ﺑﺎﻟﻌﺮي اﻟﻜﺎﻣﻞ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ؛ وﻟﻜﻲ ﺗﺘﺬﻛﺮ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﯿﮭﺎ ﯾﻮم اﻟﺤﺴﺎب .روى اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ) :ﯾﺤﺸﺮ اﻟﻨﺎس ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﺣﻔﺎةً ﻋﺮاةً ﻏﺮﻻً ،ﻗﻠﺖ :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ! اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺮﺟﺎل ﺟﻤﯿﻌﺎً ﯾﻨﻈﺮ ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ؟! ﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﯾﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ ! اﻷﻣﺮ أﺷﺪ ﻣﻦ أن ﯾﻨﻈﺮ ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ(. واﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺞ وﻗﻮف وﻓﻲ زﺣﺎم ﺷﺪﯾﺪ ،وﻛﻠﮭﻢ واﻗﻔﻮن ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ،وھﻜﺬا ﯾﺤﺸﺮ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،إذ ﯾﻨﺎدي ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﻤﻨﺎدي :ھﻠﻤﻮا إﻟﻰ رﺑﻜﻢ -ﯾﺎ 86
رب ﺳﻠّﻢ -ﻓﯿﻘﻮم ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: وَﺧَﺸَﻌَﺖِ اﻷَﺻْﻮَاتُ ﻟِﻠﺮﱠﺣْﻤَﻦِ ﻓَﻼ ﺗَﺴْﻤَﻊُ إِﻟﱠﺎ ھَﻤْﺴًﺎ
ﯾَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﯾَﺘﱠﺒِﻌُﻮنَ اﻟﺪﱠاﻋِﻲَ ﻻ ﻋِﻮَجَ ﻟَﮫُ
]ﻃﮫ ،[108:ﻓﻜﻞ اﻟﻨﺎس وﻗﻮف ﻓﻲ
اﻟﺤﺞ وﻛﻞ اﻟﻨﺎس وﻗﻮف ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ:
وَﻗِﻔُﻮھُﻢْ إِﻧﱠﮭُﻢْ ﻣَﺴْﺌُﻮﻟُﻮنَ
]اﻟﺼﺎﻓﺎت.[24: اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ :ﯾﺠﺴﺪ اﻟﺤﺞ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ:
إِنﱠ أَﻛْﺮَﻣَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ اﻟﻠﱠﮫِ أَﺗْﻘَﺎﻛُﻢْ إِنﱠ اﻟﻠﱠﮫَ ﻋَﻠِﯿﻢٌ ﺧَﺒِﯿﺮٌ
]اﻟﺤﺠﺮات،[13 :
ﻓﺎﻟﻜﻞ ﺳﻮاﺳﯿﺔ ﻛﺄﺳﻨﺎن اﻟﻤﺸﻂ ،اﻟﻐﻨﻲ ﺑﺠﻮار اﻟﻔﻘﯿﺮ ،واﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺠﻮار اﻟﻤﺤﻜﻮم ،واﻟﻜﺒﯿﺮ ﺑﺠﻮار اﻟﺼﻐﯿﺮ ،واﻟﻤﺼﺮي ﺑﺠﻮار اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻲ وﺑﺠﻮار اﻟﻨﯿﺠﯿﺮي وﺑﺠﻮار اﻟﺸﯿﺸﺎﻧﻲ وﺑﺠﻮار اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ،ﻻ ﻗﺒﯿﻠﺔ وﻻ ﻋﻨﺼﺮﯾﺔ وﻻ اﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ وﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ وﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن وﻻ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن ،اﻟﻨﺎس ﺳﻮاﺳﯿﺔ ﻛﺄﺳﻨﺎن اﻟﻤﺸﻂ ،ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ أھﻢ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺒﻨﺎﺋﯿﺔ ﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼم. ﯾﺮﺑﻲ ﻟﯿﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ وھﺪوء اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺮك اﻟﺠﺪال:ﯾﻌﻠﻤﻨﺎ اﻟﺤﺞ ﻟﯿﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ وھﺪوء اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺮك اﻟﺠﺪال ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ:
ﻓَﻤَﻦْ ﻓَﺮَضَ ﻓِﯿﮭِﻦﱠ اﻟْﺤَﺞﱠ ﻓَﻼ رَﻓَﺚَ وَﻻ ﻓُﺴُﻮقَ وَﻻ ﺟِﺪَالَ ﻓِﻲ
اﻟْﺤَﺞﱢ ]اﻟﺒﻘﺮة.[197: ﺗﺮﺳﯿﺦ ﻓﻜﺮة اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ:ﺗﺮﺳﯿﺦ ﻓﻜﺮة اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ، ﻓﺎﻟﺤﺞ ﻣﺆﺗﻤﺮ إﺳﻼﻣﻲ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﻣﮭﯿﺐ ،ﯾﻠﺘﻘﻲ ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻷرض ،وھﺬا ﯾﺰرع ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺷﻌﻮر اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة
87
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ اﻟﺮﻛﻦ اﻷول ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻹﺣﺮام: اﻹﺣﺮام ھﻮ ﻧﯿﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﺞ أو اﻟﻌﻤﺮة أو ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻓﻤﻦ ﻧﻮى اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻨﺴﻜﯿﻦ ﯾﻘﺎل ﻓﯿﮫ أﺣﺮم أي :ﺗﻠﺒﺲ ﺑﺤ ﺎل ﯾﺤﺮم ﻋﻠﯿﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺒﺎﺣﺎ ﻟﮫ ﻗﺒﻠﮭﺎ ،ﻛﺘﻐﻄﯿﺔ اﻟﺮأس وﻟﺒﺲ اﻟﻤﺨﯿﻂ، وﻣﺲ اﻟﻄﯿﺐ واﻟﻨﺴﺎء واﻟﺼﯿﺪ . ﺟﺪول) (15ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻷول ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ) اﻹﺣﺮام( اﻹﺣﺮام
اﻟﻮﺻﻒ
ﻣﻌﻨﻰ
اﻹﺣﺮام ھﻮ ﻧﯿﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﺞ أو اﻟﻌﻤﺮة أو ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻓﻤﻦ ﻧﻮى اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻨﺴﻜﯿﻦ ﯾﻘﺎل ﻓﯿﮫ أﺣﺮم أي :ﺗﻠﺒﺲ ﺑﺤﺎل
اﻹﺣﺮام
ﯾﺤﺮم ﻋﻠﯿﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺒﺎﺣﺎ ﻟﮫ ﻗﺒﻠﮭﺎ ،ﻛﺘﻐﻄﯿﺔ اﻟﺮأس وﻟﺒﺲ اﻟﻤﺨﯿﻂ ،وﻣﺲ اﻟﻄﯿﺐ واﻟﻨﺴﺎء واﻟﺼﯿﺪ.
88
ﺳﻨﻦ اﻹﺣﺮام ھﻲ: ﺳﻨﻦ اﻹﺣﺮام
اﻻﻏﺘﺴﺎل وﻟﻮ ﻟﻨﻔﺴﺎء أو ﺣﺎﺋﺾ ﺣﯿﺚ إن أﺳﻤﺎء ﺑﻨﺖ ﻋﻤﯿﺲ اﻣﺮأة أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ أﻣﺮت ﺑﺎﻻﻏﺘﺴﺎل وھﻲ ﻧﻔﺴﺎء وأھﻠﺖ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ :ﻣﺮھﺎ ﻓﻠﺘﻐﺘﺴﻞ ﺛﻢ ﻟﺘﮭﻞ
اﻹﺣﺮام ﻓﻲ رداء وإزار أﺑﯿﻀﯿﻦ ﻧﻈﯿﻔﯿﻦ ﻟﻔﻌﻠﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ذﻟﻚ.
وﻗﻮﻋﮫ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة ﻧﺎﻓﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو ﻓﺮﯾﻀﺔ ﻟﺨﺒﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺻﻠﻰ اﻟﻈﮭﺮ ﺛﻢ رﻛﺐ راﺣﻠﺘﮫ ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻼ اﻟﺒﯿﺪاء أھﻞ.
ﺗﻘﻠﯿﻢ اﻷﻇﺎﻓﺮ ،وﻗﺺ اﻟﺸﺎرب ،وﻧﺘﻒ اﻹﺑﻂ ،وﺣﻠﻖ ﺷﻌﺮ اﻟﻌﺎﻧﺔ ،وﻣﺲ اﻟﻄﯿﺐ ﻗﺒﻠﮫ ﻟﻔﻌﻠﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ذﻟﻚ وﻟﻘﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ :ﻛﻨﺖ أﻃﯿﺐ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺄﻃﯿﺐ ﻣﺎ أﺟﺪ .
ﺗﻜﺮار اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ وﺗﺠﺪدھﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺠﺪدت ﺣﺎل ﻟﻔﻌﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ذﻟﻚ.
اﻟﺪﻋﺎء واﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻘﺐ اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ ﻟﺤﺪﯾﺚ ﺛﺎﺑﺖ :أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن إذا ﻓﺮغ ﻣﻦ اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ ﺳﺄل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ رﺿﻮاﻧﮫ واﻟﺠﻨﺔ واﺳﺘﻌﺎذ ﺑﺮﺣﻤﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر.
ﻟﻺﺣﺮام واﺟﺒﺎت ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ ،ﻷن ﺗﺎرك اﻟﻮاﺟﺐ ﯾﻄﺎﻟﺐ ﺑﺪم ﻟﻠﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺴﺎﻛﯿﻦ ﻟﻤﺎ أﺻﺎب ﺣﺠﮫ أو ﻋﻤﺮﺗﮫ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ ﺑﺘﺮك واﺟﺒﺎت
واﺟﺐ .وواﺟﺒﺎت اﻹﺣﺮام ھﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ:
اﻹﺣﺮام
اﻹﺣﺮام ﻣﻦ اﻟﻤﯿﻘﺎت ،ﻷﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ،وﻓﻌﻠﮫ.
اﻟﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻟﻤﺨﯿﻂ.
اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺠﻤﮭﻮر ﯾﺮاھﺎ ﺳﻨﺔ ،ﻓﺈن ﻣﺎﻟﻜﺎ ﯾﻌﺪھﺎ واﺟﺒﺎ .وﻓﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وأﻣﺮه ﯾﻘﻮي ﻛﻮﻧﮭﺎ واﺟﺒﺎ
ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﺤﻈﻮرات اﻹﺣﺮام ﻓﻲ اﻻﺗﻰ: ﻣﺤﻈﻮرات اﻹﺣﺮام
ﺗﻐﻄﯿﺔ اﻟﺮأس ﻟﻨﮭﯿﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ. ﺣﻠﻖ اﻟﺸﻌﺮ أو ﻗﺼﮫ ﻟﻨﮭﻲ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ. ﻗﻠﻢ اﻷﻇﺎﻓﺮ ﻟﻨﮭﻲ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ. ﻣﺲ اﻟﻄﯿﺐ ﻟﻨﮭﻲ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ. ﻟﺒﺲ اﻟﻤﺨﯿﻂ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺟﻮاب ﻣﻦ ﻗﺎل :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻣﺎ ﯾﻠﺒﺲ اﻟﻤﺤﺮم ﻗﺎل :ﻻ ﯾﻠﺒﺲ اﻟﺜﻮب ،وﻻ اﻟﻌﻤﺎﺋﻢ ،وﻻ اﻟﺴﺮاوﯾﻞ ،وﻻ اﻟﺒﺮاﻧﺲ ،وﻻ اﻟﺨﻔﺎف إﻻ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺠﺪ ﻧﻌﻠﯿﻦ ﻓﻠﯿﻠﺒﺲ ﺧﻔﯿﻦ ،وﻟﯿﻘﻄﻌﮭﻤﺎ ﻣﻦ أﺳﻔﻞ اﻟﻜﻌﺒﯿﻦ ،وﻻ ﯾﻠﺒﺲ ﻣﻦ اﻟﺜﯿﺎب ﺷﯿﺌﺎ ﻣﺴﮫ زﻋﻔﺮان أو ورس ،وﻻ ﺗﻨﺘﻘﺐ اﻟﻤﺮأة وﻻ ﺗﻠﺒﺲ اﻟﻘﻔﺎزﯾﻦ . ﻋﻘﺪ اﻟﻨﻜﺎح ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻟﻠﺤﺎج أو ﻟﻐﯿﺮه. اﻟﺨﻄﺒﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﺤﺎج أو ﻟﻐﯿﺮه ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻻ ﯾﻨﻜﺢ اﻟﻤﺤﺮم وﻻ ﯾﻨﻜﺢ وﻻ ﯾﺨﻄﺐ . ﻗﺘﻞ ﺻﯿﺪ اﻟﺒﺮ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮا اﻟﺼﯿﺪ وأﻧﺘﻢ ﺣﺮم . اﻟﺠﻤﺎع ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻓﻼ رﻓﺚ .واﻟﺮﻓﺚ :اﻟﺠﻤﺎع ،وھﻮ ﻣﻔﺴﺪ ﻟﻠﺤﺞ إذا وﻗﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ﺑﺨﻼف ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻈﻮر ﻓﻼ ﺗﻔﺴﺪ اﻟﺤﺞ ﻏﯿﺮ أن ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻔﺎرة ﺑﺼﯿﺎم أو إﻃﻌﺎم أو ﻧﺴﻚ. ﻣﻘﺪﻣﺎت اﻟﺠﻤﺎع ﻛﺎﻟﻘﺒﻠﺔ واﻟﻠﻤﺲ واﻟﻨﻈﺮ ﺑﺸﮭﻮة ﻟﺪﺧﻮل ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﻨﺲ اﻟﺮﻓﺚ اﻟﻤﺤﺮم ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻓﻼ رﻓﺚ وﻻ ﻓﺴﻮق وﻻ ﺟﺪال ﻓﻲ اﻟﺤﺞ .
89
أوﻻ :إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻔﻌﻮل ﻣﻦ اﻟﻤﺤﻈﻮرات ﺗﻐﻄﯿﺔ رأس ،أو ﻟﺒﺲ ﻣﺨﯿﻂ ،أو ﺣﻠﻖ ﺷﻌﺮ ،أو ﻣﺲ ﻃﯿﺐ ،ﻓﺈن ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﺤﻈﻮرا ﻣﻦ ﻣﺤﻈﻮرات اﻹﺣﺮام
ذﻟﻚ ﻓﺪﯾﺔ ﺻﯿﺎم أو إﻃﻌﺎم ،أو ﻧﺴﻚ )ذﺑﺢ ﺷﺎة( ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ) :ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺮﯾﻀﺎ أو ﺑﮫ أذى ﻣﻦ رأﺳﮫ ﻓﻔﺪﯾﺔ ﻣﻦ ﺻﯿﺎم أو ﺻﺪﻗﺔ أو ﻧﺴﻚ )ﻓﺎﻟﺼﯿﺎم ،ﺻﯿﺎم ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ،واﻟﺼﺪﻗﺔ ،إﻃﻌﺎم ﺳﺘﺔ ﻣﺴﺎﻛﯿﻦ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻜﯿﻦ ﻧﺼﻒ ﺻﺎع )ﺣﻔﻨﺘﯿﻦ( ﻣﻤﺎ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮت ،واﻟﻨﺴﻚ ذﺑﺢ ﺷﺎة ،ﻛﻤﺎ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻜﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﺠﺮة ﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﮫ ﻗﺎﺋﻼ) :ﻟﻌﻠﻚ آذاك ھﻮام رأﺳﻚ؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،ﻓﻘﺎل :اﺣﻠﻖ رأﺳﻚ ،وﺻﻢ ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ،أو أﻃﻌﻢ ﺳﺘﺔ ﻣﺴﺎﻛﯿﻦ ،أو اﻧﺴﻚ ﺷﺎة (. ﺛﺎﻧﯿﺎ:إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺤﻈﻮر ﺻﯿﺪا ﻓﻌﻠﻰ ﻗﺎﺗﻠﮫ ،أو ﻗﺘﻠﺘﮫ إن اﺷﺘﺮﻛﻮا ﻓﻲ ﻗﺘﻠﮫ ﺟﺰاؤه ﺑﺸﺮوط ﺟﺎءت ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮﻣﺖ ﻗﺘﻞ اﻟﺼﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮم ،وھﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮا اﻟﺼﯿﺪ وأﻧﺘﻢ ﺣﺮم وﻣﻦ ﻗﺘﻠﮫ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﺘﻌﻤﺪا ﻓﺠﺰاء ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﯾﺤﻜﻢ ﺑﮫ ذوا ﻋﺪل ﻣﻨﻜﻢ ھﺪﯾﺎ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻜﻌﺒﺔ أو ﻛﻔﺎرة ﻃﻌﺎم ﻣﺴﺎﻛﯿﻦ أو ﻋﺪل ذﻟﻚ ﺻﯿﺎﻣﺎ ﻟﯿﺬوق وﺑﺎل أﻣﺮه . وأﻣﺎ اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﮭﻲ:
اﻟﻤﺜﻠﯿﺔ ،ﻓﻠﯿﺮاع ﻓﻲ اﻟﺤﯿﻮان اﻟﻤﻘﺘﻮل ﻣﺎ ﯾﻤﺎﺛﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ھﻲ اﻹﺑﻞ ،واﻟﺒﻘﺮ ،واﻟﻐﻨﻢ ،ﻓﻤﺜﻞ : اﻟﻨﻌﺎم وﻓﯿﮫ ﺑﺪﻧﺔ )ﺑﻌﯿﺮ( ﺣﻜﻢ ﺑﮫ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ. ﺑﻘﺮ اﻟﻮﺣﺶ ،وﻓﯿﮫ ﺑﻘﺮة ،ﺣﻜﻢ ﻓﯿﮫ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ. ﺣﻤﺎر اﻟﻮﺣﺶ ،وﻓﯿﮫ ﺑﻘﺮة ،ﺣﻜﻢ ﻓﯿﮫ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ. اﻟﻀﺒﻊ ،وﻓﯿﮫ ﻛﺒﺶ ،ﺣﻜﻢ ﺑﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ . اﻷﯾﻞ ،ﺣﯿﻮان ﯾﺸﺒﮫ اﻟﻐﺰال ،وﻓﯿﮫ ﺑﻘﺮة ،روي ﺣﻜﻤﮫ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ. اﻟﺘﯿﺘﻞ :اﻟﻮﻋﻞ اﻟﻤﺴﻦ وﻓﯿﮫ ﺑﻘﺮة. اﻟﻮﻋﻞ :ﺗﯿﺲ اﻟﺠﺒﻞ وﻓﯿﮫ ﺑﻘﺮة. اﻟﻐﺰال :وﻓﯿﮫ ﺷﺎة ﻟﺤﺪﯾﺚ ﺟﺎﺑﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل :ﻓﻲ اﻟﻈﺒﻲ ﺷﺎة .واﻟﻈﺒﻲ ھﻮ اﻟﻐﺰال، رواه اﻟﺪار ﻗﻄﻨﻲ ،وﻗﻀﻰ ﺑﮫ ﻋﻤﺮ ر ﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻃﺄ. اﻷرﻧﺐ :وﻓﯿﮫ ﻋﻨﺎق )اﻷﻧﺜﻰ ﻣﻦ أوﻻد اﻟﻤﻌﺰ( روى ﺣﻜﻤﮫ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ. اﻟﻮﺑﺮ :دوﯾﺒﺔ ﺳﻮداء ﻻ ذﻧﺐ ﻟﮭﺎ ﺗﺸﺒﮫ اﻟﮭﺮة وﻓﯿﮫ ﺟﺪي. اﻟﺤﻤﺎم ،وﻓﯿﮫ ﺷﺎة ﺣﻜﻢ ﻓﯿﮫ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ. اﻟﯿﺮﺑﻮع ،وﻓﯿﮫ ﺟﻔﺮة ،ﺣﻜﻢ ﻓﯿﮫ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ. اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺻﻐﺎر اﻟﺤﯿﻮان ﻛﺎﻟﺠﺮاد ،واﻟﺬﺑﺎب ،واﻟﻨﻤﻞ ،واﻟﺒﺮاﻏﯿﺚ ،واﻟﻘﺮاد وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،ﻓﺒﻌﻀﮭﻢ ﻗﺎل ﻓﯿﮭﺎ :ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم إﻻ اﻟﺠﺮاد إذا ﺗﺠﺎوز اﻟﻌﺸﺮة ﺟﺮادات ﻓﻔﯿﮭﺎ اﻟﻘﯿﻤﺔ ،وﺑﻌﻀﮭﻢ ﯾﻘﻮل :ﻻ ﺷﻲء ﻓﯿﮭﺎ إﻻ اﻟﺠﺮاد ﻓﯿﻀﻤﻦ ﺑﻘﯿﻤﺘﮫ أﻣﺎ ﺑﯿﺾ اﻟﺤﯿﻮان اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻛﺎﻟﻨﻌﺎم واﻟﻄﯿﺮ ﻓﯿﻀﻤﻦ ﺑﻘﯿﻤﺔ ﺻﻐﺎره ،وﻛﺬا ﻟﺒﻦ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻟﺒﻦ ﯾﻀﻤﻦ ﺑﺎﻟﻘﯿﻤﺔ أﯾﻀﺎ.
اﻟﺤﻜﻤﺎن اﻟﻌﺪﻻن ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ.
أن ﯾﻜﻮن اﻟﺠﺰاء ھﺪﯾﺎ ﯾﮭﺪى إﻟﻰ اﻟﺤﺮم ﻟﯿﻄﻌﻤﮫ ﻓﻘﺮاء اﻟﺤﺮم وﻣﺴﺎﻛﯿﻨﮫ.
90
إن ﻟﻢ ﯾﻮﺟﺪ ﻟﻠﺤﯿﻮان ﻣﺜﻞ ،ﯾﻘﻮم وﯾﺘﺼﺪق ﺑﻘﯿﻤﺘﮫ ﻃﻌﺎﻣﺎ ،وإن ﺗﻌﺬر وﺟﻮد اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻠﯿﺼﻢ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺪ ﯾﻮﻣﺎ. ﺛﺎﻟﺜﺎ:إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺤﻈﻮر ﺟﻤﺎﻋﺎ ﻓﺈن اﻟﺤﺞ ﯾﻔﺴﺪ إذا وﻗﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ،وﻋﻠﯿﮫ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ ﺣﺠﮫ اﻟﻔﺎﺳﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻤﮫ وﻋﻠﯿﮫ ذﺑﺢ ﺑﺪﻧﺔ )ﺑﻌﯿﺮ( وﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺞ ﻣﻦ ﻗﺎﺑﻞ .وإن ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﺒﺪﻧﺔ ﺻﺎم ﻋﺸﺮة أﯾﺎم .وإن ﻛﺎن اﻟﻤﺤﻈﻮر ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﺎت اﻟﺠﻤﺎع ﻛﺎﻟﻘﺒﻠﺔ واﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻓﺈن ﻓﻲ ذاك دﻣﺎ .وإن ﻛﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ذﻛﺮ وذﻟﻚ ﻛﻌﻘﺪ ﻧﻜﺎح أو ﺧﻄﺒﺔ ﻓﺈن ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﮫ إﺛﻤﺎ ﻓﻠﯿﺴﺘﻐﻔﺮ اﷲ ﻣﻨﮫ وﻟﯿﺘﺐ ،وﻻ ﻓﺪﯾﺔ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﻌﺪم ﺛﺒﻮﺗﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أو ﻋﻦ أﺣﺪ أﺻﺤﺎﺑﮫ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ. وﺗﻈﮭﺮ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﺼﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮم ﻓﻲ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ: (1إن اﻟﺤﻜﻤﺔ أو اﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﺼﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮم ﻟﯿﻠﻮح ﻟﺬي اﻟﻔﻜﺮ ﺑﻮﺿﻮح وﺟﻼء ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻟﯿﺒﻠﻮﻧﻜﻢ اﷲ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺼﯿﺪ ﺗﻨﺎﻟﮫ أﯾﺪﯾﻜﻢ ورﻣﺎﺣﻜﻢ ﻟﯿﻌﻠﻢ اﷲ ﻣﻦ ﯾﺨﺎﻓﮫ ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ ﻓﻤﻦ اﻋﺘﺪى ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻠﮫ ﻋﺬاب أﻟﯿﻢ .ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻞ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ھﺬا اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ :ﻟﯿﻌﻠﻢ اﷲ ﻣﻦ ﯾﺨﺎﻓﮫ ﺑﺎﻟﻐﯿﺐ .ﻓﻈﮭﺮت اﻟﺤﻜﻤﺔ، واﻧﻜﺸﻒ اﻟﺴﺮ ،وﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ھﻮ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺪى ﺧﺸﯿﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﺮﺑﮫ ،وإﻇﮭﺎر ﻟﻤﺪى ﺧﻮﻓﮫ ﻣﻦ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وﻣﺮاﻗﺒﺘﮫ ﻟﮫ ،وھﺬا ﯾﻌﺪ إﻋﺪادا ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ وﺗﮭﯿﺌﺔ ﻟﮫ ﻷن ﯾﻄﯿﻊ رﺑﮫ ﻓﻲ أواﻣﺮه وﻧﻮاھﯿﮫ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺳﻌﺎدﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺪارﯾﻦ. (2وﻣﻦ أﺳﺮار ﺗ ﺤﺮﯾﻢ اﻟﺼﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺮم أﯾﻀﺎ ،أن اﻟﻤﺤﺮم ﺑﻤﺠﺮد ﻣﺎ ﻗﺎل :ﻟﺒﯿﻚ اﻟﻠﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ ،ﻟﺒﯿﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ ﻟﺒﯿﻚ ..ﻗﺪ ﻧﺒﺬ وراءه ﻛﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻟﻠﺬات ،وأﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ روﺣﮫ ﯾﺰﻛﯿﮭﺎ ﺑﺬﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﯾﻄﮭﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﮫ واﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﻠﻢ ﯾﺒﻖ ﻟﮫ ﻣﻊ ھﺬا ﻣﺠﺎل ﻟﻠﮭﻮ واﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻟﺼﯿﺪ. (3وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ أﺳﺮار ﺗﺤﺮﯾﻢ اﻟﺼﯿﺪ أن اﻟﻤﺤﺮم ﺗﺮق ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺬﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﯾﺮھﻒ إﺣﺴﺎﺳﮫ ﺑﺎﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻻه إﻟﻰ درﺟﺔ ﻻ ﯾﻘﻮى ﻣﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ إﯾﺬاء اﻟﺤﯿﻮان ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻗﺘﻠﮫ.
91
ﯾﺠﻮز ﻟﻠﻤﺤﺮم أن ﯾﻘﺘﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻞ أو ﻓﻲ اﻟﺤﺮم :اﻟﻜﻠﺐ اﻟﻌﻘﻮر ،واﻟﺤﺪأة ،واﻟﺤﯿﺔ ،واﻟﻌﻘﺮب ،واﻟﻔﺄرة وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﺆذي ﻣﺎ ﯾﺠﻮز ﻗﺘﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮان ﻟﻠﻤﺤﺮم
ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﺧﻤﺲ ﻣﻦ اﻟﺪواب ﻛﻠﮭﻦ ﻓﺎﺳﻖ ﯾﻘﺘﻠﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺮم :اﻟﻐﺮاب ،واﻟﺤﺪأة ،واﻟﻌﻘﺮب ،واﻟﻔﺄرة، واﻟﻜﻠﺐ اﻟﻌﻘﻮر رواه أﺣﻤﺪ وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﺑﻤﻌﻨﺎه. إن ﻣﻤﺎ ﯾﺴﺎﻋﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺘﮭﺎ اﻟﻤﻨﺸﻮدة ﻟﮭﺎ وھﻲ اﻟﻌﻠﻮ داﺋﻤﺎ :أﻓﻌﺎل اﻟﺒﺮ واﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﺨﯿﺮ واﻹﺣﺴﺎن،
ﺣﻜﻤﺔ اﻹﺣﺮام
ﻛﻤﺎ أن ﻣﻤﺎ ﯾﻌﻮﻗﮭﺎ وﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﮭﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮ واﻟﻜﻤﺎل اﻟﺬﻧﻮب واﻟﺠﺮاﺋﻢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ وا ﻟﺸﺮور واﻵﺛﺎم .وﻗﺪ ﻣﺪ اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺪه إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻮاﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻰ اﻟﺸﻐﻮﻓﺔ ﺑﺤﺐ اﻟﻜﻤﺎل إذ دﻋﺎھﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل: }ﻓﻔﺮوا إﻟﻰ اﷲ {وﻓﺘﺢ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﺑﮫ ﻓﻘﺎل} :وﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻦ اﺳﺘﻄﺎع إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻼ {وﻣﺎ أﺣﻮج اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﮭﺎ اﻟﺮوﺣﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﺰاد واﻟﺘﺨﻔﯿﻒ وھﻲ ﻓﻘﯿﺮة ﺑﺒﻌﺪھﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻻھﺎ ،ﺛﻘﯿﻠﺔ ﺑﺮﻛﻮﻧﮭﺎ إﻟﻰ دﻧﯿﺎھﺎ! ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻟﮭﺎ ﻣﻮاﺋﺪ ﺑﺮه ودﻋﺎھﺎ إﻟﻰ رﺣﺎب أﻧﺴﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺑﺪا ﻟﯿﻨﺴﺎھﺎ ،ﻓﻘﺪ أﻋﻄﺎھﺎ ﻣﻦ ﺧﯿﺮ زاد اﻟﻮرى ﻟﻤﺎ ﻗﺎل} :وﺗﺰودوا ﻓﺈن ﺧﯿﺮ اﻟﺰاد اﻟﺘﻘﻮى {وﺳﺎﻋﺪھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻟﻤﺎ أﻣﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻟﻤﺨﯿﻂ واﻟﻤﺤﯿﻂ ،واﻟﺬﻧﻮب واﻵﺛﺎم ،وﺑﮭﺬا ﺗﺠﻠﺖ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻹﺣﺮام ،وﻋﺮﻓﻨﺎ اﻟﺴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮد ﻣﻦ اﻵﺛﺎم ،ﻓﺈن اﻟﺤﺎج واﻓﺪ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﻜﺎن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺨﺘﺎر أﺟﻤﻞ ﺣﻠﺔ ﯾﻠﻘﻰ ﺑﮭﺎ ﻣﻮﻻه ،وﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺟﻤﯿﻞ ﯾﺤﺒﮫ اﷲ وﯾﺮﺿﺎه ﺳﻮى ﻃﺎﻋﺘﮫ وﺗﻘﻮاه ،وأن ﯾﻨﺘﻘﻲ أﺣﺴﻦ ﺻﻮرة ﯾﻔﺪ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﷲ ،وﻟﯿﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﺎ ھﻮ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﺻﻮرة ﺗﻨﺒﺊ ﺑﺎﻻﻓﺘﻘﺎر ،واﻟﺬل واﻻﻧﻜﺴﺎر .ﻓﻠﯿﻔﺪ إذا اﻟﻮاﻓﺪون ﻋﻠﻰ اﷲ ،وھﻢ أﺷﺒﮫ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎة اﻟﻌﺮاة، وﻟﯿﻜﻦ اﻟﺸﻌﺚ ﺷﻌﺎرھﻢ ،وﺗﻨﺎﺳﻲ اﻟﺬات دﺛﺎرھﻢ ،وﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﺮوح ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﯿﺔ واﻟﺘﻀﺮع ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﻣﺮاﻣﮭﻢ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﺑﺬﻟﻚ واﺻﻠﻮن ،وﻋﻠﻰ رﺿﻰ ﻣﻮﻻھﻢ ﺣﺎﺋﺰون وﺗﻠﻚ ﺑﻐﯿﺘﮭﻢ وﺑﻐﯿﺘﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﻓﺎﻟﻠﮭﻢ ﻗﺮﺑﻨﺎ ﻣﻨﻚ وﻻ ﺗﺒﻌﺪﻧﺎ وﺻﻠﻨﺎ وﻻ ﺗﻘﻄﻌﻨﺎ، وارض ﻋﻨﺎ وﻻ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ آﻣﯿﻦ آﻣﯿﻦ ﯾﺎ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ.
اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ: ﺟﺪول) (16ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ )اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ(
اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ أﻧﻮاع
اﻟﻮﺻﻒ
اﻟﻄﻮاف ھﻮ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة وﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﺛﻼﺛﺔ أﻃﻮﻓﺔ:
ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻷول :ﻃﻮاف اﻟﻘﺪوم :وھﻮ واﺟﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ ،وﺳﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺋﻤﺔ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻃﻮاف اﻹﻓﺎﺿﺔ :وھﻮ رﻛﻦ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻮ ﺳﻘﻂ ﻟﺒﻄﻞ اﻟﺤﺞ ﺑﺴﻘﻮﻃﮫ ،وﯾﻘﻊ ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺎﺿﺔ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺎت وﻣﺰدﻟﻔﺔ ،وﻟﺬا ﯾﺴﻤﻰ ﺑﻄﻮاف اﻹﻓﺎﺿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺴﻤﻰ أﯾﻀﺎ ﻃﻮاف اﻟﺰﯾﺎرة. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻃﻮاف اﻟﻮداع :وھﻮ ﺳﻨﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺎﻟﻜﯿﺔ وواﺟﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﮭﻮر ،ﻏﯿﺮ أن ﻣﻦ ﺗﺮﻛﮫ ﻟﻌﺬر ﻟﻢ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﯿﮫ دم ﺣﯿﺚ إن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ رﺧﺺ ﻟﻠﺤﺎﺋﺾ ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﺪون ﻃﻮاف ﻟﻠﻮداع وﻟﻢ ﯾﺄﻣﺮھﺎ ﺑﺪم ﻟﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﺔ ﻣﻨﻌﺘﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف .إذا ﻧﻔﺮ اﻟﺤﺎج ﻣﻦ ﻣﻨﻰ ﯾﺴﺘﺤﺐ ﻟﮫ أن ﯾﻨﺰل ﺑﺎﻟﻤﺤﺼﺐ ﻓﯿﺒﯿﺖ ﺑﮫ وﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ ﯾﺪﺧﻞ ﻣﻜﺔ ،ﻓﺈن أراد اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ ﯾﻮﻣﮫ ﻃﺎف ﻃﻮاف اﻟﻮداع ،وإن ﻟﻢ ﯾﻌﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم أﺧﺮه إﻟﻰ آﺧﺮ 92
إﻗﺎﻣﺘﮫ ﺑﻤﻜﺔ ﻟﯿﻜﻮن آﺧﺮ ﻋﮭﺪه ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻄﻮاف. وإذا ﻋﺰم اﻟﺤﺎج ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻔﺮ ﻃﺎف ﻃﻮاف اﻟﻮداع ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺔ ﻃﻮاف اﻹﻓﺎﺿﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻀﻄﺒﻊ وﻻ ﯾﺮﻣﻞ ﺛﻢ ﯾﺼﻠﻲ ﺑﻌﺪه رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻄﻮاف ،وﻟﮫ أن ﯾﻘﻒ ﺑﺎﻟﻤﻠﺘﺰم ،وﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء أن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﮫ ،وإن دﻋﺎ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻣﺄﺛﻮر ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻓﻼ ﺑﺄس ،ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﮭﺬا اﻟﺪﻋﺎء ،اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ ﻋﺒﺪك واﺑﻦ ﻋﺒﺪك واﺑﻦ أﻣﺘﻚ ،ﺣﻤﻠﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺨﺮت ﻟﻲ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ ،وﺳﯿﺮﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﺑﻼدك ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺘﻨﻲ ﺑﻨﻌﻤﺘﻚ إﻟﻰ ﺑﯿﺘﻚ وأﻋﻨﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ أداء ﻧﺴﻜﻲ ،ﻓﺈن ﻛﻨﺖ رﺿﯿﺖ ﻋﻨﻲ ﻓﺎزدد ﻋﻨﻲ رﺿﺎ ،وإﻻ ﻓﻤﻦ اﻵن ﻓﺎرض ﻋﻨﻲ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺄى ﻋﻦ ﺑﯿﺘﻚ داري ،ﻓﮭﺬا أوان اﻧﺼﺮاﻓﻲ إن أذﻧﺖ ﻟﻲ ،ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﺒﺪل ﺑﻚ وﻻ ﺑﺒﯿﺘﻚ ،وﻻ راﻏﺒﺎ ﻋﻨﻚ وﻻ ﻋﻦ ﺑﯿﺘﻚ ،اﻟﻠﮭﻢ ﻓﺎﺻﺤﺒﻨﻲ اﻟﻌﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪﻧﻲ ،واﻟﺼﺤﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻲ ،واﻟﻌﺼﻤﺔ ﻓﻲ دﯾﻨﻲ ،وأﺣﺴﻦ ﻣﻨﻘﻠﺒﻲ ،وارزﻗﻨﻲ ﻃﺎﻋﺘﻚ ﻣﺎ أﺑﻘﯿﺘﻨﻲ ،واﺟﻤﻊ ﻟﻲ ﺧﯿﺮي اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ،إﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ. واﻟﺤﻜﻤﺔ إذا ﻓﻲ ﻃﻮاف اﻟﻮداع ھﻲ اﻻﺳﺘﺌﺬان ،وﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺸﻜﺮ واﻻﻣﺘﻨﺎن ﻟﺮب اﻟﺒﯿﺖ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﮫ وﻋﺰ ﺳﻠﻄﺎﻧﮫ، وھﻲ أﯾﻀﺎ وداع ﻟﺒﯿﺖ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺂﺧﺮ ﻧﻈﺮة ﺗﺒﻘﻰ ﺻﻮرة ﻣﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻌﯿﻦ ،وذﻛﺮى ﺧﺎﻟﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ. وإذا أراد اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻼ ﯾﺨﺮج ﯾﻤﺸﻲ اﻟﻘﮭﻘﺮى -إﻟﻰ اﻟﻮراء -ﺑﻞ ﯾﺨﺮج ﻣﺴﺘﺪﺑﺮ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮫ ،ﻓﺈن اﻟﻤﺸﻲ إﻟﻰ اﻟﻮراء ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻦ اﻟﺒﺪع اﻟﻤﻨﻜﺮة ،واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ ھﺪي اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ﺳﻠﻢ .وﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻤﻦ ﻃﺎف ﻃﻮاف اﻟﻮداع أن ﻻ ﯾﺸﺘﻐﻞ ﺑﻌﺪه ﺑﻐﯿﺮ اﻟﺴﻔﺮ وﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﮫ ،وإن ﻋﺎد إﻟﻰ اﻟﺒﯿﺖ ﺑﻌﺪ اﻟﻮداع أﻋﺎد ﻃﻮاف اﻟﻮداع ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن آﺧﺮ ﻋﮭﺪه ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻄﻮاف ﺑﮫ ﻋﻤﻼ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻻ ﯾﻨﻔﺮن أﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﯾﻜﻮن آﺧﺮ ﻋﮭﺪه ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ .
93
ﺷﺮوط اﻟﻄﻮاف ھﻲ:
ﺷﺮوط اﻟﻄﻮاف ﻧﯿﺔ اﻟﻄﻮاف ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺮوع ﻓﯿﮫ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :إﻧﻤﺎ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﺎﻟﻨﯿﺎت رواه اﻟﺒﺨﺎري. اﻟﻄﮭﺎرة ﻣﻦ اﻟﺤﺪث واﻟﺨﺒﺚ وﺳﺘﺮ اﻟﻌﻮرة ،ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :اﻟﻄﻮاف ﺣﻮل اﻟﺒﯿﺖ ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة إﻻ أﻧﻜﻢ ﺗﺘﻜﻠﻤﻮن ﻓﯿﮫ ،ﻓﻤﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﯿﮫ ﻓﻼ ﯾﺘﻜﻠﻢ إﻻ ﺑﺨﯿﺮ .ﻓﻤﻦ ﻃﺎف ﺑﻐﯿﺮ وﺿﻮء أو ﻃﺎف ﻣﻜﺸﻮف اﻟﻌﻮرة أﻋﺎد ﻃﻮاﻓﮫ وﺟﻮﺑﺎ. أن ﯾﻜﻮن اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ داﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ وﺣﻮل اﻟﺒﯿﺖ ،ﻓﻠﻮ ﻃﺎف ﺧﺎرج اﻟﻤﺴﺠﺪ أو داﺧﻞ اﻟﺒﯿﺖ أو داﺧﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ أﺟﺰاﺋﮭﻤﺎ ،ﻛﻤﻦ ﻃﺎف داﺧﻞ اﻟﺤﺠﺮ أو ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎذروان ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻃﻮاﻓﮫ ،ﻏﯿﺮ أﻧﮫ ﯾﺠﻮز ﻟﻀﺮورة اﻟﺰﺣﺎم أن ﯾﻄﻮف ﺑﻌﯿﺪا ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﻛﻤﺎ وراء ﻗﺒﺔ زﻣﺰم وﻣﺎ ﺣﺎذاھﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ. أن ﯾﻜﻮن اﻟﺒﯿﺖ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره ،ﻓﻠﻮ ﻃﺎف واﻟﺒﯿﺖ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﺢ ﻃﻮاﻓﮫ ﻟﻤﻌﺎﻛﺴﺘﮫ ﻓﻌﻞ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻗﺪ ﻗﺎل :ﺧﺬوا ﻋﻨﻲ ﻣﻨﺎﺳﻜﻜﻢ . أن ﯾﻜﻮن اﻟﻄﻮاف ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ،وأن ﯾﺒﺪأه ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،وﯾﻨﮭﯿﮫ ﻋﻨﺪه ،ﻓﻠﻮ ﻃﺎف أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ﻟﻢ ﯾﺠﺰه ﻃﻮاﻓﮫ ،وﻟﻮ ﺑﺪأه دون اﻟﺤﺠﺮ ،أو أﻧﮭﺎه ﻗﺒﻠﮫ ﻻ ﯾﻌﺘﺪ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸﻮط وﻟﯿﺄت ﺑﺂﺧﺮ ﺑﺪﻟﮫ. أن ﯾﻮاﻟﻲ ﺑﯿﻦ اﻷﺷﻮاط ،ﻓﻠﻮ ﺗﺮك اﻟﻤﻮاﻻة ﻟﻐﯿﺮ ﻋﺬر ﺑﻄﻞ ﻃﻮاﻓﮫ وﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺴﺘﺄﻧﻔﮫ ،وإن ﻛﺎن اﻟﻌﺬر ﻛﺎﻧﺘﻘﺎض وﺿﻮﺋﮫ ﻣﺜﻼ ﻓﺠﺪده ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻓﻼ ﺣﺮج. ﺳﻨﻦ اﻟﻄﻮاف ھﻰ:
ﺳﻨﻦ اﻟﻄﻮاف اﻟﺮﻣﻞ :وھﻮ ﺳﻨﺔ ﻟﻠﺮﺟﺎل اﻟﻘﺎدرﯾﻦ دون اﻟﻨﺴﺎء واﻟﻤﺮﺿﻰ واﻟﻌﺠﺰة ،وﯾﺴﻦ ﻓﻲ ﻃﻮاف اﻟﻘﺪوم ﺧﺎﺻﺔ ،وﻛﯿﻔﯿﺘﮫ :أن ﯾﺴﺮع ﻓﻰ ﻣﺸﯿﮫ ﻣﻊ ﺗﻘﺎرب اﻟﺨﻄﺎ ﻓﻲ اﻷﺷﻮاط اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷوﻟﻰ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﻮاط اﻷرﺑﻌﺔ ﻓﻼ رﻣﻞ ﻓﯿﮭﺎ ،ﺑﻞ ﯾﻤﺸﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﮭﺪوء وﺳﻜﯿﻨﺔ. اﻻﺿﻄﺒﺎع وھﻮ ﻛﺸﻒ ﺿﺒﻊ اﻟﺮﺟﻞ ،أي :ﻛﺘﻔﮫ اﻷﯾﻤﻦ ﺑﺄن ﯾﺠﻌﻞ ﻃﺮف رداﺋﮫ ﺗﺤﺖ إﺑﻄﮫ اﻷﯾﻤﻦ وﺑﻌﻀﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮫ اﻷﯾﺴﺮ ،وھﻮ ﺧﺎص أﯾﻀﺎ ﺑﻄﻮاف اﻟﻘﺪوم ،وﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ اﻷﺷﻮاط اﻟﺴﺒﻌﺔ ،ودﻟﯿﻞ اﻟﺮﻣﻞ واﻻﺿﻄﺒﺎع ﻓﻌﻠﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع واﻟﺘﻮاﺗﺮ. ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﻄﻮاف إن أﻣﻜﻦ ،وإﻻ ﻓﻠﻤﺴﮫ أو اﻹﺷﺎرة إﻟﯿﮫ ﻛﺎﻓﯿﺔ. ﻗﻮل :ﺑﺴﻢ اﷲ ،واﷲ أﻛﺒﺮ اﻟﻠﮭﻢ إﯾﻤﺎﻧﺎ ﺑﻚ ،وﺗﺼﺪﯾﻘﺎ ﺑﻜﺘﺎﺑﻚ ،ووﻓﺎء ﺑﻌﮭﺪك ،واﺗﺒﺎﻋﺎ ﻟﺴﻨﺔ ﻧﺒﯿﻚ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺑﺪء اﻟﺸﻮط اﻷول ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻼم اﻟﺤﺠﺮ. اﻟﺪﻋﺎء أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮاف وھﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺪود وﻻ ﻣﻌﯿﻦ إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﻮل رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر .ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﯾﺨﺘﻢ ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺸﻮط ﻣﻦ ﻃﻮاﻓﮫ )رواه أﺑﻮداود ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ(. اﻟﺪﻋﺎء أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮاف وھﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺪود وﻻ ﻣﻌﯿﻦ إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﻮل رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر .ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﯾﺨﺘﻢ ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺸﻮط ﻣﻦ ﻃﻮاﻓﮫ )رواه أﺑﻮداود ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﯿﺢ(. آداب اﻟﻄﻮاف ھﻲ: آداب اﻟﻄﻮاف (1أن ﻻ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻓﯿﮫ ﻟﻐﯿﺮ ﺿﺮورة. (2أن ﻻ ﯾﺆذي أﺣﺪا ﺑﻤﺰاﺣﻤﺔ أو ﻏﯿﺮھﺎ. (3أن ﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء أو ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن أو ذﻛﺮ اﷲ أو اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ أﺛﻨﺎﺋﮫ. (4أن ﯾﻜﻮن اﻟﻄﻮاف ﻓﻲ ﺧﺸﻮع ﺗﺎم ﻣﻊ اﺳﺘﺤﻀﺎر ﻋﻈﻤﺔ اﷲ واﻟﺨﻮف ﻣﻨﮫ 94
(5أن ﯾﻐﺾ ﺑﺼﺮه ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﺴﺎء وﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺸﻐﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﺨﺸﻮع ،وﻋﻦ ذﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
95
ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﯾﺠﺐ أن ﻧﻌﺮف أن اﻟﺪﻋﺎء ﺳﻨﺔ ﻻ ﯾﺒﻄﻞ اﻟﻄﻮاف ﺑﺘﺮﻛﮫ ،وﻻ ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻛﮫ دم وﻻ ﺻﺪﻗﺔ وﻻ ﺑﻌﺾ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف
ﺻﯿﺎم ﺛﻢ إن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻠﻘﻦ أﺻﺤﺎﺑﮫ دﻋﺎء ﺧﺎﺻﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻦ رﻏﺒﺎت، وﯾﺴﺄل رﺑﮫ أﺳﻤﻰ اﻟﻄﻠﺒﺎت ،وﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﻘﻮل :ﺛﻢ ﻟﯿﺨﺘﺮ أﺣﺪﻛﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء أﻋﺠﺒﮫ إﻟﯿﮫ ﻓﯿﺪﻋﻮ ﺑﮫ ،وھﺬه ﺑﻌﺾ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ ،وھﻲ ﻗﻮل: -1اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻠﮫ ﺣﺠﺎ ﻣﺒﺮورا ،وﺳﻌﯿﺎ ﻣﺸﻜﻮرا ،وذﻧﺒﺎ ﻣﻐﻔﻮرا ،رب اﻏﻔﺮ وارﺣﻢ ،واھﺪﻧﻲ اﻟﺴﺒﯿﻞ اﻷﻗﻮم ،وﺗﺠﺎوز ﻋﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ ،وأﻧﺖ اﻷﻋﺰ اﻷﻛﺮم. ﯾﻘﺎل ھﺬا ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺸﻮط ،وﯾﺨﺘﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ :رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر .ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺨﺘﻢ ﺑﮫ ﺷﻮﻃﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف. -2وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻤﻠﺘﺰم ﻟﮫ أن ﯾﻘﻮل :اﻟﻠﮭﻢ ﯾﺎ رب اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ،اﻋﺘﻖ رﻗﺒﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،اﻟﻠﮭﻢ إن ھﺬا ﻣﻘﺎم اﻟﻌﺎﺋﺬ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،ﻓﺄﻋﺬﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﺎرك ،وﻗﻨﻲ ﻋﺬاﺑﻚ. -3وﻋﻘﺐ رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻄﻮاف ﯾﻘﻮل :اﻟﻠﮭﻢ ﯾﺴﺮﻧﻲ ﻟﻠﯿﺴﺮى ،وﺟﻨﺒﻨﻲ اﻟﻌﺴﺮى ،واﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ واﻷﺧﺮى. وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻄﻮاف ھﻲ أن ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﺘﻄﮭﺮا ﻓﯿﻜﻮن أول ﺷﻲء ﯾﺒﺪأ ﺑﮫ أن ﯾﺪﺧﻞ اﻟﻤﻄﺎف ﻣﻀﻄﺒﻌﺎ إن ﻛﺎن ﻓﻲ
ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻄﻮاف
ﻃﻮاف اﻟﻘﺪوم ،ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻓﯿﻘﺒﻠﮫ أو ﯾﺴﺘﻠﻤﮫ أو ﯾﺸﯿﺮ إﻟﯿﮫ ﺣﺴﺐ اﻹﻣﻜﺎن ،ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺤﺠﺮ وﯾﻘﻒ ﻣﻌﺘﺪﻻ ﻧﺎوﯾﺎ ﻃﻮاﻓﮫ ﻗﺎﺋﻼ :ﺑﺴﻢ اﷲ واﷲ أﻛﺒﺮ ،اﻟﻠﮭﻢ إﯾﻤﺎﻧﺎ ﺑﻚ وﺗﺼﺪﯾﻘﺎ ﺑﻜﺘﺎﺑﻚ ،ووﻓﺎء ﺑﻌﮭﺪك ،واﺗﺒﺎﻋﺎ ﻟﺴﻨﺔ ﻧﺒﯿﻚ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﺛﻢ ﯾﺄﺧﺬ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف ﺟﺎﻋﻼ اﻟﺒﯿﺖ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره ﻣﮭﺮوﻻ إن ﻛﺎن ﻓﻲ ﻃﻮاف اﻟﻘﺪوم ،وھﻮ ﯾﺪﻋﻮ أو ﯾﻘﺮأ أو ﯾﺬﻛﺮ أو ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻟﻰ أن ﯾﺤﺎذي اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ﻓﯿﺴﺘﻠﻤﮫ ﺑﯿﺪه إن أﻣﻜﻦ ،وﯾﺨﺘﻢ اﻟﺸﻮط ﺑﺪﻋﺎء :رﺑﻨﺎ آﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ وﻓﻲ اﻵﺧﺮة ﺣﺴﻨﺔ وﻗﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر ﺛﻢ ﯾﻄﻮف اﻟﺸﻮط اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺜﺎﻟﺚ وھﻜﺬا ،وﻟﻤﺎ ﯾﺸﺮع ﻓﻲ اﻟﺸﻮط اﻟﺮاﺑﻊ ﯾﺘﺮك اﻟﺮﻣﻞ -اﻟﮭﺮوﻟﺔ -وﯾﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺳﻜﯿﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ اﻷرﺑﻌﺔ اﻷﺷﻮاط اﻟﺒﺎﻗﯿﺔ ،ﻓﺈذا ﻓﺮغ أﺗﻰ اﻟﻤﻠﺘﺰم ودﻋﺎ ﺑﺎﻛﯿﺎ ﺧﺎﺷﻌﺎ ،ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺧﻠﻔﮫ رﻛﻌﺘﯿﻦ ﯾﻘﺮأ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﺑﺴﻮرﺗﻲ اﻟﻜﺎﻓﺮون واﻹﺧﻼص ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ،ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﻓﺮاﻏﮫ ﯾﺄﺗﻲ زﻣﺰم ﻓﯿﺸﺮب ﻣﻨﮫ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﯾﺮوى) ،ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﯾﺘﻀﻠﻊ ﻣﻨﮫ )وﯾﺪﻋﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺮب ﺑﻤﺎ ﺷﺎء ،وإن دﻋﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﺆﺛﺮ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻓﺤﺴﻦ ،وﻣﻤﺎ ﯾﺆﺛﺮ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﻮﻟﮫ :اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎ ﻧﺎﻓﻌﺎ ورزﻗﺎ واﺳﻌﺎ ،وﺷﻔﺎء ﻣﻦ ﻛﻞ داء ،ﺛﻢ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻓﯿﻘﺒﻠﮫ أو ﯾﺴﺘﻠﻤﮫ. وإﻟﻰ ھﻨﺎ ﻗﺪ اﻧﺘﮭﻰ ﻃﻮاﻓﮫ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻄﻮاف رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻓﺎﻟﺮﺟﺎء أن ﯾﻜﻮن ﻣﻘﺒﻮﻻ وﺑﮫ اﻟﺤﺞ ﻣﺒﺮورا ،وإن أراد اﻟﺴﻌﻲ ﻓﻠﯿﺨﺮج إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ ﺗﺎﻟﯿﺎ ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ :إن اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ ﻓﻤﻦ ﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ أو اﻋﺘﻤﺮ ﻓﻼ ﺟﻨﺎح ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻄﻮف ﺑﮭﻤﺎ ﻟﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎء ﻟﯿﺴﻌﻰ.
ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻄﻮاف
ﺣﻜﻤﺔ اﻻﺿﻄﺒﺎع واﻟﺮﻣﻞ: اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻻﺿﻄﺒﺎع واﻟﺮﻣﻞ ﻗﺪ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺘﮭﻤﺎ ،ﻓﻘﺪ روى اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻗﺎل :ﻗﺪم رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وأﺻﺤﺎﺑﮫ -ﯾﺮﯾﺪ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻣﻌﺘﻤﺮﯾﻦ -ﻓﻘﺎل اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن :إﻧﮫ ﯾﻘﺪم ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻗﻮم ﻗﺪ وھﻨﺘﮭﻢ ﺣﻤﻰ ﯾﺜﺮب )اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ( ﻓﺄﻣﺮھﻢ أن ﯾﺮﻣﻠﻮا اﻷﺷﻮاط اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وأن ﯾﻤﺸﻮا ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺮﻛﻨﯿﻦ ،وﻟﻢ ﯾﻤﻨﻌﮭﻢ أن ﯾﺮﻣﻠﻮا اﻷﺷﻮاط ﻛﻠﮭﺎ إﻻ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ ،وﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﻗﺎل) :ﻓﺄروھﻢ ﻣﻦ أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﻮة( ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﻞ ھﻮ 96
إﻇﮭﺎر اﻟﺠﻠﺪ واﻟﻘﻮة ﻟﻸﻋﺪاء اﻟﻤﻨﺎوﺋﯿﻦ ،ﻓﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﯿﮫ أن ﯾﺸﻌﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ أﻧﮫ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﮫ أن ﯾﻜﻮن داﺋﻤﺎ ﻗﻮﯾﺎ ،وأﻧﮫ ﻻ ﯾﺠﻮز ﻟﮫ أن ﯾﻀﻌﻒ أﻣﺎم أﻋﺪاﺋﮫ ﺑﺤﺎل ،وأن ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻮﺟﺪ اﻟﻘﻮة اﻟﻜﺎﻓﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮھﺐ ﻋﺪوه وﺗﺠﻌﻠﮫ داﺋﻤﺎ ﯾﺤﺘﺮﻣﮫ وﯾﮭﺎﺑﮫ ﻓﻲ أي زﻣﺎن وﻣﻜﺎن. وأﻣﺎ اﻻﺿﻄﺒﺎع ﻓﮭﻮ ﻛﺸﻒ اﻟﻀﺒﻊ ﻟﯿﻜﻮن أدﻋﻰ إﻟﻰ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﺸﻲ ،وأﻧﺸﻂ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ واﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﯿﮫ أن ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺬي ﯾﺤﺘﻀﻦ دون اﻟﺒﺸﺮ راﯾﺔ اﻟﺤﻖ واﻟﻌﺪل أﻧﮫ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﮫ أن ﯾﻌﯿﺶ داﺋﻤﺎ ﻣﻌﺒﺄ ﻟﻠﺠﮭﺎد ﻣﺴﺘﻌﺪا ﻓﻲ ﻛﻞ أوﻗﺎﺗﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻀﻤﻦ ﻟﮫ اﻟﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﻌﺘﺮﻛﺎت ،ﻓﻠﯿﺨﺘﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻢ واﻟﺤﺮب ﻣﺎ ﯾﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨﺸﺎط ،وﻣﻦ اﻟﺴﻼح ،أﺣﺪه وأﻣﻀﺎه ،وﻣﻦ اﻟﻌﺘﺎد ،أﺟﻮده وأﻗﻮاه .وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬا أن ﯾﻠﺒﺲ ﻗﺒﻌﺔ ھﻲ ﺷﻌﺎر اﻟﻜﺎﻓﺮﯾﻦ ،أو ﯾﻠﺒﺲ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺴﺘﺮ اﻟﻌﻮرﺗﯿﻦ أو ﯾﺘﺰﯾﺎ ﺑﺰي أﻋﺪاﺋﮫ اﻟﻜﺎﻓﺮﯾﻦ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﻮﺟﺪ ﻟﮫ ﻟﺒﺎﺳﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﯾﻀﻤﻦ ﻟﮫ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﺸﻲ وﺧﻔﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،وھﯿﺌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﮫ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻼﺷﻲ ،وذاﺗﯿﺘﮫ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻓﻲ اﻟﻐﯿﺮ ،وﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬا ﺣﺮم اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺑﻨﯿﮫ اﻟﺘﺸﺒﮫ ﺑﺄﻋﺪاﺋﮭﻢ ،وأوﺟﺐ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﮭﻢ وﻣﺒﺎﯾﻨﺘﮭﻢ ،ﻓﻜﺎن ﻧﺒﯿﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﯾﺤﺬر وﯾﻘﻮل :ﻣﻦ ﺗﺸﺒﮫ ﺑﻘﻮم ﻓﮭﻮ ﻣﻨﮭﻢ وﯾﻘﻮل :ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ .ﻷﻧﮫ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ وذاﺗﯿﺘﮫ ﻟﺌﻼ ﺗﺬوب ﻓﻲ ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﯿﻔﻘﺪ اﻟﺤﻖ أﻧﺼﺎره ،واﻟﺨﯿﺮ أﻋﻮاﻧﮫ ،ﻓﮭﺬا ﺳﺮ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ ،وھﺬا ﺳﺮ اﻟﺮﻣﻞ واﻻﺿﻄﺒﺎع .ﻓﮭﻞ اﻧﺘﻔﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن اﻟﯿﻮم ﺑﮭﺬه اﻟﺤﻜﻢ واﻷﺳﺮار؟ أو ﻣﺎ زال ﻧﺼﯿﺒﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات ﺻﻮرھﺎ دون ﺧﺼﺎﺋﺼﮭﺎ وﺛﻤﺮاﺗﮭﺎ؟ وﺣﺘﻰ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺸﻜﻠﯿﺔ أﺧﺬوا ﯾﻨﻔﺼﻠﻮن ﻣﻨﮭﺎ وﯾﺘﻨﺼﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮭﺎ ،وﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎﷲ. اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد: ﻗﺎﻟﻮا :إن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ،وﻗﺎﻟﻮا :إﻧﮫ ﻣﺒﺪأ اﻟﻄﻮاف ،وإﻧﮫ ﻣﻦ وﺿﻊ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺧﻠﯿﻞ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﻗﺎﻟﻮا :إﻧﮫ ﯾﻤﯿﻦ اﷲ ﻓﻲ اﻷرض ،ﻓﻤﺴﺘﻠﻤﮫ ﻛﻤﺒﺎﯾﻊ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﺿﻊ ﯾﺪه ﻋﻠﻰ ﯾﺪه ﺗﺤﻘﯿﻘﺎ ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺒﺎﯾﻌﺔ ،وﺗﺄﻛﯿﺪا ﻟﻤﻀﻤﻮﻧﮭﺎ ،ﻓﮭﺬه أﻣﻮر ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ واﺳﺘﻼﻣﮫ ،وﻧﺤﻦ وإن ﺳﻠﻤﻨﺎ ھﺬا ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮل :إن اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ھﻨﺎك ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺤﻜﻢ ،وﺳﺮ اﻷﺳﺮار ﻓﻲ ﺗﻘﺒﯿﻞ ھﺬا اﻟﺤﺠﺮ ،وإﻧﮭﺎ ﻟﺘﻠﻮح ﻟﻠﻤﺘﺄﻣﻞ ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﻔﺎروق ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :إﻧﻲ أﻋﻠﻢ أﻧﻚ ﺣﺠﺮ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ وﻻ ﺗﻀﺮ ،وﻟﻮﻻ أﻧﻲ رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﺘﻚ .ﻓﻤﻦ ھﺬا اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ وﺣﺪه ﺗﻈﮭﺮ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺤﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،وھﻲ أن ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﻮﺣﺪ أن اﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﺒﺎدات ھﻮ إذن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻔﻌﻠﮭﺎ ،ﻓﺈن أﯾﺔ ﻋﺒﺎدة ﻣﮭﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﻜﻠﮭﺎ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وإذﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﺘﻔﻊ ﺑﮭﺎ ﻓﺎﻋﻠﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﻓﺎﻗﺪة ﻟﺮوح اﻟﻌﺒﺎدة وﺳﺮھﺎ ،وھﻮ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺬي ﯾﻜﺴﺒﮭﺎ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻹﺻﻼح واﻟﺘﺰﻛﯿﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺒﺮة ﻛﻞ اﻟﻌﺒﺮة ﺑﺎﻻﻧﻘﯿﺎد ﻷﻣﺮ اﷲ ﺑﻔﻌﻠﮭﺎ ،وإﻻ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﺣﺠﺮ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻷﺣﺠﺎر اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ وﻻ ﺗﻀﺮ وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﺠﺮ إذن ﺑﺘﻘﺒﯿﻠﮫ أﺻﺒﺢ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﻧﻈﺮة اﻹﺟﻼل واﻻﺣﺘﺮام ،ﻷﻧﮫ ﯾﺘﻮﺻﻞ ﺑﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺼﺒﻮ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﺐ ﻣﻮﻻه ورﺿﺎه .وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ أن اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﺒﺎدات ھﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺪى ﺻﺪق إﯾﻤﺎن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺮﺑﮫ ،وإﻟﻰ أي ﻣﺪى ھﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻘﺒﻮل أواﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ،ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﺘﻘﺒﯿﻞ ﺣﺠﺮ ﻻ ﯾﻨﻔﻊ وﻻ ﯾﻀﺮ.
اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ :إن ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺔ اﻟﺒﺸﺮي ﻋﻠﻰ رﺑﮫ أن ﺟﻌﻠﮫ وﺳﻄﺎ ﺑﯿﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﻺ اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﯿﻦ ،وﺑﯿﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﯿﻦ اﻷرﺿﯿﻦ ،ﻓﮭﻮ ﺑﺠﺴﻤﮫ ﯾﻤﺖ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدة، 97
وﺑﺮوﺣﮫ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮوح ،وإذا ﻏﻠﺐ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺮوح ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺠﺴﻢ ﻗﻮﯾﺖ ﺻﻠﺘﮫ ﺑﺎﻟﻤﻺ اﻷﻋﻠﻰ وأﺻﺒﺢ أﻗﺮب ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدة اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ،وإذا ﻏﻠﺐ ﺟﺎﻧﺐ ﺟﺴﻤﮫ أﺻﺒﺢ .إﻟﻰ اﻟﺤﯿﻮاﻧﯿﺔ أﻗﺮب ﻣﻨﮫ إﻟﻰ اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﺔ ،واﻧﻘﻄﻌﺖ ﻋﻼﻗﺘﮫ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻣﺘﻰ ﺣﻔﻆ ﺗﻮازﻧﮫ ﺑﺈﻋﻄﺎء ﻛﻞ ﻣﻦ روﺣﮫ وﺟﺴﺪه ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺔ وﻋﻨﺎﯾﺔ وإﺻﻼح اﻛﺘﻤﻠﺖ إﻧﺴﺎﻧﯿﺘﮫ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ،وﺗﺘﺤﻘﻖ ﺳﻌﺎدﺗﮫ اﻟﺤﻘﺔ ،وأﺻﺒﺢ اﻟﻤﺨﻠﻮق اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻠﻰ رﺑﮫ ،واﻟﺬي ھﻮ وﺳﻂ ﺑﯿﻦ ﻋﺎﻟﻤﻲ اﻟﻤﺎدة واﻟﺮوح وﺧﯿﺮ اﻷﻣﻮر أوﺳﻄﮭﺎ. وﻣﻦ دﻻﺋﻞ ﻛﺮاﻣﺔ ھﺬا اﻟﻤﺨﻠﻮق ﻋﻠﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﺷﺮع ﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻤﻞ روﺣﮫ ،وﺗﺤﻔﻆ ﻟﮫ ﻧﺼﯿﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺳﻌﺎدﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ﻛﺘﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮوح ﻣﺜﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺬﻛﺮ واﻟﺘﺴﺒﯿﺢ واﻻﻋﺘﻜﺎف واﻟﻄﻮاف ،ﻓﻘﺪ ورد ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :أن اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﻌﻤﻮر ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﯾﺪﺧﻠﮫ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺳﺒﻌﻮن أﻟﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻻ ﯾﻌﻮدون إﻟﯿﮫ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم اﻟﺴﺎﻋﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﯿﺖ ﻣﺜﻞ ھﺬا ﯾﺘﻘﺮﺑﻮن ﺑﺎﻟﻄﻮاف ﺑﮫ وزﯾﺎرﺗﮫ ،ﻓﺈن ﻟﮭﺬا اﻟﺒﺸﺮي اﻟﻤﻜﺮم ﺑﯿﺘﺎ آﺧﺮ وھﻮ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﯾﺘﻘﺮب ﺑﺎﻟﻄﻮاف ﺑﮫ، وﺑﺰﯾﺎرﺗﮫ وﺣﺘﻰ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ. وﻣﻦ ھﻨﺎ ﺗﻈﮭﺮ ﺣﻜﻤﺔ ﻃﻮاﻓﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام وھﻲ أﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ رﺑﻨﺎ أن ﺷﺮع ﻟﻨﺎ ﻋﺒﺎدة روﺣﺎﻧﯿﺔ ﺻﺮﻓﺔ ،ﻛﺎﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﺮوﺣﺎﻧﯿﻮن ،وھﻲ اﻟﻄﻮاف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ اﻟﺬي ھﻮ ﻛﻄﻮاف اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﻌﻤﻮر.
اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﮭﻮر ،وﺧﺎﻟﻒ اﻷﺣﻨﺎف ﻓﻘﺎﻟﻮا ﺑﻮﺟﻮﺑﮫ ﻓﻘﻂ ،وﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﻮﻟﮫ :اﺳﻌﻮا ﻓﺈن اﷲ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﯿﻜﻢ اﻟﺴﻌﻲ .وﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ :إن اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ .وﻟﻠﺴﻌﻲ ﺷﺮوط وﺳﻨﻦ وآداب ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ: ﺟﺪول) (17ﯾﻮﺿﺢ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة
اﻟﺴﻌﻲ
ﺑﯿﻦ
اﻟﻮﺻﻒ
اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة
98
ﺷﺮوط اﻟﺴﻌﻲ
اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻄﻮاف ﺑﺄن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﮫ ﺑﻌﺪ اﻟﻄﻮاف ،ﻓﻠﻮ ﺳﻌﻰ ﺛﻢ ﻃﺎف أﻋﺎده. -2اﻟﻤﻮاﻻة ﺑﯿﻦ اﻷﺷﻮاط ،وﻻ ﯾﻀﺮ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﯿﺴﯿﺮ ﻻ ﺳﯿﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﻟﻀﺮورة ﻛﺤﺒﺲ ﺑﻮل وﻧﺤﻮه. -3إﻛﻤﺎل اﻟﻌﺪد ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ،ﻓﻠﻮ ﻧﻘﺺ ﺷﻮط ،أو ﺣﺘﻰ ذراع ﻣﻦ ﺷﻮط ﻟﻢ ﯾﺠﺰ. -4وﻗﻮﻋﮫ ﺑﻌﺪ ﻃﻮاف ﺻﺤﯿﺢ ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻄﻮاف واﺟﺒﺎ أو ﺳﻨﺔ ،ﻏﯿﺮ أن اﻷوﻟﻰ أن ﯾﻜﻮن ﺑﻌﺪ ﻃﻮاف واﺟﺐ ﻛﻄﻮاف اﻟﻘﺪوم أو ﻃﻮاف رﻛﻦ ﻛﻄﻮاف اﻟﺰﯾﺎرة. ﺳﻨﻦ اﻟﺴﻌﻲ ھﻲ:
ﺳﻨﻦ اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺨﺒﺐ ،وھﻮ ﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﺸﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﯿﻠﯿﻦ اﻷﺧﻀﺮﯾﻦ ،وھﻮ ﺳﻨﺔ ﻟﻠﺮﺟﻞ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﯿﮫ دون اﻟﻤﺮأة واﻟﻌﺎﺟﺰ. اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻟﻠﺘﮭﻠﯿﻞ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺪﻋﺎء ﻓﻮﻗﮭﻤﺎ. اﻟﺘﮭﻠﯿﻞ واﻟﺘﻜﺒﯿﺮ واﻟﺪﻋﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻮط ﻣﻦ اﻷﺷﻮاط اﻟﺴﺒﻌﺔ. ﻗﻮل :اﷲ أﻛﺒﺮ )ﺛﻼﺛﺎ( ﻋﻨﺪ رﻗﯿﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎ أو اﻟﻤﺮوة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻮط ،وﻛﺬا ﻗﻮل :ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ،ﺻﺪق وﻋﺪه ،وﻧﺼﺮ ﻋﺒﺪه، وھﺰم اﻷﺣﺰاب وﺣﺪه. اﻟﻤﻮاﻻة ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻄﻮاف إن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﻣﺎﻧﻊ ﺷﺮﻋﻲ. آداب اﻟﺴﻌﻲ ھﻲ:
آداب اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ. ﺗﻼوة ﻗﻮل اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ :إن اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ ﺣﺎل اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻌﻰ. أن ﯾﻜﻮن اﻟﺴﺎﻋﻲ ﻣﺘﻄﮭﺮا. أن ﯾﺴﻌﻰ ﻣﺎﺷﯿﺎ إن ﻗﺪر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ. اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء ،واﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﮭﻤﺎ دون ﻏﯿﺮھﻤﺎ. أن ﯾﻐﺾ ﺑﺼﺮه ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺎرم ،وأن ﯾﻜﻒ ﻟﺴﺎﻧﮫ ﻋﻦ اﻟﻤﺂﺛﻢ. أن ﻻ ﯾﺆذي أﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﯿﻦ ﺑﻘﻮﻟﮫ ،أو ﻓﻌﻠﮫ. اﺳﺘﺤﻀﺎره ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ذﻟﮫ وﻓﻘﺮه وﺣﺎﺟﺘﮫ إﻟﻰ اﷲ ﻓﻲ ھﺪاﯾﺔ ﻗﻠﺒﮫ وإﺻﻼح ﺣﺎﻟﮫ وﻧﻔﺴﮫ ،وﻏﻔﺮان ذﻧﺒﮫ.ﻟﻢ ﯾﺮد ﻋﻦ اﻟﺸﺎرع ﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﺷﻲء ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﺻﺢ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ھﻮ اﻟﺘﻜﺒﯿﺮ )ﺛﻼﺛﺎ( وﻗﻮل :ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ
اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ،ﺻﺪق وﻋﺪه ،وﻧﺼﺮ ﻋﺒﺪه ،وھﺰم اﻷﺣﺰاب وﺣﺪه .ﻏﯿﺮ أﻧﮫ أﺛﺮ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﺳﻌﯿﮫ :رب اﻏﻔﺮ وارﺣﻢ وﺗﺠﺎوز ﻋﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ ،وأﻧﺖ اﻷﻋﺰ اﻷﻛﺮم .وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻠﻠﺴﺎﻋﻲ أن ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء ،وأن ﯾﺨﺘﺎر ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎء أﻋﺠﺒﮫ إﻟﯿﮫ ،وﻣﻤﺎ ﯾﻌﺠﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ھﻮ:
اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎت رﺣﻤﺘﻚ ،وﻋﺰاﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ ،واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ إﺛﻢ ،واﻟﻐﻨﯿﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ ،واﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ،واﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻨﺎر. اﻟﻠﮭﻢ ﻻ ﺗﺪع ﻟﻲ ذﻧﺒﺎ إﻻ ﻏﻔﺮﺗﮫ ،وﻻ ھﻤﺎ إﻻ ﻓﺮﺟﺘﮫ ،وﻻ ﻛﺮﺑﺎ إﻻ ﻛﺸﻔﺘﮫ ،وﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﺣﻮاﺋﺞ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ﻟﻚ ﻓﯿﮭﺎ رﺿﺎ وﻟﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﺻﻼح إﻻ ﻗﻀﯿﺘﮭﺎ. 99
ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﺣﻘﺎ ﺣﻘﺎ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﺗﻌﺒﺪا ورﻗﺎ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،وﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ إﯾﺎه ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ﻣﺨﻠﺼﯿﻦ ﻟﮫ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻟﻮ ﻛﺮه اﻟﻜﺎﻓﺮون.
وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺴﻌﻲ ھﻲ أن ﯾﺨﺮج اﻟﺤﺎج أو اﻟﻤﻌﺘﻤﺮ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎ ﻷﻧﮫ أﻗﺮب ﺑﺎب إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ ،وﻟﺨﺮوج اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺴﻌﻲ
اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﻨﮫ وھﻮ ﯾﻘﻮل :إن اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ ، .ﺣﺘﻰ إذا وﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ رﻗﺎه ،ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﯿﺖ وﻗﺎل :اﷲ أﻛﺒﺮ )ﺛﻼﺛﺎ( ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ ،ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ،ﺻﺪق وﻋﺪه ،وﻧﺼﺮ ﻋﺒﺪه ،وھﺰم اﻷﺣﺰاب وﺣﺪه ،ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻮ ﺑﻤﺎ ﯾﻔﺘﺢ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ،ﺛﻢ ﯾﻨﺰل ﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎ ﻗﺎﺻﺪا اﻟﻤﺮوة ﻓﯿﻤﺸﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ إﻟﻰ أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﻮادي اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻟﻤﯿﻞ اﻷﺧﻀﺮ ﻓﯿﺨﺐ ﻣﺴﺮﻋﺎ إﻟﻰ أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﯿﻞ اﻷﺧﻀﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ وھﻮ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﺑﻄﻦ اﻟﻮادي اﻟﺬي ﺧﺒﺖ ﻓﯿﮫ ھﺎﺟﺮ أم إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻟﺴﻼم ،ﺛﻢ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺳﻜﯿﻨﺔ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ ﻣﺼﻠﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ إﻟﻰ أن ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺮوة ﻓﯿﺮﻗﺎه ،ﺛﻢ ﯾﻜﺒﺮ وﯾﮭﻠﻞ وﯾﺪﻋﻮ ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎ ،ﺛﻢ ﯾﻨﺰل ﻓﯿﺴﻌﻰ ﻣﺎﺷﯿﺎ إﻟﻰ ﺑﻄﻦ اﻟﻮادي ،ﻓﯿﺨﺐ )ﯾﮭﺮول( ،وﻟﻤﺎ ﯾﺨﺮج ﻣﻨﮫ ﯾﻤﺸﻲ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺎ ﻓﯿﺮﻗﺎه ،ﺛﻢ ﯾﻜﺒﺮ وﯾﮭﻠﻞ وﯾﺪﻋﻮ ﺛﻢ ﯾﻨﺰل ﻗﺎﺻﺪا اﻟﻤﺮوة ﻓﯿﺼﻨﻊ ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻊ أوﻻ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻮاط ﺑﺜﻤﺎن وﻗﻔﺎت أرﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎ ،وأرﺑﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮوة. ﺛﻢ إن ﻛﺎن ﻣﻌﺘﻤﺮا أو ﻣﺘﻤﺘﻌﺎ ﺑﻌﻤﺮة ﻗﺼﺮ ﺷﻌﺮه وﻗﺪ ﺣﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﺗﮫ ﻓﻠﯿﻠﺒﺲ ﺛﯿﺎﺑﮫ ،وﻟﮫ أن ﯾﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻤﻨﻮﻋﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻹﺣﺮام ﻛﺎﻟﻄﯿﺐ واﻟﻨﺴﺎء ،وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻔﺮدا ﺑﺎﻟﺤﺞ أو ﻗﺎرﻧﺎ ﻓﻠﯿﺒﻖ ﻋﻠﻰ إﺣﺮاﻣﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﻒ ﺑﻌﺮﻓﺎت وﯾﺮﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ ﺻﺒﯿﺤﺔ ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﺛﻢ ﯾﺤﻠﻖ وﯾﺘﺤﻠﻞ اﻟﺘﺤﻠﻞ اﻷﺻﻐﺮ أوﻻ ،ﺛﻢ إذا ﻃﺎف ﻃﻮاف اﻹﻓﺎﺿﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺤﻠﻞ اﻟﺘﺤﻠﻞ ا ﻷﻛﺒﺮ ،وأﺻﺒﺢ ﺣﻼﻻ. إن ﻣﻦ ﯾﺘﺄﻣﻞ ﻗﻮل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ :إن اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ .ﯾﻈﮭﺮ ﻟﮫ ﺑﺠﻼء ووﺿﻮح اﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدة
ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺴﻌﻲ
اﻟﺴﻌﻲ ،وذﻟﻚ أن ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ .ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ ھﺬﯾﻦ اﻟﺠﺒﻠﯿﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ أﻣﺎﻛﻦ ﺧﺼﮭﺎ اﻟﺤﻖ ﺟﻞ وﻋﻼ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ﯾﻘﻊ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻣﻤﺎ ﺧﺺ ﺑﮫ ھﺬﯾﻦ اﻟﺠﺒﻠﯿﻦ اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺬﻟﻞ وإﻇﮭﺎر ﻓﻘﺮ واﺣﺘﯿﺎج ﻓﺎﻟﺴﻌﻲ إذا ﻣﺸﻌﺮ ﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺑﻌﺒﻮدﯾﺔ اﻟﺴﺎﻋﻲ وﺧﻀﻮﻋﮫ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﷲ ،ﻷن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﯾﻘﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ أو ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻣﺸﻌﺮ ﺑﻌﺒﻮدﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﮫ .وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺎﻟﺤﻜﻤﺔ أو اﻟﺴﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ھﻮ إﻇﮭﺎر اﻟﻌﺒﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺧﻀﻮﻋﮫ واﺳﺘﺴﻼﻣﮫ ﻟﻤﻮﻻه ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻮ ﻛﻠﻔﮫ ﺑﻤﺎ ھﻮ أدق ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻲ ،أو أﺷﻖ ﻋﻤﻼ ﻣﻨﮫ ﻟﻘﺎم ﺑﮫ ﺑﺪون ﺗﺮدد ،أو ﺗﺴﺎؤل .وھﺬا ھﻮ ﺷﺄن اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺳﯿﺪه وﻓﻲ ھﺬا اﻻﻧﻘﯿﺎد واﻹذﻋﺎن ﻣﺎ ﯾﻄﮭﺮ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺒﺪ وﯾﺰﻛﯿﮭﺎ ،وﺑﻘﺪر ﻃﮭﺮ اﻟﻨﻔﺲ وزﻛﺎھﺎ ﯾﻜﻮن ﺻﻼح اﻟﻌﺒﺪ وﺳﻌﺎدﺗﮫ. ھﺬا ،وﻣﻦ أﺳﺮار ھﺬه اﻟﻌﺒﺎدة أﻧﮭﺎ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻨﺸﺄة اﻟﺪﯾﻦ اﻷوﻟﻰ ،وﺑﻌﮭﺪ ھﺎﺟﺮ أم إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻐﺪو ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺒﻠﯿﻦ وﺗﺮوح ﻃﺎﻟﺒﺔ اﻟﻐﻮث ﻣﻦ اﷲ ،ﻣﻨﺘﻈﺮة ﺗﻔﺮﯾﺞ ﻣﺎ أﻟﻢ ﺑﮭﺎ وﺑﻮﻟﺪھﺎ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﺠﻮع واﻟﻌﻄﺶ ،ﻓﺄﻏﺎﺛﮭﺎ ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺪت ﻋﻠﯿﮫ وﻓﻮﺿﺖ أﻣﺮھﺎ إﻟﯿﮫ ،ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﺮﻛﮭﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ ،وﻗﺎﻟﺖ :اﷲ أﻣﺮك ﺑﮭﺬا؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :إذا ﻓﺎذھﺐ ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻦ ﯾﻀﯿﻌﻨﺎ .وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﻛﺮﯾﻢ ﺟﻮده ،و ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻀﻞ إﺣﺴﺎﻧﮫ ﺣﺘﻰ رأت ﺟﺒﺮﯾﻞ اﻷﻣﯿﻦ ﺣﻮل اﻟﺒﯿﺖ ﯾﮭﻤﺰ اﻷرض ﺑﺠﻨﺎﺣﮫ .ﻓﺘﻔﻮر زﻣﺰم ﺳﻘﯿﺎھﺎ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺑﺤﻤﺪ اﷲ ﺷﺮاﺑﮭﺎ وﻃﻌﺎﻣﮭﺎ ،وﺑﻤﻌﯿﻨﮭﺎ ﻏﺬي إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺟﺪ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وإﺧﻮاﻧﮫ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ. 100
اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺮاﺑﻊ واﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ: اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ اﻷرﺑﻌﺔ ،واﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ھﻮ اﻟﺤﻀﻮر ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﻌﺮﻓﺎت ﻟﺤﻈﺔ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺑﻨﯿﺔ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻦ ﻇﮭﺮ ﯾﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ إﻟﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ،وﻟﮭﺬا اﻟﺮﻛﻦ ﻛﻐﯿﺮه واﺟﺒﺎت وﺳﻨﻦ وآداب ﺗﺘﻌﯿﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﺎ وھﻲ: ﺟﺪول) (18اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺮاﺑﻊ واﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ :اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ اﻟﻮﺻﻒ
اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ
101
ھﻮ اﻟﺤﻀﻮر ﺑﺎﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﻌﺮﻓﺎت ﻟﺤﻈﺔ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺑﻨﯿﺔ اﻟﻮﻗﻮف ﻣﻦ ﻇﮭﺮ ﯾﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ إﻟﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ
ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ واﺟﺒﺎت اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ،ھﻲ: واﺟﺒﺎت اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ -1اﻟﺤﻀﻮر ﺑﻌﺮﻓﺔ ﯾﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﺑﻌﺪ اﻟﺰوال إﻟﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ﻟﻤﻦ وﻗﻒ ﻧﮭﺎرا. -2اﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﻤﺰدﻟﻔﺔ ﺑﻌﺪ اﻹﻓﺎﺿﺔ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﻌﺎﺷﺮ. -3رﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ أي ﻋﺎﺷﺮ ذي اﻟﺤﺠﺔ. -4اﻟﺤﻠﻖ أو اﻟﺘﻘﺼﯿﺮ ﯾﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ. -5اﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﻤﻨﻰ ﺛﻼث ﻟﯿﺎل ،أو ﻟﯿﻠﺘﯿﻦ ﻟﻤﻦ ﺗﻌﺠﻞ ،وھﻦ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،أو ﻟﯿﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻟﻠﻤﺘﻌﺠﻞ. -6رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات اﻟﺜﻼث ﺑﻌﺪ زوال ﻛﻞ ﯾﻮم ﻣﻦ أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،أو اﻻﺛﻨﯿﻦ ﻟﻠﻤﺘﻌﺠﻞ .وأدﻟﺔ ھﺬه اﻟﻮاﺟﺒﺎت ﻓﻌﻠﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﻗﻮﻟﮫ :ﺣﺠﻮا ﻛﻤﺎ رأﯾﺘﻤﻮﻧﻲ أﺣﺞ . ﺳﻨﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ،ھﻲ: ﺳﻨﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ )ﺛﺎﻣﻦ اﻟﺤﺠﺔ( واﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﮭﺎ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ،وﻋﺪم اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ. وﺟﻮده ﺑﻌﺪ اﻟﺰوال ﺑﻨﻤﺮة ،وﺻﻼﺗﮫ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻗﺼﺮا وﺟﻤﻌﺎ ﺟﻤﯿﻊ ﺗﻘﺪﯾﻢ. إﺗﯿﺎﻧﮫ اﻟﻤﻮﻗﻒ )ﻋﺮﻓﺎت( ﺑﻌﺪ أداﺋﮫ ﻟﺼﻼة اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ،واﻻﺳﺘﻤﺮار ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻒ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ ﺣﺘﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ. ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب إﻟﻰ أن ﯾﻨﺰل ﺑﺠﻤﻊ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﺟﻤﻊ ﺗﺄﺧﯿﺮ. اﻟﻮﻗﻮف ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام )ﺟﺒﻞ ﻗﺰح( ﺣﺘﻰ اﻹﺳﻔﺎر اﻟﺒﯿﻦ. اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﺑﯿﻦ رﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ واﻟﻨﺤﺮ واﻟﺤﻠﻖ وﻃﻮاف اﻟﺰﯾﺎرة. أداء ﻃﻮاف اﻟﺰﯾﺎرة ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ. آداب أو ﻣﺴﺘﺤﺒﺎت اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ،ھﻲ: آداب أو ﻣﺴﺘﺤﺒﺎت اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ
اﻟﺘﻮﺟﮫ ﻣﻦ ﻣﻨﻰ ﺻﺒﺎح اﻟﺘﺎﺳﻊ إﻟﻰ ﻧﻤﺮة ﺑﻄﺮﯾﻖ ﺿﺐ ﻟﻔﻌﻠﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ اﻻﻏﺘﺴﺎل ﺑﻌﺪ اﻟﺰوال ﻟﻠﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ ،وھﻮ ﻣﺸﺮوع ﺣﺘﻰ ﻟﻠﺤﺎﺋﺾ واﻟﻨﻔﺴﺎء. اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻤﻮﻗﻒ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﺨﺮة اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﻤﻔﺮوﺷﺔ ﻓﻲ أﺳﻔﻞ ﺟﺒﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﺬي ﯾﺘﻮﺳﻂ ﻋﺮﻓﺔ. اﻟﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء واﻹﻛﺜﺎر ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻒ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ. ﻛﻮن اﻹﻓﺎﺿﺔ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻤﺄزﻣﯿﻦ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ ﺿﺐ اﻟﺬي أﺗﻰ ﻣﻨﮭﺎ ،ﻷن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﻣﻦ ھﺪﯾﮫ أن ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ وﯾﺮﺟﻊ ﻣﻦ آﺧﺮ. اﻟﺴﻜﯿﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺮ وﻋﺪم اﻹﺳﺮاع ﻓﯿﮫ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺒﺮ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻹﺑﻀﺎع )اﻹﺳﺮاع(. اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﮫ إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ،وﻋﺮﻓﺎت ،وﻣﺰدﻟﻔﺔ ،وﻣﻨﻰ ،إﻟﻰ أن ﯾﺸﺮع ﻓﻲ رﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ. 102
إذا ﻛﺎن ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ﺛﺎﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ أﺣﺮم ﺑﻨﯿﺔ اﻟﺤﺞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺤﺮﻣﺎ ﻛﺎﻟﻤﺘﻤﺘﻊ ،إن ﺷﺎء أﺣﺮم ﻣﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺎت
ﻣﻨﺰﻟﮫ وإن ﺷﺎء أﺣﺮم ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺧﺮج ﻣﻠﺒﯿﺎ ﻗﺎﺻﺪا ﻣﻨﻰ ﺿﺤﻰ ﻟﯿﻘﯿﻢ ﺑﮭﺎ ﯾﻮﻣﮫ وﻟﯿﻠﺘﮫ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺧﻤﺲ أوﻗﺎت ﺑﮭﺎ وھﻲ :اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ،واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺼﺪ ﻋﺮﻓﮫ ،ﻓﯿﻘﯿﻢ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺰوال ،ﺛﻢ ﯾﻐﺘﺴﻞ وﯾﺄﺗﻲ ﻣﺼﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﺒﻄﻦ ﻋﺮﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﺪود ﻋﺮﻓﺎت ﻓﯿﺼﻠﻲ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم اﻟﻈﮭﺮ و اﻟﻌﺼﺮ ﺟﻤﻌﺎ وﻗﺼﺮا ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎع اﻟﺨﻄﺒﺔ ،ﻓﺈذا ﻗﻀﯿﺖ اﻟﺼﻼة ذھﺐ إﻟﻰ ﻋﺮﻓﺎت ﻟﻠﻮﻗﻮف ﺑﮭﺎ، وﻟﮫ أن ﯾﻘﻒ ﻓﻲ أي ﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ ﺷﺎء ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :وﻗﻔﺖ ھﺎھﻨﺎ وﻋﺮﻓﺎت ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻮﻗﻒ . وإن وﻗﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﺨﺮات اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﻤﻔﺮوﺷﺔ ﻓﻲ ﺟﺒﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺣﯿﺚ وﻗﻒ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﺤﺴﻦ ،وﻟﮫ أن ﯾﻘﻒ راﻛﺒﺎ أو راﺟﻼ أو ﻗﺎﻋﺪا ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﯾﺪﻋﻮه ،وﯾﺒﺘﮭﻞ إﻟﯿﮫ وﯾﺘﻀﺮع ،ﺣﺘﻰ إذا ﻏﺮﺑﺖ اﻟﺸﻤﺲ ودﺧﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﯾﺴﯿﺮ ﻛﺨﻤﺲ دﻗﺎﺋﻖ ﻓﺄﻛﺜﺮ أﻓﺎض ﻣﻨﮭﺎ )أي ﻋﺮﻓﺎت( ﻓﻲ ﺳﻜﯿﻨﺔ ﻣﻠﺒﯿﺎ إﻟﻰ ﻣﺰدﻟﻔﺔ . اﻋﻠﻢ أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﯾﻌﯿﻦ ﻟﻸﻣﺔ دﻋﺎء ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻌﺮﻓﺎت أو ﺑﺎﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام ،وﻻ ﺑﺄي ﻣﻨﺴﻚ ﻣﻦ
اﻷدﻋﯿﺔ ﺑﻌﺮﻓﺎت
اﻟﻤﻨﺎﺳﻚ ،وإﻧﻤﺎ ﺗﺮك اﻷﻣﺮ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﯾﺪﻋﻮ ﻛﻞ ﺣﺎج أو ﻣﻌﺘﻤﺮ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﻮاﺋﺞ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة، وﻟﯿﺠﺘﮭﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء ﻛﻞ ﺑﻘﺪر اﺳﺘﻌﺪاده وﻣﺎ وھﺒﮫ اﷲ وﻓﺘﺢ ﺑﮫ ﻋﻠﯿﮫ ،وﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ ذﻛﺮھﺎ ﺑﻌﺮﻓﺎت ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ وﺳﻮاس اﻟﺼﺪر ،وﺷﺘﺎت اﻷﻣﺮ ،وﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ ،وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻤﺤﯿﺎ واﻟﻤﻤﺎت. اﻟﻠﮭﻢ أھﺪﻧﻲ ﺑﺎﻟﮭﺪى ،واﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة واﻷوﻟﻰ ،ﯾﺎ ﺧﯿﺮ ﻣﻘﺼﻮد ،وأﻛﺮم ﻣﺴﺆول .اﻟﻠﮭﻢ ﯾﺎ رﻓﯿﻊ اﻟﺪرﺟﺎت ،وﻓﺎﻃﺮ اﻷرض واﻟﺴﻤﻮات ،ﻟﻘﺪ ﺿﺠﺖ إﻟﯿﻚ اﻷﺻﻮات ﺑﺼﻨﻮف اﻟﻠﻐﺎت ﯾﺴﺄﻟﻚ ﺑﮭﺎ أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ اﻟﺤﺎﺟﺎت ،وﺣﺎﺟﺘﻲ إﻟﯿﻚ اﻟﻠﮭﻢ أﻻ ﺗﻨﺴﻨﻲ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻓﻲ دار اﻟﺒﻼء إذا ﻧﺴﯿﻨﻲ أھﻞ اﻟﺪﻧﯿﺎ. اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻚ ﺗﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻲ ،وﺗﺮي ﻣﻜﺎﻧﻲ ،وﺗﻌﻠﻢ ﺳﺮي وﻋﻼﻧﯿﺘﻲ ،وﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻋﻠﯿﻚ ﺷﻲء ﻣﻦ أﻣﺮي، أﺳﺄﻟﻚ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ ،ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﺑﺪﻋﺎﺋﻚ رب ﺷﻘﯿﺎ ،وﻛﻦ ﺑﻲ رؤوﻓﺎ رﺣﯿﻤﺎ ﯾﺎ ﺧﯿﺮ ﻣﺴﺆول ،وأﻛﺮم ﻣﺄﻣﻮل .اﻟﻠﮭﻢ ﯾﺎ اﷲ ﯾﺎ رب إﻟﯿﻚ ﺧﺮﺟﻨﺎ ،وﺑﻔﻨﺎﺋﻚ أﻧﺨﻨﺎ ،وﻹﺣﺴﺎﻧﻚ ﺗﻌﺮﺿﻨﺎ ،وﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻚ أﺷﻔﻘﻨﺎ، وإﻟﯿﻚ ﺑﺬﻧﻮﺑﻨﺎ ھﺮﺑﻨﺎ ،ﯾﺎ ﻣﻦ ﯾﻤﻠﻚ ﺣﻮاﺋﺞ اﻟﺴﺎﺋﻠﯿﻦ ،ﻓﺎﺟﻌﻞ ﺣﺠﻨﺎ ﻣﺒﺮورا ،وﺳﻌﯿﻨﺎ ﻣﺸﻜﻮرا ،وذﻧﺒﻨﺎ ﻣﻐﻔﻮرا ،ارزﻗﻨﺎ رﺿﺎك ،وﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ إﺣﺴﺎﻧﻚ ،وﻛﻦ ﻟﻨﺎ وﻟﯿﺎ ،وﺑﻨﺎ ﺣﻔﯿﺎ ،وأﺟﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺧﺰي اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻋﺬاب اﻵﺧﺮة. ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ ﯾﺤﻲ وﯾﻤﯿﺖ وھﻮ ﺣﻲ ﻻ ﯾﻤﻮت ﺑﯿﺪه اﻟﺨﯿﺮ وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ. اﻟﻠﮭﻢ اﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﺑﺼﺮي ﻧﻮرا ،وﻓﻲ ﺳﻤﻌﻲ ﻧﻮرا ،واﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻤﻦ ﺗﺒﺎھﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ..اﻟﻠﮭﻢ اﺷﺮح ﻟﻲ ﺻﺪري وﯾﺴﺮ ﻟﻲ أﻣﺮي ..اﻟﻠﮭﻢ رب ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ،وﺧﯿﺮا ﻣﻤﺎ ﻧﻘﻮل ،ﻟﻚ ﺻﻼﺗﻲ وﻧﺴﻜﻲ، وﻣﺤﯿﺎي وﻣﻤﺎﺗﻲ ،وإﻟﯿﻚ ﻣﺂﺑﻲ. اﻟﻠﮭﻢ إن ﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﺿﯿﻒ ﻗﺮى وﻧﺤﻦ أﺿﯿﺎﻓﻚ ،ﻓﺎﺟﻌﻞ ﻗﺮاﻧﺎ ﻣﻨﻚ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻔﻮز ﺑﺮﺿﺎك. 103
اﻟﻠﮭﻢ ﯾﺎ أرﺣﻢ اﻟﺮاﺣﻤﯿﻦ ،وﯾﺎ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ھﺬا آﺧﺮ ﻋﮭﺪﻧﺎ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ،وارزﻗﻨﺎ ﻣﺎ أﺣﯿﯿﺘﻨﺎ ،وردﻧﺎ إﻟﻰ أھﻠﯿﻨﺎ ﺳﺎﻟﻤﯿﻦ ،واﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ وارﺣﻤﻨﺎ وارزﻗﻨﺎ وﺗﺠﺎوز ﻋﻨﺎ ،وارﺣﻢ واﻏﻔﺮ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ واﻟﻤﺆﻣﻨﺎت واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺴﻠﻤﺎت اﻷﺣﯿﺎء ﻣﻨﮭﻢ واﻷﻣﻮات ،وﺻﻞ اﻟﻠﮭﻢ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪك وﻧﺒﯿﻚ ورﺳﻮﻟﻚ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﮫ وﺻﺤﺒﮫ وأزواﺟﮫ ،ﻛﻤﺎ ﺻﻠﯿﺖ ﻋﻠﻰ إﺑﺮاھﯿﻢ وآل إﺑﺮاھﯿﻢ إﻧﻚ ﺣﻤﯿﺪ ﻣﺠﯿﺪ. ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ أﻓﻀﻞ اﻷﯾﺎم وأﺑﺮﻛﮭﺎ ،ﻓﻠﯿﺲ ﺛﻤﺔ ﯾﻮم ﻃﻠﻌﺖ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﻤﺲ ،أو ﻏﺮﺑﺖ ،ھﻮ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻀﻞ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ
أﺑﺪا ،ﻓﻘﺪ ورد أن ﺻﯿﺎﻣﮫ ﻟﻐﯿﺮ اﻟﺤﺎج ﯾﻜﻔﺮ ذﻧﻮب ﺳﻨﺘﯿﻦ وﻗﺪ ورد أﻧﮫ ﻣﺎ رﺋﻲ إﺑﻠﯿﺲ ﻓﻲ ﯾﻮم ھﻮ أﺻﻐﺮ و ﻻ أﺣﻘﺮ ،وﻻ أﻏﯿﻆ ﻣﻦ ﻋﺸﯿﺔ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ .وﻗﺪ ﺻﺢ أﯾﻀﺎ :أن ھﺬا اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﻓﯿﮫ ﺳﻤﻌﮫ وﺑﺼﺮه وﻟﺴﺎﻧﮫ ،ﻏﻔﺮ ﻟﮫ. وﺻﺢ ﻛﺬﻟﻚ :ﺧﯿﺮ اﻟﺪﻋﺎء ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،وﺧﯿﺮ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ أﻧﺎ واﻟﻨﺒﯿﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ :ﻻ إﻟﮫ إﻻ اﷲ ،وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﻤﻠﻚ وﻟﮫ اﻟﺤﻤﺪ ،ﺑﯿﺪه اﻟﺨﯿﺮ و ھﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺪﯾﺮ .وأﺧﺮج اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﻨﮫ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ ﻣﺮداس اﻟﺴﻠﻤﻲ أن أﺑﺎه أﺧﺒﺮه أن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ دﻋﺎ ﻷﻣﺘﮫ ﻋﺸﯿﺔ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮة ﻓﺄﺟﯿﺐ :أﻧﻲ ﻗﺪ ﻏﻔﺮت ﻟﮭﻢ ﻣﺎ ﺧﻼ اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ،ﻓﺈﻧﻲ آﺧﺬ ﻟﻠﻤﻈﻠﻮم ﻣﻨﮫ ،ﻗﺎل :أي رب إن ﺷﺌﺖ أﻋﻄﯿﺖ اﻟﻤﻈﻠﻮم ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ وﻏﻔﺮت ﻟﻠﻈﺎﻟﻢ ،ﻓﻠﻢ ﯾﺠﺐ ﻋﺸﯿﺔ ﻋﺮﻓﺔ .ﻓﻠﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﺑﺎﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ،أﻋﺎد اﻟﺪﻋﺎء ﻓﺄﺟﯿﺐ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺄﻟﻲ .ﻗﺎل: ﻓﻀﺤﻚ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أو ﻗﺎل :ﺗﺒﺴﻢ ﻓﻘﺎل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ :ﺑﺄﺑﻲ أﻧﺖ وأﻣﻲ إن ھﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﻀﺤﻚ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي أﺿﺤﻜﻚ ،أﺿﺤﻚ اﷲ ﺳﻨﻚ؟ ﻗﺎل :إن ﻋﺪو اﷲ إﺑﻠﯿﺲ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎب دﻋﺎﺋﻲ ،وﻏﻔﺮ ﻷﻣﺘﻲ أﺧﺬ اﻟﺘﺮاب ﻓﺠﻌﻞ ﯾﺤﺜﻮه ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ ،وﯾﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻮﯾﻞ واﻟﺜﺒﻮر ،ﻓﺄﺿﺤﻜﻨﻲ ﻣﺎ رأﯾﺖ ﻣﻦ ﺟﺰﻋﮫ .
104
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ:أﯾﺎم رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﺎ ﺷﺮﻋﮫ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل واﻟﻄﺎﻋﺎت ھﻮ ﻣﻤﺎ ﯾﺮﻓﻊ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ رﺑﮫ، وﯾﻨﺎل ﺑﮫ ﺧﯿﺮي اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة ،وﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل أﻋﻤﺎل اﻟﺤﺞ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻞ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻟﻜﻞ ﺣﺎج ﻋﻤﻞ ﻣﺎ ﺷﺮع ﻋﻤﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺠﮫ ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻟِﯿَﺸْﮭَﺪُوا ﻣَﻨَﺎﻓِﻊَ ﻟَﮭُﻢْ وَﯾَﺬْﻛُﺮُوا اﺳْﻢَ اﻟﻠﱠﮫِ ﻓِﻲ أَﯾﱠﺎمٍ ﻣﱠﻌْﻠُﻮﻣَﺎتٍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ رَزَﻗَﮭُﻢ ﻣﱢﻦ ﺑَﮭِﯿﻤَﺔِ اﻟْﺄَﻧْﻌَﺎمِ ﻓَﻜُﻠُﻮا ﻣِﻨْﮭَﺎ وَأَﻃْﻌِﻤُﻮا اﻟْﺒَﺎﺋِﺲَ اﻟْﻔَﻘِﯿﺮَ{)ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ.(27: وﺗﺒﺪأ أﯾﺎم رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﯾﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ذو اﻟﺤﺠﺔ إﻟﻰ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ أو اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ذو اﻟﺤﺠﺔ ﻟﻠﻤﺘﻌﺠﻞ ،ﻛﻤﺎ ھﻮ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﺠﺪول اﻟﺘﺎﻟﻲ. ﺟﺪول) (19ﯾﻮﺿﺢ أﯾﺎم رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ) 13-8ذو اﻟﺤﺠﺔ( اﻷﻋﻤﺎل
اﻟﯿﻮم اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ذي
ﯾﺴﻤﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ ﺑﯿﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ﻷﻧﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺮوون ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء وﯾﺤﻤﻠﻮن ﻣﺎ
اﻟﺤﺠﺔ)ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ(
ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫ .إذا ﻛﺎن ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ﺛﺎﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ أﺣﺮم ﺑﻨﯿﺔ اﻟﺤﺞ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺤﺮﻣﺎ ﻛﺎﻟﻤﺘﻤﺘﻊ ،إن ﺷﺎء أﺣﺮم ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﮫ وإن ﺷﺎء أﺣﺮم ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺧﺮج ﻣﻠﺒﯿﺎ ﻗﺎﺻﺪا ﻣﻨﻰ ﺿﺤﻰ ﻟﯿﻘﯿﻢ ﺑﮭﺎ ﯾﻮﻣﮫ وﻟﯿﻠﺘﮫ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺧﻤﺲ أوﻗﺎت ﺑﮭﺎ وھﻲ :اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ،واﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء واﻟﺼﺒﺢ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻃﻠﻌﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﻗﺼﺪ ﻋﺮﻓﮫ ،وﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ: -1ﻗﺒﻞ ﻧﯿﺔ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻚ وﻟﺒﺲ اﻹﺣﺮام ﯾﺴﺘﺤﺐ ﻟﻠﻤﺘﻤﺘﻊ أن ﯾﻐﺘﺴﻞ وﯾﺘﻨﻈﻒ ،وﯾﻘﺺ أﻇﺎﻓﺮه ،وﯾﺤﻒ ﺷﺎرﺑﮫ ،وﯾﻠﺒﺲ اﻹزار واﻟﺮداء اﻷﺑﯿﻀﯿﻦ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺮأة ﻓﺘﻠﺒﺲ ﻣﺎ ﺷﺎءت ﻏﯿﺮ اﻟﻘﻔﺎزﯾﻦ واﻟﻨﻘﺎب )اﻟﺒﺮﻗﻊ(، وأﻣﺎ اﻟﻘﺎرن واﻟﻤﻔﺮد ﻓﯿﻜﻮن ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ اﻹﺣﺮ ام ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻓﻼ ﯾﻔﻌﻼن ﻛﻤﺎ ﯾﻔﻌﻞ اﻟﻤﺘﻤﺘﻊ ﻣﻦ ﻗﺺ وﻏﯿﺮه. -2ﯾﺴﻦ ﻟﻠﻤﺤﻞ )اﻟﻤﺘﻤﺘﻊ( اﻹﺣﺮام ﺑﺎﻟﺤﺞ ﻗﺒﻞ اﻟﺰوال. -3ﯾﻨﻮي اﻹﺣﺮام ﺑﺎﻟﺤﺞ وﯾﻘﻮل" :ﻟﺒﯿﻚ ﺣﺠﺎً" ،وإن ﻛﺎن ﺧﺎﺋﻔﺎً ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻖ ﯾﻤﻨﻌﮫ ﻣﻦ إﻛﻤﺎل ﺣﺠﮫ اﺷﺘﺮط ﻓﻘﺎل" :وإن ﺣﺒﺴﻨﻲ ﺣﺎﺑﺲ ﻓﻤﺤﻠﻲ ﺣﯿﺚ ﺣﺒﺴﻨﻲ" وإن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺧﺎﺋﻔﺎً ﻟﻢ ﯾﺸﺘﺮط. -4اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ ،واﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﮭﺎ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ،وﻋﺪم اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﺻﻼة ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات ﺑﮭﺎ. -5اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ وﺻﻔﺘﮭﺎ أن ﯾﻘﻮل " :ﻟﺒﯿﻚ اﻟﻠﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ ،ﻟﺒﯿﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ ﻟﺒﯿﻚ ،إن اﻟﺤﻤﺪ واﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻚ واﻟﻤﻠﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ" إﻟﻰ أن ﯾﺮﻣﻰ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ. -6ﻗﺼﺮ اﻟﺼﻼة اﻟﺮﺑﺎﻋﯿﺔ إﻟﻰ اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻛﺎﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ واﻟﻌﺸﺎء. -7اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم وأﻻ ﺗﻔﻮﺗﻚ ﺗﻜﺒﯿﺮة اﻹﺣﺮام. -9اﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺻﻼة اﻟﻮﺗﺮ ﺳﻮاء آﺧﺮ اﻟﻠﯿﻞ وھﻮ أﻓﻀﻞ ،أو ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻮم ،أو ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء. -10اﻟﻤﺒﯿﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ وھﻲ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ ،وھﻮ ﻣﺴﻨﻮن.
اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ
ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ھﻮ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي ﯾﺘﻮﺟﮫ ﻓﯿﮫ اﻟﺤﺠﯿﺞ إﻟﻰ ﻋﺮﻓﺔ ،وھﻮ اﻟﺮﻛﻦ اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺤﺞ ، وإن ﻟﻢ ﯾﺪرﻛﮫ اﻟﺤﺎج ﻓﻼ ﺣﺞ ﻟﮫ وﯾﺴﻦ ﺻﻮﻣﮫ ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻜﻔﺮ ذﻧﻮب ﺳﻨﺘﯿﻦ ،ﺳﻨﺔ ﻣﺎﺿﯿﺔ 105
وﺳﻨﺔ آﺗﯿﺔ ،وھﻮ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي ﯾﻜﺜﺮ اﷲ ﻓﯿﮫ ﻋﺘﻖ ﻋﺒﯿﺪه ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،وﻣﺎ رؤي اﻟﺸﯿﻄﺎن أدﺣﺮ وﻻ أﺻﻐﺮ ﻣﻨﮫ ﺳﻮى ھﺬا اﻟﯿﻮم إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ﯾﻮم ﺑﺪر ،وﯾﻈﻞ اﻟﺤﺠﯿﺞ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻐﺮوب ﺛﻢ ﯾﺘﻮﺟﮭﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ. وﻓﻰ ﻓﻀﻞ ﻋﺮف روى اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ﻓﺮوى اﻹﻣﺎم ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ "ﺻﺤﯿﺤﮫ" ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ،أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل( :ﻣﺎ ﻣﻦ ﯾﻮم أﻛﺜﺮ أن ﯾﻌﺘﻖ اﷲ ﻓﯿﮫ ﻋﺒﯿﺪاً ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،إﻧﮫ ﻟﯿﺪﻧﻲ ،ﺛﻢ ﯾﺒﺎھﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻓﯿﻘﻮل :ﻣﺎ أراد ھﺆﻻء( . وﻋﻨﺪ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ "ﻣﺴﻨﺪه" واﺑﻦ ﺣﺒﺎن ﻓﻲ "ﺻﺤﯿﺤﮫ" ،واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ "ﻣﺴﺘﺪرﻛﮫ" ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻣﺮﻓﻮﻋﺎً( :إن اﷲ ﯾﺒﺎھﻲ ﺑﺄھﻞ ﻋﺮﻓﺎت أھﻞ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﯿﻘﻮل ﻟﮭﻢ :اﻧﻈﺮوا إﻟﻰ ﻋﺒﺎدي ،ﺟﺎؤوﻧﻲ ﺷﻌﺜﺎً ﻏﺒﺮاً(. وروى اﺑﻦ ﺧﺰﯾﻤﺔ واﺑﻦ ﺣﺒﺎن واﻟﺒﺰار وأﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ واﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻣﺮﻓﻮﻋﺎً أﯾﻀﺎً( :ﻣﺎ ﻣﻦ ﯾﻮم أﻓﻀﻞ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﻦ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،ﯾﻨـﺰل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ ﺳﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﻓﯿﺒﺎھﻲ ﺑﺄھﻞ اﻷرض أھﻞ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﯿﻘﻮل :اﻧﻈﺮوا إﻟﻰ ﻋﺒﺎدي ،ﺟﺎؤوﻧﻲ ﺷﻌﺜﺎً ﻏﺒﺮاً ﺿﺎﺟﱢﯿﻦ ،ﺟﺎؤوا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﯿﻖ ،ﯾﺮﺟﻮن رﺣﻤﺘﻲ ،وﻟﻢ ﯾﺮوا ﻋﻘﺎﺑﻲ ،ﻓﻠﻢ ﯾُﺮَ ﯾﻮﻣﺎً أﻛﺜﺮ ﻋﺘﻘﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،ﻣﻦ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ(. وﻓﻲ ﻣﺼﻨﻒ ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ،ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ اﻟﻠﱠﺬﯾﻦ ﺟﺎءا رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﯾﺴﺄﻻﻧﮫ ﻋﻦ أﻣﺮ دﯾﻨﮭﻢ ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﺟﻮاﺑﮫ ﻟﮭﻤﺎ( :وأﻣﺎ وﻗﻮﻓﻚ ﺑﻌﺮﻓﺔ ،ﻓﺈن اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻨـﺰل إﻟﻰ ﺳﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﻓﯿﺒﺎھﻲ ﺑﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻓﯿﻘﻮل :ھﺆﻻء ﻋﺒﺎدي ﺟﺎؤوا ﺷﻌﺜًﺎ ﻏﺒﺮًا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﯿﻖ ،ﯾﺮﺟﻮن رﺣﻤﺘﻲ ،وﯾﺨﺎﻓﻮن ﻋﺬاﺑﻲ ،وﻟﻢ ﯾﺮوﻧﻲ ،ﻓﻜﯿﻒ ﻟﻮ رأوﻧﻲ ،ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻚ ﻣﺜﻞ رﻣﻞ ﻋﺎﻟﺞ ،أو ﻣﺜﻞ أﯾﺎم اﻟﺪﻧﯿﺎ ،أو ﻣﺜﻞ ﻗﻄﺮ اﻟﺴﻤﺎء ذﻧﻮﺑًﺎ ،ﻏﺴﻠﮭﺎ اﷲ ﻋﻨﻚ(. وﻋﻨﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ ﻓﻲ "ﺗﻤﮭﯿﺪه" ﻣﻦ رواﯾﺔ أﻧﺲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ ﻣﻊ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ ﻗﺎﻋﺪاً ،ﻓﺄﺗﺎه رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر ،ورﺟﻞ ﻣﻦ ﺛﻘﯿﻒ ،ﻓﺬﻛﺮ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻓﯿﮫ ﻃﻮل وﻓﯿﮫ( :وأﻣﺎ وﻗﻮﻓﻚ ﻋﺸﯿﺔ ﻋﺮﻓﺔ ،ﻓﺈن اﷲ ﯾﮭﺒﻂ إﻟﻰ ﺳﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﺛﻢ ﯾﺒﺎھﻲ ﺑﻜﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻓﯿﻘﻮل :ھﺆﻻء ﻋﺒﺎدي ﺟﺎءوﻧﻲ ﺷﻌﺜﺎً ﺳﻔﻌﺎً ،ﯾﺮﺟﻮن رﺣﻤﺘﻲ وﻣﻐﻔﺮﺗﻲ؛ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ذﻧﻮﺑﻜﻢ ﻛﻌﺪد اﻟﺮﻣﻞ ،وﻛﻌﺪد اﻟﻘﻄﺮ، وﻛﺰﺑﺪ اﻟﺒﺤﺮ ،ﻟﻐﻔﺮﺗﮭﺎ ،أﻓﯿﻀﻮا ﻋﺒﺎدي ﻣﻐﻔﻮراً ﻟﻜﻢ ،وﻟﻤﻦ ﺷﻔﻌﺘﻢ ﻟﮫ(. وروى اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ أﯾﻀًﺎ ،ﺑﺴﻨﺪه ﻋﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻗﺎل) :وﻗﻒ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺑﻌﺮﻓﺎت ،وﻛﺎدت اﻟﺸﻤﺲ أن ﺗﺆوب ،ﻓﻘﺎل( :ﯾﺎ ﺑﻼل اﻧﺼﺖ ﻟﻲ اﻟﻨﺎس )ﻓﻘﺎم ﺑﻼل ،ﻓﻘﺎل :اﻧﺼﺘﻮا ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻓﻨﺼﺖ اﻟﻨﺎس ،ﻓﻘﺎل( :ﻣﻌﺎﺷﺮ اﻟﻨﺎس ،أﺗﺎﻧﻲ ﺟﺒﺮﯾﻞ آﻧﻔًﺎ ،ﻓﺎﻗﺮأﻧﻲ ﻣﻦ رﺑﻲ اﻟﺴﻼم ،وﻗﺎل :إن اﷲ ﻏﻔﺮ ﻷھﻞ ﻋﺮﻓﺎت وأھﻞ اﻟﻤﺸﻌﺮ ،وﺿﻤﻦ ﻋﻨﮭﻢ اﻟﺘﺒﻌﺎت )ﻓﻘﺎم ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ،ھﺬا ﻟﻨﺎ ﺧﺎص ،ﻓﻘﺎل( :ھﺬا ﻟﻜﻢ ،وﻟﻤﻦ أﺗﻰ ﺑﻌﺪﻛﻢ إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ )ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :ﻛﺜﺮ ﺧﯿﺮ اﷲ وﻃﺎب(. ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻨﻮوي ﻓﻲ ﺷﺮﺣﮫ ﻋﻠﻰ " ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ"" :ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻇﺎھﺮ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻓﻲ ﻓﻀﻞ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،وھﻮ ﻛﺬﻟﻚ" .وﻗﺪ وﻓﻖ اﻟﻨﻮوي ﺑﯿﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ،ﻛﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ( :ﺧﯿﺮ ﯾﻮم ﻃﻠﻌﺖ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﻤﺲ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ )رواه ﻣﺴﻠﻢ، ﺑﺄن اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻓﻀﻞ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ﺗﻔﯿﺪ أن ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ أﻓﻀﻞ أﯾﺎم اﻟﺴﻨﺔ ،أﻣﺎ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ 106
أﻓﻀﻠﯿﺔ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻤﺤﻤﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ أﻓﻀﻞ أﯾﺎم اﻷﺳﺒﻮع. وﻗﺪ رُوي ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ أﻧﮫ رأى ﺳﺎﺋﻼً ﯾﺴﺄل ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ ،ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ ﻋﺎﺟﺰ! ﻓﻲ ھﺬا اﻟﯿﻮم ﺗﺴﺄل ﻏﯿﺮ اﷲ. وﯾﻈﻞ اﻟﺤﺠﯿﺞ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻐﺮوب ﺛﻢ ﯾﺘﻮﺟﮭﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺰدﻟﻔﺔ ،وﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ ذﻛﺮھﺎ ﺑﻤﺰدﻟﻔﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﻤﻊ أن ﺗﺠﻤﻊ ﻟﻲ ﺟﻮاﻣﻊ اﻟﺨﯿﺮ ﻛﻠﮫ ،وأن ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻲ ﺷﺄﻧﻲ ﻛﻠﮫ ،وأن ﺗﺼﺮف ﻋﻨﻲ اﻟﺴﻮء ﻛﻠﮫ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮك ،وﻻ ﯾﺠﻮد ﺑﮫ إﻻ أﻧﺖ ،ﯾﺎ ﻗﻮي ﯾﺎ ﻣﺘﯿﻦ ﯾﺎ رءوف ﯾﺎ رﺣﯿﻢ.
اﻟﻠﮭﻢ آت ﻧﻔﺴﻲ ھﺪاھﺎ ،وزﻛﮭﺎ أﻧﺖ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ زﻛﺎھﺎ ،أﻧﺖ وﻟﯿﮭﺎ وﻣﻮﻻھﺎ ،اﻟﻠﮭﻢ إن ھﺬه ﻣﺰدﻟﻔﺔ، وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻓﯿﮭﺎ أﻟﺴﻨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺗﺴﺄﻟﻚ ﺣﻮاﺋﺞ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،اﻟﻠﮭﻢ ﻓﺎﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﻤﻦ دﻋﺎك ﻓﺎﺳﺘﺠﺒﺖ ﻟﮫ ،وﻣﻤﻦ ﺗﻮﻛﻞ ﻋﻠﯿﻚ ﻓﻜﻔﯿﺘﮫ ،وﻣﻤﻦ اﺳﺘﺠﺎر ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب واﻟﺨﺰي ﻓﺄﺟﺮﺗﮫ .اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻜﺴﻞ ،وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻦ واﻟﺒﺨﻞ ،وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ،وﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ.
اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ أن ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻨﻲ اﻟﻤﻐﺮم ،وأن ﺗﺮﺿﻲ ﻋﻨﻲ اﻟﺨﺼﻮم واﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﯾﺎ أرﺣﻢ اﻟﺮاﺣﻤﯿﻦ ،ﯾﺎ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،وﺻﻞ اﻟﻠﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﯿﻚ ورﺳﻮﻟﻚ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﮫ وﺻﺤﺒﮫ أﺟﻤﻌﯿﻦ. ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ:
اﻟﺨﺮوج إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ﯾﻮم اﻟﺘﺮوﯾﺔ )ﺛﺎﻣﻦ اﻟﺤﺠﺔ( واﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﮭﺎ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﺳﻊ ،وﻋﺪم اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ.
وﺟﻮده ﺑﻌﺪ اﻟﺰوال ﺑﻨﻤﺮة ،وﺻﻼﺗﮫ اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ﻗﺼﺮا وﺟﻤﻌﺎ ﺟﻤﯿﻊ ﺗﻘﺪﯾﻢ.
إﺗﯿﺎﻧﮫ اﻟﻤﻮﻗﻒ )ﻋﺮﻓﺎت( ﺑﻌﺪ أداﺋﮫ ﻟﺼﻼة اﻟﻈﮭﺮ واﻟﻌﺼﺮ ،واﻻﺳﺘﻤﺮار ﺑﺎﻟﻤﻮﻗﻒ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ ﺣﺘﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ.
ﺗﺄﺧﯿﺮ ﺻﻼة اﻟﻤﻐﺮب إﻟﻰ أن ﯾﻨﺰل ﺑﺠﻤﻊ ﻓﯿﺼﻠﻲ ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻐﺮب واﻟﻌﺸﺎء ﺟﻤﻊ ﺗﺄﺧﯿﺮ.
اﻟﻮﻗﻮف ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ذاﻛﺮا داﻋﯿﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام )ﺟﺒﻞ ﻗﺰح( ﺣﺘﻰ اﻹﺳﻔﺎر اﻟﺒﯿﻦ.
اﻟﯿﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ ذي
ﻣﻦ أﻋﻤﺎل اﻟﯿﻮم اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ)ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ(:
اﻟﺤﺠﺔ)ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ(
-1اﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺰدﻟﻔﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﻰ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ ﺑﺴﻜﯿﻨﺔ وﺧﺸﻮع. -2ﯾﺴﺘﺤﺐ اﻹﺳﺮاع ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮور ﺑﻮادي ﻣﺤﺴﺮ إن ﺗﯿﺴﺮ ذﻟﻚ. -3اﻻﻧﺸﻐﺎل ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﻞ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ ﺛﻢ ﯾﻘﻄﻊ ،وﯾﺠﻌﻞ ﻣﻨﻰ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ،واﻟﺒﯿﺖ ﻋﻦ ﯾﺴﺎره، وﯾﺮﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ ﺑﺴﺒﻊ ﺣﺼﯿﺎت ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺎت ،ﯾﺮﻓﻊ ﯾﺪه ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺣﺼﺎة وﯾﻜﺒﺮ ،وﯾﺤﺮص اﻟﺤﺎج ﻋﻠﻰ ﺿﺮب اﻟﺸﺎﺧﺺ ،وﯾﺠﺰﺋﮫ إذا وﻗﻊ اﻟﺤﺼﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﻮض. 107
-4ذﺑﺢ اﻟﮭﺪي ،وﯾﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﺒﺎﺷﺮه اﻟﺤﺎج إن ﺗﯿﺴ ﺮ ﻛﻤ ﺎ ﻓﻌ ﻞ اﻟﻨﺒ ﻲ ﺻ ﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿ ﮫ وﺳ ﻠﻢ ،وﯾﻘ ﻮل ﻋﻨ ﺪ ذﺑﺤﮫ)) :ﺑﺴﻢ اﷲ ،واﷲ أﻛﺒﺮ ،اﻟﻠﮭﻢ ھﺬا ﻣﻨﻚ وﻟﻚ أﺧﺮﺟﮫ أﺑﻮ داود ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ،وﺻﺤﺤﮫ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻹرواء وﻗ ﺎل :ﺻ ﺤﯿﺢ ،وﻋ ﺰوه ﻟﺤ ﺪﯾﺚ اﺑ ﻦ ﻋﻤ ﺮ وھ ﻢ وإﻧﻤ ﺎ ھ ﻮ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪﯾﺚ ﺟ ﺎﺑﺮ رﺿ ﻲ اﷲ ﻋﻨ ﮫ ) ،(366 /4وﯾﻮﺟﮭﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﻠﺔ. -5ﯾﺤﻠﻖ ﺷﻌﺮ رأﺳﮫ ،أو ﯾﻘﺼﺮ ،واﻟﺤﻠﻖ أﻓﻀﻞ ،وﻻ ﯾﻜﻔﻲ ﺗﻘﺼﯿﺮ ﺑﻌﺾ ﺷﻌﺮ اﻟﺮأس ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺼﯿﺮه ﻛﻠﮫ ﻛﺎﻟﺤﻠﻖ ،واﻟﻤﺮأة ﺗﻘﺼﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻇﻔﯿﺮة ﻗﺪر أُﻧﻤﻠﺔ. -6ﺑﻌﺪ رﻣﻲ ﺟﻤﺮة اﻟﻌﻘﺒﺔ واﻟﺤﻠﻖ أو اﻟﺘﻘﺼﯿﺮ ﯾﺒﺎح ﻟﻠﻤﺤﺮم ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺮم ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻹﺣﺮام إﻻ اﻟﻨﻜﺎح، وﯾﺴﻤﻰ ھﺬا اﻟﺘﺤﻠﻞ اﻷول. -7ﯾﺴﻦ ﻟﮫ ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻟﺘﺤﻠﻞ اﻟﺘﻨﻈﻒ واﻟﺘﻄﯿﺐ ،واﻟﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻟﯿﻄﻮف ﻃﻮاف اﻹﻓﺎﺿﺔ ،وﯾﺴﻤﻰ ھﺬا اﻟﻄﻮاف )ﻃﻮاف اﻟﺰﯾﺎرة( ،وھﻮ رﻛﻦ ﻻ ﯾﺘﻢ اﻟﺤﺞ إﻻ ﺑﮫ ،وﺑﻌﺪه ﯾﺤﻞ ﻟﮫ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺴﺎء. -8اﻟﺴﻌﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻔﺎ واﻟﻤﺮوة ﻟﻠﻤﺘﻤﺘﻊ واﻟﻤﻔﺮد واﻟﻘﺎرن اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺴﻊ ﻣﻊ ﻃﻮاف اﻟﻘﺪوم. -9إن ﻗﺪﱠم اﻟﻨﺤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﻲ ،أو اﻟﻄﻮاف ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ؛ أو اﻟﺤﻠﻖ أﺟﺰأه ذﻟﻚ ،ﻓﯿﻔﻌﻞ اﻟﺤﺎج اﻷرﻓﻖ ﺑﮫ ،وإن ﻛﺎن اﻷﻓﻀﻞ اﻟﺮﻣﻲ ،ﺛﻢ اﻟﺬﺑﺢ ،ﺛﻢ اﻟﺤﻠﻖ ،ﺛﻢ اﻟﻄﻮاف؛ ﻓﺎﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﯾُﺴﺄل ﯾﻮم اﻟﻨﺤﺮ ﺑﻤﻨﻰ ﻓﯿﻘﻮل )) :ﻻ ﺣﺮج(( ،ﻓﺴﺄﻟﮫ رﺟﻞ ﻓﻘﺎل :ﺣﻠﻘﺖ ﻗﺒﻞ أن أذﺑﺢ؟ ﻗﺎل)) :اذﺑﺢ وﻻ ﺣﺮج(( ،ﻗﺎل :رﻣﯿﺖ ﺑﻌﺪﻣﺎ أﻣﺴﯿﺖ؟ ﻓﻘﺎل)) :ﻻ ﺣﺮج(( رواه اﻟﺒﺨﺎري ) .(1620 -10وﯾﺒﯿﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﻰ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،وإن ﻋﺠﻞ ﻓﯿﺒﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﺻﺒﺎح اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ.
أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ :اﻟﺤﺎدي
ﻣﻦ أﻋﻤﺎل أﯾﺎم اﻟﺘﺸﺮﯾﻖ :اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ:
ﻋﺸﺮ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ
-1رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات اﻟﺜﻼث ،وﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺼﻐﺮى ،ﺛﻢ اﻟﻮﺳﻄﻰ ،ﺛﻢ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،ﯾﺮﻣﻲ ﻛﻞ ﺟﻤﺮة ﺑﺴﺒﻊ
واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ:
ﺣﺼﯿﺎت ،ﯾﻜﺒﺮ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺣﺼﺎة ﯾﺮﻣﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﯿﻮﻣﯿﻦ اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ)ﯾﺴﻤﻰ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﺮ ﻷن اﻟﺤﺠﯿﺢ ﯾﻘﺮون ﻓﯿﮫ( واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ )ﯾﺴﻤﻰ ﺑﯿﻮم اﻟﻨﻔﺮ اﻷول ﻟﺠﻮاز اﻟﻨﻔﺮ ﻓﯿﮫ(إن ﺗﻌﺠﻞ ،وﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ )ﯾﻮم اﻟﻨﻔﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ( إن ﺗﺄﺧﺮ. -2ﯾﺴﻦ ﻟﮫ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﻣﻲ أن ﯾﺘﻨﺤﻰ ﯾﻤﯿﻨﺎً ،وﯾﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﺛﻢ ﯾﺪﻋﻮ ﻃﻮﯾﻼً راﻓﻌﺎً ﯾﺪﯾﮫ ،ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ اﻟﺼﻐﺮى واﻟﻮﺳﻄﻰ ،أﻣﺎ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻼ ﯾﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻋﻨﺪھﺎ. -3اﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﻤﻨﻰ وھﻮ واﺟﺐ. -4ﻃﻮاف اﻟﻮداع وھﻮ آﺧﺮ أﻋﻤﺎل اﻟﺤﺞ ،ﻓﺈذا اﻧﺘﮭﻰ اﻟﺤﺎج ﻣﻦ ﺣﺠﮫ ،وﻗﻀﻰ ﺣﻮاﺋﺠﮫ ﺑﻤﻜﺔ ،وﻋﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺣﯿﻞ؛ ﻓﻌﻠﯿﮫ أن ﯾﻮدع اﻟﺒﯿﺖ ﺑﺎﻟﻄﻮاف ﻟﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ" :أﻣﺮ اﻟﻨﺎس أن ﯾﻜﻮن آﺧﺮ ﻋﮭﺪھﻢ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ إﻻ أﻧﮫ ﺧﻔﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﺤﺎﺋﺾ" رواه اﻟﺒﺨﺎري ) ،(1636وﻣﺴﻠﻢ ) (2351ﺑﻠﻔﻈﮫ. -5اﺳﺘﻐﻼل ھﺬه اﻷﯾﺎم ﺑﻄﺎﻋﺔ اﷲ ﻣﻦ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن وذﻛﺮ وﺗﻜﺒﯿﺮ وﻏﯿﺮھﺎ ،ﻓﺈذا ﻗﻀﻰ اﻟﺤﺎج ﻣﻨﺎﺳﻜﮫ ﻓﯿﺴﺘﺤﺐ ﻟﮫ أن ﯾﺬﻛﺮ اﷲ ،وﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ ذﻛﺮه اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﺎ أرﺷﺪﻧﺎ إﻟﯿﮫ رﺑﻨﺎ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻓَﺈِذَا ﻗَﻀَﯿْﺘُﻢ ﻣﱠﻨَﺎﺳِﻜَﻜُﻢْ ﻓَﺎذْﻛُﺮُواْ اﻟﻠّﮫَ ﻛَﺬِﻛْﺮِﻛُﻢْ آﺑَﺎءﻛُﻢْ أَوْ أَﺷَﺪﱠ ذِﻛْﺮاً{)ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة.(200: 108
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ
109
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ: ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد ،وﺟﻌﻞ اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﯿﻦ ﺧﻠﻘﮫ أﻣﺮاً ﺳﺎﺋﺪا ،ﻓﻜﻤﺎ ﻓﻀّﻞ ﺑﻌﺾ ﻋﺒﺎده ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻓﻀّﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻓﺠﻌﻞ ﻣﻜﺔ أﺷﺮف اﻟﺒﻘﺎع وأﻓﻀﻠﮭﺎ ،وﺧﯿﺮ اﻟﺒﻼد وأﻛﺮﻣﮭﺎ ،إﻟﯿﮭﺎ ﺗﮭﻔﻮ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻓﯿﮭﺎ ﺗﺮﺗﺎح اﻟﻨﻔﻮس ،وﻋﻨﺪھﺎ ﯾﺤﻂّ اﻟﺨﺎﺋﻔﻮن رﺣﺎﻟﮭﻢ ،وﻧﺤﻮھﺎ ﯾﺘﺠﮫ اﻟﻌﺎﺑﺪون ﻓﯿﺸﻜﻮن إﻟﻰ اﷲ ﺣﺎﻟﮭﻢ ،وﯾﺴﺄﻟﻮﻧﮫ ﻧﺠﺎﺗﮭﻢ ،ھﻲ ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻌﺒﺎدة واﻹﻧﺎﺑﺔ ،ﻓﯿﮭﺎ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس }إن أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ﻟﻠﺬي ﺑﺒﻜﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺎ وھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﻓﯿﮫ آﯾﺎت ﺑﯿﻨﺎت ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ وﻣﻦ دﺧﻠﮫ ﻛﺎن آﻣﻨﺎ { ) آل ﻋﻤﺮان ،(97،96:ﺑﯿﺖ ﯾﺜﻮب اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮫ وﯾﺮﺟﻌﻮن ،ﻓﯿﺠﺪون ﻓﯿﮫ اﻟﺮاﺣﺔ واﻷﻣﻦ وﻟﺬة اﻟﻌﺒﺎدة ﻟﻠﻤﻮﻟﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،وھﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﯾﺘﺬﻛﺮون اﻷﻧﺒﯿﺎء وﯾﻘﺘﺪون ﺑﮭﻢ }وإذ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس وأﻣﻨﺎ واﺗﺨﺬوا ﻣﻦ ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ﻣﺼﻠﻰ { ) اﻟﺒﻘﺮة،(125:ﻓﻤﻜﺔ ﻣﻨﺰﻟﺘﮭﺎ ﻋﻈﯿﻤﺔ ،وﻓﻀﺎﺋﻠﮭﺎ ﺟﻠﯿﻠﺔ ،اﺧﺘﺎرھﺎ اﷲ ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻠﺪه اﻟﺤﺮام ،وﺑﮭﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،اﻟﺬي ﯾﺘﻮﺟﮫ إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﯿﻮم ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ،ﯾﺼﻠﻮن ﷲ وﯾﻌﺒﺪوﻧﮫ. أﻗﺴﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ،ﻓﻘﺎل }:وھﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ { )اﻟﺘﯿﻦ ،(3:وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻻ أﻗﺴﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺒﻠﺪ{ ) اﻟﺒﻠﺪ(1:؛ وﻣﺎ ذﻟﻚ إﻻ ﻟﻔﻀﻞ ھﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ وﺷﺮﻓﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﻘﻌﺔ ﻓﺮض اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد ﻗﺼﺪھﺎ واﻟﺘﻮﺟّﮫ إﻟﯿﮭﺎ ﺳﻮى ھﺬه اﻟﺒﻠﺪة ،ﻓﻼ ﻋﺠﺐ إذاً أن ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻷرض اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ أﺣﺐ اﻟﺒﻘﺎع إﻟﻰ اﷲ ،وأﺣﺐ اﻟﺒﻘﺎع إﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﺧﯿﺮ اﻷﻧﺒﯿﺎء ،وﻗﻠﻮب اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﺼﺎدﻗﯿﻦ .وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص اﻟﻮﺣﯿﯿﻦ ﻧﺠﺪ أن ﻟﻤﻜﺔ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﯿﻨﺔ ،ﺗﻤﯿّﺰت ﺑﮭﺎ ﻋﻦ ﺳﻮاھﺎ ،وﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﮭﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻣﺮاﻋﺎﺗﮭﺎ ، ﻟﺬا ﻧﺮى ﻟﺰاﻣﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ،وﻧُﺠﻤﻠﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ :
ﺟﺪول ) (20ﯾﻮﺿﺢ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ
ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﯿﺌﺔ آﻣﻨﺔ ﻣﻨﺬ
اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻤﻜﯿﺔ ﺑﯿﺌﺔ ﻣﻘﺪّﺳﺔ ﻃﺎھﺮة ،ﻣﺤﺮﻣﺔ آﻣﻨﺔ ،ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺮﻣﺘﮭﺎ وأﻣﻨﮭﺎ أﻣﺮا ﺣﺎدﺛﺎ ﻋﻠﯿﮭﺎ
أن ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺴﻤﻮات
ﺑﻌﺪ أن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ؛ ﺑﻞ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻘﺘﺮﻧﺎ ﺑﻮﺟﻮد اﻷرض وﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ ،ﻓﻌﻦ اﺑﻦ
واﻷرض
ﻋﺒﺎس -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ -أﻧﮫ ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻟﻤﻜﺔ ﺣﯿﻦ اﻓﺘﺘﺤﮭﺎ ﻛﻤﺎ رواه اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ):ھَﺬهِ ﺣَﺮمٌ ﺣَﺮﱠﻣﮫُ اﷲُ ﯾﻮمَ ﺧَﻠﻖ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ واﻷَرْض ،وﺧَﻠﻖ اﻟﺸﱠﺠَﺮ واﻟﻘَﻤَﺮ ،ووﺿَﻊَ 110
ھﺬﯾﻦِ اﻷﺧْﺸَﺒَﯿﻦِ ،ﻟﻢْ ﺗﺤﻞﱠ ﻷﺣﺪٍ ﻗﺒْﻠِﻲ ،وﻻَ ﺗﺤﻞﱡ ﻷﺣﺪٍ ﺑﻌْﺪِي ،أُﺣﻠﱠﺖْ ﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔً ﻣﻦ ﻧﮭﺎرٍ( ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺑﻠﺪًا آﻣﻨًﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺑﺮة وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ أن ﯾﺴﻠﻄﻮا ﻋﻠﯿﮫ ،وﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﷲ أن ﺗﻨﺎﻟﮫ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎل ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻠﺪان ﻣﻦ ﺧﺴﻒ وﻏﺮق وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﺨﻂ اﷲ وﻋﻘﻮﺑﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﯿﺐ اﻟﺒﻼد ﻏﯿﺮھﺎ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ھﺬا اﻷﻣﻦ ﻟﻤﻜﺔ ﻗﺒﻞ دﻋﺎء إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﻣﺘﺤﻘﻘﺎ ﻟﮭﺎ ﻗﺪرًا ﺑﻜﻒ اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ- ﻋﻨﮭﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ أرادھﺎ ﺑﺴﻮء. ﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﺑﺰوﺟﺘﮫ ھﺎﺟﺮ واﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم-؛ ﻓﻘﺪ أﺗﻰ ﺑﮭﻤﺎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﺒﻠﺪة اﻵﻣﻨﺔ وﺗﺮﻛﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﺮاھﺎ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ ھﻨﺎك أﻧﯿﺲ وﻻ ﺟﻠﯿﺲ ،وﻻ ﻃﻌﺎم وﻻ ﺷﺮاب؛ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ أرﺿﺎ ﺟﺮداء ﻣﻮﺣﺸﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺨﻠﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺗﺮﻛﮭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎل ﻹﯾﻤﺎﻧﮫ اﻟﻜﺎﻣﻞ وﯾﻘﯿﻨﮫ اﻟﺼﺎدق ﺑﺄن ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن آﻣﻦ ﻣﺆﻣﻦ ،ﯾﺤﻔﻆ اﷲ ﻣﻦ ﺳﻜﻨﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺮوه، وﯾﺆﻣﻨﮫ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾُﺨﺎف ﻣﻨﮫ؛ ﻓﻜﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ؛ ﺣﯿﺚ إن اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﺳﻠﻤﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ، وﻓﺠﺮ ﻟﮭﻤﺎ ﻣﺎء زﻣﺰم ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ اﻷرض ﺣﯿﻨﻤﺎ اﺣﺘﺎﺟﻮا إﻟﻰ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸﺮاب؛ ﻓﻄﻌﻤﺎ ﻣﻨﮫ وارﺗﻮﯾﺎ، وﻋﺎﺷﺎ ﺑﮫ أﺣﺴﻦ ﻋﯿﺸﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻤﺖ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺑﺄﻣﺮھﻤﺎ وﺑﺄﻣﺮ ذﻟﻚ اﻟﻤﺎء اﻟﻤﺒﺎرك ،ﻓﺴﻜﻨﻮا ﻣﻌﮭﻤﺎ ھﻨﺎك، وﺻﺎر ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺗﻮاﺻﻞ وﻣﺼﺎھﺮة؛ ﻓﻤﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ أرض ﻣﻮﺣﺸﺔ ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ واﻟﺸﺠﺮ إﻟﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺣﻀﺎرﯾﺔ ﯾﺘﻤﻨﻰ ﻛﻞ أﺣﺪ اﻟﺴﻜﻨﻰ ﻓﯿﮭﺎ ،واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ أرزاﻗﮭﺎ وﺧﯿﺮاﺗﮭﺎ ،وﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻻ ﺷﻚ أﻧﮭﺎ ﻧﻤﻮذج ﺣﻲ ،وﺻﻮرة واﻗﻌﯿﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻟﻨﺎ ﻣﺪى اﻷﻣﻦ واﻷﻣﺎن اﻟﺬي ﺗﺤﻈﻰ ﺑﮫ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ -ﺣﺮﺳﮭﺎ اﷲ وأدام أﻣﻨﮭﺎ واﺳﺘﻘﺮارھﺎ -وأھﻠﮭﺎ اﻟﺴﺎﻛﻨﻮن ﻓﯿﮭﺎ واﻟﻮاﻓﺪون إﻟﯿﮭﺎ. ﺗﻤﯿﺰت ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻦ ﻏﯿﺮھﺎ ﺑﺘﻜﺮار ذﻛﺮ ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﻜﺮرت ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻲ آﯾﺎت ﻛﺮﯾﻤﺎت ﺑﺴﯿﺎﻗﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻨﮭﺎ آﯾﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ اﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،ﻗﺎل – ﺗﻌﺎﻟﻰ):-وَاﻟﺘﱢﯿﻦِ وَاﻟﺰﱠﯾْﺘُﻮنِ* وَﻃُﻮرِ ﺳِﯿﻨِﯿﻦَ* وَھَﺬَا اﻟْﺒَﻠَﺪِ اﻷَﻣِﯿﻦ(. وآﯾﺘﺎن ورد ﻓﯿﮭﻤﺎ دﻋﺎء ﻧﺒﻲ اﷲ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﻟﻤﻜﺔ ﺑﺎﻷﻣﻦ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-وَإِذْ ﻗَﺎلَ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢُ رَبﱢ اﺟْﻌَﻞْ ھَﺬَا ﺑَﻠَﺪًا آﻣِﻨًﺎ() ،وَإِذْ ﻗَﺎلَ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢُ رَبﱢ اﺟْﻌَﻞْ ھَﺬَا اﻟْﺒَﻠَﺪَ آﻣِﻨًﺎ(. وﺧﻤﺲ آﯾﺎت ورد ﻓﯿﮭﺎ ذﻛﺮ اﻷﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋﻠﻰ ﺻﯿﻐﺔ اﻹﺧﺒﺎر واﻻﻣﺘﻨﺎن ﻣﻦ اﷲ - ﻋﺰ وﺟﻞ -ﻋﻠﻰ أھﻞ ﻣﻜﺔ واﻟﻨﺎس ﺑﺬﻟﻚ ،وﻟﺒﯿﺎن ﺷﺮف اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام وﺗﻤﯿﺰه ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼد اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﻓﻘﺎل – ﺗﻌﺎﻟﻰ): -وَإِذْ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ اﻟْﺒَﯿْﺖَ ﻣَﺜَﺎﺑَﺔً ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ وَأَﻣْﻨًﺎ( ،وﻗﺎل – ﺗﻌﺎﻟﻰ): -ﻓِﯿﮫِ آﯾَﺎتٌ ﺑَﯿﱢﻨَﺎتٌ ﻣَﻘَﺎمُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَﻣَﻦْ دَﺧَﻠَﮫُ ﻛَﺎنَ آﻣِﻨًﺎ( ،وﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-أَوَﻟَﻢْ ﻧُﻤَﻜﱢﻦْ ﻟَﮭُﻢْ ﺣَﺮَﻣًﺎ آﻣِﻨًﺎ( ،وﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-أَوَ َﻟﻢْ ﯾَﺮَوْا أَﻧﱠﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺣَﺮَﻣًﺎ آﻣِﻨًﺎ{ ،وﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ ):-ﻓَﻠْﯿَﻌْﺒُﺪُوا رَبﱠ ھَﺬَا اﻟْﺒَﯿْﺖِ* اﻟﱠﺬِي أَﻃْﻌَﻤَﮭُﻢْ ﻣِﻦْ ﺟُﻮعٍ وَآﻣَﻨَﮭُﻢْ ﻣِﻦْ ﺧَﻮْفٍ(. ﻓﮭﺬه ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻣﻮاﻃﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ – ﻋﺰ وﺟﻞ -ﻓﯿﮭﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻣﻦ ﻣﻜﺔ؛ ﻓﻤﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻵﯾﺎت ،وأﻧﻌﻢ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ أﺳﺎﻟﯿﺒﮭﺎ ،وﻻﺣﻆ ﺗﻜﺮار ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺔ – )اﻷﻣﻦ( -أدرك أن اﻷﻣﻦ ﻣﻦ أھﻢ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺐ ﺗﻮاﻓﺮھﺎ ﻗﺒﻞ ﻏﯿﺮھﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ،ﻛﯿﻒ ﻻ؛ وﻗﺪ ﻋﺪ اﻷﻣﻦ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﺷﺮوط ﺣﺴﻦ اﻟﻤﻜﺎن ﻓﻲ أي ﺑﻘﻌﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،وﻻ ﺧﯿﺮ ﻓﻲ أرض ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﻦ ﻣﻌﺪوﻣﺎ؛ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن أﯾﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻘﻮّم اﻟﻤﻜﺎن ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻷﻣﻦ واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎره واﻟﻤﺨﺎوف ،وﯾﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺳﻜﻨﻰ اﻟﻤﻜﺎن أو ﻣﻔﺎرﻗﺘﮫ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﯾﺠﺪ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻷﻣﻦ؛ ﻓﺒﺎﻷﻣﻦ ﯾﺄﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ دﻣﺎﺋﮭﻢ وأﻣﻮاﻟﮭﻢ وأﻋﺮاﺿﮭﻢ ،وﺑﮫ 111
ﺗُﺆﻣﻦ اﻟﺴﱡﺒﻞ ،وﺗُﺮدّ اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﻷھﻠﮭﺎ؛ ﻓﯿﻨﺘﺼﺮ اﻟﻤﻈﻠﻮم ،وﯾُﺮدع اﻟﻈﺎﻟﻢ ،وﯾُﺰار اﻟﻤﺮﺿﻰ ،وﯾُﺤﺘﺮم اﻟﻤﻮﺗﻰ ،وﯾُﺮﺣﻢ اﻟﺼﻐﯿﺮ وﯾﺪﻟّﻞ ،وﯾُﺤﺘﺮم اﻟﻜﺒﯿﺮ وﯾُﺒﺠﱠﻞ ،وﺗﻮﺻﻞ اﻷرﺣﺎم ،وﯾُﻜﺮﱠم اﻟﻜﺮﯾﻢ ،وﯾُﻌﺎﻗﺐ اﻟﻠﺌﯿﻢ. إن اﻷﻣﻦ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ: اﻷول :أﻣﻦ ﻗﺪري :وھﻮ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﺑﻤﺸﯿﺌﺔ اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -وإرادﺗﮫ ،وﻻ ﯾﺘﺨﻠﻒ أﺑﺪًا؛ ﻓﺘﻜﻮن ﻣﻜﺔ آﻣﻨﺔ، وﯾﻜﻮن ﻣﻦ ﻓﯿﮭﺎ آﻣﻨﺎ ﻣﻦ أن ﯾﻐﺰوھﺎ ﻏﺎزٍ ،أو ﯾﻐﯿﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣُﻐﯿﺮ إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻣﻦ ﺷﺮﻋﻲ :أﻣﺮ اﷲ -ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -أھﻠﮭﺎ وﻣﻦ دﺧﻞ إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺄن ﯾﺤﻘﻘﻮه؛ وھﻮ :أن ﯾﺆَﻣﱢﻦ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﻌﻀًﺎ ،وﯾﺆﻣﱢﻨﻮا ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﻮان وﺷﺠﺮٍ وﻣﺎل ﻓﻲ أﺣﻜﺎم ﺷﺮﻋﯿﺔ أﺧﺮى ،وﺑﺘﻄﺒﯿﻘﮭﺎ ﺗﻐﺪو ﻣﻜﺔ آﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﻣﻦ واﻷﻣﺎن. واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻨﯿﯿﻦ :أن اﻷول ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ؛ ﻷن اﷲ – ﺗﻌﺎﻟﻰ -أراده أن ﯾﻜﻮن ،ﻗﺎل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-أَوَﻟَﻢْ ﯾَﺮَوْا أَﻧﱠﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺣَﺮَﻣًﺎ آﻣﻨًﺎ وَﯾُﺘَﺨَﻄﱠﻒُ اﻟﻨﱠﺎسُ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﮭِﻢْ أَﻓَﺒِﺎﻟْﺒَﺎﻃِﻞِ ﯾُﺆْﻣِﻨُﻮنَ وَﺑِﻨِﻌْﻤَﺔِ اﻟﻠﱠﮫِ ﯾَﻜْﻔُﺮُون( وأﻣﺎ اﻟﺜﺎﻧﻲ -اﻷﻣﻦ اﻟﺸﺮﻋﻲ -ﻓﻘﺪ ﯾﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن؛ ﻷنّ اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -أراد ﻣﻦ ﻋﺒﺎده أن ﯾﺤﻘﻘﻮه ،وﯾﻜﻮن ﻟﮭﻢ ﻣﺤﻞ اﺑﺘﻼء واﻣﺘﺤﺎن ،وﺛﻮاب وﺟﺰاء ،وﻗﺎﺋﺪا إﻟﻰ اﻟﺠﻨّﺔ أو اﻟﻨﺎر. وھﺬه ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺢ أن ﻣﻜﺔ أﻣﻨﮭﺎ اﷲ ،وأﻣﻦ أھﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺤﺬور وﺷﺮ ، وﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﯿﮫ: -1ﺑﻘﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻋﺪم ﻗﺪرة أھﻞ اﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻀﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺸﺪﯾﺪة ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﯿﻞ ﺧﯿﺮ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ أرادوا ھﺪم اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ اﷲ ﺣﻤﺎھﺎ ،وأﻧﺰل ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻏﻀﺒﮫ ،وأذاﻗﮭﻢ أﺷﺪ اﻟﻌﺬاب واﻟﻨﻜﺎل ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ) :-أَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﻛَﯿْﻒَ ﻓَﻌَﻞَ رَﺑﱡﻚَ ﺑِﺄَﺻْﺤَﺎبِ اﻟْﻔِﯿﻞِ* أَﻟَﻢْ ﯾَﺠْﻌَﻞْ ﻛَﯿْﺪَھُﻢْ ﻓِﻲ ﺗَﻀْﻠِﯿﻞٍ* وَأَرْﺳَﻞَ ﻋَﻠَﯿْﮭِﻢْ ﻃَﯿْﺮًا أَﺑَﺎﺑِﯿﻞ* ﺗَﺮْﻣِﯿﮭِﻢْ ﺑِﺤِﺠَﺎرَةٍ ﻣِﻦْ ﺳِﺠﱢﯿﻞٍ* ﻓَﺠَﻌَﻠَﮭُﻢْ ﻛَﻌَﺼْﻒٍ ﻣَﺄْﻛُﻮلٍ(. -2ﻋﺪم ﺗﻤﻜﻦ اﻟﺪﺟﺎل اﻷﻋﻮر ﻣﻦ دﺧﻮل ﻣﻜﺔ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪٍ إﻻ ﺳﯿﻄﺆُه اﻟﺪﺟﺎل ،إﻻ ﻣﻜﺔَ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔَ ،ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻧِﻘَﺎﺑِﮭﺎ ﻧﻘﺐ إﻻ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺻﺎﻓﯿﻦ ﯾﺤﺮﺳﻮﻧﮭﺎ.(... -3 ﻣﻜﺔ أرض ﻟﯿﺴﺖ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ؛ ﻟﻜﻦ اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -رزق أھﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺜﻤﺮات ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ):-أَوَﻟَﻢْ ﻧُﻤَﻜﱢ ﻦ ﻟﱠﮭُﻢْ ﺣَﺮَﻣًﺎ آﻣﻨًﺎ ﯾُﺠْﺒَﻰ إِﻟَﯿْﮫِ ﺛَﻤَﺮَاتُ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ رِزْﻗًﺎ ﻣِﻦ ﻟﱠﺪُﻧﱠﺎ وَﻟَﻜِﻦﱠ أَﻛْﺜَﺮَھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻠَﻤُﻮن(؛ وذﻟﻚ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺨﻠﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺣﯿﻨﻤﺎ دﻋﺎ ﺑﻘﻮﻟﮫ):رَﺑﱠﻨَﺎ إِﻧﱢﻲ أَﺳْﻜَﻨﺖُ ﻣِﻦْ ذُرﱢﯾﱠﺘِﻲ ﺑِﻮَادٍ ﻏَﯿْﺮِ ذِي زَرْعٍ ﻋِﻨْﺪَ ﺑَﯿْﺘِﻚَ اﻟْﻤُﺤَﺮﱠمِ رَﺑﱠﻨَﺎ ﻟِﯿُﻘِﯿﻤُﻮا اﻟﺼﱠﻼةَ ﻓَﺎﺟْﻌَﻞْ أَﻓْﺌِﺪَةً ﻣِﻦْ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺗَﮭْﻮِي إِﻟَﯿْﮭِﻢْ وَارْزُﻗْﮭُﻢْ ﻣِﻦْ اﻟﺜﱠﻤَﺮَاتِ ﻟَﻌَﻠﱠﮭُﻢْ ﯾَﺸْﻜُﺮُونَ( ﴾)ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ.(37، -4ﺟﻌﻞ اﷲ ﻓﻲ ﻣﺎء زﻣﺰم ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻹﺷﺒﺎع؛ ﻓﮭﻮ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻨﺪ ﻓﻘﺪه ،ﯾﻘﻮل – ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ اﻟﺒﺰار):زَﻣْﺰَم ﻃَﻌَﺎمُ ﻃُﻌْﻢٍ ،وَﺷِﻔﺎءُ ﺳَﻘَﻢٍ(. -5إن ﻣﻜﺔ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ،وﻣﻜﺎن ﯾﻘﺪم ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺎس ﺑﻜﺜﺮة ،وﻛﺎن ھﺬا ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺠﻠﺐ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷرزاق 112
واﻟﺜﻤﺎر ﻣﻦ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻟﺪﻧﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام. -6ﻣﻜﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺰو إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ):ﻻ ﺗُﻐْﺰَى ھﺬهِ -أي ﻣﻜﺔ -ﺑَﻌﺪَھﺎ أﺑﺪًا إِﻟﻰ ﯾﻮمِ اﻟﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ(. -7ﻣﻜﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﻮن ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ):اﻟﻤَﺪﯾﻨﺔُ وﻣﻜﺔُ ﻣﺤﻔﻮﻓَﺘَﺎنِ ﺑﺎِﻟﻤَﻼﺋﻜﺔِ ﻋَﻠﻰ ﻛﻞﱢ ﻧَﻘﺐٍ ﻣِﻨﮭﺎ ﻣَﻠﻚ ﻻ ﯾَﺪﺧﻠُﮭَﺎ اﻟﺪﱠﺟﺎلُ وﻻ اﻟﻄﱠﺎﻋُﻮن(. -8ﺟﻌﻞ اﷲ زﻣﺰم ﺷﻔﺎءً ﻣﻦ اﻷﺳﻘﺎم واﻷﻣﺮاض ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺒﺨﺎري ):ﺧﯿﺮُ ﻣﺎءٍ ﻋَﻠﻰ وﺟﮫِ اﻷَرضِ ﻣﺎءُ زَﻣْﺰَم ،ﻓﯿﮫِ ﻃَﻌَﺎمٌ ﻣﻦ اﻟﻄﱡﻌْﻢِ ،وﺷِﻔَﺎءٌ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻘﻢِ. (... ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ:
ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﮭﺎ :اﻟﻤﻨﻊ اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻣﻦ أن ﯾﻔﻌﻞ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻀﺎد ﺻﻼﺣﮭﺎ وﺻﻼح ﻣﺎ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﻛﻦ وداﺑﺔ وﺷﺠﺮ؛ ﻓﯿﺤﺮم ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺼﯿﺪ واﻟﻠﻘﻄﺔ إﻻ ﻟﻤﻌﺮّف ،وﻗﻄﻊ اﻟﺸﺠﺮ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺣﺮم اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -وﺣﺮم رﺳﻮﻟﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻓﻌﻠﮫ ﺑﻤﻜﺔ ،ﯾﻘﻮل اﷲ -ﻋﺰ وﺟﻞ -ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺣﺎﻛﯿﺎ ﻋﻦ ﻧﺒﯿﮫ-ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ):إِﻧﱠﻤَﺎ أُﻣِﺮْتُ أَنْ أَﻋْﺒُﺪَ رَبﱠ ھَﺬِهِ اﻟْﺒَﻠْﺪَةِ اﻟﱠﺬِي ﺣَﺮﱠﻣَﮭَﺎ وَﻟَﮫُ ﻛُﻞﱡ ﺷَﻲْءٍ وَأُﻣِﺮْتُ أَنْ أَﻛُﻮنَ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺴْﻠِﻤِﯿﻦَ( ،وﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):ﻓَﺈِنﱠ ھَﺬَا ﺑَﻠَﺪٌ ﺣَﺮﱠﻣَﮫُ اﻟﻠﱠﮫُ ﯾَﻮْمَ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻟْﺄَرْضَ ،وَھُﻮَ ﺣَﺮَامٌ ﺑِﺤُﺮْﻣَﺔِ اﻟﻠﱠﮫِ إِﻟَﻰ ﯾَﻮْمِ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ ،وَإِﻧﱠﮫُ ﻟَﻢْ ﯾَﺤِﻞﱠ اﻟْﻘِﺘَﺎلُ ﻓِﯿﮫِ ﻟِﺄَﺣَﺪٍ ﻗَﺒْﻠِﻲ ،وَﻟَﻢْ ﯾَﺤِﻞﱠ ﻟِﻲ إِ ﻻً ﺳَﺎﻋَﺔً ﻣِﻦْ ﻧَﮭَﺎرٍ ،ﻓَﮭُﻮَ ﺣَﺮَامٌ ﺑِﺤُﺮْﻣَﺔِ اﻟﻠﱠﮫِ إِﻟَﻰ ﯾَﻮْمِ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ؛ ﻻَ ﯾُﻌْﻀَﺪُ ﺷَﻮْﻛُﮫُ ،وَ ﻻَ ﯾُﻨَﻔﱠﺮُ ﺻَﯿْﺪُهُ ،وَ ﻻَ ﯾَﻠْﺘَﻘِﻂُ ﻟُﻘَﻄَ َﺘﮫُ ،إِﻻﱠ ﻣَﻦْ ﻋَﺮﱠﻓَﮭَﺎ ،وَﻻَ ﯾُﺨْﺘَﻠَﻰ ﺧَﻼَھَﺎ( وھﺬا اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻗﺪ ﻋﻈﻤﮫ اﷲ -ﺗﻌﺎﻟﻰ -وأﻛﺪه ﺑﺄﻣﻮر ،ﻣﻨﮭﺎ: أن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﺻﺎدر ﻣﻦ ﻋﻨﺪه –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺰﯾﻞ):إِﻧﱠﻤَﺎ أُﻣِﺮْتُ أَنْ أَﻋْﺒُﺪَ رَبﱠ ھَﺬِهِ اﻟْﺒَﻠْﺪَةِ اﻟﱠﺬِيﺣَﺮﱠﻣَﮭَﺎ وَﻟَﮫُ ﻛُﻞﱡ ﺷَﻲْءٍ وَأُﻣِﺮْتُ أَنْ أَﻛُﻮنَ ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺴْﻠِﻤِﯿﻦ( ،وﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ):إِنﱠ ﻣَﻜﱠﺔَ ﺣَﺮﱠﻣَﮭَﺎ اﻟﻠﱠﮫُ وَﻟَﻢْ ﯾُﺤَﺮﱢﻣْﮭَﺎ اﻟﻨﱠﺎسُ( إﺿﺎﻓﺔ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻣﻊ أﻧﮫ رب اﻟﺒﻼد ﻛﻠﮭﺎ)رَبﱠ ھَﺬِهِ اﻟْﺒَﻠْﺪَةِ اﻟﱠﺬِي ﺣَﺮﱠﻣَﮭَﺎ(ﻗِﺪم اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ وﺑﻘﺎؤه إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ):ﻓَﺈِنﱠ ھَﺬَا ﺑَﻠَﺪٌ –أي ﻣﻜﺔ -ﺣَﺮﱠﻣَﮫُ اﻟﻠﱠﮫُ ﯾَﻮْمَ ﺧَﻠَﻖَاﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻟْﺄَرْضَ ،وَھُﻮَ ﺣَﺮَامٌ ﺑِﺤُﺮْﻣَﺔِ اﻟﻠﱠﮫِ إِﻟَﻰ ﯾَﻮْمِ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ( إﻋﻼن اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﺑﻠﺴﺎن اﻟﺨﻠﯿﻞ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،-ﻓﻔﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ):إِنﱠ ِإﺑْﺮَاھِﯿﻢَ ﺣَﺮﱠمَ ﻣَﻜﱠﺔَوَدَﻋَﺎ ﻷَھْﻠِﮭَﺎ( رﺳﻮﻟﻨﺎ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﯾﺆﻛﺪ اﻟﺤﺮﻣﺔ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ وﻏﯿﺮه):ﻻَ ﺗَﺰَالُ َھﺬِهِ اﻟْﺄُﻣﱠﺔُ ﺑِﺨَﯿْﺮٍ ﻣَﺎﻋَﻈﱠﻤُﻮا ھَﺬِهِ اﻟْﺤُﺮْﻣَﺔَ ﺣَﻖﱠ ﺗَﻌْﻈِﯿﻤِﮭَﺎ -ﯾﻌﻨﻲ ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ ،-ﻓَﺈِذَا ﺗَﺮَﻛُﻮھَﺎ وَﺿَﯿﱠﻌُﻮھَﺎ ھَﻠَﻜُﻮا( اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺤﺪود ﻣﻜﺔ؛ ﻓﻘﺪ وﺿﻊ اﻟﺨﻠﯿﻞ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -أﻧﺼﺎب اﻟﺤﺮم ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻋﻠﻤﮫ اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -إﯾﺎھﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺟﺒﺮﯾﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،-ﺛﻢ ﺟﺪد اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻣﺎ رثّ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﮭﺪه ،ﻓﯿﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ :-إنّ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﻧﺼﺐ أﻧﺼﺎب اﻟﺤﺮم ,ﯾُﺮﯾﮫ ﺟﺒﺮﯾﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺛﻢ ﺟﺪّدھﺎ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ،ﺛﻢ ﺟﺪّدھﺎ ﻗﺼﻲ ،ﺛﻢ ﺟﺪّدھﺎ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ-. وﻻ ﺷﻚ أن ھﺬا اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ ﻟﻤﻜﺔ وﺗﺄﻛﯿﺪه ﻟﯿﺲ إﻻ ﻣﻦ ﺗﻌﻈﯿﻢ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ ،وإﻇﮭﺎر ﺗﻤﯿﺰه ،وإرادة اﷲ – 113
ﺗﻌﺎﻟﻰ -أن ﯾﻜﻮن ﺑﻠﺪًا ﺧﺎﻟﯿًﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺴﺨﻄﮫ وﯾﻐﻀﺒﮫ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ،-وأن ﯾﻜﻮن أھﻠﮫ واﻟﻮاﻓﺪون إﻟﯿﮫ ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ ﺣﺎل ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻷﻣﺮه –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ،-وﺗﺮك ﻣﺎ ﯾﻨﮭﺎھﻢ ﻋﻨﮫ؛ ﻓﻤﻜﺔ ﺣﺮم اﻹﺳﻼم ،وأم اﻟﻘﺮى ،وﻣﮭﺪ اﻟﮭﺪاﯾﺔ ،ﺗﻔﯿﺾ ﻣﻨﮭﺎ أﻧﻮار اﻟﻨﺒﻮة اﻟﻤﺎﺣﯿﺔ ﻟﻈﻠﻤﺎت اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ. وھﺬا اﻟﺘﺤﺮﯾﻢ اﻟﺼﺎدر ﻣﻦ اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،وﺗﺄﻛﯿﺪه ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ أﻓﻀﻞ أﻧﺒﯿﺎﺋﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ وﻣﺤﻤﺪ -ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ أﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة وأﺗﻢ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ -ﻧﺘﺞ ﻋﻨﮫ آﺛﺎر إﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ﻛﺜﯿﺮة ،ﻣﻨﮭﺎ:
ﺗﺄﻣﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﺪم ﺣﻤﻞ اﻟﺴﻼح ﺑﻤﻜﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺪع ھﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ أو ﺿﺮورة ،ﻓﻔﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ):ﻻَ ﯾَﺤِﻞﱡ ﻷَﺣَﺪِﻛُﻢْ أَنْ ﯾَﺤْﻤِﻞَ ﺑِﻤَﻜﱠﺔَ اﻟﺴﱢﻼَحَ(.
اﻟﺤﻔﻆ ﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻋﺪم دﺧﻮل اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ إﻟﯿﮭﺎ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-ﯾﺎ أَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آَﻣَﻨُﻮا إِﻧﱠﻤَﺎ اﻟْﻤُﺸْﺮِﻛُﻮنَ ﻧَﺠَﺲٌ ﻓَﻠَﺎ ﯾَﻘْﺮَﺑُﻮا اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﺑَﻌْﺪَ ﻋَﺎﻣِﮭِﻢْ ھَﺬَا(.
ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻷﻣﻮال؛ ﺣﺘﻰ اﻟﻠﻘﻄﺔ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﻘﺎﻃﮭﺎ ﺑﻤﻜﺔ إﻻ ﻟﻤﻌﺮّف ،ﻓﻔﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري):إِنﱠ اﻟﻠﱠﮫَ ﺣَﺮﱠمَ ﻣَﻜﱠﺔَ ﻓَﻠَﻢْ ﺗَﺤِﻞﱠ ﻷَﺣَﺪٍ ﻗَﺒْﻠِﻲ ،وَﻻَ ﺗَﺤِﻞﱡ ﻷَﺣَﺪٍ ﺑَﻌْﺪِي؛ وَإِﻧﱠﻤَﺎ أُﺣِﻠﱠﺖْ ﻟِﻲ ﺳَﺎﻋَﺔً ﻣِﻦْ ﻧَﮭَﺎرٍ ﻻَ ﯾُﺨْﺘَﻠَﻰ ﺧَﻼَھَﺎ ،وَ ﻻَ ﯾُﻌْﻀَﺪُ ﺷَﺠَﺮُھَﺎ ،وَﻻَ ﯾُﻨَﻔﱠﺮُ ﺻَﯿْﺪُھَﺎ ،وَﻻَ ﺗُﻠْﺘَﻘَﻂُ ﻟُﻘَﻄَﺘُﮭَﺎ إِﻻﱠ ﻟِﻤُﻌَﺮﱢفٍ(.
ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺤﯿﻮان واﻟﺸﺠﺮ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ)ﻻَ ﯾُﺨْﺘَﻠَﻰ ﺧَﻼَھَﺎ ،وَ ﻻَ ﯾُﻌْﻀَﺪُ ﺷَﺠَﺮُھَﺎ ،وَﻻَ ﯾُﻨَﻔﱠﺮُ ﺻَﯿْﺪُھَﺎ(.
اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻹﻟﺤﺎد ﻓﻲ اﻟﺤﺮم واﻟﮭﻢ ﺑﮫ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-إِنﱠ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ ﻛَﻔَﺮُوا وَ َﯾﺼُﺪﱡونَ ﻋَﻦ ﺳَﺒِﯿﻞِ اﻟﻠﱠﮫِ وَاﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ اﻟﱠﺬِي ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎهُ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ ﺳَﻮَاء اﻟْﻌَﺎﻛِﻒُ ﻓِﯿﮫِ وَاﻟْﺒَﺎدِ وَﻣَﻦ ﯾُ ِﺮدْ ﻓِﯿﮫِ ﺑِﺈِﻟْﺤَﺎدٍ ﺑِﻈُﻠْﻢٍ ﻧُﺬِﻗْﮫُ ﻣِﻦْ ﻋَﺬَابٍ أَﻟِﯿﻢ( ،واﻹﻟﺤﺎد ھﻨﺎ -ﻛﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ أھﻞ اﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ -ﯾﺸﻤﻞ ﻛﻞﱠ ﻣﻌﺼﯿﺔ ﷲ -ﻋﺰ وﺟﻞ -ﺑﻤﻜﺔ.
وﯾﻔﮭﻢ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أﻧﮫ إذا ﺗﺤﻘﻖ اﻷﻣﻦ ﺑﻤﻜﺔ وﻟﻢ ﺗﻨﺘﮭﻚ ﺣﺮﻣﺘﮭﺎ ،وأدﯾﺖ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ وﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام؛ إذا ﺗﺤﻘﻖ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻟﻢ ﯾﺄذن اﷲ-ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﺑﻌﺪُ ﺑﺨﺮاب ھﺬه اﻷرض؛ ﺑﻞ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﯾﻜﻮن أھﻞ ﻣﻜﺔ واﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ أﻣﻦٍ وأﻣﺎن ،ﺑﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮه ﻓﻲ أﻣﺎن ﻣﻦ أن ﯾﺤﯿﻖ ﺑﮫ دﻣﺎرٌ ﻋﺎم ،أو ﺧﺮابٌ ﺷﺎﻣﻞ. ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﻠﺪ ﻣﺒﺎرك:
إن اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻟﮭﺎ ﻣﻌﻨﯿﺎن ﻛﻤﺎ ﻗﺎل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،وھﻤﺎ :اﻟﻨﻤﺎء واﻟﺰﯾﺎدة،واﻟﺒﻘﺎء واﻟﺪوام ،وﻛﻼھﻤﺎ ﺣﺎﺻﻞ ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ؛ ﻓﺒﺮﻛﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﮭﺎ :ﻛﺜﺮة ﺧﯿﺮاﺗﮭﺎ وﻣﻨﺎﻓﻌﮭﺎ ،ودوام ﺗﻠﻚ اﻟﺨﯿﺮات وﺑﻘﺎؤھﺎ ﻟﻠﻤﻨﺘﻔﻌﯿﻦ ﺑﮭﺎ ،وﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ):-إِنﱠ أَوﱠلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ َﻟﻠﱠﺬِي ﺑِﺒَﻜﱠﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ( .واﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام وﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﯾﺠﺪ أن ھﻨﺎك أﻣﻮرا ﻛﺜﯿﺮة ﺧﺼﮭﺎ اﷲ ﺑﮭﺎ ،وﺗﻠﻚ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺒﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ ﻓﯿﮭﺎ ،ﻣﻦ ذﻟﻚ: ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺜﻮاب وزﯾﺎدة اﻟﺤﺴﻨﺎت ﻓﻲ ﻓﻌﻞ اﻟﻄﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮھﺎ ،وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ):ﺻَﻼةٌ ﻓﻲ ﻣَﺴﺠِﺪِي ھَﺬَا أَﻓْﻀﻞُ ﻣﻦ أﻟﻒِ ﺻَﻼةٍ ﻓِﯿﻤﺎ ﺳِﻮاهُ إِﻻ اﻟﻤﺴﺠِﺪَ اﻟﺤﺮامَ( وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻷﺣﻤﺪ):وﺻَﻼةٌ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠِﺪِ اﻟﺤﺮامِ أﻓﻀﻞُ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔِ أﻟﻒِ ﺻﻼةٍ ﻓﯿﻤﺎ ﺳِﻮاهُ(. ﺟﺒﻲ ﺛﻤﺮات اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻛﻠﮭﺎ إﻟﯿﮭﺎ ،وإﻻ ﻟﺤُﺮم أھﻠﮭﺎ أﻛﺜﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻤﺮات؛ ﻷن أرﺿﮭﺎ ﻏﯿﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ 114
ﻟﻠﺰراﻋﺔ ،ﯾﻘﻮل اﷲ – ﺗﻌﺎﻟﻰ ):-أَوَﻟَﻢْ ﻧُﻤَﻜّﻦ ﻟّﮭُﻢْ ﺣَﺮَﻣﺎً آﻣِﻨﺎً ﯾُﺠْﺒَﻰَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺛَﻤَﺮَاتُ ﻛُﻞّ ﺷَﻲْءٍ رّزْﻗﺎً ﻣّﻦ ﻟّﺪُﻧّﺎ وَﻟَـَﻜِﻦّ أَﻛْﺜَﺮَھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻠَﻤُﻮنَ(. اﺧﺘﺼﺎﺻﮭﺎ ﺑﻌﺒﺎدات ﻣﺘﻌﺪدة:ﺗﻔﻀﱠﻞ اﷲ -ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﺨﺼﱠﮫ ﺑﻌﺒﺎداتٍ ﻟﻢ ﯾﺸﺮعْ أداءھﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎنٍ آﺧﺮ ﺳﻮاه ،ﻓﺎﻟﻄﱠﻮافُ ﻋﺒﺎدة ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﺣﻮل ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺤﺞﱡ ﺑﺸﻌﺎﺋﺮه اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺎت واﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﻤﺰدﻟﻔﺔ ورﻣﻲ اﻟﺠﻤﺎر وﻧﺤﺮ اﻟﮭﺪي ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وﺗﻘﺒﯿﻞُ اﻟﺤﺠﺮِ اﻷﺳﻮدِ واﺳﺘﻼمُ اﻟﺮﻛﻨﯿﻦ ،واﻟﺘﺰام ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺑﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﺮﻛﻦ ،واﻟﺼﻼة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻘﺎم ،ﻛﻠﮭﺎ ﻋﺒﺎدات ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻّ ﺑﻤﻜﺔ ،وھﻮ ﻣﻦ ﺛﺒﻮت اﻟﺨﯿﺮ وﻛﺜﺮﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻤﺒﺎرك. ﻓﯿﮭﺎ ﺧﯿﺮ ﻣﺎء ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،وھﻮ ﻣﺎء زﻣﺰم اﻟﻤﺒﺎرك اﻟﺬي ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻌﻼج، ﯾﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺒﺨﺎري):ﺧﯿﺮُ ﻣﺎءٍ ﻋﻠﻰ وﺟْﮫِ اﻷرضِ ﻣﺎءُ زﻣﺰمَ ،ﻓﯿﮫ ﻃﻌﺎمٌ ﻣﻦ اﻟﻄﱡﻌْﻢِ ،وﺷِﻔﺎءٌ ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻘْﻢِ( ،وﯾﻘﻮل أﺑﻮ ذرّ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ- ﻓﻲ ﺧﺒﺮ إﺳﻼﻣﮫ ﻛﻤﺎ رواه ﻣﺴﻠﻢ :ﻗﺎل ﻟﻲ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠّﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠّﻢ):-ﻣَﺘَﻰ ﻛُﻨْﺖَ ھَﺎھُﻨَﺎ؟( .ﻗﺎل :ﻗﻠﺖ :ﻗﺪ ﻛﻨﺖ ھﺎھﻨﺎ ﻣُﻨْﺬُ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﺑﯿﻦ ﻟﯿﻠﺔ وﯾﻮم .ﻗﺎل) :ﻓَﻤَﻦْ ﻛَﺎنَ ﯾُﻄْﻌِﻤُﻚَ ؟( .ﻗﺎل: ﻗﻠﺖ :ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻲ ﻃﻌﺎمٌ إﻻ ﻣﺎءُ زﻣﺰم .ﻓﺴﻤﻨْﺖُ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺴّﺮتْ ﻋُﻜَﻦُ ﺑﻄﻨﻲ ،وﻣﺎ أﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﺒﺪي ﺳَﺨْﻔَﺔَ ﺟﻮع .ﻗﺎل) :إِﻧﱠﮭَﺎ ﻣُﺒَﺎرَﻛَﺔٌ ،إِﻧﱠﮭَﺎ ﻃَﻌَﺎمُ ﻃُﻌْﻢٍ(. ﻃﻌﺎﻣﮭﺎ ﻣﺒﺎرك ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):اﻟﻠّﮭُﻢّ اﺟْﻌَﻞْ ﺑِﺎﻟﻤﺪﯾﻨَﺔِ ﺿِﻌْﻔَﻲ ﻣَﺎ ﺟَﻌَﻠﺖَ ﺑِﻤَﻜﺔَ ﻣﻦَ اﻟﺒﺮﻛﺔِ(. دوام أﻛﻞ اﻟﻠﺤﻢ وﺷﺮب اﻟﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻻ ﯾﻀﺮ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ :وذﻟﻚ ﺑﺒﺮﻛﺔ دﻋﺎء اﻟﺨﻠﯿﻞ إﺑﺮاھﯿﻢ - ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم -ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﺰوﺟﺔ اﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم):-ﻣﺎ ﻃَﻌﺎﻣُﻜﻢ؟(ﻗﺎﻟﺖ: اﻟﻠﺤﻢ .ﻗﺎل):ﻓَﻤَﺎ ﺷَﺮَاﺑُﻜُﻢ؟( ﻗﺎﻟﺖ :اﻟﻤﺎء .ﻗﺎل( :اﻟﻠّﮭُﻢﱠ ﺑَﺎرِكْ ﻟَﮭُﻢ ﻓﻲ اﻟﻠﺤَﻢِ وَاﻟﻤَﺎءِ( ،واﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺨﺎري .ﻗﺎل ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ :وﻻ ﯾﺨﻠﻮ أﺣﺪٌ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﻢ واﻟﻤﺎء ﺑﻐﯿﺮ ﻣﻜﺔ ،إﻻ وﺟﻊ ﺑﻄﻨُﮫ ،وإن أﺧﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ ﺑﻤﻜﺔ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ أذًى .وﻣﻌﻨﻰ )إن أﺧﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ( أي :إن اﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﯿﮭﻤﺎ. ﺗﻌﻈﯿﻢ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﺳﺒﺐ ﻓﻲ ﺑﻘﺎء ﺣﯿﺎة اﻟﻨﺎس ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ):ﻻ ﺗَﺰَالُ ھﺬهِ اﻷﻣﺔُ ﺑﺨﯿﺮٍ ﻣَﺎ ﻋَﻈﱠﻤُﻮا ھﺬهِ اﻟﺤُﺮْﻣَﺔَ ﺣﻖﱠ ﺗﻌﻈﯿﻤِﮭَﺎ ،ﻓﺈذَا ﺗَﺮَﻛُﻮھَﺎ وﺿَﯿﱠﻌُﻮھَﺎ ھَﻠَﻜُﻮا(. ﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ واﺳﺘﻘﺒﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺳﺒﺐ ﻓﻲ ﺑﻘﺎء دﯾ ﻦ اﻟﻨﺎس ،ﯾﻘﻮل اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي -رﺣﻤﮫ اﷲ: - ﻻ ﯾﺰال اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ دﯾﻦ ﻣﺎ ﺣﺠﻮا اﻟﺒﯿﺖ واﺳﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘﺒﻠﺔ. ﻧﺰول أول آﯾﺎت ﻛﺘﺎب اﷲ – ﻋﺰ وﺟﻞ -ﻛﺎن ﺑﻤﻜﺔ ،وھﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ:اﻗْﺮَأْ ﺑِﺎﺳْﻢِ رَﺑﱢﻚَ اﻟﱠﺬِي ﺧَﻠَﻖ* ﺧَﻠَﻖَ اﻹِﻧﺴَﺎنَ ﻣِﻦْ ﻋَﻠَﻖ* اﻗْﺮَأْ وَرَﺑﱡﻚَ اﻷَﻛْﺮَم* اﻟﱠﺬِي ﻋَﻠﱠﻢَ ﺑِﺎﻟْﻘَﻠَﻢ* ﻋَﻠﱠﻢَ اﻹِﻧﺴَﺎنَ ﻣَﺎ ﻟَﻢْ ﯾَﻌْﻠَﻢ(، ﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ :أول ﺷﻲء ﻧﺰل ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ھﺬه اﻵﯾﺎت اﻟﻜﺮﯾﻤﺎت اﻟﻤﺒﺎرﻛﺎت ،وھُﻦﱠ أول رﺣﻤﺔ رَﺣﻢ اﷲ ﺑﮭﺎ اﻟﻌﺒﺎد ،وأول ﻧﻌﻤﺔ أﻧﻌﻢ اﷲ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ. ﺟﻞ اﻟﻘﺮآن ﻛﺎن ﻧﺰوﻟﮫ ﺑﻤﻜﺔ ،ﯾﻘﻮل اﻹﻣﺎم اﻟﺰرﻛﺸﻲ-ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪاد اﻟﺴﻮر اﻟﻤﻜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﯿﮭﺎ – : وﻋﻠﯿﮫ اﺳﺘﻘﺮت اﻟﺮواﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎت ،وھﻲ ﺧﻤﺲ وﺛﻤﺎﻧﻮن ﺳﻮرة..اﻟﺦ. 115
وﻣﺠﻤﻮع ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن ﻣﺎﺋﺔ وأرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﺳﻮرة ،ﯾﻌﻨﻲ :أن اﻟﺬي ﻧﺰل ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺔ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺗﺴﻌﺎ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻮرة. ﺑﻘﺎؤھﺎ دارا إﺳﻼﻣﯿﺔ إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻏﯿﺮھﺎ ):ﻻ ﺗُﻐْﺰَى ﻣَﻜﱠﺔُ ﺑَﻌﺪَ اﻟﯿﻮمِ إِﻟﻰ ﯾﻮمِ اﻟﻘﯿﺎﻣﺔِ( ،وﯾﻘﻮل –أﯾﻀﺎ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):ﻻ ھِﺠْﺮَةَ ﺑﻌﺪَ اﻟﻔَﺘْﺢِ ،وَﻟَﻜِﻦ ﺟﮭﺎدٌ وﻧِﯿﱠﺔٌ ،وَإِذَا اﺳﺘُﻨﻔِﺮﺗُﻢ ﻓَﺎﻧﻔِﺮُوا(؛ ﻓﯿﻔﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﺑﻘﺎء ﻣﻜﺔ ﺑﻠﺪا إﺳﻼﻣﯿﺎ إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻃﮭﺎرة أرﺿﮭﺎ ﻣﻦ أن ﺗﻄﺄھﺎ أﻗﺪام اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺮﯾﻢ اﷲ ذﻟﻚ ،ﯾﻘﻮل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-ﯾﺎ أَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آَﻣَﻨُﻮا إِﻧﱠﻤَﺎ اﻟْﻤُﺸْﺮِﻛُﻮنَ ﻧَﺠَﺲٌ ﻓَﻠَﺎ ﯾَﻘْﺮَﺑُﻮا اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﺑَﻌْﺪَ ﻋَﺎﻣِﮭِﻢْ ھَﺬَا(. ﺗﻔﺮد اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ دون ﻣﺎ ﺳﻮاه ،ﻣﻨﮭﺎ: أ -أن اﷲ – ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ – ﺟﻌﻠﮫ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ،وﻗﯿﺎﻣﺎ ﻟﮭﻢ ،وﻗﺒﻠﺘﮭﻢ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ وﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎﺗﮭﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﻣﻨﺴﻜﺎ ﻟﺤﺠﮭﻢ وﻋﻤﺮﺗﮭﻢ وھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ. ب -ﺑﻘﺎء دﯾﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ. ج -أﻧﮫ أول اﻟﺒﯿﻮت ﺑﻨﺎء ﻟﻌﺒﺎدة اﷲ ،وھﻮ ﻛﺬﻟﻚ آﺧﺮھﺎ زوا ﻻً ﻗﺒﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻟﻄﮭﺮ ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ واﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام:
أﻣﺮ اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﺧﻠﯿﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺑﺒﻨﺎء أول ﺑﯿﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻟﯿﻜﻮن ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻌﺒﺎدﺗﮫ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،-وﻟﯿﻜﻮن ﻣﻌﻠﻤﺎ ﻟﻠﺘﻮﺣﯿﺪ ورﻣﺰا ﻟﮫ ﺧﺎﻟﺪا ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﻌﺼﻮر ،ﻓﺎﻧﻘﺎد اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻷﻣﺮ رﺑﮫ وأﺗﻢ ﺑﻨﺎء اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﻌﺎوﻧﺔ اﺑﻨﮫ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺎرا ﺑﮫ ،وﻣﻄﯿﻌﺎ ﻟﮫ، وﺗﺤﻤﻞ ﻋﺒﺄ ﻛﺒﯿﺮا ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺒﻨﺎء ،وﻓﻲ ھﺬا ﯾﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :وَإِذْ ﯾَﺮْﻓَﻊُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢُ اﻟْﻘَﻮَاﻋِﺪَ ﻣِﻦَ اﻟْﺒَﯿْﺖِ وَإِﺳْﻤَﺎﻋِﯿﻞُ رَﺑﱠﻨَﺎ ﺗَﻘَﺒﱠﻞْ ﻣِﻨﱠﺎ إِﻧﱠﻚَ أَﻧْﺖَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟْﻌَﻠِﯿﻢُ()اﻟﺒﻘﺮة.(27: وﺑﻌﺪ ﺗﺸﯿﯿﺪه أرﻛﺎﻧﮫ ،واﻧﺘﮭﺎﺋﮫ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻟﺒﻨﺎﺗﮫ ﺟﺎء أﻣﺮ إﻟﮭﻲ آﺧﺮ ،وھﻮ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﻄﮭﯿﺮ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﻌﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﺮك واﻷﻧﺠﺎس وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﯾﻜﻮن وﺟﻮده ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن اﻟﻤﻘﺪس أﻣﺮا ﻏﯿﺮ ﻻﺋﻖ ﺷﺮﻋﺎ وﺣﺴﺎ ،ﻓﻘﺎل –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ):-وَإِذْ ﺑَﻮﱠأْﻧَﺎ ﻟِﺈِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ ﻣَﻜَﺎنَ اﻟْﺒَﯿْﺖِ أَنْ ﻟَﺎ ﺗُﺸْﺮِكْ ﺑِﻲ ﺷَﯿْﺌًﺎ وَﻃَﮭﱢﺮْ ﺑَﯿْﺘِﻲَ ﻟِﻠﻄﱠﺎﺋِﻔِﯿﻦَ وَاﻟْﻘَﺎﺋِﻤِﯿﻦَ وَاﻟﺮﱡﻛﱠﻊِ اﻟﺴﱡﺠُﻮدِ(؛ وذﻟﻚ ﻷن ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ ﯾﻜﻮن ﻗﺒﻠﺔ ﻷھﻞ اﻷرض ﻗﺎﻃﺒﺔ، وﻣﻜﺎﻧﺎ ﯾﺄﺗﻲ إﻟﯿﮫ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻛﻞ أﻃﺮاف اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻧﻮاﺣﯿﮭﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻷداء ﺷﻌﺎﺋﺮ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ وﻏﯿﺮه ،وﻻ ﺷﻚ أن ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺜﻞ ھﺬا ،وﺑﻠﺪا ھﺬه ﺻﻔﺘﮫ ﻻ ﺑﺪ أن ﯾﻜﻮن ﻃﺎھﺮا ﻣﻄﮭﺮا ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷدران واﻟﺨﺒﺎﺋﺚ،ﻓﺎﻣﺘﺜﻞ اﻟﺨﻠﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﻷﻣﺮ رﺑﮫ ،وﻗﺎم ﺑﺎﻟﻤﮭﻤﺔ ﺧﯿﺮ ﻗﯿﺎم ،وﻃﮭﺮ اﻟﺒﯿﺖ ﻣﻦ أدران اﻟﺸﺮك وأﻧﺠﺎس اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ ،ودﻋﺎ إﻟﻰ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺤﻨﯿﻒ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺮﺿﻰ إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﷲ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻘﮭﺎر ،وﻣﻦ ﺣﯿﻨﮫ أﺻﺒﺢ ﺑﯿﺖ اﷲ رﻣﺰا ﻟﻠﻄﮭﺮ ،وﻣﻌﻠﻤﺎ ﻟﻠﮭﺪاﯾﺔ ،وﻣﻘﺼﺪا ﻟﻠﻌﺒﺎد ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﯿﻖ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ -آﻣﺮا ﺧﻠﯿﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم):-وَأَذﱢن ﻓِﻲ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺑِﺎﻟْﺤَﺞﱢ ﯾَﺄْﺗُﻮكَ رِﺟَﺎﻻ وَﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞﱢ ﺿَﺎﻣِﺮٍ ﯾَﺄْﺗِﯿﻦَ ﻣِﻦ ﻛُﻞﱢ ﻓَﺞﱟ ﻋَﻤِﯿﻖٍ()اﻟﺤﺞ ،(27:ﻓﯿﻘﺪم اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻔﺮح وﺷﻮق ،وﯾﺘﺸﺮﻓﻮن ﺑﺎﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺘﮫ ،وﯾﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﻓﯿﮫ ﺑﺄداء ﺷﻌﺎﺋﺮھﻢ ،ﻓﻼ ﯾﺼﻠﺢ ﻓﯿﮫ ﺑﺘﺎﺗﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻨﺎﻓﯿﺎ ﻟﻠﻄﮭﺎرة واﻟﻘﺪاﺳﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،وﻃﺎﻋﺔ اﻟﺸﯿﻄﺎن ،وﻣﻌﺼﯿﺔ اﻟﺮﺣﻤﻦ؛ ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻣﻼﺋﻤﺎ ﻟﻄﮭﺮ اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﻄﺎﻋﺎت ،واﻻﺟﺘﻨﺎب ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﺧﺎدﺷﺎ ﻟﻠﻘﺪاﺳﺔ ﻣﻦ 116
اﻟﺬﻧﻮب واﻟﻌﺼﯿﺎن. اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﻄﮭﺎرة اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺘﻲ أُﻣﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﺨﻠﯿﻞ أﻧﮭﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻃﮭﺎرة ﺣﺴﯿﺔ وﻣﻌﻨﻮﯾﺔ؛ ﻓﺘﺪﺧﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ: ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻟﺒﯿﺖ ﺑﺈزاﻟﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻨﺎﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﯾﻀﺎده ﻣﻦ اﻷوﺛﺎن واﻷﺻﻨﺎم. ﺗﻄﮭﯿﺮه ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﻄﺎھﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﺠﺎس واﻟﻘﺎذورات. ﺗﻄﮭﯿﺮه ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﯾﻀﺎد اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﺒﺎدة؛ ﻓﯿﻤﻨﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪه ﻣﻦ اﻟﺸﺮك واﻟﺒﺪع واﻟﻔﻮاﺣﺶ ،واﻟﻈﻠﻢ وﺑﺚ اﻟﺨﺼﺎل اﻟﺬﻣﯿﻤﺔ. ﺗﻄﮭﯿﺮه ﺑﺎﻟﺘﻄﯿﯿﺐ وإزاﻟﺔ اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻜﺮﯾﮭﺔ اﻟﻤﺆذﯾﺔ ﻟﻠﻤﺼﻠﯿﻦ ﻓﯿﮫ واﻟﻄﺎﺋﻔﯿﯿﻦ. ﺗﻘﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ:-ﻃﯿّﺒﻮا اﻟﺒﯿﺖ؛ ﻓﺈنّ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻄﮭﯿﺮه ،وﻗﺎﻟﺖ –أﯾﻀًﺎ :-ﻷن أﻃﯿّﺐ اﻟﻜﻌﺒﺔَ أﺣﺐّ إﻟﻲّ ﻣﻦ أن أُھﺪيَ ﻟﮭﺎ ذھﺒًﺎ وﻓﻀﺔ. ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس:
إن ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﻠﺪة ﻗﺪ ﻋﻈﻤﮭﺎ اﷲ – ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ -وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺰاﯾﺎ واﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ،ﻓﻤﻦ ذﻟﻚ :أﻧﮫ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﺟﻌﻠﮭﺎ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻜﺮﯾﻢ):وَإِذْ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ اﻟْﺒَﯿْﺖَ ﻣَﺜَﺎﺑَﺔً ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ وَأَﻣْﻨًﺎ( )...اﻟﺒﻘﺮة .(125:وﻛﻮن ﻣﻜﺔ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ﯾﻘﻮل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ذﻟﻚ :إن اﻟﻨﺎس ﯾﺘﺮددون إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺤﺐ وﺷﻮق ،وﻣﻦ دون ﻣﻠﻞ وﻻ ﻛﻠﻞ ،ﺑﻞ ﯾﺒﺬﻟﻮن ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻠﮫ أﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﯾﻤﻠﻜﻮن؛ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻸﺟﺮ واﻟﻤﺜﻮﺑﺔ ،ورﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﻔﺮة وﻣﺤﻮ اﻟﺴﯿﺌﺎت ،ﺛﻢ ﻻ ﯾﻨﺼﺮﻓﻮن ﻋﻨﮭﺎ إﻻ وھﻢ راﻏﺒﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﻮد إﻟﯿﮭﺎ. وھﻨﺎك أﻣﺮان رﺋﯿﺴﺎن ﯾﺆﻛﺪان ھﺬه اﻟﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ؛ وھﻤﺎ: أوﻻ :اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻄﺮﯾﺔ ﻟﻠﻨﺪاء اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ)وَأَذﱢنْ ﻓِﻲ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺑِﺎﻟْﺤَﺞﱢ ﯾَﺄْﺗُﻮكَ رِﺟَﺎﻟًﺎ وَﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞﱢ ﺿَﺎﻣِﺮٍ ﯾَﺄْﺗِﯿﻦَ ﻣِﻦْ ﻛُﻞﱢ ﻓَﺞﱟ ﻋَﻤِﯿﻖٍ()اﻟﺤﺞ.(27: ﺛﺎﻧﯿﺎ :اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺨﻠﯿﻞ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺣﯿﻦ دﻋﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ –ﺗﻌﺎﻟﻰ- ):ﻓَﺎﺟْﻌَﻞْ أَﻓْﺌِﺪَةً ﻣِﻦَ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺗَﮭْﻮِي إِﻟَﯿْﮭِﻢْ()إﺑﺮاھﯿﻢ ،(37:واﺳﺘﺠﺎب اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -دﻋﺎءه.
ھﻨﺎك أﻣﻮراً ﻛﺜﯿﺮة ﻻ ﺷﻚ أﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻦ أھﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﻷﺟﻠﮭﺎ ﺣﺎزت ﻣﻜﺔ ھﺬه اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ،وھﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: اﻟﻌﺒﺎدات ﻓﯿﮭﺎ أﺟﻮرھﺎ ﻋﻈﯿﻤﺔ وﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ،ﻣﺜﻞ:- أ -اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﺞ اﻟﻤﺒﺮور ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):وَاﻟْﺤَﺞﱡ اﻟْﻤَﺒْﺮُورُ ﻟَﯿْﺲَ ﻟَﮫُ ﺟَﺰَاءٌ إِﻻﱠ اﻟْﺠَﻨﱠﺔُ(. ب -ﻣﻐﻔﺮة اﻟﺬﻧﻮب ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ ،ﻣﺜﻞ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺞﱠ ھَﺬَا اﻟْﺒَﯿْﺖَ ﻓَﻠَﻢْ ﯾَﺮْﻓُﺚْ وَﻟَﻢْ ﯾَﻔْﺴُﻖْ رَﺟَﻊَ ﻛَﻤَﺎ وَﻟَﺪَﺗْﮫُ أُﻣﱡﮫُ(، وﺳﻠﻢ -ﻓﻲ اﻟﺤﺎج ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ):ﻣَﻦْ َ واﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎري. ج -أﺟﺮ ﻋﺘﻖ رﻗﺒﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻄﻮاف ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي):ﻣَﻦْ ﻃَﺎفَ ﺑِﮭَﺬَا اﻟْﺒَﯿْﺖِ أُﺳْﺒُﻮﻋًﺎ ﻓَﺄَﺣْﺼَﺎهُ ﻛَﺎنَ ﻛَﻌِﺘْﻖِ رَﻗَﺒَﺔٍ(. 117
د -أﺟﺮ ﻣﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺻﻼة واﺣﺪة ﻓﯿﮭﺎ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ): ﺻَﻠَﺎةٌ ﻓِﻲ ﻣَﺴْﺠِﺪِي ھَﺬَا أَﻓْﻀَﻞُ ﻣِﻦْ أَﻟْﻒِ ﺻَﻠَﺎةٍ ﻓِﯿﻤَﺎ ﺳِﻮَاهُ إِﻟﱠﺎ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪَ اﻟْﺤَﺮَامَ ،وَﺻَﻠَﺎةٌ ﻓِﻲ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ أَﻓْﻀَﻞُ ﻣِﻦْ ﻣِﺎﺋَﺔِ أﻟﻒٍ ﺻَﻠَﺎةٍ ﻓِﻲ ﻓِﯿﻤَﺎ ﺳﻮَاهُ( ،ﯾﻘﻮل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﻨﻘﺎش -رﺣﻤﮫ اﷲ :-ﻓﺤﺴﺒﺖ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺮواﯾﺔ ،ﻓﺒﻠﻐﺖ ﺻﻼة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻋُﻤْﺮ ﺧﻤﺲ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﺳﻨﺔ وﺳﺘﺔ أﺷﮭﺮ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﻟﯿﻠﺔ ،وﺻﻼة ﯾﻮم وﻟﯿﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام -وھﻲ ﺧﻤﺲ ﺻﻠﻮات -ﻋُﻤْﺮ ﻣﺌﺘﻲ ﺳﻨﺔ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﺳﻨﺔ وﺳﺒﻌﺔ أﺷﮭﺮ وﻋﺸﺮ ﻟﯿﺎلٍ. ھـ -ﺷﮭﺎدة اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ﻟﻤﻦ اﺳﺘﻠﻤﮫ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﮫ):ﻟَﯿَﺄْﺗِﯿَﻦﱠ ھَﺬَا اﻟْﺤَﺠَﺮُ ﯾَﻮْمَ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ وَﻟَﮫُ ﻋَﯿْﻨَﺎنِ ﯾُﺒْﺼِﺮُ ﺑِﮭِﻤَﺎ ،وَﻟِﺴَﺎنٌ ﯾَﻨْﻄِﻖُ ﺑِﮫِ ،ﯾَﺸْﮭَﺪُ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﻦْ ﯾَﺴْﺘَ ِﻠﻤُﮫُ ﺑِﺤَﻖﱟ(. اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻔﻄﺮﯾﺔ ﻟﻠﻨﺪاء اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ)وَأَذﱢنْ ﻓِﻲ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺑِﺎﻟْﺤَﺞﱢ ﯾَﺄْﺗُﻮكَ رِﺟَﺎﻟًﺎ وَﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞﱢ ﺿَﺎﻣِﺮٍ ﯾَﺄْﺗِﯿﻦَ ﻣِﻦْ ﻛُﻞﱢ ﻓَﺞﱟ ﻋَﻤِﯿﻖٍ()اﻟﺤﺞ.(27: اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﻦ اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺨﻠﯿﻞ إﺑﺮاھﯿﻢ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم)-ﻓﺎﺟﻌﻞ أﻓﺌﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﮭﻮي إﻟﯿﮭﻢ ()إﺑﺮاھﯿﻢ.(37: اﻟﺮب –ﺟﻞ وﻋﻼ -اﺧﺘﺼﮭﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﺗﺆدى ﻋﻠﻰ ﺛﺮاھﺎ دون ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد، ﻣﺜﻞ :اﻟﺤﺞ ،واﻟﻌﻤﺮة ،واﻟﻄﻮاف ،وﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد أو اﺳﺘﻼﻣﮫ. ﺳﻌﺔ اﻟﺮزق ورﻏﺪ اﻟﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ)وَإِذْ ﻗَﺎلَ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢُ رَبﱢ اﺟْﻌَﻞْ ھَﺬَا ﺑَﻠَﺪًا آﻣِﻨًﺎ وَارْزُقْ أَھْﻠَﮫُ ﻣِﻦَ اﻟﺜﱠﻤَﺮَاتِ ﻣَﻦْ آﻣَﻦَ ﻣِﻨْﮭُﻢْ ﺑِﺎﻟﻠﱠﮫِ وَاﻟْﯿَﻮْمِ اﻟْﺂﺧِﺮِ)(..اﻟﺒﻘﺮة.(126: ﻧﻔﻲ اﻟﻔﻘﺮ ﻟﻤﻦ ﺗﺎﺑﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ): ﺗَﺎﺑِﻌُﻮا ﺑَﯿْﻦَ اﻟْﺤَﺞﱢ وَاﻟْﻌُﻤْﺮَةِ ؛ ﻓَﺈِﻧﱠﮭُﻤَﺎ ﯾَﻨْﻔِﯿَﺎنِ اﻟْﻔَﻘْﺮَ وَاﻟﺬﱡﻧُﻮبَ ﻛَﻤَﺎ ﯾَﻨْﻔِﻲ اﻟْﻜِﯿﺮُ ﺧَﺒَﺚَ اﻟْﺤَﺪِﯾﺪِ وَاﻟﺬﱠھَﺐِ وَاﻟْﻔِﻀﱠﺔِ( .وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ،وﻣﻜﺎﻧﺎ ﯾﺸﺘﺎﻗﻮن إﻟﯿﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﯿﻨﺔ واﻷﺧﺮى.
وھﺬه ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ وردت ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ -رﺿﻮان اﷲ ﻋﻨﮭﻢ ،-ﻓﻲ ﺣﺮﺻﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﮭﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ،وﻓﻲ ﺷﻮﻗﮭﻢ إﻟﯿﮭﺎ ،وﻓﻲ ﺗﻜﺮارھﻢ ﻟﻠﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة ﺣﺒﺎ ﻟﻠﺒﯿﺖ وﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﮫ:
ﺗﻜﺮار اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة:ﺛﺒﺖ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ -أﻧﮫ ﻗﺎل :ﺣﺠﺠﺖ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ - رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ -إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﺣﺠﺔ.
ﺗﺸﻮﻗﮭﻢ ﻟﻤﻜﺔ:ﺛﺒﺖ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ اﻟﺠﻠﯿﻞ ﺑﻼل -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ -ﻣﻤﻦ ﻋﺎش ﺑﻤﻜﺔ ،وﻟﻤﺎ ھﺎﺟﺮ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ھﺎﺟﺮ ﻣﻌﮫ ،واﺳﺘﻮﻃﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ؛ وﻟﻜﻨﮫ ﺗﻤﻨﻰ اﻟﻌﻮدة واﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻣﻜﺔ ،ﻓﺄﻧﺸﺄ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ أﺑﯿﺎت ﻟﮫ: أﻻ ﻟﯿﺖ ﺷﻌﺮي ھﻞ أﺑﯿﺘﻦ ﻟﯿﻠﺔ *** وھﻞ أردن ﯾﻮﻣﺎ ﻣﯿﺎه ﻣﺠﻨﺔ 118
***
ﺑﻮاد وﺣﻮﻟﻲ إذﺧﺮ وﺟﻠﯿﻞ وھﻞ ﯾﺒﺪون ﻟﻲ ﺷﺎﻣﺔ وﻃﻔﯿﻞ
ﻟﻘﺎء اﻹﺧﻮة واﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ اﻟﺤﺞ :ﯾﻘﻮل ﻋﺒﯿﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺣﻔﺺ اﻟﻌﺪوي: واﷲ ﻣﺎ أﻓﺮح ﻓﻲ ﺳﻨﺘﻲ إﻻ أﯾﺎم اﻟﻤﻮﺳﻢ ،أﻟﻘﻰ أﻗﻮاﻣﺎ ﻗﺪ ﻧﻮر اﷲ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن؛ ﻓﺈذا رأﯾﺘﮭﻢ ارﺗﺎح ﻗﻠﺒﻲ ،ﻣﻨﮭﻢ أﯾﻮب -ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺴﺨﺘﯿﺎﻧﻲ
ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ:
إن ﻣﻤﺎ دل ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻮ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،وﻋﻈﻢ ﺷﺄﻧﮭﺎ وﺻﻒ اﻟﺮب -ﺟﻞ وﻋﻼ -ﻟﮭﺎ ﺑﺄﻧﮭﺎ ھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ؛ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ (-:إِنﱠ أَوﱠلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ ﻟَﻠﱠﺬِي ﺑِﺒَﻜﱠﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ()آل ﻋﻤﺮان ،(99:ذﻛﺮ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ أن اﻟﮭﺪاﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ :ھﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﻠﻮب ،وﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﮭﻲ ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ: اﻷول:ھﺪاﯾﺔ اﻟﺘﺄﯾﯿﺪ واﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ،وھﺬه ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﷲ -ﻋﺰ وﺟﻞ ،-وﻻ ﯾﻤﻠﻜﮭﺎ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮫ ،وﯾﻮﺿﺢ ذﻟﻚ ﺧﻄﺎب اﻟﺒﺎرئ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﻟﻨﺒﯿﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺰﯾﻞ):إِﻧﱠﻚَ ﻟَﺎ ﺗَﮭْﺪِي ﻣَﻦْ أَﺣْﺒَﺒْﺖَ وَﻟَﻜِﻦﱠ اﻟﻠﱠﮫَ ﯾَﮭْﺪِي ﻣَﻦْ ﯾَﺸَﺎءُ()اﻟﻘﺼﺺ ،(56:ﻓﮭﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ اﻟﮭﺪاﯾﺔ ﻻ ﯾﻤﻠﻜﮫ إﻻ اﷲ -ﻋﺰ وﺟﻞ-؛ ﺣﺘﻰ اﻷﻧﺒﯿﺎء -ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺴﻼم -ﻟﯿﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮭﻢ أن ﯾﻮﻓﻘﻮا أﺣﺪا ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ھﺪاﯾﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻹرﺷﺎد ،ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻓﻲ ﻋﺒﺎده ﻣﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ وﻏﯿﺮھﻢ؛ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻧﮭﻢ أن ﯾﮭﺪوا اﻟﻨﺎس وﯾﺮﺷﺪوھﻢ إﻟﻰ رﺑﮭﻢ وﺧﺎﻟﻘﮭﻢ ،وإﻟﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺴﻮي اﻟﺬي إذا ﺳﻠﻜﻮه ﯾﻮﺻﻠﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﺔ دار اﻟﻨﻌﯿﻢ ،وﻓﻲ ھﺬا ﯾﻘﻮل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻧﺒﯿﮫ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ):وَإِﻧﱠﻚَ ﻟَﺘَﮭْﺪِي إِﻟَﻰ ﺻِﺮَاطٍ ﻣُﺴْﺘَﻘِﯿﻢٍ()اﻟﺸﻮرى ،(52:أي :ﺗﺮﺷﺪ اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮫ وﺗﺪﻟﮭﻢ ﻋﻠﯿﮫ. وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻧﻌﻠﻢ أن اﻟﮭﺪاﯾﺔ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ھﻲ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻹرﺷﺎد؛ ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ اﻟﻌﺎم: أن اﻟﺒﯿﺖ ﺑﯿﺎن وإرﺷﺎد ﻟﻠﻨﺎس – ﻣﺴﻠﻤﮭﻢ وﻛﺎﻓﺮھﻢ -إﻟﻰ رﺑﮭﻢ وﺧﺎﻟﻘﮭﻢ ﻟﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﮫ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﺒﯿﻨﺎت، ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻗﺒﻠﺔ وﻣﻨﺴﻚ وﺻﻼح ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻃﺮﯾﻖ ﻟﮭﻢ إﻟﻰ رﺣﻤﺘﮫ وﺟﻨﺘﮫ. إن اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﮭﺪى اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻟﻠﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺠﺪ أن اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﺗﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ: اﻟﻘﺴﻢ اﻷول :ﻣﻨﺢ رﺑﺎﻧﯿﺔ إذا ﻋﻤﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺪى ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ. اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻰ :ﻋﻘﻮﺑﺎت إﻟﮭﯿﺔ إذا ﺗﺮﻛﻮا اﻟﮭﺪى ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ. ﻓﺎﻟﻤﻨﺢ اﻹﻟﮭﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﮭﺪى ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ھﻲ: ) (1ھﺪاﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻟﺘﺼﻮرات :ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﯾﺒﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻨﺼﻔﺔ اﻟﻤﺘﺄﻣﻠﺔ ﻓﯿﮫ ﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻠﮭﺪاﯾﺔ ﺗﺼﻮراتٍ ﺻﺤﯿﺤﺔً ﻋﻦ اﷲ -ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﺑﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﺪﱠاﻟﺔِ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرﺗﮫ؛ ﻓﻠﯿﺲ ھﻨﺎك ﺑﯿﺖٌ ﻓﻲ اﻟﺪﱡﻧﯿﺎ اﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺳﻄﻮة اﻟﻤﻠﻮك واﻟﺠﺒﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺮﱢ ھﺬه اﻷزﻣﺎن اﻟﻤﺘﻄﺎوﻟﺔ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ ،وﻻ ﯾﺰال اﻟﺘﺎرﯾﺦُ ﯾﺤﻔﻆ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﻷﺑﺮھﺔ :أﻧﺎ ربﱡ اﻹﺑﻞِ ،وﻟﻠﺒﯿﺖِ ربﱞ ﯾﺤﻤﯿﮫ ،وﻻ زاﻟﺖ ﺣﺎدﺛﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﯿﻞ ﺷﺎھﺪة إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﱠﺎﻋﺔ ﺑﺄنﱠ اﻟﻜﻌﺒﺔَ ﺑﯿﺖ اﷲ -ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ-. )(2ھﺪاﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم واﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت :ﻟﻘﺪ رﺑﻂ اﷲ ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺖِ ﻋﺒﺎداتٍ ﻋﺪﱠة ،ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ أﻋﻈﻢ اﻟﻌﺒﺎدات ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﻋُﺪﱠت ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼمِ وﻣﻘﺎﺻﺪه اﻟﻌﻈﺎم: •ارﺗﺒﺎط اﻟﺼﻼة ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام :وذﻟﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻗﺒﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﺼﻞٍ ،ﻓﻼ ﺗﺼﺢ اﻟﺼﻼة إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﮫ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ ﺣﯿْﺚُ ﻣَﺎ ﻛُﻨﺘُﻢْ ﻓَﻮَﻟﱡﻮاْ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-وَﻣِﻦْ ﺣَﯿْﺚُ ﺧَﺮَﺟْﺖَ ﻓَﻮَلﱢ وَﺟْﮭَﻚَ ﺷَﻄْﺮَ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ وَ َ 119
وُﺟُﻮھَﻜُﻢْ ﺷَﻄْﺮَهُ()اﻟﺒﻘﺮة.(144: •ﺟﻌﻞ اﷲ ﻓﯿﮫ ﻟﻌﺒﺎده ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة :ﻓﻼ ﯾﺘﻢ إﺳﻼم اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﻘﺘﺪر ﺣﺘﻰ ﯾﻔﺪ إﻟﻰ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ وﯾﺆدﱢي ﻧﺴﻚ اﻟﺤﺞﱢ ،ﻗﺎل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺣِﺞﱡ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنﱠ اﷲ ﻏَﻨِﻲﱞ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦ()آل ﻋﻤﺮان.(97: •ﻋﺒﺎدة اﻟﻄﻮاف :رﺑﻂ اﷲ ﺑﮫ ﻋﺒﺎدة اﻟﻄﻮاف اﻟﺘﻲ ﯾﺤﻘﻖ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢُ ﺗﻌﺒﺪه ﻟﺮﺑﱢﮫ ،وﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﯿﺮ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻣﻦ ﺗﻘﺒﯿﻞ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،واﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ ،وﻣﻦ اﻟﻄﻮاف ﻧﻔﺴﮫ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ- ):وَإِذْ ﺑَﻮﱠأْﻧَﺎ ﻹِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ ﻣَﻜَﺎنَ اﻟْﺒَﯿْﺖِ أَن ﻻﱠ ﺗُﺸْﺮِكْ ﺑِﻲ ﺷَﯿْﺌًﺎ وَﻃَﮭﱢﺮْ ﺑَﯿْﺘِﻲَ ﻟِﻠﻄﱠﺎﺋِﻔِﯿﻦَ وَاﻟْﻘَﺎﺋِﻤِﯿﻦَ وَاﻟﺮﱡﻛﱠﻊِ اﻟﺴﱡﺠُﻮد()اﻟﺤﺞ.(26: •أﺛﺮ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ أﻣﺮه اﻟﺸﺮﻋﻲ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎع ،ﻓﺎﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﮭﺎ وﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﯾﺘﺠﮭﻮن إﻟﯿﮭﺎ وﻗﺖ أدء ﺻﻠﻮاﺗﮭﻢ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ وﻏﯿﺮ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ،وﻓﻲ دﻋﻮاﺗﮭﻢ ﻟﺨﺎﻟﻘﮭﻢ ،وﻗﺮاءﺗﮭﻢ ﻟﻠﻘﺮآن وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﯾﺸﺮع ﻓﯿﮭﺎ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ وﺟﻮﺑﺎ أو اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﺎ ،وﻻ ﺷﻚ أن ھﺬه اﻟﺼﻮر ﻣﻦ أھﻢ ﻣﻈﺎھﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎع واﻟﻮﺣﺪة . )(3ھﺪاﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺂل واﻟﻨﻌﯿﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺎت :وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ :اﻟﺤﺞﱡ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺬي ھﻮ ﻣﻦ ﺧﻮاصﱢ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ،ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﷲ-ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -ﺟﺰاءه اﻟﺠﻨﺔ؛ ﯾﻘﻮل رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠّﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠّﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):وَاﻟْﺤَﺞﱡ اﻟْﻤَﺒْﺮُورُ ﻟَﯿْﺲَ ﻟَﮫُ ﺟَﺰَاءٌ إِﻻﱠ اﻟْﺠَﻨﱠﺔُ(. وأﻣﺎ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻹﻟﮭﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺮك اﻟﮭﺪى ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ﻓﮭﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: •ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ وﺧﺮاب اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ):ﻻَ ﺗَﻘُﻮمُ اﻟﺴﱠﺎﻋَﺔُ ﺣَﺘﱠﻰ ﻻَ ﯾُﺤَﺞﱠ اﻟْﺒَﯿْﺖُ(. •ﺧﺮاب اﻟﺒﯿﺖ ،ﯾﻘﻮل اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺪرك):ﻟﻦ ﯾﺴﺘﺤﻞﱠ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖَ إﻻ أھﻠُﮫ؛ ﻓﺈذا اﺳﺘﺤﻠﻮه ﻓﻼ ﺗَﺴﻞْ ﻋﻦ ھﻠﻜَﺔِ اﻟﻌﺮب ،ﺛﻢ ﺗﻈﮭﺮ اﻟﺤﺒﺸﺔُ؛ ﻓﯿﺨﺮﺑﻮﻧﮫ ﺧﺮاﺑﺎ ﻻ ﯾُﻌﻤﺮُ ﺑﻌﺪه أﺑﺪًا، وھﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﺨﺮﺟﻮن ﻛﻨﺰَه(. •ھﻼك اﻟﻌﺮب ﺧﺎﺻﺔ ،واﻟﻨﺎس ﻋﺎﻣﺔ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ):ﻟﻦ ﯾﺴﺘﺤﻞﱠ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖَ إﻻ أھﻠُﮫ؛ ﻓﺈذا اﺳﺘﺤﻠﻮه ﻓﻼ ﺗَﺴﻞْ ﻋﻦ ھﻠﻜَﺔِ اﻟﻌﺮب( ،وﯾﻘﻮل ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﯿﺮ :ﻻ ﯾﺰال اﻟﻨﺎس ﺑﺨﯿﺮ ﻣﺎ ﺣﺠﻮا واﻋﺘﻤﺮوا. وﻗﺪ اﻏﺘﻨﻢ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻓﺮﺻﺔ وﺟﻮده وﻗﺮﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺖ ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﮭﺪى ﺑﮫ ،وﻓﻲ اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف ﺣﻮل اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ :وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ -ﺻﻠّﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠّﻢ -ﻟﯿﻠﺔ ﻣﻨﺼﺮﻓﮫ ﻣﻦ ﻏﺰوة ﺣﻨﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي؛ ﻓﺈﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﮫ ﺷﮭﺪ ﯾﻮم ﺣﻨﯿﻦ أﺣﺪاﺛًﺎ ﻋﺼﯿﺒﺔ ﻓﻲ أرض اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ،وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻗَﺴْﻢ ﻏﻨﺎﺋﻤﮭﺎ ﺑﯿﻦ أﺻﺤﺎﺑﮫ ،وﻣﺎ ﺻﺎﺣﺒَﮫ ﻣﻦ ﻋﺘﺐ اﻷﻧﺼﺎر ﻋﻠﯿﮫ؛ ﺣﯿﺚ ﻓﺮّﻗﮭﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺶ دوﻧﮭﻢ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﺟﻠﯿﻠﺔ ﻣﺸﮭﻮرة ﻣﻌﺮوﻓﺔ؛ إﻻ أﻧﮫ -ﺻﻠّﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠّﻢ -ﻓﻀّﻞ اﻏﺘﻨﺎم ﺑﻘﯿﺔ ﻟﯿﻠﺘﮫ ﻓﻲ زﯾﺎرة اﻟﺒﯿﺖ واﻟﻄﻮاف ﺣﻮﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮم واﻟﺮاﺣﺔ؛ ﻓﺨﺮج ﻣﺘﺪﺛﺮًا ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﻠﯿﻞ ودﺧﻞ اﻟﺤﺮم ،ﻓﺎﺳﺘﻠﻢ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ،وﻃﺎف ﺑﺎﻟﺒﯿﺖ ،وﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﺗﮫ ،ﺛﻢ أدرك ﺻﻼة اﻟﺼﺒﺢ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﻌﺮاﻧﺔ ﻛﺄﻧﮫ ﻗﺪ ﻗﻀﻰ اﻟﻠﯿﻞ ﺑﯿﻨﮭﻢ. 120
ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ:
وﯾﻘﺼﺪ ﺑﮭﺎ ﺷﺮﻋﺎ :ﻣﺎ ﯾﺘﺠﮫ إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ،وھﻮ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،ﯾﻘﻮل اﷲ –ﻋﺰ وﺟﻞ}:-ﻗَﺪْ ﻧَﺮَى ﺗَﻘَﻠﱡﺐَ وَﺟْﮭِﻚَ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻤَ ﺎءِ ﻓَﻠَﻨُﻮَﻟﱢﯿَﻨﱠﻚَ ﻗِﺒْﻠَﺔً ﺗَﺮْﺿَﺎھَﺎ ﻓَﻮَلﱢ وَﺟْﮭَﻚَ ﺷَﻄْﺮَ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ { )اﻟﺒﻘﺮة .(144:وﻗﺪ ﻋﻈﻢ اﷲ أﻣﺮ ھﺬه اﻟﻘﺒﻠﺔ ،وﺟﻌﻞ ﻟﮭﺎ ﺷﺄﻧﺎ ﻋﻈﯿﻤﺎ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم؛ وﻣﻤﺎ ﯾﺪﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ: ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ ھﺪاﯾﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،ﯾﻘﻮل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ}:-إِنﱠ أَوﱠلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ ﻟَﻠﱠﺬِي ﺑِﺒَﻜﱠﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{ )آل ﻋﻤﺮان.(96: ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ ﺑﻘﺎء ﻟﻠﺪﯾﻦ ،ﻧﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ أﻧﮫ ﺗﻼ ھﺬه اﻵﯾﺔ)ﺟَﻌَﻞَ اﻟﻠﱠﮫُ اﻟْ َﻜﻌْﺒَﺔَ اﻟْﺒَﯿْﺖَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﻗِﯿَﺎﻣًﺎ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ()اﻟﻤﺎﺋﺪة ،(97:ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻻ ﯾﺰال اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ دﯾﻦ ﻣﺎ ﺣﺠﻮا اﻟﺒﯿﺖ واﺳﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘﺒﻠﺔ. ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ ﻣﻈﮭﺮا ﻟﻮﺣﺪة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﺟﺘﻤﺎﻋﮭﻢ ،وﯾﺘﺒﯿﻦ ذﻟﻚ ﺟﻠﯿﺎ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺘﺠﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻗﺖ أداء ﺻﻠﻮاﺗﮭﻢ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ. أن اﺳﺘﻘﺒﺎﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺷﺮوط ﺻﺤﺔ اﻟﺼﻼة ،ﯾﻘﻮل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ ):-ﻓَﻮَلﱢ وَﺟْﮭَﻚَ ﺷَﻄْﺮَ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ اﻟْﺤَﺮَامِ وَﺣَﯿْﺚُ ﻣَﺎ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﻓَﻮَﻟﱡﻮا وُﺟُﻮھَﻜُﻢْ ﺷَﻄْﺮَهُ()اﻟﺒﻘﺮة.(144: ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻤﺤﺎذاة اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﯾﻘﻮل –ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﻄﺒﺮاﻧﻲ):إنّ ﻟﻜﻞّ ﺷﻲءٍ ﺳﯿﺪًا ،وإنّ ﺳﯿﺪ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻗﺒﺎﻟﺔ اﻟﻘﺒﻠﺔ(. ﺷﺮع اﷲ ﻋﺒﺎدة اﻟﻄﻮاف ﺣﻮﻟﮭﺎ ،ﯾﻘﻮل –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ }:وَﻟْﯿَﻄﱠﻮﱠﻓُﻮا ﺑِﺎﻟْﺒَﯿْﺖِ اﻟْﻌَﺘِﯿﻖِ{ )اﻟﺤﺞ.(29: أﻧﮭﺎ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻗﺒﻮرھﻢ –أﯾﻀﺎ ،-ﯾﻘﻮل ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب –رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ -ﻓﻲ ﺳﺮد ﻛﺒﺎﺋﺮ اﻟﺬﻧﻮب :واﻹﻟﺤﺎد ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﻗﺒﻠﺘﻜﻢ أﺣﯿﺎءً وأﻣﻮاﺗًﺎ. ﺧﺼﮭﺎ اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ -ﺑﺈﺿﺎﻓﺘﮭﺎ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ}وَﻃَﮭﱢﺮْ ﺑَﯿﺘِﻲَ ﻟِﻠﻄﱠﺎﺋِﻔِﯿﻦَ{ )اﻟﺤﺞ.(26: ﻋﺼﻤﺔ دم ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﯾﻘﻮل –ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري :ﻣَﻦْ ﺻَﻠﱠﻰ ﺻَﻼَﺗَﻨَﺎ ،وَاﺳْﺘَﻘْﺒَﻞَ ﻗِﺒْﻠَﺘَﻨَﺎ ،وَأَﻛَﻞَ ذَﺑِﯿﺤَﺘَﻨَﺎ؛ ﻓَﺬَﻟِﻚَ اﻟْﻤُﺴْﻠِﻢُ اﻟﱠﺬِي ﻟَﮫُ ذِﻣﱠﺔُ اﷲِ وَذِﻣﱠﺔُ رَﺳُﻮﻟِﮫِ، ﻓَﻼَ ﺗُﺨْﻔِﺮُوا اﻟﻠﱠﮫَ ﻓِﻲ ذِﻣﱠﺘِﮫِ.
إﺿﺎﻓﺘﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ –ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،-وھﻲ ﺧﯿﺮ أﻣﺔ أﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎس ،ﻓﻔﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ)وَاﺳْﺘَﻘْﺒَﻞَ ﻗِﺒْﻠَﺘَﻨَﺎ(. اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻘﺒﻠﺔ واﺳﺘﺪﺑﺎرھﺎ ﺣﺎل ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ،ﯾﻘﻮل –ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ- ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري ):إِذَا أَﺗَ ْﯿﺘُﻢُ اﻟْﻐَﺎﺋِﻂَ ﻓَﻼَ ﺗَﺴْﺘَﻘْﺒِﻠُﻮا اﻟْﻘِﺒْﻠَﺔَ ،وَﻻَ ﺗَﺴْﺘَﺪْﺑِﺮُوھَﺎ وَﻟَﻜِﻦْ ﺷَﺮﱢﻗُﻮا ،أَوْ ﻏَﺮﱢﺑُﻮا(. اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻞ ﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﯾﻘﻮل –ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ):ﻣَﻦْ ﺗَﻔَﻞَ ﺗُﺠَﺎهَ اﻟْﻘِﺒْﻠَﺔِ ﺟَﺎءَ ﯾَﻮْمَ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ ﺗَﻔْﻠُﮫُ ﺑَﯿْﻦَ ﻋَﯿْﻨَﯿْﮫِ(. 121
وﻣﻦ ﻧﻤﺎذج ﺗﻌﻈﯿﻢ اﻟﺴﻠﻒ ﻟﻠﻘﺒﻠﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻜﺮھﻮن أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺑﻐﺎﺋﻂ أو ﺑﻮل أو ﯾﺴﺘﺪﺑﺮوھﺎ؛ وﻟﻜﻦ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮭﺎ ،أو ﻋﻦ ﯾﺴﺎرھﺎ.
ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻜﺮھﻮن اﻟﺒﺰق ﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﻓﻌﻦ أﺷﻌﺚ ،ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي :أﻧﮫ ﻛﺮه أن ﯾﺒﺰق ﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﻗﺎل :وﻛﺎن اﺑﻦ ﺳﯿﺮﯾﻦ ﯾﻜﺮه اﻟﻘﺒﻠﺘﯿﻦ ﺟﻤﯿﻌًﺎ).أي ﯾﻜﺮه أن ﯾﺒﺰق ﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺘﯿﻦ(.
ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻜﺮھﻮن اﻟﺒﺰق ﺑﯿﻦ اﻟﯿﺪﯾﻦ ،ﻓﻌﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل :ﻛﺎن ﯾﻜﺮه أن ﯾﺒﺰق اﻟﺮﺟﻞ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ،أو ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ ،وﻗﺎل :اﺑﺰق ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻚ ،أو ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻚ.
ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﻓﻌﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ أﻧﮫ ﻗﺎل :إنّ ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ﺷﺮﻓًﺎ، وأﺷﺮف اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻣﺎ اﺳﺘﻘﺒﻞ ﺑﮫ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،وﻗﺎل :ﻣﺎ رأﯾﺖ ﺳﻔﯿﺎن ﯾﺠﻠﺲ إﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ.
ﻗﯿﺎﻣﺎ ﻟﻠﻨﺎس:
ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام أن اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﺟﻌﻠﮫ ﻗﯿﺎﻣﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻛﻤﺎ ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻜﺮﯾﻢ):ﺟَﻌَﻞَ اﻟﻠﱠﮫُ اﻟْﻜَﻌْﺒَﺔَ اﻟْﺒَﯿْﺖَ اﻟْﺤَﺮَامَ ﻗِﯿَﺎﻣًﺎ ﻟِﻠﻨﱠﺎسِ()اﻟﻤﺎﺋﺪة (297:؛ ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎم اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻶﯾﺔ :أن اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻗﯿﺎﻣﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻲ أﻣﺮ دﯾﻨﮭﻢ ودﻧﯿﺎھﻢ ،وﻗﯿﺎﻣِﮭﻢ إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻﺪھﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﮭﻢ وﻣﻌﺎدھﻢ؛ ﻟﻤﺎ ﯾﺘﻢ ﻟﮭﻢ ﻣﻦ أﻣﺮ ﺣﺠﮭﻢ وﻋﻤﺮﺗﮭﻢ وﺗﺠﺎرﺗﮭﻢ ،وأﻧﻮاع ﻣﻨﺎﻓﻌﮭﻢ ،ﻓﮭﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﺷﺒﮫ ﺟﺎﻣﻊ ﻟﻠﻤﺮاد ﺑﺎﻵﯾﺔ. إن ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺗﺘﺒﻌﻮا أﺛﺮ ﻗﯿﺎم ﻣﻜﺔ واﺳﺘﻘﺮؤوه ﺑﺘﻤﻌﻦ ودﻗﺔ ﻓﻮﺟﺪوا أﻧﮫ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ:
اﻷﻣﻮال:وھﺬا ﻇﺎھﺮٌ ﻓﻲ اﻷﻣﻦ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ وﻷھﻠﮭﺎ؛ وﻛﺎن اﻟﺒﯿﺖ ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ازدھﺎر ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ،وﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﮭﻢ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ،ﻗﺎل اﻟﻄﺎھﺮ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر :وﻛﺎن وﺟﻮد ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ ﻋﺎﺋﺪًا ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن ﺑﻠﺪھﺎ ﺑﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺘﺄﻧﺲ ﺑﺎﻟﻮاﻓﺪﯾﻦ ،واﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﻤﺎ ﯾﺠﻠﺒﻮﻧﮫ ﻣﻦ اﻷرزاق ،وﺑﻤﺎ ﯾﺠﻠﺐ اﻟﺘﺠﺎر ﻓﻲ أوﻗﺎت وﻓﻮد اﻟﻨﺎس إﻟﯿﮫ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺳﺎﻛﻨﻮه ﻻ ﯾﻠﺤﻘﮭﻢ ﺟﻮعٌ وﻻ ﻋﺮاءٌ.
وﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻮاﺋﺪ ھﺬا اﻷﻣﻦِ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﯾﺶٍ ﻓﻲ ﺟﺎھﻠﯿﺘﮭﺎ :رﺣﻠﺔ اﻟﺸﺘﺎء واﻟﺼﯿﻒ؛ ﻓﻼ ﯾﺘﻌﺮض ﻟﮭﻢ أﺣﺪٌ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻘﮭﻢ ﺑﻘﻮاﻓﻠﮭﻢ اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﱠﺎم أو اﻟﯿﻤﻦ؛ ﻷﻧﮭﻢ أھﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﺒﻠﺪ ﻒ()ﻗﺮﯾﺶ.(2-1: اﻟﺤﺮام ،ﻗﺎل اﷲ –ﺗﻌﺎﻟﻰ):-ﻹِﯾﻼفِ ﻗُﺮَﯾْﺶٍ* إِﯾﻼﻓِﮭِﻢْ رِﺣْﻠَﺔَ اﻟﺸﱢﺘَﺎءِ وَاﻟﺼﱠﯿْ ِ
اﻷﺑﺪان:إنّ اﻷﻣﻦ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﺻﻮنِ دﻣﺎﺋﮭﻢ وأرواﺣﮭﻢ، وﻟﺬﻟﻚ ﻓُﺴﱢﺮ اﻟﻘﯿﺎم ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻔﺲ واﻟﺪﻣﺎء ،ﻗﺎل ﻋﻄﺎء اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﻲ :ﻛﺎﻧﻮا إذا دﺧﻞ اﻟﺸﮭﺮ اﻟﺤﺮام وﺿﻌﻮا اﻟﺴﻼح ،وﻣﺸﻰ ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ .وﻗﺎل اﺑﻦ ﺷﮭﺎب :ﺟﻌﻞ اﷲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام واﻟﺸﮭﺮ اﻟﺤﺮام ﻗﯿﺎﻣًﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﯾﺄﻣﻨﻮن ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺠﺎھ ﻠﯿﺔ اﻷوﻟﻰ؛ ﻻ ﯾﺨﺎف ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﻌﻀًﺎ ﺣﯿﻦ ﯾﻠﻘﻮﻧﮭﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﯿﺖ أو ﻓﻲ اﻟﺤﺮم أو ﻓﻲ اﻟﺸﮭﺮ اﻟﺤﺮام.
اﻷدﯾﺎن:
أ -ﻗﯿﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ :ﯾﻘﻮل اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر :إنﱠ اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﯿﺎﻣًﺎ ﻟﻠﻨﺎس وھﻢ اﻟﻌﺮبُ؛ إذ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺐ اھﺘﺪاﺋﮭﻢ 122
إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﺗّﺒﺎع اﻟﺤﻨﯿﻔﯿﺔ ،واﺳﺘﺒﻘﺖ ﻟﮭﻢ ﺑﻘﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻨﯿﻔﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺪة ﺟﺎھﻠﯿﺘﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﻌﺪﻣﻮا ﻧﻔﻌﮭﺎ. ب -ﻗﯿﺎم اﻟﻌﺒﺎدات :اﻟﻨﺎس ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ أداء ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻛﺎﻟﺤﺞ واﻟﻌﻤﺮة واﻟﻄﻮاف ،وھﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺖ ،وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أدؤھﺎ ﻓﻲ ﻏﯿﺮه،ﯾﻘﻮل –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ):-وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺣِﺞﱡ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنﱠ اﷲ ﻏَﻨِﻲﱞ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦ()آل ﻋﻤﺮان ،(97:وﯾﻘﻮل – ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ):-إِنﱠ اﻟﺼﱠﻔَﺎ وَاﻟْﻤَﺮْوَةَ ﻣِﻦ ﺷَﻌَﺂﺋِﺮِ اﻟﻠّﮫِ ﻓَﻤَﻦْ ﺣَﺞﱠ اﻟْﺒَﯿْﺖَ أَوِ اﻋْﺘَﻤَﺮَ ﻓَﻼَ ﺟُﻨَﺎحَ ﻋَﻠَﯿْﮫِ أَن ﯾَﻄﱠﻮﱠفَ ﺑِﮭِﻤَﺎ وَﻣَﻦ ﺗَﻄَﻮﱠ عَ ﺧَﯿْﺮًا ﻓَﺈِنﱠ اﻟﻠّﮫَ ﺷَﺎﻛِﺮٌ ﻋَﻠِﯿﻢ()اﻟﺒﻘﺮة.(158:
اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ :إنّ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎً ﻟﻌﻘﻮﻟﮭﻢ ،وﺗﻼﻗﺤًﺎ ﻷﻓﻜﺎرھﻢ ،وﻓﻲ ھﺬا ﻗﯿﺎمٌ ﻹﯾﺠﺎد اﻟﺤﻞﱢ ﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷﮭﻢ وﻣﻌﺎدھﻢ .وھﺬا ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫ اﷲ -ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻓﻲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام ﻟﻠﻨﺎسِ ،ﻗﺎل اﻟﻤﮭﺎﯾﻤﻲ :ﺟﻌﻠﮫ اﷲ ﻣﻘﺎم اﻟﺘﻮﺟّﮫ إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ ﻟﻠﻨﺎس اﻟﻤﺘﻔﺮﻗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻟﯿﺤﺼﻞ ﻟﮭﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻤﻮﺟﺐ ﻟﻠﺘﺂﻟﻒ اﻟﺬي ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫ ﻓﻲ ﺗﻤﺪﻧﮭﻢ ،اﻟﺬي ﺑﮫ ﻛﻤﺎل ﻣﻌﺎﺷﮭﻢ وﻣﻌﺎدھﻢ؛ ﻻﺣﺘﯿﺎﺟﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺎوﻧﺔ ﻓﯿﮭﻤﺎ.
123
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﺒﻼد واﻟﻌﺒﺎد ،وﺟﻌﻞ اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﯿﻦ ﺧﻠﻘﮫ أﻣﺮاً ﺳﺎﺋﺪا ،ﻓﻜﻤﺎ ﻓﻀّﻞ ﺑﻌﺾ ﻋﺒﺎده ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻓﻀّﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻜﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻓﺠﻌﻞ ﻣﻜﺔ أﺷﺮف اﻟﺒﻘﺎع وأﻓﻀﻠﮭﺎ ،وﺧﯿﺮ اﻟﺒﻼد وأﻛﺮﻣﮭﺎ ،إﻟﯿﮭﺎ ﺗﮭﻔﻮ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻓﯿﮭﺎ ﺗﺮﺗﺎح اﻟﻨﻔﻮس ،وﻋﻨﺪھﺎ ﯾﺤﻂّ اﻟﺨﺎﺋﻔﻮن رﺣﺎﻟﮭﻢ ،وﻧﺤﻮھﺎ ﯾﺘﺠﮫ اﻟﻌﺎﺑﺪون ﻓﯿﺸﻜﻮن إﻟﻰ اﷲ ﺣﺎﻟﮭﻢ ،وﯾﺴﺄﻟﻮﻧﮫ ﻧﺠﺎﺗﮭﻢ ،ھﻲ ﻣﻮﻃﻦ اﻟﻌﺒﺎدة واﻹﻧﺎﺑﺔ ،ﻓﯿﮭﺎ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :إِنَّ أَوَّلَ ﺑَﯿْﺖٍ وُﺿِﻊَ ﻟِﻠﻨَّﺎسِ ﻟَﻠَّﺬِي ﺑِﺒَﻜَّﺔَ ﻣُﺒَﺎرَﻛًﺎ وَھُﺪًى ﻟِّﻠْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›‹96ﻓِﯿﮫِ آﯾَﺎتٌ ﺑَﯿِّـﻨَﺎتٌ ﻣَّﻘَﺎمُ إِﺑْﺮَاھِﯿﻢَ وَﻣَﻦ دَﺧَﻠَﮫُ ﻛَﺎنَ آﻣِﻨًﺎ وَﻟِﻠّﮫِ ﻋَﻠَﻰ اﻟﻨَّﺎسِ ﺣِﺞُّ اﻟْﺒَﯿْﺖِ ﻣَﻦِ اﺳْﺘَﻄَﺎعَ إِﻟَﯿْﮫِ ﺳَﺒِﯿﻼً وَﻣَﻦ ﻛَﻔَﺮَ ﻓَﺈِنَّ اﷲ ﻏَﻨِﻲٌّ ﻋَﻦِ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ›) { ‹97ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان،.(97-96،ﻓﻤﻜﺔ ﻣﻨﺰﻟﺘﮭﺎ ﻋﻈﯿﻤﺔ، وﻓﻀﺎﺋﻠﮭﺎ ﺟﻠﯿﻠﺔ ،اﺧﺘﺎرھﺎ اﷲ ﻟﺘﻜﻮن ﺑﻠﺪه اﻟﺤﺮام ،وﺑﮭﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،اﻟﺬي ﯾﺘﻮﺟﮫ إﻟﯿﮫ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﯿﻮم ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ،ﯾﺼﻠﻮن ﷲ وﯾﻌﺒﺪوﻧﮫ،وأﻣّﺎ ﻋﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ .
وﻓﻘﺪ ذﻛﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻟﮭﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺷﺮﻓﮭﺎ اﷲ ﺑﮭﺎ ،وﻟﻢ ﯾﺠﻌﻞ ﺷﯿﺌًﺎ ﻣﻨﮭﺎ ﻟﺒﻠﺪ ﺳﻮاھﺎ ،وھﺬه اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ھﻲ: -1أن ﻓﯿﮭﺎ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻌﺒﺎدة اﷲ ﻓﻲ اﻷرض :ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :إن أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ﻟﻠﺬي ﺑﺒﻜﺔ ﻣﺒﺎرﻛﺎ وھﺪى ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ { )آل ﻋﻤﺮان(96 :؛ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ،رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻗﺎل :ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ أول ﻣﺴﺠﺪ وﺿﻊ ﻓﻲ اﻷرض؟ ﻓﻘﺎل : اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام .ﻗﻠﺖ :ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل :اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ .ﻗﻠﺖ :ﻛﻢ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ؟ ﻗﺎل :أرﺑﻌﻮن ﻋﺎﻣًﺎ. أن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ،ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ؛ وھﺬا ﯾﺪل دﻻﻟﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أﻓﻀﻞ ﺑﻘﺎع اﻷرض ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق. -2أﻧﮭﺎ ﺣﺮم اﷲ ورﺳﻮﻟﮫ :ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } إﻧﻤﺎ أﻣﺮت أن أﻋﺒﺪ رب ھﺬه اﻟﺒﻠﺪة اﻟﺬي ﺣﺮﻣﮭﺎ وﻟﮫ ﻛﻞ ﺷﻲء وأﻣﺮت أن أﻛﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ { )اﻟﻨﻤﻞ ،(91:ﻓﻤﻜﺔ ﺣﺮﻣﮭﺎ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﮫ أن ﯾﺴﻜﻔﻮا ﻓﯿﮭﺎ دﻣﺎً ﺣﺮاﻣﺎً ،أو ﯾﻈﻠﻤﻮا ﻓﯿﮭﺎ أﺣﺪاً ،أو ﯾﺼﺎد ﺻﯿﺪھﺎ ،أو ﯾﺨﺘﻠﻰ ﺧﻼﻟﮭﺎ .وﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻋﻦ 124
أﺑﻲ ﺷﺮﯾﺢ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل :ﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) :إن ﻣﻜﺔ ﺣﺮﻣﮭﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻟﻢ ﯾﺤﺮﻣﮭﺎ اﻟﻨﺎس ،وﻻ ﯾﺤﻞ ﻷﻣﺮيء ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ أن ﯾﺴﻔﻚ ﺑﮭﺎ دﻣﺎً أو أن ﯾﻌﻀﺪ ﺑﮭﺎ ﺷﺠﺮة ،ﻓﺈن أﺣﺪ ﺗﺮﺧﺺ ﻟﻘﺘﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻓﻘﻮﻟﻮا ﻟﮫ :إن اﷲ أذن ﻟﺮﺳﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﻟﻢ ﯾﺄذن ﻟﻚ ،وإﻧﻤﺎ أذن ﻟﻲ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﮭﺎر وﻗﺪ ﻋﺎدت ﺣﺮﻣﺘﮭﺎ اﻟﯿﻮم ﻛﺤﺮﻣﺘﮭﺎ ﺑﺎﻷﻣﺲ وﻟﯿﺒﻠﻎ اﻟﺸﺎھﺪ اﻟﻐﺎﺋﺐ ( .وﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ،ﺣﯿﻦ ﻗﺎل :ﺣﺮم اﷲ ﻣﻜﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﺤﻞ ﻷﺣﺪ ﻗﺒﻠﻲ ،وﻻ ﻷﺣﺪ ﺑﻌﺪي ،أﺣﻠﺖ ﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﮭﺎر ،ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻰ -أي :ﻻ ﯾﻘﻄﻊ -ﺧﻼھﺎ -أي: اﻟﺮﻃﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت ، -وﻻ ﯾُﻌْﻀَﺪ ﺷﺠﺮھﺎ ،وﻻ ﯾﻨﻔﺮ ﺻﯿﺪھﺎ ،وﻻ ﺗﻠﺘﻘﻂ ﻟﻘﻄﺘﮭﺎ ،إﻻ ﻟﻤﻌﺮﱢفٍ ،ﻓﻘﺎل اﻟﻌﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ :إﻻ اﻹذﺧﺮ -ﻧﺒﺎت ﻃﯿﺐ اﻟﺮاﺋﺤﺔ -ﻟﺼﺎﻏﺘﻨﺎ وﻗﺒﻮرﻧﺎ ،ﻓﻘﺎل إﻻ اﻹذﺧﺮ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ.
-3أﻧﮭﺎ دار اﻷﻣﻦ واﻷﻣﺎن :ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وإذ ﻗﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ رب اﺟﻌﻞ ھﺬا ﺑﻠﺪا آﻣﻨﺎ وارزق أھﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﻦ آﻣﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻗﺎل وﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﻓﺄﻣﺘﻌﮫ ﻗﻠﯿﻼ ﺛﻢ أﺿﻄﺮه إﻟﻰ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر وﺑﺌﺲ اﻟﻤﺼﯿﺮ { )اﻟﺒﻘﺮة (126:ﻗﺎل أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ :ﯾﻌﻨﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ آﻣﻨﺎ ،آﻣﻨﺎً ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺑﺮة وﻏﯿﺮھﻢ ،أن ﯾﺴﻠﻄﻮا ﻋﻠﯿﮫ ،وﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﷲ أن ﺗﻨﺎﻟﮫ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎل ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻠﺪان ،ﻣﻦ ﺧﺴﻒ واﺋﺘﻔﺎك اﻧﻘﻼب -وﻏﺮق ،وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﺨﻂ اﷲ وﻣﺜﻼﺗﮫ -ﻋﻘﻮﺑﺎﺗﮫ -اﻟﺘﻲ ﺗﺼﯿﺐ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻼد ﻏﯿﺮه. -4أﺣﺐ اﻟﺒﻼد إﻟﻰ اﷲ وإﻟﻰ رﺳﻮﻟﮫ ،ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺪي ﺑﻦ ﺣﻤﺮاء اﻟﺰھﺮي ﻗﺎل :رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وھﻮ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ واﻗﻒ ﺑﺎﻟﺠﺮول ﯾﻘﻮل ) :واﷲ إﻧﻚ ﻟﺨﯿﺮ أرض اﷲ وأﺣﺐ أرض اﷲ إﻟﻰ اﷲ وﻟﻮﻻ أﻧﻲ أﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻚ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ( رواه اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ . -5ﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪھﺎ :وﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻻ ﺗﻌﺪﻟﮭﺎ ﻓﻀﯿﻠﺔ ﻓﺎﻟﺼﻼة ﻓﯿﮫ ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ،ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ أﻧﮫ ﻗﺎل ) :ﺻﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ،وﺻﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺻﻼة ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻮاه ،وﺻﻼة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﺨﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺻﻼة ( .رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ و اﺑﻦ ﺧﺰﯾﻤﺔ . -6ﻣﺤﺼﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺟﺎل :ﻓﻼ ﯾﺪﺧﻠﮭﺎ اﻟﺪﺟﺎل ﺣﻔﻈﺎ ﻣﻦ اﷲ ﻟﮭﺎ ،ﻓﻌﻦ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل ) :ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﻻ ﺳﯿﻄﺆه اﻟﺪﺟﺎل إﻻ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺑﮭﺎ ﻧﻘﺐ إﻻ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺻﺎﻓﯿﻦ ﯾﺤﺮﺳﻮﻧﮭﺎ ،ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻒ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺑﺄھﻠﮭﺎ ﺛﻼث رﺟﻔﺎت ﻓﯿﺨﺮج اﷲ ﻛﻞ ﻛﺎﻓﺮ وﻣﻨﺎﻓﻖ ( رواه اﻟﺒﺨﺎري .
125
-7زﻣﺰم :وھﻲ ﻛﺮاﻣﺔ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم وأﻣﮫ ،ﺣﯿﺚ أﻧﺒﻊ اﷲ ﻟﮭﻤﺎ ھﺬه اﻟﻌﯿﻦ ﻓﺼﺎرت ﻋﯿﻨﺎ ﻣﻌﯿﻨﺎ إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻗﻔﺮ ﻻ ﺷﺠﺮ ﻓﯿﮫ وﻻ ﻣﺎء ،وھﻲ ﻣﻊ ﻛﻮﻧﮭﺎ ﺗﺮوي اﻟﻌﻄﺸﺎن ،ﺟﻌﻞ اﷲ ﻓﯿﮭﺎ دواء وﻃﻌﺎﻣﺎً ﻟﺸﺎرﺑﯿﮭﺎ ،ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ذر اﻟﻐﻔﺎري رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) :زﻣﺰم ﻃﻌﺎم ﻃﻌﻢ وﺷﻔﺎء ﺳﻘﻢ ( رواه اﻟﺒﺰار و اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮ وﺻﺤﺤﮫ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ . -8ﺣﺮﻣﺔ اﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻜﻌﺒﺔ أو اﺳﺘﺪﺑﺎرھﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ ﺗﻜﺮﯾﻤﺎ ﻟﮭﺎ وﺗﺸﺮﯾﻔﺎ :ﻓﯿﺤﺮم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﻓﻀﺎء ﻣﻦ اﻷرض ﻻ ﯾﺤﻮل ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﺷﻲء أن ﯾﺴﺘﻘﺒﻠﮭﺎ أو ﯾﺴﺘﺪﺑﺮھﺎ ﻋﻨﺪ ﻗﻀﺎء ﺣﺎﺟﺘﮫ ،ﻓﻌﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل ):إذا أﺗﯿﺘﻢ اﻟﻐﺎﺋﻂ ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻮا اﻟﻘﺒﻠﺔ وﻻ ﺗﺴﺘﺪﺑﺮوھﺎ ﺑﺒﻮل وﻻ ﻏﺎﺋﻂ ،وﻟﻜﻦ ﺷﺮﻗﻮا أو ﻏﺮﺑﻮا ( رواه اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ واﻟﻠﻔﻆ ﻟﮫ . -9ﻣﻜﺔ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ :وﻗﺪ دلّ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻛﺬﻟﻚ أوﺣﯿﻨﺎ إﻟﯿﻚ ﻗﺮآﻧﺎ ﻋﺮﺑﯿﺎ ﻟﺘﻨﺬر أم اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ { ) اﻟﺸﻮرى ( 7:ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻵﯾﺔ " :أم اﻟﻘﺮى ،ﻣﻜﺔ ،وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ اﻷرض ﻛﻠﮭﺎ " .وﻗﺪ دﻟﺖ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ أن ﻣﻜﺔ ﺷﺮﻓﮭﺎ اﷲ ھﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ ﻣﻨﮭﻢ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﺴﯿﻦ ﻛﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺤﺎول رﺳﻢ ﺧﺮﯾﻄﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﯾﺒﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﺗﺠﺎه اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﻓﺎﺗﻀﺢ ﻟﮫ أن ﻣﻜﺔ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وأن اﻟﯿﺎﺑﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﯿﺔ ﻣﻮزﻋﺔ ﺣﻮل ﻣﻜﺔ ﺗﻮزﯾﻌﺎ ﻣﻨﺘﻈﻤﺎ . -10ﻣﻜﺔ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ :وھﺬه ﻓﻀﯿﻠﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام ،ﻓﺈﻟﯿﮭﺎ ﯾﺘﻮﺟﮫ ﻋﻤﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﺎرق اﻷرض وﻣﻐﺎرﺑﮭﺎ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ }:ﻗﺪ ﻧﺮى ﺗﻘﻠﺐ وﺟﮭﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻠﻨﻮﻟﯿﻨﻚ ﻗﺒﻠﺔ ﺗﺮﺿﺎھﺎ ﻓﻮل وﺟﮭﻚ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺣﯿﺜﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻮﻟﻮا وﺟﻮھﻜﻢ ﺷﻄﺮه { )اﻟﺒﻘﺮة(144: -11اﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﮭﻢ ﺑﺎﻟﺴﯿﺌﺎت :ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻻﯾﺆاﺧﺬ اﻟﻤﺮء ﻓﯿﮭﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﮫ أو ﻗﻮﻟﮫ دون ﻣﺎ ﯾﮭﻢ ﺑﮫ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } وﻣﻦ ﯾﺮد ﻓﯿﮫ ﺑﺈﻟﺤﺎد ﺑﻈﻠﻢ ﻧﺬﻗﮫ ﻣﻦ ﻋﺬاب أﻟﯿﻢ { ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ) اﻵﯾﺔ ( 25:واﻹﻟﺤﺎد ھﻨﺎ ھﻮاﻟﻤﯿﻞ واﻟﺤﯿﺪ ﻋﻦ دﯾﻦ اﷲ اﻟﺬي ﺷﺮﻋﮫ ،وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮك ﺑﺎﷲ ﻓﻲ اﻟﺤﺮم ،أو اﻟﻜﻔﺮ ﺑﮫ ،أو ﻓﻌﻞ ﺷﻲء ﻣﻤﺎ ﺣﺮﻣﮫ اﷲ ،أو ﺗﺮك ﺷﻲء ﻣﻤﺎ أوﺟﺒﮫ اﷲ ،أو اﻧﺘﮭﺎك ﺣﺮﻣﺎت اﻟﺤﺮم . 126
-12أن اﷲ ﻗﺪ اﺧﺘﺎر أﻓﻀﻞ اﻟﺮﺳﻞ ﺻﻠﻮات اﷲ وﺳﻼﻣﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ ،واﺧﺘﺎرھﺎ ﻟﻨﺰول أﻓﻀﻞ ﻛﺘﺒﮫ ،وھﻮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ؛ ﻓﻔﯿﮭﺎ ﺑﺪء ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ. -13أن اﷲ ﺟﻌﻠﮫ ﻣﻨﺎﺳﻚ ﻟﻌﺒﺎده ،وأوﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﺎدر ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻹﺗﯿﺎن إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ وﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ ﻋﻤﯿﻖ ،ﻓﻼ ﯾﺪﺧﻠﻮﻧﮫ إﻻ ﺧﺎﺷﻌﯿﻦ ﺧﺎﺿﻌﯿﻦ ﻛﺎﺷﻔﻲ رءوﺳﮭﻢ ﻣﺘﺠﺮدﯾﻦ ﻣﻦ ﻟﺒﺎس وزﯾﻨﺔ أھﻞ اﻟﺪﻧﯿﺎ. -14ﻣﻜﺔ ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ اﻟﺬي ﯾﺄﺗﯿﮫ اﻟﺨﯿﺮ واﻟﺮزق ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﯾُﺴﺎق إﻟﯿﮫ ،وﯾُﺠﻠﺐ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة أﺑﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮ اﷲ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ : }وإذ ﻗﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ رب اﺟﻌﻞ ھﺬا ﺑﻠﺪا آﻣﻨﺎ وارزق أھﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﻦ آﻣﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻗﺎل وﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﻓﺄﻣﺘﻌﮫ ﻗﻠﯿﻼ ﺛﻢ اﺿﻄﺮه إﻟﻰ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر وﺑﺌﺲ اﻟﻤﺼﯿﺮ{ )اﻟﺒﻘﺮة.( 126: -15أنّ اﷲ اﺧﺘﺎرھﺎ ﻟﻤﻮﻟﺪ ﻧﺒﯿﮫ اﻟﺨﺎﺗﻢ وﻣﺒﻌﺜﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻓﻔﯿﮭﺎ ﺑﺪأ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺨﺎﺗﻢ ،وﻣﻨﮭﺎ ﺑﺪأت دﻋﻮة اﻟﺨﯿﺮ واﻟﺤﻖ ،واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ اﻵﻓﺎق ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻛﺬﻟﻚ أوﺣﯿﻨﺎ إﻟﯿﻚ ﻗﺮآﻧﺎ ﻋﺮﺑﯿﺎ ﻟﺘﻨﺬر أم اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ { )اﻟﺸﻮرى.(7: -16ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﺨﺘﺺ ﺑﮫ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام أن اﻟﻘﻠﻮب ﺗﮭﻮى إﻟﯿﮫ ،واﻷﻓﺌﺪة ﺗﻤﯿﻞ إﻟﯿﮫ؛ ﻓﺠﺬﺑﮫ ﻟﻠﻘﻠﻮب أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺟﺬب اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﻟﻠﺤﺪﯾﺪ ،ﻓﻜﻢ أﻧﻔﻖ ﻓﻲ ﺣﺐ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال واﻷرواح ،ورﺿﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻟﮭﺎ ﺷﻮﻗًﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻷھﻞ واﻷﺣﺒﺎب واﻷوﻃﺎن ،وﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه ﺻﻨﻮﻓًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب واﻟﻤﺸﻘﺔ واﻟﮭﻮان ،واﻟﺴﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ أن ﺟﻌﻞ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﺤﺮام ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس؛ أي :ﯾﺜﻮﺑﻮن إﻟﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻷﻋﻮام ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻗﻄﺎر ،وﻻ ﯾﻘﻀﻮن ﻣﻨﮫ وﻃﺮًا ،ﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﺎﻓﺮوا إﻟﯿﮫ ازدادوا ﺷﻮﻗًﺎ وﻣﺤﺒﺔ إﻟﯿﮫ.
127
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ :اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻜﺔ ھﻲ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻌﺘﯿﻖ ،وھﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،ﺷﺮﻓﮭﺎ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ورﻓﻊ ﻗﺪرھﺎ ،ﻓﻠﮭﺎ اﻟﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ واﻟﻤﻘﺎم اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺪاﻧﯿﮫ ﻣﻘﺎم .ﻛﯿﻒ ﻻ وﻓﯿﮭﺎ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﺬي ھﻮ أول ﺑﯿﺖ وﺿﻊ ﻟﻠﻨﺎس ،ﯾﻌﺒﺪون ﻓﯿﮫ رﺑﮭﻢ وﯾﺘﻘﺮﺑﻮن إﻟﯿﮫ ،وھﻮ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺬي ﺟﺪد ﺑﻨﺎءه ﺧﻠﯿﻞ اﻟﺮﺣﻤﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،وزاده اﷲ رﻓﻌﺔ وﺗﻌﻈﯿﻤﺎ ﺑﻤﺒﻌﺚ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﺮﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ أﻓﻀﻞ اﻟﺼﻼة واﻟﺘﺴﻠﯿﻢ .ﻓﮭﻮ ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ وﻣﺤﻂ اﻟﻤﻜﺎرم ،ﻓﻔﯿﮫ ﺗﺮﻓﻊ اﻟﺪرﺟﺎت وﺗﻐﻔﺮ اﻟﺴﯿﺌﺎت ، وﻓﯿﮫ ﯾﺘﺴﺎﺑﻖ اﻟﻤﺘﺴﺎﺑﻘﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﯿﺮات ﻓﮭﻮ ﻣﻮﻃﻦ رﺣﻤﺔ ودار ﻋﺒﺎدة ،ﻓﻔﻀﺎﺋﻞ ﻣﻜﺔ ﺟﻤﺔ وﻣﺰاﯾﺎھﺎ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻠﻨﺴﺘﻌﺮض ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻨﮭﺎ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﺮﻣﺔ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ وﻣﻨﺰﻟﺘﮫ ﻋﻨﺪ اﷲ ، وﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺑﺮزھﺎ:
-1اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﺨﺸﻮع واﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ :ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺷﻌﻮره ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﺨﺸﻮع واﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ،وﯾﺮﺟﻊ ھﺬا اﻟﺸﻌﻮر إﻟﻰ أﺳﺒﺎب ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ: اﻧﮫ ﻓﻲ أﺣﺐ اﻟﺒﻼد إﻟﻰ اﷲ وإﻟﻰ رﺳﻮﻟﮫ ،ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺪي ﺑﻦ ﺣﻤﺮاء اﻟﺰھﺮي ﻗﺎل : رأﯾﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وھﻮ ﻋﻠﻰ راﺣﻠﺘﮫ واﻗﻒ ﺑﺎﻟﺠﺮول ﯾﻘﻮل ) :واﷲ إﻧﻚ ﻟﺨﯿﺮ أرض اﷲ وأﺣﺐ أرض اﷲ إﻟﻰ اﷲ وﻟﻮﻻ أﻧﻲ أﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻚ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ( رواه اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ . ﻣﻜﺔ ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ اﻟﺬي ﯾﺄﺗﯿﮫ اﻟﺨﯿﺮ واﻟﺮزق ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،ﯾُﺴﺎق إﻟﯿﮫ ،وﯾُﺠﻠﺐ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة أﺑﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮ اﷲ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وإذ ﻗﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ رب اﺟﻌﻞ ھﺬا ﺑﻠﺪا آﻣﻨﺎ وارزق أھﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﻦ آﻣﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻗﺎل وﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﻓﺄﻣﺘﻌﮫ ﻗﻠﯿﻼ ﺛﻢ اﺿﻄﺮه إﻟﻰ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر وﺑﺌﺲ اﻟﻤﺼﯿﺮ{ )اﻟﺒﻘﺮة.( 126: أن اﷲ ﻗﺪ اﺧﺘﺎر أﻓﻀﻞ اﻟﺮﺳﻞ ﺻﻠﻮات اﷲ وﺳﻼﻣﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ ،واﺧﺘﺎرھﺎ ﻟﻨﺰول أﻓﻀﻞ ﻛﺘﺒﮫ ،وھﻮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ؛ ﻓﻔﯿﮭﺎ ﺑﺪء ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ. ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﺨﺘﺺ ﺑﮫ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام أن اﻟﻘﻠﻮب ﺗﮭﻮى إﻟﯿﮫ ،واﻷﻓﺌﺪة ﺗﻤﯿﻞ إﻟﯿﮫ؛ ﻓﺠﺬﺑﮫ ﻟﻠﻘﻠﻮب أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺟﺬب اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﯿﺲ ﻟﻠﺤﺪﯾﺪ ،ﻓﻜﻢ أﻧﻔﻖ ﻓﻲ ﺣﺐ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال واﻷرواح ،ورﺿﻲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻟﮭﺎ ﺷﻮﻗًﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻷھﻞ واﻷﺣﺒﺎب واﻷوﻃﺎن ،وﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺳﻔﺮه ﺻﻨﻮﻓًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب 128
واﻟﻤﺸﻘﺔ واﻟﮭﻮان ،واﻟﺴﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ أن ﺟﻌﻞ ﺑﯿﺘﮫ اﻟﺤﺮام ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس؛ أي :ﯾﺜﻮﺑﻮن إﻟﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻗﺐ اﻷﻋﻮام ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻗﻄﺎر ،وﻻ ﯾﻘﻀﻮن ﻣﻨﮫ وﻃﺮًا ،ﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﺎﻓﺮوا إﻟﯿﮫ ازدادوا ﺷﻮﻗًﺎ وﻣﺤﺒﺔ إﻟﯿﮫ،ﻓﺎﺧﺘﺼﺎص ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻠﺪة ﺑﺎﻧﺠﺬاب اﻟﻘﻠﻮب إﻟﯿﮭﺎ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺨﻠﻖ ﻟﮭﺎ ،اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة أﺑﯿﻨﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم { :رﺑﻨﺎ إﻧﻲ أﺳﻜﻨﺖ ﻣﻦ ذرﯾﺘﻲ ﺑﻮاد ﻏﯿﺮ ذي زرع ﻋﻨﺪ ﺑﯿﺘﻚ اﻟﻤﺤﺮم رﺑﻨﺎ ﻟﯿﻘﯿﻤﻮا اﻟﺼﻼة ﻓﺎﺟﻌﻞ أﻓﺌﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺗﮭﻮي إﻟﯿﮭﻢ{ )إﺑﺮاھﯿﻢ .( 37 : ﺑﻘﺎء اﻟﻜﻌﺒﺔ وﻋﺪم ﻗﺪرة أھﻞ اﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻀﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺸﺪﯾﺪة ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﯿﻞ ﺧﯿﺮ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ أرادوا ھﺪم اﻟﻜﻌﺒﺔ ،ﻟﻜﻦ اﷲ ﺣﻤﺎھﺎ ،وأﻧﺰل ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻏﻀﺒﮫ، وأذاﻗﮭﻢ أﺷﺪ اﻟﻌﺬاب واﻟﻨﻜﺎل ،ﻗﺎل –ﺗﻌﺎﻟﻰ) :-أَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﻛَﯿْﻒَ ﻓَﻌَﻞَ رَﺑﱡﻚَ ﺑِﺄَﺻْﺤَﺎبِ اﻟْﻔِﯿﻞِ* أَﻟَﻢْ ﯾَﺠْﻌَﻞْ ﻛَﯿْﺪَھُﻢْ ﻓِﻲ ﺗَﻀْﻠِﯿﻞٍ* وَأَرْﺳَﻞَ ﻋَﻠَﯿْﮭِﻢْ ﻃَﯿْﺮًا أَﺑَﺎﺑِﯿﻞ* ﺗَﺮْﻣِﯿﮭِﻢْ ﺑِﺤِﺠَﺎرَةٍ ﻣِﻦْ ﺳِﺠﱢﯿﻞٍ* ﻓَﺠَﻌَﻠَﮭُﻢْ ﻛَﻌَﺼْﻒٍ ﻣَﺄْﻛُﻮلٍ(. ﻣﻜﺔ أرض ﻟﯿﺴﺖ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺰراﻋﺔ؛ ﻟﻜﻦ اﷲ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ -رزق أھﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﺜﻤﺮات ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ –ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ):-أَوَﻟَﻢْ ﻧُﻤَﻜﱢﻦ ﻟﱠﮭُﻢْ ﺣَﺮَﻣًﺎ آﻣﻨًﺎ ﯾُﺠْﺒَﻰ إِﻟَﯿْﮫِ ﺛَﻤَﺮَاتُ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ رِزْﻗًﺎ ﻣِﻦ ﻟﱠﺪُﻧﱠﺎ وَﻟَﻜِﻦﱠ أَﻛْﺜَﺮَھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻠَﻤُﻮن(؛ وذﻟﻚ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺨﻠﯿﻞ -ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم -ﺣﯿﻨﻤﺎ دﻋﺎ ﺑﻘﻮﻟﮫ):رَﺑﱠﻨَﺎ إِﻧﱢﻲ أَﺳْﻜَﻨﺖُ ﻣِﻦْ ذُرﱢﯾﱠﺘِﻲ ﺑِﻮَادٍ ﻏَﯿْﺮِ ذِي زَرْعٍ ﻋِﻨْﺪَ ﺑَﯿْﺘِﻚَ اﻟْﻤُﺤَﺮﱠمِ رَﺑﱠﻨَﺎ ﻟِﯿُﻘِﯿﻤُﻮا اﻟﺼﱠﻼةَ ﻓَﺎﺟْﻌَﻞْ أَﻓْﺌِﺪَةً ﻣِﻦْ اﻟﻨﱠﺎسِ ﺗَﮭْﻮِي إِﻟَﯿْﮭِﻢْ وَارْزُﻗْﮭُﻢْ ﻣِﻦْ اﻟﺜﱠﻤَﺮَاتِ ﻟَﻌَﻠﱠﮭُﻢْ ﯾَﺸْﻜُﺮُونَ( ﴾)ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ.(37، ﺟﻌﻞ اﷲ ﻓﻲ ﻣﺎء زﻣﺰم ﺧﺎﺻﯿﺔ اﻹﺷﺒﺎع؛ ﻓﮭﻮ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻨﺪ ﻓﻘﺪه ،ﯾﻘﻮل – ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ اﻟﺒﺰار):زَﻣْﺰَم ﻃَﻌَﺎمُ ﻃُﻌْﻢٍ ،وَﺷِﻔﺎءُ ﺳَﻘَﻢٍ(. إن ﻣﻜﺔ ﻣﺜﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺎس ،وﻣﻜﺎن ﯾﻘﺪم ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻨﺎس ﺑﻜﺜﺮة ،وﻛﺎن ھﺬا ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺠﻠﺐ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷرزاق واﻟﺜﻤﺎر ﻣﻦ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻟﺪﻧﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام. ﻣﻜﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺰو إﻟﻰ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ):ﻻ ﺗُﻐْﺰَى ھﺬهِ -أي ﻣﻜﺔ -ﺑَﻌﺪَھﺎ أﺑﺪًا إِﻟﻰ ﯾﻮمِ اﻟﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ(. ﻣﻜﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﻮن ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻨﺪ ):اﻟﻤَﺪﯾﻨﺔُ وﻣﻜﺔُ ﻣﺤﻔﻮﻓَﺘَﺎنِ ﺑﺎِﻟﻤَﻼﺋﻜﺔِ ﻋَﻠﻰ ﻛﻞﱢ ﻧَﻘﺐٍ ﻣِﻨﮭﺎ ﻣَﻠﻚ ﻻ ﯾَﺪﺧﻠُﮭَﺎ اﻟﺪﱠﺟﺎلُ وﻻ اﻟﻄﱠﺎﻋُﻮن(. ﺟﻌﻞ اﷲ زﻣﺰم ﺷﻔﺎءً ﻣﻦ اﻷﺳﻘﺎم واﻷﻣﺮاض ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﺒﺨﺎري ):ﺧﯿﺮُ ﻣﺎءٍ ﻋَﻠﻰ وﺟﮫِ اﻷَرضِ ﻣﺎءُ زَﻣْﺰَم ،ﻓﯿﮫِ ﻃَﻌَﺎمٌ ﻣﻦ اﻟﻄﱡﻌْﻢِ ،وﺷِﻔَﺎ ٌء ﻣﻦ اﻟﺴﱡﻘﻢِ. (... ﺑﻘﺎؤھﺎ دارا إﺳﻼﻣﯿﺔ إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي وﻏﯿﺮھﺎ):ﻻ ﺗُﻐْﺰَى ﻣَﻜﱠﺔُ ﺑَﻌﺪَ اﻟﯿﻮمِ إِﻟﻰ ﯾﻮمِ اﻟﻘﯿﺎﻣﺔِ( ،وﯾﻘﻮل –أﯾﻀﺎ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):ﻻ 129
ھِﺠْﺮَةَ ﺑﻌﺪَ اﻟﻔَﺘْﺢِ ،وَﻟَﻜِﻦ ﺟﮭﺎدٌ وﻧِﯿﱠﺔٌ ،وَإِذَا اﺳﺘُﻨﻔِﺮﺗُﻢ ﻓَﺎﻧﻔِﺮُوا(؛ ﻓﯿﻔﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺜﯿﻦ ﺑﻘﺎء ﻣﻜﺔ ﺑﻠﺪا إﺳﻼﻣﯿﺎ إﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ. ﯾﻨﻌﻢ اﻟﺤﺎج ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺄﺷﺮف ﺟﻮار وأﻛﺮم ﺿﯿﺎﻓﺔ :ﺿﯿﺎﻓﺔ اﷲ ،وﻟﻤﺎ ﻻ ،ﻓﮭﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺘﻲ أﻗﺴﻢ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ؛ ﻓﻘﺎل } :وَاﻟﺘِّﯿﻦِ وَاﻟﺰﱠﯾْﺘُﻮنِ *وَﻃُﻮرِ ﺳِﯿﻨِﯿﻦَ * وَھَٰﺬَا اﻟْﺒَﻠَﺪِ اﻟْﺄَﻣِﯿﻦِ{ )اﻟﺘﯿﻦ ،(3-1 :وﻗﺎل أﯾﻀًﺎ }:ﻟَﺎ أُﻗْﺴِﻢُ ﺑِﮭَٰﺬَا اﻟْﺒَﻠَﺪِ * وَأَﻧﺖَ ﺣِﻞﱞ ﺑِﮭَٰﺬَا اﻟْﺒَﻠَﺪِ{ )اﻟﺒﻠﺪ .(2-1:
ﺗﺘﻤﯿﺰ رﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻣﺜﻞ: أﻧﮫ ﯾﻌﺪل اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً ﻟﻠﻨﺴﺎء واﻟﻀﻌﻔﺔ ،ﻓﻌﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺎﻟﺖ :ﻗﻠﺖ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ! ﻧﺮى اﻟﺠﮭﺎد أﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل أﻓﻼ ﻧﺠﺎھﺪ ؟ ﻗﺎل " ﻟﻜﻦﱠ أﻓﻀﻞ اﻟﺠﮭﺎد وأﺟﻤﻠﮫ ،ﺣﺞ ﻣﺒﺮور ﺛﻢ ﻟﺰوم اﻟﺤﺼﺮ .ﻗﺎﻟﺖ "ﻓﻼ أدع اﻟﺤﺞ ﺑﻌﺪ إذ ﺳﻤﻌﺖ ھﺬا ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ " اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ. اﻟﺤﺞ اﻟﻤﺒﺮور ﺟﺰاؤه اﻟﺠﻨﺔ :ﻛﻤﺎ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ " اﻟﻌﻤﺮة إﻟﻰ اﻟﻌﻤﺮة ﻛﻔﺎرة ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،واﻟﺤﺞ اﻟﻤﺒﺮور ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺟﺰاء إﻻ اﻟﺠﻨﺔ " اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ. ﻣﺤﻮ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ واﻟﺴﯿﺌﺎت :ﻛﻤﺎ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم " ﻣﻦ ﺣﺞ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ ﻓﻠﻢ ﯾﺮﻓﺚ وﻟﻢ ﯾﻔﺴﻖ رﺟﻊ ﻛﯿﻮم وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ " اﻟﺒﺨﺎري وﻣﺴﻠﻢ. اﻟﺤﺞ أﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل ﺑﻌﺪ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﺠﮭﺎد :ﻓﺈن اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﺳﺌﻞ " أي اﻷﻋﻤﺎل أﻓﻀﻞ ؟ ﻗﺎل " إﯾﻤﺎن ﺑﺎﷲ ورﺳﻮﻟﮫ .ﻗﯿﻞ ﺛﻢ ﻣﺎذا ؟ ﻗﺎل " اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﷲ . ﻗﯿﻞ ﺛﻢ ﻣﺎذا ؟ ﻗﺎل اﻟﺤﺞ اﻟﻤﺒﺮور" . ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻠﺒﯿﺔ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ " ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﻠﺒﻲ إﻻ ﻟﺒﻲ ﻣﻦ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻨﮫ وﺷﻤﺎﻟﮫ ﻣﻦ ﺣﺠﺮ أو ﺷﺠﺮ أو ﻣﺪر ،ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻘﻄﻊ اﻷرض ﻣﻦ ھﮭﻨﺎ وھﮭﻨﺎ " ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺘﺮﻣﺬي.. ﻓﻀﻞ اﻟﻄﻮاف :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ " ﻣﻦ ﻃﺎف ﺑﮭﺬا اﻟﺒﯿﺖ ﺳﺒﻮﻋﺎً ﻓﺄﺣﺼﺎه ﻛﺎن ﻛﻌﺘﻖ رﻗﺒﺔ " ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺘﺮﻣﺬي .وﻗﺎل " ﻻ ﯾﻀﻊ ﻗﺪﻣﺎً وﻻ ﯾﺮﻓﻊ أﺧﺮى إﻻ ﺣﻂ اﷲ ﻋﻨﮫ ﺑﮭﺎ ﺧﻄﯿﺌﺔ وﻛﺘﺒﺖ ﻟﮫ ﺑﮭﺎ ﺣﺴﻨﺔ " ..ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻓﻀﻞ ﻣﺴﺢ اﻟﺤﺠﺮ واﻟﺮﻛﻦ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ " إن ﻣﺴﺤﮭﻤﺎ ﻛﻔﺎرة اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ " ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺘﺮﻣﺬي ﻓﻀﻞ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ " ﻣﺎ ﻣﻦ ﯾﻮم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أن ﯾﻌﺘﻖ اﷲ ﻓﯿﮫ ﻋﺒﺪاً ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ ﯾﻮم ﻋﺮﻓﺔ وإﻧﮫ ﻟﯿﺪﻧﻮ ﺛﻢ ﯾﺒﺎھﻰ ﺑﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﯿﻘﻮل " ﻣﺎ أراد ھﺆﻻء ؟ " رواه ﻣﺴﻠﻢ.
130
وﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮل ﺑﺎن اﻟﻤﺴﻠﻢ وھﻮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺗﻐﺸﺎه أﻧﻮار وﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮاﺣﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ واﻟﺸﻌﻮر،ﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ﻓﺎن اﻟﻮﻗﺖ أﯾﺎﻣﺎ وﻟﯿﺎﻟﻲ ﯾﻤﺮ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﻠﻤﺢ اﻟﺒﺼﺮ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺤﯿﻦ أوان اﻟﺮﺣﯿﻞ واﻟﺘﻮدﯾﻊ ﯾﺤﺰن اﻟﻘﻠﺐ وﯾﺸﻖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻔﺮاق وﺗﺪﻣﻊ اﻟﻌﯿﻦ وﯾﻤﻨﻲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻌﻮدة ﺑﻞ ﻋﻮدات وﻋﻮدات ﯾﺘﺸﺮف ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﺑﯿﻦ ﯾﺪي اﷲ.
-2اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة :ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة وذﻟﻚ ﻟﻤﺂﺛﺮھﺎ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﻨﮭﺎ: ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻷﺟﺮ واﻟﺜﻮاب ﺑﮭﺎ ،وأنّ اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ،وﺑﮭﺎ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد اﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﻣﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻏﯿﺮه ﯾُﺸﺮع ﺗﻘﺒﯿﻠﮫ ،وھﻮ ﺣﺠﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ. وﺟﻮده ﻓﻰ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺘﻰ اﺧﺘﺎرھﺎ اﷲ ﻟﻤﻮﻟﺪ ﻧﺒﯿﮫ اﻟﺨﺎﺗﻢ وﻣﺒﻌﺜﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ،ﻓﻔﯿﮭﺎ ﺑﺪأ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺨﺎﺗﻢ ،وﻣﻨﮭﺎ ﺑﺪأت دﻋﻮة اﻟﺨﯿﺮ واﻟﺤﻖ ،واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ اﻵﻓﺎق ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻛﺬﻟﻚ أوﺣﯿﻨﺎ إﻟﯿﻚ ﻗﺮآﻧﺎ ﻋﺮﺑﯿﺎ ﻟﺘﻨﺬر أم اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ { )اﻟﺸﻮرى(7: ﻛﻮﻧﮭﺎ ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﷲ ﻗﺒﻠﺔ ﻷھﻞ اﻷرض ﻛﻠﮭﻢ ،ﻓﻠﯿﺲ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻗﺒﻠﺔ ﻏﯿﺮھﺎ ،وﻛﻞ ﻣﺼﻞ وﻗﺎﺋﻢ وراﻛﻊ وﺳﺎﺟﺪ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫ أن ﯾﺘﻮﺟﮫ إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﮫ ،وإﻻ ﺑﻄﻠﺖ ﺻﻼﺗﮫ إذا ﺗﻮﺟﮫ ﻋﺎﻗﺪًا إﻟﻰ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻊ ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺟﮫ إﻟﯿﮭﺎ .وﻗﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ } :ﻗﺪ ﻧﺮى ﺗﻘﻠﺐ وﺟﮭﻚ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻓﻠﻨﻮﻟﯿﻨﻚ ﻗﺒﻠﺔ ﺗﺮﺿﺎھﺎ ﻓﻮل وﺟﮭﻚ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وﺣﯿﺚ ﻣﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻮﻟﻮا وﺟﻮھﻜﻢ ﺷﻄﺮه{ ) اﻟﺒﻘﺮة ، ( 144 :وﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ } :وﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺧﺮﺟﺖ ﻓﻮل وﺟﮭﻚ ﺷﻄﺮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام وإﻧﮫ ﻟﻠﺤﻖ ﻣﻦ رﺑﻚ وﻣﺎ اﷲ ﺑﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮن { )ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة.(150 : أن اﻟﺤﺞ إﻟﯿﮭﺎ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﺤﻂ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ ،وﻣﺤﻮ اﻟﺴﯿﺌﺎت؛ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ،رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل :ﻣﻦ ﺣﺞ ﻓﻠﻢ ﯾﺮﻓﺚ وﻟﻢ ﯾﻔﺴﻖ رﺟﻊ ﻛﯿﻮم وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ .أي ﺑﻐﯿﺮ ذﻧﻮب وﻻ ﺳﯿﺌﺎت ،وﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ أﯾﻀًﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ،رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل :اﻟﻌﻤﺮة إﻟﻰ اﻟﻌﻤﺮة ﻛﻔﺎرة ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،واﻟﺤﺞ اﻟﻤﺒﺮور ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺟﺰاءً إﻻ اﻟﺠﻨﺔ .وﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ﻗﺎل: ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻣﻦ أﺗﻰ ھﺬا اﻟﺒﯿﺖ ﻓﻠﻢ ﯾﺮﻓﺚ وﻟﻢ ﯾﻔﺴﻖ رﺟﻊ ﻛﻤﺎ وﻟﺪﺗﮫ أﻣﮫ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ ،واﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ . 131
ﯾﺸﻌﺮ اﻟﺤﺎج إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ﻷﻧﮫ ﺳﯿﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ زﯾﺎرة أول ﻣﺴﺠﺪ وﺿﻊ ﻓﻲ اﻷرض ،وھﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ؛ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻋﻦ أﺑﻲ ذر ،رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ،ﻗﺎل: ﺳﺄﻟﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻋﻦ أول ﻣﺴﺠﺪ وﺿﻊ ﻓﻲ اﻷرض؟ ﻓﻘﺎل :اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام .ﻗﻠﺖ :ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل :اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ .ﻗﻠﺖ :ﻛﻢ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ؟ ﻗﺎل :أرﺑﻌﻮن ﻋﺎﻣًﺎ. أن اﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﺑﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ ﺻﻼة ،ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺼﺤﯿﺢ؛ وھﺬا ﯾﺪل دﻻﻟﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أﻓﻀﻞ ﺑﻘﺎع اﻷرض ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق. ﻛﻮﻧﮭﺎ ﻣﻈﻨّﺔ إﺟﺎﺑﺔ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﯿﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :اﻟﺤﺠﺎج واﻟﻌﻤﺎر وﻓﺪ اﷲ ،إن دﻋﻮه أﺟﺎﺑﮭﻢ ،وإن اﺳﺘﻐﻔﺮوه ﻏﻔﺮ ﻟﮭﻢ رواه اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ و اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ وﺻﺤﺤﮫ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ. أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺟﻌﻠﮭﺎ أم اﻟﻘﺮى ،ﻗﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ }:وﻟﺘﻨﺬر أم اﻟﻘﺮى وﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ { اﻷﻧﻌﺎم ، ( 92 :ﯾﻘﻮل اﻹﻣﺎم اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه " :وﺳﻤﯿﺖ ﻣﻜﺔ أم اﻟﻘﺮى ﻷﻧﮭﺎ أﺷﺮف ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻼد " ،ﻓﻜﻞ اﻟﻘﺮى ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮭﺎ ،وﻓﺮع ﻋﻠﯿﮭﺎ . اﺧﺘﺼﺎﺻﮭﺎ ﺑﻌﺒﺎدات ﻣﺘﻌﺪدة:ﺗﻔﻀﱠﻞ اﷲ -ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ -ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻓﺨﺼﱠﮫ ﺑﻌﺒﺎداتٍ ﻟﻢ ﯾﺸﺮعْ أداءھﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎنٍ آﺧﺮ ﺳﻮاه ،ﻓﺎﻟﻄﱠﻮافُ ﻋﺒﺎدة ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﺣﻮل ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺤﺞﱡ ﺑﺸﻌﺎﺋﺮه اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺎت واﻟﻤﺒﯿﺖ ﺑﻤﺰدﻟﻔﺔ ورﻣﻲ اﻟﺠﻤﺎر وﻧﺤﺮ اﻟﮭﺪي ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ،وﺗﻘﺒﯿﻞُ اﻟﺤﺠﺮِ اﻷﺳﻮدِ واﺳﺘﻼمُ اﻟﺮﻛﻨﯿﻦ، واﻟﺘﺰام ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺑ ﺎب اﻟﻜﻌﺒﺔ واﻟﺮﻛﻦ ،واﻟﺼﻼة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻘﺎم ،ﻛﻠﮭﺎ ﻋﺒﺎدات ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻّ ﺑﻤﻜﺔ ،وھﻮ ﻣﻦ ﺛﺒﻮت اﻟﺨﯿﺮ وﻛﺜﺮﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ اﻟﻤﺒﺎرك. ﻃﻌﺎﻣﮭﺎ ﻣﺒﺎرك ،ﯾﻘﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ):اﻟﻠّﮭُﻢّ اﺟْﻌَﻞْ ﺑِﺎﻟﻤﺪﯾﻨَﺔِ ﺿِﻌْﻔَﻲ ﻣَﺎ ﺟَﻌَﻠﺖَ ﺑِﻤَﻜﺔَ ﻣﻦَ اﻟﺒﺮﻛﺔِ(.
-3اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﻼﺑﺔ :اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻄﻤﺌﻦ إﻟﻰ ﺣﻤﺎﯾﺔ اﷲ ﻟﮫ ،ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺎﻓﻈًﺎ ﯾﺤﻔﻈﮫ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ واﻟﺸﯿﺎﻃﯿﻦ وﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ ،ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻟﮫ ﻣﻌﻘﺒﺎت ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ وﻣﻦ ﺧﻠﻔﮫ ﯾﺤﻔﻈﻮﻧﮫ ﻣﻦ أﻣﺮ اﷲ] ﺳﻮرة اﻟﺮﻋﺪ :آﯾﺔ ،[11ﻟﺬا ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ زﯾﺎرة اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻟﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﻌﺎﻟﻤﮭﺎ أن ﯾﻜﻮن ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻻ ﺗﺰﻋﺰﻋﮫ اﻟﺤﻮادث وﯾﺴﺘﺴﮭﻞ ﻛﻞ ﺻﻌﺐ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺑﻘﻀﺎء اﻟﻠّﮫ وﻗﺪره ،وﯾﺘﻤﺴﻚ ﺑﻌﺮوة اﻟﺼﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺨﻄﺮ ،وﻗﻮر ﻻ ﯾﺨﺮج ﻋﻦ ﻃﻮره ،ﺷﺎﻛﺮا ﻟﺮﺑﮫ ﻗﺎﻧﻌﺎ ﺑﺮزﻗﮫ ،ﯾﺆﺛﺮ راﺣﺔ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ راﺣﺘﮫ ﻣﻘﺘﺪﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ اﻟﻜﺮام -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ .وﯾﻌﺪ اﻟﺜﺒﺎت دﻟﯿﻞ ﻛﻤﺎل اﻹﯾﻤﺎن وﺣﺴﻦ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ -ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻛﻢ 132
ﯾﻌﺪ دﻟﯿﻞ ﻗﻮة اﻟﻨﻔﺲ ورﺑﺎﻃﺔ اﻟﺠﺄش ،وﺗﻤﻜﻦ ﺣﺐ اﻟﻌﻘﯿﺪة واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻟﯿﻔﮭﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻤﺎت ﺗﺄسٍ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -وﺻﺤﺎﺑﺘﮫ اﻟﻜﺮام -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﻢ ،ﻓﺎﻟﺜﺒﺎت ھﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻞ اﻟﮭﺎدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﺔ .وﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺜﺒﺎت ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وَﻗَﺎلَ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ ﻛَﻔَﺮُوا ﻟَﻮْﻟَﺎ ﻧُﺰﱢلَ ﻋَﻠَﯿْﮫِ اﻟْﻘُﺮْآنُ ﺟُﻤْﻠَﺔً وَاﺣِﺪَةً ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻟِﻨُﺜَﺒﱢﺖَ ﺑِﮫِ ﻓُﺆَادَكَ وَرَﺗﱠﻠْﻨَﺎهُ ﺗَﺮْﺗِﯿﻠًﺎ] ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن :آﯾﺔ .[32وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﯾُﺜَﺒﱢﺖُ اﻟﻠّﮫُ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ ﺑِﺎﻟْﻘَﻮْلِ اﻟﺜﱠﺎﺑِﺖِ ﻓِﻲ اﻟْﺤَﯿَﺎةِ اﻟﺪﱡﻧْﯿَﺎ وَﻓِﻲ اﻵﺧِﺮَةِ وَﯾُﻀِﻞﱡ اﻟﻠّﮫُ اﻟﻈﱠﺎﻟِﻤِﯿﻦَ وَﯾَﻔْﻌَﻞُ اﻟﻠّﮫُ ﻣَﺎ ﯾَﺸَﺎء] ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ :آﯾﺔ .[27وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻗُﻞْ ﻧَﺰﱠﻟَﮫُ رُوحُ اﻟْﻘُﺪُسِ ﻣِﻦ رﱠﺑﱢﻚَ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖﱢ ﻟِﯿُﺜَﺒﱢﺖَ اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آﻣَﻨُﻮاْ وَھُﺪًى وَﺑُﺸْﺮَى ﻟِﻠْﻤُﺴْﻠِﻤِﯿﻦَ] ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ :آﯾﺔ .[102ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﺜﺒﺎت ﺣﺪﯾﺚ اﻟﻨﻮاس ﺑﻦ ﺳﻤﻌﺎن اﻟﻜﻼﺑﻲ -رﺿﻲ اﷲ ،ﻓﻌﻦ اﻟﻨﻮاس ﺑﻦ ﺳﻤﻌﺎن اﻟﻜﻼﺑﻲ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ -ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ- ﯾﻘﻮل) :ﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ إﻻ ﺑﯿﻦ إﺻﺒﻌﯿﻦ ﻣﻦ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﺮﺣﻤﻦ إن ﺷﺎء أﻗﺎﻣﮫ وإن ﺷﺎء أزاﻏﮫ( .وﻛﺎن رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﯾﻘﻮل) :ﯾﺎ ﻣﺜﺒﺖ اﻟﻘﻠﻮب ﺛﺒﺖ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻋﻠﻰ دﯾﻨﻚ(.
-4اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ :ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎف اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﻼﺑﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ذﻛﺮه أن ﯾﻜﻮن اﻟﻤﺆﻣﻦ واﺛﻘﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﺴﮫ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻻ ﺗﺰﻋﺰﻋﮫ اﻟﺤﻮادث وﯾﺴﺘﺴﮭﻞ ﻛﻞ ﺻﻌﺐ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺑﻘﻀﺎء اﻟﻠّﮫ وﻗﺪره.
-5ﻗﻮة اﻹرادة :ﻗﻮة اﻹرادة ھﻲ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﺒﺢ ﺷﮭﻮاﺗﮫ واﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻏﺮاﺋﺰه ،ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﺑﻼ إرادة ﻛﺎﻟﺴﻔﯿﻨﺔ ﺑﻼ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻨﺤﺮف ﻋﻦ اﻟﻤﺴﯿﺮ ﻓﺎﻹرادة ھﻲ اﻟﺨﯿﻂ اﻟﻤﺘﯿﻦ اﻟﺬي ﯾﻜﺒﺢ ﺟﻤﻮح اﻟﻨﻔﺲ وﯾﻤﻜّﻨﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺎﺗﮭﺎ . ﻓﻤﻦ ﯾﻔﺘﻘﺪ اﻹرادة ـ إذن ـ ﯾﻜﻮن ﺣﺎﻟﮫ ﻛﻘﺎرب ﺗﻤﺰﻗﺖ ﺣﺒﺎل ﻣﺮﺳﺎﺗﮫ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ھﺎﺋﺞ ﻣﺎﺋﺞ! -6اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ :ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺷﻌﻮره ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻣﻦ اﷲ،ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وإذ ﻗﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ رب اﺟﻌﻞ ھﺬا ﺑﻠﺪا آﻣﻨﺎ وارزق أھﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات ﻣﻦ آﻣﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺎﷲ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻗﺎل وﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﻓﺄﻣﺘﻌﮫ ﻗﻠﯿﻼ ﺛﻢ أﺿﻄﺮه إﻟﻰ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎر وﺑﺌﺲ اﻟﻤﺼﯿﺮ { )اﻟﺒﻘﺮة (126:ﻗﺎل أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ " :ﯾﻌﻨﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ آﻣﻨﺎ ،آﻣﻨﺎً ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺑﺮة وﻏﯿﺮھﻢ ، أن ﯾﺴﻠﻄﻮا ﻋﻠﯿﮫ ،وﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺔ اﷲ أن ﺗﻨﺎﻟﮫ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺎل ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻠﺪان ،ﻣﻦ ﺧﺴﻒ واﺋﺘﻔﺎك -اﻧﻘﻼب - وﻏﺮق ،وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺳﺨﻂ اﷲ وﻣﺜﻼﺗﮫ -ﻋﻘﻮﺑﺎﺗﮫ -اﻟﺘﻲ ﺗﺼﯿﺐ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﻼد ﻏﯿﺮه .وﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎً ":ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﻻ ﺳﯿﻄﺆه اﻟﺪﺟﺎل إﻻ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺑﮭﺎ ﻧﻘﺐ إﻻ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺻﺎﻓﯿﻦ ﯾﺤﺮﺳﻮﻧﮭﺎ ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻒ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺑﺄھﻠﮭﺎ ﺛﻼث رﺟﻔﺎت ﻓﯿﺨﺮج اﷲ 133
ﻛﻞ ﻛﺎﻓﺮ وﻣﻨﺎﻓﻖ" ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ":ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎب اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻻ ﯾﺪﺧﻠﮭﺎ اﻟﻄﺎﻋﻮن وﻻ اﻟﺪﺟﺎل.
134
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺔ وﺗﻮﺻﯿﺎﺗﮭﺎ
135
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول :ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺔ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪراﺳﺔ: ﺗﻮﺻﻠﺖ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ: ﺗﻌﺪدت أﺳﻤﺎء ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،وﻗﺪ زادت أﺳﻤﺎؤھﺎ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﯿﻦ اﺳﻤﺎً ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ أوﺻﺎف وأﺣﻮال ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻗﺪ ورد ﺑﻌﺾ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،وﻣﻦ أھﻤﮭﺎ ﻣﻜﺔ ،وﺑﻜﺔ، وأم اﻟﻘﺮى ،واﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،وﻗﺪ ﺷﺮﺣﺖ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ ﻓﺎﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﻣﻜﺔ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻚ اﻟﺠﺒﺎرﯾﻦ أي ﺗﺪﻛﮭﻢ وﺗﺤﻄﻤﮭﻢ ،أو أﻧﮭﺎ ﺳﻤﯿﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻻزدﺣﺎم اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺷﺮﺣﺖ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﺑﻜﺔ ﺑﺸﺮوح ﺷﺒﯿﮭﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﮭﺸﯿﻢ واﻟﻘﮭﺮ ،وأن اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ أم اﻟﻘﺮى ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ واﻟﻘﯿﺎدة ،واﻟﻘﺪاﺳﺔ ،ﻓﮭﻲ أﻋﻈﻢ ﻛﻞ اﻟﻘﺮى ،أﻣﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ﻓﺘﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن ﻣﻦ دﺧﻠﮫ ﻛﺎن آﻣﻨﺎً وأن أھﻠﮭﺎ آﻣﻨﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﯾﺦ. ﯾﺮﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺄﺳﯿﺲ ﻣﻜﺔ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 2000ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد أي أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻗﺒﻞ ﻗﯿﺎم اﻟﻨﺒﻲ إﺑﺮاھﯿﻢ واﻟﻨﺒﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺑﺮﻓﻊ أﺳﺎﺳﺎت اﻟﻜﻌﺒﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺑﻠﺪة ﺻﻐﯿﺮة ﺳﻜﻨﮭﺎ ﺑﻨﻮ آدم إﻟﻰ أن دﻣﺮت ،أﺛﻨﺎء اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺬي ﺿﺮب اﻷرض ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﻧﻮح ،وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ واد ﺟﺎف ﺗﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ .وﻣﺮت ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺮاﺣﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﺣﺘﻔﻈﺖ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﺤﺮﻣﺘﮭﺎ وﻗﺪﺳﯿﺘﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻂ اھﺘﻤﺎم ورﻋﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺘﮭﺎ. ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷودﯾﺔ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻮﻗﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻣﻦ أﺑﺮز ھﺬه اﻷودﯾﺔ :وادي ﻓَﺦّ ،وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ ،وادي ﻋﺒﻘﺮ ،وادي ﻋﺮﻧﺔ ،وادي ﺿﯿﻢ ،وادي ﻣُﺤَﺴﱢﺮ ،وادي ﻧَﻌْﻤﺎن . ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ اﻟﻨﻮر ،ﺟﺒﻞ ﺛﻮر ،ﺟﺒﻞ ﻋﻤﺮ ،ﺟﺒﻞ ﺧﻨﺪﻣﺔ ،ﺟﺒﻞ ﻋﺮﻓﺔ ،ﺟﺒﻞ أﺑﻲ ﻗﺒﯿﺲ ،ﺟﺒﻞ ﻗﻌﯿﻘﻌﺎن. ﺗﻀﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﯿﻦ أﺣﻀﺎﻧﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻟﻢ واﻵﺛﺎر ،وﻟﻌﻞ أﺑﺮزھﺎ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،و ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻣﻜﺔ ،ﺗﺘﻮﺳﻄﮫ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ أول ﺑﻨﺎء وﺿﻊ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻏﺎر ﺣﺮاء ،وﻏﺎر ﺛﻮر،ﺟﺴﺮ اﻟﺠﻤﺮات ،ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺘﻨﻌﯿﻢ ،ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ.
ﺗﺤﻔﻞ رﺣﺎب اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﻌﺸﺮات اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻷﺛﺮﯾﺔ ذات اﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻌﮭﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ورﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ذاﻛﺮة اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻔﻦ اﻟﻤﻌﻤﺎري اﻹﺳﻼﻣﻲ. 136
وأﺑﺮز اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ اﻟﺰاﺧﺮة ﺑﺎﻟﺘﺮاث اﻟﻤﻌﻤﺎري ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ وﻣﺴﺠﺪ ﺟﻌﺮاﻧﺔ واﻟﺠﻦ واﻟﺨﯿﻒ واﻟﺮاﯾﺔ وﻋﺎﺋﺸﺔ واﻟﺼﺨﺮات واﻟﻤﺸﻌﺮ اﻟﺤﺮام وﻧﻤﺮة .واﻛﺘﺴﺒﺖ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ أھﻤﯿﺔ إﺿﺎﻓﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﯿﮭﺎ أو ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓﻤﺴﺠﺪ اﻟﺒﯿﻌﺔ ﺗﻤﺖ ﻋﻠﻰ أرﺿﮫ أول ﺑﯿﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،وﯾﺠﺎوره ﻣﺴﺠﺪ اﻟﺠﻦ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻰ ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﺑﯿﻌﺔ اﻟﺠﻦ ،وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺨﯿﻒ اﻟﺬي ﺷﮭﺪ ﺻﻼة اﻟﺮﺳﻞ ﻓﯿﮫ ،وﻣﺴﺎﺟﺪ أﺧﺮى ﻧﺰل ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻨﺎﺑﺮ أﺳﮭﻤﺖ ﻓﻲ ﺑﺚ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ وإﯾﺼﺎﻟﮭﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ، ﻓﺄﻏﻠﺐ ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻻزاﻟﺖ ﺷﺎﻣﺨﺔ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ وھﻲ ﺷﺎھﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺗﺎرﯾﺨﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺷﮭﺪ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام اﻟﺬي ﯾﻀﻢ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰه ،ﺗﻮﺳﻌﺎت ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﻣﻨﺬ ﻋﮭﺪ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻋﺎم )638م ( ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻣﻨﺎ ھﺬا. ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺞ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ :ﻋﻮدة اﻟﺤﺎج إﻟﻰ اﷲ واﺳﺘﻤﺮاره ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺞ ،واﻟﺘﻘﺸﻒ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﺮف اﻟﺪﻧﯿﺎ،واﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﺸﯿﻄﺎن ﻋﻨﺪ رﻣﻲ اﻟﺠﻤﺮات ،وﯾﺮﺳﺦ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﺤﺠﺎج ،وﯾﺮﺑﻲ اﻟﺤﺠﺎج وﯾﺮﺑﻲ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺗﺒﺎع ،وﯾﺬﻛﺮ اﻷﻣﺔ ﺑﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻦ ﻃﻮاﺋﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﯾﺮﺑﻲ ﻟﯿﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ وھﺪوء اﻟﻨﻔﺲ وﺗﺮك اﻟﺠﺪال ،وﺗﺮﺳﯿﺦ ﻓﻜﺮة اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ. ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺞ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺑﺮزھﺎ :اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻜﯿﻨﺔ واﻟﺨﺸﻮع واﻟﺮاﺣﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ،واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ،واﻟﺸﻌﻮر اﻟﺜﺒﺎت واﻟﺼﻼﺑﺔ ،واﻟﺸﻌﻮر اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ،وﻗﻮة اﻹرادة ،واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ.
137
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺗﻮﺻﯿﺎت اﻟﺪراﺳﺔ: ﺗﻮﺻﻰ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ: ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺴﺘﺸﻌﺮ ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ إذا وﻓﻘﮫ ﻟﺰﯾﺎرة ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،وﯾﺴﺘﺤﻀﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﮫ ﺷﺮﻓﮭﺎ ،ﻓﮭﻲ أﻓﻀﻞ اﻟﺒﻘﺎع ﺑﻌﺪ ﻣﻜﺔ. ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺮاﻋﻰ ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ . ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻷﺑﻨﺎء ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ،وﺗﺮﺑﯿﺘﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎھﺎ ﻟﺒﻨﺎء وازع ﻧﻔﺴﻲ ﯾﻐﻨﻲ ﻏﻨﺎء اﻟﺰواﺟﺮ واﻟﻌﻘﻮﺑﺎت. ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺤﺮام ﻟﯿﺒﻨﻰ ﻋﺮف اﻟﺘﻌﻈﯿﻢ واﻹﺟﻼل ﻟﻠﺒﻠﺪ اﻟﻤﻘﺪس. إدراك اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻈﻢ اﻟﺬﻧﺐ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻓﯿﺸﯿﻊ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺗﺮك اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻟﺰھﺪ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻨﮭﺎ. إدراك اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻷﺛﺮ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻟﻺﺟﺮام ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻋﻠﻰ أھﻞ اﻹﺳﻼم وﻋﻠﻰ ﺑﻼدﻧﺎ؛ ﻓﯿﺒﻨﻰ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻟﺒﻼد اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ ،واﻟﻐﯿﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﮭﺎ وﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ. ﯾﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺘﺄدب ﺑﺂداب زﯾﺎرة اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ : (1ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﯿﻤﻨﻲ واﻹﺗﯿﺎن ﺑﺪﻋﺎء اﻟﺪﺧﻮل :ﻓﯿﻨﺪب ﻋﻨﺪ دﺧﻮل اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام -ﻛﻐﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ -أن ﯾﺪﻋﻮا اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﮭﺬا اﻟﺪﻋﺎء :أﻋﻮذ ﺑﺎﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ،وﺑﻮﺟﮭﮫ اﻟﻜﺮﯾﻢ، وﺳﻠﻄﺎﻧﮫ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ ،اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ،اﻟﻠﮭﻢ ﺻﻞ وﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ آل ﻣﺤﻤﺪ .اﻟﻠﮭﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ذﻧﻮﺑﻲ ،واﻓﺘﺢ ﻟﻲ أﺑﻮاب رﺣﻤﺘﻚ ،ﺛﻢ ﯾﻘﻮل :ﺑﺎﺳﻢ اﷲ ،وﯾﻘﺪم اﻟﯿﻤﻨﻰ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻮل . (2ﯾﺠﺐ أن ﯾﻠﺘﺰﻣﮫ اﻟﺪاﺧﻞ أن ﯾﻨﺰه اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻦ اﻟﺮواﺋﺢ اﻟﻜﺮﯾﮭﺔ ﻛﺎﻟﺜﻮم واﻟﺒﺼﻞ واﻟﺪﺧﺎن، ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ :ﻣﻦ أﻛﻞ ﺛﻮﻣﺎ أو ﺑﺼﻼ ﻓﻠﯿﻌﺘﺰﻟﻨﺎ -أو ﻗﺎل :ﻓﻠﯿﻌﺘﺰل ﻣﺴﺠﺪﻧﺎ . رواه اﻟﺒﺨﺎري و ﻣﺴﻠﻢ . (3ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أداء ﺗﺤﯿﺔ اﻟﺒﯿﺖ ،وھﻲ رﻛﻌﺘﺎن ﯾﺆدﯾﮭﺎ اﻟﻤﺴﻠﻢ ،أﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺪم ﻣﺤﺮﻣﺎً ﻓﯿﺒﺪأ ﺑﺎﻟﻄﻮاف أوﻻ . (4ﺗﻨﺰﯾﮫ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻋﻦ اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ورﻓﻊ اﻟﺼﻮت ،ﻓﺘﻜﺮه اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،ورﻓﻊ اﻟﺼﻮت ،وﻧﺸﺪ اﻟﻀﺎﻟﺔ ،واﻟﺒﯿﻊ ،ﻟﺤﺪﯾﺚ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ -ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل :إذا رأﯾﺘﻢ ﻣﻦ ﯾﺒﯿﻊ أو ﯾﺒﺘﺎع ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻘﻮﻟﻮا :ﻻ أرﺑﺢ اﷲ
138
ﺗﺠﺎرﺗﻚ ،وإذا رأﯾﺘﻢ ﻣﻦ ﯾﻨﺸﺪ ﻓﯿﮫ ﺿﺎﻟﺔ ﻓﻘﻮﻟﻮا :ﻻ ردﱠ اﷲ ﻋﻠﯿﻚ ) رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي وﺻﺤﺤﮫ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ. (5ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻻﺳﺘﻜﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺤﺴﻨﺎت، ﻓﯿﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻮاف واﻟﺼﻼة وﻗﺮاءة اﻟﻘﺮآن واﻟﺬﻛﺮ واﻟﺪﻋﺎء ،وﻻ ﯾﻀﯿﻊ وﻗﺘﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﻮد ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة . (6اﺟﺘﻨﺎب اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻟﺴﯿﺌﺎت ،ﻓﺎﻟﻤﻮﻃﻦ ﻣﻮﻃﻦ ﻋﺒﺎدة ،وﯾﻜﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام أن اﷲ ﯾﺆاﺧﺬ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﮭﻢّ ﺑﺎﻟﺴﯿﺌﺔ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﮭﺎ ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻣﻦ ﯾﺮد ﻓﯿﮫ ﺑﺈﻟﺤﺎد ﺑﻈﻠﻢ ﻧﺬﻗﮫ ﻣﻦ ﻋﺬاب أﻟﯿﻢ{ )اﻟﺤﺞ . (25 : (7ﺗﺠﻨﺐ ﻣﺰاﺣﻤﺔ اﻟﻨﺎس ،ﻻﺳﯿﻤﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺠﺮ اﻷﺳﻮد ؛ ﻓﺈن اﺳﺘﻼم اﻟﺤﺠﺮ ﻣﺴﺘﺤﺐ ، وﻣﺰاﺣﻤﺔ اﻟﻨﺎس إذا ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﮭﺎ إﺿﺮار ﺑﮭﻢ ﺣﺮﻣﺖ . (8ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺮوج ،ﻓﺈذا أراد اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﯿﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﻘﺪم رﺟﻠﮫ اﻟﯿﺴﺮى ،وﯾﺴﺘﺤﺐ أن ﯾﻘﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﺨﺮوج " :اﻟﻠﮭﻢ إﻧﻲ أﺳﺄﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ " أو ﯾﻘﻮل " :رب اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ،واﻓﺘﺢ ﻟﻲ أﺑﻮاب ﻓﻀﻠﻚ " ،وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ. (9ﺗﺠﻨﺐ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻷن ذﻟﻚ ﺳﻮف ﯾﺆدي إﻟﻰ اﻟﺰﺣﺎم وإﯾﺬاء اﻟﻨﺎس.
139
اﻟﻤﺮاﺟﻊ
140
اﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﻘﺮان اﻟﻜﺮﯾﻢ. إﺑﺮاھﯿﻢ ﻣﺪﻛﻮر،اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻟﻮﺟﯿﺰ ،ﻃﺒﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻮزارة اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ، اﻟﻘﺎھﺮة.2011 ، اﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ،اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،دار ﺻﺎدر ،ﺑﯿﺮوت. اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ،اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ،دار اﻟﻔﻜﺮ ﺑﯿﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن 1398،ھـ. أﺑﻮ اﻟﻔﺪاء اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ،اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ،دار اﻟﺮﯾﺎن ﻟﻠﺘﺮاث. أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ )ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ( .إﺣﯿﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ .دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﻘﺎھﺮة. أﺑﻲ اﻟﺒﻘﺎء اﺑﻦ اﻟﻀﯿﺎء ،ﻛﺘﺎب ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ واﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﺤﺮام ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ.1997 ، أﺑﻲ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ،اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻠﺒﯿﮭﻘﻲ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻄﺎ ، دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ﺑﯿﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن1999،م . أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ،اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ،ﺗﺨﺮﯾﺞ ﺣﺴﻦ ﺷﻠﺒﻲ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯿﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن. 2001، أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻷﻧﺼﺎري اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ،ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﺼﻄﻔﻲ اﻟﺒﺪري ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ﺑﯿﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن ،ج2000 ، 18م . أﺑﻲ ﻋﯿﺴﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﻮرة ،اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﺘﺮﻣﺬي ) ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي( ،ﺗﺤﻘﯿﻖ وﺷﺮح أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ﻟﺒﻨﺎن. 1992، أﺣﻤﺪ اﻟﺴﯿﺪ دراج ،اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ..ﺳﺮة اﻷرض ووﺳﻂ اﻟﺪﻧﯿﺎ .دار اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، اﻟﻘﺎھﺮة.1999 ، أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ،ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،ﺗﻮزﯾﻊ ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﺎز ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ1414،ھـ . أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ أﺑﻮ اﻟﻔﻀﻞ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ،ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺷﺮح ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري ،رﻗﻢ ﻛﺘﺒﮫ وأﺑﻮاﺑﮫ وأﺣﺎدﯾﺜﮫ :ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ ،دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ – ﺑﯿﺮوت1379،ھـ. أﺣﻤﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﺷﻠﺘﻮت ،اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ واﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻷرﺑﻊ اﻷﺻﻠﯿﺔ ودﻻﻻﺗﮭﺎ اﻟﻔﻠﻜﯿﺔ .ﻣﺠﻠﺔ اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻋﺪد ) ،(22اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻟﻺﻋﺠﺎز اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ،ﺟﺪة.2005، اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮازي ﻓﺨﺮ اﻟﺪﯾﻦ ﺿﯿﺎء اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻤﺮ ،ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻔﺨﺮ اﻟﺮازي اﻟﻤﺸﺘﮭﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ وﻣﻔﺎﺗﯿﺢ اﻟﻐﯿﺐ ،دار اﻟﻔﻜﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ1410 ،ھـ.
141
ﺟﻼل اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺴﯿﻮﻃﻲ ،ﺟﻤﻊ اﻟﺠﻮاﻣﻊ أو اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ،اﻟﮭﯿﺌﺔ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب، اﻟﻘﺎھﺮة . اﻟﺤﺎﻓﻆ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ،اﻟﻤﻌﺠﻢ اﻷوﺳﻂ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﻄﺤﺎن ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف، اﻟﺮﯾﺎض1985،م اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ،ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺑﺸﺮح ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري ،دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﯿﺮوت. ﺣﻤﺪ اﻟﺠﺎﺳﺮ ،رﺳﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺣﻤﺪ اﻟﺠﺎﺳﺮ .ط 1دار اﻟﯿﻤﺎﻣﺔ .اﻟﺮﯾﺎض 1392ھـ. ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ اﻷﺷﻌﺚ أﺑﻮ داود اﻟﺴﺠﺴﺘﺎﻧﻲ،ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ - ﻣﺸﮭﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﯾﻊ،اﻟﻘﺎھﺮة. ﺳﮭﯿﻞ زﻛﺎر،اﻟﺴﯿﺮ واﻟﻤﻐﺎزي ﻻﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،دار اﻟﻔﻜﺮ.1978، ﺳﯿﺪ ﻣﺤﻤﺪ رﺷﯿﺪ رﺿﺎ ،ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﺤﻜﯿﻢ اﻟﺸﮭﯿﺮ ﺑﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﻤﻨﺎر ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﯿﺮوت.1946، ﺷﮭﺎب اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺴﯿﺪ ﻣﺤﻤﻮد اﻵﻟﻮﺳﻲ اﻟﺒﻐﺪادي)د.ت( :روح اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ واﻟﺴﺒﻊ اﻟﻤﺜﺎﻧﻲ ،دار إﺣﯿﺎء اﻟﺘﺮاث ﺑﯿﺮوت. ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻮزان ،ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻮاﺳﻄﯿﺔ ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺮﯾﺎض1999،م. ﺻﻔﻲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺒﺎرﻛﻔﻮري،اﻟﺮﺣﯿﻖ اﻟﻤﺨﺘﻮم ،دار اﻟﮭﻼل ،ﺑﯿﺮوت 1427،ھـ. ﻋﺎﺗﻖ ﺑﻦ ﻏﯿﺚ اﻟﺒﻼدي ،أودﯾﺔ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار ﻣﻜﺔ1405 ،ھـ 1985 -م. ﻋﺎﺗﻖ ﺑﻦ ﻏﯿﺚ اﻟﺒﻼدي،ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣﻜﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ واﻷﺛﺮﯾﺔ2011، ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﯾﺤﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﯿﻤﺎﻧﻲ :،ﻣﻘﺎم إﺑﺮاھﯿﻢ ،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ اﻟﺤﻠﺒﻲ اﻷﺛﺮي.2012، ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻤﺰة ،اﻟﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ .2012، ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺪوس اﻷﻧﺼﺎري ،آﺛﺎر ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ 1393 ،ھـ – 1973م. ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﻐﺎزي اﻟﻤﻜﻲ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،إﻓﺎدة اﻷﻧﺎم ﺑﺬﻛﺮ أﺧﺒﺎر ﺑﻠﺪ اﷲ اﻟﺤﺮام ﻣﻊ ﺗﻌﻠﯿﻘﮫ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﺑﺈﺗﻤﺎم اﻟﻜﻼم ،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ دھﯿﺶ .2009، ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ اﻟﺤﺴﯿﻨﻲ،ﻣﺮ اﻟﻈﮭﺮان " وادي ﻓﺎﻃﻤﺔ" ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺮب ،ﻛﺎﻧﻮن اﻷول )دﯾﺴﻤﺒﺮ( 1971م.
142
ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ دھﯿﺶ ،اﻟﺤﺮم اﻟﻤﻜﻲ اﻟﺸﺮﯾﻒ واﻷﻋﻼم اﻟﻤﺤﯿﻄﺔ ﺑﮫ دراﺳﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ وﻣﯿﺪاﻧﯿﺔ.2010، ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻟﺒﻐﺪادي اﻟﺼﻮﻓﻲ )اﻟﺨﺎزن( ،ﻟﺒﺎب اﻟﺘﺄوﯾﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻨﺰﯾﻞ ،ﺷﺮح اﻟﻨﺴﺒﻲ دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﯿﺮوت. ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ ،ـ ﻓﺼﻮل ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ،ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ 1406ھـ. ﻋﻠﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼَّﻼَّﺑﻲ ،اﻟﺴِّﯿﺮةُ اﻟﻨّﺒﻮﯾﺔ -ﻋﺮضُ وﻗﺎﺋﻊ وَﺗﺤﻠﯿﻞ أﺣﺪَاث ،دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﯾﻊ ،ﺑﯿﺮوت ،ﻟﺒﻨﺎن.2008، ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﺑﻦ ﻋﺎدل اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ،اﻟﻠﺒﺎب ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻜﺘﺎب ،ﺗﺤﻘﯿﻖ وﺗﻌﻠﯿﻖ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺎدل أﺣﻤﺪ اﻟﻤﻮﺟﻮد و اﻟﺸﯿﺦ ﻋﻠﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻌﻮض ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ،ﺑﯿﺮوت1998 ،م. ك .ﻛﺮﯾﺰول ،اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻷوﻟﻰ )ط .(1دار ﻗﺘﯿﺒﺔ ،دﻣﺸﻖ.1984، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺤﺴﻨﻲ اﻟﻔﺎﺳﻲ اﻟﻤﻜﻲ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،اﻟﻌﻘﺪ اﻟﺜﻤﯿﻦ ﻓﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺒﻠﺪ اﻷﻣﯿﻦ ،اﻟﻤﺤﻘﻖ: ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ وآﺧﺮون .2009، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ اﻟﻤﻜﻲ اﻟﺼﺒﺎغ ،ﺗﺤﺼﯿﻞ اﻟﻤﺮام ﻓﻲ أﺧﺒﺎر اﻟﺒﯿﺖ اﻟﺤﺮام واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﻈﺎم وﻣﻜﺔ واﻟﺤﺮم ووﻻﺗﮭﺎ اﻟﻔﺨﺎم ،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ دھﯿﺶ.2009، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﺸﺮﯾﻒ،اﻟﻤﺨﺘﺎر ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺤﺠﺎزﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻜﺔ واﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ2011، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺻﺎﻟﺢ ،اﻟﺤﺮﻣﺎن اﻟﺸﺮﯾﻔﺎن :ﺗﻮﻃﺌﺔ ﻟﻨﺸﻮﺋﮭﻤﺎ وﺗﻮﺳﻌﮭﻤﺎ وﺗﺄﺛﯿﺮھﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﯿﻄﮭﻤﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر .أﺑﺤﺎث ﻧﺪوة ﻋﻤﺎرة اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ )ج ،(1ﻛﻠﯿﺔ اﻟﻌﻤﺎرة واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد ،اﻟﺮﯾﺎض.1999، ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﻘﺰوﯾﻨﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ،ﺳﻨﻦ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺆاد ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺎﻗﻲ ، دار إﺣﯿﺎء اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،اﻟﻘﺎھﺮة. ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ،اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ..اﻟﺘﺎرﯾﺦ واﻟﻮﺻﻒ .اﻟﺒﺮوج ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﯾﻊ، اﻟﻘﺎھﺮة.2003 ، ﻣﺤﻤﺪ ﻋﯿﺪ اﻟﺨﻄﺮاوي ،ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﺻﺪر اﻹﺳﻼم ،دار اﻟﺘﺮاث ﺑﻤﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ وﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﻠﻮم اﻟﻘﺮآن ،ﺑﯿﺮوت 1404 ،ھـ. ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺴﺮﯾﺎﻧﻲ،ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺎ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻟﻮادي ﻓﺎﻃﻤﺔ ،ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ ،36ﻋﺪد ﺷﮭﺮ ﺻﻔﺮ ﻟﻠﻌﺎم 1408ھـ. 143
ﻣﺪ اﻟﺠﺎﺳﺮ :ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﺮب ،ج ،8س ،6ﺻﻔﺮ1392ھـ ،ص672 ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎج أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻘﺸﯿﺮي اﻟﻨﯿﺴﺎﺑﻮري ،ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ ، ﻟﺒﻨﺎن1998،م. ﻣﻌﺠﻢ أﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺮآن ،ﻣﺠﻤﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎھﺮة1989.. ، ﻣﮭﺪي رزق اﷲ أﺣﻤﺪ ،اﻟﺴﯿﺮة اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻤﺼﺎدر اﻷﺻﻠﯿﺔ ،ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،اﻟﺮﯾﺎض 1412،ھـ. ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺴﻤﮭﻮدي ،وﻓﺎء اﻟﻮﻓﺎ ﺑﺄﺧﺒﺎر دار اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ ط ، 4دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ﺑﯿﺮوت1404 ،ھـ. ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻮوي ﻣﺤﻲ اﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ زﻛﺮﯾﺎ،ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺸﺮح اﻟﻨﻮوي ،دار اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ،اﻟﻘﺎھﺮة. ﯾﺤﯿﻰ وزﯾﺮي ،إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ وﺻﻒ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻈﻼل .ﻛﺘﺎب ﺑﺤﻮث اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻟﻺﻋﺠﺎز اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ،اﻟﻤﺠﻠﺪ ،اﻟﻜﻮﯾﺖ.2006، ﯾﻮﺳﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﯿﻢ ،اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﺒﻨﺎء ﺑﯿﺖ اﷲ اﻟﺤﺮام )اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ( .ﻣﺠﻠﺔ ﻋﻤﺎر، ﻋﺪد ) ،(19اﻟﻜﻮﯾﺖ.1998، http://makkah.org.sa.
http://www.makkawi.com
http://www.makkawi.com
http://www.tohajj.com
http://www.alharamain.gov.sa http://www.kapl-hajj.org
144