Areej June 2015

Page 82

‫قصة قصرية‬

‫الليدي ديغبي‬

‫‪CELEBRITES CORNER‬‬ ‫الشاب الشجاع الوسيم جميل املحيا من‬ ‫أهل بادية الشام‪ ،‬أيقظ يف نفسها اإلحساس‬ ‫بسحر الــرق‪ ،‬شاهدته يتحول إىل مارد‪،‬‬ ‫يخوض بني الجموع‪ ،‬ال يرهب رجال القبيلة‬ ‫األشداء وال بنادقهم املصوبة نحوه‪ ،‬ال يرتكهم‬ ‫حتى يرتاجعوا معلنني فشلهم يف اختطافها‬ ‫هي الليدي األنجليزية الرثية‪ ،‬ذات الحسن‬ ‫والجامل والقد واالعتدال‪ ،‬املــرأة التي ال‬ ‫تقاربها أخرى سحرا ونعومة‪ ...‬إنها الليدي‬ ‫جني ديغبي‪.‬‬ ‫كانت الليدي جني قطعت مسافة طويلة‬ ‫من بريطانيا حتى وصلت الطريق البادية‬ ‫بني حمص ودمشق‪ ،‬يسري يف ركابها شيخ‬ ‫بدوي شاب اسمه "مجول املرصب" وجامعة‬ ‫من قبيلته‪ ،‬يحمونها من قطاع الطرق‪ ،‬وفيام‬ ‫كان املوكب يسري‪ ،‬كانت الليدي تتأمل يف‬ ‫الطلة البهية للشاب‪ ،‬يف الفضاء املمتد أمامها‬ ‫دون حواجز‪ ،‬حيث األشياء عىل طبيعتها‪،‬‬ ‫وحيث الناس يف عفويتهم‪.‬‬ ‫كانت تشعر ألول مرة بالدم يتدفق‬ ‫يف كل يشء‪ ،‬والحياة تدب يف كل يشء‪...‬‬ ‫ابتسمت ساخرة من نفسها وممن عرفتهم‬ ‫من بني قومها‪ ،‬هناك ال تجد سوى الربودة‬ ‫تغىش كل يشء‪ ،‬حتى الغضب يتوارى خلف‬ ‫حجاب النفاق‪ ،‬إنــه الــرود نفسه الذي‬ ‫جعلها ال تحرتم أزواجها األربعة! اشرتطت‬ ‫عليهم واحدا واحدا أال يتدخلوا يف حياتها‬ ‫العاطفية‪ ...‬ومل يعرتضوا!‪.‬‬ ‫ترى أي حياة مع زوج ال يغار؟! كانت‬ ‫كثريا ما تتساءل‪ ،‬هل هم من ذوات األرواح‬ ‫حقا؟! لكن هذا الشاب رجل حقيقي‪ ...‬ليتها‬ ‫تعرفت عليه من قبل لعاشت معه امرأة‬ ‫رشيفة طاهرة الذيل قبل أن تتلوث بالخيانة‪.‬‬ ‫ كان ميكن أن تقتل؟‪.‬‬‫أجاب وعىل فمه ابتسامة واثقة‪:‬‬ ‫ لقد كان واجبي‪.‬‬‫ أمل ترهب بنادقهم؟‬‫ إن الفشل يف حامية املرأة عار عندنا‪.‬‬‫ أتعني أن جميع شباب هذه البادية عىل‬‫شاكلتك؟!‪.‬‬ ‫ وأفضل مني‪.‬‬‫‪82‬‬

‫‪BAHRAIN‬‬

‫يونيو ‪2015‬‬

‫ما أبهج أن تسعد عينك برؤية أرض غري أرضك‬ ‫وأنــاس يختلفون عن بني جلدتك‪ ...‬حيث‬ ‫الشمس تسطع فتغمر كل شرب من هذه األرض‬ ‫الجرداء‪.‬‬ ‫وصلت القافلة إىل مكان التخييم‪ ،‬رفض كل‬ ‫أفرادها أن متد يدها باملساعدة‪ ،‬تعاون الرجال‬ ‫ومل متض سوى ساعة حتى وجدت نفسها يف‬ ‫خيمتها معززة مكرمة‪.‬‬ ‫حياة هؤالء البدو مدهشة حقا‪ ،‬كانت يف‬ ‫بالدها تسمع حكايات مروعة عن قسوتهم‬ ‫وشدة بطشهم‪ ،‬واعتدائهم عىل غري املسلمني‪،‬‬ ‫لكنها مل تجد منهم سوى األنس واملحبة‪ ،‬حتى‬ ‫النساء عندما أقبلن إليها‪ ،‬توقعت أن تنفر‬ ‫منهن‪ ،‬لكنهن استقبلنها باألحضان‪ ،‬وبالكلامت‬ ‫اللطاف‪.‬‬ ‫لقد أثرن دهشتها؛ فكل واحدة من هؤالء‬ ‫الصبايا أحــى من جميالت أوروبــا بأرسها‪،‬‬ ‫ومع ذلك مل يربحن يثنني عىل جاملها‬ ‫ويصفنها بـ"أم اللنب"‪ ،‬ويرفضن‬ ‫أن متد يديها ليشء‪ ،‬حسبت يف‬ ‫البداية أنهن ال يقبلن من‬ ‫غريب أن يشاركهن طهي‬ ‫الطعام‪ ،‬لكنها اكتشفت‬ ‫مبلغ لطفهن حني‬ ‫يعاملن معاملة‬ ‫األمريات‪.‬‬ ‫خـــرجـــت‬ ‫مــن خيمتها‬ ‫وأخـــــــــذت‬ ‫بــالــتــأمــل يف‬ ‫الـــــصـــــورة‬ ‫الحية أمامها‪،‬‬ ‫مثــــة أرض‬ ‫خــاء وخيام‬ ‫مــتــقــاربــات‪،‬‬ ‫وقــطــيــعــا من‬ ‫األغنام يبدو يف‬ ‫البعيد‪ ،‬ورجــال‬ ‫يقفون قرب شيخ‬ ‫القبيلة‪ ،‬وامرأة قرب‬ ‫النار‪ ،‬وأدارت بطرفها‬ ‫إىل اليمني فوجدته هناك؛‬ ‫الشيخ الشاب املتفجر قوة‬ ‫ورجولة يبتسم إليها مبودة‪.‬‬

‫ ‪-‬‬ ‫ ‬‫ ‬‫ ‬‫ ‬‫‪ -‬‬

‫للكاتب‪ :‬جعفر الديري‬

‫‪j.aldairi@yahoo.com‬‬

‫هل أعجبتك البادية؟‬ ‫إنها مدهشة‪ ،‬مل أشاهد أجمل من هذا املنظر‪.‬‬ ‫ألك رغبة أخرى؟‬ ‫أبدا‪ ...‬أنتم أكرم من عرفت‪.‬‬ ‫آمل أن تقيض وقتا ممتعا معنا‪.‬‬ ‫ال شك‪ ..‬أشعر وكأين سأعيش أجمل أيامي يف‬ ‫هذه البادية‪.‬‬

‫أخذ الشاب بيدها‪ ،‬وتنقل وإياها بني مضارب‬ ‫الحي‪ ،‬إن حبا عظيام يتولد يف قلبها لهذا املكان‪،‬‬ ‫فهي تشعر وكأنها قطعة أخذت منه لتعود إليه‪،‬‬ ‫ولن تفارقه بعد اليوم أبدا‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.
Areej June 2015 by Gulf Insider Media - Issuu