عدد الثلاثاء 8 حزيران 2010

Page 15

‫�آراء ومقـــــــــــاالت‬

‫الثالثاء (‪ )8‬حزيران (‪ ) 2010‬م ‪ -‬ال�سنة (‪ - )17‬العدد (‪)1258‬‬

‫قراءات‬

‫�أين تكمن‬ ‫امل�شكلة؟‬

‫رأي حر‬

‫عمر عيا�صرة‬ ‫يف ال��ف�ترة الأخ��ي�رة‪� ،‬شهدنا ع��ددا‬ ‫ي��ف��وق م��ا اع��ت��ادت عليه املجتمعات من‬ ‫االح��ت��ج��اج��ات االج��ت��م��اع��ي��ة‪ ،‬وامللفت‬ ‫للنظر يف ه��ذه احل��رك��ات االعرتا�ضية‬ ‫�أنها طاولت قطاعات امتازت عرب تاريخ‬ ‫الدولة بال�سكون �أو الت�سكني ال�سهل لها‪.‬‬ ‫�أما اعرتا�ض هذه الفئات من معلمني‬ ‫وعمال مياومة و�سائقي خطوط دولية‬ ‫وعمال كهرباء وغريهم من الذين يحتمل‬ ‫دخولهم �إىل القائمة‪ ،‬فهو فوق كل �شيء‬ ‫وقبل كل �شيء يحمل مزيجا من الن�ضال‬ ‫االق��ت�����ص��ادي وال�سيا�سي واالجتماعي‬ ‫العفوي ال��ذي ال ميكن التنب�ؤ بحدوثه‬ ‫وتوقيته‪.‬‬ ‫م���ا ح���رك ه������ؤالء ي��ب��دو وا���ض��ح��ا‪،‬‬ ‫ف�ضائقتنا االقت�صادية املزمنة‪ ،‬مل تقدم‬ ‫لها احلكومات املتعاقبة �إال و�صفات الف�شل‪،‬‬ ‫ومن ثم كان احلل بعد الف�شل بالذهاب‬ ‫�إىل جيوب الفقراء والفئات ال�ضعيفة‬ ‫فقط دون غ�يره��م‪ ،‬فقد اعتقد را�سمو‬ ‫ال�سيا�سة االقت�صادية الأردنية بعد ف�شل‬ ‫و�صفاتهم النيوليربالية �أن فقراء الأردن‬ ‫ال يعرت�ضون وال �أ�صوات لهم‪.‬‬ ‫يف ظل ه��ذه املعطيات االقت�صادية‬ ‫وال�سيا�سية اخلانقة‪ ،‬يجب على احلكومة‬ ‫اال�ستعداد ملهام �شاقة جدا‪ ،‬فهي ال تدري‬ ‫بعد‪� ،‬أي الفئات �أو القطاعات املجهولة لنا‬ ‫يف احلا�ضر‪� ،‬ستكون عما قريب معرت�ضة‬ ‫ويجل�س �أع�ضا�ؤها يف ال�شارع موا�صلني‬ ‫تعرية الواقع قبل احلكومة‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬يجب �أال يغيب عن بال �صانع‬ ‫ال��ق��رار‪� ،‬أن الفقر كفيل ب�صياغة وعي‬ ‫مت��ردي ي�صعب ردع��ه �أو الوقوف �أمامه‪،‬‬ ‫فما بالك �إذا امتزج فقر الأردنيني بغياب‬ ‫احلريات‪ ،‬وطغيان الالم�ساواة‪ ،‬وا�ستبداد‬ ‫الأغنياء وا�ستعرا�ضهم �أمام الفقراء‪.‬‬ ‫الظاهرة االعرتا�ضية التي نحن‬ ‫ب�صددها‪ ،‬ال ي�ستقيم معها ما قامت به‬ ‫احلكومة من �إجراءات حتى الآن‪ ،‬ف�إدارة‬ ‫الظهر واحلل الأمني يفاقمان الأزمة وال‬ ‫يحدان من تو�سعها‪.‬‬ ‫فما دامت الأ�سباب الأ�صيلة قائمة‪،‬‬ ‫�سن�شهد يف كل يوم اعرتا�ضات واعت�صامات‬ ‫وهراوات ومطاردات‪ ،‬فالت�سكني وترحيل‬ ‫امللفات بات حال غري ناجح‪ ،‬ال بل �أ�صبح‬ ‫يقدم املدد للتوتر القائم‪.‬‬ ‫ب��ع��ي��دا ع���ن ال��ت��ف��ا���ص��ي��ل وت��ن��اول‬ ‫املعرت�ضني فئة فئة‪ ،‬نحتاج �إىل مقاربة‬ ‫�سريعة وحتمية تقدم لنا �آليات عملية‪،‬‬ ‫تعيد للمجتمع الأردين توازنه‪.‬‬ ‫فال�سيا�سات االقت�صادية ال زالت‬ ‫بحاجة ملوقف و�إعادة نظر‪ ،‬وال بد للدولة‬ ‫من التخلي عن تبنيها الأيدلوجي ال�صارم‬ ‫لل�سيا�سات احلالية‪.‬‬ ‫كما �أنه ال بد من االهتمام مبو�ضوع‬ ‫الإ���ص�لاح ال�سيا�سي‪ ،‬و�إعطائه م�ساحة‬ ‫�أو�سع يف حلولنا الوطنية‪ ،‬كما �أن للم�ساواة‬ ‫والعدالة ووقف ماكينة الف�ساد‪� ،‬أدوارا‬ ‫هامة يف �إعادة �ضبط �إيقاعنا االجتماعي‪،‬‬ ‫ومن هنا يجب على احلكومة �أن تبد�أ‪.‬‬

‫على المأل‬

‫ال�صمت‬ ‫والتربير‬ ‫الر�سمي‬ ‫للجرائم‬ ‫ال�صهيونية‬

‫جمال ال�شواهني‬ ‫قطاع غ��زة حما�صر بقرار ع��دواين �إ�سرائيلي‬ ‫ولي�س بقرار دويل كما ك��ان احل��ال بح�صار العراق‬ ‫�أي���ام ال��راح��ل ���ص��دام ح�سني‪ ،‬وال��ع��دو الإ�سرائيلي‬ ‫حا�صر بريوت لأكرث من ت�سعني يوم ًا عام ‪ 1982‬بقرار‬ ‫�إجرامي منه‪ ،‬نكل خاللها بال�شعب اللبناين واملقاومة‬ ‫الفل�سطينية بكل �أنواع الأ�سلحة‪� ،‬إىل �أن ق�ضي الأمر‬ ‫بخروج املقاومة الفل�سطينية من لبنان وفك احل�صار‪،‬‬ ‫�إال �أن ذلك مل يلغ املقاومة اللبنانية املاثلة هذه الأيام‬ ‫مبا يثري الفخر والإعجاب‪.‬‬ ‫ورغم �أن ح�صار العراق قد �أحيط بغطاء دويل‪،‬‬ ‫�أ�سا�سه ق��رار ملجل�س الأم��ن‪� ،‬إال �أن��ه ظل حمل رف�ض‬ ‫وت�شكيك يف امل�ستوى ال�شعبي واملدين باعتباره ظامل ًا‪،‬‬ ‫غري �أن النظام العربي الر�سمي التزم‪ ،‬و�شارك فيه‪،‬‬ ‫باعتباره دولي ًا‪.‬‬ ‫يف حني �أن ح�صار بريوت الذي نال �أق�سى درجات‬ ‫الغ�ضب العام من ال�شعوب‪ ،‬كان مقابله درجات عليا من‬ ‫ال�صمت العربي الر�سمي �أي�ض ًا‪ ،‬رغم �أنه لي�س ح�صار ًا‬ ‫دولي ًا‪.‬‬ ‫يف ح�صار غزة املاثل �أمام اجلميع ما يدفع للثورة‬ ‫على الأنظمة ج��راء ا�ستمرار �صمتها عن الإج��رام‬ ‫اليهودي املزدوج �ضد الإن�سانية‪ ،‬الذي ينال من �أبناء‬ ‫ال�شعب الفل�سطيني ومقد�سات الأمة يف �آن مع ًا‪.‬‬ ‫وهذا ال�صمت الذي بات ميزة وعادة للأنظمة‪،‬‬ ‫بات جلي ًا الآن �أنه �إ�سهام يف احل�صار‪ ،‬ولي�س جمرد‬ ‫حياد‪ .‬كما �أنه مل يعد مقنع ًا لأحد �أي حترك للجامعة‬ ‫العربية �أو �صدور البيانات ومواقف ال�شجب الكالمية‬ ‫طاملا �أن �أثرها مفقود وال وجود له �أ�ص ًال‪.‬‬ ‫يف كل مرة ي�شتد فيها العنف والإجرام اليهودي‬ ‫�ضد الأه��ل يف غ��زة‪ ،‬يتربع النظام العربي الر�سمي‬ ‫مب��ا يزيل ع��ن كاهله امل�س�ؤولية وال��ل��وم والعتاب‪،‬‬ ‫جراء التخلي عن �شرف الأمانة �أو التقاع�س عنها‪،‬‬ ‫�سي القوافل‬ ‫فحين ًا يجري فتح معرب رفح‪ ،‬ويف �آخر ُت رّ‬ ‫اخل�يري��ة‪ ،‬وب�ين ه��ذا وذاك م��واق��ف ودع���وات لرفع‬

‫�سلطان العجلوين‬

‫كيف ن�ستثمر تداعيات جرمية �أ�سطول احلرية؟‬

‫�أمة تبحث عن بطل‬ ‫م�سكينة هذه الأمة‪..‬‬ ‫فبعد �أن ك��ان ت�صدير الأبطال‬ ‫للعامل �أجمع �أهم منتجاتها احل�ضارية‪،‬‬ ‫�صارت �أم��ة ت�ستجدي بط ًال‪ ،‬وتبحث‬ ‫عنه يف �أرح���ام الأمم وال�شعوب؛ مل‬ ‫يعد يهمها مذهبه �أو قوميته �أو دينه‪،‬‬ ‫بل حتى لو مل يكن له دي��ن‪ ،‬ال يهم‪،‬‬ ‫بطل وكفى‪ ..‬ميكن ل�شافيز الفنزويلي‬ ‫ال�شيوعي �أن يكون بط ًال تهتف له‬ ‫جماهري الأم���ة‪ ،‬وميكن لرجب طيب‬ ‫�أردوغ����ان ال�ترك��ي �أن ي�صبح خليفة‬ ‫جديد ًا للأمة حتى من دون تر�سيم‪،‬‬ ‫وميكن لنجاد ال�شيعي الفار�سي �أن‬ ‫ُيحمل على الأك��ت��اف وي��و���ض��ع فوق‬ ‫الر�ؤو�س‪...‬‬ ‫ه���ذه احل����ال ت��ث�ير ال��ع��دي��د من‬ ‫الت�سا�ؤالت امل�ؤملة؛ فكيف ي�شعر حكام‬ ‫الأمة ووالة �أمرها وهم يرون �شعوبهم‬ ‫يهتفون (دون ترهيب �أو ترغيب)‬ ‫ل��ق��ادة غ�يره��م‪ ،‬وجلهم اع��ت��اد على‬ ‫الفردية والت�سلط يف كل �شيء وعلى‬ ‫كل �شيء �إال على قلوب ال�شعوب؟؟ �أال‬ ‫يدلهم ذلك على �أنهم ملكوا الرقاب‬ ‫دون القلوب؟؟ و�شتان‪..‬‬ ‫وكيف تقبل �أمة العرب املعروفة‬ ‫بكربيائها و�أنفتها �أن يكون �أبطالها‬ ‫وقدوات �أبنائها ال ينطقون �ضادها؟‬ ‫منذ وف���اة ج��م��ال عبد النا�صر‪،‬‬ ‫(برغم النقد واملالحظات التي لدينا‬ ‫عليه) مل تلد �أم عربية زعيم ًا عربي ًا‬ ‫ر�سمي ًا جتتمع حوله �أك�ثر الأم��ة‪ ،‬مل‬ ‫ُت�صب �أرح���ام العربيات الأ�صيالت‬ ‫بالعقم‪ ،‬ولكنهن مل يلدن من الأبطال‬ ‫�إال الثوار و"اخلارجني على القانون"‬ ‫ق��ان��ون "العقالنية" و"االعتدال"‬ ‫و"الدبلوما�سية"‪ ،‬امل��ت��م��ردي��ن على‬ ‫اخل�ضوع للأنظمة الدولية اجلديدة‬ ‫والقدمية والبالية واملهرتئة‪ ،‬وحتى‬ ‫ال��ي��وم مل يخرج علينا زعيم ر�سمي‬ ‫ير�ضاه النا�س يف دائ���رة �أو���س��ع من‬ ‫دائرة اخلوف والرجاء‪..‬‬ ‫لهذا كله لي�س غريب ًا �أن نرى يف‬ ‫مياديننا �أعالم ًا مل نعرفها من قبل‪ ،‬ومل‬ ‫يعد م�ستهجن ًا �أن نهتف يف مهرجاناتنا‬ ‫بكلمات تركية �أو فار�سية كي نح ّيي‬ ‫ه��ذا الزعيم �أو ذاك لأن��ه وق��ف من‬ ‫ق�ضايانا موقف ًا مل يجر�ؤ زعماء �أمتنا‬ ‫الر�سميون �أن يقفوه �أو يحلموا يف‬ ‫منامهم �أنهم قد يفكرون به‪..‬‬ ‫يوم ًا ما قال �أحدهم �ساخراً‪ :‬لو‬ ‫ُ‬ ‫إ�سرائيل" ذا َتها لوقفنا معها‬ ‫حا َربَتْ "�‬ ‫وهتفنا با�سمها!! فعدو عدونا �صديقنا‪،‬‬ ‫فكيف �إن كان هذا ال�صديق ي�شاركنا يف‬ ‫ال �إله �إال اهلل حممد ر�سول اهلل؟ واهلل‬ ‫لو وجدت الأمة من زعمائها "املحليني"‬ ‫من يقف ن�صف مواقف الرجولة التي‬ ‫يقفها �أبطالها "امل�ستوردون" ملا هتفوا‬ ‫�إال ل���ه‪ ،‬ول��و���ض��ع��وه ب�ين ال��ه��دب ويف‬ ‫حجريات القلب‪ ،‬ولكنَّ �شِ ْب َل الأ�سو ِد‬ ‫اليتيم يرى كلّ�ض �شاةٍ َلهُ ُم ْر ِ�ض َعةْ‬ ‫َ‬ ‫‪www.sultanajloni.com‬‬

‫احل�صار و�إر�سال املعونات‪� ،‬سرعان ما تتوقف كلها بعد‬ ‫احل�صول على الهدوء املن�شود‪ ،‬وال��ذي غالب ًا يغطي‬ ‫املمار�سات الإ�سرائيلية �أي�ض ًا‪ ،‬ب�إظهارها وهي ت�سمح‬ ‫ب�إدخال القليل املر�سل لتمرير الكذب على العامل‬ ‫ليقال �إنه لي�س هناك ح�صار‪.‬‬ ‫الذي يقرر فتح معرب رفح‪ ،‬هو نف�سه الذي يقرر‬ ‫�إغالقه‪ ،‬وال��ذي يقرر �إر�سال قوافل اخلري‪ ،‬وت�شييد‬ ‫امل�شايف امليدانية‪ ،‬ي�ستطيع �أكرث من ذلك بكثري‪ ،‬والذين‬ ‫يركبون موجة احلدث‪ ،‬ميكنهم فعل الكثري �أي�ض ًا‪ ،‬غري‬ ‫�أنهم م�سريون وبدون خيارات خا�صة‪.‬‬ ‫العدو الإ�سرائيلي مار�س الإج��رام علن ًا على كل‬ ‫ال�شعوب العربية �أثناء قر�صنته على قافلة احلرية‪،‬‬ ‫فاجلزائريون امل�شاركون فيها نالوا الويل من الوح�شية‪،‬‬ ‫ومثلهم الذين من �سوريا ولبنان واملغرب وتون�س‪ .‬غري‬ ‫�أن ما تعر�ض له الأردنيون يظل الفت ًا �أكرث ما يكون‪.‬‬ ‫فقد تعمد العدو الإ�سرائيلي الإ�ساءة الق�صوى لهم‪،‬‬ ‫وكان يقذف بجوازت �سفرهم �إىل الأر���ض ويدو�سها‬ ‫وي�ستهزئ بها‪.‬‬ ‫كما �أنه تعمد �سلبهم �أموالهم ووثائقهم وكل ما‬ ‫بحوزتهم‪ ،‬كما ح�صل مع امل�شارك الأردين حبيب �سعود‬ ‫الذي �سلبه �ضابط �صهيوين �سبعمائة دوالر ود�سها يف‬ ‫جيبه بعد �أن �ألقى بجواز �سفره على الأر�ض ودا�سه‬ ‫وهو ي�شتم جن�سيته الأردنية‪.‬‬ ‫يف حني �أن هذا العدو مل يكن يجر�ؤ على معاملة‬ ‫الأجانب بذات الطريقة‪ ،‬حتى الذين منهم من �أ�صول‬ ‫عربية‪ ،‬كما ح�صل مع املت�ضامن خالد الرتعاين الذي‬ ‫يحمل اجلن�سية الأمريكية‪.‬‬ ‫�إن الذين ال يحمون �شعوبهم ال يجوز لهم البقاء‬ ‫يف �سدة احلكم‪ ،‬وه��ؤالء و�إن كان �ضعف احلال يربر‬ ‫بع�ض تخاذلهم �أو تقاع�سهم‪ ،‬ولي�س كله‪ ،‬ف�إن غري املربر‬ ‫على الإطالق‪� ،‬أال يكون ال�صمت عن اجلرائم اليهودية‬ ‫كافياً للبع�ض‪ ،‬و�إمنا االندفاع لتربيرها �أي�ضاً‪.‬‬

‫ب�سام نا�صر‬

‫ال�سفري د‪ .‬عبداهلل الأ�شعل‬

‫علمتنا جتارب وخربة التعامل مع "�إ�سرائيل"‬ ‫�أنها قادرة على �أن تغ�سل يديها ب�سرعة من كل‬ ‫جرائمها‪ ،‬ولو قدر للعرب �أن يتورطوا يف �أ�صغر‬ ‫حادث واجهته "�إ�سرائيل" لق�ضت عليهم ق�ضاء‬ ‫م�برم� ًا‪ .‬يرجع ال��ف��ارق �إىل ذك��اء "�إ�سرائيل"‬ ‫وج�سارتها‪ ،‬وعدم حر�صها على الأخالق‪ ،‬مادامت‬ ‫�أ�ص ًال م�شروع ًا يناق�ض �أي �أخ�لاق‪ ،‬رغم تغني‬ ‫قادتها بالأخالق‪ ،‬و�إ�سراف خطابهم ال�سيا�سي يف‬ ‫ا�ستخدام هذا امل�صطلح‪.‬‬ ‫ي�ضاف �إىل ذك��اء "�إ�سرائيل" وفجورها‬ ‫�إدم��ان��ه��ا للكذب واخل���داع وامل��رواغ��ة‪ ،‬وه��و ما‬ ‫�أكده �أردوغ��ان من �أن تركيا �سئمت من �أكاذيب‬ ‫"�إ�سرائيل"‪ ،‬وه��ى �أك��اذي��ب مك�شوفة‪ .‬العامل‬ ‫الثالث يف �إح���داث ه��ذا ال��ف��ارق ه��و ا�ستماتة‬ ‫وا�شنطن والغرب يف دعم "�إ�سرائيل" و�إجرامها‬ ‫م��ادام��ت �شركة م�ساهمة غ��رب��ي��ة‪ .‬والعامل‬ ‫الأخري هو �ضعف الإرادة العربية فى الت�صدى‬ ‫لـ"�إ�سرائيل" وعزلها‪.‬‬ ‫�أدى ح��ادث االعتداء احلربي على قافلة‬ ‫احلرية �إىل �آثار مدمرة يف �سبع قطاعات على‬ ‫الأق��ل‪ ،‬وهي العالقات الإ�سرائيلية الرتكية‪،‬‬ ‫والعالقات الإ�سرائيلية الأمريكية‪ ،‬وتطور‬ ‫نزع ال�شرعية عن "�إ�سرائيل"‪ ،‬و�أم��ن املتو�سط‬ ‫واالحت���اد م��ن �أج��ل املتو�سط‪ ،‬وامل��ل��ف النووي‬ ‫الإيراين‪ ،‬وو�ضع املقاومة بعد احلادث‪ ،‬وم�ستقبل‬ ‫امل��ف��او���ض��ات م��ع "�إ�سرائيل" وعملية ال�سالم‬ ‫وامل��ب��ادرة العربية‪ .‬ورغ��م خ��ط��ورة تداعيات‬ ‫احلادث على "�إ�سرائيل"‪ ،‬ف�إنه يخ�شى �أن ي�ؤدي‬ ‫التقاع�س ال��ع��رب��ي �إىل �إف�ل�ات "�إ�سرائيل"‪،‬‬ ‫وقدرتها على احتواء تداعياته‪ ،‬وتعود �إىل‬ ‫نقطة البداية وقد �أزاحت كل التحديات التي‬ ‫تزاحمها يف �إدارة امل�شهد‪ ،‬بل يخ�شى �أن ي�ؤدي‬ ‫هذا التقاع�س �إىل ا�ستمرار ح�صار غزة‪ ،‬وتفاقم‬ ‫ال�صراع الداخلي ب�ين الفل�سطينيني‪ ،‬و�شعور‬ ‫تركيا ب�أنها �ضحت مب�صاحلها‪ ،‬وقد خذلت من‬ ‫العرب مثلما خذلوها من قبل �أي��ام ال�شريف‬ ‫ح�سني ال��ذي خدعه مكماهون‪ ،‬فح�شد العرب‬ ‫�ضد الأتراك يف احلرب العاملية الثانية‪ ،‬فمكن‬ ‫ل�سايك�س بيكو وبلفور وانتداب بريطانيا وقيام‬

‫"�إ�سرائيل"‪.‬‬ ‫نركز يف هذا امل�شهد على و�سائل ال�ستثمار‬ ‫احلادث من الناحية القانونية‪ ،‬و�أخطر جمال‬ ‫لال�ستثمار هو ت�أكيد تركيا يف حملتها على نزع‬ ‫ال�شرعية عن "�إ�سرائيل"‪ .‬ذلك �أن احلادث �أكد‬ ‫الطبيعة الرببرية لـ"�إ�سرائيل" وعلى احتقارها‬ ‫للقانون الدوىل‪ ،‬و�أن �إفالتها من العقاب خا�صة‬ ‫ب��ع��د حم��رق��ة غ���زة وم��ط��اردت��ه��ا �آث����ار تقرير‬ ‫جولد�ستون �أ�صبح �أم��ر ًا م�ضمون ًا بفعل الدعم‬ ‫الأمريكي والرتاخي العربي‪.‬‬ ‫نقطة ال��ب��داي��ة‪� ،‬إذا ت��وف��رت الإرادة هي‬ ‫الإ���ص��رار على ت�شكيل جلنة حتقيق دولية يف‬ ‫احل��ادث‪ ،‬ويف نف�س الوقت ف��إن نتائج التحقيق‬ ‫ظاهرة يف الواقع؛ لأن م�بررات "�إ�سرائيل" لن‬ ‫تغري من احلقيقة‪ ،‬وهي �أنها قامت باالعتداء‬ ‫امل�سلح على قافلة مدنية ال راب��ط بينها وبني‬ ‫"�إ�سرائيل"‪ ،‬و�إمنا وجهتها �إنقاذ غزة من جرمية‬ ‫احل�صار التى تفر�ضها "�إ�سرائيل" عليها‪ ،‬وتغا�ضي‬ ‫املجتمع الدويل عن االهتمام بها‪ ،‬ومت االعتداء‬ ‫يف املياه الدولية‪ .‬يرتتب على ذلك �أن نتيجة‬ ‫التحقيق �سوف ت�صم زعماء "�إ�سرائيل" بجرمية‬ ‫جديدة هذه املرة �ضد الإن�سانية؛ لأن الت�صدي‬ ‫بالقوة ال��دم��وي��ة لأ���س��ط��ول احل��ري��ة يف املياه‬ ‫الدولية يعني ا�ستعداد "�إ�سرائيل" الرتكاب �أي‬ ‫جرمية‪ ،‬حتى يظل قرار املوت واحلياة ل�سكان‬ ‫غزة يف يديها‪.‬‬ ‫�إن �أخطر ما ميكن �أن ي�ضرب "�إ�سرائيل"‬

‫يف ال�صميم هو ال�سعي لنزع ال�شرعية عنها من‬ ‫زاويتني؛ عدم �شرعية الوجود‪ ،‬وعدم �شرعية‬ ‫ال�سلوك؛ لأن الكيان ال�شيطاين ي�سلك �سلوك ًا‬ ‫�شيطاني ًا ال حتتمله الب�شرية وجمتمع الدول‬ ‫املتح�ضرة‪ .‬و�إذا كانت ه��ذه جرمية وحمرقة‬ ‫غ��زة وجم���ازر "�إ�سرائيل" �ضد الفل�سطينيني‬ ‫وال��ع��رب يف م�صر وتون�س ولبنان‪ ،‬ودوره���ا يف‬ ‫العراق ويف ال�سودان ويف نهر النيل‪ ،‬كلها ت�شري‬ ‫�إىل �أنها هي م�صدر ال�شقاء يف هذه املنطقة‪ ،‬و�إذا‬ ‫كانت حمكمة العدل الدولية قد �أدانت �سلوك‬ ‫"�إ�سرائيل" يف الأرا�ضى الفل�سطينية مبنا�سبة‬ ‫ق�ضية اجلدار العازل‪ ،‬كما تنبهت �أو�ساط دولية‬ ‫عديدة �إىل �شذوذ ه��ذا ال�سلوك‪ ،‬ف ��إن العامل‬ ‫ال ب��د �أن يتجه �إىل �إدراك �أن ه��ذا ال�سلوك‬ ‫مرتبط ارتباط ًا حميم ًّيا بالطبيعة ال�شيطانية‬ ‫لـ"�إ�سرائيل"‪ .‬ونحن نظن �أن تركيز تركيا على‬ ‫ن��زع ال�شرعية عن "�إ�سرائيل" يجب �أن يكون‬ ‫مع العرب م�شروع ًا �إ�سرتاتيجي ًا‪ ،‬ولكني �أظن‬ ‫�أن العرب يلهثون ل�سد الفجوات بني موقفهم‬ ‫املخزي واملوقف الرتكي ال�شجاع‪ ،‬ولذلك �أظن‬ ‫�أن املواقف العربية لي�ست مواقف �أ�صلية‪ ،‬و�أن‬ ‫الأخطبوط الأمريكي ال�صهيوين ي�سعى لكي يفك‬ ‫"�إ�سرائيل" من م�صيدة نزع ال�شرعية مب�ساعدة‬ ‫عربية‪ ،‬كما ال �أظن �أن فتح معرب رفح كان يعرب‬ ‫عن تغري ا�سرتاتيجي‪ ،‬ولكنه جزء من حماوالت‬ ‫الأ�صدقاء تخفيف ال�ضغط على "�إ�سرائيل"‬ ‫ووقف حماوالت ا�ستهدافهم هم �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫و�أخ�ي�راً‪ ،‬فل�ست بحاجة �إىل الإ���ش��ارة �إىل‬ ‫�أن دخ��ول تركيا ب�شدة ب�سبب �شهداء القافلة‬ ‫وا�شرتاطها رفع احل�صار عن غزة مقابل تطبيع‬ ‫عالقتها مع "�إ�سرائيل" هو �سقف �أذهل احلكومات‬ ‫العربية و�أحرج بع�ضها‪.‬‬ ‫التحية لزعماء تركيا وال�شعب الرتكي‬ ‫الأب���ي‪ ،‬ولأم�ير قطر‪ ،‬وخا�صة على ا�ستعداده‬ ‫لتمويل �صندوق املالحقة الق�ضائية عن هذه‬ ‫اجلرمية‪.‬‬

‫اللواء الركن املتقاعد �أحمد عبد الهادي املحارمة‬

‫العـقـوبــــــات‬ ‫�إن فر�ض العقوبات با�سم املجتمع الدويل‬ ‫و�أحيانا با�سم �أمريكا �ضد دول��ة نامية حيثما‬ ‫كانت‪� ،‬ست�ؤدي بالتايل �إىل �إنهاك تلك الدولة‬ ‫وحتطيم اقت�صادها‪ ،‬واه�تراء بنيتها التحتية‬ ‫‪،‬و�إف��ق��ار �شعبها و�إفال�سها‪ ,‬مما يجعلها عر�ضة‬ ‫لكل الأم��را���ض ال�سارية‪� .‬أمامنا العراق كمثل‬ ‫على املقاطعة التي فر�ضت عليه و�أنهكت قواه‬ ‫جميعها الع�سكرية واالقت�صادية واالجتماعية‬ ‫والعلمية‪ ،‬وكل مظاهر احلياة فيه‪ ,‬حتى �أ�صبح‬ ‫لقمة �سائغة لكل الأف���واه الفاغرة البتالعه‬ ‫وحتطيم ق��درات��ه ملائة ع��ام ق��ادم��ة‪ ,‬حيث ال‬ ‫يعود عراق املنعة وال�صمود والتحدي‪ ،‬والأهم‬ ‫من ذلك �أن ال ي�شكل عقبة يف وجه "�إ�سرائيل"‬ ‫ال��ت��ي ك���ان ك��ل ه���ذا الإن���ه���اك ال���ذي �أحدثته‬ ‫العقوبات الأمريكية ب�إدخاله غرفة الإنعا�ش‬ ‫حت�ضريا لدفنه و�إخراجه من �ساحة املواجهة‪،‬‬ ‫م�صلحة �إ�سرائيلية �أ�صبحت جزءا من الأهداف‬ ‫الأمريكية يف املنطقة‪.‬‬ ‫عندما عزمت �أمريكا على الإجهاز على هذه‬ ‫الدولة العربية‪ ،‬وقد ن�ضجت لالبتالع‪ ،‬و�صارت‬ ‫غري قادرة على الدفاع عن نف�سها‪ ،‬انق�ضت عليها‬ ‫ومزقتها �شر مم��زق‪ ،‬وهكذا حققت العقوبات‬ ‫غايتها بتجريد ال����دول امل�ستهدفة م��ن كل‬ ‫الأ�سلحة الع�سكرية وال�سيا�سية واالقت�صادية‬ ‫واملعنوية التي متكنها من الوقوف على قدميها‪،‬‬ ‫حتى �أ�صبحت كخيال امل�آته كما يقال (الريام)‬ ‫وكلكم تذكرون ت�سليم كافة ال�صواريخ العراقية‪،‬‬ ‫ومن ثم فرمها‪.‬‬ ‫كانت العقوبات املحكمة التي فر�ضت على‬ ‫ال��ع��راق دوليا وعربيا خ�لال عقد الت�سعينات‬

‫مفتاح االح��ت�لال ال�سهل وال�سريع‪ ،‬ال��ذي كان‬ ‫م�صلحة �إ�سرائيلية �أوال‪ ،‬والتي بدورها تقود‬ ‫ال��غ��اي��ات الأم��ري��ك��ي��ة وع��م��وده��ا ال��ف��ق��ري‪� ,‬أمل‬ ‫يقل الرئي�س الأمريكي قمنا باحتالل العراق‬ ‫لهدفني‪ ,‬حماية "�إ�سرائيل" والنفط‪ .‬وكذلك‬ ‫كان دور كوبا وزمبابوي وال�سودان و�إي��ران‪� ،‬إال‬ ‫�أن عدم و�ضوح امل�صلحة الإ�سرائيلية يف كل هذه‬ ‫الدول مل يو�صلها �إىل مرحلة الن�ضوج وال�سقوط‪,‬‬ ‫�آخذين بعني االعتبار ق��درات هذه ال��دول على‬ ‫املمانعة وال�صمود‪.‬‬ ‫الآن ج��اء دور �إي��ران بحجة حماوالتها‬ ‫تطوير قدراتها النووية‪ ,‬بت�شكيل فريق مطاردة‬ ‫بقيادة �أمريكا لفر�ض العقوبات وجبة �إثر‬ ‫وجبة‪ ,‬لإي�صال الو�ضع الإيراين �إىل ذاك الذي‬ ‫و�صل �إليه ال��ع��راق من قبل‪ ,‬وتهيئته كوجبة‬ ‫�إ�سرائيلية ق��ادم��ة‪ ,‬ليخلو لها اجل��و متاما يف‬ ‫املنطقة دون مناف�س �أو م��ق��اوم‪ ,‬فهل حقا �إن‬ ‫امتالك �إي��ران للتقنية النووية تهديد لدول‬ ‫الـ(‪ )1+5‬وبالأخ�ص �أمريكا من خلف الأطل�سي‪.‬‬ ‫�إمنا هي امل�صلحة الإ�سرائيلية التي تقود‬ ‫�أمريكا لهذا ال�سعار للتخل�ص من �إيران كمقاوم‬ ‫ومناف�س على املنطقة كما تخل�صت من العراق‬ ‫من قبل‪.‬‬ ‫ت�سعى �أم��ري��ك��ا بكل م��ا �أوت��ي��ت م��ن قوة‬ ‫ال�ست�صدار قرار من جمل�س الأمن يفر�ض عقوبات‬ ‫�صارمة تدمر ال��ق��درات الإي��ران��ي��ة تدريجيا‪،‬‬ ‫وجتعله يف نهاية املطاف كما كان العراق من قبل‬ ‫لقمة �سائغة‪.‬‬ ‫�أمام العرب الآن فر�صة ملقاي�ضة امل�شروع‬ ‫الإي����راين بالأ�سلحة ال��ن��ووي��ة الإ�سرائيلية‪،‬‬

‫‪15‬‬

‫يجعل املنطقة خالية من �أ�سلحة الدمار ال�شامل‪,‬‬ ‫واحدة بواحدة‪ ,‬وعليهم اغتنام الفر�صة وعدم‬ ‫�إ�ضاعتها‪ ,‬فالرت�سانة النووية الإ�سرائيلية جعلت‬ ‫منها دول��ة متنفذة ت�صول وجت��ول يف املنطقة‬ ‫العربية تفر�ض م�صلحتها على �شعوب املنطقة‪،‬‬ ‫وال يواجهون �إال بالتنازالت بعد التنازالت‪.‬‬ ‫ق��د تتمكن �أمريكا م��ن ا�ست�صدار قرار‬ ‫"�إممي" يفر�ض عقوبات قا�سية على �إي��ران‪,‬‬ ‫وبحجة �أنه قرار دويل �سنكون نحن العرب �أول‬ ‫من يطبق القرار‪ ،‬ويفر�ض احل�صار‪ ،‬كما فعلنا‬ ‫من قبل مع العراق وليبيا‪ ,‬بهذا نكون قد �أ�ضعنا‬ ‫فر�صة املقاي�ضة �أوال‪ ،‬و�أبعدنا دولة م�سلمة من‬ ‫�ساحة املناف�سة واملعاونة ثانيا‪ ,‬و�أطلقنا يد‬ ‫"�إ�سرائيل" يف املنطقة ثالثا‪.‬‬ ‫�أما ما يلوح من الأفق ف�إن �إيران �ستقاوم‬ ‫و�ست�ستمر يف برناجمها التقني‪ ,‬وال يكون �أمام‬ ‫"�إ�سرائيل" �إال رك��وب ر�أ�سها منفردة؛ لأن ال‬ ‫م�صلحة لأمريكا والعامل يف �ضرب �إيران ووقف‬ ‫ت�صدير برتولها واملنطقة املحيطة‪ ،‬والذي يعترب‬ ‫�شريان احل��ي��اة ل���دول ال��ع��امل قاطبة‪ ،‬وال��ذي‬ ‫بدونه �ستتوقف احل��ي��اة‪� .‬إن ح�صلت الهجمة‬ ‫الإ�سرائيلية فقد �أينعت الفر�صة للعرب وحان‬ ‫قطافها‪ ،‬لتخلي�ص ال�شعب العربي يف فل�سطني‬ ‫من الع�صابة ال�صهيونية املتطرفة‪ ،‬وخلق دولة‬ ‫دميقراطية جلميع مواطنيها يعي�ش فيها اجلميع‬ ‫ب�أمن و�سالم‪.‬‬ ‫ه��ذه اخلطوة جريئة وعظيمة‪ ،‬ولكنها‬ ‫حتتاج �إىل ا�ستعداد وحت�ضري من الآن‪ ,‬لتكون‬ ‫عملية التغيري والتحويل �سل�سة‪ ،‬وب�أقل قدر من‬ ‫اخل�سائر‪.‬‬

‫«يهود» اجلزيرة حينما‬ ‫يرتك لهم العنان‬ ‫للت�ضليل!‬ ‫عمال بالعنوان املراوغ وامللتب�س "الر�أي وال��ر�أي الآخر"‪ ،‬تتيح‬ ‫قناة اجلزيرة الف�ضائية‪ ،‬للمتحدثني "الإ�سرائيليني" فر�صة الظهور‬ ‫واحل�ضور على �شا�شتها‪ ،‬ليخاطبوا جمهورها العري�ض من ال�شعوب‬ ‫العربية‪ ،‬ويف كل جمزرة �أو حرب دموية‪ ،‬يرتكبها جي�ش االحتالل‪،‬‬ ‫يطل علينا املتحدث الألثغ‪ ،‬ليربر جرائم جي�شه النكراء‪ ،‬م�سوقا‬ ‫حججه املتهافتة‪ ،‬التي ال تنطلي على م�شاهدي اجلزيرة‪ ،‬وال تقدم‬ ‫لهم �إال املزيد من الأكاذيب واالفرتاءات وتزوير احلقائق‪.‬‬ ‫"الر�أي وال��ر�أي الآخر"‪� ،‬شعار م��راوغ وملتب�س؛ لأن��ه يوحي‬ ‫ب ��أن ثمة توجها للوقوف على م�سافة واح��دة من كل الأط���راف‪،‬‬ ‫وهذا ي�صعب حتقيقه‪ ،‬والوفاء به؛ لأن كل و�سائل الإع�لام تابعة‬ ‫جلهات موجهة وممولة‪ ،‬هي التي تقوم بر�سم �سيا�ستها‪ ،‬والتحكم يف‬ ‫توجهاتها‪ ،‬واجلزيرة لي�ست خارجة عن تلك القاعدة املعروفة‪ ،‬ثم‬ ‫�إن يف تطبيقات هذا ال�شعار‪ ،‬هدم لكثري من �أ�س�سه وم�ضامينه يف غالب‬ ‫الأحيان‪ ،‬من حيث اختيار الأ�شخا�ص امل�شاركني‪ ،‬و�آلية �إدارة احلوار‪،‬‬ ‫ونوعية الأ�سئلة املوجهة للم�شاركني‪ ،‬و�إهمال بع�ض الق�ضايا التي ال‬ ‫تعجب اجلهة املمولة واملوجهة‪.‬‬ ‫اجلزيرة يف خ�ضم حر�صها على املهنية واحلرفية‪ ،‬ت�ضطر �إىل‬ ‫العمل مببد�أ "الر�أي والر�أي الآخر" ‪-‬ولو ب�صفة ن�سبية‪ -‬لكن و�سائل‬ ‫الإعالم العاملية ال�شهرية املنحازة ‪-‬دائما‪ -‬للروايات الإ�سرائيلية‪،‬‬ ‫ال ت�أخذ ذل��ك بعني االعتبار‪ ،‬فهي ال ت�سمح للمتحدثني العرب‬ ‫والفل�سطينيني بالظهور على �شا�شتها‪ ،‬والإدالء ب�آرائهم والرد‬ ‫على الروايات الإ�سرائيلية امللفقة واملختلقة‪ ،‬يف مداخلة لها على‬ ‫تداعيات جمزرة �أ�سطول احلرية‪ ،‬ا�شتكت الدكتورة بثينة �شعبان‬ ‫الإعالمية وال�سيا�سية ال�سورية املعروفة‪ -‬ما تقوم به اجلزيرة‬‫من �إتاحة الفر�صة الكاملة للمتحدثني الإ�سرائيليني لبث �أحاديثهم‬ ‫الكاذبة‪ ،‬بينما ال ت�سمح �أي و�سيلة �إعالم غربية لأي متحدث عربي‬ ‫بالظهور عرب �شا�شتها‪ ،‬وخماطبة الر�أي العام الغربي‪.‬‬ ‫اجلزيرة العربية تخاطب ال�شعوب العربية �أ�صال (�أي القيام‬ ‫بدور وعظ امل�ؤمنني)‪ ،‬التي تعرف جيدا حقيقة ما يجري‪ ،‬وتدرك‬ ‫مدى تهافت الروايات "الإ�سرائيلية" يف �سائر الأح��داث والوقائع‬ ‫اجلارية‪ ،‬وتعرف كل �ألوان الأكاذيب‪ ،‬و�صور التزوير التي َي�سوقها‬ ‫املتحدثون الإ�سرائيليون‪ ،‬ف�إتاحة الفر�صة لهم للظهور على �شا�شة‬ ‫اجلزيرة لي�سمعوها للم�شاهد العربي مبا�شرة هو ا�ستفزاز كبري‬ ‫مل�شاعره‪ ،‬واعتداء �صارخ على وعيه‪.‬‬ ‫ففي خ�ضم ا�شتعال الأحداث‪ ،‬وتتابع ف�صول اجلرمية‪ ،‬وتوايل‬ ‫بث م�شاهد القتل والدمار‪ ،‬ون�شر �صور اجلثث املقطعة‪ ،‬والأ�شالء‬ ‫املتناثرة‪ ،‬ويف غمرة ت�أجج امل�شاعر الغا�ضبة‪ ،‬وارتفاع وترية العواطف‬ ‫امللتهبة‪ ،‬يطلع علينا متحدث "�إ�سرائيلي" عرب �شا�شة اجلزيرة‪،‬‬ ‫ليق�صف امل�شاهدين العرب بقنابل �أكاذيبه‪ ،‬وليحرقهم بنار �أ�ضاليله‪،‬‬ ‫ولي�ضع اللوم كله على ال�ضحية يف كل مرة‪.‬‬ ‫�أفيخاي �أدرعي املتحدث با�سم "اجلي�ش الإ�سرائيلي" يف ظهوره‬ ‫الأخري على �شا�شة اجلزيرة على خلفية جمزرة �أ�سطول احلرية‪،‬‬ ‫كان ي�سعى ال�ستدرار عطف امل�شاهد العربي على اجلندي الإ�سرائيلي‬ ‫"جلعاد �شاليط"‪ ،‬امل�أ�سور عند حما�س؛ لأن احل�صار املفرو�ض على‬ ‫غزة يف عرفه هو لل�ضغط على حما�س لإطالق �سراح �شاليط‪� ،‬ألي�س‬ ‫يف ال�سماح ملثل هذا الكالم �أن ُيقال عرب �شا�شة اجلزيرة‪ ،‬التي تخاطب‬ ‫امل�شاهدين العرب‪ ،‬امتهان لكرامة و�آدمية ما يزيد على ع�شرة �آالف‬ ‫�أ�سري فل�سطيني يف ال�سجون الإ�سرائيلية؟‪.‬‬ ‫ال يخفى على �أحد �أن ما �سيتحدث به �أي م�س�ؤول "�إ�سرائيلي"‬ ‫هو جملة من الأكاذيب‪ ،‬وطائفة من تزوير احلقائق‪ ،‬ومتحدثوهم‬ ‫يجيدون ف��ن امل��رواغ��ة‪ ،‬ويتقنون �أ�ساليب التهرب م��ن الأ�سئلة‬ ‫املحرجة‪ ،‬وال يقولون �إال ما يريدونه ويودون �إذاعته ون�شره‪ ،‬ف�إذا‬ ‫كان الأمر كذلك ف�إن مهمة اجلزيرة ومذيعيها �أمام واقع كهذا ت�صبح‬ ‫كبرية وع�سرية‪� ،‬إذ من واجبهم الت�صدي بحرفية ومهنية وبكفاءة‬ ‫معلوماتية‪ ،‬لكل الأكاذيب التي يوردها املتحدثون "الإ�سرائيليون"‪،‬‬ ‫والإ�صرار على ك�شفها وف�ضحها‪ ،‬على الأقل حتى يريحوا �أع�صاب‬ ‫امل�شاهد العربي‪ ،‬وينف�سوا عن غ�ضبه املت�أجج‪.‬‬ ‫لكن يظهر من خالل حوارات املذيعني مع املتحدثني الإ�سرائيليني‪،‬‬ ‫�أن ثمة �سقوفا للأ�سئلة واحلوار‪ ،‬و�أحيانا يلم�س املتابع �أن من مذيعي‬ ‫اجلزيرة‪ ،‬من يكظم غيظه مما ي�سمعه من حماوريه "الإ�سرائيليني"‪،‬‬ ‫ويكبت م�شاعره الغا�ضبة من �سخافة �أحاديثهم وتهافت مقوالتهم‪.‬‬ ‫حينما ترفع اجلزيرة �شعار "الر�أي والر�أي الآخر"‪ ،‬وتريد تعميمه‬ ‫يف كل الق�ضايا مبا فيها ق�ضية العرب وامل�سلمني املركزية (الق�ضية‬ ‫الفل�سطينية)‪ ،‬ف�إنها ت�صنف نف�سها وك�أنها طرف حيادي‪ ،‬فهل ي�سع‬ ‫و�سيلة �إع�لام عربية بحجم اجل��زي��رة‪ ،‬ومب��ا متثله من دور رائد‬ ‫وطليعي‪� ،‬أن تتقم�ص دور الإعالمي املحايد‪ ،‬وحتر�ص على اال�ضطالع‬ ‫به‪ ،‬وعدم جتاوزه؟‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.