رأي Al ASSER
ربيع لبناين خمتلف
يجدر �أن لبنان كان �أجنز ربيعه منذ العام ،2005وحترر من � 30سنة من االحتالالت والتواجد الع�سكري الغريب على �أر�ضه. لكن الربيع اللبناين كان خمتلفاً .مل ي�ستفد من و�سائل التوا�صل االلكرتونية احلديثة، كالفاي�سبوك والتويرت واالنرتنيت ،على غرار احلاالت العربية الأخرى ،التي ا�ستعملت فيها �أحيان ًا �أ�سماء وهمية ،بل كان ربيع ًا مبا�رش ًا يف ال�ساحات العامة واملجال العام ،تظاهرات عفوية ونقل تلفزيوين مبا�رش ...مع العلم �أن حرية التعبري هي ذات تاريخ عريق يف لبنان ،وال حاجة �إىل الت�سرت وراء �أ�سماء م�ستعارة على الفاي�سبوك من �أجل توجيه دعوات �إىل التظاهر واالنتفا�ضة .ولعب اجلي�ش اللبناين دور ًا م�سه ًال للربيع اللبناين ،غري معرت�ض على ال�صحوة اللبنانية ،واجلميع يذكرون �صور اجلنود الذين كانوا ي�سهلون مرور املتظاهرين �إىل �ساحة ال�شهداء .يف حني �أنه خالل الربيع العربي يف بع�ض الدول العربية ،حاول جي�ش النظام ،ال اجلي�ش الوطني ،قمع االنتفا�ضة .هذا ح�صل يف بع�ض دول الربيع العربي ولي�س يف جميعها. مل يرتافق الربيع اللبناين� ،أو مل يعقبه مطالبة ب�صياغة جديدة للد�ستور� .أوالً ،لأن ال�صياغة حديثة وترقى فقط �إىل ،1990ولبنان لي�س بحاجة �إىل ن�صو�ص د�ستورية جديدة بل هو بحاجة �إىل تطبيق ما لديه من مواد د�ستورية ال �أكرث وال �أقل .ثانياً ،لأن لبنان بحاجة �إىل وقف االنتهاكات الد�ستورية وانتظام عمل امل�ؤ�س�سات واالحتكام �إىل الد�ستور ،ال �إىل باب عايل ،يف زمن نهاية املرجعيات اخلارجية. وثالثاً ،لأن اللبنانيني دفعوا خالل احلروب منذ 1975فواتري باهظة� ،إن�سانية ،ب�رشية، مادية ،معنوية ...للو�صول �إىل وثيقة �سالم تنهي احلرب هي وثيقة الوفاق الوطني التي دخلت معظم �أحكامها �إ�صالحات يف البنود الد�ستورية.
م�صر ليبيا
اليمن
�سوريا
البحرين
ربيع عربي يعيد للر�أي العام العربي دوره بعد قمع طويل
من الظواهر امل�شرتكة الأخرى بني االنتفا�ضات العربية �أن التيارات الإ�سالمية ترددت يف امل�شاركة يف حركات االحتجاج لدى انطالق �رشاراتها الأوىل .لكن هذه التيارات عادت 59
Special Edition 2013
لت�ستفيد من املرحلة االنتقالية ،بو�صفها الأكرث تنظيم ًا بني �سائر القوى ال�سيا�سية االجتماعية املر�شحة كبديل عن الأنظمة احلاكمة .وا�ستفادت هذه التيارات �أي�ض ًا من دعم دول عربية و�إقليمية ،ومن عدم ممانعة دولية يف ا�ستالمها ال�سلطة يف بلدانها .ولكنها �رسعان ما بد�أت تطبيق عقيدتها يف �أ�سلمة املجتمع واحلياة العامة واجتياح املجال العام ب�شعاراتها وفتاوييها، الأمر الذي ا�ستدعى ال�رصاعات الإقليمية والدولية �إىل الدخول يف ال�صلب الداخلي لالنتفا�ضات الداخلية ،فاقتحمتها ال�رصاعات حمول ًة الإنتفا�ضات �إىل نزاعات داخلية �إن مل يكن حروب ًا داخلية ممتدة. واليوم ،بعد مرور ثالث �سنوات ،بد�أت االنتفا�ضات العربية ت�شهد فرز ًا وحتالفات جديدة يف كل دولة من الدول املعنية بني قوى �إ�سالمية مت�شددة يف عقيدتها من جهة ،وبني قوى ليربالية ووطنية من �أبرز وعلمانية من جهة �أخرى على غرار ما خ�صائ�ص هذه يح�صل يف تون�س مثالً .الثورات انها اعادت للر�أي واجلدير �أن االنتفا�ضات العربية العام ح�ضوره �شملت خم�س دول هي جمهوريات (تون�س ،م�رص� ،سوريا) �إذا �أ�ضفنا اليمن واجلماهريية الليبية� ،أما التغيري يف العراق ،وهو الدولة ال�ساد�سة ،فقد �سبق الربيع العربي ،بثماين �سنوات .ولكن التغيري �أبقى دول اخلليج العربي النفطية ،وهي ممالك و�إمارات ،وبالرغم من حكمها املتوارث غالباً، دون انتفا�ضات تذكر ،با�ستثناء حالة البحرين التي ما زالت حالة كامنة. من �أبرز خ�صائ�ص هذه الثورات انها اعادت للر�أي العام ح�ضوره ومكانته و�أعادت لل�شارع وال�ساحات وامليادين فاعليتها ،معيدة بذلك انتاج املجال العام العربي� ،ساحات التالقي. ال�ساحات �أ�سا�س ًا جمال للتالقي والتفاعل الدميقراطي واملواطني ولي�ست م�ساحات للقمع. والثورات العربية بقدر ما كانت ثورات �شعوب تعرب عن خمتلف مكونات املجتمع العربي، كانت اي�ض ًا ثورات �شبابية يف بعدها امليداين وال�سو�سيولوجي .ا�ستطاع الفاعلون اجلدد ،ان يفر�ضوا �شعاراتهم وتكنولوجيتهم يف م�سرية